اللقاء الشهري

ابن عثيمين

اللقاء الشهري [1]

اللقاء الشهري [1] العلم النافع والعمل الصالح هما مفتاح دار السعادة وأساس النجاة للعبد في دنياه وآخرته، والعلماء مطالبون بتعليم أحكام الله للناس ونشرها، ولقد كان للوالد الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين قصب السبق في هذا المضمار، وهاهو معكم في هذه المادة يطوف بكم في بعض المسائل مبتدئاً بالكلام عن الصلاة ومقدماتها، وخاتماً بالإجابة عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

كيفية ترتيب الأسئلة وتقديمها

كيفية ترتيب الأسئلة وتقديمها الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فهذا لقاء طيب في ليلة مباركة، وفي بيت من بيوت الله تعالى، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا اللقاء بداية للقاءات متجددة متكررة، مع والدنا وشيخنا محمد بن صالح العثيمين -حفظه الله تعالى. وإننا لنعتبر هذا اللقاء فتحاً مبيناً بإذن الله، لأن الناس استبشروا خيراً بأن يكون لقاء يجلسون فيه مع فضيلة الشيخ، يدلون إليه بأسئلتهم ومشاكلهم عبر هذا اللقاء. ولعل أدل دليل على ذلك، هذا الجمع المبارك ولله الحمد، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزي شيخنا عنا خير الجزاء، ولعل للشيخ تعقيباً أو كلمة تقديمية يريد أن يتحفنا بها في بداية هذا اللقاء، ريثما تجتمع لدينا أسئلتكم المباركة، وإني أطرح تساؤلاً لفضيلة الشيخ قبل أن نبدأ اللقاء والإجابة على الأسئلة، وأريده أن يجعل لنا فيه بياناً شافياً ألا وهو: إن الأسئلة التي ترد علينا كثيرة، واللقاء قد لا يكفي لعرضها، فأريد من الشيخ أن يجعل لنا حلاً لهذه الأسئلة، كيف يكون ترتيبها، وهل لنا حق الاختيار في تقديم ما نراه أولى، وهل إذا سئلنا بالله، لأن بعض الإخوة يقول: سألتك بالله إلا عرضت هذا السؤال، وقد يكون السؤال متكرراً أو غيره أولى منه، هل هذا ملزمٌ لنا أو لا؟ هذه تساؤلات أطرحها بين يدي شيخي فليتفضل جزاه الله خيراً على ما بذل. الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإنني أشكر الله عز وجل على تيسير هذا اللقاء المبارك، الذي تم باقتراح من مكتب الدعوة في عنيزة، وأسأل الله تعالى الذي منَّ بتيسيره وتسهيله أن يجعله نافعاً لنا ولمن يستمع إليه. إن لقاءنا هذه الليلة، ليلة الأحد الرابع والعشرين من شهر شوال، عام اثني عشر وأربعمائة وألف، هو أول لقاء كان استجابة لهذا الاقتراح. وكان المقرر أن يكون في الأحد الثالث من كل شهر، ولكنه تأخر هذا الشهر إلى الأحد الرابع، بمناسبة صيام الناس أو أكثر الناس للأيام الست بعد رمضان، وسنعود إن شاء الله في الشهر القادم إلى الموعد الأول، أي: يكون هذا اللقاء في الأحد الثالث من كل شهر. أما ما تساءل عنه أخونا الشيخ/ حمود بن عبد العزيز الصايغ، بالنسبة للأسئلة التي قد تكون كثيرة، ولا يتسع المقام لعرضها، فإني أرى أن يقدم الأهم فالأهم؛ لأن هذه هي القاعدة الشرعية فيما إذا تزاحمت الأشياء، وقد يقال: إنه ينبغي أن يقدم الأول فالأول، لكن ضبط هذا يعسر ويصعب. وأما سؤاله الثاني: وهو ماذا نصنع لو قدم السائل بين يدي سؤاله: أسألك بالله أن تعرض هذا السؤال؟ فأقول: أولاً: لا ينبغي للسائل أن يقدم مثل هذا لما فيه من الإحراج؛ لأنه قد يحرج مقدم الأسئلة إذا سأله بهذا الأسلوب، ومع ذلك فأرى أن المصلحة مقدمة، وأن هذا السؤال إذا لم يكن هناك مجال لعرضه في هذا اللقاء فإنه يبقى ليعرض في اللقاء الآخر، ويكون قد أجيب هذا السائل حيث عُرض سؤاله، ولكني أقول: أرجو من الإخوة ألا يصدروا أسئلتهم بقولهم: (أسألك بالله) بل يكتب: سؤال من شخص، فإذا يسر الله تعالى أن يُقرأ فإنه يُقرأ.

وقفات مع الصلاة

وقفات مع الصلاة الآن نبدأ هذا اللقاء بكلام يسير عن وقفات في الصلاة: الصلاة التي هي عمود الإسلام، وأعظم أركانه بعد الشهادتين، لا بد أن يكون لها شأن عظيم، حيث نالت هذه المرتبة، ولنقف وقفات مع هذه الصلاة. فالصلاة لها مقدمات من أهمها: الطهارة: فإنها مفتاح الصلاة، فالطهارة من الحدث الأصغر والأكبر، والطهارة من النجاسة في البدن والثوب والبقعة، وهذا يدل على أنها ذات شأن؛ لأنه لا يوجد شيء في العبادات اتفق العلماء على اشتراط الطهارة له إلا الصلاة، فالطواف مختلف فيه، هل يشترط له الطهارة أو لا؟ ومس المصحف مختلف فيه، هل تشترط له الطهارة أو لا؟ ولم يجمع العلماء على شيء من العبادات تشترط له الطهارة إلا الصلاة، فهي ذات شأن، لا يدخلها الإنسان إلا وقد طهَّر ظاهره وباطنه. فيقف بين يدي الله عز وجل ويكبر تكبيرة الإحرام. قال بعض العلماء: والحكمة من ذلك بعد كونها اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أنها إشارة إلى رفع الحجاب بين المصلي وبين ربه. ثم بعد ذلك يضع يده اليمنى على اليسرى مطأطئاً رأسه، خاضعاً لله عز وجل بعد أن يكبر فيقول: الله أكبر. فأنت ترى نفسك -الآن- واقفاً بين يدي الله، بين يدي ملك الملوك، الذي يعلم ما توسوس به نفسك، ويعلم أحوالك كلها، فلتتأمل من وقفت بين يديه، لو وقفت بين يدي ملك من ملوك الدنيا، لوجدت نفسك صامتاً لا تتكلم، ولا ترفع الطرف إليه؛ تعظيماً له، فكيف وأنت بين يدي الله عز وجل، فاستحضر عظمة من أنت واقف بين يديه تناجيه بكلامه، فأنت تقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] فيجيبك الله عز وجل من فوق سبع سماوات ويقول: حمدني عبدي، فإذا قلت: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3] قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قلت: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] قال الله: مجدني عبدي، فإذا قلت: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] قال الله: هذا بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قلت: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:6-7] قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل. تأمل هذه المحاورة والمناجاة بينك وبين الله عز وجل، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف في سورة الفاتحة عند كل آية، يتأمل ويتدبر. ثم بعد القراءة -قراءة الفاتحة، وقراءة ما تيسر من القرآن- تحني ظهرك تعظيماً لله راكعاً، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أما الركوع فعظموا فيه الرب) فتكون معظماً لله عز وجل بهيئتك وفعلك وقولك. بهيئتك؛ لأن هيئة الركوع تعظيم. وفعلك؛ لأن الركوع والانحناء فعل. وقولك: لأنك تقول في الركوع: سبحان ربي العظيم، ثم تعود مرة ثانية إلى الوقوف بين يدي الله عز وجل حامداً له بمحامده التي جاءت عن رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد هذا تخر ساجداً واضعاً أعلى ما في بدنك، وأشرف ما في بدنك، واضعاً إياه في محل أقدامك، ولهذا ترى الساجد يضع جبهته عند السجود ويقول: (سبحان ربي الأعلى) لا يقول: سبحان ربي الأعز، يقول: سبحان ربي الأعلى؛ لأن أعلى ما فيك صار محاذياً لأسفل ما فيك. ما هو أسفل ما فيك؟ الأقدام. وأعلى ما فيك الجبهة، فصار أعلى ما فيك محاذياً لأسفل ما فيك، وهذا لا شك أنه ليس كالعلو، فلهذا تقول: (سبحان ربي الأعلى) الذي هو منزه عن السفل، فتجد أن هذا الذكر مناسب تماماً للسجود، ثم تعود لتجلس بين السجدتين داعياً الله عز وجل بما جاء عن رسوله صلى الله عليه وسلم ثم تعود مرة ثانية إلى السجود. وهكذا نجد أن الإنسان في صلاته يتنفل بين روضات العبودية، من قيام إلى ركوع إلى سجود ومن قرآن إلى ذكر وتعظيم، ومن ذلك إلى دعاء الله عز وجل. قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمنٌ أن يستجاب لكم) . إنني أحث نفسي وإياكم على تأمل هذه الأشياء وهذه الأفعال وهذه الأقوال، حتى تكون صلاتنا صلة بيننا وبين الله عز وجل، وحتى لا تكون وكأنها عادة نقوم بها في أوقاتها المحددة. أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من الخاشعين في صلاتهم، المداومين عليها، المحافظين عليها. وإلى الأسئلة التي جمعها الإخوة نسأل الله أن يوفقنا فيها للصواب.

الأسئلة

الأسئلة

حكم الأقمشة المرسوم عليها صور حيوانات أو نساء عاريات

حكم الأقمشة المرسوم عليها صور حيوانات أو نساء عاريات Q فضيلة الشيخ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نرجو من فضيلتكم الإجابة عن الأسئلة التالية: توجد بعض الأقمشة النسائية مرسوم عليها صورة حيوانات أو نساء عاريات، تمثل مريم العذراء، أو صورة رجال وأطفال، أو غير ذلك من الصور، وأقمشة أخرى كتب عليها لفظ الجلالة مع أن كثيراً منها لا يتضح للعين إلا بعد الملاحظة والتدقيق، فما حكم شراء هذه الأقمشة، ولبسها والصلاة فيها؟ وما حكم دخول الحمام فيما كتب عليه لفظ الجلالة؟ وهل يجوز للبائع بيعها دون أن يعلم المشتري بما فيها؟ وهل يحل له ثمنها حتى إن أعلم المشتري؟ وما واجب المجتمع -رجاله ونسائه- في القضاء على هذه الظاهرة، وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء؟ A بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. جوابنا على هذا السؤال أن أقول لمقدمه: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأما ما ذكره من هذه الألبسة المشتملة على ما ذكر، فإن الواجب علينا مقاطعتها وعدم شرائها، وذلك لأنها محرمة، حيث إنها تشتمل على صور، إما صور حيوانات، وإما صور نساء عاريات، وإما كتابات غير لائقة، وإما كتابات شيء محترم، كذكر الله عز وجل، وكل هذا يوجب مقاطعتها حتى لا يتمكن أعداء الإسلام من الدخول علينا بمثل هذه الأمور التي يستعملها الصغار والكبار، وأهل الشر لهم أساليب في الدعوة إلى الشر، يغزوننا بمثل هذه الأشياء ليمررونها علينا، والشيء إذا مر على الإنسان كثيراً سقطت هيبته من نفسه وصار شيئاً معتاداً، ولهذا كان من الأمثال السائرة المعروفة: (إذا كثر الإمساس قلَّ الإحساس) . أما بالنسبة لجلبها وبيعها وشرائها فإنه حرام، ولا يحل لأحد أن يجلب مثل هذه الألبسة إلى بلاد المسلمين، ولا يحل لأحد أن يتولى بيعها على المسلمين، ولا يحل لأحد أن يشتريها أيضاً، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه) فإذا كانت هذه الأشياء محرمة، كان ثمنها محرماً، ونصيحتي لإخواني المسلمين أن يكونوا متيقظين لما يريدهم به أعداؤهم، فنسأل الله السلامة وأن يعيننا حتى نرد كيد أعدائنا في نحورهم.

الضابط في الكلام على الجماعات الإسلامية

الضابط في الكلام على الجماعات الإسلامية Q فضيلة الشيخ! كثر الكلام بين كثير من الناس حول الجماعات وغيرها، فما هو الضابط في النقد والكلام على الجماعات الإسلامية التي على الساحة بحيث أصبح الناس فيها ما بين مُفْرِطٍ ومُفرِّط؟ A الواقع أن الجماعات التي على الساحة -كما يقول السائل- أمر واقع، ولكن ما الذي ننهجه من مناهج هذه الجماعات؟ الذي ننهجه من مناهج هذه الجماعات هو ما دل عليه الكتاب والسنة من وجوب الائتلاف وعدم العداوة، ووجوب الاجتماع وعدم التفرق، وأن نكون دعاة إلى الله عز وجل بألسنتنا وقلوبنا، فلا ينفر بعضنا من بعض، ولا يضلل بعضنا بعضاً، وعلينا أن نجتمع وأن نتناقش فيما اختلفنا فيه، حتى إذا تبين الحق مع أحد الجانبين وجب على الآخر اتباعه؛ لأن الله قال في كتابه العظيم: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:59] . أما كون الأمة تتفرق شيعاً وكل حزب يقول: الحق معي، ومع ذلك لا يقتصر على هذا القول بل يضلل غيره، ويبدع غيره، وينفر منه، فلا شك أن هذه وصمة عار وعيب على الأمة الإسلامية، وهي من أشد الأسلحة فتكاً بهذه الصحوة المباركة. فالذي أنصح به إخواننا، أن يجتمعوا ويتدارسوا ما بينهم من الخلاف، والرجوع إلى الحق واجب كل مسلم.

حكم من جامع امرأته في نهار رمضان جاهلا بالحكم

حكم من جامع امرأته في نهار رمضان جاهلاً بالحكم Q رجل جامع امرأته في نهار رمضان ولم ينزل وهو يجهل هذا الحكم وعقوبته، ويعلم أن الجماع بالإنزال حرام فما الحكم؟ A القول الراجح أن من فعل مُفطِّراً من المفطرات، أو محظوراً من المحظورات في الإحرام، أو مفسداً من المفسدات في الصلاة وهو جاهل فإنه لا شيء عليه؛ لقول الله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فقال الله: (قد فعلت) فهذا الرجل الذي أتى أهله في نهار رمضان، إذا كان جاهلاً بالحكم يظن أن الجماع المحرم هو ما كان فيه إنزال، فإنه لا شيء عليه، أما إذا كان يدري أن الجماع حرام ولكنه لم يعرف أن فيه الكفارة، فإن عليه الكفارة؛ لأن هناك فرقاً بين الجهل بالحكم وبين الجهل بالعقوبة. فالجهل بالعقوبة لا يعذر به الإنسان، والجهل بالحكم يعذر به الإنسان، ولهذا قال العلماء: لو شرب الإنسان مسكراً، يظن أنه لا يسكر أو يظن أنه ليس بحرام فإنه ليس عليه شيء. ولو علم أنه مسكر وأنه حرام، ولكن لا يدري أنه يعاقب عليه، فعليه العقوبة ولا تسقط عنه، وبناءً على هذا نقول للسائل: إذا كنت لا تدري أنه يحرم عليك الجماع ولو بدون إنزال فإنه لا شيء عليك، ولا على زوجتك أيضاً إذا كانت مثلك في الجهل.

حكم إدخال الأشرطة الإسلامية إلى البيت دون علم الزوج

حكم إدخال الأشرطة الإسلامية إلى البيت دون علم الزوج Q عندي والدة لم يتسنَّ لها التعلم، وعندها جهل، وترغب في سماع الأشرطة من المسجل، إلا أن والدي حرجنا ومنعنا من إدخاله البيت، وهي تسأل فضيلتكم وتقول: هل عليَّ حرج في إدخاله بدون علمه، لأستفيد منه في أمور ديني لأني كما ذكرت لا أقرأ ولا أكتب، ولو كنت أقرأ لاستغنيت عنه وجزاكم الله خيراً؟ A ليس للزوج أو لعائل البيت أن يمنع من دخول الأشرطة المفيدة، بل الذي ينبغي له أن يشكر الله على هذه النعمة، أن فتح قلوب أهل البيت لسماع مثل هذه الأشرطة المفيدة، وإذا قدر أنه حرَّج عن دخول هذه الأشرطة، فلا حرج على أهل البيت أن يدخلوها خفية عنه؛ لأنه ليس لأحد أن يمنع أحداً من استماع الذكر، وإذا كان الزوج الذي منع أهله من إدخال هذه الأشرطة أو سماعها، إذا كان في شك منها فليستمع إليها أولاً، ثم ليمنع ما كان محظوراً، أما ما ليس بمحظور فليس من حقه أن يمنع أهله من استماع الذكر، ولهم أن يدخلوا ذلك خفية عنه وينتفعوا.

مخالفات في بيع السلم

مخالفات في بيع السلم Q إذا باع صاحب مزرعة محصوله من القمح بيع سلم فهل يجوز إدخاله الصوامع باسمه ليحصل المشتري على الثمن منها؟ A الواجب على المسلم أن يكون صادقاً مبيّناً في بيعه وشرائه وفي جميع أحواله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذباً وكتما محقت بركة بيعهما) فلا يحل لصاحب المزرعة أن يدخل زرعه الذي باعه سلماً على غيره باسمه -أي باسم صاحب المزرعة- لأن هذا القمح لم يعد ملكاً له، بل قد انتقل ملكه إلى ملك المشتري، وحينئذٍ نقول: إذا حصل مثل هذا الشيء فعلى الطرفين أن يتوبا إلى الله، وألا يعودا لمثل ذلك.

حكم صلاة الجنازة بالنسبة للنساء

حكم صلاة الجنازة بالنسبة للنساء Q هل يجوز للمرأة أن تجمع أهل البيت من النساء وتصلي بهن صلاة الجنازة على ميتهم في ذلك المنزل؟ A لا حرج أن تصلي المرأة على الجنازة، سواء صلت عليها في المسجد مع الناس، أو صلت عليها في بيت الجنازة؛ لأن النساء لا يمنعن من الصلاة على الميت، وإنما يمنعن من زيارة القبور، فإن النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج) هذا إن قصدت الزيارة، أما إذا لم تقصد الزيارة بأن تكون ذهبت لشغل لها، ومرت بالمقبرة فلا حرج عليها أن تقف وتسلم على أهل القبور وتدعو لهم.

حكم التشريك في العقيقة

حكم التشريك في العقيقة Q هل يجزئ سُبْع البقرة في عقيقة البنت قياساً على الأضحية؟ A يقول العلماء: إنه لا تشريك في العقيقة التي نسميها التميمة، وذلك لأن العقيقة فدية عن نفس، فلا بد أن تكون نفساً كاملة، وبناءً على ذلك: لا يجزئ الإنسان أن يذبح بدنة عن سبع عقائق، بل إن العلماء رحمهم الله قالوا: إن ذبح الشاة أفضل من ذبح البعير، يعني: لو أردت أن تعق بشاة أو ببعير قلنا لك: الأفضل أن تعق بشاة؛ لأنها هي التي وردت بها السنة.

حكم من صامت ثم جاءتها الدورة بعد غروب الشمس

حكم من صامت ثم جاءتها الدورة بعد غروب الشمس Q أنا امرأة صمت أيام الست من شوال، وآخر يوم من الصيام أحسست بألم الدورة، ونزل في هذا اليوم كُدرة معي، ولم ينزل الدم إلا في الليل، فهل هذا الصيام صحيح، أم عليَّ إعادة هذا اليوم، أرجو من فضيلتكم إفادتي؟ A أن صيام هذا اليوم صحيح؛ لأن الدم لم ينزل إلا بعد غروب الشمس، والمرأة إذا أحسَّت بالحيض ولم ينزل الدم إلا بعد غروب الشمس فإن صومها صحيح، سواء فرضاً أم نفلاً.

بعض أحكام الجماعة الثانية في المسجد

بعض أحكام الجماعة الثانية في المسجد Q قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من يتصدق على هذا؟) لمن فاتته الصلاة، المتصدق هل يكون إماماً أو مأموماً، وهل يتم الصلاة كاملة، أم يصلي ركعتين، وهل يصح ذلك في أوقات النهي، مثلاً بعد صلاة العصر لمن فاتته العصر؟ A أولاً: لا بد أن نعلم أن إعادة الجماعة في مسجد أقيمت فيه الجماعة تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: أن يكون ذلك على وجه الاستمرار، بحيث يكون في هذا المسجد جماعتان دائماً، فهنا نقول: إن الجماعة الثانية بدعة؛ لأن المطلوب من الأمة الإسلامية أن تجتمع على إمام واحد. القسم الثاني: أن تكون الجماعة الثانية عارضة، يعني ليست باستمرار، فهذه الجماعة مشروعة، ومن قال إنها بدعة فقد أخطأ، فإذا دخل المسجد جماعة قد فاتتهم صلاة الجماعة الأولى فإنهم يصلونها جماعة، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله) . ولأن رجلاً دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه وقد انتهت الصلاة فقال: (ألا رجل يقوم إلى هذا فيتصدق عليه فيصلي معه، فقام أحد الصحابة فصلى معه) . إذاً: هذه الجماعة التي كانت بعد الجماعة الأولى بدون أن تكون باستمرار جماعة مطلوبة، وليست بمكروهة ولا محرمة ولا بدعة. وأما سؤال السائل: هل يكون المتصدق إماماً أو مأموماً؟ فميزان هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) فإن كان الذي قام ليتصدق أقرأ لكتاب الله من الرجل الداخل، فليكن هو الإمام، وإن كان الثاني -أعني الداخل- أقرأ من الذي قام ليتصدق عليه فإنه يكون هو الإمام، وإن تساوى الرجلان أو تقاربا، فإن الإمام هو الداخل، فيكون المتصدق مأموماً بالداخل، ليكون متنفلاً خلف من يصلي الفريضة، ولا حرج أن يكون الداخل مأموماً والمتصدق إماماً؛ لأن القول الراجح أن صلاة المفترض خلف المتنفل جائزة، ودليلها فعل معاذ بن جبل رضي الله عنه، حينما كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم هذه الصلاة، فهي له نافلة ولهم فريضة. وأما سؤال السائل: هل يتم الصلاة معه أو يقتصر على ركعتين؟ فجوابه: أنه يتم الصلاة معه، حتى لو كانت صلاة المغرب، فإنه يصليها ثلاثاً كحال الداخل. وأما سؤال السائل: هل يصلي هذه النافلة في وقت النهي؟ فالجواب: نعم. يصليها في وقت النهي؛ لأن القول الراجح من أقوال أهل العلم: (أن كل نفل له سبب فإنه لا نهي عنه) . ففعل ذوات الأسباب في أوقات النهي جائز، لأن السنة وردت بمثل ذلك.

ما تدرك به صلاة الجنازة

ما تدرك به صلاة الجنازة Q لو دخلت مع الإمام في صلاة الجنازة وقد كبر بعض التكبيرات فما الحكم؟ وماذا أصنع؟ نرجو التوضيح وفقكم الله؟ A صلاة الجنازة من فروض الكفايات، والقائم بها يثاب ثواب الواجب، فإذا دخل الداخل وقد كبر الإمام بعض التكبيرات، فإنه يدخل معه ويدعو بالدعاء في التكبيرة التي كبرها الإمام، فإذا قدرنا أنه دخل والإمام في التكبيرة الثالثة، والتكبيرة الثالثة هي التي يدعى فيها للميت، فإنه يدخل معه ويدعو للميت لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) ثم إذا سلم الإمام من صلاة الجنازة، أتم المأموم ما فاته إن بقيت الجنازة حتى يتم، فإن رفعت قبل أن يتم فله أن يسلم، وله أن يكبر تكبيرات متوالية فيما بقي من التكبيرات ويسلم، هكذا قال أهل العلم رحمهم الله في هذه المسألة.

حكم العمل بشهادة نيلت بالغش وحكم لراتبه

حكم العمل بشهادة نيلت بالغش وحكم لراتبه Q فضيلة الشيخ! أنا تخرجت من الجامعة لكن غشَّاً وقدمت أوراقي للجهات المختصة للحصول على وظيفة. فما حكم الراتب والحال ما ذكرت والعمل حيال ذلك؟ A النجاح بالغش إذا كان في الشهادة الأخيرة التي بني عليها الراتب، فالذي أرى أنه لا يستحق الراتب؛ لأن المبني على الباطل باطل، وعلى هذا فيعيد الاختبار مرة ثانية، اللهم إلا إذا كانت الوظيفة من مختصات الدروس التي نجح فيها بدون غش فأرجو ألا يكون عليه بأس، ولكن عليه التوبة. مثال ذلك: لو توظف وظيفة محاسبة، وكان في مادة المحاسبة قد نجح، وغش في غيرها، فأرجو أن تكون وظيفته حلالاً؛ لأنه يجيد العمل الخاص بها ولكن عليه أن يتوب إلى الله مما صنع من الغش.

حكم خروج الزوجة والبنات مع السائق

حكم خروج الزوجة والبنات مع السائق Q أنا أب ولي أبناء ونحن مشغولون بأعمالنا، لذا نسمح للسائق أن يذهب بزوجتي وبناتي إلى السوق والمحاضرات الدينية والثقافية، أرجو إعطائي وإخواني الجواب الكافي حول هذا الفعل من ناحية حله وحرمته، والله يحفظكم. A إذا كان السائق أميناً وركبت معه امرأتان فأكثر إلى السوق، فإن هذا لا بأس به، وذلك لأن المحذور هو الخلوة أو السفر؛ فلا يحل أن يخلو السائق بامرأة واحدة ولو إلى السوق، ولا يحل للسائق أن يسافر ولو بنساء متعددات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فإذا كان الذهاب والمجيء في نفس البلد ولم تحصل خلوة، بل كان مع السائق امرأتان فأكثر، وكان السائق أميناً، فإن هذا لا محذور فيه ولا حرج فيه، ولكن السائق لا بد أن يكون أميناً، أما إذا كان غير أمين فإنه يخشى من شره، ولو كانت المرأة معها امرأة أخرى. وأما مسألة استجلاب السائقين والخدم والخادمات، فالذي نرى أنه لا ينبغي إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك؛ لأن الأمور الواقعة من بعض الخدم من رجال أو نساء توجب للإنسان التوقف في استجلاب هؤلاء الخدم.

حكم التقدم للقرض بأرض مستعارة

حكم التقدم للقرض بأرض مستعارة Q أريد أن أتقدم إلى البنك العقاري بأرض مستعارة من أخي ومن ثم أردها بعد ذلك هل يجوز أم في ذلك تحايل؟ A لا يجوز للإنسان أن يقدم أرضاً باسمه وهي لغيره من أجل أن يتحيل على أخذ أموال من البنك العقاري؛ لأن المقدم سوف يقدم هذه الأرض على أنها له وهو كذب، وما ترتب على الكذب فإنه حرام، ولكن خير من هذا أن يطلب من أخيه أن يبيع عليه الأرض بثمن مؤجل ولو زاد ثم يقدمها إلى البنك، ويكون في هذه الحال قد أتى البيوت من أبوابها.

كيفية صلاة المريض جالسا

كيفية صلاة المريض جالساً Q كيف يصلي المريض جالساً؟ هل يجلس متربعاً أو كهيئة التشهد؟ وما هو الدليل على ذلك حفظك الله؟ A المريض إذا صلى جالساً أو إذا صلى غير المريض النفل جالساً، فإنه يتربع في حال القيام وفي حال الركوع، أما في حال السجود والجلوس، فإنه يكون كهيئته في جلوس التشهد أو الجلسة بين السجدتين، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى جالساً صلى متربعاً، وأما في حال السجود وفي حال الجلوس بين السجدتين وفي حال التشهد فإن الافتراش هو الأقرب إلى هيئة الصحيح، وما كان هو الأقرب إلى هيئة الصحيح فهو أولى.

حكم من فاتته صلاة المغرب وأدرك العشاء

حكم من فاتته صلاة المغرب وأدرك العشاء Q رجل دخل المسجد وهو مسافر، فوجدهم يصلون العشاء وهو لم يصل المغرب فدخل معهم، ولما قام الإمام إلى الرابعة جلس فهل فعله صحيح أم لا. أفتونا مأجورين؟ A القول الراجح أن فعله صحيح، يعني: أنك إذا أدركت الإمام وهو يصلي العشاء وأنت لم تصل المغرب أن تدخل معه، فإذا قام إلى الرابعة فاجلس وانو الانفراد عن الإمام، وأكمل التشهد وسلم، ثم ادخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، هذا هو القول الراجح. وقال بعض العلماء: بل صل المغرب أولاً وحدك أو مع من معك، ثم بعد هذا ادخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء. وقال بعض العلماء: ادخل مع الإمام بنية صلاة العشاء فإذا فرغت منها فصل المغرب. فهذه ثلاثة أقوال لأهل العلم، وأقواها وأرجحها القول الأول، وهو أن تدخل معهم بنية المغرب، ثم إذا قام إلى الرابعة جلست وتشهدت وسلمت ودخلت مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء.

كيفية مسح المرأة لرأسها في الوضوء

كيفية مسح المرأة لرأسها في الوضوء Q هل مسح الرأس للمرأة مثل الرجل؟ وماذا تفعل إذا كان شعرها طويلاً؟ هل تمسحه إلى نهايته وترجع، أم يكفي مسحه إلى حد رأس الرجل؟ A يجب أن نعلم أن الأحكام الشرعية تتفق فيها النساء مع الرجال والرجال مع النساء، إلا ما قام الدليل على التفريق بينهما، وعلى هذا: فالمرأة يشرع لها في مسح الرأس ما يشرع للرجل، فتضع يديها على مقدم الرأس، ثم تردهما إلى قفاه ثم تردهما إلى المحل الذي بدأت منه كما يصنع الرجل ولا يلزمها أن تمسح إلى أسفل الرأس، بل تمسح إلى حد منابت الرأس، وكذلك الرجل إذا كان له شعر طويل إلى الكتفين، فإنه لا يلزمه أن يمسح إلا على قدر منابت الشعر فقط.

أهمية التوبة

أهمية التوبة Q أنا أصلي ولكن أفعل بعض المنكرات، فما هي نصيحتكم لي؟ ولماذا لم تنهني صلاتي عن المنكر؟ A نصيحتي لك أن تتوب إلى الله عز وجل، وأن تصدق الإقبال إلى الله، وأن تستحضر عظمة من عصيت وعقوبته عز وجل لمن خالف أمره، وأن تقرأ قول الله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الحجر:49] {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر:50] فاستغفر الله واسترحمه، وخف من عذابه. وأما كونك تصلي وصلاتك لا تنهاك عن المنكر فلعل صلاتك فيها قصور؛ لأن الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر هي الصلاة الكاملة، التي تكون على وفق ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم باستحضار القلب، وأداء العمل كما جاءت به السنة. وليس كل صلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، بل الصلاة المقامة التي أقامها الإنسان على الوجه الذي ينبغي، قال الله تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت:45] يعني: التي أقمتها على الوجه الصحيح.

صور من البيع والشراء الصحيح

صور من البيع والشراء الصحيح Q هل يجوز لي أن أشتري السلعة وأبيعها على شخص قد عرفت بل وتيقنت قبل شرائي للسلعة أنه سوف يشتري السلعة مني، مع العلم أنه لم يكن هناك وعد أو اتفاق مسبق، بل لمعرفتي بالشخص تيقنت أنه سوف يشتريها مني؟ A لا بأس إذا علم الإنسان أو غلب على ظنه أن فلاناً يطلب ويبحث عن سلعة معينة، فذهب الإنسان فاشتراها ثم باعها عليه بثمن مؤجل أكثر مما اشتراها به؛ لأن هذا الرجل لم يتفق مع المشتري على بيع السلعة قبل أن يشتريها، وإنما رأى رغبة الناس أو رغبة هذا الشخص في هذه السلعة فاشتراها ثم باعها عليه. ولكن يجب أن يقيّد هذا بما إذا لم يكن خداعاً؛ لأن بعض الناس يخدع إخوانه؛ يعلم أن هذه الأرض سيمر بها طريق -شارع- فيذهب إلى صاحبها ويشتريها منه من أجل أن تثمن له، ولا يخبر صاحبها أنه قد تقرر أن يمر بها الشارع وتثمنها الحكومة، وهذا غش لا يحل له، يجب أن يقول: إنني سمعت أن الحكومة سوف تفتح طريقاً على أرضك، وبالطبع سوف تثمن لك الأرض، وحينئذ إن شاء باع وإن شاء انتظر. أما أن تعلم أنه لابد أن يمر الطريق على هذه الأرض وأنه سوف يثمن لهذه الأرض ثمن كبير، فتخدع صاحب الأرض وتشتريها من غير أن تعلمه فإن هذا من الغش.

جوائز السحب بين المشروع والممنوع

جوائز السحب بين المشروع والممنوع Q فضيلة الشيخ! كثر في الآونة الأخيرة في محطات البنزين وضع دفاتر بقيمة مائة وخمسين ريالاً أو أقل أو أكثر، وفي هذا الدفتر رقم خاص بالشخص المشتري، يعطونه هذا الدفتر بعد أن يكتبوا اسمه ورقم بطاقته، وبعد سنة من اشتراكه في هذا الدفتر يجري سحب على سيارة أو سيارتين أو بعض الجوائز الثمينة التي يندفع الناس لشراء هذه الدفاتر من أجلها، فهل هذا جائز أم حرام؟ وما هو الحل في مثل ذلك إذا كان محرماً؟ A إذا كان هذا الدفتر قد جرت العادة بإعطاء مثله كما يوجد في بعض المحطات، تعطي الزبائن دفتراً من أجل أن يقيد به ما يأخذه من البنزين، وكان ثمن البنزين هو الثمن المعتاد في البلد، فإن هذا لا بأس به ولا حرج فيه، أما إذا كان صاحب الجائزة -أعني صاحب المحطة- يزيد في الثمن -في ثمن البنزين- فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه إذا زاد في الثمن زاد على المشتري، فالمشتري يأخذ بزيادة قد تحصل له جائزة وقد لا تحصل. فإن حصلت جائزة كان غانماً، وإن لم تحصل كان غارماً، وكل عقد يكون دائراً بين الغنم والغرم فإنه من الميسر الذي حرمه الله عز وجل. لكن يقول بعض الناس: إذا كان البنزين بسعره العادي، وكانت قد جرت العادة بأن يعطى الزبون هذا الدفتر، فإن صاحب المحطة إذا وضع جائزة يحسد من عنده محطة أخرى ويقطع رزقه، فالجواب عن ذلك نقول: الرزق بيد الله عز وجل وقد يسوق الله الرزق إلى صاحب محطة ليس عنده هذه الجوائز، وقد يحرم الله الرزق صاحب هذه المحطة وإن كان عنده جوائز، ثم نقول: إن المحطات الأخرى لا حرج عليها أن تضع جائزة مثل هذه الجائزة، حتى لا يذهب الناس عنها إلى المحطة الأخرى التي فيها الجائزة.

قاعدة في الحكم على جوائز السحب

قاعدة في الحكم على جوائز السحب Q يوجد لدينا بنشر ومغسلة، طبعنا كروتاً كتب عليها عبارة: اجمع أربع كروت من غيار زيت وغسيل واحصل على غسلة لسيارتك مجاناً، هل في عملنا هذا شيء محذور، ولعلكم تضعون قاعدة في مسألة المسابقات وغيرها؟ A ليس في هذا محظور، ما دامت القيمة لم تزد من أجل هذه الجائزة، والقاعدة هي: أن العقد إذا كان الإنسان فيه إما سالماً وإما غانماً فهذا لا بأس به. أما إذا كان إما غانماً وإما غارماً فإن هذا لا يجوز، هذه القاعدة؛ لأنه إذا كان إما غانماً وإما غارماً، فهو من الميسر، وأما إذا كان إما غانماً وإما سالماً فإنه لم يتضرر بشيء، إما أن يحصل له ربح وإما ألا يربح ولكنه لم يخسر.

حكم صيام المستحاضة

حكم صيام المستحاضة Q أنا أم لطفل يبلغ من العمر أربعة شهور، وأستعمل حبوب منع الحمل، ولكني أحياناً يعرض لي نزول دم خفيف أحمر اللون بعد غسل الجماع، وقد حدث ذلك لي في شهر رمضان، حيث رأيت الدم بعد تناول وجبة السحور وقبل صلاة الفجر، فانتظرت قبل طلوع الشمس بربع ساعة تقريباً، فاغتسلت مرة أخرى وصليت الفجر ثم نمت، ثم عاودني ذلك في النهار فأكملت صيامي، وبدأت أتوضأ لكل صلاة، واستمر ذلك لمدة يوم ونصف حتى طهرت تماماً، فاغتسلت للمرة الثالثة وأريد أن أستفسر: هل صلاتي صحيحة؟ وهل صيامي صحيح؟ مع العلم أني أعدتُ صيام هذين اليومين بعد نهاية شهر رمضان المبارك، كما أريد أن أسأل إذا حدث لي ذلك في أي يوم، فماذا أفعل وجزاكم الله خيراً؟ A قبل الإجابة على سؤالها أقول: إن استعمال هذه الحبوب ضار على المرأة، على رحمها وعلى عادتها، وعلى دمها، بل وعلى جنينها في المستقبل، قد يحصل من هذه الحبوب تشويه للأجنة، فيخرج الجنين مشوهاً، ولهذا كثر الآن هذا التشويه، ما أكثر ما نسأل عن جنين في بطن أمه ليس على رأسه عظام، ونسأل عن جنين مشوه، كل هذا من أجل هذه الحبوب التي ضرت المسلمين من جهة، ومنعت كثرة الإنجاب من جهة أخرى. أما بالنسبة للجواب: فلتسأل السائلة الأطباء: هل يعتبر هذا الدم حيضاً أم هو دم عِرق، إن كان دم عرق، فإنه لا يمنعها من الصيام وصيامها صحيح، ولا يمنعها من الصلاة، فيجب عليها أن تصلي، وأما إذا كان من الحيض، تحرك بسبب هذه الحبوب، فإن صيامها لا يصح ولا تلزمها الصلاة.

حكم من وقف بعرفة وهو جنب

حكم من وقف بعرفة وهو جنب Q شخص حج قبل سنوات وحدث له في ليلة عرفة احتلام، فوقف بعرفة وهو جنب ولم يغتسل إلا يوم العيد فما حكم حَجِّه أفيدونا جزاكم الله خيراً؟ A حجه صحيح؛ لأن جميع مناسك الحج لا يشترط لها الطهارة إلا الطواف، على خلاف فيه، ولكن الحيض يمنع من الطواف مطلقاً، حتى من قالوا بأن الطهارة لا تشترط للطواف يقولون: إن الحائض لا تطوف؛ لأنه يلزم من طوافها أن تمكث في المسجد الحرام وهي حائض، وهذا لا يجوز. ولكن يلام هذا الرجل: لماذا لم يغتسل طول يوم عرفة؟! قد يقول: ليس عندي ماء، نقول: إذا لم يكن عندك ماء فتيمم حتى تجد الماء، على أن الغالب ولله الحمد في السنوات الأخيرة أن الماء متوفر، ويمكن أن يغتسل الإنسان أي وقت شاء. وكذلك لا يجوز له أن يؤخر الصلاة عن أوقاتها في يوم عرفة، فكان ينبغي عليه أن يغتسل ويصلي، فإن لم يجد ماء فليتيمم وليصل.

حكم من ابتلي بخروج غازات

حكم من ابتلي بخروج غازات Q إني مصاب بخروج غازات، هل يكون حكمي كحكم من يكون ابتلي بسلس البول أم لا وادع الله لي بالشفاء؟ A نسأل الله أن يشفيك، أقول: هذه الغازات التي ابتليت بها، إذا كنت لا تستطيع حبسها، فإنها كسلس البول تماماً، وعلى هذا فلا تتوضأ للصلاة إلا بعد دخول وقتها، وإذا توضأت وخرج منك شيء فإنه لا ينتقض وضوءك حتى يأتي وقت الصلاة الأخرى، فإذا جاء وقت الصلاة الأخرى فتوضأ بعد دخول وقتها. وإني أشير عليك أن تعرض نفسك على طبيب مختص لعل الله أن يجعل على يديه الشفاء.

حكم استخدام الإبر ضد الحمى الشوكية

حكم استخدام الإبر ضد الحمى الشوكية والآن وقد انتهى الوقت، وكنت أتوقع سؤالاً كثر إيراده، ألا وهو استعمال الإبرة عن الحمى الشوكية، فإن من الناس من قال: إن هذا حرام؛ لأنه ينافي التوكل، ولكننا نقول: إن هذا من التوكل؛ لأن التوكل صدق الاعتماد على الله عز وجل مع فعل الأسباب: ولهذا كان سيد المتوكلين محمد صلى الله عليه وسلم إذا قاتل العدو يلبس الدروع ويحتمي، بل في أحد لبس عليه الصلاة والسلام درعين، وهذا وقاية من شر الأعداء. فاستعمال هذه الإبر ليس فيه بأس، ولا ينافي التوكل بل هو من فعل الأسباب النافعة التي يدفع الله بها الشر. نسأل الله أن يقينا وإياكم شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأن يعيدنا جميعاً لمثل هذا الاجتماع، وأن يجعلنا من المستمعين المنتفعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اللقاء الشهري [2]

اللقاء الشهري [2] كان صلح الحديبية بمثابة فتح عظيم للإسلام والمسلمين، فقد ظهرت ثمراته اليانعة على غير ما كان يظهر من بنود الصلح. توضيح وتجلية أسباب الصلح وبنوده وآثاره هي محور هذا اللقاء الشهري.

وقفات من غزوة الحديبية

وقفات من غزوة الحديبية الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فإننا في لقائنا هذا لقاء شهر ذي القَعْدة عام اثني عشر وأربعمائة وألف في الجامع الكبير في عنيزة نبحث فيما هو مناسب للحال، ألا وهو تذكير الأمة بما جرى لنبيها محمد صلى الله عليه وسلم في غزوة هي من أهم الغزوات، ألا وهي غزوة الحديبية.

سبب الغزوة

سبب الغزوة غزوة الحديبية كان سببها أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يعتمر في شهر ذي القَعْدة، وهو من أشهر الحج، وذلك في السنة السادسة من الهجرة، أراد ذلك لأن العرب في جاهليتها تنظر إلى الحج والعمرة نظرة مادية لكسب المال، فكانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج لا تجوز، وأن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور ويقولون: إذا عفا الأثر -يعنون أثر المسير- وبرأ الدَّبَر -يعني: الجروح التي تكون على الرواحل من الشدِّ عليها- وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتمر. فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبطل هذه العقيدة وخرج في ذي القَعْدة، وهو من أشهر الحج، بل وهو أوسط أشهر الحج؛ لأن أشهر الحج ثلاثة: شوال وذو القَعْدة وذو الحجة. خرج معتمراً؛ ليبين أن الشرع يخالف هذه العادة أو هذه السنة التي سنها أهل الجاهلية، وأن العمرة في أشهر الحج مشروعة مقرِّبة إلى الله عز وجل، فخرج عليه الصلاة والسلام من المدينة، متوجهاً إلى مكة في السنة السادسة من الهجرة. ولما علمت بذلك قريش أخذتها الأنفة والكبرياء وحميّة الجاهلية؛ فمنعوا الرسول عليه الصلاة والسلام حين وصل الحديبية. والحديبية مكان بين مكة والمدينة على طريق جدة بعضها من الحرم وبعضها من الحل. نزل النبي صلى الله عليه وسلم هناك، وجعل يراسل قريشاً ليدخل ويعتمر ويخرج من مكة لا يتعرض لأحد، ولكن قريشاً في كبريائها وغطرستها منعت النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: لا يمكن أن يتحدث الناس أننا أخذنا ضغطة -يعني: أخذنا كرهاً- حيث دخل عدونا -وهو الرسول صلى الله عليه وسلم- إلى بلادنا. وجرت المراسلات بينهم، حتى أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه ليفاوضهم، وفي النهاية اتفقوا على الشروط التي سنذكرها.

كتابة الصلح وشروطه

كتابة الصلح وشروطه جاء الكاتب ليكتب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم؛ لأن هذه البسملة هي بسملة الرسل قال الله تعالى عن سليمان حين كاتب بلقيس ملكة اليمن في سبأ قال: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل:30] أملى النبي صلى الله عليه وسلم على الكاتب أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال مندوب قريش: نحن لا نعرف الرحمن الرحيم، لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم، اكتب باسمك اللهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اكتب (باسمك اللهم) تنازل، وسبب تنازله أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما نزل الحديبية كان إذا وجه ناقته نحو مكة بركت وأبت أن تسير، وإذا وجهها إلى الخلف سارت؛ فقال الصحابة رضي الله عنهم: خلأت القصواء، خلأت -يعني: حرنت- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (والله ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق) . انظر كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم يدافع عن البهائم، لا يريد الظلم ولا أن تظلم البهيمة: (ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق) بل هي سهلة لينة منقادة مع قائدها، لا تبرك إلا حيث بركها، ولا تثور إلا حيث ثوّرها (ولكن حبسها حابس الفيل) الفيل الذي أرسله أبرهة إلى مكة ليهدم الكعبة به فحبسه الله تعالى، والقصة مشهورة في سورة الفيل. المهم أن الكاتب لما أراد أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم وأبى مندوب قريش قال: (اكتب باسمك اللهم) ثم قال: (اكتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله قريشاً قال مندوب قريش: لا تكتب رسول الله، لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال: اكتب محمد بن عبد الله، ثم قال عليه الصلاة والسلام. والله إني لرسول الله وإن كذبتموني) ثم جرى الصلح، صلحاً عجيباً وكان من شروط الصلح التالي: الأول: أن توضع الحرب بينهم عشر سنين، الثاني: أن من شاء أن يدخل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم دخل، ومن شاء أن يدخل في عهد قريش دخل. الثالث: أن من جاء من المسلمين إلى قريش فإنهم لا يردونه، ومن جاء من قريش إلى المسلمين فإنهم يردونه. ما تقولون في هذا الشرط؟ شرط جائر، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام التزم به؛ لأن فيه تعظيم حرمات الله. الرابع: أن يرجع من عمرته هذه ولا يكمل العمرة، مع أنه لو جاء رجل مشرك من أقصى نجد لأذنت له قريش أن يدخل مكة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين هم أولى الناس بالمسجد الحرام يحرموا منه. الشرط الخامس: أن يرجع النبي عليه الصلاة والسلام ولا يكمل عمرته وفي العام القادم يدخل مكة لكن معه السيوف في جرابها، ولا يمكث فيها إلا ثلاثة أيام فقط ثم يخرج. جرى الصلح على هذه الشروط وحصل في هذا أخذ ورد من الصحابة، ومن أشد من تكلم في هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد ناقش النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الصلح، فقال: (كيف نرجع يا رسول الله؟! ألست تحدثنا أننا ندخل مكة ونطوف بالبيت قال: نعم. كنت أقول هذا ولكن هل قلت لك: إنك تدخلها هذا العام. قال: لا. قال: إنك آتيه ومطوّف به) ولكن في سنة أخرى، ثم قالوا: (يا رسول الله! كيف نعطيهم أن من جاء منهم مسلماً رددناه إليهم ومن ذهب منا إليهم لا يردونه إلينا؟ قال عليه الصلاة والسلام: أما من جاء إلينا ثم رددناه إليهم فسوف يجعل الله له فرجاً ومخرجاً) وأما من ذهب منا إليهم، يعني: قد اختار لنفسه ما اختار. وبعد ذلك أمر النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه أن ينحروا هديهم وأن يحلوا من إحرامهم ويحلقوا رءوسهم ويرجعوا إلى المدينة، فكأنهم رضي الله عنهم لشدة الأمر وشدة وقعه في نفوسهم تأخروا بعض الشيء، يرجون أن يكون هناك نسخ لما حصل، وليس قصدهم عصيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لعل النبي عليه الصلاة والسلام يرجع، فلما تلكئوا بعض الشيء دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سلمة -إحدى أمهات المؤمنين- وكانت امرأة عاقلة، فرأته مغضباً فقالت: ما الذي أغضبك؟ قال: أمرت الناس بكذا وكذا ولكن لم يفعلوا، قالت: أتريد أن يفعلوا؟ قال: نعم. قالت: اخرج وادعوا الحلاق واحلق رأسك، فخرج النبي عليه الصلاة والسلام فدعا الحلاق فحلق رأسه، فجعل الناس يحلقون رءوسهم حتى كاد يقتل بعضهم بعضاً. سبحان الله! اقتداء الناس بأفعال الإنسان أكبر من اقتدائهم بأقواله. فحلوا ورجعوا.

أبو بصير مسعر حرب

أبو بصير مسعر حرب الذي حصل أن الرسول عليه الصلاة والسلام التزم بالعهد فقدم رجل إلى المدينة مسلماً من قريش، ثم قال للرسول عليه الصلاة والسلام: إنه جاء مسلماً مهاجراً لا يريد الرجوع إلى قريش. فإذا برجلين من قريش قد أتيا خلفه يطالبون برده إلى قريش، فأعطاهم الرسول عليه الصلاة والسلام الرجل وفاءً بالعهد. فلما كانوا في أثناء الطريق قال أبو بصير لأحد الرجلين: أرني سيفك ما أحسن هذا السيف! وما أجوده! وصار يثني على السيف، أعطني إياه أنظره، فلما أعطاه إياه سله من غمده ثم ضرب به رأس صاحبه، وإذا برأسه قد بان من جسده، وأما القرشي الآخر فقد هرب إلى المدينة خوفاً أن يقتله. فلما هرب إلى المدينة ووصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإذا بـ أبي بصير وراءه فقال: يا رسول الله! إن الله قد أوفى بعهدك، أما العهد الذي بينك وبينهم فقد وفيت به وسلمتني إليهم، وأما أنا فأنجاني الله منهم، فلا تردني إليهم -رضي الله عنه- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ويل أمه مِسْعر حرب لو يجد من ينصره) تعجب منه! وقال: ليس بهين لو يجد من ينصره، ولما قال هذه الكلمة وقعت من أبي بصير موقعها وعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم سوف يرده إليهم، فخرج من المدينة هارباً ونزل على سيف البحر، وهو طريق قريش من الشام إلى مكة. وتعرفون حاجة قريش إلى الشام، فإنه في أيام الصيف لا يتجرون إلا من الشام: {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش:1-2] الشتاء إلى اليمن، والصيف إلى الشام. فمكث هناك وسمع بعض رجال المسلمين الذين في مكة أن أبا بصير هناك وأنه يترصد عير قريش، وما جاء من عير أخذه، فاجتمع إليه نفر، فصار كلما جاءت عير قريش أخذوها؛ لأن مال قريش حلال، فهم كفار محاربون، ليس بينه وبين هؤلاء الذين خرج منهم عهد، فأرسلت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: اكفنا شر هؤلاء النفر وردهم إلى المدينة. فرجع أبو بصير ومن معه إلى المدينة، فكان هذا مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن من رددناه إليهم فسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً) . هذه القصة فيها عبر عظيمة وكثيرة، تكلم على بعضها ابن القيم في زاد المعاد، وفيها منقبة لهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم.

بيعة الرضوان ومبايعة رسول الله عن عثمان

بيعة الرضوان ومبايعة رسول الله عن عثمان المنقبة هي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس تحت شجرة في الحديبية، وجعل الناس يبايعونه على ألا يفروا أبداً، وسبب هذه المبايعة أن الناس تحدثوا أن عثمان بن عفان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش قُتل، والرسول لا يُقتل حتى في الكفر لا يقتلون الرسول المفاوض، فبايع على أن يقاتلهم إذا كانوا قد قتلوا عثمان، ولكن عثمان رضي الله عنه لم يقتل، لكن حصلت لهم هذه المبايعة التي فيها عزهم، وأنزل الله في هذه المبايعة: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} [الفتح:18] وهو الصلح {وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} [الفتح:19] . أما عثمان فرجع سالماً، وكان رضي الله عنه له قبيلة ذات جاه في قريش، فقالوا له: يا عثمان! أنت قدمتَ إلينا وهذا البيت انزل فطف به، قال: والله ما أطوف به ورسول الله صلى الله عليه وسلم محصور عنه أبداً، وأبى أن يطوف بالبيت مع تيسره له؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم محصور عنه، ثم رجع سالماً قائماً بالهدف الذي أرسل من أجله. قد يقول قائل: إنه فاتته هذه المبايعة؛ لأنه كان حين المبايعة في مكة. ولكننا نقول إن هذه المبايعة لم تفته رضي الله عنه، فقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم إحدى يديه على الأخرى وقال: (هذه يد عثمان) فبايع النبي صلى الله عليه وسلم لـ عثمان بنفسه؛ فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيراً من يد عثمان لـ عثمان. سبحان الله!

أهمية قراءة السيرة النبوية

أهمية قراءة السيرة النبوية أنا أريد منكم أن تقرءوا هذه القصة في زاد المعاد؛ لتعتبروا بما فيها من العبر، كما أريد أيضاً أن تقرءوا جميع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ففيها -والله- زيادة الإيمان، وفيها زيادة المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وفيها العبر في التوحيد، وفي الفقه، وفي الخلق، وفي كل شيء. إنها سيرة النبي صلى الله عليه وسلم خير الخلق وأسدهم رأياً وأرجحهم عقلاً عليه الصلاة والسلام، لذلك اشتروا هذا الكتاب زاد المعاد في هدي خير العباد، وطالعوا فيه السيرة، كما أن هذا الكتاب فيه فوائد طبية استخلصها بعضهم ووضعها في كتاب مستقل، وحدثني طبيب أمريكي، أسلم وحسن إسلامه -حدثني هنا في بلادنا- أنه استفاد من الطب النبوي، حتى إنه يقول: من جملة ما حملني على الإسلام ما وجدت فيه من النظافة والأخلاق الفاضلة الطيبة، منها: أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه) يعني حسبه من الأكل والشرب لقيمات يقمن صلبه (فإن كان لا محالة -يعني: لا بد أن يأكل- فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه) . ولو أنا طبقنا هذا ما أصابنا مرض من داء البطنة، ولكن نحن نأكل حتى نملأ البطن طعاماً، ويقول بعض الناس: سأملأ بطني طعاماً، وأما الماء فهو دقيق يجد منافذ، وأما النفس فهو حربة يشق عن نفسه. لكن كل هذا غلط كل قليلاً ومتى جعت فكل ثانياً حتى تعطي الجسد غذاءه شيئاً فشيئاً على وجه يتحمله. وقد ضرب بعض الناس مثلاً للمعدة برجال عمال أعطوا أعمالاً كثيرة ترهقهم، فجعلوا يعملون، فإذا هم في مدة قصيرة قد تعبوا وتمزقت قواهم. أما إذا أعطيت المعدة ما ينفعها بدون مشقة عليها، فهذا خير لها وللبدن، وبإذن الله لن تصاب بأمراض تتعلق بالبطنة، إذا مشيت على ما أرشد إليه رسول الله عليه الصلاة والسلام. المهم أن سيرة النبي عليه الصلاة والسلام إذا قرأها الإنسان بتأمل واعتبار نفعته نفعاً عظيماً. نحن نتذكر هذه الغزوة ونعرف مدى ما يضمر المشركون للمسلمين، والحقيقة أننا في زمننا هذا -مع الأسف الشديد- في غفلة شديدة، نظن أن المشركين أو الكفار من اليهود والنصارى نظن أنهم أولياء لنا، ولكننا نقول إيماناً وعقيدة: إنهم أعداء لنا، نقول ذلك إيماناً وعقيدة، قبل أن نستشهد بالحوادث التي تقع منهم؛ لأن الله تعالى يقول في كتابه: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال:73] ويقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة:51] ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة:1] أما الوقائع فأنتم ترون ما حدث من الطائفة اليهودية كاستحلالها بيت المقدس، وليسوا بأهله. من أهل بيت المقدس؟ المسلمون. لا نقول: العرب أيضاً، فالعرب إذا لم يكونوا على دين الله فليسوا أهلاً له؛ لأن الله تعالى يقول: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء:105] هؤلاء هم أهل الأرض الذين يستحقون أن يعيشوا عليها، وقال موسى لقومه وكانوا هم المؤمنين في ذلك الوقت، قال: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة:21] لأنهم يقاتلون قوماً جبارين كفاراً، فكانوا أحق بالأرض منهم. أما بعد أن فتحت أرض الشام على أيدي المؤمنين فهم أهلها وهم أحق بها، وأقول والعلم عند الله: لا يمكن أن تسترد الشام -وأخص بذلك فلسطين - إلا بما استردت به في صدر هذه الأمة، بقيادة كقيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه برجال كجنود عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يقاتلون إلا لتكون كلمة الله هي العليا. فإذا حصل هذا للمسلمين فإنهم سيقاتلون اليهود حتى يختبئ اليهودي خلف الشجرة فتنادي الشجرة: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي تعال فاقتله. أما ما دام الناس ينظرون إلى هذه العداوة بيننا وبين اليهود على أنها عصبية قومية فلن نفلح أبداً؛ لأن الله لن ينصر إلا من ينصره، كما قال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:40-41] . فنحن إذا رأينا صدر هذه الأمة، نجد أنها انتصرت على أساس التوحيد الإخلاص لله الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم البعد عن سفاسف الأمور عن الأخلاق الرديئة عن الفحشاء والمنكر عن تقليد الأعداء. والمشكل أن من الناس اليوم من يرى أن تقليد الكفار عز وشرف، ويرون أن الرجوع إلى ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه تأخر وتقهقر، طبق ما قال الأولون: {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ} [المطففين:32] . فعلينا -أيها الإخوة- أن نرجع؛ لنقرأ ونتأمل فيما سبق في صدر هذه الأمة، حتى نأخذ بما كانوا عليه من تمسك وعبودية وحينئذ يكتب لنا النصر. وإني أقول وأكرر: يجب علينا أن نحذر من شرور أنفسنا، وأن نحذر من شرور الكفار والمنافقين وأتباعهم، ونسأل الله تعالى أن يكتب لنا ولكم النصر لدينه، وأن ينصرنا به وينصره بنا، وأن يجعلنا من أوليائه وحزبه إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الأسئلة

الأسئلة

الموقف الصحيح للمسلم عند اختلاف العلماء في مسألة من المسائل الفرعية

الموقف الصحيح للمسلم عند اختلاف العلماء في مسألة من المسائل الفرعية Q للعلماء في قلوبنا مكانة عظيمة ومنزلة كبيرة، فهم الذين أمرنا الله بالرجوع إليهم وسؤالهم، وهم ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولكن ما هو الموقف الصحيح للمسلم عند اختلافهم في مسألة من المسائل الفرعية، هل للشخص أن يرجِّح هو بين أقوالهم ويأخذ ما ناسبه مع أنه ليس من أهل الترجيح والعلم والاجتهاد؟ ثم هل إذا أخذ بهذه المسألة عن العالم الفلاني ثم المسألة الأخرى عن فلان هل يعد هذا من تتبع الرخص؟ وهل يخرجه من الحرج أن يقول قائلهم: أنا آخذ هذا القول والإثم على من أفتى به، وبلسان العامة: (اجعل بينك وبين النار مطوعاً) ؟ فما هو القول الفصل في هذه المسألة؟ وهل فعل الناس جائز؟ وما هو الضابط في ذلك وفي الترجيح؟ وهل يلزم الإنسان اتباع العالم مطلقاً في كل ما أفتى به أم لا؟ أرجو بسط المسألة بسطاً شافياً وجزاكم الله خيراً؟ A يسرنا ما قاله السائل في أن في قلوب الناس للعلماء مكانة، لأن الناس لا يزالون بخير ما عظموا ولاة أمورهم؛ اتباعاً لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59] وأولو الأمر منا هم: العلماء والأمراء. أما العلماء فهم أولو الأمر في شرع الله يبينونه للأمة ويوضحونه لهم وينشرونه بينهم. وأما الأمراء فهم أولو الأمر المنفذون لأمر الله الملزمون لعباد الله به، ولهذا كان مرجع أولي الأمر من الأمراء إلى أولي الأمر من العلماء. إذ أن الأمراء إذا ساروا بدون العلماء فقد يضلون ضلالاً بعيداً، وإذا لم يأخذوا بما دلت عليه شريعة الله، أو بما جاءت به شريعة الله، فإن معصية الناس لهم تكون بقدر معصيتهم لله. وهذه نقطة يجب أن نتفطن لها؛ فمعصية الناس لولاة الأمور بقدر معصية ولاة الأمور لله عز وجل. فكلما أطاع ولاة الأمور ربهم أخضع الله لهم قلوب الناس، وأطاعوهم ولم يتمردوا عليهم، فمن اتقى الله فيمن ولاه الله عليه، اتقاه من ولاهم الله عليهم، والعكس بالعكس. ويذكر أن عبد الملك بن مروان لما رأى تمرد الناس عليه جمع أشراف الناس وخطبهم وقال لهم: إنكم تريدون منا أن نكون لكم كـ أبي بكر وعمر، فأنتم كونوا لنا كرجال أبي بكر وعمر، نكون لكم كـ أبي بكر وعمر. وجاء رجل من الخوارج إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال له: يا علي! ما بال الناس خرجوا عليك ولم يخرجوا على أبي بكر وعمر؟ فقال له: لأن رجالي أنت وأمثالك، ورجال أبي بكر وعمر أنا وأمثالي، فألقمه حجراً. المهم أن ولاة الأمر إذا كانوا مرجع الناس فإن الناس في خير، أما إذا تمرد الناس على ولاة الأمر فخالفوا العلماء بغير علم، وتمردوا على الحكام فذلك عنوان الشقاء في هؤلاء وهؤلاء. فالواجب علينا احترام ولاة أمورنا من العلماء، واحترام ولاة أمورنا من الأمراء، وأن نبذل لهم النصيحة، وبذل النصيحة ليس هو الفضيحة على رءوس المنابر وفي المجالس العامة، في تتبع مساوئهم، فبعض الناس تجده يقول: قال العالم الفلاني: كذا وكذا وقد أخطأ؛ فهذا خطأ ويقول: فعلت الدولة كذا وكذا وقد أخطأت. هذا ليس من النصيحة في شيء، النصيحة أن تتصل بالمخطئ إما بواسطة أو بغير واسطة، وتبيّن له خطأه، فقد يكون مع المناقشة يتبين للجميع الصواب، إما أن يكون الصواب معك فيرجع إليك، وإما أن يكون معه فترجع إليه، وإما أن يكون كل منكم له وجهة نظر يعذره فيها الآخر. وأما من وراء جدر يقع الناس في أعراض العلماء، أو يقعون في أعراض الأمراء، فإن هذا لا شك عنوان على التفرق وتمزق الأمة. فإذا كان -كما قال السائل وفقه الله- للعلماء مكانة في قلوب الناس فهذا عنوان الخير والسعادة، ونرجو أن يكون في قلوب الناس -أيضاً- مكانة لولاة الأمر من الأمراء، وأن يناصحوهم وأن يعلموا أنهم بشر ليسوا معصومين من الخطأ، هم يخطئون كما يخطئ البشر، أنت الآن في بيتك ألست تخطئ في تربية أولادك؟ إذاً: هم قد يخطئون، مع أن دائرة عملهم أوسع من دائرة عمل البيت. فنعمل البيت محصور لكن ولاة الأمور دائرة عملهم واسعة جداً. لهذا أقول: إن من نعمة الله على الأمة أن يكون بينهم وبين ولاة الأمور من العلماء والأمراء مودة واتصال ومناصحة، وعلى كل من تبين له الحق من هؤلاء وهؤلاء أن يرجع إليه؛ لأن الله يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:59] . أما ما ذكره من الفقرات في السؤال فكلها ترجع إلى شيء واحد، إذا اختلف أهل العلم، سواء في فتوى استفتاهم فيها إنسان، أو في كلام سمعه منهم، فإن الواجب أن يتبع الإنسان من يرى أنه أقرب إلى الصواب، إما لسعة علمه وإما لقوة فهمه وإما لقوة إيمانه وأمانته، هذا هو الواجب. ويشهد لذلك أن المريض إذا عرض نفسه على طبيبين فوصف له أحد الطبيبين دواءً ووصف له الثاني دواءً آخر يخالف الأول، فبمن يأخذ؟ بقول من يرى أنه أقرب إلى الصواب لحذقه واطلاعه ومعرفته وتجربته. كذلك -أيضاً- ما يتعلق بالفتوى في الدين اتبع من ترى أنه أوثق في العلم سعة وفهماً وفي الديانة والأمانة. فإن تساوى عندك الأمران وترددت في أيهما أرجح، فقال بعض العلماء: أنت مخير، إن شئت خذ بقول هذا وإن شئت خذ بقول هذا في هذه المسألة وغيرها أيضاً، وقال بعض العلماء: خذ بالأشد؛ لأنه أحوط، وقال آخرون: خذ بالأيسر؛ لأنه للشريعة أوفق؛ فإن الشريعة مبناها على اليسر والسهولة. فمن صَدَقَ الله عز وجل في ذلك وقارن بين العالمين ولم يترجح له أحدهما، فهذه أقوال العلماء في هذه المسألة: القول الأول: التخيير: إن شئت خذ بهذا أو بهذا؛ حتى لو أخذت بقول أحدهما اليوم فلك أن تأخذ غداً بقول الآخر. الثاني: الأشد؛ لأنه أحوط. الثالث: الأيسر؛ لأنه أوفق للشريعة، وعندي أن هذا أصح، وهو أن تأخذ بالأيسر؛ لأنه أوفق للشريعة والأصل براءة الذمة. ولكن المحذور أن تذهب إلى عالم ترضاه في علمه ودينه وتستفتيه، ثم إذا أفتاك بما لا يوافق هواك، ضربت بفتواه عرض الحائط، ثم ذهبت إلى رجل آخر لعله أيسر، فهذا هو الحرام؛ لأن هذا تلاعب بدين الله، وما أكثر الذين يفعلون ذلك! يستفتي هذا العالم فإذا لم يوافقه على هواه، قال: أذهب إلى فلان، ذهب إلى فلان فوجد قوله أشد من الأول قال: كل هؤلاء ما عندهم علم، فيأتي الثالث والرابع والخامس حتى يصل إلى ما يوافق هواه، فحينئذ يقول: ألقت عصاها واستقر بها النوى كما قر عيناً بالإياب المسافر هذا هو الذي لا يجوز. فإذا قال قائل: هذا رجل في قرية، ليس عنده عالم متبحر، هل يسأل من فيها على نية أنه متى وجد عالماً أحسن منه سأله أو لا؟ نقول: نعم. إذا كان في قرية ليس عنده عالم متبحر، وسأل من يظنه أعلم الناس فيها، فليسأل على نية أنه متى وجد عالماً متبحراً سأله فهذا لا بأس به.

حكم تأخير فريضة الحج بسبب الامتحانات

حكم تأخير فريضة الحج بسبب الامتحانات Q فضيلة الشيخ! من المعلوم أن الامتحانات بعد الحج مباشرة، فسبب ذلك إحجام كثير من الشباب والفتيات عن أداء فريضة فرضها الله عليهم مع استطاعتهم لها وقدرتهم عليها، فهل يأثمون بذلك، وهل الحج واجب على الفور؟ وهل الامتحان سبب شرعي يبيح لهم تأخير الفريضة؟ A القول الراجح من أقوال أهل العلم: أن الحج واجب على الفور، وأنه لا يجوز للإنسان أن يؤخره إلا لعذر شرعي، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تأخر الصحابة عن التحلل في غزوة الحديبية غضب، ودليل آخر: أن الإنسان لا يدري ما يعرض له، فقد يؤخر الحج هذه السنة ثم يموت، ويبقى معلقاً. ولكن إذا كان حجه يؤثر عليه في الامتحان فله أن يؤخره إلى السنة القادمة، ولكني أشير عليه أن يأخذ دروسه معه ويحج، هذا إن كان يسافر إلى الحج مبكراً، أما إذا كان يتأخر في الحج فإني لا أظنه يضره. ومعلوم أن بإمكان الإنسان أن تكون أيام الحج التي يستغرقها أربعة أيام فقط، يذهب يوم عرفة فيمكث التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر ويكون متعجلاً، يجوز إذا رمى في اليوم الثاني عشر بعد الزوال أن يخرج ويطوف الوداع ويمشي إلى أهله. فلا أظن أنها تضر شيئاً. فالإنسان الحريص يمكنه أن يحج ولا يؤثر ذلك عليه شيئاً. كما أن الإنسان إذا اعتمد على الله وتوكل عليه وأتى بالحج واثقاً بالله عز وجل فإن الله سييسر له الأمر.

حكم الإتيان بالأيدي العاملة من غير المسلمين وإدخالهم إلى جزيرة العرب

حكم الإتيان بالأيدي العاملة من غير المسلمين وإدخالهم إلى جزيرة العرب Q انتشرت الأيدي العاملة من غير المسلمين في هذه الجزيرة وإدخالهم إليها بأعداد كبيرة جداً وخاصة أننا نرى أن النصارى يقتلون المسلمين بالجماعات، فما حكم ذلك؟ وما حكم من أتى بهم أو سهل مجيئهم إلى هنا خاصة مكاتب الاستقدام وأصحاب المؤسسات؟ وهل الأموال التي يأخذونها -إذا كان عملهم محرماً- بسبب عمل أولئك هل هو حلال أم حرام؟ وما ردكم على من يقول: إن العامل المسلم ليس أميناً ولا يعمل جيداً وفقكم الله وجزاكم الله خيراً؟ A أما الأول وهو: استقدام غير المسلمين إلى هذه الجزيرة فإني أقول له: يتأهب لجواب النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، حيث قال: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) . وليعلم أن الموت قريب وأن الدنيا لن تبقى له، ولن يبقى هو للدنيا، فليحرر الجواب الصحيح الذي ينجيه من عذاب الله، والذي ينجيه من الآثار السيئة التي تنتج عن كثرة غير المسلمين في هذه الجزيرة، ولقد ثبت في صحيح البخاري وغيره عن زينب بنت جحش قالت: استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من النوم محمراً وجهه وهو يقول: (لا إله إلا الله! ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه -وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها- فقالت زينب: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم. إذا كثر الخبث) فإذا كثر غير المسلمين في هذه الجزيرة فويل لهم من شر قد اقترب والعياذ بالله، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه) فأقول لمن يستقدم هؤلاء العمال مع أننا لسنا بحاجة إليهم أقول له: ليعد الجواب الصحيح إذا سئل يوم القيامة عن فعله وعن مصادمته لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) . وقال: (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً) . هذا جوابي على من استقدم. وأما ما يكسبه من عملهم إذا كان محرماً فإني أجيبه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) فكل عين محرمة وكل منفعة محرمة فإن عوضها محرم بهذه القاعدة التي أسسها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) . وأما قول القائل: إن المشركين أو الكفار أنصح من المسلمين فأنا أجيبه بقول رب العالمين: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة:221] {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة:221] . فإذا كانت عضلاته شديدة وبدنه قوياً فليجب عن هذه الآية: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة:221] . والعجيب أن بعض الناس يجلب عمالاً يمكن أن يقوم المسلمون بمثل عملهم، يعني: ليس العمل الذي يجلبهم إليه عملاً لا يجيده المسلم، بل هو عمل سهل يجيده المسلم وغير المسلم، ثم يختار الكافر على المسلم. وأدنى ما يكون في جلب الكفار إلى البلاد هو ذهاب الغيرة التي كانت في قلوب المؤمنين والهيبة من إيواء الكفار وموالاتهم ومودتهم إلا من شاء الله، حتى إن بعض الناس يظن أنهم إخوة لنا، بل يسميهم إخوة، فيقول: الأخ فلان، سبحان الله! سلب الإيمان من قلبك حتى جعلت عدو الله أخاً لك، نسأل الله السلامة. لكن كيف نحل هذه المشكلة التي وقعنا فيها كما قال السائل؟ أولاً: يجب علينا أن ندعو هؤلاء للإسلام وألا نيئس من إسلامهم، وقد بلغني شيء محزن القلب، بلغني أن بعض الكفلاء سامحهم الله وهداهم، إذا رأوا داعية يدعو عمالهم للإسلام منعوه، وقالوا: لا تفسدهم علينا. أعوذ بالله! والله لا يقول أحد إن الكافر إذا أسلم هو فساد إلا من أفسد الله قلبه وأعمى بصيرته. وإننا نعرف أن إخواننا الذي أسلموا من هؤلاء العمال صاروا أنصح بكثير مما كانوا عليه من قبل، وربما الأخ الشيخ حمود يدري عن ذلك، صاروا أنصح وأتقن عملاً وأحسن خلقاً وهذا هو اللائق بالمسلم. {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة:221] نسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم.

حكم ترميم المساجد

حكم ترميم المساجد Q فضيلة الشيخ! هل ترميم المساجد يؤجر عليه الإنسان كبناء المساجد؟ A ترميم المساجد على أقسام: القسم الأول: ترميم كمالي لا حاجة إليه، فهذا أخشى أن يكون المرمم إلى الإثم أقرب منه إلى السلامة، لأنه إذا كان لا حاجة إليه، ولكن ليس فيه إلا تجميل المسجد صار فيه إضاعة مال بلا فائدة، والمال الذي تنفقه على هذا الترميم أنفقه في مساجد أخرى ينتفع الناس بها. القسم الثاني: ترميم دعت الحاجة إليه دون الضرورة، مثل أن يكون البلاط قد تقشع أو (التلييس) قد تقشع ولكن المسجد قائم فهذا يؤجر عليه الإنسان؛ لأن فيه تنظيفاً للمسجد، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيَّب. القسم الثالث من الترميم: ترميم تدعو إليه الضرورة كتصدع الجدران في مساجد الطين وتصدع الجسور في مساجد المسلح وما أشبه ذلك، فهذا يعطى حكم بنائها؛ لأن ترميمها ضروري.

حكم من تاب توبة صادقة ثم عاد إلى الذنب

حكم من تاب توبة صادقة ثم عاد إلى الذنب Q ما حكم توبة من تاب من ذنب ثم رجع إلى ذلك الذنب مرات عديدة، ثم تاب كذلك مرات عديدة وبعد ذلك منَّ الله عليه بالتوبة الصادقة، ولم يرجع إلى هذا الذنب أفتونا وفقكم الله؟ A توبة هذا المذنب صحيحة. التوبات الأولى والتوبات الأخيرة كلها صحيحة، لأنه كلما أذنب ذنباً ثم تاب إلى الله منه واستكمل شروط التوبة في حقه قبل الله يقبل توبته. فإذا دعته نفسه مرة أخرى وفعله فليتب ثانياً، وثالثاً ورابعاً؛ لقول الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} [الزمر:53] . لكن المهم أن تكون التوبة صادقة، وأن يكون عازماً على ألا يعود إلى هذا الذنب، وليست التوبة مهزهزة بأن يتوب وهو في قلبه نية للعودة إلى الذنب، فإن هذه التوبة ليست صحيحة. لكن إذا كانت توبة صحيحة وكان حين ترك الذنب عازماً على ألا يعود إليه، فإنه إذا عاد إليه مرة ثانية، لا تنهدم توبته الأولى، بل توبته الأولى صحيحة وكلما أذنب وتاب تاب الله عليه.

حكم من ماتت قريبتها بدون صيام شهر رمضان بسبب كذبها عليها

حكم من ماتت قريبتها بدون صيام شهر رمضان بسبب كذبها عليها Q امرأة في بادية قاعدة في بيتها لمرض بها لا يمنعها الصوم، ولكنها لا تعرف الأشهر سوى رمضان، وكانت تسأل امرأة قريبة لها: هل جاء رمضان أم لا؟ وذلك من أجل أن تصوم، ولكن قريبتها كانت سيئة فكذبت عليها وقالت: نحن في شهر شعبان ولم يأت رمضان، فصدقتها فلم تصم، وعلى إثر انقضاء رمضان ماتت فندمت هذه القريبة على ذلك، فهل تصوم عنها أو لا تصوم، أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء؟ A الظاهر لي أنها تصوم عنها؛ لأنها هي التي غرتها، ومن أتلف شيئاً فعليه ضمانه، وعليها أيضاً أن تتوب إلى الله عز وجل مما صنعت من تغرير هذه المرأة المسلمة الجاهلة، فلو صامت عنها فأرجو أن يكون ذلك كفارة لها عما صنعت فيها.

حكم زيارة المقابر للرجال والنساء وحكم تخصيص يوم من الأيام بالزيارة

حكم زيارة المقابر للرجال والنساء وحكم تخصيص يوم من الأيام بالزيارة Q زيارة المقابر هل تختص بيوم معين كالعيدين والجمعة أو في وقت معين من اليوم أما أنها عامة؟ وماذا يجاب عما ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح من أنها تزار في يوم الجمعة؟ وهل يعلم الميت بزيارة الحي له؟ ثم أين يقف الزائر من القبر؟ وهل يشترط أن يكون عنده أم يجوز ولو كان بعيداً عنه؟ A زيارة المقابر سنة في حق الرجال؛ لأنها ثبتت بقول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة) وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يزوروها. ولا تتقيد الزيارة بيوم معين، بل تستحب ليلاً ونهاراً في كل أيام الأسبوع، ولقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى البقيع ليلاً فزارهم وسلم عليهم. والزيارة مسنونة في حق الرجال، أما النساء فلا يجوز لهن الخروج من بيوتهن لزيارة المقبرة، ولكن إذا مررن بها ووقفن وسلمن على الأموات بالسلام الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن هذا لا بأس به؛ لأن هذا ليس مقصوداً، وعليه يحمل ما ورد في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، وبه يجمع بين هذا الحديث الذي في صحيح مسلم والحديث الذي في السنن أن الرسول عليه الصلاة والسلام (لعن زائرات القبور) . وأما تخصيص الزيارة بيوم الجمعة وأيام الأعياد فلا أصل له، وليس في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك. وأما هل يعرف من يزوره فقد جاء في حديث أخرجه أهل السنن وصححه ابن عبد البر وأقره ابن القيم في كتاب الروح: (أن من سلم على ميت وهو يعرفه في الدنيا رد الله عليه روحه فرد عليه السلام) . أما أين يقف الزائر؟ نقول: يقف عند رأس الميت مستقبلاً إياه، فيقول: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، ويدعو له بما شاء ثم ينصرف، وهذا غير الدعاء العام، الذي يكون لزيارة المقبرة عموماً، فإنه يقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم.

حكم وضع المقصورة على النعش الذي فيه امرأة

حكم وضع المقصورة على النعش الذي فيه امرأة Q ما رأي فضيلتكم في المقصورة التي توضع على المرأة الميتة على نعشها؛ لتسترها، هل المرأة عورة حية وميتة؟ وهل هذه المقصورة من السنة؛ فإن كانت من السنة فلماذا لا تحيا ويعمل بها جزاكم الله خير الجزاء؟ A لا شك أن المقصورة إذا وضعت على نعش الميتة الأنثى أنه أستر لها؛ لأنه أحياناً تقدم جنائز من النساء يشاهد الإنسان حجم الميتة تماماً، ويتبين بذلك مقاطع جسمها، وهذا أمر لا يرغب فيه، وما يوجد في الحجاز ولا سيما في مكة من وضع (المكبة) التي تكون على النعش، لا شك أنه أستر وأبعد عن رؤية الميتة. أما جسم الأنثى فليس بعورة سواءً كانت حية أو ميتة، إلا إذا كان عليها ثياب لاصقة بالجسم ضيقة تبين مقاطع الجسم، فإن ذلك لا يجوز.

ضرورة صبر المرأة عندما يتزوج زوجها عليها

ضرورة صبر المرأة عندما يتزوج زوجها عليها Q ما تقولون وفقكم الله فيما يقوله بعض الأزواج إذا تزوج زوجة أخرى، حيث يقول لزوجته الأولى: أنت بالخيار، تريدين الطلاق أو البقاء مع أولادك، فإذا لم ترد عليه فهل عليه في ذلك حرج؟ وكيف يكون حالها وهي لم تجبه بعد؟ A أولاً: يؤسفنا كثيراً أن بعض النساء إذا تزوج زوجها بزوجة أخرى فعلت أفعالاً لا تليق بها من الصراخ والمقاطعة والبغضاء ومطالبة الزوج بالطلاق أو بفراق الجديدة أو ما أشبه ذلك. والذي ينبغي للمرأة أن تهون على نفسها هذا الأمر؛ لأن هذا الأمر وقع من النبي صلى الله عليه وسلم ومن سادات المؤمنين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يومنا هذا، وإذا كان الله تعالى قد أجاز للرجل أن يتزوج إلى أربع فهو أعلم وأحكم وأرحم. فالذي ينبغي للمرأة أن تهون على نفسها هذا الأمر، وأن تصبر على ما نالها من المشقة، وألا تطالب الزوج بشيء. وفي ظني أن الزوج إذا وجد أرضاً لينة بالنسبة لزوجته الأولى، فسيكون ليناً، لكن بعض الزوجات إذا تزوج زوجهن عليهن ألزمنه بما يكره، وطالبنه بما يكره، وحينئذ يقول لها: أنت بالخيار إن شئت أن تبقي عند أولادك على ما يحصل مني فأنت صاحبة البيت، وإلا إذا شئت الطلاق أطلقك. ولو قال هذا فليس فيه شيء؛ لأن هذا هو الواقع، ولما كبرت سودة بنت زمعة إحدى أمهات المؤمنين ورأت من النبي صلى الله عليه وسلم الرغبة عنها صارت ذكية فوهبت يومها لـ عائشة أم المؤمنين؛ لأنها تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب عائشة فوهبت يومها لـ عائشة وبقيت ليس لها قسم؛ لأنها أسقطت حقها من القسم، ولكنها بقيت أمَّاً للمؤمنين رضي الله عنها.

واجبنا تجاه المسلمين في يوغسلافيا

واجبنا تجاه المسلمين في يوغسلافيا Q ما هو واجبنا تجاه المسلمين في يوغسلافيا؟ وهل من حرب النصارى هنا أن نبعدهم عن بلادنا؟ A أما الفقرة الثانية من السؤال فقد تقدم ما يدل عليها -أي: على جوابها. وأما الفقرة الأولى وهي موقفنا من إخواننا المسلمين في يوغسلافيا فالواجب علينا أن نبذل ما نقدر عليه من الدعاء لهم بالنصر وأن يكبت الله أعداءهم وأن يهدي الله ولاة أمور المسلمين حتى يقاطعوا كل من أعان من يقاتلهم على قتالهم. المسلمون لو قاطعوا كل أمة من النصارى تساعد الذين يحاربون إخواننا لكان له أثر كبير ولعرف النصارى وغير النصارى أن المسلمين قوة وأنهم يد واحدة، فموقفنا نحن كشعب من الشعوب أن ندعو الله لهم بالنصر وأن يذل أعداءهم -نسأل الله أن ينصرهم ويذل أعداءهم- وأن نبذل من أموالنا ما ينفعهم لكن بشرط أن نتأكد من وصوله إليهم؛ لأن هذه المشكلة هي التي تقف عقبة أمام الناس، من يوصل هذه الدراهم إليهم؟ وهل يمكن أن تصل إليهم؟ فإذا وجدنا يداً أمينة توصل المال إليهم؛ فإن بذل المال لهم سواء من الزكاة أو من غير الزكاة، لا بأس به، أقول: لا بأس به، بمعنى أنه ليس حراماً بل هو مطلوب؛ لأن نصرة المؤمنين في أي مكان من الأرض يعتبر نصرة للإسلام.

حكم الملابس الرياضية التي تحتوي على شعارات دول كافرة

حكم الملابس الرياضية التي تحتوي على شعارات دول كافرة Q فضيلة الشيخ! ما تقولون فيما يفعله بعض الشباب من أبناء المسلمين اليوم في الألبسة التي يرتدونها للرياضة وهي تحمل شعارات لدول كافرة أو لبعض اللاعبين من الكفار أو فيها شعارات تعصب لبعض الفرق الرياضية الكافرة إعجاباً بهم؟ هل هذا من موالاة الكفار، أفتونا وفقكم الله؟ A قد يكون هذا ليس من موالاة الكفار ظاهراً، لكن من فعله فإن في قلبه من تعظيم الكفار ما ينافي الإيمان أو كمال الإيمان. والواجب علينا نحن المسلمين أن نقاطع مثل هذه الألبسة وألا نشتريها؛ وفيما أحل الله لنا من الألبسة شيء كثير؛ لأننا إذا أخذنا بهذه الألبسة صار فيها عز للكفار، حيث أصبحنا نفتخر أن تكون صورهم أو أسماؤهم ملبوساً لنا، هم يفتخرون بهذا، ويرون أن هذا من إعزازهم وإكرامهم. ثانياً: هم يسلبون أموالنا بهذه الألبسة، مصانعهم حامية وجيوبنا منفتحة لبذل الدراهم لهم، وهذا خطأ. الآن لو أنك ذهبت إلى بعض البيوت لوجدت المرأة عندها أكثر من عشرين ثوباً كلما ظهرت موضة اشترتها، وكذلك بالنسبة للاعبين، والذي أشير به على إخواننا هؤلاء أن يقاطعوا هذه الألبسة نهائياً، وأن يكتفوا بالألبسة التي تفصَّل هنا على الطراز الإسلامي الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.

حكم دخول رجال النظافة إلى المستشفيات المخصصة للنساء

حكم دخول رجال النظافة إلى المستشفيات المخصصة للنساء Q يسأل عدد من الأسئلة حول موضوع المستشفيات المخصصة للنساء، هل من بشرى في ذلك؟ وهل من عزم على أن يخصص ذلك للنساء؟ وما حكم بعض المستشفيات الخاصة التي فيها قسم مخصص للنساء، ولكنه لا يُمنع دخول رجال النظافة إليه؟ A أنا أريد من السائل أن يوجه السؤال إلى المسئولين عن المستشفيات، أما أنا فليس عندي علم بذلك وإذا بشروه بهذا الاتجاه الذي يقوله، فليبشرنا به وسنعطيه البشارة إن شاء الله. أما بالنسبة للمستشفيات الخاصة التي يكون فيها قسم للنساء ولكن يدخلها رجال النظافة فإذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس به بشرط ألا يدخلوا على النساء على وجه الخلوة، بل يكونون في جناح ليس فيه نساء، ثم إذا نظفوه ينتقل النساء إلى هذا الجناح الذي حصل فيه التنظيف حتى ينظف الجناح الثاني، أو يطلب من أصحاب المستشفيات الخاصة أن يكون المنظفون للجناح الذي فيه النساء من النساء، وما أكثر النساء اللاتي يمكن أن يقمن بهذا العمل.

حكم ذبح البهيمة المريضة

حكم ذبح البهيمة المريضة Q إذا كان لدى الإنسان بهيمة مريضة ولا يريد أكلها فهل من السنة أن يذبحها أو أن يتركها بدون ذكاة؟ فقد كثر عند الناس أو شاع أنهم يقولون: أرحها بذبحها؟ A أما إذا كانت البهيمة للإنسان نفسه فإنها إذا مرضت مرضاً لا يُرجى برؤه ولا يمكن أن ينتفع بها فيما بعد فله أن يقتلها، وذلك لأن بقاءها يلحقه إثماً بعدم الصرف عليها؛ وإذا صرف عليها وهو لا يرجو نفعها لا حاضراً ولا مستقبلاً، صار في الإنفاق عليها ضياع للمال، ونحن منهيون عن إضاعة المال، فإذا قتلها استراح منها ولا حرج عليه في ذلك. أما إذا كانت البهيمة ليست له مثل أن يمر الإنسان ببهيمة في البر وهي متألمة من المرض، فإنه لا يقتلها، بل يدعها لله عز جل؛ لأن هذا ليس من فعله، وليس مسئولاً عن هذه البهيمة.

حكم بيع التلفاز

حكم بيع التلفاز Q أعطاني رجل تلفازاً وأحرجني أن أبيعه له وهو معي الآن ولا أدري ماذا أفعل، هل أبيعه وإذا بعته فهل أكون آثماً؟ وهل قيمته حراماً؟ A التلفاز إذا بعته وأنا أخاطب السائل: إذا باعه الذي أعطي إياه على من يستعمله استعمالاً مباحاً -مثل أن يبيعه على بعض الذين يعرضون أفلاماً تنفع الناس- فإن هذا لا بأس به. أما إذا باعه على عامة الناس، فإنه يأثم بذلك؛ لأن أكثر الناس يستعملون التلفزيونات في الأشياء المحرمة. ولا شك أن ما يشاهد في التلفزيون منه شيء مباح، ومنه شيء نافع، ومنه شيء محرم ضار، وأكثر الناس لا يفرق بين هذا وذاك.

صلاة الجماعة للمسافر

صلاة الجماعة للمسافر Q نحن مجموعة من الشباب جئنا إلى القصيم للعمل والدراسة، وفي كل إجازة أسبوع أو مناسبة نعود إلى أهلنا وبلدنا. فضيلة الشيخ! متى نعتبر مسافرين ويجوز لنا العمل برخص السفر إذا كنا في القصيم وإذا كنا في بلادنا وعند أهلنا؟ وهل يجوز لنا إذا اعتبرنا تواجدنا في القصيم سفراً أن نصلي جماعة في السكن ونقصر ولو كنا نسمع الأذان؟ وهل للقصر مدة معينة ومسافة محددة؟ A المسافر من أهله إلى بلد آخر يريد الدراسة هو في الحقيقة من مواطني البلد الأول، أي مواطن في بلده، حتى ينوي أنه انتقل منه إلى البلد الثاني واستوطنه، فإذا نوى أنه انتقل من وطنه إلى البلد الثاني واستوطنه صار رجوعه إلى بلده سفراً. وأما إذا اعتبر البلد الثاني بلد إقامة للحاجة متى انتهت الحاجة رجع إلى أهله، فإنه مسافر سواء طالت المدة أم قصرت، وسواء حدد المدة أم لم يحدد، ما دامت إقامته مربوطة بشيء معين، متى انتهى رجع إلى أهله. ولكن إذا كان في بلد تقام فيه الجماعة فالواجب عليه حضور الجماعة، ولا يحل له أن يتخلف وهو بين المساجد، وما اشتهر عند بعض العامة أن المسافر لا تجب عليه صلاة الجماعة ولا الجمعة فإنه خلاف الصحيح؛ لأن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:9] . والمسافر داخل في المؤمنين بلا شك، فيجب عليه الحضور، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر) . والمسافر المقيم في البلد التي يؤذن فيها سامع للنداء فعليه أن يحضر. ولا تسقط صلاة الجماعة عن المسافر، فقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصلي بالمسلمين في السفر في حال القتال، كما قال تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ. } [النساء:102] إلى آخر الآية. فإذا فاتتك الجماعة وصليت وحدك فلك أن تقصر. وعلى هذا فلا يحل لهؤلاء الجماعة أن يصلوا في بيوتهم مع أنهم بين المساجد، بل الواجب أن يصلوا في المسجد. هذا الذي نراه في هذه المسألة، ولكن كثيراً من أهل العلم يقولون: إن الإنسان إذا نوى إقامة محددة انقطع السفر في هذه المدة، فمنهم من يقول: المدة أربعة أيام، ومنهم من يقول: المدة خمسة عشر يوماً، ومنهم من يقول: المدة تسعة عشر يوماً، وهم مختلفون في هذه المسألة على أكثر من عشرين قولاً، ولكن كل قول ليس عليه دليل فإنه لا عبرة به. فهل النبي صلى الله عليه وسلم حدد للأمة حداً إذا نوى الإنسان الإقامة في هذه المدة فهو مسافر وإن زاد عليها فهو مقيم؟ هذه تحتاج إلى دليل، ولا دليل فيما نعلم على أن الرسول صلى الله عليه وسلم حدد المدة، بل كل من بقي في بلد ينتظر حاجته متى انقضت حاجته رجع إلى أهله، فإنه يعتبر مسافراً غير مقيم؛ لأن إقامته مقيدة، لو سئل هل أنت مقيم دائماً؟ قال: لا. أنا مقيم لحاجة متى انتهت رجعت إلى بلدي.

حكم التوكيل للنساء في رمي الجمار

حكم التوكيل للنساء في رمي الجمار Q فضيلة الشيخ! ما رأيك في النساء اللاتي لا يستطعن رمي الجمار ليس عجزاً ولكن خوفاً من أن يحدث لهن شيء ما رأيك في توكيلهن وعدم رميهن؟ A الذي أرى أنه لا يجوز التوكيل في رمي الجمرات إلا عند الضرورة، وذلك لأن رمي الجمرات من شعائر الحج، وقد قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] والخوف من الزحام يرتفع برمي الإنسان في الليل، فإن الرمي في الليل جائز وليس فيه بأس، بل قد يكون الرمي في الليل أفضل من الرمي في النهار إذا كان رميه في الليل أخشع لله وأشد طمأنينة واستحضاراً للعبادة، فإن الليل حينئذ يكون أفضل؛ ولهذا رخص النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة من أهله في ليلة المزدلفة أن يتقدموا ويرموا، فكان الذين يتقدمون يرمون في الليل متى وصلوا إلى منى. وأما ما ورد من نهيهم عن الرمي حتى تطلع الشمس فإنه ضعيف لا تقوم به حجة. ويدل على أن مراعاة العبادة أولى من مراعاة وقتها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم) فأمر بتأخير الصلاة عن أول وقتها مع إنه أفضل من أجل أن يقوم الإنسان في صلاته وهو مستحضر لها مطمئن فيها.

حكم الدفع من مزدلفة بعد منتصف الليل من غير عذر والرمي قبل طلوع الشمس

حكم الدفع من مزدلفة بعد منتصف الليل من غير عذر والرمي قبل طلوع الشمس Q إذا خرج الحاج من مزدلفة بعد منتصف الليل من غير عذر ورمى بعد الفجر قبل طلوع الشمس فماذا عليه؟ A الذي يظهر من السنة أن الدفع من مزدلفة ليس مقيداً بنصف الليل، إنما هو مقيد بآخر الليل، وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها تقول لغلامها: [انظر القمر هل غاب؟ فإذا غاب القمر دفعت من مزدلفة] ومعلوم أن غروب القمر ليلة العاشر لا يكون إلا في نحو ثلثي الليل، يعني: لا يبقى من الليل إلى الثلث، وتقييد بعض العلماء بالنصف ليس عليه دليل، فالصواب أن الحكم مقيد بآخر الليل، فإذا كان آخر الليل فليدفع. لكن هل يجوز الدفع في آخر الليل لمن له عذر ولمن لا عذر له؟ نقول: أما في وقتنا الحاضر فلا شك أن أكثر الناس معذور؛ لأن الزحام الشديد الذي يكون عند رمي الجمرة بعد طلوع الشمس يخشى منه وكم من أناس هلكوا وماتوا في هذا الزحام، فإذا تقدم الإنسان من مزدلفة ورمى الجمرة -إذا وصل إلى منى - فلا حرج عليه، لكن الإنسان القوي الأفضل له أن يفعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فيبقى في مزدلفة ولا ينصرف منها إلا إذا أسفر جداً.

اللقاء الشهري [3]

اللقاء الشهري [3] في هذه المادة تفسير بعض الآيات من سورة (ق) ، مع ذكر بعض الفوائد بشيء من البسط والتيسير، ثم يتبعها بالإجابة عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

تفسير قوله تعالى: (كذبت قبلهم قوم نوح)

تفسير قوله تعالى: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ) الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق، فبلَّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: أيها الإخوة: فإن هذا هو اللقاء الشهري الذي ينظمه مكتب الدعوة في الجامع الكبير في عنيزة، وهذا اللقاء في هذا الشهر يصادق ليلة الخامس عشر من شهر جمادى الثانية عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل مثل هذه اللقاءات لقاءات خير وبركة. كنا تكلمنا على تفسير قول الله تبارك وتعالى في سورة: (ق) (والقرآن المجيد) إلى قوله: {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} [ق:11] . قال الله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} [ق:12-14] هذه الآيات فيها فائدتان: الفائدة الأولى: تسلية النبي صلى الله عليه وسلم، وأن تكذيبه ليس ببدع من الخلق، فالخلق من قبل الأمة التي بُعث فيها الرسول كذبوا رسلهم. والفائدة الثانية: تهديد هؤلاء المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام، أن يصيبهم ما أصاب الأمم من قبلهم، فهنا يقول الله عز وجل: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} [ق:12] فمن نوح؟ نوح أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض، وكان الناس من قبل على دين آدم، وآدم نبي وليس برسول؛ لأن الناس لم يختلفوا حتى يُرسلَ إليهم رسولٌ يحكم بينهم. كان الناس على هذه الملة عشرة قرون كما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما، فاختلفوا لأنهم كثروا ونموا وتنازعوا فاحتاجوا إلى الرسل، فأرسل الله إليهم الرسل، وأول من أرسل نوحاً، أرسله إلى قومه ولبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى الله ولا يزيدهم ذلك إلا طغياناً، قال تعالى: {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ. } [نوح:8-10] إلى آخره. وأنزل الله في قصة نوح سورة كاملة؛ لأنه أول رسول وأول من كُذب، بقي فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، وتوعدهم ولكن لم ينفعهم هذا الوعيد شيئاً، وأوحى الله تعالى له أن يصنع سفينة عظيمة، تحسباً لما سيقع، فجعل يصنع هذه السفينة، وكلما مر به ملأ من قومه سخروا منه، فقال لهم: {إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [هود:38-39] . ولم يؤمن معه إلا قليل من قومه، وكفر به من قومه أحد أبنائه، ابنه الذي هو من صلبه يكفر به، وسبحان الله ما أعظم قدرة الله! نبي كفر به ابنه، ونبي آخر كفر به أبوه، من الذي كفر به أبوه؟ إبراهيم: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} [الأنعام:95] . كفر به قومه، وما آمن معه إلا قليل، مع أنه بقي ألف سنة إلا خمسين عاماً، ونحن مساكين إذا دعا الرجل أهله لمدة يومين فلم يستجيبوا له، يمل ويكل ويترك الدعوة، ولكن الرسل لهم صبر لا يماثله صبر: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:35] ونوح من أولي العزم. النتيجة أهلكهم الله عز وجل، بماذا؟ قال الله تعالى: {فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ} [القمر:9-12] الماء النازل من السماء والماء النابع من الأرض: {عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر:12] في قراءة أخرى: {فَفَتَّحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ} [القمر:11] ففتَّحنا، والتضعيف يدل على الكثرة، يعني: جعلنا السماء كأفواه القرب تصب المياه، وجعلنا الأرض تجيش بالمياه، ولم يقل الله فجرنا عيون الأرض بل قال: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً} [القمر:12] كأن الأرض كلها صارت عيوناً. وقد بين الله تعالى أن التنور الذي هو مكان النار الحارة اليابسة فار، فوصل الماء إلى قمم الجبال، وكانت امرأة من هؤلاء الكافرين معها صبي كلما ارتفع الماء صعدت على جبل حولها، كلما ارتفع صعدت الجبل، كلما ارتفع صعدت الجبل، حتى وصلت إلى قمة الجبل، ولما وصلت إلى قمة الجبل، وصلها الماء حتى ألجمها فرفعت صبيها عالياً من أجل أن تغرق هي قبل الصبي، وفي الحديث: (لو كان الله راحماً أحداً لرحم أم الصبي) لكن إذا نزل العذاب لا ينفع الإيمان، إذا نزل العذاب حلت حكمة عز وجل محل الرحمة، ولهذا لما غرق فرعون وأدركه الغرق قال: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:90] . انظر إلى كمال الذل ما قال: آمنت بالله، وإنما قال: آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل فجعل نفسه تبعاً لبني إسرائيل، الذي كان يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، أصبح الآن ذيلاً لهم، ولكن ما نفعه ذلك، وقيل له: {آلْآنَ} يعني: تؤمن {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:91] . المهم أن هذه خلاصة رسالة نوح عليه السلام، وهنا نقطة: أننا نجد في بعض الشجر التي ترسم أسماء الأنبياء يجعلون إدريس قبل نوح، وهذا خطأ كبير، فإدريس ليس قبل نوح، بل هو من بني إسرائيل؛ لأن الله يذكر قصته مع قصة أنبياء بني إسرائيل، ولا يمكن أن نقول: إنه قبل نوح والله عز وجل يقول: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء:163] ويقول جل وعلا: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ} [الحديد:26] فما من رسول قبل نوح. وفي الحديث الصحيح حديث الشفاعة أن الناس يأتون نوحاً يوم القيامة ليشفع لهم فيقولون له: أنت أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض المسألة بينة واضحة ونكتفي بهذا القدر على قصص الأنبياء حتى نكملها إن شاء الله في جلسات قادمة.

تفسير آيات من سورة الشعراء

تفسير آيات من سورة الشعراء

تفسير قوله تعالى: (وإنه لتنزيل رب العالمين)

تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ونعرج إلى آية قرأناها في الصلاة، وهي قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:192-195] الضمير في قوله: (وإنه) يعود إلى القرآن الكريم، وهذ الجملة مؤكدة بإن واللام: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:192] فهو منزل من عند الله عز وجل. إذاً هو كلام الله أنزله إلينا. ولله المثل الأعلى: المراسيم الملكية إذا نزلت من البلاط الملكي أو من الديوان الملكي صار لها شأن كبير، وصار الذي يخالف نصها أو لفظها معرضاً للعقوبة. وهذا القرآن الكريم نزل من عند من؟ من عند الله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير:19-20] نزل من عند الله.

تفسير قوله تعالى: (نزل به الروح الأمين)

تفسير قوله تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء:193] وهو جبريل وسماه الله روحاً؛ لأنه ينزل بالروح. {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى:52] يعني: القرآن، فهو ينزل بالوحي الذي هو حياة القلوب وروح القلوب: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء:193] أمين أمانة عظيمة، وليس كما قيل: إنه أرسل إلى علي بن أبي طالب فأخطأ وذهب إلى محمد، سبحان الله! أمين مؤتمن: {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير:20] كيف يخطئ في الرسالة، ويقره الله على ذلك حتى يموت محمد عليه الصلاة والسلام.

تفسير قوله تعالى: (على قلبك لتكون من المنذرين)

تفسير قوله تعالى: (عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء:193-194] وهنا قال: على قلبك وفي آيات أخرى يقول: (عليك) . لماذا قال على قلبك؟ لأن القلب محل الوعي، فالرسول صلى الله عليه وسلم وعى هذا القرآن ولم يسقط منه حرفاً ولا كلمة ولا آية، وكان عليه الصلاة والسلام إذا نزل عليه الوحي يتعجل، يقرأ، يتابع جبريل، فقيل له: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} [القيامة:16-18] يعني قرأه جبريل الذي هو رسولنا إليك: {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة:18-19] من تكفل ببيانه؟ الله عز وجل ونعم الكفيل. تكفل بأن يبين هذا القرآن لعباده لفظاً ومعنى، ولهذا لا يوجد في القرآن كلمة لا يفهم أحد معناها، بمعنى أن الأمة كلها تطبق على عدم معرفتها، هذا لا يمكن، صحيح أن من القرآن ما يخفى على بعض الناس دون بعض، وهذا واضح، لكن لا يمكن أن يوجد في القرآن شيء لا تفهمه الأمة كلها أبداً: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة:19] فتكفل الله عز وجل أن يبين للناس هذا القرآن لفظاً ومعنى وهذا الواقع والحمد لله. فكتاب الله منذ نزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإلى يومنا هذا وهو محفوظ -ولله الحمد- بحفظ الله، فمن زعم أنه قد نقص منه حرف واحد غير ما اختلف فيه القراء من بعض الحروف التي مثل الواو قد تسقط في بعض القراءات أو الفاء أو ما أشبه ذلك - من زعم هذا فإنه مكذب للقرآن وإجماع الأمة، ليس في القرآن نقص، القرآن تلقاه الرسول من جبريل وأبلغه للصحابة ونعم الصحابة الأمناء، وألقوه إلى التابعين ثم بقي يأخذه الصغير عن الكبير إلى يومنا هذا ولله الحمد. {لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [الشعراء:194] وقد كان عليه الصلاة والسلام من المنذرين، وكان أفضل المنذرين وأصبر المنذرين وأعلم المنذرين وأخشى المنذرين لله. بأي لسان؟

تفسير قوله تعالى: (بلسان عربي مبين)

تفسير قوله تعالى: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:195] وهذا فخر عظيم للسان العربي؛ أن يكون كتاب الله العظيم نزل بهذا اللسان العربي، ومع ذلك لسان عربي مبين، مبين أي: بيِّن مبيِّن، فهو نفسه بيِّن وهو كذلك مبيِّن لغيره. فهذا القرآن بين واضح ومبين للحق أيضاً {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:195] وهو لسان العرب الذي هم أبلغ البلغاء، وأقول: إن هذا فخر عظيم للغة العربية أن ينزل القرآن بها، ولقد تعربت الأعاجم في صدر الإسلام حتى يصلوا إلى معاني القرآن؛ لأنه مهما كان الإنسان في فهمه إذا لم يكن لسانه عربياً فإنه لن يدرك طعم القرآن تماماً. لن يدرك طعم القرآن إلا من وفقه الله للفهم وكان لسانه لساناً عربياً، ولهذا تعربت الأمم في صدر الإسلام حتى صاروا عرباً فصحاء في الكلام، فـ البخاري نسبه فارسي من بخارى، بعيد عن العرب، لكنه تعرب، وكذلك الفيروزآبادي الذي له القاموس المحيط في اللغة العربية أصله غير عربي لكنه تعرب؛ لأنه لا يمكن أن يفهم كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا باللسان العربي. وكانت اللغة العربية مزدهرة في صدر الإسلام، فالعجم يتعلمونها حتى يكونوا عرباً بلسانهم، ولكن الآن -مع الأسف الشديد- أن أقوامنا العرب يريدون أن يقضوا على لغتنا العربية، لغة الإسلام، الآن في رياض الأطفال مع الأسف هنا في المملكة العربية السعودية يعلمون الصبيان الصغار اللغة الإنجليزية أكثر مما يعلمونهم اللغة العربية. وسبحان الله! أيريدون أن يخرج أبناؤنا وأطفالنا غداً باللغة الإنجليزية البعيدة عن اللغة العربية، حتى يصبحوا لا يفقهون كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم سوف يعشقون هذه اللغة ويتكلمون بها؟! ولهذا أنا أنصح كل ذي طفل أن يبتعد عن هذه الرياض وألا يدخل أبناءه فيها ولا بناته؛ لأنه مسئول عنهم، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب الناس إذا رطنوا رطانة الأعاجم، كيف تذهبون عن اللغة العربية لغة دينكم وكتابكم وسنة نبيكم إلى لغة أعجمية؟ إذا كان الدين ضعيفاً في عهدنا هذا، واللغة الأجنبية معشوقة يعلمها الصبيان من ذكور وإناث ماذا تكون الحال في المستقبل؟ خطيرة بلا شك. أنرضى أن يكون شعبنا غداً لا يتخاطب إلا باللغة الإنجليزية؟ لا أحد يرضى بذلك، وثقوا بأننا إذا علمنا أبناءنا اللغة الإنجليزية، فهو فخر للإنجليز مثلاً، هم يفخرون أن لغتهم يتعلمها العرب حتى يدعوا لغتهم العربية، فنصيحتي من هذا المكان لله -عز وجل- ولإخواني المسلمين أن يبتعدوا عن هذه الرياض ما دامت على هذه المناهج، والحمد لله في المدارس الحكومية ما يغني عنها، اصبر ودع ولدك حتى يتم السن الذي يؤهله لدخول المدرسة الابتدائية مثلاً واجعله يدخل، وإذا كنت تريد مصلحة ابنك فاجلس معه ساعة من النهار أو ساعة من الليل علمه الفاتحة علمه السور القصيرة من القرآن الكريم علمه ما يحتاج إليه في وضوئه وصلاته، حتى تنشئه تنشئة دينية صحيحة، أما أن تدخله رياضاً لا نعلم عن مناهجها، وإن كنا لا نسيء الظن، لكن أدنى ما فيها أنها تعلم اللغة الإنجليزية لهؤلاء الصبيان، وغداً تقلب ألسنتهم ألسنة أجنبية. لماذا؟ ألا نخاف الله؟ ألم يعلم الواحد منا أن كل شخص قد استرعاه الله ورسوله على أهله، الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، فإذا مات الإنسان وهو غاش لرعيته، أي: لأهله حيث لم يوجهم التوجيه السليم، فقد جاء في الحديث أنه: (ما من مسلم يسترعيه الله على رعيته فيموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة) وهذه مسألة ليست هينة، أولادنا لسنا نربيهم ليؤكلوننا إذا عجزنا بعد عن تحصيل الأكل، إنما نربيهم ليقوموا لله عز وجل وليعبدوا الله، فنحن مسئولون عنهم من هذه الناحية. أما مسألة الترف والتنعيم الدنيوي فاستمع إلى قول الله تعالى في نفس الآيات التي قرأناها الليلة: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء:105-207] وقال تعالى في آل فرعون: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ} [الدخان:25-27] لما عصوا الله تركوا كل هذا وهلكوا، وتركوها وراء ظهورهم. فالله الله أيها المسلمون لا نغلب على لغتنا؛ لأن لغتنا من مقومات ديننا، هي لغة كتاب الله ولغة سنة رسول الله لغة أئمة المسلمين لغة علماء المسلمين وليكن على أقل تقدير لدينا نخوة عربية. لا نأخذ بدل لغتنا شيئاً، فإني الآن أبرأ إلى الله من أولئك القوم الذين يدخلون أبناءهم مثل هذه الرياض حتى يتعلموا اللغة الإنجليزية من الصغر، وحتى ينسوا لغتهم العربية، وأرى أنهم متحملون للمسئولية أمام الله عز وجل، وأن هذا له خطره العظيم في المستقبل. وأرجو منكم أن تبلغوا هذه النصيحة لكل من رأيتموه قد أدخل أبناءه أو بناته لهذه الرياض التي فيها مثل هذه المناهج. وأقول: اصبروا اجعلوا أولادكم عندكم في البيوت يألفونكم وتألفونهم، ويحبونكم وتحبونهم، ثم إذا بلغوا السن التي تخولهم أن يدخلوا المدارس الحكومية فأدخلوهم، وأنتم لم تدخلوا الرياض والحمد لله أنتم على مستوى عظيم من الثقافة، فأبناؤكم مثلكم، هذا ما أقوله وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب. والآن قد أتى دور الأسئلة نسأل الله أن يوفقنا فيها للصواب.

الأسئلة

الأسئلة

الحكمة في العذاب تقوم مقام الرحمة

الحكمة في العذاب تقوم مقام الرحمة Q فضيلة الشيخ! ذكرت أنه إذا جاء العذاب حلت الحكمة مكان الرحمة، فهل يجوز أن يقال: إن الحكمة في تلك اللحظة تقوم مقام الرحمة؟ A نعم نقول ذلك؛ لأن عذاب الكافرين ليس رحمة في الواقع للمعذَّب، لأنه مات الآن، لا يمكن أن يستعتب، لكن هي من الواقع رحمة للمؤمنين؛ لأن المؤمن إذا رأى عدوه يعذب من عند الله لا شك أنه يفرح وينعم بذلك، ولهذا قال الله تعالى لنبيه: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا} [التوبة:52] . فبين الله عز وجل أن المؤمنين لا يتربص بهم أعداؤهم إلا إحدى الحسنيين، إما الظفر والانتصار على الأعداء وإما الشهادة وكلاهما حسنى، أما نحن فلا نتربص بالكفار إلا أحد أمرين: أن يصيبهم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ولكن متى يكون هذا؟ إذا قمنا بما يجب لله علينا؛ فإنه سوف يصيبهم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا. أما إذا كان الأمر بالعكس -نسأل الله العافية- وأهملنا ما يجب علينا، فإن الأمر قد يكون بالعكس.

أصبر الرسل (محمد صلى الله عليه وسلم)

أصبر الرسل (محمد صلى الله عليه وسلم) Q فضيلة الشيخ! ذكرتَ وفقك الله أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أصبر الرسل، وقد ذكر الله تعالى أن نوحاً عليه الصلاة والسلام صبر في دعوته لقومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، وأيوب أيضاً ذكر أنه كان له شيء من الصبر، فما الجمع بين هذا وما ذكرتم وفقكم الله؟ A الصبر لا يكون أعلى بحسب الكمية وطول المدة، بل قد يكون أعلى بحسب الكيفية وما حصل لمن أصيب بأذى، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم حصل له من الأذى الشديد ما كان به أصبر الرسل أو على الأقل ما كان به مثل صبر أولي العزم؛ لأن الله قال له: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:35] وإلا فمن المعلوم أن الله تعالى ابتلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام بإلقائه في النار إلا أن الله أنجاه منها فقال: {يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء:69] .

مراجع لمعرفة قصص الأنبياء

مراجع لمعرفة قصص الأنبياء Q فضيلة الشيخ! ما هو المرجع الذي تنصحنا به لمعرفة قصص الأنبياء وتفصيلاتها؟ A المرجع هو كتاب الله عز وجل، قال الله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} [إبراهيم:9] إذاً: من أين نأخذ تاريخهم؟ نأخذه من كتاب الله، ومما ألقاه الله عز وجل من الوحي على رسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهذا هو المرجع الصحيح. لكن بالنسبة للكتب المؤلفة فيما مر عليَّ أن أحسن كتاب يرجع إليه في ذلك هو البداية والنهاية لـ ابن كثير؛ لأنه رجل محدث ومحقق، فهو من خير من كتب في تاريخ الرسل وأممهم، فالمرجع إليه جيد، لكن كما قلت المرجع الأول هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله.

الجواب على ما أشكل من الحروف المقطعة في القرآن

الجواب على ما أشكل من الحروف المقطعة في القرآن Q فضيلة الشيخ! أشكل عليَّ حين قلت بأنه لا يوجد في القرآن شيء لا يعرفه أحد من علماء الأمة أو أجمع الناس على عدم معرفته، فماذا نجيب على الحروف المقطعة (ألم) و (ق) و (يس) وغيرها مما كان فيه الخلاف وأشكل على أهل العلم؟ A نجيب على هذا أنه لا إشكال في هذا إطلاقاً؛ لأن الله تعالى قال: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:195] ومن المعلوم أن هذه الحروف دون تركيبها كلمات ليس لها معنى. (ق) ليس لها معنى، (ص) ليس لها معنى، (ن) ليس لها معنى، (ألم) ليس لها معنى، فهي بمقتضى اللسان العربي ليس لها معنى، لو قال لك الرجل العربي: (ق) وهو يريد الحرف الهجائي هل له معنى؟ ليس له معنى. إذا كان ليس لها معنى والله عز وجل أخبرنا أن القرآن نزل بلسان عربي مبين علمنا أنه ليس لها معنى، لكن على هذا يبقى عندنا إشكال: كيف يكون في القرآن ما ليس له معنى والقرآن حق؟ نقول: نعم ليس لها معنى في ذاتها، لكن لها معنى في غرضها ومغزاها، كأن الله عز وجل إذا قال (ق) (ن) (ص) وما أشبه ذلك كأنه يقول: هذا الكتاب العظيم الذي أعجزكم أيها العرب لم يأت بحروف جديدة، فالحروف التي فيه هي الحروف التي تركبون منها كلامكم ومع ذلك أعجزكم، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يوجد سورة مبدوءة بهذه الحروف إلا وبعدها ذكر القرآن أو ما لا يعلم إلا بالوحي. هل فهمت القاعدة؟ نبدأ من الأول: في سورة البقرة: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة:1-2] . في سورة آل عمران: {الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران:2] . في سورة الأعراف: {المص * كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ} [الأعراف:2] . في سورة يونس: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [يونس:1] . في سورة هود: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود:1] . في سورة يوسف: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} [يوسف:1] . في سورة إبراهيم: {الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [إبراهيم:1] وهلم جرا. في الروم: {الم * غُلِبَتْ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ} [الروم:1-3] لكن فيها علم الغيب {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم:3] وعلم الغيب لا يكون إلا بالوحي. في العنكبوت: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت:1-2] ليس فيها ذكر القرآن لكن فيها ذكر من حملوا الإيمان: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [العنكبوت:2-3] . فكانت هذه الحروف الآن هي بنفسها ليس لها معنى، لكن لها مغزى وغاية وحكمة عظيمة، وهي أن هذا القرآن الذي أعجزكم يا معشر العرب من أين جاء؟ جاء بحروف جديدة لا تعرفونها أو بالحروف التي أنتم تركبون الكلام منها، الثاني أو الأول؟ الثاني. وهذا واضح. وقد روي هذا عن مجاهد بن جبر رحمه الله أعلم التابعين في تفسير القرآن.

حكم تعلم اللغة الإنجليزية

حكم تعلم اللغة الإنجليزية Q فضيلة الشيخ! أشرتم وفقكم الله إلى تعلم اللغة الإنجليزية فهل يعني هذا أنكم تحرمون تعلم اللغة عموماً أم هناك تفصيل؟ ثم هناك حديث: (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم) كيف نوفق بين هذا وبين هذا الحديث؟ A أما تعلم اللغة غير العربية فهذا ليس حراماً، بل قد يكون واجباً إذا توقفت دعوة غير العربي على تعلم لغته، بمعنى أننا لا يمكن أن ندعوه للإسلام إلا إذا عرفنا لغته لنخاطبه بها صار تعلم لغته فرض كفاية؛ لأنه لا بد أن نبلغ هؤلاء الأعاجم -وأعني بالأعاجم ما ليسوا بعرب- دين الله وبأي وسيلة؟ بلغتهم كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم:4] فأحياناً يكون تعلم اللغة الأجنبية واجباً إذا توقفت دعوة أهل هذه اللغة على تعلم لغتهم. لكن الذي أنكره وأرى أننا على خطر منه أن نعلم أبناءنا الصغار ذوي الخمس سنين وأربع سنين وما أشبه ذلك اللغة الإنجليزية حتى تكون لسانهم الطيع في المستقبل، هذا هو الذي أنكره، وإلا إذا دعت الحاجة إلى تعلم اللغة الإنجليزية لدعوة الناس إلى الإسلام صارت فرض كفاية، وإن دعت الحاجة لأمور دنيوية مباحة صار تعلمها مباحاً. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود، ولغة اليهود عبرية، وكانت تأتي رسائل من اليهود إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يبعث إليهم بالرسائل، فاحتاج إلى تعلم لغتهم حتى يقرأ ما يرد منهم ويكتب لهم ما يصدر إليهم. قال شيخ الإسلام: إن زيد بن ثابت تعلمها في ستة عشر يوماً، يقول شيخ الإسلام: تعلمها في هذه المدة الوجيزة؛ لأن اللغة العبرية قريبة من اللغة العربية، وهذا صحيح، ثم إن العرب فيما سبق كانوا أحسن منا وأصح أفهاماً وأقوى حفظاً، يأتي الشاعر يلقي قصيدة تبلغ مائة بيت ثم ينصرف ويحفظها الناس، نحن الآن لو ألقي بيت واحد على طلبة جاءوا للتعلم مرة واحدة، كم يحفظه منهم؟ يمكن واحد أو لا أحد. على كل حال أقول: إن الذي أنكره وأرى أننا على خطر منه هو أن نعلِّم أبناءنا الصغار اللغة الإنجليزية، لأنها ستكون لساناً لهم، ويخشى عليهم أيضاً من تعلم اللغة الإنجليزية هل يقف هذا التعلم على مجرد النطق؟ لا. أبداً، سوف يأخذ الكتب المؤلفة باللغة الإنجليزية ويقرأ الأدب الإنجليزي أو أدب غيرهم ممن وافقهم في اللغة ويحصل شر كثير، فليس مجرد أن اللسان يتغير، لا. الإنسان يريد أن يطالع الكتب التي من هذه اللغة حتى يتمرن على القراءة في هذه اللغة، وحتى يتمرس اللسان على النطق بها، وما ندري ما وراء هذه الكتب، ويذكرون عن الكتب التي تكتب من أجل تعليم اللغة الإنجليزية أشياء سيئة. وأما قول الأخ في السؤال: إنه في الحديث: (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم) فهذا الحديث موضوع مكذوب، ليس بصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، حتى بالمعنى لا يصح، هل أنت إذا تعلمت لغة قوم أمنت مكرهم؟ لا. ولهذا نحن الآن عرب هل نأمن مكر العرب بنا؟ لا نأمن، مع إننا من أهل لغتهم.

كذب حديث: (أول ما خلق الله خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نوره)

كذب حديث: (أول ما خلق الله خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نوره) Q فضيلة الشيخ! يشاع عند بعض الناس حديث موضوع بأن أول ما خلق الله خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نور رسول الله صلى الله عليه وسلم نرجو التعليق على هذا وما مدى صحته؟ A هذا أيضاً من الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والله عز وجل يقول: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ} [الكهف:51] فإذا كنا لم نشهد ذلك فمن أين نتلقاه؟ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، والله تعالى أخبرنا بأن أول من خلق من البشر آدم عليه الصلاة والسلام، خلقه من طين وجعل نسله من سلالة من ماء مهين، ولا صحة لما يقال. والنبي عليه الصلاة والسلام أهل للرسالة والله أعلم حيث يجعل رسالته، وازداد برسالته عليه الصلاة والسلام هدى وتوفيقاً ورشاداً وسداداً، وكان خُلُقه القرآن عليه الصلاة والسلام.

مدى صحة قول ابن عباس: (إن القرآن نزل في رمضان جملة واحدة إلى السماء الدنيا)

مدى صحة قول ابن عباس: (إن القرآن نزل في رمضان جملة واحدة إلى السماء الدنيا) Q فضيلة الشيخ! حول موضوع القرآن الذي تكلمتم عنه جزاكم الله خيراً ينسب إليكم قول ولا أدري ما صحته وأريد منكم بيانه ينسب إليكم أنكم ضعفتم قول ابن عباس رضي الله عنهما بأن القرآن أنزله الله في رمضان جملة واحدة إلى السماء الدنيا فهل هذا صحيح؟ وهل من دليل على خلافه؟ A نعم الأدلة على خلافه، وأن الله سبحانه وتعالى يتكلم بالقرآن حين إنزاله على محمد صلى الله عليه وسلم، والدليل على أنه يتكلم به حين إنزاله أنه يتكلم سبحانه وتعالى عن حوادث وقعت، مثل قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} [آل عمران:121] وإذ ظرف لما مضى، يتحدث الله عز وجل عن شيء مضى من الرسول عليه الصلاة والسلام، وقوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:1] هل يصح أن يقال: قد سمع في شيء لم يخلق صاحبه من بعد، لا يكون سمع إلا بعد صوت، وهذا يدل على أن الله تكلم بهذه الآية بعد أن تكلمت التي تجادل: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران:181] لقد سمع واللام مؤكدة وقد مؤكدة والقسم المحذوف مؤكد أنه سمع قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء، فتكون هذه الآية نزلت بعد قولهم، وأمثال ذلك من السياقات الدالة على أن الله تعالى تكلم بالقرآن حين إنزاله على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فهذا هو الذي يجعلني أشك في صحة الحديث المروي عن ابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه أن القرآن نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا في بيت العزة، وهذا يحتاج إلى أحاديث صحيحة لا نشك فيها حتى نضطر إلى تأويل الآيات التي تدل على أن القرآن نزل بعد حدوث الحوادث التي يتكلم الله عنها.

أهمية الاعتدال في الحكم على الرجال

أهمية الاعتدال في الحكم على الرجال Q فضيلة الشيخ! ظهر عند بعض الشباب الملتزم ظاهرة نريد فيها فصلاً، وهي أن بعضهم يقول: بأن أي كاتب صار في كتابه بدعة أو صار هو ممن يتكلم في شيء من البدع أو عليه ملاحظات في عقيدته فإنه لا يقبل قوله بل يرد، وأنه لا يترحم عليه، وكذلك ظهر عندهم تكفير الناس بأي معصية يرونها أو لأي تقصير فيهم، نرجو بيان الحق في ذلك وفقكم الله. A السؤال الآن من شقين: الشق الأول: إذا تكلم أحد من العلماء ببدعة أو سلك منهج قوم مبتدعة في مسألة من المسائل فهل يعد منهم؟ الجواب: لا. لا يعد منهم ولا ينسب إليهم، إذا وافقهم في مسألة من المسائل فإنه وافقهم في هذه المسألة، ولا يصح أن ينسب إليهم نسبة مطلقة، ولهذا مثلاً: نحن الآن نتبع في فقهياتنا ما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، لكن هل إذا أخذنا برأي يراه الشافعي معناه أنا نكون شافعية مثلاً أو يراه مالك أن نكون مالكية، أو يراه أبو حنيفة أن نكون حنفية، كذلك هم أيضاً إذا أخذوا بمسألة يقول بها الإمام أحمد هل يكونون حنابلة؟ لا. فإذا رأينا شخصاً من العلماء المعتبرين المعروفين بالنصيحة أخذ بشيء مما ذهب إليه أهل البدع لا يصح أن نقول: هو منهم وعلى مذهبهم، نقول: هذا بما نرى له من النصيحة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعباد الله إذا أخطأ في هذه المسألة، فإن ذلك الخطأ صادر عن اجتهاد، ومن اجتهد من هذه الأمة فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد. ومن ردَّ جميع الحق لكلمة أخطأ فيها من قال بالحق فإنه ظالم، خصوصاً إذا كان هذا الخطأ الذي ظنه خطأً ليس بخطأ؛ لأن بعض الناس إذا خالفه أحد قال: هو على خطأ وخطَّأه أو ضلله أو ربما كفره والعياذ بالله وهذا مذهب سيئ للغاية. الشق الثاني: هذا أيضاً الذي يكفر الناس لأي سبب أو لأي معصية، إذا صدق هذا التعبير لأي معصية صار مذهبه أشد من مذهب الخوارج؛ لأن مذهب الخوارج يكفرون فاعل الكبيرة، ليس في كل معصية، فإذا وجد الآن من يكفر المسلمين بأي معصية فإنه ضال مخالف للكتاب والسنة زائد على مذهب الخوارج الذين قاتلهم علي بن أبي طالب، واختلف المسلمون في تكفيرهم، فمنهم من كفرهم ومنهم من فسقهم وجعلهم من البغاة الظلمة. أوليس الله يقول: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً} [النساء:31] فالإنسان في اجتنابه الكبائر يكفر الله عنه الصغائر إذا لم يصر على الصغيرة، أما إذا أصر فلقد قال العلماء: إن الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة. فهذا القول لا شك أنه ضلال، ثم ليعلم هذا القائل بتكفير المسلمين بالمعاصي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من دعا أخاه بكفر وليس كذلك، فإنه يرجع إليه) . يكون هو الكافر، وهذا قاله الرسول عليه الصلاة والسلام، وإذا لم يكن كافراً في الدنيا كان كافراً عند الله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا بد أن يكون أحدهم هو الكافر.

حكم التسمي بالأسماء التي فيها معنى التزكية

حكم التسمي بالأسماء التي فيها معنى التزكية Q فضيلة الشيخ! ما حكم التسمي بناجي ومعتق ونحوهما مما فيه معنى التزكية وناصر وغيرها من الأسماء؟ A الأسماء التي تدل على التزكية تارة يتسمى بها الإنسان لمجرد كونها علماً فهذه لا بأس بها، وتارة يتسمى بها مرائياً بذلك المعنى الذي تدل عليه؛ فهذا يؤمر بتغيير اسمه. فمثلاً ناصر: أكثر الذين يسمون بناصر لا يريدون أنه ينصر الناس، إنما يريدون أن يكون علماً محضاً فقط. الذي يسمى خالداً: هل يريد أن ولده يخلد إلى يوم القيامة؟ لا. الذي يسمى صالحاً هل أراد أنه سمى صالحاً لصلاحه؟ لكن إذا لوحظ في ذلك معنى التزكية فإنه يغير، ولهذا غير النبي صلى الله عليه وسلم اسم برة إلى زينب، وامرأة أخرى اسمها برة غيرها إلى جويرية، فهذا الميزان: إذا لوحظ فيه معنى التزكية يغير، وإذا لم يلاحظ فيه معنى التزكية فإنه لا يغير.

خطر تعلم الأطفال اللغة الإنجليزية

خطر تعلم الأطفال اللغة الإنجليزية Q فضيلة الشيخ! ما العيب إذا تم تعليم الطفل اللغتين: العربية وحفظ القرآن واللغة الإنجليزية وكان للطفل القدرة على التعامل باللغتين مع الالتزام بالخلق الإسلامي؟ سؤال آخر: فضيلة الشيخ! أنا أدخل الصبية رياض الأطفال حيث يُعلمون اللغة الأجنبية، ولكنهم مقابل ذلك يخرجون من تلك الرياض -وأخص منها الحكومية- يخرجون منها مؤهلين للدراسة في المرحلة الابتدائية أكثر من أولئك الذين لم يدخلوا الرياض، سؤالي: هل نصحكم فتوى أم هو اجتهاد منكم أثابكم الله؟ A أولاً: أنا لا أدري ما الفرق بين الفتوى أو النصيحة، الناصح مفت وزيادة؛ لأن المفتي يبين الحكم وقد لا يعطي ترغيباً ولا ترهيباً، لكن الناصح يعطي الحكم ويرغب أو يرهب، وأنا الذي أدين الله به أن الإنسان الذي يعلم أطفاله الصغار الذين في هذا المستوى أرى أنه ليس بناصح لهم. ومسألة أنهم يتعلمون اللغة العربية واللغة الإنجليزية والقرآن وما أشبه ذلك هو فرض وهمي، الآن الصبيان إذا تعلموا اللغة الإنجليزية تجدهم يتكلمون بها ويتخاطبون بها. الآن يقول الواحد منهم يتعلمون: باي باي! يتعلمون هذا، أي: هم يعشقون اللغة الإنجليزية لأنها غريبة على ألسنتهم. وأما أنهم يؤهلون فنعم، لأن رياض الأطفال الحكومية لا تنهج هذا المنهج، فقد يكون في هذه الرياض تأهيل، لكن أفضل أن يكون ولدي ما دام صغيراً عندي في بيتي أحن عليه وأألفه ويألفني، ثم إذا بلغ السن التي حدد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون الطفل قابلاً أدخله، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبعٍ واضربوهم عليها لعشر) هذه هي التربية الصحيحة، أما أن أثقل عليه من يوم هو صغير في التعلم فقد لا يكون هذا من حسن التربية.

حكم التخاطب بغير اللغة العربية

حكم التخاطب بغير اللغة العربية Q فضيلة الشيخ! نجد أن بعض الناس ربما يتخاطب مع غيره من الشباب وغيرهم باللغة الإنجليزية أو ببعض مفرداتها، هل يفرق هذا بين من كان في مجال عمل، كما أننا نحن مثلاً في المستشفى نتخاطب مع زملائنا باللغة الإنجليزية غالباً ولو كان الأمر لا يحتاج للكلام، ولكننا تعودنا ذلك بمقتضى مخالطتنا لهم، فهل في هذا بأس وإذا تكلم الإنسان بكلمة من غير العربية فهل يأثم بذلك؟ A الكلام باللغة غير العربية أحياناً لا بأس به، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال لطفلة صغيرة جارية قدمت من الحبشة فرآها وعليها ثوب جميل، فقال: (هذا سنا، هذا سنا) أي: هذا حسن كلمها باللغة الحبشية؛ لأنها جاءت قريبة من الحبشة. فخطاب من لا يعرف العربية أحياناً باللغة التي يفهمها هو لا بأس به، وليس فيه إشكال، لكن كوننا يأتينا هؤلاء القوم لا يعلمون اللغة العربية، ثم نتعجم نحن قبل أن يتعربوا هم، مثل أن تجد بعض الناس إذا خاطب إنساناً غير عربي بدل ما يقول: لا أعرف، يقول: ما في معلوم لماذا يقول: ما في معلوم؟ لأجل أن يعرف ما يقول له، والصحيح أن يقول له: لا أعرف، حتى يعرف هو اللغة الصحيحة لكن مع الأسف الآن نخشى على أنفسنا أن نكون أعاجم.

مناصحة أهل البدع ومناظرتهم

مناصحة أهل البدع ومناظرتهم Q فضيلة الشيخ! أشرتم إلى مسألة الذين يتكلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أن جبريل أخطأ الرسالة إليه ونحن نجد أن أولئك القوم ربما كانوا مدرسين يلقنون أبناءنا -الآن خصوصاً في المنطقة الشرقية- العقائد وغيرها من المواد، فماذا نصنع نحن والأمر كما سمعتم؟ A الواجب على المسلم أن يكون داعية إلى الله يدعو غيره إلى الله عز وجل وإلى المنهج السليم لكن باللطف والإقناع بالدليل الأثري والدليل العقلي، وألا يجابه غيره بسب ما هو عليه من الملة، لأن الله تعالى قال: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ} [الأنعام:108] فنهانا أن نسب آلهة المشركين خوفاً من أن يسبوا الله عدواً بغير علم. فالواجب علينا أن ندعو إلى الله تعالى على بصيرة، وأن نبين الحق ولو أن نأخذ كل واحد بانفراده؛ لأن مجابهة الجمع صعبة، لكن إذا أخذنا كل واحد على انفراد وكلمناه بهدوء وبينا له الحق، وكنا على علم تام بما هو عليه من المنهج حتى لا نقع في تردد أو شك عندما يناظرنا؛ لأن غيرك سوف يناظرك وسوف يدلي عليك بالحجج، وإذا لم يكن لديك ما يدفع هذه الحجج فربما تتوقف وحينئذٍ تكون هزيمة لا عليك ولكن على الحق، فلهذا أرى أننا إذا رأينا أمثال هؤلاء ندعوهم بالتي هي أحسن ونبين لهم الحق ونناظرهم، لكن بشرط أن نكون على علم تام بمنهجهم حتى يتبين لهم الأمر على وجهٍ واضح وبين.

نصيحة لمن تخلف عن صلاة الفجر

نصيحة لمن تخلف عن صلاة الفجر Q فضيلة الشيخ! لي مشكلة قديمة وهي أني أحاول أن أصلي صلاة الفجر في المسجد ولكن لا أصليها إلا بعض الأيام، ومشكلتي أني أنتبه من النوم ولكني لا أنهض ولا أذهب أتوضأ وأنا على هذه الحال منذ سنوات، فما نصيحتك لي وكيف الحل في ذلك خصوصاً في مثل هذه الأيام؟ A نصيحتي للأخ السائل ولمن كان على شاكلته أن ينام مبكراً؛ لأن النوم مبكراً يجعل الإنسان يقوم لصلاة الفجر نشيطاً، أما من لا ينام إلا بعد الساعة الثانية عشرة فكيف يقوم لصلاة الفجر نشيطاً؟ ثم إذا استيقظ ينبغي أن يقوم بسرعة فإنه في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت في صفة قيام النبي عليه الصلاة والسلام من نومه قالت: (فوثب) قال الراوي عن عائشة: والله ما قالت: (قام) بل قالت: وثب، وكأنه عليه الصلاة والسلام يقوم بنشاط، أما إذا سمعت المنبه فاحرص على أنه من حين ما تسمع المنبه أو الذي ينبهك سواء آدمي أو ساعة أن تقوم بسرعة، وإذا قمت بسرعة مستعيناً بالله عز وجل أعانك الله، ثم تذكر الله عز وجل، ثم تدعو الله سبحانه وتعالى بما تحب من خيري الدنيا والآخرة ثم تقرأ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ} [آل عمران:190] الآيات العشر في آخر سورة آل عمران، ثم تمسح النوم عن وجهك ثلاث مرات، ثم تتوضأ، ثم تصلي ركعتين خفيفتين وتتهجد.

حكم من قدر على الزواج ومنعه أهله

حكم من قدر على الزواج ومنعه أهله Q فضيلة الشيخ! أنا شاب عمري إحدى وعشرون سنة أريد أن أتزوج ولكن يمنعني أهلي يقولون: أنا صغير، وأنا أقدر على تكاليف الزواج، ويتحججون بأن قبلي اثنين من إخوتي ويقولون: لازم يتزوج إخوانك قبلك ثم تتزوج من بعدهم، وأخواي لا يريدان الزواج فماذا أصنع: هل أطيع والدي أم ماذا أفعل؟ A أقول للأخ السائل: إنك لست صغيراً، الذي عمره إحدى وعشرون سنة ليس صغيراً على الزواج، عمرو بن العاص تزوج وله إحدى عشرة سنة، وجاءه ولد، ولهذا يقال: ليس بينه وبين ابنه عبد الله إلا ثلاث عشرة سنة، فأقول للأخ: توكل على الله وتزوج ولست بصغير، وإخوانك: الأخوان السابقان إذا يسر الله لهما الزواج تزوجا، وهذا من الخطأ الفادح عند بعض الناس أنه لا يزوج البنت الصغيرة مع وجود أكبر منها، وهذا حرام عليه، إذا خطبها كفؤ في دينه وخلقه فليزوجها، وربما تكون هي حائلة بين الأخت الكبيرة وبين الزواج، كثيراً ما إذا زوجت الصغيرة فتح الله الباب للكبيرة، وهذا شيء معروف، تحول بنت دون بنت كما يحول ذرية دون ذرية، وورد علينا أكثر من قصة رجل يتزوج ويبقى خمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة مع زوجته لا يولد له، ثم يتزوج فتحمل الثانية في ليلتها أول ليلة وتحمل الأولى في نفس الأيام وهي لها سنوات مع زوجها لم تحمل، هذه البنت ربما يفتح الله الباب لأخواتها الكبار وكذلك الابن ربما يفتح الله الباب لأخويه الكبيرين. وأقول للأخ السائل: تزوج واستعن بالله وإذا كنت طالباً كما هو الظاهر من حاله ففي الإجازة الربيعية إن شاء الله قبل الإجازة الصيفية يسهل الله لك من ترضاها في دينها وخلقها، ولا يعد ذلك عقوقاً للوالدين ولا قطيعة رحم للأخوين أبداً.

حكم مخالطة الخادمة في البيت

حكم مخالطة الخادمة في البيت Q هل يجوز للرجل أن يخالط الشغالة في البيت، وماذا يحل له منها؟ A إذا تزوجها فلها أن تكشف وجهها له وهذا هو الحل، وإلا فلا يحل له منها شيء، هي كالمرأة التي في السوق، يجب عليها أن تحتجب، ويتأكد الحجاب في حقها أكثر من غيرها؛ لأنها في البيت ويسهل الخلوة بها، فإذا كشفت وجهها فإن الشيطان يجعل هذا الوجه وإن كان ليس بذاك يجعله جميلاً ليفتتن بها والعياذ بالله، فيجب على الخادمة أن تحتجب ويجب على أهل البيت أن يأمروها بذلك؛ لأنها امرأة أجنبية. وإذا أرادوا الحل الذي ذكرته فهو سهل، إذا لم يكن لها زوج، يستأذن من الجهات المسئولة أن يتزوجها وتبقى عنده في البيت، لكن أخشى إذا أصبحت زوجة أن تطلب خادمة فيما بعد وهذه مشكلة!!

حكم اللقطة

حكم اللقطة Q فضيلة الشيخ: أنا مدرسة في خارج هذا البلد أذهب مع زميلاتي في الباص وفي إحدى الأيام وجدت سواراً من ذهب في الباص فعرضته على زميلاتي فقلن: ليس لنا، وعرضت ذلك على صاحب الباص فقال: ليس لي، وهي عندي منذ سنتين الآن، فهل تعتبر لي أم أبيعها وأتصدق بثمنها، وأنا أعرف أن اللقطة تنشد لمدة سنة ولكني وجدتها في الباص فكيف أنشدها وأنا امرأة؟ A أما كيف تنشدها وهي امرأة فلا يطلب من المرأة أن تنشد الضالة بنفسها، أو تنشد اللقطة بنفسها، توكل من ينشدها من أب أو أخ أو عم أو ما أشبه ذلك، لكن في هذه المسألة بالذات نظراً إلى أنها لم تنشدها الإنشاد المطلوب وهو سنة، يجب عليها الآن أن تبيعها وتتصدق بثمنها لصاحبها، أو أن تتصدق بها لمن يحتاجها من الفقراء، لكن الصدقة بقيمتها قد يكون أفضل؛ لأن الفقير ينتفع بالقيمة في طعام وشراب وكسوة وغير ذلك.

حكم قول القائل: (بلسان الحق جل وعلا)

حكم قول القائل: (بلسان الحق جل وعلا) Q فضيلة الشيخ: في موضوع العقيدة نسمع بعض الأشخاص يقولون إذا أرادوا أن يستدلوا بآية: كما ورد على لسان الحق جل وعلا، السؤال: هل لهذا أصل في السنة أو دليل بأن نثبت هذا الوصف بأن نقول: على لسان الحق ونحو ذلك، وما هي عقيدة المسلم الحق في أسماء الله وصفاته التي لم تُذكر؟ A من المعلوم أن الكلام في أسماء الله وصفاته موقوف على ما جاء به الوحي، فإن أسماء الله وصفاته توقيفية؛ لأنها خبر عن مغيب والخبر عن المغيب لا يجوز للإنسان أن يتفوه به إلا بدليل؛ لقول الله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} [الإسراء:36] ولقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33] فلا يجوز أن نقول: بلسان الحق أي: بلسان الله. من قال: إن لله لساناً؟! ولهذا يعتبر من قال ذلك قائلاً بغير علم، والقرآن الكريم ليس فيه أنه بلسان الله بل فيه: أنه بلسان عربي مبين. واللسان يطلق ويراد به اللغة، أي: بلغة عربية، وإنما أطلق اللسان على اللغة؛ لأن المتكلم باللغة يتكلم بلسان، أما الرب عز وجل فلا يجوز أن نثبت له اللسان ولا ننفيه عنه؛ لأنه لا علم لنا بذلك، وقد قال العلماء: إن صفات الله تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول: قسم وصف الله به نفسه فيجب علينا إثباته، كالسمع والبصر وما أشبه ذلك. الثاني: قسم نفاه الله عن نفسه فيجب علينا نفيه كالظلم والغفلة والتعب والإعياء وما أشبه ذلك. الثالث: قسم سكت الله عنه فلا يجوز لنا نفيه ولا إثباته إلا إذا كان دالاً على نقص محض فيجب علينا نفيه؛ لأن الله منزه عن كل نقص.

نصيحة للنساء

نصيحة للنساء Q فضيلة الشيخ! نريد من هذه اللقاءات أن يكون فيها حظ للنساء بكلمة أو نصيحة أو غيرها؛ لأنهن يحضرن فنريد التوجيه؟ A أنا أنصح النساء وأولياء النساء أن يكون الشيء الذي يسلكونه وينهجونه ما ذكره الله تعالى في سورة النور وما ذكره الله تعالى في سورة الأحزاب ففيه الخير والكفاية. قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور:30-31] إلى آخره. وفي سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:59] وقال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} [الأحزاب:30-33] وغير ذلك مما ذكره الله عز وجل مما ينبغي أن تكون المرأة عليه من الأدب والحشمة والبعد عن أسباب الفتنة. ويجب على الرجال الذين جعلهم الله قوامين على النساء أن يراعوا هذه الأمور وأن يحفظوا نساءهم من كل ما يكون سبباً للفتنة، ونسأل الله السلامة والعفو والعافية.

مسائل في الكسوف

مسائل في الكسوف Q فضيلة الشيخ! انتشر عند الناس أنه سيكون هناك خسوف أو كسوف للقمر يوم الإثنين فهل يعتبر هذا من علم الغيب وهل يتحراه الإنسان؟ وهل تنصح أيضاً الناس أن يصلي كل إمام -لو حصل- في مسجده أم يجتمعون في جامع واحد، سواء في الحي أو في البلد وهل تخرج النساء إلى تلك الصلاة أرجو توجيه ذلك؟ A أما العلم بخسوف القمر أو كسوف الشمس فليس من علم الغيب؛ لأن له أسباباً حسية معلومة، وقد ذكر ذلك علماء المسلمين من قديم الزمان أن العلم بالخسوف أو الكسوف ليس من علم الغيب. وأما صلاة الخسوف فإن الذي يظهر لي أنها فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، وقال: (إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله) فعبر بالفزع مما يدل على أن الأمر عظيم جداً وليس بالأمر الهين. وأخبر عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى يخوف بهما العباد. فإذا ظهر خسوف القمر في الليل يصلي الناس، وإن كان في النهار فإنهم لا يصلون؛ لأن خسوفه في النهار لا يظهر له أثر، بمعنى أنه لا يتبين؛ لأن ضوء الشمس قد غشاه، والرسول عليه الصلاة والسلام إنما جعل الصلاة سنة حيث يظهر أثر ذلك ليكون التخويف، ومعلوم أن القمر إذا خسف بعد انتشار الضوء في الأفق لا يكون بالتخويف؛ لأن الناس لا يعلمون به. - وأما ترقب ذلك فإن من العلماء من قال: لا بأس أن يستعد له ويترقب، ولكني أرى خلاف هذا، أرى أن الإنسان إن ابتلي وظهر له ذلك فليصل، وإن لم يظهر فليحمد الله على العافية، وقد قيل لنا: إن خسوف القمر المترقب سيكون بعد انتشار الضوء إما قبل الشمس بيسير أو بعد طلوع الشمس أو بعد غروب القمر والله أعلم. وعلى هذا فلا يكون هناك صلاة. - والفقهاء رحمهم الله نصوا على أنه إذا ظهر الفجر وخسف القمر بعد ذلك فلا صلاة، بناءً على أن صلاة الخسوف صلاة التطوع، وأن صلاة التطوع لا تفعل في أوقات النهي، لكن أرى أنه لو ظهر الخسوف وتبين بحيث يكون نوره باقياً فإنه يصلى له، أما إذا كان بعد انتشار الضوء وخفاء نور القمر فإنه لا يصلى والله أعلم. - أما الأفضل: فالأفضل أن تصلى في الجوامع؛ لأن اجتماع الناس على إمام واحد له قيمته، ويكون دعاؤهم واحداً، وخشوعهم واحداً، والموعظة التي تقال بعد الصلاة تكون واحدة. - وكذلك النساء يحضرن؛ لأن النساء حضرن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حين كسفت الشمس لكنه ليس كصلاة العيد فلا يؤمرن بذلك ولا ينهين، أما صلاة العيد فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء أن يحضرن صلاة العيد حتى الحيض أمرهن أن يخرجن لكن يعتزلن المصلى.

حكم الغش في اللغة الإنجليزية

حكم الغش في اللغة الإنجليزية Q هل يجوز الغش في اللغة الإنجليزية التي منعتهم منها؟ A أولاً: أنا ما منعت من اللغة الإنجليزية يا إخوان، أنا أتمنى أني عندي اللغة الإنجليزية، حتى أدعو من لا يعرف اللغة العربية بهذه اللغة، وقلت لكم قبل قليل: إنه قد يكون تعلمها فرض كفاية أز فرض عين. لكن أقول: من المنكر الذي ننكره أن نعلم أبناءنا الصبيان الصغار خمس سنين أو ست سنين اللغة الإنجليزية وهم لا يعرفون اللغة العربية، هذا الذي أنكره، أما تعلم اللغة الإنجليزية إذا كان فيها فائدة فهي فائدة. بقينا في الغش: أقول: من غش في اللغة الإنجليزية فواجب على المدرس أن يسقطه.

اللقاء الشهري [4]

اللقاء الشهري [4] الاختبارات الدراسية هي كشف وبيان لحصيلة الطالب في العام الدراسي وفي هذه المادة يتحدث الشيخ عن مسائل مهمة في الاختبارات متعلقة بالغش والتزوير، مع ذكر أصناف الناس في الإجازة الربيعية، وبعد ذلك يجيب عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

مسائل حول الغش في الامتحان

مسائل حول الغش في الامتحان الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين، وإله الأولين والآخرين. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، وإما المتقين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فكما تفضل الشيخ حمود بن عبد العزيز الصايغ فإنه من المناسب أن يكون لقاؤنا الشهري شهر رجب، هذا اللقاء الذي يسبق الإجازة المسبوقة بالامتحانات يكون موضوعه التحدث عن الامتحانات وعن الإجازة أيضاً. أما الامتحانات فإن مضمونها تصفية ثمرات الطالب التي استثمرها في مدة دراسته، والاختبارات أمانة لا بالنسبة للمدرسين والمراقبين ولا بالنسبة للطلاب أيضاً، والأمانة عرضها الله سبحانه وتعالى على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً، فالواجب على التلاميذ حفظ الأمانة في أداء الامتحان، بحيث لا يغش أحد منهم في أي مادة، سواء كانت هذه المادة أساسية أم مادة مساعدة، ولقد اشتهر عند بعض التلاميذ أن بعض المواد التي ليست أساسية يجوز للتلميذ أن يغش فيها كمادة الجغرافيا ومادة الإنجليزي وما أشبه ذلك، وهذا خطأ، فكل المواد المقررة حكمها واحد في الغش، وكلها لا يجوز الغش فيها؛ لأن هذه المناهج وهذه المقررات صدرت من الدولة ويبنى عليها وظائف مقبلة لمن يحمل شهادة النجاح في هذه المواد، فإذا غش التلميذ في مادة منها فإن حمله للشهادة حمل شهادة زور، وما بني على الزور فهو زور، وما أكثر الذين يندمون من الطلاب الذين منَّ الله عليهم بالاستقامة، يندمون حيث جرى منهم غش في مادةٍ من المواد، ويأتون إلى العلماء يسألونهم: ما تقولون في الراتب الذي آخذه ووظيفتي مبنية على هذه الشهادة المزورة هل يحل لي؟ وقد يبني الإنسان على هذا الراتب حياته كلها قد يبني به بيتاً، وقد يتزوج به امرأة، فيقع الناس في حرج، وإن كان هذا الحرج سيجد مخرجاً -إن شاء الله- لكن الكلام على أن الإنسان لا يندم إلا إذا استيقظ وعرف أنه على طريق الخطأ، ثم إن النجاح الذي يكون عن تزوير وغش ضرر على الأمة كافة، لأنه يخرج الأبناء الذين تعقد عليهم الآمال بعد الله عز وجل يخرجون وهم سذج في الحقيقة ليس عندهم علم، فيفشلون في كل مهمة توكل إليهم، ويبقى الناس في حاجة إلى غيرهم حاجة مستمرة، وهذا لا شك أنه ضرر على عامة المجتمع، فالواجب التنزه عنه. أما بالنسبة للأساتذة والمراقبين فإن الأستاذ يجب عليه أن يتقي الله عز وجل وأن يعلم أنه حينما تقدم إليه هذه الأجوبة فهو بمنزلة القاضي الذي يقضي بين اثنين فأكثر، والقاضي يجب عليه العدل بين الخصوم وألا يحابي قريباً لقرابته، ولا غنياً لغناه، ولا فقيراً لفقره، ولا حسيباً لحسبه، ولا وضيعاً لوضاعته، كل الأوراق التي قدمت إليه سواء. لا يجوز أن يفضل أحداً على أحد، ومن استحق فله الحق، ومن لم يستحق فاته الحق، لا يقول: هذا التلميذ غير مؤدب فأنا سوف أنقصه من الدرجات مثلاً، هذا لا يحل. كونه غير مؤدب يمكن أن تعاقبه بعقوبة أخرى، أما المادة العلمية فلا يمكن أن تنقص منها درجة من أجل إخلاله بالخلق والمعاملة الطيبة، الإخلال بالخلق والمعاملة الطيبة له عقوبة ثانية، والمادة العلمية يجب أن يعطى الإنسان ما يستحق عليها. يجب أيضاً على المراقب الذي يراقب الطلبة أن يكون حذراً واعياً؛ لأن للطلبة مع الأسف أساليب في الخداع والغش، ولا أحب أن أذكرها هنا خوفاً من أن يتلقفها أحد ثم يمارسها، ولكن لهم أساليب معروفة فليحذر المراقب هذه الأساليب وليكن نبيهاً. وهنا مسألة يسأل عنها بعض الطلاب، يقول: إذا رأيت هذا الطالب يغش أو يحاول أن يغش، فهل يلزمني أن أخبر عنه، أو أقول: المسألة موكولة لغيري وفي ذمة غيري؟ A يلزمه أ، يخبر به؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، هذا الطالب الكسول الفاشل في الدراسة إذا غش سوف يغلب الطالب المجتهد الناجح، وهذا ظلم، وإزالة الظلم واجبة، فيجب أن تخبر لكن كيف الطريق؟ لكن قد يكون الطالب ضعيفاً أمام الطالب الذي غش فيخشى أن يؤذيه، فنقول: من الممكن أن يكون الإخبار عن طريق كتابة ورقة صغيرة يعطيها للمراقب من غير أن يشعر به، وإذا لم يمكن هذا فبعد انتهاء الامتحان يذهب إلى المسئول في المدرسة ويخبره، وإذا أخبره برأت ذمته، وأما السكوت على أمر منكر وظلمٍ للآخرين فإن هذا لا يجوز، هذا ما يتعلق بالامتحانات.

أصناف الناس في الإجازة

أصناف الناس في الإجازة أما ما يتعلق بالإجازة فإن العادة جرت أن الإجازة على قصر مدتها يختلف الناس في اتجاهاتهم فيها، منهم من يذهب إلى مكة والمدينة يأتي بالعمرة وبزيارة المسجد النبوي والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبره، وكذلك البقيع ومسجد قباء وشهداء أحد، ويحصل بذلك على خير كثير مع الراحة والمتعة؛ لأن السفر اليوم -ولله الحمد- متعة ونزهة لا سيما إن استمر هذا الدفء فإنه سوف يكون سهلاً. - ومن الناس من يذهب إلى بلاد أخرى لكنه ذهاب خير، يذهب إلى زيارة أقارب له أو أصدقاء لهم حق عليه، أو للتعرف على الإخوان هناك في البلاد الأخرى وإلى العلماء فيها وإلى طلبة العلم وهذا أيضاً خير كثير وفيه نزهة ومتعة. - ومن الناس من يذهب إلى البر يخيم فيه وهؤلاء أيضاً فرق متعددة، لكن قد اتخذت بعض البلديات مشروعاً طيباً خيراً في جمع الناس وفي التجول بينهم وفي إهداء الأشرطة النافعة أو الرسائل الصغيرة النافعة وفي جلب المحاضرين الذين ينفعون من يلتفون حولهم، وهذا أيضاً خير كثير فيه متعة للنفس ونزهة وفيه خير. - ومن الناس من يخرج إلى البر بعيداً عن هذه البوتقة، ويفعل ما شاء الله أن يفعل من الطرب المحرم، والأغاني المحرمة، والأفعال التي أقل ما نقول فيها: إنها مضيعة للوقت، وربما يستصحب هذا الجهاز المدمر -جهاز الدش- حتى يتفرج عليه ليلاً ونهاراً، فيكون هذا قد خسر دينه ودنياه، والعياذ بالله. خسر دينه بما يحصل له من الانحراف والانزلاق وراء هذه المشاهدات التي يشاهدها عبر هذا (الدش) ، وخسر دنياه بالنفقات التي ينفقها على هذه المشاهد وعلى هذه المناظر. - ومن الناس من يبقى في البلد، يزور إخوانه، يساعد أباه في مصالحه ومهماته وهذا أيضاً خير. - ومن الناس من يتفرغ في هذه الإجازة لحفظ كتاب الله، أو ما شاء الله من سنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهذا خير. والمهم أن الناس لهم مناهج في هذه الإجازة ولكن خير الناس من استغلها في أمرٍ نافع إما في دينه وإما في دنياه، وشر الناس من استغلها في أمرٍ ضار إما في دينه أو في دنياه، ومن كان بين ذلك فقد ضاعت عليه الإجازة وإن كان لم يتضرر ولكن تضرر بفوات الكمال وبفوات المصالح والمنافع. وإنني بهذه المناسبة أوجه كلمة لأولياء الشباب، ولا سيما الصغار منهم أن ينتبهوا لهذه الإجازة كيف يقضيها هؤلاء الشباب؟ لأن الشباب الصغار يحتاجون إلى موجه ومراقب وعناية، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في الرجل: (إنه راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته) . وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا جميعاً على أداء الأمانة، وأن يجعلنا ممن عملوا ما يرضيه في هذه الدنيا إنه على كل شيء قدير.

الأسئلة

الأسئلة

حكم الراتب المبني على الشهادة المزورة

حكم الراتب المبني على الشهادة المزورة Q فضيلة الشيخ: أنا ممن غش في الامتحان ونجح وغش ونجح حتى توظف في إحدى الشركات حتى بدأت آخذ مالاً، هل هذا المال يكون حراماً وهل هو من أكل الربا أفيدوني جزاكم الله خيراً؟ A أقول: إذا كان الطالب ينجح بغش فما قبل الشهادة تكفي فيه التوبة، فمثلاً: نجح في السنة الأولى والثانية والثالثة -هذا في الثانوي- لكن في الثالثة لم يغش، غش في الأولى والثانية وفي الثالثة لم يغش ونجح بصدق، نقول: هذا يكفيه أن يتوب إلى الله؛ لأن الوظيفة -مثلاً- مترتبة على الشهادة، والشهادة نزيهة، وكذلك لو تخرج من الكلية وكان يغش في الأولى والثانية والثالثة لكن في الرابعة كان الاختبار نزيهاً فهذا يكفيه أن يتوب، ولا إشكال فيه عندنا إن شاء الله تعالى أن ما يأخذه ويتقاضاه من الراتب المبني على هذه الشهادة حلال له ما دامت الشهادة نزيهة. لكن المشكل إذا كان الغش في آخر شيء في الشهادة، فهذا يعني: أن الشهادة الآن مزيفة، والوظيفة مبنية على هذه الشهادة، فيبقى المال الذي يأخذه فيه شبهة. لكن أقول: إذا تاب إلى الله توبة نصوحاً وكانت المادة التي غش فيها ليس لها صلة بالعمل الذي يقوم به، فنرجو أن يكون راتبه حلالاً. مثل أن يكون غشه في مادة لا صلة لها بالوظيفة التي توظف فيها، كأن يكون في اللغة الإنجليزية مثلاً، والوظيفة التي هو فيها لا تحتاج إلى اللغة الإنجليزية ولا صلة لها بها، فإننا نرجو إذا تاب أن يكون الراتب الذي يأخذه حلالاً.

التسويف في التوبة

التسويف في التوبة Q هل يسوغ لبعض الناس إذا سمع مسألة التوبة أن يجعلها حاملاً له على ارتكاب بعض المحرمات؛ لأنه يرى أن التوبة أمرها يسير، ففي هذه المسألة كالغش يرى أن مسألتها أمر يسير، فإذا كان مجرد توبة يقول: إذاً أتوب فهل يكون هذا مسوغاً له؟ A هذا من باب التسويف وتسويل الشيطان، كما قال الله تعالى: {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} [محمد:25] فنقول لهذا الذي يريد أن يفعل الذنب ويدعي أن التوبة أمامه نقول له: من يضمن أن تتوب قبل أن تموت؟ هل أحد يضمن أنه يتمكن من التوبة قبل أن يموت؟ الجواب: لا أحد يضمن أنه يتمكن من التوبة قبل الموت، ربما يأتيه الموت وهو متلبس بالمعصية قبل أن يقلع عنها فمن الذي يضمن له؟ ثم إن الإنسان إذا استهان بالذنب قد يزيغ قلبه والعياذ بالله؛ لأن الله تعالى قال: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:5] فلا يوفق للتوبة، يحاول أن يتوب ولا يستطيع، ثم إن التوبة ليست بالأمر الهين، التوبة تحتاج إلى شروط لا بد أن تتحقق، منها: أن يكون الحامل على التوبة الإخلاص لله، وأن يقع في قلبه الندم الشديد والتحسر على ما وقع، وأن يقلع عن الذنب، وأن يعزم على ألا يعود، وأن تكون التوبة قبل أن ينزل به الموت، ولهذا نقول: لا أحد يضمن أن يتوب، فلا يجوز للإنسان أن يقول: التوبة سهلة والتوبة يسيرة ويسوف ويفعل الذنب، الواجب أن يتقي الذنب ما استطاع، وإذا قدر أنه وقع منه الذنب فقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:135] .

التحذير من الغش وعواقبه

التحذير من الغش وعواقبه Q فضيلة الشيخ: أرجو التحذير من قضية ما أشرتم إليه أنه إذا غش في الأولى والثانية فمن الممكن أن يسمع هذا الكلام بعض ضعاف الإيمان فيقول: إذاً: أغش ثم أتوب، فأرجو وفقك الله أن تبين عظم هذا الأمر؟ A هذا وقع في قلبي أنني إذا قلت: الغش في الأولى والثانية إذا كانت الشهادة نزيهة فأرجو أن يكون هذا نافعاً له، وتجدون أن كلمة (أرجو) ليس هناك جزم أن يسلم إذا غش في الأولى والثانية، وأنا أكرر أن الغش حرام في الأولى وفي الثانية، لكن هذا تلميذ وقع منه الأمر، لكنه في الشهادة لم يغش وجاء يسأل وهو تائب إلى الله: هل يحل لي هذا الراتب أم لا؟ ولسنا نهون من الغش لا في الأولى ولا في الثانية ولا في الثالثة، لكن هناك فرق بين إنسان ندم وجاء تائباً ويريد أن يحلل الراتب الذي بني على الشهادة وهي شهادة نزيهة، فنقول: نرجو ألا يكون عليه حرج فيما يأخذه من الراتب.

حكم إعطاء درجات في المواد العلمية بسبب الأدب والأخلاق

حكم إعطاء درجات في المواد العلمية بسبب الأدب والأخلاق Q فضيلة الشيخ: أنا مدرس في إحدى المدارس فهل لي أن أخص طالباً بدرجة لحسن خلقه فأخصه في غير درجة ورقة الاختبار إما في أعمال السنة أو غيرها، أو أتجاوز عن التدقيق عن زلاته في ورقة الاختبار بخلاف الطالب السيئ سواء كان سيئ الخلق أو غيره، فأدقق عليه أكثر فهل عملي صحيح؟ A العمل غير صحيح، الواجب إعطاء كل إنسان ما يستحقه من الإجابة، إلا إذا شككت في أن هذا الطالب غاش، لأنه أحياناً يتقدم أو أحيانا ً تجد جوابين متفقين تماماً على غير لفظ الكتاب، فيقع في نفسك أن أحدهما غاش من الثاني، وفي هذه الحالة لا بد من التحقيق والتدقيق. أما مجرد إن أعرف أن هذا الطالب سيئ الخلق فأنقص من درجته، أو أن هذا الطالب حسن الخلق فأزيد في درجته؛ فهذا لا يجوز؛ لأن الدرجات ليست على الأخلاق ولكنها على الإجابة. أعمال السنة إذا كان المرجع فيها إلى الأستاذ وكان لحسن الخلق والأدب نصيب من هذه الدرجات فحينئذٍ أنقص من أعمال السنة في جواب من كان سيئ الخلق وأزيد فيها في جواب من كان حسن الخلق، إذا كان من النظام أن حسن الخلق له أثر في درجات أعمال السنة فلي الحق أن أقلل درجات من أعرف منه سوء الخلق، وأن أزيد في درجات من أعلم منه حسن الخلق؛ لأنه موكول إليه والمدرس مسئول أمام الله تعالى عن ذلك كله.

حكم النهي عن الغش داخل قاعة الامتحان

حكم النهي عن الغش داخل قاعة الامتحان Q فضيلة الشيخ: ما حكم لو أني كنت في القاعة وقلت لذلك الغاش: اتق الله وخوفته من الله أو أخبرت المراقب عنه أو هددته في داخل القاعة، فما هو رأيكم فيما سبق؟ A هذا رأي طيب إذا لم يحصل منه فوضى؛ لأنه ربما إذا قمت في القاعة وقلت: يا فلان اتق الله! ولا سيما بصوت جهوري ربما يحصل فوضى، ويكون الغش الذي تتوقعه من واحد يحصل من عامة الموجودين؛ لأن الفوضى إذا وقعت لا يمكن ضبط القاعة، فإذا كنت تخشى من الفوضى فلا تفعل. وبإمكانك أن تكتب ورقة صغيرة وتعطيها المراقب، وعليه أن يتقي الله عز وجل في هذا الأمر، أما الفوضى فإن ضررها أكبر من نفعها.

التوفيق بين طلب العلم وامتحانات الدراسة النظامية

التوفيق بين طلب العلم وامتحانات الدراسة النظامية Q فضيلة الشيخ: كيف يوفق طالب العلم بين طلب العلم وهذه الامتحانات؟ وما هي النية التي ينوي بها في هذا الاختبار فإنها مشكلة أصبح يعاني منها عدد من طلبة العلم؟ A هذه الاختبارات تصفية للثمرة التي حصلها الطالب في زمن الدراسة، والطالب يمكن أن يصحح النية ولو مع هذه الاختبارات، فينوي أنه يختبر لينال المرتبة التي لا يحصلها إلا بهذه الاختبارات، وينوي بحصوله على هذه المرتبة منفعة الخلق. وأنا أضرب لكم مثلاً: لا يمكن أن يدرس مثلاً في الجامعة إلا إذا كان معه شهادة، فإن لم يكن معه شهادة ولو كان على جانب كبير من العلم لم يتيسر له أن يدرس في الجامعة. إذاً: فأنوي بالشهادة أن أصل إلى مكان أنفع فيه الخلق، وهذه نية سليمة لا تنافي الإخلاص لله ما دمت تريد الوصول إلى مكان تنفع فيه الخلق، ولا طريق للوصول إلى هذا المكان في الوقت الحاضر وحسب مصطلحات الأمم إلا بهذه الشهادة، فإذا نويت هذه النية فهي نية سليمة وليس فيها نوع من الانحراف أو الشرك أو الرياء.

حكم إعطاء زيادة في الدرجات لمن يلتحق بحلقات التحفيظ

حكم إعطاء زيادة في الدرجات لمن يلتحق بحلقات التحفيظ Q فضيلة الشيخ: ما رأيك في أستاذ يحث تلاميذه على الالتحاق بحلق المساجد إما حلق القرآن أو الدروس العلمية، ويعد من يلتحق بهذه الحلق بزيادة درجة أو درجات له فهل في ذلك حيف على من لم يلتحق إذا لم يعط؟ A إذا كان هذا التصرف تصرفاً فردياً من الأستاذ فهذا لا يجوز؛ لأنه خلاف النظام، أما إذا كان هذا ممن يملك ذلك بحيث يقول: من التحق بجماعات تحفيظ القرآن فإنه يزاد ثلاث درجات أو درجتين أو ما أشبه ذلك، فلا حرج، ويكون هذا من باب التشجيع على الخير، ولا شك أن الالتحاق بجماعات تحفيظ القرآن له أثر كبير بالنسبة لأخلاق الطالب وأثر كبير بالنسبة لتحصيله، ولهذا لو سألنا أساتذة هؤلاء الطلبة، لقالوا: إنهم أحسن من الطلبة الآخرين الذين لم يلتحقوا بهذه الحلق، وهذا شيء مجرب مشاهد خلافاً لما يظنه بعض الناس أنه إذا التحق بهذه الحلق أخذ من أوقاتهم الشيء الكثير الذي يمنعهم عن دروسهم النظامية فإن هذا في الحقيقة وهمٌ لا حقيقة له. واسألوا المدرسين عن هؤلاء الطلبة الذين التحقوا بجماعات تحفيظ القرآن الكريم أو من فوقهم ممن التحقوا بالحلقات العلمية، هل نقصهم ذلك؟ أبداً بل زادهم خيراً وحفظاً لكتاب الله، وسوف يحمدون العاقبة في المستقبل.

التحلل من المظالم في التوبة إلى الله

التحلل من المظالم في التوبة إلى الله Q هذه امرأة تقول: بأنها لم تخلص في التدريس وكانت تظلم الطالبات، ولكن بعد أن عرفت الآن الحكم تابت وندمت، وتسأل: ماذا تصنع كي يتوب الله عليها؟ وكيف تستسمح من تلك الطالبات وتتحلل منهن وهن كثرة؟ A إذا كان ما فعلته سابقاً اجتهاداً منها ثم تبين لها أنها مخطئة في هذا الاجتهاد فليس عليها شيء؛ لأن المجتهد إذا أخطأ فله أجر إلا إذا كان هذا الاجتهاد متضمناً لأخذ الأموال مثلاً، فلا بد من رد الأموال إلى أهلها. أما إذا كان مجرد ضرب أو حبس أو إيقاف أو ما أشبه ذلك وكان صادراً عن اجتهاد منها، فإن هذا لا يضرها وليس عليها إثم في ذلك وكذلك الرجل لو صنع ذلك. وأما إذا كان هذا عن ظلم وليس اجتهاداً فعليها أن تتحلل بقدر ما تستطيع ممن وقع ظلمها عليهن، قبل ألا يكون درهم ولا دينار، وهذا أظنه يسيراً إن شاء الله؛ فإن تعذر عليها، فقد قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] ويكفيها أن تخلص التوبة لله عز وجل والله بفضله يتحمل عنها ويؤدي المظلومين بقدر مظلمتهم.

نصيحة للنساء في إجازات الربيع

نصيحة للنساء في إجازات الربيع Q فضيلة الشيخ: نرى النساء في إجازات الربيع في البراري لا يتحرجن من الذهاب بعيداً عن مخيم أهلهن سواء على الرمال أو غيره من غير حجاب ولا عباءة، فما نصيحتك لهذه النساء ولأولياء أمورهن الذين يهملونهن فيغرون ضعاف النفوس وذئاب البشر بتلك النساء، نرجو توجيه بهذه المناسبة؟ A هذا سؤال مهم، وقد يقع بعض الناس في هذه المشكلة التي أشار إليها السائل جزاه الله خيراً وهي أن بعض الناس يخرج بعائلته -وهذا كثير- وفي هذه العائلة شابات يذهبن بعيداً عن محل الخيمة ويذهبن بدون عباءة -كما قال- ولا يهمهن أن يكشفن وجوههن، لأنهن لا يرين أحداً حولهن، ولا شك أن في هذا إغراءً للمفتونين والسفهاء أن يتجولوا في هذه البراري، ويخشى أن تسول لهم نفوسهم الاختطاف عن اضطرار أو اختيار لهؤلاء الفتيات؛ لأن الأمر سهل، فقد يجد فتاة شابة وهو شاب ليس حولها أحد، فسوف يسهل عليه أن يفعل ما يمليه عليه الشيطان من انتهاك عرض هذه المرأة إما باختيار وإما باضطرار، إما باختيار وإغراء لها، والمرأة قريبة، وإما باضطرار يكرهها على فعل الفاحشة والعياذ بالله، ولا يبعد أن يكون أناس من السفهاء يتصيدون مثل هذه الفتيات، ولهذا يجب على الإنسان أن يحمي أهله من التجول بعيداً عن الخيمة، وكذلك أيضاً يحرص على ألا يكشفن وجوههن إذا كن يرين رجالاً ولو كانوا بعيدين؛ لأن بعض الرجال يحمل منظاراً يقرب البعيد، وقد ينظر إلى الناس من خلال هذا المنظار، فيقع المحظور، وهذه إحدى الكبر التي تعتري الخروج إلى المنتزهات في مثل هذه الإجازات، يعني أن الذي يعكر صفوها أن تقع مثل هذه الأحوال إهمال الفتيات تذهب يميناً وشمالاً بعيداً عن أهلها فيحصل بذلك الشر، نسأل الله السلامة.

كيفية التوبة من المعاصي

كيفية التوبة من المعاصي Q فضيلة الشيخ: أنا شاب أريد أن أتوب، ويعلم الله أني لم أحضر إلى هذا الدرس هذه الليلة إلا لطلب الهداية، ولكني أحلق لحيتي وثوبي طويل وفي بيتي دش، ولكن مع ذلك أريد أن أتوب كيف السبيل؟ أسال الله عز وجل أن يجعل ذلك على يديك وبتوجيهك لي ولإخواني المسلمين الذين يقعون في مثل هذا؟ A أسأل الله له الهداية، اللهم اهده ويسر الهدى له. لا شك أن هذا السؤال له مغزاه وليبشر بالخير ما دامت هذه نيته، والتوبة يسيرة على من يسرها الله عليه، فأول شيء أن يذهب الآن إلى الدش ويكسره، وإن كان قد خسر عليه شيئاً كثيراً لكن سيخلف الله عليه؛ لأنه كسره لله، وقد ذكر بعض العلماء أن سليمان عليه الصلاة والسلام لما عرضت عليه الخيل حتى غابت الشمس قبل أن يصلي العصر والخيل تُركب؛ لأنها سريعة جازاه الله سبحانه وتعالى على ذلك، فيسر له الريح تحمله، والريح أسبق من الخيل والشاهد أنه لما ترك هذا لله عوضه الله خيراً منه. وإبراهيم عليه الصلاة والسلام أُمر أن يذبح ابنه وهو أحب الناس إليه، ليس له ولد سواه، أمر أن يذبحه حين بلغ معه السعي، حين قوي وتعلق نفسه به، فامتثل أمر الله، فبماذا جوزي؟ اتخذه الله تعالى خليلاً وأعطاه خيراً مما حصل منه، فأقول لأخي هذا: الحمد الله الذي فتح الله عليك، وأول شيء أن يذهب الآن وبمعونة من الله عز وجل فيكسر الدش. وأما الثوب فما أيسر أن يكف أسفله، ويسلم من شره، وأما حلق اللحية فما أيسر -أيضاً- أن يدعها، حتى تخرج، ويسأل الله سبحانه وتعالى أيضاً الثبات على الأمر، ويحرص على أن يصطحب أهل الخير، وأسأل الله تعالى أن يهديه، اللهم اهده وأصلح له دينه ودنياه.

هيئة إلصاق الكعب بالكعب في الصلاة وتسوية الصفوف

هيئة إلصاق الكعب بالكعب في الصلاة وتسوية الصفوف Q فضيلة الشيخ: صار بيني وبين بعض الإخوة نقاش في موضوع يقع فيه بعض الشباب الملتزم، فأريد منك كلمة فصل ينفعني الله بها: صليت في الحرم وصلى بجواري أحد الشباب فصافني وجعل أصبع رجله على أصبع رجلي، وكلما أبعدت عنه لاحقني حتى وضعت رجلي على رجلي الأخرى من غير مبالغة، فلما سلمت قلت له: يا أخي أنا أعلم أنه ما حملك على ذلك إلا اتباع السنة، لكن أتدري أن هذا الفعل ينافي السنة، فإن الذي في صحيح البخاري من فعل الصحابة هو إلصاق الكعب بالكعب وليس الأصابع. ثانياً: بفعلك هذا تنحرف قدماك عن القبلة، لأنها تكون على شكل سبعة. ثالثاً: أنا أتيت أصلي هذه الصلاة الواحدة في الحرم وأذهبت أهم شيء علي وهو الخشوع، والخشوع ركن، وملاصقة الأصابع ليست بسنة، بل حتى لو فرض أنك ملاصق للكعب فإنه لا يقدم على الركن وهو الخشوع. شيخي الكريم: هل أنا على صواب أم على خطأ فإني أرى إخواني هنا في هذا المسجد ربما فعل ذلك وأنا متحرج من ذلك الموقف مع أخي، وأجد بعض الإخوة هنا يطبقون بعض السنن ولو كانت مؤذية للمجاورين، أسأل الله أن يعفو عني إن كنت أخطأت وأن ينفعني والحاضرين بعلمك متع الله بك على طاعته؟ A هذا سؤال مهم في الواقع؛ لأن الذي فعل ما فعل بأخينا السائل في المسجد الحرام لم يكن له قصد فيما نظن إلا اتباع السنة، ولكن قال الإمام أحمد رحمه الله -كلمة ينبغي أن نجعها على بالنا، قال: "أكثر ما يخطئ الناس في التأويل والقياس" التأويل، أي: تفسير النصوص، يفسرونها على غير المراد بها مع أنهم يريدون الحق لكن يخطئون، وكذلك في القياس يقيسون شيئاً على غير نظيره فيخطئون، وصدق رحمه الله. ولو أنك نظرت إلى خلاف العلماء وما أخطئوا فيه لوجدته يدور على هذين الأمرين في الغالب: التأويل وهو فهم الدليل على غير المراده. الثاني: القياس: يقيسون قياساً فاسداً. الصحابة لا شك أنه صح عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بتسوية الصفوف والتراص حتى إن أحدهم ليلصق كعبه بكعب أخيه ومنكبه بمنكب أخيه، والغرض من ذلك تحقيق التسوية وتحقيق المراصة، وألا يدعوا فرجاً للشيطان، هذا هو المقصود، وليس المقصود أن يؤذي بعضهم بعضاً، بل المقصود تحقيق المساواة والمراصة، ففهم بعض الناس أن إلصاق الكعب بالكعب مقصود لذاته، وأنه من سنن الصلاة، فصار يلصق كعبه بكعب أخيه مع تفريج ما بين رجليه، يفرج ما بين رجليه تفريجاً كاملاً واسعاً من أجل أن يلصق الكعب بالكعب، لكن يبقى المنكب مع المنكب مفترقين بالضرورة وهذا من الخطأ في التأويل، والمقصود عند بدء الصلاة أن يأمر الإمام بالتساوي وبالتراص، فيلتصق الناس بعضهم ببعض لا على وجه يذهب الخشوع أو يؤذي، لكن على وجه تتحقق به المراصة، بحيث لا تدخل الشياطين بيننا، وكذلك تظهر المساواة بحيث لا يتقدم أحد على أحد. أما متابعة الجار الملاصق -كما ذكر السائل- فهذا ليس من السنة، هذا يهرب منه وهذا يهرب منه، ثم إنه يقول: إنه يضع أصبعاً على أصبع حتى إن السائل إن لم يكن مبالغاً -عفا الله عنه- يقول: إنه كاد أن يضع رجله على رجله الثانية من شدة هروبه من هذا الرجل، لكن قد يكون هذا فيه مبالغة والله يتوب علينا وعليه. إنما السنة أنه عند ابتداء الصلاة يتقارب الناس، ويلصق بعضهم بعضاً كعبه بالآخر، وكذلك منكبه ثم يعطي الإنسان الراحة لأخيه؛ لأن المساواة تحققت والتراص تحقق. وسبحان الله! على الضد مما قال الأخ بعض الناس تجد بينه وبين أخيه فرجة، يدخل من بينها الشيطان، وإذا أردت أن تفعل السنة بالقرب من أخيه استاء من ذلك، وعاند ليته يستاء ويتابع لكن يعاند يبقى بينه وبين أخيه أربعة أصابع أو شبر، وهذا خطأ وهو خلاف السنة أيضاً. وبهذه المناسبة أسأل: لو أن رجلين صلى أحدهما بالآخر وليس معهما أحد هل يقفان متساويين أو يتقدم الإمام؟ الجواب: يقفان متساويين ولا يتقدم أحدهما على الآخر؛ لأن تقدم أحدهما على الآخر مخالف للسنة، السنة في المتصافين أن يتساويا هذه هي السنة، ولهذا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما لما قام مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي معه قام عن يساره فأخذ برأسه وجعله عن يمينه ولم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم تقدم عليه. ولهذا أنبه على هذه المسألة، لأنه يوجد في كتب بعض الفقهاء أن الإمام يتقدم قليلاً، ولكن هذا ليس له أصل من السنة. وفي سؤال السائل يقول: إنه ذهب عنه الخشوع بملاحقة أخيه له وهو ركن. والصحيح أن الخشوع ليس بركن، ولكنه سنة مؤكدة جداً، أما أنه ركن أو واجب فهذا فيه مشقة، ولا يستطيع الناس أن يقوموا به؛ لأن كون الإنسان لا يفكر في صلاته أبداً من ابتدائها إلى انتهائها هذا قد يكون صعباً لا يدركه كل أحد. والنبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن الشيطان إذا سمع الإقامة ولى وله ضراط، وإذا انتهت الإقامة رجع وصار يوسوس للإنسان فيقول له: اذكر كذا وكذا يوم كذا وكذا فيصبح الرجل لا يدري كم صلى، فهذا دليل على أن الوساوس لا تبطل الصلاة لكنها تنقص الصلاة، قد ينصرف الإنسان من صلاته ولم يكتب له إلا نصفها أو ربعها أو عشرها، حسب ما ذهب من الخشوع في صلاته. هذا أيضاً تنبيه مهم، وهو أن بعض الأئمة لا يحرص على تسوية الصفوف، غاية ما عنده أن يأتي (بكليشة) معروفة وهي: استووا استووا أو استووا اعتدلوا!! دون أن ينظر في الصف هل فيه تقدم أو تأخر أو تراص أو تفرق، وهذا إخلال بوظيفة الإمام. روى أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (كان يسوي الصفوف، يمسح مناكبهم وصدورهم من أول الصف إلى آخره) . وقال النعمان بن بشير: (كان النبي صلى الله عليه على آله وسلم يسوي صفوفنا كأنما يسوي بها القداح) ولما كثر الناس في زمن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان صار عمر وعثمان يوكلان رجالاً يجوبون الصفوف، فإذا أتوا وقالوا: استوت الصفوف كبروا للصلاة، وهذا مهم من وظائف الإمام الواجبة أن يحرص على ذلك، وألا يكبر حتى يعلم أن الصفوف قد استوت وتمت الأول فالأول. وسبحان الله العظيم! هذا الذي قال الأخ على العكس من جهل بعض الناس، يقولون: إنه صلى إمام ومأموم فقط، فلما أقام الصلاة قال: استووا اعتدلوا، لا يوجد إلا واحد ومع ذلك يقول: استووا اعتدلوا!! فأقول: بعض الناس بين إفراط وتفريط إما هذا وإما هذا هذه مسألة أنبه عليها وإليها إخواننا الأئمة. الإمام يقول: استووا اعتدلوا وينظر إلى الصفوف، لكن إن رأى خللاً فليعظهم بموعظة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما رأى في بعض أصحابه رجلاً بادياً صدره، فوعظهم قال: (عباد الله: لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) وما يذكره بعض الأئمة أن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج فهذا ليس بحديث ولا يجوز أن يتلى على الناس؛ لأنه لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا أصل له وهو من صفات الله: (إن الله لا ينظر) فلا يجوز إثباته إلا بدليل، يكفي أن نقول ما قال النبي عليه الصلاة والسلام إذا رأينا أحداً متقدماً أو متأخراً نقول: (عباد الله: لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) أي: بين قلوبكم. وأما (إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج) فهذا وإن قاله بعض الأئمة لكنه لا أصل له، ولا يجوز أن يذكر، فيعتقده الناس حديثاً عن رسول الله وليس عن رسول الله. السائل: إسبال الثياب هل تبطل الصلاة؟ الشيخ: المسبل للثوب لا شك أنه فعل كبيرة من كبائر الذنوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أسفل من الكعبين ففي النار) واختلف العلماء في صحة صلاته، فمنهم من قال: إن صلاته صحيحة لكنه آثم بإسبال ثوبه، ومنهم من قال: إن صلاته غير صحيحة؛ لأنه لبس ثوباً محرماً والراجح أن صلاته صحيحة، لكنه آثم بالإسبال. وكون الإمام يطول بقول: استووا أو يأتي بنصائح بدون سبب ليس لها داعٍ، لكن كونه يسويهم ولو طال الوقوف فلا ينبغي للمصلين أن يضيقوا ذرعاً به.

حكم بيع الدش والاستفادة من ثمنه

حكم بيع الدش والاستفادة من ثمنه Q هل يجوز لأخينا السائل الذي أراد أن يتوب بأن يبيع ذلك الدش الذي اشتراه بمبلغ كبير ويتصرف بثمنه ويستفيد منه بدلاً من أن يكسره؟ وكذلك إذا كان عند الإنسان تلفاز فهل له أن يبيعه كذلك ليستفيد من ثمنه، أم أن عليه أن يدفعه إلى من يستفيد منه إذا كان يمكن الاستفادة منه، أو أن يكسره وهو الذي أشرتم إليه كما فعل الصحابي الذي نزع النبي صلى الله عليه وسلم خاتمه فقال: والله لا آخذ شيئاً طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ A الأولى أن يكسره غضباً لله عز وجل، كما يذكر أن سليمان عليه الصلاة والسلام لما ألهته الخيل عن ذكر الله طفق مسحاً بالسوق والأعناق، قال بعض المفسرين: إنه ذبحها بالأعناق، وبالسوق عقرها، حتى لا تدعوه نفسه إليها فيما بعد، فأرى أن يكسرها، وهو لو باعها لأحد؛ فمن يضمن له أن يستعملها هذا الشخص في شيء مباح، فيكون معيناً على المحرم وتكون توبته ناقصة، وكذلك لو أعطاه لأحد ينتفع به في غير المحرم من يضمن ذلك، ثم إنه إذا كسره انتقاماً من نفسه وغضباً لله؛ فإن ذلك سوف يصقل توبته، ويذكر هذه الصورة في ذهنه، ويقول: الحمد لله الذي جعلني لا أبخل على نفسي بإتلاف هذا الشيء، والإتلاف قد يكون خيراً من الإيجاد، فها هو الغال من الغنيمة قال العلماء: إنه يحرق رحله إلا ما استثني، لماذا لا يجعل رحله في بيت المال؟ يقولون: لا يجعل في بيت المال؛ لأن إحراقه أنكى وأبلغ، فالذي ينبغي أن يذهب الآن إن شاء الله ولا يبيت على فراشه إلا وقد كسره وجعله جذاذاً. التلفاز في الواقع أخف من الدش؛ لأن الدش يأتي بفظايع والعياذ بالله حسب ما سمعنا، التلفاز من اقتناه وأمن ألا يستعمل إلا في الأخبار وأشياء مفيدة فلا بأس به، لكن من يضمن هذا؟ فالعائلة إذا فتحت هذا التلفاز تريد تمسكه حتى ينتهي بما فيه من خير وشر، وهذه مشكلة. فأنا أنصح إخواني ألا يقتنوا التلفاز لكن وجوب تكسيره فيه نظر؛ لأنه يمكن أن يستعمل في شيء مباح، لكن من نظر إلى الواقع يرى أن إبعاده عن البيت قد يكون من الواجبات.

الحث على الدعوة إلى الله

الحث على الدعوة إلى الله Q فضيلة الشيخ: بمناسبة الإجازة نجد عدداً من الإخوة هنا جاءوا لطلب العلم وحصلوا ولله الحمد خيراً كثيراً، إلا أنهم إذا ذهبوا إلى بلادهم في هذه الإجازات لم يكن لهم أثر على من حولهم، كذلك نجد بعض الإخوة هنا في هذه البلاد لا يشاركون إخوانهم في توجيه أصحاب المخيمات في أمور يحتاجونها ولا ينفع الله بهم، أرجو توجيه كلمة بهذه المناسبة لإخواني طلبة العلم أن يكون لهم أثر على إخوانهم في هذه البلاد وغيرها؟ A لا شك أن من فوائد طلب العلم أن يقوم الطالب بما أوجب الله عليه من تبليغ ما حصله من العلم، هكذا جاء في الكتاب والسنة، أما في الكتاب فقد قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران:187] وهذا الميثاق الذي بين الله وبين الذين أتوا العلم ليس ميثاقاً محسوساً بل إعطاء الله إياه العلم هذا ميثاق عليه أن يبلغه. وأما في السنة فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يخطب الناس في حجة الوداع: (ليبلغ الشاهد الغائب) وقال أيضاً: (بلغوا عني ولو آية) . فالواجب على طالب العلم ألا يحقر نفسه أن يبلغ ما آتاه الله من العلم، سواء في بلده أم في بلدٍ آخر، ولا سيما في وقت الإجازات التي ليس على الإنسان فيها طلب للعلم ملزم بها.

حكم الأقمشة والألبسة المرسوم عليها صور حيوانات أو نساء عاريات

حكم الأقمشة والألبسة المرسوم عليها صور حيوانات أو نساء عاريات Q فضيلة الشيخ: نشر لكم فتوى حول بعض الكتابات التي تكون على بعض الألبسة، سواءً باللغة الإنجليزية أو بعض الصور وغيرها، نرجو زيادة تنبيه وزيادة تعليق على ذلك شفوياً؛ لأن الكثير من الناس يستفيد من الشريط أكثر من استفادته من المكتوب، كذلك بعض الناس يفرق بين الصور التي توضع على ملابس الأطفال والتي توضع على ملابس الكبار، أرجو التوجيه خاصة أن هذه المشكلة أصبحت تدخل كثيراً في بيوتنا، جزاك الله خيراً؟ A أما بالنسبة للصور كالصور التي في الملابس للكبار أو الصغار فهي سواء، لا يجوز للإنسان أن يلبس ما فيه صورة ولا أن يلبس أولاده من بنين وبنات ما فيه صورة. وأما الكتابات الموجودة مكتوب (أنا نصرانية) على فانيلة، ومكتوب (أنا يهودية) ، ومكتوب أيضاً (مسيحية) ، ومكتوب (سائل الجنسية) (ماء الرجل الدافق) ، ومكتوب برمز (آنسة) وهي ترمز لفعل الفاحشة، ومكتوب أيضاً (إله الحب عند الإغريق) ، ومكتوب أيضاً (شراب خمر) ومن الكتابات أيضاً (اسم رجل وامرأة) ، ومن الكتابات (عيد المسيح) ، ومكتوب -أيضاً- (أنا مسيحي) . المهم يا إخواني! نحن شعب مسلم، والواجب علينا أن نقاطع هذه الألبسة، كما أن الواجب علينا أن نكتب إلى وزارة التجارة، نخوفها بالله عز وجل ونقول: يجب أن تحرصي غاية الحرص على ما يرد إلى أسواقنا من مثل هذه الأمور. سبحان الله! صبي أو صبية من المسلمين يُكتب على لباسها أنها نصرانية أو يهودية، أنحن لا نفهم؟ أنحن غنم؟ سبحان الله! الواجب أن نكون أمة واحدة، وأن المسئولين إذا كانوا في غفلة عن هذا ولم يعلموا به أن يكتب إليهم ويبين ويرسل نماذج من هذه الألبسة، هذا بالنسبة للمسئولين، ويجب علينا أن ننصحهم وأن نبين لهم الأمر وإذا فعلنا ذلك برئت ذمتنا، هم المسئولون أمام الله: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:88-89] ويا ويلهم إن قصروا في الأمانة وفي رعاية الرعية، فستكون الأمة خصمهم يوم القيامة. وأما بالنسبة لنا نحن فالواجب علينا مقاطعة هذا الشيء، وألا نبذل دراهمنا بما يسيء إلينا؛ لأن هذا أدنى ما فيه أن الصبي يستسيغ كلمة (إنه نصراني) أو (إنه يهودي) وأنتم تعلمون أن اليهود والنصارى أعداء لنا من قديم الزمان. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} [المائدة:51-52] أي: نخشى أن تصيبنا دائرة، فإذا واليناهم كانوا معنا؛ قال الله تعالى: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:52] . الواجب علينا أن نقاطع هذا مقاطعة تامة وإذا رأيناه عند صاحب دكان نصحناه، وقلنا له: اتق الله ونبين له؛ لأن بعض أهل الدكاكين أيضاً لا يفهمون اللغة الإنجليزية ولا يدرون ما الذي كتب، لكن نبلغهم، هذا إذا كان الأمر الذي أمامنا الآن واقعاً، أما إذا كان غير واقع، فحسبنا الله على من كتبه وغر الناس به. حتى أسماء المغنين وأسماء المهرة من أصحاب الكرة وغيرهم ممن ليسوا مسلمين كل هذا لا يجوز؛ لأنه سيقع في قلب المسلم تعظيم هؤلاء وهم كفار. أما الصور فقد ذكرنا أنها حرام سواء على الفنايل أو على القمص أو على السراويل. فتوى: يقول الشيخ حفظه الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم اللباس الذي يكتب عليه ما يخل بالدين أو الشرف لا يجوز لبسه سواء كتب باللغة العربية أو غيرها، وسواء كان للرجال أو للنساء، وسواء كان شاملاً لجميع البدن أو لجزء منه، أو عضو من أعضائه، مثل: أن يكتب عليه عبارة تدل على ديانة اليهود أو النصارى أو غيرهم، أو على عيد من أعيادهم، أو على شرب الخمر أو فعل الفاحشة أو نحو ذلك، ولا يجوز ترويج مثل هذه الألبسة، أو بيعها أو شراؤها وثمنها حرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) ونصيحتي لإخواني المسلمين أن يتقوا ربهم ويتجنبوا ما حرم عليهم لينالوا سعادة الدنيا والآخرة. قاله وكتبه محمد بن صالح العثيمين في 8/7/1414هـ أرجو الله تعالى أن ينفع بهذه الكتابة، وأن ينفع أيضاً بهذا القول الذي ذكرنا، ونرجو من إخواننا أن نكون عوناً لولاة أمورنا، لأن الإنسان بشر قد يخفى عليه بعض الشيء، وقد يتكاسل، فإذا خفي عليه نعلمه وإذا تكاسل نشجعه، فيا حبذا لو كتب إلى وزارة التجارة في هذا الموضوع وبيّن لها الأمر. ولكن يحسن أيضاً أن يكون هناك نماذج من هذه الألبسة تعرض على الوزارة فعلاً، وما ندري أيضاً لعل الوزارة الآن قد شعرت بهذا وتحاول منعه، فيبقى الدور علينا نحن أن نهجر هذه الألبسة ولا نروجها. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.

اللقاء الشهري [5]

اللقاء الشهري [5] في هذه المادة يتحدث الشيخ -رحمه الله- عن تفسير أول سورة (ق) بأسلوب سهل واضح، مضيفاً إلى ذلك بعض الفوائد التي تتعلق بالآيات. ثم بعد ذلك يجيب عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء والتي تهم كل مسلم.

تفسير آيات من سورة (ق)

تفسير آيات من سورة (ق) الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في كل ليلة أحد -الليلة الثالثة من كل شهر- هذا هو وقت اللقاء بكم، ويتم هذا الشهر ليلة الأحد الحادي والعشرين من شهر جمادى الأولى عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف. وأسأل الله تعالى أن يرزقنا الاستمرار على ذلك، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، وكما تعلمون أننا تكلمنا فيما سبق على شيء من تفسير سورة النبأ، ولكني رأيت أن نجعل شهراً للتفسير وشهراً لما ينبغي أن يُتحدث عنه من أمر الواقع، وبناءً على ذلك أرى أن يقدم إلى مندوب الدعوة الشيخ/ حمود بن عبد العزيز الصايغ، أن يقدم إليه منكم ما ترون أن الكلام فيه مناسب من الأمور الواقعة، سواء كانت هنا في المملكة أو في خارج المملكة، مما ينبغي أن نتكلم عنه، وتكون ليلة وليلة، ليلة في التفسير، وليلة في بيان حكم ما يحتاج إلى البيان. أما التفسير فرأيت أيضاً أن نبدأ فيه بسورة (ق) وذلك لأن لقاءنا الأسبوعي الذي يكون في البيت قد بدأنا فيه بسورة النبأ، فلا أحب أن يتضارب هذا مع هذا ويتعارض، فرأيت أن نبدأ بسورة (ق) لأنها أول المفصل، ولأن الناس يستمعون إليها من الأئمة، فإن أهل العلم يقولون: ينبغي للإمام أن يقرأ في صلاة الفجر من طوال المفصل، وفي صلاة المغرب من قصار المفصل، وفي الثلاث الصلوات الباقية من أوساطه، وطواله من (ق) إلى (عم) وقصاره من (الضحى) إلى آخر القرآن، وأوساطه من (عم) إلى (الضحى) .

تفسير قوله تعالى: (ق)

تفسير قوله تعالى: (ق) فنقول وبالله التوفيق: إن الله سبحانه وتعالى ابتدأ هذه السورة سورة (ق) بهذا الحرف (ق) ، وهذا حرف هجائي أحد الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء. هذا الحرف الهجائي هل له معنى مستفاد بمقتضى اللغة العربية أو ليس له معنى؟ جوابنا على ذلك: ليس له معنى مستفاد بمقتضى اللغة العربية؛ لأن الحروف الهجائية حروف مهملة لا معنى لها في حد ذاتها، وعلى هذا فكل الحروف الهجائية الموجودة في أوائل السور ليس لها معاني، ودليل ذلك قول الله عز وجل: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:192] يعني: القرآن {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:193-195] وقال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف:3] {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف:2] وبناءً على ذلك نقول: هذه الحروف (ق) ، (ص) ، (ألم) ، (ن) ، (ألر) ، (ألمر) هذه الحروف بمقتضى اللسان العربي لا تفيد معنى في ذاتها فليس لها معنى، ولكن سيرد على القلب إشكال وهو: هل يكون في القرآن شيء لا معنى له؟ الجواب لا يمكن أن يكون في القرآن شيء لا معنى له؛ لأننا لو فرضنا ذلك لكان في القرآن ما هو لغو وليس في القرآن من لغو لكن هذه الحروف وإن لم يكن لها معنى في ذاتها، إلا أن لها مغزى عظيماً وذلك في إقامة التحدي التام للعرب الذين كذبوا الرسول عليه الصلاة والسلام وقالوا عن القرآن: {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} [المدثر:25] فيقال: إذا كان قول البشر كما زعمتم فأتوا بمثله، فأتوا بسورة، ائتوا بحديث مثله، مع أنه لم يأتِ بشيء غريب على لسانكم وإنما جاء بالحروف التي تركبون منها كلامكم، كلام العرب مم يتركب؟ من الحروف الهجائية، ثمانية وعشرون حرفاً لا تزيد، كل كلام العرب يتكون من هذه الحروف الهجائية الثمانية والعشرين، والقرآن لم يخرج عن هذه الحروف الثمانية والعشرين ومع ذلك أعجز العرب، فعجزوا عن أن يأتوا بمثله، وهذا الذي ذكرناه هو ما نقله ابن كثير رحمه الله في تفسير أول سورة البقرة عن مجاهد؛ أن هذه الحروف الهجائية التي تكون في أوائل بعض السور ليس لها معنى في حد ذاتها، ولكن لها مغزى، ولهذا لا تجد سورة بُدأت بهذا الحروف الهجائية إلا وبعدها ذكر القرآن إلا نادراً. إذاً: قوله تعالى: (ق) هو حرف هجائي ليس له معنى في حد ذاته، لكن له مغزى وهو إقامة التحدي لهؤلاء المعارضين المكذبين بحيث يقال لهم: هذا القرآن هو من الحروف التي تركبون منها كلامكم، ومع ذلك أعجزكم وعجزتم عن أن تأتوا بمثله.

تفسير قوله تعالى: (والقرآن المجيد)

تفسير قوله تعالى: (وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) يقول الله عز وجل: {وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق:1] الواو هنا حرف قسم: {وَالْقُرْآنِ} [ق:1] المراد بالقرآن هو ما نقرأه وهو كلام الله عز وجل تكلم به حقيقة، وألقاه على جبريل الذي وصفه الله بقوله: {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير:20] قوة على حفظ القرآن لا ينتزعه منه أحد، وأمانة تامة نزل به على قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، هذا هو القرآن. {وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق:1] وصفه هنا بأنه مجيد، والمجد صفة العظمة والسلطان، فالقرآن مجيد ذو غلبة وذو سلطان يغلب ولا يُغلب، من تمسك به فله العزة وله الغلبة. والمجد -كما أشرت إليه- هو العزة والسلطان والقوة، فالقرآن مجيد، ومن تمسك بالمجيد كان مجيداً عظيماً، فأقسم الله تعالى بالقرآن بوصفه مجيداً.

تفسير قوله تعالى: (بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم)

تفسير قوله تعالى: (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) ثم قال: {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} [ق:2] طالب العلم يتشوف هنا إلى جواب القسم لأن القسم، لا بد فيه من أركان: مُقسِم ومُقسم به ومُقسم عليه وأداة قسم، لننظر الآن في هذه الآية: {وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق:1] ففيها أداة القسم وهي الواو، وفيها المقسم به وهو القرآن، وفيها مُقسِم وهو الله عز وجل؛ لأن القرآن كلام الله، بقي الرابع وهو المقسم عليه فأين هو؟ اختلف في ذلك النحويون والمفسرون، ولكن ابن القيم وابن كثير رجحا بأن جواب القسم مضمون السورة كلها، وليس جملة معينة منها، والمعنى أن الله أقسم بالقرآن على كل ما في هذه السورة، وأنه حق لا يعتريه باطل ولا شك، وحينئذ لا نحتاج إلى جواب في جملة معينة. {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} [ق:2] عجبوا: الفاعل كفار قريش، والدليل لذلك قوله: {مِنْهُمْ} [ق:2] هو النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ} [الجمعة:2] أي في العرب: {عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} [ق:2] هذا العجب هل هو عجب استحسان وإقرار أو عجب تكذيب وإنكار؟ الثاني هو المراد، فالعجب يأتي بمعنى الاستحسان والإقرار ومنه حديث عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله) وتقول: تكلم فلانٌ فأعجبني كلامه، أي: سرني وأقررته، ويأتي العجب بمعنى الإنكار والتكذيب كما في هذه الآية: {عَجِبُوا} [ق:2] أي عجب إنكار وتكذيب: {أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} [ق:2] وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهو عليه الصلاة والسلام منذر ومبشر، منذر لكل من خالفه بالعقوبة، ومبشر لكل من أطاعه بالثواب الجزيل. {فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ} [ق:2] قال الكافرون: وكان الإنسان يترقب أن يكون اللفظ (فقالوا هذا شيء عجيب) لكن قال: {فَقَالَ الْكَافِرُونَ} [ق:2] إشارة إلى أن هذا العجب كفر ترتب عليه قولهم: {هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ} [ق:2] يعني: شيء يقتضي العجب وهو: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً} [ق:3] فاستبعدوا أن يرجعوا ويبعثوا بعد أن كانوا تراباً، ولكن هذا العجب عجب استكبار، وإلا فإن أدنى عاقل يتأمل يعلم بأن هذا ليس بعجيب. الرجوع إلى الله عز وجل يوم القيامة رجوع شيء كان، وبدء الخلق ابتداء شيء لم يكن، وأيهما أسهل؟ الأول أسهل؛ قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عليه} [الروم:27] نقول لأي إنسان ينكر البعث: ألم تكن من قبل معدوماً؟ {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} [الإنسان:1] فأوجدك الله، فالذي أوجدك من العدم قادر على أن يعيدك إلى ما كنت عليه: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء:104] فلا عجب من ذلك؛ لكن هم تعجبوا عجب إنكار وتكذيب ومكابرة: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً} [ق:3] جواب إذا محذوف معلوم من السياق، أي: (أئذا متنا وكنا تراباً نرجع) يعني: أنرجع إذا متنا وكنا تراباً؟ قالوا: {ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} [ق:3] أي: غير ممكن أن نرجع، وهذا كقوله تعالى عن الإنسان: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس:78-79] فالذي أنشأها أول مرة قادر على أن يعيدها مرة أخرى.

تفسير قوله تعالى: (قد علمنا ما تنقص الأرض منهم)

تفسير قوله تعالى: (قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ) ثم قال تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} [ق:4] علمنا بعلمنا الواسع. يقول الله عز وجل: {قَدْ عَلِمْنَا} [ق:4] بعلمه الواسع: {مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ} [ق:4] أي: من أجسادهم، فلو كانوا تراباً فالأمر محفوظ معلوم مضبوط. {وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} [ق:4] أي: كتاب حافظ لكل ما ينقص منه، فالإنسان إذا دفن فإن الأرض تأكله، تبدأ بظاهر جسمه، ثم تنتقل إلى باطنه، والله سبحانه وتعالى يعلم مقدار ما تأكل الأرض منه، إلا صنفاً واحداً من الناس فإن الأرض لا تأكلهم وهم الأنبياء، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) فهم باقون لم ينقص منهم شيء، أما غير الأنبياء فقد يكرم بعض الصالحين ولا تأكل الأرض جسمه وإلا فالأصل أن كل بني آدم تأكلهم الأرض ما عدا الأنبياء، قال تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ} [ق:4] من أي شيء؟ من أجسادهم التي تأكلها الأرض بعد دفنهم، قد علم الله تعالى ذلك. {وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} [ق:4] وهو اللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه مقادير كل شيء إلى قيام الساعة. قال الله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق:5] هذا إضراب وانتقال من شيء إلى آخر كان ينكر عليهم إنكار البعث، ثم أنكر عليهم ما هو أعم فقال: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ} [ق:5] الحق يعني الصدق الثابت الذي جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فمحمد عليه الصلاة والسلام جاء بالحق؛ بكلام حق ثابت صدق، وبشرع حق ليس فيه ما يبطله. وقوله: {لَمَّا جَاءَهُمْ} [ق:5] أي: حين جاءهم. {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق:5] أي: بناء على هذا التكذيب صاروا في أمر مريج مضطرب، ليس لهم قرار، وليس لهم سكون، ولذلك تجد الإنسان كلما كان أشد يقيناً في دين الله، كان أثبت وأنظم لعمله، وكلما كان أشد تكذيباً كان دائماً في قلق، ولذلك قال: {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق:5] . يستفاد من هذه الآية الأخيرة: أن مما يفتح الله به على العبد في معرفة الأحكام الشرعية أن يكون مصدقاً موقناً، فكلما كنت مصدقاً موقناً فاعلم أن الله سيفتح لك ما لا يفتحه لغيرك، أما من كان مكذباً فإن أبواب الهداية تغلق دونه، قال تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت:17] والعياذ بالله. {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق:5] وبهذا نعرف أن الواجب على المرء أن يقبل الحق فور علمه به؛ لئلا يقع في أمر مريج كما قال الله عز وجل: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام:110] . نسأل الله تعالى أن يدلنا وإياكم على الحق، وأن يرزقنا وإياكم اتباعه والوفاة عليه؛ إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما الآن فقد أتى دور الأسئلة.

الأسئلة

الأسئلة

حكم التباكي في الصلاة لجلب الخشوع

حكم التباكي في الصلاة لجلب الخشوع Q فضيلة الشيخ: ما حكم التباكي في الصلاة جماعةً في المساجد بصوت مرتفع لجلب الخشوع؟ A التباكي المصطنع -كما يفعله بعض الناس- غير مشروع، وأما البكاء الذي يأتي من خشوع القلب واستحضاره لعظمة الرب والخوف منه، فإن هذا مشروع، وإذا ظهر منه صوت بغير اختياره وبغير تكلف منه فلا حرج، لكن التباكي المصطنع هذا أمر لا يُشرع ولا ينبغي، بل الذي ينبغي أن يتأمل الإنسان كلام الله عز وجل، فإذا تأمله بصدق ومعرفة للمعنى فإن قلبه يلين ويخشع ويبكي عند ذكر العذاب خوفاً منه، وعند ذكر الثواب طمعاً فيه، وعند ذكر الرب تعظيماً له، وعند ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام وسيرته محبة له وشوقاً إليه.

حكم الجمع بين المغرب والعشاء

حكم الجمع بين المغرب والعشاء Q أربعة أسئلة أو أكثر كلها في موضوع الجمع ولعلي أقرؤها: - سائل يقول: في مثل هذه الأيام فضيلة الشيخ! يتحرج الإنسان من الجمع بين المغرب والعشاء ولا يدري ما هو الضابط، وقد أحرجنا ما سمعناه منك في العام المنصرم، فصار الإنسان لا يدري ماذا يفعل، يرى خمسة أو أكثر من جماعة المسجد وهم: ضعيف بصر، وكبير سن، وبطيء مشي، وهم أعمدة المسجد وأكثر الناس ارتياداً له فلا يدري هل يجمع من أجلهم وهم يرغبون بذلك أم لا؟ - وآخر يقول: في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم: (جمع من غير خوف ولا مطر في المدينة قال الصحابي: أراد ألا يحرج أمته) فما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (أراد ألا يحرج أمته) وهل يمكن أن يعمل النبي صلى الله عليه وسلم عملاً ليس تشريعاً للأمة، خصوصاً نحن في أيام المطر هذه الأيام فالخلاف كثر، تدخل المسجد وتجد كبار السن قد أتوا إلى المسجد بعد مشقة عانوها وهم في طريقهم إلى المسجد بسبب السيارات والوحل، فتجد بعض الأئمة يتحرجون من طلبهم للجمع فما توجيهكم؟ - وهذا أيضاً سؤال في الجمع: يقول الإنسان يخشى من الإثم وخاصة الأئمة، يخشى الإمام من الإثم في الجمع إذا جمع؛ لأنه يخاف ألا يكون فعله مسوغاً للجمع، ويخاف من الإثم إذا ترك الجمع؛ لأنه يخاف من تشديده على من وراءه وتأثيره عليهم وخصوصاً وقد ورد: من ولي من أمر أمة النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً فشدد عليهم أن يشدد الله عليه، فماذا يفعل وأيهما أحوط الجمع أم عدمه وهل الأذى اليسير أو المشقة اليسيرة تجلب التيسير؟ A هذا السؤال مهم جداً ولا سيما وأن سبب الجمع هذا اليوم وما قبله بأيام يسيرة موجود وهو المشقة، والمشقة تكون بأسباب منها: نزول المطر، فإذا كان المطر ينزل فهذا أذية، وقد قال بعض الناس: أنه لا أذية في المطر اليوم؛ لأن الناس يأتون على السيارات حتى يقفوا على باب المسجد، والجواب عن هذا: أنه ليس كل إنسان يأتي على السيارة، ثم إذا نزل من السيارة عند باب المسجد تأذى بالمطر الذي ينزل؛ فهذه أذية، وقد تكون الأذية من الأسواق مما يكون فيها من الماء ويجتمع فيتأذى الإنسان إذا جاء إلى هذا المسجد وحوله مناطق من الماء هذه أذية، وقد تكون الأذية مع ريح شديدة باردة في أيام الشتاء وهذا أيضاً أذية شاقة على الناس كأذية المطر أو أكثر، فإذا كان في ترك الجمع حرج، فليجمع الإمام ولا حرج عليه، وإذا كان على بعض المأمومين حرج وعلى بعضهم يسر فليقتد بأضعفهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن من ورائه الضعيف والمريض وذا الحاجة) . وإذا تردد بين الجمع وعدمه لعدم اتضاح السبب المسوغ؛ فإن الأصل ألا يجمع؛ لأن الجمع يحتاج إلى ثبوت السبب، فإذا لم يثبت فإن الأصل عدم الجمع فلا يجمع، ولكن إذا لم يجمع ثم انصرف الناس من الصلاة إلى بيوتهم ثم حدث مطر يؤذي فللناس أن يصلوا في البيوت ويكتب لهم الأجر كاملاً؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً) . إذاً: الواقع أنه قد يتيقن المشقة، أو يتيقن عدم المشقة، أو يغلب على ظنه المشقة، أو يغلب على ظنه عدم المشقة، أو يتردد فمتى يكون الجمع؟ يكون الجمع إذا تيقن المشقة أو ترجح عنده وجود المشقة، أما إذا علم أن لا مشقة أو ترجح عنده أن لا مشقة أو شك فلا يجمع.

جمع الصلاة في البيوت للمطر وحكم جمع العصر والجمعة

جمع الصلاة في البيوت للمطر وحكم جمع العصر والجمعة Q إذا خرج الإنسان في البر أو كان في حوش مع بعض زملائه وجمع أهل المدن، فهل لهم الجمع، وهل تجمع النساء في البيوت إذا جمع الرجال، وهل يجمع إلى الجمعة غيرها؟ A أما الشق الأول من السؤال: وهو إذا كان الجماعة في مكان خاص لا يخرجون إلى المسجد سيصلون في هذا المكان، فلا أظن أن عليهم مشقة في ترك الجمع، لأنهم محصورون وفي مكان واحد، ومتى دخل الوقت صلوا، اللهم إلا أن يكون المكان ليس فيه ماء وهم يحتاجون إلى الوضوء، ويشق عليهم أن يطلبوا الماء في مثل هذه الليلة المطيرة مثلاً فلهم الجمع؛ لئلا يتأذوا بطلب الماء عند دخول وقت العشاء. الشق الثاني: النساء هل تجمع كما يجمع الرجال؟ والجواب لا. لا تجمع النساء كما يجمع الرجال، إلا لو صلت المرأة مع الرجال، وجمعوا فإنها تجمع تبعاً لهم، أما في البيوت فلا جمع للنساء؛ لأن المرأة لا فرق عندها أن تصلي المغرب في وقتها والعشاء في وقتها وأن تجمع؛ لأنها ما زالت في بيتها، لن يلحقها أذية ولا مشقة من الخروج. أما الشق الثالث: فهل يجمع إلى الجمعة غيرها؟ والجواب: لا. لا يجمع إلى الجمعة غيرها، وهذه تقع كثيراً يمر المسافر في البلد ثم ينزل فيصلي الجمعة وهو سيواصل السفر، فهل يصلي العصر بعد الجمعة نقول: لا. لأن الجمعة صلاة منفردة فذة، والسنة إنما جاءت بجمع العصر إلى الظهر، والظهر ليس هو الجمعة فلا تجمع العصر إلى الظهر، والظهر ليس هو الجمعة فلا تجمع العصر إلى الجمعة، ولكن تصلي الجمعة مع الناس وتحصل أجرها، وإذا سرت في السفر وجاء وقت العصر فصل العصر. يقول بعض الناس: أفلا ينوي الظهر خلف الإمام الذي يصلي الجمعة من أجل أن يجمع إليها العصر؟ فنقول: هذا ممكن، ممكن أن ينوي بجمعته الظهر من أجل أن يجمع إليها العصر، ولكن يفوته أجر الجمعة الذي رتب على فعلها -يفوت هذا- لأن هذا الرجل نوى الظهر، فيفوته الأجر الكبير والكثير الحاصل بصلاة الجمعة، وحينئذ نقول: لا تنو الظهر خلف الإمام الذي يصلي الجمعة، ولكن صلِّ الجمعة ولا تجمع العصر إليها، ومتى جاء وقت العصر فصلها.

فساد الظاهر يدل على فساد الباطن

فساد الظاهر يدل على فساد الباطن Q بعض الناس هدانا الله وإياهم، إذا كان عنده بعض المعاصي ثم تقدم إليه بالنصيحة؛ أشار بيده إلى قلبه فقال أهم شيء هذا، فبماذا نرد على مثل هذا الصنف من الناس؟ A هذا الذي يفعله بعض الناس إذا أُلقيت إليه النصيحة قال: التقوى هاهنا، كلام حق؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (التقوى هاهنا وأشار إلى صدره) قالها ثلاث مرات، ولكن الذي قال: التقوى هاهنا هو الذي قال: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله) وعلى هذا فإن فساد الظاهر يدل على فساد الباطن، ونقول لهذا الذي قال: (التقوى هاهنا) نقول: لو كان ما هاهنا فيه تقوى لكان ما نراه من الأعمال الظاهرة مطابقاً للتقوى؛ لأنه إذا اتقى القلب لا بد أن تتقي الجوارح، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله) وبذلك نبطل حجته ونقول: لو كنت صادقاً أن قلبك متقٍ لاتقت الجوارح.

حكم زكاة العسل

حكم زكاة العسل Q فضيلة الشيخ: هل على العسل زكاة وما هو النصاب وكم مقدارها؟ لأنه قد كثر النحل هذه الأيام، وهل تخرج من عينه أم نقدية؟ A الصحيح أن العسل ليس فيه زكاة؛ لأن ذلك لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإنما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه حرس أماكن النحل وأخذ عليهم العشر، وعلى هذا فلا تجب الزكاة في العسل، لكن إن أخرجها الإنسان تطوعاً فهذا خير، وربما يكون ذلك سبباً لنمو نحله وكثرة عسله، أما أنها لازمة يأثم الإنسان بتركها فهذا ليس عليه دليل.

العدل بين الأولاد في الأعطيات والهبات

العدل بين الأولاد في الأعطيات والهبات Q رجل عنده مجموعة من الأبناء والبنات اشترى لكل ابن سيارة ونيته أن تكون هذه السيارات ملكاً لأبنائه مع العلم بأن أسعارها متفاوتة والسؤال هو: هل يلزمه أن يعطي البنات نقوداً بدلاً عن السيارات، وهل تعتبر هذه السيارات ملكاً لهؤلاء الأبناء أم تكون للورثة، جزاكم الله خيراً؟ A ثبت في الصحيحين أن بشير بن سعد أهدى إلى ابنه النعمان بن بشير هدية بستاناً أو غلاماً، أو بستاناً وغلاماً فقالت أم النعمان: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك، فذهب بشير بن سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليشهده فقال له: (أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا. قال: أشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور، اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) فلا يجوز أن يعطي بعض الأولاد سيارة أغلى من السيارة التي أعطاها أخاه، بل لابد أن تكون السيارة هي السيارة، إلا إذا زادت قيمة هذه السيارة بعينها فلا بأس، مثلاً لو اشترى للكبير سيارة بعشرين ألفاً ثم احتاج من تحته إلى سيارة واشترى له نفس النوع بثلاثين ألفاً، فإن هذا لا بأس به؛ لأن السيارة هي نفس السيارة والذي زادت القيمة وهذا ليس باختياره، أما أن يشتري لواحد منهم سيارة فخمة بخمسين ألفاً والآخر سيارة دون ذلك بعشرين ألفاً فهذا حرام عليه، وإذا اشترى للذكور سيارات وجب أن يعطي البنات نصف ما أعطى الذكور، فإذا أعطى الذكر مثلاً عشرة آلاف أعطى الأنثى خمسة آلاف. فإذا قال قائل: كيف نعطي الإناث وهن لا يحتجن للسيارات بخلاف الذكور؟ قلنا: نعم. يعطيهن لأن بإمكانه ألا يفضل الذكور عليهن مع قضاء حاجة الذكور بالنسبة للسيارات، كيف؟! يجعل السيارات باسمه هو ويعطيها الأولاد على أنها عارية ينتفع بها الولد، فإذا مات الأب ردت هذه السيارات في التركة واقتسمها الورثة جميعاً، وبهذه يسلم من الإثم، إلا أنه لا يفضل أحد الذكور على الآخر يشتري لهم من نوع واحد ويقول: السيارة لي، وأنت انتفع بها في حاجاتك دفعاً لحاجته، فإذا مات الأب عادت في التركة، ولا يكتبها بأسمائهم على إنها ملك، وإذا أراد أن يكتبها بأسمائهم خوفاً من شرطة المرور فليكتب بينه وبينهم وثيقة على أن هذه السيارات عارية عندهم.

نصيحة لاستغلال نعمة الحفظ

نصيحة لاستغلال نعمة الحفظ Q أرجو الإجابة على هذا السؤال لأني ولله الحمد متطلع للعلم الشرعي، وأعطاني الله ملكة الحفظ، لكني لا أفهم حتى بعض الأمور البديهية وأستحي من السؤال عنها، السؤال: هل أحفظ فقط دون الفهم، وهل يكفيني درس واحد في اليوم، وهل أترك طلب العلم إذا لم أفهم؟ A أقول: استغل هذه النعمة التي أنعم الله بها عليك وهي الحفظ واحفظ، ثم بعد ذلك ستفهم، احفظ ما دام الأمر يسيراً عليك، ثم تُفهّم المعنى فيما بعد، واعلم أن الإنسان في ابتداء طلب العلم يصعب عليه فهم كلام العلماء، لكنه مع الممارسة يسهل عليه فهم كلام العلماء وفهم الأدلة الشرعية، فأنصحك أن تحفظ وأن تطلب العلم، تجمع بين الأمرين وسيفتح الله عليك إن شاء الله.

ما يترتب على تأخير صوم القضاء

ما يترتب على تأخير صوم القضاء Q رجل صام من رمضان ثمانية وعشرين يوماً وأفطر يوماً للسفر، وأتى رمضان آخر ولم يقض الصوم، ويريد أن يقضي الصيام، فهل عليه إثم، وهل يجب عليه إطعام مسكين عن تأخير الصيام جزاكم الله خيراً؟ A إذا ترك الإنسان قضاء رمضان إلى رمضان الثاني بلا عذر فهو آثم، وعليه أن يقضي ما فاته ولا إطعام عليه على القول الصحيح؛ لأن الله تعالى قال: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185] ولم يذكر الله الإطعام ولم يقيده بشرط فلا يجب عليه إلا القضاء فقط، أما إذا أخره لعذر مثل هذا الرجل، فإنه قد ينسى الإنسان أن عليه يوماً حتى يأتي رمضان ثم يذكر، فهذا إذا أخره نسياناً فلا إثم عليه ولكن لا بد من القضاء.

حكم النذر في ترك المعصية وكفارته

حكم النذر في ترك المعصية وكفارته Q فضيلة الشيخ: أنا شاب نذرت على نفسي أن أترك المعصية ونذرت سبع مرات، كلما أنذر أعود لتلك المعصية، فأنذر على نفسي تركها، هل علي ذنب، وهل له كفارة، وهل يجوز لي الحج قبل الكفارة؟ A أولاً: أنصح أخانا ألا يجعل الحامل له على ترك المعصية النذر؛ لأنه يعتاد هذا، حتى لا يدع المحرم إلا بنذر، والله عز وجل يقول في كتابه: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} [النور:53] يعني: أطيعوا طاعة معروفة بدون يمين ولا حاجة للقسم، كذلك لا حاجة للنذر، اجعل عندك عزيمة قوية لتستطيع أن تدع هذه المعصية بدون نذر، هذا هو الأفضل والأولى، ولكن إذا نذرت ألا تفعل المعصية ثم فعلتها؛ فعليك أن تستغفر الله وتتوب من هذه المعصية ولا تعود إليها، وعليك أن تكفر عن النذر كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، أي: عتق رقبة، وإطعامهم يكون مما يأكل الناس: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة:89] وأوسط ما نطعم اليوم هو الرز، تطعم عشرة أنفار من الفقراء أرزاً عشاءً أو غداءً، وإن شئت وزعه عليهم غير مطبوخ، تعطي كل واحد مثلاً حوالي كيلو ومعه شيء من اللحم يأدمه، وبذلك ينحل النذر. ولكني أعود فأكرر: أنه لا ينبغي للإنسان أن تكون طاعته لله مربوطة بالنذر، كلما أراد أن يترك المعصية نذر، بل يجعل معه عزيمة وقوة فيدع المعاصي بدون نذر، أما حجه قبل أن يُكفِّر فلا بأس ولا حرج؛ لأن الكفارة يسيرة، وإذا لم يستطع إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإنه يصوم ثلاثة أيام متتابعة.

توجيه في قول الله: (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين…)

توجيه في قول الله: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ…) Q ما توجيهكم وفقكم الله إذا كان من المعلوم أن العمل لا يُقبل إلا إذا كان خالصاً لله، موافقاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فما التوجيه في قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت:65] ؟ A الدعاء عند الاضطرار يكون الإنسان فيه مخلصاً، والله عز وجل قال في كتابه: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل:62] فإذا اضطر الإنسان في أي حال من الأحوال إلى شيء ولو كان كافراً ودعا ربه، فإن الله يستجيب دعاءه مهما كان. إذاً: نقول إن هؤلاء الذين إذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين إنما يدعون الله تعالى في حال ضرورة، والله تعالى يجيب دعوة المضطر، كما أنه يجيب دعوة المظلوم ولو كان كافراً. لو أنك ظلمت شخصاً وهو كافر فدعا عليك استجاب الله دعاءه، وبهذه المناسبة نحذِّر الكفلاء الذين يظلمون العمال فلا يعطونهم أجورهم؛ نحذرهم من دعوة العمال عليهم ولو كان العمال كفاراً، فإن الله سبحانه وتعالى يستجيب دعاءهم، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) والدليل من العقل أن الله عز وجل حكم عدل يكره الظلم، فإذا دعا المظلوم على ظالمه استجاب الله له، إقامة للعدل وأخذاً لصاحب الحق بحقه، ولهذا نقول: دعاء المضطر مستجاب ولو كان من كافر، ودعاء المظلوم مستجاب ولو كان من كافر أما التعبد لله بصلاة أو نحوها فهذه لا تقبل إلا بإخلاص وإسلام.

سجود المرأة على كفيها

سجود المرأة على كفيها Q هل لا بد للمرأة أن تسجد على باطن كفيها بدون حائل وكذلك باطن القدمين؟ A ليس كذلك، فالمرأة تسجد على الأرض وقد سترت كفيها وسترت قدميها، فإن كثيراً من العلماء يقولون: إن الكفين والقدمين عورة في الصلاة لا بد أن تسترهما المرأة، وكان من عادة نساء الصحابة أن يلبسن القفازين، أتدرون ما القفازان؟ أي المدسوس أو المداسيس التي تجعل في اليد؛ لأن ذلك يسترها ولا حرج عليها إذا لم تباشر الأرض.

الصلاة في الرحل وقت المطر

الصلاة في الرحل وقت المطر Q إذا كانت السماء تمطر وسمعت أذان العشاء هل لي رخصة أن أصلي في بيتي، أو يلزمني أن أجيب النداء وأذهب إلى المسجد؟ A قلنا: لا بأس إذا كنت تتأذى بالخروج إلى المسجد فصل في بيتك، فإن كان معك رجال من أولادك أو غيرهم فصلوا جماعة ولو كان معك وسيلة، لكن على كل حال الأفضل بلا شك أن تخرج إلى المسجد وتصلي مع المسلمين، لكن لك الرخصة.

حكم جمع العصر إلى الظهر في يوم الجمعة

حكم جمع العصر إلى الظهر في يوم الجمعة Q إذا صلى المسافر يوم الجمعة الظهر قصراً هل تكون هذه ظهراً يجمع إليها صلاة العصر، وهل يجوز جمع العصر إلى الظهر؟ A قلنا: إن بعض الناس قال: صلِّ الجمعة بنية الظهر من أجل أن تجمع إليها العصر، لكننا قلنا: إن هذا يفوت به فضل الجمعة، وفضل الجمعة أمر لا ينبغي التهاون به؛ لأن الجمعة يوم واحد في الأسبوع، وأنت إذا نويت صلاة الظهر في هذا الأسبوع فلا تدري هل تدركك الجمعة الثانية أو لا، فكونك تفوت هذا الأجر العظيم الذي أضل الله عنه اليهود والنصارى، واختاره لهذه الأمة من أجل أن تجمع العصر إلى الظهر لا شك أنه قصور نظر، فصل الجمعة ولا تجمع إليها العصر، وإذا حان وقت صلاة العصر فصل العصر. والظهر والعصر الجمع بينهما لا بأس به للمسافر، حتى مثلاً لو كنت الآن ماراً بالبلد وصليت الظهر مع الناس فاجمع العصر إليها لتستمر في سيرك. وأما المطر -أيضاً- يجمع به بين الظهر والعصر مع المشقة؛ لأنه قد روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (جمع في المدينة بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر قالوا ماذا أراد بذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته) .

حكم صلاة الجمعة قبل الزوال

حكم صلاة الجمعة قبل الزوال Q نلاحظ أن كثيراً من أئمة الجوامع في صلاة الجمعة يدخل الخطيب منهم قبل زوال الشمس بوقت، فيؤذن المؤذن، فتقوم بعض النساء المجاورات للمسجد بأداء الصلاة ظانة أن الوقت قد دخل، فتصلي الصلاة في غير وقتها، فنرجو منكم التوجيه في هذا الأمر، وهل يجوز صلاة الجمعة قبل الزوال؟ A جمهور العلماء ومنهم الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأبو حنيفة ورواية عن أحمد أن الجمعة كالظهر لا تجوز قبل الزوال، وعن الإمام أحمد رواية أنها تجوز قبل الزوال بساعة، ورواية أخرى أنها تجوز قبل ذلك أيضاً، والاحتياط ألا يأتي الخطيب إلا إذا زالت الشمس، أولاً: من أجل أن يوافق جمهور العلماء، وثانياً: من أجل ألا تحصل هذه المفسدة التي أشار إليها السائل وهي صلاة النساء في البيوت الظهر قبل الزوال، فنصيحتي لإخواني الأئمة ألا يأتوا إلى المسجد إلا إذا زالت الشمس، والحمد لله الأمر ليس فيه مشقة، ليس هناك حر مزعج ولا برد مؤلم، أكثر المساجد فيها المكيف دفئاً في الشتاء وبرداً في الصيف، ليس هناك مشقة إطلاقاً.

حكم الكفارة في القتل الخطأ أو الحوادث

حكم الكفارة في القتل الخطأ أو الحوادث Q كنت أسحب بسيارة متعطلة ونسير بسرعة منخفضة داخل حملة عسكرية، ظهر علينا صاحب سيارة مسرعاً فدخل مسارنا، فانحرف سائق السيارة الذي يجرني فارتطم السائق المسرع بسيارتي فتوفي، فهل يجب عليَّ الصوم؟ A من المخطئ؟ الذي يظهر أن المخطئ هو هذا الرجل الداخل؛ لأن الخط لكم، وسيركم معتدل، وهو قد أتى مسرعاً، فيكون هو الذي قتل نفسه، وليس عليكم من ديته شيء ولا كفارة عليكم، وهذه المسائل ينبغي للسائل إذا سأل أن يحرر السؤال تماماً للمسئول؛ لئلا يقع في الخطأ، وكثير من الناس يظن أن مجرد الحادث يوجب الدية والكفارة، وليس كذلك، بل ينظر من كان منه التعدي أو التفريط فهو الضامن، وإذا لم يكن تعد ولا تفريط فلا ضمان، مثلاً: إنسان يسوق السيارة بسير معتدل وقد ضبط سيارته، وعرف أنه ليس فيها خلل، فقدر الله عليه فضرب الكفر وانقلبت السيارة ومات من معه، فهذا لا شيء عليه. كذلك -أيضاً- لو أن الرجل يمشي مشياً معتاداً وعرض له حفرة لم يكن يعلم بها، فأراد أن ينحرف عن الحفرة لئلا يقع فيها فانقلب، فمات معه أناس؛ فليس عليه كفارة ولا دية؛ لأن هذا التصرف رأى أنه أحسن وأسلم من أن يقع في الحفرة وقد قال الله تعالى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة:91] . رجل يمشي بالسيارة وعرضت له حفرة، فانحرف عنها وانقلب على رجل على الرصيف فمات الرجل ومات رجل من الركاب الذين معه، فهل عليه ضمان الرجلين، أو لا ضمان عليه في الرجلين، أو يضمن أحد الرجلين دون الآخر؟ يضمن الرجل الذي انقلبت عليه السيارة في الرصيف، ولا يضمن الرجل الذي كان راكباً فيها، لأن الرجل الذي كان راكباً فيها، قد تصرف السائق تصرفاً يرى أنه أسلم، فتصرفه لمصلحته، أما الذي على الرصيف فإنه لا علاقة له بالسيارة، والسيارة انقلبت عليه بفعل صاحبها، فيكون ضامناً له، فالمهم أن هذه المسائل (مسائل الحوادث) مسائل دقيقة ينبغي للإنسان أن يحقق فيها تماماً، وأن يلقيها على المسئول على وجه يتبين به الأمر تبيناً واضحاً.

نصيحة لشاب مدخن

نصيحة لشاب مدخن Q أنا شاب أصلي جميع الصلوات ولكني أُدخن، وبعد أن أدخن أتوب، ثم أرجع، ثم أتوب، ثم أرجع مرات متعددة، ولكني أخاف من عذاب الله، فماذا أفعل وجزاكم الله خيراً؟ أرجو أن تدعو لي بأن أتركه وأن أكون من الصالحين المصلحين؟ A أسأل الله أن يعينه على تركه، وأن يجعلنا وإياه من الصالحين، أقول: احرص على أن تكون قوياً على نفسك، وابتعد عن الذين يدخنون؛ لأن قربك منهم يؤدي إلى أن تتشوق إليه وأن تشربه، فابعد عنهم وأحرق ما عندك من الدخان، واسأل الله عز وجل الثبات على العصمة منه، وكلما دعتك نفسك إلى شربه فاشرب بدلاً منه عصيراً حتى يخفف عنك، وأو إذا خفت من أن تلح عليك نفسك، فاخرج إلى أحد الرجال الصالحين لتجلس عنده وتنتفع به، والجليس الصالح كحامل المسك؛ إما أن يبيعك، وإما أن يحذيك -يعطيك مجاناً- وإما أن تجد منه ريحاً طيبة.

نصيحة في معاملة الذين لا يشهدون الصلاة مع الجماعة

نصيحة في معاملة الذين لا يشهدون الصلاة مع الجماعة Q أنا شاب ملتزم ولله الحمد والمنة، ولكن أعاني من مشكلة كبيرة وهي أن لي إخوة لا يشهدون الصلاة مع الجماعة، وكذلك لا يؤدونها بالمنزل، حتى صلاة الجمعة لا يقومون لها، وغير ذلك أنهم يقومون باستحلال المحرمات وغيرها من المعاصي، وقد قمت بإعطائهم أشرطة، وقام أحد الخيرين بدعوتهم، ولكن لم يجيبوا ذلك لكرههم لأهل الخير والإيمان، فماذا تنصحني به سواء في المعاملة أو غيرها؟ كما أرجو من فضيلتكم الدعاء؟ A الواجب عليك إدامة النصيحة لهم فلعل الله أن يفتح عليهم، فإن أبوا إلا أن يكونوا على ما هم عليه فلا تحزن عليهم، ولا يضق بذلك صدرك، واعلم أنه قد سبقك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث كان يدعو قومه ويدعو عمه حتى وهو محتضر، يدعوه يقول: (قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله) ولكنه والعياذ بالله أصر على شركه وكان آخر ما قال: إنه على ملة عبد المطلب، أي: على الشرك، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لأستغفرن لك ما لم أنه عنك) فأنزل الله النهي: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة:113] فأنت ادعهم ولا تيأس، واسأل الله لهم الهداية، وإذا كان لهم أب أو أم فاسأل الأب والأم أن يدعوا لهم؛ لأن دعاء الوالد لولده مستجاب. وما دام يرجو الهداية يفعل، وإذا كان لا يرجو هدايتهم فلينظر المصلحة، فقد يكون بقاؤه عندهم يحصل به شيء من الردع والحياء والخجل، بخلاف ما إذا خرج عنهم وأبعد، فربما يكونون أشد انحرافاً، فلا بد أن يفعل ما يستطيع من إخبار الهيئة وولاة الأمور بعد أن ييأس منهم.

حكم صلاة الاستسقاء في وقت هطول الأمطار وعدم تأخرها عن مواسمها

حكم صلاة الاستسقاء في وقت هطول الأمطار وعدم تأخرها عن مواسمها Q وهذا حول موضوع الاستسقاء يوم الإثنين يقول: نرجو من فضيلتكم تذكير الإخوة بصلاة الاستسقاء يوم الإثنين، وآخر يقول: في هذه الأيام الأخيرة هطلت الأمطار ولم تتأخر عن وقتها المعتاد فهل تشرع صلاة الاستسقاء؟ وآخر يقول: بما أننا مقبلون على صلاة الاستسقاء فما هي السنن التي تفعل عند الصلاة؟ وأيضاً ما هو الذي يقلب من اللباس، وهل النساء تقلب؟ وهذا يقول: ما رأيكم يا فضيلة الشيخ إذا كان صباح يوم الإثنين ممطر فأين تكون الصلاة؟ A أما صلاة الاستسقاء فإنها تشرع إذا تأخر المطر وتضرر الناس بذلك كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن في هذه الأيام ولله الحمد في القصيم قد من الله علينا بهذا المطر الكثير ولله الحمد، وقد رأيت مع سمو أمير القصيم نشرة إلى الساعة العاشرة من هذا اليوم، الواقع أن المطر قد عم جميع مدن القصيم، من عقلة الصقور إلى ما حولنا والحمد لله، وأخبرني بعض الإخوة أن الأودية جرت - وادي النساء والوادي الذي حوله- وهذا من نعمة الله، لكن ما سمعنا أن الرياض والمنطقة الشرقية أتاها مطر، وعلى هذا فيكون استسقاؤنا بالنسبة لإخواننا الذين لم يصبهم المطر، لكن لو أصاب المملكة كلها قبل يوم الإثنين فإن الصلاة لا تشرع حينئذ وتلغى كما قال العلماء رحمهم الله: إن سقوا قبل خروجهم شكروا الله وسألوه المزيد من فضله ولا يقيمون الصلاة، أما بالنسبة لو دام المطر إلى صباح الإثنين تكون الصلاة في المسجد الجامع إن شاء الله تعالى. أما بالنسبة لما يقلب فالذي ورد هو قلب الرداء ومثله (البشت) والعباءة للمرأة، لكن المرأة إذا كان المسجد مكشوفاً وكان تحت العباءة ثياب تلفت النظر، فأخشى أنه في حال قيامها لتقلب العباءة تظهر هذه الثياب وتكون مفسدة أكبر من المصلحة. بعض الناس يقلب الغترة والشماغ، ولا أظن هذا مشروعاً؛ لأنه لم يرد أن العمامة تقلب، والغترة والشماغ بمنزلة العمامة، لكن هل يقلب الكوت أو الفانلة إذا كان عليه فانلة أو كوت؛ ففي نفسي من هذا شيء، والظاهر أنه لا يقلبها ولا يلزمه أن يلبس شيئاً أيضاً من أجل أن يقلبه، بل يخرج على طبيعته، كذلك بعض الناس يخرج قالباً مشلحه، من أجل إذا قلبه وقت الاستسقاء يرجع عادياً وهذا لا حاجة إليه، يبقى على ما هو عليه وإذا قلبه عند الاستسقاء؛ فإنه سوف يعيده على حاله إذا نزعه مع ثيابه، أي: تبقى حتى يدخل إلى البيت ولا يغيره. أما الاستسقاء فقال بعض العلماء: إنه ينبغي أن يقدم بين يدي الاستسقاء صدقة، وزاد بعضهم أنه ينبغي أن يصوم ذلك اليوم؛ لكنه ليس في هذا سنة بالنسبة للصوم أن الإنسان يخرج صائماً؛ لكن من كان يعتاد أن يصوم الإثنين فهذا طيب ويجمع بين هذا وهذا، وينبغي أن يخرج بخشوع وخضوع وتضرع، خروج المستكين لله عز وجل المفتقر إليه، الراجي فضله، فإن ذلك أقرب إلى الإجابة، وذكر بعض العلماء أنه ينبغي أن يخرج معه الصبيان والعجائز والشيوخ؛ لأن هؤلاء أقرب إلى الإجابة، وبعضهم قال: يخرج أيضاً بالبهائم -الغنم والبقر- يجعلها حوله، لكن كل هذا لم ترد به السنة، وما لم ترد به السنة فالأولى تركه، كان الناس يخرجون على عادتهم الشيخ والكبير والصغير.

اللقاء الشهري [6]

اللقاء الشهري [6] في الكون آيات عظيمة تدل على عظمة الخالق وحكمته، ولقد كان للقرآن الكريم دور كبير في إبراز هذه الآيات وتبصير المشركين بها. وفي هذا اللقاء تفسير لتلك الآيات القرآنية التي وردت في سورة (ق) والدالة على عظمة الخالق وحكمته سبحانه وتعالى، ثم الإجابة عن أسئلة الجمهور.

تفسير آيات من سورة (ق)

تفسير آيات من سورة (ق) الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. فإنه يسرنا أن نلتقي في هذا الشهر، شهر جمادى الآخرة، عام (1413هـ) في لقائنا الشهري الذي وافق في هذا الشهر ليلة الأحد التاسع عشر من جمادى الآخرة، ولقد كنا نتوقع أن ترد إلى هذا اللقاء أسئلة عن مشاكل اجتماعية تتعلق بالعمال، أو تتعلق بما قد يوجد في بعض الأسواق أو ما أشبه ذلك، ولكن حتى الآن لم يرد إلينا شيء، فنبقى على الأصل وهو الكلام على تفسير سورة {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق:1] . لأننا اخترنا أن يكون التفسير من سورة (ق) ؛ لأن سورة (ق) وما بعدها من السور إلى آخر القرآن هو الذي يتكرر دائماً بين المصلين ويسمعونه من الأئمة.

تفسير قوله تعالى: (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها)

تفسير قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا) أظن أننا وقفنا على قول الله تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} [ق:6-8] . ففي قوله: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ} [ق:6] الضمير يعود إلى هؤلاء الذين كذبوا بالبعث وقالوا: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} [ق:3] فحثهم الله عز وجل حثاً بتوبيخ إلى أن ينظروا إلى السماء التي فوقهم: {كَيْفَ بَنَيْنَاهَا} [ق:6] أي: بنيناها بقوة وجعلناها سقفاً محفوظاً، وجعلناها سقفاً مستوياً سليماً: {رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} [المرسلات:28] وليس فيها من فروج ولا شقوق ولا عيب على طول الأزمنة التي لا يعلمها إلا الله عز وجل. وقوله تعالى: {كَيْفَ بَنَيْنَاهَا} [ق:6] أضاف البناء إليه؛ لأنه عز وجل هو الذي خلقها، وبناؤه إياها ليس كبناء الناس للسقوف، يأتون بالعمال والزنابيل والمعاول واللبنات. بناؤه إياها أنه: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:11] كلمة واحدة تم بها كل شيء. {وَزَيَّنَّاهَا} [ق:6] بماذا زينها؟ زينها الله عز وجل بالمصابيح، بالنجوم، فما أجمل السماء! لو كنت في بر وكنت بعيداً عن الأضواء الكهربائية، ورأيت هذه النجوم اللماعة لعرفت مقدار هذه الزينة، فزينها الله بالنجوم، وخلق الله هذه النجوم لثلاث: الأول: زينة للسماء. الثاني: ورجوماً للشياطين. والثالث: علامات يهتدى بها، كما قال تعالى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل:16] . قال تعالى: {وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} [ق:6] أي: ليس للسماء (من فروج) أي: من شقوق تعيبها وتئول بها إلى الدمار بل هي قوية محكمة، كما قال الله تعالى: (فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك:3-4] . وهنا نسأل: كم عدد السماوات؟ A عددها سبع بنص القرآن: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [المؤمنون:86] بعضها فوق بعض والمسافات بينها بعيدة جداً، وكل سماء لها سكان يسكنونها من الملائكة بأمر الله، وفي حديث المعراج أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى آدم ورأى الأنبياء في السماوات على درجات مختلفة، فالسماء كلها معمورة من الدنيا إلى السابعة، وليس فيها شيء من الخلل أو الفطور أو النقص، بل هي محكمة إلى أن يطويها الله عز وجل يوم القيامة: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء:104] .

تفسير قوله تعالى: (والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي

تفسير قوله تعالى: (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ قال تعالى: {وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} [ق:7] (الأرض مددناها) أي: جعلناها ممتدة صالحة للسكنى عليها، ليست منحنية إنحناءً يخل بالسكنى عليها ولكنها ممتدة، وهذا الامتداد غير الامتداد المذكور في قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ} [الانشقاق:1-4] ؛ لأن الامتداد الثاني الذي يكون يوم القيامة امتداد تبسط فيه الأرض، وتمد مد الأديم (أي: الجلد) وليست كرة -كما هي الآن عليه- بل تمتد مداً واحداً وتزال الجبال والأشجار والأودية فيذرها الله: {قَاعاً صَفْصَفاً * لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً} [طه:106-107] . {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} [ق:7] أي: وضعنا فيها رواسي وهي: الجبال، كما قال تعالى: {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} [المرسلات:32] هذه الجبال وصفها الله تعالى بأنها مرساة، ووصفها في موضع آخر بأنها أوتاد. قال علماء الجولوجيا: إن هذه الجبال لها جذور في داخل الأرض كما أن الوتد في الجدار له جذور تمسكه، وهذه الجبال راسية لا تزعزعها الرياح مهما عصفت، والله عز وجل خلقها لمصالح عظيمة، منها: 1- حماية الأرض من الميدان، قال تعالى: {وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} [النحل:15] . 2- أنها تحمي من وراءها من الرياح العاتية والبرودة القارسة كما هو مشاهد في سفوح الجبال. 3- أن في الجبال من الأشجار الجبلية ما لا ينبت في الصحراء. 4- أن في قمم الجبال من المعادن الثمينة القوية ما ليس في أسفل كما يعرف ذلك علماء طبيعة الأرض، ولهذا قال: {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} [ق:7] قوله تعالى: {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} [ق:7-8] أنبتنا في الأرض من كل زوج، والزوج هنا بمعنى الصنف، كما قال تعالى: {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} [ص:58] أي: أصناف، وقال: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ} [الصافات:22] أي: أصنافهم، فالزوج الصنف، والبهيج الذي يبهج النفس ويسر القلب. واخرج إلى الأرض، إلى الأودية، إلى الرياض الناظرة في أيام الربيع، تجد من أصناف النبات ما يدل على قدرة الله عز وجل وما يبهجك، تجد هذا أخضر، وهذا يميل إلى السواد أكثر، وهذه الزهور بعضها حمراء، وبعضها زرقاء، وبعضها بيضاء، مختلفة متنوعة تدل على كمال قدرة الله عز وجل.

تفسير قوله تعالى: (تبصرة وذكرى لكل عبد منيب

تفسير قوله تعالى: (تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ يقول عز وجل: {تَبْصِرَةً} [ق:8] يتبصر بها الإنسان ويستدل بها على تمام قدرة الله، وعلى كمال حكمته جل وعلا، {وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} [ق:8] يتذكر بها العبد المنيب فيؤمن بقدرة الله، الأرض قبل أن ينزل عليها المطر قاحلة يابسة هامدة، فإذا نزل عليها المطر وأنبتت من كل زوج بهيج كان ذلك دليلاً على إحياء الموتى. الموتى في قبورهم لا يتحركون، وربما تكون الأرض قد أكلت أجسادهم؛ لأن الأرض تأكل أجساد بني آدم إلا الأنبياء؛ فإن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، فيخرج هؤلاء الناس يوم القيامة أحياءً كما تحيا الأرض، ولهذا قال: {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} [ق:8] .

تفسير قوله تعالى: (ونزلنا من السماء ماء مباركا)

تفسير قوله تعالى: (وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً) قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق:9-10] (نزلنا) قال علماء اللغة: هناك فرق بين أنزلنا ونزَّلنا وإن كان بعضهما قد يستعمل في مكان الآخر، لكن الفرق الأول أو الأصل: أن التنزيل يكون شيئاً فشيئاً، والإنزال يكون دفعة واحدة، المطر ينزل من السماء شيئاً فشيئاً: {وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً} [ق:9] والسماء هنا بمعنى العلو، وليس المراد السماء التي هي السقف المحفوظ الذي فوق الأرض، بل المراد به العلو، لأن المطر ينزل من السحاب، والسحاب ليس السماء بل السحاب في العلو، والدليل على أن الماء ينزل من السحاب قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} [الروم:48] ، وقال سبحانه وتعالى: {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) [البقرة:164] قد يفهم بعض الناس أن المطر ينزل من السماء العليا على السحاب ثم من السحاب على الأرض وليس الأمر كذلك، المطر من السحاب نفسه، قال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنْ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً} [النبأ:14] المعصرات هي السحاب فكأنها تعصر الماء كما تعصر الثوب، فيتساقط المطر منها، فهنا يقول: {وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ} [ق:9] أي: من السحاب الذي هو في العلو. {مَاءً مُبَارَكاً} [ق:9] وهو المطر، ومن بركته: أن الله يحيي به الأرض بعد موتها. ومن بركته: أن الله يحفظه في الأرض لنشربه ونسقي به بهائمنا، قال الله تبارك وتعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ} [الواقعة:68-70] وبين في آيةٍ أخرى أنه يخزنه في الأرض فيسلكه ينابيع، متى شئنا حفرنا فوجدنا الماء، ولو كان هذا المطر على ظهر الأرض لم تشربه الأرض؛ لتبخر بسرعة ولأفسد الهواء، ولحجب الناس دون مصلحة الأرض من النبات، ولكن الله تعالى جعل الأرض تبتلعه ويخزن فيها إلى الوقت الذي نحتاجه فنستخرجه. قال الله عز وجل: {مَاءً مُبَارَكاً} [ق:9] ومن بركته ما يحصل به من العظة في قدرة الله عز وجل؛ لأن الإنسان العاقل يقول: كيف ينزل هذا المطر من هذا السحاب الذي إذا رأيته كأنما ترى قطعاً من القطن، ولكن ربنا عز وجل على كل شيء قدير، وينبغي إذا نزل المطر أن يقول الإنسان: (اللهم صيباً نافعاً) يدعو الله بأن يكون صيباً نافعاً؛ لأن المطر ربما ينزل ولا ينفع، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه: (ليست السنة ألا تمطروا ولكن السنة أن تمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً) (ليس السنة) أي: ليس الجدب أن لا تمطروا، ولكن أن تمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً، وصدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وينبغي أيضاً إذا نزل المطر أن يحسر الإنسان عن ثوبه حتى يصيبه من المطر؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يفعل ذلك، فسئل: لماذا تحسر عن ثوبك حتى يصيب المطر بدنك؟ قال: (لأنه حديث عهد بربه) الله أكبر؛ لأنه مخلوق فهو حديث عهد بالله عز وجل. وينبغي عند المطر أن يخرج الإنسان إذا شاء إلى الوادي فيتطهر بالمطر كما يفعله الناس اليوم، يخرجون بعد المطر إلى الأودية فيتطهرون منه، لكن أكثر الناس لا يحس بذلك الشيء، يخرج من أجل النزهة فقط، والذي ينبغي أن تخرج من أجل أن تتطهر به؛ لأن الله تعالى قال: {وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً} [الفرقان:48] أي: طاهراً في ذاته مطهراً لغيره. قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق:9-10] (جنات) أي: أشجاراً كبيرة كثيرة ملتف بعضها إلى بعض، تجن من كان بداخلها، أي: تستره. (وحب الحصيد) أي: الزرع الذي يحصد وينتفع الناس به، فهذا المطر يخلق الله به الأشجار ويخرج به الزروع.

تفسير قوله تعالى: (والنخل باسقات لها)

تفسير قوله تعالى: (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا) ثم قال: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} [ق:10] والنخل من الجنات، لكنه نصّ عليها تشريفاً لها وتنويها بها، وإلا فإن النخل من الجنة، والجنة هي البستان الكثير الأشجار، قال الله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً} [الكهف:32] . قال: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} [ق:10] أي: مرتفعات عاليات ولهذا لا تجد شجرة تعلو كما تعلو النخلة، ويكون فرعها عالياً وأصلها في الأرض، {أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم:24] ، ولا تجد شجرة أكثر نفعاً من النخلة، كلها نفع، كربها وسعفها وقود، وليفها حبال وزنابيل، وثمرها غذاء، وقد جعل الله سبحانه وتعالى فيها خاصية عجيبة للنفساء، فالمرأة إذا وضعت لو أكثرت من أكل الرطب لانتفعت، والدليل على هذا: أن مريم يسر الله لها نخلة: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَنْسِيّاً * فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً} [مريم:23-24] أي نهراً جارياً: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً * فَكُلِي وَاشْرَبِي} [مريم:25-26] لو تأملتم في الآية لوجدتم فيها عجائب، امرأة نفساء والنفساء في العادة يلحقها تعب وإعياء وإجهاد، يقول الله لها: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم:25] بالجذع، والعادة أن الشيء إذا هز من جذعه لا يتحرك، إذا هز من فوق يتحرك لكن الجذع لا يتحرك، هنا هزت من الجذع؛ لأنها لا تستطيع أن تصعد. قال: {تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً} [مريم:25] تهزها ولا يسقط إلا الرطب، البلح لا يسقط، لا يسقط إلا الرطب؛ لأنه هو المناسب. ثم يقول: {رُطَباً جَنِيّاً} [مريم:25] أي: لا يتمزق بسقوطه على الأرض، والعادة أن الرطب إذا سقط من نخلة ولو قصيرة ماذا يكون؟ يتمزق ويتعجن لكن يسقط على الأرض وكأنه مجني باليد: {تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً} [مريم:25-26] فالنخل كله بركة، ولهذا يفرده الله عز وجل في كثير من الآيات من بين سائر الأشجار. قال تعالى: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقاً لِلْعِبَادِ} [ق:10-11] (النضيد) المنضود في شمراخه، وهذا معنى قوله في آية آخرى: {طَلْعُهَا هَضِيمٌ} [الشعراء:148] (الهضيم) أي: النضيد، وليس معناه كما يفهمه العامة أنه يهضم الأكل وليس كذلك، صحيح أن الحلا من حيث هو يعين على الهضم، لكن لا نفسر الآية بشيء لا تدل عليه، فالهضيم في الآية أي: النضيد، والقرآن يفسر بعضه بعضاً.

تفسير قوله تعالى: (رزقا للعباد)

تفسير قوله تعالى: (رِزْقاً لِلْعِبَادِ) قوله تعالى: {رِزْقاً لِلْعِبَادِ} [ق:11] أي: عطاءً من فضل الله للعباد، والعباد هنا كل العباد حتى الكفار عباد لله، لكن عباد طاعة أم عباد خلق؟ عباد خلق، أما في الطاعة فهم مستكبرون عن عبادة الله، لكن هم عباد خلق مخلوقون لله خاضعون لأمره؛ قال الله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} [مريم:93] أما العباد الذين يحمدون ويمدحون ويثنى عليهم فهم عباد الطاعة الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: (فَبَشِّرْ عِبَادِي * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [الزمر:17-18] . أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن نكون ممن نالوا هذه البشارة في الدنيا والآخرة: {لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [يونس:64] اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

الأسئلة

الأسئلة الأسئلة أيها الإخوة تنقسم إلى قسمين: 1- قسم يتعلق بالكلمة. 2- قسم لا يتعلق بها ولكن يحتاج الناس إلى معرفتها. والإنسان الذي يسأل وهو عالم بالحكم لكن يسأل لينفع المستمعين يعتبر معلماً، فمثلاً: أنا أعرف مسألة وسألت عنها في مثل هذا المجلس من أجل أن يعرف الحاضرون حكمها فيعتبر هذا السائل معلماً، والدليل: أن جبريل لما سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأشراطها وعلمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (أتدرون من السائل؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم) مع أنه يسأل والمعلم هو الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن لما كان هو السبب جعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم معلماً، فمن سأل عن مسألة يقع فيها الناس كثيراً ويحتاجون إلى معرفتها وهو عالم بها فجزاه الله خيراً وهو يعتبر معلماً.

الإضراب في سورة (ق)

الإضراب في سورة (ق) Q ذكرت يا فضيلة الشيخ! في الدرس الماضي أن جواب القسم هو جميع ما في هذه السورة والحرف (بل) لأجل الإضراب، فيكون إضراباً من أجل أي شيء؟ A يكون هذا الإضراب عما يقدر بعد القسم: {وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوا} [ق:1-2] أي: والقرآن المجيد أن كلما ذكر في هذه السورة فهو حق، ثم أضرب وقال: {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} [ق:2] والقول الصحيح: أن هذا القسم لا يحتاج إلى جواب؛ لأن قوله: {وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق:1] يغني عن الجواب إذ أن المقسم به يكون معظماً لا يقسم إلا بمعظم؛ فيكون المقصود بهذا القسم تعظيم القرآن الكريم.

ضوابط جلب الخادمات إلى البيوت

ضوابط جلب الخادمات إلى البيوت Q ابتلي كثير من الناس اليوم بوجود خادمات في البيوت فهل يجوز لصاحب البيت أن ينظر إليها وتكشف له وجهها، وكذلك لأولاده، بل ويخلو بها في البيت أو يتركها عند أحد أولاده في البيت ويخرج هو وزوجته والولد في سن البلوغ، وغالباً تكون الخادمة شابة متجملة في أحسن لباس وأحسن هيئة، فما نصيحتكم في هذه البلوى التي لا يخفاكم خطرها وأبعادها على الشباب وتردي الأخلاق؟ وفي نفس المضمون أيضاً يقول: فضيلة الشيخ! يوجد من بعض الملتزمين وممن نتوسم فيهم الصلاح، أنهم يأتون بخادمة أو شغالة بدون محرم وهم يعلمون الحكم باستقدامها بدون محرم، وإذا أتوا بها إلى هنا لا يلزمونها بالحجاب الشرعي وهو ستر وجهها لا عنه ولا عن أولاده في البيت، وإذا خرجت من البيت أمرها بالحجاب فإذا نصح لماذا لا تغطي وجهها؟ قال: إنها شغالة كيف تعمل وتشتغل وهي محجبة فما هو الحكم في ذلك؟ وقريب من هذا الموضوع يقول: إذا كان الإنسان مضطراً لجلب خادمة حيث إن زوجته مضطرة لذلك حيث لديها أربعة أولاد صغار لا يتجاوز الكبير منهم سبع سنين فهل يحل له ذلك أم هو حرام عليه؟ A هذا سؤال مهم جداً وهو ما ابتلي به الناس من تيسير الحصول على الخدم لكثرة المال واحتياج هؤلاء الخدم للمجيء إلى هذه البلاد، وهذه البلوى قد يبتلي الله سبحانه وتعالى بمثلها لينظر كيف يعمل الناس، ففي عهد الصحابة رضي الله عنهم يسر الله لهم وهم في الإحرام الصيد، مع أن الصيد للمحرم حرام، فصارت أيديهم تناله ورماحهم تناله، رماحهم تنال الطيور وأيديهم تنال الزواحف كالضبا والأرانب، وفي هذا يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمْ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} [المائدة:94] فهؤلاء الخدم تيسر لنا الحصول عليهن، وصار بعض الناس يستقدمونهن لا للحاجة ولكن للمباهاة من أجل أن تخرج المرأة ووراءها خادمها أو خادمتها وفي يدها الحقيبة قد علقتها بيدها، ثم إذا وقفت عند المتجر قالت: يا فلانة أحضري لنا هذا، أحضري لنا هذا، مباهاة، وإلا فالبيت لا يحتاجها، ومع هذه البلوى تقدمُ هذه الخادمة بدون محرم، وربما تكون شابة جميلة، وربما يخرج الرجل من بيته وليس فيه إلا ابنه الشاب أو أخوه الشاب الأعزب، فما ظنكم بخلوه بمثل هذه الخادمة، مهما كان على جانب من التقى، فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فربما يغريه ويعده (وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً} [الإسراء:64] لذلك أرى أنه لا يجوز جلب الخادمة إلا بشروط: الشرط الأول: الضرورة إلى وجودها كالمثال الذي ذكره السائل، امرأة ليس في البيت إلا هي ولها أربعة أولاد صغار ماذا تصنع؟ مثل هؤلاء الأولاد الصغار لو دخلت الحمام وهم خارج الحمام كان خطراً عليهم، ربما يعبثون بالنار، وربما يضرب بعضهم بعضاً، وربما يفسدون الأشياء، فهذه ضرورة فلا بد من وجود الضرورة، أما بدون ضرورة فلا؛ لأن استقدامها بدون ضرورة إضاعة للمال مع كونها سبباً للفتنة. الشرط الثاني: أن يكون معها محرمها؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم) ولكن -هذا الشرط- قد يقول بعض الناس: أنا ليس لي حاجة في محرمها وليس عندي مكان لمحرمها، البيت ليس فيه ملحق، وليس عندي شقة أخرى ولا بيت آخر، وهذا الشرط لا أستطيعه، نقول: إذا كنت لا تستطيعه حقيقة فمن الممكن أن تستأجر امرأة من البلد لتقضي حاجتك في النهار وتذهب إلى بيتها في الليل، وأما أن تأتي بها من السفر فلا. الشرط الثالث: أن يأمن الفتنة من نفسه ومن عائلته؛ فإن لم يأمن الفتنة فإنه لا يجوز استقدامها، والدليل على أن خوف المحظور سبب للمنع، قوله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء:3] ممنوع التعدد إذا خاف ألا يعدل، وعدم العدل يوقعه في المحظور، فبين الله عز وجل أن الشيء المباح إذا خيف منه المحظور صار ممنوعاً، فلا بد من أن يأمن الإنسان على نفسه وأهله من فتنة هذه الخادمة. الشرط الرابع: أن يلزمها بما تقتضيه الشريعة من التستر، وأعظم وأوجب وأحق ما يجب ستره هو الوجه، لأن الوجه هو محل الفتنة وهو محل الرغبة، لا يسأل عن المرأة عند خطبتها إلا عن وجهها، لو كانت بقية أعضائها من أجمل الأعضاء وأحسن الأعضاء ووجهها قبيح ما خطبها أحد، ولو كان وجهها جميلاً وكان عندها عيب أو شيء من عدم الجمال في باقي الأعضاء لخطبت، فإذا كان الوجه هو محل الرغبة ومحط الفتنة فالواجب ستره. وأما قول السائل: إنها إذ غطت وجهها فكيف تعمل؟ فنقول: هل أنت دائماً عندها في البيت؟ هل أنت عندها في المطبخ؟ هل أنت عندها في المقهى؟ أبداً لا تكون عندها إلا إذا حضرت للغداء أو للعشاء أو للفطور، وفي هذه الحالة تأتي مغطية وجهها أو واضعة على وجهها برقعاً، أو واضعة على وجهها نقاباً، وهذا ممكن وليس فيه صعوبة، وكذلك يمنعها من الخلوة بها؛ لأن الخلوة بالمرأة غير المحرم محرمة، فلا يجوز أن يخلو بها في البيت، ولا يجوز أن يمكنها من الخلوة بأحد أبنائه، فإذا تمت الشروط جاز استقدامها، وإذا لم تتم فاستقدامها محرم، ولا يغرنك أيها الإنسان إمهال الله لك بإعطائك العافية والمال والرزق مع إقامتك على معصيته، فإنما ذلك استدراج من الله، فنسأل الله العافية.

حكم استقدام غير المسلم للخدمة

حكم استقدام غير المسلم للخدمة Q هل إسلام الخادمة شرط من الشروط؟ A إسلام الخادمة ليس من الشروط، ولكنه لا ينبغي أن يأتي الإنسان بخادم أو خادمة غير مسلمين بل ولا عامل غير مسلم، وأنتم تعلمون في هذا الزمن ومنذ عهد قريب تعلمون الهجمة الشرسة من أعداء المسلمين على المسلمين في هذا العصر الذي بدأ المسلمون يتحركون شباباً وكهولاً بل وشيوخاً، ازدادت هجمات النصارى واليهود والوثنيين على المسلمين، ولعلكم تسمعون إلى الإذاعات أكثر مما أسمع تجدون العجب العجاب، كيف ازدادت هجمة الكفار على المسلمين في هذا الوقت لماذا؟ لأنهم يريدون ألا تقوم قائمة للمسلمين، ولقد صرح بعض زعمائهم، قال: (إننا وإن انتهينا من الشيوعية فلم ننته من الأصوليين) وماذا يعنون بالأصوليين؟ المتمسكين بدينهم، هؤلاء هم الأصوليون، ولكن لا يستطيعون أن يعبروا بكلمة الإسلام، لأن كلمة الإسلام توحش صغيرهم وكبيرهم، فقالوا: أصوليين، أي: الذين يرجعون إلى الأصل. وكلمة أصول من حيث معناها الواسع تشمل حتى الأصولية الكافرة، الكافر المتعصب أصولي لمذهبه ونحلته، فاختار هؤلاء التعبير بكلمة (أصول) عن كلمة (إسلام) لئلا توحشهم. ولكن بحول الله فإن النصر للإسلام إن قرب الزمن أو بعد، وأن الله تعالى إذا يسر لهذه الأمة قادة مصلحين وشباباً نيشيطين ودعوة إلى الحق قولاً وعقيدة وفعلاً، فإن الله تعالى قد تكفل بنصرهم: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر:51] والمهم أنني أدعوكم ألا تستقدموا غير المسلم إلا في الحالة الضرورية، إذا كان غير المسلمين عندهم اختصاصات ليست عند المسلمين واضطررنا إلى هذا فيأتون، ولكن يأتون بدون حاجة فلا ينبغي أبداً وبأي حال من الأحوال أن نستقدم غير المسلم وندع المسلم.

واجبنا تجاه إخواننا في الهند من جراء هدم المسجد البابري على أيدي الهندوس

واجبنا تجاه إخواننا في الهند من جراء هدم المسجد البابري على أيدي الهندوس Q تعلمون حفظكم الله ما حصل قبل أيام من هدم المسجد الإسلامي في الهند الذي قام بهدمه الهندوس، أرجو إيضاح ما هو دورنا في هذا المجال، هل هو فقط أن نسفر العمال الهندوسيين لدينا؟ هل يكفي هذا؟ وآخر يقول: تعلمون فضيلة الشيخ ما حصل لإخواننا المسلمين في الهند من هدم المسجد البابري على أيدي الهندوس الحاقدين عباد البقر، ونحن نعلم أن عقيدتهم باطلة حيث يؤمنون بتناسخ الأرواح وغير ذلك، فما هو موقفنا من الهندوس العاملين في بلادنا سواء في محلات خياطة النساء أو في المستشفيات أو في المخابز أو غيرها، نريد موقفاً يظهر فيه تضامننا مع إخواننا المسلمين في أقصى الدنيا وخصوصاً أنه تبع ذلك صدامات بين المسلمين والهندوس قتل حتى الآن نحو ألف وخمسمائة رجل من الطرفين، نرجو إيضاح الموقف الصحيح الذي يوافق هدي نبينا صلى الله عليه وسلم تجاه هؤلاء. وهل يصح إبقاؤهم لمن كان له قدرة على إبعادهم نرجو توضيح ذلك وفقكم الله؟ A لا شك أن عداوة الكفار للمسلمين قديمة متأصلة وقد قال الله سبحانه وتعالى: {لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة:8-9] الواجب علينا تجاه من اعتدى على إخواننا أن ننابذه، وأن نشعر بأن عدوانهم على إخواننا كعدوانهم علينا؛ لأن: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) ولعل فيما حصل خيراً، فالأمة الإسلامية في أقطارها أبدت ما تشكر عليه لا سيما في باكستان وبنجلادش، فإنهم أبدوا سعياً مشكوراً في إظهارهم للغضب مما صنع هؤلاء المعتدون الظالمون. كذلك أيضاً يرجى أن يكون في هذا تنبيه لعداوة الكفار لنا، وأنهم لا يرقبون فينا إلاً ولا ذمة، مهما سنحت لهم الفرصة. ومنها أن دولة الهند تخضع لمشاعر المسلمين؛ ولذلك أقالت رئيس الولاية التي حصل فيها هذا الهدم، والتزمت أمام الناس بأنها ستعيد بناء المسجد وهذه نعمة. فأنا أقول: ما قدره الله سبحانه وتعالى فستكون عاقبته خيراً، ولا شك أن الواجب على علماء المسلمين الذين لهم قدرة بالاتصال بالمسئولين أن يبينوا حقيقة مثل هذه الأمور، وأنها خطر على الإسلام من جهة أنهم يريدون مكايدة المسلمين وإظهار شعائرهم، نسأل الله لنا ولكم السلامة. السائل: هل الكفيل الذي عنده عمال يخرجهم؟ الشيخ: الكفيل الذي عنده عمال يجب الوفاء لهم بما عقد لهم عليه، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1] وربما يكون هؤلاء العمال يكرهون ما حدث؛ لأنكم تعلمون أن الهند دولة كبيرة واسعة، لكن أقول: كل كافر انتهى عقده فلا ينبغي لنا أن نستقدمه مرة أخرى لا هؤلاء ولا غيرهم؛ لأن وجود الكفار في الجزيرة العربية خطر، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) وقال عليه الصلاة والسلام: (أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب) وقال صلى الله عليه وآله وسلم وهو في مرضه: (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب) ولولا أن هناك خطراً عظيماً في وجود غير المسلمين في هذه الجزيرة ما حذر النبي عليه الصلاة والسلام منه، ولا أمر بإخراجهم، فنرجو من إخواننا أن من تمت مدته من غير المسلمين أن يستبدلوه بمسلم وسيجعل الله في رزقهم بركة.

حكم إعادة صلاة الكسوف وبم تدرك؟

حكم إعادة صلاة الكسوف وبم تدرك؟ Q فضيلة الشيخ! هل يجوز للإنسان أن يعيد صلاة الكسوف تطوعاً وحده، وبماذا تدرك صلاة الكسوف بالركعة الأولى أم بالثانية؟ وآخر أيضاً مثله يقول: فاتتني الركعة الأولى فقط فكيف أقضي صلاتي بعد السلام، لأني شاهدت بعضهم سلم بعضهم أتم وما أدري كيف القضاء؟ A صلاة الكسوف فرض كفاية لا يجوز للمسلمين أن يدعوها، وقال بعض العلماء: إنها فرض عين، وأنه يجب على كل واحد أن يصلي صلاة الكسوف، وأكثر العلماء على أنها سنة مؤكدة، فأصح الأقوال: إنها فرض كفاية، وأنها لا بد أن تصلى، وصلاتها كما هو معلوم لا نظير لها في الصلوات، أولاً: يكبر ويقرأ الفاتحة، ثم يقرأ قراءة طويلة جداً، ثم يركع ركوعاً طويلاً، ثم يقوم فيعيد القراءة، أي: يقرأ الفاتحة وسورة طويلة دون الأولى، ثم يركع ويطيل الركوع، ثم يرفع ويطيل القيام، ثم يسجد ويطيل السجود، ثم يرفع ويطيل القعود، ثم يسجد ويطيل السجود، ثم يقوم للركعة الثانية، ويفعل كما فعل في الأولى، إلا أنها دونها في كلما يفعل ثم يسلم، والمأموم إذا أدرك الركوع الأول فقد أدرك الركعة، وإن فاته الركوع الأول فاتته الركعة، فمثلاً: إذا جئت والإمام في الركعة الأولى لكن قد رفع من الركوع الأول فلا تحتسب هذه الركعة، هذه فاتتك، فإذا سلم الإمام فقم وصل واقض الركعة الأولى بركوعيها، أي: تقوم ثم تقرأ الفاتحة وسورة ثم تركع ثم ترفع، ثم تقرأ الفاتحة وسورة، ثم تركع ثم ترفع ثم تسجد، فتقضيها على صفة ما فاتك. فالقاعدة إذاً أن من فاته الركوع الأول فقد فاتته الركعة، فيقضيها كلها بركوعيها وسجوديها، وإذا انتهت الصلاة وقد بقي الكسوف فالذي ينبغي أن تبقى في المسجد أو في بيتك لكن تدعو وتستغفر وإن شئت فصل ولكن صلاتها جماعة لا تعاد على القول الصحيح، حتى لو انصرف الناس قبل أن تنجلي فإنهم لا يعيدون الصلاة جماعة، لكن من شاء أن يصلي وحده حتى ينجلي فلا بأس. سألني بعض الناس وقال: إن السنة التطويل في هذه الصلاة لكن إذا كان يشق على الناس فماذا أصنع؟ نقول: افعل السنة، ولست أرحم بالخلق من رسول الله الحق عليه الصلاة والسلام، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أطال في صلاة الكسوف إطالة طويلة، حتى أن بعض الصحابة مع قوتهم ومحبتهم للخير جعل بعضهم يغشى عليه ويسقط من طول القيام، ولهذا انصرف النبي عليه الصلاة والسلام من صلاته وقد تجلت الشمس، مع أن كسوفها كان كلياً، كما ذكره المؤرخون، وهذا يقتضي أن تبقى ثلاث ساعات أو نحوه ووكله الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ ويصلي، ولم يقل: إني سأرحم الخلق وأقصر وأخفف. أنا أفعل السنة، فمن قدر على أن يتابعني فليتابعني، ومن لم يقدر فليجلس ويكمل الصلاة جالساً، وإذا لم يستطع حتى الجلوس كما لو حصر ببول أو غائط فلينصرف فالأمر واسع، أما أن نترك السنة من أجل ضعف بعض المصلين، فهذا غير صحيح. ولو اختار الإنسان أن يبقى يصلي حتى تنجلي الشمس فليصل ركعتين ركعتين، وليس هناك سورة معينة ولكن التطويل هو المطلوب.

حكم الدفاية وقاتلة الحشرات في المسجد

حكم الدفاية وقاتلة الحشرات في المسجد Q ما حكم الدفاية في المسجد؟ وهل يجوز أن يستقبلها الإنسان في الصلاة؟ وهل يوجد دليل على الكراهية نرجو التوضيح حيث وقد تنازع الناس في ذلك داخل المساجد؟ وما حكم قاتلة الحشرات التي توضع في المسجد وهي تقتل بالشرر الكهربائي؟ A الذي ينبغي من العامة ألا يحصل بينهم نزاع في هذه المسألة أو غيرها؛ لأن هناك علماء يمكنهم أن يرجعوا إليهم، وكتب أهل العلم موجودة والحمد لله، فالدفايات في المساجد مما يعين على الطاعة، لأن كون الإنسان يصلي بطمأنينة وفي دفء، خير من كونه يصلي وهو ينفضه البرد ولا يطمئن، وهذه من نعمة الله عز وجل وتسخيره أن يسر لنا مثل هذه المدافئ، وكونها أمام المصلين لا يضر: أولاً: لأنها ليست أمام الإمام، والإمام هو القدوة في جماعته، ولهذا تكون سترة الإمام سترة لمن خلفه، وهي لو وضعت أمام الإمام لكان الإنسان يتساءل، لكنها الآن ليست بين أيديهم في الواقع بل هي بين أيدي المأمومين، والمأمومون تبع لإمامهم. ثانياً: أن الصلاة وبين يديك نار ليس فيها دليل من السنة على أن ذلك مكروه، إنما كرهه بعض العلماء؛ لأن فيه مشابهة للمجوس في عبادتهم للنار. ثالثاً: أن المشابهة للمجوس إنما تكون في نار تلظى تلهب؛ لأن هذه هي التي يعبدها المجوس، أما الجمر كالمبخرة أو الدفايات أمام الناس فلا تدخل في الكراهة، وليس فيها شيء فهي مباحة، ومن ادعى الكراهة أو التحريم فعليه الدليل، ثم لا ينبغي أيضاً أن تكون مسألة من المكروهات -لو سلمنا جدلاً أنها مكروهة- لا ينبغي أن تكون محلاً للنزاع وفي المسجد، بل ينبغي الرجوع في هذا إلى أهل العلم، وعلىكل حال نقول في الجواب عليها: ليس فيها بأس. وأما وضع قناصة البعوض والطيور في المساجد أو في البيوت فلا بأس به؛ لأن هذا ليس تعذيباً لها بالنار إذ أنها هي لا تحترق ولكنها تصعق، وليست الإضاءة التي في هذه الأنبوبة ناراً، والدليل على هذا: أنك لو وضعت عليها ورقة لم تحترق، ولو كانت ناراً لاحترقت فهي من باب الصعق وليست من باب الإحراق.

حكم التهنئة بأعياد النصارى وتوفير مستلزمات أعيادهم

حكم التهنئة بأعياد النصارى وتوفير مستلزمات أعيادهم Q فضيلة الشيخ! يقوم بعض أصحاب المخابز والمكتبات في آخر شهر في السنة الميلادية بتوفير بعض ما يستعمله النصارى في أعياد ميلادهم، سواء بكتابة بعض العبارات على بعض الحلوى أو الكيك، مثل: كل عام وأنتم بخير، أو عام سعيد، أو عام مبارك ونحو ذلك، وأصحاب المكتبات يقومون أيضاً بتوفير بطاقات تهانٍ وأفراح فما حكم ذلك؟ وهل من نصيحة لأصحاب المخابز الذين قد يكون العمال لديهم من غير المسلمين فيفعلون ذلك أرجو استيفاء الجواب لإيصاله إليهم وجزاكم الله خيراً؟ وآخر حول نفس الموضوع يقول: ما رأيكم في نشر ما صدر عنكم من فتوى في حكم تهنئة النصارى بأعيادهم؟ A نبدأ بالسؤال الأخير: نشر ما كتبناه في حكم تهنئة النصارى في أعيادهم أمر مطلوب، والإنسان الذي يساعد في ذلك نرجو الله أن يأجره عليه، حتى يُبِّصر المسلمين بأن تهنئة النصارى بأعيادهم محرمة بالاتفاق كما نقل ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه أحكام أهل الذمة؛ لأن المهنئ لهم يهنئهم بشعائر الكفر، كما لو هنأهم بعبادة الصليب، أو بأكل الخنزير، أو بشرب الخمر، أو ما أشبه ذلك، فنشرها حتى يعلم الناس الحكم الشرعي، وحتى لا يغتروا ويطول عليهم الأمد، فعل طيب ويؤجر الإنسان عليه إن شاء الله. أما مشاركته في أعيادهم بالتهاني وصنع الأطعمة وما أشبه ذلك فإنه حرام وإن كان دون التهنئة ولكنه حرام أيضاً، ولهذا يمنعون من إظهار شعائر أعيادهم في بلاد المسلمين، ولا يحل أن يظهروا شعائر دينهم في بلاد المسلمين.

الرد على من قال: الكسوف أو الخسوف ظاهرة طبيعية

الرد على من قال: الكسوف أو الخسوف ظاهرة طبيعية Q فضيلة الشيخ حول موضوع الكسوف والخسوف وأنه آية من الله لتخويف العباد وتذكيرهم بالله عز وجل؛ كي يجتنبوا المعاصي التي يقعون فيها ليلاً ونهاراً، وقد أصبح علماء الفلك يقولون: بأنها حادثة طبيعية تحصل في السنة مرة أو أكثر من مرة بطريقة معينة، فكيف يكون التخويف؟ وأصبحوا -أيضاً- يعلنون عنها سواء في الجرائد أو غيرها، فإذا حدثت أصبح الناس لا يخافون ولا يتعظون وأصبح لديهم تبلد في الحس، فما قولكم في هذا، وكيف يكون التخويف في هذه الآية؟ A يكون التخويف في هذه الآية لمن كمل إيمانه بالله عز وجل وبما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والكسوف أو الخسوف له سببان: 1- سبب طبيعي: يدرك بالحس والحساب فهذا يعلم لأهل الحساب ويعرفونه ويقدرون ذلك بالدقيقة. 2- سبب شرعي: لا يعلم إلا بطريق الوحي وهو أن الله يقدر هذا الشيء تخويفاً للعباد، فنسأل: من الذي قدر السبب الطبيعي حتى حصل الكسوف أو الخسوف؟ الله لماذا؟ ليخاف الناس وليحذروا، ولهذا خرج النبي عليه الصلاة والسلام حين رأى الشمس كاسفة خرج فزعاً حتى لحق بردائه وجعل يجره، وفزع الناس، وأمر من ينادي (الصلاة الجامعة) واجتمع المسلمون في مسجد واحد يدعون الله ويفزعون إليه، فالمؤمن حقاً يفزع، ومن تبلد ذهنه أو ضعف إيمانه؛ فإنه لا يهتم بهذا الشيء. وأما إخبار الناس بها قبل حدوثها، فأنا أرى أنه لا ينبغي أن يخبروا بها؛ لأنهم إذا أخبروا بها استعدوا لها وكأنها صلاة رغبة، كأنهم يستعدون لصلاة العيد، وصارت تأتيهم على استعداد للفعل لا على تخوف، لكن إذا حدثت فجأة، حصل من الرهبة والخوف ما لا يحصل لمن كان عالماً. وأضرب لكم مثلاً بأمر محسوس: لو نزلت من عتبة وأنت مستعد متأهب وتعرف أن تحتك عتبة هل تتأثر بشيء؟ لكن لو كنت غافلاً لا تدري ثم وقعت في هذه العتبة صار لها أثر في قلبك وأثر عليك. فلهذا أتمنى ألا تذكر ولا تنشر بين الناس، حتى لو نشرت في الصحف لا تنشرها بين الناس، دع الناس حتى يأتيهم الأمر وهم غير مستعدين له وغير متأهبين له، ليكون ذلك أوقع في النفوس.

حكم لبس الساعات ذات الألوان الذهبية وأخرى مشابهة لحلي النساء

حكم لبس الساعات ذات الألوان الذهبية وأخرى مشابهة لحلي النساء Q فضيلة الشيخ: انتشر في الفترة الأخيرة بين الشباب خاصة بل وحتى بعض الملتزمين، لبس ساعات ذات ألوان ذهبية وأشكال مشابهة لحلي النساء بشكل كبير، وإن لم تتصور شكلها فاختر خمسة من الحضور، وأظن أنك ستجد مع أحدهم ساعة بهذا الشكل فما حكم لبسها؟ وهل يعد ذلك تشبهاً بالنساء، أرجو توجيه كلمة إلى الشباب حول موضوع الترف وحول موضوع عدم تقليد النساء؟ A أنا أرجو ألا أجد ذلك في خمسين نفراً منكم أو أكثر، وأظن أنه ليس موجوداً ومن كان معه شيء منها الآن فليرنا إياها من أجل أن نحكم على الشيء بعد تصوره. لا شك أن الله سبحانه وتعالى فرق بين الرجال والنساء في مسألة التحلي، فقال جل وعلا: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ * وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} [الزخرف:19-20] وقال عز وجل: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ} [الزخرف:17] ما هو الذي ضربوه مثلاً؟ أنهم جعلوا الملائكة إناثاً، فقال: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:17-18] من الذي ينشأ في الحلية؟ أي: يربى في الحلية وهي المرأة. وهي في الخصام غير مبين، أما الرجل فإنه كامل بنفسه لا يحتاج إلى تكميل، وهو مبين في الخصام ذو فصاحة ومدافعة عن نفسه، فكيف ينزل بنفسه إلى أن يكون مثل الأنثى، ولهذا (لعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال) فالساعة التي لا تلبسها إلا النساء لا يجوز للرجل أن يلبسها سواء كان لونها أبيض أو أحمر أو أسود، المهم إذا قيل: هذه ساعة نساء؛ فإنه لا يجوز للرجال لبسها، وأما إذا كانت لا تشبه ساعات النساء لكن فيها شيء من الذهب فإننا ننظر: إن كان هذا الذهب مجرد لون فليست حراماً، ولكن ينصح الرجل ألا يلبسها لئلا يتهم ويقتدى به، وأما إذا كان فيها ذهب له جرم قد طليت به، فإن ذلك حرام على الرجال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحرير والذهب: (حرام على ذكور أمتي، حل لإناثها) .

حكم من دخل في الصلاة وحده ثم حضرت جماعة

حكم من دخل في الصلاة وحده ثم حضرت جماعة Q فضيلة الوالد: قدمت إلى الصلاة هنا وقد انتهت الصلاة فصليت لوحدي منفرداً، وفي أثناء الصلاة حضرت جماعة وأقيمت الصلاة فماذا أفعل؟ علماً بأني لم أصل إلا ركعة واحدة؟ وما هو الأفضل؟ A إذا دخل الإنسان وحده في الصلاة وحضر جماعة فهو في الخيار بين أمور ثلاثة: - إما أن يستمر في صلاته؛ لأنه معذور. - وإما أن يقطع صلاته ليدخل مع الجماعة. - وإما أن يقلبها نفلاً ويخففها من أجل أن يدرك الجماعة. كل هذا أجازه العلماء، فأنت بالخيار إن شئت أن تبقى على ما أنت عليه وتسلم وتنصرف، وإن شئت أن تجعلها نفلاً وتخفف وتكملها ركعتين ثم تدخل مع الجماعة، وإن شئت أن تقطعها فلا بأس، ولكن في الأخيرة ربما يقول قائل: كيف أقطعها وهي فريضة والفريضة لا يجوز قطعها؟ أقول: إنني لم أقطعها رغبة عنها، ولكن قطعتها لأنتقل إلى ما هو أفضل وهو الجماعة. ولم يظهر لي أفضل الحالات، لكن لو أنه نواها نفلاً وخففها لئلا تضيع عليه هذه الصلاة كان خيراً من قطعها.

المقصود بالأرضين السبع

المقصود بالأرضين السبع Q فضيلة الشيخ: ما هي الأرضون السبع التي قال الله عنها: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق:12] . وآخر يقول: المعروف من النصوص الشرعية أن السماوات سبع طباق فهل الأرض طباق أم قارات؟ حيث لم نجد حسب فهمنا الضعيف نصاً صريحاً في هذه المسألة التي يمر بها بعض المفسرين مر الكرام جزاكم الله خير الجزاء؟ A أولاً: أنا أناقش الأخ على قوله: إن بعض المفسرين يمر بها مر الكرام، وأقول: إن مر الكرام مر دسم، الكريم يعطيك حتى تروى وتشبع، ليس الكريم الذي يمر بك خطفاً، اللهم إلا أن يقول: إن الكريم إذا مر بك ضيفاً صار خفيف الظل، أكل يسيراً وأقام يسيراً، والبخيل إذا مر بك ضيفاً أثقل عليك في الأكل وأكثر عليك في المدة، فكلٍّ المعنى الذي يريد، وهذه الكلمة (مر الكرام) دائماً ترد عند الناس فلا أدري هل هذا صحيح أم لا؟ أما بالنسبة للأرضين فقد بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها طباق، فقال فيما صح عنه: (من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله به يوم القيامة من سبع أرضين) وهذا يدل على أنها أرضون متطابقة، وأن الذي على الأرض العليا وهي الأرض التي نحن عليها له إلى الأرض السفلى السابعة، وأما أنها هي القارات فلا يصح؛ لأن القارات كلها على وجه الأرض، فهي كلها على الأرض العليا.

حكم من عقد على امرأة وقد رجع من العمرة دون حلق رأسه

حكم من عقد على امرأة وقد رجع من العمرة دون حلق رأسه Q فضيلة الشيخ: سمعنا أنك سئلت أن رجلاً رجع من عمرته، ولم يحلق إما ناسياً أو جاهلاً ثم عقد على امرأة فلما سئلت قلت: أعد العقد، العقد باطل فهل هذه الفتوى صحيحة؟ A هذه الفتوى غير صحيحة، لكن من حج ورمى وحلق وطاف وسعى، حل التحلل كله؛ وجاز أن يعقد على النساء. وأما إذا رمى وطاف وسعى ولم يحلق، فإنه لم يحلل التحلل الثاني، وحينئذ إذا عقد على امرأة كان عقده غير صحيح وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة، لكن هناك قولاً يقول بالصحة وأنه إذا حل التحلل الأول حرم عليه جماع النساء دون العقد عليهن، فعلى المذهب نقول: يجب عليك أن تجدد العقد، وعلى القول الثاني: لا يجب، فمن جدد العقد احتياطاً فهو أحسن، ومن لم يجدده فأرجو ألا يكون في نكاحه بأس.

حكم إعطاء العمال للكفيل مبلغا من أجل البقاء فقط

حكم إعطاء العمال للكفيل مبلغاً من أجل البقاء فقط Q فضيلة الشيخ: أخي عنده عمال من المسلمين، اتفق معهم في العقد على أن يعطيهم راتباً شهرياً ثم لم ير فائدة من ذلك، فأراد تسفيرهم فطلبوا منه البقاء ليعملوا لحسابهم ويعطونه كل شهر ثلاثمائة ريال فهل المال الذي يأخذه منهم حلال أم حرام؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً؟ A المال الذي يأخذه حرام عليه؛ لأنه لم يعمل عملاً يستحق به أن يأخذ منهم المال، نعم لو فرضنا أن الرجل أبقاهم وقام بكفالتهم وبمئونتهم وصار هو الذي يقاول على الأعمال بسهمٍ مما يحصلون، كالنصف أو الربع أو ما أشبه ذلك، فهذا جائز لكن بشرط ألا يخالف نظام الحكومة، لأن نظام الحكومة واجب الاتباع ما لم يكن حراماً، وأظن أن الحكومة لا تسمح بأن الإنسان يتفق مع العمال يعملون بسهم من أجرتهم، ولكن كثير من الناس يقول: إذا كانوا بأجرة مقطوعة فإنهم لا ينصحون في العمل، لأن الواحد منهم يقول: إن أجري تام ويتباطئ في العمل والإنتاج، وهذا صحيح قد يقع بلا شك، لكن دواء ذلك أن يقول لهم: أنتم بالأجرة الشهرية التي بيني وبينكم، ولكن على كل متر كذا وكذا إذا كانوا مليسين مثلاً، ولكم على كل نقطة إذا كانوا سباكين أو كهربائيين كذا وكذا، ففي هذه الحالة يزول المحظور الذي هو التهاون من العامل، وتكون الأجرة على حسب ما في نظام الدولة ويكتسب العامل خيراً بما يضاف إليه من هذه المكافأة. السائل: لو فرض أن واحداً تركه كفيله وقال له: إذا اشتغلت أعطني وإذا لم تشتغل فلا تعطني فهل هذا جائز؟ الجواب: لو قال: إن اشتغلت أعطني ثلاثمائة ريال، وإن لم تشتغل فلا شيء عليك فلا يجوز أيضاً.

حكم مبادلة المرأة بحليها امرأة أخرى

حكم مبادلة المرأة بحليها امرأة أخرى Q ما رأيكم فضيلة الشيخ: أن تبادل المرأة بحليها امرأة أخرى بتراض بينهما؟ A هذا جائز أن تتبادل النساء الحلي فيما بينهن لكن بشرط أن يكون ذلك وزناً بوزن، وأن يحصل التقابض في مجلس العقد، بمعنى أن نزن هذا الحلي وهذا الحلي، فلا ترجح إحدى الكفتين على الأخرى، وأن يكون التقابض من الجميع في مجلس العقد، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (الذهب بالذهب مثلاً بمثل، سواءً بسواء، يداً بيد) .

اللقاء الشهري [7] 1،2

اللقاء الشهري [7] 1،2 في هذه المسيرة يتحدث الشيخ عن الإجازات، وأصناف الناس في كيفية قضائها، مصنفاً إياهم إلى خمسة أصناف، معطياً كل صنف شيئاً من التوجيهات والأحكام التي يحتاجونها في هذه الإجازة، ثم بعد ذلك يجيب عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

ليس في العمر إجازة إلا بالموت

ليس في العمر إجازة إلا بالموت الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن لقاءنا هذه الليلة الأحد السابع عشر من شهر رجب عام (1413هـ) يصادف استقبال الإجازة الربيعية، وكنا بصدد أن نتكلم على تفسير سورة (ق والقرآن المجيد) كما وعدنا بذلك، ولكن نظراً إلى أن هذه الإجازة تحتاج إلى كلام يبين عمل الناس فيها، ماذا يعملون؟ أيبقون في بلدانهم أم يسافرون وإذا سافروا فهل يسافرون إلى خارج البلاد أم إلى داخل البلاد أم ماذا؟ المسألة تحتاج في الواقع إلى نظر وتأمل وإلى توجيه، نقول: أولاً: ليس في العمر إجازة، فالعمر كله عمل ولا إجازة إلا بالموت؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) فلم يجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاطعاً للعمل إلا هذا الشيء الواحد وهو الموت. إذاً: لا بد أن يعمل الإنسان دائماً وأبداً، فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني. إذاً: كل الدنيا عمل، إذا فرغنا من الدراسة النظامية فلا بد أن نعمل عملاً آخر، ما هذا العمل؟ يجب أن يكون هذا العمل من ثمرات هذه الدراسة وخصوصاً للشباب والطلبة المعنيين بما تحملوه من العلم؛ لأن الله إذا منَّ عليك بالعلم فلا تظن أن المسألة دسم على خبز وانتهى الأمر! المسألة مسألة عظيمة تحمل وتحميل: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران:187] هل أحد منا يشعر بأنه جرى بينه وبين الله عهد وميثاق حين تعلم العلم؟ A لا نشعر بذلك لا في زمانه ولا في مكانه، لا نشعر بأننا عاهدنا الله في المكان الفلاني أو في الوقت الفلاني على أن نبين ذلك، ولكن مجرد ما يؤتي الله الإنسان العلم فهذا هو العهد. لماذا أعطاك الله العلم وحرمه غيرك؟ من أجل أن تقوم به، تبينه للناس بالقول وهو التعليم، وبالفعل وهو المنهج والهدي؛ لأن العلماء عليهم مسئوليتان: المسئولية الأولى: التعليم بالقول وسواء كان عن طريق اللسان أو عن طريق الكتابة. المسئولية الثانية: التعلم بالمنهج والسيرة، فكم من عالم اقتدى الناس بعمله ومنهجه وسيرته أكثر مما يقتدون بتعليمه وقوله، وهذا مشاهد. ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يعلمون الناس كيف يتوضأ الرسول عليه الصلاة والسلام، يعلمونهم بالقول ويعلمونهم بالفعل، حتى الخلفاء منهم، عثمان بن عفان رضي الله عنه دعا بإناء من ماء وجاء ليتوضأ أمام الناس من أجل أن يهتدوا بهديه، وقال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه) . إذاً: علينا نحن الذين وهبنا الله العلم من شباب وكهول وشيوخ أن نبينه للناس بالقول وبالعمل.

أصناف الناس في استغلال الإجازة

أصناف الناس في استغلال الإجازة ثانياً: الناس في هذه الإجازة لهم مناحٍ شتى، كل واحد ينحى منحى:

استغلال الإجازة في زيارة الحرمين الشريفين

استغلال الإجازة في زيارة الحرمين الشريفين منهم: من يذهب إلى الحرمين: النبوي والمكي؛ ليقضي الإجازة هناك مع أهله وفي أشرف بقاع الله، فالصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام، والصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، فيغتنمون هذه الفرصة ويغتنمون -أيضاً- فرصة أخرى وهي الدفء؛ لأن الحرمين ولا سيما مكة أشد دفئاً من نجد كما هو مشاهد معلوم، فيغتنمون هذه الفرصة، وهؤلاء ماذا يلزمهم إذا ذهبوا هذا المذهب ونحوا هذا المنحى؟ نقول: أيهما تريد البراءة به: أبـ مكة أم بـ المدينة؟ والجواب على هذا السؤال ينبني على أيهما أفضل: العمرة أو زيارة المسجد النبوي؟ A العمرة أفضل من زيارة المسجد النبوي وعلى هذا فالقاعدة أن نبدأ بالأفضل قبل المفضول، نبدأ بالعمرة ثم بالزيارة -زيارة االمسجد النبوي- ولكن قد لا يتسهل للإنسان أن يبدأ بالعمرة قبل زيارة المسجد النبوي من حيث الطريق، قد يقول: إن طريق المدينة أسهل علي إذا كنت في القصيم، والإنسان مطلوب في حقه أن يتبع الأسهل، وسوف أحصل العمرة لكن في ثاني الحال. فنقول: إن الأمر واسع إن بدأت بهذا أو بهذا، ولكن ينبغي أن نعلم أحكاماً في العمرة وأحكاماً في الزيارة. العمرة: يحرم الإنسان بها من الميقات إن كان عن طريق الطائف فمن قرن المنازل الذي يسمى الآن: (السيل الكبير) وإن كان من طريق المدينة فمن ذي الحليفة، الذي يسمى الآن: (أبيار علي) وعند الإحرام يسن للإنسان أن يغتسل حتى المرأة الحائض والنفساء؛ لأن أسماء بنت عميس زوج أبي بكر رضي الله عنهما نفست في ذي الحليفة فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ماذا أصنع؟ قال: (اغتسلي واستثفري بثوبٍ وأحرمي) فالاغتسال سنة للرجال والنساء عند إرادة الإحرام، وليس بواجب لو تركه الإنسان فلا إثم عليه ولا فدية عليه، لكنه أفضل وأكمل، ثم يلبس الرجل إزاراً ورداءً أبيضين نظيفين أو جديدين. أما المرأة فليس لها ثياب معينة في الإحرام، تلبس ما شاءت إلا أنها لا تتبرج بالزينة؛ لأنها منهية عن التبرج بالزينة، ثم يتطيب الرجل بما طاب ريحه، والمرأة بما حسن لونه دون ريحه؛ لأن رائحة الطيب في المرأة فتنة ورائحة الطيب في الرجل سنة، يتطيب الرجل فيضع الطيب على رأسه وعلى لحيته بعد أن يغتسل ثم يلبس ثياب الإحرام. وبعد هذا: هل يصلي ركعتين للإحرام -كما هو مشهور- أم لا يُصلي؟ جواباً على هذا أن نقول: ليس للإحرام سنة، إنما السنة للوضوء، ولكن إن كنت قريباً من وقت الفريضة فاجعل الإحرام بعد الفريضة، مثلاً: لو أنك وصلت الميقات وقت الضحى واغتسلت وتطيبت، وليس عندك نية أن تمشي قبل الظهر، فاجعل الإحرام بعد صلاة الظهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بعد صلاة فرض وإذا صليت تلبي للعمرة، تقول: لبيك عمرة، لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. ولكن هل تشترط فتقول: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أم لا تشترط؟ الجواب: الأفضل ألا تشترط واعتمد على الله، إلا إذا خفت أن يحدث لك مانع من إتمام النسك فاشترط، ومن ذلك لو خافت المرأة أن تحيض في أثناء النسك ولا تطهر قبل أن تسافر، ففي هذا الحال ينبغي لها أن تشترط فتقول: (إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) من أجل إنها إذا حاضت تحللت من الإحرام ولا شيء عليها. وتسير متجهاً إلى مكة وتكثر من التلبية، فإذا وصلت المسجد الحرام وشرعت في الطواف فاقطع التلبية، وفي هذا الطواف يسن للرجل أن يفعل شيئين: الأول: الاضطباع. الثاني: الرمل. فالاضطباع: أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر، وهذا الاضطباع لا يسن إلا في الطواف. كثيراً من العوام من حين أن يحرم يضطبع. وهذا بدعة، فالاضطباع إنما يكون في الطواف فقط وهذا سنة للرجال، والمرأة لا تضطبع؛ لأن ثيابها ثياب معتادة. يسن له أن يرمل ولكن الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط لا في كل الطواف، والرمل: أن نسرع في المشي بدون أن نمد الخطا -أي: تكون متقاربة ويسرع- وبدون أن يهزكتفيه؛ لأننا نشاهد بعض الناس في الرمل يمشي ولكن يهز الكتفين، والرمل يكون في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، أما بقية الأشواط الأربعة الباقية فإنه لا رمل فيها. مسألة: بماذا يبتدأ الطواف؟ الجواب: يبتدأ بالحجر الأسود، وقد وضعت الحكومة وفقها الله خطاً بُنياً يمتد من قلب الحجر الأسود إلى منتهى المطاف، فهذا هو مبتدأ الطواف، تستقبل الحجر وتشير إليه، وتقول: (باسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم) . وإن تمكنت أن تصل إلى الحجر بدون مشقة عليك ولا على غيرك وتمسحه وتقبله فهذا أفضل، فإن لم تستطع التقبيل فامسحه بيدك وقبل يدك، فإن لم تستطع فأشر إليه إشارة، هذا هو السنة وليس من السنة أن تزاحم. أما في بقية الطواف فتقول ما شئت من ذكرٍ ودعاء وقرآن إلا ما بين الركن اليماني والحجر الأسود فإنك تقول: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) وتقتصر على ذلك، وأما الذين يقولون: وأدخلنا الجنة مع الأبرار، فهذه زيادة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. مسألة: الركن اليماني: هل يفعل فيه كما يفعل في الحجر الأسود، من التقبيل والاستلام والإشارة عند التزاحم؟ الجواب: لا. الركن اليماني يستلم فقط، يمسح باليد اليمنى ولا يقبل ولا يشار إليه إذا لم يمكن استلامه. مسألة: الركن الغربي والركن الشمالي هل يمسحان؟ الجواب: لا يمسحان، لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم، كانت الكعبة أطول من هذا نحو الشمال، تستوعب من الحجر نحو ستة أذرع ونصف، لكن لما انهدمت في عهد قريش في الجاهلية قالوا: لا تبنوا الكعبة إلا من مال حلال طيب، كفار جهال يقولون: لا تبنوا الكعبة إلا بمال طيب، وهذا من حماية الله للكعبة، أي: لا تبنوه من الربا ولا من الميسر ولا من الظلم، لا تبنوه إلا بمال طيب، اتفقوا على هذا، فلما شرعوا في البناء وجدوا أن النفقة لا تكفي، فماذا صنعوا؟ قالوا: نبني بعض البيت (ما لا يدرك كله لا يترك جله) ابنوا بعض البيت، ومن أي جهة يكون النقص؟ قالوا: من الجهة الشمالية التي ليس فيها الحجر، لا يمكن أن يكون النقص في الجهة التي فيها الحجر، ففعلوا ذلك فبنوا الكعبة على ما هي عليه، وضعوا حائطاً يسمى: الحجر، ويسمى: الحطيم من أجل أن يكمل الناس الطواف وبقيت الكعبة على هذا، فلما فتح النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكة قال لـ عائشة: (لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم، ولجعلت لها بابين: باباً يدخل منه الناس وباباً يخرج منه الناس) ولكنه ترك ذلك صلى الله عليه وآله وسلم تأليفاً لأصحابه حتى لا ينفروا ويقولوا: هذا أحدث في بيت الله ما أحدث. ولكني أقول لكم: إنه من نعمة الله وفضل الله أن ما أراده النبي صلى الله عليه وسلم حصل بالمعنى، الآن الكعبة لها بابان: باب يدخل منه الناس وباب يخرج منه الناس كيف؟ الحجر من الكعبة وفيه باب يدخل منه الناس وباب يخرج من الناس مع الهواء الطلق، أرأيتم لو كانت مسقوفة ولها بابان، باب يدخل منه الناس وباب يخرجون منه ماذا يكون؟ يكون هلاك، نشاهد عند الجمرات مع الهواء الطلق يموت الناس بالتزاحم فكيف بالكعبة وهي مسقوفة، لكن من نعمة الله وتحصيل مراد النبي صلى الله عليه وسلم أن جعل البناء على هذا الذي هو عليه الآن. ولما تولى ابن الزبير رضي الله عنه الحجاز هدم الكعبة وبناها على قواعد إبراهيم بناءً على ما حدثت به خالته عائشة وجعل لها بابين، فلما تولى بنو أمية وقتل ابن الزبير رضي الله عنه على يد الحجاج بن يوسف الثقفي ردها الحجاج وبناها على ما كانت عليه في عهد الجاهلية وبقيت على ما كانت عليه اليوم، ولما تولى الرشيد أراد أن يهدمها ويبنيها على قواعد إبراهيم، فأشار عليه مالك بن أنس رحمه الله وقال له: [لا تجعل بيت الله ملعبة للملوك كلما تولى ملك هدم وبناه على غير البناء السابق] فتركه وبقي إلى الآن. نرجع عوداً على بدء إلى الطواف إذا أتم الإنسان سبعة أشواط فإنه يتقدم إلى مقام إبراهيم عليه السلام يتلو قول الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] فيصلي فيه ركعتين، هاتان الركعتان تتميزان بأنهما خفيفتان لا يطيل فيهما، السنة أن يخفف ويقرأ فيهما بـ (قل: يا أيها الكافرون) مع الفاتحة في الركعة الأولى، وبـ (قل هو الله أحد) في الركعة الثانية مع الفاتحة، ثم ينصرف ولا يدعو بعدهما متجهاً إلى المسعى، فإذا دنا من الصفا فليقرأ قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] (أبدأ بما بدأ الله به) كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم. مسألة: متى يقرؤها؟ الجواب: إذا صعد الصفا أو دنا منه قبل أن يصعد يقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] ولا يعيدها مرة ثانية، لا تقرأ عند المروة ولا تقرأ عند الصفا في المرة الثانية لا تقرأ إلا مرة واحدة إذا دنا من الصفا أول مرة، فإن هذه هي سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، فإذا صعد الصفا اتجه إلى القبلة ورفع يديه يدعو ولكنه يكبر ثلاثاً قبل الدعاء ويحمد الله ويقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إل

استغلال الإجازة للنزهة والترفيه

استغلال الإجازة للنزهة والترفيه هناك قسم آخر من الناس يذهب إلى النزهة في البر وهذا لا حرج فيه ولكن يجب في هذا أمور: أولاً: المحافظة على الصلاة إما بالطهارة: بحيث لا يتهاونون في الوضوء إذا كان الماء قريباً منهم، وبإمكانهم أن يحملوا معهم (جوالين) أو (توانك) يضعونها هناك يتوضئون منها، وليس هذا بصعب في الوقت الحاضر ولله الحمد. ثانياً: الصلاة جماعة في وقتها، يجب أن يصلوا جماعة في الوقت، أما أن يتخلفوا عن الجماعة مع إمكانها وسهولتها فإنهم آثمون بذلك. ثالثاً: أن يحرصوا على أن تكون مجالسهم مجالس خير، يأخذون معهم شيئاً من كتب التفسير أو كتب الحديث أو كتب الوعظ الصحيحة يقرءونها في فراغهم في أول ليلهم، ولا يحرصوا على أن يطيلوا السهر؛ لأن طول السهر مضرة على البدن وحجب عن الصلاة في آخر الليل وهم كالذين في البلد ينبغي لهم أن يكثروا من النوافل والتطوع كغيرهم. رابعاً: أن يحرصوا على زيارة من حولهم من النزلاء للتأليف والتعليم والإرشاد؛ لأن هذا ينفع نفعاً عظيماً ولا يحقرن أحد شيئاً من العلم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (بلغوا عني ولو آية) وما أحسن القوم إذا زار بعضهم بعضاً؛ يسيأنس بعضهم إلى بعض، ويألف بعضهم بعضاً، ويتعلم بعضهم من بعض، ويعظ بعضهم بعضاً، ويذكر بعضهم بعضاً، ففيه مصلحة كبيرة. خامساً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا سمعوا من قومٍ ما لا يجوز أو رأوا منهم ما لا يجوز، فالواجب الاتصال بهم والتحدث إليهم بالرفق واللين والموعظة الحسنة، وأن ينهوهم عن المنكر، فيقول: ليس هذا جزاء النعمة التي أنعم الله بها علينا؛ أمن ورخاء وهذه نعم ولله الحمد، غيث ومطر، فيذكرنهم بنعمة الله ويقولون: لا تكونوا ممن بدل نعمة الله كفراً، ولكن بالتأني والرفق. وليعلم الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أنه كالطبيب مع المريض يستخدم اليسر واللين والتخفيف عن المريض حتى يتوصل إلى القضاء على المرض. إذاً: هؤلاء الذين أصيبوا بالمعاصي مرضى، ولهذا تجدون في القرآن كل مرض يضاف إلى القلب فهو مرض المعاصي: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا} [النور:50] {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً} [البقرة:10] . سادساً: الحرص على أن يكون الخارجون للنزهة على مستوىً واحدٍ في السن أو متقارب، بمعنى أنه لا ينبغي أن يكون بعضهم صغاراً وبعضهم كباراً، اللهم إلا من كانوا مع أهليهم فهذا شأن آخر، لكن الذين تجمع بينهم الصحبة لا ينبغي أن يذهبوا بالصغار مع الكبار؛ لأن هذا قد تحصل به الفتنة من حيث لا يشعر الإنسان، والإنسان مثلاً قد يقول في نفسه: أنا والحمد لله مطمئن ولا أخشى على نفسي شيئاً، ولكن ليعلم أن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من سمع بالدجال فلينأى عنه -يبعد- فإن الرجل يأتيه وهو مؤمن -وواثق من نفسه- ولكن لا يزال به حتى يتبعه لما يقع في قلبه من الشبهات) اللهم اعصمنا من فتنة المسيح الدجال. إذاً: لا تقل: إني آمن وواثق! لا. الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، لذلك يجب أن يكون الخارجون على سنٍ واحدة متساوين أو متقاربين إلا من كان مع أهله فإنه مع أهله فيهم صغار وفيهم كبار. سابعاً: أن يحرص على ألا يُبعد عن مخيمه، فإن هذا قد يحصل به الضياع ويتيه الرجل، والإنسان إذا تاه فإنه يُغمى عليه كما يقول العامة: ينجم ولا يستطيع أن يدرك المكان، لذلك يتجنب البعد عن المخيم إلا مع إنسان عارف يدله إذا ضل، ومعلوم أن الإنسان إذا ضاع فسوف يتعب هو بنفسه ويعرض نفسه للخطر إما خطر البرد وإما خطر أهل السوق وإما غير ذلك، وكذلك يشغل أصحابه وأهله، فلهذا يجب أن يتجنب البعد عن مخيمه؛ لما في ذلك من الخطر إلا إذا كان مع شخصٍ عارف يعرف المكان ويعرف الأرض، فلا حول ولا قوة إلا بالله. هذه الأمور ينبغي للإنسان أن يلاحظها، لأنها هامة يحتاج الناس إليها.

استغلال الإجازة في مساعدة الأهل وفي طلب العلم

استغلال الإجازة في مساعدة الأهل وفي طلب العلم الصنف الثالث من الناس: من يبقى في بلده لا يخرج لا للنزهة ولا للعمرة ولا للزيارة، فهذا لا حرج عليه أن يبقى، ولكن ينبغي ألا يُضيع الفرصة في هذه الإجازة وألا يجعلها عطلة بل يجعلها استراحة يستمتع بما معه من الكتب أو الأشرطة أو غيرها مما ينفعه، على أن يستعيد نشاطه للمستقبل، وإذا كان هذا الإنسان له أب أو أخ أكبر منه وساعده في تجارته أو في زراعته أو في حرثه فهذا خير وفائدة كبيرة، المهم ألا يُضيع الوقت سدىً وبلا فائدة.

استغلال الإجازة في الدعوة إلى الله

استغلال الإجازة في الدعوة إلى الله الصنف الرابع من الناس: من يخرج في الدعوة إلى الله وهذا طيب، هذا نوع من الجهاد في سبيل الله؛ لأن الجهاد نوعان: 1- جهاد بالسلاح. 2- جهاد بالعلم. وكلاهما قرينان، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة:122] أي: وبقيت طائفة ماذا تصنع؟ {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة:122] فبين الله أن المؤمنين لا يمكن أن يكونوا كلهم للجهاد، تكون طائفة في الجهاد وطائفة تبقى في المدينة مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) فجعل الله طلب العلم عديلاً للجهاد في سبيل الله، ما أحسن أن يخرج أناس من طلبة العلم وأريد بطلبة العلم الذين عندهم علم وقدرة على البيان، لا نكتفي بإنسان عنده قدرة على البيان لكن ليس عنده علم. بعض الناس يستطيع أن يتكلم ويعظ ويؤثر ولكن ليس عنده علم، وهذا يؤثر على القلوب في الوقت الحاضر وينفع ولكن نفعه قليل، لو أن هذا الذي عنده بيان وفصاحة وتأثير ولكن ليس عنده علم، لو قام أحد يسأله أو يعارضه في مقال لم يستطع التخلص، وحينئذ تنقلب المنفعة مضرة والمصلحة مفسدة، ولذلك أحث إخواني الذين عندهم علم إذا تمكنوا من أن يذهبوا يميناً أو شمالاً أو شرقاً أو غرباً للموعظة والدعوة إلى الله كان في هذا خير كثير، وما أكثر الذين يلحون من الشمال ومن الجنوب ومن الشرق ومن الغرب يلحون علينا بطلب إرسال من يعظهم ويحاضر عندهم وينفعهم.

استغلال الإجازة في الذهاب إلى خارج البلاد

استغلال الإجازة في الذهاب إلى خارج البلاد الصنف الخامس من الناس: الذين يخرجون إلى خارج البلاد، -هؤلاء أيضاً- إن خرجوا للدعوة إلى الله وكان معهم علم يدفعون به الشبهات ودين يدفعون به الشهوات فهذا طيب، أما الذين يخرجون للتمتع فهؤلاء على خطر عظيم، وهم واقعون في المحظور، لأنه لو لم يكن من هذا الخروج إلا واحدة لكفى. وهي إضاعة المال، وهذا شيء محقق ولا يمكن أن يختلف فيه اثنان، أن فيه إضاعة المال؛ لأن نفقات التذاكر باهظة، ونفقات الفنادق هناك باهظة، هذا مع ما يحصل للقلب من البلاء، وما يحصل للنفس من الشرور، لذلك نحذر إخواننا من السفر إلى الخارج فإنه علة وبلاء، وإضاعة وقت، وإضاعة مال، وإفساد أخلاق، وربما إفساد عقيدة، لأن مما يخل بالعقيدة ونحن لا نشعر به، مسألة المودة والمحبة، هل كراهة الناس اليوم لغير المسلم مثل كراهتهم له بالأمس؟ أبداً كانوا بالأمس إذا ذكر اسم النصراني أو اليهودي اقشعر الجلد أما الآن فلا، بل إن من الناس -والعياذ بالله- من تتولى غير المسلمين أكثر من تولي المسلمين، وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51] . والسفر إلى بلادهم سبب للمودة وإثراء لأموالهم وإعزاز لأوطانهم، مع ما فيه من خطر على عقيدة الإنسان وعلى خلقه، فنسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم في هذه الدنيا ممن اكتسبوها في العمل الصالح، إن أذنبوا استغفروا، وإن غفلوا ذكروا، وإن أعطوا شكروا، وإن ابتلوا صبروا، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

الأسئلة

الأسئلة

مخالفات شرعية يقع فيها أصحاب الإجازات

مخالفات شرعية يقع فيها أصحاب الإجازات Q فضيلة الشيخ: جرت عادة بعض الناس بل الكثير وخاصة الشباب أن يقضوا إجازة نصف العام في البراري يحصل لكن عند بعضهم بعض الأمور التي نرجو من فضيلتكم التوجيه عليها: أولاً: السهر الطويل الذي يكون على حساب صلاة الفجر فلا يصليها إلا ضحى بل لربما صلاها مع الظهر؟ ثانياً: الأوقات تقضى في لعب الورق وقد تكون على مال وعلى استعمال آلات اللهو من عود وطبل ويصحبها دخان وغيره؟ ثالثاً: تساهل الآباء وثقتهم الزائدة في أبنائهم الصغار فيخرجونهم مع من لا يساويهم سناً وثقافة؟ A هذه الأشياء الثلاثة كلها أشرنا إليها في كلامنا إلا مسألة تأخير الصلاة عن وقتها فأنا أقول زيادة على ما سبق: إذا أخرها عن وقتها متعمداً؛ فإن الله لا يقبلها منه ولو صلاها ألف مرة، والذين ينامون ويعرفون أنهم لن يقوموا إلا بعد طلوع الشمس هؤلاء متعمدون تأخيرها عن وقتها، هؤلاء لا تقبل منهم إطلاقاً، ودليل ذلك: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) . أي: مردود عليه، والذي يتعمد تأخير الصلاة عن وقتها قد عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله. قد يقول قائل: أليس النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) أي: استيقظ، أليس النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فنزل في آخر الليل وقال لـ بلال: اتل علينا الفجر -أي: راقبه- ولكن بلالاً نام ولم يصح إلا بعد طلوع الشمس؟ قلنا: بلى. كان هذا، ولكن هل كان هذا هو العادة؟ وهل النبي عليه الصلاة والسلام لم يتخذ الأسباب التي يحصل بها الاستيقاظ؟ إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلب من بلال أن يراقب الفجر. وإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من نام عن صلاة أو نسيها) ليس عمداً، ولكن هؤلاء الذين يتعمدون النوم في آخر الليل ويعلمون أنهم لن يقوموا إلا بعد طلوع الشمس هؤلاء أين العذر لهم؟! نعم. لو فرض أنهم فعلوا كلما يمكن أن يستيقظوا به من الساعات المنبهة وغيرها، ولكن لم يكن ذلك، أي: لم يقوموا، فحينئذٍ إذ استيقظوا صلوا. أما لعب الورق إذا كان على عوض فهي حرام، لأنه من الميسر، وسواء كان العوض دراهم أو ثياباً أو إيلاماً بضرب أو غيره أو حبساً، أي شيء على عوض فهو حرام، أما إذا لم تكن بعوض فهي مضيعة للوقت بلا شك، وسبب في بعض الأحيان إلى النزاع إذا غلب أحدهم الآخر صار معه في نزاع، وقد قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: إنها حرام بكل حال.

مفاسد اللعب بالسيارات في البراري

مفاسد اللعب بالسيارات في البراري Q فضيلة الشيخ! يكثر في هذه الأيام خروج بعض الشباب للدوران في البراري ويسمى عندهم التطعيص، فنجد بعضهم يمضي جل ليله يجوب الرمال صعوداً ونزولاً ومن جراء ذلك نتج ما يلي: أولاً: تحميل السيارات أكثر مما تطيق ولربما أفسدها وقصر من عمرها. ثانياً: إزعاج الناس وإيذاؤهم خصوصا إذا جلس الرجل مع عائلته. ثالثاً: إتلاف ما من الله به علينا من نبات فلا تكاد تجد مكاناً علا أو نزل إلا وقد أفسدته السيارات. رابعاً: ما حدث من حوادث رهيبة ذهب ضحيتها بعض الناس أو أصابهم بعض الجروح والكسور. خامساً: ما يفعله بعضهم من قفز على السيارات بالدراجات النارية، وذلك بأن يجعلوا السيارات مصفوفة تحت كثبان الرمال ثم يأتي السائق في دراجته من أعلى الكثبان ويقفز إلى الجهة المقابلة، فما حكم ذلك كله وبم تنصحون الأولياء وما توجهون به الشباب وما توجيهاتكم للجهات الأمنية؟ A كل هذه الأشياء التي ذكرها السائل كلها محظورة، وبعضها يقع كثيراً وبعضها يقع قليلاً، والواجب على الشاب المسلم أن يعرف قدر نفسه وأنه مسلم مؤمن بالله عز وجل ممتثل لأمره، وفي هذه الأشياء من المفاسد ما هو ظاهر إضاعة المال إفساده الخطر العظيم إيذاء المؤمنين: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [الأحزاب:58] إن الفاعل لهذا لا شك أنه سفيه، وقد قال الله تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} [النساء:5] . أما الجهات الأمنية فإن الواجب عليها أن تمنع ما فيه الشر والفساد بقدر المستطاع، ولكن هناك شيء آخر أو خطوة أولى قبل تدخل الجهات الأمنية، وهو الشباب الذي له قول مقبول عند الآخرين ينبغي أن يكثر التحذير من هذا، وبيان أن هذا منافٍ للشرع والعقل والحلم والرجولة. وعلى أولياء الأمور الذين يستطيعون أن يمنعوا أبناءهم من ذلك، عليهم أن يمنعوهم حتى من الخروج إذا كان خروجهم على هذا الوجه، ولكن إن شاء الله تعالى أن الشباب سوف يرعوي وسوف يعلم أن هذا ليس من مصلحته بل هو من دنيا وأخرى، وحينئذ يغلب جانب العقل على جانب السفه، وجانب الصلاح على جانب الفساد.

الحث على الاهتمام بالأسرة

الحث على الاهتمام بالأسرة Q يلاحظ على بعض الأولياء وخاصة الأزواج تركهم لعوائلهم طيلة أيام الإجازة، فلا يؤنس أولاده ولا يسافر معهم، بل ينشغل بأصحابه ولربما ترك أمه وأباه وزوجته وأولاده وصلة أرحامه يضيعون، فما عاقبة ذلك؟ A لا شك أن العائلة أحق من غيرهم بما يدخل السرور والأنس عليهم، ولو أن العوائل اجتمعوا وخرجوا في نزهة جميعاً لكان هذا خيراً وأولى، بشرط ألا يكون هناك اختلاط بين الرجال والنساء. أما ما ذكره السائل من أن بعض الناس يذهب مع أصحابه وينسى أهله وينسى عائلته، فإن هذا لا شك أنه سوء تصرف وأنه غير محمود، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ابدأ بنفسك ثم بمن تعول) هذا وإن كان في المال، لكن حتى في غير المال أيضاً، أهلك أحق بك من غيرهم، ولكن إذا كان أهله لا يرغبون الخروج، وخرج مع أصحابه وصار يأتي إلى أهله في اليومين أو في الثلاثة أو في كل يوم، أي: أن الأمر سهل والحمد لله، الآن السيارات تأتي بالبعيد فإن هذا لا بأس به ولا ضيق على الإنسان فيه.

حكم أخذ وإعطاء إجازة مرضية لغير مستحقيها

حكم أخذ وإعطاء إجازة مرضية لغير مستحقيها Q هل يجوز للطبيب أن يعطي أحداً من الناس إجازة مرضية وخاصة للموظفين، عندما يكون هذا الشخص لا يحتاج حقيقة إلى هذه الإجازة وهذا الطبيب لم يعاين هذا الشخص ولم يكشف عليه، وهل يأثم الطبيب لو أعطى المريض إجازة مرضية أكثر مما يستحق؟ A في الصحيحين عن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ألا أنبؤكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله،؟ قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: وقول الزور وشهادة الزور) ولا شك أن الطبيب إذا أعطى شخصاً إجازة مرضية وهو ليس بمريض لا شك أنه قال الزور وشهد شهادة الزور، وأنه آثم وأتى كبيرة من أكبر الكبائر، وكذلك الذي أخذ هذه الإجازة آثم وكاذب على الجهات المسئولة وآكل للمال بالباطل، فإن الراتب الذي يقابل هذه الإجازة أخذه بغير حق، وكذلك إذا أعطاه أكثر مما يحتاج، مثل أن يحتاج إلى ثلاثة أيام إجازة مرضية ويعطيه أربعاً، فإن هذا حرام من أكبر الكبائر. والحقيقة أن الإنسان كلما فكر في مثل هذه الأمور، يعجب كيف يقع هذا في شأن المسلم، ألسنا كلنا مسلمين؟ أليس دين الإسلام يحرم هذا؟ أليس العقل المجرد عن الإيمان والإسلام يحرم هذا؟ الجواب: بلى لكن مع الأسف أن يقع هذا من المسلمين ويكون وصمة عار في جبين كل مسلم. الآن يقول بعض السفهاء: إن الكفار أنصح من المسلمين وأصدق من المسلمين وأوفى من المسلمين، وهذا قد يكون صدقاً في بعض الأحيان، لكننا نقول لهذا: دين الإسلام أكمل من كل ما سواه من الأديان، ومنهج الإسلام خير من كل منهج، وشرعة الإسلام فوق كل شريعة، لكن البلاء من أهل الإسلام وليس من الإسلام، وما دمت رجلاً أنتمي إلى الإسلام وأفخر به وأعتز به وأرجو به ثواب الله، فلماذا أخالف شريعة الإسلام؟! لماذا أقول الزور؟ لماذا أشهد الزور؟ لماذا آكل المال بالباطل؟ لماذا أخون الجهات المسئولة؟ كل هذا مما يؤسف له، وكل هذا مما أوجب تأخر المسلمين وتسلط الأعداء عليهم. إخواننا المسلمين في بعض الجهات الإسلامية ينحرون نحر الخروف، يذبحون ذبحاً، تنتهك حرماتهم، تسبى ذراريهم، تغتنم أموالهم، لماذا؟ كل هذا بذنوبنا ومعاصينا. فنسأل الله أن يعاملنا بعفوه وأن ينصرنا على أعدائنا.

حكم استعمال الكتاب الذي يستخدمه العوام أثناء أشواط العمرة والسعي

حكم استعمال الكتاب الذي يستخدمه العوام أثناء أشواط العمرة والسعي Q نرجو من فضيلتكم توضيح حكم استعمال هذا الكتاب الذي يستخدمه الناس للقراءة منه أثناء الأشواط في العمرة أو الحج، ولم يرد هذا الدعاء الذي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ A السائل يشير إلى منسك صغير يحمله الحجاج والعمار مكتوب فيه لكل شوط دعاء، دعاء الشوط الأول، دعاء الشوط الثاني، دعاء الشوط الثالث إلى آخره، وهذه بدعة باتفاق الفقهاء، بدعة لا تزيدك من الله إلا بعداً؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) . أين هذه الأدعية من البخاري، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجة، والترمذي، وغير ذلك من المسانيد والسنن أين فيها هذا الدعاء لكل شوط؟ وأقول للأخ السائل: إن استعمال هذه الأدعية لا يزيد الإنسان من الله إلا بعداً ولا يزيده إلا ضلالاً، لكن يقول: ماذا أقول؟ قل ما تريد على ربك، اسأل ربك ما تريد من حاجات في نفسك، أشخاص في نفسك تريد الدعاء لهم، ادع لأهلك، لإخوانك المسلمين، ادع بما شئت، (ليسأل أحدكم ربه حتى شراك نعله) كرر إذا نفد ما عندك من أدعية، فالإلحاح في الدعاء مطلوب، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا دعا، دعا ثلاثاً، وإذا سئمت فاقرأ القرآن، فالأمر واسع، أما أن تحمل هذه البدعة وتتقرب بها إلى الله فهذا خطأ، ثم إن في هذه الكتيبات من الأدعية ما ليس بمشروع أصلاً، ومنها ما لا يعرف معناه من قرأه، حتى الذي يقرؤه لا يعرف معناه حتى نسمع أناساً يقلبون الكلمات. سمعت رجلاً يقول: اللهم أغنني بحلالك عن حرامك فقال: اللهم أغنني بجلالك، لا أدري هل قال: عن جرامك أو عن حرامك، المهم أنه أخطأ؛ لأنه لا يعرف معنى ما يقرأ.

حكم دخول مكة لمن لم ينو العمرة

حكم دخول مكة لمن لم ينو العمرة Q أتيت من الرياض في طريقي إلى المدينة، ثم إلى مكة وهذه رحلة عمل حيث أني أتوقف في كل بلدة أمر بها في طريقي حسب طبيعة عملي، فأنا مندوب مبيعات ويصعب علي الإحرام وأداء العمل في نفس الوقت ونهاية رحلة العمل في الجموم داخل حدود الميقات، فإذا أردت أداء عمرة حيث أنويها من الآن فمن أين أحرم؟ وهل أعود بعد انتهاء العمل إلى الميقات؟ A نعم إذا مر الإنسان بالميقات وهو صاحب عمل ولم ينو العمرة فلا حرج عليه، يدخل مكة بلا عمرة ويطوف إن شاء أو لا يطوف، فما دام أدى العمرة الواجبة عمرة الإسلام. لكن إذا مر بالميقات وهو يريد الأمرين: العمل والعمرة، فلا بد أن يحرم من الميقات، ثم يكمل العمرة وينهي عمله، فإذا قال: هذا يشق عليّ؛ لأني سأبقى في جدة مثلاً أو في الجموم قبل أن أصل إلى مكة قلنا: لا تنوِ العمرة في هذا السفر اجعل العمرة في سفر آخر والأمر ولله الحمد واسع.

حكم من نوى العمرة بعد مجاوزة الميقات

حكم من نوى العمرة بعد مجاوزة الميقات Q سافرت إلى الحجاز ولم يكن عندي نية للعمرة وعندما وصلت إلى جدة ومكثت فيها أياماً وجدت من يشجعني على أداء العمرة فهل أعتمر مع العلم أني لم أعتمر قبل ذلك أبداً؟ A نقول: في هذه الحال لك أن تحرم من جدة؛ لأنك في الأول لم ترد العمرة، ولكن يجب أن تعلم أن العمرة واجبة على الفور، وأن الواجب عليك أن تنوي العمرة حين مررت بالميقات، ثم تؤدي العمرة وترجع إلى جدة، ولكن ما دام الأمر كما قال السائل إنه قد ذهب إلى جدة وهناك وجد من يشجعه على العمرة فأحرم من هناك وأدى العمرة، نقول: لا حرج عليك، وليس عليه فدية، وعمرته هذه مجزئة عن عمرة الإسلام.

حكم بيع الحيوانات حية بالوزن

حكم بيع الحيوانات حية بالوزن Q فضيلة الشيخ: مع كثرة الرحلات يكثر شراء الذبائح وقد سمعنا أن هناك أناساً يبيعون الذبائح حية بالكيلو، أي يزنها حية دمها ولحمها وفرشها وجميع ما فيها الكيلو بكذا، فهل هذا جائز؟ A ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع الغرر) فلنطبق هذه المعاملة على هذا؟ إذا باعها حية بالوزن فهل في ذلك غرر أم لا؟ الجواب: فيه غرر، قد يكون بطنها مملوءاً بالماء، فيزيد وزنها فيحسب عليه كيلو الماء مثل كيلو اللحم، وهذه جهالة لا شك، وربما يتعمد البائع الغش في هذه الحال، فإذا أراد أن يبيعها ملأ بطنها ماءً، كما أن بعض الناس إذا أراد أن يبيع الشاة اللبون صراها، حتى يظن من رأى ضرعها أنها ذات لبن كثير، لهذا نقول: لا يجوز أن يبيعها وزناً، ونقول: بدل أن يبيعها وزناً يبيعها هكذا جزافاً وما المانع؟ لكن أحياناً يزين للإنسان سوء عمله -والعياذ بالله- فيظنه حسناً، فبدلاً من أن تقول: زنها، فتكون مائة كيلوا أو خمسين كيلو أو ما أشبه ذلك والكيلو مثلاً بخمسة، إذا كانت خمسين كيلو والكيلو بخمسة فيكون ثمنها مائتين وخمسين كيلو نقول: مائتين وخمسين بدون وزن، ثلاثمائة أو مائتين بدون وزن.

حكم التسمي باسم ملاك وما شابهه

حكم التسمي باسم ملاك وما شابهه Q ما حكم التسمي باسم ملاك (بالفتح) أو ملاك (بالكسر) للأنثى؟ وما هو قولكم فيمن يقول: إن هذا لا يجوز؛ لأن هذه الكلمة مأخوذة من الملك وهم الملائكة ولا يجوز مشابهة الملائكة في ذلك، وهل ذلك من تسمية الملائكة تسمية الأنثى كما ورد في القرآن نرجو الإجابة وفقكم الله؟ A أنا أكره أن يسمى الإنسان ابنته مِلاك أو مَلاك وأقول: هل ضاقت عليه الأسماء؟ الأسماء ألوف مؤلفة، وربما لا يكون عنده إلا هذه البنت، فالأسماء كثيرة يأخذ من أسماء نساء الصحابة رضي الله عنهن من أسماء نساء بلده، أما أن يأتي إلى أشياء أدنى ما نقول إن فيها شكاً، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك. والأسماء والحمد لله واسعة، أما الأسماء التي فيها التزكية فإن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غير اسم برة إلى جويرية أو إلى زينب -امرأتان- ومثل ذلك أبرار لا يُسمى بها؛ لأن أبرار جمع بر، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غير برة مع أنها اسم أنثى فيها التأنيث، فكيف لا نغير اسم أبرار التي هي جمع لبر وبر اسم مذكر.

حكم إيقاف النسل بحجة التفرغ للعبادة

حكم إيقاف النسل بحجة التفرغ للعبادة Q رجل له أربعة أبناء ويقول: إنه يرغب في إيقاف النسل ويكتفي بما عنده من أولاد ليتفرغ لعبادة ربه؛ لأن كثرة الأبناء تلهي فهل يأثم بذلك أم لا؟ A هذه نظرة قاصرة، فالأولاد تربيتهم من طاعة الله، وإذا اهتدى أولادك على يدك نفعوك حياً وميتاً كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ثم نقول لك: كثرة الأولاد كثرة للأمة. والنبي صلى الله عليه وآله وسلم حثَّ على أن يتزوج الإنسان الودود الولود من أجل كثرة الأولاد، وأخبر أنه يباهي الأنبياء بأمته يوم القيامة يكاثر بهم، فليعدل السائل عن هذا الاتجاه، وليكثر من الأولاد؛ ليكثر رزقه، وليكثر الاهتداء على يده، وليكون هؤلاء الأولاد ذخراً له في حياته وبعد مماته ولتحقيق مباهاته النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.

حكم قراءة الفاتحة في التشهد نسيانا

حكم قراءة الفاتحة في التشهد نسياناً Q رجل يقرأ الفاتحة في التشهد ناسياً فهل يعيد الصلاة؟ A لا يعيد الصلاة إذا قرأ الفاتحة في التشهد ناسياً، لكن يجب أن يقرأ التشهد؛ لأن التشهد الأخير الذي يعقبه السلام ركن والتشهد الأول (الأوسط) واجب من واجبات الصلاة، وليعلم أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً) فلا يجوز للمصلي أن يقرأ القرآن وهو راكع ولا أن يقرأ القرآن وهو ساجد. نعم لو دعا بدعاء من القرآن فلا بأس، أما أن يتلو القرآن وهو راكع أو ساجد فإن ذلك حرام عليه، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن من قرأ وهو راكع أو ساجد فإن صلاته تبطل؛ لأنه منهي عنه.

حكم أخذ المصاحف من المساجد وإبدالها بغيرها

حكم أخذ المصاحف من المساجد وإبدالها بغيرها Q فضيلة الشيخ: يوجد في بعض المساجد مصاحف قديمة كبيرة الحجم وردت قديماً من خارج هذه البلاد كهدية للحرم أو غيره من المساجد، وبعد فتح المجمع لطبع المصحف في المدينة ترك الناس هذه المصاحف فتراكم عليها الغبار أو قل القارئ فيها، فهل يجوز لي أن آخذ واحداً منها لوضوح حروفها ولحاجتي للقراءة فيها، وأجعل مكانه مصحفاً آخر مما يقرأ الناس فيه، بل أجعل بدله عشرة بنية صاحبها فهل يجوز لي ذلك؟ A الناظر على المساجد وعلى ما يُرى فيها من المصاحف والكتب هي وزارة الأوقاف، هي الجهة المسئولة، فإذا اتفقت مع الوزارة أو مع الناظر على مساجد هذا البلد الذي أنت فيه على أن تأخذ هذا المصحف وتضع بدله مصحفين أو ثلاثة أو أربعة ووافقوا على ذلك فهذا جائز، ولا يحل لهم أن يوافقوا إلا إذا كان هذا المصحف الذي تريده متعطلاً لا يقرأ فيه. أما أن تفعل ذلك بنفسك فإن هذا حرام؛ لأنه لا ولاية لك على هذا المسجد.

حكم من نسي عدد أشواط الطواف والسعي

حكم من نسي عدد أشواط الطواف والسعي Q إذا نسي الرجل كم طاف حول الكعبة أو كم سعى ستة أم سبعة فماذا يفعل؟ A أما الطواف فنسيانه وارد، يطوف الإنسان فلا يدري هل هذا الخامس أو السادس أو السابع؟ وإذا شك فإن كان عنده غلبة ظن فليبن على غلبة الظن، مثلاً: غلب على ظنه أنها سبعة أشواط يجعلها سبعة، وإذا غلب على ظنه أنها ستة أو سبعة، لكن غلبت الستة، يجعلها ستة، أما إذا لم يغلب على ظنه شيء بل هو شك محتمل، فليبن على الأقل، لأنه يقين، فإذا شك هل هي خمسة أو ستة بدون أن يرجح فليجعلها خمسة. أما السعي فالخطأ فيه قليل لماذا؟ لأن فيه علامة إن ختمت بـ الصفا فأنت إما زائد شوطاً وإما ناقص شوطاً يقيناً. وإن ختمت بـ المروة فأنت إما مصيب أو زائد. وعلى كل حال نقول فيه ما قلنا في الطواف: إذا غلب على ظنك أحد العددين فاعمل به، وإذا كان الشك متساوياً فخذ بالأقل. ولكن هل يسجد للسهو في الطواف والسعي؟ الجواب: الساعي لا يسجد، أما الطواف وأن كان صلاة إلا أن الله أباح لنا فيه الكلام إلا أنه لا يسجد، لأنه لا يتعبد في الطواف بالسجود، فإذا كان الأصل ليس فيه سجود، فكيف إذا كان فيه الشك، أي: كيف يجبر بالسجود وهو أصله ليس فيه سجود.

حكم جلوس المرأة الحائض في المسعى

حكم جلوس المرأة الحائض في المسعى Q إذا كنا جماعة ومعنا امرأة فحاضت هذه المرأة وليس لنا مسكن، وهذه المرأة قد تحفظت تحفظاً كاملاً هل يجوز لها الجلوس في المسعى من أجل البرد أم تخرج خارج المسجد في التوسعة الجديدة أم ماذا تفعل؟ A لا حرج عليها أن تجلس في المسعى؛ لأن المسعى ليس من المسجد بل خارج المسجد، له حدود معينة وجدار تحجزه عن المسجد الحرام، فليس من المسجد، فإذا جلست فيه الحائض فلا حرج عليها أن تنتظر أهلها أو ما أشبه ذلك.

حكم طواف الوداع للمعتمر

حكم طواف الوداع للمعتمر Q هل هناك مدة معينة يجوز للإنسان بعدها أن يطوف طواف الوداع أو أن الأمر مفتوح؟ وهل يجوز للإنسان أن يبقى بعد طواف الوداع ساعات خصوصاً ليشتري بعض الحاجيات أو الهدايا أم ماذا يفعل؟ A أما الشق الأول: الرجل إذا أتى معتمراً وطاف وسعى وقصر ومشى فهذا يغنيه عن طواف الوداع، ولا حاجة للوداع، وأما إذا مكث ولو ساعة فلا بد أن يودع، ثم الذي ينبغي ألا يشتري بعده شيئاً ولو كان من الأغراض التي يحتاج إليها، يشتري الأغراض التي يحتاج إليها قبل أن يطوف ثم يطوف هذا هو الأفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أن يكون الطواف آخر شيء: (فليكن آخر عهده بالبيت الطواف) لكن لو فرض أنه طاف ثم مشى وفي أثناء الطريق رأى ما يعجبه مما يحتاجه واشتراه فلا حرج عليه، وكذلك لو طاف وخرج وتخلف بعض الرفقاء وجلس لانتظار الرفقاء فإن ذلك لا بأس به.

حكم تارك الصلاة

حكم تارك الصلاة Q لي أخ لا يصلي وإذا كلمناه عن ذلك ونصحناه بدأ يسب الدين فماذا نفعل مع مثل هذا؟ A الواجب عليكم نحو هذا الرجل المناصحة، فإذا أيستم منه فالواجب أن ترفعوا أمره إلى الجهات المسئولة، ويجب في هذه الحالة على الجهات المسئولة أن تدعوه إلى الصلاة، فإن صلى وإلا وجب قتله كافراً مخلداً في النار، لأن الذي لا يصلي كافر، خارج عن الإسلام والعياذ بالله، فالواجب عليكم ما دامت هذه حاله أن تبلغوا الجهات المسئولة حتى تلزمه بشرائع الإسلام، فإن التزم فذاك، وإن لم يلتزم فلا بد أن يُقتل.

حكم تغطية المرأة وجهها أثناء تأدية مناسك العمرة

حكم تغطية المرأة وجهها أثناء تأدية مناسك العمرة Q هل يجب على المرأة تغطية وجهها خلال جميع مناسك العمرة؟ وهل يستثنى شيء من أعمال العمرة تكشف المرأة عن وجهها فيه؟ A أما إذا كان ليس حولها رجال فلتكشف وجهها هذا هو الأفضل، وإذا كان حولها رجال لا يحل لها الكشف عندهم فالواجب عليها أن تستر وجهها، ومعلوم أنها في المطاف والمسعى والأسواق عندها رجال لا يحل لها أن تكشف وجهها أمامهم، أما في السيارة أو في البر، فإن المشروع في حقها أن تكشف وجهها ما دام الذين معها من محارمها.

مشروعية سوق الهدي في العمرة

مشروعية سوق الهدي في العمرة Q قرأت في بعض كتب الفقه أنه يشرع للمعتمر أن يذبح هدياً بعد عمرته استحباباً، هل هذا من السنن المندثرة في هذا الوقت، وحبذا لو نبهتمونا على هذه السنة إن كانت سنة وجزاكم الله خيراً؟ A هذه من السنن المندثرة، لكن ليس السنة أنك إذا اعتمرت اشتريت شاة وذبحتها، السنة أن تسوق الشاة معك تأتي بها من بلادك أو على الأقل من الميقات أو من أدنى حل عند بعض العلماء، ويسمى هذا (سوق الهدي) أما أن تذبح بعد العمرة بدون سوق فهذا ليس من السنة.

حكم صلاة المرأة في المسجد الحرام

حكم صلاة المرأة في المسجد الحرام Q هل فضل مضاعفة الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي خاصة بالرجال أم بالرجال والنساء؟ فإذا كان يشمل النساء أفلا نقول: إن صلاة المرأة في المسجد الحرام أو المسجد النبوي أفضل من بيتها، وكيف نرد على قول النبي صلى الله عليه وسلم (وبيوتهن خير لهن) ؟ A هذه كلمة خشنة جداً (كيف نرد على قول الرسول) صعبة! لكن الظاهر أن قصده: كيف نجيب عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم. أقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) وهذا المسجد هو الذي قال فيه: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن) فأخبر أن صلاة المرأة في بيتها في المدينة خير من صلاتها في المسجد النبوي مع المضاعفة، مع أن الصلاة في المسجد النبوي مضاعفة، كذلك في مكة صلاتها في بيتها خير من صلاتها في المسجد الحرام. ولكن قد يقول قائل: كيف يكون خيراً وهذه مائة ألف صلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي بألف أو خير من ألف؟ نقول: هناك كمية وهناك كيفية، فالأجر في كيفيته وضخامته في بيتها يقابل العدد الحاصل بالكثرة، ثم إنه قد يقول قائل: إن المرأة إذا صلت في المسجد الحرام لا يحصل لها مائة ألف صلاة أو في المسجد النبوي لا يحصل لها أن تكون صلاتها خيراً من ألف صلاة؛ لأن المخاطب بذلك أهل المساجد، ومن أهل المساجد؟ الرجال دون النساء. ولذلك يقع في النفس شك لو صلت المرأة في المسجد الحرام هل تنال مائة ألف؟ ولو صلت في المسجد النبوي هل صلاتها خير من ألف صلاة؟ هذا محل نظر ومحل تأمل، لأن المخاطب في فضل المساجد هم أهل المساجد وهم الرجال، أما المرأة فبيتها خير لها من المسجد حتى من المسجد الحرام ومن المسجد النبوي.

حكم الهرولة بالنسبة للنساء في السعي

حكم الهرولة بالنسبة للنساء في السعي Q أشرتم وفقكم الله في الطواف والسعي إلى الهرولة هل الهرولة خاصة بالرجل وإذا كان الرجل معه امرأة بل نساء فهل يهرولن معه أم لا؟ A ذكر بعض أهل العلم أن علماء المسلمين أجمعوا بأن المرأة لا تهرول لا في الطواف ولا في السعي، وكان يتراءى لي في الأول أن المرأة في السعي تسعى بين العلمين، أي: تركض؛ لأن أصل السعي من أجل أم إسماعيل، لما تركها إبراهيم وولدها في مكة وترك عندهما جراباً من التمر ووعاءً من الماء، فلما نفد التمر والماء قل لبنها على ابنها وصار الابن يجوع لأن الأم ليس فيها لبن فجعل الابن يصيح، فضاقت عليها الأرض بما رحبت، فنظرت أقرب جبل إليها؛ لأن الولد كان عند محل الكعبة، وأقرب جبل إليها هو الصفا. فذهبت فصعدت تتسمع لعل الله أن يأتي بأحد، لأن ذلك الوقت ليس فيه أحد، فنزلت متجهة إلى المروة، لأنه أقرب جبل إليها أيضاً، وفي أثناء مسيرها مرت بوادي مجرى الشعيب، وهو عادة يكون منخفضاً فلما هبطت بالوادي أسرعت لئلا يغيب عنها ولدها، فلما صعدت مشت عادة حتى أتت المروة، فلما أتمت سبع مرات نزل الفرج من رب الأرض والسماوات، الله أكبر. نزل جبريل فركض برجله أو جناحه محل زمزم حتى نبع الماء، فجعلت من شفقتها عليه تحجره لئلا ينساب في الأرض، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لكانت عيناً معيناً) وجعلت تشرب من هذا الماء، وكان ماء زمزم لما شرب له، فكان يغنيها عن الطعام والشراب، فدرت على ولدها واستأنست، فمر ركب من جرهم، ورأوا الطيور تنزل على هذه الجهة لتشرب من الماء، فتعجبوا وقالوا: ليس في هذا المكان ماء! فكيف يكون هذا؟ فذهبوا نحو ما تأوي إليه الطيور، فإذا بأم إسماعيل وولدها، فنزلوا عندها وصارت قرية، مدينة. سبحان الله! بعد أن لم يكن فيها إلا الوحش، وإسماعيل وأمه. كان يتراءى لي إن المرأة تسعى بين العلمين؛ لأن أصله من سعي أم إسماعيل، لكن لما رأيت بعض أهل العلم نقل إجماع العلماء على أن المرأة تمشي ولا تسعى، رأيت أن الصواب أن تمشي بلا سعي. بقي علينا المحرم الذي معها هل يسعى ويتركها أو يمشي معها حسب مشيها؟ نقول: إن كانت المرأة تهتدي بنفسها وامرأة مجربة ولا يخشى عليها، فلا حرج أن يرمل في الأشواط الثلاثة ويقول لها في آخر الطواف: نلتقي عند مقام إبراهيم، وإن كانت لا تستقل بنفسها ويخشى عليها، فإن مشيه معها أفضل من الرمل وأفضل من السعي الشديد بين العلمين.

نصيحة لأولياء الأمور تجاه بناتهم

نصيحة لأولياء الأمور تجاه بناتهم Q من ابنتكم المحتارة الغيورة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: تعلم أن الفتاة في هذا الزمن باتت مهيضة الجناح مهانة مزدراة تباع وتشترى، وإني إذ أكتب هذا الكلام لأبتغي من وراء هذا إلا الدفاع عن فتاة الإسلام ودفاعي هو دفاع لها عن عقيدتها وعفافها وعن شقاوتها وعن حياتها، لأن الفتاة المسلمة هي أم الأجيال ومربية الرجال وعليها أساس صلاح المجتمع، وقد يكون والد الفتاة سبباً رئيسياً في انحرافها أو خيانتها لزوجها، وكم في البيوت من مآسٍ بسبب الجشع وحب المال، فهل من كلمة للنساء وأولياء أمور النساء، جزاكم الله خيراً، كاتبة ذلك: فتاة وقف أبوها وأخوها في وجهها وهي تريد الزواج؟ A هذه المسألة مسألة عظيمة ومشكلة كبيرة، فإن بعض الرجال -والعياذ بالله- يخونون الله ويخونون أماناتهم ويجنون على بناتهم، والواجب على الولي أن يتبع ما يرضي الله ورسوله، وقد قال الله تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور:32] أي: زوجوا: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور:32] أي: زوجوا الصالحين من العبيد والإماء الرقيقات، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) وبعض الناس -والعياذ بالله- يجعل ابنته سلعة يبيعها على من يهوى ويمنعها عمن لا يهوى، فيزوجها من لا يرضى دينه ولا خلقه؛ لأنه يرى ذلك، ويمنعها عمن يرضى دينه وخلقه؛ لأنه لا يرى ذلك، وليت أننا نصل إلى درجة تجرؤ فيها المرأة على أنه إذا منعها أبوها من الكفؤ الذي رضيته ديناً وخلقاً تذهب إلى القاضي فيقول لأبيها: زوجها أو أزوجها أنا أو ولي غيرك، لأن هذا حق للبنت، إذا منعها أبوها من هو كفؤ فعليها أن تطلب من القاضي أن يزوجها ولي آخر أو يزوجها القاضي. وهذا حق شرعي فليتنا نصل إلى هذه الدرجة، لكن أكثر الفتيات يمنعها الحياء من أن تقدم على هذا، وتبقى النصيحة للولي أن يتقي الله عز وجل وألا يمنعها فتَفسد وتُفسد، وليزن ذلك بنفسه، لو أنه أراد النكاح ومنع منه ماذا تكون نفسه؟ ولقد حدثت قديماً أن رجلاً -والعياذ بالله- كان يمنع بناته من تزويجهن، وكبرن فمرضت إحداهن، قد يكون مرضها أيضاً بسبب منعها من الزواج والله أعلم، لكنها في سياق الموت وعندها نساء أوصتهن وقالت: قلن لأبي: حسبي الله عليه، وإن موعدي معه يوم القيامة، والعياذ بالله هكذا تقول لأبيها. وإن لم تقله فهذا هو الواقع حتى لو لم تقله فستكون خصماً له يوم القيامة: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} [عبس:34-36] فنصيحتي للأولياء من آباء أو إخوة أن يتقوا الله عز وجل، وألا يمنعوا النساء من هو حق لهن من تزويجهن من يرضى دينه وخلقه، نعم لو اختارت من لا يرضى دينه فله أن يمنعها، لكن تختار رجلاً صالحاً في دينه قيماً في أخلاقه ثم يمنعها لهوىً في نفسه، هذا والله حرام وإثم وخيانة، وأي شيء يكون منعه سبباً له من الفساد فإثمه عليه.

اللقاء الشهري [8] 1،2

اللقاء الشهري [8] 1،2 لقد فرض الله سبحانه وتعالى علينا الصيام وجعله ركناً من أركان الإسلام لا يتم الإسلام إلا به، ورتب عليه الأجر العظيم والثواب الجزيل، وقد بيَّن أحكامه في كتابه الكريم، وفي هذه المادة تناول الشيخ أيام الصيام بشيء من الشرح وبيان الأحكام، ثم يجيب عن الأسئلة الواردة في اللقاء.

آيات الصيام في كتاب الله

آيات الصيام في كتاب الله الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإنها لمناسبة كبيرة جليلة أن نلتقي في هذا اللقاء المبارك الذي سماه أخونا الشيخ حمود بن عبد العزيز الصايغ محاضرة، والمقصود هو الفائدة، وسمها ما شئت: محاضرة، لقاءً مفتوحاً، غير مفتوح، سمها كما تحب والمهم هو الفائدة، هذا اللقاء في وقته مناسب، وفي مكانه مناسب: أما وقته فإنه باستقبال شهر رمضان المبارك، الذي أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يصومه ويقومه إيماناً واحتساباً، ويُغفر له ما تقدم من ذنبه. وأما مكانه ففي الجامع الكبير في مدينة عنيزة، الجامع القديم الذين هو أقدم الجوامع في هذا البلد فيما نعلم، ويقع هذا اللقاء ليلة الأحد الثالث والعشرين من شهر شعبان عام (1413هـ) . إن موضوع هذا اللقاء هو الكلام عن الصيام والقيام، وفي اللقاء الذي سيكون إن شاء الله دورياً في رمضان سيكون الكلام عن الزكاة أيضاً. وقد طلب مني الأخ الشيخ حمود بن عبد العزيز الصايغ أن أقدم بين يدي الكلام تفسيراً موجزاً لآيات الصيام، وكان هذا قد وقع في قلبي من قبل، فإني قد هممت أن أتكلم على آيات الصيام في كتاب الله عز وجل؛ لأن خير ما يُربط به المؤمنون هو كتاب الله عز وجل، ولهذا ينبغي لكل فقيه ولكل محاضر ولكل داعية أن يربط الناس بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم لفوائد متعددة، منها: ربط الناس بالأصول؛ لأن أصول شريعتنا تنحصر في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والقياس والإجماع فرع عنهما؛ ولأن الناس إذا ربطوا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم شعروا بأنهم يؤدون العبادات ويقومون بالمعاملات، اتباعاً لإرشاد الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وكون الإنسان يعتقد وهو يعمل العمل أنه متبع لكتاب الله ولسنة الرسول خيراً من كونه يعمله وهو يعتقد أنه آخذ بالكتاب الفلاني أو الكتاب الفلاني. المقلدون تقليداً محضاً الذين يعتمدون على كتب الفقهاء دون الرجوع إلى الأصول من الكتاب والسنة تجد الواحد منهم إذا عمل العمل يشعر بأنه مربوط بكلام العالم الذي قلده، لكن إذا حاولنا أن نربط الناس بكتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام كان ذلك خيراً وأفضل، كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلن في خطبة الجمعة يقول: (أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم) . والذي أرجو من إخواني طلبة العلم والدعاة إلى الخير والمرشدين أن يلاحظوا هذه المسألة، وأن يربطوا الناس بكلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام حتى يعبد الناس ربهم وهم يشعرون بأنهم يفعلون ما يفعلون امتثالاً لأمر الله واتباعاً لسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. ولهذا نجد الصحابة والتابعين عندما يريد أحد منهم أن يتكلم يقول: لأن الله قال؛ لأن رسول الله قال، وهذا أمر مهم جداً. وبناءً على ذلك أقول: إن الله تعالى في كتابه قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] . تأمل الخطاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة:183] يخاطبنا الله عز وجل وينادينا باسم الإيمان أو بوصف الإيمان: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة:183] إذاً نحن مؤمنون فماذا تريد منا يا ربنا؟ {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة:183] كتب أي: فرض، وليس هذا الفرض تكليفاً لكم أنتم أيها الأمة وحدكم بل هو مكتوب على من قبلكم: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة:183] . وفي قوله: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة:183] فائدتان: الفائدة الأولى: تسلية هذه الأمة إذا أصابها ما يصيبها من الجوع والعطش بسبب الصيام، فإن الإنسان يتسلى بما يصيب غيره. الفائدة الثانية: بيان أن الله استكمل لهذه الأمة الفضائل التي نالتها الأمم السابقة: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة:183] ولهذا كانت شريعتنا -ولله الحمد نسأل الله أن يثبتنا عليها- متممة للشرائع السابقة حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام وصف رسالته بأنها كقصر تام البناء إلا موضع لبنة، فجعل الناس يطوفون بهذا القصر يدورون عليه ويتعجبون منه، إلا أنهم يقولون: هذا الموضع -موضع اللبنة- يعتبر ثلمة في القصر، ونقصاً فيه، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (فأنا اللبنة الذي تمم هذا القصر) ، ولهذا بعث عليه الصلاة والسلام ليتمم مكارم الأخلاق. قوله تعالى: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة:183] لماذا؟ هل لأجل أن نجوع ونعطش؟ لا. {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] أي: من أجل أن تتقوا الله. قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجه في أن يدع طعامه وشرابه) . ومن هنا يجب أن نشعر ونحن نصوم فنمسك عما أحل الله من الأكل والشرب والنكاح، نشعر بأننا نفعل هذا تعبداً لله وامتثالاً لأمره وتنفيذاً لفرضه، وأننا نتوسل بذلك ونتوصل إلى التقوى إلى اجتناب المحرمات والقيام بالواجبات. أكثر الناس يظنون أن الصيام مجرد حبس النفس عن الأكل والشرب والنكاح، فتجدهم يقضون أوقات النهار بالنوم أو العبث أو اللعب أو ما أشبه ذلك، وهذا خطأ، إذا صمت فليصم منك السمع والبصر واللسان والجوارح، اتق الله، تجنب محارم الله، قم بما أوجب الله عليك من الواجبات، صل مع الجماعة، أكثر من قراءة القرآن، أكثر من الصدقة، أكثر من الإحسان حتى تنال الحكمة التي من أجلها فرض الصوم. ما هذا الصوم؟ هل هو أشهر؟ هل هو سنوات؟ هل هو أسابيع؟ استمع: {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} [البقرة:184] لماذا قال: أياماً معدودات؟ لتقليلها وتهوينها على الإنسان، ليست شهوراً ولا سنين: {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} [البقرة:184] . قال: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] هذا تسهيل آخر، مع ذلك لا يجب على كل واحد أن يصوم، المريض الذي يشق عليه الصوم يفطر ومتى يصوم؟ عدة من أيام أخر، المسافر ولو في الطائرة، ولو في سيارة مكيفة، ولو في أيام الشتاء يفطر تيسيراً: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] . ثم قال وهذا تسهيل ثالث: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة:184] هذا تسهيل ثالث أن الإنسان مخير إن شاء صام وإن شاء أفطر وفدى. قال: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة:184] أي: يستطيعون أن يصوموا، {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً} [البقرة:184] ودفع الفدية {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة:184] الصيام خير من الفدية، لكن كله جائز إن شئت فصم وإن شئت فأفطر وافدِ، هذه ثلاثة تسهيلات: الأول: أياماً معدودات. الثاني: سقوط الصيام عن المسافر والمريض إلى أيام أخر. الثالث: التخيير، إن شئت فصم وإن شئت فأفطر، ولكن إذا أفطرت فلا بد من الفدية {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً} [البقرة:184] وأدى الفدية: {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:184] . ولكن هل هذه التخييرات الثلاثة بقيت؟ وهل الأيام بقيت مبهمة أي: أياماً معدودات -لا ندري قد تكون في شعبان في رمضان في رجب في شوال في ربيع هل بقيت الأيام مبهمة؟ وهل بقي التخيير بين الصيام والفدية على ما هو عليه من التخيير؟ وهل بقي الترخيص للمريض والمسافر في الفطر؟ لننظر اقرأ الآية التي بعدها: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185] هذه هي الأيام، إذاً الأيام المبهمة أولاً عينت في الآية الثانية بأنها شهر رمضان، ولماذا خص شهر رمضان؟ لماذا لم يكن الصوم في رجب؟ لماذا لم يكن في ذي القعدة؟ لماذا لم يكن في ذي الحجة؟ لماذا لم يكن في المحرم؟ هذه الأشهر الأربعة هي الحرم فلماذا لم يكن الصيام في الأشهر الحرم؟ لأن الأشهر الحرم جبين السنة، قال الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة:36] لماذا لم يكن الصيام في أحد الأشهر الحرم؟ استمع: {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البقرة:185] لماذا خص رمضان؟ {الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185] فشهر حصلت فيه هذه البركة العظيمة، جدير بأن يكون محل الصوم، ولهذا كان ارتباط القرآن بالصوم. كان النبي عليه الصلاة والسلام ينزل عليه جبريل في كل رمضان يدارسه القرآن، ولا ينزل عليه في غيره من الشهور، ينزل عليه بالوحي لا بأس، لكن لا ينزل للمدارسة إلا في شهر رمضان، يدارسه القرآن كل سنة مرة، إلا في السنة التي توفي فيها دارسه إياه مرتين. إذاً هناك ار

مفهوم الصيام

مفهوم الصيام نقول: ما هو الصيام؟ الصيام في اللغة: بمعنى الإمساك، يقال: صام فلان عن الكلام، أي: أمسك، ومنه قوله تعالى: {فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنْ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً} [مريم:26] أي: إمساكاً عن الكلام بدليل قوله: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً} [مريم:26] هذا هو الصيام في اللغة، ومنه قول العامة عندنا: (صامت عليه الأرض) أي: أمسكته وحجبته، فالصوم الإمساك. ولكن الصوم شرعاً: التعبد لله، بترك الأكل والشرب والجماع وجميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. التعبد لله: هذا الأمر الذي يجب أن نلحظه في التعاريف الشرعية، كثير من الفقهاء يقول لك: الصيام هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وما يفطر من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وهذا تعريف قاصر ليس فيه دعوة للروح، كذلك الصلاة عند الفقهاء: أقوال وأفعال معلومة، مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، وهذا تعريف قاصر أيضاً، قل الصلاة: التعبد لله بأقوال وأفعال معلومة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم. أقرن الناس بالعبادة.

من يجب عليه الصوم

من يجب عليه الصوم من الذي يجب عليه الصوم؟ نقول: الذي يجب عليه الصوم ما استكمل شروطاً ستة: أن يكون مسلماً، بالغاً، عاقلاً، قادراً، مقيماً، خالياً من الموانع. هذا الذي يجب عليه الصوم أداءً، يجب عليه أن يصوم رمضان في وقته. - فالمسلم ضده الكافر لا يجب عليه الصوم، لكن هل يعاقب عليه في الآخرة؟ نعم يعاقب عليه، فالكافر يعاقب على كل واجب أوجبه الله وتركه وهو لا يقبل منه ولو فعل، الكافر يعاقب على كل شيء حلال تناوله وانتفع به والمسلم لا يعاقب على الحلال. الكافر إن أكل عوقب يوم القيامة، إن لبس عوقب يوم القيامة، كل لقمة يأكلها الكافر يعاقب بها يوم القيامة، كل شربة يشربها يعاقب بها يوم القيامة، ما هو الدليل؟ قول الله تبارك وتعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة:93] وغير الذين آمنوا وعملوا الصالحات عليهم جناح -هذا في الطعام- وقال في اللباس: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف:32] . غير المؤمنين وإن كانت لهم في الدنيا لكن ليست خالصة يوم القيامة، يعاقبون عليها. إذاً الإسلام ضد الكفر، فالكافر لا نلزمه بالصوم، لكن نمنعه في بلاد المسلمين من إظهار الأكل والشرب، وهذه مسألة يجب أن ننتبه لها. لا يجوز فتح المطاعم ولو للكفار -وطبعاً للمسلمين غير مفتوحة- في أيام رمضان، ومن رأى منكم صاحب مطعم فتحه في رمضان وجب عليه أن يبلغ الجهات المسئولة لمنعه، ولا يمكن لأي كافر أن يظهر أكلاً أو شرباً في نهار رمضان في بلاد المسلمين، يجب أن يمنع من ذلك. - البالغ: ضده الصغير، الصغير لا يجب عليه أن يصوم لكن قال العلماء: يجب على وليه أن يأمره بالصوم ليعتاده اتباعاً للصحابة رضي الله عنهم، فقد كان الصحابة يصوِّمون الصبيان حتى إن الصبي يصيح من الجوع فيعطونه اللعبة من العهن -وهو الصوف أو القطن وما أشبهه- يعطونه لعبة يتلهى بها إلى غروب الشمس. قال أهل العلم: نحن تبع لـ سلفنا الصالح نأمر أبناءنا بالصوم ونلهيهم ونلعبهم حتى تغيب الشمس. - عاقل: ضده من لا عقل له من المجانين والمهذرين والمعتوهين وما أشبه ذلك، هؤلاء ليس عليهم صوم ولا إطعام أيضاً. - قادر: ضده العاجز، فالعاجز عن الصوم كما مر في الآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] . لكن العلماء بالتتبع يقولون: إن العجز على قسمين: القسم الأول: عجز مستمر كعجز الشيخوخة وأمراض السرطان وما أشبهها، فهذه لا يُرجى زوالها إلا إن أمكن للشيخ أن يرجع شاباً. يقول الشاعر: ألا ليت الشباب يعود يوماً فأخبره بما فعل المشيب إذاً من عجز عن الصوم لكبر ففرضه الإطعام، من عجز عن الصوم لمرض لا يرجى زواله ففرضه الإطعام، يطعم عن كل يوم مسكيناً. أتدرون ماذا كان يفعل الصحابة؟ كان أنس بن مالك لما كبر وكان لا يستطيع الصوم فصار في آخر يوم من رمضان يصنع طعاماً فيجمع عليه ثلاثين فقيراً ويعشيهم، وتنتهي المسألة. أما القسم الثاني من العجز: فهو عجز طارئ يرجى زواله، فهذا هو المذكور في الآية أن عليه كما قال تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] . - مقيم: ضده المسافر، فالمسافر لا يلزمه الصوم في السفر، له أن يأكل ويشرب ويجامع زوجته إن كانت معه ولا حرج عليه، ويقضي إذا عاد إلى وطنه، وله فسحة في القضاء من رمضان إلى رمضان كم شهراً؟ أحد عشر شهراً هو فيها مخير، صم القضاء في شوال، صم في ذي القعدة، صم في ذي الحجة، لكن لا تصم يوم العيد ولا أيام التشريق، صم في محرم، في صفر، في ربيع في ربيع، في جمادى في جمادى، في رجب، في شعبان، لكن لا تؤخر إلى رمضان الثاني. والمسافر إذا كان ذاهباً للعمرة في رمضان هل يفطر في مكة؟ نعم يفطر في أم القرى في أفضل البقاع في أيام العشر؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو الأسوة وهو صلى الله عليه وآله وسلم أحرص الناس على الخير بلا شك، فتح مكة في العشرين من رمضان أو في الثامن عشر منها وبقي في العشر الأواخر في مكة ولم يصم، ثبت ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما في صحيح البخاري أنه لم يصم. ما قال: هذا زمن شريف ومكان شريف فأنا آسف إن لم أصم، بل أخذ بتيسير الله {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} [البقرة:185] . ولقد شاهدت من يعتمرون في العشر الأواخر يدخل المسجد الحرام ويطوف وهو على آخر نفس من المشقة ويسعى وهو على آخر نفس من المشقة، فإذا قيل له: أفطر، قال: أسف! كيف أفطر؟ يقول: لا ما يمكن أن أفطر في العشر الأواخر من رمضان وفي مكة، أتحمل والأجر على قدر المشقة، هذا خطأ، هذا فهم خاطئ نقول: إذا كان أنشط لك أن تفطر فأفطر فأنت مأمور بالفطر. وفي غزوة الفتح كان الرسول صلى الله عليه وسلم سافر من المدينة في رمضان في السفر، كان يقول لهم: أفطروا ولكن لم يأمرهم بعزم، فلما قرب من مكة، قال النبي الذي أعطاه الحكمة: (إنكم ملاقوا العدو والفطر أقوى لكم فأفطروا) ألزمهم بالفطر، كان في الأول رخصة ثم صار عزيمة، لأنه أقوى لهم على العدو، فكذلك أيضاً في العمرة إذا كان أقوى لك أن تفطر فأفطر. أنت جئت للعمرة فأدِ العمرة على ما ينبغي، ولكن لو سألنا سائل فقال: هل الأفضل أن أبادر العمرة في النهار وأفطر أو أؤخرها إلى الليل وأبقى صائماً؟ الأول أفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قدم مكة معتمراً لا يتأخر، حتى أنه ينيخ راحلته عند المسجد ويدخل ويطوف قبل أن ينزل منزله فهذا أفضل. - ومن الشروط كذلك: أن يكون خالياً من الموانع وهذا خاص بالنساء وهو ألا تكون حائضاً ولا نفساء، فإن كانت حائضاً أو نفساء فإنه لا يلزمها أن تصوم؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحائض: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم) فالحائض لا تصوم. ولو صامت هل يجزؤها؟ لا. قال أهل العلم: يحرم عليها الصوم بإجماع العلماء، ولا يصح منها الصوم بإجماع العلماء، وتقضي الصوم بإجماع العلماء. ثلاثة إجماعات: الإجماع الأول: يحرم. والثاني: لو صامت لم يصح. والثالث: يلزمها القضاء. هذه شروط وجوب الصوم.

مفسدات الصوم

مفسدات الصوم ما هي المفطرات؟ المفطرات: الأكل والشرب والجماع هذه ذُكرت في آية واحدة: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة:187] ما هذا؟ الجماع {بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة:187] : أي النساء {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة:187] هذا الأكل والشرب {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ} [البقرة:187] قال: {يَتَبَيَّنَ لَكُمْ} [البقرة:187] ولم يقل: حتى يطلع، فلو فرض أننا شككنا: هل طلع الفجر أم لم يطلع فهل لنا أن نأكل ونشرب؟ نعم نأكل ونشرب. لو تبين بعد ذلك أن الفجر قد طلع، هل علينا القضاء؟ ليس علينا قضاء، لماذا؟ لأن الله قد أذن لنا أن نأكل ونشرب حتى يتبين، ونحن الآن ننظر إلى الأفق ونحن في شك، شخص يقول: طلع الفجر وآخر يقول: ما طلع الفجر، فيجوز لنا أن نأكل ما دمنا شاكين، وإذا تبين أن الفجر قد طلع قبل أكلنا فلا قضاء علينا سبحان الله! نأكل بالنهار ولا قضاء علينا! نقول: نحن حين أكلنا نعتقد أننا في الليل وقد أذن الله لنا {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ} [البقرة:187] . وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) يطلع الفجر ثم يؤذن، ولهذا رخص للإنسان إذا سمع الأذان والإناء في يده - لبناً أو ماءً- أن يشرب حتى يقضي نهمته منه، وهذا من التيسير. إذاً هذه المفطرات الثلاث هي: الجماع والأكل والشرب، ودليلها قوله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] . الرابع: ما كان بمعنى الأكل والشرب، وهو الذي يغني عن الأكل والشرب مثل الإبر المغذية، الإبر المغذية مفطرة للصائم؛ لأنها تعطي البدن ما يعطيه الأكل والشرب، والله تعالى إنما حرم الأكل والشرب، وما كان بمعناهما فلها حكمهما؛ لأن الشريعة لا تفرق بين متماثلين. الإبر الأخرى التي تؤخذ في الوريد كإبر السكر وإبر البنج وإبر تخفيف الألم وما أشبهها، هل تفطر؟ نقول: لا تفطر، فإذا قال إنسان: إنها مفطرة لأنها تصل إلى داخل الجوف، أو إلى داخل البدن أو تختلط بالدم، قلنا: بيننا وبينك كتاب الله ائت بحرف واحد يدل على أن مثل هذا مفطر وعلى العين والرأس، أما أن الله يقول: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة:187] وأنت تقول: كل ما وصل إلى الدم أو إلى الجسم فهو مفطر، من قال هذا؟ أتضيق على عباد الله ما وسع لهم؟! الإبر التي بمعنى الأكل والشرب نقول: إنها مفطرة؛ لأنها تغني عن الأكل والشرب فهي بمعناه. ومع ذلك يا إخواني نقول: إنها مفطرة؛ لأنها بمعنى الأكل والشرب، ونحن خائفون من الله أن نضيق على عباد الله؛ لأنه قد يقول قائل: القياس هنا قياس مع الفارق، كيف قياس مع الفارق؟ الأكل والشرب هل الإنسان يتمتع به بمجرد كونه غذاءً أو يتمتع به أولاً وقبل كل شيء لكونه مطعوماً لذيذاً؟ الثاني. فمن الجائز أن تكون العلة في إفطار الأكل والشرب هي التلذذ به أكلاً وشرباً ثم تغذية البدن به ثانياً. والتلذذ بالإبر المغذية مفقود، ولهذا نجد المريض الذي يغذى بهذه الإبر أشوق ما يكون إلى الأكل والشرب، وإذا رخص له في الأكل والشرب تجده يأكل القدر كله؛ لأنه مشتاق إليه تماماً. إذاً: فلو أن أحداً من الناس عارضنا وقال: قياسكم ممنوع لظهور الفارق، أظن أن نقف مكتوفي الأيدي لا نستطيع أن نرد عليه، ولهذا نحن نقول: إن الإبر المغذية مفطرة ونحن على وجل وخوف، ولكن يسهل علينا هذا القول أن الغالب أن الإنسان لا يحتاج إلى إبر مغذية إلا وهو مريض، والمريض يحل له الفطر، فنقول: استعملها وأفطر واقض يوماً بدله. الخامس: نزول المني بشهوة بفعل من الصائم، ثلاثة شروط: نزول المذي هل يفطر؟ المذي ولو كان بشهوة أو بفعل من الصائم لا يفطر، فلو أن الرجل قبل زوجته وأمذى فصيامه صحيح. قولنا: بشهوة لو نزل بغير شهوة -أحياناً يصاب الإنسان بمرض فينزل المني بدون شهوة- فإنه لا يفطر. الثالث: بفعل الصائم، مثل: أن يباشر زوجته بالضم أو الإيلاج بين الفخذين أو ما أشبه ذلك فينزل، هذا بفعله. أو يستمني والاستمناء حرام في الصيام وغير الصيام، فإذا أنزل؛ فسد صومه، فإن كان بغير فعل منه مثل أن فكر رجل وهو صائم في الجماع فنزل منه المني بشهوة فهل يفسد صومه؟ لا يفسد صومه، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) وهذا الرجل حدث نفسه ولم يعمل شيئاً، ما حرك ذكره ولا ضم الأرض ولا ضم شيئاً ولا استمنى، إنما فكر فأنزل، نقول: صومه صحيح. السادس: القيء عمداً، إذا استقاء الإنسان عمداً فسد صومه، فإن غلبه القيء بأن هاجت عليه معدته حتى خرج ما فيها فصومه صحيح. أين ورد في القرآن أن القيء مفطر؟ نقول: نعم، في القرآن موجود أن القيء مفطر: {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7] قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من ذرعه القيء -أي: غلبه- فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمداً فليقض) . Q لو هاجت معدته فهل يلزمه أن يمسكها أو يدعها؟ يدعها؛ لأنه لو أمسكها مع هيجانها وتهيئها للخروج كان في ذلك ضرر، لكن هل يجذبها؟ لأن بعض الناس إذا هاجت معدته جذبها لأجل أن يستقيء؟ نقول: لا، فإذا هاجت فقف منها موقف السلب، لا تجذبها ولا تمنعها ولا تضرك. السابع: خروج الدم بالحجامة، ما هي الحجامة؟ أي: إذا حجم الإنسان فخرج منه دم فإن صومه يفسد ويفطر بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) أفطر، أي: فسد صومه، لأن الصوم ضده الفطر، وفي معنى الحجامة الفصد والشرط. والفرق بينهما أن الفصد قطع العرق عرضاً والشرط قطعه طولاً، فإذا حصل فصد أو شرط وخرج دم كدم الحجامة، فإنه يفطر بذلك وسمعتم الدليل. الثامن: خروج دم الحيض والنفاس، وهذا خاص بالمرأة، فإذا خرج من المرأة دم حيض أو نفاس ولو قبل الغروب بلحظة فسد صومها. وإن أحست به ولكن لم يخرج إلا بعد غروب الشمس ولو بلحظة فصومها صحيح، والدليل: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحائض: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم) وعرفتم أن صوم الحائض لا يصح بالإجماع، فإذا حاضت في أثناء النهار فسد صومها، ولزم عليها القضاء. هذه هي المفطرات التي تفسد الصيام. هل النظر بشهوة مفسد للصوم؟ ليس مفسداً؛ لأنه ليس من هذه الثمانية. التقبيل: قبَّل رجل امرأته بشهوة فهل ذلك مفطر أم غير مفطر؟ غير مفطر ولا ناقض للوضوء أيضاً. هذه المفطرات يشترط لكونها مفسدة للصوم ثلاثة شروط: 1- العلم. 2- الذكر. 3- الإرادة والاختيار. - العلم ضده الجهل. - الذكر ضده النسيان. - الاختيار ضده الإكراه وغير الإرادة. فإذا أتى الإنسان شيئاً من هذه المفطرات جاهلاً فصومه صحيح، وإن أتى واحداً من هذه المفطرات ناسياً فصومه صحيح، وإن أتى واحداً من هذه المفطرات غير مريد فصومه صحيح، ما هو الدليل؟ قوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فقال الله: فد فعلت. وقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) ثم إن الخطأ والنسيان ورد فيهما نصوص خاصة. مثال الخطأ: روى البخاري في صحيحه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (أفطرنا في يوم غيمٍ على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ثم طلعت الشمس) إفطارهم هنا كان جهلاً، لو علموا أن الشمس لم تغرب ما أفطروا. هل أمروا بالقضاء؟ لا. لأنه لو وجب عليهم القضاء لأمروا به، ولو أمروا به لنقل إلينا، لأنه إذا أمر به كان من الدين، والدين لا بد أن ينقل إلى الأمة لا سيما في هذه الأمور الكبيرة. ومثال النسيان: في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) هذا نص. الشرط الثالث: الاختيار والإرادة، والدليل على اعتبار هذا الشرط قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ} [النحل:106] فإذا كان الكفر وهو أعظم المعاصي يرفع حكمه الإكراه فما دونه من بابٍ أولى. وإذا كان الإنسان لو كفر وهو مكره لم يخرج من الإسلام ولا إثم عليه، فلو أكل أو شرب وهو مكره لم يخرج من الصيام وليس عليه إثم.

مسائل مهمة في الصيام

مسائل مهمة في الصيام نأخذ على هذا مسائل: - رجل قام من آخر الليل وقدم السحور وأكل وشرب فإذا بالمؤذن يقيم الصلاة فما حكم صومه؟ صحيح. لأنه جاهل بالوقت، لو علم أن الفجر قد طلع ما أكل. - رجل سمع الأذان في الراديو عند غروب الشمس فظنه أذان مسجده فأفطر، ثم إذا بمؤذن مسجد في حيه يؤذن، هل عليه قضاء؟ لا قضاء عليه؛ لأنه جاهل. - رجل جاءه الصبي وقد سمع الأذان في الراديو، فقال: يا أبي أذن، أذن يا أبي، فأفطر الرجل هل يقضي أو لا يقضي؟ هنا يختلف الأمر هل يعتبر خبر الصبي؟ لا. هذا مفرط غير معذور؛ لأن خبر الصبي لا يوثق به فعليه القضاء، لكن لو جاءه بالغ عاقل وقال له: أذن وهو قد سمع الأذان من الراديو، فظنه أذان الحي فأكل بناءً على خبره فصومه صحيح. إذاً: لا يفطر الإنسان بالمفطرات إلا بشروط ثلاثة، وعرفتم أدلتها من الكتاب والسنة، والإنسان إذا أفتى أو إذا عمل في نفسه بما يدل عليه الكتاب والسنة فهو مطمئن. لكن يجب على كل واحد ألا يتسرع في الفتيا حتى يتبين له الأمر. وختاماً لهذا اللقاء فإني أحث نفسي وإياكم على اغتنام وقت رمضان بالذكر وقراءة القرآن والصدقة والإحسان إلى الخلق، والكف عن المحرمات الكف عن الكذب، عن الغيبة، عن النميمة، عن الغش، عن كل محرم؛ لأن هذا هو المقصود من الصيام.

فضل القيام في رمضان

فضل القيام في رمضان أما القيام فإن قيام رمضان سنة، سنه الرسول عليه الصلاة والسلام. والمشروع أن يكون قيام رمضان جماعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قام في الناس جماعة ثلاث ليالٍ، ثم تأخر وقال: (إني خشيت أن تفرض عليكم) فبقي الناس بعد ذلك يصلي الرجلان والثلاثة والرجل الواحد، كل على حدة، وفي خلافة عمر خرج ذات يوم فوجد الناس أوزاعاً هذا يصلي وحده والرجلان على حده والثلاثة على حده. فرأى رضي الله عنه أن يجمع الناس على إمامٍ واحد، فجمعهم على تميم الداري وأبي بن كعب، هذا يصلي أحياناً وهذا أحياناً، وأمرهما أن يصليا بالناس بإحدى عشرة ركعة، هكذا ثبت في موطأ مالك رحمه الله كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام: (لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة) وهذا هو العدد الأكمل والأفضل، فالإحدى عشرة أفضل من ثلاث وعشرين ولكن لا تكون الإحدى عشرة بالسرعة المعهودة عند كثير من الأئمة، لا تجد فيها طمأنينة ولا دعاء ولا تسبيحاً، غاية ما يكون أن يأتوا بالواجب حتى في التشهد، أكثر الأحيان إذا وصلت إلى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، قال: السلام عليكم. انتظر صل على النبي، تعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، دع الناس يدعون الله عز وجل، يقول: لا دعنا نمشي على طول لكي ننتهي قبل المساجد الأخرى، وإذا فعلنا ذلك فإن الناس يأتون إلينا كثيراً، لكن هذا غلط، نقول: اطمئن يا أخي، متى يحصل للإنسان رمضان؟ دع الناس يطمئنون ويدعون الله عز وجل وبدلاً من أن تخرج في ساعة، اخرج في ساعة ونصف. والذي ينبغي لنا أن نصلي مع الإمام حتى ينصرف من أجل أن ننال أجر الليلة كاملاً، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) وإن كان نائماً على فراشه، فكونك تبقى مع الإمام حتى ينصرف أفضل من كونك تنصرف قبل أن يتم، ثم في آخر الليل تقوم، ما دام الله يسر فصل، إذا صليت مع الإمام قيام ليلة كاملة، فاحمد الله على هذه النعمة وقم مع الإمام حتى ينصرف، لكن إذا قال الإنسان: أنا أريد أن أتهجد في آخر الليل، لإن لي عادة بذلك أو أرغب أن أناجي الله عز وجل في آخر الليل قلنا: لا بأس، لكن إذا أوتر الإمام وسلم من وتره، فقم وأت بركعة ليكون الوتر في حقك شفعاً ويكون وترك أنت آخر الليل، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) وقال: (من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم من آخر الليل، فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة) وذلك أفضل. فإذا قال قائل: كيف أخالف الإمام والإمام صلى واحدة وأنا صليت اثنتين؟ ف A أن هذا جائز، أليس الرجل إذا كان مقيماً وصلى خلف إمام مسافر وسلم المسافذر، ماذا يفعل؟ يتم، يأتي بركعتين أكثر من إمامه، يزيد على إمامه، وهذا مما جاءت به الشريعة. هذا الرجل زاد على إمامه لأنه ما نوى الوتر، نوى أن يصلي شفعاً ليجعل وتره في آخر الليل. والمهم أننا نوصي هنا بوصيتين. الوصية الأولى: للأئمة. والوصية الثانية: لسائر الناس. أما الأئمة فإننا نوصيهم بتقوى الله عز وجل، وأن يرفقوا بمن ورائهم، وأن يعطوا من وراءهم مهلة من أجل أن يذكروا الله ويسبحوه ويدعوه، وإذا اقتصروا على إحدى عشرة ركعة مع الطول كان خيراً من ثلاث وعشرين ركعة مع السرعة الفادحة. حدثني من أثق به أن رجلاً دخل المسجد في رمضان وهم يصلون صلاة التراويح -التراويح على العهد السابق- فقام يصلي معهم لكن كانوا في الأول يعجلون عجلة شديدة، يقول: فلما نام من الليل رأى في المنام أنه دخل هذا المسجد فوجد الجماعة يحندون ويرقصون، والحند معناه (كل واحد يأخذ جسمه وينزل) ويرقصون، إشارة إلى أن هذه الصلاة لعب، لا يطمئنون فيها، ولا يتمكنون من دعاء أو ذكر، لكن الآن ولله الحمد خفت المسألة، صار كثير من الأئمة يطمئنون في القراءة، يطمئنون في الركوع، في القيام بعد الركوع، في السجود، في الجلوس بين السجدتين، فيحصل خير كثير. أما الوصية الثانية: فهي لعامة الناس أن يحرصوا على هذه التراويح وأن يقوموا مع الإمام حتى ينصرف، أما ما يفعله بعض الناس ولا سيما فيما سبق من عهد يصلي في هذا المسجد ركعتين، وفي المسجد الثاني ركعتين، والثالث ركعتين، فهذا ضياع، نقول: إذا صليت مع الإمام صلاة العشاء، فاجلس في المسجد إلى أن تُتم التراويح. أسأل الله تعالى أن يتمم علينا وعليكم نعمته، وأن يجعلنا ممن يصومون رمضان ويقومونه إيماناً واحتساباً، إنه جواد كريم.

الأسئلة

الأسئلة

حكم رؤية هلال رمضان

حكم رؤية هلال رمضان Q فضيلة الشيخ! ما حكم رؤية الهلال وهل يكفي لثبوته شهادة رجل واحد؟ وما كيفية رؤيته؟ A من هدي الصحابة رضي الله عنهم أنهم يتراءون الهلال ليلة الثلاثين من شعبان، قال ابن عمر رضي الله عنهما: (تراءى الناس الهلال -أي: صار بعضهم يريه بعضاً- فأخبرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بالصيام) فالسنة للناس أن يتراءوا هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان، فإن رأوه صاموا، وإن لم يروه لغيم أو مطر؛ فإنهم يتمون شعبان ثلاثين يوماً، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) . ومن رآه فالواجب عليه أن يخبر أقرب محكمة إليه، ومعلوم أن الترائي للهلال يكون في مكان مرتفع، ويكون في مكان بعيد عن الأضواء؛ لأن الأضواء تحجب الرؤية، ولهذا يحجب ضوء الشمس رؤية الهلال، كذلك الأنوار التي في الأرض إذا كثرت وتسلطت على الأفق منعت الرؤيا، فيبعد الإنسان عن البلد وعن مكان الأضواء، ليكون ذلك أيسر لرؤيته، والعبرة برؤيته بعد غروب الشمس. هنا مسألة: شهر رمضان يكفي في رؤيته رجل واحد أو امرأة، وغيره لابد فيه من رجلين، فيصوّم الناس واحد ولا يفطرهم إلا اثنان، ولكن لا بد أن يكون الرائي ثقة ثقة في دينه، ثقة في نظره، فإن لم يكن ثقة في دينه أو في نظره، فلا عبرة بشهادته؛ لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:2] فلابد من العدالة، ولا بد من قوة البصر، فلو جاءنا رجل إذا مشى يقدم يده لئلا يضربه الجدار، ثم قال: أنا رأيت الهلال وهو رجل ثقة في دينه، قلنا: رأيته؟ قال: نعم. قلنا: متأكد؟ قال: متأكد، فإذا الرجل لا يستطيع أن يهتدي إلى الطريق هل نقبل قوله؟ لا، لأنه فقد الشرط الثاني وهو قوة البصر، وذكر صاحب الفروع في كتابه: أن أحد القضاة جاءه رجل وقال: إني رأيت الهلال. قال: هل معك أحد؟ قال: نعم لكن ما رآوه، فدعا الذين معه. قال: هل رأيتم الهلال؟ قالوا: ما رأيناه، وهذا الرجل يقول: رأيت الهلال، وكان القاضي ذكياً، فقال: اذهب بنا إلى المكان الذي رأيت الهلال فيه لننظر إليه، فذهب بهم، فلما وقفوا أمام مغرب الشمس، قال له القاضي: هل ترى الهلال؟ قال: نعم رأيته، متأكد؟ قال: متأكد، تشهد؟ قال: أشهد، قال: باسم الله فمسح حاجبيه -مسح حاجب الرجل الذي يشهد- قال: الآن رأيت الهلال؟ قال: ما رأيته وإذا الذي رأى شعرة بيضاء في حاجبه، فلا بد من التثبت.

حكم من رأى هلال رمضان وردت شهادته

حكم من رأى هلال رمضان وردت شهادته Q ما حكم من رأى هلال رمضان ولم يأت بشاهدي عدل وردت شهادته من قبل المحكمة، هل يصوم لأنه رأى الهلال أم يفطر مع الناس؟ A هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، والذي يظهر أنه يصوم لكن لا يخالف الجماعة، بمعنى أنه لا يظهر صومه لئلا يكون مخالفاً للجماعة، واخترنا هذا القول؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا) وهذا رآه، وكونه ردت شهادته لفسقه أو للجهل بحاله لا يمنع من لزوم الصوم له وقد رآه، لكن لا يظهر المخالفة، ومثل ذلك: لو رأى هلال شوال لكن هلال شوال أضيق من هلال رمضان، لأن هلال شوال لا يثبت إلا بشاهدين، فهل الذي رأى هلال شوال وحده في مكان بعيد عن الناس لا يخالف الجماعة، هذا نقول له: أفطر، وأما الذي مع الناس فإنه لا يفطر وإن رخص له بعض العلماء بأن يفطر سراً، أما المجاهرة فإن ذلك لا يجوز؛ لأن هذا مخالفة للمسلمين، وفي الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام: (الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس) .

حكم تبييت النية في أول ليلة من ليالي رمضان

حكم تبييت النية في أول ليلة من ليالي رمضان Q ما حكم تبييت النية في أول ليلة من ليالي رمضان؛ لأن الشهر قد يدخل ولا يعلم بدخوله بعض الناس خصوصاً أهل البوادي، فهل على من لم يبيت النية قضاء إذا كان الصيام فرضاً؟ وهل على الإنسان السهر حتى يثبت أو ينتفي الشهر؟ A أولاً: يجب أن نعلم: ما معنى تبييت النية؟ هل معنى تبييت النية أن تنام على نية؟ لا. معنى قول العلماء: تبييت النية: أي ألا يطلع الفجر إلا وقد نويت حتى لو نويت قبل طلوع الفجر بدقيقة واحدة أجزأك الصوم. من أجل أن تكون النية شاملة لكل اليوم، ولكن إذا كان ليلة الثلاثين من شعبان، ونام الإنسان على نية أنه إن كان غداً من رمضان فأنا صائم، ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الفجر فهو على النية الأولى، فإذا تبين له أنه من رمضان فإن الصوم يجزؤه، لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] . وهذا الرجل فعل استطاعته، ولا يلزم الإنسان أن يسهر ليلة الثلاثين من شعبان ترقباً للإعلان عن دخول الشهر.

وقت وجوب الإمساك عن الطعام في رمضان

وقت وجوب الإمساك عن الطعام في رمضان Q متى يمتنع الإنسان عن الأكل هل هو كما يقولون: عندما يهلل المؤذن؟ وما الحكم إذا شرب بعد الأذان متعمداً هل هو كمن شرب بعد العصر أم له صيام، فحجة بعض الناس يقول: بأن الفجر ليس كالمصباح يضيء بسرعة والأمر واسع فما الحكم؟ A على كل حال نقول: إذا كان المؤذن يؤذن إذا تبين الفجر، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) . فإذا قال المؤذن: أنا رأيت الفجر وأنا لا أؤذن حتى أرى الفجر؛ فإنه يجب على الإنسان أن يمسك من حين أن يسمع الأذان إلا في الحالة التي رخص له فيها وهو ما إذا كان إناؤه في يده فله أن يقضي نهمته منه، وإما إذا كان الأذان حسب التوقيت، فالتوقيت ليس في الحقيقة مربوطاً بالأوقات الحسية الظاهرة، ولكنه توقيت بالحساب -المواقيت التي بأيدينا الآن توقيت أم القرى وغيره هو بالحساب- لأنهم لم يشاهدوا الفجر ولا الشمس ولا الزوال ولا دخول العصر ولا غروب الشمس، ولهذا بعض الناس إذا رأى الوقت وكانت الساعة تقدم أذن قبل أن يدخل الوقت بناءً على التقدير بالساعة، حتى إنه في العام الماضي أو في الذي قبله أذن أحد المؤذنين لصلاة المغرب والشمس لم تغرب مشاهدة فأفطر الناس على أذانه. الفجر -أيضاً- بعض المؤذنين -نسأل الله لنا ولهم الهداية- يتقدم في الأذان فيؤذن قبل الوقت بخمس دقائق أو أربع دقائق، لماذا؟ قال: احتياطاً للصيام، من أجل أن يمسك الناس. حتى أننا رأينا في بعض التقاويم يكتبون وقت الإمساك ووقت طلوع الفجر، وهذا من البدع، أي: أن تقديم أذان الفجر للاحتياط بدعة وتنطع في الدين، واعتداء على المواقيت الشرعية، وظلم للناس، وتغرير بهم، وله عدة مفاسد. أولاً: هل الاحتياط التنطع في الدين والتشدد فيه أم الاحتياط موافقة الشرع؟ الجواب: موافقة الشرع، وما دام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (كلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) لماذا نقول للناس: أمسكوا قبل صلاة الفجر، فالاحتياط متابعة السنة، ثم إذا قدرنا أن هذا احتياط للصوم فهو إهمال للصلاة والصلاة أهم؛ لأن بعض الناس الذين في البيوت كالنساء والمرضى ونحوهم ممن لا يشهدون الجماعة، من حين ما يؤذن المؤذن يصلي، والصلاة لو وقعت تكبيرة الإحرام فقط قبل دخول الوقت ما أجزأت فيكون في هذا إهمال للصلاة والصلاة أوكد من الصيام. ومن العجب أننا نسمع أن بعض الناس يصوم ولا يصلي، فهل ترون أن صومه مقبول؟ لا؛ لأنه كافر، فالذي لا يصلي كافر، ولو صام لم يقبل منه. إذاً: الصلاة أهم من الصيام؛ فاحتياطنا للصلاة أولى من احتياطنا للصيام، نقول: أخِّر الأذان حتى ترى الفجر، إذا قال: هناك أنوار ولا نرى الفجر، فهذا صحيح، لكن من الممكن أن تسأل الذين هم بعيدون عن الأنوار: متى يطلع الفجر؟ وتقيس، وإن كان الفجر في مثل هذه الأيام يتقدم؛ لأن الليل يقصر.

حكم من أفطر قبل الأذان متوهما الأذان

حكم من أفطر قبل الأذان متوهماً الأذان Q أفطرت يوماً قبل أذان المغرب بنصف ساعة، ظناً مني بسماع الأذان، وجاء رجل آخر وفطرته معي فهل عليَّ إعادة وهل عليَّ إثم صاحبي؟ A إذا كنت قد سمعت أذاناً أو كانت السماء مغيمة، وظننت أن الشمس قد غابت فأنت معذور، أما مجرد أن طنت أذنك فظننته أذاناً فإن ذلك لا يكفي، وعليك أن تقضي أنت ومن أفطر معك، وإن كان الذي أفطر معك قد يكون معذوراً حيث قلدك وظنك أهلاً للتقليد، فالذي معك إن قضى فهو أفضل وإلا فلا قضاء عليه، وأما أنت فعليك القضاء.

حكم استعمال السواك في نهار رمضان إذا كان له طعم

حكم استعمال السواك في نهار رمضان إذا كان له طعم Q فضيلة الشيخ: عندما يستاك الصائم في يوم الصوم بسواك رطب فإنه يحس في ريقه ببعض الطعم بذلك السواك، فيصعب عليه لفظ هذا اللعاب إما لكثرته أو لوجوده في المسجد فما الحكم في ذلك؟ A الحكم في هذا أنه لا يجوز أن يبلع ريقه وفيه طعم المسواك، بل عليه أن ينظف مسواكه أولاً، أو يجعل أول استعماله في الليل، ثم يتسوك به وهو خالٍ من الطعم، فإذا لم يتمكن فإنه لا بد أن يتفل الريق الذي فيه الطعم، وإذا كان في المسجد فالمناديل -والحمد لله- اليوم كثيرة، يجعل في جيبه مناديل ويتفل بها، وإذا لم يتيسر ذلك أو خاف -كما يقول- من كثرته فليدع السواك في النهار؛ لأن السواك ليس بواجب.

حكم من أتى مفطرا جاهلا بذلك

حكم من أتى مفطراً جاهلاً بذلك Q فعلت بعض مفطرات الصوم، وأنا لا أعلم أنها تفطر وفعلتها في أيامٍ عديدة، وأنا لا أعلم عددها الآن فما الحكم؟ A لا شيء عليه، ليس عليه قضاء ولا إثم؛ لأنه لا يدري أنها مفطرة.

حكم امرأة كانت تحيض في رمضان ولا تقضي

حكم امرأة كانت تحيض في رمضان ولا تقضي Q امرأة كانت تحيض في رمضان فتفطر ولا تقضي بعد رمضان ولها على ذلك ثلاثين سنة فماذا عليها؟ A إذا كانت هذه المرأة في مكان بعيد عن العلماء وعن طلبة العلم، كالتي تنشأ في بادية بعيدة ولا تعلم عن هذا الحكم فليس عليها قضاء؛ لأنها معذورة، أما إذا كانت مفرطة بأن كانت في بلد فيه العلماء -مدينة- لا يخفى مثل هذا الحكم إلا على مهمل ومفرط، فعليها أن تقضي ما تركت قضاءه، وإذا شكت فإنها تأخذ باليقين وهو الأقل، فإذا شكت هل هي تركت القضاء في ثلاث سنين أو في سنتين فلتأخذ بسنتين، في ثلاث أو أربع تأخذ بثلاث وهكذا.

حكم صوم مريض بفشل كلوي

حكم صوم مريض بفشل كلوي Q رجل كبير في السن عمره يزيد على ستين سنة يعمل غسيلاً للدم الآن، وعنده فشل كلوي فيجلس على الماكينة ثلاث ساعات ونصف تقريباً في اليوم الواحد، لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، فهل عليه صيام وما كفارة فطره جزاكم الله خيراً؟ A ليس عليه صيام في هذه الحالة في الأيام الثلاثة التي يحتاج فيها إلى استعمال هذا الدواء؛ لأنه يمتزج في عروقه. ويحتمل ألا يكون عليه قضاء ولو استعمله؛ لأن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب، ولكن يحتاج إلى سؤال الأطباء: هل غسيل الدم يخرج الدم إذا أردنا غسله أو أدخله الماكينة ثم يرجع إلى الجوف أم ماذا؟ الظاهر لي -وأنا لا أدري- أنه يخرج الدم فيبقى النظر: هل هو بمعنى الحجامة لأنه دم كثير أم ليس بمعناها لأنه يعود إلى البدن فتعود قوته بخلاف الحجامة؟ ولهذا نقول: الأحوط أن الإنسان لمريضه يفطر ويقضي.

الراجح في صحة صوم الحاجم والمحجوم

الراجح في صحة صوم الحاجم والمحجوم Q قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) إذا قلنا: إن العبرة من إفطار المحجوم أنه قد يشق عليه لكثرة نزول الدم فما العبرة من إفطار الحاجم. وآخر يقول: من المعلوم لديكم أن هناك من يقول بعدم جعل الحجامة من مفطرات الصيام ويستدلون بحديث في البخاري عن ابن عباس: (احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم) ويجيبون عمن قال بأن هذا الحديث نصه: (احتجم الرسول صلى الله عليه وسلم وهو محرم) فما الجواب؟ A أما الفقرة الأولى من السؤال وهي أننا إذا قلنا بفطر المحجوم لخروج الدم الكثير منه وإضعاف البدن فما العلة في فطر الحاجم؟ الجواب على هذا من أحد وجهين: فمن العلماء من قال إن إفطار الحاجم أمر تعبدي لا ندري ما الحكمة، فنأخذ باللفظ وإن لم نعرف الحكمة، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة. ومنهم من قال إن العلة هي أن الحاجم يمص القارورة مصاً قوياً، وإذا مصها مصاً قوياً فإن الدم ينزل في فمه إلى معدته فيكون بذلك مفطراً، وإذا قدرنا أنه حفظ نفسه ولم ينزل فهذا نادر، والنادر لا حكم له، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وبناءً على ذلك قال: لو أن الحاجم حجم بدون مص القارورة بل بوسيلة أخرى فإنه لايفطر، ولهذا لا يفطر الفاصد ولا الشارط، لأنهما لم يمصا القارورة، أي: ليس هناك قارورة يمصانها. أما بالنسبة لحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم احتجم وهو صائم) فقد قال الإمام أحمد: إن هذه الرواية خالف فيها الراوي أصحاب عبد الله بن عباس الذين رووا الحديث، فقد رووه بأنه احتجم وهو محرم، ويكون قوله: (وهو صائم) رواية شاذة.

جواز الفطر في السفر

جواز الفطر في السفر Q فضيلة الشيخ: أشرتم في أول كلامكم بأن الفطر يجوز لمن سافر ولو على طائرة أو على سيارة مكيفة، فلو قال شخص: ما الدليل على ذلك؟ مع العلم أن هذه الأشياء لم تكن على عهده صلى الله عليه وسلم فما هو أساس القياس في مثل هذه الأشياء؟ A هنا لا قياس؛ لأن الذين يسافرون على السيارة أو على الطائرة مسافرون مفارقون لبلادهم وهذا هو السفر، أما السيارة والطائرة فقد ذكرها الله في القرآن، فقال تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} [الزخرف:12] وإذا كان في عهد التنزيل لا يعرف إلا فلك الماء، فإنه بعد عهد التنزيل عرف فلك البر وعرف فلك الجو، و (أل) في قوله: (من الفلك) إما للجنس وإما للعموم، وقال تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [النحل:8] فالسيارة والطائرة والباخرة والبعير والحمار كلها وسائل سفر، والعبرة بالغاية وهو السفر، ولا قياس في هذه المسألة؛ لأنها داخلة في النص بدون قياس.

حكم طلب الطبيب من المريض الإفطار

حكم طلب الطبيب من المريض الإفطار Q في بعض الحالات المرضية وأثناء الصوم قد يطلب الطبيب من المريض الإفطار وذلك دفعاً للضرر عنه، وقد يرفض المريض الإفطار اجتهاداً منه في طلب الأجر من الله أو لعدم رغبته في صيام أيامٍ أخر، فما حكم طلب الطبيب في مثل هذه الحال لذلك المريض؟ وما حكم رفض المريض الإفطار الذي قد يضره فيما إذا استمر بالصوم؟ A أما الطبيب فيجب عليه أن يأمر المريض بالفطر إذا كان الصوم يضره؛ لأنه مؤتمن، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:58] وأما المريض فإذا قال الطبيب الثقة: إن الصوم يضره؛ صار الصوم في حقه حراماً، لقول الله تبارك وتعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [النساء:29] {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195] فإن قال قائل: إن الآية في القتل: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [النساء:29] قلنا: إن عمرو بن العاص استدل بهذه الآية على ما يحصل به الضرر فأقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك لما بعثه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سرية فأجنب وكانت الليلة باردة، فهل خاف إن اغتسل أن يموت أو أن يتضرر ويلحقه الزكام أو السخونة؟ لا شك أنه ليس هناك خوف من الموت، فلما قدم المدينة قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: يا رسول الله! ذكرت قول الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [النساء:29] وكانت الليلة باردة فتيممت فضحك النبي صلى الله عليه وآله وسلم) تقريراً لفعله. فنقول: الآية في القتل وما دونه، كل شيء فيه ضرر على نفسك فهو حرام عليك، فنقول للمريض الذي قال له الطبيب: إن الصوم يضرك ولكنه صام، نقول: هذا حرام عليك، ويخشى إن صمت وكان صومك سبباً في موتك أن تكون ممن أعان على قتل نفسه.

حكم استعمال البخاخ والفرشة والمعجون في نهار رمضان

حكم استعمال البخاخ والفرشة والمعجون في نهار رمضان Q فضيلة الشيخ: ما حكم استعمال البخاخ وهل يفطر؟ وكذلك ما حكم استعمال الفرشة والمعجون للصائم؟ A البخاخ الذي لا يصل إلى المعدة وإنما هو في الحلق والرئة لا يفطر؛ لأن ذلك ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب. وأما استعمال المعجون والفرشة في الصوم فإنها لا تفطر ما دام الإنسان قد ضبط نفسه ولم يصل إلى بطنه شيء منها، لكن لا نشير بها، أي: بالمعجون وذلك لأنه ربما ينزل شيء من المعجون إلى بطنه بدون أن يشعر به، فالأولى أن يجعل تنظيف أسنانه بالمعجون في الليل.

حكم صيام تارك الصلاة

حكم صيام تارك الصلاة Q فضيلة الشيخ! عمري الآن سبعون سنة ولم أترك الصيام، ولكني كنت لا أصلي والآن تبت منذ ثلاث سنين فهل صيامي الأول صيام أم صدقة وهل عليَّ شيء؟ A ليس عليك شيء، وصيامك الأول تؤجر عليه لما أسلمت؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أسلمت على ما أسلفت من الخير) فالأعمال الصالحة التي يفعلها الإنسان في حال كفره إذا أسلم فإنها تنفعه وعلى هذا فصيامك إن شاء الله تعالى مكتوب لك أجره وليس عليك قضاء.

حكم العادة السرية والأحكام المترتبة عليها

حكم العادة السرية والأحكام المترتبة عليها Q فضيلة الشيخ: أرجو منك وفقك الله الإجابة على سؤالي بل مشكلتي التي تؤثر عليَّ في حياتي وعبادتي، وأخشى أن تصرفني عن ديني، فأريد منك علاجاً شافياً لي ولغيري من الشباب خصوصاً ونحن نستقبل هذا الشهر المبارك، المشكلة هي العادة السرية ما حكمها وهل توجب الغسل؟ وهل تؤثر على الصلاة والصيام والعبادة، افتح لنا باباً نخرج منه فتح الله لك وللسامعين أبواب الجنة الثمانية؟ A العادة السرية وهي الاستمناء، أي: محاولة إخراج المني بأي وسيلة باليد بالتقلب على الفراش، بأي وسيلة، هذه محرمة في الصيام وغير الصيام، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ} [المؤمنون:5-7] ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء) ووجه الدلالة من الحديث: أنه لو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن الاستمناء لا مشقة فيه، بل فيه متعة للنفس، فلما عدل عنه إلى الصوم مع ما في الصوم من المشقة أحياناً، دل ذلك على أنه -أي: الاستمناء- ليس بجائز فهو حرام، وإذا نزل المني أفسد الصوم ووجب على الإنسان القضاء، وإذا نزل المني وجب على الإنسان الغسل، فلو صلى بغير اغتسال فصلاته باطلة، وبهذه المناسبة أود أن أقول: الجماع مفسد للصوم وإن لم يحصل إنزال، فإذا وقع الجماع في نهار رمضان ممن يجب عليه الصوم تعلق به خمسة أحكام: الأول: الإثم. الثاني: فساد الصوم. الثالث: وجوب المضي فيه. الرابع: وجوب القضاء. الخامس: الكفارة: وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، وزوجته مثله إن طاوعته، أما إن أكرهها وعجزت عن مدافعته، فإنه ليس عليها قضاء ولا كفارة ولا فساد صوم. والباب الذي يريح الإنسان من هذا الشيء هو أن يتجه الإنسان إلى ربه اتجاهاً صحيحاً بأن يمنعه من هذه العادة، فإن الإنسان إذا لجأ إلى ربه مضطراً إليه عز وجل أجاب الله دعاءه: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} [النمل:62] إن الله يجيب دعوة المضطر ولو كان كافراً، والدليل: أنهم إذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فإذا نجاهم إلى البر أشركوا، فهم مشركون وهو يعلم عز وجل أنهم يرجعون إلى الشرك إذا نجوا، ومع ذلك يجيبهم لاضطرارهم إليه ولجوئهم إليه، فالجأ إلى الله عز وجل واسأله أن يعصمك منها، ثم انتظر الفرج من الله سبحانه وتعالى، فإنك إذا تركت هذا لله عوضك الله خيراً منه عاجلاً غير آجل، وربما إذا استمررتَ على هذا الشيء مع علمك بالتحريم ربما يعسر الله أمرك ولا تحصل لك زوجة، ثم إذا هاجت عليك الشهوة فالجأ إلى الوضوء والصلاة أو مطالعة تفسير كلام الله أو شرح كلام الرسول عليه الصلاة والسلام أو الخروج إلى المسجد إذا كان يمكن في النهار مثلاً، المهم تتسلى عن هذا مع الاستعانة بالله وسؤاله عز وجل واللجوء إليه.

حكم الطعام المتبقي في الفم والأسنان بعد عقد النية للصوم

حكم الطعام المتبقي في الفم والأسنان بعد عقد النية للصوم Q إذا استعقد الإنسان وبقي في فمه أو في بعض أسنانه شيء من الطعام فماذا عليه؟ A استعقد الإنسان أي: الصائم إذا عقد نية الصوم وأذن الفجر وبقي في فمه أو بين أسنانه شيء من الطعام نقول: هذا لا يضر ما دام ليس له طعم ولم تبتلعه فلا بأس، لكن الأفضل أن تخلل أسنانك من أجل أن يخرج ما بينها، حتى من الناحية الطبية الأفضل أن تخللها من أجل أن يخرج ما بينها من بقية الطعام -وهنا سؤال على هذا: لو أن الإنسان نوى الصوم وأكل وشرب وانتهى قبل الفجر بربع ساعة، ثم بدا له بعد أن عقد النية أن يأكل ويشرب قبل طلوع الفجر هل يجوز أم لا؟ نعم يجوز ولا حرج، والنية لا تمنعه، المانع هو طلوع الفجر.

وقت إجابة دعوة الصائم

وقت إجابة دعوة الصائم Q فضيلة الشيخ: للصائم دعوة مستجابة عند فطره، فمتى يكون محل هذه الدعوة: قبل الفطر أم في أثناءه أم بعده؟ وهل من دعوات وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو من دعاء تشيرون به في مثل هذا الوقت؟ A الدعاء يكون قبل الإفطار عند الغروب؛ لأنه يجتمع في حقه انكسار النفس والذل لله عز وجل وأنه صائم وكل هذه من أسباب الإجابة، أما بعد الفطر فإن النفس قد استراحت وفرحت، وربما يحصل غفلة، لكن ورد ذكر إن صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه يكون بعد الإفطار: (ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله) هذا لا يكون إلا بعد الفطر، وكذلك ورد عن بعض الصحابة أنه كان يقول: (اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت) فأنت ادع الله بالدعاء المناسب الذي ترى أنك محتاج إليه.

نصيحة بخصوص السهر في ليالي رمضان

نصيحة بخصوص السهر في ليالي رمضان Q فضيلة الشيخ: من المعلوم عند الكثير من الناس أن في رمضان يكثر السهر في الليل، فيمضي الليل غالباً عند الكثير في غير عبادة لله عز وجل إما في مشاهدات لتمثيليات يسمونها دينية تأتي في رمضان، سواء كانت تمثل بعض المعارك لبعض التابعيات أو غيرها وفيها نساء ربما كن كاسيات عاريات، وكذلك يقضي كثير من الشباب هذا الليل في رمضان بالسهر الطويل على أمر لا يرضي الله عز وجل إما بلعب الورقة أو الكرة أو الذهاب إلى البراري أو الجلوس على الأرصفة فما نصيحتك وتوجيهك للجميع سواء كانوا شيباً أم شباباً؟ A إن نصيحتي أن يستغل هؤلاء هذا الوقت المبارك الثمين الذي يعز وجوده وربما لا يمر بهم مرة أخرى، فينامون أو يقرءون القرآن حتى يأتيهم النوم، ويا حبذا لو أن الناس بعد التراويح اجتمعوا وقرءوا القرآن، تدارسوه بينهم، يقرأ أحدهم ثمناً والآخر ثمناً بعده، أو يقرأ أحدهم ثمناً ثم يتبعه الآخر في الثمن الذي قرأه، يقرءون جزأين أو ثلاثة أو أربعة حسب نشاطهم، ويستغلون هذا الوقت في مراجعة التفاسير فيما قرءوه، فيحصلون على تعلم القرآن لفظاً ومعنى، هذا خير من أن يضيعوا أوقاتهم، هذا فضلاً عن كون بعضهم يضيعون الوقت في الشيء المحرم إما في مشاهدة المسلسلات التي فيها فتنة أو غير ذلك. فنصيحتي لإخواني أن يستغلوا هذا الوقت بما يرضي الله عز وجل، ثم إننا الآن لسنا في حاجة إلى نوم النهار، فالنهار قصير، والوقت بارد، والنهار أشغال، الدارس في مدرسته، والمعلم في مدرسته، والتاجر في متجره، والموظف في وظيفته، لسنا بحاجة إلى نوم النهار، فلنستغرق الليل بالنوم وبقراءة القرآن وبالقيام إذا تيسر وكان الإنسان قد شفع وتره مع إمامه وما أشبه ذلك.

حكم مدارسة القرآن في رمضان

حكم مدارسة القرآن في رمضان Q هل تعتبر مدارسة القرآن الكريم في رمضان سنة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل معه جبريل في رمضان وخاصة في الليل أرجو الإجابة؟ A الظاهر أنها من السنن؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يدارسه جبريل القرآن، فإذا كان الإخوة يحتاج بعضهم إلى بعض في تحفيظ القرآن وتعاهد القرآن كان ذلك من السنة، ولكن لا يحضرني الآن نص عن الصحابة أنهم كانوا يفعلون ذلك، ولكن يكفينا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعله مع جبريل من أجل تعاهد القرآن وحفظ القرآن.

المدة التي يختم فيها القرآن

المدة التي يختم فيها القرآن Q فضيلة الشيخ: نرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا المدة التي يختم فيها القرآن الكريم وما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام؟ A أدنى مدة يقرأ فيها القرآن ثلاثة أيام، وإن كان قد ورد عن بعض التابعين أنهم كانوا يختمون القرآن في رمضان خاصة في يوم وليلة، لكن الأفضل الاقتصار على ثلاثة أيام، وإن جعلها خمسة أيام أو ستة أيام فلا بأس، وإن جعلها في الشهر مرة أو مرتين فلا بأس، الأمر في هذا واسع، المهم أن يكون لرمضان مزية في تلاوة القرآن.

حكم صلاة التراويح في المساجد للنساء

حكم صلاة التراويح في المساجد للنساء Q كثير من النساء تصلي التراويح مع الرجال في المسجد فهل الأفضل لها هذا أم في البيت أفضل، خصوصاً وأن الكثير منهن تقول: إن ذلك مما يعينها ويشجعها خصوصاً إذا كانت لا تستطيع القراءة في المصحف؟ A صلاتها في البيت أفضل، لكن إذا كانت صلاتها في المسجد أنشط لها وأخشع لها وتخشى إن صلت في البيت أن تضيع صلاتها، فقد يكون المسجد هنا أفضل؛ لأن هذه المزية تتعلق بنفس العبادة والبيت يتعلق بمكان العبادة، والمزية التي تكون في العبادة أولى بالمراعاة من المزية التي تكون في مكانها، ولكن يجب على المرأة إذا خرجت أن تخرج متسترة غير متبرجة ولا متطيبة، وعليه فالنساء اللاتي يأتين بالبخور في الجانب الذي يصلي فيه النساء هن إلى الإثم أقرب منهن إلى الأجر؛ لأن النساء يتطيبن بهذا البخور، فتخرج المرأة وهي متطيبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء) نعم لو فرض أن المرأة جاءت بالبخور، فإذا وصلت المسجد وضعت البخور ولا تأخذه لا هي ولا من في المكان وإنما تطيب المكان فقط، فهذا لا بأس به إلا أن تركه أولى؛ لئلا يقتدي بها من لا تصنع هذا الصنيع؟

نصيحة للنساء المتبرجات

نصيحة للنساء المتبرجات Q فضيلة الشيخ: في ليالي رمضان يكثر خروج النساء للأسواق متنقبات أو مع السائقين فهل لكم حفظكم الله من نصيحة لأولئك؟ وهل لكم من حثٍ لطلاب العلم وخطباء الجوامع وأئمة المساجد في التنبيه على هذه الملحوظة، وهل من تشجيع للشباب في التعاون مع الهيئات في مثل هذا الأمر؟ وهل من تحذير لأولئك الشباب الذي قد يكون ملتزماً فربما يخرج ويترك أهله ولا يكون له أثر عليهم؟ A أقول: هذا من البلاء، فإن الملاحظ في ليالي رمضان أنه يكثر خروج النساء متنقبات أو متلثمات وربما يكون معهن رائحة فاتنة، وبهذا يكثر السفهاء الذين يحومون حول المتاجر وفي الأسواق، ويحصل بذلك من الشر والبلاء ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، فنصيحتي لأولياء الأمور أن يأخذوا بيدٍ من حديد على نسائهم فلا يخرجن ليلاً، ومن كانت لها حاجة فليخرج معها وليها ويقف معها ويرجع معها. أما بالنسبة للشباب الذين يساعدون الهيئة على كف هذه الشرور فإنني أشجعهم على ذلك وأحثهم عليه، لكن يجب عليهم أن يستعملوا الحكمة وألا يتسرعوا في الإنكار، وألا ينكروا بشدة وزجر، بل بطمأنينة، وإذا كان مع المرأة ولي أمرها فليكلم ولي الأمر ولا يكلم المرأة؛ لأن كلام المرأة قد يؤدي إلى مفسدة؛ فقد تتكلم هي بكلام غير لائق لهذا الرجل الذي نهاها عن منكر، فليتكلم مع وليها، كذلك أيضاً تتكلم الهيئة وغير الهيئة من المتعاونين على السفهاء الذين يتابعون النساء ويتكلمون بما لا يليق فينصحونهم ويحذرونهم.

حكم افتتاح صلاة التراويح بركعتين خفيفتين

حكم افتتاح صلاة التراويح بركعتين خفيفتين Q فضيلة الشيخ: ما تقولون في إمام يفتتح صلاة القيام بجماعته بركعتين خفيفتين من إحدى عشرة ركعة فما صحة فعله؟ A فعله هذا ليس بصحيح، افتتاح القيام الذي هو التراويح بركعتين خفيفتين غير صحيح؛ لأن افتتاح قيام الليل بركعتين خفيفتين إنما يكون لمن نام، ووجه ذلك: أن الإنسان إذا نام عقد الشيطان على قافيته ثلاث عقد، فإذا قام وذكر الله انحلت عقدة، فإذا تطهر انحلت العقدة الثانية، فإذا صلى انحلت العقدة الثالثة، ولهذا صار الأفضل لمن قام الليل بعد النوم أن يفتتح قيام الليل بركعتين خفيفتين ثبتت بذلك السنة من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعله، أما التراويح فإنها تفعل قبل النوم فلا تفتتح بركعتين خفيفتين.

حكم قضاء صلاة التراويح لمن فاتته بعد الوتر

حكم قضاء صلاة التراويح لمن فاتته بعد الوتر Q إذا حضرت مع الناس وهم يصلون صلاة التراويح وقد فاتني شيء منها فهل أقضي ما فاتني بعد الوتر أم ماذا أصنع؟ A لا تقضي ما فاتك بعد الوتر، لكن إن كنت تريد أن تقضي ما فاتك، فاشفع الوتر مع الإمام، ثم صل ما فاتك ثم أوتر. وهنا مسألة أنبه عليها: لو جئت والإمام يصلي التراويح وأنت لم تصلِ العشاء فماذا تفعل؟ هل تصلي العشاء وحدك أم تدخل مع الإمام في التراويح بنية العشاء؟ الجواب: ادخل مع الإمام في التراويح بنية العشاء، وإذا سلم الإمام من التراويح فقم واقض ما بقي عليك من صلاة العشاء، وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على هذه المسألة بعينها، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وهي القول الراجح؛ لأن القول الراجح: أنه يجوز أن يأتم المفترض بالمتنفل بدليل حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، هي له نافلة ولهم فريضة.

حكم الذهاب إلى مساجد بعيدة لحسن صوت الإمام

حكم الذهاب إلى مساجد بعيدة لحسن صوت الإمام Q فضيلة الشيخ: ما تقولون لمن يذهب إلى مسجد بعيد عن المسجد الذي يصلي فيه دائماً إما استحساناً لصوت الإمام أو لزيادة خشوعه معه والراحة لذلك أو لغرضٍ آخر وذلك لأداء صلاة التراويح والتهجد؟ A لا حرج على الإنسان أن يذهب إلى مسجدٍ آخر غير مسجد حيه للأسباب التي ذكرها السائل أو لغيرها، لكن الأفضل أن يبقى في مسجد حيه؛ لأن ذلك يشجع أهل الحي إذا انضم بعضهم إلى بعض وعرف بعضهم بعضاً، فإذا تفلتوا وذهبوا إلى المسجد الآخر ربما لا يبقى مع الإمام أحد ويخرج، كما حدثنا عن ذلك، أن بعض المساجد القريبة من المساجد التي فيها قارئ، صوته حسن وأداؤه حسن، يذهبون إلى هذا المسجد الذي فيه هذا القارئ ويدعون مساجدهم حتى إنها تغلق ولا يصلى فيها صلاة العشاء ولا صلاة التراويح وهذا لا ينبغي، بل الذي ينبغي أن تعمر المساجد كلها بأهلها، هذا هو الأفضل، لكننا لا نحرم أن يذهب أحد إلى مسجد يكون القارئ أحسن صوتاً وأحسن أداءً.

حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء وتقبيل اليدين

حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء وتقبيل اليدين Q ما حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء وتقبيل تلك اليدين؟ A أما تقبيل اليدين بعد الفراغ من الدعاء ومسح الوجه بهما فإنه بدعة لا أصل له، وأما مسح الوجه ففيه أحاديث ضعيفة قال عنها شيخ الإسلام ابن تيمية: إنها لا تقوم بها حجة وأنَّ مسح الوجه بعد الدعاء باليدين بدعة. وذهب بعض العلماء إلى أن الأحاديث بمجموعها تصل إلى درجة الحسن وتكون حجة، وأنه يسن مسح الوجه باليدين، والأمر في هذا واسع، إن مسح فلا يُنهى، وإن ترك فلا يؤمر، ولكن الذي ينهى عنه ويقال لفاعله: إنه بدعة هو تقبيل اليدين بعد مسح الوجه بهما.

واجبنا نحو الظروف القاسية التي تحيط بالمسلمين

واجبنا نحو الظروف القاسية التي تحيط بالمسلمين Q فضيلة الشيخ: كما أشرتم بأن شهر رمضان المبارك قادم ونحن نعيش أحوال المسلمين في كل مكان سواء في البوسنة أو فلسطين أو مصر أو غيرها، والأعراض تنتهك وأهل الإسلام يذبحون ويقتلون كالذبائح، فإلى متى يكون الصيام عن التكلم عن مذابح المسلمين؟ وماذا نفعل ونحن نشاهد هذه الظروف القاسية تحيط بالمسلمين؟ أرجو حثي والإخوة على العمل الذي ترونه تجاه ذلك؟ A العمل الذي نراه تجاه هذه المصائب أن نلجأ إلى الله عز وجل في نصرة كل مخذول خذله أهل الباطل، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي} [البقرة:186] أما بالنسبة لهؤلاء الذين يؤذون أو يقتلون ويذبحون فإن الله سبحانه وتعالى قال في حقهم: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران:142] ويقول عز وجل: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:214] ونحث إخواننا المسلمين على مساعدة هؤلاء على قدر المستطاع بالمال البدن بالجاه؛ لأن في ذلك تفريجاً لكرباتهم، وإشعاراً بأن إخوانهم المسلمين معهم في أي مكان. وأما بالنسبة لما يلقاه الدعاة في البلدان التي ذكرها السائل، فإنه قد يكون ذلك فتحاً مبيناً؛ لأنه إذا حصل للدعاة في تلك البلاد هذا التضييق فإن الناس يجتمعون حولهم، ويحصل بذلك النصر، ولهذا سمى الله عز وجل صلح الحديبية (فتحاً) مع أن ظاهره أن فيه غضاضة على المسلمين، لكن صارت عاقبته حميدة، فهؤلاء الذين يؤذون في تلك البلاد لعل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ذلك فتحاً مبيناً لهم فيلتف الناس حولهم وينتصرون على من يؤذيهم.

حكم إفطار من وصل إلى البلد المسافر إليه

حكم إفطار من وصل إلى البلد المسافر إليه Q فضيلة الشيخ! هل يجوز للمسافر إذا حضر إلى بلدة أن يواصل الإفطار ولو كان هذا يشق عليه؟ وهل الأجر يضاعف للمسافر الصائم علماً أن في الوقت الحاضر كل شيء ميسر؟ A إذا وصل الإنسان إلى البلد الذي سافر إليها وهو صائم فلا بأس أن يفطر؛ لأن الصائم مخير إن شاء استمر في صيامه وإن شاء أفطر، أما إذا وصل إلى بلده وهو صائم فإنه يجب عليه البقاء على صومه، ولا يحل له الفطر، فإن وصل إلى بلده وهو مفطر في السفر فإنه لا يلزمه الإمساك، لأن هذا الإمساك لا ينفعه إذ أنه قد أفطر أول النهار، وهذا ليس بصوم، فله أن يأكل ويشرب إلى أن تغرب الشمس، ولكنه إذا خاف من اتهامه أو ما أشبه ذلك فليأكل ويشرب سراً.

حكم الصيام في السفر مع المشقة

حكم الصيام في السفر مع المشقة Q فضيلة الشيخ: من المعلوم أن الإنسان إذا أراد السفر إذا وافق شهر رمضان خصوصاً في النهار نعلم أن له رخصة في الإفطار، ولكني أتحرج للأخذ بهذه الرخصة حتى لو كلفني ذلك مشقة، وأيضاً أشعر أني أعطل ما أمر الله به، والله قد أمر أن تؤتى رخصه، فأجدني أريد أن آخذ بالرخصة وأجهر بها حتى أبين للناس أن هذه رخصة في هذه المسألة فهل أنا على صواب على الرغم من الحرج الذي يعتريني؟ A الذي فهمت من هذا السؤال أن هذا الرجل يصوم في السفر مع مشقة الصوم عليه وهذا خطأ، إذا شق على الإنسان الصوم في السفر فإنه يفطر: (رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: صائم يا رسول الله، قال: ليس من البر الصيام في السفر) وهذا الذي يصوم وهو مسافر مع مشقة الصوم عليه مخالف لمراد الله منه؛ لأن الله يقول: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} [البقرة:185] وإني أقول: إن جملة من علماء الأمة قالوا: إذا صام المسافر فصيامه مردود وعليه القضاء؛ لأن الله قال: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185] فجعل فرض المسافر عدة من أيام أخر، فإذا صام في سفره فكأنه صام رمضان في شعبان -أي: قبل دخول وقته- وهذا مذهب الظاهرية لكنه مذهب ضعيف؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه صام في السفر في رمضان، وثبت أن الصحابة معه منهم الصائم ومنهم المفطر، ولم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، لكني ذكرت ذلك من أجل ألا يتنطع المتنطع ويتعمق المتعمق، فيقول: لا بد أن أصوم مع مشقة الصوم عليه، نقول: لا تصم. إذا شق عليك الصوم فشرع الله أن تفطر.

حكم الجهر بالفطر في نهار رمضان

حكم الجهر بالفطر في نهار رمضان Q هل لي أن أجهر بالفطر حتى أبين للناس هذه الرخصة في هذه المسألة؟ A نعم وأنت مأجور على هذا، إذا أعلنت فطرك في السفر من أجل أن يعلم الناس أن هذا هو الأفضل مع المشقة، فأنت مأجور على هذا، وهذا من دعوة الناس إلى الهدى والرشاد.

حكم السائل الذي يخرج من المرأة بصورة مستمرة

حكم السائل الذي يخرج من المرأة بصورة مستمرة Q ما حكم السائل الذي يخرج من المرأة إذا كان هذا السائل بصورة مستمرة؟ وإذا كان نجساً فهل يستدعي ذلك الوضوء لكل صلاة؟ وإذا لم تشعر به المرأة هل تتوضأ لكل صلاة؟ A الذي أرى أن السائل العادي الذي يخرج من المرأة ليس بنجس، بل هو طاهر إلا أنه ينقض الوضوء، وعلى هذا إذا خرج من المرأة وهي متوضئة؛ فليس عليها إلا أن تتوضأ فقط، أي: تجدد، ولا يجب عليها غسل فرجها، ولا ما أصاب ثوبها من هذا السائل، وفي هذه الحالة إذا كان يخرج منها باستمرار فإنها تتوضأ لوقت كل صلاة، ولا حرج عليها أن تجمع الظهر مع العصر أو المغرب مع العشاء إذا شق عليها أن تتوضأ لكل صلاة. أما بالنسبة للصيام فإنه لا يؤثر على صيامها شيئاً.

الراجح في عدد ركعات صلاة التراويح

الراجح في عدد ركعات صلاة التراويح Q فضيلة الشيخ: ذكرتم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يزيد على إحدى عشرة ركعة، ولكن نرى أن بعض الناس ربما يصلون ثلاث عشرة ركعة، فما الذي تنصحون حفظكم الله في فعله؟ وما هو الأفضل: هل هي ثلاث عشرة أو إحدى عشرة، أو ثلاث وعشرون، وإذا قام الإمام ليصلي ثلاث وعشرون ركعة فهل نقوم معه أو نقتصر على السنة، أرجو التبيين والتوضيح، وفقكم الله؟ A أما الإحدى عشرة ركعة فقد ثبت في صحيح البخاري وغيره: أن عائشة رضي الله عنها سئلت: كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: (ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة) وأما الثلاث عشرة ركعة فقد ثبتت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حين بات عند خالته ميمونة، وسبر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة فصلى ثلاث عشرة ركعة، وعلى هذا فيكون: الإحدى عشرة ركعة، والثلاث عشرة ركعة كلها من السنة. وأما إذا زاد الإمام على هذا العدد فالسنة متابعته، وألا يتأخر الإنسان عن متابعته من أجل أن يحصل على قيام الليلة كما أشرنا إليه في حديثنا عن قيام الليل بأن الإنسان إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة. ومن انصرف إذا أتم الإمام عشر ركعات وانصرف لأنه لا يريد الزيادة على إحدى عشرة ركعة، فقد خالف هدي الصحابة رضي الله عنهم، فإن الصحابة تابعوا عثمان بن عفان حيث زاد الصلاة الرباعية على ركعتين في منى، فالسنة في منى أن يصلي الإنسان الظهر والعصر والعشاء ركعتين ركعتين، صلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى ذلك أبو بكر، وصلى ذلك عمر، وصلى ذلك عثمان ثمان ينين من خلافته، ثم صلى أربعاً، فبلغ ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ورأى أن ذلك مصيبة أن يخرج عثمان عن هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعن فعله هو نفسه، ومع ذلك كان يصلي مع عثمان أربعاً لئلا يخرج عن الجماعة، فقيل له: يا أبا عبد الرحمن! كيف تصلي أربعاً مع عثمان -أي: وأنت تنكر عليه-؟ فقال: الخلاف شر، أي: خروجي أو تأخري عن الصلاة شر، فهؤلاء الإخوة الذين يظنون أنهم متبعون للسنة هم مخالفون للسنة، فالسنة أن يتابعوا الإمام وألا ينصرفوا حتى ينصرف.

توجيه إلى أئمة المساجد

توجيه إلى أئمة المساجد Q فضيلة الشيخ: نرى أن بعض أئمة المساجد يتركون مساجدهم ويسافرون للعمرة وخاصة في العشر الأواخر من رمضان، وقد يبقى أحدهم في مكة جميع العشر يقول: لأصلي التراويح والقيام في الحرم وأصوم في مكة، مع حاجة الناس له في تلك الأيام في بلده أو مسجده الذي يجب عليه الصلاة فيه، وهم باستطاعتهم السفر للعمرة قبل العشر الأواخر، فما توجيهكم للأئمة وخاصة أن بعض المساجد تعاني كثيراً من ذلك؟ وهل من توجيه لأولئك أن يرتبوا أوقاتهم قبل العشر التي يحتاج الناس إليهم فيها؟ A الذي نرى أن هؤلاء الذين يذهبون إلى العمرة وهم أئمة ويضيعون مساجدهم أنهم كمن عمر قصراً وهدم مصراً، وذلك لأن بقاءهم في مساجدهم قيام بواجب عليهم، وذهابهم إلى العمرة غاية ما فيه أنه سنة، والسنة لا يمكن أن تفعل مع ترك الواجب، لكن إذا ذهبوا يوماً أو يومين فأرجو ألا يكون في هذا بأس، أما أن يذهبوا جميع العشر في الأيام التي يحتاج الناس إلى وجودهم فيها، فإن ذلك خطأ ظاهر، وهم إلى الإثم في هذه الحال أقرب منه إلى السلامة.

حكم استعمال حبوب منع نزول الحيض في رمضان

حكم استعمال حبوب منع نزول الحيض في رمضان Q فضيلة الشيخ: إلى كتابة هذا السؤال لم يرد شيء عن استعمال حبوب منع نزول دم الحيض للضرورة، فإذا كانت المرأة تنزل دورتها في العشر الأواخر من رمضان وهي تحب ألا يفوتها فضل العشر الأواخر، فهل لها أن تستعمل تلك الحبوب لتعينها على طاعة الله أم ماذا؟ A لا نرى أنها تستعمل هذه الحبوب لتعينها على طاعة الله؛ لأن الحيض الذي يخرج شيء كتبه الله على بنات آدم، وقد دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على عائشة وهي معه في حجة الوداع وقد أحرمت بالعمرة، فأتاها الحيض قبل أن تصل إلى مكة فوجدها تبكي، فقال لها: ما يبكيك؟ فأخبرته بأنها حاضت، فقال: (إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم) فالحيض ليس منها، فإذا جاءها في العشر الأواخر فلتقنع بما قدر الله لها، ولا تستعمل هذه الحبوب، وقد بلغني ممن أثق به من الأطباء أن هذه الحبوب ضارة في الرحم وفي الدم، وربما تكون سبباً لتشويه الجنين إذا حصل لها جنين، فلذلك نرى تجنبها، والحمد الله إذا حصل عليها الحيض وتركت الصلاة والصيام فإن ذلك بقضاء الله وقدره وليس بفعلها.

حكم إفطار الحامل والمرضع

حكم إفطار الحامل والمرضع Q هل المرأة الحامل يحق لها أن تفطر وكذلك المرضع، فإذا كان هذا جائزاً فهل لها أن تقضي متتابعاً أم طوال أيام السنة بالنسبة للحامل والمرضع؟ A يجوز للحامل والمرضع الفطر في رمضان، لكن بشرط أن تخاف على نفسها أو على الجنين في الحامل والطفل في المرضع، أما إذا كان بدنها قوياً وكان ذلك لا يضر لا الجنين ولا الطفل، فإنه لا يحل لها أن تفطر، وإذا أفطرت للحاجة أو للخوف على نفسها أو جنينها أو طفلها؛ فإنها تقضي إلى أن يبقى من رمضان القادم مثل ما عليها من الأيام، ففي هذه الحالة يجب أن تصوم القضاء ولها أن تقضي يوماً بعد يوم أو يوماً بعد يومين أو من كل أسبوع يومين حسب نشاطها وقدرتها، إلا أنها لا تؤخره إلى رمضان الثاني.

المراد بانصراف الإمام من الصلاة

المراد بانصراف الإمام من الصلاة Q فضيلة الشيخ: ما المراد بالانصراف الذي أشرتم إليه بانصراف الإمام هل هو الانتظار حتى يخرج الإمام من المسجد أم حتى ينتهي من الصلاة؟ A المراد بالانصراف في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من قام مع الإمام حتى ينصرف) قضاء الصلاة، فإذا سلم الإمام فإن السنة أن ينصرف إلى المأمومين يقابلهم بوجهه، وحينئذٍ يكون قد انصرف ويكتب له قيام ليلة. وهذا السؤال سؤال جيد؛ لأن فيه براعة اختتام عند البلاغيين براعة يسمونها براعة استفتاح وبراعة أخرى براعة اختتام فكأن هذا السائل يقول: انصرفوا أيها المستمعون. وبارك الله فيكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اللقاء الشهري [9]

اللقاء الشهري [9] الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وفيه تتجلى العبودية في أسمى معانيها، لكن كثيراً من الأحكام الخاصة به قد يجهلها كثير من الناس، وفي هذا اللقاء أزيح الستار عن مسائل مهمة تتعلق بالحج، كان أهمها: أيها يقدم: الحج أم الدين أم الزواج أم شراء كتب طلب العلم؟ وغير ذلك من المسائل.

من أحكام الحج

من أحكام الحج إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد أيها الإخوة: فهذا هو اللقاء الأول الذي نلتقي به بعد شهر رمضان، هذا اللقاء الذي كان بعد شهر رمضان لقاء بعد عمل، قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غفر الله له ما تقدم من ذنبه) وأرجو أن نكون جميعاً ممن صامه وقامه إيماناً واحتساباً حتى يحصل لنا هذا الخير الكثير، أن يغفر لنا ما تقدم من الذنوب، ونسأل الله تعالى أن يقينا من الذنوب بعد هذا الخلاص منها، فإن الإنسان إذا خلص من الذنوب أصبحت صحيفته بيضاء، وأصبح قلبه منيراً، وحسنت أعماله، فإن ثبت على ذلك كان دليلاً على قبول الله سبحانه وتعالى لعمله، وإن كانت الأخرى فليتب إلى الله عز وجل وليصلح ما بقي لعله يستدرك ما مضى. ثم إن الله تعالى بحكمته ورحمته جعل بعد هذا الشهر مباشرة شهور الحج إلى بيت الله، والحج إلى بيت الله قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام: (من حج فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه) أي من الذنوب؛ خالصاً منها، نقياً منها، كما أنه حين خرج من بطن أمه ليس له ذنب، فهو يرجع من الحج وليس له ذنب، وبهذا نعلم أن الله سبحانه وتعالى أرحم بعباده من الوالدة بولدها، فما انقضى شهر الصيام الذي يكون سبباً لمغفرة الذنوب حتى جاءت شهور الحج التي هي -أيضاً- سبب لمغفرة الذنوب، وإننا في هذا اللقاء نتكلم يسيراً عن شيء مما يتعلق بالحج.

مكانة الحج في الشريعة

مكانة الحج في الشريعة أولاً: الحج ركن من أركان الإسلام، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين سأله جبريل قال: (أخبرني عن الإسلام؟ قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت) . وقد أجمع المسلمون على أن الحج ركن من أركان الإسلام، وأن من أنكر فرضيته فهو مرتد عن الإسلام، ومن تهاون فيه فهو على خطر، يعني: من تركه مع وجوبه عليه فهو على خطر عظيم، حتى إن الإمام أحمد رحمه الله في رواية عنه قال: إنه يكفر كما لو ترك الصلاة، لكن القول الصحيح أنه لا يكفر ولكنه على خطر: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:97] فالحج فريضة، لكنه لا يجب إلا بشروط أهمها: الاستطاعة: أن يكون الإنسان مستطيعاً بماله وبدنه، ولا يكون مستطيعاً بالمال إلا أن يكون المال فاضلاً عن حاجاته وقضاء ديونه، فاضلاً عن حاجاته، أي: ما يحتاج إليه في بيته من طعام وشراب وأواني وفرش وغيرها من الحاجات التي لا بد منها، فإذا قدر أن شخصاً عنده مال لكن يحتاج إلى أواني في البيت، فهل يشتري الأواني ويدع الحج، أو يحج ويدع الأواني، الأول أم الثاني؟ الأول. نقول: اشتر الأواني، لأنها من الحوائج التي لا بد منها، ثم إن بقي شيء فحج به وإلا فلا. لا بد أن يكون المال الذي عنده فاضلاً عن الدين، والدين: ما وجب في الذمة من ثمن مبيع أو ثمن أرض أو أجرة أو غير ذلك، ليس الدين خاصاً بالمداينة كما هو معروف عند العامة لا. الدين شرعاً: كل ما ثبت في الذمة حتى القرض الذي يقترضه الشخص يكون ديناً عليه، حتى أجرة البيت للسكنى يكون ديناً، فلا بد أن يكون المال الذي تحج به فاضلاً عن الديون، فإن كان عليك دين؛ فإن الحج لا يجب عليك، حتى الفريضة لا تجب عليك، فإذا قدر أن شخصاً من الناس بيده ألف ريال، وعليه دين ألف ريال، فهل يقضي الدين بالألف ويدع الحج أو يحج ويبقى الدين في ذمته؟ الأول، فنقول: أوف الدين ثم حج؛ لأنك إذا مت وأنت لم تحج وإنما قضيت الدين مت وأنت بريء من الدين، ولكن لو حججت وبقي الدين في ذمتك ومت، فإن نفسك معلقة بالدين بعد الموت، وبهذا نعرف خطأ كثير من الناس الذين يحجون وعليهم ديون، وإذا قلت: يا أخي الدين مقدم، قال: ديني بمائة ألف والحج بألفين، والألفين ما تساوي شيئاً بالنسبة لمائة ألف، هل هذا منطق صحيح؟ لا. إذا كان عليك مائة ألف وأديت ألفين، يبقى عليك ثمانية وتسعون ألفاً، أي: فقد سقط شيء من الدين وليس عليك إثم في عدم الوفاء بالثمانية والتسعين، لأنك لم تقدر، ولكن قد يكون عليك إثم إذا حججت بألفين وتركت الوفاء، وهذه مسألة يجب أن نتنبه لها نحن، وأن ننبه عليها إخواننا؛ لأن كثيراً من محبي الخير الحريصين على الحج يحج وهو غارق في الديون بحجة أن المال الذي عنده لا يفي بالدين، لكنه يفي ببعض الدين، حتى لو فرض أنه ريال واحد، وعليك مائة ألف، فإذا أوفيت كم يبقى عليك؟ مائة ألف إلا ريال، فقد سقط عنك من ذمتك شيء ولا تستهن بالدين فالدين شديد. ألم تعلموا أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان إذا قدم إليه الرجل ليصلي عليه سأل هل عليه دين أم لا؟ إذا قالوا: عليه دين وليس له وفاء ترك الصلاة عليه وقال: (صلوا على صاحبكم) مع أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالمؤمنين رءوف رحيم ومع ذلك كان يترك الصلاة على الميت الذي هو محتاج إلى الصلاة عليه من أجل الدين. جيء إليه في يوم من الأيام برجل مدين ميت، فقدم إليه، فلما خطا خطوات ليصلي عليه، قال: (هل عليه دين؟ قالوا: لا نعلم عليه إلا دينارين فقط، فقال: صلوا على صاحبكم، وترك الصلاة عليه، فقام أبو قتادة رضي الله عنه وقال: يا رسول الله الديناران علي -التزم بها أبو قتادة في ذمته- قال: حق الغريم وبرئ منها الميت؟ قال: نعم. فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى عليه) . الشهادة في سبيل الله لا تكفر الدين؛ وسئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الشهادة هل تكفر الذنب؟ قال: (نعم كل شيء) فلما أدبر الرجل دعاه وقال له: (إلا الدين؛ أخبرني بذلك جبريل آنفاً) . الدين حتى الشهادة لا تكفره، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا نتهاون بالدين، وإني لأعجب من قوم مدينين عليهم ديون كثيرة ثم يذهب أحدهم يستدين، يشتري من فلان أو فلان أثاثاً للبيت زائداً عن الحاجة، يشتري كساء للدرج، لأن الدرج ليس عليه كساء، يفرش الدرج وهو فقير عليه ديون، هذا سفه في العقل وضلال في الدين. هناك قصة وقعت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام: (جاءت امرأة للرسول عليه الصلاة والسلام وقالت: إني وهبت نفسي لك) الرسول عليه الصلاة والسلام يجوز له أن يتزوج الهبة، أما نحن فلا يجوز لنا أن نتزوج بالهبة، لو جاءت امرأة تقول لك: إني وهبت نفسي لك فقلت: قبلت ما صارت زوجتك، لكن لو جاءت للرسول عليه الصلاة والسلام وقالت: وهبت نفسي لك فقال: قبلت فإنها تصير زوجة له، قال الله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:50] وهذا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم، جاءت هذه المرأة تقول: (يا رسول الله! وهبت نفسي لك، فصعد بها النظر وصوبه -نظر إلى أعلى بدنها وأسفل بدنها- ثم لم يرغب فيها، فسكت، فجلست المرأة، فقام رجل قال: يا رسول الله -استمع إلى الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم- قال: يا رسول الله! إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها) ما عمل بالقرائن وقال: إن سكوت الرسول دليل على أنه لا يريدها، ما عمل بهذا تأدباً مع الرسول واحتياطاً، قال: إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: (أمعك شيء -يعني صداق- قال: نعم. إزاري) الرجل ما عليه إلا إزار، يعني أعلى بدنه مكشوف ليس عليه رداء، سبحان الله! إزارك إن أعطيتها إياه بقيت بلا إزار، وإن لبسته بقيت بلا مهر، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (التمس ولو خاتماً من حديد) . انظر ولو خاتماً من حديد، وباللغة العامية (فتخة) فذهب الرجل يبحث فلم يجد، فرجع وقال: (ما وجدت شيئاً، قال: هل معك شيء من القرآن؟ قال: نعم، معي سورة كذا وكذا، قال: زوجتكها بما معك من القرآن) فزوجه بما معه من القرآن. Q هل قال: اذهب تسلف وتدين؟ لا. مع أن الرجل في حاجة، مع ذلك ما قال: اذهب فتدين أو تسلف واجعله مهراً، كل هذا لتحاشي الدين، الدين كما يقول العامة: الدين ذل في النهار وسهر في الليل، ولكن هذا لمن كان قلبه حياً، أما من كان قلبه ميتاً فالدين عنده شربة ماء فلا يهتم، يستدين من هذا الرجل مائة ألف ويذهب للثاني يستدين مائة ألف، وهو ما عنده ولا قرش، هذا والله سفه في العقول وضلال في الدين، احم ذمتك، ولا تجعل في ذمتك ديناً إلا لضرورة، أقول هذا تفريعاً على قولنا: إنه لا يجب الحج على من كان عليه دين، وأن الواجب أن يقضي دينه أولاً، ثم بعد ذلك يحج، وليحمد الله على تيسيره، فلو كان الله ألزمنا أن نحج ولو بالاستدانة صار الأمر صعباً، فاحمد الله على التيسير.

تقديم الزواج والحاجات الأصلية على الحج

تقديم الزواج والحاجات الأصلية على الحج سؤال: رجل عنده مال ولكنه محتاج للزواج فهل يحج بالمال أم يتزوج؟ A يتزوج بالمال، لأن الزواج من الحوائج، بل أحياناً يكون من الضرورات، فهذا الرجل الذي جاءنا يسأل يقول: أنا عندي مال إن حججت به ما تزوجت، وإن تزوجت ما حججت، نقول: تزوج ولا تحج، ولكنك إذا قلت هذا ثار عليك العامة، والعوام هوام يقولون: يتزوج ويترك الفريضة ما يكمل دينه، وأركان الدين خمسة، الحج منها كيف تتركه يتزوج وينال شهوته ويترك فريضة وركناً من أركان الإسلام؟ العامي يقول هكذا، ماذا نقول له؟ نقول له: حتى الآن لم تكن فريضة عليه، لأنها لا تكن فريضة إلا بعد أن يتخلص من كل شيء، من الديون، ومن حاجاته الأصلية، ومن كل ما يحتاجه. Q إنسان طالب علم محتاج إلى كتب لا يتم طلبه للعلم إلا بها ولم يحج، وعنده فلوس إن اشترى الكتب ما حج، وإن حج ما اشترى الكتب فماذا يعمل؟ الجواب: يشتري الكتب ولا يحج، نقول: اشتر من الكتب ما تحتاج ولا تجعل مكتبة كبيرة عالمية، بل اشتر ما تحتاج وحج بعد ذلك؛ لأن الله قال: {مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] والحاجة للكتب كالحاجة للطعام والشراب وقد تكون أشد، طالب العلم الحقيقي الذي يريد العلم يرى أن الكتب له بمنزلة الطعام والشراب بل أشد، فإذا كان الإنسان عليه دين فيقدم الدين على الحج، إذا كان يحتاج حاجات أصلية فيقدم الحاجات الأصلية، وبهذا تحصل للإنسان الطمأنينة.

الدين لا يمنع صحة الحج

الدَّين لا يمنع صحة الحج Q أنا سأحج مع قوم لا أنفق شيئاً، هم طلبوا مني أن أكون رفيقاً لهم لأنني رجل نشيط، أكفيهم عمل القهوة والطبخ وما أشبه ذلك، وأنا ما أخسر شيئاً وعلي دين هل أحج مع هؤلاء؟ A يحج إذن الدين ما يمنع الحج، بعض العوام يظنون أن الذي عليه دين لا يحج؛ لأن الحج ما يصلح منه، وهذا غير صحيح، الدين يمنع وجوب الحج لكن لو حج الإنسان بدون ضرر -يعني بدون أن يبذل مالاً- فإن ذلك لا بأس به، بل قد نقول: إنه فريضة في حقه، لأنه يدخل في قول الله تعالى: {مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] .

وجوب المحرم في حج المرأة

وجوب المحرم في حج المرأة ثم إن من المهم أن نعلم أنه لا يجب الحج على المرأة إلا إذا وجدت المحرم، فمن لم تجد المحرم فلا حج عليها حتى لو كانت غنية، لأنها تستطيع حساً أن تذهب مع الناس وتحج، لكن شرعاً لا تستطيع، لأنه لا يجوز أن تسافر بلا محرم حتى للحج، والدليل قال ابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل وقال: يا رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجة وإنني اكتتب في غزوة كذا وكذا، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: انطلق فحج مع امرأتك) فأمره أن يدع الغزو من أجل أن يحج مع امرأته، فدل ذلك على أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم ولا للحج، ولا يغرنك تهاون الناس بهذا، عليك بطاعة الله ورسوله ولا تلتفت إلى أحد ما دام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب الناس يعلن على المنبر يقول: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فإن الله يقول عن المؤمنين إنهم يقولون: سمعنا وأطعنا: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36] . انظر يا أخي! إذا رأيت نفسك إذا أمرك الله ورسوله بشيء تختار غير أمر الله ورسوله فاعلم أنك ناقص الإيمان: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً} [الأحزاب:36] إيش {أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36] بل يقولون: سمعنا وأطعنا، وينقادون أتم انقياد، هكذا المؤمن، فإذا قدر أن المرأة ماتت وعندها أموال عظيمة وليس لها محرم هل تأثم؟ لا. لا تأثم؛ لأنها ستقابل الله عز وجل فإذا قال لها: لماذا لم تؤدي الحج؟ تقول: قال نبيك: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا حج عليها ليس عليها حج لأنها غير قادرة شرعاً، والعجز الشرعي كالعجز الحسي ولا فرق. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، والآن يجيء دور الإجابة على الأسئلة.

الأسئلة

الأسئلة

سخرية الناس ممن لا دين له

سخرية الناس ممن لا دَين له Q فضيلة الشيخ: ما رأيك في فئة من الناس يرون أن من لا دين عليه عنده نقص في رجولته، بل إن من دينه قليل تناله سخريتهم فيقولون: فلان دينه دين عجوز، مع أنهم يستدينون بنية عدم الوفاء؟ A أقول: إن هذا بلا شك خطأ، وأن العز والذل تبع الدين وعدم الدين، فمن لا دين عليه هو العزيز، ومن عليه دين فهو الذليل؛ لأنه في يوم من الأيام قد يطالبه الدائن ويحبسه، وما أكثر المحبوسين الآن في السجون بسبب الديون التي عليهم، فهذا القائل لا شك أنه سخيف العقل، وأنه ضال في كلامه، ولكن الذي يظهر أنه كالإنسان المريض يحب أن يمرض جميع الناس، فهو مريض بالدين ويريد أن يستدين جميع الناس حتى يتسلى بهم؛ لأن البلاء والمصائب إذا شاركك فيها غيرك هانت عليك، كما قال تعالى: {وَلَنْ يَنفَعَكُمْ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الزخرف:39] لكن في الدنيا إذا اشترك الناس معك في البلية هانت عليك، كما قالت الخنساء ترثي أخاها صخراً: ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون مثلي أخي ولكن أسلي النفس عنه بالتأسي فالذي يظهر أن هذا القائل عليه ديون كثيرة، ويريد أن يكون الناس مثله، فنسأل الله أن يقضي عنه دينه حتى يعرف أن الدين ذل، وأن العز في عدم الدين.

الدين من أجل المباهاة بين الناس في الملبس والمركب

الدين من أجل المباهاة بين الناس في الملبس والمركب Q فضيلة الشيخ: ما رأيك في الذين يستدينون ليشتروا بهذا الدين سيارة ليسوا بحاجة فعلية لها، إنما ذلك مضاهاة للآخرين وملاحقة للموديلات، وهل الأقساط الشهرية تدخل ضمن الدين المحذر منه وفقكم الله؟ A أرى أيضاً أن هذا ليس من العقل أن تشتري سيارة فوق مستواك لتباهي بها غيرك، أو تتبع الموديلات كلما ظهر موديل ذهبت تشتري وبعت السيارة الأولى بخسارة، هذا لا شك أنه خطأ وسفه، إذا كنت محتاجاً للسيارة فاشتر على قدر حالك، ويقول العامة في المثل المضروب الصحيح: مد رجلك على قدر لحافك، لأنك إذا مددتها أكثر من لحافك طلعت من اللحاف وأصابك البرد، فنقول لإخواننا: ارفقوا بأنفسكم، لا تشتروا من السيارات إلا ما اضطررتم إليه، ولا تشتروا من السيارات إلا ما كان على مستواكم. أما الأقساط الشهرية فهي من الدين لا شك؛ لأن الدين كما قلنا أولاً وقررناه كل ما ثبت في الذمة فهو دين.

من أخذ مالا من الصدقات لشيء فلا يصرفه في غيره

من أخذ مالاً من الصدقات لشيء فلا يصرفه في غيره Q رجل أخذ مالاً من أهل الخير يستعين به على الزواج فزاد المال، هل يرجعه لمن أعطاه أم يتصرف به على ما يعينه على أمور دينه ودنياه؟ A يقول أهل العلم رحمهم الله إن الصدقات تحل حتى للغني، فإذا كان الذين أعطوه من المال أعطوه على أنه صدقة فهو له يتصرف فيه كما يشاء، وإن كان الذي أعطوه من المال من الزكاة لهذا الغرض نفسه -أي غرض الزواج- فإن ما زاد يجب عليه أن يرده لهم؛ لأنه غني عنه، فإن احتاجه لشيء آخر كتأثيث البيت مثلاً فليستأذن من هؤلاء، يقول: المهر وما يتعلق بالزواج انتهى وبقي معي فلوس، ولكني محتاج إلى أشياء أخرى، فهل تسمحون أن أصرفها فيها؟ فإذا قالوا: نعم، فلا بأس، وإلا ردها عليهم، والقاعدة عندنا في هذا: أن من أخذ من الناس أموالاً لشيء معين، فإنه لا يصرفها في غيره إلا بعد استئذانهم.

حكم ذهاب المدين إلى الحج بعد استئذان الدائن

حكم ذهاب المدين إلى الحج بعد استئذان الدائن Q مدين عليه دين هل يجوز له أن يستأذن من دائنه في الحج؟ A أقول: حتى لو أذن الدائن في الحج هل إذنه هذا إسقاط للدين؟ الجواب: لا. ليس إسقاطاً للدين، فليست العلة في عدم حج المدين أن دائنه يأذن أو لا يأذن، العلة أن ذمته مشغولة بالدين، وسواء أذن أو لم يأذن نقول: لا تحج حتى تقضي دينك، لأن الحج لم يجب عليك، والريال الذي تصرفه في الحج اصرفه في الدين.

التكسب لقضاء الدين مقدم على الحج ولو تبرعا

التكسب لقضاء الدَّين مقدم على الحج ولو تبرعاً Q من عليه دين ويجد من يحج معهم على نفقتهم قلت: بأنه يكون الحج واجباً عليه، أفلا يسقط عنه الواجب، إن أراد أن يعمل في أيام الحج لسداد دينه؟ A نعم إذا كان يمكنه أن يعمل في أيام الحج لسداد دينه فهنا نقول: لا تحج، ليس عليك حج؛ لأنك سوف تستغل هذه الأيام بما تقضي به الدين.

حكم الزواج لمن أرادت أن تحج وليس لها محارم

حكم الزواج لمن أرادت أن تحج وليس لها محارم Q هل يجب على الزوجة الغنية التي ليس لها محرم يحج بها، أن تتزوج ولو كانت عجوزاً؟ A من يريد أن يتزوج عجوزاً؟ الجواب: لا. لا يجب عليها، لأن القاعدة عند العلماء: أن ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فهذه المرأة هل وجب عليها الحج؟ لا. لكن لو تزوجت وصار لها محرم وجب عليها الحج، فلا يجب عليها أن تحصل على محرم، كما نقول: لا يجب على الرجل أن يتجر من أجل أن تجب عليه الزكاة، ولا يجب عليه أيضاً أن يتجر من أجل أن يجب عليه الحج، فهنا فرق بين ما لا يتم الواجب إلا به وما لا يتم الوجوب إلا به، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب، وعليه فنقول: إن هذه المرأة لا يجب عليها أن تطلب الزوج من أجل أن يكون لها محرم فتحج.

حكم الاستنفاع بالمبلغ المتبقي من الحج عن الغير في قضاء الدين

حكم الاستنفاع بالمبلغ المتبقي من الحج عن الغير في قضاء الدَّين Q ما رأيكم يا فضيلة الشيخ في إنسان يأخذ حجة عن غيره وهو عليه دين، وسينفعه ذلك المبلغ المتبقي في سداد دينه أو في معيشته؟ A هذا من حيث إنه لا يضر بأهل الدين قد نقول: إنه جائز؛ لأن هذا الذي أخذ دراهم ليحج بها سينتفع بها في قضاء الدين، لكن يشكل على ذلك مسألة وهي: النية؛ فإن هذا الرجل حج من أجل المال ولم يأخذ المال من أجل الحج، إذا حج الإنسان من أجل المال فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من حج ليأخذ المال، فليس له في الآخرة من خلاق، أي: ما له نصيب من الآخرة؛ لأن الله قال في كتابه: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود:15-16] فالمشكلة هنا أن هذا الحاج حج ليأخذ المال فصارت نيته بعمل الآخرة الدنيا، فجعل عمل الآخرة وسيلة للدنيا، والعكس هو الصحيح؛ أن تجعل الدنيا وسيلة لعمل الآخرة، إذاً نقول لهذا الأخ: لا تأخذ المال لتحج حتى تقضي دينك؛ لأنك في هذه الحال إنما أردت المال فجعلت الحج كأنه تجارة، وكأنه سلعة تريد أن تتكسب بها.

متى يعطى اليتيم ماله؟

متى يعطى اليتيم ماله؟ Q فضيلة الشيخ: أنا وكيل شرعي عن أيتام، وأمهم هي أختي، وأموالهم بيدي، ولهم مصدر رزق ثابت وهو عبارة عن إيجار عمارة يوفي بحوائجهم، وسؤالي هو: متى يحق لي أن أعطيهم المال الذي لهم؟ وإذا كان أكبر الأولاد عمره أربعة عشر عاماً وأمهم جاهلة فمتى يحق لهم أخذ مالهم، مع أنها عندي في مكان أمين؟ A قد أفتانا الله عز وجل في هذا فقال سبحانه وتعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء:6] يعني اختبروهم في البيع والشراء {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء:6] أي: بلغوا الزواج والمعنى أنهم بلغوا {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء:6] آنستم، يعني: أبصرتم ورأيتم أنهم مرشدون؛ فادفعوا إليهم أموالهم، وعلى هذا فنقول: هؤلاء الأيتام الذين أكبرهم من له أربع عشرة سنة لا تعطهم المال إلا إذا بلغوا وعرفت أنهم ذوو رشد بحيث يتصرفون في المال تصرفاً حكيماً فأعطهم المال؛ لأن الله بين ذلك في القرآن: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء:6] .

حكم الذهاب إلى الحج على نفقة الغير مع وجود الدين

حكم الذهاب إلى الحج على نفقة الغير مع وجود الدَّين Q فضيلة الشيخ: أنا شخص لم أؤد فريضة الحج وعلي ديون تقدر بعشرين ألف ريال، وقال لي أخ في الله: حج وأنا أتحمل دينك، وأنا في شوق إلى الحج أفدني وفقك الله؟ A إذا كان هذا الأخ في الله يريد أن يتحمل نفقة الحج بحيث لا يضرك الذهاب معه فلا بأس أن تذهب، ولا يجب عليك أيضاً؛ لأن فيه منة عليك، يخشى يوماً من الأيام ألا يكون أخاً لك في الله، بعد ذلك يمن عليك ويقول: هذا جزائي؛ حججت بك في العام الفلاني، والآن تفعل في ما تفعل، فنقول: إذا كان هذا الرجل يريد أن يحج بك على نفقته بحيث لا تخسر شيئاً فلا بأس أن تحج، ومع ذلك لا نقول: إنه يجب عليك أن تحج، وكلامي هذا لا يتناقض مع ما قلته أولاً: أن الرجل يذهب مع جماعة وعليه الدين؛ لكنه يذهب على أنه يخدمهم في القهوة والشاي وما أشبه ذلك؛ لأن هذا الرجل الذي يذهب معهم ليس لهم عليه منة، إذ أنه هو الذي له المنة عليهم لأنه يخدمهم.

حكم الذهاب إلى مكة من أجل الحج والتكسب لقضاء الدين

حكم الذهاب إلى مكة من أجل الحج والتكسب لقضاء الدَّين Q رجل عليه دين وهو يريد الحج، وفي الحج يشهد منافع ويعمل ويكتسب ولا يصرف من جيبه شيئاً بل يكتسب ويحج هل يحج أم لا؟ A نعم يحج؛ لأن هذا لن يخسر في حجه شيئاً وكما قال عن نفسه: أنه يستفيد فيكون في الحج فائدتان: الفائدة الأولى: أنه يسقط الفريضة عن نفسه. الفائدة الثانية: أنه يكتسب مالاً يستعين به على قضاء دينه.

حكم الذهاب إلى الحج والاتفاق مع صاحب الدين على البراءة بعد الموت

حكم الذهاب إلى الحج والاتفاق مع صاحب الدَّين على البراءة بعد الموت Q رجل أراد الحج وعليه دين، ولكنه متفق مع صاحب الدين على أنه إذا مات قبل السداد فلا شيء عليه؟ A هذا على كل حال دين هين، والدائن جزاه الله خيراً على هذه الأريحية والنفسية أنه يقول للأخ: إذا مت وأنت لم توف فإنني أسقط عنك الدين، ولكن يشكل علينا مسألة: ربما يموت الدائن قبله؛ فمن سيطالب بالدين؟ الورثة؛ فيقع في مشكلة، ولهذا نرى ألا يتهاون الإنسان بالدين أبداً، الدين ذل في النهار وسهر في الليل.

حكم لبس النقاب للنساء

حكم لبس النقاب للنساء Q فضيلة الشيخ: يلاحظ في هذه الأيام كثرة استعمال النقاب من بعض النساء؛ حتى أن بعضهن لا يكتفين بإظهار العينين فقط بل يظهرن الحاجبين وأجزاء من الوجنتين، ويظهرن بهذا الشكل في الأسواق، وفي المحلات التجارية، وفي السيارات مع محرمها أو مع سائقها الأجنبي، فنود من فضيلتكم تعريفنا بالحكم الشرعي في لبس النقاب والله يحفظكم؟ A الجواب على هذا السؤال مكتوب لنا في ورقة، وأظنه شائعاً بين الناس، والنقاب في الأصل حلال؛ لأن نساء الصحابة كن ينتقبن إلا المرأة المحرمة فلا يحل لها أن تنتقب؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهاها عن ذلك، فأصل النقاب حلال، لكن الشيء الحلال إذا كان ذريعة إلى أمر منكر فإنه منكر، وما قاله السائل من أن بعض النساء استعملن هذا النقاب الحلال على وجه حرام، بحيث تخرج الحاجب وشيئاً من الجبهة وشيئاً من الوجنتين، فإن هذا يخشى منه أن يتدرج الناس من سيئ إلى أسوأ، وأن يكون هذا العام عام الوجنتين والحاجبين، والعام الذي يليه عام الخدين والجبهة، والعام الذي وراءه عام الشفتين واللحيين وهكذا؛ لأننا نرى أن الشر يقوم به الناس على وجه التدرج، ونضرب لهذا مثلاً فيما يكون في بعض الدول الأخرى، هل الدول التي نسمع عنها ونخبر عنها هل قال لهم علماؤهم: إنه يحل لكن أيتها النساء أن تكشفن الوجوه وتتمكيجن وتكتحلن، وبعضهن يكشفن حتى الرءوس وحتى الرقاب، هل قال لهم علماؤهم ذلك؟ أبداً. ما قالوا هذا، علماؤهم قالوا: إنه يجوز كشف الوجه على رأي لهم، وهو رأي ضعيف، لكن هل اقتصر النساء على ذلك؟ فمن تدبر أحوال العالم وسنة الله عز وجل في الخلق علم أن الشر ينتشر شيئاً فشيئاً، وأن ما حوفظ عليه اليوم لا يحافظ عليه في الغد، لذلك نرى أن المرأة عليها أن تتقي الله عز وجل وألا تكون مفتاحاً للشر والفتنة وألا تنتقب، بل تبقى على حالها الأولى ولن يضرها شيئاً، نساؤنا فيما سبق كن يستعملن الغطاء غطاء الوجه الكامل ولم يضرهن ذلك شيئاً، أما لو فرضنا أن النساء سوف يلتزمن بالنقاب الشرعي الذي لا يخرج منه إلا العين من أجل النظر لم نقل بالمنع، ولكن ما دام رأينا أن المسألة تتوسع توسعاً لا يجوز، فإننا نرى أن على النساء أن يتقين الله عز وجل، وأن يتجنبن هذا الفعل المباح خوفاً من الوقوع في الشيء المحرم.

حكم اختلاط الرجال بالنساء من غير المحارم في الأكل وغيره

حكم اختلاط الرجال بالنساء من غير المحارم في الأكل وغيره Q فضيلة الشيخ: انتشر في بعض المناطق القريبة اختلاط الرجال بالنساء؛ حيث يجلس الرجل مع ابنة عمه أو مع زوجة أخيه بل ربما اجتمعوا جميعاً على الطعام، فما نصيحتكم في هذا؟ A أما اجتماع العائلة في مكان واحد والنساء في جانب والرجال في جانب فهذا لا بأس به ولا حرج فيه، ما لم يكن هناك فتنة خاصة نعرفها من بعض الرجال أو من بعض النساء فهنا يمنع، وإلا فالأصل أن هذا جائز. أما الاجتماع على الأكل فهذا ليس بصحيح، الاجتماع على الأكل يمكن أن تكون هذه المرأة جنب رجل ليس بمحرم لها ولا زوج، وأيضاً الأكل كيف تأكل المرأة وهي متحجبة الوجه، فلابد أن تكشف؛ لأن المعروف أن الطعام يدخل من الفم ولا بد من كشف الغطاء، لذلك نرى منع هذا الشيء، أما وجودهم في مكان واحد في مجلس أو في بهو أو ما أشبه ذلك، فلا بأس إذا كانت النساء منعزلة عن الرجال.

حكم هدم المسجد القديم بعد بناء المسجد الجديد

حكم هدم المسجد القديم بعد بناء المسجد الجديد Q إذا بنى أهل بلد مسجداً جديداً فهل يجوز هدم القديم لأنه لم يعد هناك من يصلي فيه؟ A هذا يرجع إلى وزارة الأوقاف، فإذا رأت الأوقاف نقل المسجد من هذا المكان إلى مكان آخر جديد؛ فإنه لا بأس أن يباع المسجد الأول ويتصرف فيه، يجعل بيتاً، يجعل موقفاً للسيارات أو كما يشاءون، لأنه زال عنه حكم المسجد، لكن لا بد من مراجعة إدارة الأوقاف في مثل هذه الأمور؛ لأن ولاة الأمر بالنسبة للمساجد هم الأوقاف فإدارة الأوقاف هي ولي الأمر في هذه الأمور.

حكم كفارة الجماع لمن كان لا يحافظ على الصلاة والصوم

حكم كفارة الجماع لمن كان لا يحافظ على الصلاة والصوم Q فضيلة الشيخ: رجل جامع زوجته في نهار رمضان وهو عالم أن ذلك محرم وامرأته غير راضية بذلك، وهو في تلك الحال كان لا يحافظ على الصلاة ولا الصوم، ولكن هداه الله الآن فهو يحافظ على الصلاة والصوم وسؤالي ماذا عليه؟ وهل إعتاق الرقبة الواجبة تجزئ إذا دفع دية عن رجل مسلم دهس نصرانياً؟ A أولاً: نسأل هل هو حين جامع زوجته لا يصلي أبداً فهذا كافر، وإذا تاب من الكفر فالذنوب التي فعلها في حال كفره تغفر له، أما إذا كان مسلماً ملتزماً بالإسلام لكنه يصلي ويخلي؛ فهذا ليس بكافر فيلزمه حكم الإسلام فيما فعل ويلزمه كفارة الوطء في نهار رمضان، لكن بشرط أن يكون حين الوطء في بلده، أما إذا كان مسافراً فالمسافر له أن يجامع في نهار رمضان. لو فرضنا أن رجلاً سافر مع أهله في نهار رمضان وصام هو وأهله، ثم في أثناء النهار جامع أهله فليس عليه شيء إلا قضاء هذا اليوم؛ لأن المسافر لا يلزمه أن يصوم؛ لكن هذا إذا صام في البلد وجامع فإنه يلزمه أن يكفر، والكفارة عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً. أما زوجته ويقول: إنها غير راضية فإن كانت مكرهة وعجزت عن مدافعة الزوج؛ فليس عليها شيء لا قضاء اليوم ولا كفارة، وأما إذا كانت غير مكرهة لكنها غير راضية، يعني: تكره هذا الشيء إلا أنها وافقت فعليها الكفارة. أما قوله في إعتاق الرقبة: لو أن رجلاً مسلماً دهس نصرانياً فنقول لا يصح أن يعتق المسلم بأداء الدية، أولاً: لأن هذا المسلم الذي دهس الكافر لا يمكن أن يقتل بالكافر حتى لو أخذ السكين وذبحه ذبحاً، فإن المسلم لا يقتل بالكافر لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يقتل مسلم بكافر) وعلى هذا فرقبة المسلم غير مستحقة لواجب الدية. الغالب أن الدهس حتى لو كان دهس كافر لا يقع عمداً من الناس، الناس ليسوا مجانين ليتعمدوا أن يدهسوا الناس في أسواقهم، وإنما يقع خطأ والخطأ ليس فيه قصاص؛ حتى لو دهس المسلم مسلماً خطأ، فإن الداهس لا يقتل، والقتل في العمد، وعلى هذا فنقول للأخ: لا يمكن أن يكون دفع الدية عن الرجل المسلم مجزئاً عن إعتاق الرقبة؛ لأن معنى إعتاق الرقبة أن تشتري عبداً مملوكاً فتعتقه. بعض الناس يقول: إنك إذا أنقذت غريقاً من الماء من الغرق فهذا إعتاق رقبة، لا شك أنه إعتاق نفس، لكنه ليس إعتاق رقبة، لا يجزئ عن إعتاق العبد. وبالمناسبة بعض الناس يقول: إذ أنقذ رجل امرأة من الغرق صار أخاً لها ومحرماً لها هذا صحيح أم غير صحيح؟ غير صحيح، أنقذها من الغرق أو من الحرق لا يكون محرماً لها.

حكم الجمعيات التي تحصل بين الموظفين أو مجموعة من الناس

حكم الجمعيات التي تحصل بين الموظفين أو مجموعة من الناس Q فضيلة الشيخ: أسأل عن مجموعة من الشباب وضعوا لهم جمعية والمراد بهذه الجمعية أن يأخذ أحد الأفراد هذه الجمعية رواتب الجميع في شهر أو بعضها، ثم يأخذها شخص آخر في الشهر الثاني، فما حكم هذه الجمعية؟ وإذا كان عدد أفراد هذه الجمعية أكثر من ثلاثة عشر رجلاً فيكون أحد الأشخاص يدور على راتبه الحول وهو لم يستلمه هل يكون في هذا الراتب الذي حال عليه الحول زكاة أم لا؟ A هذه الجمعية ليس فيها بأس وهي جائزة ولا إشكال فيها أبداً، بأن يجتمع أناس أو موظفون يقولون: سنعطي واحداً منا ألف ريال، كل واحد منا يعطيه ألف ريال إذا كانوا عشرة سيأخذ الأول تسعة آلاف، في الشهر الثاني يأخذ الثاني تسعة آلاف، وهكذا حتى تدور عليهم جميعاً، هذه ليس فيها بأس إطلاقاً. ومن توهم من الناس أن هذا من باب القرض الذي جر نفعاً فهو وهم منه، أين النفع الذي جره؟ أنا سلفت هذا الرجل ألفاً وأخذت ألفاً أيضاً. ما جاءني نفع، يقول إنه يعلم أنه سيوفيه وسوف يأخذ عشرة آلاف نقول: نعم، هو يعلم أن هؤلاء الذين تسلفوا منه سوف يوفونه، وهل الإنسان الذي يسلف شخصاً بشرط أن يوفيه هل هذا قرض جر نفعاً؟ أبداً، على كل حال هي لا بأس بها. والفقرة الثانية من السؤال: هل تجب الزكاة في الديون التي على إخوانك الذين أقرضتهم؟ الجواب: نعم. وذلك لأنهم أغنياء والديون التي على الأغنياء تجب فيها الزكاة، ولكن أنت بالخيار: إن شئت أخرجت زكاتها مع مالك، وإن شئت أخرت زكاتها حتى تقبضها ثم تخرجها عما مضى.

صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم Q فضيلة الشيخ: ما هي صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ هل هي أن يقول الإنسان: اللهم صل على محمد، أو اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أم الدعاء المشهور في التشهد: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد إلى آخره؟ A الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكفي منها أن تقول: اللهم صل على محمد، لكن الأفضل أن تقول: اللهم صل وسلم على محمد؛ لأن الله تعالى قال في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] فهذا هو الأفضل. أما في الصلاة فإن الأفضل المحافظة على الصلاة المشهورة؛ لأن الصحابة قالوا: (يا رسول الله! علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ قال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) والسلام كما علمتم، السلام هو: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، تقول: السلام عليك أيها النبي. وما رواه البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه أنهم كانوا يقولون: السلام عليك أيها النبي، في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، وأما بعد موته فكانوا يقولون: السلام على النبي، فهذا من رأي ابن مسعود رضي الله عنه؛ لأنه ثبت في موطأ الإمام مالك رحمه الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان على المنبر يعلم الناس التشهد، فقال في السلام: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ذكر هذا وهو على المنبر بحضرة الصحابة كلهم وبعد موت الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم إن الصحابة في حياة الرسول هل هم يقولون: السلام عليك، يخاطبونه؟ لا. لأنهم لا يجهرون بها ولا يسمعهم؛ ولأن المسلمين منهم من يصلي في حيه ومنهم من يصلي في غير المدينة في مكة، يصلون وفي كل مكان ويقولون: السلام عليك، فالكاف هنا ليست لخطاب الحاضر حتى نقول إنها بعد موت الرسول قد زال وصف الحضور في حقه، إنما هي كاف الخطاب في السلام عليك، لقوة استحضار المسلِّم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، يعني كأنك لقوة استحضارك إياه كأنك تخاطب شخصاً بين يديك. إذاً الصلاة على النبي لا تتقيد بالصلاة التي علمها الرسول عليه الصلاة والسلام لأصحابه أن يصلوا عليه في الصلاة، إنما إذا كنت في الصلاة فلتصل كما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام، أما في غير الصلاة فتقول: اللهم صل على محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه كتب العلماء بين أيدينا تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعضهم يقول: صلى الله عليه وآله وسلم.

حكم الذهاب إلى الحج مع الأم مع وجود الدين

حكم الذهاب إلى الحج مع الأم مع وجود الدَّين السؤال فضيلة الشيخ: لي أم لم تحج وهي تريد أن تحج هذا العام، وطلبت مني أن أحضر إليها وأحج بها وأنا في القصيم بعيداً عنها، كذلك علي دين وهذا الدين معي وأنا أستطيع رده الآن، والدين كان لكي أشتري سيارة وأنا أريد أن أحج وحدي من هنا، فما رأيك في هذا الأمر وفقك الله؟ وآخر يقول: أنا رجل علي دين كثير لكن أمي طلبت مني أن نذهب إلى الحج، فما الجواب وهي لم تحج؟ A السؤال الأول يختلف عن السؤال الثاني بأن السائل الأول يقول: إنه قادر على وفاء الدين فنقول لهذا الأخ: أوف الدين؛ لأن الذي ينبغي للإنسان أن يبادر بوفاء الدين قبل أن يموت ثم يلعب الورثة في ماله ولا يوفون دينه، أوف الدين وحج بأمك وهذا من تمام البر أن تحج بها، ولقد شاهدت بعيني أناساً قد حملوا أمهاتهم على ظهورهم في الحج من عرفة إلى مزدلفة ومن مزدلفة إلى منى مع شدة الزحام ومشقة السير والله رأيتهم يحملون أمهاتهم على ظهورهم، والأم حقها كبير وعظيم، سهرها في ليلة من الليالي من أجل أن ترتاح وتنام تساوي الدنيا كلها، ألم تعلم أن الأم تسهر بالليل من أجل أن تنام أنت، تهدك حتى تنام، ثم تنام بعدك، تعبها في الحمل والولادة شيء لا يطاق، فلها حق عظيم عليك، فإذا أمرتك أن تأتي إليها من القصيم إلى بلدها ولو كانت في أمريكا وأنت قادر فاذهب إليها وحج بها وستجد من الله عز وجل كل خير؛ لأن البر شأنه كبير، وأمره عظيم، ومن بر بوالديه بر به أولاده. أما الثاني الذي عليه الدين فلا نرى أن يحج بأمه وعليه الدين إلا إذا قالت أمه: أنا أتحمل جميع نفقات الحج فحينئذ نقول: حج معها؛ لأنك في هذه الحال لن تضر أصحاب الدين شيئاً وتبر بأمك.

الراجح في الحج عن الوالدين أيهما يقدم؟

الراجح في الحج عن الوالدين أيهما يقدم؟ Q قد حججت والحمد لله ولكن والدي ماتا ولم يحجا، وأنا أريد أن أحج عنهما ولكن هل أبدأ بأمي أو بأبي؟ وإن حججت عن أحدهما فأنا أريد أن أتدين للآخر للتوكيل عنه ليتم فريضة الحج، أفتونا مأجورين في أسرع وقت؟ A ما دمت حاضراً نعطيك الفتوى إن شاء الله نقول: حج عن أمك أولاً؛ لأن الأم أحق بالبر من الأب، وهي وأبوك كلهم فريضة، لو كان للأم نفل والأب فريضة: قلنا ابدأ بالفريضة للأب، لكن كلاهما فريضة فابدأ بالأم، ولا تتدين لتنيب من يحج عن أبيك، إذا كان العام القادم وأنت قادر فحج عن أبيك، وكونك أنت الذي تؤدي الحج خيراً من كونك تنيب غيرك؛ لأن إخلاصك لأبيك أكبر بكثير من إخلاص غيرك لأبيك، لهذا نقول: لا يجوز أن تتدين من أجل أن تنوب من يحج عن أبيك، بل حج عن أمك الآن هذا العام ما دمت قادراً، وفي العام القادم إن كنت قادراً فحج عن أبيك.

التفصيل في حكم الصلاة على من عليه دين

التفصيل في حكم الصلاة على من عليه دَين Q إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على الذي في ذمته دين فهل هذا خاص به عليه الصلاة والسلام، أعني عدم الصلاة على المدين؟ ولماذا لا يكون من بعض الأئمة سؤال عن الموتى الذين يصلون عليهم؟ A إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان لا يصلي على من عليه دين لا وفاء له -كما قلنا- لكن لما فتح الله عليه صار يقول: من كان عليه دين فعلي قضاؤه، فصار يقضي عن الناس ديونهم ويصلي عليهم، أما بالنسبة لغيره فالصحيح أن في ذلك تفصيلاً، فإن كان الرجل له قيمته في المجتمع، وإذا ترك الصلاة على هذا المدين اتعظ الناس بذلك وخففوا من الديون عليهم، فليفعل اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أما إذا كان من عامة الناس، وأنه إذا ترك الصلاة على المدين لم ينته الناس عن الدين ولا يزيده ذلك إلا شماتة به وسباً له فلا يفعل، فهناك فرق بين رجل له قيمته واعتباره في المجتمع إذا فعل الشيء قبله الناس واقتدوا به، وشخص آخر ليس له هذه القيمة ولا يزيده فعل ذلك إلا سباً وشتماً فلا يفعل هو في غنى عن هذا.

مسافر أدرك التشهد الأخير من صلاة الجمعة

مسافر أدرك التشهد الأخير من صلاة الجمعة Q رجل مسافر جاء إلى صلاة الجمعة في المسجد فأدرك معهم التشهد الأخير، السؤال: هل يصلي أربعاً أم يصلي كصلاتهم ركعتين؟ A المسافر لا تلزمه الظهر إلا مقصورة، فإذا أدرك من الجمعة أقل من ركعة وجبت عليه الظهر، والظهر في حقه مقصورة ركعتان فليصل ركعتين فقط، لأنه غير مقيم بل هو مسافر، أما لو أدرك ركعة فإنه يأتي بركعة واحدة وتكون له جمعة.

أئمة يخالفون السنة في قراءتهم لصلاة الفجر

أئمة يخالفون السنة في قراءتهم لصلاة الفجر Q فضيلة الشيخ: يوجد بعض أئمة المساجد يقرءون في صلاة فجر يوم الجمعة بسورة الإنسان في الركعة الأولى والثانية، وبعضهم يقرأ سورة السجدة في الركعة الأولى والثانية، وبعضهم يقرأ نصف سورة السجدة في الركعة الأولى، ونصف سورة الإنسان في الركعة الثانية، فهل عملهم هذا صحيح؟ وإذا كان غير صحيح فكيف ننكر عليهم؟ وما هو الدليل على الإنكار عليهم؟ وهل نقول لهم بأن عملهم هذا بدعة جزاكم الله خيراً؟ A لا نقول: إن عملهم بدعة لكننا نقول: إن عملهم تلاعب بالسنة، إذا كانوا صادقين في اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام فليفعلوا ما فعل، ولهذا وصف ابن القيم رحمه الله أمثال هؤلاء بالأئمة الجهال، فنحن نقول: إذا كان لديك قوة وشجاعة على أن تقرأ (الم تنزيل السجدة) في الركعة الأولى و {هَلْ أَتَى} [الإنسان:1] في الركعة الثانية فافعل، وإن لم يكن لديك شجاعة فاقرأ سوراً أخرى؛ لئلا تشطر السنة وتلعب بها، فالسنة محفوظة، كان الرسول عليه الصلاة والسلام في فجر يوم الجمعة يقرأ في الركعة الأولى: (الم تنزيل السجدة) وفي الركعة الثانية: (الم تنزيل السجدة) وفي الركعة الثانية: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ} [الإنسان:1] فإما أن تفعل ما فعله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإما أن تقرأ سوراً أخرى، أما أن تشطر ما فعله الرسول وتقسم ما فعله الرسول فهذا خلاف السنة ولا شك أنه تلاعب بالسنة، فافعل هدي نبيك محمد عليه الصلاة والسلام، وكن شجاعاً؛ لأن بعض الأئمة يقول: إذا قرأت: (الم تنزيل السجدة) في الركعة الأولى و {هَلْ أَتَى} [الإنسان:1] في الركعة الثانية قالوا: لماذا تطيل علينا؟ لماذا تفعل؟ ثم صاروا فقهاء وهم عوام، يقولون: إن الرسول غضب على معاذ لما أطال بالناس، انظر العامي إذا اجتهد أصبح عالماً كبيراً!! يقولون: كيف تطول بنا والرسول غضب على معاذ وعاتبه، لكن نقول: كل ما فعله الرسول فهو تخفيف، حتى لو قرأ: (الم تنزيل السجدة) و {هَلْ أَتَى} [الإنسان:1] ولهذا قال أنس بن مالك: (ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) .

حكم بيع ما اشتري وهو ما زال في مكان البيع الأول

حكم بيع ما اشتري وهو ما زال في مكان البيع الأول Q فضيلة الشيخ: رجل يشتري سيارات للتجارة من صاحب معرض للسيارات، ويدفع قيمتها ويستلم مفاتيحها ويوقفها في جانب من المعرض للبيع، ولا يستطيع إخراجها من المعرض حتى تنقل ملكيتها لمن اشتراها فهو يقول: أوقفها في المعرض فإذا جاء من يشتريها أبيعها عليه سواء بنقد أو بدين، ويقوم الذي اشتراها بنقل الملكية لنفسه، علماً أن المشتري غالباً ما يبيع السيارة على صاحب المعرض أو على غيره والسيارة لم تتحرك من مكانها، فما حكم هذه المعاملة هل هي حلال أم حرام؟ إذا كانت حراماً فكيف يتصرف من وقع فيها؟ وهل يعتبر دفع القيمة واستلام المفاتيح من حيازة المتاع، أفتونا مأجورين؟ A الأسلم لهذا الرجل الذي يتعامل هذه المعاملة أن يجعل له حوشاً أي: مكاناً فسيحاً محوطاً، فإذا اشترى السيارات من المعارض نقلها إليه، ثم باعها من مكانه، أي المكان الذي أعده هو بنفسه. أما أن يبيعها وهي في المعارض فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، والحديث هنا صريح، أما ما وقع من السائل قبل أن يعلم فإن الله تعالى قال في كتابه: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:275] فهو إذا انتهى عما كان يعمل يعفى عنه عما سلف؛ لأن الله تعالى أرحم بعباده من الوالدة بولدها.

حكم استعمال السواك عند القيام للصلاة

حكم استعمال السواك عند القيام للصلاة Q فضيلة الشيخ: رأيتك تستعمل السواك عند قيامك للصلاة فهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا العمل في هذا الوقت بالذات أمر؟ وما رأيك بمن يقول: بأن السواك في هذا الموضع قد يخرج الدم أرجو بسط المسألة؟ A السواك عند الصلاة سنة كما نص على ذلك أهل العلم مستدلين بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي؛ لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) ولا شك أن السواك إذا قرب من الصلاة كان أطهر للفم؛ لأنك لو تسوكت مثلاً قبل أن تدخل المسجد، فإنه فيما بين دخولك المسجد والصلاة قد يتغير الفم، لكن السواك عند الصلاة أطهر للفم، أما قوله: ربما يخرج منه الدم فهذا صحيح، بعض الناس تكون لثته مريضة فإذا استاك خرج منه الدم، فمثل هذا لا يستاك إذا كان يخشى أن يخرج منه الدم ولا يتمكن أن يكون معه منديل ينقي به الدم فنقول لهذا: تسوك عند الوضوء حتى يقلع عنك الدم، وإذا حصرت إلى الصلاة فلا تتسوك.

حكم تعليق أدعية الركوب والسفر في السيارات

حكم تعليق أدعية الركوب والسفر في السيارات Q فضيلة الشيخ: ما رأيك في هذه الأدعية التي توضع في السيارات كدعاء الركوب ودعاء السفر وغير ذلك؟ وماذا يرد على من قال: إنها من التمائم؟ A أقول: من قال إنها من التمائم فقد صدق إذا كانت السيارة مريضة، لكنها هنا معلقة الآن على السيارة وليس على الراكب، ووضعها في السيارات طيب؛ لأنه يذكر الراكب بدعاء الركوب، أو بدعاء السفر، وكل ما أعان على الخير فهو خير، فلا نرى في تعليقها بأساً، وليست من التمائم في شيء إلا كما قلت لكم أولاً: إذا كانت السيارة مريضة وعلق عليها هذا وشفيت بإذن الله فهذا طيب وحينئذ نريح أصحاب الورش.

شاب يمارس العادة السرية ويترك صلاة الفجر

شاب يمارس العادة السرية ويترك صلاة الفجر Q فضيلة الشيخ: أخبرك أني أحبك في الله، وأسأل الله تعالى أن يحشرنا والحاضرين في زمرة محمد صلى الله عليه وسلم، فضيلة الشيخ! أخبرك أني أول مرة أحضر مثل هذا اللقاء وسؤالي: أنا شاب أحب الدعاة ولكن فيَّ خصلتين: أولاً: أمارس العادة السرية وحاولت تركها ولم أستطع. ثانياً: أترك صلاة الفجر مع أنني ألوم نفسي كثيراً. فما نصيحتك لي والسلام عليك؟ وأرجو أن تدعو لي ويؤمن الحاضرون والله يحفظك؟ A نسأل الله له ولنا الثبات، أقول هذا إن شاء الله يرجى له الخير في المستقبل؛ لأنه يحاول أن يتخلص مما ابتلي به من العادة السرية، وهي الاستمناء، ومن حاول شيئاً مع الإخلاص لله عز وجل ودعاء الله عز وجل؛ فإن الله سبحانه وتعالى إذا علم منه صدق النية؛ أعانه على ذلك، فأنا أقول للأخ: اصدق النية مع الله، وادع الله سبحانه وتعالى في حال السجود، وبين الأذان والإقامة، وفي آخر الليل، فإن ذلك يعينك على أن تقلع عن هذه المسألة. أما بالنسبة لصلاة الفجر فحاول أن تنام مبكراً، لأن الذين يتأخرون عن صلاة الفجر إنما يغلبهم النوم، لأنهم لا ينامون إلا متأخرين، وهذا خلاف ما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يفعله، فإنه عليه الصلاة والسلام كان يكره النوم قبل العشاء ويكره الحديث بعد العشاء، أي: الكلام، لأن الإنسان إذا سهر بعد العشاء فإنه لا يكاد يقوم لصلاة الفجر، فأنصح هذا الأخ أن يحرص على النوم مبكراً، وأن يوصي أهل البيت بأن يأتوا إليه ويوقظوه، وألا ينصرفوا؛ لأن بعض الناس إذا جاء يوقظ أولاده: يا فلان يا فلان: قم. أذن الفجر، ثم ينصرف الرجل الذي جاء يوقظهم، ولا يدري عنهم، لكن مثل هؤلاء الشباب يحتاجون إلى أن تقول لهم: قم، وتقف على رأسه حتى يقوم، وبعض الشباب لا يكفي أن يقوم أيضاً ربما يقوم ثم يرجع وينام، مثل هذا أمسك يده حتى تدخل الحمام.

حكم الاستدانة للزواج

حكم الاستدانة للزواج Q فضيلة الشيخ: نرجو بيان حكم الاستدانة للزواج إذا كان الإنسان بحاجة ماسة للزواج؟ A كما سمعتم في أول كلامنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يرشد الذي قال: ليس عندي شيء إلى أن يستدين مع أن الصحابة رضي الله عنهم أحرص الناس على الخير، لو طلب من أي واحد منهم وكان غنياً أن يقرضه لأقرضه؛ لكن لم يرشده إلى ذلك؛ لأن الدين مما يكرهه الرسول عليه الصلاة والسلام ولا يحبذه كما عرفتم، فإذا كان محتاجاً إلى الزواج فإن الله عز وجل قال في كتابه: {وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام. فالأحسن في حق هذا أن يصبر ويتصبر حتى يفرج الله له، نعم لو كان الرجل عنده راتب ويعرف أن هذا الراتب يمكن أن يوفي منه في خلال سنة مثلاً، فهذا لا بأس أن يستدين لأن الوفاء قريب، وأقول لكم أيضاً: إن الإنسان إذا بلغ به الحد إلى الحاجة الملحة للزواج وليس عنده شيء، وليس له أب ينفق عليه ويزوجه، فإن له أن يأخذ من الزكاة، ويجوز للغني أن يعطيه جميع زكاته حتى يتزوج بها.

شاب يذنب ثم يتوب ثم يعود وهكذا

شاب يذنب ثم يتوب ثم يعود وهكذا Q فضيلة الشيخ: أنا شاب أعمل ذنباً بعد وسوسة الشيطان، وكلما أعمل هذا الذنب أتوب إلى الله توبة خالصة، ولكني في كل مرة أعود لذلك الذنب وأتوب فما نصيحتك وتوجيهك لي؟ A نصيحتي لك أن تصدق الله في التوبة وسيعينك الله وأقول لك: كلما عملت ذنباً واستغفرت الله وتبت إلى الله توبة نصوحاً خالصة وعزمت ألا تعود في المستقبل، فإن الله يقبل توبتك مهما عملت، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون ويستغفرون، فيغفر الله لهم) الحمد لله هذه نعمة كبيرة، فأنت احرص على أن تكون توبتك خالصة، وأن تمتنع من هذه المعصية، ولكن مع ذلك إذا غلبتك نفسك ثم تبت ثانية فإن الله يتوب عليك.

حكم سفر الخادمات مع غير المحارم للحج وغيره

حكم سفر الخادمات مع غير المحارم للحج وغيره Q فضيلة الشيخ: ما حكم سفر الخادمة مع الرجل الذي ليس محرماً لها؟ وما رأيك بمن يستعمل حملة خاصة بالخادمات فيحج بهن وهو ليس من محارمهن، وليس معها لا كفيل ولا محرم، فما رأيك بهذا؟ A في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم، وليس لنا أن نخرج عن قول الله ورسوله مهما كان الأمر، لكن الخادمة إذا كانت في البيت وليس معها محرم واضطر الناس إلى السفر بها لأنه لم يبق في البيت أحد، فحينئذ يسمح لها أن تسافر معهم؛ لأن هذا ضرورة، وبقاؤها في البيت وحدها أشد ضرراً مما إذا سافرت معهم، وأشد خطراً، فإذا قال قائل: لماذا لا نقول له: أعطها أقاربك أو أصدقاءك حتى ترجع؟ نقول نفس الشيء أيضاً، ربما إذا أعطيتها أقاربي أو أصدقائي؛ ربما يكون قلبي مشوشاً ماذا حصل على هذه المرأة، فيبقى الإنسان غير مطمئن، فهذه المسألة تجوز في حالة واحدة وهي: إذا كان الناس معهم خادمة ولا يمكن أن يبقوها وحدها في البيت، فهنا تسافر معهم؛ على أني أقول هذا وأنا أستغفر الله وأتوب إليه. والحملة من باب أولى ألا تجوز، لكن مع الأسف أن الناس تهاونوا في هذا الأمر، وصاروا يودعون هؤلاء النساء، كأنهن غنم مع راع لا يدرون عنه نسأل الله السلامة

اللقاء الشهري [10] رقم1؛2

اللقاء الشهري [10] رقم1؛2 مع إشراقة شهر هجري جديد يلوح في الآفاق موسم عظيم تمتزج فيه مختلف العبادات، التي حث عليها الشرع ورغب فيها؛ وذلك بدخول الأيام العشر من ذي الحجة؛ إيذاناً بقرب عبادة عظيمة هي حج بيت الله الحرام. في ظلال الأيام العشر من ذي الحجة وأيام الحج المباركة كان هذا اللقاء الشهري مع فضيلة الشيخ حيث وضح وبيَّن كثيراً من الأمور المهمة والمتعلقة بتلك العبادات، وما قد يتلبس بها من أخطاء لدى كثير من الناس.

فضل العشر الأول من ذي الحجة

فضل العشر الأول من ذي الحجة الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وخليل رب العالمين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فقد سمعتم كلام أخينا الشيخ: حمود بن عبد العزيز الصايغ، بأن هذه المحاضرة عوض عن اللقاء الشهري الذي تقرر ولله الحمد في هذا العام، وكل من المحاضرة واللقاء ذو فائدة عظيمة؛ لأنه يحضره من شاء الله من عباد الله، يأتون إلى هذا المكان يلتمسون العلم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) والطرق التي يلتمس بها العلم، طرق للمشاة على الأرجل، وطرق للمشاة بالقلوب، أما الأول فظاهر أن يمشي الإنسان في الأسواق إلى مكان العلم في المساجد أو في المدارس أو في غيرها، وأما الثاني بأن يمشي الإنسان في طريق العلم بقراءة الكتب النافعة التي ألفها من يوثق بعلمهم ودينهم، ككتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيرهم من المحققين من أهل العلم، كل تلك طرق يلتمس فيها العلم، وهذه بشرى سارة أن من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة. ونحن أيها الإخوة: في هذه الأيام، والليلة هي الخامسة والعشرون من شهر ذي القعدة عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف نستقبل موسماً عظيماً ألا وهو العشر الأول من ذي الحجة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) يعني: أن العمل الصالح في العشر الأول من ذي الحجة أحب إلى الله من العمل الصالح في عشر رمضان الأخيرة؛ لأن الحديث عام (ما من أيام) وأيام نكرة في سياق النفي، مؤكدة بـ (من) ، فتفيد العموم القطعي أنه لا يوجد أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر. والقائل بهذا القول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بشريعة الله وأعلم الخلق بالله وبما يحب الله، فلا تستغرب إذا سمعت من يقول: إن العمل الصالح في عشر ذي الحجة أفضل من العمل الصالح في عشر رمضان، لأن هذا له دليل من كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا القول الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم لا يريد منا أن نفهم أن العمل الصالح في هذه الأيام أحب إلى الله من غيرها، وإنما يريد أن نفهم ونعمل، نكثر العمل الصالح في أيام العشر الأول من ذي الحجة. والعمل الصالح متنوع: قرآن، ذكر، تسبيح، تحميد، تكبير، أمر بالمعروف، نهي عن منكر، صلاة، صدقات، بر بالوالدين، صلة للأرحام، والأعمال الصالحة لا تحصى، إذا تصدقت بدرهم في هذه العشر وتصدقت بدرهم في عشر رمضان فأيهما أحب إلى الله؟ الصدقة في عشر ذي الحجة أحب إلى الله من الصدقة في عشر رمضان (قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟) والجهاد ذروة سنام الإسلام، قال: (ولا الجهاد في سبيل الله) إلا في صورة واحدة: (إلا رجلاً خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) . خرج بنفسه وماله الذي يجاهد عليه، كالفرس والرحل فقتل فلم يرجع بنفسه، وعقر جواده فلم يرجع بجواده، وأخذ ماله فلم يرجع بماله، هذا هو الذي يكون أفضل من العمل في العشر الأول من شهر ذي الحجة، وما عدا ذلك فالعمل الصالح فيها أحب الله من أي وقت كان.

ما يشرع من العمل في عشر ذي الحجة

ما يشرع من العمل في عشر ذي الحجة فلنستعرض ما الذي يُشرع في هذه الأيام بخصوصه، فنقول: يشرع فيها ذكر، الله لقول الله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج:28] والأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة فيكثر فيها من الذكر ومن ذلك: التكبير والتهليل والتحميد، تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد. تُكثر من هذا، تقوله في المساجد جهراً، وفي الأسواق والبيوت، وربما يكون ذكرك هذا في البيوت حرزاً لبيتك من الجن والشياطين؛ لأن الله وصف الشياطين والجن بأنهم: (خناس) يخنسون عند ذكر الله ويختفون ويبعدون. الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. تذكر ذلك في كل وقت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه. ومن ذلك: صيام هذه الأيام العشر ما عدا يوم العيد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومها كما روى ذلك الإمام أحمد وأصحاب السنن عن حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع صيامها) وهذا هو القول الراجح. وأما حديث عائشة رضي الله عنها الذي في مسلم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصوم العشر) فإن العلماء قالوا: إذا تعارض عدلان ثقتان أحدهما مثبت والثاني نافٍ، يقدم المثبت؛ لأن معه زيادة علم. وقد يكون نفي عائشة رضي الله عنها نفي علم لا نفي واقع وبهذا يجمع بين الحديثين. ثم على فرض أن حديث حفصة غير محفوظ فإن الصيام من أفضل الأعمال فيدخل في قوله: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب الله من هذه الأيام العشر) . ومما يسن في هذه الأيام الرحيل إلى بيت الله الحرام لأداء العمرة والحج، وهذا أفضل ما يعمل في هذه الأيام بخصوصه، بمعنى أن الأعمال الخاصة في هذه الأيام أفضلها السير إلى بيت الله لأداء العمرة والحج، فإن الحج نوع من الجهاد في سبيل الله، سألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم: (هل على النساء جهاد؟ قال صلى الله عليه وسلم: عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة) . ويشير إلى هذا قول الله عز وجل: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:195-196] . فعطف إتمام الحج والعمرة على الإنفاق في سبيل الله وهو يشعر بأن الحج نوع من الجهاد في سبيل الله وعلى هذا فإنه يجدر بنا أن نتكلم ولو يسيراً على الحج والعمرة. ومما يفعل في هذه الأيام العشر، في آخر يوم منها: التقرب إلى الله بالأضاحي، وهذا يكون لمن لم يحج من المسلمين في بلادهم، أما الحجاج فالمشروع في حقهم الهدي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أهدى في حجه ولم يضح، وضحى في المدينة في غير سنة حجه.

الحج وشروطه

الحج وشروطه بالنسبة للحج: الحج أحد أركان الإسلام التي بني عليها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام) . وقد أجمع المسلمون على فرضيته ولم يختلف اثنان من المسلمين في أن الحج فريضة وهو من المعلوم بالضرورة من الدين، كل المسلمين يعلمون أن الحج فريضة ولكنه لا يجب إلا بشروط. الشرط الأول: الإسلام وضده الكفر، فالكافر لا يجب عليه الحج ولا يؤمر به، يقال للكافر: أسلم أولاً ثم صل، ثم زك، ثم نأمره ببقية شرائع الإسلام، ولو حج الكافر لم يصح حجه. وبناءً على ذلك نذكر مسألة قد تكون مشكلة وهي: حج من لا يصلي، هل يصح حجه ويقبل منه الحج أو لا؟ A لا يقبل؛ لأنه غير مسلم ولا يجوز أن يمكن من لا يصلي من دخول حدود الحرم؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة:28] . ومن كان معه من لا يصلي -أي: في رفقته- فإنه يجب عليه أن يقول له: أسلم وإلا منعناك من دخول حدود الحرم. الشرط الثاني: البلوغ. وضده الصغر، فالصغير لا يجب عليه الحج ولكن يصح منه ولا يجزئه، والدليل على أنه يصح منه أن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبياً وقالت: (يا رسول الله! ألهذا حج؟ قال: نعم. ولك أجر) ولكن نسأل الآن: هل الأولى لمن كان معه أولاد أن يجعلهم يحجون أو لا؟ نقول: في عصرنا نرى ألا يجعلهم يحجون لمشقة الزحام عليهم وعلى أولياء أمورهم، وما دام الله عز وجل لم يفرض الحج عليهم فلنستمتع بهذه الراحة، ثم إن كثيراً من العلماء يقول: إن الإنسان إذا طاف بولده فإنه لا يجزئه الطواف، بل لا بد أن يطوف لنفسه أولاً ثم يطوف بولده ثانياً وهذا لا شك أن فيه مشقة شديدة وكبيرة؛ لهذا نشير على إخواننا الذين معهم أولاد ذكور أو إناث دون البلوغ ألا يمكنوهم من الحج راحة لهم وراحة لأهليهم، والله عز وجل يحب لعباده ويريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر. الشرط الثالث: العقل. وضده الجنون، فلو أن إنساناً من قبل أن يبلغ كان مجنوناً مخبولاً ليس عنده عقل، فإنه لا يجب عليه الحج؛ لأن القلم مرفوع عنه، حتى ولو كان من أبناء الأغنياء فإنه لا حج عليه ولا يلزمنا أن نُحجِّج عنه؛ لأن الحج ساقط عنه كما أن الصلاة والصيام ساقطة عنه، ولا يجب على المجنون من الأركان الخمسة إلا ركن واحد هو الزكاة. الشرط الرابع: الحرية. وضدها الرق، فالرقيق لا يجب عليه الحج، ويصح منه ولا يجزئه ويشبهه في ذلك الصغير، وهذا هو المشهور عند أكثر أهل العلم. الشرط الخامس: الاستطاعة. لقوله تعالى: {مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] فالفقير لا يجب عليه الحج إلا إذا كان قريباً من مكة يمكنه المشي على قدميه فإنه يجب عليه، أما إذا كان لا يمكنه المشي على قدميه، وليس عنده مال يشتري به راحلة توصله إلى مكة فإنه لا حج عليه، أي لا يجب عليه، لكن لو فرض أنه تجشم المشاق وذهب مع الناس وحج أيجزئه أم لا؟ يجزئه. إذاً: من لا يستطيع بماله لو أنه حج وتكلف المشاق فإنه يصح منه الحج ويجزئه. ومن الاستطاعة ألا يكون على الإنسان دين، فإن كان على الإنسان دين فإن الحج لا يجب عليه، لأنه غير مستطيع، والدين حق آدمي مبني على المشاحة، فالآدمي لا يسامح في حقه، إن أديته حقه في الدنيا وإلا أخذه منك يوم القيامة من أعمالك الصالحة، لكن حق الله مبني على العفو. ولهذا لا يجب الحج على من عليه دين إلا في حال واحدة إذا كان الدين مؤجلاً أي مقسطاً وكان المدين واثقاً من وفائه كلما حل قسط وجد الوفاء عنده، وبيده مال عند الحج فهذا يجب عليه الحج؛ لأنه مستطيع، أما إذا كان لا يثق من وفاء الدين، فإنه لا يجب عليه الحج حتى لو كان الدين كثيراً. بعض الناس إذا صار الدين كثيراً قال: الدين كثير ولو وفرت نفقة الحج ما قضت من الدين شيئاً، نقول: هذه نظرية خاطئة، قدر أن الدين عشرة ملايين وأنك وفرت من نفقة الحج ألفين ريال، إذا أوفيتها كم يبقى عليك من الدين؟ عشرة ملايين إلا ألفين. إذن: سقط عنك الألفان وأنت متق لله ما استطعت، فمن العجب أن بعض الناس لشدة شوقه إلى المسجد الحرام تقول له: يا أخي! الحج ليس واجباً عليك؛ لأنك مدين وليس عندك قدرة على الوفاء، اقض دينك وحج، وأنت لو وافيت الله عز وجل ولم تحج فلا ذنب عليك، كما أن الفقير لا زكاة عليه ولو وافى الله عز وجل لا يعاقبه على عدم الزكاة، لأنه ليس له مال. أيضاً هذا المدين الذي يريد أن يحج، نقول له: لو وافيت الله فإنه ليس عليك ذنب؛ لأن من شروط الحج أن يكون لديك مال فاضل عن الدين الذي عليك. فإذا تمت الشروط؛ وجب على الإنسان أن يبادر بالحج ولا يؤخر، لقول الله تبارك وتعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [المائدة:48] {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران:133] . ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من أراد الحج فليتعجل؛ فإن الإنسان لا يدري ما يعرض له) فإذا تمت شروط الوجوب؛ فإنه لا يجوز للإنسان أن يتأخر بل يحج.

كيفية أداء الحج

كيفية أداء الحج أما كيف نؤدي الحج وهو أمر مهم؛ لأن العبادات لا تصح إلا بأمرين: الإخلاص لله والموافقة لشريعة الله عز وجل. إذاً: لا بد لكل من أراد الحج أن يعرف كيف يحج من أفواه العلماء، ومن الكتب المؤلفة في ذلك ممن يوثق بعلمه ودينه، وما أكثر الكتب -ولله الحمد- المؤلفة في المناسك، من مختصر جداً ومتوسط ومطول، ولكننا نوجز هذا الآن في الكلمات التالية:

صفة العمرة

صفة العمرة إذا وصلت إلى الميقات فاغتسل كما تغتسل للجنابة، ثم تطيب، ثم البس الإزار والرداء وهما ثياب الإحرام، هذا بالنسبة للرجل، أما المرأة فتلبس ما شاءت من الثياب إلا أنها لا تلبس ثياب زينة تكون متبرجة بذلك. ثم صل ركعتين سنة الوضوء أو إذا كانت الفريضة وقتها حاضر فصل الفريضة، ثم بعد ذلك اركب سيارتك وقل: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، لبيك عمرة، فتلبي بالعمرة وتستمر في التلبية وتكثر منها وترفع صوتك بها إذا كنت رجلاً، أما المرأة فتسر بها. واعلم أنه لا يسمع صوتك شجر ولا حجر ولا مدر إلا شهد لك يوم القيامة. فإذا وصلت إلى مكة فبادر بأداء العمرة. اذهب إلى المسجد الحرام، وتدخل المسجد فتقدم رجلك اليمنى وتقول: باسم الله والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، كسائر المساجد، ثم تتقدم إلى الكعبة، وتبدأ بالطواف فتحاذي الحجر الأسود، تتجه إليه وتستقبله، فإن قدرت على أن تصل إليه بسهولة بدون مشقة عليك ولا على الناس فافعل وقبله وامسحه باليد، وإن لم تقدر فالإشارة كافية، وفي هذا الطواف يسن للرجل شيئان: الشيء الأول: الاضطباع وهو أن يجعل وسط الرداء تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على كتفه الأيسر في جميع الطواف، ولا يضطبع قبل الطواف، ولا يضطبع إذا فرغ من الطواف. الشيء الثاني: يسن الرمل، ولكن الرمل إنما يسن في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، وأما الأربعة الباقية فيمشي فيها كما يمشي على عادته. ماذا يقول عند استلام الحجر؟ يقول عند أول مرة: باسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إذا دار وحاذى الحجر يقول: الله أكبر فقط. وماذا يقول عند استلام الركن اليماني؟ لا يقول شيئاً لا تكبيرة ولا تسمية؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم. وماذا يفعل في الركن اليماني؟ يستمله بيده فقط، يعني: يمسح عليه بيده اليمنى فقط، ولا تقبيل فيه، ولا تشر إليه لو لم تتمكن من الاستلام، وبين الركن اليماني والحجر الأسود يقول: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201] فإن كان المطاف زحاماً وانتهيت من هذا الدعاء قبل أن تحاذي الحجر الأسود فكرره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثاً، كرر ثلاثاً أربعاً خمساً حتى تصل إلى الحجر الأسود. وماذا تقول في بقية الطواف؟ تقول ما شئت من ذكر ودعاء وقراءة قرآن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما جعل الطواف بالبيت وبـ الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) وأما الكتيب الذي بأيدي كثير من الحجاج والعمار الذي فيه لكل شوط دعاء؛ فإنه بدعة، وكل بدعة ضلالة، فما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخصص كل شوط بدعاء. فإذا أتممت سبعة أشواط فتقدم إلى مقام إبراهيم واقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] وصل ركعتين خلف المقام تقرأ في الأولى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:1] وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] ثم تنصرف ولا تمكث في هذا المكان لا لدعاء ولا لغيره؛ لأن غيرك من الطائفين أحق منك، إذا أديت السنة فلا تحجزه على غيرك. ثم إذا فرغت من الركعتين فاذهب إلى الركن، أي: إلى الحجر الأسود واستلمه، أي: امسحه بيدك اليمنى بدون تقبيل وبدون تكبير، فإن لم يتيسر فلا تذهب ولا بإشارة، اخرج إلى الصفا، فإذا دنوت من الصفا، فاقرأ قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] واقرن ذلك بقولك: أبدأ بما بدأ الله به، واصعد الصفا، حتى ترى الكعبة، ثم استقبلها رافعاً يديك رفع الدعاء هكذا، تكبر ثلاثاً، وتقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده. ثم تدعو بما شئت، ثم تعيد الذكر مرة ثانية، ثم تدعو، ثم تعيده مرة ثالثة، ثم تنزل متجهاً إلى المروة، وحينئذ تجد بين يديك عمودين أخضرين، فالسنة للرجل فيما بين هذين العمودين أن يسعى سعياً شديداً -أي: يركض ركضاً شديداً- إذا كان المسعى واسعاً، أما إذا كان ضيقاً فلا تتعب نفسك ولا تتعب غيرك، وامش كما يمشي الناس، فإذا وصلت إلى العلم الآخر فامش ولو كان في المسعى سعة، امش مشياً عادياً إلى أن تصل إلى المروة فتصعد عليها، وتستقبل القبلة وترفع يديك وتقول: ما قلته على الصفا، هل يكرر الساعي قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] كلما أتى على الصفا أو كلما أتى على المروة؟ لا. ولا تغتر بفعل العامة، هذه الآية لا تتلى إلا إذا دنوت من الصفا أول مرة فقط. وماذا يقول الساعي في بقية سعيه؟ يقول ما شاء، إلا أنه يروى عن ابن مسعود أنه كان يقول بين العلمين وهو يركض: (رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم) فإن قلتها فحسن، وإن قلت غيرها فحسن، ليس فيه توقيت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا أتممت سبعاً وهنا أسأل: أين يكون الختام على الصفا أم على المروة؟ يكون على المروة، لكن إن قالت لك نفسك عند الصفا: إنك قد أتممت فهذا خطأ؛ لأنك إما أن تكون زدت شوطاً أو نقصت، لا يمكن أن يكون آخر السعي إلا على المروة، فإذا أتممت السعي سبعاً فقصر من شعر رأسك، وليكن التقصير تقصيراً مجزئاً عاماً لكل الرأس، فلا يجزئ أن يقص شعرات من رأسه ولو من كل جانب، بل لا بد أن يشمل الرأس بحيث يظهر على الرأس أنه مقصر، وبذلك تحل الحل كله، وتعود كما كنت قبل الإحرام، تلبس ما شئت مما أباح الله، وتتطيب، وإذا كان أهلك معك فهم حلال، وتبقى محلاً إلى يوم الثامن من ذي الحجة.

صفة الحج

صفة الحج ماذا نفعل في اليوم الثامن؟ نغتسل في المكان الذي نحن فيه ونتطيب ونلبس ثياب الإحرام، ونقول: لبيك حجاً، لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، ونبقى في منى نصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً بلا جمع، فإذا طلعت الشمس فقد انتهى عمل اليوم الثامن. ماذا نعمل في اليوم التاسع؟ إذا طلعت الشمس فإن الحاج يسير إلى عرفة، فإن تيسر له أن ينزل في نمرة وهي مكان معروف فليفعل، وإن لم يتيسر فليستمر حتى يصل إلى عرفة وينزل في أي مكان كان من عرفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في عرفة وقال: (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف) فيقف في أي مكان لكن لا بد أن يتأكد أنه داخل حدود عرفة، وقد وضعت الدولة وفقها الله علامات واضحة بارزة تحدد عرفة، ولا تغتر بمن ينزل قبل الحدود ولو كثروا، بل سر حتى تتيقن أنك دخلت في حدود عرفة، وتبقى في عرفة فإذا زالت الشمس، فأذن وصل الظهر ركعتين والعصر ركعتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بطن عرنة الظهر ركعتين والعصر ركعتين وجمع بينهما جمع تقديم، فاتبع نبيك، ثم بعد هذا تتفرغ للذكر والدعاء وقراءة القرآن، ولو أن تكرر لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لو تكررها من صلاة العصر المجموعة مع الظهر إلى غروب الشمس لكان هذا خيراً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) مع أن أكثر المسلمين عندهم أذكار أخرى، عندهم القرآن، عندهم دعاء، يدعون الله بما شاءوا من خير الدنيا والآخرة، هذا مكان دعاء وزمان دعاء، ادع الله بما شئت ولا سيما في آخر اليوم. إذاً: ماذا فعلنا في اليوم التاسع؟ صلاة الظهر والعصر جمعاً وقصراً، التفرغ للدعاء والذكر، فإذا لحقك ملل؛ لأن الإنسان قد يمل من الظهر إلى المغرب، إذا لحقك ملل فلا بأس أن تعطي نفسك حظها من الراحة إما بنوم أو بمطالعة كتاب أو ببحث مع إخوانك فيما ينفع بدون جدال، وينبغي إذا أراد الإنسان أن يقرأ كتاباً في هذا اليوم، أن يحرص على الكتب التي ترقق القلوب وتستدعي الخشوع؛ لأن المقام يقتضي ذلك. وبعد غروب الشمس فقد انتهى العمل في عرفة، فيسير الحاج منها إلى مزدلفة ويصلي بها المغرب والعشاء جمعاً وقصراً -والتي تقصر هي العشاء، أما المغرب فلا تقصر- وينام في مزدلفة إلى أن يطلع الفجر، ثم إذا طلع الفجر صلى الفجر بعد الأذان، وسنة الفجر يصليها ولا يتركها، يصلي الفجر ويبقى يذكر الله عز وجل إما في مكانه؛ أو إن تيسر له أن يذهب إلى المشعر الحرام الذي فيه المسجد اليوم فليفعل، وإن لم يتيسر ففي مكانه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وقفت هاهنا وجمع -يعني مزدلفة - كلها موقف) حتى يسفر فإذا أسفر جداً دفع قبل أن تطلع الشمس. إذاً: ماذا نفعل في هذه الليلة؟ نتوجه من عرفة إلى مزدلفة ونصلي فيها المغرب والعشاء جمعاً وقصراً ونبيت إلى أن يطلع الفجر ثم نصلي الفجر بعد الأذان وركعتي الفجر، ثم بعد ذلك نبقى في مزدلفة إلى الإسفار جداً نذكر الله عز وجل ونستغفره، ثم ندفع إلى منى، وهنا نسأل هل يجوز أن ندفع من مزدلفة قبل الفجر؟ نقول: نعم. يجوز لكن في آخر الليل، وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ترقب القمر فإذا غاب مشت إلى منى، فيجوز أن يدفع من مزدلفة في آخر الليل، يعني: حول الساعة الثانية من الليل أو قريباً من ذلك، ولكن الأفضل أن تبقى في مزدلفة حتى تصلي الفجر وتذكر الله عز وجل، ثم تنصرف إلا إذا كان معك نساء أو صغار أو ضعفاء يشق عليهم مزاحمة الناس فانصرف أنت وإياهم قبل الفجر؛ لأجل أن تصلوا إلى منى قبل الفجر فترموا جمرة العقبة قبل أن يحصل الزحام من القادمين من مزدلفة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للنساء ولا سيما الضعيفات أن ينصرفن من مزدلفة في آخر الليل. وكان ابن عمر رضي الله عنهما يبعث بأهله من مزدلفة في آخر الليل حتى يوافوا منى في صلاة الفجر، أما هو فيبقى في مزدلفة فيرموا الجمرة هناك قبل الفجر أو مع الفجر، وهذا هو فائدة الترخيص، أن يرخص للناس الضعفة في الدفع في آخر الليل، وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في أغيلمة بني عبد المطلب وقال أُبَيْنيَّ لا ترموا حتى تطلع الشمس) فهذا حديث اختلفت العلماء في صحته، فمنهم من ضعفه وقال: لا حجة فيه، ومنهم من صححه، وعلى القول بالتصحيح يكون هذا النهي من باب التنزيه والأولى لا من باب التحريم، إذ أننا لا نعلم أن للتقدم من مزدلفة فائدة إلا أن يرمي الإنسان قبل حطمة الناس، ثم إن رمي جمرة العقبة يكون من أول ما يأتي الإنسان إلى منى، ولهذا قال بعض العلماء: رمي جمرة العقبة تحية منى، كما أن الركعتين تحية المسجد، ويدل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة يوم العيد على بعيره قبل أن يذهب إلى رحله، أي: ما نزل في رحله، بل مشى (على طول) سلك الطريق الوسطى التي تخرج على جمرة العقبة، ثم رماها وهو على بعيره، مما يدل على أن الأفضل لمن وصل إلى منى سواء كان بعد طلوع الشمس أو في آخر الليل أن يبادر بالرمي وهو كذلك. ولننظر ماذا نفعل يوم العيد وهو أكثر الأيام أنساكاً، ولهذا يسمى يوم الحج الأكبر. إذا وصل الحاج إلى منى فماذا يبدأ به؟ يبدأ برمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة: الله أكبر، الله أكبر، حتى يتم سبع حصيات، ولا يشترط أن تصيب الحصاة الشاخص -العمود القائم- لأن هذا العمود إنما جعل علامة على المكان، الشرط الذي لا بد منه أن تقع الحصاة في الحوض في المرمى، أما أن تضرب العمود القائم فليس بشرط، بعد رمي جمرة العقبة نذبح الهدي، وبعد ذبح الهدي نحلق ثم نتحلل ونتطيب وننزل إلى مكة لطواف الإفاضة والسعي، والطواف هنا طواف الحج؛ لأن طواف العمرة سبق والسعي سعي الحج؛ لأن سعي العمرة قد سبق، ثم نرجع إلى منى ونبقى فيها، وحينئذ نجد أن الحاج يفعل يوم العيد خمسة أنساك: الأول: رمي جمرة العقبة. الثاني: النحر. الثالث: الحلق والتقصير. الرابع: الطواف. الخامس: السعي. والأفضل أن ترتبها هكذا، فإن قدمت بعضها على بعض فلا حرج عليك؛ فالأمر واسع، حتى لو قدمت السعي على الطواف فإن ذلك جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل في الرمي والتقديم والتأخير فما سئل عن شيء يومئذ قدم ولا أخر إلا قال: (افعل ولا حرج) وهذا من توسيع الله عز وجل على العباد أن جعل كل واحد يفعل ما يتيسر له، حتى لا يجتمع الناس على شيء واحد فيتضايقوا، ولهذا تجد الناس يوم العيد متفرقين، هذا يرمي، وهذا ينحر، وهذا يطوف، وهذا يسعى حتى يتسع المجال للأعمال. إذاً نرجع إلى يوم العيد، ماذا يصنع الحاج يوم العيد؟ يدفع من مزدلفة إلى منى، فيرمي جمرة العقبة، ثم النحر، ثم الحلق والتقصير، ثم الطواف والسعي، والأفضل أن تكون مرتبة هكذا وإن قدم بعضها على بعض فلا حرج.

مسائل في الحج

مسائل في الحج وهنا مسائل للأعمال التي تفعل في يوم العيد، أولاً: هل يجب أن نلقط الحصى من مزدلفة أو السنة أن نلقطه من منى؟ السنة أن يُلقط من منى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ابن عباس أن يلقط له الحصى وهو على بعيره، وهذا يدل على أنه لقطه من منى، والظاهر أنه لقطه له وهو واقف على الجمرة؛ لأجل أن يرمي به. ثانياً: لو سقطت الحصاة من يدك وأنت ترمي فهل يجوز أن تأخذ من الحصى الذي تحت قدمك وترمي به؟ A نعم، يجوز ولو كانت الحصاة قريبة من الحوض. ثالثاً: لو أنه رمى خمساً وسقطت حصاتان من يده، ومع الزحام خرج وأخذ حصاتين ورمى بهما بعد أن أبعد عن الزحام هل يجوز هذا أو لا؟ الجواب: يجوز؛ لأن الموالاة في الرمي ليست بشرط عند كثير من العلماء، وإذا قلنا: إنها شرط فإن فواتها في مثل هذه الصورة ضرورة، فلا بأس. رابعاً: هل يجوز أن يؤخر الرمي إلى ما بعد الظهر؟ نعم يجوز، وإلى ما بعد الغروب فيجوز لكنه سيتوقف على ذلك التحلل؛ لأنه إذا لم يرم فإنه لا يتحلل؛ لكن بعض الفقهاء يقول: إنك إذا فعلت اثنين من ثلاثة حللت التحلل الأول، والثلاثة هي الرمي والحلق والطواف، يقول: إذا فعلت اثنين من هذه الثلاثة حللت التحلل الأول، وإذا أضفت إلى ذلك السعي حللت التحلل كله. خامساً: هل يتوقف الحل على ذبح الهدي أو لا يتوقف؟ بمعنى لو رمى الإنسان وحلق قبل أن ينحر هل يحل أو نقول لا تحل حتى تنحر؟ يحل ولا علاقة للذبح بالتحلل، بمعنى أنك تحل وإن لم تذبح الهدي، وبهذا يزول الإشكال الذي يشكل على بعض الحجاج الذين يعطون دراهمهم شركة الراجحي أو غيرها للهدي، فيقول مثلاً: هل أحل وأنا لا أدري هل ذبحوا الهدي أم لا؟ نقول: ليس لك شأن في هذا؛ سواء ذبحوها أم لم يذبحوها؛ لأن النحر لا علاقة له بالتحلل. سادساً: هل يجوز أن يؤخر الطواف والسعي إلى الليل؟ الجواب: نعم يجوز إلى الغد وإلى ما بعد الغد وإلى آخر يوم من الشهر، ولا يجوز أن يؤخر عن شهر ذي الحجة؛ لأن الله قال: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:197] فلا يجوز أن تؤخر الطواف عن آخر شهر ذي الحجة، ومع ذلك ما دمت لم تطف، فإنه باق عليك التحلل الثاني، فلا يحل لك النساء حتى تكمل ما يكون به التحلل الثاني. سابعاً: لو أن الإنسان طاف اليوم وأخر السعي إلى اليوم الثاني هل يجوز ذلك؟ الجواب: نعم يجوز؛ لأنه لا تشترط الموالاة بين الطواف والسعي، لكن الأفضل الموالاة، أما الوجوب فليس بواجب، ولهذا يجوز أن تطوف في أول النهار وتسعى في آخره، أو أن تطوف في النهار وتسعى في الليل أو بالعكس؛ لأن الأمر في هذا واسع والموالاة ليست بشرط. ثم في اليوم الثاني من أيام منى وهو اليوم الحادي عشر يذهب الحجاج إلى رمي الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس، أي: بعد دخول وقت الظهر، فيرمون الجمرة الأولى وهي التي تلي مسجد -الخيف وهي أبعد الجمرات الثلاث عن مكة - بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم يتقدم فيقف مستقبلاً القبلة رافعاً يديه يدعو الله سبحانه وتعالى دعاء طويلاً، ثم يرمي الوسطى كذلك ويقف بعدها مستقبلاً القبلة رافعاً يديه، فيدعو الله سبحانه وتعالى دعاءً طويلاً ثم يرمي جمرة العقبة كذلك، أي: بسبع حصيات ولا يقف عندها، هكذا السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإن شق عليه الوقوف طويلاً فليقف ولو يسيراً من أجل إحياء السنة. وفي اليوم الثاني عشر كذلك يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال كما ذكرنا، ثم إن شاء بقي إلى اليوم الثالث عشر وإن شاء خرج، فإن خرج فهو المتعجل، وإن بقي فهو أفضل، لقول الله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة:203] . وهنا نسأل قوله: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} [البقرة:203] هل يدخل فيهما يوم العيد أو لا يدخل؟ لا يدخل؛ لأنه لو دخل فيهما يوم العيد لكان يجوز أن يتعجل في اليوم الحادي عشر وليس كذلك، وقد فهم بعض العامة أن قوله: (فمن تعجل في يومين) منهما يوم العيد وليس كذلك؛ لأن الله قال: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة:203] والأيام المعدودات هي أيام التشريق. وأيام التشريق لا تكون إلا بعد العيد، ثلاثة أيام بعده، سميت أيام التشريق؛ لأن الناس يشرقون فيهن اللحم، أي: ينشرونه في الشمس حتى ييبس ولا يتعفن. وبهذا انتهى الحج فإذا أراد أن يرجع إلى بلده؛ فإنه لا يرجع حتى يطوف للوداع. قال أهل العلم: وإن أخر طواف الإفاضة -طواف الحج- فطافه عند الخروج ونوى طواف الإفاضة أجزأ عن الوداع، وإن نواهما جميعاً أجزأ عنهما، وإن نوى الوداع وحده لم يجزئ عن طواف الإفاضة وهذه مسألة يجب أن ننتبه لها. الذي يؤخر طواف الإفاضة حتى يطوفه عند خروجه له ثلاث حالات: الأولى: إما أن ينوي به طواف الوداع، فهنا لا يجزئه عن طواف الإفاضة ويبقى عليه طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج. الثانية: أو ينوي به طواف الإفاضة فقط فهذا يجزؤه عن طواف الوداع. الثالثة: أو ينويهما جميعاً فيجزئ عنهما جميعاً. وبهذا انتهت أعمال الحج.

العبادات التي يشارك فيها الناس الحجاج

العبادات التي يشارك فيها الناس الحجاج ونعرج يسيراً إلى أهل البلاد الأخرى غير أهل مكة وهم أهل البلاد الذين لم يقدر لهم الحج فهل عوضهم الله عز وجل بعبادات أخرى ليشاركوا الحجاج في عباداتهم؟ A نعم، أهل البلاد الأخرى يشاركون الحجاج في الذكر في هذه الأيام العشر، فبينما الحجاج تعج أصواتهم بالتلبية تعج أصوات أهل البلاد الأخرى بالتهليل والتكبير. وبينما الحجاج والعمار يعظمون الله عز وجل بترك أخذ الشعور، نجد أن أهل البلاد الذين يضحون ويتقربون إلى الله بترك أخذ الشعور والأظفار والجلود، فمن دخل عليه العشر وأراد أن يضحي؛ فإنه لا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئاً حتى يضحي. أهل الحج يذبحون يوم العيد هداياهم، وأهل البلاد يذبحون يوم العيد ضحاياهم، ولهذا كانت الضحايا التي تذبح يوم العيد من شعائر الله عز وجل التي يتقرب بها الإنسان إلى الله، بالذبح لا بالصدقة باللحم، الصدقة باللحم لا شك أنها قربة؛ لكن أهم شيء هو الذبح تقرباً إلى الله عز وجل، ولهذا فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين شاة اللحم وشاة الأضحية فقال: (من ذبح قبل أن يصلي فشاته شاة لحم، ومن ذبح بعد الصلاة فقد أصاب النسك وسنة المسلمين) ففرق بين اللحم وبين الأضحية، ولهذا كان من الخطأ أن بعض الناس يعطي هيئة الإغاثة أو غيرها دراهم ليضحى بها عنه في بلاد أخرى. نقول: الأضحية شعيرة تتعلق بالإنسان نفسه فاذبحها أنت بيدك إن استطعت أو وكل من يذبحها واحضرها وكل منها؛ لأن الله أمر بالأكل منها، بل جعل الأكل قبل الإطعام، قال: (كلوا منها) وماذا؟ (وأطعموا) ولهذا ذهب بعض العلماء إلى وجوب الأكل من الأضحية، ومن دفع دراهم ليضحى بها في بلاد أخرى هل يمكن أن يأكل منها؟ لا. إذن: نقول ضح في بلدك وكل، أما إخوانك المسلمون المحتاجون، فابعث إليهم بالدراهم، ابعث إليهم بالأطعمة، ابعث إليهم بالأكسية، فضل الله واسع، أما أن تترك شعيرة من شعائر الإسلام لتقام في بلاد بعيدة عنك، فهذا خلاف ما تقتضيه السنة، ولا يضحي الإنسان إلا بما تحقق فيه أربعة شروط: الأول: أن يكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل، والبقر، والغنم. الثاني: أن يبلغ بلغ السن المعتبر شرعاً؛ وهو نصف سنة في الضأن، وسنة في الماعز، وسنتان في البقر، وخمس سنين في الإبل، فما دون ذلك لا يضحى به. الثالث: أن يكون سليماً من العيوب المانعة من الإجزاء، وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء التي لا تنقى) أي: الهزيلة ليس فيها مخ. الرابع: أن يكون في الوقت المحدد وهو ما بعد صلاة العيد إلى ثلاثة أيام بعده. فلو ذبح الأضحية قبل الصلاة لم تجزئ، ولو ضحى بعد مضي أيام التشريق لم يجزئ، فلا بد أن تكون في الأيام المعتبرة شرعاً. هذا وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن حجه مبرور، وذنبه مغفور، وسعيه مشكور، وأن يتقبل منا جميعاً بمنه وكرمه، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والآن مع الأسئلة التي عند الأخ الشيخ حمود بن عبد العزيز الصايغ.

الأسئلة

الأسئلة

حكم الاستدانة للحج

حكم الاستدانة للحج Q فضيلة الشيخ! ذكرتم أن من شروط الحج الاستطاعة، ونجد أن الكثير ممن يأتي من غير أهل هذه البلاد يأتون ولا استطاعة لهم، بل نجدهم يستدينون ويشق عليهم الحج أشد المشقة، ولكنهم يخشون ألا تتيسر لهم الفرصة، فهل يمنعون من أداء الحج بهذا السبب أم يقال لهم إذا جاءتكم الفرصة فحجوا ثم ييسر الله لكم سداد الديون فيما بعد؟ A نقول لهم: إن الرأي والشرع يقتضي ألا تحجوا وعليكم الدين، وألا تستقرضوا للحج، نقول: اقبلوا رخصة الله حيث خفف عنكم، وأنتم إذا وافيتم الله ولم تحجوا لعدم استطاعتكم فلا إثم عليكم.

حكم الذهاب إلى مكة لأداء العمرة في أيام الحج

حكم الذهاب إلى مكة لأداء العمرة في أيام الحج Q ذكرتم حفظكم الله أنه يشرع في أيام العشر الرحيل إلى بيت الله الحرام؛ لأداء العمرة أليس في هذا مشقة ومضايقة لمن أتى إلى مكة لأداء العمرة والحج؟ هذا فقط أريد أن يكون عليه التنبيه. A نحن نريد لأداء العمرة والحج، ونريد أيضاً لأداء العمرة؛ لأن العمرة مشروعة في أشهر الحج التي أولها شوال وآخرها ذو الحجة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر إلا في أشهر الحج؛ حتى إن بعض العلماء تردد: هل العمرة في أشهر الحج أفضل أو العمرة في رمضان أفضل؟ لأن عمر الرسول صلى الله عليه وسلم كلها في أشهر الحج، عمرة الحديبية في ذي القعدة في أشهر الحج، عمرة القضاء في ذي القعدة في أشهر الحج، عمرة الجعرانة في ذي القعدة في أشهر الحج، عمرة حجة الوداع في ذي القعدة وذي الحجة في أشهر الحج، فلو أن الإنسان تيسر له أن يأتي للعمرة في أشهر الحج، في ذي القعدة في آخر شوال فذلك يكون طيباً؛ ونحن حيث قلنا يسير الناس أو يرتحل الناس إلى مكة فإنما قصدنا بذلك أن يؤدوا العمرة والحج جميعاً. وأما مسألة التضييق فقد قال بعض المعاصرين: ينبغي للإنسان إذا أدى الفريضة ألا يحج؛ لأنه يضيق على الناس ولكننا لا نرى هذا الرأي، نقول: الحج رغب فيه الشرع وحث عليه لكن بعد القدرة، والزحام الذي يحدث للناس والمشقة التي تأتي للناس لا تكون إلا من سوء التصرف، ولو أن الناس عملوا بهدوء وطمأنينة وخشوع ما حصلت هذه الأذية، ولهذا نرى أن الناس إذا كانوا يؤدون المناسك بهدوء وخشوع وتعبد لله لا يحصل لهم أذية أبداً؛ لأن الأذية تحصل من الجدال والمخاصمة والمغالبة لا من الكثرة.

حج التطوع مع وجود المشقة والمزاحمة في الحج

حج التطوع مع وجود المشقة والمزاحمة في الحج Q حول الموضوع الذي أشار إليه: فضيلة الشيخ هذا سائل يقول: شوقتمونا يا فضيلة الشيخ! للحج وفقنا لله ووفقكم لكل عمل صالح، ولكن ما قولكم بمقالة العامة: من حج فرضه فليقعد بأرضه، وكذلك النساء هل يمنع الولي زوجته أو ابنته أو أخته عن الحج بحجة الزحام وهي تريد التطوع لهذا السبب، أم أن الأفضل التزود وخصوصاً أن النبي صلى الله عليه وسلم سماه جهاداً والجهاد يرغب فيه ويتزود منه، وما رأيكم بمن يقول: لا تزاحموا الناس، أرجو التفصيل؟ A قلنا: الأفضل أن يحج ولكن يحرص على أن لا يتأذى ولا يؤذي بالمزاحمة، وأن غالب المشقة التي تحصل إنما هو من سوء التصرف فيما بين الناس.

حكم الطواف بالصبي وعمن تجزئ

حكم الطواف بالصبي وعمن تجزئ Q فضيلة الشيخ ذكرتم وفقكم الله أن من طاف بولده لم يجزئه الطواف حتى يطوف عن نفسه أولاً ثم يطوف بولده فما دليل ذلك من الكتاب أو السنة؟ وما رأيكم بمن يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل للمرأة التي رفعت صبيها للنبي صلى الله عليه وسلم وقالت: (ألهذا حج؟ قال: نعم) فلم يقل لها بالتفصيل هذا أرجو إقناع من يعترض على ذلك بهذا الحديث؟ A نحن قلنا إن بعض العلماء يقول بهذا، أما رأيي في الموضوع فإنه إذا كان الولد المحمول يعقل النية وقال له أبوه أو حامله الذي يطوف: انو الطواف فحمله ونوى الطواف عن نفسه والحامل نوى الطواف عن نفسه، نرى أن هذا يجزئ فيجزئ عن الاثنين؛ وذلك لأن المحمول استقل بنيته، أما إذا كان المحمول لا يعقل النية ونوى الحامل عنه وعن المحمول فلا يمكن أن تكون نيتان في فعل واحد ويجزئ عن اثنين، هذا ما نراه في هذه المسألة. وأما حديث المرأة فالرسول عليه الصلاة والسلام لم يذكر لها إلا أن له حجاً فقط، ولم يقل غير ذلك، ولم يتعرض للطواف ولا للسعي، ولا للوقوف ولا لغيرها، فليس فيه دليل على أنه يجزئ أن يحمل الإنسان صبياً لا يعقل النية ثم ينوي عنه وعن الصبي.

المقصود بقوله تعالى: (وليال عشر)

المقصود بقوله تعالى: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) Q فضيلة الشيخ أشرتم إلى أن هذه الليالي العشر أفضل من العشر الأخيرة من رمضان فهل هي المرادة بقوله تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر:1-2] هل هي عشر ذي الحجة أم عشر رمضان، وإذا كان المراد عشر ذي الحجة فلماذا قال: (وليال) ولم يقل: وأيام، وتكون عشر ذي الحجة هي الأيام المعلومات في قوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج:28] وهل لـ شيخ الإسلام كلام في هذا؟ A نحن قلنا: إن هذه الأيام من أفضل أيام العشر، أما الليالي فسكتنا عنها، وذلك أن العلماء رحمهم الله قالوا: إن الأيام تطلق والمراد بها الليالي، والليالي تطلق ويراد بها الأيام، ففي قوله تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر:1-2] يرى بعض العلماء بل أكثر المفسرين أن المراد بها عشر ذي الحجة، ويرى آخرون أن المراد بها ليالي عشر رمضان، والقول الأول يقول: إنه يعبر في اللغة العربية بالليالي عن الأيام والليالي وحينئذ لا إشكال، لكن بعض أهل العلم رحمهم الله قال: إن ليالي عشر رمضان الأخيرة أفضل؛ لأن فيهن ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وأما أيام عشر ذي الحجة فهي أفضل من أيام عشر رمضان ففرق بين الليالي والأيام، وعلى كل حال نحن نحث إخواننا على أن يعملوا صالحاً في هذه الأيام العشر، عشر ذي الحجة ليلاً ونهاراً.

حكم حج من بلغ ولم يصل بعد

حكم حج من بلغ ولم يصل بعد Q فضيلة الشيخ! طفل بلغ منذ سبعة أيام ولم يصل صلاة واحدة إلى الآن وهو يريد الحج، فهل على الناس منعه من الحج لكونه كافراً أو لا يمنعوه؟ A الواجب على هذا الطفل الذي بلغ منذ سبعة أيام أن يصلي، والواجب على وليه أن يأمره بالصلاة، ولا أعتقد أن طفلاً بهذا السن يمتنع عن الصلاة، الذي يخشى عليه الامتناع من الصلاة الكبير، أما هذا بمجرد ما يقول له أبوه: صل ويلزمه بالصلاة فسيصلي، وعلى هذا فنلزمه بأن يصلي ولا أظن من له سبعة أيام على البلوغ أنه يمتنع عن أبيه إذا أمره بالصلاة.

حكم توزيع الأضحية بين الناس من باب المجاملات والمحاباة

حكم توزيع الأضحية بين الناس من باب المجاملات والمحاباة Q أشرتم وفقكم الله إلى الأضحية، والأضحية نجدها عند كثير من الناس تدخل فيها المجاملات والمحاباة، فنجد أن المسكين والفقير لا تصل إليه، بل أعطني وأعطك وهكذا فعل كثير من الناس، فمن أعطاه أحسن رد إليه الأحسن، فما هو المشروع في توزيعها؟ وهل من حث للناس على أن يغيروا هذه العادة؟ وما رأيكم وفقكم الله في جماعة أرادوا أن يجمعوا لحم الصدقة ويوزعوه على الفقراء فما رأيكم لو تأخر عن أيام الذبح الثلاثة؟ A أما الشق الأول من السؤال، وهو أن لحوم الأضاحي صارت يحابى فيها ويجامل، وأعطني أعطك، فلا شك أن هذا خلاف المشروع، هذا اللحم لحمٌ تُعبِّد بذبح البهيمة فيه إلى الله عز وجل؛ فينبغي أن يكون على مراد الله، يأكل الإنسان ما شاء ويهدي ما شاء ويتصدق بما شاء، واختار بعض العلماء أن يكون ذلك أثلاثاً: يأكل ثلثاً، ويهدي ثلثاً، ويتصدق بثلث، حتى ينفع نفسه بما يأكل، وينفع الفقراء بما يتصدق به عليهم، ويجلب المودة بينه وبين الناس بما أهداه إليهم، هذا هو الأفضل، ومع ذلك فليس بلازم أن يكون التوزيع هكذا، ثلثاً وثلثاً وثلثاً، بل لو أكل النصف وأهدى وتصدق بالباقي، أو أكل النصف وتصدق بالباقي فلا بأس، إنما اختار أكثر العلماء أن يجعلها أثلاثاً: ثلثاً له وثلثاً للهدية وثلثاً للصدقة. أما الشق الثاني وهو أن تجمع لحوم الصدقة ثم تعطى الفقراء على حسب حاجتهم فهذا لا بأس به، المهم أن تذبح في وقت الذبح أما أكل اللحم وتوزيعه فلا حد له.

ظاهرة توزيع الأراضي على أصحاب الحملات وضررها

ظاهرة توزيع الأراضي على أصحاب الحملات وضررها Q فضيلة الشيخ: سمعنا أنه في هذا العام تم توزيع بعض الأراضي على أصحاب الحملات، ولكن خصم أكثر من النصف، فلا يعطى إلا (45%) من نصيبه حتى اضطر بعضهم إلى أن يستأجر عمائر في العزيزية ليجلس بها هو ومن معه في النهار، ويأتي إلى منى أول الليل ثم ينصرف نصف الليل، فما رأيك في هذا؟ وما حكم الحجاج الذين معه إذا فات شرطهم وقد شرط عليهم المبيت بـ منى أرجو توضيح الأمر خوفاً من الخطورة؟ A أما الشق الأول وهو أن تستأجر في العزيزية أو خارج منى بيوتاً يسكن فيها الحجاج فهذا فيه تفصيل: إذا كان لم يتيسر له أن يأخذ مكانين، ولم يتيسر له إلا هذا المكان الضيق الذي لا يسع إلا نصف الحجاج الذين معه فهذه ضرورة ولا بأس، ولكن يحرصون على أن يكون مبيتهم في منى وإقامتهم في المكان الآخر. وأما الشق الثاني: وهو النزاع المتوقع بين صاحب الحملة وبين المحمولين فأرجو ألا يكون نزاع، وإن حصل النزاع فهناك جهات مختصة تفصل بين الناس.

حكم دخول مكة من غير طريق التفتيش

حكم دخول مكة من غير طريق التفتيش Q فضيلة الشيخ! غير أهل هذه البلاد يمنعون أن يحجوا إلا بعد مضي خمس سنوات، السؤال: هل يجوز لنا أن نحج بالوصول إلى مكة من طريق ليس فيه تفتيش، أو نمشي على الأقدام، وإن منعنا هل نعتبر من المحصورين أو لا؟ A الأولى لمن حج ولم يحصل على الترخيص أن يقول عند الإحرام: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني؛ حتى إذا منع تحلل ورجع بدون إحرام، أو تحلل وبقي في مكة، المهم أنه يحل بدون أن يكون عليه دم الإحصار، هذا هو الأولى حتى يسلم من الأمور التي قد تكون عاقبته بالنسبة له غير حميدة. ثم نقول: إذا أدى الإنسان الفريضة فالباقي تطوع، ولا ينبغي للإنسان أن يعرض نفسه للخطر أو أن يتخذ آيات الله هزواً فيحرم بثيابه المعتادة.

حكم نزع الأشجار من منى مع الجهل أنها من الحرم

حكم نزع الأشجار من منى مع الجهل أنها من الحرم Q فضيلة الشيخ: حججت فلما نزلت إلى منى قمت بنصب الخيمة ثم نزعت الأشجار التي في مكان الخيمة ولم أكن أعلم أن منى من حدود الحرم، فما الحكم وفقك الله؟ A الحكم أنه لا شيء على الإنسان إذا فعل شيئاً من المحظورات جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً، وهذه قاعدة عامة، فكل المحظورات في الإحرام أو في الحرم إذا فعلها الإنسان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فلا شيء عليه، ولهذا لو انفرش الجراد في الطريق -والجراد صيد يحرم إذا كان داخل حدود الحرم أو إذا كنت محرماً ولو كان خارج حدود الحرم- ورأيت الأرض مملوءة بالجراد فهل نقول: توقف ولا تمش حتى يرتحل الجراد عن الأرض، أو نقول امش وإذا أصبت شيئاً لم تقصده فلا شيء عليك؟ الثاني: لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، كذلك أيضاً الأشجار في منى أو في مزدلفة، إن قلعتها قصداً فهذا حرام عليك، وإن لم تقلعها ولكن فرشت عليها الفراش وتكسرت من أجل فرش الفراش وأنت ما أردت ذلك فلا حرج عليك.

كيفية تلبية الحاج الوكيل عن غيره

كيفية تلبية الحاج الوكيل عن غيره Q ماذا يقول الإنسان في بداية الإحرام إذا كان الحاج وكيلاً عن غيره؟ وماذا يقول كذلك في يوم عرفة ويوم النحر وعند رمي الجمار وغير ذلك من المواقف هناك؟ A يقول: لبيك عن فلان؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: (لبيك عن شبرمة قال: ومن شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب لي، فقال: أحججت عن نفسك؟ قال لا. قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة) فتقول: لبيك عن فلان فإذا نسيت اسمه، فقل: لبيك عمن أعطاني وكالة في الحج عنه، أو ما أشبه هذا من العبارة والله تعالى يعلمه، ولا يلزم أن تقول هذا عند الطواف، أو السعي، أو الوقوف، أو المبيت بـ مزدلفة، أو رمي الجمار، وإذا نويته من أول الإحرام كفى، ولذلك كان القول الصحيح: إنه لا يشترط في الطواف أن ينويه عن الحج أو العمرة ما دام محرماً بحج أو عمرة؛ لأنه إذا كان محرماً بحج فهذا الطواف للحج، وإذا كان محرماً بعمرة فالطواف للعمرة، فالطواف والسعي والوقوف كلها أجزاء في العبادة فتكفي النية الأولى، كما أنك في الصلاة هل تنوي الركوع؟ لا. بل تركع على أنه جزء من الصلاة والنية الأولى كافية.

حكم الحج عن الغير من أجل المال

حكم الحج عن الغير من أجل المال Q فضيلة الشيخ! رجل حج عن آخر نيابة بمبلغ وقدره خمسة آلاف ريال، وهو ما حج إلا من أجل هذا المال، فهل المبلغ حلال له؟ وهل الحجة تصل للمحجوج عنه وهو ميت إذا كانت هذه نية الحاج، نأمل الإجابة على هذا السؤال بالتفصيل، وذلك لشدة الحاجة إلى هذه الإجابة؛ لأن أحد الخطباء في إحدى المدن خطب حول هذا الموضوع وعارضه بعض العوام بعد الصلاة فكتبت هذا السؤال لفضيلتكم لتجيبوا عنه بالتفصيل لأرسله إليهم؟ A ماذا قال الخطيب؟ وأين السائل؟ على كل حال لنفرض أن الخطيب قال: هذا لا يجوز وأن الذي عارضه قال: هذا يجوز. لنفرض هذا ونحن لا ندري ماذا قال كل واحد. يقول العلماء رحمهم الله ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية: من حج ليأخذ المال فليس له نصيب في الآخرة، لقول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود:15-16] . وأما من أخذ ليحج ويقضي حاجة أخيه وينتفع هو بالدراهم أو بما زاد منها فلا بأس بذلك فالإنسان ونيته، فأنت إذا أخذت دراهم لتحج بها عن غيرك فاجعل نيتك أنك تريد قضاء حاجة أخيك، وتريد أيضاً أن تنتفع أنت بمشاهدة الأماكن المعظمة، وأن تستغل الوقت هناك بالدعاء ولكن إذا دعوت فاجعل لمن وكلك نصيباً من الدعاء.

تقديم الحج التطوع أم الحج عن الغير

تقديم الحج التطوع أم الحج عن الغير Q فضيلة الشيخ: أرجو النصيحة لي! لقد عرض عليَّ الحج هذا العام بتكلفة لا تذكر؛ لأنها يسيرة جداً، كما عرض عليَّ الحج عن غيري مقابل مبلغ من المال، مع العلم أني قد أديت الفريضة منذ سنوات، وأنا الآن عليَّ دين أي مدين وهذا المبلغ الذي سوف أتقاضاه مقابل قيامي بالحج عن غيري سوف يسدد أكثر ديني إن لم يكن كله، فما الأفضل في حقي الحج تطوعاً طلباً للمغفرة، وخصوصاً أن ذنوبي كثيرة، وأيضاً أنا مشتاق للحج، أم أن الأفضل الحج عن غيري حتى أسدد ديني وما رأيكم في قول شيخ الإسلام: (الارتزاق بأعمال البر ليس من شأن الصالحين) ؟ A أرى أن تسلك الأول أي تحج بالمال اليسير لنفسك وأن تدع هذا، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، فأنت بتركك أخذ الوكالة التي فيها زيادة مال لا شك أنك تركته لله، وإذا تركته لله، فسوف يعوضك الله سبحانه وتعالى خيراً منه. فالذي أشير به على الأخ السائل: أن يحج لنفسه بالمال الذي عنده وأن يسأل الله عز وجل أن يقضي دينه، أن يقول: اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الباطن فليس فوقك شيء، وأنت الظاهر فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر.

حكم التمتع بعد دخول ثامن ذي الحجة

حكم التمتع بعد دخول ثامن ذي الحجة Q هل يصح التمتع بعد دخول زمن الحج، أي بعد ظهر اليوم الثامن؟ A يقول الله عز وجل: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة:196] وهذا يدل على أن العمرة تفعل قبل أوان الحج، فإذا قدمت مكة في اليوم الثامن فأمامك شيئان: الإفراد والقران، أما التمتع فقد فات، والإنسان لا ينبغي له أن يتشاغل عن الخروج إلى منى؛ لأنه إذا جاء ضحى اليوم الثامن فالمطلوب منك أن تكون في منى، فلو اعتمرت لمضى وقت أخللت به من أوقات الحج؛ لأن وقت الحج يدخل من ضحى اليوم الثامن، حيث إن الصحابة رضي الله عنهم أحرموا من ذلك الوقت، فإذا جئت متأخراً فالذي أختار له أن يأتي بحج مفرد أو بحج وعمرة مقرونين، أما التمتع فلا محل له في هذه الحال.

حكم من جامع زوجته بعد التحلل الأول

حكم من جامع زوجته بعد التحلل الأول Q فضيلة الشيخ: رجل حج هو وزوجته، وبعد التحلل الأول جامع زوجته وكانت هي غير موافقة بل منعته من ذلك، فاستفتى ولكن من يفتي بغير علم؛ حيث كان يظنه عارفاً بالحكم فقال له: حجك باطل وعليك الإكمال والقضاء فتكاسل لما علم ببطلان حجه، وقال: سأحج من العام المقبل، وهو الآن يسأل ماذا عليه قبل أن يأتي وقت الحج الآن؛ علماً أنهما لم يكملا السعي والطواف، وهما من أهل الحرم؟ A الفتوى التي أفتى بها خطأ؛ لأن الذي أفتاه قال: إن حجك فاسد، والحج لا يفسد إذا كان الجماع بعد التحلل الأول، ولكن الذي يفسد هو الإحرام، بمعنى أننا نقول له إذا جامع بعد التحلل الأول اذهب إلى الحل، يعني: إلى أدنى الحل، يعني: إلى عرفة أو إلى مسجد التنعيم وأحرم منه وطف وأنت في إحرامك، واسع وأنت في إحرامك ولا شيء عليك سوى هذا إلا أنك تذبح شاة توزعها على الفقراء، وإن شئت تصوم ثلاثة أيام، وإن شئت تطعم ستة مساكين كل مسكين نصف صاع، وحجك صحيح. وإنني بهذه المناسبة أحذركم من شيئين: الشيء الأول: أن تستفتوا من لا تعلمون أنه من أهل التقوى؛ لأنه مع الأسف صار كثير من الناس يكون معه نتفة من العلم ويرى أنه البحر العلامة الفهامة، فيفتي في كل شيء أتاه، مثل هذا الرجل أفتى بفساد الحج وهو لم يفسد، فاحذروا أمثال هؤلاء. الأمر الثاني: أحذركم أن تحجوا دون أن تعرفوا أحكام الحج، أو إذا أخطأتم في الحج أن تسكتوا حتى إذا مضى سنوات جئتم تسألون، هذا ليس بصواب، إذا أردت أن تحج فاعرف أحكام الحج أولاً، ثم إذا وقع منك خطأ فلا تتأخر في السؤال، بادر بالسؤال حتى يمكنك أن تتلافى الخطأ في وقت قصير، فهذان أمران أحذركما منهما: الأمر الأول: استفتاء من لا تعلمون أنه أهل للفتوى. الأمر الثاني: أن تبادروا إذا أخطأتم بالسؤال عن حكم هذا الخطأ. لكن قبل ذلك أن تتعلموا أحكام الحج والعمرة، وهذا السائل ليس عليه إلا كما قلت: ذبح شاة أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، لكن الإطعام يكون في مكة. وأنا أجبت الآن على أنهما قد مضيا في إتمام النسك وطافا وسعيا، أما إذا كانا لم يطوفا ولم يسعيا فالواجب عليهما -الآن- أن يذهبا إلى مكة ويأتيا بعمرة يحرمان من الميقات ويطوفان ويسعيان ويقصران، ثم يطوفان طواف الإفاضة وسعي الحج، يعني: يجب أن يذهبا -قبل أن يجامعها- وقبل كل شيء ويطوفا ويسعيا؛ لكن يتقدم الطواف والسعي عمرة. الحكم إذن: إذا كانا لم يطوفا في السنة السابقة فالآن يجب أن يذهب -ولا يقرب الزوجة- يذهب هو وزوجته -ما لم تكن مكرهة- ويحرما بعمرة، فيطوفا ويسعيا ويقصرا، ثم بعد ذلك يطوفا طواف الإفاضة ويسعيا مع الفدية التي ذكرناها.

حكم من إحداث أثناء طواف الحج

حكم من إحداث أثناء طواف الحج Q فضيلة الشيخ: رجل طاف بالبيت في طواف الحج -طواف الإفاضة- وخلال الطواف أحدث ثم ذهب فتوضأ ورجع فأكمل الطواف بدون استئناف الطواف ظناً منه أن هذا الفعل صحيح، فماذا عليه الآن أثابكم الله؟ A الطواف الذي أحدث فيه ثم ذهب وتوضأ، إذا قلنا: إن الطهارة شرط للطواف؛ فإن طوافه الذي حصل فيه الحدث بطل، وبناء آخره على أوله لا يصح، وعلى هذا فيعتبر الآن غير طائف طواف الإفاضة، أما إذا قلنا: إنه لا يشترط الوضوء للطواف فإننا ننظر هل طال طلبه للماء ووضوؤه، فإن طال فإن طوافه لم يصح أيضاً؛ لأنه يشترط للطواف الموالاة، أما إذا كان وجد الماء قريباً، ثم توضأ ورجع بسرعة فطوافه صحيح.

حكم الصلاة ركعتين بعد طواف الوداع

حكم الصلاة ركعتين بعد طواف الوداع Q هل بعد طواف الوداع يسن للإنسان أن يصلي ركعتين؟ A الظاهر أنه يسن أن يصلي ركعتين بعد طواف الوداع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ودع البيت صلى صلاة الفجر ولم يجعل الصلاة قبل الطواف، بل طاف أولاً ثم صلى ثانياً، وقد ذكر العلماء قاعدة عامة قالوا: كل طواف فبعده ركعتان.

حكم الإتيان بعمرة في يوم عرفة

حكم الإتيان بعمرة في يوم عرفة Q في العام الماضي بسبب عدم استطاعتي للحج، قمت بأداء عمرة في يوم عرفة، وذلك بسبب خلو الحرم من الحجيج وكذلك لفضيلة العمل في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة فقمت بعمل العمرة؟ فهل عملي هذا صحيح مع العلم أني فعلت ذلك مع اعتقادي بعدم فعلي للعمرة في مثل هذا الوقت في كل سنة. A لا بأس أن يعتمر الإنسان يوم عرفة إذا كان غير حاج، والإنسان الذي أدى فريضة الحج لا يجب عليه أن يحج مرة أخرى، فإذا كان هذا الرجل من أهل جدة مثلاً، وقال: أريد أن أذهب إلى مكة؛ لأؤدي العمرة في هذا اليوم الذي يكون فيه الحرم خالياً، فإنا نقول: لا بأس بذلك ولا حرج عليك؛ سواء فعل ذلك عاماً وتركه عاماً آخر أو داوم عليه.

حكم تقصير بعض الرأس بعد الطواف والسعي للعمرة

حكم تقصير بعض الرأس بعد الطواف والسعي للعمرة Q رجل طاف للعمرة وسعى ثم قصر من جانب واحد من رأسه، ثم ذهب إلى أهله فماذا يلزمه في حال تعذر عودته إلى مكة وفي حال عدم تعذر ذلك؟ A الواجب عليه أن يحلق الآن أو يقصر، ويكون ما فعله من المحذورات قبل ذلك في محل العفو؛ لأنه كان جاهلاً، والحلق والتقصير لا يشترط أن يكون في مكة بل يجوز في مكة وغيرها، فنقول لهذا السائل: اخلع ثيابك التي عليك؛ لأنك لم تحل بعد، ثم قصر تقصيراً صحيحاً أو احلق، هذا ما لم تكن حين تقصيرك الأول تعتقد أن هذا هو الواجب عليك بناءً على فتوى سمعتها مثلاً، فإنه في هذه الحال ليس عليك شيء؛ لأن الله يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:43] وبعض العلماء يرى أن التقصير من بعض الرأس كالتقصير من كل الرأس.

التلبية بعد ركوب السيارة أفضل منها قبل ذلك للاقتداء

التلبية بعد ركوب السيارة أفضل منها قبل ذلك للاقتداء Q فضيلة الشيخ: هل الأفضل أن يلبي الإنسان نية النسك إذا صعد السيارة أو بعد الركعتين في الميقات؟ وما هي صيغة التلبية إذا صعد السيارة؟ A الأظهر أنه يلبي إذا ركب السيارة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لبى حين ركب، وإن لبى قبل ذلك بعد الصلاة فلا حرج، لكن ما دام الأمر فيه سعة فإنه إذا أخر حتى يركب السيارة يكون أفضل. وصفة التلبية أن تقول: لبيك اللهم حجاً -إن كنت في حج- أو لبيك اللهم عمرة -إن كنت في عمرة- لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.

ذبح الفدية لمن خرج من مكة والتوكيل بها

ذبح الفدية لمن خرج من مكة والتوكيل بها Q ذهبت في الطائرة إلى العمرة ولم أحرم حتى نزلت في مطار جدة ثم أحرمت وأتممت عمرتي فقيل لي عليك دم، لكني رجعت ولم أذبح وأردت هذه السنة أن أحج فمتى أذبح هذا الدم الذي وجب علي بترك الإحرام في الميقات؟ هل يجوز لي أن أذبحه في يوم النحر مع الهدي؟ وهل يجوز أن أشترك مع خمسة رجال في بدنة فيكون لي نصيبين من هذه البدنة نصيباً للهدي ونصيباً لما وجب علي من تجاوزي للميقات؟ ثم هل يجوز لي أن أوكل شخصاً غيري يذبح لي في الحرم وأنا في بلدي، وهل المقصود بالدم هي الشاة فقط؟ A نقول لهذا الأخ الذي ترك الإحرام من الميقات: عليك عند جمهور العلماء دم تذبحه في مكة إما بنفسك أو بوكيلك، ويجوز أن تشارك غيرك في بدنة ويكون لك منها سبعان وللآخرين خمسة أسباع؛ لأن سبعي البعير يجزئان عن شاتين، والبعير الكاملة تجزئ عن سبع شياه، ولكني كما قلت لكم قبل قليل: أحذر من ترك السؤال حتى مدة طويلة، وأنت إذا فعلت خطأ فبادر بتصحيحه؛ لأنك لا تدري ربما تموت قبل أن تبحث عن هذا الفعل فيلحقك في هذا إثم؛ لأنك مقصر.

من لا يصلي سنة الوضوء إلا عند إرادة الحج فلا حرج عليه

من لا يصلي سنة الوضوء إلا عند إرادة الحج فلا حرج عليه Q فضيلة الشيخ: سنة الوضوء الآن لا تفعل إلا عند إرادة الحج أو العمرة فما رأيك في هذا؟ A رأيي لا بأس بهذا، يعني: لا يلزم أن الإنسان إذا فعل شيئاً فلا بد أن يفعله في كل حال، ما دامت السنة في الوضوء مشروعة وأراد أن يصلي فإن هذا لا بأس به ولا حرج، حتى ولو كان من عادته أنه لا يصليها.

حكم السعي في سطح المسعى أو الطابق الثاني

حكم السعي في سطح المسعى أو الطابق الثاني Q فضيلة الشيخ: ما حكم السعي في سطح المسعى أو الطابق الثاني أو في الخلوة -القبو- وهل يصح السعي بها وهل تنصح به عند الزحام؟ A أما السعي فوق، سواء في السطح الأعلى أو في الأوسط فهذا لا بأس به، وأما في الخلوة أو في القبو فلا أعرف أن تحت المسعى قبواً، فليس تحته قبو، وعلى هذا يكون محل السعي ثلاثة: الأرض، والسطح الذي فوقها، والسطح الأعلى، ولو بنوا سطحاً رابعاً فلا حرج، ولو بنوا خامساً فلا حرج؛ لأن الهواء تابع للقرار؛ كما أنه لو قدر أنه فتح قبو على طول المسعى فإنه يجزئ السعي فيه، والطواف أيضاً يجزئ في السطح الأعلى وفي السطح الأوسط.

وقت انتهاء رمي الجمرات

وقت انتهاء رمي الجمرات Q متى ينتهي وقت رمي الجمرات في اليوم الأول والثاني والثالث؟ A في اليوم الأول ينتهي بطلوع الفجر وكذلك في اليوم الثاني ينتهي بطلوع الفجر، أما اليوم الثالث الذي هو الثالث عشر ينتهي بغروب الشمس؛ لأن ما بعد غروب الشمس خارج عن أيام التشريق التي قال الله تعالى فيها: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة:203] .

حكم الحج لامرأة لديها طفل رضيع

حكم الحج لامرأة لديها طفل رضيع Q زوجتي لم تؤد فريضة الحج إلى الآن، ولدينا طفل عمره أربعة أشهر وهو يرضع من أمه، فهل تحج أم تبقى عند طفلها، وهل الأفضل إذا حجت أن تأخذ حبوباً لإيقاف دم الحيض أم لا تأخذ أفيدونا وفقكم الله؟ A إذا كان الطفل لا يتأثر ولا يتضرر بسفرها عنه؛ بأن يرضع من لبن غير لبن أمه، وعنده من يحضنه حضانة تامة، فلا حرج عليها أن تحج خصوصاً إذا كانت فريضة، أما إذا كان يخشى على الطفل فإنه لا يحل لها أن تحج ولو كانت حجة الفريضة؛ لأن المرضع يباح لها أن تدع صيام الفرض إذا خافت على ولدها، فكيف لا تدع المبادرة بالحج إذا خافت على الولد؟ فإذا خافت على الولد فإن الواجب أن تبقى، وإذا كبر في العام القادم حجت، ولا حرج عليها إذا بقيت وتركت الحج؛ لأن الحج في هذه الحالة لا يجب عليها على الفور. أما استعمال الحبوب في الحج أو في العمرة فلا بأس بها؛ لأن هذه حاجة، ولكن يجب أن تستأذن الطبيب وأن تراجعه؛ لأنه قد تكون الحبوب ضارة فتضرها.

حكم من أراد الحج ولديه بنتا لها سبعة أشهر

حكم من أراد الحج ولديه بنتاً لها سبعة أشهر Q فضيلة الشيخ: عندي بنت لها سبعة أشهر وليس عندي من أضعها عنده، فهل لي أن أطوف عنها وآخذها معي للحج والعمرة أم ماذا أصنع؟ A اذهب أنت وزوجتك وطفلك، ولكن ليس بلازم أن تجعله يحرم، اتركه حراً بغير إحرام؛ لأن هذا يضيق عليكم ويضيق على نفسه. سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

اللقاء الشهري [11]

اللقاء الشهري [11] إن من نعم الله على الإنسان أن أنعم عليه بنعمة الزواج، وجعل من الزوجة سكناً وراحة، ولكن بعض الناس ابتدعوا في دينهم وابتعدوا عن شرع ربهم؛ فكان لا بد من الحديث عن بعض حقائق الزواج التي تغيب عن كثير من الناس، ثم يتبعها بالإجابة عن الأسئلة.

بيان شدة عداوة النصارى للمسلمين

بيان شدة عداوة النصارى للمسلمين الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإننا نفتتح عامنا الهجري عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، في هذا اللقاء في الثلث الأخير من شهر محرم، وهذا اللقاء كما تعرفون قد قرر كل شهر في يوم السبت ليلة الأحد الثالث من الشهر، وهذا شيء مقرر ومعلوم، ومعروف للجميع. ولا شك أن المواضيع التي يحب الناس أن يعرفوا فيها الحكم الشرعي من خلال هذا اللقاء كثيرة، ولكن ما هو الأهم ثم ما هو المهم؟ إننا نستعين بالله عز وجل على معرفة الأهم الذي يختلج في قلوب كثير من الناس ويريدون أن يعرفوا حكم الله فيه بواسطة هذه اللقاءات مني ومن غيري من أهل العلم. ولكن لا حرج أن يبين لنا بعض الناس، إما مشافهة وإما كتابة عن المواضيع الحساسة التي تهمهم، والتي يحتاج الناس إلى فقهها ومعرفة حكم الله تعالى فيها؛ لأن الإنسان مهما بلغ من دراية لأحوال الناس فلا يمكن أن يطلع على كل ما يختلج في صدورهم من المشاكل، فهناك مشاكل خاصة، وهناك مشاكل عامة، وهناك مشاكل اجتماعية، وهناك مشاكل سياسية، وهناك مشاكل قريبة، وهناك مشاكل بعيدة في البلاد الإسلامية؛ كما هو مشاهد الآن في بلاد البوسنة والهرسك التي يجب أن تكون عبرة وموعظة للناس، يعرفون بها أن اليهود والنصارى يد واحدة على المسلمين، وأن النصارى مهما تظاهروا بالولاية للمسلمين والمودة فإنهم كاذبون، إنما يسعون لمصالحهم الخاصة فقط، وأحبارهم وعلماؤهم يسعون لإضلال المسلمين بما يبذلونه من الشكوك، بل بما ينشرونه من الشكوك عبر محطات الإذاعة، بل أبلغ من ذلك أنهم يصدرون أشرطة الكاسيت إلى المسلمين للدعوة إلى النصرانية، والمسلمون ضعاف الدين قد يغترون بهذه الأساليب التي إذا سمعها الإنسان قال هذا هو الحق، ولكني أقول لكم: لا يوجد خير في أي دين من الأديان وهو خير حقيقي للعباد إلا وفي الدين الإسلامي ما هو خير منه مهما كان. فالتسامح موجود في الدين الإسلامي، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:178] {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة:237] . ليس التسامح خاصاً بما ينشر عن دين المسيح عيسى بن مريم، بل التسامح في الإسلام، لكن تسامح الإسلام في حزم، أي أنه يشرع التسامح في الموضع الذي يكون فيه التسامح خيراً، وأحياناً لا يكون التسامح خيراً، ولهذا قيد الله عز وجل العفو بالإصلاح فقال: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:40] لأن العفو أحياناً لا يكون حميداً، أحياناً يكون العفو سبباً لتسلط الأشخاص واستمرارهم في شرورهم، وإذا أخذوا بالحزم وعوقبوا بما تقتضيه جرائمهم من العقوبة، كان في هذا خير كثير وكف أذى، ولهذا يجب ألا نحكم العاطفة في العفو عن الجناة في كل حال، بل يجب أن يكون لدينا رأفة ورحمة، وأن يكون لدينا حزم وعزيمة وقوة، ألم تسمعوا قول الله عز وجل: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور:2] فنهى الله تعالى عن الرأفة للزاني والزانية، مع أن الرأفة مطلوبة، ومن أسماء الله الرءوف، لكن الرأفة لها محل، والحزم والأخذ بالعقوبة له محل آخر. أقول: إن من ينظر إلى واقع المسلمين اليوم وإلى واقع النصارى يعرف تماماً شدة عداوة النصارى للمسلمين، وإلا فهل من المعقول أن توجد جمهورية إسلامية معترف بها بين الدول، ثم تمزق أشلاءً، وليته -أيضاً- على وجه كريم بل على وجه لئيم، يذبحون الرجال المسلمين كما تذبح الخراف، يؤتى بالإنسان الصبي اليافع الذي قلب أبيه وأمه متعلق به غاية التعلق فيذبح أمام والديه، ويقال: إنهم يجبرون الوالدين على شرب دم الولد والعياذ بالله. هل وجدتم أشنع من هذا؟ ومع ذلك فإننا نسمع بين حين وآخر وعوداً من الأمم الكافرة السافلة، لكنها وعود كاذبة، لعب بعقول المسلمين، لكن هل نأخذ من هذا عبرة بحيث نحذر منهم كما أمر الله عز وجل {وَخُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء:102] وألا نساندهم أو نساعدهم في الأمور الاقتصادية التي يسلبون بها أموالنا ثم يحولونها إلى رصاص تصوب نحو صدورنا، وكما تعلمون أنهم بالأمس اختتموا المؤتمر الاقتصادي على مستوى الرؤساء، وماذا تظنون بهذا المؤتمر؟ أهو خير للبشرية أم شر؟ نجزم بأنه شر، وأنهم يريدون أن يحتكروا العالم اقتصادياً، ولهذا أرى أنه يجب على الأمة الإسلامية -وهي كثيرة ولله الحمد- أن تُكوِّن نفسها، وأن تكوّن لها اقتصاداً مبنياً على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان اقتصاد الأمة مبنياً على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنه الاقتصاد الناجح، ولكن مع الأسف أن بعض الناس يظنون أن الاقتصاد هو اتباع ما كان عليه الناس، سواء وافق الشريعة أم خالف الشريعة، ولهذا نجدهم يتسابقون الآن إلى أشياء محرمة تحريماً واضحاً، وإما مشتبهاً فيها، وكأنما خلقوا للدنيا والاستكثار منها؛ فلا يبالي الواحد أسقط في شرك الربا أم الميسر أو غير ذلك مما حرمه الله عز وجل. وخلاصة القول: إنه يجب علينا نحن المسلمين أن نحذر أعداءنا، وأن نعلم علم اليقين أنهم لن يسعوا لما فيه سعادتنا أبداً، وأن ننتبه وأن ننبه الشباب على خطورة الموقف وألا نغتر بما اغتر به كثير من الناس، مما يظهره أعداء المسلمين من المودة والموالاة والشفقة علينا؛ لأنهم إنما يريدون بذلك مصالحهم فقط، وما أيسر أن يتأمل الإنسان ثم يعرف حقيقة الأمر. فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل قلوبنا يقظة وأن يقينا شر أعدائنا.

من منكرات الأفراح

من منكرات الأفراح أما ما أحب أن أتكلم عليه في الموضوع، الذي هو موضوع الساعة، فهو ما يتعلق بالأفراح (أفراح الأعراس) ولابد أن نعرف حقائق في ذلك:

حكم الاختلاط والرقص في الحفلات

حكم الاختلاط والرقص في الحفلات الحقيقة الأولى: أن الزواج نعمة من الله عز وجل كما قال الله تبارك وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم:21] فهذه من آيات الله ومن نعم الله، وإذا كانت كذلك، فهل يليق بنا أن نستفتح هذه النعمة بشيء محرم؟ A لا. فمن المحرمات أن يختلط الرجال بالنساء في هذه الحفلات، بل شباب يختلطون بالشابات، وربما يحصل فوق الاختلاط من الرقص -ولا أقول هذا في بلدنا هذه- لكن سمعت أنه يوجد الاختلاط بين الرجال والنساء ويحصل رقص من الرجال والنساء في هذه المناسبة، وهذا لا شك أنه كفر بالنعمة، والواجب علينا أن نبعد الرجال عن النساء، نجعل هؤلاء في مكان وهؤلاء في مكان، ولا حرج أن تقوم النساء بضرب الدف والأغاني النظيفة الطاهرة، التي تنبئ عن الترحيب بالحاضرين وعن السرور بهذا النكاح وما أشبه ذلك. أما أن تتخذ المعازف والأغاني الخليعة؛ فلا يجوز أن نتوسع ونقول: إن الغناء وضرب الدف في الزواج من الأمور المشروعة ثم نتوسع ونأتي بالمعازف والمغنيات الخليعات، فإن هذا لا يجوز، إذا رخص الله لنا في شيء فلنقتصر على الرخصة، ولم يرخص الشرع في هذه المناسبة بهذا النوع من العزف -أي: عزف الدف- وهذا النوع من الأغاني إلا من أجل إدخال شيء من السرور على النفس بهذه المناسبة، أما أن نحولها إلى شيء آخر فإن هذا لا يجوز.

حكم رفع الأغاني بمكبرات الصوت

حكم رفع الأغاني بمكبرات الصوت الحقيقة الثانية: لا يجوز أن ترفع هذه الأغاني بواسطة مكبر الصوت على الخارج؛ لما يترتب على ذلك من إزعاج الجيران ومن إظهار صوت المرأة على وجه يثير الفتنة، وقد قال الله سبحانه وتعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [الأحزاب:32] ومعلوم أن خروج صوت المرأة وهي تغني أشد فتنة من أن تخضع بالقول لواحد من الناس، وهذه الحقيقة يجب أن يشعر بها كل واحد منا، كيف يليق بك أن تجعل مكبر الصوت وعلى أعلى صوته علىجدار القصر يؤذي الجيران ويزعجهم ويظهر صوت المرأة؟ إذا كان ولا بد فاجعل مكبر الصوت داخل القصر، في المكان الذي فيه النساء فقط وفي ذلك كفاية.

التفريط في النساء وعدم تفقدهن في الحفلات

التفريط في النساء وعدم تفقدهن في الحفلات الحقيقة الثالثة: أن هؤلاء النساء يأتين إلى القصور مع أولياء أمورهن، فيضعها ولي الأمر ويذهب إلى أصحابه، وربما تطول المدة وينتهي الحفل وهذه المرأة لم يحضر وليها، وهذه مشكلة كبيرة وخطر عظيم، فمن الولاية والرعاية أن ولي المرأة إذا وضعها في مكان أن يكون قريباً منها بحيث إذا احتاجت إليه حاجة طارئة أو احتاجت إليه بعد انقضاء الحفل يكون قريباً منها ويتولاها هو بنفسه، خوفاً من أن يتولاها غيره فتهلك، وإذا كان لا يتمكن من القرب منها فإنه لا يحضرها أصلاً، لأن إحضارها إلى مكان الحفل ليس بواجب، حتى لو كانت من الأقارب إذا كان لا يستطيع أن يتولاها بنفسه أو يتولاها أحد من محارمها غيره فلا حاجة إلى أن تخرج أصلاً، ولكن كثيراً من الناس يتهاونون في هذه الأمور وهو خطأ، وأنت مسئول عن أهلك في الدنيا والآخرة، فلا تضيع هذه المسئولية باتباع هواك وغفلتك وتهاونك في أمور أهلك.

الإسراف في الإنفاق على الوليمة

الإسراف في الإنفاق على الوليمة الحقيقة الرابعة: الزيادة في إنفاق المال في الوليمة الكبيرة التي تعد لنحو خمسمائة نفر ولا يحضر إلا مائة نفر، فإن هذا لا شك من الإسراف وقد قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31] والفقهاء رحمهم الله يقولون: تسن الوليمة بشاة فأقل، والآن -كما تشاهدون- تذبح غنم كثيرة، بل وربما تذبح الإبل ويدعى أمم كثيرة، ولا يحضر إلا نصف المدعوين أو ربعهم أو أقل أو أكثر، المهم ليس كلهم يحضرون فيضيع هذا المال، نعم. إن كان هناك أناس يأخذون ما فضل ويتصدقون به على العمال أو غيرهم ممن ينتفع به فالأمر في هذا أهون، وربما لا نقع في الإثم إذا كان الأمر كذلك لكن سوف نخسر مالاً كثيراً، وربما لا يحصل من يتلقى هذا الفضل وينتفع به، لهذا يجب أن ندبر هذا الأمر، والاقتصاد -كما يقال- نصف المعيشة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من المتواصين بالحق والصبر والمرحمة، وأن يجعل عامنا هذا عام خير وبركة لنا وللمسلمين جميعاً إنه جواد كريم.

الأسئلة

الأسئلة

الفرق بين الطبل والدف

الفرق بين الطبل والدف Q ما المقصود بالدف؟ A الدف والطبل كلاهما من المعازف، لكن الفرق بينهما أن الدف يكون من وجه واحد، والطبل يكون من الوجهين أي: فالطار من الخشب أو غيره إذا ختم من الوجهين فهو طبل، وإذا كان من وجه واحد بحيث يكون كالصحن فإن هذا يسمى دفاً، والدف أهون من الطبل، لأن الطبل لما كان مستوراً من الوجهين سيكون له صوت ونغمة أقوى من صوت الدف، فلهذا قال العلماء: الدف جائز والطبل غير جائز.

حكم استئجار من يضرب بالدف من النساء

حكم استئجار من يضرب بالدف من النساء Q قلتم: إن ضرب الدف من الأمور المشروعة؛ فهل يجوز استئجار من يضرب الدف من النساء، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟ A نعم يجوز استئجار من يضرب الدف من النساء؛ لأن هذا عمل مباح بل هو عمل مشروع، وكل عوض يكون على شيء جائز أو مشروع فإنه حلال؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) ويؤخذ من هذا الحديث قاعدتين: القاعدة الأولى: أن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه. القاعدة الثانية: أن الله إذا أحل شيئاً أحل ثمنه. فعلى هذا يجوز استئجار المرأة التي تدف، لكن لا بد أن يكون الاستئجار معقولاً، أي أن الأجرة تكون معقولة، أما أن تأخذ خمسة آلاف على ضربها لمدة ساعة أو ساعتين، فهذا من التبذير والإسراف، فإذا كانت المرأة لا تأتي تغني لمدة ساعة أو ساعتين إلا بخمسة آلاف فلا تأت بها، خذ منها خمسمائة وسوف تجد من يغني ولو كان الغناء ليس كغناء المغنية المعروفة، يكفي ما في فتح الفم، والباقي أربعة آلاف وخمسمائة تجعلها لإخوانك الجياع في البلاد الإسلامية، وكذلك لإخوانك المحصورين في البلاد الإسلامية.

حكم التعدد في الزواج

حكم التعدد في الزواج Q رجل عنده قدرة مالية وبدنية للزواج الثاني، هل الأفضل الاقتصار على زوجة واحدة، أو التعدد وجزاكم الله خيراً؟ A التعدد أفضل من الواحدة لما فيه من كثرة النسل لهذه الأمة وكثرة تحصين الفروج من النساء اللاتي بقين بلا أزواج، ولكن بشرط أن يكون عند الإنسان قدرة مالية وقدرة بدنية، وقدرة عملية وذلك بالعدل بين النساء، أما أن يتزوج وهو يخشى ألا يعدل، فإن ذلك حرام عليه؛ لأن الله تعالى يقول: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء:3] أمر الله أن يقتصر على واحدة: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:3] يعني: من الإماء؛ فإن الإماء لا يجب العدل بينهن، له أن يجامع من شاء من إمائه إن كان عنده إماء ولا يجب عليه العدل، أما الزوجات فيجب أن يعدل بينهن، فمن كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل، إلا أن الله سبحانه وتعالى رخص للزوج أن يبقى مع الجديدة، إذا كانت بكراً سبعة أيام، ومع الثيب ثلاثة أيام ثم إذا تمت الثلاثة خيرها قال: إن شئت أكملت لك السبع ولكن تعطي زوجاتك الأخريات سبعاً سبعاً ثم تعود إلى الزوجة الجديدة مثاله: تزوج امرأة ثيباً ولما مضى ثلاثة أيام خيرها، قالت: أريد أن تكمل لي السبعة أيام، فكمل لها السبعة وعنده زوجة أخرى، فيبقى سبعة أيام مع الزوجة الأخرى، ثم يعود للزوجة الجديدة، لكن لو قالت: يكفيني ثلاثة أيام، فإنه يذهب إلى الأولى يوماً واحداً ثم يعود إلى الزوجة الجديدة؛ لأن ثلاثة أيام للزوجة الجديدة حق لها، من أجل أن الزوج في الغالب لا تطيب نفسه في أول ليلة من هذه الزوجة الجديدة، ثم من أجل أن تطمئن الزوجة لهذا الزوج وتأنس به؛ لأن ليلة واحدة قد لا يحصل بها الطمأنينة والأنس، فلهذا من حكمة الشرع أنه جعل للبكر سبعة أيام وجعل للثيب ثلاثة أيام، لكن الثيب تخير كما سمعتم، إن اختارت تكميل السبعة فله أن يكمل لها السبعة لكن يقسم للزوجة الأولى سبعة أيام. الغالب أن المرأة تختار الثلاثة، لأنها إذا اختارت إكمال السبعة بقي مع الأخرى سبعة أيام، لكن إذا اقتصرت على الثلاثة بقي يوماً واحداً ويرجع لها، وإذا قدرنا أن له ثلاث زوجات قبل هذه الزوجة، واختارت السبعة فبعد كم يرجع؟ يرجع بعد واحد وعشرين يوماً، فالغالب أن النساء لا تختار إلا الثلاثة التي لها فيها حق.

حكم ضرب الدف للرجال

حكم ضرب الدف للرجال Q ما حكم ضرب الدف للرجال؟ A نحن نتكلف الآن من النساء ومجاوزتهن الحد في ضرب الدف، فكيف إذا أجزنا ذلك للرجال؟

وقت صلاة الفجر

وقت صلاة الفجر Q هناك مجموعة أسئلة عن توقيت صلاة الفجر وما حدث حوله من كلام فنرجو إيضاح ذلك وجزاك الله خيراً؟ A صلاة الفجر لا يدخل وقتها حتى يتبين الفجر، وكذلك الإمساك عن الأكل والشرب للصائم، لا يجب حتى يتبين الفجر، وهذا هو السر في أن الله قال: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ} [البقرة:187] ولم يقل حتى يطلع الفجر. وهذا يعني أنه لا بد أن يبين النور في الأفق وقد حدث كلام حول هذا قبل سنتين أو ثلاث، فراقب بعض الإخوة الفجر فوجدوا أن بين تبين الفجر وبين الوقت الموقت خمساً وعشرين دقيقة، وجاء إلي جماعة من بعض البلاد المجاورة في الأسبوع الماضي، وقالوا: إنهم راقبوا الفجر فوجدوا أنه لا يتبين إلا بعد التوقيت حالياً بعشرين دقيقة. وقالوا: إن هذا التوقيت مخالف لما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذ يقول: حصة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس تابعة لليل، يعني: إذا طال الليل طالت وإذا قصر الليل قصرت. والذي يوجد عندنا من المواقيت بالعكس، في الشتاء يقصر ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، وفي الصيف يطول، فقلت لهم: راقبوا الليلة وكانت ليلة لا يغيب القمر فيها قبل الفجر، راقبوها واكتبوا محضراً بهذا الشيء وأرسلوه للجهات المسئولة، ونحن إن شاء الله نتكلم بما يسعنا؛ لأن المشكلة ليست مشكلة القصيم فقط، بل كل المملكة على هذا، ولكن على كل حال لو تأخر الناس ولو في الصلاة لكان أبرأ للذمة، وأنا سمعت أن بعض الناس الآن يصلي الساعة الرابعة إلا خمس دقائق، وهذا على خطر عظيم؛ لأن معنى ذلك أن الفجر لم يطلع.

حكم كشف المرأة عن شيء من جسدها أمام محارمها

حكم كشف المرأة عن شيء من جسدها أمام محارمها Q هل يجوز للمرأة أن تكشف عن شيء من جسدها كساقها وصدرها ونحو ذلك عند محارمها كأبنائها وإخوانها ونحوهم، وهل هناك فرق في ذلك بين المحارم الذكور والإناث، رغم أن كشف شيء من تلك العورة مما يثير كوامن الغرائز خاصة عند المراهقين؟ A أنا حقيقة يسوؤني جداً أن تبحث مثل هذه الأمور؛ لأن الناس كانت نساؤهم في الماضي على تستر وحجاب وحياء، لكن لما كثر اختلاط الناس مع غيرهم من الوافد، أو من الذين ذهب الإنسان إلى بلادهم صارت هذه المشاكل وهذه البحوث، ولا شك أنه كلما تحجبت المرأة ولو عن محارمها في مثل هذه الأمور التي قد تثير الغرائز فهو خير. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في في رسالته لباس المرأة، أن نساء الصحابة في البيوت كن يلبسن ثياباً تسترها من كفها إلى كعبها. من كفها في اليد إلى كعبها في الرجل، ولا تخرج ساقاً ولا ذراعاً، ولكن لو فرض أن المرأة كشفت عن ذراعها لشغل في البيت وعندها محارمها أو نساء فلا بأس، أو رفعت عن ساقها لشغل وعندها محارمها أو نساء فإن هذا لا بأس به، أما أن تتخذ لباساً قصيراً لا يستر إلا إلى الركبة، أو لا يستر إلا إلى المرفق فإن هذا يخشى أن يكون داخلاً في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) فنصيحتي لأخواتي من النساء أن يتجنبن هذه الألبسة، وأن تكون ألبستهن ساترة، ونصيحتي لأولياء أمورهن ألا يمكنوا النساء من الثياب المخالفة لما تقتضيه الشريعة.

الندوة أو الموعظة في حفل الزواج

الندوة أو الموعظة في حفل الزواج هل الأفضل في الزواج إقامة ندوة علمية أو كلمة عامة للجميع تشتمل على الموعظة والنصيحة أم الأولى عدم ذلك؟ A الأولى عدم ذلك؛ لأن الناس إنما حضروا للأنس والفرح والسرور، وربما يكون بعضهم لم يشاهد الآخر إلا في هذه المناسبة، ويكون في نفسه شيء يريد أن يتحدث به إليه، وما أشبه ذلك، ولكن إذا دعي الإنسان إلى أن يتكلم بكلمة فحينئذ يتكلم، إذا قيل: يا فلان! جزاك الله خيراً عظنا بما أعطاك الله، فلا حرج، أو رأى منكراً فإنه يجب عليه أن يقوم ويتكلم ويعظ ويدعو إلى ترك هذا المنكر، وأما ما دام لم يسأل ولم يطلب منه أن يتكلم ولم ير منكراً يحتاج معه إلى الكلام، فالأولى أن يترك الناس وشئونهم وأن يتحدث بعضهم إلى بعض. ولا ينبغي للإنسان أن يثقل على الناس ويملهم، بل متى رآهم متشوفين إلى الكلمة فليتكلم وإذا رأى أنهم غير متشوفين فالأولى ألا يتكلم، لأنه إذا تكلم والناس في شوق لكلامه فإن قلوبهم تشرب هذا الكلام كالأرض اليابسة يأتيها الماء، وأما أن يشق عليهم ويملهم فإن هذا لا ينبغي.

حكم المغالاة في المهور

حكم المغالاة في المهور Q ما حكم المغالاة في المهور؟ وهل ترون تحديداً معيناً لها؟ A لا شك أن المغالاة في المهور خلاف السنة، وأن أعظم النكاح بركة أيسره مئونة، وكلما كان المهر قليلاً صار أقرب إلى الألفة بين الزوجين، وأيسر في الفراق إذا لم تتم الألفة، وأضرب لكم مثلاً لو أن إنساناً أمهر زوجته خمسين ألفاً استقرضها من فلان وفلان، أو ضيق على نفسه جداً حتى أدركها، فإن هذه الخمسين ستكون أمام عينه حتى عند معاشرة أهله، فتجده يفكر فيها، وإن ساءت العشرة بينه وبين زوجته، فإنه لن يُطْلِقها بسهولة؛ لأنه خسر عليها هذا المهر الكبير، وإذا طلقها فإنه لن يطلقها إلا بعد أن يطلب ما أمهرها. وإذا طلب ما أمهرها فربما يكون ذلك شاقاً عليها وعلى أهلها، لكن إذا كان المهر خفيفاً جعل الله فيه بركة، وصار سبباً للألفة بين الزوجين إن قدر بينهما ألفة، أو صار سبباً لسهولة الفراق إذا لم يحصل بينهما ألفة، أما تحديده فإنه صعب ولا يمكن القدرة عليه إلا بواحد من أمرين: إما أن تتفق القبيلة فيما بينها على التحديد، وإما أن يأتي من جهة المسئولين.

حكم الأغاني الغزلية في الأعراس

حكم الأغاني الغزلية في الأعراس Q يوجد في بعض الأعراس ما يقال من الغناء إنه مأخوذ من بعض الأغاني الغزلية فما حكم ذلك؟ A أشرنا إليه في كلامنا السابق وقلنا: يجب أن نتحاشى الغناء الماجن أو أن نغني على نغمة الغناء الماجن حتى لو كان نزيهاً ونقل على نغمات الغناء الماجن فإننا لا نرى جوازه. لأن التشبه يؤثر في النفوس، وربما يقع في قلب بعض النساء محبة من يتغنى بهذا الغناء من أصحاب الغناء الماجن.

حكم منع الأهل من الذهاب إلى الأفراح

حكم منع الأهل من الذهاب إلى الأفراح Q هل يأثم الذي يمنع أهله من الذهاب إلى الأفراح والحال كما تعلمون؟ A لا يأثم من يمنع أهله من حضور الأفراح التي تشتمل على محرم؛ بل يجب عليه أن يمنع أهله، لأن هذا من الرعاية والولاية، ولكن يبقى الإشكال إذا كان هذا الفرح من أقاربه فلا بد أن يحضر وإذا حضر فلم يطيعوه في ترك ما حرم الله، ففي هذه الحال له الخيار بين أمرين: إما أن يقول لهم: أنا لا أحضر شيئاً فيه معصية، وإذا أصررتم على المعصية فليس لكم حق الإجابة؛ لأن من شروط الإجابة ألا يكون في المكان معصية لا يستطيع إزالتها. وإما أن يحضر -ومعلوم أن هذا الغناء لا يكون من أول الأمر- ويراه الناس ويكون قد أدى الواجب، ثم يخرج إذا جاءت هذه الأغاني المحرمة.

حكم احتجاب المرأة عن زوج ابنتها

حكم احتجاب المرأة عن زوج ابنتها Q ما حكم احتجاب أم الزوجة عن زوج ابنتها؟ A أم الزوجة حلالٌ لها أن تكشف لزوج ابنتها، لكن ليس واجباً عليها أن تكشف، وفرق بين أن نقول: حلال، وبين أن نقول: واجب. فإذا كانت امرأة خجولاً وغطت وجهها حياءً وخجلاً لا كرهاً للشرع فلا حرج عليها.

وضع الطعام المتبقي في أماكن مخصصة

وضع الطعام المتبقي في أماكن مخصصة Q ما رأيكم في وضع ما تبقى من الأطعمة في أماكن مخصصة؟ وما حكم رمي الأطعمة في سلات القمامة؟ A أنا لا أدري هل هذه الأطعمة تذهب هباءً أو إنها تجمع وتعطى الفقراء. إذاً لا بد أن تجتمع البلدية وجمعيات البر الخيرية للنظر في هذه المسألة، وعمل ما يكون فيه حفظ مالية الطعام ونعطي الفقراء، وقد علمت أنه في بعض البلاد من خصصوا سيارات مبردة لحفظ هذه الفضلات من الطعام، ثم يوزعونه على الفقراء والمحتاجين، فلو أنه وجد مشروع كهذا لكان طيباً وهو سهل، الجمعية الخيرية هذا من شئونها لأنه خير، والبلدية أيضاً من شئونها لأنه خير، وبقية الناس الذين يحبون الخير يمكنهم المساهمة في ذلك.

حكم الأناشيد المصحوبة بالدف

حكم الأناشيد المصحوبة بالدف Q بعض الأناشيد الإسلامية تكون مصحوبة بالدف؛ علماً بأن هذه الأناشيد حماسية وفيها معان جيدة فما رأيكم؟ A الأناشيد الإسلامية كثر الكلام حولها، وأنا لم أستمع إليها إلا من مدة طويلة، وهي أول ما خرجت لا بأس بها، ليس فيها دفوف وتؤدى تأدية ليس فيها فتنة، وليست على نغمات الأغاني المحرمة، لكنها تطورت وصارت يسمع منها قرع يمكن أن يكون دفاً ويمكن أن يكون غير دف. ثم تطورت باختيار ذوي الأصوات الجميلة الفاتنة، ثم تطورت أيضاً إلى أنها تؤدى على صفة الأغاني المحرمة، لذلك: بقي في النفس منها شيء وقلق، ولا يمكن للإنسان أن يفتي بأنها جائزة على كل حال ولا بأنها ممنوعة على كل حال، لكن إن خلت من الأمور التي أشرنا إليها فهي جائزة، أما إذا كانت مصحوبة بدف، أو كانت مختاراً لها ذوو الأصوات الجميلة التي تفتن، أو أديت على نغمات الأغاني الهابطة، فإنه لا يجوز الاستماع لها.

حكم الزواج من الفتاة المتبرجة

حكم الزواج من الفتاة المتبرجة Q ما حكم الزواج من فتاة تتبرج أي لا تغطي وجهها، وإذا تزوجت ستلتزم بالحجاب الشرعي؟ A الواجب على هذه الفتاة أن تتقي الله -عز وجل- في نفسها، وفي بنات جنسها؛ لأنها إذا تبرجت صارت مفتاح سوء، وصارت ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (من سن في الإسلام سنة سيئة؛ فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة) والواجب على وليها منعها من أن تخرج إلى الأسواق كاشفة وجهها أو متبرجة بزينة. والمرأة إذا رأت من ولي أمرها الحزم والقوة والنشاط، فإنها تخضع له، أما إذا رأت منه التهاون فإنها سوف تفعل ما تشاء، أما بالنسبة لخطبة هذه المرأة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (تنكح المرأة لأربع لمالها وحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) والمرأة التي تتبرج وتخرج إلى الأسواق متبرجة لا شك أنها ناقصة الدين، فليختر امرأة تكون خيراً من هذه المرأة.

فضل الدعوة إلى الله

فضل الدعوة إلى الله Q نحن الممرضين نكون في المستشفى فيكون الاختلاط في بعض أوقات العمل بيننا وبين الكفار، فما نصيحتكم في هذا؟ وهل علينا من إثم في ترك دعوتهم للإسلام، ولا سيما أن الممرضين السعوديين ولله الحمد قد كثروا؟ A الواجب على المسلم أن ينتهز الفرصة في كل مكان وفي كل وقت للدعوة إلى الله عز وجل احتساباً للثواب العظيم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (والله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) يعني: من الإبل الحمر، وكانت أفضل الأموال عند العرب، فإذا وجد فرصة فليدع إلى الإسلام، حتى لو فرض أنه دعا الرجل الكافر إلى بيته وعرض عليه الإسلام، وأعطاه أشرطة أو كتيبات فيها الدعوة إلى الإسلام فإن هذا خير. أما بالنسبة للاختلاط في المستشفيات فهذا أمر يحتاج إلى دراسة من فوق ولا تكفي فيه الفتوى، لا بد أن يعالج الأمر من فوق، ونحن قد عالجنا وغيرنا أيضاً قد عالج، لكن كل شيء له منتهى، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن ييسر فتفتح مستشفيات خاصة بالنساء، ومستشفيات خاصة بالرجال، وهذا الأمر ليس بصعب لكن: {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [الطلاق:3] . ونسأل الله تعالى أن ييسر حتى نصل إلى هذه الحال التي فيها البعد عن الفتنة.

حدود خروج المرأة وضوابطه

حدود خروج المرأة وضوابطه Q ما هي حدود وضوابط خروج المرأة من أجل زيارتها إلى قريباتها؟ وما حكم خروج المرأة للسوق؟ وهل يجوز للابن أن يرفض الذهاب مع أمه للسوق؟ A أما المسألة الأولى: وهي زيارة المرأة أقاربها، فكلما قرت المرأة في بيتها فهو أفضل، والآن ولله الحمد يمكن للإنسان الزيارة بسهولة وهو في بيته، وذلك بواسطة الهاتف، فممكن أن يتصل الإنسان على أقاربه في اليوم مرتين، لكن إذا دعت الحاجة إلى الزيارة بالبدن مثل أن تزور قريباً لها أصابه المرض، أو ما أشبه ذلك مما تدعو الحاجة إلى زيارته فلتزره ولتكن غير متبرجة بزينة ولا متطيبة، وأن تمشي مشية المرأة المستحية البعيدة عن مظاهر الفتنة. وأما ذهاب المرأة إلى السوق وحدها فلا بأس، ولكن غير متطيبة ولا متبرجة بزينة، ومع هذا فالأفضل ألا تذهب إلى السوق وأن تصف الحاجة التي تريدها لزوجها أو لأخيها أو لابنها، وتقول: اشتر الحاجة الفلانية (وتصف الحاجة) ويؤتى بها إليها. فإن كان لا بد أن تذهب هي بنفسها فلا حرج مع أمن الفتنة، ولكن لو ذهبت بأحد من محارمها فهو أفضل لا شك في هذا، وإذا دعت الأم ابنها إلى أن يذهب معها إلى السوق وكان بهابها إلى السوق على وجه مباح، فإن من برها أن يطيعها وأن يذهب معها، لأن في ذلك طاعة لها، وفيه أيضاً حفظ لها من العبث.

صوت المرأة

صوت المرأة Q هل صوت المرأة عورة؟ مع العلم أن صوتها يختلف حسب ما تشاء؟ A صوت المرأة ليس بعورة لكن المرأة تنهى أن تخضع بالقول، فيطمع الذي في قلبه مرض، بمعنى ألا تتكلم كلاماً ليناً سواء في كلماته، أو ليناً في أدائه، أو تكون حين أداء الصوت متغنجة أو ما أشبه ذلك فإن هذا حرام، أما الكلام العادي فإنه ليس بحرام وليس بعورة.

محظورات في السفر إلى الخارج

محظورات في السفر إلى الخارج Q بعض الناس في العطلة الصيفية يسافر إلى الخارج، فتقوم الفتيات بلبس الحجاب المعروف وهو تغطية الرأس والرقبة، ولا يبقى إلا دائرة الوجه فقط، ويتعللن بالحاجة وبالقول الثاني في المسألة فما قولكم؟ وما رأيكم بتصوير النساء الخاص بجواز السفر مع أنه مطلوب رسمياً؟ A أرى أن من أنعم الله عليه بالمال ألا يسافر إلى البلاد الخارجية، وأما من لم ينعم الله عليه بكثرة المال بل ابتلاه بالفقر، فهو ليس بذاهب، لكن المشكل من أغناه الله، أرى ألا يذهب إلى البلد الخارجية؛ لأن في ذلك مفاسد. أولاً: أن أهله سيتغيرون بما يشاهدونه، سواء تغيروا فجأة أو على المدى الطويل. ثانياً: أنه كما قال السائل: ربما تغطي جميع بدنها إلا وجهها، أي: تغطي البدن وتبقي ما فيه الفتنة. لأن إظهار الوجه هو الفتنة في الواقع وجمال المرأة في وجهها، ومحل الفتنة وجهها، ولا شك في هذا، والرجل عندما تتعلق نفسه بالمرأة، لا يهمه شيء وراء الوجه، ولهذا تجد الذي يسأل عن الجمال، لا يقول: كيف رجلها؟ كيف أصبعها؟ إنما يقول قبل كل شيء كيف وجهها؟ فهو محل الرغبة وموضع الفتنة. ولا يجوز للإنسان أن يعبد الله سبحانه وتعالى على هواه، فإذا كان في بلده عبد الله على قول من يقول إنه يجب تغطية الوجه، وإذا ذهب إلى بلد آخر عبد الله على قول من يقول بجواز كشف الوجه، هذا من باب التلاعب بدين الله، ما دمت تعتقد بأن دين الله كذا وكذا، فلا تحد عنه ولا تتحول إلى غيره، وإلا صرت متلاعباً متتبعاً للرخص، وقد قال العلماء: من تتبع الرخص فهو فاسق، ولكنني -والحمد لله- أسمع من الذين يحتاجون إلى السفر للخارج أنه إذا لبست المرأة نقاباً فإنه لا ينظر إليها ولا تكون شهرة بين الناس، والنقاب أن تغطي وجهها وأن تفتح لعينيها فقط -بقدر العينين- ما تبصر به طريقها وهذا جائز، فإذا احتاجت المرأة إلى السفر إلى الخارج واستعملت هذا النقاب فلا بأس.

حكم إجابة دعوة العرس

حكم إجابة دعوة العرس Q ما حكم إجابة دعوة العرس التي تأتي عن طريق البطاقة؟ والآخر يقول: هناك بعض الناس يرى تحريم الذهاب إلى قصور الأفراح مطلقاً حتى ولو لم يكن فيها منكرات؟ A أما إجابة وليمة العرس إذا عين الداعي من دعاه بأن كتب إليه خطاباً خاصاً أو ذهب إليه وكلمه مشافهة، فإنها تجوز بشرط ألا يكون هناك منكر لا يقدر على تغييره، فإن كان هناك منكر يقدر على تغييره حضر إجابة للدعوة وإزالة للمنكر، وإن كان لا يقدر فلا يحضر. أما البطاقات العامة، فإن الإجابة إليها لا تجب؛ لأن الواقع أنها عامة، لكن ترسل إلى الإنسان للإحاطة، والدليل على ذلك أن الذي يرسلها لا يتابعها ولا يأتي لك ويقول: هل وصلتك البطاقة؟ أرجو ألا تغيب، وإذا لم تحضر وقابلك من بعد لم يعاتبك في عدم الحضور، فالذي أرى أن مجرد البطاقة التي ترسل إلى الإنسان ما هي إلا بطاقة للإحاطة أو خوفاً من أن يغضب منك، ويقول: لماذا لم ترسل لي البطاقة؟ ولكن إذا عينه وذهب إليه أو كتب إليه كتاباً خاصاً، فإنه تجب عليه الإجابة إذا لم يكن هناك منكر، فإن كان هناك منكر، وإذا حضر قدر على إزالته وجب عليه الحضور، وإن كان لا يقدر على إزالته فلا يحضر. أما القول بأنه لا يجوز الذهاب إلى قصور الأفراح مطلقاً، فلا أرى له وجهاً، ومن رأى ذلك ورأى له وجهة شرعية فعليه أن يعمل بما ظهر له.

فضل الالتحاق بالمراكز الصيفية

فضل الالتحاق بالمراكز الصيفية Q وردت أسئلة كثيرة حول المراكز الصيفية فبم توصي القائمين عليها؟ A أوصيت عليها في الخطبة، وأرى أنها من نعمة الله علينا -ولله الحمد- أن يسر الله عز وجل هذه المراكز، وأن يسر -أيضاً- أن يكون القائمون عليها ممن نثق بهم حسب ما بلغنا، وكون الشاب يذهب إلى هذه المراكز، ينتفع وينفع، ويقضي وقته في غير اللعب وفي غير اللهو، بلا شك أن هذا خير كثير، وكذلك أحث أيضاً على الالتحاق بحلقات تحفيظ القرآن الكريم؛ لأن الصغير يسهل عليه الحفظ.

اللقاء الشهري [12]

اللقاء الشهري [12] في هذا اللقاء يتحدث الشيخ عن أهمية الزواج وفضله، وما يجلب من المنافع العظام للفرد والمجتمع، مع ذكر آداب وأحكام كثيرة يجب أن تراعى، ويحتاجها كل من يحب الإقدام على الزواج، ثم بعد ذلك يجيب عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء والتي لا غنى عنها في بابها.

أهمية الزواج وفضله

أهمية الزواج وفضله الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: أيها الإخوة: فإن لقاءنا هذه الليلة، هو لقاء شهر صفر عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، وكان المقرر أن يكون في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وما زال الأمر كذلك لكن في الأسبوع الماضي حصل مانع من إقامته في وقته المقرر والحمد لله القضاء كما يقولون يحكي الأداء. والاقتراح الذي تقدم به أخونا الشيخ حمود بن عبد العزيز الصايغ اقتراح مقبول؛ لأنه في وقت مناسب، فالناس في أيام الإجازة في هذه المنطقة وفي غيرها من المناطق، في المملكة العربية السعودية، يكثر منهم الزواج، وكثرة الزواج بين الشباب أمر يَسُر؛ لأن ذلك امتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) واتباع لآثار المرسلين عليهم الصلاة والسلام، لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً} [الرعد:38] . فيسرنا أن نجد من شبابنا ومن شاباتنا تزاوجاً كثيراً، لهذا الأمر ولأمر ثان وهو تحصيل مصالح النكاح من إعفاف الفروج، وغض الأبصار، وحصول الأولاد، والأمة كلما كثر أفرادها قويت شوكتها، وتعددت أعمالها، ما بين مشتغل بالمصانع، مشتغل بالمزارع، مشتغل بالمواشي، بأعمال النجارة، بأعمال الحدادة، فكلما كثرت أفراد الأمة، فإن ذلك لا شك عز لها، واستغناء بنفسها عن غيرها، ومهابة لها؛ لأن الأمم الكثيرة تهاب ولو كانت ضعيفة في مسألة الصناعة والتكنولوجيا، ففي كثرة الزواج كثرة النسل، وهذا أمر مقصود للشارع، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (تزوجوا الودود الولود) الودود يعني: كثيرة الود؛ لأنه إذا حصل الود بين الزوجين كثرت الملاقاة بينهما، وإذا كثرت الملاقاة كثر التناسل، ولهذا أعقب قوله: (تزوجوا الودود) بقوله: (الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء) .

أحكام تتعلق بالزواج

أحكام تتعلق بالزواج إذا كان هذا يسر لهذه الأسباب ولغيرها، مما لم نذكره فإن الواجب على الزوجين جميعاً أن يكون لديهما علم بما يترتب على هذا النكاح، وما يترتب على المباشرة من أحكام شرعية حتى يكون تعاملهم في هذا النكاح على الوجه الشرعي.

المعاشرة بالمعروف

المعاشرة بالمعروف يجب على كل من الزوجين أن يعاشر صاحبه بالمعروف؛ لقول الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] ولقوله: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:228] وإذا حصلت المعاشرة بين الزوجين بالمعروف، فإن ذلك أبقى للمودة بينهما، وأتم للنعمة، وكم من فراق حصل بسبب عدم المعاشرة بالمعروف، فإذا اتقى الله كل واحد منهما، وعاشر الآخر بالمعروف وأعطاه حقه الواجب عليه، حصل بذلك الخير والبركة، وإذا كثرت النزاعات بين الزوجين فإنك تجد أكثر أسبابها، هو عدم المعاشرة بالمعروف. فالزوج يضرب زوجته على أتفه شيء، وهي تعانده وتخاصمه في أدنى شيء، لذلك يجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف، كما أمر الله تعالى بذلك.

الاغتسال من الجنابة

الاغتسال من الجنابة ومما يجب الاهتمام به: معرفة ما يجب على الزوجين في العبادة، ومن ذلك الاغتسال مثلاً، بعض الأزواج يخفى عليهم أن إتيان المرأة موجب للغسل إلا إذا حصل الإنزال، يعني: أن بعض الناس يظنون أنه لا غسل إلا بإنزال، وأن الرجل لو جامع زوجته بدون إنزال فلا غسل عليه، ولهذا يكثر السؤال عن هذه المسألة، فتجد الرجل يقول: لي ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر أو سنة أو أكثر، أباشر زوجتي بدون إنزال ولا أغتسل لا أنا ولا هي، لماذا؟ لأنهما جاهلان، فالواجب أن يتعلم الإنسان مثل هذه الأحكام، ليكون على بصيرة من أمره.

عدم الجماع في الحيض

عدم الجماع في الحيض كذلك مما يجب الاهتمام به ومعرفته: أن الحائض لا يجوز أن يجامعها زوجها؛ لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة:222] يعني اغتسلن: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ} [البقرة:222] . بعض الناس تغلبه الشهوة، فيجامع المرأة وهي حائض، وهذا محرم وفيه الكفارة عند كثير من العلماء، وفيه ضرر عظيم جداً جداً على المرأة كما أخبرنا بذلك الثقات من الأطباء؛ لأن الأغشية في هذه الحال غير قابلة لهذه العملية، فتتمزق ويحصل بها ضرر كثير على المرأة، ثم إن تلاقي ماء الرجل مع الدم النازل من الرحم يحصل فيه مضرة أيضاً، فلذلك حرم الله عز وجل أن تُجامع المرأة في حال الحيض وقال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة:222] . ولكن الله تعالى قد وسع هذا الأمر، فللزوج أن يباشر زوجته حال الحيض حيث شاء إلا في الفرج، الذي يخرج منه الحيض، وإلا في الدبر فالدبر يحرم وطؤه في كل حال، وما عدا ذلك فليفعل ما شاء، كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر عائشة وهي حائض فتأتزر فيباشرها وهي حائض، وإنما أمرها بالاتزار لئلا يشاهد منها ما تعافه النفس من آثار الحيض، وإذا شاهد الإنسان من زوجته ما تعافه النفس فإن ذلك يولد في قلبه كراهة لها، فالوقاية -كما يقولون- خير من العلاج.

عدم الإسراف في نفقات الزواج

عدم الإسراف في نفقات الزواج ومن المهم فيما يتعلق بالزواج: أن يعلم الإنسان أن الزواج نعمة سائرة وليست من النعم النادرة، هي نعمة سائرة، كل شاب سوف يتزوج، ليست من الأمور النادرة التي يحتفى بها ذاك الاحتفاء البالغ الخارج عن الاعتدال، نجد بعض الناس يسرف إسرافاً بالغاً في ليلة الحفل، حتى بلغ ببعضهم أن يستأجر الفنادق إلى أربعين ألفاً، لماذا؟ أي شيء أوجب هذا؟ كذلك قيل لي إن بعض الناس يوزع بطاقات دعوات، البطاقة الواحدة تكلف خمسين ريالاً، سبحان الله! ما الذي أوجب هذا؟ هل الزواج من الأمور النادرة التي لا تحصل إلا بعد شق الأنفس، حتى أن الإنسان يؤدي به الفرح إلى أن يخسر هذه الخسارة؟ الزواج أمر معهود ونعمة سائرة، ولا ينبغي أن نخرجه عن طوله لا في الولائم ولا في بطاقات الدعوة، ولا في كثرة المدعوين أيضاً، بعض الناس يوزع بطاقات يصل عددها إلى خمسمائة بطاقة على أناس قد لا يأتون إلا مجاملة، لو قيل للرجل هل أحب إليك أن تأتي أو لا تأتي؟ قال: أحب إلي أن أستريح، لكني آتي إليه على سبيل المجاملة، فنقول: لماذا هذا الإفراط وهذا الإسراف؟ انظر من له حق عليك من الأقارب، ومن له حق عليك من الأصحاب، انظر من إذا لم تدعهم حملوا عليك في نفوسهم، ومن سوى هذا فلا داعي له.

عدم التوسع في المباحات

عدم التوسع في المباحات كذلك أيضاً من المهم: أن نعرف أن بعض الناس توسع فيما يباح أو يسن من استعمال الدفوف في ليالي العرس، فاستعمال الدفوف والغناء النزيه في ليلة العرس التي تزف فيها المرأة إلى زوجها من الأمور المطلوبة المسنونة، لكن بشرط ألا تتجاوز الدف إلى غيره من آلات اللهو، وبشرط أن تكون الأغاني نزيهة كأغاني الترحيب وأغاني ذكر نعمة الله عز وجل، وغير ذلك من الأشياء المناسبة، أما أن تردد أغاني المطربين والفنانين الوضيعة، فإن ذلك لا يجوز، وكذلك لو أدي الغناء على صفة أداء المغنين المطربين، فإن ذلك أيضاً لا يجوز؛ لأنه قد يثير كوامن النفوس، ويحدث الفتنة، فالواجب أن تكون الأغاني هادئة ونزيهة، وبدون آلات موسيقية، بل بدون آلات لهو سوى الدف؛ لأن الأصل في المعازف التحريم، ولا يستثنى منها إلا ما جاءت السنة به فقط، ولا يزاد على ذلك. ومن المهم أن نعرف أن ما يفعله بعض الناس من طول السهر في مجامع العرس فإنه أمر لا ينبغي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها، وإذا أطال الإنسان السهر فإنه لا يعطي بدنه حظه من النوم، ولا يقوم لصلاة الصبح، إلا وهو كسلان تعبان، ثم ينام في أول نهاره عن مصالحة الدينية والدنيوية، والنوم الطويل في أول النهار يؤدي إلى فوات مصالح كثيرة، وقد جرب الناس أن العمل في أول النهار أبرك من العمل في آخر النهار، وأنه أسد وأصلح وأنجح، وأنه أبرك فإن البكور مبارك فيه، وهؤلاء الذين يسهرون الليالي، لا شك أنهم لا يستطيعون البقاء بدون نوم، فلا بد للجسم من النوم، وطول السهر يحول دون ذلك.

منكرات التصوير

منكرات التصوير ومن المهم أيضاً أن نعلم أن ما يصنعه بعض الناس من تصوير الحفلات في البطاقات أو على أشرطة الفيديو أمر منكر، وذلك أن هذه الصور سوف تعرض، وقد تعرض على أهل السفالة من الناس، وقد تعرض على أهل الشماتة من الناس فيشتمون بالمنظر أو يشمتون بالمنظور، أو تحصل الفتنة إذا كانت في هذه الصور نساء جميلات، فيحصل الشر والفساد بدون أي فائدة من التصوير. ما فائدة التصوير؟ لا شيء، الذكرى كما يزعمون لا فائدة منها، الكلام على القلب: هل أنت الآن مسرور مع أهلك، ففقد الذكرى لا يضرك، هل أنت على الحال الأخرى، أي: غير مسرور، فالذكرى لا تنفع. إذاً لا نعرض أنفسنا لشيء محرم، قليل الفائدة بل كثير المضرة. وأقبح من ذلك أن بعض النساء تجعل مكبرات الصوت على شرفات القصر، وأركان السور، وتغني عبر هذه السماعات، فيكون في هذا فتنة للسامع وإقلاق لأهل الحي وإتعاب للناس، فتنقلب هذه النعمة نقمة، وهذه الرخصة تنقلب حراماً لما فيها من الأذية. والأمور التي تكون بمناسبة الزواج كثيرة، والوقت انتهى الآن بالنسبة للكلمة، ولم يبق إلا دور الأسئلة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل فيما قلنا خيراً وبركة، وأن يوفقنا جميعاً للصواب والسداد، إنه على كل شيء قدير.

الأسئلة

الأسئلة

حكم صلاة الجنب وصيامه

حكم صلاة الجنب وصيامه Q فضيلة الشيخ: كما أشرتم بأن الكثير من بعض الشباب يجهلون بعض أحكام الدين خصوصاً الذين لم يتزوجوا إلا حديثاً، فهم يجامعون زوجاتهم ولا يغتسلون ويذهبون إلى الصلاة، ويدوم هذا طويلاً، فماذا يترتب على من فعل مثل هذا من حيث إعادة الصلاة أو الصيام أو غيره أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً؟ A أما الصيام فلا أثر للجنابة فيه، إذ أن الجنب يصح صومه، لكن ترك الغسل للصلاة هو المشكل، فالصلاة لا تصح بدون الاغتسال لبقاء الجنابة، وأكثر العلماء على أنه يجب على هذا الإنسان أن يقضي جميع الصلوات التي لم يغتسل لها، لكن من المعلوم أن هذا الرجل سوف يجامع مرة أخرى ويحصل الإنزال فيغتسل، إلا أنه قد يخفى عليه مقدار ما حصل فيه الخلل مما اغتسل له، فنقول له: تحر واقض احتياطاً، وإذا كنت لا تعلم عن هذا شيئاً ولم يخطر ببالك أن الجماع المجرد عن الإنزال يوجب الغسل فنرجو ألا يكون عليك شيء، أي: ألا يكون عليك قضاء، لكن عليك التوبة والاستغفار من التفريط في ترك السؤال.

حكم التقاء الختانين

حكم التقاء الختانين Q فضيلة الشيخ: هل بمجرد أن يلتقي الختان بالختان يجب على الإنسان الغسل أم لا؟ A نعم، إذا التقى الختانان وجب الغسل، لكن لا يمكن أن يلتقي الختانان إلا بتغييب الحشفة، ليس مجرد الملامسة موجباً للغسل إذا لم ينزل، بل لا بد من إيلاج الحشفة؛ لأن هذا هو الذي يكون فيه التقاء الختانين، إذ أن ختان الرجل هو أعلى الحشفة من القضيب، وختان المرأة معروف، فإذا التقى الختانان وجب الغسل، ولا يمكن أن يلتقي الختانان إلا بإيلاج الحشفة.

حكم الإسراف في نفقات الأفراح

حكم الإسراف في نفقات الأفراح Q فضيلة الشيخ: من منكرات الأفراح التي قد تخفى ما يحصل من بعض الإخوة في البادية من سلوم وعادات، وهي أن الزوج يلزمه أكثر من مائة ألف ريال، بل تصل إلى مائتي ألف عند زواجه، فالأب له عطاء، والأم والأبناء والإخوة والأخوات والزوجة لها أضعاف مضاعفة، أحياناً قد تكون مفاخرة بين أهل القبيلة، ناهيك عن الولائم، فكل من أعانك بذبيحة أو مبلغ من المال فعليك أن تذبح له وحده، ولا يجلس إلا على ذبيحة خاصة به ومن معه، فما نصيحتكم مع أنهم بحاجة، وقد تتراكم عليهم الديون، فبماذا توجهون أمثال من يفعل هذا الفعل؟ وهل يجوز لهم هذا؟ A الواقع كما ذكر السائل بالنسبة لبعض أهل البادية، أنهم يسرفون في الولائم ويسرفون في الدعوات، ويسرفون في المهور وأن من لم يسرف فهو محل العيب والسب والغيبة فيه، هذه من جهة الدعوات؛ أما الولائم فكل واحد يأتي بذبيحة، وهذه الذبيحة ستبقى ديناً عليه إذا تزوج الذي أتى بهذه الذبيحة أو ولده، فلا بد أن تردها عليه، فتحصل المفاخرة، أما بالنسبة لما يشترطه الأب أو الأم أو العم أو الأخ أو الخال على الزوج زائداً عن مهر امرأته فإنه حرام عليهم، ولا يحل لهم وهم يأكلونه ظلماً وسحتاً؛ لأن ما زاد على المهر فلا حق للأب ولا للأم ولا للأخ ولا للعم ولا للخال فيه، بأي شيء أخذوه؟! ما هو العوض الذي أعطوه مقابل هذا المال؟! ولهذا قال العلماء: لو شرط لغير الأب فكله لها يعني، مثلاً: لو أن الأخ زوج أخته، وقال للزوج: عشرة آلاف لي، وخمسون ألفاً للزوجة مثلاً، ووافق الزوج فإن العشرة الآلاف التي اشترطها الأخ تكون للزوجة وليس له حق فيها، والزوجة تخصمه عند القاضي، ويكون مهرها ستين ألفاً. أما الأب فبعض العلماء يقول: لا بأس أن يشترط لنفسه وأنه إذا اشترط شيئاً لنفسه فهو له، لكن الصحيح أنه لا يحق له أن يشترط شيئاً لنفسه. لأنه جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أن ما كان قبل العقد فهو للزوجة، وما كان بعده فهو لمن شرط له، لكن لا يجوز للأب أن يشترط لنفسه شيئاً؛ لأنه لو فتح الباب لكانت البنات مثل السلع تباع وتشترى. فنصيحتي لهؤلاء الذين ذكر عنهم السائل ما ذكر أن يتوبوا إلى الله عز وجل، وأن يجعلوا المهر خفيفاً بينهم حتى يكثر التزاوج بينهم، وحتى لا يرهقوا أنفسهم بالديون، فما أكثر المدينين الذين يأتون ويقولون: نحن علينا دين كذا وكذا بسبب الزواج.

أحكام المياه التي تخرج من الرجل

أحكام المياه التي تخرج من الرجل Q فضيلة الشيخ: إن الله لا يستحي من الحق، وسؤالي: ما يخرج من الإنسان حال مداعبة أهله، دون جماع ما هو؟ وما الواجب فيه؟ أرجو تفصيل المياه التي تخرج من الإنسان وأحكامها؛ جزاكم الله خيراً؟ A الذي يخرج من الإنسان أربعة أنواع: البول، والودي، والمذي، والمني. فأما البول والودي، فحكمهما واحد، يجب تطهير العضو منهما؛ لأن الودي ماء أبيض يكون عند انتهاء البول هو عبارة عن بول، فله حكمه. وأما المذي: فهو الذي يخرج بسبب الشهوة، لكنه يخرج من غير شعور به وعند برودة الشهوة، أي: أنه إذا بردت شهوة الإنسان وجد هذا البلل دون أن يشعر به، وهذا يوجب غسل الذكر والأنثيين؛ كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، ويوجب الوضوء أيضاً، وما أصاب الثوب منه فإنه ينضح كما ينضح بول الغلام الصغير، أي: أنه يصب عليه الماء حتى يعمه، وبذلك يكون طاهراً. وأما المني: فإنه ماء غليظ يخرج عند اشتداد الشهوة ويحس به الإنسان، وهذا طاهر ولكنه يوجب الغسل. وعلى هذا فما يحدث من بعض الناس عند مداعبة زوجته من الرطوبة، إذا أحس أنه مني وهو ما يخرج بشهوة وبقوة وبدفق، وجب عليه الغسل، وإذا لم يكن كذلك بل أحس بالرطوبة دون أن يكون بدفق ولذة فإن هذا مذي يجب فيه غسل الذكر والأنثيين، ونضح ما أصاب من الثياب أو من البدن.

الحث على المسارعة في الزواج

الحث على المسارعة في الزواج Q فضيلة الشيخ: إذا تقدم لي شاب لخطبتي، وهذا الشاب محافظ على الصلاة مقبول في دينه، ولكن أبحث عن شاب أكمل من هذا الشاب ديناً وعقلاً، فهل يجوز لي رفضه؟ A قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل وربما فات قوماً جل أمرهم مع التأني وكان الرأي لو عجلوا لا ينبغي للإنسان أن يضيع الفرصة إذا وجدها، فإذا خطب شخص ذو خلق ودين فإنه لا يُفوَّت من أجل ارتقاب من هو أصلح منه وأحسن؛ وذلك لأن هذا قد لا يحصل ولا سيما مع تقدم السن وكبر المرأة، فإنه لا ينبغي لها أبداً أن تفرط فيمن خطبها، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) . فإذا كان الخاطب مرضي الدين والخلق، فلتتزوج، ولا تنتظر لأمر لا تدري أيحصل أم لا يحصل.

حكم إجابة الدعوة المحتاجة إلى سفر

حكم إجابة الدعوة المحتاجة إلى سفر Q ما حكم إجابة الدعوة إلى وليمة، وماذا أفعل لو دعيت إلى وليمة تحتاج مني إلى سفر شاق، وما قولك في استغلال هذه المناسبات لتذكير الناس ببعض آداب الأفراح ونحو ذلك؟ A أما الدعوة التي تحتاج إجابتها إلى سفر، فإن الإنسان لا يلزمه أن يسافر من أجلها، لما في السفر من المشقة وإضاعة الوقت، والفائدة بالنسبة للداعي قليلة، اللهم إلا ما كان بين الأقارب القريبين جداً فهذا قد يفقد إذا لم يحضر. وأما إذا كان في بلده ولا ضرر على الإنسان في إجابة الدعوة، وليس في المكان منكر وعينه الداعي وقال: يا فلان احضر، وعلم أن الدعوة حقيقة لا مجاملة، فإن الواجب إجابة الدعوة، ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله. أما ما يوزع من البطاقات فإنه لا تجب إجابتها إلا إذا أكد عليك الداعي، وذلك أن كثيراً من الناس يوزع بطاقات الدعوة للإشعار بأن لديه نكاحاً وهو لا يهمه أن تحضر أو لا تحضر. لكن إذا أعاد الدعوة هاتفياً أو مباشرة فإنه يجب عليك إجابة الدعوة، لكن بالشروط التي ذكرناها، بألا يكون هناك منكر في البيت، فإن كان منكر، فإن كان المدعو يقدر على تغييره وجب عليه الحضور إجابة للدعوة وتغييراً للمنكر، وإن كان لا يقدر على تغييره فإنه لا يجوز له أن يحضر.

حكم الامتناع عن الزواج بسبب الانشغال بطلب العلم

حكم الامتناع عن الزواج بسبب الانشغال بطلب العلم Q هل الزواج يعتبر عائقاً عن طلب العلم، حيث إن كثيراً من الشباب والشابات ربما تعللوا بذلك؟ وما رأيك في الزواج لطالب يدرس في الجامعة؟ A الزواج ليس عائقاً عن طلب العلم إذا كان عند الإنسان ما يقيته، نعم لو فرض أن الإنسان ليس عنده ما يقيته، وخاف إذا تزوج أن يترتب على زواجه نفقات لا يستطيع تحملها مع طلب العلم، فحينئذ قد يكون عائقاً، ومع ذلك فإننا لا نحبذ للشاب ترك الزواج ولو في هذه الحال، بل نقول تزوج والله سبحانه وتعالى يغنيك أنت وأهلك، وفي الحديث: (إن ثلاثة حق على الله عونهم، وذكر منهم: المتزوج يريد العفاف) فأقبل يا أخي على الزواج، ولو كنت طالب علم، وربما يكون زواجك فتح باب رزق لك كما هو مشاهد في بعض الأحيان.

حكم اشتراط الخادمة عند الزواج

حكم اشتراط الخادمة عند الزواج Q بعض النساء تشترط على زوجها عند الخطبة أن يؤمن لها خادمة، فهل يجوز هذا الشرط أرجو توضيح أمر الخدم: متى يجوز ذلك؟ وما هي الحاجة التي تبيح ذلك؟ وهل هذا الشرط ينفذ أم لا؟ وكذلك بالنسبة لشرط التدريس إذا كان الإنسان يعلم أن هذا الشرط ربما يكون سبباً في فسخ نكاحهما في المستقبل؟ A ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أن أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج) ومن المعلوم أن الوفاء بالشروط المذكورة في العقود واجب؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1] ولقوله: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً} [الإسراء:34] . فإذا اشترطت المرأة على الزوج شروطاً غير ممنوعة شرعاً وجب عليه الوفاء بها، فإن لم يف بها فلها الفسخ، أي: يكون الأمر بيدها، ومن ذلك إذا اشترطت عليه أن تبقى مدرسة، أو أن تبقى طالبة والتزم بهذا الشرط؛ فإنه يجب عليه الوفاء بذلك، ولا يحل له أن يترك الوفاء به، فإن ترك الوفاء به ورغبت في الفسخ، فلها حق الفسخ؛ لأنه لم يف بالشرط. وأما ما يتعلق بالخادم، فأنا لا أحبذ جلب الخدم إلا عند الضرورة، فإذا كان هناك ضرورة فلا بأس أن يأتي بالخادم، ولكن يلاحظ أنه لا بد من حضور محرمها معها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فإذا قال صاحب البيت: ماذا أصنع بمحرمها؟ ليس عندي له شغل؟ قلنا: من الممكن أن يخدمك في البيت بشراء الحوائج اليومية أو غير ذلك، ومن الممكن أن تدعه حتى هو بنفسه يتكسب ويحصل خيراً لك وله، المهم ألا تأتي بخادم إلا ومعها محرم.

حكم رقص النساء مع استعمال الطبول

حكم رقص النساء مع استعمال الطبول Q ما حكم رقص النساء على الغناء مع الدفوف أو مع الطبول في الزواج، إذا كن بمحضر النساء فقط، وهن يدعين أنهن في هذه الحال لا يسمعن كلمات الغناء، وهن لا يرقصن عليها، فهل هذا حلال أم حرام، خصوصاً وأن الرقص أحياناً يصحبه لباس إما مشقوق من الأسفل أو فك للشعور وغير ذلك؟ وما حكم رقص المرأة أمام زوجها؟ A جاء في السؤال ذكر الطبول، والطبل لا يجوز استعماله في النكاح، وإنما يستعمل الدف، وفرق العلماء بين الطبل والدف، بأن الدف مختوم من جانب واحد، والطبل من الجانبين، وإنما منع الطبل دون الدف، لأن رنة الطبل أشد إيقاعاً من رنة الدف، والمعازف كلما كان أقل منها تأثيراً فهو أولى، فإذا أبيح الدف في النكاح، فإننا لا نرتقي إلى ما هو أكثر تأثيراً منه، والطبل أكثر تأثيراً من الدف. أما ما يتعلق بالرقص على ضرب الدف، فإنه بلغنا أنه يحصل منه فتنة، ولو كان بين النساء، وذلك أن بعض النساء تكون امرأة رشيقة خفيفة جميلة، فإذا قامت ترقص حصل بها فتنة حتى مع النساء، وحدثنا عن أشياء من هذا، لذلك لا نفتي بجواز الرقص ولو أمام النساء. أما رقص المرأة أمام زوجها وليس عندهما أحد فلا بأس به؛ لأن ذلك ربما يكون أدعى لرغبة الزوج فيها، وكل ما كان أدعى لرغبة الزوج فيها فإنه مطلوب ما لم يكن محرماً بعينه، ولهذا يسن للمرأة أن تتجمل لزوجها، كما يسن للزوج أيضاً أن يتجمل لزوجته كما تتجمل له.

تخفيف المهور وحكم إجبار المرأة على الزواج

تخفيف المهور وحكم إجبار المرأة على الزواج Q ما هو الحل الناجح لتخفيف غلاء المهور، وهل يحق لولي المرأة أن يجبرها على زواج من لا ترغب فيه؟ وهل يحق لها فسخ النكاح لو أجبرها؟ A أما الأولى وهي الطريقة لتخفيف المهور، فهذا يحتاج إلى علاج من المسئولين من كبراء البلد، وأغنياء البلد، ويحتاج إلى وقت طويل لكني أخبركم أن في الناس -ولله الحمد- من يكفيه القليل من المهر، ولقد عقدت مرة نكاحاً لرجل، فلما أردت أن أقول يا فلان زوج الرجل، قل زوجتك بنتي، قال: زوجتك بنتي على مهر ريال، فقلت له: هذا لا يجوز لأنه كذب؛ لأني سمعت أن بعض العوام يرسل المهر مائة ألف ريال مثلاً، وعند العقد يقول زوجتك على مهر ريال، والمهر حقيقة مائة ألف ريال، فقلت: هذا لا فائدة فيه، المهر هو ما دفعه الزوج؛ ليس هو الريال الذي يكون عليه العقد، هذا من البدع، قال: لا، أنا أقول لك قولاً حقاً، المهر ريال واحد، قلت: أصحيح؟! قال: نعم، فسألت الزوج: هل هذا صحيح؟ قال: نعم، والباقي على أبي الزوجة، هو الذي تكفل بجميع مؤونة الزواج من فرش وغرفة نوم وغيرها، واكتفى بالمهر ريالاً واحداً لكن هل يكفي الريال مهراً؟ الجواب: نعم يكفي، لقد قال النبي عليه الصلاة والسلام لرجل: (التمس ولو خاتماً من حديد) . وقال الفقهاء: كل ما صح أن يكون ثمناً أو أجرة فإنه يصح أن يكون مهراً؛ لقوله تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء:24] فعلى كل حال تقليل المهور يحتاج إلى عمل كبير من اجتماع الوجهاء وكبار البلد، حتى يتعاونوا على البر والتقوى. وهل للولي أن يجبر ابنته على النكاح؟ الجواب: لا. ليس للولي لا الأب ولا غير الأب أن يجبر ابنته على النكاح، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الأيم حتى تستأمر) وفي رواية لـ مسلم: (البكر يستأمرها أبوها) فنص على البكر ونص على الأب. فلا يجوز أن يزوج الأب ابنته بغير رضاها، ولا أخته ولا أي امرأة له عليها ولاية، إلا برضاها، فإن أجبرها فالنكاح غير صحيح. ولا يحل للزوج أن يدخل عليها وهي مجبرة عليه؛ لأن النكاح غير صحيح. وهل لها أن تفسخ العقد؟ إذا قلنا: إن النكاح غير صحيح، فلا بد من فسخه؛ لأنه لم يصح، لكن لو فرضنا أن المرأة دخلت على الرجل، وأعجبها الرجل وأجازت العقد فإن ذلك لا بأس به، ويكون النكاح صحيحاً بناءً على إجازتها.

حكم الاقتراض من البنوك الربوية للزواج وغيره

حكم الاقتراض من البنوك الربوية للزواج وغيره Q هل يحل للشاب العاجز عن تكاليف الزواج أن يقترض من بنوك ربوية، أو من بنك التسليف، أو يطرق باب فلان وفلان، ليعين نفسه على العفاف؟ A لا يحل للشاب أن يستقرض من البنوك الربوية ليتزوج، وذلك لأن الربا محرم، ومن كبائر الذنوب، وملعون فاعله، وربما لا يبارك الله له في هذا الزواج، ولا يحل له أيضاً أن يستجدي الناس، ويذهب إلى البيوت يقرعها: أعطوني أعطوني، بل قد قال الله عز وجل: {وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] فنقول له تعفف واصبر حتى يغنيك الله من فضله، وانتظر الفرج من الله. ولهذا لم يرشد النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي قال: لا أجد خاتماً من حديد، لم يقل استقرض من إخوانك، ولم يقل اسأل الناس، بل قال لما قال: لا أجد ولا خاتماً من حديد قال: (زوجتكها بما معك من القرآن) .

حكم ضرب الدف للرجال

حكم ضرب الدف للرجال Q فضيلة الشيخ: ذكرت أنه يشرع استعمال الدف في العرس مع الأغاني النزيهة ولم يتبين هل هي للنساء أم للرجال، السؤال: هل يجوز للرجال اللعب بالدف أو بغيره لكن بالتصفيق وضرب الأرجل على الأرض ونحو ذلك؟ A العلماء يقولون: إن الدف مشروع للنساء، والاقتصار على النساء أولى؛ لأنه لو فتح الباب للرجال فربما يحصل في هذا شر كثير، فلهذا نرى ما قاله أهل العلم في هذه المسألة وأنه يقتصر فيه على النساء فقط.

حكم (الزغردة) في الأفراح

حكم (الزغردة) في الأفراح Q فضيلة الشيخ: ما حكم ما يسمى (بالزغردة) في الحفل وقد يسمعها الرجال؟ A على كل حال الحكم على شيء بناء على تصوره، لكني أقول: أقصد في مشيك، واغضض من صوتك، إن أنكر الأصوات لصوت الحمير، فإن كان الأمر كما وصفتم أو قربتم لي، فهو أقرب إلى صوت الحمير من صوت النساء. إذا كان حولهن رجال يحصل به فتنة، وإذا لم يكن حولهن رجال فأنا أشك في جوازه.

الغسل من الجنابة والحيض

الغسل من الجنابة والحيض Q فضيلة الشيخ: قرأت في جريدة هذا السؤال: هل هناك بأس إذا جعلت المرأة غسل الجنابة والطهر من الحيض غسلاً واحداً، فكانت الإجابة: أنه ليس هناك بأس، ولكن يكره الجماع بعد الطهر مباشرة فهل هذا الجواب صحيح أم لا؟ A إذا صار على المرأة جنابة وهي حائض، فإن الأفضل أن تغتسل من الجنابة، ولا يجب الاغتسال لأنها لا تصلي وهي حائض، والغسل إنما يجب للصلاة لكن الأفضل أن تغتسل لتتمكن من قراءة القرآن؛ لأن من عليها الجنابة لا تقرأ القرآن، وكذلك الرجل إذا كان عليه الجنابة لا يقرأ القرآن. والحائض تقرأ من القرآن ما تحتاج إلى قراءته، وعلى هذا فيسن لها أن تغتسل من الجنابة، فإن أخرت ذلك وجعلت غسلها من الحيض عن الحيض وعن الجنابة فلا بأس، ولكن لا يحل لزوجها أن يجامعها حتى تغتسل من الحيض، لقول الله تبارك وتعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة:222] أي اغتسلن: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ} [البقرة:222] . والدليل على أن التطهر هو الغسل قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] وقد أخطأ من قال إن المراد به غسل الفرج عن دم الحيض؛ لأن الله قال: {حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة:222] يعني اغتسلن.

حكم من ابتلي بالوسوسة بخروج الغازات

حكم من ابتلي بالوسوسة بخروج الغازات Q فضيلة الشيخ! شاب ابتلي بالغازات الكثيرة حتى إنه يتوضأ للصلاة عدة مرات، ويعيد الصلاة كذلك، حتى أصبح لا يدري هل هي غازات أم أوهام، فما نصيحتك له وما توجيهك فهو لا يقتنع بوضوئه، بل ربما جعل أحداً يقف عنده يتابعه في الوضوء والصلاة حتى أصبح ليله ونهاره في مشقة من أمره، ضيَّق على نفسه وعلى أهله، نرجو بسط الجواب ومتى ينصرف الإنسان من صلاته، ومتى يعيدها، وكيف يتغلب الإنسان على هذه البلوى نفع الله بكم؟ A أقول: اسأل الله لهذا الرجل الشفاء والعافية، سبب هذا الذي أصابه الوساوس، يتخيل الإنسان أنه أحدث بأي حركة في دبره أو في ذكره، فتجده إذا أحس بهذا الوهم، ذهب يُعصِّر ذكره لينظر هل يخرج شيء أم لا، ومعلوم أنه لو فعل ذلك سوف يخرج شيء، تجده مثلاً يعرق فيقول: إنه خرج شيء من دبره، وهو يعلم أنه عرق لم يصبه شيء، فلا يزال به الوهم حتى يتأكد في بعض الأحيان أنه أحدث وليس بمحدث. ولهذا نقول لهذا الأخ الذي نسأل الله له العافية أن يعرض عن هذا كله، ويتجنب هذا كله، وإذا عزم على نفسه وتركه أعانه الله، وأنا أعلم أنه لو عزم على نفسه سيكون منقبضاً وسيبقى مضطرباً؛ لأن نفسه تقول له: صليت بغير وضوء، أحدثت في الصلاة وما أشبه ذلك، ولكن إذا عود نفسه وعزم على نفسه، فإنه بعد ذلك سوف يشفى من هذا إن شاء الله، فنسأل الله لنا وله الشفاء من كل داء، وأن يطهر قلوبنا وأبداننا إنه على كل شيء قدير.

واجب الأمة نحو قضايا المسلمين

واجب الأمة نحو قضايا المسلمين Q يتألم القلب وتدمع العين ويتكدر الخاطر وهو يرى أمة الإسلام بهذا الذل والهوان، مئات الآلاف من المسلمين يبادون في البوسنة والهرسك، ونحن في أفراحنا ولهونا، بل والعالم الإسلامي كله إن سمعت له مذياعاً أو شاهدت له جريدة أو غيرها، لم تجد إلا الشجب والتنديد والاستنكار إن أجاد، سواء في وسائله أو غيره، وأفراحهم قائمة كأنهم لا يتأثرون، أفلا يسألنا الله عن هذا وعن دورنا علماء ومصلحين، ونحن نخشى من الإثم فما نصيحتك لأمة الإسلام بأسرها التي نسأل الله أن يبلغها ما تقول جزاكم الله خير الجزاء؟ A ما ذكره السائل فهو محنة على الأمة الإسلامية، والإنسان أحياناً يفكر ويقول: كيف يطيب لي أن أشرب هذا الماء الزلال البارد وإخواننا في البوسنة والهرسك يشربون من المياه القذرة، من المياه التي تجري من البول والغائط، يتألم الإنسان تألماً عظيماً، ولكن ما حيلة الإنسان؟ الشعوب ليس لهم حيلة. والقائمون على الشعوب كثير منهم ليس عندهم مبالاة، أهم شيء أن يبقى على كرسيه وليس له أي شأن، وإلا ففي ظني أن الحكومات الإسلامية لو استعانت بالله عز وجل وقاطعت الأمة النصرانية مقاطعة تامة في كل شيء حتى ترجع عن غيها وعدوانها وظلمها؛ لكان في هذا خير كثير، ولا يخفى على كثير منا ما حصل من مقاطعة في البترول منذ سنوات مضت وخلت كيف انصاعت الدول إلى أن رضخت وجاءت على ما نريد أو على بعض ما نريد. فالواجب على الأمة الإسلامية القادرة على إزالة هذه المحنة عن البوسنة والهرسك وغيرها من بلاد الإسلام حتى الجمهوريات الإسلامية التي انفكت ممن الاتحاد السوفيتي فيها أيضاً من البلاء والحروب والتضييق على المسلمين ما لا يعلمه إلا الله، ثم أيضاً بلاد أخرى كثيرة مبتلاة بهذا الشيء، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع كلمة المسلمين على الحق، وأن ينصرهم على عدوهم وأن يعرفنا بأعدائنا حقيقة، وأن كل إنسان على غير الإسلام فهو عدو للمسلمين مهما كان. اللهم اختم لنا مقامنا هذا بقبول الدعاء، اللهم انصر الإسلام والمسلمين في كل مكان، اللهم انصر إخواننا في البوسنة والهرسك وغيرها من بلاد الإسلام والمسلمين على أعدائهم. اللهم سلط على أعدائهم، واجعل بأسهم بينهم يا رب العالمين. اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللقاء الشهري [13]

اللقاء الشهري [13] اهتم الإسلام بتقوية الروابط الأخوية بين أفراده وشجعها ورغب فيها، وكان للسلام والمصافحة والتقبيل والمعانقة دور كبير في نشر الألفة والمحبة، وفي هذا اللقاء توضيح وبيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالسلام وآدابه، وعرّج على أحكام المصافحة والتقبيل والمعانقة وضوابطها الشرعية وآدابها، ثم أجاب عن أسئلة الناس في أمور كثيرة.

مسائل في السلام

مسائل في السلام الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإنه يسرنا في هذه الليلة ليلة الأحد السابع عشر من شهر ربيع الثاني، أربعة عشر وأربعمائة وألف أن نلتقي بكم لقاء هذا الشهر، ونعتذر عن فوات اللقاء في الشهر السابق؛ لأنه لم يتيسر فقد كنا مسافرين. في هذه الليلة كنت أريد أن أستمر في تفسير سورة: (ق) ولكن رأيت أن يكون موضوع اللقاء هو: السلام وآدابه، والمصافحة، وتقبيل الرأس أو الجبهة أو ما أشبه ذلك؛ لأن ذلك من الأمور المهمة. فنقول: السلام: اسم من أسماء الله، كما قال الله تعالى في آخر سورة الحشر، وكما سمعتموها في قراءة صلاة العشاء الليلة: {الْقُدُّوسُ السَّلامُ} [الحشر:23] ومعنى السلام الذي هو اسم من أسماء الله معناه، السالم من كل نقص وعيب، فهو حي لا يموت وهو حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم، وهو عالم بما مضى وما يستقبل: {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى} [طه:52] وهو قوي عزيز قادر: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ} [فاطر:44] {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق:38] {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ} [الأحقاف:33] والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، أن الله منزه عن كل عيب، ومن العيب أن يكون مماثلاً للمخلوق؛ لأن المخلوق ناقص فلو جعلنا الله مثل المخلوق لكان ذلك نقصاً وعيباً، قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11] وقال تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص:4] وقال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم:65] معنى سمياً: أي نظيراً ومشابهاً. إذاً: السلام من أسماء الله ومعناه: السالم من كل عيب ونقص.

معنى قول المسلم: (السلام عليك)

معنى قول المسلم: (السلام عليك) هل معنى قول المُسلِّم: السلام عليك، الله عليك؟ أو معناه: رحمة السلام عليك؟ لا. معنى قول المسلِّم: السلام عليكم، معناه: الدعاء بالسلامة أن يسلمك الله من السوء في دينك ودنياك، في نفسك وأهلك، في بيتك ومالك، سلامة في كل شيء، هذا هو المعنى الذي يبدأ به الإنسان أخاه عند ملاقاته، السلام عليك، أي: أنك تدعو الله أن يسلمه من كل آفة وبلاء، ومن كل سوء ومكروه، وهذا هو معنى السلام مع ما يتضمنه من التحية والترحيب والانبساط إلى الشخص، ولهذا إذا لاقاك إنسان ولم يسلم عليك صار في نفسك عليه شيء، لكن إذا سلم زال ما في نفسك وعرفت أنه أخوك، وأنه يحبك وعلى هذا فمعنى السلام عليك، أي: أسأل الله لك السلامة، من كل آفة في دينك ودنياك وفي أهلك ومالك، ومجتمعك، وفي كل شيء.

لفظ السلام المختار

لفظ السلام المختار ثم إن اللفظ المختار، أن يقول الإنسان: السلام عليك، وهو أفضل من أن تقول: سلام عليك؛ وذلك لأنه معرف (محلى بأل) وسلام نكرة والمعرَّف أكمل من النكرة، ولهذا قال العلماء: تعريف السلام أفضل من تنكيره. ثم هل تقول: عليك أو عليكم؟ تقول: عليك بالإفراد إن كنت تسلم على واحد، وإن كنت تسلم على جماعة فقل: عليكم، على أن بعض أهل العلم يقول، تقول السلام عليكم ولو كان واحداً؛ لأنه ما من إنسان إلا ومعه ملكان عن اليمين وعن الشمال، فإذا قلت: السلام عليكم؛ فأنت تريد بهذا الجمع المسلم عليه من البشر ومن معه من الملائكة، عن اليمين وعن الشمال قعيد، لكن الإفراد هو الذي جاءت به السنة، السلام عليك إذا كان واحداً، وإذا كانوا جماعة: السلام عليكم.

حكم السلام

حكم السلام فحكمه سنة مؤكدة، ما لم يكن تركه هجراً، فإن كان تركه هجراً كان واجباً. ومتى يكون تركه هجراً؟ A يكون تركه هجراً إذا زاد على ثلاثة أيام، تلاقي أخاك ولا تسلم عليه، فإن هذا حرام: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) هكذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

أجر السلام وفوائده

أجر السلام وفوائده أما أجر السلام فقد بينه الرسول عليه الصلاة والسلام أن في قول القائل السلام عليك، عشر حسنات، حسنات تجدها أحوج ما تكون إليها في يوم القيامة، ثم هذه الحسنات تكسب القلب زيادة في الإيمان؛ فكل حسنة يفعلها الإنسان مخلصاً لله فيها متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن إيمانه يزداد بها: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} [محمد:17] . ثم في السلام -أيضاً- سبب لدخول الجنة التي يريد كل إنسان الوصول إليها، ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) أي: أظهروا السلام بينكم، فإفشاء السلام من أسباب المودة، والمودة من كمال الإيمان، والإيمان يدخل الجنة. إذاً: ففائدته عظيمة، مع الحسنات العشر ومع التآلف بين الناس والمحبة، أنه سبب لدخول الجنة.

جواب السلام

جواب السلام الصيغة المشروعة هي كما قلت: السلام عليك. وأما A فإذا سلمت على شخص فلا بد في الجواب أن يكون مثل الابتداء، لقول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:86] حيوا بأحسن منها: هذا الأكمل، أو ردوها: هذا الواجب، فإذا قلت: السلام عليك، يعني: أنك تدعو لصاحبك بالسلامة، فهل يكفي في الرد أن يقول: أهلاً ومرحباً، ننظر هل إذا قال: أهلاً ومرحباً، هل هو دعا لك بالسلامة؟ لا. وإنما هو ترحيب فقط، فلو قال ألف مرة: أهلاً ومرحباً، فإنه لا يجزئ عن الواجب، ويكون الراد الذي يقتصر على قوله: أهلاً ومرحباً آثماً، إذا كان يعلم أن هذا الرد لا يكفي، قل: عليك السلام ثم رحب بما شئت، ولهذا جاء في الحديث الصحيح، حين عرج برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات كلما سلم على واحد في السماء رد عليه السلام، وقال: مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح؛ إلا آدم وإبراهيم فإنهما قالا: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح، وعلى كل حال الحديث فيه: (فرد السلام وقال: مرحباً) . فدل ذلك على أن قول الإنسان في الجواب: مرحباً، أو أهلاً، أو حياك الله، أو ما أشبه ذلك ليس برد، وأن الإنسان لم تبرأ ذمته، لابد أن يقول: عليك السلام، ثم يهل ويرحب بما شاء. ومن العجب أن هذه الصيغة المحمدية النبوية (السلام عليك، عليك السلام) تكاد تفقد في مكالمات الهاتف، فإنك إذا اتصلت بصاحبك ورفع السماعة، ماذا تقول؟ تقول: هالو، هالو، ومعناها: مرحباً أو أهلاً أو ما أشبه ذلك، قل: السلام عليك، ليرد عليك فيقول: عليك السلام، وإذا قلت هذا نلت عشر حسنات، وهو إذا رد ينال أيضاً عشر حسنات، أرأيت لو أن بعض الناس قيل له، كلما قلت: السلام عليك نعطيك ريالاً واحداً، فإنه يسلم على كل أحد يلقاه، الصغير والكبير، وربما يتوهم العمود إنساناً فيسلم عليه؛ لأنه يريد أن يأخذ ريالاً، لكن هذه عشر حسنات مدخرة في يوم تكون أنت أحوج ما تكون إليها.

من الذي يبدأ بالسلام

من الذي يبدأ بالسلام ثم إن السلام يكون على الترتيب التالي: من الصغير على الكبير، ومن الراكب على الماشي، ومن الماشي على القاعد -هكذا جاء في الحديث- ويكون من القليل على الكثير، فإذا تلاقى اثنان مع ثلاثة فالاثنان هما المطالبان بالسلام أولاً. وإذا تلاقى رجل له ثلاثون سنة وآخر له أربعون سنة فالمطالب بالسلام من له ثلاثون سنة. وإذا تلاقى راكب وماش فالمطالب بالسلام الراكب. ولكن إذا لم يقم المطالب بما يطلب منه من السلام، فهل الآخر يترك السلام؟ لا. ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يبدأ من لقيه بالسلام ولو كان أصغر منه، فلا تقل: هو الذي عليه السلام فأنا لا أسلم، فإذا كان هو لا يعلم السنة، أو متهاوناً بها أو متهاوناً بك فابدأه أنت بالسلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خيرهما الذي يبدأ بالسلام) ولا تحقرن من المعروف شيئاً.

المصافحة بعد السلام

المصافحة بعد السلام ثم إن المشروع في السلام عند الملاقاة: المصافحة، وقد جاء في الحديث: (أن الرجلين إذا التقيا فتصافحا؛ فإن ذنوبهما تحاث كما تحات ورقة الشجر منها) لأن المصافحة تجلب المودة، فمن السنة عند الملاقاة المصافحة، ولكن ليس من السنة ما صار بعض الناس اليوم يفعله، إذا قابلته أخذ برأسك ولم يصافحك، هذا لا شك أنه خلاف السنة، ولم أعلم أحداً من أهل العلم قال: إنه يسن الأخذ بالرأس، وإنما قالوا: يصافح باليد، ثم إن كان الرجل أهلاً لأن يقبل رأسه أو جبهته كالأب والأخ الكبير وما أشبه ذلك فليقبل رأسه أو جبهته، أما أن يقبل رأسه حين يلقاه ولا يصافح، فهذا خلاف السنة، لكن نقول: صافح أولاً، ثم إذا كان الإنسان أهلاً أن يقبل رأسه أو جبهته فليقبل.

حكم السلام على المشغول

حكم السلام على المشغول ثم إن السلام لا ينبغي أن يلقى إلى شخص متشاغل، بحيث يشوش عليه، فإذا رأينا أن شخصاً يقرأ القرآن يتحفظه، يتدبره ويغلب على الظن أو نجزم بأننا إذا سلمنا عليه شوشنا عليه، فالسنة ألا نسلم؛ لأن ذلك يشغله إلا إذا رأيناه متهيئاً ينظر إلينا يريد أن نسلم فحينئذ نسلم؛ لأن ترك السلام عليه حينئذ يحدث في قلبه شيئاً. وأما من يصلي فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، لكن لا ترد باللفظ، بل رد بالإشارة، أي: ارفع يدك هكذا، حتى يتبين له أنك رددت عليه، ثم إن بقي حتى تسلم من الصلاة فرد عليه باللفظ وإن انصرف كفت الإشارة؛ لأن الإنسان المصلي ممنوع من كلام الآدميين، والممنوع شرعاً كالمحروم حساً، ولهذا يكون رد الأخرس بالإشارة؛ لأنه محروم من الكلام لا يستطيعه، فالمصلي أيضاً ممنوع من الكلام لا يجوز له أن يرد السلام لأنه من كلام الآدميين وكلام الآدميين في الصلاة محرم، ولكن ما تقولون: لو أن رجلاً سلمنا عليه وهو يصلي فسها ورد السلام، قال: عليك السلام، أتبطل صلاته؟ A لا. لا تبطل صلاته؛ لقول الله تبارك وتعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] وهذا عام وهذه الآية خذوها قاعدة من الله عز وجل: كل عمل محرم فعلته خطأً أو نسياناً، فإنه معفو عنه، لا تؤاخذ به ولا يبطل العبادة، ولا يترتب عليه كفارة؛ لأن الإنسان معذور، بل قد ورد العذر بالجهل في الكلام، والجهل أخو النسيان، فقد ورد العذر بالجهل في الكلام في قصة معاوية بن الحكم رضي الله عنه، عندما دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فعطس رجل من القوم، فقال الحمد لله، فقال معاوية بن الحكم: يرحمك الله -فجملة يرحمك الله كلام آدمي تبطل الصلاة- فرماه الناس بأبصارهم -أي: جعلوا ينظرون إليه بأبصارهم منكرين عليه- فقال: واثكل أمياه -وهي كلمة يؤتى بها للتحسر- فجعلوا يضربون على أفخاذهم يسكتونه فسكت، فلما انصرف من صلاته دعاه النبي صلى الله عليه وسلم، قال معاوية: فبأبي هو وأمي والله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) أو كما قال، ولم يأمره بالإعادة، ولو كان الكلام في حال الجهل مبطلاً للصلاة لأمره بإعادة الصلاة، كما أمر الرجل الذي دخل وصلى وهو لا يطمئن في صلاته أمره أن يعيد الصلاة، فنقول: إذا سلمت على شخص وهو يصلي، وسها فرد عليك فصلاته صحيحة، ولا تبطل لأنه ساهٍ، وقد قال الله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] .

حكم السلام على المبتدع والكافر والفاسق

حكم السلام على المبتدع والكافر والفاسق ومن مباحث السلام، هل نسلم على المبتدع؟ هل نسلم على الفاسق؟ هل نسلم على الكافر؟ الأول: هل نسلم على المبتدع؟ A في ذلك تفصيل: إن كانت البدعة مكفرة؛ فإنه لا يسلم عليه، لأن الكافر لا يجوز أن تسلم عليه، وإن كانت لا تبلغ الكفر، كما لو كان مبتدعاً في بعض الأذكار التي لا تخرج من الملة، وما أشبه ذلك، فإنه ينظر إن كان في ترك السلام عليه مصلحة وجب أن نترك السلام عليه. كيف تكون مصلحة في ترك السلام؟ نعم. ليعرف أنه إنما هجر لأنه مبتدع؛ فيرتدع عن بدعته ويتوب، فهنا يجب أن نهجره لحصول توبته، وإن كان لا يزداد بالهجر إلا مفسدة وإقداماً على البدعة، ودعوة إليها فإننا لا نهجره؛ لأنه مسلم ولا يجوز هجر المسلم لغير مصلحة شرعية. الثاني: الفاسق: كأن يكون هذا الرجل معروفاً بأكل الربا، أو يكون هذا الرجل معروفاً بعقوق الوالدين، أو معروفاً بالتساهل في الصلاة لكنه يصلي فهذا فاسق، هل نسلم عليه أم لا؟ نقول فيه ما قلنا في صاحب البدعة غير المكفرة، وهو إنه إذا كان هجرنا إياه يؤدي إلى صلاح حاله هجرناه، وإن كان لا يؤدي إلى صلاح حاله لم نهجره؛ لأنه مؤمن، لكنه مؤمن ناقص الإيمان، فإذا رأينا هذا الرجل، الذي نعرف أنه منهمك في أكل الربا، فإن كان بهجرنا إياه يرتدع عن أكل الربا، هجرناه فلا نسلم عليه، ولا نجيب دعوته إذا دعانا ولا ندعوه نحن إلى وليمة، لأننا إذا فعلنا به ذلك ارتدع، وهل لهذا أصل (أعني هجر العاصي) ؟ الجواب: نعم. له أصل، وأصله أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى غزوة تبوك في السنة التاسعة، في فصل الصيف حين طابت الثمار، أي: أنه في أشد ما يكون من الحر، ولهذا تخلف المنافقون عنه، وتخلف من الرجال المؤمنين حقاً ثلاثة وهم: كعب بن مالك، والثاني: هلال بن أمية، والثالث: مرارة بن الربيع، تخلفوا عن الغزوة مع أنهم قادرون، وليس لهم عذر، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة جاء المعذرون من الأعراب، وجاء المنافقون يحلفون بأنهم معذورون، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر الله لهم ويكل سرائرهم إلى الله. أما كعب بن مالك، فأخبر بالصدق وقال: إنه تخلف لغير عذر، وإنه في هذه الغزوة يملك بعيرين، ولكنه -رضي الله عنه- كان صريحاً، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: اذهب فسوف يقضي الله فيك ما شاء، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجر هؤلاء الثلاثة، فهجرهم الناس، هجرهم النبي صلى الله عليه وسلم، يقول كعب: كنت آتي فأسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فأقول: هل حرك شفتيه برد السلام أم لا. مع أنه أحسن الناس خلقاً. فهذا أصل في هجر الفاسق، وهم لا شك أنهم تابوا فتاب الله عليهم، وأنزل فيهم آيات تتلى إلى يوم القيامة، يقرءها الناس في صلاتهم، وفي خلواتهم ولكننا نقول: هجر العاصي جائز، إذا كان في ذلك مصلحة بحيث يرتدع، أما إذا كان في ذلك مفسدة بحيث يزداد فسقه، ويقول: ما هؤلاء (المطاوعة) لا يسلمون علينا؟ فلا يهمنا أمرهم. وما أشبه ذلك من الكلام الذي يدل على أنه متمرد، فهنا لا نهجره، لأنه مؤمن، والأصل تحريم هجر المؤمن إلا لمصلحة. أما الكافر فهل نسلم على الكافر؟ لا. لا نسلم عليه أبداً لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه) مع أن اليهود والنصارى هم خير الكفار، والكفار كلهم لا خير فيهم، لكن لهم أحكام خاصة بهم، ولهذا تحل نساؤهم وتحل ذبائحهم، ويُقرُّون على دينهم بالجزية، وغيرهم لا تحل نساؤهم، ولا تحل ذبائحهم، ولا يقرون على دينهم بالجزية عند أكثر أهل العلم. إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن نبدأ اليهود والنصارى بالسلام، فغيرهم من البوذيين والمجوس والوثنيين والشيوعيين من باب أولى، ولهذا لا يجوز أن تسلم على يهودي أو نصراني أو غيرهما من الكفار، حتى لو دخلت عليهم في مجالسهم لا نسلم امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم: {مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:80] . ولكن إذا سلموا هل أرد عليهم السلام؟ نقول: نعم ترد عليهم السلام؛ لأن الله يأمر بالعدل والإحسان، وليس من العدل إذا سلم عليك أحد ألا ترد عليه، ولهذا كان من محاسن دين الإسلام أنهم -أي: الكفار- إذا سلموا علينا رددنا عليهم السلام، ولكن كيف نرد؟ نرد إذا صرحوا بالسلام علينا، وقالوا: السلام عليكم، قلنا: عليكم السلام، أما إذا كان غير صريح وغير واضح، فنقول: وعليكم، ولا نقول: السلام؛ لأن اليهود كانوا في المدينة مع الرسول عليه الصلاة والسلام فيمرون بالنبي صلى الله عليه وسلم فيقولون: السام عليك يا محمد! -ومعنى السام: الموت- فكانوا لا يوضحون توضيحاً كاملاً، فما يقولون: السام عليكم، يجعلونها بين اللام وبين عدمها، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن اليهود إذا سلموا عليكم يقولون: السام عليكم؛ فقولوا: وعليكم) . ومر يهودي بالنبي صلى الله عليه وسلم وعنده أم المؤمنين عائشة فقال: السام عليك يا محمد فقالت عائشة: عليك السام واللعنة، يعني: عليك الموت وعليك أيضاً زيادة {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:86] فهذا حيا بتحية سيئة فحيي بأسوأ منها فنهاها النبي صلى الله عليه وسلم وقال لها: (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، قالت: ألم تسمع ما قالوا؟ قال: قد قلت: وعليكم) إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم، فمن باب الفضل حيوا بأحسن منها، ولكن من باب العدل لا تحيوا بأسوأ منها، بل تقولوا: وعليكم، وبهذا يحصل الرد الواجب إن كانوا قد قالوا: السام عليكم فهو عليهم، وإن كانوا قد قالوا: السلام عليكم فهو لهم، فإذا صرحوا وقالوا: السلام عليكم كما يوجد الآن في كثير من الأعاجم، من الهنود وغيرهم يقول: السلام عليكم وهو كافر، فماذا تقول؟ لك أن تقول: عليك السلام؛ لأن الإسلام ميزان قسط وعدل، تقول: عليك السلام ولا حرج عليك في هذا.

رد السلام بالأمثل

رد السلام بالأمثل ومن الأمور التي تجب ملاحظتها في السلام: أن ترد بالمثل كماً وكيفاً، أي: في الكمية وفي الكيفية، فإذا قال المسلِّم: السلام عليك ورحمة الله، ف A عليك السلام ورحمة الله، إذا قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فالجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه وخيراته، اقتصرت على وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ لأن هذا ما جاءت به السنة، وهذا باعتبار الكمية، يعني: أعطه من الجمل مثل ما أعطاك. وأما باعتبار الكيفية فإنه يسلم بعض الناس بالكلام الواضح الصريح برفع صوته؛ فيجيء الراد يرد عليه بأنفه، أي: يتكلم بكلام ربما لا يسمع، فهل يجزئ هذا الرد أو لا يجزئ؟ هذا لا يجزئ؛ لأن هذا أنقص في الكيفية من السلام، والله يقول: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:86] . ولهذا تجد المسلم يكون في نفسه شيء من أخيه، ويعتب عليه، يقول له: لماذا أسلم عليك بلسان فصيح صريح وأنت تسلم علي بأدنى أنفك؟ فهذا أيضاً من المسائل التي يجب التنبه لها.

مسائل أخرى متعلقة بالسلام

مسائل أخرى متعلقة بالسلام إذا دخلت على جماعة وفيهم كفار ومسلمون فهل تسلم أم لا تسلم؟ نقول: سلم؛ لكن انوِ بالسلام المسلمين؛ لأن الكفار لا يجوز ابتداؤهم بالسلام. إذا دخلت مجلساً وفيهم رجل كبير لعلمه أو فضله أو ما أشبه ذلك، وسلمت وأنت تقصد هذا العالم ورد غيره، هل تبرأ ذمة هذا العالم الذي نعلم أن المسلِّم إنما قصده هو بالسلام؟ A لا. ولهذا إذا دخل الإنسان وسلم وأنا أعلم أنه إنما يريد العالم قلنا للعالم: لا بد أن ترد، إن رد غيرك فإنه لا يجزئ؛ لأننا نعلم أن مراد هذا الداخل بالسلام السلام على هذا العالم قبل كل شيء. فهذه جمل من المسائل في السلام، وفي النهاية أوصيكم أن تفشوا السلام بينكم. أفشوا السلام بينكم، لا يمر أحد بأحد إلا ويسلم عليه، لتزرعوا المودة بينكم ويزداد بذلك إيمانكم، ويكون هذا سبباً لدخولكم الجنة، وهو من مكارم الأخلاق ومن محاسن الأعمال، وفقنا الله وإياكم لذلك، وجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإلى الأسئلة.

الأسئلة

الأسئلة

حكم السلام في دورة المياه

حكم السلام في دورة المياه Q فضيلة الشيخ: بعد هذا الكلام عن السلام، نريد أن نعرف طريقة رد السلام على من سلم علينا ونحن في دورة المياه، وماذا نفعل؟ A أولاً: الذي في دورة المياه لا يسلم عليه حتى يخرج؛ لكن لو فرض أنه سلم فهنا لا طريق إلى رد السلام؛ لأنه إن أشار لم يره، وإن نطق فلا ينبغي أن يدعو الله تعالى في مثل هذا المحل، بل ينتظر حتى يخرج فإن كان صاحبه قد بقي رد عليه السلام، وإلا سقط عنه الرد؛ لأنه سلم عليه في حال لا يمكن أن يرد عليه.

حكم السلام والمصافحة للنساء

حكم السلام والمصافحة للنساء Q فضيلة الشيخ: ما هدي الإسلام بالنسبة لرد السلام على المرأة وهل تسلم المرأة؟ وهل يفرق بين المرأة الصغيرة والمرأة الكبيرة التي لا يخشى منها الفتنة؟ وما حكم المصافحة وتقبيل الرأس لهن، أي: العجائز؟ A الرجل لا يسلم على المرأة والمرأة لا تسلم على الرجل؛ لأن هذا فتنة، اللهم إلا عند المكالمة الهاتفية، فتسلم المرأة أو الرجل بقدر الحاجة فقط، أو إذا كانت المرأة من معارفه؛ مثل أن يدخل بيته فيجد فيه امرأة يعرفها وتعرفه فيسلم وهذا لا بأس به، أما أن يسلم على امرأة لقيته في السوق، فهذا من أعظم الفتنة فلا يسلم. وأما تقبيل المحارم فتقبيلهن على الرأس والجبهة لا بأس به، وتقبيلهن على الخد لا بأس به من مثل الأب؛ لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه دخل على ابنته عائشة رضي الله عنها وهي مريضة فقبل خدها، فهذا لا بأس به، أما إذا كان من غير البنت فإنه يكون التقبيل على الجبهة وعلى الرأس. أما مصافحة المرأة غير ذات المحرم، فإنها حرام؛ لأن مصافحتها أبلغ في حصول الفتنة من مشاهدتها. أما تقبيل رأس العجائز من ذوات المحارم فلا بأس به، ومن غير ذوات المحارم فلا تقبلها. وهل يجوز تقبيل رأس زوجة أبيه؟ نعم يجوز؛ لأنها من محارمه. وهل يجوز أن يصافح بنت زوجته؟ هذا فيه تفصيل: إن كان قد دخل بأمها فيصافحها إن أمن الفتنة وإلا فلا. كيف يكون لها بنت ولم يدخل بها؟ تكون البنت، من شخص سابق ويكون هو قد عقد عليها، ولكن لم يدخل بها، أي: لم يجامعها، وحينئذ لا تكون هذه البنت محرماً له.

كيفية مصافحة الجمع الذي فيه رجل كبير

كيفية مصافحة الجمع الذي فيه رجل كبير Q فضيلة الشيخ: إذا لقيت جماعة وأردت السلام عليهم ومصافحتهم، وكان من بين هؤلاء شيخ كبير أو صاحب قدر ومكانة في وسط القوم هل أبدأ به بالسلام أو أبدأ من اليمين، ثم إذا سلمت عليه، هل أستمر بالسلام من على يمينه أو يميني؟ A هذه المسألة تخفى على بعض الناس، إذا لقيت أحداً أو دخلت مكاناً، فابدأ بالأكبر، سواء بالمصافحة أو بتقديم الشاي أو القهوة، أو ما أشبه ذلك، وبعض الناس يبدأ باليمين ولو كان أصغر، وهذا خلاف السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بيده سواك، وكان أمامه رجلان فأراد أن يناوله الأصغر فقال له: كبِّر كبِّر. وهذا بخلاف ما إذا كان على يمينه صغير وعلى يساره كبير، وهو جالس بينهما فإنه يقدم اليمين ولو كان صغيراً، وعلى هذا فإذا دخل المجلس بدأ بالكبير، ثم إذا أعطاه فإنه يبدأ بمن على يمينه (يمين المعطي) لا من على يمين الكبير، مثلاً: دخل الإنسان بالشاي على هذا المجلس فأعطى الكبير، من يعطي بعده؟ يبدأ بيمينه هو حتى يتم الأيمن ثم يأتي على اليسار، وعلى كل حال فالناس يوقر بعضهم بعضاً، فإذا رأوا الكبير لا يستحق أن يعطى الأول لكونه على اليسار فإنهم دائماً يقدمونه على أنفسهم.

حكم القيام للداخل

حكم القيام للداخل Q فضيلة الشيخ: ما حكم القيام للداخل، سواء كان الداخل يحب أن يقام له أو لا، فإن بعض الناس إذا لم تقم له يرى ذلك استنقاصاً له؛ لأنها عادة عندهم وليس كبراً منه؟ A القيام للداخل خلاف عمل الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الصحابة كانوا لا يقومون إذا دخل النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم يعلمون أنه يكره ذلك. لكن إذا اعتاد الناس القيام وصار في ترك القيام مفسدة، وحمل قلب الداخل على من في المجلس، فلا بأس أن يقوم الإنسان، وقد وفد وفد ثقيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام لهم، وقد قال العلماء رحمهم الله: هناك قيام إلى الشخص وقيام للشخص، وقيام على الشخص، فهي تختلف باختلاف حرف الجر: الأول قيام إليه، والثاني قيام له، والثالث قيام عليه، أما القيام إليه فإنه سنة، إذا كان الذي قمت إليه أهلاً لذلك، مثل أن يدخل رجل فتقوم وتقابله وتصافحه وتسلم عليه، فهذا سنة لمن كان أهلاً، ودليل ذلك قصة سعد بن معاذ رضي الله عنه حين قدم من المدينة إلى بني قريظة فلما أقبل قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قوموا إلى صاحبكم) . وأما القيام له فهو الذي سمعتم أن الأولى عدم اعتياد الناس له، وأن الإنسان إذا دخل فإنه يجلس حيث ينتهي المجلس، لكن إذا اعتاده الناس وكان في تركه شيء من المفسدة أو حمل القلوب على الداخل فليقم ولا بأس. الثالث: القيام عليه، فهذا منهي عنه نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى إنه لما صلى ذات يوم جالساً، وقام الناس وراءه يصلون قياماً أشار إليهم أن اجلسوا، وقال: (لا تفعلوا كما تفعل الأعاجم على ملوكها) أي: لا تقوموا على إنسان إلا إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين، وإغاظة للمشركين، فإن هذا لا بأس به كما حصل من المغيرة بن شعبة في غزوة الحديبية، حين كان قائماً على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف، والنبي صلى الله عليه وسلم يفاوض رسل المشركين، فهذا لا شك أنه خير؛ لأن فيه إعزازاً للمسلمين وإذلالاً للمشركين. ومثل ذلك إذا قيم على الرجل خوفاً عليه فيكون في هذا حراسة، فهذا أيضاً لا بأس به، أما إذا قيم على رأسه تعظيماً له، فإن هذا لا يجوز.

حكم المعانقة وصفتها

حكم المعانقة وصفتها Q فضيلة الشيخ: متى تكون المعانقة وما صفتها؟ وهل تكون عند توديع المسافر؟ وهل هي مشروعة؟ A المعانقة معناها في الأصل: التقاء العنقين؛ فهي مأخوذة من العنق، وهو أن يختلف عنق هذا وهذا، وهي من الأمور التي يتبع فيها العرف، إذا كان فيها جلب مودة فلتفعل وإلا فلا، وقد اعتاد الناس اليوم أنهم يتعانقون عند اللقاء بعد الأسفار، ويتعانقون أيضاً عند الوداع في الأسفار، فهي من الأمور التي تكون حسب العادة.

حكم تنكير السلام

حكم تنكير السلام Q فضيلة الشيخ: ذكرتم وفقكم الله أن السلام المعرف بأل أفضل؟ فماذا نقول في قول الله تعالى في سلام الملائكة على أهل الجنة وقد ورد بالتنكير: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} [الأحزاب:44] وكذلك: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} [الرعد:24] ؟ A أما الأول: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} [الأحزاب:44] فليس معناه أنهم يقال لهم سلام، بل المعنى أنها تحية يكون فيها السلام، وأنه يبين لهم أنهم سالمون من كل نقص ومن كل عيب. وأما قوله تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} [الرعد:23-24] فإنه يدل على الجواز، وهناك فرق بين أن نقول: الأفضل التعريف مع جواز التنكير، أو أن نقول: الواجب التعريف مع امتناع التنكير، فالتنكير جائز، لكن الأفضل التعريف للوجه الذي ذكرناه سابقاً.

حكم تركيب أجهزة استقبال البث المباشر (الدشوش)

حكم تركيب أجهزة استقبال البث المباشر (الدشوش) Q ما رأي فضيلتكم في أمر خطير ومنكر صار يسري في البيوت وانتشر وقل المنكر عليه، وضعف التذكير، ويخشى له من مزيد ألا وهي: أجهزة استقبال البث المباشر، وهي الدشوش التي صار الناس يتبارون في اقتنائها وشرائها وتركيبها، بل أصبح الإنسان يراها تزداد يوماً إثر يوم، بل صار بعض أولئك الذين يركبونها يفتخرون بأنهم ركبوا ما يزيد على أربعمائة جهاز، ونحو ذلك، فهل من توجيه وهل من تذكير سواء في هذا المجلس أو في غيره؛ لعل الله أن ينفع بكم وجزاكم الله خيراً؟ A هذا السؤال حصل جوابه سابقاً بما كتبته من فتوى، وبما كتبه سماحة الشيخ المفتي العام بـ المملكة العربية السعودية عبد العزيز بن عبد الله بن باز، وبيان خطره، وأن الذي يقتنيه قد أضاع نفسه وأضاع أهله؛ لأنه ينشر فيه حسب ما سمعنا من المنكرات ما لا يمكن لأي إنسان أن يدفعه إلا بتجنب هذه الدشوش، ولكننا قد بشرنا بخير من جهة المسئولين، وأنها سوف يقضى عليها لكن بعد أن يعمل ما يمنع من البث الذي يحصل فيه الشر؛ لأنه من الممكن حسب ما سمعنا أن تجعل محطة كبيرة تتلقى ما يرد من الأقمار الصناعية، ولا يبث منها إلا ما كان لا خطر فيه. وعلى كل حال فإني أقول لهؤلاء الذين يكونون سبباً لجيرانهم في تلقي ما ينشر من البلاء؛ أقول: إنهم سوف يحملون إثم هؤلاء الذي أخذوا من هذه الدشوش، بمعنى أن الإنسان قد يكون نائماً في فراشه، دون تشغيل تلفازه لكن جيرانه الذين يلتقطون الصور من دشه، فسوف يعاقب إذا كانوا يشاهدون ما كان محرماً كما هو الغالب في هذه الدشوش، ولن ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً. فنصيحتي لإخواني أن يقاطعوا هذه الدشوش، وإذا كانوا قد ركبوها فعليهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل وأن يتلفوها، وأن يعلموا أن الإنسان ما خلق ليكون كالبهيمة يتمتع ببطنه وفرجه كما تتمتع الأنعام، فإن هذا من خصال الكفار: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمد:12] إنما خلق الإنسان لأمر عظيم، لعبادة الله عز وجل وما يقيم هذه العبادة من الأعمال التي تكون مساندة ومساعدة لعبادته لله عز وجل.

حكم بقاء أخي الزوج منفردا مع زوجة أخيه

حكم بقاء أخي الزوج منفرداً مع زوجة أخيه Q فضيلة الشيخ: أنا متزوج ولله الحمد ولي أخوان متزوجان أيضاً، كل منا في بيت وبيننا ألفة شديدة وود كبير حتى إنه مع كل واحد منا مفتاح بيت الآخر، ينام بعضنا عند بعض إذا احتجنا لذلك، ونجلس جميعاً أنا وزوجتي وأولادي وأخي على مائدة واحدة، وعلى هذا جرت عادتنا وأنا أخرج من البيت أحياناً في حال وجود أخي في بيتي وزوجتي فيه وأخي في المجلس وزوجتي داخل البيت، وأنا واثق تمام الثقة من أخي وزوجتي، ولكن لي أخت متدينة وهي دائماً تؤنبني على هذا الفعل وتقول: أنه قد يحصل ما لا يحمد عقباه، والشيطان موجود، وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، وأنا دائماً أزجرها عن قولها، وأغضب عليها إذا قالت مثل ذلك وأقول لها: لا تكوني سبباً في الفرقة بيني وبين إخوتي، وهذه طباع قد عرفناها منذ زمن ولم يحدث شيء مما تتكلمين عنه، وزوجتي أعرفها وأخواي كذلك، ولكنها لا تنزجر، فهل في هذا الفعل شيء؟ وإن كان ليس فيه شيء أرجو أن تنصح هؤلاء المتشددين من الناس في الدين بلا علم؟ وجزاك الله خيراً. A هذا السؤال كما سمعتم فيه أشياء طيبة وهي: أن هؤلاء الإخوة وإن كانوا متفرقين في البيوت فكأنهم في بيت واحد؛ لأن كل واحد منهم معه مفتاح بيت الآخر، وهذا يدل على الثقة التامة والمودة التامة، وهذا طيب ويشكرون عليه، لكن كون أحدهم يخرج من البيت وفيه أخوه وليس في البيت إلا زوجته هذا لا يجوز وهو حرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والدخول على النساء) وإياكم، معناها: التحذير: (قالوا: يا رسول الله! أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) الحمو قريب الزوج. فهل هو جائز أن يبقى في البيت مع المرأة؟ أو أنه حرام؟ لنسأل: هل الموت مرغوب؟ لا. الإنسان يفر من الموت، إذاً: فر من هذا القريب كما تفر من الموت، وذلك لأن القريب أشد خطراً من البعيد، الأجنبي قد يهاب أن يأتي إلى البيت ويدخل، لكن القريب لا يهاب ولا يستغرب ولا يستنكر. فلذلك نقول: إن الصواب مع هذه الأخت التي تنهاهم عن هذا العمل ولكن قد يقول: إذا كنت أنا في عملي وأخي ليس عنده عمل، وأخي في بيتي فماذا أصنع؟ نقول: قل له: يا أخي أنا سأتوجه إلى عملي فتفضل، والله لا يستحي من الحق، فتفضل أو أغلق باباً بين المجلس وبين البيت الذي فيه امرأتك، فإذا خرجت يكون مفتاحه معك. وكم من قصة نسأل عنها حول هذا الموضوع، قصة لا أحب أن أذكرها الآن لأننا ننزه مجلسنا هذا عن مثله، في خلو أخي الزوج بامرأة أخيه مما يترتب عليه أمور عظيمة، قد لا يكون هذا في أول أسبوع أو أول شهر، لكن على المدى البعيد الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فأقول لهذا الأخ السائل: يجب عليك الآن أحد أمرين: إما أن تخرج أخاك معك إذا خرجت، وإما أن تجعل بين المجلس الذي هو فيه وبين البيت باباً مغلقاً يكون مفتاحه معك.

حكم إزالة شعر اليدين والفخذين للمرأة من قبل امرأة

حكم إزالة شعر اليدين والفخذين للمرأة من قبل امرأة Q فضيلة الشيخ: امرأة تسأل تقول: توجد امرأة وهي ثقة لدينا وتأتي عندنا في المنزل إذا طلبناها، فتقوم بإزالة الشعر من اليدين والفخذين، فهل يجوز لها أن ترى مني الفخذين، وخصوصاً أني سمعت لك شريطاً وهو بعنوان نصائح عامة تقول فيه: لا يجوز للمرأة أن ترى عورة المرأة، فهل هذه الحالة من الضرورة؟ A هذه الحال ليست من الضرورة؛ لأن إزالة شعر الفخذين والساقين في حلها نظر؛ لأن الشعر من خلق الله، وتغيير خلق الله في غير ما أذن الله فيه من وحي الشيطان، قال الله تعالى عن الشيطان: {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء:119] والشعر من خلق الله، فلا يزال إلا فيما شرعت إزالته كالعانة والإبط والشارب بالنسبة للرجل، فهذا يزال، أما شعر الساقين والفخذين فإنه لا يزال، لكن لو كان الشعر كثيراً في المرأة بحيث يكون ساقاها كساق الرجل فلا بأس أن تزيله، أما الأفخاذ إذا كثر فيها الشعر، فلا تزيله امرأة أخرى بل تزيله المرأة صاحبة هذا الشعر؛ لأنه لا حاجة إلى الاستعانة بامرأة ثانية، فهنا الآن وسائل لإزالة الشعر من دهن أو غيره بمجرد ما يمسح به الشعر يزول، فيستعمل هذا لكن بشرط أن يراجع في ذلك الطبيب. والخلاصة أن الشعر الذي لم يؤمر بإزالته فلا يزال إلا إذا كثر بالنسبة للمرأة، وصار كشعر الرجال فلها أن تزيله، ولا حاجة إلى أن تستعين بامرأة لإزالته؛ لأن المزيلات الآن موجودة وبسهوله فليس لها حاجة أن تستعين بامرأة أخرى.

حكم من يقول: الخير في التحية

حكم من يقول: الخير في التحية Q فضيلة الشيخ: نسمع من بعض الناس أحياناً عند سلامهم يقولون: الله بالخير، ثم يرد عليه الآخر: مرحباً، فهل قول: الله بالخير حرام أم حلال، وأعتقد أن قوله: الله بالخير اختصار للقول: مساكم الله بالخير؟ A نعم هذا الاعتقاد الذي قاله السائل هو الظاهر، فالإنسان الذي يقول: الله بالخير، يقصد: صبحك الله بالخير، لكن نقول للذي قال: الله بالخير، وحذف الجملة الفعلية نقول: يا أخي! ما الذي يضرك إذا قلت صبحك الله بالخير؟ أيتعبك ذلك؟ لا. إذن قل: صبحك الله بالخير. ولكن إذا قال: صبحك الله بالخير، وقال الثاني: أهلاً ومرحباً، هل يكفي ذلك؟ لا؛ لأن صبحك الله بالخير دعاء، وأهلاً ومرحباً ترحيب فقط، ومع ذلك تقول للأول قولك: صبحك الله بالخير لم تأت بالسنة في إلقاء السلام. قل: السلام عليكم وصبحك الله بالخير، إذا شئت.

حكم إبقاء الصور للاستعمال المستقبلي

حكم إبقاء الصور للاستعمال المستقبلي Q فضيلة الشيخ: اضطررت مرة إلى السفر إلى خارج المملكة، وطلب مني التصوير لجواز السفر، فقمت بذلك ولم أجد إلا محل تصوير للرجال فتصورت للضرورة، وبقيت معي صورة من الصور التي أخذتها، فخفت إن أتلفتها أن أحتاج إليها مرة أخرى، فأضطر إلى الكشف للرجال مرة أخرى كذلك، فأبقيتها وأخشى من إبقائها الآن أن أحرم من دخول الملائكة بيتي، فماذا أفعل؟ أفتونا مأجورين. A نقول: إن إبقائها خير من إتلافها، وهي إذا بقيت مغطاة في وسط الشنطة، أو في أقصى الدولاب فإنها ليست ظاهرة وبينة ومعلنة، وهي إذا أتلفتها قد تضطر في المستقبل إلى أن يصورها الرجال مرة ثانية، وتخسر أيضاً زيادة دراهم، فإبقاؤها أولى، وكذلك أيضاً بالنسبة للرجال ربما يصورون للتبعية وما أشبه ذلك عدة صور يحتاجونها في المستقبل، فنقول: لا بأس من اقتنائها للمستقبل.

حكم رواية الفكاهات والقصص غير الواقعية

حكم رواية الفكاهات والقصص غير الواقعية Q فضيلة الشيخ: ما رأي فضيلتكم فيما يحصل في مجالس الناس الخاصة والعامة من رواية للفكاهات والقصص بقصد التسلي بها، مع العلم أن هذه المرويات غالباً ما تكون غير واقعية، وغير صحيحة، وحجتهم في ذلك أن السامع لهذه المرويات يعلم أنها غير صحيحة؟ A المرويات والقصص الخيالية التي تنسج من الخيال ولا أصل لها، تدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ويل لمن حدث فكذب ليضحك به القوم، ويل له ثم ويل له) فكررها النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، وهذا يدل على أنه حرام، فمن أتى بقصص خيالية محرمة، أي: ليست واقعية؛ من أجل أن يضحك الناس بذلك فإنه آثم ومتوعد بهذا الوعيد والعياذ بالله: (ويل لمن حدث فكذب ليضحك به القوم، ويل له ثم ويل له) .

الاغتسال للجنابة يجزئ عن الوضوء

الاغتسال للجنابة يجزئ عن الوضوء Q فضيلة الشيخ: اغتسلت للجنابة ولم أتوضأ؛ فهل يجزئ عن الوضوء وأصلي مباشرة؟ A نعم يجوز للإنسان الذي عليه جنابة أن يقتصر على الاغتسال مع المضمضة والاستنشاق؛ لأن الله تعالى قال في القرآن الكريم: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] ولم يذكر وضوءاً، وفي صحيح البخاري من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: القصة الطويلة أن رجلاً اعتزل ولم يصل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ما منعك أن تصلي؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك، ثم حضر الماء فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الفضلة، وقال: خذ هذا أفرغه على نفسك) ولم يذكر له الوضوء، فدل الكتاب والسنة على أن من عليه الجنابة إذا اغتسل أجزأه عن الوضوء ولا حاجة إلى أن يتوضأ، لكن الأفضل الغسل التام: وهو أن يتوضأ أولاً وضوءاً كاملاً ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات ترويه، ثم يغسل سائر جسده. السؤال: هل يؤثر على الغسل أن يمس الإنسان الفرج والقبل بدون شهوة؟ وهل هو ناقض للوضوء إذا توضأ؟ الجواب: هذا لا يؤثر على الغسل ولا على الوضوء؛ لأن مس القبل أو الدبر بغير شهوة لا ينقض الوضوء.

حكم حلق اللحية خوفا من الظلم والسجن

حكم حلق اللحية خوفاً من الظلم والسجن Q فضيلة الشيخ: أنا شاب من غير هذه البلاد إن تركت لحيتي وأطلقتها أخشى من الظلم والسجن إذا رجعت إلى بلدي، فماذا أعمل وقد يقال لي: إنني بهذا أكون منافقاً لأنني آتي إلى هذه البلاد فأتركها ثم أذهب إلى تلك البلاد فأحلقها، فماذا أصنع وهل يجوز لي تركها، وهل هي سنة لي أن أعمل بها ولي أن أتركها أرجو الإفادة؟ A حلق اللحية محرم ولا يحل للإنسان أن يحلقها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خالفوا المجوس، وفروا اللحى وحفوا الشوارب) والإنسان إذا أعفى لحيته في هذا البلد، ثم رجع إلى بلده معفياً لها، فإنه قد اتقى الله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [الطلاق:2] {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:4] ونحن نشاهد أناساً من إخواننا يذهبون إلى البلاد التي يشير إليها السائل، وهم قد أطلقوا لحاهم ويرجعون ولم يصابوا بأذىً؛ لأن الله يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2-3] .

اللقاء الشهري [14]

اللقاء الشهري [14] في ظلال تفسير سورة (ق) كان للشيخ وقفة مباركة تطرق فيها إلى المواضيع التي تحدثت عنها الآيات، والتي كان من أهمها: رزق الله للعباد مؤمنهم وكافرهم، وبعْث الله لمن في القبور قياساً على إحياء الأرض بعد موتها بإنزال الماء، ثم أجاب الشيخ عن الأسئلة المتفرقة التي تنفع الناس.

في ظلال تفسير سورة (ق)

في ظلال تفسير سورة (ق) الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في الأحد الثالث من كل شهر، وهو في ليلتنا هذه يوافق الليلة السادسة عشرة من شهر جمادى الأولى، عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، نسأل الله تعالى أن يكثر هذه اللقاءات مع أهل العلم ومع عامة الناس؛ لأن فيها فوائد جمة منها: اكتساب العلم؛ فإن هذه اللقاءات بين العلماء سواء في هذه البلدة أو في غيرها يستفيد منها الحاضرون علماً جماً بحسب ما عند الملتقى به. ومنها: أن الناس يجتمعون هذا الاجتماع المبارك؛ ليتآلفوا بينهم ويجتمعوا على الحق، ويدخلوا في عموم الأدلة الدالة على فضل الاجتماع على حلق الذكر. ومنها: أنه قد يكون عند الإنسان أشياء مشكلة، في نفسه، إما في عقيدته، وإما في عبادته، وإما في أخلاقه، وإما في معاملته، وإما في عامة المجتمع، وإما في مجتمعات أبعد وأوسع، فيلقي ما في نفسه في مثل هذه اللقاءات حتى تنحل عنه تلك الإشكالات الكثيرة التي قد تختلج في صدره. ومنها: أن الناس يكتسبون علوماً ينفعون بها غيرهم، فإن العلم أبرك بكثير من المال، العلم إذا أبلغته رجلاً من الناس ولو مسألة واحدة فانتفع بها ثم نفع بها غيره، ثم الثاني نفع ثالثاً، والثالث رابعاً، وهلم جرا حصل من هذا خير كثير، ويحصل للإنسان أن يكون ممن قال فيهم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ولا تظن أن قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (علم ينتفع به) يختص بالعلماء الراسخين في العلم، الواسعين في الاطلاع، الثاقبين في الفهم، لا. حتى لو أنك بلغت آية من كتاب الله أو حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتفع الناس به بعد موتك فإنه يحصل لك أجر ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) وكان لقاؤنا في هذا المسجد (الجامع الكبير في عنيزة) نتتبع فيه التفسير، وابتدأنا فيه بسورة: (ق) لأنها أول المفصل، حيث قال العلماء: إنه ينبغي للإنسان في صلاته أن يقرأ منه، ففي الفجر يقرأ من طواله، وفي المغرب من قصاره، وفي الباقي من أوساطه، وطواله من (ق) إلى (عم) وقصاره من (الضحى) إلى آخر القرآن، وأوساطه ما بين ذلك، وذلك من أجل أن يكون الناس إذا سمعوا هذه التلاوة من أئمتهم في الصلاة يعرفون شيئاً من معناها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ولكن مع ذلك يأس أن نلقي شيئاً تدعو الحاجة إلى إلقائه بدلاً عن هذا التفسير، مثل أن يحدث شيء يهم الناس معرفته. وهذه الليلة سيكون نصيبنا مع تفسير شيء من سورة (ق) ، وتكلما فيما سبق إلى قوله تعالى: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق:10] حسبما كلمني فيه الإخوان أننا وصلنا إلى هذا الجزء من السورة. وهذه الآية: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق:10] معطوفة على قوله تعالى: {فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق:9] . يعني: وأنبتنا به النخل باسقات، أي: عاليات: {لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق:10] أي: منضود بحيث يكون متراكباً بعضه إلى جنب بعض على أحسن صورة وأحكمها؛ يكون مرتبطاً بهذا الشمراخ إلى أن يحين وقت أكله، فإذا حان وقت أكله سهل جداً أن يتناوله الإنسان بدون أن يتأثر هذا الرطب أو هذا التمر. {رِزْقاً لِلْعِبَادِ} [ق:11] أي: جعلنا ذلك لرزق العباد؛ لأن العباد محتاجون إلى رزق الله سبحانه وتعالى. وفي الحديث القدسي حديث أبي ذر الغفاري الذي رواه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ربه أنه سبحانه وتعالى قال: (يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم) كل العباد جائعون، من يستطيع أن يخرج حبة من الأرض؟ من يستطيع أن يخرج تمرة أو ثمرة من شجرة؟ لا يستطيع ذلك أحد. إذاً: الذي أخرج لنا هذه الثمرات هو الله عز وجل: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة:63-64] بل أنت يا ربنا الزراع، والله لو بذرنا في الأرض كل حب، وسقيناه بكل ماء، وخدمناه بكل طعم، ما استطعنا أن نخرج حبة واحدة منه، ولكن الله تعالى برحمته وقدرته هو الذي يخرجها: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلَلْتُمْ تَتَفَكَّهُونَ} [الواقعة:64-65] أي: لو شاء الله عز وجل لجعله حطاماً بعد أن يخرج ويبرز ويطيب، يرسل الله عليه آفة من السماء فتحطمه، بعد أن تتعلق قلوبنا ونفوسنا به يحطمه الله عز وجل ولكن من رحمته جل وعلا وقدرته أن ينميه ويغذيه لنا حتى يطيب أكله ويسهل علينا ذلك. يقول: {رِزْقاً لِلْعِبَادِ} [ق:11] إذاً: ما نجده من ثمار النخيل وغيرها من الأشجار، وما نحصده من الزروع كله رزق من الله لعباد الله عز وجل وقوله تعالى: {رِزْقاً لِلْعِبَادِ} [ق:11] هل المراد عباد الرحمن المطيعون لأمره أم جميع العباد؟ المراد جميع العباد ولهذا نجد هذه النخلات وطلعها موجوداً عند أكفر عباد الله؛ لأنه ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، ولكني أقول لكم: ما يأكله الكفار من ثمرة، وما يرفعون إلى أفواههم من لقمة، وما يتجرعونه من شربة ماء فكله يأثمون به، ويعاقبون عليه يوم القيامة، والدليل على هذا قول الله تبارك وتعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف:32] . إذاً هي لغير الذين آمنوا ليست حلالاً في الدنيا ولا خالصة يوم القيامة، ولكنها حرام عليهم وهم معاقبون عليها يوم القيامة. وقال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة:93] إذاً: من لم يؤمن هل عليه جناح فيما طعم؟ نعم. عليه جناح فيما طعم؛ لأن الله يقول: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة:93] إذاً: الذين لم يؤمنوا ولم يعملوا الصالحات عليهم جناح فيما طعموا؛ ويوم القيامة يحاسبون ويعاقبون عليه، وهذا كما أنه ثابت بدلالة السمع فهو أيضاً ثابت بدلالة العقل، إذ كيف تتمتع بنعمة الله وأنت تبارزه بالعصيان؟ ما الذي يحلل لك أن تتمتع بنعمه وأنت تكفر به؟ ولهذا قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمد:12] وبهذا نعرف قدر نعمة الله علينا بدين الإسلام، نسأل الله أن يتمها علينا إلى أن نلقاه آمين آمين. هؤلاء الكفار ما رفعوا من لقمة ولا تجرعوا من شربة إلا وهم آثمون عليه يوم القيامة يحاسبون به، وما لبسوا من ثوب إلا وهم محاسبون عليه يوم القيامة ويعاقبون على ذلك. فلا تظنوا أن الجنة التي كتبت لهم في هذه الدنيا أنها ستكون يوم القيامة وروداً بل ستكون عذاباً عليهم يوم القيامة، بخلاف المؤمن؛ فالمؤمن هي له في الدنيا خالصة يوم القيامة ولله الحمد على ذلك، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) كيف نشرح هذا الحديث؟ شرحه أن نقيم الدنيا بالنسبة لنعيم الآخرة سجن، ولذلك إذا مات الإنسان في يومه، فإنه يشاهد الجنة بل قبل أن يدفن، إذا أتته الملائكة تبشره تقول لروحه: (اخرجي أيتها النفس المطمئنة، اخرجي إلى رحمة من الله ورضوان) فتخرج مستبشرة منقادة، يسهل عليها أن تفارق هذا البدن التي سكنت فيه، ما شاء الله أن تسكن؛ لأنها بشرت بما هو خير، فإذا حمل الناس الجنازة على أعناقهم تقول: (قدموني قدموني) يعني: أسرعوا بي حتى أصل إلى النعيم، فإذا دفن الإنسان وأجاب الرسل (الملائكة) الذين يسألونه عن ربه ودينه ونبيه، فتح له باب من الجنة ووسع له القبر مد البصر، وأتاه من نعيم الجنة وروحها ما لا يكون أكبر نعيم في الدنيا عند هذا شيئاً. إذاً: الدنيا سجن المؤمن؛ لأنه انحبس فيها عما هو أكبر منها نعيماً وأكبر منها ملكاً، لكنها بالنسبة للكافر جنة؛ لأنه حبس فيها عن عذاب وهوان وغضب، فإذا أتاه أول مبشر عند الاحتضار، يبشر بالعذاب والعياذ بالله، يقال لروحه (اخرجي إلى غضب من الله) فتخرج مكرهة لا تريد الخروج، ثم تقول إذا حملت: (يا ويلها أين تذهبون بها) فإذا نزلت في القبر وجاءتها الرسل الملائكة، ولم تجب الصواب، ضيق عليها القبر حتى تختلف أضلاعه من شدة التضييق ويفتح له باب إلى النار ويأتيه من حرها وسمومها. إذاً: الدنيا بالنسبة لهذا العذاب تكون جنة؛ لأنها الراحة، ويذكر أن الحافظ ابن حجر رحمه الله صاحب فتح الباري شرح صحيح البخاري كان قاضي القضاة في مصر، مثل رئيس القضاة عندنا أو وزير العدل (أكبر منصب في القضاء) وكان يركب عربة تجرها البغال من بيته إلى مكان عمله، وهذا أكبر ما عندهم في ذلك الوقت، فمر ذات يوم برجل يهودي زيات -يبيع الزيت- والزيات تعرفون ثيابه دنسة وهو متعب، فلما مر به ابن حجر أوقفه، وقال: إن نبيكم يقول: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) وكيف يكون هذا؟ أنت الآن في نعيم وأنا في عذاب فكيف كانت لي جنة ولك سجناً؟ فقال له ابن حجر: نعم. لأن ما أنا فيه من النعيم الآن بالنسبة للنعيم في الآخرة سجن، وما أنت فيه الآن من الشقاء بالنسبة لعذاب الآخرة جنة، فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ لأن الواقع انطبق تماماً على حاله وحال ابن حجر

الأسئلة

الأسئلة

حقيقة حساب المؤمن والكافر على ما أنعم الله عليهم في الدنيا

حقيقة حساب المؤمن والكافر على ما أنعم الله عليهم في الدنيا Q فضيلة الشيخ: ذكرتم وفقكم الله، أن المسلم لا يحاسب عما يأكل، والكافر يحاسب، والرسول صلى الله عليه وسلم حين أخرجه الجوع ولقي أبا بكر وعمر ثم ذهبوا وأكلوا ذلك الطعام، قال عليه الصلاة والسلام: (لتسألن عن هذا النعيم) فكيف الجمع بين هذا وما قلت؟ A لم نقل: إن المؤمن لا يحاسب، قلنا: إن الكافر عليه عقوبة وإثم، وأما المحاسبة فإن المؤمن يحاسب ولكنه ليس حساب مناقشة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نوقش الحساب هلك -أو قال- عذب) لكنه حساب عرض، وأما قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ} [التكاثر:8] أي عن شكر هذا النعيم هل قمتم به أم لم تقوموا به؟ هذا هو معنى الآية الكريمة.

حكم قول: قاضي القضاة

حكم قول: قاضي القضاة Q أقرأ كثيراً عن النهي عن قول (قاضي القضاة) مع أنني أقرأ تراجم العلماء وكما ذكرتم عن ابن حجر أنه قاضي القضاة فما التوجيه؟ A يجب أن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله) أخنع اسم، يعني: أوضع اسم عند الله هذا الرجل الذي تسمى؛ إما بتسمية نفسه أو برضاه بهذه التسمية (ملك الأملاك) من الذي يستحق هذا الوصف (ملك الأملاك) ؟ لا يستحقه إلا الله؛ لأنه ما من ملك في الدنيا إلا وفوقه ملك، ويوم القيامة يزول ويتلاشى كل ملك إلا ملك الله عز وجل، فإن هذا أخنع اسم عند الله؛ يضعه الله حيث رفع نفسه. وأما قاضي القضاة فقال بعض العلماء: إنه مثل ملك الأملاك، وإذا سلمنا أنه مثله، فإذا قيل: قاضي القضاة في جهة ما، فالمراد قاضي القضاة من هذه الجهة وابن حجر قاضي القضاة في مصر، وليس قاضي القضاة في كل مكان، ولذلك نقول: إذا سلمنا أن قولنا: قاضي القضاة مثل ملك الأملاك، فإن توجيه ما يذكر في بعض تراجم العلماء من قول قاضي القضاء، يعني: قاضي القضاء في هذه الجهة ليس قاضي القضاة في كل مكان، وإنما قلت: إن سلمنا أن يلحق بملك الأملاك؛ لأن ملك الأملاك تعني: السلطة المطلقة والإلزام والقهر، وليست سلطة القاضي وإلزامه وقهره كسلطة الملك، الملك له سلطان نافذ وإمرة، ويرى أن له منزلة فوق الناس، لكن القاضي ليس كذلك، وإن كان القاضي يحكم بالحق ويلزم به، لكن الذي له السلطة المطلقة على من هم تحت رعايته هو الملك، وعلى كل حال، العلماء يقولون كثيراً: فلان قاضي القضاة، يريدون بذلك الجهة التي هو فيها لا مطلق الجهات.

حكم لبس الشماغ الأحمر المشابه لشماغ الصابئين

حكم لبس الشماغ الأحمر المشابه لشماغ الصابئين Q فضيلة الشيخ: قرأت لأحد العلماء في تفسير قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} [البقرة:62] أن الصابئين هم طائفة من اليهود دخلت العراق واتخذت من الشماغ الأحمر علامة لهم مع تطويل شعرهم حزناً على قتل نبي الله يحيى، فهل يلزم من هذا القول على افتراض صحته، أننا نتشبه بهم في هذا الزي يعني الشماغ؟ A هذه مشكلة لعل أصحاب الدكاكين الذين يبيعون الشماغ لا يسمعون بهذا الكلام. الواقع أن الأخبار التي تأتي عن بني إسرائيل لا تصدق ولا تكذب، ولا يؤخذ منها أحكام شرعية، ثم اللباس الأحمر الذي يلبسونه هل هو لباس أحمر خالص أو مخلوط به لون آخر؟ وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن اللباس الأحمر الخالص، وأما الشماغ فهو بحمد الله ليس لباساً أحمر خالصاً، بل نصفه أبيض أو قريباً من ذلك، فلا يدخل في النهي عن اللباس الأحمر، وأما ما ذكره عن الصابئين وأنهم قوم اتخذوا شعارهم اللباس الأحمر، فهذا لا أعرف عنه شيئاً، لكن كما قلت: ما جاء عن بني إسرائيل فإنه لا يصدق ولا يكذب، ولا تؤخذ منه أحكام إلا ما شهد شرعنا بصحته واعتباره.

تفسير قوله تعالى: (ولقد همت به وهم بها)

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا) Q قول الله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} [يوسف:24] في سورة يوسف، ما هو هذا الهم من يوسف عليه الصلاة والسلام؟ وما هو القول الصحيح في ذلك؟ وما معنى قوله: {بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف:24] ما المقصود بهذا البرهان؟ A المفسرون رحمهم الله يذكرون تفسير هذه الآية في أشياء غريبة، بعيدة عن دلالة اللفظ، وإذا قرأنا الآية والتي قبلها، وهي قوله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتْ الأَبْوَابَ} [يوسف:23] (راودته) أي: حاولت أن يفعل بها ما تريد: {وَغَلَّقَتْ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} [يوسف:23] أي: أقبل، تعال: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ} [يوسف:23] أي: أستعيذ بالله: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف:23] يعني: الله عز وجل: {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف:23] يعني: لو فعلت فأنا ظالم والظالم لا يفلح: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف:24] تصوروا أن رجلاً شاباً غُلِّقت الأبواب بينه وبين الناس وراودته عن نفسه امرأة من أجمل النساء، وهي في نفس الوقت سيدته لها السيطرة عليه، ماذا يكون؟ سوف يكون الهم؛ لأن الإنسان بشر، ولهذا قال: {لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف:24] فما هو البرهان؟ البرهان ما في قلبه من النور والإيمان الذي حال بينه وبين هذا الذي طلبته المرأة، وهذا يدل على كمال عفته عليه الصلاة والسلام، وعلى كمال تقديم ما يرضي الله على ما يهواه، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إله ظله، وذكر منهم: ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله) أن يدعى رجل إلى فعل الفاحشة في مكان لا يطلع عليه إلا الله ثم يقول: إني أخاف الله، هل هذه منقبة أو مثلبة؟ الجواب: منقبة. إذاً: هي منقبة ليوسف عليه الصلاة والسلام أن ترك هذا الأمر لله مع قوة الداعي وانتفاء المانع، فلا يوجد ما يمنعه، والداعي في حقه قوي؛ لأنه رجل شاب ومع ذلك ترك هذا لله. {لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف:24] ثم قال تعالى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف:24] الأمر كان كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخْلصين، أما قول بعضهم: إنها همت به لفعل الفاحشة وهم أن يضربها فهذا غلط؛ لأنه لو ضربها في هذه الحال، هل يقال: إن الله صرف عنه السوء والفحشاء؟ ضرب هذه المجرمة قد يكون بحق، فعلى كل حال الآية واضحة، وتدل على كمال عفة يوسف عليه الصلاة والسلام، وهذا الذي جرى منه يعتبر منقبة عظيمة له، وقد جعله النبي عليه الصلاة والسلام من الأعمال التي يظل الله بها من عملها يوم لا ظل إلا ظله.

إخراج الجن بالرقية وحكم طالبها

إخراج الجن بالرقية وحكم طالبها Q فضيلة الشيخ: هل القراءة على الإنسان لإخراج الجن تعتبر من الرقية، وهل من طلبها يكون خارجاً من السبعين ألفاً، الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؟ A الرقية لإخراج الجن داخلة في قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء:82] وقد روى الإمام أحمد رحمه الله في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره مر بامرأة ومعها صبي لها قد أصيب بالجن، يصرعه الجن فقرأ عليه، وقال له: (اخرج عدو الله إني رسول الله) فخرج الجني وأفاق الصبي وشفي من ذلك. وهناك أيضاً وقائع كثيرة جرت للعلماء المخلصين كالإمام أحمد، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيرهما من أهل العلم. وقد ذكر ابن القيم رحمه الله عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه جيء إليه بمصروع قد أصابه الجن، فقرأ عليه فخاطبته الجنية التي في هذا الرجل، فقالت: إني أحبه. فقال لها شيخ الإسلام: لكنه لا يحبك. فقالت: إني أريد أن أحج به. فقال: هو لا يريد أن يحج معكِ. فجعل يحاورها وأبت أن تخرج، فجعل يضربها بضرب الرجل المصروع، لكن الضرب يقع في الظاهر على المصروع وهو في الحقيقة على الجنية، حتى يقول: إن يده قد تعبت من الضرب. ثم قالت: أنا أخرج كرامة للشيخ -تعني: شيخ الإسلام ابن تيمية - فقال: لا تخرجين كرامة لي، اخرجي طاعة لله ورسوله، فخرجت فأفاق الرجل، فتعجب الرجل: قال: ما الذي جاء بي إلى حضرة الشيخ؟ قالوا: أما أحسست بالضرب الذي كلت منه يد الشيخ؟ قال: والله ما أحسست به؛ لأن الضرب كان يقع على الجنية، فخرجت ولم تعد. فالقراءة على الذي أصابه مس من الجن تنفع بإذن الله، ولكن لا ينبغي للإنسان أن يتوهم ويتخيل فكلما أصابه شيء قال هذا جن، وربما لو جاءه زكام قال: هذا جن، هذا غير صحيح، والإنسان إذا تخيل الأشياء صارت حقيقة، بل الآن لو تتخيل الشيء البعيد يتحرك وهو ساكن قلت: هذا يتحرك. الآن بعض الناس قبل أن يفرش المسجد بهذا الفرش، (كان قبل ذلك مفروشاً بمدات فيها زركشة) فجاء إليَّ أناس فقالوا: يا فلان! كيف تصلي على هذه المدات؟ قلت: وماذا فيها؟ قالوا: كلها عصافير، النقوش التي بها تخيلوا أنها عصافير، فصارت في رأيهم عصافير، ماذا نفعل؟ المهم أن الإنسان إذا تخيل شيئاً فإنه ربما يقوى هذا التخيل في نفسه حتى يكون كأنه حقيقة وهذه مشكلة، لذلك نحن نحذر من أن يتخيل الإنسان كلما أصابه شيء، قال: هذا من الجن. ثم نأمر وندعو إخواننا أن يكثروا من الأذكار والأوراد التي تمنع من ذلك مثل قراءة آية الكرسي، إذا قرأها الإنسان في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، يعني: لو أنك قلت لإنسان: كن حارساً لي هذه الليلة من كل شيطان ظاهر أو باطن وأعطيك كذا وكذا من المال؛ أليس رخيصاً؟ بلى. لكن هذه آية الكرسي اقرأها في ليلة قراءة مؤمن بأنها تحفظه، مصدقاً للرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك، وحينئذ يحميك الله عز وجل من كل شيطان، لا يقربك حتى تصبح، وغيرها من الأوراد، لكن الناس غفلوا عن الأوراد الشرعية، والذين يقومون بالأوراد الشرعية، ربما يقرءونها وقلوبهم غير حاضرة، ومن الناس من يقرأها وهو في شك، ولذلك كان نفعها قليلاً، لا لأنها لا تنفع؛ لكن لأن الذي قرأها لم يقرأها على الوجه المطلوب، فكثرت الأوهام من الناس وصار بعض الناس كلما أصيب قال: هذا جن. ثم إن السائل يقول: هل إذا طلبت من أحد أن يقرأ علي، هل أخرج بذلك من السبعين ألفاً الذين قال الرسول عليه الصلاة والسلام فيهم: إنهم لا يسترقون؟ نقول: نعم. إذا كان الإنسان يطلب من أحد أن يرقيه، فإنه يفوته وصف من الأوصاف، وليس كل الأوصاف تفوته؛ فهذا وصف منها هم الذين لا يسترقون، والباقي: ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون، ربما يفوت الإنسان كل الصفات الأربع، وربما يفوته صفه من هذه الصفات الأربع، وإذا أصلح الإنسان عمله، فما أوسع فضل الله عز وجل!

مشاهدة المباريات في الميزان

مشاهدة المباريات في الميزان س290: فضيلة الشيخ: حصل نقاش بيني وبين شاب مصل، أرجو الفصل بيني وبينه، ليس انتصاراً للنفس وإنما بحثاً عن الحق لي وله، قلت له: يا أخي لا يجوز لك أن تضيع وقتك بمشاهدتها، أعني بذلك: المباريات، فأنت مسئول أمام الله تعالى عن هذا الوقت، وحتى لو فرض أن مشاهدتك مباحة، فإن فيها من المحذورات ما يكفي لتحريمها ومن ذلك: أولاً: ما يصاحبها أحياناً من الموسيقى والطبول ونحو ذلك. ثانياً: التعلق بالصور للشباب والأشخاص ورؤية أفخاذهم. ثالثاً: انشغالك عن الجماعة وعدم الصلاة مع المسلمين. رابعاً: ما يصحب ذلك من التعلق باللاعبين والولاء حتى ولو كانوا كفاراً على حساب إخوانك المسلمين. خامساً: أننا في وقت تتقطع القلوب لما يحدث للمسلمين في البوسنة والصومال وكشمير فأين نحن من مودة إخواننا المسلمين وتطبيق ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم. فكان من جوابه: أولاً: أن فضيلتكم يفتي بجواز النظر إلى الفخذ بأنه ليس من العورة. ثانياً: يقول: إن الموسيقى يغطي عليها صوت المعلق وليست كثيرة، وأما الوقت فإنه إذا لم يضع مع المباريات ضاع بغيره، أما الصلاة فإن تأخير صلاة العشاء أفضل. فما رأي فضيلتكم وجزاكم الله خيراً؟ A هذا السؤال فيه صدق وفيه كذب، أما الكذب فهو عليَّ وأنا معتاد أن يُكْذَب عليَّ، ولكن نسأل الله لمن كذب عليَّ يريد الحق فيما يقول أن يعفو الله عنه، أما إذا كان يريد العدوان فإن بيني وبينه موقفاً يوم القيامة. فنقول: إن ما قاله السائل والمناقش لأخيه هو حق في مشاهدة هذه المباريات مما ذكره من المساوئ، وفيه أيضاً إضاعة مال؛ لأن هذه الآلات التي يشاهد من خلالها هذه المباريات، تستهلك أموالاً من الكهرباء والآلات الناقلة وغير ذلك، ثم من أشد ما فيها أنه لو نجح أحد في هذه المسابقة من الكفار، وربما نقول: من جنس من الكفار هم أعدى الناس للمسلمين، ربما يتعلق قلبه به ويحترمه ويعظمه، فتفوت المعاداة التي قال الله تعالى فيها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ} [الممتحنة:1] . فأنا مع الأخ لا لأني أعرفه، لكن أرى أن ما قاله حق، وأنه ينبغي للمسلم أن يربأ بنفسه عن مشاهدة هذه المباريات لما فيها من المساوئ التي عدَّدها السائل وإضاعة المال. أما قوله: إنني أبيح النظر للأفخاذ فهذا كذب عليَّ، أنا لا أبيح النظر لأفخاذ الشباب أبداً، وأرى أنها فتنة، وأنه يجب على الشاب المسلم الذي يمارس هذه الرياضة أن يستر ما بين سرته وركبتيه مهما كان الأمر، حتى لو قدر أنه فصل؛ لأن طاعة الله ورسوله أولى أن تتبع. ثم إني أقول: إذا كان هذا نجماً في هذه المباريات ومرموقاً فإنه قد يكون قائد خير وأسوة حسنة، إذا قام بستر ما بين سرته وركبته، ويكون قد سن في الإسلام سنة حسنة؛ لأنه عمل بها بعد أن كانت مضاعة: (ومن سن في الإسلام سنة حسنة؛ فلها أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) . والحقيقة أننا -ولله الحمد- أمة مسلمة لنا كياننا، ولنا أخلاقنا، ولنا ما نفخر به من شريعتنا، فلا ينبغي أن نكون إمعة نقلد غيرنا في أمور تخالف ما جاء في شريعتنا، الواجب علينا إذا كنا نمارس هذه الرياضة -والغالب أن الذي يمارسها من الشباب- أن نستر ما بين السرة والركبة، وألا نبالي بغيرنا، يجب أن تكون لنا شخصية قائمة تفرض نفسها على الناس، ولا يفرض الناس أنفسهم عليها؛ لأننا نحن إذا عملنا فقائدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يجب على هؤلاء النصارى أن يتبعوه، لكن إذا قلدنا غيرنا، وأهملنا ما تمليه شريعتنا؛ صار قدوتنا غير نبينا صلى الله عليه وآله وسلم في هذه المسألة، وإن كان من الناس الذين يمارسون هذه الرياضة، من قد عرفوا بالصلاح والصلاة وحسن الخلق، لكن ينبغي أيضاً أن يتمموا ذلك، وأن يتمموا مكارم أخلاقهم باللباس الساتر ما بين السرة والركبة. وإني بهذه المناسبة أود أن أقول: إننا نسمع ما ينسب إلينا وما ينسب إلى شيخنا عبد العزيز بن باز وما ينسب إلى الشيخ ناصر الدين الألباني أشياء إذا محصناها وجدنا أنها كذب، قد تكون متعمدة وقد يكون الذي نقلها أخطأ في الفهم، أو أخطأ في صيغة السؤال الذي بني عليه الجواب، أو ما أشبه ذلك. اتصلت بالشيخ الألباني أسأل عن صحته فقال: إنه بخير، وقال: إن رجلاً من الناس قال لي إن معه كتاباً منك إليَّ، وإني قد قلت له: صلِّ معي يوم الجمعة الماضية فقال: لا أستطيع، ولكن آتيك به يوم السبت، يقول الشيخ: فهل كتبت إليَّ شيئاً؟ قلت: ما كتبت لك شيئاً، وإذا جاءك هذا الكتاب فليس مني، فأنا لا أدري ما في هذا الكتاب! وقد يكون فيه طامات كثيرة لا تقوى على حملها السيارات ولا السفن ولا الطائرات؛ لكن هو قال لي هذا. فقتل له: يا شيخ! الناس يكذبون علي ويكذبون على غيري، قال: وأنا قد كذبوا علي! وقالوا: إن الشيخ الألباني مات!! فقلت له: لعلهم يريدون وفاة النوم؛ أن الله توفاك بالليل وأيقظك بالنهار. فالمهم أن الناس يتقولون على العلماء؛ لكن أوصيكم بكل شيء تسمعونه عني وأنتم تستنكرونه أن تتصلوا بي حتى تتحققوا هل هو صحيح، أو غير صحيح فقد يكون كذباً، وقد يكون حقاً صدقاً ولكن لي وجهة نظر لا يعرفها، وإذا سمعتم أيضاً ما تستنكرونه عن العلماء الآخرين أن تتصلوا بهم، وألا تشيعوا كل ما يقال، فنسأل الله السلامة، قال بعض العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم دعاء القنوت: (وعافني فيمن عافيت) . قال: لا أجد عافية أكمل من أن يعافيك الله من الناس ويعافي الناس منك. وهذا الأخ الذي يناظر أخانا في مسألة المشاهدة، يقول إن لم أشغل نفسي بمشاهدة هذا شغلتها بغيره، فنقول: إذا شغلتها بغيره مما هو أقل ضرراً أو مما هو نافع فهو خير، وكان الذي ينبغي لك أن تشغلها بما هو نافع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) هذا في القول كيف بالفعل؟ أما قوله: إنه يجوز أن تؤخر صلاة العشاء إلى نصف الليل، فنعطيه المزيد: فنقول: وقد قال بعض العلماء: إنه يمتد إلى طلوع الفجر للضرورة. وإذا كنت ترى أن من الضرورة مشاهدة هؤلاء فمعناه: أخرها إلى الفجر!! ونقول لهذا الرجل: نحن معك في أن الأفضل في صلاة العشاء التأخير لكن بشرط: ألا تتأخر عن نصف الليل، ولكن لا يجوز للإنسان الذي تلزمه الجماعة أن يؤخرها ويترك الجماعة؛ لأن التأخير سنة والجماعة واجبة، ولا تعارض بين السنة والواجب، فيجب عليك أن تصلي مع الجماعة. ولكن أخشى أن يحتج بحجة ثانية، يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان) وذلك لانشغال القلب وانشغال القلب بهذه المباراة أشد من انشغالها بالطعام، ماذا نقول؟ نقول: الطعام من ضروريات الحياة، وهذه ليست من الضروريات أبداً، وكم من شباب -ولله الحمد- سلموا منها ولم يشكوا من أي نقص في حياتهم، لا الحياة الدينية ولا الحياة الدنيوية، وهم -والحمد لله- سعداء في حياتهم. ثم إنني من هذا المكان أدعو إخواني الذين يمارسون هذه الرياضة، أدعوهم إلى التمسك بالدين وإن كنت أعلم أن فيهم -ولله الحمد- من هو متمسك تماماً، لكن أحب أن يكونوا دعاة لإخوانهم الآخرين في التمسك بدين الله عز وجل وإقامة الصلاة جماعة في أوقاتها، واللباس الساتر الذي أشرنا إليه قبل قليل، ونرجو لهم التوفيق لما فيه الخير والصلاح.

تزوير فتوى الشيخ بتصوير إمضائه

تزوير فتوى الشيخ بتصوير إمضائه Q أرجو تنبيه الشيخ على أنه في بعض الفتاوى تزور الإمضاءات، مثل أن يصور إمضاء الشيخ ثم يوضع على فتوى كاذبة؟ A يمكن ذلك الآن بما يعرف بالدبلجة، يعني: أن بعض الناس يمكن يدبلج الكلام الطيب ويقلب إلى كلام سيئ تؤخذ حرف من هذه الكلمة وحرف من هذه الكلمة، ثم يجعل كلاماً سيئاً إلى آخره، مثل ما شاهدنا من دبلجة الرجال والصور في أيام حرب الخليج، فعلى هذا كل شيء ممكن، ولكن كما قلت لكم: أوصيكم بأنكم إذا سمعتم عني ما يستنكر، أو عن غيري من أهل العلم، أن تتصلوا بهم حتى يتبين الحق من الباطل. وفي هذا القدر الكفاية وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللقاء الشهري [15]

اللقاء الشهري [15] من نعمة الله سبحانه وتعالى علينا أن هدانا إلى الإسلام، وتعبدنا بشرائعه وأوامره وأركانه، ومن هذه الأركان ركن يجهل أحكامه كثير من الناس، وهو حج بيت الله الحرام، وفي هذه المادة مباحث في الحج تبين صفته وأحكامه وشروطه وأركانه، ثم أجاب الشيخ عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

مباحث في الحج

مباحث في الحج الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: أيها الإخوة: فهذا هو لقاء شهر شوال من عام أربعة عشر وأربعمائة وألف في الجامع الكبير في عنيزة، والذي ينظم في كل شهر مرة، ونحن على مقربة من وداع شهر رمضان، الذي أدينا وأدى المسلمون فيه فريضة وركناً من أركان الإسلام وهو صيام رمضان، ومن حكمة الله عز وجل أنه لم يخرج شهر الصيام حتى دخلت أشهر الحج إلى بيت الله الحرام، ولهذا سنجعل مقدمة لقائنا هذه الليلة، في البحث عن الحج ويتلخص في الأمور التالية:

المبحث الأول: متى فرض الحج؟

المبحث الأول: متى فرض الحج؟ أولاً: متى فرض الحج؟ والجواب على هذا Q أن العلماء رحمهم الله اختلفوا هل فرض الحج في السنة السادسة من الهجرة، أم في السنة التاسعة من الهجرة؟ والصواب: أنه في السنة التاسعة من الهجرة، فأما قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] التي نزلت في الحديبية فهذا أمر بالإتمام وليس أمر ابتداء، أمر الابتداء جاء في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] . وهذه الآية نزلت في السنة التاسعة من الهجرة، ولأن الحكمة تقتضي ذلك، لأن مكة كانت قبل فتحها بلاد كفر، ومنع قريش للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من إتمام العمرة ليس ببعيد، إذ أنهم منعوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من إتمام العمرة لما جاء معتمراً في السنة السادسة من الهجرة، فليس من الحكمة أن يفرض الله سبحانه وتعالى الحج على عباده وقريش لهم بالمرصاد، ولكن لما فتحت مكة وصارت بلاد إسلام في السنة الثامنة، حينئذ اقتضت حكمة الله عز وجل فرض الحج، ففرض في السنة التاسعة من الهجرة، ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة من الهجرة لسببين: السبب الأول: أن هذه السنة كانت سنة الوفود، أي: أن العرب كانوا يفدون إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة يتلقون عنه شرائع الإسلام، فغيابه عنها مع تكاثر الوفود إليها ربما يكون فيه فوات مصلحة عظيمة، لهذا أخر النبي صلى الله عليه وسلم الحج إلى السنة العاشرة. السبب الثاني: أنه في السنة التاسعة كان الحجاج خليطاً من المسلمين والمشركين، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤذن في ذلك العام ألا يحج بعد العام مشرك حتى تتحمض حجة النبي صلى الله عليه وسلم في قوم مسلمين لا مشركين معه، ولهذا لم يحج النبي صلى الله عليه وسلم إلا في السنة العاشرة من الهجرة.

المبحث الثاني: من الذي يجب عليه الحج؟

المبحث الثاني: من الذي يجب عليه الحج؟ الذي يجب عليه الحج هو المسلم البالغ العاقل المستطيع، لقول الله تبارك وتعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] . والاستطاعة نوعان: استطاعة بالبدن، واستطاعة بالمال، فالاستطاعة بالمال شرط للوجوب، والاستطاعة بالبدن شرط للأداء، فإذا كان الإنسان فقيراً ليس عنده مال، فإنه لا يجب عليه الحج، إذا كان يحتاج إلى راحلة؛ لأنه لا يستطيع ولو كان بدنه قوياً، وإذا كان عنده مال لكن لا يستطيع أن يحج ببدنه؛ لأنه ضعيف كبير أو مريض مرضاً لا يرجى برؤه، فإنه يجب عليه أن يقيم من يحج عنه، فالاستطاعة بالبدن شرط للأداء، والاستطاعة بالمال شرط للوجوب. ومن الاستطاعة بالمال ألا يكون على الإنسان دين، فإن كان عليه دين فإنه لا يلزمه الحج، ولا يأثم بتركه، ولو مات وهو لم يحج؛ فإنه لا يعاقب؛ لأنه ليس بقادر، إذ أن قضاء الدين أهم من الحج، وإسقاط الله الحج عن المدين من رحمته به، فينبغي للإنسان أن يقبل رخصة الله، وأن يقضي دينه أولاً ثم يحج ثانياً، إذ لو حج بالمال، لفات من قضاء دينه بمقدار ما أنفق على حجه، وأضرب لكم مثلاً في رجل عليه خمسة آلاف ريال ديناً، فإذا حج فسوف ينفق ألف ريال على الأقل، إذن فات من قضاء الدين ألف ريال، نقول: اصرف الألف في قضاء دينك، فإذا صرفته في قضاء دينك لم يبق عليك من قضاء دينك إلا أربعة آلاف ريال، واقبل رخصة الله، لا تكلف نفسك، فإن قال قائل: وهل يشمل ذلك الدين الذي لصندوق التنمية العقارية؟ A إذا كان الإنسان يستطيع الوفاء كلما حل القسط، وبيده الآن مال يمكنه أن يحج به، وهو يعرف أنه إذا حل القسط استطاع الوفاء به، فإنا نقول: إن هذا الرجل قادر فليحج، أما إذا كان لو أنفق ما عنده في الحج، لحل القسط وليس بيده شيء فإنا نقول: لا تحج، وادخر ما عندك من المال للقسط، ولا تظن أنك تأثم بذلك؛ لأن بعض الناس يقول: كيف أموت وأنا ما حججت؟ نقول: أرأيت لو كنت فقيراً ولم تزك، هل تندم إذا مت وأنت لم تزك؟ لا تندم، فإذا كان الإنسان إذا مات فقيراً لا يملك مالاً ولم يزك، فإنه يموت على ملة تامة لا نقص فيها، أي لا نقص فيها نقصاً يأثم به، فكذلك إذا كان عليه دين ولم يحج ثم مات فإنه يموت على ملة تامة ليس فيها نقص يأثم به، وهذا من نعمة الله.

المبحث الثالث: تقديم الزواج على الحج

المبحث الثالث: تقديم الزواج على الحج إذا كان الإنسان عنده مال وليس عليه دين؛ لكنه أعده للزواج فيقول: إن حججت نقص المال واحتجت إلى الناس لإكمال المهر، وإن لم أحج صار عندي المهر كاملاً فهل أقدم النكاح أو أقدم الحج؟ نقول: في هذا تفصيل وهو: أنه إذا كان الإنسان يخشى على نفسه الفتنة بتأخر النكاح، وعنده شهوة قوية، فإنه لا يحج ويصرف المال في النكاح؛ لأن الإنسان إذا كان في حاجة إلى النكاح فهو كالإنسان الذي يكون في حاجة إلى الطعام والشراب، بل ربما يفتتن بترك النكاح أكثر مما لو لم يأكل ويشرب، فالمسألة فيها تفصيل: فإذا كان الإنسان يخشى على نفسه الفتنة وهو قوي الشهوة، فإنه يقدم النكاح على الحج، وإن كان الأمر بالعكس فليقدم الحج على النكاح. فإذا قال قائل: أنا طالب علم وفي حاجة إلى الكتب، فهل أشتري بما عندي من المال الكتب التي أحتاجها أو أحج؟ A اشتر الكتب التي تحتاجها؛ لأن حاجتك للكتب كحاجتك للطعام والشراب الكمالي ليس الضروري، فإذا كنت محتاجاً إلى الكتب التي لا بد لك منها، فإنه لا يجب عليك الحج حتى تؤمن هذه الكتب، وهذا لا شك أنه من نعمة الله عز وجل ومن رحمته بعباده. فإن قال الإنسان: أنا علي دين وسمح لي أهل الدين أن أحج فهل أحج؟ الجواب: لا. لأنهم وإن سمحوا لك فلا يسقط عنك شيء من الدين، والكلام على شغل الذمة، نعم. لو قالوا: حج ونحن نسقط عنك من دينك بمقدار ما أنفقت في الحج، حينئذ أصبح الحج لا يضره فليحج. أما إذا حج وأنفق الدراهم في الحج تعذر وفاء الدين، فهنا نقول: لا تحج، لأن الأمر في هذا واسع.

المبحث الرابع: من كان معه صبيان لم يبلغوا هل يحرم بهم أم يتركهم

المبحث الرابع: من كان معه صبيان لم يبلغوا هل يحرم بهم أم يتركهم إذا كان مع الإنسان صبيان لم يبلغوا من ذكران أو إناث، هل الأفضل أن يحج بهم أو الأفضل أن يتركهم ولا يحرم بهم؟ نقول: في هذا تفصيل، إن كان في إحرامهم مشقة عليهم أو عليه، فالأفضل ألا يجعلهم يحرمون؛ لأن الحج لم يجب عليهم بعد، وكونك تعمل عملاً يشق عليهم أو يشق عليك بدون حاجة إلى ذلك خلاف الصواب. والآن المشقة متوقعة في موسم الحج، الرجل البالغ الكبير لا يتخلص إلا بمشقة، فكيف إذا كان معه صبيان يحملهم أو صبيان يقودهم، ففي ذلك مشقة، وسوف ينشغل بهم عن أداء النسك، سوف يطوف وقلبه يوجل، ويسعى وقلبه يوجل، وكيف يسعى ومعه هؤلاء الصغار؟ لذلك نرى أنه في مثل هذه العصور الأفضل ألا يحرم بهم، يستصحبهم ولا بأس، وإذا وصل إلى مكة يجعلهم في البيت أو في الخيمة، وينزل إلى المطاف والمسعى، ويسعى بنفسه ليستريح ويريح صبيانه.

المبحث الخامس: قضاء الحج

المبحث الخامس: قضاء الحج إذا وجب على الإنسان الحج، ولكنه لم يتمكن منه فمات، فهل يقضي عنه من تركته؟ وهل يقدم على الثلث أو الثلث قبله أو ماذا؟ نقول: إذا وجب على الإنسان ولكن لم يُقدَّر له أن يحج، إما لأنه قال: الحج هذه السنة فيه صعوبة أو مشقة، لكني قادر ولم يحج، فإنه إذا مات يكون الحج ديناً في ذمته، ودليل ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: (إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها قال: أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: اقضوا لله) . فشبه النبي صلى الله عليه وسلم الحج بالدين، وعلى هذا فإذا مات هذا الرجل فأول ما نخرج مؤنة تجهيزه، مثل أجرة الغاسل، قيمة الكفن، قيمة الحنوط، قيمة القبر إذا كان لا بد من ثمن لهذه الأشياء، ثم بعد ذلك نأخذ مقدار نفقة الحج قبل الوصية، ثم بعد أن نأخذ مقدار نفقة الحج نأخذ الوصية من الباقي، فإن كانت الوصية بالخمس الباقي، إن كانت بالثلث أخذنا ثلث الباقي وهلم جرا، وإن كانت بالنصف فلا يمكن؛ لأنه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث إلا برضا الورثة. فإذا قدر أن هذا الميت الذي لم يحج مع وجوب الحج عليه لم نجد خلفه إلا مقدار نفقة الحج، فإذا أخذنا هذا الذي عنده لم يبق للورثة شيء ولم يبق للوصية شيء، نقول: نقدم الحج، وتبطل الوصية، ويسقط حق الورثة؛ لأن الدين مقدم على كل شيء. وإذا قدرنا أن هذا الرجل الذي مات وقد وجب عليه الحج كان عليه دين للآدميين فهل نقدم الحج أو دين الآدمي؟ A يتساويان فإذا أمكن أن نقضي الدين ونحج عنه فعلنا، وإذا لم يمكن تقاسمناه، فإذا كان الباقي لا يمكن أن يكفي للحج حينئذ صرفنا المال كله للدين. ونقتصر على هذا القدر من الكلام؛ لأن الأسئلة أظنها كثيرة، ويمكن أن نحتاج إليها كثيراً، ولم يبق في الوقت إلا دقائق يسيرة.

الأسئلة

الأسئلة

حكم قطع الفرض لغير عذر شرعي

حكم قطع الفرض لغير عذر شرعي Q فضيلة الشيخ: امرأة عليها قضاء من رمضان، وفي إحدى الأيام أراد أهلها أن يذهبوا في رحلة، فقالت: سأنوي الصيام، فإن ذهبوا إلى الرحلة سفطر وإن لم يذهبوا أكمل صيامي، السؤال: هل تجوز لها هذه النية؛ لأن صيامها هذا قضاء وليس تطوعاً؛ مع العلم أنها أفطرت ذلك اليوم وهي جاهلة بالحكم، وذهبت مع أهلها إلى الرحلة، وهل قضاء رمضان مثل رمضان من حيث جواز قطع صيامه أو عدمه؟ A الحمد لله رب العالمين، قضاء رمضان إذا شرع فيه الإنسان فإنه لا يحل له أن يفطر بلا عذر لأنه واجب، وكل من شرع في واجب فإنه لا يجوز أن يخرج منه إلا بعذر شرعي، وهذه قاعدة عند العلماء: كل من دخل في فرض فإنه لا يجوز أن يقطعه إلا لعذر شرعي، ولهذا لو شرعت في الصلاة، ثم أرادت أن تقطعها هل يجوز؟ لا يجوز. - شرعت في قضاء رمضان وأردت أن تقطعه في أثناء اليوم فلا يجوز، لأنك شرعت في واجب. - شرعت في صوم نذر، هل يجوز أن تقطعه؟ لا والقاعدة الآن خذوها معكم: كل من دخل في فرض فإنه لا يجوز أن يقطعه إلا من عذر شرعي. هذه السائلة تقول: إن أهلها يريدون القيام برحلة، وإنها صامت على شرط أنهم إن عزموا على ذلك وخرجوا في الرحلة فإنها تبطل الصوم، نقول: هذا لو أنها بقيت على صومها لكان أفضل لها، ولكن لما قطعت هذا الصوم من أجل أن تصحب أهلها في رحلتهم فإن عليها أن تتوب إلى الله، وألا تعود لمثل هذا العمل، وأن تقضي بدل هذا اليوم الذي أفطرته.

حكم كفارة الجماع في صوم القضاء

حكم كفارة الجماع في صوم القضاء Q فضيلة الشيخ: رجل عليه قضاء من رمضان، وجامع زوجته وهو صائم فهل عليه الكفارة أم عليه قضاء ذلك اليوم فقط؟ وهل تنطبق الكفارة في رمضان وغيره في حالة القضاء؟ A القضاء لا تجب فيه الكفارة، فإذا كان الإنسان صائماً عن قضاء رمضان ثم جامع زوجته في أثناء النهار فإنه آثم، وعليه أن يتوب ويقضي بدل هذا اليوم، وليس عليه الكفارة، لأن الكفارة إنما تجب بالجماع في نهار رمضان لمن كان الصوم واجباً عليه.

حكم تبييت النية في صيام الست من شوال

حكم تبييت النية في صيام الست من شوال Q فضيلة الشيخ: هل يشترط تبييت النية لصيام الست من شوال؟ بمعنى هل يجوز إذا استيقظ إنسان ضحى يوم من أيام شوال ولم يأكل شيئاً، فهل يحسب هذا اليوم من الست من شوال أو لا بد من تبييت النية من الليل؟ A صيام الستة أيام من شوال لا يمكن أن يتحقق إلا إذا نوى صوم كل يوم قبل طلوع الفجر، فإن لم ينو إلا بعد طلوع الفجر، فإنه لا يصدق عليه أنه صام ستة أيام من شوال، وأضرب لهذا مثلاً: في اليوم الأول من الستة لم ينو الصوم، ولما أذن الظهر نوى الصوم على أنه يوم من الست، ثم أكمل فكم يبقى عليه؟ خمسة أيام، ثم صام الخمسة الباقية، فهذا الرجل هل نقول: إنه صام ستة أيام أو صام خمسة أيام ونصف؟ خمسة أيام ونصف، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (أتبعه ستاً من شوال) وهذا لم يصم إلا خمسة أيام ونصفاً، ولكنه يكتب له أجر صيام ذلك اليوم، إلا أنه لا يحسب من الستة، فنقول: الصوم الذي نويته عند صلاة الظهر يصح، وتثاب عليه من بدء النية، ولكنه لا يحسب لك من الستة؛ لأن الستة لا بد أن تكون أياماً كاملة.

حكم صيام من فقد عقله وصلاته

حكم صيام من فقد عقله وصلاته Q فضيلة الشيخ: مريض دخل عليه شهر رمضان وهو في غيبوبة نتيجة حادث سيارة، ولم يفق إلا في الثاني والعشرين منه، فما هو الواجب عليه حيال الصوم والصلاة؟ وآخر صام أول شهر رمضان ولكنه في اليوم الخامس منه وقع له حادث فصار في غيبوبة لمدة أسبوعين، فماذا يجب عليه حيال الصلاة والصيام؟ A أما من جهة الصلاة فإنها لا تجب على واحد منهما على القول الراجح: إن زوال العقل بالإغماء من مرض أو من غير مرض يسقط وجوب الصلاة، فلا يلزمه القضاء بالنسبة للصلاة. وأما بالنسبة للصيام، فيجب عليه أن يقضي الأيام التي لم يصمها في حال إغمائه. والفرق بين الصلاة والصيام أن الصلاة تتكرر، فإذا لم يقض ما فاته فسوف يصلي في اليوم التالي، وأما الصوم فإنه لا يتكرر، ولهذا كانت الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة.

الصلاة في السفر

الصلاة في السفر Q فضيلة الشيخ: هناك ثلاثة أشخاص ذهبوا في يوم الجمعة من أجل الصيد، وحينما حان وقت الصلاة أعني صلاة الظهر بالنسبة لهم صلوها ركعتين لأنهم يبعدون عن بلدهم ما يقارب خمسة عشر ومائتي كيلو، هل صلاتهم هذه صحيحة أم لا؟ لأن أحدهم عارضهم بقوله: إننا ينبغي أن نصلي أربع ركعات، لأن اليوم هو يوم الجمعة، فما هو القول الصحيح في ذلك؟ A القول الصحيح في ذلك أنهم مسافرون ما داموا ذهبوا هذه المسافة، وسوف يبقون هناك يوماً أو يومين، فإنهم مسافرون، والمسافر ظُهره مقصورة أي: فلا يصلي إلا ركعتين، فإذا كان هؤلاء الجماعة لم يصلوا إلا ركعتين، فإن صلاتهم مقبولة وموافقة للسنة. وأما قول أحدهم نصلي أربعاً لأن اليوم يوم الجمعة؛ فهذا صحيح فيما إذا فاتت الإنسان الجمعة وهو في البلد فإنه يصليها أربعاً، لأنه غير مسافر.

الأجر في بناء المسكن

الأجر في بناء المسكن Q فضيلة الشيخ: ذكر لنا أن كل عمل ابن آدم يؤجر عليه إلا بناء المسكن، فهل هذا صحيح؟ فإذا كان صحيحاً فما العلة وما السبب، مع ذكر الحديث الذي ورد في ذلك جزاكم الله خير الجزاء؟ A نعم هذا ورد في الإنسان الذي يصرف ماله في الطين، أي في البناء الذي لا يحتاج إليه، وأما البناء الذي يحتاج إليه؛ فإنه من ضروريات الحياة، والإنسان إذا أنفق على نفسه ما هو من ضروريات الحياة، فإنه يؤجر على ذلك إذا أنفقه يبتغي به وجه الله عز وجل؛ لكن المفاخرة والتطاول في البنيان هو الذي لا خير فيه، بل ليس فيه إلا إضاعة المال، أما ما يبنيه الإنسان لحاجته فإنه يؤجر على ذلك إذا ابتغى به وجه الله، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ سعد بن أبي وقاص: (واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعله في فم امرأتك) .

حكم قطع العمرة

حكم قطع العمرة Q فضيلة الشيخ: كثرت الأسئلة حول من قطع عمرته بسبب الزحام؛ فهذا رجل يقول: رجل أحرم بالعمرة وطاف ولم يكمل السعي ولبس ثيابه فماذا عليه؟ ورجل أحرم هو وزوجته بالعمرة، فلما طافوا بعض الأشواط قطعوا العمرة وذهبوا ولبسوا ثيابهم ولم يرجعوا إلا بعد أيام، فما هي القاعدة في قطع العمرة؟ وما هي نصيحتكم في ذلك؟ A القاعدة أن الحج والعمرة إذا شرع فيهما الإنسان وجب عليه إتمامهما لقول الله تبارك وتعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ} [البقرة:196] فلا يحل له أن يقطعها حتى ولو كان زحاماً، وعليه أن ينتظر حتى يخف الزحام ثم يكمل العمرة، فهؤلاء الذين قطعوا عمرتهم، نقول: الحكم فيهم: أولاً: أنهم آثمون إلا أن يكونوا جاهلين فلا إثم عليهم. ثانياً: أنهم لا يزالون في إحرامهم، حتى لو خلعوا ملابس الإحرام ولبسوا الثياب العادية، فإنهم لا يزالون في إحرامهم وهم آثمون في لباسهم اللباس العادي إلا أن يكونوا جاهلين. ثالثاً: أنه يلزمهم -الآن- أن يرجعوا إلى مكة ليتمموا عمرتهم، فإذا كانوا قد طافوا ولكن لم يسعوا، نقول: بقي عليكم السعي، وإن كانوا طافوا بعض الأشواط ثم خرجوا نقول: أعيدوا الطواف من أوله، وإذا كانوا سعوا بعض الأشواط وتركوا بعضاً نقول: ارجعوا فابدءوا بالسعي من أوله. وإذا كان رجلاً وجب عليه أن يتخلى -الآن- من لباسه المعتاد، وأن يخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام ويتوكل على الله. وإنه يؤسفنا أن هذا وقع من كثير من الناس في هذا العام، لما رأوا الزحام تركوا الإكمال وذهبوا إلى أهلهم، وربما يكون الإنسان قد وطئ زوجته في هذه المدة، وربما يكون قد تزوج، وإذا كان قد تزوج فإن عقد النكاح غير صحيح؛ لأنه ما زال محرماً، والمحرم لا يصح عقد النكاح له، فإذا قدر أنه قد عقد فنقول: أمسك ولا تأت أهلك حتى تذهب وتكمل العمرة ثم أعد العقد من جديد.

حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام لست من شوال

حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام لست من شوال Q فضيلة الشيخ: هل يجوز إفراد يوم الجمعة بالصيام في صيام الست من شوال؟ A إذا كان الإنسان صام يوم الجمعة لأنه وقت فراغه، ويشق عليه أن يصوم في غير يوم الجمعة؛ فلا حرج عليه أن يصوم؛ لأنه لم يخص يوم الجمعة لأنه يوم الجمعة، ولكنه خصه لأنه وقت فراغه، وأما إذا خصه لغير سبب، فإننا نقول: إما أن تصوم يوماً قبله وإما أن تصوم يوماً بعده، وكذلك يوم السبت، لا يخصه بصيام، فإما أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده، وإلا فليترك صومه، إلا إذا قال: أنا ليس لي فراغ إلا يوم السبت، وأنا أحب أن أصوم أيام الست، نقول: لا بأس، لأنك حينئذ لم تخصه من أجل أنه يوم السبت، وكذلك إذا صادف يوم الجمعة أو يوم السبت يوماً يسن صومه كيوم عرفة فلا بأس بإفراده لما ذكرنا.

حكم هجر المرأة لزوجها

حكم هجر المرأة لزوجها Q فضيلة الشيخ: أسأل الله تعالى أن يجمعنا وإياك في مستقر رحمته، وأريد أن يجمع الله بك الشمل ويصلح الحال، هذه امرأة لها زوج مضى على زواجها أكثر من أربعين سنة، وهي ليست هنا ولا زوجها، والمرأة تصلي التراويح وتصوم التطوع وتحرص على الخير، ولكن لها ما يقارب سنة ونصفاً لا علاقة لها بزوجها لهجرها له مع أنهما في بيت واحد، ولها أكثر من أربعة أشهر لا تكلمه ولا تستأذنه في ذهاب ولا إياب، بل ولا تأبه به عند أبنائه، وربما تهزأ به وتتكلم عليه، فهل يسعها ذلك؟ وهل تأثم بذلك؟ وما الواجب عليها الآن؟ وماذا يفعل زوجها؟ وهل إذا وقع زوجها في شيء من الحرام هل تأثم به؟ أرجو لها النصيحة ولمن في مثل حالها ممن تقصر في حق زوجها من بعض النساء مع أنها تعمل بعض الصالحات؟ A الواجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف؛ لقول الله تبارك وتعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] وإذا نشزت المرأة عن زوجها وصارت لا تعطيه حقه، أو تعطيه حقه وهي متكرهة متبرمة، فإنها تعتبر ناشزاً، وقد قال الله تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} [النساء:34] . وثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أن المرأة إذا دعاها الرجل إلى فراشه فأبت عليه لعنتها الملائكة حتى تصبح) والعياذ بالله. ولهذا يجب على هذه المرأة أن تتقي الله في نفسها وفي زوجها، وأن تعود إلى العشرة بالمعروف، وأن تذكَّر ما سبق من ماضي حياتهما وألا تجحد الجميل؛ فإن جحد الجميل -أعني: جحد جميل الزوج- من أسباب دخول النار والعياذ بالله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وعظ النساء ذات يوم، وقال: (يا معشر النساء تصدقن؛ فإني رأيتكن أكثر أهل النار قلن: بم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير) . قال العلماء: العشير: الزوج، ومعنى تكفرن العشير: أي تجحدن حقه ولا تقمن به، فعلى المرأة هذه أن تتقي الله عز وجل فيما بقي من عمرها، ولعلها لم يبق من عمرها مع زوجها إلا القليل، فلترجع إلى حظيرة الزواج، ولتصنع معروفاً في زوجها وفي أولادهما، لأن الأولاد إذا رأوا ما بين هذه المرأة وزوجها من التباعد ربما يُحدِث في نفوسهم شيئاً، وهذه الكلمة أقولها لهذه المرأة ومن يشابهها من النساء. كما أقول أيضاً: إن الواجب على الرجال أن يتقوا الله تعالى في النساء كما وصاهم بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في خطبته في عرفة في حجة الوداع حيث قال: (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله) . فالواجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف. السؤال: بالنسبة للرجل الذي قاطعته امرأته وهجرته، قد يظن أنه يعمل بعض المنكرات وهو ليس من أهل المنكرات لكبر سنه ولبعده عن ذلك. الجواب: إذا كان الأمر هكذا، صار مقاطعتها لزوجها أشد إثماً؛ لأنه ليس لمقاطعتها وجه من الوجوه، فيكون إثمها أعظم، ونكرر نصيحتنا لها أن تتقي الله عز وجل، وأن تعود إلى رشدها وإلى معاشرة زوجها بالمعروف.

حكم ظهور زوجة الأخ غير متحجبة

حكم ظهور زوجة الأخ غير متحجبة Q فضيلة الشيخ: لي أخ من أب وهو يسكن في بيت ثان، وعندما آتي لزيارتهم هو وأولاده تأتي إلينا زوجته وهي غير متحجبة، وتأتي أحياناً بثياب إلى نصف يديها، وعندما أراها في هذا المنظر أتألم أشد الألم لما يحدث أمامي، وأضطر إلى مقاطعة زيارة أخي وأولاده، وقد تصل إلى أسبوع أو ثلاثة، وعندما يراني يقول لي: لماذا لا تأتي لزيارتنا؟ فأحتج بالمشاغل، علماً بأن زوجته تأتي إلينا في بيتنا وأخبرها بأن هذا الفعل لا يجوز، فتقول لي: الدين بالقلب فما نصيحتك لي ولها؟ A الذي أرى أن تصارح أخاك في الأمر، وألا تتعذر بأشغال موهومة، صارح أخاك فربما يجبر زوجته على أن تتحجب، وذلك أن المرأة لا يحل لها أن تكشف لأحد من أقارب زوجها إلا أن يكونوا من آبائه وأجداده أو من أبنائه وأبناء أبنائه أو أبناء بناته، يعني: الأصول والفروع، أما إخوانه وأعمامه وأخواله وأبناء إخوانه فإنه لا علاقة لهم بزوجته إطلاقاً، وليسوا من محارمها. فنصيحتي لهذه الزوجة أن تتقي الله عز وجل في نفسها أولاً، وأن تتقي الله تعالى في أخي زوجها؛ لأنها بفعلها هذا حالت بينه وبين صلة أخيه، هي السبب في قطيعته لأخيه، فنصيحتي لهذا الأخ: أولاً: أن يصارح أخاه، ويقول: إن زوجتك لا تقوم بما يجب عليها من تغطية وجهها، وما يجب تغطيته. ثانياً: أن يأتي إلى أخيه وإذا جاءت الزوجة يقول: انصرفي أو احتجبي، وليكن شجاعاً، وليكن صريحاً، والشيء إذا لم يأت بالصراحة ضاعت الأمور. ثالثاً: أنصح هذه المرأة أن تتقي الله عز وجل في نفسها وفي أخي زوجها، بل وفي زوجها؛ لأن زوجها لا يرضى أن يقطعه أخوه. وأما قولها: إن الإيمان في القلب فهي حجة واهية داحضة؛ لأنه لو كان في القلب إيمان لصلحت الجوارح، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) . وهل يعقل أن قلباً عنده إيمان كامل ولا يقوم بطاعة الله ولا ينتهي عن معصيته، كلما كمل الإيمان في القلب كمل القيام بالطاعة واجتناب المعصية.

حكم قضاء الديون بسبب المخدرات

حكم قضاء الديون بسبب المخدرات Q فضيلة الشيخ: رجل كان من عادته استعمال بعض المخدرات، فتاب وهداه الله إلى الطريق المستقيم، فما إرشادكم له ولمن كان في مثل حاله على هذا الأمر؟ وإذا كان له ديون على أناس من هذه المخدرات، أو يطلبه أناس بسبب هذه المخدرات، فهل يأخذ الأموال التي له ويسدد التي عليه مع أنها بسبب المخدرات؟ A أولاً: نهنئ هذا الرجل الذي منَّ الله عليه بالاستقامة وترك سفاسف الأمور ومهلكات الأرواح، ونقول: احمد الله على هذا الخلاص الذي خلَّصك به. ثانياً: جميع ما اكتسبه من هذا الطريق المحرم حرام عليه، لكن ما كان عنده فقد قال الله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:275] إلا نفس المخدر إذا كان عنده فإن الواجب عليه إتلافه. وأما ما في ذمم الناس فإنه يأخذه منهم لكن يتصدق به تخلصاً منه لا تقرباً به، ولا يمكن أن يدعه عند الناس فيجتمع لهم العوض والمعوض، بل نقول: خذ منهم ما في ذممهم وتصدق به ولا تدخله على مالك، بل تصدق به تخلصاً منه وبذلك تنحل المشكلة. أما الذي عليه للناس من أثمان هذه المخدرات فله أن يمتنع من وفائها، ويقول: أنا لا أوفيكم، هذا شيء حرام، والحرام ليس له قيمة شرعاً، ولكن في هذه الحال يتصدق بقيمة ما أخذه من الناس حتى لا يجتمع في حقه العوض والمعوض.

حكم خط اللافتات للمحلات التي تبيع الحرام

حكم خط اللافتات للمحلات التي تبيع الحرام Q ما حكم من يقوم بخط اللوحات المضيئة للناس، إذا خط لوحة بنك ربوي أو خط لوحة لمحل تموينات يعلم أنه يبيع دخاناً أو شيشة أو مجلات خليعة، أو خط لوحة محل يبيع الفيديو أو التلفاز، أو نحو ذلك، فهل هذه الأعمال تحل له أو لا تحل وما شابهها من الأمور المحرمة؟ A أسأل: هل في عمل هذه اللوحات إعانة لهؤلاء على أعمالهم؟ نعم، وإذا كان فيها إعانة على أعمالهم صار ذلك حراماً لقول الله تعالى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2] . فإذا قدرنا أن هذه اللافتة إذا وضعت على هذا المحل جذبت الناس، والمحل لا يتعامل إلا بالحرام، صار صنع هذه اللافتة حراماً، وأخذ الأجرة عليها حراماً؛ لأنه داخل في قول الله تعالى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2] .

حكم حج المرأة وهي محد

حكم حج المرأة وهي مُحد Q فضيلة الشيخ: امرأة من خارج هذه البلاد توفي زوجها وهم في السعودية وهي الآن في حداد على زوجها وتريد الحج هذا العام، فهل تحج وهي في العدة علماً أنها بعد انتهاء العدة سوف تعود إلى بلادها فيصعب عليها الرجوع إلى السعودية مرة أخرى، فماذا تعمل، نرجو إرشادها جزاك الله خيراً؟ A هذه المرأة إذا لم تنته عدتها قبل الحج فإن الحج ليس واجباً عليها، لقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] والمرأة المحادة يلزمها البقاء في المسكن الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، لكن لهذه المرأة إذا كانت لا تستطيع البقاء في بيتها أن تسافر إلى بلدها؛ لأنها إما في البلد التي مات زوجها وهي فيه، وإما في بلدها الأصلي إذا كان يشق عليها البقاء، وأما الحج فليس واجباً عليها في هذه الحال لأنه لا يمكن أن تحج إلا بمحرم وليس لها محرم.

حكم الزواج من تارك الصلاة

حكم الزواج من تارك الصلاة Q فضيلة الشيخ: أنا امرأة تزوجت برجل يترك الصلاة بالشهر والشهرين، ولا يصلي الجمعة وذات ليلة رفضت الفراش منه، وحدثت بيني وبينه خصومة فطلقني طلقتين، وأنا في حيرة من أمري وأخشى أن يكون ما بيننا حرام فأرشدني جزاك الله خيراً، وأرشد أمثال هؤلاء الرجال علماً أن والدي لا يعلم عن ذلك كله؟ A الرجل الذي لا يصلي إطلاقاً لا جمعة ولا غيرها كافر، ولا يحل للمرأة أن تبقى عنده طرفة عين؛ لقول الله تبارك وتعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة:10] . وأما الرجل الذي يصلي ويترك، يعني: أحياناً يصلي وأحياناً لا يصلي، فإن الذي أرى أنه ليس بكافر لكنه فاسق والعياذ بالله، وللمرأة في هذه الحال أن تطالب بفسخ النكاح، والأفضل لها إذا كانت قد أيست من إصلاحه أن تطالب بفسخ النكاح؛ لأن هذا سيكون له الأثر السيئ عليها وعلى أولادها أيضاً، إذا رأوا أن أباهم يتهاون بالصلاة إلى هذا الحد تهاونوا بها، لكننا نسأل الله سبحانه وتعالى له الهداية، وأن يهتدي إلى الصواب، وأن تبقى زوجته معه في سعادة وفلاح.

حكم طاعة الوالدين في الامتناع عن الزواج

حكم طاعة الوالدين في الامتناع عن الزواج Q فضيلة الشيخ: هل ترون أن طاعة الوالدين عليَّ لازمة إذا منعاني من الزواج بغير عذر مقبول، عذرهم في ذلك أني صغير مع العلم أني أبلغ العشرين من عمري، فما هي الطريقة إذا أصرا على رفضهما مع حاجتي الشديدة للزواج جزاك الله خيراً؟ A إذا كنت قادراً على الزواج فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) فإذا كنت قادراً على الزواج فهنا أمران: أمر والديك بعدم الزواج وأمر نبيك بالزواج فمن تطيع منهما؟ النبي صلى الله عليه وسلم، ولا إشكال في هذا. فنقول: إذا كنت قادراً على الزواج فتزوج، سواء رضي الوالدان أم لم يرضيا، أما إذا كنت غير قادر فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن لم يستطع فعليه بالصوم) وفي هذه الحال إذا كنت غير قادر يجب على أبيك إذا كان قادراً أن يزوجك وجوباً كما يجب عليه أن ينفق عليك؛ لأن إعفاف الإنسان كالإنفاق عليه، هو محتاج إلى إعفاف نفسه كما أنه محتاج إلى الأكل والشرب. فخلاصة الجواب الآن: إذا كنت قادراً على النكاح فتزوج ولو منعك أبوك وأمك؛ لأن أمامك أمر الرسول عليه الصلاة والسلام وهو مقدم على أمر والديك. أما إذا كنت عاجزاً ليس عندك مال وعند أبيك مال، فإن الواجب على أبيك أن يزوجك وإذا امتنع فإنه آثم. فإن كان أبوك فقيراً فقد أرشد النبي عليه الصلاة والسلام الشباب إذا لم يستطيعوا الباءة أن يصوموا، قال: (فعليه بالصوم فإنه له وجاء) أي: قطع؛ لأن الصوم يقلل الشهوة.

إجزاء صيام الست من شوال عن ثلاثة أيام من كل شهر

إجزاء صيام الست من شوال عن ثلاثة أيام من كل شهر Q فضيلة الشيخ: هل صيام ثلاثة أيام من كل شهر مطلوبة أم يجزئ عنها صيام الست من شوال؟ وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الست من شوال وبين ثلاثة أيام من كل شهر؟ أرجو الإفادة فقد كثر الكلام في هذا؟ A صيام ثلاثة أيام من كل شهر لها فضيلة ولها جواز، فالفضيلة أن تكون في اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، والجائزة في بقية الشهر، قالت عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي من أول الشهر أو وسطه أو آخره) وبناءً على ذلك، فإن الإنسان إذا صام ستة أيام من شوال، أجزأت عن صيام الأيام الثلاثة، لكن لو قال: أنا أريد أن أصوم الأيام البيض، قلنا صم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر. أما صيام ثلاثة أيام من كل شهر فقد حصلت من صيام الستة؛ لأن صيام الستة ثلاثة وزيادة. أما سؤاله هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين صيام الستة أيام من شوال، وصيام أيام البيض، فقد عرف الجميع الآن، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره، ثم إننا لا نعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصوم الستة أيام من شوال، لكنه حث أمته على ذلك فقال: (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كمن صام الدهر) .

حكم من بلغت ولم تصم لجهلها

حكم من بلغت ولم تصم لجهلها Q امرأة تقول: عمري الآن يتجاوز الثلاثين سنة، وأول سنة وجب علي الصوم كان عمري خمس عشرة سنة، ولكني كنت جاهلة فتبين لي الحيض في منتصف الشهر، وتقول: يعلم الله أني كنت جاهلة فماذا يلزمني الآن عن تلك الأيام؟ A الذي فهمناه من السؤال أنها في أول سنة لم تصم، فإن كانت بعيدة عن العلم كامرأة نشأت في بادية وليس عندهم عالم يسألونه وهم غافلون عن هذا الشيء، فإنه لا شيء عليها؛ لأنها لم تبلغها الشريعة. وأما إذا كانت في البلد وعندها العلماء ولكنها فرطت وتهاونت؛ فإن عليها أن تقضي الأيام التي لم تصمها، ولا يلزمها أكثر من قضائها، أي: لا يلزمها فدية ولا كفارة.

حكم إدخال نية صيام الثلاثة الأيام من كل شهر في نية صيام الست من شوال

حكم إدخال نية صيام الثلاثة الأيام من كل شهر في نية صيام الست من شوال Q رجل صام الست من شوال، وفي أثناء صيام أحد الأيام نوى في نفسه أنه من صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فهل يلزمه أن يكمل ستة أيام أم يجزؤه؟ A يعني: كأنه أراد أن يقطع الستة، أو أراد أن يضيف إليها الثلاثة، على كل حال نجيب على الاحتمالين: رجل شرع في صيام ستة أيام من شوال، ولما صام ثلاثة أيام قطعها وقال: يكفيني أن أصوم من كل شهر ثلاثة أيام، نقول: يكفيه لكنه فاتك أجر صيام ستة أيام من شوال. أما الاحتمال الثاني: وهو أنه لما صام ثلاثة أيام من شوال قال: أريد أن أنوي بالثلاثة الباقية صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فهذا قد يحصل له ثواب الأمرين جميعاً؛ لأنه يصدق عليه أنه صام ستة أيام من شوال وصيام ثلاثة أيام من كل شهر فيحصل له الأجران جميعاً.

حكم إتيان المرأة في دبرها

حكم إتيان المرأة في دبرها Q فضيلة الشيخ: أمر كثر الكلام عليه عند بعض الناس وخصوصاً الشباب الذين لا يعرفون الطريق المستقيم؛ تشكو زوجاتهم بأنهم ربما يجامعونهن في أدبارهن فما نصيحتك، وما الحكم الشرعي في ذلك؟ أرجو التوجيه فقد كثر الكلام في ذلك؟ A وطء المرأة في دبرها حرام ومن كبائر الذنوب، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن الرجل إذا عرف به، فإنه يجب أن يفرق بينه وبين زوجته، وسماه بعض العلماء اللوطية الصغرى. وهو مع كونه ضلالاً في الدين وسفه في العقل، إذ كيف يعدل الإنسان عما خلق الله له إلى محل القذر والنتن والرائحة الكريهة، أليس هذا قذراً في الحقيقة؟ قال لوط لقومه: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنْ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء:165-166] وقال الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:223] أين محل الحرث؟ القبل: لأنه هو محل الولد، فكيف تعدل عن الأمر الذي أمرك الله به إلى أمر آخر من أوامر الشيطان والعياذ بالله! فنصيحتي لهؤلاء الشباب ولغيرهم من الذين ابتلوا بهذا الأمر، أن يتقوا الله في هذا الأمر، وأن يقلعوا عنه، وقد جعل الله لهم ما هو خير منه، وهو أن يأتي الإنسان زوجته في محل الحرث (في الفرج) وله أن يأتيها مقبلة ومدبرة، أي: له أن يأتيها وهي على ظهرها، أو مدبرة يأتيها وهي على بطنها فالأمر في هذا واسع، ولهذا قال الله: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:223] لكن لا يأتيها في الدبر، يكون الوطء في القبل.

لا يجوز ترك الغسل من الجنابة لأجل إدراك الجماعة

لا يجوز ترك الغسل من الجنابة لأجل إدراك الجماعة Q فضيلة الشيخ: استيقظت على إقامة صلاة الفجر ذات يوم فوجدت أني على احتلام، وكان هذا في فصل الشتاء فلو اغتسلت ستفوتني صلاة الفجر، فتوضأت وذهبت للصلاة، فهل فعلي هذا جائز؟ وهل يجب علي إعادة الصلاة أم ماذا أصنع؟ A فعل هذا السائل ليس بجائز، لأن الواجب عليه أن يغتسل، والغسل والحمد لله سهل، يسخن الماء (وربما يكون عنده سخانة) فيغتسل ويذهب ويصلي ولو فاتته الصلاة، بل لو طلعت الشمس في هذه الحال فإنه معذور، أما إذا كان يخشى من البرد وليس عنده ما يسخن به، وتيمم وصلى فإن صلاته صحيحة، وإذا قدر على الماء استعمله. وهذا السائل يقول: هل صلاتي تلك صحيحة أم لا؟ فنقول: الأولى والأحوط أن تعيد تلك الصلاة؛ لأن حقيقة الأمر أنه صلاها وهو على جنابة إذ لا يسوغ له أن يذهب ويصلي في المسجد وهو على جنابة، بل نقول: يجب أن تغتسل ولو فاتتك الجماعة. السؤال: قلت في جوابك في السؤال الماضي بالنسبة للرجل الذي صلى وهو محتلم وتوضأ: الأحوط أن يعيد الصلاة، فهل قولك حفظك الله: الأحوط دليل على أنه لم يتبين لك وجوب الإعادة عليه أم ماذا؟ الجواب: نعم. لم يتبين؛ لأن هذا الرجل فعل ما ذكره متأولاً يظن أنه هو الصواب.

حكم ترك المريض للصلاة مع الاستطاعة على أدائها

حكم ترك المريض للصلاة مع الاستطاعة على أدائها Q فضيلة الشيخ: نومت في المستشفى خمسة أيام وأنا متعب، فتركت الصلاة خلال هذه الأيام الخمسة لأني أخشى أن أتألم مع أني أستطيع الصلاة، ولكني كنت أخشى من الألم وظننت أنه يجوز لي، فأريد أن أقضي هذه الصلوات في البيت، فهل يجوز لي ذلك أم ماذا علي الآن؟ وما نصيحتك للذين يزورون المرضى أو عندهم مرضى في مثل هذه الأحوال. A الواجب على المريض الذي معه عقله أن يصلي الصلاة على حسب حاله، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ عمران بن الحصين: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب) . فالواجب على المريض ما دام عقله ثابتاً أن يصلي، يصلي قائماً فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنب، يومئ برأسه فإن عجز فقيل يومئ بعينيه، وقيل يصلي بقلبه، وأما أن يترك الصلاة من أجل أنه يتعب وهو قادر عليها فهذا خطأ عظيم، ثم المريض قد يسر الله له من وجه ثالث وهو أن يجمع بين الصلاتين بين صلاة الظهر والعصر، أو بين صلاة المغرب والعشاء، إذا كان يشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها وأما ترك الصلاة فهذا حرام لا يجوز، وعلى هذا الأخ السائل أن يتوب إلى الله مما صنع ويقضي الصلاة التي تركها.

كيفية المسح على الخفين

كيفية المسح على الخفين Q فضيلة الشيخ: قرأت لك رأيين فيما يتعلق بالمسح على الخفين: ففي أحدهما قلت حفظك الله: بتقديم مسح اليمنى على اليسرى، وفي الأخر: قلت بمسحهما جميعاً، أيهما الأصح، وأيهما الأخير عندك وفقك الله ونفع بك؟ A كلاهما صحيح، الأمر واسع؛ إن شئت فامسح عليهما جميعاً وإن شئت فابدأ باليمين قبل اليسار، وذلك أن حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ يقول: (فأهويت لأنزع خفيه، قال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما) ولم يذكر أنه بدأ باليمنى قبل اليسرى فيحتمل أنه مسح عليهما جميعاً. وبهذا قال بعض العلماء وقاسه على الأذنين، فإن الأذنين تمسحان جميعاً، وقال بعض العلماء: يقدم اليمنى؛ لأن المسح بدل عن الغسل، والبدل له حكم المبدل، والغسل تقدم فيه الرجل اليمنى على الرجل اليسرى، والأمر في هذا واسع، إن شاء مسح عليها جميعاً في وقت واحد، وإن شاء بدأ باليمنى ثم اليسرى.

كيفية قضاء ما نسي من الصلاة

كيفية قضاء ما نسي من الصلاة Q فضيلة الشيخ: نسي إمام الركعة الرابعة في صلاة الظهر وقام لها بعد السلام، فصار نقاش في المسجد فريق يقول للإمام: كان الأولى أن تقوم للركعة الرابعة بدون تكبير، وفريق آخر يقول: بل تقوم بتكبير، فمن هو الفريق الذي على الصواب؟ A الصواب أن يقوم الإنسان لقضاء ما نسيه بلا تكبير، مثاله: رجل سلم في صلاة الظهر من ثلاث ركعات، ثم ذكر فإنه يدخل في صلاته ويقوم بلا تكبير؛ لأن التكبير هنا للقيام من السجود وقد حصل، فيقوم بلا تكبير، ولأنه لو كبر لظن الناس أن هذه تكبيرة إحرام وأنه ابتداء ركعة، فيفصلون الركعة الأخيرة عن بقية الصلاة، فلهذا نقول: إنه يقوم بلا تكبير، ولكن يبقى النظر فيما لو كان هناك أناس يصلون في مكان آخر من المسجد، فكيف يتوصل إلى تنبيههم؟ نقول: يمكن أن يتوصل إلى تنبيههم بأن يجهر بالبسملة أو بالآية الأولى من الفاتحة حتى يعرفوا أنه دخل في صلاته.

قضاء الصلاة مع التوبة من التأخير

قضاء الصلاة مع التوبة من التأخير Q فضيلة الشيخ: بالنسبة للسائل الذي سأل عن الخمسة أيام التي لم يصلها في المستشفى هو الآن لم يقضها حتى الآن، فهل يجوز له التوبة فقط أم التوبة مع القضاء؟ A التوبة مع القضاء، يجب عليه أن يتوب إلى الله من تأخيره، ويجب عليه أن يقضي، وإن كان ظاهر السؤال الأول أنه قضى، لكننا نقول: الآن يجب عليه أن يقضي، وليس كما يظنه بعض العوام أنه يقضي كل صلاة مع نظيرتها بل يقضيها جميعاً سرداً.

حكم الدعاء لأهل المقابر حين المرور عليها مع عدم مشاهدتها

حكم الدعاء لأهل المقابر حين المرور عليها مع عدم مشاهدتها Q فضيلة الشيخ: كتب على جدران بعض المقابر بالدعاء للمقابر والسلام عليهم، فهل حين المرور على هذه المقابر مع أنها في أسوار محاطة لا نرى القبور ولا نشاهدها؛ هل يشرع لنا السلام على أهلها أم ماذا نصنع؟ A الظاهر أن الذين كتبوا هذا يريدون تنبيه الداخل إلى المقبرة أن يقول هذا الذكر، ولكن يبقى النظر فيما لو مر الإنسان هل يسلم أو لا؟ يحتمل في ذلك وجهين: إما أن نقول يسلم لأنه صدق عليه أنه مر بالمقبرة، وإما أن نقول: إنه لا يسلم؛ لأنه كما قال السائل: لا يشاهد القبور ولم يدخل عليها، ولهذا لو مر الإنسان ببيت إنسان داخل بيته، وهو يعلم أنه في بيته فهل يسلم عليه؟ لا يسلم لكن لو دخل سلم عليه.

حكم من قطع العمرة جاهلا

حكم من قطع العمرة جاهلاً Q فضيلة الشيخ: بالنسبة لسؤال الرجل الذي قطع العمرة، لم تذكر وفقك الله هل عليه كفارة على قطعه لها وإعادته للعمرة من جديد أم ليس عليه كفارة؟ وماذا تقولون: إذا كان قد جامع زوجته بعد ما قطع العمرة وجلس أياماً بعيداً عن مكة؟ A ليس عليه كفارة حتى وإن جامع زوجته وذلك لأنه جاهل، والقاعدة الشرعية: أن من فعل شيئاً محرماً عليه وهو جاهل فإنه لا شيء عليه، لا إثم ولا كفارة ولا فدية. ويبدو لي من السؤال الأخير أن الرجل يظن أنه يذهب إلى مكة يبتدئ عمرة جديدة وليس كذلك، بل هو الآن محرم، ويجب عليه إن كان رجلاً أن يتجرد من المخيط أي من ثيابه وأن يلبس ثياب الإحرام، ويتوكل على الله يذهب إلى مكة، ويكمل عمرته وليس هذا ابتداء عمرة، فهو الآن لا يزال في عمرته لكن ما فعله من المحظورات نظراً لكونه جاهلاً لا يؤاخذ بها.

اللقاء الشهري [16]

اللقاء الشهري [16] إن الواجب على العلماء والدعاة إلى الله أن يبينوا هذا الدين للناس وأحكامه وشرائعه وآدابه؛ بكل وجوه البيان والتبليغ، وفي هذه المادة يتحدث الشيخ عن التكبير في أيام التشريق، ثم يجيب عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

مشروعية التكبير في العشر من ذي الحجة

مشروعية التكبير في العشر من ذي الحجة الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين. أما بعد: فإن هذا اللقاء يعتبر تكميلاً للمحاضرة السابقة ليلة الإثنين الماضي، لأنها كثرت الأسئلة حول موضوع المحاضرة، وقد ذكر أن كثيراً من الإخوة يريدون أن يعرفوا شيئاً عن التكبير في أيام العشر من ذي الحجة فنقول: إن التكبير في العشر من ذي الحجة مشروع، يسن للإنسان في عشر ذي الحجة أن يكثر من التكبير فيقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وبعض العلماء يقول: تكبر ثلاثاً فتقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، والأمر في هذا واسع، يعني: سواء كبرت مرتين أو كبرت ثلاثاً فكلها على خير، لكن العلماء رحمهم الله ذكروا أن التكبير المطلق، أي: الذي يكون في كل ساعات الليل والنهار يبتدأ من دخول شهر ذي الحجة إلى آخر يوم من أيام التشريق، يعني: إلى أن تغيب الشمس ليلة الثالث عشر، فتكون أيام التشريق أيام ذكر مطلق، وكذلك أيام العشر التي قبل العيد، وكذلك يوم العيد. وأما التكبير المقيد فيكون من صلاة فجر يوم عرفة إلى صلاة عصر آخر يوم من أيام التشريق، يكون تكبيراً مقيداً دبر خمس صلوات في يوم عرفة، وخمس صلوات في يوم العيد، وخمس صلوات في الحادي عشر، وخمس صلوات في الثاني عشر، وخمس صلوات في الثالث عشر، الجميع خمس وعشرون صلاة يسن أن يكبر بعدها، أي بعد أن يقول: أستغفر الله ثلاثاً، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم يكبر، فيكون هذا التكبير كالتسبيح والتحميد الذي يسن في كل وقت بعد الصلاة. هذه هي أوقات التكبير المطلق والتكبير المقيد، ولقد ذكرنا أنه ينبغي اغتنام العشر من ذي الحجة في الأعمال الصالحة: من ذكر، وقرآن، ودعاء، وصدقة، وصلاة وغير ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله، قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلاً خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء) . نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه الأيام العشر وما بعدها أيام خير وبركة علينا وعلى المسلمين جميعاً، ونسأل الله تعالى في مقامنا هذا أن ينصر إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك، وأن يعجل لهم بالنصر العزيز والفتح المبين، إنه على كل شيء قدير.

الأسئلة

الأسئلة

المشروع في حق النساء تغطية الوجه إذا أحرمن

المشروع في حق النساء تغطية الوجه إذا أحرمن Q فضيلة الشيخ: يعاني الدعاة والناصحون من أمر عظيم، وهو أنهم يرون نساء كاشفات في الحج والعمرة حتى في حال الطواف أو في الوقوف بعرفة أو غير ذلك، فما هو المشروع في حق النساء إذا أحرمن بالنسبة لتغطية الوجه، خاصة أننا نرى بعض من يتحجبن في غير الإحرام إذا أحرمن كشفن عن وجوههن بحجة أن إحرام المرأة في وجهها، ويحتجون بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين) فيقولون: إذا كانت المرأة ممنوعة من النقاب فمن باب أولى تغطية الوجه، فما هو الرد الذي يمكن أن نرد به عليهم؟ A بسم الله الرحمن الرحيم لا شك أن الدعاة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر يتضايقون من فعل بعض النساء، سواء في موسم الحج أم في غير موسم الحج؛ من التبرج والتطيب وكشف الوجه والكف وربما كشف بعض الذراع، وهذا أمر يحتاج إلى الصبر والمصابرة، لقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:200] ولقول لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [لقمان:17] . والواجب على النساء إذا خرجن إلى الأسواق أن يخرجن غير متطيبات، ولا متبرجات بزينة، ولا كاشفات لوجوههن ولا لأكفهن ولا لأقدامهن بقدر المستطاع. والمرأة إذا أحرمت فإنه يحرم عليها أن تنتقب، أي أن تلبس النقاب، لأن لبس النقاب في وجهها كلبس الرجل العمامة على رأسه، ولهذا أطلق بعض العلماء قولهم: إحرام المرأة في وجهها، يعني أن لباس الوجه للمرأة بمنزلة لباس الرأس للرجل فلا تنتقب، ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل: لا تغطي رأسها، وإنما قال: لا تنتقب، والنقاب أخص من تغطية الرأس، والنهي عن الأخص لا يقتضي النهي عن الأعم. وعلى هذا فالمرأة يجب عليها إذا مرت من حول الرجال، أو مر من حولها الرجال أن تستر وجهها، وهذا يتعين في الطواف والسعي، وفي المشي في الأسواق، لأنها ستمر بالرجال وسيمر الرجال من عندها، فالواجب عليها أن تتقي الله عز وجل لا سيما وأنها في أمكنة معظمة، وفي أزمنة معظمة وفي عبادة لله عز وجل إذا كانت محرمة، فعليها أن تتقي ربها، وقد قال الله تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة:197] وكشف المرأة وجهها أمام الرجال من الفسوق، فلتتقي الله المرأة المسلمة، ولتحافظ على دينها وعلى حيائها وعلى سترها، حتى تكون ممتثلة لأمر الله ورسوله. وأما لبس القفازين فإنه مأمور به في غير الإحرام؛ أما في الإحرام فإنه منهي عنه لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين) وأقول: إن لبس القفازين مشروع لأنه كان من عادة نساء الصحابة رضي الله عنهن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأقره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما فيه من تمام الستر.

خروج المتمتع بعد العمرة من مكة إلى بلده أو غيرها

خروج المتمتع بعد العمرة من مكة إلى بلده أو غيرها Q فضيلة الشيخ: إذا أراد الإنسان التمتع فأتى بعمرة في أشهر الحج، فهل يخرج من الحرم ثم يعود لـ منى يوم التروية، أم يبقى في الحرم ولا يخرج منه؟ ولو خرج إلى جدة أو رجع إلى بلده ليأتي بأهله، فهل الأفضل أن يحرم بالعمرة من جديد فينقطع تمتعه؟ وبماذا تنصحونه في كلتا الحالتين؟ A إذا أحرم الإنسان بالتمتع ووصل إلى مكة فالواجب عليه أن يطوف ويسعى ويقصر، وبذلك يحل من عمرته، وله بعد ذلك أن يخرج إلى جدة، أو إلى الطائف، أو إلى المدينة، أو إلى غيرها من البلاد، ولا ينقطع تمتعه بذلك، حتى لو رجع محرماً بالحج، فإن التمتع لا ينقطع. أما لو سافر إلى بلده ثم عاد من بلده محرماً بالحج فإن تمتعه ينقطع، فإن عاد محرماً بعمرة بعد أن رجع إلى بلده صار متمتعاً بالعمرة الثانية لا بالعمرة الأولى؛ لأن العمرة الأولى انقطعت عن الحج بكونه رجع إلى بلده. وخلاصة القول: أن من كان متمتعاً فله أن يسافر بين العمرة والحج إلى بلده أو غيره، لكن إن سافر إلى بلده ثم عاد محرماً بالحج فقد انقطع تمتعه ويكون مفرداً، وإن سافر إلى غير بلده ثم عاد محرماً بالحج فإنه لا يزال على تمتعه وعليه الهدي كما هو معروف.

متى يكون القرن أفضل من التمتع؟

متى يكون القِرن أفضل من التمتع؟ Q فضيلة الشيخ: معي نساء كبيرات في السن فأيهما أفضل التمتع أم القران؛ لأن القران يسقط منه سعي، ويمكن أيضاً أن تجمع المرأة بين طواف الإفاضة وطواف الوداع، فيكون ذلك أيسر على المرأة كبيرة السن؟ وهل تنصحون كبيرات السن بالتمتع أم بالقران؟ وهل يشترط للقارن سوق الهدي؟ A لا شك أنه في هذه الأزمنة يصعب على كثير من الحجاج إذا كانوا متمتعين أن يأتوا بطواف للعمرة وسعي للعمرة، ثم طواف للحج وسعي للحج، ثم طواف للوداع، فيرى بعض الناس أن يكون قارناً، فإذا وصل إلى مكة طاف طواف القدوم، وسعى سعي الحج والعمرة، ولا يجوز السعي مرة ثانية، فيكون من هذه الناحية أسهل من التمتع. كذلك هو أسهل من التمتع من وجه آخر، لأنه إذا كان قارناً فله أن يؤخر الطواف إلى ما بعد انقضاء الحج، يعني يجوز ألا يطوف للقدوم وألا يسعى، بل يحرم بالحج والعمرة، ثم يخرج إلى منى ويكمل الحج، ثم بعد ذلك يطوف ويسعى متى تيسر له، حتى وإن كان بعد اليوم الثالث عشر أو بعد الرابع عشر أو في آخر الشهر. وبناء على ذلك نقول: إذا كان هذا أيسر فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخير بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، والقران ليس بإثم بل هو أحد مناسك الحج. وعن قول السائل: هل يجوز القران بدون سوق الهدي؟ نقول: نعم، يجوز القران بدون سوق الهدي؛ لأن الذين أحرموا مع النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة رضي الله عنها؛ منهم من أهل بحج، ومنهم من أهل بعمرة وحج، ومنهم من أهل بعمرة، ثم لما قدموا مكة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يسق الهدي فليجعلها عمرة) وهذا يشمل القارن الذي أحرم عند الميقات بحج وعمرة ولم يسق الهدي، وعلى هذا فنقول: لو قيل بأن القران في هذه الحال أفضل من التمتع لكان له وجه، لأنه أيسر على الناس، وهو قد حصل على عمرة وحج، وحصل أيضاً على هدي، لأن القارن يذبح الهدي كما يذبحه المتمتع.

يقدم النكاح على الحج إذا خيف المشقة بتركه

يقدم النكاح على الحج إذا خيف المشقة بتركه Q فضيلة الشيخ: ذكرتم في اللقاء الشهري الماضي أن الشاب إذا جمع مالاً لغرض الزواج فإنه لا يحج، بل يقدم الزواج خشية الفتنة، فما مقصودكم بالفتنة؛ هل هي الوقوع في الزنا فقط أم أن هناك أمراً آخر يدخل تحتها؟ A نقول: إذا كان عند الإنسان مال، وكان في حاجة إلى النكاح، ويخاف المشقة في عدم النكاح، أو يخاف الزنا على نفسه إن لم يتزوج، فهنا يقدم النكاح على الحج؛ لأن حاجة الإنسان إلى النكاح كحاجته إلى الأكل والشرب، وفي بعض الأحيان يكون أشد، لذلك قال العلماء: إنه يقدم النكاح على الحج إذا خاف المشقة بتركه.

فضل حج التطوع مالم يؤذ أو يتأذ

فضل حج التطوع مالم يؤذ أو يتأذ Q فضيلة الشيخ: تتوق النفس للحج، ولكن نسمع كلمات من الناس لا ندري أهي صحيحة أم لا، يقولون: من حج فليترك المجال لغيره، مع أننا نعلم أن الله عز وجل أمرنا بالتزود، فهل هذا القول صحيح؟ وإذا كان ذهاب الإنسان للحج ربما نفع الله به عدداً كبيراً، سواء ممن يقدم إلى هذه البلاد أو من يصاحبهم من بلاده هو، فما تقولون وفقكم الله؟ A نقول: إن هذا القول ليس بصحيح، أعني القول: بأن من حج فرضه فليترك فرصة لغيره؛ لأن النصوص دالة على فضيلة الحج، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة) . والإنسان العاقل يمكن أن يذهب إلى الحج ولا يؤذي ولا يتأذى إذا كان يسايس الناس، فإذا وجد مجالاً فسيحاً فعل ما يقدر عليه من الطاعة، وإذا كان المكان ضيقاً عامل نفسه وغيره بما يقتضيه هذا الضيق، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين دفع من عرفة يأمر الناس بالسكينة، وشنق لناقته الزمام -يعني جذبه- حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله من شدة جذبه للزمام؛ لكنه إذا وجد فجوة نص. قال العلماء: يعني: إذا وجد متسعاً أسرع، فدل هذا على أن الحاج ينبغي له أن يتعامل مع الحال التي هو عليها، إذا وجد الضيق فليتأن وليسايس الناس، وبهذا لا يتأذى ولا يؤذي. وهذا الذي نراه في هذه المسألة: أن الإنسان يحج ويستعين بالله تعالى على هذا الحج، ويقوم بما يلزمه من واجبات، ويحرص على ألا يؤذي أحداً ولا يتأذى بقدر المستطاع. نعم. لو فرض أن هناك مصلحة أنفع من الحج، كأن يكون بعض المسلمين محتاجاً إلى الدراهم أو للجهاد في سبيل الله، فالجهاد في سبيل الله أفضل من الحج، وحينئذ يصرف هذه الدراهم إلى المجاهدين في سبيل الله، أو كانت هناك مسغبة أي جوع شديد على المسلمين، فهنا صرف الدراهم في إزالة المسغبة أفضل من الحج بها.

لا حج على من لا مال له

لا حج على من لا مال له Q فضيلة الشيخ: أنا طالب قد بلغت، وليس لي مال خاص بي، فهل أطلب من والدي المال لأحج الآن أم أنتظر لحين تخرجي وعملي لأحج بمالي الخاص مع أن ذلك سيطول، فبماذا تنصحونني؟ A الحج لا يجب على الإنسان إذا لم يكن عنده مال، حتى وإن كان أبوه غنياً، ولا يلزمه أن يسأل أباه أن يعطيه ما يحج به، بل إن العلماء يقولون: لو أن أباك أعطاك مالاً لتحج به لم يلزمك قبوله، ولك أن ترفضه وتقول: أنا لا أريد الحج والحج ليس واجباً علي. وبعض العلماء يقول: إذا أعطاك إنسان مثل الأب أو الأخ الشقيق مالاً لتحج به فإنه يجب عليك أن تأخذه وتحج به، أما لو أعطاك المال شخص آخر تخشى أن يمن به عليك يوماً من الدهر؛ فإنه لا يلزمك أن تأخذه وتحج به، وهذا القول هو الصحيح. والمسألة الآن مفهومة: إنسان أعطاه شخص مالاً ليؤدي به الفريضة، فهل يلزمه أن يقبل هذا المال ويؤدي به الفريضة؟ الجواب: لا يلزمه، وله أن يرده خشية المنة، أما إذا كان الذي أعطاه المال أباه أو أخاه الشقيق فهنا نقول: خذ المال وحج به، لأن أباك لا يمن عليك والشقيق لا يمن عليك. وعلى هذا نقول للأخ الطالب: انتظر حتى يغنيك الله عز وجل وتحج من مالك، ولست بآثم إذا تأخرت عن الحج.

حكم الحج من مال الزكاة

حكم الحج من مال الزكاة Q فضيلة الشيخ: حججت من زكاة أحد المحسنين، وهذه الزكاة كانت بعض مؤنتي، فهل يجزئ حجي أم أحج حجاً آخر؟ A إذا كان الحجة فريضة، فقد قال بعض العلماء: إنه يجوز أن تصرف الزكاة في حج الفريضة، أما إذا كان نافلة فإنه لا يحل لك أن تأخذ من الزكاة لتحج، مع أن القول الراجح: إن الزكاة لا تصرف لحج الفقير الفريضة والنافلة، وذلك لأن الفقير لم يجب عليه الحج فليس فريضة في حقه، حتى وإن كان يحج لأول مرة. أما الذي أخذ الزكاة بناءً على أنه يحتاجها، ثم حج وصرف منها نقول له: حجك صحيح، وليس عليك إثم، لأنك أخذت باعتبار أنك فقير، وأدخلتها مع مالك الذي تنفقه على نفسك وحججت بها.

حكم الطواف مع جعل الظهر أو الصدر نحو الكعبة

حكم الطواف مع جعل الظهر أو الصدر نحو الكعبة Q فضيلة الشيخ: هناك أمر نراه كثيراً في المطاف، حيث يعمد بعض الناس أن يتحلقوا حول نسائهم فتكون ظهور بعضهم إلى الكعبة، فهل هذا جائز وهل حجهم صحيح؟ وبم تنصحون من كان معه نساء، هل يكونون جماعات أم يكونون فرادى؟ A أظن أن صورة المسألة واضحة، بعض الناس يكون معهم نساء ثم يدورون حول نسائهم، وفي هذه الحال ستكون ظهور بعضهم إلى الكعبة، وبعضهم صدره إلى الكعبة، والطواف يجب فيه أن تكون الكعبة عن يسار الطائف، فهؤلاء الذين ولوا ظهورهم أو صدورهم نحو الكعبة لا يصح طوافهم، لأنهم تركوا شرطاً من شروط صحة الطواف، وهي أن يجعل الطائف الكعبة عن يساره، وهذه مسألة يجب أن يتنبه لها. أما الشق الثاني من السؤال وهو: هل الأولى أن الناس يجتمعون جميعاً على نسائهم، أو أن كل واحد منهم يمسك بيد امرأته أو أخته أو المرأة التي يطوف بها من محارمه وحدها؟ هذا يرجع إلى حال الإنسان، فقد يكون الإنسان ضعيفاً لا يستطيع المزاحمة، فيحتاج إلى أن يكون حوله أحد من رفقته ليدافع عنه، وقد يكون الإنسان قوياً، فهنا نرى أن كونه يأخذ بيد امرأته ويطفو بها وحدها أيسر له ولها وللناس أيضاً.

حكم ترك الإحرام من الميقات

حكم ترك الإحرام من الميقات Q فضيلة الشيخ: اعتمرنا بالنقل الجماعي، ولم يتنبه السائق للميقات إلا بعد أن تجاوزه بمائة كيلو، فرفض العودة إليه وواصل الرحلة حتى وصلت إلى جدة، فماذا علينا والحال هكذا؟ A الواجب على السائق أن يتوقف عند الميقات ليحرم الناس منه، فإن نسي ولم يذكر إلا بعد مائة كيلو -كما قال السائل- فإن الواجب عليه أن يرجع بالناس حتى يحرموا من الميقات؛ لأنه يعلم أن هؤلاء يريدون العمرة أو يريدون الحج، فإن لم يفعل وأحرموا من مكانهم -أي بعد تجاوز الميقات بمائة كيلو- فإن على كل واحد فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء؛ لأنهم تركوا واجباً من واجبات النسك سواء في حج أو في عمرة. وفي هذه الحال لو حاكموا هذا السائق لربما حكمت المحكمة عليه بضمان ما غرموه من هذه الفدية؛ لأنه هو الذي تسبب لهم في غرمها، وهذا يرجع إلى المحكمة فإذا رأى القاضي من المصلحة أن يقول للسائق: عليك قيمة الفدى التي ذبحها هؤلاء، لأنك اعتديت عليهم، والنسيان منك أنت، لأنك فرطت أولاً، ثم اعتديت عليهم بمنعهم من حق الرجوع.

حكم أداء العمرة للنفس والحج عن شخص آخر بالنسبة للمتمتع

حكم أداء العمرة للنفس والحج عن شخص آخر بالنسبة للمتمتع Q فضيلة الشيخ: شخص يحج متمتعاً، هل يجوز أن يؤدي العمرة عن نفسه والحج عن شخص آخر؟ A نعم يجوز للمتمتع أن يجعل عمرته لنفسه والحج لشخص آخر، أو يجعل العمرة لشخص آخر والحج لنفسه، وهذا فيمن أدى الفريضة عن نفسه، أما من لم يؤدها فالواجب أن يحج عن نفسه ويعتمر عن نفسه أولاً ثم عن غيره ثانياً.

حكم جعل العمرة أو الحج للنفس لمن أخذ مالا للحج عن غيره

حكم جعل العمرة أو الحج للنفس لمن أخذ مالاً للحج عن غيره Q هل يفرق بين من كان متبرعاً من نفسه ومن كان آخذاً المال للحج عن غيره؟ A أما المتبرع لغيره بالعمرة أو بالحج فالأمر إليه، وأما من أخذ نيابة عن غيره فإن المعروف عندنا أن النائب يجب عليه أن يعتمر ويحج، وتكون العمرة والحجة لمن أعطاه المال، والعمل بالعرف واجب عند الإطلاق، فيرجع في ذلك إلى العرف، والعرف عندنا كما قلت لكم: إن العمرة والحج كلتيهما لمن أعطاه المال. وبناءً على ذلك لا يحل له أن يجعل العمرة لنفسه، بل تكون العمرة والحج لمن أعطاه المال.

المشروع في نيابة الحج عن الغير

المشروع في نيابة الحج عن الغير Q فضيلة الشيخ: أعزم على أن أحج في هذه السنة لشخص من أقاربي، فما وصيتكم أن أفعل في هذا الحج من ناحيتين: أولاً: هل لي أن آخذ أجراً على هذه الحجة؟ ثانياً: ماذا أفعل إذا أردت أن أنوي الحج؟ ثالثاً: هل لي عند الدعاء في هذا الحج وغيره من المناسك أن أخص هذا الرجل بالدعاء وغيرها من العبادات في هذا الحج أم أشرك نفسي معه أم ماذا أصنع؟ أرجو تفصيل المسألة في النيابة عن الغير. A الجواب على هذه الفقرة أن نقول: ممن تأخذ الأجر؟ إذا كنت تريد أن تتبرع لأحد أقاربك بالحج والعمرة، فمن الذي يعطيك المال فهذه الفقرة من السؤال غير واردة؛ لأن من أراد أن يتبرع فلا يأخذ عن تبرعه شيئاً. الفقرة الثانية: وهي كيف تنوي الحج؟ تقول عند التلبية: لبيك عن فلان وتسميه، فإن أحببت ألا يشعر أحد بأنك تحج عن غيرك فقل: لبيك اللهم لبيك، وأضمر في نفسك أنك تريد التلبية عن هذا الشخص المعين. الفقرة الثالثة: وهي الدعاء والعبادات في الحج، هل يشرك نفسه فيها؟ الذي يحج عن غيره إنما يجعل الحج وما يتعلق به للغير، أما الدعاء فهو لنفسه، ولكن من الأحسن أن يشرك غيره، أي يشرك الذي حج عنه أو اعتمر بالدعاء، فيقول: اللهم اغفر لمن كانت له هذه الحجة أو كانت له هذه العمرة؛ اغفر له ولي وارحمنا، ويدعو بما يشمل نفسه ومن أعطاه المال ليحج به، أما بقية الأفعال كالطواف والسعي والوقوف بـ عرفة والمبيت بـ مزدلفة ورمي الجمرات، والمبيت بـ منى، وطواف الوداع، فكل هذا للذي حج عنه وليس له منه شيء.

حكم ارتكاب الموكل في الحج بعض الذنوب والمعاصي

حكم ارتكاب الموكل في الحج بعض الذنوب والمعاصي Q فضيلة الشيخ: رجل كبير في السن لا يستطيع أن يؤدي فريضة الحج لعجزه عن ذلك، فطلب من أحد أقاربه أن يحج له وأعطاه المال اللازم للحج، ولكن هذا الشخص الموكل ارتكب بعض الذنوب والمعاصي في حجه، فما حكم هذا الحج بالنسبة للرجل كبير السن؟ هل هو صحيح أم أن تلك الذنوب والمعاصي يلحقه شيء منها؟ A الحج صحيح ما دام لم يفعل محظوراً يفسده، وأما المعاصي التي فعلها هذا الحاج فإن إثمها عليه، وليس على الكبير الذي حج عنه شيء من إثمها، لأنه لم يفعلها وبالتأكيد لا يرضى بها، فيكون إثمها على من فعلها. والواجب على من أخذ نيابة عن غيره أن يتقي الله عز وجل، وأن يؤدي الأمانة على ما ينبغي، فإن الله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} [النساء:58] .

جواز صلاة النساء تبعا للرجال

جواز صلاة النساء تبعاً للرجال Q فضيلة الشيخ: في الحملات تكثر النساء والرجال، فهل تصلي النساء مع الرجال في مكان منفصل في منى حالما يكونون في المخيم سواء كانوا خلفهم أو بجوارهم، أم يفرق بين من كانت على جانب ومن كانت خلف؟ وإذا كان ذلك غير مشروع، فهل من المشروع أن تصلي امرأة بتلك النساء؟ أم هل يصلين فرادى ويتفرقن، وقد يشوش الرجال على النساء حال الصلاة؟ A يجوز للنساء أن يصلين تبع الرجال في منى أو غيرها من مشاعر الحج، كما يجوز لهن أن يصلين في مساجد البلد، وإذا لم يصلين مع الإمام فلهن أن يصلين جماعة، ولهن أن يصلين فرادى؛ وذلك لأن المرأة ليست من أهل الجماعة حتى يقال: إننا نلزمها أن تصلي مع جماعة الرجال، أو أن تقيم النساء جماعة لهن، ولهذا اختلف العلماء: هل يسن للنساء أن يصلين جماعة سواء في السفر أو في الحضر أو لا يسن؟ فمنهم من قال: يسن لهن أن يقمن صلاة الجماعة إذا كن منفردات عن الرجال، ومنهم من قال إنه لا يسن ذلك، وأن المخاطب بالجماعة هم الرجال فقط، لكن لو فعلن وأقمن الصلاة جماعة فلا حرج عليهن. وخلاصة الجواب أن نقول: الحملات التي معها نساء يجوز للنساء أن يصلين مع الرجال جماعة لكن بدون اختلاط، والأفضل أن يكون النساء خلف الرجال، ويجوز أن يكون النساء في خيمة محاذية لخيمة الرجال، إما يميناً أو شمالاً، لكن الإمام لا بد أن يكون متقدماً في مكانه، ووجود الممر بين مخيم الرجال والنساء لا يؤثر لأن المخيم واحد، وصلاتهن وحدهن أولى إذا لزم من ذلك اختلاط.

حكم قطع الحج أو العمرة

حكم قطع الحج أو العمرة Q فضيلة الشيخ: جزار ذهب للحج، وعندما كان بـ منى، ذهب إلى المذبح ليذبح بالأجرة قبل أن يرمي جمرة العقبة، وهو داخل المذبح قطع الحج وخرج إلى بيته فما الحكم؟ A يجوز للحاج أن يذبح الهدي قبل أن يرمي، ولا حرج عليه في ذلك، لكن هذا الرجل لم يتحمل، وكأنه ذهب إلى بيته وقطع الحج، فنقول: إن الحج وإن قطعته لا ينقطع إلا بإتمامه، ولهذا لو قال الإنسان وهو محرم بالحج: قد فسخت نية الحج، فإنه لا يخرج منه، ويجب أن يكمل، وهذا مما يختص به الحج عن غيره من العبادات التي لو قطعها الإنسان لانقطعت، لكن الحج لا ينقطع ولو قطعه الإنسان. فمثلاً لو أن إنساناً يصلي وقطع صلاته فإن صلاته تنقطع، لكن لو كان محرماً بحج أو عمرة، ونوى قطع الحج أو العمرة، فإنه لا ينقطع، بل يلزمه الإتمام، وعلى هذا فنقول لهذا الرجل: يلزمك أن تتم الحج، وذلك بأن ترجع إلى منى، وتبيت فيها الليلة الحادية عشرة والثانية عشرة، ويلزمك أن ترمي الجمرات أيام التشريق.

حكم تقديم سعي الحج مع طواف القدوم للمتمتع

حكم تقديم سعي الحج مع طواف القدوم للمتمتع Q فضيلة الشيخ: هل يمكن للمتمتع أن يقدم سعي الحج مع طواف القدوم أو بعد انتهائه من العمرة مثل القارن والمفرد؟ A لا يمكن أن يقدم المتمتع سعي الحج؛ لأن المتمتع أول ما يقدم سوف يطوف طواف العمرة، ثم يسعى سعي العمرة، ثم يحل، ولا يأتي سعي الحج إلا بعد إحرام جديد للحج، وعلى هذا فنقول: المتمتع لا يمكن أن يقدم سعي الحج، بل لا بد أن يكون سعي الحج بعد الوقوف بـ عرفة والمبيت بـ مزدلفة.

حكم نحر الهدي قبل يوم العيد

حكم نحر الهدي قبل يوم العيد Q فضيلة الشيخ: نرى بعض الناس ينحر هديه قبل يوم العيد، فمن نحر قبل يوم العيد وسألنا؛ هل نأمره بالإعادة؟ A من نحر هديه قبل يوم العيد؛ إن كان فعل ذلك تقليداً أو اتباعاً لجواب عالم من العلماء فإنه لا يلزمه أن يعيده، لأن من العلماء من يرى أنه يجوز أن يذبح هدي التمتع قبل العيد، فإذا كان هذا الرجل يقلد هؤلاء العلماء، أو سأل واحداً من العلماء الذين يرون هذا الرأي، وقالوا له إن ذبحك صحيح، فإننا لا نأمره بإعادة الذبح. أما إذا كان قد ذبح قبل يوم العيد تهاوناً، وليس مبنياً على علم ولا على تقليد عالم، فإنه يلزمه أن يعيد الذبح، لأنه لا يمكن أن يذبح هدي التمتع والقران إلا في يوم العيد فما بعده، والدليل على هذا: أنه لو كان يمكن ذبح الهدي قبل يوم العيد لنحر النبي صلى الله عليه وسلم هديه وحل من إحرامه كما أمر بذلك أصحابه، بل قال عليه الصلاة والسلام: (إن معي الهدي فلا أحل حتى أنحر) ولو كان يجوز تقديم نحر الهدي على يوم العيد لنحره ثم أحل.

حكم لبس السراويل للمرض في الحج

حكم لبس السراويل للمرض في الحج Q فضيلة الشيخ: لا يخفى عليكم -وفقكم الله- أنه مع شدة الحر وكثرة المشي يصاب بعض الناس بالحرق، الذي يكون في الفخذين، فهل يجوز للرجل إذا أصابه ذلك أن يلبس السروال أو يلبس شيئاً قريباً منه لكي يفصل بين لحمه ليقي نفسه، لأننا نرى بعض الناس ربما يسيل دمه من ذلك الحرق، وهو قد تأذى بذلك، فما نصيحتك وما توجيهك؟ A يجوز للإنسان في هذه الحال أن يلف على فخذه لفافة، ويربطها من فوق ويسلم من هذا الحرق، فإن لم يتمكن فله أن يلبس السراويل، ولكن يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يذبح شاة يوزعها على الفقراء، لقول الله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) [البقرة:196] وفي هذه الحال ليس عليه إثم، لأنه فعل ذلك لعذر.

حكم الفصل بين الأشواط وعدم الموالاة

حكم الفصل بين الأشواط وعدم الموالاة Q فضيلة الشيخ: رجل طاف من الطواف شوطين، ولكثرة الزحام خرج من الطواف، وارتاح لمدة ساعة أو ساعتين، ثم رجع للطواف ثانية، فهل يبدأ من جديد أم يكمل طوافه من حين انتهائه؟ A إذا كان الفصل طويلاً فإن الواجب عليه إعادة الطواف، وإذا كان قليلاً فلا بأس بالإكمال وذلك لأنه يشترط في الطواف وفي السعي الموالاة، وهي تتابع الأشواط، فإذا فصل بينها بفاصل طويل بطل الأول أي أول الأشواط ويجب عليه أن يستأنف الطواف من جديد، أما إذا كان الفصل قصيراً كأن جلس لمدة دقيقتين أو ثلاث ثم قام وأكمل فلا بأس، أما الساعة والساعتان فهما من الفصل الطويل الذي يلزمه إعادة الطواف.

حكم الحج نيابة عن الأم المريضة

حكم الحج نيابة عن الأم المريضة Q فضيلة الشيخ: لي والدة مريضة بالقلب في مصر ولا تستطيع أن تأتي للحج، هل أحج عنها؟ وكيف يكون توكيلها لي بالحج؟ A إذا كنت حججت عن نفسك فحج عن والدتك، لأنها في هذه الحال لا يرجى أن تقدر على الحج، ومن كانت هذه حاله فإنه يوكل من يحج ويعتمر عنه، ولكن بشرط أن يكون الحاج النائب أو المعتمر النائب قد أدى الواجب من الحج والعمرة.

حكم تقديم سعي العمرة على طوافها

حكم تقديم سعي العمرة على طوافها Q فضيلة الشيخ: ذهبت إلى العمرة أنا وزوجتي، فلما بلغنا قريب الحرم حاضت زوجتي فأجلستها في المسعى، فذهبت وطفت ثم سعيت أنا وهي، وانتظرنا حتى طهرت ثم طافت، فهل هذا الفعل صحيح حيث قدمت سعي العمرة على طواف العمرة؟ أم ماذا نصنع الآن؟ A هذا الفعل ليس بصحيح، لأنه لا يجوز تقديم سعي العمرة على طوافها بخلاف الحج، حيث يجوز أن تقدم سعيه على طوافه وأما العمرة فلا. وبناء على هذا نقول: الواجب عليك -الآن- أن تذهب بزوجتك من أجل أن تسعى بين الصفا والمروة، وهي لا زالت باقية على إحرامها، فيجب عليها أن تتجنب محظورات الإحرام حتى تصل إلى مكة وتسعى بين الصفا والمروة، وتقصر لتحل من إحرامها، وفي هذه الحال يجب عليك أن تتجنب مباشرتها وجماعها حتى تذهب وتكمل عمرتها.

حكم الصلاة عند المقام مما يؤدي إلى منع الناس من الطواف

حكم الصلاة عند المقام مما يؤدي إلى منع الناس من الطواف Q فضيلة الشيخ: يكون في المطاف زحام شديد، فيصلي هناك بعض الجهَّال قريباً من المقام، ويحولون بين الناس وبين طوافهم، وقد يتحلق بعضهم على بعض، فهل علينا من شيء إذا دفعناهم خصوصاً في حال الزحام الشديد؟ A إن أولئك الذين يصلون خلف المقام ويصرون على أن يصلوا هناك، مع احتياج الطائفين إلى مكانهم قد ظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم، وهم آثمون معتدون ظالمون، ليس لهم حق في هذا المكان، ولك أن تدفعهم ولك أن تمر بين أيديهم، ولك أن تتخطاهم وهم ساجدون؛ لأنه لا حق لهم في هذا المكان أبداً، وكونهم يصرون على أن يكونوا في هذا المكان فهذا من جهلهم ولا شك؛ لأن ركعتي الطواف تجوز في كل المسجد، فمن الممكن للإنسان أن يبتعد عن مكان الطائفين ويصلي ركعتين، حتى أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه صلى ركعتي الطواف بـ ذي طوى، وهي بعيدة عن المسجد الحرام فضلاً عن أن تكون في المسجد الحرام. فالإنسان يجب عليه أن يتقي الله في نفسه، ويتقي الله في إخوانه، فلا يصلي خلف مقام إبراهيم والناس يحتاجون إلى هذا المكان في الطواف، فإن فعل فلا حرمة له، ولنا أن ندفعه، ولنا أن نقطع صلاته عليه، ولنا أن نتخطاه وهو ساجد، لأنه هو المعتدي الظالم، والعياذ بالله.

حكم الانصراف من مزدلفة قبل منتصف الليل

حكم الانصراف من مزدلفة قبل منتصف الليل Q فضيلة الشيخ: هل يجوز الانصراف من مزدلفة قبل نصف الليل لعامة الناس؟ وماذا يصنع من كانوا في حافلة واحدة وبعضهم شباب وبعضهم ضعاف، فماذا يصنعون حينئذ؟ A جاء في السؤال قبل منتصف الليل، ولعله أراد بعد منتصف الليل، ومع ذلك فنقول: إن الانصراف من مزدلفة لا يتقيد بمنتصف الليل، إنما يتقيد بآخر الليل لأن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها كانت تراقب القمر فإذا غاب دفعت. وإذا كان الناس في سيارة واحدة فحكمهم واحد، إذا دفعوا في آخر الليل من أجل الضعفة والنساء فإنهم يدفعون جميعاً، لأن في تفرقهم مشقة عليهم، والدين دين اليسر والسهولة، فإذا كانت هذه الحافلة فيها ستون راكباً؛ عشرون منهم من الضعفاء الذين يحتاجون إلى التقدم ليرموا الجمرة قبل طلوع الفجر، فإنه يجوز للباقين وهم أربعون أن يذهبوا معهم في هذه الحافلة، لأنهم رفقة واحدة، وتفرقهم يحصل به المشقة.

حكم المبيت بمزدلفة لأصحاب سيارات الأجرة

حكم المبيت بمزدلفة لأصحاب سيارات الأجرة Q فضيلة الشيخ: هل يعفى أصحاب سيارات الأجرة من المبيت بـ مزدلفة؟ A أصحاب سيارات الأجرة لا يعفون من المبيت في مزدلفة، بل الواجب أن يبيتوا في مزدلفة، ولهم أن ينصرفوا في آخر الليل، وكذلك ليس لهم الحق في أن يتركوا المبيت في منى إلا إذا كان الحجاج محتاجين إلى استعمال سياراتهم في الليل، فلهم في هذه الحال أن يتركوا المبيت في منى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للعباس بن عبد المطلب أن يترك المبيت في منى، من أجل أن يسقي الناس من ماء زمزم في المسجد الحرام.

حكم الرمي قبل الزوال

حكم الرمي قبل الزوال Q فضيلة الشيخ: هل يجوز الرمي قبل الزوال في اليوم الحادي عشر والثاني عشر؟ ثم من رمى وجاء يسأل فهل يؤمر بالإعادة؟ A لا يجوز الرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر قبل الزوال، ومن رمى وجاء يسأل نقول: أعد الرمي؛ لأن رميك قبل وقته، فهو كمن صلى قبل وقتها، فإنه يجب عليه أن يعيد الصلاة، فلو صلى الله عليه وسلم الظهر مثلاً قبل زوال الشمس، وجاء يسأل نقول: يجب عليك أن تعيد صلاة الظهر؛ لأن الصلاة قبل وقتها لا تصح، والرمي قبل وقته لا يصح، فعليه الإعادة، فإن كان قد فات وقت الرمي، أي أنه لم يسأل إلا بعد أن انقضت أيام التشريق، قلنا: يلزمك الآن دم تذبحه في مكة وتوزعه على الفقراء؛ لأنك تركت واجباً من واجبات الحج.

حكم العاجز عن طواف الوداع

حكم العاجز عن طواف الوداع Q فضيلة الشيخ: من مرض قبل طواف الوداع بعد أن أكمل جميع أعمال الحج، وهو لا يستطيع أن يؤديه حتى ولو كان محمولاً، كمن مرض بالحمى، وله رفقة لا يستطيع البقاء دونهم، فهل يسقط عنه الطواف كالحائض؟ A أما الحائض إذا حاضت بعد طواف الإفاضة فإنه لا وداع عليها، ودليل ذلك حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض) . وأما المريض فإن كان يستطيع أن يحمل وجب حمله؛ لأن أم سلمة قالت: (يا رسول الله! إنها شاكية -يشق عليها طواف الوداع- فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة) فأمرها أن تطوف ولو كانت راكبة، لكن جاء في السؤال أن هذا الرجل لا يستطيع أن يطوف بنفسه، ولا يستطيع أن يطوف وهو محمول، فهل نقول: إنه في هذه الحال يسقط عنه طواف الوداع قياساً على الحائض؛ لأن الحائض تعذر طوافها شرعاً وهذا تعذر طوافه حساً، فأقول: لو قال قائل بهذا لم يكن ذلك القول بعيداً لتعذر الطواف من الجانبين، فالحائض يتعذر منها الطواف شرعاً، والعاجز الذي لا يستطيع أن يطوف ولو محمولاً يتعذر عليه الطواف حساً، ولكن إذا كان الله قد أغناه وبسط له في الرزق، فإنه لا يضره أن يذبح فدية عن هذا الطواف، وتبرأ بذلك ذمته.

حكم وقوف المغمى عليه بعرفة

حكم وقوف المغمى عليه بعرفة Q فضيلة الشيخ: من أغمي عليه قبل عرفة، ثم حمل إلى عرفة في يوم عرفة وهو مغمى عليه فهل يصح حجه مع عدم علمه؟ A ذكر العلماء رحمهم الله أن وقوف المغمى عليه مجزئ، وأن الإنسان لو أغمي عليه قبل طلوع فجر يوم عرفة، ولم يفق إلا بعد طلوع الفجر يوم النحر وهو في عرفة، وقد وقف بـ عرفة فإن حجه صحيح والله أعلم.

حكم العمل بخلاف النظام

حكم العمل بخلاف النظام Q فضيلة الشيخ: أنا عامل أتيت إلى هذه البلاد بمرتب قدره ثمانمائة ريال، ولما قدمت قال لي كفيلي: ليس عندي مؤسسة، إن كنت تريد أن تعمل بالنسبة وإلا سفرتك، فاضطررت إلى الجلوس؛ لأن قدومي من مصر كلفني أكثر من خمسة آلاف ريال، فقلت: أقوم بتسديد الدين ثم أسافر، فلما أردت الحج قال لي أحد الإخوة: لا يجوز لك أن تحج بهذا المال لأن مالك حرام، فسألته لماذا؟ قال: لأنك رضيت بالنسبة وخالفت النظام الذي أتيت عليه. والآن أنا أريد الحج، وإنما أخذت ذلك المال لسداد ديني، وقد سددته ولله الحمد، فهل يجوز لي أن أحج بذلك المال أم ماذا أصنع؟ A إذا كنت جاهلاً لا تدري أن هذا العمل الذي اتفقت مع كفيلك عليه محرم فلا شيء عليك، لقول الله تبارك وتعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] فحج بهذا المال وهو حلال لك؛ لأن الله تعالى قال: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:275] .

حكم الحج على المدين

حكم الحج على المدين Q فضيلة الشيخ: اختلط عندي الأمر في الدين، فهل يفرق بين الدين الحال والدين الذي ليس له أجل؛ حيث إن علي ديناً لأحد أقاربي، ولو استأذنته لأذن، ولكني أريد الزواج بعد سنة، وأريد أن أؤدي الفريضة قبل الزواج هذا العام، فهل أحج مع وجود الدين علي أم ماذا أصنع؟ A إذا كان هذا الدين مؤجلاً وأنت تعرف أنه إذا حل الأجل فسوف تكون قادراً على قضائه فلا حرج عليك أن تحج، أما إذا كان الدين حالاً فنقول لك: أد الدين أولاً، ثم حج ثانياً، فإذا كان مالك لا يتسع لقضاء الدين وللحج فالدين أهم، والحج في هذه الحال غير واجب عليك، فاحمد الله على النعمة وعلى التيسير، واقض دينك الذي ثبت عليك قبل وجوب الحج عليك.

إجزاء الأضحية عن العائلة الواحدة

إجزاء الأضحية عن العائلة الواحدة Q فضيلة الشيخ: إذا كان الأب له أولاد وبعضهم متزوج، هل تكفي أضحية الأب عن الأبناء مع أن لهم زوجات، أم يذبح الوالد عن نفسه والولد عن نفسه والزوجة عن نفسها وكذلك كل من كان له مرتب؟ ما نصيحتك لمن كانوا عائلة في بيت واحد؟ A إذا كانوا عائلة في بيت واحد كفتهم أضحية واحدة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بأضحية واحدة عنه وعن أهل بيته، وكان نساؤه اللاتي معه تسع نساء، ومع ذلك ضحى عنهن بأضحية واحدة، أما إذا كان هؤلاء الأبناء كل واحد في بيت منفردٍ عن الآخر، فإن على كل واحد منهم أضحية، ولا تكفي أضحية الوالد عنهم.

حكم الأضحية عن الموتى

حكم الأضحية عن الموتى Q فضيلة الشيخ: توفي والدي ولم يوص بشيء، وله أولاد قُصَّر، هل أضحي للأولاد القصر أم أضحي للوالد على حدة؟ A أولاً يجب أن نعلم أن الأضحية ليست واجبة للأموات، وأصل الأضحية للأحياء، هذا هو الأصل، فإذا كان الميت لم يوص بها فالأفضل ألا يضحى عنه إلا تبعاً للأحياء، فيضحي الإنسان بالشاة عنه وعن أهل بيته وينوي بذلك الحي والميت. والدليل على أنه ليس من السنة أن يضحي عن الأموات إلا بوصية، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم توفي له بنات، وتوفي عمه حمزة بن عبد المطلب، وتوفيت زوجته خديجة رضي الله عنه، وزينب بنت خزيمة ومع ذلك لم يضح عن أحد منهم صلوات الله وسلامه عليه، ولو كان هذا خيراً لفعله النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما كان يضحي عنه وعن أهل بيته، يعني الأحياء. ولكننا نقول: إذا ضحى الإنسان عن نفسه وأهل بيته، ونوى بذلك الأحياء والأموات فليس في ذلك بأس إن شاء الله، أما الوصايا فيجب أن تنفذ على ما هي عليه.

أين يضحي المغترب عن بلده؟

أين يضحي المغترب عن بلده؟ Q فضيلة الشيخ: العامل الذي جاء إلى هذه البلاد بعيداً عن بلده، وله أولاد هناك، وهم أشد حاجة ممن هاهنا، هل الأفضل أن يذبح أضحيته هنا أم يرسل لهم ليضحوا عنه هناك، وأنتم تعلمون وفقكم الله شدة الحاجة في بعض بلاد المسلمين؟ A الذي أرى في هذه الحال أن يضحي هنا وهناك، فإن لم يتمكن فليضح هناك لأجل أن يتمتع أهل بيته بالأضحية في هذه الأيام المباركة.

حكم الأضحية لمن أخذ من شعره وظفره

حكم الأضحية لمن أخذ من شعره وظفره Q فضيلة الشيخ: ما رأي فضيلتكم فيمن أراد أن يضحي ولم ينو إلا بعد دخول شهر ذي الحجة، وقد أخذ من شعره وظفره، أو نوى أول الشهر ثم نسي وأخذ من شعره وأظفاره، وهل يفرق بين الوكيل وصاحب الأضحية؟ A أقول إن الإنسان إذا لم يطرأ على ذهنه الأضحية إلا في أثناء العشر، وكان قد أخذ من شعره وأظفاره قبل ذلك، فلا حرج عليه أن يضحي، ولا يكون آثماً في أخذ ما أخذ من أظفاره وشعره، لأنه فعل ذلك قبل أن ينوي الأضحية، وكذلك لو كان قد نوى من أول الشهر ولكنه نسي فأخذ من شعره وأظفاره فإن ذلك لا يمنعه من الأضحية، ولا ارتباط بين أخذ الشعور والأظفار والأضحية، فلو أن الإنسان تعمد وأخذ من شعره وأظفاره وضحى، فإن الأضحية تجزئه، لكنه يكون آثماً بكونه أخذ من شعره وأظفاره لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. وفي الختام أوجه كلمة لإخواني أصحاب الحملات أن يتقوا الله عز وجل فيمن كان معهم من الحجاج، وأن يحرصوا غاية الحرص على أن يؤدوا المناسك على الوجه المطلوب الثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويحسن أن يكون لهم تنظيم في رحلتهم؛ ماذا يقرءون وماذا يقولون كي ينتفع الجميع.

اللقاء الشهري [17]

اللقاء الشهري [17] الإجازة الصيفية تطرق الأبواب، والناس أصناف شتى في كيفية قضاء هذه الإجازة، وقد ركز الشيخ حديثه عن الإجازة وأصناف الناس في قضائها، وما ينبغي صرف أوقات الإجازة فيه، وذكر أحكاماً كثيرة يقع الناس فيها وخاصة الشباب، ثم أجاب عما أشكل على الناس من أمر دينهم.

أصناف الناس في قضاء الإجازة

أصناف الناس في قضاء الإجازة الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن الإنسان إذا فعل خطأ عن تأويل وعذر، فإنه ليس بخاطئ وإن كان مخطئاً، والفرق بين الخاطئ والمخطئ أن الخاطئ مرتكب الخطأ عن عمد، والمخطئ مرتكب الخطأ عن تأويل وعذر. وعلى كل حال فإني أعتذر حيث إنني لم أنبه قبل الأحد الماضي على أن يكون موعد اللقاء على ما كان عليه، وهو السبت الثالث من كل شهر، وإنني بهذه المناسبة، أقول: إنه ينبغي للإنسان إذا عمل عملاً أن يثبته، وألا يغيره إلا لسبب شرعي يوجب التغيير؛ لأن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا عمل عملاً أثبته. وقال عليه الصلاة والسلام: (أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل) ولأن الإنسان إذا أثبت العمل لم تختل قاعدته عند الناس، ولم يكن له كل يوم رأي، فينتفع الناس به وترسخ أقدامهم على ما كان عليه. وهذه الليلة هي ليلة الأحد الرابع والعشرين من شهر المحرم، عام خمسة عشر وأربعمائة وألف، والإجازة على الأبواب، ويا ليت شعري: كيف نمضي وقت هذه الإجازة؟

الصنف الأول: أهل السفر إلى الخارج

الصنف الأول: أهل السفر إلى الخارج والناس يختلفون في إمضاء هذا الوقت، منهم من يمضيه في السفر إلى الخارج إلى بلاد أجنبية، إلى بلاد الكفر والعياذ بالله، يذهب هو وأهله إلى تلك البلاد فيحصل بذلك من المفاسد الشيء الكثير: أولاً: إضاعة الأموال الكثيرة من تذاكر السفر، ومئونة الفنادق، وغير ذلك من الأموال الطائلة الهائلة. ثانياً: إنه قد لا يسلم من انحراف عقدي، أو انحراف خلقي وإن سلم هو، فربما تبقى الصورة في أذهان الصغار، صورة تلك البلاد التي لا يسمع فيها أذان، ولا تقام فيها جماعة، وليس فيها مساجد، ليس فيها إلا الكنائس، أو صوامع اليهود، ولا يسمع فيها إلا نواقيس النصارى وأبواق اليهود، ربما ترتسم هذه الصورة في ذهن الصغير ولا ينساها أبداً، وفكروا أنتم في أنفسكم، فالشيء الذي شاهدتموه وأنتم صغار يبقى مرتسماً في أذهانكم ولا يزول. ومن مفاسد السفر إلى الخارج أنه يبعد الإنسان عن أهله وقرابته وإخوانه وأصحابه، وقد يحتاجون إليه في يوم من الأيام، أو يحتاج هو إليهم في يوم الأيام. ومن مفاسد السفر إلى الخارج تلك المفسدة الفادحة إذا ذهب الإنسان وليس معه أهله، فإنه قد يغريه الشيطان بارتكاب الفاحشة، وهي الزنا والعياذ بالله، أو يغتر بقول من قال من العلماء: إنه يجوز للغريب أن يتزوج بنية أن يطلق إذا سافر إلى وطنه، والعلماء الذين قالوا بهذا القول، لا يقولون: إنه يجوز للإنسان أن يسافر ليتزوج، مع أن بعض الذين لا يخافون الله اتخذوا من هذا القول وسيلة إلى أن يسافروا ليتزوجوا مدة بقائهم في البلاد التي سافروا إليها. ولقد حكي لنا أن الرجل يذهب إلى هناك ويتزوج المرأة لمدة أسبوع، ثم يطلقها ويتزوج أخرى، ويتزوج في الشهر الواحد أربعاً أو خمساً، نسأل الله العافية، مع أنه لا يجوز للإنسان أن يجمع بين أكثر من أربع نساء، والمطلقة الرجعية في حكم الزوجة، لا يمكن أن يتزوج خامسة حتى تنقضي عدة الرابعة إذا طلقها، والمسألة خطيرة. هذا حال قسم من الناس مع هذه الإجازة، يذهبون إلى البلاد الخارجية ويحصل لهم من الشر والفساد ما الله به عليه.

الصنف الثاني: أهل العمرة والزيارة

الصنف الثاني: أهل العمرة والزيارة قسم آخر على العكس من ذلك، يذهبون إلى مكة ثم إلى المدينة، يذهبون إلى المسجد الحرام يؤدون العمرة، ويصلون في المسجد الحرام، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما) وقال عليه الصلاة والسلام: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) وأخبر صلى الله عليه وسلم في حديث آخر أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، فإذا ذهبت مثلاً إلى هناك، وصليت الجمعة في المسجد الحرام، تكون الجمعة الواحدة بمائة ألف جمعة، عمر طويل تكسبه، ثم إذا ذهبت إلى مكة والمدينة، فأنت لم تخرج فلوسك عن وطنك، فما خسرت من الفلوس فقد أنفقتها في وطنك، ونفعت بها إخوانك المسلمين.

الصنف الثالث: أهل حفظ القرآن

الصنف الثالث: أهل حفظ القرآن وقسم من الناس يستغل الإجازة بحفظ القرآن الكريم في هذه الإجازة ما لا يحفظه في أيام الدراسة، لأنه سيتفرغ تفرغاً كاملاً.

الصنف الرابع: أهل طلب العلم

الصنف الرابع: أهل طلب العلم ومن الناس من يستغل هذه الإجازة في طلب العلم عند العلماء، فيختار من العلماء من يرى أنه أعلم وأوثق فيتعلم عنده، ويحصل له في هذه الإجازة من العلم والبركة ما لا يحصل في غيرها، أي في أوقات الدراسة النظامية.

الصنف الخامس: في مساعدة الأهل

الصنف الخامس: في مساعدة الأهل ومن الناس من يستغل هذه الإجازة في مساعدة أهله، إن كانوا أهل فلاحة ففي الفلاحة، وإن كانوا أهل تجارة ففي التجارة فيستفيد ويفيد. ومن الناس من يستغل هذه الإجازة في قتل الوقت، وعدم الانتفاع به، فتجده يتسكع في الأسواق، ويسهر على الأرصفة، ولا يهتم بشيء وكأنه أطلق من قيد، من أجل أن يمرح ويسرح بدون فائدة. والذي أوصي به الشباب خاصة وسائر الناس عامة أن ينتهزوا الفرصة وألا يضيعوا من الوقت دقيقة واحدة إلا فيما فيه مصلحة ومنفعة، وإذا قدر أن الإنسان لا يملك أن يجلس عند أحد من العلماء يتعلم، وكان قد حفظ القرآن مثلاً، فليأخذ متناً من المتون الحديثية أو الفقهية أو العقدية يتحفظه، فإن لم يتمكن من ذلك، فليراجع الدروس المستقبلة، التي سيدرسها في السنة القادمة حتى يحصل على خير كثير. والنفس وما اعتادت، إذا اعتاد الإنسان التسكع في الأسواق، وذهاب العمر سدى فإنه لن يكون جاداً بعد ذلك. وإذا اعتاد أن يكون جاداً في جميع أحواله، سهل عليه الجد في جميع أحواله، نظراً لقصر الليل واحتياج الناس إلى الراحة والمراجعة في هذه الأيام فإني أقتصر على هذا الجزء لنراجع بعض الأسئلة، ونسأل الله لكم ولنا التوفيق والسداد.

الأسئلة

الأسئلة

حكم التخلف عن صلاة الفجر

حكم التخلف عن صلاة الفجر Q فضيلة الشيخ: حول موضوع قصر الليل في ليالي الصيف، يقصر الليل ويكثر التخلف عن صلاة الفجر، بسبب طول السهر وعدم المبالاة عند بعض الناس بصلاة الفجر مع الجماعة، بل الأمر أعظم من ذلك، حيث إن بعض الرجال والنساء لا يصلي صلاة الفجر إلا بعد طلوع الشمس، ليس يوماً بل أكثر أيامه، فما حكم صلاة الفجر بعد طلوع الشمس على الدوام أو على الغالب علماً بأن هناك من يضبط المنبه على ميعاد دوامه أو مدرسته، ثم يقوم ويصلي مثلاً في هذه الأيام في السادسة والنصف أو السابعة، وكأنه أمر طبيعي، فما نصيحتك لهؤلاء؟ وما هي الأسباب المعينة على المحافظة على صلاة الفجر؟ وما فضل ذلك نفع الله بك؟ A أقول: إن نصيحتي لهؤلاء أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم، وفي مستقبل أمتهم؛ وذلك لأن المعاصي سبب للمصائب، كما قال الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:30] والإنسان إذا جنى بانتهاك المحرمات وإضاعة الواجبات، فإن ضرره ليس على نفسه فقط، بل على نفسه وغيره، لقول الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال:25] . وإن نصيحتي لهؤلاء أن يناموا مبكرين حتى يستيقظوا مبكرين، ولا علاج لهذه الظاهرة التي ذكرها السائل لمن هذه حاله إلا أن ينام مبكراً ليستيقظ مبكراً، ويأخذ قسطاً من النوم في النهار كالقيلولة يستعين بها على نوم الليل، وعلى القيام لصلاة الفجر. وأما من تعمد أن يؤخر صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وهو نائم، ولم يضبط المنبه إلا على الوقت الذي يريد أن يقوم فيه، فإني أقول له: إن صلاته مردودة عليه غير مقبولة منه، يضرب بها وجهه يوم القيامة -والعياذ بالله- ولو صلى ألف مرة فإن الله تعالى لا يقبل صلاته. والدليل على هذا قول الله عز وجل: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:103] ووقت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الفجر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإذا أخرها عمداً إلى طلوع الشمس فقد عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله، فيكون مردوداً، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود عليه، فليتق الله المرء في نفسه، وليحاول بقدر ما يستطيع إن كان رجلاً أن يقوم ويصلي مع الجماعة، وإن كانت امرأة أن تقوم وتصلي مبكرة، ولا حرج أن تؤخر المرأة الصلاة إلى قرب طلوع الشمس، لكنه فاتها الأفضل، أما الرجل فلا بد أن يقوم مبكراً من أجل أن يدرك صلاة الجماعة.

منكرات الأفراح

منكرات الأفراح Q فضيلة الشيخ: مما يكثر أيضاً في هذه الإجازة كثرة الأفراح، ولكن يشوبها شيء من المنكرات، نرجو من فضيلتكم أن تنبهوا على أهم المنكرات التي يجب على المسلمين اجتنابها؟ A يريد السائل بالأفراح: الزواجات، حيث إنها تكثر عادة في أيام الإجازة، وهذه الزواجات لها طريقة مشروعة ولها طريقة ممنوعة. أما الطريقة المشروعة: فهي إعلان النكاح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعلان النكاح، ومن إعلان النكاح هذه القصور التي صار الناس الآن يتزوجون فيها، فإنها ظاهرة بقناديلها وفتحها وغير ذلك، هذا من الإعلان. ومن الإعلان -أيضاً-: الضرب عليه بالدف والغناء المباح، وهذا بالنسبة للنساء، فلا حرج على النساء أن يغنين وأن يضربن بالدف، ولكن يكون الغناء غناء حشمة، فلا يكون فيه خطأ في كلمات الأغنية، ولا في أدائها، بألا يكون فيها كلام فاحش، ولا كلام غرام، ولا تؤدى بألحان كألحان المغنين، بل بألحان مناسبة. وفي هذه الحال أيضاً نقول: يبعد النساء عن الرجال، ويكن في مكان بعيد، إما مسقف أو غير ذلك، ولا يحل أن تنشر أصواتهن عبر مكبر الصوت، لأن في ذلك إزعاجاً للجيران، وفيه سبب للفتنة، فإن بعض النساء قد يكون صوتها جميلاً يتلذذ الرجال به ولا سيما الشباب، فليكن الاحتفال بالغناء والدفوف في وسط مكان مسقف، أو في مكان بارح بعيداً عن الرجال، ولا يكون فيه أصوات ظاهرة. أما الأشياء الممنوعة فكما يحصل من بعض السفهاء، أن بعض النساء أو بعض الشباب الصغار يصطحبون معهم آلات التصوير، ويصورون حفل النساء، فتبقى صور النساء ألعوبة في أيدي السفهاء، وأشد من ذلك أن يصور الحفل بأشرطة الفيديو، ثم ينشر في كل مكان، فتجده بأيدي السفهاء يباع أو يهدى أو ما أشبه ذلك. ومن هذه الأمور الممنوعة أيضاً: أن بعض الناس -وهم والحمد لله قليل- يحضر الزوج مكان الحفل، ويجلس هو وزوجته على المنصة، وربما يقبلها أمام النساء -نسأل الله العافية- وهذا منظر فظيع مثير للشهوة. وفيه أيضاً -أي: في حضور الزوج- مفسدة لو تفطنت لها الزوجة وأهلها لأنكروا ذلك أشد الإنكار، فمن المعلوم أن هذا الزوج قد تزوج وجاء إلى هذا المكان وهو فرح مسرور، ويرى أن زوجته من أحسن النساء، فإذا جلس أمام النساء ورأى شابات أجمل من امرأته وأحسن، فيحصل بذلك صدمة عليه ويكره امرأته التي حضر وهو يرى أنها من أجمل النساء، فإذا في بنات آدم من هي أحسن من امرأته بكثير، وحينئذ يعزف عن امرأته، ويتعقد، ويكون باله مرتبطاً بالمرأة التي رآها وهي أجمل من زوجته، لذلك نرى أن هذا مع كونه محرماً يكون سبباً في التباعد بين الزوج وزوجته الجديدة. ومن الممنوعات أيضاً: أن بعض الناس يرسل الصغار من الأولاد من أجل أن يلتقطوا صور النساء، وهذه غير المسألة الأولى، فقد قلت: إن النساء أنفسهن يحملن آلات التصوير ويصورن، أما هذا فيرسل صبيان صغار لا يمنعهم البواب لأنهم صغار، لكن معهم آلات التصوير يصورون بها النساء، ثم يأتون بهذه الصور إلى الذين أرسلوهم من الرجال، وهذا لا شك أنه منكر عظيم. ومن الأشياء الممنوعة: أن تجعل ولائم كثيرة لعدد قليل، ثم لا ينتفع الناس بهذه الولائم، ولا شك أن هذا من الإسراف الذي نهى الله عنه، فقد قال سبحانه وتعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31] . والإنسان يجب أن يتذكر أن هناك من بني آدم من إخوانه المسلمين في البلاد الأخرى من لا يجد كسرة الخبز، فكيف يبطر هذا البطر، ويصنع هذه الولائم الكثيرة التي لا ينتفع بها بعد، أما إذا كان ينتفع بها فالأمر أهون، لكن إذا كانت تحمل في السيارات وترمى في البر فهذا خطأ عظيم، ويخشى أن تزول النعم بمثل هذه التصرفات.

حكم الطيب في الإحرام

حكم الطيب في الإحرام Q سائل يقول: فضيلة الشيخ: حججت العام المنصرم، وبعدما نويت العمرة وأنا جالس في السيارة، ركب أحد الركاب وطيب من بجواري، وعندما عرض علي ذلك الدهن فوضعه على يدي وأنا أعرف الحكم ولكني جاملته فقط، وبعدما ذهب مسحته بقماش، فما الحكم في ذلك؟ A لا يجوز للإنسان أن يجامل أحداً في طاعة الله عز وجل، فيعصي الله من أجل المجاملة، فالواجب عليك حين عرض عليك هذا الطيب أن تقول له: إنه لا يجوز للمحرم، وهو يشاهدك أنك محرم، لكن قد يخفى عليه أن المحرم يحرم عليه استعمال الطيب، وربما ينسى فيطيبك، ففي هذه الحال يجب عليك أن تقول: يا أخي! إن الطيب محرم على المحرم وتمتنع منه. وبناءً على أنك لم تفعل هذا وجاملته في معصية الله فإنه يجب عليك أن تتوب إلى الله مما صنعت. والعلماء يقولون: يجب عليك واحد من أمور ثلاثة: إما ذبح شاة هناك في مكة تتصدق بها على الفقراء، وإما إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع هناك أيضاً، وإما أن تصوم ثلاثة أيام ولو في بلدك، وقالوا أيضاً: يجوز أن يذبح الشاة وأن يطعم المساكين في مكة، ويجوز في المكان الذي فعل فيه المحظور.

استغلال المرأة لوقت الإجازة

استغلال المرأة لوقت الإجازة Q يقول السائل: تكلمت وفقك الله عن العطلة الصيفية واستغلالها للشباب فقط في طلب العلم وغيره، ولكن ما دور النساء، كيف تستغل المرأة وقتها في هذه العطلة، وكيف تطلب العلم الشرعي، نرجو توضيح ذلك؟ A النساء شقائق الرجال ويجب عليهن المحافظة على الأوقات كما يجب على الرجال، والمرأة أشد مسئولية بالنسبة للمحافظة على الوقت؛ لأن المرأة في بيتها، والنساء والحمد لله اليوم يتمكنَّ من مراجعة الكتب، ففي إمكان المرأة أن تراجع الكتب مرة، وأن تستمع إلى الأشرطة مرة، وأن تأخذ بإخوانها الصغار تدرسهم وتعلمهم مرة، وأن تشتري مثلاً ماكينة تتعلم عليها الخياطة، وما أشبه ذلك، فمجال العمل للمرأة واسع كما أن مجال العمل للرجال واسع أيضاً. ثم إن دروس الرجال إذا كانت في وقت مناسب للنساء أمكن أن يحضرن، فمثلاً لو كان بعد المغرب يمكن للمرأة أن تحضر، وأكثر المساجد والحمد لله اليوم موجود فيها أماكن خاصة للنساء تأخذ المرأة حريتها في هذه الأمكنة، يمكنها أن تضع عباءتها وتكشف وجهها، ويمكنها أن تتكئ على الجدار، وما أشبه ذلك، فالأمر واسع والحمد لله.

حكم الزواج من بنت الخال التي رضع أخوها مع أختي

حكم الزواج من بنت الخال التي رضع أخوها مع أختي Q فضيلة الشيخ: أنا شاب أريد الزواج من ابنة خالي، ولكن أخاها رضع مع أختي، فهل يجوز أن أتزوجها؟ وإذا كان العكس حيث إن أختي رضعت مع أخيها، فهل يجوز أيضاً أن أتزوجها، أرجو التوضيح جزاكم الله خيراً؟ A نعم يجوز أن يتزوجها، فيجوز للإنسان أن يتزوج المرأة إذا كان أخوه قد رضع من أمها، أو أختها رضعت من أمه، بشرط ألا يكون رضع هو من أمها ولا هي رضعت من أمه أو من امرأة تحرم عليه بنتها فإنه لا بأس. ونعطي الآن قاعدة مفيدة في الرضاع، الإنسان الرضيع له آباء وأمهات، وله إخوان وأخوات، وله أعمام وعمات كل هؤلاء لا يتأثرون بالرضاع إطلاقاً، فالرضاع إذاً ينتشر إلى ذرية الراضع، ولا ينتشر إلى أصوله وهم الآباء والأمهات، ولا إلى حواشيه وهم الإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات. ولهذا لو أنك رضعت من امرأة ولها بنت فبنتها حرام عليك لأنها أختك، لكنها حلال لأخيك، لأنه ليس بينها وبين أخيك علاقة إطلاقاً، فهي ليست أخته من الرضاع ولا عمته ولا خالته. - كذلك أيضاً لو أنك رضعت من امرأة ولك ابن، فهل يجوز لهذا الابن أن يتزوج بنت هذه المرأة؟ الجواب: لا. لأنها عمته، أخت أبيه. - لو أن أخاك رضع من امرأة وكان أخوك له أبناء، فهل يجوز لأبناء أخيك أن يتزوجوا أخت هذه المرأة التي أرضعتك؟ لا يجوز لأنها خالة أبيهم، وخالة المرء خالة لذريته، وعمة الإنسان عمة له ولأبنائه ولبناته، وخال الإنسان خال له ولأبنائه ولبناته، وعم الإنسان عم له ولأبنائه ولبناته.

حكم الزكاة في أموال التبرعات

حكم الزكاة في أموال التبرعات Q فضيلة الشيخ: الأموال التي تودع في البنوك أو يحفظها الإنسان وهي خاصة للزواج، أو خاصة لمساعدة المجاهدين، أو للكوارث أو لبناء المساجد، إذا حال عليها الحول فهل فيها زكاة أرجو تفصيل ذلك وفقك الله؟ A كلمة: (وهي خاصة للزواج) لا أدري هل معناها أن الرجل أودع في البنوك دراهم ليتزوج بها، أم أن هذه دراهم تبرع بها أهلها للمتزوجين؟ إن كان الأول فهذه الدراهم ملك لصاحبها يجب عليه أن يؤدي فيها الزكاة، خلافاً لما يفهم بعض الناس من أن الدراهم التي يعدها الإنسان للزواج أو لشراء بيت ليس فيها زكاة، وهذا غلط، ما دامت الدراهم في ملكه ففيها الزكاة، سواء أعدها للزواج أو لشراء بيت، أو لأي غرض من الأغراض. وأما الدراهم التي تبرع بها أهلها للزواج أو للصدقات أو للجهاد أو ما أشبه ذلك، فليس فيها زكاة، حتى الدراهم التي تبرع بها أهلها للنكبات التي تحصل على بعضهم ليس فيها زكاة، كما يوجد في بعض القبائل، حيث يضعون صندوقاً للتبرع ويجمعون فيه التبرعات، فإذا حصل على أحدهم نقص، فإنهم يعطونه من هذه الدراهم، نقول: هذه الدراهم ليس فيها زكاة، لأنه ليس لها مالك، فهذه الدراهم خرجت من ملك أصحابها، وليس لها مالك الآن، ومن شروط وجوب الزكاة تمام الملك، وهذه ليست ملكاً لأحد. كذلك أيضاً في بعض الدراهم التي تكون عوضاً عن شيء موصى به، مثل أن يهدم البيت الموصى به أو الوقف، وتحفظ دراهمه حتى يجدوا بيتاً آخر، فإن هذه الدراهم ليس فيها زكاة؛ لأنها ليست ملكاً لأحد، إذ أن الموقوف لا يملكه الموقوف عليه، فهي ليست ملكاً لأحد فتبقى ولو طالت المدة، حتى يشترى بها بدل الوقف التالف.

إضاعة الوقت في مشاهدة المباريات

إضاعة الوقت في مشاهدة المباريات Q تكرر السؤال حول مشاهدة الناس واهتمامهم بالمباريات، وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ: تعلم وفقك الله أن في هذه الليالي تكثر المباريات، والكثير من الشباب؛ بل والكثير من الآباء والنساء قد تعلقت قلوبهم بمشاهدة هذه المباريات، فما نصيحتك لهؤلاء الذين يمضون جل أوقاتهم في مشاهدتها؟ ونرجو التوجيه منك وفقك الله لإقامة الحجة على هؤلاء نفع الله بك الجميع؟ A لنا فتوى حول هذا الموضوع، وبينا أن مشاهدة هذه المباريات فيها عدة أمور: أولاً: إضاعة للوقت؛ حيث يمضي وقت كثير والناس يشاهدون هذه المباريات، والوقت ثمين، فالوقت أثمن من المال وأثمن من كل شيء، كل وقت يمضي عليك في غير طاعة الله فهو خسارة، لقول الله تعالى: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:1-3] . والوقت أثمن من المال والدليل على هذا قول الله تبارك وتعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) [المؤمنون:99-100] يعني: لعلي أنفق مالي في العمل الصالح. ثانياً: إن مشاهدة هذه المباريات فيها إضاعة للمال، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن إضاعة المال، وهنا إضاعة المال؛ لأن التليفزيون يحتاج إلى كهرباء، والمكان الذي أنت فيه يحتاج إلى كهرباء، لولا بقاؤك في هذا المكان لأغلقت الكهرباء وذهبت إلى النوم، فهو إذاً إضاعة للمال كما هو إضاعة للوقت. ثالثاً: أنه إضاعة للطاقة، أي: الطاقة الجسمية؛ لأن السهر يهدم الجسم، ويؤثر عليه تأثيراً بالغاً، ربما لا يظهر الأثر في الوقت الحاضر أو القريب، ولكن في المستقبل. رابعاً: أنك ربما تشاهد من يتفوق على غيره في هذه المباريات وهو من أهل الكفر، أو من أهل الفسوق، أو من أهل الفجور، فيتعلق قلبك به، ويكون فيه تعظيم لهذا المتفوق، وربما يكون فيه محبة له، ومعلوم أن هذا يخل بالإيمان والعقيدة. خامساً: أن مشاهدة هذه المباريات لا تخلو غالباً من مشاهدة العورة، فإن الفخذ عورة عند كثير من العلماء وهذا القول وإن كان الراجح خلافه في أن الفخذ ليس بعورة، إلا أن الفخذ بالنسبة للشباب عورة بلا شك، لأنه فتنة، ولهذا يحصل في مشاهدة المباريات أن تشاهد هذه الأفخاذ، قد يقول المشاهد: أنا لا أهتم بهذه الأفخاذ ولا أنظر إليها، ولا يهمني إلا أن أشاهد هؤلاء اللاعبين، فيقال: نعم أنت ربما لا تهتم بهذا الشيء في ليلة أو ليلتين، أو ثلاث ليال، ولكن قد يغريك الشيطان إلى أن تهتم بهذا الأمر، فنصيحتي لهؤلاء أن يعدلوا عن مشاهدة هذه المباريات إلى ما هو أنفع في الدين والدنيا.

الحجاب عبادة وليس عادة

الحجاب عبادة وليس عادة Q سائل يقول: فضيلة الشيخ: هناك مشكلة أسأل الله عز وجل أن يجعل حلها على يديك، وهي خاصة بي وبإخواني الذين في مثل حالي، فقد جمع الله بيني وبين زوجتي على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وزوجتي معارة هنا، وبمجرد أن تركب الطائرة تخلع العباءة وتكشف جسمها، ثم تذهب بعد ذلك إلى المصايف في بلادنا بـ مصر، بما في ذلك من شرور وآثام، وهذا العام هداني الله عز وجل في رمضان، والحمد لله عرفت بأن ذلك محرم، ولكني لم أستطع إقناع زوجتي حتى الآن بأن ترتدي الحجاب الشرعي بعد الإجازة عندما نذهب إلى بلادنا، حيث إنها مصرة على عدم التحجب، لدرجة أنني عندما أكلمها في ذلك تطلب مني الطلاق، وفي حالة إصراري على حجابها تدعي أن الحجاب هنا عادة وتقاليد لأهل هذا البلد، وثانياً: أن الحجاب هنا ضروري للحصول على المال طبقاً لنظام هذا البلد، والمهم أن بيننا أطفالاً ثلاثة، فهل من كلمة لها ولمن في مثل حالها وهي حاضرة اليوم راغبة في سماع رأي فضيلتكم فبماذا تنصحونها؟ وبماذا أتصرف والحال هذه؟ وإذا أصرت على الطلاق فهل تأثم بذلك وهي تريد التبرج، جزاك الله عنا وعن كل مسلم خير الجزاء؟ A أقول: ورد في السؤال أن الحجاب عادات وتقاليد وهذا خطأ، الحجاب عبادة وتدين وتقرب إلى الله عز وجل، وليس من باب العادات والتقاليد، بل هو من باب الأوامر التي أمر الله بها ورسوله، فيكون فعله قربة إلى الله عز وجل، وهذه نقطة مهمة، لأننا إذا اعتقدنا أنه عادات وتقاليد، ثم سافرنا من بلد عاداته وتقاليده الاحتجاب إلى بلد لا يعتادون ذلك، فهذا يقتضي ألا تحجب المرأة هناك، لأن عاداتهم وتقاليدهم لا يجب فيها الاحتجاب، ولكن أقول لإخواني من رجال ونساء: إن الحجاب شرع، وليس عادة، وذلك لأمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم وأنه خلق وحياء ولا شك أن الحياء من الإيمان. وإني أنصح هذه المرأة ألا يكون للشيطان عليها سبيل ليفرق بينها وبين زوجها، فإن أحب ما يكون للشيطان أن يفرق بين المرء وزوجه، ولهذا كان أشد السحر وأعظمه هو التفريق بين الرجل والمرأة، لقول الله تعالى: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) [البقرة:102] . أشير على هذه المرأة أولاً: أن تتقي الله عز وجل وأن ترتدي الحجاب الشرعي الذي كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء المسلمين يرتدينه تعبداً لله وتقرباً إليه واحتساباً للأجر والثواب. ثانياً: الزوج بالنسبة للزوجة سيد، كما قال الله تعالى: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ) [يوسف:25] والزوجة بالنسبة للزوج أسيرة، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اتقوا الله في النساء، فإنهن عوان عندكم) والعواني جمع عان والعاني هو الأسير، إذاً فالزوج سيد، والزوج أيضاً راع على أهله، نصبه النبي عليه الصلاة والسلام، ولم ينصبه أحد من الناس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) . وإذا كان الأمر كذلك، فالكلمة في هذا له، فالواجب على المرأة أن تطيعه في هذا، لأنها إذا أطاعته في هذا فقد أطاعته في طاعة الله عز وجل، نعم لو طلب الزوج من امرأته أن تمارس شيئاً محرماً فلا سمع له ولا طاعة، لكن إذا لم يكن محرماً، بل هو مأمور به شرعاً؛ فإن ذلك يتأكد عليها أن تطيعه، فأشير على زوجة هذا السائل أن تتقي الله عز وجل، وأن تحتجب الحجاب الشرعي طاعة لله عز وجل قبل كل شيء، ثم امتثالاً لأمر زوجها الذي جعله الرسول عليه الصلاة والسلام راعياً عليها، والذي له الحق في أن يقول كلمته وعليها الحق في أن تقبل هذه الكلمة. ثم إن طلبها الطلاق من أجل هذا طلب بغير حق، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة) ومعلوم أنها إذا سألت الطلاق من أجل أن زوجها يأمرها بأن تحتجب، معلوم أنها سألت هذا الطلاق من غير ما بأس، بل سألته من خير. ثم إنه يجب أن تعلم أن الأمر ليس بالهين إذا فارقها زوجها في هذه الحال وبينهما أولاد، فسوف يضيع الأولاد من وجه، ولن يرغب الناس فيها ولها أولاد من زوج سابق؛ لأن الناس لا يريدون أن يدخلوا في مشاكل مع الآخرين، فلتتقي الله عز وجل، ولتوافق زوجها في ذلك، أي: في الاحتجاب حجاباً شرعياً، طاعة لله عز وجل، وامتثالاً لأمر زوجها، وتجنباً لأسباب الشر والفواحش، وهي إذا فعلت ذلك ابتغاء وجه الله، فما ينالها من الأذى في بلادها، فهو زيادة خير لها وأجر وثواب.

فضل الالتحاق بالمراكز الصيفية

فضل الالتحاق بالمراكز الصيفية Q فضيلة الشيخ: تنتشر ولله الحمد في هذه البلاد المراكز الصيفية للبنين، ودور القرآن للنساء، فما نصيحتك لعموم الناس في إلحاق أبنائهم بهذه المراكز، خصوصاً وأن لها ثماراً رأيتموها -وفقكم الله- في الأعوام السابقة؟ A أما دار القرآن للنساء فإننا نحث النساء على دخولها لما فيها من الخير والمصلحة، وتعلم كتاب الله عز وجل، والثواب بتلاوته. وأما المراكز الصيفية فلا شك أن فيها فوائد كثيرة، ولو لم يكن منها إلا كف الشباب عن التسكع في الأسواق وإضاعة الوقت، ولا سيما إذا كان على هذه المراكز أناس معروفون بالصلاح، والتربية الحسنة والتوجيه الحسن. وأحث طلبة العلم على الاتصال بهذه المراكز، وإلقاء المحاضرات فيها، بل وإلقاء الدروس إذا أمكن في هذه المراكز، لما في ذلك من الخير الكثير، ونحن نشكر الدولة على فتح الباب لهذه المراكز، وعلى تشجيعها، ثم أحث إخواني المواطنين على أن يلحقوا أولادهم في كل عمل خيري، من هذه المراكز، أو حلقات تحفيظ القرآن الكريم أو غير ذلك مما فيه مصلحة ومنفعة؛ لأن ذلك يعينهم على تربية أولادهم، ويكف أولادهم عن أسباب الشر والفساد.

زكاة النخيل

زكاة النخيل Q فضيلة الشيخ: اشتريت بيتاً قبل ثلاث سنوات، وفيه -ولله الحمد- ثلاث نخل مثمرات من نوعين، وفيهن ثمر كثير، فهل علي زكاة والحال هذه، علماً بأن كثيراً من الناس يجهلون ذلك؟ وأسأل: كيف يكون معرفتي بلوغ النصاب من عدمه وأنا أخرفها خرفاً؟ وكيف يكون تقدير الزكاة، وهل تدفع من كل نوع بنسبته، أم بضم بعضها إلى بعض وتخرج من نوع واحد؟ وهل يجوز أن أدفع نقوداً؟ وماذا أصنع في السنوات الماضية؟ A ما ذكره السائل من خفاء الزكاة في النخيل التي تكون في البيوت على كثير من الناس فهو صحيح، فكثير من الناس يكون عنده سبع نخل أو عشر نخل أو أكثر أو أقل وثمرتها تبلغ النصاب، لكنهم لا يعلمون أن فيها زكاة، ويظنون أن الزكاة في البساتين فقط، والزكاة واجبة في ثمر النخيل سواء في البستان أو في الدور، وعلى هذا فليأت بإنسان له خبرة، وليقدر ثمر هذا النخيل هل يبلغ النصاب أم لا؟ فإذا بلغ النصاب وجب عليه أن يزكيه. ولكن كيف يزكيه وهو يخرفه كما قال السائل؟ أرى أنه في مثل الحال تقدر قيمة ثمر النخلة الذي يبلغ النصاب وتخرج الزكاة من قيمته؛ لأن ذلك أسهل على المالك وأنفع للمحتاج، ولكن كم مقدار الزكاة؟ مقدار الزكاة (5%) بينما زكاة المال (2. 5%) لكن هذه فيها (5%) لأن الثمار زكاتها نصف العشر فيما يسقى بمئونة أو العشر فيما يسقى بلا مئونة ونصف العشر (5%) . أما ما مضى من السنوات وهو لم يزكه جاهلاً، فإنه يقدر الآن في نفسه كم يظن الثمرات الماضية ويخرج زكاتها الآن، وليس عليه إثم فيما سبق من تأخير الزكاة، لأنه ربما يكون جاهلاً بذلك؛ لكن لا بد من أداء زكاة ما سبق.

حكم الرهان

حكم الرهان Q سائل يقول: فضيلة الشيخ: نحن مجموعة من الشباب نخرج للصيد، وأحياناً نضع هدفاً من شجر أو حجر أو أي غرض غير الحيوان ثم نتبارى عليه أينا يصيب ذلك الهدف، فمن أخطأه فإن عليه ذبيحة أو عشاءً أو نقوداً معينة، فهل هذا العمل جائز؟ وما هو الضابط في قضية الرهان المنتشر بين الناس، أو ما يسمونه بالحق، فإذا صار بين الإنسان وبين أخيه أي أمر، قال: عليك رهن أو عليك حق في كذا وكذا، أرجو توضيح هذه القضية لانتشارها وفقك الله؟ A أما الرمي على هدف أو شجر فمن أصاب فله كذا وكذا، ومن أخطأ فعليه كذا وكذا فإنه جائز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر) والبنادق الآن من النصل، فإذا ترامى الناس وكان على المغلوب شيء وللغالب شيء فإن هذا لا بأس به ولا حرج، لأنه مما جاءت الشريعة بحله. وأما ما ذكره مما يكون بين الناس، فإني أرى أنه أكل للمال الباطل، لأن بعض الناس صار يتخذ كل شيء فيه (حق) كما يقول إنه حق وهو باطل، حتى إذا تكلم بكلمة وأخطأ ألزموه بذلك، فلو أراد أن ينادي صاحبه واسمه عبد الله، فقال: يا عبد الرحمن، قال: ما اسمي عبد الرحمن اسمي عبد الله عليك حق، كلما حصل خطأ ولو طفيفاً قال: عليك حق وألزمه، فهذا لا يجوز، بأي شيء حل لك أخذ ماله؟ إذا كان يريد أن يجعل لكم مأدبة فليجعلها بغير هذا الوجه، وبعض الناس يقول: أنا أود أن أغلط أو ربما أغلط نفسي من أجل أن يصير علي حق، نقول: بدون هذا، قل: يا جماعة! إني أدعوكم لوليمة في اليوم الفلاني وينتهي الموضوع، أما أن تجعل كل كلمة فيها حق (كما تزعم أنه حق وليس بحق) فهذا ليس بصحيح وهو أكل للمال بالباطل. نعم. لو حصل خطأ واضح في أمر خطر، ثم تدخل رجال بين المعتدي والمعتدى عليه فأصلحوا بينهم، بمال أو بمأدبة أو ما أشبه ذلك فلا حرج.

طلب العلم خير من الجهاد إلا لمن لا يصلح للعلم

طلب العلم خير من الجهاد إلا لمن لا يصلح للعلم Q سائل يقول: فضيلة الشيخ: أنا طالب للعلم أمامي خيارات عدة أريد أن أسلك واحداً منها، وأريد رأي فضيلتكم في ذلك: أولاً: طلب العلم الشرعي في هذه البلاد. ثانياً: السفر إلى أرض البوسنة والهرسك أو غيرها للجهاد في سبيل الله. ثالثاً: السفر إلى بلادنا والعمل لدين الله والدعوة إليه، علماً بأنه في الغالب مصير هذا الطريق الأسر. رابعاً: البقاء في هذه البلاد وجمع ما تيسر من مال وإرساله أو جزء منه إلى الفقراء والمساكين والمأسورين في بلادنا، فما نصيحتك لي وفقك الله؟ A أرى أن طلب العلم الشرعي أفضل هذه الخيارات؛ لأن الدين لا يقوم إلا بالعلم، والناس اليوم محتاجون إلى العلم الشرعي، محتاجون إلى العلم الراسخ؛ لئلا يهلك العلماء فيتخذ الناس رؤساء جهالاً يفتون بغير علم فيضلون ويضلون، فطلب العلم الشرعي هو أفضل هذه الخيارات عندي، إلا إذا كنت ممن ليس أهلاً للعلم، لأن البعض ليس وعاء للعلم، إما لأنه (كالزنبيل تغرف به الماء) وأنتم تعرفون هذا المثل: (كالزنبيل تغرف به الماء) إذا غرفت الماء بالزنبيل ثم أخرجته من الماء لا يبقى فيه شيء، لأن بعض الناس هكذا ليس عنده حافظة إطلاقاً. وإما أنه رجل عنده قوة وشجاعة وإقدام وإذا جلس للعلم وجد الكسل والخمول وعدم الانتفاع، في هذه الحال نقول الأفضل إن تذهب إلى جبهات القتال في بلاد المسلمين، وأحق الناس فيما أرى اليوم هم البوسنة والهرسك؛ لأننا متفائلون بانتصارهم على الصرب الطاغي الظالم، وكما تسمعون في الإذاعات ليس هناك نشاط بالنسبة للأمم الكافرة في إيقاف عدوان الصرب، فإذا وجد من يشجع المجاهدين لصد عدوان هؤلاء كان فيه خير كثير. فالناس يختلفون في الواقع كل إنسان يمكن أن نفتيه بما يكون أنسب لحاله. ولهذا تجدون أجوبة الرسول عليه الصلاة والسلام لمن كان يستفتيه تختلف بحسب حال الرجل. جاءه رجل فسأله قال: (يا رسول الله! إني أريد الجهاد، قال: أحيٌّ والداك؟ قال نعم، قال: ففيهما فجاهد) لأن الرسول علم من حاله أن بقاءه عند والديه وبره خير من ذهابه إلى الجهاد، ولعله ليس بذلك الرجل الصالح للجهاد، وعندما تكلم على العموم سأله عبد الله بن مسعود: (أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله) وفي بعض الأحيان يكون الجواب مختلفاً عن هذا حسب حال السائل.

اجتناب التنفير في الدعوة إلى الله

اجتناب التنفير في الدعوة إلى الله Q ماذا تقول وفقك الله في حث طلبة العلم الذين حصلوا ما حصلوه من العلم الشرعي في مثل هذه الإجازات والناس قد فرغوا، هل من حث لهم على الذهاب إلى بلادهم، لتفقيه الناس في دين الله تعالى، خصوصاً والناس في فراغ في مثل هذه الإجازة؟ A هذا جيد إذا كان الإنسان عنده قدرة على دفع ما يلقى عليه من شبهات، وأعني بذلك البلاد الأخرى غير السعودية لأن السعودية قد لا تجد فيها شبهات كشبهات الدول الأخرى، فإذا كانت عنده قدرة فليذهب لعل الله ينفع به، وفي هذه الحال أرى ألا يباشر الناس بإنكار ما هم عليه؛ لأنه إذا فعل ذلك نفروا منه ولم يقبلوا، بل يبين لهم الحق، ويحثهم عليه، ويرغبهم فيه، ويدخل في أمور يتفقون معه على أهميتها كالصلاة مثلاً وإخلاصها لله، حتى لو كانوا يعبدون مثلاً ما يعبدون من القبور فلا يدخل عليهم مباشرة يندد بهم، ويسبهم ويسب عملهم، لأن هذا لا شك أنه سوف ينفرهم؛ لكن يدخل عليهم ببيان التوحيد وفضله والصلاة، والإنسان العاقل يعرف كيف يتصرف، وحينئذ يملك قلوبهم ويقبلون قوله.

عظم أجر المرأة في طاعة زوجها

عظم أجر المرأة في طاعة زوجها Q فضيلة الشيخ: إن المرأة التي ذكر السائل في سؤاله جاءت هنا راغبة طامعة في بيان رأيكم، فهل من تطييب لخاطرها في بيان أجرها إذا أطاعت الله عز وجل في لبس الحجاب، أو أطاعت زوجها في ذلك الأمر وفقك الله؟ A لا شك أن لها ثواباً عظيماً في طاعة الله عز وجل ثم بامتثال أمر زوجها، فإنها حينئذ ترضي الله وترضي زوجها، والإنسان في هذه الحياة لا يعمل عملاً إلا وهو يريد بذلك رضا الله، لأنه هو المقصود، إذ أن ما في الدنيا كلها زائل عن الإنسان، أو الإنسان زائل عنه، كما نشاهد الناس الآن يرحلون عنا إلى عالم آخر، إلى عالم البرزخ إلى عالم الجزاء، ولا يجد الإنسان حصيلة من دنياه كلها إلا ما أمضاه في طاعة الله ولا شك أن أجرها عظيم وثوابها جزيل إذا أطاعت زوجها في ذلك، ثم إنها ربما تكون سبباً لهداية نساء أخريات يقتدين بها ويتبعنها، ويحصل بهذا خير كثير.

نصيحة إلى أولياء الأمور ولابسات النقاب

نصيحة إلى أولياء الأمور ولابسات النقاب Q فضيلة الشيخ: كثر في الأسواق اليوم لبس النقاب، وهي ظاهرة انتشرت عند النساء خاصة في مثل هذه البلاد التي اعتاد الناس فيها على الحجاب، فما نصيحتك لأولياء الأمور، وهم يدعون نساءهم ولا يعلمون على أي حال يدخلن في هذه المحلات وفقك الله لكل خير؟ A دخول النساء للمحلات محلات البيع والشراء خطر عظيم على المرأة وعلى صاحب المحل، لأنها إذا دخلت وخلا بها فحينئذ يأتي الشيطان: (وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) كما قال صلى الله عليه وسلم، وأنا أعجب من بعض الناس يقف عند الدكان وهو في سيارته، ويدع المرأة تبايع الرجل، وربما تدخل الدكان وهو يشاهدها ولا يهتم بذلك فأين الغيرة؟ وأين الإيمان؟ وأين الرجولة؟ والذي ينبغي إذا كان ولا بد أن تذهب معك المرأة فاجعلها هي في السيارة وتقول: ماذا تريدين من البضاعة، وتأتي لها بالبضاعة، أما أن تبقى أنت في سيارتك وهي تذهب إلى المتجر، وتدخل المتجر، ويكلمها الرجل ولا يدري ما وراء ذلك، فهذا غلط عظيم. أما بالنسبة للنقاب؛ فالنقاب لا شك أنه كان موجوداً في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وأن من عادة النساء لبس النقاب، لكن أتعرفون النقاب الجائز؟ هو ما فتح فيه للعينين فقط، ونحن الآن فيما نرى لو أننا مكنا النساء من هذا النقاب لكان اليوم نقاباً شرعياً وغداً سيكون غير شرعي، لأن النساء يتوسعن، ربما تبقى شهراً أو شهرين لا تنقب إلا لعينيها نقبة صغيرة، ثم بعد ذلك تنزل النقبة توسعها شيئاً قليلاً، وبعد ذلك أيضاً توسع أكثر، ثم يأتي دور اللثام، وفيه لا تجعل نقاباً إطلاقاً، بل تجعل لثاماً يغطي الفم والأنف والباقي مفتوح، ومعلوم أن الشيء إذا كان ذريعة إلى محرم، فلنا أن نمنعه من باب السياسة الشرعية وإن كان جائزاً في الأصل. ولقد كان لـ عمر بن الخطاب رضي الله عنه من هذا الحظ الوافر، فقد كان بيع أمهات الأولاد -وأم الولد هي الأمة التي ولدت من سيدها- جائزاً في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وفي عهد أبي بكر، ولكن الواحد منهم كان لا يبيع أم ولد لها ولد، ثم توسع الناس في ذلك فبدأ الرجل يبيع الأمة ولها ولد عنده، فمنع عمر رضي الله عنه من ذلك، أي منع بيع أمهات الأولاد مع أنه في الأصل جائز. كذلك كان الرجل إذا طلق زوجته ثلاث مرات، قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو قال: أنت طالق ثلاثاً، كان يملك الرجعة ويراجع بلا عقد، فكثر هذا العمل في عهد عمر، فلما رأى الناس قد أكثروا منه وهو حرام منعهم من الرجوع، قال: لا يمكن أن ترجع زوجتك، أنت طلقت ثلاثاً تريد أن تبين منك فنجعلها تبين، ولهذا قال: أرى الناس قد تعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم. فالحاصل أننا نرى منع النقاب خوفا من التوسع فيه، أما أصله فهو جائز، وليس لنا أن نحرم ما أحل الله، لكن لنا أن نمنع الحلال خوفاً من ارتكاب الحرام.

اللقاء الشهري [20]

اللقاء الشهري [20] غلب على عادات الناس تأخير الزواج إلى الإجازة الصيفية، فكان من المناسب أن ينبه على بعض أحكام الزواج، وهذا ما ستدركونه من خلال هذه المادة، ثم بعد ذلك يجيب الشيخ عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

بعض أحكام الزواج

بعض أحكام الزواج الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين، وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهو في هذه الليلة يصادف ليلة الأحد السادس عشر من شهر صفر عام خمسة عشر وأربعمائة وألف، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه اللقاءات لقاءات مباركة نافعة. أيها الإخوة: سبق أن قلت لكم: إن هذا اللقاء مشترك بيني وبينكم، فما يجول في خواطركم من المشاكل العامة أو الخاصة فإننا نتلقاه بالقبول، ونحاول حله، فإن كان من الأمور العامة جعلناه موضوع درسنا، وإن كان من الأمور الخاصة نظرنا هل من المصلحة عرضه في هذا اللقاء أم من المصلحة أن يكون خاصاً بصاحبه؟ والأمر حسب ما تقتضيه الحال. وقد تفوتني كثير من الأشياء التي تكون في المجتمع؛ في الأسواق العامة، أو في المدارس، أو في المعاهد أو المستشفيات أو في غير هذا البلد أيضاً من المشاكل في البلاد الإسلامية، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً. وموضوع درسنا هذه الليلة هو الحديث عن بعض أحكام الزواج، وذلك لأنه في هذه الإجازة تكثر الزواجات في كل بلد من بلادنا ولله الحمد، وهذا لا شك أنه من نعمة الله سبحانه وتعالى، أن يسر لنا شيئاً كثيراً قد لا يتيسر لغيرنا في كثير من البلدان ولكن هناك أشياء تخفى على بعض الناس، منها:

حق الزواج

حق الزواج هل الزواج حق للزوجة أو حق لأبيها وأخيها وعمها؟ وA أن الزواج حق للزوجة، فهي التي سوف تعيش مع الزوج، وسوف تصلى ناره أو تنعم برضاه، لهذا حرم الشارع أن تزوج امرأة إلا بإذنها فلا يحل للإنسان أن يزوج أي امرأة من أقاربه إلا بإذنها ورضاها، حتى لو كان أباها، فإنه يحرم عليه أن يزوجها إلا بإذنها ورضاها، قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:232] فلا تعضل المرأة من زوجها الذي كان طلقها وأراد أن يتزوجها مرة أخرى، ولا تعضل المرأة على زوج لا ترضاه؛ لأن في ذلك عدواناً عليها. وأما السنة فهي صحيحة صريحة في أن المرأة لا تزوج إلا برضاها، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم نص على البكر ونص على الأب فقال: (والبكر يستأذنها أبوها) وبه نعرف أن بعض الناس الذين يزوجون بناتهم بدون رضاهن آثمون مسئولون عن ذلك أمام الله، بل إن عقد النكاح لا يصح؛ لأنه وقوع فيما حرم الله ورسوله، والعقد المحرم لا يصح، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي مردود. وعلى العكس من ذلك أناس يمتنعون من تزويج النساء من يردن أن يتزوجن به، ولكنه لا يدخل خاطر الأب أو الأخ، لا يدخل خاطره فلا يزوجها منه، مع العلم بأن الخاطب كفؤ وأهل والزوجة تريده، لكن لا يزوجها إما لعادات سيئة قبيحة باطلة جاهلية، وإما لعداوة شخصية بين الخاطب ووالد المرأة.

عادات قبيحة في الزواج

عادات قبيحة في الزواج أما العادات السيئة القبيحة الجاهلية فهي:

حصر الزواج في القبيلة فقط

حصر الزواج في القبيلة فقط أي: أن بعض القبائل لا يزوج نساءه إلا من قبيلته، حتى لو خطب إنسان من قبيلة أكرم من قبيلته وأشرف لمنعه؛ لأنه لا يريد أن يزوج من غير القبيلة، حتى وإن كانت المرأة تريد هذا الرجل الذي ليس من قبيلتها وترغب فيه، لأنه ذو خلق ودين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) وهذا الرجل يمنع هذه المرأة المخطوبة؛ لأن الخاطب ليس من القبيلة، وهذه عادة جاهلية، وعادة سيئة، وعادة أبطلها الشرع، حيث حدد من يقبل ومن لا يقبل بقوله: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) .

عدم تزويج القبيلية بخضيري والعكس

عدم تزويج القبيلية بخضيري والعكس ومن ذلك أيضاً ما يجري بين الناس الآن من كون القبيلية لا تتزوج بخضيري، والخضيري لا يتزوج بقبيلية، والخضيري: هو الذي لا ينتسب لقبيلة من قبائل العرب وأصله من الموالي، والموالي دخلوا في القبائل وصاروا مندمجين بهم، لكن لما كان أصله غير قبيلي صاروا يسمونه خضيري والآخر قبيلي، فمن العادات الباطلة أنه لا يزوج قبيلي بخضيرية ولا خضيري بقبيلية. فأما الأول وهو ألا يزوج قبيلي بخضيرية، فما علمت أحداً من العلماء قال به إطلاقاً؛ لأن الزوج أشرف نسباً من الزوجة، الزوج قبيلي ينتسب إلى قبيلة معروفة من العرب، والزوجة غير قبيلية، فهذه ما علمت أحداً من العلماء قال: إن القبيلي لا يتزوج بخضيرية، لكن قال بعض العلماء: إنه لا تزوج القبيلية بخضيري إذا عارض بعض الأولياء، وإن كان هذا القول مرجوحاً لكنه قد قيل به، أما الأول فلم يقل به أحد من العلماء فيما نعلم، وهذه من العادات السيئة التي ينبغي أن تمحى من أفكار الناس، ويقال: أليست هذه الخضيرية أو هذا الخضيري أليس حراً؟ صحيح أن الأمة المملوكة لا يتزوجها الحر بنص القرآن إلا بشروط، لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء:25] . لكن امرأة حرة نقول: لا يتزوجها الحر، في دين من؟ ولهذا كان قول بعض العلماء: إنه لا تزوج القبيلية برجل خضيري إذا عارض بعض الأولياء، بل غلا بعض العلماء: وقال: لا يصح النكاح أصلاً، فإن هذه أقوال ضعيفة لا معول عليها، فالمؤمنون بعضهم لبعض أكفاء، المسلمون تتكافأ دماؤهم وتتكافأ أحوالهم، ولا دليل على التفريق.

التحكم في البنت والمغالاة في المهور

التحكم في البنت والمغالاة في المهور ومن ذلك أن بعض الناس يتحكم في بنته كأنما هي سيارة، إن جاءت بالثمن الذي يرضاه زوجها وإلا منعها، حتى سمعنا بعض الناس يشترط شروطاً قاسية لا يستطيعها إلا القليل من الناس، يقول: أنا أزوجك بنتي على أن يكون مهر البنت خمسين ألفاً وللأم عشرة، وللأب عشرة، هذه سبعون ألف ريال، ووايت يحمل الماء للغنم، وحمالة: أي سيارة حمالية تحمل البيوت إذا انتقلنا من جهة إلى جهة، فيصبح المسكين وإذا بالمهر قد بلغ حوالي: مائتي ألف، سبحان الله! وأكثر هذا الذي يشرط يكون لغير الزوجة، مع أن المهر للزوجة ولا يجوز لأحد أن يشترط منه شيئاً، حتى الأب لا يجوز أن يشترط لنفسه شيئاً من المهر، لقول الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء:4] الصدقات أي المهور، فأضاف الصدقات إلى النساء أي إلى الزوجات، وأضاف الإتيان إليهن، فلا يحل لأحد أن يشترط لنفسه منه شيئاً، هذا الباب مسدود ممنوع، وفي منعه حكمة بالغة، لأنه لو رخص للولي أن يشترط لنفسه شيئاً ولأم الزوجة شيئاً لكانت الفريسة هي الزوجة؛ لأن الضرر عليها، فتصبح وكأنها سلعة تباع بالمزاد العلني، ولقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كلما كان المهر أيسر كان أعظم للبركة، وهذا هو عين الحكمة. ومن الملاحظ أن زيادة المهر توجب المشاكل بين الزوجين، كيف ذلك؟ إذا كان المهر كثيراً وهذا الزوج لم يحصل عليه إلا بالاستقراض من فلان، والاستدانة من فلان وبيع أشياء له من حاجاته، صار عبء المرأة عليه ثقيلاً، فكلما ذكر هذا المهر الذي أثقل كاهله وأشغل ذمته لحقه الغم، وبالتالي يكره الزوجة ويقول: هذه هي التي حملت ظهري ما لا يحتمل، وشغلت ذمتي فيكرهها. ثم إذا ساءت العشرة بينهما، هل يسهل عليه أن يفارقها بلا عوض؟ كلا. لا يسهل، فلو ساءت العشرة بينهما لم يكن من السهل أن يطلقها ويأتي بغيرها؛ لأنه خسر عليها خسارة كبيرة؛ فيؤذيها، فإذا بلغت الروح الحلقوم وبلغ السيل الزبى جاءت قضية المخالعة والمفاداة، وقالت الزوجة وأولياؤها: نحن نعطيك المهر الذي دفعت إلينا، والمهر الذي دفعه إليهم ربما يكون قد نفد، قد اشتري به حلي وثياب وهدايا، وذهب أكثره، وقد تكون الزوجة وأولياؤها فقراء، فيتحملون على ظهورهم الديون من أجل أن يفسخوا هذه المرأة من زوجها، لكن لو كان المهر يسيراً، لم يهتم الزوج ذاك الاهتمام فيما لو ساءت العشرة بينهما، ولطلقها طلاقاً عادياً. ولهذا أهيب بإخواني في هذا البلد وفي غير هذا البلد، أن يكون لديهم العزيمة والشجاعة في تقليل المهور ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً؛ لأن ذلك أعظم بركة في النكاح. وإني أقص عليكم قصة جرت على يدي، عقدت عقد النكاح لرجل، فلما قرأت خطبة النكاح قلن لأبي المرأة: زوج الرجل، فقال: زوجتك بنتي على صداق ريال، فكنت أظن أن هذا مما يقوله العامة من قبل، حيث يرسل الزوج للزوجة حمل سيارة ودراهم، ثم عند العقد يقول أبو الزوجة: زوجتك بنتي على ريال، والمهر حقيقة هو حمل سيارة ومعه دراهم أيضاً، لماذا يقول العامة هكذا؟ لأن الفقهاء يقولون: يسن تسمية الصداق في العقد، وهل هذا صحيح أن الصداق هو الريال؟ لا. المهم أن هذا الرجل قال: زوجتك بنتي على صداق ريال، فقلت له: هذا لا أصل له، الصداق ما دفعه الزوج، ولا يصح أن نقول: زوجتك بنتي على صداق ريال؛ لا قدر الله إلا الخير، لو مات الزوج مثلاً في هذه الحال لم تستحق هذه الزوجة عليه إلا ريالاً واحداً، والباقي يرد للزوج، لو طلقها قبل الدخول فلا تستحق الزوجة إلا نصف المهر أي نصف ريال، ونصف ريال يرجع للزوج وكذلك حمل السيارة يرجع إليه، فقلت: له هذا لا أصل له، قال: والله ما أخذت منه مهراً إلا هذا الريال فشكرته على ذلك، وقلت: الآن قل: زوجتك بنتي على مهر ريال. ثم قلت له: الرجل يحتاج إلى غرفة نوم وفراش، قال هذا كله تبرع مني، فقلت: جزاك الله خيراً، هؤلاء أناس فضلاء طيبة نفوسهم، ليت الناس يسلكون هذا المسلك؛ لكن نسأل الله السلامة. الآن كما نسمع، مهور كثيرة مشغلة للذمة، مقلقة للراحة، موجبة للغم والهم، فلو أن الناس تعاونوا في مثل هذه الأمور وصار معهم الحزم والشجاعة على أن يقللوا من المهر ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، بلا وكس ولا شطط، لا شيء زائد، ولا شيء ناقص، العدل هو الخير. ونكتفي بهذا القدر من الكلام، لأن الوقت انتهى ولنا إن شاء الله تعالى كلام يتعلق بهذا الموضوع في اللقاء القادم، ألحقنا الله وإياكم الخير، ووفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه، فإنه على كل شيء قدير.

الأسئلة

الأسئلة

حكم تزويج الرجل الفاسق

حكم تزويج الرجل الفاسق Q فضيلة الشيخ: حفظكم الله: إذا تقدم شاب إلى الأب ويريد الزواج بابنته، ولكن هذا الشاب ذو معاص ظاهرة وباطنة، بل إن صلاته قليلة، وهذا الأب ربما استحيا من والد هذا الشاب لأنه أخوه، فما موقف الإخوان لأنهم على فقه بالواقع، ويحرصون على مصلحة أختهم، ولذلك لا يرغبون في زواج هذا الشاب من أختهم، وربما أن الأخت توافق عليه، فهل لهؤلاء الإخوة الوقوف في المواجهة ورد هذا الخاطب، وربما يحصل نزاع بينهم وبين أبيهم وأعمامهم، بينوا الحل المناسب مأجورين وجزاكم الله خيراً؟ A الحمد لله رب العالمين، خلاصة هذا السؤال أن شخصاً خطب فتاة، وليس بكفء لها من الناحية الدينية، ولكنه قريب منها، وكأن الذي يظهر أن الأب موافق، وأن البنت ستوافق، فهل للإخوة الصالحين أن يمانعوا في ذلك؟ الجواب: أن نعلم أنه ليس من شرط النكاح أن يكون الزوج عدلاً، بل يصح أن يزوج وهو فاسق، لكن من شرط النكاح أن يكون الزوج مسلماً، فإذا كان هذا الخاطب يصلي لكن عنده معاصٍ، فإنه إذا زوج فالنكاح صحيح. لكن لا نشير على الأب ولا على الفتاة أن تتزوج شاباً على هذا الوصف الذي ذكر في السؤال، لأنها ستتعب معه في دعوته إلى الحق، وستتعب معه في فعلها هي للحق؛ لأنه إذا كان ناقص الدين وهي امرأة ملتزمة فقد يمنعها من أشياء كثيرة في دينها، قد يمنعها من صيام التطوع، وقد يمنعها من صلاة التطوع، وقد يمنعها من قراءة القرآن، وقد يمنعها من اقتناء الكتب النافعة، وقد يمنعها من الاستماع إلى الأشرطة النافعة. فلذلك نشير على الأب وعلى الفتاة ألا تتزوج مثل هذا، وبإمكان الإخوة الملتزمين أن يقنعوا البنت المخطوبة حتى تمتنع، وإذا امتنعت فإنه لا يحل لأبيها أن يزوجها بابن أخيه مهما كانت الحال، فإن فعل فهو آثم، والنكاح غير صحيح، ولا أرى سبيلاً يمكنهم به دفع هذا الخاطب إلا هذه الطريقة: أن يحاولوا إقناع البنت في رفض الزواج بهذا الخاطب. فإن قال قائل: أفلا يكون في ذلك قطيعة رحم، لأنه ربما يغضب العم وابن العم ويغضب الأب؟ فنقول: نعم، قد يكون في ذلك قطيعة رحم، وقد لا يكون، لكن تزويجها بهذا الخاطب شر محقق، وقطيعة الرحم غير محققة، حيث قد يرضون بالواقع. فإن قال قائل: هل يمكن أن يؤجل النكاح حتى يؤخذ على هذا الخاطب تعهد بالالتزام، وينظر مدى التزامه؟ قلنا: هذا يمكن بأن يقال: والله يا فلان نحن لا نريد أن ندفع خطبتك لغرض شخصي لكنه لغرض ديني: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) أي: وإذا أتاكم من لا ترضون دينه وخلقه فلا تنكحوه، فإذا رأينا أنك استقمت واتقيت الله عز وجل، فإننا مستعدون لتزويجك، فينظر ويمهل المدة التي تكفي في اقتناعنا بأنه استقام ثم نعقد له النكاح.

صحة نكاح المكرهة إذا أجازته من بعد

صحة نكاح المكرهة إذا أجازته من بعد Q فضيلة الشيخ: أحد الآباء تقدم إليه خاطب لابنته ذو خلق ودين وذو صلاح فزوجها مع رفضها له، لأنها تريد إكمال الجامعة -أي الدراسة- وقد زوجها لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) فهل العقد صحيح؟ وهل يأثم الأب مع أن البنت الآن تشكر أباها على هذا الفعل وجزاكم الله خيراً؟ A الحمد لله ما دامت البنت الآن قد رضيت ووافقت وأجازت العقد، وشكرت أباها على هذا فقد انتهى الأمر؛ لأن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أباها زوجها وهي كارهة، فأعطاها النبي صلى الله عليه وسلم الخيار بين أن تبقى مع الزوج أو تفسخ النكاح، ولكنها أقرت النكاح، أقرت النكاح لأجل أن يعرف الآباء أنه ليس لهم السيطرة على بناتهم بتزويجهن من لا يرضين، وهذا دليل على أن المرأة إذا أجازت النكاح الذي كانت قد ردته، فإنه لا حرج في ذلك، فما دامت الفتاة قد رضيت فهذا هو المطلوب. لكني أقول تعقيباً على السؤال: حيث امتنعت المرأة من النكاح بذي الخلق والدين من أجل أن تكمل دراستها في الجامعة، أقول: إن هذه نظرية خاطئة؛ لأن تكميل الدراسة في الجامعة بالنسبة للمرأة ليس أمراً ضرورياً، فالمرأة يكفيها أن تعرف كيف تقرأ وتكتب ثم تعتكف على ما ينفعها في بيتها، وفي صيانة أولادها وزوجها، فهي ليست بحاجة إلى أن تترقى إلى الدراسات العليا، لأنها إذا فعلت ذلك وترقت إلى الدراسات العليا، فإن ذلك سيكون فيما بعد عبئاً عليها، فلن ترضى لنفسها إلا بوظيفة تناسب شهادتها، وإذا توظفت هذه الوظيفة انشغلت عما هو أهم؛ من إصلاح أولادها وإصلاح بيت زوجها وغير ذلك. فأقول في التعليق على هذه النقطة في السؤال: إنه لا ينبغي إطلاقاً للمرأة أن تمتنع عن النكاح من أجل إكمال دراستها في الجامعة، فإذا أخذت الشهادة الثانوية فهذا فيه خير كثير؛ لأنها وصلت إلى مرحلة تستطيع فيها القراءة والكتابة، وهذا فيه خير كثير.

تأخير تزويج المرأة انتظارا لكفء والبحث عنه سنة

تأخير تزويج المرأة انتظاراً لكفء والبحث عنه سنة Q يقول السائل فضيلة الشيخ: هل يلام الولي أو يأثم إذا تأخر زواج ابنته لأنه لم يتقدم إليها من يرضى دينه وخلقه؟ وهل يجوز له أن يبحث لها عن زوج كفء لها؟ وهل بحثه لها عن زوج يعتبر منقصة له ولها جزاكم الله خيراً؟ A إذا تأخر تزويج الرجل ابنته لأنه لا يتقدم إليها من يرضى دينه وخلقه فإنه ليس بآثم؛ لأن هذا التأخر لمصلحة المرأة، فإن من لا يرضى دينه وخلقه سيكون نكبة على الزوجة في المستقبل؛ إما أن يصدها عن دينها، وإما أن يعاشرها معاشرة سيئة تذوق منه الحرين، فتأخير تزويجها انتظاراً لخاطب كفء ليس فيه إثم بل هو عين المصلحة، ولا يعد الولي آثماً بذلك. وأما الفقرة الثانية: وهي بحث الولي عن زوج كفء فإن هذا من السنة؛ فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عرض ابنته حفصة على عثمان بن عفان رضي الله عنه ليتزوجها، فقال: إنه لا رغبة له في النكاح، ثم عرضها على أبي بكر فردها، قال: لا أريدها، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم خطبها، فلما خطبها النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أبو بكر عمر بأنه إنما رده عرضه، لأنه كان قد سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها، فرد ذلك تأدباً مع الرسول صلى الله عليه وسلم، واحتراماً له، وإلا ففي ظني أنه ما كان يرد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين عرض عليه ابنته، لكن احتراماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم تركها، والرسول عليه الصلاة والسلام ما خطبها ولكن تحدث عنها وفهم أبو بكر أنه يريد أن يخطبها، فهنا عرضها على رجلين، فعرض الرجل ابنته على أهل الخير من الخير، وليس فيه منقصة بل فيه منقبة للإنسان.

رد الخاطب لأجل أبويه

رد الخاطب لأجل أبويه Q يقول السائل: فضيلة الشيخ: ما رأيكم فيما يشيع بين الناس هذه الأيام من عدم تزويج الشاب الكفء بسبب أحد والديه -أمه أو أبيه مثلاً- وخاصة ممن يكون له أم ويقوم على شأنها، فهذا غير مرغوب فيه، علما بأنه متدين وذو خلق ودين؟ وما رأيكم بكثرة الشروط وخاصة المنزل المستقل، وأن تبقى بالعمل، والخادمة، وغير ذلك من الشروط وفقكم الله؟ A أقول: إن من قصر النظر أن يرد الخاطب الكفؤ من أجل أمه أو أبيه، نعم. إذا عرف عن الأم والأب سوء الخلق فهنا يمكن أن يشترط على الزوج أن المرأة إذا لم يطب لها المسكن مع أمه وأبيه فلها الحق في أن تطلب سكناً آخر، وإذا حصل هذا الشرط زال المحذور ووجب الوفاء به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) وهذه المرأة أو وليها إذا ردوا هذا الخاطب لأن عنده أباً أو أماً، فمتى يأتيهم خاطب ليس له أب وأم؟! وربما يأتيهم خاطب ليس له أب وأم لكنه سيئ الخلق أو ناقص الدين، ثم تبقى المرأة عانساً، حتى إذا فاتت الرغبة فيها ندمت، ولهذا من الأمثال العامية: (كل تأخير خِيَرة إلا الزواج والثمرة) الثمرة إذا أينعت لا تتركها تفسد، والزواج إذا حل فتوكل على الله، يستوي في ذلك الرجل والمرأة، فالتأخير يضر، وكل يوم يمضي على الشاب أو الشابة بعد الشباب فإنه يضعف همته وشهوته، ويبرد قوته ويزداد ضعفاً. فأقول: إن هذه النظرية خطأ إلا في الحال التي ذكرتها واستثنيتها، وهي إذا علم عن أبيه وأمه سوء الخلق، فللزوجة أن تشترط، وتقول: إن طاب لي المسكن فأنا أسكن معهما، وإلا فلي الحق في المطالبة بسكن آخر، وإذا تم هذا الشرط فهو شرط صحيح.

الاحتجاج بالقدر في ترك الزواج

الاحتجاج بالقدر في ترك الزواج Q فضيلة الشيخ: هناك بعض الناس إذا قلت له: لماذا لا تتزوج؟ يجيب بأنه لم يأمرني الله بعد، فما قولك فيما يقول هذا؟ A أقول: هذا خطأ؛ لأن الله تعالى جعل للإنسان قوة وإرادة واختياراً يفعل ما يريد، وإرادته تحت إرادة الله لا شك، لكن بعض الناس يتعلل بالقضاء والقدر دفعاً لما يورد عليه فقط، وهو يعلم أن هذا ليس بصحيح. - هل إذا قيل له: لم لا تصلي؟ يقول: لم يأمرني الله أن أصلي، أو إذا قيل له: لم لا تترك الاكل؟ يقول: الله لم يأمرني بترك الأكل، فأقول: إن الاحتجاج بالقدر احتجاج الضعيف الذي ليس له حجة، فنقول: تزوج وإذا تزوجت علمنا أن الله قد أمرك، هذا من حيث الأمر القدري، أما الأمر الشرعي فالله قد أمره، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) .

حكم إجبار المرأة على الزواج ممن لا ترغب

حكم إجبار المرأة على الزواج ممن لا ترغب Q يقول السائل: هناك رجل يبلغ من العمر ما يقارب السادسة والستين، وهو رجل كبير في السن ولكن تزوج من امرأة شابة صغيرة، وكان أهلها قد أجبروها على الزواج من هذا الرجل الكبير، وأجبروا الرجل على دفع المهر وهو مبلغ مائتي ألف ريال ما صحة هذا الزواج؟ A هل الفتاة وافقت؟ إن وافقت فالأمر إليها؛ لأن بعض النساء ربما توافق على أن تتزوج بهذا الرجل الكبير ابتغاء للأجر، حيث تريد أن ترأف به وتخدمه وتحسن إليه، وهذا قد وقع ما هو أعظم منه، وهي فتاة أعرف عنها أنها تزوجت برجل مشلول وهي امرأة شابة، فقيل لها في ذلك، قالت: إني أحتسب الأجر عند الله في خدمة هذا الرجل المشلول، فربما تختار المرأة رجلاً كبيراً من أجل أن تخدمه ابتغاء وجه الله عز وجل. والمهم أنه ليس من شرط النكاح أن يكون بين الزوجين تناسب في العمر، بل لا بأس أن يتزوج الصغير كبيرة، أو الكبير صغيرة. ألم تعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة ولها أربعون سنة، وعمره خمس وعشرون سنة، أي: الفارق بينها وبينه خمس عشرة سنة، هي أكبر منه وتزوجها، وتزوج عائشة وعمره في حدود الأربع والخمسين ولها ست أو سبع سنين، وبنى بها في المدينة ولها تسع سنوات، ومات عنها ولها ثماني عشرة سنة تقريباً، وله ثلاث وستون سنة، فبينهما فرق، والحاصل أنه ليس من شرط النكاح تقارب سن الزوجين، بل يجوز أن يتزوج الكبير صغيرة والصغير كبيرة. فإذا رضيت الفتاة بأن تتزوج بهذا الرجل الكبير فلها ذلك والنكاح صحيح، لكن أنا حقيقة ساءني أنه يشترط على هذا الرجل الكبير مهراً يبلغ هذا الحد، وهو مائتا ألف، أيريدون أن يجبروا نقص عمره بزيادة الدراهم؟ هو ناقص العمر لأنه رجل كبير وقد بلغ هذا المبلغ، فيريدون أن يجبروا هذا بالدراهم، أرى أن هذا خطأ، ولو زوجوه بمهر معقول مثل غيره لكان أطيب للنفس، ولكان أبين في أن هذه الفتاة أرادت بذلك وجه الله. وإذا قيل: إن المرأة مغصوبة وهي بكر وصغيرة، فنقول: إذا كانت المرأة مغصوبة فإنها إذا غصبت على الزواج من رجل وإن كان صغيراً فإن النكاح باطل، فكيف إذا كانت هي صغيرة وهذا الرجل له فوق الستين سنة، فالنكاح من باب أولى أن يكون فاسداً، فأي امرأة أجبرت على النكاح فنكاحها فاسد، سواء أجبرها أخوها أو عمها أو أبوها أو جدها، ليس لأحد أن يجبر امرأة على نكاح من لا ترغب. كما أنه لا يحل للولي أن يمتنع من تزويج فتاة خطبها كفء ورغبت به، ثم يقول: لا أزوجه، فإن فعل ذلك فإننا نتعداه إلى ولي آخر يليه، فإن تعذر ولي آخر، انتقلنا إلى ولي ثالث، فإن أبى الأولياء كلهم، وقالوا: لا يمكن أن نزوج بنت فلان مع وجوده، انتقلت الولاية إلى القاضي، فترفع المرأة شكواها إلى القاضي، والقاضي يجب عليه أن يزوجها إذا كان الخاطب كفؤاً سواء رضي أبوها أو لم يرض.

أخذ المساعدة للزواج

أخذ المساعدة للزواج Q يقول السائل: أنا شاب أضحى الزواج واجباً علي لأنه تتوقف عليه صحة الصلاة، ولا أملك تكاليف الزواج وقد قال الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] وقد عرض علي بعض الناس مساعدتي فما تقولون في ذلك جزاكم الله خيراً؟ A أقول: إذا عرضت عليك المساعدة من دون سؤال فاقبلها وتزوج بها، وهذا داخل في ضمن قوله تعالى: {حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] فإن الله ساق إليك هذا الرجل ليساعدوك، أما أن تذهب وتسأل الناس ليساعدوك فهذا في النفس منه شيء، وإن كان بعض العلماء يقول لا بأس، وإن القاعدة عند بعض العلماء أن كل من جاز له أخذ شيء جاز له سؤاله، ومعلوم أن الإنسان الذي لا يجد ما يدفعه مهراً، معلوم أنه من أهل الزكاة، يدفع إليه من الزكاة ما يكفيه مهراً ولو كثر، لكن مع ذلك لا نرى أن الإنسان يسأل من أجل أن يتزوج، ونرى أن الأفضل والأورع أن يستعفف حتى يغنيه الله من فضله. ويدل لهذا: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله وهبت نفسي لك -والنبي صلى الله عليه وسلم يجوز أن يتزوج بالهبة بدون مهر- فصعد فيها النظر وصوبه، ثم سكت كأنه لم يرغب فيها، فقام رجل فقال: يا رسول الله! إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا تصدقها؟ قال: أصدقها إزاري -قال سهل بن سعد وهو راوي الحديث: ماله رداء، ومعنى ماله رداء، يعني: ليس عليه إلا الإزار- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كيف تصدقها إزاراك، إن أعطيتها إياه بقيت بلا إزار، وإن أبقيته لم تكن أصدقتها، لأنك ما أعطيتها الصداق، فقال: اذهب والتمس، حتى قال: التمس ولو خاتما ً من حديد -وهو من أزهد الأشياء- فجاء وقال: يا رسول الله ما وجدت شيئاً ولا خاتماً من حديد، قال: معك شيء من القرآن؟ قال: نعم. سورة كذا وكذا، قال: زوجتكها بما معك من القرآن) يعني: فعلمها. فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل له، فلم يقل للناس تصدقوا عليه، وهو بنفسه ما ذهب يسأل الناس، لكن في حاجة الضرورة دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصدقة في القوم الذين جاءوا من مضر، ثم نزلوا في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام فتمعَّر وجه الرسول لما رأى هؤلاء القوم، وهم من أكابر العرب، وأشراف العرب؛ رآهم مجتابي النمار، قد أثر بهم الفقر، فدعا صلى الله عليه وسلم الناس إلى أن يتصدقوا عليهم فتصدقوا عليهم. ولكنه لم يأمر الناس أن يتصدقوا على هذا الذي قال: ليس عندي ما أدفعه مهراً، بل قال: (التمس ولو خاتماً من حديد) وخلاصة الجواب: أن من ليس عنده مهر يستطيع أن يدفعه، فليستعفف ولا يسأل الناس، هذا هو الأفضل، لكن لو أعطي بدون مسألة فلا بأس أن يقبل وأن يدفع ما أعطيه صداقاً.

ما يصح أن يكون مهرا وتنازل المرأة عن مهرها

ما يصح أن يكون مهراً وتنازل المرأة عن مهرها Q يقول السائل: هل يجوز النكاح إذا تنازلت المرأة عن المهر؟ وهل يشترط أن يكون مالاً مقبوضاً أم يجوز أن يكون بيتاً أو غيره؟ A المهر يجوز بكل شيء يصح عقد البيع عليه، ولهذا قال العلماء: كل ما صح ثمناً أو أجرة صح أن يكون مهراً، سواء سيارة أو عقار أو ثياب أو أواني أو دراهم أو أي شيء، كل ما يقع عليه عقد البيع يصح أن يكون مهراً. وهل يصح أن تهب المرأة صداقها للزوج بعد أن يسلمه أو أن تبرئه قبل أن يسلمه؟ الجواب: نعم. إذا كانت الزوجة بالغة عاقلة رشيدة وأسقطت المهر عن زوجها، أو وهبته له بعد القبض، فإن ذلك جائز ولا حرج فيه. ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} [النساء:4] فلا حرج أن تهب المرأة صداقها لزوجها إن كانت قد قبضته، أو تبرئه منه إن كانت لم تقبضه.

الضوابط الشرعية في النظر إلى المخطوبة

الضوابط الشرعية في النظر إلى المخطوبة Q يقول السائل: أرغب في أن أنظر إلى مخطوبتي، فما الضوابط الشرعية في ذلك، جزاكم الله خيراً؟ A نقول: النظر إلى المخطوبة سنة، أمر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا سيما في وقتنا هذا، لأنه قل من يثق به الإنسان من النساء، فقد تذهب المرأة وتخطب لشخص، وتأتي إليه وتقول له: خطبت لك امرأة هي القمر ليلة البدر، فإذا دخل بها وإذا هي من أقبح نساء العالم، وهذا أمر يقع؛ لأن الذي ليس عنده أمانة وليس عنده دين يهون عليه أن يغش الناس. ثم لو فرضنا أن الرجل أرسل امرأة ثقة كأمه وأخته وما أشبه ذلك ولم تغشه، فإن الناس يختلفون، قد تكون المرأة جميلة عند شخص وغير جميلة عند شخص آخر، الرغبات تختلف والنظر يختلف، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الخاطب أن يرى من مخطوبته ما يدعوه إلى التقدم لخطبتها، إلا أن العلماء اشترطوا لذلك شروطاً دلت عليها السنة: الشرط الأول: أن يكون عنده الرغبة الأكيدة في أن يتزوج، وليست نيته أن يطوف بنساء العالم، كأنما يريد أن يختار أمة يشتريها، يقول: أذهب إلى آل فلان أخطب منهم وأرى، أو أذهب للثاني والثالث والرابع، ويكون كأنه يريد أن يشتري سيارة من المعرض، بل لا بد أن يكون عنده عزم أكيد على أن يخطب من هؤلاء القوم. الشرط الثاني: أن يغلب على ظنه الإجابة، وهذا معلوم أنهم إذا مكنوه من النظر إليها فهم موافقون، وهذا الشرط إنما يكون فيما لو أراد الإنسان أن ينظر إلى امرأة بدون اتفاق مع أهلها. الشرط الثالث: أن يكون ذلك بلا خلوة، بأن ينظر إليها بحضرة أهلها، ولا يحل له أن ينظر إليها بخلوة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا يخلون رجل بامرأة) وأخبر أنه ما خلا رجل بامرأة أجنبية منه إلا كان ثالثهما الشيطان. الشرط الرابع: أن يكون النظر إلى ما يظهر غالباً، لا إلى العورة مثل الوجه والرأس بما فيها الشعر والكفين والذراعين والقدمين وأطراف الساقين وما أشبه ذلك، ولا ينظر إلى شيء آخر. الشرط الخامس: أن لا يتلذذ معها بمحادثة سواء كان تلذذ تمتع، أو تلذذ شهوة، والفرق بينهما أن تلذذ التمتع يجد الإنسان راحة نفسية في محادثة المرأة، وتلذذ الشهوة يجد ثوران شهوة، فلا يجوز أن يتحدث إلى مخطوبته حديث تلذذ، سواء كان تلذذ تمتع أو تلذذ شهوة. وقد بلغني أن بعض الخطاب يتصل بمخطوبته عن طريق الهاتف، ويبقى معها لا أقول ساعة أو ساعتين، بل ساعات يتحدث إليها، ويقول بعض الناس معللاً هذا العمل يقول: أتحدث إليها لأجل أن أعرف نفسيتها، وأعرف شهادتها، وأعرف دراستها، يا أخي: اصبر حتى يعقد لك، ثم حدثها طوال الليل والنهار إلا عند صلاة الفرائض؛ لأنه لا بد منها. أما أن تتحدث إلى امرأة أجنبية منك فهذا لا يجوز. والشرع قد استثنى شيئاً من محرَّم، وهذه قاعدة يجب على طالب العلم أن يعرفها: إذا استثنى الشارع شيئاً من محرم، فإن الرخصة تقدر بقدر ما استثنى فقط، والذي استثنى بالنسبة للمرأة الأجنبية المخطوبة هو النظر، أما أن تتحدث إليها فهذا لا يجوز.

حكم ألبسة الأفراح الغير ساترة للجسد

حكم ألبسة الأفراح الغير ساترة للجسد Q ينتشر في اجتماعات الأفراح والزواجات للنساء ألبسة تشمئز المرأة من رؤيتها، فمثلاً: تلبس المرأة فستاناً يظهر جزءاً من صدرها، وما فوق ذلك يكون عارياً ليس عليه شيء، أو ليس عليه ما يستره، فما حكم ذلك، وما موقفي إذا رأيت مثل هذه الألبسة؟ A حكم هذا التحريم، وأنه لا يجوز للمرأة أن تلبس إلا ثياباً فضفاضة واسعة سابغة، ولا يحل أن تلبس لباساً ضيقاً، ولا أن تلبس لباساً يكشف صدرها حتى ربما يخرج بعض أثدائها ولا يحل للمرأة أن تلبس بنطلوناً، كما بدأ ينتشر بين النساء البنطلون لا يصح إلا مع الزوج خاصة، وبشرط أن يكون هذا البنطلون ليس على تفصيل بنطلونات الرجال، فإن كان على تفصيل بنطلونات الرجال صار تشبهاً بالرجال وقد لعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المتشبهات من النساء بالرجال. وإني أحذر النساء من الانزلاق في هذه الملابس التي تؤدي إلى الفتنة، أو إلى التشبه بنساء كافرات، وأقول: اتقين الله في أنفسكن، واتقين الله في ذريتكن، واتقين الله في مجتمعكن؛ لأن العقوبة إذا نزلت فليست خاصة بل تعم. نحن الآن في هذه البلاد ولله الحمد في أمن ورخاء، لكن هل هذا الأمن والرخاء سيبقى مع معصية الله؟ لا. والذي أنزل القرآن على محمد، لأن الله قال في كتابه العزيز: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل:112] . وقال الله تبارك وتعالى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:97-99] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات؛ لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) وهذه الألبسة الضيقة أو القصيرة أو المفتوحة أو الرهيفة تدخل في عموم قوله كاسيات عاريات كما نص على ذلك أهل العلم، فأحذر أخواتنا من هذه الألبسة، وأقول: عليكن بهدي السلف الصالح، كان نساء الصحابة -كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - في بيوتهن يلبسن دروعاً -يعني مقاطع- تستر ما بين كف اليد إلى كعب الرجل -هذا في البيت- وإذا خرجت المرأة فكثير منكم يعرف حديث أم سلمة، أنها استأذنت من النبي صلى الله عليه وسلم حين رخص لهن في جر الذيول أن يكون ذيلها -أي طرف ثوبها- إلى حد الذراع من تحت القدم، لأجل أن تستر الرجل، فنسأل الله تعالى أن يهدينا وإياكم صراطه المستقيم، وأن يوفق ولاة أمورنا لما فيه الخير والصلاح، وأن يوفق رعاة البيوت وهم الرجال إلى حسن الرعاية فيمن ولاهم الله عليه من النساء والصبيان، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللقاء الشهري [21]

اللقاء الشهري [21] أمر الله عز وجل عباده المؤمنين أن يعاشروا نساءهم بالمعروف، وأن يؤدوا حقوقهن على الوجه الأكمل، كما أمر النساء بطاعة الأزواج وأداء حقوقهم، ولو عمل الناس بذلك لعاشوا مع أزواجهم في محبة ومودة، وأكثر النزاعات التي تحصل اليوم سببها هو إساءة العشرة مما يؤدي إلى الطلاق في بعض الأحيان، وقد يترتب على الطلاق ضياع الأولاد، وقد تفضل الشيخ بمناقشة هذا الموضوع في هذا اللقاء، وأسدى كثيراً من التوجيهات والنصائح في هذا الجانب، فطالعها تستفد علماً وتجتنب مشاكل البيت، ثم اقرأ الأسئلة الموجهة إلى الشيخ تفقه في دينك!

حقوق الزوجين بين الإفراط والتفريط

حقوق الزوجين بين الإفراط والتفريط الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن هذا هو اللقاء الحادي والعشرون من اللقاءات الشهرية التي ينظمها مكتب الدعوة في عنيزة في الجامع الكبير، وقد رأينا -ولله الحمد- ولمسنا من كثير من الناس ما لهذا اللقاء من الفائدة، لو لم يكن فيه إلا أن الحاضرين يُلقون من الأسئلة ما يحتاجون إلى بيانها، وقد يكون الجواب على السؤال يحتاج إلى لقاء كامل؛ لأنه سؤال يحتاج إلى التفصيل في جوابه، وهذا ما نعد به إن شاء الله تعالى، أننا عند السؤال الذي يحتاج إلى تفصيل وجواب وبسط سوف نتخذ ذلك بعون الله. موضوع اللقاء الذي نفتتح فيه لقاءنا هذا هو ما يتعلق بالنكاح والطلاق وما إلى ذلك، وسبق لنا في لقاء سابق الحث على تقليل المهور، وبينا أن ذلك هو السنة، وأنه سبب للبركة، وأنه سبب لقطع النزاع، وأنه سبب لكون الزوج إن رضي عن زوجته أمسكها بمعروف، وإن فارقها فارقها بإحسان. أما الآن فإننا نتكلم عن حقوق الزوجين بعضهما مع بعض، وقد أشار الله إليه في القرآن إجمالاً، فقال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء:19] وقال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:228] أي: لهن على الرجال مثل الذي عليهن للرجال بالمعروف والعدل والاستقامة. وهذا الذي ذكره الله عز وجل يجب على الإنسان أن يعتني به، وأن يقوم به، وألا يفرط فيه؛ لأنه توجيه من لدن حكيم خبير، ولأنه سبب للألفة ودوام للسعادة، لأن كل واحد من الزوجين يعامل الآخر بما يحب أن يعامله به، وما أكثر ما يحصل من النزاع بين الزوجين إذا ساءت العشرة، حتى إن بعض الناس يُضطر إلى أن يطلق أم أولاده من أجل كلمة واحدة نابية أو فعلٍ لا يرضاه، فيكون بمنزلة المرأة التي قال عنها النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) وأخبر أيضاً: (أن النساء يكثرن اللعن ويكفرن العشير -أي: الزوج- إذا أحسنت إلى إحداهن مدى الدهر ثم رأت سيئة واحدة، قالت: ما رأيت خيراً قط) أصبح الآن بالعكس، صار الرجال بعضهم بمنزلة النساء، إذا حصل من زوجته ما يغضبه مرة واحدة كسرها وطلقها، ثم يُندِّمه الشيطان ويأتي إلى أبواب العلماء يسأل: هل له من رجعة؟ بعد أن وقع في فخ الشيطان يأتي ويقول: هل له من رجعة؟ ولو أن الإنسان قارن بين السيئات والحسنات في الزوجة التي جعلها الله عز وجل ليسكن الإنسان إليها، وجعل بين الزوجين مودة ورحمة، لو قارن بين السيئات والحسنات، لوجد أن الحسنات أضعاف أضعاف في غالب النساء بل في أكثر النساء، فالواجب المعاشرة بالمعروف. ثم إذا خاف الزوج نشوز امرأته وعدم قيامها بالواجب، فقد أرشد الله سبحانه وتعالى إلى ثلاثة طرق، قال: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء:34] أي: ذكروهن وخوفوهن بالله، وبينوا لهن حق الزوج، فإن استقمن فذلك المطلوب، وإلا: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء:34] أي: ليلة لا يبيت عندها في الفراش، يذهب يميناً وشمالاً أو في غرفة أخرى لعلها تتأدب؛ لأن هجرها في الفراش قد يكون أشد عليها من كل شيء، فإن حصل المطلوب فهذا هو المطلوب، وإلا: {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء:34] لكن اضربوهن ضرباً غير مبرح، ضرباً يحصل به الأدب ولا يحصل به الألم والأذى {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} [النساء:34] أي: لا تطلبوا سبيلاً مرة أخرى فتذكروا المرأة: فعلت كذا، فعلت كذا، فعلت كذا، لا؛ إذا أطعنكم وعادت المياه إلى مجاريها، ولا يجوز للإنسان أن يذكر شيئاً مما مضى؛ لأن ذكر شيء مما مضى يجدد العداوة والبغضاء، ولهذا قال: {فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} [النساء:34] اذكروا علو الله عليكم، واذكروا كبرياءه عليكم، لا تتكبروا ولا تعلوا على هؤلاء النساء المسكينات؛ لأن الله تعالى فوقكم. ثم إن من الواجب للزوجة على زوجها: الإنفاق بالمعروف كسوة مسكن طعام شراب، يجب عليه أن ينفق عليها بالمعروف، وهذه النفقة يجب أن يبذلها بطيب نفس، وبدون منة، وبدون تكره لبذلها؛ لأنه حق واجب عليه، ومع هذا يؤجر ويثاب عليه، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها -أي: جاءك أجر- حتى ما تجعله في فم امرأتك) . إذاً هو يؤدي واجباً عن نفسه، ويصلح ما بينه وبين أهله، ويثاب على ذلك، وقوله: (حتى ما تجعله في فم امرأتك) أي: حتى اللقمة الواحدة تجعلها في فم امرأتك تثاب على هذا، مع أن الإنفاق واجب، ومع ذلك لك فيه أجر. فإن كان الزوج شحيحاً لا يعطيها ما يكفيها بالمعروف، وهي قائمة بواجبه، فلها أن تأخذ من ماله بغير علمه، لكن بالمعروف، أفتى بذلك إمام المفتين محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن هند بنت عتبة جاءت تشكو إليه زوجها أبا سفيان، وقالت: إنه رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي، قال: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) فأذن لها، سواء بعلمه أو بغير علمه؛ لأن هذا حق واجب لها. لكن لو فرض أنها نشزت فحينئذٍ له أن يمنع ما يمنع من النفقة تأديباً لها.

الطلاق المشروع وأحكامه

الطلاق المشروع وأحكامه ومما يتعلق بمسائل النكاح: إذا أراد الإنسان أن يفارق زوجته، لكونه لا يتحمل الصبر معها، وذلك أن الواجب على الإنسان أن يحاول إصلاح الوضع قبل كل شيء، كما قال الله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء:128] اسمع كلام الله عز وجل، الصلح خير {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء:128] أي: أن الإنسان قد يكون عند المخاصمة شحيحاً يطلب كل حقه كل ماله، فنقول: لا تكن شحيحاً، الصلح خير، فالإنسان إذا رأى من نفسه أنه كاره زوجته، نقول: أولاً: اصبر {إِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء:19] قال بعض السلف: ربما يرزق منها ولداً صالح. وربما تنقلب الكراهة إلى محبة؛ لأن القلوب بيد الله، وكم من إنسان يبغض شخصاً بغضاً شديداً ثم ينقلب البغض إلى محبة، أو بالعكس، أرأيتم عمرو بن العاص رضي الله عنه قبل أن يسلم كان يبغض النبي صلى الله عليه وسلم بغضاً شديداً، حتى كان يود أن لو تمكن منه ليقتله، ولما أسلم كان لا يستطيع أن يرفع طرفه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إجلالاً وتعظيماً له، من شدة احترامه إياه ومحبته له. إذاً: اصبر يا أخي! اصبر على الزوجة لا سيما إن كانت أم أولاد، فقد قيل: إذا لم تكن إلا الأسنة مركباً فما حيلة المضطر إلا ركوبها حينئذٍ طلق، لكن طلق على الوجه المشروع: أولاً: لا تطلقها إلا وهي حامل أو طاهر طهراً لم تجامعها فيه، لقوله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ} [الطلاق:1] ثم قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق:1] إذاً لو أن الإنسان جامع زوجته بعد الحيض، ثم جاء يسأل: هل أطلقها الآن أم ماذا؟ نقول: لا تطلقها إلا أن يتبين حملها فطلقها؛ لأنها حامل، أو تحيض بعد هذا الطهر ثم تطهر فطلقها. كثير من الناس -هدانا الله وإياهم- من حين يغضب على الزوجة يبت الطلاق، حتى لو كان لم يغتسل من الجنابة يطلقها، وهذا لا يجوز إلا إذا كانت حاملاً، الحامل لو طلقها الإنسان من حين الجماع فلا حرج عليه، لكن غير الحامل لا يجوز أن يطلقها في طهر جامعها فيه، ولا أن يطلقها وهي حائض. وفي الصحيحين: أن عبد الله بن عمر طلق زوجته وهي حائض، فأخبر عمر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فتغيض فيه -أي: أصابه الغضب، لماذا يطلقها لغير العدة- ثم قال لـ عمر: (مره -أي: مر عبد الله - أن يراجعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق، فتلك العدة التي أمر الله أن تُطلقَ لها النساء) لماذا أُمِرَ الإنسان أن يتأنى في الطلاق حتى يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، ولا يطلقها في الحيض ولا في طهر جامعها فيه؟ أما كونه لا يطلقها في الحيض، فلأنه إذا طلقها في الحيض لم تحسب تلك الحيضة، فيكون في هذا تطويل في العدة على المرأة، ولأنه إذا طلقها وهي حائض فإنه سوف يطلقها وهو بعيد من جماعها، وإذا كان بعيداً من جماعها فإنه ربما لا يقع في قلبه محبة لها، لهذا نهي الإنسان أن يطلقها وهي حائض. أما في طهر جامعها فيه فوجه النهي: أنه إذا جامعها في الطهر فيمكن أن تحمل من هذا الجماع فتكون عدتها عدة حامل، ويمكن ألا تحمل فتكون عدتها عدة من تحيض، فإذا كان لم يجامعها فقد علمنا أن عدتها عدة من تحيض.

صور من التهاون بالطلاق

صور من التهاون بالطلاق ليعلم أن بعض الناس بدءوا يتهاونون بالطلاق إلى أبعد الحدود من وجهين:

الطلاق بالثلاث بلفظ واحد

الطلاق بالثلاث بلفظ واحد الوجه الأول: سهل عليهم أن يطلق الرجل زوجته ثلاث تطليقات مرة واحدة، أي: سهل عليهم أن يقول الرجل لزوجته: أنت طالق بالثلاث، أو أنت طالق ثلاثاً، أو أنت طالق أنت طالق أنت طالق، سهل عليهم هذا، وكانوا فيما سبق من الزمن لا يكاد أحد أن يطلق هذا الطلاق، لكن لما رأى الناس الرخصة في أن الرجل إذا طلق هذا الطلاق أمكنه المراجعة، صاروا يتهاونون في هذا الأمر، وكان طلاق الثلاث في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فكثر ذلك في الناس، فقال عمر: [أرى الناس قد تتايعوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم] فأمضاه عليهم، وألزم الإنسان إذا طلق ثلاثاً ألا يراجع زوجته، وهذا من السياسة العمرية، فالمسألة ليست بالهينة. ألم تعلموا أن الإمام أحمد والشافعي ومالكاً وأبا حنيفة وعامة الأمة يقولون: إن الطلاق الثلاث بكلمة واحدة أو بكلمات يكون بائناً لا تحل به المرأة. المسألة ليست هينة، الآن الذين يفتون بأن طلاق الثلاث واحدة قلة جداً في علماء الأمة، أكثر الأمة يرون: أنه لا رجعة لمن طلقها ثلاثاً بكلمة واحدة أو بكلمات متعاقبات، أكثر الأمة على هذا، وألفوا في ذلك التآليف، لكن أقول ذلك لا لأني أرى أن طلاق الثلاث ثلاث، ولكن لأحذر إخواني، وأبين لهم أن الأمر ليس بالهين، لا يتهاونوا لما كان يفتى بأن الثلاث واحدة، أكثر الأمة على أن الثلاث ثلاث، وأن المرأة تبين بذلك، وأنها لا تحل لزوجها إلا بعد زوج.

الحلف بالطلاق

الحلف بالطلاق المسألة الثانية: الحلف بالطلاق، تهاون الناس به كثيراً، حتى كان بعضهم يقول: إن لم أشرب فنجان الشاي فزوجتي طالق، كيف هذا التلاعب! على أدنى شيء يقول: إن لم أفعل كذا، إن لم تفعلين كذا فأنت طالق، مع أني أقول لكم: إن أكثر العلماء ومنهم الأئمة الأربعة على أن هذا الطلاق طلاق معلق بشرط متى وجد وقع الطلاق، فمثلاً: لو قال لزوجته: إن دخلتِ دار فلان فأنت طالق؛ فدخلت، ماذا يكون عليها؟ أكثر الأمة يرونها تطلق، حتى لو نوى اليمين فهي تطلق، ويرى بعض العلماء أنه إذا قصد بذلك منعها ولم يقصد الفراق فهي يمين تكفر، ومثل ذلك -أيضاً- ما يقع ولا سيما عند البادية، إذا نزل الضيف وأراد صاحب البيت أن يكرمه بذبيحة ضيافة له، قال له: عليَّ الطلاق ما تذبح ذبيحة، فيقول صاحب البيت: عليَّ الطلاق لأذبح ذبيحة، ماذا نعمل الآن؟! إن ذبحنا الذبيحة طلقت امرأة الضيف، وإن لم نذبح طلقت امرأة صاحب البيت، فماذا نصنع؟ أكثر العلماء وأكثر الأمة على أن هذا طلاقاً، تطلق المرأة، فأنا أقول هذا لأجل ألا نتهاون بالطلاق؛ لأن أمره عظيم، وليس بالأمر السهل، {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة:229] . ونقتصر على ما قلنا في حول هذا الموضوع لنتفرغ إلى قراءة الأسئلة، ونسأل الله أن يلهمنا الجواب الذي يكون صواباً.

الأسئلة

الأسئلة

جواز هدم المسجد إذا كان لا يصلح للصلاة وإن كان وقفا

جواز هدم المسجد إذا كان لا يصلح للصلاة وإن كان وقفاً Q فضيلة الشيخ! نحن جماعة مسجد بُني منذ خمس عشرة سنة، من البلك والخشب، وقد خرج إلينا مندوب الأوقاف قبل ثلاث سنين، وقرر أن المسجد لا يصلح للصلاة فيه، فلما أراد جماعة المسجد أن يبحثوا لهم عن فاعل خير يبني لهم المسجد اعترض عليهم معترض وقال: لا يجوز أن تهدموا المسجد وتزيدوا في مساحته؛ لأنه وقف وصاحبه قد مات، فأشكل هذا على بعض جماعة المسجد، فنرجو منكم جزاكم الله خيراً أن تبينوا لنا: هل يجوز لنا أن نهدم هذا المسجد ونبنيه من جديد، علماً بأن ورثة الواقف ليس لديهم القدرة والاستطاعة على بنائه؟ A هذه المساجد لها ناظر منصوب من قبل الدولة، وهم مدراء الأوقاف، فالمرجع في ذلك إلى مدراء الأوقاف، إذا قرروا أن هذا المسجد لا بد أن يهدم فليهدم، وأجر صاحبه الذي أوقفه أولاً على الله عز وجل، وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء:100] فهذا الذي بناه الأول بناه على أنه سيبقى، فله ما نوى، وأما أن نحصر الناس في هذا المسجد الذي لا يصلح أن يكون مسجداً؛ لأنه وقَّفه فلان فهذا ليس بوارد، وللجماعة أن يهدموه وأن يبنوه على الوجه الذي يريح الناس، وأن يوسعوه، ولكن لا بد من أخذ إذن الأوقاف في ذلك، أو إذن القائمين على المساجد في هذا.

حق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها

حق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها Q فضيلة الشيخ! ما هو حق الزوج على زوجته وعلى أولاده؟ وما حق الزوجة على زوجها؟ A هذا لا يمكن أن نذكره الآن على سبيل التفصيل؛ لأنه يطول بنا الوقت، لكن ذكره الله تعالى في كلمة: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] . {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:228] فما جرى به العرف فإنه واجب، وما خرج عن العرف فليس بواجب إلا بشرط، ولهذا تجد الناس تختلف أعرافهم في هذا، مثلاً: في هذه البلاد الزوجة تقوم بكل شئون البيت، من طبخ وتنظيف وغسيل وغير ذلك، وفي بعض الأماكن لا تقوم الزوجة بمثل هذا، فالمرجع في هذا إلى العرف؛ لأن الله قال: {بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:228] .

كيفية التخلص من منكرات البيوت

كيفية التخلص من منكرات البيوت Q فضيلة الشيخ! أنا شاب عندي أولاد، وأعيش مع أبي وأمي، وأريد أن أربي أبنائي التربية الصحيحة، ولكن يوجد في هذا المنزل منكرات، كجهاز التلفاز وما فيه من منكرات لا تخفى على فضيلتكم، وأيضاً يوجد هذا الجهاز في بيت أهل زوجتي، وأنا محتار في هذا الأمر، وأنا مطيع لأبي وأمي، وكما تعلمون ضرر هذا الجهاز على تربية الأطفال، أرشدني جزاك الله خيراً، ماذا أصنع حيال ذلك وفقك الله؟ A أرى أن تنصح الوالدين وتخوفهما بالله عز وجل، فإن حصلت الاستقامة فهذا هو المطلوب، وإن لم تحصل الاستقامة فأنت في حل إذا كنت قادراً أن تخرج في بيت وحدك، حتى لا ينشأ الأولاد على ما ينشئون عليه من المفاسد التي توجد في محطات التلفاز.

ظلم الكفلاء للمكفولين

ظلم الكفلاء للمكفولين Q فضيلة الشيخ! لا يخفاكم وفقكم الله معاناة كثير من العمالة من الوافدة من كفلائهم، وظلم الكفلاء لهم، إما حال وصولهم أو بعد مدة من عملهم، وذلك: بأن يتعاقد الكفيل هو وإياهم في بلادهم على راتب معين، ثم إذا جاءوا غيَّر العقد، أو أنه يسلك معهم مسلك الخيانة، فيبصِّمهم أو يأخذ توقيعاتهم على ورق أبيض، أو على مسيرات سنة أو أكثر، كأنه قد سلمهم رواتبهم وذلك عند وصولهم، وهم لا يعلمون شيئاً، ثم لا يعطيهم حقهم، حتى إذا طالبوه عند مكتب العمل استعمل هذه الأوراق التي أخذها قبل لتكذيب دعواهم، وهكذا يعيش كثير من العمالة مع شدة حالهم وأهليهم هناك، فهل من نصيحة عامة للمسلمين، وبيان حكم الله عز وجل وحكم نبيه صلى الله عليه وسلم في هذا التلاعب؟ A النصيحة لهؤلاء: أن يتقوا الله عز وجل في هؤلاء العمال الذين فارقوا أوطانهم وأهليهم وجاءوا إلى هذه البلاد لينتفعوا وينفعوا، فهم نافعون للبلد وهم منتفعون أيضاً، ثم ليعلم أنه قد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الله تعالى قال: (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر -أي: عاهد بالله ثم غدر- ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره) فما ظنك إذا كنت يوم القيامة خصماً لله؟!! ثم إن هذا الأجير إنما جاء ليعمل، وإذا ماطلته في حقه ربما لا يصلح العمل، ولا ينصح فيه، ويأخذ عنك وعن البلاد -عموماً- سمعة سيئة، وهذا جناية على نفسك وعلى غيرك، ثم إن المماطلة هل تعني أن يسقط الحق؟ لا. الحق لابد باق، وإذا قُدِّر أن العامل لم يستوفه في الدنيا، فإنه سوف يستوفيه يوم القيامة من صالح العمل. ثم إنك لا تدري فلعلك يوماً من الأيام تكون أنت العامل في بلاد هذا العامل، بمعنى: أن الحاجة تضطرك إلى أن تذهب إلى البلاد لتكون عاملاً تحصل اللقمة كما هو معروف في بلادنا هذه، أولاً كان أهل البلاد يرحلون إلى الشام وإلى العراق وإلى مصر من أجل أن ينالوا لقمة العيش. فنصيحتي لهؤلاء: أن يتقوا الله عز وجل فيمن ولاهم الله عليهم، وأن يوفوا لهم بالعهد على الوجه الأكمل بقدر المستطاع. كما أني -أيضاً- أنصح العمال: أن يتقوا الله عز وجل وأن يخلصوا وينصحوا في العمل، حتى يكونوا أدوا ما عليهم كما لهم الحق فيما لهم.

حكم كفارة قتل النفس خطأ

حكم كفارة قتل النفس خطأً Q فضيلة الشيخ! رجل حصل له حادث مرور، وتوفي في السيارة المقابلة له أكثر من شخصين، وجاء في تقرير المرور نسبة الخطأ: (50%) لكلا الشخصين، علماً أنه قام بدفع الدية، فهل يصوم شهرين أو أربعة أشهر عن الشخصين؟ A الواجب أن يصوم أربعة أشهر؛ لأن كل نفس لها كفارة مستقلة، لكن له أن يصوم شهرين عن نفس ثم يستريح، ثم يستأنف الصوم عن النفس الأخرى، وأما الدية فالدية حق العباد، ربما يأخذونها وربما يعفون عنها، أما الكفارة فلا بد منها وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فلا شيء عليه.

حكم قول الإمام للمأمومين: صلوا صلاة مودع

حكم قول الإمام للمأمومين: صلوا صلاة مودع Q فضيلة الشيخ! بعض الأئمة إذا أقيمت الصلاة ينظر في الصف ويقول: صلوا صلاة مودع، فهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالها أثناء تسوية الصفوف فيشرع لنا أن نقولها؟ A لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يقول للناس: صلوا صلاة مودع. بل كان يأمرهم أن يستووا وأن يقيموا صفوفهم، ويبين لهم أن تسوية الصف من تمام الصلاة، وأما: صلوا صلاة مودع، فلم ترد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن وردت عن بعض العلماء فيما كتبوه: أنه ينبغي للإنسان أن يتقن صلاته حتى كأنه يصلي صلاة مودع؛ لأن من يصلي صلاة مودع سوف يتقنها، إذ أنه لا يدري هل يعود للصلاة مرة أخرى أو لا يعود، وأما أن يقولها الإمام فهذه من البدع، وننصح الإمام ونقول: لا تقلها بعد هذا اليوم.

واجب الآباء نحو تزويج أبنائهم

واجب الآباء نحو تزويج أبنائهم Q فضيلة الشيخ! إن أبي غني، وأنا أريد الزواج، وقال أبي: لن أساعدك بريال واحد حتى تتخرج من الجامعة، وأنا في المستوى الأول، فهل يجوز أن أذهب إلى الجمعية الخيرية، أو آخذ من أهل العلم وأهل المساعدة دراهم مهراً لزواجي؟ A الواجب على الأب أن يزوج أولاده، كل من طلب الزواج يجب أن يزوجه إذا كان قادراً؛ لأن الزواج من أهم ما تَتَطلَّبه الحياة، وإذا كان يجب على الأب أن ينفق على أولاده طعاماً وشراباً وكسوة وسكناً، فالواجب أن ينفق عليهم تزويجاً أيضاً، وإذا لم يفعل فإنه آثم وعاصٍ لله، وإذا تأخر ولو دقيقة واحدة فإن مطل الغني ظلم، ولا يحل له أن يقول لابنه: إذا تخرجت من الجامعة. هو الآن في المستوى الأول ويبقى عليه أربع سنوات، هو يريد أن يكون له بعد أربع سنوات له أربعة أولاد، فهذا خطأ من الأب، وإذا قدر الابن على أن يأخذ شيئاً من مال الأب يتزوج به فله ذلك.

خطر السائقين المنحرفين على المجتمع

خطر السائقين المنحرفين على المجتمع Q فضيلة الشيخ! في هذه الأيام -أعني بداية كل عام دراسي- يتعاقد بعض أولياء الأمور أو بعض المعلمات مع سائقي السيارات لنقل المعلمات أو لنقل البنات من البيت إلى المدرسة، ولكن يلاحظ على هذا أمور: إما أن يكون السائق سفيهاً في مظهره، غير متزوج، نجد أن مظهره مظهر الميوعة، وكذلك نجد أنه لا محرم له، فما نصيحتك في هذه البداية التي نبتدئ بها هذا العام الدراسي وفقك الله؟ A نصيحتي: أنه لا يجوز للإنسان أن يستأجر لمحارمه من بنات وأخوات وزوجات مثل هذا الرجل؛ لأن هذا خطر عليهن، فهو كما وصف السائل: شاب ليس معه زوجه تكون محرماً بينه وبين النساء، ثم إن مظهره مظهر المائع، فلا يجوز أن يستأجر مثل هذا الرجل، وعلى إدارة تعليم البنات في البلد أن تلاحظ مثل هذه الأمور، وأن تمنع من استئجار مثل هذا الرجل؛ لأن حماية العرض أهم من كل شيء، ومثل هذا الرجل يفتتن هو بنفسه ويفتن غيره من النساء، وربما يكون معه أشرطة أغاني غرام وغزل فيثير كوامن النفوس. أكرر أنه يجب على إدارة التعليم في المنطقة أن تلاحظ هذا، وأن تمنع من استئجار مثل هؤلاء. وهنا أيضاً مسألة أخرى: وهي أنه إذا كان الرجل أميناً وموثوقاً فإنه أحياناً يحمل امرأة واحدة إما في ابتداء السير أو في انتهائه، إما في ابتدائه بحيث يأتي للمرأة وتركب معه حتى يصل إلى النساء الأخريات، أو في النهاية يبقى معه امرأة واحدة يوصلها إلى بيتها، وهذا أيضاً حرام لا يجوز، لا يجوز أن يخلو السائق بالمرأة مهما كان في عفته وعقله؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، والمسألة خطيرة، وأشد فتنة على الرجال وأضرها هي فتنة النساء.

كيفية صلاة المريض مع الجماعة

كيفية صلاة المريض مع الجماعة Q فضيلة الشيخ! إذا كان في المسجد رجل كبير في السن، ولا يصل إلى الأرض عند السجود إلا قريباً من رفع الإمام من السجود، مع طمأنينة الإمام والتطويل، فماذا يصنع المأموم الذي هذا حاله: هل يوافق الإمام من حين أن يهوي بالسجود، أم لا فلا يضره تأخره عنه، وكذلك الحال في القيام لا يعتمد قائماً إلا قريباً من فراغ الإمام من الفاتحة، فما هو الأفضل له؟ وهل على الإمام من حرج وهو يحس بذلك المأموم أنه لا يصل إلى الأرض إلا قريباً من قيامه، أم أن على الإمام أن يؤخر الصلاة ويطيلها من أجله، مع أنه ربما بلغ عشر تسبيحات، فما الأفضل في هذه الحالة؟ A الواجب على هذا المأموم الذي لا يستطيع متابعة الإمام لعجزه أو كبره ألا ينتقل من مكانه حتى يصل الإمام إلى الركن الذي يليه، مثلاً: هو قائم الآن سجد الإمام نقول: انتظر حتى يصل الإمام إلى الأرض، في الركوع هو قائم الآن نقول: انتظر حتى يصل الإمام إلى الركوع، ثم إذا رفع الإمام فارفع معه، على حسب الحال. أما بالنسبة للإمام فإنه ينبغي له أن يراعي مثل هؤلاء؛ لأننا إذا كنا مأمورين أن نراعيهم في التخفيف فلنراعيهم -أيضاً- في مثل هذه الحالة إلا إذا كان يشق على المأمومين فإن الواجب اتباع الأكثر.

حكم مضايقة المصلين في الصلاة وتخطي الرقاب

حكم مضايقة المصلين في الصلاة وتخطي الرقاب Q يوجد في مسجدنا رجل كبير في السن يأتي أثناء الصلاة، فيحرك المصلين خلف الإمام حتى يوجد لنفسه فراغاً في مكان اعتاد الجلوس والصلاة فيه، فما نصيحتكم لهذا الرجل؛ لأنه كثيراً ما يشوش على المصلين بهذه الطريقة؟ A أنا أنصح هذا الرجل ألا يفعل هذا الشيء، لا يؤذي المسلمين فيتخلل الصفوف حتى يصل إلى مكانه، فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه رأى رجلاً يتخطى الرقاب فقال له: (اجلس فقد آذيت) ثم نقول لهذا الرجل: إذا كنت تريد المحافظة على مكانك فتقدم إليه، والأمكنة ليست ملكاً لأحد، من جاء أولاً فهو أحق بالمكان، ثم إنه إذا آذى إخوانه المسلمين بتخطي الرقاب، ثم بالتضييق على من يقف معهم في الصف فإنه إلى الإثم أقرب منه إلى السلامة، فليصل في المكان الذي يجد الناس منتهين إليه، أي: يقوم في الصف حيث انتهى الصف، سواء في الثاني أو في الثالث أو في الرابع هذا هو المشروع في حقه.

كيفية التصرف في مال الوصية

كيفية التصرف في مال الوصية Q رجل توفيت والدته وعند وفاتها قالت له: أوصي بالثلث وأنت حر في التصرف في هذا الثلث. فقام هذا الابن بتنمية هذا المال إلى أن نما، فجعل يخرج أضحيتها من هذا المال فترة من الزمن، ولكنه بعد مدة جعل يخرج أضحيتها من ماله الخاص تارة، ويتركها مع أضحيته أحياناً، والسؤال: هل ينمي هذا المال فيزيده، أو يجعل هذا المال صدقة جارية لها كأن يضعه في بناء مسجد أو توفير مياه أو نحو ذلك، وجهونا حفظكم الله إلى الطريقة التي إذا جعل هذا المال فيها انتفع بها هذا الميت؟ A أقول للأخ: جزاه الله خيراً على صنيعه وعلى إحسانه في تنمية هذا المال، ولكني أقول له: ضعه من الآن في مسجد؛ لأن تنمية المال صحيح أنه يحصل بها زيادة في المال، لكن يفوتها الأجر الكثير في هذه المدة، والأجر أهم من المال، فالذي أرى أن يجعله في مسجد حتى يكون لهذه المرأة ثوابه من الآن.

معنى قوله تعالى: (واهجروهن في المضاجع)

معنى قوله تعالى: (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع) Q ذكرتم قول الله عز وجل: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء:34] فهل معنى هذا: أن يهجرها بعيداً عن الفراش، أم يهجرها على الفراش فينام معها ولكنه لا يتحدث معها ويهجرها في الجماع، أرجو التوضيح؟ A الآية عامة، تشمل ما إذا نام معها في الفراش ولكنه لم يحدثها ولم يستمتع بها، أو إذا نام في مكانٍ آخر، وقد ذكرنا هذا الأخير وقلنا: ينام في مكان آخر في غرفة أخرى في خارج البيت، المهم يرى ما هو الأقرب إلى إصلاحها.

حكم استخدام ألفاظ الكناية في الطلاق

حكم استخدام ألفاظ الكناية في الطلاق Q رجل قال لامرأته عندما طلبت منه المبيت عند أهلها: إنها إن لم تعد ضحى الغد فلا تعد، فما عليه أفتونا مأجورين؟ A ليس عليه شيء، لكننا ننصحه ألا يتكلم بمثل هذا الكلام؛ لأنه يؤثر في قلبها، أما الطلاق فلا يقع عليه الطلاق بهذه الصيغة؛ لأنه لم يطلقها، قال: لا تعد، ويحتمل أنه أراد بقوله: لا تعد، أي: أن تبقى عند أهلها تأديباً، والحبل بيده إن شاء طلق فيما بعد، وإن شاء لم يطلق.

حكم الابتعاد عن الأهل لفترة طويلة

حكم الابتعاد عن الأهل لفترة طويلة Q فضيلة الشيخ! أنا غريب عن هذه البلدة، وكنت أجلس فترة طويلة في المملكة بعيداً عن زوجتي، ومارست العادة السرية مرة تلو الأخرى، وأحلف ألا أعود لعدة مرات، ثم حلفت مرة بالطلاق ولكني قد فعلت مرة أخرى، فما الحكم والحالة هذه، وما نصيحتك لي ولأمثالي وفقك الله؟ A نصيحتي لك ولأمثالك: أن تصبر وتحتسب، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن يستعفف يعفه الله) وعليك بالصوم فإنه يقلل الشهوة، ثم حاول أن تضم زوجتك إليك باستقدامها إذا كانت في بلاد غير البلاد التي أنت فيها، أو أن تذهب أنت إليها؛ لأن في ذلك مصلحتين: مصلحة لك، ومصلحة لها، حتى هي أيضاً ربما تكون كحالك متعبة، تحتاج إلى زوج، فهذا هو الذي أنصح به.

العداوة أسبابها وعاقبتها

العداوة أسبابها وعاقبتها Q فضيلة الشيخ! ساهمت في إنكار منكر وترتب عليه عداوة من الأطراف الأخرى فقط، وهجروني لي، وأنا لا أُكن لهم أي قدر من العداوة، على الرغم من الإهانات التي تلقيتها منهم، والسؤال يا فضيلة الشيخ: هل أدخل ضمن من يقول الله عنهم: (أمهلوا عبدي حتى يصطلحا) وذلك عند رفع الأعمال؟ A لا تدخل في هذا؛ لأن عداوتهم إياك إثمها عليهم، إذ أنك لم تفعل ما يقتضي العداوة، بل فعلت ما يقتضي الولاية والمحبة لو كانوا عاقلين؛ لأن كل إنسان يأمرك بمعروف أو ينهاك عن منكر فقد أسدى إليك خيراً، فبدلاً من أن تهجره وتبغضه أكرمه واشكره على هذا، فأنت ليس عليك شيء، أما هم فعليهم الإثم؛ لأنهم أبغضوك؛ لأنك قمت بأمر الله عز وجل.

حكم قول القائل: بذمتك

حكم قول القائل: بذمتك Q نسمع الكثير من الناس خاصة كبار السن، ولربما سرى ذلك إلى بعض الشباب أنهم يقولون: بذمتك، أو أحلف عليك بذمتك، فهل هذا حلف بغير الله؟ وما معنى ذلك؟ وهل إذا قيل للإنسان: بذمتك ثم لم يفعل الشيء فهل عليه من حرج؟ A هذه الصيغة مشهورة عند العامة، يقول: بذمتي، بذمتك أن تفعل كذا؟ يقول: نعم بذمتي. والمراد بالذمة هنا: العهد وليس المراد بذلك اليمين، لكن كأنه يقول: أنا أكلمك بالعهد والمعاهدة، ولهذا لو فرض أنه حنث في ذلك فليس عليه كفارة يمين؛ لأن هذا ليس بيمين.

كيفية صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام

كيفية صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام Q فضيلة الشيخ! نفع الله بعلمك، هل لنا أن نطلب منك دون أن نشق عليك تلخيص صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بدون خلاف وبدون ذكر أقوال؛ وذلك لتكون لعامة المسلمين من رجال ونساء؛ لأن البعض يجهل صفة الصلاة، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) ولذلك نرى على الكثير ملحوظات ومخالفات وفقك الله لنفع عباده؟ A الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين, ويجب على المرء أن يعتني بها عناية كاملة؛ لأنها عمود الإسلام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة) وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلم أصحابه صفة الصلاة إما بالقول وإما بالفعل، أما بالقول، كقوله للرجل الذي صلى بلا طمأنينة: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر) إلى آخر الحديث. وإما الفعل فقد كان الوافدون إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلون معه ثم يقول لهم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) . فالإنسان يتطهر من الحدث الأكبر والأصغر والنجاسة، ثم يستقبل القبلة فيكبر رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه مع التكبير أو بعده أو قبله، كل ذلك جائز، ثم يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى على صدره، ثم يستفتح فيقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد. أو يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. ثم يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم يقرأ الفاتحة ويقدم عليها البسملة، فيقول: بسم الله الرحمن الرحيم {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:2-7] يقف على كل آية كما وقفت الآن على كل آية، ثم يقرأ ما تيسر من القرآن، وتكون القراءة في الفجر قراءة طويلة من طوال المفصل، وفي المغرب قراءة قصيرة من قصار المفصل، ولا بأس أن يقرأ قراءة طويلة في صلاة المغرب أحياناً كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أما الظهر والعصر والعشاء فيقرأ قراءة وسطاً بين هذا وهذا، ثم يرفع يديه مكبراً راكعاً ويضع يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع، ويكون مستوياً ويكون رأسه حيال ظهره، ويقول: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات أو أكثر، ويقول كذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، ويقول أيضاً: سبوح قدوس رب الملائكة والروح. ثم يرفع رأسه ويديه كما رفعهما عند الركوع فيقول: سمع الله لمن حمده، إلا المأموم فيقول بدلها: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد. ثم يخر ساجداً مكبراً ويقدم ركبتيه ثم كفيه ثم جبهته وأنفه، ويقول: سبحان ربي الأعلى ثلاثاً أو أكثر كما أحب ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، ويقول أيضاً: سبوح قدوس رب الملائكة والروح. ثم يدعو بما شاء، ويكثر من الدعاء في السجود؛ لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك حيث قال: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) وفي حال السجود لا يرفع يديه، ثم يرفع من السجود ويجلس بين السجدتين مفترشاً رجله اليسرى ناصباً رجله اليمنى، وأعني بالرجل هنا القدم لا الساق والفخذ، ينصب القدم ويجلس على اليسرى ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي، وارحمني وعافني واهدني واجبرني ثم يسجد السجدة الثانية كالأولى. ثم ينهض إلى الركعة الثانية ويفعل فيها كما فعل في الركعة الأولى إلا الاستفتاح فلا يستفتح، والتعوذ فيه خلاف، بعض العلماء يقول: كلما قام إلى ركعة تعوذ وبعضهم يقول: يكفي التعوذ الأول في الركعة الأولى، ثم إذا صلى ركعتين جلس للتشهد، فإن كانت الصلاة ثنائية أكمل التشهد كله، وإن كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية فإذا تشهد التشهد الأول قام وأتى بالباقي من صلاته لكنه يقتصر فيها على الفاتحة، أما التشهد فالأول ينتهي عند قوله: وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. وأما الأخير فإنه لا نهاية له؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما ذكر التشهد قال: (ثم ليتخير من الدعاء ما شاء) فلو بقيت أكثر من نصف ساعة أو ساعة وأنت جالس في التشهد تدعو الله عز وجل فلا حرج، إلا الإمام فإنه لا يطيل على المأمومين، ثم تسلم عن يمينك: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يسارك: السلام عليكم ورحمة الله. هذا ملخص ما نعلمه من صفة الصلاة الواردة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

حكم دفع الرشوة لاستنقاذ الحقوق والمظالم

حكم دفع الرشوة لاستنقاذ الحقوق والمظالم Q فضيلة الشيخ! في بعض البلدان أحياناً لا يستطيع الإنسان قضاء مصلحة من مصالحه إلا بدفع مبلغ إلى موظفي هذه المصالح، وهذا الأمر شائع ومعروف أنه لا تقضى لك المصلحة إلا إذا دفعت مبلغاً إلى فلان، فهل هذا يعتبر رشوة وأنت تريد أن تكمل مصلحتك، أرجو التوضيح بإسهاب؛ لأن هذا الأمر يقع فيه غالبية أهل البلاد جزاكم الله خيراً؟ A يقول أهل العلم: إن الإنسان إذا بذل مالاً لاستنقاذ حقه فليس برشوة، لكن الإثم على الآخذ، فإذا كان هؤلاء الموظفون لا يمكن أن يقضوا حاجتك التي يلزمهم أن يقضوها إلا برشوة فأعطهم والإثم عليهم، إلا إذا كان من الممكن أن يرفع أمرهم إلى ولاة الأمور حتى يؤدبوهم فحينئذٍ لا تعطي وارفع أمرهم، لكن الغالب في البلاد التي يشير إليها السائل أن هذا غير ممكن، وعليه فلا بد للإنسان أن يستخلص حقه بأي وسيلة، فإذا أعطاهم شيئاً ليمضوا معاملته فلا حرج عليه، والإثم على الآخذ، هكذا قال العلماء. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللقاء الشهري [22]

اللقاء الشهري [22] كان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا أراد أن يقول شيئاً أو يلقي خطاباً يبتدئ كلامه بخطبة الحاجة، وكذلك كانت سنة خلفائه من بعده رضوان الله عليهم، وهذه الخطبة مع أنها صغيرة في الألفاظ لكنها احتوت على معانٍ كثيرة؛ لذلك كان هذا اللقاء عن معاني خطبة الحاجة.

معاني خطبة الحاجة

معاني خطبة الحاجة الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن مقدمة لقائنا هذا الشهر -شهر جمادى الأولى- أن نتكلم عن معاني هذه الخطبة التي تسمى: (خطبة الحاجة) والتي علمها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أصحابه أن يبتدئوا بها كل أمر ذي اهتمام.

معنى الحمد

معنى الحمد قوله: (الحمد) : وصف المحمود بالكمال محبة وتعظيماً وإجلالاً، فإذا وصفت ربك بالكمال فهذا هو الحمد، لكن لا بد أن يكون مصحوباً بالمحبة والتعظيم والإجلال؛ لأنه إن لم يكن مصحوباً بذلك سمي مدحاً لا حمداً، ومن ثمَّ نجد بعض الشعراء يمدحون بعض الأمراء مدحاً عظيماً بالغاً، لكنك لو فتشت عن قلبه لوجدت أنه خالٍ من محبة هذا الأمير، ولكنه يمدحه إما لرجاء منفعة أو لدفع مضرة. أما حمدنا لله عز وجل فإنه حمد محبة وتعظيم وإجلال، إذ أن محبة الله تعالى فوق كل محبة، ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق محبة كل مخلوق، ولهذا يجب علينا أن يكون الله ورسوله أحب إلينا مما سواهما، ويجب علينا أن تكون محبة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فوق محبة أنفسنا وأهلينا ووالدينا وأولادنا؛ لأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو أعظم الناس حقاً علينا، به هدانا الله، وبه أرشدنا، وبه دلنا على كل خير، وبه بين لنا كل شر، وبه نقتدي على منهاج ربنا عز وجل الموصل إلى دار كرامته ورضوانه، فلهذا من لم يكن قلبه مملوءاً من محبة الله ورسوله ومن لم يكن مقدماً لمحبة الله ورسوله على من سواهما فليعلم أن في قلبه مرضاً، وليحرص على أن يصحح هذا المرض، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) . إذاً الحمد: هو وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم والإجلال، هذا هو الحمد، إذا كررت هذا الوصف سمي ثناءً، وعليه فالثناء تكرار وصف المحمود بالكمال، ويدل على هذا الفرق ما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3] قال: أثنى علي عبدي، وإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] قال: مجدني عبدي) تصور يا أخي! يناجيك الله عز وجل وأنت في صلاتك، يسمعك من فوق سبع سماوات، ويرد عليك، (إذا قلت: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] قال الله: حمدني عبدي، وإذا قلت: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3] قال: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قلت: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] قال: مجدني عبدي) والتمجيد: التعظيم، فهل نشعر ونحن نصلي بهذا؟!! الشكوى لله عز وجل، أكثرنا وأكثر أوقاتنا أننا لا نشعر بهذا، نقرأ الفاتحة على أنها ركن لا تصح الصلاة إلا بها، لكننا لا نشعر بهذه المعاني العظيمة أننا نناجي الله سبحانه تعالى، {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] يقول الله عز وجل من فوق سماواته: حمدني عبدي!! من يشعر بهذا يجد لذة عظيمة للصلاة، ويجد أن قلبه استنار بها، وأنه خرج منها بقلب غير القلب الذي دخل فيها به. قوله: (الحمد لله نحمده) جملة: (نحمده) جملة فعلية، (والحمد لله) جملة اسمية، فجاءت الجملة الفعلية بعد الجملة الاسمية لتأكيد تكرار الحمد، كأننا مستمرون بحمد الله عز وجل.

معنى (ونستعينه)

معنى (ونستعينه) قوله: (ونستعينه) أي: نطلب منه العون، على أي شيء؟ على كل شيء، وأول وأولى ما يدخل في ذلك ما نحن فيه، تقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] على كل شيء، ومنها: أن نستعينك على أداء الصلاة على الوجه الذي يرضيك عنا، وعندما تتكلم بهذه الخطبة فإنك تستعين الله تعالى على هذه الخطبة التي ستقولها وتسأله العون، وفي الحديث: (ليسأل أحدكم ربه حتى شراك نعله) استعن بالله في كل شيء، إذا أردت أن تُقضى حاجتك فاستعن بالله في كل شيء، لا تحقرن شيئاً، حتى عند الوضوء عند الخروج إلى المسجد عند أي عمل اجعل قرينك الاستعانة بالله عز وجل.

معنى (ونستغفره)

معنى (ونستغفره) قوله: (نستغفره) أي: نسأله المغفرة، والمغفرة: هي ستر الذنب مع التجاوز عنه. هذه المغفرة، أن يستر الله عن عباده ذنبك وأن يعفو عنك هذا الذنب، ومعلوم أن الإنسان له ذنوب بينه وبين الله، ذنوب خفية في القلب، وذنوب خفية في الجوارح، لكن لا يعلم بها الناس، أرأيتم لو أن الله كشفها لكانت محنة، ولكن بحمد الله عز وجل أنه سترها عن العباد، فأنت تسأل الله أن يغفر لك، أي: أن يستر عليك الذنوب وأن يتجاوز عنك، فانتبه لهذا المعنى، أنت عندما تقول: أستغفر الله. تسأل الله شيئين هما: الأول: ستر الذنب، والثاني: التجاوز عنه بحيث لا يعاقبك الله عليه، ولهذا إذا كان يوم القيامة فإن الله تعالى يخلو بعبده المؤمن ويقول: (فعلت كذا فعلت كذا حتى يقر، ثم يقول الله عز وجل: قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم) اللهم اغفر لنا. نجد أن في كتب العلماء الذين يبدءون بهذه الخطبة (نستغفره ونتوب إليه) ولكن بعد التحري لم نجد في الحديث: (ونتوب إليه) بل (نستغفره) وبعدها (ونعوذ بالله من شرور أنفسنا) .

معنى (نعوذ بالله من شرور أنفسنا)

معنى (نعوذ بالله من شرور أنفسنا) قوله: (نعوذ بالله من شرور أنفسنا) أي: نعتصم بالله من شرور أنفسنا، وسؤالنا الآن: هل في النفس شر؟ A نعم. في النفس شر، قال الله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف:53] والنفوس ثلاث: نفس شريرة: وهي الأمارة بالسوء، ونفس خيرة: وهي المطمئنة تأمر بالخير، ونفس لوامة، وكلها مذكورة في القرآن: النفس الشريرة التي تأمر بالسوء مذكورة في سورة يوسف: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف:53] . والنفس المطمئنة الخيرة التي تأمر بالخير مذكورة في سورة الفجر: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر:28-30] . النفس اللوامة مذكورة في سورة القيامة: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة:1-2] ، فهل النفس اللوامة غير النفسين: الخيرة والسيئة، أو هي النفسان؟ من العلماء من يقول: إنها نفس ثالثة، ومنهم من يقول: بل هي وصف للنفسين السابقتين. فمثلاً: النفس الخيرة تلومك متى؟ إذا عملت سوءاً أو فرطت في واجب تلومك. النفس الشريرة تلومك متى؟ إذا فعلت خيراً، أو تجنبت محرماً، لامتك: كيف تحجر على نفسك؟ لماذا لم تتحرر؟ لماذا لا تفعل كل ما تريد؟ تقولها النفس الأمارة بالسوء. أما النفس الخيرة فتلومك عند فعل الشر وترك الخير، والنفس الأمارة بالعكس. وأياً كان الأمر سواء كانت نفساً ثالثة، أو هي وصف للنفسين: الأمارة بالسوء والمطمئنة، فإن للنفس الشريرة علامة، ما علامتها؟ علامتها: أنها تأمرك بالشر تأمرك بالكذب بالغيبة بالغش بالسرقة بالزنا بشرب الخمر، أي نفس هذه؟ الشريرة التي تأمر بالسوء. النفس الخيرة بالعكس، تأمرك: بالخير بالصلاة بالذكر بقراءة القرآن بالصدقة بغير ذلك مما يقربك إلى الله، ونحن كلنا نجد في نفوسنا مصارعة بين هاتين النفسين، والموفق من عصمه الله ووقاه شر نفسه، ولهذا نحن نقول: (نعوذ بالله من شرور أنفسنا) فأنفسنا فيها شر، إذا لم يعصمك الله عز وجل من شر نفسك هلكت {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف:53] .

معنى (ومن سيئات أعمالنا)

معنى (ومن سيئات أعمالنا) قوله: (ومن سيئات أعمالنا) الأعمال السيئة لها آثار سيئة: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:41] والسيئة تجلب السيئة، وتقود الإنسان إلى السيئة الأخرى قهراً، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: إن المعاصي بريد الكفر. أي: إذا هانت المعاصي في نفسك هانت الصغيرة ثم هانت الكبيرة ثم هون الكفر في نفسك، فكفرت والعياذ بالله، ولهذا يجب على الإنسان من حين أن يشعر بالمعصية أن يستغفر الله منها، وأن يلجأ إلى الله عز وجل بالإنابة والتوبة حتى تمحى آثارها، وحتى لا يختم على القلب، وحتى لا يصل الإنسان إلى هذه الدرجة {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14] . نسأل الله أن يصلح لنا ولكم العلانية والسريرة، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

الأسئلة

الأسئلة

مشروعية الإتيان بخطبة الحاجة في كل أمر مهم

مشروعية الإتيان بخطبة الحاجة في كل أمرٍ مهم Q فضيلة الشيخ: ذكرتم خطبة الحاجة، ونحن نسمع أن الذين يعقدون النكاح للناس يبدءون بها، فهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها تقرأ عند عقد النكاح؟ وما السر في هذا؟ A لا شك أن من أعظم الحوائج حاجة النكاح، فإن حاجة الإنسان إلى النكاح قد تكون مثل حاجته إلى الطعام والشراب، ولهذا يجب على الإنسان إذا كان له أولاد يحتاجون للنكاح وهو غني يجب أن يزوجهم، كما يجب أن يقيتهم بالطعام والشراب واللباس والمسكن يجب أن يزوجهم، فإن لم يفعل وقدروا على أخذ شيء من ماله ولو خفية ليتزوجوا به فلهم ذلك، كما أذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ هند بنت عتبة حين شكت إليه زوجها الذي لا يعطيها ما يكفيها وولدها، قال: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) فإذا كان النكاح من أعظم حوائج الإنسان فإنه يسن أن تتقدم هذه الخطبة عند عقد النكاح، ولكن ليست شرطاً، فلو أن رجلاً أراد أن يزوج ابنته وأتى بشاهدين، وقال للخاطب: زوجتك بنتي فلانة قال: قبلت بدون خطبة، أيجوز هذا أم لا؟ يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم زوج الرجل الذي طلب منه أن يزوجه المرأة التي وهبت نفسها للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بدون أن تتقدم الخطبة. أتعرفون قصة الواهبة؟ امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قالت: (يا رسول الله! وهبت نفسي لك -هبة مجاناً- فصعَّد فيها النظر وصوَّب ولكنه لم يردها، إلا أنه لحسن خلقه لم يقل: لا أريدك، سكت، فقام رجل من الناس قال: يا رسول الله! إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها -وهذا من كمال الأدب في الصحابة، لم يقل مباشرة: زوجنيها قال: إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها- قال: ما تصدقها؟) المرأة لا تحل إلا بصداق لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء:24] قال: (ما تصدقها؟ قال: يا رسول الله! أصدقها إزاري -ليس عنده إلا إزار، ما عنده رداء- قال: إزارك إن أعطيتها إياه بقيت بلا إزار، وإن بقي عليك بقيت بدون صداق -لا يصلح- التمس ولو خاتماً من حديد، فذهب الرجل فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال: هل معك شيء من القرآن؟ قال: نعم معي سورة كذا وكذا، قال: زوجتكها بما معك من القرآن) أي: فعلمها ما معك من القرآن، فتزوجها الرجل. إذاً الخطبة التي سمعتم تقال عند عقد النكاح على وجه الاستحباب، فلو لم تخطب وقال: زوجتك ابنتي قال: قبلت. انتهى وصح العقد. السؤال: ما هي المناسبات التي تقال فيها خطبة الحاجة في غير النكاح؟ الجواب: كل حاجة، فمثلاً: لو أردت أن تصلح بين رجلين، هذه حاجة عظيمة، إذا جلست تصلح اقرأ هذه الخطبة، أو أردت أن تصلح بين زوجين كذلك اقرأ هذه الخطبة، تريد أن تتكلم بأمر هام للناس تقول هذه الخطبة، تريد أن تخطب يوم الجمعة تقول هذه الخطبة؛ لأنها مشروعة في كل أمر هام.

حكم الابتداء بخطبة الحاجة في خطبة الجمعة

حكم الابتداء بخطبة الحاجة في خطبة الجمعة Q هل يسن للخطيب أن يكثر من خطبة الحاجة في افتتاح خطب يوم الجمعة أم ينوع؟ A الأصل أن خطبة الحاجة هي الأفضل، لكن لا حرج أن ينوع؛ لئلا يظن الناس أن هذه الخطبة -أعني: خطبة الحاجة- أمر واجب، ولأنه ربما يمل الناس إذا صار يكرر هذه الخطبة كل جمعة.

حكم إضافة كلمة (ونستهديه) في خطبة الحاجة

حكم إضافة كلمة (ونستهديه) في خطبة الحاجة Q هل ورد في خطبة الحاجة (ونستهديه) حيث أننا نسمع بعض الناس يقولها، وما صحة الحديث الذي جاء فيه: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) ؟ A أما الفقرة الأولى وهي: (ونستهديه) فلم ترد في هذه الخطبة، لكن بعض الناس يتصرف فيها يقول: (ونستهديه) ويقول: (من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً) ويعدل عن قوله: (ومن يضلل فلا هادي له) وهذا تصرف من بعض الناس، والأمر في هذا فيما أظن واسع. وأما حديث (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) فهو حديث ضعيف، لكن بعض أهل العلم حسنه، وهو في الحقيقة من حيث المعنى صحيح؛ لأن هوى الإنسان إذا لم يكن تبعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإيمانه ناقص بلا شك.

تعاريف خاطئة في معنى الحمد

تعاريف خاطئة في معنى الحمد Q فضيلة الشيخ! ذكرتم في تفسير (الحمد) الوارد في الخطبة تعريفاً، فهل يمكن أن نقول بأن تعريف الحمد: هو الثناء على الجميل بالجميل؟ A لا. هذا غير صحيح، الثناء على الجميل بالجميل قد يكون قريباً من معنى الشكر، أي: تثني على الجميل بجميله الذي فعل لا بجماله، فهذا التعريف غير صحيح، ثم إننا أيدنا ما ذكرناه بأن الحمد ليس هو الثناء، بل الثناء هو تكرار الحمد، أيدناه بالحديث الصحيح الذي ذكرناه أثناء كلامنا على هذا.

حكم نسبة الشر إلى الله تعالى

حكم نسبة الشر إلى الله تعالى Q فضيلة الشيخ! ورد في الحديث قوله عليه الصلاة والسلام فيما معناه: كل يجازى بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر. فوصف النبي صلى الله عليه وسلم أهل الشر بأنهم سيجازون بالشر، فهل يسمى عذابهم شراً، أو هو -أي: العذاب- شر عليهم بهذا المعنى فينسب الشر إلى الله، وهل هذا جائز أم باطل، نرجو الإجابة على هذا الإشكال؟ A أولاً: أنا أريد من السائل ألا يردد المعنى: هل كذا هل كذا هل كذا؟ كأنه يريد أن يقول: أنا أعرف كذا وأعرف كذا وأعرف كذا، يسأل يقول: ما المراد بالشر؟ أو أن هذا الحديث بهذا اللفظ لا أعرف عنه هل هو صحيح أم لا؟ الثاني: أن قول القائل: الناس مجزيون بأعمالهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر. مأخوذ من قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة:7-8] أي: يرى الشر، ومجازاة صاحب الشر بالشر أي: أنه يجازى بمثل ما عمل، ومجازاته بمثل ما عمل وإن كانت شراً بالنسبة له هي بالنسبة لله خير؛ لأنها عدل، والعدل كله خير، ولعل هذا السؤال يأخذنا إلى سؤال آخر أهم منه وهو: أننا نؤمن بالقدر خيره وشره، فهل في القدر شر؟ نقول: أما القدر الذي هو تقدير الله فليس فيه شر، بل كله خير، وأما القدر بمعنى المقدور الذي يقدره الله فهذا منه خير ومنه شر. نقول: أما القدر الذي هو فعل الله فليس فيه شر؛ لأن الله لا يفعل شيئاً إلا لحكمة، حتى وإن كان شراً بالنسبة للناس فهو حكمة {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:41] الفساد خير أم شر؟ شر، لكن الله قدره لمصلحة عظيمة: {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41] فقدر الله الذي هو تقديره ليس فيه شر، والمقدور الذي هو المخلوق هذا فيه خير وشر. فمثلاً: الإبل ينتفع الناس بها {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ} [يس:71-73] الذئاب ينتفع الناس بها كما ينتفعون بالإبل؟ لا. بل يجدون منها الشر، تأكل الغنم، وربما تأكل الصبيان، ففيها شر، لكن هذا الشر بالنسبة لفعل الله عز وجل ليس شراً؛ لأن الله أوجد هذا الحيوان المفترس حتى يعرف الإنسان قدر نفسه، ويعرف أن الله تعالى له الحكمة في خلق النافع وخلق الضار، ويحرص على أن يتحصن بالأذكار التي وردت محصنة لقائلها، فتجد الآن أن في خلق الذئاب وأشباهها حكمة عظيمة، وإن كانت في نفسها شراً؛ فالشر في المفعول لا في الفعل بالنسبة لله عز وجل.

اليهود ناقضو العهود على مر التاريخ

اليهود ناقضو العهود على مر التاريخ Q فضيلة الشيخ! في جمادى الأولى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أجلى النبي صلى الله عليه وسلم إحدى طوائف اليهود من المدينة، حتى تتابعت طوائف اليهود كلها في نقض العهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، فهل من تعليق على هذه الأحداث؟ وهل هم الذين قال الله عنهم: {َكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} [البقرة:100] فهل لليهود عهد على مر التاريخ؟ A نعم. اليهود لهم عهود مع نبيهم موسى عليه الصلاة والسلام ومن بعده، ومع آخر الرسل وأفضلهم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم عاهدوه ولكنهم نقضوا العهد، وهم ثلاث قبائل حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة: بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة، وآخرهم بنو قريظة، نقضوا العهد حين واطئوا الأحزاب الذين جاءوا لحرب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المدينة، ولما نقضوا العهد وعاد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من غزوة الأحزاب أتاه جبريل وقال: (اخرج إلى هؤلاء -أي: إلى بني قريظة- الذين نقضوا العهد) ، فخرج إليهم وحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه، وكان سعد بن معاذ سيد الأوس -القبيلة الثانية من الأنصار- وكان حليفاً لبني قريظة، فقالوا: ننزل على حكمه ظناً منهم أنه سيفعل كما فعل عبد الله بن أبي المنافق الذي خان العهد، لما نزلت بنو النضير على حكمه. خرج سعد بن معاذ رضي الله عنه من مقره في مسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن سعد بن معاذ أصيب يوم الأحزاب بسهم في أكحله، وقال: [اللهم لا تمتني حتى تقر عيني ببني قريظة] وهم حلفاؤه، فلم يمت حتى أقر الله عينه بهم، لما حاصر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بني قريظة رضوا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فجاء من المسجد من الخيمة التي كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد ضربها له، فلما وصل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ومعه أصحابه، ومعه كبراء بني قريظة، أخبره النبي عليه الصلاة والسلام أنهم حكموه، فقال رضي الله عنه: [حكمي نافذ عليهم وعلى هؤلاء ويشير إلى الرسول عليه الصلاة والسلام؟ قالوا: نعم. فقال: أحكم بأن تقتل مقاتلتهم -أي: الرجال- وتسبى ذراريهم ونساؤهم، وتغنم أموالهم] وكان اليهود يتوقعون خلاف ذلك، كانوا يتوقعون أن يتوسط لهم ويسلمون من القتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات) ونفذ الحكم، وقتل في يوم واحد أكثر من ستمائة رجل من اليهود في المدينة. فالمهم أن اليهود أصحاب غدر وأصحاب خيانة، ولا يوثق بعهودهم مهما أكدوها، وهم أذلة: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} [آل عمران:112] ثم قال: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ} [آل عمران:112] ولم يستثنِ؛ لأنهم دائماً فقراء قلوب، ولهذا كانوا أشد الناس جشعاً وطمعاً وشحاً وبخلاً، ولم نثق بعهودهم أبداً، لكن لنا معهم معركة ستكون الدائرة عليهم، حتى إن الرجل منهم يختبي خلف الشجرة فتقول: يا عبد الله! هذا يهودي خلفي تعال فاقتله. إلا نوعاً واحداً من الشجر وهو الغرقد؛ وهو من أشجار اليهود لا يخبر بهم. وأما قوله تعالى: {َكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} [البقرة:100] فاليهود هم أولى الناس بالقرآن في هذه الآية.

التفصيل في حكم العمليات الاستشهادية

التفصيل في حكم العمليات الاستشهادية Q فضيلة الشيخ: علمت حفظك الله ما حصل في يوم الأربعاء من حادث قتل فيه أكثر من عشرين يهودياً على يد أحد مجاهدي حماس، وجرح فيه قريباً من خمسين، وذلك أن هذا المجاهد لَفَّ على نفسه متفجرات ودخل في إحدى حافلاتهم ففجرها، وهو إنما فعل ذلك: أولاً: لأنه إن لم يقتل اليوم فسيقتل غداً؛ لأن أشد شيء على اليهود هو الشباب الملتزم. ثانياً: أن الحادث الذي مر في الخليل يريد أولئك المجاهدون أن ينتقموا من اليهود منه. ثالثاً: أنهم يعلمون أن اليهود يخططون هم وغيرهم من النصارى على القضاء على الحماس الموجود في فلسطين، فهل هذا الفعل منه يعتبر انتحاراً أو جهاداً؟ وما نصيحتك في مثل هذه الحالة لأننا إذا علمنا أن هذا الأمر أمراً محرماً لعلنا نبلغه إلى إخواننا هناك وفقك الله؟ A هذا الذي وضع على نفسه هذا اللباس الذي يقتل أول من يقتل نفس الرجل، لا شك أنه هو الذي تسبب لقتل نفسه، ولا يجوز مثل هذه الحال إلا إذا كان في ذلك مصلحة كبيرة للإسلام، لا لقتل أفراد من الناس لا يمثلون الرؤساء ولا يمثلون القادة لليهود، أما لو كان هناك نفع عظيم للإسلام لكان ذلك جائزاً، وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على ذلك، وضرب لهذا مثلاً بقصة الغلام المؤمن الذي كان في أمة يحكمها رجل مشرك كافر، فأراد هذا الحاكم المشرك الكافر أن يقتل الغلام، فحاول عدة مرات، مرة يلقى من أعلى جبل -هذا الغلام- ومرة يلقى في البحر، ولكنه كلما فعل ما يهلك به هذا الغلام نجا، فتعجب الملك الحاكم، فقال له يوماً من الأيام: أتريد أن تقتلني؟ قال: نعم، وما فعلت هذا إلا لقتلك، قال: اجمع الناس كلهم، ثم خذ سهماً من كنانتي واجعله في القوس ثم ارمني به، ولكن قل: باسم رب هذا الغلام؛ لأنهم كانوا إذا أرادوا أن يسموا كانوا يسمون باسم هذا الملك، فجمع الناس ثم أخذ سهماً من كنانته ووضعها في القوس وقال: باسم رب هذا الغلام، وأطلق القوس فضربه فهلك، فصاح الناس كلهم: الرب رب الغلام، الرب رب الغلام، وأنكروا ربوبية هذا الحاكم المشرك؛ لأنهم قالوا: هذا الرجل المشرك -الحاكم- فعل كل ما يمكن أن يهلك به الغلام ولم يهلك، ولما جاءت كلمة واحدة: باسم رب هذا الغلام. هلك، إذاً: مدبر الكون هو هذا الحاكم أم الله؟ الله، فآمن الناس. يقول شيخ الإسلام: هذا حصل فيه نفع كبير للإسلام، وإلا فإن من المعلوم أن الذي تسبب بقتل نفسه هو هذا الرجل لا شك، لكنه حصل فيه نفع كبير، آمنت أمة كاملة، فإذا حصل مثل هذا فيقول الإنسان: أنا أفدي ديني بنفسي ولا يهمني، أما مجرد أن يقتل عشرة أو عشرين أو ثلاثين، ثم ربما تأخذ اليهود بالثأر فتقتل مئات، ولولا ما يحاولون اليوم من عقد الصلح والسلام كما يقولون، لرأيت فعالهم في الانتقام من الفلسطينيين لهذه الفعلة التي فعلها هذا الرجل.

حكم الشك في قتل المرأة طفلها

حكم الشك في قتل المرأة طفلها Q فضيلة الشيخ! كان عندي قبل أعوام طفل صغير، فنمت معه في إحدى الليالي وكان بعيداً عني، وعندما أصبحت وجدته يتنفس، فذهبت لبعض حاجتي وعندما رجعت وجدت في فمه دماً ومات بعد دقائق، والآن عندي شك وليس حقيقة بأني ربما كنت أنا السبب، فلعلي نمت عليه في الليل وأنا لم أشعر، فهل عليَّ من شيء وفقك الله؟ A ليس عليها شيء؛ لأنه لا يجب عليها شيء حتى تتيقن أنها هي التي قتلته، أما الآن وهو مجرد شك فهذا من الوساوس التي يلقيها الشيطان في قلبها لينكد عليها حياتها، وذمتها بريئة منه، وربما أن الصبي أصابه بل يقيناً أصابه أمر من الله عز وجل فهلك بذلك، وهذا يقع كثيراً، يوقع الشيطان الوساوس في قلوب الأمهات، تقول: لعلي انقلبت عليه، لعلي فعلت كذا وكذا، فنقول: الذمة بريئة حتى تتيقن أنها مسئولة عن هذا الفعل.

نصيحة للآباء في عدم تمكين أبنائهم الصغار من قيادة السيارة

نصيحة للآباء في عدم تمكين أبنائهم الصغار من قيادة السيارة Q فضيلة الشيخ! أمر خطير صار يسري في أوساط الناس اليوم: وهو أننا نرى كثرة الأطفال الصغار الذين أصبحوا يمكنون من قيادة السيارات، وليس معهم أي رخصة تؤهلهم لذلك، فهل من نصيحة للمسئولين بينكم وبينهم، ومن نصيحة لأولياء الأمور ممن حضر في بيان خطر هذا، وهل إذا حدث أن ذلك الطفل توفي بسببه شخص أن الإثم على وليه الذي مكنه من تلك السيارة، حيث أنه سفيه والله قد نهى أن نعطي السفهاء أموالنا فكيف بما تزهق به الأرواح، هل من نصيحة وتوجيه وفقكم الله؟ A نصيحتي للآباء: ألا يمكنوا أبناءهم الصغار من قيادة السيارة، حتى وإن كان لهم وجهة نظر يظنونها صحيحة، فإن بعضهم يقول: أنا أمكنه من قيادة السيارة لأستغني به عن جلب سائق. لا ندري ما ثقته ولا ندري عن نزاهته، فهو ابني أستغني به عن غيره، وهذه ليست وجهة صحيحة، بل إن هؤلاء الصغار يكون الخطر عليهم ويكون الخطر منهم، وتحصل بسبب ذلك حوادث كثيرة، ولقد شاهدت منذ زمن صبياً يقود سيارة، فلما أراد أن ينعطف يميناً ما استطاع أن يرى الشارع الأيمن، فوقف على قدميه حتى يعطف السيارة، هل هذا يُمكَّن؟ لا يجوز أن نمكن هؤلاء، وكما قال السائل: إذا كان الله تعالى نهانا أن نعطي أموالنا السفهاء، فكيف نعطيهم أو نوليهم قيادة السيارة التي يكون فيها خطر عليهم وعلى غيرهم؟!! فنصيحتي للآباء أن ينتظروا، وإذا كانوا لا يستطيعون أن يقودوا السيارة بأنفسهم ليقودوا البنات إلى المدرسة أو لقضاء الحاجات فليختاروا سائقاً مأموناً يقود السيارة، على أنهم لو اختاروا قائداً مأموناً فإنه لا يجوز لهذا السائق أن يخلو بالمرأة وحدها، بل لا بد أن يكون معها نساء أو محرم بعدها.

حكم زيارة البقيع

حكم زيارة البقيع Q فضيلة الشيخ! نشر في جريدة الرياض العدد الصادر يوم الثلاثاء في الثالث عشر من الشهر الخامس من هذه السنة: أن فضيلتكم زار البقيع. وقال الناشر: إن هذه الزيارة كانت أمس وذلك من تاريخ النشرة، فهل من كلمة حول هذه الزيارة؟ وهل هي مشروعة، حيث أننا نرى الكلام في هذا الموضوع، فأرجو التوضيح؟ A أما زيارة البقيع فمشروعة بلا شك؛ لأنها قبور الصحابة رضي الله عنهم وسلف الأمة والصالحين من عباد الله، كما يشرع لنا أن نزور مقابرنا يشرع لنا أن نزور البقيع، ولكنه يقول: بالأمس، إن أراد بالأمس القريب فهذا ليس بصحيح؛ لأن زيارتي للمدينة كانت منذ أكثر من شهر، وإن أراد بالأمس ما قبل اليوم ولو قبل عشر سنين فهذا صحيح، فالله أعلم بنيته، لكن إن كان قد كتب بالأمس، وأراد أني زرتها في يوم الثاني عشرة من هذا الشهر فهذا غير صحيح، لأني ما زرتهم والزيارة كانت قديمة، لكن لعلها والله أعلم نشرت في هذا الوقت؛ لأنهم كانوا يقلبون في أوراقهم يمكن وجدوها وقالوا: ننشرها، فلا أدري ما السبب. واعلم أن اللغة العربية واسعة، تقول: غداً لليوم الذي يلي يومك، وتقول غداً لليوم الذي بعد يومك بآلاف السنين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر:18] ويعني بغد: يوم القيامة، وبينك وبينه مسافات الله أعلم بها، كذلك الأمس -اللغة العربية واسعة- قد يراد بالأمس ما قبل يومك المباشر، وقد يراد به ما قبل يومك بزمن بعيد.

حكم النظر إلى المرأة المخطوبة واقتناء الصور

حكم النظر إلى المرأة المخطوبة واقتناء الصور Q فضيلة الشيخ! هل يجوز لي النظر إلى المرأة التي أريد الزواج بها بدون علم أهلها، كأن تحضر إلى قرابة لي فأنظر إليها دون علمها وعلم أهلها، مع العلم أني عازم بإذن الله على التقدم لها، ولكن لم تحصل الخطبة، بل حصل أخذ موافقة منها ومن والدتها قبل أن أتقدم رسمياً إليها، مع أني قد استخرت الاستخارة الشرعية، فهل يجوز لي هذا النظر؟ A يجوز لك هذا النظر؛ لأن الإنسان إذا عزم على خطبة امرأة، وغلب على ظنه أنه يجاب، فله أن ينظر إليها بل يسن أن ينظر إليها، بشرط: ألا يكون هناك خلوة، وأن يأمن الفتنة على نفسه، فإذا لم يكن خلوة وأمن الفتنة على نفسه ونظر إليها ما يكفي في رغبته فيها كالنظر إلى الوجه والرأس والكفين والقدمين فإن هذا لا بأس به، بل هو من الأمور المشروعة: فإنه أحرى أن يؤدم بين الزوجين. أي: أحرى أن يؤلف بينهما. ويسأل بعض الناس يقول: هل يجوز أن أطلب صورتها في الفوتوغرافية؟ فنقول: لا يجوز. أولاً: أن الصورة قد تبقى بيد الخطيب حتى وإن رد. ثانياً: أن الصورة لا تمثل الواقع والحقيقة، قد تشوه المنظر وقد تحسن المنظر، فينخدع الإنسان. ثالثاً: أنه لا ينبغي للإنسان أن يمكن أحداً من أن يلتقط صورة أهله بناته أو أخواته أو ما أشبه ذلك، بل لا يجوز له هذا؛ لما في ذلك من الفتنة، وربما تقع هذه الصورة بأيدي أناس فساق يعرضون بناتك على الناس، إن كن جميلات صرن فتنة للناس، وإن كن قبيحات صرن مشمتاً للناس.

مسائل في الرضاع

مسائل في الرضاع Q رجل متزوج من زوجتين، وله منهما أولاد، ثم قامت إحدى زوجتيه بإرضاع شخص، فهل هذا الشخص يكون من محارم بنات ذلك الرجل صاحب اللبن -أي: بنات كلا الزوجتين- وما هي القاعدة في مسألة الرضاعة حيث أن أمرها يشكل؟ A الرضاعة تؤثر من جانب الرجل ومن جانب المرأة، بمعنى: أنه إذا كان للرجل زوجتان فأرضعت إحداهما طفلاً الرضاع المحرم وهو خمس رضعات فأكثر، فإن هذا الطفل يكون ولداً للمرضعة وولداً لزوجها، ويكون أولاد زوجها من الزوجة الأخرى إخوة له، لكن إخوة له من الأب؛ لأن أباهم واحد، وأما بالنسبة لأولاد التي أرضعت فهو أخ لهم من الأب والأم، كما أنه ربما يكون هناك إخوة من الأم ترضع هذه المرأة طفلاً في حبال رجل، أي: عندها زوج، ثم تتزوج بزوج آخر، وترضع طفلاً وهي في حبال الزوج الثاني، الطفل الذي أرضعته في حبال الزوج الثاني يكون أخاً لأولادها من الزوج الأول من الأم، فالرضاع حكمه حكم النساب؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) فكما أن إخوتك من الأم من النسب إخوة لك، ومحارم لأخواتهم من أمهم، فكذلك في الرضاعة. لكن ما رأيكم: فيما لو كان الطفل لا يقبل ثدي المرأة، ولكن صب له اللبن أو حلبت المرأة لبنها في فنجان، وأرضعن هذا الطفل منه خمس مرات، مرة في الصباح، ومرة في المساء، ومرة في الليل، ومرة بعد الظهر، المهم خمس مرات، هل يكون ولداً لصاحبة اللبن؟ نعم. لا يشرط أن يرضع من الثدي، المهم أن يرضع من هذا اللبن. ولو ارتضع طفلان من شاة؟ نحلب هذه الشاة ونسقي هذا وهذا، هل يكونان أخوين من الرضاع؟ نقول: إن كانا خروفين صارا أخوين، وإلا فلا.

واجبنا تجاه إخواننا المجاهدين

واجبنا تجاه إخواننا المجاهدين Q فضيلة الشيخ: لماذا لا يكون لكم بعض الدروس في مدينة حائل وما حولها، نأمل أن يكون ذلك قريباً، وهل من دعاء لإخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك وفلسطين وغيرهم في كل مكان جزاكم الله خير الجزاء؟ A الدعاء مبذول لإخواننا المسلمين المجاهدين في البوسنة والهرسك وفي فلسطين وفي كشمير وفي كل مكان يضطهد فيه المسلمون، هذا واجب علينا، أقل ما يجب علينا لإخواننا هو الدعاء، إذا لم نشارك بأموالنا وأبداننا فلا أقل من الدعاء. وأما بالنسبة لإلقاء الدروس في حائل، ففي حائل ولله الحمد من طلبة العلم من فيهم الكفاية والخير، وأنا أشير على إخواننا وشبابنا من أهل حائل ومن غيرهم أن يلتزموا بمن عندهم من أهل العلم، وأن يطلبوا منهم الجلوس، ولو في الأسبوع مرتين أو ثلاث مرات، وإذا يسر الله عز وجل أن نزور حائلاً أو غيرها لمقابلة بعض الإخوة وتنشيطهم فهذا خير، لكن أشغالي كثيرة في الواقع، أكثر من وقتي، وأعلم أنني لو آتي إلى أهل حائل قال أهل البلاد الأخرى: ائت إلينا، إن أرضيت الجميع مشكلة، وإن أغضبت بعضهم مشكلة، وأنا أعتقد أنهم إن شاء الله راضون عني بكل حال، وأنهم يعذرونني، والحمد لله الآن الأشرطة تغني بعض الشيء عن حضور الرجل، الأشرطة الآن منتشرة، وهي من نعمة الله سبحانه وتعالى علينا في هذا الوقت، لما كان ولله الحمد الصحوة قوية في الشباب، يحبون العلم، ويحبون الخير، ويحبون الوعظ، ويحبون الدعوة إلى الله عز وجل، صارت الأشرطة ولله الحمد منتشرة، يستطيع الإنسان أن يضع الشريط وهو يمشي في سيارته ويستمع إليه ويستفيد منه. نسأل الله لنا ولكم العلم النافع، والعمل الصالح، وأن يجمع القلوب على طاعته وعلى ما فيه الخير، وأن يعيذنا وإياكم من التفرق والاختلاف، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللقاء الشهري [23]

اللقاء الشهري [23] المسح على الخفين قد جاءت به الأحاديث المتواترة، ولكن لهذا المسح أحكام وشروط، وقد تحدث الشيخ عن ذلك في مستهل هذا اللقاء، ثم أجاب عن الأسئلة التي قدمت إليه من قبل الحاضرين، وهي مهمة ومتنوعة.

أدلة المسح على الخفين

أدلة المسح على الخفين الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الثالث والعشرون من اللقاءات الشهرية التي تتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، إلا أن يكون هناك مانع، هذا اللقاء هو الموافق لليلة الأحد، السابع عشر من شهر جمادى الآخرة عام (1415هـ) أسأل الله تعالى أن يجعل في هذه اللقاءات بركة لنا ولإخواننا المستمعين إليها. أيها الإخوة: إن موضوع هذا اللقاء هو الكلام على ما تبقى من خطبة الحاجة التي كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلم أصحابه إياها، ولكني رأيت أن نجعل موضوع هذا اللقاء ما الناس في حاجة إليه حتى نعود إن شاء الله تعالى في الشهر القادم إلى إكمال الكلام على خطبة الحاجة. هذا الذي أريد أن يكون بدلاً عما نحن بصدده هو الكلام على مسح الجوارب والخفين؛ لأن الناس بدءوا يحتاجون إليه، حيث بدأ البرد يفتح علينا أبوابه. نقول: من عقيدة أهل السنة والجماعة: جواز المسح على الخفين، بعض أهل السنة يجعلون من العقيدة اعتقاد جواز المسح على الخفين، لماذا؟ لأنه يخالفهم في ذلك بعض أهل البدع كـ الرافضة وكبعض الخوارج الذين لا يرون جواز المسح على الخفين. فنقول: المسح على الخفين أو على الجوربين -وهما الشراب- ثابت بالقرآن وبالسنة المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبإجماع أهل السنة، لم يختلف فيه اثنان: أما القرآن: ففي قوله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] . والقراءة المشهورة بين أيدينا هي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] (أرجلَ) بالنصب، عطف على قوله (وجوهكم) فتكون الأرجل مغسولة، لكن هناك قراءة سبعية صحيحة يجوز للإنسان أن يقرأ بها ثابتة عن الرسول عليه الصلاة والسلام: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] بالجر، عطفاً على (رءوسكم) أي: وامسحوا بأرجلكم، فهل يعني: أنه يجوز للإنسان أن يغسل رجليه مرة ويمسح عليهما مرة؟ نقول: لولا أن السنة بينت ذلك لقلنا: نعم. إن الآية تُجوِّز للإنسان أن يمسح رجليه أحياناً ويغسلها أحياناً، لكن السنة بينت متى يكون الغسل ومتى يكون المسح. يكون الغسل إذا كانت الرجلان مكشوفتين، لا يمكن أن يقتصر على المسح ما دامت الرجلان مكشوفتين، والدليل على هذا: أن الصحابة كانوا مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في سفر، فأرهقتهم صلاة العصر، فجعلوا يمسحون على أقدامهم، وربما يتركون بعضها، فنادى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأعلى صوته: (ويل للأعقاب من النار) وهذا دليل على أنه يجب استيعاب الرجل بالغسل. وثبت عنه ثبوتاً كالشمس في رابعة النهار المسح على الخفين حيث كانت الرجلان مستورتين. وبناءً على ذلك: ننزل القراءتين على اختلاف حال الرجل، إن كانت مكشوفة فالواجب الغسل، وإن كانت مستورة بالجوارب أو الخفين فالواجب المسح، هذا وجه الدلالة من كتاب الله العزيز. أما السنة: فقد تواترت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المسح على الخفين، قال الإمام أحمد: ليس في قلبي من المسح شيء، فيه أربعون حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وصدق رحمه الله أنه لا شيء في قلوبنا من المسح، نؤمن بأنه حق.

شروط المسح على الخفين

شروط المسح على الخفين أما شروط المسح فلابد أن أذكرها لكم:

من شروط المسح على الخفين: أن يلبسهما على طهارة

من شروط المسح على الخفين: أن يلبسهما على طهارة الشرط الأول: أن يلبسهما على طهارة، فإن لبسهما على غير طهارة ولو ناسياً لم يصح المسح عليهما، لو كان على غير وضوء ونسي ولبس الخفين ثم جاء الوقت ومسح وصلى فصلاته غير صحيحة؛ لأنه صلى بغير وضوء، لا بد أن يلبسهما على طهارة، والدليل: حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: أنه كان مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في سفر، وكان يصب عليه وضوءه -أي: ماءه الذي يتوضأ به- فلما وصل إلى حد الرجلين أهوى المغيرة لينزع خفيه، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (دعهما -أي: اتركهما- فإني أدخلتهما طاهرتين) أدخلتهما أي: أدخلت الرجلين طاهرتين، ولا تطهر الرجلان إلا بطهارة البدن كله، أي: أدخلتهما على طهارة، هذا المعنى (فمسح عليهما) . إذاً: لو أن رجلاً لبس على غير طهارة ناسياً ثم جاء -وقت الصلاة فمسح عليهما وصلى، ثم ذكر أنه لبسهما على غير طهارة، فبماذا نحكم على وضوئه وصلاته؟ نحكم أن وضوءه غير صحيح والصلاة غير صحيحة، ويجب عليه أن يتوضأ من جديد، ويغسل رجليه، ويعيد الصلاة؛ لأنه لبسهما على غير طهارة.

من شروط المسح على الخفين: أن يمسح عليهما في الحدث الأصغر

من شروط المسح على الخفين: أن يمسح عليهما في الحدث الأصغر الشرط الثاني: أن يكون ذلك في الحدث الأصغر، أي: في الوضوء لا في الغسل من الجنابة، أو من الحيض أو نحو ذلك، فإذا كان على الرجل جنابة فلا بد من خلع الخفين أو الجوربين وغسل الرجلين. والدليل على أن الخفين لا يمسحان في الجنابة: من القرآن: قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] فأمر بتطهير كل البدن. وفي السنة: حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا كنا سَفْرَاً -أي: مسافرين- ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم) . والقاعدة: أنه لا مسح في الطهارة الكبرى -أي: طهارة الجنابة- إلا في الضرورة، ولهذا لا يمسح فيها الرأس، والوضوء يمسح فيه الرأس، لا يمسح على الخفين والجوارب، والوضوء يمسح على الخفين والجوارب. إذاً نضرب مثلاً: لو أن رجلاً أصابته جنابة، وعليه جوارب لبسهما على طهارة، ثم اغتسل ومسح على الجوارب وصلى، فما تقولون في صلاته؟ غير صحيحة؛ لأنه مسح على الجوارب في الجنابة، والجنابة ليس فيها مسح على الجوارب، إذا أصابت الرجل الجنابة وعليه الجوارب أو الخفان وجب عليه أن يخلعهما ثم يغسل سائر جسده ولا بد؛ لأن القاعدة هي: لا مسح في غسل الجنابة إلا للضرورة كالجبيرة، وإلا فليس فيها مسح خفين، ولا مسح رأس، ولا مسح عمامة، لا يوجد مسح في غسل الجنابة إلا للضرورة.

من شروط المسح على الخفين: أن يكون المسح في الوقت المحدد

من شروط المسح على الخفين: أن يكون المسح في الوقت المحدد الشرط الثالث: أن يكون المسح في الوقت المحدد، وهو يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر، المسافر لما كان بصدد الحاجة إلى الخفين جعل له الشارع ثلاثة أيام، والمقيم أقل حاجة جعل له يوماً وليلة، فإن مسح بعد تمام المدة فالمسح غير صحيح، والوضوء غير صحيح، فلو أن رجلاً تنتهي مدة مسحه في تمام الساعة الثانية عشرة نهاراً، ثم مسح عليهما في الساعة الواحدة نهاراً فما حكم وضوئه؟ غير صحيح؛ لأن المسح كان بعد انتهاء المدة، ولا بد أن يكون المسحُ في المدة؛ لأن الله تعالى يقول: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة:229] ولكن متى تبتدئ المدة: أمن اللُبس؟ أم من الحدث بعد اللبس؟ أم من المسح بعد ذلك؟ في هذا أقوال ثلاثة: - بعضهم يقول: من اللبس. - وبعضهم يقول: من الحدث بعد اللبس. - وبعضهم يقول: من المسح بعد الحدث، وإن كان أحد يقول: من المسح ولو لم يحدث كالذي يتوضأ تجديداً إن كان أحد يقول فقوله صحيح إلا أن يخالف الإجماع، فإن خالف الإجماع فالإجماع مقدم، ويظهر أثر هذا الخلاف بالمثال: رجل لبس الجوارب حين توضأ لصلاة الفجر في الساعة الخامسة، ثم أحدث في الساعة العاشرة، ثم توضأ لصلاة الظهر في الساعة الثانية عشرة، فمتى تبتدئ المدة؟ القول الصحيح: أنها تبتدئ من المسح، أي: من الساعة الثانية عشرة، وما قبل المسح لا يحسب، وعلى هذا فالذي مسح الثانية عشرة أن يمسح إلى الغد إن كان مقيماً الساعة الثانية عشرة، إذا قلنا: إنه من الحدث بعد اللبس متى تبتدئ المدة؟ من الساعة العاشرة، وإذا قلنا: من اللبس؟ تبتدئ الساعة الخامسة، لكن أرجح الأقوال: أنها من المسح؛ لأن الأحاديث تدل على ذلك، يمسح المقيم يوماً وليلة. إذاً واضح أن المسح هو ابتداء المدة. رجل لبس الساعة الخامسة يوم السبت، وأحدث الساعة العاشرة يوم السبت، وتوضأ الساعة الثانية عشرة يوم السبت، وفي يوم الأحد توضأ الساعة السابعة وصلى، ما تقولون في صلاته؟ إذا قلنا: ابتداء المدة من الساعة الخامسة فصلاته غير صحيحة؛ لأن الوضوء لم يصح، وإذا قلنا: من الحدث والحدث كان يوم السبت الساعة العاشرة فصلاته صحيحة؛ لأنه مسح قبل تمام المدة، وإذا قلنا: من المسح فهي من باب أولى تصح. إذا لبس في الساعة الخامسة يوم السبت، وأحدث في الساعة العاشرة ومسح في الساعة الثانية عشرة، وتوضأ يوم الأحد الساعة الواحدة نهاراً؟ الصحيح: غير صحيحة؛ لأنه بعد انتهاء المدة على كل الأقوال، وفي الساعة الحادية عشرة، على القول بأن ابتداء المدة من الحدث غير صحيحة، وعلى القول بأنها من المسح صحيحة. إذاً امسحوا كل الأقوال التي قلنا والاعتماد على القول الراجح: أن ابتداء المدة من المسح، فيكون ابتداء المدة من الساعة الثانية عشرة. وهل المعتبر الزمن أم عدد الصلوات؟ الزمن وإن صلى أكثر من خمس، بعض العامة يقول: المعتبر الصلوات، وإذا صليت خمس صلواتٍ فإنه لا يمكن أن تمسح بعد ذلك، وهذا لا أصل له، لأن الأحاديث جاءت يوم وليلة، ما جاءت بعدد الصلوات، وبناء على ذلك: يمكن أن يصلي الإنسان أكثر من عشر صلوات وهو مقيم، يمكن؟ إذا لبس يوم السبت الساعة الخامسة ثم بقي على وضوئه كل اليوم لم يحدث ثم نام، وأصبح من الغد أي: من ليلة الأحد، فمسح في الساعة الخامسة وبقي على وضوئه أو توضأ وفي يوم الإثنين الساعة الرابعة والنصف مسح يصح مسحه أم لا يصح؟ مسحه صحيح لأنه قبل تمام المدة، فبقي طول يوم الإثنين على طهارته، يصح أم لا يصح؟ يصح المسح. إذاً انظر الآن لبس الجوارب صباح يوم السبت، ولم تنته المدة إلا بعد صلاة العشاء ليلة الثلاثاء وهو مقيم، صلى خمس صلوات يوم السبت، وخمس صلوات يوم الأحد، وخمس صلوات يوم الإثنين، خمس عشرة صلاة، والسبب في ذلك أن ابتداء المدة من أول مرة مسح بعد الحدث.

من شروط المسح على الخفين: طهارة الجوارب والخفين

من شروط المسح على الخفين: طهارة الجوارب والخفين الشرط الرابع: طهارة الجوارب والخفين، أي: فلا يجوز المسح على شيء نجس؛ لأن النجس لا يزداد بمسحه إلا نجاسة، فلا يصح المسح عليه. هنا مسائل: المسألة الأولى: إذا ابتدأ المسح في الحضر ثم سافر فهل يتم مسح مقيم أم مسافر؟ مسافر على القول الراجح. وإذا ابتدأ المسح مسافراً ثم أقام فماذا يتم؟ مسح مقيم. فإذا كانت المدة قد انتهت يجب أن يغسل قدميه، مثال ذلك: مسح وهو مسافر يومين، وقدم في اليوم الثالث قبل تمام المدة ماذا نقول له؟ انتهت المدة، يجب أن تتوضأ وتخلع الجوارب أو الخفين؛ لأن المدة قد انتهت. والقاعدة تقول: إذا ابتدأ المسح مقيماً ثم سافر أتم مسح مسافر، وإذا ابتدأ مسافراً ثم أقام أتم مسح مقيم، فإن كانت المدة قد انتهت انتهى المسح لا بد أن يخلع. المسألة الثانية: إذا انتهت المدة وأنت على طهارة هل تنتقض طهارتك أم لا؟ A لا تنتقض، ما دمت لم تحدث فطهارتك باقية. ووجه بقائها أن نقول: هذا الرجل الذي مسح هل تم وضوءه بمقتضى الدليل الشرعي؟ رجل مسح قبل أن تتم المدة، هل تم وضوءه بمقتضى الدليل الشرعي؟ نعم. لا شك، إذا انتهت المدة فإنه لا يمكن أن ننقض هذا الوضوء الذي تم بمقتضى الدليل الشرعي إلا بدليل شرعي، وليس عندنا دليل شرعي يدل على أن الإنسان إذا تمت مدة مسحه انتقض وضوءه، بل الدليل الشرعي على أن الإنسان إذا انتهت مدة مسحة امتنع المسح فقط؛ لأن الشرع لم يحدد الطهارة وإنما حدد المسح، وأنا بعد انتهاء المدة أقول: سمعنا وأطعنا لن أمسح، لكن أين الدليل على أن الطهارة تنتقض لا يوجد دليل. المسألة الثالثة: رجل بعد أن مسح على الجوارب أو الخفين، رأى أن الوقت حار، فنزع الجوارب، فهل ينتقض وضوءه أم لا؟ الجواب: الصحيح أنه لا ينتقض، ودليلنا على أنه لا ينتقض أن نقول: هذا الرجل حينما مسح تمت طهارته بمقتضى دليل شرعي فلا يمكن أن ننقضها إلا بدليل شرعي، ولا دليل شرعي على أن من خلع الجوارب أو الخفين انتقض وضوءه، فإن قالوا: إن العضو الذي وقعت الطهارة عليه قد زال، قلنا: هذا لا يضر، أليس الرجل يتوضأ ويمسح على رأسه وفيه الشعر الكثيف، ثم يحلق رأسه قبل أن يصلي، فهل انتقض وضوءه؟ الجواب: لا ينتقض، وقد زال الممسوح الذي تعلقت به الطهارة، والقول بأن مسح الرأس أصلي ومسح الرجل بدل هذا غير مؤثر؛ لأن كلا المسحين طهارة شرعية ثابتة بالشرع، فلا يمكن أن يزول مقتضاها إلا بدليل من الشرع. المسألة الرابعة: هل يجوز للإنسان الذي يمسح أن يكون إماماً لمن لا يمسح؟ الجواب: يجوز، كما يجوز أن يكون المصلي المتيمم إماماً للمصلي بالوضوء، ولا شيء في هذا. المسألة الخامسة: هل الأفضل أن يمسح الخفين، أو أن يغسل الرجلين؟ بمعنى: إذا كان على الإنسان خفان أو جوارب، هل نقول: الأفضل أن تخلعها ثم تغسل الرجل، أو الأفضل أن تمسح ولا تخلع؟ الجواب: الأفضل أن تمسح ولا تخلع، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال للمغيرة لما أراد أن يخلع خفيه قال: (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين) . المسألة السادسة: هل يجوز أن يمسح الإنسان على الجوارب في أيام الصيف؟ الجواب: يجوز؛ لأنه ليس في السنة تقييد ذلك بأيام البرد، وإذا جاءت السنة مطلقة فإنه لا يجوز لنا أن نقيدها بأي شيء، إذ أن الشرع متلقى من الكتاب والسنة، وليس في القرآن ولا في السنة أنه لا يمسح على الجوارب أو الخفين إلا إذا كان في زمن الشتاء. المسألة السابعة: إذا كان في الجوارب شقوق هل يمسح عليهما؟ كأن يكون الظفر ظاهراً أو العرقوب، يمسح أم لا؟ الجواب: بعض العلماء يقول: لا يمسح، يقول: الشق الذي هو مبط الخرز إذا كان في الجوارب أو الخفين لا يمسح عليهما، لا يجوز المسح، لكن هذا القول ضعيف، والصواب: أنه ما دام اسمه باقياً أي: ما دام يسمى جورباً وستر غالب الرجل فإن المسح يجوز عليه، حتى لو فيه خروق في الأصابع، أو في العراقيب، أو في وسط الرجل، أو في ظهر الرجل، كل ذلك جائز. لو كان على الإنسان جوارب خفيفة، أو جوارب شفافة يرى من ورائها الجلد، الخفيفة أي: التي من خرق خفيفة، والثانية التي تكون من نوع البلاستيك -مثلاً- شفافة لكن ليس فيها هواء، إنسان اتخذ لقدمه جوارب من البلاستيك، كيس الرجل تراها رؤية تامة، لكن ليس فيها خروق، والماء لا ينفذ منها، هل يجوز المسح عليها أم لا؟ الجواب: نعم. يجوز المسح على هذه وعلى التي قبلها، على الخفيفة وعلى الشفافة، وذلك لأنه لا دليل على اشتراط أن تكون ثخينة أو ساترة، وإذا لم يكن هناك دليل فالواجب علينا أن نطلق ما أطلقه الله ورسوله؛ لأننا لو أضفنا شرطاً واحداً لكنا ضيقنا على عباد الله. أيهما أوسع للناس الشيء المطلق أم المقيد؟ المطلق. فإذا أضفنا شرطاً لم يكن في كتاب الله ولا في سنة رسوله، فهذا يقتضي أننا نضيق على عباد الله، والشرع ليس إلينا، إنما هو إلى الله ورسوله، أي دليل يدل على أنه لا بد من ستر القدم، وأن مبط الخرز يؤثر؟ ليس فيه دليل، بل العلة -والعلم عند الله- هي مشقة النزع، ومشقة النزع حاصلة بالجورب الخفيف والجورب الثقيل، ولهذا وردت السنة بجواز المسح على النعل، والنعال في عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليس كنعالنا، نعال مسيرة يشق نزعها إلا بالاستعانة بالأيدي أو الأرجل، فدل هذا على أن العلة ليست الستر إنما مشقة النزع، وهذا حاصل في الجوارب الخفيفة والجوارب الثقيلة، كله واحد. المسألة الثامنة: هل المسح على أعلى الجوارب أم على أسفلها، أم عليها جميعاً؟ الجواب: على الأعلى، امسح على الأعلى من أطراف الأصابع إلى الساق ويكفيك، وكيفية المسح؟ أن تبل اليد وتمرها أي: على ظهر اليد والأصابع مفرقة، وعلى أي وجه مسحت فلا بأس، وعلى أي كيفية مسحت فهو جائز، ولكن هل تبدأ باليمنى قبل اليسرى أم بهما جميعاً؟ أنت بالخيار، إن مسحتهما جميعاً أي: مسحت الرجل اليمنى باليد اليمنى والرجل اليسرى باليد اليسرى فلا بأس؛ لأن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: مسح عليهما ولم يقل: بدأ باليمين، وإن بدأت باليمنى قبل اليسرى فلا بأس أيضاً؛ لأن المسح بدل عن الغسل، والغسل تقدم فيه اليمنى، فالأمر في هذا واسع، إن مسحتهما جميعاً جاز، وإن مسحت اليمنى أولاً ثم اليسرى ثانياً جاز أيضاً. لكن لو قال إنسان: أنا لا أستطيع أن أمسح إلا بيد واحدة، فبأيهما أبدأ؟ قد يكون الإنسان إما أنه مقطوع اليد اليسرى، أو مجبورة بكسر أو بغيره، المهم أنه يقول: أنا لا أستطيع أن أمسح إلا بيد واحدة فيبدأ باليمنى؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (كان يعجبه التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله) . المسألة التاسعة: لو أن الإنسان مسح على الجوارب، ثم بدا له أن يلبس على الجورب جورباً آخر وهو على طهارته، يعني: اشتد البرد وأراد أن يضيف جورباً آخر إلى الأول بعد مسح الأول، وهو على الطهارة الآن هل يجوز أم لا؟ الجواب: يجوز ويمسح الثاني -الأخير- لكن متى ابتداء المدة: هل هي من مسح الأول أم من مسح الثاني؟ الجواب: ابتداء المدة من مسح الأول، وعلى هذا فلو أنه لبس الثاني على طهارة مسح الأول ولم يبق عليه إلا أربع ساعات فإنه إذا تمت أربع ساعات من مسح الأول انتهت المدة.

الأسئلة:

الأسئلة:

المسح على الجوارب والمسح على الجزمة

المسح على الجوارب والمسح على الجزمة Q فضيلة الشيخ! الملاحظ وهو الذي يشكل على كثير من الناس، وقد أشرتم إلى بعضه ولكن أريد التفصيل فيه: أن الإنسان قد يمسح على جزمته أحياناً، وأحياناً على شرابه، فإنه أحياناً إذا أتى المسجد يخلع الجزمة مع أنه قد يكون مسح عليهما في بعض المرات فما الحكم في هذا؟ وعلى أيهما تنصحون بالمسح؟ A ننصح بالمسح على الجوارب؛ لأن الإنسان إذا مسح على الجوارب لا يضره خلع الجزمة، لكن إذا مسح على الجزمة فإنه لا بد أن يخلع الجوارب عند الوضوء مرة ثانية ليغسل القدمين، هذا هو الذي عليه جمهور العلماء، ولم أعلم أن أحداً من العلماء قال: إنه إذا خلع ما يمسحه وهو على طهارة يبقى على طهارته وله أن يمسح ما تحته، فإن كان أحد من العلماء قال بذلك فهو أقرب إلى الصواب، وعلى هذا فأشير بأن الإنسان يعتاد المسح على الجوارب، حتى لا يهمه أن يخلع الجزمة أو لا يخلعها.

كل ممسوح لا تكرار فيه

كل ممسوح لا تكرار فيه Q فضيلة الشيخ! اختلف الأمر علي في النقل عنكم في صفة المسح على الجوارب، أهي باليدين على الرجلين أم باليد الواحدة على الرجل اليمنى ثم على الرجل اليسرى؟ وهل تمسح الشراب ثلاث مرات كالرأس أم مرة واحدة؟ A أما الشق الأول من السؤال فقد أجبنا عنه، وقلنا: الأمر فيه سعة، يبدأ باليمنى قبل اليسرى أو يمسح عليهما مرة واحدة جميعاً. وأما الشق الثاني يقول: هل يكرر المسح أم لا؟ فنقول: كل ممسوح في الطهارة فلا تكرار فيه، الرأس لا يكرر، الرأس يمسح مرة واحدة، لكن يقبل ويدبر؛ لأن الشعر فيه مقبل وفيه مدبر، الناصية منحدرة نحو الوجه، والقفا منحدر نحو الظهر، فهذا كان من السنة: أن يذهب أولاً كذا ثم يرجع، لأجل أن يكون المسح على ظهور الشعر وعلى بطون الشعر، ولو مسح مرة واحدة كفى، فهذه قاعدة: كل ممسوح فإنه لا يكرر؛ لأنه لما خفف الشرع في تطهيره وهو مسح بدل غسل خفف في عدده، الجبيرة كم نمسح عليها؟ مرة واحدة، وكذا العمامة؟ والخف.

حكم ترك العبادة بسبب الاشتباه فيها

حكم ترك العبادة بسبب الاشتباه فيها Q فضيلة الشيخ! إن خوفي من عدم معرفتي بشروط المسح على الخفين، وأحياناً وقوعي في بعض الخطأ وصلاتي بعد انتهاء المدة، مع إيماني واعتقادي بجواز المسح عليهما، فبدأت أترك لبس الجوربين أو أترك المسح عليهما، فهل عملي هذا فيه خطأ واضح، أرجو توضيح الأمر لي وفقك الله؟ A هذا فيه خطأ واضح، ولو أن الإنسان يترك العبادة من أجل اشتباهها عليه لقلنا: إذا كنت تسهو في صلاتك فاترك الصلاة، لا تصلي، فنصيحتي لهذا الأخ ولأمثاله: أن يتبع السنة، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للمغيرة: (دعهما) ومسح عليهما وقال عليه الصلاة والسلام: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) . ولكن يمكن أن تخفف الأمر فتلبس لصلاة الفجر وتخلع عند النوم وحينئذٍ لا يكون عليك اشتباه؛ لأنك إذا لبست عند صلاة الفجر ومسحت عند النوم لم تكمل المدة ولا يحصل عليك سهو، وتنام ورجلاك مكشوفتان وتستريح.

حكم التيمم لمن به جبيرة

حكم التيمم لمن به جبيرة Q فضيلة الشيخ! أنا عندي كسر في يدي، وعلى هذا الكسر جبيرة، وأحياناً تكون عليَّ الجنابة فأخشى من استعمال الماء أن يؤثر على الجبيرة، فأقوم باستعمال التيمم لعدة أيام، فهل عليَّ إثم في ذلك وفقك الله؟ A نعم. عليك إثم في ذلك؛ لأن الواجب على من في يده جبيرة أن يغسل البدن كله إلا محل الجبيرة، لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) لا بد أن يغسل بقية البدن، أما الجبيرة فلا يلزمه غسلها؛ لقول الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] ولكن ماذا يصنع؟ يتيمم بدلاً عن غسلها، فإذا برئت اغتسل.

حكم المسح على العمامة

حكم المسح على العمامة Q فضيلة الشيخ! هل يجوز المسح على الشماغ والغترة إذا جعلت كالعمامة ولفت على الرأس بحيث يصعب نزعها وردها كما كانت؟ A العمامة لا يشترط أن تكون من شيء معين، كلما أدير على الرأس فإنه عمامة يجوز المسح عليه، إلا أن بعض العلماء اشترطوا شرطاً ليس عليه دليل وهو: أن تكون العمامة محنكة، أي: يدار منها دورة تحت الحنك أو تكون ذات ذؤابة، أي: يتدلى طرفها من عند الظهر، ولكن الصحيح أن ذلك ليس بشرط، وأنه متى وجدت العمامة على الرأس فإنه يمسح عليها؛ وذلك لمشقة نزعها ثم طيها مرة أخرى.

حكم من أخذ شيئا من المسجد ثم تاب

حكم من أخذ شيئاً من المسجد ثم تاب Q فضيلة الشيخ! أعرض عليك هذا السؤال وأنا في حيرة من أمري وخجل منك ومن الله عز وجل قبل ذلك كله: حيث أني قد أخذت بعض الأبواب الصغيرة -نوافذ- من جامعكم هذا قديماً حين هدمه، فما العمل عليَّ في هذا، وما رأي فضيلتكم الآن أرجو نصحي وفقك الله؟ A هذا حله سهل والحمد لله تقدر قيمة هذه الأبواب التي أخذ إذا لم تكن الآن موجودة، ثم يعطينا إياها لنصرفها في مصالح المسجد، وبذلك تبرؤ ذمته مع التوبة إلى الله عز وجل. وأنا أضيف إليه: لعلنا نجد عنده -أيضاً- أبواباً كبيرة كانت للمكتبة، إذا كانت الأبواب موجودة يعطينا إياها ونبيعها، وإلا يقدر قيمتها بما تساوي اليوم، في ظني أن هذه الأبواب القديمة تساوي كثيراً الآن، فالأمر يسير ولله الحمد، ولكن أحب أن يتفطن للنقطة الأخيرة؛ لأن الأبواب التي أخذت من المكتبة ثلاثة دواليب بعضها مكون من أربعة أبواب، وهما اثنان وواحد من بابين، وباب كبير جداً مثل الحجر من قوته.

حكم كي آذان الأنعام

حكم كي آذان الأنعام Q فضيلة الشيخ! يقوم أرباب الأنعام -الإبل والغنم- بكي آذان أنعامهم، ويسمون ذلك وسماً، فيكوونها بالنار، فما حكم هذا الفعل، علماً أنهم يقولون: إننا نفعل هذا الكي لئلا تضيع، فهل ينطبق على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يعذب بالنار إلا الله) وكذلك هل يدخلون في قول الله عز وجل عندما أخبر عن إبليس أنه قال: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ} [النساء:119] أرجو توضيح الأمر وفقك الله؟ A لا حرج أن تكوى بهيمة الأنعام في آذانها، سواء من الإبل أو من البقر أو من الغنم ضأنها ومعزها؛ لأن الأذنين ليستا من الوجه، الكي الذي ينهى عنه أن يكون في الوجه في الخد مثلاً، أو على الأنف، أما إذا كان في الرأس أو في الرقبة أو في الآذان فلا بأس بذلك، وليس هذا من التعذيب بالنار، هذا من حفظ المال بهذه العلامة الخاصة بهؤلاء القوم، وبهذه القبيلة، ولا بأس بها، وحديث النهي عن التعذيب بالنار معناه: أننا نعذب الحيوان بالنار، وهذا ليس قصدنا التعذيب، ما الذي نقصد؟ العلامة، ولهذا كان الخلفاء الراشدون يسِمُون إبل الصدقة ولا يعدون ذلك تعذيباً بالنار. وهنا مسألة يسأل عنها بعض المزارعين: إذا انتهى الزرع أوقدوا ناراً بما بقي من الزرع من أجل ألا يحدث نوابت ضارة بالزرع في المستقبل، مع أن المكان قد يكون فيه حشرات أو طيور أو ما أشبه ذلك، فهل هذا جائز؟ الجواب: نعم جائز؛ لأن هذا وإن كان يحتمل أن يكون فيه حيوان، فإن الذي أحرق المكان بالنار ليس قصده الحيوان، وإنما وقع ذلك تبعاً، ولهذا حرَّق النبي صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير في المدينة، مع أن النخل لا يخلو من فراخة للعصافير أو لغير العصافير أو من حشرات، وذلك لأن هذا غير مقصود، ففرق بين المقصود وغير المقصود، بل إنه يجوز أن نرمي بلاد الكفار المحاربين بالمدافع مع أنه قد يكون في هذه البلاد من لا يحل قتله من النساء والذرية، لكن هذا تبع، فينبغي للإنسان أن يعرف أنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في الشيء المستقل. والخلاصة: أن وسم الإبل في آذانها لا بأس به، وليس هذا مما يأمر به الشيطان، حيث قال: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ} [النساء:119] لأن تبتيك آذان الأنعام هو أن الإبل إذا تمت سناً معيناً أو أتت بأولاد معينة يكوونها أو يقطعون آذانها علامة على أنها أصبحت الآن حراماً؛ لأنها أدت ما عليها من البطون فيحرم أكلها وركوبها، هذا هو المقصود بالآية.

كيفية تقدير أوقات الصلاة في البلدان التي يطول فيها الليل أو النهار

كيفية تقدير أوقات الصلاة في البلدان التي يطول فيها الليل أو النهار Q فضيلة الشيخ! في بعض البلاد يقصر النهار أو الليل، وأحياناً تمر أشهر كلها نهار، أو أنها كلها ليل فكيف تكون الصلاة والحال هذه؟ A الصلاة في هذه الحالة يُقدر لها، وقد أورد هذا الإشكال على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين أخبر أن الدجال يُبعث، فيبقى في الأرض أربعين يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة -أي: كأسبوع- وباقي أيامه كالأيام المعتادة، قال الصحابة: (يا رسول الله! اليوم الذي كسنة يكفينا فيه صلاة يوم واحد، قال: اقدروا له قدره) أي: لا يكفينا فيه صلاة يوم واحد، كم يكفينا فيه صلاة؟ صلاة سنة، وهو يوم واحد، لكنه طويل. إذاً: البلاد التي يكون فيها الليل طويلاً يزيد على أربعة وعشرين ساعة أو النهار يقدر له قدرها، والآن التقدير والحمد لله موجود، أي: سهل، يقدر بالساعات.

من بدع الإقامة في الصلاة

من بدع الإقامة في الصلاة Q فضيلة الشيخ! بعض الإخوة من المصلين يقول بعد انتهاء المؤذن من الإقامة إما: أقامها الله وأدامها ما دامت السماوات والأرض، وإما أن يقرأ قول الله تعالى عن إبراهيم: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} [إبراهيم:40] فما رأي فضيلتكم في هذا الدعاء في هذا المقام خاصة، أقصد قراءة الآية، هل ينكر على الإنسان مع أنه يدعو بها، وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء بعد الإقامة، أرجو التوضيح أثابكم الله؟ A الإقامة ليس بعدها دعاء، وإنما يشرع الإمام بالصلاة بعد انتهاء الإقامة وبعد أن يسوي الصفوف بنفسه أو بنائبه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يمكن أن يكبر للصلاة حتى تستوي الصفوف، حتى أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يجوب الصف من أوله إلى آخره يمسح بالمناكب والصدور، يقول: استووا، ولما كثر الناس في زمن عمر وعثمان، صار الخليفة يوكل رجالاً يجوبون الصفوف يتفقدونها بعد الإقامة، فإذا جاءوا وقالوا: إن الصفوف على ما ينبغي كبروا للصلاة، وليس بعد الإقامة دعاء. وأما قوله: أقامها الله وأدامها مادامت السماوات والأرض. فإن قوله: (ما دامت السماوات والأرض) لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام، وأما قول: (أقامها الله وأدامها) فهذه تقال عند قول: (قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة) لأن فيها حديثاً ضعيفاً، وهذا الحديث الضعيف لا يعمل به عند جماعة من العلماء، ولهذا فلا يقال: أقامها الله وأدامها لا بعد قوله: قد قامت الصلاة، ولا بعد انتهائه من الإقامة. وأما الدعوة بدعوة إبراهيم: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم:40] فهذه أيضاً لا أصل لها إطلاقاً، ولم يرد الدعاء بها عن السلف، فتركها أولى وأحسن.

الوساوس وكيفية الوقاية منها

الوساوس وكيفية الوقاية منها Q فضيلة الشيخ! صليت إماماً بجماعة، ولم أنطق بالراء في تكبيرة الإحرام، ثم قلت في نفسي: أعيد التكبير فأعدته سراً، وواصلت الصلاة، علماً بأن الجماعة الذين خلفي بنوا على التكبيرة الأولى التي لم أنطق فيها الراء والتي نويت غيرها، فهل فعلي هذا صحيح، وهل علي من إثم، وهل صلاتهم صحيحة؟ A أما صلاة المأمومين فصحيحة؛ لأنهم فعلوا ما أمروا به، ما الذي أمروا به؟ (إذا كبر الإمام فكبروا) فكبروا بعد تكبير الإمام، فهم فعلوا ما أمروا به ومن فعل ما أمر به فقد برئت ذمته، فصلاة المأمومين صحيحة. وأما صلاته هو فصحيحة أيضاً؛ لأنه أعاد التكبير على وجهٍ مجزئ. لكن في ظني: أن هذا الرجل عنده وسواس، وأنه قد كبر تكبيرة تامة لكنه موسوس، والمبتلى بالوسواس -نسأل الله العافية- يفعل الشيء ويقول: لعلي لم أفعله، فيقول: إذاً أعد إبراءً للذمة، فيعيد، ثم يقول: لعل الإعادة فيها شيء، فيقول له الشيطان: أعد إبراءً للذمة، فيعيد، فيقول: في النفس من هذا شيء، أحتاط، فيعيد للمرة الخامسة، حتى إن بعض الناس -أسال الله لي ولهم العافية ولكم- يبقى ساعة أو ساعتين وهو لم يكبر تكبيرة الإحرام، يلعب به الشيطان، والواجب على من ابتلي بالوسواس أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وليمضِ وليبتعد عن هذا ولا يهتم به. يقال: إن رجلاً جاء إلى أحد العلماء وقد اغتسل من الجنابة في نهر دجلة، فجاء إليه فقال: يا سيدي! إنني أذهب إلى دجلة وأغتسل من الجنابة ثم آتي لأصلي فأقول: إنني لم أغتسل ولم ترتفع جنابتي فماذا تقول أيها الشيخ؟ قال: أقول لك: لا تصلي، قال: كيف لا أصلي؟ قال: نعم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق) وأنت مجنون، كيف تغتسل في وسط النهر وتقول: ما ارتفع حدثي؟!! هذا جنون. ولهذا -نسأل الله السلامة والعافية- الذين ابتلوا بالوسواس يصبحون كالمجانين، يعيد الشيء مرات ويقول: ما فعلت، أو يكرر التكبير الله أكبر (أككككك) نعم عدة مرات، ثم يتجرح حلقه من التكرار ويقول: ما كبرت. الواجب من الإنسان إذا ابتلي بهذا -وأسأل الله السلامة- أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويبتعد. ثم إن الذي يتدرج مع الوسواس ربما ينتقل إلى وسواس أشد، إلى أن يفكر أن يطلق زوجته، لو يقول: طال عمركِ، قال: قلت: (ط) و (ط) يعني الطلاق، فيقول: طلقت زوجتي، ثم لا يزال به الشيطان معه يعالجه في نفسه، فيقول: لماذا أتعب أطلق كلاماً صريحاً وأنتهي، فيطلق. ونظير ذلك من يقول وهو متطهر: شككت هل أحدثت أم لا؟ فيقول: بلى. قلق، فيقول: أحدث الآن، ثم يحدث. هذا كله موجود بسبب الشيطان، يتلاعب بالإنسان حتى يوصله إلى حد المجانين -نسأل الله لنا ولكم العافية- والإنسان المبتلى بالوسواس ليس باختياره، بعضهم يبكي بكاء الصبي ليتخلص ولكنه يعجز، ولهذا يجب أن نلجأ إلى الله عز وجل أن يعيذنا وإخواننا المسلمين من الوسواس.

من أحكام العقيقة

من أحكام العقيقة Q فضيلة الشيخ! امرأة رزقت بستة أطفال ذكور وإناث، ومات منهم أربعة في أول أعمارهم، وبقي عندها ولد وبنت، وبعد ذلك توفي زوجها وهو لم يعق إلا عن اثنين منهم لعدم استطاعته، وتقول: إنها لا تعرف من هم الذين لم يعق عنهم ومن الذين قد عق عنهم، فماذا تفعل الآن، فهي لا تعلم هل الذين بقوا هم الذين قد عق عنهم أم لا؟ A ليس عليها شيء في ذلك؛ لأن المخاطب بالعقيقة هو الأب، وإذا جاء زمن العقيقة وهو غير قادر سقطت عنه؛ لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، إذا كان الرجل الذي ليس عنده مال يسقط عنه الحج وتسقط عنه الزكاة، فهذا من باب أولى. فنقول: إن أباهم إذا كان حين ولادتهم غير قادر على العق عنهم فليس عليه شيء، وإذا كان غنياً فقد ترك مستحباً، وأما أنتِ أيتها المرأة وأولادك فلا شيء عليكم إطلاقاً؛ لأنكم غير مخاطبين بالعق، المخاطب هو الأب.

كيفية التوبة من الفسق والمظالم

كيفية التوبة من الفسق والمظالم Q ذكرت وفقك الله في خطبة الجمعة، وجوب رد الحقوق إلى أهلها، وهذا واضح في الأموال، ولكن ماذا تقول يا فضيلة الشيخ فيمن حصل منه شيء من الفسق، بل شيء من فعل بعض الكبائر لها علاقة برجال أو بنساء فكيف يكون رد المظالم في مثل هذه، حيث أنه لو ذهب يعتذر الآن لربما حصل من المشاكل الكثير، أرجو توضيح الأمر؛ لأن الإنسان إذا تاب وندم يحس بجراح في قلبه فما الحل في مثل هذه الحالة نفعني الله بك وجميع إخواني المسلمين؟ A الحل في هذا: أن ما لا يمكن تداركه يكفي فيه التوبة والاستغفار، فمثلاً: إذا قدر أن هذا الرجل قد زنا بامرأة فيما سبق باختيارها، ومعلوم أنها ظالمة لنفسها وهو ظالم لنفسه ثم تاب فإن الله يتوب عليه، لقول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الفرقان:68-70] فتوبته إن شاء الله تجزئ. لكن هناك حقوق غير مالية يمكن تداركها، مثل: أن يكون قد اغتاب شخصاً، أي: ذكره في غيبته بما يكره، فهذا قال بعض العلماء: لا بد أن تذهب إليه وتستحله، ولا توبة لك إلا بذلك. وقال بعض العلماء بالتفصيل: إن كان قد علم أنك قد اغتبته فلا بد أن تستحله، وإن لم يكن قد علم فلا يشترط أن تستحله، لكن اذكره بالخير في الأماكن التي كنت تغتابه فيها، والحسنات يذهبن السيئات.

حكم وضع الرجل على القبر وحثو التراب على القبر

حكم وضع الرِّجل على القبر وحثو التراب على القبر Q ذكر لنا أحد طلبة العلم ونحن في المقبرة: أن حثو التراب ثلاث مرات بدعة، ونهى من كان يدفن أن يضع قدمه على القبر المجاور، فما صحة ذلك؟ A أما النهي عن وضع الرِّجل على القبر المجاور فهذا صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يوطأ على القبر. وأما الحثيات فهي للمشاركة في الدفن، وقد استحبها كثير من العلماء، وورد فيها حديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن من العلماء من ضعفه، وهذه لا ينكر على من فعلها؛ لأنها من مسائل الاجتهاد، وما زال علماؤنا يفعلون ذلك بناءً على ما ذهب إليه بعض العلماء من استحباب الحثيات الثلاث. وأنا أشير على إخواننا الطلبة: ألا يتعجلوا في الأمور التي تتعلق بغيرهم؛ لأنهم ربما ينكرون ما يظنونه منكراً وليس بمنكر، والتأني في الأمور خير من التعجل والتسرع، ولهذا قال بعض السلف لطلبة العلم: لا تعجلوا السؤدد والشرف. معناه: لا تتعجل في الأمور لطلب السؤدد والشرف، فإن السؤدد والشرف سوف يأتيك إذا ترعرعت في العلم، وعرفت ما لم يعرفه غيرك، وشرعت في تعليم الناس. وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى في الشهر القادم.

اللقاء الشهري [24]

اللقاء الشهري [24] في هذا اللقاء الشهري تحدث الشيخ عن الامتحانات، وأن على الطالب ألا يكون أكبر همه أن ينجح في الامتحانات، بل يكون أكبر همه أن يهضم العلم وأن يرسخ العلم في قلبه، وأن على المدرسين أن يكونوا يقظين ومنتبهين أثناء مراقبة الطلاب في القاعة؛ لأن عملهم أمانة وهم مسئولون أمام الله عز وجل، وكذلك الطلاب، ثم أردف الحديث بالإجابة عن الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع.

نصائح وتوجيهات للطلاب والطالبات

نصائح وتوجيهات للطلاب والطالبات إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وترك أمته على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، أنزل الله عليه في آخر حياته: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3] فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: أيها الإخوة: فهذا هو لقاؤنا الشهري الذي يتم في مساء كل سبت الثالث من كل شهر، وفي هذا الشهر شهر رجب عام (1415هـ) يتم في ليلة الأحد السادس عشر من هذا الشهر، نسأل الله تعالى أن يعمنا جميعاً بنفع هذه اللقاءات، وأن يبارك لنا فيها، وأن ينفعنا بها إنه على كل شيء قدير. كنا بصدد الكلام على بقية خطبة الحاجة التي كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلمها أصحابه: (إن الحمد لله نحمده ونستعينه.) إلى آخرها، ولكن بما أننا في استقبال امتحانات للطلاب والطالبات، فلعلنا نتكلم بما يسر الله عز وجل حول هذا الموضوع، فنقول: أولاً: نشير على كل طالب علم من رجل أو امرأة ألا يكون أكبر همه أن ينجح في الامتحان، بل يكون أكبر همه أن يهضم العلم، ويرسخه في قلبه، وبناءً على ذلك فإنه سوف يجتهد من أول السنة، حتى يهضم العلم شيئاً فشيئاً؛ لأن الإنسان إذا ترك الاجتهاد في أول السنة تراكمت عليه الدروس، ثم صارت مراجعته إياها في آخر العام كأنها أضغاث أحلام أو خيالات وأوهام، لذلك نشير وننصح كل طالب وطالبة أن يكون اجتهادهم من أول السنة حتى يهضموا العلوم شيئاً فشيئاً، حتى إذا جاء وقت الامتحان إذا هم مستريحون، وهاضمون للعلوم، ومنتفعون بمدة الدراسة، أما من يهمل ويتكاسل، فإذا جاء وقت الامتحان شد على نفسه، وأتعب نفسه ثم لم ترسخ العلوم في ذهنه، حتى إنك لو سألته غداً عما اختبر به اليوم لم تجد عنده حصيلة منه، فهذا غلط، وليست هذه دراسة. الامتحانات في الواقع اختبار للطالب والطالبة، ماذا حصل فيما مضى من دراسته؟ وليس الامتحان مقياساً لما عند الطالب والطالبة من العلوم، بعض الطلبة يخفق في الامتحان، إما لعدم استحضاره الجواب في تلك الساعة، وإما لفهمه السؤال على وجه غير صحيح، وإما لفهمه أن الإجابة هي الصحيحة وهي غير صحيحة، وإما لحصول ضوضاء حوله، وإما لحصول لعب حوله، وإما لمشاهدته من يغش من زملائه أو لغير ذلك من الأسباب فتجد جوابه يكون هزيلاً ولا يصل إلى الدرجة التي يؤملها. والحقيقة أن الاختبار ليس بمقياس للطالب، المدرس يعرف طلابه، ويعرف الجيد، ويعرف الذي يريد العلم حقيقة قبل أن يمتحنه، لكن لما تعذر تقويم الطلبة بمجرد تصور الأستاذ صار لا بد من الامتحانات، وهي في الحقيقة تقريبية ولا يقاس بها الطالب على وجه التحديد.

مسائل في الامتحانات

مسائل في الامتحانات وإننا نبحث في الامتحانات ونحوها من وجوه:

موقف المراقب من الطلاب في قاعة الامتحانات

موقف المراقب من الطلاب في قاعة الامتحانات الوجه الأول: أنه من المعروف أن قاعة الامتحانات يكون عليها رقباء من الأساتذة، فما موقف المراقب من الطلاب في هذه القاعة؟ موقفه يجب أن يكون يقظاً منتبهاً، يراقب الطلبة حق المراقبة، وليس ذلك التعسير على الطلبة، ولكنه من الحزم وحفظ النظام للطلبة، فإذا رأى من يحاول أن يغش أو يغش بالفعل لزمه إجراء النظام عليه، ولا يحل له في هذه الحالة أن يحابي قريباً، أو صديقاً، أو ابن صديق، أو تاجراً لتجارته، أو فقيراً لفقره، لا. الناس في هذا المقام سواء، فعليه أن يتقي الله عز وجل في مراقبته، وأن يكون يقظاً فطناً يلاحظ الطلبة، ويلاحظ شفاههم، ويلاحظ أقلامهم، حتى يؤدي ما وجب عليه؛ لأن المراقب مؤتمن من قبل المسئولين، الإدارة أو العمادة فوضت ووكلت الأمر إليه، فهو إما أن يقوم بأداء الأمانة على الوجه المطلوب، وإما أن يكون العكس، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:27] فعليه أن يتقي الله وأن يشعر بأن وقوفه للمراقبة وتردده بين صفوف الطلاب عبادة يؤجر عليها؛ لأنه يؤدي أمانة أبت الأرض والسماوات والجبال أن تحملها وحملها الإنسان، فهو يقوم الآن بعبادة عظيمة يتقرب بها إلى الله.

الواجب على الطالب في قاعة الامتحانات

الواجب على الطالب في قاعة الامتحانات الوجه الثاني: من جهة الطلاب. الطالب يجب عليه أن يتقي الله عز وجل، وأن يكون طالب علم بمعنى الكلمة، لا يدلس ولا يخون ولا يغش ولا يخالف النظام، فإنه بهذا يكون طالباً مثالياً، وبهذا تيسر له الأمور، وتفرج له الكربات؛ لأن الله عز وجل يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:4] ويقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2-3] . وعلى الطالب في هذا المكان الضنك أن يعتمد على الله، ويستعين به، ويفوض أمره إليه؛ لأنه قد لا يكون له في هذه الحالة حول ولا قوة، فيلجأ إلى الله عز وجل، وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3] أي: كافيه. لست أقول: إنه لا يعتمد على نفسه فيما حصَّل من العلم، بل يعتمد على ذلك؛ لأن هذا سبب، لكن الله هو المسبب، فعليه أن يكون أكبر اعتماده على الله عز وجل حتى يعينه، ويحسن إذا مدت إليه ورقة الأسئلة أو أمليت عليه أن يذكر الله تعالى بكلمة الاستعانة، وهي: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإن هذه الكلمة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنها كنز من كنوز الجنة، فقد قال لـ أبي موسى الأشعري: (يا عبد الله بن قيس! ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: لا حول ولا قوة إلا بالله) ففيها تفويض الأمر إلى الله والاستعانة بالله عز وجل، وهكذا كل أمر شاق ينبغي أن يقول هذه الكلمة عنده؛ لأنه يعان بها، ولذلك إذا قال المؤذن: حي على الصلاة حي على الفلاح ماذا نقول؟ لا حول ولا قوة إلا بالله، نستعين بالله عز وجل على إجابة هذا المؤذن الذي دعانا إلى الصلاة ودعانا إلى الفلاح. وعلى الطالب أن يخشى الله عز وجل من الغش، سواء اختاره لنفسه أم اختاره لغيره، فلا يغش بنفسه ولا يغشش أحداً؛ لأنه مؤتمن، ولا خير في بطاقة شهادة تحملها وهي غش، بل هذه نكبة عليك؛ لأنك -مثلاً- لو حملت بطاقة شهادة في اللغة العربية ثم قيل لك: أعرب هذه الجملة: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] من الناس من يحمل بطاقة شهادة في اللغة العربية ولا يعرف يعرب الآية، أين الشهادة؟! ومن الناس من يحمل شهادة اللغة العربية ثم إذا قرأ عددت عليه لحناً ما لا يحصى، لماذا؟ لأن شهادته مبنية على الغش، فهذا لا ينتفع هو بنفسه، ولا ينفع أمته، ولا يدفع عن هذه الأمة العيب، ونحن نريد أن تكون أمتنا في هذه الجزيرة أمة واعية مهذبة معلمة يستفيد منها القريب والبعيد. أقول: إن عليه أن يتقي الله عز وجل فلا يغش بنفسه ولا يغشش غيره، لا تحمله العاطفة على أن يرى طالباً ضعيفاً يحتاج إلى معونة، فيقول: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ثم يقول: ما المشكل عليك؟ مشكل عليه كذا وكذا فيعطيه ورقة أو يخبره بالمشافهة إذا كان المراقب بعيداً ولم يعلم أن المراقب قريب، من المراقب حقيقة؟ الذي هو على كل شيء رقيب وهو الله عز وجل، فالواجب على الطالب أن يكون طالباً بمعنى الكلمة وأن يتقي ربه. اشتهر عند بعض الناس أن الغش في المواد غير الدينية لا بأس به على وجه العموم، كل المواد التي هي غير دينية لا بأس بالغش فيها هكذا قال بعض الناس، وبعضهم جعل الأمر أخص من ذلك، قال: اللغة الإنجليزية غش فيها ولا تبالي، وغيرها لا يجوز، وهذا خطأ، ما دامت العلوم مقررة، والشهادة مبنية على إتقان هذه العلوم المقررة في المنهج، فإنه لا يجوز الغش فيها، حتى لو كانت اللغة الإنجليزية، الشيء الذي لا يرتضى من المقررات -مثلاً- يكتب عنه، لكنْ منهج مقرر معتبر لا بد من إتقانه، سواء كان من العلوم الشرعية أو مما يساند العلوم الشرعية كعلوم العربية، أو مما يكون وسيلة لإبلاغ الشرع؛ لأن اللغة الإنجليزية قد تكون وسيلة لإبلاغ الشرع، لو كنت تخاطب من لا يعرف اللغة العربية ولكن يعرف اللغة الإنجليزية كيف توصل إليه الشرع؟ لو مكثت تتكلم معه باللغة العربية من طلوع الشمس إلى غروبها ما فهم، لكن إذا كان معك لغة إنجليزية وهي لغته -مثلاً- فهم واستفاد، وقد أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم زيد بن ثابت رضي الله عنه وهو شاب لقن فطن أمره أن يتعلم لغة اليهود، من أجل أن يقرأ ما يرد من كتبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأن يكتب لهم ما يصدر من الرسول عليه الصلاة والسلام بلغتهم، يقول أهل النقل: إنه تعلم اللغة العبرية في خلال ستة عشر يوماً؛ لأنه شاب لقن فطن، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وإنما تعلمها بهذه السرعة؛ لأن اللغة العبرية قريبة من اللغة العربية. فدل ذلك على أن اللغة غير العربية لا يذم من تعلمها ولا يمدح، إن كانت وسيلة لخير فإنه يمدح عليها، لو قال: أنا أريد أن أتعلم اللغة الإنجليزية لأدعو بها، نقول له: جزاك الله خيراً، يقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم:4] ولا يمكن أن تدعو من لا يعرف اللغة العربية باللغة العربية، بل لا تدعوه إلا بلغته. فإذا كان الأمر هكذا فلا ينبغي لنا أن نفتي أنفسنا بفتاوى غير صحيحة، ونقول: ما عدا العلوم الشرعية فلا بأس بالغش فيها، وأما اللغة الإنجليزية فعليك بالغش، من قال هذا؟ والشهادة مرتبة على النجاح في كل المواد، فإذا كنت لا تستطيع أن تدرك هذه اللغة فاطرق أبواباً أخرى لعلَّ الله أن يفتح لك أبواباً أخرى إذا اتقيت الله عز وجل.

المنهجية في وضع أسئلة الامتحانات وتصحيح الإجابة

المنهجية في وضع أسئلة الامتحانات وتصحيح الإجابة الوجه الثالث: وهو ما يتعلق بوضع الأسئلة وتصحيح الأجوبة. أما وضع الأسئلة فالواجب أن تكون ملائمة للطلاب، بحيث لا تكون صعبة لا يمكنهم الإجابة عليها، ولا سهلة لا يُعرف بها ما عند الطالب من العلم، بل تكون ملائمة، ليست صعبة ولا سهلة، فإن قال واضع الأسئلة: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لـ عثمان بن أبي العاص: (اقتد بأضعفهم) قلنا: ليس هذا الذي أراده النبي عليه الصلاة والسلام كالذي نحن فيه، الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم هو أن هذا الرجل جعله إمام قومه، يصلي بهم إماماً، وقال له: (اقتد بأضعفهم) لأن أقواهم لا حد لقوته، يريد أن تكون الصلاة طويلة في قراءتها وركوعها وسجودها وقيامها وقعودها، والضعيف لا يريد هذا، وما داموا مشتركين في الائتمام بإمامهم فإن عليه أن يراعي الضعيف، أما ما نحن فيه فإنه ميزان يوزن به ما عند الطلبة من العلوم، وهذا العدل فيه أن يكون بالوسط، لا ينظر فيه إلى الأقوياء ولا إلى الضعفاء. وأيضاً يلاحظ واضع الأسئلة أن تكون واضحة؛ لأن بعض الأسئلة تكون محتملة فيبقى الطالب متردداً: هل أراد كذا، أو أراد كذا وربما يأتي بجواب أكثر من المطلوب، فيضيع الوقت على نفسه ويضيعه على المصحح، فإذا كانت الأسئلة واضحة سهلت الإجابة عليها. ويجب على واضعي الأسئلة -من حيث الإجابة- أن يتقوا الله عز وجل في التصحيح، بحيث لا يفضلون أحداً على أحد، حتى لو كان يعرف أن هذا الجواب من طالب جيد، يعرفه أثناء الدراسة، لكنه عند الامتحان -مثلاً- أخطأ، ولم يصل إلى الدرجة التي تتوقع منه، لا تعتمد على ما كنت تعرفه عن هذا الطالب؛ لأن هذا ليس موكولاً إليك، وإنما هو مقرون ومرتبط بالجواب، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن اقتطعت له شيئاً من حق أخيه فإنما أقتطع له جمرة من النار فليستقل أو ليستكثر) الشاهد: (إنما أقضي بنحو ما أسمع) أيضاً المدرس عندما يصحح الأجوبة يصحح بنحو ما قرأ، ولا ينظر إلى أي اعتبار آخر، وعليه -أيضاً- ألا يهمل شيئاً يحتاج إلى التنبيه عليه. وهنا مسألة يكثر السؤال عنها: إذا أتى الطالب بالدليل من قرآن أو سنة، لكنه غلط فيه غلطة، فإننا نقول: إذا كان الشاهد من هذا الدليل موجوداً، فالغلط لا يحسب عليه؛ لأن الشاهد من الآية أو الحديث موجود وما زاد فهو كمال، فلا يحاسب عليه، لكن لا شك أن من أتى بالدليل تاماً من القرآن والسنة فهو أكمل، لكننا لا نحاسبه على ما أخلَّ به إذا كان المقصود من الدليل موجوداً. كذلك بعض الطلبة قد يزيد في الجواب، فمن المصححين من يقول: الزيادة نقص، ومنهم من يقول: الزيادة ليست بنقص، ومنهم من يقول: الزيادة إن دلت على تردد الطالب وأنه لم يفهم، لكن أراد أن يأتي بالكلام الطويل، لعله يضيع الأستاذ المصحح فإن هذه الزيادة تحسب عليه إذا وقع فيها الخطأ، ولا تحسب إذا لم يكن فيها خطأ، وهذا الرأي هو الأحسن أن يقال: إذا زاد الطالب وأخطأ في الزيادة فإنه لا يحسب عليه ذلك؛ لأن المقصود حصل بدون هذه الزيادة، إلا إذا علمنا أن الجواب يدل على أن الطالب لم يتقن ولم يهضم العلم، لكنه أتى بهذه الزيادة من أجل أن يضيع المصحح، كما يوجد عند بعض الطلبة، بعض الطلبة عنده شطارة يجعل المصحح في دوامة على الأقل يمل ويعطيه الدرجة كاملة، لكن هذا التفصيل: أن الزيادة إذا كان فيها خطأ فإنها لا تحسب ولكن إذا علمنا من قرينة الجواب أنه أراد التعمية على المصحح فإنه إذا أخطأ فيها حاسبناه عليها.

الاستعداد للامتحان الأعظم في الآخرة

الاستعداد للامتحان الأعظم في الآخرة هذا الامتحان الذي نتحدث عنه امتحان لشيء من أمور الدنيا، إذا أخفق فيه الإنسان هذه المرة فلعله ينجح في المرة الثانية، لكن هنا امتحان أعظم منه وأشد خطراً وهو امتحان الإنسان في قبره إذا دفن وتولى عنه أصحابه، فإنه يأتيه ملكان فيسألانه عن ربه ودينه ونبيه، فـ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم:27] فيقول المؤمن: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد. أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من هؤلاء، وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يرزقنا الاستعداد لهذا اللقاء، إنه على كل شيء قدير. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الأسئلة

الأسئلة

كيفية التعامل مع من مرض يوم الامتحان

كيفية التعامل مع من مرض يوم الامتحان Q فضيلة الشيخ! إذا كان الطالب مجتهداً في حفظ دروسه كلها، فمرض في يوم الامتحان، وحضر الامتحان ولكن زاد عليه المرض، فهل يجوز أن يساعده أحد من إخوانه على الامتحان، أم ماذا يصنع؟ A لا يجوز لأحد أن يساعده على الامتحان، ولكن إذا وصل إلى حالة لا يتمكن فيها من الإجابة، فالواجب أن ينظر إلى حاله، فإما أن يعطى درجة على هذه المادة بالنسبة، أي: ينظر المجموع الكلي في الدروس الأخرى، ثم يعطى على هذه المادة بمثل هذه النسبة، وإما أن يعاد الامتحان له على حسب ما يقتضيه النظام وما تراه الإدارة أو العمادة.

كيفية تحديد امتحان المواد الدراسية

كيفية تحديد امتحان المواد الدراسية Q فضيلة الشيخ! هناك موضوع يؤلمني كثيراً، أرجو منكم التوجيه لي ولإخواني فيه: فبعض الطلبة لا سيما أن بعضهم في قسم الشريعة أو الأصول يقوم بإحراج المشايخ ومدرسيه فيقول: احذف عنا بعض المنهج، خفف عنا، وأيضاً: تجده يكون فرحاً إذا غاب أحد أساتذته؛ لأنه ينقص من المنهج حينئذٍ، ويعلم الله أن هذا يؤلمني، فهل ألمي هذا له وجه، أرجو توجيهي وتوجيه إخواني في ذلك؟ A نعم. ألمك هذا له وجه، وذلك أنه لا ينبغي للطالب الحازم أن يُلجئ الأساتذة إلى أمر محرج، بل عليه الأدب والابتعاد عن هذه الخصلة، ثم إن الأستاذ لا يملك أن يحذف شيئاً من المقرر وقد جاءت الأنظمة بأن الامتحان على حسب المنهج والمقرر، وليس على حسب الدراسة، وهذه أيضاً مشكلة، النظام هو أن يكون الامتحان بحسب المقرر لا بحسب المقروء، ولهذا ينبغي للأستاذ ألا يضيع وقت الدراسة ببحوث خارجة عن الموضوع، فيضيع على الطلبة مقررهم إلى أمر ليسوا بحاجة إليه، فإذا جاء آخر العام وإذا هم لم يأخذوا إلا (80%) أو أقل من المقرر، فيقع هو أو الطلبة في حرج؛ لأنه إما أن يقتصر على المقروء وحينئذٍ يقع هو في حرج؛ لأن المسئولين الذين فوقه يقولون: لا بد أن يكون الامتحان في جميع المقرر، وإما أن يقع الطلبة في حرج، فتوضع لهم أسئلة في شيء لم يقرءوه، وهذا لا شك أنه حرج. فالحاصل: أننا ننصح الطلبة ألا يحرجوا الأساتذة في هذه المسألة، وننصح الأساتذة -أيضاً- بأن يحرصوا على إكمال المقرر بدون غرر، وألا يشغلوا أوقات الدراسة ببحوث لا فائدة منها.

حكم أخذ الشهادة بالغش في مواد الامتحان

حكم أخذ الشهادة بالغش في مواد الامتحان Q ما رأي فضيلتكم في طالب نجح في شهادة الثانوية وقد غش في مادة الإنجليزي بعد أن ذهب من عمره ثلاث سنوات في هذه المادة لم ينجح إلا بالغش، علماً أنه لا يستفيد من هذه المادة المعروضة عليه، فما حكم هذه النتيجة؟ A النتيجة هذه ليست نتيجة في الواقع؛ لأنه بقي عليه مادة من المواد لم ينجح فيها، والشهادة لا تعطى إلا لمن نجح في جميع المواد المقررة، وعلى هذا فأمره محرج، لكن أقول: لعله إذا تاب إلى الله عز وجل ودخل في الجامعة في مواد لا تتنافى مع ما فاته من دروس الثانوية أقول: لعل الله أن يعفو عنه وأن يستمر في دراسته في الجامعة حتى ينجح.

حكم تأجيل ما بقي من مال المشتري

حكم تأجيل ما بقي من مال المشتري Q ما الحكم إذا أتى المشتري واشترى سلعة بعشرين ريالاً، وقد أعطى البائع أكثر من هذا المبلغ، فيقول البائع حينئذٍ للمشتري: ما بقي لك تعال وخذه غداً مني. وهذا يحصل معنا معشر الطلبة كثيراً، نشتري وجبة الغداء -مثلاً- بريالين، فنعطي البائع خمسة ريالات فيقول: إذا انتهيت فتعال خذ الباقي. أرجو توضيح هذه المسألة، فقد سمعت بأنها ربا فهل هذا صحيح، وما هي العلة، وكيف الخلاص حينئذٍ من هذه الصورة؟ A هذه الصورة ليس فيها ربا، الربا لو قلت: اصرف لي فئة خمسين، فقال: ليس عندي إلا خمسة وعشرين خذ خمسة وعشرين والباقي تأتيني بعد ذلك، هذا الذي يكون ربا. أما إذا اشتريت حاجة بدراهم، مثلاً: اشتريت حاجة بعشرين، وليس معك إلا ورقة فئة خمسين، ثم أعطيتها هذا الرجل وقلت: هذه الورقة عندك لك منها عشرون وغداً آتي إليك ونعقد عقداً جديداً على ما بقي من الدراهم. فهذا لا بأس به، المحذور هو أن تتعامل بمصارفة بدون قبض، أما أن تعطيه أكثر من حقه ويكون الزائد عنده بمنزلة الأمانة، فإذا جئت من الغد أو من بعد الغد قلت: أنا أصارفك على هذا، فهذا لا بأس به.

حكم من لبس ملابس الإحرام ثم نزعها قبل وصوله مكة

حكم من لبس ملابس الإحرام ثم نزعها قبل وصوله مكة Q فضيلة الشيخ! رجل صعد الطائرة من مطار القصيم، يريد الذهاب إلى أبها، والطائرة لا بد أن تنزل في مطار الطائف، فلبس ملابس الإحرام في مطار القصيم وعقد النية عند الميقات، فلما نزل في المطار في الطائف قالوا: إن الطائرة سوف تقلع بعد نصف ساعة، فخلع الملابس ولبس ثياب الحل، فما الحكم؟ مع العلم أنه قد تزوج بعد تلك الحادثة؟ A ما دام الرجل لم يعقد النية وإنما تأهب ويريد إذا نزل الطائف وذهب إلى مكة ومرَّ بالميقات أحرم منه، فالأمر في هذا سهل؛ لأنه لم يعقد النية، فإذا وصل إلى مطار الطائف وقد لبس ثياب الإحرام وبدا له ألا يأتي بعمرة فلا حرج عليه، أما إذا كان قد تلبس بالإحرام أي: عقد النية، ولا أظن أن هذا يقع، كيف ينوي وهو لم يصل إلى الميقات؟ لكن إذا قدر أنه فعل ونوى فإنه يجب عليه الآن أن يكمل عمرته فيخلع الثياب المعتادة ويلبس ثياب الإحرام ويكمل العمرة، فإذا أكملها أعاد تجديد العقد؛ لأن العقد وقع عليه وهو في إحرام، لم يحل من عمرته، وعقد المحرم النكاح باطل لا يصح، فهذه الطريقة. الآن يذهب يلبس ثياب الإحرام فوراً، ويذهب إلى مكة ويطوف ويسعى ويقصر وبهذا تتم عمرته، ثم يعيد عقد النكاح بعد التحلل من هذه العمرة؛ لأن عقده النكاح وهو في العمرة عقد باطل، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يَنكح المحرم ولا يُنكح، ولا يخطب) .

التفصيل في متابعة الإمام في سجود السهو

التفصيل في متابعة الإمام في سجود السهو Q فضيلة الشيخ! لسجود السهو حالة بعد السلام وحالة قبل السلام، أرجو تفصيل حال المأموم إذا كان مسبوقاً هل يتابع الإمام فيسجد إذا أكمل صلاته، أرجو التفصيل لحصول اللبس عليَّ وعلى إخواني؟ A المسبوق معناه: هو الذي فاته بعض الصلاة، فإذا سجد الإمام قبل السلام وجب عليه أن يسجد معه؛ لأنه لا يمكن أن يقوم لقضاء ما فاته إلا بعد سلام الإمام، فيسجد معه تبعاً له، فإذا فرغ من صلاته نظرنا: إن كان سهو الإمام قبل أن يدخل المسبوق معه فلا سجود عليه؛ لأنه لم يسه ولم يدرك الإمام حال سهوه، وإن كان سهو الإمام في الجزء الذي أدرك الصلاة فيه معه، فعليه أن يسجد قبل أن يسلم؛ لأن سجود السهو الذي كان قبل تمام الصلاة إنما كان متابعة لإمامه. أما إذا كان سجود الإمام بعد السلام فإنه لا يتابعه، بل إذا سلم الإمام من صلاته قام هذا المسبوق وقضى ما فاته، ثم إن كان سهو الإمام الذي سجد له الإمام قبل أن يدركه المأموم فيه فلا سجود على هذا المأموم؛ لأنه لم يسه ولم يقع سهو الإمام وهو مع إمامه، وأما إن كان في الجزء الذي أدرك الإمام فيه فإنه إذا قضى ما فاته يسلم ثم يسجد سجدتين بعد السلام ويسلم. أما إذا كان لا يعلم هل هو قبل أن يدركه فيه أو لا فالاحتياط أن يسجد ولا يضره إن سجد.

حكم إعطاء أحد الأبناء المال لحاجة دون إخوته

حكم إعطاء أحد الأبناء المال لحاجة دون إخوته Q فضيلة الشيخ! أعطي بعض أولادي أحياناً ريالاً أو خمسة ريالات أو عشرة ولا أعطي إخوانه كذلك أو أعطيهم أكثر منه، وليس ذلك من باب تفضيل أحدهم على الآخر، ولكن حسب الظروف والأحوال، فهل عليَّ حرج في ذلك، وهل يُعدُّ ذلك عدم عدل؟ A إذا كان ما تعطي الأولاد أو البنات لدفع حاجتهم فإن ذلك ليس بجور، فمثلاً: لو احتاج الابن الكبير إلى كتب دراسية والذين دونه لا يحتاجون إليها، فاشتريت لهذا الابن الكبير ما يحتاج إليه من مواد الدراسة دون الآخرين فلا بأس، وكذلك لو احتاجت البنت إلى حلي -خواتم أو خروص أو ما أشبه ذلك- فإنك تشتري لها، ولا يلزمك أن تعطي الابن شيئاً مقابل ذلك؛ لأنك إنما أعطيتها لدفع الحاجة، ولهذا لو كان عندك أبناء كبار وأبناء صغار، فكسوت كل واحد ثوباً، أيهم أكثر؟ الكبار لا شك، فهل يلزمك أن تعطي الصغار ما زاد على ثيابهم؟ لا. فالمهم أن القاعدة: أن ما كان لدفع الحاجة فالعدل فيه أن تعطي كل واحد ما يحتاج، ولهذا لو أن الكبير بلغ واحتاج إلى زواج وزوجته؛ لأنه ليس عنده شيء، فهل يلزمك أن تعطي إخوانه مثل المهر الذي أعطيت الكبير؟ الجواب: لا، من بلغ أن يتزوج في حال حياتك فزوجه، ومن لم يبلغ أن يتزوج فليس عليك شيء. وهنا مسألة أحب أن أنبه عليها: قد يكون بعض الأولاد يحتاج إلى سيارة؛ لأن مدرسته بعيدة، والآخرون لا يحتاجون إلى سيارة؛ لأن مدرستهم قريبة، فهل تشتري للكبير سيارة؟ الجواب: لا تشتري له سيارة، ولكن اشتر سيارة باسمك وأعطها إياه ينتفع بها؛ لأنك بذلك تدفع حاجته ولا تخصه بتملك السيارة، لو قدر أن يموت هذا الابن ترجع السيارة لك، ولو قدر أن تموت أنت ترجع السيارة للورثة.

حكم معالجة العين أو السحر بطريقة التلبية

حكم معالجة العين أو السحر بطريقة التلبية Q يعمد بعض من يعالجون من السحر أو العين للمرضى يعمدون إلى طريقة تسمي عندهم (التلبينة) وهي أن يطلب ذلك الرجل من المريض بالسحر أن يحضر غلاماً أو فتاة دون سن البلوغ، ويزعم أنه إنما خصص هذا السن؛ لأن ذلك الطفل أو تلك الطفلة ليس عليها ذنوب، ثم يجعل في يد ذلك الصغير ورقة بيضاء أو مرآة، ثم يطفئ الأنوار، ويسأل ذلك الغلام: ماذا ترى؟ حتى يصف له الشخص الذي يراه من رجل أو امرأة، فما حكم ذلك؟ وما حكم إتيانهم؟ وما حكم إعطائهم أجرة؟ وهل يختلف الحكم إذا كانوا يقرءون شيئاً من القرآن أو الأدعية عند ذلك العمل؟ A أرى أن مثل هذا العمل يؤدي إلى جنون الصبي أو الصبية، يعطيه ورقة بيضاء ويقول: أطفئ الأنوار ثم يقول: ما الذي تشاهد؟ هذا يوجب وحشته، وربما يكون في فكره وساوس وهواجس يخبل بها، حتى لو فرضنا أنه سيعطيها رجلاً بالغاً فإن ذلك نوع من السحر، ولا يجوز استعمال هذا، إنما يرقى المريض بأي مرض كان بالقرآن الكريم بالأدعية النبوية بالمعالجات الطبيعية كالعسل والحبة السوداء وما أشبه ذلك، أما هذه الأوهام والخيالات فإنه لا يجوز اعتمادها، ولا الذهاب إلى من يعالج بها.

حكم من مات وعليه صوم

حكم من مات وعليه صوم Q فضيلة الشيخ! رجل أفطر من رمضان اثنا عشر يوماً بسبب غسيله للكلى، وكان عنده نية أن يقضي هذه الأيام، ولكن أنهكه المرض وتدارك عليه فلم يستطع القضاء، ثم توفي، فهل يصوم عنه وليه هذه الأيام أو يطعم عنه أفدنا جزاك الله خيراً؟ A الأفضل أن يطعم عنه؛ وذلك لأن هذا المريض مريض بمرض الغالب أنه لا يرجى برؤه، ولهذا استمر به هذا المرض حتى توفي عليه رحمة الله، فالواجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين، والصاع الموجود من الرز يكفي لأربعة أيام إذا أعطي أربعة مساكين، والصاعان لثمانية، والثلاثة لاثني عشر يوماً، وعلى هذا فيكون هذا المريض يطعم عنه ثلاثة أصواع من الرز لاثني عشر فقيراً، وإن أمكن أن يجعل معها لحم حتى يؤدمها فهو أطيب وأكمل.

التفصيل في السقط إذا دفن من غير غسل ولا صلاة

التفصيل في السقط إذا دُفن من غير غسل ولا صلاة Q فضيلة الشيخ! هناك امرأة أسقطت حملها في الشهر الرابع وكانا توأم، فقامت امرأة في الحال بأخذ المولودين ودفنهما في حوش المنزل ولم يصلِّ عليهما، فما الحكم في ذلك الفعل من المرأة التي دفنتهما من غير صلاة ومن غير تغسيل؟ وماذا عليها الآن وقد مضى على دفنهما ما يقارب عشر سنين، بل وأصبح موضع قبرهما بلاطاً، أي: طريقاً وممراً للمشاة أفتونا جزاكم الله خيراً؟ A أولاً: إذا كان الحمل لم يتم له أربعة أشهر فإنه لا حكم له من حيث الصلاة والتغسيل والتكفين والدفن، يدفن في أي مكان، وإن كان قد تم لهما أربعة أشهر فإن الجنين إذا تم له أربعة أشهر أمر الله تعالى ملك الأجنة أن ينفخ فيه الروح ويتحرك، وحينئذٍ تكون هذه المرأة آثمة بفعلها؛ لأن الواجب أن يغسلا ويكفنا ويصلى عليهما ويدفنا في مقابر المسلمين، وعلى المرأة أن تتذكر هل هذا قبل تمام أربعة أشهر أو بعده، وتمشي على ما قلنا الآن. لكن هو له عشر سنين الآن إذا كان قد تم لهما أربعة أشهر يقيناً فما بقي الآن مما يمكن استدراكه إلا الصلاة عليهما، فيصلى عليهما ولو في البيت.

حكم التبرع بالدم

حكم التبرع بالدم Q فضيلة الشيخ! نقل إلينا أن فضيلتكم لا يرى التبرع بالدم إلا للضرورة كالتبرع لشخص معين، فهل هذا القول صحيح، وإذا تبرع الشخص بدمه لشخص معين فإنه ينقل إليه مباشرة دون وضع الدم في الثلاجة، فعند ذلك تتعطل الثلاجة، فتبقى الثلاجات التي في المستشفيات لا يوضع فيها الدم خالية، وعلى هذا إذا أتت حالة طارئة للمستشفى وأردت دماً فلا يمكن نقل الدم إلى ذلك المريض مباشرة؛ لعدم وجود دم في الثلاجة، خاصة إذا كانت فصيلة الدم نادرة لا تتوفر بسرعة، فيكون بذلك إهلاك للنفس، فهل من إفادة في حكم التبرع بالدم، جزاكم الله خير الجزاء، ووفقكم لما يحب ويرضى؟ A نقول: إن نقل الدم إذا كان الإنسان صائماً صيام فرض، فإنه لا يجوز أن يسحب من الإنسان الدم وهو صائم صيام فرض إلا للضرورة بحيث يكون هناك مريض مضطر لهذا النوع من الدم، فحينئذٍ يسحب الدم من الصحيح الصائم ونقول له: أفطر -كل واشرب- واقض يوماً مكانه. وأما إذا كان الإنسان غير صائم، وأراد أن يتبرع بالدم وتبرعه بالدم لا يضره، فلا حرج عليه في ذلك؛ لأن الدم لا يستلزم فقد عضو من الجسم، إنما يستلزم استنزاف الدم ثم يأتي بدله بسرعة، وليس كالأعضاء، فما نقل عنا فلعل الناقل توهم ذلك فيما إذا كان الإنسان صائماً صوم فرض، فإنه لا يجوز أن يتبرع بالدم إلا إذا كان هناك شخص مضطر إلى هذه الفصيلة من الدم، وغلب على الظن أنه لا يمكن أن يبقى إلى غروب الشمس بدون تبرع، فحينئذٍ يتبرع له الصائم ويفطر فيأكل ويشرب ويقضي يوماً مكانه، مثال ذلك: إنسان اضطر إلى دم هذا الرجل الصائم في رمضان، وقيل: إن تأخيره إلى الغروب ربما يكون سبباً لهلاكه، فنقول للصائم: جزاك الله خيراً مكنهم من أن يأخذوا من دمك ليجعلوه في هذا المحتاج، وأنت كل واشرب ولو في رمضان ثم اقض يوماً مكانه، أما إذا لم يكن الإنسان صائماً صيام فرض فالأمر في هذا واسع، ولا بأس بالتبرع بالدم سواء لمريض حاضر أو يُخزن في خزانات لاستقبال المرضى الذين يحتاجون إلى ذلك.

ظاهرة خروج الفتيات إلى الأسواق

ظاهرة خروج الفتيات إلى الأسواق Q فضيلة الشيخ! كثرت الفتن في هذا الزمان، وبالذات في الأسواق والأماكن العامة التي يكثر فيها خروج النساء دون محرم، كثرةً تلفت الانتباه، لا سيما في هذه المدينة المباركة، فنرى بعض بوادر الشر ونرى كثيراً من النساء بل الفتيات يقفن طوابير لانتظار سيارات النقل الجماعي وغيرها لنقلهن إلى الأسواق، أرجو توجيهاً منكم في هذا الجمع المبارك أسأل الله أن ينفع بكم عباده؟ A لا شك أن فتنة النساء أضر على الرجال من أي فتنة كانت، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) ولا شك أننا في هذه البلاد قد أنعم الله علينا بنعم كثيرة: أمن، رفاهية، عيش، صحة، وكل هذه من أسباب الشر والفساد، ولهذا يقول الشاعر: إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة والجدة: الغنى. ولا شك أنه يوجد من الفتيات من لها شغف في أن تنزل إلى الأسواق ولو لأدنى حاجة، ولو لحاجة ممكن أن يقضيها أصغر إخوانها، ومع ذلك تريد أن تنزل بنفسها، ولا شك -أيضاً- أنه يوجد من السفهاء في الأسواق أو في المتجرات من يكون سبباً لافتتان النساء به، فتجد المرأة تنزل من أجل أن تذهب إلى هذا المتجر أو إلى هذا السوق فيحصل الشر. ولكن ما هو الخلاص من ذلك؟ الخلاص: أولاً: أن تنمى في مدارك هؤلاء الفتيات العقيدة السليمة، بأن الله سبحانه وتعالى حافظ ومطلع يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. ثانياً: أن تنمى فيهن محبة العفة، والبعد عن الفحشاء وأسبابها. ثالثاً: أن تمنع النساء من الخروج من البيوت؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما نهى عن منعهن من الذهاب إلى المساجد، وأما إلى الأسواق فالرجل حر له أن يمنعها، تمنع من الخروج من البيت إلا لحاجة لا يمكن أن يقضيها أحد سواها، وهذا الاستثناء أقوله من باب الاحتراز، وإلا فلا أظن أن حاجة لا يمكن أن يقضيها إلا النساء؛ لأن بإمكان كل امرأة أن تقول لأخيها: يا أخي اشتر لي الحاجة الفلانية، لكننا ذكرنا هذا الاستثناء احتياطاً، وأن يكون الرجل كما جعله الله عز وجل قوَّاماً على المرأة، لا أن تكون المرأة هي التي تديره؛ لأن الله يقول: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء:34] فليكن قائماً حقيقة، وليمنعها، ولكن لا بعنف، بل بهدوء وشرح للمفاسد وبيان للثواب والأجر إذا لزمن البيوت؛ لأن الله تعالى قال: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33] أي: نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهنَّ أكمل النساء عفة وأقومهن في دين الله، ومع ذلك قال الله لهن: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب:33] . كذلك من أسباب درء هذه الفتنة: أن يوجد للفتاة شغلاً في البيت، بحيث لا يأتي بالخادم إلا عند الضرورة القصوى؛ لأن الخادم إذا دخل في البيت فإن المرأة سوف تكف عن كل عمل، وستبقى حبيسة البيت إذا لم تخرج، وحينئذٍ يضطرها هذا الفراغ إلى أن تخرج، لكن لو لم يكن عندها خادم وصار تشتغل في بيتها بإصلاح الطعام، وغسل الثياب، وفرش الفرش وما أشبه ذلك، صارت فيها حيوية في البيت ونشطت، ولم تبالِ أن تخرج أو لا تخرج. فالمهم أن نصيحتي لإخواني الرجال خاصة وللنساء أيضاً: أن يكون رائدهم الإصلاح دائماً والبعد عن الفتنة.

علاج قسوة القلب

علاج قسوة القلب Q فضيلة الشيخ! أشكو إلى الله ثم لكم قسوة أجدها في قلبي، فماذا أعمل جزاك الله خيراً؟ A اعمل شيئين: الأمر الأول: الإكثار من قراءة القرآن، فإن الله تعالى يقول في هذا القرآن: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر:21] ولا أظن شيئاً أشد قسوة من الحجارة، ومع ذلك لو نزل عليها هذا القرآن لرأيت الجبل خاشعاً متصدعاً من خشية الله، وفي ذلك يقول ابن عبد القوي رحمه الله: وحافظ على درس القرآن فإنه يلين قلباً قاسياً مثل جلمدي ولكن ليس المراد مجرد التلاوة مع غفلة القلب، بل التلاوة مع استحضار القلب وتدبره؛ فإن ذلك لا شك يلين القلب على كل حال. الأمر الثاني: ذكر الله عز وجل: التهليل التكبير التسبيح التحميد ما أشبه ذلك، بشرط: أن يتواطأ القلب واللسان، لأن مدار الحياة على القلب، فإذا حيا القلب حيا الجسم، ولهذا قال الله تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} [الكهف:28] ولم يقل: ولا تطع من أسكتنا لسانه عن ذكرنا، بل قال: (أغفلنا قلبه) وكم من إنسان يذكر بلسانه لكن قلبه لاهٍ، فالذكر حينئذٍ يكون ضعيفاً وأثره رديء، لكن إذا اجتمع القلب واللسان فهذا مما يسبب حياة القلب ولين القلب، قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ} [الزمر:23] . نسأل الله لنا ولكم الهداية، وأن يلين قلوبنا لذكره وطاعته، وأن يجعلنا هداة مهتدين وصالحين مصلحين إنه على كل شيء قدير.

اللقاء الشهري [25]

اللقاء الشهري [25] إن انتهاء شهر رمضان لا يعني انتهاء جميع ما فيه من الأعمال الصالحة التي يقوم بها الناس بسبب تقييد الشياطين، بل هي باقية لمن أراد القيام بها، ومن حكمة الله عز وجل أن جعلنا نتقلب بين العبادات، فكلما انتهت عبادة دخلنا في أخرى، وذلك مثل الخروج من شهر رمضان والدخول في أشهر الحج.

الاستمرار على الأعمال الصالحة بعد رمضان

الاستمرار على الأعمال الصالحة بعد رمضان إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: أيها الإخوة: فهذا هو اللقاء الأول من بعد شهر رمضان عام (1415هـ) وهو اللقاء الموفي للخامس والعشرين من اللقاءات الشهرية، ويتم في هذه الليلة ليلة ثمانية عشر من شهر شوال عام (1415هـ) . ومن المناسب أن نتكلم عن موضوعين: الموضوع الأول: هل انقضى عمل الإنسان بانقضاء شهر رمضان؟ والجواب على هذا Q لا. إن عمل الإنسان لا ينقطع إلا بالموت، لقول الله تبارك وتعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99] أي: حتى يأتيك الموت، ولقوله تعالى عن يعقوب: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة:132] ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث) فلم يجعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمداً لانقطاع العمل إلا بالموت. ثم هل العمل الذي يؤدى في رمضان كالصوم والقيام والصدقة هل انقطع بانتهاء رمضان؟ لا، هناك صيام أيام مشروعة غير رمضان، منها: صيام الأيام الست من شوال، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر) وهذه الأيام الستة ينبغي أن تلي شهر رمضان، أي: أن يشرع فيها الإنسان من اليوم الثاني من شوال، ويتابعها لما في ذلك من السبق إلى الخيرات، ولأن هذا أسهل؛ لأن الإنسان قد اعتاد الصوم في رمضان فيسهل عليه الاستمرار فيه، ولأن الإنسان إذا أخرها ربما يحصل له التسويف فيقول: غداً أصوم غداً أصوم حتى تنقضي الأيام، وهذه الأيام الستة تابعة لرمضان، فمن صامها قبل أن يقضي ما عليه من رمضان فإنه لا ينال ثوابها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (من صام رمضان ثم أتبعه) ولو صامها قبل القضاء لكانت متبوعة لا تابعة. فإن قال قائل: ربما يكون هناك عذر، ربما ترك صوم رمضان لمرض، واستمر به المرض إلى آخر شوال، ثم شفاه الله وشرع في القضاء وخرج شوال، فنقول حينئذٍ: يصومها تابعة لرمضان ولو في ذي القعدة، ولو خرج شهر شوال؛ وذلك لأنه ترك صومها في شوال لعذر فقضاها من بعده، كما أن رمضان يترك للعذر ويقضى بعده. - ومن الصيام المشروع: أن يصوم الإنسان يوم عرفة، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) إلا الحاج فلا يسن له أن يصوم يوم عرفة؛ من أجل أن يكون قوياً متفرغاً للدعاء في ذلك اليوم. - ومن الصيام المشروع: صوم يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من شهر محرم؛ لأنه اليوم الذي أنجى الله موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه، ولكن يصوم قبله اليوم التاسع؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) . - ومن الصيام المشروع: صوم عشر ذي الحجة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) والصوم من العمل الصالح. - ومن الصيام المشروع: أن يصوم الإنسان ثلاثة أيام من كل شهر، سواء من أول الشهر أو وسطه أو آخره؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره، لكن الأفضل أن تكون في أيام البيض، أي: في اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر. - ومن الصيام المشروع: أن يصوم يوم الإثنين والخميس؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصومهما ويقول: (إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) . - ومن الصيام المشروع: أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، وهذا أفضل الصيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـ عبد الله بن عمرو بن العاص: (صم يوماً وأفطر يوماً فذلك صيام داود وهو أفضل الصيام) . إذاً: الصيام هل انقطع بانتهاء رمضان أم لا؟ لا. القيام: هل انقطع بانتهاء رمضان؟ لا، القيام مشروع في كل ليلة، والأفضل بعد منتصف الليل إلى أن يبقى سدس الليل فتنام، الأفضل أن تنام النصف الأول من الليل، ثم تقوم الثلث، ثم تنام السدس، هكذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بن العاص وقال: (إن هذا قيام داود وهو أفضل القيام) فإن لم يتيسر لك ذلك فقم ولو قليلاً في آخر الليل، لأن الرب عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: (من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) واختم صلاتك بركعة التي هي الوتر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صلاة الليل؟ فقال: (مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت ما قد صلى) . أما الصدقة فهي أيضاً لم تنقطع، الصدقة مشروعة كل وقت، بل إن الإنسان الموفق يجعل أكله وشربه ونفقة عياله من الصدقة، إنفاقك على نفسك صدقة، وعلى أهلك صدقة، بل إن الإنفاق على الأهل أفضل من الصدقة على غيرهم، فلو كان معك عشرة ريالات، وتقول: هل أتصدق بها على فقير، أم أنفق بها على أهلي لأنهم محتاجون؟ نقول: أنفقها على أهلك. ثم قراءة القرآن لم تنقطع بانتهاء رمضان، قراءة القرآن مشروعة كل وقت، وينبغي للإنسان أن يجعل له حزباً معيناً يحافظ عليه كل يوم حتى لا تضيع عليه الأيام بدون قراءة القرآن.

مسائل تتعلق بالحج

مسائل تتعلق بالحج أما الأمر الثاني مما أريد أن أتكلم عليه فهو: أن من حكمة الله عز وجل أنه لما انقضى زمن ركن من أركان الإسلام دخل زمن ركن آخر، انقضى رمضان وهو وقت أداء ركن من أركان الإسلام وهو الصيام، وفي تلك اللحظة التي خرج فيها رمضان دخلت شهور الحج، نحن الآن في أشهر الحج، لأن أشهر الحج تدخل بغروب شمس آخر يوم من رمضان، وهذه من حكمة الله، حتى نشعر بأن أوقاتنا كلها معمورة بطاعة الله عز وجل، انقضى فرض الصيام جاء فرض الحج. والحج واجب على كل مسلم، لكن من رحمة الله ولطفه أنه لا يجب في العمر إلا مرة واحدة، ولو كان الإنسان من أغنى عباد الله فإنه لا يلزمه أن يحج إلا مرة واحدة، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الحج مرة فما زاد فهو تطوع) . ولا يجب الحج إلا على القادر، العاجز لا يجب عليه الحج، فإذا قدرنا أن إنساناً فقيراً ليس عنده شيء، فهل يلزمه أن يحج؟ أي: هل يلزم أن يقترض ليحج؟ A لا. ولو لاقى ربه قبل أن يحج للاقى ربه وقد تمت أركان إسلامه؛ لأن الركن الخامس الذي هو الحج لا يجب عليه حين يعجز عنه. وهل يجب على الإنسان إذا كان مريضاً أن يحج؟ الجواب: لا، ولو كان عنده مال، لكن إن كان مرضه يُرجى زواله فلينتظر حتى يشفى ويحج بنفسه، وإن كان مرضه لا يُرجى زواله وعنده مال فليوكل من يحج عنه، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت: يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم) فصار العاجز عن الحج لمرض إن كان يرجو زوال مرضه انتظر، وإلا وكل من يحج عنه إذا كان عنده مال، أما من لا مال عنده فليس عليه حج. امرأة عندها مال، لكنها لم تجد محرماً يحج بها، هل عليها الحج؟ لا. حتى لو كانت من أغنى النساء، ولكن ليس لها محرم فلا تحج. أما إذا كان لها محرم وقالت له: حج بي وأنا أكفيك النفقة كلها، هل يلزمه أن يحج معها؟ الجواب: لا يلزمه، اللهم إلا إذا كان لم يؤدِ الفريضة وأعطته مالاً يكفيه للحج، فهنا نقول: يجب عليه الحج من أجل أنه لم يأتِ بالفريضة لا من أجل أن يكون محرماً لها، وتصحبه في هذه الحالة. إذاً: هل تحزن المرأة إذا كان عندها مال ولم تجد محرماً على أنه فاتها الحج؟ الجواب: لا تحزن ولا تخشى العقوبة؛ لأنه لم يجب عليها الحج، ولو لاقت الله عز وجل للاقته بغير ذنب فيما يتعلق بالحج. إنسان عنده مال، لكن عليه دين يطالبه به صاحبه، عنده -مثلاً- خمسة آلاف يمكن أن يحج بها، لكن صاحب الدين يقول: أعطني، هل يجب عليه الحج؟ لا. لأن عليه ديناً، ولا حج عى الإنسان إذا كان عليه دين وليس عنده ما يفضل عن الدين؛ لأن الله تعالى قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] . وكثير من الناس ربما يستدينون من أجل الحج، وهذا غلط، ليس هذا من الشرع أن تستدين من أجل الحج، الحج ليس واجباً عليك، أرأيت لو كان إنسان فقيراً هل تجب عليه الزكاة؟ الجواب: لا تجب، أنت الآن لا يجب عليك الحج؛ لأنك لا تستطيع، فلماذا تندم؟ ولماذا تحزن؟ ولماذا تتكدر؟ لا تتكدر يا أخي ليس عليك شيء. إذا كان على الإنسان دين وفي يده مال، ويغلب على ظنه أنه إذا حلَّ الدين كان عنده ما يوفي به، مثلاً: صندوق التنمية العقارية، كثير من الناس عليهم ديون لصندوق التنمية، لكنهم واثقون من أنفسهم أنهم إذا حل القسط سوف يوفونه، وعندهم الآن مال يستطيعون الحج به، هل يجب عليهم الحج؟ الجواب: نعم. يجب عليهم الحج؛ لأنهم مستطيعون، أما إذا قال: أنا لست واثقاً أن أوفي إذا حل القسط، وأنا الآن أجمع، فهذا ليس عليه حج؛ لأنه مدين. كثير من الناس يقول: أرأيت إذا سمح لي صاحب الدين أأحج؟ نقول: لا. ولو سمح لك صاحب الدين؛ لأنه إذا سمح لك لم يسقط عنك شيئاً. أما لو قال: حج وأنا أسقط عنك مقدار نفقة الحج فحينئذٍ نقول: حج، وأما إذا قال: أنا أطالبك ولكني أرخص لك أن تحج ما الفائدة؟ لا فائدة، ولهذا كثير من الناس يسأل ويقول: إن صاحب الدين قد أذن لي، نقول: ليست العلة أن يأذن أو لا يأذن، العلة أن ذمتك مشغولة، وشغل الذمة بالدين أمر عظيم. لو أحدثكم أن الرسول عليه الصلاة والسلام قدمت إليه جنازة، صحابي من الأنصار، فلما خطا خطوات سأل: (هل عليه دين؟ قالوا: نعم. يا رسول الله! قال: إذاً صلوا على صاحبكم -ولم يصل عليه، تأخر- حتى قام أبو قتادة رضي الله عنه وقال: يا رسول الله! الديناران عليَّ، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: حق الغريم وبرأت ذمة الميت؟ -أي: تلتزم للغريم تبرأ ذمة الميت- قال: نعم. فتقدم وصلى) يعني: الدين إلى هذا الحد يمتنع الرسول عليه الصلاة والسلام من الصلاة على المدين إذا لم يكن له وفاء، ونحن نتساهل به الآن، يعتمر الإنسان وعليه دين، يحج وعليه دين، يفرش بيته بفراش فاخر وعليه دين، يشتري سيارة فاخرة وعليه دين، تجده يشتري سيارة بأربعين ألف ريال، وهو يمكن أن يجد سيارة تكفيه بعشرة آلاف، أليس كذلك؟ بل إني سمعت بعض الناس يشتري بأكثر من أربعين ألف سيارة ويكفيه عشرة آلاف، هذا من السفه في العقل، لا تستهن بالدين أبداً، الدين صعب، ولهذا يقال: إن الدين ذل في النهار وسهر في الليل، لكن للإنسان العاقل، أما الذي لا يبالي فهذا لا يبالي. ونسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يحبه ويرضاه إنه على كل شيء قدير.

الأسئلة

الأسئلة

حكم من نسي تبييت نية قضاء الصوم

حكم من نسي تبييت نية قضاء الصوم Q فضيلة الشيخ! أعرض عليك هذا السؤال وأنا في حيرة من أمري: نويت بعد رمضان أن أصوم ما علي من قضاء وهو يوم واحد وأصوم بعده أيام الست، فبدأت الصيام من يوم الأحد، وعندما أصبحت نسيت أني لم أبيت النية ليوم القضاء، فصمت ذلك اليوم ثم صمت بعده ثلاثة أيام من الست. السؤال: هل أواصل بقية الأيام الستة، وهل يحسب لي ذلك اليوم قضاءً أم من الست؟ أرجو توضيح ذلك وفقك الله. A إذا نام الإنسان على نية القضاء ثم قام من الليل وتسحر وغاب عن ذهنه أنه أراد القضاء ولم يذكر إلا بعد طلوع الفجر فليستمر في صوم القضاء؛ وذلك لأن الأصل بقاء النية الأولى، وهو قد نام على أن غداً من قضائه، أما إذا لم يكن كذلك ولم ينوِ الصوم إلا حين قام من آخر الليل، وحين قام من آخر الليل كان الذي في ذهنه أن يصوم الأيام الستة ونسي القضاء فهذا لا يجزؤه عن القضاء، وأما الأيام الثلاثة التي صامها وهو لم يقض فهذه عند بعض العلماء باطلة، ليس له فيها ثواب، ولكن الصحيح: أن له فيها ثواباً إلا أنه لا ينال ثواب الأيام الستة؛ لأن الأيام الستة لا بد أن تكون بعد قضاء رمضان.

العذر بالجهل في قضاء رمضان

العذر بالجهل في قضاء رمضان Q فضيلة الشيخ! كنت في بيئة تجهل حكم وجوب قضاء صوم رمضان، فجلست هناك فترة طويلة وأنجبت ثلاثة أطفال، ثم جئت إلى جدة فعلمت بأن قضاء رمضان واجب، فماذا أفعل الآن، علماً بأنني أجهل عدد الأيام التي يجب عليَّ قضاؤها، وهل ينطبق علي حكم القضاء وأنا في بيئة غير مسلمة لا تعرف عن هذا الأمر شيئاً؟ A إذا كانت هذه المرأة لا تعرف أن صوم رمضان فرض، وهي تفطر يوماً وتصوم يوماً فليس عليها عليها قضاء؛ لأن القول الراجح: أن الشرائع لا تلزم قبل العلم، وهذه في بيئة غير مسلمة، ولا تدري شيئاً عن الإسلام، فليس عليها قضاء. أما إذا كانت تدري أن صوم رمضان واجب ولكنها أهملت فهذا فيه قولان للعلماء: منهم من قال: يجب عليها القضاء، ومنهم من قال: لا يجب عليها القضاء؛ لأنها تعمدت تأخير الفرض المؤقت وكل إنسان يتعمد تأخير الفرض المؤقت فإنه لا يصح منه الفرض. لكن الظاهر لي من حال السائلة: أنها لا تدري عن هذا كله، وعلى هذا فليس عليها قضاء ما دامت لا تدري أن رمضان واجب ولا أن قضاءه واجب فليس عليها قضاء؛ لأنها معذورة بالجهل.

حكم الصيام الجماعي

حكم الصيام الجماعي Q فضيلة الشيخ! ما حكم الصيام الجماعي، كأن يجتمع جماعة من الناس فيتفقون على أن يصوموا أياماً معينة، كالإثنين والخميس، وذلك من باب التعاون على البر والتقوى؛ لأن الإنسان ضعيف بنفسه يقوى بإخوانه، ما حكم ذلك نفع الله بكم؟ A أرى أنه ليس من السنة، وأنه نوع من البدعة إذا اتفقوا على ذلك؛ لأننا إذا كنا ننكر التكبير الجماعي أو الذكر الجماعي -مثلاً- فهذا أيضاً كذلك؛ لأن الصوم عبادة، فلا ينبغي أن يكون جماعياً، لكن من غير اتفاق لا بأس، مثل أن يوافق أننا صمنا يوم الإثنين فقال بعضنا لبعض: من كان صائماً فالفطور عند فلان، واتفقنا أن نفطر عنده -مثلاً- هذا لا بأس به؛ لأنه أمر عارض وليس اجتماعاً على عبادة، والاجتماع على العبادات والانفراد بها من الأمور المشروعة، ولهذا لولا أن الله شرع لنا أن نصلي جماعة لكانت صلاة الجماعة بدعة لكن شرعها الله لنا، كذلك الصوم جماعة، والاتفاق عليه مسبقاً نوع من البدعة، يرد علينا صوم رمضان، ألسنا نصوم جماعة؟ بلى. ولكنه هكذا فُرِضَ، المفروض أن يصوم الناس كلهم في هذا الشهر. فأرى أن يتخلوا عن هذا الطريق، وأن يكون الإنسان مستعيناً بالله عز وجل، وأن يعتد بنفسه، وإذا كان الإنسان لا يفعل العبادة إلا متوكئاً على عصا - أي إلا إذا فعلها غيره- فإن عزيمته ضعيفة.

حث الكفلاء على تمكين عمالهم من حج بيت الله الحرام

حث الكفلاء على تمكين عمالهم من حج بيت الله الحرام Q فضيلة الشيخ! لم أحضر إلى هذه البلاد إلا من أجل الحج، وأخشى ألا يوافق من أقوم بالعمل عنده بأدائي هذه الفريضة، وأنا الآن في جهة السعودية، وعلى بعد مسافة قليلة من مناسك الحج، وأتمنى أن يهدي الله كفيلي وأن يوافق على حجي، ولكن إذا لم يوافق على الحج، فهل أكون بنيتي قد أديت الفريضة أم لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) ؟ وهل هذا يعتبر من الاستطاعة، أرجو التوضيح وحث إخواننا الكفلاء على تمكين من عندهم العمال من حج بيت الله الحرام؟ A نحن نتمنى لكل إخواننا الكفلاء أن يهديهم الله عز وجل، وأن يرخصوا لإخوانهم الذين يعملون عندهم لأداء فريضة الحج؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، وقد أمر الله بذلك، فقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:2] ولأن هذا قد يكون سبباً للبركة في أعمالهم وأرزاقهم؛ لأن هذه الأيام العشر إذا تعطل العمل عنده فإن الله قد ينزل له البركة فيما بقي من العمل، ويحصل على خير كثير، فإن تيسر هذا فهو المطلوب وهو الذي نرجوه من إخواننا الكفلاء، وإن لم يتيسر فإن هذا لا يعتبر مستطيعاً، فيسقط عنه الحج؛ لأن الله تعالى قال: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] وهذا لم يستطع. وأما قول السائل: إنه يكون كالذي حج فلا، لكنه يسقط عنه الحج حتى يستطيع، ولو مات قبل أن يتمكن من الحج فإنه يموت غير عاصٍ لله؛ لأنه لا يجب الحج إلا بالاستطاعة.

حكم لبس البنطلون للمرأة

حكم لبس البنطلون للمرأة Q فضيلة الشيخ! انتشر بين أوساط النساء لبس البنطلون، وبلغنا فتوى عن فضيلتكم أحببنا أن نسمعها منكم مباشرة لنبلغها على بصيرة، السؤال يا فضيلة الشيخ: ما حكم لبس البنطلون للمرأة، وهل يفرق بين الواسع وغيره، وهل هذا الحكم في خارج المنزل فقط، أم أنه عام في المنزل والسوق؟ أرجو عرض هذا السؤال لتعم الفائدة على الطالبات، نفع الله بهذا اللقاء؟ A أرى أن لبس المرأة البنطلون حرام لوجهين: الوجه الأول: أنه تشبه بالرجال، وقد (لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال) . الوجه الثاني: أنه ذريعة إلى أن تلبس المرأة بنطلوناً ضيقاً يصف مقاطع جسمها، وهي وإن قالت: أنا لا ألبس إلا واسعاً فهي تلبس واسعاً لمدة معينة ثم تلبس الضيق، ثم إنها إذا قدر أن هناك امرأة صالحة تقوى نفسها يقتدي بها من ليس كذلك، فالذي أرى أن ذلك ممنوعاً، وأنه لا يجوز، سداً للذريعة، وبعداً عن التهتك باللباس، فإن كان هذا صواباً فهو من الله والحمد لله الذي من به، وإن كان خطأً فأرجو الله تعالى أن يعفو عني، ولكن مع ذلك يجب على النساء ألا تكون الواحدة إمعة مع كل شيء جديد، يا سبحان الله! أنا أعتقد أن الرجل وهو الرجل لو لبس البنطلون لكان يأتيه -لا سيما أول ما يلبسه- نوع من الخجل، أن تكون أفخاذه مقدرة، وكذلك عجيزته مقدرة، كل شيء كأنه محجم فكيف بالمرأة؟! فلا أرى لبس البنطلون للنساء، لا في البيوت ولا في خارج البيوت.

أثر المعصية على فعل الطاعة

أثر المعصية على فعل الطاعة Q فضيلة الشيخ! ما هو أثر المعصية على فعل الطاعة، هل هو أثر معنوي أم أثر حسي، حيث أن الإنسان قد يكون على معصية ويصلي ويقرأ القرآن، فكيف يكون أثر المعصية على الطاعة أو على الشخص نفسه؟ A أثر المعصية سيئ، وربما يعاقب الإنسان بعقوبة عظيمة وهي الإعراض عن دين الله، كما قال الله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ} [المائدة:49] فالإنسان الذي يفعل المعاصي على خطر عظيم، ثم إنه يوم القيامة إذا لم يعف الله عنه فإنه يوازن بين الحسنات والسيئات، إذا رجحت السيئات فإنه يدخل النار يطهر منها إن لم يعف الله عنه، وإذا تساوت الحسنات والسيئات صار من أهل الأعراف، يحبس بين الجنة والنار يشاهد أهل النار ويشاهد أهل الجنة ومآله إلى الجنة، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهل الجنة. ثم إن المعاصي لها عقوبات حسية، كما قال الله تبارك وتعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:96-99] وقال جل وعلا: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41] . ومن أشد المعاصي تأثيراً أكل الحرام الذي شاع وذاع في وقتنا الحاضر، فأكل الحرام يكون سبباً لمنع إجابة الدعاء، يدعو الإنسان فلا يستجاب له إذا أكل الحرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (ذكر الرجل أشعث أغبر يطيل السفر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب! ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له) وما أكثر الحرام في وقتنا هذا الربا موجود الميسر موجود الغش موجود الكذب موجود التدليس موجود ظلم العمال موجود، أشياء كثيرة تعجز عن عدها، كلها الأكل فيها حرام، الإنسان إذا غش في بيعه، وكسب درهماً من عشرة، هذا الدرهم الذي دخل عليه وهو حرام أفسد ماله، صار الربا والعياذ بالله يعلن إعلاناً فعلياً، وإعلاناً قولياً. نشر قبل أيام منشوراً من أحد البنوك، يقول: من أراد أن يربح اثني عشر ضعفاً على راتبه فليأت إلينا، يعاملون الناس معاملة الدجاج!! يجعل له الحب المدسوس بالسم، والدجاجة تأكل ولا تدري، فيقطع أمعاءها، كيف الطريق؟ يأتي إلى البنك ويقول: تعال! أنت راتبك ألف ريال كل شهر، سوف أعطيك الآن اثنا عشر ألف ريال نقداً، ويضرب عليه التوثيقات التي يرى أنه لا بد من التوثق، ثم يقول: إذا تمت السنة نضيف إلى الاثنا عشر ألف ريال كذا وكذا بالمائة وتوفي، وهذا رباً صريح جامع بين ربا النسيئة وربا الفضل، والعياذ بالله، وربما يغتر بعض الناس فيظن أن هذا لا بأس به، لكننا نبلغ الآن، وواجب علينا أن نبلغ أن هذا حراماً، وأنه رباً صريح، ولا يجوز التعامل به، ونسأل الله تعالى أن يوقظ المسئولين عندنا لتلاعب هؤلاء الذين أرادوا أن يجعلوا أنظمة الرأسمالية في بلاد المسلمين، نسأل الله أن يردهم على أعقابهم خائبين، وأن يطهر بلادنا من أمثالهم.

حكم من لا يصوم ما عليه من قضاء رمضان

حكم من لا يصوم ما عليه من قضاء رمضان Q فضيلة الشيخ! سائلة تقول: إنها بلغت ولم تصم القضاء الذي عليها حياء لعدة سنوات، فماذا عليها الآن؟ A عليها أن تقضي ما فاتها، وإذا قالت: أنا لا أدري الآن كم الذي فات، نقول: تحري وقدري واقضي ما عليك، وليس عليها شيء من إطعام أو صدقة على القول الراجح، بل عليها أن تقضي الأيام التي تركت قضاءها أولاً.

حكم جمع العصر مع الجمعة للمسافر

حكم جمع العصر مع الجمعة للمسافر Q المسافر إذا كان في الطريق فهل يقصر صلاة الجمعة أم يصليها أربعاً؛ لأننا سمعنا عنك يا فضيلة الشيخ بأنه لا يجوز للإنسان أن يقصر صلاة الجمعة، ولا أن يجمعها مع العصر، فما صحة هذا النقل؟ A أولاً: هذا النقل من حيث هو كذب، ما تكلمنا بهذا الكلام، وأما أن الجمعة لا تقصر فصحيح، لو قصرت الجمعة كم تكون؟ ركعة واحدة، وهذا لا يقوله أحد من العلماء ولا من الجهال أيضاً، فالجمعة لا تقصر بل هي ركعتان، ولكن لا تجمع العصر إليها، فمثلاً: لو مر المسافر ببلد يوم الجمعة ونزل فيه وقال: أمشي آخر النهار وأدرك صلاة الجمعة فإنه لا يجمع إليها العصر؛ لأن الجمعة صلاة مستقلة ذات شروط معينة، وهيئة معينة، وصفة معينة، والسنة إنما جاءت بالجمع بين الظهر والعصر، والجمعة ليست ظهراً، ولهذا لا يصح أن تجمع إليها العصر، فمن جمع إليها العصر قلنا: الأمر سهل، أعد العصر ركعتين بعد دخول وقتها.

حكم صلاة الجمعة للمسافر

حكم صلاة الجمعة للمسافر Q إذا كان الإنسان مسافراً في يوم الجمعة، وأدركه هذا اليوم وهو في الطريق، فهل يجمع صلاة الجمعة مع صلاة العصر؟ وإذا كانوا أيضاً جالسين لأكثر من أسبوع فهل يصلون صلاة جمعة، أم يصلونها ظهراً لو كانوا في بر؟ A أما الفقرة الأولى من السؤال فقد أجبنا عنها وقلنا: إن العصر لا تجمع مع الجمعة، وأما الفقرة الثانية فإنهم لا يصلون الجمعة في البر؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سافر عدة مرات، وتصادفه الجمعة في سفر ولا يقيمها، بل صادفته الجمعة يوم عرفة في حجة الوداع؛ لأن يوم الجمعة في حجة الوداع هو يوم عرفة، ومع ذلك لم يصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الجمعة، وإنما صلى الظهر والعصر، كما جاء ذلك صريحاً في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

أحوال النساء في الطهارة للصلاة

أحوال النساء في الطهارة للصلاة Q فضيلة الشيخ! هل للمرأة أن تصلي أكثر من وقت بوضوء واحد، فقد سمعنا أن المرأة لا يصح أن تصلي بالوضوء أكثر من صلاة، وأن المرأة لا يمكن أن تطهر، بل وجدنا بعض الفتيات تتوضأ لكل صلاة، وتنكر على من تصلي بوضوء صلاة أخرى، بسبب ما نقل عن فضيلتكم: من أن الماء الخارج من فرج المرأة ناقض للوضوء، أرجو بسط القول لعموم المشقة في ذلك وكثرة الإشكال، وعدم التفريق عند النساء اللاتي نقلن ذلك، نفع الله بك؟ A أما المرأة فهي كالرجل في أن لها أن تصلي بالوضوء الواحد صلاتين أو أكثر، ما دام وضوءها لم ينتقض، هذا إذا كانت ليست من النساء اللاتي يخرج منهن السائل دائماً، فإن كانت من النساء اللاتي يخرج منهن السائل دائماً فإنه لابد أن تتوضأ لوقت كل صلاة لا لكل صلاة، بمعنى: أنها لا تتوضأ لصلاة الفجر إلا بعد دخول الوقت، ولا تتوضأ لصلاة الظهر إلا بعد دخول الوقت، لكن إذا توضأت فإنها تصلي ما شاءت من النوافل حتى يدخل وقت العصر ثم تتوضأ، وذلك لأن هذا الخارج باستمرار حكمه حكم سلس البول، وحكم دم الاستحاضة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المستحاضة أن تغتسل لوقت كل صلاة، لكن هذه المرأة التي تبتلى بهذا الخارج نقول: لا بأس أن تجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إزالة للمشقة عنها. وبقي سؤال آخر يمكن أن يتفرع على ذلك وهو: هل هذا الخارج نجس أو طاهر؟ الجواب: طاهر؛ لأن الظاهر من نساء الصحابة رضي الله عنهن أنهن كن لا يغسلن هذا الخارج، ولأننا لو قلنا بنجاسته لشق على النساء مشقة عظيمة، إذ أنه يستلزم هذا القول أن تبقى دائماً تغسل ثيابها، أو أن تخص الصلاة بثوب خاص وهذا فيه مشقة. وخلاصة القول الآن: أن المرأة التي لا يخرج منها شيء حكمها حكم الرجل في أنها تصلي بالوضوء الواحد ما شاءت من الصلوات، والمرأة التي يخرج منها هذا الخارج الدائم لا تتوضأ للصلاة إلا بعد دخول وقتها. أما هذا الخارج فهو طاهر لا ينجس الثياب ولا ينجس البدن.

حكم من مات وعليه قضاء صوم

حكم من مات وعليه قضاء صوم Q شاب مرض بمرض السرطان -عافانا الله وإياكم منه- قبل شهر رمضان، فصام ثلاثة أيام من شهر رمضان وأفطر الباقي، وبعد رمضان توفي هذا الشاب، فماذا عليه، علماً بأن عمره ست عشرة سنة، وهل يحج عنه وليه؟ A أما من جهة الصيام فإنه يُطعم وليه عن كل يوم مسكيناً مما لم يصمه، فإذا كان صام ثلاثة أيام بقي عليه سبعة وعشرون يوماً، فيطعم عنه سبعة وعشرون فقيراً، وأما الحج فلا يلزم أن يحج عنه والده، اللهم إلا أن يكون عند هذا الميت الشاب دراهم يمكن أن يحج بها عنه فإنه يحج بها عنه، وإن تبرع وليه أبوه أو أخوه أو أمه بالحج له فلا بأس.

حكم تعليق التمائم

حكم تعليق التمائم Q امرأة مكثت أكثر من عشر سنين لا تحمل، فأعطيت شيئاً مغلفاً لا تعرف ما بداخله لتعلقه وحملت بإذن الله، فهل يحل لها أن تستعمل هذا المغلف وهي لا تدري عنه، وهل لها أن تعطيه أحداً من النساء إذا استغنت عنه، أم أن ذلك من التولة التي هي من الشرك؟ A هذا من التمائم، ولا يجوز للإنسان أن يعلق تميمة حتى يعرف ما فيها؛ لأنه قد يكون فيها طلاسم وأسماء شياطين أو عفاريت من الجن أو ما أشبه ذلك، فلا يجوز للإنسان أن يعلق أي شيء إلا بعد أن يعرف ما كان بداخله، ثم إذا عرف ما في داخله، وكان الذي في داخله قرآناً أو أدعية من السنة فقد اختلف السلف والخلف في جواز تعليق ذلك: فمن العلماء من قال: لا يجوز أن يعلق ولو كان من القرآن، وهذا هو المأثور عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. ومن العلماء من قال: إذا كان من القرآن فلا بأس به؛ لعموم قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء:82] وأما شيء يعلق ولا يعلم ما الذي فيه فهذا حرام ولا يجوز، وكون الحمل حصل بعد تعليقه فهذا لا يدل على أنه هو السبب، بل قد يكون الله عز وجل ابتلى هذه المرأة حيث حملت بعد وضعه امتحاناً لها. والذي أرى أنه يجب أن يفتح هذا المغلف وينظر ما الذي فيه، إن كان قرآناً فكما سمعتم قد اختلف العلماء في جواز تعليقه، وإن كان غير قرآن ولا يعلم ما هو فالواجب إحراقه ولا يجوز أن يعطى لأحد، والراجح أنه إذا كان من القرآن فلا شيء فيه.

حكم قطع صيام القضاء وصيام النفل

حكم قطع صيام القضاء وصيام النفل Q صيام قضاء رمضان وصيام الست من شوال هل يجوز للإنسان قطعه بدون عذر، أم أن هناك فرقاً بين الصيامين، وما هي الأعذار التي تبيح قطع هذين الصيامين؟ A أما صيام القضاء فإنه لا يجوز قطعه؛ لأن القاعدة التي دلت عليها النصوص: أن من شرع في واجب فلا يجوز له قطعه إلا لعذر شرعي. ولهذا لو أن إنساناً كبر ليصلي صلاة الفريضة، ثم استأذن عليه أحد يدق عليه الباب فإنه لا يجوز أن يقطع الفريضة من أجل أن يأذن لهذا الطارق، وأما صيام الأيام الست فهي نفل، والنفل يجوز للإنسان أن يقطعه، لكنه يكره إلا لغرض، هذا هو حكم قطع القضاء وقطع صيام الأيام الست. ولكن هل حكم القضاء كحكم الأداء في رمضان، بمعنى: لو أن الإنسان أتى أهله في حال القضاء، فهل عليه كفارة؟ الجواب: لا. الكفارة إنما تكون فمن جامع في نهار رمضان وهو فيمن يلزمه الصوم. على كل حال خلاصة الجواب الآن: أما القضاء فلا يجوز قطعه إلا لعذر شرعي، وأما النفل فيجوز قطعه لكن يكره إلا لغرض صحيح. يسأل يقول: ما هي الأشياء التي تبيح لنا أن نفطر في القضاء مثلاً؟ نقول: مثل أن يلحق الإنسان مشقة، إما من جوع، أو عطش، أو تعب، أو ما أشبه ذلك، والأعذار الشرعية التي تبيح الفطر معروفة عند أهل العلم.

حكم الحج والعمرة عن الغير

حكم الحج والعمرة عن الغير Q فضيلة الشيخ! شخص يريد الحج وقد حج فرضه وتنفل، فهل يجوز له أن يشرك معه في حجته وعمرته أحداً من أقاربه كوالديه، وهل الأفضل الحج للوالدين والعمرة لهما، أم الأفضل أن يحج عن نفسه ويدعو لهما؟ A أما إشراك أحدٍ في حج أو عمرة فهذا لا يصح، لا يمكن أن تقع العمرة لشخصين، أو الحج لشخصين، وأما كونه يحج عن أمه وأبيه، أو يحج عن نفسه ويدعو لأمه وأبيه، فحجه عن نفسه ودعائه لأمه وأبيه أفضل وأحسن؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ولم يذكر الحج ولا الصوم ولا الصدقة، مع أن سياق الحديث في العمل، فدل هذا على أن الدعاء للوالد أفضل من أن يصلي الإنسان له أو أن يعتمر أو أن يحج، فمشورتي لهذا الأخ السائل: أن يحج عن نفسه ويدعو لوالديه.

حكم زكاة العقارات والأراضي

حكم زكاة العقارات والأراضي Q نحن شركاء في أرض زراعية كبيرة، نريد أن نوزعها إلى قطعٍ صغيرة، ولكن حالت ظروف عن قسمتها، منها ركود العقار، فهل تجب علينا فيها الزكاة؟ A إذا كنتم أصحاب عقار، بمعنى: أنكم تبيعون وتشترون في الأراضي فعليكم الزكاة، أما إذا كانت هذه الأرض قد ورثتموها من أب أو غيره، وتريدون أن تبيعوها متى تيسر بيعها أو تقطعوها متى تيسر، فليس عليكم فيها زكاة؛ لأن الزكاة في العقارات والأراضي وشبهها إنما تجب لمن كان يتجر بها، أي: صاحب عقار يبيع ويشتري، أما إنسان عنده عقار وطابت نفسه منه وأراد أن يبيعه وعرضه للبيع، فهذا لا زكاة فيه.

الواجب على من مات ابنه بسبب إعطائه السيارة

الواجب على من مات ابنه بسبب إعطائه السيارة Q رجل سافر للنزهة ومعه عائلته، ثم طلب أحد أبنائه أن يقود السيارة، وكان يبلغ من العمر (14) سنة، فمكنه من القيادة وهو لا يحمل رخصة، وفي أثناء الطريق قدر الله عليهم حادث انقلاب، فمات ذلك الابن من جراء ذلك الحادث، فيسأل هذا الأب هل عليه كفارة؛ لأنه سمح لذلك الابن بالقيادة، مع أنه لا يحمل رخصة قيادة، وقد يكون لا يحسن القيادة، وهل يفرق بين إذا كان يحسن القيادة وبين ألا يكون يحسنها؟ A إن كان هذا الابن يحسن القيادة فلا شيء على الأب؛ لأن الأب لم يأمره بل لم يجبره على ذلك، وإن كان لا يحسن القيادة فالأب مفرط، فعليه أن يكفر؛ لأنه السبب في قتل هذا الصبي، بل في قتل هذا الشاب. كذلك أيضاً: لا بد أن نعلم هل السبب في انقلاب السيارة تصرف الشاب أم أنه قضاء وقدر، أحياناً يكون السبب أن الإطار ينفجر بدون فعل الإنسان، ثم تنقلب السيارة ويحصل حادث فليس في هذا شيء، بعض الناس يظن كلما حصل حادث وجب الضمان ووجبت الكفارة، وهذا غير صحيح، الحادث الذي ليس من فعلك ولا تصرفك ولا تهورك وإنما هو قضاء وقدر انفجر الإطار وحصل الانقلاب، أو انقطع الذراع أو ما أشبه ذلك مما يكون سبباً فهذا لا شيء على الإنسان لا كفارة ولا ضمان. أما مسألة الرخصة فليست لازمة، الكلام على إحسان القيادة، لكن حمل الرخصة وعدمها هذا تجاه المسئولين، أما باعتبار ما يقتضيه الشرع فمتى كان يحسن القيادة فسواء كان يحمل رخصة أو لا فلا يختلف الحكم.

حكم الحج عن المريض الذي يشق عليه الحج

حكم الحج عن المريض الذي يشق عليه الحج Q فضيلة الشيخ! لي والدة مقعدة لا تستطيع القيام بأعمال الحج، هل أحج عنها مع العلم أن السفر يشق عليها للحج محمولة؟ A إذا كان حج فريضة بحيث يكون عندها مال فإنك تحج عنها، وإذا كان نافلة بحيث لا يكون عندها مال أو عندها مال وقد حجت فالصحيح أيضاً أنه لا بأس به، أي: لا بأس أن يحج الإنسان عمن كان عاجزاً عن الحج تطوعاً، وأما القادر الذي يستطيع أن يحج بنفسه ولكنه وكل من يحج عنه ففي إجزاء ذلك عنه نظر؛ لأن الحج عبادة يقوم بها الإنسان بنفسه إن استطاع وإلا فلا يقيم من يحج عنه، إلا الفريضة فقد علمتم أنه إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يؤدي الفريضة وعنده مال وعدم استطاعته هذه لا يرجى زوالها فإنه يقيم من يحج عنه ويعتمر.

الاحتلام في نهار رمضان وحكم تأخير الاغتسال منه

الاحتلام في نهار رمضان وحكم تأخير الاغتسال منه Q احتلمت أكثر من مرة في شهر رمضان، ونظراً لأني قد استحييت من أهلي أن أدخل دورة المياه وأغتسل صليت على تلك الحال على نجاسة الاحتلام، ثم بعد ذلك أغتسل وأقضي الصلاة، فما حكم هذا الشيء الذي أنا عليه، وهل أتحمل شيء، وهل يفطر الاحتلام في شهر رمضان؟ A أما الاحتلام في شهر رمضان فلا يفطر، وأما تأخير الاغتسال حياءً من الناس فهذا غلط، فعلى هذا الفاعل أن يستغفر الله تعالى ويتوب إليه، وألا يعود لمثل ذلك، فإن الله لا يستحيي من الحق، ولا أحد أشد حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك أحياناً كان يخرج إلى أصحابه ورأسه يقطر ماءً من الاغتسال، وهذا شيء لا بأس به، وهو حادث لكل أحد، فعلى هذا الشاب أن يستغفر الله ويتوب إلى الله مما صنع، والصلوات التي قضاها أرجو أن تكون مجزئة.

حكم من عليه قضاء وهو عاجز عن قضائه

حكم من عليه قضاء وهو عاجز عن قضائه Q امرأة كبيرة في السن تركت قضاء رمضان منذ فترة طويلة من الزمن، وهي تعلم بوجوب القضاء عليها، ولكن تركت القضاء تكاسلاً، وهي الآن عندها من الأمراض ما لا يسمح لها بالصوم، أفتونا مأجورين في حالها ماذا يجب عليها الآن؟ A الواجب عليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً؛ لأن الواجب عليها القضاء، ولكن إذا كانت عاجزة عنه عجزاً لا يرجى زواله لكبرها فعليها أن تطعم لكل يوم مسكيناً.

اللقاء الشهري [26]

اللقاء الشهري [26] في هذا اللقاء الشهري حث الشيخ على الإكثار من الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة؛ وذكر أيضاً أحكام الأضحية وبعض المسائل التي تتعلق بها، وبيّن شروط الحج والعمرة، مع ذكر صفة الحج إجمالاً.

الحث على الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة

الحث على الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو لقاء شهر ذي القعدة، وهو اللقاء الشهري الذي يتم في ليلة الثالث من كل أحد من كل شهر، وهذه الليلة هي الليلة السادسة عشرة من شهر ذي القعدة عام (1415هـ) وهو اللقاء المتمم للسادس والعشرين من اللقاءات الماضية، نسأل الله تعالى أن يجعلها لقاءات مباركة نافعة لنا ولكم. هذا اللقاء سيكون عن شهر ذي الحجة، هذا الشهر -أعني: شهر ذي الحجة- هو أحد الأشهر الثلاثة المتوالية من الأشهر الحرم؛ لأن الأشهر الحرم أربعة: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وهذه متوالية، والرابع هو شهر رجب المنفرد الذي بين جمادى الآخر وشعبان. هذا الشهر هو أفضل الأشهر الثلاثة الحرم، لأنه يعمل فيه من الأعمال الصالحة ما لا يعمل في غيره، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر -أي: عشر ذي الحجة- قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) . وهذا الحديث يدل على أنه ينبغي لنا أن نكثر من الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة: فمنها: أن نكثر من التسبيح، والتهليل، والتكبير، فنقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد نكثر من الصدقة؛ لأنها من الأعمال الصالحة نكثر من الصلاة؛ لأنها أفضل الأعمال البدنية نكثر من قراءة القرآن؛ لأن القرآن أفضل الذكر نكثر من كل عمل صالح، ونصوم أيام العشر؛ لأن الصيام من الأعمال الصالحة، وحتى لو لم يرد فيه حديث بخصوصه فهو داخل في العموم؛ لأنه عمل صالح، فنصم هذه الأيام التسعة؛ لأن العاشر هو: يوم العيد ولا يصام. ويتأكد الصوم يوم عرفة إلا للحجاج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في يوم عرفة: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) .

أحكام الأضحية

أحكام الأضحية ومما يفعل في هذه الأيام العشر: ذبح الأضاحي تقرباً إلى الله عز وجل، واقتداء بسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عشر سنوات في المدينة، إلا السنة العاشرة فقد كان في مكة، والأضحية في الأصل سنة للأحياء، إظهاراً للشعائر، وإظهاراً للسرور، وشكراً لله عز وجل، فالأصل أنها للأحياء، ولكن لا حرج على الإنسان إذا ضحى بواحدة ونواها عنه وعن أهل بيته الأحياء والأموات، وأما تخصيص الميت بأضحية لم يوصِ بها فهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد توفي للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بناته الثلاث قبله، ومع ذلك لم يضحِ لهن، واستشهد عمه حمزة بن عبد المطلب ولم يضح عنه، ومات له زوجتان خديجة وزينب بنت خزيمة ولم يضح عنهما، ولو كانت الأضحية عن الميت مشروعة لبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم إما بقوله وإما بفعله. إذاً: الأضحية مشروعة عن الأحياء، يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته بشاة واحدة، وما يفعله عوامنا اليوم تجد أهل البيت -مثلاً- عشرة أفراد، كل فرد له وظيفة، فيقول كل واحد: أنا أريد أن أضحي عن أبي، كم يكون لأبيه من أضحية؟ عشر، من قال هذا؟! أين مشروعية هذا في كتاب الله أو سنة رسوله أو عمل السلف الصالح؟ كان الصحابة يضحي الرجل بالواحد عنه وعن أهل بيته، وحتى أكرم الخلق محمد صلى الله عليه وسلم لا يضحي بأكثر من واحدة عنه وعن أهل بيته، مع أنه أكرم الخلق، ومع أن الله أفاء عليه من الأموال ما أفاء ومع ذلك لم يضحِ بأكثر من واحدة. نقول لهؤلاء الذين يضحون بعشر ضحايا أو أكثر عن أمواتهم نقول: رويدكم، لا تنفقوا أموالكم في شيء لم يفعله الصحابة مع نبيهم، إذا كان لديكم فضل مال فليضح قيم البيت بواحدة عنه وعن أهل بيته ولتصرف بقية هذه الأموال إلى إخواننا في البوسنة الهرسك والشيشان وغيرها من بلاد المسلمين الذين هم في حاجة إلى أموالنا، أما أن يبطر الإنسان ويسرف فيضحي بعشر ضحايا لواحد أو لاثنين فهذا غلط، وليس من الشرع في شيء، وأخشى أن يكون الإنسان آثماً لا سالماً؛ لأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولو سألنا أي أحد: من أكرم الناس؟ لقال: محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هل ضحى بأكثر من واحدة عنه وعن أهل بيته؟ أبداً ما ضحى، ضحى باثنتين، واحدة عنه وعن أهل بيته، وواحدة عن الأمة جميعاً. إذاً: لتكن عباداتنا مبنية على علم وبصيرة وهدى، ليس الشرع عاطفة إذا أحب الإنسان شيئاً فعله وتقرب به إلى الله، الشرع شريعة من الله، فهل شرع الله على لسان رسوله أن يضحي الرجل بأكثر من واحدة؟ أبداً. فالذي أرى: أن من عنده فضل مال فليجد به على إخوانه المتضررين المشردين الميتمين الذين هم في ضرورة لأموالنا، هذا هو الصواب.

عدم إرسال الأموال ليضحى بها في أماكن أخرى والمصالح التي تفوت بسبب إرسالها

عدم إرسال الأموال ليضحى بها في أماكن أخرى والمصالح التي تفوت بسبب إرسالها وعكس ذلك: أقوام يبذلون أموالهم ليضحى بها في أماكن أخرى، وهذا غلط! بعض الناس يعطي هيئة الإغاثة أو غيرها من الجهات دراهم ليضحى عنه في أماكن أخرى، هذا لم يؤد الأضحية، الأضحية شعيرة ينبغي أن تقام في كل بلد، ومن نعمة الله عز وجل أنه لما اختص الحجاج بالهدايا يذبحونها تقرباً إلى الله في أيام العيد شرع الله لمن لم يحج أن يضحي، حتى يشاركوا الحجاج في شيء من شعائر الله عز وجل {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج:36] فإذا كان هذا هو المقصود من الأضحية قلنا للإنسان: لا تضح خارج بيتك، ضح في بلدك، أقم هذه الشعيرة، والأضحية في مكان يبعث بالدراهم إليه مخالف للسنة، يفوت بها مصالح كثيرة، أذكر منها ما يلي: أولاً: إخفاء شعيرة من شعائر الله في بلادك وهي: الأضحية. ثانياً: يفوتك التقرب إلى الله تعالى بذبحها؛ لأن المشروع في الأضحية أن يباشر الإنسان ذبحها بيده، فإن لم يحسن فقال العلماء: يحضر ذبحها، وهذا يفوته. ثالثاً: يفوتك ذكر اسم الله عليها؛ لأن الأضحية إذا كانت عندك في البلد، فأنت الذي تذكر اسم الله عليها، وقد أشار الله إلى هذه الفائدة بقوله: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج:34] فتذهب أضحيتك إلى مكان بعيد لا تدري هل يذكر اسم الله عليها أم لا، وتحرم نفسك من ذكر اسم الله عليها. رابعاً: يفوتك أن تأكل منها، لأنها إذا كانت في البوسنة والهرسك والشيشان والصومال وغيرها هل يمكن أن تأكل منها؟! لا. يفوتك الأكل منها وقد قال الله عز وجل: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج:28] {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج:36] فبدأ بالأكل، ولهذا ذهب بعض علماء المسلمين إلى أن الأكل من الأضحية واجب، كما تجب الصدقة يجب الأكل، وهذا قطعاً يفوت إذا ضحيت في غير بلادك. خامساً: أنه يفوتك التوزيع المطلوب؛ لأن المطلوب في الأضحية أن تأكل وتهدي وتتصدق، وهذا يفوت، إذا وزعت هناك لا ندري أتوزع صدقة على الفقراء، أم هدية على أغنياء، أم هدية على قوم ليسوا بمسلمين؟! سادساً: أنك تحرم أهل بلدك من الانتفاع بهذه الأضاحي، أن تقوم بالإهداء إلى جيرانك وأصحابك من الأضحية، وبالصدقة على فقراء بلدك، لكن إذا ذهبت هناك فات هذا الشيء. سابعاً: أنك لا تدري هل تذبح هذه على الوجه الأكمل أو على وجه خلاف ذلك، ربما تذبح قبل الصلاة، وربما تؤخر عن أيام التشريق، وربما لا يسمِ عليها الذابح، كل هذا وارد، لكن إذا كانت عندك ذبحتها على ما تريد، وعلى الوجه الأكمل، ولهذا ننصح بألا تدفع الدراهم ليضحى بها خارج البلاد، بل تضحى هنا، وننصح -أيضاً- بأن من عنده فضل مال فليتصدق به على إخوانه المحتاجين في أي بلاد من بلاد المسلمين، ولتكن الأضحية له من غير غلو ولا تقصير.

ترك الأخذ من الشعر أو البشرة أو الظفر

ترك الأخذ من الشعر أو البشرة أو الظفر ومن خصائص شهر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي: ألا يأخذن من شعره أو بشرته أو ظفره شيئاً، حتى الأمور المطلوب أخذها لا يأخذها حلق العانة نتف الإبط قص الشارب تقليم الأظفار، كل ذلك سنة، لكن إذا دخل العشر وأنت تريد أن تضحي فلا تأخذ من ذلك شيئاً، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن الأخذ منها ممن أراد أن يضحي، وأما الذي يضحى عنه فلا نهي في حقهم، وعلى هذا إذا كان صاحب البيت قيم البيت هو الذي يريد أن يضحي فإنه لا يأخذ من ذلك شيئاً، وأما أهل البيت فلا حرج عليهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (وأراد أحدكم أن يضحي) ولم يقل: أو يضحى عنه، ولأنه كان يضحي هو عنه وعن أهل بيته ولا يقول لأهل البيت: اجتنبوا الأخذ من ذلك. ولكن لو أن الإنسان نسي وأخذ هل يؤثر هذا على أضحيته؟ لا يؤثر، أو تعمد فأخذ فإن ذلك لا يؤثر على أضحيته لكنه يكون قد ارتكب النهي. ولو أن الإنسان لم يفكر في الأضحية وأخذ من شعره وأظفاره بعد دخول شهر ذي الحجة، ثم بدا له أن يضحي فهل يضحي أو لا؟ A نعم يضحي؛ لأنه لا علاقة بين الأضحية وبين الأخذ من هذه الأشياء.

شروط وجوب الحج والعمرة

شروط وجوب الحج والعمرة الحج والعمرة واجبان في العمر مرة على المستطيع بشروط، وهي: البلوغ، والعقل، والإسلام، والحرية، والاستطاعة، هذه خمسة شروط إذا تمت وجب على الإنسان أن يحج، ومن الاستطاعة: أن يكون للمرأة محرم، فإن لم تجد محرماً فلا حج عليها ولو كان عندها أموال كثيرة؛ لأنه يتعذر سفرها شرعاً، والمتعذر شرعاً كالمتعذر حساً، ولتطمئن المرأة التي عندها مال وليس عندها محرم ولينشرح صدرها بأنه لا حج عليها كالفقير الذي ليس عنده مال لا زكاة عليه، وهي إذا لاقت ربها في هذه الحال فقد لاقته وليست آثمة؛ لعجزها عن الحج شرعاً، تصبر حتى ييسر الله لها محرماً، فإن لم يتيسر فالحمد لله الأمر واسع. وكذلك من عليه دين حال مطالب به فليقض دينه أولاً، فإن لم يفِ المال الذي عنده بالدين والحج سقط عنه الحج، وإن كان الدين مؤجلاً -مقسطاً- وهو واثق من نفسه أنه إذا حل أجل الدين أوفاه فليحج، كما لو كان عنده قرض للبنك العقاري وهو واثق من أنه إذا حل أجل القسط فإنه يدفعه فليحج ولو كان عليه دين، أما إذا كان ليس عنده ثقة من نفسه أن يوفي فلا يحج ولو كان الدين مؤجلاً، ولو سامحه صاحب الدين؛ لأن وفاء الدين أهم. وبهذه المناسبة أحذر ثم أحذر ثم أحذر من التهاون بالدين، فإن التهاون بالدين سفه في العقل؛ لأن الدين عظيم، وأذكر لكم ثلاثة أشياء: أولاً: إذا استشهد الرجل في سبيل الله فالشهادة تكفر كل شيء إلا الدين، كل المعاصي تكفرها الشهادة، من زنا وسرقة وشرب خمر وغيره تكفره الشهادة إلا أن السرقة ترد إلى صاحبها إلا الدين. ثانياً: المدين لا يصلي عليه الإمام، إذا مات المدين وعليه دين ليس له وفاء فإن الإمام لا يصلي عليه، والدليل: أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا قدم عليه الميت وعليه دين ليس له وفاء، قال: (صلوا على صاحبكم) ولم يصل عليه، والإمام الأعظم رئيس الدولة مثل النبي صلى الله عليه وسلم له السلطة على من تحت يده فلا يصلي عليه، أما إمام كل مسجد فهذا راجع إلى اجتهاد الإنسان، قدم إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مرة رجل من الأنصار فخطا خطوات ليصلي عليه ثم سأل: (أعليه دين؟ قالوا: نعم. قال: صلوا على صاحبكم -الله أكبر- فتغيرت وجوه القوم، فقال أبو قتادة: يا رسول الله! الديناران علي، قال له: حق الغريم وبرئ منهم الميت؟ قال: نعم. فتقدم وصلى، ثم كان يسأل أبا قتادة: هل أوفيت عنه؟ فلما قال: نعم. قال: الآن برَّدت عليه جلدته) من الذي بردت عليه جلدته؟ الميت المدين. ويروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) وهذا يدل على أنه يجب على الإنسان أن يحذر من الدين. تقدمت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: (إني وهبت نفسي لك، فلم يردها الرسول عليه الصلاة والسلام، فقام رجل من القوم قال: يا رسول الله! إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، قال: هات المهر، قال: ما عندي إلا إزاري فقط، قال راوي الحديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: ليس له رداء -أي: ما عليه إلا إزار أعلى جسده عارٍ؛ لأنه فقير- قال له عليه الصلاة والسلام: إزارك إن أعطيتها إياه بقيت بلا إزار، وإن بقي عليك بقيت بلا مهر -لا يمكن- التمس ولو خاتماً من حديد، فذهب فلم يجد شيئاً، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال له: ما وجدت شيئاً، قال هل معك شيء من القرآن؟ قال: نعم. سورة كذا وكذا، فقال: زوجتكها بما معك من القرآن) أي: علمها فعلمها، ولم يقل: تسلف من إخوانك، أو تسلف من الناس، مما يدل على عظم شأن الدين، وإخواننا اليوم وقومنا اليوم يشتري الإنسان سيارة بسبعين ألف ديناً، مع أنه يستطيع أن يشتري سيارة بعشرين ألف، لكن يقول: أنا أريد سيارة فخمة، وهذا غلط. يعمر بيتاً يكفيه أن يعمر بيتاً -مثلاً- بثلاثمائة ألف، يقول: لا أعمر بيتاً بخمسمائة ألف، يعمر بيتاً على قدر حاله، ويمكنه أن يستعمل البيت بدون أن يوثق نفسه بالديون، يقول: لا سأفرش البيت من بابه إلى سطحه، كله حتى الدرج، لماذا وأنت فقير؟ هذا إسراف وغلط، فالتهاون بالدين أمره صعب. إذاً الإنسان المدين نقول: لا تحج وعليك دين إلا إذا كنت واثقاً من أنه إذا حل القسط وفيت وإلا فالدين أهم.

صفة الحج

صفة الحج أما الحج فهو أن يقصد الإنسان بيت الله عز وجل ليؤدي مناسك الحج، نذكر صفته على وجه الإجمال: تخرج من بيتك مريداً للحج والعمرة من البيت، من أجل أن تكون خطواتك في طاعة الله، إذا وصلت إلى الميقات أول ميقات تمر به تحرم منه، وعند الإحرام تغتسل وتتطيب وتلبس ثوب الإحرام، وإذا كنت قريباً من مكة -أي: قريباً من الميقات- يمكنك أن تصل في نهارك وخفت أن يكون المكان زحاماً واغتسلت في بيتك فلا بأس، لكن لا تلبس ثياب الإحرام إلا في الميقات، إذا لبست ثياب الإحرام فصل صلاة الفريضة إن كانت حاضرة، أو صلاة الوضوء إذا لم تكن فريضة، ثم تنوي فتقول: لبيك عمرة، أنت تقول: لبيك عمرة وأنت تريد الحج هذا العام، وتمضي حتى تصل إلى البيت، فتطوف سبعة أشواط تبدأ بالحجر الأسود وتنتهي بالحجر الأسود. وفي هذا الطواف يسن للرجل سنتان: السنة الأولى: الرمل، والسنة الثانية: الاضطباع، فأما الرمل فهو أن يسرع المشي مع مقاربة الخطا في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، والأربعة الباقية يمشي فيها على عادته، والثلاثة الأشواط الأولى إذا كان المطاف زحاماً فليمش على ما يكون في راحة له وللطائفين، فإذا أتم سبعة أشواط صلى ركعتين خلف المقام إن تيسر له، وإلا ففي أي مكان من المسجد، ثم يخرج إلى الصفا، فإذا دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] قبل أن يصعد على الصفا، ثم يصعد على الصفا ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويقول ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس هذا موضع الذكر أخشى أن يطول الوقت. ثم ينزل من الصفا متجهاً إلى المروة، فإذا وصل إلى العلم الأخضر -العمود الأخضر- الذي فوقه نجفات خضراء سعى -أي: ركض ركضاً شديداً- إلى العلم الآخر، هذا إن تيسر وإلا فلا يشق على نفسه ولا على غيره، ثم يمشي مشيه المعتاد إلى المروة، ثم يصعد المروة ويتجه إلى القبلة، ويرفع يديه ويقول ما قاله على الصفا، فهذا شوط. ثم ينزل إلى المروة ويمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه ويقول على الصفا ما قاله في أول مرة، حتى يتم سبعة أشواط، يبدأ بـ الصفا وينتهي بـ المروة، ذهابه من الصفا إلى المروة شوط ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر، ثم بعد هذا يقصر من شعر رأسه، من جميع الرأس لا من جانب أو جوانب، بل من جميع الرأس، ثم يحل من عمرته حلاً تاماً تاماً، يلبس الثياب العادية ويتطيب ويتمتع بأهله إن كانوا معه، ويحل من كل شيء حرم عليه بالإحرام، فيبقى كذلك محلاً إلى اليوم الثامن من ذي الحجة، فيحرم في اليوم الثامن ضحىً قبل الظهر بالحج، ويغتسل كما يغتسل بالعمرة، ويتطيب في بدنه دون ثيابه، ويبقى في منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً بلا جمع، فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفة وينزل بنمره إن تيسر له، وهي قرية قرب عرفة وليست من عرفة، فإذا زالت الشمس سار إلى عرفة، وإذا لم يتيسر له ذلك، فإنه يذهب من منى إلى عرفة رأساً ويمكث فيها حتى يأتي وقت الظهر فيصلي الظهر والعصر جمعاً وقصراً، والجمع هنا جمع تقديم، ثم يتفرغ للدعاء ويلح بالدعاء ويستقبل القبلة رافعاً يديه، ويجتهد في الدعاء والذكر والقرآن وكل ما يكون نشيطاً عليه، وإذا حصل له ملل أو كسل كما هو الغالب في وقتنا هذا فإنه لا بأس أن يتكلم فيما ينشطه، لكن ليحرص على أن يكون آخر اليوم متفرغاً للدعاء والذكر، فإذا غربت الشمس سار إلى مزدلفة، فإذا وصلها صلى المغرب والعشاء جمعاً وقصراً ثم بعد أن يصلي المغرب والعشاء والوتر ينام إلى أن يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر صلى الصبح مبادراً بها، فيصلي سنة الفجر وصلاة الفجر، ويبقى هناك -أي: في مزدلفة - إلى أن يسفر جداً -أي: يبين السفر تماماً- ثم ينطلق من مزدلفة إلى منى، وللإنسان الضعيف أو من يصاحب الضعيف أن ينصرف من مزدلفة في آخر الليل، كالرجل الذي معه نساء يحب أن يذهب إلى منى من أجل أن يرمي الجمرات قبل أن يأتي الناس فليذهب إلى منى، وله أن يرمي من حين أن يصل إلى منى ولو كان قد بقي على الفجر ساعة أو ساعتين، لكن متى ينصرف من مزدلفة؟ قيل: ينصرف إذا انتصف الليل، وقيل: ينصرف إذا غاب القمر -أي: إذا مضى من الليل ثلثاه- وهذا هو الأقرب، المهم وصلنا إلى منى، أول ما يفعل يرمي جمرة العقبة، وهي آخر الجمرات مما يلي مكة، يرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ومن أين يأخذ الحصاة؟ من أي مكان، من منى من الطريق بين منى ومزدلفة، من مزدلفة من أي مكان، يأخذ سبعاً فقط، فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم ينصرف فينحر هديه، ثم يحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل، ثم يحل من كل شيء حرم عليه إلا النساء، ثم ينزل إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة وهو طواف الحج، ويسعى بين الصفا والمروة. ثم يعود إلى منى فيبيت بها ليلتين، الحادية عشرة والثانية عشرة، وبعد الزوال من اليوم الحاد عشر وبعد الزوال من اليوم الثاني عشر يرمي الجمرات الثلاث: الأولى ثم الوسطى ثم العقبة، كل واحدة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، لكنه بعد الأولى يقف مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو الله تعالى دعاءً طويلاً، وكذلك بعد الثانية، أما بعد جمرة العقبة فلا يقف. ولنرجع إلى يوم العيد، فيوم العيد حين وصلنا إلى منى كم عملنا؟ أولاً: رمي الجمرات. ثانياً: النحر. ثالثاً: الحلق أو التقصير. رابعاً: الطواف. خامساً: السعي. هذا هو الترتيب الأفضل، فإن قدم بعضها على بعض فليس عليه حرج؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل في هذا اليوم عن التقديم والتأخير فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: (افعل ولا حرج) فإذا رمى الجمرات الثلاث يوم الثاني عشر فله أن يتعجل وينهي الحج، وله أن يبيت ليلة الثالثة عشرة ويرمي اليوم الثالث عشر كما رمى يوم الثاني عشر والحادي عشر، وإذا أراد الخروج إلى أهله من مكة فلا يخرج حتى يطوف للوداع عند خروجه سبعة أشواط بثيابه التي عليه -العادية- وبدون رمل وبدون سعي، إلا المرأة الحائض أو النفساء فإنه لا وداع عليها. وبهذا ينتهي الحج والعمرة على الوجه الذي هو أكمل الأنساك. نسأل الله تعالى أن ييسر لنا ولكم الخير أينما كنا، وأن يوفقنا جميعاً للإخلاص لوجهه والاتباع لرسوله، إنه على كل شيء قدير، وإلى الأسئلة، نسأل الله أن يوفقنا فيها للصواب.

الأسئلة

الأسئلة

حكم ذبح الأضحية عن الميت

حكم ذبح الأضحية عن الميت Q فضيلة الشيخ: نحن في منزلنا نواجه مشكلة كبيرة، حيث أن لنا والدة تقوم بذبح ضحايا متعددة لأبيها واحدة، ولأمها واحدة، ولأخواتها واحدة، ونحن منذ وقت بعيد نحاول إقناعها أن هذا مخالفاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم لكنها لم تقتنع، نرجو منك وفقك الله توجيه نصيحة لها خاصة ولعامة المسلمين، علماً بأنها تكلفها هذه الضحايا قريباً من خمسة آلاف ريال؟ A بلغها سلامي وقل: يسلم عليك فلان، ويقول: خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وليست أكرم من رسول الله ولا أعلم منه بما يرضي الله ولا أحرص منه على مرضاة الله، فلتقتدي برسولها محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أما والداها وأمها وجدها وجدتها، وعمها وعمتها، وخالها وخالتها، وأقاربها وأصدقاؤها فلتدع الله لهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ما قال: يضحي له، ولا جاءت في حديث ضعيف ولا صحيح: أو ولد صالح يضحي له، مع أن الحديث في سياق الأعمال، (انقطع عمله إلا من ثلاث) والأضحية عمل، فلم يقل: إلا ولد صالح يضحي له. ولا شك أن أمك تريد الخير، لكن ليس كل مجتهد مصيب.

حكم الخادمة التي شرطت على كفيلها الحج وليس لها محرم

حكم الخادمة التي شرطت على كفيلها الحج وليس لها محرم Q فضيلة الشيخ! ابتلينا بالخادمات في البيوت، فإذا جاءت الخادمة كان من الشروط أن تؤدي فريضة الحج، فماذا يصنع من كان كفيلاً لها، هل يقوم بتنفيذ هذا الشرط ولو كان فيه مخالفة لأوامر الله ورسوله، أم يطلب منها إحضار محرم لها ليحج بها، أم يدفع لها مالاً مقابل عدم الوفاء بهذا الشرط؟ A هذه ثلاثة أمور بينها السائل، لكن هناك أمر رابع لم يبينه وهو الواجب من الأصل، الواجب أن الخادمة إذا اشترطت أن يحج بها، يقول: نعم. أنا ألتزم بهذا بشرط المحرم، أما إذا لم يكن معك محرم فإنه لا يجوز أن تحجي أنت ولا يجوز أن أسمح لك أنا ما دام الأمر بيدي، ثم إن هؤلاء المسكينات الحج عندهن أغلى من كل شيء، فلو أنها أُيِّست منه من الأول وقيل: لا حج إلا بمحرم، لدخلت على بصيرة، ثم نقنع هذه المسكينة، ونقول لها: إن الحج فريضة، على المستطيع، وأنت لا تستطيعين الآن؛ لأنك بدون محرم، فليس عليك حج، اطمئني، ليس عليك إثم، وإذا لقيت ربك فإنك تلقينه بدون أن تكوني عاصية أو آثمة، ونهون عليها الأمر، فإن أبت إلا الوفاء قلنا: لا يمكن هذا، لكن اختاري إما أن ننتظر حتى يقدم لك أحد من محارمك، وإما أن نعطيك عوضاً عن الحج الذي اشترطت علينا. لكن هنا مسألة: لو كان أهل البيت سيذهبون إلى الحج وعندهم خادمة ليس لها محرم، فهنا لا بأس أن تحج معهم؛ لأن وجودها في البيت كوجودها معهم في السفر ولا فرق، ولأنها إذا بقيت في البيت فهو أخطر لها مما إذا ذهبت معهم بلا شك، والواجب دفع أعلى المفسدتين بأدناهما.

قوله تعالى: (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله)

قوله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) Q ما المقصود بقوله تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] هل هذا النهي للتحريم، وكيف يكون التحلل على هذه الآية؟ A نعم النهي للتحريم، فالإنسان لا يحوز له إذا ساق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محله، وعبر بحلق الرأس؛ لأنه علامة الحل، ولهذا لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في حجة الوداع أن يجعلوا نسكهم عمرة إلا من ساق الهدي، قالوا: (وأنت يا رسول الله؟ قال: أنا قد سقت الهدي، فلا أحل حتى أنحر) فمعنى الآية: لا تحلوا قبل أن يبلغ الهدي محله، والإحلال يكون بحلق الرأس.

حكم من عليه أقساط في أشياء غير ضرورية ويتعذر بها عن الحج

حكم من عليه أقساط في أشياء غير ضرورية ويتعذر بها عن الحج Q فضيلة الشيخ: هناك عدد من الشباب يقتني الآن سيارات بغالي الأثمان ديناً وهو لم يحج، ويأخذها بالأقساط، ويستطيع أن يبيعها ويسدد هذه الأقساط ويحج، ولكنه يجعل ذلك عذراً له ومانعاً عن الحج، وهو لا يدري لعلها تكون قبراً له، فما حكم عمله هذا؟ A أرى أن الإنسان العاقل إذا كان عنده مال يمكنه أن يشتري به سيارة يدفع بها حاجته ويحج بالباقي فإنه يجب عليه أن يفعل ذلك، ولا يجوز أن يشتري شيئاً بثمن رفيع ويدع الحج؛ لأنه غني يستطيع أن يحج، فالسيارة التي يشتريها بخمسين ألف -مثلاً- يغني عنها سيارة بعشرين ألف، ويحج من الثلاثين، وربما تكون البقية تكفيه للزواج، فيحصل له سيارة يركبها يقضي حاجته وحج وامرأة، هذه نعمة.

حكم من عليه دين مع وجود ما يبيعه لقضاء دينه

حكم من عليه دين مع وجود ما يبيعه لقضاء دينه Q بعض الناس له أكثر من خمسين سنة، وعنده أملاك ومزارع وأراضٍ وبيوت، وعليه دين، وهو لم يؤد فريضة الحج، فإذا نصح بالحج تعذر بالدين، مع قدرته على سداد دينه ببيع بعض أملاكه؟ فهل له أن يؤمن دينه بالرهن ثم يحج، أم أن ذلك الدين عذراً له؟ A أرى أنه يبيع من هذه الأملاك التي لا يحتاجها، ويقضي دينه ويحج؛ لأن الرجل غني، والغنى ليس هو كثرة النقود، الغنى هو: كثرة الأموال التي تزيد على حاجة الإنسان، وإذا كان عنده عقارات كثيرة يمكن أن يبيع واحداً من عشرة منها ويحج وجب عليه أن يبيع ويحج، هذا الواجب عليه، ولا يدري هذا الرجل ربما يصبح ولا يمسي أو يمسي ولا يصبح، فتبقى هذه الأملاك لغيره يتنعمون بها وعليه وبالها.

جواز الدفع من مزدلفة إلى مكة مباشرة

جواز الدفع من مزدلفة إلى مكة مباشرة Q فضيلة الشيخ! هل يجوز لمن أراد تقديم طواف الإفاضة على بقية مناسك يوم النحر أن يدفع من مزدلفة إلى مكة مباشرة؟ A يجوز لمن دفع من مزدلفة أن يذهب إلى مكة مباشرة ويطوف ويسعى ويرجع؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يسأل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: (افعل ولا حرج) فالأمر والحمد لله واسع، قد وسع الله على العباد تخفيفاً عليهم.

حكم من وافق اليوم السابع من ولادة ابنه يوم الأضحى

حكم من وافق اليوم السابع من ولادة ابنه يوم الأضحى Q شخص وافق يوم الأضحى أن يكون يوم السابع لولده، فكان عليه عقيقة وأضحية، فهل له أن يعق عن ابنه أم يجمع بينهما، وإذا أمكن ذلك -أي: أن يجمع بين العقيقة والأضحية- فكيف تكون الطريقة عند الذبح؟ A قال بعض أهل العلم: إذا وافق يوم العيد يوم السابع من ولادة الولد وذبح أضحية كفت عن العقيقة، كما أن الإنسان لو دخل المسجد وصلى فريضة كفت عن تحية المسجد؛ لأنهما عبادتان من جنسٍ واحد، توافقتا في الوقت فاكتفي بإحداهما عن الأذى. لكن أرى إذا كان الله قد أغناه أن يجعل للأضحية شاة وللعقيقة شاة إن كانت المولودة أنثى، أو شاتين إن كان المولود ذكراً، فإذا كان المولود ذكراً يذبح ثلاثاً.

أجر من كفل حاجا

أجر من كفل حاجاً Q يوجد عامل لم يحج أبداً، ويريد الحج، وأنا أريد أن أتكفل بكامل حجه، فهل أدفع قيمة الفدية أم أن عليه دفعها، وما هو الأجر الذي سأحصل عليه؟ A يقولون: إن رجلاً كلف بأن يرضِّح عبساً -النوى الذي يكون في التمر- فجعل يرضحه يكسره ويكسره -وتكسير العبس صعب- لما بقيت واحدة قال: تعبت، مع أنه كسر آلاف العبس، هذا الرجل متكفل بالعامل في جميع مئونته إلا الهدي، نقول: يا أخي! جزاك الله خيراً أكمل الهدي حتى يتم الأجر لك، فإن لم يفعل وكان العامل فقيراً فالله تعالى قد يسر عليه، ماذا يصنع العامل؟ يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، وزال الإشكال. لكني أشير على الكفيل جزاه الله خيراً أن يكمل إحسانه، وأن يقول: جميع مئونة الحج عليَّ من نفقة الحج والهدي والإحرام وغير ذلك. والأجر إن شاء الله الذي يحصل عليه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من جهز غازياً فقد غزا) ونقول: نحن إن شاء الله بدون تألٍ على الله: أن من جهز حاجاً فقد حج؛ لأن الحج في سبيل الله، حتى إن بعض العلماء يقول: إن الفقير إذا كان عاجزاً ولم يؤدِ الفريضة يعطى من الزكاة، لدخوله في قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة:60] وعائشة قالت: (يا رسول الله هل على النساء جهاد؟ قال: عليهن جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة) . فنرجو لهذا الذي تكفل بحج العامل مثل أجر العامل.

حكم التقصير والحلق

حكم التقصير والحلق Q نشاهد وبكثرة من بعض الحجاج هداهم الله أنه إذا أراد أن يقصر من شعر رأسه في حج أو عمرة أخذ من كل جانب شعرات واكتفى بذلك، ولربما أخذ من عارضيه، فما حكم عمله ذلك في الحالات التالية: أولاً: إذا رأيناه يفعل ذلك وهم كثير على المروة. ثانياً: إذا فعل ذلك ورجع إلى أهله. ثالثاً: إذا فعل ذلك قبل سنوات كثيرة؟ A سألني سائل مرة وقال: إني اعتمرت، كل شيء فعلته إلا أنني لم أحلق، ويقول: هكذا بلحيته، ما حلقت أي: ما حلق اللحية، ظن أن حلق اللحية من شعائر الله، فقال: كل شيء عملته إلا أني لم أحلق ويشير هكذا بلحيته ويمسحها أمامي، فقلت: الحمد لله الذي هداك لهذا، هذا هو الحق، ألَّا تحلق لحيتك؛ لأن حلق اللحية حرام بكل حال. فهؤلاء القوم الذين نراهم عند المروة يقصرون من بعض الرءوس هم على قولٍ قاله بعض العلماء؛ لأن العلماء رحمهم الله مختلفون: هل الحلق والتقصير طاعة، أو الحلق والتقصير علامة على أن النسك انتهى؟ فالذي يقول: إنه علامة على أن النسك انتهى يقول: إذا قصرت أدنى شيء ولو شعرتين أو ثلاث فقد كفى؛ لأن المحرم لا يجوز أن يحلق رأسه، فإذا حلق معناه أنه انتهيت، ومن قال: إنه طاعة وهو الصحيح قال: يجب أن يقصر من جميع الرأس عموماً، وهذا هو الحق، فإذا رأيت شخصاً قابلاً للنصيحة والتوجيه انصحه، أما إذا رأيت شخصاً لا يعرفك ولا يأخذ بقولك ولا يبالي وتكلمت معه ولكنه لم يلتفت إليك فلا تلح عليه.

حكم من يحج عن غيره وعليه دين

حكم من يحج عن غيره وعليه دين Q أنا رجل عليَّ دين فهل يجوز لي أن أحج نيابة عن شخصٍ آخر، مع العلم أني سآخذ مبلغاً على ذلك، وهل يجب عليَّ أن أستأذن من صاحب الدين الذي عليَّ؟ A لا بأس أن يحج الإنسان عن غيره إذا كان عليه دين؛ وذلك لأنه لا يضره أهل الدين شيئاً، بل قد يكون هذا من مصلحته، أنه إذا أعطي مالاً على هذا الحج قضى به من دينه، لكن إذا كان الدين حالاً فليستأذن من الدائن، حتى لا يكون في قلبه شيء على هذا المدين.

حكم اصطحاب الخادمة للحج مع الأسرة إذا كان للضرورة

حكم اصطحاب الخادمة للحج مع الأسرة إذا كان للضرورة Q فضيلة الشيخ! بينتم في السؤال السابق في سؤال الخادمة أنها يمكنها أن تحج معهم إذا كانوا سيؤدون فريضة الحج، فهل يأثمون بذلك، وهل عليها إثم، وهل يجوز لهم أن يجعلوها عند أحد أقاربهم؟ A ذكرنا أن هذا من باب الضرورة؛ لأن ذهابها معهم أسلم من بقائها في البيت، وعللنا ذلك بأنه من باب دفع أعلى المفسدتين بأدناهما وأقلهما، لكن كما قيل: إذا لم يكن إلا الأسنة مركب فما حيلة المضطر إلا ركوبها

حكم من أحصر ومنع عن الحج

حكم من أُحصر ومُنع عن الحج Q رجل سار من الميقات إلى مكة حاجاً، ولما وصل إلى مركز التفتيش بين مكة وجدة منعوا دخوله مكة؛ لأنه لم يكن معه بطاقة للحج، فما الحكم حينئذٍ؟ A أولاً: لا نشير على الإنسان أن يخاطر ويحج وليس معه بطاقة رخصة، بل إذا لم يكن معه بطاقة فمعناه: أنه قد حج أولاً ويكفي، الباقي تطوع، وإذا علم الله من نيتك أنه لولا المانع لحججت فإنه يرجى أن يكتب لك أجر الحج؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن من تمنى الشهادة بصدق أو نال أجر الشهيد ولو مات على فراشه، فأنت إذا علمت أن السلطات سوف تمنعك أصلاً لا تسافر، أديت الفريضة والحمد لله. لكن على فرض أن الإنسان لم يعلم بهذا وذهب وأحرم ثم منع، فإنه يذبح هدياً في مكان منعه؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:196] ويتحلل ويرجع.

ميقات أهل الشام

ميقات أهل الشام Q شخص جاء من الشام وهو ليس من أهلها وأراد الحج، وعند قدومه إلى جدة لا يدري من أين يحرم: هل له أن يحرم من ذي الحليفة، أم يحرم من جدة؛ لأنه من بلاد تحرم من جدة، ولكنه ذهب إلى بلاد الشام لطلب العلم، أفتنا مأجوراً وفقك الله؟ A أهل الشام لا يحرمون من ذي الحليفة، أهل الشام وقَّت لهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الجحفة، وأظن طريق الطائرات إذا كان في الطائرات من عند الساحل فيحاذون الجحفة، وهم بعيدون عن ذي الحليفة، فيحرم كما يحرم أهل الشام تماماً، إلا إذا كان هذا الرجل من أهل جدة ورجع من الشام إلى جدة باعتبار أنه راجع إلى أهله لا أنه قاصد الحج، فحينئذٍ يذهب إلى أهله بلا إحرام وإذا جاء وقت الحج أحرم، وإذا كان قاصداً الحج لا بد أن يحرم من ميقات أهل الشام.

حكم الحج على المريض الذي تضره أشعة الشمس

حكم الحج على المريض الذي تضره أشعة الشمس Q فضيلة الشيخ! شخص مرض قبل سنة ونصف بمرض حاد وذلك بسبب ضربة الشمس، وهو لم يحج، ويخشى من أشعة الشمس الحارة، فهل يجوز له أن يوكل شخصاً ليحج عنه مع أنه الآن في عافية، ولكن الأطباء يقولون له: احذر من الشمس؟ A إن هذا يجب عليه أن يحج بنفسه، ولا يجوز أن يوكل ما دام الحج فريضة، ولكن يذهب ويحرم من الميقات ويغطي رأسه، لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:196] يذهب ويحرم ويغطي رأسه بالغترة والطاقية ويطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يذبح شاة يوزعها على الفقراء في مكة، فالأمر سهل والحمد لله.

حكم استئذان الوالدين في الذهاب إلى الحج

حكم استئذان الوالدين في الذهاب إلى الحج Q هل يجب الاستئذان من الوالدين في الذهاب إلى الحج سواء كان فرضاً أو تطوعاً؟ A أما إذا كان فرضاً فإنه لا يشترط رضاهما ولا إذنهما، بل لو منعاه من الحج وهو فرض وجب عليه أن يحج ولا يطعهما، لقول الله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا} [لقمان:15] ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) . أما إذا كان نفلاً فلينظر إلى المصلحة، إن كان أبوه وأمه لا يستطيعان الصبر عنه ولا أن يغيب عنهما فبقاؤء عندهما أولى؛ لأن رجلاً استأذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الجهاد فقال له: (أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد) فالفريضة لا يطعهما، والنافلة ينظر ما هو الأصلح.

حكم سفر المتمتع بين العمرة والحج

حكم سفر المتمتع بين العمرة والحج Q هل يشرع لمن اعتمر وأحل أن يسافر للحاجة إلى جدة أو المدينة ولربما إلى الرياض علماً أنه متمتع وهو من أهل القصيم، وإذا رجع إلى بلده هل يبطل هذا التحلل؟ A قوله: هل يشرع، يريد هل يجوز للإنسان المتمتع إذا أنهى عمرته أن يسافر إلى جدة أو إلى الرياض أو إلى المنقطة الجنوبية مثلاً أو إلى المدينة؟ والجواب: نعم. له أن يسافر، وإذا رجع فإنه يبقى على تمتعه، أما لو رجع إلى بلده، ثم رجع من بلده محرماً بالحج فقد بطل التمتع وصار حجه إفراداً؛ لأنه برجوعه إلى بلده انقطع السفر، وأنشأ للحج سفراً جديداً من بلده. الخلاصة: أن سفر المتمتع بين العمرة والحج لا يقطع التمتع إلا إذا رجع إلى بلده، ورجع من بلده محرماً بالحج، فإنه يبطل تمتعه ويكون مفرداً.

الأفضل في الهدي

الأفضل في الهَدْي Q أشرتم وفقكم الله إلى أنه لا يدفع الإنسان أضحيته لمن في الخارج، وأن عليه أن يذبحها بنفسه، فهل الهدي كذلك؟ وماذا تقولون لبعض الشركات التي تقبل الهدي والأضحية، فهل ندفع لهم ذلك؟ A أما الأضحية فلا تدفعوها للشركات، ضحوا في بلادكم، وأما الهدي فمعلوم أن الذين يذهبون إلى مكة إذا ذبحوا الهدي صعب عليهم أن يفرقوه على مستحقيه، فإذا أعطوه من يتقبل ذلك فلا بأس، وهؤلاء الذين يتقبلون الهدي يتقبلونه بإذنٍ من الحكومة، ويكون قبضهم للهدي كقبض الفقير، فيكون الذي يسلمهم إليه إلى الحكومة كأنه سلمه إلى الفقير تماماً، ولا حرج فيه للحاجة. ومع ذلك نقول: إذا كنت قادراً على أن تذبح هديك بنفسك أو توكل عليه أحداً في مكة فلا تعطيه الشركات، كلما صار لديك مندوحة عن إعطاء الشركات في الهدي فلا تعطهم، أما الأضاحي فقد علمتم أنه لا يعطيها إياهم إطلاقاً؛ لأن الأضاحي يمكن كل إنسان أن يضحي ببيته ويأكل من لحمها ويوزع على حسب الحال. الهدي إذا اشتراه في مكة أو في منى وذبحه وأعطى الحملة ولكن أعطى الفقراء منه ولو رجلاً واحدة أو يداً واحدة فلا بأس هذا طيب.

حكم التساهل في أداء الحج

حكم التساهل في أداء الحج Q رجل عنده مال، ويسر الله له كافة سبل الحج ولكنه متساهل بهذا مع كبر سنة، فما حكم صلاته وزواجه وغير ذلك، وهل هو آثم بهذا التأخير؟ A نعم. هو آثم بهذا التأخير، وإذا مات فإن من العلماء من قال: إنه يموت كافراً وإن كان يصلي -نسأل الله العافية- ولكن القول الراجح: أنه لا يكفر بترك الحج، ليس شيء من الأعمال يكفر بتركه إلا واحدة وهي الصلاة، فإذا تهاون بالحج ومات فهو آثم وعاصٍ ومستحق للعقاب، لكنه ليس بكافر. واختلف العلماء هل يقضى عنه الحج بعد موته في هذه الحالة أو لا يقضى؟ فجمهور العلماء: على أنه يقضى عنه، وقال ابن القيم رحمه الله: إنه لا يقضى عنه؛ لأن الرجل عازم على الترك متهاون، كيف نقضي عنه، وماذا ينفعه عند الله، والحج عبادة إن لم يقم بها بنفسه فلا فائدة من ذلك. فعلى كل حال: الأمر خطير، والواجب على هذا الذي أغناه الله وأعطاه القدرة على الحج أن يحج قبل أن يموت، فليتب إلى الله وليبادر.

زواج المرأة ممن هو أصغر منها

زواج المرأة ممن هو أصغر منها Q أنا فتاة أعلق مستقبلي وحياتي بالله تعالى ثم بما تنصحني به: تقدم لخطبتي شاب أصغر مني بثلاث سنوات، وفي عرفنا وعادة الناس عندنا في بلادنا أنها لا تكون المرأة أكبر من زوجها سناً، وأخشى أن يؤثر على زواجنا هذا العرف من الناس، فماذا تنصحني أنت وفقك الله إذا كان ذلك الرجل مستقيماً في دينه؟ A أنصح أن تقبلي النكاح من هذا الرجل، لا سيما إذا كان سنه كبيراً، وإن كان أقل منها بثلاث سنوات، وأذكرها بأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة وله خمس وعشرون سنة ولها أربعون سنة، وأولاده كلهم منها إلا إبراهيم، ولم يتزوج عليها أحداً وهي حية، ما تزوج إلا حين ماتت، فأقول: لها في خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها أسوة، وإذا كان هذا الخاطب كفواً في دينه وخلقه فتتوكل على الله وتقبل، والأعراف المخالفة للشرع كلها أعراف باطلة لا يلتفت إليها.

الرجوع إلى دار الإفتاء في المملكة

الرجوع إلى دار الإفتاء في المملكة Q أنا إمام تبرع بالصلاة في الناس في يوم الجمعة في مكان مؤقت للاجئين، وهو غير مبني، وأقرب مدينة تبعد عنا قريباً من عشرين كيلو، وأنا في حيرة من أمري، هل تجب علينا هناك صلاة الجمعة، وهل تصح منا، أم علينا أن نصلي ظهراً أربع ركعات، وماذا عليَّ في الأشهر الماضية، أنبه: بأني لست من أهل هذه المدينة، ولا أدري كم مقامي هنا؟ A الواجب على هذا السائل أن يرفع القضية إلى دار الإفتاء في المملكة، من أجل أن يصدروا فيها فتوى تكون عامة وملزمة، أما فتوى في مسجد استفتي فيها متكلم من المتكلمين فهذا لا يجدي شيئاً، لا يجدي إلا النزاع، ولهذا أشير على إخواني الذين توجه إليهم الاستفتاءات في هذا الباب أوجههم إلى ألا يفتوا، بل يطلبوا من المستفتي كتاباً رسمياً من القائم على هذا المكان -أي: ولي الأمر في هذا المكان- حتى لا يحصل النزاع، مثلاً: يأتيك جندي يسألك في مسألة ما في إدارة المكان الذي هو فيه، فتعطيه فتوى تخالف ما كانوا يعملونه، وربما يعملونه استناداً إلى فتوى من عالم من العلماء، فيحصل بذلك نزاع وشقاق بين هذا الذي استفتاك وأعطيته فتوى تخالف ما كانوا عليه وبين ما كانوا عليه، وهذه مسألة يجب على طلاب العلم المفتين أن ينتبهوا لها، فإذا جاءك جندي يسألك عن شيء من المسائل التي يعملونها وهي قد تكون مخالفة للشرع أو غير مخالفة، فقل له: يا أخي! جزاك الله خيراً إذا كنت تريد حل هذه المشكلة فأتني بخطاب رسمي من القائد أو من المدير أو ما أشبه ذلك وأنا أفتيك، وإلا فالمرجع في ذلك إلى دار الإفتاء في المملكة العربية السعودية.

الرضاع لا يؤثر في المصاهرة

الرضاع لا يؤثر في المصاهرة Q امرأة لها بنات من الرضاع، فهل أزواج هؤلاء البنات يكونون محرماً لهذه المرأة؟ A الصحيح أن الرضاع لا يؤثر في المصاهرة، فإذا كان للأنثى بنات من الرضاع وتزوجن برجال فإنها لا تفتش لرجالهن، أما لو كانت أمهن من النسب أي: هي التي ولدتهن فإن أزواج بناتها محارم لها، والدليل على هذا قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وأم الزوجة بالنسبة للزوج حرام عليه من جهة النسب أو من جهة المصاهرة؟ من جهة المصاهرة، ليس بينه وبينها نسب، المحرمات بالنسب سبع مذكورات في قول الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء:23] نظيرهن من الرضاع حرام، أما {َأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء:23] فهذه الثلاث بالإضافة إلى قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء:22] وهي الرابعة هؤلاء محرمات بالصهر، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وبناءً على ذلك: فإن أزواج بنات الأنثى من الرضاع ليسوا من محارمها، أي: من محارم أمهن من الرضاع. هذا هو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وإن كان جمهور العلماء على خلاف هذا القول، لكن الحق أحق أن يتبع.

نصيحة لطلاب العلم

نصيحة لطلاب العلم Q فضيلة الشيخ! نرجو نصيحتنا نحن معشر طلاب العلم في هذه الأيام التي نقبل عليها سواء هنا أو هناك في الحج، ما هو دورنا؟ الشيخ: دور طالب العلم في كل زمان وفي كل مكان أن يتقي الله ما استطاع، وأن يبين للناس ما يعلمه من شريعة الله؛ لأن الله تعالى يقول: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران:187] ، وأن يدعو إلى الله على بصيرة، وأن يكون حين دعوته إلى الله واسع الصدر، مبتهج الوجه، يريد بذلك إصلاح ما فسد من أخيه لا الانتقام منه والعلو عليه، وهو إذا أراد الإصلاح وسلك السبيل الموصل إليه يسر الله له ذلك. وأحب من طلاب العلم جميعاً أن يكونوا أسوة صالحة في أخلاقهم وأعمالهم ودعوتهم إلى الله حتى يكون في هذا عون على قبول الناس منهم شريعة الله؛ لأن شريعة الله قد يردها العامي لسوء تصرف من دعا إلى الله، ولهذا تجد بعض الناس عامياً لكن عنده خلق حسن قد ملك قلوب الناس، وتجد الرجل عالماً جيداً بحراً في العلوم لكنه ليس على خلق حسن تجده ليس محبوباً إلى الناس لسوء خلقه، فأنت يا طالب العلم أحسن خلقك للناس، أحسن سيرتك مع الناس حتى تكون مقبولاً وتقبل منك الشريعة التي من الله عليك بعلمها.

اللقاء الشهري [27]

اللقاء الشهري [27] محاسبة النفس إثر كل عمل أمر ضروري، تظهر به المحاسن والمعايب؛ ومحاسبتها في آخر العام يعلمها بتقصيرها في حق خالقها ويحمسها أن تعود مقبلة عليه في العام القادم. وقد جعل الله من أيامه ما فيه عبر تعيد للإنسان صلته بربه جل وعلا، هذا ما كان منطلق حديث الشيخ -رحمه الله- مع فوائد عظيمة في الأسئلة.

دعوة للمحاسبة

دعوة للمحاسبة الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الشهري الأخير في هذا العام عام (1415هـ) ، والذي يتم هذه الليلة، ليلة الأحد الثامن والعشرين من شهر ذي الحجة، نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل خاتمتنا خيراً من ماضينا. موضوع هذا اللقاء يشمل شيئين: الشيء الأول: ما الذي أودعناه في العام الماضي؟ الشيء الثاني: ماذا أعددنا للعام المقبل؟ وكلاهما يحتاج إلى عناية، أما الأول فما الذي أودعه الإنسان في عامه الماضي؟ هل كان قائماً بالواجبات التي لله عز وجل والتي لعباده، أم هو مفرط مهمل مضيع؟ هل أخلص لله في عبادته؟ هل محَّص عمله في اتباع شريعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ هل قام بالصلاة على ما ينبغي؟ هل صلاها في أوقاتها؟ هل صلاها مع الجماعة؟ هل أدى شروطها وأركانها على ما يجب؟ هل أدى زكاة ماله؟ هل أحصاه إحصاءً دقيقاً وكأن مستحقي الزكاة يحاسبونه محاسبة دقيقة؟ هل أتقن صيام رمضان؟ هل قام فيه بما يجب؟ هل أتقن حجه إن كان قد حج؟ هل قام ببر والديه؟ هل قام بصلة أرحامه؟ هل قام بالإحسان إلى جيرانه؟ هل قام برحمة الأيتام؟ هل قام برحمة البهائم؟ هل قام بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ هل قام بالدعوة إلى الله عز وجل؟ هل قام بما يجب عليه من الإنفاق على أهله؟ هل قام بما يجب عليه من دفع أثمان المبيعات وأجور الأجراء؟ كل هذه تساؤلات يجب أن يعرف الإنسان الجواب عليها، إن كان قد فرط فيها فليتب إلى الله وليتدارك ما يمكن تداركه، وإن كان قد قام بما يستطيع وحسب ما أوجب عليه فليحمد الله على ذلك، وليسأل الله الثبات عليه. إننا نعلم أن التجار إذا تمت سنة إدارة تجارتهم فإنهم يسهرون الليالي يتفقدون الدفاتر، ماذا دخل على المتجر؟ وماذا خرج منه؟ ماذا اكتسب الإنسان في هذه السنة وماذا خسر؟ حتى يتداركوا ما يمكن تداركه، أما التجارة العظمى وهي التي قال الله عنها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [الصف:10-11] فإن هذه التجارة نحن في غفلة عنها، ولا نعلم ماذا أدينا فيها إلا أن يشاء الله. ولهذا أقول لنفسي ولكم: الواجب علينا أن نتفقد أن ننظر فما يمكن تداركه قمنا به، وما لا يمكن استغفرنا الله منه وتبنا إليه عز وجل. أما المستقبل: فالمستقبل في الواقع لا يمكن لأي أحد أن يجزم بما يفعل في المستقبل، ولو أنه جزم بما يفعل في المستقبل لعد سفيهاً مخالفاً لقول الله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف:23-24] . لقد سأل كفار قريش رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن قصة أصحاب الكهف، فقال: أخبركم غداً، ولم يقل: إن شاء الله، فماذا كان من الله عز وجل، تأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمدة خمسة عشر يوماً، ثم نزل الوحي، وفي تلك السورة قال الله لرسوله: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف:23-24] وكان هذا من حكمة الله عز وجل أن تأخر الوحي بعد أن وعدهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقص عليهم القصة، وفي هذا أكبر دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان صادقاً، إذ لو كان كاذباً للفق قصة من القصص وقال: هذه قصة أصحاب الكهف، لكنه لا ينطق في علم الغيب إلا بما أوحي إليه عليه الصلاة والسلام. نحن لا نجزم بما نفعل غداً، ولا يمكننا أن نجزم، كم من إنسان أراد ولكن صار الواقع خلاف مراده! كم من إنسان أمل ولكن انقطع حبل الأمل! ولكن المؤمن مأمور بأن يستقبل الأيام بحزم ونشاط، وقد أشار الله إلى ذلك في قوله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62] أي: جعل الليل والنهار يختلفان، يخلف بعضها بعضاً من أجل أن ينشط الناس، كل يوم يتجدد لهم النشاط. كذلك الأعوام: جعل الله تعالى الأعوام أطول من الأيام بلا شك؛ لأنها شهور والأيام ساعات، لكنه سبحانه وتعالى كررها على العباد وجعل عدة السنة اثني عشر شهراً، حتى إذا تمت السنة وإذا بالإنسان يستجد نشاطه إلى سنة مقبلة. فانظر يا أخي ماذا أعددت للسنة المقبلة، هل أعددت نشاطاً في فعل الخير، فأنفذ ذلك وأمضه، فإن العزيمة على الرشد تكون رشداً إذا فعله الإنسان، أما مجرد العزيمة بدون أن يكون هناك حركة فإنها تمنِّ يصح أن نصف صاحبها أنه عاجز، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني) . رتب وقتك حتى ينزل الله لك فيه البركة، رتبه ولكن لا تجعل هذا الترتيب أمراً متعيناً، لا. بل هو على حسب الحال، وقد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل، لكن رتب نفسك، رتب عملك، فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل) مثلاً: اجعل لك ساعة تقرأ فيها كتاب الله عز وجل، وساعة تقرأ فيها من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وساعة تتفكر في معاني القرآن ومعاني الأحاديث، وساعة تتفكر ماذا عملت في يومك وماذا تركت، رتب نفسك حتى يبارك لك الله في أيامك وساعاتك. أما من أهمل نفسه ولا يبالي أعمل أم لم يعمل! أنشط أم كسل! فهذا لا شك أنه مفرط، وأنه سيضيع عليه الوقت وسيندم يوم لا ينفع الندم، لأنه أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، قال: أنا إن شاء الله مؤمن، أنا سأكون من أهل الجنة، أنا سأكون كذا، ولكنه ليس معه عمل لا بد من عمل!

في شهر المحرم سنن وعبر

في شهر المحرم سنن وعبر أما السنن فإنه -أي: شهر المحرم- أحد الأشهر الأربعة الحرم، والأشهر الأربعة الحرم، هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، فشهر المحرم هو أحد الأشهر الحرم، وقد نهى الله عز وجل أن نظلم فيهن أنفسنا، فقال: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة:36] ولهذا كان القول الراجح من أقوال العلماء: أنه لا يجوز القتال فيها إلا ما كان دفاعاً أو كان قد انعقدت أسبابه من قبل، بمعنى: أنه لا يجوز أن نبدأ قتال الكفار في هذه الأشهر الحرم، إلا إذا كان دفاعاً، بمعنى أنهم هم الذين بدءونا في القتال، أو كان ذلك امتداداً لقتال سابق على هذه الأشهر.

في شهر المحرم نجى الله موسى من فرعون

في شهر المحرم نجى الله موسى من فرعون شهر المحرم قال فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم) وأوكده يوم العاشر ثم التاسع؛ فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قدم المدينة، ووجد اليهود يصومون يوم العاشر من محرم، فسألهم: لماذا تصومون؟ قالوا: إنه يوم نجى الله فيه موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه، فنصومه شكراً لله، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (نحن أولى بموسى منكم، ثم صامه وأمر بصيامه) لكنه في آخر حياته قال: (لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع) أي: مع العاشر، فيسن صيام اليوم العاشر، ويصوم قبله يوماً أو بعده يوماً ليخالف اليهود. وفي شهر المحرم عبر، أعظمها ما جرى لموسى وقومه وفرعون وقومه: فإن موسى عليه الصلاة والسلام أرسل إلى طائفتين من الناس: بني إسرائيل وفرعون، أما مع فرعون فلم تجدِ الرسالة فيه شيئاً ولم يؤمن، بل ما زاد إلا عتواً ونفوراً، وتوعد موسى، وصار يُقتل بني إسرائيل ويستحيي نساءهم، وجرى منه ما هو معلوم في كتاب الله عز وجل، وكان يفتخر على قومه ويقول: {يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ} [الزخرف:51-52] . ولما مضى لموسى في دعوته ما مضى أوحى الله تعالى إلى موسى {أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي} [طه:77] فأسرى بهم ليلاً وخرج من مصر متوجهاً نحو الشرق نحو البحر الأحمر، فلما علم بهم فرعون دعا قومه ليخرج إلى موسى وقومه ليقضي عليهم، فلما وصل موسى إلى البحر قال له قومه: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء:61] لا بد أن نهلك، لماذا؟ لأن فرعون وراءهم والبحر أمامهم، فرعون بجنوده وعَدَدِهِ وعُدَدِه خلفهم والبحر أمامهم، فهم إن تساقطوا في البحر غرقوا، وإن وقفوا أهلكم فرعون، ولكن موسى عليه الصلاة والسلام قال وهو موقن: {كَلَّا} [الشعراء:62] لن ندرك {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء:62] وبهذا نعرف قوة توكل الرسل على الله عز وجل وقوة ثقتهم بوعد الله {قَال كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء:62] فهداه الله، أمره أن يضرب البحر، فضرب البحر بعصاه، فانفلق البحر اثني عشر طريقاً على حسب أسباط بني إسرائيل، والغريب أن البحر لم يتميز ويندفع ولكنه بقي أسواقاً وطرقاً وبينها كتل الماء كالجبال مع أن الماء جوهر مائع يسيل، لكن وقف الماء كالجبال، وقيل: إنه كان في كل قطعة فرجة، من أجل أن يطمئن بنو إسرائيل بعضهم على بعض. هذه الطرق التي انفتحت بضربة عصا هل بقيت أياماً حتى تجف ويمكن السلوك عليها؟ A لا. قال الله تعالى: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً} [طه:77] في الحال صارت أرضاً يابسة، استطاع موسى وقومه أن يمشوا عليها حتى تكاملوا خارجين منها، وبتكاملهم دخل فرعون وجنوده، فلما تكاملوا داخلين أمر الله عز وجل البحر أن يرجع إلى حاله فانطبق على فرعون وقومه، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] . غرق فرعون بالماء الذي كان بالأمس يفتخر به، ويقول: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف:51] غرق بالماء، ولما أدركه الغرق قال: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ} [يونس:90] انظر إلى الذل العظيم، لم يقل: آمنت بأنه لا إله إلا الله قال: إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، وهذا اعتراف منه بفضل بني إسرائيل عليه، واعتراف منه بأنه كان الآن تابعاً ومقلداً لهم وكان بالأمس يقتلهم على دين الله، أما الآن فأذله الله حتى قال: إنه على دين بني إسرائيل {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ} [يونس:90] . لكن متى قال ذلك؟ حين رأى الموت، وإذا رأى الإنسان الموت فإنه لا تنفعه التوبة، ولهذا قيل له: {آلْآنَ} آلآن تشهد أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل؟ {وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:91] ولن ينفعك، ولكن الله قال: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} [يونس:92] ببدنك فقط لا ببدنك وروحك {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يونس:92] من الذين خلفه؟ بنو إسرائيل، ليكون آية على أن هذا الرجل الذي كان يرعبهم ويخوفهم ويقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم هو الآن جثة في البحر، لأنك تعرف أنه إذا كان للإنسان عدو مخيف، فجاءه من قال له: إن عدوك قد مات. هل يطمئن وتكون طمأنينته كما لو شاهده؟ الجواب: لا، ولهذا أبقى الله جسد فرعون حتى شاهده بنو إسرائيل وعرفوا أنه قد هلك فاطمأنوا واستقروا. هذه من العبر العظيمة التي حصلت في يوم عاشوراء.

شهر المحرم بداية التاريخ الإسلامي

شهر المحرم بداية التاريخ الإسلامي شهر المحرم فيه أيضاً عبر: وهو أن المسلمين اتفقوا على أن يكون هذا الشهر هو افتتاح السنين، وذلك أن الناس فيما سبق حتى في أول عهد الإسلام لا يؤرخون، لأن أمة العرب أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب، حتى جاءها هذا الكتاب العظيم فعلمنا الكتاب والحكمة، لكن فيما قبل ليس لهم تاريخ معين، ربما يؤرخون مثلاً بعام الفيل، فيقولون: هذا حصل عام الفيل، عام الفيل متى؟ لكن في عهد عمر رضي الله عنه عندما اتسعت رقعة الإسلام شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، وصارت الرسائل تأتيه، ويشتبه عليه: هل هذه الرسالة قبل الرسالة الأخرى أو بعدها؟ قال: لا بد من تاريخ، وهذه من سنن عمر رضي الله عنه، قال: لا بد من تاريخ، فتشاوروا كعادتهم في النوازل إذا نزلت بهم نازلة تشاوروا: أولاً: من أين نبدأ التاريخ: هل من مولد النبي عليه الصلاة والسلام، أو من بعثته، أو من هجرته؟ إن كان مولده صار المسلمون أتباعاً للنصارى؛ لأن النصارى ابتدءوا التاريخ من مولد عيسى، والمسلمون يجب أن يكونوا أمة مستقلة، ذات طابع خاص، متميزة عن غيرها. قالوا: إذاً نبدأ من البعثة؛ لأن ببعثته بدأ النور ينزل على هذه الأمة {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً} [النساء:174] فيكون من البعثة، قالوا: نعم هذا رأي حسن، لكن البعثة لم يظهر فيها للإسلام دولة، ونحن نريد أن نؤرخ تاريخاً خاصاً بدولة الإسلام، والدولة لم تكن إلا بعد الهجرة، فإنه بعد الهجرة صارت الأمة الإسلامية لها بلداً خاصاً مستقلاً. قالوا: إذاً يكون ابتداء التاريخ من الهجرة التي تكونت بها الدولة الإسلامية. ثم اختلفوا اختلافاً آخر قالوا: من أي الشهور؟ قال بعضهم: من شهر رمضان؛ لأنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن. وقال آخرون: بل من شهر ربيع الأول؛ لأن ربيع الأول هو الذي ابتدأ فيه الوحي على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو الذي كانت فيه هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام. قالوا: وهذا رأي حسن، لكن فيه شيء، ما هو الشيء؟ أنه الشهر الذي توفي فيه الرسول عليه الصلاة والسلام، فيخشى أن يكون هذا ذكرى لوفاته، ثم اختاروا أن يكون ابتداء التاريخ من المحرم؛ لأنه الذي ينصرف فيه المسلمون من أداء آخر أركان الإسلام وهو الحج، فكأن شهر ذي الحجة به تمام الأركان، فنبتدئ من شهر المحرم. وما زال المسلمون سائرين على هذا حتى حصل استعمار الكفار لبلاد المسلمين، فغيروا التاريخ، ولهذا تجد عامة المسلمين الذين استعمرت بلادهم تجد تاريخهم يبتدئ بالميلادي، تحول من التاريخ الإسلامي الهجري إلى تاريخ كفري لا أصل له، وسبب ذلك هو الاستعمار، ولهذا نجد العلماء في الأمصار التي تؤرخ الآن بالتاريخ الميلادي، نجد العلماء يؤرخون بالتاريخ الهجري ولا يعرفون التاريخ الميلادي، انظر إلى تراجم العلماء السابقين في البلاد الإسلامية، يقولون: ولد هذا العالم في السنة الهجرية، في الشهر الهلالي، وتوفي في السنة الفلانية الهجرية في الشهر الهلالي، حتى استعمر الكفار بلاد المسلمين فغيروا التاريخ، ونسي التاريخ الإسلامي في هذه البلاد، حتى إن بعض الإخوة الذين قدموا إلينا قبل نحو عشرين سنة أو أكثر، قال: والله ما عرفت الأشهر العربية إلا حين أتيت إلى هنا!! لأنهم نشأوا على الأشهر الفرنجية والسنوات الميلادية. وقد كره الإمام أحمد رحمه الله أن يؤرخ بالأشهر الفرنجية، فقال: (أكره بأن يؤرخ بآذرما) ، لأن هذا خلاف ما سار عليه المسلمون، والمهم أن هذا الشهر -أعني: شهر المحرم- هو ابتداء السنوات الإسلامية الهجرية. ولكن مع الأسف أن بعض المسلمين الذين سلمت بلادهم من استعمار الكفار صاروا الآن يؤرخون بالتاريخ الميلادي، على الرغم من أن نظام هذه الدولة ونظام الحكم فيها أن التاريخ بالتاريخ العربي الإسلامي نصاً، ولكن مع الأسف أنك الآن يبيع لك صاحب البقالة وأحياناً يعطيك الفاتورة تاريخها بالميلادي، سبحان الله! هذا يخالف تاريخ الإسلام ويخالف تاريخ الدولة، ولهذا لو كان هناك متابعة تامة لنظام الدولة للأخذ على أيدي هؤلاء، قبل أن يكون هذا هو تاريخ المسلمين من أزمنة متباعدة، ولكن مع الأسف أن ضعف الشخصية في الرجل المسلم عندنا هي التي أدت إلى هذا الخذلان. وأعجب من ذلك! أن المريض يُعطى وصفة بورقة للدواء بالتاريخ الميلادي والحرف اللاتيني، فيبقى المريض لا يدري، كتب له: خذ هذا الدواء يوم (19/9) وهو عامي يعتقد هذا الدواء متى يستعمل في رمضان! لأنه قيل له: في (19/9) ، أيضاً يستعمله ثلاث مرات، ويكتب له بالرقم غير المعهود عنده، فيختلف عليه الأمر، إذا قال: خذ سبع حبات وكتبها بالحرف الذي لا يعرفه يظن السبعة ستة، لأنها شبيهة بها، كل هذا والله يحزن الإنسان لأن هذا يدل على ضعف الشخصية. لغتنا والحمد لله لغة عربية لغة القرآن لغة السنة، بل هي لغة أهل الجنة كما جاء في بعض الأحاديث، كيف نفرط بها؟ لماذا لا نعلم هؤلاء الذين يباشرون الشراء من إخواننا المسلمين الذين جاءوا من بلادٍ لا يعرفون اللغة العربية لماذا لا نعلمهم؟ لكن المشكلة الآن أنهم هم الذين علمونا لغتهم، بدلاً من أن نعلمهم صاروا يعلموننا ونتعلم منهم، بدلاً من أن يقول الواحد منا: ما أدري يقول: ما فيه معلوم، أيهما أخصر؟ لا أدري أخصر وأوضح وأبين وأصدق؛ لأن قوله: لا أدري نفي للعلم عن نفسك فقط، لكن: ما فيه معلوم نفي عن كل الناس، لكن مع الأسف بدلاً من أننا نعلمهم اللغة العربية صاروا هم الذين أثروا على ألسنتنا! وكل هذا من ضعف الشخصية فينا، والواجب أن تكون هذه الأمة لها ميزة وخاصية تنفرد بها عن سائر الأمم، ولا مانع أن تعامل كل إنسان بما يعرف، فمثلاً: إذا كنت أخاطب شخصاً لا يعرف العربية، وأنا أعرف لسانه لا بأس أن أكلمه بلسانه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود من أجل أن يكاتبهم ويراسلهم بلغتهم، وقال لـ أم خالد وقد قدمت من الحبشة وهي صغيرة عليها ثوب جديد، جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (هذا سنا هذا سنا) وسنا في لغة الحبشة أي: حسناً، يخاطبها باللغة التي تفهم، لكن لا يعني أن أخاطب الأخ العربي بلسان هذا الأخ الذي لا يعرف العربية كما هو الشأن في بعض الأحيان. فنسأل الله تعالى أن يختم لنا عامنا هذا بالخير والقبول والمغفرة والعفو، وأن يجعل مستقبلنا في عامنا الجديد مستقبلاً حافلاً بالنصر والمسرات إنه على كل شيء قدير.

الأسئلة

الأسئلة

معنى قوله تعالى: (ننجيك ببدنك)

معنى قوله تعالى: (نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) Q فضيلة الشيخ: ذكرتم قول الله عز وجل: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يونس:92] فما المراد بهذه الآية، هل الآية إلى الآن باقية، وهل جثته باقية؟ فإذا كانت باقية هل يجوز لنا زيارتها للعبرة؟ A هذه الآية لا تدل على أن هذه الجثة ستبقى أبد الآبدين، بل الظاهر والله أعلم أنها ذهبت وأكلتها الحيتان والسمك، لأنه ليس هناك في ذلك الوقت من يعتني بهذه الجثة، المهم أن يطمئن بنو إسرائيل على أن عدوهم اللدود قد هلك، وما يذكر أنه بقي من الفراعنة أناس جثثهم باقية، فهذا ينظر فيه، قد يكون منهم وقد لا يكون، إنما الذي يظهر لي أن فرعون الذي هلك في زمن موسى قد هلك وذهب.

الشك في يوم عرفة

الشك في يوم عرفة Q ذكرت وفقك الله في مطلع هذا اللقاء أن غداً هو الأحد إما أن يكون الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين من شهر ذي الحجة، فهل في وقوفنا في عرفة شك؟ A لا، وقوفنا في عرفة ليس فيه شك، لكن اختلف دخول الشهر شرعاً ودخوله نظاماً، دخوله نظاماً سابق على دخوله شرعاً، فإنه دخل حسب التقويم ليلة الأحد، فتكون الليلة ليلة تسعة وعشرين، ودخل شرعاً ليلة الإثنين فتكون الليلة ليلة ثمان وعشرين، وليس في الوقوف هنا شك والحمد لله. ثم إني أقول لكم: لو فرض أن الناس وقفوا بـ عرفة، ثم تبين يقيناً أنهم وقفوا في العاشر، فإن حجهم صحيح، ولا شيء عليهم، وبهذا يندفع وسواس بعض الناس في هذا العام، حيث قاموا يوشوشون بناءً على أنهم يوسوسون، فنقول: اطمئنوا، الشهر شرعاً ما كان متمشياً على شريعة الله. ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا إذا لم نرَ الهلال أن نكمل الشهر السابق ثلاثين يوماً، ثم إنه ثبت عندنا أنه في صباح يوم الأحد كسفت الشمس على القارة الأمريكية، وكسوفها في ذلك الوقت يدل دلالة قاطعة بأنه لا يمكن أن يهل الهلال ليلة الأحد، وهذا شيء معلوم عند علماء الفلك أنه إذا كسفت الشمس بعد غروبها فإنه لا يمكن أن يهل الهلال إطلاقاً؛ لأن السبب الحسي لكسوف الشمس هو حيلولة القمر بينها وبين الأرض، وهذا لا يمكن إذا تأخر القمر حتى رئي بعد الغروب أن يقفز حتى يكون حائلاً بينها وبين الأرض، هذا شيء مستحيل، وهذا مما يزيد الإنسان طمأنينة، وإلا فالإنسان مطمئن بأن الناس -والحمد لله- قد مشوا في إثبات شهر ذي الحجة على الطريقة الشرعية التي ليس فيها لبس.

حكم من صلى وأتى إلى مسجد وهم يصلون

حكم من صلى وأتى إلى مسجد وهم يصلون Q فضيلة الوالد: يأتي أحدنا إلى هذا اللقاء، فيجد فضيلتكم في الصلاة، وهدفه حضور هذا اللقاء، ثم يقع في حرج أيدخل معكم في الصلاة امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولو فاته بعض اللقاء، أم ينتظر خارجاً فإذا سلمتم دخل وصلى تحية المسجد وحضر في أول الصف ولم يفته شيئاً، بل يزداد الحرج أكثر إذا جئنا إلى صلاة الجنازة معكم هنا في المسجد وقد صلينا في مساجدنا، فإذا قمنا لإتمام ما فاتنا من الصلاة فاتتنا صلاة الجنازة، فماذا نصنع؟ أرجو بسط القول لنخرج من هذا الحرج، فإن الله لم يجعل علينا في الدين من حرج، نفع الله بك عباده آمين؟ A أقول: لا حرج والحمد لله: إذا أتيت إلى هذا اللقاء ووجدتنا في الصلاة فادخل معنا، امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قوله: (إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم) فإن كنا في الركعة الأولى سلمتم معنا، أو في الركعة الثانية فاتتكم ركعة، أو في الثلاثة فاتتكم ركعتان، أو في الرابعة فاتتكم ثلاث ركعات، وبإمكانكم أن تقوموا وتقضوها قبل أن نشرع في اللقاء، لأن الناس بعد السلام يذكرون الله ويسبحون الله، ويقرءون آية الكرسي، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وهذا وقت طويل يمكن للإنسان أن يقضي ما فاته من صلاة العشاء، وهذا ليس فيه حرج، وهذا والله خير من كونك تبقى خارج المسجد يفوتك هذا الأجر العظيم بهذه الصلاة، ربما يكون قولك في هذه الصلاة: (رب اغفر لي) سبب لمغفرة الله لك. وأما الجنازة فهي نفس الشيء، إذا جئت والناس يصلون فادخل معهم، وامتثالك أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الدخول مع هذه الجماعة قد يكون أفضل من انتظارك ثم صلاتك الجنازة، ثم إذا سلَّم الإمام وأنت قد فاتتك قل: ثلاث ركعات، يمكنك أن تقضيها في ظرف إحضار الجنازة إذا كانت -مثلاً- في آخر المسجد، أو يمكنك إذا كان الإمام يفعل كما نفعل نحن إذا رأينا طائفة كبيرة تقضي أمرنا أهل الجنازة أن يتأخروا في تقديمها، حتى تنتهي صلاة هؤلاء، فيشاركونا في الصلاة ويحصل في ذلك كثرة الدعاء للميت، وربما تكون الدعوة المجابة من أحد هؤلاء الذين يقضون ما فاتهم من الصلاة، لا ندري، لهذا ينبغي للأئمة إذا رأوا أن في المسجد طائفة كبيرة تقضي الصلاة أن يقولوا لأهل الميت: انتظروا، هؤلاء ما جاءوا إلا ليصلوا على الميت، لا تحرموهم، انتظروا ولا يضر انتظاركم خمس دقائق أو أكثر.

حكم من سرق ثم تاب

حكم من سرق ثم تاب Q أنا شاب قد أقدمت أنا وصديق لي على سرقة شنطة، وفي داخلها ثلاثة آلاف ريال قبل أربع سنوات، وقد هداني ربي والآن لا أعرف صاحب الشنطة، فماذا أفعل جزاك الله عنا خيراً؟ A إن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:4] ويقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2-3] فأنت ما دمت اتقيت الله وتبت إلى الله فأبشر بأن الله سيجعل لك من أمرك يسراً، وسيجعل لك فرجاً ومخرجاً. والطريق لذلك: إذا كنت قد أيست من معرفة أصحاب هذه الشنطة أن تقوِّم الشنطة كم قيمتها؟ والدراهم الثلاثة آلاف معروفة وتضيف ثمن الشنطة إلى هذه الثلاثة آلاف وتتصدق بها عن صاحبها، تخلصاً منها لا تقرباً إلى الله بها، تصدق بها على فقير، تصدق بها على شاب يحتاج إلى زواج، ساهم بها في بناء مسجد وما أشبه ذلك، وبهذا تبرأ ذمتك.

حكم استقدام العمال وأخذ نسبة منهم

حكم استقدام العمال وأخذ نسبة منهم Q فضيلة الشيخ: هل من كلمة إلى الذين يأتون بالعمالة وبعد ذلك يقولون لهم: اذهبوا فاشتغلوا في أي عمل، وأنا أريد منكم كل شهر ثلاثمائة ريال أو نسبة معينة، أرجو بسط القول في ذلك وفقك الله؟ A يجب على من استقدم عمالاً أن يتمشى معهم حسب النظام الذي في بلده، وذلك لأنه قدم طلباً لاستقدام هؤلاء العمال وهو يعرف شروط النظام، فكأنه في تقديم الطلب التزم بما في هذا النظام من الشروط، وقد قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1] فيجب عليك أن تفي لدولتك على حسب ما أذنت لك فيه، فإذا كان النظام يمنع أن تشغل هذا العامل بسهم من أجرته التي يحصلها أو تطلقه يعمل كما شاء وتضرب عليه ضريبة كل شهر إذا كان النظام يمنع هذا فيجب عليك أن تمتنع منه، حتى وإن كان في الأصل لولا النظام لجاز، فإنه يجب أن تأخذ بالنظام، وليس إلزامنا بالنظام إيجاباً لما لم يوجبه الله، أبداً، بل إلزامنا بالنظام إلزام بما أوجب الله؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59] وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بطاعة ولاة الأمور ما لم يأمروا بمعصية، ولولا هذا لكان النظام لا فائدة منه، أي: لولا أنه يجب التمشي بالنظام إذا لم يخالف الشرع، أي: إذا لم يكن معصية لكان النظام لا فائدة منه، إذا قلنا: إنها لا تجب طاعة ولاة الأمور إلا بما أمر الله به، صار حقيقة الأمر أنها لا تجب طاعتهم، لأن ما أمر الله به على سبيل الوجوب واجب سواء أمر به ولاة الأمور أم لم يأمروا، ولو أننا قلنا: كل إنسان يرى أن هذا النظام لا يجب العمل به لصارت الأمور فلتة، ولم يقم للناس أمن ولا استقرار ولا طمأنينة. والذي أعلم أن نظام الدولة في استقدام العمال لا يجيز لك أن تشغلهم بنسبة، ولا يجوز أن تقول: اذهبوا فأنتم الطلقاء وأحضروا لي كل شهر كذا وكذا. أما من حيث الشرع فإنك إذا قلت لفلان: اذهب واشتغل واجمع لي مثلاً كل شهر كذا وكذا فإنه لا يجوز؛ لأنه ربما يربح أكثر مما قدرت بكثير، وربما يربح أقل منه أو لا يربح شيئاً، فيكون هذا عملاً مجهولاً وهو ميسر؛ لأنه مبني على المغالبة إما غانم وإما غارم، وكل عقد يكون هكذا فهو ميسر. وأما أن تقول: اذهب واعمل بسهم فمن الذي أحل لك السهم وأنت لم تعمل، هو حر مالك لنفسه، فكيف يشتغل هو بنفسه ويكون عليه ضريبة الثلث أو الربع وأنت لم تعمل شيئاً، هذا من أكل المال بالباطل.

صحة أحاديث تقييد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعدد

صحة أحاديث تقييد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعدد Q فضيلة الشيخ: قرأت حديثاً جاء فيه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي في يوم ألف مرة لم يمت حتى يبشر بالجنة) رواه أبو الشيخ عن أنس رضي الله عنه، هل هذا الحديث صحيح أم حسن أم ضعيف، وهل يحتج به؟ وإذا كان الحديث صحيحاً فما مضمون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ A هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكل حديث فيه تقدير الصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه ضعيف، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مطلقة، أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن نكثر من الصلاة عليه ولا سيما في يوم الجمعة، وأخبر أن تسليمنا معروض عليه عليه الصلاة والسلام، فأكثر يا أخي من الصلاة والسلام على نبيك في كل وقت، ودون تقييد بعدد، فإن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً.

حكم المرأة إذا بلغت ولم تصم رمضان

حكم المرأة إذا بلغت ولم تصم رمضان Q أنا بنت بلغت في العام الماضي قبل شهر رمضان ولم أخبر أي أحد من والدي، وعندما صمت تلك السنة منعتني والدتي، وقالت: لا تصومي فما زلتِ صغيرة وجسمك ضعيف ولا تقوي على الصيام، فما الحكم الآن، هل أقضي هذا الشهر أم لا؟ A الواجب قضاء الشهر على من بلغت ولم تصم، لأن المرأة إذا جاءها الحيض فهي بالغة سواء جاءها بعد تمام خمس عشرة سنة أو قبل ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) . ولكن أوصيك لأمك أن تأمريها بالتوبة إلى الله والاستغفار حيث منعتك من أمر واجب عليك، فعليها أن تتوب إلى الله وتستغفر، وأما أنتِ فاستعيني بالله واقضي هذا الشهر، سواء قضيتيه أياماً متتابعة وهو أفضل أم أياماً متفرقة إذا كان يشق عليك التتابع. هذا إذا كان الشهر غير الشهر القريب، أما الشهر القريب فلك الخيار أن تؤخري الصوم إلى أن يبقى إلى رمضان بقدر الأيام التي عليك.

حكم الدفع من عرفة قبل الغروب

حكم الدفع من عرفة قبل الغروب Q ما حكم من خرج من عرفة قبل غياب قرص الشمس لمرض أو ضعف أو كبر؟ وما حكم من فعل ذلك ظناً منه أنه يكفيه مشاهدة عرفة وإن كان خارج حدودها؟ A القول الراجح: أن البقاء بـ عرفة حتى تغرب الشمس واجب، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يدفع قبل أن تغرب الشمس، ولو كان جائزاً لدفع قبل أن تغرب الشمس؛ لأنه نهار وأيسر للناس، وأيضاً: إذا دفع الإنسان قبل أن تغرب الشمس فقد خرج عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلى سنة الجاهلية، لأن أهل الجاهلية هم الذين يدفعون من عرفة قبل غروب الشمس، ومن فعل ذلك فإن كان متعمداً ترتب على فعله أمران: الأمر الأول: الإثم. الأمر الثاني عند أكثر العلماء: فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء. أما إذا خرج قبل غروب الشمس من عرفة وهو جاهل فإنه يسقط عنه الإثم، لكن يجب عليه عند أكثر العلماء البدل وهو أن يذبح شاة في مكة ويوزعها على الفقراء.

حكم إخراج المرأة ثديها أمام محارمها

حكم إخراج المرأة ثديها أمام محارمها Q اعتدن كثير من النساء هنا أن يرى المحارم كالأب والأخ والعم ثدي المرأة حين إرضاعها لطفلها، فهل هذا جائز، وهل في المسألة خلاف أرجو إفادتي مع الدليل؟ A المرأة مع محارمها كالمرأة مع المرأة، لقول الله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور:31] ولكن لا ينبغي للمرأة أن تكشف ثديها عند إرضاع ولدها وحولها رجال، اللهم إلا أن يكون أباها أو تكون عجوزاً وليس عندها إلا ابنها مثلاً؛ لأن كشف المرأة ثديها أمام محارمها يخشى منه الفتنة، فإن النفس أمارة بالسوء، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وعلى هذا فإذا احتاجت إلى إرضاع ولدها وحولها رجال من محارمها، فلتغطِ الثدي بطرف الثوب حتى لا يراه أحد من الرجال.

حكم من مات ولم يعلم هل كان يصلي أم لا؟

حكم من مات ولم يعلم هل كان يصلي أم لا؟ Q كان لي أخ يصلي مرة ويترك عشرات، بل أحياناً تمضي الأشهر دون أن يصلي، فإذا نصح صلى ثم ترك، ثم قدر الله وحدث له حادث مروري فتوفي في هذا الحادث، فصلينا عليه ونحن نترحم عليه الآن، فهل يجوز هذا، وهل يعتبر مسلماً علماً بأنه يبلغ قريباً من العشرين، علماً بأننا قد وجدنا في سيارته أشرطة إسلامية كان يسمعها وكان يزور المقابر؟ A أولاً: نسأل ما هو آخر أمره أكان يصلي؟ إن كان الأمر كذلك فهذه من نعمة الله عليه، وختام عمره بالصلاة يعتبر توبة، أما إذا كان آخر أمره الترك فإن من مات تاركاً للصلاة فقد مات كافراً، ولا يجوز أن يصلى عليه، ولا يدعى له بالرحمة ولا بالمغفرة، فلا بد أن نحقق هذا الأمر، هل كان آخر أمره الصلاة أم كان آخر أمره ترك الصلاة؟ فإن شككنا فإننا نقول: اللهم إن كان فلان مات على الإسلام فاغفر له وارحمه، قيد المسألة واشترط، وتقييد الدعاء بقيد له أصل، يدل عليه قول الله تبارك وتعالى في الذي يرمي زوجته بالزنا: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور:6-7] هذا شرط، دعا على نفسه باللعنة بشرط أن يكون من الكاذبين، {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور:8-9] . هذا الذي مات ونحن لا ندري هل مات على الإسلام أو على الكفر، لنا أن نقول: اللهم اغفر له إن كان مات على الإسلام، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية أنه رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المنام فسأله -أي: شيخ الإسلام سأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن مسائل مشكلة عليه، فأجابه النبي عليه الصلاة والسلام، ومنها أنه قال: يا رسول الله، إنه يقدم إلينا جنائز من المبتدعة وغيرهم، لا ندري من المسلم من غير المسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: عليك بالشرط يا أحمد - أحمد اسم ابن تيمية - ما معنى: عليك بالشرط؟ أن تقول: اللهم إن كان مؤمناً فاغفر له وارحمه.

حكم من حج ثم عاد إلى المعاصي

حكم من حج ثم عاد إلى المعاصي Q فضيلة الشيخ: ما حكم الرجوع للمعاصي والمنكرات بعد أداء فريضة الحج؟ A الرجوع إلى المعاصي بعد أداء فريضة الحج نكسة عظيمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع -أي: من ذنوبه- كيوم ولدته أمه) وقال صلى الله عليه وسلم: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) فإذا نقى صحيفته بهذا الحج فإن من السفه أن يسود الصحيفة بسيئات أعماله بعد الحج، وهكذا -أيضاً- موسم الصوم في رمضان إذا عاد الإنسان إلى المعاصي فقد خسر خسارة عظيمة، وانتكس نكسة عظيمة، فعليه أن يعود إلى الله مرة أخرى، وأن يستغفر ويتوب، والتائب من الذنب كالذي لم يفعل الذنب أو أشد. قد يكون الإنسان بعد ذنبه إذا تاب إلى الله واستغفر أحسن حالاً منه قبل ذلك، ألم تروا إلى آدم عليه الصلاة والسلام قال الله عنه: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه:121-122] وهذا الاجتباء والتوبة والهداية حصلت بعد الذنب، فقد يكون الإنسان بعد الذنب أحسن حالاً منه قبل الذنب إذا تاب إلى الله ورجع وعرف أنه مفتقر إلى الله عز وجل.

حكم من لم يبت في مزدلفة أيام الحج

حكم من لم يبت في مزدلفة أيام الحج Q رجل دفع من عرفة ماشياً إلى مزدلفة، وبعد أن مشى بمسافة طويلة بات في أحد الأماكن، حيث تيقن أنه في مزدلفة، ولكن بعد أن دفع إلى منى في اليوم العاشر، وبعد أن مشى قريباً من خمسين متراً وجد لوحة كبيرة تدل على أول الحج بـ مزدلفة، وهذا يدل على مبيت هذا الرجل قبل دخوله مزدلفة، فماذا على هذا الرجل، هل حجه صحيح أم لا؟ A أولاً: كلام هذا الرجل متناقض، لأنه يقول أولاً: تيقن أنه في مزدلفة، ثم يقول: مشى خمسين متراً فوجد لوحة تدل على أنه لم يصل إلى مزدلفة، واليقين لا يعارض الواقع، وعلى هذا فنقول: العبرة بالحقيقة، والحقيقة أنه لم يبت في مزدلفة، لكن يسقط عنه الإثم؛ لأنه بنى على ظنه، ومن بنى على ظنه فإن الله يقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] لكن نرى من باب الاحتياط: أن يذبح فدية في مكة ويوزعها على الفقراء.

حكم صيام يوم عاشوراء وحده

حكم صيام يوم عاشوراء وحده Q هل يصح صيام يوم عاشوراء وحده، وما حكم من كان يفعل ذلك جهلاً منه؟ A نعم يصح صيام عاشوراء وحده، ويثاب على ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في صوم عاشوراء: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) لكن بعض العلماء كره أن يفرده -أي: أن يصوم العاشر وحده- ولا يصوم يوماً قبله ولا بعده، قال: لأن آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (خالفوا اليهود صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده) وقال: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) وعلى هذا فنقول للأخ: صم يوماً قبله أو يوماً بعده. السائل: إذا كان عليه قضاء من رمضان هل يصوم يوم عاشوراء؟ الشيخ: نعم. الذي عليه قضاء من رمضان يصوم يوم عاشوراء ويصوم يوم عرفة ويصوم أيام البيض، لكن الأفضل أن يبدأ بالواجب.

متى يؤمر الأولاد بالصلاة؟

متى يؤمر الأولاد بالصلاة؟ Q متى يشرع للوالد أن يوقظ ولده ذكراً كان أم أنثى لصلاة الفجر خصوصاً، وما نصيحتك وفقك الله للآباء في زمننا هذا، حيث إننا نرى المساجد وكأن البيوت ليس فيها إلا الكبار؟ A أما متى يوقظ ولده للصلاة فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حد لنا حداً واضحاً، فقال: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع) وهذا يشمل أمرهم نياماً أو يقضاناً، فيؤمر الصبي بالصلاة ولو كان نائماً، اللهم إلا أن يكون عليه في ذلك ضرر فهو لم يكلف بعد. وأما قول السائل: إنه لا يرى في المساجد إلا كبار السن، فلعل مسجده كذلك، أما مساجد البلد فإنها حسب علمنا وحسب ما نشاهده أكثر من فيها الشباب ولله الحمد، صحيح أننا قبل عشرين سنة أو أكثر؛ أكثر من في المساجد الكبار والشيوخ، لكن بعد أن حصلت اليقظة ولله الحمد صار أكثر من في المساجد هم الشباب. إلا أن هذه اليقظة في الآونة الأخيرة صار فيها ما يكدرها ألا وهو تفرق الشباب، ذلك التفرق الذي هو خلاف الدين وليس له داعٍ، تجد بعض الشباب يضلل الآخرين أو يبدعهم أو يكفرهم أحياناً، لا للهدى ولكن للهوى والعياذ بالله، صار الآن بعض الشباب -وأما بعضهم والحمد لله فمستقيم- ولاؤه وبراؤه معلق بأشخاص معينين، وهذا غلط، الولاء والبراء يجب أن يعلق بمن كان أهلاً لأن يتبرأ منه أو يوالى، أما أن نجعل هذا مربوطاً بأشخاص فهذا هوى وليس هدى. ثم إنه من المؤسف أن بعض الناس الآن صار يمشي في ولائه وبرائه على قاعدة من أفسد القواعد وهي: من ليس معي فهو عليَّ. هل هذا صحيح؟ أبداً، من ليس معك فهو إما عليك إن كان ضدك، وإما أن يكون موقفه حيادي. وعلى كل حال فأنا أوجه نصيحة إلى الشباب: ألا يفسد يقظته بهذا التفرق والتمزق من أجل فلان أو فلان، أناس في بلد ينتمون إلى أشخاص معينين ويضللون من سواهم، وأناس في بلد آخر ينتمون إلى أناس معينين ويضللون من سواهم، هذا غلط، الواجب أن نزيل ما بيننا من خلاف، وأن نكون يداً واحدة، لا أن نغذي هذا الخلاف بالسب والشتم والنشرات، أقول لكم هذا لأني لمست هذا الأمر بيدي، وقد وقع في يدي اليوم ورقة منشورة بالحرف الدقيق صفحة كاملة مكتوب فيها: (العدد الأول) يسبون فلاناً وفلاناً، ما هذه الطريقة؟ ومتى كانت بلادنا تصل إلى هذا الحد من التشويه والتشنيع؟ هذا يؤدي إلى حرب لسان في أول أمره، ثم في النهاية حرب سنان بالسيف، ولهذا يجب على ذوي العقول والألباب من الشباب أن يحاربوا هذه الظاهرة محاربة تامة، وأن يقال: اجلس ولننظر ما الفائدة من أن نسب فلاناً وفلاناً، ما هي الفائدة؟ فالواجب أن يقضى على هذه الظاهرة السيئة التي نسأل الله تعالى أن ينجي شبابنا منها.

واجب المسلم تجاه مآسي المسلمين

واجب المسلم تجاه مآسي المسلمين Q فضيلة الشيخ: في هذا العام شهد أكثر من مليار مسلم مشهد هلاك إخوانهم في الشيشان على أيدي الملاحدة، فما واجبنا نحن بما فتح الله عليك من فقه في دينه، فإننا في كل عام تثخن جراحنا ونحن ننشغل بملذاتنا وفيما بيننا عن حال إخواننا، أرجو تسجيل موقف علم ينفعنا الله به وينفع به كل من سمعه وبلغه قولكم، فهذا عام قد أقبل ونحن ننتظر موضع الجرح الجديد؟ A لا شك أن ما ذكره الأخ السائل يدمي القلب، ويفتت الكبد، ويدل على أن المسلمين مع الأسف ليسوا على المستوى الذي يجب أن يكونوا عليه من الدفاع عن إخوانهم المسلمين. لو تأملت الإذاعات الآن وجدت أكثر الإذاعات أو الصحف أو وسائل الإعلام فيما بين اليهود وبين الفلسطينيين، مع أن قضية اليهود كلها ألعوبة فيما نرى وخيانات وغدر، وليس عجيباً أن يكون اليهود أهل غدر وخيانة؛ لأن هذا دأبهم، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام لما قدم المدينة كان فيها ثلاث قبائل، وكلهم عاهدوا الرسول ونقضوا العهد، لكن إذا وجدت كلمات عن البوسنة والهرسك أو الشيشان وجدتها في زاوية صغيرة في جريدة، إلا أن صحفنا -والحمد لله- أحياناً تنشر عنهم وتبسط القول في ذلك، وكذلك إذاعتنا، وهذا من نعمة الله علينا. لكن موقفنا من ذلك نحن كأفراد لا كدول أن نلجأ إلى الله عز وجل بالدعاء في كل وقت وفي كل حال يكون فيها الإنسان أقرب إلى الإجابة أن ينصر الله إخواننا المسلمين في كل مكان، وأن يدمر أعداء المسلمين. ونحن نشهد الله عز وجل أن كل كافر فهو عدو لنا سواء كان نصرانياً أو يهودياً أو شيوعياً أو وثنياً، أي كافر فهو عدو للمسلم، والكفار بعضهم أولياء بعض ضد المسلمين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة:51] . فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يقوي المسلمين على أعدائهم حتى يتمكنوا منهم وحتى يكون الدين كله لله.

اللقاء الشهري [28]

اللقاء الشهري [28] كان موضوع لقاء الشيخ -رحمه الله تعالى- عن أصناف الناس في التعامل مع الإجازات، وقد قسّم الناس إلى ستة أقسام ما بين فائز وخاسر. وأجاب عن الأسئلة التي دارت حول مسائل في الزواج، وزيارة النساء للقبور، وغسل الميت وأحكام المولود.

أقسام الناس في الإجازة

أقسام الناس في الإجازة الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى على حين فترة من الرسل، وانطماس من السبل، وانغماس في الجهل والضلال والظلم والعدوان، فأزال الله به كل هذا، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الأول من هذا العام، عام (1416هـ) وهو الذي يتم ليلة الأحد التاسع عشر من شهر المحرم من هذا العام. إننا نرجو الله تبارك وتعالى ونحن في استقبال عامنا الجديد أن يجعله عام عز وتمكين للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، نسأل الله تعالى أن ينصر به إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك، وأن ينصر به إخواننا المسلمين في الشيشان، وأن ينصر به إخواننا المسلمين في كشمير، وأن ينصر به إخواننا المسلمين في الحبشة وفي كل مكان إنه على كل شيء قدير. وإننا أيها الإخوة ونحن في هذه الأيام نسمع أن إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك قد أعدوا العدة لهجوم من أجل أن يكسروا به الطوق الذي ضربه عليهم أولئك الصرب المعتدون، فنسأل الله تعالى أن يعينهم وأن يثبت أقدامهم وأن ينصرهم على عدوهم، حقهم علينا الدعاء، هم محتاجون إلى الدعاء، محتاجون إلى أن نرفع أكفنا إلى ربنا عز وجل بأن ينصرهم فلنكن قائمين بذلك، هذا أقل ما يجب علينا نحوهم. أما موضوع هذا اللقاء فإنه يتصارع فيه موضوعان: الموضوع الأول: الإجازة وماذا يصنع بها المسلم؟ الموضوع الثاني: الزواج لأن الغالب أن هذه الإجازة يكون فيها الزيجات كثيرة. ولكن أخانا الشيخ حمود بن عبد العزيز الصائغ اختار أن يكون الكلام على الإجازة، وذلك لأن الإجازة ليس معناها كما يفهمه بعض الناس العطلة، العطلة معناها: تعطيل العمل والإنسان لا يمكن أن يتعطل عمله أبداً، الإنسان لا بد أن يعمل كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أصدق الأسماء حارث وهمام) الإنسان دائماً متحرك، دائماً مريد، ولكن إلى أين؟ تارة إلى صراط مستقيم ينجو به من النار ويكسب به الدنيا والآخرة، وتارة إلى خلاف ذلك، فنحن وإن انتهت الدروس النظامية فإن الدروس غير النظامية لم تنته، وإن انتهى العمل في هذه المدارس النظامية فإن عمل الإنسان لا ينتهي أبداً. وإذا تأملنا أحوال الناس في هذه الإجازة وجدنا أنهم على طرق شتى:

القسم الأول: التفرغ لطلب العلم

القسم الأول: التفرغ لطلب العلم من يكدح في طلب العلم ويجعل هذه الإجازة تفرغاً لطلب علوم لا يحصل عليها في المدارس النظامية، فيلزم العلماء ويستفيد منهم في بيوت الله عز وجل، وما أعظم البركة في العلم الذي يتلقى في المساجد، العلم الذي يتلقاه الإنسان في المساجد أبرك بكثير من العلوم التي يتلقاها في المدارس، هذا شيء مجرب؛ لأن المساجد بيوت الله ومأوى الملائكة الكرام، فكان أثر الطلب فيها أثراً بالغاً على طالب العلم، ولهذا نقول: إن هذا الصنف من الناس هم الذين كسبوا، هم الذين بقوا في طلب العلم ولكن ليس بين جدران المدارس والمعاهد وإنما في بيوت الله عز وجل على أهل العلم الموثوق بعلمهم وأمانتهم ودينهم، هؤلاء في الحقيقة هم الرابحون.

القسم الثاني: زيارة البلاد المقدسة

القسم الثاني: زيارة البلاد المقدسة ومن الناس من يمضي هذه الإجازة بالسفر إلى البلاد المقدسة إلى مكة والمدينة، فيحصل له بذلك خير، يحصل له بذلك عمرة وزيارة إلى المسجد النبوي، وربما يلتقي بإخوان له وفدوا من هنا وهناك فيدلي كل واحد منهم إلى الآخر بما لديه من المشاكل وما لديه من الهموم، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، والإنسان لا بد أن يشكو إلى صديقه وإلى ذي النصح له لا بد أن يشكو إليه الحاجات التي في صدره حتى يبين له كيف يكشف هذه الحاجات. وهؤلاء يحتاجون إلى أن يعلموا كيف يعتمرون وكيف يزورون المسجد النبوي، بحيث لا يذهبون إلى هناك سدى، أو في حالة غفلة، لا بد أن يعلم ماذا يصنع إذا أراد العمرة؟ ماذا يصنع إذا أراد الزيارة؟ ونحن نتعرض إلى هذا بشيء يسير من القول: يذهب من بلده قاصداً العمرة حتى يكون مسيره من بلده إلى أن يقوم بالعمرة على خير، يأتي الميقات فيحرم، يقول: لبيك عمرة، ثم يأتي البيت فيطوف به سبعة أشواط، ثم يصلي خلف المقام، ثم يسعى بين الصفا والمروة، ثم يبقى هناك ما شاء الله، وإذا أراد أن يخرج من مكة إلى بلده فإنه يطوف طواف الوداع. أما الزيارة فإنه يأتي المدينة فيصلي في المسجد النبوي ما شاء الله، ثم يذهب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه: أبي بكر وعمر، فيقف تجاه وجه الرسول صلى الله عليه وسلم ويسلم عليه، وأحسن صيغة للسلام عليه: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، ثم يخطو خطوة عن يمينه ليكون تجاه أبي بكر يقول له: السلام عليك يا خليفة رسول الله ورحمته وبركاته، جزاك الله عن أمة محمدٍ خيراً، ثم يخطو خطوة أخرى عن يمينه ليكون مقابل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فيقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمة محمدٍ خيراً، انتهت الزيارة. وينبغي أن يخرج إلى قباء من بيته متطهراً فيصلي فيه ما شاء الله ركعتين أو أكثر؛ لأن قباء من المساجد التي تسن زيارتها، لكنه لا يشد إليه الرحل، لكن إذا كنت في المدينة فاخرج إليه متطهراً وصلِّ فيه ما شئت، فإنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أن من توضأ في بيته ثم خرج إلى قباء كان كمن أدى عمرة) . فهذان مزاران: المزار الأول: في المدينة قبر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقبرا صاحبيه. الثاني: مسجد قباء. الثالث: البقيع وهو مدفن الصحابة رضوان الله عنهم، فإنك تزور البقيع وتسلم عليهم عموماً بما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسلم به: (السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أنتم سلفنا ونحن في الأثر، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم) وتسلم على عثمان رضي الله عنه بالأخص، وقبره هناك معروف. ثم المزار الرابع: شهداء أحد تذهب إلى أحد لتسلم عليهم، فتقف هناك عند الشبك عند باب المقبرة وتسلم عليهم، وشهداء أحد على رأسهم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأما المساجد السبعة وما يقال عن مزارات هناك فهذا كله لا أصل له، ولا صحة له، ولهذا لا تنخدع بما يذكر من المزارات، فإن ذلك لا صحة له ولا أصل له. يظن بعض الناس أنه لا بد لمن زار المدينة أن يبقى فيها خمسة أوقات وهذا غير صحيح، بل لو صليت وقتاً واحداً أو جئت في الضحى وصليت في المسجد وسافرت قبل الظهر فلا بأس، هذا الصنف الثاني من الناس، الصنف الأول: الذي تفرغ لطلب العلم. الثاني: الذي سافر إلى مكة والمدينة.

القسم الثالث: السفر إلى أطراف البلاد للنزهة

القسم الثالث: السفر إلى أطراف البلاد للنزهة من سافر إلى أطراف بلادنا للنزهة وإزالة التعب والسآمة والملل؛ لأن النفس تكل، فيحب أن يسافر إلى أطراف البلاد مع أهله يتمتع بما يرى ويزور إخواناً له هناك، هذا أيضاً طيب، وليس فيه بأس، والإنفاق فيه مع النية الطيبة إنفاق مخلوف إن شاء الله.

القسم الرابع: السفر إلى الخارج

القسم الرابع: السفر إلى الخارج الذين يسافرون إلى الخارج، ينقسمون إلى قسمين: إما أن يسافر إلى بلاد الكفر التي لا يسمع فيها إلا أبواق اليهود ونواقيس النصارى، لا يسمع فيها ذكراً ولا أذاناً ولا غير ذلك، ولا تقام الجماعات إلا في زوايا خاصة لبعض الجاليات الإسلامية هناك، فهذا خاسر، خسر الدنيا والآخرة. أولاً: أنه سينفق على هذا مبالغ كثيرة. ثانياً: أنه سيكون في ذلك مقوياً لاقتصاد الدول الكافرة، لأنهم يكتسبون من وراء السياحة أموالاً كثيرة في المنازل التي يؤجرونها، في الأكل والشرب في الملابس فيما يشتري من بلادهم من هدايا، إلى غير ذلك من الأموال الكثيرة الطائلة التي تصرف في جيوب اليهود والنصارى أو الوثنيين. ثالثاً: أنه ربما يكتسب من أخلاقهم وآدابهم فيرجع إلى قومه بآداب وأخلاق هؤلاء الكفار، وربما يكون الأمر أكبر من ذلك، ربما يعتقد أن دين النصارى ودين اليهود ودين الإسلام شيء واحد -كما قاله الظالمون الذين هم كفرة- فأي إنسان يسوي بين دين اليهود والنصارى والمسلمين فإنه كافر؛ لأنه إذا سوى بين هذه الأديان لزم من تسويته أن دين النصارى مقبول عند الله وأن دين اليهود مقبول عند الله، والله عز وجل يقول في القرآن: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران:85] ويقول جل وعلا: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3] ويقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة:6] . فأديان اليهود والنصارى اليوم أديان باطلة غير مقبولة عند الله، وأعمالهم أعمال ضائعة، {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} [الكهف:103-105] ربما يطرأ على باله أنهم أهل دين ونحن أهل دين ولا فرق بيننا وبينهم إلا كالفرق بين الحنابلة والشافعية والمالكية والأحناف! يقع عند بعض الناس هكذا، وربما يقول: إذا كان هؤلاء منعمين هذه النعمة العظيمة والترف العظيم إذاً: هم على الحق، ويأتي بشبهات من القرآن. فخطر الذهاب إلى بلاد الكفر خطر عظيم، مع ما فيه من تنمية اقتصادهم، ورفع رءوسهم مما لا يليق بالمسلم أن يقوم به. القسم الثاني: قسم يسافر إلى بعض البلاد العربية، ولا شك أن السفر إلى بعض البلاد العربية أهون من السفر إلى بلاد الكفر؛ لأن هؤلاء أكثرهم مسلمون، أو كلهم مسلمون، فالسفر إليهم أهون بكثير، لكنه أسوأ من السفر إلى أطراف بلادنا؛ وذلك لأن السفر إلى هناك يحتاج أول ما يحتاج إلى أن تصور بناتك وأخواتك وزوجاتك اللاتي يسافرن معك، يحتاج إلى نفقة كثيرة، وربما يكون هناك في بعض البلاد مسارح لهم وأشياء لا ترضى، فيقع الإنسان في فخها وشراكها.

القسم الخامس: الجلوس عند الأب ومساعدته

القسم الخامس: الجلوس عند الأب ومساعدته من يبقى مع أبيه يساعده في حراثته وزراعته إن كان حارثاً أو مزارعاً، أو مع أبيه في تجارته، أو مع أبيه في معمله، أو ما أشبه ذلك، وهذا لا شك أنه خير، وأنه معونة على بر الوالدين وصلة الأرحام، فليبق في هذا العمل فإنه خير.

القسم السادس: مرافقة جلساء السوء

القسم السادس: مرافقة جلساء السوء من يبقى في بلده ولكن يقيض له شياطين الإنس، يصحبونه ويسحبونه، يقيض له شرذمة فاشلة ضائعة من الشباب فيكون معهم، في غفلة من أبيه الذي يجب عليه تربيته، وبعدم المبالاة في الأوقات، فتجده يضيع أوقاته يميناً وشمالاً، يتسكع في الأسواق، يخرج إلى أطراف البلد، يسهر الليالي ويترك الصلوات، فهذا لا شك أنه فاشل، مضيع لأوقاته التي هي أثمن من اللؤلؤ والذهب والفضة. ولهذا نقول بهذه المناسبة: إنه يجب على أولياء أمور الشباب ملاحظتهم في هذه الإجازة، إذا غابوا يسألونهم: أين ذهبتم؟ إذا صحبوا أقواماً يسأل عن هؤلاء الأقوام: من هم؟ هل هم أهل خير أم أهل شر؟ إذا رأى من ابنه ما يشم منه رائحة الفساد يجب عليه أن يحاول الحيلولة بينه وبين هذا الشر بكل وسيلة، وذلك لأن الإنسان مسئول مسئولية مباشرة عن أهله، يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:6] فأنت مسئول، لو ضاعت لك شاة من البهائم لذهبت في طول البلاد وعرضها تسأل عنها فكيف بابنك الذي هو فلذة كبدك وسعادتك في الدنيا والآخرة إن كان صالحاً، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) . فنسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا وإياكم اغتنام الأوقات في الأعمال الصالحات، وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

الأسئلة

الأسئلة

نصيحة في تربية الأبناء والزوجة

نصيحة في تربية الأبناء والزوجة Q فضيلة الشيخ: الأب في البيت عليه مسئولية تربية أولاده وأهل بيته، ولكن الآباء تجاه هذه المسئولية بين القسوة والتفريط، فما هي الطريقة المثلى التي تراها في تربية الزوجة والأولاد والبنات وفقك الله؟ A الغالب أن جميع الأعمال يكون الناس فيها ثلاثة أقسام: مُفرِّط، ومُفْرِط، ومعتدل، المُفرِّط هو المهمل، والمُفْرِط هو المشدد، والمعتدل هو الذي بين هذا وهذا، والإنسان العاقل يعرف كيف يربي أهله، يعاملهم تارة بالحزم وتارة باللين، حسب ما تقتضيه الأحوال، إذا رأى منهم شدة فليكن أمامهم ليناً، وإذا رأى منهم ليناً وقبولاً فليكن أمامهم حازماً ولا أقول: شديداً بل يكون حازماً لا يفوت الفرصة. أما بعض الناس فإنه يريد أن يشق على أهله، يريد منهم أن يكون كل شيء كاملاً وهذا غلط، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة؛ إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) أتدرون ما معنى: (لا يفرك) ؟ أي: لا يبغض ولا يكره مؤمنة أي: زوجته (إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) وهكذا ينبغي للعاقل المؤمن أن يوازن بين الحسنات والسيئات، لا يحمل الشيء على السوء مع أن فيه أشياء حسنة، إن الإنسان الذي يجحد الحسنات ويظهر السيئات ما هو إلا كالمرأة، لما حدث النبي صلى الله عليه وسلم النساء بأنهن أكثر أهل النار، قالوا: لِمَ يا رسول الله؟ قال: (لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم وجدت منك سيئة واحدة لقالت: ما رأيت خيراً قط) وهكذا الإنسان ربما ينزل بنفسه إلى مرتبة المرأة، إذا أحسنت إليه مدى الدهر ثم أسأت مرة واحدة محت جميع الحسنات، فنحن نقول: ارفق بأهلك، إن كرهت منهم خلقاً فارض منهم خلقاً آخر، لا تكن شديداً ولا مهملاً. وأشد من ذلك من إذا خالفته امرأته في أدنى شيء بت طلاقها والعياذ بالله، لو كان الشاي متقدماً حلاوته أو مرارته، قال: ما هذا الشغل؟ أنت طالق ثلاثاً، نسأل الله العافية، والمرأة السهلة اليوم يتعب الإنسان ويشيب رأسه ما وجد امرأة كيف يبت طلاقها في كل شيء، وزد على ذلك أننا نسمع كثيراً من يقول: أنتِ طالق ثلاثاً وأنت عليَّ كظهر أمي، والله عز وجل يقول في حق من يقولون: إن نسائهم عليهم كظهر أمهاتهم يقول: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً} [المجادلة:2] منكر لا يرضاه الشرع، وزور: كذب، كيف تكون زوجتك التي هي حل لك مثل أمك التي هي حرام عليك؟!! فنصيحتي لإخواني الذين يريدون تربية أهليهم وأولادهم: أن يكونوا بين اللين وبين الشدة، والعاقل يراعي الحال، ولكل حال مقال.

وصية للآباء والأبناء بشأن الزواج

وصية للآباء والأبناء بشأن الزواج Q فضيلة الشيخ: أنا شاب لم أتزوج بعد، ولكن يا والدي عمري فوق العشرين ودون الثلاثين، وأريد الزواج ولكن لا أستطيع، فأرجو من الله ثم منك يا فضيلة الشيخ في هذا المقام المبارك أن تدعو الله لي ولإخواني الشباب لعل الله أن يفتح علينا أبواب رحمته، وأن يرزقنا الرزق الحلال، وما دور الآباء تجاهنا نحن الأبناء، وما دور الآباء أيضاً تجاه من عندهم من بناتهم في هذه المشكلة حيث مغالاة المهور، جعل الله فرجنا وفرج المسلمين بمنه وكرمه بسببك يا فضيلة الشيخ في دعوة الناس إلى تخفيف المهور وإعانة إخوانهم الشباب على هذا الزواج؟ A أما الدعاء فمبذول، وأوصي أخي السائل أيضاً أن يدعو الله هو بنفسه، فإن الله تعالى يقول في كتابه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186] ويقول جل وعلا: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60] . ولا شك أن ما يصيب الشباب اليوم من العناء والعنت والمشقة في العجز عن الزواج لا شك أنه أمر محزن، وأنه يخشى من عواقبه الوخيمة، وإن لي وصيتين: الوصية الأولى بالنسبة للشباب: أن يصبروا، ويسألوا الله العون وأن يعجل لهم بتيسير الأمور، وينتظروا الفرج من الله عز وجل. وأوصي أيضاً الآباء بالنسبة لأبنائهم وبناتهم: أن يتقوا الله تعالى فيهم، لأن الأب إذا كان قادراً على تزويج ابنه وجب عليه أن يزوجه وجوباً كما يجب أن يكسوه ويطعمه ويسقيه ويسكنه يجب عليه أن يزوجه، والعجب أنه يوجد آباء أغنياء يقول له الولد: زوجني، فيقول: لا أزوجك، أنت اعمل وزوج نفسك، سبحان الله! الأمر بيده، هل الدراهم موجودة على الرمال ورءوس الجبال؟ أبداً، ولهذا نرى أن الرجل القادر على تزويج أبنائه يجب عليه أن يزوجهم وجوباً، فإن لم يفعل فهو ظالم آثم، ولست أقول هذا من عند نفسي بل قاله العلماء رحمهم الله، قالوا: إنه يجب على الرجل أن يعف أبناءه كما يجب عليه أن يسد جوعهم وعطشهم، بل قد تكون مسألة الزواج أخطر؛ لأنها قد تتعدى إلى الغير فيفسد غيره. فيجب على الآباء أن يزوجوا أبناءهم إذا كانوا قادرين. الوصية الثانية بالنسبة للآباء: أنه يوجد أناس عندهم بنات، بل عندهم عدد كثير من البنات ومع ذلك يأتيه الخاطب الكفء فيرده دون أن يستشير البنت، وقد جرى هذا كثيراً، وما أكثر البنات اللاتي يشكين من هذا، أن أباهن يرد الخطاب الأكفاء دون أن يرد العلم إلى البنت المخطوبة، وهذه والله خيانة للأمانة، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال:27-28] . وقد ذكر العلماء رحمهم الله: أن ولي المرأة إذا منعها كفئاً في دينه وخلقه فإن ولايته تسقط، وإذا تكرر ذلك منه فإن عدالته تزول، بمعنى: أن الرجل لو خطب منه عدة مرات وهو يرد الأكفاء فإنه يكون بذلك فاسقاً لا تقبل شهادته ولا ولاية له، بل قال العلماء: لا يصلح أن يكون إماماً في الناس؛ لأنه فاسق حيث عضل ابنته من الزواج، ومع ذلك تسقط ولايته، ويقال: إذا لم تزوج يزوجها ولي آخر، يزوجها من يليه من الأولياء، ولكن المشكلة أنه لا يمكن أن تتجاسر امرأة على رفع القضية إلى القاضي حتى يزوجها عمها بدل أبيها، وأقول: إذا لم يمكن هذا حسب العادة عند الناس فإن الأب سيزداد إثماً؛ لأنه هو الذي منع حقها. ولقد حدثت قبل سنوات أن فتاة حضرها الموت وعمرها فوق ثلاثين سنة وعندها نساء يمرضنها، فلما حضرها الموت وهي في سياق الموت، قالت لهن: بلغو أبي سلامي، وقلن له: إنه قد ظلمني حيث لم يزوجنِ ولكني سأقف أنا وهو بين يدي الله عز وجل، تقول هذا في سياق الموت، ولعلها لم تمت إلا كمداً حيث منعها حقها، فوصيتي للآباء أن يتقوا الله في أبنائهم وبناتهم، أن يزوجوا الأبناء إذا كانوا قادرين ويزوجوا البنات إذا خطبهن الأكفاء. ولكن لو تعارض رأي الأب ورأي البنت، الأب يريد إنساناً هيناً في دينه وإن لم يكن ذا دين واضح، والبنت تريد رجلاً ديناً فمن الذي يقدم: البنت أم الأب؟ البنت بلا شك، حتى لو فرض أن الذي اختاره الأب كان ذا مال وميسرة والثاني دون ذلك، فإن رأي البنت مقدم، ولو كان الأمر بالعكس اختارت البنت خاطباً ليس كفئاً في دينه واختار الأب خاطباً كفئاً في دينه من يقدم؟ الأب، ولهذا لو أن الأب منع ابنته إذا قالت: أنا لا أريد إلا فلان وفلان ليس ديناً وقال: لا أزوجك فلان؛ لأنه ليس أهلاً للتزويج وماتت وهي لم تتزوج، فهل على أبيها إثم؟ الجواب: لا، لأن منعه إياها بحق، حيث اختارت من ليس بكفء وترد من هو كفء.

أحكام رؤية الخاطب لمخطوبته

أحكام رؤية الخاطب لمخطوبته Q فضيلة الشيخ: إذا خطب الإنسان امرأة فرفض والدها أن يراها الخاطب مع اقتناعه بذلك الخاطب، فهل يحل للوالد أن يرفض أمراً أتى به الشرع وليس له من عذر إلا أن العادة لم تجرِ بهذا، فأيهما أولى بالاتباع: العادة أم الشرع؟ فما نصيحتك لأولئك الآباء، خصوصاً وأنكم تعلمون وفقكم الله أن عاقبة الأمر هي السعادة إذا تمت الرؤية؟ A إنه إذا امتنع الأب من ذلك فلا إثم عليه؛ لأن نظر الخاطب إلى المخطوبة إما مباح على قول بعض العلماء وإما سنة، ولم يقل أحد من العلماء: إنه واجب حتى يكون رد طلبه إثماً، لكننا نشير على هذا الذي منع أن يمكن الخاطب من رؤية المخطوبة لأجل أن تراه هي أيضاً، تراه وتقتنع به، وهو أيضاً يراها ويقتنع بها، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إن ذلك أحرى أن يؤدم بينهما) أي: أن يجمع بينهما. وكم من إنسان خطب امرأة دخل عليها فلما رآها لم تعجبه، فبقي حائراً: أيطلقها ويخسر هذا المال الكثير. ثم هي أيضاً إذا طلقت بناءً على أن الزوج لم يرضها ربما يقل خطابها أيضاً، فرؤية المخطوبة مستحب، لكن بشرط ألا يخلو بها، وألا تخرج متجملة أو متطيبة أو متمكيجة أو كاحلة بل تخرج على طبيعتها، لأنها لو خرجت عليه متزينة أو متمكيجة أو كاحلة ربما يكون لأول وهلة يشعر بأنها من أجمل بنات آدم، ثم إذا عادت إلى طبيعتها بدون هذا نقصت في عينه كثيراً، وأيضاً هو ليس بزوج الآن حتى تتجمل له بل هو رجل أجنبي، فلتخرج على طبيعتها. كذلك أيضاً: إذا رضيها وتمت الخطبة فلا يكلمها، انتهى الموضوع، وبعض الخطاب يكلم خطيبته بالتليفون فتجده يجلس معها ساعات كثيرة يحدثها، وإذا قلت: هذا لا يجوز، المرأة أجنبية منك كيف تحدثها؟ قال: أنظر مدى ثقافتها، كيف تنظر مدى ثقافتها؟ ألستَ خطبتها ورضيت بها، لا حاجة إلى الثقافة، إذا كنت تريد اعقد عليها وحدثها ما شئت، أما أن تحدثها وهي أجنبية منك ولم يتم العقد فهذا لا يجوز، وقد ابتلي كثير من الناس بهذا، فتجده يفتح الهاتف عليها ويحدثها، ليلة كاملة تذهب والحديث مع الصديق يقتل الوقت قتلاً، فنحذر من هذا. كذلك يسأل بعض الناس يقول: هل يجوز أن نعطي المرأة المخطوبة صورة الخاطب، ونعطي الرجل الخاطب صورة المخطوبة بدلاً من أن ينظر إليها مباشرة؟ فنقول: هذا لا يجوز، أولاً: أن الصورة لا تعطي الحقيقة تماماً، قد تشاهد صورة رجل تقول: ما شاء الله هذا من أحسن ما يكون، وإذا رأيته مباشرة فإذا هو خلاف الصورة، ثم إنه يخشى أن تكون صورة المرأة ألعوبة في يد هذا الرجل فيما إذا رغب عنها وتركها، لذلك نرى أنه لا يجوز تبادل الصور بين الخطيب والمخطوبة، بل إما أن تطبق السنة فينظر إليها مباشرة، وإما أن يرسل إليها من النساء من ينظر إليها ويتبين الأمر.

حكم الذهاب إلى الكوافيرا

حكم الذهاب إلى الكوافيرا Q ما حكم الذهاب إلى الكوفيرا لتصفيف شعري أو قصة، وذلك طلباً من زوجي أن أفعل ذلك، حيث إني لا أعرف ذلك بنفسي، فهل أذهب مع أخذها لذلك المال؟ A الذي أسمع أن الكوفيرا تأخذ مالاً كثيراً على عمل يسير، مع أن هذه الكوفيرا بعضهن لا يؤتمن بالنسبة للشعر الذي تأخذه، ثم لا يؤتمن أن تصف الشعر على صف من جنس صف رءوس الكافرات. فالذي أرى: أن النساء فيما بينهن في البيت يمكن أن تعلم هذه المرأة القصة التي عند الكوفيرا وتعرف كيف تقلدها، والأمر سهل في هذا، لو أن النساء بعضهن قام بإصلاح شعر البعض الآخر في البيت، وكل يعرف أن يقلد بدلاً من أن تصرف هذه الأموال الكثيرة لهذه الكوفيرا ثم لا تؤمن من كل ناحية.

حكم التلفظ بالنية في الحج وغيره

حكم التلفظ بالنية في الحج وغيره Q خرج لكم وفقكم الله كتاب شرح رياض الصالحين، نسأل الله أن يعم به النفع، ولقد قرأت في أول شرحكم للآيات التي تدل على وجوب النية في كل عمل، وذكرتم أن كل نية متلفظ بها في كل عمل بدعة، ومثلتم بالصلاة والصوم والحج، فهل التلفظ بنية الحج داخل في البدعة، أم أن ذلك سهواً؟ A هذا ليس بسهو، بل التلفظ بنية الحج كالتلفظ بنية الصوم والزكاة والصلاة، أي: أنه لا يقول الإنسان: اللهم إني نويت العمرة، اللهم إني نويت الحج، لكن ينوي بقلبه، ويعرب عما في قلبه بلسانه، فيقول: لبيك عمرة، وأما أن ينطق بالنية قبل أن يدخل في النسك فيقول: اللهم إني نويت كذا، فهذا بدعة، لأنه لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال حينما أراد الإحرام بالعمرة أو بالحج: اللهم إني نويت العمرة أو اللهم إني نويت الحج.

حكم الحج عن الأم إذا خشي عليها الموت

حكم الحج عن الأم إذا خشي عليها الموت Q حججت حجة الإسلام ولله الحمد، ونويت أن أحج لأمي هذا العام؛ لأنها مسنة مريضة بالقلب والسكر والضغط، فاتصلت بها هاتفياً طمعاً في توكيلها لي بالحج عنها، لكنها رفضت وقالت لي: أريد أن أحج بنفسي وأموت في مكة، فهل أساعدها على المجيء والحج وهذه هي حالتها ونيتها، أرجو توجيهي في أمري وفقك الله؟ A التوجيه أن نقول: إذا كنت لا تخشى عليها أن تموت فإنها إذا رضيت بالمشقة لا بأس، دعها تحضر وتؤدي المناسك بنفسها، أما إذا كنت تخشى أن تموت إذا سافرت فإنها لا تتحمل السفر فلا تطعها، وفي هذا الحال لا تكون عاصياً ولا عاقاً، لأنك إنما تريد مصلحتها.

حكم زيارة المرأة للمقابر

حكم زيارة المرأة للمقابر Q ذكرت وفقك الله زيارة البقيع وشهداء أحد، فهل يجوز للرجل أن يذهب بأهله من النساء إلى تلك الأماكن، وهل يجوز أيضاً للمرأة أن تدخل في الروضة قريباً من قبر النبي صلى الله عليه وسلم؟ A هذا سؤال وفيه تنبيه يشكر عليه، النساء لا يزرن المقابر، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لعن زائرات القبور) واللعن: هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، ولا فرق بين البقيع والشهداء في أحد، وغيرها من مقابر المسلمين، لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيتها قاصدة زيارة المقبرة، فإن فعلت فهي ملعونة والعياذ بالله، لكن لو مرت بالمقابر بدون قصد الزيارة ووقفت ودعت لأهل القبور فلا بأس، أما زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه فقد رخص بعض العلماء في ذلك، وقال: إن زيارة المرأة لقبر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقبري صاحبيه ليست زيارة، لأن مكان القبور الثلاثة محاط بثلاثة جدران، فهي لم تقف على القبر وبينها وبين القبور حائل، فهي وإن وقفت في الروضة كما يقول السائل فإنها لم تكن زائرة للقبر إذ بينها وبينه حجاب ثلاثة جدر، لكن مع ذلك نرى ألا تزور المرأة قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقبري صاحبيه، لأنها إذا ذهبت إلى هناك يقال: إنها زارت القبر، فهي زيارة عرفية، وإن لم تكن حقيقة زيارة، لكنها زيارة عرفية فلا نرى أن تذهب. ثم أليس المقصود من الوقوف على القبر أن يصل سلامها إلى الرسول؟ الجواب: بلى هذا هو المقصود، ومع هذا نقول: أنت لو سلمت عليه في أقصى الدنيا فإن سلامك سوف يبلغه، لأن الله وكَّل ملائكة سياحين في الأرض؛ إذا سلم أحد على الرسول عليه الصلاة والسلام نقلوا السلام. نحن الآن إذا قلنا: اللهم صلِّ وسلم على رسول الله؛ نقل سلامنا إليه. وفي الصلاة تقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ينقل السلام إليه -اللهم صلِّ وسلم عليه- إذاً لا ضرورة إلى أن تأتي المرأة إلى القبر. سمعت بعض الناس يقول في المدينة: إن أبي أوصاني أن أسلم على الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: سلم لي على الرسول، ما تقولون في هذه الوصية؟ الجواب: هذا غلط، الرسول ليس حياً حتى تنقل سلام الحي له، ثم إذا سلم أبوك على الرسول نقل سلامه من هو أقدر منك على إبلاغه وأوثق منك، وهم الملائكة، إذاً لا حاجة لذلك، أنت في مكانك في أي مكان من الأرض قل: السلام عليك أيها النبي وسيبلغه، بأسرع من هذا وأوثق وأحسن.

الأرحام الواجبة صلتهم

الأرحام الواجبة صلتهم Q من الواجب صلته من الرحم؟ A الواجب صلته من الرحم جميع الأقارب من جهة الأب ومن جهة الأم، وحد ذلك: الجد الرابع، فمثلاً: محمد بن عبد الله بن علي بن سليمان بن خالد، خالد وذريته هؤلاء قرابة الجد الرابع، ومن فوقهم ليسوا من القرابة لأننا لو أردنا أن نقول: كل أب لك فإنه يجب عليك صلته وصلنا إلى آدم.

حكم أخذ الوالد الغني مال أحد أبنائه ليعطيه غيره

حكم أخذ الوالد الغني مال أحد أبنائه ليعطيه غيره Q فضيلة الشيخ: أنا امرأة متزوجة ولدي أطفال، وأعمل معلمة في مدرسة، ولكن المشكلة تقوم بيني وبين والدي هداه الله، حيث أنه رجل محب للمال، فهو يريد مني راتباً شهرياً ولا يرضى بالقليل، فمثلاً ألف ريال لا يساوي عنده شيئاً، مع أنه ليس بحاجة إليه، بل لديه بيوت للإيجار، ولديه راتب للتقاعد، وأولاد غير أشقاء لي، وهو غير موفق في زواجه بعد وفاة والدتي، ففي كل فترة يأخذ ويطلق، كل هذا للعلم بأنه ليس بحاجة إلى المال، ولكن زوجي يرفض أن أعطيه شيئاً من راتبي، وأبي الآن غضبان مني، ولا يرضى بزيارتي ولا بكلامي معه بالهاتف، فهو يكيل بالسب والشتم عند إخواني الآخرين، علماً بأني لم أقصر معه في شيء في السنوات الماضية، حيث كنت أنا المحبوبة لديه، فماذا أصنع وفقك الله مع الحالة هذه؟ A أرجو أن يبلغ كلامي هذا الأب، فأقول له: اتق الله في نفسك ما دمت قد أغناك الله، ولك أولاد غير أشقاء لهذه البنت، فإنه يخشى أن تأخذ منها المال لترده في مصلحة إخوانها، وقد ذكر العلماء رحمهم الله: أنه لا يجوز للوالد أن يأخذ من أحد أولاده مالاً ليعطيه الولد الآخر، لأنه ظلم وجور، فكما أن الوالد لا يجوز أن يبر أحد أولاده ببريرة دون الآخر فكذلك لا يجوز أن يأخذ من فلان ويعطي فلاناً. وإني أنصح هذا الأب وأقول له: دع هذه المرأة تعيش مع زوجها بسعادة، ومالها لها، وأنت قد أغناك الله، واذكر دائماً قول الله تعالى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر:9] واذكر قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إياكم والشح، فإنما أهلك من كان قبلكم الشح) . أما بالنسبة للبنت فإني أرى أن تصبر وتحتسب، وتعطي والدها ما يرضيه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنت ومالك لأبيك) وإذا أمكن أن تكلمه باللطف واللين، وتقول: أنا أخشى أن يكون إعطائي إياك سبباً لفراق زوجي، لأن زوجي يقول: لا تعطيه، وتقنعه لعل الله يهديه.

حكم اجتماع أكثر من سبب لسجود السهو

حكم اجتماع أكثر من سبب لسجود السهو Q فضيلة الشيخ: إذا اجتمع في الصلاة أكثر من سهو، وسبب أحدهما قبل السلام والآخر بعد السلام، فأين موضع السجود والحال هذه؟ A هذه المسألة تنبني على أن نعرف ما هو السجود -أي: سجود السهو- الذي يكون بعد السلام؟ كل ما كان سببه الزيادة، مثل: أن يسجد ثلاث مرات، أو يقوم إلى خامسة ثم يذكر فيرجع، هذا يكون بعد السلام، ويكون قبل السلام إذا ترك واجباً من واجبات الصلاة، مثل: أن يقوم عن التشهد الأول، أو ينسى أن يقول: سبحان ربي الأعلى في السجود، أو سبحان ربي العظيم في الركوع، فهذا يكون قبل السلام، فإذا اجتمع سهوان أحدهما يكون سجوده قبل السلام والثاني يكون سجوده بعد السلام فأيهما نقدم؟ قال العلماء: يقدم ما كان قبل السلام، من أجل أن ينصرف من صلاته وقد تمت، فهذا رجل مثلاً نسي التشهد الأول في الركعتين الأوليين، وجلس للتشهد الأول في الركعة الثالثة ظناً منه أنها هي الثانية، ثم ذكر فقام وأتم، فلدينا الآن سهوان، أحدهما: أنه نسي التشهد الأول، والثاني: أنه تشهد في غير موضع التشهد، فعندنا تشهد في غير موضع التشهد سجوده بعد السلام، وتركه التشهد سجوده قبل السلام فهنا نقول: اسجد قبل السلام.

تعلم كيفية تغسيل الميت عمليا بالتطبيق بشخص حي

تعلُّم كيفية تغسيل الميت عملياً بالتطبيق بشخص حي Q فضيلة الشيخ: أكتب رسالتي هذه وأنا واثقة بالله أنكم سوف تجيبون على سؤالي هذا: حيث إننا مجموعة من النساء نود أن نعمل محاضرة للمحتضر بعد وفاته، كيف يكون العمل معه، وكيف يكون تغسيله وتكفينه، فتقوم إحدى الأخوات بدور الميتة، ولقد سمعنا أنك منعت من هذا، وأشرت بأن تكون الميتة أو ما يطبق عليه لعبة أو غيرها من لعب الأطفال، ولا يتم شرح هذه المحاضرة بشخص عادي حي، أرجو أن تلبي لنا هذا؟ A أقول: إن تعلم النساء كيف يغسلن النساء أمر مهم كتعلم الرجال كيف يغسلون الرجال، لكن هذا يحصل بالتعليم النظري، بمعنى: أن يؤتى برسالة فيها كيف يغسل الميت، وكيف يكفن، والنبي عليه الصلاة والسلام قال في الرجل الذي وقصته ناقته في عرفة ومات في عرفة قال: (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين) وقال للنساء اللاتي يغسلن ابنته: (اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، واجعلن في الغسلة الأخيرة كافوراً، وأمرهن أن يجعلن رأسها ثلاثة قرون، وقال: إذا فرغتن فآذنني، فلما فرغن من تغسليها قلن: يا رسول الله! غسلناها، فأعطاهن حقوه -أي: إزاره- وقال: أشعرنها إياه) أي: لفوا إزار النبي عليه الصلاة والسلام على بدن ابنته، ويكون هو المباشر للبدن، تبركاً بإزاره صلوات الله وسلامه عليه، فعلمهن بدون تطبيق عملي. وأعتقد أننا إذا قتلنا الفكر حتى كنا لا نتصور إلا ما كان أمامنا بالتطبيق فهذا ضرر على أفكارنا، دعوا الفكر يعمل، لا تصوروا الأمر بصورة محسوسة فنأخذ على ألا نفهم إلا الشيء المحسوس، هذا ليس بجيد. ثم هذه المرأة التي تمثل نفسها ميتة سوف يخلعن ثيابها، لأن الميتة تخلع ثيابها، ويؤتي بالماء وتدلك ويقال: انقلبي رحمك الله، وهلم جراً، وبعد ذلك المشكل هو الكفن، ويخشى أنها تموت هي بعد ذلك، يكون التطبيق عملي ثم تموت، كما يحكى عن رجل من قطاع الطريق، أقبل شخص على ناقته، فقال لصاحبه قاطع الطريق: هذا الرجل أقبل ومعه ناقته، وكن أنت ميتاً، وسنقول للرجل الراكب: أنخ البعير وساعدنا على هذا الميت، قال: طيب، قال: وإذا أقبل يأخذك أمسكه وأنا سأضربه، فجاء الرجل الراحل قالوا: جزاك الله خيراً، أنخ البعير عندنا ميت ونريد أن تساعدنا عليه، قال: طيب، فأناخ بعيره ثم جاء إلى هذا المضطجع على أنه ميت، لما أقبل عليه يأخذه، صاحبه يحركه برجله، يا فلان يا فلان يريد أن يتحرك وإذا هو ميت، سبحان الله! من حفر لأخيه حفرة وقع فيها، فصار ميتاً. لكن على كل حال: هذا أراد السوء فأوقعه الله في السوء، أما التي تريد أن تجعل نفسها ميتة لكي تغسل فهذه ما أرادت السوء، لكن نقول: بدلاً من هذا إذا كان ولا بد يؤتى بشيء أمام النساء من البلاستيك أو غيره لكن ليست صورة كاملة، ثم يطبق التغسيل والتكفين عملياً.

أسئلة في أحكام المولود

أسئلة في أحكام المولود Q فضيلة الشيخ: كثر في هذا الزمن في تسمية الأولاد أسماء غريبة ذات معانٍ غريبة ليست من عادات المسلمين، ولي أسئلة عدة حول تسمية الأبناء والبنات: أولاً: حق التسمية لمن: للزوج أم للزوجة؟ A حق التسمية للأب، هو الذي يسمي أولاده، فإذا تنازعت الأم والأب، الأم تريد اسماً وهو يريد اسماً آخر فالحكم للأب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته) . ثانياً: هل للزوج أن يشترط على زوجته تسمية الأبناء له؟ الشيخ: على كل حال الحق للأب، لكن مع قولي: إن الحق للأب ينبغي للأب أن يكون مع زوجته ليناً ويتشاور معها حتى يقنعها بما يريد من الأسماء، وينبغي للإنسان أن يحسن اسم ابنه أو بنته، لأن الناس يدعون يوم القيامة بأسمائهم وأسماء آبائهم، كما ثبت ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام، (أحب الأسماء إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن) وكل ما أضيف إلى الله فهو أفضل من غيره، مثل: عبد الله، عبد الرحمن، عبد الرحيم، عبد العزيز، عبد الوهاب، عبد الكريم، عبد المنان، وما أشبه ذلك، كل ما أضيف إلى الله فهو أفضل. ويحرم أن يتسمى بأسماء الفراعنة، مثل: فرعون، أو بأسماء الشياطين، مثل: إبليس، قال العلماء: أو بأسماء القرآن فإنه لا يجوز أن يسمي ابنه: فرقاناً، أو ما أشبه ذلك، لأن هذه خاصة بالقرآن الكريم، والقرآن أسماؤه محترمة فلا يسمى به أحد من البشر، حتى بعض العلماء قال: يكره أيضاً أن يتسمى بأسماء الملائكة، مثل: جبريل، ميكائيل، إسرافيل. ثالثاً: تسمية الأولاد على الوالدين، خصوصاً إذا كان الوالد يرى أن ذلك براً، وأنه إذا لم يفعل فإنه عاق لوالديه. الشيخ: أقول: الأفضل أن يقول للأب: الأسماء المحبوبة إلى الله أحب إلي وإليك، فما دام الله تعالى يحب الأسماء المضافة إليه عبد الله وعبد الرحمن، فأعطني يا والدي فرصة أسمي بذلك، فإن أصر ورأيت أنه سوف يرى ذلك عقوقاً منك فلا بأس أن تسمي باسمه وإن كان مرجوحاً، فلو فرضنا أن اسمه محمداً وقال: سم ولدك محمداً، قال: يا أبت، عبد الله أحسن وأفضل، قال: لا، إن كنت تريد أن تبرني سمه محمداً، فهنا لا بأس أن يسميه محمداً؛ لأنه اسم مباح وطيب، وأسماء الرسل أفضل من أسماء غيرهم إلا ما كان أحب إلى الله فهو أفضل.

ما يبدأ به المبتدئ في طلب العلم

ما يبدأ به المبتدئ في طلب العلم Q أنا طالب علم مبتدئ أريد أن أبدأ بطلب العلم، فهل أبدأ بكتب العقيدة أم غيرها، أريد من فضيلتك وفقك الله أن تدلني على طريقة سهلة ميسرة أنتفع بها، وهل إذا بدأت بعلم لا أطبقه حتى أختمه أرجو توضيح ذلك الأمر لي ولإخواني المبتدئين؟ A أرى أن طالب العلم المبتدئ يأخذ بما يوجهه إليه أستاذه وشيخه، والناس يختلفون، وحاجات الناس إلى العلم تختلف، إذا كنت في بلد كثر فيه البدع والشرك ابدأ بالتوحيد، وفي بلد سالم من البدع والشرك لكن يحتاج الناس إلى فقه العبادات وفقه المعاملات ابدأ بالفقه، فابدأ بما الناس إليه أحوج. وكذلك أيضاً أحث إخواني طلبة العلم: على أن يفهموا كتاب الله عز وجل؛ لأن القرآن هو أصل الأصول، وكان الصحابة رضي الله عنهم لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، رجل يقرأ عشر آيات يفهم معناها أولاً ثم يطبقها عملاً، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً، ثم يحفظ من ذلك من المتون مثل: عمدة الأحكام في الحديث، وإذا كان عنده همة أقوى بلوغ المرام في الحديث، ثم في الفقه يحفظ أيضاً متناً من المتون التي تناسبه، ومن المعلوم أن زاد المستقنع خدمه الناس خدمة عظيمة، له شروح وحواش، وهو المشهور بين أيدي القضاة الآن وبين أيدي العلماء في هذه المملكة.

اللقاء الشهري [29]

اللقاء الشهري [29] إن مما يندى له الجبين أن يقف المسلمون صامتين لا تتحرك لهم شعرة أمام ما يجري في البوسنة والهرسك على أيدي الصرب؛ بتمكين من دول أوروبا النصرانية، وإشراف من هيئة الأمم المتحدة على حرب الإسلام والمسلمين. وفي هذا اللقاء توضيح ذلك مع بيان مباحث النكاح من شروط ومهر ومنكرات تقع فيه، وأخيراً التحذير من التلاعب بالطلاق. وكانت معظم الأسئلة تدور حول أبواب النكاح، والمخالفات الشرعية في الأعراس.

مأساة المسلمين في البوسنة والهرسك

مأساة المسلمين في البوسنة والهرسك إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فقبل أن نتكلم في موضوع هذا اللقاء أحب أن أشير إلى هذه المأساة العظيمة التي أوقعها أعداء الله وأعداؤنا من نصارى الصرب في إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك على مرأى ومسمع من هيئة الأمم المتخاذلة، التي لا يشك عاقل يتدبر مجريات الأمور إلا أن هذه الأمم النصرانية لها ضلع كبير في تمكين هؤلاء النصارى الصرب من أن يفعلوا بالمسلمين ما فعلوه، فعلوا أمراً لا يقره عقل ولا دين، يقال: إنهم جمعوا (700) شاب في ملعب رياضي وذبحوهم كما تذبح الشياه والعياذ بالله، يذبحون الشاب أمام إخوانه، ذبحوا (700) شاب على هذا الوجه والعياذ بالله، ثم طردوا النساء والصبيان الذين دون السادسة؛ لأنهم لا يستطيعون أن يحملوهم أو يقوموا بحضانتهم، أما من فوق السادسة إلى السادسة عشرة فإنهم جمعوهم جميعاً وجعلوا بينهم وبين أهليهم أسلاكاً، يصرخ الصبي يا بابا يا ماما ولكن لا مجيب، تتفطر الأكباد، وتنفجر القلوب من هذا الفعل، والأمم المتخاذلة تتفرج، نسأل الله تعالى أن يدمرها وأن يجعل العاقبة للمسلمين. إني أتمنى أن ينسحب المسلمون من -هيئة الأمم المتخاذلة- المتحدة على القضاء على الإسلام، ولا سيما في دول أوروبا، ولا سيما بعد أن رأوا تحرك الشباب يريدون الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، يريدون نبذ حكم الطاغوت، يريدون أن ينبذوا الحكم بغير ما أنزل الله على رسوله في كتابه وسنة محمد صلى الله عليه وسلم، يريدون أن تكون كلمة الله هي العليا في كل مكان من الأرض. لما رأت دولة النصارى -وأعني بالدولة اسم الجنس ليشمل جميع دول النصارى- هذه الحركة من المسلمين قالوا: لا يمكن أن تقوم دولة إسلامية في وسط أوروبا، لا بد من القضاء عليها قضاءً مبرماً محكماً، وبهذه الفجيعة وبهذا التخويف، فنسأل الله تعالى القوي العزيز أن يقهرهم بقوته وعزته، وأن يدمر الصرب ومن عاونهم على المسلمين، وأن يهيء للمسلمين رشداً في أمورهم. إننا أيها الإخوة ملزمون بأن نعين إخواننا هؤلاء الذين نزلت بهم هذه المأساة، ولو بالدعاء بدعاء الله تعالى في آخر الليل، في السجود، في الفرائض والنوافل، في كل وقت ترجى فيه الإجابة، والله سبحانه وتعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وقد تتأخر الإجابة ليزداد اضطرار العباد إلى الله عز وجل، فنسأل الله تعالى في هذا المكان الطيب، أن ينصر إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك، وأن يثبت أقدامهم، وأن يرحم موتاهم، وأن يكون لأيتامهم وأراملهم، وأن يرينا ما يسرنا في أعداء الله في كل مكان، إنه على كل شيء قدير.

من أحكام النكاح

من أحكام النكاح أما موضوع هذا اللقاء فهو ما يتعلق بالنعمة الكبيرة التي أنعم الله بها على بني آدم، فإن الله تعالى أنعم على بني آدم بإباحة ما يشتهيه ويلتذ به من طعام وشراب ونكاح، لكن النكاح أمره عظيم، ولهذا كان له شروط في عقده وشروط في حله.

شروط النكاح

شروط النكاح أما عقده فإن أهم الشروط فيه: رضا كل من الزوجين بالآخر، لا بد من رضا الزوج، فلا يجوز إجبار الزوج أن يتزوج بامرأة لا يريدها، وقد كانت عادة عند بعض أهل البادية أن يجبروا الإنسان أن يتزوج بابنة عمه ويرى أن عاراً أن يخرج عن القبيلة، ولهذا يجبرون بعض شبابهم على أن يتزوجوا من بنات عمهم، وهذا غلط، وإذا أجبر الزوج على ذلك فإن النكاح لا يصح، وللزوج أن يمتنع وأن يقول: لا أريد أن أتزوج بهذه المرأة حتى وإن غضب أبوه وأمه، لأن هذه أمور تتعلق بالإنسان شخصياً، فكيف يجبر على امرأة لا يريد أن يتزوج بها لمجرد حمية الجاهلية، وإذا كان لا يجبر الإنسان على طعام لا يشتهيه مع أن الطعام أمره سهل ساعة أو نصف ساعة ثم ينحدر إلى الخلاء، فكيف يجبر على أن يتزوج امرأة تبقى معه ما شاء الله أن تبقى، وتكون أم أولاده وهو لا يريدها. كذلك المرأة إذا أجبرت على أن تتزوج بمن لا تريد فإن النكاح لا يصح، حتى وإن كانت بكراً، حتى وإن كان الذي زوجها أبوها، فإنه لا يحل له أن يزوجها بمن لا ترضاه، وسواء عللت عدم الرضا بأن قالت: لا أرضاه لأنه قبيح، لا أرضاه لأنه سيئ الخلق لا أرضاه لأنه قليل المال لا أرضاه لأنه أمي. أو قالت: لا أرضاه؛ لأن نفسي لم تطب به لا أريد أن أتزوج بهذا الرجل، فإنه لا يجوز إجبارها. وإن بعض الناس يجبر ابنته على أن تتزوج بابن عمها، وشرٌ من ذلك من يجبرها على أن تتزوج بهذا الرجل؛ لأن هذا الرجل يريد أن يزوج أباها أو أخاها بأخته أو بنته، فيكون ذلك شغاراً. إذاً: من أهم الشروط في النكاح: رضا الزوج والزوجة، ودليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الأيم -أي: الثيب التي تزوجت من قبل- حتى تستأمر) . والفرق بين الاستئذان والاستئمار أن الاستئمار تشاور وتراود ومبادرة الحديث والنقاش، لأن الثيب قد زال عنها الحياء، أما الاستئذان فإنه يقال لها: إن فلاناً خطبك فهل تريدين أن تتزوجي به، بدون مشاورة، استئذان فقط، وقد فرق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين البكر والثيب في الإذن أيضاً، فقالوا: (يا رسول الله! البكر تستأذن كيف أذنها؟ قال: إذنها أن تصمت) ما معنى تصمت؟ أي: تسكت لا تتكلم، فلو قال لها أبوها مثلاً: أترغبين أن تنكحي فلاناً؟ فسكتت، أو قال: فلاناً خطبك فسكتت، فهذا إذن، ولا يحتاج أن تقول: نعم، لأنها بكر تستحي، فإن قالت: لا أريد، فإنه لا يزوجها، ولا يحل له أن يجبرها على ذلك، حتى ولو كان أباها، لأنه ثبت في صحيح مسلم قال: (البكر يستأذنها أبوها) فنص على البكر ونص على الأب. وأما من ذهب من أهل العلم إلى أن البكر يجوز لأبيها أن يجبرها كما زوج أبو بكر عائشة نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل أن يستأذنها فإن ذلك مذهب ضعيف، لأننا نقول: مَنْ مثل عائشة ومن مثل النبي عليه الصلاة والسلام؟ هل يعقل أن عائشة ترفض الرضا بالرسول عليه الصلاة والسلام؟ لا يعقل، لكن امرأة في وقتنا الآن يعقل وبكل سهولة أن ترفض النكاح من شخص معين، ونقول لهذا المستدل: ائت لنا بامرأة مثل عائشة ولن تأتي لنا برجل مثل النبي عليه الصلاة والسلام. فإذا تعارض رأي الأب أو الولي الآخر ورأي المرأة، فعينت المرأة شخصاً وعين الولي شخصاً آخر، فبتعيين من نأخذ؟ بتعيين المرأة؛ لأنها هي صاحبة الشأن، فإذا أبى أن يزوجها قال: إما أن تتزوجي من عينته أنا وإلا فلا نكاح، قلنا: اجلس لا تزوجها، يزوجها الولي الآخر الذي بعده، فالأب مقدم على الأخ الشقيق، وإذا أبى الأب أن يزوجها من هو كفء يزوجها أخوها الشقيق، وأخوها من أب يزوجها إذا لم يوجد أخ شقيق، إذا لم يوجد أخ لأب هل يزوجها الأخ من الأم؟ A لا، الأخ من الأم لا ولاية له، كل الذين يأتون من قبل الأم ليس لهم ولاية، الأخ من الأم لا ولاية له، أبو الأم لا ولاية له، الخال لا ولاية له. لو وجدنا امرأة ليس لها إلا خال وليس لها عصبة، فإن خالها لا يزوجها، يزوجها القاضي -الحاكم الشرعي- لأن جميع من يأتي من قبل الأم وحدها ليس له ولاية النكاح، لا يزوج، فيجب أن ننتبه لهذا؛ لأن بعض الناس يظن أن الأخ من الأم له ولاية في النكاح وليس كذلك. أقول: إذا أبى الولي الأقرب أن يزوج المرأة من كان كفئاً انتقلت الولاية إلى الولي الآخر الذي يليه، فإن أبى وقال: إذا كان أبوها لم يزوجها فليس لي دخل، نقول: الذي بعده، إذا أبى كل القرابة يزوج القاضي، ومن المعلوم أن النساء قد تستحيي فلا ترفع الأمر إلى القاضي، لكننا نعظ هؤلاء الأولياء: أن يتقوا الله عز وجل فيمن ولاهم الله عليهم من النساء، وألا يمنعوهن حقهن في النكاح إذا خطبهن من هو كفء في دينه وخلقه. فإذا قال الأب: أنا أكره هذا الخاطب، لا أريد أن أزوجه؛ لأنه كان بيني وبينه خصومة في أرض سابقاً فلا يمكن أن أزوجه، فهل هذه علة تمنع نكاح هذه المرأة لهذا الرجل؟ الجواب: ليست علة، لأن هذا أمر شخصي بينك وبين الرجل، أما المرأة فلا تمنعها حقها، وإني أقول لهؤلاء الذين يمنعون النساء من أن يتزوجن بمن يكرهون أقول: أرأيتم لو أن أحداً من الناس منعكم أن تتزوجوا أترضون؟ الجواب: لا، فإذا كنتم لا ترضون أن يمنعكم أحد من النكاح فلماذا ترضون أن تمنعوا هؤلاء النساء؟ ثانياً: لا بد من الولي، الولاية تنحصر في: الأبوة والبنوة والأخوة والعمومة والولاء، فمن الذي يدخل في الأبوة؟ يدخل في الأبوة الآباء وإن علوا بمحض الذكور، الأب أبو الأب أبو أبي الأب أبو أبي أبي الأب. أبو الأم؟ ليس ولياً، لماذا؟ لأنه ليس بمحض الذكور، بينه وبين المرأة أنثى أبو الجدة لا ليس بولي الفروع؟ تنحصر الولاية في الذكور فقط من الفروع، في الذكور وإن نزلوا بمحض الذكور الابن ولي ابن الابن ولي ابن ابن الابن ولي ابن البنت؟ لا. لماذا؟ لأنه ليس بمحض الذكور، حال بينه وبينها أنثى، إذا اجتمع أب وابن كامرأة مطلقة لها أب ولها ابن من يزوجها؟ يزوجها الأب، في ولاية النكاح الأبوة مقدمة على البنوة، وفي الميراث البنوة مقدمة على الأبوة -أي: في التعصيب- والأخوّة يدخل فيها الأخ الشقيق والأخ لأب؛ لأن الإخوة الأولياء هم الذكور الذين لم يدلوا بأنثى، الأخ الشقيق، الأخ لأب، ابن الأخ الشقيق ولي، ابن الأخ لأب ولي، ابن ابن الأخ الشقيق ولي، ابن ابن الأخ لأب ولي، ابن الأخت ليس بولي؛ لأنه ليس بمحض الذكور، بينه وبين المرأة أنثى. الرابع: العمومة يدخل فيها الأعمام وأبناؤهم وإن نزلوا بمحض الذكور، عم شقيق ولي، عم لأب ولي، ابن عم شقيق ولي، ابن عم لأب ولي، عم لأم -عمك أخو أبيك من أمك- ليس بولي، لأنه أدلى بأنثى، وإذا اجتمع ابن ابن أخ شقيق وعم شقيق فإنه يقدم ابن ابن الأخ الشقيق، لأنه أسبق في جهة الأخوّة، ولهذا رتبنا الأولياء جهات أربع: أبوّة ثم بنوّة ثم أخوّة ثم عمومة. الخامس الولاء، أي: لو أن إنساناً أعتق أمة وليس لها ولي، فهو الذي يزوجها، الولاء. فما هو الدليل على اشتراط الولي في النكاح؟ نقول: الدليل بالقرآن والسنة، قال الله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور:32] والآية ليست (إنكحوا) (أنكحوا) أي: زوجوا الأيامى، (الأيامى) جمع أيم وهي التي فقدت زوجها، أو التي لا زوج لها مطلقاً، وقال تعالى: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة:232] فلولا أن النكاح لا ينعقد إلا بولي لكان عضله وعدمه سواء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي) وقال: (أيما امرأة نكحت بغير ولي فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل) . فإذا قدرنا أن الولي الأقرب غائب غيبة منقطعة، يشق علينا أن نصل إليه، يشق علينا أن نأخذ الموافقة منه بالهاتف أو بالفاكس فمن يزوج؟ الأخ، كامرأة أبوها مثلاً في دولة بعيدة، لا نعلم مكانه، ولو علمنا مكانه لا يمكن أن نتصل به، فيزوجها أخوها الذي عندها، لأنه متى تعذر الولي الأقرب انتقلت الولاية إلى الأبعد، وكذلك إذا امتنع الولي الأقرب من تزويجها بالكفء انتقلت إلى الولي الأبعد. من شروط النكاح: الخلو من الموانع، هكذا قال بعض العلماء، فلو تزوج إنسان امرأة لا يحل له أن يتزوجها فالنكاح باطل، سواء علم أم لم يعلم، فلو أن رجلاً تزوج امرأة في عدتها، مات عنها زوجها فتزوجها، فهل نكاحها صحيح أم لا؟ لا يصح، والدليل قول الله تبارك وتعالى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة:235] . الصورة الثانية: تزوج رجل امرأة في عدة وفاتها لكنه لم يعلم أن العدة لم تنقضِ، ماذا نقول له: النكاح باطل أو غير باطل؟ باطل، قال: أنا ما علمت؟ نقول: الحمد لله، عندما كنت لم تعلم فليس عليك إثم، لكن النكاح باطل يجب أن يفرق بينه وبين المرأة، ثم إذا انتهت العدة عقدنا له من جديد، لأنه لا بد من الخلو من الموانع. الصورة الثالثة: رجل تزوج امرأة ودخل بها، وجاءت منه بأولاد، ثم شهدت امرأة ثقة أنها أرضعت الرجل والزوجة، فهل النكاح صحيح؟ لا. لماذا كان باطلاً؟ لأنها أخته من الرضاعة، وقد قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء:23] إلى قوله: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء:23] إذاً ماذا نصنع؟ نفرق بينه وبين زوجته التي ظن أنها حلال له، نفرق بينهما، بالنسبة للأولاد الذين جاءوا قبل أن يعلم، هل هم للأم وحدها أم للأم والأب؟ للأم والأب، أما كونهم من أم فواضح خرجوا من بطنها، وأما كونهم من أب فلأنهم خلقوا من ماء يعتقد صاحبه أنه وطء حلال، يقول: أنا لو علمت ما تزو

تحريم المغالاة في المهور

تحريم المغالاة في المهور ومن المهم في النكاح تقليل المهور بقدر الإمكان، فإذا قدرنا أن هذا الرجل بذل عشرة آلاف ريال فهل يجوز أن نزوجه أم لا يجوز؟ A يجوز، عشرة آلاف ريال ليست هينة. إنسان رضي أن يزوج ابنته وهي أيضاً رضيت أن يزوجها بعشرة دراهم؟ يجوز، عشرة دراهم! بدرهم واحد؟ يجوز، والدليل: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للرجل: (التمس ولو خاتماً من حديد) لا يساوي درهماً. فإن قال الرجل للخاطب: أنت رجل صاحب دين وخلق ومال وأنا أريد أن أزوجك ابنتي مجاناً بدون شيء، أنا لا يهمني المال يهمني الرجل، أزوجها لك مجاناً، قال: قبلت، يجوز أم لا؟ يقول أبو البنت: هذه هدية، والبنت موافقة أيضاً، قال: هذه هدية؛ لأن هذا رجل غني وصاحب أخلاق ودين لا يجوز. إنسان آخر خطب منه رجل فقير ليس عنده مال، لكنه صاحب دين وخلق، فقال: إني أزوجك مجاناً تقرباً إلى الله عز وجل وصدقة لأنك فقير، فقال: جزاك الله خيراً قبلت، هل يصح النكاح؟ لا يصح النكاح، والدليل: قول الله تبارك وتعالى بعد أن ذكر المحرمات: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء:24] لا بد للإنسان أن يطلب المرأة بالمال، فلا بد من المهر. ومن السنة: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للرجل: (التمس ولو خاتماً من حديد، قال: لا أجد -لم يقل: إذاً نعطيك إياها- بل قال: هل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم. قال: زوجتكها بما معك من القرآن) . والنكاح بالهبة لا يصح إلا لواحد وهو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:50] . إذاً: لا يمكن أن يتزوج أحد بالهبة، وإذا قدر أن إنساناً قال: زوجتك مجاناً قال بعض العلماء: إن النكاح غير صحيح، وممن قال بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال بعض أهل العلم: إن النكاح صحيح، ولكن يجب مهر المثل لهذه المرأة، أي: ينظر ما مهر أختها أو أمها أو بنت عمها أو ما أشبه ذلك، وتعطى مثل هذا المهر؛ لأنه لا بد للنكاح من عوض، إنما نحن نقول: العوض لا بد منه، لكن ينبغي أن نقلل الصداق بقدر المستطاع. لكن مع الأسف أن بعض الأولياء -هداهم الله- جعلوا بناتهم سلعاً في المزايدة، إذا خطب الخاطب قال: ماذا عندك؟ قال: عندي عشرة آلاف، قال: لا فلان أعطاني عشرين ألفاً، وخطب الثالث، وقال: أعطيك ثلاثين ألفاً، قال: ارفع قليلاً، طلب زيادة كأنها سلعة يتزايد فيها الناس، وهذا والله حرام عليهم، حتى إن البنت تقول: أنا أريد هذا الرجل ولو بأقل القليل، يقول الأب: لا. وشر من ذلك: أن بعض الناس يشترط لنفسه شيئاً من المهر، يقول الأب: أنا أزوجك لكن أريد (وايت) للغنم، (والوايت) برميل كبير يكون على السيارة يُملأ ماءً، وهو يقول: عندي غنم تحتاج إلى ماء، والماء بعيد أضيف إلى المهر (وايت) للماء، وأريد أيضاً حوضاً كبيراً أنقل به الشعير للغنم، والأم تطلب أيضاً شيئاً، والأخ وهكذا، حتى إن بعض الأحيان يبلغ المهر أكثر من مائتي ألف نسأل الله العافية، هذا الشاب من أين يحصل هذا المبلغ؟ أو يستدين ثم إذا حل الدين قلب عليه مرة ثانية، هذا منكر. وأقول لهؤلاء الذين يشترطون لأنفسهم: إنه لا يحل لكم شيء من ذلك، حرام عليكم، فإذا تحذلق الأب وتعنيف وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنت ومالك لأبيك) قلنا له: إلى الآن لم يكن المهر مالاً للزوجة حتى الآن، أنت اشترطت هذا قبل أن تملكه البنت، إذا ملكته البنت فخذ ما شئت إذا لم يضرها أو تحتاج إليه، أما أن تشترط لنفسك وتجعلها كأنها سلعة فهذا حرام، اتل هذه الآية: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً} [النساء:4] أي: بعد قبضه {فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} [النساء:4] فأضاف المهور إلى النساء مما يدل على أن المهر ملك للمرأة. إذاً: المبحث الثاني من هذا اللقاء المهر، وأنه ينبغي التخفيف والسهولة فيه؛ لأن أعظم النكاح بركة أيسره مئونة.

من منكرات الزفاف

من منكرات الزفاف المبحث الثالث: ما يفعله الناس الآن في ليلة الزفاف، بعض الناس يقتصر على المشروط، يبعث مغنيات بأجرة أو بغير أجرة يغنين بالغناء المباح، ويضربن بالدف من أجل إظهار الفرح والسرور ولكن لا يتجاوز الحد؛ لأنه يقرأ قول الله تعالى: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء:29] ويقول جل وعلا: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء:27] وقد بلغني أن بعض الناس يأتي بمغنيات يعطيهن في تلك الليلة عشرة آلاف، ماذا فعلن حتى نعطيهن عشرة آلاف؟!! وبلغني أن بعض المترفين التالفين يأتي بمغنيات من الخارج الليلة بستين ألف ريال، وهذا إسراف، وقد قال الله تعالى: {وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام:141] وإنه من الأسف أن تصرف مثل هذه الأموال الطائلة في هذه المناسبات وإخوان لنا في مشارق الأرض ومغاربها يقتلون ويشردون من ديارهم ويموتون جوعاً، وكأن بيننا وبينهم عداوة، لن نشعر بأنهم إخواننا وأن آلامهم آلامنا وآمالهم آمالنا، (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) لو أصاب إصبعك ألم ما نمت في الليل؛ لأن الجسد واحد، وهكذا إخواننا لا ننساهم، لا يكون منا هذا البذخ والسرف والبطر وإخواننا محتاجون إلى الأموال. وأنا لست أقول: إننا نعطي إخواننا كل أموالنا، هذا زمن قد تولى إلا أن يشاء الله، لكن على الأقل نخفف من النفقات التي لا داعي لها ونرسل ما سننفقه في هذه المناسبات إلى إخواننا المتضررين، والحمد لله الآن هيئات الإغاثة قائمة وميسرة، ليس عليك أكثر من أن ترسل الدراهم إلى هذه الهيئات وتقوم باللازم فيها، لكن نسأل الله العافية الناس إذا ارتكبوا شيئاً غفلوا عن أشياء.

الطلاق المشروع والممنوع

الطلاق المشروع والممنوع المبحث الرابع: تلاعبُ كثير من الناس اليوم في حل النكاح -في حله لا في عقده- تجد الرجل يغضب على زوجته لأدنى شيء، أدنى شيء يغضب عليها ثم يبت الطلاق، لو دخل وفنجان الشاي ما تم قام يصرخ على المرأة ويقول: أنتِ طالق أنتِ طالق أنتِ طالق ولا يبالي نسأل الله العافية، فإذا قال ذلك وهو من وحي الشيطان سقط في يده وندم، وجعل يتجول بين العلماء لعله يجد مخرجاً، فيقال: لا مخرج لك، لأنك لو اتقيت الله لجعل لك مخرجاً، لكنك لم تتقِ الله. أولاً: الطلاق الأصل فيه الكراهة. ثانياً: إذا أراد الزوج الطلاق فلا يطلقها وهي حائض، لأن المرأة إذا كانت حائضاً فإن النفس قد تعافها ولا تتعلق بها، ويكون في تلك الحال غير راغب فيها، فمنع من طلاقها حتى تطهر لعله يراجع نفسه. ثالثاً: لا يطلقها في طهر جامعها فيه، لأنها ربما تكون حملت، فإذا طلقها في طهر جامعها فيه ثم بان حملها ربما تكون هذه الطلقة الأخيرة فيندم، ويفوته الولد، وربما يكون الولد في حضانة بعيدة عنه، فلهذا لا يجوز أن يطلق الإنسان زوجته لطهر جامعها فيه، متى يطلقها إذاً؟ يطلقها في حالتين: الحالة الأولى: أن يطلقها وهي حامل، فإذا طلق زوجته وهي حامل وقع الطلاق خلافاً لما يظنه بعض العوام: أن الحامل لا طلاق لها، هذا غلط، لأن الله قال في سورة الطلاق: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق:1] إلى أن قال: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4] فطلاق الحامل واقع، ربما تكون هذه آخر طلقة لكن لا يهم، لأنه عرف الولد وعرف أنها حامل فله أن يطلقها ولو كان قد جامعها قبل ساعة. الحالة الثانية التي يباح فيها الطلاق: أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، لكن يُستثنى من ذلك من لم يدخل بها، فله أن يطلقها ولو كانت حائضاً، وليس عليها عدة لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب:49] ولهذا لو أن الإنسان طلق امرأته التي لم يدخل بها في الساعة الثانية عشرة ظهراً، وخطبها إنسان في الساعة الواحدة وتزوجها، ما حكم النكاح؟ صحيح، لأنه لا عدة لها، والمحرم النكاح في العدة وهذه غير معتدة الآن. إذاً: فيجوز أن يُعقد عليها ولو بعد خمس دقائق أو أقل من طلاق الأول، لو فرض أن الكاتب يكتب طلاق الأول ثم يعقد للثاني في نفس اللحظة، يجوز أم لا؟ يجوز؛ لأن المرأة إذا طلقت قبل الدخول فإنه ليس عليها عدة وحينئذ تحل للأزواج. وهذه مسائل يجب للإنسان أن يعتني بها ويعرفها، وألَّا يخرج من النكاح إلا بحسب الحدود الشرعية، لأن الله تعالى لما ذكر الطلاق قال: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق:1] .

الأسئلة

الأسئلة

موقف أهل الإسلام مما حدث في البوسنة والهرسك

موقف أهل الإسلام مما حدث في البوسنة والهرسك Q فضيلة الشيخ: تفطرت الأكباد بما حصل لإخواننا في البوسنة مما ذكرت، ويزداد الألم ونحن نسمع ما ذكرت أيضاً من هذه المخالفات في الزواج، أليس من الواجب أن يعلن أهل الإسلام -خصوصاً أهل هذه الجزيرة - حالة التخفيف من هذه الكماليات والإسراف، ويقتصروا على الحاجيات، ويصرف الزائد لإخواننا هناك، ألم يمتنع عمر رضي الله عنه عن اللحم في عام المجاعة، فهل من مسمعٍ وهل من منادٍ نفع الله بك؟ A الذي أرى كما قال الأخ أنه بمقابل هذه المحنة العظيمة التي يكاد يذوب القلب منها من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان أن نقتصر على الحاجيات، وأن نجعل ما فضل من هذه الموائد وهذه المهور وغيرها لإخواننا هناك، وإننا إن شاء الله تعالى واثقون من الفرج، ونسأل الله تعالى أن يجعل ما أصاب إخواننا تكفيراً لسيئاتهم ورفعة لدرجاتهم. وهذا وإن كان والله يهمنا جداً، أيضاً يهمنا أكثر وأكثر أن تكون بلادٌ إسلامية ينادى فيها للأذان ويدرس فيها كلام الرحمن، ينادى فيها بعد ذلك للصلبان والنواقيس وقراءة الكتب المنسوخة المحرفة المبدلة، وإخوانهم من النصارى في الشرق والغرب يطبلون وراء هذا ويفرحون به، ويريدون أن يقضوا على الأمة الإسلامية ولا سيما هناك في عقر دارهم، ولكننا نقول: نسأل الله القوي العزيز أن يبدل قوتهم ضعفاً، وعزتهم ذلاً، وأن يقر أعيننا بخذلانهم وانتصار إخواننا.

تنبيهات للعروسين ليلة الزفاف

تنبيهات للعروسين ليلة الزفاف Q فضيلة الشيخ: ما هي السنة للزوج والزوجة في ليلة الزواج، نرجو ذكر الدعاء والعمل الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم لنهدي هذا الشريط على الزوجين نفع الله بك؟ A مما ينبغي العناية به ليلة الدخول على المرأة، أن يدخل الإنسان إليها في حال، خفض الجناح لها وإيناسها؛ لأنها في تلك الساعة سيكون عندها هيبة ورهبة وخوف، ويأخذ بناصيتها ويدعو بالدعاء المعروف: (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه) يقول ذلك جهراً إلا أن يخاف أن تتروع المرأة وأن تقول: ما هذا؟ وهل فيَّ شر، فإذا خاف ذلك يكفي أن يضع يده على ناصيتها ويدعو بهذا الدعاء سراً. ثانياً: عند إتيان الإنسان أهله يقول ما حث عليه الرسول عليه الصلاة والسلام: (لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً) فهذا من أسباب صلاح الأولاد، وهو سبب بسيط. كذلك مما ينبغي فهمه ومعرفته: أنه إذا حصل الجماع وإن لم يحصل إنزال وجب الغسل على الطرفين، خلافاً لما يظنه بعض الناس أن الغسل لا يجب إلا بالإنزال، فإن هذا ظن خطأ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل) وعلى هذا فيجب الغسل بأحد أمرين: إما بالإنزال وإما بالجماع، فالإنزال إذا حصل سواء بتقبيل أو ضم أو نظر لشهوة أو محادثة أو بأي سبب وجب فيه الغسل، والجماع إذا حصل وإن لم ينزل وجب الغسل. وكم من أناس سألونا قالوا: إنهم كانوا لا يغتسلون إذا جامعوا بدون إنزال، وقد مضى أشهر على ذلك، وسبب ذلك: أن المتزوج لا يسأل ما الذي ينبغي في حال الزواج، ولا ما الذي يجب عليه، وأن كثيراً من الناس أيضاً لا يبثون مثل هذه المعلومات في أوساط الشباب. كذلك مما يجب التفطن له: أن بعض الأزواج هداهم الله لا يصلون صلاة الفجر، إما ألا يصلوها إلا إذا ارتفعت الشمس وقاموا من النوم، أو يصلونها لكن في آخر الوقت وليس مع الجماعة، وهل هذا من شكر نعمة الله؟ لا، من شكر نعمة الله أن تقوم بطاعته، يقول بعض الناس: أنا إذا خرجت أصلي الفجر مع الجماعة قالوا: الشكوى إلى الله، هذا الرجل ما رغب في زوجته، لو رغب ما صلى الفجر، ما هذه القاعدة! هذه قاعدة فاسدة، بل إذا صلى الفجر هذا دليل على رغبته فيها وأنه شكر نعمة الله عز وجل على ما أعطاه من هذه المرأة الصالحة، فالواجب أن يصلي الزوج صلاة الفجر مع الجماعة، ثم يرجع ويبقى إلى الظهر ليس هناك مانع، أما أن يدع صلاة الجماعة بدون عذر شرعي قال بعض الناس: إن بعض العلماء قال: يعذر بترك الجماعة من ينتظر زف المرأة إليه. نقول: أولاً: هل أقوال العلماء حجة يحتج بها أو يحتج لها؟ يحتج لها. ثانياً: الذين قالوا هذا من العلماء إنما يتحدثون عن أمرٍ كانوا عليه، وهو أن الرجل هو الذي يستقبل الزوجة وليست الزوجة هي التي تستقبل الرجل، فيقال للرجل: اجلس مكانك في بيتك ونحن نزف إليك المرأة، يعذر بترك الجماعة، لأنه لو ذهب وصلى الجماعة يكون قلبه ينتظر الزوجة في البيت، فهو معذور، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة بحضرة طعام) وكان ابن عمر يسمع الإمام يقرأ وهو يتعشى، ولا يقوم إلى الصلاة حتى يكمل، إذا كان هذا فالذي ينتظر زف الزوجة إليه أشد شغلاً، والعذر واضح، أما عصرنا الآن، فمن الذي يزف؟ الزوج، هذا عندنا أما في بلاد أخرى فلا ندري، الزوج هو الذي يأتي إلى الزوجة في مكانها، والأمر بيده، فلا يعذر بترك الجماعة.

أفضلية طلب العلم على السنن الراتبة

أفضلية طلب العلم على السنن الراتبة Q فضيلة الشيخ: رأيت في هذا اليوم أن بعض إخواني الطلاب تحلقوا حول الحلقة قبل أن يأتوا براتبة المغرب، فهل من توجيه لغير المسافرين، خصوصاً وأنهم قدوة؟ A الذين تحلقوا قبل أن يصلوا سنة المغرب غالبهم مسافرون، جاءوا إلى هذه البلدة مدة الإجازة فقط، والمسافر ليس من السنة أن يصلي راتبة المغرب، والذين تقدموا وهم غير مسافرين لعلهم قالوا: إننا إذا قربنا من المعلم أو من الشيخ صار أحضر لقلوبنا، وطلب العلم أفضل من الراتبة، لو تعارض أن يصلي الإنسان الراتبة أو يطلب العلم قلنا: طلب العلم أفضل، لكننا لا نوافقهم على هذا، وإن تعللوا بهذه العلة فهي علة عليلة، فنقول: صلوا الراتبة ونحن الآن في هذا الوقت القريب من المعلم أو الشيخ والبعيد على حد سواء مكبر الصوت موجود، ويمكن أن تسمعه وأنت في أقصى المسجد كما يسمعه من كان عند ركبة المعلم. ولعل التفريط مني أنا حيث لم أنبه بمكبر الصوت أن اللقاء سيكون بعد سنة المغرب، لأني نبهت على ذلك بقولي بدون واسطة المكبر، ولعل بعض الإخوة لم يسمع.

حكم صلاة ركعتين حين الدخول على الأهل

حكم صلاة ركعتين حين الدخول على الأهل Q فضيلة الشيخ: هل صلاة ركعتين في ليلة الزواج سواء من الرجل أو المرأة سنة؟ A هذه الصلاة فعلها بعض الصحابة رضي الله عنهم حين دخل على أهله أو دخلوا عليه صلى ركعتين، لكنني لا أعلم ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

حكم تزويج البنت من رجل سيئ الخلق

حكم تزويج البنت من رجل سيئ الخلق Q من المعلوم يا فضيلة الشيخ! أن النساء ضعيفات عقل، فإذا اختارت المرأة رجلاً غير صالح، وكان الرجل الذي اختاره الوالد رجلاً صالحاً فهل يؤخذ برأيها، أم تجبر على من أراد والدها؟ A أما جبرها على من أراد والدها فإنه لا يجوز حتى وإن كان صالحاً، وأما تزويجها بمن لا يرضى دينه ولا خلقه فلا يجوز أيضاً، ولوليها أن يمنعها، وأن يقول: لا أزوجك من هذا الرجل الذي تريدينه إذا كان غير كفء في دينه ولا خلقه. فإن قال قائل: لو أصرت البنت على ألا تتزوج إلا هذا الرجل نقول: نتركها، ولا نزوجها، وليس علينا من إثمها شيء، نعم لو أن الإنسان خاف مفسدة وهو أن يحصل بينها وبين هذا الخاطب فتنة تنافي العفة وليس في الرجل شيء يقدح في الدين، غاية ما هنالك مثلاً أن يكون سيئ الخلق وهي تصبر على سوء خلقه، فنقول في هذه الحال: تزوج.

حكم من أخذ مهر ابنته ثم تاب

حكم من أخذ مهر ابنته ثم تاب Q فضيلة الشيخ: سلمك الله، عندنا في القبيلة الأب يأخذ المهر كاملاً وهو ما يقارب: مائة وثلاثون ألف ريال، ولا يعطي البنت منه شيئاً اللهم إلا الذهب ويأخذ الباقي، السؤال: إذا علم هذا الرجل أن هذا المهر ليس حلالاً له، فماذا يفعل الآن وقد مضى على الزواج سنوات كثيرة؟ A أقول: جزاه الله خيراً على هذا السؤال، والرجوع إلى الحق أحق، والتوبة بعد الذنب تجبه ولا تدع له أثراً، وربما كان الإنسان بعد التوبة من الذنب خيراً منه قبل فعل الذنب، فنقول لهذا الأخ: نسأل الله أن يعينك على رد ما كان حراماً عليك، والطريق إلى ذلك سهل، أن يقول لابنته الآن: يا بنية! لك عليَّ ما أخذت من المهر، فهل تسمحين به؟ إن قالت: نعم برئت ذمته، والغالب أنها ستقول: نعم لا سيما إذا كان أبوها فقيراً، وإن قالت: لا، فهو حق، لكننا نشير على البنت أنه إذا حصل مثل هذه الحالة أن تسمح عن أبيها لا سيما إذا كان فقيراً وهي ليست بحاجة إلى ذلك، بل إذا كان فقيراً ولو كانت في حاجة فإنها لا تلزمه بأن يسلم لها المهر وهو لا يستطيع.

حكم الإسراف في بطائق الدعوة للزفاف

حكم الإسراف في بطائق الدعوة للزفاف Q فضيلة الشيخ: من الأمور التي نحب أن تنبه عليها البطاقات التي يدعى بها الناس إلى الزواج، حيث يصل بعض أسعارها إلى خمسة ريالات وترمى، فهل من تحذير منها، خصوصاً مع وجود البديل النافع الباقي، والبديل الذي لا إسراف فيه، وأعرض عليكم وفقكم الله من ذلك: كتابة الدعوة على ظهر رسالة علمية فيها بعض المخالفات الشرعية أو الآداب الإسلامية لينشر الله بها الخير. ثانياً: شريط إسلامي يهدي الله به وينفع يكتب على غلافه تلك الدعوة. ثالثاً: استعمال أوراق مصورة مكتوبة بالكمبيوتر لا تكلف شيئاً يذكر، فهل من دعوة للحد من هذا الإسراف؟ A أنا أؤيد الدعوة لترك هذا الإسراف، وأرى أن بذل المال الكثير لمجرد دعوة قد يجيب المدعو وقد لا يجيب، ومالها -كما قال الأخ السائل-: إلى رميها في الأسواق، فأقول: إن هذا من التبذير الواضح الذي نهى الله عنه، فقال: {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء:26-27] . وأما اقتراحه بأن تكون الدعوة في بطاقة وفي ظهرها كلمات مأثورة موجهة نافعة فهذا طيب، وليت هذا يُفعل، لكن تكون أوراقاً عادية. والاقتراح الثاني أيضاً: أن يكون بصحبة البطاقة أشرطة مفيدة فهذا أيضاً طيب، وقد وقع هذا في العام الماضي وما قبله رأينا كثيراً من الدعوات التي تعطى للناس يكون فيها أشرطة وهذا خير، ونعين عليه أيضاً بقدر ما نستطيع، فلو أن الناس فعلوا ذلك لكانت هذه دعوة إلى الوليمة ودعوة إلى الشريعة، فتجمع بين فصيلين. أما الثالث: وهو أن تكون أوراقاً مصورة فهذا أيضاً طيب لا يكلف كثيراً وينفع.

حكم ما يعطى للأم من الخاطب

حكم ما يعطى للأم من الخاطب Q جرت العادة هنا أن تعطى الأم شيئاً من المال أو الذهب دون اشتراط على الخاطب ولكنه حسب العرف، فهل يجوز للأم أخذ ذلك؟ A جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أن (ما كان قبل عقد النكاح فهو للبنت وليس لأحدٍ حق فيه) -لا الأم ولا الأب- وما كان بعد عقد النكاح فإنه لا حرج أن يكرم الرجل على ابنته أو أخته وكذلك المرأة، فيقال: إن أُهدي إليهم بعد عقد النكاح، وأما قبل العقد فيكون للبنت.

حكم زواج الأخ بزوجة أخيه المتوفى عنها

حكم زواج الأخ بزوجة أخيه المتوفى عنها Q انتشر عندنا أن الزوج إذا مات يتزوج الزوجة بعده أخوه، كأنه ورثها فلا يستأذن من الزوجة، ويعللون ذلك بألا يفقد أولاده من يقوم برعايتهم، فهل لهذا صلة بالدين؟ A أما تزويجها كرهاً فهو حرام ولا يصح العقد، لقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً} [النساء:19] وأما إذا كان برضا الطرفين فإنه حسن؛ لأن كون أولاد الرجل تحت رعاية أخيه خير من كونهم تحت رعاية رجل أجنبي. فهذا هو التفصيل في هذه المسألة: إن أكرهت المرأة فلا، وأما إذا كان بالاختيار والرضا فهذا حسن طيب.

معنى المبيت الواجب للزوجة

معنى المبيت الواجب للزوجة Q فضيلة الشيخ: أسأل الله أن يجمعنا وإياك في دار كرامته، أرجو الإجابة على هذا السؤال: ما معنى المبيت الواجب للزوجة: هل في الفراش أم في الغرفة أم في المنزل؟ A هذا يختلف باختلاف العادات؛ لأن الله تعالى قال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] لكن قول الله تبارك وتعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء:34] يدل على أن من تمام العشرة أن يكون الرجل مع زوجته في فراش واحد، وهكذا كان هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن لا بأس أحياناً أن ينام في سرير وحده أو في فراش وحده، وإلا فالأصل أن يكون الرجل مع زوجته في فراش واحد.

مخالفات شرعية تقع في الزواج

مخالفات شرعية تقع في الزواج Q فضيلة الشيخ: أعرض لكم بعض المخالفات في الزواج: أولاً: ظهر في اللباس عند النساء لبس المفتوح من الثياب إلى الفخذين بل أحياناً إلى الظهر. ثانياً: حضور الزواج الذي فيه من يغنين بأغاني المطربين. ثالثاً: لبس العروسة ليلة الزواج ثوباً بقيمة خمسة آلاف ريال أو أربعة آلاف ريال لا تلبسه في العمر إلا مرة. A لبس النساء للباس المفتوح أي: أن المرأة تكون كاسية عارية، والمرأة الكاسية العارية قال النبي صلى الله عليه وسلم محدثاً عنها: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) فهي صفة من صفات نساء أهل النار والعياذ بالله. والمرأة مأمورة بالحشمة في الثياب، ولهذا نقول: الأفضل أن يكون الثوب الأعلى الذي فوق السراويل قميصاً، لا تنفرد إحدى الرجلين عن الأخرى حتى تبتعد عن كونها كاسية عارية. الثاني: أما حضور اللاتي يغنين بأغاني المطربين، فهذا غلط، الأغاني المشروعة أو المباحة هي الأغاني التي ليست هابطة، الأغاني المنشطة التي تدل على الفرح والسرور، مثلما جاء في الحديث: (أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم نحييكم) أو كلمات نحوها. أما الثالث: وهو لبس المرأة المتزوجة ثوباً تقدر قيمته بخمسة آلاف لا تلبسه إلا تلك الليلة، فهذا من الإسراف، وهذا إلى التحريم أقرب منه إلى الإباحة. فنسأل الله للجميع الهداية والتوفيق لما يحب ويرضى إنه على كل شيء قدير.

حكم تنظيم رحلات من الجنسين إلى بلاد الكفر

حكم تنظيم رحلات من الجنسين إلى بلاد الكفر Q فضيلة الشيخ: المجاهر بالفسق والمعصية ومن يحذر من شره ويخاف من خطره لا غيبة له، سبق أن قررتم ذلك لنا، وقد حذرتم حفظكم الله من السفر إلى بلاد الكفر في خطبة يوم الجمعة، ولكن أبواق الشر التي تدخل كل بيت تدعو إلى مخالفة شرع الله ومخالفة كل داعية للخير، وهذا إعلان أضعه بين يديك مفاده: أن داراً كما سموها تسمى بدار الإيمان تنظم رحلات سياحة للجنسين إلى أمريكا وفرنسا وبريطانيا وشرطهم: أن يكون عمر المسافر يصل إلى ثماني عشرة سنة من رجال الأعمال وطالبات الجامعات ومن سبق أن زاروا هذه الدول، أترك الأمر لك يا والدي فنحن بالله ثم بك كف عنا شرها كف الله عنك النار يوم القيامة؟ A أقول: إن هؤلاء وأمثالهم يدخلون في قول الله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص:41] ولا شك أنهم آثمون، وأن ما اكتسبوه من الأموال حرام سحت؛ لأنه مبني على باطل، ولا شك أن كل انحراف خلقي أو فكري أو عقدي أو سلوكي ينتج من هذه الرحلات لا شك أن عليهم نصيباً منه؛ لأنهم دعوا إليه وساعدوا فيه، فيحملون أوزاراً مع أوزارهم. والواجب علينا ونحن أمة مسلمة والحمد لله، أمة عفيفة، أمة ذات أخلاق الواجب علينا أن نحذر من هؤلاء، وإننا لنأسف أن يوجد مثل هذا الإعلان تحت سمع وبصر المسئولين عن الإعلانات التي يجب أن تكبت وألا تعلن، ولكننا نسأل الله تعالى أن يهدي ولاة أمورنا للقضاء على مثل هذه الأمور التي تفسد العقيدة والأخلاق. ولا شك أن الأمة إذا فقدت عقيدتها وأخلاقها فإن هذا دمارها، وسوف يكون بأسها بينها، لأن من الناس من هو على طول الخط في مفارقة هؤلاء ومنابذتهم، وسوف تتكون الأحزاب في الأمة إذا سُمِحَ لأمثال هؤلاء السفهاء أن يعلنوا مثل هذا الإعلان السيئ الشر، ولعلنا نستعين الله تعالى بإيصال الأمر إلى المسئولين حتى يمنعوا مثل هذا الشر الذي يعتبر أشد فتكاً من السرطان في البدن. ثم يقول في الإعلان: الطلبة والطالبات، يريد هؤلاء من طالباتنا أن يذهبن إلى أوروبا وغيرها باسم أنهن طالبات، فنسأل الله أن يجازي هؤلاء بعدله، وأن يكبتهم، وأن يرزقهم الخسارة في أموالهم حتى يرجعوا إلى الله عز وجل ويتوبوا إلى الله من هذا الإعلان السيئ، ونسأل الله تعالى أن يسلط عليهم ولاة الأمور بالعدل حتى يصدوهم عن هذه الفتنة التي يريدون أن يفتتن الناس بها.

حكم التأمين التجاري

حكم التأمين التجاري Q فضيلة الشيخ! أرجو منك أن تبصرنا بحكم التأمين فإذا كان حلالاً تنصحنا به أو حراماً تحذرنا منه، يقول الإعلان: كن مطمئناً أثناء قيادتك أية سيارة خاصة، نحن نغطيك حتى ثلاثة ملايين ريال مقابل ريال واحد في اليوم، لأنك معرض لحادث سيارة في أي وقت، ولأن الظروف قد تضطرك لاستخدام سيارة قد تكون ملكك أم لا، قامت التعاونية للتأمين بتطوير وثيقة تأمين الرخصة الخاصة لحمايتك من هذا الخطر، إنها وثيقة تأمين لرخصة القيادة وليس على السيارة التي تقودها، نغطي مسئوليتك تجاه الغير عن أية إصابة أو خسارة في ممتلكاتهم حتى مبلغ ثلاثة ملايين ريال، وحتى تكون الوثيقة في متناول الجميع جعلنا قيمة الاشتراك فيها ميسرة، فهي لا تكلف سوى ريالاً واحداً في اليوم، أي: ثلاثمائة وخمسة وستين ريالاً في السنة، لقاء ذلك بإمكانك أن تقود أية سيارة خصوصية وأنت مطمئن ومرتاح البال. A أقول: إن هذا التأمين وأمثاله حرام، ولا يشك إنسان يعرف مصادر الشريعة ومواردها إلا أنه من الميسر الذي قرنه الله تعالى بالخمر والأنصاب والأزلام، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:90] ووجه كونه ميسراً: أنك إذا دفعت كل يوم ريالاً كم تدفع في السنة؟ كما قال هو: ثلاثمائة وخمسة وستين ريالاً بناءً على السنة الميلادية، أما السنة القمرية الهلالية فهي أقل من ذلك، ستدفع في السنة ثلاثمائة وخمسين ريالاً، ثم قد يحصل لك حادث يستوعب مائة ألف، فتكون الشركة خاسرة وأنت رابح، وربما يمضي العام لا يحصل عليك حادث فتكون أنت الخاسر. ولهذا أقول: نسأل الله أن يعافينا من البلاء، كثر الربا في المسلمين، إما صراحة وإما بحيلة، فهل يريد منا هؤلاء أن يكثر فينا الميسر أيضاً والقمار والمغالبات؟!! نسأل الله تعالى أن يكفينا شر أشرارنا. أقول: إن هذا التأمين وأمثاله حرام، والقاعدة: كل عقد يحتمل الغنم والغرم بين العاقدين فإنه من الميسر. كل عاقد إما غانم وإما غارم بمقتضى العقد لا بمقتضى الأسعار لو اختلفت وإلا من المعلوم إذا اشتريت سلعة بمائة ريال ثم جلبتها في السوق ولم أبعها إلا بثمانين فهذا غرم، لكن ليس بسبب العقد، ولهذا لبس بعض الناس قال: كل شيء معرض للغنم والغرم، فيقال: إن الغنم والغرم في الميسر بمقتضى العقد، أما الغنم والغرم ضمن اقتضاء السوق والأسعار فهذا خارج عن العقد.

ثبوت العدة بخلوة الرجل بالمرأة

ثبوت العدة بخلوة الرجل بالمرأة Q إذا خلا الرجل بالمرأة هل يعتبر ذلك دخولاً؟ A أما الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب:49] فهذا يعني الجماع، لكن الصحابة رضي الله عنهم أو أكثرهم قالوا: إن الرجل إذا خلا بالمرأة فإن العدة ثابتة، تثبت العدة؛ لأن خلوه بها يعطيه التمكن من الجماع، وهذا هو المشهور من المذاهب الثلاثة، وإن كان بعض العلماء يقول: إذا لم يكن جماع فإنه لا عدة، لكن الأحوط أن تثبت العدة بالخلوة.

أحقية المطلقة بالمهر بعد خلو الرجل بها

أحقية المطلقة بالمهر بعد خلو الرجل بها Q إذا طلق الرجل المرأة بعد أن خلا بها فهل لها نصف المهر؟ A لا. إذا طلقها بعد أن خلا بها فلها المهر كاملاً، كما أن عليها العدة.

حكم توزيع الأشرطة والمواعظ في الأعراس

حكم توزيع الأشرطة والمواعظ في الأعراس Q تقع في بعض حفلات الزفاف توزيع للأشرطة والكتيبات، وكذلك بعض المواعظ فهل هذا مشروع؟ A هذا ليس مشروعاً في حد ذاته أن يكون اجتماع الناس للزواج محلاً لتوزيع الأشرطة والكتيبات، لكنه محمود لغيره؛ لأنه ربما لا يحصل اجتماع نساء مثل هذا الاجتماع، فتفريق الأشرطة والكتيبات عليهن هذا حسن ومن وسائل الدعوة إلى الله عز وجل. وأما المواعظ فأنا لا أحبذها في مثل هذا الحال؛ لأن من الناس من لم يجتمع بإخوانه وأصدقائه إلا في مثل هذه المناسبة، فيحبون أن يتكلموا في شئونهم الخاصة، ولأن هذا اللقاء لقاء فرح وأنس، ولهذا أباح الشارع فيه الغناء والدف، نعم لو طلب من الإنسان وعين وقيل: يا فلان نريد منك موعظة، فهنا نقول: لا تتخلف، عظ الناس ولكن لا تطل عليهم، أو رأى هو نفسه منكراً فإنه يجب عليه أن يقوم ويعظ الناس ويحذرهم من هذا المنكر، أو وجه إليه سؤال عن مسألة من المسائل فتكلم فيها واستطرد، فهذا لا بأس به، لا يعد سنة وإنما حصل لعارض وسببٍ اقتضاه.

حكم صوت المرأة المجرد

حكم صوت المرأة المجرد Q ما رأيكم في صوت المرأة؟ A صوت المرأة المجرد ليس بعورة، لكنك تعرف أنه إذا ارتفعت أصواتهن بهذه المناسبة ولا سيما إن كانت أصواتاً جميلة لذيذة على السمع، والناس في نشوة العرس فإن هذا يخشى فيه من الفتنة العظيمة، فكون الأصوات لا تخرج من بينهن أحسن، أما ما يفعله بعض الناس اليوم يتخذ مكبرات الصوت على شرفات المبنى، فيؤذي الناس بسماع الأصوات ويقلقهم، ولا سيما إذا كان متأخراً فإن أذية المسلمين حرام لا تجوز.

حكم رقص النساء

حكم رقص النساء Q هل يجوز الرقص والطرب للنساء؟ A الرقص مكروه، وكنت في الأول أتساهل فيه، لكن سئلت عدة أسئلة عن حوادث تقع في حال رقص المرأة فرأيت أن أمنع منه، لأن بعض الفتيات تكون رشيقة وجميلة وخفيفة ورقصها يفتن فتفتتن النساء بذلك، حتى إنه بلغني أن بعض النساء إذا حصل مثل هذا تقوم وتقبل المرأة التي ترقص وربما تضمها إلى صدرها ويحصل بهذا فتنة، ولهذا كنت أخيراً أقول: إنه ممنوع. والله أعلم، وسبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

اللقاء الشهري [30]

اللقاء الشهري [30] تحدث الشيخ -رحمه الله- في هذا اللقاء عن علاقة المسلمين بالنصارى، وعما يضمره لهم الأعداء من حقد وحسد وتمنٍّ لزوالهم واستئصالهم، مبيناً أن ما يحدث في البوسنة والهرسك والشيشان وغيرهما من دول الإسلام في الشرق أو الغرب هو دليل واضح لكل من كان يريد أن يعرف الحق ويتبعه. وأجاب بعد ذلك عن الأسئلة، وكان معظمها حول كيفية معاملة المسلمين لأهل الملل الأخرى من أهل الكتاب والأميين.

تآمر أهل الكفر على الإسلام وأهله

تآمر أهل الكفر على الإسلام وأهله الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الثلاثون الذي يتم كل شهر في ليلة الأحد الثالث من كل شهر إلا أن يكون هناك سبب يقتضي التأخير أو التقديم، لقاؤنا هذه الليلة يكون في الكلام عن النصارى، ومدى ما يكنونه للمسلمين.

عقيدة النصارى في نبينا محمد

عقيدة النصارى في نبينا محمد نقول: إن النصارى هم الذين ينتسبون إلى عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، ويسمون أنفسهم بالمسيحيين نسبة إليه، والمسيح عيسى بن مريم بريء منهم؛ لأنهم أنكروا بشارته ورفضوها، وأنكروا دعوته إلى التوحيد، وأشركوا بالله، ووصفوا الله تعالى بما لا يليق به. أما إنكارهم بشارة عيسى، فإن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام قال: ((يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ)) وهذا باعتبار الرسالة السابقة على رسالته {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف:6] وهذا باعتبار الرسالة التي تلت رسالته، ولا نبي بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم، هل قبلوا هذه البشارة؟ لا، بل رفضوها وأنكروها وكذبوا بها، وقالوا زاعمين وملبسين: إن عيسى بن مريم إنما بشر برسول اسمه أحمد، ورسول العرب اسمه محمد، ونحن في انتظاره. فيقال لهم: هذا تلبيس وتشبيه على السذَّج من الناس، وإلا فإن الله تعالى قال في نفس الآية: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الصف:6] جاءهم الفاعل من؟ المبشر به، لما جاءهم بالبينات الدالة على أنه رسول الله، وعلى أنه الذي بشر به عيسى عليه السلام قالوا: {هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الصف:6] فإذا كان قد جاء فكيف ينتظر؟! وأما تسميته بأحمد فيما أنطق الله به عيسى بن مريم، فلا يعني هذا ألا يكون له اسم آخر، فله أسماء متعددة: اسمه أحمد، ومحمد، والعاقب، والحاشر، وأسماء كثيرة له عليه الصلاة والسلام، ولكن أنطق الله عيسى أن يقول: أحمد دون محمد؛ لأن أحمد أدل على الكمال حيث إنه اسم تفضيل مشتق من الحمد، وهو مبني مما لم يسم فاعله ومما سمي فاعله، فباعتبار الأول يكون هو أكثر وأحق من يحمد، وبالاعتبار الثاني يكون هو أكثر وأحق من يحمد الله، والرسول عليه الصلاة والسلام له هذا وهذا، فلذلك أنطق الله عيسى بن مريم أن يقول: أحمد حتى يُعلم أن هذا الرسول عليه الصلاة والسلام أحمد الناس لربه، وأن هذا الرسول أكثر ما يحمده الناس.

كفر النصارى بعيسى وموالاتهم اليهود

كفر النصارى بعيسى وموالاتهم اليهود ثم إن هؤلاء النصارى كفروا بما دعا إليه عيسى، عيسى بن مريم ماذا قال لهم؟ يقول الله عز وجل: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} [المائدة:116-117] لكنهم قالوا: لا {إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} [المائدة:73] ويعبدون ثلاثة، فقد كفروا بما جاء به عيسى من الحق، فكيف يصح أن ينتسبوا إلى عيسى عليه الصلاة والسلام وهم يكفرون بما جاء به؟! وهؤلاء النصارى وإن كانوا أعداء لليهود فيما سبق؛ لأن اليهود كذبت عيسى، وادعت أنه ولد زنا، وأن أمه بغي، وقتلوا من شبه لهم به، وقالوا: قتلنا المسيح عيسى بن مريم وصلبناه، فقال الله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء:157] ولكن لما جاء الإسلام صار هؤلاء المتعاديان بعضهم لبعض ولياً ضد الإسلام، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة:51] فإذا كان بعضهم أولياء بعض ضد المسلمين، فلا بد أن يتناصروا على المسلمين ويتعاونوا، فاليهود والنصارى كلهم أعداء للمسلمين، كلهم أعداء لنا، كلهم أعداء لمولانا وربنا عز وجل. هل تظنون أن الولاية بين اليهود والنصارى مقتصرة على اليهود والنصارى فقط؟ لا، كل الكفار مع اليهود والنصارى، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال:73] وهذه شهادة من الله عز وجل الذي يعلم ما في صدورهم، ويعلم ما في قلوبهم، ويعلم ما يكنونهم لحزبه المسلمين، لذلك لا غرابة أن ترحب دول النصارى بما جرى من الصرب على إخواننا المسلمين، وأن يقفوا ساكتين متفرجين على ما حصل من المآسي العظيمة: من القتل والتشريد والتمثيل، وانتهاك الأعراض، وإجلاء الناس عن منازلهم، والقتل العشوائي.

جرائم أهل الكفر تجاه المسلمين في يوغسلافيا

جرائم أهل الكفر تجاه المسلمين في يوغسلافيا لقد أتانا أخبار عن طريق الفاكس أنهم جمعوا (700) شاب من خيرة الشباب في ملعب رياضي، وجعلوا يذبحونهم كما يذبحون الغنم -أعوذ بالله- قلوبهم قاسية؛ لأنها حاقدة على الإسلام والمسلمين، ولأنها لم تر من يقول لها: مه، إذ أن الأمم الكافرة كلها معها، لا نستثني شيئاً، والدليل: أنهم كانوا يماطلون وعداً من بعد وعد، ونجتمع في المكان الفلاني وفي المكان الفلاني ولم يرفعوا رأساً ولم يروا بأساً بما جرى على المسلمين. ولما حصل ما حصل من الكروات على النصارى في هذه الأيام الأخيرة، صاروا يتحدثون عن السلام، يتحدثون عن حقوق الإنسان، مع أن النصارى الكروات لم يفعلوا بالنصارى الصرب كما فعل الصرب بالمسلمين ولا قريباً منه، بل فتحوا لهم الخط وجعلوهم يسيرون من ديارهم، ولم يحصل ما حصل للمسلمين. ثم لما وصلوا إلى البلاد التي كان فيها الكروات وهي من بلاد الصرب أجلوا الكروات من ديارهم، واستقبلوا هؤلاء الذين فروا من القتال، ومع ذلك لم يتكلم أحد في هذا، بل إنهم يحاولون الآن أن يقسموا بلاد يوغسلافيا على ما يروق لهم، وعلى ما يرون أنه يقضي على حركة المسلمين هناك، ولكننا بحول الله واثقون بالله عز وجل، وأنه ينطبق عليهم قول الله عز وجل: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30] القلوب بيد الله عز وجل، وهو سبحانه وتعالى قادر على أن يصرف هذه القلوب ويلقي العداوة بينها حتى يكون بعضهم يقتل بعضاً {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] ونحن نؤمن بأن هذا بقضاء الله وقدره، وأنه أمر مكتوب قبل أن تخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وأنه لا بد أن يكون له حكماً بالغة عظيمة، ولكننا نستعجل؛ لأن الإنسان خلق من عجل وكان عجولاً، إلا أننا كلما رجعنا إلى أنفسنا نقول: {وانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ} [السجدة:30] لا تعجل كما قال الله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:140] .

واجبنا تجاه نصرة إخواننا المجاهدين

واجبنا تجاه نصرة إخواننا المجاهدين علينا أن نقوم بمساعدة إخواننا بما نستطيع من بذل المال والدعاء في كل وقت ترجى فيه الإجابة؛ لأن هذا أدنى ما يجب لهم علينا، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل كيد أعدائنا في نحورهم، وأن يشتت شملهم ويفرق جمعهم ويهزم جندهم إنه على كل شيء قدير. وهذه الأيام كانت الحملة المباركة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين وفقه الله لجمع التبرعات، وجمعوا ولله الحمد أموالاً كثيرة، نسأل الله تعالى أن ينفع إخواننا المسلمين بها، وأن تكون عوناً لهم على قتال أعدائهم، وتبرع المسلمون، مقل ومستكثر، كل بحسب حاله، حتى إن بعض النساء تبرعت بحليها، بالخاتم بالسوار بالخرص بالقلادة؛ لأن الناس والحمد لله معهم حياة، لكنهم يحتاجون إلى من يوقظ هممهم، ويشجعهم على الخير، والباب مفتوح إلى الآن لمن أراد أن يتبرع إما من الزكاة وإما من الصدقات، ولكنه يخبر من يتلقى هذه التبرعات بأن هذه زكاة أو صدقة تبرع؛ لأن كل شيء له باب معين {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:39] . ونقتصر على هذا القدر من الكلام على هذه القضية المفجعة التي نرجو الله سبحانه وتعالى أن يجعل العاقبة حميدة للمسلمين، وأن يذل الشرك والمشركين.

الأسئلة

الأسئلة

البراءة من أعداء الإسلام

البراءة من أعداء الإسلام Q فضيلة الشيخ: نفع الله بك، إذا حضرنا مثل هذا اللقاء وسمعنا كلامك عن النصارى واليهود زاد إيماننا وولاؤنا وبراءتنا من أعداء الله، لكن نرى أبناءنا يتربون على خلاف ذلك، ونرى كثيراً من المسلمين يتربون على موالاة أولئك عبر الأفلام التي يشاهدونها فتبهر العقول حتى تتعلق عقول الأطفال بأولئك الكفار فيرهبونهم ويخافونهم، فما تعليقك وفقك الله، وكيف السبيل إلى إنقاذ أمة الإسلام من مثل ذلك؟ A ما ذكره السائل أمر حقيقي، ويوجد من المسلمين من لا يتبرأ من المشركين، وإن تبرأ بلسانه لم يتبرأ بقلبه، يحبهم ويواليهم، لكن الله يقول في القرآن الكريم: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة:22] وكيف يقول الإنسان: إنه مؤمن بالله محب لله وهو يحب أعداء الله؟! أتحب أعداء الحبيب وتدعي حباً له ما ذاك في الإمكان كل إنسان يحب أعداء الله فإنه ليس محباً لله، وهذا شيء مفطور عليه الناس، وكل الأمم مفطورة على هذا، فحذار من هذه الوصمة أن تحب أعداء الله، حتى وإن برزوا في العلم والطب وفيما ينفع الناس فهم أعداء، ولا يمكن أن يسعوا في مصلحة المسلمين أبداً، بل إنهم يسعون لإضعاف وتفريق المسلمين وتمزيقهم إما تصريحاً وإما تلميحاً. وأما ما أشار إليه مما يرى في الأفلام أو يسمع وأن الصغار تعلقوا به فهذه نكبة كبيرة يجب على كل إنسان يتقي الله عز وجل ويخاف يوم الحساب يجب أن يحمي أولاده من ذلك، وأن يمنعهم منعاً باتاً من مشاهدة شيء يخل بعقيدتهم ويوجب الولاء لأعداء الله مهما كان الثمن؛ لأنه مسئول عن أولاده وعائلته، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) . وكذلك يمنع مما يشاهد في بعض المجلات الخليعة التي تمجد ما تدعي أنهم أبطال، فيأخذها الصبي ويقرأها ويتعلق قلبه بهؤلاء، ومع ذلك يحتقر المسلمين وما هم عليه من الدين.

حكم القائلين بدعوى تقارب الأديان

حكم القائلين بدعوى تقارب الأديان Q فضيلة الشيخ: هناك من يدعو إلى التقريب بين الأديان، ويدعي أن أهل الإسلام واليهود والنصارى متفقون على أصل التوحيد، هل يحكم بكفره، وما رأيك بهذا الأمر؟ A أنا أرى أن هذا كافر، الذي يرى أن الدين الإسلامي واليهود والنصارى متفقون على التوحيد كافر مكذب لله ورسوله، وإذا كان يرى أن النصارى الذين يقولون: إن الله ثالث ثلاثة أنهم موحدون فهو غير موحد؛ لأنه رضي بالكفر والشرك، وكيف يتفق من يقول: إن عيسى ابن الله وعزير ابن الله، ومن يقول: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص:1-4] ؟!! ولهذا أقول لهذا الرجل: تبّ إلى الله عز وجل؛ لأن هذه ردة يباح بها دمك ومالك، وينفسخ بها نكاحك، وإذا مت فلا كرامة لك، ترمس في حفرة لئلا يتأذى الناس برائحتك، ولا يحل لأحد أن يستغفر لك إذا مت على هذه الحالة، حتى إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم لا يؤمن -أو قال: لا يتبع ما جئت به- إلا كان من أصحاب النار) . الأديان السماوية هي أديان ما دامت باقية، فإذا نسخت فليست بأديان، فاليهود حين كانت شريعة موسى قائمة وهم متبعون لها هم على الإسلام، والنصارى حينما كانت شريعة عيسى قائمة وهم متبعون لها هم من أهل الإسلام، لكن بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام صاروا كلهم كفاراً، لا يقبل عملهم؛ لقول الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85] .

حكم الذهاب إلى البوسنة للجهاد

حكم الذهاب إلى البوسنة للجهاد Q يسأل عدد من الإخوة عن حكم الجهاد في البوسنة والهرسك خصوصاً إذا كان الإنسان قد وافق والداه على ذهابه إلى هناك، حتى إنه يقول: إنه على استعداد كامل، وأذن والده بالذهاب هناك فهل له ذلك؟ A نعم له أن يذهب إلى هناك ليجاهد في سبيل الله، هذا هو الأصل، ولكن تعلمون أن الجهاد يحتاج إلى رجال وإلى سلاح، والسلاح كما نعلم وكما يظهر لنا من الأخبار محظور على الدولة الإسلامية في البوسنة والهرسك وممنوعة من ذلك، فكيف يذهب الإنسان إلى ساحة الحرب بدون سلاح؟!! لهذا لو أننا نتوقف حتى يتبين الأمر وحتى يسمح بالسلاح إلى البوسنة والهرسك هناك حتى يكون لذهابنا أثر، ولا نكون عالة على غيرنا، هذا ما أراه في هذه المسألة؛ لأن الواجب والعقل كلاهما يقتضي أن يتصرف الإنسان بحكمة، يقدم في موضع الإقدام ويحجم في موضع الإحجام.

ترحيل الكفار إذا انتهت عقودهم

ترحيل الكفار إذا انتهت عقودهم Q فضيلة الشيخ: ما جرى في البوسنة والهرسك للمسلمين أمر لا يوصف، لماذا لا يكون منا إنكار وذلك بطرد الخدم من الكافرين والكافرات الذين في بيوتنا إذا انتهت عقودهم، ووفينا ما بيننا وبينهم، لم لا نفعل ذلك حتى يسمع بنا أهل الكفر ويعرفوا أن أهل الإسلام أمة واحدة؟ A نقول: هذا طيب فافعلوا إن شئتم، إننا نوافق أنه إذا انتهت عقود الخدم الكافرين أن تنهى عقودهم، ولكن بعض قومنا نسأل الله لنا ولهم الهداية لا يوافقون على هذا، بل إن بعضهم نسأل الله السلامة يصرح بأن خدمة غير المسلم أقوى من خدمة المسلم، بمعنى: أن غير المسلم يؤدي عملاً أكثر، وكأنه لم يسمع قول الله تعالى: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة:221] {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة:221] .

سبل معاملة المسلم لجاره النصراني

سبل معاملة المسلم لجاره النصراني Q فضيلة الشيخ: لي جار نصراني دعوته إلى الإسلام أكثر من مرة لكنه رفض وأصر على البقاء على دينه، وأن دينه هو الحق، فهل آثم بالحديث معه ومعاشرته أم لا، وما واجبي تجاهه؟ A كل ما يجلب المودة بين المسلم والكافر فإنه وسيلة إلى الموادة، وقد قال الله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة:22] ولا يجوز للإنسان أن يسعى إلى شيء يفضي إلى الموادة؛ لأنه إذا سعى في ذلك فقد سعى إلى انتفاء الإيمان عنه، إما انتفاء مطلقاً وإما انتفاء الكمال، لكن إذا سلم علينا نرد عليه السلام، وإذا حيانا بتحية نرد عليه بمثلها، ولا نسيء إلى جيرته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) . وقال العلماء: الجيران أربعة: الأول: جار قريب مسلم فله ثلاثة حقوق: حق الجوار، وحق القرابة، وحق الإسلام. الثاني: جار قريب كافر فله حقان: حق الجوار، وحق القرابة. الثالث: جار مسلم ليس بقريب فله حقان: حق الجوار، وحق الإسلام. الرابع: جار كافر غير قريب له حق واحد وهو حق الجوار. (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) ولا يلزم من إكرامه الموادّة، كثيراً ما يكرم الإنسان شخصاً نزل به ضيفاًَ أو لقيه بعد سفر، فيكرمه ويعزمه ويصنع له الوليمة وهو لا يحبه، لكن الموادة وفعل ما يوصل إليها بالنسبة للمؤمن مع الكافر هذه تنقص الإيمان.

صفة مكر الله بالكافرين

صفة مكر الله بالكافرين Q ذكرت يا فضيلة الشيخ قول الله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ} [الأنفال:30] فما صفة مكر الله تعالى بالكافرين؟ A صفة مكر الله تعالى بالكافرين ذكرها الله تعالى في قوله: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف:182-183] هذا مكر الله تعالى بأعدائه أن يملي لهم وييسر لهم أسباب المعصية وأسباب الكفر حتى يستمروا في كفرهم ويموتوا على ذلك، فهذا من المكر، ومن ثم نعرف أن الله تعالى إذا ابتلى الإنسان المؤمن ببلاء فإن ذلك من نعمة الله عليه؛ لأن الله تعالى يكفر عنه به الذنوب، ويوقظ قلبه ويعرف أنه أخطأ فيستقيم، لكن الذين كفروا عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، وسوف يجدون الخسران يوم القيامة.

حكم الجهاد في البوسنة بالنفس والمال

حكم الجهاد في البوسنة بالنفس والمال Q فضيلة الشيخ: يوجد الآن هناك في البوسنة سلاح بفضل الله كثير يأتي بطرق معينة، ولكن إخواننا هناك يحتاجون إلى المال والرجال. فما رأي فضيلتكم؟ وآخر يقول: هل يكفي أن نتبرع بالأموال لإخواننا المسلمين في البوسنة إذا كنا نقدر على أكثر من ذلك، مع العلم أن أموال التبرعات المرسلة إليهم لم تزدهم قوة وغلبة على الأعداء، بل تسكت جوعهم فترة من الزمن، ويحتاجون بعدها إلى أموال باستمرار، فهل من حل نهائي، وهل يسعنا هذا عند الله؟ A يقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] فمن استطاع أن يتبرع بالمال تبرع به، ومن لم يستطع دعا، ومن استطاع أن يجمع بين التبرع بالمال والنفس فليفعل، لكن كما قلنا أولاً: لا بد من استعمال الحكمة، وإلا فلا شك أن الواجب علينا أن ننصرهم بكل ما نستطيع، والجهاد كما تعلمون فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين إلا في مواطن أربعة فإنه يكون فرض عين: الموطن الأول: عند التقاء الصفين، فإن الفرار حينئذٍ محرم، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال:15-16] . الموطن الثاني: إذا استنفره الإمام، قال للناس: انفروا، فإنه يجب أن ينفر؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة:38-39] . الموطن الثالث: إذا احتيج إليه بحيث يكون هذا الإنسان متدرباً على سلاحاً لا يعرفه إلا هو، فهنا يتعين أن يقاتل بنفسه؛ لأن فرض العين إذا لم يقم به من يكفي تعين على الآخرين. الموطن الرابع: إذا حصر بلده العدو فإنه يجب عليه الدفاع. في هذه المواطن الأربعة يكون الجهاد فرض عين، وما عدا ذلك فهو فرض كفاية، هكذا قرره أهل العلم رحمهم الله.

حكم تسمية النصارى بالمسيحيين

حكم تسمية النصارى بالمسيحيين Q هل يجوز تسمية النصارى بالمسيحيين؟ A هذا اسم متعارف عليه الآن، ولكن الله تعالى سماهم في كتابه النصارى، والنبي صلى الله عليه وسلم سماهم النصارى، وعلماء المسلمين سموهم النصارى، إلى وقت قريب حيث استعمرت النصارى بعض البلاد الإسلامية، وقالوا: أنتم محمديون ونحن مسيحيون لمحاولة الجمع والتأليف بين المسلمين والنصارى.

حكم شكر غير المسلمين على معروفهم

حكم شكر غير المسلمين على معروفهم Q هل يجوز أن أطلق بعض الألفاظ لمن أسدى إليَّ معروفاً من الكفار كشكراً أو جزيت خيراً؟ A نعم هذا داخل في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه) فإذا أحسن إليك أحد من غير المسلمين فكافئه فإن هذا من خلق الإسلام، وربما يكون في ذلك تأليف لقلبه فيحب المسلمين فيسلم.

نصيحة لأصحاب الدشوش

نصيحة لأصحاب الدشوش Q فضيلة الشيخ: أنا شاب أعيش عند أهلي أمي وأبي وإخواني وأخواتي، ولقد أحضروا جهاز الدش إلى البيت، وقمت بالإنكار عليهم وبينت لهم الصواب، فلم يستجيبوا لي، فهل أخرج من هذا البيت مع العلم أني أخشى على نفسي من هذا الجهاز لو بقيت عندهم، فماذا أصنع أرشدني بارك الله فيك، وإذا خرجت من المنزل وكان هذا سبب لغضبهم فهل عليَّ إثم في ذلك، وما نصيحتك لوالدي ووالدتي لعل الله ينفع بهذا الشريط؟ A أما نصيحتي لوالد هذا السائل ووالدته: فإني أوصيهم بتقوى الله عز وجل بفعل أوامر الله واجتناب نواهيه، وأحذرهم من مغبة هذه الدشوش التي لا ينشر فيها إلا ما يدمر الأخلاق والعقائد، وأقول لهم: إن الدنيا متاعها قليل، وإن ما يوعدون لآت، وإنهم إن سروا بمعصية الله يوماً فسوف يحزنون أياماً، وأن هذه الدشوش وما يشاهد فيها سوف يكون لها الأثر البالغ على العقيدة وعلى الأخلاق، كما يسمع الآن من بعض الصبيان الذين يشاهدون هذه المرئيات. أما بالنسبة إليه فأقول له: إذا كان بقاؤك خيراً بحيث يهون الشر ويسدي النصيحة، ولعل القلوب تلين ولعل النفوس تتطهر فليبق وليصبر، وإذا كان لا يفيد شيئاً فليخرج سواء غضب والداه أم رضيا بذلك؛ لأن رضا الله مقدم على رضا كل أحد، وإذا قدر أن الوالدين غضبا عليه فهما المسيئان، وليس فعله عقوقاً بل فعلهم قطيعه إذا قاطعوا ولدهم من أجل أنه أنجى نفسه من وبال هذا الدش. ثم ليعلم صاحب الدش أنه إذا أساء إلى جيرانه بذلك فإنه آثم؛ لأن بعض الدشوش ينتشر شره فيما جاور البيت، ويلتقط الناس منه، وليعلم أيضاً: أنه إذا مات وشاهد أحد هذه الدشوش فإن كل معصية تحصل عليه من إثمها، وإذا كان في قبره فما الذي ينجيه؟! والله لا ينجيه أحد، حتى أبناؤه وبناته لا يستطيعون أن ينجوه، وكل مشاهدة لهذا الدش الذي كان هو السبب في إيجاده سيكون عليه وباله -نسأل الله العافية- لأن من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، وهذا الرجل لا يدري ربما يصبح ولا يمسي، أو يمسي ولا يصبح، ولا أدري كيف تصوره لهذا الأمر، هل تصور المنكر ويقول: هذا ليس بصحيح ولا عليَّ إثم إذا مت ولا شيء، أو تصور المقر المعترف؟! فإن كان تصوره هو التصور الأول فهو على خطر في دينه، وإن كان على تصوره الثاني فهو على سفه في عقله أن يبقي هذه الآلة التي ستكون وبالاً عليه ولو طال الزمن ولو كان بعد موته بسنين.

دخول الرجال إلى حفلات الأعراس النسائية

دخول الرجال إلى حفلات الأعراس النسائية Q فضيلة الشيخ: ذكرت في خطبة الجمعة بالأمس أن بعض الشباب اقتحموا إحدى قصور الأفراح الخاصة بالنساء، ولكنك لم تذكر وفقك الله واجب النساء الحاضرات في ذلك القصر، وماذا يصنعن في إنكار هذا المنكر، وماذا على كل من علم به تجاه أولئك الذين فعلوه؟ A الخطبة لا تحتمل التفصيل في كل شيء؛ لأنه يحضرها عالم قد يفهم الشيء على وجهه وقد يفهمه على خلاف وجهه، والمنكر هو دخول الرجال على النساء في هذه الليلة، ورقصهم مع النساء، وإلا فمن المعلوم أن هذا جناية على المجتمع كله، ومن المعلوم أيضاً أن الناس لا يرضون أن يدخل رجال على نسائهم في حفلات النساء، كل واحد لا يرضى، ولهذا اتصل بي بعض الناس بعد الجمعة وقال: يجب أن نحاكم هؤلاء الذين فعلوا هذا الفعل؛ لأننا لا نرضى أن نساءنا يدخل عليهن شباب يرقصون، وأن هؤلاء مستحقون للمحاكمة لما يفضي فعلهم إليه من الشر وفتح باب الشر، وكل إنسان والحمد لله ينكر هذا، لكن الإنسان قد يكون له هفوة وانطلاق لا يفكر في عاقبته، ونرجو لهؤلاء الذين فعلوا هذه الفعلة القبيحة نرجو الله سبحانه وتعالى أن يمن عليهم بالعفو والتوبة، وأن يحمي المسلمين من مثل هذه الفتن والشرور. وأما واجب النساء فإني لا أستطيع أن أقول: ما هو واجب النساء؟ هل واجب النساء أن يصحن بهؤلاء الرجال: اخرجوا اخرجوا؟ إنما المهم أني أرى من المنكر العظيم دخول الرجال على النساء.

كيفية صلاة المستحاضة

كيفية صلاة المستحاضة Q فضيلة الشيخ: ما مدى صحة هذه القاعدة: بأن ما يخرج من السبيلين فهو ناقض للوضوء، فهل يجوز للمرأة التي تنزل منها تلك الرطوبة أن تعمل بحكم المستحاضة وهو الجمع بين الصلوات؟ A هذه القاعدة: (كل خارج من السبيلين ينقض الوضوء) . مستفادة من قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) لا ينصرف أي: من شك هل أحدث أو لا حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً، ومن المعلوم أن الريح ليس لها جرم وأنها هواء، فإذا كانت هذه الريح التي ليس لها جرم وأنها هواء ناقضة للوضوء فما له جرم فهو أخبث منها وينقض الوضوء، لكننا نرى أن هذه الرطوبة الدائمة مع المرأة وإن نقضت الوضوء فإنها طاهرة لا يلزمها أن تغسل ثيابها منها. وأما جواز جمعها بين الصلاتين لمشقة الوضوء لكل صلاة فهو جائز، يجوز أن تجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء إذا كان يشق عليها أن تتوضأ لكل صلاة، أما إذا كان لا يشق عليها، فإن الواجب أن تصلي كل صلاة في وقتها. وكيفية الجمع بين الصلاتين أنها تصلي الظهر مع العصر، أو المغرب مع العشاء، وليس فيه قصر، لأن القصر إنما يكون للسفر فقط. السؤال: حكم الرطوبة الخارجة من فرج المرأة مع كثرتها، ولم يظهر دليل صريح يبين هذه الحالة في عهد الصحابيات، حيث إن هذه الرطوبة تنزل بصفة مستمرة، ومن طبيعة كثير من النساء؟ الجواب: الواقع أن هذا الإشكال الذي أوردته السائلة هو إشكال حقيقة؛ لأن هذا -أعني الرطوبة التي تخرج- يبتلى بها كثير من النساء أو أكثر النساء، ولكن بعد البحث التام لم أجد أحداً من العلماء قال: إنها لا تنقض الوضوء إلا ابن حزم، ولم نذكر له سابقاً حتى نقول: إن سلف الأمة يرون أن هذا لا ينقض الوضوء، وأنا أقول: إذا وُجد أحد من سلف الأمة يرى أنه لا نقض بهذه الرطوبة فإن قوله أقرب إلى الصواب من القول بالنقض، أولاً: للمشقة، وثانياً: لأن هذا أمر معتاد، ليس حدثاً طارئاً كالمستحاضة، بل هو أمر معتاد عند كثير من النساء، فإن وجدتم سلفاً من صدر هذه الأمة يرى أنه لا نقض بخروج هذا السائل فقوله أقرب إلى الصواب، وأما إذا لم تجدوا فليس لنا أن نخرج عن إجماع الأمة.

حكم تغيير لون الشيب

حكم تغيير لون الشيب Q فضيلة الشيخ: ما حكم تغيير الشيب في اللحية والشارب والرأس، فإذا كان سنة فلماذا نرى كثيراً من أهل العلم لا يفعلون ذلك؟ A تغيير الشيب بغير السواد سنة أمر بها النبي عليه الصلاة والسلام فقال: (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد) لكن كثيراً من العلماء لا يفعلون ذلك لمشقة الملاحظة، لأن الإنسان لا بد أن يلاحظ الشعر وإلا فإنه سيتبين أصله ويتضح، ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله في اتخاذ الشعر -أي: شعر الرأس- قال: هو سنة لو نقوى عليه اتخذناه ولكن له كلفة ومئونة. فعدل عن ذلك للكلفة والمئونة، هذا هو عذر بعض العلماء لا يفعلون ذلك، وقد كان شيخنا عبد الرحمن بن السعدي رحمه الله لا يسبغ لحيته بشيء، وكان مفتي هذه البلاد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله كذلك لا يسبغ الشيب، وكذلك إخوانه، وكذلك كثير من العلماء فيمن شاهدناهم لا يسبغون، لكن السنة لا شك أنها ثابتة سواء فعلها العلماء أم لم يفعلوها أنه ينبغي للإنسان أن يغير الشيب لكن بغير السواد، أما السواد فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وجنبوه السواد) .

أفضلية الجهاد في حق شخص دون آخر

أفضلية الجهاد في حق شخص دون آخر Q فضيلة الشيخ: ما هو الأفضل لطلاب العلم الذين جاءوا من البوسنة والهرسك أو الشيشان، هل الأفضل لهم أن يبقوا في طلب العلم مع حال إخوانهم هنا، أم يقاتلوا مع إخوانهم جنباً إلى جنب؟ A طلب العلم والجهاد في سبيل الله الأفضل لكل أحد ما يناسبه، فإذا وجدنا رجلاً ذكياً حافظاً ولكنه ليس بذاك الجيد في القتال قلنا: الأفضل طلب العلم، وإذا وجدنا رجلاً قوياً شجاعاً وهو في تحصيل العلم أقل قلنا: الجهاد أفضل لك، ولهذا نجد الرسول عليه الصلاة والسلام إذا سئل: أي العمل أفضل؟ يخاطب كل إنسان بما تقتضيه حاله، فقد يقول: الأفضل كذا. وفي حديث آخر يقول: الأفضل كذا. وذلك باعتبار حال السائل، فكل إنسان له ما تقتضيه حاله، الإنسان الذي هو وعاء لطلب العلم في الحفظ والفهم، وتخريج المسائل، ومناظرة أهل الباطل طلب العلم أفضل له، والإنسان الشجاع المقدام النشيط القوي، العالم بأساليب الحرب ومعداتها، وهو دون ذاك في العلم الأفضل له الجهاد.

حكم البيع والشراء عبر الكمبيوتر

حكم البيع والشراء عبر الكمبيوتر Q فضيلة الشيخ: ظهر أمر جديد وهو الاستثمار عبر الكمبيوتر، وذلك أن أسهم الشركات تعرض عبر شاشة الكمبيوتر، فيشتري الإنسان ويبيع في البنوك عبر هذه الشاشة بالأسعار التي يريدها لأن هناك قائمة بأسعار أسهم الشركات، وهي متصلة بأسواق عدة، فما حكم البيع والشراء عبر هذه الشاشة؟ A أما الذي يشترط لصحة البيع فيه القبض فإنه لا يصح البيع والشراء عبر هذه الشاشة؛ لأنه ليس فيه قبض، وأما ما لا يشترط فيه القبض فإنه يحتاج إلى شيء آخر وهو العلم بالمبيع، وهل المبيع يعرض على هذه الشاشة وينظر، يبقى شيء آخر: القدرة على التسليم، هل لو طلبت أن يسلم لك ما اشتريت هل تتمكن من ذلك، ولهذا نرى ألا يتعامل الإنسان بهذه المعاملة، ولا نقول: إنها حرام إلا فيما تقتضي الشريعة أنه حرام كالبيع الذي يشترط فيه القبض، أو بيع المجهول، أو بيع ما لا يقدر على تسليمه فإنه يكون حراماً، لأن الله تعالى قال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} [البقرة:275] وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الغرر) .

حكم نتف الشيب

حكم نتف الشيب Q فضيلة الشيخ: إذا بان في الإنسان شيب جديد كشعرة أو شعرتين فهل له نتفها لأنه لا يريدها؟ A إذا ظهر الشيب على الإنسان فإنه لا ينتفه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لعن النامصة والمتنمصة) والنامصة قال العلماء: هي التي تنتف شعر وجهها للتجمل، وهذا الذي ينتف شعره للتجمل شبيه بالنامصة، ثم نقول له: إذا اتبعت هذه القاعدة، وكلما خرجت شعرة بيضاء قلعتها لم يبق عليك شعر، لأن الشعر سوف يبيض، أول ما يظهر شعرتان أو ثلاثاً أو أربعاً ثم يشتعل الرأس شيباً، فهل كلما ظهرت شعرة بيضاء قلعتها؟ إن فعلت ذلك لم يبق عليك شعر.

حكم الزواج بنية الطلاق

حكم الزواج بنية الطلاق Q طبيبة تعمل في إحدى المستشفيات، توفي عنها زوجها، فقيل لها: إما أن تأتي بمحرم أو ينهى عقدك وتذهبين إلى بلدك، فاتفقت هي وأحد الرجال من بلدها وهو يعمل في نفس البلد التي هي فيها على أن يتزوجها ما دامت هنا، وعند عودتها إلى بلادها يقوم بتطليقها، فما الحكم في هذا الزواج والحال كما ذكرت؟ A أولاً: إذا وقع هذا الزواج في العدة أي: قبل أن تعتد عدة الوفاة فإنه لا يصح، وهو باطل بإجماع المسلمين، وعدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام لمن لم تكن حاملاً، ووضع الحمل لمن كانت حاملاً، قد تطول مدة الحمل وقد تقصر، فإذا تزوجها بعد العدة فلا بأس لكن بشرط أن ينوي أنه نكاح رغبة، ثم إن بدا له أن يطلقها فيما بعد فلا بأس.

مدة طهارة المستحاضة

مدة طهارة المستحاضة Q في موضوع رطوبة المرأة تقول السائلة: ماذا تفعل المرأة إذا توضأت فهل تصلي الفرض مباشرة أم تصلي السنة فيكون حالها كمن لا يخرج منها شيء؟ A إذا دخل الوقت على المرأة المستحاضة أو من أصيبت بالماء الذي يخرج دائماً توضأت وبقيت على طهارتها حتى يخرج الوقت، تصلي ما شاءت من فروض ونوافل؛ لأن طهارتها تامة إلا أنها طهارة ضرورة تتقدر بقدرها، ومعنى قولي: تتقدر بقدرها أنه إذا خرج الوقت احتاجت إلى وضوء ثانٍ للصلوات المستقبلة.

حكم من نوى الفطر ولم يفطر

حكم من نوى الفطر ولم يفطر Q رجل نوى أن يفطر في رمضان وهو مسافر، ثم غير نيته فأراد إتمام صيامه، هل يعتبر صائماً أم مفطراً؟ A إذا نوى فإن عزم النية أي: نوى أنه أفطر فإنه لا يتم صومه؛ لأن الصوم نية، وأما إذا قال: يمكن أن أفطر إن اشتد الحر علي أو ما أشبه ذلك ولكنه لم يفطر فإنه يتم صومه، فالكلام على عزمه إن عزم أفطر وإن لم يعزم فإنه لا يفطر.

حكم التيمم بدلا عن الوضوء مع القدرة عليه

حكم التيمم بدلاً عن الوضوء مع القدرة عليه Q رجل مريض ولا يستطيع الذهاب إلى دورات المياه فما حكم وضوئه، هل يتيمم مع القدرة على أن يؤتي أحد له بماء فيوضأ أم يجوز له التيمم؟ A من لا يستطيع الوصول إلى دورة المياه فإنه يحضر له الماء ويتوضأ في مكانه؛ لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وهو إذا لم يستطع الوصول إلى الحمام يستطيع أن يحضر له الماء ويتوضأ منه، ولا يجوز التهاون في هذا، فأما إذا كان يشق عليه نفس الوضوء سواء ذهب إلى الحمام أو توضأ في مكانه فحينئذٍ يتيمم.

حكم من فاتته تكبيرات في صلاة الجنازة

حكم من فاتته تكبيرات في صلاة الجنازة Q رجل فاتته ثلاث تكبيرات في صلاة جنازة فماذا يصنع، كيف يقضي هذه التكبيرات السابقة؟ A إذا دخل في التكبيرة الرابعة فإنه يدعو للميت؛ لأن هذا محل دعاء للميت بالنسبة للإمام وأنت تابع للإمام، فإذا سلم الإمام فإن انتظروا بالجنازة حتى يقضي من فاتهم ما بقي عليهم قضى ما فاته على صفته، وإن حملت كما هو الغالب فإنه يتابع التكبير الله أكبر الله أكبر الله أكبر ويسلم، وإن شاء سلم مع الإمام، وهذه مسألة لم أطلع فيها على سنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، لكن هذا كلام العلماء يقولون: إذا أمكن أن ينهي ما فاته قبل أن ترفع الجنازة فليفعل، وإن خاف رفعها فإما أن يسلم مع الإمام وإما أن يكبر ويتابع التكبير ويسلم.

اللقاء الشهري [31]

اللقاء الشهري [31] القرآن كتاب الله وكلامه أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فهدى به من ضل، وبصّر به من عمى، وشفى به من مرض، لكن هذا القرآن قد يخفى أحياناً على الناس فهم معناه، ولم يكن تفسير القرآن لكل أحدٍ؛ فالناس في ذلك مراتب، وأفهامهم ومداركهم في ذلك مختلفة ومتفاوته. وفي هذا اللقاء بيان مراتب تفسير القرآن، وأهم المراجع في تفسيره من كتب أهل العلم المعتبرين والموثوقين.

القرآن شفاء للأمراض

القرآن شفاء للأمراض الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الحادي والثلاثون، وهو اللقاء الشهري الذي يتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذه الليلة ليلة الأحد التاسعة عشرة من جمادى الثانية عام (1416هـ) . في هذه الليلة نتكلم عن تفسير القرآن الكريم، وذلك لأن الله عز وجل أنزل هذا القرآن للناس ليتلوه، وتحصل لهم البركة بتلاوته، فمن قرأ حرفاً منه فله عشر حسنات، فإذا قال الإنسان: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] ففي كل حرف منه عشر حسنات، لأن كل حرف منه حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، أنزله الله تعالى شفاء لما في الصدور، والصدور هي محل القلوب، ولهذا قال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} [يونس:57] والتي في الصدور هي القلوب، كما قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:46] . القلوب يكون عليها صدأ ويكون بها مرض إما من غلبة شهوة، أي: من غلبة إرادة تميل بالإنسان عن الحق، ينشغل بالدنيا عن الدين، ينشغل بحب الرئاسة حب الجاه حب الشرف حب التبجيل والتكريم عن الذل والخضوع لرب العالمين -نعوذ بالله من ذلك-. القلوب فيها مرض شبهة، يشتبه الحق على الإنسان فلا يميز بين الحق والباطل، بل ربما يرى الباطل حقاً والحق باطلاً فيهلك. القلوب عليها صدأ صدأها المعاصي، وإذا تراكمت المعاصي على القلوب سدت عنها طرق الخير، قال الله تبارك وتعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا} [المطففين:13-14] أي: ليست أساطير الأولين {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14] تراكم واجتمع عليها ما كانوا يكسبون من الأعمال السيئة حتى رأوا أعظم كلام رأوه أساطير الأولين. ولذلك اعلم أنك كلما حجبت عن فهم كلام الله فإنما ذلك من معاصٍ تراكمت على قلبك، وإلا لو كان قلبك نقياً وصافياً لرأيت أن كلام الله تعالى أعظم الكلام، وأصدق الكلام، وأحسن الكلام، وخير الكلام. القرآن شفاء للأجسام، دعنا من أمراض القلوب أمراض خفية تداوى بهذا الوحي العظيم، لكن حتى الأمراض الحسية فإنها تداوى بهذا الوحي العظيم، نزل قوم بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم في سرية على قوم من الناس، ولكن هؤلاء الذين نزلوا بهم لم يضيفوهم، فتنحى الصحابة ناحية، فبعث الله عقرباً شديدة اللسع فلدغت سيدهم فتعب منها، فطلبوا راقياً يرقيه فقالوا: لعل مع هؤلاء القوم راقياً، فجاءوا إلى الصحابة وقالوا: إن سيدهم لدغ فهل عندكم من راقٍ؟ قالوا: نعم، عندنا من يرقي، ولكن هل لديكم جُعل، -أي: عوض- قالوا: نعم لكم هذا القطيع من الغنم، أنجوا صاحبنا، فذهب أحد القوم وجعل يقرأ على هذا اللديغ بفاتحة الكتاب: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] قرأها عليه فقام حتى كأنما نُشط من عقال، أي: كأنه بعير فك عقاله، انبعث نشيطاً لقراءة الفاتحة عليه، فأخذوا القطيع حتى وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألوه عن ذلك، فقال: (خذوه واضربوا لي معكم بسهم) قاله عليه الصلاة والسلام تطميناً لقلوبهم وإزالة لما في قلوبهم من الشك. ثم قال للذي قرأها: (وما يدريك أنها رقية؟) وهذا شيء مجرب، لكن لا ينفع إلا من آمن بذلك من قارئ ومقروء عليه، فإذا كان القارئ مؤمناً والمقروء عليه مؤمناً بفائدة هذا القرآن انتفع به المريض، أما إذا كان يقرأ على سبيل الشك والتجربة فإنه لا ينفع. القرآن شفاء حتى للأمراض الحسية كما في هذا المثال، وكما جرب أن يكتب على الحزا، -قروح وبثرات تظهر في القدم أو في اليد أو في الذارع- يكتب عليها {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} [البقرة:266] إذا كتبت هذه الآية عليها مرة أو مرتين زالت بإذن الله نهائياً، ولو وضعت عليها كل دواء من الأدوية المعروفة ما نفع، لكن اكتب عليها هذه الآية تزول، وهذا شيء مجرب. في عسر الولادة، تعسر الولادة على المرأة أحياناً، اقرأ في ماء، أو اكتب بزعفران على جدران الإناء الآيات التي فيها أن الله سبحانه وتعالى معتنٍ بالحمل، مثل: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد:8] ، ومثل: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ} [فاطر:11] ومثل: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} [الزلزلة:1-2] وما أشبه ذلك من الآيات، ثم تشربها المرأة التي عسرت ولادتها وتمسح ما حول المكان وبإذن الله يسهل خروج الحمل، لكن كما قلت: المسألة تحتاج إلى إيمان من القارئ والمقروء عليه، فالحاصل أن القرآن كله خير. لكن هل نزل القرآن لهذا فقط؟ لا {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29] تدبر الآيات أي: التفكر بمعناها، وطلب معرفتها (وليتذكر أولو الألباب) أي: يتعظ، فبدأ الله عز وجل أولاً بمعرفة المعنى ثم بالعمل؛ لأن عملاً بدون معرفة المعنى لا يمكن، وربما يفسد العمل أكثر مما يصلح.

فهم القرآن من كتب التفسير المعتمدة

فهم القرآن من كتب التفسير المعتمدة إذاً: اعتني يا أخي بالقرآن الكريم تفهم معناه، إما من كتب التفسير المعتمدة الموثوق بمؤلفيها كـ تفسير ابن كثير، وتفسير القرطبي، وتفسير عبد الرحمن بن سعدي، وتفسير الشيخ أبو بكر الجزائري، وتفسير الشوكاني، وغيرها من التفاسير الموثوق بها، وكذلك تفسير البغوي، طالعها، وانتفع بها، وإذا أشكل عليك شيء فعندك العلماء والحمد لله، والاتصال بالعلماء الآن أسهل من ذي قبل، كان الرجل في الأول يشد الرحل ويحمل الزاد والمزاد ليسافر إلى بلد العالم يسأله عن مسألة واحدة، رحل جابر بن عبد الله رضي الله عنه إلى المدينة مسيرة شهر لحديثٍ واحد!! أما الآن فالاتصال سهل، ما عليك إلا أن ترفع السماعة وتضرب رقم العالم وتسأل، ولا يعني ذلك أن العالم كل وقت قد فتح هاتفه واستعد لقبول المكالمات؛ لأنه لو بقى هكذا صار لا ينام ليلاً ولا يتغدى ولا يتعشى، لكن لا بد من أوقات محددة، فالآن الاتصال سهل. هل يمكن بالوكالة؟ تقول: يا فلان، اسأل لي عن كذا وكذا؟ نعم. جائز، الصحابة رضي الله عنهم كان بعضهم يوكل بعضاً للسؤال عن العلم، علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكل المقداد بن الأسود أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن حكم المذي، فسأله، ولكن لا بد أن يكون الذي توكله فاهماً واعياً حافظاً، أما أن ترسل شخصاً ليس فاهماً يفهم منك مسألة ويسأل عنها العالم على وجهٍ آخر، ويفهم جواب العالم على وجه آخر، فتكون الوجوه الثلاثة كلها خطأ، هذا لا يصلح، لا بد أن يكون الذي ترسله فاهماً واعياً حافظاً، وإذا لم يكن حافظاً لقول العالم، أعطه مسجلاً إذا كنت لا تثق منه فربما يقع هذا، فأنت نفسك سجل السؤال، وقل: يا فلان، خذ هذا للشيخ الفلاني وقدم له هذا السؤال وسجل جوابه، وبهذا يحصل المقصود. فالآن أقول: اجتهدوا في فهم كلام الله عز وجل، لأن الأصل فهم المعنى، ولا يمكن عمل بدون فهم المعنى إطلاقاً، وكما ذكرت لكم مراجعة التفسير، ومن لا يستطيع المراجعة بنفسه فليراجع العلماء، لكن ليس كل عالم يوثق به، وليس كل تفسير أُلَّف يوثق به، لا بد أن يكون العالم موثوقاً بعلمه وفهمه لكتاب الله.

مراجع تفسير كتاب الله

مراجع تفسير كتاب الله إذاً: لا بد من معرفة التفسير، ولكن إلى أي شيء نرجع في التفسير؟ أولاً: نرجع إلى تفسير القرآن بالقرآن، ثم تفسير القرآن بالسنة، ثم تفسير القرآن بأقوال الصحابة في الأمور الشرعية، ثم إلى تفسير القرآن بكبار مفسري التابعين الذين تلقوا التفسير عن الصحابة رضي الله عنهم.

تفسير القرآن بالقرآن

تفسير القرآن بالقرآن أولاً: أن نفسر القرآن بالقرآن، ولا شك أن أصدق تفسير لكتاب الله هو كلام الله؛ لأنه صادر من المتكلم به، مثال ذلك في القرآن كثير جداً: {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة:1-3] لو قال لك قائل: ما هي القارعة؟ {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [القارعة:4-5] {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الانفطار:17-18] لو قال لك قائل: ما هو يوم الدين؟ تفسيره عندك، يتلوه تمامه {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار:19] {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة:9] اسمع الاستفهام، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} [القارعة:10] ما هو الجواب؟ {نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة:11] فسر القرآن بالقرآن، وهذا موجود في القرآن كثير.

تفسير القرآن بالسنة

تفسير القرآن بالسنة المرتبة الثانية: السنة، مثاله: قال الله عز وجل: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26] الواحد يفكر ما هي الزيادة على الحسنى؟ لأن الحسنى معناها: البالغة في الحسن غايته وكماله، الحسنى مؤنث أحسن وهو اسم تفضيل، يأتي إنسان: ما فوق هذا؟ وقد فسره النبي عليه الصلاة والسلام فقال: (الزيادة: النظر إلى وجه الله الكريم) والله إن هذا لزيادة، ألذ شيء وأطيب نعيم عند أهل الجنة النظر إلى وجه الله، اللهم إنا نسألك ألا تحرمنا ذلك يا رب العالمين، هذا تفسير القرآن بالسنة. وقال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60] ما الذي نستطيع من القوة، هل له مثال؟ نعم له مثال، مثل به الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي) إذاً: لو قائل لنا قائل: مثلوا لنا بالقوة؟ نقول: هي الرمي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فسرها بذلك، والرمي ليس رمي الحجر باليد، يمكن أن يكون هذا من القوة في موضعه، لكن الرمي في كل مكان بحسبه، فيما سبق يرمون بالسهام بالقوس، يقول العلماء: أكثر ما يمضي ثلاثمائة ذراع أي: مائتي متر، هذا أعلى شيء، الآن الصواريخ تعبر القارات، وهذا داخل في الآية وما فسره النبي عليه الصلاة والسلام الرمي، هذا أعظم فتك في العدو.

تفسير القرآن بأقوال الصحابة

تفسير القرآن بأقوال الصحابة المرتبة الثالثة: أقوال الصحابة، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة:6] (لامستم النساء) وفي قراءة سبعية صحيحة: (لمستم) قد يتبادر إلى الذهن أن المراد: اللمس باليد، لكن ابن عباس فسرها بغير ذلك، فسرها بأنها الجماع، فمعنى: (لامستم النساء) أي: جامعتموهن، فعليكم الغسل، فإن لم تجدوا فتيمموا. إذاً نرجع في تفسير الآية إلى تفسير ابن عباس، نقول: الملامسة هنا تعني: الجماع، (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ) أي: الحدث الأصغر، فيكون في الآية الكريمة ذكر الحدثين: الأصغر والأكبر، ولو فسرنا الملامسة باللمس باليد لكان فيها ذكر الأصغر مرتين وإغفال الأكبر، فيكون فيه نقص في الدلالة.

تفسير القرآن بأقوال التابعين ثم باللغة العربية

تفسير القرآن بأقوال التابعين ثم باللغة العربية أما التابعون فهم محل نزاع بين العلماء، هل يرجع إلى تفسيرهم أم لا؟ والصحيح: أنه يرجع إلى تفسير كبار التابعين الذين تلقوا التفسير عن الصحابة رضي الله عنهم، فإن لم نجد ذلك فالباب واسع ولله الحمد، القرآن الكريم نزل بأي لغة؟ بلسان العرب {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:192-195] إذا لم نجد ذلك نرجع إلى مقتضى اللسان العربي، ما معنى هذا في اللغة العربية؟ نفسره به ولا يضرنا هذا عند الله، وأما حديث: (من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار) فهذا مراده: من فسر القرآن برأيه، مثلاً: صاحب بدعة فسر القرآن بما تقتضيه بدعته، صاحب هوى فسر القرآن بهواه، وما أشبه ذلك، هذا هو الذي يتبوأ مقعده من النار، وأما من فسر القرآن بمقتضى اللسان العربي فهذا لا شيء عليه، لكن كما قلنا: هناك مراتب أربع قبل ذلك وهي: تفسير القرآن بالقرآن. الثاني: القرآن بالسنة. الثالث: القرآن بأقوال الصحابة. الرابع: القرآن بأقوال كبار المفسرين من التابعين. فأحثكم يا إخواني ونفسي على فهم كتاب الله وتفسيره بقدر المستطاع، حتى تنتفعوا منه، وتذوقوا لذته، وتنتفعوا بأخباره، وتمتثلوا لأوامره ونواهيه. وفقنا الله وإياكم لذلك، وجعلنا ممن يتلون كتاب الله حق تلاوته إنه على كل شيء قدير.

الأسئلة

الأسئلة

أفضل الكتب للمبتدئين في التفسير

أفضل الكتب للمبتدئين في التفسير Q فضيلة الشيخ: ما هي الكتب التي يتدرج بها طالب العلم في التفسير من بداية أمره حتى يبلغ الذروة، وما رأيك في تفسير زبدة التفاسير هل هو مناسب للمبتدئ أم لا؟ وكذلك تفسير الجلالين وكذلك غيره؟ A على كل حال: فيما أرى أن من أسهل ما يكون على طالب العلم المبتدئ هو تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي؛ لأن كلماته واضحة، وأسلوبه يفهمه العامي وطالب العلم، وفيه فوائد في بعض الآيات لا تجدها في غيره، فهو خير كتاب فيما أرى يبتدئ به الإنسان في التفسير. أما تفسير الجلالين فنعم مختصر، لكن تفسير الجلالين يحتاج إلى فحل من الرجال إلى عالم؛ لأن فيه رموزاً لا يحلها إلا طالب علم قوي، وأما زبدة التفاسير فأنا ما قرأته ولا أدري من مؤلفه.

حكم إعانة النصارى في أعيادهم

حكم إعانة النصارى في أعيادهم Q فضيلة الشيخ: في مثل هذا الوقت من كل عام ميلادي تكثر أصناف الحلوى والكيك ونحوها، ويرسم على بعضها: كل عام وأنتم بخير، ولربما رسم الصليب، فهل يجوز لأصحاب المخابز أن يفعلوا ذلك، علماً أنه موسم أرباح لهم، أرجو إذا كان الحكم بالتحريم توجيه نصيحة لهؤلاء، وكذلك لأصحاب المكتبات لأنهم يحضرون كروتاً يكتب عليها مثل هذه العبارات؟ A والله إن هذا لحرام، وقد يوصل بصاحبه إلى الكفر؛ لأن إشاعة التهنئة بعيد الكفار رضاً بشرائعهم ودينهم، والرضا بالكفر كفر، وقد نص على ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه أحكام أهل الذمة، وأنه لا يجوز إظهار أي شعيرة من شعائر الكفر في مناسباتها، ولا يحل للخبازين أن يفعلوا ذلك، أي: أن يرسموا صليباً أو كل عام وأنتم بخير أو ما أشبه ذلك، سبحان الله! نهنئ الناس بعيد كفار لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ثم نهنئ بعيد من؟ بعيد نصارى هتكوا أعراض المسلمين، واستباحوا دماءهم، واحتلوا ديارهم، ولو مكن لهم لقضوا على الإسلام كله، كيف نهنئ الناس بعيد هؤلاء؟!! والله لو كان عيداً وطنياً لا شرعياً فلا يستحقون أن يهنئوا به، فكيف وهو عيد شرعي عندهم من شعائر دينهم، والرضا بشعائر الكفر كفر؛ لأنه رضاً بالكفر، وخطر على القلوب، خطر أن يزيغ القلب والعياذ بالله ثم لا يميز الإنسان بين عدو الله وولي الله. نحن نشهد الله بما قال الله عز وجل أن كل كافر فهو عدو لله، وأن كل كافر فهو عدو لنا بنص القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة:1] كيف هؤلاء الذين شهد الله بأنهم أعداء ونحن نشهد أنهم أعداء كيف نفرح بأعيادهم؟!! كيف ننشرها بين صبياننا وأطفالنا وبناتنا ونسائنا؟! لكن سبحان الله العظيم! موت القلوب، وذوبان الشخصية، وتبعية الناس للأقوى هو الذي جعل مثل هذه الأمور تهون في نفوسنا. فأرى أن هذا حرام، وأنه يجب علينا مقاطعة هذه الأفران التي تفعل مثلما قال السائل، وكذلك يجب على أصحاب المكتبات أن يمتنعوا من بيع هذه الكروت التي فيها التهنئة بعيد كفري لا يرضي الله ولا رسوله ولا المؤمنين.

حكم الشهادة لمن مات يهوديا أو نصرانيا بأنه من أهل النار

حكم الشهادة لمن مات يهودياً أو نصرانياً بأنه من أهل النار Q فضيلة الشيخ: من المقرر في عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم لا يشهدون لأحد بجنة ولا بنار إلا من شهد الله له ورسوله، فهل يدخل اليهودي والنصراني إذا قتل أو مات في ذلك، فلا نقول: بأنه من أهل النار، أم أن الأمر مختلف، أرجو توضيح الحكم؟ A أولاً: لا بد أن نعلم أن الشهادة بالجنة والنار لا تكون إلا لمن شهد له الله ورسوله بذلك، والشهادة نوعان: النوع الأول: أن يشهد الرسول عليه الصلاة والسلام لشخصٍ بعينه، فهذا نشهد له، سواء بجنة أو بنار، وكذلك لو شهد الله لشخص بعينه أنه في الجنة أو في النار نشهد بعينه. مثال من شهد الله له بالنار بعينه: أبو لهب عم الرسول عليه الصلاة والسلام، قال الله فيه: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد:1-5] . ومثال من شهد الله له بالجنة: أبو بكر على تفسير قوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل:17-21] فإن كثيراً من المفسرين فسرها بـ أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فإن استقام هذا التفسير وأنها لـ أبي بكر بعينه، ولكن العبرة بعموم اللفظ، وإلا فقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وشهد له بأنه صديق لما صعد النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان على جبل أحد بعد الوقعة، أتدرون ماذا صنع الجبل؟! اهتز، جبل أصم اهتز لأقدام هؤلاء الأربعة البررة، رسول الله، أبو بكر، عمر، عثمان، فقال له: (اثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان) هذا الذي شهد الله له ورسوله نشهد له بعينه. والنوع الثاني: شهادة بالوصف لا بالعين، فنشهد لكل مؤمن أنه في الجنة، لكل تقي أنه في الجنة، لكل مجرم أنه في النار، أما بعينه فلا نشهد له، لكن من مات معلناً بالكفر ومحاربة الإسلام فلا شك أن الإنسان يكاد يتيقن أنه من أهل النار، لكنه لولا أنه يخاف من أن يؤاخذ بفلتات لسانه لشهد. ثم نقول: يا أخي شهدت أم لم تشهد؟ إن كان من أهل النار ولو شهدت له بأنه بار، وإن لم يكن من أهل النار فلو شهدت أنه من أهل النار ألف مرة لم يكن من أهل النار، وليس هناك لزوم، لكن لا شك أنه يغلب على الظن إن لم يتيقن الإنسان أن من مات على الكفر ومحادة الله ورسوله فهو في النار، لكن الإنسان يخشى من فلتات اللسان والشهادة، لأن الله يقول: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18] .

حكم رد المظالم إلى أهلها الذين ماتوا

حكم رد المظالم إلى أهلها الذين ماتوا Q أحمد إليك الله يا فضيلة الشيخ على أن منَّ الله علي بالهداية، وإنني تائب إلى الله، ومن شروط التوبة: رد المظالم إلى أهلها، وأنا عازم على رد المظالم إن شاء الله إلى أهلها، ولكن هناك ثم مشكلة: وهي أنني قدرت مبلغاً من المال عن تلك المظالم، ولكن توفي بعض أصحاب هذه المظالم، هل أعطيها للورثة، وكيف أقسمها عليهم، وهذا يا فضيلة الشيخ لا أقدر عليه بسبب أمور كثيرة خوفاً من الإحراج ومن الكلام الذي يحدث بعد ذلك، فيا والدي هل لي بأن أنفقها في سبيل الخير وأكون بذلك قد برئت؟ A أهنئك على ما منَّ الله به عليك من التوبة والإقبال إلى الله، وأسأل الله أن يثبتني وإياك والسامعين على الحق، وأما الأموال فلا بد من إيصالها إلى أهلها ما داموا معلومين أو لهم ورثة معلومون، فلا بد من إيصالها إليهم، أما إذا كنت نسيتهم أو لا تعلمهم أصلاً، أو أيست من وجودهم والعثور عليهم فتصدق بذلك عنهم. ولكن إذا كانوا معلومين أو قد ماتوا وعلم ورثتهم، فقد يشكل على الإنسان أن يذهب إليهم ويقول: هذه أموال أخذتها منكم بغير حق فاقبلوا توبتي وخذوها، قد يكون هذا من الصعب وقد يلقي الشيطان في قلوبهم أنك أخذت أكثر مما أعطيت، فمثل هذا انظر إلى رجل تثق به، عاقل، صاحب دين، وقل له: يا أخي! القضية كذا وكذا، ولفلان كذا، أو لورثته إن كان قد مات، وهو إن شاء الله تعالى سيكون عوناً لك على إبراء ذمتك، يتصل بمن له الحق ويقول: هذا الإنسان ابن حلال تاب إلى الله، وكان قد ظلمكم بكذا وكذا من المال وهذا المال فتبرأ الذمة؛ لأن العلماء يقولون: المال المعلوم صاحبه لا بد من إيصاله إلى صاحبه، مثلاً: لو وجدت عشرة ريالات في السوق فإنها تكون لك ملكاً، لأنه ليس لها أهمية وسط الناس، ولا يهتمون بها -عشرة ريالات- في الوقت الحاضر، لكن لو كنت تعلم أن هذه العشرة سقطت من فلان؛ وجب عليك أن توصلها إليه، بل لو وجدت ريالاً واحداً سقط من شخص تعرفه وجب عليك أن ترسله إليه، فمثلاً: أنت عرفت أنها سقطت من واحد سافر إلى الرياض وهو ريال تعرف أنه سقط من مخبأته أمامك، لكن ركب السيارة قبل أن تنبهه فسافر الرياض، ماذا تعمل؟ تسافر إلى الرياض والتذكرة بمائة وعشرين ذهاباً وإياباً، وفي الرياض تكاسي بخمسين ريالاً من المطار إلى صاحبه إن وجده، فمثل هذا فيه صعوبة. فالظاهر مثل هذا إن شاء الله مما جرت العادة بالتسامح به، تصدق به عنه ونرجو الله أن يبرئ ذمتك، لكن إذا لقيته يوماً من الدهر بلغه، قل له: القضية كذا وكذا، وأنا وجدت إن ركبت الطائرة وركبت إليك أكلت مائتي ريال أو أكثر، وإن تكلمت بالهاتف يمكن لا ألقاك أول مرة وهذه مشكلة عند الناس الآن، تتصل ثم يرفع السماعة يجيب صبي! أين أبوك؟ بابا ما فيه، أين مامه؟ مامه ما فيه، وتتعب، وبعض الصبيان الصغار إذا قلت له: السلام عليكم قال: السلام عليكم، أين بابا؟ يرد أين بابا، ويتعبك، ولهذا يجب على الإنسان أن يلاحظ هذه المسألة، لا يجعل التليفون في متناول الصبيان؛ لأنه يتعب المتصل، يذهب عليه الوقت ولا ينال بغيته، بعض الأحيان نتصل على أناس ثم يقابلونا الصبيان، نحن لا نتخلص منهم، وأخيراً نيئس ونترك المكالمة، وهذا ليس طيباً، يجب أن يلاحظ الإنسان غيره، ربما يكون في بلد آخر خسر -مثلاً- ريالاً أو ريالين.

حكم أخذ المهر إذا طلبت الزوجة الطلاق

حكم أخذ المهر إذا طلبت الزوجة الطلاق Q فضيلة الشيخ: أتيت من مكان بعيد أرجو أن أجد إجابة لسؤالي: وهو أني قد تزوجت فطلبت الزوجة الطلاق بحجة أنها لم تعش في ترف لأني شاب وطالب ميسور الحال، وطلبها للطلاق كان في غير محله، وأنا لا أريد الطلاق؛ لأنها حامل، شيخنا: هل إذا طلبت الطلاق هل من حقي استرجاع المهر؟ ثم إن المهر كان من صدقات الناس هل لي بعد قبضه أن أتصرف فيه، أم علي أن أرجعه إلى الجهات التي قد أخذته منها، مع أني مديون، وديوني لا يعلمها إلا الله أفدني مشكوراً؟ A إذا أمكن الصبر وعدم إجابتها فهو أفضل، وذلك لوجهين: الوجه الأول: أن بعض النساء إذا حملت أصابها الكراهية لزوجها ولو كانت معه سنين، فليصبر عليها حتى يزول الوحم، وربما ترجع إلى طبيعتها ويزول ما في قلبها. الوجه الثاني: ربما مع التمرن وإذا ولدت وعرفت أنها الآن بقيت لا بد أن تبقى عند زوجها ربما يزول ما في قلبها، فأرى إذا كان قد رغب في خلقها ودينها أرى أن يصبر عليها، ويسايسها حتى تهدأ الأمور، وبعد الوضع يُنظر إذا كان لا يمكن البقاء فلا بأس أن يطلب حقه؛ لأن امرأة ثابت بن قيس رضي الله عنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: (يا رسول الله! ثابت بن قيس ما أعيب عليه في خلق ولا دين -خلوق ودين وهو ممن شهد الله له بالجنة عليه الصلاة والسلام- ولكني أكره الكفر في الإسلام -أي: لا أطيقه- فقال لها: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فدعاه وقال له: خذ الحديقة وطلقها، فأخذها وطلقها) . فمشورتي لهذا الرجل: أن ينتظر حتى تضع، وربما تتبدل الأوضاع ما دامت قد أعجبته في دينها وخلقها، وإذا لم تستقم الحال فلا حرج عليه أن يطلب حقه الذي أعطاها كله من الهدايا والصداق وغير ذلك، وإذا رجع إليه فهو له؛ لأنه أخذه بحق، وإذا أخذه بحق ملكه، فهو حين أخذه للزواج ملكه، فإذا رد عليه فهو ملكه، لا يجب عليه أن يرده على من أخذه منه.

حكم كفارة الجماع في نهار رمضان

حكم كفارة الجماع في نهار رمضان Q أنا امرأة قد تزوجت وعمري سبع عشرة سنة من زوج فاسق، ونظراً لصغر عقلي وغشمي راودني عن نفسي في نهار رمضان ونحن صيام وبعد مدة غير طويلة طلقت منه، ثم تزوجت برجل ملتزم فأخبرته بهذا الأمر فقال: عليك أن تصومي شهرين متتابعين، ولكن لن أسمح لك أن تصومي ما دمتِ زوجة لي لأني لن أستمتع بك، فما الحل يا شيخنا رحمك الله وأعانك؟ A نسأل الله له الهداية، أولاً: نسأل هذه المرأة: هل هي تظن أن الجماع في نهار رمضان لمن وجب عليه الصوم حلال إذا ألح به الزوج؟ إن كانت كذلك فليس عليها شيء؛ لأنها جاهلة، وقد قال الله عز وجل: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فقال الله تعالى: قد فعلت. فإن قالت: إنها تعلم أنه حرام، وأنه لا يستباح بإلحاح الزوج، نسأل مرة ثانية: هل أكرهها على ذلك بأن أخذها غشماً وجامعها؟ إن قالت: نعم، قلنا: لا شيء عليك، وإن قالت: لا، بل هي مطاوعة، نقول: الآن وجب عليها كفارة وهي عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً. هنا تأتي المرحلة الثانية وهي مرحلة الزوج الثاني: الزوج الثاني جزاه الله خيراً أفتاها بأن تصوم شهرين متتابعين، ولكن يقول: لن آذن لك وأنت لي زوجة، إذاً: هي الآن لا تستطيع، فما الواجب؟ تنتقل إلى المرتبة الثالثة وهي: إطعام ستين مسكيناً وعسى الله أن يهديه ويوافق على هذا، لكن إن لم يوافق فهناك أبواب أخرى، تقول لأبيها أو أخيها أو أحد من الناس ممن لا منة له عليها لو أعطاها، أما من يمن عليها فلا تسأله. وإذا لم تجد، فهناك مرتبة رابعة وهي: أن الكفارة تسقط، فصار عندنا الآن أربع مراتب: عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً، فإن لم تجد تسقط، لأن الله يقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] فهنيئاً لها ولزوجها وبارك الله لهما وجمع بينهما في خير.

علاقة النفاق بالمعاصي الباطنة والالتزام الظاهري

علاقة النفاق بالمعاصي الباطنة والالتزام الظاهري Q فضيلة الشيخ: أنا شاب ظاهري الالتزام، وأحفظ جل القرآن إلا أنني أبطن معاصٍ ومنها: العادة السرية، هل من النفاق إظهاري للالتزام وإبطاني لهذه المعصية، وما هو العلاج الأمثل لداء العادة السرية؟ A هذا لا يعد نفاقاً كون الإنسان يستتر بستر الله في معاصي الله هذا ليس بنفاق؛ لأنه يخشى الله ويخاف الله، وهو مؤمن بالله عز وجل، ومعترف بخطيئته، وخجل من الله عز وجل، فهذا ليس بمنافق، والذي ينبغي للإنسان إذا فعل معصية ألا يخبر أحداً بذلك، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) الذين يفعلون المعصية ثم يصبحون يحدثون بها الناس هذا ليس في عافية، لا أحد أرأف بك من الله، ولا أرحم ولا أحب بالتوبة من الله، فإذا أسأت ولم تخبر أحداً صارت المسألة بينك وبين الله، وتنتهي المشكلة. فنقول للأخ: استتر بستر الله، وليس هذا من النفاق، واحرص على أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً. وإذا كنت مبتلىً بهذا الأمر فتفكر فيه أنه حرام، وله آثار سيئة على البدن، ولا سيما على مستقبل الإنسان، والإنسان العاقل يحكم العقل، والعاقل هو من يغلب عقله شهوته، تجنب هذا وتلهى عنه، ثم احرص على أن تتزوج مبكراً؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم) .

حكم إدخال نية تحية المسجد في صلاة الفريضة

حكم إدخال نية تحية المسجد في صلاة الفريضة Q فضيلة الشيخ: هل يجوز للمسلم أن يدخل في صلاة الفريضة ويقصد بها تحية المسجد، كما إذا دخلت معكم في هذه الصلاة في هذا المسجد وأنا قد صليت قبلكم، فهل يجوز لي أن أنوي بها تحية المسجد؟ A إذا دخل المسجد شخص وصلى الفريضة فهي تكفي عن تحية المسجد، ولا حاجة لأن ينوي تحية المسجد، لأن المقصود من تحية المسجد ألا تجلس إلا وقد صليت ركعتين، وهذا يحصل بالفريضة وبالراتبة القبلية، ولو دخلت بعد أذان الفجر وأنت لم تصل الراتبة، وصليت الراتبة عند دخولك كفت عن تحية المسجد، وكذلك لو دخلت والناس يصلون دخلت معهم كفت عن تحية المسجد، والدخول مع الناس وهم يصلون نافلة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام يخاطب رجلين: (إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما المسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة) .

حكم قص شعر البنت قصة تشبه شعر الولد

حكم قص شعر البنت قصة تشبه شعر الولد Q سائلة تقول: قمت بقص شعر ابنتي التي تبلغ من العمر خمس سنوات قصة تشبه شعر الولد، والسبب في هذا أنها ترفض أن أربط شعرها مما يجعل شكله غير مقبول، فهل أكون آثمة بهذا العمل، وهل التشبه المحرم يكون للمرأة البالغة أم حتى للأطفال؟ A هي آثمة بهذا العمل، وهذا هو بيت القصيد، آثمة أن تقص شعر ابنتها حتى يكون كشعر الذكر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهات من النساء بالرجال، والطفل يجب أن يجتنب ما يجتنبه الكبير، هو لا يأثم لأنه غير مكلف، لكن وليه يأثم إذا أركبه ما يحرم على الكبير. وإذا كانت هذه البنت لم يقص شعرها على هذا الوجه صار الشعر غير لائق فليكن، لا يرتكب الإنسان شيئاً محرماً من أجل إصلاح الشعر، فعليها أن تتوب إلى الله، وألا تعود لمثل ذلك، وإلا فعليها الإثم، ألم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع) مع أنه لا تلزمهم الصلاة، لكن الولي يجب أن يربي الأطفال على ما يرضي الله ورسوله، في فعل المأمور وترك المحظور.

حكم صيام امرأة منعها الأطباء من الصيام لمشقته عليها

حكم صيام امرأة منعها الأطباء من الصيام لمشقته عليها Q امرأة مريضة قرر الأطباء منعها من الصيام لأنه يشق عليها، لكنها تحاملت على نفسها فصامت عشرين يوماً من رمضان الماضي، وقبل شهر توفيت ولم تكمل العشرة الأيام الباقية، ما الواجب في هذه الأيام العشر الباقية: هل يصام عنها أم يطعم، أفدني أفادك الله؟ A الواجب أن يطعم عنها عن كل يوم مسكيناً؛ لأن هذه المرأة كما يظهر من مقال السؤال عاجزة عن الصيام عجزاً لا يُرجى زواله، والعاجز عن الصيام عجزاً لا يُرجى زواله فرضه الإطعام، وعلى هذا فالواجب عليهم: أن يطعموا عن هذه المرأة عشرة مساكين، لأنه تبقى عليها عشرة أيام ولكن كيف ذلك؟ إما أن يدعو عشرة من المساكين لغداء أو عشاء، وإما أن يدفعوا لكل مسكين قريباً من الكيلو، فالمجموع نحو عشرة كيلو، ومعها شيء من اللحم يكون إداماً لها.

حكم وضع الحصى على القبر

حكم وضع الحصى على القبر Q فضيلة الشيخ: هل وضع الماء ثم الخرسانة -أي: نوع من أنواع الحصى الصغير- على القبر سنة، وما توجيهكم وفقكم الله لحديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يزاد على القبر من غير ترابه، الذي رواه أبو داود في سننه؟ A الحصباء توضع على القبور إذا كان يخشى أن تحملها الرياح -أي: تحمل التراب الذي على القبر- فتوضع عليها الحصباء لتمسك التراب، أما في مثل مقابرنا الآن فالتراب لا يزول بالرياح، فلا حاجة إلى وضع الحصباء. والحديث يحمل على ما إذا كان لا حاجة لذلك، أما إذا كان هناك حاجة فلا بد من وضع الحصباء حتى يبقى القبر بيناً.

حكم غيرة المرأة على زوجها

حكم غيرة المرأة على زوجها Q يحصل بيني وبين زوجي خصام في أكثر الأحيان وذلك بسبب غيرتي عليه فأنا أغار عليه وأراقب نظراته، وإذا لمحت منه أي نظرة أو اشتبهت فيها غرت عليه، وهو يحتج عليَّ دائماً بأن الغيرة المحبوبة إلى الله هي الغيرة في محارم الله، وأما الغيرة التي تقع مني فهي تسبب الطلاق، ولم أقتنع بكلامه لأنني أعتقد أن من حقي أن أغار عليه حتى ولو لم يقصد، علماً أنه ملتزم ولا أشك فيه، وجهني بما تراه وفقك الله؟ A أوجه هذه السائلة أن تخفف من غيرتها، وإلا فإن من طبيعة المرأة أن تغار على زوجها، وهذا دليل على محبتها له، ولكني أقول: الغيرة إذا زادت صارت غبرة وليست غيرة، ثم تتعب المرأة تعباً شديداً، لذلك أشير على هذه المرأة أن تخفف من غيرتها، وأشير على الرجل أيضاً أن يحمد الله على أن هيأ له امرأة صالحة تحبه، لأن هذا -أعني: التحاب بين الزوجين- مما يجعل الحياة بينهما سعيدة، وإلا فإن الغيرة أمر فطري لا بد منه. أرسلت إحدى أمهات المؤمنين إلى النبي عليه الصلاة والسلام طعاماً في إناء، وهو في بيت إحدى نسائه، فلما دخل الرسول بالطعام والإناء فرحاً به يهديه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن من امرأة أخرى، هذه المرأة التي هو في بيتها غارت فضربت يد الرسول وطاح الإناء وتكسر وتبعثر الطعام، ولكن الرسول لم يوبخها، بل قال: (غارت أمكم) أو كلمة نحوها، أخذ الطعام والإناء وأخذ طعام المرأة التي هو في بيتها وإناءها وقال: (إناء بإناء، وطعام بطعام) وأرسله مع الرسول، لأن الرسول إذا رجع وقال: إن المرأة هذه فعلت كذا وكذا سوف تتكدر المرسلة، فإذا جاءها إناء ضرتها وطعام ضرتها سوف تبرد وهذا من حكمة الرسول عليه الصلاة والسلام. المهم أن الغيرة بين النساء أمر لا بد منه، وأرى أن من نعمة الله على الزوج أن تكون المرأة تحبه إلى هذا الحد، ولكني أقول للمرأة: خففي من الغيرة لئلا تشقي على نفسك وتتعبي، وأقول للرجل: احمد ربك على هذه النعمة، ولا يزداد ذلك إلا رغبة في أهلك ومحبة لهم. أما مسألة الطلاق فلا تذكره أبداً عند المرأة، الرجل إذا ذكر الطلاق عند المرأة صار هذا الشبح أمام عينها نائمة ويقضانه، وهذا غلط، ولهذا من السفه أن بعض الناس يذكر كلمة الطلاق لامرأته، حتى ولو للتهديد. يا أخي: هددها بغير هذا، تهددها بالطلاق فيبقى الشيطان دائماً يعمل في قلبها حتى تؤدي النهاية إلى الفراق والعياذ بالله.

حكم وعظ الناس في المقابر

حكم وعظ الناس في المقابر Q هل تجوز الموعظة للناس عند دفن الميت في المقابر، وهل يجوز أن يدعو الواعظ والناس يؤمنون من ورائه، إذا كان هذا العمل جائزاً فما هو أفضل دعاء، وإذا كان غير جائز أرجو من فضيلتكم أن توضح للناس ذلك؟ A أما الموعظة الخاصة فهذه لا بأس بها، لو كان الإنسان جالساً وحوله أناس، وصار يتكلم عن الموت وما بعده، وسؤال الميت عن ربه ودينه ونبيه، هذا طيب، أو مثلاً هو جالس عند القبر وقال للناس ما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام وهو جالس على قبر إحدى بناته قال: (ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار -كل شيء مكتوب نسأل الله أن يجعل مقاعدنا في الجنة - قالوا: يا رسول الله! إذاً نترك العمل -ما دام كل شيء مكتوب- قال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له) مقعد أهل الجنة لا يكون لمن عمل عمل أهل النار، مقعد أهل النار لا يكون لمن عمل عمل أهل الجنة، مقعدك مكتوب لكن مكتوب العمل المؤدي إلى هذا المقعد، فمثل هذه الموعظة لا بأس بها. وكذلك أيضاً في يومٍ من الأيام دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى البقيع وهم في جنازة رجل من الأنصار، لكنه ما تم اللحد، والناس ينتظرون إتمام اللحد، وجلس النبي صلى الله عليه وسلم وجلسوا حوله كأن على رءوسهم الطير احتراماً للرسول عليه الصلاة والسلام وتعظيماً للمقام، فجعل يحدثهم بما يكون عند الاحتضار وما بعد الموت، مثل هذه الموعظة لا بأس بها. أما أن يقوم الإنسان خطيباً عند القبر يخطب الناس فهذا ليس من السنة في شيء، وما عهدنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام ولا الصحابة قاموا خطباء في المقبرة يعظون الناس الخطب في أي مكان تكون؟ في المساجد، أما المقابر فلا، المقابر محل العزاء، لكن إذا جرت مناسبات موعظة مجلس ما هي خطبة فلا بأس. وأما الدعاء بعد الدفن فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدعو والناس يؤمنون أبداً، ولكنه كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل) وعلى هذا تقف عند القبر وتقول: اللهم اغفر له، اللهم اغفر له، اللهم اغفر له، اللهم ثبته، اللهم ثبته، اللهم ثبته، ثلاث مرات ثم تنصرف، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثاً.

إزالة الإشكال بين حديثين: (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة) و (فيما يبدو للناس.

إزالة الإشكال بين حديثين: (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة) و (فيما يبدو للناس.) Q فضيلة الشيخ: حديثان ظاهرهما فيه إشكال: حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث طويل في آخره: (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) إلى آخر الحديث. وحديث أبي هريرة الذي فيه: (فيما يبدو للناس) . فنجمع بين الحديثين حتى يزول الإشكال قلنا: إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس حتى ما يكون بينه بينها إذا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، فهل معنى ذلك: أن كل من عمل عملاً صالحاً وكان لله خالصاً دخل الجنة، لأننا قلنا فيما يبدو للناس فيسبق عليه الكتاب، فهل معنى ذلك: أنه إذا عمل العمل لله أنه يدخل الجنة بعمله، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا: حتى أنت يا رسول الله، قال: حتى أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته) . أرجو أن تبين لي وتوضح كيف حلَّ هذا الإشكال؟ A قبل أن نحل هذا الإشكال المعين، يجب أن نعلم أنه ليس في كتاب الله تناقض، وليس في السنة التي تصح عن الرسول عليه الصلاة والسلام تناقض، وليس بين الكتاب وبين السنة الصحيحة تناقض، هذه ثلاثة أمور، هذا أمر مستحيل، فإن رأيت ما يوهم التناقض فهذا إما لنقصان علمك، وإما لقصور فهمك، وإما لسوء إرادتك وأنك لا تريد الحق ولكن تريد أن تجمع النصوص المتشابهة لتشكك نفسك وتشكك عباد الله، فالغالب أن من هذه نيته لا يفتح الله عليه، وهذه قاعدة يجب أن تكون دائماً على ذكرك، فإن عجزت فقل: الله أعلم، {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران:7] . أما بالنسبة للأحاديث التي أوردها فنقول: إن حديث ابن مسعود: (حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع) أي: بين الجنة، ليس المراد أن عمله أوصله إلى هذا المكان حتى لم يبق إلا ذراع، لأنه لو كان عمله عمل أهل الجنة حقيقة من أول الأمر ما خذله الله عز وجل؛ لأن الله أكرم من عبده، عبد مقبل على الله ما بقي عليه والجنة إلا ذراع يصده الله؟! هذا مستحيل، لكن المعنى: يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس حتى إذا لم يبق على أجله إلا القليل زاغ قلبه والعياذ بالله -نسأل الله العافية- هذا معنى حديث ابن مسعود. إذاً: لم يبق بينه وبين الجنة إلا ذراع بالنسبة لأجله، وإلا فهو من الأصل ما عمل عمل أهل الجنة -نعوذ بالله من ذلك، نسأل الله ألا يزيغ قلوبنا- عامل وفي قلبه سريرة خبيثة أودت به إلى أنه لم يبق إلا ذراع ويموت هلك. وأما قوله: (بعمله) فنعم العمل سبب من الأسباب، جعله الله تعالى سبباً لدخول الجنة إذا كان العمل صالحاً. وسبباً لدخول النار إذا كان العمل سيئاً، كما أن الزواج سبب للولد، فالعمل الصالح جعله الله سبباً لدخول الجنة وليس عوضاً، لو أراد الله أن يعاوض الإنسان بعمله لأفلس، عملك الصالح الآن أنت مدين به لله، كيف؟ من الذي وفقك للعمل الصالح؟ الله، إذاً له حق عليك، ولهذا قيل: إذا كان شكري نعمة الله نعمة عليَّ له في مثلها يجب الشكر فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله وإن طالت الأيام واتصل العمر

نصيحة للآباء والأجداد المفرطين في حق الله

نصيحة للآباء والأجداد المفرطين في حق الله Q فضيلة الوالد: أسأل الله أن يسددك وأن يجعلك عوناً على طاعته، أرجو توجيه نصيحة للآباء والأجداد الذين تجاوزت أعمارهم الستين وشابت شعور رءوسهم ولحاهم وضعفت أبدانهم، لكنهم يعيشون ليلهم أمام المسلسلات والأفلام، ولا يقبل بدلها صرفاً ولا عدلاً، بل تفوته صلاة الفجر أحياناً والعصر أحياناً، ولا تجده محافظاً على وتر ولا راتبة، ولا يبالي بمعازف ولا مناظر، فوالله إن قلوب الأبناء تتقطع عليهم حسرة وهم لا يبالون؟ A نسأل الله العافية، أقول لهؤلاء: اتقوا الله في أنفسكم، واعلموا أن الواجب على العبد أن يكون أسوة صالحة لأهله وذويه لا أسوة سيئة، وليحذروا من تلاعب الشيطان بهم، وإضاعة أوقاتهم فيما لا يرضي الله عز وجل، وليعلموا أن أولادهم إذا رأوهم على هذه الحالة اقتدوا بهم، فنصيحتي لهم: أولاً: ألا ينهمكوا فيما ذكره السائل. ثانياً: أن يحرصوا على تربية أولادهم تربية طيبة، وعلى قبول النصح من الأولاد، لا سيما الأولاد الصالحون الذين حباهم الله سبحانه وتعالى علماً وعملاً. ونسأل الله لنا ولهم السلامة والعافية، وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اللقاء الشهري [32]

اللقاء الشهري [32] المطر نعمة عظيمة، يأتي به الله، فتنتفع البلاد والعباد، وقد يتسبب هطول الأمطار في بعض الأحيان إلى الحرج والمشقة، وهذا ما بينه الشارع الحكيم، فجعل للمطر أحكامه الخاصة، ولعل أهمها: جواز الجمع بين الصلاتين. وبذلك بدأت هذه المادة، التي يشعر متصفحها بأنه أمام سيل من الأحكام الشرعية المتتالية، والنصائح والتوجيهات المتدفقة، والتي تعالج كثيراً من الإشكالات في جوانب الحياة المختلفة.

بعض أحكام المطر وما يتعلق به

بعض أحكام المطر وما يتعلق به إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

نزول الأمطار رحمة من الله بعباده

نزول الأمطار رحمة من الله بعباده فإننا نشكر الله سبحانه وتعالى على ما منَّ به على هذه المنطقة من السيول التي كانت، والتي نرجو الله سبحانه وتعالى أن تكون صيباً نافعاً ينفع الله به البلاد والعباد، هذه الأمطار التي يرسلها الله عز وجل على العباد تسير -بإذن الله- سيراً حثيثاً أو بطيئاًَ على حسب ما تقتضيه حكمة الله عز وجل، وليس بخافٍ علينا ما جرى في قصة الرجل الذي سمع صوتاً من السحاب يقول: اسق حديقة فلان -حديقته أي: بستانه- لما سمع هذا الصوت تعجب! كيف يؤمر السحاب أن يسقي حديقة فلان؟! فجاء يتبع السحاب حتى أمطرت في أرضٍ انبعث منها وادٍ صب في هذه الحديقة فأرواها، فقال الرجل الذي سمع الصوت لصاحب الحديقة: ما الذي تصنع في حديقتك؟ قال له: ما شأنك بها؟ قال: إني سمعت صوتاً من السحاب يقول: اسق حديقة فلان -لحديقتك هذه- فقال: أما وقد قلت هذا، فإنني أقسمها أثلاثاً، ثلث أجعله في نفقتها، وثلث نفقة لي ولأهلي، وثلث أتصدق به، فانظر كيف كان سقي هذه الحديقة بإرادة الله عز وجل. ومما يدل على ذلك أيضاً ما ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل رجل المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب، فقال: (يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يديه وقال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا -ثلاث مرات، ما زاد على ذلك- قال أنس: فوالله ما في السماء من سحاب ولا قزعة -أي: أن السماء صحو ليس فيها سحاب واسع، ولا قزعة وهي قطعة السحاب- وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار -وسلع جبل معروف في المدينة يأتي السحاب من جهته- قال: فأنشأ الله سحابة من روائه مثل الترس -أي: كالتبس الكبير- فارتفعت في السماء، فلما توسطت السماء انتشرت ورعدت وبرقت، وأمطرت فما نزل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من منبره إلا والمطر يتحادر من لحيته) سبحان الله! {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] . ثم إن المطر استمر أسبوعاً كاملاً، فجاء رجل من الجمعة الثانية، أو الرجل الأول وقال: (يا رسول الله! تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله أن يمسكها عنا) فدعا النبي صلى الله عليه وسلم لكنه لم يقل: اللهم أمسكها عنا، وإنما دعا بما فيه حصول الخير واندفاع الضرر، قال: (اللهم حوالينا ولا علينا، وجعل يشير بيده إلى النواحي فما أشار إلى ناحية إلا انفرجت بإذن الله) إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدبر السحاب، ولكن الذي يدبره هو الله عز وجل، (فدعا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه: اللهم حوالينا ولا علينا، فانفرج السحاب وخرج الناس يمشون في الشمس، قال: حوالينا ولا علينا، اللهم على الضراب والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر) . وإذا كان الله تعالى هو الذي ينزل الغيث، فإن الواجب علينا أن نعترف له بقلوبنا وألسنتنا بالشكر، وأنه المنعم حقاً، وأن نقوم بطاعته بجوارحنا، لأن الشكر هو القيام بطاعة المنعم.

الجمع بين الصلاتين في المطر

الجمع بين الصلاتين في المطر من المعلوم أن الأمطار يحصل بها بعض التعب، فالمشي في المطر يبل الثياب، ويتعب الماشي، وربما يلحقه البرد في أيام الشتاء، وربما تكون الأرض وحلة -أي: طيناً- تزل به الأقدام، ومن رحمة الله أن أجاز لعباده الجمع في أيام الوحل وأيام المطر الذي يشق على الناس، أجاز الجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء، لقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، في المدينة من غير خوف ولا مطر، قالوا: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته) أي: لا يلحقها الحرج والمشقة، وهذه إشارة إلى العلة في جواز الجمع وهي الحرج، فمتى لحق الإنسان حرج في إفراد كل صلاة في وقتها فإن له أن يجمع سواء من المطر، أو الريح الباردة في الليلة الباردة، أو المرض، أو خوف ضياع ماله، أو خوف تلفه، حتى قال العلماء: إن الخباز إذا خاف أن تحترق خبزه فإنه يجوز أن يجمع. لأن الأمر -والحمد لله- واسع. لكن لا يجوز التهاون في الجمع، فيجمع بدون سبب؛ لأن بعض الناس بمجرد أن يأتي المطر يقول: هذا مطر نجمع، وهذا غلط كبير؛ لأن الجمع بدون سببه محرم ولا تقبل به الصلاة المجموعة إلى ما قبلها أو ما بعدها، فمثلاً: لو جمع العشاء إلى المغرب بدون سبب صحت صلاة المغرب ولم تصح صلاة العشاء؛ لأنها صارت قبل وقتها في حال لا يجوز فيه الجمع، وقد قال الله تبارك وتعالى في الكتاب العزيز: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:103] أي: محدودة بوقت، الفجر من كذا إلى كذا، والظهر من كذا إلى كذا، والعصر من كذا إلى كذا، والمغرب من كذا إلى كذا، والعشاء من كذا إلى كذا، محدد، وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تلك الأوقات، فمن صلى الصلاة في غير وقتها بغير حجة شرعية فهو آثم، والصلاة التي صليت في غير وقتها باطلة، فإذا جمع الإنسان بمجرد نزول المطر الذي ليس فيه مشقة وليس بالأرض وحل ولا مناقع من الماء فإن صلاته العشاء لا تصح، ويجب عليه أن يعيدها، فإذا شك الإنسان هل هذا المطر مبيح للجمع أم ليس بمبيح فما الواجب؟ الواجب ترك الجمع؛ لأن الأصل وجوب فعل الصلاة في وقتها، ولا يجوز العدول عن هذا الأصل إلا بدليل شرعي، فإذا شك الإنسان قال: هذا المطر لا أدري أيبيح الجمع لي أم لا؟ قلنا: لا تجمع، حتى تتيقن أن هذا المطر يبيح الجمع أو يغلب على ظنك أيضاً، لأنه إذا غلب على الظن كفى. فإن قال قائل: أرأيتم لو صلوا المغرب وليس هناك مطر، ثم نزل المطر بعد أن تفرق الناس؟ قلنا: إذا شق عليهم الحضور إلى العشاء فليصل كل واحد في بيته ولا حرج، لكن في هذه الحالة إذا كان الإنسان معه رجال فليصلوا جماعة في البيت لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله) فالأمر والحمد لله واسع، لكن لا بد من تحقق العذر الذي يبيح الجمع، وإلا أقدم الإنسان على أمرٍ لا يحل له.

حكم من أدرك جماعة يصلون العشاء قبل أن يصلي المغرب

حكم من أدرك جماعة يصلون العشاء قبل أن يصلي المغرب هنا مسألة: لو أنك أتيت إلى المسجد وهم يصلون العشاء وأنت لم تصلِّ المغرب أفتصلي وحدك المغرب ثم تدخل معهم العشاء، أم تصلي العشاء معهم ثم تؤخر المغرب بعدها، أم تدخل معهم بنية المغرب وإن كانوا يصلون العشاء؟ فهنا احتمالات ثلاثة، والأخير هو أولاها أن تدخل معهم بنية المغرب وإن كانوا يصلون العشاء. ولكن إذا دخلت في أول ركعة فإنه إذا قام الإمام إلى الرابعة فقد انتهت صلاتك، يجب أن تجلس وتقرأ التشهد وتسلم، ثم تدخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء إن أدركته. فإن دخلت معه في الركعة الثانية فماذا تصنع؟ تتابعه وتسلم معه؛ لأنك تكون قد صليت ثلاثاً. فإن دخلت معه في الركعة الثالثة تتابعه، وإذا سلم تقوم وتأتي بركعة واحدة؛ لأن صلاته ثلاث وإن كانت صلاة الإمام أربعاً لكن صلاته ثلاث. فإذا دخل معه في الثالثة أدرك مع الإمام ركعتين فإذا سلم الإمام أتى بركعة، وإن دخل في الرابعة أتى بركعتين. قد يشكل على الإنسان أنه بمتابعة إمامه إذا دخل معه في الثانية اختلت الصلاة، يكون تشهد في أول ركعة ولم يتشهد في الركعة الثانية؟ نقول: لا حرج؛ لأنه تشهد تبعاً لإمامه وترك التشهد تبعاً لإمامه، ولهذا نظائر، أرأيت لو دخلت معه في صلاة الظهر وهو يصلي الظهر ودخلت معه في الركعة الثانية؟! سوف تجلس في الركعة الأولى ولا تجلس في الركعة الثانية، لكن كل هذا من أجل متابعة الإمام، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه) . فإن قال الإنسان: يشكل عليَّ إذا دخلت معه في الركعة الأولى وهو يريد صلاة المغرب والإمام يصلي العشاء ثم جلس في الثالثة وانفرد عن الإمام يشكل عليه لماذا ينفرد؟ قلنا: هذا الانفراد لعذر، وهو أن صلاته تمت، فلا بد أن ينفرد، وله نظير في الشرع، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في صلاة الخوف كان يصلي بأصحابه، بطائفة أول الصلاة، ثم تكمل صلاتها وتنصرف، وتأتي الأخرى وتدرك النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الصلاة. ثم إن العلماء رحمهم الله قالوا: لو أن الإنسان دخل مع الإمام وفي أثناء الصلاة حُصِرَ ببول أو غائط أو ريح، ولا يستطيع أن يكمل مع الإمام قال العلماء: له أن ينفرد عن إمامه، ويكمل وينصرف، ونقول: الأمر واسع، انوِ الانفراد وأكمل صلاتك خفيفة واقض حاجتك، هذا انفراد لعذر، والأعذار ليست كغير الأعذار فهذا عذر حسي، والذي جلس ليتشهد ويسلم في صلاة المغرب عذر شرعي. وخلاصة القول في هذا اللقاء: أولاً: أنه يجب علينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى على ما أنعم به علينا من هذه الأمطار، وأن نسأل الله أن يجعل فيها بركة. ثانياً: لا يجوز لنا أن نتساهل في الجمع، ولكن إذا وجد سبب الجمع فالأفضل الجمع؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

الأسئلة

الأسئلة

مسئولية أداء الحقوق إلى أهلها وإن كانت يسيرة

مسئولية أداء الحقوق إلى أهلها وإن كانت يسيرة Q فضيلة الشيخ! أنا أصرف رواتب لما يفوق تسعمائة موظف، وفي رواتبهم (هلل) وفي البداية كنت أدفع لما فوق خمسين هللة ريالاً، وما دونه لا أدفع له شيئاً، وبعد فترة بدا لي أن أصرف هللاً، لكني عانيت من ذلك تعباً كثيراً وحرجاًَ مع الموظفين، فالأغلب منهم يترك الهلل ويحرجني في الكلام، فعدت إلى الطريقة الأولى، فما رأي فضيلتكم؟ A أما إذا أردنا المقاصة والمحاقة، فالواجب إعطاء كل ذي حق حقه، من كان له أربعون هللة أو خمسون هللة فليعطى إياها، لأن هذا حق، لكن إذا سامح وأسقط فلا حرج لأن الحق له، وأما إذا صار الأمر على وجه المسامحة وجبرت الكسر أو هو أسقط الكسر عن الموظف فلا بأس بهذا، فإذا كانت هذه الطريقة -أعني: المسامحة- أسهل للجميع وكل منهم لم يطلب المحاقة فلا بأس.

حكم مسابقات المحلات التجارية

حكم مسابقات المحلات التجارية Q ما حكم المسابقة في بعض المحلات التجارية، حيث أنه وضع ذلك المحل جائزة قيمتها ستون ألف ريال، بشرط: أن نشتري أغراضاً منه بخمسين ريالاً، ثم بعد ذلك يسجل الاسم في قائمة المتسابقين، وما الضابط في هذه الجوائز والمسابقات؟ A أولاً: نخاطب صاحب المحل الذي يضع الجائزة: هل هو إذا وضع الجائزة زاد في قيمة السلع أم لا؟ إن قال: نعم إنه يزيد في قيمة السلع. قلنا: هذا حرام؛ لأنه من الميسر. وإذا قال: إنه لا يزيد وإن سعره كسعر غيره. قلنا: هذا لا بأس به، إلا إذا تضمن ضرراً بحيث صار الناس يتنافسون أيهم أكثر جائزة بحيث يقول صاحب الدكان: أنا أضع سيارة، وقال الثاني: إذاً أنا أضع سيارتين، وقال الثالث: وأنا أضع ثلاثاً، فهنا يجب على ولي الأمر أن يتدخل ويمنع هذه الجوائز؛ لأن هذا يفضي إلى النزاع والخصومة والعداء، أما إذا كانت المسألة فردية واحد في السوق مثلاً وضع هذه الجائزة، فنقول: هل أنت بمقابل وضع الجائزة تزيد في السلعة؟ إن قال: لا، نقول: لا بأس. الاتجاه الثاني بالنسبة للمشترين، إذا كان الإنسان لا يشتري إلا من أجل الجائزة لا من أجل الرغبة في السلعة، لكن يقول: أشتري بخمسين ريالاً وأدخل المسابقة لعلي أغنم وأربح، فهذا لا يجوز له، وأما إذا كان يشتري حاجته فلا بأس؛ لأنه إذا اشترى لحاجته لم يخسر شيئاً، فتكون الجائزة من باب: (إما غانم وإما سالم) ما فيه غرم، لأن الرجل لا يشتري إلا ما يحتاجه، والقيمة لم ترفع من أجل الجائزة، فإذاً نخاطب صاحب المعرض واضع الجائزة أولاً ثم نخاطب المشترين ثانياً، فإذا قال المشتري: أنا لم أشترِ إلا ما أحتاج إليه قلنا: لا حرج اشتر بخمسين ريالاً أو بمائة ريال، وأنت إن ربحت الجائزة فأنت غانم، وإن لم تربحها فأنت سالم. ولا مانع من اشتراط خمسين ريالاً -قيمة للمشتريات-.

كيفية شكر الله على نعمة المطر

كيفية شكر الله على نعمة المطر Q فضيلة الشيخ! ذكرت وفقك الله شكر الله تعالى على هذه النعمة، فكيف يكون شكر الله على المطر، وهل هناك ذكر يقال عند رؤية البرق أو سماع الرعد، وهل البرد يعد من غضب الله؟ A أما شكر النعمة فقلت لكم: إن الشكر يكون باللسان والقلب والجوارح، أما شكر القلب فأن يعترف الإنسان بقلبه ويؤمن بأن هذا من فضل الله ورحمته، وأما اللسان فأن يقول: مطرنا بفضل الله ورحمته، فعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية فأنزل الله مطراً، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبح أقبل علينا وقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال الله تعالى: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر -انقسموا إلى قسمين: مؤمن وكافر- فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب) فالمشروع أن تقول: مطرنا بفضل الله ورحمته، وتقول أيضاً: اللهم اجعله صيباً نافعاً، لأن المطر قد ينزل ولا ينفع، ولهذا جاء في صحيح مسلم: (ليس السنة ألا تمطروا، وإنما السنة أن تمطروا فلا تنبت الأرض شيئاً) والسنة: الجدب، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما ما يقال عند الرعد أو عند البرق، فقد جاء عن بعض الصحابة والتابعين أنه يقال عند الرعد: [سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته] ويقول عند البرق: [سبحان الله وبحمده] وأما عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبلغنِ أنه يقال شيء عند البرق أو الرعد، لكن من قال: [سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته] اتباعاً لبعض الصحابة كـ عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما فحسن، وكذا من قال: (سبحان الله وبحمده) فإنه يذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما بسند ضعيف جداً أنه قال: [من قال حين يرى البرق: سبحان الله وبحمده لم تصبه صاعقة] فهذا حسن.

حكم جمع الصلاة لغير عذر شرعي

حكم جمع الصلاة لغير عذر شرعي Q فضيلة الشيخ! طالب جامعي يواصل الجمع أثناء الاختبارات وبعد الاختبارات، فهو يصلي في غرفته صلاة الظهر والعصر جمعاً، وذلك لصعوبة القيام لصلاة العصر، فما رأيك في هذا الجمع؟ A رأيي في هذا الجمع أنه حرام، لو كان له شغل ما نام عنه، فكيف ينام عن صلاة الظهر؟! فالواجب عليه أن يصلي الظهر في وقتها، وأن يصلي العصر في وقتها، ولو أنَّا أمهلنا للناس وقلنا: من كان به نوم فلينم وليجمع لحصل شر كثير عند بعض الناس، فنقول لهذا الطالب: صلِّ الظهر في وقتها والعصر في وقتها ودع عنك الكسل.

حكم الجمع والقصر للمسافر إذا مكث في مكان ما

حكم الجمع والقصر للمسافر إذا مكث في مكان ما Q ما حكم الجمع مع المكث في المكان، كرجل مسافر لكنه ماكث في موضع ما، وسيستمر في هذا المكان أكثر من يوم، فهل يشرع له الجمع أم لا؟ A هذه المسألة مما اختلف فيها العلماء: فمن العلماء من قال: إن الجمع في السفر لا يجوز إلا لمن جدَّ به السير، فإذا سار قبل دخول وقت الأولى أخرها إلى الثانية، وإن سار بعد دخول وقت الأولى قدم الثانية، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى العصر، وإن زاغت الشمس قدم العصر مع الظهر، هذا إذا كان قد جد به السير، أما النازل فلا يجمع، واحتجوا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع إذا جدَّ به السير) وبأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع وهو نازل في منى أيام الحج، بل كان يصلي كل صلاة في وقتها، لأنه كان نازلاً، وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله. وقال بعض العلماء: للمسافر أن يجمع ولو كان نازلاً ماكثاً في مكانه؛ لأن السفر عذر، واحتج هؤلاء القوم بأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في تبوك وهو نازل، وبأن أبا جحيفة ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان نازلاً في الأبطح في مكة في عام حجة الوداع، وأنه خرج صلوات الله وسلامه عليه من قبة حمراء من أدم قال: وكأني أنظر إلى بياض ساقيه، فركزت له عنزة، ثم تقدم فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين) ، وهذا يدل على أنه جمع مع أنه نازل، لكننا مع ذلك لا نحبذ للنازل المسافر أن يجمع إلا إذا كان هناك سبب، مثل: أن يكون الماء قليلاً، ولا يتمكن من أن يتوضأ مرتين، أو يكون الجو بارداً لا يتمكن من الوضوء مرتين إلا بمشقة، أو يكون على تعب فينام ويجمع من أجل أن يطول نومه وما أشبه ذلك، وإلا فالأفضل ألا يجمع، هذا إذا كان في البر، أما إذا كان في البلد فإن الواجب على المسافر أن يصلي مع الجماعة، وحينئذٍ لا بد أن يتم الصلاة، ولا بد أن يصلي كل صلاة في وقتها. السائل: القصر هل يجوز؟ الشيخ: القصر يجوز ما دمت مسافراً ولو كنت نازلاً، ليس كالجمع. وهنا ننبه: الجمع أوسع من القصر من وجه، والقصر أوسع من الجمع من وجه، فمثلاً: الجمع يجوز لكل عذر يشق معه ترك الجمع، حتى في البلد، حتى في المرض، ومن هذه الناحية يكون أوسع من القصر، القصر لا يجوز إلا في السفر خاصة، سواء كنت نازلاً أم سائراً، لكن في غير السفر لا يجوز، فلو سألني سائل: مريض في المستشفى يجمع ويقصر لأنه يشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها، هل جمعه صحيح؟ صحيح، هل قصره صحيح؟ الجواب: إن كان في بلده فإنه لا يقصر، وإن كان في غير بلده فإنه يقصر.

حكم إقامة جماعتين في مسجد واحد

حكم إقامة جماعتين في مسجد واحد Q ما حكم إقامة جماعة ثانية والناس يصلون صلاة التراويح في رمضان، لأني سمعت بعض الناس يقولون: بدعة، وبعضهم يقول: في العشر لا بأس أما في غيرها فهو بدعة كما لو فعله في أول رمضان أو وسطه؟ A الصحيح في هذا أنه إذا دخل الإنسان سواء كان وحده أو معه جماعة والناس يصلون صلاة التراويح أنهم يدخلون مع الإمام بنية العشاء، فإذا سلم الإمام أتوا بما بقي من صلاة العشاء كلٌ يأتي بها على انفراده بدون جماعة، هذا هو الصحيح، أما أن تقام جماعتان في مسجد واحد، فهذا ليس بمشروع بلا شك، ولكن نقول: ادخلوا مع الإمام بنية العشاء. فإن قال قائل: هل يصح أن يأتم المفترض بالمتنفل؟ قلنا: نعم يصح، وهذا وقع في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، فإن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاة العشاء، ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم نفس الصلاة، فهي له نافلة ولهم فريضة، وكان هذا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، أقره عليه الله عز وجل، بل الظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم بذلك فأقره، وقد نص الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: أن الرجل إذا دخل والإمام يصلي التراويح فإنه يدخل معهم بنية العشاء.

حكم القراءة خارج الحمام لغرض إسماع من هو داخل الحمام

حكم القراءة خارج الحمام لغرض إسماع من هو داخل الحمام Q عندي في البيت جهاز تسجيل كبير يسمع من بعد، هل يجوز لي أن أدخل دورة المياه والجهاز يشتغل وقد يكون فيه قرآن أو محاضرة أو غير ذلك، أم لا بد أن أغلقه، علماً أن مكانه بعيد عن دورة المياه؟ A لا حرج في هذا، يجوز للإنسان أن يضع المسجل خارج الحمام وهو يستمع إليه، وقد ذُكِرَ عن جد شيخ الإسلام ابن تيمية وهو عبد السلام، أنه كان يأمر فتاه أو ابنه أن يقرأ عليه وهو في بيت الخلاء؛ حفاظاً على الوقت، ولعل هذا من الأمر النادر، لأني لا أظن أن عالماً يفعل هذا دائماً، لكن لعله يريد أن يراجع مسألة من المسائل يريد أن يحققها ففعل هذا الفعل، مع أننا نقول بالجواز لكن تركه أفضل، لماذا؟ لأن الإنسان إذا كان يستمع إلى حديثٍ يعجبه فربما يطيل الجلوس على قضاء الحاجة؛ لأنه انسجم مع هذا الذي يسمع، ربما يجلس ساعة أو ساعتين، كما يذكر أن دول الكفر إذا أراد الإنسان أن يطالع الجرائد والصحف دخل بها معه في الحمام، وتعرفون أن كرسيهم في الجلوس فرنجي، فيجلس على هذا الكرسي على فخذيه والجرائد معه، وإن كان بعد السيجارة معه الله أعلم. السائل: مكتبة صغيرة معه أيضاً. الشيخ: يضعون مكتبة في الحمام! -نسأل الله العافية- {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [الفرقان:44] .

حكم صلاة الجمعة لرعاة الأغنام

حكم صلاة الجمعة لرعاة الأغنام Q فضيلة الشيخ! نحن نسكن في قرية، ويوجد عندنا رعاة أغنام يتراوح إن كان رعيهم ما بين (5-10كم) ، ولقد حصلت بينهم وبين أصحاب الأغنام مشاكل، وذلك بسبب أن العمال يريدون أن يصلوا الجمعة، وأصحاب الأغنام يمنعونهم من ذلك بسبب خوفهم على أغنامهم من السرقة أو الضياع، ويقولون: أن صلاة الجمعة لا تجب عليكم في هذه الحالة، أفدني وفقك الله في هذه المسألة، هل نقنع العمال بعدم وجوب صلاة الجمعة عليهم، أم ندعو أصحاب الأغنام بالسماح لهم بأداء صلاة الجمعة؟ A إذا كان الخوف حقيقة ويخافون أن هؤلاء الرعاة إذا ذهبوا عن الغنم ضاعت أو سرقت فلا بأس أن يبقوا عند أغنامهم ويصلوا الظهر بدلاً عن الجمعة، ولكن خير من ذلك أن نشير على أهل الأغنام أن يجعلوا هؤلاء الرعاة يتناوبون، فيقال مثلاً: إذا كانوا اثنين يقال: واحد الجمعة هذه، والثاني يصلي الجمعة الأخرى، لأن بعض العمال يحبون أن يصلوا الجمعة لأداء الجمعة وحضور جماعة المسلمين، ولهم أقارب من العمال الآخرين يحضرون الجمعة فيحبون أن يتحدثوا إليهم، فللجمع بين المصلحتين نقول: الأفضل والأولى أن تجعلوهم متناوبين هذا يدخل جمعة، وهذا يدخل الجمعة الأخرى حتى يحصل الخير، والله تعالى يحب من عباده أن ييسر بعضهم على بعض.

أنواع من المسابقات المحرمة

أنواع من المسابقات المحرمة Q فضيلة الشيخ! وردت فتوى لهيئة كبار العلماء بتحريم مسابقة الدولار الصاروخي، وأنه من الميسر لما تشتمل عليه هذه المسابقة من أكل أموال الناس بالباطل؛ لأن كل مشترك يدفع مبلغاً من المال مخاطرة، وهو لا يدري هل يحصل على مقابل أم لا، وهو كالقمار، ولما فيه من التلاعب بعقول الناس والتغرير بهم وخداعهم، وجميع هذه المسابقات من الميسر وهو محرم شرعاً، هذا ما ورد في الفتوى التي أرفقتها لكم، وأحيطكم علماً بأن كل مشترك يستطيع أن يحصل على مقابل وكذلك على مكسب، لكن شريطة أن يبيع أربع استمارات حسب ما هو موضح ومدون ومعروف مع من يتعامل بهذه المسابقة؟ A نعم رأيتها ولكن وقانا الله وإياكم شر الصواريخ!! أقول: أنا أوافق سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز بأنها حرام، لما فيها من التلاعب والغرر والربا أيضاً، شخص يدفع أربعين ويأخذ خمسة وعشرين ألف ريال مثلاً، وكل هذا من التلاعب بالناس، فأنا رأيي كما يرى الشيخ حفظه الله بأنها محرمة، ونسأل الله تعالى أن يسلط ولاة الأمور على منع مثل هذا التلاعب. - بقية السؤال يقول: بماذا تنصح من يتعامل معهم وقد تحصل على بعض المبالغ ولم يتحصل عليها إلا بنشاطه في بيع الاستمارات؟ - أقول: إن الله تعالى قال في الربا: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:275] إن كان غير محتاج فالأفضل أن يجعلها في سبيل الخير من بناء المساجد، أو إعانة الفقراء، أو قضاء الدين عن المدينين أو ما أشبه ذلك، وإن كان محتاجاً فما حصل قبل أن يعلم بالتحريم فهو له. - نص جواب الشيخ عبد العزيز بن باز: يقول: الدولار الصاروخي من الميسر وهو محرم شرعاً هذا كلام الجريدة وهو العنوان، يقول: قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء: أنه يرد كثير من الاستفتاءات إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن مسابقة ما يسمى بنظام الدولار الصاروخي التي يتداول قسائمها الناس في الآونة الأخيرة، وهي تشتمل على عبارات مثيرة تغرر بالناس وتحملهم على الاشتراك في هذه المسابقة مقابل دفع مبلغ معين من كل مشترك. وأوضح سماحته أن مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية سبق أن أصدر قراراً برقم: (162) وتاريخ (26/2/1410هـ) يقضي بتحريم هذه المسابقة ومثيلاتها؛ لأنها من الميسر وهو محرم شرعاً، وقد رغب سماحته تذكير الناس بهذا القرار، وفيما يلي نصه: "الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد: فقد اطلع مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الرابعة والثلاثين المنعقدة في الطائف ابتداء من (16/2/1410هـ) إلى (26/2/1410هـ) على كتاب معالي الأمين العام لـ رابطة العالم الإسلامي رقم (16) وتاريخ 5/1409هـ والموجه إلى سماحة الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد والمحال من سماحته إلى المجلس، وقد جاء في كتاب معاليه: أود إحاطة سماحتكم بأن أحد الإخوة الغيورين على الدين أبدى ملاحظة حول المسابقات التي تقيمها بعض الشركات تحت مفهوم: (اليانصيب) المحرم شرعاً، وإذ أرفق لسماحتكم بطيه قسيمة المسابقة التي وافانا بها، وهي باسم: مسابقة (جا. سا. با) الدولية، وتروج لها مؤسسة العقيلي للتجارة الدولية في جدة، أرجو التكرم باتخاذ ما ترونه مناسباً لإصدار فتوى في الموضوع لإرشاد إخواننا المسلمين من الوقوع في مصائد تلك الشركات التي تروج للكسب الحرام، واطلع المجلس على قسيمة المسابقة المرفقة بكتاب معاليه، ومما جاء فيها: مسابقة (جا. سا. با) الدولية، اربح إحدى أشهر السيارات في العالم بقيمة خمسة وعشرين ألف دولار من غير أي التزام مالي على عاتقك خلال ثلاثة أشهر. هنا: المكسب أصبح حقيقة بواسطة الاشتراك بكيبونات مسابقات (جا. سا. با) الدولية، التي أثر ما جاء فيها من الإغراءات التي تحث كل إنسان على المبادرة إلى الاشتراك في هذه المسابقة مقابل دفع خمسة وستين دولاراً، واطلع المجلس أيضاً على قسيمة مسابقة ما يسمى بنظام الدولار الصاروخي ومما جاء فيها: استرخِ وأصبح غنياً، القمار مكلف ولكن هناك وصفة للنجاح بواسطة هذه الوصفة تستطيع أن تربح رأس مال قدره: خمسة وعشرين ألف دولار أمريكي من غير أي التزامات مالية على عاتقك خلال أربعة إلى ستة أسابيع، وفيها أيضاً: الدولار الصاروخي هي لعبة أموال وليست: (يا نصيب) تعمل بسرعة وسرية تامة حيث ما يوجد مكتب بريد، وتشتمل القسيمة على عبارات مثيرة تغرر بالناس وتحملهم على الاشتراك في هذه المسابقة مقابل دفع مبلغ خمسة وسبعين دولاراً من كل مشترك. واطلع المجلس على عدد من الرسائل التي يتساءل مرسلوها عن حكم هذه المسابقات، أو يستنكرون السماح لترويجها وأمثالها في هذه البلاد، واطلع المجلس أيضاً على الاستفتاء المقدم عن حكم المسابقة التي تقوم بها مؤسسة رشا للتجارة المؤرخ في: (29/10/1409هـ) وعلى الإيضاح المرفق به عن هذه المسابقة وعلى نموذج من الإعلانات عن هذه المسابقة، وهو منشور في جريدة المدينة المنورة بعدد وتاريخ (20/9/1409هـ) ولأهمية الموضوع وخطورته دينياً ودنيوياً درس المجلس موضوع المسابقات التجارية بصفة عامة التي يُروج لها بواسطة بعض وسائل الإعلام أو بواسطة بعض المؤسسات التجارية كالتي سبق ذكرها آنفاً. وبعد دراسة المجلس لموضوع هذه المسابقات التي لجأت إليها بعض الشركات والمؤسسات لطلب الحصول على الأموال الكثيرة دون مقابل، اعتماداً على التغرير والخداع لعامة الناس، وبعد اطلاعه على البحث المعد في الموضوع وتأمله للأدلة الشرعية التي تنص على تحريم الميسر القمار، وكل معاملة فيها مقامرة أو تغرير أو أكل للمال بالباطل أو إضرار بالآخرين اتضح للمجلس تحريم مسابقة (جا. سا. با) الدولية، ومسابقة ما يسمى بالدولار الصاروخي، ومسابقة مؤسسة رشا التجارية وأمثالها لما تشتمل عليه هذه المسابقات من أكل أموال الناس بالباطل، لأن كل مشترك يدفع مبلغاً من المال مخاطرة، وهو لا يدري هل يحصل على مقابل أم لا، وهذا هو القمار، ولما فيها من التلاعب بعقول الناس والتغرير بهم وخداعهم وجميع هذه المسابقات من الميسر، وهو محرم شرعاً كما في قول الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:90-91] والله الموفق، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه. هيئة كبار العلماء. - تبين الحكم والحمد لله، والواجب تجنب ما كان حراماً، لا سيما أنه بلغ إلى درجة أن يقرن بالخمر والأنصاب والأزلام، والأنصاب ما ينصب ليعبد، فهو بمعنى الأوثان.

حكم أعمال النائم

حكم أعمال النائم Q سائلة تقول: لي ابنة صغيرة، وقد كنت نائمة معها في إحدى الليالي، فتوفيت في تلك الليلة وأنا شاكة في أمر وفاتها، وشكي هو أني ربما نمت عليها وهي صغيرة لا تتحمل فماتت، ولكن سؤالي: هل علي صوم؟ أفدني جزاك الله خيراً، وهل لهذا الشك من محل؟ A هذا الشك لا محل له ولا وجه له، لأن النفوس بيد الله عز وجل، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر:42] والقاعدة الشرعية: أن الأصل براءة الذمة، فإذا شك الإنسان في أمر هل يجب عليه أم لا، فالأصل براءة الذمة وعدم الوجوب، وبناءً على ذلك نقول: ليس على هذه الأم شيء لا دية ولا كفارة.

توبة شاب ونسيانه القرآن

توبة شاب ونسيانه القرآن Q أنا شاب حفظت القرآن وعمري عشر سنين، فما زلت كذلك، فجاء علي وقت انحرفت عن الطريق المستقيم فنسيت القرآن، والآن يا شيخ أنا تائب لا أعرف ماذا أفعل، فبم تنصحني وفقك الله فقد أتيت من جدة لأدرس على فضيلتكم؟ A أقول: أبشر، فإن الله سبحانه وتعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين، وهو يقول جل وعلا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} [الزمر:53-55] ويقول جل وعلا في أعظم الذنوب الشرك: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الفرقان:68-70] فالحمد لله الذي ردك إلى ما كنت عليه سابقاً، وأسأل الله تعالى أن يثبتك عليه. وأما نسيان القرآن فأظن أنك لو عدت لتحفظه مرة ثانية سوف يكون سهلاً عليك، فعليك به فإن الله تعالى سيعينك إذا علم من نيتك الصدق والإخلاص.

الكناية في الطلاق وخطر التهاون به

الكناية في الطلاق وخطر التهاون به Q فضيلة الشيخ: عند ذهابي من مصر قلت لزوجتي تخويفاً لها: لا تذهبي إلى أهلك، فلو ذهبت فسيكون فصالاً بيننا، وقصدي طلاقها، وفي نفسي لو ذهبت مرة في الشهر لا بأس بذلك، فذهبت زوجتي لمرض أمها، وأذن لها والدي بالذهاب، ولما علمت بذلك وأنا على سفر قريب أردت النصيحة، فماذا علي أن أفعل؟ A أولاً هذا الرجل لم يعلق الطلاق على ذهابها إلى أهلها، بل قال: فسأطلقك، وهذا وعد وليس بتنفيذ، وعلى هذا فلو ذهبت إلى أهلها فإنها لا تطلق إلا إن طلقها، فالخيار بيده حتى لو ذهبت إلى أهلها، وما دام الأمر كذلك فالزوجة باقية في عصمته ولا إشكال في هذا. ولكني أنصحه وغيره من التهاون في أمر الطلاق، فإن بعض الناس يتهاون به جداًَ حتى إنه يقول لأخيه: خذ هذا الفنجان، فإذا قال أخوه: انتهيت رويت، قال: علي الطلاق أنك تأخذه، فنجان من الشاي يعلق طلاق امرأته عليه، هذا غلط، وهذا يوجد كثيراً بالبادية وانتقل إلى الحاضرة، وصار الناس يتلاعبون. وسبب ذلك: أنه ظهرت فتوى أن الطلاق المعلق إذا قصد به اليمين صار يميناً يكفر عنه كفارة يمين ولا تطلق المرأة، فمثلاً: لو قال لزوجته: إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق، فذهبت، ظهرت فتوى أنه يكفيه أن يكفر كفارة يمين والزوجة في عصمته باقية لا تطلق، ولكن هذه الفتوى أتدرون ما قيمتها في العالم الإسلامي، هذه الفتوى مخالفة للمذاهب الأربعة كلها، مذهب الإمام أحمد بن حنبل، والشافعي، ومالك، وأبي حنيفة، كلهم يقولون: إن المرأة تطلق، ولو قصد اليمين ولو قصد التهديد ولو قصد المنع تطلق المرأة، لأنه تكلم باختياره ولم يكره وقال: إن ذهبت فأنت طالق، ذهبت فتطلق، فالأمر خطير، وليس الأمر بالسهل الهين، حتى وإن كان ظهر في الفتوى اتباعاً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فإن الإنسان لا ينبغي له أن يتهاون. وعامة الأمة أئمتها وعلماؤها يقولون: إن هذا طلاق واقع، ولنفرض أنه الطلاق الثلاث أن هذه آخر طلقة، قال لها: إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق، ثم ذهبت إلى أهلها وهذه آخر طلقة، ثم قلنا: راجعها، هل يملك المراجعة؟ لا. الآن بقينا إما أن نأخذ بالقول إما أن هذا يمين فيكفر كفارة يمين والزوجة ترجع إليه، وإما أن يقول بقول جمهور الأمة: إنها بانت منه ولا تحل له إلا بعد زوج، فإذا أخذ بالقول الأول وردها على أنه يكفر كفارة يمين، فإن جماعه إياها زنا على رأي أكثر الأمة؛ لأنها بانت منه، وعلى رأي أنه يمين يكفرها يكون وطؤه إياها حلالاً؛ لأنها لم تطلق، وإنما قلت هذا تحذيراً من هذا التهاون الذي وقع فيه اليوم كثير من الناس. ولو سد هذا الباب ليتقيه الناس لكان له وجه، فإن هذا من السياسة الشرعية، كان الطلاق الثلاث في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وفي عهد أبي بكر، وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، أي: أن الرجل إذا قال لزوجته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو قال: أنت طالق ثلاثاً؛ فإنه واحدة له أن يردها. فلما رأى عمر أن الناس قد تتايعوا في هذا الأمر وهو حرام أن يطلق الإنسان ثلاثاً، لما رآهم تتايعوا فيه وهلكوا قال: [أرى الناس قد تتابعوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم، وقال: من طلق ثلاثاً في مجلس واحد فزوجته حرام عليه] ، ومنعه من الرجوع سياسة عمرية شرعية، فلو أن الناس أفتوا بوقوع الطلاق المعلق اتباعاً لقول جمهور الأمة من أجل أن ينكف الناس عن هذا التلاعب لكانت هذه الفتوى لها وجه والله المستعان.

فضائل رجب في ميزان الشرع

فضائل رجب في ميزان الشرع Q فضيلة الشيخ! ما حكم تخصيص شهر رجب بعمرة أو صيام أو أي عمل صالح، وهل له ميزة عن سواه من الأشهر الحرم؟ A ليس لشهر رجب ميزة عن سواه من الأشهر الحرم، ولا يخص لا بعمره ولا بصيام ولا بصلاة ولا بقراءة قرآن بل هو كغيره من الأشهر الحرم، وكل الأحاديث الواردة في فضل الصلاة فيه أو الصوم فيه فإنها ضعيفة، لا يبنى عليها حكم شرعي.

حكم جمع الصلاة في السفر

حكم جمع الصلاة في السفر Q هل يجوز للمرأة المسافرة إذا نزلت في البيت أن تصلي قصراً وجمعاً، أم لا بد أن تصلي كل صلاة في وقتها؟ A هذا السؤال سبق نظيره وقلنا: إن المسافر يقصر الصلاة ما دام في سفره حتى يرجع إلى بلده، فإذا سافرت المرأة ونزلت في بلد لمدة يومين أو ثلاثة أو أربعة أو عشرة أو أكثر من ذلك وهي بنية الرجوع إلى بلدها ففي هذه الحالة تقصر الصلاة لأنها مسافرة، لكن لا تجمع إلا لحاجة لأننا ذكرنا أن الجمع في السفر ليس بسنة إلا لمن جد به السير أو كان محتاجاً لذلك، وإذا كانت في البلد لا تحتاج إلى الجمع فالأفضل ألا تجمع.

حكم المسح على الجوارب

حكم المسح على الجوارب Q فضيلة الشيخ! إذا لبس الإنسان الجوارب من غير حاجة أو للزينة، فهل له أن يمسح عليها أم لا بد أن يخلعها ويغسل رجليه؟ A ظاهر الأدلة أن الإنسان إذا لبس الجوارب فله المسح عليها، سواء قصد وقاية الرجل من البرد، أو كان في رجله حساسية قصد بذلك ألا يصيبها الغبار، أو لغير ذلك من الأغراض، فإنه لا بأس أن يمسح عليها، لكنها في مدة محددة، للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها، وتبتدئ المدة من أول مرة مسح بعد الحدث ولا بد أن يكون على طهارة.

متى يبدأ جواز القصر للمسافر؟

متى يبدأ جواز القصر للمسافر؟ Q فضيلة الشيخ! رجل نوى السفر مع أهله، فركبوا السيارة ومشوا فأذن عليهم العصر وهم لم يخرجوا من عامر القرية، هل يقصرون الصلاة أم ماذا يصنعون؟ وإذا وصلوا إلى البلد هل يجمعون الصلاة كالظهر والعصر والمغرب والعشاء مدة إقامتهم؟ A أما الشق الأول من السؤال: وهو ما إذا دخل الوقت وأنت في البلد ثم سافرت، فإنك تصلي الصلاة قصراً وإن كان أذن وأنت في البلد -أعني في بلدك- لأن العبرة بفعل الصلاة لا بدخول وقتها، وبالعكس لو أنه دخل عليك الوقت وأنت في السفر ثم وصلت بلدك فإنك تصلي تصلي أربعاً كاملة، فالعبرة إذاً بفعل الصلاة. أما الجمع فإنا نكرره ونقول: الجمع الأفضل للمسافر ألا يجمع إلا إذا جد به السير أو احتاج إلى ذلك.

أمور تعين على أداء صلاة الفجر

أمور تعين على أداء صلاة الفجر Q فضيلة الشيخ! تفوتني صلاة الفجر كثيراً، ولا أصلي إلا بعد طلوع الشمس إذا أردت أن أذهب إلى دوامي، وهذا الأمر قد يتكرر مراراً، فهل علي شيء، وماذا أصنع لكي أحافظ على الصلاة في وقتها؟ A اصنع أموراً: الأمر الأول: أن تنام مبكراً. ولهذا (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها) ، لأجل أن ينام الإنسان مبكراً حتى يستيقظ مبكراً. ثانياً: أن يكون عندك نية عند النوم وعزم وتصميم على أنك سوف تقوم لصلاة الفجر، فحينئذٍ سوف يسهل عليك القيام. ثالثاً: أن تستعمل منبهاً، ساعة تجعلها عند رأسك تنبهك، وإن خشيت أنها إذا صوتت غمزتها وسكتها وبقيت نائماً أبعدها عنك قليلاً، وكان بعض الناس من حرصه على الصلاة يجعل الساعة المنبهة في تنكة، ويبعدها عنه، من أجل أن يكون صوتها قوياً حتى يقوم. افعل هذا فلا مانع. رابعاً: إذا لم يتيسر لك هذا فاجعل الهاتف عند رأسك إن كان عندك هاتف، وقل لأحد إخوانك: إذا أذن الفجر فاتصل بي. المهم أن الإنسان يستطيع أن يفعل الأسباب التي يتوصل بها إلى الاستيقاظ حتى يؤدي صلاة الفجر في وقتها، ومن عود نفسه الكسل فإنه لن يزال على كسل. وأما صلاته في غير وقتها فإن كان يتعمد هذا فصلاته غير مقبولة مردودة عليه ولو صلى ألف مرة، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود عليه.

حكم الجمع والقصر للمريض

حكم الجمع والقصر للمريض Q صليت وأنا مريض في المستشفى الظهر والعصر جمعاً وقصراً، علماً أني قد سألت فأفتيت بالجمع والقصر، فهل علي إعادة في هذا الحين؟ A فيه التفصيل: إن كان في مستشفى بلده فعليه أن يعيد ما صلى قصراً، وإن كان في بلد آخر فعمله صحيح ولا شيء عليه. - هو قال: سأل فأفتي. - أفتاه جاهل، وبلاء الناس من إفتاء الجهال، من أفتاه؟ هذه فتوى باطلة؛ لأنها مخالفة لإجماع المسلمين إذ أن القصر لا يكون إلا في السفر، أما الجمع فلا بأس، فلو كان يتم ويجمع لقلنا: لا بأس، لكنه لا يتم، وهذه الفتوى غلط، والمشكل ليس في الجاهل البسيط، المشكل في الجاهل المركب، ومن هو الجاهل المركب؟ الذي لا يعلم ولا يدري أنه لا يعلم، يفتي بغير علم. ولهذا سأضرب ثلاثة أمثلة لنعرف من الجاهل من العالم: رجل سئل: متى كانت غزوة بدر؟ فقال: في السنة الثانية. ورجل سئل: متى كانت غزة بدر؟ قال: في السنة الرابعة. والثالث سئل: متى كانت غزة بدر؟ قال: لا أدري. الأول عالم لأن غزوة بدر في السنة الثانية. والذي قال في السنة الرابعة جاهل جهله مركب. والذي قال لا أدري: جاهل بسيط، والجاهل البسيط خير من المركب، لأن المركب يريد أن يركب رأساً، ويرى أنه عالم. يقال: إن رجلاً -إما حكاية أو حق- كان يسمى توما الحكيم، كل من جاءه أفتاه بأي فتوىً كانت، وكان راكباً على أتان -حمار- فقال الحمار، والقائل على لسان الحمار لأن الحمار لا يتكلم: قال حمار الحكيم توما لو أنصف الدهر كنت أركب لأنني جاهل بسيط وصاحبي جاهل مركب أي: كنت أركب: أركبه هو لأنني جاهل بسيط وصاحبي جاهل مركب، والجاهل البسيط خير من الجاهل المركب. ويقول الثاني: ومن رام العلوم بغير شيخ يضل عن الصراط المستقيم وتلتبس العلوم عليه حتى يكون أضل من توما الحكيم تصدق بالبنات على رجال يريد بذاك جنات النعيم جاءه شباب قالوا: ما عندنا زوجات، قال: باسم الله هذه زوجة صدقة، وهذه زوجة صدقة، فتصدق بدون عقد، بدون مهر بدون شيء!! لأنه يظن أن التصدق بالنساء كالتصدق بالدراهم، وهذا من جهله.

حكم الهدايا ممن يعمل في بنك ربوي

حكم الهدايا ممن يعمل في بنك ربوي Q فضيلة الشيخ! رجل يعمل في بنك يتعامل بالربا، فزار قرابة له وجاء معه بهدايا من طعام وملابس لأولئك القرابة، فما حكم استعمال أولئك القرابة لهذه الملابس وأكلهم لهذا الطعام هل يحل لهم أم يحرم عليهم؟ A يحل لهم أن يأكلوا؛ لأن من كسب مالاً على وجه محرم وليس المال محرماً لعينه فإنه يجوز لمن أخذه منه بطريق شرعي أن يأكل منه، وهؤلاء أخذوها بطريق شرعي وهو الهدية، لكن إذا كانوا امتنعوا من قبول هديته صار سبباً لبعده عن الربا فإنه في هذه الحالة يجب عليهم أن يردوا الهدية، وأن يبينوا له أنهم إنما ردوا الهدية لكونه يتعامل بالربا حتى يتوب، أما إذا كان لن يقلع عما هو عليه فلا حرج عليهم في قبول هديته، ونحن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل هدية اليهود، ففي خيبر قبل هدية المرأة التي أهدت له الشاة، وفي المدينة دعاه غلام يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجاب عليه الصلاة والسلام، وكذلك عامل رجلاً يهودياً اشترى طعاماً لأهله، ورهنه النبي صلى الله عليه وسلم درعه، ومات النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند هذا اليهودي. فعلى هذا نقول لهؤلاء الجماعة: إذا كان ردكم لهديته يفضي إلى تركه التعامل بالربا فردوها، وإذا كان لا يفضي إلى ذلك، وأن الرجل لن يهتم بردكم أو قبولكم فلا بأس بقبول هذه الهدية.

مدة مسح الخفين للمقيم إذا سافر والعكس

مدة مسح الخفين للمقيم إذا سافر والعكس Q فضيلة الشيخ! أريد منك أن توضح لي بالأمثلة في المسح على الخفين في رجل مسافر إذا مسح ثم أقام، أو مقيم مسح ثم سافر فما الحكم، لأنه يكثر فيها الإشكال؟ A أما من مسح ثم سافر فإنه يتم مسح مسافر، مثال ذلك: رجل مسح يوماً كاملاً، وقبل أن تتم مدة المسح سافر، فهنا يبقى عنده يومان يمسح فيهما، وأما من مسح وهو مسافر ثم أقام فيتم مسح مقيم، وعلى هذا إذا قدم البلد وقد مضى عليه يوم وليلة يجب عليه الخلع ويتوضأ وضوءاً كاملاً، إذاً العبرة بالنهاية. لكن إذا مسح وهو مقيم وتمت المدة فمعلوم أنه لا بد أن يخلع ويلبس من جديد.

اللقاء الشهري [33]

اللقاء الشهري [33] رمضان شهر صيام وقيام اختصه الله من بين سائر الشهور، وفي هذه المادة الكلام عن خصائص شهر رمضان المبارك، وأحكامه المختلفة، ثم الإجابة عن أسئلة الناس فيما يتعلق بهذا الموضوع من الفوائد والفرائد.

خصائص شهر رمضان المبارك

خصائص شهر رمضان المبارك إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ بعثه الله تعالى رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، وحجة على من أرسله إليهم أجمعين، آتاه من البينات ما على مثله يؤمن البشر، هدى به من الضلالة، وبصر به من العمى، وأرشد به من الغي، وفتح الله به أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوبناً غلفاً، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا اللقاء في هذه الليلة ليلة الأحد السادس عشر من شهر شعبان عام (1416هـ) وهو اللقاء الذي لا يأتي دوره إلا في رمضان المبارك وبما أننا في استقبال شهر رمضان فإنه يحسن أن نتحدث عن ذلك الشهر الفاضل. هذا الشهر -أعني: شهر رمضان- خصه الله بخصائص: منها: أنه أنزل فيه أشرف وأعظم كتابٍ أنزله على أي رسول من الرسل، ألا وهو القرآن، كما قال الله تبارك وتعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185] ونعم هذه الفضيلة لهذا الشهر الفضيل. ومنها: أنه الشهر الذي فيه ليلة القدر التي قال الله عنها: إنها مباركة، وقال: إنها خير من ألف شهر، فقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} [القدر:1-2] أي: أن شأنها عظيم، وهذا الاستفهام للتفخيم والتعظيم كما قاله علماء اللغة {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} [القدر:3-4] الملائكة ملائكة الرب عز وجل ينزلون إلى الأرض ومعهم الروح الأمين وهو جبريل عليه السلام {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ} [القدر:4-5] أي: أنهم ينزلون بإذن الله، لأنه لا أحد يعمل عملاً لا في السماوات ولا في الأرض إلا بإذن الله عز وجل وبمشيئة الله، فإن الله تعالى يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وربك هو الخلاق العليم: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص:68] فينزلون وهي سلام إلى مطلع الفجر، إذا طلع الفجر انتهت الليلة، وقال الله تعالى في هذه الليلة: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:3-4] (يفرق) يفصل ويبين؛ لأنه يكتب فيها ما يكون في تلك السنة، (كل أمر حكيم) أي: كل شأن فيه حكمة؛ لأن كلما يرتبه الله عز وجل وكلما يخلقه ويقدره فإنه حكمة، لا تظن أن شيئاً يفعله الله إلا وله حكمة، إن نزل الفقر بالعباد فلحكمة إن نزل الغنى بالعباد فلحكمة وإن أجدبت الأرض وقحطت السماء فلحكمة إن أخصبت الأرض وأمطرت السماء فلحكمة، كل شيء يفعله الله فإنه لحكمة {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:4] محكم متقن، كل شيء في موضعه {أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الدخان:5-6] ففي رمضان هذه الليلة المباركة. - في رمضان تصفد مردة الشياطين، الأشداء منهم، أي: من الشياطين يصفدون ويغلون، ولا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه من قبل، ولهذا تجد المعاصي تقل جداً من المؤمنين، ويقبل المؤمنون على ربهم إقبالاً لا يجدون مثله في غير رمضان، لماذا؟ لأن الشياطين مردتهم تغل -توثق- لا يستطيعون الخلاص إلى ما كانوا يخلصون إليه من قبل. - في رمضان خصائص منها ما سبق ومنها: أن صومه فرضٌ على جميع العباد، بل ركن من أركان الإسلام، لا يتم الإسلام إلا بصيام شهر رمضان. لو صام الإنسان أحد عشر شهراً من السنة إلا رمضان هل يتم إسلامه؟ لا يتم إسلامه، لماذا؟ لأن الله عين الصيام المفروض في رمضان، وهذا من خصائص هذا الشهر. - ومن خصائصه: أن من قام ليله إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، إيماناً بالله عز وجل إيماناً بوعده وتصديقاً بخبره واحتساباً لثوابه وأجره يغفر الله ما تقدم من ذنبه، ولو قام الليل كله في غير رمضان لم ينل هذا الأجر، بل من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، القيام كل الليل، أو بعض الليل، أو ماذا؟ نقول: الأمر -والحمد لله- واسع، قام النبي صلى الله عليه وسلم ليلة بأصحابه إلى نصف الليل، قالوا: (يا رسول الله! لو نفلتنا بقية ليلتنا -أي: لو قمت فينا بقية الليلة؛ لأنهم نشطاء على الخير- قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) الحمد لله، لو كان قيام الإمام مقدار ساعة فقط من ليلٍ طوله اثني عشرة ساعة كتب للإنسان قيام ليلة كاملة، ولهذا ينبغي لنا أن نحرص إذا قمنا مع إمام ألا نفارقه حتى ينصرف، خلافاً لبعض العامة مساكين يضيعون أوقاتهم ولياليهم بغير فائدة، يصلون مع هذا تسليمة أو تسليمتين ثم يذهبون إلى مسجدٍ آخر يصلون معه كذلك، ثم مسجد ثالث، وهذا خطأ، إذا دخلت مع إمام في صلاة العشاء اثبت حتى ينصرف من التراويح من أجل أن يكتب لك قيام ليلة وأنت نائم على فراشك، وأنت تلهو مع أهلك يكتب لك القيام، ولله الحمد. - ومن خصائصه أيضاً: أنه مع كون صومه فرضاً وركناً من أركان الإسلام: (من صامه إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه) كالقيام تماماً، يغفر له ما تقدم من ذنبه، كلما تقدم يغفره الله، ويستره عليه، ويعفو عنه.

فرائض شهر رمضان المبارك

فرائض شهر رمضان المبارك ومن فرائض رمضان: أن الإنسان إذا صام هل يصوم عن الأكل والشرب والنكاح فقط؟ لا، هذا عذاب، والله لا يعذب أحداً، ولا يريد أن يعذبنا، لكن إذا أمسكنا عن هذه الشهوات -الأكل والشرب والجماع- ابتغاء فضل الله فإنه يكون سبباً لتقوى الله؛ لأن من اتقى الله تعالى بترك محبوباته كان تقواه فيما دون ذلك أولى، ولهذا قال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] هذه الحكمة، ليست حكمة الله عز وجل من الصيام أن يحرمنا الأكل والشرب والنكاح، بل الحكمة أن نتقي الله، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤكداً ذلك: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) الله غني عنك، عن أكلك وشربك وعبادتك وعن كل شيء لا يحتاج الله إليك، لكن من أجل التقوى فرض الله علينا الصيام. فرض الله علينا الصيام بأن نتقيه، بأن نفعل ما أمر به ونترك ما نهى عنه خوفاً منه عز وجل.

شروط من يجب عليهم صوم رمضان

شروط من يجب عليهم صوم رمضان بما أننا في استقبال رمضان أحب أن أتكلم كلاماً يسيراً في بيان من يجب عليه أداء الصوم: الصوم يجب أداءً على كل مسلم بالغ عاقل قادر مقيم خالٍ من الموانع، إذا تمت هذه الشروط الستة وجب أداء الصوم في رمضان: الشرط الأول: مسلم. أي: لا كافر، الكافر لا نقول له: صم، ماذا نقول له؟ نقول: أسلم أولاً ثم صم، فالكافر لا يؤمر بالصوم، لكن هل يعاقب عليه في الآخرة؟ A نعم يعاقب عليه في الآخرة، لكن إذا أسلم في منتصف رمضان هل يجب عليه قضاء النصف الماضي؟ لا؛ لأنه كان كافراًَ، لكن يجب عليه أن يصوم ما بقي؛ لأنه الآن مسلم إذا تمت الشروط. الشرط الثاني: بالغ. ضده من ليس ببالغ وهو الصغير، فالصغير لا يجب عليه الصوم؛ لأن القلم مرفوع عنه، لكن كان الصحابة رضي الله عنهم يصومون أولادهم الصغار، حتى إن الطفل ليبكي ويعطونه لعبة يتلهى بها إلى الغروب، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: يجب على ولي كل صبي أن يأمره بالصوم إذا أطاقه ليألفه، ويتمرن عليه، ويسهل عليه بعد البلوغ، لكن لو فرض أننا صومنا الصبي وفي أثناء النهار أفطر، قلنا: أكمل الصوم، قال: لا، أنا سوف آكل وأشرب، هل نلزمه بالإمساك أم لا؟ لا نلزمه بالإمساك؛ لأنه لا يجب عليه الصوم. الشرط الثالث: عاقل. وضد العاقل المجنون الذي لا عقل له كالذي سُلِبَ العقل -والعياذ بالله- وصار مشدوهاً، أو من بلغ من الكبر عتياً حتى صار لا يميز، هذا أيضاً ليس عليه صوم، المجنون ليس عليه صوم، والذي لا يميز لكبره ليس عليه صوم، والذي لا يميز لكبره لا يطعم عنه؛ لأنه لا يجب عليه الصوم، فلا صوم ولا إطعام. الشرط الرابع: أن يكون قادراً، وضد القادر العاجز، والعاجز نوعان: عاجزٌ لا يرجى أن يزول عجزه، وعاجزٌ يرجى أن يزول عجزه، العاجز الذي لا يرجى عجزه لا صوم عليه، ولكن يطعم عن كل يومٍ مسكيناً، مثل: الكبير الذي يعجز عن الصوم لكبره لا يرجى زوال عجزه، لماذا؟ لأن الكبير لا يمكن أن يعود شاباً فيقدر على الصوم وهو الآن لا يستطيع، هذا نقول: أطعم عن كل يومٍ مسكيناً وتبرأ ذمته، وأيضاً مثل أصحاب المرض الذي لا يرجى زوال مرضهم، مثل: السرطان نسأل الله العافية، وأصحاب الكلى الذين عندهم مرض في كلاهم، وأصحاب السكر الذين لا يستطيعون أن يصبروا عن الماء ومن أشبههم، هؤلاء أيضاً عجزهم لا يُرجى زواله، نقول: أطعموا عن كل يوم مسكيناً، وتكونون كالذين صاموا. أما العجز الذي يُرجى زواله فهو النوع الثاني فهذا نقول له: انتظر حتى يزول عجزك ثم اقض ما فاتك، كالمريض مرضاً عادياً، نقول: انتظر حتى يشفيك الله ثم اقض؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185] . الشرط الخامس: أن يكون مقيماً، وضده المسافر، فالمسافر لا يجب عليه الصوم، أي: لا يجب عليه أداءً لكن يبقى في ذمته، لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185] ، ولكن هنا نسأل: الأفضل للمريض أن يصوم أو يفطر؟ نقول: إن كان يشق عليه الصوم فالصوم في حقه مكروه، وإن كان يضره الصوم مثل أن يقول الطبيب: لا بد أن تتناول هذه الحبوب كل أربع ساعات وإلا انتقض مرضك. فهنا يحرم عليه الصوم ويجب أن يفطر، وإن كان لا يشق عليه الصوم ولا يضره وجب عليه؛ لأنه إنما رخص للمريض من أجل التيسير عليه، وإذا كان كله واحد سواءً صام أو أفطر قلنا: يجب عليك أن تصوم. المسافر لو سألنا: هل الأفضل الإفطار أو الصوم؟ نقول: فيه التفصيل: أما إذا كان يشق عليك الصوم مشقة شديدة فالصوم في حقك حرام، وأما إن كان يشق عليك مشقة يسيرة فالصوم في حقك مكروه، وأما إن كان لا يشق عليك فهنا اختلف العلماء؛ قال بعضهم: الصوم أفضل، وقال بعضهم: الفطر أفضل، ونحن نقول: الصوم أفضل ما دام الكل سواء عندك سواءً أفطرت أم صمت، فالصوم أفضل لماذا؟ أولاً: لأن الإنسان إذا صام مع الناس صار أسهل؛ يتسحر مع الناس ويفطر مع الناس، فيجد كل من عن يمينه وشماله كلهم صوَّام، فيكون أسهل عليه بلا شك. ثانياً: أنه إذا عيَّد عيَّد مع الناس، لأنه الآن أتم صومه، لكن إذا عيَّد ثم ذكر أن عليه صياماً يكون العيد في فطره ناقصاً لا يفرح به ذاك الفرح. ثالثاً: أنه إذا صام فإنه أسهل عليه من جهة أنه لو قضى، أو قلنا: اقض، يكون صعباً عليه القضاء، حتى إن بعضهم يماطل: هذا الأسبوع الأسبوع الثاني الثالث، وإذا برمضان الثاني قد جاء، فالقضاء صعب على الإنسان. رابعاً: أنه لا يدري فلعله يموت ويكون الصوم ديناً عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) وسألته امرأة قالت: (إن أمي نذرت أن تصوم فلم تصم حتى ماتت، قال: أرأيت لو كان على أمك دينٌ أكنت قاضيته؟) . خامساً وهو ختام المسك: أنه أكمل اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر ولم يفطر إلا من أجل أصحابه، ودليل ذلك: قال أبو الدرداء: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في يوم شديد الحر وأكثرنا ظلاً صاحب الكساء. تصور الحالة الآن، أكثرهم ظلاً صاحب الكساء لا يوجد خيام، ومنا من يتقي الشمس بيده -ما عنده شيء، يتقيه بيده من شدة الحر- قال: وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة. إذاً الأسوة التامة بالرسول صلى الله عليه وسلم هو أن يصوم الإنسان مع الفوائد الأربع التي ذكرناها قبل، ولكن -الحمد لله- الأمر ميسر لو قال: أنا أفطر وأقضي، قلنا: لا بأس، هذا كلام الله عز وجل. الشرط السادس: الخلو من الموانع، ونعني بذلك: الحيض والنفاس؛ لأن المرأة إذا كانت حائضاً يحرم عليها الصوم بإجماع المسلمين، وبالنص عن سيد المرسلين، قال النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن) الله أكبر! وصفهن بأنهن ناقصات عقل ودين، وقال: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل) اللب: العقل الكميل؛ لأن اللب داخل القشور محصن بها، فاللب: العقل (أذهب للب الرجل) من الرجل؟ الحازم وليس الرخو (أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن) فكيف بالرجل الرخو، ضعيف النفس، ضعيف الدين، هل يذهب عقله وراء النساء، أم لا يذهب؟ يذهب عقله وماله (أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن) انظر كلام الرسول عليه الصلاة والسلام! فتباً لقوم يريدون الآن أن يظهروا النساء المحجبات إلى الشوارع سافرات، قاتلهم الله وأفسد عليهم أمرهم، إن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بمصالح الأمة، ولا يمكن أن يقول مثل هذا الكلام إلا تحذيراً للأمة أن يقعوا في شَرَكَ الشر: (أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن، قالوا: يا رسول الله، كيف ينقص دينها؟ -لأن المرأة لا تحب أن ينقص دينها- قال: أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلنا: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها) المسلمون يصومون وهنَّ مفطرات، المسلمون يصلون وهن لا يصلين، (قالوا: ونقص العقل؟ قال: أليس شهادة المرأتين بشهادة رجل واحد؟ قلنا: بلى. قال: ذلك من نقصان عقلها) الرجل أضبط للشهادة تحملاً وأداءً، لا عند التحمل والمشاهدة، ولا عند الأداء عند القاضي، الرجل أحفظ للشهادة من المرأة، المرأة يأتي يشهد واحد من الرجال وآخر معه تقبل الشهادة. فلو قال زيد: أنا أطلب عمراً ألف ريال، فقال له القاضي: هات الشهود، قال: عندي شهود فلان وفلان، هل يثبت الحق على عمرو أم لا؟ يثبت، قال آخر: عندي رجل وامرأة يثبت أو لا يثبت؟ لا يثبت؛ لأن شهادة المرأتين عن شهادة رجل واحد. المهم أن المرأة إذا حاضت أو نفست فإنها لا تصوم بالإجماع، ولكن: هل هي حين صبرت على قضاء الله وشرع الله هل هي مأجورة؟ نعم مأجورة، لكنها ليست كأجر الفاعل، بدليل: رجل غني يتصدق ويعتق ويحج، وآخر فقير لا يقدر على الحج ولا على الصدقة ولا على العتق، أيهما أعظم أجراً؟ الأول، ولهذا شكا الصحابة رضي الله عنهم للرسول صلى الله عليه وسلم، قالوا: (يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور -راحوا بها- يتصدقون ويعتقون فكيف بنا؟ -فعلمهم النبي عليه الصلاة والسلام أن يسبحوا الله ويحمدوا الله ويكبروا الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين- وقال: إنكم تدركون من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحدٌ أفضل منكم) لكن ما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: إنكم مثلهم في الأجر، فالفاعل ليس كغير الفاعل، وإن كان من لم يفعل غير قادرٍ شرعاً أو غير قادرٍ حساً. أقول: هل المرأة تثاب على صبرها على حبسها عن الصلاة والصيام في أيام الحيض؟ الجواب: نعم. ولهذا لا ينبغي للمرأة أن تتكلف في رمضان وتستعمل الحبوب المانعة من الحيض حتى لا تفطر وحتى لا تترك القيام. نقول: لا، احمدي الله، أبقي الأمر على طبيعته، فهذا أسلم للبدن وأسلم من العواقب، وهو شيء كتبه الله على بنات آدم. أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أفضل زوجات هذه الأمة، لو سئلنا: من أفضل زوجات هذه الأمة؟ قلنا: عائشة وخديجة رضي الله عنهما. كانت مع النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع معتمرة متمتعة بالحج إلى العمرة كسائر نساء النبي عليه الصلاة والسلام، ففي أثناء الطريق أتاها الحيض، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي؛ لأنها تعرف أن الحائض لا يمكن أن تطوف ولا تسعى، قال: (ما يبكيك؟ فأخبرته أنها حاضت، قال لها: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم) تسلية وعزاء: (شيء كتبه الله على بنات آدم) أي: ليس خاصاً بك، ومعلوم أن الإنسان يتسلى إذا رأى غيره مثله، ويتأسى به، ثم أرشدها ماذا تفعل. الشاهد: أننا نقول للمرأة: إذا أتاها الحيض في رمضان لا تأسفي ولا تحزني ولا تبكي هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، فدعي البدن على طبيعته أسلم وأقل خطراً من الأمراض، ثم إذا

حكم صيام من يلحقه الضرر بالصوم

حكم صيام من يلحقه الضرر بالصوم قد يقول قائل: ما تقول في رجل يلحقه الضرر في الصوم؟ A لا يجوز عليه الصوم ولا يلزمه القضاء. لا يجوز له الصوم لماذا؟ لأنه يتضرر، واعلموا أن من قواعد الشريعة: أنه لا يجوز للإنسان أن يتناول شيئاً مضراً في بدنه؛ لأن الشريعة جاءت لحماية الأبدان فلا يجوز للإنسان أن يتناول شيئاً يضر ببدنه إطلاقاً، حتى لو رضي وقال: أنا راضٍ بالضرر، قلنا: الأمر ليس إليك، أنت مربوب وربك الله عز وجل هو الذي قال: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء:29] والنهي عن قتل النفس ليس معناه: أن رجلاً يأخذ سكيناً ويذبح نفسه، لا. هو لا شك يتناول هذا، لكن أيضاً يتناول كل ضرر يصيب الإنسان فإن الإنسان منهي عنه، والدليل على هذا: أن عمرو بن العاص رضي الله عنه كان في سرية طائفة تقاتل لكنها ليست جيشاً- فأجنب ذات ليلة -أصابته جنابة، والإنسان إذا أجنب يجب عليه أن يغتسل، لكن الماء بارد، خاف على نفسه إذا اغتسل- فتيمم وصلى بأصحابه، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: يا رسول الله! ذكرت قول الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء:29] فتيممت، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه أو أنيابه) إقراراً، ولهذا جاء في الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لا ضرر ولا ضرار) فإذا كان المريض يضره الصوم فإنه لا يجوز له أن يصوم، حتى لو قال: أنا ضاغط على نفسي وسوف أصوم، وقال: لست جالساً من بين عباد الله نقول: اجلس، الذي أوجب عليك أن تصوم في حال الصحة أوجب عليك أن تفطر في حال الضرر. نسأل الله أن يوفقنا جميعاً للصواب، وأن يجعلنا ممن يصوم رمضان ويقومه إيماناً واحتساباً إنه على كل شيء قدير.

الأسئلة

الأسئلة

نصيحة لمن يفرط في شهر رمضان

نصيحة لمن يفرط في شهر رمضان Q فضيلة الشيخ نقاط مهمة أحب أن يكون لكم فيها لنا نصيحة وتوجيه: رمضان في هذا العام الليل طويل والنهار قصير بارد، ومن المتوقع أن يضيع الليل على الكثير شيباً وشباباً، أما الكبار من الرجال والنساء فإن المسلسلات والأفلام لهم بالمرصاد، إذا طال الليل طالت، ونوعت على حُبٍّ وغرام، وأما الشباب فالبراري والأحواش والدشوش ولعب البلوت والورق، أرجو من فضيلتكم بسط الجواب عسى الله أن ينفع بكم عباده؟ A واقع هذا السؤال مؤلم، أن يفني الإنسان عمره في مثل هذه الأمور، سواء في رمضان أو في غير رمضان. إنني أقول: لو أن إنساناً فقد درهماً واحداً من ماله لصار يبكي عليه ويطلبه. ولو أنه ضاع عليه في الحساب خطأً درهم واحد لذهب يكرر الحساب مرة بعد أخرى حتى يعرف أين كان هذا الدرهم، لا شك أن هذا هو الواقع عند كثير من الناس أو أكثرهم، وهؤلاء مساكين يضيعون ساعات العمر واللحظة منها أفضل من الدنيا كلها، اللحظة منها إذا لم يصرفها الإنسان في طاعة الله فهي خسارة لا تعوض، المال يمكن أن يعوض بأن يتجر الإنسان ويربح، أو يموت له قريب غني ويرث، لكن العمر لا يعوض أبداً، إذا فات منه لحظة أبعدتك من الدنيا وأقربتك من الآخرة، ويدلك على أن العمر أغلى من المال كله: أن الله قال في كتابه: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:99-100] هذا المال الذي أفنى عمره به يطلب من الله أن يرجع ليعمل بهذا المال صالحاً، ولكن أنَّى ذلك، قال الله تعالى: {كَلَّا} [المؤمنون:100] أي: لن ترجع، ثم أكد عز وجل أنها كلمة حق: {إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون:100] الله أكبر! يقولها الإنسان وإن لم يسمع، يمكن أن من عنده لا يسمعونه لكنه قائلها، ولهذا جاءت الجملة اسمية، لم يقل: إنها كلمة يقولها، قال: {كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون:100] بالتأكيد، ولكن لا تنفع {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ} إلى متى؟ {إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:100] ولا يمكن أن يعودوا إلى الدنيا، هؤلاء الذين يمضون أوقاتهم في هذه المقولات -في السؤال- هم أعظم الناس خسارة وأفدحهم -والعياذ بالله- هذا في غير رمضان فما بالك في رمضان! الذي ساعته غرر، وأوقاته درر، والإنسان لا يدري هل يدركه بعد عامه أو لا يدركه، كم من إنسان استقبله فلم يدركه، وكم من إنسان أدرك أوله ولم يدرك آخره؟ وكم من إنسان أدركه كله ولم يستفد منه شيئاً؛ لأنه أمضاه في المعصية؟ الله أكبر! السلف الصالح يقال عنهم: إنهم يسألون الله ستة أشهرٍ أن يبلغهم رمضان، فإذا أتى سألوا الله ستة أشهر أن يقبل منهم رمضان، وهؤلاء يفرطون في هذا الشهر هذا التفريط -والعياذ بالله- الشيوخ والعجائز يمضون الليالي في المسلسلات واللغو من القول، بل والمنكر من القول أحياناً، ولست أقول هذا معمماً لكل الشيوخ والعجائز بل في الشيوخ والعجائز -ولله الحمد- من يبيتون لربهم سجداً وقياماً في رمضان وفي غيره، لكن الناس ابتلوا الآن بفتنة دخلت عليهم في البيوت، ولم يستطع أن يتخلص منها إلا من شاء الله هدايته. فنصيحتي لإخواني: أن يتقوا الله تعالى في هذا الشهر، وأن يقبلوا على العبادة، وإني ليغلب على ظني أن قوماً انقطعوا إلى الله عز وجل شهراً كاملاً في عبادته صياماً في النهار، وقياماً في الليل، وصدقات، وقرآن، وذكر لله عز وجل، أعتقد أنهم سيجدون تربية، وأن هذا سيؤثر على قلوبهم حتى يستقيموا على أمر الله. الله الله يا إخوان، أوصي نفسي قبلكم وأوصيكم أيضاً: بأن ننتهز هذه الفرصة العظيمة.

حكم الجمع بين صلاتي الظهر والعصر للمطر

حكم الجمع بين صلاتي الظهر والعصر للمطر Q فضيلة الشيخ نحن في هذه الأيام نعيش فصل الشتاء وهو موسم الأمطار، ولقد حدث في مسجد حينا أن أم الناس في صلاة الظهر أحد الإخوة، وهو يصلي بالناس كان المطر يتساقط وبعد أن انصرف من صلاته شاور الجماعة ما تقولون: أنجمع صلاة العصر مع الظهر، وبعد أن كرر ذلك ثلاث مرات أجابه أحدهم: بأن يتوكل على الله ويجمع، سؤالي: ما رأي فضيلتكم في جمع صلاة العصر مع الظهر جمعاً، وما تقولون في مثل هذه الاستشارة؟ A أولاً أقول: إن الله تعالى فرض الصلاة على العباد فرضاً مؤقتاً محدداً، فقال جل وعلا: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:103] لكن هذه الآية دلت عليه إجمالاً لا تفصيلاً، لكن فصلها رسوله عليه الصلاة والسلام، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ} [النساء:170] جاءنا بالحق عليه الصلاة والسلام وجزاه الله عنا خيراً، قال عليه الصلاة والسلام: (وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر إلى أن تصفر الشمس، ووقت المغرب إلى مغيب الشفق الأحمر، ووقت العشاء إلى نصف الليل، ووقت صلاة الفجر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) وقتها الرسول بينها حددها حداً واضحاً يتميز به كل وقت صلاة عن الآخر. فإذا قدم الإنسان صلاة قبل وقتها، ولنقل: إنه كبر للظهر وصلى ركعة قبل أن تزول الشمس هل تصح صلاته؟ لا تصح، لماذا؟ لأنه ما دخل الوقت فصلاها قبل أمر الله ورسوله بها، وقد ثبت عن النبي صلى عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود غير مقبول، الله عز وجل يقول: صل لي بعد زوال الشمس، وأنت تصلي قبل زوال الشمس!! العصر متى يأتي وقتها؟ إذا صار ظل الرجل كطوله دخل وقتها، هذا رجل صلاها مع الظهر هل تقبل؟ لا تقبل، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) لا تقبل بأي حال من الأحوال إلا بعذر شرعي قام عليه الدليل. ومن العذر الشرعي: إذا كان الإنسان مريضاً، ويشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها نقول: اجمع الظهر مع العصر جمع تقديم أو تأخير حسب المتيسر لك، واجمع المغرب مع العشاء. المطر: اختلف العلماء رحمهم الله: هل يجوز الجمع للمطر أو لا يجوز؟ فمنهم من قال: لا يجوز أبداً، لا في صلاة الظهرين ولا في صلاة العشائين. ومنهم من قال: يجوز الجمع بين صلاة المغرب والعشاء دون الظهر والعصر. وهذا هو مذهب الحنابلة الذي عليه عامة علماء هذه البلاد، يقولون: الجمع بين الظهر والعصر حرام، ولا تقبل صلاة العصر، وإنما الجمع بين المغرب والعشاء فقط؛ لأنه الذي يحصل به المشقة، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة الذي عليه عامة علماء أهل هذه البلاد. وقال بعض العلماء: يجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، إذا وجد السبب الشرعي. وهذا القول أصح وأرجح؛ لأنه ثبت في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر) هذا كلام ابن عباس، وابن عباس من فقهاء الأمة وحفاظها. فالصحيح: أنه يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إذا وجد السبب الشرعي. ابن عباس عندما حدث بهذا الحديث لم يتركه الناس، لأننا لو أخذنا بهذا الحديث على إطلاقه لفاتت الفائدة من تحديد وقت الصلاة، فلو قلنا: اجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء لعذر أو لغير عذر، صار تحديد الرسول عليه الصلاة والسلام لوقت الصلاة لا عبرة به، ولهذا ناقشه الناس، قالوا: يا ابن عباس! ما أراد إلى ذلك؟ لماذا يفعل هذا؟ قال: (أراد ألا يحرج أمته) والمعنى: ألا يلحق الأمة حرجٌ إذا لم يجمعوا. فنقول لمن جمع بين الظهر والعصر: هل أنت حين جمعت ترى أن الناس يلحقهم حرج ومشقة لو حضروا لصلاة العصر، أم لا؟ الغالب أنه لا يلحقهم، هذا هو الغالب، وقد قال العلماء رحمهم الله: لا يجوز الجمع للمطر، إلا لمطر يبل الثياب وبللها معناه: أنه لو عصرت الثياب لخرج منها المطر، ليس مجرد النقطة والنقطتين، إلا لمطر يبل الثياب، وتوجد معه مشقة احترازاً مما لو جاء المطر في أيام الصيف، أيام الصيف يفرح الواحد إذا جاء ثوبه ماء يبرده، ما في مشقة، لكنهم قالوا: لا بد من مطر يبل الثياب، وتوجد معه مشقة. وليسأل هذا الإمام الذي شاور الناس وسكتوا ثم في المرة الثالثة أجابه شخص يمكن لا يعرف الحكم، وقال: توكل على الله اجمع. نقول له: هل بربك تعتقد أن المطر يبل الثياب ويشق على الناس أن يأتوا إلى العصر؟ لا بد أن يتحقق الإنسان هذا، وأما التلاعب بدين الله، وبعض الناس أدنى نقطة يقول: (من غير خوف ولا مطر) هكذا قال ابن عباس، هكذا في صحيح مسلم، طيب، لا تكن كالذي قال: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} [الماعون:4] وسكت لم يقل بعدها: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:5] ابن عباس رضي الله عنه لما حدث بهذا الحديث ناقشه الصحابة قالوا: لماذا؟ قال: (أراد ألا يحرج أمته) أنت إذا فعلت مثلما يدل عليه حديث ابن عباس فعلى العين والرأس، أما مجرد نقطة مطر أو بلل في الأرض والسماء واقفة فهذا لا يجوز، يب هذا تلاعب بدين الله، أن يقدم الصلاة عن وقتها بدون عذر شرعي مثل من فعل أكبر كبيرة، مع أننا لو شاهدنا أحداً يزني أو يشرب الخمر أنكرنا عليه، الصلاة قبل وقتها بدون عذر شرعي أكبر من هذه لماذا؟ لأن إضاعة الصلاة ركن من أركان الإسلام، ليست هينة، المسألة ليست لعباً، وفقه الشرع ليس إلى المبتدئين في العلم، بل إلى العلماء الذين رسخوا في العلم، وعلموا موارد الشريعة ومقاصدها، ليس إذا عرف الإنسان حديثاً واحداً يقول: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا، ليس بصحيح هذا، اتق الله -يا أخي- بنفسك، واعلم أنك مسئول يوم القيامة، يسألك الله عز وجل: لماذا تعديت حدودي؟ لماذا أذنت للناس بصلاة قبل دخول وقتها بدون عذر؟ لا بد للإنسان أن يتقي الله عز وجل في عباد الله وفي نفسه أولاً. ولقد حدثت أن قوماً صلوا الجمعة -لكن في غير عنيزة - وصلوا معها العصر، انظر الجهل المركب، جهل مركب إلى أبعد الحدود، من قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع بين العصر والجمعة؟ ائتوا لنا بحديث صحيح أو ضعيف أنه جمع بين العصر والجمعة، وقياس الجمعة على الظهر خطأ؛ لأن بينهما من الفروق ما يمتنع معه القياس، الفروق بين الجمعة والظهر أكثر من عشرين فرقاً، الجمعة صلاة مستقلة بوقتها وشروطها وأحوالها ومكانها، كل البلاد يمكن أن تصلي الظهر في كل مسجد، بل يمكن أن يصلي أهل المكاتب في مكاتبهم على قول بعض العلماء، لكن الجمعة يجب أن تكون في مكان واحد في البلد إلا للضرورة كتباعد الأحياء، أو ضيق المكان، أو ما أشبه ذلك، فكيف يقاس هذا على هذا؟! أليست الشريعة حدوداً حدها الله؟! هل أنزل في كتابه، أو على لسان رسوله، أو بفعل الرسول عليه الصلاة والسلام أنه جمع بين العصر والجمعة؟! أنا أتحدى أي واحد، أي إنسان يقف على حديث صحيح أو ضعيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع بين العصر والجمعة فليتفضل بإرشادنا إليه، وإلا فليتق الله في أمة محمد، لا يتلاعب، ولهذا قيل لي: إنه صدرت فتوى من لجنة الإفتاء في الرياض بأن على هؤلاء القوم أن يعيدوا صلاة العصر؛ لأنهم تعدوا حدود الله، قدموا العصر قبل دخول وقته، وكذلك يقال أيضاً في العصر مع الظهر: إذا لم يكن هناك سبب شرعي يبيح الجمع.

كيفية أداء أذكار صلاتي المغرب والعشاء ورواتبهما عند الجمع بينهما

كيفية أداء أذكار صلاتي المغرب والعشاء ورواتبهما عند الجمع بينهما Q فضيلة الشيخ إذا حصل ضررٌ في الجمع فجمعت الصلاة، فهل إذا جمعت تصلى راتبة المغرب والعشاء وتقال أذكار المغرب والعشاء كذلك، أم يكتفى ببعضها دون بعض؟ A أما الراتبتان فتصليان، راتبة المغرب أولاً ثم راتبة العشاء ثانيا، وأما الأذكار فالظاهر أنه يكتفى بذكر واحد، لكن أيهما أكثر: ذكر المغرب أو ذكر العشاء؟ ذكر المغرب، فإذا اقتصر عليه الإنسان فأرجو أن يكون كافياً.

تقديم قضاء الدين على النافلة

تقديم قضاء الدَّين على النافلة Q فضيلة الشيخ أنا مدينٌ لعدة أشخاص هل أذهب إلى مكة للصيام فيها مع أولادي مع أن أجرة السكن سوف أتقاسمها أنا وأولادي؟ A إنني أسأل سؤالاً: هل الصدقة أفضل أو الزكاة الواجبة؟ الزكاة الواجبة. هل التطوع أفضل أو الواجب؟ الواجب. هل العقل أن أبدأ بالواجب قبل التطوع أو بالعكس؟ يقتضي أن أبدأ بالواجب قبل التطوع، فلا يجوز للإنسان أن يذهب إلى مكة للتطوع بالعمرة وعليه دين، الدين يجب عليه الوفاء به، والتطوع في العمرة هل يجب عليه؟ لا يجب، حتى الفريضة تسقط مع وجود الدين. يا إخواني: الدين ليس عاطفة، الفرض الذي فرضه الله على العباد وهو حج البيت والعمرة إذا كان الإنسان مديناً سقط عنه، ولقي ربه بغير ذنب، إنسان مدين ولم يحج لم يؤدِ الفريضة، نقول: كلمة: (لم يؤد الفريضة) غلط، لماذا غلط؟ لأن ما عليه فريضة، حتى الآن ما عليه فريضة، لكن لا يكون الحج فريضة إلا لمن سلم من الدين. ولذلك نقول لهذا الأخ: هون على نفسك، أمسك عليك مالك، ابق في بلدك، وفِّر الدرهم لقضاء دينك، ولا تكن كالذي عمر قصراً وهدم مصراً. فنرى لهذا الأخ: أنه يجب عليه البقاء في بلده، نعم لو فرض أن أحداً من الناس تبرع له بكل النفقات، وقال: لا تعطني ولا درهماً واحداً. فهنا نقول: إذا كان سفره إلى العمرة لا يعطل شغلاً يحصل به على المال فليذهب؛ لأنه في هذه الحالة هل يضر غريمه أو لا يضره؟ لا. قال له شخص: أنا أعلم أن عليك عشرة آلاف ريال، وأعلم أن الدين يجب تقديمه على التطوع، لكن تفضل معي أنت وأهلك مجاناً من حين تركب حتى ترجع، هل له أن يذهب معه؟ هنا نقول: إذا كان صاحب عمل، وكان غيابه عن عمله ينقص من تحصيله فلا يذهب، أما إذا لم يكن صاحب عمل، وأن ذهابه معه لا ينقصه شيئاً، فلا بأس أن يذهب معه. السائل: هل يفرق إذا كان الدين حالاً أو غير حال؟ الشيخ: نعم. لا يفرق بين كون الدين حالاً ولا مؤجلاً، إلا إذا كان مؤجلاً وهو يعرف من نفسه أنه إذا حلَّ الأجل فهو قادر على الوفاء فلا بأس، كرجلٍ موظف عليه دين يحل بعد شهرين مثلاً، ويعرف أنه إذا حل الدين فهو قادر على الوفاء، فحينئذٍ نقول: اذهب، لأن بقاءه في بلده لا يغني الغريم شيئاً.

مسئولية رعاية الأب لأبنائه مقدمة على النوافل

مسئولية رعاية الأب لأبنائه مقدمة على النوافل Q فضيلة الشيخ ما رأيك بمن يذهب بعائلته إلى مكة لأداء العمرة، ويترك أبناءه يمضون في الشوارع وهو لا يصلي، بل حتى نساءه يتسكعن في الأسواق بين الرجال وهو يصلي في الحرم، لكن ليس له دخل بهم، هل هو مأجور أم آثم؟ A أقول عن عقيدة مبنية على أصل: إنه آثم وليس بمأجور؛ لأنه أهمل أمراً حمله الله إياه لأمرٍ ليس بواجب، ما الذي حمله الله؟ رعاية أهله، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:6] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الرجل راعٍ في أهل بيته ومسئول عن رعيته) أين تحذير الله عز وجل أن نقي أنفسنا وأهلينا ناراً؟ وأين الرعاية التي حملنا إياها رسوله صلى الله عليه وسلم والإنسان يجلس في المسجد الحرام مع ما فيه من الشدة والضيق ومشاهدة النساء وغير ذلك، وأولاده الذكور والإناث يتسكعون في الأسواق، أين الرعاية؟ أين الأمانة؟ فأقول: إنه آثم، فإذا قال: إذا أثمتموني بذهابي وأهلي معي أبقي أهلي في البلد وأذهب أنا، قلنا: لا بأس، هل إذا أبقيت أهلك في البلد هل لهم راعٍ يرعاهم؟ إن قال: نعم. قلنا: لا بأس اذهب؛ لأنه لا يترتب على ذهابه شيء، ولا نقص رعاية، ولا إخلال بأمانة، أما إذا قال: إذا ذهبت لم يبق أحد يرعاهم، وسفروا في البلد، وحصل إهمال، فنقول: لا تذهب ولا للعمرة، اللهم إلا أن تذهب في أول النهار بالطائرة وترجع في آخر النهار بالطائرة، حتى لا يضيع الوقت عليك بالنسبة لرعاية أهلك. وإني أقول وأكرر أمانة أبلغها لمن شاء الله: إن الدين ليس بالعاطفة، الدين حدود وتشريعات من الله عز وجل، انظر عملك قبل أن تفعل ما تهوى نفسك، هل عملك مطابق للشريعة أم لا؟ إن كان مطابقاً للشريعة فذلك من فضل الله، فافعل ما تقتضيه الشريعة، لو كان الدين بالعاطفة لكان جميع أهل البدع على حق؛ لأن هذا هو الذي تمليه عليهم عاطفتهم، الصوفية يقولون: هذا أعلى رتب الإيمان، والمعطلة لأسماء الله وصفاته يقولون: هذا أعلى رتب التنزيه، والممثلة يقولون: هذا أعلى رتب الامتثال، وهلم جراً، لكن الدين شرع محدد من قبل الله ورسوله، فإذا كان كذلك فليس كلما يروق لي ويدخل مخي ويتحلاه ذوقي يكون شرعاً، ليس بصحيح، المشركون حينما يشركون هل هذا ذوق لهم أو اتباع؟ ذوق. هم يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:3] ولَكُنَّا نقول: هذا حق أيضاً، فكون الإنسان يعمل بهواه وبما يتذوقه ويقول: هذا هو الشرع ويعرض عما أوجب الله عليه فهذا خطأ عظيم، يقول الله عز وجل: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون:71] .

حكم تكفير صوم رمضان للكبائر وحقوق الآدميين

حكم تكفير صوم رمضان للكبائر وحقوق الآدميين Q فضيلة الشيخ: ذكرت في أول اللقاء أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) فهل يشمل هذا الكبائر والصغائر وحقوق الآدميين، أرجو التفصيل وفقك الله؟ A الحديث هكذا جاء عاماً: (غفر له ما تقدم من ذنبه) و (ما) اسم موصول من صيغ العموم، تقتضي أن جميع الذنوب مغفورة، ولكن هذا العموم مخصص بأدلة أخرى، وهي أنه لا بد من اجتناب الكبائر، والدليل: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان -صيامه وقيامه- مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر) وعلى هذا فيكون هذا العموم مخصوصاً بالسنة بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (رمضان إلى رمضان مكفر لما بينهن ما اجتنبت الكبائر) فلا تطمع -يا أخي- فيما ليس لك، ولا تيئس مما هو لك، أنت صم رمضان إيماناً واحتساباً وقم رمضان إيماناً واحتساباً وأبشر بالخير.

حكم صوم المصاب بمرض السكر

حكم صوم المصاب بمرض السكر Q إذا كان الإنسان مريضاً بالسكر وهو يعتمد على الحبوب دون الإبر وصحته لا بأس بها، فأيهما أفضل في حقه: أن يصوم أم أن يفطر؟ جزاك الله خيراً. A هذا حسب القاعدة التي ذكرناها وهي: هل الصوم يشق عليه؟ هل الصوم يضره؟ إن كان الصوم يشق عليه فالصوم في حقه مكروه، وإن كان يضره فالصوم في حقه حرام، فإذا قال الأطباء: إنك إذا تركت أكل الحبوب في الساعات المقررة فإن السكر ربما يؤدي إلى هلاكك، فإن الواجب عليه أن يفطر، والحمد لله: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه) بل إن الفطر في حال الضرر بالصوم عزيمة وليس رخصة.

حكم الاهتمام بالنافلة دون الفريضة

حكم الاهتمام بالنافلة دون الفريضة Q فضيلة الشيخ يهتم كثير من الأئمة بكثرة المصلين معه في رمضان، ولو كان على حساب صلاة الفريضة، أو على العبادة: ومن ذلك: الأذان للعشاء قبل الوقت المحدد بربع ساعة لكي يخرج مبكراً. ثانياً: ترك الاستعاذة من عذاب القبر وفتنة الدجال في صلاة التراويح، لكي يخرج أيضاً مبكراً. ثالثاً: التخفيف في صلاة العشاء مع أنها فريضة وهي أحب العمل إلى الله، وإطالته لصلاة التراويح. رابعاً: الاقتصار في التسبيح بعد الصلاة -أعني: الفريضة- على أقل القليل، والاستمرار على ذلك طيلة الشهر. خامساً: عدم الاطمئنان في الركوع والسجود، حتى ولو قرأ وجهاً في الركعة فإنه لا يزيد على ثلاث تسبيحات في الركوع والسجود. إلى غير ذلك، فما نصيحتك للأئمة في هذه النقاط بالتفصيل؟ A وأزيده أيضاً: ترك الاستفتاح في أول كل صلاة. نقول: أولاً: ولي الأمر قرر أن أذان العشاء بعد مضي ساعتين من غروب الشمس، فهل أمر بمحرم؟ لا. لأن تأخير صلاة العشاء أفضل من تقديمها، ثم إن تأخيرها إلى مضي ساعتين بعد غروب الشمس أرفق بالناس، حتى يجلس بعد صلاة المغرب من يتعشى منهم ويتعشى بهدوء ومن يتقهوى ويتوضأ كذلك، فهو أرفق بالناس، وطاعة ولي الأمر في غير المعصية طاعة لله، ومعصية ولي الأمر في غير المعصية معصية لله، ولهذا إذا قرر ولي الأمر أن الأذان في العشاء في الساعة الثانية أي: بعد مضي ساعتين من الغروب فأرى أن يجب امتثاله، وهل فاتنا شيء؟ حتى الفضيلة يا إخواني ما فاتتنا؛ لأن صلاة العشاء الأفضل فيها التأخير، لو قال قائل: ولي الأمر لو قال: أخروا نصف ساعة عن الوقت العادي، هذا أمر بترك الفضيلة؟ نقول: هذا غير صحيح، أنت لا تفهم الفضيلة، الفضيلة كلما أخرت فهو أفضل، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج وقد ذهب عامة الليل في صلاة العشاء قال: (إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي) وليس على الأمة بمشقة إذا أخر أذان العشاء إلى الساعة الثانية، أي: إلى بعد ساعتين بعد الغروب. ثانياً: يقول: إنه يعجل في صلاة العشاء، يقرأ فيها سور قصيرة، ويمكن الركوع والسجود أيضاً يقصره، وهذا خطأ، أيهما أفضل: الفريضة أو النافلة؟ الفريضة. الشيخ: الفريضة أفضل؟ النافلة زيادة خير هداكم الله إذا قلت: السلام عليكم، وقال الثاني: عليك السلام، أيهما أفضل: قولي أنا: السلام، أو قوله: وعليك السلام؟ أنا أفضل منه، مع أن رده واجب وسلامي سنة. إذاً الآن نسأل: هل السنة أفضل في قيام رمضان أو الفريضة؟ الفريضة أفضل، والدليل: نقلي وعقلي: الدليل النقلي: قول النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال: (وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) هذا كلام رب العالمين، رواه عنه أصدق الخلق عليه الصلاة والسلام. إذاً الفريضة أفضل من النوافل، فهي أحق بأن يتأنى فيها الإنسان أكثر من التأني في التراويح. والدليل العقلي: أن الواجب أفضل من التطوع، أنه لولا تأكده ما أوجبه الله، فلم يوجبه الله على عباده إلا لأنه أحب إليه ولأنه أوكد، فلم يجعل للإنسان خياراً في الواجب بل جعله حتماً عليه، وهذا يدل على أن الواجب أفضل من التطوع، وأن الإنسان ضرورته إلى الواجب أعظم من ضرورته إلى التطوع. بقي الإشكال الذي أوردته: ابتداء السلام أفضل من رده، لماذا؟ لأن أصل رد السلام مبني على ابتداء السلام، فلولا أني ابتدأت بالسلام ما رد عليَّ، فمن ثم صار ابتداؤه أفضل؛ لأنه يترتب عليه الرد الذي هو الواجب، فصار الابتداء فيه تطوع وواجب؛ تطوع لأنه ابتداء، وواجب لأنه ذريعة إلى الرد الذي هو واجب. هذا محظور كونه يقصر في صلاة العشاء ويتأنى في التراويح خطأ خطأ في الأول، أما التأني في التراويح فنحن نحمده على ذلك. ثانياً: ترك الاستفتاح. أكثر الذين يصلون التراويح يستفتحون في أول تسليمة فقط، والباقي لا، سبحان الله!! لماذا تترك الاستفتاح؟ أليست التسليمة الثانية مستقلة عن الأولى؟ بلى. لو بطلت الثانية لم تبطل الأولى، مستقلة عنها تماماً، فإذا كانت مستقلة عنها فإن المشروع في الأولى يكون مشروعاً في الثانية، فكما أن الاستفتاح مشروع في التسليمة الأولى فهو مشروع في التسليمة الثانية. ثالثاً: يتركون الاستعاذة؛ وهي: (أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال) . وأزيد على ذلك: أن بعضهم يترك بقية الصلاة الإبراهيمية، إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ على محمد. السلام عليكم. فقط، لا يتمون حتى الصلاة الإبراهيمية، سبحان الله!! نحن جئنا نتعبد الله، {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة:16] تركنا الأهل والفرش لأجل أن نتقي الله، تقتصر بنا على: اللهم صلِّ على محمد، وربما يكون الإمام سريع القراءة فينتهي من: اللهم صلِّ على محمد قبل أن يقول ذاك: السلام عليك أيها النبي. وهذا غلط عظيم. أما ترك الاستعاذة من الأربع: (أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال) . فإن مذهب الإمام أحمد رحمه الله في أحد الوجهين: أن الاستعاذة من هذه الأربع واجبة، مثل التشهد الأول، لا بد أن تستعيذ بالله من هذه الأربع، وهذا القول له وجهة قوية من النظر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا تشهد أحدكم التشهد الأخير فليستعذ بالله من أربع) فأمر بالاستعاذة، ولأن الاستعاذة وقاية عظيمة للإنسان إذا استجاب الله له. فترك الاستعاذة يرى بعض العلماء من التابعين وغير التابعين أن من تركها وجب عليه إعادة الصلاة، ولهذا لما أمر طاوس وهو أحد التابعين المشهورين، أمر ابنه لما ترك الاستعاذة -من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال- أمره أن يعيد الصلاة؛ لأنه خالف أمر النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: (إذا تشهد أحدكم التشهد الأخير فليستعذ بالله من أربع) . رابعاً: وهذه قاصمة الظهر وهي عدم الاطمئنان في الركوع والسجود، حتى كأنه ملحوق، كأن ناراً لحقته، أو وادياً لحقه، أو عدواً لحقه، لا يطمئن في ركوعه، ولا في سجوده ولا في قيامه بعد الركوع، ولا في جلوسه بين السجدتين، كأنه ملحوق، لماذا يا أخي؟ ألست تناجي الله عز وجل في صلاتك؟ ألست بين يدي الله؟ لماذا تفر من الله؟ أنت الآن ما أتيت للصلاة إلا للتقرب إلى الله، كيف تفر من الله وأنت تريد التقرب إليه؟ إن ركعتين متقبلتان من عند الله أفضل من ألف ركعة من هذا النوع، لو أن الأئمة اقتصروا في التراويح على ما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقتصر عليه على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة مع التأني والطمأنينة لكان -والله- أفضل لهم، لا من جهة مقامهم بين يدي الله ولا من جهة اتباعهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن أم المؤمنين وهي من أخص الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلم الناس بحياته سئلت: كيف كانت صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ قالت: [ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة] فأما كونه يحافظ على ثلاث وعشرين ركعة ولكن يسرع هذه السرعة، فهذا غلط عظيم. رابعاً: الاقتصار في التسبيح بعد الصلاة -أعني: الفريضة- على أقل القليل والاستمرار على ذلك. كذلك أيضاً يهضمون الفرائض حقها من التسبيح بعد الصلاة، وهذا لو كان هناك حاجة لا بأس؛ لأنه ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام في التسبيح بعد الصلاة أربعة أوجه: الأول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. خمساً وعشرين مرة، تكون الجميع مائة مرة. ثانياً: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. جميعاً ثلاثاً وثلاثين مرة، فالجميع تسع وتسعون، وكمال المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ثالثاً: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين مرة سرداً، الحمد لله ثلاثاً وثلاثين مرة سرداً، الله أكبر أربعاً وثلاثين مرة، كم هذه؟ مائة. والفرق بين هذه والتي قبلها: الفرق الأول: أن التي قبلها يجعل: سبحان الله والحمد لله والله أكبر عدداً واحد، وهذه يجعلها: سبحان الله وحدها، والحمد لله وحدها، والله أكبر وحدها. الفرق الثاني: ختم الصفة الأولى: بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأما الثانية: فيختمها بزيادة التكبير أربعاً وثلاثين. الصفة الرابعة: أن يقول: سبحان الله عشر مرات، والحمد لله عشر مرات، والله أكبر عشر مرات، وتكفي. لأن كل هذا ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام.

حكم استعمال جهاز صدى الصوت في المساجد

حكم استعمال جهاز صدى الصوت في المساجد Q فضيلة الشيخ: إننا نصلي التراويح في بعض المساجد وفيها هذا الجهاز الذي يدعونه بالصدى، أي: الذي يكرر الكلام، وهو مما يساعد على الخشوع، وقد سمعنا لكم فتوى بحرمة هذا الجهاز، فهل هذا صحيح؟ وهل هذا التردد المنهي عنه يبطل الصلاة في هذا المسجد؟ وهل يأثم المصلي في تلك المساجد أم لا؟ وما حكم الإمام حينئذٍ؟ A نعم أفتيت بأن الصدى حرام، وأرجو ممن سمع مقالي هذا أن يبلغه؛ لأن الصدى كما سمعت يردد الحرف ولا سيما الحرف الأخير، هو يردد كل الحروف لكن الحروف التي قبل الأخير تدخل في الحرف الثاني ولا يبين التردد لكن في الحرف الأخير يبين، ولا شك أن هذا زيادة في كلام الله عز وجل. وإلحاق للقرآن الكريم بالأغاني المطربة، وهذا مما نهي عنه وذمه السلف، السلف ليس عندهم هذا لكن يقولون: إن الإنسان إذا جعل نغماته في القرآن الكريم كنغمات الأغاني فإن ذلك منهي عنه ومذموم، فكيف إذا جعلت هذه الآلة التي تزيد في القرآن ما ليس منه، يجعل الراء كم مرات؟ عدة راءات، والنون عدة نونات وهكذا بقية الآية، ونحن ما جئنا لنطرب، الذي يريد الطرب يذهب إلى محلٍ آخر. وأما كونه أزيد في الخشوع فهذا ليس عند من يرى أن ذلك حراماً، عند إنسان جاهل سمع هذا الإطراب والتغني وتلذذ به، لكن عند من يرى أن ذلك حراماً وأنه زيادة في كلام الله ما ليس منه، فلا يمكن أن يخشع، بل لا يزداد إلا نفوراً عن المكان والمسجد والإمام. وأرى أن الإمام الذي يفعل هذا يجب أن ينصح ويقال: يا أخي! الناس يتعلقون بذمتك، وهذا أمر ليس جائزاً فلا تفعل، لا بأس إن اكتفى بالميكرفون الداخلي خاصة دون المنارة، لا بأس إذا كان هذا أبين لصوتك وأهون لك أنت؛ لأن الإنسان في التراويح إذا لم يكن صوته قوياً جداً ربما يزداد في رفع الصوت فيتكلف ويشق عليه، فإذا جعل مكبر الصوت مكبراً عادياً أعانه على ذلك، هذا لا بأس لكن بشرط: ألا يكون في المنارة، وبشرط أن يكون مكبر الصوت بلا صدى، الصدى يقطع سلكه على طول ويبعد في الحال.

حكم الأذان على ما في التقويم

حكم الأذان على ما في التقويم Q فضيلة الشيخ من المعلوم أنكم قد ذكرتم أن في التقويم بعض التقديم بعض الدقائق، فما اللازم في الإمساك والفطر على المرء وعلى المؤذن خاصة؟ A أما الإمساك فليحتط الإنسان فيه بمعنى: لا يؤذن قبل الوقت، إذا قال: دخل الوقت أو لم يدخل؟ نقول: انتظر حتى يغلب على ظنك، أو تتيقن أن الوقت دخل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن بلالاً يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) قال الراوي: وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمى لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت أصبحت. يقال للمؤذن: تأن يا أخي، لا تحرم عباد الله ما أحل الله لهم، الإنسان قد أحل الله له أن يأكل ويشرب حتى يتبين الفجر، فلا تحرم عباد الله ولا تؤذن قبل الوقت بخمس دقائق احتياطاً، ثم إنك إذا احتطت من جهة الصيام أخللت بالاحتياط من جهة الصلاة، والصلاة أهم، الصيام أباح الله لنا أن نأكل حتى يتبين الفجر، والصلاة نهانا أن نصلي حتى يتبين الفجر، فأنت لو احتطت للصيام وقعت في الخطأ بالنسبة للصلاة، والصلاة أهون؛ لأنه كم من امرأة أو مريض في البيت ينتظر الأذان وبمجرد ما يؤذن يقوم ويصلي، فربما يصلي قبل الوقت، وتكون أنت الذي تحملت هذا الإثم. في الغروب يحتاط أيضاً، لا يؤذن حتى يرى الشمس قد غابت، أو يغلب على ظنه أن الشمس قد غابت، ليس لازماً أن يتيقن غروب الشمس، إذا غلب على ظنه أن الشمس قد غابت فلا بأس، وأظن أن التقويم مع الساعة المضبوطة أظنه في الغروب لا بأس به، لكن في الفجر مقدم خمس دقائق بالتأكيد، خمس دقائق لا إشكال عندنا أن فيه تقديماً، لكن في الغروب الظاهر أنه على الصواب، ولكن لا بد أن تكون ساعة المؤذن مضبوطة، بعض المؤذنين ساعاتهم غير مضبوطة، تغره، ربما تقدم من حين ينظر الساعة فيؤذن، وهذا لا بد أن يحتاط، فيحتاط الإنسان في الفجر ويحتاط في الغروب، ويضبط ساعته تماماً، والحمد لله الآن ضبط الساعة سهل، أنا سمعت أن التليفون فيه رقم معين تضغطه فيبين لك الساعة، فالظاهر أن ساعة الإذاعة وساعة التوقيت كلها مضبوطة ولا شك أنها أضبط من الساعة التي في يد الإنسان.

نصيحة لاستغلال عطلة الربيع

نصيحة لاستغلال عطلة الربيع Q فضيلة الشيخ كما يعلم فضيلتكم بأن عطلة الربيع في هذا العام ستكون خلال شهر رمضان المبارك، مما يترتب على ذلك خروج الناس إلى البراري وتخييلهم فيه، مما يحصل فيه ما يحصل، فما الذي تنصح به من توزيع الأشرطة والكتيبات، وما نصيحتك للناس بعامة، هل إذا جاءت إجازة الربيع حتى في رمضان الخروج إلى البراري؟ A الواقع أن الأمر كما قال السائل: ستصادف إجازة نصف السنة هذا العام في رمضان، ولكن هل الخير أن أخرج إلى البر للنزهة وإضاعة الوقت، وربما يحصل من الكلام واللغو ما لا ينبغي في هذا الشهر المبارك، أو الأفضل أن أكون في بلدي أتعبد لله وأنتهز هذه الفرصة؟ لا شك أن الثاني أفضل، ولكن الأول مباح مع الإتيان بما لا بد منه من الواجبات وترك المحرمات. وفي هذه الحالة ينبغي لإخوتنا الدعاة إلى الله عز وجل: أن يختاروا بعض الرسائل القصيرة، أو الملفات التي يسمونها مطويات، أو الشرائط التي تدعوا إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، حتى يوزعوها على هؤلاء، فلعل الله أن يفتح عليهم.

اللقاء الشهري [34]

اللقاء الشهري [34] ما حكم الأضحية؟ ما هي شروطها؟ ومتى وقتها الذي لا تجزئ إلا فيه؟ وما هي الأمور المستحبة لمن نوى أن يضحي؟ الجزء الأول من هذه المادة أجاب بالتفصيل عن هذه التساؤلات، واشتمل الجزء الثاني منها على كثير من الفتاوى والنصائح المتعلقة بشئون الحياة المختلفة.

مشروعية الأضحية وشروطها

مشروعية الأضحية وشروطها إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا اللقاء يعتبر جزءاً من لقاء لأنه متممٌ للقاء السابق وهو الرابع والثلاثون من اللقاءات الشهرية التي تتم كل شهر في هذا المسجد الجامع الكبير في عنيزة، أسأل الله تعالى أن يجعل هذه اللقاءات وغيرها من لقاءات إخواننا العلماء في كل البلاد لقاءات نافعة ينفع الله بها عباده؛ لأنه لا شك أن العلماء هم الهداة الذين يهدون بأمر الله عز وجل إذا وفقهم الله تعالى للأخذ بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. تكلمنا في أول هذا اللقاء عن الحج شروطه وصفته وبعض أحكامه، وأما الليلة فإننا سنجعلها كلاماً عن الأضحية على وجه يسير ثم نجيب عن الأسئلة.

دليل مشروعية الأضحية من الكتاب والسنة

دليل مشروعية الأضحية من الكتاب والسنة الأضحية مشروعة في القرآن والسنة وإجماع المسلمين، يقول الله عز وجل مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2] والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خطابٌ له وللأمة، والحكم الموجه للرسول عليه الصلاة والسلام موجهٌ له وللأمة؛ لقوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً} [الأحزاب:37] فقال الله: زوجناكها، وهذا خطاب للرسول عليه الصلاة والسلام، ثم قال: {لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ} [الأحزاب:37] فدل ذلك على أن الحكم الثابت للرسول صلى الله عليه وسلم ثابتٌ له وللأمة، ولهذا لما أراد الله تعالى أن يبين أن هذا الحكم خاصٌ بالرسول قال: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً} [الأحزاب:50] أي: وأحللنا لك امرأة مؤمنة {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:50] . فقوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:1-2] يشمل الأمة. وقال الله عز وجل: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ} [الحج:36-37] . وأما السنة فقد ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله حتى إنه كان صلى الله عليه وسلم يذبح ضحاياه في مصلى العيد إظهاراً لهذه الشعيرة، وكان الناس يفعلون هذا، لكن لما طال الزمن وتغيرت الأحوال صار الناس يذبحون ضحاياهم في بيوتهم.

الشروط المتعلقة بالأضحية

الشروط المتعلقة بالأضحية الأضحية في الأصل عن الرجل وأهل بيته سواءٌ صغاراً كانوا أم كباراً ذكوراً كانوا أم إناثاً، فينبغي لقيم البيت أن يضحي عنه وعن أهل بيته، ولكن لا تقبل الأضحية ولا تكون أضحية شرعية إلا بشروطٍ ثلاثة: الشرط الأول: أن تكون من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل والبقر والغنم، فلو ضحى بغيرها ولو كان أغلى منها فإنها لا تكون أضحية، لو ضحى الإنسان بفرس لم تقبل منه على أنها أضحية، لأنها ليست من بهيمة الأنعام، ولو ضحى بنعامة لم تقبل منه على أنها أضحية؛ لأن الأضحية لا بد أن تكون من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل والبقر والغنم. الشرط الثاني: أن تكون بالغةً للسن المحدد شرعاً وهي في الإبل: خمس سنوات، وفي البقر: سنتان، وفي الماعز: سنة، وفي الضأن: نصف سنة، ودليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة -أي: ثنية- إلا إن تعسَّر عليكم فتذبحوا جذعةً من الضأن) . الشرط الثالث: أن تكون سليمةً من العيوب المانعة من الإجزاء، لأن هناك عيوباً تمنع من إجزاء البهيمة ولو كانت من بهيمة الأنعام، وقد بينها النبي عليه الصلاة والسلام حيث قيل له: (يا رسول الله! ماذا يتقى من الضحايا؟ قال: أربعٌ لا تجوز في الضحايا: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء -أي: الهزيلة- التي لا تنقي) أي: التي لا مخ فيها هذه أربع لا تجزئ في الأضاحي. قوله: المريضة: ليست كل مريضة لا تجزئ لا بد أن يكون مرضها بيناً، كأن يظهر عليها أعراض المرض من الحمى وعدم الأكل وما أشبه ذلك، ومن المرض: الجرب، فالجرباء لا تجزئ؛ لأن الجرب مفسدٌ للحم، فإذا كان في البهيمة مرض لكنه ليس ببين ولنفرض أنه بعد أن ذبحناها وجدنا فيها "طالوعاً" "والطالوع" عبارة عن غدة فاسدة تكون في داخل اللحم وقد تكون خارج اللحم، فالتي داخل اللحم لا يعلم عنها، فإذا ذبحها الإنسان على أنها أضحية فإنها تجزئ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المريضة البين مرضها) . العرجاء لا بد أن يكون ضلعها بيناً، فأما إذا كانت تهمز همزاً يسيراً ولكنها تمشي مع البهائم فإنها تجزئ. والثالثة: العوراء البين عورها، والعوراء إذا لم يكن عورها بيناً فهي مجزئة كما لو كانت لا تبصر بعينها ولكن من رآها يظن أنها تبصر فهذه تجزئ، لكن إذا كان عورها بيناً بأن تكون عينها انخسفت أو نتأت وبرزت فإنها لا تجزئ. والرابعة: الهزيلة التي ليس فيها مخ لا تجزئ، طيب إذا كانت أذنها مقطوعة وليس فيها مرض فهل تجزئ؟ نعم تجزئ، لأنها لا تدخل في الأربع. إذا كان قرنها مكسوراً ولكن ليس فيها مرض فإنها تجزئ. إذا كان ذيلها مقطوعاً ولكن ليس فيها مرض تجزئ إلا في الضأن فإن العلماء قالوا: إن الضأن التي قطعت إليتها لا تجزئ لأن الإلية كبيرة مقصودة بخلاف ذيل البقرة وذيل البعير وذيل المعز فإن ذلك لا يضر، لكن اعلموا أنه كلما كانت الأضحية أكمل فهي أفضل بلا شك، قال الله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92] . أيضاً شرط رابع لا يتعلق بالأضحية نفسها: وهو أن تكون في الوقت المحدد شرعاً. الشروط التي سبقت ثلاثة: أن تكون من بهيمة الأنعام. الثاني: أن تبلغ السن المعتبر شرعاً. الثالث: أن تكون سليمةً من العيوب المانعة من الإجزاء. الرابع: أن تكون في الوقت، أي: في وقت الأضحية، فمن ذبح قبل وقت الأضحية فلا أضحية له، ومن ذبح بعد انتهاء المدة فلا أضحية له، وما هي المدة؟ المدة: من صلاة العيد إلى غروب شمس يوم الثالث عشر، أي: أربعة أيام، من ذبح قبل الصلاة فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (شاته شاة لحم) ومن ذبح بعد غروب شمس يوم الثالث عشر فشاته شاة لحم، إلا أن تهرب الأضحية وتضيع ثم يجدها بعد أن يفوت الوقت فهنا يذبحها قضاءً، إذا كان عينها قال: هذه الأضحية ثم هربت وضاعت، فبحث عنها ولم يجدها إلا في اليوم الرابع عشر نقول: اذبحها، لأن تأخيره هنا بعذر كما لو أخر الصلاة عن وقتها لعذر فإنه يقضيها، هذا الكلام على الأضحية. فإن قال قائل: إذا كان الإنسان ليس عنده مال هل يسن أن يستقرض ليضحي؟ أو يشتري شاة بدين ليضحي؟ نقول: إذا كان واثقاً من نفسه أنه سوف يوفي بحيث يكون موظفاً وجاء وقت الأضحية وليس عنده مال، لكنه يعرف أنه في آخر الشهر سيستلم الراتب فهنا لا بأس أن يستقرض أو يشتري شاة بثمن مؤجل ويضحي، وأما إذا كان ليس كذلك فلا يستدين؛ لأنه إذا استدان شغل ذمته بما لم يكلفه الله به.

ما يجزئ من الأضحية وما يسن للمضحي

ما يجزئ من الأضحية وما يسن للمضحي اعلم أن الشاة تجزئ عن الرجل وأهل بيته، لا حاجة إلى أن كل واحد يضحي، بل الرجل يضحي عنه وعن أهل بيته، وأن البعير والبقرة تجزئ عن سبع شياه، فلو اشترك سبعة بيوت في ناقة وذبحوها على أنها أضحية وكل واحدٍ منهم يضحي عنه وعن أهل بيته بالسبع فهذا جائز؛ لأن السبع عن شاة، وكذلك لو كانت بقرة فإنها تجزئ عن سبعة يضحي لو اجتمع سبعة بيوت واشتروا بقرة وذبحوها على أنها أضحية كل واحد يضحي عنه وعن أهل بيته كفى ذلك. وليعلم أن من أراد أن يضحي فدخل عشر ذي الحجة فإنه لا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته شيئا، البشرة هي الجلد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، إلى أن يضحي، فإذا كان لا يحصل له أن يضحي إلا في اليوم الثاني من أيام العيد، قلنا: انتظر حتى تضحي، لم يحصل له أن يضحي إلا في اليوم الثالث، قلنا: انتظر حتى تضحي، وهذا في حق من يضحي، أما من يضحى عنه فليس ممنوعاً من ذلك، وعلى هذا فالرجل الذي يضحي عنه وعن أهل بيته يكون حكم المنع من أخذ الشعر والظفر والبشرة خاصاً بالرجل وحده أما أهل بيته فلا حرج عليهم، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي) ولم يقل: أن يضحى عنه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي عنه وعن أهل بيته ولم يمنع أهل بيته من الأخذ من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم، وأما قول بعض الفقهاء يرحمهم الله: يحرم على من يضحي أو يضحى عنه فهو قول ضعيف، والصواب: أنه خاص بمن يضحي فقط. والله الموفق.

الأسئلة

الأسئلة

حكم إرسال المغترب ثمن الأضحية إلى أهله

حكم إرسال المغترب ثمن الأضحية إلى أهله Q فضيلة الشيخ! نحن لسنا من أهل هذه البلاد المعطاءة أسأل الله أن يديم عليها الخير، وأن يحفظ علماءها وولاة أمورها، السؤال هو: يا فضيلة الشيخ لا يخفى عليكم أن أهلنا في أشد الحاجة للأضاحي والاستفادة من لحومها وجلودها، والغالب عليهم هو الفقر فهل لنا أن نرسل ثمن الأضاحي إليهم ونوكل من ينوب عنا، مع العلم أن المقصود منها إظهار هذه الشعيرة، فهل يجوز لنا فعل ذلك؟ A إذا كان الإنسان في بلد وأهله في بلد آخر فلا حرج عليه أن يوكل من يضحي عنه عند أهله حتى يسر أهله بالأضحية ويتمتعوا بها؛ لأنه لو ضحى في بلد الغربة فمن الذي يأكل الأضحية؟ وربما لا يجد أحداً يتصدق عليه، فلذلك نرى أن من له أهل فليبعث بقيمة الأضحية إلى أهله ويضحوا هناك.

إجزاء الأضحية المصابة بمرض غير خطير

إجزاء الأضحية المصابة بمرض غير خطير Q إذا كان "الطالوع" ظاهراً لكنه صغير فهل يجزئ؟ كذلك إذا كان الكبش قد انكسر طرف قرنه ولم يظهر هذا الكسر حيث أنه في الضأن لا يظهر لصغرها فهل يجزئ؟ A "الطالوع" إذا كان ظاهراً فإنه يُسأل أهل الخبرة: هل هذا من الأمراض الخطيرة؟ إن قالوا: نعم فهو مرض ظاهر لا يضحى بالشاة التي طلع فيها، وإن قالوا: ليس خطيراً، والشاة ليس فيها خلاف من جهة الصحة والنشاط والأكل فإنه يضحى بها، إلا إذا قرر البياطرة أن أكل لحمها ضرر فهنا لا يضحى بها.

حكم التمتع في الحج لأهل مكة

حكم التمتع في الحج لأهل مكة Q ذكرت يا فضيلة الشيخ: أن أفضل الأنساك التمتع، وقلت: إن أهل مكة لا تشرع لهم العمرة فكيف يكون التمتع والعمرة لا تشرع لهم؟ A ذهب أكثر أهل العلم إلى أن أهل مكة لا متعة لهم، وإنما المتعة للقادم إلى مكة حتى لو كان من أهل مكة، وعلى هذا فإذا كان الرجل من أهل مكة وهو يعمل في الرياض وقدم من الرياض إلى مكة فله أن يأخذ عمرة من الميقات ويكون متمتعاً لكنه لا هدي عليه؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:196] إلا إذا انتقل من مكة إلى البلد الآخر واستوطنه فإنه إذا رجع منه بالعمرة يجب عليه هدي التمتع، لكن أهل مكة يمكن أن يقرنوا بين الحج والعمرة، بمعنى: أن الإنسان يحرم من مكانه من بيته بالحج والعمرة جميعاً ويكون قارناً والقارن عليه هدي التمتع.

مشروعية صيام عشر ذي الحجة

مشروعية صيام عشر ذي الحجة Q امرأة كبيرة في السن كان من عادتها أن تصوم عشر ذي الحجة، لكنها في هذا العام أتاها من قال لها: لا يشرع لك صيام العشر؛ لأنه ليس من السنة صيام العشر كلها وإنما صومي كالأشهر الأخرى فقط أيام البيض ويوم عرفة، وهي الآن تسأل عن ذلك تريد منك يا فضيلة الشيخ بيان أمرها بالتفصيل؟ A بيان أمرها بالتفصيل: أن تصوم العشر، ما دامت قادرة ولا يشق عليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) . ولنسأل: هل الصيام من الأعمال الصالحة؟ الجواب: نعم بلا شك، ولهذا جعله الله من أركان الإسلام، فالصيام بلا شك من الأعمال الصالحة حتى قال الله تعالى في الحديث القدسي: (الصوم لي وأنا أجزي ب) وإذا كان كذلك فإن الصوم مشروع، ومن زعم أن العشر لا تصام فليأت بدليل على إخراج الصوم من هذا العموم: (ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) وإذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصمها فهذه قضية عين، ربما كان لا يصوم؛ لأنه يشتغل بما هو أنفع وأهم، لكن عندنا لفظ الرسول عليه الصلاة والسلام: (ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) على أنه قد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يدع صيامها، وقدَّم الإمام أحمد هذا -أعني: أنه لا يدع صيامها- على رواية النفي، وقال: إن المثبت مقدم على النافي، لكن على فرض أنه ليس هناك ما يدل على أنه يصوم فإنه داخلٌ في عموم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) . أما صيام البيض فإنه لا يمكن صومها في شهر ذي الحجة في اليوم الثالث عشر؛ لأن يوم الثالث عشر من أيام التشريق التي يحرم صومها.

حكم ارتداء ملابس الإحرام قبل ركوب الطائرة

حكم ارتداء ملابس الإحرام قبل ركوب الطائرة Q فضيلة الشيخ! ذكرت في اللقاء السابق: أن الذي يريد الحج أو العمرة عن طريق الجو تكون ملابس إحرامه في العفش بأنه يجعل ثوبه إزاراً ويلتف به، يقول: يا فضيلة الشيخ! لو أنه لبس ملابس الإحرام من منزله وحينما يحاذي الميقات يلبي بالحج أو العمرة هل هناك حرج، وهل هذا هو الأفضل؟ A ليس هناك حرج أن يلبس الإنسان ثياب الإحرام من بيته إذا كان ينوي السفر في الطائرة، ثم إذا قارب الميقات أحرم وليس في ذلك بأس. لا يقال: إن هذا الرجل أحرم قبل الميقات؛ لأنه لم يحرم، فليس الإحرام لبس الرداء والإزار، الإحرام هو عقد النية وهذا لم يعقد نيته، لكن بعض الناس لا يحب أن يكون لابساً لثياب الإحرام في المطار وأمام الناس، ويلبس ذلك في داخل الطائرة.

حكم زيارة المرأة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم

حكم زيارة المرأة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم يقول: هل المرأة إذا قدمت المدينة حاجة أو معتمرة لها أن تزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ A لا تزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن زيارتها لقبر النبي صلى الله عليه وسلم ليس ضرورة، إذ أن الإنسان إذا سلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان في أقصى المشرق أو المغرب فإن سلامه يبلغه، فليس هناك ضرورة إلى أن تقف على قبره وتسلم عليه، ثم إن كثيراً من العلماء يقول: إنها إذا زارت قبر الرسول عليه الصلاة والسلام دخلت في اللعنة حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن زائرات القبور) فلا تزور قبر الرسول عليه الصلاة والسلام ويكفي أن تسلم عليه وهي في نفس المسجد النبوي أو في بيتها أو في أي مكان.

اختيار الأضحية بين الأكثر لحما والأكثر ثمنا

اختيار الأضحية بين الأكثر لحماً والأكثر ثمناً يقول: فضيلة الشيخ! ورد في كلامك وفقك الله في فضل الأضحية: أنها كلما كانت أكمل كلما كانت أفضل، مع أن الثنية من الضأن أفضل لحماً وأقل ثمناً عند الناس من التي أكبر منها فأيهما أفضل؟ A الأفضل ما كانت أكثر لحماً وأنفع للفقراء، وإن كان بعض العلماء يقول: ما كان أكثر ثمناً، فالمسألة فيها خلاف بين العلماء، إذا دار الأمر بين أن تكون أكثر ثمناً أو أكثر لحماً وأنفع فمن العلماء من يرجح ما كانت أكثر ثمناً؛ لأن كون الإنسان يبذل المال الأكثر في مرضاة الله هذه درجة عالية، ومنهم من يقول: ما دام القصد نفع الفقراء ونفع الأهل والأكل فإن الأفضل ما كان أكثر لحماً، فكل من العلماء نظر إلى ناحية. ولكن الذي يظهر: أن الأفضل ما كان أنفع للفقراء وأكثر للحم لتكثر الهدية والصدقة والأكل، اللهم إلا أن يمتاز الأقل بفضلٍ آخر أو بميزةٍ أخرى مثل أن يكون أطيب لحماً وأشهى للناس، ويكون الناس مثلاً في زمن رفاهية لا يأكلون من اللحوم إلا ما كان غضاً طرياً فهنا يرجح.

حكم الأضحية بأكثر من شاة

حكم الأضحية بأكثر من شاة Q هل يجوز للمقتدر أن يذبح أكثر من أضحية له حيث ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين؟ وهل يمكن أن يشترك الرجل وزوجه في أضحية واحدة من هذا نصف ومن هذا نصف وعلى أيهما يكون الإمساك؟ A الأفضل ألَّا يزيد الإنسان على شاة واحدة عنه وعن أهل بيته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، ومعلوم أنه أكرم الخلق عليه الصلاة والسلام، وأنه صلى الله عليه وسلم أشد الناس حباً لعبادة الله وتعظيمه، أما كونه ضحى بكبشين فالثاني ليس عن نفسه وأهل بيته ولكنه عن أمته، وعلى هذا فالأفضل الاقتصار على شاة واحدة للرجل وأهل بيته، ومن كان عنده فضل مال فليبذله دراهم أو أطعمة أو ما أشبه ذلك للبلاد الأخرى المحتاجة أو للمحتاجين في بلده؛ لأن البلاد لا تخلوا من أناس محتاجين. وأما إذا اشترك الإنسان وزوجته في شاة فإن هذا لا يصح؛ لأنه لا يشترك اثنان اشتراكاً في القيمة في شاة واحدة، إنما الاشتراك المتعدد في الإبل والبقر تكون البعير عن سبعة والبقرة عن سبعة، وأما الغنم فلا يمكن أن يشترك اثنان على الشيوع أبداً، الثواب ليس له حصر، لا بأس أن يقول: اللهم إن هذا عني وعن زوجي، عني وعن أهلي، وأما أن كل واحد منهم يبذل نصف القيمة ويشتري أضحية واحدة من الغنم، فهذا لا يصح.

حكم حج من لا يصلي الفجر

حكم حج من لا يصلي الفجر Q عندي عمال يريدون فريضة الحج هل أسمح لهم، وهل هم في ذمتي، مع العلم أنهم لا يشهدون صلاة الفجر؟ A أقول: إذا أذنت لهم في الحج فجزاك الله خيراً، وأبشر بالخلف العاجل أن ما تفقده من الأعمال في زمن حجهم سيعوضك الله إن شاء الله تعالى خيراً منه، وأما كونهم لا يصلون صلاة الفجر فانصحهم وهددهم بأنهم إذا لم يحافظوا على الصلوات أنك سوف ترجعهم إلى بلادهم، وهو حق أن ترجع من لا يقيم الصلاة إلى بلده؛ لأنه لا خير فيه، لا خير في إنسان لا يصلي، وأما الإذن لهم بالحج فهذا يعتبر معروفاً منك ونرجو الله لك الإثابة.

حكم الأضحية عن الحاج

حكم الأضحية عن الحاج Q فضيلة الشيخ! كيف يجمع الإنسان بين الأضحية والحج، وهل هذا مشروع؟ A الحاج لا يضحي وإنما يهدي هدياً، ولهذا لم يضحِ النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وإنما أهدى، ولكن لو فرض أن الحاج حج وحده وأهله في بلده فهنا يدع لأهله من الدراهم ما يشترون به أضحية ويضحون بها، ويكون هو يهدي وهم يضحون، لأن الأضاحي إنما تشرع في الأمصار، أما في مكة فهو الهدي.

المكان الذي يحرم منه الحاج

المكان الذي يحرم منه الحاج Q فضيلة الشيخ! كيف تكون صفة الإحرام بالحج أو العمرة: هل يحرم الإنسان وهو في المسجد أم وهو على السيارة؟ وما حكم رفع اليدين واستقبال القبلة عند قولك: لبيك اللهم حجاً؟ A اختلف العلماء رحمهم الله من أين يبتدئ الإحرام: - فقال بعضهم: من حين يصلي في المسجد يعقد النية. - وقال بعضهم: إذا ركب السيارة. - وقال بعضهم: إذا كان محرماً من ذي الحليفة إذا علا البيداء. والأقرب: أنه يلبي إذا ركب السيارة، ولا يشرع له عند التلبية أن يتوجه إلى القبلة ويرفع يديه؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

حكم تصدق الحاج من هدي غيره دون هديه

حكم تصدق الحاج من هدي غيره دون هديه Q ثلاثة رجال كل واحد اشترى له هدياً فقالوا: شاة نهديها وشاة نتصدق بها وشاة نأكلها، فبهذا نكون قد أكلنا الثلث وتصدقنا بالثلث وأهدينا الثلث فما رأيك في هذا؟ A هذا غلط، لأن الثلث لا بد أن يكون مشاعاً، ولا بد أن يتصدق الإنسان بشيء مما أهداه، وفي هذا المثال الذي ذكره السائل الشاة الثالثة ما أهدي منها بشيء ولا تصدق منها بشيء أكلت كلها، والطريق السليم: أن تأخذ من هذه الشاة قليلاً، ومن هذه الشاة قليلاً، ومن هذه قليلاً ثم تأكل.

حكم الأضحية عن أهل البيت وإن كانوا أكثر من أسرة

حكم الأضحية عن أهل البيت وإن كانوا أكثر من أسرة Q ثلاثة إخوة في بيت لهم رواتب وكلهم متزوج فهل تجزئهم أضحية واحدة، أم لكل واحد أضحية؟ A إذا كان طعامهم واحداً وأكلهم واحداً فإن الواحدة تكفيهم يضحي الأكبر عنه وعمن في البيت، وأما إذا كان كل واحد له طعام خاص، أي: مطبخ خاص به، فهنا كل واحد منهم يضحي؛ لأنه لم يشارك الآخر في مأكله ومشربه.

حكم تأخير الإحرام إلى مكة

حكم تأخير الإحرام إلى مكة Q أريد الذهاب إلى مكة في أول يومٍ من أيام الحج بدون أن أحرم، فإذا جاء اليوم الثامن أحرمت مفرداً فهل يصح فعلي هذا بالإحرام مفرداً؟ ومن أين أحرم؟ A الواجب على من أراد الحج أو العمرة إذا مر بالميقات أن يحرم منه، ولا يحل له أن يؤخر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل اليمن من يلملم، وأهل نجد من قرن) وفي لفظ: (أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يهل أهل المدينة من ذي الحليفة) إلى آخره، فلا يحل للإنسان إذا مر بالميقات وهو يريد الحج أو العمرة أن يتجاوز الميقات بلا إحرام، فإن فعل قلنا له: ارجع وأحرم من الميقات، فإن أحرم من غير الميقات لزمه عند العلماء دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء.

حكم الاشتراك في العقيقة

حكم الاشتراك في العقيقة Q هل يجوز أن يشترك سبعة من الرجال في جمل ولكن ليس في أضحية إنما في عقيقة قياساً على الأضحية؟ A لا يصح الاشتراك في البقر أو الإبل في العقيقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في العقائق أنها عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، فلا بد من نفسٍ كاملة، ولو اشترك جماعة في بعير لم يكن كل واحد منهم أتى بنفسٍ كاملة إنما أتى ببعض نفس، ولهذا قال العلماء: إنه لا يجزئ في العقيقة اشتراك في بعير أو بقرة، بل قالوا: إن الشاة في باب العقيقة أفضل من البعير، فلو جاءنا إنسان وقال: أنا أحب أن أعق عن ولدي ببكرة صغيرة هل هذا أفضل أو أعق بشاة؟ قلنا: بالشاة أفضل؛ لأن هذا هو الذي وردت به السنة، ودع البكرة الصغيرة لك للأكل، أما العقيقة فاذبحها من الغنم كما جاء في الحديث.

حكم تأخير طواف الإفاضة إلى آخر ذي الحجة

حكم تأخير طواف الإفاضة إلى آخر ذي الحجة Q ذكرت يا فضيلة الشيخ في اللقاء السابق: أنه يجوز تأجيل طواف الإفاضة إلى ما قبل سفر الحج حتى لو كان سيسافر في نهاية ذي الحجة، السؤال: لو أجل الحاج طواف الإفاضة إلى يوم سفره إلى بلاده فهل يغني هذا الطواف عن طواف الوداع؟ وهل يجوز للحاج أن يطوف طواف الإفاضة والوداع في نفس اليوم؟ A ذكرنا هذا فيما سبق على وجه التفصيل وقلنا: يجوز للإنسان أن يؤخر طواف الإفاضة إلى سفره، فإذا طاف عند سفره كفاه عن طواف الوداع إلا إذا تأخر سفره إلى ما بعد شهر ذي الحجة فهنا يجب عليه أن يطوف طواف الإفاضة في شهر ذي الحجة، وذكرنا أيضاً: أنه إذا أخر طواف الإفاضة إلى سفره فطافه بنية الإفاضة فقط أجزأه عن طواف الوداع، وإن طافه بنية الوداع فقط لم يجزئه عن طواف الإفاضة، وإن طاف عنهما جميعاً أجزأه عنهما جميعاً، ولهذا يجب أن ننتبه إذا أخرنا طواف الإفاضة إلى السفر ألا ننسى طواف الإفاضة؛ لأن كثيراً من الناس ربما إذا أخره إلى السفر وطاف عند السفر لا ينوي إلا طواف الوداع، وهذا على خطر، لهذا يجب أن تنتبه لهذه المسألة.

حكم إعطاء الهدي للشركات لتوزيعه

حكم إعطاء الهدي للشركات لتوزيعه Q سمعنا عنكم يا فضيلة الشيخ أنكم قد حذرتم من إعطاء هذه الشركات، ولكن ما الحل فيما مضى فإنا قد حججنا أكثر من مرة ونعطيها هذه الشركات ولا يأخذون أسماءنا، فما الحكم فيما مضى هل يجزئ؟ فإن كان لا يجزئ فماذا يلزمنا؟ A إننا لم نحذر من إعطاء الهدي؛ لأن الهدي في الحقيقة ضرورة، لأن الإنسان بين أمرين: إما أن يعطيها لهذه الشركات، وإما أن يذبحها ويدعها في الأرض لا ينتفع بها لا هو ولا غيره، أما إذا حصل أن الإنسان يذبح هديه ويأكل منه ويهدي ويتصدق فهذا لا شك أنه أفضل بكثير، وهذا يمكن لبعض الناس الذين لهم معارف في مكة يمكن أن يوكلوه ويقولوا: اذبحوا لنا الهدي، وحينئذٍ ينتفع به، أو هو ينزل إلى مكة ويذهب إلى المسلخ ويشتري ويذبح هناك فسيجد من يتزاحمون عنده ليأخذوا منه، لكن الذي أرى أن من الخطأ العظيم أن يرسل بقيمة الأضاحي إلى بلاد أخرى ليضحى بها هناك، هذا هو الذي ليس له أصل، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يبعث بالهدي إلى مكة ليذبح في مكة ولم ينقل عنه لا في حديث صحيح ولا ضعيف أنه أرسل أضحيته لأي مكان، بل كان يذبحها في بيته ويأكلون ويهدون ويتصدقون.

أضحية من حلق لحيته في عشر ذي الحجة

أضحية من حلق لحيته في عشر ذي الحجة Q فضيلة الشيخ! رجل أراد أن يضحي، ومن المعلوم أنها في الأيام العشر وقد أخذ من شعر لحيته وهو من الحالقين للّحى وهو عالمٌ بعدم جوازه فما حكم ذلك؟ هل أضحيته صحيحة؟ وهل من نصيحةٍ لإخواننا الذين يرتكبون هذه المعصية؟ A نصيحتي لهؤلاء: أن يتقوا الله عز وجل سواءٌ أرادوا الأضحية أو لا، وأن يمتثلوا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (خالفوا المجوس) (خالفوا المشركين) (وفروا اللحى وحفوا الشوارب) وليعلموا أن هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وحلقها من هدي المشركين، ولو سألنا أي مؤمن بالله ورسوله: أتقدم هدي المشركين على هدي سيد المرسلين؟ لقال: لا، إذا كان يقول: لا، فلماذا لا يكون عنده عزيمة ويتقي الله؟ ولهذا كان من المؤسف جداً أنك ترى بعض الناس حريصاً على صلاة الجماعة، يصوم إما أيام البيض أو يوماً بعد يوم، ويتصدق، وهو صاحب خير وخلق حسن، ومع ذلك ابتلي بحلق اللحية، فصار حلق لحيته قذىً في أخلاقه وفي دينه أيضاً، فالواجب تقوى الله عز وجل، ولعلَّ امتناعه من حلق لحيته في العشر الأولى من الأضحية يكون سبباً في امتناعه من ذلك دائم الدهر؛ لأنه يعينه، إذ أن بقاء اللحية عشرة أيام لا تحلق سوف يكون لها أثر وتبين وتظهر، وحينئذٍ يسهل عليه أن يعفيها وألا يحلقها، لكن أقبح من ذلك: أن بعض الناس يقول: لا أضحي لأني لو نويت الأضحية امتنعت من حلق اللحية -أعوذ بالله- يترك الخير من أجل فعل الشر، وهذا غلط عظيم، نحن نقول: ضح ولو عصيت الله بحلق اللحية، الأضحية شيء وحلق اللحية شيء آخر، وكذلك ما تظنه بعض النساء أن المرأة إذا كدت رأسها في أيام العشر فلا أضحية لها، هذا أيضاً غلط ليس بصحيح، المرأة إذا كانت تريد أن تضحي فلها أن تكد شعرها لكن برفق، وإذا سقط منه شيء بغير اختيارها فلا شيء عليها، وإن كانت تخشى أنه لا يمكن كده إلا بسقوط شعر فلا تكده ولكن تغسله بالماء وتعصره وتنظفه.

فضل كون الحج في يوم الجمعة

فضل كون الحج في يوم الجمعة Q هل ورد شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل كون الحج حج الجمعة؟ A لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الجمعة إذا صادف يوم عرفة، لكن العلماء يقولون: إن مصادفته ليوم الجمعة فيه خير. أولاً: لتكون الحجة كحجة النبي صلى الله عليه وأله وسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صادف وقوفه بـ عرفة يوم الجمعة. ثانياً: أن في يوم الجمعة ساعةً لا يوافقها عبدٌ مسلم وهو قائمٌ يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياها، فيكون ذلك أقرب للإجابة. ثالثاً: أن يوم عرفة عيد ويوم الجمعة عيد، فإذا اتفق العيدان كان في ذلك خير، وأما ما اشتهر من أن حجة الجمعة تعادل سبعين حجة فهذا غير صحيح.

حكم قيام الزوج بالحج عن زوجته المتوفاة

حكم قيام الزوج بالحج عن زوجته المتوفاة Q رجل توفيت زوجته ولم تحج مع أن زوجها الآن قادر على الحج ويريد دفع قيمة الحج لمن يقوم بأداء الحج عنها فهل يؤجر على ذلك؟ وهل الأفضل أن يقوم بالحج هو بنفسه عنها أم يوكل؟ A الأفضل أن يقوم هو بالحج عنها من أجل أن يأتي بالنسك على وجهه الأكمل الذي يحبه، ولكن إذا كان لا يرغب بذلك ووكل من يحج عنها فهو على خير فقد أحسن إليها، وليس بغريب أن يحسن الإنسان إلى زوجته التي كانت قرينته في الحياة وشريكته في الأولاد، أما الوجوب فلا يجب عليه.

توبة تارك الصلاة

توبة تارك الصلاة Q أمي كانت لا تصلي لمدة أربعين سنة، والآن تريد أن تصلي وتحج فهل يشترط عليها أن تشهد الشهادتين؛ لأن تارك الصلاة قد كفر؟ A صلاتها توبة، هي إذا صلت فقد تابت وصارت مسلمة، فنسأل الله تعالى أن يثبتها على ما تريد وأن يعينها على ذلك، وهي إذا تابت إلى الله وأنابت إليه وقامت بالصلاة والزكاة والصيام والحج كفَّر الله عنها؛ لقول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الفرقان:68-70] وقال جل وعلا: {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] وأبشرها إذا صدقت في توبتها مع الله أنها على خير، فقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام: (أن الرجل يعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) .

وقت التكبير المقيد

وقت التكبير المقيد Q أشكل علينا يا فضيلة الشيخ وقت التكبير المقيد متى يبدأ، فنرجو من فضيلتكم التنبيه على السنة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير، وهل هو للمقيم والحاج سواء؟ A من المعلوم أن الله عز وجل أمر بذكره في كل وقت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الأحزاب:41-42] لكن عشر ذي الحجة اختصت بمزيد، فيشرع للناس الذكور والإناث من دخول شهر ذي الحجة إلى آخر يومٍ من أيام التشريق أن يكبروا ويهللوا ويحمدوا، يقولون: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، في كل وقت، لكن العلماء رحمهم الله يقولون: من طلوع فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق يسن أن يكبر فيها تكبيراً مقيداً في أدبار الصلوات، أي: بعد أن تستغفر الله وتقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تكبر من طلوع فجر يوم عرفة إلى آخر يومٍ من أيام التشريق وذلك في صلاة العصر يوم التشريق آخر أيام التشريق، ولك أيضاً أن تكبر في جميع الوقت فيجتمع من يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق تكبير مطلق وتكبير مقيد.

النطق بالنية في الحج والأضحية

النطق بالنية في الحج والأضحية Q يشكل علي يا فضيلة الشيخ النطق بالنية إذا قال الحاج: لبيك عمرةً مثلا، أو قول المضحي: هذه عن فلان أي: تسمية صاحب الأضحية عند الذبح، فأرجو رفع الإشكال؟ A لا إشكال في ذلك؛ لأن قول المضحي: هذه عني وعن أهل بيتي إخبار عما في قلبه، فهو لم يقل: اللهم إني أريد أن أضحي كما يقوله من ينطق بالنية، بل أظهر ما في قلبه فقط وإلا فإن النية سابقة من حين أن أتى بالأضحية وأضجعها وذبحها فقد نوى، وكذلك يقال في النسك: لبيك حجاً لبيك عمرة، ليس هذا من باب ابتداء النية؛ لأن الناس قد نووا من قبل، ولهذا لا يشرع أن تقول: اللهم إني أريد العمرة اللهم إني أريد الحج، لا، انو بقلبك ولبِّ بلسانك، وأما التكلم بالنية في غير الحج والعمرة والأضحية فهذا أمر من المعلوم أنه ليس بالمشروع، فلا يسن للإنسان إذا أراد أن يتوضأ أن يقول: اللهم إني أريد أن أتوضأ، أو اللهم إني نويت أن أتوضأ، أو بالصلاة اللهم إني أريد أن أصلي، اللهم إني نويت أن أصلي، كل هذا غير مشروع، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

كيفية أخذ المرأة من شعرها القصير

كيفية أخذ المرأة من شعرها القصير Q إذا كانت المرأة قصيرة الشعر بحيث أن شعرها كشعر الرجل لا يمكنها أن تظفره ظفائر فماذا عليها؟ A هذه المرأة إذا لم يكن لها ظفائر فإنها تأخذ من أطراف الشعر بقدر أنملة والأنملة: هي فصطت الإصبع.

جواز الحلق في الحج قبل النحر أو بعده

جواز الحلق في الحج قبل النحر أو بعده Q ما معنى قول الله تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] أليس هذا هو صريح في أن النحر يكون قبل الحلق وإلا فما معنى الآية؟ A قوله تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] أي: لا تحلق الرأس إلا إذا ذبحتم، هذا معنى الآية، لكن جاءت السنة أنه لا حرج أن يحلق قبل النحر، وما دامت السنة جاءت بذلك فيكون هذا تخفيف من الله عز وجل، أو يقال: (حتى يبلغ الهدي محله) أي: وقت حلوله، لا أن المراد أن يذبحه فعلاً، وحينئذٍ لا منافاة بين الحديث وبين الآية، فلها في ذلك توجيهان: التوجيه الأول: أن يقول: إن معنى قوله: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] ليس هو أن يذبح الهدي بل أن يأتي وقت الذبح. والثاني أن يقال: إنه {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] أي: حتى يذبح، لكن السنة جاءت بجواز تقديم الحلق على النحر.

حكم أضحية الحاج

حكم أضحية الحاج يقول: كيف يجمع الإنسان بين الحج والأضحية؟ وماذا يصنع بالنسبة للأخذ من شعره وأظفاره؟ A ذكرنا أن الحاج لا يضحي، لكن من له أهل فإنه يجعل عندهم القيمة يضحون عنه، وأما هو فله الهدي، وإذا قدر أن يقول لأهله: ضحوا عني وعنكم والفلوس منه هو فهو المضحي حقيقة، ولكن لا حرج أن يأخذ من شعره إذا تحلل من العمرة، لأن الإنسان المتمتع إذا قدم مكة وطاف وسعى فإنه يقصر وهذا التقصير لا يضر لأنه نسك، والذي ورد به النهي إنما هو الأخذ بغير النسك.

حيض المرأة أثناء الطواف

حيض المرأة أثناء الطواف Q حاضت المرأة في أثناء الطواف فماذا تفعل؟ A إذا حاضت في أثناء الطواف؛ إذا كان الطواف طواف الوداع خرجت ولا شيء عليها، وإن كان طواف الإفاضة خرجت ثم أعادت الطواف إذا طهرت.

اللقاء الشهري [35]

اللقاء الشهري [35] الأمر بالمعروف بمعروف والنهي عن المنكر بلا منكر من أسباب خيرية هذه الأمة، وهو من فروض الكفاية، فعلى من يقوم به أن يتحلى بالحكمة والعلم بالشريعة، مع مراعاة المصالح والمفاسد المعتبرة المتعلقة بذلك. وقد احتوت هذه المادة -إضافة إلى ما سبق- على إجابات شافية لكثير من الأسئلة والإشكالات.

المعروف والمنكر وواجب المسلم تجاههما

المعروف والمنكر وواجب المسلم تجاههما إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الأول من هذا العام عام (1417هـ) وهو يتم في شهر المحرم ليلة الأحد السادس عشر من الشهر، وكما هو معروف عند الجميع أنه يحصل لقاء شهري في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العام عام خير وبركة، يجمع الله به بين المسلمين، ويؤلف بين قلوبهم، ويهيئ لهم أمر رشد يؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر. إن لقاءنا هذه الليلة سيكون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا بد أولاً أن نعرف ما هو المعروف وما هو المنكر؟ هل المعروف ما تعارفه الناس من خير وشر وإثم وثواب أم أن المعروف ما أمر الله به ورسوله؟ A بالثاني بأن المعروف ما أمر الله به ورسوله سواء كان معروفاً بين الناس أو منكراً؛ لأن من المعروف ما لا يعرفه الناس، ومن المعروف ما هو معروف والحمد لله، لكن المعروف الذي جاء الأمر بالأمر به هو ما أمر الله به ورسوله، والمنكر ما نهى الله عنه ورسوله، هذا هو الضابط في المعروف وفي المنكر، وبناءً على ذلك يكون الأمر بالمعروف الذي هو سنة يكون الأمر به سنة، ويكون الأمر بالمعروف الذي هو واجب يكون واجباً، فمثلاً: إذا رأيت إنساناً يخل بصلاة الجماعة فأمره بذلك واجب؛ لأنه أخل بواجب، وإذا رأيت إنساناً أخل براتبة الظهر مثلاً فأمره سنة، والأمر غير البلاغ وغير الإبلاغ، الإبلاغ يجب على العالم أن يبلغ شريعة الله الواجب منها والمستحب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) كل من علم شيئاً من الشرع يجب عليه أن يبلغ به، لكن الأمر شيء آخر الأمر التكليف وطلب فعل، والنهي طلب كف، يأمر الإنسان غيره أو ينهى غيره، أما الدعوة فيقوم مثلاً بين الناس إما في مسجد أو مجتمع ويدعو إلى الله عز وجل.

حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الشريعة الإسلامية

حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الشريعة الإسلامية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حكمه في الشريعة الإسلامية أنه من أفضل الأعمال الصالحة، حتى أن هذه الأمة فضلت على غيرها؛ لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، والدليل على ذلك قول الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110] . والأمر بالمعروف سببٌ لوحدة الأمة واجتماعها واتفاقها، وائتلافها دليل ذلك قول الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:104-105] . وهذا الذي ذكره الله عز وجل أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سببٌ للاجتماع وعدم التفرق وللألفة وعدم العداوة أمر يشهد به الواقع، لو أن بعضنا دخل المسجد وصلى وبعضنا بقي خارج المسجد يبيع ويشتري، أليس هذا تفرقاً؟ بلى هذا تفرق، هؤلاء يصلون وهؤلاء يضحكون ويلعبون، لكن لو أمرنا بالمعروف قلنا للذي خارج المسجد مثلاً: تفضل صل، إذاً اجتمعنا وائتلفنا ولم نتفرق. الأمر المعروف والنهي عن المنكر واجب ولكنه فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، دليله: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ} [آل عمران:104] (مِن) هنا للتبعيض، ولو كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجباً على الأعيان لكان واجباً على كل الأمة، لكن الآية صريحة: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} [آل عمران:104] أي: كونوا أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، ولكن إذا لم يوجد إلا الشخص المعين صار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حقه واجباً عينياً كسائر فروض الكفايات إذا لم يوجد من يقوم بها وجب على الباقين، وعلى هذا فلو مررت بقوم على منكر ولم تجد أحداً ينهاهم عنه كان نهيك إياهم واجباً يجب عليك أن تنهاهم.

مراعاة المصالح والمفاسد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

مراعاة المصالح والمفاسد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انههم على حسب ما تقتضيه المصلحة، والمصلحة تختلف، قد تقتضي المصلحة أن أنهرهم وأشدد عليهم، وقد تقتضي المصلحة أن ألين معهم وأسهل عليهم، حسب الحال، لأنك مثلاً لو رأيت إنساناً يقوم بمنكر لكنه معاند تعرف أنه يعلم المنكر ولكنه معاند، وإنسان آخر على منكر لكنه جاهل لا يدري، هل يكون نهيك الثاني كنهيك للأول؟ A يختلف، ودليل ذلك: أنك تنزل الناس منازلهم في النهي عن المنكر، ما ثبت في الصحيحين: أن أعرابياً دخل مسجد النبي عليه الصلاة والسلام فتنحى ناحية فجعل يبول، فزجره الناس صاحوا به، وحق لهم أن يصيحوا به، فزجرهم النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: (لا تزرموه) أي: لا تقطعوا عليه بوله، دعوه، فتركوه، فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأمرين: الأمر الأول: قال: (صبوا عليه ماءً) على البول، فصبوا عليه الماء، عادت الأرض الآن طاهرةً كما كانت قبل البول زالت المفسدة الآن. الأمر الثاني: أمر الأعرابي، قال: تعال، فقال له: (إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى أو القذر إنما هي للصلاة والتكبير وقراءة القرآن) أو كما قال، فانشرح صدر الأعرابي بهذا القول اللين البين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر له حكماً وعلة، يعني: ذكر له حكماً وتعليلاً، الحكم قال: (هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى أو القذر) والتعليل قال: (لأنها مبنية للصلاة والتكبير وقراءة القرآن) أو كما قال، الأعرابي انشرح وانبسط تماماً وقال: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً. لأن محمداً صلوات الله وسلامه عليه قابله باللين واللطف والتعليم، والصحابة رضي الله عنهم أخذتهم الغيرة فزجروه وصاحوا به، فالأعرابي قال: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً. وفي هذا دليل واضح على أننا ننزل الناس منازلهم، والجاهل ليس كالعالم، نأتيه بلطف. مثال ذلك أيضاً أمر واقع: رأى إنسان رجلاً يمشي في السوق ومعه سيجارة فصاح به: تشرب الدخان، هذا حرام، والعياذ بالله، أنت فاسق، ماذا يكون مقابلة هذا الذي يشرب السيجارة لهذا الرجل؟ سوف يغضب عليه ويصيح به ويقول: أنت الفاسق، ولا يمتثل أمره، لكن لو جاءه إنسان بلطف وقال: يا أخي، يقول: يا أخي ما فيه مانع هو أخوك لأنه مؤمن، يا أخي هذا أمر لا يليق بك أنت رجل شريف، ثم هذا أمر قد حرمه الله عليك، هذا أمر يتلف مالك، هذا أمر يهلك صحتك، هذا أمر يسود أسنانك وشفتيك، هذا أمر تقدمه على خبز أهلك، هذا غير معقول، تب إلى الله وارجع إلى الله واترك، قال: أنا والله ما أقدر، كلامك زين وعلى عيني ورأسي، لكن لا أقدر، فاسمح لي أن أتدرج يوماً يشرب عشرة سيجارات واليوم الثاني ثمان واليوم الثالث خمس وهكذا، تسمح لي، ماذا يقول له؟ يقول: نعم أم يقول: لا؟ الأول الذي زجره يقول: لا أبداً لا أسمح لك ولا تكمل السيجارة التي في يدك، وهذا يقول له: ما فيه مانع لا بأس، أيهما أصوب؟ الثاني أصوب، لأن المسألة تحتاج إلى علاج، دعه يستمر لكن يترك شيئاً فشيئاً. كذلك إنسان وجدته أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الرسول عليه الصلاة والسلام منهمكاً غاية الانهماك في الدعاء، يبكي بانفعال، هل من الحكمة أن تتركه حتى يقضي وطره ثم بعدئذٍ تكلمه تقول: هذا حرام، هذا شرك لكن بأسلوب، إن النبي عليه الصلاة والسلام لا يرضى بهذا، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام إنما بعث ليهدم هذا: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25] ، {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60] وتبين له بلطف، ولا حرج أنك تمسك يده بهدوء وتجلس معه، لأن العقيدة أمرها مشكل، هذا رجل معتقد من بلده إلى أن وصل إلى المدينة أن أكبر فرصة ينتهزها أن يقف أمام قبر النبي عليه الصلاة والسلام ليدعوه، ائت به واجلس معه وطمئنه وبين له، لأن المقصود هو إصلاح حاله وليس الانتقاد، المقصود الإصلاح لا الانتقاد.

أهمية العلم والحكمة للآمر بالمعروف

أهمية العلم والحكمة للآمر بالمعروف إذاً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتاج إلى حكمة، يحتاج إلى لين، يحتاج إلى سهولة، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران:159] هؤلاء إخوانك، إن لم تصلحهم أنت من يصلحهم؟ ولا بد للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من أن يعلم بالشريعة بأن هذا معروف وهذا منكر؛ لئلا يأمر بمنكر أو ينهى عن معروف، بعض العوام عنده غيرة يحب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن قد يأمر أحياناً بما ليس بمعروف بناءً على أنه هو يرى أنه معروف وليس كذلك، وهذا خطأٌ عظيم. كذلك أيضاً بعض العامة عنده غيرة شديدة يرى أن هذا الشيء منكرٌ فينهى عنه مع أنه ليس بمنكر، إن من الناس من يكسر المسجل الذي يسمع منه كلام الله؛ لأن ذوقه يرى أنه حرام منكر، ويقول: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه) هذا غلط، أولاً: ليس الاستماع إلى المسجل منكراً، المسجل آلة يودع فيه الخير ويودع فيه الشر، وإن استمعت إلى شر فهذا شر، إن استمعت إلى خير فهذا خير، لكن مع ذلك لو استمعت إلى شريط مسجل فيه أغنية محرمٌ سماعها هل من الحكمة أن تكسر المسجل أم أن تكسر الشريط؟ الثاني لا شك أنه الصحيح، إلا إذا كان لك أمر، أي: ولاية من الأمر وكسرت هذا المسجل تعزيراً فهذا شيء آخر، أما نهياً عن المنكر فليس إليك أن تكسر هذا المسجل، كسر إن استطعت بلا فتنة ما فيه التحريم. إذاً لا بد للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من أن يكون عنده علم بالشرع؛ لئلا يأمر بمنكر أو ينهى عن معروف، كذلك لا بد أن تعلم أن هذا الفاعل قد أتى منكراً أو ترك واجباً، مثال ذلك: رأيت مع إنسان امرأة فظننت أنها أجنبية منه فجعلت تنهاه، هذا غير صحيح، قد تكون هذه المرأة من محارمه أو زوجة له، لا تنكر حتى تعلم أن هذا الذي تريد أن تنهاه قد وقع في منكر. كذلك الواجب إنسان أتى وجلس في المسجد هل تأمره أن يقوم فيصلي تحية المسجد، أم تسأل: هل صلى أم لا؟ الثاني؛ لأنه ربما صلى في زاوية لم تشاهده، أما إذا كنت تشهد أنه دخل المسجد فربما نقول: مره بأن يقوم ويصلي على أننا أيضاً لا نقول: مره، لأنه ربما دخل المسجد لأنه خرج من المسجد لحاجة قريبة توضأ ورجع لا حاجة أن يصلي تحية المسجد، لهذا لا بد أن تعلم أن صاحبك ترك المعروف أو وقع في المنكر حتى يتوجه أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر. ومن المهم ألا يزول المنكر إلى أنكر منه، لو أن إنساناً وقع في منكر ونهيته عنه، لكن تعلم أنك بنهيك إياه سيتحول إلى ما هو أعظم، فلا تنكر؛ لأن درء أعلى المفسدتين بأدناهما أمرٌ واجب، خذ من المفسدتين أقلهما إذا كان لا بد، ودليل هذا: أن الله عز وجل قال: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:108] سب آلهة المشركين أمر مطلوب، لكن إذا كان سبهم يؤدي إلى سب الله عز وجل صار أمراً محرماً: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:108] . لو رأيت قوماً في مجلس على رصيف من الأرصفة يشربون الدخان ويلعبون البلوت وأشياء أخرى محرمة لكنك تعلم أنك لو نهيتهم وأقمتهم عن هذا المنكر سوف يذهبون إلى حانة خمور أو الميسر أو اللواط أو الزنا، هل تنهاهم على ما هم عليه أم لا؟ لا، لماذا؟ لأنه أهون، ولا يمكن أن تنقلهم من الأهون إلى الأشد والأشر، وأمثلة هذا كثيرة، لكن العاقل يزن بين الأمور ويعرف النتائج وينظر ما هي العواقب. سئل أبو حنيفة رحمه الله: عن قوم يخرجون إلى الناس يضربون ويبطشون، يقولون: نحن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر؟ فنهى عن ذلك، وقال: إنما يفسدون أكثر مما يصلحون. فلا بد أن تنظر العواقب ما هي حتى تكون على بصيرة في أمرك ونهيك. اللهم اجعلنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر على علم وبصيرة يا رب العالمين، اللهم أخلص نياتنا، وأصلح أعمالنا، واجعلنا من دعاة الحق وأنصار الحق يا رب العالمين. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الأسئلة

الأسئلة

تعليق على دعاء: (اللهم اجعلنا أغنى خلقك بك)

تعليق على دعاء: (اللهم اجعلنا أغنى خلقك بك) Q فضيلة الشيخ! ما معنى ما يؤثر في الدعاء أو ما نسمعه من الدعاء: اللهم اجعلنا أغنى خلقك بك وأفقر عبادك إليك وأغننا اللهم عمن أغنيته عنا؟ A اللهم اجعلنا أغنى خلقك بك، هذا لا ينبغي؛ لأن أغنى الخلق بالله هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولا أحد يعتصم بالله أكثر مما يعتصم به الأنبياء، ولا يتوكل على الله أكثر مما يتوكل الأنبياء فهذه تحذف. والثانية: وأفقر عبادك إليك، هذا ربما يكون مقبولاً؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} [فاطر:15] ومعنى هذه العبارة أفقر عبادك إليك: أي: ألا نفتقر إلى غيرك. والثالثة: وأغننا عمن أغنيته عنا، أي: أغننا عن الناس، لكن قد ورد ما هو أفضل من هذا الدعاء: (اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين) .

كيفية نصح الوالد العاصي

كيفية نصح الوالد العاصي Q فضيلة الشيخ! إذا شاهدت والدي يشاهد الدش ما هي النصيحة التي أنصحه بها بحيث ألا أعقه ولا أهينه؟ A النصيحة أن تلاطفه وأن تختار الوقت الذي يكون فيه منشرح الصدر، وبعيداً عن الانفعالات، وأن يكون كلامك معه سراً مرةً بعد أخرى، إن استفاد هذا هو المطلوب، وإن لم يستفد فلا بأس أن تجهر له وتكلمه علناً كما فعل إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين كان يحاور أباه، يقول: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً} [مريم:42] ويقول: {يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً} [مريم:43] يأمر أباه أن يتبعه لأنه جاءه من العلم ما لم يأته {يَا أَبَتِ لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً} [مريم:44-45] . فالمهم أن الواجب أن يداري والده وأن يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر بأقرب وسيلة يحصل بها المقصود ولا ييئس، بعض الناس إذا نهره أبوه مرة أو تكلم عليه ترك، هذا غلط، اصبر وصابر ورابط ولا تيئس، لكن ليكن الأمر بينك وبينه سراً فإنه أقرب إلى القبول.

معاصي الأرحام لا تمنع من زيارتهم

معاصي الأرحام لا تمنع من زيارتهم Q فضيلة الشيخ! أختي تسكن في مدينة الرياض وكنت أزورها، والآن زوجها أحضر في منزله دشاً وأنا متحرجٌ من زيارتها أفأزورها أم أقاطعها ويكفي الاتصال بالهاتف، مع العلم أني إذا ذهبت إليها أنام عندهم فأنا الآن أستحي من الله أن أنام وفوقي الدش الخبيث؟ A يجب عليك أن تصل أختك وأن تذهب إليها في بيتها وأن تناصح زوجها حسب ما تقدر عليه، ولا يجوز للإنسان أن يقاطع رحمه -أقاربه- من أجل أنهم عصاة؛ لقول الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} [لقمان:14-15] صورة المسألة: إنسان له أبوان أم وأب مشركان بالله، قد بذلا غاية الجهد على أن يشرك ولدهما معهما، يقول: أشرك بالله وقد بذلا الجهد والطاقة لذلك يقول الله عز وجل: {فَلا تُطِعْهُمَا} [لقمان:15] ولكن ماذا؟ {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان:15] ما قال: قاطعهما {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان:15] إذاً الواجب أن يصل الإنسان رحمه وأن يدعوهم إلى الله وأن ينصحهم فإن امتثلوا فهذا هو المطلوب، وإلا فالإثم عليهم، فإذا وصلهم وذهب إليهم واتصل بهم وقدموا له الأكل أو الشرب فليأكل وليشرب ما لم تكن المعصية أمامه بأن يكونوا قد فتحوا على الدش وهو ينظر إلى الأشياء المحرمة فحينئذٍ يقول: إما أن تغلقوه، وإما أن أغادر، ويجب عليه أن يغادر إذا أبوا؛ لأنه لا يجوز أن يشاركهم في المنكر.

نصيحة للعزاب ولأولياء أمورهم

نصيحة للعزاب ولأولياء أمورهم Q سماحة الوالد! حفظك الله ورعاك وسدد خطاك، بما أن حديثك الليلة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبما أن الإجازة قد قربت وكثرت الزيجات أشكو أنا وأمثالي من الشباب العزاب إلى الله ثم إليكم ما نواجهه من الآباء الأغنياء الذين حرمونا الزواج وعلقوه بإنهائنا للدراسة التي لا ندري متى ننهيها، والله الذي لا إله إلا هو يا سماحة الوالد أننا نعيش في حياة كلها هم وألم مع كثرة هذه الفتن والمنكرات، وهؤلاء الآباء يظنون أننا في أرغد عيش وأهنئه، ووالله لئن نعيش في صحراء وبيت شعر مع زوجة وأولاد أحب إلينا من القصور الشاهقة في حياة العزاب، فنرجو أن توجهوا كلمة لهؤلاء الآباء ووصيةٍ لنا معشر الأبناء لعل الله أن ينفع بها جزاكم الله خيراً؟ A الواقع أن هذا السؤال حق؛ لأننا نسمع من بعض الآباء -والعياذ بالله- من أغناهم الله وعندهم الأموال الكثيرة، وإذا طلب الشاب أن يزوجوه قالوا: لا، حك ظهرك بظفرك، أنت توظف وإذا توظفت فتزوج، وإني أوجه نصيحة إلى هؤلاء الآباء: أن يتقوا الله عز وجل، وأن يعلموا أنهم مطالبون فرضاً عينياً بأن يزوجوا أولادهم ما دام عندهم قدرة، كما يجب عليهم أن يطعموهم ويسقوهم، ويكسوهم ويسكنوهم، يجب عليهم أن يزوجوهم وجوباً، وهم إذا لم يفعلوا آثمون، وهم من البخلاء الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله يظنون ذلك خيراً لهم وهو شرٌ لهم، وإذا قدر وأسأل الله ألا يقدر، أن الولد انحرف بسبب امتناع والده عن تزويجه مع قدرته على ذلك، فإن والده عليه إثم من هذا الانحراف؛ لأنه هو السبب، ثم نقول لهذا الوالد: ما تدري فلعلك تدرك طلوع الشمس ولا تدرك غروبها ثم يكون مالك بين أولادك الذين بخلت به عليهم، اتق الله. يقول: أنا لا أزوجهم لأنهم هم رجال ويزوجون أنفسهم، سبحان الله! المسألة هل هي بأيديهم؟ هل كل من تخرج اليوم يجد وظيفة؟ أبداً، ربما يبقى شهراً أو شهرين أو سنةً أو سنتين ما وجد الوظيفة، ليس الأمر بيده، إذا كان كذلك فالآن عندنا مصلحة محققة وأبوه قادر عليها وهي تزويجه وعندنا مصلحة موهومة وهي أن يتزوج الشاب بماله لا ندري متى يكون هذا؟ فأقول: أي إنسان أغناه الله وقدر على أن يزوج ولده، والولد يطلب ذلك إما بلسان مقاله وإما بلسان حاله، ويمتنع الأب من ذلك، فإنه آثم بهذا، آثم لأنه أهمل واجباً عليه. أما بالنسبة للشباب فإني أوصيهم بالصبر والاحتساب والاستعفاء، وهم إذا فعلوا ذلك فإن الله تعالى سوف يغنيهم من فضله، يقول الله عز وجل: {وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] وهذا شبه وعد من الله عز وجل أنك إذا استعففت فإن الله تعالى سوف يغنيك، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) . ثم أشير على الشباب أن يبتعدوا عن مهيجات الشهوة من صور أو مشاهدة تلفاز أو حديث يتحدث بعضهم مع بعض أو ما أشبه ذلك، لأنهم إذا مارسوا ما يثير الشهوة فإن الإنسان في مستقبل شبابه لا بد أن تثور شهوته ويخشى عليه، فليصبروا وليحتسبوا، فإن الصبر مفتاح الخير، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً) .

نصيحة لمن يقصر في صلاة الجماعة

نصيحة لمن يقصر في صلاة الجماعة Q فضيلة الشيخ! أنا إنسان مستقيم ولله الحمد والمنة فلا أسمع الأغاني ولا أدخن ولكني لا أشهد صلاة الفجر وأحياناً العصر مع الجماعة مع العلم بأني أحاول كثيراً بالقيام لتلك الصلوات، وعندما تفوتني تلك الصلوات أندم كثيراً، صدقني يا فضيلة الشيخ أني حاولت بشتى الوسائل ولكني عجزت هل أنا آثم أم لا؟ A أما إذا كان ما يقوله من العجز حقيقة وأنه لا يستطيع فإن الله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] ، ويقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286] لكن هل لهذا العجز من دواء؟ هذا هو السؤال الحقيقي، الجواب: أظن أنه لا بد أن يكون له دواء، فمثلاً في صلاة الصبح: من المعروف أن الإنسان إذا نام مبكراً استيقظ مبكراً هذا هو المعروف، ولهذا كره النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بعد العشاء؛ لأن الحديث يوجب السهر، ثم لا يستطيع الإنسان أن يقوم لصلاة الفجر، وإن قام فهو في مشقة، أما بالنسبة للعصر فالظاهر والله أعلم أن هذا الرجل موظف ولا يأتي إلا متأخراً ثم يتغدى ثم ينام ويصعب عليه أن يقوم، فأقول: إذا كان وقت العصر قريباً فلا تنم إذا تغديت فتمش لك خمس دقائق عشر دقائق، ثم إذا حضر الأذان فصلِّ مع الجماعة، فعلى كل حال الإنسان العاقل اللبيب إذا نزل به مثل هذه الأمور فإنه يعرف كيف يتخلص منها.

نصيحة لمن يسكن مع صاحب معصية

نصيحة لمن يسكن مع صاحب معصية Q فضيلة الشيخ! رجلٌ يتهاون في صلاة الجماعة ويعلم تمام العلم وجوبها وكلمته مراراً علماً بأني أسكن معه في دار واحدة، هل سكناي معه تعتبر مشاركة له في هذا المنكر؟ أفدني جزاك الله خيراً؟ A لا تعتبر مشاركةٌ له في هذا المنكر ما دمت تحاول أن يهديه الله على يديك، ابق معه وحاول إصلاحه وأعنه على نفسه بإيقاظه إذا قمت، فلعل الله أن يهديه على يدك، ويكون ذلك خيراً لك وله، أما إن استمر في معصيته فأرى أن تفارقه وأن تطلب مكاناً آخر حتى تسلم من شره.

المتسبب في القتل وكفارة ذلك

المتسبب في القتل وكفارة ذلك يقول: فضيلة الشيخ! امرأة أمرت أحد أبنائها أن يذهب إلى الدكان مع أخته فصدمته سيارة فمات، فهل عليها صيام علماً أن عمر الصبي ثلاث سنوات؟ A نعم، يجب أن نعرف قاعدة مهمة ذكرها العلماء رحمهم الله وقالوا في الجنايات والحوادث: إذا اجتمع متسبب ومباشر فالضمان على المباشر؛ لأنه هو الذي باشر الجناية، فصاحب السيارة هو المسئول؛ لأن الواجب أن يوقف السيارة وألا يمشي في الأسواق المزدحمة بالناس كما يمشي في البر، فالضمان في مثل هذه الصورة على صاحب السيارة لا الكفارة ولا الدية، أما المرأة فلا شيء عليها، نعم لو فرض أن المرأة وهو بعيد جداً أخذت بصبيها وألقته أمام السيارة في حال لا يتمكن السائق من إيقاف السيارة فهنا يكون الضمان على المرأة؛ لأنها متسببة، ولكني أقول: لا ينبغي للمرأة أن تخرج طفلها الصغير في سوق تكثر فيه السيارات، فابن ثلاث سنوات ماذا ينفع إذا خرج مع أخته؟ لا ينفع شيئاً، ثم ابن ثلاث سنوات مشيه هادئ ما يستطيع ينطلق فخطر عليه وعلى أخته أيضاً، لذلك يجب على المرأة وعلى من هو ولي على أطفال ألا يخرج هؤلاء الصغار إلى الأسواق التي تكثر فيها السيارات.

نصيحة لوالد فاجر ولأقاربه

نصيحة لوالد فاجر ولأقاربه Q فضيلة الشيخ! إن لي أباً عاش طيلة حياته في ظلم الناس والتشفي في أكل حقوقه ظلماً وزوراً لدرجة أني وعائلتي بكاملها وجميع أقاربه لم نسلم من شره وفجوره ودخول المحاكم والمطالبات والقضايا ديدنه وشغله الشاغل، وأريد أن أعرف ما تجاهي من ناحيته فإني أخاف أن أموت ولم آمره بمعروف ولم أنهه عن منكر، مع العلم أنه يعيش حياة لا تمكنني من مجالسته أو لقائه، وإذا لاقيته أعرض عني وشتمني وسب ديني وتمادى في ظلمي وكذلك أخاف عليه من سوء الخاتمة، فأنا لا أريد أن أفقد باباً من أبواب الجنة فتقصيري يكفيني، فما توجيهكم حفظكم الله؟ ولعل هذا الشريط أقدر على إيصاله إليه فينفعه الله بتوجيهكم. A أوجه النصيحة إلى هذا الأب من وجهين: الوجه الأول: فيما بينه وبين ربه، فأقول: اتق الله في نفسك وفي أهلك وفي إخوانك فإنك لا تدري متى يفجؤك الموت، وإذا كنت ظالماً فإن الظالم قد يعاقب بسوء الخاتمة والعياذ بالله، وإذا مات الإنسان على غير هدى وتقوى فيا ويله ويا خسارته، ولهذا ذكر ابن القيم رحمه الله عن رجل كان يرابي -يتعامل بالربا- فيعطي العشرة بإحدى عشر أو بأكثر فلما حضرته الوفاة حضره بعض أهله، فكان يقول له: قل: لا إله إلا الله، فيقول: العشر بإحدى عشر، كلما قيل: قل لا إله إلا الله قال: العشر بإحدى عشر، ختم له بسوء الخاتمة والعياذ بالله، لأنه تعلق قلبه بالدنيا ونسي الآخرة ونسي الله عز جل، فنقول لهذا الأب المبتلى بهذه الفتنة والعياذ بالله: مطالبة الناس وأكل أموال الناس بالباطل اتق الله في نفسك، وإني أذكره بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من حلف على يمينٍ هو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان) والعياذ بالله، وقال عليه الصلاة والسلام: (من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله به يوم القيامة من سبع أرضين) تكون هذه القطعة طوقاً في عنقه يوم القيامة اليوم الذي يشهده الأولون والآخرون يكون طوقاً في عنقه والعياذ بالله، واليوم هذا كم مقداره؟ خمسون ألف سنة، فعليه أن يتوب ويرد الحقوق إلى أهلها مما أخذه بغير حق. أما الأمر الثاني: فمعاملته مع من ينصحه من أولاده بنين أو بنات أو إخوان له ينصحونه: فإن الواجب على من نُصح أن يتشكر ممن نصحه؛ لأنه ما أسدى أحدٌ معروفاً إلى أحد أبلغ من نصيحةٍ تنفعه في دينه ودنياه، كيف يقابل النصيحة والعياذ بالله بالسب والشتم، بل سمعنا في السؤال أنه يسب الدين والعياذ بالله، يسب الدين الذي تأمره به ابنته، وسب دين الله كفرٌ مخرجٌ عن الملة، وهذا الرجل لو مات على هذا السب لكان خالداً مخلداً في نار جهنم والعياذ بالله، لا ينفعه مالٌ ولا بنون، فعليه أن يراجع نفسه وأن يتوب إلى الله وباب التوبة مفتوح والحمد لله، يقول الله عز وجل: {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنْ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ} [الزمر:53-59] آيات عظيمة. على هذا الأب أن يتلوها بتمعن وتفكر وتدبر لعلَّ الله سبحانه وتعالى أن يدركه برحمته وفضله، نسأل الله أن يتوب علينا وعليه وأن يهديه صراطه المستقيم إنه على كل شيء قدير.

مساعدة الأب لولده على الزواج

مساعدة الأب لولده على الزواج Q والدي رحمه الله تعالى ساعدني في زواجي أنا وأحد إخواني أما إخواني الباقين فإنهم على ما أعتقد قادرون ولم يطلبوا منه شيئاً وهم الآن يقولون: إن مساعدته لكم دين عليكم، أفتنا جزاك الله خيراً؟ A هذا القول بأن مساعدته ابنه الفقير على الزواج دين عليه قول باطل لا صحة له؛ لأن تزويج الإنسان أبناءه من النفقة بالمعروف وهم قد أغناهم الله لا يحتاجون إلى أن يزوجهم أبوهم، وعلى هذا فلو كان عند الإنسان ابنٌ له عشرون سنة يحتاج إلى زواج وابنٌ له عشر سنوات لا يحتاج إلى زواج فزوج الأول ولم يعطِ الثاني شيئاً أيكون عادلاً بين أولاده؟ الجواب: نعم، هو عادل، وما زوج به الابن الكبير ليس ديناً على الابن الكبير، بل هو نفقةٌ قام بها الأب ويثاب عليها ويؤجر، إنفاقك على ابنك صدقة، قال النبي عليه الصلاة والسلام لـ سعد بن أبي وقاص: (واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعله في فم امرأتك) حتى الذي تجعله في فم امرأتك لك أجر إذا ابتغيت بذلك وجه الله، فالأب ليس بآثم إذا زوج ابنه الفقير ولم يزوج أبناءه الأغنياء، والابن المزوج ليس عليه دين. بقي أن يقال: هل يجوز للأب أن يوصي بمثل المهر الذي زوج به ابنه الفقير لأولاده الصغار الذين لم يبلغوا سن الزواج في حياته؟ الجواب: لا يجوز، خلافاً لما يفهمه بعض الناس إذا زوج أبناءه الكبار أوصى للصغار بمثل ما زوج به الكبار، وهذا غلط، ولا تنفذ هذه الوصية، يدخل ما أوصى به لأولاده الصغير ليتزوجوا به يدخل في التركة ويقسم على فرائض الله عز وجل.

حكم تحية المسجد

حكم تحية المسجد Q فضيلة الشيخ! هل ترك تحية المسجد منكر وهل يجب عليَّ أن آمر من ترك تحية المسجد أن يصلي ركعتين؟ A ترك تحية المسجد منكر على رأي بعض العلماء الذين يقولون: إن تحية المسجد واجبة، وهذا القول قوي جداً له وجهة نظر؛ لأن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فجلس، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصلِّ ركعتين وتجوز فيهما) فقطع النبي صلى الله عليه وسلم خطبته ليكلم هذا الرجل، وأمره أيضاً أن يصلي وإذا كان يصلي سوف يتشاغل عن سماع الخطبة، ومعلوم أن الاستماع إلى الخطبة واجب، قال الذين يوجبون تحية المسجد: ولا يشتغل عن واجب إلا بواجب، فإذا رأيت شخصاً دخل المسجد وجلس قل له: هل صليت؟ فإذا قال: نعم، انتهى الأمر، إذا قال: لست على طهارة انتهى الأمر؛ لأنه لا يتوجه إليه الخطاب بالصلاة وهو على غير وضوء. إذا قال: إنه على وضوء ولم يصل، تقول له: قم فصل ركعتين؛ لئلا تقع في الإثم، لأن القائلين بوجوب صلاة تحية المسجد يرون أنه إذا تركها الإنسان فإنه آثم.

حكم التذكير والوعظ بمناسبة بداية العام

حكم التذكير والوعظ بمناسبة بداية العام Q فضيلة الشيخ! تذكير الأئمة وحثهم للناس في بداية العام الهجري ونصيحتهم بمحاسبة النفس وحمد الله على إدراك هذا العام وأن خير الناس من طال عمره وحسن عمله هل يعتبر من البدع؛ لأنه لم يعهد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يفعل ذلك في مطلع كل عام؟ A ليس هذا من البدع، هذا من التذكير بالمناسبات من أجل أن يحث الناس ويبين لهم أنه ينبغي أن يستقبلوا عامهم بالجد والاجتهاد والعبادة والدعوة إلى الله عز وجل وحسن المعاملة وما أشبه ذلك فلها مناسبات. أما قوله: إن ذلك لم يعهد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فنعم لأن التاريخ هذا لم يكن إلا بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام وبعد وفاة أبي بكر، لم يعرف إلا في عهد عمر حين صار يكتب الكتب إلى أمرائه فيأتيهم الكتاب يقولون: ما نعرف متى كتبته يا أمير المؤمنين، اجعل تاريخاً فجعل التاريخ في أثناء خلافته رضي الله عنه.

حكم بيع الدش للتخلص منه

حكم بيع الدش للتخلص منه Q فضيلة الشيخ! أنا رجل عندي أولاد وكان عندي ما يسمى بالدش فهداني الله وتركته فهل يجوز لي أن أبيعه لأحدٍ آخر؟ A إذا بعت الدش لشخص آخر ماذا سيصنع به؟ سوف يستعمله في محرم، فتكون أنت ممن أعنت على محرم. لنفرض أن السائل قال: إذاً أهديه على شخص هدية أبتغي بها وجه الله، ماذا نقول له؟ نقول: لا يجوز هذا، ولا يصح أن تبتغي وجه الله بمحرم، إن الله لا يتقرب إليه إلا بالطاعة فلا يحل ولو مجاناً، إذاً ماذا يصنع به؟ يكسره، وإذا كسره لله عز وجل فإن الله تعالى يخلف عليه خيراً منه. ذكر بعض المفسرين: أن سليمان عليه الصلاة والسلام لما استعرض الخيل وسها بها عن صلاة العصر حتى غابت الشمس أمر برد الخيل إليه وقال: {رُدُّوهَا عَلَيَّ} [ص:33] فجعل يقتلها ويعقرها {فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} [ص:33] السوق: جمع ساق، فأخلف الله عليه خيراً من ذلك، أخلف الله عليه الريح سخر له الريح {تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص:36] وهل تجري ببطء أم بسرعة؟ بسرعة، لأن الله قال: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً} [الأنبياء:81] قوية، لكن مع ذلك هي رخاء لا يتزعزع ولا يتقلب، قالوا: إنه يضع بساطه على الأرض ويجلس إليه من حوله من حاشيته ثم يأمر الريح فتحمل البساط بمن عليه، وتتجه حيث أراد هو {رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص:36] {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ:12] في الصباح تمشي مسيرة شهر وفي الغدو مسيرة شهر، تقطع في اليوم الواحد مسيرة شهرين، لأنه عقر الجواد من خيله حميةً لله عز وجل، ولئلا تشغله مرةً أخرى عن طاعة الله فسخر الله له الريح، (ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه) . فنقول لهذا الأخ الذي منَّ الله عليه بالهداية وترك الاستماع والنظر إلى الدش نقول: كسره وأبشر بإخلاف الله عز وجل عليك.

حكم الطواف على سطح المسعى

حكم الطواف على سطح المسعى Q فضيلة الشيخ! في طواف الوداع في الحج الماضي طفت في السطح وكان طوافي من ناحية المسعى على الجدار الذي بين المسعى والمطاف وفي أحد الأشواط طفت مع المسعى وكذلك سألني أحد الحجاج: هل يجوز الطواف مع المسعى؟ فأجبته أنه يجوز، فهل فعلي هذا صحيح أم لا؟ وإن كان غير صحيح فما يلزمني أنا وكذلك الرجل الذي أجبته علماً بأني لا أعرفه؟ جزاك الله خيراً. A أما الطواف على سطح المسعى لا يجوز؛ لأن المسعى خارج المسجد الحرام، ولذلك لو أن امرأة طافت للعمرة ثم حاضت قبل السعي جاز لها أن تسعى؛ لأن السعي لا يشترط له الطهارة والمسعى ليس مسجداً حتى نقول: لا تمكث فيه، وكذلك لو أن امرأة جاءت مع أهلها وعليها الحيض وجلست في المسعى تنتظرهم وهي حائض فلا بأس، وكذلك البيع والشراء في المسعى يجوز؛ لأنه ليس مسجداً، وكذلك الجنب يمكث فيه بدون وضوء لأنه ليس مسجداً، وكذلك المعتكف في المسجد الحرام لا يخرج إلى المسعى؛ لأن المسعى خارج المسجد، فلا يجوز الطواف خارج المسجد؛ لأن الله تعالى قال: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:29] ومن طاف خارج المسجد هل يقال: طاف بالبيت أو طاف بالمسجد؟ طاف بالمسجد، لكن نرى نظراً للأزمنة المتأخرة هذه وكثرة الحجاج والزحام الشديد نرى أنه إذا طاف في سطح المسجد وامتلأ المضيق الذي في جانب المسعى ولم يجد بُدَّاً من النزول إلى المسعى أو الطواف فوق الجدار نرى إن شاء الله تعالى أنه لا بأس به، لكن يجب أن ينتهز الفرصة من حين ما يجد فرجة يدخل في المسجد. أما إفتاء هذا للرجل من غير علم فهو حرام عليه؛ لقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33] وليعلم المفتون أن من أفتى أحداً بغير علم فترك واجباً فإثمه على الذي أفتاه وإن فعل محرماً فإثمه على الذي أفتاه، الفتوى ليست سلعاً تباع وتشترى ويجلب لها الزبائن، الفتوى أمرها خطير؛ لأن المفتي سفيرٌ بين الله وبين خلقه في إبلاغ شرعه، فهو أمرٌ عظيم جداً (أجرأ الناس على الفتيا أجرؤهم على النار) والعياذ بالله، فعلى كل واحد أن يتقي ربه، وألا يستعجل الأمر إن قدر الله تعالى أن يكون أمة يهدي الله به الناس فسوف يكون، فليصبر حتى ينضج، الإنسان إذا أكل العنب وهو حصرم قبل أن ينضج ماذا يكون؟ يضره، نقول: تأنى حتى تصل إلى الغاية التي تؤهلك للفتوى، أما أن تعرف مسألة من العلم وتظن أنك عرفت جميع المسائل، أو تحكم برأيك هذا لا يجوز.

حكم من طاف الوداع ونام بعده في الحرم

حكم من طاف الوداع ونام بعده في الحرم Q رجال ونساء طافوا طواف الوداع قبل الفجر ثم من شدة التعب ناموا في الحرم حتى أذان الفجر ثم توضئوا وصلوا وسافروا فهل عليهم شيء؟ A إذا غلبهم النوم قهراً فأرجو ألا يكون عليهم شيء، وأما إن كان يمكنهم أن يستمروا ولكنهم أخلدوا إلى الراحة فكأنهم لم يطوفوا طواف الوداع، أما لو طاف الإنسان طواف الوداع ثم أذن لصلاة الفجر وانتظر وصلى فلا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين رجع من حجة الوداع طاف بالبيت قبل الفجر ثم صلى الفجر ومشى. السائل: ماذا عليهم؟ الشيخ: قلنا: إذا غلبهم النوم بحيث لا يستطيعون أن يتحكموا بأنفسهم فلا شيء عليهم، وإلا فكالذين لم يطوفوا طواف الوداع، ومن لم يطف طواف الوداع فعليه عند أهل العلم فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء.

حكم بيع الدش لنصراني

حكم بيع الدش لنصراني Q يقول: هذا الرجل بعد توبته الذي يملك الدش إن كان بحاجة إلى المال فهل يجوز له أن يبيعه لنصراني؟ A أنا أتوقف في هذا، بيع الإنسان ما يحرم للكفار هل يجوز أم لا؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم حرم بيع الخمر وهي حرام بيعها على المسلمين وعلى غير المسلمين، وكذلك لما كتبوا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن المجوس أو النصارى أرادوا أن يعطوا المسلمين شيئاً من الخمر نهاهم عمر وقال: لا تأخذوه ولوهم بيعها -أي: خلوهم هم الذين يبيعونها بعضهم على بعض- وخذوا من ثمنها. على كل حال: أنا أتوقف في هذه المسألة، وأقول: توكل على الله وكسره وأبشر بالخير العاجل.

حكم وضع عباءة المرأة على كتفيها

حكم وضع عباءة المرأة على كتفيها Q هل وضع المرأة العباءة على الكتفين في الصلاة جائز؟ A نعم لا بأس به؛ لأن هذا قد يكون أحفظ لها وأهون عليها من أن تبقى كلما نزلت العباءة عن رأسها أعادتها إلى رأسها، وليس هذا من باب التشبه بالرجال؛ لأن هيئة المرأة في هذه الحالة لا تشبه هيئة الرجال.

حكم إفراد عاشوراء بالصيام، وبعض مخالفات الصحافة

حكم إفراد عاشوراء بالصيام، وبعض مخالفات الصحافة Q فضيلة الشيخ كتبت إحدى المجلات الإسلامية فتوى عن فضيلتكم بجواز إفراد يوم عاشوراء بلا كراهة، فإن كانت الفتوى المنقولة عنكم صحيحة فكيف نوفق بينها وبين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمخالفة الكفار ونهيه عن التشبه بهم؟ A مع الأسف أن الصحف لا تتقي الله عز وجل وتكتب العناوين على ما تريد، وإذا قرأت العناوين وقرأت مضمون العنوان وجدته مخالفاً تماماً، وهذا غلط، والواجب الأمانة، نحن قلنا: إنه لا يكره إفراده وهذا هو الذي صرح به فقهاؤنا رحمهم الله وقالوا: إن إفراده ليس مكروهاً، ومنهم: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، لكن مع ذلك قلنا: ينبغي ألا يفرده الإنسان وحده؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) أي: مع العاشر، واليهود اليوم ليسوا يتبعون التاريخ الهجري، بل لهم تاريخ خاص بهم قد لا يوافق اليوم الذي أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه ليوم العاشر من شهر محرم. ومن جملة ما يخدعون الناس بالعناوين في مجلة الفرقان وهي مجلة طيبة ولا بأس بها، تصدر من الكويت، وقد حصل معي مقابلة مع بعض مراسليها وسألني سؤالاً: عن معهد صحي يقرأ فيه نساء بدون اختلاط وبدون تبرج وبدون أي شيء محظور، لكن يمارسن بعض التمارين الرياضية التي فيها مصلحة وفائدة؛ لأنهن يشتغلن بما يتعلق بالصحة، فقلت: ما دام فيه فائدة ولا محظور فلا بأس، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سابق عائشة رضي الله عنها والمسابقة نوع من الرياضة، لكن ماذا جاء في الخط العريض؟ جاء: فلان يقول: لا بأس بفتح معاهد رياضية للنساء، فرق عظيم! هذه خيانة في النقل، أحببنا أن ننبه لكي لا تقع هذه المجلة في أيديكم، وإلا فقد كتبنا لهم إنكاراً لما صنعوا، وقلنا: هذا خلاف الأمانة، على أنهم نقلوا الكلام فيه أخطاء حتى في الآيات والأحاديث، لكن هذه لا تهم؛ لأن كل إنسان يعرف الآيات أنها خطأ، لكن المهم أن ينقل عن الإنسان ما لم يقله ويجعل في عنوان بارز؛ لأن أكثر الناس إذا قرءوا الصحف ماذا يقرءون؟ العناوين ويتركون ما في بطون العناوين، لذلك أحببت ألا تغتروا بالعناوين، الصحفيون نسأل الله لنا ولهم الهداية يجعلون العناوين على مزاجهم.

حكم العرافة والضرب على الزير والرقص

حكم العرافة والضرب على الزير والرقص Q فضيلة الشيخ! هذا سؤال مهم نعاني في أحد المناطق من أربعة أمور وهي: أولاً: وجود من يبيع الدش على أنواعها. ثانياً: من يدعي إحضار المفقودات. ثالثاً: الضرب على الزير في الأعياد والمناسبات. رابعاً: من يتخذ الرقص مع الشعر الذي فيه سب وتتبع لعورات الناس وإعلانها على رءوس الخلائق. المطلوب توجيه النصيحة لكل منهم، مع التفصيل بالحكم لكي نقوم بتوزيع هذا الشريط في الإجازة بارك الله فيك؟ A يقول: أولاً وجود من يبيع الدشوش على الناس. من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2] وجلب هذه الدشوش وبيعها إعانةً على اقتنائها، ومن أعان على معصية ناله من إثمها ما يستحق، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه) لأن الشاهدين والكاتب أعانا على إثبات هذا العقد فنالهما ما يستحقان من اللعنة، فبيع الدشوش حرام، وشراؤها حرام، وحملها إلى أماكن البيع حرام؛ لأن ذلك كله إعانةٌ على الإثم والعدوان، وثمنها وما يحصل فيها من كسب كله سحت والعياذ بالله. ثانياً: من يدعي إحضار المفقودات. أما من يدعي إحضار المفقودات فهذا يسمى عند العلماء العرَّاف، وإتيان العرافين محرم؛ لأنه إغراءٌ لهم، وما الذي يضمن أن يكون هذا الذي يستدل أو يحضر المفقودات أنه يسخر شياطين الجن على وجهٍ محرم؟! إما أن يسجد لهم أو يذبح لهم أو ما أشبه ذلك؟! فيكون في إتيان هؤلاء العرافين إغراءٌ لهم على ما هم عليه من هذا العمل. ثالثاً: الضرب على الزير في الأعياد والمناسبات. الذي جاءت به السنة في هذه الأمور هو أن النساء يضربن بالدف ليلة الزواج، فإن هذا من إعلان النكاح ومما جاءت به السنة. رابعاً: من يتخذ الرقص مع الشعر الذي فيه سب وتتبع عورات الناس وإعلانها على رءوس الخلائق. الرقص للرجال محرم؛ لأن حقيقته تشبه الرجال بالنساء، وأيضاً رقص النساء لا ينبغي لأنه يحصل فيه فتنة لا في الأعراس ولا في غير الأعراس، ثم إذا كان موضوع القصائد فيه هجاء وسب وشتم كان أقبح وأقبح.

اللقاء الشهري [36]

اللقاء الشهري [36] يختلف الناس في استغلالهم لإجازة الصيف، فمنهم من يقضيها في النافع المفيد، ومنهم من يقضيها في الضار الخبيث، ومنهم من يقضيها في المباح. وقد صنف الشيخ الناس في الإجازات إلى خمسة أصناف، وبيّن أحكام كل صنف من حيث الجواز أو التحريم. كما أجاب عن كثير من الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع وغيره.

أصناف الناس في استغلال إجازة الصيف

أصناف الناس في استغلال إجازة الصيف إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإننا نحمد الله عز وجل أولاً وقبل كل شيء أن يسر لنا مثل هذه اللقاءات في بيوت الله عز وجل من أهل العلم، يجتمع إليهم فيها طلاب العلم والعامة، يتدارسون بينهم ما يحتاجون إليه في أمور دينهم ودنياهم وهذه من نعمة الله عز وجل. هذا اللقاء يتم في عنيزة في الجامع الكبير كل شهر مرة في مساء السبت الثالث من كل شهر، وهذا هو السبت العشرون من شهر صفر عام (1417هـ) . أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحيينا جميعاً حياةً طيبة نستغلها فيما يرضي الله تبارك وتعالى. نحن في مطلع إجازة الصيف لعام (1417هـ) فكلمة (إجازة) معناها: أن الإنسان يتجوز من شيء إلى شيء، أو يجتاز من شيء إلى شيء، وليس معناها (عطلة) كما يعبر عنها بعض الناس، هي في الواقع ليست عطلة، والإنسان ليس في حياته عطلة إطلاقاً، الإنسان دءوب كادح إلى أن يلقى الله عز وجل، كما قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ} [الانشقاق:6] أتت (الفاء) بعد قوله: (إنك كادح) إشارةً إلى أن هذا الكدح سوف يستمر إلى ملاقاة الله عز وجل وذلك بحلول الأجل، الإنسان دائماً لا بد أن يكون كادحاً عاملاً، ولهذا جاء في الحديث: (أصدق الأسماء حارث وهمام) لأن كل إنسان له همة وإرادة، وكل إنسان له حرث وعمل، فلا بد أن يكون الإنسان دائماً في عمل لكننا نجتاز من عمل إلى عمل.

استغلال الإجازة في طلب العلم

استغلال الإجازة في طلب العلم في الأيام الماضية كان التلاميذ والشباب من ذكور وإناث مشتغلين بالدراسات النظامية، ثم جاءت هذه الإجازة من أجل أن يستعيدوا ما فات مما قصروا فيه، لأن الإنسان ربما لا يستوعب جميع المعلومات التي درسها؛ لأن الوقت قصير، والمقررات طويلة ومتنوعة، فربما يركز في هذه الإجازة على شيء مما فاته مما سبق، وقد تكون بعض المواد التي قرأها في وقت الدروس النظامية قد يكون لم يهضمها ولم يتقنها تماماً فيعود عليها مرةً ثانية في هذه الإجازة، وقد يكون في هذه الإجازة يستعد للسنة القادمة فيراجع ما تيسر من دروسه المستقبلية، وقد يكون له دروس أخرى غير الدروس النظامية يستغل هذه الإجازة فيها، وقد يكون الإنسان ممن لا يهتم بالعلم كثيراً ولكنه يهتم بالزراعة والبيع والشراء وغير ذلك من الأشياء. ولهذا نرى الناس في هذه الإجازة يختلفون، فمنهم من يستغلها بالعلم إما دراسةً لما مضى أو دراسةً لما يستقبل وهذا لا شك أنه خير الأقسام، لأن العلم لا يعدله شيء، كما قال الإمام أحمد رحمه الله: (العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته) فالذي يستغلها في العلم إما بحفظ كتاب الله أو سنة الرسول عليه الصلاة والسلام أو شيء من كتب العلماء في العقيدة أو في الأخلاق أو في الفقه هذا لا شك أنه خير الأقسام أن يستغل أي: هذه الإجازة في العلم.

استغلال الإجازة في زيارة مكة والمدينة

استغلال الإجازة في زيارة مكة والمدينة من الناس من يستغلها في زيارة مكة والمدينة إما منفرداً أو مع صحبة أو مع أهله، وهذا أيضاً لا شك أنه خير، وبناءً على ذلك نود أن نقول: إن العمرة في السفر الواحد عمرة واحدة بمعنى: أنه لا يمكن أن يكرر الإنسان عمرة في سفر واحد، لأن هذا ليس من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام ولا من هدي السلف، خلافاً لما يتوهمه كثير من الناس. وهذه صفة العمرة: قبل أن تعمل أي عمل من الأعمال تطوف وتسعى وتقصر أو تحلق والحلق أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلق ثلاثاً وللمقصر مرة. انتهت العمرة ثم إذا أردت أن تعود إلى أهلك فطف للوداع وارجع إلى أهلك. وينبغي في هذا السفر أن يكون الإنسان مكثراً في الطاعة والإنابة إلى الله وبذل المال فيما يرضي الله عز وجل، وإذا أردت أن تذهب إلى المدينة من أجل الصلاة في المسجد النبوي وتزور بعد ذلك قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه -والثلاثة في مكان واحد معروف- وتخرج أيضاً إلى البقيع لتزور أهل البقيع، وتبدأ بأفضلهم عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ فإن أفضل أهل البقيع هو عثمان لأنه أحد الخلفاء الراشدين الأربعة، تزور قبره وهو معروف، ثم تزور بقية قبور أهل البقيع، وتخرج أيضاً إلى قباء متطهراً وتصلي فيه ما شاء الله، وتخرج كذلك إلى شهداء أحد لتسلم عليهم وتدعو لهم، فهذه خمسة أشياء: 1- زيارة المسجد النبوي. 2- ثم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه. 3- ثم زيارة البقيع. 4- ثم زيارة قباء. 5- ثم زيارة أحد، وما سوى ذلك مما يقال: إنه يزار في المدينة فلا أصل له، المدينة ما فيها شيء يزار إلا هذه المواضع الخمسة. هذان صنفان من الناس: الأول: من يشتغل بالعلم وهو أفضل الأصناف، والثاني: من يذهب إلى مكة والمدينة لزيارة مكة والمسجد النبوي.

استغلال الإجازة في النزهة في البلاد

استغلال الإجازة في النزهة في البلاد الثالث: من يخرج إلى نزهة، يذهب بأهله إلى نزهة في البلاد أياماً أو أسبوعاً أو أكثر أو أقل، هذا أيضاً لا بأس به، لا بأس أن يخرج الإنسان إلى بلد مجاور في بلاده -أي: في المملكة - من أجل أن يرفه عنه وعن أهل بيته، ولكن في هذه الحالة يحرص على أن يكون داعياً إلى الله عز وجل آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر؛ لتكون رحلته رحلة خير، فكم من أناسٍ في أطراف البلاد لا يفهمون إلا القليل مما يفهمه بعض الناس في أواسط البلاد، فيدلهم على الخير ويأمرهم به ويبين لهم الشر وينهاهم عنه وهذا خير. ومن الناس من يخرج إلى نزهةٍ قريبة من بلده، شباب يخرجون إلى نزهة قريبة من البلد وهذا أيضاً لا بأس به، ولكن بشرط: ألا يمارسوا شيئاً من المحرمات، وينبغي لهؤلاء أن يتخذوا لهم مسجداً؛ أي: أن يجعلوا لهم مخيماً كبيراً للمسجد ويحسن أن يكون فيه مكتبة للمراجعة والمطالعة حتى تكون هذه النزهة رحلة علم وإخاء ومودة، وليحرصوا على أداء الصلاة في جماعة؛ لأن الجماعة لا تسقط لا عن المقيمين ولا عن المسافرين، إن الجماعة لم تسقط حتى عن المقاتلين، يقول الله عز وجل: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ} [النساء:102] أي: في الحرب {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} [النساء:102] .

استغلال الإجازة في مساعدة الأب في تجارته

استغلال الإجازة في مساعدة الأب في تجارته هناك أيضاً صنف يستغل هذه الإجازة بمساعدة أبيه في تجارته أو حراثته أو ما أشبه ذلك، وهذا لا شك أنه خير؛ لأنه من البر بالوالدين، ولكن في هذه الحالة إذا كان الإنسان له أولاد منهم من يساعده في حرثه وتجارته ومنهم من لم يساعده، فهل يجوز أن يفضل الذي يساعده على الآخر بشيء من المال؟ A إذا كان هذا الذي يساعده يريد بذلك بر والديه وثواب الآخرة فلا حاجة أن يعطيه شيئاً؛ لأن هذا الذي ساعد والده أراد بذلك ثواب الآخرة فليكن له ثواب الآخرة، وأما إذا رأى منه أنه يتطلع إلى أن يعطيه أبوه شيئاً يختص به؛ لأنه يساعد أباه ويعمل معه في الحرث أو في التجارة أو في غيرها، فحينئذٍ يعطيه مثلما يعطي رجلاً من غير أولاده، بمعنى: أنه يفرض له كل شهر كذا، أو يجعل له نصيباً مشاعاً من الربح فيما إذا عمل بالتجارة أو بالزراعة أو ما أشبه ذلك، لماذا؟ لئلا يفضل بعض أولاده على بعض، فإن تفضيل بعض الأولاد على بعض في غير النفقة الواجبة محرم، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من الشهادة عليه حيث نحل بشير بن سعد الأنصاري رضي الله عنه ابنه النعمان بن بشير نحلة -أعطاه عطية- فقالت أم النعمان: لا أرضى حتى تشهد النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب بشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بأنه نحل ابنه النعمان نحلة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أكل ولدك أعطيتهم مثل ذلك؟ قال: لا. قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، أشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور) فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الشهادة عليه؛ لأن هذا جورٌ وتبرأ منه، وقال: (أشهد على هذا غيري) . وكان السلف رحمهم الله يعدلون بين أولادهم حتى في التقبيل، فمثلاً: إذا قبل الصبي الذي له خمس سنين أو ست سنين وأخوه عنده قبَّل الثاني، لماذا؟ لئلا يجور حتى في هذه الحالة، وكذلك أيضاً في الكلام يجب أن تسوي بين أولادك بالكلام، لا تتكلم مع هذا بغضب ومع هذا برضا، لا تنظر إلى هذا بوجه عابس والآخر بوجه راضٍ، يجب أن تعدل ما استطعت.

استغلال الإجازة في الذهاب إلى بلاد الكفر والفجور

استغلال الإجازة في الذهاب إلى بلاد الكفر والفجور وصنفٌ من الناس يمضون هذه الإجازة فيما يغضب الله عز وجل، فيكونون من الذي بدلوا نعمة الله كفراً، تجدهم يذهبون إلى خارج البلاد: إلى بلاد الكفر والفجور والدعارة والأخلاق السيئة، هؤلاء خسروا دينهم ودنياهم، أما دينهم فإنه لا شك أن هذه المشاهد التي يشاهدونها سوف تؤثر عليهم تأثيراً بالغاً ولا سيما الصغار، فإن الصغير إذا انطبع في ذهنه شيء لم يكد يخرج منه، وخسروا دنياهم؛ لأنهم يبذلون أموالاً طائلة في مثل هذا السفر: فنادق، سيارات نقل، وغير ذلك من الأموال الباهظة، ثم هم مع ذلك ينمون أموال الكفار؛ لأن الكفار يدخل عليهم فائدة كبيرة من السياح الذين يصلون إلى بلادهم، ولهذا أرى وخذوا عني: أن السفر إلى بلاد الكفار محرم إلا بثلاثة شروط: الأول: أن يكون عند الإنسان علمٌ يدفع به الشبهات. والثاني: أن يكون عنده دين يحميه من الشهوات. والثالث: أن يكون محتاجاً إلى ذلك. فأما الإنسان الذي ليس عنده علم ويخشى عليه من الشبه التي يسمعها هناك أو يقرؤها فإنه لا يذهب؛ لأنه إذا ذهب زعزع عقيدته وشك بعد الإيمان وتردد بعد اليقين، وهذا دمارٌ للإنسان. كذلك إذا كان ليس عنده دينٌ قوي بمعنى: أنه يفسد مع الفاسدين وتغريه المناظر فيفسد، هذا أيضاً لا يذهب؛ لأن المحافظة على الدين أولى من المحافظة على البدن. والثالث: الحاجة إلى هذا، أن يحتاج إلى ذلك إما لعلم لا يوجد له نظير في المملكة، أو ذهب لمرضٍ يتداوى، أو لتجارة لا بد منها، وأما إذا لم يكن له حاجة فلا يذهب، وكم من أناسٍ يذهبون إلى الخارج باسم التمشي والنزهة فتفسد أخلاقهم وتنحل عقائدهم -والعياذ بالله- ويرجعون ممسوخين، ولا شك أن هذا لا يحل للمسلم أن يتعرض له لما فيه من الشر والفساد. هذا ما يتعلق بأصناف الناس في هذه الإجازة، وإنني أكرر على إخواني: أن يستغلوا هذه الإجازة بما فيه الخير إما في الدين وإما في الدنيا، وأفضل ما تقضى فيه هذه الإجازة هو طلب العلم، قال الإمام أحمد رحمه الله: (العلم لا يعدله شيء) . أسأله الله تعالى أن يرزقنا وإياكم اغتنام الأوقات بما يرضي الله عز وجل.

الأسئلة

الأسئلة

حكم الطواف بالبيت بعد العمرة مباشرة

حكم الطواف بالبيت بعد العمرة مباشرة Q ذهبت الصيف الماضي لأداء العمرة أنا وقريبٌ لي، وعندما انتهينا من أداء العمرة ذهبنا فوراً إلى جدة وجلسنا يومين تقريباً، وعندما أردنا السفر إلى أبها لكي نقضي فيها بقية العطلة، مررنا بـ مكة فقال لي قريبي: كيف نمر بـ مكة ولا نطوف للوداع؟ فقلت له: لقد خرجنا منها بعد العمرة فوراً، والذي يخرج من مكة فوراً بعد العمرة ليس عليه طواف الوداع، والحاصل: أننا طفنا للوداع ثم سافرنا، فهل الصواب مع قريبي أم معي؟ مع العلم أني سأذهب في هذا الصيف إن شاء الله تعالى وسأجلس في جدة ثم أرجع؟ A الصواب هو مع من قال: إن الإنسان إذا خرج بعد العمرة مباشرة فلا وداع عليه، ودليل ذلك: أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لما اعتمرت بعد الحج خرجت بدون طواف وداع؛ لأن الطواف الذي كان قبل السعي يكفي، ولكن طوافكم بعد مروركم بـ مكة لا شك أنه خير تكسبون به أجراً إن شاء الله عز وجل، فمن ناحية الحكم الصواب مع السائل الذي قال: إنه لا وداع علينا، ومن ناحية الأجر والثواب الصواب مع الذي قال: إننا نريد أن نطوف للوداع، لكن في الحقيقة أن هذا ليس طواف وداع بل هو طواف تطوع.

حكم الإسراف في الذبائح لإكرام الضيف والزواج

حكم الإسراف في الذبائح لإكرام الضيف والزواج Q فضيلة الشيخ! بمناسبة عطلة الصيف أحببت أن أعرض مشكلة يقع فيها بعض الناس وهي في المناسبات، وهي أن بعض الناس يريد أن يكرم ضيفه فتجده يذبح ذبيحةً فتكون زائدةً عن الحاجة فيرمي الباقي، فما نصيحتك لهؤلاء، خصوصاً ونحن مقبلون على موسم الزواجات ونحو ذلك؟ فهل من نصيحة لهؤلاء؟ وهل من نصيحة للذي لا يرضى إلا بالذبيحة ولا يرضى بسائر الطعام؟ A النصيحة لمن أراد إكرام ضيفه في الذبيحة، نقول: إذا كان الضيوف كثيرين يحتملون الذبيحة فلا بأس، هذا خير من كونك تذهب وتشتري لحماً، وأما إذا كان الضيف واحداً أو اثنين لا يحتملون الذبيحة فلا تذبح لهم؛ لأن هذا من الإسراف الذي نهى الله عنه، حيث قال سبحانه وتعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31] نعم لو فرضنا أن الرجل الذي نزل ضيفاً بالإنسان رجلٌ كبير له قيمته، فلا بأس أن تذبح له ذبيحة، إذا كنت تجد من ينتفع بها بعد إكرام الضيف كما ذبح الأنصاري ذبيحة للرسول صلى الله عليه وسلم حين نزل به ضيفاً ومعه أبو بكر وعمر، فأخذ المدية ليذبح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إياك والحلوب) وأذن له في ذبحها، لكن من المعلوم أنه كان في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لا يرمى اللحم والطعام بل ينتفع به الناس. أما بالنسبة للضيف الذي لا يرى أن إكرامه إلا بالذبح له فإن نصيحتي له أن يدع عنه هذا الجهل؛ لأن هذا من أعمال الجاهلية، وإكرام الضيف يكون بما جرت به العادة التي ليس فيها إسراف، فأنت لا تشره على الناس أن يكرموك بالذبائح، يكفي إذا لاقاك بوجه طلق وصدر منشرح وأحسن لك الكلام والتحية هذا فيه الكفاية.

حكم الإتيان بأكثر من عمرة بعد الخروج من مكة ثم الرجوع إليها

حكم الإتيان بأكثر من عمرة بعد الخروج من مكة ثم الرجوع إليها Q فضيلة الشيخ! ذكرت أنه لا يعتمر الإنسان في سفره أكثر من عمرة، فهل يجوز أن يعتمر بعد رجوعه من أبها وقد اعتمر قبل خروجه إليها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين رجوعه من الطائف وهو لم ينشئ سفراً من بلده؟ A لا بأس إذا كان الإنسان خرج من مكة لحاجة ثم عاد إلى مكة فلا بأس أن يأتي بعمرة، لكن كلامنا في هؤلاء القوم الذين يأتون بالعمرة ويبقون في مكة ثم يخرج إلى التنعيم ويأتي بعمرة، هذا لم يفعله الصحابة ولم يفعله النبي عليه الصلاة والسلام، غاية ما هنالك أنه حصل لـ عائشة رضي الله عنها عذر حين جاءت من المدينة وهي محرمة بالعمرة، وفي أثناء الطريق حاضت، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فأخبرته أنها حاضت، فقال لها: (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت) ففعلت وقرنت بين الحج والعمرة، ولما أنهت حجها قالت: [يا رسول الله! يرجع الناس بحج وعمرة وأرجع بحج] فلما ألحت على الرسول عليه الصلاة والسلام أمرها أن تخرج ومعها أخوها عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم وتأتي منه بعمرة، فذهبت إلى التنعيم وأتت منه بعمرة وأخوها عبد الرحمن معها ولم يأخذ عمرة؛ لأن أخذ العمرة من التنعيم لم يكن معروفاً عندهم، فإذا قدر أن امرأة وقع لها مثلما وقع لـ عائشة رضي الله عنها ولم تطب نفسها إلا أن تأتي بعمرة مستقلة فلا حرج عليها.

حكم فوات الإحرام من الميقات

حكم فوات الإحرام من الميقات Q فضيلة الشيخ! ذهبت لأداء العمرة بالطائرة من القصيم وأعلن المضيف: أن المرور بالميقات سيكون في الساعة الفلانية. فانشغلت عن ذلك حتى مضى الوقت وكان بين إعلانه وبين الوقت خمس دقائق من الموعد المحدد فماذا أفعل؟ علماً بأني عند وصولي إلى مكة ذهبت إلى التنعيم ونويت مرةً أخرى للإحرام بالعمرة ثم أديت العمرة؟ A الواجب على الإنسان أن يحتاط لدينه، فإذا كان في الطائرة وقال المضيف: إنه بقي عشر دقائق على الميقات فلتحرم من الآن وتحتاط؛ لأنك إذا تقدمت قبل الميقات بخمس دقائق فلا ضرر عليك، لكن لو تأخرت بعد الميقات بدقيقة واحدة فاتك الإحرام من الميقات؛ لأن الطائرة سريعة، هذا هو الذي ينبغي للإنسان. ينبغي لمن سافر بالطائرة أن يتأهب ويلبس الإزار والرداء وإذا أعلن المضيف بأنه بقي عشر دقائق فلا حرج عليه أن يحرم ولو قبل الوصول إلى الميقات لئلا يقع في مثل هذا الخطأ الذي ذكره السائل. أما بالنسبة للجواب على سؤاله فنقول: إن الواجب عليك أن تذبح فديةً في مكة وتوزعها على الفقراء، هكذا قال العلماء رحمهم الله: إن من ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة وجب عليه فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء، فإن كنت تريد أن تذهب إلى العمرة هذا العام، فالأمر واضح، تذبحها أنت بنفسك هناك وتوزعها على الفقراء، وإلا فلا حرج عليك أن توكل أحداً يقوم بالواجب سواءً ممن سافروا من بلدك أو ممن كانوا في مكة. أما من لم يسمع المضيف ولم يحرم إلا بعد تجاوز الميقات، فعليه الدم لكن ليس عليه إثم؛ لأنه جاهل، ولكن عليه الفدية.

فوارق أحكام الصلاة بين الرجل والمرأة

فوارق أحكام الصلاة بين الرجل والمرأة Q في السجود في الصلاة هل هناك فرق بين المرأة والرجل؟ A لا فرق بين المرأة والرجل في السجود، ولا فرق بين المرأة والرجل في الركوع، ولا فرق بين المرأة والرجل في الجلوس، الرجال كالنساء إلا أنهن لا يجهرن بالقول، أي: ليس من السنة أن تجهر المرأة في الصلاة ولو في صلاة الليل، وكذلك إذا أخطأ الإمام فإنهن لا يسبحن ولكن يصفقن، لأن التسبيح للرجال والتصفيق للنساء، والأصل: أن الرجال والنساء في أحكام الله تعالى سواء إلا إذا وجد دليل على التفريق، وهذا ضابط وإن شئت فقل قاعدة ينتفع بها المسلم: الأصل أن الرجال والنساء سواءٌ في أحكام الله وشريعة الله إلا إذا وجد دليل صريح يدل على التفريق بين الرجال والنساء، ولذلك من قذف رجلاً محصناً أيجلد ثمانين جلدة؟ نعم يجلد مع أن الآية في النساء: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:4-5] وأجمع العلماء على أن قذف الرجل المحصن كقذف المرأة المحصنة؛ لأن الأصل أن الرجال والنساء في شريعة الله سواء.

حكم زيارة النساء لمقبرة البقيع

حكم زيارة النساء لمقبرة البقيع Q هل يجوز للنساء زيارة مقبرة البقيع؟ A لا يجوز للمرأة أن تزور القبور، بل زيارتها القبور من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن زائرات القبور) والحديث هذا روي على وجهين: زائرات وزوارات، فالزوارات: اللاتي يكثرن الزيارات، والزائرات: اللاتي يزرن ولو مرةً واحدة، وكلاهما -أي: كلا الحديثين- في الصحة سواء أو على حد قريب بعضهما من بعض، وهما في مرتبة الحسن، والمستدل بالأول زوارات يلزمه أن يستدل بالثاني زائرات؛ لأن إسنادهما متقارب، ومرتبتهما في الحديث متقاربة، وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تزور البقيع ولا شهداء أحد. لكن هل تزور قبر النبي عليه الصلاة والسلام وقبري صاحبيه: أبي بكر وعمر أم لا؟ من العلماء من قال: لا بأس أن تزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه؛ لأن زيارتها ليست زيارة حقيقية؛ إذ أنها لا يمكن أن تصل إلى القبر وتقف عليه، فبينها وبين القبر جدر لا يمكن الوصول إلى القبر. ومن العلماء من قال: ما دام ذهابها إلى القبر يسمى زيارة وهي تعتقده زيارة؛ فإنه لا يجوز لها أن تزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه. وهذا أحوط ألا تزور قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ولا قبري صاحبيه. فإن قالت: أنا أود أن أسلم على الرسول؟ قلنا: سلمي عليه وأنتِ في مكانك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن تسليمكم يبلغني أينما كنتم) .

حكم تأخير دفع مؤخر الصداق عن الموعد المشروط

حكم تأخير دفع مؤخر الصداق عن الموعد المشروط Q الزوج يرفض دفع مؤخر الصداق مع أنه ميسور؛ لأنه اتفق مع الولي على أنه إلى أحد الأجلين: الموت أو الطلاق، والزوجة في حاجة شديدة إليه فما الحكم؟ A الحكم أن الشرط أملك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم) وما دام الزوج قد شرط له أن المهر مؤجلٌ في أحد الأجلين: الموت أو الفراق فهو على ما شرط له، واللوم في الحقيقة على المرأة وعلى وليها الذي زوجها، إذ أن الواجب أن المرأة عند العقد رفضت هذا الشرط، والواجب على وليها إذا كان يريد أن يشترط هذا الشرط أن يشاورها أولاً؛ لأن المهر ليس للأب ولا للأخ ولا للعم المهر للمرأة، قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء:4] فلتصبر ولتحتسب، فإن تيسر للزوج أن يقدم المؤجل فهذا خير بلا شك، وإن لم يتيسر أو تيسر ولكن يقول: لا أوفي بناءً على الشرط. فالأمر إليه.

حكم استئجار من يقوم بالغناء في حفلات زواج النساء

حكم استئجار من يقوم بالغناء في حفلات زواج النساء Q ما حكم استئجار من يقوم بالغناء في حفلات زواج النساء؟ A إذا كان الغناء غناءً مباحاً فلا بأس أن نستأجر امرأة تغني ولكن بشرط: أن تكون الأجرة معقولة مناسبة للعمل، لا كما يفعله بعض الناس، يعطيها على الليلة الواحدة ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف، لماذا يا أخي؟! وأما إذا كان الغناء محرماً كغناء الفاسقات والعاهرات فهذا حرام لا بأجرة ولا بغير أجرة، والفرق أن الغناء المباح عملٌ مباح، وما كان مباحاً جاز أخذ الأجرة عليه، بل ما كان مباحاً جاز أخذ العوض عليه، والغناء المحرم حرام، وإذا حرم الله شيئاً حرم ثمنه.

حكم الإحرام من الميقات بعد انقضاء الحاجة من جدة

حكم الإحرام من الميقات بعد انقضاء الحاجة من جدة Q فضيلة الشيخ! زميلٌ لي يريد أن يذهب إلى جدة مع عائلته وذلك لزواج أحد أقاربه، وعنده نية بعد الزواج أن يعتمر، فهل يجوز له أن يتعدى الميقات ويحرم بعد الزواج من جدة أم ماذا يفعل؟ A لا يجوز له أن يؤخر الإحرام من الميقات ما دام عازماً على العمرة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المواقيت: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل اليمن من يلملم، وأهل نجد من قرن، وأهل الشام من الجحفة) فأمر بالإهلال من هذه المواقيت، أما من سافر لحاجة وقال: إن تيسر لي أتيت بالعمرة وإلا فلا، فهذا نقول له: إن تيسر لك أن تأتي بالعمرة، فأحرم من المكان الذي تيسر لك منه، وإن لم يتيسر فلا شيء عليك، ولكن لو سألنا هذا الرجل فقال: إنه قدم إلى جدة لحاجة وهو قد عزم على العمرة، وهو الآن في جدة وانتهت حاجته فماذا يصنع: أيحرم من جدة أم يلزمه أن يذهب إلى الميقات؟ قلنا: يلزمه أن يذهب إلى الميقات ويحرم منه، وإذا ذهب إلى الميقات وأحرم منه سقط عنه الدم.

حكم النذر والوفاء به

حكم النذر والوفاء به Q فضيلة الشيخ: نذرت والدتي أن تذبح بعيراً بعدما نسكن بيتاً يكون ملكاً لنا، والحمد لله قد نزلنا في البيت الذي هو ملك لنا، فما هو البعير أهو الجمل الكبير أم (الحاشي) أم يكون من أي نوع من أنواع الإبل؟ وإذا ذبحت هذا البعير فماذا نصنع به: هل يوزع أم نأكله أو نجعله في البيت أو نجعله عشاءً؟ أرجو التفصيل وفقك الله. A قبل أن أجيب على الوفاء بهذا النذر أقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: (إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل) وقال: (إنه لا يرد قضاءً) وما أكثر الذين ينذرون ولا يوفون، وعدم الوفاء بالنذر إذا كان نذر طاعة له عواقب وخيمة، اسمعوا قول الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ} [التوبة:75-76] أي: ولم يتصدقوا {وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [التوبة:76] ولم يكونوا من الصالحين {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة:77] عاقبة وخيمة جعل الله في قلوبهم نفاقاً إلى الموت؛ لأنهم لم يفوا بالعهد. وإذا كان النذر منهياً عنه وقد تكون عاقبته وخيمة فإن المؤمن العاقل لا ينذر، إذا كان الله قد أذن لك بالشفاء شفيت بدون نذر، وإذا كان الله لم يأذن لك بالشفاء؛ فإنك لا تشفى ولو نذرت. كذلك أيضاً إذا كان الله قد يسر لك بيتاً يكون ملكاً لك تسكنه فإنه سيكون بلا نذر، وإذا لم يأذن الله بذلك فلن يكون. أما بالنسبة للجواب على هذا السؤال: فإن الواجب أن تذبح بعيراً كما نذرت، ثم إن كان في ذهنها ونيتها في ذلك الوقت أنه أي بعير فلتذبح أي بعير ولو (حاشياً) صغيراً، وإن لم يكن في ذهنها شيء، فإنها تذبح بعيراً تصح أن تكون أضحية أي: ثنية لها خمس سنين، وإذا ذبحتها فرقتها على الفقراء؛ لأن هذا شكرٌ لله على تيسيره، إلا إذا كان من نيتها أنها تذبحها لإظهار الفرح والسرور كما يفعله بعض الناس إذا نزل بيتاً جديداً صنع وليمة، فهنا نقول: لا بأس أن تأكل منها وتطعم وتتصدق (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) .

حكم الجمع والقصر للمسافر إذا جد به السير

حكم الجمع والقصر للمسافر إذا جد به السير Q فضيلة الشيخ نرجو توضيح ما ورد في السنة أنهم كانوا يقصرون إذا جد بهم السير، وهل إذا كان قد وقف للراحل ينقطع به السير أو أنه جادٌ في الطريق؟ وما الحكم إذا كان بينه وبين بلده ما يقارب ما سيلحق به الوقت الثاني فهل يقصر ويجمع أم لا؟ A الصواب أن يقال: يجمعون؛ وذلك أن القصر سنة للمسافر سواء جدَّ به السير أم لا، أما الجمع فهو سنةٌ للمسافر إن جدَّ به السير، أي: إن كان يسير -أي: يمشي- أما إذا كان نازلاً في مكان أو في بلد فإنه لا يجمع، وإن جمع فلا بأس، فصار الآن القصر سنة بكل حال والجمع سنةٌ إن جدَّ به السير، وإلا فالأفضل ألا يجمع وإن جمع فلا بأس. أما إذا كان قد أقبل إلى بلده ويعرف أنه سيصل إلى بلده قبل دخول وقت الثانية فهل له أن يجمع؟ نقول: نعم له أن يجمع، لكن الأفضل في هذه الحالة ألا يجمع لأنه لا حاجة به إلى الجمع.

حكم الزواج ببنت الأخ من الرضاع

حكم الزواج ببنت الأخ من الرضاع Q فضيلة الشيخ: تزوجت ابنة عمي منذ عشر سنين ورزقت -ولله الحمد- بخمسة أبناء، وقد أخبرتني والدتي بأني قد رضعت من زوجة جدي الثانية غير أم والدي، وقد سألت والدتي عن تلك الرضعات فأخبرتني أنني دائماً أرضع منها أي: من زوجة جدي، وقد فهمت من كلامها بأن والدتي تذهب وتتركني عندها باستمرار وترضعني مع ابنتها باستمرار، فضيلة الشيخ! ماذا أفعل الآن علماً بأنه لم يعلم عن تلك القضية إلا أنا ووالدتي فقط؟ A هذا لا بد فيه من شيئين: الشيء الأول: أن تكون المخبرة ثقة في عقلها ودينها، أما إذا كانت كبيرة يخشى أنه قد حصل لها النسيان، فهذا لا عبرة بكلامها، فإذا كانت ثقة يؤخذ بقولها. الشيء الثاني: أن تشهد بأن هذا رضع خمس مرات فأكثر، فإن قالت: رضع مرة، فلا شيء، مرتين لا شيء، ثلاث مرات لا شيء، أربع مرات لا شيء، إذا قالت: لا أدري أرضع خمس مرات أو أقل؟ فلا شيء أيضاً؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: (نسخن بخمس معلومات) فلا بد من العلم فمع الشك لا شيء، فإذا وجد أن المخبرة ثقة وأنها شهدت بأن الرضاع خمس مرات فإن ابنة عمك لا تحل لك؛ لأن بنت عمك قد صارت بنت أخيك من الرضاع، عمه هو ابن جده وهو قد رضع من زوجة جده فيكون هذا الزوج ابناً للجد وأخاً للعم، وتكون بنت العم بنت أخيه وهو عمها، لكن لا بد من التأكد، وإذا تأكدنا فإنه يجب التفريق بينهما؛ لأنه تبين أن النكاح الذي وقع بينهما كان باطلاً بإجماع المسلمين، وإذا تم الرضاع فإنه يبطل هذا العقد.

حكم الرجوع إلى الميقات بعد تعديه للإحرام

حكم الرجوع إلى الميقات بعد تعديه للإحرام Q فضيلة الشيخ من نسي الإحرام أو انشغل عنه في الطائرة حتى تعدى الميقات هل يجوز له الرجوع من البر إلى الميقات ويحرم منه عند ذلك؟ A يجوز، والقاعدة تقول: إذا تجاوز الإنسان الميقات ولم يحرم منه، فإن أحرم من مكانه الذي دون الميقات لزمه الدم، وإن رجع إلى الميقات وأحرم منه فلا شيء عليه. وبناءً على ذلك: لو فرضنا أنه ركب طائرة من مطار القصيم وهو يريد العمرة ثم نزل في جدة قبل أن يحرم، نقول له: إما أن تذهب إلى ذي الحليفة ميقات أهل المدينة وتحرم منه، وإلا فإن أحرمت من جدة فعليك دم.

حكم الكدرة أو الصفرة بعد انقضاء دم الحيض

حكم الكدرة أو الصفرة بعد انقضاء دم الحيض Q أنا امرأة أجتهد كثيراً في أمر الطهارة ولكني لا أرى القصة البيضاء غالباً فتكون المدة التي أحيض فيها مدة أسبوعين، وأنا لا أرى الدم إلا مدة سبعة أيام تنقص يوماً أو تزيد يوماً، ثم تخرج مادة بنية اللون أو كدرة، ثم بعد ذلك صفرة، ثم أرى الرطوبة التي تخرج من المرأة في الأيام العادية، وكما ذكرت لا أرى القصة البيضاء في غالب الأمر، أرجو من فضيلتكم الإيضاح في هذا الأمر: متى يكون الاغتسال من الحيض في مثل هذه الحالة، كفاك الله هموم الدنيا والآخرة ووالديك وجميع المسلمين؟ A دم الحيض إذا انقطع وخلفه صفرة أو كدرة فإنه لا عبرة بذلك، أي: لا عبرة بالكدرة والصفرة بعد انقطاع الدم؛ لأن الله تعالى يقول: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة:222] والأذى هو الدم، وقالت أم عطية: [كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً] هكذا رواية البخاري ولـ أبي داود: [بعد الطهر شيئاً] لكن يحصل الطهر إذا انقطع الدم. وعلى هذا فنقول لهذه المرأة: ما دامت ترى الحيض -أي: الدم- سبعة أيام ثم يخلفه كدرة أو صفرة؛ فإنها تغتسل عند انقطاع دم الحيض -أي: عند تمام سبعة أيام- ثم تصلي وتصوم، ويأتيها زوجها إن كان لديها زوج ولو كان عليها صفرة أو كدرة.

مراعاة التنقل للدعوة إلى الله

مراعاة التنقل للدعوة إلى الله Q فضيلة الشيخ الحق أن يؤتى إلى العلم وأنتم أهلٌ إلى أن يؤتى إليكم، ولكن يا شيخنا لنا أهلٌ كبارٌ في السن ولنا نساءٌ وبيوتٌ بعيدة عن هذا الجامع العامر، نفوسهم تضعف عن الحضور، وأنتم لكم قدوةٌ بنبينا صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح في تنقلهم للدعوة إلى الله، وأنتم على هذا -ولله الحمد- سائرون، لكن هذا اللقاء المبارك هل يمكن أن يتنقل من حي إلى حي في الجوامع الكبيرة في البلد بعد نهاية الدروس أي: في وقت الأسئلة؟ نحن نتشرف بذلك، ولا تقل: يا فضيلة الشيخ الشريط يكفي فليس راءٍ كمن سمعا؟ A هذا السائل احتاط لنفسه، أنا كنت أقول: إني آتي إليكم وأحضر إليكم بالشريط، لكن الرجل احتاط لنفسه، لا شك أنه لا يستوي من سمع ومن رأى، ولكني إذا احتج عليَّ بالشريط أو بهذه الكلمة أحتج إليه بأن العلم يؤتى إليه ولا يذهب إلى العلم، لكن لنا في رسول الله أسوة حسنة؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قالت له إحدى النساء: (يا رسول الله! غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً تأتينا فيه) فواعدهن النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وأتى إليهن ووعظهن وذكرهن. وفي ظني أن البلاد -والحمد لله- متقاربة الآن ويقرب بعضها إلى بعض السيارات، فالأمر سهل إن شاء الله، وأقول: احتسبوا واحضروا إلى العلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) .

حكم قراءة خطابات الزوجة من غير إذنها

حكم قراءة خطابات الزوجة من غير إذنها Q فضيلة الشيخ! زوجي يفتح ما يصلني من أهلي من خطابات ويقرأها وأنا أكره ذلك، ويمنع منها ما فيه عزاء وأنا كنت في حاجة إلى ذلك هل يحق له ذلك؟ A لا يحل للزوج ولا لغير الزوج أن يفتح ظروف الكتب؛ لأن هذا عدوان على أخيه على صاحب الكتاب، الكتب المظرفة لا شك أنها سر، فلا يحل لأحد أن يطلع عليها، وإني أنصح هذا الزوج وأخوفه بالله عز وجل وأقول له: أترضى أن أحداً يفتح مظاريف كتبك؟ أعتقد أنه لا يرضى، وإذا كان هو لا يرضى أن أحداً يفتح مظاريف كتبه فلماذا يبيح لنفسه أن يفتح مظاريف زوجته؟! فأحذره من ذلك وأقول: استحل زوجتك مما مضى وتب إلى الله فيما يستقبل.

وقت الانصراف للمأموم من الصلاة

وقت الانصراف للمأموم من الصلاة Q فضيلة الشيخ: (من قال قبل أن ينصرف أو يثني رجليه -كما جاء في الحديث-: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير بعد المغرب والفجر) إلى آخر الحديث. والحديث الآخر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه كان يلتفت بعد أن يقول: اللهم أنت السلام) هل هذا خاصٌ بالإمام، أم بالإمام والمأموم والمنفرد؟ A الإمام لا يبقى متوجهاً إلى القبلة إلا بقدر الاستغفار ثلاثاً، (واللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام) فإذا قال الإمام: أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام) فلينصرف، وذلك لأن المأمومين مربوطون به، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسبقوني بالانصراف) وإذا كانوا مربوطين به فلا ينبغي له أن يبقى فيسجن الناس، بل يقول بقدر ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ثم ينصرف، هذا هو السنة في حق الإمام. أما المأموم فإذا انصرف إمامه فله أن ينصرف، وأما ما جاء في الحديث: (قبل أن يثني رجليه) فالمعنى: أنه إذا قال ذلك وهو في مكانه سواءٌ ثنى رجليه اتباعاً للسنة كالإمام أم لا.

العداوة والشحناء ورفع أعمال المتخاصمين

العداوة والشحناء ورفع أعمال المتخاصمين Q صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المتخاصمين لا ترفع أعمالهم، فأحياناً تحدث الخصومة بين الناس وتكون هذه الخصومة بسبب سب أو شتم أو كلام جارح من أحدهما فيغضب الآخر ويمتنع عن كلامه ويكون هذا مظلوماً فعلاً بهذا السب أو الشتم، فهل أعمالهم فعلاً لا ترفع إلى الله، أم أن هذا من أحاديث الترهيب أطال الله عمرك ونفع بك؟ A لا شك أن النزاع والخصومة بين الناس سببٌ لمنع الخير، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلةٍ إلى أصحابه في رمضان ليخبرهم بليلة القدر فتلاحى رجلين من الصحابة -أي: تخاصما- فرفعت، أي: رفع العلم بها في تلك السنة. كذلك أيضاً: الأعمال تعرض على الرب عز وجل كل إثنين وكل خميس إلا رجلين بينهما شحناء وفي قلوبهما شيء من الكراهية والعداوة فإنه يقال: (أنظرا هذين حتى يصطلحا) ولذلك ينبغي للإنسان أن يحاول ألا يكون في قلبه غلٌ على أحدٍ من المسلمين، حتى لو أن النفس الأمارة بالسوء قالت له: إن فلاناً فعل كذا وفعل كذا وقال كذا، يجب أن يمحو ذلك من قلبه وأن يكون قلبه نظيفاً بالنسبة لإخوانه المسلمين.

دور الآباء تجاه أبنائهم في الإجازة

دور الآباء تجاه أبنائهم في الإجازة Q ما نصيحتك للآباء نحو أبنائهم في هذه الإجازة في حلق الجماعة والمراكز الصيفية؟ A نصيحتي للآباء: أن يتقوا الله عز وجل فيما ولاهم الله عليهم من الأبناء والبنات، وأن يراقبوهم مراقبةً شديدة، وأن ينظروا أين ذهبوا وأين رجعوا؛ لأنهم مسئولون عنهم يوم القيامة. أما بالنسبة للمراكز الصيفية وحلق تحفيظ القرآن فأنا أشير على أولياء الأمور أن يلحقوا أبناءهم بذلك حتى لا يقتلهم الفراغ النفسي والفكري والجسدي، وربما يجرهم هذا الفراغ إلى أمور لا تحمد عقباها. فنصيحتي لأولياء الأمور: أن يلحقوا أبناءهم إما في جماعة تحفيظ القرآن وإما في المراكز الصيفية.

حكم خروج المؤذن إلى بيته للوضوء بعد الأذان

حكم خروج المؤذن إلى بيته للوضوء بعد الأذان Q فضيلة الشيخ! أنا مؤذنٌ عندما أنتهي من الأذان أذهب وأتوضأ في البيت هل آثم لأنه عندما يؤذن المؤذن لا يجوز أن يخرج أحدٌ من المسجد؟ وأرجو يا فضيلة الشيخ أن تنبه على المؤذنين من حيث أذان الفجر؛ لأن هناك تفاوتاً بين المؤذنين قد يصل إلى ثمان دقائق. A أما بالنسبة للفقرة الأولى من السؤال: فالأفضل للمؤذن ألا يؤذن إلا على طهر؛ وذلك لأن الأذان من ذكر الله عز وجل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني أحب ألا أذكر الله إلا على طهر) وقد قال العلماء رحمهم الله: يكره أن يؤذن وعليه جنابة. هذا إذا كان الأذان في غير المسجد، أما في المسجد فلا يجوز أن يؤذن وعليه جنابة إلا بعد الغسل. وأما إذا أذن بدون وضوء، مثل: أن يقوم من نومه متأخراً فيذهب ويؤذن فوراً، أو يكون منشغلاً فذهب عليه الوقت، ولم يشعر إلا والناس يؤذنون فذهب على عجل وأذن وهو على غير وضوء فأذانه صحيح، ولا حرج عليه إذا انتهى من الأذان أن يخرج من المسجد ويتوضأ؛ لأن خروج الإنسان من المسجد بعد الأذان من أجل الوضوء ثم الرجوع لا بأس به، وإنما جاء الحديث في التحذير من خروج الإنسان بعد الأذان بدون رجعة، وأما إذا كان في نيته أن يرجع ورجع فلا حرج عليه في هذا إطلاقاً. وأما الفقرة الثانية من السؤال وهي تفاوت ما بين المؤذنين في أذان الفجر فنعم الأمر كما قال، قد يكون بعضهم بينه وبين المؤذن الأول نحو ثمان دقائق أو عشر دقائق أيضاً؛ وذلك أن بعض المؤذنين يؤذن على التوقيت الموجود في الأوراق في التقاويم، وأذان الفجر خاصة بالنسبة للتقاويم متقدم خمس دقائق، وعليه فنقول: إذا وجدت التقويم أن الأذان مثلاً: على كذا وكذا فزد خمس دقائق، هذا خاص بأذان الفجر، أما بقية الأوقات فالتقويم لا بأس به، لكن في الفجر متقدم، فمثلاً: إذا كان هذا الرجل أذن على التقويم والآخر تأخر خمس دقائق صار بينهما خمس دقائق، وإذا تأخر دقيقتين أو ثلاثاً صار بينهما ثمان دقائق.

عواقب التفجيرات

عواقب التفجيرات Q فضيلة الشيخ! أزعجنا وأزعج كل غيور حادث الانفجار كما نبهتم وفقكم الله في الخطبة وقرار مجلس هيئة كبار العلماء، ولكن أزعجنا أكثر انفجار الصحف ووسائل الإعلام في الهجوم على المتدينين، فما نصيحتك في مثل هذا الأمر وفقك الله تعالى؟ A أقول: إن الهجوم من أهل الشر والفساد على الملتزمين بهذه المناسبة أمر متوقع؛ لأن مثل هؤلاء ينتهزون الفرص حتى يتكلموا بما يريدون، وهذا من مفاسد هذه الانفجارات، فإن من مفاسدها: أن الناس صاروا ينظرون شزراً إلى كل متدين، مع أننا نعلم أن صاحب الدين الحق لا يمكن أن يفعل مثل هذه الفعلة الشنيعة، وأن الملتزمين حقيقةً يتبرءون من هذا الفعل وينكرونه بقلوبهم وألسنتهم، لكن أهل الشر يستغلون كل موقف يرون لهم فيه مدخلاً فيتكلمون بما يريدون، ولكننا نقول: إن الله تعالى قال في كتابه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:16-18] . ولكن هناك شيء آخر: وهو أن بعض الجهال من العوام ينهى ابنه عن الالتزام والتدين ويقول: انظر إلى ما فعل الملتزمون والمتدينون، وهذا غلط؛ لأن هؤلاء الذين فعلوا هذه الأفعال لم يملِ عليهم هذا الشيء دينهم، ولو أنهم رجعوا حقيقةً إلى نصوص الكتاب والسنة لعلموا علم اليقين أن هذا الفعل حرام، وأنه ليس ديناً يقرب إلى الله، بل هو عدوان على عباد الله عز وجل، فلا ينبغي للعوام أن يتخذوا من هذا سبيلاً لتحذير أبنائهم من الالتزام المبني على المنهج الصحيح.

حكم قص شعر البنات

حكم قص شعر البنات Q فضيلة الشيخ! ما حكم قص شعور البنات قصة فرنسية؟ ومتى يبدأ سن التحريم، لأن الناس يقولون عن الطفلة التي عمرها سنتين أو ثلاث: إنها صغيرة؟ A أخذ المرأة من شعرها فيه خلاف بين العلماء: - منهم من يقول: إنه حرام. - ومنهم من يقول: إنه مكروه. - ومنهم من يقول: إنه جائز. لكن إذا كان أخذ الشعر على وجه التشبه بالفرنسيين أو غير الفرنسيين من الكفار فهو حرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تشبه بقومٍ فهو منهم) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم: أقل أحوال هذا الحديث التحريم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم. كثيرٌ من النساء يقلن: إننا ما أردنا التشبه، فيقال: التشبه إذا حصل لا يشترط له إرادة؛ لأن التشبه هو المظهر، فإذا وجد المظهر الذي يكون كمظهر الكفار حصل التشبه سواءٌ أردت أو لم ترد، هذا ليس عبادة هذا زي، إذا كان عليه الكفار فإنه لا يحل للإنسان أن يتزيا به، وعلى هذا فنقول: إنه لا يجوز للمرأة أن تقص رأسها كقص رءوس الفرنسيات أو غيرهن من الكافرات، وأما القص اليسير للتجمل للزوج بشرط ألا يكون كثيراً بحيث يشبه شعر الرجال فأرجو ألا بأس به.

أحكام عورة المرأة بالنسبة لغيرها

أحكام عورة المرأة بالنسبة لغيرها Q ما هو المقدار الجائز للمرأة أن تخرجه عند محارمها بالنسبة للكم هل يجوز إلى نصف العضد، كذلك النحر الذي قبل الثديين، والصدر -أعني: فتحة الصدر- أيجوز أن تخرج منها بداية الثديين، كذلك الفتحات في أسفل الثوب؟ وما هو الجائز خروجه عند النساء من الأشياء السابقة؟ وما حكم التكشف للطبيبة الكافرة أو الممرضة؟ A هذا سؤال طويل عريض، لكن نقول: إن نساء الصحابة كن يلبسن من الثياب ما يسترهن من الكعب إلى الكف في البيت، أما في الخارج فقد علم حديث أم سلمة رضي الله عنها أنه لما قال النبي عليه الصلاة والسلام في ذيول النساء -أي: أطراف الثياب التي تسحب على الأرض- لما قال: (ترخينه شبراً، قلنا: يا رسول الله! إذاً تنكشف أقدامهن. قال: يرخينه ذراعاً ولا يزدن) وهذا يدل على أن المرأة يجب عليها أن تستر حتى قدميها إذا خرجت إلى السوق. أما في البيت ومع النساء فالأمر أسهل بلا شك، تخرج المرأة رأسها ووجهها وكفيها وذراعيها ولا حرج، لكن الثياب لا بد أن تكون ضافية، فإذا كان على المرأة ثياب ضافية وأخرجت ذراعيها لعمل من الأعمال وحولها نساء أو محارم فلا بأس، لكن نحن لا نرخص الثياب القصيرة إطلاقاً، وهناك فرق بين أن يخرج الذراع أو أن تخرج الرقبة أو الرأس أو أعلى الصدر أو ما أشبه ذلك وبين أن تكون الثياب مهتكة الأستار خفيفة أو ضيقة أو قصيرة فهذا النوع من الثياب دل الدليل على أنه حرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما قط: قومٌ معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) .

حكم مساعدة الأب لابنه الذي يعمل معه في زواجه

حكم مساعدة الأب لابنه الذي يعمل معه في زواجه Q فضيلة الشيخ! إذا كان أحد الأبناء يعمل مع والده في الزارعة وباقي الإخوة قد تعلموا، فهل للأب أن يساعد ابنه هذا في زواجه من إنتاج الأرض ومما لديه من ماشية؟ A إذا كان الرجل له ولد مستغنٍ بنفسه عنده راتب أو عنده تجارة، والآخر ليس عنده شيء، واحتاج الذي ليس عنده شيء إلى زواج؛ وجب على الأب أن يزوجه، ولا يعطي الآخرين مثله إلا إذا احتاجوا إلى الزواج وليس عندهم شيء فليزوجهم كما زوجه، وهنا نعطيكم شيئاً من الضوابط: ما كان من أجل النفقة فالعدل فيه أن يعطي كل واحد ما يحتاج، والنكاح من النفقة.

حكم إعطاء الأب لأولاده الناجحين وترك الراسبين

حكم إعطاء الأب لأولاده الناجحين وترك الراسبين Q فضيلة الشيخ: إذا نجح الأولاد وأعطى الأب أولاده الناجحين وترك الراسبين فهل يكون هذا خلاف العدل؟ A هذا ليس خلاف العدل؛ لأن إعطاء الناجحين من باب تشجيعهم على الدروس والتحصيل، وإذا نجح الآخرون يعطيهم، لكن إذا نجح أحدهم في الدور الأول والثاني في الدور الثاني هل تكون الجائزة سواءً؟ لا، مقتضى العدل ألا تكون سواءً؛ لأن الناجح في الدور الأول أسبق من الناجح في الدور الثاني.

اللقاء الشهري [37]

اللقاء الشهري [37] في ظلال تفسير سورة العصر كان للشيخ -رحمه الله- إطلالة على آياتها، وبيان معانيها وأحكامها وفوائدها، مع تناول مواضيع مختلفة كان من أهمها: أصول الإيمان باليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره، كما ذكر شروط قبول الأعمال الصالحة، وعرج على كيفية التواصي بالحق والتواصي بالصبر بين المؤمنين، ثم أردف ذلك بسيل من الإجابات المحكمة والفتاوى النافعة المسددة على أسئلة المستمعين.

تفسير سورة العصر

تفسير سورة العصر الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء السابع والثلاثون كما ذكر الشيخ/ حمود بن عبد العزيز الصايغ من اللقاءات الشهرية التي تتم في الجامع الكبير في مدينة عنيزة، وهذه الليلة هي ليلة الأحد العشرين من شهر ربيع الأول عام (1417هـ) . إنه ليس في بالي شيءٌ معين محدد أتكلم فيه، ولكن من المستحسن أن نتكلم على ما سمعناه في تلاوة صلاتنا هذه الليلة ألا وهو سورة العصر التي قال الله تعالى فيها: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:1-3] . لا يخفى علينا جميعاً أن هذه السورة كان قبلها (بسم الله الرحمن الرحيم) فالبسملة هل هي آية من السورة التي بعدها، أو من السورة التي قبلها، أم هي آية مستقلة؟ الصحيح: أنها آية مستقلة، تفتتح بها السور ما عدا سورة براءة فإن الصحابة لم يكتبوها، ولذلك درجت الأمة الإسلامية على عدم التسمية في سورة براءة، لكن ما سواها فكل السور قبلها (بسم الله الرحمن الرحيم) . أما قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ} [العصر:1] فالمراد بالعصر: الدهر، هذا هو الصحيح، وليس المراد صلاة العصر، وأقسم الله به؛ لأن الدهر هو زمن العمل، ولأن الدهر يتقلب لأهله من حرب إلى سلم، ومن شدة إلى رخاء، ومن مرض إلى صحة، ومن علمٍ إلى جهل {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ} [النور:44] {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:140] فالعصر هو خزانة الأعمال، ولهذا أقسم الله به فقال: {وَالْعَصْرِ} [العصر:1] . قوله تعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر:2] (الإنسان) أي إنسان هو؟ كل إنسان، ولذلك نقول إن (أل) في قوله: (الإنسان) بمعنى: كل، فهي للاستغراق، كل إنسان في خسر، أي: في خسارة، وقته عليه خسارة، وحياته عليه خسارة، وماله عليه خسارة، وولده عليه خسارة، كما قال الله تعالى عن نوح مع قومه: {وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً} [نوح:21] . استثنى الله عز وجل من اتصفوا بهذه الصفات الأربع: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:3] هؤلاء هم الرابحون: (الذين آمنوا) بما يجب الإيمان به، (وعملوا الصالحات) أي: عملوا الأعمال الصالحة، والأعمال الصالحة هي التي جمعت بين شرطين: 1- الإخلاص لله. 2- المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. (وتواصوا بالحق) أي: جعل بعضهم يوصي بعضاً بالحق، والحق ما جاءت به الرسل، كما قال تعالى: {وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة:213] . (وتواصوا بالصبر) على ما اتصفوا به من هذه الصفات: الإيمان، العمل الصالح، التواصي بالحق، جعل بعضهم يوصي بعضاً بالصبر، يقول: اصبر على دينك، اثبت عليه، اصبر على العمل، اصبر على ما يصيبك، يوصي بعضهم بعضاً بالصبر، والصبر: هو حبس النفس عما يضرها، والصبر بمعنى الحبس، ومنه قولهم: قتل فلانٌ صبراً، أي: حبس وشد ثم قتل.

من أصول الإيمان

من أصول الإيمان ذكرنا أن الإنسان في خسر إلا من اتصف بصفات أربع، هي: الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر. الإيمان هو: إقرار القلب إقراراً يستلزم القبول والإذعان، تقر بقلبك بما يجب الإقرار به، وقد سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان؟ فقال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره) هذه أصول الإيمان.

الإيمان باليوم الآخر

الإيمان باليوم الآخر الإيمان باليوم الآخر ركنٌ من أركان الإيمان، فما هو اليوم الآخر؟ اليوم الآخر هو يوم القيامة، لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يدخل في الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت، وذلك أن الإنسان إذا مات ودفن وتولى عنه أهله وأصحابه أتاه ملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه، كل إنسان يُسأل حتى إن الإنسان يُقعد في قبره، فيقال له: من ربك؟ فيقول المؤمن: ربي الله. ما دينك؟ ديني الإسلام. من نبيك؟ نبيي محمد -فيجيب بالصواب- وحينئذٍ ينادي منادٍ من السماء: أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له باباً من الجنة -أسأل الله أن يجعلني وإياكم من هؤلاء- أما الكافر أو المنافق فإذا قيل له: من ربك؟ قال: هاه هاه لا أدري، ما دينك؟ هاه هاه لا أدري، من نبيك؟ هاه هاه لا أدري. وحينئذٍ يقال له: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمرزبة من حديد يصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين، ثم ينادي منادٍ من السماء: أن كذب عبدي فأفرشوه من النار وألبسوه من النار وافتحوا له باباً إلى النار -أعاذنا الله وإياكم من ذلك- هذا من الإيمان باليوم الآخر. ومن الإيمان باليوم الآخر: أن تؤمن بأن الله سبحانه وتعالى يخلو بعبده المؤمن وحده ويقول له: ألم تعمل كذا؟ ألم تعمل كذا؟ ألم تعمل كذا من الذنوب؟ فيقول: بلى يا رب، ويقرره بذنوبه، فيقول الله له: قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، أما غير المؤمن -والعياذ بالله- فإنه لا يحاسب هذا الحساب، ولكن تحصى أعماله فيخزى بها وينادى على رءوس الأشهاد: {هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود:18] .

الإيمان بالقدر

الإيمان بالقدر الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان الستة، والقدر: هو تقدير الله عز وجل، وذلك أن الله عز وجل كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى قيام الساعة، فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، خلق الله القلم فقال له: اكتب. قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، فجرى في تلك الساعة ما هو كائن إلى يوم القيامة، ولكن الله عز وجل خلقنا وجعل لنا إرادة ومشيئة واختياراً نختار الذهاب والرجوع والأكل والشرب والنوم، كل شيء نختاره والحمد لله، أعطانا الله تعالى اختياراً، نختار أيضاً العمل الصالح أو ضده، فلا عذر للإنسان مع أن الله أعطاه الاختيار وأرسل إليه الرسل وأنزل إليه الكتب.

شروط قبول الأعمال الصالحة

شروط قبول الأعمال الصالحة قوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [العصر:3] (وعملوا الصالحات) أي: عملوا الأعمال الصالحات، ويكون العمل صالحاً إذا كان مخلصاً لله، يتعبد لله بلا رياء ولا سمعة ولا طلب جاه ولا طلب مال، إنما يبتغي من الله فضلاً ورضواناً، قال الله تعالى عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً} [الفتح:29] ماذا يطلبون؟ {يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً} [الفتح:29] لا بد من الإخلاص، قال الله تعالى: (من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) لأن الله غني عنه. احذر يا أخي من الرياء! لا تحسن صلاتك لأن الناس يرونك، ولا تتصدق لأن الناس يرونك، ولا تعمل أي عمل من أجل أن يقول الناس: عمل فلان؛ فإن ذلك محبطٌ لعملك، واحذر أيضاً أن يدخل عليك الشيطان هذا، أعني: خوف الرياء، فإن من الناس من يريد العمل الصالح فيأتيه الشيطان ويقول: أنت مراءٍ. يريد أن يحضر إلى مجالس العلم يقول له الشيطان: أنت مرائي. يريد أن يتصدق؛ يقول له الشيطان: أنت مراءٍ. من أجل ألا يعمل العمل الصالح، احذر هذا، لا تبالي به، أعرض عنه، لو قال لك الشيطان: إنك مراءٍ، اتركه وأعرض عنه فأنت مخلص. كذلك المتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام شرط، ولا يكون العمل صالحاً إلا بها، فمن ابتدع في دين الله ما ليس منه فليس عمله عملاً صالحاً، حتى وإن كان الذي حمله على ذلك أمراً محبوباً إلى الله فإن عمله مردودٌ عليه، ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وفي لفظ: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) .

التواصي بالحق والتواصي بالصبر

التواصي بالحق والتواصي بالصبر قوله تعالى: (وتواصوا بالحق) : يوصي بعضهم بعضاً بالحق، مثلاً: يقول لأخيه وقد رآه مقصراً في بعض الواجبات: أوصيك بتقوى الله، أوصيك أن تقوم بالواجب، أوصيك أن تصل بوالديك، أوصيك أن تبر أرحامك، أوصيك أن تطلب العلم، وما أشبه ذلك، هذا بالحق. (تواصوا بالصبر) : بالصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله. فالصبر على الطاعة: إذا رأيت من أخيك تكاسلاً عن الصلاة -مثلاً- انصحه، وإذا قال لك: والله النوم يغلبني، قل له: اصبر، ولو شق عليك، فاليوم يشق عليك وغداً لا يشق عليك. والصبر أيضاً يكون عن المعصية، إنسان -مثلاً- همَّ بمعصية وجاء يخبر أخاه يقول له: اصبر، احتسب، انتظر الفرج من الله، يأتي إليك أخوك يشكو إليك يقول: فلان والله كان يؤذيني أتعبني: ماذا تقول له؟ اصبر فدوام الحال من المحال، أنت إذا صبرت الآن على أذيته، فإن الله سوف يعطف قلبه عليك: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34] أي: صديق قريب، لذلك من الرابحين من يتواصون بالصبر وبالحق، نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم منهم.

الأسئلة

الأسئلة

علة كون (العصر) بمعنى الدهر

علة كون (العصر) بمعنى الدهر Q فضيلة الشيخ! أقسم الله بالضحى وأقسم بالفجر وأقسم بالليل فما هي العلة في كون العصر هنا بمعنى الدهر؟ هل هناك قرينة تدل على ذلك، أفدنا أفادك الله وحرمك على النار؟ A القرينة على: أن المراد بالعصر الدهر هو أن الله تعالى ذكر المقسم عليه وهي أعمال العباد التي تكون في هذا العصر {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:1-3] .

كيفية الدخول في جماعة مكونة من إمام ومأموم

كيفية الدخول في جماعة مكونة من إمام ومأموم Q فضيلة الشيخ: إذا دخلت المسجد فرأيت اثنين يصليان جماعة، فهل أجذب المأموم، أم أدفع الإمام، أم أدخل عن يسار الإمام فإذا شعر بي تقدم هو لكي لا أشوش عليه؟ A لا حرج عليك أن تدفع الإمام، أو تجذب المأموم، كل هذا سواء، لكن قد يكون الإمام يصلي إلى سترة ولا يمكن أن تدفعه؛ لأن الجدار قريبٌ منه وحينئذٍ يتعين أن تجذب المأموم. ولكن هنا سؤال آخر يترتب على ذلك: هل تكبر للصلاة قبل أن تجذب المأموم أم تدفع الإمام أم تجذب المأموم وتدفع الإمام قبل أن تكبر؟ الثاني؛ لأنك إذا كبرت قبل أن تجذب المأموم أو تدفع الإمام لزم من ذلك أن تتحرك في أثناء الصلاة، لكن ادفع الإمام أو اجذب المأموم ثم كبر تكبيرة الإحرام، فإذا قال قائل: في هذه الحالة إذا قدمت الإمام بقي المأموم منفرداً، نقول: هذا لا يضر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين قام ابن عباس على يساره ماذا صنع؟ أخذه بيده من ورائه وأقامه عن يمينه فلا يضر. أما قول السائل: أو أقوم عن يسار الإمام. فنقول: لو فعلت لكان جائزاً، لكن السنة إذا كانوا ثلاثةً فأكثر أن يتقدم الإمام.

مفهوم قوله تعالى: ((من بعثنا من مرقدنا هذا))

مفهوم قوله تعالى: ((مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا)) Q فضيلة الشيخ! أشرت إلى عذاب القبر ونعيمه، والحمد لله نحن نؤمن بهذا، ولكن أحب أن أستفهم عن قول الله تعالى: {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ. } [يس:52] إلى آخر الآية، فقول الله عز وجل: (من مرقدنا) هل يدل على أنهم نيام أم أن في القبر عذاب ونعيم؟ A لا شك أن القبر إما روضةٌ من رياض الجنة وإما حفرةٌ من حفر النار، وقد ورد أنه يوسع للمؤمن مد البصر ويضيق على الكافر حتى تختلف أضلاعه -والعياذ بالله- وأما قولهم: (من بعثنا من مرقدنا) فمرقد الإنسان محل رقاده، ولا يلزم من ذلك أن ينام، كما تقول مثلاً: هذا مرقدي وتضطجع فيه ولا تنام. ومن العلماء من يقول: إنه يرفع عنهم العذاب فيما بين النفختين فيظنون أن العذاب انقطع وانتهى، ثم يبعثون -والعياذ بالله- من قبورهم ويشاهدون من العذاب أكثر من عذاب القبر، ولهذا يقولون: (يا ولينا من بعثنا من مرقدنا) . والخلاصة أن يقال: إن المرقد اسمٌ لمكان الرقاد، ولا يلزم من اضطجع فيه أن يكون نائماً هذا واحد. أو يقال كما قال بعض العلماء: إنهم يرفع عنهم العذاب ما بين النفختين حتى يظنوا أنهم قد رفع عنهم كلية، ثم إذا بعثوا قالوا: (يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا) .

صفة الوضوء والغسل المجزئة والكاملة

صفة الوضوء والغسل المجزئة والكاملة Q فضيلة الشيخ مما لاشك فيه أن من أهم العبادات الصلاة وأنه لا صلاة لمن لا وضوء له، فآمل من فضيلتكم تلخيص صفة الوضوء كاملة لتكون للعامة والخاصة وخاصةً للبادية، فكم من هؤلاء من لا يحسن الوضوء وبالتالي لا تصح صلاته شرعاً، وكذلك يجهلون الاغتسال للجنابة، أرجو بإلحاح أن تفيدنا ليوزع هذا على الناس، بارك الله فيك؟ A الوضوء شرط لصحة الصلاة فلا صلاة لمن لا وضوء له؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) ولقوله: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) فلا بد من الوضوء، وصفته على وجهين: 1- وجه مجزئ. 2- وجه كامل. فالمجزئ أن يقتصر على ما ذكره الله تعالى في القرآن: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] ولم يذكر الله تعالى التثليث، أي: ما ذكر ثلاثاً، فلو أن الإنسان توضأ فغسل وجهه مرة واحدة ثم غسل يديه من أطراف الأصابع إلى المرفق مرة واحدة، ثم مسح برأسه وأذنيه مرة واحدة، ثم غسل رجليه إلى الكعبين مرة واحدة لكفى، لكن الأفضل أن يثلث ويغسل كفيه قبل غسل وجهه، فإذا حضر عنده ماء كثير فلينو، ثم ليسم ثم ليغسل كفيه ثلاثاً، ثم يتمضمض ويستنشق ويستنثر ثلاثاً، ثم يغسل وجهه ثلاثاً، ثم يديه من أطراف الأصابع إلى المرفقين ثلاثاً ثلاثاً، ثم يمسح برأسه وأذنيه مرة واحدة، ثم يغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثاً هذا هو الوضوء الأكمل الأتم. أما غسل الجنابة فله صفتان: 1- صفة مجزئة. 2- صفة كاملة. فالمجزئة: أن يعم بدنه كله بالماء غسلاً، ومنه المضمضة والاستنشاق. والكامل: أن يتوضأ أولاً كما يتوضأ للصلاة، ثم يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات، ثم يغسل بقية جسده، يبدأ بالأيمن قبل الأيسر.

حكم الجلوس مع أناس غير ملتزمين من أجل إصلاحهم ووعظهم

حكم الجلوس مع أناس غير ملتزمين من أجل إصلاحهم ووعظهم Q فضيلة الشيخ: أنا شاب من دولة مجاورة أطلب العلم، ولدي أصدقاء لكنهم ليسوا ملتزمين ويدخنون، وأحياناً يلعبون الورق، ولكنهم -ولله الحمد- يصلون، وقليل منهم لا يصلي، ولكني أجلس معهم لعلي أقوم بإصلاحهم، فأنا أحياناً أتحين الفرصة في الوعظ والتذكير، وهذا قد يمر في يوم أو أكثر حتى تأتي الفرصة، فما حكم جلوسي معهم دائماً حتى أسافر إلى هذه الدولة؟ A أقول: أحبه الله الذي أحبنا فيه، وأسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعاً من أحبابه وأوليائه. أما ما ذكره في مشكلة البقاء مع زملائه الذين يمارسون بعض المعاصي، فهذا ينظر إن كان في بقائه مصلحة وكفٌ عن المعصية أو تقليل لها فلا بأس، وإلا فلا يجوز أن يبقى معهم؛ لقول الله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} [النساء:140] أي: إن جلستم وقعدتم معهم فأنتم مثلهم.

حكم توبة من تاب وقد سن في الإسلام سنة سيئة

حكم توبة من تاب وقد سنَّ في الإسلام سنة سيئة Q فضيلة الشيخ: رجل سن في الإسلام سنة سيئة وتاب منها، ولكن غيره لم يتب منها، فهل يلحقه إثمٌ من آثامهم بعد توبته؟ A الظاهر أنه لا يلحقه إثم من آثامهم؛ لأن الرجل تاب وإذا تاب عفا الله عن كل ما تعلق بهذه المعصية، ومن سؤال هذا السائل يتبين لنا خطر البدعة؛ لأن البدعة إذا سنها الإنسان وهي بدعة سيئة وكل بدعة ضلالة، واتخذها الناس سنة صاروا يحيون هذه البدعة بناءً على فعله -والعياذ بالله- فيلحقه من إثمهم، لكن إذا تاب فإن ظاهر النصوص أن من تاب من الذنب كمن لا ذنب له، ومن شروط التوبة أن يبين أنه رجع عن بدعته إلى الطريق الصحيح.

حكم ترك هللات قليلة للبنك الذي أخذ منه الراتب

حكم ترك هللات قليلة للبنك الذي أخذ منه الراتب Q فضيلة الشيخ: قد يكون للإنسان راتباً عند بنك من البنوك فيأتي يصرف ذلك الشيك ولكن يبقى هللات قليلة، فهل يجوز ترك تلك الهللات أم لا بد من أخذها، وأنه إن تركها فهو مساعد على الربا؟ A أولاً: قبل أن نجيب عن هذا السؤال نسأل: هل وضع الأموال في البنوك حلال أم لا؟ نقول: إذا احتاج الإنسان إلى وضعها فلا بأس؛ لأن البنوك ليست تتعامل بالربا (100%) بل معاملتها ربوية وغير ربوية، فإذا احتاج الإنسان إلى وضعها في البنك فلا حرج عليه، لكن لا يأخذ منهم رباً أبداً مهما كان الأمر؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [البقرة:178-279] .

حكم من نسي التسمية في الوضوء

حكم من نسي التسمية في الوضوء Q فضيلة الشيخ: تكلمت عن الوضوء لكن بالنسبة للتسمية ما حكم من نسيها وذكرها في أثناء الوضوء أم بعده؟ A التسمية على الوضوء ليست بواجبة؛ لأن الأحاديث الواردة فيها ضعيفة، حتى قال الإمام أحمد رحمه الله فيما نقله عنه ابن حجر رحمه الله في كتابه بلوغ المرام قال: لا يثبت فيه شيء. وعلى هذا: فإن سمى الإنسان فهو خير، وإن لم يسمِ فلا حرج عليه، وإذا نسي أن يسمي في أول الوضوء؛ فليسم متى ذكر ولو في أثناء الوضوء، فإن تم الوضوء وهو لم يذكر فلا شيء عليه.

حكم من سبق الإمام في التسليمة الثانية

حكم من سبق الإمام في التسليمة الثانية Q فضيلة الشيخ: إذا نهض المسبوق في الصلاة بعد تسليمة الإمام الأولى وقبل التسليمة الثانية، هل صلاته باطلة؟ A صلاته غير باطلة، لكن ذكر بعض أهل العلم أن صلاته في هذه الحالة تنقلب نفلاً، ولا تجزئه عن الفريضة، وذلك لأنه انفرد عن الإمام قبل تمام صلاة الإمام إذ أن صلاة الإمام لا تنتهي إلا بالتسليمة الثانية، فإذا قام يقضي ما فاته فقد انفرد قبل تمام صلاة إمامه، ولكن قالوا: إنها تكون نفلاً؛ لأن النفل عند كثير من هؤلاء يخرج منه الإنسان بتسليمة واحدة.

حكم طلب الطلاق من رجل لا ينجب

حكم طلب الطلاق من رجل لا ينجب Q فضيلة الشيخ: امرأة تزوجت قبل سبعة أعوام، وأثبتت التقارير الطبية أن زوجها ليس فيه إنجاب، فهل لها أن تطلب الطلاق من زوجها الذي ليس فيه إنجاب، وبماذا تنصحها يا فضيلة الشيخ؟ A نعم لها أن تطلب الطلاق، لأن لها حق في الأولاد، وإذا ثبت أن زوجها عقيم فلها أن تفسخ النكاح، لكن يبقى النظر: هل الأولى أن تطالبه بالفسخ، أو الأولى أن تبقى معه؟ ينظر إذا كان الرجل صاحب خير ودين وخلق؛ فلا بأس أن تبقى معه، وإلا فالأفضل أن تطلب زوجاً تنجب منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تزوجوا الودود الولود) .

حكم سجود السهو لمن بنى على الراجح ووافقه على ذلك المأمومون

حكم سجود السهو لمن بنى على الراجح ووافقه على ذلك المأمومون Q إذا شك الإمام في الرباعية هل صلى ثلاثاً أم أربعاً فبنى على الراجح عنده وهي ثلاث، وقال في نفسه: إذا سبح من خلفي جلست. فوافقه الجماعة ولم يسبحوا، فهل يوجب ذلك سجوداً للسهو؟ وأين مكان سجود السهو؟ A الغالب أن الإمام إذا أخطأ نبهه المأمومون لا سيما إذا كانوا كثيرين، أما إذا لم يكن معه إلا مأموم واحد، فالمأموم الواحد قد يخطئ كما أخطأ هو، وعلى هذا فإذا قام الإنسان إلى الثالثة وهو يظن أنها الرابعة ولم يسبح المأمومون فإن صلاته صحيحة، ولا يلزمه أن يسجد للسهو؛ لأن سكوت المأمومين عنه يدل على أنه على صواب. والشك لا يوجب السجود لأن عدم التنبيه يدل على أنه على صواب، لكن لو بقي شاكاً متردداً حتى في عدم تنبيههم إياه صار لا بد من أن يسجد للسهو، ويكون سجود السهو بعد السلام؛ لأن سكوت المأموم عنه يجعله يغلب على ظنه أنه على صواب.

حكم زيارة الجيران إذا كان فيهم من لا يصلي

حكم زيارة الجيران إذا كان فيهم من لا يصلي Q إذا كان لي جار قريب من البيت لا يصلي، ولكن في بيته من يصلي، فهل أترك تعاهدهم بالصدقة والعطية من أجله، أم أنويها لمن يصلي من أهل بيته؟ وما حكم ذلك الذي لا يصلي إذا كنت قد ناصحته عدة مرات؟ A أما الشق الأول من السؤال فنقول: نعم، تعاهد جيرانك حتى لو كان فيهم من لا يصلي، ما دام الأكثر في البيت هم الذين يصلون، وأما إذا كانوا لا يصلون كلهم -والعياذ بالله- كما يوجد في بعض العوائل فهؤلاء ليسوا أهلاً للصدقة ولا للبر؛ لأن هؤلاء لا يقرون على دينهم، بخلاف الجار إذا كان كافراً أصلياً، لم يطرأ عليه الكفر، فهذا أحسن إليه، ولهذا قال العلماء: الجيران ثلاثة: الأول: جار مسلم قريب فله حق الإسلام وحق القرابة. الثاني: جار كافر قريب فله حق القرابة والجوار. الثالث: كافر ليس قريباً فله حق الجوار. أما إذا كان الكفر ردة -والعياذ بالله- كالذي لم يصل فهذا لا يساعد بشيء، ولا يتصدق عليه بشيء.

حكم التعامل مع شركات التأمين

حكم التعامل مع شركات التأمين Q فضيلة الشيخ: ما حكم التعامل مع شركات التأمين التي تؤمن على المال والسيارات، مع العلم أنها تقول بأن طرقها شرعية؟ A شركات التأمين هي أن الإنسان يدفع كل سنة عن ماله -مثلاً- شيئاً معلوماً، مثل أن يقول: هذه سيارتي أؤمن عليها كل سنة خمسمائة ريال، على أنها إذا أصيبت بحادث أصلحتها شركة التأمين، وإن لم تصب بحادث سلمت الشركة وهذا هو عين الميسر تماماً الذي حرمه الله تعالى في كتابه وأجمع المسلمون عليه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:90] فهذا الذي تعامل مع شركة التأمين إما أن يكون غانماً وإما أن يكون غارماً. فمتى يكون غانماً؟ إذا أصيبت السيارة بحادث كبير فإنه يكون حينئذ غانماً؛ لأنه دفع مثلاً خمسمائة ريال والسيارة صلحت بخمسة آلاف ريال. ومتى يكون غارماً؟ إذا لم يحصل عليه حادث، فسيكون غارماً؛ لأنه دفع مثلاً خمسة آلاف ريال ولم يستفد منها شيئاً.

حكم الإسراف في شراء البخور والطيب

حكم الإسراف في شراء البخور والطيب Q فضيلة الشيخ: في هذه الأيام تكثر الولائم في مناسبات الزواج وغيره، وبعض الناس يبالغ في شراء العود -أعني: البخور- فيصل في قيمته إلى مبالغ خيالية، وإذا نوقش في ذلك استدل بما روي عن عمر حيث قال: [لو أنفق الرجل ماله كله في الطيب لم يكن مسرفاً] فما قولك وفقك الله؟ A قولنا: الطيب لا شك أنه محبوب، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (حبب إليَّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة) والحقيقة أن الطيب إذا لم يتعد طوره فلا إسراف فيه، أي: لو كان مثلاً هذا المكان يفد إليه الناس أفواجاً، كلما جاء فوج وضع له طيباً، هذا ليس إسرافاً، وإن كان هذا الطيب بالنسبة لأول فوج سيكون متكرراً، لكنه حقيقة ليس إسرافاً؛ لأن الطيب الأخير لمن جاء آخراً، فنقول: هذا ليس فيه إسراف. أما من أتى بطيب كثير وجعله يتبخر طوال المجلس مع طوله وعدم الاحتياج إليه فهذا يكون إسرافاً.

حقيقة حديث النفس الذي يؤاخذ عليه الإنسان والذي لا يؤاخذ عليه

حقيقة حديث النفس الذي يؤاخذ عليه الإنسان والذي لا يؤاخذ عليه Q فضيلة الشيخ: ما هو حديث النفس الذي يؤاخذ عليه الإنسان والذي لا يؤاخذ عليه؟ A حديث النفس الذي يؤاخذ عليه هو الذي يركن إليه الإنسان ويعتقده ويجزم به، هذا يؤاخذ عليه، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من وجد في نفسه شيئاً من الوساوس أن يستعيذ بالله وينتهي عنها، يقطع التفكير فيها. وأما إذا ركن إلى الشيء واعتقده؛ فهذا يكون آثماً على حسب ما حدث به نفسه، والإنسان يجد الفرق بين طارئ يطرأ على ذهنه ويدعه وبين شيء ثابت يستقر في ذهنه.

حكم الكلام أثناء خطبة الجمعة خارج المسجد

حكم الكلام أثناء خطبة الجمعة خارج المسجد Q فضيلة الشيخ: إذا كنت قريباً من المسجد فسمعت الخطيب يوم الجمعة يخطب وأنا في البيت أكلم زوجتي أو أولادي والإمام يخطب، أو كنت قريباً من المسجد في الطريق فقرأت السلام على من حولي، وأردت السلام عليه، فهل يشملني الحديث: (من لغا فلا جمعة له) ؟ وهل أعيد الصلاة؟ A أما إعادة الصلاة فلا إعادة حتى لو تكلم الإنسان في جوف المسجد والإمام يخطب فصلاته صحيحة، لكنه محروم الأجر، لا يكتب له أجر الذي أنصت ولم يتكلم. وأما كلامه خارج المسجد مع أهله أو في الشارع، فإذا كان يسمع خطبة الإمام الذي يريد أن يصلي خلفه فإنه لا يحل له، لأن هذا إمامه، أما إذا كان يسمع خطبة مسجد آخر مر به وهو يخطب، فلا حرج عليه أن يتكلم ولا يضره ذلك، سواء مع أهله أو في الشارع.

أحوال العالم الإسلامي

أحوال العالم الإسلامي Q سماحة الشيخ: نريد أن تسمعنا كلمات مختصرة عن أحوال العالم الإسلامي في هذه الأيام؟ A لا أستطيع أن أخبرك بها؛ لأن هذا يحتاج إلى أن أطوف جميع البلاد الإسلامية، وأبقى عند كل حكومة ودولة لمدة شهرين أو ثلاثة حتى أتفقد الأحوال في القرى والمدن، لكن حسب ما نسمع من الإذاعات: أن الناس في أمواج من الفتن: في القتل والتخريب وغير ذلك، والشكوى إلى الله عز وجل، والعجب أنه قد تكون المقاتلة والتخريب من المسلمين بعضهم مع بعض كما تسمعون، لهذا نسأل الله عز وجل أن يهيئ لكل بلد إسلامي قيادة صالحة تقوده بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والناس إذا رجعوا إلى الكتاب والسنة فإنهم سيجدون السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة.

حكم من أخذ شيئا سقط منه في أثناء الصلاة

حكم من أخذ شيئاً سقط منه في أثناء الصلاة Q فضيلة الشيخ: رجل في صلاة الظهر سقط منه منديل وهو قائم فانحنى ثم أخذ المنديل، فهل تبطل صلاته بهذه الحركة؟ A نعم تبطل صلاته بهذه الحركة؛ لأنه إذا ركع انحنى حتى وصل إلى حد الركوع فقد زاد ركوعاً، لكن إن كان جاهلاً فلا شيء عليه؛ لعموم قوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] ولذلك لو سقط منك منديل أو مفتاح وأنت قائم تصلي، فدعه حتى تصل إليه عند السجود، أو خذه برجلك إن كنت تستطيع أن تقف على رجل واحدة، خذه برجلك واقبضه بيدك، أما أن ينحني الإنسان ويأخذه من الأرض انحناءً يكون إلى الركوع أقرب منه إلى القيام فهذا لا يجوز.

حكم صلاة المنفرد خلف الصف

حكم صلاة المنفرد خلف الصف Q فضيلة الشيخ: ما هو الراجح في صلاة المنفرد خلف الصف إن لم يجد من يصف معه، أو كان الذي يصف معه صبياً صغيراً لا سيما إن أدرك الإمام وهو راكع؟ A القول الراجح: أنه إذا لم يجد الإنسان مكاناً في الصف فإنه يصف وحده ولا حرج عليه، وذلك لقول الله تبارك وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وهذا لا يستطيع إلا في شيء فيه محظور، المحظور إما أن يجذب شخصاً من الصف وهذا غلط؛ لأنه تصرف في الغير بغير إذنه، ولأنه اعتدى على هذا الرجل فنقله من المكان الفاضل إلى المكان المفضول، ولأنه فتح في الصف فرجة، ولأنه يلزم من ذلك أن الصف كله يتحرك ويقرب بعضه إلى بعض، هذا إذا قلنا: إنه يسحب شخصاً. وإذا قلنا: اذهب وقف مع الإمام، فهذا أيضاً محظور، ما هو المحظور؟ إذا وقف مع الإمام فقد خالف السنة؛ لأن السنة أن ينفرد الإمام في مكانه ولا يبقى معه أحد. ثم إذا قلنا: ادخل مع الإمام لزم من ذلك تخطي الصف أم لا؟ كم من صف يتخطاه؟ حسب الموجود، قد يتخطى صفاً واحداً أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر، فيكون في ذلك ضرر. ثم نقول: لو قلنا: تقدم إلى الإمام، وجاء شخص بعد ذلك والصف تام أين يكون؟ يتقدم إلى الإمام، صاروا ثلاثة، ثم جاء آخر ووجد الصف قد تم وقلنا: تقدم إلى الإمام. صاروا أربعة، وحينئذٍ ربما يكونون صفاً كاملاً، لكن لو أنه شرع في الصلاة منفرداً خلف الصف وجاء آخر صاروا صفاً. أما قوله: هل يجوز أن يقف مع الصبي؟ فنقول: نعم، يجوز أن يقف مع الصبي، والصبي له أن يصاف البالغ، ولا حرج، فقد صلى أنس بن مالك ويتيم معه خلف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ويقال أيضاً: أليس هذا الصبي تصح صلاته؟ بلى، كل من صحت صلاته صحت مصافته إلا المرأة مع الرجل، وكل من صحت مصافته صحت إمامته، ولذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاه وفود، فقال عليه الصلاة والسلام: (ليؤمكم أكثركم قرآناً) فكان عمرو بن سلمة الجرمي أكثر قومه قرآناً، فجعلوه هو الإمام، وليس له إلا ست أو سبع سنين، جعلوه إماماً للقبيلة كلها الفريضة وهو ليس له إلا ست أو سبع سنين هكذا جاء في صحيح البخاري.

احتساب الأجر وانتظار الفرج لمن أصيب بمرض المس

احتساب الأجر وانتظار الفرج لمن أصيب بمرض المس Q شيخنا المبارك نحن أسرة كاملة قد حضر معظمنا هذا اللقاء المبارك، ونحن ضيوف في هذه الليلة المباركة، شيخنا! لقد قدر الله علينا أذية المشعوذين وتسلط المجرمين من الشياطين والحمد لله على كل حال، ونحن الآن في بداية طريق العلاج وما أشقه، ولكن النفس تكل وتتعب وتمل وتضجر خصوصاً يا فضيلة الشيخ إذا رأى الإنسان ذلك من أقرب الناس إليه كما قال الشاعر: وظلم ذوي القربى. شيخنا المبارك! إن من إكرام الضيف أن تؤنسه، وإن من حق المؤمن على المؤمن أن يوصيه بالصبر، فهلا كلمات ترفع الهم بها عنا وتكسر جدار الحزن والظلم فرج الله كربتك وغفر لنا ولوالديك؟ A لا شك أن هذه الحال التي وصفها السائل محزنة، لكن على كل إنسان أصيب بمصيبة أن يصبر، وأن يعلم أن هذه المصائب تكفر بها السيئات، وإذا احتسب الإنسان الأجر رفع الله له بها درجات. ثم إنه إذا صبر وتناسى الأمر حصل له برؤ منه، لأن الوهم النفسي له تأثير في بقاء المرض وزيادته المرض، فإذا رفض الإنسان هذا المرض وصار لا يفكر فيه فإنه بإذن الله سوف يشفى. فنصيحتي لكم: أن تصبروا وتحتسبوا الأجر من الله وتنتظروا الفرج منه {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] وكم من أناس بلغوا إلى حد الموت إلا أن أرواحهم لم تخرج من أبدانهم وشفاهم الله.

حكم ترك الرواتب في مكة لمن كان مسافرا

حكم ترك الرواتب في مكة لمن كان مسافراً Q فضيلة الشيخ: إذا كان الإنسان في مكة ويصلي في المسجد الحرام وهو مسافر، فهل الأفضل له أن يصلي الرواتب، أم الأفضل أن يتركها؟ فإذا تركها هل تكتب له مائة ألف صلاة أم تكتب صلاة واحدة؟ A أولاً: يقول السائل: إن المسافر يترك الرواتب، والحقيقة أنه لا يترك الرواتب إنما يترك راتبة الظهر وراتبة المغرب وراتبة العشاء، المسافر لا يترك من النوافل إلا هذه الثلاث فقط، وانتبهوا لها، لأن بعض الناس يقول: من السنة في السفر ترك السنة! فتجده لا يصلي صلاة الضحى، ولا يتهجد في الليل، بناءً على هذا المفهوم الذي فهمه وهو خطأ. فاعلم يا أخي أنه -أي: المسافر- يصلي جميع النوافل ما عدا ثلاثاً فقط، وهي: سنة الظهر، وسنة المغرب، وسنة العشاء. أما إذا كان الإنسان في مكة فإن الأفضل له ألا يصلي الرواتب الثلاث كما قلنا، لكن يغتنم الفرصة في الصلاة في المسجد الحرام على أنه نفل مطلق وليس راتبة، والنفل المطلق يجوز للمسافر أن يصلي ما شاء.

حكم السائل الذي يخرج بعد مداعبة الزوجة

حكم السائل الذي يخرج بعد مداعبة الزوجة Q فضيلة الشيخ: "لا حياء في الدين" يكون بيني وبين زوجتي مداعبة وتقبيل، وفي أثناء المداعبة أحس بلذة، وبعد فترة أرى سائلاً يخرج مني، فهل هذا السائل يوجب الغسل؟ أي: هل يكون هذا السائل منياً؟ وهل المرأة يكون إنزالها مثل إنزال الرجل بالكيفية والكمية واللون؟ وما حكم صلاتي وصيامي في الماضي؟ A أما ما ذكره السائل من أنه بعد أن تفتر شهوته يخرج منه هذا الخارج فإنه مذي ولا يوجب الغسل؛ لأن الجنابة التي توجب الغسل تخرج دفقاً بلذة، وهذا السائل لم يخرج دفقاً فليس موجباً للغسل، وإنما عليه أن يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ للصلاة. أما سؤاله عن المرأة: فإن ماءها يختلف عن ماء الرجل، ماؤها رقيق ولا يخرج دفقاً بخلاف ماء الرجل، كذلك ماء الرجل له رائحة تشبه رائحة لقاح النخل بخلاف المرأة فإنه ليس للخارج منها رائحة. وأما ما ذُكر أنه صلى من قبل دون أن يغتسل، فنقول: إن هذا لا يوجب الغسل وإنما يوجب غسل الذكر والأنثيين، وإذا كان لا يدري عن هذا الأمر فليس عليه شيء. أما قوله "لا حياء في الدين" فالأحسن أن يقول: إن الله لا يستحيي من الحق، كما قالت أم سليم رضي الله عنها: (يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟) أما "لا حياء في الدين" فهذه توهم معنىً فاسداً؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (الحياء من الإيمان) فالحياء في الدين من الإيمان، لكن غرض القائل: "لا حياء في الدين" يقصد أنه لا حياء في مسألة الدين، أي: في أن تسأل عن أمر يستحيا منه، فيقال: إذا كان هذا هو المقصود فخير منه أن يقول: إن الله لا يستحيي من الحق.

حكم تغطية المرأة وجهها من الطفل الصغير

حكم تغطية المرأة وجهها من الطفل الصغير Q متى تغطي المرأة وجهها من الطفل الصغير؟ A لم يقيد الله عز وجل ذلك بسنٍ معين، وإنما قال: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور:31] فإذا كان هذا الطفل لا يأبه بالمرأة ولا يلتفت إليها ولا يذكر أوصافها فإنه لا حرج عليها أن تكشف وجهها عنده، أما إذا علم من نظراته وتتبعه النساء أن فيه شهوة؛ فإنه يكون هنا قد اطلع على عورات النساء فلا يحل للمرأة أن تكشف أمامه. وفي الغالب أن من بلغ عشر سنوات فإنه يطلع على عورات النساء.

حكم من أفطرت رمضان لسنوات متتالية في بسبب الحمل أو الرضاع

حكم من أفطرت رمضان لسنوات متتالية في بسبب الحمل أو الرضاع Q إذا أفطرت المرأة سنوات متتالية في رمضان بسبب حملها أو الرضاعة، فهل يجوز أن تؤدي تلك الأيام بعد ذلك؟ A إذا أفطرت المرأة لحملها أو لإرضاعها وجب عليها أن تصوم من أيام أخر، حتى لو طالت المدة فإنه لا إثم عليها؛ لأنه ربما يأتيها رمضان الثاني وهي في رضاع، فيشق عليها الصوم، فنقول: تنتظر حتى يزول الرضاع وحتى لا يحدث حمل آخر.

حكم أذية الناس من قبل الأطفال وغيرهم في المساجد

حكم أذية الناس من قبل الأطفال وغيرهم في المساجد Q فضيلة الشيخ لا نستطيع السماع إلى هذا اللقاء بسبب إزعاج الأطفال حتى بلغني أحد الإخوة يقول: عددنا في اللقاء الماضي عشرين طفلاً؟ A إذا كان الأطفال يشوشون على الحاضرين؛ فإنه لا يجوز لأوليائهم أن يأتوا بهم إلى المساجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم منع آكل البصل من قربان المسجد، وعلل ذلك بأنه أذية، قال: (إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان) فكلما يؤذي المصلين فإنه لا يجوز إحضاره. بقي أن يقال أيضاً: إن بعض الناس يشكون من البياجر، بعض الناس بيجره صوته رفيع، وأحياناً يدق وهو في السجود فلا يستطيع أن يسكته، فيحصل بذلك تشويش، فنقول: من عنده بيجر فإنه ينتبه له، وله أزرار فليصكه إذا جاء إلى الصلاة من أجل أن يسلم الناس من شره.

حكم قراءة القرآن من أجل العلاج الجسدي

حكم قراءة القرآن من أجل العلاج الجسدي Q فضيلة الشيخ: قرأت لكم في أحد مساجد عنيزة منشوراً معلقاً في المسجد ومضمونه: أنه إذا تعسرت الولادة على المرأة فبالإمكان أن تقرأ بعض السور والآيات. إلى غير ذلك، وذُكِرَ في المنشور أنه من باب التجربة له إيجابيته، فهل نجعل ما يحصل بالتجربة مقياساً للشرع والعبادة أم لا؟ A أما السؤال الآن -كما سمعنا- يقول: إن الحامل التي تعسرت ولادتها هي التي تقرأ، وليس كذلك، بل يُقرأ لها في ماء وتسقى منه، ويمسح به ما حول مخرج الولد، وهذا نافع بإذن الله. وأما التجربة فإن كان المجرب له أصل فإن التجربة تكون تصديقاً له، وإن لم يكن له أصل فإن كانت هذه التجربة في أمور محسوسة فلا شك أنها عمدة، وإن كانت في أمور شرعية فلا، القرآن الكريم الاستشفاء به له أصل، قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء:82] فله أصل، فإذا جربت آيات من القرآن لمرض من الأمراض ونفعت صار هذا النفع تصديقاً لما جاء في القرآن من أنه شفاء للناس. أما غير الأمور التعبدية فهذه خاضعة للتجربة بلا شك، فلو أن إنساناً مثلاً له بصيرة فيما يخرج من الأرض من الأعشاب ونحوها خرج إلى البر وجمَّع ما يرى أن فيه مصلحة وجرب فإنه يثبت الحكم به.

أسهل طريقة لفهم النحو

أسهل طريقة لفهم النحو Q هذا طالب علم مبتدئ يقول: فضيلة الشيخ أحاول أن أفهم النحو ولكني وصلت إلى مرحلة اليأس، أرجو أن تدلني على الطريقة المثلى لفهمه بسهولة، وما هو الكتاب المفيد للمبتدئين، وهل لا بد من دراسته على أستاذ وفقك الله؟ A يقال: إن أحد أئمة النحو حصل له مثلما حصل لهذا الشخص، عجز عن إدراك النحو، وأنه في يوم من الأيام رأى نملة تحمل طعاماً، وتريد أن تصعد الجدار، وكانت كلما ارتفعت في الجدار سقطت هي وطعامها، تعجز، فجرى ذلك عدة مرات من هذه النملة، تصعد وتسقط، تصعد وتسقط، وفي النهاية صعدت وسلمت، فقال: هذا النملة كابدت هذا العمل إلى هذا الحد ولم تيئس وحصل لها مقصودها، فلماذا لا أتابع أنا؟! فتابع ودرس النحو وصار إماماً فيه. وأقول لأخينا السائل: من أحسن وأبرك وأنفع ما قرأنا كتاب الآجرومية، هذا الكتاب مختصر مبارك، جمع فيه المؤلف رحمه الله أصول النحو، فما دمت مبتدئاً فعليك بهذا الكتاب، واحرص على أن تجد معلماً جيداً في عرض المعاني وفي تصوير المسائل، ويقال: إن النحو بابه حديد، وباقيه قصر، سهل، فأنت استعن بالله وتعلم، ولا تيئس.

حكم إلقاء النقود على من يضربن بالدف في الزواج

حكم إلقاء النقود على من يضربن بالدف في الزواج Q فضيلة الشيخ: سمعنا عن زواج وجد فيه رمي للنقود على من يضربن بالدف، فنريد من فضيلتكم أن تطرحوا كلمةً توجيهية حول هذا الموضوع؟ A لا شك أن الدف والغناء ليلة الزفاف مما جاءت به السنة، حتى أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (هلا بعثتم معها من يغني فإن الأنصار يعجبهم اللهو) . وأما إلقاء الدراهم على اللاتي يباشرن هذا العمل فهذا عند العلماء مكروه، قالوا: إنه يكره النثار والتقاطه لما في ذلك من المشاحة والتعب، وربما تشاحوا فأمسك أحدهم بطرف الورقة والثاني بطرفها الآخر ثم تمزقت بين أيديهم.

حكم دق الطبل للرجال والنساء في الأعراس وغيرها

حكم دق الطبل للرجال والنساء في الأعراس وغيرها Q فضيلة الشيخ: نقل عنكم في بعض المناطق جواز دق الطبل في العرس للرجال، فهل هذا صحيح؟ وما حكم دق الرجال للطبل في العرس، نرجو بيان ذلك لأن اللقاء ينشر في أشرطة؟ A أما الطبل فلا يجوز لا للرجال ولا للنساء، والذي يجوز للنساء هو الدف، والفرق بين الدف والطبل: أن الدف من جانب واحد والطبل من الجانبين، والذي من الجانبين سيكون له رنين ونغمة أكثر من الذي من جانب واحد، فلذلك جاءت السنة بالدف ولم تأت بالطبل. وأما الرجال فإن الرجال لا نفتيهم بالجواز وإن كان بعض العلماء أجاز ذلك لكننا لا نفتي به؛ لأننا نخشى من أن يتوسع الأمر ويحصل فيه ضرر على الرجال والنساء. والناقل عنا بأننا أفتينا بجوازه للرجال غير صحيح، لكن لعله سمع منا أننا قلنا: إن بعض العلماء أجازه، فظن أن هذا من باب الإقرار.

حكم قصر الصلاة لمن وصل إلى البلد

حكم قصر الصلاة لمن وصل إلى البلد Q إذا أدرك الإنسان وقت الصلاة وهو في السفر قادماً إلى بلده ولم يصل تلك الصلاة حتى وصل إلى البلد، هل يصليها قصراً، أم يصليها تامةً جزاك الله خيراً؟ A يصليها كاملة، إذا أقبل الإنسان على بلده ودخل الوقت ووصل إلى البلد فهل يصليها تامة أم مقصورة؟ نقول: صلها تامة، كما أن العكس يصليها مقصورة، فلو أذن المؤذن وأنت في بلدك، ثم سافرت قبل أن تصلي، فهل تصليها أربعاً أو تصليها ركعتين؟ الراجح أنك تصليها ركعتين، لأن العبرة بفعل الصلاة، فيقال: كما أن الإنسان لو قدم من سفره قبل أن يصلي وقد دخل عليه الوقت يصلي أربعاً، فكذلك إذا خرج من بلده مسافراً ولم يصل فإنه يصلي ركعتين.

كيفية الرجوع إلى الله

كيفية الرجوع إلى الله Q إنسان رجع إلى الله وهو لا يدري كيف يتوب إلى الله، أريد توضيح ذلك يا فضيلة الشيخ؟ A الرجوع إلى الله عز وجل: أن يندم على ما حصل منه، وأن يتمنى أنه لم يقع منه الذنب، وأن يعزم على ألا يعود في المستقبل، وليس من الشرط ألا يعود، الشرط أن يعزم على ألا يعود، فلو فرض أن نفسه سولت له وعاد إلى المعصية فإن توبته الأولى تصح بالنسبة للذنب السابق عليه، وهذا الذنب اللاحق يجب أن يحدث له توبة.

حكم الإنكار على كافر متلبس بمنكر

حكم الإنكار على كافر متلبس بمنكر Q هل إذا رأيت الكافر على منكر هل أنكر عليه أم لا؟ A إذا رأيت الكافر على منكر فلا تنكر عليه؛ لأنه لم يلتزم بأحكام الإسلام، ولكن ادعه إلى الإسلام، ادعه إلى أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويحج البيت، لكن إذا كان في وسط قوم ينكرون هذا المنكر فإنه ينكر عليه لا من أجل أنه ملتزم بأحكام الإسلام، وإنما ينكر عليه لأنه خالف نظام البلد.

حكم كشف والدي من الرضاع على زوجتي

حكم كشف والدي من الرضاع على زوجتي Q هل يعتبر والدي من الرضاع محرماً لزوجتي، وما هي القاعدة في الرضاع؟ A أكثر العلماء يقولون: إن والد الزوجة من الرضاع كوالد الزوجة من النسب، والصحيح عندي خلاف ذلك، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن أبا الزوج من الرضاع لا علاقة له في زوجته؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وأبو الزوج حرام من الصهر وليس من النسب، لذلك نرى أن أبا الزوج من الرضاع لا يحل لزوجة ابنه من الرضاع أن تكشف له؛ لأنه ليس من محارمها.

اللقاء الشهري [38]

اللقاء الشهري [38] في هذا اللقاء الشهري تحدث الشيخ رحمه الله عن كيفية صلاة الكسوف وأحكامها، وذكر المسائل المتعلقة بها. ثم ختم ذلك بذكر ميراث الأنبياء من العلم والدين، وما ينبغي على العلماء أن يرثوا فيه الأنبياء، كالعلم والدعوة والحكمة، والعبادة، وحسن الخلق، وكل هذا يعد من الإرث الذي يرثه أهل العلم من أنبيائهم عليهم الصلاة والسلام.

مشروعية صلاة الكسوف

مشروعية صلاة الكسوف الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن من المناسب أن يكون لقاؤنا هذا وهو اللقاء الشهري الذي يتم في مساء كل سبت من السبت الثالث من كل شهر، وهذا هو السبت السادس عشر من شهر جمادى الأولى عام (1417هـ) . وكان ما ذكره أخونا الشيخ/ حمود بن عبد العزيز الصايغ هو موضوع البحث لاستقبال دور العلم للشباب، لكن قد يكون هناك شيء معترض كما يقول النحويون: هذه جملة معترضة، والشيء الذي اعترض هو ما حصل قبل الليلة الماضية من كسوف القمر، يقال: كسوف القمر وخسوف القمر ويقال: كسوف الشمس وخسوف الشمس، لكن الأكثر أن يقال في القمر: خسوف، وفي الشمس: كسوف. نحن نعلم جميعاً أن خالق السماوات والأرض هو الله عز وجل، وخالق الشمس والقمر هو الله عز وجل، ومسير الشمس والقمر هو الله عز وجل، يقول الله تبارك وتعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس:38] محجوب {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس:38-39] فهما -أعني: الشمس والقمر- يسيران بأمر الله عز وجل منذ خلقهما الله تعالى وإلى أن يأذن الله تعالى بخرابهما وانتهاء العالم، هذه الشمس تطلع كل يوم، والهلال يهل كل شهر بأمر الله عز وجل هو المدبر لهما؛ ولهذا لما حاج الرجل إبراهيم في ربه، فقال له إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} [البقرة:258] فقال له إبراهيم: {إِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} [البقرة:258] فما استطاع أن يرد على هذا الإيراد: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة:258] ولهذا لو اجتمعت الخلائق كلها على أن ترد الشمس عن طلوعها أو تعجل في غروبها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وإنما الذي يقدر على ذلك هو خالقها الله رب العالمين جل وعلا. وإذا أراد الله تعالى أن ينذر عباده خسف القمر وكسف الشمس بأمره جل وعلا، هما آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، هكذا أعلن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وذلك لأن الشمس كسفت في آخر حياته عليه الصلاة والسلام، في اليوم التاسع والعشرين من شهر شوال سنة عشر من الهجرة، وصادف أن ذلك اليوم كان فيه موت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم؛ لأنهم في الجاهلية يقولون: الشمس تكسف إذا مات عظيم، والقمر يخسف إذا مات عظيم، فأعلن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بطلان هذه العقيدة وقال: (إنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته) قال: (لموت أحد) لأن هذا هو المعتقد في زمن الجاهلية (ولا لحياته) طرداً للباب، وإلا فلا نعلم أن أحداً من الناس قال: إن الشمس تنكسف أو القمر ينخسف لحياة أحد، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أردف الموت بذكر الحياة طرداً للباب، وأن حياة الناس وموتهم لا يؤثر في العالم العلوي أبداً.

صفة صلاة الكسوف

صفة صلاة الكسوف ثم إن الرسول عليه الصلاة والسلام لما كسفت الشمس وكان كسوفها كلياً، وكان بعد ارتفاعها بمقدار رمح أو رمحين، أي: بعد ثلثي ساعة تقريباً من طلوعها، وكان اليوم شديد الحرارة، فزع النبي عليه الصلاة والسلام فزعاً عظيماً، وقام مسرعاً حتى لحق بردائه، وخرج إلى الناس وأمر منادياً ينادي: الصلاة جامعة. فاجتمع المسلمون رجالاً ونساءً في المسجد ينظرون ماذا يفعل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومن المعلوم أنه إذا كان الكسوف كلياً في الشمس فإن الدنيا سوف تظلم، وقيل: الصلاة جامعة. فاجتمع المسلمون وقام بهم النبي صلى الله عليه وسلم قياماً طويلاً، وصلى صلاةً غير معهودة لماذا؟ لأنه لما كان الكسوف غير معهود كانت الصلاة غير معهودة، فلهذا قيل: آية شرعية لآية كونية، ما هي الآية الشرعية؟ الصلاة، لأنه لا نظير لها في الصلوات، لآية كونية: وهي كسوف الشمس الذي حصل. قرأ قراءة طويلة حتى إن الصحابة على قوتهم في دين الله، وشدة أجسامهم، بعضهم صار يخر، يغشى عليه، والنبي عليه الصلاة والسلام في آخر عمره ومع ذلك بقي قائماً القيام الأول بمقدار سورة البقرة، كم البقرة؟ جزآن ونصف تقريباً، ومع ذلك بقي يقرأ عليه الصلاة والسلام، ثم ركع ركوعاً طويلاً طويلاً، ثم قام وقرأ الفاتحة وسورةً طويلة لكنها دون الأولى، وهذا من حكمة النبي عليه الصلاة والسلام، يبدأ الصلاة بالطول ثم يقصرها؛ لأن الناس إذا ابتدءوها بالطول ربما يلحقهم كسل أو ملل أو عجز وتعب، فصار أول الصلاة طويلاً وآخرها قصيراً، حتى في الصلوات الخمس يطيل الركعة الأولى في الظهر أكثر من الثانية، وكذلك من العصر، وكذلك من الفجر لهذه الحكمة. ثم قرأ قراءةً طويلة دون الأولى، ثم ركع ركوعاً طويلاً دون الأول، ثم قام وقال: سمع الله لمن حمده، وقام قياماً طويلاً نحواً من ركوعه إلا أنه لم يقرأ، ثم سجد سجوداً طويلاً، ثم جلس بين السجدتين جلوساً طويلاً، ثم سجد سجوداً طويلاً، ثم قام إلى الثانية وصنع كالأولى إلا أنها أخف منها. وانصرف وقد تجلت الشمس، وتعلمون أن الكسوف إذا كان كلياً تطول مدته، لكن الرسول أطال الصلاة.

ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف

ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف ولما انتهى من الصلاة قام وخطب الناس خطبةً عظيمةً بليغة، وبين عليه الصلاة والسلام أن الجنة عرضت عليه، والنار عرضت عليه، وأنه تقدم إلى الجنة ليأخذ منها عنقوداً قال: (ولو أخذت لأكلتم منه ما بقيت الدنيا) ولكن الله سبحانه وتعالى صرف همته عنه وبدا له ألا يأخذ شيئاً. ثم عرضت عليه النار وتأخر حتى كاد يبلغ الصف خوفاً من لفحها، ورأى فيها من يعذب، رأى فيها عمرو بن لحي الخزاعي يعذب يجر قصبه في النار، ما هي القصب؟ الأمعاء، يجرها في النار؛ لأنه أول من أدخل الشرك وسيب السوائب في جزيرة العرب. ورأى فيها صاحب المحجن وهو رجل يسرق الحجاج بمحجنه، يأخذ متاع الحاج ويجذبه حتى يسقط من البعير، فإن فطن له الناس قال: علق بالمحجن -أي: هو لم يتقصد- وإن لم يفطنوا له أخذه ومشى، رآه يعذب في النار. ورأى أيضاً امرأةً عذبت في هرة حبستها، لا هي أطعمتها حين حبستها، ولا هي أطلقتها تأكل من خشاش الأرض، فعذبت بسبب هذه الهرة انظر تعذيب الحيوان يعذب عليه الإنسان، والإحسان إلى الحيوان يثاب عليه الإنسان، امرأة بغي زانية مرَّ بها كلب يأكل الثرى من العطش، ما هو الثرى؟ التراب الرطب، يأكله من العطش، فنزلت وأخرجت ماءً بخفها وأسقته الكلب فغفر الله لها. قالوا: (يا رسول الله! ألنا في البهائم أجراً؟ قال: نعم، في كل ذات كبد حراء أجر) الله أكبر! أنت الآن إذا أطعمت الشاة من العلف وسقيتها من الماء تنمي مالك، والمصلحة لك، ومع ذلك لك أجر عند الله، أنت إذا أطعمت أهلك تبتغي بذلك وجه الله أثابك الله على ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ سعد بن أبي وقاص: (إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعله في فم امرأتك) . هذه صفة صلاة الكسوف، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته إذا رأوا الكسوف أن يفزعوا إلى الصلاة والدعاء والذكر والتكبير والاستغفار والصدقة والعتق، من أجل أن يندفع الشر الذي انعقدت أسبابه، والكسوف نفسه ليس هو عذاب لكنه منذر بعذاب، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (يخوف الله بهما عباده) ولم يقل: يعاقب الله بهما عباده، تخويف، فالأمر عظيم، يجب الفزع له، ولهذا كان أرجح أقوال العلماء: أن صلاة الكسوف فرض كفاية، لا بد أن تقام في البلد.

مسائل متعلقة بصلاة الكسوف

مسائل متعلقة بصلاة الكسوف المسألة الأولى: الأفضل في صلاة الكسوف أن يجتمع الناس عليها؛ لأن هذا هو الذي حصل في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، لم يتفرق الناس في مساجدهم، ولأن الناس إذا اجتمعوا كانوا أقرب إلى القبول ورفع الإنذار بالعذاب عنهم. وأيضاً إذا اجتمعوا على إمام واحد فقد يكون عند الإمام من الموعظة ما يلين القلوب بخلاف ما إذا تفرقوا. المسألة الثانية: إذا جاء المأموم وقد رفع الإمام من الركوع الأول في الركعة، فهل يكون أدرك الركعة؟ A لا، لو دخلت مع الإمام وقد ركع الركوع الأول فقد فاتتك الركعة، ولنضرب لهذا بأربعة أمثلة: المثال الأول: رجل دخل مع الإمام قبل أن يركع الركوع الأول فهذا نقول: إنه أدرك الركعة، وبعد أن ركع الركوع الأول لكنه يقرأ للركوع الثاني ماذا نقول؟ فاتته الركعة. المثال الثالث: دخل مع الإمام في قراءة الركوع الأول من الركعة الثانية فهذا فاتته الركعة الأولى وأدرك الركعة الثانية. المثال الرابع: دخل مع الإمام بعد أن رفع من الركوع الأول في الركعة الثانية، فاتته الصلاة كلها، فإذا سلم الإمام أتى بما فاته على صفته، أي: يركع ركوعين في كل ركعة. المسألة الثالثة: لو انجلى الكسوف قبل أن يتم الصلاة فماذا يصنع؟ يتم الصلاة ولكن يخفف؛ لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (صلوا حتى ينجلي) فإذا انجلى والإمام في أثناء الصلاة فإنه يخففها ويتممها. المسألة الرابعة: لو انجلى الكسوف قبل أن يصلوا، فماذا يفعلون؟ لا يصلون؛ لأنه انجلى وفات وقته، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (صلوا حتى ينجلي) . المسألة الخامسة: لو حصل الكسوف كما حصل في شهرنا هذا -أي: عند طلوع الفجر- فنقول: إن علموا به قبل الأذان صلوا الكسوف؛ لأنهم علموا به ولا ينبغي أن يؤخروا الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (افزعوا) أي: صلوا بسرعة كالفزع من الخوف، فإذا صلوا وطلع الفجر وخافوا أن تطلع الشمس قبل أن ينتهوا من صلاة الفجر فماذا يصنع؟ يخفف الصلاة -أي: صلاة الكسوف- من أجل صلاة الفجر. المسألة السادسة: إذا طلع الفجر قبل أن يصلوا صلاة الكسوف، فماذا يصنعون؟ يبدءون بالفريضة قبل صلاة الكسوف، لأن الفريضة صلاة، فتدخل في عموم قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (افزعوا إلى الصلاة) ولأنها فريضة والفريضة أحب إلى الله من النافلة؛ لقول الله تعالى في الحديث القدسي: (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) ولأنه إذا صلى الفريضة صار الناس في سعة، يستطيع الإنسان أن يخرج إذا كان له شغل أو يخرج إذا كان يريد قضاء حاجته، بخلاف ما إذا كانت صلاة الفجر هي المؤخرة، فالمهم أنه متى صار الكسوف بعد دخول وقت الصلاة المفروضة فإنه يبدأ بالصلاة المفروضة. هذه مسائل تتعلق بالكسوف، ونسأل الله تعالى أن يعاملنا جميعاً بعفوه، إنه على كل شيء قدير.

إرث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

إرث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أما موضوع اللقاء قبل أن يأتي هذا العارض فهو "إرث الأنبياء" الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يورثون، لو تركوا أموالاً عظيمة لا يرثها أقاربهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة) وهذا من حكمة الله؛ لأنه لو كان النبي يورث لقال المفترون الكاذبون: إن هذا يريد أن يجمع المال ليورث من بعده، لكنهم لا يورثون، وأما قوله تعالى: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مريم:5-6] فالمراد: إرث العلم والنبوة، بدليل قوله: {وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مريم:6] ومعلوم أن الإنسان لا يرث ميراث المال إلا من أبيه، فهذا ميراث العلم.

من إرث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام العبادة

من إرث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام العبادة الأنبياء ورَّثوا شيئاً واحداً وهو العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر، ولكن يجب على العلماء الذين ورثوا الأنبياء في علمهم أن يرثوا الأنبياء في: أولاً: عباداتهم. ثانياً: دعوتهم إلى الله عز وجل. ثالثاً: أخلاقهم. فالعالم يجب عليه أولاً أن يكون من أسبق الناس إلى عبادة الله؛ لأنه يدعو الناس إلى العبادة فكيف يدعوهم وهو معرض عنها، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي حمله الله أعظم رسالة كان أخشى الناس وأتقاهم لله عز وجل، حتى إنه يقوم يتهجد فتتورم ساقاه وقدماه من طول القيام. قام معه مرة حذيفة بن اليمان وهو أشب من الرسول عليه الصلاة والسلام، يقول: فقرأ البقرة، فقلت: يقف عند المائة -أي: مائة آية- فاستمر عليه الصلاة والسلام حتى أتم البقرة، ثم شرع في النساء فأتمها، ثم في آل عمران فأتمها ثلاث سور تبلغ خمسة أجزاء وربع، ويقول حذيفة: (كان لا يمر بآية تسبيح إلا سبح، أو آية رحمة إلا سأل، أو آية وعيد إلا تعوذ) فسيكون قيامه طويلاً!! ابن مسعود أيضاً صلى معه وأطال القيام عليه الصلاة والسلام، قال ابن مسعود: [حتى هممت بأمر سوء -وابن مسعود صغير- قيل: ماذا هممت؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه] . فأقول: إن وارث الأنبياء الذي منَّ الله عليه بالعلم يجب أن يرثهم في العبادة أيضاً فيكون من أعبد الناس لله عز وجل.

من إرث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الدعوة إلى الله

من إرث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الدعوة إلى الله ويجب أن يرثهم في الدعوة إلى الله عز وجل سراً وعلناً، عموماً وخصوصاً، ولكن يجب أن يكون على بصيرة بالعلم، يكون عنده علم حقيقي، لا يأخذ العلم تناوشاً ثم يقول: أنا من أنا. بعض طلبة العلم يأخذ العلم تناوشاً وإذا أدرك منه مسألةً واحدة قال: أنا من أنا، ثم صار يفتي ويتكلم ويقول ويزمجر، ومعلوم أن مثل هذا إذا جلس عند العامة فهو عندهم شيخ كبير عالم؛ لأن العامي لا يعرف شيئاً؛ لذلك يجب أن يكون عند الإنسان علم يستطيع به أن يدعو إلى الله على بصيرة، لا بد من هذا، ولكن دعوة حق، دعوة حكمة، ينظر إلى هدي النبي عليه الصلاة والسلام في دعوة الخلق إلى الحق: أهي بالعنف والصرامة، أم هي باللين والحكمة؟ باللين والحكمة، واستمع إلى قول الله عز وجل: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159] نسأل الله أن يلين قلوبنا لذكره ولإخواننا. دعاهم باللين واللطف مع شدة غيرته عليه الصلاة والسلام، هو أشد الناس غيرة، لما أنزل الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:4] وكان سعد بن عبادة رضي الله عنه من أشد الناس غيرة، قال: (يا رسول الله! أراه على امرأتي وأذهب آتي بأربعة شهداء؟!! والله لأضربنه بالسيف) انظر إلى كلام سعد! أي: يجد رجلاً على امرأته: (والله لأضربنه بالسيف غير مصفح) ما معنى غير مصفح؟ أي: أضربه بحده، أقطعه نصفين. فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ألا تعجبون من غيرة سعد؟ والله إني لأغير من سعد والله أغير مني) الشاهد: هو أن الرسول عليه الصلاة والسلام هو أغير الناس، ومع ذلك كان في دعوته إلى الله يستعمل اللين والسهولة. وسأضرب لكم مثلاً في قصة أعرابي دخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وتنحى ناحية وجلس يبول، في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أشرف المساجد بعد المسجد الحرام، وعنده الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة، زجره الناس وصاحوا به، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (دعوه لا تزرموه) أي: لا تقطعوا عليه بوله، فتركوه امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وهم يرون أن هذا الأمر منكر، فالمنكر منكر لكن كيف يكون التغيير؟!! لما انتهى من بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدلوٍ من ماء فصب على البول، انتهت المفسدة الآن، المكان الذي تنجس بالبول صار الآن طاهراً، بقينا في علاج هذا الرجل الأعرابي، دعاه النبي عليه الصلاة والسلام فقال له: (إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر، إنما هي للتسبيح والتكبير وقراءة القرآن) أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فانشرح صدر الأعرابي لكلام الرسول عليه الصلاة والسلام، لكنه ضاق من وجهٍ آخر، ماذا قال؟ قال: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً! لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عامله باللطف واللين فانشرح صدره، والصحابة رضي الله عنهم عاملوه بالشدة، وصاحوا به. فتأمل! كيف بلغت هذه الكلمة من هذا الأعرابي إلى هذا المبلغ العظيم؟! إلى أن تحجر واسعاً يقول: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً. فالداعي إلى الله يجب أن يكون عنده علم بشريعة الله قبل كل شيء، ويجب أن يكون عنده حكمة كيف يعالج الأمور؟ كيف يدعو الناس؟ وليصبر على مضضٍ إذا رأى شخصاً على منكر وكان صياحه به يؤدي إلى نفوره، المقصود هو إصلاح الخلق، الطبيب الناصح يؤتى إليه بالمريض كله نتن، كله مرض، يصبر عليه، يصبر على نتنه، على مرضه، لأنه يريد علاجه، كذلك أنت تتعامل مع هذا الجاهل حسب ما يقتضيه جهله حتى تتمكن من قلبه؛ لأنك إذا تمكنت من قلبه انفتح لك وانشرح صدره.

من إرث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: حسن الخلق

من إرث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: حسن الخلق الأمر الثالث: أن يرث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الخلق الذي قال الله تعالى فيه عن رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] ولهذا كان عليه الصلاة والسلام أحسن الناس خلقاً، ومن أراد المزيد من هذا فعليه بقراءة آخر كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله المسمى: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ذكر في آخره كلاماً يكتب بماء الذهب في حياة النبي عليه الصلاة والسلام وأخلاقه وآدابه. عليك يا أخي بحسن الخلق، إنك لا يمكن أن تسع الناس برزقك مهما كان عندك من المال، لكن بحسن الخلق يمكن أن ترضيهم كلهم إذا حَسُنَ خلقك، ألم تعلموا أن الرسول عليه الصلاة والسلام جاءه أعرابي مرة من المرات وجذب رداءه بشدة حتى أثر في عنقه، وقال: اقسم يا محمد! -الأعراب يحبون المال- قال: اقسم. ولم يقل له الرسول عليه الصلاة والسلام شيئاً بل التفت وضحك، مع أن مقامه أرفع مقامات البشر صلوات الله وسلامه عليه، لكن خالق الناس بخلق حسن، إن كنت تريد أن تكون محترماً بينهم معظماً مقبولاً فعليك بحسن الخلق، واجعل دائماً أمام عينك قول الله عز وجل: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199] (خذ العفو) أي: ما عفا وسهل من أخلاق الناس، لا تكلف الناس أمراً تريد أن يكونوا عليه لا، أنت كن عليه لا يكون الناس عليه، خالق الناس بخلق حسن، وخذ ما عفا منهم، وما فات فلا تحرص على طلبه، تسامح، غض عنهم حتى تكون على أخلاق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم اتباعه ظاهراً وباطناً، وأن يتوفانا على ملته، ويحشرنا في زمرته، ويسقينا من حوضه، ويقر أعيننا فيه بدار كرامته إنه على كل شيء قدير. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وإلى الأسئلة التي نرجو الله تعالى أن نوفق فيها للصواب.

الأسئلة

الأسئلة

الراجح في عدد ركعات صلاة الكسوف

الراجح في عدد ركعات صلاة الكسوف Q فضيلة الشيخ: لماذا تحمل صفة صلاة الكسوف على صفة واحدة، ونعلم أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من صفة ولكن بعض أهل العلم ذكر أنها شاذة مع أن الكسوف نراه في هذا الزمن يتكرر، فلماذا لا تحمل على عدة صفات لا على الشذوذ؟ A من المعلوم أن الكسوف لم يقع بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة، فكم تكون صلاته؟ صلاة واحدة، وإذا اجتمع البخاري ومسلم على أنها ركوعان في كل ركعة ثم انفرد مسلم أو غيره بأنها ثلاث ركوعات فإن ما اتفق عليه البخاري ومسلم هو المعتمد، ولهذا من قواعد علم المصطلح: أن الثقة إذا خالف من هو أرجح منه عدداً أو حفظاً فالمخالف يسمى شاذاً لا يعول عليه. وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله: إن المحفوظ في صلاة الكسوف هو حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلى ركعتين في كل ركعة ركوعان وسجودان، وما عدا ذلك فهو شاذ. لكن صح عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم صلوا ثلاث ركوعات في كل ركعة.

كيفية التدرج في طلب العلم وتنظيم الوقت فيه

كيفية التدرج في طلب العلم وتنظيم الوقت فيه Q فضيلة الشيخ: سمعنا أن من أراد أن يحصل علماً نافعاً فعليه أن يجعل للعلم وقتاً فرضاً، ما مدى صحة هذه العبارة؟ وإن صحت فما سبيل تحصيل ذلك ووسائله؟ A على كل حال ينبغي للإنسان أن يكون منظماً لوقته، بقدر المستطاع، فمثلاً: أولاً ينظم الكتب التي يريد قراءتها، فيبدأ قبل كل شيء بفهم كتاب الله عز وجل؛ لأن الله تعالى قال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص:29] هذا قبل كل شيء، لكن لا مانع من أن يضيف إلى ذلك شيئاً من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام. ثم بما قاله العلماء في التوحيد والصفات، ثم بما قاله العلماء في الفقه، وكذلك أيضاً لا مانع من أن يخلط مع هذه العلوم شيئاً من علوم اللغة العربية، فهي الآن تكاد تكون مهجورةً عند كثير من الطلبة، تجد طالب علم متقدماً في العلم، إذا قرأ وإذا اللحن في قراءته كثير، وإذا كتب وإذا اللحن في كتابته كثير وهذا لا ينبغي. فعلى كل حال طالب العلم لا بد أن يكون على يد شيخ يوجهه لما ينبغي أن يبدأ به.

وصايا لطلاب العلم في الحفظ والفهم

وصايا لطلاب العلم في الحفظ والفهم Q فضيلة الشيخ: طالب علم مستجد يريد الهداية والنور، هل توصينا بالحفظ أولاً أو الفهم؟ وما هي المتون التي توصينا بحفظها؟ A أنا أوصي بالحفظ أولاً من كان صغيراً؛ لأن الصغير يمتاز بالحفظ عن الكبير بشيئين: أولاً: سرعة الحفظ. ثانياً: عدم النسيان. ولهذا كان من الأمثال السائرة المشهورة: (العلم في الصغر كالنقش في الحجر) ولأن الصغير لا يحتمل ذهنه إلى شرح المعاني وتشقيقها وتحليلها لأنه صغير هذه واحدة. ثانياً: أول وأولى ما يحفظ كتاب الله عز وجل هذا أول شيء، لأن كتاب الله إذا حفظته فهو الأصل في إثبات الأحكام والأدلة، إذا حفظته وأمكنك أن تقرأه على كل حال ما لم تكن جنباً، تقرأه وأنت تمشي في السيارة، أو على قدميك، أو على فراشك، أو في كل وقت ما لم تكن جنباً أو في أماكن لا يليق أن تقرأ القرآن فيها. ثم بعد ذلك ما صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا سيما في الكتب المخصصة لذلك كـ عمدة الأحكام فإن ما فيها مأخوذ من الصحيحين. ثم ما كتبه العلماء في الفقه، وأحسن ما نرى زاد المستقنع في اختصار المقنع وكان شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله يوصينا فيه، ويقول: إنه من أجمع الكتب المختصرة، وقد تناوله العلماء بالشرح والحاشية والتعليق وغير ذلك.

حكم إخبار الناس بالكسوف قبل أن يقع

حكم إخبار الناس بالكسوف قبل أن يقع Q فضيلة الشيخ: إذا ذكر أهل الفلك بأن الكسوف سيحدث في الساعة الفلانية فهل للإمام أن يخبر من خلفه بموعد الكسوف حتى يحضروا أو لا يخبرهم حتى يحدث الكسوف؟ A الذي أرى ألا يخبرهم، وألا يشيع الخبر أيضاً إذا علم به؛ لأن الناس إذا علموا به من قبل لم يهتموا به كثيراً، وظنوه كالهلال إذا هل، والكسوف رهبة وتخويف، وصلاته صلاة رهبة، ليست كصلاة العيد التي هي صلاة فرح وسرور حتى يعلن عنها، فكتم خبر الكسوف أولى بكثير من الإخبار عنه هذا ما نراه في هذه المسألة، وكذلك يراه شيخنا عبد العزيز بن باز، وهو أولى بلا شك؛ ولهذا تجد الناس الآن يأتون مثلاً إلى صلاة الكسوف وكأنما أتوا إلى صلاة عيد، وجد الكسوف فجاءوا يصلون، لكن لا تجد الرهبة العظيمة التي أدركناها، كان الناس يأتون إلى المساجد مسرعين، يبكون، وتجد المسجد له صوتاً من البكاء، أما الآن فأصبح كأنه هلال عيد هلَّ، وجاء الناس يصلون. فلذلك أرى ألا تعلن وألا تشاع إذا سمع بها الإنسان حتى يأتي الناس مفاجأة ويحصل لهم الرهبة والخوف من الله عز وجل.

نصيحة توجيهية لمن يضرب الدفوف ويذبح الذبائح عند وقوع الكسوف

نصيحة توجيهية لمن يضرب الدفوف ويذبح الذبائح عند وقوع الكسوف Q فضيلة الشيخ: بينت لنا سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف، فما نصيحتكم لأناس في غير هذه البلاد وهم أولئك الذين يضربون بالدفوف ويذبحون الذبائح إذا حصل الكسوف، ويسمون هذه كرامة لله، ويوزعونها للناس، وهذا معتقد كثير منهم وللأسف، وهو في البلاد الإسلامية، وإن هذا الشريط سوف يصل إليهم بإذن الله تعالى؟ A أقول: نصيحتي لهؤلاء أبدؤها بعلماء البلاد: يجب عليهم أن يبينوا للعامة ما حملهم الله إياه، بأن صلاة الكسوف سببها تخويف الله عز وجل للعباد، وأنها تصلى على الصفة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن هذه الخرافات والخزعبلات لا أصل لها، كيف يذهب الناس يضربون بالدفوف ويرقصون في الأسواق والله عز وجل جعل ذلك تخويفاً؟! فالواجب أولاً على العلماء. أما العامة فالواجب عليهم الكف عن هذه الأشياء والاتجاه إلى المساجد وإقامة صلاة الكسوف كما أقامها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

أسباب وقوع الكسوف

أسباب وقوع الكسوف Q ذكرت يا فضيلة الشيخ في الخطبة: أن الكسوف ازداد في هذا الزمان بسبب ازدياد المعاصي، فهل المعاصي تؤثر في حركة الأجرام؟ A المعاصي لا شك أنها تؤثر لكنه ليس التأثر من نفس المعاصي، بل المعاصي سبب، والذي يغير الأفلاك هو الله عز وجل، قال الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:41] ولهذا جاء في الحديث -أعني: حديث الكسوف- (لينظر من يحدث منهم توبة) لأن الله يقدر ذلك لينظر من يحدث منهم -أي: من الناس- توبة إلى الله عز وجل، فدل ذلك على أن سبب هذا الكسوف هو المعاصي.

حكم قراءة الفاتحة في صلاة الكسوف

حكم قراءة الفاتحة في صلاة الكسوف Q فضيلة الشيخ: إمام صلى الكسوف وفي الركعة الثانية لم يقرأ سوى الفاتحة، فهل صلاته صحيحة؟ أرجو الإيضاح. A صلاته صحيحه؛ لأنه قرأ الركن وهو الفاتحة، واعلموا أن الركوع الثاني من كل ركعة ليس بواجب، بل هو سنة، والركوع الأول هو الواجب وهو الركن، ولهذا قلنا: إن الركعة لا تدرك إلا بإدراك الركوع الأول؛ لأنه هو الركن، أما الثاني فإنه تطوع، لكن يا حبذا لو أن الأئمة طلبوا دورة من المسئولين عن شئون المساجد تبين لهم هذه الأحكام التي تخفى على كثير منهم.

بيان غدر اليهود ومكرهم

بيان غدر اليهود ومكرهم Q فضيلة الشيخ: تعلمون ما تعرض له أقصانا المبارك من اعتداء صارخ وآثم من قبل اليهود، وتعلمون الجرائم المروعة التي لقيها إخواننا في فلسطين وهم يدافعون عن أولى القبلتين، فما توجيهك لأولئك المغترين بأن هؤلاء اليهود قد انسلخوا عن عقائدهم وحقدهم الدفين؟ A لا غرابة على إخوان القردة والخنازير أن يقع منهم ذلك؛ لأن اليهود خونة، لما أنجاهم الله تعالى ومروا بقوم يعبدون الأصنام قالوا: {يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف:138] ولما جاء موسى لميقات الله عز وجل وتأخر عنهم صنعوا من حليهم عجلاً جسداً له خوار، وقالوا: {هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} [طه:88] وأفعالهم كثيرة، من أراد المزيد من الاطلاع عليها فليرجع إلى كتاب: إغاثة اللهفان من مكائد الشيطان لـ ابن القيم رحمه الله، ذكر عنهم أشياء عجيبة، ووصفهم بأنهم الأمة الغضبية استناداً إلى قول الله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [المائدة:60] هذه الأوصاف لليهود، لا غرابة أن ينكثوا العهد وأن يغدروا، فقد غدروا بأوفى الناس ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لما قدم المدينة وكان فيها ثلاث قبائل من اليهود: بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة، عاهدهم ولكنهم نقضوا العهد، ولكن والحمد لله كان نقضهم للعهد سبباً في إجلائهم عن البلاد الطاهرة المطهرة منهم وأمثالهم، فلا تستغرب أن يقع منهم مثل ذلك لا سيما وأن الحكومة الآن صارت من جانب المتشددين المتطرفين منهم.

حكم من دخل مع الإمام بنية صلاة الفجر ثم تبين له أنها صلاة الكسوف

حكم من دخل مع الإمام بنية صلاة الفجر ثم تبين له أنها صلاة الكسوف Q فضيلة الشيخ: رجل دخل مع الإمام في صلاة الكسوف وهو لا يعلم بالكسوف، فصلى وظنها صلاة الفجر، فماذا يصنع: أتكفيه هذه الصلاة أم عليه الإعادة؟ A أما إذا كان ذلك قبل طلوع الفجر؛ لأن بعض الناس رأى الكسوف قبل الفجر بنحو ثلث ساعة وصلى، فهذا إذا كان قبل طلوع الفجر فصلاته غير صحيحة، لا تصح فرضاً، يستمر مع الإمام أو يقطعها أحسن، يقطع صلاة الفجر التي نواها ويدخل مع الإمام في صلاة الكسوف. وأما إذا كان ذلك بعد طلوع الفجر كما هو غالب الناس الذين صلوا بعد طلوع الفجر، فهنا إذا دخل معهم على أنها الفجر ثم تبين له أنها صلاة الكسوف فإنه ينوي الإنفراد عن الإمام ويكملها على أنها صلاة الفجر. مثال ذلك: دخل معه وهو يقرأ ثم ركع الركوع الأول، فلما قام شرع في القراءة، سوف يعلم هذا المسبوق أن هذه صلاة كسوف وهو قد نوى الفجر، نقول: الآن انوِ الانفراد وأتمها على أنها صلاة فجر ثم ادخل مع الإمام فيما بقي من صلاة الكسوف. الخلاصة الآن: إذا كان الإمام قد شرع في صلاة الكسوف قبل دخول الوقت، وهذا دخل بنية الفجر، ماذا نقول له إذا علم أنها كسوف؟ اقطع النية، لأنه لا يمكن أن تبني صلاة الكسوف على الفريضة، اقطع النية الآن وادخل من جديد مع الإمام، إذا كان ذلك بعد طلوع الفجر وعرفت أن هذه صلاة كسوف فانوِ الانفراد ولا تقطع الصلاة، انوِ الانفراد وأتمها على أنها صلاة الفجر ثم ادخل مع الإمام فيما بقي من صلاة الكسوف.

حكم السائل الذي يخرج من فرج المرأة بعد الغسل من الجنابة

حكم السائل الذي يخرج من فرج المرأة بعد الغسل من الجنابة Q فضيلة الشيخ: هل السائل الذي يخرج من المرأة بعد الغسل من الجنابة يوجب الغسل أم لا؟ A لا يوجب الغسل؛ لأن الغسل لا يجب إلا بواحد من أمرين -أعني: غسل الجنابة وما يتعلق به-: إما بالجماع ولو بدون إنزال، وإما بالإنزال ولو بدون جماع، وإذا حصل إنزال وجماع صار الحكم معروفاً يجب الغسل.

حكم تفريق طلاب العلم بين العلماء في الحديث والفقه

حكم تفريق طلاب العلم بين العلماء في الحديث والفقه Q انتشر في الآونة الأخيرة بين طلاب العلم المبتدئين التفريق بين العلماء بقولهم: هذا محدث وهذا فقيه. فهل بينهما فرق؟ وإذا كان هناك فرق فأيهما أفضل؟ A لا شك أن العلماء كل منهم تناول الشريعة من وجه، هذا محدث، وهذا فقيه، وهذا عالم في العقائد، وهذا عالم في النحو، وهذا عالم في البلاغة، لا شك في هذا، وخير الناس من جمع بين الحديث والفقه، ولكن ليعلم أن من المحدثين من ليس عنده فقه بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: (رب مبَلغ أوعى من سامع) من المبلِغ؟ ناقل الحديث، والمبلَغ: هو الذي أخذ الحديث عمن رواه ولكن فقه في دين الله، فليس كل محدث يكون فقيهاً، وليس كل فقيه يكون محدثاً، من الفقهاء مثلاً من يعتني بكتب العلماء ويحققها ويدققها لكنه ضعيف في الحديث، ومنهم بالعكس عنده علم من الحديث لكنه لا يفقه، قليل الفقه في الحديث، فتجده يعتقد العموم فيما ليس بعام، أو الخصوص فيما ليس بخاص، وهلم جراً. لكن المشكلة الآن ليست هذه، المشكلة تصنيف الناس بمعنى: هذا محدث لا تسأله عن مسألة فقهية، هذا فقيه لا تسأله عن مسألة حديثية هذه هي المشكلة، والواجب أن نعتقد الخير والبركة بعلمائنا، وأقصد بالبركة: بركة العلم، وألا نزهد فيما عندهم من العلم؛ لأنك إذا زهدت فيما عند العلماء من العلم فعمن تأخذ الشريعة؟ عن الجهال، هذا من الخطأ العظيم.

نصيحة توجيهية لمن وجد في قلبه شكا في مخلوقات الله

نصيحة توجيهية لمن وَجَدَ في قلبه شكاً في مخلوقات الله Q فضيلة الشيخ: أرجو أن تشفي قلبي بما يؤرقني فإن عذاب النار -أقصد عذاب نار جهنم- عذاب أبدي وعقلي لا يتصوره وأخاف منه، ولكن يشككني الشيطان فيه شكاً يؤرقني، أرجو منك توجيهي؟ A أقول: إن من نعمة الله عز وجل أنه لا يؤاخذ عباده بما تحدثهم به نفوسهم، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] ألم تعلموا أن الله لما أنزل: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة:284] لما أنزل الله هذه الآية جاء الصحابة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وجثوا على ركبهم بين يديه، وقالوا: (يا رسول الله! لا نطيق هذا، كيف يحاسبنا الله على ما في قلوبنا سواء أبديناه أو أخفيناه؟ فقال لهم الرسول عليه الصلاة والسلام: لا تكونوا كالذين قالوا: {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} [النساء:46] قولوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [النور:51] فقالوا كلهم: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:285]-ماذا كان ثوابهم؟ - ثوابهم أن قال الله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] قال الله: نعم، لا أكلف نفساً إلا وسعها: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة:286] قال الله: نعم. {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] قال الله: نعم. {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة:286] قال الله: نعم. {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} [البقرة:286] قال الله: نعم) . انظر الجزاء والثواب! لما أذعنوا واستسلموا أنزل الله الفرج: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] هذه الشكوك التي يلقيها الشيطان في قلب الإنسان لا عمل عليها، ولا أثر لها والحمد لله، ولكن عليك بوصفة دوائية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي: أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن تنتهي عن ذلك، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر هذه الوصفة لأصحابه حين شكوا إليه أنهم يجدون في نفوسهم ما يحبون أن يخروا من السماء ولا يتكلموا به، قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وانته، بمعنى: أعرض عن هذا، اشتغل بالأمور الأخرى. وإني أسأل أي إنسان يرد في قلبه هذا الشك: ألست تصلي؟ سيقول: بلى. ألست تتوضأ في أيام الشتاء؟ بلى. ألست تصوم فتجوع وتعطش؟ بلى. لمن؟ لله، أين الشك؟ فما يكون هذا الشك إلا وهماً يلقيه الشيطان في قلبك لعله يجد منك قبولاً ثم اعتقاداً ثم انتكاساً -والعياذ بالله- عليك بالدواء الذي وصفه أعلم الخلق بدواء القلوب ودائها، ماذا يقول؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهذه استعاذة بالله تعالى من شيء لا تقدر عليه، الشيء الذي تقدر عليه ما هو؟ (ولينته) اعرض عن هذا، لا يهمك، قم، تطهر، صل، تصدق، أحسن الخلق، ولا يهمك، والله لو أننا سألنا هذا الرجل الذي الآن يشكو الأمر وما أكثر الذين يشكون من ذلك لو قلنا له: تعال أنت تتوضأ وتصلي وتتصدق وتصوم وتحج لمن؟ لقال: لله، ما في إشكال، إذاً اترك الوهم الذي أدخله الشيطان على قلبك، أعرض عن هذا، وحينئذٍ إذا استعذت بالله ولجأت إليه عز وجل وهو يجير من استجار ثم انتهيت لا يمضي عليك إلا زمن يسير حتى يطهرك الله من ذلك.

الهجرة في طلب العلم وعقوق للوالدين

الهجرة في طلب العلم وعقوق للوالدين Q فضيلة الشيخ: أنا طالب علم في الجامعة وأهلي يطلبون مني ترك الدراسة في الجامعة، وأن أعمل في المدينة التي يسكنونها، مع أني إذا عملت في هذه البلدة أو غيرها فإني أخشى من قسوة قلبي، مع أني قد جربت ذلك قبل الجامعة، فهل دراستي في الجامعة والحال هذه من عقوق الوالدين؟ A ليس هذا من عقوق الوالدين، إذا كان اغترابك عن أهلك وعن وطنك أكثر لعلمك وأقوى لإيمانك فعليك به، وليس هذا من عقوق الوالدين، ويمكن أن تزور والديك في الشهر مرة أو مرتين حسب ما يتيسر لك، ويمكن أيضاً أن تتصل بهم صباحاً ومساءً بواسطة الهاتف، لو فرض أن الوالدين مضطران اضطراراً تاماً لك فحينئذٍ نقول: لا بد أن تدفع ضرورتهما، أما والأمر ليس فيه حاجة لكنهما يحبان أن تكون عندهما، وأنت ترى أن وجودك في البلد الذي هم فيه يؤثر عليك، الحمد لله ابق في البلد الذي يزداد فيه علمك وإيمانك، ويمكنك أن تبر والديك بطرق متعددة.

حكم إنكار كل المنكرات التي نراها

حكم إنكار كل المنكرات التي نراها Q فضيلة الوالد: نشاهد في الشوارع من المنكرات وخصوصاً الظاهرة كالدخان والإسبال ونحو ذلك الشيء الكثير، فهل يجب على الإنسان أن ينكر كلما يواجهه من المنكرات مع أن هذا فيه مشقة عظيمة؟ A الواقع أنه كما قال السائل، لا يمكن للإنسان أن ينكر كلما يشاهده في السوق مع كثرة المنكرات، لو أنه فعل ذلك ما خطا خطوةً أو خطوتين، لأنه سيجد من حلق لحيته، وسيجد من يشرب الدخان، وسيجد امرأة متبرجة، وسيجد رجلاً أسبل ثيابه، يقف مع كل واحد؟! مشكلة، هذا لا يجب، وربما يكون أضحوكةً للناس إذا فعل هذا، لكن من الممكن من حين لآخر أن يمسك رجلاً يرى أنه أقرب للقبول ويسر إليه بأن هذا العمل الذي أنت تعمله حرام ولا يجوز، وقد قال الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] . أما سؤال الأخ في مسألة الدخان: فأنا أرى والحمد لله أن الناس الآن انكفوا عنه انكفافاً بالغاً، يعني: ظني الآن أن الشباب خاصة لا يوجد منهم (20%) يشربون الدخان حسب علمي، وأنا لست أتجول في الأسواق لكن هذا ما نشاهده. فعلى كل حال: الذي ينبغي للإنسان ألا يهول الأمور أكثر من الواقع، الحمد لله الدخان قليل فيما نعلم. على كل حال: الدخان في الواقع أتعجب ممن يتناوله وهو ضار في البدن، ومضيع للمال، ومضيع للوقت، ومثقل للعبادة، ومفسد للأسنان، ومفسد للرائحة، آفاته كثيرة، ويقال لي: إن بعض البلاد التي يعتبرها كثير من الناس راقية في أمور الدنيا الدخان عندهم ممنوع منعاً باتاً، حتى إذا اضطر أحد منهم إلى أن يشرب السيجارة ذهب مختفياً، وهي بلاد كفر، حتى بلغنا أن الذين في الطائرات إذا مرت بهم من فوق هذه الحكومة امتنعوا من شربها، يشربون الدخان وهم في الجو، فإذا كان هذا شأن أولئك القوم الكفار الذين لا يعرفون التعبد لله عز وجل بالشريعة فما بالنا نحن المسلمين؟ نسأل الله الهداية للجميع.

خطر انتشار الأغاني والاستماع إليها

خطر انتشار الأغاني والاستماع إليها Q انتشر في الآونة الأخيرة بين الشباب خاصة والفتيات سماع إذاعة تبث الأغاني، وقد خصص لها راديو، فنرى أن عدداً من الشباب صار يستمع إلى ذلك كثيراً، بل ترى الشباب في الأسواق يرفعونها على أعلى صوت ويدورون في الشوارع بذلك الصوت، فما توجيهك وفقك الله والتحذير لسامعيها؟ A أما توجيهي لعموم الناس: فإن الواجب اجتناب هذه الأغاني؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر أنه سيكون من أمته قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، أتدرون والحر هو الزنا، فقرن النبي عليه الصلاة والسلام استحلال الخمر والزنا باستحلال المعازف، والمعازف في اللغة العربية وعند العلماء: هي آلات اللهو، وهذه الأغاني المسموعة لا تخلوا من آلة لهو، فاستحلالها حرام، والاستماع إليها حرام، وإعلاء الصوت بين المسلمين حرام، فالواجب الانتهاء عنها وألا تسمع، وألا تبث أشرطتها، حتى نكون أمةً صالحة تتعاون على البر والتقوى ولا تتعاون على الإثم والعدوان. وليعلم أن هذا الذي يعلي صوت الأغاني إن كان قصده المراغمة لأهل العلم والدين فهو في الحقيقة لم يراغم هؤلاء لأشخاصهم إنما راغمهم لما يحملوه من علم الشريعة ودين الله عز وجل، وهو على خطر عظيم أن يزيغ الله قلبه ويفسد عليه دنياه وآخرته -والعياذ بالله. وإن كان قصده أن يستمع إليها من يهوون هذه الأغاني ليجذبهم إليه فهذا دون الأول لكنه قبيح، والواجب الحذر من هذه الأغاني، وأن يُستبدل بدلها بأشرطة قرآنية أو حديثية أو علمية حتى ينتفع الإنسان بها.

وجوب نفقة الزوجة على الزوج وإن كانت غنية

وجوب نفقة الزوجة على الزوج وإن كانت غنية Q فضيلة الشيخ: إذا كانت المرأة معلمة وتقبض راتباً، فهل يجب على الزوج أن ينفق عليها أم تسقط عنه النفقة؟ A الزوج يجب عليه أن ينفق على زوجته ولو كانت غنية؛ لقول الله تعالى: {ليُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق:7] ؛ ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) لكن ينبغي للزوجة إذا كان زوجها فقيراً وليس ذا سعة من المال ينبغي لها أن تساعده على مئونة البيت ومئونة العيال ومئونة نفسها أيضاً، وإلا فإن الزوج ملزم بنفقتها ونفقة أولادها منها.

كلمة توجيهية في حسن تربية الزوجة

كلمة توجيهية في حسن تربية الزوجة Q فضيلة الشيخ امرأة يهددها زوجها دائماً كلما حصل بينهما خلاف أن تذهب إلى بيت أهلها، وهذا يكثر عند الخلاف بين الزوجين، فما نصيحتك يا فضيلة الشيخ والحال هذه لمن هذا شأنه، خصوصاً وأن الله جل وعلا نهى المرأة أن تخرج من بيت زوجها ولو كان طلاقاً؟ A نصيحتي لهؤلاء الرجال: أن يكونوا رجالاً كما هم كذلك، وأن تكون لهم السلطة على أنفسهم، وألا يخضعوا للغضب، ولقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أوصني. قال: لا تغضب فردد مراراً قال: لا تغضب) . ثم إن دواء الخلاف بين الزوجين ليس بأن يطردها من البيت إلى أهلها، هذا لا يزيد الأمر إلا شدة، بل الذي ينبغي أن يتودد إلى زوجته، وأن يعفو عن السيئات، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة) لا يفرك أي: لا يبغض ولا يكره: (إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) والذي ينبغي أن يكون الرجل رجلاً بمعنى الكلمة، من الذي ينسى الحسنات إذا حصلت عليه سيئة واحدة؟ المرأة، أتريد أن تنزل بنفسك حتى تكون بمنزلة المرأة إذا رأيت منها سيئةً واحدة قلت: ما رأيت خيراً قط. فلذلك أنصح إخواننا إذا حصل بينهم وبين زوجاتهم مشاكل أو سوء تفاهم أن يصبر الرجل ويتحمل، ويعامل المرأة بما هي أهله مما أوصى به الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: (إنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمها كسرتها، وإن استمتعت بها استمتعت بها على عوج) هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام، وإني واثق من أن الرجل إذا أطاع الله ورسوله في معاشرة أهله فسوف يقلب الله تعالى العداوة والبغضاء في قلبها إلى ولاية ومحبة، يقول الله عز وجل: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34] القلوب بيد الله عز وجل، ادفع بالتي هي أحسن وستتغير الأمور.

التفصيل في إسقاط الجنين من بطن أمه

التفصيل في إسقاط الجنين من بطن أمه Q فضيلة الشيخ: إذا قرر الأطباء بأن هذا الطفل مشوه خلقةً في بطن أمه، وأشار الطبيب بإسقاط هذا الجنين ووافقت الأم على ذلك، وذكر بأن إسقاطه سيكون بالأشعة، فما حكم إسقاطه، وما هي الأحكام المترتبة على ذلك؟ A أما إذا كان الجنين قد نفخت فيه الروح، وتنفخ فيه الروح إذا تم له أربعة أشهر، فهذا لا يجوز إسقاطه بأي حال من الأحوال سواء كان مشوهاً، أو أصيبت الأم بمرض لو بقي حتى الوضع لهلكت فإنه لا يجوز إسقاطه أبداً، حتى لو قرر الأطباء أن الحمل لو بقي في بطنها لماتت، نقول: فلتمت ولا يمكن أن نسقطه لماذا؟ لأننا لو أسقطناه لقتلنا نفساً بغير حق، جنين لم يجن ولم يعتد على أحد كيف نقتله؟ فإن قال إنسان: أنت إذا أبقيته في بطن أمه هلكت أمه ثم هلك هو أيضاً؟ فالجواب على هذا من وجهين: الوجه الأول: أنه لو ماتت أمه وكان في زمن يمكن أن يبقى حياً فإنه يمكن أن يبادر بالعملية ويشق بطنها ولو بعد الموت ويخرج الجنين ثانياً: لو قدر أن هذا متعذر وأنه لا يمكن إخراج الجنين، وأن بقاءه سوف يكون سبباً لموت أمه قلنا: إذا ماتت أمه فهل موتها بسبب منا أو من الله؟ من الله، إذاً ليس بأيدينا حيلة، لكن لو أننا أخرجنا الجنين ومات فموته بسبب منا هذا إذا كان بعد نفخ الروح فيه وهو ما تم له أربعة أشهر. أما إذا كان قبل ذلك فالأمر فيه أهون، يمكن أن يسقط ويعمل إجهاض؛ لأنه الآن ليس إنساناً، لم تنفخ فيه الروح، ولهذا قال الله عز وجل لما ذكر أطوار الجنين، قال: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ} [المؤمنون:14] فارتقى من الجماد إلى الحياة، وعلى هذا فنقول: إذا كان ذلك بعد تمام أربعة أشهر وهو الوقت الذي تنفخ فيه الروح فإن تنزيله حرام، حتى لو أدى بقاؤه إلى موت أمه هذه واحدة، وإذا كان قبل ذلك فلا بأس، إذا قرر الأطباء أنه سيخرج مشوهاً ويتعب هو ويتعب أهله، أو قالوا: إن بقاءه يكون سبباً لهلاك أمه فحينئذٍ لا حرج أن نجهض هذا الحمل.

كيفية التوبة والعلاج من الوقوع في الكبائر

كيفية التوبة والعلاج من الوقوع في الكبائر Q فضيلة الشيخ: مشكلتي وشكواي أبثها إلى الله ثم إليك: شخص يقع في كبيرة دائماً ويحاول التوبة بصدق وإخلاص وإصرار ولكنه يعود، فما الداء والعلاج في نظر فضيلتكم؟ A الدواء والعلاج أن يتوب إلى الله، كلما أذنب يتوب إلى الله فإن الله يتوب على من تاب، ولكن بعد التوبة ينبغي أن يتجنب الأسباب التي تكون بها هذه المعصية، يبتعد عنها حتى يسلم من شرها، ويستعين الله عز وجل، ويسأل الله تعالى دائماً الثبات على التوبة، والله سبحانه وتعالى كريم، إنما ليبشر أنه كلما أذنب واستغفر وتاب توبةً حقيقةً يعلم الله منه أنه صادق فإن الله يتوب عليه.

نصيحة توجيهية لمن ينام عن صلاة الفجر

نصيحة توجيهية لمن ينام عن صلاة الفجر Q فضيلة الشيخ: نشكو إلى الله ثم إليك أن عدداً من الشباب لا نراهم يصلون صلاة الفجر في هذه الأيام، والسبب أنهم ربما سهروا وناموا، فما نصيحتك لهم، وما حكم من ترك صلاة الفجر حتى طلعت الشمس وكان ذلك باستمرار؟ A أما نصيحتنا لهؤلاء فالظاهر أن كلامنا فيها من باب التكرار، كل يعلم أنه لا يجوز للإنسان أن يسهر ليله ويدع صلاة الفجر. وأما الذين يؤخرون صلاة الفجر حتى يخرج وقتها مع قدرتهم على أن يصلوا في الوقت فهؤلاء لا تقبل صلاتهم ولو صلوا ألف مرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود عليه، ومن أخر الصلاة عن وقتها بلا عذر شرعي فقد عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله فيكون مردوداً عليه، لكن عليه أن يتوب إلى الله، وأن يكثر من الأعمال الصالحة، ويسأل الله السلامة.

حكم أخذ الأجرة على الإمامة

حكم أخذ الأجرة على الإمامة Q أنا شاب أرغب في أن أكون إماماً لمسجد، ولدي القدرة على ذلك، وقد كنت في فترة ماضية، ولكني أخاف على نفسي من هذا الراتب الخوف من دخول الدنيا في القلب وأن يكون الهم هو الراتب فقط؟ A نقول: بارك الله فيك، لا تجعل الهم هو الراتب، اجعل همك أن تكون إماماً للمتقين، فإن الحاضرين إلى المساجد من المتقين إن شاء الله، وأنت إمامهم، فتدخل في عموم قوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] واترك الراتب كأنه إن جاء فهو سوف يأتي وإن لم يأت فلا يهمنك، وحينئذٍ تكون نيتك خالصة. أما وضع الراتب للأئمة والمؤذنين والمعلمين والمدرسين والدارسين فهذا من باب التشجيع على الخير، ولا بأس به، وكان النبي عليه الصلاة والسلام في غزواته يجعل جعلاً ينشط الغزاة على القتال، حتى قال: (من قتل قتيلاً فله سلبه) أي: ما عليه من الثياب والرحل وما أشبه ذلك مما يعد سلباً، كل هذا من باب التشجيع على الخير، ولا حرج على الإنسان أن يأخذ بدون طلب، المشكل أن يطلب زيادة على وظيفة دينية، ولهذا سئل الإمام أحمد رحمه الله: عن رجل طلبوا منه أن يصلي التراويح فقال: أنا أصلي بكم التراويح، لكن بكم؟ ما أصلي إلا بكذا وكذا، فسئل الإمام أحمد عن هذا فقال: من يصلي خلف هذا؟! من يصلي خلف هذا؟! معناه أن هذا الرجل يريد أن يكون إماماً من أجل الدنيا، قال: نعوذ بالله! من يصلي خلف هذا؟ بعض الناس يقول: إن أخذه الراتب على الإمامة ينقص من إخلاصه، وهذا غير صحيح، ينقص من إخلاصه إذا كان لا يصلي إلا لأجله، أما إذا كان يصلي لله عز وجل ويستعين بما يأخذه على نوائب الدنيا فلا بأس بذلك.

حكم زكاة الذهب إذا بلغ النصاب

حكم زكاة الذهب إذا بلغ النصاب Q أنا امرأة عندي ذهب قليل ولا ألبسه، بل جعلته للحاجة الماسة لا سمح الله في أي يوم من الأيام إذا طرأت علينا، وعندي أطفال، وتأتيني زكاة، فهل أزكي عليه أم أبيعه؟ A إذا كان لا يبلغ النصاب والنصاب خمسة وثمانون جراماً فلا زكاة فيه، وإذا كان يبلغ النصاب فالأرجح من أقوال أهل العلم: أن الزكاة واجبة فيه، يقدر كل سنة ويخرج ربع العشر -أي: (2،5%) - وأما أخذها الزكاة من أجل نفقتها ونفقة عيالها من طعام وشراب وكسوة فلا بأس به إذا كان الذهب الذي عندها لا يزيد عما يلبسه مثلها، أما إذا كان يزيد فلتبع منه ولتستغن بذلك عن أخذ الزكاة. وفي سؤالها عبارة: (لا سمح الله) وينبغي أن يستبدل بدلاً منها "لا قدر الله" لأن كلمة "سمح الله" تشعر بأن الله تعالى يكره على الشيء إن شاء سمح وإن شاء ما سمح، ولكن الأفضل أن يقال: لا قدر الله ذلك مثلاً.

خطر ارتفاع نسبة المدخنين في المجتمع

خطر ارتفاع نسبة المدخنين في المجتمع Q ذكرت يا فضيلة الشيخ أن نسبة المدخنين من الشباب (20%) وقد قرأت في أحد الصحف اليوم أن نسبة المدخنين (70%) . A أعوذ بالله، هذا خبر صحفي ليس صحيحاً، ولا نوافق عليه، اللهم إلا إذا كان في بعض الأماكن فممكن.

ضابط المسافة التي يستحب فيها القصر

ضابط المسافة التي يستحب فيها القصر Q فضيلة الشيخ: نحن شباب خرجنا في رحلة برية من بعد صلاة الفجر حتى الساعة العاشرة ليلاً، وكان المكان يبعد عن البلدة (170كم) ، السؤال: عندما وجبت علينا صلاة العصر صلينا الظهر والعصر جمعاً وقصراً، وأحدنا جمع ولم يقصر، فما حكم صلاتهم مع أنهم لم يسافروا؟ A هذه مسألة فيها خلاف بين العلماء: منهم من حدد المسافة، ومنهم من جعل الأمر راجعاً لعرف الناس، فالذين يحددون المسافة يقولون: إذا تجاوز (83كم) فإنه يعتبر مسافراً يقصر ويجمع إن احتاج للجمع، لأن الجمع ليس من رخص السفر دائماً، بل الجمع الأفضل تركه للمسافر النازل في المكان دون السائر، أما القصر فإنه سنة للمسافر ولو كان نازلاً. ومن العلماء من يقول: السفر ليس محدداً بمسافة وإنما السفر ما عده الناس سفراً وتأهبوا له، وهذا الثاني هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وعليه فنقول: إذا خرج الإنسان عن بلده نحو (70كم) أو (80كم) أو (100%) أو أكثر، ومن نيته أن يرجع عن قرب خرج في الصباح ورجع في آخر النهار فهذا لا يعد سفراً عند الناس، فالأحوط له أن يصلي أربعاً وأن يصلي كل صلاة في وقتها. وأرى أن مثل هؤلاء أن يصلوا بلا قصر وألا يجمعوا، إلا إذا دعت الحاجة إلى الجمع فليجمعوا بدون قصر. ثم إني أحب من الإخوة ألا يختلفوا، فمثلاً: هؤلاء الذين اختلفوا: أحد يقول نقصر والآخر يقول: لا نقصر، والثاني يقول: نجمع، والآخر يقول: لا نجمع. يمكن أن نجمع بين الجميع فنقول: أتموا وصلوا كل صلاة في وقتها حتى تؤدوها بلا خلاف.

حكم من نسي التشهد الأول ثم لم يسجد للسهو

حكم من نسي التشهد الأول ثم لم يسجد للسهو Q ما تقول يا فضيلة الشيخ في رجل صلى المغرب فنسي التشهد الأول ولم يذكره المؤتمون، وهو ظن أنه قد جلس للتشهد الأول فسلم من الصلاة ولم يذكره أحد، ولم يسجد للسهو، وبعد تفرق الناس سأل المؤذن: هل جلس للتشهد الأول؟ فقال المؤذن: لم تجلس للتشهد، فما هو الحكم في هذه الحال؟ A إذا كان الرجل الذي قام عن التشهد الأول ناسياً ثم ذُكِّر إذا كان العهد قريباً يسجد للسهو ولا حرج عليه، وإن كان العهد قد تطاول وطال الزمن فإنه يسقط عنه سجود السهو وصلاته صحيحة.

اللقاء الشهري [39]

اللقاء الشهري [39] لقد ابتليت الأمة المحمدية في عصرنا هذا بأنواع شتى من الفتن والمحن والبلايا، وإن من أعظم ما فُتنت به الأمة اليوم هو الغزو الفكري والأخلاقي المدمر للبيوت والأخلاق والفضيلة والعفاف من قبل أعداء الله عبر القنوات الفضائية، فأفسدوا وميعوا شباب ونساء الأمة ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد اغتر كثير من المسلمين بذلك وظنوه حضارة، ولكن المخرج والعصمة بهجر آلات اللهو والطرب، والالتزام بالكتاب والسنة.

فتنة الغزو الفكري والخلقي عبر القنوات

فتنة الغزو الفكري والخلقي عبر القنوات الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: أيها الإخوة فهذا هو اللقاء التاسع والثلاثون من اللقاء الشهري الذي يتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وشهرنا هذا هو شهر جمادي الثانية عام (1417هـ) أسأل الله تعالى أن يكثر من اللقاءات النافعة بين المسلمين بين شبابهم وشيوخهم بين علمائهم ومتعلميهم إنه على كل شيء قدير. أيها الإخوة: إلى أين نسير؟ وإلى أين نتجه؟ أنحن نعيش كما تعيش البهائم؟ أنعيش كما تعيش الأنعام ليس لنا هم إلا ملء البطن وشهوة الفرج؟ إلى أين؟ الواقع أن هذا سؤال عظيم، تنبني عليه حياة الإنسان الحاضرة والمستقبلة، إننا في الحقيقة نعلم أين نذهب، ونعلم إلى أي شيء نعيش، ونعلم لماذا وجدنا في هذه الحياة من كلمة واحدة من كلام الله عز وجل ألا وهي قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] لم يخلق الله الجن والإنس إلا لعبادته، وعبادته توحيده والقيام بطاعته فعلاً للمأمور وتركاً للمحظور. ولقد أكرم الله تعالى بني آدم وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلاً، خلق لهم ما في الأرض جميعاً لينتفعوا به ويستعينوا به على ما خلقوا من أجله وهي العبادة، ولقد أكرم الله بني آدم وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلاً حين سخر لهم ما في السماوات وما في الأرض، كما قال الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً} [البقرة:29] وقال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ} [الجاثية:13] ولكن هل نحن استخدمنا هذا المسخر لنا والمخلوق لنا فيما خلقنا له، أم أننا ألغينا ما خلقنا له واشتغلنا بما خلق لنا؟ A إن كثيراً من بني آدم على هذا الوضع، تركوا ما خلقوا له، واشتغلوا بما خلق لهم، ويدلك على هذا قول الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام:116] من أكثر من في الأرض؟ الكفرة، الكفار هم أكثر من في الأرض إن أطعناهم أضلونا عن سبيل الله: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا} [النساء:89] {وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [الممتحنة:2] {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ} [آل عمران:69] {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً} [البقرة:109] أكثر أهل الأرض ضُلَّال ليسوا على هدى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام:116] . ولكن تدرون هل من في الأرض من هؤلاء يصدرون الأوامر بلفظ: افعلوا؟ لا، لا يصدرون الأوامر بلفظ: افعلوا كذا، ولو أنهم أصدروا ذلك لكشفوا عن أنفسهم، ولتبين خطؤهم، لكنهم يسرون في جسم الأمة الإسلامية كما تسري النار في الفحم أو كما يسري السم في البدن، إنهم يأمروننا أمراً غير مباشر بسخافة الأخلاق، ونحاتة الأفكار، وفساد الأديان بما يغزوننا به من أنواع الغزو الفكري والخلقي والمالي والاقتصادي والاجتماعي، في كل ما يستطيعون من قوة؛ لأنهم يعلمون أنه لو كان الميدان بيننا وبينهم في الأخلاق والعبادة لكان الظفر للمسلمين، يعلمون ذلك، لكنهم لم يجابهونا مجابهةً نعلم بها حقدهم وعداوتهم وبغضاءهم، إنما دسوا لنا هذه الأخلاق عبر وسائل الإعلام؛ ولهذا تجدهم جادِّين ليلاً ونهاراً في اختيار الأساليب المغرية والصور الفاضحة التي يبثونها عبر الأقمار الصناعية، ولا شك أن هذا من فتنة الله عز وجل لعباده: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء:35] . الذي يسر هذه السبل حتى أوصلوا أخلاقهم الرذيلة وأفكارهم المنحرفة إلى بلادنا، إلى حجرنا، إلى غرفنا، إلى مدارسنا إنما ذلك لحكمة؛ امتحاناً من الله عز وجل، والله تعالى يمتحن عباده بتيسير أسباب المعصية ليبلوهم أيهم يصبر أو أيهم ينحدر. ألم تعلموا إخوانكم وسلفكم حين ابتلوا بتسهيل أسباب المعصية ولكنهم امتنعوا، امتحن الله الصحابة رضي الله عنهم وهم محرمون بشيء من الصيد، ونحن نعلم جميعاً أن المحرم يحرم عليه الصيد، حتى ولو كان خارج الحرم؛ لأن الصيد يشغف القلب، ولو استرسل الإنسان وراءه لنسي أنه محرم، فحرم من أجل ألا يشتغل به عن إحرامه، حرم الله عليهم الصيد لكنه ابتلاهم بشيء من الصيد تناله أيديهم ورماحهم، واحد يمسك الصيد بيده أو برمحه، قال العلماء: ينالون الصيد الزاحف باليد مثل الأرنب، وينالون الصيد الطائر بالرمح بدون سهم ليبلوهم عز وجل أيهم يصبر عن هذا الصيد أو لا يصبر هذا تسهيل لطرق المعصية حتى يبتلى العبد أيصبر عنها أو لا؟ فماذا كان منهم؟ أن صبروا وهجروها وتركوها، وربما يكونون جياعاً يحتاجون إلى الأكل لكن الله حرم ذلك. نحن في زمننا الآن في فتنة، ومحنة، هذه الأقمار الصناعية التي يبث فيها أعداؤنا من اليهود والنصارى والشيوعيين وغيرهم ما يدمرون به عقائدنا وأخلاقنا، ويدمرون به مجتمعاتنا من أكبر الفتن، هذه الوسائل الإعلامية القوية الزاحفة أضلت أناساً كثيرين إما مباشرة وإما غير مباشرة، إننا تكلمنا قبل جمعتين أو أكثر على موضوع الدشوش، وبينا أنها مدمرة للأخلاق، وأنها مدمرة حتى للعقيدة؛ لأن الشعوب إذا دمرت أخلاقها، وارتفع حياؤها، دمر دينها وعقيدتها، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) . أين الحياء من قوم يبثون بيننا شباباً وشابات سافرات متبرجات؟ تجد هذه تعانق الشاب، إذا رأى الشاب والشابة هذا المنظر فهو بشر تعصف به الشهوة إلى مكان سحيق، إنهم يأتون بالشبهات حتى فيما يتعلق بالعقيدة كما سمعنا أنهم يشبهون السحب المتراكمة وفوقها شيخ كبير يصب عليها براميل الماء!! وكأنهم يقولون: هذا الشيخ هو الله -والعياذ بالله- قاتلهم الله، إلى غير ذلك من الأشياء المزعجة المخزية.

فتنة بناء الاستراحات والأحواش التي يجاهر فيها بالمعاصي

فتنة بناء الاستراحات والأحواش التي يجاهر فيها بالمعاصي والمسلمون الآن ممتحنون مفتونون بهذا، إننا نسمع أنه بواسطة ما منَّ الله به علينا من السعة في الأموال وكثرة الأرزاق بنيت الاستراحات، وبنيت الأحواش، وصار يجتمع فيها الناس من شيوخ وكهول وشباب ومراهقين يجتمعون فيها إلى ساعات متأخرة من الليل، ولقد بلغنا أنهم يصطحبون معهم هذه الدشوش ليسهروا عليها -والعياذ بالله- ولقد بلغنا أيضاً أنهم يحملون (الشيشة) ليدخنوا بها، ويحملون علب السجائر ليدخنوا بها، ويحصل عندهم من آلات العزف والموسيقى ما يفسد أخلاقهم، فلماذا لا يكون كل واحد منا رقيباً على أولاده؟ أين ذهبتم؟ لماذا تأخرتم في المنام؟ إنكم مسئولون إنكم محاسبون! أتظنون أن هذه النعم التي ابتليتم بها اليوم لن تسألوا عنها! أبداً لا بد أن يسأل الإنسان كما قال عز وجل: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر:8] تسأل عن النعيم وأنت ترى الجحيم: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر:6-8] لا بد أن نسأل أين ذهب هؤلاء الشباب.

الذين يجب عليهم تحمل المسئولية في إنكار المنكر

الذين يجب عليهم تحمل المسئولية في إنكار المنكر

حمل المسئولية على الشباب

حمل المسئولية على الشباب إن بعض الناس -حتى الكبار كما سمعنا- يحضرون في هذه الاستراحات، وفي هذه الأحواش إلى وقت متأخر من الليل، وربما يأتون إليها من قبل الغروب فينسون أهليهم وأبناءهم وبناتهم، يأتي الإنسان في آخر الليل وقد انهمك جسمه من التعب والسهر وينام، والله أعلم هل يصلي الفجر أم لا يصلي! ولا يرى أهله، ولا يجلس معهم في عشاء ولا غداء، وكأنه في وادٍ وهم في واد أين المسئولية؟ إن أي إنسان يضيع حق الله في أولاده فسيضيعون حق الله فيه؛ سوف يبتلى بعقوقهم وكراهيتهم له حتى كأنه ليس أباً لهم، لذلك أنصح أولاً الشباب عن الانهماك في هذه الأحواش وفي هذه الاستراحات على وجهٍ لا يرضي الله ورسوله.

حمل المسئولية على أولياء أمور الشباب

حمل المسئولية على أولياء أمور الشباب ثانياً: أحمل المسئولية أولياءهم أمام الله ثم أمام مجتمعهم، أحمل المسئولية لآبائهم الذين استرعاهم الله عز وجل عليهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكَّل كل إنسان على أهله، أنت راع بوكالة الرسول عليه الصلاة والسلام: (الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) هل يمكن أن تنفك عن هذه الوكالة التي ألزمك بها رسول الله؟ لا يمكن، إذاً: قم بالوكالة على الوجه المطلوب وإلا فستسأل: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص:65] أين جوابك يوم القيامة إذا لقيت الله عز وجل؟

حمل المسئولية على أصحاب أماكن المنكرات

حمل المسئولية على أصحاب أماكن المنكرات ثالثاً: أحمل المسئولية أصحاب هذه الأحواش وأصحاب هذه الاستراحات، إذا أتاهم من يعلمون أو يغلب على ظنهم أنه سوف يكون فيها على الوجه الذي لا يرضاه الله ورسوله فليعلم أنه يأكل أجرتها سحتاً وحراماً، وما أعظم أن يكون معيناً على الإثم والعدوان، هذه الأجرة التي يأخذها سحتاً وحراماً؛ لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه. ثم إذا أكل هذا ما الذي يترتب عليه؟ جاء في الحديث: (كل جسم نبت من سحت فالنار أولى به) هذه واحدة. أيضاً الذي يأكل الحرام يبعد أن تجاب دعوته -والعياذ بالله- حتى لو دعا في أكبر الأسباب التي تستجاب بها الدعوة فإن إجابته بعيدة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة:172] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:51] ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا ربِ! يا ربِ! ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!) بعيد أن يستجاب له، مع أن الرجل فعل من أسباب إجابة الدعاء ما فعل، ما الذي فعل من أسباب إجابة الدعاء؟ أولاً: السفر. ثانياً: أنه أشعث أغبر. ثالثاً: أنه يمد يديه. رابعاً: أنه يستنجد بالله ويتوسل بربوبيته: يا رب! يا رب! ولكن مطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فلا يستجاب له. أتريد أيها المؤمن أن تدعو الله ولا يستجيب لك؟ لا أحد يريد هذا، لكن إذا كان مأكلك حراماً، ومشربك حراماً، وغذيت بالحرام فالإجابة -أعني: إجابة الدعاء- بعيدة منك نسأل الله العافية.

حمل المسئولية على عموم الناس

حمل المسئولية على عموم الناس رابعاً: أحمل بقية الناس الذين يعلمون ما يحصل في هذه الأحواش أو في هذه الاستراحات أحملهم أن يقوموا بما أوجب الله عليهم من النصيحة، ينصحون إخوانهم، أرأيت لو أن ناراً استعرت وأقبل الناس إليها، أليس من النصيحة أن تحذرهم منها؟ بلى، من حق إخوانك عليك أن تنصحهم وتحذرهم، تكف النار عنهم أو تكفهم عن النار، فالواجب على من علم عن أخيه أن له استراحةً أو أن له حوشاً يجتمع فيه الناس على معصية الله أن ينصحه ويحذره من عذاب الله. يقول: يا أخي الدنيا ليست باقية، لا تدري متى تلاقي ربك، قد تصبح ولا تدرك المساء، وقد تمسي ولا تدرك الصباح، اتق الله. ثم اذكر أنك متى اتقيت الله جعل لك من أمرك يسراً متى اتقيت الله رزقك من حيث لا تحتسب متى اتقيت الله جعل لك مخرجاً من كل ضيق وانصحه فلعل الله أن يهديه، وإذا هداه الله على يديك اكتسبت خيراً كثيراً. ثم إذا قُدِّر أنه ليس في الإنسان إقدام على النصيحة إما لعجزه أو خجله أو خوفه ممن يوجه النصيحة إليه فعليه أن يبلغ من يستطيع نصحه ومنعه؛ لأن سكوتنا عن شيء نشاهده بأعيننا أو نسمعه بآذاننا وهو محرم دون نصح أو محاولة للإصلاح خطأ عظيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه) وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) أنت وأخوك شيء واحد، إذا انحرف واحد من الشباب فيعني ذلك أنه نقص نقص هذا الواحد، أو نقص قوة تماسكه وسلامته؟ الأمرين، نقص هذا المنحرف خسارة، أيضاً يعتبر هذا النقص الذي حصل للمجتمع خللاً في الجميع، ومن الأمثلة العامة يقولون: إن البئر إذا سقط منه حصاة فالبئر كله خراب؛ لأنه يختل كل البناء، والرسول عليه الصلاة والسلام بين أن المجتمع الإسلامي كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وأما السكوت على الباطل فلا. فإن قال قائل: أرأيت لو أن الإخوة أو الأقارب اجتمعوا في واحد من هذه الأحواش أو في الاستراحة للتآلف والتعارف، وإلقاء أطراف الحديث لتزول الوحشة لكن من غير شيء محرم فهل هذا جائز؟ A جائز، لكن ليكن بقدر معلوم، لا يمضوا أكثر الليل في هذا المكان، لأنه مهما كان الأمر إذا أمضوا أكثر الليل في هذا المكان فسوف ينفد ما عندهم من الكلام النافع، ويبقى الكلام اللغو أو المحرم، فليكن هذا بقدر الحاجة بحيث إذا حصلت الفائدة انفضوا، ونحن لا يمكن أن نحجر على عباد الله ونقول: لا تفرحوا، لا تستأنسوا، لا تجتمعوا غير ممكن، الصحابة لما قال لهم الرسول عليه الصلاة والسلام: (إياكم والجلوس على الطرقات! قالوا: يا رسول الله! هذه مجالسنا مالنا منها بد -أقرهم على ذلك- لكنه قال: أعطوا الطريق حقه) . نحن لا نقول: لا تجتمعوا في هذا! ولو قلنا هذا ما أطاعنا الناس، ولا نقوله أيضاً لكن نقول: ليكن جلوسكم على خير، تآلف، تعارف، تجاذب أطراف الحديث النافع هذا طيب. هناك قسم ثالث يجتمعون على كتاب الله، وعلى ذكر الله، وعلى التناقش في مسائل العلم، وهذا لا شك أنه في قمة المجالس؛ لأنه ما اجتمع قوم على ذكرٍ إلا كان ذلك خيراً لهم، وهذا يعتبر في قمة المجالس. فتبين الآن أن الجلوس في هذه الأماكن ينقسم إلى ثلاثة أقسام: 1- قسم خير محض. 2- قسم شر محض. 3- قسم لغو لكن قد يكون خيراً وقد يكون شراً حسب ما يؤدي إليه. ولنقتصر على هذا القدر من الكلام، ونسأل الله تعالى أن يصلح قلوبنا وأعمالنا، وأن يجمع كلمتنا على الحق، وأن يجعلنا من الهداة المهتدين والقادة المصلحين. أما الآن فإلى الأسئلة، وأحثكم على أن تكون أسئلتكم واضحة وصريحة بقدر الإمكان؛ لأن الصراحة في السؤال تدل على صدق السائل، وأنه يريد الوصول إلى الحق، لقد جاءت أم سليم وهي امرأة تقول: (يا رسول الله، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت) صرحت، وطُلِقت امرأة طلقها زوجها ثلاثاً فتزوجها رجل، لكنه لم يجامعها، ولم ترض به، فأرادت الرجوع إلى الزوج الأول، وجاءت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام تقول له: (إني نكحت فلاناً وليس معه إلا مثل هدبة الثوب. وأمسكت بثوبها ونفضته) تعني بذلك: أنه لم بجامعها، ليس معه شيء، هذا كلام يمكن لا يستطيع الرجل أن يعبر به، لكنها امرأة صارت صريحة، فالصراحة -كما قيل- هي الراحة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق.

الأسئلة

الأسئلة

نصيحة لمن ابتلي بدخول الدش إلى بيته

نصيحة لمن ابتلي بدخول الدش إلى بيته Q فضيلة الشيخ: تعرضت -وفقك الله- في الخطبة واللقاء إلى الأحواش والاستراحات، وما تكلمت وفقك الله عن البيوت وغزو الدشوش لها، فهذا والد له أولاد كبار ألزموا والدهم بإحضار الدش، فأحضروه من مالهم، فأقرهم الوالد ومكنهم منه مع أنه ممن يصلي في الروضة ولا يريده، لكنه مكره، فما نصيحتك له ولأولاده والبيت فيه نساء وأطفال؟ A حقيقة أني تكلمت على الأحواش والاستراحات؛ لأنه بلغني أنها شاعت شيوعاً عجيباً وبسرعة، حتى بلغت نحو ألفين في مدينة كـ عنيزة، وهذا صعب جداً، أما الذي في البيوت فهو من مدة كثيرة، وأقول: إن هذا الرجل الذي وافق أهله إما أبناءه أو بناته أو زوجاته على أن يحضر هذا الدش، ويستمعون إلى ما شاءوا فيه، وينظرون إلى ما شاءوا، أرى أنه أخطأ وأنه مسئول عن ذلك، وهو صاحب البيت يستطيع أن يمنع، وأنصحه الآن بأحد أمرين: إما أن يكون رقيباً مباشراً على هذا الدش بحيث لا ينظر فيه إلا إلى ما فيه المصلحة، وإما أن يكسره -يجب عليه- سواء رضي الأولاد أم لم يرضوا؛ لأنه مسئول عن ذلك، ولا يمكن أن يبيعه هو، لأنه إذا باعه إنما يبيعه على قوم يستعملونه في المعصية فيكون معيناً على معصية الله، ولا سبيل إلى التوبة منه إلا أن يكسره، فإذا قال: خسر عليه مثلاً ألف ريال أو ألفي ريال نقول: الحمد لله، الخسارة فيما يقرب إلى الله ربح، وسوف يخلف الله عليك خيراً منه. وإتلاف الأموال لرضا الله عز وجل غضباً على النفس وانتقاماً منها من سنن المرسلين، قال سليمان عليه الصلاة والسلام: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص:32] أي: ألهاني حب المال عن ذكر الله حتى توارت الشمس بالحجاب -أي: حتى غابت- {رُدُّوهَا عَلَيَّ} [ص:33] وكان ذلك الخير الذي شغله عن الله كانت خيولاً وفرساناً يجاهد عليها: {رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص:33] أكثر المفسرين على أن المعنى: جعل يقص أعناقها ويقص أرجلها غضباً على نفسه وإرضاءً لربه حتى لا يعود مرةً ثانية. وها هو النبي عليه الصلاة والسلام صلى يوماً في خميصة أهداها له أحد أصحابه وهو أبو جهم، فنظر إلى أعلامها -خطوطها- وهو يصلي نظر إليها نظرةً واحدة، فلما انصرف من صلاته قال: (اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم لأنها ألهتني آنفاً عن صلاتي) وهو لم ينظر إليها إلا نظرةً واحدة، لكنها ألهته، ولكنه من أجل ألا ينكسر قلب صاحبها قال: (ائتوني بأنبجانية أبي جهم) من أجل ألا يقول: إنه ردها علي، فأتوه بها. المهم أني أقول لصاحب هذه العائلة: عليك بتقوى الله، فإما أن تبقى عند هذا الدش ليلاً ونهاراً حتى لا تنظر العائلة إلى ما لا يجوز، وإما أن تكسره ويخلف الله عليك.

حكم من أجر أو سعى في تأجير استراحة لأناس يرتكبون فيها المعاصي

حكم من أجّر أو سعى في تأجير استراحة لأناس يرتكبون فيها المعاصي Q فضيلة الشيخ: رجل عنده استراحة وقد أجرها على أناس يستعملونها فيما حرم الله تعالى، ولم يشترط عليهم في العقد عدم استعمال ذلك، فما الحل؟ وإذا كان قد اشترط عليهم فهل ينفسخ العقد ويحق له إخراجهم؟ وماذا عن قيمة الإيجار؟ A نحن تكلمنا عن شيء من ذلك، وقلنا: أولاً: إذا كان يغلب على ظنه أو يعلم علم اليقين أن هؤلاء استأجروها ليعصوا الله فيها فهذا لا يجوز تأجيرهم أصلاً، والإجارة باطلة ولم تنعقد، ولا يملك الأجرة وهم لا يملكون الانتفاع بهذه الاستراحة، عقد باطل، والعقد الباطل عند العلماء هو الذي لا يترتب عليه أثره. أما إذا آجرهم وهو لا يدري ماذا يصنعون ثم حدد لهم مدة معينة وصاروا يفعلون هذا الشيء، أي: يستعملونها في معصية الله، فالأجرة باقية إلى أمدها، لا يملك إخراجهم، لكن عليه أن ينصحهم وينهاهم عن المنكر، والأجرة التي أخذها حلال له، لأنه لم يؤجرهم إياها ليعصوا الله فيها، ولا علم بذلك، ولا غلب على ظنه. فالمسألة إذاً فيها تفصيل: إن كان يعلم أو يغلب على ظنه أنهم سوف يستعملونها في معصية الله فما الجواب؟ العقد باطل، والأجرة ليست ملكاً له، وهم لا حق لهم بالانتفاع، وله أن يخرجهم فوراً. ثانياً: إذا كان لا يغلب على ظنه ذلك جاءه قوم استأجروها ولكن صاروا يعصون الله فيها، فهذا يجب إنظارهم إلى مدتهم؛ لأن عقد الإجارة عقد لازم. لكن إن شرط عليهم ألا يستعملوا ذلك واستعملوه وجب عليه فسخ الإجارة وجوباً، وله ما سبق الفسخ من الأجرة. السؤال: هل يأثم صاحب المكتب العقاري وما ذنبه؟ فإنه مجرد واسطة بين المؤجر والمستأجر، يأتيه أناس فيؤجرهم هذه الاستراحات والأحواش وقد يعلم أنهم يشاهدون فيها الدشوش، ويجتمعون فيها على ما حرم الله، وقد لا يعلم ذلك، فهل يلحقه الإثم؟ الجواب: نعم، الدلال كصاحب الملك، إذا كان يعلم أن هؤلاء استأجروها للمعصية فهو حرام عليه، وما أخذه من الدلالة حرام عليه، وإذا كان لا يعلم فلا شيء عليه.

نصيحة في ترك الاستدانة لأجل بناء استراحة للتنزه

نصيحة في ترك الاستدانة لأجل بناء استراحة للتنزه Q فضيلة الشيخ: حول موضوع الاستراحات أنا موظف وراتبي قليل، أريد أن يكون لي استراحة لي ولأولادي أتنزه فيه، وليس عندي مال أعمل به هذه الاستراحة، فهل يجوز أن أستدين أموالاً لأعمل هذه؟ A لا أرى أن يستدين ليعمل هذه الاستراحة، ونقول: الاستراحة -الحمد لله- موجودة، نم على الفراش، فراش هادئ وواطئ وهذه استراحة، أما أن تستدين من أجل أن تعمل هذا الحرث أو تبني هذا القصر في هذه الاستراحة ويكون في ذمتك دين لا تدري أتستطيع وفاءه في حياتك أم لا، ولا تدري أيضاً ربما هذه الطفرة في الاستراحات والأحواش ربما تنزل كما نزل غيرها، ربما تنزل ولا تساوي ولا ربع ما أفنيته فيها.

واجبنا نحو أصحاب الاستراحات التي فيها معاص

واجبنا نحو أصحاب الاستراحات التي فيها معاصٍ Q فضيلة الشيخ لقد تألم قلبي كثيراً مما سمعت منك عن واقع الناس اليوم، وسمعت الكثير عن ذلك، وسؤالي يا فضيلة الشيخ: كيف نتعامل مع هؤلاء؟ هل يقوم طلاب العلم بالزيارة لهم وتوجيههم وإهداء الأشرطة لهم داخل هذه الأحواش والاستراحات أم ماذا نعمل نحن حتى تبرأ ذممنا ونعذر، ونكون قد أعذرنا إلى الله تعالى أرشدنا أرشدك الله ونفع بك، ورد المسلمين إليه رداً جميلاً؟ A الظاهر أن كاتب السؤال كتبه ونحن نتكلم عما يجب علينا نحو هؤلاء الإخوة، فقد بينا أن الواجب نصيحتهم، وإذا لم نستطع لخجل أو عجز أو خوف بلغنا من يستطيع أن ينصحهم أو يمنعهم.

الهجر مصالحه ومفاسده

الهجر مصالحه ومفاسده Q من كان له قريب قد وضع دشاً على ظهر بيته، فهل يزوره في بيته أم يهجره؟ ومتى يكون الهجر، لأني أخشى أن تكون زيارتي له إضراراً وأنا أعلم أنه لن يستجيب للنصيحة؟ A أيها الإخوة! الهجر لا يجوز، لا يجوز هجر العاصي مهما بلغت معصيته، إلا إذا كان في الهجر مصلحة، ودليل ذلك: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) هل العاصي مؤمن أو غير مؤمن؟ مؤمن، لو كانت معصيته أعظم المعاصي بعد الشرك فهو مؤمن، ليس هناك ذنب فيما يتعلق بمعاملة المخلوقين أشد من القتل، قتل المؤمن عمداً من أعظم الذنوب، حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً) ومع ذلك قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة:178] أخيه من هو؟: المقتول، مع أن القتل عمد؛ لأنه لا قصاص إلا بعمد: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة:178] فجعل الله تعالى المقتول أخاً للقاتل، مع أنه قاتل من أعظم الذنوب، وإذا كان مؤمناً فإنه لا يجوز هجره إلا ثلاثة أيام فقط. نعم لو كان في الهجر مصلحة وفائدة هجرناه، كيف المصلحة؟ أن يخجل، ويشعر بذنوبه، ويقول: إنه لم يهجرني قريبي أو أخي إلا لهذا السبب إذاً نترك هذا السبب، فهنا يحسن الهجر أو يجب الهجر، اذكروا لي هجراً صار مفيداً؟ الثلاثة الذين خلفوا، صار هجرهم مفيداً، هجرهم النبي عليه الصلاة والسلام، وهجرهم الصحابة، لكن يا له من هجر! أثمر ثمرات يانعة لا نظير لها في مثل قصتهم، أنزل الله فيهم قصةً تتلى في المساجد في الصلوات يتقرب إلى الله تعالى بها، في كل حرف منها عشر حسنات، ثم في النهاية قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة:119] لكن أي هجر يورث هذا؟! بعض الناس يقول: أنا والله ما عندي نفس أتحمل أن أُسلِّم على الإنسان العاصي! يا أخي العاصي هذا عنده مرض، هل نترك المرضى ونقول: لا نعالجهم؟ الجواب: لا، نعالجهم لا نغلب العاطفة والغيرة على المصلحة العامة، عالجهم، صحيح أن الإنسان ربما يجد من نفسه ثقلاً عظيماً أن يلقاه إنسان معه سيجارة ويسلم عليه، لكن ما دمت تعلم أنك تريد أن تداوي هذا الرجل من مرضه فاسلك أقرب طريق يكون دواءً له ولا عليك، الرسول عليه الصلاة والسلام كان يعامل الناس باللطف واللين والرفق، وقال الله له: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران:159] .

الصحف والمجلات وخطرها على العقائد والأخلاق

الصحف والمجلات وخطرها على العقائد والأخلاق Q فضيلة الشيخ: تطرقت للحديث عن الغزو الفكري وأثره عبر هذه القنوات، وإن هناك خطراً لم تتحدث عنه وهو هذه الصحف التي أصبحت تنشر صور النساء العاريات، بل أساءت إلى القلوب والأفكار، خصوصاً وأن الرجل أو الأب يأتي بها إلى بيته، وتكون بين يدي نسائه دون رقيب ودون رعاية، فما نصيحتك له ولإخواننا المسلمين؟ A هذه المشكلة صحيحة وحقيقةً، لكنها مشكلة قديمة تكلمت عنها عدة مرات على المنبر، وتكلم عليها غيري في مقالات وخطب، لكن بعض الناس قلوبهم ميتة -والعياذ بالله- لا تحس بشيء، والله عز وجل يقول: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:37] عجزنا وعجز غيرنا، وإلا فلا شك أنه يوجد في المجلات -ولا سيما المجلات التي ترد إلينا من الخارج- يوجد مجلات نسأل الله العافية تنشر العهر والفساد، إما بكلماتها النابية، وإما بصورها الخليعة، ولا يحل لإنسان استرعاه الله تعالى على أهله -والموكل له رسول الله- أن يبقي هذه الصحف في بيته أبداً، يجب عليه أن يحاربها محاربة الأسد للشاة، بل يجب أن يحاربها محاربة الماء للنار، وأن يمزقها وأولاده يشاهدون؛ حتى يعلموا أنها حرام وباطلة، أما أن يأتي بها إليهم أو يراهم يشترونها ويقرهم فهذا والله ما رعاهم حق رعايتهم، ولا أحسن الرعاية لهم. ثم إن من العجب أن هذه المجلات التي ترد أو الصحف وفيها ما يدمر الأخلاق والعقائد يشتريها الناس بأموالهم، وهل هناك ضياع للمال أكثر من هذا؟!! لو أن الإنسان مشى في السوق وجعل ينثر الدراهم لكان ذلك خيراً من أن يشتري هذه المجلات ويعطيها أولاده؛ لأنه بهذه المجلات فعل محرماً، وأعان على باطل، وأفسد أخلاق أهله، لكن لو كان ينثر الدراهم في السوق ربما يأخذها مسكيناً وينتفع بها. فعلينا -أيها الإخوة- أن ينصح بعضنا بعضاً عن هذه المجلات الخليعة، إما في مقارها وإما في غيره، حتى إننا رأينا كتابة في صحفنا لامرأة، والمرأة دائماً كما قال الرسول ناقصة في عقلها ودينها تقول: يجب ألا نكفر اليهود والنصارى، كلها أديان سماوية سبحان الله! نحن وإن قلنا: هذه امرأة جاهلة، أدنى ما نقول فيها: أنها جاهلة، فكيف تنشر الصحيفة مثل هذا الكلام في بلد مسلم يقرءون القرآن صباحاً ومساءً، والله تعالى يكفر النصارى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة:72] {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} [المائدة:73] {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [البينة:6] كيف نقول: لا يجوز أن نطلق عليهم الكفر؟!! هؤلاء نطلق عليهم الكفر وزيادة أيضاً؛ لأنهم حرفوا نصوص التوراة والإنجيل وأفسدوها، يبدون كثيراً ويخفون كثيراً: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء:46] نعم نقول: إن أصحاب موسى في عهد موسى الذين اتبعوه كانوا مسلمين وإخوتنا، ونسأل الله لهم المغفرة والرحمة، وكذلك أيضاً أتباع عيسى في زمن عيسى الذين اتبعوه هم مؤمنون وندعو لهم بالمغفرة والرحمة، لكن بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام الذي قال الله عز وجل له: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:158] بعد هذا صار من لم يتبعه من اليهود والنصارى فهو كافر، من أصحاب النار هذه عقيدتنا، وهذا ما نشهد به أمام الملأ وأمام كل إنسان أن كل من لم يتبع رسول الله محمد بن عبد الله فإنه كافر، مهما تسمى بأي اسم، فتأتي امرأة تقول: إن هؤلاء ليسوا كفاراً، ولا يجوز أن نطلق عليهم كفاراً سبحان الله! {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم:9] .

نصيحة لامرأة تعمل في المستشفى

نصيحة لامرأة تعمل في المستشفى Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ: أنا عاملة في المستشفى فكيف أحافظ على التزامي وأنا أخصائية في قسم النساء؟ A على كل حال هي تستطيع أن تلتزم بقدر ما تستطيع، قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78] فلا تخضع بالقول للرجال، ولا تخلو بأحد من الرجال، ولا تكشف من وجهها إلا ما دعت إليه الحاجة عيناً واحدة تنظر بها، وتلتزم ما أمر الله به ورسوله نساء المؤمنين، وبإمكانها بقدر المستطاع، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يأتي اليوم الذي يخصص فيه مستوصفات أو مستشفيات للنساء خاصة وللرجال خاصة، وما ذلك على الله بعزيز. نسأل الله أن يوفق حكومتنا أن تتخذ هذا حتى تسلم من القيل والقال، وحتى يسلم أيضاً الملتزمون في هذه المستشفيات من الإثم الذي قد يحيط بهم.

حكم امرأة كانت تؤدي زكاة حليها ثم تركته

حكم امرأة كانت تؤدي زكاة حليها ثم تركته Q زكيت على ذهبي الملبوس في العام الأول والثاني والثالث، ثم تكاسلت عن أداء زكاته في العام الرابع وما بعده، وقلت: إن فيه خلافاً فلا يلزمني، فهل يلزمني الآن دفع زكاة الذهب الملبوس عن السنوات التي لم أزكِ فيها؟ A يجب عليك أن تؤدي الزكاة لكل ما مضى؛ لأنك أديتيها في الأول على أنها واجبة وأنها فريضة فما الذي ثناك في المرة الثانية؟!! أطالعت في الأدلة ثم اشتبه عليك الأمر فأنت معذورة، أم مجرد أنك سمعت أن في ذلك خلافاً فلا يجوز، بمجرد أن فيه خلافاً لا يجوز للإنسان أن يعدل عن رأيه الأول، هي في الأول التزمت بأنها تؤدي الزكاة فما الذي حولها؟ أراجعت أدلة الذين قالوا: بأن الزكاة واجبة وأدلة القائلين بأنها غير واجبة، أم مجرد أنها سمعت أن فيه خلافاً وقالت: خلاص، اختلاف الأمة رحمة؟ هذا غلط. أقول لأختنا: بارك الله فيها، عليها أن تؤدي زكاة ما مضى، وأن تعلم هي وغيرها أن الزكاة غنيمة وليست غرامة، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة، هل أحد منا يخلد للمال؟ وهل المال مخلد لنا؟ ما أكثر القوم الأغنياء الذين افتقروا! وما أكثر الأغنياء الذين ماتوا في شبابهم! فنقول للأخت: استعيني بالله ودعي البخل: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة:268] قال العلماء: أي: بالبخل: {وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً} [البقرة:268] فأبشري بالمغفرة والفضل والخلف العاجل، وأدي زكاة حليك فإن النصوص العامة في القرآن والسنة بل والنصوص الخاصة في نفس الحلي تدل على وجوب الزكاة في الحلي.

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في خدمة أهله

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في خدمة أهله Q فضيلة الشيخ: هل يوجد ضابط لخدمة الرجل زوجته في البيت؟ وما معنى: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في خدمة أهله وأنه قال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) فبعض الرجال قد يكنس، وبعضهم يطبخ، وبعضهم يرتب الأثاث ويقول: نحن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم في خدمة أهله، ويغسل لهم الأواني، ويكنس لهم البيت، وبعض الرجال يقول: أنا لا آكل مع زوجتي، وبعضهم يقول: أنا لا أنام معها إلا في فترة الجماع فقط، فأرجو من فضيلتكم بيان هذه المسألة لكثرة الرجال الذين يقعون في إفراط أو تفريط فيها، وما هو الهدي الذي ترونه؟ A أقول: إن الله تعالى ذكر ميزاناً عادلاً، فقال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] وقال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} [البقرة:228] لكن الله تعالى قطع أطماعهن أن يساوين الرجال، لما قال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} [البقرة:228] ربما تشمخ المرأة تقول: أنا والرجل واحد: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} [البقرة:228] فقطع الله ذلك وقال: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة} [البقرة:228] لا يوجد مساواة بين الرجل والمرأة إلا فيما تقتضي الحكمة تساويهما فيه. فأقول: هذا راجع للعرف، إذا جرى العرف بأن الزوجة هي التي تخدم زوجها في الكنس والطبخ والغسيل وإصلاح الحرث فلا بأس، كانت زوجة الزبير بن العوام تنقل النوى من المدينة إلى حائطه خارج المدينة، وهي زوجته، وكان الناس في زماننا الذي أدركناه كانت المرأة هي التي تفرش البيت وتكنسه وتغسل الأواني وتحلب البقرة، وتطبخ وتعمل كل شيء، والرجل عليه أن يأتي بالنفقة، وهذا هو الأصل، لكن لا بأس أن يعين الرجل امرأته تأليفاً لها وقرباً منها، وهذا فيه مصلحة عظيمة. أما ما صوره صاحب السؤال من أن عائشة أم المؤمنين نائمة والرسول عليه الصلاة والسلام هو الذي ينفخ ويطبخ فهذا كذب وغير صحيح، يأتي الرسول عليه الصلاة والسلام يجد طعامه مهيأً، ويأتي ويقول: هل عندكم من طعام؟ وأتى مرةً والبرمة على النار تغلي باللحم وسأل عنها، لكنه لا شك أنه يعين أهله، ويخصف نعله، ويرقع ثوبه عليه الصلاة والسلام، لكن أما أن تصور المسألة كما صورها هذا السائل فهذا إما أنه جاهل، وإما أنه خفي عليه الأمر. على كل حال: الدين الإسلامي قال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] وقال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:228] فالإنسان يتبع العرف، ربما يختلف العرف في الوقت الحاضر القريب عما كان سابقاً، أي: المرأة عليها من كلفة البيت فيما سبق وأدركناه نحن أكثر بكثير مما هو اليوم، اليوم المرأة بدأت تطلب الخادم، وبدأت تقول للزوج إذا خرجت هي وإياه إلى السوق تقول: احمل الصبي وأنا أتبعك! أحياناً تقول: احمل الصبي وأنت ورائي!! هذا موجود، لكن هل هذا اقتداء بالرسول وأصحابه؟ لا. لكن بالأمم الغربية، لذلك يجب علينا أن نتمسك بعاداتنا ما لم تأتنا عادة أفضل منها من الناحية الشرعية، أنا لست أقول: نتمسك بالعادة حسنة أو سيئة وإنما: أمسك بالعادة ما لم تر شيئاً خيراً منها إما في دينك أو دنياك فلا بأس.

السفر الذي يصح فيه قصر الصلاة وجمعها

السفر الذي يصح فيه قصر الصلاة وجمعها Q فضيلة الشيخ: أخبرني عن أمرٍ أجهله وتعلمه أنت: رجل خرج من بيته طالباً للعلم واستقر في عنيزة واستوطنها، فأتم فيها الصلاة، ثم بدا له أن يرحل منها بعد سنين عدة إلى منطقة أخرى يعلم الناس فيها الخير غير بلدته الأولى -أعني: مسقط رأسه التي خرج منها- ولا ينوي أيضاً أن يستقر في كلا البلدين الأولى والأخرى التي نزل فيها، سؤالي يا فضيلة الشيخ: هل بتغير نيته يقصر الآن في عنيزة؟ وهل إذا وصل إلى بلده أو إلى بلدة أخرى يقصر الصلاة أسبغ الله عليك من فضله، وعاملك بلطفه؟ A أليس لي الحق أن أقول: لا أدري. هو يقول: يخفى عليَّ وأنت تعلمه، فما الذي أعلمه أني أعلمه؟! يمكن أن أقول: لا أدري. لكن يظهر لي والله أعلم في هذه المشكلة: أنه مقيم في عنيزة ويجب أن يعتبر نفسه مقيماً فيها حتى يسافر إلى البلد الآخر، فإذا قال لنا: الآن لا أقرر أي بلد وطناً لي. قلنا: إذاً كل البلاد التي أنت فيها وطنك، عليك أن تتم الصلاة، فإذاً ما دام كان قد قرر أن يبقى في عنيزة نقول: أتم الصلاة حتى ترتحل عنها، وإذا ارتحل إلى بلد أخرى قال: حتى البلاد الأخرى الآن لا أنوي الاستيطان فيها ولا الإقامة المطلقة، ولا أريد أن يكون لي بلد معين حتى مسقط رأسي. نقول: إذاً الأرض كلها بلدك، وليس لك الحق أن تترخص برخص السفر إلا فيما بين البلدتين، أما في البلدتين فأنت مقيم عليك أن تتم الصلاة، وعليك ألا تترخص برخص السفر إلا ما بين البلدتين ما دمت مسافراً من هذه إلى هذه فأنت مسافر.

المخرج من وساوس الشيطان ومن الحسد

المخرج من وساوس الشيطان ومن الحسد Q فضيلة الشيخ أنا امرأة ملتزمة -ولله الحمد- ولا أزكي نفسي، ولكن مشكلتي التي أعاني منها هي أنني أتعذب مما أشعر به وهو: أولاً: أشعر أن الله لا يقبل عملي. ثانياً: إذا رأيت أحداً عنده نعمة لا توجد عندي أتمنى زوالها، وهذا ليس بيدي، بل دائماً أدعو الله أن يزيل عني هذا الشعور في كل وقت. جزاك الله خيراً؟ A الواقع أن هذا من الشيطان، كون الإنسان يعمل العمل على حسب ما جاءت به الشريعة مخلصاً لله، متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يرجو ثواب الله ويخاف عقاب الله، ثم يقول: إن الله لا يقبل مني. ليس هذا إلا من الشيطان: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا} [الحجر:56] إلا من؟ {إِلَّا الضَّالُّونَ} [الحجر:56] هذا قنوط من رحمة الله. وأنا أقول لهذه المرأة وللرجل أيضاً: أبشر يا أخي المسلم إذا من الله عليك بالعمل على الوجه الذي شرعه فأبشر بأن الله يقبله؛ لأن فعل المرء ما أمر الله به ورسوله من التقوى، وقد قال الله تعالى في كتابه: {إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ} [المائدة:27] ممن؟ {مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27] ولو أننا كلما عملنا خيراً قلنا: ما قبل الله. ما استطعنا أن نمشي، ولاستولى علينا اليأس من روح الله. بل الواجب على المرء إذا أتى بالعبادة على الوجه المشروع إخلاصاً لله ومتابعة لرسول الله أن يستبشر خيراً، وأن يقول: اللهم كما مننت عليَّ بالعمل فامنن عليَّ بالقبول، ولا ييئس، بل يفرح، وقد جاء في الحديث: (من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن) هذه شهادة من الرسول عليه الصلاة والسلام أن الإنسان إذا فعل الحسنة وسر بذلك وفرح وانشرح صدره، وإذا عمل سيئة اغتم لذلك فذلك هو المؤمن بنص الرسول عليه الصلاة والسلام، أبشر يا أخي! لا تقنط من رحمة الله، ولا تيئس من روح الله. وأما الحسد، فيلقيه الشيطان في قلب بني آدم، وهو من أردئ الأخلاق، الحساد أشبه ما لهم اليهود، أترضى أن تكون مشابهاً لليهود؟ لا، يقول الله عز وجل: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة:109] فالحسد لو لم يكن منه إلا أنه خُلُق اليهود لكفى به رادعاً، مع أن الحسد خلق الظالم من ابنيَ آدم، ما هي القصة؟ هابيل وقابيل قربا قرباناً فتقبل الله من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، فقال الثاني الذي لم يتقبل الله منه: لأقتلنك. لماذا؟ حسداً، لماذا الله يتقبل منك ولا يتقبل مني؟ وحصل ما حصل، قتله، ولكنه عوقب بحمله وعجز عن التصرف فيه، حتى بعث الله غراباً يبحث في الأرض. ما أقل حيلتك يا ابن آدم! من علمك أن تقبر الموتى؟ الغراب، نحن الآن نقبر موتانا نتأسى بالغربان، لكنه بإذن الله {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ} [المائدة:31] . فالحسد خلق ذميم، خلق يهودي. ثم إن الحاسد إذا تمنى زوال نعمة الله على أخيه، أو كره أن ينعم الله على غيره هل ذلك يمنع نعمة الله على المحسود؟ لا، هل ذلك يزيد نعمة الله على الحاسد؟ أبداً، الحاسد قلبه حار كأنه على جمر، كلما رأى نعمة اغتم، لا يهدأ له بال، ومع ذلك لن ينال خيراً، قال الله عز وجل: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء:32] إذا رأيت الله أنعم على غيرك بمال أو علم أو صحة أو جاه أو أولاد أو غير ذلك قل: اللهم إني أسألك من فضلك، كما قال عز وجل: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء:32] أما أن تبقى مغموماً محزوناً كلما رأيت نعمة من الله على أحد اغتممت فسوف تحرق نفسك. فأقول للأخت السائلة: كلما أحسستِ بشيء من الحسد فقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، اللهم إني أسألك من فضلك كما أعطيت هؤلاء ألا تحرمني.

حكم الشك في الحدث من الطهارة

حكم الشك في الحدث من الطهارة Q شيخي الفاضل: هذه مشكلتي وهي مسألة في الطهارة، وهي أنني كلما قضيت حاجتي ثم توضأت وانتهيت من الوضوء فما إن أتحرك أي حركة كانحناء أو عطسة أو جلوس إلا وأحس بأن شيئاً قد خرج مني، ولا أدري هل هو باقٍ من البول، أو أنه من الماء من أثر الوضوء، والله إنها يا شيخ مشكلة كبيرة لديَّ، وأخشى أن أترك الصلاة من أجلها؛ لأنني أحس أني أصلي بلا طهارة إن كان الخارج بولاً، وإن أعدت الوضوء فإن ذلك تكلفة عليَّ. أرجو الإجابة على مشكلتي حفظك الله؟ A الحمد لله رب العالمين، ما من مشكلة إلا وفي كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حلها، أي مشكلة ترد على العالم فحلها في كتاب الله أو سنة رسوله، علمها من علمها، وجهلها من جهلها، لكن قد يخفى على الإنسان الحكم الشرعي؛ لأنه قاصر العلم أو قاصر الفهم. إن النبي صلى الله عليه وسلم شكي إليه: الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، أي: يخيل إليه أنه أحدث، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) أي: حتى يتيقن يقيناً لا شك فيه، الإنسان إذا سمع صوت الريح خارجةً منه هل يبقى عنده شك أنه خرج؟ لا يبقى، إذا شم ريحاً وليس حوله أحد يمكن أن يكون منه هل يبقى شاكاً أو يتيقن أنه أحدث؟ يتيقن. إذاً ما دمت أيها الأخ لم تتيقن ولكنك تحس ببرودة في طرف الذكر فتقول: لعله بول خرج. لا تجعله بولاً خرج، اجعله من أثر الماء الذي استنجيت به، وهذا يقع كثيراً، لكن بعض الناس يضيق على نفسه، يقول: لا، هذا بول. ثم يذهب ويكشف عن مؤتزره، ويقلب ذكره، وربما يعصره لعله يخرج فيصدق وهمه، وهذا غلط بلا شك. إذا أحسست بهذا الوهم، فقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا تقلب ولا تفكر، ولهذا قال إمام أهل السنة ومن نعلمه من عباد الله المتورعين المتقين أحمد بن حنبل رحمه الله حين سئل عن ذلك قال له: اله عن ذلك. أي: تله عنه فاتركه، لا تلتفت إليه من أجل أن تستريح. وقال بعض أهل العلم: إذا ابتليت بهذه الأوهام فانضح سراويلك. أي: رشها بالماء لأجل إذا جاءك الشيطان يقول لك: خرج منك بول، هذه البرودة بول، هذه الرطوبة بول، تقول له: هذا الماء أنا الذي رشيته. فهذه الأوهام يا أخي إياك إياك أن تعلق بذهنك! الشيطان عدو لك، كما قال ربك عز وجل: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً} [فاطر:6] وأنت إذا استرسلت معه في هذا فسوف تتعب، ألم تعلموا أن بعض الناس من هذه الأوهام صار لا يصلي أبداً نسأل الله له العافية ولنا ولكم، عجز، ربما يبكي، ويصيح، ولكن يعجز، الله لا يبتلينا ولا إياكم، ويعافينا، فأنت إن استرسلت تعبت، ألم تعلموا أن بعض الناس استرسل معهم هذا الأمر ودبَّ إلى أهله وزوجته، فصار يخيل إليه أنه طلقها، حتى إن بعضهم يقول لي: إني يخيل أني إذا فتحت القرآن أقرأ أني قلت لزوجتي: أنت طالق إلى هذا الحد! كل هذا من استرسال الإنسان بالهواجيس. لذلك يجب عليك اتخاذ شيئين أرشد إليهما الرسول عليه الصلاة والسلام، هما: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والانتهاء، انته عن هذه الوساوس واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وإلا فسيكون الأمر خطيراً. فأقول للأخ: لا عليك، لا تفتش، ولا تفكر، تله عن ذلك، واستمر، وصلِّ، وبإذن الله عز وجل سوف يزول عنك، لأنك امتثلت أمر النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) .

كلمة توجيهية في مد يد العون والمساعدة لإخواننا المضطهدين

كلمة توجيهية في مد يد العون والمساعدة لإخواننا المضطهدين Q فضيلة الشيخ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم) وفي هذه الأيام نسي كثير من الناس إخوانهم في بقاع الأرض، نسوا أن يفعلوا لهم أقل ما يفعلون وهو الدعاء أو المساعدة بما زاد من حاجتهم، نرجو يا فضيلة الشيخ توجيه نصيحة أو كلمة تهز بها وجدان الحاضرين وتحرك مشاعرهم، وتذكرهم بكلمة نافعة نفع الله بك الحاضرين ووفقك. A لا شك أن زمننا هذا زمن فتن، وزمن شر إلا من عصم الله، وإذا تأملنا من حولنا وجدنا أشياء كثيرة: من قتل ونهب وخوف، ونسمع أشياء نسأل الله تعالى أن يحمينا منها وأن يرفعها عن إخواننا، والواجب علينا نحو وإخواننا أن نسأل الله لهم الثبات قبل كل شيء، وأن نسأل الله لهم المعونة وأن يعينهم على ما ابتلاهم به، وأن نجود عليهم بشيء مما يسر الله عز وجل كل بحسب حاله. ولكن أيضاً يجب أن نعلم أن هناك ممن حولنا من كانوا في حاجة شديدة وليسوا بعيدين منا، يحتاجون أيضاً إلى مد يد العون والمساعدة: (والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) فلا أقل من أن ندعو الله لهم بالثبات والنصر وأن يدحر أعداءهم الذين هم أعداء الله في الواقع.

اللقاء الشهري [40]

اللقاء الشهري [40] شهر رجب من أشهر الله الحرم، وقد بين الشيخ ما ثبت فيه من فضل، وما أحدث الناس فيه من عبادات وطقوس ومناسبات، وما خصصوا به لياليه من صلوات وصيام، وما أقاموا فيه من احتفالات. ثم عرج الحديث عن تفسير آية من سورة الفرقان، وهي قوله تعالى: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) . وفي ختام اللقاء تناول بعض الأسئلة بشيء من البسط والتفصيل.

شهر رجب ما ثبت فيه من الفضل ومالم يثبت

شهر رجب ما ثبت فيه من الفضل ومالم يثبت إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الأربعون من اللقاءات الشهرية التي تتم ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذه الليلة ليلة الأحد الحادي والعشرين من شهر رجب عام (1417هـ) ، أحمد الله سبحانه وتعالى أن يسر مثل هذه اللقاءات، وأسأله تبارك وتعالى أن يثيبنا جميعاً، وأبشر الإخوة الذين يحضرون إلى هذه اللقاءات أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) وأن مجالس الذكر هي رياض الجنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: حلق الذكر) . إنني أحمد الله سبحانه وتعالى على تيسير مثل هذه اللقاءات، وأسأله تعالى أن يجعلها لقاءات نافعة مباركة. لدينا اليوم موضوع وهو أننا الآن في شهر رجب، وشهر رجب هو أحد الأشهر الأربعة الحرم، والأشهر الأربعة الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب. كما قال الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة:36] وقد ورد في هذا الشهر صلوات وصيام وأذكار لكنها كلها ضعيفة، لا تثبت بها حجة، ولا تُثبت بها سنة، وإذا ثبت ذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يقول: هذا شهر محرم، سأزيد فيه من صلاتي، أو أزيد فيه من ذكري، أو أزيد فيه من صيامي، أو ما أشبه ذلك، لماذا لا يجوز؟ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أدرك هذا الشهر، فهل زاد فيه على غيره؟ لا، إذا لم يزد فيه على غيره فليس من حقنا أن نقول: إنه شهر محرم نزيد فيه على غيره؛ لأننا نحن متبعون ولسنا مبتدعين، ولو أن الإنسان فيما يتقرب به إلى الله اتبع ذوقه أو اتبع رأيه لأصبح بلا دين؛ لأنه إنما يتبع هواه، وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص:50] . إذاً علينا ألا نخص شهر رجب إلا بما خصه الله به ورسوله، أنه شهر محرم يتأكد فيه اجتناب المحرمات، وأنه لا يحل فيه القتال مع الكفار فإنه شهر محرم، والأشهر الحرم لا قتال فيها إلا إذا بدءونا بالقتال أو إذا كان ذلك سلسلةً قتالية امتدت إلى الشهر المحرم. كذلك أيضاً نحن الآن في النصف الأخير من شهر رجب، مقبلون على شهر شعبان فهل لشهر شعبان مزية على غيره؟ A نعم، له مزية على غيره في الصيام فقط، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يكثر من صيامه حتى كان يصومه كله إلا قليلاً منه، فإكثار الصيام في شعبان من السنة أما في رجب فلا.

بدعية الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج

بدعية الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج هناك بدعة تحدث على مستوىً عالمي في شهر رجب، ألا وهي بدعة ليلة المعراج، ليلة المعراج: هي الليلة التي عرج فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلى، أسري به أولاً من مكة إلى بيت المقدس: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء:1] والتقى بالرسل هناك، وصلى بهم إماماً، ثم عرج به جبريل بصحبته إلى السماوات فاستفتحها سماءً بعد سماء حتى وصل إلى السماء السابعة، بل وصل إلى موضع سمع فيه صريف الأقلام وهي تكتب أقضية الله وأقداره، ووصل إلى سدرة المنتهى، وخاطب الله عز وجل، وفرض الله عليه الصلوات الخمس خمسين صلاةً ثم خففت إلى خمس. هذه الليلة أي ليلة كانت؟ وفي أي شهر؟ لا يستطيع أحد أن يعينها، ولهذا اختلف المؤرخون فيها على أقوال متعددة، لم يتفقوا على شيء لماذا؟ لا لأنه حدث سهل يسير بل هو والله حدث عظيم، لكن تعرفون أن العرب كانوا أميين لا يقرءون ولا يكتبون ولا يؤرخون إلا بسنة الفيل وما أشبه ذلك، فهم لم يحددوا تلك الليلة بليلة معينة، وما اشتهر من أنها ليلة سبع وعشرين من رجب فإنه لا أصل له في التاريخ. ثم على فرض أنه ثبت أنه أسري به في تلك الليلة -أعني: ليلة سبعٍ وعشرين- هل لنا أن نحدث فيها شيئاً من العبادات والرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدث ذلك، ولا الخلفاء الراشدون، ولا الصحابة، ولا الأئمة؟ هل لنا أن نجعلها عيداً؟ ليس لنا أن نجعلها عيداً نعطل فيها المدارس، نعطل فيها الدوائر، نعتبرها عيداً يتكرر، ليس لنا ذلك، لنا سلف في دين الله من هم؟ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإن فعلوا ذلك فعلى العين والرأس، وإذا لم يفعلوا ذلك فتركه سنة؛ لأنهم تركوه، ولهذا نقول: السنة إما إيجاد وإما ترك، فما وجد سببه في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يفعله كان ذلك دليلاً على أن تركه هو السنة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقم لهذه الليلة صلوات ولا أدعية ولا جعلها عيداً. وللأسف الشديد أن كثيراً من المسلمين يتمسكون في هذه الأشياء البدعية التي ما أنزل الله بها من سلطان وتجدهم في أمور ثبتت فيها السنة غير نشطاء فيها بل متهاونون بها، بل لو فعلها الإنسان لقالوا: هذا مبتدع، وهذا هو الذي أوجب للمسلمين التأخر والنكوص على الوراء؛ لأنهم ما نظروا إلى أسلافهم نظرةً قاصرة لا تتجاوز القرن الذي هم فيه إلى المدى البعيد إلى زمن السلف الصالح، وهذا والله ضرر عظيم. إذاً: ما موقفنا من ليلة سبع وعشرين من رجب إذا مرت علينا؟ A أن تمر كغيرها من الليالي، ويومها كغيره من الأيام، ولا نرفع بها رأسا، ً ولا نرى في عدم إقامة الاحتفالات بها بأساً؛ لأنها ليست بسنة، وخير الهدي هدي محمد صلوات الله وسلامه عليه؛ ولهذا يا إخواني كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرر في كل خطبة يوم الجمعة يقول: (أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها) لماذا؟ لأنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: (إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً) اختلف الناس وابتدعوا في دين الله ما ليس منه حتى حصل هذا التأخر الذي نشاهده اليوم، نسأل الله أن يعيد للأمة الإسلامية مجدها وعزها.

تفسير آيات من سورة الفرقان

تفسير آيات من سورة الفرقان بعد هذا نريد أن نتكلم على ما قرأناه في هذه الليلة من آخر سورة الفرقان، على آية منها، من صفات عباد الرحمن أنهم يقولون: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] ثلاث دعوات: قرة أعين للأزواج، قرة أعين من الذرية، والجملة الثالثة: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] أي: أسوة حسنة يقتدي بنا المتقون، ويكون لنا مثل أجورهم؛ لأننا أسوتهم: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان:74] يدعون بها عباد الرحمن، لكن هل يقتصرون على الدعاء أم يفعلون الأسباب التي يحصل بها مطلوبهم؟ الثاني. لو أن الإنسان قال: اللهم ارزقني ذريةً صالحة وبقي لم يتزوج. أيكون مصيباً، أم مخطئاً؟ مخطئاً.

تفسير قوله تعالى: (ربنا هب لنا من أزواجنا)

تفسير قوله تعالى: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا) قال تعالى: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان:74] أي: ارزقنا أزواجاً يكنَّ لنا قرة أعين، وهذا في غير المتزوجين، أو هب لنا من أزواجنا اللاتي بين أيدينا قرة أعين، يشمل هذا وهذا، لكن لا بد من فعل الأسباب، متى تكون الزوجة قرة عين لزوجها؟ تكون الزوجة قرة عين لزوجها والزوج قرة عين لزوجته إذا قاما بما يجب عليهما في دين الله، قال الله عز وجل: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] ، وقال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:228] لو قام كل زوج بما يجب عليه لزوجته من حقوق، فأنفق الإنفاق الواجب من كسوة وطعام وشراب ومسكن، وقام بما يجب عليه من العشرة بالمعروف من طلاقة الوجه، ومساعدة الزوجة فيما ينبغي مساعدتها فيه، وكذلك هي قامت بما يجب عليها من حقٍ لزوجها لدامت العشرة بينهما، ولسعدا في حياتهما، ولاستقامت الأحوال بينهما، لكن مع الأسف الشديد أن بعض الأزواج -وأعني بهم الرجال- لا يقومون بالواجب عليهم بالنسبة لحق الزوجات، بل كأن الزوجة خادم، ليس له هم إلا أن يقضي وطره منها أو يستخدمها في مصالح البيت، ولا يسفر وجهه أمامها يوماً من الأيام، ولا يتكلم عليها إلا بطرف أنفه، ويحتقرها، ثم مع ذلك يريد أن تقوم بواجب حقه فهذا من الظلم (عاشروهن) معاشرة من الجانبين (بالمعروف) . لكن لو أنه بذل الواجب عليه، وصار كما كان عليه نبينا صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله، يحلب الشاة لأهله عليه الصلاة والسلام، ويرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) وهي كذلك أيضاً لو أنها صبرت واحتسبت الأجر، وانتظرت الفرج، وقامت بحق زوجها وإن قصر في حقها كانت العاقبة لها، وهذه قاعدة اعتبرها في كل من بينك وبينه حقوق: إذا قمت أنت بالواجب وقصر هو نصرك الله عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي كان يصل رحمه ويحسن إليهم ويحلم عليهم وهم بالعكس، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملَّ، ولا يزال لك من الله ظهير عليهم) (ظهير) أي: معين عليهم، لأن ظهير بمعنى: معين، كما قال تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم:4] . انظر كيف قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يزال لك من الله ظهير عليهم) كذلك الزوجة إذا قامت بحق زوجها وصبرت على تفريطه وعلى عدم قيامه بالواجب ستكون العاقبة لها، والزوج كذلك، أي: أنه يوجد من الأزواج الذكور والإناث من يُخل بالواجب عليه فعلى كُلٌّ منا أن يصبر. ولكن أسألكم أيها الرجال: من الذي يخاطب بالصبر والتحمل الذكر أم الأنثى؟ الذكر، والدليل: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة) قال العلماء: أي: لا يكرهها (إن سخط منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) فبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن الرجل يجب أن يكون رجلاً يتحمل أكثر؛ لأنه رجل عاقل يملك نفسه ويعرف المنافع فينظر إلى المستقبل، والمرأة -كما تعلمون- تنظر إلى ما بين قدميها فقط، لا يمتد طرفها إلى بعيد، والنبي صلى الله عليه وسلم قال أيضاً: (إن استمتعت بها استمتعت بها على عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها) وكسرها: طلاقها. لذلك على الأزواج أن يتحملوا ما يجدون من تقصير بالنسبة لزوجاتهم، وأن يلاطفوهن. ثم اعلم أن المرأة قريبة بعيدة، لو سمعت منك كلمة لينة لزال كل ما في قلبها من الغل؛ لأنها قريبة، ولو سمعت منك كلمةً سهلة وتصورتها صعبة انتفخت وغضبت؛ لأنها قريبة، فيجب على الرجال أن يداروا النساء حتى يتحقق دعاؤهم: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان:74] . ومن المهم في هذا الباب: أن يكون الإنسان حريصاً على استقامة أهله، يأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويتحدث إليهم في الترغيب والترهيب، ولا يقول: أنا لست بشاق عليهم، أخشى أن يملوا مني لا، والله متى فعل الإنسان شيئاً لله أو قال قولاً لله ولو كان يعتقد أن الناس سيستثقلونه فإن العاقبة ستكون له مهما كان.

تفسير قوله تعالى: (وذرياتنا قرة أعين.

تفسير قوله تعالى: (وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ.) ثانياً: قال تعالى: (وهب لنا من ذرياتنا قرة أعين) من الذرية؟ الأولاد من بنين وبنات، لكن الأولاد صغار، البنين والبنات يحتاجون إلى تربية وإلى تهذيب أخلاق، وما أحسن أن يلقاك صبي صغير في سن التمييز تقول: أحفظت شيئاً من القرآن؟ يقول: نعم، اقرأ الفاتحة، يقرؤها عليك، الإنسان يمتلئ قلبه سروراً، وهذا والحمد لله يوجد الآن، يوجد أناس إذا جلس مع أولادهم الصغار درسوهم القرآن، وعلموهم شيئاً من أصول الدين ولو كانوا صغاراً، الصغير لا ينسى، لا ينسى ما سمع ولا ما رأى، علِّم ولدك الذكر أو الأنثى، إذا جلست معه على القهوة على الغداء على العشاء على مجلس سهر علمه أدبه، قل له: يا بني كذا، يا بنتي كذا. كذلك أيضاً علمه الصدق، لا تعده موعداً فتخلفه، إذا وعدته موعداً فأخلفته استسهل الكذب، واستسهل إخلاف الوعد، لو قلت: تعال يا ولد، أريد أن أعطيك حلوى، وأدخلت يدك في جيبك على أنك تريد أن تعطيه حلوى، ثم إذا جاء أمسكته إما تريد أن تضربه أو ما تعطيه شيئاً، ماذا يكون رد الفعل في نفسه؟ سيكون شديداً، وسيتعود الكذب، ولذلك يخطئ بعض الناس إذا صاح الصبي قال: اسكت، اسكت، تريد حلوى؟ الصبي يسكت مباشرة؛ لأن الحلوى عنده من أغلى شيء، إذا سكت قال: لا يوجد حلوى وهذه الحلوى عنده هل هذا صواب؟ لا، لكن إذا لم يكن معك حلوى تفي بوعدك تقول: اسكت يا ولد، الصياح ليس طيباً، وقل له كلاماً يكون حقاً. وكذلك أيضاً أمرهم بالصلاة: متى نأمرهم بالصلاة؟ لسبع، قبل السبع لا تأمرهم، إن صلوا فمن أنفسهم فذاك المطلوب، ولا تمنعهم، لكن لا تأمرهم لأنك لست أحكم من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يأمرنا أن نأمرهم إلا لسبع إلى العشر، فإذا أتموا عشراً فحينئذٍ يُضربون لكن ليس ضرباً مبرحاً، وليس كضرب البالغ منهم، بل ضرباً يحسون باهتمامك بالصلاة، ولكل مقام مقال، والصبيان يختلفون، فبعضهم عنده شعور قوي بمجرد ما تنهره أو تأمره يمتثل، وبعضهم عنيد لا يزداد بمثل ذلك إلا نفوراً منك، فلكل مقام مقال.

تفسير قوله تعالى: (واجعلنا للمتقين إماما)

تفسير قوله تعالى: (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) أما الجملة الثلاثة وهي: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] هذه تتطلب أشياء: أولاً: العلم، أن الإنسان يسأل الله أن يكون عالماً لماذا؟ يقول: {لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] متى يكون إماماً في التقوى؟ إذا كان عالماً بما يتقي. إذاً هذه الجملة تتضمن أنك تسأل الله أن تكون طالب علم؛ لأن من لازم التقوى أن يكون عالماً بما يتقي. ثانياً: تتضمن أيضاً: أن يكون الإنسان عاملاً بما علم؛ لأن الإنسان لا يكون إماماً إلا إذا كان قدوةً صالحة، ولذلك تجد العلماء يقتدون بأسلافهم يقتدون بأئمة المسلمين كالإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وإخوانه من الأئمة؛ لأنهم علموا وعملوا, ولو جاء رجل عالم فصيح بليغ وتكلم ولكن الناس لا يعرفون منه عملاً فإن قبولهم إياه سيكون ضعيفاً إذاً: أنت تسأل الله بقولك: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] أن يرزقك عملاً بما علمت. ثالثاً: مما يدخل في هذه الجملة: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] أن تسأل الله أن تكون لك حجة قوية؛ لأن الإنسان إذا لم يكن عنده حجة قوية يمكن يصلح بنفسه لكن لا يستطيع أن يصلح غيره؛ لأن كل إنسان يناظره يمكن أن يغلبه وينهزم أمامه، وحينئذٍ لا يكون إماماً للمتقين، فأنت بهذا تسأل الله أن يجعل لديك بلاغةً وفصاحةً وإقناعاً، والناس يختلفون، كم من إنسان واسع العلم لكنه لا يستطيع أن يقنع، وكم من إنسان أقلَّ ولكنه يستطيع أن يقنع غيره. رابعاً: ومما تتضمن هذه الجملة: حسن الأخلاق، وما أعظم حسن الأخلاق وما أقله في كثيرٍ من الناس، الإنسان لا يمكن أن يكون محبوباً ولا مقبولاً إلا إذا وفِّق لذلك بكونه محباً لله فيحبه الله عز وجل ويتبع سبيل المؤمنين، ومن أهم شيء في ذلك أن يكون حسن الأخلاق، يتحمل ويصبر على أذى الناس، ويعلم أن الدنيا لم تفرش وروداً له، ويعلم أنه كلما نجح في أمره فإنه سوف يحاول عدوه الذي ليس على منهجه أن يعرقل سعيه، وكلما كثر تأثيره ظهر له أضداد، ولا بد، وإن شئتم فتابعوا سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، هل ظهر له أضداد؟ نعم، ظهر له أضداد وأرادوا أن يقتلوه: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} [الأنفال:30] كم هذه؟ ثلاثة: (ليثبتوك) الحبس، (أو يقتلوك) الإعدام، (أو يخرجوك) الطرد، كل هذا أرادوه ولكنهم {َيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30] . إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أوذي وقد كان ساجداً لله تحت بيت الله، آمن ما يكون في أرض الله وتوضع سلى الناقة على ظهره وهو ساجد، وهو صابر محتسب، ذهب إلى أهل الطائف وماذا فعلوا به؟ اصطفوا صفين من سفهائهم وخدمهم وعبيدهم، وكل واحد معه حجر، وجعلوا يرمون النبي صلى الله عليه وسلم حتى أدموا عقِبه، ولم يفق، فرَّ على وجهه، ولم يفق إلا في قرن الثعالب عليه الصلاة والسلام، من يتحمل هذا؟ وأعظم من ذلك أنه جاءه ملك الجبال واستأذنه أن يطبق الأخشبين عليهم ولكن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أستأني بهم -أؤخر عقوبتهم- لعلَّ الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله) انظر إلى بعد النظر! قوم حاربوه، أخرجوه من مكة وطردوه من الطائف، ومع ذلك يقول: (أستأني بهم لعلَّ الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله) كان الأمر متوقعاً، فأخرج الله تعالى من أصلابهم من عبد الله وكان إماماً في دين الله، وكان من الفرسان في دين الله عز وجل، فحسن الخلق يجعل الإنسان إماماً للمتقين. فعليك يا أخي بحسن الخلق، واصبر واحتسب، واجعل هذه الآية الكريمة أمامك إماماً لك، وهي: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199] يا لها من آية، والله لو سرنا عليها لسلمنا من قلق كثير: {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف:199] ما معنى العفو؟ ما عفا من أخلاق الناس، وما يعاملك به، واترك ما وراء ذلك، لا تريد من الناس أن يعاملوك بما تريد أبداً إلا إن يشاء الله. ثانياً: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف:199] لا تصمت، وإذا أصابك شيء فاصبر واحتسب. ثالثاً: ((وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)) [الأعراف:199] ستجد جاهلاً يشتمك، يغتابك، ربما يضربك، يقول الله عز وجل: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199] وكن كما قال النبي عليه الصلاة والسلام حين أدميت أصبعه قال: (هل أنت إلا أصبع دميت، وفي سبيل الله ما لقيت) . واعلم يا أخي أن ما أصابك في دين الله فهو رفعة لك وخير وأجر، وتذكر أنه لن ينفعك حينما تكون ممدوداً على نعشك إلا هذا وأمثاله، لن ينفعك حينما تنفرد في قبرك إلا هذا وأمثاله، لن ينفعك حين تقوم لرب العالمين حافياً عارياً أغرل إلا هذا، هذا هو الذي ينفعك حقيقة، وما سوى ذلك من مُتع الدنيا فهو زائل: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات:46] فأنت يا أخي عندما تقوم تصلي تجد عراكاً مع نفسك، مصارعة، نفسك تقول: عجل، عجل، عجل لكن لا تطعها، قل: أنا أعلم أني لا أنتفع من دنياي إلا في هذه اللحظة وبهذا العمل، وإذا شعرت هذا الشعور وأنك لن تنتفع من حياتك إلا بهذا وأمثاله هل تفر منه فرارك من الأسد أم تطمئن؟ A تطمئن، يا أخي فكر في هذا، عندما تقول: الله أكبر. تجد شيئاً في نفسك يقول: يا الله (مشي مشي) . قل: يا أخي هوناً هوناً هوناً ما لي من حياتي إلا هذا، ما ينفعني في قبري ولا عند موتي ولا يوم القيامة إلا هذا، اطمئن يا أخي، ثم اذكر وأنت في صلاتك من تناجي يا أخي؟ تناجي أحب شيء إليك وهو الله عز وجل، ألم تعلم أنك إذا قلت: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] قال الله تعالى من فوق سبع سماوات: حمدني عبدي؟ ألم تعلم أنك إذا قلت: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3] قال الله: أثنى عليَّ عبدي؟ ألم تعلم أنك إذا قلت: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] قال الله: مجدني عبدي كل هذا حق. ألم تعلم أنك إذا قلت: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] قال الله: هذا بيني وبين عبدي نصفين؟ ألم تعلم أنك إذا قلت: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6] قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل؟ هل تجد خيراً أكثر من هذا؟!! كيف تفر من أن تقف بين يدي من يناجيك وهو على كل شيء قدير؟!! يا أخي! اعرف نفسك، ولماذا خلقت، والله لو كنا نشعر هذا الشعور لهانت علينا العبادات، ولرخصت علينا الدنيا كلها: لو ساوت الدنيا جناح بعوضة لم يسق منها الرب ذا الكفران لكنها والله أحقر عنده من ذا الجناح القاصر الطيران هكذا يقول ابن القيم رحمه الله وصدق. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من دعاة الخير، وأنصار الحق، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب. وإلى ما تيسر من الأسئلة نجيب عليها، ونسأل الله أن يعصمنا من الزلل، وأن يوفقنا للصواب إنه على كل شيء قدير.

الأسئلة

الأسئلة

كيفية إخراج الكفارة لمن لم يستطع صيام رمضان

كيفية إخراج الكفارة لمن لم يستطع صيام رمضان Q فضيلة الشيخ: لقد قدر الله علي فتعرضت لحادثٍ في العام الماضي، ولم أستطع صيام شهر رمضان، وقد كنت أتوقع في ذلك الوقت أنه بعد شهرين أو ثلاثة سوف يعافيني الله تعالى وبعدها أصوم، والآن لا أستطيع الصيام حيث ما زلت على الفراش ولا أستطيع الحركة، لذا أرجو الإفادة عن الكفارة من الطعام، وهل تجزئ أن أطعم عائلةً كيساً من الأرز مثلاً الذي يحتوي على خمسة وأربعين كيلاً؛ لأنه يشق علينا أن نعطي كل مسكين على حدة، علماً أنه يوجد في حاراتنا عائلة فقيرة وأبوهم عليه دين، ولديه كثير من الأولاد، فهل تجزئ الكفارة إذا منحناهم إياها دفعةً واحدة؟ وكم تكون الكفارة من أكياس الرز؟ A أسأل الله سبحانه وتعالى لأخينا السائل أن يشفيه ويعافيه، وأن يرزقه الصبر والاحتساب، وأن يجعل ما أصابه رفعةً في درجاته وتكفيراً لسيئاته. أما موضوع السؤال فنقول: يطعم عن كل يومٍ مسكيناً، وليس بلازم أن يعطي كل مسكين على حدة، فإذا قدر أن في البيت عشرة مساكين أعطاهم ما يكفي عشرة، لكل واحد كيلو من الرز، ويجعل معه شيئاً من اللحم يكون إداماً له، ثم ينظر إلى بيتٍ آخر فيه عشرة فيعطيهم، ثم إلى بيت ثالث فيه عشرة ويعطيهم، وبذلك تبرأ ذمته، وإذا قدر أنه في قرية صغيرة لا يجد ثلاثين واحداً فلا بأس أن يكررها على الموجودين في أيام متعددة حتى يستكمل ثلاثين.

وجوب التسليم لله في الأخبار الغيبية

وجوب التسليم لله في الأخبار الغيبية Q فضيلة الشيخ: ذكرت بارك الله فيك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سمع صريف الأقلام ليلة المعراج، فكيف نجمع بين هذا وبين ما ثبت (أن الله تعالى أول ما خلق القلم فقال له: اكتب. قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) فالله قد كتب مقادير الخلق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، فنرجو إزالة هذا الإشكال أحسن الله لنا ولكم الحياة والمعاد؟ A أولاً: أنصح أخي السائل والمستمعين أن مسائل الغيب لا يجوز فيها أن يعارض بعضها ببعض، فيجب أن نقبل أن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى يوم القيامة، ويجب أن نؤمن بأن محمداً رسول الله سمع صريف الأقلام ما دام كل منهما صحيحاً، يجب علينا أن نؤمن ولا نقول: لماذا أو كيف؟ لأن هذه أمور غيبية كما أننا نؤمن بأن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، هل يقول قائل: كيف ينزل وهو فوق كل شيء؟ نقول: لا يجوز هذا، الأمور الغيبية قل: سمعنا وصدقنا ولا تعارضها، أسألكم كلكم الآن: هل يستطيع رجل منكم أن يصف لنا نفسه التي بها حياته؟ الجواب: لا: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء:85] كيف تحاولون أن تعرفوا صفة الرحمن عز وجل أو تعرفوا أقداره؟ هذا لا يمكن. نصيحتي لكل شخص أن مثل أمور الغيب يجب أن يؤمن بها ولا يسأل، أشرنا قبل قليل في المعراج أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بالرسل إماماً في بيت المقدس، وحين صعد إلى السماء وجد فيها من المرسلين من وجد، هل نقول: كيف يكون ذلك؟ أبداً، الأمور إذا صحت في القرآن أو في السنة قل: آمنا بالله ورسله، لا تضرب القرآن بعضه ببعض ولا السنة بعضها ببعض، هذه أمور أكبر من عقولنا. على أنه لا يستحيل عقلاً أن تكتب الأشياء مرتين، الإنسان مثلاً عنده دفتر يكتب فيه اليوميات ويعيدها أيضاً مرةً ثانية في أوراق أخرى هذا ممكن عقلاً؟ على أن الأمور الغيبية لا تحاول أن تقيسها بعقلك؛ لأنها أكبر من عقلك. فنقول: إن الله تعالى قال: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن:29] كل يوم هو في شأن عز وجل، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وهذه الأقلام التي سمعها الرسول عليه الصلاة والسلام من الممكن أن تكون أقلاماً تعيد ما كتب في اللوح المحفوظ، والله أعلم، إن كان هذا هو الحق فالحمد لله الذي وفقنا له، وإن كنا أخطأنا فنستغفر الله ونتوب إليه، لكننا نؤمن بما أخبر الله به ورسوله، وإياك -أيها الأخ- أن تعارض القرآن بعضه ببعض أو السنة بعضها ببعض هذه أمور غيبية، الأمور الحكمية الفقهية لعقل الإنسان فيها مجال ومدخل، أما الأمور الخبرية المحضة فلا تتعب نفسك.

خطأ من يخطب في رجب عن الإسراء والمعراج

خطأ من يخطب في رجب عن الإسراء والمعراج Q فضيلة الشيخ: كثير من خطباء المساجد في هذا الشهر تكون خطبهم عن الإسراء والمعراج، فهل في هذا حرج أم لا؟ A أرى أنه ليس بالمناسب؛ لأن الخطبة في الإسراء والمعراج في هذا الشهر يعني توكيد أن المعراج في هذا الشهر، وهذا غلط، أقرب ما يكون من الأقوال في المعراج: أنه كان في ربيع الأول؛ لأن ربيع الأول هو مبتدأ الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أول ما بدئ بالوحي في ربيع الأول، وصار يرى الرؤيا حتى تأتي مثل فلق الصبح، وفي رمضان نزل عليه القرآن، فأقرب ما يقال مع أنه ليس هناك نص صريح صحيح: أنه في ربيع الأول وليس في رجب، ولذلك لا ينبغي للخطباء أن يقرءوا فصة المعراج في الخطب في هذا الشهر؛ لأن ذلك يعني تثبيته، وإذا ثبت في قلوب العوام صار عقيدة.

كيفية الجمع بين الخوف والرجاء

كيفية الجمع بين الخوف والرجاء Q فضيلة الشيخ: يقول الله جل وعلا: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون:60] ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله) والعبد مأمور بالخوف من الله تعالى، وكذلك أن الإنسان مأمور بعدم الإعجاب بعمله، ويقول: أنا أصلي وأزكي، كيف الجمع بين هذه الأقوال والآية؟ A يقول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون:60] أي: يعطون ما أعطوا (وقلوبهم وجلة) أي: خائفة ألا يقبل منهما، لا استبعاداً لكرم الله عز وجل لكن خوفاً من ذنوبهم، يخشى الإنسان أن يكون ما آتاه من المال لا يقبل؛ إما لإعجابه، وإما لمنه بالصدقة، وإما لكون المال حراماً، أو ما أشبه ذلك، هل كل منا يجزم بأن صدقاته مقبولة؟ لا، كل يخاف. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه) فمراد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك حث الإنسان على العمل الصالح إلى الموت؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يحسن الظن بربه وهو يبارزه بالعصيان، لو أنه أحسن الظن بالله وهو يبارزه بالعصيان لكان مستهتراً، إحسان الظن بالله أن تعمل ما يكون سبباً لما تظنه بالله عز وجل، ولهذا يخطئ بعض الناس أن يكون مهملاً ثم يقول: أحسن الظن بالله لا، أحسن الظن بالله بمعنى: صل، وقل: إن الله سيقبل عبادتي، هذا إذا نظرت إلى كرم الله، إذا نظرت إلى نفسك أخشى أن أكون مقصراً، فتكون بين الخوف والرجاء.

حكم إغماض العينين في الصلاة من أجل الخشوع

حكم إغماض العينين في الصلاة من أجل الخشوع Q فضيلة الشيخ: ما حكم تغميض العينين في الصلاة من أجل الخشوع فقد سمعت أن ابن القيم رحمه الله يرى أنه جائز، وقد يكون مندوباً لأجل الخشوع؟ A أما إذا طرأ ما يوجب التغميض فلا بأس، مثل: أن يدخل في الصلاة ثم حصل أمامه صبيان يلعبون، أو لاحظ شيئاً يشغله عن الصلاة، فهنا لا بأس أن يغمض، وإذا أغمض عينيه بدون سبب ورأى من نفسه أنه يخشع فهذا من وحي الشيطان؛ لأن تغميض العين في الصلاة مكروه، فإنه قيل: إنه فعل المجوس عند عبادتهم النيران. فتغميض العين فيه تفصيل: إذا كان لأمرٍ حدث فتخشى أن تتبعه بصرك فتنشغل عن صلاتك فهنا غمض العينين، وأما أن تغمض عينيك من أجل الخشوع فهذا خطأ.

نصيحة لامرأة أرادت أن توصي ولها مال كثير

نصيحة لامرأة أرادت أن توصي ولها مال كثير Q امرأة كبيرة تريد أن توصي فما نصيحتك لها؟ كيف يكون نص وصيتها فإنها سوف تسمع هذا الشريط ثم توصي، علماً أنه لا يوجد لها أبناء، ولكن لها بنات متزوجات، ولهن أولاد ولله الحمد، وعندها أكثر من عقار ومنه عمارة ذات شقق سوف تجعل الوصية فيها جزاك الله عنها وعن المسلمين خير الجزاء؟ A أقول لهذا السائلة ولمن يستمع: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (خير الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر) أنت صحيح شحيح -تريد المال- (تأمل الغنى) (وتخشى الفقر) هذا أفضل الصدقة، سواء كانت صدقةً جارية تبقى لك بعد موتك، أو كانت صدقةً عارضة لفقير اضطر إليها أو ما أشبه ذلك، هذه خير الصدقة. فنقول لهذه الأخت السائلة: فيما رأينا من الناس الآن وأحوالهم ومحبتهم للدنيا، وشحهم، وقطيعة الرحم، نرى أن الإنسان يجعل من ماله شيئاً للمساجد للجمعيات الخيرية كجمعيات تحفيظ القرآن مثلاً وجمعيات البر وما أشبهها. ثم إذا أراد أن يوصي يوصي لأقاربه الذين لا يرثونه، مثلاً: إنسان له عم وله أبناء عم، له أخ وله أبناء أخ، أخوه يرث وأبناء أخيه لا يرثونه، عمه يرث وأبناء عمه لا يرثونه، يوصي للذين لا يرثونه؛ لأن صلة الرحم أفضل من إعتاق الرقاب، ولهذا لما قالت إحدى أمهات المؤمنين للنبي عليه الصلاة والسلام: إنها أعتقت جارية لها قال: (إنها لو جعلتها في أقاربها كان خيراً لها) أوصي الأقارب الذين لا يرثون، إن شئت قل: الأقرب فالأقرب، وإن شئت فقل: الأحوج فالأحوج، وأما الذين يرثون فلهم ميراثهم. وأيضاً أقول: أوصي لهم بشيء يكون مقطوعاً، كل يأخذ نصيبه ويذهب، لكن الشيء الثابت وجدنا أن أبناء العم يتحاكمون ويتخاصمون من أجل بيت مشترك بينهم أو أرض مشتركة، ويتقاطعون الأرحام، وحدثني بعض الناس: أن قوماً تنازعوا في بيت وقَّفه جدهم، وهم بنو عم عند القاضي، قبل أن تحدث هذه المحاكم والأمور الرسمية، فجعلوا يختصمون ويتكلمون، حتى إن بعضهم قال: لعن الله جداً جمع بيننا! -أعوذ بالله- وهو جدهم الذي أوقف لهم البيت، لكن النزاع والخصومة -والعياذ بالله- (الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم) . إذاً: لا حاجة لهذا، أتصدق أو أوصي بشيء ينقطع وينتهي، أو بشيء دائم بعيد عن الأقارب كالمساجد والجمعيات وما أشبهها. الخلاصة: أقول لهذه المرأة: تختار إحدى العمارات وتجعلها وقفاً على المساجد، أو تباع ويعمر بها مسجد هذا أحسن شيء. أما نص الوصية فلا يحتاج إلى تعب، يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، ويحضر رجلان كاتب وشاهد: حضرت عندنا المرأة الفلانية وأوصت بعمارتها المعروفة في مكان كذا وكذا أن يجعل ريعها للمساجد، أو أن تباع ويعمر بها مسجد، أو ريعها يكون في الجمعيات الخيرية أو في مسابقة تحفيظ القرآن، وما أشبه ذلك. وتكون الوصية من الثلث فأقل لغير وارث.

حكم رجل صلى خلف إمام فرأى في رجله قدر الدرهم لم يصبه الماء

حكم رجل صلى خلف إمام فرأى في رجله قدر الدرهم لم يصبه الماء Q فضيلة الشيخ: مأموم صلى خلف إمام فرأى على قدم الإمام مقدار الدرهم لم يصله الماء، فماذا يفعل المأموم وهو يصلي خلف ذلك الإمام ويرى ذلك البياض؟ A ينوي الانفراد عنه، وإذا سلم يخبره، أما المأمومون الذين لم يعلموا بذلك فصلاتهم صحيحة، لكن هذا المأموم ينصرف ويتم الصلاة وحده؛ لأنه الآن يصلي خلف إمام في اعتقاده أن صلاته باطلة، لأنه ما توضأ، فينصرف ويسلم وإذا سلم الإمام نبهه، ووجب على الإمام أن يعيد الوضوء والصلاة، وأما المأمومون فلا شيء عليهم. وهذه قاعدة مفيدة أفيدها الآن، والحمد لله أن السؤال جاء بها: إذا صلى الإمام محدثاً ولم يعلم إلا بعد الصلاة وجب عليه الوضوء وإعادة الصلاة، والمأمومون لا شيء عليهم، علم بذلك في أثناء الصلاة ينصرف ويقول للمأمومين: يا فلان! أتم بهم الصلاة، إذا تبقى ركعة كم يصلون؟ ركعة، أتم بهم الصلاة، فإن لم يقل: أتم بهم الصلاة فليقدموا واحداً منهم، فإن لم يفعلوا فليكمل كل واحد لنفسه.

تحريم شرب الدخان وبيعه

تحريم شرب الدخان وبيعه Q فضيلة الشيخ! أشهد الله بأني أحبك في الله وسؤالي: لدي دكان مؤجر من قبل إخواني لبيع (السندويتشات) وبعد ذلك علمت أنه يبيع الدخان، مع العلم بأننا نأكل ونشرب من مصروف هذا الدكان، وقد نصحت إخواني بأن يمنعوه من بيع هذا الدخان ولكن بلا فائدة، فإنهم منعوني من الكلام وذلك لأن ثلاثةً منهم يدخنون وأنا أصغرهم، ما حكم الأكل من هذا الدكان؟ وبماذا تنصحني أن أفعل معهم جزاك الله خيراً؟ A إذا كان هذا الدكان استؤجر لعمل الطعام (السندويتش) أو غيره فالإجارة صحيحة، وإن استؤجر لبيع الدخان فالإجارة باطلة، ولا حق للمستأجر في هذا الدكان؛ لكن الغالب أن المؤجر لا يدري ماذا يفعله المستأجر في دكانه فالإجارة إذاً صحيحة، لكن إذا تمت المدة -أعني: مدة الإجارة- وجب على المؤجر أن يقول للمستأجر: إما أن تمتنع عن بيع الدخان وإلا فاخرج، ولا يجوز أن يعقد له الإجارة بعد ذلك وهو يعلم أنه سيبيع الدخان في هذا الدكان لماذا؟ لأن شرب الدخان محرم، والمعين على المحرم آثم مشارك له في الإثم، ودليل ذلك: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله) من آكل الربا؟ المرابي آخذ الربا سواء أكله أو لبسه، وموكله الذي أخذ منه الربا، انظر الذي أخذ منه الربا ملعون مع أنه مظلوم، شاهديه: ما عملهم؟ تثبيت العقد، لأنه بالشهادة يثبت، الخامس: كاتبه، أيضاً يثبت الربا، كلهم ملعونون على لسان النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم متعاونون. فلما كان الدخان حراماً كان بيعه حراماً، وكان تأجير المحلات لبيعه حراماً، والأجرة محرمة، وأقول: إن الدخان حرام بأدلة القرآن والسنة والعقل: أدلة القرآن: الدليل الأول: قال الله تبارك وتعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} [النساء:5] ما الفائدة من الأموال التي أعطانا الله إياها؟ أن تكون لنا قياماً تقوم بها مصالح ديننا ودنيانا، أي مصلحة في إنفاقها في شرب الدخان؟! لا مصلحة. الدليل الثاني: قال الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء:29] وشرب الدخان من أسباب قتل النفس، وانظر إلى الإحصائيات في البلاد التي تعتني بهذه الأمور كم تجد من الذين ماتوا بسبب الدخان. الدليل الثالث: قال الله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195] ولا شك أن الذي يشرب الدخان ملقٍ بنفسه إلى التهلكة، وانظر إلى جسمه! انظر إلى نفسه! انظر إلى حاله! ولو أنه سلم من ذلك لوجد نشاطاً وقوة كما علم بذلك من عصمهم الله منه بعد أن كانوا يشربونه. أما السنة: فاستمع إلى ما ثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام من أنه نهى عن إضاعة المال، واسأل المدخن: هل هو يضيع المال، أم يحفظ المال؟ أقول: إنه يضيعه، حتى إن بعضهم -والعياذ بالله- يشتري الدخان ويدع أهله يتضاغون من الجوع! يقدم شراء الدخان على شراء الضروريات والحاجيات -نسأل الله السلامة- وهذا من إضاعة المال. أيضاً شارب الدخان إذا لم يتيسر له شربه ماذا تكون نفسه؟ يضيق صدره، وتضيق عليه الدنيا، حتى الصلاة يؤديها وهو ضيق النفس غير مطمئن إليها، وفي الصيام حدِّث ولا حرج: سوف تضيق عليه الدنيا، ويثقل عليه الصيام، وشيء يثقل العبادات على الإنسان لا خير فيه. أما العقل: فإن كل إنسان عاقل لا يرضى أبداً أن يبذل ماله فيما ليس بفائدة بل فيما فيه مضرة، كل إنسان عاقل لا يرضى أن يكون متلبساً بهذا الدخان ذي الرائحة الكريهة التي يفر منها كل إنسان، حتى إن بعض الناس إذا صف إلى جانبه في الصلاة أحد من شاربي الدخان ربما لا يستطيع أن يصلي، ينصرف إلى جهة أخرى، كل إنسان عاقل لا يمكن أن يفعل شيئاً فيه عليه الضرر. ولهذا نحن في هذا المكان نوجه نصيحةً إلى الشباب أن يبتعدوا كل البعد عن الذين ابتلوا بشربه، فإنهم إذا شربوه ربما يوسوس لهم الشيطان فيشرب جليسهم، وإذا شرب الشاب وليس عنده فلوس، وسوف يضطر إلى تناوله بأي وسيلة، ألا يمكن أن يكون ذلك سبباً لبيع عرضه؟ بلى يمكن، شاب ليس عنده فلوس وقد اضطر إلى شربه سوف يصل إلى مراده بأي وسيلة، أو ربما يوجب له أن يسرق من مال أبيه أو من مال أمه أو من مال صديقه أو من مال من لا يعرف كل هذه آفات لشرب الدخان. والقضايا والقصص فيما يترتب على شرب الدخان كثيرة جداً لا يليق بنا في هذا المجلس ونحن في بيتٍ من بيوت الله أن نذكرها؛ لأنها وخيمة جداً.

جواز نقل السائق بعض المدرسات مع عدم الخلوة

جواز نقل السائق بعض المدرسات مع عدم الخلوة Q فضيلة الشيخ: أحد الإخوة محتاج للمال فبدأ ينقل بعض المدرسات من مدينة إلى قرية تبعد قريباً من مائة وخمسين كيلاً، ولم يجد معه محرماً إلا زوجته، فهل هذا جائز أم يحرم علماً بأنه يجهل الحكم؟ A أما قوله: لم يجد محرماً إلا زوجته فهذه عبارة غير صحيحة، لماذا؟ الزوجة غير محرم، الزوجة امرأة تحتاج إلى محرم، لكن لو قال: إنه لا ينفرد بواحدة من هؤلاء النساء، بمعنى: أنه يأتي يحملهن جميعاً ويردهن جميعاً ولا ينفرد بواحدة؛ لأن معه زوجته لكان اللفظ صحيحاً. أنا أرى في هذا: أن السائق ما دام مأموناً في دينه، ولا ينفرد بواحدة من النساء، ويرجع في يومه أنه لا حرج في ذلك؛ لأن هذا لا يعتبر سفراً، كل الناس لا يقولون: إنهن سافرن للتدريس، حتى وإن كان (100كم) أو أكثر، فهذه المسافة لا تعتبر سفراً لأنه سيرجع في يومه قبل أن يتغدى هناك مثلاً، المهم أن هذا ليس بسفر وليس فيه مانع، والخلوة هي الممنوعة، وما دام ليس هناك خلوة فلا بأس، ولكن يجب على أولياء النساء أن يدققوا النظر في السائق، وهل هو ممن يوثق به أم لا.

حكم من حفظ شيئا من القرآن ثم نسيه

حكم من حفظ شيئاً من القرآن ثم نسيه Q فضيلة الشيخ: ما حكم من يحفظ أجزاءً من القرآن من أجل منهج التعليم، ثم بعد نتيجة الامتحان لا يتابع ذلك الذي حفظ ثم ينساه، فما حكم هذا؟ A أرى أنه خاسر في الواقع، ومخالف لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها) وأقول: ما دام الله منَّ عليه بحفظ ما تيسر من القرآن فليتابع وليتعاهد القرآن فإن: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) .

الأسباب الجالبة للخشوع في الصلاة

الأسباب الجالبة للخشوع في الصلاة Q فضيلة الشيخ: ما هي الأشياء التي تدعو إلى الخوف من الله ومراقبته ورجاء ما عنده من الثواب ومحبته لكي يفعل العبد ما أمر الله به، وأن يجتنب ما نهى الله عنه؟ A كثرة قراءة القرآن بتأمل وتدبر، والنظر في آيات الله العظيمة كالسماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم، والنظر في آيات الله العظيمة كهطول الأمطار وامتناعها وما أشبه ذلك، والنظر في نعم الله؛ لأن من نظر إلى نعم الله تعالى أحب الله عز وجل، ولهذا جاء في الأثر: (أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم) والإنسان بطبيعته يحب من أحسن إليه، ولا أحد أعظم إحساناً ولا أكثر إحساناً من إحسان الله عز وجل، وليحرص على حضور القلب في الصلاة؛ لأن هذا من أسباب خشوع القلب، وتأمل قول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:1-2] هذا في أول الآيات، وفي آخر الآيات: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون:9] تأمل أن الصلاة مكتنفة بالأعمال كلها وصفات الخير كلها، فعليك بالصلاة والخشوع فيها، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [البقرة:45] .

خطأ من فتح تجارته بجوار مسجد لم تنته الصلاة فيه وإن صلى في مسجد آخر

خطأ من فتح تجارته بجوار مسجد لم تنته الصلاة فيه وإن صلى في مسجد آخر Q يؤدي بعض أصحاب المحلات التجارية صلاة الجمعة في جامع يخرج مبكراً، ثم يقومون بفتح محلاتهم بجوار جامع آخر لم ينته، وتكون تلك المحلات بجوار ذلك الجامع مفتوحة، فما الحكم في ذلك؟ هل ينكر عليهم؟ A هذا يرجع إلى رجال الهيئة والحسبة في الإنكار وعدمه، أما من حيث أداء صلاة الجمعة فقد أدوها ولا يطالبون بها، لكن ليس من المستحسن إطلاقاً أن يفتحوا متاجرهم في سوق فيه مسجد يصلون الجمعة؛ لأن هذا فيه شيء من التحدي وعدم المبالاة، وفيه أيضاً إساءة ظن بهم. فالذي أرى: أن يجتهدوا في الصلاة في الجامع الذي متجرهم فيه أو حوله، حتى إذا خرج الناس قاموا من حين أن يصلوا كما قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة:10] . أما كونهم يمكنون من فتح الدكاكين مع كون الناس الذين في المسجد الذي بجوارهم يصلون فهذا يرجع إلى الهيئة.

عدم أحقية المؤذن أن يقيم الصلاة حتى يأتي الإمام

عدم أحقية المؤذن أن يقيم الصلاة حتى يأتي الإمام Q تأخر الإمام قليلاً فأقام المؤذن الصلاة وصلى بالناس، فجاء الإمام ودخل المحراب وكبر وكبر بعض الناس معه، والآخرون بقوا على تكبيرتهم الأولى، فما رأيك يا فضيلة الشيخ؟ A والمؤذن أين ذهب؟ حقيقةً أين ذهب المؤذن؟!! صار إمامين في المسجد على كل حال الإقامة موكولة للإمام، والأذان للمؤذن، وليس للمؤذن حق أن يقيم الصلاة حتى يحضر الإمام، فإن فعل فهو آثم، وعلى الجماعة أيضاً إذا رأوا من المؤذن أنه سيقيم الصلاة قبل حضور الإمام أن يمنعوه؛ لأن الحق في الإقامة للإمام، لكن لو تأخر الإمام فإن كان مكانه قريباً فإن العلماء يقولون: يُراجع، كما كان الصحابة رضي الله عنهم إذا تأخر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذهبوا إلى بيته يراجعونه يقولون: الصلاة يا رسول الله. وإن كان بعيداً فهم معذورون إذا تأخر تأخراً لم تجرِ به العادة. ولكني أقول: ينبغي للإمام إذا كان عنده شغل ولنقل: عنده وظيفة مثلاً ويخشى أن يتأخر في صلاة الظهر أن يقول لهم: إذا تأخرت مقدار عشر دقائق فأقيموا الصلاة، يكون في ذلك راحة له ولهم، وإذا جاء وهم يصلون دخل معهم كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام حين تأخر ذات يوم وقد ذهب ليصلح في بني عوف فجاء ووجد الناس يصلي بهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فدخل معهم في الصلاة، صار مأموماً عليه الصلاة والسلام، ولا حرج، وليس في كون الإمام مأموماً في مثل هذه الحالة أي غضاضة على الإنسان.

الميزان في أعمال العباد

الميزان في أعمال العباد Q فضيلة الشيخ: ما هو الميزان في الأعمال نحو البدعة والسنة؟ A ذكر النبي عليه الصلاة والسلام ذلك بميزان قسط، فإنه لما قال: (إن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي) هذه السنة، فمن كان يترسم خطا النبي صلى الله عليه وسلم ويأخذ بسنته عقيدةً وقولاً وعملاً فهذا الذي على السنة، ومن خالف فليس على السنة، لكن لا يجوز أن ننفي أنه ليس على السنة نفياً عاماً، بل نقول: هو مخالف للسنة في هذا الشيء المعين؛ لأنه يجب أن نعرف الفرق بين الإطلاق والتقييد، ليس من حقنا إذا رأينا أي صاحب بدعة أن نقول: إن هذا من أهل البدع، بل يجب أن نقيد: إنه من أهل البدع في كذا؛ لأن الإنسان قد يبتدع شيئاً ولكنه ملتزم بالسنة في أشياء كثيرة، هذا لا يصلح أن يطلق عليه أنه مبتدع، بل نقيد، وهذا هو الميزان العدل.

التناصح بين الإخوة من أسباب بقاء المودة

التناصح بين الإخوة من أسباب بقاء المودة Q فضيلة الشيخ: أبعث إليك بمشكلتي التي تؤرقني وهي: أعلم ما للصديق الصالح من دور في الثبات على دين الله، ولقد بحثت عنه كثيراً والحمد لله أعتقد أنني وجدته، ولكن يا فضيلة الشيخ هناك مشكلة: وهي أننا نتغاضى كثيراً عن أخطاء بعضنا، وعندما أكلمه في ذلك يقول: إنك أفضل مني والواجب عليك نصحي. فضيلة الشيخ! يشهد الله أني أحب ذلك الإنسان في الله، وأعلم أنه يبادلني نفس الشعور، وأعلم أنه يحب لي الخير ولكن ما زالت تلك السلبية بيننا، أرجو من فضيلتكم توجيه كلمة لي ولعموم المسلمين حول ذلك الموضوع؟ A لا شك أن المحبة في الله من أفضل الأعمال حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل -وذكر الحديث ومنه-: رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه) وهذه أوثق عرى الإيمان: أن يحب المرء لا يحبه إلا لله. وعلى كل منهما -أي: من المتحابين في الله- أن ينصح أخاه؛ لأن المؤمن مرآة أخيه، ولكن المهم هو أسلوب النصيحة، وكيف ينصح؟ وأما النصيحة فواجبة، ينظر الوقت المناسب والمكان المناسب والكلام المناسب، وكل إنسان على حسب ما يعتقد ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، أما أن يسكت على عيوبه والآخر يسكت على عيوبه لما بينهما من المودة ويخشى أن تنخدش المودة فهذا غلط، بل العتاب من أسباب بقاء المودة، كونك تعاتب أخاك سواء فيما يعاملك به أو في غيره خير من كونك تسكت على مضض ثم تتابع الأحداث ثم تحصل الفرقة.

حكم وضع المرأة عباءتها على كتفيها عند الصلاة

حكم وضع المرأة عباءتها على كتفيها عند الصلاة Q بعض النساء إذا كانت في المدرسة أو في البر تصلي وتضع عباءتها على كتفيها، فهل هذا جائز؟ A لا بأس به، وأي شيء في هذا؟ المرأة منذُ عهدٍ بعيد وهي إذا صلت تضع العباءة على كتفيها، ولا يعد هذا تشبهاً بالرجال؛ لأن هذا هو لباس النساء، التشبه أن يكون في شيء يختص به الثاني ولا يفعله المتشبه، وأما إذا كان شيئاً مشهوراً بين الطرفين فإن هذا ليس بنية التشبه، فلا نرى في هذا بأساً. ثم إن المرأة أيضاً كيفية خمارها ليس ككيفية غترة الرجل، فهذه اللبسة ليست مشابهةً للبسة المرأة من كل وجه، فلا أرى في ذلك بأساً إن شاء الله.

حكم أكل المرأة مع إخوة زوجها في سفرة واحدة

حكم أكل المرأة مع إخوة زوجها في سفرة واحدة Q ما حكم أن تجلس زوجة الأخ مع العائلة في أوقات معينة كالغداء أو العشاء مع العلم أن زوجها موجود معنا، وأن الوالد والوالدة والإخوان كلهم معنا ولكنها تغطي جميع جسدها ما عدا الوجه والكفين فقط، بارك الله لكم وبارك عليكم؟ A نرى أن اجتماع العائلة على الطعام ليس فيه بأس، ولكن لا يكونوا في سفرة واحدة، بل يكون النساء في جانب والرجال في جانب ولو كان المكان واحداً، أما كونهم يجلسون على سفرة واحدة فلا نرى ذلك إطلاقاً؛ لأنه لا يمكن أن الواحدة تأكل بدون أن تكشف وجهها، وإذا كشفت وجهها عند أخ زوجها أو عند عمه أو ما أشبه ذلك حصلت الفتنة، ولا تحقرن من الشر شيئاً، كم من إنسان يستبعد كل البعد أن تقع فتنة بينه وبين زوجة أخيه ولكن الشيطان قد ينزغ بينهم، انظر إلى كلام أحكم الخلق عليه الصلاة والسلام لما قال: (إياكم والدخول على النساء) وهذه الجملة تحذير: (إياكم والدخول على النساء، قالوا: يا رسول الله! أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) والمعنى: فِرَّ منه كما تفر من الموت، وأما من قال: الحمو الموت أي: لا بد منه، فهذا غلط، كل الناس يعرف أن المقصود من هذه العبارة هو التنفير، وإنما جعله الرسول عليه الصلاة والسلام بمنزلة الموت، وأنه يجب الفرار منه؛ لأن الحمو -وهو قريب الزوج- إذا دخل على بيت قريبه لا يستنكر الناس ذلك منه، وهو أيضاً لا يخجل إذا فتح الباب ودخل، فيجب الحذر من أقارب الزوج، وأن تكون المرأة منهم على حذر، وأن تخشى من نزغات الشيطان.

تعويد الصبي على صلاة الفجر إذا لم يكن عليه مشقة

تعويد الصبي على صلاة الفجر إذا لم يكن عليه مشقة Q فضيلة الشيخ: ابني يبلغ من العمر ثمان سنوات، هل أوقظه لصلاة الفجر؟ وإذا لم يصل هل أنا آثم؟ A الظاهر أن هذا ينظر: إذا كان مثلاً في أيام الشتاء وأيام البرد والمشقة فلا بأس أن يُترك وإذا قام، يقال له: صل. وأما إذا كان الجو معتدلاً ولا ضرر عليه في الإقامة فأقمه حتى يعتاد ويصلي مع الناس، ويوجد والحمد لله الآن صبيان صغار ما بين السابعة إلى العاشرة نراهم يأتون مع آبائهم في صلاة الفجر، فإذا اعتاد الصبي على ذلك من أول عمره صار في هذا خير كثير، أما مع المشقة فإنه لا يجب عليك أن توقظهم، لكن إذا استيقظوا مرهم بالصلاة.

حرمة الكلام أثناء الخطبة يوم الجمعة

حرمة الكلام أثناء الخطبة يوم الجمعة Q فضيلة الشيخ: بعض الناس هداهم الله عندما يخطب الخطيب يكونون في خارج المسجد يتكلمون بالكلام، بل يضحكون والخطيب يخطب، ولا يزالون على ذلك خارج المسجد حتى تقام الصلاة فيدخلون المسجد ولم يسمعوا الخطبة، علماً أنهم يفعلون ذلك دائماً في صلاة الجمعة؟ A هذا حرام عليهم، لا يجوز للإنسان إذا سمع الأذان الذي يكون عند مجيء الإمام أن يتأخر، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:9] فأمر بالسعي إلى ذكر الله، وأمر باجتناب البيع مع أن البيع فيه مصلحة فكيف إذا لم يكن فيه مصلحة؟!! ثم إن الواجب عليهم إذا سمعوا الخطيب الذي يريدون أن يصلوا معه أن ينصتوا سواء كانوا في المسجد أو خارج المسجد، فإن لم يفعلوا فإنهم يحرمون من أجر الجمعة، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت) وقال: (الذي يتكلم والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفاراً، ومن قال له: أنصت. فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له) . فعلى هؤلاء: إذا حضر الإمام أن يدخلوا المسجد ويصلوا ركعتين، ولو كان المؤذن يؤذن، ثم يجلسوا لينصتوا للخطبة.

حكم قراءة الفاتحة لمن دخل في الصلاة والإمام يقرأ

حكم قراءة الفاتحة لمن دخل في الصلاة والإمام يقرأ Q فضيلة الشيخ: إذا دخلت المسجد والإمام يقرأ الفاتحة، فهل أقرأ دعاء الاستفتاح أم لا؟ A إذا دخل مع الإمام والإمام يقرأ الفاتحة، فبين الفاتحة وقراءة السورة سكوت في الغالب، نقول: أنصت الآن لقراءة الإمام، وإذا فرغ من قراءة الفاتحة فاستفتح ثم اقرأ الفاتحة ولو كان الإمام يقرأ، لكن إذا خشيت ألا يسكت بين الفاتحة وقراءة السورة أو خشيت أن يقرأ سورةً قصيرة لا تتمكن معها من قراءة الفاتحة فإذا دخلت معه وهو يقرأ فكبر، وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، واقرأ الفاتحة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقرأ المأموم والإمام يقرأ إلا بفاتحة الكتاب.

حكم إيذاء المصلين بأجراس الهاتف النقال

حكم إيذاء المصلين بأجراس الهاتف النقال Q فضيلة الشيخ: كثر في الآونة الأخيرة مع الناس استخدام جهاز النداء الآلي -البيجر- وكثيراً ما يزعجون المصلين في صلاتهم أو أثناء الخطبة بأجراسها، فهلا نبهت على ذلك بارك الله فيك؟ A والله أنا أنبه على هذا بأن كل شيء يؤذي المؤمنين فإنه ممنوع؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج على أصحابه ذات يوم وهم يصلون ويجهرون في القراءة، فقال: (لا يؤذين بعضكم بعضاً في القراءة) هذه وهي قراءة القرآن، فكيف بهذا الجرس؟! وقد سمعت -ما أدري هل هو صحيح أم لا- أن هذه النداءات فيها مفتاح تستطيع ألا يسمع له صوت، فإذا حضرت إلى المسجد فأغلقه. أو كذلك اتركه في البيت وإذا رجعت ستجد الأرقام.

حث الناس على التبرع لإخوانهم المسلمين بمناسبة دخول الشتاء

حث الناس على التبرع لإخوانهم المسلمين بمناسبة دخول الشتاء Q هل من كلمة توجيهية بمناسبة دخول فصل الشتاء، وحث الإخوة للتبرع لإخوانهم في كل مكان؟ A على كل حال: لا شك أن الناس يحتاجون في فصل الشتاء ما لا يحتاجونه في غيره من البرد إذ أنه يكون فيه البرد قارساً والجوع في الغالب، فلذلك نحث إخواننا على أن يتفقدوا إخوانهم، وأن يؤتوهم مما آتاهم الله عز وجل بإخلاص ورجاء الإخلاف من الله عز وجل، فإنه يقول: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:39] . رزقنا الله وإياكم الإحسان في عبادته، والإحسان إلى عباده إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللقاء الشهري [41] رقم1

اللقاء الشهري [41] رقم1 رمضان شهر مبارك له خصائص وفضائل عن غيره من الشهور حقيقته وآدابه ومستحباته ينبغي للشخص أن يعرفها حتى يعبد الله على بصيرة، ومما يفعل في هذا الشهر هو الإكثار من الصدقات وإخراج الزكوات، فعلى المرء أن يعرف أحكام الزكاة حتى يؤدي زكاة ماله على الوجه المشروع.

خصائص شهر رمضان

خصائص شهر رمضان الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإنني أبشركم -أيها الإخوة- الذين حضروا إلى هذا المكان لالتماس العلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من هؤلاء، كلنا ينشد أن يصل إلى الجنة، كلنا يقوم بعبادة الله يبتغي من الله فضلاً ورضواناً، وأسباب ذلك كثيرة، وطرقه -ولله الحمد- كثيرة ومنها: أن الإنسان يسعى إلى المحاضرات والملتقيات العلمية النافعة، فإنه يدخل في عموم هذا الحديث: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) .

نزول القرآن فيه

نزول القرآن فيه وبما أننا في استقبال شهر مبارك -شهر رمضان- الذي خصه الله تعالى بخصائص كثيرة سابقة وباقية، فمن خصائصه: أن الله تعالى أنزل فيه القرآن كما قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185] ونزل في ليلة القدر كما قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1] {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان:3] أي: ابتدأ الله إنزاله على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ليلة القدر، ولا شك أن القرآن العظيم فيه الهدى والشفاء والنور والسلامة والأجر والثواب والتمكين في الأرض.

الانتصارات الإسلامية في رمضان

الانتصارات الإسلامية في رمضان ومما ما حصل في هذا الشهر المبارك غزوتان عظيمتان: إحداهما غزوة بدر وكانت في السنة الثانية من الهجرة، وسمى الله تعالى يومها يوم الفرقان، قتل فيها صناديد قريش، وظهر فيها الحق على الباطل، وانتصر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على عدوه، وفيها يتأول قوله تبارك وتعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:249] . وأما الغزوة الثانية: فهي غزوة الفتح، فتح مكة، فإن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج من مكة أم القرى وهو أحق الناس بها، خرج منها خائفاً على نفسه بما حصل له من أذية قريش، حتى اجتمعوا وتشاوروا فيما بينهم: ماذا يصنعون بهذا الرجل، وفي هذا يقول الله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} [الأنفال:30] أي: ليثبتوك بالحبس فلا تتحرك، أو يقتلوك بإزهاق النفس، أو يخرجوك من البلد، ولكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، خرج من البلد بإذن الله عز وجل مختفياً؛ حتى بقي في غار ثور مختفياً ثلاث ليال؛ خوفاً من أن يدركه طلب قريش؛ لأن قريشاً بثت البعوث في طلب محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، حتى إنهم أخرجوا مائة بعير لمن يأتي به، ومائتي بعير لمن يأتي به وبصاحبه أبي بكر رضي الله عنه، ولكن الله تعالى من ورائهم محيط، وبما يكيدون لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليم، فكف الله أبصارهم عنه حتى كانوا يقفون على الغار الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبو بكر ويقول أبو بكر: (يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا) لأنه ليس ثمة حائل، لا عش للعنكبوت، وليس ثمة ما يتروء بالبشر، فلا غصن عليه حمامة، كما قاله المؤرخون من غير سند صحيح، بل إن باب الغار مفتوح، وليس فيه ما يمنع الرؤية، ولكن الله عز وجل أعمى أبصارهم، فكان يقول: (لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا، فيجيبه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:40] ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟!) حتى أنجاه الله. وبعد ثمان سنوات رجع هذا الذي خرج من مكة مختفياً خائفاً من أهلها رجع فاتحاً ظافراً منصوراً مؤيداً بنصر الله عز وجل، حتى إنه وقف على باب الكعبة وقريش تحته ينتظرون ماذا يفعل، فقال لهم -أي: رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: (يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم -أي: ما تظنون أن أفعل بكم بعد أن قدرت عليكم-؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم قال: لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم، اذهبوا فأنتم الطلقاء) . انظروا إلى هذا العفو العظيم عند المقدرة لقوم أخرجوه من بلده، أخرجوه من بلد الله الحرام الذي هو أحق الناس به! كما قال الله تبارك وتعالى في قريش: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [الأنفال:34] . هذه مناسبة عظيمة، بعدها ذل العرب وأكمل الله ذلك الذل بما حصل من هزيمة ثقيف، ودانت العرب لدعوة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

تميز رمضان بعبادات مخصوصة

تميز رمضان بعبادات مخصوصة ثم هناك مناسبة باقية وهي: صوم رمضان وقيام رمضان والاعتكاف فيه وليلة القدر، هذه كلها باقية (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه) هكذا قاله محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. (من صام رمضان إيماناً) -أي: إيماناً بالله وبفريضة الصيام (واحتساباً) أي: لثواب الله تعالى وأجره. فلا بد من نيتين: الإيمان والاحتساب، من صام على هذا الوصف غفر الله ما تقدم من ذنبه، أي: كل ما تقدم، ولكن جاءت الأحاديث أن المراد ما عدا الكبائر؛ لأن الكبائر لا بد فيها من توبة خاصة. وقيام رمضان قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيه: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه) . الاعتكاف: اعتكف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في العشر الأواخر من رمضان حينما تقرر أن ليلة القدر في العشر الأواخر فقط.

أحكام الزكاة

أحكام الزكاة في هذا الشهر المبارك يخرج عامة الناس زكاتهم لمستحقيها؛ لأنه شهر فاضل ينبغي فيه الجود بالمال والنفس والجاه، فإن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان أجود الناس، كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن أجود بالخير من الريح المرسلة، والريح المرسلة هي التي يرسلها الله عز وجل سريعة، فالرسول عليه الصلاة والسلام بالخير في رمضان أجود من الريح المرسلة، لذلك اعتاد أن يخرج زكاته في رمضان. وحينئذ يحسن بنا أن نتكلم عن الزكاة فنقول: الزكاة ركن من أركان الإسلام، وهي الركن الثالث بارك الله فيكم، الأول: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والثاني: إقام الصلاة، والثالث: الزكاة -إيتاء الزكاة- فموقعه الركن الثالث من أركان الإسلام. وما أكثر ما تجدونه مقروناً بالصلاة في كتاب الله عز وجل؛ لأن الزكاة حق المال، حتى إن أبا بكر رضي الله عنه قاتل الذين يمنعونها، وقال: [والله لأقاتلن من فرق بين الزكاة والصلاة، فالزكاة حق لله] فهي عظيمة جداً يجب على الإنسان أن يعتني بها، يجب على الإنسان أن يعرف ما الذي تجب زكاته والذي لا تجب، يجب على الإنسان أن يعرف أين يضع هذه الزكاة؛ لأنه إذا لم يضعها في موضعها لم تنفعه ولم تبرأ بها ذمته.

زكاة الذهب والفضة

زكاة الذهب والفضة الزكاة تجب -في الغالب- في كل مال نام -نام أي: يتزايد- هذا الغالب، وأحياناً تجب حتى في المال الذي لا ينمو كما سيتبين، فتجب في الذهب والفضة، سواء كانت نقوداً وهي الريالات والجنيهات، أو تبراً -أي: قطعاً من الذهب أو قطعاً من الفضة- أو حلياً أو غير ذلك، ليس فيه استثناء، ولم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا في إجماع أهل العلم ولا في قياس صحيح التفريق بين الحلي وغيرها أبداً. وهذا هو القول الراجح -أعني: القول بوجوب الزكاة في الحلي- هو القول الراجح الذي تدعمه الأدلة. إذاً الذهب والفضة تجب فيها الزكاة على كل حال، ولكن بشرط أن يبلغ النصاب، والنصاب في الذهب عشرون مثقالاً، وفي الفضة مائة وأربعون مثقالاً، وهي تساوي بالمعايير الحاضرة خمسة وثمانين جراماً للذهب، وخمسمائة وخمسة وتسعين جراماً للفضة. الورق ليس ذهباً ولا فضة لكن تقدر قيمته بالفضة، فإذا كان عند الإنسان من الورق ما تساوي قيمته خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة ففيه الزكاة، وقدره علماؤنا بالريالات السعودية الفضية بستة وخمسين ريالاً، فاسألوا الصراف مثلاً: كم تساوي مائة ورقة بالنسبة للدراهم الفضة السعودية؟ وبذلك تعرف الواجب. وهل يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب أو لكل واحد منهما نصاب منفصل؟ الثاني هو القول الراجح، وعليه فإذا كان عند الإنسان نصف نصاب من الذهب ونصف نصاب من الفضة فلا زكاة عليه، مع أنه لو جمع أحدهما مع الآخر لأتما نصاباً. لكن الصحيح أنه لا يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب، كما لا يضم الشعير إلى البر في تكميل النصاب، فلو كان عند إنسان نصف نصاب من البر ونصف نصاب من الشعير، فلا زكاة عليه لأنه لا يضم الشعير إلى البر، فكذلك لا يضم الذهب إلى الفضة.

زكاة عروض التجارة

زكاة عروض التجارة والثالث: عروض التجارة، فما معنى عروض؟ العروض معناه: ما يعرض، وهو الذي ليس للإنسان فيه قصد وإنما قصده الربح، أما عين المال فليس له قصد فيه، فكل مال أعده الإنسان للربح بيعاً وشراءً فهو عروض تجارة. مثال: رجل عنده معرض سيارات، السيارة نفسها ليس فيها زكاة، لكن هذا رجل يتاجر بالسيارات، ويوجد عنده معرض، فيه الزكاة؟ نعم، لماذا؟ لأنها معروضة، فهو لا يريد السيارة بل يريد الاتجار، يمكن هذا الشهر يتجر بالسيارات والشهر الثاني يتجر بالمكائن أليس كذلك؟ لأن الرجل تاجر، ما له غرض بنفس السلعة، بل غرضه في الربح. مثال: رجل عنده سيارة طابت نفسه منها واشترى أخرى، ووضع هذه السيارة الأولى في المعرض وبقت سنة كاملة ليس فيها زكاة؛ لأن الرجل ليس تاجر سيارات، الرجل عنده سيارة طابت نفسه ويريد أن يبيعها. مثال: رجل منحت له أرض من الحكومة، أعطاها صاحب مكتب العقار ليبيعها، ليس فيها زكاة؛ لأن الرجل ليس تاجر أراضٍ، لكن هذه أرض أعطيها ويريد أن يبيعها، ليس فيها زكاة؛ لأن عروض التجارة -بارك الله فيكم- هي التي يتجر بها الإنسان. الآن -مثلاً- صاحب الدكان عنده أقمشة للبيع فعليه الزكاة فيها؛ لأنه يتجر، يشتري اليوم هذا نوعاً من القماش واليوم الثاني نوعاً آخر، فإذا وضع رجل من الناس عنده قماش ليبيعه مع قماشه، هل على الثاني هذا الذي وضع قماشه زكاة وهو ليس صاحب عروض؟ لا، انظر الآن! عندك مثلاً هذا القماش من اليمين فيه زكاة، وهذا القماش من اليسار ليس فيه زكاة؛ لأن هذا عروض تجارة والثاني ليس عروض تجارة. لكن هل تدخل عروض التجارة في رجل عنده آلات كهربائية وهو يتاجر فيها أو لا تدخل؟ A تدخل؛ لأن عروض التجارة لا تقيد بمال معين، قد تكون أراضي، وقد تكون أدوات كهربائية، وقد تكون مكائن، وقد تكون سيارات، وقد تكون أقمشة، وقد تكون أواني، وقد تكون طيباً المهم أنها لا تتقيد بمال، لها ضابط وليس لها حد، والضابط: أن يعدها للتجارة. مسألة رجل عنده عمائر كثيرة يؤجرها ويستلم أجرتها كل سنة مليوناً أو مليونين هل فيها زكاة؟ الجواب: ليس فيها زكاة؛ لأن الرجل يريد أن تبقى العمائر، لكن رجل آخر صاحب عقارات يشتري العمارة اليوم ويبيعها غداً هل فيها زكاة؟ الجواب: نعم. فيها الزكاة، ولهذا عروض التجارة تشكل على بعض طلبة العلم، لكن إذا عرفت الضابط سهل عليك الأمر. مسألة إذا كان الإنسان متردداً يقول: والله ما أدري أتجر بها أو أبقيها، مثلاً عنده أرض يقول: لا أدري أتجر بها أو أبقيها أو أعمر عليها عمارة هل فيها زكاة أو لا؟ الجواب: ليس فيها زكاة؛ لأن الأصل عدم وجوب الزكاة حتى تتمحض النية لإرادة التجارة. بعد أن عرفنا عروض التجارة أن فيها زكاة فكم يكون نصابها؟ نقول: إذا كان عنده دراهم يضمها إلى الدراهم، فإذا قدرنا عنده نصف نصاب من الفضة ونصف نصاب من العروض هل فيها زكاة أو لا؟ الجواب: فيها زكاة، العروض تضم إلى الفضة؛ لأن قصد صاحب العروض هي الفضة "القيمة" لا بقصد السلعة إطلاقاً، وإنما قصده القيمة. لكن إذا كان رجل عنده ثلاث سيارات إحداها للركوب والثانية للأجرة والثالثة يبيع ويشتري بالسيارات، انتبه الآن سيارة للركوب، وسيارة للأجرة، وسيارة للتجارة، فالأولى ليس فيها زكاة، والثانية ليس فيها زكاة لكن الزكاة في أجرتها، قد تكون أجرتها كثيرة، الثالثة فيها الزكاة بعينها، بمعنى: أن يقدر فيمة هذه السيارة إذا تم الحول ويزكيها.

زكاة المواشي

زكاة المواشي المواشي من بهيمة الأنعام فيها زكاة، وبهيمة الأنعام ثلاثة أنواع: إبل، وبقر، وغنم، وأما الخيل فليست من بهيمة الأنعام، فالخيل ليس فيها زكاة إلا إذا كانت عروض تجارة، لكن هذا إنسان عنده ماشية: عنده إبل وعنده غنم وعنده بقر، إذا كان أعدها للتنمية فلها حال، وإذا كانت للتجارة فلها حال. فإذا كانت للتجارة فهي عروض تجارة، وقد عرفنا أن فيها زكاة، إذا كانت للتنمية نظرنا هل هو يرعاها أو يعلفها، إن كان يرعاها أكثر أيام السنة ففيها الزكاة، وإن كان يعلفها أكثر أيام السنة فليس فيها الزكاة. يوجد بعض الناس عندهم بساتين والحمد لله، وبعض أهل البادية عندهم غنم، لكنهم يعلفونها الشعير والعلف وهم يريدون بها التنمية ولا يريدون التجارة، هل عليهم زكاة أو لا؟ A لا، ليس عليهم زكاة حتى لو بلغت مائة بعير فليس فيها زكاة، أو ألف شاة ليس فيها زكاة؛ لأنها معلوفة والمعلوفة ليس فيها زكاة، فلا بد أن تكون سائمة، أي: ترعى الحول أو أكثره، فما تقولون: في رجل عنده بستان وعنده مائة شاة للتنمية تتوالد، يأخذ لبنها يبيع ما فضل عن حاجته من أولادها هل فيها زكاة؟ ليس فيها زكاة؛ لأنها معلوفة. مثال: رجل عنده مائة شاة للتنمية لكنها ترعى، ولا ينفق عليها ولا فلساً هل فيها زكاة؟ الجواب: فيها زكاة لكن رجل عنده شاة للتجارة، إنسان يبيع ويشتري بالغنم وعنده شاة للتجارة تبلغ قيمتها نصاباً من الفضة هل فيها زكاة؟ الجواب: نعم، لأنها عروض تجارة. وآخر عنده تسع وثلاثون شاة للتنمية، وترعى ولا يعلفها أفيها زكاة؟ الجواب: ليس فيها زكاة؟ لأنها لم تبلغ النصاب، ونصاب الغنم التي للتنمية لا يقل عن أربعين شاة، سبحان الله! عروض التجارة شاة واحدة فيها الزكاة؛ لأن المعتبر قيمتها، لكن إذا كانت للتنمية وهي تسع وثلاثون شاة فليس فيها زكاة؛ لأن أقل نصاب الغنم للتنمية أربعون.

زكاة الزروع والثمار

زكاة الزروع والثمار وتجب الزكاة في الخارج من الأرض مثل الحبوب والثمار، والحبوب: كالشعير والحنطة والرز وما أشبه ذلك، والثمار: كالعنب والتمر، والتين عند بعض العلماء، هذه فيها الزكاة، ولها شروط لا نحب أن نطيل بها لأن الحاجة إليها قليل.

من شروط وجوب الزكاة تمام الحول

من شروط وجوب الزكاة تمام الحول يبقى النظر -بارك الله فيكم- أن من شروط الزكاة تمام الحول، وفي الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام: (لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول) فلو أن الإنسان ورث مالاً من شخصٍ قريب له، ورث منه عشرة آلاف ريال في شهر محرم، وفي شهر ذي القعدة اشترى له بها بيتاً بالعشرة آلاف ريال، هل عليه زكاة؟ A لا؛ لأنها لم يتم حولها، ومن شرط وجوب الزكاة تمام الحول إلا شيئاً واحداً -مما تدعو الحاجة إلى بيانه وإلا فهناك أشياء مستثناة- وهو ربح التجارة، فحوله حول أصله، مثال هذا: رجل اشترى أرضاً للتجارة بعشرة آلاف ريال، وشراؤه إياها في محرم، يعني: ملك مالاً قدره عشرة آلاف ريال واشترى به أرضاً للتجارة، وفي ذي الحجة، زادت الأراضي فبلغت قيمة الأرض التي اشتراها بعشرة آلاف ريال عشرين ألف ريال هل تجب الزكاة في عشرة آلاف ريال عند تمام حول العشرة أو في العشرين؟ الجواب: في العشرين انتبه إلى هذه، الربح يتبع الأصل فليس له حول، وإنما حوله حول أصله.

كيفية إخراج زكاة الرواتب

كيفية إخراج زكاة الرواتب وبقي عندنا شيء يحتاج الناس إلى بيانه وهو الرواتب، أما الرواتب التي تعطى للإنسان كل شهر كيف يزكيها؟ إذا كان الرجل لا يعطى راتب الشهر إلا وقد استهلك راتب الشهر الأول، كرجل راتبه ثلاثة آلاف ريال وينفق هذه الثلاث آلاف ريال، لا يأتي الشهر الثاني إلا وقد أنفقها هل عليه زكاة؟ A لا؛ لأنه ما تم عليها الحول. ورجل آخر ينفق من راتبه النصف ويبقى النصف فكيف الزكاة والمال يتجدد كل شهر؟ نقول: له طريقان: الطريق الأول: أن يحصي ما يوفره كل شهر وإذا تم عليه الحول زكاه، وعلى هذا يجب أن يلاحظ ماله كل شهر، وهذا فيه نوع من المشقة، وقد يكون فيه غفلة من الإنسان فينسى، وربما يمر عليه الشهران أو الثلاثة وما زكاها. لكن طريق آخر أهون من هذه: مثلاً: أول راتب استلمه في رمضان، نقول: إذا جاء رمضان الثاني زك ما عندك حتى وإن لم يتم عليه سنة. لكن الذي تمت سنته واضح أنه أدى زكاته في وقتها والذي لم تتم تكون الزكاة فيه معجلة، وتعجيل الزكاة لا بأس به، ولهذا لو كان الرجل تحل زكاته في رمضان ثم جاءه فقير في شعبان وقال: أنا محتاج. وقدم زكاته فلا بأس. إذاً نقول: الطريق الثاني لمسألة الرواتب أسهل، انظر أول شهر بدأت تأخذ الراتب واجعله هو رأس الحول كل سنة، وعليه إذا كان الرجل أخذ أول راتب في محرم، متى يأتي الحول؟ الجواب: في محرم، كلما جاء محرم أحصى الذي عنده وأخرج زكاته ويستفيد، لا يحتاج إلى تعب ولا إلى غفلة ولا إلى شيء، هذا أحسن طريق في الرواتب. مثل ذلك الأجور، بعض الناس عنده عقارات يؤجرها وتختلف المدة: هذا أجره في أول السنة وهذا أثناء السنة وهذا في آخر السنة، فنقول: لك الآن طريقان: الطريق الأول: أن تزكي كل أجرة على حدة. والطريق الثاني: أن تأخذ أول أجرة وتجعل الحول عليها وتعجل الباقي الذي لم يتم حوله.

الأصناف التي يصرف لها الزكاة

الأصناف التي يصرف لها الزكاة بعد أن عرفنا ما يسر الله تعالى من أحكام الزكاة لا بد أن تقع الزكاة موقعها، ليس للإنسان الخيار أن يعطي زكاته من شاء؛ لأن الله تعالى تولى قسمها، قال الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:60] {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة:60] إنما: للحصر، تفيد أن الصدقات لا تخرج عن هذا.

الفقراء والمساكين

الفقراء والمساكين ونتكلم على ثلاثة أصناف: صنفين كأنهما شيء واحد، وصنف مستقل، نتكلم عن الفقراء والمساكين، فمن هم الفقراء والمساكين؟ الفقراء والمساكين: هم الذين لا يجدون كفايتهم وكفاية عيالهم، إما أنه ليس عنده شيء، فيتكسب يوماً يربح عشرة ريالات ويوماً يربح عشرين ويوماً لا يربح شيئاً، المهم أنه لا يجد كفايته وكفاية أهله فهذا فقير. وكذلك المسكين، ولكن المسكين أخف حاجة، لكن هل يعطى حتى يصبح غنياً أو يعطى مقداراً معيناً؟ الثاني هو الأرجح وإلا فبعض العلماء يقول: تعطيه من الزكاة حتى يزول عنه وصف الفقر، وهذا ربما يتطلب مئات الألوف، لكن أكثر العلماء يقول: أعطه مقدار كفايته لسنة واحدة فقط، وإذا انتهت السنة وأقبلت زكوات السنة الأخرى يصرف له منها. لكن كيف نعرف أن المال الذي عنده لا يكفيه سنة، وأنتم تعلمون أنه قد يعتري الإنسان حوادث، وقد يكون على الناس مسغبة كيف نقدر هذا؟ نفرض أن هذا في رجل له وظيفة، يتقاضى منها خمسة آلاف، لكنه ينفق عشرة آلاف؛ لأنه صاحب عائلة كبيرة والأجور غالية ومرتفعة، فكم نعطيه؟ نعطيه خمسة آلاف لتكمل حاجته، فخمسة آلاف مضروبة في اثني عشر، تبلغ ستين ألفاً، يعني: نعطيه ستين ألفاً، لكن قد يكون بعض الناس أخرق، تعطيه ستين ألفاً فيذهب يشتري سيارة بستين ألفاً ويبقى جائعاً، ماذا نعمل؟ نعطيه بقدر، وهذا لا بأس به وإن كان فيه تأخير للزكاة لكن لمصلحة الفقير.

الغارمون

الغارمون الثالث -وهو في الحقيقة هو الثاني- الغارم: يعني المدين الذي عليه دين، وأقصد بالدين أن في ذمته حقاً لأحد لكن لا يستطيع الوفاء، هذا -أيضاً- يعطى من الزكاة، في أي صنف دخل في الآية؟ في قوله {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة:60] . فإذا كان الإنسان عنده راتب يكفيه هو وعائلته طعاماً وشراباً وكسوةً وسكناً ولكنه مدين تدين لزواجه، أو تدين لشراء بيت وما أشبه ذلك، ولا يستطيع الوفاء أنعطيه من الزكاة؟ نعم، ولكن هل نعطيه هو ويوفي أو نذهب إلى الذي يطلبه ونعطيه؟ A هذا ينظر من باب المصلحة يا إخوان! فإذا كان الرجل المدين حريصاً على إبراء ذمته وأميناً، ونعلم أننا إذا أعطيناه ذهب مباشرة وأدى الدين، فهذا نعطيه؛ لأنه أستر وأبعد عن الرياء ويتولى هو بنفسه قضاء دينه. أما إذا كنا نخشى أن هذا الرجل لو أعطيناه المال ليوفي به تلاعب به؛ فهل نعطيه أو نذهب إلى من يطلبه ونعطيه؟ الثاني نذهب لصاحبه ونقول: يا فلان بلغنا أنك تطلب فلان بن فلان كذا وكذا من الدراهم. قال: نعم. نقول: تفضل، هذه هي. ونعطيه إياها. هذا هو ما يمكن أن نتكلم عليه فيما يتعلق في أهل الزكاة.

حكم صرف الزكاة للأقارب

حكم صرف الزكاة للأقارب ويبقى النظر: هل تصرف الزكاة للأقارب؟ هل تصرف للزوج؟ هل تصرف للزوجة؟ إذا كانوا مستحقين. A على القول الراجح نعم تصرف؛ لكن لا تصرف في شيء يجب على المزكي أن يقوم به، فمثلاً: إنسان له ولد منعزل عنه في بيته، والولد فقير هو وزوجته وأولاده، وأبوه عنده زكاة، هل يجوز للأب أن يعطي زكاته لهذا الابن؟ الجواب: لا نقول: لا، ولا نقول: نعم. ولكن ينظر إذا كان مال الأب واسعاً يمكن أن ينفق منه على ولده الذي خرج عنه فهنا لا يجوز أن يعطيه الزكاة، وإنما ينفق عليه من ماله رغماً عن أنفه، حتى إن العلماء رحمهم الله قالوا: يجوز في هذه الحالة أن يطالب الولد أباه عند القاضي حتى يلزمه القاضي بالنفقة؛ لأن هذا حق واجب لله عز وجل، ليس الولد هو الذي أوجبه كالدين مثلاً، فالولد لا يطالب أباه بالدين، لكن يطالب أباه بالنفقة، وهذا لحفظ النفس ولحق الله. أرجو الانتباه الآن، هذا رجل له ولد فقير منعزل عن بيته، في بيت وحده هل يعطيه من الزكاة؟ ينظر إذا كان مال الأب واسعاً يمكنه أن ينفق على ولده، فحرام أن يعطيه من الزكاة ووجب عليه أن ينفق على ولده، أما إذا كان مال الأب قليلاً ففي هذه الحال يجوز أن يعطي ولده من الزكاة. لكن لو كان هناك إنسان له ولد في بيته، وحصل من الولد حادث وتلفت به سيارة شخص آخر، وقدرت هذه السيارة بعشرين ألفاً، هل يجوز للأب أن يدفع هذه الغرامة عن ابنه الذي في بيته؟ الجواب: يجوز أن يدفع؛ لأن الأب لا يلزمه أن يدفع الغرامات عن ابنه، أما النفقة فيلزمه، لكن دفع الغرامات عن ابنه لا يلزم، ولهذا يجوز للأب في هذه الحال أن يقضي دين ابنه من زكاته، والعلة: لقول الله تعالى: {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة:60] وهذا الابن من الغارمين، والأب لا يلزمه قضاء دين ابنه وكذلك بالعكس: لو كان الإنسان له أب عليه دين، والأب لا يستطيع أن يوفي، فهل يجوز لابنه الغني الذي عنده مال كثير، أن يقضي دين أبيه من زكاته؟ الجواب: نعم يجوز، لكن هل يجوز أن ينفق على أبيه من زكاته؟ الجواب: لا؛ لأن الإنفاق واجب على الابن، لكن قضاء الدين لا يجب على الابن، وحينئذٍ نقول: اقض دين أبيك من زكاتك ولا حرج. والخلاصة: أن الإنسان إذا كان دفع الزكاة يسقط واجباً عليه لم يجزئ، وإذا كان لا يسقط واجباً أجزأه. أرأيتم لو أن إنساناً نزل به ضيف، وعنده زكاة تمر، فقال: أخرجها لهذا الضيف بدلاً من أن أبحث عن فقير نقول: هذا لا يجوز؛ لأنه يسقط عن نفسه واجباً عليه وهي الضيافة، فاعرفوا هذا الضابط.

حكم قضاء دين الميت من الزكاة

حكم قضاء دين الميت من الزكاة Q هل يجوز أن يقضى من الزكاة دين على ميت؟ A الصحيح أنه لا يجوز، وقد حكى ابن عبد البر رحمه الله وأبو عبيد صاحب كتاب الأموال أن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز أن يقضى من الزكاة دين على ميت، لكن الواقع أن فيها خلافاً؛ إلا أن الصواب أنه لا يقضى من الزكاة دين على الميت، والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل أن يفتح الله عليه، ويكثر عنده المال، كان إذا قدموا إليه ميتاً عليه دين قال: (صلوا على صاحبكم) ولم يؤد عنه الدين من الزكاة، ولما فتح الله عليه وكثر المال عنده صار إذا قدم إليه الرجل عليه الدين قال: (من ترك ديناً أو ضياعاً -أو ضيعاً- فإلي وعلي) فأصبح يقضي الدين وصلى على الميت إذاً الذي عليه جمهور الأمة وعلمائها: أن الزكاة لا يقضى منها دين على ميت، ولأننا لو فتحنا هذا الباب -قضاء الديون عن الأموات- لكان الإنسان يحسب ما هو الذي على آبائه وأجداده من الديون ويصرف زكاته إليه، ولكان الناس يعطفون على الأموات ويؤدون الزكاة في قضاء ديونهم وينسون الأحياء؛ لأن عاطفة الإنسان على الميت أقوى من عاطفته على الحي، وحينئذ يتطلب الذهاب إلى سجلات التجار يقول: تطلبون الميت الفلاني والميت الفلاني، ويقضي الدين عن الأموات ويترك الأحياء، مع أن الحي أحق، وأما الميت فكل من مات له ميت وعليه دين فإنه إذا كان أخذه وهو يريد أداءه، فإن الله يؤدي عنه، ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) . وإلى هنا ينتهي الكلام عن الزكاة، وأسأل الله أن يجعل فيه خيراً وبركة.

حقيقة الصيام

حقيقة الصيام أما ما يتعلق بصيام رمضان، فإن صيام رمضان هو أحد أركان الإسلام، وهو الركن الرابع من أركان الإسلام، وهو -أعني الصيام- أن يتعبد الإنسان لربه بترك الأكل والشرب والجماع وجميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، هذا هو الصيام الشرعي؛ لقول الله تبارك وتعالى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة:187] أي: النساء {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] هذا هو الصيام، يمسك الإنسان عن الأكل والشرب والجماع وجميع المفطرات لله عز وجل لا لأحد، إنما يريد أن يتقرب إلى الله تعالى بترك محبوباته لما يحبه ربه، ولكن حقيقة الصوم وروح الصوم ولب الصوم أن يصوم الإنسان عما حرم الله، ودليله قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] لهذا السبب: لتتقوا الله عز وجل، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الصوم جنة) أي: وقاية من المعاصي، جنة: يعني وقاية من عذاب النار؛ لأن (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله ما تقدم من ذنبه) .

تحذير الصائمين من بعض الأخلاق السيئة

تحذير الصائمين من بعض الأخلاق السيئة وقال عليه الصلاة والسلام: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) يعني: أن الله لا يريد منا أن ندع الطعام والشراب وإنما يريد منا أن ندع قول الزور والعمل به والجهل، وقول الزور هو: كل قول محرم، والعمل بالزور هو: كل عمل محرم، والجهل هو: كل عدوان على الناس. فالذي لا يترك هذه الأشياء لم يصم حقيقة، فهو قد صام عما أحل الله وفعل ما حرم الله. ولهذا أقول: يجب علينا ونحن صيام أن تكون تقوانا لله عز وجل أكثر من تقوانا في الإفطار، وإن كانت التقوى يجب أن تكون في الإفطار والصيام، لكن يجب أن نعتني بالتقوى في حال الصوم أكثر، وإني أظن لو أن أحداً من الناس أمسك عن المعاصي شهراً كاملاً فسوف يتغير منهجه ومسلكه؛ لأنه سيبقى شهراً كاملاً لا يعصي الله. ومن رحمة الله عز وجل بنا أن شهر رمضان تصفد فيه الشياطين حتى لا تسلط علينا بتحسين المعاصي في قلوبنا، وأنها تغلق فيه أبواب النيران، وتفتح فيه أبواب الجنة؛ حتى يسهل على الإنسان العمل بما يباعده من النار ويقربه من الجنة، وهذه نعمة من الله عز وجل! فهذا الشهر فيه ما يساعد الإنسان على التقوى فاتقوا الله. ليس من الصوم يا إخوان أن يملأ الإنسان بطنه مما أحل الله له ثم ينام عن صلاة الفجر والظهر والعصر، فإذا قرب المغرب قام ليصلي بل ليفطر؛ لأنه لو كان يصلي لصلى أولاً، لكن ليفطر، ثم يصلي في آخر النهار، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق: يرقب الشمس حتى إذا صارت بين قرني شيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً) وهذا يوجد عند بعض الناس نسأل الله العافية، يتمتعون بما أحل الله لهم في ليلهم، ثم ينامون عما أوجب الله عليهم في نهارهم. مثلاً: رجل آخر صام عن الطعام والشراب، فجلس إلى صاحبه على عتبة الدكان أو على الرصيف أو في أي مكان، وجعلا يأكلان لحوم الناس: فلان فيه، وفلان فيه. وربما يؤزهم الشيطان فيقعون في أعراض العلماء، وهذا أشد وأخبث، فغيبة العالم أعظم إثماً من غيبة العامي انتبه! لأنك إذا اغتبت العامي تضرر هو بنفسه إن تضرر أو قد لا يضره غيبتك، لكن إذا اغتبت العالم تضررت الشريعة الإسلامية، فحملة الشريعة هم العلماء، فإذا قدح الإنسان فيهم هبطت قيمتهم عند الناس وضعفت الثقة بأقوالهم، وحينئذ يكون ذلك ضرراً على الشريعة الإسلامية، ولهذا لما كان قائد الشريعة الإسلامية محمد رسول الله في منزلة التشريع قال: (إن كذباً علي ليس ككذب على أحدكم، إن من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) لأنه إذا كذب على الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم صار ما ينسبه للرسول شريعة، فأدخل في الشريعة ما ليس منها أو أخرج من الشريعة ما هو فيها. أقول يا إخوان: رجل صام وفي أثناء النهار جلس إلى صاحبه يأكلان لحوم الناس، أهو صائم حقا؟ لا: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه) فهذا لم يدع قول الزور. في مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله الذي صنفه في الحديث، والذي قال لابنه: يا بني إن هذا المسند سيكون للناس إماماً. في هذا المسند: (أن امرأتين في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، صامتا فجلست إحداهما إلى الأخرى تأكلان لحوم الناس، فعطشتا عطشاً شديداً -أصابهما العطش- فدعا بهما النبي عليه الصلاة والسلام -أي: طلب مجيئهما- فجاءتا إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأمرهما أن تقيئا فقاءتا دماً وصديداً ولحماً -نسأل الله العافية- فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس) وهذا الحديث ضعيف السند لكن يذكر في مقام الترهيب حتى ينكف الناس عن الغيبة. ويكفي من ذلك قول الله عز وجل: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} [الحجرات:12] . ل A لا يحب {فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات:12] قال بعض أهل العلم: إنه يؤتى بالرجل الذي اغتيب يوم القيامة بجثة ميت، ويعذب الذي اغتابه بالأكل منه، وهو لا يريده بل يكرهه، لكن يعذب، وهذا نظير الذي يصور، حيث إنه إذا كان يوم القيامة يجعل له صورة ويقال له: انفخ فيها الروح. وهو لا يستطيع لكن يعذب. من كذب في الرؤية قال: رأيت كذا وكذا. وهو كاذب، إذا كان يوم القيامة يكلف أن يعقد بين شعيرتين، تعرفون الشعير؟ هو حب الشعير، لا يمكن أن تعقد بينهما لكن يعذب، ويلزم، فيجد حرجاً ولا يستطيع. على كل حال أقول: إن الواجب على الصائم أن يتقي الله عز وجل فيقوم بما أوجب الله، ويترك ما نهى الله حتى يكون صومه صوماً حقيقياً.

مستحبات الصيام وآدابه

مستحبات الصيام وآدابه ثم اعلم يا أخي أن الصيام له مستحبات:

السحور

السحور منها: أن يتسحر الإنسان، ومعنى السحور أن يقدم الإنسان أكلاً في آخر الليل يأكله ويستعين به على صيامه، ويكون السحور في آخر الليل، وتأخير السحور هو الأفضل بحيث إذا انتهيت منه أذن الفجر، لا تقل: أتسحر مبكراً وأنام حتى يطلع الفجر، لكن نم ثم تسحر حتى إذا انتهيت من السحور وإذا الفجر قد أذن؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن بلالاً يؤذن بليل؛ ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمى لا يؤذن إلا إذا قيل له: أصبحت، أصبحت. إذا قيل له: أصبحت وطلع الصباح ذهب يؤذن. فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أصحابه أن يأكلوا ويشربوا حتى يسمعوا أذان ابن أم مكتوم. وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (تسحروا فإن في السحور بركة) ومن بركاته: أولاً: أكل السحور فيه بركة؛ لأنه إعانة على طاعة الله. ثانياً: لأنه امتثال لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (تسحروا) . ثالثاً: لأنه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه كان يتسحر، قال زيد بن ثابت رضي الله عنه: (تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم قمنا إلى الصلاة) . رابعاً: لأنه فصل ما بيننا وبين صيام أهل الكتاب، فأهل الكتاب اليهود والنصارى يصومون لكن لا يتسحرون، والأمة الإسلامية تتسحر، فيكون سحورها فصلاً بين صيام المسلمين وصيام اليهود والنصارى، ففيه بركة.

تعجيل الفطور وتأخير السحور

تعجيل الفطور وتأخير السحور من آداب الصيام: سرعة الإفطار، والمبادرة بالفطر من حين أن تغرب الشمس، فإذا رأيت قرص الشمس قد غاب فأفطر ولا تتأخر، حتى لو كانت السماء صحواً والنور مضيئاً جداً، ما دمت رأيت قرص الشمس غاب فأفطر، وإن لم تسمع الأذان، فلو كنت على مكان عال ورأيت الشمس قد غابت فأفطر، ولو كان الناس لم يؤذنوا، والدليل: قول الله تبارك وتعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] ولم يقل: إلى أن يؤذن قال: {إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا أقبل الليل من هاهنا -وأشار إلى المشرق- وأدبر النهار من هاهنا -وأشار إلى المغرب- وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) أي: فقد حل له الفطر. وإذا أذن المؤذن وأنت في مكان مرتفع وتشاهد الشمس فلا تفطر، لكن يجب عليك أن تنبه من يمكنك تنبيهه بأن الشمس لم تغرب، ويجب عليك -أيضاً- أن تبلغ الجهات المسئولة: أن المؤذنين يؤذنون قبل غروب الشمس، وأن تبلغ من تستطيع إبلاغه من المؤذنين حتى يتأخر. مسألة: لو أن الإنسان أكل وشرب، ثم تسحر، يظن أن الليل باق ولما خرج وجد الناس قد خرجوا من الصلاة أيلزمه القضاء؟ الصحيح: أنه لا يلزمه القضاء، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فقال الله: قد فعلت. وهذا الرجل الذي أكل لو كان يعلم أن الفجر قد طلع ما أكل أبداً. وبالعكس: رجل ظن أن الشمس قد غربت -مثلاً: السماء كانت مغيمة وظن أن الشمس قد غربت- فأكل، ثم طلعت الشمس أعليه القضاء؟ A لا؛ لقوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فقال الله: قد فعلت. ولأنه ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم طلعت الشمس) وفي عهد الرسول لم يكن هناك ساعات، وكانت السماء ملبدة بالغيوم فظنوا أن الشمس قد غربت فأفطروا ثم طلعت الشمس، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين أظهرهم ولم يأمرهم بالقضاء، ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لكان من شريعته، وإذا كان من شريعته وجب أن يكون محفوظاً لأمته، ولم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه أمرهم بالقضاء، وهذا مبني على القاعدة العظيمة التي جاءت من عند الله وهي: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] والحمد لله على التيسير، لما كان الإنسان ضعيفاً يجهل وينسى عفا الله عن الجهل والنسيان. رجل أكل ناسياً وهو صائم ثم ذكر أنه صائم بعدما شبع تماماً فهل عليه قضاء؟ لا، ليس عليه قضاء والدليل: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فهذه الآية قاعدة عظيمة، بل ورد في النسيان قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) فالدين يسر، وسمح، لكن بعض الناس يعسر على نفسه. كنا نتحدث ونحن صغار أن رجلاً اشترى لأهله عنباً وهو صائم -أنا أحدث بها بدون سندها- وجعل يأكل من العنب وهو يمشي، ولما وصل إلى أهله لم يبق في العنقود إلا عنبة واحدة، فأفتى نفسه قال: إن كان العنب الذي أكلته سابقاً لم يفطر فهذه لا تفطر، وإن كان قد فطر فهذه تبع. فالآن أفطر من الواحدة؛ لأنه تعمد، ولم يبق ناسياً. على كل حال: من أفطر ناسياً أو جاهلاً من أول النهار أو من آخر النهار فليس عليه شيء، ولكن يجب عليه إذا زال العذر أن يتوقف، حتى لو ذكر والماء في فمه يجب عليه أن يمجه، ولو ذكر واللقمة في فمه يجب عليه أن يلفظها؛ لأنه بعد العلم لا يجوز إدخال شيء إلى الجوف. ولعل في ما ذكرنا كفاية، وسنأخذ بعض الأسئلة.

الأسئلة

الأسئلة

حكم صيام القضاء قبل رمضان بيوم

حكم صيام القضاء قبل رمضان بيوم Q فضيلة الشيخ! هل يجوز صيام القضاء قبل رمضان بيوم، مثلاً: هل يجوز صيام يوم الأربعاء القادم؟ A أولاً: نقول: من كان عليه قضاء من رمضان فليبدأ من الغد، فغداً الثلاثاء فيبدأ من الغد؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يصوم أحد قبل رمضان بيوم أو يومين، لكن إذا لم يمكن، فقد تكون امرأة عليها عادة تمنعها من الصيام فلا بأس أن تصوم الأربعاء أو الخميس إذا لم يكن من رمضان.

خطر الوسواس وأضراره

خطر الوسواس وأضراره Q فضيلة الشيخ! لي أخت لها خمس سنوات لا تصلي ولا تصوم -وهي سليمة العقل- ولا تقضي رمضان، وهي -يا شيخ- بها وسواس، فما الحكم معها؟ وهل عليها صيام أو هي ممن رفع عنهم القلم؟ A أسأل الله أن يعافيها، اللهم عافها، اللهم عافها، لا شك أن الوسواس أمره عظيم، وأن بعض الموسوسين لا يتمكنون إطلاقاً من العبادة، يعني: بعضهم يخر مغشياً عليه إذا أراد أن يجبر نفسه، ولكن يجب على هذا الذي ابتلي بالوسواس أن يكثر من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن يكثر من ذكر الله، وأن يكثر من قراءة القرآن، وأن يجبر نفسه على فعل الطاعة ولو تعب، هو سيتعب مرة أو مرتين أو ثلاثاً لكن في النهاية سيزول هذا بإذن الله؛ لأن الوسواس من الشيطان: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [الناس:4-6] فبدأ بالجنة، والشياطين من الجن، والجن من الشياطين {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي} [الكهف:50] فالشيطان ذريته الجن كما قال تعالى: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن:15] وقال الشيطان للرب عز وجل: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف:12] . ومعلوم أن الشيطان إذا رأى من بني آدم إعراضاً عن طاعة الله بواسطة الوسواس فسوف يتعبه في هذا، لكن ما هو إلا تعب يسير ثم يزول، وهذا والحمد لله مجرب، فدائماً يتصل بنا أناس من هذا النوع فإذا أجبروا أنفسهم على ذلك فإنه يزول عنهم بإذن الله، وأسأل الله لهذه المرأة المبتلاة أن يشفيها عاجلاً غير آجل، آمين.

حكم من وافق صيامه النافلة آخر يوم من شعبان

حكم من وافق صيامه النافلة آخر يوم من شعبان Q فضيلة الشيخ! من صام شهر شعبان فهل يصله برمضان أو لا بد أن يفصل بينهما، مثال ذلك: رجل من عادته صيام ثلاثة أيام من الشهر فتأخر صيامه ولم يبق عليه غير غد وبعد غد فهل يأثم إذا صام؟ A لا يأثم إذا صام؛ لأن هذا داخل في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) لأن الحديث: (لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) فإذا كان من عادته أن يصوم يوم الخميس، وفي هذا العام ربما يصادف يوم الخميس آخر يوم من شعبان فإنه يصوم وليس هناك مانع، وكذلك من لم يتيسر له أن يصوم ثلاثة أيام قبل هذا الوقت فله أن يصوم؛ لأنه داخل في قوله: (إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) .

حكم من شرب بعد طلوع الشمس للتقوي في صوم النافلة

حكم من شرب بعد طلوع الشمس للتقوي في صوم النافلة Q فضيلة الشيخ! رجل يصوم ولكنه يوماً من الأيام لم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس فشرب قليلاً من الماء؛ ليتقوى به على الصيام، فهل يجوز صيامه؟ A لا يجوز الصيام؛ لأن الصيام لا بد أن يمسك الإنسان عن الأكل والشرب والجماع وسائر المفطرات من طلوع الفجر، وهذا لا يصح صومه، لكن الحمد لله النفل أمره واسع، إذا قام بعد طلوع الفجر وهو ناو أن يصوم فإما أن يبقى على نيته بدون أكل ولا شرب ولا شيء من المفطرات، وإما أن يأكل ويشرب ويقضي يوماً مكانه، وإما أن يأكل ويشرب ولا يقضي شيئاً منه؛ لأن النفل تطوع إن شاء فعل الإنسان وإن شاء لم يفعل.

حكم ما وصل إلى الحلق من غير المنافذ المعتادة الموصلة للمعدة

حكم ما وصل إلى الحلق من غير المنافذ المعتادة الموصلة للمعدة Q فضيلة الشيخ! سمعت في درس من دروسكم أنك قلت -وفقك الله-: إن القطرة لا تفطر حتى لو وصلت إلى الحلق؛ لأنها ليست بمعنى الأكل والشرب، أما البخور فلا يستنشق؛ لأن له جرماً، فإذا وصل إلى الجوف فإنه يفطر، سؤالي يا فضيلة الشيخ: كيف يفطر دخان البخور وهو ليس بمعنى الأكل والشرب؟ A أما الأول وهو القطرة في العين أو في الأذن فلا تفطر ولو وصلت إلى الحلق لأن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب، وليست العين والأذن من المنافذ المعتادة في إيصال الشيء إلى المعدة، لكن الاستنشاق من الأشياء المعتادة في إيصال الشيء إلى المعدة، والدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال للقيط بن صبرة: (بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) وهذا يدل على أن ما دخل من الأنف كالذي يدخل من الفم، هذا هو الفرق، ولهذا نقول: لا بأس أن يتطيب الصائم بالبخور والدهون وغير ذلك والروائح -أيضاً- لكن دخان البخور لا يستنشقه؛ لأنه ربما يصل إلى جوفه.

حكم من أفطر في رمضان لعذر فأطعم ولم يقض

حكم من أفطر في رمضان لعذر فأطعم ولم يقض Q فضيلة الشيخ! رجل قبل عشر سنوات أمر زوجته المرضع بالإفطار في شهر رمضان لعلة الإرضاع وقال لها: ليس عليك إلا الإطعام فقط وأنا أطعم عنك فقد أفتاني بعض العلماء، وفي هذا العام الحالي علمت بأن عليها القضاء والإطعام، السؤال: ما هو قولكم في ذلك يا فضيلة الشيخ؟ A قولي في ذلك أنه لا شيء عليها، ما دام زوجها قد استفتى بعض العلماء وقال: ليس عليها إلا الإطعام، فليس عليها شيء، لكن الصحيح: أنه يلزمها القضاء لعموم قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185] أما ما مضى وبني على الفتوى التي نقلها الزوج فلا شيء عليها، وهكذا كل مسألة يسأل عنها العاميُ من يعتقده عالماً ثم يفتي بخلاف الصواب فلا شيء عليه، لكن بشرط أن يعرف أن هذا المستفتى أهل للفتوى، ليس كل من لبس زي العلماء وأعفى اللحية يكون عالماً، فقد يكون جاهلاً، لكن إذا علم من كونه رجلاً مشهوراً، أو من كون الناس يستفتونه أنه أهل للفتوى وأفتاهم ولو بخلاف الصواب فلا شيء على المستفتي.

كيفية الإطعام لمن لا يقدر على الصيام

كيفية الإطعام لمن لا يقدر على الصيام Q امرأة كبيرة في السن تشكو من مرض، فهي لا تقدر على الصيام، كيف يكون مقابل ذلك؟ هل تدفع في كل يوم صاعاً، أو تدفعه دفعة واحدة في آخر رمضان؟ A هي بالخيار: إن شاءت دفعت فدية كل يوم بيومه، لكن لا تدفع في اليوم الثاني للفقير الأول؛ لأنه لا بد أن يكون عدد الفقراء كعدد الأيام، إذا كان الشهر ثلاثين يوماً فيكون عدد الفقراء ثلاثين مسكيناً أو ثلاثين فقيراً، وإذا كان تسعة وعشرين يوماً فعدد الفقراء تسعة وعشرون فقيراً. أما مقدار ما يبذل فليس كما قال السائل صاعاً، بل هو أقل، والصاع الموجود عندنا -من الأرز- يكفي لخمسة فقراء. ويجوز أن الإنسان يجمع في العشر الأول عشرة من الفقراء ويعشيهم، وفي العشر الوسطى عشرة من الفقراء غير الأولين يعشيهم، وفي العشر الأخيرة عشرة من الفقراء غير الأولين ويعشيهم، ويجوز أن يجمع ثلاثين فقيراً في آخر يوم كما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يصنع ذلك لما كبر.

توجيه للمعتمرين في رمضان

توجيه للمعتمرين في رمضان Q فضيلة الشيخ! نرى كثيراً من الناس يقضون أيام شهر رمضان المبارك في مكة طلباً للثواب ومضاعفة الأجر مستصحبين عوائلهم معهم، ولا شك أن هذا من حرصهم على طاعة الله عز وجل، ولكن يلاحظ على بعضهم إهماله أو غفلته عن أبنائه أو بناته هناك مما قد يتسبب في أمور لا تحمد مما تعلمونها، فهل من توجيه إلى هؤلاء، ليكمل أجرهم ويسلم عملهم؟ A نعم هناك توجيه، والشكايات في هذا كثيرة، بعض الناس يصطحب عائلته في العمرة لكنه يعتمر ويبقى في مكة يوماً أو يومين ثم يرجع، هذا حصل أجراً كاملاً؛ لأنه أدى عمرةً في رمضان ومن أدى عمرة في رمضان فكمن أدى حجاً وانتهى، ويرجع إلى بلده، وينشط أهل مسجده، وربما يكون خشوعه في بلده أكثر من خشوعه في المسجد الحرام؛ لكثرة الناس وكثرة الضوضاء والأصوات وما أشبه ذلك، فهذا لا شك أنه على خير. ورجل آخر ذهب بأهله وأدى العمرة وأبقاهم هناك ورجع، وهذا خطأ عظيم، وإهمال، وليس له من الأجر -والله أعلم- أكثر من الوزر إذا فعل أهله ما يوزرون به؛ لأنه هو السبب. ورجل ثالث ذهب بأهله وبقي طيلة شهر رمضان، لكن كما قال السائل: لا يبالي بأولاده ولا ببناته ولا بزوجاته، يتسكعون في الأسواق، وتحصل منهم الفتنة وتحصل بهم الفتنة، ولا يهتم بشيء من ذلك، وتجده عاكفاً في المسجد الحرام، سبحان الله! تفعل شيئاً مستحباً وتترك شيئاً واجباً! هذا آثم بلا شك، وإثمه أكثر من أجره؛ لأنه ضيع واجباً، والواجب إذا ضيعه الإنسان يأثم به، والمستحب إذا تركه لا يأثم. فنصيحتي لهؤلاء: أن يتقوا الله، فإما أن يرجعوا بأهلهم جميعاً، وأما أن يحافظوا عليهم محافظة تامةً، والله المستعان.

حكم تعجيل الزكاة أو تأخيرها للحاجة

حكم تعجيل الزكاة أو تأخيرها للحاجة Q فضيلة الشيخ! هل يجوز تعجيل الزكاة أو تأخيرها للحاجة كقدوم الفقير، أو عدم وجود المستحق في ذلك البلد أو لغيرها؟ A تقديمها جائز، أما تأخيرها فلا يجوز إلا إذا كان لا يوجد في المكان مستحق، أو كان يؤخرها لحاجة أشد مثل أن يقول الناس في رمضان: الفقراء مستغنون، أؤجلها إلى شوال، أو إلى ذي القعدة، أو إلى ذي الحجة؛ لأنهم أكثر حاجة، فهذا لا بأس به، لكن عليه أن يضبطها بالقيد؛ لأنه لا يأمن أن يموت ويضيع الواجب عليه.

الضابط في دفع الزكاة من الأب للابن أو من الابن للأب

الضابط في دفع الزكاة من الأب للابن أو من الابن للأب Q ما هو الضابط في دفع الزكاة سواءً من الأب للابن أو من الابن للأب؟ A الضابط ما ذكرناه: وهو ألا يدفع شيئاً واجباً عليه، فإذا دفعها للابن أو للأب من أجل النفقة وهو ممن يجب عليه الإنفاق عليه فإنها لا تجزئ، وإذا دفعها في قضاء دين أو نحوه مما لا يجب عليه فهي مجزئة.

حكم تحويل مبلغ الزكاة إلى مواد غذائية توزع للفقراء

حكم تحويل مبلغ الزكاة إلى مواد غذائية توزع للفقراء Q هل يجوز تحويل مبلغ الزكاة إلى مواد عينية غذائية وغيرها فتوزع على الفقراء؟ A لا يجوز، الزكاة لا بد أن تدفع دراهم، لكن إذا وجد أحد يقبض الزكوات نيابة عن الدولة فهنا لا بأس أن يشتري بها حوائج للفقراء ويعطيهم إياها، وأما إذا كان من نفسه أو كان وكيلاً لشخص آخر فإنها لا تحول إلى أعيان بل تصرف دراهم.

حكم ضمان الوديعة إذا لم يفرط فيها

حكم ضمان الوديعة إذا لم يفرط فيها Q فضيلة الشيخ! شخص أعطاني مبلغاً من المال لأبحث له عن شخص لم يؤد فريضة الحج فأحججه منه، فيسر الله لي شاباً لكن المبلغ فقد وأنا في الطريق، ولا أدري أسرق من الحقيبة أم من البيت، حيث أن عندنا سائقاً وزوجته، والشاب حج -ولله الحمد- ودفعت عنه الهدي، واستسمحت ممن حججنا معه وأخبرته بالقصة فقال: لا حرج. ولكن حيث أن حجة هذا الشاب لم تكلف إلا نصف المبلغ فهل أضمن ما بقي من المبلغ وأتصدق به، أم أعيده، أم أحجج به شخصاً آخر، أرجو إنقاذي أنقذك الله ووالديك والسامعين من النار؟ A ما دام أن هذا الرجل لم يفرط في حفظ الدراهم ووضعها في محل أمين، ووضعها -أيضاً- في جيبه الذي على صدره لا في جيبه الذي على جنبه؛ لأن الجيب الذي على الجنب في الزحام ليس بحرز في الواقع، لأن كل واحد في الزحام يمكنه أن يدخل يده فيها ويخرج ما شاء، لكن يكون الجيب في الصدر، فأقول: إذا لم يفرط فلا بأس، وأما إذا كان مفرطاً فإن عليه أن يضمن هذه الدراهم، ويرد ما زاد إلى صاحبه الذي أعطاه إياها.

الزكاة في عروض التجارة (المساهمة)

الزكاة في عروض التجارة (المساهمة) Q فضيلة الشيخ! رجل باع منزله ووضع قيمته في مساهمة، والآن لها ثلاث سنوات لم يستلم قيمة المساهمة حيث أنها لم تبع إلى الآن فهل فيها زكاة؟ وإذا لم يكن فيها زكاة الآن فهل يزكي عنها إذا استلمها عن سنة واحدة؟ A إذا كان قد اشترى فيها أرضاً للبيع والشراء وللتكسب ففيها زكاة لا شك، ولكن كيف يزكيها؟ الجواب: إذا جاء حولُ الزكاة فيقدر قيمة الأرض، ويقدر سهمه منها، ثم يكتب عنده، يجب علي لهذا العام عام (1417هـ) مائة ريال زكاة نصيبي من الأرض الفلانية، ولا يلزمه الدفع إذا لم يكن عنده دراهم إلا إذا باعها فيزكي لما مضى، أما إذا كان عنده دراهم فيجب أن يدفع زكاتها؛ لأن عروض التجارة كبقية المال يندمج بعضه في بعض.

حكم تنفيذ وصية المرأة الكبيرة السن في حال حياتها وبعد موتها

حكم تنفيذ وصية المرأة الكبيرة السن في حال حياتها وبعد موتها Q جدتي كبيرة في السن وقد دخلت في مرحلة الهرم، وعندها مال وتوصينا الآن ببناء مسجد، علماً بأنها تصلي أحياناً، وتعرفنا أحياناً، وتعرف أشياء كثيرة، وأحياناً لا تعرف، ولها بنت وهي أمي، ولها أبناء ابن وهم أبناء خالي المتوفى، والمال موجود لدي، فهل أتصرف فيه ببناء مسجد حسب ما توصي به الآن أم ماذا أفعل؟ وإذا وافتها المنية فكيف أعمل؟ A أما إذا قدر الله عليها وماتت من قبل أن ينفذ، فالمال يرجع إلى الورثة إذا أرادوا أن يبنوا به مسجداً فلا بأس وجزاهم الله خيراً، وأما قبل أن تموت فلا يجوز أن يتصرف فيه؛ وذلك لأن هذه العجوز لا حكم لقولها؛ لأنها لا تشعر ولا تدري فقولها هدر، ولا يجوز أن ينفذ شيئاً مما قالته إلا إذا كانت قالته عن وعي وعقل فنعم. وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، وأرجوكم المعذرة لأن لنا موعداً في محاضرة في بلاد مجاورة، ونريد أن يسمع صوتنا في هذه البلاد وهي بلاد بعيدة، وموعدهم الساعة الثامنة والنصف فبقي ساعة إلا ربع، وهي الصلاة والذكر والمشي فنرجوكم المعذرة. ونسأل الله يجزيكم خيراً، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح إنه على كل شيء قدير.

اللقاء الشهري [41] رقم2

اللقاء الشهري [41] رقم2 على العبد الذي يريد أن ينفع نفسه في الآخرة وأن ينفعها فيما فيه صلاحها وعافيتها أن يستغل ليالي رمضان بالعبادة؛ لما فيها من الأجور العظيمة، ويجدر بالمرء أن يحذر في ليالي رمضان من الإفراط في الأكل والشرب، والإسراف والتبذير. كما ينبغي للإنسان الذي يريد قصد بيت الله الحرام لأداء العمرة في رمضان أن يتنبه من الأخطاء التي تقع في عمرته، وأن يعلم أحكام العمرة قبل الذهاب إلى مكة. وفي ختام هذا اللقاء بسط الشيخ الإجابة على كثير من الأحكام التي تتعلق بشهر الصيام.

أهمية استغلال ليالي رمضان بالعبادة

أهمية استغلال ليالي رمضان بالعبادة الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين, وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذه الليلة هي ليلة الأحد الثالث من شهر رمضان عام (1417هـ) وهذا اللقاء فيها تكميل للقاء السابق، حيث إنه كان هناك أسئلة كثيرة لم نتمكن من الإجابة عليها، ولكن لا مانع أن نتكلم بما تيسر حتى يتسنى عرض هذه الأسئلة إن شاء الله تعالى. في هذا العام (1417هـ) يؤدي المسلمون ولا سيما في هذه الجزيرة العربية شهر رمضان في جو معتدل، يشبه جو الربيع، على أن الناس في هذه الأيام في أشد ما يكون برداً من أيام الشتاء، وهذا لا شك من نعمة الله، اللهم لك الحمد، نسأل الله أن يتمم بالقبول، كما أن فيه دليلاً على أن الأمر أمر الله عز وجل، وأنه تعالى هو الذي يرجع إليه الأمر كله، وأن العادات قد يخلفها رب الأرض والسماوات، قد يكون زمن البرد معتدلاً، وقد يأتي في أيام الحر -أيضاً- اعتدال ليس حراً؛ لأن الأمر أمر الله عز وجل يفعل ما يشاء. هذا الجو الذي نعيشه هذه الأيام جو معتدل كما قلنا، فيه طول الليل وقصر النهار، ويخف الصوم على المسلمين ويكثر الخير في الليالي للموفقين؛ لذلك نقول: اغتنم يا أخي هذه الأوقات الثمينة، نم في الليل ما تيسر، وتعبد لله بما تيسر، واجعل النهار نهار عمل صالح لا نهار نوم كما يفعله بعض الناس المفرّطون المفرطون: مفرّطون في تفويت الأعمال الصالحة، حيث تجدهم يسهرون الليل كله وينامون النهار كله، إلا أنهم يقومون بما أوجب الله عليهم من الصلوات وغيرها، لكنهم محرومون؛ لأن سهرهم الليل كله ليس للتهجد أو قراءة القرآن، حيث إن أكثر الذين يسهرون إنما هو لإمضاء الوقت وقتله بلا فائدة، بل منهم من يقتل الوقت بالمضرة عليه: على دينه، وخلقه، وأهله، وهذا حرمان عظيم. ففي هذا الجو المناسب ينبغي لك أن تنام في الليل، وأنت إذا قمت مع الإمام حتى ينصرف كتب الله لك قيام ليلة كاملة ولو كنت في منامك، اللهم لك الحمد، ولهذا لما قال الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام: (لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه -يعني: لو تركتنا حتى نقوم إلى الصباح- قال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) ولم يقل: صلوا في بيوتكم، إشارةً إلى أن الإنسان ينبغي أن ييسر على نفسه، ما دام الله تعالى قد كتب لك قيام ليلة إذا قمت مع الإمام حتى ينصرف فخفف على نفسك.

نصائح وإرشادات للصائمين

نصائح وإرشادات للصائمين كذلك -أيضاً- أذكركم بما بدأنا به أولاً: من أن الصوم ليس الإمساك عن الطعام والشراب والنكاح، لكنه إمساك عن معصية الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الصوم جنة) ومعنى جنة: وقاية من المعاصي، ولهذا رتب عليه قوله: (فلا يصخب ولا يرفث، وإن أحد سابه أو قاتله فليقل: إني صائم، إني صائم، إني صائم) فاحفظوا الصيام.

التحذير من الإفراط في المأكول والمشروب

التحذير من الإفراط في المأكول والمشروب ثم احذروا من الإفراط في المأكول والمشروب، فإن الناس اتخذوا رمضان موائد البطون لا موائد القلوب، ليس لهم هم إلا أن يكون على مائدة الفطور أو على مائدة السحور من الأشياء ما لا حاجة إليه. وإن من الناس من اتخذوا عادة سيئة بدعية ليس لها في كتاب الله ولا في سنة رسوله أصل ولا في عمل الصحابة: حيث صاروا يذبحون الذبائح كأنه عيد أضحى -نسأل الله العافية- والذبائح في عيد الأضحى لكنهم يتخذون الذبائح ويتعازمون فيما بينهم، كل يوم على واحد ذبيحة وطعام، وربما يكون بعض أهل الحي فقيراً يتدين هذه الذبيحة فيكلفونه ما لا يلزمه في دين الله. ثم زد على ذلك أن بعض الناس يجعل هذه الموائد -التي لا يراد بها إلا ملء البطون- كالصدقة فيقول: هذا عشاء أبي، وهذا عشاء أمي، وما أشبه ذلك، وربما حاموا بأيديهم على الطعام وقالوا: اللهم اجعله لأبي أو لأمي. أين نحن من الجماعة؟!! أين نحن من هدي السلف الصالح؟!! هل نحن مأمورون أن نتبع أهواءنا، أو أن نتبع كتاب الله وسنة رسوله وخلفائه الراشدين والصحابة المهديين؟!! الثاني بلا شك، هل فعل الصحابة هذا؟ A هذا ليس من فعلهم. ولهذا أخشى إن طال بالناس زمان أن يتخذوا رمضان كعيد الأضحى تذبح فيه الضحايا ثم يأتي الناس مع طول المدة ويقول: إذا أراد أحدكم أن يذبح ذبيحة ودخل رمضان فلا يأخذ من شعره ولا من ظفره شيئاً، وربما يجعلون أحكام الأضاحي لهذه الذبائح. ولكن هنا شيء حتى لا يؤخذ علينا ما نقول، إذا قال القائل: أنا أريد أن أدعو جيراني للتعارف، وأريد أن أذبح ذبيحة؛ لأنها أنسب لي من أن آخذ من المجزرة، فهذا لا بأس به، لكن كونهم يعتقدون أن الذبح نفسه أفضل من شراء اللحم لا لأنه أحسن وأطيب وأطرى ولكن يرونه كالتعبد لله فهذا بدعة.

التحذير من الإسراف والتبذير في رمضان

التحذير من الإسراف والتبذير في رمضان كذلك -أيضاً- توسع الناس في الإسراف حتى في الإضاءة: إضاءة البيوت إضاءة الدكاكين، يجعلون على دكاكينهم قناديل كأنها قصر أفراح، أليس في هذا إضاعة للمال؟ بلى، فيه إضاعة مال، ثم إن فيه -أيضاً- تحميلاً للطاقة العامة الكهربائية، ما يخشى أن يقصر أعمال المكائن مثلاً؛ لأن هذه المعدات والمكائن كلما تحملت صارت أقرب إلى أجلها بلا شك، فلماذا نحمل أنفسنا نفقات ونحمل التيارات الكهربائية عبئاً ثقيلاً لغير فائدة؟! وكذلك -أيضاً- في البيوت، مع أن الله عز وجل يقول في مدح عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان:67] سبحان الله! انظر! الإسراف طرف، والإقتار طرف، والذي بينهما فجوة، يقول: {بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان:67] أحياناً يميلون إلى الإقتار؛ لأن المصلحة تقتضي ذلك، وأحياناً يميلون إلى الزيادة لأن المصلحة تقتضي ذلك، ولكن انظر إلى قوله: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ} [الفرقان:67] ليس هو عبثاً ولكنه {قَوَاماً} [الفرقان:67] تستقيم به الأمور.

أخطاء يقع فيها بعض المعتمرين

أخطاء يقع فيها بعض المعتمرين وتكلمنا أيضاً -وأعيدها لأنها مهمة- على أولئك الذين يذهبون إلى مكة بقصد العمرة، ونِعْم ما قصدوا؛ لأن عمرة في رمضان تعدل حجة، وهي -أعني: كونها تعدل حجة- في عهد الرسول وغيره، قلت ذلك يا إخواني: لأن المسألة ليست هي مسألة اتفاق بين العلماء، فلم يتفق العلماء على أن العمرة في رمضان تعدل حجة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خاطب بها امرأة تخلفت عن حجها معه، فقال لها: (عمرة في رمضان تعدل حجة -وفي لفظ- معي) يعني أن معناه: أنك إذا اعتمرت في رمضان فكأنما حججت معي؛ ولهذا قال بعض العلماء: إن هذا الحديث خاص بتلك المرأة، ليس هو عام للأمة، لكن جمهور الذين رأيناهم تكلموا على الحديث يرون أنه عام. فأقول: العمرة في رمضان سنة، لكن الناس يخطئون فيها في أشياء نذكر منها:

تكرار العمرة في السفرة الواحدة

تكرار العمرة في السفرة الواحدة أولاً: بعضهم يأخذ عمرة لنفسه أول ما يقدم، وبعد يومين أو ثلاثة يخرج إلى التنعيم ويأخذ عمرة ثانية لأمه، وبعد يومين أو ثلاثة أخذ عمرة ثالثة لأبيه، وبعد يومين أو ثلاثة أخذ عمرة رابعة لجدته وهلم جرا، وربما أخذ بعضهم عمرتين في يوم، وتجد رأسه أصلع قد حلقه في أول مرة ثم يعتمر، ماذا يبقى للعمرة الثانية؟ A لا شيء إلا شيئاً واحداً منكراً، رأيت رجلاً يسعى بين الصفا والمروة وقد حلق نصف رأسه تماماً، حلق النصف، فهو أبيض ليس فيه شعر، والثاني فيه شعر كثير، فقلت له: لماذا؟ قال: هذا الذي حلقته لعمرة أمس وهذا لعمرة اليوم. وعلى قياس قوله: لو أراد أن يعتمر أربع مرات حلق الربع، والثاني في الربع الثاني، والثالث في الربع الثالث، والرابع الرأس كله، كل هذا من الخطأ، وسببه حب الناس للخير وجهلهم بالشريعة. ومعلوم يا إخواني أن العبادة لا بد لها من شرطين أساسيين هما: الإخلاص والمتابعة. هل هم أحرص على الخير من الصحابة؟ لا والله ليسوا بأحرص، وليسوا أعلم بشريعة الله من الصحابة، فليأتوا بحديث واحد على أن الصحابة كرروا العمرة في رمضان أو في غير رمضان، أما والمسألة ليس فيها أي حرف لا صحيح ولا ضعيف يدل على أن الصحابة يكررون عمرة في رمضان أو غيره، إذا حل الإنسان من عمرته هذه خرج إلى التنعيم وأتى بعمرة أخرى، حتى قال عطاء رحمه الله وهو فقيه أهل مكة قال: لا أدري هؤلاء الذين يذهبون إلى التنعيم فيأتون بعمرة لا أدري أيأثمون أم يؤجرون. أي: وكأن ليس لهم أجر إلا التعب والعياذ بالله؛ لأنهم على غير الشريعة. هذه واحدة.

ترك الأهل بغير راع

ترك الأهل بغير راع المسألة الثانية: بعض الناس يذهب إلى العمرة ويذهب بأهله، وقد قسمنا في المجلس السابق الناس في هذا إلى ثلاثة أقسام: قسم يذهب بنفسه ويعتمر ويرجع إلى أهله، وهذا حسن. قسم آخر: يذهب إلى مكة ويعتمر ويبقى طيلة الشهر ويدع أهله مسيبين، وهذا خطأ؛ لأن بقاءه في أهله أفضل من بقائه في مكة. وأذكر لكم قصة؛ لأني لا أحب أن يتكلم أحد بشيء إلا بدليل: مالك بن الحويرث رضي الله عنه، قدم إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في وفد، وأقاموا عنده عشرين يوماً، ثم قال لهم عليه الصلاة والسلام: (ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم) والشاهد في هذا الحديث قوله: (اذهبوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم) لأن الرعية بلا راع تضيع، والرجل راع في أهل بيته، فكونه يذهب إلى مكة ويبقى هناك ويزعم أنه يتعبد الله وأن ذلك أفضل من رجوعه إلى أهله هذا خطأ، بل رجوعه إلى أهله وبقاؤه فيهم أفضل بكثير؛ لأنه سيؤدبهم، وسيراقبهم، وسينظر أحوالهم. القسم الثالث: يذهب الرجل بعائلته إلى مكة ويبقى فيها كل الشهر أو أكثر الشهر لكنه يترك أهله، ويترك الفتيات والفتيان والزوجات والأخوات، ويبقى في المسجد يتعبد الله، لكن يترك الواجب عليه وهو مراعاة الأهل، وتعلمون أن مكة في أيام العمرة تكون خليطاً من كل فج، من البلاد ومن خارج البلاد، وعباد الله تعالى لا يملكهم زمام، فيكون في ذلك شر كثير. حيث يكون هذا مضيعاً للواجب فاعلاً للمستحب، والواجب أولى به، فإما أن يراعي أهله ويمنعهم وإما أن يرجع، وهذا من الجهل.

تحري العمرة في ليلة سبع وعشرين

تحري العمرة في ليلة سبع وعشرين ما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اعتمروا في ليلة سبع وعشرين، وإنما حث على قيام ليلة القدر، قال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) . ثم هل ليلة القدر هي ليلة سبعة وعشرين؟ الله أعلم، قد تكون ليلة سبعة وعشرين، قد تكون في خمسة وعشرين، أو في غيرها من الليالي العشر؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من كان متحريها فليتحرها في العشر الأواخر) وأول عام علم فيه الرسول عليه الصلاة والسلام أن ليلة القدر في العشر الأواخر كانت ليلة القدر في ليلة واحد وعشرين، حيث أريها النبي عليه الصلاة والسلام، وأري أنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، وأمطرت السماء ليلة واحد وعشرين، وكان مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام سقفه جريد النخل، فوكف المسجد وابتلت الأرض، فسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من صبيحتها في ماء وطين، فشاهده الصحابة حين انصرف من الصلاة وعلى جبهته -صلوات الله وسلامه عليه- أثر الماء والطين. إذاً كانت ليلة القدر هي ليلة واحد وعشرين. ورآها جماعة من أصحابه في السبع الأواخر، فقال: (أرى رؤياكم قد تواطأت، فمن كان متحريها -يعني: في تلك السنة- فليتحرها في السبع الأواخر) وقال: (التمسوها في الوتر من السبع الأواخر) والوتر لا يقتصر بسبعة وعشرين، ولذلك بعض الناس مساكين ليلة سبعة وعشرين يقوم ويأتي مع الإمام ويصلي ويبكي ويخشع، وفي غيرها لا يأتي، فيقول: قمت ليلة القدر، وقد غفر لي. يا مسكين! من قال لك إن ليلة القدر ليلة سبعة وعشرين في هذا الشهر؟ قد تكون قبل هذه أو بعدها. ومن حكمة الله ورحمته أن أخفى علم عينها، حتى يجتهد الناس في جميع العشر، وحتى لا يتكل الكسلان ويقول: انتهى أنا قمت ليلة القدر وأنا سوف أنام. فعلى كل حال هذه ثلاثة أشياء في العمرة يخطئ فيها الناس.

ترك الإحرام من الميقات

ترك الإحرام من الميقات بقي الشيء الرابع -أيضاً-: بعض الناس يذهب إلى مكة يريد العمرة لكنه يقول: أريد أن أقيم في جدة لمدة أيام ثم أحرم منها -وهو قد مر بالميقات إما عن طريق المدينة وإما عن طريق الطائف - لكن يقول: أنا سأذهب وأريد أن أبقى في جدة؛ لأن هذه إجازة ونزهة أذهب إلى هناك، ومتى نويت أن أعتمر اعتمرت، هذا غلط، إذا كنت قد أردت العمرة فلا بد أن تعتمر من الميقات الذي حدده الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد حدد صلى الله عليه وعلى آله وسلم المواقيت وقال: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة) لو قال: إذا أردت الإحرام ذهبت إلى الميقات الذي مررت به أولاً فأحرمت منه فلا بأس، تبقى في جدة ما شئت وإذا أردت الإحرام إن كنت مررت بـ المدينة اذهب إلى أبيار علي ذي الحليفة وأحرم منها، وإن كنت مررت بـ الطائف فاذهب إلى السيل وأحرم منه. وبهذا نقول: الناس في هذه المسألة على ثلاثة أقسام: قسم أراد العمرة وأراد المكث في جدة فنقول له: أحرم من الميقات واذهب إلى مكة مباشرة، واجعل العمرة هي المقصد الأول؛ لأنها عبادة وبقاؤك في جدة ليس عبادة، فابدأ أولاً بالعبادة، وليس بين جدة وبين مكة في إقامة العمرة إلا نحو ثلاث ساعات، وثلاث ساعات بالتأكيد تكفي إذا كان المطاف ليس زحاماً ولا المسعى فمن جدة إلى مكة ساعة أو أقل، والطواف والسعي اجعلوه ساعة، والرجوع ساعة، ثلاث ساعات يا أخي، يخذلك الشيطان ويقول لك: لا، ابق في جدة، اذهب إلى جدة ومتى شئت اذهب من جدة. الثاني من الناس من يقول: أنا أذهب إلى جدة؛ لأني ما أدري هل يحصل لي أن أعتمر أو لا، لست عازماً، يمكن أحرم ويمكن لا أحرم، نقول: لا بأس اذهب إلى جدة وإذا تيسر لك الإحرام فأحرم من جدة ولا حرج عليك؛ لأنك لم تجزم بأنك ستعتمر. القسم الثالث: من أراد العمرة أو الحج والبقاء في جدة وذهب إلى جدة محلاً لا محرماً، ولما أراد الإحرام أحرم من جدة، فنقول: هذا حرام، وهو آثم، وعاص للرسول عليه الصلاة والسلام، ومن عصى الرسول فقد عصى الله، وعليه -أيضاً- عند العلماء فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء. فهذه أحوال الناس، ونحن ننصح إخواننا الذين يذهبون إلى تلك الأماكن -إلى الحجاز - للنزهة مع العمرة أن يبدءوا أولاً بالعمرة ثم بالنزهة. نسأل الله لنا ولكم التوفيق، وأن يرزقنا وإياكم اغتنام هذا الشهر المبارك بما يرضيه، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.

الأسئلة

الأسئلة

نصيحة للمدخنين

نصيحة للمدخنين Q فضيلة الشيخ بمناسبة شهر رمضان سؤالي هو: هل من يشرب الدخان ينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "أن من قتل نفسه فهو في النار" أو فيما معنى الحديث، فهل يدخل شارب الدخان في هذا، وما نصيحتك لإخوان لنا ابتلوا به؟ A شارب الدخان لا شك أنه عرض نفسه للخطر؛ لأن الأطباء اتفقوا على أن الدخان -أجارنا الله وإياكم منه وعصم من ابتلي به من المسلمين- ضار، وأنه سبب لسرطان الحلق والرئة وضرره أمر واضح، وانظروا إلى الذين ابتلوا به حيث تجد أحدهم هابط الهمة، ضعيف الإرادة، ولو أنهم أقلعوا عنه لوجدوا نشاطاً وحيوية. ومن المعلوم أن من الناس من قد لا يتضرر به في الحال، لأننا نشاهد أناساً يشربونه وهم أصحاء، لكن في المآل لا بد أن يضره، ثم لو عصموا منه لكانوا أقوى وأصح، لذلك نقول: على من ابتلي بالدخان أن يسأل الله سبحانه وتعالى أن يعصمه منه، وأن يلجأ إلى الله وأن يستعين به على تركه، وأن يتركه شيئاً فشيئاً، وأن يبتعد عن الذين يشربونه حتى لا يحن إليه مرة أخرى، والإنسان إذا أراد الله سبحانه وتعالى عصمته أعطاه عزيمة قوية، فإننا شاهدنا أناساً كان عندهم عزيمة فتركوه قطعاً ولم يعودوا إليه، لكن أكثر الناس همته ضعيفة، تجده إذا ضاق صدره يريد شربه ويعجز أن يصبر فيعود إليه، لكن لو صبر وتحمل لفكه الله منه.

من آداب الدعاء ومحاذيره

من آداب الدعاء ومحاذيره Q فضيلة الشيخ في هذه الأيام يكثر الدعاء من الأئمة، أرجو من فضيلتكم بيان آداب الدعاء ومحاذيره. A الأئمة يدعون لأنفسهم خاصة في سجودهم وتشهدهم وبين السجدتين وكذلك المأمومون، لكن الدعاء المشترك كدعاء القنوت ينبغي أولاً: المحافظة على ما ورد؛ لأن الدعاء الوارد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كله خير، وهو خير وخير وخير من بعض الأدعية المسجوعة التي صنفها من صنفها من الناس، فالوارد هو الخير، ثم إن زاد على ذلك فلا بأس، لكن يراعي عامة من وراءه -يعني: أكثرهم- لأن بعض الناس يحب التطويل جداً، وبعض الناس يحب التخفيف جداً فليكن بين وبين، وإذا كان هناك أحوال تستدعي أن يقصر فليقصر مثل: أن يكون الجو بارداً جداً، والناس ربما يحتاجون إلى قضاء الحاجة -إلى البول أو الغائط مثلاً- فهنا الأولى أن يراعي الضعفاء، وكذلك لو كان في شدة حر وغم فليراعي هذه الحال. أما مع اعتدال الجو فهذا خير، فليكن بين بين، لا طولاً مملاً ولا قصراً مخلاً.

حكم متابعة المأموم للإمام في سجود السهو

حكم متابعة المأموم للإمام في سجود السهو Q فضيلة الشيخ أرجو بسط الموضوع في المسبوق إذا سها إمامه وسجد قبل السلام أو بعده، وهل يسجد المسبوق في كلتا الحالتين بعد أن يكمل صلاته؟ A المسبوق إذا سجد إمامه قبل السلام فلا بد أن يتابعه؛ لأنه لا يحل للمسبوق أن يفارق الإمام إلا إذا سلم، أما إذا سجد بعد السلام فلا يتابعه، بل إذا سلم إمامه من الصلاة قام وقضى ما فاته، فإذا أتم ذلك نظرنا: إن كان قد أدرك الإمام في سهوه سجد هو بعد السلام، وإن كان سهو الإمام قبل أن يدخل معه فلا سجود عليه، هذا هو حكم متابعة المأموم للإمام في سجود السهو.

حكم صيام الحائض التي انقطع عنها الدم قبل الغروب

حكم صيام الحائض التي انقطع عنها الدم قبل الغروب Q امرأة جاءتها العادة الشهرية قبل رمضان بأيام ثم دخل رمضان وهي لم تطهر بعد، ففي اليوم الثاني من رمضان نوت الصوم وانتظرت انقطاع الدم وهي ممسكة حتى انتهى اليوم وقد انقطع الدم قبل الغروب وهي ممسكة طيلة يومها ولم تغتسل، فتسأل هل تقضي يومها هذا أو لا؟ A إذا كان السؤال كما تصورناه: أن الحيض أتاها قبل رمضان ودخل عليها رمضان وهو لا يزال عليها، ودخل اليوم الثاني وهو لا يزال عليها لكنها تظن أنها تطهر في ذلك اليوم -اليوم الثاني- نقول: إن صومها حرام عليها، ولا يحل لامرأة أن تصوم وقد بقي الحيض عليها أبداً لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم) وهذا محل إجماع من العلماء رحمهم الله. فعلى هذه المرأة الآن أن تقضي اليوم الأول واليوم الثاني، وأن تتوب إلى الله من كونها نوت الصوم وعليها الحيض، وعلى المرأة إذا طهرت قبل الفجر أن تغتسل وتصلي صلاة الفجر، وتستمر في صومها حتى لو لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر كما لو كان الإنسان جنباً ولم يغتسل من الجنابة إلا بعد طلوع الفجر فلا بأس.

حكم كشف المرأة وجهها أمام إخوان زوجها

حكم كشف المرأة وجهها أمام إخوان زوجها Q هل يجوز لي أن أكشف وجهي لإخوان زوجي وأنا أعرف أنه حرام، ولكن ظروفي صعبة جداً تمنعني من ذلك، فإني أتغطى إلا وجهي يبقى مكشوفاً، وللعلم إني لا أجلس معهم إلا على الأكل، أفدني جزاك الله خيراً؟ A لا يحل للمرأة أن تكشف وجهها لإخوان زوجها ولا لأعمام زوجها؛ لأنهم ليسوا من محارمها، وعليها أن تصبر حتى لو آذوها فلتصبر، وكونها لا تغطي الوجه وتغطي بقية البدن غلط منها؛ لأن الوجه أحق من البدن بالستر عن الأجانب، إذ أن الوجه هو محل جمال المرأة وبه تكون الفتنة. سل الرجال إذا خطبوا امرأة عم يسألون؟ يسألون عن وجهها أو يسألون عن رجلها؟ الجواب: عن وجهها، لا تجد أحداً يقول عند خطبة المرأة: يا أخي، أو يا أختي إذا وكل -وهو على كل حال لا يوكل أحداً إلا من محارمها كأخيها الذي قد يكون صديقاً له- يقول: يا أخي أخبرني عن قدم أختك، أو عن وجه أختك؟ بالثاني بلا شك، وسبحان الله يعني لولا أن المسألة قال بها أحد من أهل العلم -أعني قال بها العلماء الكبار- لكان العقل يقتضي أنه إذا حرم على المرأة أن تخرج إبهام رجلها أو خنصر رجلها فتحريم إخراج الوجه من باب أولى ولا إشكال في هذا، يعني: لو رددت المسألة لمجرد العقل لقال الإنسان: لا يمكن للمرأة أن تكشف وجهها وتغطي قدميها. مع أن الشرع يقتضي وجوب تغطية المرأة وجهها عمن ليسوا من محارمها. فأقول لهذه المرأة جزاها الله خيراً: لتصبر وتحتسب وإن أوذيت وتذكر قول الله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّه} [العنكبوت:10] تصبر وتترقب وعد الله عز وجل: {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ} [هود:49] لمن؟ {لِلْمُتَّقِينَ} [هود:49] .

نية المأموم عند قيام الإمام للوتر

نية المأموم عند قيام الإمام للوتر Q فضيلة الشيخ عندما يكبر الإمام تكبيرة الإحرام لصلاة الوتر فإن المأموم لا يدري هل الوتر ثلاث ركعات أو واحدة، فماذا ينبغي على المأموم؟ A أولاً يجب يا إخواني أن تعرفوا أن الركعتين اللتين يسميهما الناس الشفع أنهما وتر، فأنت من حين ما ينتهي الإمام من التراويح تنوي إذا قام الوتر حتى لو كان يصلي من الركعتين الأوليين؛ لأن الإيتار بالثلاث لك فيه صفتان: إما أن تجعل الثلاث بتسليم واحد وتشهد واحد، وإما أن تجعل الثلاث بتسليمين وتشهدين، تسلم من ركعتين ثم تأتي بالثالثة، هذا الإيتار بالثلاث، وإذا أوتر الإنسان بخمس كيف يعمل؟ يسرد الخمس جميعاً بتشهد واحد وتسليم واحد، وإذا أوتر بسبع؟ مثلها يسردها بتسليم واحد وتشهد واحد، وإذا أوتر بتسع يسرد ثمان ركعات ويتشهد ولا يسلم ثم يأتي بالتاسعة ويتشهد ويسلم فيكون التسع فيها تشهدان وتسليم واحد، هكذا جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام. لكن هل لنا ونحن أئمة أن نفعل هذا بالناس: لو جعلنا نوتر خمساً أو سبعاً سرداً وتسعاً سرداً ونتشهد في الثامنة؟ لا، هذا مما يشق على الناس ويتأذى به بعض الناس إذا احتاج إلى البول أو الغائط، ثم يقع الناس في شك: هل إمامهم الآن يوتر أو يصلي التراويح، لا يدرون. وبعض الأئمة فعل مثل ذلك مدعياً أن ذلك سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، ونحن نقول: نعم، الرسول فعل ذلك، لكن هل فعله وهو إمام؟ لا، بل فعله بنفسه، فالإنسان إذا صلى بنفسه يطول ما شاء كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن إذا صلى بالناس يخفف. ومعلوم أن كون الإمام يسلم من ركعتين أخف على الناس من أن يسرد خمساً أو سبعاً أو تسعاً، فلا يوجد حديث واحد أن الرسول عليه الصلاة والسلام صلى بالصحابة خمساً أو سبعاً أو تسعاً، إنما كان يفعلها بنفسه، ونحن نقول: في بيتك افعل كل السنة، نحن نشجع على أن الإنسان يوتر مرة بهذا ومرة بهذا لإحياء السنة، لكن كوننا نفعل ذلك بالمسلمين، هذا ليس بصحيح، ربما لو كانوا جماعة معينين مختصين اتفقوا على أن يوتروا بخمس سرداً أو سبع سرداً أو تسع سرداً فلا بأس، أما مسجد يشرع للناس كلٌ يأتي ويدخل ويصلي فلا تخرج بالناس عن ركعتين ركعتين. بالنسبة الآن مثلاً إذا انتهيتم من التراويح وقام الإمام يصلي تنوون وتراً، حتى لو صلى ركعتين وسلم هي وتر.

حكم من دخل عليه رمضان وهو في غيبوبة

حكم من دخل عليه رمضان وهو في غيبوبة Q فضيلة الشيخ امرأة أصيبت بغيبوبة في بداية شهر رجب وحتى الآن هي في غيبوبة، فهل يجب أن نطعم عنها أو يسقط عنها أو ماذا نصنع؟ A هذه المرأة التي فيها غيبوبة إن كان يرجى أن تصحو فانتظروا حتى تصحو، وإن كان لا يرجى أن تصحو فإنه يوزع عن كل يوم إطعام مسكين، أما إذا كان لا يرجى أن تصحو صارت من جنس المريض، بل هي مريضة مرض لا يرجى برؤه، وفرض من مرض مرضاً لا يرجى برؤه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، وإن كان يرجى أن تصحو انتظروا حتى تصحو، ونسأل الله لها العافية.

حكم التغني بدعاء القنوت وحكم الاستسقاء في القنوت

حكم التغني بدعاء القنوت وحكم الاستسقاء في القنوت Q فضيلة الشيخ ما حكم التغني بدعاء القنوت؟ وما حكم الاستسقاء في ذلك الدعاء؟ A التغني بدعاء القنوت إن كان يريد السائل أن يقف القانت على كل جملة دعائية فهذا لا بأس به، حتى يتمكن الناس من تصور ما يقول إمامهم والتأمين عليه، وأما إن كان يأتي به بصفة الأغنية فهذا لا يصح، ولا يمكن، الناس ليسوا بحاجة إلا أن يسمعوا كلاماً كالأغاني، هم بحاجة إلى دعاء يقنتون فيه لله عز وجل. وأما الاستسقاء فيه فلا بأس أن يستقي الإنسان في دعاء القنوت؛ لأن دعاء القنوت دعاء مطلق، يذكر فيه ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام وما زاد فيتخير الإنسان ما شاء.

توجيه لمن يجلس في مجالس فيها منكرات

توجيه لمن يجلس في مجالس فيها منكرات Q فضيلة الشيخ أنا شاب ملتزم وأجلس في هذه الليالي المباركة في استراحة مع بعض الشباب، لكن قد يأتي من يدخن وقد يأتي من يشرب الشيشة، فماذا أصنع في هذه الحالة؟ A قال النبي صلوات الله وسلامه عليه: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه) فإذا حضر إلى مجالسكم حاضر وشرب الدخان فانصحه أولاً، فإن انتهى فهذا خير لك وله، وإن لم ينته وأنت قادر على إخراجه من المكان فأخرجه لأنك تقدر على تغيير المنكر بيدك، وإن لم تقدر بأن كان المكان لغيرك فاخرج؛ لأنك لم تستطع بلسانك ولا تستطيع بفعلك، ما الذي بقي؟ القلب، القلب لا يمكن أن ينكر شيئاً ويبقى مع صاحبه أبداً، فاخرج، قال بعض الناس: إنه يجلس معهم وهو كاره بقلبه. نقول: سبحان الله العظيم! هذا تناقض، لو كنت كارهاً بقلبك فمن الذي أجبرك؟ لا يوجد إجبار، فكل إنسان ينكر الشيء بقلبه فلا بد أن يفارق مكانه، وإن ادعى أنه منكر بقلبه وهو باق في مكانه فهو كاذب. فنقول: إذا كنت منكراً بقلبك فاخرج، وهكذا في جميع المحرمات، إذا لم تستطع تغييرها فاخرج.

بيان متى ينتهي الاعتكاف

بيان متى ينتهي الاعتكاف Q فضيلة الشيخ هل ينقطع الاعتكاف إذا رأى الإنسان علامات ليلة القدر؛ كأن يراها مثلاً في ليلة خمس وعشرين فهل يقطع اعتكافه؟ A ما شاء الله! سؤال لا بأس به، لا ينقطع الاعتكاف، فالاعتكاف مسنون في العشر الأواخر كلها، حتى لو رأى ليلة القدر، أليس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد علم أن ليلة القدر ليلة واحد وعشرين واستمر في اعتكافه؟ بلى، وهو عالم بها، وأنها قد مضت، ومع ذلك اعتكف العشر الأواخر، فنقول: ربما يكون اعتكافك بعد أن رأيتها بمنزلة الراتبة للفريضة، يعني: أنه يكمل أجر الليلة، هل منا من يتأكد أنه أعطى ليلة القدر حقها؟ أبداً، كلنا مقصرون نسأل الله أن يعاملنا بعفوه. إذاً اعتكافك فيما بقي بعد رؤيتك ليلة القدر -هذا إن صح أنك رأيتها حقاً وأنها هي حقاً- يكون بمنزلة الراتبة للصلاة ويكمل بها الأجر، فأنت وإن رأيتها اعتكف. لكن متى تخرج؟ تخرج إذا غابت الشمس آخر يوم من رمضان، إن كمل الشهر ثلاثين، متى تخرج؟ بعد الغروب ليلة واحد وثلاثين، وإن ثبت الشهر أنه تسع وعشرون فمتى ثبت فاخرج. فلو قدرنا أن رجلاً معتكفاً وبعد العشاء من ليلة الثلاثين أعلن عن أول الشهر، فقال: ما أشد اشتياقي إلى أهلي! فهل يصبر حتى يصلي العيد أو يذهب؟ يذهب، فقد انتهى وقت الاعتكاف، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام لا يعتكف إلا في العشر الأواخر، والعشر الأواخر انتهت. وهناك سؤال يسأل عنه كثيراً في المسجد الحرام، تجد الرجل -مثلاً- من أهل جدة، أو من أهل الطائف، ويحب أن يبقى ليلة العيد في أهله فيقول له بعض الناس: اصبر حتى يطلع علينا ونصلي العيد من أين أتاهم هذا؟ متى ينتهي الاعتكاف؟ الجواب: إذا غربت شمس آخر يوم من رمضان انتهى الاعتكاف. والله الموفق.

بيان الأفضل من طلب العلم أو العبادة وكذلك الحفظ أو التلاوة

بيان الأفضل من طلب العلم أو العبادة وكذلك الحفظ أو التلاوة Q فضيلة الشيخ ما رأيك في الأولى: طلب العلم أو العبادة، وكذلك الحفظ أو التلاوة؟ A طلب العلم أفضل من العبادة، وأقول هذا تبعاً لقول السائل، وإلا فإن طلب العلم عبادة ومن أفضل العبادات، حتى قال إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله وجمعنا به في جنته: العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته. فهو أفضل من السنن الراتبة، وأفضل من الوتر، وأفضل من قيام الليل، قال الإمام أحمد: تذاكر ليلة -يعني في طلب العلم- أحب إلي من إحيائها. فطلب العلم نفسه عبادة، فقولنا: الأفضل العبادة أو طلب العلم غير صحيح؛ لأن طلب العلم عبادة، صحيح أنه يراد بمثل هذا السؤال طلب العلم والعبادة القاصرة كالصلاة والقراءة فنقول: طلب العلم أفضل، بل إن طلب العلم أفضل من قتال العدو في من ليس أهلاً للقتال، بل إن بعض العلماء المعاصرين يفضله مطلقاً بحجة أن القتال اليوم ليس تحت راية إسلامية، بمعنى: ليس هناك إمام يقاتل الكفار، حتى الذين يذهبون من بلاد إلى بلاد أخرى للقتال كثير منهم لا يعتقد أنه تحت راية أهل البلد الذي قدم إليه، بل يشكلون جماعات جماعات وكل شخص يقاتل مع جماعة. وعلى كل حال: هذه مسألة ليس هذا المكان موضع بحثها أو التحقيق فيها، فهي تحتاج إلى تأمل كثير، لكن قصدي: أن طلب العلم أفضل من كل عمل غير الفرائض، فالفرائض أمرها مفروغ منه كما قال الله عز وجل في الحديث القدسي: (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) . أما قوله: هل الأفضل الحفظ أو القراءة؟ فهذه تعود إلى نفس الإنسان، إذا كان يمكنه أن يجمع بين الأمرين فهو خير، وإذا كان لا يمكنه فأرى رأياً مني إن كنت أصبت فالحمد لله وإن كنت أخطأت فأسأل الله العفو: أن كونه يتلو القرآن بالمصحف في هذا الشهر المبارك ويختمه أفضل من أن يتحفظه، إلا إذا خاف أنه لو ترك التحفظ والتعاهد نسي ما حفظه أولاً فهنا نقول: تعاهد ما حفظته أولاً.

حكم دخول دم اللثة إلى الجوف بدون قصد الصائم

حكم دخول دم اللثة إلى الجوف بدون قصد الصائم Q فضيلة الشيخ يخرج من لثة أسناني دم ويدخل في جوفي بدون شعور مني في نهار رمضان، وخاصة بعد الاستيقاظ من النوم، فهل يفسد صومي دخول هذا الدم إلى جوفي؟ A لا يفسد صومك، ما دام لا يعلم به ودخل بغير اختياره فإنه لا يفسد الصوم لقول الله تبارك وتعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] لكنني أشير على الأخ السائل من الناحية الطبية أن يراجع أطباء الأسنان واللثة لينظر فيها، وأن يتعهدها بالمعجون والتنظيف الدائم فإنه ينقطع هذا بإذن الله. والعجيب أنني سألت مسألة ألقيها عليكم وأنظر ما الجواب: هل يفطر الإنسان ببلع الريق؟ مداخلة: لا يفطر. تقول: لا؟ ما هو التفصيل؟ مداخلة: يا شيخ بعضهم يجلب الريق فيتعمد بلعه. الشيخ: تقصد: إن جمع ريقه فابتلعه أفطر وإن لم يجمعه فلا يفطر هل هذا هو التفصيل؟ مداخلة: نعم. أقول: لا يفطر مطلقاً ولو جمعه وابتلعه، ولكن في ظني أنه لا أحد من الناس يجمع ريقه ويبتلعه، إنما بعض الناس إذا قام يقرأ اجتمع الريق بدون قصد فهذا لا يفطر، والريق دم يفرزه الفم، ليس هو شيء داخل حتى يقول إنه يفطر، بل إن العلماء اختلفوا في النخامة إذا وصلت إلى فمه فابتلعها هل يفطر أو لا، منهم من قال: يفطر؛ لأن النخامة ليست ريقاً معتاداً، ومنهم من قال: لا يفطر. هذا إذا وصلت إلى الفم. أما النخامة التي تكون من الحلق والحلقوم ولا تصل إلى الفم فهذه لا تفطر بلا إشكال؛ ولهذا نحن ننتقد بعض الناس إذا أحس بنخامة في نخاعه حاول أن يجذبها لتخرج منه. فهذا خطأ، دعها تدخل فإنها لا تفسد الصوم.

حكم استعمال بخاخ الربو في نهار رمضان

حكم استعمال بخاخ الربو في نهار رمضان Q فضيلة الشيخ ما حكم استعمال بخاخ الربو في نهار رمضان، أسأل الله أن يكتب لك الصحة؟ A بخاخ الربو قسمان: شيء (كلبسات) يعني: حبوب فهو يضغط على شيء يسمونه مسدس ثم تدخل الحلق، فهذه تفطر، فإذا كان الإنسان محتاج إليها يفطر والحمد لله الأمر واسع ويقضي. والشيء الآخر: وليس هو إلا هواء -أكسجين- وهذا لا يفطر؛ لأنه لا يصل إلى المعدة وإنما يفتح مسام العروق للتنفس فقط، فهذا لا يضر.

حكم الصلاة لمن لديه رعاف دائم

حكم الصلاة لمن لديه رعاف دائم Q يقول: والدي لديه رعاف في أنفه ومنديله في يده يستمر معه الرعاف، فماذا يفعل في أثناء الصلاة، هل عليه شيء لو صلى وعليه رعاف؟ A الذي أفهم من السؤال أنه دائم. السائل نفسه: نعم. الشيخ: ليس عليه شيء في هذا الرعاف، وكما قال: يأخذ منديلاً وينظف بها أنفه، لكن لو حدث له في أثناء الصلاة هل ينصرف من صلاته أو يستمر؟ نقول: إن كان يشغله فلينصرف، وإذا كان لا يشغله في صلاته فليستمر، فإذا كان يشغله فلينصرف؛ لأنه معذور.

حكم العادة السرية

حكم العادة السرية Q فضيلة الشيخ أرجو توضيح حكم العادة السرية في نهار رمضان؟ A العادة السرية يعني بها: الاستمناء باليد أو بغيرها، وهي حرام سواء في رمضان أو غير رمضان، والدليل على تحريمها قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المعارج:29-31] وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحسن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم) ووجه الدلالة: أن الرسول عليه الصلاة والسلام، أمر من لم يستطع الزواج أن يصوم، ولم يقل: من لم يستطع فليخرج ماءه بأي وسيلة، ولو كان ذلك جائزاً ما عدل عنه الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الصوم؛ لأن الصوم أشق من الاستمناء. فعلى كل حال الاستمناء محرم سواء في رمضان أو في غيره، وإذا وقع والإنسان صائم فسد صومه إن أنزل، وإذا كان في رمضان وجب عليه أن يمسك بقية يومه ويقضي يوماً مكانه. نسأل الله تعالى أن يهيئ لشبابنا نكاحاً عاجلاً في رخص المهور، وخضوع أولياء الأمور؛ لأن البلاء الآن من أولياء الأمور أحياناً، ومن كثرة المهور أحياناً، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أعظم النكاح بركة أيسره مئونة) وأراد أن يزوج شخصاً على خاتم من حديد، فإذا كان خاتم من حديد يكفي مهراً (وأعظم النكاح بركة أيسره مئونة) فلنسلك هذا المسلك حتى لا يضيع شبابنا من ذكور وإناث.

الطريقة الصحيحة لمن أراد الأجر لوالديه

الطريقة الصحيحة لمن أراد الأجر لوالديه Q فضيلة الشيخ ذكرت أن الصحابة لم يعتمروا في رمضان إلا مرة واحدة، فما الطريقة الصحيحة لمن أراد أن يأخذ عمرة لأحد والديه؟ A الطريق الصحيح: أن يأتي من بلده لوالده أو لأمه من الأصل، لكن مع ذلك أنا أفضل أن يعتمر الإنسان لنفسه وأن يدعو لوالديه في الطواف، وفي السعي، وفي الصلاة، وكلما دعا لنفسه، وليس هناك مانع، وإنما اخترت ذلك؛ لأن هذا هو الذي اختاره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فوالله إن خيار الرسول خير لنا من اختيارنا، فقد حدث النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) بالله ربكم هل قال: ولد صالح يصوم عنه أو يتصدق عنه أو يحج عنه؟ لا، عدل عن العمل كله، لا تعمل لأمك أو لأبيك قال: أو ولد صالح يدعو له، ولهذا لو سألنا سائل: أيهما أفضل أتصدق عن أبي بمائة ريال أو أدعو له دعوةً تستجاب إن شاء الله؟ الثاني أفضل، وأنت بنفسك محتاج للعمل، والله ليأتين عليك يوم تتمنى أن في صحيفتك تسبيحة أو تحميدة أو تكبيرة أو تهليلة، اجعل العمل لك واسترشد بإرشاد الرسول عليه الصلاة والسلام، واجعل الدعاء لأمك وأبيك، ونحن لا نتكلم بهذا عن فراغ، بل بأيدينا أدلة. وإذا كان كذلك فالواجب على طلبة العلم أن ينبهوا العوام، إلى حد أن بعض الناس يقول لي: إذا صنع طبخة جيدة -كبسة على لحم، بخارها ينفخ الرأس- قال: اللهم اجعل ثوابه لأبي وأمي وهو الذي يأكله!! نعم إذا قدموا طعاماً يحبه أبوه أو أمه قال: هذا أبي يحب كذا من الطعام، الله يجعل ثوابه له. هل هو الذي يأكله؟! كل هذا من الجهل، لأنه في ظني أن العامة إذا أرشدوا استرشدوا، لكن الغفلة وتتابع الناس على هذه الأمور جعلت كأن هذا هو أفضل شيء.

حكم دعاء ختم المصحف

حكم دعاء ختم المصحف Q فضيلة الشيخ سمعنا عنكم فتوى في الختمة، فهل هذا في دعاء الختمة أو في ختم المصحف؟ A من الذي سمع عني؟ السائل: لا أدري والله يا شيخ. الشيخ: لأن الواجد المسموع عنه كذب، ماذا سمع؟ السائل: ما أدري يا شيخ. الشيخ: السائل موجود؟ غير موجود؛ إذاً يلغى الجواب. أنا في الحقيقة أقول: أقوى ما ورد في الختمة ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه إذا أراد أن يختم القرآن جمع أهله ودعا في بيته، في أهله فقط، وأما في الصلاة فما سمعت بها لا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا عن أحد من الصحابة، لكن استحبها بعض العلماء، فالمسألة مسألة خلاف بين الناس، فإذا كان بعض العلماء استحبها، وكان الإمام الذي نحن نصلي وراءه يرى ذلك فلنتبعه، أما كوننا نشذ عن جماعة المسجد أو نتخلف ولا نأتي فهذا خطأ، ما دامت المسألة مسألةً خلافية وأنا حاضر فلا ينبغي أن أشذ عن الناس. حتى إن الإمام أحمد رحمه الله مع حرصه على السنة واتباعه لها قال: إن الرجل إذا ائتمَّ بقانت في صلاة الفجر فليتابعه وليؤمن على دعائه. صلاة الفجر ليس فيها قنوت عند الإمام أحمد، ولا يسن فيها القنوت، ومع ذلك قال: إذا صليت وراء إمام يقنت فتابعه وأمن على دعائه؛ لئلا تشذ عن الجماعة، فالاجتماع كله خير، وليت أن شبابنا راعوا هذه المسألة -أعني مسألة الاجتماع- ونبذوا ما يوجب اختلاف القلوب وراء ظهورهم، ولو أنهم فعلوا ذلك لكان خيراً كثيراً، لكن صار الكثير من الشباب ينحو منحى لا ينحاه أخوه فيعاديه من أجل ذلك، ويتكلم فيه في المجالس، ويحذر عنه، وهذا خطأ عظيم، سبحان الله!! أهل الخير، والذين يريدون الخير والذين لهم اتجاه صحيح هم الذين يتنابزون بالألقاب، هم الذين يتفرقون، وأهل الشر كلمتهم واحدة، أليس هذا عاراً على أهل الخير؟

توجيه لمن تحضر طفلها إلى المصلى

توجيه لمن تُحضر طفلها إلى المصلى Q فضيلة الشيخ في مصلى النساء يحدث بعض الأمور منها: أن بعض النساء ربما أحضرت أولادها معها، فمن شدة خوفها عليهم ربما تتبعهم النظر، وقد يؤدي ذلك إلى الالتفات الشديد وقد تخرج من الصلاة وهي في الركعة الثانية -مثلاً- فتذهب لتحضر الولد، فما رأيك فضيلتكم في مثل هذا؟ A الأولاد إذا كانوا يؤذون المصلين بالركض والمضاربة والصياح ورفع الصوت، فإن الذي يحضرهم أخشى أن يكون عليه إثم بسبب أنه شوش على المصلين وأزعجهم، وبقاء المرأة عند أطفالها في بيتها خير لها من مجيئها إلى المسجد مع هذه الأذية. أما إذا كان من عادة الصبي أنه هادئ متأدب فلا بأس بإحضاره ولا حرج، فإن بدر منه بادرة فإن وليه هو الذي يتولى أمره ويسكته ويسكنه.

المكان الذي ينظر إليه في القنوت

المكان الذي ينظر إليه في القنوت Q في دعاء القنوت يرفع المأموم يديه فأين يكون نظره، هل يرفع نظره إلى فوق، أم يجعل نظره إلى موضع سجوده؟ A أما رفع بصره إلى السماء فهذا لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى المصلي أن يرفع بصره إلى السماء، واشتد قوله بذلك حتى قال: (لينتهين أقوام عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم) عقوبةً لهم، ولا شك أن رفع الإنسان بصره إلى السماء في الصلاة ينافي الأدب مع الله، فكن خاضعاً. أما أين ينظر إذا رفع يديه إلى الدعاء فإنه ينظر تلقاء وجهه -يعني: أمامه- ولا يرفع بصره ولا يمكن أن ينزله؛ لأن يديه تحول بينه وبين النظر إلى موضع سجوده.

مسألة من دعا زوجته إلى فراشه وهي صائمة القضاء بإذنه

مسألة من دعا زوجته إلى فراشه وهي صائمة القضاء بإذنه Q أنا صائمة قضاء رمضان؛ فدعاني زوجي إلى فراشه مع أني قد استأذنته قبل الصيام ولكنه أصر عليَّ، فهل علي كفارة؟ A الكفارة لا تجب إلا على من جامع في نهار رمضان وهو ممن يجب عليه الصوم، فالقضاء ليس فيه كفارة، لكنه لا يجوز لها أن تجيب زوجها إذا كانت شرعت في القضاء بإذنه، لأنها لما شرعت بالقضاء صار الصوم واجباً، وهو واجب قد أذن فيه الزوج، فليس له حجة، والزوج يحرم عليه أن يدعوها إلى الفراش وهي صائمة صوماً واجباً بإذنه؛ لأنه لا عذر له. كذلك إذا كان زوجها أجبرها على أن يجامعها ولم تستطع دفعه فإن صومها لا يفسد. أما لو صامت بلا إذنه فنعم، له أنه يدعوها، وليس لها أن تمتنع منه؛ لأن حق الزوج في هذا الحال باق.

حكم من سلم بعد ركعة واحدة في التراويح سهوا

حكم من سلم بعد ركعة واحدة في التراويح سهواً Q لو أن إماماً في صلاة التراويح سلم من ركعة واحدة سهواً فماذا يفعل، هل يجعلها وتراً أو ماذا يفعل علماً أن المأمومين لم ينبهوه حتى سلم؟ A إذا سلم الإمام من الركعة الأولى ثم ذكره المأمومون وجب عليه أن يقوم ويكمل بركعة، ويسجد للسهو بعد السلام، ولا يجوز أن يجعلها وتراً، لأنه لم ينو الوتر من أوله، لكن على العكس من ذلك لو أن الإمام قام في صلاة التراويح إلى ثالثة وذكره الناس أيستمر أو يرجع؟ يجب أن يرجع، فإن استمر بطلت صلاته، فيجب أن يرجع ويتشهد ويسلم، ثم يسجد سجدتين بعد السلام ويسلم.

حكم من حضر لصلاة الجنازة وأدركهم في الفريضة

حكم من حضر لصلاة الجنازة وأدركهم في الفريضة Q فضيلة الشيخ رجل صلى في مسجده ثم ذهب إلى مسجد آخر لكي يصلي فيه على جنازة فوجدهم يصلون الفريضة فدخل معهم بنية النفل حيث أدرك معهم ركعتين وسلم فما الحكم؟ A الظاهر إن شاء الله أنه لا بأس به؛ لأنه إنما حضر من أجل الصلاة على الجنازة، والتطوع بركعتين جائز، لكن إذا كان يعرف أنه يمكنه أن يقضي الركعتين فإنه يقضيهما -أعني: الركعتين اللتين فاتتاه- وبهذه المناسبة أود أن أذكّر إخواني الأئمة: أنه إذا كان في المسجد جنازة، وكان بعض الحاضرين يقضي ما فاته، والعدد الذي يقضي ما فاته كثير؛ فإن الأولى أن ينتظر حتى يتم هؤلاء صلاتهم من أجل أن يشاركوا إخوانهم في الصلاة على الميت. أولاً: أنهم ربما حضروا من أجل الصلاة على الميت. ثانياً: أن في ذلك تكثيراً للمصلين على الميت. ثالثاً: أنه ربما لا يستجاب لأحد من هؤلاء إلا لواحد من هؤلاء الذين يقضون، وما تدري. وأما كون بعض الناس الآن من حين يسلم الإمام يأتون بالجنازة ويمكن أن يكون صفين من ستة يقضون، هذا ليس بصحيح، بل انتظر، والعلماء يقولون: يستحب الإسراع، ولا شك في أن الإسراع أفضل، لكن ليس هناك فرق، فالفرق خمس دقائق مثلاً، فما الذي يضر؟!

السبب الذي يقوي محبة الله في قلب العبد

السبب الذي يقوي محبة الله في قلب العبد Q فضيلة الشيخ ما هي الأسباب التي تقوي محبة الله في قلب العبد، وتقوي للعبد إجلال الله وتعظيمه؟ A السبب الوحيد بيّنه الله عز وجل في قوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31] كلما كان الإنسان أشد في اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، كان أشد محبةً لله، وليس الشأن أن تحب الله أنت، بل الشأن أن يحبك الله عز وجل، ولهذا جاء الجواب: {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31] ولم يقل: فاتبعوني تصدقون في دعواكم، قال: {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31] . فعليك إذا أردت محبة الله بالحرص التام على التمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فستجد محبة الله لك ومحبتك لله، نسأل الله أن يحقق لنا ذلك إنه على كل شيء قدير. والحمد لله رب العالمين، وختامه مسك وهو محبة الله، نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم حبه، وحب من يحبه، وحب العمل الذي يقربنا إلى حبه إنه جواد كريم. المقدم: جزى الله فضيلة الشيخ خير الجزاء، وبارك في عمره، وأثابه على ما سمعنا منه. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.

اللقاء الشهري [42]

اللقاء الشهري [42] كثير من الناس بعد رمضان تنقلب حاله رأساً على عقب -والعياذ بالله- فبعد أن كان ذا همه عالية في طاعة الله عز وجل أصبحت همته ضعيفة جداً؛ لهذا السبب كان هذا اللقاء عن تحفيز الهمم للأعمال الصالحة بعد رمضان، وقد ذكر الشيخ -رحمه الله- في هذا اللقاء عدة نقاط تتعلق بهذا الموضوع.

تحفيز الهمم إلى الأعمال الصالحة بعد رمضان

تحفيز الهمم إلى الأعمال الصالحة بعد رمضان الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإننا نشكر الله تبارك وتعالى أن من علينا باستكمال شهر صيام رمضان وقيامه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبل منا جميعاً، وأن يعيده علينا وعلى الأمة الإسلامية وهي أعز ما يكون شأناً وأرفع ما يكون ذكراً. ولا شك أن الإنسان في شهر رمضان قد آتاه الله تبارك وتعالى قوة على الطاعات، على الصلاة والذكر وقراءة القرآن والصدقة والصيام وحسن الخلق وغير ذلك مما هو معروف لكثير منا، ولكن هل إذا انقضى رمضان انقضى العمل؟ لا ينقضي العمل أبداً إلا بالموت لقول الله تبارك وتعالى: {فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة:132] فأمر الله تعالى أن نبقى على الإسلام إلى الموت، وقال الله تبارك وتعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99] قال الحسن البصري رحمه الله: [إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أمداً إلا الموت، ثم تلا هذه الآية {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99]] أي: حتى يأتيك الموت. والإنسان يعلم أن الزمن يمضي سريعاً ويزول جميعاً، وأنه لن يتقدم إلى الآخرة بالسنة أو بالشهر أو بالأسبوع أو باليوم أو بالساعة بل باللحظة، اللحظة الواحدة كوميض البرق أو كارتداد الطرف تبعدك من الدنيا وتقربك إلى الآخرة، فالعاقل الحازم هو الذي يدين نفسه ويحاسب نفسه ويعمل لما بعد الموت، والعاجز هو الذي أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، فرط في الواجب وقال: إن الله عفو، انتهك المحرم وقال: إن الله غفور، توانى في طاعة الله عز وجل وقال: رحمة الله أوسع من عملي. ولا شك أن هذا عجز وضعف في الهمة.

أعمال لا تنقطع بعد رمضان

أعمال لا تنقطع بعد رمضان الأعمال الصالحة في رمضان: صلاة، قيام، ذكر، قرآن هل هذه الأعمال انقطعت بانتهاء رمضان؟ لا لم تنقطع.

الصيام

الصيام الصيام لم يزل مشروعاً فهناك أيام تصام، ويحصل بصيامها من الثواب والأجر ما يليق بها، فنبدأ أولاً بصيام التابع لرمضان وهي ستة أيام من شوال، هذه الأيام الستة بمنزلة الراتبة التي بعد صلاة الفريضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر) . إذاً الصيام مشروع، صيام ستة أيام من شوال سواء صامها الإنسان متتابعة أو صامها متفرقة فإنه يحصل له الأجر، لكن لا شك أنها إذا كانت متتابعة أنها أفضل. هناك -أيضاً- صيام آخر غير ستة أيام من شوال مثل: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فصيام ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكان عليه الصلاة والسلام يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره، لكن الأفضل أن تكون في أيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر، والخامس عشر. صيام يومي الإثنين والخميس مشروع، كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصوم الإثنين والخميس ويقول: (هما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) . صوم تسع ذي الحجة مشروع؛ لأنه داخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) والصيام لا شك أنه عمل صالح فيدخل في العموم، وبالأخص يوم عرفة لغير الحاج، فإن صوم يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده. وهناك -أيضاً- صيام عاشوراء -العاشر من شهر محرم- مشروع، لكن يصام يوم قبله أو يوم بعده، وأفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم. هناك صوم أوسع من هذا كله وهو صوم داود عليه الصلاة والسلام، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً. إذاً لم نعدم -ولله الحمد- مشروعية الصوم، فالصوم مشروع وباقية مشروعيته.

قيام الليل وذكر الله تعالى

قيام الليل وذكر الله تعالى قيام الليل؛ هل انتهى بانتهاء رمضان؟ لا. قيام الليل مشروع كل ليلة لقول الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} [الإسراء:79] ولقول الله تعالى في وصف المتقين الذين هم أهل الجنة -جعلني الله وإياكم منهم- قال: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:17] وقال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة:16-17] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) كل ليلة، ولهذا ينبغي للإنسان أن يجعل له نصيباً من آخر الليل ولو كان قليلاً، ولا يحقرن شيئاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل) لو تجعل لك نصف ساعة من آخر الليل تقوم فيها، تصلي ما شاء الله، وتختم الصلاة بالوتر لكان في هذا خير كثير، وكنت من القائمين بالأسحار، المستغفرين بالأسحار، فلا تحرم نفسك الأجر، قدم النوم نصف ساعة لتستيقظ قبل الفجر بنصف ساعة. الأذكار، قراءة القرآن ما زالت مشروعة -ولله الحمد- قراءة القرآن مشروعة كل وقت (من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات) الذكر مشروع: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في اليوم مائة مرة فإنها تكون حرزاً له من الشيطان) ، (ومن قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من بني إسماعيل) (ومن قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) ومن قال سبحان الله وبحمده فقد نال ما أخبر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حول هذه الكلمة حيث قال: (كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) .

النفقات والصدقات

النفقات والصدقات وأبواب الخير كثيرة: النفقات، والصدقات في كل وقت، حتى ما تأتي به من الطعام لأهلك من الخبز، واللحم، والرز، والفواكه، والبطيخ فإنه صدقة، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ سعد بن أبي وقاص: (واعلم أنك لم تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليه -أي: نالك الأجر- حتى ما تجعله في فيّ امرأتك -أي: في فم امرأتك-) فالخير كثير. أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه: (على كل سلامى من الناس صدقة) والسلامى هي: الأعضاء والمفاصل، وفي الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلاً، كل مفصل عليه صدقة كل يوم، ولكن: أمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، تعين الرجل في دابته فتحملها عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة، وكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل عمل صالح صدقة نعمة وخير كثير! لكن الكسل، لذلك أحث نفسي وإياكم على العزيمة الصادقة والنشاط في طلب الخير، والإحسان في عبادة الله، والإحسان إلى عباد الله، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين، ولا تحقرن شيئاً، إن الله عز وجل إذا تصدق العبد بصدقة تعادل تمرة وهي من كسب طيب فإن الله تعالى يأخذها بيمينه ويربيها له كما يربي الإنسان فَلُوّة -يعني: صغار خيله- حتى تكون مثل الجبل، فالخير واسع -ولله الحمد-. دراستنا الآن، دراسة الطالب في المدرسة هل هو من الخير أو لا؟ ما دام يريد به وجه الله فإنه من الخير، وهو يريد به وجه الله، يريد أن يصل إلى العلم، يريد أن يتبوأ مكاناً قيادياً يقود به الأمة في التعليم، في القضاء، في الأمر بالمعروف، في النهي عن المنكر، في التدبير؛ لأننا أصبحنا الآن في وقت لا يمكن أن يكون الإنسان فيه قيادياً حتى يكون معه شهادة، وأنت إذا نويت بهذه الدراسة تحصيل العلم مع الوصول إلى المرتبة القيادية كان في ذلك أجر كثير وخير، ولا ينقص من أجرك شيئاً، فأبواب الخير كثيرة.

شروط وجوب الحج

شروط وجوب الحج اعلم -أخي المسلم- أن من حكمة الله عز وجل أنه لما انقضى موسم الصيام جاء موسم الحج، وليس بينهما فاصل؛ لأنه من حين أن تغرب الشمس آخر يوم من رمضان ينتهي الصيام (ركن من أركان الإسلام) وفي تلك اللحظة يدخل وقت الحج {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:197] أولها: شوال وآخرها: ذو الحجة، وهذه من حكمة الله ومن رحمة الله، حتى يتقلب الإنسان دائماً في طاعة الله عز وجل؛ ولهذا كان الناس في الزمن الأول يشدون الرحال من الآن -أي: من شوال- ولذلك نجد المؤلفين الذين ألفوا في وظائف العام نجدهم يتكلمون عن الحج وشروط الحج من شوال؛ لأنه في ذلك الوقت كان الناس يحجون على الإبل أو على الأقدام: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً} [الحج:27] أي: على أرجلهم {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج:27] أي: ويأتون على كل ضامر من الإبل: {يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج:27] . فالآن ونحن في استقبال الحج يجب أن نعرف شيئاً من شروط وجوبه، من شروط الوجوب في الحج وهو من أهمها: أن يكون الإنسان مستطيعاً، أي: عنده قدرة مالية وقدرة بدنية، فإن كان عاجزاً لم يجب عليه الحج، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] فإذا قدَّرنا أن شخصاً عنده وظيفة قدرها خمسة آلاف ريال لكنها لا تزيد عن كفايته وكفاية عياله، فهل يلزمه الحج؟ لا. لا يلزمه الحج ولو كان راتبه مرتفعاً ما دام هذا الراتب لا يزيد عن كفايته وعائلته فإنه لا حج عليه. كذلك لو فرضنا أن شخصاً يملك عشرة آلاف ريال لكن عليه دين قدره عشرة آلاف ريال فهل يلزمه الحج؟ لا، لا يلزمه، يوفي الدين أولاً ثم إن بقي شيء حج به وإلا فلا يأثم، فليس عليه شيء، ومثل هذا الرجل يلقى الله عز وجل غير ناقص الإسلام، إسلامه متكامل ما فيه نقص، لماذا؟ لأنه لم يستطع، كالفقير الذي ليس عنده مال هل تجب عليه الزكاة؟ لا. وإذا لم يزك هل نقول: إن إيمانه ناقص أو إسلامه ناقص؟ لا، ولهذا نحن نُطَمْئِنُ إخواننا الذين لا يستطيعون أن يحجوا أنه لا نقص عليهم في ذلك؛ لأن ربهم عز وجل الذي بيده الأمور وهو الحاكم بين عباده لم يوجب الحج على الناس إلا إذا استطاعوا إليه سبيلاً؛ فلا ينبغي أن يقلقوا، بعض الناس تجده قلقاً ربما يستدين بقرض أو غيره ليحج. نقول: هذا غلط، لا ينبغي أبداً، ما دام الله قد وسع عليك فوسع على نفسك، أنت إذا استقرضت من شخص وحججت بقيت ذمتك مشغولة بهذا القرض الذي استقرضته وهو حق آدمي، لكن إذا لم تستقرض ولم تحج هل تبقى ذمتك مشغولة؟ لا، لأن الحج لم يجب عليك حينئذ. كذلك -أيضاً- بالنسبة للنساء، إذا لم يكن للمرأة محرم، قالت -مثلاً- لأخيها: حج بي وأنا أعطيك النفقة، قال: لا. وقالت لجميع محارمها فأبوا فلا تقلق ولا تضجر؛ لأنها لا حج عليها، لماذا؟ لعدم الاستطاعة، فإذا قال إنسان: هي مستطيعة، بدنها قوي، ومالها كثير، قلنا: نعم. هذه استطاعة حسية؛ لكنها غير مستطيعة شرعاً، إذ أنها ممنوعة شرعاً من أن تحج بدون محرم، إذا أراد الله عليها أن تموت قبل أن تحج وهي لم تجد محرماً فهل تلقى ربها وهي ناقصة الإسلام؟ لا، لأنها لا تستطيع، لو عصت الله وذهبت بدون محرم لكانت عاصية، لكن لو بقيت في بلدها وهي غير قادرة على المحرم لم تكن عاصية وتلقى ربها وليس في دينها نقص. ولكن في هذا الحال: لو أراد ورثتها أن يحجوا عنها من مالها الذي خلفته فهل يثابون على ذلك أو لا؟ A نعم، يثابون على ذلك، يعني: لو أن ورثتها ورثوا منها مالاً كثيراً وهي لم تحج؛ لأنه لا محرم لها، فأراد أحدهم أن يتبرع لها بحج من مالها، واتفق الورثة المرشدون على ذلك فلا حرج، وهو من الخير. ثم إنه ينبغي لمن أراد الحج أن يختار الرفقة الصالحة العالمة، لا يكفي مجرد الصلاح، بل لا بد من علم؛ لأن مسائل الحج من أكثر ما يكون إشكالاً، يتحير فيها أحياناً العلماء الكبار، لهذا إذا أردت أن تسافر إلى الحج فكن مع رفقة أهل صلاح وأهل علم، أهل الصلاح يعينونك على العبادة وعلى فعل الخير، وأهل العلم يرشدونك ويدلونك على اتباع الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولتحرص على أن يكون معك من المال ما يزيد عن كفايتك؛ لأنه ربما يطرأ في أثناء السفر أمور تحتاج إلى مال، فمثلاً: إذا قدرت أنه يكفيك خمسة آلاف وقد أغناك الله فخذ عشرة، فربما تحتاج أنت أو يحتاج رفيقك، لو حصل -مثلاً- على الراحلة حاجة وليس معك مال تعطلت، لكن لو كان معك مال أمكنك أن تدفع ما تحتاج إليه وتمضي في سبيلك. ونقتصر على هذا؛ لأنه جاء وقت الأسئلة، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح إنه على كل شيء قدير.

الأسئلة

الأسئلة

حكم إخراج الفدية قبل رمضان سواء كانت نقودا أو طعاما

حكم إخراج الفدية قبل رمضان سواء كانت نقوداً أو طعاماً Q فضيلة الشيخ شخص لا يستطيع الصيام وهو مريض مرضاً لا يرجى برؤه، وفي هذا الآن أخرج الفدية نقوداً قبل شهر رمضان، فهل عمله صحيح؟ فإن كان غير صحيح فماذا عليه الآن؟ A ما أخرجه من الدراهم قبل رمضان فهو صدقة يثاب عليها إن شاء الله؛ لكنه لا يجزئ عن الصيام لسببين: السبب الأول: أنه لم يحن وقت الصيام. والسبب الثاني: أنه أخرجها دراهم، والواجب أن تكون فدية طعام مسكين كما قال الله عز وجل: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184] . فنقول للأخ الذي أخرج الدراهم قبل دخول رمضان نقول: هي صدقة، وأطعم الآن تسعة وعشرين مسكيناً، إما أن تجمعهم على غداء أو عشاء ولو متفرقين مثلاً، لو صنعت طعاماً؛ غداءً أو عشاءً لخمسة، وفي اليوم الثاني خمسة، وفي اليوم الثالث حتى تكمل فلا بأس، وإلا فأعطهم شيئاً غير طعام كالحبوب، ومقداره لكل مسكين تقريباً كيلو من الرز، وبذلك تبرأ الذمة.

جواز صيام أيام القضاء وجواز إفراد يوم الجمعة بصيام

جواز صيام أيام القضاء وجواز إفراد يوم الجمعة بصيام Q فضيلة الشيخ رجل عنده فشل كلوي، وهو يرى أنه يستطيع أن يقضي ما عليه من صوم رمضان، لكنه لا يستطيع أن يصوم في الأسبوع إلا في يوم واحد وهو يوم الجمعة من كل أسبوع حيث أنه اليوم الوحيد الذي لا ينشغل فيه، ففي الخميس يغسل وبقية الأسبوع يدرس، ولا يتمكن من الصوم إلا في يوم الجمعة فهل له أن يصومه مفرداً له أم يبقى حتى الإجازة الصيفية فيصوم؟ A الذي أرى: أنه يبقى إلى الإجازة الصيفية؛ لأن قضاء رمضان موسع، للإنسان أن يؤخره إلى أن يبقى من شعبان مقدار ما عليه من الصوم، وأما صومه يوم الجمعة فجائز إذا كان لسبب، وأما إذا لم يكن لسبب فإنه يكره أن يفرده؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دخل على إحدى نسائه وهي صائمة يوم الجمعة فقال: (أصمت أمس؟ قالت: لا. قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا. قال: فأفطري) فأمرها أن تفطر لئلا تفرد يوم الجمعة. وكذلك نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يخصص يوم الجمعة بصيام أو ليلة الجمعة بقيام. لكن لو فرضنا أن الإنسان احتاج إلى صوم ذلك اليوم، أو صام يوم الجمعة لا لأنه يوم الجمعة ولكن لأنه وافق يوم عرفة أو يوم عاشوراء فلا حرج عليه؛ لأنه لم يصم الجمعة لأنها جمعة ولكن لأنها يوم عرفة أو لأنها يوم عاشوراء أو ما أشبه ذلك.

الرد على من يقول: إن صيام ست من شوال ليس بسنة

الرد على من يقول: إن صيام ست من شوال ليس بسنة Q فضيلة الشيخ هل صوم ست من شوال سنة مؤكدة أم لا؟ لأني سمعت من بعض الإخوة أنهم قالوا: ليس بسنة ولا هي مؤكدة، إنما المؤكد أيام البيض، والخميس والإثنين، أما الست من شوال فلم ترد إلا عند مسلم ولم يذكرها أحد، فما قولك وفقك الله؟ A قولنا إنها سنة حث عليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ حيث قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر) وإذا كان مسلم قد انفرد به فرضاً -يعني: لو فرضنا أنه انفرد بها- فـ صحيح مسلم مقبول عند العلماء، وليس هذا الحديث فيه أي منافاة للأحاديث الأخرى، وكون بعض الناس لا يرى أنه مستحب لا يعني أنه غير متسحب عند الله. فالصواب: أنه من الأمور المطلوبة المسنونة التي حث عليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورغب فيها، لكن كون الإنسان يعتقد أنها فرض بحيث إنه إذا صامها في عام رأى أنه لزاماً عليه أن يصومها كل سنة فليس كذلك، هي سنة، من صامها حصل الأجر ومن لم يصمها فليس عليه وزر.

حكم صيام الستة الأيام من شوال بنية القضاء عن رمضان

حكم صيام الستة الأيام من شوال بنية القضاء عن رمضان Q امرأة قضت أياماً من رمضان في شهر شوال، ونوت صيام قضاء أيام من رمضان مع صيام ست من شوال فهل صيامها صحيح على هذا النحو؟ A يعني: كأنها نوت اليوم عن القضاء والتطوع، وهذا لا يصح، ويكون صومها قضاءً فقط؛ لأن صيام ست أيام من شوال إنما يكون بعد انقضاء أيام رمضان.

حكم السفر إلى المدينة بنية الزيارة ثم الإحرام من ذي الحليفة

حكم السفر إلى المدينة بنية الزيارة ثم الإحرام من ذي الحليفة Q شيخنا الفاضل أحبك في الله وأسأل الله أن يظلك تحت عرشه العظيم -آمين ومن سمع- يقول: جاء والدي لأداء العمرة من مصر عن طريق البحر ماراً بـ جدة، ولم يحرم وذهب إلى المدينة للزيارة، ثم أحرم من الميقات وأدى العمرة، فهل عليه شيء؟ وهو الآن يمكث في مكة منتظراً الحج، فهل عليه فدية أم لا؟ A ليس عليه شيء، ما دام الرجل جاء قاصداً المدينة ثم تجاوز الميقات متجهاً إلى المدينة ثم عاد فأحرم من ميقات أهل المدينة من ذي الحليفة فليس عليه شيء، وما دام منتظراً للحج فإنه متمتع، وقد قال الله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:196] فعليه الهدي إذا قدر على ذلك، وإن لم يقدر فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، أي: إذا انتهى من أعمال الحج، فله أن يصوم الأيام الثلاثة من الآن مادام يعلم أنه لن يستطيع الهدي فله أن يصومها من الآن، أقصد: يصوم الثلاثة أما السبعة فبعد الفراغ من الحج.

حكم زواج أولاد العم إذا لم يشترط فيه أن يزوج أحدهما ابن الآخر

حكم زواج أولاد العم إذا لم يُشترط فيه أن يزوج أحدهما ابن الآخر Q فضيلة الشيخ أنا شاب متزوج من ابنة عمي بمهر معين، وعقد ابن عمي على أختي بمهر مختلف عني ولم يدخل بها وذلك بعدي بعدة أشهر، مع العلم أن كلا المرأتين قد وافقتا على الزواج ولم تكونا مكرهتين أبداً، ولقد سألت والدي: هل بينك وبين عمي اشتراط -أي: لا أزوج ابنك ابنتي حتى تزوج ابنتك من ابني- فقال: لا. وقال والدي: أنا لم أزوج أختك إلا برضاها ولو رفضت فلن أرغمها، سؤالي يا فضيلة الشيخ: هل هذا النكاح يعتبر شغاراً؟ وإذا كان شغاراً فما الحل مع العلم أن زوجتي حامل الآن؟ A هذا ليس بشغار؛ لأنه لم يشترط فيه أن يزوج أحدهما ابن الآخر، وما دام ليس فيه شرط وإنما وقع اتفاقاً -يعني: مصادفة- فإنه ليس بشغار، على أن من العلماء من يقول: حتى لو وجد الشرط ما دام المهر هو المهر المعتاد، وكل من الزوجين كفؤ للزوجة، وكل من الزوجين راض بذلك فإنه ليس شغاراً؛ لأن الشغار هو ما خلا من المهر وهذا لم يخل من المهر. أما المسألة التي ذكرها السائل فلا شك أنها ليست من الشغار، وأن النكاح صحيح، ولا ينبغي أن يقلق من ذلك.

كيفية إخراج زكاة المال إذا كان دينا ومر عليه أكثر من عام

كيفية إخراج زكاة المال إذا كان ديناً ومر عليه أكثر من عام Q شخص تجارته بالتقسيط -أي: تقسيط بالسيارات- والعملاء عنده على نوعين: نوع يسدد بانتظام، ونوع تمر السنوات ولا يسدد، السؤال: كيف يزكي على هذا المال؟ هل ينطبق على النوع الثاني مسألة المعسر والمليء أم أنها عروض تجارة؟ وكيف يزكي على النوع الأول؟ هل الحولان حول واحد أم بماذا؟ A أما الأول: الذي يسدد في وقت حلول الدين؛ فهذا موسر يجب على الإنسان أن يزكي ما في ذمته من الدين مع ماله، وإن شاء قيده فإذا قبض منه الدين زكاه لما مضى. وأما الثاني: الذي لا يستطيع الوفاء يحل عليه القسط وليس عنده شيء؛ فهذا معسر لا يجب في دينه زكاة، لكن إذا قبض دينه زكاه لسنة واحدة، ولو كان قد مضى عليه سنوات؛ لأن القاعدة في الديون: الديون على الموسرين تجب زكاتها كل سنة، لكن الدائن مخير بين أن يخرج الزكاة مع ماله أو ينتظر حتى يقبض فيزكي لما مضى. أما الثاني وهي الديون على المعسرين: فلا زكاة فيها، لكن إذا قبضها الإنسان زكاها مرة واحدة، فإذا قُدِّر أن شخص له على فقير عشرة آلاف ريال وبقت العشرة عند هذا الفقير عشر سنوات، ولكن الله منَّ عليه فأيسر وأوفى فإنه لا زكاة على صاحب الدين إلا مرة واحدة.

حكم من صام ونيته مترددة

حكم من صام ونيته مترددة Q امرأة جاءتها الدورة الشهرية في رمضان، وفي آخر أيام الدورة نامت من الليل وهي ما زالت لم تطهر، ونوت إن طهرت فسوف تصوم، ولم تصح إلا بعد الفجر فنظرت فإذا هي قد طهرت، فهل تكمل الصيام ويكون صحيحاً أم تقضي يوماً مكانه؟ A عليها أن تقضي يوماً مكانه، وذلك لأنها نامت على نية مترددة، لا تدري هل يزول المانع من الصيام -وهو الحيض- أم لا يزول، فعليها الآن أن تقضي بدل ذلك اليوم، وهي إذا كانت ذلك اليوم قد صامت تؤجر على نيتها وأما إبراء الذمة فلا بد من أن تقضي ذلك اليوم.

جواز قراءة القرآن قبل صلاة العيد مع تقديم التكبير

جواز قراءة القرآن قبل صلاة العيد مع تقديم التكبير Q في يوم العيد وقبل دخول الإمام لصلاة العيد انشغل الناس بعضهم بالتكبير والبعض الآخر بقراءة القرآن، فأنكر بعض الحاضرين على الذين يقرءون القرآن وقالوا: إن الأولى أن تكبروا وتتركوا قراءة القرآن، فأيهما على الصواب؟ A الصواب التكبير، ولكن من قرأ القرآن لا ينكر عليه؛ لأن القرآن ذكر ومن أفضل الأذكار، لكن لما كان التكبير مخصوصاً بهذا الوقت والقرآن في كل وقت؛ صارت المحافظة على التكبير أولى ولكن لا ينكر على الآخر، ولهذا كان الصحابة مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حجة الوداع منهم من يلبي ومنهم من يكبر ولا ينكر أحد على أحد.

الدين يقدم على الحج

الدَّين يقدم على الحج Q فضيلة الشيخ ما صحة ما ينسب إليكم بأنكم قلتم: بأن الرجل إذا كان عليه دين فاستأذن من صاحب الدين في الحج فلا حرج عليه؟ A لا، هذا غير صحيح، الذي عليه دين يقضي الدين أولاً؛ حتى لو أذن له الدائن أن يحج فإنه لا يجب عليه الحج؛ لأنه إذا أذن له أن يحج هل يسقط الدين؟ لا يسقط، لكن لو كان عليه دين يسير ويعلم أنه إذا جاء الراتب في آخر شهر ذي الحجة فسوف يوفيه فحينئذٍ لا بأس أن يحج؛ لأنه واثق من نفسه، أما الديون الكثيرة فإن الأولى أن يقضيها قبل أن يحج.

حكم تحسين الصوت للطالبة في قراءة القرآن أمام المدرس

حكم تحسين الصوت للطالبة في قراءة القرآن أمام المدرس Q سائلة تقول: ما حكم تحسين الصوت في قراءة القرآن للطالبات عند المدرس في الكلية مع أنها غير مطالبة بذلك؟ A لا أرى أن تحسن صوتها؛ لأن الله تعالى يقول: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [الأحزاب:32] فكون الطالبة تأتي بالقرآن على وجه الغنة وتحسين الصوت يخشى منه الفتنة، ويكفي أن تقرأ القرآن قراءة مرسلة عادية.

حكم وضع المرأة للعباءة على الكتف في الصلاة

حكم وضع المرأة للعباءة على الكتف في الصلاة Q سائلة أخرى تقول: فضيلة الشيخ ما حكم الصلاة للمرأة وهي واضعة العباءة على الكتف فقد وصلني عن سماحتكم بإبطال الصلاة في هذه الحالة لأنها تشبه لباس الرجل؟ A الله المستعان! هذه المرأة على عكس ما أشاعته النساء من أننا نقول: لا بأس بلبس العباءة على الكتف ولو كان ذلك في السوق والمتاجر، وكلا الأمرين خطأ، نحن نقول: وضع المرأة عباءتها على الكتفين في الصلاة لا بأس به؛ لأن هذا شيء معتاد عند النساء، وليس من خصائص الرجال حتى نقول: إن هذا من باب التشبه بالرجل. وأما لبسها العباءة على الكتفين في الأسواق وبين الناس فلا؛ لأن لبسها العباءة على الكتفين في الأسواق يؤدي إلى بيان حجم كتفيها ورقبتها، وهل هي طويلة أو قصيرة -أعني الرقبة- فيكون في ذلك فتنة، ثم من الذي يأمن إذا رخص للنساء في لبس العباءة على الكتف أن تتطور المسألة ثم تبدأ النساء تخرج إلى الأسواق بالمقطاب -أي: بالقميص بدون عباءة- لأن النساء في الغالب إذا فتح لهن الباب الصغير صار باباً كبيراً، وربما قلعن الباب كله ودخلن من غير أبواب. لذلك نقول: وضع العباءة على الكتفين في الصلاة لا بأس به ولا يبطل الصلاة، وأما المشي به في الأسواق فلا؛ لأنه يجر إلى فتنة، وهو ذريعة إلى توسع النساء في اللباس.

لا يجوز التوكيل في الحج لمن يرجى زوال عجزه

لا يجوز التوكيل في الحج لمن يرجى زوال عجزه Q فضيلة الشيخ أخي عزيز عندي في دولة إسلامية، يريد أن يوكلني بالحج وهو قادر على الحج، ولكن دولته لا تسمح له بالذهاب إلى الحج؛ لأنه لم يصل إلى سن الحاج الذي حددته تلك الدولة، فقلت له: سوف أسأل الشيخ عن حكم المسألة ثم أخبرك بذلك، فهل يصح بأن أحج عنه أم ماذا؟ A أخبره بأنه لا يصح أن تحج عنه؛ لأن هذا المانع يرجى زواله، وذلك إذا بلغ السن النظامي عندهم، والعجز إذا كان يرجى زواله فإنه لا يجوز لمن وجب عليه الحج أن ينيب بغيره، ولهذا نقول: إذا جاء وقت الحج والإنسان مريض مرضاً عادياً يرجى أن يشفى منه هل له أن يوكل؟ لا. لكن لو كان مرضاً مستمراً لا يرجى الشفاء منه فله أن يوكل، فليخبر صاحبه بأنه لا حج عليه؛ لأنه عاجز، وأنه لا يجوز أن يوكل؛ لأنه يرجى زوال عجزه.

الفتور بعد رمضان لا يدل على عدم القبول

الفتور بعد رمضان لا يدل على عدم القبول Q فضيلة الشيخ هل الفتور في عمل الصالحات بعد رمضان دليل على عدم القبول، أنا أحس بفتور وأخشى ألا يكون الله قد تقبل مني؟ A لا. ليس دليلاً على أن الله لم يقبل منك، لكنه دليل على ضعف الهمة وعدم الرغبة، ولذلك ينبغي للإنسان أن يصبر نفسه وأن يحملها على العمل الصالح؛ لأن رمضان مدرسة في الواقع، ثلاثون يوماً أو تسعة وعشرون يوماً تمضي وأنت متلبس بالعبادات المتنوعة، لا بد أن يؤثر على قلبك وعلى مسيرك، فاغتنم هذه الفرصة. أما أن نقول: إن من عاد إلى المعاصي بعد رمضان، فإنه علامة على عدم القبول. فلا نستطيع أن نقول هكذا.

حكم لقطة الإبل

حكم لقطة الإبل Q فضيلة الشيخ جاءتني ناقة من البر فدخلت مع إبلي وحاولت طردها عدة مرات ولكن لم أستطع، ولها الآن أربع سنوات قد تركتها مع إبلي تأكل معها وتشرب، وقد أخبرت بها في الأسواق وفي البوادي ولكن لم أعرف صاحبها، أرجو الإفادة عن الحكم عليه؟ A قدر قيمتها كم تكون، أو بعها وتصدق بالثمن أو بالقيمة التي تقدرها على الفقراء بالنية عن صاحبها؛ لأن هذا هو الذي تستطيع.

الواجب على من أفطر عمدا في رمضان ثم تاب

الواجب على من أفطر عمداً في رمضان ثم تاب Q أفطرت في رمضان متعمداً ثلاثة أيام وقد تزيد، ثم تبت إلى الله والحمد لله، فماذا يجب عليَّ؟ A يجب عليك أن تقضي هذه الأيام التي أفطرتها إذا كنت أفطرتها في أثناء النهار، أما إن كنت تركتها من الأصل ولم تشرع في الصوم فإنها لا تقبل منك ولو قضيتها، ولكن عليك أن تتوب إلى الله وتكثر من الأعمال الصالحة.

حكم قضاء الدين من مال الزكاة

حكم قضاء الدين من مال الزكاة Q فضيلة الشيخ أنا شاب مقترض من صندوق الراغبين في الزواج مبلغ ثلاثين ألف ريال، ومقترض من بنك التسليف بمبلغ عشرين ألف ريال، وأنا في منزل مستأجر، وراتبي الشهري ألفان وستمائة ريال، فهل يجوز أن آخذ الزكاة وأدفع بها ديني الذي علي؛ مع العلم أني أملك أرضاً تقدر قيمتها بمائة وعشرين ألف ريال، وأنا حالياً في حيرة هل أبيع الأرض التي أود أن أعمر عليها مسكناً لي، أم أسدد الدين الذي علي وآخذ من الزكاة؟ A لا يلزم هذا السائل أن يبيع الأرض التي أعدها ليبني عليها؛ لأن هذه من ضرورياته، وله أن يأخذ من الزكاة مقدار ما عليه من الدين ويقضي بذلك دينه، أما إذا كان عنده بيت ولكن يريد أن يتوسع وقد أعد هذه الأرض لبيت واسع فإنه لا يحل له أن يأخذ من الزكاة، بل الواجب أن يبيع هذه الأرض ويوفي بها دينه، أو يبيع بعضها إذا كان بعضها يفي بالدين.

المشاركة في بناء مسجد كبير أفضل من بناء مسجد صغير

المشاركة في بناء مسجد كبير أفضل من بناء مسجد صغير Q إذا كان بعض الناس يرغب في بناء مسجد بمبلغ من المال فأيهما أفضل: أن يشارك غيره في بناء مسجد كبير يضمن عدم الحاجة إلى هده وتوسيعه خصوصاً مع تزايد السكان، أم يبني مسجداً صغيراً بدون مشاركة مع أحد؟ A الأفضل الأول؛ لأن المبنى الصغير ربما يكون من حوله قليلين ثم يزيدون وحينئذ يهدم ويعاد مرة ثانية، لكن إذا كان أهل المسجد الصغير مضطرين إليه أكثر من ضرورة أهل المسجد الكبير فهم أولى لدفع ضرورتهم، لكن مع التساوي المشاركة في المسجد الكبير أحسن؛ لأنه أضمن، فصار في المسألة تفصيل: إذا كان أهل المسجد الصغير مضطرين إلى هدمه وبنائه فهو أفضل من المشاركة، وإذا كانوا غير مضطرين أو كانت الضرورة واحدة في هذا وهذا فالمشاركة في الكبير أفضل.

السقط الذي دون أربعة شهور لا يصلى عليه

السقط الذي دون أربعة شهور لا يصلى عليه Q أفتى شيخ في منطقتنا بأن السِقط الذي له ثلاثة شهور يغسل ويكفن ويصلى عليه، فهل هو مصيب فيما قال؟ A غير مصيب فيما قال؛ لأن السقط الذي لم تنفخ فيه الروح ليس بإنسان ولا يبعث، وإنما يبعث من نفخت فيه الروح، وهذا لا يتم قبل أربعة أشهر؛ لذلك أرجو من السائل أن يبين لمن أفتاه بأن هذه الفتوى غير صحيحة، وأن السِقط الذي يصلى عليه هو الذي نفخ فيه الروح، وأما قبل ذلك فلا يصلى عليه.

أقوال العلماء في صداق المرأة التي دفعت زكاته ولم يدخل بها

أقوال العلماء في صداق المرأة التي دفعت زكاته ولم يدخل بها Q شخص عقد على امرأة بأربعين ألف ريال سعودي، وحال الحول والصداق عندها، ثم زكته فأخرجت ألف ريال زكاة عليه، ثم طلقها قبل الدخول بها، فهل يرجع الزوج بعشرين ألف ريال كاملة أم يخصم منه نصف الزكاة فتكون الزكاة على الزوج والزوجة، أما ماذا؟ A هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، منهم من قال: إن الزكاة على الجميع؛ لأن نصفها ملك لها والنصف الآخر ملك له، ومنهم من قال: إنه على الزوجة فقط؛ لأنها هي التي استقرت عليها الزكاة قبل أن يتنصف المهر، فما دامت استقرت عليها الزكاة قبل أن يتنصف المهر فالزكاة عليها وحدها والزوج يعطى نصف المهر كاملاً. ومثل هذه الحال ينبغي للزوجين أن يصطلحا، والزكاة ليست مغرماً فلو خصمت من نصيب الزوج لم يضره شيئاً، يعني: لو خصم من نصيب الزوج مقدار زكاته فقط ومن نصيب الزوجة مقدار زكاتها لكان هذا حسناً.

حكم تجسيد القصص النبوي أو القرآني بأفلام كرتونية

حكم تجسيد القصص النبوي أو القرآني بأفلام كرتونية Q فضيلة الشيخ ما حكم تجسيد القصص النبوي أو القرآني بأفلام كرتونية ربما زيد فيها وغير كقصة الغلام -أعني: غلام الأخدود- أو قصة أصحاب الفيل كما في سورة الفيل، أو قصة الراهب والملك والساحر؟ A أولاً: إن هذه القصص قد لا تكون صحيحة فكيف يبنى على غير صحيح. ثانياً: إني أخشى أن يقال لمن جسدها وصورها أين الدليل على أن صورة الغلام على هذا الوجه وصورة الساحر على هذا الوجه؟ أين الدليل على أن أصحاب الأخدود على هذا الوجه والذين فتنوهم على هذا الوجه؟ فليس عنده علم بذلك، والخلق لا يزال ينقص، فقد كان الإنسان كبيراً، خلق آدم طوله في السماء ستون ذراعاً، وورد في أحاديث أخرى أن عرضه سبعة أذرع، وما زال الخلق ينقص حتى وصل إلى ما نحن عليه الآن، ما الذي أدراه أن أصحاب الأخدود على هذا الوجه؟ لذلك أنا أقول: إن الورع عدم تجسيد هذه الأشياء ويكفي أن توصف بالكلام.

نصيحة لصاحب الدش وحكم طلب الزوجة الطلاق منه إذا رفض إزالة الدش

نصيحة لصاحب الدش وحكم طلب الزوجة الطلاق منه إذا رفض إزالة الدش Q سائلة تقول: أنا امرأة ملتزمة -ولله الحمد- أريد أن أربي أولادي التربية الإسلامية الصحيحة، وزوجي هداه الله يوجد لديه دش -أعني: القنوات الفضائية وما يعرض فيها مما يستحى من ذكره- وزوجي يسمح لأولادي بمشاهدة هذا الدش حتى إن أولادي تغيرت أخلاقهم، وعندما نصحت زوجي بإخراج الدش من البيت ضربني ضرباً شديداً، وأنا أريد الطلاق منه فما رأيك يا فضيلة الشيخ؟ A أما الزوج فإني أوجه إليه نصيحة وأقول له: اتق الله في نفسك، واتق الله في أهلك، واعلم أنك مسئول عن هذا فقد قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:6] هذا الخطاب الذي حملك الله تعالى أن تقي نفسك وأهلك النار سوف تسأل عنه يوم القيامة. ثانياً: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) فقد جعلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم راعياً على أهلك وحملك المسئولية، فكيف تجلب إليهم هذا الدش الذي لا أحد يشك فيما يعرض فيه من المنكرات العظيمة التي أفسدت العقائد والأفكار والأخلاق والآداب؟ كيف ترضى لنفسك بهذا ولأهلك بهذا. ولا شك أن المرأة إذا كان ما ذكرته صحيحاً أنها على صواب، وأن الرجل ليس على صواب، بل إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ما من عبد يسترعيه الله على رعية -أو قال: استرعاه الله على رعية- يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) نسأل الله العافية، ونحن نسأل وننظر هل ينطبق هذا الحديث على هؤلاء القوم. أولاً نسأل: هل هذا الرجل استرعاه الله على رعية؟ وهل كونه يجلب هذه الآلة الخبيثة المدمرة للعقيدة والفكر والخلق والعمل؛ هل هو ناصح أو غاش؟ غاش، فإذا مات فإنه يدخل في الحديث، إن النبي عليه الصلاة والسلام جزم وعمم: (ما من عبد استرعاه الله على رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) . ولكن يجب أن نعلم أننا نقول بهذا على سبيل العموم لا على سبيل الخصوص بمعنى: أننا لا نشهد لهذا الرجل المعين الذي أتى بالدش ومكن أهله مما فيه لا نقول: هو نفسه لا يدخل الجنة؛ لأننا لا ندري، ربما يتوب، ربما يكون له حسنات عظيمة تمحو هذه السيئات، ربما يعفو الله عنه، لكن على سبيل العموم لا إشكال في أننا نجزم بما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام، ويجب علينا أن نجزم بما قال الرسول، ولكن هناك فرق بين التعيين وبين التعميم، لذلك لو مات الإنسان وهو جالب لأهله هذه الآلة الخبيثة فلا يجوز أن نقول لأهله: إن صاحبكم قد حرم الله عليه الجنة لماذا؟ لأننا لا نعين على أحد لا عذاباً ولا نعيماً إلا ما عينه الرسول عليه الصلاة والسلام. كما أننا لو رأينا شخصاً جلداً شجاعاً مقداماً يقاتل الأعداء ثم قتل في الصف هل نقول: إنه شهيد؟ لا نقول: إنه شهيد، مع أن فعله ظاهره أنه شهيد، لكن لا نقول: إنه شهيد؛ لأننا لا ندري، والمدار على ما في القلب، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ما من مكلوم يكلم في سبيل الله (والله أعلم) بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دماً اللون لون الدم والريح ريح المسك) فقال: والله أعلم، نحن لا ندري، ربما يكون عند آخر لحظة حصل له ما يبطل هذا العمل، وقد بوب البخاري رحمه الله في صحيحه على هذا فقال: باب لا يقال فلان شهيد. فالخير والشر -يعني: العقوبة والمثوبة- كلها لا نشهد للشخص المعين، لكن نشهد على سبيل العموم، فيجب أن تلاحظوا هذا، ولهذا صدر منا خطبة بينا فيها أن من خلف لأهله هذه الآلة الخبيثة فإنه يُحرَم من دخول الجنة، لكن لا نقول: فلان ابن فلان يحرم ولو خلف لأهله، ولما رأينا بعض الناس استغرق في هذا الشيء، وخفنا أن الناس يُعيّر بعضهم بعضاً، يصير كل واحد يأتي لشخص يكون خلف الدش يقول: أبوك حرام عليه الجنة. ويحصل في هذا شيء من الفتنة، قلنا: إن من فعل ذلك فإنه يخشى أن ينطبق عليه الوعيد. وهذا ليس تغييراً للفتوى، فمن حيث الحكم ما تغيرت، لكنها تغيرت من ناحية اللفظ خوفاً من أن يتوهم الناس فيها معنى فاسداً. وأرى: أن لها أن تطلب الطلاق، ولكن يجب أن تتأمل ماذا يحدث بعد الطلاق وهي لها أولاد، فربما يحصل تفرق الأولاد، وربما يحصل أن الزوج يتسلط على الأولاد ويأخذهم، وتحصل مطالبات ومنازعات، فأرى أن تصبر وتحتسب، وهي إذا حصلت المعصية بدون رضا منها فليس عليها إثم.

جواز فسخ العقد إذا انتقضت الشروط

جواز فسخ العقد إذا انتقضت الشروط Q فضيلة الشيخ لقد قمت بالحجز والتعاقد مع إحدى الحملات للحج هذا العام، وبعد أن تعاقدنا على أن يكون المبيت داخل منى فإذا بهم يخبرون أن هناك احتمالاً بأن المبيت قد يكون في خارج منى، قد يكون بـ المزدلفة أو بـ العزيزية أو نحو ذلك، فهل هناك حرج أن أسافر مع هذه الحملة، أم يجب علي فسخ العقد والسفر مع حملة أخرى ليس فيها ذلك؟ أرجو الإفادة. A إذا كان يمكن أن تحصل على حملة قد حجز لها مكان في منى فلا تقم مع هؤلاء، أما إذا كان الناس على حد سواء كل لا يدري قد يحصل له مكان وقد لا يحصل، فما دامت هذه الحملة قد رضيتها ورضيت الرفقاء فيها فكن معهم.

الترتيب يسقط بالنسيان

الترتيب يسقط بالنسيان Q لقد صمت رمضان -ولله الحمد- ولكن أفطرت يوماً لسفري، وبعد رمضان شرعت في صيام الست من شوال، وتذكرت بعد مضي ثلاثة أيام أن عليَّ قضاء يوم، فما الحكم وماذا أفعل؟ الشيخ: على كل حال: في مثل هذا الحال إذا شرع إنسان في صيام أيام الست ناسياً أن عليه قضاء؛ فإنه إذا تذكر القضاء يصوم القضاء الذي عليه ثم يكمل أيام الست؛ لأن الترتيب هنا سقط لنسيانه ما عليه، والترتيب يسقط بالنسيان، لكنه إذا كان قد نوى اليوم هذا من الست فلا يجعلها للقضاء؛ لأن القضاء لا بد أن ينويه من قبل الفجر.

حكم دخول المسجد لمن أكل ثوما أو بصلا

حكم دخول المسجد لمن أكل ثوماً أو بصلاً Q أنا إمام مسجد دائم، وآكل الثوم ولا أستغني عنه أبداً، علماً أني إذا أكلت الثوم لا أجلس في المسجد أبداً لئلا أضايق الجماعة فإني من باب المسجد إلى المحراب ومن المحراب إلى خارج المسجد، وأؤدي السنة في المنزل، هل يجوز لي ذلك؟ وكيف السبيل إلى طريقة أحسن من هذه؟ A لا يجوز للإنسان إذا أكل بصلاً أو ثوماً وبقيت رائحته أن يدخل المسجد، لا المحراب ولا وسط المسجد، لا إماماً ولا مأموماً ولا منفرداً؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أكل بصلاً أو ثوماً فلا يقربن مساجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان) لكن إذا كان لا بد أن يأكل فليستعمل أشياء ذات روائح قوية تضمحل معها رائحة الثوم والبصل، فإذا زالت الرائحة فلا بأس أن يحضر إلى المسجد ويكون إماماً أو مأموماً أو منفرداً، أما ما دامت الرائحة باقية فلا يجوز أن يدخل المسجد.

حكم صوم من ترددت نيته فيما يفسد صومه

حكم صوم من ترددت نيته فيما يفسد صومه Q شخص كان مريضاً في المستشفى في أيام رمضان وقد تسحر لأجل أن يصوم، ولكن بعدما أكل السحور أتاه القيء فتقيء فتحير هل يصوم أم لا، وتذبذب في نية الصيام وبعد ذلك صام، فما حكم صوم يومه هذا وقد تذبذب في النية في أول يومه أيصوم أم لا؟ A ما دام هذا قد نوى الصوم لكنه تردد هل هذا القيء يفسد الصوم أم لا ثم استمر في عزيمته على الصوم فصومه صحيح؛ لأن هذا تردد في كون هذا الذي وقع مفسداً أو غير مفسد، هو ما تردد في النية لكن شك هل يفسد صيامه بهذا القيء أو لا؟ فنقول: صيامه صحيح، ولا قضاء عليه، ولكن ليعلم أن القيء لا يفسد الصوم إلا إذا تعمده الإنسان، أما إذا لم يتعمد فإنه لا يفسد الصوم بذلك، حتى لو فرض أنه لم يحاول أن يهدئه بل تركه لا جلبه ولا هدأه فخرج فإن صومه صحيح، وعلى هذا فنقول للأخ السائل: إن صومك صحيح ولا قضاء عليك.

حكم من مرض طيلة شهر رمضان ولم يقض شيئا ولم يكفر عنه

حكم من مرض طيلة شهر رمضان ولم يقض شيئاً ولم يكفر عنه Q شخص مرض طوال شهر رمضان، ومات وهو في المستشفى ولم يقض شيئاً ولم يكفر عنه فماذا عليه الآن، هل يصام عنه أم يكفر؟ نرجو الإفادة. A إذا كان هذا المرض الذي أصابه في رمضان مرض مما ييأس الناس من برئه فإن الواجب الإطعام عنه ولا يصام عنه، أما إذا كان مرضاً يرجى برؤه لكنه اشتد به حتى مات فإنه لا قضاء عليه ولا إطعام؛ لأن من أفطر لمرض يرجى برؤه ففرضه الصيام، فإذا استمر به المرض فإنه لا قضاء عليه؛ لأن فرضه أن يصوم إذا قدر، لكن في مثل هذه الحال إذا كان في أول رمضان مرضه يرجى برؤه، وبعد النصف انتقل المرض إلى مرض لا يرجى برؤه ثم مات فهنا نقول: يطعم عن الأيام الأخيرة التي وصل به المرض إلى حد لا يرجى برؤه، أما الأيام الأولى فالفرض فيها القضاء ولم يتمكن منه فتسقط عنه.

حكم تأخير الحج مع القدرة

حكم تأخير الحج مع القدرة Q أنا عمري ثلاثون سنة هل يجوز لي أن أؤخر الحج إلى السنة القادمة وأنا مستطيع الحج الآن؟ A لا يجوز، من وجب عليه الحج وجبت عليه المبادرة؛ لأن الإنسان لا يدري ماذا يعرض له، ربما يفقد هذا المال، ربما يمرض في المستقبل، ربما يموت، فمن وجب عليه الحج وجبت عليه المبادرة ولا يحل له أن يؤخره.

حكم أداء النوافل وقت الدوام

حكم أداء النوافل وقت الدوام Q فضيلة الشيخ من المعلوم يا فضيلة الشيخ أن وقت صلاة الضحى يأتي وأنا في وقت عملي وأنا مدرس في الفسحة وفي وقت فراغي، فقال لي أحد الإخوة من المعلمين: لا يجوز لك التنفل في وقت الدوام، وآخر يقول: يجوز لك أن تتنفل أقل ما يمكن بركعتين. رغم أني في الفسحة -أي: في وقت فراغي- فما حكم فعلي؟ A لك أن تصلي ما دمت في فسحة، ركعتين أو أربع ركعات أو أكثر؛ لأنك لم تنشغل عن شيء واجب عليك، أما إنسان يريد أن يخرج من الفصل ويصلي الضحى هذا حرام، لكن إنسان ليس عنده درس إما أنه في الفسحة الطويلة أو أنه في حصة لا يدرس فيها فله أن يصلي، وله أن يقرأ القرآن، وله أن يقرأ كتاباً، وله أن يكتب.

صيام الست من شوال متتابعة أفضل من تأخيرها

صيام الست من شوال متتابعة أفضل من تأخيرها Q بعض الناس يا فضيلة الشيخ يؤخرون صيام ست أيام من شوال إلى أيام البيض أو الإثنين والخميس فأيهما أفضل: التتابع أم تأخيرها؟ A التتابع أفضل؛ لأن هذه تابعة لرمضان كالراتبة تماماً، فكونه يبدأ بها من حين أن يفطر في اليوم الثاني من شوال ويتابع أفضل؛ لا شك في هذا، ثم إنه إذا نوى بهذه الأيام الستة أنها عن أيام البيض كفاه؛ لأنه يصدق عليه أنه صام ثلاثة أيام من كل شهر، ثم إن هذه الأيام سوف يمر عليه فيها يوم الإثنين ويوم الخميس، أو يوم الخميس أو يوم الإثنين لا بد من هذا فيحصل له الأجران جميعاً.

الواجب على من نسي أن يقصر أو يحلق في العمرة

الواجب على من نسي أن يقصر أو يحلق في العمرة Q رجل قام بأداء العمرة ونسي أن يقصر أو يحلق ولبس ثيابه، وذكر وهو في مكة أنه لم يقصر أو لم يحلق وسافر إلى بلده، السؤال: ما حكم عمرته وماذا يفعل؟ A عمرته صحيحه؛ لأنه ما بقي عليه إلا الحلق والتقصير، ولكن من العلماء من يقول: يحلق أو يقصر. أي: يخلع ثيابه الآن؛ لأنه يحرم عليه أن يلبس الثياب قبل الحلق والتقصير، فيخلع الثياب ويلبس ثياب الإحرام، ثم يقصر أو يحلق. ومنهم من قال: إنه ثبت عليه الدم بمغادرته مكة، ويذبح في مكة فدية توزع على الفقراء. وأرى أن الأخير أحسن: أن يذبح فدية في مكة توزع على الفقراء هذا إن كان غنياً أما إذا كان فقيراً فلا شيء عليه.

الواجب على من نسي أن يحرم من الميقات

الواجب على من نسي أن يحرم من الميقات Q شخص لم يعقد نية الإحرام إلا بعد أن تجاوز الميقات بعشرة كيلو -تقريباً- جاهلاً، وكذلك لبس ثوبه قبل أن يحلق شعره ناسياً؟ A أما المسألة الأولى وهو الذي لم يحرم من الميقات جاهلاً فلا إثم عليه، لكن عليه عند العلماء أن يذبح فدية في مكة توزع على الفقراء؛ لأنه ترك واجباً. وأما الثانية: وهو كونه لبس قبل أن يقصر ناسياً فلا شيء عليه.

فضائل العشر من ذي الحجة

فضائل العشر من ذي الحجة Q ما هي الفضائل في شهر ذي الحجة؟ A شهر ذي الحجة -الظاهر أن المراد العشر- أنه ينبغي للإنسان في هذه العشر أن يكثر من الأعمال الصالحة من الصلاة والصدقة والصيام -أيضاً- لأنه سوف يصوم الأيام التسعة، وكذلك كل عمل صالح، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما من أيام العمل فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) .

حكم تغيير النية من النفل إلى الفرض

حكم تغيير النية من النفل إلى الفرض Q أحد الإخوة كان عليه يوم من رمضان، فلما انتهى من رمضان نسي أن عليه يوماً واحداً فصام ثاني العيد والنية كانت صيام ست من شوال، فلما كان في وقت العصر تذكر أن عليه يوماً واحداً فرضاً فحول النية من النفل إلى الفرض، ثم أكمل الصوم، السؤال: هل صيامه هذا يحسب له فرضاً؟ A لا يحسب له فرضاً، وهذا تكلمنا عليه قبل قليل وقلنا: إنه لا بد أن يكون الفرض منوياً به قبل طلوع الفجر، فعلى هذا نقول للأخ السائل: يجب عليك الآن أن تقضي اليوم الذي عليك.

حكم الصلاة خلف الإمام الذي فيه لكنة

حكم الصلاة خلف الإمام الذي فيه لكنة Q ما حكم الصلاة خلف إمام فيه لكنة -أي: عقدة في لسانه- فيغير بعض حروف القرآن، فتخرج الكلمة غير صحيحة، مثلاً: "الصراط" تخرج ثاءً بدلاً من الصاد، و"المستقيم" تخرج ثاءً بدلاً من السين. وهكذا؟ A نرى أن هذا الإمام لا يحل له أن يكون إماماً للناس؛ لأن هذا التغيير يغير المعنى، فليتخل عن الإمامة ولتكن إلى شخص آخر سليم، لكن لو فرض أن الإنسان دخل معه وهو لا يدري ثم أتم الصلاة وهذا الذي معه يقرأ الفاتحة لنفسه قراءة صحيحة فلا إعادة عليه.

الواجب على من جامع أهله في نهار رمضان

الواجب على من جامع أهله في نهار رمضان Q جامعني زوجي في نهار رمضان في حالة ضعف مني ومنه -غفر الله لنا- فهل يجزئ الآن أن نذبح ذبيحة ونفرقها أو نطعم مائة وستين مسكيناً أم لا يجزئ؟ A الواجب عليه وعلى زوجته أن يعتق كل واحد منهما رقبة، فإن لم يجدا صام كل واحد شهرين متتابعين، فإن لم يستطيعا أطعم كل واحد ستين مسكيناً.

كلمة توجيهية عن مسائل الجماع في نهار رمضان

كلمة توجيهية عن مسائل الجماع في نهار رمضان Q هل من توجيه يا شيخ! في مسألة الجماع في نهار رمضان؟ A التوجيه بهذا أن نقول: إن الجماع في نهار رمضان هو أشد ما يكون من المفطرات وأعظمها، والواجب على الإنسان أن يتقي الله عز وجل، وألا يجعل نعم الله عليه معصية، فإن الله لما أنعم عليه بالزوجة فالواجب أن يتمتع بها حيث أباح الله له ذلك، وليصبر، والمسألة ما هي إلا ساعات ثم تغرب الشمس ويحل له أن يأتي أهله، لكن بعض الناس ضعيف الإيمان وضعيف النفس يعجز عن أن يملك نفسه، بل تجده -والعياذ بالله- يملي عليه الشيطان في النهار وتشتد شهوته أكثر من الليل نسأل الله لنا ولهم الهداية.

اللقاء الشهري [43]

اللقاء الشهري [43] إن أي عبادة يُتقَرب بها إلى الله عز وجل لا تقبل إلا إذا توفر فيها شرطان، وهما: الإخلاص لله عز وجل، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، ومن العبادات الحج، وفي هذا اللقاء ذكر الشيخ صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكي نقتدي به في حجه عليه الصلاة والسلام، وكذلك شروط الأضحية، ثم أردف ذلك بالإجابة عن الأسئلة حول الحج والأضحية وغيرهما.

شرطا العبادة الصحيحة

شرطا العبادة الصحيحة الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإننا بمناسبة استقبال شهر ذي الحجة الذي يؤدي فيه الناس مناسكهم من حج وعمرة، والذي يتقربون إلى الله تبارك وتعالى فيه بذبح الأضاحي فإننا سنذكر الآن شيئاً من أحكام الحج وأحكام الأضحية. من المعلوم أن كل عبادة لا تصح إلا بشرطين أساسين -جميع العبادات لا تصح ولا تقبل إلا بشرطين أساسين-

من شروط العبادة: الإخلاص لله تعالى

من شروط العبادة: الإخلاص لله تعالى الشرط الأول: الإخلاص لله تعالى؛ بأن يقصد الإنسان بعبادته مرضاة الله سبحانه وتعالى، والوصول إلى دار كرامته، لا يقصد بذلك شيئاً من الدنيا؛ لأن من أراد بعمله شيئاً آخر من أمور الدنيا حبط عمله، قال الله تبارك وتعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود:15-16] وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى:20] بعض الناس يذهب إلى الحج للترفه والنزهة ورؤية الناس، وبعض الناس يأخذ الحج لغيره نيابة لأجل الدنيا -لأجل المال- وكل من أراد بعمله الذي يتقرب به إلى الله شيئاً من الدنيا فإنه لا يقبل منه.

من شروط العبادة: متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم

من شروط العبادة: متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم والشرط الثاني: المتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لا يمكن أن تقبل أي عبادة إلا على نحو ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لقول الله تبارك وتعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى:13] وقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21] قال ذلك منكراً عليهم، وقال الله تعالى في الحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) فلا بد من المتابعة والإخلاص، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) .

صفة حجه عليه الصلاة والسلام

صفة حجه عليه الصلاة والسلام إذا كان لا بد من متابعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا بد أن نعرف كيف حج الرسول عليه الصلاة والسلام. فلنذكر ذلك على سبيل الاختصار حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في السنة العاشرة من الهجرة ولم يحج قبلها -بعد الهجرة لم يحج عليه الصلاة والسلام إلا هذه الحجة- لأنها -أي: مكة - كانت إلى السنة الثامنة تحت ولاية المشركين، وفي السنة التاسعة بعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا بكر رضي الله عنه ليكون أمير الحجيج في السنة التاسعة، وتأخر في المدينة؛ لأن الناس صاروا يفدون إلى المدينة يتعلمون أحكام الإسلام، فبقي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المدينة وحج في السنة العاشرة وأعلم الناس بذلك، وحج معه نحو أربعين ألفاً من المسلمين؛ فخرج من المدينة ونزل بـ ذي الحليفة وأحرم منها، وسار إلى مكة، ولما وصل مكة طاف بالبيت سبعة أشواط: يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى ويمشي في الأربعة الباقية. وكان مضطبعاً بردائه، والاضطباع: أن يجعل الإنسان وسط الرداء تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على كتفه الأيسر، ولما أتم سبعة أشواط تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة:125] فصلى خلف المقام ركعتين قرأ في الأولى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:1] بعد الفاتحة، وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] بعد الفاتحة، وخفف هاتين الركعتين من أجل أن يخلي المكان لمن أراد أن يصلي فيه. ثم رجع إلى الركن -أي: إلى الحجر الأسود- فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] أبدأ بما بدأ الله به -فبدأ بـ الصفا - فرقي عليه واستقبل القبلة ورفع يديه وجعل يذكر الله ويدعوه، وكان من ذكر الله الذي قاله: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) ثم دعا، ثم أعاد الذكر مرة ثانية ثم دعا، ثم أعاده مرة ثالثة. ثم نزل يمشي حتى نزل بطن الوادي -أي: مجرى الشعيب- وكان نازلاً فلما نزل بطن الوادي أسرع إسراعاً بالغاً حتى أن إزاره لتدور به من شدة السعي، فلما ارتفع صار يمشي إلى المروة، أتم سبعة أشواط: من الصفا إلى المروة شوط، ومن المروة إلى الصفا شوط آخر، فكان أول ابتداء سعيه من الصفا وآخره المروة. ثم أمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهدي أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة، أما هو صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلم يتحلل؛ لأنه قد ساق الهدي، ومن ساق الهدي لا يتحلل حتى يبلغ الهدي محله، وأشكل على الصحابة: كيف نتحول من الحج إلى العمرة، قالوا: (يا رسول الله! قد سمينا الحج. قال: افعلوا ما آمركم به) وقال: دخلت العمرة في الحج، يعني: أن انتقالكم من الحج إلى العمرة لا يعني إفساد الحج؛ لأن العمرة دخلت في الحج. ثم انتهى من السعي وخرج عليه الصلاة والسلام ونزل في الأبطح ولم ينزل في مكة من أجل أن يخليها لمن احتاج إليها، ومعه كما قلت لكم أربعون ألفاً، نزل هناك إلى أن كان يوم الثامن من ذي الحجة، فلما كان يوم الثامن من ذي الحجة ارتحل صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى منى، وأحرم المسلمون الذين حلوا من عمرتهم في ذلك اليوم، وبقي في منى صلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ولما طلعت الشمس سار إلى عرفة، ونزل في مكان يقال له: نمرة ليستريح فيه، حتى إذا زالت الشمس ارتحل عليه الصلاة والسلام متجهاً إلى عرفة، فنزل في بطن الوادي -أي: وادي عرنة - وخطب الناس خطبة بليغة عظيمة، ثم أذن بلال فصلى الظهر والعصر جمع تقديم. ثم سار إلى الموقف الذي اختار أن يقف فيه في عرفة عند الصخرات شرقي عرفة، وقف راكباً على بعيره عليه الصلاة والسلام يدعو الله تبارك وتعالى إلى أن غابت الشمس، ولما غابت الشمس دفع من عرفة متجهاً إلى مزدلفة حتى وصل مزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح، ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام فوقف عنده مستقبل القبلة يدعو الله تبارك وتعالى حتى أسفر جداً. ثم واصل السير إلى منى وسلك الطريق الوسطى؛ لأن منى في ذلك الوقت فيها ثلاث طرق، فسلك الطريق الوسطى؛ لأنه أيسر في وصوله إلى جمرة العقبة، وبدأ بجمرة العقبة حين وصل إلى منى فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، وقال لأصحابه -وقوله لأصحابه قول لأمته- قال: (بأمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلوَّ في الدين) . ثم بعد الرمي انصرف إلى المنحر وكان قد أهدى مائة بعير نحر منها ثلاثاً وستين بيده، وأعطى علي بن أبي طالب الباقي فنحرها، ثم أمر صلى الله عليه وعلى آله وسلم من كل بدنة بقطعة فجعلت في قدر فطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها تحقيقاً لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا} [البقرة:58] ثم حلق وحل ونزل إلى مكة وطاف طواف الإفاضة ومن معه قارنين طافوا معه طواف الإفاضة، ولم يسعوا بين الصفا والمروة؛ لأنهم كانوا قد سعوا بعد طواف القدوم، أما المتمتعون الذين حلوا من العمرة فطافوا بين الصفا والمروة بعد طواف الإفاضة. ثم رجع إلى منى وأقام فيها ثلاثة أيام بعد العيد، رمى في اليوم الأول الجمرة الأولى، ثم الوسطى ثم العقبة، يدعو بين الجمرتين الأولى والثانية، والثانية والثالثة، أما الثالثة فإنه لم يقف بعدها للدعاء. وفي اليوم الثالث عشر نزل صلى الله عليه وعلى آله وسلم من منى بعد أن رمى الجمرات الثلاث وقبل أن يصلي الظهر، فنزل بمكان يقال له المحصَّن وفي آخر الليل أمر بالرحيل، فارتحل صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأتى المسجد الحرام فطاف طواف الوداع، وصلى الفجر، ثم رجع إلى المدينة صلوات الله وسلامه عليه. هذه هي الخلاصة، وقد سبق شيء كثير من أحكام الحج في اللقاء السابق.

من أحكام الأضاحي

من أحكام الأضاحي أما الأضاحي فهي سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأنه كان يضحي كل عام، ويضحي بكبشين: أحدهما يقول: (هذا عن محمد وآل محمد) والثاني يقول: (هذا عن أمة محمد) عليه الصلاة والسلام وجزاه الله عنا خيراً، والأضحية سنة مؤكدة، وقال بعض العلماء: إنها واجبة على القادر، وممن ذهب إلى ذلك في ظاهر كلامه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله، فالإنسان القادر يضحي إما وجوباً وإما استحباباً مؤكداً، ولكن الأضحية عمن؟ الأضحية عن الأحياء، والأموات إن أوصوا بأضحية ضحي لهم حسب وصيتهم، وإن لم يضحوا فإنه لا يضحى عنهم وإنما يكونون تبعاً، فإذا قال الإنسان: هذا عني وعن أهل بيتي. وفيهم أموات دخلوا في ذلك. وقولنا: إنه لا يضحى لهم إلا بوصية، لا تستغربوا هذا؛ لأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهو لم يضح عن أحد من أمواته، لقد ماتت زوجته خديجة وهي من أحب زوجاته إليه ولم يضح عنها، ولقد مات له ثلاث بنات وثلاثة أبناء ولم يضح عنهم، ماتت له زينب ورقية وأم كلثوم، ومات له إبراهيم وأخواه ولم يضح عن أحد منهم، ومات له عمه حمزة وهو من أحب أعمامه إليه، استشهد في أحد رضي الله عنه ولم يضح عنه، وما علمنا أحداً من الصحابة ضحى عن أقاربه، ولا شك أنه لو كان خيراً لسبقونا إليه، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن الإنسان إذا ضحى عن الميت لم تقبل لعدم ورود الشرع بها، لكن أكثر العلماء قالوا: إنها تقبل؛ لأنها بمنزلة الصدقة، والصدقة جاءت السنة بقبولها عن الميت. على كل حال: لا أريد أن أزهدكم في الأضاحي عن الأموات، لكن أريد أن أدفع تلك العادة التي اعتادها بعض الناس فصاروا لا يضحون إلا عن الأموات، لا يضحي الإنسان عن نفسه وأهله، وهذا لا شك أنه خطأ، وأن الأصل في الأضحية عن الرجل وأهل بيته.

شروط الأضحية

شروط الأضحية الأضحية لا بد فيها من شروط: الشرط الأول: أن تكون من بهيمة الأنعام. والشرط الثاني: أن تكون بالغة للسن المحدد شرعاً. والشرط الثالث: أن تكون سليمة من العيوب. والشرط الرابع: أن تكون في وقت الأضاحي.

من شروط الأضحية: أن تكون من بهيمة الأنعام

من شروط الأضحية: أن تكون من بهيمة الأنعام أن تكون من بهيمة الأنعام: وهي الإبل والبقر والغنم لقول الله تعالى: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج:34] فمن ضحى بفرس -والفرس غال وجسمه كبير- فإن أضحيته لا تقبل، لماذا؟ لأنه ليس من بهيمة الأنعام.

من شروط الأضحية: أن تبلغ السن المحدد شرعا

من شروط الأضحية: أن تبلغ السن المحدد شرعاً الشرط الثاني: أن تبلغ السن المحدد شرعاً: في الإبل خمس سنوات، وفي البقر سنتان، وفي المعز سنة، وفي الضأن نصف سنة، فلو ضحى ببعير له أربع سنوات فقط فأضحيته غير مقبولة، ومن ضحى ببقرة عمرها ثمانية عشر شهراً فأضحيته غير مقبولة، ومن ضحى بعنز عمرها ثلاثة شهور لم تقبل، ومن ضحى بخروف عمره خمسة شهور لا يقبل، الدليل: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) .

من شروط الأضحية: أن تكون سليمة من العيوب

من شروط الأضحية: أن تكون سليمة من العيوب الشرط الثالث: أن تكون سليمة من العيوب، والعيوب تنقسم إلى قسمين: عيوب لا تصح معها الأضحية، وعيوب تصح لكنها ناقصة، العيوب التي لا تصح معها الأضحية هي ما أشار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سئل ماذا يتقى من الضحايا؟ فقال: (أربع -وأشار بأصابعه-: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والهزيلة -أو قال: العجفاء- الذي ليس فيها مخ) . إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل: العوراء بل قال: البين عورها، كيف بيان العور؟ بيان العور أنك إذا رأيتها أنها عوراء إما لكون عينها بارزة، وإما لكونها منخسفة غائرة، أما لو كانت قائمة ولا تبصر بها فإنها تجزئ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (العوراء البين عورها) ولم يقل: العوراء فقط. المريضة البين مرضها، المرض نوعان: نوع بين بحيث تكون الشاة -مثلاً- خاملة لا ترعى ولا تمشي، ودائماً رابضة، هذه مرضها بين، أما إذا كان فيها شيء من السخونة ولكنها تمشي، تأكل، وتصحب الغنم -مثلاً- فهذه مريضة لكن مرضها ليس ببين. العرجاء بين الرسول عليه الصلاة والسلام بأن العرجاء البين ضلعها، فإن كانت تهمز بيدها أو برجلها لكنها تمشي، ليس مرضها بيناً، فإنها تجزئ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قيد فقال: (البين عرجها) . الرابعة: العجفاء أو الهزيلة التي ليس فيها مخ؛ لأن هذه تكون ضعيفة جداً، ويكون لحمها غير طيب، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنها لا تجزئ) أي: تتقى، ولا يضحى بها. أما إذا كان في الأذن نقص؛ كأن قطع نصف أذنها، أو انخرمت أذنها، أو انخرقت من الوسم فهل تجزئ؟ نعم تجزئ لكنها ناقصة، ولو أنها سقطت أسنانها أو شيء من أسنانها: الثنايا والرباعيات أتجزئ أو لا؟ تجزئ ولكنها ناقصة، كلما كانت أكمل فهو أفضل، ولو قطعت إليتها؟ فيقول العلماء: إن المقطوعة الإلية لا تجزئ؛ لأن الإلية تحمل شحماً كثيراً فهي بمنزلة العجفاء فلا تجزئ. ولو ضحى ببعير مقطوعة الذنب -ذيلها مقطوع-؟ تجزئ؛ لأن ذيل البعير ليس بمقصود بل يرمى به، وكذلك لو ضحى ببقرة مقطوعة الذنب -مقطوعة الذيل- فإنها تجزئ لكن الكاملة أفضل، ولو ضحى بعنز مقطوعة الذيل فإنها تجزئ لكنها ناقصة، ولو ضحى بشاة قطع أكثر من نصف أذنها ولكنها صحيحة تأكل وتشرب وتمشي فما تقولون؟ تجزئ لكنها ناقصة، فالمهم إذا ضحى بشيء خال من العيوب الأربعة التي نص عليها الرسول عليه الصلاة والسلام فإنها تجزئ، لكن كلما كانت أنقص فهي ناقصة. لو ضحى بعمياء؟ عمياء لا تنظر أبداً؟ لا تجزئ، لأنه إذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم منع من الأضحية بالعوراء البين عورها فالعمياء من باب أولى، لكن ألا تعلمون أن بعض العلماء قال: إن العمياء تجزئ، قيل له: سبحان الله! العمياء تجزئ والعوراء لا تجزئ؟! قال: نعم. لأن العوراء يتركها أهلها ترعى وحدها وهي لعورها لا ترى كل شيء، العوراء لا ترى إلا من عند العين الصحيحة فقد يفوتها شيء كثير من المرعى، والعمياء أهلها يأتونها بالعلف، يعرفون أنهم لو أطلقوها ما رأت فلا يأتيها شيء، لكن لا شك أن هذا قياس ضعيف وقول باطل، يا سبحان الله!! الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (العوراء البين عورها) ونحن نقول: العمياء البين عماها تجزئ؟!! والمقطوعة اليد تجزئ أو لا تجزئ؟ لا تجزئ لسببين: أولاً: أنها أن أبلغ من العرجاء. والثاني: قد فات لحم مقصود، إذا قطعت من عند الكتف فقد فات لحم مقصود. على كل حال افهموا -بارك الله فيكم- العيوب المنصوص عليها واضحة ولا أحد يتكلم فيها أنها لا تجزئ، وما كان مثلها أو أكثر فله حكمها، وما كان دون ذلك فإنه لا يمنع من الإجزاء ولكن تكون ناقصة.

من شروط الأضحية: أن يكون ذبحها في الزمن المحدد شرعا

من شروط الأضحية: أن يكون ذبحها في الزمن المحدد شرعاً الرابع: أن تكون في وقت الأضحية، من صلاة العيد يوم العيد إلى غروب الشمس يوم الثالث عشر، فتكون أيام الذبح أربعة أيام يجزئ الذبح فيها ليلاً ونهاراً، والنهار أفضل من الليل، وأول يوم أفضل من الذي يليه، فإن ذبح قبل التسليمة الثانية من صلاة العيد فهي غير مقبولة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من ذبح قبل الصلاة فشاته شاة لحم) لا تقبل. من ذبح بعد غروب الشمس ليلة الثالث عشر فإنها لا تقبل؛ لأنها بعد الوقت، اللهم إلا في حال واحدة: لو أن الرجل اتكل على ابنه -مثلاً- قال: يا ابني ضح. فتهاون الابن أو نسي ولم يضح، وكان الأب عازماً على الأضحية لكن قد وكل ابنه فلم يفعل، والأب ظن أنه ضحى، وبعد غروب الشمس ليلة الثالث عشر جرى الدرس بينهما فقال الابن: أنا ما ضحيت نقول: لا بأس الآن أن يضحي وتكون قضاءً؛ لأن هذا من نيته أن يضحي في الوقت نفسه لكن نسي. والأفضل أن الإنسان بنفسه يتولى ذبح أضحيته، وأما سلخها وتقطيع لحمها فأمر هين، لكن المهم أن يذبح هو بنفسه، فيضجع الشاة أو العنز على الجانب الأيسر أولاً: لأنه أهون له لأنه سيذبح باليمنى، وثانياً: لعل الأيسر أقرب إلى القلب فيكون أسرع في خروج الدم، وكلما كان الدم أسرع صار الموت أريح، فإذا قال: أنا لا أعرف أن أذبح باليد اليمنى. هو لا يعرف أن يذبح إلا باليسرى فعلى أي الجنبين يضجعها؟ يضجعها على الأيمن؛ لأنه لو أضجعها على الأيسر لما تمكن إلا بصعوبة وأذى للبهيمة. البقرة تذبح أم تنحر؟ تذبح، وعلى هذا تضجع على الجانب الأيسر ويذبحها الإنسان. وإذا أراد الذبح فإنه مطالب بأمور: أولاً: أن يذبح بسكين حادة لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وليحد أحدكم شفرته) . الثاني: ألا يحدها وهي تنظر، إذا أراد أن يحدها -يعني: يسنها- فلا يفعل ذلك والبهيمة تنظر لماذا؟ لأنها ترتاع، هي تعرف أنه إذا سن السكين أمامها وقد أضجعها أنه يريد ذبحها فترتاع. وأيضاً: لا يذبحها والأخرى تنظر؛ لأنها ترتاع -أيضاً- إذا رأت أختها تضجع وتذبح ارتاعت، ولهذا نجد بعض الأحيان إذا ذبحت أمام أختها هربت الأخت، ولا يستطيعون إمساكها إلا بمشقة. وأيضاً: ينبغي عند الذبح أن يذبح بقوة وعزيمة؛ لأنه لو جعل يرمي بسهولة ويحرحر الذبح لتأذت البهيمة، بل يرمي بقوة وسرعة؛ لأن ذلك أسهل. وإذا ذبح فليقل: باسم الله. عند تحريك يده بالذبح، ويزيد على ذلك: الله أكبر، والواجب قول: باسم الله، أما (الله أكبر) فهو مستحب، ويقول -أيضاً-: اللهم هذا منك ولك، منك خلقاً ولك تعبداً؛ لأن الذي يسر لك هذه الشاة أو البقرة أو البعير هو الله عز وجل، وله تعبداً فتقول: اللهم هذا منك ولك، اللهم هذا عني وعن أهل بيتي. أو تقول: اللهم تقبل مني ومن أهل بيتي. ولا يجوز أن يكسر عنقها حتى تموت، وبعض الذين لا يخافون الله ولا يرحمون خلق الله يكسر عنقها قبل أن تموت؛ لأنه أسرع لموتها، لكن فيه أذية لها، اصبر وستموت ما دام الدم يخرج، فإنه إذا نزف الدم لا بد أن تموت، لكن بعض الناس -نسأل الله العافية- يكسر عنقها؛ لأجل أن تموت سريعاً، وهذا حرام. وكذلك -أيضاً- نقول: لا تشرع في سلخها حتى تموت؛ لأن سلخها يؤلمها، ما دامت الروح فيها فإن السلخ يؤلمها، أن تجرحها وتشق جلدها لا بد أن تتألم، فانتظر حتى تزهق روحها؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن نعجل الأنفس حتى تزهق. الدم الذي يخرج منها نجس أم طاهر؟ ما كان قبل خروج الروح فإنه نجس، وما كان بعد موتها فهو طاهر. الدليل على أن الدم قبل أن تزهق روحها حرام قول الله تبارك وتعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام:145] أما بعد أن تخرج روحها فالدم طاهر، فإذا أصاب الإنسان منها دم بعد سلخها فهو طاهر، ولا يجب عليه أن يغسله لا من ثوبه ولا من بدنه. ما حكم الدم الذي يكون في القلب؟ طاهر، وكذلك دم الكبد والعروق. هل يجب أن نغسل ما على الرقبة مما حصل من الدم المسفوح أم لا يجب؟ قال بعض العلماء: إنه يجب لأنه نجس، وقال بعض العلماء: إنه معفو عنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يأمر بغسله، ولا أمر بغسل الصيد الذي يصيده الكلب أو يصيده الصقر أو ما أشبه ذلك مع أنه متلوث بدم نجس، وهذا مما يعفى عنه، فلو أن الإنسان ترك غسله فلا حرج عليه، ولو غسله لكان هذا أحوط وأحسن. فإذا ذبح فكيف يكون توزيع اللحم؟ نقول: إن الله تعالى قال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج:28] ولم يحدد الله تبارك وتعالى، لكن قال أهل العلم: يجعلها أثلاثاً: ثلث للأكل، وثلث للهدية، وثلث للصدقة، ولكن هذا ليس شيئاً واجباً إنما شيء على وجه التقريب، فيتصدق ويهدي ويأكل، والأفضل أن يبادر بها، وأن يبادر بالأكل منها؛ لأن الله تعالى قال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج:28] . ثم إذا كان لا يستطيع الذبح بنفسه فالأفضل أن يحضر ذبحها، ونحن نعرف أن الشاة والعنز غالب الناس يستطيعون أن يذبحوها، لكن البقرة صعب ذبحها على الإنسان، وكذلك البعير صعب نحره على الإنسان، فنقول: إذا كنت لا تعرف فاحضرها، فإذا حضرها صاحبها هل يسمى هو أو يسمي الفاعل؟ الفاعل، لو سمى هو ولم يسم الفاعل حرمت الذبيحة، بل الفاعل هو الذي يسمي، يقول: باسم الله، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذا عن محمد أو عن علي أو عن خالد أو عن بكر وأهله. ولعلنا نكتفي بهذا القدر مما أردنا أن نتكلم فيه، ونسأل الله تعالى أن ينفع به، وأن يرزقنا وإياكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً، ورزقاً طيباً واسعاً. ونختم هذا بأن من أراد أن يضحي فإنه إذا ثبت دخول شهر ذي الحجة حرم عليه أن يأخذ شيئاً من شعره أو ظفره أو بشرته، حتى فيما يسن أخذه من الشعر فلا يأخذه، أو الظفر، أو البشر، ما هي البشرة هذه؟ الجلد، إلا إذا انكسر الظفر فله أن يقص ما انكسر، أو نزلت الشعرة في عينه وآذته فليأخذها، أو انكشط جلده وآذاه فله أن يقصه؛ لأن هذا لدفع أذاه وإلا فلا يأخذه. وهل هذا حرام على رب العائلة وهو القيم أو على الجميع؟ على رب العائلة فقط، أما أهل البيت فلا بأس أن يأخذوا من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (وأراد أحدكم أن يضحي) ولأنه كان يضحي عن أهله، ولم ينقل أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لهم: اجتنوا ذلك. إلى متى؟ قال العلماء: إلى أن يضحي، إذا ضحى حل له أن يأخذ من شعره وبشرته وأظفاره. وإذا لم يضح إلا ثاني العيد فإنه ينتظر حتى يضحي، وكذلك ثالث العيد ينتظر حتى يضحي، أو رابع العيد ينتظر حتى يضحي.

الأسئلة

الأسئلة

حكم الذهاب إلى الحج في اليوم السابع أو الثامن للمتمتع

حكم الذهاب إلى الحج في اليوم السابع أو الثامن للمتمتع Q فضيلة الشيخ أريد أن أحج متمتعاً إن شاء الله، وأريد الذهاب في اليوم السابع أو الثامن هل يمكنني ذلك؟ A المتمتع يأتي بالعمرة أولاً ويحل منها ثم يحرم بالحج، وقوله تبارك وتعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة:196] يدل على أن بينهما زمن، فإذا قدم مكة يوم السابع فبينهما زمن، يحل من العمرة، فإذا كان اليوم الثامن أحرم بالحج، لكن إذا قدم بعد أن خرج الناس إلى منى -يعني: في اليوم الثامن- فهنا لا مكان للتمتع؛ لأن الزمن زمن حج، كيف تصرف زمن الحج إلى العمرة؟! أنت لو كنت في مكة محلاً قلنا لك: احرم بالحج الآن واخرج مع الناس، فمثل هذا إذا وصل في هذا الزمن نقول له: إما أن تحرم مفرداً، وإما أن تحرم قارناً، أما التمتع فقد انتهى؛ لأنه دخل وقت الحج.

حكم الحج بمال الصدقة الذي فيه ربا

حكم الحج بمال الصدقة الذي فيه ربا Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ أنا امرأة قد تزوجت قبل خمس عشرة سنة ولم أحج لظروف، ويسر الله لي عز وجل في هذه السنة أن جاءتني صدقة -مبلغ من المال- وأنا لا أملك أجرة الحج، وهذا المبلغ من رجل معروف بالربا والناس يعرفون ذلك عنه، فله بنوك ربوية، السؤال يا فضيلة الشيخ: هل أحج؟ علماً بأني لا أعلم عن هذا المال الذي أخذته هل هو من الربا أم من الحلال؟ وماذا أعمل علماً بأن أخي سوف يكون محرماً لي؟ A لا حرج على الإنسان إذا تصدق عليه أحد من المرابين أن يحج بما تصدق به عليه، ولا حرج عليه -أيضاً- أن يقبل ما أهدي إليه؛ لأن ذنب الربا على صاحبه، أما الذي أخذ فقد أخذ بطريق شرعي: بطريق الهبة، بطريق الصدقة، والدليل على هذا: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل الهدية من اليهود، وأكل طعام اليهود، واشترى من اليهود، مع أن اليهود معروفون بالربا وأكل السحت. نعم لو فرضنا أن شخصاً سرق شاة من غنم رجل وجاء وأهداها إليك، هنا نقول: تحرم عليك؛ لأنك تعرف أن هذه الشاة ليست ملكاً له، أما إذا كان يتعامل بالربا فإثمه على نفسه، ومن أخذه منه بطريق شرعي فهو مباح له. فنقول لهذه المرأة: لا حرج عليك أن تحجي بالمال الذي أعطاك إياه من كان معروفاً بالربا.

حكم مخالفة الترتيب بين الطواف والسعي

حكم مخالفة الترتيب بين الطواف والسعي Q فضيلة الشيخ رجل حج مفرداً وسعى يوم الحادي عشر سعي الحج، وطاف يوم الثالث عشر طواف الحج ثم سافر، فما حكم فعله، هذا حيث تحلل يوم العاشر بالرمي والحلق؟ A هو في اليوم العاشر تحلل برمي جمرة العقبة والحلق، لكن هذا التحلل هو التحلل الأول، الذي يبقى عليه النساء وما يتعلق بهن، في اليوم الحادي عشر سعى وأخر طواف الإفاضة إلى سفره فطافه عند الخروج نقول: هذا لا بأس به؛ لأن غاية ما صار عنده أنه خالف الترتيب بين الطواف والسعي، وقد سئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: عمن سعى قبل أن يطوف؟ فقال: لا حرج، وهذا في الحج، أما في العمرة فلا بد أن يتقدم الطواف على السعي، حتى لو فرض أن الإنسان جاء بعمرة فقدم السعي على الطواف جاهلاً لا يعلم قلنا له: إن هذا السعي لا يصح، فعليك أن تسعى بعد الطواف.

آخر وقت لرمي الجمار الثلاث وجمرة العقبة

آخر وقت لرمي الجمار الثلاث وجمرة العقبة Q فضيلة الشيخ ما هو نهاية الوقت لرمي الجمار الثلاث وكذلك رمي جمرة العقبة الكبرى؟ A أما رمي جمرة العقبة فينتهي بطلوع فجر يوم الحادي عشر، وقال بعض أهل العلم: ينتهي بغروب الشمس يوم العيد، وأما رمي يوم الحادي عشر فيبتدئ من الزوال وينتهي بطلوع الفجر من ليلة الثاني عشر، ويوم الثاني عشر يبتدئ من الزوال وينتهي بطلوع الفجر من اليوم الثالث عشر، ورمي الجمار يوم الثالث عشر يبتدأ من الزوال وينتهي بغروب الشمس ولا رمي بعد ذلك.

الحج عن الميت

الحج عن الميت Q فضيلة الشيخ إن من أكثر المسائل التي يسأل عنها كثير من الناس مسألة الحج عن الميت، هل هناك فرق بين ما إذا أوصى أن يُحَج عنه أو لم يوصِ أرجو الجواب بالتفصيل؟ A إذا أوصى أن يُحَج عنه وكان المال متوفراً في الوصية فإنه يُحَج عنه؛ لأن الحج بر، وقد قال الله تبارك وتعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة:182] بعد قوله: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:181] فيجب أن تنفذ وصيته؛ لأنه أوصى بها. أما إذا لم يوص بها فلا بأس أن يحج عنه بعد موته، ولكن الدعاء له أفضل من الحج عنه، ولهذا نقول لمن أراد أن يحج عن أبيه نافلة: اجعلها عن نفسك وادع لأبيك في الطواف، وفي السعي، وفي الوقوف بـ عرفة، وفي الوقوف بـ مزدلفة فذلك خير لك؛ لأن نبيك محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ما قال: يعمل له، ومعلوم أن سياق الحديث في العمل، فلما عدل صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن العمل إلى الدعاء، علم أن الدعاء له أفضل.

وفاء الدين أهم من الحج

وفاء الدَّين أهم من الحج Q فضيلة الشيخ كنت مخصصاً مبلغاً من المال للحج وعليَّ دين، ولكن هذا الدين مفتوح التسديد من قبل المدين، وفي هذا الشهر صرفت النقود على اعتبار أني سأعوضها قبل موعد الحج، ولكن لم يتيسر لي المبلغ الآن مع العلم بأني لم أفرط، فهل ما فعلته من التفريط؟ A أقول للأخ: إن الحج ليس فرضاً عليك؛ لأن أي إنسان عليه دين فالحج ليس فرضاً عليه، فليطمئن وليسترح باله، وليعلم أنه لو واجه ربه فإنه لا يعاقب؛ لأن الدين وفاؤه أهم من الحج، فعلى الإنسان أن يحمد الله على الرخصة وعلى التوسعة، فمثلاً: إذا كان الإنسان عنده ألف ريال يمكن أن يحج بها لكن عليه ألف ريال ماذا نقول؟ هل نقول: حج بها وأوف بعد الحج، أو نقول: أوف بها ثم حج في عام آخر؟ الجواب: نقول: أوف ثم حج؛ لأن الحج الآن ليس فرضاً عليك لقول الله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] والإنسان يريد أن يبرئ ذمته من الناس، فاقبل رخصة الله، والله تعالى أكرم من الدائن، الدائن سيؤذيك ويقول: أعطني، وإذا رأيته أغمضت عينيك، لكن الرب عز وجل رخص لك وأذن لك ألا تحج، ولم يفرض عليك الحج، فلماذا تذهب تحج وتدع الدين الذي عليك؟!! إذا مات الإنسان والدين عليه من يوفيه؟ ليس عنده مال، ثم إنه لو كان عنده مال فإن بعض الورثة والعياذ بالله ظلمة لا يبالون ببقاء الدين في ذمة الميت، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) فالمسألة خطيرة. ولهذا نقول لإخواننا الذين عليهم دين: إن الحج ليس فرضاً عليكم أصلاً؛ لأنكم لا تستطيعون، والله تعالى إنما فرض الحج على من استطاع إليه سبيلاً، أرأيت الفقير هل عليه زكاة؟ ولو لقي ربه في هذا الحال أيعاقب؟ لا. فكذلك الإنسان الذي عليه دين فإنه ليس عليه حج حتى يؤدي الدين، نعم لو فرض أن الإنسان عليه دين لكن الدين مؤجل يحل مثلاً بعد شهرين، وهو موظف وواثق من أنه بعد الشهرين سيوفي، وبيده الآن مال، هل يحج أو لا يحج؟ يحج؛ لأن هذا ليس عليه ضرر. لو قال قائل: أنا عليَّ دين حال، وصاحب الدين أذن لي أن أخرج، هل يجب علي الحج؟ نقول: لا يجب؛ لأنه وإن أذن لك لن يُسقط شيئاً من دينه، فإذا قال المدين: أنا أريد أن أصحب رفقة مجاناً هل يلزمني الحج؟ لا يلزمه الحج؛ لأن هؤلاء الرفقة يمنون عليه في المستقبل، أدنى شيء يقول: نحن حججنا بك هذا جزاءنا -مثلاً-؟ هذه واحدة. الشيء الثاني: إذا قدرنا أن الرفقة هؤلاء من أهله ولا يمكن أن يمنوا عليه يوماً من الدهر قلنا: ننظر؛ إذا كان هذا المدين صاحب عمل ويحصل في أيام الحج أجرة تنفع الدائنين، لكن لو ذهب يحج ما حصل أجرة، نقول: لا تحج؛ لأنك إذا حججت أضررت بالدائن، فمثلاً: إذا قدرنا أن هذا الرجل يوميته ثلاثمائة ريال وهو سيحج في عشرة أيام كم يفقد؟ ثلاثة آلاف ريال وهي تنفع الدائن، فنقول: لا تحج. أما لو كان الرجل عاطلاً عن العمل ولو ذهب يحج ما ضر أهل الدين فحينئذ نقول: حج إذا يسر الله لك قوماً يحملونك مجاناً ولا يخشى من منتهم في المستقبل فتوكل على الله. سؤال: فإذا كان الدين لوالدي أو والدتي؟ الجواب: لا فرق بين الدين الذي للوالد أو الوالدة أو للأجنبي، فالذمة مشغولة.

صلاة الحاج في مزدلفة صلاة الوتر

صلاة الحاج في مزدلفة صلاة الوتر Q فضيلة الشيخ هل يصلي الحاج في مزدلفة صلاة الوتر أم لا؟ A في مزدلفة لم يُذكَر في حديث جابر، وهو أوفى الأحاديث في صفة حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لم يذكر أنه أوتر، ولم يذكر -أيضاً- أنه صلى راتبة الفجر، لكن لدينا عموم: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) ولم يخصص، وأيضاً كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يدع الوتر حضراً ولا سفراً ولم يستثن من هذا شيئاً، وكذلك نقول في سنة الفجر حث عليها النبي عليه الصلاة والسلام حتى قال: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يدعهما حضراً ولا سفراً فنقول: ليلة مزدلفة أوتر وصل سنة الفجر.

حكم الأضحية التي نسي أن يذكر اسم الله عليها

حكم الأضحية التي نسي أن يذكر اسم الله عليها Q فضيلة الشيخ رجل ذبح أضحيته ونسي التسمية، فماذا يترتب على هذا؟ وهل يفرق بين ما إذا كان الشخص متبرعاً بالذبح أم صاحبها؟ A إذا نسي التسمية فليس عليه إثم لقول الله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] ولكن هل يحل لنا أن نأكل من هذه الذبيحة؟ ننظر، قال الله عز وجل: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:121] فأمامنا الآن فعلان: فعل الذابح وفعل الآكل، أما الذابح فمعفو عنه لماذا؟ لأنه ناسٍ، وقد قال الله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] وأما الآكل فنقول: لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه، ولأن التسمية على الذبيحة شرط والشرط لا يسقط بالسهو والجهل، نظير ذلك: لو أن الإنسان صلى بغير وضوء ناسياً هل يأثم؟ لا يأثم لقوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] لكن هل تبرأ ذمته؟ لا. لا بد أن يتوضأ ويصلي. ونحن إذا قلنا بهذا القول الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو ظاهر النصوص -إذا قلنا به- فإن الناس لن ينسوا التسمية على الذبيحة أبداً، الإنسان يكون متذكراً، ولهذا لما أورد بعض الناس قال: إذا قلتم بأن من ذبح ناسياً التسمية فالذبيحة حرام ويجب جرها للكلاب، أتلفتم أموال الناس؛ لأن النسيان كثير ماذا نقول؟ نقول: بالعكس نحن حفظنا أموال الناس؛ لأننا إذا قلنا لهذا الرجل الذي نسي التسمية: الذبيحة حرام ولا يجوز أن نأكل منها فإنه لا يمكن أن ينسى في المستقبل، بل يجعل على باله التسمية ولا يمكن أن ينسى. ولا فرق بين المتبرع وغير المتبرع، الذبيحة الآن لا تحل، لكن يبقى: هل يضمن الذابح لصاحب البهيمة؛ لأنه هو الذي كان سبباً في تحريمها أو لا يضمن؟ قد يقال: إنه إذا كان محسناً فلا ضمان عليه لقول الله تبارك وتعالى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة:91] ولأن النسيان يقع كثيراً، وقد نقول بالضمان ولو كان محسناً؛ لأنه أتلف المال على صاحبه، وإتلاف المال على صاحبه مضمون. على كل حال: حتى لو كان الإنسان ناسياً فإنه يضمن، لو أن إنساناً نسي وأكل طعام أخيه يضمنه أو لا يضمنه؟ يضمنه، لكن الأول أصح، والأرجح أن المتبرع المحسن إذا نسي التسمية فلا ضمان عليه لكن الذبيحة لا تحل.

دعاء النائب للمستنيب في الحج

دعاء النائب للمستنيب في الحج Q إذا توكل إنسان عن آخر فهل يجعل الدعاء له ويدعو له بضمير الغائب أو باسمه في الحج، أو يجعل الدعاء لاسمه وتكفي النية ويدعو كأنه يدعو لنفسه؟ A الذي أخذ نيابة في الحج فجميع ما يتعلق بالنسك ثوابه وأجره للمستنيب، والنائب ليس له أجر فيه، وأما الدعاء فللنائب أن يدعو لنفسه ولكن الأفضل أن يشرك صاحبه الذي استنابه فيقول مثلاً: رب اغفر لي ولأخي الذي أعطاني هذه النيابة -مثلاً- أو ما أشبه ذلك، لكن لو دعا لنفسه فقط فلا حرج عليه.

التوبة تمحو ما قبلها

التوبة تمحو ما قبلها Q إذا كان الإنسان عليه ذنوب من كبائر الذنوب وحج، هل يمحو الله عنه هذه الذنوب بعد التوبة؟ أرشدني جزاك الله خيراً. A إذا تاب الإنسان من الذنوب وإن لم يحج وكانت التوبة نصوحاً فإن الله يمحو ذنوبه عن آخرها، قال الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} [الفرقان:68] أي: يشرك بالله أو يقتل النفس أو يزني {يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان:68-70] فأنت إذا تبت إلى الله توبة نصوحاً وإن لم تحج فإن الله تبارك وتعالى يمحو سيئاتك.

المتلبس بشيء من أحكام الحج والعمرة يجوز له الخروج خارج مكة

المتلبس بشيء من أحكام الحج والعمرة يجوز له الخروج خارج مكة Q من كان متلبساً بشيء من أحكام الحج أو العمرة فهل يجوز له أن يخرج من مكة إلى جدة أو الطائف؟ A لا بأس فإن كان محرماً بقي على إحرامه، وإن كان قد تحلل بالعمرة وخرج إلى جدة أو إلى الطائف فلا بأس، ويرجع إذا رجع ويحرم مع الناس في اليوم الثامن، فلو أنك -مثلاً- قدمت في اليوم الثالث من شهر ذي الحجة وأتيت بعمرة، ثم خرجت إلى جدة وبقيت فيها، فمتى تحرم؟ تحرم في اليوم الثامن مع الناس، لكن تحرم من جدة أي: فلا تطلع من جدة إلا وأنت محرم. ولكن لو أنك في هذه المدة ترددت على مكة إما لزيارة إخوانك أو لغرض من الأغراض هل يلزمك أن تحرم؟ لا. لا يلزمك أن تحرم إلا في اليوم الثامن.

الكفر قد يطلق على ما دون الشرك

الكفر قد يطلق على ما دون الشرك Q فضيلة الشيخ قلت وفقك الله في حديث اليوم: الصحيح أن من ترك الحج عمداً لا يكفر ولكنه هدم ركناً. فما معنى قول الله عز وجل: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:97] بعد آية وجوب الحج على المستطيع؟ A عبر الله تعالى بأن من كفر فإن الله غني عن العالمين؛ لأنه لم يلتزم بأركان الإسلام، والكفر يطلق على ما دون الشرك حتى أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت) وبالاتفاق أن هذا لا يخرج من الدين، والذي جعلنا نرجح هذا أن عبد الله بن شقيق رحمه الله وهو من كبار التابعين المعروفين قال: [كان أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة] .

حكم التوكيل في رمي الجمرات

حكم التوكيل في رمي الجمرات Q فضيلة الشيخ في هذه الأزمان يحصل زحام شديد حول الجمرات، فهل يصح أن يتوكل الرجل عن أمه أو عن زوجته في رمي الجمار؛ لأن الرمي يسبب مشقة للمرأة فما حكم التوكيل بذلك؟ A لا شك أنه يسبب مشقة عظيمة على النساء، لكن إذا كانت المشقة في الزحام فدواؤها أن يرمي في الليل، وفي الليل سعة والحمد لله، أما إذا كانت المشقة على البدن لأنها لا تستطيع أن تمشي -مثلاً- إلا بمشقة شديدة أو كانت امرأة حاملاً فهنا نقول: لا بأس أن توكل، وإذا وكلت جاز للوكيل أن يرمي الجمرة عنه وعنها في موقف واحد، فمثلاً: يرمي الجمرة الأولى في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بسبع حصيات عن نفسه، ثم يرميها عمن وكله، ثم الثانية عن نفسه ثم عمن وكله، ثم الثالثة عن نفسه ثم عمن وكله.

الاقتصار على ذبيحة واحدة لأهل البيت الواحد

الاقتصار على ذبيحة واحدة لأهل البيت الواحد Q فضيلة الشيخ يضحي أبي في كل سنة عن والديه وكذلك تفعل أمي، ولقد قمت بنصحهما بأن واحدة تكفي ولكن لا جدوى، هلا نصحتهما لعلهما يستمعان لذلك وفقك الله. A أنا أوجه النصيحة لهما ولغيرهما فأقول: إن أكرم الخلق محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومع ذلك ما ضحى بأكثر من واحدة عنه وعن أهل بيته، ضحى بواحدة عنه وعن أهل بيته، وضحى بأخرى عن أمته، وهو أكرم الخلق، ولأن الإنسان إذا ضحى أضحيتين في بيت واحد أدى ذلك إلى المباهاة والمفاخرة، وصارت كل شخص يقول: أنا ضحيت بثلاث، وهذا يقول: ضحيت بأربع، والثاني يقول: ما عندكم؟ أنا ضحيت بعشر وهكذا يبدأ الناس يتباهون فتنقلب العبادة التي هي ذل وخضوع لله؛ تنقلب إلى مفاخرة ومباهاة. فالذي ننصح به إخواننا أن نقول: اقتصروا أهل البيت على واحدة، وإذا قبلها الله فما أعظمها، الرجل يتصدق بما يعادل التمرة من مال طيب فيربيها الله عز وجل حتى تكون مثل الجبل.

حكم من عزم على التعجل في الحج ثم لم يتعجل

حكم من عزم على التعجل في الحج ثم لم يتعجل Q فضيلة الشيخ يعلم الله أني أحبك فيه، أريد أن أستفسر عما جرى لي في إحدى السنين، قمت بالحجز على الطائرة في اليوم الثاني عشر، فلما ذهبت لطواف الوداع في ذلك اليوم منعني الزحام حتى تخلفت عن الطائرة، فاضطررت للبقاء لليوم الثالث عشر، وقد عزمت التعجل، هل علي رمي جمرة اليوم الثالث عشر مع أني بقيت مع رفقتي في منى خلال ذلك اليوم؟ أفتني جزاك الله خيراً. A لا شك أن الاحتياط للأخ السائل -أحبه الله كما أحبنا فيه- أن يذبح فدية في مكة توزع على الفقراء لقاء ما ترك من رمي الجمرات، أما لو كان قد عزم على ترك المبيت وعلى ترك الرمي لكنه أجبره زملاؤه على أن يبقى فبقي على غير نسك فهذا لا شيء عليه؛ لأن الرجل تعجل، لكنه حرم الأجر، ما هو الأجر الذي حرم؟ حرم البقاء؛ لأن الذي يتأخر يكون له أجر المبيت وأجر الرمي وأجر الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تأخر.

حكم الحج على من ليس له مال سوى مال الحج

حكم الحج على من ليس له مال سوى مال الحج Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ أنا امرأة لم آت بفريضة الحج حتى الآن وزوجي لديه في هذه السنة مال يمكن أن نحج به، ولكن هذا المال هو رصيدنا كله، فإذا ما حججنا به فإننا سوف نضطر إلى قصور مالي، وزوجي موظف، أفدني حفظك الله. A أقول لها: انتظري إلى العام القادم لعل الله أن يفتح لكم برزق يمكنكم الحج فيه، أما الآن ما دام هذا المال الذي عندكم لو أنكم حججتم به لصار عليكم قصور في النفقة والحاجات فإن الحج لا يلزمكم.

جواز الأضحية بالمخصي

جواز الأضحية بالمخصي Q هل تجوز الأضحية بالمخصي؟ A الصحيح أنه يجوز، الأضحية بالخصي؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه ضحى بكبشين موجوءين -يعني: مقطوعي الخصيتين- ووجه ذلك أن الخصي يكون لحمه أطيب، فالخصاء لن يضره شيئاً.

أجر الحج يكون للمستنيب لا للنائب

أجر الحج يكون للمستنيب لا للنائب Q فضيلة الشيخ هل المتوكل بالحج عن شخص آخر يناله ما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) ؟ A يتوقف الجواب على هذا السؤال بأن نقول: هل هذا الرجل حج؟ ما حج، إنما حج عن غيره لم يحج لنفسه، فلا يدرك الأجر الذي قاله النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه حقيقة ما حج وإنما قام بالحج عن غيره، لكنه إن شاء الله إذا قصد نفع أخيه وقضاء حاجته فإن الله تعالى يثيبه.

حكم حج الراشي

حكم حج الراشي Q فضيلة الشيخ بعض الناس يدفع مائة ريال لبعض الناس الذين لهم علاقة بإخراج الجوازات لكي يختم له الإقامة، فهل يسمح له بالحج؟ فما حكم حجه هذا؟ A حجه صحيح إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع، ولكن يبقى النظر: هل يجوز للإنسان أن يرشي المسئول ويخالف النظام من أجل أن يحج؟

يجوز للسائل إذا لم يطمئن لجواب المسئول أن يسأل غيره

يجوز للسائل إذا لم يطمئن لجواب المسئول أن يسأل غيره Q فضيلة الشيخ سألت بعض أهل العلم عن مسألة فأجابني بعدم الجواز، وكان في نفسي شيء من الإجابة، ثم ذهبت إلى شخص أعلم أنه أعلم منه وأمكن علماً، ومشهود له بالعلم فسألته نفس السؤال وأجاب بجواز هذا الشيء، هل يكون فعلي من تتبع الرخص؟ A إذا كان هذا السائل لم يطمئن إلى جواب المسئول لأنه لم يصادف هواه وسأل غيره فهذا تتبع رخص، أما إذا كان لم يطمئن لظنه أن هذا خلاف الشرع فلا بأس أن يسأل ويحتاط لدينه، فالمسألة تحتاج إلى تفصيل، أحياناً لا تطمئن لفتواه لأنها ما وافقت الهوى، هذا لا يحل لك أن تسأل آخر، وأحياناً تظن أن الرجل أخطأ وأن الصواب في خلاف قوله فلا بأس أن تسأل غيره ممن ترى أنه أعلم.

جواز الادخار من لحم الأضحية

جواز الادخار من لحم الأضحية Q ورد في مسند أحمد رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا أكل أحدكم من أضحيته فوق ثلاثة أيام) ما معنى هذا الحديث هل الأكل بعد الثلاثة أيام محرم أم لا؟ A هذا الحديث له سبب: وهو أن الناس أصابهم مجاعة فنهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يدخروا لحوم الأضاحي فوق ثلاث، وفي العام التالي اتسع الناس وزالت المجاعة فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (كنت نهيتكم عن الادخار فوق ثلاث من أجل الدافة -يعني: التي دفت وهي الجوع- فادخروا ما شئتم وكلوا ما شئتم) .

التفصيل في تعيين الأضحية

التفصيل في تعيين الأضحية Q أريد أن أضحي ولكن أريد أن أشتري الضأن من الآن وأربيها، فإذا مرضت أو كسرت أو حصل لها شيء مما يمنع الأضحية فهل أضحي بها أم لا؟ مع العلم أني مشتريها الآن. A يقول العلماء رحمهم الله: إن عينتها وقلت: هذه أضحية صارت أضحية، فإذا أصابها مرض أو كسر فإن كنت أنت السبب فإنها لا تجزئ ويجب عليك أن تشتري بدلها مثلها أو أحسن منها، وإن لم تكن أنت السبب فإنها تجزئ؛ ولهذا نقول: الأولى أن الإنسان يصبر في تعيينها، يشتريها -مثلاً- مبكراً من أجل أن يغذيها بغذاء أطيب ولكن لا يعينها، فإذا كان عند الذبح عينها وقال: اللهم هذا منك ولك عني وعن أهل بيتي، وهو إذا لم يعين يستفيد فائدة مهمة وهي: لو طرأ له أن يدعها ويشتري غيرها فله ذلك؛ لأنه لم يعينها.

جواز ترك الحج في حالات معينة

جواز ترك الحج في حالات معينة Q فضيلة الشيخ حفظك الله أنا شاب أريد الحج ووالدتي ترفض ذلك بحجة الخوف علي. A إذا كنت قادراً بمالك فحج ولو أنها منعتك، إلا أن تعرف أن أمك من النساء الرقيقات اللاتي لو ذهبت لما نامت الليل ولما هنئت عيشاً، فهنا اجلس ولا تحج، وانو أنك جالس من أجلها وأنك في العام القادم سوف تحج، أما إذا كانت تقول لك: لا تحج. وأنت تعرف أنك لو عزمت وحججت فإنها لن تبالي، فحج.

حكم استقبال القبلة عند الذبح

حكم استقبال القبلة عند الذبح Q فضيلة الشيخ ذكرت شروط الذبح وسننه، ولم تذكر استقبال القبلة في الذبح، فما حكمه؟ A استقبال القبلة للذبح ليس بواجب، والذبيحة تذبح وإن لم يكن الإنسان مستقبل القبلة، لكن العلماء رحمهم الله قالوا: الأفضل أن يستقبل بها القبلة؛ لأنها عبادة، ولكنهم لم يقولوا أنها شرط، فلو أن الإنسان ذبحها على اتجاه غير القبلة فهي حلال وليست مكروهة، وليس بها بأس خلافاً للعامة، بعض العامة يقولون: لا بد أن تستقبل القبلة، وهذا غير صحيح.

مواصلة صوم الكفارة بصوم النفل وأجر الكفارة

مواصلة صوم الكفارة بصوم النفل وأجر الكفارة Q فضيلة الشيخ علي كفارة بسبب حادث مروري مات شخص عند وقوع الحادث، وقد سلمت الدية إلى أهل المتوفي، وبدأت بالصيام من تاريخ الثاني من شهر شوال، والاستفسار: هل أصوم إلى أول شهر ذي الحجة أو إلى ثاني شهر ذي الحجة، وحتى لو كان الشهر ناقصاً؟ وهل يجوز أن أستمر في الصوم بعد الكفارة بصيام عشر ذي الحجة أو أفصل بينهما بأن أفطر يوماً ثم أصوم العشر لجهلي بذلك؟ فأرجو الإفادة ولكم من الله جزيل الخير. A أقول: بارك الله فيه، وأسأل الله تعالى أن يتقبل منه وأن يتوب علينا وعليه، إذا صام أول يوم من ذي الحجة فقد انتهت الشهران، ثاني يوم من ذي الحجة يكون يوم فطره، وإذا واصل ونوى صيام عشر ذي الحجة فحسن، ولا يحتاج أن يفصل بينهما -أي: بين الكفارة وصيام ذي الحجة- بفطر يوم، بل له أن يواصل ويستمر أعاننا الله وإياه. المقدم: يقول: هل لي أجر على هذا الصوم -أعني صوم الكفارة- ويكفر ذنبي؟ الجواب: ما في شك أن له أجراً عظيماً؛ لأن الله تعالى أمره بذلك، وهي كفارة؛ ولذلك قال الله عز وجل: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ} [النساء:92] .

نصيحة لمن يتساهلون بصلاة عيد الأضحى

نصيحة لمن يتساهلون بصلاة عيد الأضحى Q فضيلة الشيخ يتساهل بعض الناس في صلاة عيد الأضحى مع حرصهم على صلاة عيد الفطر، نأمل التوجيه. A أقول: إنه لا ينبغي التساهل في صلاة العيد لا الفطر ولا الأضحى؛ لأن القول الراجح أن صلاة العيد فرض عين على الرجال، وأن من لم يصل فهو آثم، فيجب على كل رجل أن يصلي صلاة العيد: عيد الفطر وعيد الأضحى، وكلاهما سواء، وعجباً من هذا الذي يتأخر عن صلاة العيد يوم النحر وقد قال الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2] فبدأ بالصلاة أولاً ثم بالنحر ثانياً، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:162] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من صلى صلاتنا هذه ونسك نسكنا فقد أصاب سنة المسلمين) فلا ينبغي للإنسان أن يدعها، بل لا يجوز للرجل القادر أن يدع صلاة العيد لا في الفطر ولا في الأضحى. بل لو قال قائل: إنها في الأضحى أوكد لم يكن ذلك بعيداً؛ لأن الله قال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2] وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (من صلى صلاتنا هذه ونسك نسكنا فقد أصاب سنة المسلمين) .

حكم حج المرأة إذا حجت مجانا مع حملة لأحد المحسنين مع أن معها ذهبا ولم تبعه لتشارك في الحملة

حكم حج المرأة إذا حجت مجاناً مع حملة لأحد المحسنين مع أن معها ذهباً ولم تبعه لتشارك في الحملة Q سائلة تقول: إني حائرة جداً، أديت فريضة الحج والحمد لله، ولكن الذي يحيرني ويوسوس لي بنقصان حجي أنني لم أدفع للحملة أي تكاليف مالية؛ حيث قام بدفع ذلك أحد المحسنين؛ لأن راتب زوجي كان قليلاً، وكنت أملك قليلاً من الذهب فأخشى أن تكون حجتي ناقصة؛ لأني لم أقم ببيع هذا الذهب ودفعه لتلك الحملة. A أقول: الحج إن شاء الله ليس بناقص، وأرجو الله أن يكون مقبولاً، ولا يلزمها أن تبيع ذهبها لتحج؛ لأن الذهب من الحاجات الأصلية التي لا بد للمرأة منها، فلا يلزمها أن تبيعه لتحج، فأقول لهذه المرأة: اطمئني، حجك صحيح مبرئ للذمة وقد سقط عنك الفرض.

كيفية التخلص من الدش

كيفية التخلص من الدش Q فضيلة الشيخ من لديه دش كيف يتخلص منه لتبرأ ذمته؟ A يجب أن نحذر من هذه الدشوش، ونرى أن من عنده شيء منها فإنه لا تبرأ ذمته إلا بتكسيره نهائياً؛ لأنه إن أبقاه فمشكل، وإن باعه فقط سلط المشتري على استعماله، ولا طريق للسلامة منه إلا بتكسيره، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يخلف على من كسره؛ لأنه ترك شيئاً لله عز وجل.

جواز تأخير الإحرام لمن أراد زيارة المدينة

جواز تأخير الإحرام لمن أراد زيارة المدينة Q فضيلة الشيخ لي أخ مقيم هنا بـ القصيم وله زوجة سوف تحضر لأداء فريضة الحج في هذا العام إن شاء الله من خارج المملكة، وسوف يذهب إليها ويجلس معها بـ المدينة لمدة ثلاثة أيام أو أربعة، هل يكون عليها شيء إذا جامعها خلال هذه المدة؟ مع العلم أنها سوف تكون محرمة وهو سوف يحرم من أبيار علي في اليوم السابع من ذي الحجة؟ A كيف تكون محرمة وتمكنه من نفسها؟ هذا لا يجوز، لكن إذا جاءت -مثلاً- عن طريق المدينة وهي قاصدة المدينة لا تحرم؛ لأنه يجوز للإنسان الذي يقدم -مثلاً- من مصر أو من سوريا أو من غيرها وهو يريد الحج، ولكنه يريد أن يبدأ أولاً بـ المدينة، أن يؤجل الإحرام إلى أن يمر بـ ذي الحليفة بعد انتهاء زيارته المدينة. فنقول لهذا الأخ: اتصل بها الآن وقل لها لا تأتي محرمة، تقصد المدينة رأساً، وإذا قابلها هناك فله أن يستمتع بها ثم يرجعان جميعاً إلى مكة، ويحرمان من ذي الحليفة. سؤال: هل يجوز الحج بغير محرم؟ الجواب: لا. لا بد من محرم، يمكن أن يأتي بها أخوها، أما إذا كانت بغير محرم فلا يجوز.

جواز إخراج فدية الصيام على مراحل متفرقة في الشهر

جواز إخراج فدية الصيام على مراحل متفرقة في الشهر Q والدتي أخرجت فدية الصيام على مراحل متفرقة في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره، وأتمت به ثلاثين يوماً فهل فعلها صحيح؟ A نعم فعلها صحيح، لكن زيادة اليوم في عامنا هذا هل شهرنا هذا تم في هذه السنة أم لا؟ زيادة الإطعام الذي زادته يعتبر صدقة ولا يعتبر كفارة عن الصيام؛ لأن الشهر كان تسعة وعشرين، هذا العام كان الشهر تسعة وعشرين. التفريق لا بأس به، يعني: إذا مضى عشرة أيام أخرجت، وفي آخر الشهر تخرج ما بقي، ما في مانع.

الرد على من يقول: لا يوجد دليل على تحريم حلق اللحية

الرد على من يقول: لا يوجد دليل على تحريم حلق اللحية Q فضيلة الشيخ نحن نجتمع يومياً في استراحة، ومعنا شاب كبير في السن يحلق لحيته باستمرار، وإذا قلنا له: حلق اللحية حرام. قال: لا يوجد دليل صريح لتحريم هذا. ويحاجنا بهذا الكلام ولم نقدر الرد عليه نظراً لاحترامنا الشديد له؛ لأنه أكبر منا، علماً بأن هذا الشريط سوف يسمعه بإذن الله وهو الآن جالس معنا في هذا اللقاء ونحن نحبه ونشفق عليه، أفدنا جزاك الله خيراً. A جزى الله الجميع خيراً والرجوع للحق فضيلة، لا شك أننا لو خيرنا الإنسان بين طريقين: طريق المجوس وطريق النبيين، ماذا يختار؟ كل مؤمن سيختار طريق النبيين، النبيون وعلى رأسهم خاتمهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم كلهم يتخذون اللحى، والمجوس يحلقون اللحى فاختر لنفسك أي الطريقين شئت، ولهذا لا نرى لأحد عذراً بعد أن يتبين له الحق في العدول عن الحق، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (خالفوا المجوس، خالفوا المشركين، وفروا اللحى وحفوا الشوارب) وهذه عادة الناس من قبل، ولم نكن نعرف أن أحداً يحلق لحيته بل قالوا لنا: إن بعض الولاة الظلمة يعزر الإنسان بحلق لحيته. يجعل ذلك تعزيراً، ونص العلماء رحمهم الله في كتاب التعزير: أنه لا يجوز التعزير بحلق اللحية. مما يدل على أنه كان ديدناً لبعض الولاة الظلمة، فكيف الآن الإنسان يخسر مالاً في حلقها، ويخسر أهم شيء وهو اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام وامتثال أمره؟! فنرجو لأخينا هذا الذي تحترمونه نسأل الله تعالى أن يمن عليه بالهداية، وأن يعفي لحيته امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم واتباعاً لسنته.

قصة الفتاة التي شفتها السيدة زينب رضي الله عنها وتوزيع الأوراق

قصة الفتاة التي شفتها السيدة زينب رضي الله عنها وتوزيع الأوراق Q يقول: فتاة تبلغ من العمر ستة عشر عاماً مريضةً جداً، الأطباء عجزوا عن علاجها، وفي ليلة القدر بكت الفتاة بشدة ونامت، وفي منامها جاءتها السيدة زينب رضي الله عنها وأرضاها وأعطتها شربة ماء، ولما استيقظت من نومها وجدت نفسها شفيت تماماً بإذن الله، ووجدت قطعة قماش مكتوباً عليها: أن تنشر هذه الرسالة وتوزعها على ثلاثة عشر فرداً، وصلت هذه الرسالة إلى عميد بحري فوزعها فحصل على ترقية، وثلاثة عشر يوماً وصلت إلى تاجر فأهملها فخسر كل ثروته خلال ثلاثة عشر يوماً، ووصلت إلى عامل فوزعها فحصل على ترقية وحلت جميع مشاكله خلال ثلاثة عشر يوماً أرجو يا أخي المسلم أن تقوم بنشرها وتوزيعها على ثلاثة عشر فرداً، الرجاء عدم الإهمال. A على كل حال هذه قصة مكذوبة لا شك، ولا علاقة لها بالحظ وعدم الحظ، وقد كتبنا عليها؛ بحيث أعطاني إياها شخص قبل عدة أيام، كتبنا عليها بأن هذه كذب؛ فهي موضوعة مكذوبة، ولا يحل لأحد أن ينشرها أو يوزعها لا على ثلاثة عشر فرداً ولا على فرد واحد، فأنتم جزاكم الله خيراً إذا مرت بكم هذه فقولوا: إنها كذب ولا يحل توزيعها.

التحذير من النشرة المكتوب عليها البطاقة الشخصية وشروط الرحلة والأمر بتمزيقها

التحذير من النشرة المكتوب عليها البطاقة الشخصية وشروط الرحلة والأمر بتمزيقها Q يقول السائل: ما رأي فضيلتكم في الورقة التي توزع مكتوب فيها: البطاقة الشخصية الاسم: الإنسان ابن آدم. الجنسية: من تراب. العنوان: كوكب الأرض. بيانات الرحلة محطة المغادرة: الحياة الدنيا. محطة الوصول: الدار الآخرة. شروط الرحلة السعيدة: على حضرات المسافرين الكرام اتباع التعليمات الواردة في كتاب الله وسنة رسوله مثل طاعة الله ومحبته وخشيته، التذكر الدائم للموت، الانتباه إلى أنه ليس في الآخرة إلا جنة أو نار، بر الوالدين، أن يكون مأكلك ومشربك وملبسك من حلال. لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بكتاب الله وسنة رسوله الكريم. ملاحظة: الاتصال مباشر ومجاناً، لا داعي لتأكيد الحجز، الوزن الزائد من أعمال صالحة مسموح به. A أرى أن هذه الطريقة محرمة، لأنه يجعل الحقائق العلمية الدينية كأنها أمور حسية، يكون فيها نوع من السخرية في الواقع. هذه -أيضاً- نفس الشيء أرى أن من رآها مع أحد فليمزقها جزاه الله خيراً ويقول: إن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فوق رحلات الطائرات، وفوق الاتصالات وما أشبه ذلك، نسأل الله أن يعيذنا من الفتن.

اللقاء الشهري [44]

اللقاء الشهري [44] تتابع انقضاء الأيام والأعوام يشير إلى انقضاء عمر الإنسان، لذا كان مرور الزمن مدعاة لمراجعة النفس ومحاسبتها على عباداتها وعلى معاملاتها مع الآخرين. وفي هذه المادة -إضافة إلى الكلام عن المحاسبة فيما مضى- نصائح تتعلق باستغلال القادم من الزمان، وكل ذلك توطئة لأصل موضوع اللقاء، وهو النقاش والإجابة عن الأسئلة التي تضمنت مواضيع كثيرة يتعلق معظمها بالحج وأحكامه، وتفصيل وبيان لما أشكل منها، وبعض الأحكام المتعلقة بغيره من العبادات.

نهاية العام فرصة للمحاسبة

نهاية العام فرصة للمحاسبة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن كل تاجر ينظر في سجلات تجارته عند انتهاء السنة المالية لينظر ماذا ربح، ماذا خسر، ماذا فاته من الربح، هل يمكن تعويضه أم لا؟ وإننا في آخر هذا العام (عام 1417هـ) نسأل الله تعالى أن يختمه لنا بخير، وأن يعفو عنا ما قصرناه في واجب، ويغفر لنا ما انتهكناه من محرم. أيها الإخوة! إن الواجب أن ينظر الإنسان في عامه الماضي ماذا صنع، هل أدى الواجب كما ينبغي أم قصر فيه؟ هل اجتنب المحرم وابتعد عنه أم وقع فيه؟ فإن كان مفرطاً في الواجب فإن عليه أن يتداركه ما دام في زمن الإمهال، ليفكر هل كان قد أتم طهارته قد أتم صلاته قد أتم صيامه قد أتم زكاته قد أتم حجه، لينظر في ذلك، ربما يكون على الإنسان شيء من صيام رمضان فيقول: الأمد أمامي، ولي أن أؤخره إلى أن يبقى من شهر شعبان مقدار ما علي من الأيام، وهذا لا بأس به ولكن الحزم كل الحزم أن يبادر بقضاء الصيام الذي عليه لأنه لا يدري ماذا يعرض له، فربما يصاب بمرض لا يستطيع معه أن يصوم، وربما يموت فلا يقضى عنه، فلينظر.

محاسبة النفس على أداء الزكاة

محاسبة النفس على أداء الزكاة كذلك لينظر في ماله، هل أحصاه إحصاءً تاماً دقيقاً؟ هل حاسب نفسه وكأن الفقراء شركاء له؟ بل هل حاسب نفسه وكأن أهل الديون شركاء له في ماله؟ لينظر هذا لأنه إذا أخل بالواجب في الزكاة فإنه يخشى عليه أن يدخل في قول الله تبارك وتعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [آل عمران:180] ولقد قال ابن القيم رحمه الله -وناهيك به علماً وفقهاً- قال: إن الإنسان إذا تهاون في إخراج زكاته حتى مات فإنها لا تبرأ ذمته ولو أخرجها الورثة من ماله بعده. لأنه صمم على أنه لن يخرج الزكاة في حال حياته، وماذا يغني عنه أن يخرج عنه ورثته بعد موته؟ فلذلك طهر مالك! طهر نفسك بإخراج الزكاة الواجبة ولا تتهاون بها! لا تفرط فيها! فإنها هي قرينة الصلاة في كتاب الله عز وجل.

محاسبة النفس على الحج

محاسبة النفس على الحج فكر كذلك في الحج! هل أنت أتيت بالحج على حسب ما أوصاك به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال: (خذوا عني منساككم) هل أخذت المناسك كما فعلها الرسول عليه الصلاة والسلام، أم أنك تهاونت فيها، ورأيت كأنها طقوس تفعلها أو تخرج بدلاً منها من فدية أو هدي؟ إن كثيراً من الناس يخلون بالحج إخلالاً عظيماً حتى يجعلونه كأنه طقوس لا فائدة منها ولا طهارة للقلب بها، ولا يشعر الإنسان فيها بالراحة الروحية بل كأنها أشياء يفعلها فعلاً مادياً فقط.

محاسبة النفس على أداء الديون ومعاملة الأهل

محاسبة النفس على أداء الديون ومعاملة الأهل عليك أن تحاسب نفسك: هل أديت ما يجب عليك لمن يعاملك؟ هل أديت الدين الذي في ذمتك غير مؤجل وأنت قادر عليه؟ إنك إن أخرت الوفاء فأنت في ظلم إلى أن تتوفى، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مطل الغني ظلم) فكل لحظة تمر على شخص عليه دين حال ولم يخرجه فإنه يكون به ظالماً، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) . فكر يا أخي في معاملتك أهلك: هل أنت قمت بواجب الزوجة؟ هل أنت عاشرتها بالمعروف أم جعلتها كأمة مستامة لا تبالي بها ولا يهمك القيام بحقها بل ضيعتها وأضعتها؟ فكر في أولادك: هل قمت بحقهم في وجوب الرعاية في منعهم عن المحرمات في حملهم على الواجبات؟ كل هذا يجب أن نحاسب أنفسنا عليه. فكر: هل قمت بحق إخوانك المسلمين؟ هل تفشي السلام أو تهجر؟ فكر في نفسك: هل كذبت يوماً من الدهر في عامنا الماضي؟ هل نصحت في المعاملة؟ أشياء وأشياء كثيرة نفرط فيها ونهمل ولا نحاسب أنفسنا عليها، مع أن التجار وهم أصحاب الأموال الفانية تجدهم يدققون جداً في نهاية العام.

الأيام ثلاثة

الأيام ثلاثة أما في المستقبل، فالعام المستقبل لا ندري ما الله صانع فيه، أيامنا ثلاثة: يوم مضى بما فيه ولا يمكن تداركه، ويوم مستقبل لا ندري ما الله صانع فيه، كما قال الله عز وجل: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً} [لقمان:34] ويومنا الحاضر أوله مضى وآخره لم يأت بعد ولا ندري ماذا يكون فيه. إذاً علينا أن نعد أنفسنا للمستقبل بعزيمة صادقة، ورغبة في الخير كاملة حتى نتلقى ونستقبل عامنا الجديد بجد وإخلاص وطاعة لله عز وجل. وليعلم -أيها الإخوة- أن هذه الدنيا ليست دار مقام حتى يحرص الإنسان على إكمال ترفه فيها، إنها دار ممر، إنها دار عمل صالح، لكنها والله أطيب دار لمن عمل صالحاً، أطيب دار بالنسبة للآخرين وإلا فالآخرة خير وأبقى لا شك، لكن لو سألنا سائل: من أطيب الناس عيشاً في هذه الدنيا؟ لقلنا: هو الذي آمن وعمل صالحاً، كما قال ربنا عز وجل: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97] .

نصائح للعام المقبل

نصائح للعام المقبل استقبل أخي المسلم، استقبل هذا العام بجد ونشاط وتغيير لما فسد من حالك إلى إصلاح فإن الإنسان الحي يمكنه أن يستقيم بمشيئة الله، وإذا مات مات على ما كان عليه. استقبل هذا العام الجديد بالنشاط في العمل الصالح، بالنشاط في الأخلاق الفاضلة، بالنشاط في تربية الأولاد، بالنشاط في تربية الأهل، بالنشاط في الإحسان إلى الخلق، بالنشاط في جميع أعمالك، لا تتهاون، من تعود على التهاون صار التهاون خلقاً له وبقي هكذا دائماً، ومن عود نفسه على الجد والحزم ومحاسبتها فإنه ينجح بإذن الله عز وجل. أمامنا مستقبل، أمامنا أيام هي مراحل للعمل الصالح، كل يوم تطلع فيه الشمس فإن على كل مفصل منك صدقة، هكذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يصبح على كل سلامى من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس) والإنسان فيه ثلاثمائة وستون مفصلاً فلا بد أن تتصدق ثلاثمائة وستين صدقةً كل يوم، لكن ليست صدقة المال فحسب بل هي صدقات متنوعة: كل تكبيرة صدقة، كل تهليلة صدقة، أمر بالمعروف صدقة، تكبيرة صدقة، نهي عن منكر صدقة، كل شيء يتقرب به الإنسان إلى الله فهو صدقة تجزي عن مفصل من المفاصل، بل قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يجزئ من ذلك -أي: يجزئ بدل ذلك- ركعتان يركعهما من الضحى) .

المحافظة على نوافل الصلاة

المحافظة على نوافل الصلاة عليك يا أخي أن تنظر ما هي وظائف اليوم والليلة؟ وظائف اليوم والليلة أعظمها بعد الشهادتين الصلاة، الصلاة منها فرض ومنها نفل، الفرائض خمس معروفة لا تخفى على مسلم، النوافل: منها ما هو تابع للمفروضات، ومنها ما هو مستقل، ومنها ما هو مقيد بوقت، ومنها ما هو مطلق. النوافل التابعة للمكتوبات هي: ركعتان قبل الفجر، وأربع ركعات قبل الظهر بسلامين، وركعتان بعد صلاة الظهر، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وأما العصر فليس لها سنة راتبة؛ لكن جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً) . هناك نوافل غير تابعة للمفروضات كالوتر، الوتر نافلة مستقلة تختم به صلاة الليل لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) ، فمن كان يقوم الليل فليؤخر الوتر إلى آخر الليل، ومن كان لا يقوم فليوتر أول الليل، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم من آخره فليوتر آخره فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل) . والوتر أقله ركعة، يعني لو أن الإنسان صلى راتبة العشاء ركعتين ثم أوتر بركعة كفى لأنه جعل آخر صلاته بالليل وتراً، وإن أوتر بثلاث فهو أفضل، وبخمس فهو أفضل، وبسبع فهو أفضل، وبتسع فهو أفضل، وبإحدى عشرة ركعة هو أفضل، فإذا نام الإنسان عن وتره فإنه يصليه من النهار ولكنه يجعله شفعاً -يعني: لا وتراً- لأن الليل انتهى، ولكنه يجعله شفعاً حتى يكون قد قضى ورده، ولكن بدون وتر. هناك -أيضاً- صلوات أخرى لأمور عارضة؛ كالصلاة لدخول المسجد فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) . سنة الوضوء: إذا توضأ الإنسان فإنه ينبغي له أن يصلي ركعتين، وليحرص على ألا يحدث بهما نفسه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم توضأ وقال: (من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيها نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه) . هناك صلاة الضحى، التهجد في الليل، النفل مطلقاً في كل وقت شئت إلا أوقات النهي وهي: من صلاة الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح، وعند الزوال حتى تزول -يعني: إذا قامت الشمس حتى تزول- ومن صلاة العصر إلى الغروب، هذه الأوقات الثلاثة لا يصلى فيها النفل المطلق، ولكن يصلى فيها النفل ذو السبب، فإذا كان النفل له سبب فصل ولو في أوقات النهي.

أداء الزكاة والواجبات المالية

أداء الزكاة والواجبات المالية هناك -أيضاً- زكاة المال واجبة، وهناك واجبات أخرى في المال غير زكاة المال كالنفقات، فإن الإنسان يجب عليه أن ينفق على زوجته وعلى أقاربه. هناك زكاة مال واجبة وهناك واجبات أخرى في المال غير زكاة المال منها: واجبات الإنفاق على الأهل والأولاد والأقارب الفقراء الذين يرثهم المنفق، ومنها حق الضيافة: إذا نزل بك إنسان ضيفاً وجب عليك أن تكرمه بالضيافة، ومنها معونة المضطر، وإغاثة الملهوف. ومنها الصدقات المستحبة، أخرج من مالك ما يجب وما لا يجب فإن مالك الذي أخرجته لله، لا يبقى لك من مالك إلا ما أخرجته لله، أما ما بقي فإما أن تأكله وتلقيه فيما بعد في المرحاض، وإما أن تخلفه بعدك فيكون ثمرته لورثتك ليس لك منه شيء، فما قدمته لله من مالك فهذا هو مالك الحقيقي وليس مالك الذي تخزنه.

المحافظة على صيام النوافل

المحافظة على صيام النوافل كذلك بالنسبة للصيام، احرص على أن تصوم يوم الإثنين ويوم الخميس، والأيام البيض، فإن لم يتيسر ذلك فلا أقل من أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام سواء في أول الشهر أو في وسطه أو في آخره، وسواء كانت متتابعة أم متفرقة لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يدع صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره؛ صلوات الله وسلامه عليه.

حادث الحريق لحج سنة (1417هـ) والعبر منه

حادث الحريق لحج سنة (1417هـ) والعبر منه إخواني! في حج هذا العام (عام 1417هـ) حدث حريق هائل في يوم التروية، وكثير من الناس في منى، وكثير من الناس في مكة، وكثير من الناس في عرفة، وكثير من الناس الذين في منى قد أحرموا، وكثير منهم لم يحرم، وكانت الكارثة عظيمة لولا أن الله تعالى منَّ بتقليلها حتى انحصرت فيما انحصرت فيه، وقد قدرت الخيام التي التهمتها النار بسبعين ألف خيمة، والموتى بأكثر من ثلاثمائة ميت، والجرحى بنحو ألفين أو يزيدون قليلاً أو ينقصون قليلاً، والضائعون -أيضاً- كثيرون، ولا شك أن هذه كارثة، ولكن بسبب الذنوب والمعاصي لقول الله تبارك وتعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:30] فيجب علينا أن نتخذ من ذلك عبرة وعظة. ومن أكبر ما ينبغي أن نتعظ فيه ألا نتخذ الحج نزهة لا نريد منه إلا أن نطرب أنفسنا ويجلس بعضنا إلى بعض للمرح والضحك وإضاعة الوقت؛ لأن الحج عبادة حتى أن الله تعالى سماه نذراً وسماه فرضاً فقال تبارك تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ} [البقرة:197] وقال: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج:29] فهو عبادة جليلة، ليس طرفة ولا نزهة، فمن الناس من يتخذه نزهة ومن الناس من يتخذه موسماً للتسول، ومن الناس من يتخذه موسماً للسرقة والعدوان والعياذ بالله، فالناس يختلفون، فهذه المصائب لا شك أنها بذنوبنا، ولا شك -أيضاً- أنها قد كتبت علينا قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة؛ ولهذا يجب علينا أن نتخذ من هذه المصيبة موعظةً تتعظ بها القلوب، وأن نتخذ منها رضاً بقضاء الله وقدره، وأن نقول: الحمد لله على كل حال. والذين أصيبوا بها وماتوا إن كانوا محرمين فإنه يرجى أن يكونوا شهداء ويخرجون من قبورهم يقولون: لبيك اللهم لبيك؛ فيجتمع لهم الشهادة، والموت على الإحرام، والخروج من القبور يلبون، ومن لم يكن أحرم فإننا نرجو أن يكون من الشهداء -أيضاً- لأن الحريق شهيد كما جاء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولقد كان في هذه الحادثة عجائب منها: الريح الشديدة التي كانت تنقل اللهب من مكان إلى مكان فتنقل قطع الخيام من جهة إلى جهة، ثم إذا وقعت في جهة احترقت الجهة التي انتقلت إليها هذه القطعة، وأخبرني شخص أثق به عن إنسان شاهد بعينه أن حمامة مرت فأصابها اللهب، ففرت من اللهب وذيلها يلتهب فسقطت ميتة، أدركها الاحتراق فسقطت على خيمة فاشتعلت الخيمة سبحان الله! هذا مما يدل على أن الله عز وجل ابتلى العباد بهذا الحريق. ثم الرياح الشديدة العاصفة في ذلك اليوم التي نراها تسوق النيران سوقاً حثيثاً مما يدل على أن الله تعالى أراد من عباده -وله حكمة- أن يتعظوا بمثل هذه الأمور، وحصل فيها من الحريق ما حصل، وحصل فيها أن من الناس من فقد أمه ومن فقد زوجته ومن فقد أبناءه، ومنهم من رئي محترقاً وهو ساجد -سبحان الله- ساجد لله عز وجل فإما أن يقوم يصلي الظهر أو العصر، وإما أن يكون لما أحس بأن النار أدركته قام يصلي وأحب أن يموت على صلاته. فعلى كل حال نسأل الله تعالى لإخواننا الذين ماتوا أن يغفر لهم ويكتبهم من الشهداء، وأن يشفي إخواننا الذين ما زالوا على قيد الحياة، ويجعل ما أصابهم في تكفير سيئاتهم ورفع درجاتهم، ونسأل الله تعالى أن يأجر كل من أصيب بهذه المصيبة لأن كل مؤمن مصاب بلا شك بهذه المصيبة، فنسأل الله تعالى أن يجبر كسر الجميع، وأن يعفو عنا ويغفر لنا إنه على كل شيء قدير.

الأسئلة

الأسئلة

حكم عدم الذهاب إلى منى يوم التروية وعدم المبيت بمزدلفة

حكم عدم الذهاب إلى منى يوم التروية وعدم المبيت بمزدلفة Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ! لقد أكرمني الله بالحج في هذا العام والحمد لله، ولكن حدثت مني بعض الأخطاء ويعلم الله أنه كان ليس بيدي بحكم أني امرأة، سؤالي يا فضيلة الشيخ: لم نذهب إلى منى يوم التروية، وهذا بحكم الحريق، ولكننا ذهبنا إلى عرفة مباشرة. ثانياً: لم نبت في مزدلفة ولكن وقفت بنا السيارة لمدة ربع ساعة للصلاة ولقط الجمار، ثم سرنا ولكننا لم نسر إلى منى، ولكن جلسنا في السيارة إلى حدود الساعة الثالثة صباحاً ونحن داخل مزدلفة فهل يعتبر هذا مبيتاً؟ A بسم الله الرحمن الرحيم، كونها لم تبت في منى ليلة التاسع ولم تُقِم فيها يوم الثامن لا حرج عليها في ذلك؛ لأن البقاء في منى آخر اليوم الثامن وليلة التاسع سنة وليس بواجب، فمن أتى به فعلى خير ومن لم يفعله فإنه لا لوم عليه ولا إثم عليه. وأما كونهم لم ينزلوا في مزدلفة إلا قليلاً للصلاة ولقط الجمرات، ثم ركبوا السيارة وبقوا عليها إلى الساعة الثانية فهذا -أيضاً- لا بأس به لأن المهم أن يبقى الإنسان في مزدلفة سواء على السيارة أو على الأرض. وقد أشارت إلى لقط الجمرات، وقد اشتهر عند كثير من العوام أنه يجب أن تلقط الحصى من مزدلفة، وهذا خطأ، الحصى تلقط من منى لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم التقطها من منى حين وقف على جمرة العقبة وأمر ابن عباس أن يلقط له الحصى فلقطها من منى، وجعل يقول: (بأمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو في الدين) . لكن استحب كثير من السلف أن تلقط الحصى من مزدلفة من أجل أن يبادر برمي جمرة العقبة حتى لا ينزل من بعيره فيلقط الحصى من منى، قالوا: يأخذها قبل أن يرتحل لتكون جاهزة لأن الأفضل أن يرمي الإنسان جمرة العقبة يوم العيد وهو على بعيره قبل أن يحط رحله، لكن هذا أمر في الوقت الحاضر لا يوجد، بل مستحيل، لو قلنا للناس: اركبوا سياراتكم وقفوا عند الجمرة فلا يمكن، لذلك نقول: إن لقط الجمرات من منى أقرب إلى السنة من لقطها من مزدلفة.

حكم توكيل من يرمي الجمار عن الحاج

حكم توكيل من يرمي الجمار عن الحاج Q كنت من المعجلين فكان ميعاد طائرتي في اليوم الثاني عشر الساعة السادسة مساءً، فخفت من ضيق الوقت خصوصاً مع الزحام -تقول- فوكلت خالي بالرجم يوم الثاني عشر من ذي الحجة، وخرجت أنا في الساعة الثالثة صباحاً يوم إحدى عشر ذي الحجة، فوكلته على أن يرمي لي هو في الساعة الثانية عشر ظهراً وأطوف أنا طواف الإفاضة بعدها، وخرجت من مكة حوالي الساعة الواحدة ظهر اليوم الثاني عشر، فهل علي شيء في هذا؟ أرجو الإفادة. A لم يفتها إلا ليلة واحدة من ليالي منى، وهذه ليس فيها دم، الليلة الواحدة من ليالي منى ليس فيها دم، لكن قال الإمام أحمد رحمه الله: يتصدق بشيء. يعني: يتصدق بخمسة دراهم، عشرة ريالات وما أشبه ذلك وكفى، لكن المشكل أنها وكلت من يرمي عنها يوم إحدى عشر، مع أن الظاهر أنها قادرة على الرمي بنفسها، فإذا كان كذلك -أي: أنها قادرة على الرمي بنفسها ووكلت من يرمي عنها- فقد أخطأت ووجب عليها عند العلماء فدية تذبح في مكة عن تركها الواجب في الرمي، وتوزع على الفقراء في مكة سواء ذهبت هي بنفسها أو وكلت من يقوم بها في مكة، فإن كانت عاجزة لا تقدر، فليس عليها شيء. أما بالنسبة ليوم اثنى عشر فالتوكيل فيه قد يكون ضرورة لأن المتعجلين يوم اثنى عشر سيجدون مشقة عظيمة وزحاماً شديداً؛ فلا يمكن للمرأة أن ترمي في يوم اثني عشر، فإذا وكلت فلا بأس.

حكم إكمال الحج عمن مات في أثنائه

حكم إكمال الحج عمن مات في أثنائه Q فضيلة الشيخ! من مات في حريق منى هذه السنة وهذه هي حجة الإسلام له، هل يحج عنه؟ A من مات في الحريق بعد إحرامه فإنه لا يحج عنه× لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في الرجل الذي مات يوم عرفة قال: (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّه} [النساء:100] وعلى هذا فإذا كان قد أحرم فلا يحج عنه وتكون ذمته قد برئت، ولا ينبغي أن يكمل عنه النسك؛ أولاً: لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يأمر أن يكمل عن الرجل الذي مات في عرفة نسكه، فما قال: أتموا النسك عنه. ولأنه إذا أتمه فمقتضى هذا الإتمام أن يتحلل الميت من النسك، وحينئذ يحرم من أن يبعث يوم القيامة ملبياً، وهذا جناية عليه، ولو قيل بأن إتمام النسك عن الميت لو قيل بذلك لكان قولاً متوجهاً لأن ذلك جناية على الميت في الواقع. أما إذا احترق قبل أن يحرم، فينظر: فإذا كان فيما مضى من السنوات قادراً على الحج ولكنه أخره إلى هذا العام فإنه يقضى عنه من تركته، وأما إذا كان لم يقدر على الحج إلا سنته هذه فإنه لا يقضى عنه لأنه لم يتمكن منه.

حكم من لم يكمل الحج بسبب الفزع والذعر

حكم من لم يكمل الحج بسبب الفزع والذعر Q فضيلة الشيخ! لما كان الحريق في هذا العام ترك بعض الناس الحج وعاد إلى أهله قبل أن يكمل الحج وظن أنه يكفيه أن يذبح دماً ويكفي عن الحج، فما حكم هذا العمل؟ وهل يعذرون لأجل ما أصابهم من الروع والذعر وعدم الاستقرار النفسي بسبب هذا الحريق؟ A أما أكثر العلماء فيرى أنه لا عذر له وأنهم يبقون على إحرامهم ولا يتحللون منه، فلا يحل لهم جميع محظورات الإحرام، ثم إن تمكنوا من الرجوع قبل فوات الوقوف بـ عرفة وجب عليهم الحضور، وإن لم يتمكنوا وفاتهم الوقوف وجب عليهم أن يحجوا إلى مكة ويحلوا من إحرامهم بعمرة، أي: يأتون إلى مكة ويطوفون ويسعون ويقصرون ثم يحلون، وعليهم الهدي من العام القادم لأنهم فرطوا، هذا الذي عليه أكثر أهل العلم. ومن العلماء من قال: يجوز التحلل بالإحصار: لخوف أو مرض أو كسر أو عرج أو ما أشبه ذلك، وبناءً على هذا القول نقول: إن هؤلاء إذا اضطروا إلى التحلل من أجل الذعر والخوف فليذبحوا هدياً في مكة ويتحللوا من الإحرام نهائياً، ولا يلزمهم القضاء في المستقبل إلا أن تكون هذه الحجة هي حجة الإسلام.

احتراق المخيم لا يعتبر حابسا

احتراق المخيم لا يعتبر حابساً Q فضيلة الشيخ! من وجد مخيمه قد احترق في اليوم الثامن وقد اشترط، فهل يجزئه الاشتراط لأن يحل من إحرامه؟ A أسأل: إذا احترقت الخيمة فهل ذلك حابس يمنع من إتمام النسك؟ الجواب: لا يمنع، إذا احترقت الخيمة فتبدل بخيمة، أو إذا لم أتمكن من البقاء في هذا المكان فأنتقل مكان آخر، فهذا لا يعتبر من الإحصار، نعم لو هو أصيب وعجز أن يكمل فهو محصر، فالذين احترقت خيامهم ولم يمنعهم من إتمام النسك إلا الاحتراق ليس لهم عذر في الواقع، فهم كالذين تكلمنا عنهم قبل قليل.

حكم فسخ نية الحج أو العمرة

حكم فسخ نية الحج أو العمرة Q فضيلة الشيخ! رجل خرج من عنيزة إلى جدة، وكان عند خروجه يريد العمرة، ولكن بعض النساء اللاتي معه كانت غير طاهرة، فذهب إلى جدة جاهلاً ولم يحرم، وجلس في جدة حتى طهرت تلك المرأة، ولكن انتهت تلك الدراهم التي معه فلم يستطع الذهاب إلى مكة وأخذ العمرة، فماذا عليه؟ A لا حرج على الإنسان إذا نوى العمرة أو الحج أن يفسخ النية ما دام لم يتلبس بالإحرام؛ حتى لو عزم وسافر فإنه لا شيء عليه، لأن العمل لا يلزم إلا بالشروع فيه لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] والإتمام إنما يؤمر به من تلبس بالشيء فيؤمر بإتمامه، وأما قبل ذلك فلا يؤمر به، لكن إذا كان الحج فريضة فكان الواجب عليهم أن يكملوها لأن الفريضة فرض على الإنسان قبل أن يوجبها على نفسه بالسعي فيها.

حكم تأخير طواف الإفاضة إلى طواف الوداع

حكم تأخير طواف الإفاضة إلى طواف الوداع Q رجل سعى سعي الحج في يوم النحر وهو متمتع، وأخر طواف الإفاضة مع طواف الوداع، فهل عليه شيء من دم أو غيره، وذلك لأنه قد سمع حديثاً يروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه سأله رجل قد سعى قبل أن يطوف فقال: (افعل ولا حرج) ؟ A هذا لا شيء عليه، فتقديم سعي الحج على طواف الإفاضة لا بأس به بشرط: أن يكون السعي بعد الوقوف بـ عرفة ومزدلفة، وإنما ذكرنا هذا الشرط لأن بعض الناس يتوهم أنه يجوز للإنسان أن يحرم بالحج في مكة ثم يسعى للحج ويخرج، وإذا رجع بعد الوقوف طاف، هذا غلط؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل عن تقديم السعي على الطواف بعد الوقوف بـ عرفة وبعد الوقوف بـ مزدلفة، وعلى هذا نقول: إذا كان فعله للسعي بعد أن وقف بـ عرفة وبات بـ مزدلفة فلا بأس أن يقدم السعي على الطواف ويؤخر الطواف إلى السفر، وهذا في الحج. أما في العمرة فلا يجوز تقديم سعيها على طوافها؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جواز ذلك، والأصل وجوب الترتيب؛ ولهذا لم يرخص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ عائشة حين حاضت أن تقدم السعي على الطواف؛ لأنه لا بد أن يكون الطواف في العمرة قبل السعي، ومن قاسها على الحج فقد قاس مع الفارق، والقياس مع الفارق لا يصح.

حكم التهنئة ببداية السنة الهجرية

حكم التهنئة ببداية السنة الهجرية Q فضيلة الشيخ! تكلمتم عن العام الجديد، فما حكم التهنئة بالسنة الهجرية؟ وماذا يجب علينا نحو المهنئين؟ A إن هنأك أحد فرد عليه، ولا تبتدئ أحداً بذلك، هذا هو الصواب في هذه المسألة، لو قال لك إنسان مثلاً: نهنئك بهذا العام الجديد قال: هنأك الله بخير وجعله عام خير وبركة. لكن لا تبتدئ الناس أنت؛ لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد، بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

حكم التعجل ورمي الجمرات بعد الغروب

حكم التعجل ورمي الجمرات بعد الغروب Q فضيلة الشيخ! جماعة حجوا في هذا العام، وفي اليوم الثاني عشر بعد صلاة العصر عزموا على التعجل وحملوا متاعهم وخرجوا من منى، ولكنهم لم يرموا الجمرات إلا بعد صلاة المغرب حيث دخلوا منى بعد صلاة المغرب ورموا الجمرات ثم ودعوا، فهل عليهم شيء أم أن حجهم صحيح؟ A حجهم صحيح إن شاء الله ولا شيء عليهم؛ لأن هؤلاء تعجلوا وخرجوا، والأفضل لو أنهم ما خرجوا من منى حتى رموا، وهم إذا رموا ولو بعد الغروب -ما داموا قد جهزوا أنفسهم وسافروا وعزموا على التعجل- فلا شيء عليهم ولو رموا بعد الغروب.

حكم التحلل الأول لمن رمى وطاف

حكم التحلل الأول لمن رمى وطاف Q المتمتع إذا طاف ثم رمى فهل يتحلل الحل الأول؟ A عند الفقهاء -رحمهم الله- يحل التحلل الأول إذا رمى وطاف؛ لأنهم يقولون: التحلل الأول يكون بفعل اثنين من ثلاثة وهما: الرمي والحلق والطواف. لكن السنة تدل على أنه لا حل إلا بالرمي والحلق، وعلى هذا فنقول: التحلل الأول يكون بالرمي والحلق فقط، وأنه لو رمى وطاف لم يحل التحلل الأول إلا على رأي من يرى أن الرمي وحده يحصل به التحلل الأول.

المكان الذي تؤخذ منه الحصى

المكان الذي تؤخذ منه الحصى Q فضيلة الشيخ! تعلمون وفقكم الله أن أغلب الأماكن في منى مسفلتة ويصعب لقط الحصى منها، أفلا ترون أن لقطها من مزدلفة أسهل للناس خصوصاً مع السيارات؟ A أنا أظن أن مزدلفة هي التي فيها السفلتة الكثيرة، أما منى فليس فيها سفلتة كثيرة، ثم عند الجمرات تحت الجسر هناك حصى كثيرة، فيمكن أن تلقط سبع حصيات قبل أن تصل إلى العقبة في اليوم الأول، وتلقط قبل أن تصل للجمرة الأولى في اليوم الثاني سبعاً حصيات، ثم إذا تعديتها لقطت سبع للجمرة الوسطى، ثم إذا تعديتها لقطت سبعاً للجمرة الأخيرة، فالتقاط الحصى سهل جداً.

من دفع نفقة حاج كان له مثل أجره

من دفع نفقة حاج كان له مثل أجره Q فضيلة الشيخ! من دفع نفقة شخص لم يؤد الحج وهي فريضته فهل له مثل أجره؟ وهل هو أفضل من أن ينيب من يحج عنه؟ A نعم، إن شاء الله أن له مثل أجره، يعني: أجر حج فريضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من جهز غازياً فقد غزا) والحج نوع من الجهاد، وإعطاء هذا الفقير ليحج حج الفريضة أفضل من كونه يعطي هذه الدراهم لشخص يحج عنه حج نافلة، لأنه سيأتيه أجر فريضة، ويحسن -أيضاً- إلى أخيه أداء ركن من أركان الإسلام عنه.

شرط إجزاء طواف الإفاضة عن طواف الوداع

شرط إجزاء طواف الإفاضة عن طواف الوداع Q فضيلة الشيخ! ما الحكم أن أجمع بين طواف الإفاضة في ليلة الثالث عشر من شهر ذي الحجة وأكتفي به عن طواف الوداع؟ A إذا أخر الإنسان طواف الإفاضة إلى السفر وطافه عند الخروج أجزأه عن طواف الوداع كما تجزئ الفريضة عن تحية المسجد، فلو دخلت المسجد والناس يصلون صلاة الفجر أجزأك ذلك عن تحية المسجد، كذلك طواف الإفاضة يجزئك عن طواف الوداع، ولو نويتهما جميعاً حصلا لك لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) لكن الحذر من أن تنوي بهذا الطواف طواف الوداع دون طواف الإفاضة؛ لأن بعض الناس يقع في هذا نساناً، تجده أخر طواف الإفاضة إلى السفر لكن عند السفر ما نوى إلا طواف الوداع، وهذا خطأ؛ لأنه إذا لم ينو إلا طواف الوداع ما بقي عليه؟ بقي طواف الإفاضة، فلابد من أن يرجع ليطوف طواف الإفاضة، فلينتبه الإنسان لهذا.

حكم الوضوء بما فيه ميتة

حكم الوضوء بما فيه ميتة Q سؤال ليس في الحج، يقول سائله: فضيلة الشيخ! رجل صلى أكثر من يومين بوضوء من خزان، ثم علم بعد ذلك أن في خزان الماء وزغ ميت، فما حكم صلاته التي صلاها، فقد أقلقني هذا الحكم؟ A إذا كان الماء لم يتغير لا طعمه ولا ريحه ولا لونه بموت الوزغ فيه فهو طهور، وأما إذا كان قد تغير فهو نجس، وعلى هذا الذي توضأ منه أن يعيد صلاته، وأن يطهر ثيابه، وأن يطهر بدنه من هذا الماء النجس، يعيد صلاته بوضوء صحيح، لكن إذا لم يتغير فلا شيء عليه.

حكم بيع الموقوف إذا تلف أو نقصت منفعته

حكم بيع الموقوف إذا تلف أو نقصت منفعته Q ما حكم من وضع مكيفاً في مسجد أو ثلاجة أو خلاف ذلك، ثم تلف أو صارت منفعته بسيطة، هل يجوز بيعه ثم تجعل قيمته في شيء آخر؟ A نعم، إذا تلف المكيف أو الثلاجة أو نقصت منفعته جاز بيعه ليشترى ما هو خير منه، أما أن يباع ولا يؤتى ببدله فهذا لا يجوز ما دام يمكن الانتفاع به، ولكن إذا غير إلى جديد مع أن الأول صالح للاستعمال لكنه استعمال ناقص فهل يكون للأول أجر من هذا الجديد أم لا؟ الجواب: نعم. له أجر، له أجر من هذا الجديد بمقدار ما يمكن الانتفاع به من الأول، يعني: فإذا قدرنا أن هذه الثلاجة -يعني: برادة- سوف تبقى لمدة سنتين، لكن الانتفاع بها قليل وأتينا ببرادة جديدة أحسن منها فإن هذه المدة -السنتين- التي يمكن الانتفاع بها يكون أجرها للأول، والثاني له أجر بلا شك.

حكم الحاج الذي لم يهد بسبب تلف ماله أثناء الحج

حكم الحاج الذي لم يهد بسبب تلف ماله أثناء الحج Q كنت في الحج وكانت النية حج تمتع، وحصل الحريق، فكانت أغراضي ونقودي في الخيمة فلم أفدِ، فهل علي شيء؟ A وماذا صنع الأخ: هل صام؟ لأن الحريق وقع في اليوم الثامن، ومعناه: أنه إذا جاء يوم النحر فليس معه شيء فيصوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، وإذا رجع إلى أهله صام السبع الباقية لقول الله تبارك وتعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة:196] وإذا لم يفعل هذا فعليه الآن أن يتوب إلى الله، وأن يصوم عشرة أيام: ثلاثة قضاءً، وسبعة أداءً. ولا يمكن أن يحول الإنسان تمتعه إلى إفراد أبداً، ولا يمكن -أيضاً- أن يحول قرانه إلى إفراد، لكن لو أحرم بعمرة ثم أدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها جاز ذلك وصار قارناً.

حكم الصلاة بنية الاستخارة وأداء الراتبة

حكم الصلاة بنية الاستخارة وأداء الراتبة Q فضيلة الشيخ! هل يجوز أن أجمع بين صلاة الاستخارة والسنة الراتبة بنية واحدة؟ A الأحسن أن تجعل للاستخارة صلاةً مستقلة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بها فقال: (إذا همَّ بأحدكم أمر -يعني: وتردد فيه- فليصل ركعتين) فجعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاة الاستخارة صلاةً مستقلة.

حكم عقيقة الابن عن نفسه

حكم عقيقة الابن عن نفسه Q شخص له ستة أبناء ولم يعق إلا عن واحد منهم فما الحكم؟ وماذا يجب عليه؟ وهل يجب على الأبناء أن يتمموا لأنفسهم علماً بأن ثلاثةً منهم قادرون على ذلك؟ A إذا كان هذا الأب الذي لم يعق عن جميع أولاده فقيراً، فلا شيء عليه؛ لأن العقيقة مثل الزكاة، فكما أن الفقير لا زكاة عليه فالفقير لا عقيقة عليه، وأما إذا كان غنياً لكنه يقول: اليوم غداً بعد غد، فهنا نقول: عق عن أولادك الذين لم تعق عنهم، وإذا أراد أحد أن يعق عن نفسه فليستأذن من أبيه ويقل: إني أريد أن أعق عن نفسي؛ لأن المخاطب بالعقيقة هو الأب.

حدود لطاعة الأم

حدود لطاعة الأم Q فضيلة الشيخ! لدي سؤال يحيرني ويقلقني: وهو أن والدتي حفظها الله تطلبني كثيراً أن أخرج بها للرحلات هنا وهناك، ونجتمع جميعاً في منزلها يومياً، وهذا العمل يا فضيلة الشيخ لا يخفى عليك أن فيه تضييعاً للوقت والعمر بلا فائدة، وأنا في حرج من أمري إن أطعتها، وهذا ما أفعله الآن، فضاع وقتي، وإن قللت من زيارتها والخروج معها أكون عاقاً لها، فأنا في حرج من أمري فأرشدني وفقك الله. A إذا لم يكن عليك ضرر في إجابة طلبها فأجبها، وإن كان عليك ضرر أو تفويت مصلحة فلا تجبها إلا للضرورة، والرحلات وزيارة الأقارب والأصحاب ليست ضرورة، لكن المدار هو هكذا: إذا كان إجابة طلبها يفوت عليك مصالح أو يوقعك في ضرر لم يجب عليك إجابتها، لكن عليك أن تداريها وتقنعها وتأخذ بخاطرها، وأما إذا لم يكن عليك ضرر أو كان هي عليها ضرر أكثر من ضررك لو أجبت فأجبها، وهذا يستنثى منه ما لو صدتك إجابتك إياها عن واجب فإنه لا يجوز؛ كما لو كانت إجابتك إياها تشغلك عن إقامة الجماعة -يعني: إقامة الصلاة في جماعة- فهنا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

حد بقاء الحاج بعد طواف الوداع

حد بقاء الحاج بعد طواف الوداع Q رجل حج في هذا العام، وبعد طواف الوداع نزل إلى السوق واشترى بعض الحاجيات وهو جاهل في ذلك، فماذا عليه؟ A قال أهل العلم: لا يضر أن يشتري الإنسان بعد طواف الوداع حاجة في طريقه إما من أغراض السفر، أو هدية إلى أهله، أو كتاباً يحتاجه، وأما إذا اشتغل بتجارة فإنه لا بد أن يعيد الطواف. وكذلك لا حرج عليه إذا كان قد دخل وقت الصلاة كما لو انتهى من الطواف مع الأذان وبقي حتى صلى فإن ذلك لا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم طاف للوداع وصلى بعد ذلك صلاة الفجر. وكذلك لو طاف للوداع ثم أتى إلى الحافلة ووجد الرفقة لم يجتمعوا بعد، وبقي ينتظرهم ولو ساعة أو ساعتين أو أكثر فلا بأس في ذلك.

حكم من أدرك الإمام قائما من الركوع

حكم من أدرك الإمام قائماً من الركوع Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ! دخلت إلى المسجد والإمام قائم من الركوع فكبرت ثم ركعت وأكملت مع الإمام وسلمت، فماذا علي؟ A عليها الآن أن تعيد الصلاة من جديد؛ لأنها لم تدرك الركوع، ومن فاته الركوع فاتته الركعة، وهذه المرأة حسب سؤالها لم تصل الصلاة كاملة لأن الركعة التي لم تدرك ركوعها لم تدركها، وعليها الآن أن تعيد صلاتها.

ضوابط تخفيض الأسعار

ضوابط تخفيض الأسعار Q فضيلة الشيخ! تقوم بعض محطات البنزين عند الشراء منها بتخفيض سعر البنزين، مثلاً: تعطيك دفتر قيمته مائتي ريال بمائة وتسعين ريالاً، فهل ذلك جائز؟ A يعني يقول: بعض الناس من أصحاب المحطات ينزل السعر من أجل أن يجتمع الناس إليه، هذا في الأصل لا بأس به، لكن الإمام مالكاً رحمه الله قال: إذا كان هذا يضر بأهل السوق فإنه يجب على ولي الأمر والمحتسب أن يمنعه وأن يقول: بع كما يبيع الناس. فإذا قال: أنا رخصت للمستهلكين. قلنا: نعم، ولكنك أضررت بالآخرين، إلا إذا كان الآخرون قد رفعوا السعر وهو يقتنع بالربح القليل فله ذلك ولا حرج عليه فيه، ويقال للآخرين: نزلوا السعر.

حكم تصوير الأنشطة المدرسية

حكم تصوير الأنشطة المدرسية Q فضيلة الشيخ! يقام في المدارس نشاطات مختلفة من ندوات ومحاضرات وأنشطة طلابية تفيد الطلاب، السؤال يا فضيلة الشيخ: هل يجوز تصوير هذه الأنشطة بالكاميرا أو بالفيديو لحفظها للمدرسة أو حتى يستفيد منها الطلبة؟ A إذا كان في هذا مصلحة فلا بأس أن تلتقط هذه الصورة بالكاميرا حتى تبقى ينتفع بها الناس فيما بعد، وأما إذا كان ليس فيها مصلحة فهي إضاعة مال وإضاعة وقت، وإذا كان فيها مصلحة لكن مفسدتها تربو على مصلحتها، كما لو صور فيها أحداثاً تحصل في النظر إليهم فتنة، فهنا يجب أن تمنع، والحاصل أنه إذا كان مصلحة فلا بأس وإن لم يكن مصلحة فإنها إضاعة مال وإضاعة وقت.

حكم تأجيل طواف الوداع والذهاب إلى جدة ثم العودة لأدائه

حكم تأجيل طواف الوداع والذهاب إلى جدة ثم العودة لأدائه Q ما حكم من أجل طواف الوداع بحكم أنه من أهل جدة وقريب من مكة ويأتي به بعد خفة الزحام؟ A إذا خرج من مكة يريد جدة ووصل إلى جدة فإنه لو أتى به لا ينفعه؛ لأنه خرج وودع فكيف ينفعه بعد أن ودع وذهب؟ ولهذا نقول: من كان من أهل جدة فإنه يجب عليه ألا يخرج من مكة حتى يودع إلا امرأة يأتيها الحيض أو النفاس ولا يتسنى لها أن تبقى في مكة حتى تطوف للإفاضة فلا بأس أن تخرج إلى منزلها في جدة، فإذا طهرت عادت وطافت طواف الإفاضة، وإنما استثنينا هذه المسألة لأن الحائض والنفساء ليس عليهما وداع ليس عليهما إلا طواف إفاضة، وطواف الإفاضة الآن متعذر لوجود حيض أو نفاس، فتذهب إلى جدة وإذا طهرت عادت وطافت طواف الإفاضة، لكنها في هذا الحال يحرم عليها إن كانت متزوجة أن يقربها زوجها لأنها لم تحل التحلل الثاني.

حكم وضع الملح في مكان الصرف الصحي لإصلاحه

حكم وضع الملح في مكان الصرف الصحي لإصلاحه Q فضيلة الشيخ! ما حكم وضع الملح في مكان الصرف الصحي لفتح مسام ذلك الصرف؟ A أولاً نسأل: ما أصل الملح؟ ماء أم نبات ينبت في شجر ويشتريه الناس كما يشترون تمر النخل؟ الجواب: أصل الملح ماء، وعلى هذا فإذا جعل في البلاعات من أجل أن يفتح الأرض فلا بأس به.

قتل البعوضة جائز للمحرم

قتل البعوضة جائز للمحرم Q سائلة تقول: كنت محرمة فجاءت على يدي بعوضة فمن شدة ألمها ضربتها فماتت، فهل علي شيء؟ A هذا جزاؤها، البعوضة وإن لم تقرص الإنسان يستحب له أن يقتلها سواء كان محرماً أو محلاً؛ لأنها من الحشرات المؤذية، وقد قال العلماء: يُسن قتل كل مؤذ للمحرم وغير المحرم، ولمن كان في مكة ولمن كان خارج مكة. فنقول: أعظم الله أجر هذه السائلة حيث تركتها حتى آلمتها بالقرص، ولو أنها قتلتها من أول ما رأتها لكان في ذلك كف لأذاها. الآن عليها شيء أو ما عليها شيء؟ ما عليها شيء الحمد لله.

حكم من أفطرت رمضان لمدة عشر سنوات

حكم من أفطرت رمضان لمدة عشر سنوات Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ! امرأة أفطرت في رمضان حوالي عشر سنوات؛ منها ست سنوات بسبب الحمل والرضاع بسبب خوفها على صحتها وعلى جنينها، ثم تابت بعد ذلك فهل التوبة تكفي أم عليها شيء؟ أرجو الإفادة جزاك الله خيراً. A نعم، التوبة تكفي بشرط أن تقضي الأيام التي عليها، فإذا صامت الأيام التي عليها كفى وليس عليها إطعام على القول الراجح من أقوال العلماء، وإن كان بعض العلماء يقول: إذا أخر الإنسان قضاء رمضان إلى رمضان الثاني بدون عذر فعليه صيام وإطعام، لكن الصحيح أنه لا إطعام وأن الصيام يكفي.

حكم دخول صاحب المبنى إليه في حال سكن غيره فيه

حكم دخول صاحب المبنى إليه في حال سكن غيره فيه Q إذا تفضل عليك أحد إخوانك وأسكنك في بيته، فهل يجوز له أن يدخل إلى غرفتك التي هي ملك له في غيبتك؟ وهل له أن يتصرف في بعض حوائجك كأن يقرأ في كتابك أو يسمع أشرطتك، ما حكم ذلك فلعله يكون هناك أسرار لا تريد أن يطلع عليها؟ A أما إذا كانت الغرفة مقفلة بمعنى: أن الضيف لما خرج من الحجرة أقفلها فإنه لا يجوز لصاحب البيت أن يفتحها وينظر ما فيها؛ لأن قفله إياها يعني عدم الإذن بالدخول، وإما إذا بقيت مفتوحة فلا شك أن الأولى والأجدر بالإنسان وبمروءته ألا يدخل هذه الحجرة، لأنه قد يكون فيها أشياء لا يحب الضيف أن يطلع عليها أحد؛ إما ثياب وإما متاع وإما غير ذلك، فكون الإنسان يتركها لله لأنه أنزل فيها الضيف ولا يقربها فهذا هو الأولى بلا شك، فصار الحاصل في الجواب: إن كان الضيف إذا خرج أغلقها فإنه لا يجوز لصاحب البيت أن يفتحها ويدخلها، وإما إذا تركها مفتوحة فإن تركه إياها مفتوحة يدل على أنه لا يهمه أن يدخلها أحد أو لا يدخل، لكن المروءة تقتضي ألا تدخلها.

حكم التبرع لأحد الوالدين دون الآخر

حكم التبرع لأحد الوالدين دون الآخر Q فضيلة الشيخ! هل يجوز التبرع لأحد الوالدين دون الآخر وهما على قيد الحياة، مثلاً: كأن يبني مسجداً لأحدهما؟ A قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سئل: (من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك) فلا حرج أن يفضل الأم بحسن الصحبة على الأب، لكن إذا علم أن الأب إذا رآه مفضَّلاً لأمه عليه حصل في نفسه شيء فهنا ينبغي ألا يظهر لأبيه أنه آثر أمه بشيء درءً للمفسدة، لأن بعض الآباء لا يتحمل أن يقدم الولد أمه عليه، ويرى أن ذلك عقوق، فإذا كان ذلك فادرأ الأمر ولا تخبره بأنك آثرت أمك عليه بشيء، ويزول المحذور بإذن الله.

دفع الزكاة للأخ الفقير

دفع الزكاة للأخ الفقير Q هل يجوز دفع الزكاة للأخ الفقير الذي راتبه أقل من راتبي؟ A إذا كان هذا الأخ الفقير لا يكفي راتبه لمئونة أهله فلا بأس أن تدفع إليه زكاتك، بل إن دفع الزكاة إلى الأقارب المستحقين الذين لا يجب على المزكي نفقتهم أفضل من دفعها إلى الأباعد، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (صدقتك على القريب صدقة وصلة) .

ضابط للجمع في السفر

ضابط للجمع في السفر Q فضيلة الشيخ! أنا مدرس في مدرسة تبعد عن عنيزة (115) كم فهل يجوز لي أن أجمع بين الظهر والعصر؟ A يرى بعض العلماء أن السفر حده المسافة، فمتى كانت (83كم) فهو سفر وإن رجع الإنسان في ساعته، ويرى آخرون أن السفر ما سماه الناس سفراً، ومثل هذا الذي يدرس ويرجع في يومه لا يسمى عند الناس مسافراً، فالاحتياط لهذا السائل: ألا يجمع ولا يقصر، وذلك أبرأ للذمة وأدفع للشبهة.

معنى حديث: اليد العليا خير من اليد السفلى

معنى حديث: اليد العليا خير من اليد السفلى Q ما معنى ما يروى: (اليد العليا خير من اليد السفلى) ؟ A هذا حديث صحيح، اليد العليا: هي المعطية، والسفلى: هي الآخذة، يعني: أن المعطي أعلى من الآخذ؛ لأن الآخذ يرى نفسه دون المعطي، والمعطي يرى نفسه فوق الآخذ، ولهذا تجد الآخذ يخضع للمعطي أكثر من خضوع المعطي للآخذ، فاليد العليا هي المعطية، واليد السفلى هي الآخذة، وهذا حث من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على أن يكون الإنسان زاهداً فيما عند الناس، ولا يتطلع إليه ولا ينظر إليه، ومتى ما كان مستغنياً عنه فلا يأخذه. لكن إذا كان هدية فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها، بل لما أعطى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عوضاً عن العمالة -أي: عن جلب الزكاة وأخذها من أهلها- وقال: يا رسول الله! تصدق بها على أحوج مني؟ قال: (ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه ومالها فلا تتبعه نفسك) .

وصية لمن تاب ثم وقع في المعصية

وصية لمن تاب ثم وقع في المعصية Q فضيلة الشيخ! أنا شاب تبت توبة صادقة -ولله الحمد- ولكن بعد مدة إذ بي أقع في معصية ثم أتوب، ثم أشتاق للمعصية ثم أندم وأتوب وهكذا، أفدني جزاك الله خيراً ماذا أفعل مع بداية هذا العام؟ A أسأل الله أن يتوب علينا جميعاً، ونهنئ أخانا بالتوبة، ونسأله تعالى أن يثبت عليها. عليه أن يحمي نفسه من هذه المعصية بقدر المستطاع، لكن إذا غلبته نفسه ثم ندم وتاب توبة نصوحاً عازماً على ألا يفعل في المستقبل فإن الله يتوب عليه؛ لأن هذا مسرف على نفسه بلا شك في إصراره على هذه المعصية، وقد قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] فنحن نهنئ أخانا بما منَّ الله عليه من التوبة، ونوصيه بأن يصمد أمام نزعات الشيطان وهوى النفس، وأن يتصبر، وهو إذا عسف نفسه وتصبر هان عليه ترك المعصية التي كان يألفها من قبل.

تكفين من مات محرما

تكفين من مات محرماً Q شخص مات وهو محرم، ولم يعرف به إلا متأخراً، فهل يكفن أم لا؟ A نعم يكفن، فإن كان إحرامه باقياً كفن في إحرامه، وإن كان تالفاً كفن في أي ثوب آخر؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (كفنوه في ثوبيه) قاله في المحرم الذي مات في عرفة، وَقَصَتْهُ ناقته، فدل هذا على أن الأفضل فيمن مات محرماً ألا يؤتى له بكفن جديد، بل يكفن في إزاره وردائه.

ترك الاشتراط هو الأفضل للحاج

ترك الاشتراط هو الأفضل للحاج Q فضيلة الشيخ! مع هذه الحوادث والكوارث هل يستحسن أن نشترط عند الإحرام؟ A أرى ألا يشترط الإنسان عند الإحرام؛ لأن هذه الحوادث -والحمد لله- قليلة بالنسبة للحجاج، وقليلة بالنسبة للسنوات -أيضاً- متى تحدث وفي أي سنة؟ وكذلك -أيضاً- بالنسبة للحجاج، عدد الحجاج حوالي مليونان: ما أصيب منهم ولا مائة ألف، هذه المصائب قليلة -والحمد لله- وكون الإنسان لا يشترط اتباعاً للسنة، وتوكلاً على الله عز وجل، واحتساباً للأجر فيما لو حدث حادث أفضل من كونه يشترط، لكننا لا نمنعه من الاشتراط بل نقول: الأفضل ألا تشترط وإن اشترطت فلا بأس.

حكم تقديم طواف الإفاضة قبل صلاة الفجر

حكم تقديم طواف الإفاضة قبل صلاة الفجر Q فضيلة الشيخ! حججت في حملة وكانت معي امرأة، وقد سارت الحملة من مزدلفة بعد منتصف الليل، وذهبنا إلى الحرم، وبدأنا الطواف قبل صلاة الفجر فهل هذا صحيح؟ A نعم هذا صحيح، لكن الأفضل للرجال القادرين أن يتأخروا حتى يصلوا الفجر ويقفوا قليلاً حتى يسفروا جداً، ثم يدفعوا إلى منى، هذا هو الأفضل، لكن لو دفع الإنسان في آخر الليل وطاف وسعى قبل الفجر فلا بأس، أو دفع في آخر الليل ورمى وحلق ثم نزل وطاف وسعى قبل الفجر فلا بأس، وإذا كان معه امرأة كان أشد عذراً مما لو كان وحده.

حكم الخروج من منى في اليوم الحادي عشر ثم العودة في المساء

حكم الخروج من منى في اليوم الحادي عشر ثم العودة في المساء Q حاج خرج من منى في اليوم الحادي عشر إلى بيته في جدة ليذبح أضحيته، وبقي في بيته إلى آخر النهار ولم يعد إلى منى إلا في المساء، فهل عمله هذا جائز أم لا؟ وهل عليه شيء؟ A هذا جائز بلا شك؛ لأنه لم يفوت المبيت في منى، لكن الأفضل أن يبقى الإنسان في منى ليلاً ونهاراً كما بقي محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: (خذوا عني مناسككم) . وأما الأضحية فيمكن أن يوكل أحداً ليذبحها ويعطيها أهله، وإذا كان في أهله من يجيد الذبح وكلَّه في ذلك.

حكم الاستهزاء بشيء من الدين

حكم الاستهزاء بشيء من الدين Q إذا استهزأ أحد بشيء من الدين ناسياً، فلما تذكر استغفر وتاب، فماذا عليه الآن؟ A عليه أن يحمد الله عز وجل على التوبة، وتوبته صحيحة، أما إذا استهزأ بشيء من الدين ساخطاً وقال: أنا ما أردت العيب والقذف ولكني أضحك، أو أقول هزلاً؛ فهذا كافر مرتد والعياذ بالله، إذا تاب فعليه أن يعتبر نفسه قد جدد إسلامه، وعليه عند أكثر العلماء أن يغتسل غسل الكافر إذا أسلم، لأن الاستهزاء بالدين، أو الاستهزاء بالله، أو بالقرآن، أو بالرسول كفر مخرج عن الملة سواء قاله الإنسان جاداً أم مازحاً، فالأمر خطير، ولما كان قوم من المنافقين في سفر وكانوا يتحدثون فيقولون: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء -يعنون الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه- أرغب بطوناً -أي: أكثر أكلاً- ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء من محمد وقرائه. أنزل الله تعالى في سورة التوبة {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:65-66] .

حكم انتقاد أعمال أهل الخير

حكم انتقاد أعمال أهل الخير Q فضيلة الشيخ! أنا شاب أميل إلى الالتزام أكثر من الانحراف، وكثيراً ما أدعو ربي بأن يلهمني الهداية وأحرص على ملازمة الصالحين، ولكن كثيراً ما أنتقد بعض أعمال أهل الخير، وأقوم من المجلس وبالي مشغول بذلك، فهل أنا آثم بذلك الانتقاد؟ وهل هذا من العجب بالنفس؟ وما خطر العجب بالنفس؟ A أما إذا كانت أعمال أهل الخير التي تكرهها من الطاعات فهذا غلط منك، غلط أن الإنسان يكره من أعمال أهل الخير طاعة الله عز وجل، وربما يكون ذلك خطيراً جداً لأن الله تعالى يقول: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:9] وأما إذا كان يكره من أعمال الخير ما يفعله بعض أهل الخير من الغيبة والكذب والسخرية فهذا خير، كونه يكره هذا الشر خير، وجزاه الله خيراً، لكن عليه أن ينصحهم ويخوفهم بالله عز وجل، فإن استقاموا فله ولهم، وإن لم يستقيموا وبقوا على ما هم عليه قام وتركهم.

معنى تحول العبادات إلى طقوس

معنى تحول العبادات إلى طقوس Q فضيلة الشيخ حفظك الله قلت في ثنايا حديثك: وكأنها طقوس، أقول: وإن هذه الكلمة يقولها أهل الكنيسة وقد التصقت هذه اللفظة بالمسيحيين، أرجو التنبيه على ذلك. A الطقوس معناها: الأعمال المجردة عن المعاني، فإذا كان الإنسان يتخذ عبادة وكأنها عادة، أو كأنه آلة حركية فهذا من الطقوس، وليس معنى ذلك أنه ابتدع في الدين، لا، هم لم يبتدعوا، أتوا بالحج على ما هو عليه؛ لكنهم صاروا كأنهم في نزهة من الضحك والهزل وعدم الجدية في الأمر، فصارت كأنها طقوس، يعني: أعمال تفعل أو تقال بلا معنى وبلا روح.

صفة صلاة الوتر

صفة صلاة الوتر Q فضيلة الشيخ! ذكرت الوتر وفقك الله، أرجو أن تبين لنا صفة صلاة الوتر بخمس وتسع وإحدى عشرة فإني لا أعرف صفتها؟ A الإيتار بواحدة واضح. بثلاث لك فيه صفتان: إما أن تسلم من ركعتين وتأتي بالثالثة، وإما أن تقرن الثلاث جميعاً بتشهد واحد، ولا تجعلها كالمغرب. بالخمس: تسردها ولا تجلس إلا في آخرها. بالسبع: تسردها ولا تجلس إلا في آخرها. بالتسع: تجلس بعد الثامنة وتقرأ التشهد ولا تسلم، ثم تأتي بالتاسعة وتسلم. بالإحدى عشرة: تأتي بها مثنى مثنى وتوتر بواحدة.

اللقاء الشهري [45]

اللقاء الشهري [45] سورة الطارق سورة عظيمة، تتضمن قَسَم الله على حقائق مهمة، لكي يتفكر فيها الإنسان، فيحقق الغاية التي أرادها الله منه، وفي هذا اللقاء تفسير آيات بينات من هذه السورة بأسلوب اجتمع فيه اليسر والسهولة مع كثرة الفوائد، كما تضمنت إجابات الأسئلة أحكاماً كثيرة تمس الحياة اليومية.

وقفات مع سورة الطارق

وقفات مع سورة الطارق الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الأول من اللقاءات الشهرية التي تتم في الجامع الكبير بـ عنيزة ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذا هو الشهر الأول من عام (1418هـ) . أيها الإخوة! إننا حين نتأمل ونتفكر في الليالي والأيام والساعات واللحظات نجد أنها تمر مراً سريعاً كأنما تخطف من بين أيدينا، ولكننا مع ذلك لا نحاسب أنفسنا ماذا عملنا في هذه الأيام التي تمضي بهذه السرعة، هل منا من يحاسب نفسه كل يوم: ماذا عمل؟ ماذا فعل من طاعة الله؟ ماذا تجنب من محارم الله حتى يصلح ما فسد، ويزيد على ما بنى؟ وذلك لأن الإنسان يقطع هذه الدنيا مرحلة مرحلة، ساعة بعد ساعة، بل لحظة بعد لحظة وإذا به قد انتهى مساره، وانقطعت أخباره، وكما قال الشاعر: بينا يُرى الإنسان فيها مخبراً حتى يُرى خبراً من الأخبار ولكن المؤمن إذا فكر في نفسه وفي خلوته ازداد حماساً وقوة في طاعة الله تبارك وتعالى، أسأل الله أن يرزقني وإياكم اغتنام الأوقات بالأعمال الصالحات.

معنى: (والسماء والطارق) ودلائل القسم بهما

معنى: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ) ودلائل القسم بهما موضوعنا الليلة أن نتكلم عما سمعنا بل على ما تلوته وسمعتموه من قول الله تبارك وتعالى: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ} [الطارق:1-2] إلى آخره. فقوله جل وعلا: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} [الطارق:1] الواو: للقسم، أقسم الله تعالى بالسماء وذلك لعظمها وارتفاعها وسعتها وقوتها، قال الله تعالى: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً} [النبأ:12] أي: قوية، وقال تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات:47] أي: بقوة {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات:47] فأقسم الله بالسماء لعظمها. (والطارق) هل هو الذي يطرق أهله ليلاً أم الضيف الذي يطرق مضيفه ليلاً؟ الطارق قال الله تعالى فيه مفخماً إياه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ} [الطارق:2] أي: أيُّ شيء أعلمك عن هذا الطارق؟ وما هو؟ وماذا يطرق؟ فبينه عز وجل، فبين الله عز وجل أنه: {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق:3] وهل هو نجم واحد أم المراد جنس النجم؟ الظاهر الثاني، أي: أن المراد جنس النجم، وليس نجماً واحداً معيناً؛ لأن كل نجم وإن دق فهو ثاقب، أي: يثقب الظلام بنوره، أحياناً يصل نور الكواكب إلى الأرض، ونحن شاهدنا ذلك، ويشاهده أهل البر الذين ليس عندهم إضاءة بالكهرباء فتجدهم يجدون نور الكواكب ساطعاً في الأرض لا سيما الكواكب المضيئة الكبيرة. إذاً {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق:3] المراد به ماذا؟ هل هو نجم واحد معين أم كل النجوم؟ A المراد كل النجوم فهي ثاقبة تثقب الظلام بضيائها، وهي -أيضاً- ثاقبة تثقب الشياطين الذين يستمعون أخبار السماء ويلقونها إلى الكهان، كما قال الله تبارك وتعالى: {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} [الحجر:18] يثقب الشيطان -يخرقه- حتى يحرقه. هذه الشياطين التي تسترق السمع تنزل بما تسمع من السماء على الكهان، والكهان هم الذين يحدثون الناس بما يكون في المستقبل سواء كان عاماً أو خاصاً، فالكاهن يقول: سيحدث مثلاً في هذا العام المقبل كذا وكذا من البلاء والمصائب، أو يقول لشخص معين: يا فلان سينالك في هذا العام المقبل كذا وكذا. فالكاهن إذاً: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل سواء كانت هذه المغيبات عامة أو خاصة. تنزل الشياطين بما سمعت من السماء على الكهان فيأخذ الكاهن ما سمع ثم يضيف إليه كلمات أخرى، كما قال بعض السلف: يكذب معها مائة كذبة، فيتحدث الناس بهذا الخبر، ثم إذا وقع شيء مما أخبر به ادعى أنه يعلم الغيب، وقال: إنه يعلم ما سيكون، وسلب عقول الناس، ولقد صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أن من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) أي إنسان يأتي إلى كاهن ويقول: يا فلان أخبرني كيف سيكون مستقبلي؟ قال: مستقبلك طيب، أو قال: مستقبلك رديء، فإذا صدق فقد كفر بما أنزل على محمد، لماذا؟ لأن الله تعالى قال: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل:65] فمن صدق أحداً بعلم الغيب فقد كذب هذه الآية، وتكذيب جزء من القرآن أو آية من القرآن أو حرف من القرآن كفر وردة عن الإسلام. وإننا في هذا الزمن ابتلينا بمثل هؤلاء أو قريب منهم، وابتلي الناس -أيضاً- في الأوهام والتخيلات التي لا أصل لها، فتجد الواحد إذا أصيب بأدنى شيء ولو بضيق صدر طارئ يضيق صدره بحادث طارئ ثم يقول: إنه قد أصيب بجن أو سحر أو عين، ثم لا تزال هذه التخيلات في ذهنه حتى تنعقد، وتكون حقيقة أو قريبة من الحقيقة، ولهذا يجب علينا ألا نصدق هذه الأوهام وأن نعرض عنها، ومتى أعرضنا عنها فإنها ستزول بإذن الله، لأن جميع الوساوس الرديئة التي يلقيها الشيطان في قلب الإنسان، إذا امتثل الإنسان أمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيها، نجا منها. ألم تعلموا أن الشيطان يأتي إلى الإنسان ويقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول له: من خلق الله؟! نسأل الله العافية! وحينئذ يجب أن يستعيذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم، وينتهي ويعرض ولا يلتفت.

أسباب التخيلات الشيطانية التي يقع فيها الناس

أسباب التخيلات الشيطانية التي يقع فيها الناس هذه التخيلات التي تقع لكثير من الناس سببها والله أعلم: أن كثيراً من الناس أعرض عن الأوراد الشرعية التي تحمي الإنسان من الشياطين مثل: آية الكرسي، فآية الكرسي إذا قرأها الإنسان في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح، ولهذا ينبغي لنا أن نعلمها أطفالنا البنين والبنات، نحفظهم إياها ونقرؤهم إياها كلما حل الليل بظلامه ليكون ذلك حارساً لهم. أنت لو استأجرت شخصاً يحرس أولادك في ليلة واحدة وأعطيته ألف ريال لسهل عليك، لكن حراسة الرب عز وجل لأولادك إذا قرءوا هذه الآية أعظم وأعظم: (من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح) . السبب الثاني: الفراغ، والفراغ قتال، وما أكثر الفراغ عندنا! الفراغ في شبابنا وفي فتياتنا وفي كبارنا، فراغ قاتل، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) والإنسان إذا فرغ ولم يكن عنده عمل يحرك به جسمه، ويحرك به عقله، ويحرك به فكره توالت عليه الهموم، وجرب تجد، اشتغل في علم، في مال، في صنعة، فلن ترى هذه الوساوس، اترك الشغل تتوال عليك وتتوارد عليك الوساوس. ومن الأسباب: ضعف التوكل على الله عز وجل، التوكل على الله عند كثير من الناس ضعيف، لا يعتمدون إلا على الأسباب المادية وينسون الرب عز وجل، ينسون الذي يقول للشيء كن فيكون، ويعتمدون على الأمور المادية. الإنسان لو أصابه زكام -والزكام من أخف ما يكون من الأمراض- هل يوطن نفسه ويصبر ويعلق قلبه بالله وينتظر الفرج من الله والعافية من الله، ويقول: هذه الأذية التي حصلت لي هي أجر وتكفير سيئات، أم من حين أن يصاب يذهب إلى المستشفى؟ غالب الناس يفعلون الثاني، ولذلك لما ضعف التوكل عندهم صاروا يعتمدون على الأسباب المادية البحتة، لكن لو اعتمدوا على الله وقالوا: الجن أذل من أن يكونوا مسلطين على الإنس إلا أن الإنس إذا فرطوا في التحصن غلبتهم الجن، لكن إذا قاموا بالتحصن على الوجه المطلوب حماهم الله عز وجل. ومن الأسباب أيضاً: أن الله عز وجل يري عباده أن هذه الدنيا ليست دار ترف ونعيم لا يمس الإنسان فيها نصب، بل لا بد من كدر لا بد من تنغيص، لا يمكن للدنيا أن تكون صفواً للإنسان من كل وجه؛ حتى أغنى الناس وأقواهم سلطة وأكثرهم جنوداً لا بد أن تنغص عليهم الحياة، حتى أعبد الناس لا بد أن تصيبه المصائب، لكن المؤمن وإن أصابته المصائب فهي خير له: (المؤمن إن أصابته الضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته السراء شكر فكان خيراً له) لكن غير المؤمن إذا أصابته الضراء تضجر وجزع، وربما يفعل الأفعال المحرمة أو يقول الأقوال المحرمة مع ما انطوى عليه قلبه من التسخط من قضاء الله، هذا غير المؤمن؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ليس منا من شق الجيوب، ولطم الخدود، ودعا بدعوى الجاهلية) فتبرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من هؤلاء. شق الجيب من الحزن والتسخط وعدم الصبر. ضرب الخد: لأنهم كانوا في الجاهلية إذا حزنوا من الشيء قام الواحد يضرب خده. ودعا بدعوى الجاهلية: ما هي دعوى الجاهلية؟ الويل والثبور يقول: يا ويلاه يا ثبوراه كيف أصاب بهذه المصيبة؟ وما أشبه ذلك. نعود إلى الآية الكريمة {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق:3] ما معنى الثاقب؟ A الثاقب الذي يثقب الظلام بضيائه وينفذ من أعلى ما يكون إلى الأرض، الثاقب: الذي يثقب الشياطين التي تستمع ما يكون في السماء.

المراد بالحافظ على كل نفس

المراد بالحافظ على كل نفس قال تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق:4] أي: ما كل نفس إلا عليها حافظ، فكل نفس عليها حافظ من الله، قال الله عز وجل: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد:11] وقال تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام:61] قال العلماء: انظر إلى فضل الله، انظر إلى نعم الله يحفظ الإنسان حياً وميتاً {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً} [الأنعام:61] في الحياة، وبعد الممات تقبضه الرسل (الملائكة الكرام) وهم لا يفرطون في هذه النفس التي توفوها، بل يحفظونها أتم حفظ، فالإنسان محفوظ حياً وميتاً: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق:4] . ومن الحفظة: الكرام الكاتبون، كما في سورة الانفطار: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ} [الانفطار:10-11] هؤلاء الحفظة الكاتبون يحفظون كل ما يصدر من الإنسان من قول أو فعل، قال الله تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق:17] يعني: عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18] كل قول ما تلفظه إلا عندك رقيب عتيد، مراقب حاضر، الرقيب: هو المراقب، والعتيد: هو الحاضر الملازم. كم تكلمت من كلمات؟ لا تحصى، الإنسان لا يحصي ما تكلم به، كل كلمة فإنها مكتوبة، ومتى نطلع على ما كتب؟ قال الله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء:13-14] يطلع عليه الإنسان يوم القيامة تاماً، أي قول كان.

دعوة إلى النظر في أصل الخلق

دعوة إلى النظر في أصل الخلق قال تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ} [الطارق:5] اللام في قوله: {فَلْيَنْظُرِ} [الطارق:5] لام الأمر، أمر الله أن ننظر مما خلقنا، وأجاب: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق:6-7] وهو ماء الرجل، فالإنسان مخلوق من ماء الرجل الذي يخرج من بين الصلب والترائب، أما كيف يخرج؟ فهذا إلى الله عز وجل، لكن نعلم ونؤمن بأن هذا الماء يخرج من بين الصلب والترائب. ولقد توهم بعض العلماء وقالوا: المراد من بين صلب الرجل وترائب المرأة، وهذا خطأ؛ لأن الذي يخرج من الرجل غير الذي يخرج من المرأة، الذي يخرج من الرجل ماء دافق، وأما من المرأة فلا، والله تعالى إنما ذكر ماءً واحداً وهو ماء الرجل لأنه هو الماء الدافق، فتكوين الإنسان من ماء الرجل، لكن الله تعالى جعل لهذا الماء محلاً: {فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المرسلات:21] هذا المحل هو رحم المرأة الذي فيه البويضات التي تحتضن ماء الرجل حتى يصبح جنيناً بإذن الله. {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} [الطارق:8] (إنه) أي: الرب عز وجل ((عَلَى رَجْعِهِ)) [الطارق:8] أي: على رجع الإنسان وذلك يوم القيامة ((لَقَادِرٌ)) [الطارق:8] لأن القادر على أول الخلق قادر على إعادته، كما قال الله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء:104] وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الروم:27] . إذاً ((إِنَّهُ)) [الطارق:8] الضمير يعود على الله {عَلَى رَجْعِهِ} [الطارق:8] الضمير في رجعه يعود على الإنسان، أي: إن الله على رجع الإنسان لقادر، وتأمل قول الله تبارك وتعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس:51-52] فيقال لهم: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس:52-53] سبحان الله! صيحة واحدة يأمرهم الله بها أن يخرجوا من القبور أحياءً فيخرجون أحياء {فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس:53] .

معنى: (يوم تبلى السرائر)

معنى: (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ) ثم قال عز وجل: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق:9] يعني: إن الله قادر على رجعه يوم تبلى السرائر وذلك يوم القيامة، والسرائر: جمع سريرة وهو ما يكنه الإنسان في نفسه، والإنسان يوم القيامة يختبر عن هذا، لا يختبر على الظاهر يختبر على الباطن، انتبهوا -بارك الله فيكم- فيوم القيامة الأساس والعمدة: الباطن السريرة، وفي الدنيا: الظاهر، فنحن نحكم على الناس في الدنيا بالظاهر، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما أقضي بنحو ما أسمع) رأينا هذا الرجل يأتي المسجد ويتصدق ويصوم ويصلي، فنحكم عليه بأنه مسلم، وقد يكون في باطن أمره والعياذ بالله منافقاً، لأن الله تعالى قال في المنافقين: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} [المنافقون:4] وهو منافق، أعاذني الله وإياكم من النفاق. المدار يوم القيامة ليس على الأعمال الظاهرة، المدار على ما في القلوب: {يَوْمَ تُبْلَى} [الطارق:9] أي: تختبر {السَّرَائِرُ} [الطارق:9] جمع سريرة، وهو ما يسره الإنسان في نفسه، ومثل هذا قوله تعالى: {أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات:10] . ثم قال عز وجل: {فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ} [الطارق:10] فيوم القيامة لا ينتصر الإنسان لنفسه لأنه ليس عنده قوة، ولا بغيره لأنه ليس له ناصر، ويوم القيامة لا ينفع إلا العمل الصالح، لا أب ولا أم ولا أخ ولا ابن ولا حارس في الدنيا ولا جندي، ولا أي أحد، لا أحد ينصره، ليس له قوة بنفسه ولا قوة بغيره، لأنه ما له قوة ولا ناصر.

القسم بالسماء والأرض على أن القرآن قول فصل

القسم بالسماء والأرض على أن القرآن قول فصل ثم قال عز وجل: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} [الطارق:11-12] الواو هنا للقسم مثل ما قال في أول السورة: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} [الطارق:1] أقسم الله بالسماء مرة ثانية ووصفها بأنها ذات رجع أي: ذات مطر، لأن المطر ترجع به الأرض حية بعد موتها، فالسماء تنزل منها الأمطار وترجع به الأرض حية بعد أن كانت ميتة. {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} [الطارق:12] الأرض ذات الصدع: أي صاحبة الصدع، والصدع هو التشقق؛ لأن الأرض إذا نزل عليها المطر تشققت بالنبات، مطر ينزل وأرض تخرج (تتشقق) . {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} [الطارق:12-13] إنه: أي القرآن ((لَقَوْلٌ فَصْلٌ)) [الطارق:13] أي: يفصل بين الحق والباطل، وبين المؤمن والكافر، وبين المقاتلين المسلمين وأعدائهم، فإنه فصل يفصل وليس فيه هزل ولا فيه تهكم، هو ليس بالهزل بل إنه قول فصل، ولهذا قال: {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} [الطارق:14] خلافاً للكفار الذين قالوا: {إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [الأنفال:31] .

كيد الكافرين وكيد الله

كيد الكافرين وكيد الله ثم قال تعالى: {إِنَّهُمْ} [الطارق:15] أي: الكفار {يَكِيدُونَ كَيْداً} [الطارق:15] أي: يكيدون كيداً عظيماً، والكيد: هو أن يتوصل الإنسان إلى الإضرار بخصمه على وجه خفي، ومثله المكر والخداع، فكفار قريش كادوا كيداً عظيماً للرسول عليه الصلاة والسلام، ومن أعظم كيدهم له ما ذكره الله عز وجل: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} [الأنفال:30] ثلاثة آراء: {لِيُثْبِتُوكَ} [الأنفال:30] يعني: ليحبسوك حتى تبقى ثابتاً في الحبس لا تستطيع أن تخرج {أَوْ يَقْتُلُوكَ} [الأنفال:30] أي: الإعدام {أَوْ يُخْرِجُوكَ} [الأنفال:30] فقال الله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30] . وهنا قال: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً} [الطارق:15-16] يعني: أنا أكيد كيداً، وتأمل لما ذكر كيدهم ذكره بالجمع {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ} [الطارق:15] ولما ذكر كيده هو عز وجل ذكره بالإفراد ولم يقل: ونكيد كيداً، فكيد الله تعالى وهو واحد عز وجل يغلب كيد جميع من كادوا. وفي قوله: {يَكِيدُونَ كَيْداً} [الطارق:15] تعظيم لكيدهم لأنه جاء بصفة النكرة أي: يكيدون كيداً عظيماً {وَأَكِيدُ كَيْداً} [الطارق:16] كذلك تعظيم كيده سبحانه، يعني: وأكيد كيداً أعظم من كيدهم، وهذا هو الذي حصل، كاد الله لنبيه عليه الصلاة والسلام حتى خرج من مكة سالماً وعاد إليها فاتحاً بعد سُنّّيات قليلة.

معنى إمهال الكافرين

معنى إمهال الكافرين ثم قال: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} [الطارق:17] مهلهم يعني: أخرهم، انتظر فالعذاب واقع بهم لا محالة. وقوله: {أَمْهِلْهُمْ} [الطارق:17] ليس معناه: أمهلهم أنا بل مهلهم أمهل، قال العلماء: الجملة الثانية توكيد للأولى لكن اختلف التعبير، فالمعنى: مهل الكافرين {أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} [الطارق:17] أي: قليلاً فسوف يجدون مكرهم وكيدهم، وهذا هو الذي وقع، ألم تعلموا أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج من مكة مهاجراً خائفاً مختفياً، وبعد ثمان سنوات رجع ظافراً منصوراً غالباً حتى إنه وقف على باب الكعبة بعد أن تم الفتح وقريش تحته تنتظر ماذا يفعل فقال: (يا معشر قريش! ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم. قال: أقول كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم، اذهبوا فأنتم الطلقاء) فكانت العاقبة -ولله الحمد- للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهكذا كل إنسان يقوم بأمر الله فإن العاقبة ستكون له، ولكن لينتظر حتى يلحق بدرجة الصابرين والعاقبة للمتقين. أسأل الله أن يرزقني وإياكم فهماً في كتابه وعملاً به إنه على كل شيء قدير، والآن إلى دور الأسئلة نسأل الله أن يوفقنا للصواب.

الأسئلة

الأسئلة

مقاومة التخيلات بالذكر

مقاومة التخيلات بالذكر Q سائل يقول: فضيلة الشيخ! أنا شاب كلما دخلت في صلاتي وسوس لي الشيطان أتخيل أني مريض بالمس، وأريد دائماً أن أذهب إلى من يقرأ عليَّ، وكذلك أتخيل أشياء من المستحيل أن تقع، فهل من ذكر يطرد ذلك عني؟ A الذكر -والحمد لله- موجود، وكل داء له دواء، والشياطين والجن ليسوا عالماً مشهوداً يستطيع الإنسان أن يتخلص منهم بالسلاح أو بالجنود لكنهم عالم غيبي، يسلطون على من لم يتحصن بالأوراد، ولذلك أحثكم على كثرة الأوراد، وكثرة الذكر حتى تسلموا من عاقبة هؤلاء. أنصح لهذا الأخ: أن يكثر ذكر الله عز وجل، وقراءة القرآن، والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا أحس بشيء وظن أنه من مس الجن فليقل في نفسه: كيف يمسني الجن؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وليتصبر وليتحمل مع الذكر والقرآن فإنه يزول عنه بحول الله.

نصيحة للموسوسين

نصيحة للموسوسين Q سائل يقول: فضيلة الشيخ! شخص حائر! حيث أني عندما أتبول وأتوضأ ثم أصلي أحس بخروج شيء من ذكري، ولو فتشت عن ذلك لوجدت أنه قد خرج بعض البول، فما الحل؟ A لا شك أن الله عز وجل من حكمته أنه جعل للبول والغائط ما يمسكه من الأعصاب القوية التي تشد عليه حتى لا يخرج منه شيء، لكن قد تصاب هذه الأعصاب بمرض فتسترخي فيخرج البول، إما باستمرار، وإما في وقت دون آخر، وقد يكون الإنسان نفسه هو السبب في ذلك، فإن من الناس من إذا انتهى من البول أمسك مجاري البول من عند الدبر إلى رأس الذكر يسلتها سلتاً، ومن الناس من يبقى يتعصر حتى يخرج آخر قطرة من البول، وهذا غلط، حتى وإن كان بعض الفقهاء يقولون: إنه يسن السلت والنتر فإنه قول ضعيف، بل هو بدعة كما نص على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكما هو ظاهر من السنة، فالرسول عليه الصلاة والسلام ما حفظ عنه أبداً أنه يسلت مجاري البول من عند الدبر إلى رأس الذكر أبداً، ولا أنه يتعصر وينتر الذكر أبداً، لكن بعض الناس يفعل هذا؛ إما تقليداً لقول من قاله من الفقهاء وإما لأنه يتوهم أنه إذا لم يفعل هذا يبقى البول في ذكره، وهذا غلط. إذا بال الإنسان فليغسل رأس الذكر فقط وكفى، ولا حاجة لأن يعصر القصبة أبداً ولا يحركها، بل يغسل رأس الذكر الذي أصابه البول، وينتهي كل شيء، لو اعتاد الإنسان هذا لما حصل له هذا المرض الذي تسبب له هو. فنصيحتي لهذا الأخ: أن يعرض عن هذا، ولا يلتفت إليه، ولا ينتر الذكر ولا يسلته، بل يدعه على طبيعته، فإذا خرجت آخر نقطة غسل رأس الذكر، ربما يحس الإنسان بحركة في ذكره، فليس عليه أن ينظر؛ لأن بعض الناس إذا أحس بحركة أرخى سراويله وجعل يعصر ذكره من فوق، إذا عصره فلابد أن يخرج شيء، لكن دعه ولا تلتفت له، حتى إن بعض العلماء رحمهم الله قال: إنه في هذا الحال إذا ابتلي بهذا الوسواس يرش على سراويله الماء من أجل إذا فكر أو شك يحمل ذلك على هذا الماء، لكن نحن نقول: لا حاجة لهذا، هذا تكلف، أعرض عن هذا ولا تشتغل به ويزول عنك بإذن الله، ولا تذهب إذا أحسست ببرود في رأس الذكر أو أحسست بحركة في داخل الذكر لا تذهب لتنظر، دع هذا.

الفرق بين الساحر والكاهن

الفرق بين الساحر والكاهن Q فضيلة الشيخ! ما الفرق بين الكاهن والساحر؟ وهل إذا ذهب إلى أحدهما وأمره بفعل شيء ففعله لكنه لم يصدقه؛ فهل يدخل في الحديث الذي فيه: (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وهل يأثم بفعله هذا؟ A الساحر قد يكون كاهناً، والكاهن قد يكون ساحراً، بمعنى أنه قد تجتمع في الإنسان هاتان الخصلتان الذميمتان: أن يكون ساحراً وأن يكون كاهناً، لكن الفرق بينهما إذا جعلنا الساحر وحده والكاهن وحده: الكاهن له شياطين تخبره بخبر السماء عن المستقبل، فالكاهن لا يتحدث إلا عن المستقبل. الساحر والعراف ربما يتحدث عن الشيء الذي جرى، فمثلاً: يخبرك أين موضع الضالة، إذا ضاع عليك شيء يقول: موجود في المكان الفلاني، هذا العراف والساحر، لكنهم لا يخبرون عن المستقبل لأنه ليس لهم شياطين تخبرهم عما وقع في السماء، ولهذا نقول: هؤلاء الثلاثة -الساحر والعراف والكاهن- قد تجتمع هذه الصفات كلها في واحد، وقد تختلف، لكن الكاهن هو الذي يخبر عن المستقبل، ولا هو يخبر عن شيء واقع.

كيفية الدعاء على الظالم

كيفية الدعاء على الظالم Q فضيلة الشيخ! هل الأفضل للمظلوم أن يدعو على من ظلمه، أم أن يفعل الأسباب التي يكون فيها رد عليه خصوصاً وقد جاء في الحديث: (إن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب) فهل في هذا إشارة إلى أن يلجأ الإنسان إلى الله بالدعاء على من ظلمه؟ أرشدني بارك الله فيك. A المظلوم له أن يدعو الله عز وجل على ظالمه بقدر ظلمه، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) أحياناً لا يتمكن المظلوم من الرد على ظالمه ومصارحته إما لأنه قريب له أو صديق أو زعيم لا يمكن أن يتكلم معه في هذا، فحينئذ لا ملجأ له إلا الدعاء، لكن أحياناً يتهم الإنسان شخصاً بأنه أساء إليه، فهل له أن يدعو الله عز وجل على هذا المتهم أم يقيد الدعاء فيقول: اللهم إن كان فلان ظلمني أو أساء إلي في كذا ويذكر دعوته؟ الجواب: الثاني، يعني: أحياناً يتهم القريب مثلاً بأنه أصاب شخص بعين أو أصاب شخصاً بسحر؛ لكن لا يستطيع الإنسان أن يتكلم؛ لأنه لا يملك بينة ولا عنده دليل، إلا أن القرائن القوية تدل على أن هذا أساء، فهنا رب العالمين يعلم سبحانه وتعالى، فقل: اللهم إن كان فلان هو الذي أصابني وتدعو بما ترى أنك تكافئه. ولكن لو صبر الإنسان واحتسب ووكل الأمر إلى الله لكان خيراً.

القرابة بالرضاع وآثارها

القرابة بالرضاع وآثارها Q فضيلة الشيخ! حدث قبل ما يقارب ثلاثين سنة أن قامت والدتي بإرضاع طفلة مع شقيقي الأكبر ما يقارب ثلاثة أيام، علماً أن الطفلة لم ترضع من والدتها لأن والدتها كانت مريضة ولا يوجد لبن في ثديها، فكانت والدتي ترضعها في اليوم الواحد حوالي ثلاث رضعات وهي تقول: إني لا أعلم هل الطفلة تشبع أم لا، لأن أخي كان يقاسمها الرضاعة، مع العلم بأن والدي ليس لديه خبر بهذه الرضاعة لأنه في ذلك الوقت كان مسافراً ولم يأت إلا بعد أربعة أشهر، ولما رجع أخبرته والدتي بما حدث فلم ينزعج من ذلك الأمر، فهل -يا فضيلة الشيخ- هذه الطفلة أخت لنا وبنت لوالدتي؟ أرجو الإفادة جزاك الله عني ألف خير. A إذا رضع الطفل أو الطفلة من امرأة خمس رضعات متفرقات صار ولداً لها، سواء شبع من كل رضعة أم لم يشبع، وسواء أذن الزوج بذلك أو لم يأذن، فإذا رضع الطفل من امرأة في الصباح، وبعد مضي ساعتين رضع، وبعد مضي ساعتين رضع، وبعد مضي ساعتين رضع، وبعد مضي ساعتين رضع، كم رضع الآن؟ خمساً، فصار ولداً لها، وصار أخاً لجميع أولادها الذين سبقوه في الرضاع والذين لحقوه، وأما قول العوام: أنه لا يكون أخاً لمن دونه فهذا غلط، هو أخ لجميع أولاد المرضعة وأخ لجميع أولاد زوجها. فإذا قدرنا أن المرضعة لها أولاد من زوج سابق أيكونون إخوة له؟ نعم، لكنهم إخوة له من الأم. وإذا كان لزوج المرضعة أولاد من غيرها أيكونون إخوة له؟ نعم، يكونون إخوة له لكن إخوة من الأب. للمرضعة أولاد من زوجها الذي أرضعت الطفل وهي في عصمته يكونون أخوة له؟ أي: هذا طفل رضع من امرأة ولها أولاد من زوجها الذي رضع وهي في عصمته هو أخ لهم من أين؟ من الأم والأب، إذاً صار الرضاع يمكن أن يكون للإنسان به أخ شقيق وأخ من أب وأخ من أم.

خطورة استرسال المرأة في الكلام مع الأجانب

خطورة استرسال المرأة في الكلام مع الأجانب Q فضيلة الشيخ! بعض النساء تسترسل في الكلام مع البائع بكلام لا داعي له، فما حكم ذلك؟ A لا يحل للمرأة أن تسترسل في الكلام مع رجل ليس محرماً لها؛ لأن ذلك يؤدي إلى الفتنة، وقد قال الله تبارك وتعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [الأحزاب:32] تخاطب البائع بقدر الحاجة، ولا تزيد على هذا؛ لأن (الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) وكم من امرأة تقول إنها بعيدة عن الفتنة ولكن لا يزال بها الشيطان حتى يفتنها، ربما إذا انصرفت من الرجل الذي تحدثت معه حديثاً أكثر مما تحتاج إليه ربما إذا انصرفت أدخل الشيطان عليها الهواجس حتى ترجع إلى الرجل الأول، ويكون أول الكلام شرارة وآخره سعيراً والعياذ بالله. فعلى النساء أن يتقين الله، وألا يخضعن بالقول، وألا يكثرن الكلام إلا لحاجة، ومن ذلك -وهو بلاء مبين، بل بلاء عظيم- ما يحدث عن طريق الهاتف، فإن كثيراً من السفهاء يتصلون على أي رقم، فتخاطبه امرأة فيلقي إليها القول المعسول، ويستجرها مرة بعد أخرى، ثم إنه يسجل ما يجري بينه وبينها من الكلام، هذه المشكلة، يعني: لن يدعها، سوف يضع عليها شبكة ما تتحرك معها، يسجل ما يدور بينه وبينها من الكلام، ثم إذا أراد الأمر الفظيع قال لها: إما أن تفعلي وإما فاسمعي إلى صوتك. أعطيه والدك أو أخاك أو غيره لهذا لتحذر النساء من الاستمرار في مكالمة الرجال فإنه خطر، خطر عظيم، نسأل الله السلامة من الفتن.

زيادة الثقوب في آذان النساء

زيادة الثقوب في آذان النساء Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ! ما حكم خرق الأذن من أجل وضع الذهب أكثر من خرق، لكي تجعل فيها أكثر من قرط في أذن واحدة؟ A أخشى أن يكون هذا من الإسراف، بأن تضع المرأة على آذانها أكثر مما جرت به العادة، وقد قال الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31] فإذا كانت العادة جارية بأن المرأة تثقب ثقبين في الأذن الواحدة فلا بأس، لكن إذا لم تكن العادة جارية فهو من الإسراف المذموم، ويخشى أن النساء تتجارى في ذلك وتتباهى، ففي هذا العام تثقب ثقبين، وفي العام الثاني ثلاثة وأربعة حتى تخرق الأذن كلها وهذا ليس ببعيد، النساء يقتدي بعضهن ببعض.

زكاة العين وزكاة الدين

زكاة العين وزكاة الدَّين Q فضيلة الشيخ! قمت بإقراض شخص لعمل محل تجاري، فلما حال عليه الحول سألته: هل قمت بالزكاة عنه؟ فقال: إن الحكومة ممثلة بمصلحة الزكاة والدفع تأخذ الزكاة من أصحاب المحلات في كل ثلاث سنوات، السؤال يا فضيلة الشيخ: هل أخرج زكاة هذا المال أم أن ما يدفعه لمصلحة الزكاة والدفع يعتبر كافياً؟ A الرجل أقرض شخصاً دراهم لفتح محل، زكاة المحل ليست على المقرض، المقرض ما له دخل فيها، المطالبَ بزكاة المحل هو الذي فتح المحل، فعليه زكاته، أما بالنسبة للمقرض فعليه زكاة الدين، ولهذا نقول: صاحب الدكان يزكي ما عنده زكاة عين، والمقرض يزكي ما في ذمة صاحب الدكان زكاة دين، ولا يقال: إن هذا مال وجبت فيه الزكاة مرتين أبداً، زكاة المقرض من أجل الدين، ولهذا لو قدر الله على هذا المتجر وتلف كله هل يسقط الدين عن ذمة صاحب الدكان؟ لا يسقط، وقول بعض الناس: إن هذا القول يستلزم أن يكون في المال الواحد زكاتان غلط، يقال: زكاة التاجر في عين ماله، وزكاة المقرض في الدين، فافترقت الجهة، ولما افترقت الجهة لم تكن الزكاة واردة على شيء معين واحد. فنقول للمقرض: أنت زك ما في ذمة الرجل كل سنة، والحكومة سوف تأخذ من هذا المال -مال الرجل- كل سنة.

جواز زواج المرأة السليمة برجل أخرس

جواز زواج المرأة السليمة برجل أخرس Q فضيلة الشيخ! لي قريب قد زوج أخته من رجل أخرس وهي سليمة من الخرس وعائلتها كذلك، وهذا الزوج يصلي ولا نتهمه بشيء في دينه، ولكني قد غضبت لذلك وقلت: إن هذا ليس من الكفاءة والعائلة سليمة من ذلك، فيأتي الشيطان إلي فيقول: أنت على حق فيزيد من غضبي. فهل هذا يؤثر على ديني؟ علماً أن الزوجة الآن حامل، ولكني أنا كل يوم يزداد غضبي وربما شتمت ولعنت بسبب هذا الزواج، أرجو من فضيلة الشيخ توجيهي وإزالة ما في قلبي من احتراق وغضب. A أقول لهذا الأخ: عليك أن تتوب إلى الله، وتستغفر الله عز وجل، ولا تكون بين الرجل وزوجته، الرجل لم يتزوج من المرأة إلا بعد أن أخذ أذنها ورضيت به و {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [الحديد:21] والذي جعل هذا أخرس والزوجة ناطقة هو الله عز وجل، ولا تتشاءم فإنه ربما يكون أولاد هذه المرأة من أفصح الناس وأشد الناس انطلاقاً في الكلام، فعليك أن تتوب إلى الله عز وجل مما يقع منك من شتم وغضب ولوم على ما جرى، وأن تسأل الله السلامة لأولاد هذه المرأة، ومن أحسن الظن بالله فإنه على خير.

العمل إذا اختلط مال الرجل بوديعة عنده

العمل إذا اختلط مال الرجل بوديعة عنده Q فضيلة الشيخ! ما قولكم وفقكم الله فيمن اختلط ماله بمال قد أودعه شخص عنده بغير قصد منه، فما الذي تبرأ به ذمته؟ A إذا كان المال دراهم فلا إشكال في ذلك، فيعطي صاحب المال قدر الدراهم التي خلطها، والدراهم لا تختلف، لكن إذا كان غير دراهم مثل أن يخلط كيس أرز لشخص مع كيس رز عنده فهذا هو المشكل، في هذه الحال إذا كانت أصواع الكيس الذي لغيره معلومة وأصواع كيسه معلومة -أيضاً- لا إشكال إذا كان الأرز من جنس واحد، ومن نوع واحد، ومن وصف واحد، أي: كلا الكيسين في النوعية واحد، وفي الجودة والرداءة واحد فهذا -أيضاً- سهل، يقسم هذا، ويعطى هذا حقه وهذا حقه. وإذا أشكلت الأمور فالخطب سهل: يجتمعان ويتصالحان، ويحلل أحدهما الآخر: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:40] .

طريقة تطهير السجاد من بول الأطفال

طريقة تطهير السجاد من بول الأطفال Q فضيلة الشيخ! إذا بال الطفل على السجاد فما الطريقة لتطهيره، وما مقدار الماء الذي يكفي لغسله؟ A الطفل إما أن يكون ذكراً وإما أن يكون أنثى، فإن كان ذكراً صغيراً يتغذى باللبن فأمره سهل؛ لأن طهارة الغلام الذي لا يأكل الطعام وإنما يتغذى باللبن أن يصب عليه ماء فقط بدون عصر وبدون فرك، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أتي بصبي صغير لم يأكل الطعام فوضعه في حجره فبال عليه -أي: الصبي- فدعا بماء فأتبعه إياه. أما إذا كان الصبي كبيراً يتغذى بالطعام، أو كان بول امرأة ولو صغيرة فإنه أولاً ينزع البول بالسفنج أو شبهه، ثم يصب عليه ماء ويدلك، ثم ينزع الماء، ثم يصب ماء ويدلك وينزع، ثم يصب الثالثة ويكفي.

نصيحة حول موضوع الانتكاس

نصيحة حول موضوع الانتكاس Q فضيلة الشيخ! ظاهرة نسأل الله تعالى ألا تكون كثيرة لكن نود علاجها من قبلكم قبل انتشارها وهي: ظاهرة الانتكاس بعد الالتزام، كان شاب مع الشباب وربما حفظ شيئاً من القرآن وحضر شيئاً من دروس العلم، ولكنه -والعياذ بالله- تغيرت حاله سواءً مع زملائه السابقين أو مع أهله أو في مسجد حيه، فما نصيحتك له ولأمثاله؟ وما واجب من يعلم بحاله؟ A أولاً: أرى أن هذا من التشاؤم، أعني القول: بأن الانتكاس كثير أو كثر أو ما أشبه ذلك، وأرى أن شباباً كثيراً -والحمد لله- بدءوا يلتزمون، والذين انتكسوا كان في نفوسهم شيء قبل الانتكاس ولكن لم يتحقق فلذلك انتكسوا، ولكنهم قلة -ولله الحمد- وأكثر الشباب على الاستقامة. ولا شك أن الانتكاسة لها أسباب، ومن أكبر أسبابها ما يوجد في القنوات الفضائية التي نسأل الله تبارك وتعالى في هذا المكان أن يسلط الحكومة على القضاء عليها حتى تأمن، وحتى تستقر، لأننا لا نرى شيئاً أعظم في الاستقرار من تعظيم الله عز وجل، والبعد عن محارمه، وأن الناس إذا ضبطوا على الشرع فهذا هو الأمن، والذي لا يعطي الأمان إلا الخوف من السلطان أمنه ضعيف، وسينتهز الفرصة، لكن إذا كان أمنه عن إيمان فهذا هو الذي يبقى، وهذه القنوات الفضائية لا شك أنها تسلب الإيمان، وتسلب الأخلاق، وفيها من البلاء ما تتقطع منه الأكباد، وتتوجع منه القلوب، فيه أشياء نسمع عنها، ولا البهائم تفعلها والعياذ بالله، مسابقات على الخنا، وعلى الدعارة، وعلى السفالة، أشياء يشيب منها الرأس، تجعل الولدان شيباً، إذا شاهد الشباب مثل هذا فإنه قد لا يلحقهم لوم إذا انتكسوا والعياذ بالله، ولكن لا عذر لهم -الشباب- لأن الواجب على الشباب أن يقاطعوها، وألا يجلسوا أليها، وألا يتحدثوا بها، هذا الواجب، لكن مع ذلك نحن نسأل الله عز وجل أن يسلط الحكومة على هذه الدشوش وتمنعها منعاً باتاً، وما ذلك على الله بعزيز، وهم -إن شاء الله تعالى- قادرون على ذلك، ونرجو أن يكونوا فاعلين.

حكم لبس ما عليه إشارة إلى حرام

حكم لبس ما عليه إشارة إلى حرام Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ! ما حكم لبس الأقمشة التي عليها رسومات تدل على الأنغام والموسيقى؛ هل يجوز لبسها والصلاة فيها؟ A كل لباس عليه إشارة لما هو حرام فلبسه حرام، اللباس الذي فيه الصور حرام، الذي فيه صورة المعازف وآلات اللهو حرام، الذي فيه الدعوة للدعارة حرام؛ لأنه يوجد -كما نسمع- فنايل مكتوب عليها عبارات سيئة للغاية هذه -أيضاً- حرام لا يجوز لبسها، التي عليها صور آدميين حرام لا سيما إن كانت صور كفار أو أصحاب مجون فإنه يزداد تحريمها، لو أننا نحن الشعب تواصينا بمقاطعة هذه ما بقي لها رواج بيننا، لكن -مع الأسف- أن بعضنا يدفع بعضاً دون أن يتأمل ودون أن يتفكر.

حكم من صلى الظهر يوم الجمعة ركعتين لسنوات طويلة

حكم من صلى الظهر يوم الجمعة ركعتين لسنوات طويلة Q رجل يقول: إن أمي تصلي يوم الجمعة صلاة الظهر ركعتين في المنزل، ولم تعلم أنه يجب عليها الصلاة أربع ركعات إلا الأسبوع الماضي، فماذا يلزمها في الماضي والمستقبل؟ A هذه مشكلة، هي على كل حال الجواب: إذا كانت امرأة جاهلة جهلاً مطبقاً لا تدري بشيء فأرجو ألا تلزمها الإعادة، وأما إذا كانت مقصرة مفرطة في السؤال فإنه يلزمها أن تعيد جميع الصلوات التي اقتصرت فيها على ركعتين، فيلزمها في السنة خمسة وخمسون صلاة أو قريباً من هذا في كل سنة، وهذا يسير إن شاء الله وليس بصعب، يعني: ممكن أن تصلي في الشهر عشراً، خمس عشرة وهلم جرا حتى ينتهي. أما إذا كانت جاهلة جهلاً مطبقاً ما تدري بشيء فهذه لا شيء عليها؛ لأن الجهل عذر عفا الله عنه في قوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] .

حكم الأخذ من مال الأب إذا اكتسبه من حرام

حكم الأخذ من مال الأب إذا اكتسبه من حرام Q سؤالي يا فضيلة الشيخ: أن أبي -غفر الله له- يعمل في بنك ربوي، فما حكم أخذنا من ماله وأكلنا وشربنا من ماله؟ غير أن لنا دخلاً آخر وهو من طريق أختي الكبيرة فهي تعمل، فهل نترك نفقة أبي ونأخذ نفقتنا من أختي الكبيرة مع أننا عائلة كبيرة، أم أنه ليس على أختي النفقة علينا فنأخذ النفقة من أبي؟ أفتنا جزاك الله خيراً وحفظك. A أقول: خذوا النفقة من أبيكم، لكم الهناء وعليه العناء لأنكم تأخذون المال من أبيكم بحق؛ إذ هو عنده مال وليس عندكم مال، فأنتم تأخذونه بحق، وإن كان عناؤه وغرمه وإثمه على أبيكم فلا يهمكم، فها هو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل الهدية من اليهود، وأكل طعام اليهود، واشترى من اليهود، مع أن اليهود معروفون بالربا وأكل السحت، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام يأكل بطريق مباح، فإذا ملك بطريق مباح فلا بأس. أنظر مثلاً بريرة مولاة عائشة رضي الله عنهما، تصدق بلحم عليها، فدخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوماً إلى بيته ووجد البُرمة -القدر- على النار، فدعا بطعام ولم يؤت بلحم، أتي بطعام ولكن ما فيه لحم، فقال: ألم أر البرمة على النار؟ قالوا: بلى يا رسول الله، ولكنه لحم تصدق به على بريرة. والرسول عليه الصلاة والسلام لا يأكل الصدقة، فقال: (هو لها صدقة ولنا هدية) فأكله الرسول عليه الصلاة والسلام مع أنه يحرم عليه هو أن يأكل الصدقة؛ لأنه لم يقبضه على أنه صدقة بل قبضه على أنه هدية. فهؤلاء الإخوة نقول: كلوا من مال أبيكم هنيئاً مريئاً، وهو على أبيكم إثم ووبال، إلا أن يهديه الله عز وجل ويتوب، فمن تاب تاب الله عليه.

حكم تغيير النية أثناء الصلاة

حكم تغيير النية أثناء الصلاة Q فضيلة الشيخ! ما حكم تحويل النية في أثناء الصلاة، مثلاً: نسيت صلاة الظهر فحضرت صلاة العصر فدخلت في صلاة العصر على أنها العصر، ثم في الركعة الثالثة تذكرت أنني لم أصل الظهر فغيرت النية، فما الذي علي؟ A الآن أسألكم: لما غير النية -نية العصر إلى ظهر- أبطل العصر أم لا؟ أبطلها. إذاً بطلت العصر، ولما نواها ظهراً هل صحت نيته وهو لم ينوها من أولها؟ إذاً بطلت الصلاتان، فعليه أن يعيد الظهر وأن يعيد العصر، ومثل هذه الحال أي: لو كان على إنسان صلاة ظهر ودخل في العصر ناسياً، وفي أثناء الصلاة ذكر نقول: استمر في صلاتك على أنها العصر، وإذا انتهيت فصل الظهر، وتعذر في الترتيب هنا لأنك ناس، وقد قال الله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] . أما لو شرعت في نافلة ثم ذكرت أن عليك فريضة فاقطع النافلة وادخل في الفريضة من أولها.

الخادمة ليست ملكا لصاحب البيت

الخادمة ليست ملكاً لصاحب البيت Q فضيلة الشيخ! أرجو من فضيلتكم الإجابة، سؤالي يقول: بعض الناس يرى أن المستخدمات اللاتي في البيوت تكون مملوكة لصاحب البيت والله يقول: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:36] فأرجو الإجابة والسماح لي إذا كان في سؤالي خطأ. A هذا الاعتقاد غير صحيح، يعني: اعتقاد أن الخادم مملوكة خطأ عظيم، الخادم ليست مملوكة بل حرة، ولا يحل للإنسان أن ينظر إلى وجهها أو يحادثها بغير حاجة، لأنها أجنبية منه، لكن هنا طريق سهل: إذا كانت الخادم شابة وليس لها زوج فليتزوجها صاحب البيت حتى يكون عند زوجته الأولى زوجة أخرى تساعدها في حقوق الزوج، وتساعدها -أيضاً- في شئون المنزل، هذا أحسن، وحينئذ تكون هذه الخادمة حلالاً له عن طريق النكاح.

شبهة في صيام عاشوراء

شبهة في صيام عاشوراء Q فضيلة الشيخ! أمر أشكل عليَّ وهو أن من الناس من يقول: إن يوم عاشوراء غير ثابت، فاليهود والنصارى يؤرخون بالتاريخ الميلادي، وتعلمون يا فضيلة الشيخ أن هناك فرقاً بين التاريخين عشرة أيام، فعلى تفكيرهم وقولهم هذا لا بد من تأخير عاشوراء في كل سنة عشرة أيام نرجو التفصيل في كلا الحالين. A إن كان جنون فهذا جنون، هل نحن مطالبون إلا بعاشر من محرم؟ مطالبون بعاشر محرم، كيف الاختلاف؟ يعني: هذه السنة نصوم عشرة، والسنة الثانية عشرين، والثالثة ثلاثين، والرابعة عاشر من صفر وهلم جرا هل هناك أحد يقول هذا؟! أقول: إن عاشوراء معلوم، ما فيه إشاكلٌ، لكن الإشكال: هل هلَّ هلال محرم في ثلاثين من ذي الحجة أو في ليلة واحد وثلاثين؟ هذا الذي يقع الإشكال فيه، فماذا نعمل إذا شككنا أن هلال محرم ليلة الثلاثين من ذي الحجة فيكون شهر ذي الحجة ناقصاً، أو نقول: هلَّ في الحادي والثلاثين فيكون تاماً؟ الطريق بين -والحمد لله-: إن رأيناه ليلة الثلاثين اعتبرنا ذا الحجة ناقصاً، وإن لم نره فالواجب إكمال ذي الحجة ثلاثين، ولذلك الآن هذه السنة التقويم جعل ذا الحجة تسعاً وعشرين، وأدخل المحرم في الأربعاء، فعلى هذا التقدير يكون الخميس هو التاسع والجمعة هي العاشر، لكن حسب الرؤية وحسب الشرع لم يدخل شهر محرم إلا في الخميس، فيكون التاسع يوم الجمعة والعاشر يوم السبت.

صيام ثلاثة أيام بدل أيام البيض

صيام ثلاثة أيام بدل أيام البيض Q شخص لم يصم الثلاث البيض، فهل يكفيه عنها أن يصوم ثلاثاً أخرى فيما تبقى من الشهر؟ A إذا كان ممن يعتادون صيام ثلاثة أيام من كل شهر كفته هذه الثلاثة عن الأيام التي كان يعتاد صيامها.

حالة لا يقع فيها الطلاق

حالة لا يقع فيها الطلاق Q فضيلة الشيخ! حصل بين أبي وأمي طلاق بسبب من الأسباب قال أبي لوالدتي: أنت طالق إذا خرجت من البيت. وهي لم تسمعه فخرجت، فحصل الطلاق، وكانت هذه هي الثالثة، فما رأي فضيلتكم وفقك الله وسددك؟ A رأيي أنه لا طلاق، أولاً: إن المرأة لم تسمع فلم يحصل منها عصيان. ثانياً: إن الغالب لمن يقول مثل هذا القول: أنه لم يرد طلاق امرأته وإنما أراد تحذيرها من الخروج، فإذا قدر أنها خرجت عمداً فعليه كفارة يمين.

الطريقة الصحيحة للدعوة

الطريقة الصحيحة للدعوة Q فضيلة الشيخ! ما هي الطريقة الصحيحة في الدعوة إلى الله تعالى؟ وكيف نرقق قلوب الناس؟ A الدعوة الصحيحة ما ذكرها الله عز وجل لرسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125] وعليك بالرفق فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، وقد أوصى الله تبارك وتعالى موسى وهارون أن يقولا لأعتى عباد الله قولاً ليناً، فعليك باللين واترك العنف، واصبر على ما يصيبك من أخيك إذا لم تجد منه قبولاً سريعاً، ولا تيأس، وكرر، فربما تحصل الهداية في عاشر مرة أو أكثر. وفق الله الجميع لما فيه الخير.

اللقاء الشهري [46]

اللقاء الشهري [46] النكاح مطلب فطري وشرعي، وهو من سنن المرسلين، وله في الشريعة أحكام مفصلة. ولذلك ورد الكلام عنه، وعن عوائقه المعاصرة، وعن الأحكام المترتبة عليه، كعلاقة هامة وارتباط له منظوره الخاص في الإسلام. وإضافة إلى ذلك تضمنت فقرة الأسئلة حلولاً لبعض الإشكالات فيما يتعلق بهذا الموضوع، وبعض أحكام المرأة، وضوابط التعامل بين الرجال والنساء.

مشروعية النكاح وموانعه

مشروعية النكاح وموانعه الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإنه بمناسبة حلول الإجازة الصيفية وكثرة عقود النكاح فيها أحببت أن يكون موضوع هذا اللقاء الحديث عن النكاح وما يتعلق به. فأقول أولاً: النكاح مرغوب إلى الإنسان بمقتضى الفطرة والطبيعة، وجعله الله تعالى مرغوباً للإنسان بمقتضى فطرته وطبيعته من أجل أن يبقى النسل الإنساني، لأنه لولا هذه الفطرة والطبيعة التي تحدو الإنسان إلى النكاح ما كان ليبدي الإنسان عورته أمام امرأة كانت أجنبيةً منه، وما كان ليمارس هذا الفعل، لكن الله تعالى ركب في الإنسان طبيعة فطرية تحدوه إلى هذا النكاح. وهو مع ذلك -أيضاً- هو من سنن المرسلين، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تزوج وقال: (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة) ولما أراد بعض الصحابة أن يدع النكاح تعبداً لله عز وجل بتركه، خطب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأنكر ذلك، قال: (أما أنا فأتزوج النساء، وأصلي وأنام، وأصوم وأفطر، ومن رغب عن سنتي فليس مني) فتبرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ممن ترك النكاح تعففاً ورهبانية، وقال: (من رغب عن سنتي فليس مني) . ولهذا أجمع العلماء على أن النكاح مشروع، وأنه عبادة، ولكن اختلفوا: هل يجب على الإنسان القادر للشهوة؟ على قولين، والصحيح: أنه يجب على الشاب - ذي الشهوة إذا كان قادراً - أن يتزوج، ويحرم عليه أن يؤخره من أجل الدراسة أو التجارة أو غير ذلك، ما دام عنده شهوة وقادر يجب أن يتزوج، دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة -يعني النكاح- فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الشباب القادرين على النكاح أن يتزوجوا، وبين الفائدة العظيمة منه وهو أنه أغض للبصر وأحصن للفرج، وإنما ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هاتين الفائدتين مع أن فيه فوائد كثيرة لأن هاتين الفائدتين أسرع ما يكون إلى الإنسان، بمجرد ما يتزوج الإنسان يكف بصره عن النساء، ويحصن فرجه، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، يصوم؛ لأن الصوم عبادة وهو في نهاره صائم، كاف، غافل عما يتعلق بالنساء، وفي ليله نائم. ثم إن الصيام يضعف مجاري الدم، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فإذا ضعفت المجاري ضعفت مسالك الشيطان وصار ذلك أقرب إلى السلامة، ولكن إذا لم يستطع الصوم، كشاب لا يستطيع النكاح ولا يستطيع الصوم ماذا يفعل؟ يفعل ما أمر الله به بقوله: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] يستعف، يتصبر فإن من يتصبر يصبره الله عز وجل، وإذا كان الإنسان متعففاً كافاً عما حرم الله فإنه يدخل في قول الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:4] .

غلاء المهور من موانع النكاح

غلاء المهور من موانع النكاح لكن لإدراك هذه المسألة -أعني: النكاح- في وقتنا الحاضر موانع منها: صعوبة المهور فإن المهر كثير وكثير، ربما يبقى الشاب زمناً طويلاً لا يحصل المهر فضلاً عن النفقات التي تأتي بعد النكاح، وهذا خلاف السنة، السنة في المهر أن يخفف ويقلل، حتى جاء في الحديث: (أعظم النساء بركة أيسره مئونة) ولقد زوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجلاً على نعلين، وقال لرجل آخر: (التمس ولو خاتماً من حديد) فما بالنا الآن نتحكم في النساء فلا نزوجهن إلا من كان أكثر صداقاً؟ هذا غلط، الذي ينبغي أن ييسر الإنسان المهر ويسهله فإن هذا هو السنة، وهو -أيضاً- أقرب أن يؤدم بين الرجل وبين المرأة -يعني: يجمع بينهما- كيف ذلك؟ الرجل إذا كان المهر كثيراً وربما استدان أكثره أو كله، ثم تزوج المرأة، فمن المعلوم أنه سيبقى هذا الدين في خياله، يقض مضجعه، ويكسوه الهم، فربما لا يسعد سعادة تامة مع زوجته لماذا؟ لأنه خسر عليها كثيراً. ثم إذا لم يقدر الله التلاؤم بينهما وساءت العشرة، إذا كان المهر قليلاً هل يسهل عليه أن يطلقها؟ نعم يسهل عليه ويستريح وتستريح هي - أيضاً - لكن إذا كان كثيراً لا يمكن أن يطلقها حتى يتعبها تعباً كثيراً. ثم إذا قال: أنا أطلقها لكن أعطوني ما أنفقت عليها. من أين يحصلون ذلك؟ قد لا يدركون هذا فيحصل بهذا شر كثير، حياة زوجية لكنها حياة شقاء، وكله بسبب تكثير المهر.

حكم الامتناع عن تزويج البنات طمعا في رواتبهن

حكم الامتناع عن تزويج البنات طمعاً في رواتبهن كذلك -أيضاً- من الموانع: أن بعض الناس الذين لا يخشون الله ولا يرحمون عباد الله، ولا يؤدون الأمانة إذا كان لهم بنات، وكانت هذه البنات لها راتب من الحكومة بتدريس أو عمل فإنك تجده يحتكر المرأة ولا يزوجها لأنه يريد أن يسيطر على ما عندها من المال، وهذا لا شك خيانة ومعصية للرسول عليه الصلاة والسلام، أما كونه خيانة فلأن الرجل احتكرها لمصلحة نفسه وهو ولي عليها يجب أن يختار لها ما هو أصلح، وكم من فتيات تأن أنين المريض من أجل أن أباها لم يزوجها، يريد أن يأخذ لعاعة من العيش ولا شك أن هذا خطأ عظيم، وأن الرجل سوف يحاسب على بنته يوم القيامة حيث أضاع الأمانة ومنع حقها. ونحن نقول لهذا الرجل: أرأيت لو كنت تشتهي أن تتزوج ومنعك مانع من ذلك، أما ترى أنه قد اعتدى عليك وظلمك؟ A بلى، يرى أنه اعتدى عليه وظلمه، فإذا كان يرى أن من منعه من النكاح مع شدة رغبته فيه قد اعتدى عليه وظلمه؛ فكيف يمنع هذه المسكينة من أجل مصلحة نفسه؟! والعجب أن هذا مبني على ظلم وعلى جهل، أما الظلم فواضح: يمنعها حقها من الزواج، وأما الجهل: فلأن الإنسان إذا زوج بنته ولها مال هل يمنع من الأخذ من مالها لأنه زوجها أم يجوز أن يتملك من مالها ما لا يضرها؟ الجواب: الثاني، لأنه حتى لو تزوجت المرأة -بنتك مثلاً- وعندها مال فلك أن تأخذ من مالها ما شئت ما لم يضرها؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أنت ومالك لأبيك) فتزويجها لا يمنع أن تأخذ من راتبها شيئاً؛ لأنه أبوها، وإذا كان أباها فله أن يأخذ من مالها ما لا يضرها، لكن هذا من الجهل.

احتكار البنات لتزويجهن من الأقارب

احتكار البنات لتزويجهن من الأقارب كذلك يمنع من النكاح ما يفعله بعض الجهال من احتكار بناته لأبناء أخيه، فيحتكر بناته ليزوجها أبناء أخيه، ويصرح بذلك، تقول الفتاة خطبها فلان صاحب دين وخلق ومال ونسب، قد توفرت فيه الشروط فيقول: لا، أنت لابن عمك سبحان الله! من ملك الأحرار بعد أن كانوا أحراراً؟! وهو إذا منعها أن تتزوج الكفء وأجبرها على أن تتزوج ابن عمها فهذا النكاح نكاح فاسد، المرأة لا تحل لزوجها به، وزوجها يطؤها على أنها فرج حرام والعياذ بالله، فيكون هذا الرجل قد مكن ابنته أن يجامعها رجل ليس زوجاً لها والعياذ بالله؛ وذلك لأن من شرط النكاح رضا المرأة كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (البكر تستأذن، والثيب تستأمر) وقال - أيضاً -: (البكر يستأمرها أبوها) فنص على البكر ونص على الأب فكيف تزوجها من لا تريد وهي غير راضية؟! وسبحان الله! لو أن الإنسان باع من مال ابنته ما يساوي درهماً واحداً بدون رضاها هل بيعه صحيح أم غير صحيح؟ البيع غير صحيح، لو أن الرجل باع من مال ابنته ما يساوي درهماً واحداً دون أن يتملكه فإن البيع غير صحيح، فكيف يبيع حياة هذه المرأة بدون رضاها؟ هذا لا تأتي بمثل الشريعة، ولذلك أرى أن هؤلاء الذين يمنعون بناتهم من النكاح إلا ببني أعمامهن أرى أنه ظالم، وأنه معتد، وللبنت أن ترفع الأمر إلى المحكمة ونقول لهذا الرجل: ليس لك ولاية. أهل العلم يقولون: الرجل إذا منع المرأة أن يزوجها كفئاً رضيته فإن الولاية تنتقل إلى من بعده وتسقط ولايته، قالوا: وإذا تكرر ذلك منه صار فاسقاً، والفاسق ضد العدل، يعني: لو أن هذا الرجل خطبت منه ابنته؛ خطبها رجال أكفاء في الدين والخلق، وهي ترضاهم وقال: لا. وخطبها آخر وقال: لا. وخطبها آخر وقال: لا. صار هذا الرجل فاسقاً لا يتولى شيئاً من أمور المسلمين، إن أذن لم يصح أذانه، وإن صلى إماماً بالناس لم تصح إمامته، وإن شهد فشهادته مردودة، وإن أراد أن يتولى على أحد لم يمكن من ذلك لماذا؟ لأنه فاسق، حتى شهادته لا تقبل لأن الله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات:6] أي: لا تقبلوه، وتثبتوا المسألة خطيرة. وهذا الذي قررته الآن -أن الفاسق لا ولاية له ولا إمامة له ولا أذان له ولا شهادة له- هذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، والمسألة فيها خلاف لكني أقول: المسألة عظيمة جداً، وهؤلاء الظلمة الذين يمنعون بناتهم أن يزوجوهن من أكفاء رضيته المرأة هؤلاء سوف يلقون جزاءهم عند الله يوم القيامة. ولقد حكى لي بعض الناس عن امرأة كان أبوها يمنعها، وكل من يأتيه يخطبها يقول: صغيرة، فايتة، مخطوبة وما أشبه ذلك. المرأة أصيبت بمرض، الله أعلم هل هو من أسباب منعها من النكاح أم لغير ذلك، المهم أنها أصيبت، لما حضرتها الوفاة كان عندها أمها ونساء أخريات قالت: بلغوا أبي أنني لم أحلله، وهو مني في حرج، وبيني وبينه يوم القيامة. أمر خطير! لكن بعض الناس - نسأل الله العافية - قلبه حجر أو أشد من الحجارة، أناني، لا يراعي شعور غيره، ولا يبالي بغيره، وهو إذا زوج ابنته خرج من الظلم، وأدى الأمانة، وربما يحصل منها أولاد يدعون له حياً وميتاً، وكم من أولاد من البنات كانوا خيراً من أولاد البنين فلماذا يمنعها؟!!

الإسراف في الولائم من موانع النكاح

الإسراف في الولائم من موانع النكاح ومن الموانع أيضاً: الإسراف في الولائم. الوليمة: هي ما يصنعه الزوج عند الدخول أو بعد الدخول إظهاراً للفرح والسرور، ولكن ليست بهذا الوضع الذي نشاهده الآن، حيث تجد الإنسان يخسر على الوليمة عشرة آلاف، ثمانية آلاف، أربعة آلاف لماذا؟ وربما يخسرون أكثر من هذا، ربما عشرين ألفاً، ثلاثين ألفاً، أربعين ألفاً، وهذا لا شك أنه من الإسراف، ومن الخطأ العظيم، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ عبد الرحمن بن عوف: (أولم ولو بشاة) شاة واحدة، وهو من أغنياء الصحابة رضي الله عنه، ولهذا قال الفقهاء: تسن الوليمة بشاة فأقل. الآن كم يذبحون من الشياة؟ عشراً أو أكثر مع أن الناس الآن ليسوا في حاجة - والحمد لله - فكلهم أغنياء، ولولا أن الإنسان يتقي الله في حضور الولائم إذا دعي إليها، ولولا أنه يخجل من رد الداعي ما ذهب الإنسان إلى الدعوة، يجد في بيته من الطعام ما هو أشهى له وأنفع له من هذه الولائم. فهم في الحقيقة يسرفون، تجده يطبع كروتاً للدعوة، الكرت يكلف ريالاً ونصف أو خمسة ريالات أو عشرة ريالات، مع أن الكرت إذا أعطي شخصاً يرمي به في الأرض ولا ينتفع به، والعجب أنهم لا يكتفون ببطاقة دعوة بأن يكتب مثلاً الدعوة في ورقة ويصور منها ما شاء، ولا تحتمل إلا عشرين ريال أو ما أشبه ذلك. المهم يا إخواني أن النكاح الآن له عقبات كثيرة مع أنه سنة، ويترتب عليه أحكام شرعية عظيمة، حتى إن الله تبارك وتعالى جعله قسيماً للنسب - يعني: للقرابة - بنو آدم الرابطة بينهم القرابة والمصاهرة، قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} [الفرقان:54] نسباً أي: قرابة، وصهراً أي: قرابة بالنكاح، تجد هؤلاء القوم ليس بينهم وبين الآخرين صلة، فإذا تزوج منهم صاروا كأنهم أقارب {خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} [الفرقان:54] . ومن ثم أكثر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من النساء حتى مات عن تسع من أجل أن يكون له في كل قبيلة صلة، ولهذا لم يتزوج الرسول عليه الصلاة والسلام إشباعاً لشهوته وغريزته، ولكن لأجل أن يكون له في كل قبيلة من قبائل العرب صلة، ولو كان رجلاً شهوانياً لكان يتزوج الأبكار، مع أنه لم يتزوج بكراً إلا واحدة فقط، وهي أم المؤمنين عائشة والباقي كلهن قد تزوجن من قبل، وبعضهن لهن أولاد وبنات. فالحاصل يا إخواني: أن النكاح وشيجة وتقريب للناس بعضهم من بعض، وهذا من فوائد النكاح.

بعض الأحكام المترتبة على النكاح

بعض الأحكام المترتبة على النكاح

المحرمات بسبب النكاح

المحرمات بسبب النكاح مما يترتب على النكاح: أن الإنسان إذا تزوج امرأة حرمت عليه أمها وجداتها من قبل الأب أو من قبل الأم، فأم الزوجة كانت بالأمس يجب أن تحتجب عن الزوج، وبعد العقد لا تحتجب، فيسلم عليها، ويخلو بها، ويسافر بها، وتكون من محارمه. أبو الزوج -إذا تزوج إنسان امرأة- صار أبو الزوج محرماً للزوجة، يخلو بها ويواجهها، ويسافر بها. ابن الزوج -إذا تزوج رجل امرأة- صار ابنه محرماً لها، انظر كان من قبل رجلاً أجنبياً في السوق الآن صار محرماً لها، يأتي إليها في البيت، يخلو بها، يسافر بها، تكشف وجهها له. بنت الزوجة -لو تزوج إنسان امرأة معها بنت- صارت بنتها إذا جامع أمها صار محرماً له هذا مما يترتب على عقد النكاح.

توارث الزوجين

توارث الزوجين يترتب على عقد النكاح الميراث، مثل امرأة من تميم تزوجها رجل من قريش، وليس بينهما قرابة فإذا مات هذا الرجل وليس له أولاد فإنها تستحق من ماله الربع، وهي لو ماتت عنه وليس لها أولاد فإنه يأخذ النصف، انظر كيف الرابطة بين الزوجين.

أحكام المهر

أحكام المهر كذلك يترتب على النكاح أن الإنسان إذا طلق زوجته قبل الدخول وقد أصدقها عشرة آلاف كم تستحق من العشرة؟ A تستحق خمسة لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة:237] تستحق نصف المهر مع أنه ما دخل عليها، وإن دخل عليها وبقي عندها ساعة ثم خرج وطلقها كم تستحق من المهر؟ تستحق المهر كاملاً. فإذا طلقها قبل الدخول، كرجل تزوج امرأة ثم قبل أن يدخل عليها ثم بدا له أن يطلقها، هل عليها عدة؟ ما عليها عدة، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب:49] . لو طلقها في الصباح قبل أن يدخل بها وقبل أن يخلو بها ثم جاء رجل في المساء وتزوجها يجوز أم لا يجوز؟ يجوز؛ لأنها لا عدة لها. فإن مات عنها، كرجل عقد على امرأة ومات قبل أن يدخل بها، مثلاً: كان الدخول في شهر ربيع، وقد عقد له في شهر صفر ثم مات، هل عليها عدة؟ نعم. عليها عدة، انظر الفرق بين الطلاق وبين الموت، إذا مات عنها قبل أن يدخل بها ويخلو بها وجبت عليها العدة، ولها الميراث، ولها المهر كله، فلو أصدقها عشرة آلاف ثم مات قبل أن يدخل بها فلها المهر كاملاً، وعليها العدة، ولها الميراث.

أحكام في معاشرة الرجل لزوجته

أحكام في معاشرة الرجل لزوجته النكاح يترتب عليه -أيضاً- أحكام في معاشرة الرجل لزوجته، إذا جامع الرجل زوجته بدون إنزال، هل عليهما غسل أم لا؟ يجب عليهما الغسل، وكثير من الناس -ولا سيما الشباب- يظنون أنه لا غسل بالجماع إلا إن أنزل، فيمضي على دخوله على امرأته عدة أشهر وربما عدة سنوات وهو لا يغتسل من الجماع إذا لم ينزل، وهذا غلط عظيم، إذا جامع الرجل امرأته وجب عليه الغسل سواء أنزل أم لم ينزل. وإن أنزل بدون جماع فعليه الغسل، يعني: لو أن الرجل قبل زوجته فأنزل وجب عليه أن يغتسل، فإن جامع وأنزل فمن باب أولى يجب عليه الغسل؛ لذلك أرجو منكم أن تبثوا هذا في الناس: أن الرجل إذا جامع امرأته ولم ينزل فعليه وعليها الغسل، وإن أنزل من مباشرة فعليه الغسل، وهي إن أنزلت مثله وجب عليها الغسل وإلا فلا.

شروط الطلاق

شروط الطلاق يترتب - أيضاً - على النكاح: أن الإنسان لا يخرج من النكاح إلا بشروط، ما هي الشروط؟ الشروط: إن كان قد دخل بالمرأة أو خلا بها فإنه لا يمكن أن يطلقها إلا وهي طاهر أو حامل، وأيضاً هي طاهر طهراً لم يجامعها فيه، أو حاملاً. انتبه إلى هذه المسألة، يعني: رجل أراد أن يطلق امرأته وهي في حيض هل يجوز أن يطلقها وهي في حيض؟ A حرام، لا يجوز. هل يجوز أن يطلقها وقد جامعها في هذا الطهر؟ لا، لا يجوز، بل ينتظر حتى تطهر من الحيض فيطلقها، أو إذا كان جامعها في الطهر ينتظر حتى تحيض وتطهر أو يتبين حملها، إلا إذا كانت المرأة ممن تعتد بالشهور فهذه يطلقها متى شاء، فمن التي تعتد بالشهور؟ الجواب: هي الصغيرة التي لم يأتها الحيض بعد، والكبيرة الآيسة التي انقطع عنها الحيض، هاتان المرأتان عدتهن ثلاثة أشهر؛ لأنه ليس عندهن حيض فيطلقهن متى شاء، حتى لو فرض أنه جامع امرأته وهي لا تحيض، ثم طلقها قبل أن يغتسل، فلا شيء عليه، بمعنى: أن الطلاق حلال وواقع لأن هذه المرأة عدتها بالشهور. كذلك الحامل، الحامل يقع عليها الطلاق خلافاً لما يعرفه بعض الناس يقول: الحامل ما عليها طلاق هذا غير صحيح، بل الحامل يقع عليها الطلاق لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:1] إلى قوله: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4] فالحامل يقع عليها الطلاق لكن عدتها وضع الحمل، لو فرض أنه طلقها الآن، ووضعت بعد نصف ساعة، انتهت العدة. كما أن المرأة لو مات عنها زوجها وهي حامل ثم وضعت الحمل قبل أن يغسل الرجل انتهت عدتها أم لا؟ انتهت عدتها، وهذه مسألة غريبة، يمكن أن تكون لغزاً فيقال: امرأة جاز لها أن تتزوج بعد موت زوجها قبل أن يدفن أيمكن هذا أم لا يمكن؟ يمكن، يكون الزوج حينما مات وهي تطلق، وبعد موته بخمس دقائق وضعت، فتزوجها رجل آخر قبل أن يدفن زوجها الأول يجوز أم لا يجوز؟ يجوز؛ لأن العدة انتهت، قال الله تعالى: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4] . امرأة مات عنها زوجها وبقي الحمل في بطنها سنتين متى تنتهي عدتها؟ تبقى حتى تضع، لو زادت على سنة أو سنتين، تبقى حتى تضع، وتبقى -أيضاً- محادة، يجب عليها أن تتجنب ما تتجنبه المحادة.

نصائح عامة في التعامل مع النساء

نصائح عامة في التعامل مع النساء والحاصل أن الأحكام كثيرة ويطول بنا الشرح، لكن أهم شيء أحب أن أنبه عليه: هو أنه يجب على الإنسان أن يتقي الله في زوجته، وأن يعاشرها معاشرة بالمعروف، وأن يعلم أنها ستكون خصمه يوم القيامة إذا فرط فيما يجب عليه لها، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في حجة الوداع وهو يخطب في الناس في أعظم مجمع قال: (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله) . فيجب على الإنسان أن يكون خير الناس لأهله بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) . وعليه أن يأخذ ما تسهل من أخلاقها ويتسامح في الباقي كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين قال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة -أي: لا يبغضها- إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) فأشار إلى المعادلة، لا تكن كالمرأة إذا رأيت إساءة واحدة قلت: ما رأيت خيراً قط. كن رجلاً، حازماً، صبوراً، خذ ما عفا من أخلاقها وتجاوز عما لا ينبغي، ولقد أشار الله تبارك وتعالى إلى هذه المسألة فقال: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء:19] لا تتعجل، اصبر، ربما تكرهها اليوم وتحبها غداً، ربما تسيء إليك اليوم وتحسن إليك غداً، اصبر. ثم إننا في وقتنا الحاضر هل النساء يتيسرن بكل طريق؟ لا، فاضبط نفسك، وشدد عليها، وتحمل، ولا تتسرع في الطلاق، إنه من المؤسف أنه إذا دخل بعض الناس الجهال على أهله وقال: أين الشاي؟ فقالت: انتهى الغاز، ولم أتمكن من صنعه. ألم تعلموا أن بعض الناس يغضب ويقول: أنت طالق؟! مع أن الخطأ قد يكون منه هو أو ليس منه، لكن ليس منها. وبعض الناس -أيضاً- إذا دخل عليه رجل عزيز عليه فأخذ السكين ليذبح الشاة، فقال له صاحبه الضيف: لا نحتاج إلى ذبح فأنا وأنت سواء، البيت واحد، وكلنا إخوان. قال: عليه الطلاق أن يذبح الشاة. هل هو محدود على هذا الشيء؟ لا النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) . ثم حتى الحلف لا ينبغي إطلاقاً لأنك تحرج صاحبك أو يحرجك، صحيح اعرض عليه الضيافة، وصمم عليه خصوصاً إذا عرفت أنه مستحي، أما أن تحلف أو تأتي بالطلاق فهذا سفه، يا أخي عامل الناس بالسهولة، ما أحسن أن يقول الإنسان: يا فلان أريدك أن تتغدى عندي! قال: لا والله عندي شغل. فتقول: الله يساعدك، اذهب. نزل ضيف عليك أردت أن تكرمه بشيء زائد قال: ما يحتاج. تقول: أجل أنا آتيك كما تريد. فهذه هي الأخلاق، وهذه هي السهولة، أما التصعب فهذا لا ينبغي إطلاقاً. والخلاصة الآن: الطلاق لا ينبغي للإنسان أن يقدم عليه، لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلينظر هل المرأة حامل أم لا، إن كانت حاملاً فإنه يقع الطلاق، وإن كانت حائضاً فلا يطلق، بل ينتظر حتى تطهر ثم إذا طهرت إن شاء طلق قبل أن يجامع وإن شاء أبقاها. إذا كانت في طهر لم يجامعها فيه، فله أن يطلق؛ لأنه من حين أن يطلق تبدأ بالعدة. إذا كان في طهر جامعها فيه فإنه لا يطلق لماذا؟ لأنه يحتمل أنها نشأت بحمل من هذا الوطء فتكون عدتها بوضع الحمل، ويحتمل أنها لم تنشأ فتكون عدتها بالحيض، فهي الآن مترددة فلا يجوز أن يطلقها على هذه الحال، لكننا استثنينا مسألة: وهي إذا كانت المرأة ممن لا يحيض فهذه يطلقها متى شاء، أو كانت المرأة لم يدخل بها فليطلقها ولو كانت في حيض لأنه ليس عليها عدة. نكتفي بهذا القدر لنتفرغ للأسئلة، نسأل الله أن يوفقنا للصواب، وأن يثيبنا وإياكم على هذا اللقاء، وأن يرزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً ورزقاً طيباً واسعاً.

الأسئلة

الأسئلة

حكم الدبلة والشبكة والفتاشة

حكم الدبلة والشبكة والفتاشة Q سائل يقول: فضيلة الشيخ! اعتاد بعض الناس بعض العادات قبل الزواج وبعده، منها ما يسمى بالدبلة يلبسها الرجل والمرأة، ومنها الشبكة: وهي ذهب يقدم للمرأة بعد الخطبة، وذهب يقدم صبيحة الزواج، ورابعاً: أم الزوجة تعطى مبلغاً من المال مقابل كشف وجهها لزوج بنتها تسمى عند العامة "الفتاشة" فما الجائز منها وما الذي لا يجوز؟ A هذه أربعة أشياء: أولاً: الدبلة، الدبلة: هي عبارة عن خاتم يهديه الرجل إلى الزوجة، ومن الناس من يلبس الزوجة إذا أراد أن يتزوج أو إذا تزوج، هذه العادة غير معروفة عندنا من قبل، وذكر الشيخ الألباني وفقه الله: أنها مأخوذة من النصارى، وأن القسيس يحضر إليه الزوجان في الكنيسة ويلبس المرأة خاتم في الخنصر وفي البنصر وفي الوسطى، لا أعرف الكيفية لكن يقول: إنها مأخوذة من النصارى فتركها لا شك أولى؛ لئلا نتشبه بغيرنا. أضف إلى ذلك: أن بعض الناس يعتقد فيها اعتقاداً، يكتب اسمه على الخاتم الذي يريد أن يعطيها، وهي تكتب اسمها على الخاتم الذي يلبسه الزوج، ويعتقدون أنه ما دامت الدبلة في يد الزوج وعليها اسم زوجته، وفي يد الزوجة وعليها اسم زوجها أنه لا فراق بينهما، وهذه العقيدة نوع من الشرك، وهي من التولة التي كانوا يزعمون أنها تحبب المرأة إلى زوجها والزوج إلى امرأته، فهي بهذه العقيدة حرام، فصارت الدبلة الآن يكتنفها شيئان: الشيء الأول: أنها مأخوذة عن النصارى. والشيء الثاني: أنه إذا اعتقد الزوج أنها هي السبب الرابط بينه وبين زوجته صارت نوعاً من الشرك لهذا نرى أن تركها أحسن. أما الشبكة: فالشبكة والله ما أعرف هل معنى الشبكة يعتقدون أنها تشبك بين الزوجين، أو هي عبارة عن رضى الزوجة بالزوج والزوج بالزوجة؟ الظاهر هي هذه، وكانوا يسمونها عندنا في الزمن السابق يسمونها "قضب الرقبة" أو "قضابة الرقبة" وقضب بمعنى: إمساك، فالرجل إذا خطب امرأة أرسل إليها حلياً يسمى "قضاب القبول" والمتأخرون يسمونها "شبكة" هذه لا أظن أن فيها بأساً وأنه لا حرج فيها. لكن المحظور أني سمعت في بعض البلاد: أن الرجل يأتي بالشبكة وفيها القلادة، ويلبسها المرأة المخطوبة، وهذا حرام، المرأة المخطوبة مع خطيبها كالمرأة في السوق، لا يحل له أن يستمتع منها بأي شيء، وهذه تجرنا إلى مسألة: وهي أن بعض الخطاب إذا خطب امرأة صار يكلمها في الهاتف كلاماً كثيراً، حتى بلغني أن بعضهم يمضي عليه الليل كله -ليالي الشتاء من الليالي البيض- وهو يحدثها سمعنا هذا، وهذا حرام، المرأة هل هي زوجته أو غير زوجته؟ غير زوجته، فكيف يتحدث إليها؟! وهل يعقل أنه يتحدث إليها هذه المحادثة الطويلة بدون أن تتحرك شهوته؟ هذا بعيد، بعض الناس يقول لك: أنا والله أتحدث معها أرى ماذا عندها من الثقافة، إذا دخلت عليها فاختبرها، أما الآن فهي أجنبية منك لا تحل لك ولا تحل لها. والثالث: الصباحة التي تعطى الزوجة صباح العرس -صباح الزواج- هذه أيضاً من العادات التي لا نرى فيها بأساً، هي عادة عند الناس منتشرة، وفيها تأليف للزوجة وتطييب لخاطرها، ما فيها شيء. الرابعة: الفتاشة، كلمات غريبة! الفتاشة تعني ماذا؟ يعني: المرأة أم الزوجة لا يحل لها أن تكشف وجهها عند الزوج، لكن عند فتشه للزوج تحتاج إلى شيء، هذه ما سمعتها إلا الآن، فهل سمعتموهما أنتم من قبل؟ الجواب: موجودة، والله هذه أتوقف فيها حتى أتأملها.

منكرات في ملابس النساء

منكرات في ملابس النساء Q حول موضوع النكاح يقول: فضيلة الشيخ! مع قدوم الإجازة تكثر الاحتفالات وتكثر معها المنكرات بين النساء من لبس القصير والشفاف وغير ذلك مما يظهر كثيراً من البدن، ومع هذا فإننا نجد من بعض الأخوات من تجيز هذه الألبسة بين النساء، وتقول: إن العلماء إنما نهوا من أجل سد الذرائع فقط، وأن الأصل في اللباس الحل، وأن عورة المرأة بين النساء ما بين السرة والركبة، وعليه فلا تستر أمام النساء إلا ذلك فقط، نرجو توضيح هذا الأمر مع الأدلة، نسأل الله ألا يحرمكم الأجر وأن يجزيكم خير الجزاء في الدنيا والآخرة. وهل صحيح أن عورة النساء ما بين السرة والركبة؟ A الواقع أن ما ذكر في السؤال قد يحدث، بمعنى: أن النساء يأتين إلى الحفلات وهن في ثياب رقاق أو قصيرة، أو متطيبات طيباً فاتناً، أو غير ذلك من أسباب الفتنة، وهذا حرام ولا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) فسر العلماء ذلك -أي: قوله (كاسيات عاريات) بأنهن عليهن كسوة لكنها قصيرة أو شفافة أو ضيقة، كل هذا فسره العلماء. وليست عورة المرأة كعورة الرجل بل هي أشد، ولهذا نقول: عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل، لكن ليس معنى ذلك أن المرأة تلبس ما يستر ما بين السرة والركبة فقط، ولا أحد من العلماء قال هذا أبداً، حتى نساء الفرنج والكفار لا يفعلن هذا، لا بد أن يكون عليها شيء يستر صدرها أو يستر ثدييها على الأقل. وهل يعقل أن الشريعة الإسلامية الطاهرة المطهرة تبيح للمرأة ألا تستر إلا ما بين السرة والركبة؟ هذا غير معقول، المرأة لباسها لباس حشمة، يقول شيخ الإسلام رحمه الله: نساء الصحابة في البيوت تلبس القمص الذي يستر من الكف إلى الكعب، من الكف -كف اليد- إلى الكعب -كعب الرجل- هذا في البيت، أما إذا خرجت فمعلوم الحديث المشهور أن الرسول رخص لهن أن يجررن ثيابهن إلى ذراع من أجل أن تستر القدم، فلباس المرأة غير لباس الرجل، ولهذا لم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام: رجال كاسون عارون. مع أنه قال: (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة) لكن فرق في اللباس بين الرجال وبين النساء، فالنساء قال: (كاسيات عاريات) ولم يقل في الرجال: إنهم كاسون عارون؛ لأن الرجل لا بأس أن يبدي صدره للرجل أو يبدي ساقه، لا بأس بهذا، لكن المرأة ممنوعة من ذلك. وأما قول السائل: إن هذا من باب سد الذرائع. فنقول: سلمنا أنه من باب سد الذرائع، فهل تبقى الأمور مفتوحة من شاء فعل ما شاء؟ لا الشريعة لها ضوابط تضبط الأعمال، ليس كل إنسان يفعل ما يشاء ويقول: هذا ذريعة، والذريعة إن أوصلت إلى المحرم صارت حراماً. كل ذريعة إن لم توصل إلى المحرم اليوم توصل إليه غداً، لهذا نرى أن هذه الألبسة التي أشار إليها في السؤال ألبسة محرمة حتى بين النساء.

رفع ولاية الأب المتعنت في تزويج بناته

رفع ولاية الأب المتعنت في تزويج بناته Q فضيلة الشيخ! هل للإخوة أن يدخلوا برفع ولاية الأب عند القاضي إذا كان الأب متعنتاً ومانعاً من زواج بناته بحجج غير شرعية، مع أنه قد يحصل تقاطع ومشاكل؛ فنحن بين نارين: نار حب الزواج لأخواتنا، ونار تسلط هذا الأب وما يحصل بعد ذلك من تقاطع، أرشدنا وقد يكون عندنا ظروف أخرى لا نستطيع رفع هذه المشكلة إلى المحكمة. A لا شك أنه إذا تعنت الأب ومنع تزويج بناته من الأكفاء أن من الخير الذي يترتب عليه الثواب أن يتدخل الإخوة أو الأعمام الذين هم إخوة الأب في المسألة، ويقولون: إما أن تزوج هذا الخاطب وإلا زوجنه، ولهم ذلك، وهذا لا شك أنه من برهم بوالدهم ومن صلة الرحم لأخواتهم، أما كونه براً بالوالد فلأنهم يمنعونه من الظلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: يا رسول الله هذا المظلوم فكيف ننصر الظالم؟ قال: تمنعه من الظلم) . إذاً في تزويجهن منع للأب من الظلم، ومنعه نصر له، ونصر الأب بر به؟ لذلك أقول: هؤلاء الأخوة لهم أجر وثواب وإحسان على أخواتهم وعلى أبيهم -أيضاً- فإن حصل ما أشار إليه في السؤال من التقاطع فمن الآثم بهذا التقاطع؟ الآثم الأب، الأولاد ليس عليهم إثم، بل الإثم على الأب، هو الظالم، هو قاطع الرحم. فأقول لهؤلاء الإخوة: استعينوا بالله وقولوا لأبيكم: إما أن تزوج أخواتنا لهؤلاء الخطاب الأكفاء وإلا زوجناهن، وهم إذا وصلوا إلى القاضي فالقاضي يتصرف: إما أن يأتي بالأب ويشير عليه ويناصحه وتنتهي المسألة من عنده، وإما أن يقول: ارفع يدك، يزوج هؤلاء النساء إخوانهن.

مشكلة عزوف الشباب عن الزواج بسبب غلاء المهور

مشكلة عزوف الشباب عن الزواج بسبب غلاء المهور Q فضيلة الشيخ! رفع الله درجتك في الجنة، ما هو حل هذه المشكلة: وهي أن هناك فتيات كثيرات يردن الزواج، ولكن لم يتقدم لهن أحد من الشباب بسبب غلاء المهور، وبعض خطباء المساجد شكا إليه الرجال بقاء بناتهم بدون زواج بسبب غلاء المهور؟ A أعتقد أن حلها سهل، أن يتقدم الشاب، وإذا كان الأب يحب أن تتزوج بنته يقول: أعطني ما شئت، ولقد بلغنا أن من الناس الموفقين من يعطون الخاطب المهر يقدمه، وهذا لا شك أنه خير عظيم، بر ببناته وإحسان إلى الخطاب. حل المشكلة هذه: أن يوفق الله تبارك وتعالى قوماً في قبيلتهم أو في غير قبيلتهم ويعلنون بأنهم يزوجون بمهور رخيصة، وأنا واثق أنهم إذا فعلوا ذلك فسوف يأتيهم الخطاب الكثيرون.

السنة عند دخول الزوج على زوجته

السنة عند دخول الزوج على زوجته Q ما هي السنة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند دخول الزوج على زوجته؟ A من السنة أن يأخذ الإنسان بناصيتها -أي: ناصية المرأة- ويقول: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه. ولكن لا يقول هذا الكلام بصوت رفيع، لأنه لو قاله بصوت رفيع ربما تنفر المرأة منه، لكن يمسك برأسها كأنه يريد أن يقبلها مثلاً ويتكلم بهذا الكلام هذا ما أعلمه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا. كذلك -أيضاً- عندما يريد أن يأتيها لا بد أن يداعبها ويباشرها حتى تصل إلى ما وصل إليه هو من الشهوة. ثالثاً: عند الجماع يقول: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا. فإنه إذا قال ذلك وقدر الله بينهما ولداً لم يضره الشيطان أبداً.

الكفاءة الشرعية في الزواج

الكفاءة الشرعية في الزواج Q فضيلة الشيخ! أرجو توضيح الكفاءة، فإن الكفء عند الناس يختلف في أفهامهم، حيث أنه قد يمنع الرجل رجلاً لأنه ليس من بلده، أو أنه ليس ذا مكانة، أو أقل مالاً، نرجو توضيح ذلك وفقك الله. A إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين الكفء بياناً واضحاً فقال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) وامرأة ثابت بن قيس بن الشماس رضي الله عنه أتت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقالت: يا رسول الله! ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين. فدل هذا على أن المعتبر كله هو الخلق والدين. أما ما اشتهر عند الناس الآن من كونه لا يزوج أحداً من غير قبيلته، أو لا يزوج أحداً إلا من أبناء أخيه الأقربين، أو يقول مثلاً: أنا قبيلي وأنت غير قبيلي فلا أزوجك! أو يقول غير القبيلي للقبيلي: لا أزوجك فهذا كله غلط ولا أصل له، بل يزوج القبيلي من ليس بقبيلي، ويزوج غير القبيلي من كان قبيلياً، وأكرم الخلق عند الله أتقاهم، وهذه كلها من الرواسب التي لا ينبغي للإنسان أن يعتبرها أبداً، والعبرة بالخلق والدين، ألم تعلموا أن كثيراً من الأحاديث التي نقلت إلينا إنما نقلها من ليسوا من العرب، وأثروا بها الدين الإسلامي، وما أكثر العلماء الذين ليسوا من العرب، فلهذا أرجو ألا يلتفت الناس إلا إلى شيئين فقط وهما: الخلق والدين.

نصائح للاستفادة من الإجازة

نصائح للاستفادة من الإجازة Q فضيلة الشيخ! بمناسبة الإجازة ما نصيحتك في هذه الأمور: مفهوم الإجازة وأنها نوم وعبث، الأبناء والبنات ما دور الآباء في حفظهم وإلحاقهم بحلق الجماعة والمراكز الصيفية، الناس والسهر، طلبة العلم وحفظ المتون والتحصيل؟ A مفهوم الإجازة وأنها نوم وعبث هذا لا شك أنه مفهوم خاطئ، من يمضي عمره الثمين بمثل ذلك، العمر أثمن من المال وأغلى من المال، إننا نتعجب: يخسر الإنسان من دهره وزمنه الشيء الكثير، لكن لو طلب منه أن يخسر درهماً واحداً ما أخرجه إلا بشح، والعمر أثمن من المال، اسمعوا قول الله عز وجل: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:99-100] وما من ميت يموت إلا ندم، إن كان محسناً ندم ألا يكون ازداد، وإن كان مسيئاً ندم ألا يكون استعتب هؤلاء في الحقيقة خسروا الدين والدنيا. الثاني: الأبناء والبنات ما دور الآباء في حفظهم وإلحاقهم بحلق الجماعة والمراكز الصيفية؟ الآباء مأمورون بأن يرعوا أبناءهم وبناتهم رعاية حسنة، وإلحاقهم بحلق القرآن لا شك أنه خير عظيم لهم ولأبنائهم وبناتهم، وكذلك -أيضاً- في المراكز الصيفية إذا كان القائمون على المراكز ممن يوثق بدينهم وأمانتهم وأخلاقهم. ثالثاً: الناس والسهر؛ هذا أيضاً ضياع وقت، وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكره الحديث بعد العشاء؛ لأن الإنسان إذا تحدث بعد العشاء طال به السهر، وصعب عليه التهجد في الليل، وربما تصعب عليه صلاة الفجر، فالذي ينبغي للإنسان أن ينام مبكراً، مع أنه أصح للجسم وأنفع للقلب. نصيحتك لطلبة العلم في حفظ المتون والتحصيل نصيحتي لطلبة العلم: أن يتخذوا من هذه الإجازة وقتاً يتمكنون به من حفظ كتاب الله عز وجل، وحفظ ما تيسر من صحيح السنة، أما القرآن فظاهر، أما صحيح السنة فمن أحسن ما يكون عمدة الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله؛ لأن أحاديثها كلها صحيحة، يحفظها الإنسان وينتفع بها، يحفظ مثلاً العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، يحفظ كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، يحفظ زاد المستقنع في الفقه، يحفظ ألفية ابن مالك في النحو، حسب ما تيسر.

كيفية إكمال الصلاة إذا انقطع صوت الإمام في أثنائها

كيفية إكمال الصلاة إذا انقطع صوت الإمام في أثنائها Q فضيلة الشيخ! أحسن الله إليك، في يوم الجمعة صلى أناس في خلوة المسجد، فلما صلى بهم الإمام الركعة الأولى انقطعت الكهرباء فلم يسمعوا الإمام، فتقدم أحد المصلين فأكمل الصلاة بهم فما الحكم في ذلك؟ A هذا صحيح، ما داموا أدركوا ركعة مع الإمام فإنهم يكملونها بركعة، وإذا تقدم بهم أحدهم فلا حرج، وهذا طيب، لكن لو لم يدركوا ركعةً مع الإمام حينئذ نقول: لا بد أن تخرجوا وتصلوا مع الإمام ولو على الأرصفة والطرق، أو تجعلوا إنساناً يسمع تكبير الإمام ويسمعكم -يعني: يبلغ- لأنه في هذا الحال لا يمكن أن يتموها جمعة حيث لم يدركوا ركعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) إذا لم يمكن أن يتموها جمعة فلا بد أن يسعوا إلى الجمعة مع الإمام.

الموالاة بين أشواط الطواف من شروط صحته

الموالاة بين أشواط الطواف من شروط صحته Q نحن شباب ذهبنا إلى مكة، فلما طفنا طواف القدوم وجدنا في أثناء الطواف بعض إخواننا الشباب فخرج منا ثلاثة خارج الحرم في أثناء الطواف لأخذ أغراض منهم قبل إكمال الطواف، ثم رجعوا وأكملوا طوافهم، فما حكم عملهم؟ وماذا عليهم الآن؟ A هذه مشكلة؛ عليهم الآن أن يخلعوا ثيابهم ويلبسوا ثياب الإحرام، ويذهبوا إلى مكة لإتمام النسك، لأن نسكهم ما تم حيث فرقوا في الطواف بين أوله وآخره، ومن شروط صحة الطواف: الموالاة بين أشواطه، وهؤلاء لم يوالوا بين أشواطه، وخرجوا -أيضاً- من المسجد الحرام، وربما تكون السيارة بعيدة؛ لذلك نقول لهؤلاء الذين خرجوا ثم رجعوا وأتموا: يجب عليكم الآن أن تخلعوا الثياب وتسافروا إلى مكة وتطوفوا الطواف من أوله، وتسعوا وتقصروا أو تحلقوا وترجعوا، وهذا في العمرة؛ أما إذا كان ذلك في طواف القدوم للحج فليس عليهم مشكلة.

ضوابط فهم أن الجمعة إلى الجمعة كفارة

ضوابط فهم أن الجمعة إلى الجمعة كفارة Q فضيلة الشيخ أرجو توجيه النصيحة لمن فهم من قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الجمعة إلى الجمعة كفارة) فصار يترك الجماعة، ولربما يترك بعض الصلوات أو يتهاون بها طمعاً بأن صلاته للجمعة الثانية تكفر ذلك، وخصوصاً بعض إخواننا الوافدين، نرجو إفادتكم نفع الله بكم. A الإفادة هو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) وترك الصلاة كبيرة، بل كفر عند بعض العلماء، بعض العلماء يقول: الإنسان إذا ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها بلا عذر فإنه يكفر، قال بذلك علماء قديمون وقال بذلك علماء معاصرون: إن ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها بدون عذر كفر. فنقول لهذا الرجل: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر) وإن كنت تريد أن تفهم هذا الفهم فإني أزيدك، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما) إذاً لا تصم ولا تصل واعتمر عمرة بعد عمرة وحينئذ تكون كفارة، هذا لا شك أنه إن كان جاهلاً فهو جاهل ويجب أن يعرف، وإن كان عالماً فهو معاند بلا شك، ولا أحد من العلماء يفهم أن معنى الحديث: أن الجمعة كفارة وأنها تسقط عن الإنسان وجوب الجماعة أو وجوب الصلاة أيضاً.

حكم تخصيص بعض الأبناء بالهبات

حكم تخصيص بعض الأبناء بالهبات Q رجل عنده أبناء وبنات، وقد بلغ أكبر أبنائه ثماني عشرة سنة، ويريد أن يهب ابنه هذا قطعة أرض ليتمكن من أن يقدمها للبنك العقاري وذلك كسب الوقت نظراً لأن استحقاق القسط يحتاج لوقت، وفي نية هذا الرجل أن يهب لكل ابن يبلغ هذا السن قطعة، وسيعوض الإناث عن ذلك، فما توجيهكم له -بارك الله فيكم-؟ A هذا عمل محرم، فكونه يخص بعض أبنائه بقطعة أرض دون الآخرين محرم عليه ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) ولما أراد بشير بن سعد أن يشهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على إعطائه ابنه النعمان قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (أشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور) وما المانع أن يعطي الصغار والكبار من هذه الأراضي؟ ويعطي المرأة نصف ما يعطي الرجل، هذا الواجب، حتى لو قال: أنا سأستأذن منهم. نقول: ربما يستأذن ويأذنون خجلاً وحياءً من أبيهم لا عن طيب نفس، فالواجب عليه الآن أن يعطي بقية الأولاد الذكور مثلما أعطى هذا الولد، ويعطي الإناث نصف ما يعطي الذكر.

حكم التشبه بالأجانب في قص الشعر

حكم التشبه بالأجانب في قص الشعر Q فضيلة الشيخ! كثر في الآونة الأخيرة لجوء بعض أولياء الأمور إلى قص شعر أولادهم الصغار قصات دخيلة أو أجنبية كالفرنسية وغيرها، فما حكم ذلك؟ A حكم ذلك بينه النبي عليه الصلاة والسلام فقال: (من تشبه بقوم فهو منهم) فإذا قص الإنسان شعر أولاده الذكور أو الإناث على صفة رءوس الكفار فإنه آثم، قال شيخ الإسلام رحمه الله معلقاً على هذا الحديث: (من تشبه بقوم فهو منهم) قال: هذا الحديث أقل أحواله التحريم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم لأنه قال: (من تشبه بقوم فهو منهم) فعلى الإنسان أن يتقي الله ربه وأن يعلم أنه مسئول عن تربية أولاده.

دروس الشيخ أثناء الإجازة

دروس الشيخ أثناء الإجازة Q فضيلة الشيخ! هلا حدثتمونا عن دروسكم الصباحية والمسائية في هذه الإجازة، ومتى ستبدأ؟ وماذا سيدرس فيها؟ A ستبدأ إن شاء الله تعالى بعد الأسبوع الثاني؛ لأن هذا الأسبوع فيه اختبارات عند بعض المدارس، والأسبوع الثاني نجعله إجازة، الأسبوع الثالث إن شاء الله يوم السبت تبدأ الدراسة، والدراسة بعد المغرب ستكون -إن شاء الله- في كتابين مختصرين: أولهما: البرهانية في الفرائض، نقرأ منها فقه الفرائض فقط؛ حتى نتمكن إن شاء الله من إنهائه في هذه الإجازة، والثاني: في شرح نخبة الفكر في مصطلح الحديث. أما الدروس الصباحية فهي معلومة من قبل لكن ربما نحذف بعضها لنأخذ بعض الدروس الجديدة، وإلى الآن لم يتقرر فيها شيء.

اللقاء الشهري [47]

اللقاء الشهري [47] السلام من حق المسلم على أخيه له أحكام وآداب وما يتعلق به من المصافحة والمعانقة، وما يؤدي إليه السلام من عواقب محمودة في الدنيا والآخرة. ثم أجاب عن الأسئلة والتي كان معظمها يدور حول مسائل في السلام والمصافحة، وكذا عن أحكام التصوير وغيرها من المسائل والأحكام.

مباحث في السلام

مباحث في السلام الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو لقاؤنا الشهري الذي يتم ليلة كل أحد ثالث من الشهر، وهذه الليلة هي ليلة الأحد السادس عشر من شهر ربيع الأول عام ثمانية عشر وأربعمائة وألف. موضوع هذا اللقاء: بيان أن المؤمنين إخوة كما قال الله تبارك وتعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} [آل عمران:103] وقوله تبارك وتعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:9-10] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وكونوا عباد الله إخواناً) . هذه الإخوة الإيمانية التي رتبها الله تعالى في القرآن ونبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في السنة يجب أن يكون لها مقتضاها: وهو النصيحة التامة لإخوانك المؤمنين، والقيام بحقوقهم، وأن يكون الأخ المؤمن لك كأنه أخوك من النسب. ولقد بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حقوق المسلم على أخيه، فمنها أن يسلم عليه إذا لقيه، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه) والسلام سنة مؤكدة على كل من لاقى أخاه، وليكن السلام باللغة الفصحى البينة الواضحة (السلام عليك، أو سلام عليك) إما بأل أو بحذف أل؛ كلاهما جائز، لكن بعض العلماء يفضل أل أي يفضل أن تقول: السلام عليك، وبعضهم يقول: حذفها أولى، وبعضهم يفرق بين الكتابة وبين المشافهة، ففي الكتابة يقول: السلام عليك، وفي المشافهة يقول: سلام عليك، والأمر في هذا واسع: إن شئت قل سلام عليك وإن شئت قل: السلام عليك، وإن شئت قل: السلام عليكم، وإن شئت قل بالإفراد: السلام عليك، المهم ألا تدع السلام. ولا يجزئ عن السلام الإشارة، بل الإشارة بدون سلام منهي عنها، ولا يجزئ عن السلام أن تقول: أهلاً ومرحباً، أو كيف أصبحت أو كيف أمسيت، بل لا بد أن تقول: السلام عليك أو سلام عليك. وبماذا يرد المسلَّم عليه؟ يرد بقوله: عليك السلام. وهو إذا سلم فله عشر حسنات، وإذا رد فله عشر حسنات، وإذا زاد: أهلاً مرحباً حياك الله، وما أشبه ذلك فإنه من الأشياء المحبوبة لأن هذا يزيد القلوب محبة. ولا يحل للإنسان أن يهجر المسلم فوق ثلاثة أيام مهما كانت الأسباب، ما دام مسلماً فإنك لا تهجره فوق ثلاثة أيام تلاقيه ولا تسلم عليه، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) . أيجوز أن يهجره إذا كان مجاهراً بالمعصية، كرجل حالق اللحية، مسبل الثوب، شارب الدخان، قليل حضور المسجد، هل يحل له أن يهجره لهذه المعاصي؟ A ننظر هل هذا خرج من الإسلام بهذه الأفعال؟ لا، هو ما زال مسلماً، وإن كان لا يصلي مع الجماعة، وإن كان يشرب الدخان، وإن كان يحلق اللحية، وإن كان يسبل الثوب، فهو مسلم، فيدخل في قوله: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) . نعم لو فرض أنك لو هجرته ولم تسلم عليه خجل واستحيا وترك المعصية فهنا يكون الهجر حسناً؛ لأنه دواء، لكن إذا علمت أنك لو هجرته لم يزدد إلا نفوراً منك وكراهيةً لنصحك وهو مستمر في معصيته فهنا نقول: الأفضل ألا تهجره، ولا فرق بين القريب منك والبعيد، المؤمنون كلهم إخوة. ثم إن السلام فيه مباحث:

الابتداء بالسلام والسلام على النساء

الابتداء بالسلام والسلام على النساء المبحث الأول: من الذي يبتدئ بالسلام: الصغير أم الكبير؟ الذي يبتدئ هو الصغير لأن الكبير له حق عليه، فيبتدئ الصغير بالسلام، فإن لم يفعل فهل يسلم الكبير؟ A نعم يسلم، ولا تترك السنة عناداً، فإذا قدرنا أن رجلين تلاقيا أحدهما له أربعون سنة والثاني له ستون سنة، من الذي يؤمر بالسلام؟ من له أربعون، فإذا قدر أن الذي له أربعون لم يسلم، فليسلم من له ستون حتى لا تضيع السنة بينهما من أجل عنادهما. يسلم القليل على الكثير، فإذا تلاقى خمسة بستة من الذي عليهم الحق؟ الخمسة لأنهم أقل، فإن لم يفعلوا فليسلم الستة الكثيرين، ولا تترك السنة ضائعة بعنادهم. هل يسلم الرجل على المرأة والمرأة على الرجل؟ في هذا تفصيل: إذا كانت من محارمه أو من جيرانه وهي في البيت فلا حرج أن يسلم بشرط أن يأمن الفتنة، وأما إذا كان لا يعرفها، كأن لاقاها في السوق وأراد أن يسلم فلا يسلم؛ لأن هذا يؤدي إلى الفتنة، ويؤدي إلى سوء الظن به، وأنه رجل يسلم على النساء. وما أشبه ذلك، فلا يسلم، حتى لو مر بها وهي جالسة فلا يسلم، لما في ذلك من الفتنة وإساءة الظن، ولهذا لو سلم رجل على امرأة وهي قاعدة وليس من معارفها لوجدتها ترتعد خوفاً وتتصبب عرقاً، لا تريد هذا.

السلام باللسان أو الإشارة

السلام باللسان أو الإشارة المبحث الثاني: هل يسلم بالإشارة أو بالقول باللسان؟ A الثاني -القول باللسان- والسلام بالإشارة منهي عنه إلا في حالين: إذا كان الإنسان بعيداً ويخشى ألا يسمع المسلم عليه فإنه يشير بيده مع لفظ " السلام عليكم". الحالة الثانية: إذا كان يصلي فإنه إذا سلم عليه مسلِّم لا يرد عليه باللسان وإنما يرد عليه بالإشارة، يرفع يده هكذا سواء كان واقفاً يقول: هكذا، أو جالساً يقول: هكذا، إشارة إلى أنه يصلي وأنه لا يمكن أن يرد. نزيد حالاً ثالثة: إذا كان الإنسان يستمع إلى خطبة الجمعة وسلم عليه مسلِّم فإنه لا يرد السلام؛ لأن الكلام حال خطبة الجمعة حرام إلا للخطيب ومن يكلمه الخطيب لحاجة أو مصلحة، فإذا دخل المسجد إنسان والإمام يخطب وصلى تحية المسجد وسلم عليك فلا ترد عليه السلام، لكن من المستحسن أن تشير إليه ألا رد، وإذا انتهت الخطبة فرد عليه السلام، وبين له أن الخطبة ليست محل سلام. كذلك نزيد حالة رابعة: إذا كان الإنسان على قضاء الحاجة -في الحمام- سلم عليه مسلِّم فلا يرد السلام عليه؛ لأنه قد كشف عورته وهو في محل لا يمكن فيه الرد، بل إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سلَّم عليه رجل ذات يوم وليس على وضوء فتيمم بالجدار ثم رد عليه السلام، ثم قال: (إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر) . وينبغي لمن سلم على قوم فيهم مسلمون وكافرون أن ينوي بالسلام على المسلمين فقط، سلم على قوم في مجلس بعضهم نيام وبعضهم أيقاظ، يسلم على الأيقاظ ويخفض صوته لئلا يوقظ النائمين فإن هذا من السنة: ألا تجهر بالصوت عند النائمين لأنك ربما توقظهم، وبعض الناس إذا استيقظ بعد نومه لا ينام، فيبقى قلقاً يتقلب على فراشه، وتطول عليه الليلة، فكلما أمكن أن تخفض صوتك فهذا هو المطلوب حتى لا توقظ النيام.

السلام على الكافر

السلام على الكافر المبحث الثالث: هل تسلم على الكافر أو لا تسلم؟ A لا تسلم، أي كافر لا تسلم عليه: يهودي أو نصراني أو بوذي أو شيوعي أو غيرهم ممن ليس على الإسلام لا تسلم عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام) ولأن في التسليم عليهم إكراماً لهم واحتراماً، وليسوا أهلاً لذلك. فماذا يصنع؟ لا يسلم ويسكت، فإن سلم الكافر فهل يجب أن ترد عليه؟ الجواب: نعم، إذا سلم الكافر يجب أن ترد عليه لقول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:86] ما قال: إذا حياكم مسلم قال: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ) فأي تحية تحيونها فحيوا بأحسن منها أو ردوها، ولكن كيف تقول؟ قل مثل ما قال لك تماماً، إن قال: حياك الله يا أبا فلان فقل: حياك الله. إن قال: السلام عليك، قل: عليكم السلام. إن قال: السام عليك. قل: وعليكم، وإن شئت فقل: عليكم السام. لكن إذا كان في المسألة اشتباه لا تقل: عليكم السلام ولا عليكم السام، ولكن قل: عليكم. وكفى. لكن بعض الناس قد يبتلى، قد يكون في دائرة رئيسها كافر، كما يوجد في بعض الشركات، يكون الرئيس المدير كافراً، فماذا يصنع أيدخل عليه بدون سلام؟ الأصل أن يدخل بدون سلام، لكن هو يعلم أنه لو لم يسلم لحفر له هذا المدير حفرة وغمسه فيها، ما هي حفرة حقيقية يعني: أبعده وأنزله إلى عمل شاق وما أشبه ذلك، فماذا يصنع؟ نقول: لا بأس أن يقول: مرحباً، مرحباً بفلان. أو يقول: السلام. -فقط- وينوي: علي وعلى عباد الله الصالحين، وإلا فلا يسلم، لا يسلم عليه السلام الشرعي ابتداءً، أما لو سلم الكافر فرد عليه، هذا هو العدل.

رد السلام عن طريق المكاتبة

رد السلام عن طريق المكاتبة المبحث الرابع: لو ورد السلام عليك بكتاب، دائماً تأتينا الكتب فيها "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" ماذا نصنع؟ نرد عليه وهو لا يسمع؟ نقول: إن كنت تريد أن ترد عليه كتابياً فقل: بسم الله الرحمن الرحيم، من فلان إلى فلان، ج: وعليكم السلام. في الرد لا تقل: وعليكم السلام ورحمة الله. السلام عليكم ورحمة الله لمن ابتدأ، أما من رد فيكتب: ج -يعني: جواب- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لأن الإنسان إذا سلم لا بد أن يرد، والرد بهذا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن كان كتابه لا يحتاج إلى رد فأرجو أن يكون الرد باللسان فتقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وإن كان لا يسمع لكنك تدعو له بالسلامة من كل آفة.

السلام بأحسن منه أو مثله

السلام بأحسن منه أو مثله المبحث الخامس: أنه إذا سلم عليك بصوت بينٍ واضح فرد عليه بصوت بينٍ واضح، ومع الأسف أنك أحياناً تسلم: (السلام عليكم) سلام بين واضح، والثاني يرد رداً خفياً، قد تسمعه وقد لا تسمعه، أو تسلم عليه ببشاشة وجه ويرد عليك بعبوس هذا لا يجوز؛ لأن الله تعالى يقول: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا} [النساء:86] بماذا؟ {بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [النساء:86] فبدأ بالأحسن منها {أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:86] على الأقل، ولا شك أنك إذا سلمت على إنسان بصوت مرتفع بين ووجه منطلق منشرح ثم رد عليك بأنفة وبعبوس لا شك أنه رد بغير المثل. فعلينا -أيها الإخوة- أن ننتبه إلى هذه الأمور، وأن نجعلها على بال، وأن نحتسب أجرنا على الله أن السلام الواحد بعشر حسنات، وهذه نعمة كبيرة، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الاستقامة على دينه إنه على كل شيء قدير. كما نرجو منكم أنكم إذا رأيتم موضوعاً مهماً يكون في هذا اللقاء المبارك أن تكتبوا به إلينا، أو إلى محل الدعوة والإرشاد ليبلغونا به، لأنكم قد تطلعون على أشياء لا نطلع عليها تكون مهمة، أي: يهم الكلام فيها، فلذلك أنا أكرر رجائي: إذا رأيتم شيئاً يحتاج إلى تنبيه أو إلى بحث أن تسعفونا به؛ لأن (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) (والمؤمن مرآة أخيه) وإلى الأسئلة، نسأل الله أن يوفقنا فيها لصواب الجواب.

الأسئلة

الأسئلة

إفشاء السلام بين عامة المسلمين

إفشاء السلام بين عامة المسلمين Q فضيلة الشيخ: نلحظ في الآونة الأخيرة أن الجفاء يقع من بعض الصالحين من طلاب علم وشباب، يحاذيك ولا يسلم عليك، أو يقتصر على السلام على من يعرف فقط، فهل من نصيحة، وخاصة لمن أمامك من الشباب حتى يكونوا قدوة للناس فلا يمروا على أحد إلا ويسلموا عليه كائناً من كان؟ A لا شك أن من تمام الصلاح أن يقوم الإنسان بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) فإفشاء السلام من كمال الإيمان، وكمال الإيمان به يدخل الإنسان رياض الجنان، ولا يليق بطالب العلم ولا بالشاب الملتزم أن يكون كلاً لا يسلم، وإذا سلم فبأنفه يسمع أو لا يسمع، وإذا سُلِّم عليه يرد أو لا يرد هذا غلط، كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دائم البشر كثير التبسم صلوات الله وسلامه عليه، إذا وجد ما يوجب التبسم تبسم، أما البشر فهو دائم البشر، دائماً مسرور، ولا شك أن أخاك إذا لقيك وهو مسرور واسع الوجه، تبرق أسارير وجهه، لا شك أنه يضفي عليك من هذا السرور، وبالعكس إذا لاقيته بوجه عبوس، فأكرر النصيحة لإخواني طلبة العلم أولاً، ولإخواني الملتزمين ثانياً، ولعموم المسلمين ثالثاً: أن يفشوا السلام بينهم إن كانوا يريدون كمال إيمانهم، ويريدون الوصول إلى جنات النعيم، وكلنا يريد الوصول إلى ذلك، لكن لا بد أن نسلك الأسباب، فنصيحتي: أن يفشوا السلام بينهم، الشباب الملتزم وغير الملتزم، إنه إذا لاقاك إنسان وسلم عليك وإن كنت ترى فيه بعض النقص في دينه فإنك تسر به وتقول: هذا قريب. وتسعى أن تنصحه وتقرب منه، والعكس بالعكس.

السلام قبل القيام من الصف

السلام قبل القيام من الصف Q فضيلة الشيخ: هل ورد السلام قبل الخروج من المسجد بعد الصلاة فإننا نرى كثيراً من إخواننا -جزاهم الله خيراً- يسلمون فيقولون: السلام عليكم إذا قاموا من الصف ليخرجوا من المسجد، وذلك من حرصهم على الخير، فهل لهذا أصل؟ وهل يدخل في الحديث العام الذي ورد عند القيام من المجلس؟ A هذا داخل في العموم أن الإنسان يسلم إذا دخل ويسلم إذا خرج، أما أن يكون نص خاص بهذا فلا أعلم في هذا نصاً خاصاً، لكن العموم كاف، فإذا أراد الإنسان أن يقوم وقام فليسلم لأنه مغادر، إلا إذا كان ذلك يستلزم التشويش على الذين يسبحون أو يقرءون فلا تفعل.

حكم السلام والمصافحة بعد الانتهاء من الصلاة

حكم السلام والمصافحة بعد الانتهاء من الصلاة Q فضيلة الشيخ: هل من إفشاء السلام؛ السلام والمصافحة بعد الانتهاء من الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة؟ A السلام بعد انتهاء الصلاة يكفي عنه سلام الصلاة، لأن الإنسان إذا سلم على يمينه وعلى يساره فهو مسلم عليه، يكفي. لكن جرت العادة والمروءة أن الإنسان إذا انتهى من الصلاة -النافلة خاصة- يسلم على من على يمينه أو يساره، ويرون هذا من كمال المروءة وكمال التودد والمحبة، وأنا لا أرى في ذلك بأساً بشرط ألا يعتقد الإنسان أن ذلك مشروع بعد الصلاة، وإنما يشعر بأنه يسلم لأنه تفرغ الآن للمصافحة والسؤال عن حاله، أما قبله فإنه مشتغل بتحية المسجد أو بالسنة الراتبة.

مجالس اللغو وحكم الجلوس فيها

مجالس اللغو وحكم الجلوس فيها Q فضيلة الشيخ: كثر في المجالس التعرض للغير من غير الحاضرين، حتى لتكاد تجزم أنه لا يوجد رجل صالح بيننا سواء ممن عرفوا بالخير والعلم أو ممن عرفوا بالفسق، حتى كدت أكره المجالس والخلطة حتى ولو كانت في صلة الرحم، فبماذا تنصحني حفظك الله؟ A الذي فهمته من كلامه أنه يقول: كثر في المجالس القدح في الناس، وأن الناس ما فيهم خير، وأن الناس انصرفوا عن دين الله، وما أشبه ذلك من الكلام، وأقول: إن هذا دأب المتشائمين الذين لا يرجون لهذه الأمة صلاحاً، وإنما منظارهم أسود والعياذ بالله. ولا شك أن الشعوب الإسلامية من أولها إلى آخرها فيها الرجل الصالح وغير الصالح، فيها من يحافظ على الصلاة ومن لا يحافظ، وفيها من يحافظ على العفة والمروءة ومن لا يحافظ، ولكن كوننا نتشاءم ونقول: فسد الناس وضل الناس وضاع الناس، ونجمل القول هذا خطأ؛ ولهذا قال بعض السلف: إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكهم. لأن هذا الكلام لا ينبغي، بل يقابل بما يوجد -والحمد لله- في الساحة من صلاح كثير من الشباب وغير الشباب، نراهم -والحمد لله- الآن بحسب ما يصل إلينا من الاستفتاءات أنهم يرجعون إلى الله عز وجل، ويستقيمون على دين الله. هذا إن كان السؤال كما فهمته، أما إذا كان السؤال يسأل عن مجالس يكثر فيها الغيبة والسب والقدح في الناس فنعم، هذه مجالس سوء لا يجوز للإنسان أن يحضر إليها إلا من أراد أن ينكر ويؤثر فهذا يجب عليه الحضور من أجل أن ينهى عن المنكر، أما إذا كان لا طاقة له بذلك ولا يمكن أن يقبلوا كلامه، فإنه لا يحل له أن يجلس أولاً؛ فإن جلس فعليه أن يقوم ويغادر، سواء كانوا من أقاربه أو من غير أقاربه؛ لأن تقوى الله مقدمة على تقوى كل إنسان.

حكم السلام على من لا يعلم إسلامه من كفره

حكم السلام على من لا يُعلم إسلامه من كفره Q فضيلة الشيخ: ما حكم السلام على من لا تعلم هل هو مسلم أم كافر؛ حيث أني لو تركت السلام عليه قد يؤدي ذلك للبغضاء والبعد عن الإسلام؟ A هذا يرجع فيه إلى المجتمع: إذا كان المجتمع أكثره غير مسلمين فهنا لا يسلم بناءً على الأكثر؛ لأن الأكثر يعطى حكم الكل إذا تعذر العلم، وأما إذا كان أكثر المجتمع مسلمين فليسلم، وإذا قدر أنه سلم على غير مسلم فلا حرج عليه لأنه لم يعلم، ثم ربما يكون سلامه على غير المسلم سبباً لإسلامه وإقباله على الإسلام. والحاصل أنه إذا كان أكثر المجتمع مسلمين فليسلم، وإذا كان أكثره غير مسلمين فلا يسلم، وإذا شك وتردد فليسلم لأن الأصل مشروعية السلام، ومرادي بالمجتمع: يعني مثلاً: إذا كانوا عمالاً، فإذا كان أكثر العمال مسلمين فسلم على العمال، أو أكثرهم غير مسلمين لا نسلم، لكن بقية المجتمع إذا لم يكونوا من هذا النوع نسلم عليهم.

توبة من كان يعمل في بنك ربوي

توبة من كان يعمل في بنك ربوي Q فضيلة الشيخ: اشتغلت في أحد البنوك الربوية وتقاضيت على ذلك مالاً، فكيف أتوب توبة نصوحاً علماً أني الآن أعمل في عمل حلال وقد تركت ذلك العمل المحرم؟ A أرجو أن تكون توبته هدمت ما سبقها؛ لأن الله تعالى قال: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:275] فأباح الله له ما سلف وقال: {وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:275] إلا إذا كان الربا لم يؤخذ فإن الإنسان إذا تاب لا يأخذه لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ربا الجاهلية موضوع وأول رباً أضع من ربانا ربا عباس بن عبد المطلب) لكن إن أخذه فلا يصرفه لنفسه وإنما يتصدق به تخلصاً منه.

صلاة المسافر خلف إمام مقيم

صلاة المسافر خلف إمام مقيم Q فضيلة الشيخ: إذا دخل جماعة مع إمام يصلي المغرب وهم مسافرون وقد صلوا المغرب، فهل يجوز لهم أن يصلوا ركعتين ويجلسوا ويسلموا، أم ماذا يفعلون؟ A هذه تحتاج إلى قاعدة: إذا دخل المسافر مع إمام مقيم فالواجب عليه أن يتم الصلاة حتى لو لم يدرك إلا التشهد الأخير، الدليل: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) ولم يفصل، وسئل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: [عن الرجل المسافر يصلي ركعتين ومع الإمام أربعاً؟ قال: تلك هي السنة] فالواجب على المسافر إذا دخل مع إمام يتم أن يتم الصلاة، لكن أحياناً يأتي في المطار فيجد من يصلون، لا يدري أهم مقيمون أم مسافرون، فماذا يصنع؟ هل يتم أو يقصر؟ هو لم يدخل معهم في أول الصلاة، ولو كان معهم من أول الصلاة لعرف الموضوع، يقال: ينظر إذا كان على الإمام علامة السفر بأن كانت الشنطة إلى جنبه، وكان عليه ثياب السفر فليأخذ بالظاهر على أن الإمام يقصر، وإذا كان عليه علامة الإقامة كما لو كان الإمام من موظفي المطار - وموظفو المطار لهم لباس خاص - فهنا ينوي الإتمام لأن الظاهر أنه يتم، فيعمل بالظاهر، فإن تردد ولم يتبين له فهنا نقول: إذا احتاط وأتم فهو أفضل، وإن قصر فلا حرج. وإذا دخل جماعة مع إمام يصلي المغرب وهم مسافرون وقد صلوا المغرب، فإن دخلوا مع الذي يصلي المغرب وهم لم يصلوا العشاء فالواجب عليهم أن يتابعوا الإمام، وإذا سلم أتوا بالرابعة، ويحتمل أن يقال: إنه لا تلزمهم المتابعة في الرابعة لأن الإمام يصلي صلاةً ليست رباعية، وإنما يصلي ثلاثية، فلهم أن يجلسوا في التشهد الأول وينتظروا الإمام ويسلموا معه، لأن صلاتهم هم العشاء وصلاته هو المغرب، لكن الأفضل أن يتابعوه وإذا سلم أتوا بالرابعة.

ما يفعله من وجد ضالة الغنم

ما يفعله من وجد ضالة الغنم Q فضيلة الشيخ: السؤال حول ضالة الغنم: وجد والدي في أحد الأيام مع قطيع الغنم التابع له في المرعى عدد أربعة رءوس من الضأن فعرفها مدة سنة، ثم باعها بمبلغ ألف وأربعمائة ريال، فماذا يعمل الآن بهذا المبلغ هل له حق فيه؟ أرجو الإجابة بارك الله فيك. A نعم، إذا كان قد عرفها سنة ولم يجد أصحابها فهي له، أي: لو أبقاها مع غنمه ونمت فهي له، وإذا كان قد باعها الآن فالثمن له؛ لأنه إذا تمت سنة على اللقطة ولم يوجد صاحبها بعد التعريف فإنها لمن وجدها، إلا لقطة واحدة وهي الإبل وما أشبهها من الضوال؛ فإنها لا تملك بالتعريف لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما سئل عن ضالة الإبل قال: (ما لك ولها؟ دعها فإن معها سقاءها وحذاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها) فالإبل لا يجوز للإنسان أن يبقيها عنده، إذا جاءت في إبله فليطردها، ولا يحل له أن يقول: آخذها وأعرفها سنة ثم أملكها لا يمكن أن تملك، بل تطرد ويجدها صاحبها، البعير كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام معها سقاؤها وحذاؤها، ما هو سقاؤها؟ البطن، تشرب ثم تظل أربعة أو خمسة أيام أو أكثر في عز الصيف، وحذاؤها هو الخف.

حكم السلام على من هي من غير المحارم وتقبيل رأسها

حكم السلام على من هي من غير المحارم وتقبيل رأسها Q بعض الناس يسلم على أم جيرانه الكبيرة في السن التي قد بلغت سن السبعين أو أقل، وربما قبل رأسها وهي متحجبة ويقول: هذا لا بأس به لأنه من الاحترام لهذه المرأة التي لا تشتهى، فهل عمله هذا جائز؟ A أما السلام عليها فهو جائز، يجوز أن يسلم على عجوز جيرانه لما بينهم من التقارب، ولأن الله تعالى يقول: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} [النور:60] أما تقبيل الرأس والمصافحة فلا يجوز، لأنه كما يقولون: لكل ساقطة لاقطة. هي وإن كانت لا تشتهى لكن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ويكفي أن نقول: سلم عليها وأسألها عن حالها وحال أولادها بلا خلوة، ولا حرج عليه.

الشروط الصحيحة والفاسدة في عقد النكاح

الشروط الصحيحة والفاسدة في عقد النكاح Q فضيلة الشيخ: أنا شاب قد خطبت امرأة واتفقنا على كل شيء، وعند عقد النكاح فوجئت بمفاجئة وهو أن أهل الزوجة قد شرطوا علي شروطاً كثيرة لم يكن عندي خبر منها، فماذا أفعل؟ أرجو توجيه نصيحة في هذا الشأن. A هو الآن يقول ما هي النصيحة؟ إذا كان قد عقد النكاح على هذه الشروط التي اشترطها أهل المرأة نظرنا: إن كانت شروطاً صحيحة فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) وإن كانت شروطاً غير صحيحة مثل أن يقولوا: نزوجك بشرط أن تطلق زوجتك التي معك، هذا شرط باطل، ولا يجوز الوفاء به، ولا يلزمه أن يوفي به، وليس للزوجة الجديدة ولا لوليها أن يفسخوا النكاح إذا لم يطلق المرأة، وذلك لأنه شرط باطل، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها -أو قال: ما في صحفتها-) هذا شرط باطل. من الشروط -أيضاً-: أن يشترطوا على الزوج أن يدخل الدش وألا يمنعها من مشاهدة ما تريد، هذا -أيضاً- شرط فاسد، ولا يحل للزوج أن يوفي به لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن شُرط مائة مرة) . أما الشروط الصحيحة مثل أن يشترطوا عليه أن تبقى في التدريس أو الدراسة، أو يشترطوا عليه مسكناً غير مسكن أهله وإخوانه، أو يشترطوا عليه ألا يخرجها من دارها، أو يشترطوا عليه ألا يسافر بها، أو أن يشترطوا عليه ألا يتزوج عليها، فهذه الشروط وأمثالها شروط صحيحة، إذا رضي لزمته، لكن لو شرط عليه ألا يسافر بها، وبعد أن تزوجها وصلحت الحال بينهما وأراد أن يسافر بها وقال أهلها: لا تسافر بها. وقالت هي: أنا أريد السفر معه. فهل الحق لها أو لأهلها؟ لها، إلا في حال معينة: لو كان أبواها عاجزين -أمها وأبوها- واشترطا أن تبقى في البيت لخدمتهما، ورضي الزوج بذلك، فهنا الشرط صحيح؛ لأنهما اشترطا منفعة لهما بل ضرورة فيكون الشرط صحيحاً. وأقول لهذا الأخ السائل: إن كان قد عقد فقد مضى الشيء فلينظر في هذه الشروط، الفاسد منها يلغى والصحيح يبقى، ولو كانت شروطاً ثقيلة فلعل الله تعالى أن يجعل له من أمره يسراً، أما إذا كان لم يعقد حتى الآن فالأمر في يده إن شاء وافق وإن شاء خالف. وكأن الأخ السائل كره أنهم فاجئوه بالشروط عند العقد، وحق له أن يكره، لأنه الآن عند العقد في موضع حرج، قد دعا الناس إلى العقد وأعلمهم بأنه في الليلة الفلانية أو اليوم الفلاني، فإذا جاءت الشروط صار في موضع حرج، ولذلك نقول: إذا كان عند المرأة أو أولياؤها شيء من الشروط فليكن عند الخطبة والإجابة، فيقولون عندما يجيبونه: نعم، مرحباً بك، نزوجك، لكن هذه قائمة بالشروط التي لنا. إما أن يوافق وإما أن يدع، وأما إذا كان عند العقد فهذا لا شك أنه إحراج، وأنه خديعة من الزوجة وأهلها. نعم ربما يقول أهل الزوجة أو الزوجة: نحن لم نعلم عن الرجل تمام العلم إلا عند العقد، وأردنا أن نشترط عليه شروطاً تمنعه مما سمعنا عنه مثل: أن يكون الرجل كثير السفر إلى بلاد فيها الدعارة والخنا فيشترطون عليه ألا يسافر إلى هذه البلاد، ويقولون: نحن ما علمنا في الأول، علمنا فيما بعد وأردنا الاستدراك، فهذا قد يكونوا معذورين فيه.

حكم تصوير العروس في الأعراس

حكم تصوير العروس في الأعراس Q فضيلة الشيخ: ما حكم تصوير العروس في الزواج من أجل أن تكون للذكرى لكي يراها من لم يحضر الزواج من القريبات والصديقات؟ علماً بأن الصورة فقط للعروس دون العريس؟ A أرى ألا حاجة إلى ذلك، النساء كلهن يشتهين الزواج كما أن الرجال كذلك، لكن البلاء إما من أوليائهن وإما من كثرة المهور ومشقتها، وإما من كونها -أي: المرأة- تريد أن تبقى في عملها الدراسي مدرسة أو دارسة، أو لغير ذلك من الأسباب، وكون المرأة ما تشتهي الزواج إلا إذا رأت صورة أختها فهذه لا يقومها شيء ولا تنتفع، لذلك أرى أن هذه الصورة محرمة ولا يجوز، وأقبح من ذلك أن تصور المرأة وزوجها عند أول لقاء بينهما ولا سيما إذا كان في الفيديو، لأن الفيديو يحكي صورة حية. فالواجب علينا أن نتقي الله عز وجل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ * وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:2-4] وألا تستدرجنا الأهواء والمماراة إلى أن نقع في الشر والفساد.

حكم شراء أشرطة الفيديو المحتوية على الرسوم المتحركة للأطفال

حكم شراء أشرطة الفيديو المحتوية على الرسوم المتحركة للأطفال Q فضيلة الشيخ: إني أحبك في الله، وأرجو أن تبين لي حكم شراء أفلام الفيديو إذا كان يوجد فيها رسوم متحركة، مع أن هذه الرسوم هادفة ونافعة للأطفال، فهل يختلف الحكم بين الصور الحقيقة والمتحركة أم لا؟ A أقول: أحبه الله الذي أحبنا فيه، وهذه الأفلام التي فيها أشياء نافعة تنفع الصغار وتصدهم عن شر منها؛ إذا كان لا بد فلا شك أنها أهون من الأفلام الخليعة، والصغير يرخص له في اللهو واللعب ما لا يرخص للكبير، ولهذا رخص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ عائشة رضي الله عنها أن تلعب بالبنات؛ لأنه تزوجها وهي صغيرة، كان عمرها حين تزوجها ست سنوات، وبنى بها ولها تسع سنوات، وكان عليه الصلاة والسلام خير الناس لأهله، كان يمكنها من أن تلعب بهذه اللعب، فيرخص للصغار ما لا يرخص للكبار، فإذا اشترى الإنسان أفلاماً تكون فيها تسلية للصغار وليس فيها شيء محرم فهذا لا بأس به.

حكم إدخال الفيديو للبيت بدون رضا الزوج

حكم إدخال الفيديو للبيت بدون رضا الزوج Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ: انتشر بين النساء ما يسمى بالفيديو الإسلامي، وهو يعرض صوراً متحركة ومسرحيات إسلامية، وأدخله كثير من الناس، وأنا أريده لأولادي وزوجي يرفض دخول الجهاز إلى البيت، فما حكم ذلك؟ A الأمر في البيت للزوج؛ لأن البيت بيته، والأهل أهله، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته) فإذا منعها زوجها أن تدخل هذا الفيلم وجب عليها السمع والطاعة، ولا يحل لها أن تدخله إلا برضاه، لكن ينبغي أن تقنعه بأن هذه الأفلام إذا كانت مباحة لا بأس بها حتى يقتنع ويرضى، أما أن تجبره على هذا أو تسيء عشرته حتى يرضخ لها فهذا حرام عليها.

الفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة

الفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة Q فضيلة الشيخ: أرجو أن تبين لي الفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة؟ A جميع العبادات التي يتعبد بها الإنسان دعاء عبادة، الصلاة دعاء عبادة، الصدقة دعاء عبادة، الصوم دعاء عبادة، الحج دعاء عبادة، بر الوالدين دعاء عبادة، طلب العلم دعاء العبادة، لأنك لو تسأل هذا العابد: ماذا تريد بالعبادة؟ قال: أريد التقرب إلى الله وأن أحل دار كرامته. إذاً هو داع بلسان الحال. أما دعاء المسألة: فأن يسأل الإنسان ربه ما يريد فيقول: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني، اللهم اهدني، وما أشبه ذلك، فهذا هو الفرق، فكل عابد لله فهو داع بلسان الحال، وكل سائل فهو داع، ولهذا كان القرب -قرب الله عز وجل- خاصاً بمن يدعوه أو يعبده، قال الله تبارك وتعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) وليس قرب الله عز وجل قرباً عاماً لكل أحد، بل هو قريب من الداعي والعابد فقط، لكنه سبحانه وتعالى عليم بكل شيء، كل أحوال الإنسان يعلمها عز وجل، بل قد قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:16-18] .

نصيحة حول السفر إلى الخارج للسياحة

نصيحة حول السفر إلى الخارج للسياحة Q فضيلة الشيخ: أنا شاب أريد أن أذهب إلى دولة إسلامية لغرض السياحة، وأريد أن آخذ زوجتي معي، ومن المعلوم أن الجوازات يطلبون صورة للزوجة، فهل يجوز لي ذلك؟ أرجو نصيحتك بارك الله فيك. A جزاه الله خيراً، ويجب علي أن أبدي له النصيحة وأبدي له المشورة التي أدين الله بها، أقول: لا يذهب إلى بلاد أخرى، لا إلى بلاد إسلامية ولا إلى بلاد غربية ولا شرقية، يبقى في بلده أسلم لدينه، وأحفظ لأهله. ومسألة النفقة زادت أو نقصت لا تهم، المهم أن يبقى في بلاد كبلادنا -والحمد لله- محافظة، يحفظ دينه ويحفظ أهله، هو إذا ذهب إلى البلاد يجد أشياء منكرة ظاهرة علناً في السوق: نساء متبرجات، أشياء كثيرة ما أحب أن أذكرها الآن، فنصيحتي لهذا السائل وأقول: جزاه الله خيراً، أنا قلت له ما يجب عليه، فأرجو أن يقبل مني المشورة: ألا يذهب إلى بلد غير بلادنا، نفقات، وضياع وقت، واتجاهات الله أعلم بها. وأقول لكم الآن وأنتم تدركونه: ما كنتم رأيتموه حين الصغر ألستم كأنكم الآن تشاهدونه؟ بلى، هؤلاء الصغار سوف تنطبع مشاهداتهم التي يشاهدونها إلى أن يلقوا الله عز وجل. فالواجب أن يرعى الإنسان أهله رعاية حسنة، وفي بلادنا -والحمد لله- حسب ما سمعنا فيها من المشاهدات الطيبة، وفيها -أيضاً- من المناظر الطبيعية ما يغني عن الخارج.

شروط المحرم

شروط المحرم Q فضيلة الشيخ: هل يشترط في المحرم أن يكون بالغاً، فهناك رجل يعمل في الخارج ومعه زوجته وابنه الذي يبلغ التاسعة من العمر، فأرادت الزوجة أن تحضر زواجاً لأخيها، فأرسلها زوجها عن طريق الطائرة مع هذا الابن، واتصل على أهلها لاستقبالها في مطار المملكة، فهل له ذلك؟ وهل يكفي هذا الصبي في المحرمية؟ جزاك الله خيراً. A المحرم ذكر العلماء أنه لا بد فيه من شرطين: البلوغ والعقل، وأن من دون البلوغ لا يصح أن يكون محرماً، ومن ليس بعاقل لا يصح أن يكون محرماً؛ لأن المقصود بالمحرم هو حماية الزوجة وصيانتها ومنع الاعتداء عليها، والصغار لا يقومون بهذا. فأقول: الآن المرأة -حسب السؤال- وصلت البلد، لا ترجع إلى زوجها حتى يأتي زوجها ويأخذها معه، أو تذهب مع أحد محارمها الذين بلغوا وعقلوا، أما الصغير الذي في التاسعة من عمره فإنه لا يكفي أن يكون محرماً.

حكم خروج المرأة من بيتها في أيام حدادها

حكم خروج المرأة من بيتها في أيام حدادها Q فضيلة الشيخ: إذا خرجت المرأة في وقت الحداد لزيارة ابنها الصغير الذي في المستشفى بسبب حادث قد أصابه أو ذهبت إلى المحكمة لقضاء حاجة لها أو لأولادها، فهل تحسب هذه الأيام من الحداد؟ A أولاً: أقول زيارتها لولدها وهي في الحداد لا تجوز لا ليلاً ولا نهاراً؛ لأن هذه مصلحة تتعلق بالولد، إلا إذا تعبت نفسياً ولم تستقر حتى ترى ولدها فحينئذٍ تخرج إلى ولدها في النهار وتزوره، وترجع إلى مقرها، وأما الذهاب إلى المحكمة فإذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس أن تذهب إلى المحكمة لحصر الإرث أو للولاية على أولادها أو ما أشبه ذلك. المهم أن خروجها لحاجة تتعلق بها جائز، وتتعلق بغيرها لا يجوز ما لم تصل الحال إلى قلقها وعدم راحتها فلا بأس أن تخرج من أجل أن تستقر نفسها في مقرها.

جواز صلاة المفترض خلف المتنفل

جواز صلاة المفترض خلف المتنفل Q إذا دخل رجل قد فاتته صلاة المغرب فقام رجل يريد أن يتصدق عليه، فأيهما الأحق بأن يصلي بالآخر؟ وهل من حرج في إعادة صلاة المغرب وهي وتر النهار؟ A إذا دخل رجل وأراد إنسان أن يتصدق عليه؛ فمن قال إنه لا يصح أن يكون المتنفل إماماً للمفترض تعين أن يكون الداخل هو الإمام؛ لأنه مفترض والثاني متنفل، ومن قال: إنه يجوز أن يكون المتنفل إماماً للمفترض -وهو الصحيح- قال: يؤمهما أقرؤهما لكتاب الله سواء الداخل أو الذي في المسجد. أما كونه يسأل عن صلاة المغرب هل تعاد أو لا فنقول: نعم تعاد، وتكون وتراً كصلاة الإمام تماماً، ولا ينافي أن تكون الصلاة الأولى التي صلاها مع الإمام الأول هي وتر النهار، وهذه الثانية تكون معادة، ولا حرج عليه في أن يعيدها ثلاثاً لأنه إنما أعادها تبعاً لإمامه.

حكم مصافحة النساء

حكم مصافحة النساء Q هذا يسأل يقول: يوجد في بعض البلاد مصافحة النساء. A نقول: هذا ما يجوز، حتى لو وجد وكان هذا من عادتهم أن الإنسان يصافح المرأة فالواجب ترك هذه العادة. جزى الله عنا والدنا وشيخنا خير الجزاء، ونفعنا بعلمه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.

اللقاء الشهري [48]

اللقاء الشهري [48] كان هذا اللقاء نصيحة موجهة إلى كل أب مهتم بابنه، أن يرعى مصالحه ويقوم على تربيته تربية إيمانية، فهو راع له ومسئول عنه يوم القيامة، وواجب عليه أن يلبي له حاجياته في الدنيا في صغره، وكذا نصيحة لكل مدرس بأن يتقي الله في أبناء الأمة ممن هم تحت يديه، وأن يحسن النية ويتقن العمل. ثم أجاب الشيخ رحمه الله عن أسئلة متعلقة بالتربية للأبناء وكذا تعليمهم الخير، وكذا أسئلة متعلقة بالعبادات والمعاملات كما هي العادة في ذلك.

نصائح قبل بداية العام الدراسي

نصائح قبل بداية العام الدراسي إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإنه بمناسبة قرب افتتاح المدارس لهذا العام؛ عام ثمانية عشر وأربعمائة وألف أُذكِّر في هذه الليلة الحادي والعشرين من شهر ربيع الثاني عام ثمانية عشر وأربعمائة وألف، أذكر بما ينبغي التذكير به في هذه المناسبة.

نصائح للآباء للاهتمام بالأبناء

نصائح للآباء للاهتمام بالأبناء فأولاً: نذكر الآباء بأنه يجب عليهم مراعاة أولادهم الذكور والإناث عند ابتداء الدراسة في تهيئة كل ما يحتاجون إليه من أدوات مكتبية أو غيرها؛ لأن ذلك من الإنفاق عليهم، والإنفاق على الأولاد المعسرين الذين لا يجدون شيئاً واجب كما قال الله تبارك وتعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:233] ثم قال: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة:233] ويعطي كل واحد منهم ما يحتاج إليه سواء كان بقدر ما أعطى الآخر أو أقل أو أكثر، وعلى هذا فمن دراسته متقدمة كالذين في الثانوي أو في المتوسط لا شك أنهم يحتاجون من الأدوات المدرسية أكثر مما يحتاجه من هو دونهم، فيعطي هؤلاء ما يحتاجون وهؤلاء ما يحتاجون. كذلك بالنسبة للنساء قد تختلف دروسهن اللاتي تحتاجها المرأة عما يحتاجه الرجل أو الذكر، فيعطي كل إنسان ما يحتاجه. ثانياً: على الآباء أن يحرصوا على مراعاة الأولاد؛ لأن الأولاد في ابتداء الدراسة يرون الزمن بعيداً فيهملون في أول السنة ويتكاسلون، ويقول القائل منهم: إذا قرب الاختبار راجعت، وهذا لا شك تفكير خاطئ، لأن الإنسان إذا أخر هضم الدروس إلى آخر الوقت فإنها لا يهضمها، وتكون علوماً سطحية لا يستفيد منها، لكن إذا كرس الجهود من أول السنة صار يتلقى العلوم شيئاً فشيئاً وترسخ في ذهنه، وإذا جاء وقت الامتحان لم يتعب التعب الشديد، أكثر الناس بهذا يهملون أولادهم ولا يبالون بهم، ولا يقول: يا ولدي ماذا صنعت اليوم؟ ولا يا ابنتي ماذا صنعت اليوم؟ هذا غلط؛ لأن الوالد صاحب البيت راع في بيته ومسئول عن رعيته. ثالثاً: الأولاد سوف يختلطون بأولاد آخرين، والبنات كذلك تختلط ببنات أخريات، فيجب أن يلاحظ من الذين يصحبون ولده، أهم جلساء صالحون أم بالعكس؟ وذلك لأن الجليس يتأثر من جليسه كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مثل الجليس الصالح كحامل المسك، إما أن يحذيك - بمعنى: يعطيك هدية - وإما أن يبيعك، وإما أن تجد منه رائحة طيبة، ومثل الجليس السوء كنافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة كريهة) فعلى الوالد أن يسأل: من أصحاب الولد، أهم من السفهاء أم من الراشدين، فإذا كانوا من السفهاء حجب ولده عنهم بكل ما يستطيع من ترغيب أو ترهيب، وإذا كانوا من الراشدين حثه على ملازمتهم وعلى التخلق بأخلاقهم؛ لأن الجليس له أثر بالغ. وكذلك -أيضاً- من الأمور المهمة أن يحرص الأب على متابعة الأولاد في عملهم الصالح: في الصلاة، في الطهارة، في البر، في الصدق حتى يكونوا صالحين، وهم إذا صلحوا فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد قال فيما صح عنه: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) فالولد الصالح ينفعك في الحياة وبعد الممات، وغير الصالح ليس كالصالح في المنفعة لا في الدنيا ولا في الآخرة. كذلك -أيضاً-: نوصي إخواننا أن يحرصوا على إلحاق أولادهم بحلقات تحفيظ القرآن في المساجد؛ لأن هذه الحلقات -ولله الحمد- يحصل فيها خير كثير، يحفظ الطالب من الصغر كلام الله عز وجل، ويتأدب بالآداب، ويستغل وقته الذي ليس وقتاً للدراسة النظامية في ما ينفعه في الدين والدنيا، ولا تغتر بما يتوهمه بعض الناس من أن الطالب إذا التحق بهذه الحلقات فإنه تكثر عليه العلوم ويُضيِّع بعضها بعضاً، فإن هذا التوهم من إملاء الشيطان -أعاذنا الله وإياكم منه- ولقد شهد الأساتذة الذين يدرسون في المدارس النظامية بأن الأولاد الذين يلتحقون بحلق القرآن في المساجد أحسن أخلاقاً من الآخرين، وأكثر متابعة للدروس النظامية، ولهذا تجدهم في مقدمة الطلاب، مما يدل على أن هذا الوهم وهم كاذب لا حقيقة له.

نصائح للمدرسين بتقوى الله في تعليمهم

نصائح للمدرسين بتقوى الله في تعليمهم أما بالنسبة للأساتذة: فإنني أوصيهم أن يتقوا الله عز وجل في أداء المهمة التي من أجلها عينوا في هذه المدرسة أو في هذا المعهد أو في هذه الكلية، وأن يتجنبوا كلام اللغو الذي لا فائدة فيه، بل فيه مضرة، فإن بعض الأساتذة وهم - ولله الحمد قليل - إذا دخل في الدرس صار يتكلم بكلام لغو لا علاقة له فيما قرر عليه، وهذا حرام عليه؛ لأنه قيام بعمل ليس موكولاً إليه في عمل موكول إليه فيغير هذا بهذا. وكلامي هذا لا يعني أنه يُمنع الأستاذ من كلمة طيبة -في بعض الأحيان- تكون موجهة للطلبة؛ لأن الأستاذ في الحقيقة يجب أن يكون معلماً مربياً، فإذا قدرنا أنه قد خصص لهذه الساعة أو الحصة قدراً معيناً من المقرر وانتهى قبل انتهاء الحصة فحينئذٍ يجيء دور التوجيه والإرشاد فيوجههم إلى ما فيه الخير في دينهم ودنياهم، ويدع الكلام اللغو الذي لا فائدة فيه. وكذلك عليه - أي: على الأستاذ - ألا يفرق بين الشريف والوضيع، والقريب والبعيد، والغني والفقير، يجب أن يكون الطلبة عنده سواء؛ لأن المدرس كالقاضي يجب أن يجعل الناس عنده سواء، لا يقل: هذا قريبي، أو هذا ابن صديقي، أو هذا ابن الأمير، أو هذا ابن الوزير أو هذا ابن الرئيس، يجب أن يكون الكل عنده سواء {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت:46] . وإني أرشد الأساتذة إلى أمر هام جداً ألا وهو تكوين الشخصية أمام الطلبة، بمعنى: أن يري الأستاذ الطلبة بأنه له السلطة عليهم حتى يهابوه ويحترموه، وليعلم أن الهيبة إنما تكون من أول وهلة، بمعنى: أن الأستاذ إذا ضاعت هيبته في أول الأمر فلن يستطيع ردها في آخر الأمر، لكن إذا أرى الطلبة هيبة من أول أمره هابوه، وصار يتحكم فيهم من جهة حضور القلب في الدرس أو عدم حضوره، ولهذا يبلغنا عن أناس من الأساتذة تهاونوا في أول أمرهم مع الطلبة ثم عجزوا بعد ذلك عن إدراك ما يريدونه من الطلبة، تجد الطلبة يمتهنونهم غاية الامتهان لأنهم لم يروهم هيبةً في أول الأمر، ويقول العوام: (إن الرمح الأول على أول ركزة) إذا كانت الهيبة في قلوب الطلاب من أول الأمر فحينئذٍ يملك الأستاذ الطلاب تماماً. وإنني أوصي مدراء المدارس والمسئولين عنها من كتاب أو غيرهم: أن يراقبوا ويتابعوا الدراسة والعمل بين الأساتذة وبين الطلاب، بمعنى ألا يقولوا نحن نعتمد على الأستاذة فقط، فالأستاذ قد يقصر، تجد بعض الأساتذة ربما يتأخر عن حضور الدوام من أوله، أو يتقدم في الخروج أو ما أشبه ذلك، المهم أنه على المدراء -مدراء المدارس والمعاهد والعمداء- أن يتابعوا من تحت أيديهم من أساتذة وطلاب وكتاب وغير ذلك؛ حتى يتعاونوا على البر والتقوى. وأما الإهمال وكون المدير يبقى في مكان إدارته ولا يسأل ولا يبحث فهذا فيه قصور، ينبغي للمدير أن يذهب هو بنفسه ويتفقد الفصول والطلاب والأساتذة ومعاملتهم مع طلابهم لا سيما إذا كان الأستاذ جديداً حتى يعرف القصور فيه ويحاول أن يتمم ذلك. ثم إني أوصي الطلاب - ولا سيما من تقدموا في العلم - بحسن النية والقصد، بأن ينووا بطلبهم العلم إحياء الشريعة والدفاع عنها، وهداية الخلق، وبيان الحق، حتى يجعل الله في علمهم بركة، وأن يكونوا هم أول من يعمل بعلمهم، حتى لا يكونوا من أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، أعاذنا الله وإياكم منها. على طلاب العلم أن يحرصوا على تنفيذ ما علموه حتى لا يضيع عليهم الوقت، وهم بذلك سيحصلون على العلم، فإن من تعلم فعمل ورَّثه الله علم ما لم يكن يعلمه، ولهذا قيل في الحكمة: العلم يهتف بالعمل فإن أجاب والا ارتحل، ويدل لهذا قول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد:17] وقال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [المائدة:13] . أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل عامنا هذا عام خير وبركة، وعلم نافع وعمل صالح، وأن يجعلنا من دعاة الحق وأنصاره إنه على كل شيء قدير، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. نبقى مع أسئلة هذا اللقاء وهو الثامن والأربعون.

الأسئلة

الأسئلة

تعلم العلوم الطبيعية بنية خدمة الإسلام

تعلم العلوم الطبيعية بنية خدمة الإسلام Q فضيلة الشيخ: نحن مجموعة من الشباب على عتبة باب الجامعة، وقد سمعنا وقرأنا فتوى فضيلتكم: في أن طلب العلم الشرعي أفضل من طلب غيره من العلوم، وأن صاحب العلم الشرعي هو الذي يحصل له الأجر أكثر من غيره، وهذا يعني أنه سيستحسن كثير من أبناء المسلمين طلب العلم الشرعي وترك غيره من العلوم كدراسة علم الطبيعة، مما يقتضي امتلاك الكفار لزمام الحياة وتقدمهم على المسلمين في شتى المجالات، وهذا جعلنا في حيرة من أمرنا، فسؤالنا يا فضيلة الشيخ: هل إذا توجهنا لدراسة علم الطبيعة بنية خدمة الإسلام فهل نستحق الأجر في الآخرة ونفع العباد كصاحب العلم الشرعي؟ نرجو توجيهنا في ذلك جزاكم الله خير الجزاء، وبارك فيكم وفي علمكم. A بسم الله الرحمن الرحيم، أقول: إذا قيل هذا أفضل من هذا فليس يعني أن المفضول يترك ويهدر، بل من الناس من يلائمه العلوم الشرعية، ومن الناس من يلائمه العلوم العربية، ومنهم من يلائمه علم الفيزياء، ومنهم من يلائمه علم الطبيعة، ومنهم من يلائمه علم الصناعة، والناس كأصابع اليد كل إصبع يعين الآخر، وبتعاون الأصابع تشتد القبضة على ما في قبضة الإنسان، فإذا قلنا: إن تعلم العلم الشرعي أفضل العلوم فلا يعني ذلك أن العلوم الأخرى ليس فيها فضل، بل فيها فضل، وقد يكون الإنسان بإرادته نفع الإسلام والمسلمين حائزاً على أجر كبير. والتفضيل بين العلوم هو تفضيل لذات العلوم بعضها على بعض، أما ما يحتك بها من أمور أخرى فقد يعرض في المفضول ما يجعله أفضل من الفاضل، فمثلاً: علم الطب لا شك أنه علم فيه خير للأمة، فيه إنقاذ لحياة البشر، فيه إعادة لصحة المريض وما أشبه ذلك، علم الصنائع - أيضاً - فيه خير كثير للأمة، يسد العالم حاجة أمته ويعينها على شئون دنياها، فأيهما أفضل وأنفع: أحياناً نقول: هذا أنفع وأحياناً نقول هذا أنفع، حسب ما تقتضيه الحاجة الملحة، والأمة الإسلامية في أوج عزها كانت تملك زمام الأمر كله في العلوم الشرعية والعربية والصناعية والفلكية والطبية وغير ذلك، يعرف هذا من قرأ التاريخ وتأمل حياة الأمة الإسلامية في أوج عزها وكرامتها.

مساعدة الطالب على النجاح بدرجات إضافية

مساعدة الطالب على النجاح بدرجات إضافية Q فضيلة الشيخ: أنا مدرس في مدرسة، وأحياناً يصحح المدرس ورقة طالب من الطلاب فيبقى عليه حتى ينجح -مثلاً- خمس درجات فنجد أن بعض الناس يقول: يجب على المدرس أن يزيده في الدرجات حتى ينجح، وبعضهم يقول: على المدرس ألا يعطي للطالب إلا حقه، فما رأي فضيلتكم حفظكم الله؟ A رأيي أنه يرجع في ذلك إلى النظام، إذا كان يسمح للمصحح أن يزيد في الدرجات هذا العدد الكبير -خمسة- قد تكون خمسة من كم؟ ما ندري، خمسة من مائة، نصف العشر، خمسة من ثلاثين؟ السدس، فهذا يرجع فيه إلى النظام. ثم يجب أن ننظر -أيضاً- هل سبب النقص هو أن الطالب فهم السؤال على غير المراد أو أن الطالب فهم السؤال لكن جوابه ناقص، أحياناً يفهم الطالب السؤال على غير مراده فيجيب إجابة تامة على حسب فهم السؤال، ويكون هذا الطالب معلوماً بين الأساتذة بأنه حريص مجتهد محصل فهذا قد يقال: ينبغي أن تشكل له لجنة تنظر في موضوعه، وإلا فالأصل اتباع النظام على كل حال.

حكم الكلام في الناس بالجرح والتعديل

حكم الكلام في الناس بالجرح والتعديل Q فضيلة الشيخ: أنا أدرس مادة التاريخ، وأحياناً أتكلم عن بعض الشخصيات بالذم والسب، فهل هذا يعتبر من الغيبة؟ A ما زال العلماء رحمهم الله الذين يؤلفون في تراجم الرجال يذكرون الإنسان بما فيه من خير وشر، وما دام المقصود بيان حال هذا الشخص فإنه لا بأس به، لكن هنا مسألة مهمة وهي: ما حصل بين الصحابة رضي الله عنهم من القتال والمنازعة فإنه لا يجوز التحدث فيه، لأن من عقيدة أهل السنة والجماعة الإمساك عما جرى بين الصحابة، كالذي حصل بين علي بن أبي طالب ومعاوية رضي الله عنهما فإنه لا يجوز أن يتعرض لذلك؛ لأن الأمر كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: هي دماء طهر الله سيوفنا منها فيجب أن نطهر ألسنتنا منها. وإن كان الإنسان إذا قرأ التاريخ تبين له أن علي بن أبي طالب أقرب إلى الصواب من معاوية، لكن كل منهما مجتهد، والمجتهد قد يصيب وقد يخطئ، والمجتهد من هذه الأمة إذا بذل وسعه في الوصول إلى الحق ولكنه لم يصب الحق فإن له أجراً كاملاً كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر) . مثل هذه الأشياء الواقعة بين الصحابة لا ينبغي نشرها إطلاقاً بين الطلاب؛ لأنها قد تجعل في قلب الإنسان حقداً على بعض الصحابة، وهذا أمره خطير جداً، فالصحابة نكن لهم كلهم المحبة، ونرى أن بعضهم أفضل من بعض، وأن بعضهم أصوب من بعض، لكن كلهم من حيث المحبة محبوبون لدينا، لا نقدح في أحد منهم.

حكم من أراد بتدريسه الدنيا

حكم من أراد بتدريسه الدنيا Q فضيلة الشيخ: إذا قصد مدرس المواد الشرعية طلب المعيشة والرزق، فهل يكون داخلاً في من أراد بعلمه الدنيا؟ A لا شك أن هذه النية نية قاصرة إذا كان دخل من أجل المال، ولكن خير من ذلك أن يدخل بنية طلب العلم والمال سيأتي، لأن المال حاصل على كل حال، والثواب ينقص إذا أراد الإنسان بعمله الدنيا، ولهذا نقول في الجواب عما يورده بعض الإخوة من الإشكال يقول: كل هؤلاء الذين يدرسون في المدارس النظامية كلهم نيتهم باطلة وليس لهم أجر -أعوذ بالله! - هذا خطأ، خطأ عظيم، لأن هؤلاء الدارسين في المدارس النظامية يريدون أن يتوصلوا إلى شهادة تؤهلهم إلى توجيه الأمة، تؤهلهم أن يتبوءوا مقعداً يدرسون فيه، أو مقعداً قيادياً يوجهون فيه من إدارة أو غيرها، وهذه نية صحيحة يثاب عليها العبد. ولذلك أقول: ينبغي للذين يدرسون هؤلاء أن يوجهوهم إلى هذه النية: أنهم يريدون بطلب العلم الوصول إلى مراتب لا تحصل لهم إلا إذا حصلوا على الشهادة، وهم يريدون من هذه المراتب أن يتوصلوا إلى نفع الناس بالتدريس والتوجيه والإدارة وغير ذلك، وهذه نية لا شك أنها نية سليمة، وليس من نواها مريداً للدنيا إنما أراد المصلحة العامة.

نصيحة لمن منع أولاده من الدراسة

نصيحة لمن منع أولاده من الدراسة Q ما حكم طلب العلم علماً أن والدي رفض ذهابي للمعاهد بسبب حاجته لي، وأخي مدرس في المنطقة التي فيها والدي؟ A أرى أن الوالد أخطأ في منع ولده من دخول المعاهد؛ لأننا في عصر لا ينتفع به الإنسان ولا ينفع غيره إلا إذا نال الشهادة، فمشورتي لهذا الرجل: أن يدع أولاده يدرسون في ما يناسب حالهم من معاهد أو مدارس أو غير ذلك مما علمه علم نافع، وإذا كان محتاجاً إلى خدمة فبإمكانه إن كان الله قد أغناه أن يستجلب خادماً يكون عنده يقضي حاجته، أما أن يحرم ولده العلم من أجل أنه محتاج إليه فهذا فيه شيء من الضرر على الابن.

حكم مس المصحف للأطفال

حكم مس المصحف للأطفال Q فضيلة الشيخ: هل يجب على مدرس القرآن للطلاب الصغار أن يلزمهم بالطهارة قبل مس المصحف في حصة القرآن الكريم إذا كان ذلك قد يؤدي إلى ضياع جزء من وقت الحصة؟ A الصحيح أن الصغار يتساهل فيهم بالنسبة لمسّ المصحف، أولاً: لأنهم غير مكلفين، وثانياً: أن بعضهم قد لا يعرف يتوضأ كالذين في الابتدائي، وثالثاً: أنه ربما تضيع الحصة كما قال السائل، فليحثهم على الوضوء ويقول: لا تأتوا إلا متوضئين، ولكن يسترخي معهم بعض الشيء، وإذا علم أن الطالب استأذن ليتوضأ وأن الطالب بريء ونزيه لا يريد أن يتحيل على الخروج من الفصل فليأذن له.

مفهوم هيبة الطلاب من المدرس

مفهوم هيبة الطلاب من المدرس Q فضيلة الشيخ: ذكرت وفقك الله هيبة المربي، ولكن بعض المدرسين يفهم أن الهيبة في الشدة والضرب وغيره، فيهابه الطلاب لكن مع الكراهة له فلا يأخذون عنه علماً بسبب كرههم له، فما رأي فضيلتكم وما توجيهكم؟ A أنا قلت: إنه ينبغي للإنسان أن يتخذ لنفسه شخصيةً مهيبة، لا أن يكون شديداً؛ لأن الذي يريد أن يكون مهيباً في الشدة والضرب لا يكون مهيباً، يستغل الطلاب غفلته في أي لحظة ويقومون باللعب والفوضى، لكن إذا كان شخصية بمعنى: أنه يري الطلاب أنه رجل جدي لا يريد اللعب فإنه يكفي من ذلك أن يلتفت إليهم بغضب ويصمت هكذا كأنه يريد أن يستنكر ما هم عليه فيكون بهذا قد قوى شخصيته، أما الضرب فالضرب كما نعلم ممنوع إلا ما دعت الضرورة إليه، وليس هو الذي يجعل الإنسان مهيباً وإنما يجعل الإنسان مخوفاً، ولا يكون محبوباً عند الناس، لكن الهيبة شيء والرهبة شيء آخر.

حكم إقامة الجمعيات بين الموظفين ووجوب الزكاة فيها

حكم إقامة الجمعيات بين الموظفين ووجوب الزكاة فيها Q فضيلة الشيخ: نحن مجموعة من المعلمين في مدرسة واحدة اتفقنا على عمل جمعية تعاونية من خمسة آلاف ريال، واتفقنا على ترتيب معين بتواريخ معينة، ومكتوب لكل واحد منا متى سيستلم هذا المبلغ، مع العلم أن كل فرد منا سيأخذ ما دفعه لزملائه عند حلول دوره في الاستلام دون زيادة أو نقصان، ولكن اعترض علينا بعض الحاضرين ونقل لكم فتوى تقضي بعدم جواز هذه الطريقة من الجمعيات معللاً ذلك بقوله: لا تشترط أو تحدد تاريخ دورك في استلام المبلغ لأن في ذلك ريح ربا -كما يقول صاحبنا- بل ضعوا قرعة بينكم بالأرقام وكل واحد منكم يسحب ورقة ويكون ترتيبه حسب الرقم الموجود وبذلك تكون مباحةً وحلالاً، السؤال يا فضيلة الشيخ: ما حكم هذه الطريقة وما صحة الفتوى؟ وهل تجب فيها إذا كانت صحيحة الزكاة؟ A أما الفتوى فلا أعلم عنها مع أنها منسوبة إلي، ويعني هذا أنها غير صحيحة وأنها كذب. أرى أن هذه الطريقة طريقة سليمة، أعني: أن يجتمعوا على أن يجعلوا لكل واحد خمسة آلاف ريال أو ألف ريال أو أقل أو أكثر يدور عليهم، لأن في ذلك تعاوناً وتكاتفاً، ربما يحتاج أحد المدرسين أو أحد الموظفين في هذا الشهر إلى عشرين ألف ريال مثلاً ولا يستطيعها، فيكون عليه الدور فيأخذها بالقرض، وليس هذا من باب القرض الذي جر نفعاً كما توهمه بعض الناس لأن كل واحد من المقرضين لم يأته أكثر مما أقرض، أقرض ألفاً فرد إليه ألف. وأما كون كل واحد قد علم أنه سوف يستقرض إذا أقرض فهذا لا بأس به، وهذا من العدل أن يكون كل واحد منا إذا أقرض اليوم استقرض هو غداً. أما ترتيب البدء فهذا يرجع إلى ما يراه المجتمعون على هذه الجمعية، قد يرون أن من الأفضل أن ترتب على الحروف الهجائية، فمثلاً يكون إبراهيم قبل أحمد، ويكون علي قبل محمد وهكذا، وقد يرون أن من المصلحة أن يبدأ بالأحوج فالأحوج، وقد يرون أن من المصلحة إذا طرأت حاجة لشخص منهم وهو لم يأخذ نصيبه أن يبدأ به، كما لو احتاج إلى مهر أو غرامة في حادث أو غير ذلك، المهم أن ترتيب الاستقراض هذا يرجع إلى الإخوة أنفسهم، فليصنعوا فيه ما شاءوا. والدين هذا فيه الزكاة؛ لأنه دين مؤجل باختيار صاحبه، والدين المؤجل باختيار صاحبه فيه الزكاة.

حكم بطاقة السحب في شراء الذهب

حكم بطاقة السحب في شراء الذهب Q فضيلة الشيخ: كثر في هذه الأيام استعمال بطاقة السحب الفوري والتي يتم عن طريقها سحب المبلغ المطلوب من الحساب الخاص للعميل في البنك من أي محل تجاري، وقد أشكل علينا عملية السحب مقابل شراء الذهب، فالسؤال يا فضيلة الشيخ: هل يجوز استعمالها لشراء الذهب أم أن في ذلك شبهة، علماً أن القصد من استعمالها الحد من حمل النقود في الأسواق لما تعلمون من المخاطر خصوصاً مع النساء؟ الشيخ: لا بأس، الذي فهمته الآن وربما فهمتوه أنتم: أن المشتري يأتي إلى صاحب الدكان يشتري منه الذهب، ثم يحول في نفس الوقت من حساب المشتري إلى حساب البائع، هؤلاء يعتبر أنهم تقابضوا قبل التفرق، وهذا هو الواجب، فهذه العملية لا بأس بها.

حكم تجاوز الميقات لمن أراد العمرة

حكم تجاوز الميقات لمن أراد العمرة Q فضيلة الشيخ: خرجنا من الدمام وفي نيتنا أن نؤدي العمرة، فمررنا بـ القصيم ثم بـ المدينة ثم تجاوزنا الميقات ولم نحرم وذلك لأن في نيتنا البقاء في الطائف لمدة خمسة أيام، ثم بعدها نذهب إلى الميقات وهو السيل، فذهبنا وأحرمنا من السيل ونزلنا إلى مكة وأدينا العمرة، فما حكم فعلنا هذا، هل علينا فدية أم لا علماً أننا يوم ذلك كنا نجهل أنه لا يجوز تجاوز الميقات دون إحرام؟ A نسأل: هل نية هؤلاء الإخوة أن يذهبوا إلى الطائف أو أن يذهبوا إلى العمرة؟ إذا كانت نيتهم أن يذهبوا إلى الطائف فيعني ذلك: أنهم مروا المدينة في طريقهم إلى الطائف لا إلى مكة فيحرمون من السيل، وأما إذا كانوا إنما أرادوا العمرة فإنه يجب عليهم أن يحرموا من ذي الحليفة التي تسمى أبيار علي، وإذا أخروا الإحرام إلى الطائف فإن عليهم عند أهل العلم فدية على كل واحد لتركه واجب الإحرام، إلا من لم يكن قادراً فإن الله تعالى يقول: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق:7] {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] فمن ليس قادراً على ذبح فدية فليس عليه شيء.

حكم الزواج بنية الطلاق

حكم الزواج بنية الطلاق Q فضيلة الشيخ: أريد السفر إلى بلاد الكفار من أجل الدراسة الأكاديمية فكيف أحصن نفسي؟ علماً أني متزوج ولا يمكن أن أصطحب أهلي معي، فهل يجوز الزواج بنية الطلاق حتى تنتهي فترة الدراسة؟ ثم ماذا سيكون مستقبل الذرية في هذه الحال؟ A أسأل هذا السائل: لماذا لا يمكن أن يصطحب زوجته معه؟ في ظني أنه ليس هناك شيء مستحيل، حتى لو كانت الزوجة تحتاج إلى إكمال دراستها فيمكن أن تكمل هناك، أو على الأقل تطلب التأجيل لمدة سنة أو سنتين، لكن إذا قدرنا أن المسألة غير ممكنة لسبب أو لآخر فإن الواجب عليه أن يصبر ويحتسب كما أمره الله: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] وهذا كالذي لا يجد النكاح. وأما التزوج بنية الطلاق فهذا وإن كان ليس من المتعة على ما يظهر فإن فيه غشاً للمرأة وأهلها، إذ لو علموا أنه سيطلق إذا فارق ما زوجوه، ثم إن المشهور من مذهب الحنابلة: أن هذا حرام - أي: الزواج بنية الطلاق - وقالوا: إنه نوى المتعة؛ وهي النكاح المؤجل، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) . أما على رأي من يصحح هذا النكاح: فالأولاد أولاد شرعيون يكونون مع أبيهم، لكن نسمع أن قوانين تلك البلاد لا يمكن أن يذهب الأب بأولاده ما دامت الأم تطالب ببقائهم معها، وهذا يعرضهم إلى أن يعتنقوا الدين الذي عليه أمهم.

حكم صلاة المغمى عليه

حكم صلاة المغمى عليه Q فضيلة الشيخ: والدي مريض منذ عدة سنوات بتليف الكبد، وعند وصول المرض إلى مراحله الأخيرة وبالتحديد قبيل صلاة الفجر سألني عن دخول وقت الصلاة، وبعد دخول وقتها أبلغته فتيمم وصلى، ولا أعلم كم ركعة صلى، ثم بعد ذلك دخل في غيبوبة حتى توفاه الله بعد صلاة العصر حيث لم يصل الظهر والعصر للسبب المذكور، أفدني جزاك الله خيراً: هل نقضي صلاة الظهر والعصر عنه؟ A إذا أغمي على المريض وفقد الوعي فإنه لا صلاة عليه سواء توفى أو عافاه الله، فلو قدر أن المريض أغمي عليه لمدة يوم أو يومين أو شهر أو شهرين ثم أفاق فإنه لا قضاء عليه، ولا يمكن أن يقاس الإغماء على النوم؛ لأن النائم يمكن أن يستيقظ إذا أوقظ، والمغمى عليه لا يمكن، فهو في حال بين الجنون وبين النوم، والأصل براءة الذمة، وعلى هذا فيكون من أغمي عليه لمرض أو حادث فإنه لا يقضي الصلوات قلت أو كثرت، أما إذا أغمي عليه للبنج الذي استعمله باختياره ولكنه لم يصح بعد البنج إلا بعد يومين أو ثلاثة فعليه أن يعيد الصلاة؛ لأن هذا حصل باختياره.

الإسراف في شراء الأدوات المدرسية

الإسراف في شراء الأدوات المدرسية Q تكلمتم عن شراء الأدوات المدرسية فأحب من فضيلتكم أن تبينوا لنا وتوجهونا وخاصة أولئك النساء اللاتي يسرفن في اختيار الأدوات المدرسية، فتجد بعضهم ربما تجد ما قيمته بعشرة فتشتريه بعشرين من باب المفاخرة، أرجو توجيه كلمة من فضيلتكم في هذا الأمر، وما هو ضابط الإسراف؟ A هذا سؤال جيد يتضمن شيئاً واحداً وأنا أضيف إليه شيئاً آخر، الشيء الذي يتضمنه هذا السؤال الإسراف في الأدوات المدرسية، وهذا محرم؛ لأن الله تعالى قال: {وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام:141] هذه الأدوات المدرسية لها عمر محدود بانتهاء الدراسة، ثم تلقى في الزبالة، فكيف تبذل المال الذي هو قوام الحياة في أمر منتهاه الزبالة؟! أما الإسراف: فإنه مجاوزة الحد، وعلى هذا ربما نقول: هذا الثوب للرجل إسراف، وهذا الثوب لرجل آخر ليس بإسراف ذلك على حسب الحال، فالإسراف مجاوزة الحد. أما الشيء الذي أريد أن أضيفه: هو أننا سمعنا أن بعض الأدوات المدرسية يكون فيها الصلبان، ويكون فيها آلة اللهو من المعازف وغيرها، إما في الأقلام وإما في المساطر، وإما في التكايات، وإما في الدفاتر، وهذه لا ينبغي للإنسان أن يشتريها لأولاده، بل التي فيها الصليب شراؤها محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يدع شيئاً فيه صليب إلا كسره، فانتبهوا لهذا؛ لأن أعداءكم يصورون هذه الأشياء حتى يألفها الصغير ويرى أنه لا بأس بها، فاحذروا هذا، الدفاتر -والحمد لله- كثيرة ليس فيها هذا الشيء، وإذا قدر أنك لم تجد إلا هذا فاخلع الورقة الأولى التي فيها هذه التصاوير وأبدلها بورقة أخرى لا محظور فيها. أما بالنسبة لأصحاب المكتبات فإنني أحذرهم من أن يشتروا هذه الأشياء ويبيعوها على إخوانهم.

أخذ المدرس من الطلاب بعض الأشياء الثمينة

أخذ المدرس من الطلاب بعض الأشياء الثمينة Q فضيلة الشيخ: هل يجوز للمدرس أن يأخذ من بعض الطلاب أشياء قد تكون ثمينة يعبثون بها في الفصل أثناء الشرح فيجعلها للمدرسة؟ A هذا مبني على جواز العقوبة بالمال، من العلماء من يقول: إنه لا تجوز العقوبة بأخذ المال أبداً إلا ما ورد به النص، ومنهم من يقول: إن العقوبة بالمال جائزة، وهذا هو القول الراجح، لكن إذا وجد مع الطلاب شيئاً يعبثون به وقد حذرهم مثلاً على السبورة أو في لافتة أو في غير ذلك: أن أي إنسان يأتي بشيء يلعب به فإنه سوف يصادر فحينئذ له أن يصادر، لكن إذا كان الشيء ثميناً وكان الطالب فقيراً -مثلاً- فهنا ينبغي أن يبقى محفوظاً في المدرسة، وعند نهاية العام يسلم للطالب أو وليه.

الفتنة الواقعة بسبب خروج النساء بمفردهن إلى الأسواق

الفتنة الواقعة بسبب خروج النساء بمفردهن إلى الأسواق Q فضيلة الشيخ: كثر في هذا الزمان من بعض أولياء الأمور ترك أهليهم وذويهم في الأسواق لوحدهن بدون محارم، أو ذهابهن مع السائق لوحدهن، أو ذهابهن إلى المدرسة بدون محارم، ويلاحظ انتظار بعضهن لأوليائهن لأوقات طويلة بعد فراغهن من التسوق لوحدهن، فما توجيهك بهذه المناسبة وفقك الله تعالى؟ A أرى أن الواجب على الإنسان أن يكون لديه غيرة على محارمه من زوجات أو بنات أو أخوات بل أو أمهات، وأن يحرص غاية الحرص على ألا تذهب المرأة وحدها، لا سيما إذا كانت شابة وذهبت إلى سوق يكتظ بالرجال، فإن ذلك خطر عليها وعلى غيرها، المرأة فتنة تفتتن هي ويفتتن بها، فعليه في هذه الحال أن يكون مصاحباً لها، لكن مع الأسف أن الغيرة ماتت عند الكثير من الناس، ألم تعلموا أن الرجل يأتي إلى الخياط فتنزل المرأة تكلم الخياط بما تريد والرجل جالس في السيارة لا يقف معها، وهذا مما يدل على ضعف الإيمان وموت الغيرة، كيف ترى أنك في السيارة وامرأتك أو ابنتك أو أختك تخاطب الخياط ربما بخطاب ما تدري هل هو من الخطاب الجائز أو من الخطاب المحرم، ربما تخضع بالقول فتقع فيما نهى الله عنه بقوله: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب:32] وهذه محنة عظيمة. والواجب على الإنسان أن يراعي أهله، وأن تحمله الغيرة على ألا يتهاون في هذا الأمر، كذلك بعض الناس يرسل ابنته أو أخته مع السائق وحده إلى المدرسة، وهذا حرام؛ لأن هذا هو من الخلوة بامرأة أجنبية، ومعنى أجنبية: ليست من محارمه، وهذا أعظم من الخلوة في حجرة؛ لأن هذا بإمكانه أن يؤزه الشيطان فيتفق مع البنت على أمر محرم ويذهب بها إلى ما شاء ويقضي وطره، ثم يعيدها إلى المدرسة أو يعيدها إلى أهلها إذا كان وقت الدراسة قد انتهى، فالمسألة خطيرة! ولا يحل للإنسان أن يرسل ابنته أو أحداً من محارمه مع سائق وحده.

حكم أخذ الإمام المقعد لراتبه

حكم أخذ الإمام المقعد لراتبه Q فضيلة الشيخ: إمام مسجد راتب تعرض لحادث سيارة فأصبح مقعداً على السرير قبل خمس سنوات، وما زال المسجد باسمه ويقول: إن الأوقاف عندها خبر من حاله. وقد يصلي عنه أحد أبنائه في إجازته فقط لأن الابن يعمل خارج المنطقة، وقد أناب عنه أحد القادمين بشرط، فما نصيحتك لهذا الإمام جزاك الله خيراً؟ A نصيحتي لهذا الإمام أن يتقي الله عز وجل، وألا يأخذ المال إلا بحقه، ولا يحل له أن يأخذ من بيت المال عوضاً لم يقم بأداء عمله، والواجب على هذا أن يقدم استقالته، وأن يدع المسجد لمن يستطيع أن يقوم به. ومسألة أن الأوقاف تعلم هذا لا يكون حجة له عند الله لأن الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء:29] وكل مال أخذه الإنسان على غير عوض في غير هبة وهدية ونحوها فإنه أكل للمال بالباطل. فنصيحتي للأخ هذا: أن يقدم استقالته، وأسأل الله تعالى أن يرفع عنه ما نزل به من مرض.

حكم وجود الصليب في ألعاب الأطفال

حكم وجود الصليب في ألعاب الأطفال Q فضيلة الشيخ: ظهرت ألعاب على الكمبيوتر فيها مسابقات يظهر فيها الصليب أحياناً، فما توجيهك وفقك الله؟ A توجيهي ما أشرت إليه قبل قليل من أنه يجب أن يطمس الصليب، أو يكسر إذا لم يكن طمس، واعلم أن الطفل الصغير إذا ألف النظر إلى الصليب وتردد عليه فإنه سوف يستهين به، وإذا كثر المراس قل الإحساس، فالواجب علينا أن نجنب أبناءنا كل ما فيه صلبان سواء مما يشاهد في الكمبيوتر، أو على السيارات الصغيرة التي يلعب بها الصبيان، فبعضها تجد عليها الصليب على جانبها أو خلفها، كل هذا يجب علينا أن ننزه أبناءنا منه.

حكم صلاة المأموم خلف إمام يخل بالصلاة

حكم صلاة المأموم خلف إمام يُخل بالصلاة Q فضيلة الشيخ: ابتلينا مؤخراً ببعض أئمة المساجد الذين يخففون الصلاة تخفيفاً بحيث يركع الإمام قبل إتمام المأموم للفاتحة، أو يرفع الإمام بعد التشهد الأول قبل إتمام المأموم لذلك، وربما يسلم قبل أن يؤدي المأموم الاستعاذة من الأربع المعروفة، فما الحكم بالنسبة للإمام والمأمومين جزاك الله خيراً؟ A أما بالنسبة للإمام فإن عمله هذا حرام عليه، قال أهل العلم: يحرم على الإمام أن يسرع سرعةً تمنع المأمومين فعل ما يجب، والواجب على الإمام أن يؤم الناس بمثل ما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يؤم أصحابه، وأن يعطي الناس مهلة، لكن بعض الناس -أي: بعض الأئمة- إذا رأى إقبال الناس عليه لكونه يخفف الصلاة أو يقدم في الإقامة اغتر بهذا، وذلك لا ينفعه عند الله يوم القيامة، والواجب عليه أداء الأمانة، وأن يصلي بالناس كما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي بأصحابه. أما بالنسبة للمأمومين فإذا كان لا يمكنهم أداء الواجب فإن عليهم أن يصلوا في مسجد آخر يمكنهم فيه أن يؤدوا الواجب، ولا يحل لهم أن يكونوا مع هذا الإمام الذي لا يمكنهم معه أداء الواجب، ولو حصل أن يسجلوا صلاته ثم يرفقوها إلى المسئولين عن إدارة المساجد من أجل أن يبدلوه أو يعدلوه لكان هذا خيراً.

الغش في الاختبارات

الغش في الاختبارات Q فضيلة الشيخ: أنا طالب في المرحلة الثانوية، وعندما اختبرنا مادة ما وفي أثناء الاختبار جاءتني إجابة ولكن لم أطلبها، فهل يعتبر هذا من الغش؟ A مجيء الإجابة على نوعين: النوع الأول: يدس إليه بعض زملائه ورقة، فهذا لا يجوز له النظر إليها. الوجه الثاني: أن يسمع أحداً يتكلم بالجواب الصواب فهل نقول: خذ به أو أهمله؟ يأخذ به لأنه رزق ساقه الله إليه، وأما الورقة فيمكن ألا ينظر إليها ويمزقها، لكن ما يسمع فإن له أن يأخذ به، ويكون هذا من الرزق الذي ساقه الله إليه. يبقى: هل يجوز لمن عرف الجواب من الطلبة أن يرفع صوته به من أجل أن يساعد إخوانه؟ أليس إعانة الرجل من الصدقة؟ إذا أعنت رجلاً على أي عمل مباح فهو من الصدقة، الجواب: بلى، من الصدقة، لكن هذا عمل غير مباح، فلا يجوز لأحد أن يساعد أخاه عند الامتحان بجواب صواب أبداً.

الوكالة لمن فقد عمله

الوكالة لمن فقد عمله Q فضيلة الشيخ: عندي مبلغ من المال لامرأة قد فقدت عقلها ولا يرجى برؤها، وفي كل سنة أخرج زكاة هذا المال، ومعنى هذا: أنه سيبقى هذا المال إلى ما دون حد الزكاة، فماذا أعمل؟ A يجب أن نعلم أن الوكيل إذا فقد الموكل عقله إما بتخلف عقلي لا يرجى برؤه وإما بجنون -والعياذ بالله- فإن وكالته تنفسخ، ولا يحل له أن يتصرف في المال لا بإخراج الزكاة، ولا ببيع ولا شراء ولا غير ذلك، أي: أن الوكالة تنفسخ إذا زال تصرف الموكل بجنون أو اختلال في التفكير، أو غير ذلك، أو إغماء لا يرجى زواله؛ وبناءً على هذا يجب على هذا الذي بيده مال هذه المرأة يجب أن يعطيه أهلها المسئولين عنها، أو يأخذ وكالة جديدة من المحكمة.

نواقض الإسلام وكفر تارك الصلاة

نواقض الإسلام وكفر تارك الصلاة Q فضيلة الشيخ: مما اشتهر عن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى أن نواقض الإسلام عشرة، فلماذا حصرها في هذا العدد؟ وفي أيها يدخل تارك الصلاة؟ A شيخ الإسلام رحمه الله ذكر نواقض الإسلام عشرة ليس على سبيل الحصر لكنه على سبيل التمثيل، يعني: من نواقض الإسلام هذه العشرة. وشيخ الإسلام رحمه الله عاش في زمن فيه الشرك، فذكر نواقض الإسلام باعتبار عصره، تحذيراً للناس من هذه النواقض، أما تارك الصلاة فإن الكتاب والسنة وإجماع الصحابة الذي نقله غير واحد كلها تدل على أن تارك الصلاة كافر ولو تهاوناً.

حكم الزواج بمال استدانه بالربا

حكم الزواج بمال استدانه بالربا Q فضيلة الشيخ: أنا شاب متزوج، ولقد استدنت مائة ألف ريال على أن أردها مائة وخمسين ألفاً، وهي لدفع المهر، مع العلم أن لدي أولاداً، فما حكم زواجي؟ وما الذي يجب علي أن أفعله؟ A أما الزواج فإنه صحيح إذا كان قد تمت شروطه، وأما أخذ مائة ألف بمائة وخمسين فهذا ربا، حرام، فعليه أن يتوب إلى الله تعالى مما صنع، فإن كان قد أدى الدين إلى صاحبه فعليه التوبة وأن ينوي أن يعزم على ألا يعود لمثل هذا، وإما إذا كان لم يسلم الربا إلى صاحبه فهذا يرجع إلى التعامل بينه وبين المرابي، وإذا رفعه إلى المحكمة فللمحكمة رأي فيه الخير إن شاء الله. جزى الله عنا والدنا وشيخنا خير الجزاء، ونفعنا بعلمه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.

اللقاء الشهري [49]

اللقاء الشهري [49] قدر الله جل وعلا أن يحدث هذا اللقاء بعد حدوث كسوف للشمس، فتكلم الشيخ عن أحكام صلاة الكسوف من حيث الأسباب والكيفية والزمان، ثم ألقى نصيحة لطلاب العلم، ووجههم فيها إلى خلق التواضع والصبر على الطلب، وأن يكونوا قدوة في عملهم. وأجاب في لقائه عن عدد من الأسئلة في الصلاة، وصلاة الكسوف خاصة، وعن أسئلة أخرى متعددة في المعاملات والعبادات.

صلاة الكسوف أسبابها وحكمها وكيفيتها

صلاة الكسوف أسبابها وحكمها وكيفيتها الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو لقاؤنا الشهري الذي يتم كل شهر في هذا المسجد الجامع الكبير بـ عنيزة، ويكون في السبت الثالث من كل شهر، وهذه الليلة هي ليلة الأحد العشرين من شهر جمادى الأولى عام ثمانية عشر وأربعمائة وألف. أمامي الآن فكرياً موضوعان: الموضوع الأول: صلاة الكسوف، أسبابها، وحكمها، وكيفيتها.

أسباب الكسوف

أسباب الكسوف أسباب الكسوف نوعان: نوع شرعي لا يطلع عليه إلا بالوحي، ونوع طبيعي يطلع عليه علماء الفلك ويعرفونه ويقدرونه بحساب لا يزيد دقيقة ولا ينقص دقيقة، وهذا السبب الفلكي معلوم عند العلماء، تكلم فيه العلماء قديماً كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، وبينوا أن هذه الأسباب معلومة يعرفها أهل الفلك وعلماء الهيئة - يعني: علماء الفلك - ويقدرونها ستكون في الساعة الفلانية في اليوم الفلاني أو في الليلة الفلانية؛ وذلك لأن جريان الشمس والقمر بتقدير العزيز العليم عز وجل لا يختلف، ولا يمكن أن يتقدم أو يتأخر، قال الله تبارك وتعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس:38-40] . هذه الأسباب الطبيعية قد لا يتكلم عنها الوحي من الكتاب والسنة بكلام كثير؛ لأنها موكولة إلى العلم وتقدمه، وليست ذات فائدة كبيرة. أما السبب الثاني - السبب الشرعي - الذي لا يطلع عليه إلا بالوحي فهذا هو المهم، وهذا السبب الشرعي لا يعرفه هؤلاء الفلكيون، بل هم من أجهل الناس به. السبب الشرعي: هو عقوبات انعقدت أسبابها، ولكن الله سبحانه وتعالى برحمته رفعها عن العباد وخوفهم منها بهذا الخسوف سواء في الشمس أو في القمر فأسبابها عقوبات انعقدت أسبابها، فكسفت الشمس أو القمر تخويفاً للعباد وإنذاراً لهم. نحن لا يمكن أن ندرك هذا بحساب ولا بتفكير، لا يدرك هذا إلا عن طريق الوحي، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبرنا فقال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته) وكانوا في الجاهلية يعتقدون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم أو حياة عظيم، وسبحان الله الحكيم العليم صادف كسوف الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم اليوم الذي توفي فيه إبراهيم رضي الله عنه، إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فماذا قال الناس؟ قالوا: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فأبطل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه العقيدة، أبطلها إبطالاً تاماً؛ لأن الأفلاك والعالم العلوي لا تتأثر بما يكون في العالم السفلي أبداً، فالأفلاك العليا لا تتأثر بما يكون في العالم السفلي، ولذلك تحدث الحروب والأوبئة وغيرها من الفضائل العظيمة لكن هل تتأثر الأفلاك بذلك؟ لا: تكون الزلازل وتكون الحروب ويكون الفقر والأمراض وغيرها، لكن الشمس هي الشمس، والقمر هو القمر، والنجوم هي النجوم، وسيرها هو سيرها، بل الغمام هو الغمام، والمطر هو المطر، لكن الله عز وجل يحدث في العالم العلوي ما يكون سبباً لتخويف العالم السفلي وهو الكسوف. أما السبب الطبيعي فهو معلوم عند علماء الفلك يعرفونه بالساعة والدقيقة، والليل والنهار، لكن هذا لا يعنينا كثيراً، والذي يعنينا كثيراً ويهمنا هو الذي لا يعلم إلا عن طريق الوحي وهو السبب الشرعي.

حكم صلاة الكسوف

حكم صلاة الكسوف أما حكم الصلاة - أعني صلاة الكسوف - فإن أكثر العلماء على أنها سنة، ولكن الصحيح أنها واجبة إما على الكفاية وإما على الأعيان. على الكفاية بمعنى: أنه إذا قام بها بعض أهل البلد حصل المقصود، أو على الأعيان بمعنى: أنه يجب على كل واحد أن يصلي صلاة الكسوف، ولكن الأرجح أنها واجبة على الكفاية، وأنه لا يمكن لأهل البلد ألا يقيموا صلاة الكسوف، فإن فعلوا فهم آثمون. الدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فزع للكسوف فزعاً عظيماً، وخرج مسرعاً حتى إنهم لحقوه بردائه عليه الصلاة والسلام، ووضعوه على كتفه وجعل يجر رداءه من هول الفزع، وأتى إلى المسجد وأمر منادياً أن ينادي "الصلاة جامعة" واجتمع الناس، وكان يوماً حاراً، اجتمعوا وصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاةً غريبة، لا نظير لها في الصلوات، وشاهد في هذه الصلاة ما لم يكن يعلمه من قبل، ورأى الجنة ورأى النار، ورأى ما توعد به هذه الأمة، وكشف له عن عذاب القبر حصل أمور عظيمة جداً جداً!! مما يدل على أهميتها، وأنها لها شأن عظيم، لا يمكن أن يبلغنا ما حصل من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم نقول: هي سنة من شاء صلى ومن شاء لم يصل، أبداً. ثم أمر بالفزع إلى الصلاة، وبالذكر، والدعاء والتكبير، والاستغفار، والصدقة والعتق، كل هذا وقع من الرسول عليه الصلاة والسلام، فصلاة احتفت بها هذه القرائن العظيمة لا يمكن أن نقول: إنها سنة بل هي فرض كفاية. إذاً: صلاة الكسوف فرض كفاية، ومعنى فرض الكفاية: أنه يجب على أهل البلد أن يصلوا، وإذا حصل العدد الذي يكفي في إقامة الصلاة فإنها تسقط عن الباقين، أما أن يدعها أهل البلد ويأتي الكسوف ويمر وكأنه سحاب مر على الأفق فهذا لا يمكن أن يقع.

كيفية صلاة الكسوف

كيفية صلاة الكسوف أما كيفيتها: فلها زمان ولها مكان ولها هيئة. زمانها: من حين أن يظهر أثر الكسوف فهناك تشرع الصلاة، فإن قدر أن الكسوف يسير ولم يتبين أي: لم ينكسر به نور الشمس أو القمر فإنها غير مشروعة، حتى لو علمنا من ناحية العلم الفلكي أنه سيكون كسوف ولكن لم يتبين فإنه لا يشرع الكسوف؛ لأنه لا عمل على الحساب، لا بد أن يتبين انكسار النور، فمن حين يتبين يفزع الناس إلى الصلاة إلى أن ينجلي، فإذا انجلى فلا صلاة، فلو قدر أن الكسوف وقع في آخر الليل والناس نائمون، ولما استيقظوا وإذا قد بقي جزء يسير حتى ينجلي، وقد زال أثر الكسوف فهنا لا تشرع الصلاة لأنه زال السبب (انتهى الزمن) وهي لا تقضى إذا فاتت لأنها من ذوات الأسباب، وكل صلاة لها سبب إذا فات سببها فإنها لا تقضى. أما المكان: فمكانها الجوامع، تصلى في الجوامع، هذا هو الأفضل، لأن الناس في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اجتمعوا في مسجد واحد، ولهذا قال العلماء: الأفضل في صلاة الكسوف أن تقام في المسجد الجامع، يعني: الذي تصلى فيه الجمعة، لكن إذا قدر أن المساجد الأخرى فيها عجزة، فيها شيوخ، عندهم كسل، وأقاموا صلاة الكسوف في مساجدهم فلا بأس لأن عمل الناس عليه من زمان قديم، لكن إذا أمكن أن يجتمع الناس في الجوامع فهذا أفضل وأحسن. أما كيفيتها: فإنها أولاً: لها نداء -أذان- لكنه ليس كالأذان المعتاد، بل يقال: الصلاة جامعة؛ حتى يجتمع الناس، تكرر هذه الكلمة بقدر ما يغلب على الظن أن الناس بلغهم ذلك، يعني: مرتين، ثلاثاً، أربعاً، خمساً، حسب الحال، قد يكون الناس في الليل نائمين فنزيد التكرار، وقد يكون في النهار والنهار ضجة وأصوات وصخب فنزيد في ذلك حسب الحال، لكن الثلاث هي الأصل، وما زاد فبحسب الحاجة، وإنما قلت: إن الثلاث هي الأصل لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا تكلم تكلم ثلاثاً، وإذا سلم سلم ثلاثاً حتى يُبلغ. ثم يحضر الناس، ويتقدم الإمام ويصلي بهم صلاةً جهرية حتى في النهار، لأن الصلاة النهارية الأصل فيها أنها سرية؛ لكن إذا كانت صلاةً ذات اجتماع صارت جهرية، كل صلاة يجتمع الناس عليها جميعاً في النهار فإنها تكون جهرية، انظر إلى العيد فإنها جهرية، والجمعة جهرية، والاستسقاء جهرية؛ لأن الناس يجتمعون، فإذا اجتمعوا فإنه من الحكمة أن يكونوا على قراءة الإمام يستمعون إليها جميعاً، فكل صلاة ذات اجتماع عام فإنها جهرية، أقصد في النهار أما الليل فكل صلاة جهرية. فيكبر ويستفتح: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك) وهناك استفتاح آخر: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب -يعني: فلا أفعل الخطايا، اجعلها عني بعيدة- اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس -أي: اجعلني نقياً منها، لا تعلق بي كما لا يعلق الوسخ بالثوب الأبيض- اللهم اغسلني من خطاياي -بعد التنقية غسل لإزالة الأثر نهائياً- بالماء والثلج والبرد) إذاً فليستفتح إما بالأول: (سبحانك اللهم وبحمدك. إلخ) وإما بالثاني: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي.) . ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة طويلة طويلة، قدرها الصحابة رضي الله عنهم بنحو سورة البقرة، ثم يركع ركوعاً طويلاً طويلاً طويلاً، لكن ماذا يقول في الركوع؟ لأنا فهمنا أنه في القيام يقرأ، لكن في الركوع ماذا يقول؟ يقول: سبحان ربي العظيم، يكررها، ولو كررها ألف مرة، ويقول أيضاً: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) ويقول: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في الركوع: (عظموا فيه الرب) فأكثر من تعظيم الله. ثم يرفع، وإذا رفع قال: سمع الله لمن حمده حين رفعه ويقول: ربنا ولك الحمد إذا استقام، إلا المأموم فيقول: ربنا ولك الحمد في حال الرفع، ثم يقرأ الفاتحة وسورةً طويلةً طويلةً لكنها دون الأولى. ثم يركع ركوعاً طويلاً طويلاً لكنه دون الركوع الأول، ثم يرفع قائلاً: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ويطيل القيام بقدر الركوع، ماذا يقول في القيام وهو طويل؟ يحمد الله، هذا القيام محل حمد، يقول مثلاً: (ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) ويكرر الحمد: (اللهم لك الحمد، أنت رب السماوات والأرض، اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض، اللهم لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض) وما أشبه ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في الركوع (عظموا فيه الرب) هذا في الركوع، ثم في القيام بعد الركوع ما ذكر شيئاً معيناً لكنه عليه الصلاة والسلام جعله محلاً للحمد. ثم يسجد السجدة الأولى ويطيل ويطيل ويطيل، ويقول: (سبحان ربي الأعلى) لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (اجعلوها في سجودكم) ويكرر الدعاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فَقَمِنٌ - أي: حري - أن يستجاب لكم) أكثر من الدعاء، هذا السجود يكون بقدر الركوع. ثم يقوم من السجدة الأولى ويجلس بين السجدتين جلوساً بقدر السجود، وماذا يقول؟ يقول: (رب اغفر لي، وارحمني، وعافني، وارزقني، واجبرني، واهدني) ويكرر من الاستغفار؛ لأن هذا الجلوس جلوس استغفار فليكرر، كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستغفر الله ويتوب إليه في كل يوم مائة مرة. ثم يسجد السجدة الثانية ويطيل السجدة، ثم يقوم إلى الركعة الثانية ويقرأ فيها، لكن قراءته دون قراءته الأولى، وركوعه دون ركوعه الأول، وقيامه بعد الركوع دون قيامه الأول، وسجوده دون سجوده الأول، وجلوسه بين السجدتين دون سجوده الأول، والسجود الثاني دون السجود في الركعة الأولى، ثم يتشهد ويكمل ويسلم. فلو انتهت الصلاة والخسوف باق، لم تنجل الشمس أو لم ينجل القمر، فماذا يصنع الإنسان؟ قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (صلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم) ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم انصرف من الصلاة وقد تجلت الشمس، فإذا أنهينا الصلاة والكسوف باق فالباب مفتوح -ولله الحمد- ماذا نصنع؟ نستغفر الله وندعو الله حتى ينجلي. ثم (حتى ينجلي) هل المراد حتى يزول بالكلية، أو نقول: إذا بدأ الانجلاء فقد زال التخويف؟ ظاهر النصوص أنه إلى الانجلاء نهائياً تبقى تدعو الله، تستغفر الله، تذكر الله، تكبر الله حتى ينجلي.

مسائل في صلاة الكسوف

مسائل في صلاة الكسوف المسألة الأولى: لو أن شخصاً دخل والإمام قد رفع من الركوع الأول وأدرك الركوع الثاني أيكون مدركاً لركعة أو لا؟ A لا، ليس مدركاً للركعة، فإذا دخلت مع الإمام في الركعة الأولى لكنه قد فاتك الركوع الأول منها فإذا سلم الإمام تأتي بركعة، لكن هل تأتي بركعة مبتورة - أي: ليس فيها إلا ركوع واحد - أو بركعة فيها ركوعان؟ الجواب: بالثاني، لا بد أن تأتي بركعة فيها ركوعان؛ لأن الركعة الأولى فاتتك، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) إذاً لا بد أن تأتي بالركعة التي فاتتك على صفتها: ركوعان في الركعة وسجودان. المسألة الثانية: لو أن الإنسان خفف الصلاة هل يكون قد أتى بالواجب؟ الجواب: نعم أتى بالواجب، لكن الأفضل أن يطيل، والدليل أنه أتى بالواجب: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) وهذا قرأ، وقوله للرجل: (اركع حتى تطمئن راكعاً) وهذا اطمأن، فيجزئ لكن الأفضل الإطالة كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. المسألة الثالثة: هل يقال للنساء في البيوت، أو لمن كان في بيته لمرض وعجز، هل يقال: صلوا أو لا؟ الجواب: يقال: صلوا لعموم الحديث: (صلوا وادعوا) فيقال لهؤلاء: صلوا في البيوت، ولا بأس أن تصلوا جماعة -أيضاً- كما لو فرض أن النساء فيهن امرأة قارئة أمتهن فلا بأس؛ لأن الحديث عام يشمل صلاتها في المساجد وصلاتها في البيت، لكن سبق لنا أنه بالنسبة للرجال الأفضل أن يصلوها في الجوامع. المسألة الرابعة: إذا مر الإنسان بآية السجدة في صلاة الكسوف هل يسجد ويطيل السجدة، أو يسجد سجدة خفيفة كالعادة؟ الظاهر الأول: أنه إذا سجد للتلاوة يطيل سجدة التلاوة كما أطال سجدة الصلاة؛ وذلك من أجل أن تكون الصلاة متناسبةً؛ لأن سجود التلاوة داخل الصلاة حكمه حكم سجود الصلاة، فينبغي أن يكون طويلاً متناسباً. المسألة الخامسة: هل ينبغي لنا إذا علمنا متى يكون الكسوف أن نخبر الناس بذلك ليستعدوا للصلاة، أو الأفضل ألا نخبرهم؟ الجواب الثاني: ألا نخبرهم؛ لأن كون الشيء يأتي والإنسان مستعد له يقلل من هيبته ومن خوف الإنسان، لكن إذا جاء بغتة صار له وقع في النفس، ولذلك ترى الناس الذين علموا بوقت الكسوف تراهم يترقبونه، يتراءون القمر ويتراءون الشمس كما يتراءون الهلال، يعني: أن المسألة باردة عندهم، فكون الناس لا يعلمون إلا حين وقوعه لا شك أنه أعظم مخافة وأعظم هيبة، ولهذا إذا علمت به فلا تحرص على الإخبار به لا أهلك ولا لغير أهلك. أسأل الله تعالى أن يقينا وإياكم شر عقوباته، وأن يعيذنا وإياكم من سخطه وعقابه، إنه على كل شيء قدير.

نصائح لطلاب العلم

نصائح لطلاب العلم أما الموضوع الثاني في هذا اللقاء فهو موضوع مهم بالنسبة لطالب العلم.

القدوة في العلم والعمل

القدوة في العلم والعمل طالب العلم يحاول أن يرث أعظم ميراث ورثه الإنسان وهو ميراث النبوة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إن العلماء ورثة الأنبياء) فالعلماء حقاً هم الذين ورثوا الأنبياء علماً وعبادةً وخلقاً ودعوة، ولهذا يجب على أهل العلم ما لا يجب على غيرهم في العبادات، في الأخلاق، في المعاملات؛ لأن الناس يقتدون بهم، يقتدون بهم تماماً حتى إن بعض الناس يجلس إلى العالم وهو يصلي - مثلاً - ويحصي عليه حركاته وسكناته، ولما كبر ابن عمر رضي الله عنهما صار لا يجلس للصلاة مفترشاً فقال له أحد أبنائه: [يا أبت كيف هذا الجلوس؟ فقال: إن رجليِّ لا تقلاني] فانظر إلى نظرة الناس إلى العالم، يحصون عليه حتى فعله حتى تركه. لذلك يجب على طلبة العلم أن يكونوا مثالاً طيباً حسناً في كل شيء، حتى يكونوا قدوةً صالحة، وحتى يحترمهم الناس، فمن ذلك مثلاً: التواضع، التواضع واجب على كل أحد، وهو على أهل العلم وطلبة العلم أوجب وأوكد، ولكن مع الأسف أن بعض طلبة العلم ليس عندهم هذا الخلق، بل منهم من لا يكلم الناس إلا بأنفه، ولا يسلم على الناس، وإذا سلموا عليه رد عليهم رداً ضعيفاً، وهذا خطأ، الواجب على طالب العلم أن يكون نوراً يهتدى به.

فوائد الصبر على التعلم

فوائد الصبر على التعلم كذلك أوصي طلبة العلم بأمر آخر: وهو الصبر، الصبر على ماذا؟ الصبر أولاً على العلم، بالمثابرة والمتابعة وتقييد فرائد الفوائد التي تمر بك وتقول في نفسك: هذه فهمتها وحفظتها، لكن سرعان ما تنساها، قيد الفوائد ولا سيما القواعد والأصول حتى تبقى معك، لا تفرط فيها أبداً، لا تعتمد على نفسك حين سماعها لأنك تسمعها وفي هذه الحال تقول: هذه ما تنمحي من ذهني، ولكن سرعان ما تنمحي، فقيد. وكان طلبة العلم الذي سبقونا في الطلب كان الواحد معه دفتر في جيبه كلما عن له شيء قيده، لأن الإنسان أحياناً يتدبر ويفكر في آية أو حديث أو كلام للعلماء ثم يتبين له فوائد عظيمة جداً، وإذا لم يقيدها طارت ولم يستفد؛ لذلك أوصيكم بالصبر في طلب العلم، والمثابرة والتقييد، واعلم أن تقييد العلم من أسباب الحفظ، كنا في زمن الطلب إذا أردنا أن نحفظ شيئاً كتبناه، الكتابة لا شك أنها تعين على الحفظ، وأن كتابة واحدة تغني عن تردادها عشرين مرة، فاصبر على طلب العلم، لا تمل، لا تقل ما حصلت. عندنا أناس أتوا إلى العلم وكانوا في الحلقات، أول ما جاءوا ليسوا على شيء، ثم مع المثابرة صاروا من خيار الطلبة علماً وحفظاً وفهماً، فاصبر ولا تتضجر. وإذا أردت أن تأخذ عن أكثر من عالم فهذا طيب، ولا بأس به، ولكن إذا طلبت شيئاً معيناً عند عالم فلا تطلبه عند آخر، مثلاً: في العقيدة اتجهت إلى شيخ معين يدرسك العقيدة لا تذهب إلى الآخر؛ لأنه ربما يأتي بأشياء تخالف في العرض -لا في العمق- الشيخ الأول ثم تتذبذب، كذلك -أيضاً- تدرس على عالم في الفقه فلا تدرس على عالم آخر في الفقه؛ لأنه ربما تختلف آراء الرجلين فتقع في مشكلة. احرص على أن تكون دراستك على العلماء، إذا أحببت أن تكون طالباً لأكثر من عالم أن يكون كل واحد منهم له فن، حتى لا تتذبذب، بعد أن تكبر ويتسع علمك فراجع كلام العلماء وقارن بين آرائهم، وحينئذ يمكنك أن تحكم بما ترى أنه الحق.

مراقبة الله وتقواه

مراقبة الله وتقواه أخيراً أوصي نفسي وإياكم: بتقوى الله عز وجل في السر والعلانية، وأن يكون الإنسان مراقباً لربه دائماً، دائماً يذكر الله تعالى بقلبه ولسانه وجوارحه، وليتذكر قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:190-191] . والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

الأسئلة

الأسئلة

مراعاة المأمومين في صلاة الكسوف وتطويلها إلا لضعفهم

مراعاة المأمومين في صلاة الكسوف وتطويلها إلا لضعفهم Q فضيلة الشيخ: نحن رجال كبار في السن، وإمامنا يطيل صلاة الكسوف، فهل يحسن به أن يراعي من خلفه أم لا بد من التطويل؟ A لا بد من التطويل الذي تتميز به صلاة الكسوف عن غيرها، وإذا كان أكثر أهل المسجد على هذا الوجه -أعني: ضعفاء كباراً- فليراع حالهم، أما إذا كان فيهم واحد أو اثنان فهؤلاء الأمر واسع -والحمد لله- إذا قصروا من القيام جلسوا وصلوا جلوساً، أما أن تترك السنة ولا يتبين صلاة الكسوف من غيرها بحيث يخففها حتى تكون كسائر الصلوات فهذا لا ينبغي، لا بد أن يكون لصلاة الكسوف ميزتها على جميع الصلوات.

جواز تكرار الآية في الصلاة للخشوع

جواز تكرار الآية في الصلاة للخشوع Q فضيلة الشيخ في صلاتنا للكسوف مع فضيلتكم سمع منكم ما يلي: التكبير قبل الصلاة، قلتم: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. ثانياً: كررتم قراءة بعض الآيات في الصلاة، فهل هذا أمر مشروع وفقك الله؟ A هذا مما يدلكم يا إخواني على أن الناس يراقبون العلماء - وأرجو الله أن أكون منهم - يراقبون لماذا قال؟ لماذا فعل؟ لماذا ترك؟ وعلى كل حال: أنا أسر من هذا، أنا أسر أن الإنسان يسأل عن شيء فعلته ويستنكره هو حتى يتبين الأمر. أنا كبرت لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (كبروا) وكنت لم أكبر حين مجيئي إلى مكان الصلاة، فذكرت ثم كبرت امتثالاً لأمر النبي عليه الصلاة والسلام هذه واحدة. وأما تكرار الآية فإن من السنة في النافلة خاصة أن يكرر الإنسان الآية التي يرى أن في تكرارها خشوعاً في قلبه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى صلاة الليل ومر بهذه الآية: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:118] وجعل يرددها إلى الصباح وهو في صلاته عليه الصلاة والسلام. كذلك -أيضاً- ربما سمع بعضكم إذا مررت بآية تسبيح أو دعاء أو تعوذ أني أسبح وأتعوذ لأن هذا مشروع أيضاً في صلاة الليل (في صلاة النافلة) أما في الفريضة فإن عند أهل العلم رحمهم الله قاعدة: أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض بناءً على هذه القاعدة التي دلت عليها أيضاً السنة نقول: حتى في الفريضة إذا مررت بآية يكون في تكرارها خشوع فكرر؛ لكن يمنعني من هذا أن الواصفين لصلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الفريضة لم يكونوا يقولون ذلك عنه، فلهذا نقول: في الفريضة جائز، في النافلة سنة.

أفضلية صلاة المرأة في بيتها

أفضلية صلاة المرأة في بيتها Q فضيلة الشيخ: أيهما أفضل: صلاة النساء في البيوت أم مع جماعة المسلمين؟ A الأفضل للمرأة الصلاة في بيتها، إلا في صلاة واحدة وهي صلاة العيدين، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر النساء أن يخرجن ولكن يخرجن غير متبرجات ولا متطيبات، أما غيرها من الصلوات فلا حرج على المرأة أن تصلي مع الرجال في المسجد، ولا سيما في صلاة الكسوف.

فرضية صلاة الكسوف على من هو في بلاد كفر

فرضية صلاة الكسوف على من هو في بلاد كفر Q فضيلة الشيخ: ذكرت حفظك الله: أن صلاة الكسوف صلاة خوف من عذاب الله تقام ليرفع الله العذاب عن الناس، ففي بلاد الكفار يوجد بعض المسلمين، فهل إذا حصلت عندهم يجب على هؤلاء المسلمين أن يصلوها؟ A نعم يجب على المسلمين في كل مكان أن يصلوا صلاة الكسوف، لكنها كما قلت أولاً فرض كفاية، وعقوبة الله عز وجل إذا نزلت عمت الصالح وغير الصالح، ويبعثون يوم القيامة على نياتهم وأعمالهم، لا تقل: هذه في بلاد كفر. حتى وإن كانت بلاد كفر فصل صلاة الكسوف كما تصلي الصلوات الخمس.

أسباب وسوسة الشيطان ودواء ذلك

أسباب وسوسة الشيطان ودواء ذلك Q فضيلة الشيخ: أرجو من فضيلتكم شفائي بالجواب الكافي لمشكلتي وهي: أنني فتاة مستقيمة بعض الشيء، فأنا محافظة على الصلوات والسنن الراتبة - ولله الحمد - وأحاول تطبيق سنة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بعض الأحيان، وفي بعض الأحيان أقوم الليل، وغالباً ما ينكسر قلبي عند سماع بعض آيات الوعيد بالنار وآيات الوعد بالجنة، وتراني أبكي وأجهش بالبكاء، ووالله إني لأحب أهل الدين والطاعة وأبغض أشد البغض أهل المعاصي، ولست من الفتيات اللاتي يضيعن أوقاتهن بمشاهدة التلفاز أو بقراءة الصحف والمجلات، فلست من هذا كله، ومشكلتي: هي أنني ينتابني شعور غريب في بعض الأوقات وخاصة عندما أصلي أو أقرأ القرآن، فأحس بأن صدري يضيق جداً، وأن شيئاً ما يضغط على صدري، فترى الشيطان يوسوس لي بوساوس عدة وأسئلة واستفسارات كثيرة تخص الدين، فأقوم وأستعيذ من الشيطان الرجيم وأكثر من ذلك، ولكن لا يزال الشيطان بي ولا أستطيع التخلص منه مما يدعوني بعض الأحيان إلى ترك العبادة التي أنا بصددها، والآن يا فضيلة الشيخ: أنا خائفة أشد الخوف أن يتمكن الشيطان مني ويزعزع ديني وعقيدتي، فما السبيل إلى الخلاص منه؟ أرشدني وفقك الله في الدارين، وجمعنا الله وإياك والمسلمين أجمعين في دار كرامته. A الواقع أن هذه الوساوس لها سبب ولها دواء، هي لا شك أنها مرض تحتاج إلى دواء، وهذا المرض له سبب، وسببه: أن الشيطان إذا رأى من شخص الاستقامة في دين الله حاول بكل الوسائل أن يصده عن سبيل الله، قال الله تبارك وتعالى -عن الشيطان-: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} [الأعراف:17] وعدو لك يقعد لك صراط الله المستقيم، ويأتيك من كل جهة لا شك أنه يريد أن يهلكك ويدمرك، ولكن إنما يأتي الشيطانُ المستقيمَ من الرجال والنساء، أما غير المستقيم فالشيطان قد استراح منه، لا يأتي إليه أبداً، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد شكا الصحابة إليه ذلك قال: (أوجدتم هذا؟، قالوا: نعم يا رسول الله. قال: ذاك صريح الإيمان) الصريح من كل شيء الخالص الذي لا يشوبه شيء، ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إن هذا صريح الإيمان) يعني: خالصه، مع أنه يوجد وسوسة لكن المؤمن يدافع هذا ويكره هذا، ولو سئل عما في قلبه: أتعتقده؟ لقال: أعوذ بالله! أنا أفر منه فراري من الأسد أو أشد، ولكن الشيطان يوسوس له، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ذاك صريح الإيمان) . وذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهذا الداء دواءين، وإن شئت فقل: دواءً مركباً من شيئين: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والانتهاء أي: الإعراض، بأن يتغافل الإنسان عن هذا ويتشاغل بأعماله وعباداته وحينئذٍ يزول، الاستعاذة بالله أن تقول وأنت مفتقر إلى الله عز وجل، عالم بأنه وحده هو القادر على أن يعيذك: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. الثاني الإعراض -الانتهاء- اترك هذا وكأنه لم يكن، وحينئذٍ يزول عنك. ويذكر أن اليهود قالوا لمن حولهم من الأنصار وغيرهم: إننا نحن لا نوسوس في صلاتنا -يعني: ما نفكر- فقيل لـ ابن مسعود أو لـ ابن عباس: إن اليهود يقولون: إننا لا نفكر، قال: صدقوا، وما يصنع الشيطان بقلب خراب؟!! ماذا يصنع؟ لا شيء، إذا كان القلب خراباً فلا يحاول هدمه، لكن إذا كان القلب عامراً بذكر الله وطاعة الله وخشية الله حينئذٍ يهاجمه الشيطان. فأقول لهذه السائلة: بارك الله لها في عبادتها وعملها، وعليها أن تعرض عن هذا إعراضاً كلياً وتتناساه بعد الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ثم إن ذلك لا يضرها لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ذاك صريح الإيمان) والحمد لله على نعمه أن مثل هذه الوساوس المزعجة المروعة لا تضرنا ولله الحمد، أسأل الله لنا ولكم الثبات.

حكم الزكاة على أدوات العمل

حكم الزكاة على أدوات العمل Q فضيلة الشيخ: يوجد لدى والدتي مغسلة ملابس وأنا وكيلها الشرعي، فهل تجب فيها الزكاة علماً بأن دخلها الشرعي ألف وخمسمائة ريال، يصرف هذا المبلغ لحاجتها ولا يبقى منه شيء، فإذا كانت تجب فيها الزكاة فكيف نعمل في السنين الماضية حيث إني وكيلها منذ أربع سنوات؟ A هذه المغاسل التي يتجر بها الإنسان ليس فيها زكاة، وكذلك السيارات التي أعدها للأجرة ليس فيها زكاة سواء كانت صغيرة أم كبيرة، وكذلك الأراضي التي يؤجرها الناس للزراعة أو غيرها ليس فيها زكاة، لكن الزكاة في نمائها إن بقي عند الإنسان إلى تمام الحول، أما إذا كان كل ما أتاه من هذه الأرض أو من هذه السيارات أو من هذه المغاسل صرفه في شهره أو شهرين أو ثلاثة بحيث لا يتم هذه السنة فإنه لا زكاة فيه.

حكم عدم التحقق من المخارج والصفات في قراءة القرآن

حكم عدم التحقق من المخارج والصفات في قراءة القرآن Q فضيلة الشيخ: مدرس في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم، هل يأثم في درس القرآن في عدم التحقق من مخارج الحروف وتطبيق التجويد بجميع أحكامه من التلاميذ؟ A لا إثم في هذا، القراءة بالتجويد ليست واجبة ما دام الإنسان يقيم الحروف ضماً وفتحاً وكسراً وسكوناً، فإن التجويد ليس إلا تحسين اللفظ فقط، إن تمكن الإنسان منه فهذا حسن، وإن لم يتمكن فلا إثم عليه، لو قال مثلاً في قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ} [الزلزلة:7] (من يعمل) هذا حكمه إدغام بغنة، لو قال: فـ (منْ يعمل) ، لا يأثم؛ لأنه لم يغير، وكذلك {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد:11] (من وال) هذه -أيضاً- إدغام بغنة، لو قال: (منْ وال) فلا يأثم، فالقراءة بالتجويد إنما هي تحسين للفظ وليست بواجبة، والتعمق فيه والتنطع فيه والتكلف فيه من الأمور المنهي عنها، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (هلك المتنطعون) قالها ثلاثاً.

حكم أخذ عوض مالي بسبب نهي منكر الاعتداء على الله

حكم أخذ عوض مالي بسبب نهي منكر الاعتداء على الله Q فضيلة الشيخ: أنا شاب درست في إحدى الجامعات الأمريكية، وقد حصل بيني وبين أحد أساتذة الجامعة نقاش حاد قام على إثره بسب الإله والدين الذي أدين به، وبعدها قدمت شكوى عليه عند رئيس قسمه ثم عمادة الكلية ورئيس الجامعة فلم ينصفوني، فلم يكن أمامي إلا المحاماة والتحاكم إلى المحاكم الوضعية، وقمت بذلك فعلاً وكسبت القضية، وحكم لي بمبلغ مليوني دولار، فأخذ مني محاميي الثلث، فما حكم عملي هذا؟ وما حكم المال الذي كسبته هل هو حلال أم حرام؟ وهل يجوز لي التصرف فيه أم أعيده علماً أن السبب في القضاء لي هو سبه لديني؟ أفتوني جزاكم الله خيراً. A عدوان هذا الرجل ليس على الطالب حتى يستحق به المال، عدوانه على من؟ على الله عز وجل، وهذا المال الذي اكتسبه الطالب لا يحل له، لأنه في مقابلة أمرٍ بمعروف ونهي عن منكر، والحق ليس له؛ الحق لله، فنصيحتي لهذا الرجل أن ينفذ هذا المال في أمور نافعة ينفع بها المسلمين، كبناء المساجد وإصلاح الطرق وما أشبه ذلك، أما هو بنفسه فلا يأخذه لأنه لا حق له فيه، إذ أن هذا الرجل لم يعتد على الشخص إنما اعتدى على الله عز وجل، وأما التحاكم إلى غير الشريعة، هذه مسألة ثانية، لكن الكلام على أن الدراهم التي أخذها ليست له.

ما يبدأ به طالب العلم

ما يبدأ به طالب العلم Q فضيلة الشيخ: أنا شاب قد هداني الله عز وجل، ومجتهد في طلب العلم كل الاجتهاد، ولكن لا أعلم بأي شيء أبتدأ في طلب العلم، وإن الحفظ يصعب عليَّ إذا أردت أن أحفظ وقليل من الفهم، جزاك الله عني خير الجزاء. A طالب العلم ينبغي أن يبتدأ بصغار العلم قبل كباره، فمثلاً: إذا أراد أن يطلب العلم في علم العقائد ينظر إلى الكتاب الصغير الذي ألف في العقائد فيحفظه ويبني عليه، وكذلك في الفقه، وكذلك في الحديث وغير ذلك من العلوم، لكن أهم شيء يعتني به كتاب الله عز وجل؛ فإن الله تبارك وتعالى قال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص:29] فأهم شيء يبدأ به الإنسان هو كتاب الله عز وجل، يقرأه ويحفظه ويتدبره ويتفهمه. ثم ما صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في السنة، ثم كلام أهل العلم. وأنصح هذا الطالب أن يلزم شيخاً معيناً يثق بعلمه وأمانته ودينه، والشيخ سيوجهه إلى ما يرى أنه أصلح له.

بنات المرأة محارم لزوجها الذي ليس أبا لهن

بنات المرأة محارم لزوجها الذي ليس أباً لهن Q المرأة المطلقة إذا تزوجت من رجل آخر فأنجبت منه بنات، فهل زوجها الأول محرم لبناتها من زوجها الثاني؟ A نعم هو محرم، المرأة إذا طلقت وتزوجها رجل آخر وأتت منه ببنات فإن زوجها الأول محرم لبناتها من زوجها الثاني، وكذلك لو كانت عندها بنات من زوج سابق وتزوجت آخر فلزوجها الآخر - الذي هو الأخير - أن تكشف له بناتها من الزوج الأول، إذاً بنات المرأة محارم لزوجها الذي ليس أباً لهن سواء كان سابقاً أو لاحقاً.

حكم إدخال ألعاب الكمبيوتر إلى البيت

حكم إدخال ألعاب الكمبيوتر إلى البيت Q فضيلة الشيخ: أريد نصيحةً من فضيلتكم فإنه لا يوجد في منزلي تليفزيون ولله الحمد والمنة، ولكن أبنائي الآن كبروا وصاروا في بعض الأحيان يطلبونه وأنا أكرهه كرهاً شديداً، وهم الآن إذا ذهبت إلى أهلي أو إلى أهل زوجتي ينصرفون إلى التليفزيون وكأنهم جمال لم تر الماء منذ شهور، فضيلة الشيخ: لقد سمعت أن هناك كمبيوتر ألعاب، وهناك أشرطة فيديو إسلامية، وأفلام كرتون تمثل بطولات ومعارك السلف، ولكن أليست أفلام الكرتون تدخل في تحريم الصور لأنها رسوم باليد؟ فبماذا تنصحني يا فضيلة الشيخ والحال ما ذكرت، أثابك الله وغفر لنا ولك ولجميع الحاضرين؟ ملحوظة: هل إذا لم أدخل الأشرطة والفيديو إلى منزلي أعتبر متشدداً؛ لأن هذا ما نسمعه من بعض ضعاف النفوس؟ A الذي أرى أن الذي حفظه الله من التليفزيون في خير إن شاء الله تعالى، ويغني عنه ما أشارت إليه السائلة من الكمبيوتر؛ لأن هذا الكمبيوتر تتحكم فيه أنت، تأتي بأشرطة الفيديو التي تريدها من أي شيء؛ سواء كانت في مخلوقات الله عز وجل، أو كان فيه بطولات لأناس أو ما أشبه ذلك، لكن البطولات في الواقع أكرهها؛ لأن الصغير إذا صار يشاهد هذه البطولات من شخص معين سوف ينقدح في ذهنه أنه لا بطل في الإسلام إلا هذا الشخص، وهذه مشكلة! يعني مثلاً: محمد الفاتح، اشتهر شريطه، هو لا شك أنه بطل وأنه حصل على يديه خير كثير، لكن هل يقارن ببطولة الصحابة؟ لا. الصبي إذا عاش وكان ذهنه مملوءاً من أن بطل الإسلام هو هذا الرجل نسي بقية الأبطال، لهذا لو حولت هذه الأشرطة إلى معالجة أشياء واقعية حتى يكون في ذلك تربية لكان هذا أحسن. أما موضوع الصور فهذه الصور ليست صوراً مرئية، لأن الشريط لو رآه الإنسان بمجرد العين ما رأى شيئاً حتى يعرض على الجهاز الذي يخرج الصور التي بهذا الشريط، فلا تدخل في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة) .

إعادة صلاة الكسوف لمن أخطأ في كيفيتها

إعادة صلاة الكسوف لمن أخطأ في كيفيتها Q فضيلة الشيخ: شخص صلى صلاة الكسوف بأناس معه في خارج المنطقة -أي: في البر- وهو لا يعلم كيفيتها فصلى بهم ركعتين، وعندما انتهى من الصلاة أخبره من كان معه أن صلاته خاطئة فهل يعيد صلاته؟ A يعيد الصلاة ما دام الكسوف باقياً، أما إذا انجلى فلا حرج، وقد ذكرنا في نفس الكلام أولاً أنه متى انجلى الكسوف قبل الصلاة فإن الصلاة لا تقام.

صلاة المسافر

صلاة المسافر Q في الأسبوع الماضي وفي برنامج "نور على الدرب" ألقي عليكم سؤال يتعلق بالجمع والقصر في حال السفر، وفهم أحد الإخوة أنكم أفتيتم أنه يجوز الجمع في حال السفر بين الظهر والعصر ولو كان الإنسان في غير مسير، يعني: حتى لو وصل إلى البلد المسافر إليه، فضيلة الشيخ: أريد التوضيح بارك الله فيك وفي علمك وجزاك الله خيراً. A هذا صحيح، السفر مبيح للقصر؛ بل القصر فيه مسنون، ومبيح للجمع سواء كان الإنسان نازلاً أو سائراً، لكن إذا كان سائراً فالجمع سنة وأفضل من عدم الجمع، وإذا كان نازلاً فالجمع جائز وليس بسنة، والأفضل عدمه إلا لحاجة، الدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في غزوة تبوك كان يصلي الظهر والعصر جمعاً، وأنه في حجة الوداع كان نازلاً في الأبطح في ظهر مكة، وذكر أبو جحيفة الصحابي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج ذات يوم وعليه حلة حمراء فركزت له العنزة -عصا- فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين. وهذا جمع في محل إقامة وفي آخر سفرة سافرها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ وعليه فافهم: القصر في السفر ما حكمه؟ سنة مطلقاً، الجمع في السفر سنة لمن كان سائراً، جائز لمن كان نازلاً. ولكن ليعلم الرجال أنهم إذا كانوا في بلد تقام فيه الجماعة ولا يشق عليهم الذهاب إلى المساجد فإنه يجب عليهم أن يذهبوا إلى المساجد ويصلوا مع الناس، وحينئذٍ لا جمع ولا قصر، إذا ذهبوا مع الناس سيصلونها تماماً، وإذا صلوا مع الناس سيصلون الظهر في وقتها والعصر في وقتها، وبقية الصلوات في وقتها أيضاً.

شبهات حول تكفير أهل الكفر

شبهات حول تكفير أهل الكفر Q فضيلة الشيخ: سمعنا أنكم توقفتم في تكفير المرأة النصرانية التي ماتت في الحادث مؤخراً، فهل هذا صحيح؟ وآخر يقول: فضيلة الشيخ: ذكرت في خطبة الكسوف أن المرأة التي نشر الإعلام وفاتها وقلتم إنها كافرة يقول بعض الناس: وما يدري الشيخ أنها ماتت كافرة، ربما أنها أسلمت في آخر حياتها؟ أرجو يا فضيلة الشيخ أحسن الله إليك بيان ما يتكلم به بعض الناس عن هذا جزاك الله خيراً. A هاتان شبهتان متناقضتان، أما من جهة التوقف في كفرها فلم أتوقف، هي كافرة؛ لأن الأصل الكفر وبقيت على حالها وما علمنا أنها رجعت إلى الإسلام، فهي كافرة هذا الذي نعتقده فيها، ومن نسب عنا سوى ذلك فقد كذب. وأما كونها في النار هي بعينها ما نشهد أنها في النار؛ لأن من مذهب أهل السنة والجماعة: ألا تشهد لأحد بجنة ولا نار إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم. حتى لو كان من أتقى الناس لا تقل: هذا من أهل الجنة، حتى لو كان من أكفر الناس ما تقول: هذا من أهل النار، لكن تقول هو كافر، والرجل التقي هو مؤمن لأن هناك فرقاً بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة، أحكام الدنيا يؤخذ الإنسان فيها بظاهر حاله، وأحكام الآخرة عند الله عز وجل، هذا هو ما نعتقده في هذه المرأة. والحقيقة أنها امرأة لا تستحق الذكر ولا الثناء، ما الذي قدمته للإسلام؟ لم تقدم، بل إن ظاهر حالها ضد الإسلام، لأننا نسمع أنها تأتي مثل الجمعيات الخيريات وما أشبه ذلك والصليب على صدرها (قد ملأ صدرها) وماذا يعني هذا؟ معناها: أنها تدعو إلى النصرانية، لكن بدلاً من أن تقول للناس: يا أيها الناس كونوا مسيحيين تقول: هذا دين المسيح، رأفة ورحمة وإحسان ورقة. وكما قال ابن القيم: الناس أهل ظواهر، لا يعرفون ما وراء الأكمة. ونحن نبرأ إلى الله من نيتها ما ندري عن نيتها؛ لكن فعلها واضح أنه دعوة إلى النصرانية، هي لا تستحق الذكر. مع الأسف أن بعض الناس من أجل ما أحيط بها من الدعايات العظيمة في وسائل الإعلام جعل يستغفر لها: اللهم اغفر لها، اللهم ارحمها، ولا أدري إذا جاء عيد الأضحى ربما يضحون عنها. والاستغفار لها محرم، والدعاء لها بالرحمة محرم، وذلك خروج عن سبيل النبي صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا في هذه المسألة، فمن دعا لها بالرحمة أو بالاستغفار فقد خالف هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والذين معه في هذه المسألة، اسمع: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة:113] ولقد نُهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يستغفر لعمه أبي طالب الذي كان يحوطه وكان ينصره وكان يدافع عنه، ومواقفه مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معلومة، ومع ذلك نهاه الله أن يستغفر له، مع إحسانه العظيم للإسلام والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فكيف بهذه المرأة؟!! فعليه: لا يجوز لأحد أن يدعو لها بالرحمة، ولا بالمغفرة، ولا أن يتصدق عنها، ولا أن يضحي عنها، والصدقة عنها لو تصدقنا عنها بملئ الدنيا لا ينفعها، وهي -أيضاً- لا ينفعها ما قدمت من عمل طيب، كان عبد الله بن جدعان رجلاً مشهوراً في الجاهلية، كريماً، يقري الضيف، ويعين المحتاج، فسئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أينفعه ذلك؟ قال: لا) . وجاء رجلان إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكرا له أمهما، وأنها تقري الضيف، وتعين: (أينفعها ذلك؟ قال: لا) . فعلى هذا: يجب يا إخواني أن يكون لدينا براءة من أعداء الله، براءة تامة، قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً} [النساء:101] وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ} [النساء:144] ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51] فما بالنا نسير وراء الإعلام الغربي الذي يثني على مثل هؤلاء النصارى، نسأل الله لنا ولكم الهداية والبصيرة.

حكم الدعاء بعد الصلوات المكتوبة

حكم الدعاء بعد الصلوات المكتوبة Q فضيلة الشيخ: ذكر ابن القيم في الداء والدواء: أن بعد الصلوات المكتوبة وقت من أوقات إجابة الدعاء، فكيف يكون ذلك؟ هل بعد الأوراد الشرعية، أم بعد راتبتها، أم ماذا؟ A أنا لا أعلم هذا في السنة أن هناك دعاء بعد الصلاة إلا ما يتعلق بالصلاة كالاستغفار ثلاثاً بعد السلام، لأنه يتعلق بالصلاة، وأما الدعاء فإنه يكون قبل السلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما ذكر التشهد قال: (ثم ليتخير من الدعاء ما شاء) . نعم الدعاء بين الأذان والإقامة لا شك أنه حري بالإجابة سواء كان الإنسان يدعو به في صلاة نافلة أو بعد الصلاة.

صلاة المسافر المغرب خلف من يصلي العشاء

صلاة المسافر المغرب خلف من يصلي العشاء Q فضيلة الشيخ: أنا رجل مسافر ولم أصل المغرب ولا العشاء، فدخلت المسجد وهم يبدءون في صلاة العشاء فأخذت في تفويت ركعة من صلاة العشاء وأكملت الباقي بنية صلاة المغرب، فأنكر عليَّ أحد الإخوة بأن فعلي مخالف للسنة وأنه خطأ، فما رأيك في صلاتي جزاك الله خيراً. A إذاً ما هو الصواب؟ الشيخ: مشكلة هذه: أن يقول للناس هذا خطأ ولا يبين لهم الصواب فيوقعهم في حيرة. على كل حال: إذا جاء الإنسان وهو مسافر ودخل مسجد وهم يصلون العشاء فإن أدركهم في الركعة الثانية فلينو المغرب ويسلم مع الإمام لأنه صلى ثلاثاً، وإن أدركهم في الثالثة نوى المغرب وصلى معهم ركعتين ثم إذا سلم الإمام قام إلى الثالثة، وإذا أتاهم في الركعة الأولى دخل معهم بنية المغرب، فإذا قام الإمام إلى الرابعة جلس، ونوى المفارقة، وتشهد وسلم، ثم دخل مع الإمام في ما بقي من صلاة العشاء.

حكم عدم مباشرة الجبهة للأرض عند السجود

حكم عدم مباشرة الجبهة للأرض عند السجود Q ما حكم وضع طرف الشماغ على الأرض أثناء الصلاة والسجود عليه لتنجب الأتربة والروائح الكريهة؟ A إذا كان هناك حاجة للسجود على الغترة أو الشماغ أو العباءة -المشلح- فلا بأس، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه وسجد عليه) فإذا كانت الأرض مثلاً حارةً أو فيها شوك أو فيها حصى ما يستطيع الإنسان أن يمكن جبهته؛ فلا حرج أن يضع طرف الغترة أو الشماغ أو المشلح ويسجد عليه، أما بدون حاجة فإنه يكره، وأما إذا سجد على شيء منفصل فهذا لا بأس به، مثلاً: إنسان معه منديل وأراد أن يسجد على الأرض ويضع المنديل فلا بأس.

الضابط في طهر المرأة من الحيض

الضابط في طهر المرأة من الحيض Q امرأة تأتيها الدورة وفي اليوم السابع ينقطع الدم تماماً، ويبقى اليوم الثامن والتاسع ومعها الكدرة والصفرة، وفي اليوم العاشر تنزل القصة البيضاء، السؤال يا فضيلة الشيخ: ماذا تفعل؟ هل تصلي وتصوم في اليوم الثامن والتاسع؟ وما هو المقصود بالطهر، هل هو انقطاع الدم، أو الجفاف من الدم وغيره، أو نزول القصة البيضاء؟ A المراد بالطهر من الحيض انقطاع الدم دون جفافه؛ لأن النساء في الحيض ربما تجف يوماً أو نصف يوم، هذا يعتبر من الحيض، لكن إذا انقطع وعرفت أنه انقطع طهرت، حتى لو جاء بعد ذلك صفرة أو كدرة فإنها لا تضر، قالت أم عطية: [كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً] .

حكم الأذان والإقامة في أذني المولود

حكم الأذان والإقامة في أذني المولود Q يقوم بعض الناس عندما يرزق بمولود بالتأذين في أذنه اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى، فهل هذا وارد في السنة؟ A هو وارد في السنة لكن أحاديث الإقامة ضعيفة، أما الأذان فهي أقوى، فلهذا نقول: يؤذن في أذنه اليمنى أول ما يولد، وغالب الناس الآن أنهم لا يتمكنون من هذا؛ لأن الأولاد تولدهم الممرضات في المستشفى، لكن إذا كان الإنسان قد حضر الولادة فإنه ينبغي أن يؤذن في أذنه اليمنى، ولكن لا بصوت مرتفع لئلا تتأثر الأذن، بصوت منخفض قال العلماء: من أجل أن يكون أول ما يطرق سمعه الأذان والدعوة للصلاة.

حكم تصرف الوكيل في مال موكله اليتيم

حكم تصرف الوكيل في مال موكله اليتيم Q يقول فضيلة الوالد أنا وكيل لأخوات لي أيتام، وبيدي مالهن الذي ورثنه من والدهن، ولي أرض، فما رأيك لو بنيت على هذه الأرض استراحة فأجرتها وتقاسمنا الأيجار بيننا؟ A قال الله عز وجل: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام:152] فإذا رأيت أن هذا أحسن فلا حرج، أما إذا شككت فلا تفعل، وإذا غلب على ظنك أن تكون خسارة في هذا فلا تفعل أيضاً، هذا إذا كن يتيمات، واليتيم: من مات أبوه قبل أن يبلغ، وعلى هذا فمن بلغ من الذكور أو الإناث زال عنه وصف اليتم.

قضاء رمضان لمن أفطره

قضاء رمضان لمن أفطره Q فضيلة الشيخ: ما الحكم في من أفطر رمضان كاملاً فأراد أن يقضيه؟ هل يقضيه متواصلاً، أم لا حرج عليه أن يقضيه متى شاء لكن قبل رمضان الآخر؟ A قال الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185] ولم يقل الله تبارك وتعالى: متتابعات، ولو أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون متتابعة لقيدها كما قال تعالى في كفارة الظهار: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء:92] والإنسان الذي عليه صيام رمضان هو حر، له أن يقضي في الشهر يومين أو ثلاثة أو أربعة، أو يجمعها جميعاً، المهم ألا يدخل رمضان الثاني إلا وقد أدى ما عليه من رمضان السابق، قالت عائشة: [كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان] .

حكم تملك السيارة عن طريق الإيجارات

حكم تملك السيارة عن طريق الإيجارات Q فضيلة الشيخ: بعض وكالات السيارات تؤجر لك السيارة بإيجار شهري بمبلغ معين إلى مدة معينة، وبعدها تملكك السيارة، علماً أنك تنتفع بهذه السيارة إلى نهاية المدة، وبعدها تكتب هذه السيارة باسمك، وإذا تأخرت عن دفع الإيجار ولو مدة قصيرة تسحب منك السيارة حتى ولو لم يبق إلا شهر واحد على تمليك السيارة، فما حكم ذلك؟ A الذي نرى أن هذه المعاملة حرام، وأنها لا تصح، فهي معاملة فاسدة؛ لأنا إن جعلناها من باب تعليق البيع فتعليق البيع على مذهب أصحاب الإمام أحمد باطل، وإن جعلناها عقداً ناجزاً فكيف يمكن أن يكون هذا الذي اشتراها مشترياً وتحسب عليه بأجرة؟ هذا تضاد، الإنسان لا يمكن أن يؤجر ماله، إذا كان مالكاً فلا أحد يستحق عليه الأجرة، لهذا نرى أن هذا العقد محرم وفاسد، وأن على من تقدم إليه أن يفسخه بقدر ما يستطيع.

صورة من بيوع العينة

صورة من بيوع العينة Q سؤال قريب منه يقول: فضيلة الشيخ: ما حكم ما يفعله بعض الناس أو أكثر الناس وذلك أن أحدهم إذا أراد أن يتزوج أو يبني بيتاً أو غيره يقوم باستدانة سيارة إلى أجل، ومن ثم يقوم ببيعها في المعرض الذي اشتراها منه نقداً ولكن ليس على الذي اشتراها منه، وذلك لحاجته إلى النقود، هل في ذلك نوع من الربا أو التحايل عليه؟ وفقك الله ونفع بعلمك. A أما عند شيخ الإسلام ابن تيمية فإن هذا من الربا، لكنها بطريق حيلة، ولهذا شدد فيها وقال: إنها حرام. قال تلميذه ابن القيم رحمهما الله جميعاً قال: كان شيخنا يراجعُ في ذلك مراراً - يعني: لعله يفتي بالجواز - ولكنه يأبى أن يفتي إلا بالتحريم. وبعض العلماء يقول: إذا كان الإنسان محتاجاً حقيقةً، وكانت السيارة ملكاً للبائع، وذهب إليه واشتراها منه بمائة وهي تساوي ثمانين من أجل أن يبيعها بثمانين وينتفع بثمنها، فهذا لا بأس بشرط ألا يبيعها على من اشتراها منه؛ لأنه لو باعها على من اشتراها منه بأقل صارت هذه هي مسألة العينة وهي حرام. ونحن نرى أنه إذا اضطر الإنسان إلى هذا اضطراراً لا بد من مثل أن يكون شرع في بناء بيت وكان يظن أن النفقة التي عنده تكفيه ولكن لم تكفه، فهذه ضرورة، لكن لا بد فيها من ألا يجد أحداً يقرضه قرضاً، وألا يجد أحداً يسلم إليه سلماً، وأن تكون السلعة عند البائع، فإذا اضطر إلى هذا فأرجو ألا يكون فيه بأس.

صلاة المسافر المغرب خلف من يصلي العشاء

صلاة المسافر المغرب خلف من يصلي العشاء Q فضيلة الشيخ: رجل مسافر لم يصل المغرب وتعمد ترك الدخول في صلاة العشاء في الركعة الأولى من الصلاة ليكون قد أدرك ثلاث ركعات، فما حكم تركه للركعة الأولى؟ A هذا رجل مسافر دخل المسجد والناس يصلون صلاة العشاء، فوقف ولم يدخل معهم في الركعة الأولى ودخل في الثانية من أجل أن يسلم معهم، هذا لا شك أنه لا ينبغي وأنه خلاف السنة لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما أدركتم فصلوا) وهذا الرجل أدرك الركعة الأولى ولم يصل، لكن نظراً لأنه متأول وليس عنده علم نرى أنه لا حرج عليه ولا إثم عليه.

نصيحة لمن تؤخر زوجته صلاة الفجر

نصيحة لمن تؤخر زوجته صلاة الفجر Q فضيلة الشيخ: نفع الله بكم الإسلام والمسلمين، رجل متزوج من امرأة مفرطة في صلاة الفجر، فهي لا تصلي الفجر إلا مع الظهر، ويظل زوجها يوقظها أكثر من ساعة ولكن دون جدوى، فبماذا توجهه حفظك الله؟ أرجو أن تدعو الله لها بالهداية. A أسأل الله لها الهداية وأن يعين زوجها عليها، والواجب عليه أن يحاول بقدر المستطاع وأن يوقظها لصلاة الفجر، وأن يأمرها أن تنام مبكر؛ لأن الآفة التي تعتري الكثير من الناس اليوم بالنسبة لصلاة الفجر هو تأخر النوم، والإنسان يحتاج بدنه إلى النوم. فنسأل الله للجميع الهداية، ونسأل الله تعالى أن يجعل اجتماعنا اجتماعاً مرحوماً إنه على كل شيء قدير. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.

اللقاء الشهري [50]

اللقاء الشهري [50] في بداية هذا اللقاء فسر الشيخ أوائل الآيات من سورة المطففين، وبيّن عموم معنى المطففين في الآية، كما نثر كثيراً من الفوائد المتعلقة بالمعاملات. وأجاب الشيخ بعد ذلك عن الأسئلة وكان من أهمهما سؤال يتعلق بالعمليات التجميلية وعمليات نقل الأعضاء.

تفسير شامل لمعنى التطفيف في الشريعة

تفسير شامل لمعنى التطفيف في الشريعة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فنحن في هذه الليلة نلتقي بإخواننا اللقاء المعتاد الشهري الذي يتم ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذا هو شهر جمادى الآخرة من عام ثمانية عشر وأربعمائة وألف، نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم أن ينفعنا بملاقاتنا بإخواننا، وأن يجعل أيامنا سعيدة وآخرتنا أسعد وأسعد إنه على كل شيء قدير. لا أجد شيئاً أتحدث عنه إلا ما يسره الله عز وجل من تفسير السورة التي قرأناها في صلاة العشاء هذه الليلة، لأنني أود من إخواننا جميعاً أن يعتنوا بكتاب الله حفظاً وتدبراً وفهماً وعملاً؛ لأن هذا القرآن الكريم هو الذي به عزة الأمة الإسلامية وبه نجاتها وسعادتها، وقد قال الله عز وجل: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24] وقال عز وجل: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون:68] وقال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29] ، وقال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} [النساء:82] . علينا -أيها الإخوة- أن نقرأ القرآن فنتقنه لفظاً، وأن نقرأ القرآن فنتدبره معنى، وأن نقرأ القرآن فنعمل به حكماً، هكذا يريد الله تبارك وتعالى منا، لا يريد منا أن نقرأ القرآن مجرد قراءة لفظ؛ لأن مجرد قراءة اللفظ بدون تدبر للمعنى لا فرق بينها وبين رجل أمي لا يقرأ، والدليل على هذا قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة:78] أي: إلا قراءة، فوصف الله هؤلاء القوم بأنهم أميون، كالذي لا يقرأ تماماً. أي فرق بين إنسان يقرأ القرآن ولا يدري ما معناه وإنسان لا يقرأ؟ لا يفترق هذا عن هذا من حيث المعنى، لكن نعم الذي يقرأ القرآن يكون له أجر القراءة ولا إشكال، لكن من حيث المعنى والانتفاع بالقرآن لا فرق بين الأمي وبين الذي يقرأ القرآن بلا تدبر. بناءً على ذلك: أحث إخواننا أن يتدبروا كلام الله عز وجل، ولا سيما المفصل، الذي يبدأ من (ق) إلى آخر القرآن، لأن هذا المفصل هو الذي يقرأ في الصلوات الخمس، يعني: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، لكن الظهر والعصر القراءة فيهما سر، والمغرب والعشاء والفجر القراءة فيهن جهر. في هذه السورة التي قرأناها هذه الليلة قال الله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين:1] ويل: ترد في القرآن كثيراً، فما معنى هذه الكلمة؟ قيل: إنها اسم واد في جهنم، وعلى هذا فتكون اسماً لشيء محسوس، وقيل: إنها كلمة وعيد، فمعنى ويل: أي وعيد شديد لهؤلاء، في القرآن: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} [المرسلات:15] {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين:1] {فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة:79] والكلمة هذه ترد كثيراً في القرآن الكريم، ومعناها على القول الراجح: أنها كلمة وعيد يتوعد الله تبارك وتعالى بها من أسندت إليه.

معنى (المطففين) وصفاتهم

معنى (المطففين) وصفاتهم {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين:1] لو سألنا سائل: من المطففون؟ هل نرجع إلى القاموس المحيط الذي يفسر الكلمات العربية أو إلى لسان العرب أو إلى غيرها من كتب اللغة العربية؟ لا نحتاج إلى أن نرجع؛ لأن الذي قال: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين:1] هو الذي فسرها فقال: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين:3] هنا صفتان: الصفة الأولى: {إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} [المطففين:2] يعني: إذا طلبوا حقهم من الناس استوفوا، اشترى شخص من آخر عشرة أصواع فأراد أن يقبضها ويستوفيها بالكيل، وهذا ليس فيه لوم على الإنسان أن يستوفي حقه، لكن اللوم أن يستوفي حقه كاملاً ولكنه لا يعطي الحق الذي عليه كاملاً، ولهذا قال: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين:3] وهذه هي الصفة الثانية، معنى كالوهم: أي كالوا لهم، كقول باعوهم أي: باعوا عليهم. {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ} [المطففين:3] أي: وزنوا لهم {يُخْسِرُونَ} [المطففين:3] أي: ينقصون، هل هذا عدل أو جور؟ الإنسان الذي يطلب حقه كاملاً ويعطي الحق الذي عليه ناقصاً فهذا جور لا شك، هذا خلاف العدل، والله تعالى لا يحب الجائرين، يحب المقسطين العادلين.

شمول معنى التطفيف المراد في الآية

شمول معنى التطفيف المراد في الآية هذه الآية كما ترون وردت في شيء محسوس، فكل يعرف العدل فيه والجور وهو الكيل والوزن، لكن هل هي خاصة بالكيل والوزن أم هي عامة في جميع الحقوق؟ A في جميع الحقوق، وإنما ذكر الله الكيل والوزن لأنه معروف، كل الباعة الذين يبيعون ويشترون يعرفون الكيل والوزن، لكنها عامة في كل الحقوق. ولننظر: رجل استأجر أجيراً، فاستوفى الحق منه تاماً لكنه لم يعطه الأجرة كاملة، هل يكون مثل الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون؟ الجواب: نعم. ولا فرق. ومن هذا الرجل يكون موظفاً، ويطلب الراتب كاملاً، لكنه لا يوف الوظيفة حقها، يتأخر في المجيء، أو يتقدم في الخروج، أو يتلهى عن الشغل بما لا مصلحة للشغل فيه. التقصير الآن في الموظف من وجوه ثلاثة: إما أن يتأخر في المجيء، وإما أن يتقدم في الخروج، وإما أن يتلهى في حال الدوام بما لا مصلحة للعمل فيه، يعني: هو يأتي مبكر، أو من أول الناس ويخرج من آخر الناس لكن يتلهى عن العمل بما لا مصلحة للعمل فيه ويطلب الراتب كاملاً، هل يدخل في الآية؟ نعم؛ لأنه يطلب حقه كاملاً ولكنه لا يعطي الحق الذي عليه كاملاً. ومن هذا التعامل بين الزوجين، رسم الله تبارك وتعالى له خطة عادلة من أحسن بل هي أحسن الخطط قال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] عاشروهن، المعاشرة مفاعلة من الطرفين، عاشروهن: أي ليعاشر كل واحد منكم الآخر بالمعروف، وقال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:228] . المعاشرة بين الزوجين: بعض الرجال يريد من الزوجة أن تعطيه حقه كاملاً وهو قد بخسها حقها، إن طلبت النفقة ماطل بها أو منعها، وإن طلبت الذهاب إلى أهلها أو إلى أقاربها أو إلى صاحباتها بالمعروف قال: لا، وهو يريد منها أن تعطيه حقه كاملاً، هذا نقول: إنك داخل في الآية: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين:1-3] . الحقوق بين الأصحاب أيضاً يدخل فيها التطفيف، بعض الناس يريد من صاحبه أن يكون له مثل العسل، لكنه يعامل صاحبه بما هو مر كالحنظل، هل هذا تطفيف أو عدل؟ تطفيف، إذا كنت تريد أن يعاملك صاحبك بالمعاملة الطيبة فعامله أيضاً بالمعاملة الطيبة؛ لأن له حقاً عليك ولك حق عليه، أما أن تريد أن يعاملك المعاملة الطيبة وأنت لا تعامله كذلك فإن هذا من التطفيف.

التطفيف الحاصل بين المعلم وتلاميذه

التطفيف الحاصل بين المعلم وتلاميذه أيضاً المعلم والتلاميذ بينهم حقوق، على التلاميذ أن يحسنوا معاملة المعلم، كيف؟ يكونون أمامه بمنزلة المتلقي الذي يقبل ما يعطى له، كالعطشان أمام الساقي، أو الجائع أمام المُطعِم، بمعنى: أن يشعر التلميذ أنه بحاجة إلى تعليم المدرس حتى يقبله وينتفع به، أما إذا كان أمامه وهو يرى أنه مثله أو أحسن منه أو أن المعلم ناقص فإنه لن ينتفع منه، لا يمكن أن تنتفع من المعلم إلا حيث تجعل نفسك بمنزلة العطشان بين يدي الساقي وإلا فلن تنتفع، وهذا شيء مجرب، نحن إذا جلسنا إلى قوم يتكلمون بأفصح ما يكون من كلام ونحن لا نريد أن ننتفع منهم وإنما نريد أن نعلم ما عندهم فإننا لا ننتفع بعلمهم، حتى لو مسكنا شيئاً في أثناء الإلقاء فإنه يذهب بسرعة، لكن إذا جلسنا إلى قوم نريد أن نتعلم منهم فإننا ندرك ما عندهم من العلم ويرسخ في نفوسنا، هذا حق للمعلم على تلاميذه. كذلك العكس التلاميذ لهم حق على المعلم، فيجب عليه أن يسلك أقرب الطرق إلى إفهام الطلبة، لا يأتي لهم بعبارات معقدة أو يتجاوز في الكتاب الشيء المعقد، بل يجب أن يوصل العلم إلى التلاميذ بأقرب وسيلة، والوسائل -والحمد لله- كثيرة، أما أن يأتي مثلاً ويلقي الدرس ويا ويلك لو تسأله عن شيء، فهذا غلط، بعض الأساتذة يلقي الدرس ثم إذا رفع التلميذ إصبعه يستفهم عن مسألة قال: اجلس. يا أستاذ! ما فهمت! قال: اجلس. فإذا أورد التلميذ عليه مسألة وهو لا يعرفها وهذا يقع كثيراً من بعض الأساتذة، يأتي إلى الدرس وهو ما حضَّر ومعلوماته قليلة، لا يستطيع أن يعلم إلا بعد التحضير وهو لا يحضر، ثم إذا قام التلميذ يسأله وإذا هو ليس عنده علم، ماذا يصنع في التلميذ؟ يقول: اجلس اجلس يا ولد، ما بقي وقت للمناقشة هذا غلط، من حق التلاميذ عليك أن تعاملهم بلطف، وأن تسلك أقرب الطرق إلى إفهامهم. وأيضاً ناقشهم، أحيهم بالمناقشة، قل: يا فلان قم، يا فلان قم، يا فلان ما عندك؟ حتى تحيي المجلس، أما بعض الأساتذة تجده من حين يدخل الدرس إلى أن ينتهي وهو يقرأ يقرأ يقرأ يقرأ هذا غلط، هذا نقص. فإذا كان المعلم يريد من التلاميذ أن يكونوا له على أعلى ما يكون من الآداب وهو لا يتأدب معهم أيدخل في الآية؟ نعم يدخل في الآية.

التطفيف بين الرعاة والرعية

التطفيف بين الرعاة والرعية كذلك -أيضاً- بين الرعية والرعاة، وهذا أوسع وأعظم، أعني: بين الملوك والسلاطين وبين الرعية. كثير من الناس يريد من الرعاة أن يكونوا على أكمل ما يكون -ولا شك أننا نريد من الرعاة أن يكونوا على أكمل ما يكون- لكننا لا نعطيهم في المعاملة أكمل ما يكون. بمعنى أن بعض الرعية يقول: يجب أن يكون الراعي على أكمل ما يكون، ومع ذلك تجد الرعية على أنقص ما يكون أهذا عدل؟ لا والله ما هو بعدل، إذا كنت تريد أن تعطى الحق كاملاً فأعط الحق الذي عليك كاملاً وإلا فلا تطلب. ومن حكمة الله عز وجل أن المولَّى على حسب المولَّى عليه وهذه من الحكمة أن يكون المولى -ولي الأمر- على حسب من ولي عليه، إن صلح هذا صلح هذا وإن فسد هذا فسد هذا، وفي الأثر: [كما تكونوا يول عليكم] يعني: أن الله يولي على الناس على حسب حالهم، وهذا الأثر وإن لم يكن صحيحاً مرفوعاً إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكنه صحيح المعنى، اقرأ قول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً} [الأنعام:129] أي: نجعل الظالم فوق الظالم، بماذا؟ {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام:129] فإذا ظلمت الرعية سلطت عليها الرعاة، وإذا صلحت الرعية صلح الرعاة، وكذلك بالعكس: إذا صلح الراعي صلحت الرعية. ذكروا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن رجلاً من الخوارج الذين قاتلوا علياً -وتعلمون الخوارج أنهم كانوا أولاً يقاتلون مع علي ضد معاوية رضي الله عنهما جميعاً- ثم إنه لما رضي علي رضي الله عنه بالتحكيم لإطفاء الفتنة انقلبوا على علي، وكفروا علياً وكفروا معاوية، واستحلوا دماء المسلمين، ولذلك ففتنة الخوارج من أعظم الفتن وأقبحها؛ لأنهم كما قال عنهم شيخ الإسلام رحمه الله: يقتلون المسلمين ويسالمون الكفار وإذا تأملت وجدت هذا هو الواقع في الخوارج، مع أن الخوارج لو نظرنا إلى عبادتهم القاصرة -يعني: المقصورة عليهم- لرأيناهم من أكمل الناس، يقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيهم: (إنكم -ويخاطب الصحابة- تحقرون صلاتكم عند صلاتهم، وقراءتكم عند قراءتهم) يعني: هم أكمل منكم في اللفظ؛ لكن يقول عليه الصلاة والسلام: (إنهم يقرءون القرآن لا يتجاوز حناجرهم) أعاذنا الله وإياكم من ذلك، اللهم أدخل الإيمان في قلوبنا وثبته فينا يا رب العالمين. يقول: (إن القرآن لا يتجاوز حناجرهم، وإنهم ليمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية) السهم إذا طرب الرمية مرق منها بسرعة وخرج، هم يمرقون من الإسلام كذلك. أقول: إن رجلاً من الخوارج جاء إلى علي بن أبي طالب وقال: يا علي انظر ما قال: يا أمير المؤمنين لأنه لا يعتقد أنه أمير المؤمنين قال: يا علي ما بال الناس اختلفوا عليك ولم يختلفوا على أبي بكر وعمر؟ سؤال محرج! لكنه وجه إلى أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. في عهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، منذ قتل عثمان حصلت فتن عظيمة بين الصحابة أنفسهم، لكن هذه الفتن التي حصلت زاد الناس فيها ونقصوا، وكذبوا -أيضاً- ووضعوا، فالكثير من التاريخ في هذه المسألة بالذات -أي: في ما وقع بين الصحابة- في صفين والجمل وغيرها كثير منها كذب، وكثير منها ضعيف، والصحيح فيها كما قال شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية: الصحيح منها هم فيه معذورون متأولون، من أخطأ منهم فله أجر، ومن أصاب فله أجران. ولا يحل لنا أن نميل مع واحد منهم أبداً، وإن كنا نعتقد أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو الخليفة الرابع، وأن خلافته لم تنته إلا بموته، وأنه أقرب إلى الحق من غيره، هذا لا شك عندنا فيه، لكن كوننا نبغض هذا ونحب هذا غلط، ولذلك قال العلماء: يجب علينا -وهو مذهب أهل السنة والجماعة - أن نمسك عما جرى بين الصحابة. وعبر بعضهم بقوله: ونسكت عن حرب الصحابة فالذي جرى بينهم كان اجتهاداً مجرداً أي: نسكت، ولا نتكلم فيه، ولا ننشره بين الناس؛ لأنك إذا نشرت هذا بين الناس فلا بد أن ينقدح في قلب أحدهم الميل إلى هذا أو إلى هذا فيهلك، فالأولى أن ندع الحديث عما جرى بين الصحابة، ولهذا لما سئل عمر بن عبد العزيز رحمه الله الذي اعتبره بعض العلماء الخليفة الخامس لما سئل عما وقع بين علي ومعاوية قال كلمةً هي جديرة أن تكتب بماء الذهب، قال للذي سأله: [هذه دماء طهر الله أسيافنا منها، فيجب أن نطهر ألسنتنا منها] يعني: تلك أمة قد خلت، ولا ينبغي لنا أن نقرأ ما جرى بينهم؛ لأن هذا لا بد أن يوقع في قلب الإنسان الميل مع أحدهم، وما ذهب إليه أهل السنة والجماعة هو الحق، وهو الخير؛ أن نمسك عما جرى بينهم كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية وغيره من العلماء، وأن نقول: هؤلاء أمة قد خلت لها ما كسبت ولنا ما كسبنا، ولا نسأل عما كانوا يعملون. الذي نريد من الحكومة أن تصنع كل ما يريد، وأن تكون حكومات الخلفاء الراشدين، ولكننا إذا نظرنا أنفسنا وإذا نحن مفرطون، مفرطون أولاً في حق الله عز وجل، فعندنا كذب، خيانة، تقصير في الواجب، أليس كذلك؟ نشهد على أنفسنا بهذا، عندنا هذا كله، عندنا -أيضاً- تقصير في حق الدولة، فما أكثر الذين يخدعون الدولة ويلبسون الأمور عليها، ويكتمون ما تطلب الدولة إظهاره! وهذا شيء يعرفه كل واحد منكم ولا يخفى عليكم. هل هذا عدل أن نريد من الحكومة أن تبذل كل ما في وسعها من الاستقامة حتى تكون كالخلفاء ونحن على العكس؟ لا، هذا داخل في قوله: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين:2-3] ونحن نرجو الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا ودولتنا الاستقامة على الحق، وأن يصلح أمورهم، ونحن نعلم أنه لا يوجد اليوم على ظهر الأرض أحد من الولاة مثل ولاة أمورنا على ما فيهم من التقصير، وأنه لا يوجد شعب يمثل الإسلام والتوحيد حقيقةً مثلما يمثله الشعب السعودي على ما فيه من التقصير. نحن لا نقول هذا تحيزاً أو تعصباً، لكننا نسمع ونقرأ عن البلاد الأخرى، فإذاً يجب العدل، اطلب وأعطا، أما أن تطلب بلا عطاء فإن هذا لا شك من الحيف والجور.

التطفيف الواقع في تقسيم الأشخاص

التطفيف الواقع في تقسيم الأشخاص كذلك -أيضاً- من الحيف والجور أن يتكلم الإنسان في شخص كعالم أو تاجر أو أي إنسان، ثم يذكر مساوئه التي قد يكون معذوراً فيها، ولا يذكر محاسنه، هل هذا من العدل؟ يأتي إلى عالم من العلماء أخطأ في مسألة قد يكون معذوراً فيها، ثم ينشر هذه المسألة التي أخطأ فيها وينسى محاسن هذا العالم الذي نفع العباد بكثير من علمه، هذا لا شك أنه تطفيف وجور وظلم. إذا كنت تريد أن تقوِّم الشخص فلا بد أن تذكر محاسنه ومساوئه، أما إذا كنت تريد أن تتكلم على خطأ معين لتحذر الناس منه؛ فنعم اذكر الخطأ لكن بقطع النظر عن قائله، وقل مثلاً: سمعنا أن بعض الناس يقول كذا وكذا وهو خطأ، ثم تُبين الخطأ، أما أن تريد أن تنشر مساوئ الآخرين دون محاسنهم فهذا ظلم وجور. كذلك -أيضاً- بعض الناس يتكلم مثلاً في واحد من التجار، هذا التاجر قد نفع الناس بتجارته، بإقراض المحتاجين والصدقة عليهم، وبناء المساجد، وأشياء كثيرة، لكن عنده معاملة أخطأ فيها في نظر هذا القائل، فيذهب يسبه بناءً على هذا الخطأ الذي قد يكون هذا التاجر استند فيه على فتوى ربما يكون معذوراً؛ والخطأ على من قال بالخطأ لكنه معذور. هناك الآن تجار لهم خيرات كثيرة، ومحاسن ونفقات، وصدقات، وغير ذلك من المحاسن، لكن أخطئوا في معاملة من المعاملات، وربما يكون هذا الخطأ غير واقعي ولكنه في نظر القائل والمتكلم فيذهب بعض الناس ويضفي ظلالاً على هذه المحاسن ويذهب يتكلم فيه: فلان يبيع في الربا، فلان يتحيل على الربا، فلان يقول كذا وكذا ما هو صحيح هذا، العدل والميزان أن تذكر هذا وهذا، اسمع إلى قول الله تعالى في الأعراب: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة:102] فالعدل والموازنة أمر مطلوب وإلا لكنت من المطففين الذين يريدون الحق لهم كاملاً ولكنهم يهضمون غيرهم.

تفسير آيات من سورة المطففين

تفسير آيات من سورة المطففين أعود إلى الآية الكريمة: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين:1-3] فأقول: ذكر الكيل والميزان هنا إنما هو من باب المثال وإلا فإن المعنى أعم، والضابط: كل من أراد أن يستوفي الحق كاملاً لنفسه ويهضم الآخرين حقوقهم فإنه داخل في هذه الآية.

تفسير قوله: (ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون)

تفسير قوله: (أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ) قال الله عز وجل: {أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ} [المطففين:4] الاستفهام هنا للتوبيخ، يوبخ هؤلاء، يقول: هل أنتم تؤمنون بأنكم ستبعثون يوم القيامة؟ وأقول: نعم هم يقولون: سنبعث لهذا اليوم لكنهم ينسونه عند حلول الشهوات، في الحقوق ينسون أنهم يبعثون، وإلا لو أن الإنسان إذا حدثته نفسه أن يخل بواجب أو ينتهك محرماً تذَّكر يوم المعاد، فما أظن عاقلاً يؤمن بذلك إلا وكف نفسه عن المحرم وألزمها بفعل الواجب كل إنسان يهم بأن يترك واجباً أو يفعل محرماً ثم يتذكر اليوم الآخر، ذلك اليوم العظيم الذي وصفه الله بأنه يجعل الولدان شيباً لا يمكن أن يقدم على ترك واجب أو على فعل محرم أبداً، لكن الغفلة والنسيان تستولي علينا حتى ننسى هذا اليوم العظيم اللهم ذكرنا به يا رب العالمين. {أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} [المطففين:4-5] وهنا سؤال نحوي بلاغي، قال: {أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ} [المطففين:4] أشار بإشارة البعيد مع أنهم قريبون يتحدث عنهم الآن، فلماذا أشار إليهم بإشارة البعد؟ أشار إليهم بإشارة البعد لا تفخيماً وتعظيماً لهم، ولكن إشارة إلى دنو مرتبتهم وضآلة مسلكهم، وأنهم بعيدون عن الحق.

تفسير قوله: (ليوم عظيم)

تفسير قوله: (لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) قال تعالى: {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} [المطففين:5] ما هذا اليوم؟ يوم القيامة، يفسره قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} [الحج:1-2] من شدة الهول، وهنا سؤال عارض على الآية الأخيرة: هل يوم القيامة فيه مراضع، وحوامل حتى تذهل المرضعة عما أرضعت وحتى تضع الحامل حملها؟ A قال بعض العلماء: إن هذه الزلزلة قبل قيام الساعة، وتزلزل الأرض، ويندهش الناس، وتذهل المرضعة عما أرضعت، والحامل تضع حملها، وعلى هذا القول لا إشكال في الآية. والقول الثاني: أن ذلك يكون يوم القيامة وهذا هو القول الراجح لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما وصف يوم القيامة قال: (وذلك يوم يشيب الوليد -أو قال: الولدان- وتذهل المرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها) فهو يوم القيامة. يرد علينا الآن: هل في يوم القيامة مراضع وحوامل؟ الجواب: لا. لكن اللغة العربية تأتي بمثل هذا الأسلوب تعظيماً وتفخيماً.

تفسير قوله: (يوم يقوم الناس لرب العالمين)

تفسير قوله: (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) نعود إلى قوله تعالى: {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:5-6] يقومون من قبورهم لرب العالمين، ولم يذكر الله تبارك وتعالى كيف يقومون لكن في آيات أخرى وأحاديث بين أنهم يقومون سراعاً: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج:43] وقال عز وجل: {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ٌ} [إبراهيم:42-43] القلوب طائرة هواء. وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنكم تحشرون حفاةً عراةً غرلاً بهماً) كم الأوصاف؟ (حفاةً عراةً غرلاً بهماً) الحفاة: الذين ليس عليهم نعال ولا خفاف، العراة: الذين ليس عليهم ثياب، الغرل: هم الذين لم يختتنوا، الختان يعني الطهارة، تقطع القلفة في الختان، يوم القيامة ترجع، يعود الإنسان ما نقص منه شيء كما قال عز وجل: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء:104] بهماً: قال العلماء: أي ليس معهم أموال يفتدون بها ويفكون أنفسهم، يحشر الناس على هذا. عائشة رضي الله عنها قالت: (يا رسول الله الرجال والنساء عراة؟ قال: نعم، الأمر أعظم من أن يهمهم ذلك) اللهم أعنا على هذا اليوم، الأمر أعظم، وإذا شئت أن يتبين لك هذا فاقرأ قول الله تعالى: {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:33-37] أنت وأخوك في الدنيا تتآلفان، يأوي بعضكم إلى بعض، ويأنس بعضكم ببعض، وكذلك مع الأم والأب، ومع الصاحبة والابن، لكن في يوم القيامة يفر المرء من هؤلاء. قال العلماء: معنى كونهم يفرون: خوفاً من أن يطالبوهم بالحقوق، الأب يفر من ابنه يخشى أن يقول ابنه: يا أبت إنك ضيعت تأديبي، وكذلك البقية يخشون أن يحتج هؤلاء عليهم بحقوق يطالبونهم بها يوم القيامة. أجارنا الله وإياكم من العذاب الأليم؛ ولهذا وصفه الله هنا قال: {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:5-6] . وقوله: {لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:6] من المراد بالعالم؟ كل من سوى الله فهو عالم، نحن نقرأ في الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] من رب العالمين؟ هو الله. من العالمون؟ هم كل ما سوى الله؛ لأن لا يوجد إلا رب ومربوب، الرب هو الواحد الأحد ومن سواه مربوب؛ ولهذا قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في العالمين: كل من سوى الله فهو عالم وأنا واحد من ذلك العالم.

تفسير قوله: (كلا إن كتاب الفجار لفي سجين)

تفسير قوله: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} [المطففين:7] كلا في القرآن الكريم واللغة العربية تأتي لمعاني منها أن تكون بمعنى: حقاً، فهنا: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} [المطففين:7] يعني: حقاً إن كتاب الفجار لفي سجين. ومن المراد بالفجار هنا؟ الكفار، كتابهم، يعني: أنهم مكتوبون في سجين، وسجين: هي الأرض السفلى بدليل: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} [المطففين:18] عليين: أعلى شيء؛ فيكون سجين أسفل شيء، وهذه قاعدة في القرآن الكريم: أن الشيء يعرف بضده، فلولا أنه قال: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} [المطففين:18] ما فهمنا معنى سجين، لكن قَابِل كتاب الأبرار وكتاب الفجار، فإذا كان هذا في عليين فالثاني في الأسفل، وهذه قاعدة من التفسير: أنك تعرف الكلمة بذكر ما يقابلها، انظر إلى قول الله تعالى: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً} [النساء:71] ما معنى ثبات؟ فرادى، من أين عرفت فرادى؟ من قوله: {أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً} [النساء:71] . وإلى هنا ننتهي إلى ما نريد أن نتكلم عليه في هذه الآيات الكريمة، وأكرر أنه ينبغي لنا أن نحرص على تدبر القرآن وتفهم معناه، وسؤال العلماء إذا كنا لا نعلم. أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يتلون كتابه حقه تلاوته، وأن يجعله شفيعاً لنا يوم نلقاه إنه على كل شيء قدير، وإلى الأسئلة نرجو الله أن يوفقنا للصواب.

الأسئلة

الأسئلة

حكم تأخر الموظف عن الدوام وتعويض ما تأخره بعد الدوام

حكم تأخر الموظف عن الدوام وتعويض ما تأخره بعد الدوام Q فضيلة الشيخ: يوجد في المؤسسات من تلزم الموظف بالتقيد بالحضور مبكراً والخروج في الوقت المحدد، علماً يا فضيلة الشيخ أن الموظف يزيد أحياناً عن الوقت الملزم به، وأحياناً يأتي متأخراً لأن المؤسسة لا تعطيه قيمة الوقت الزائد، فيقوم هو بتعويض نفسه بالتأخر في حالة الوقت الزائد الذي قام به، وفي بعض الأحيان لا ينضبط له الوقت فيزيد أو ينقص، فهل هذا يدخل في صفات المطففين؟ ما توجيهك لهذه الحالة جزاك الله خيراً؟ A هذا يرجع إلى إدارة المؤسسة، إذا كانت المؤسسة تسمح للموظف عندها أن يتأخر في الحضور ويتأخر في الخروج فيقضي ما فات في آخر الوقت فلا بأس، وإما إذا كانت لا تسمح فليس له أن يدبر نفسه هو ويقول: إذا نقصت في هذا فسأزيد في هذا، لأنه تحت إمرة، بمعنى: تحت إمارة لها السلطة عليه، فيجب أن يحضر في أول الحضور ويتأخر حتى ينتهي الوقت، إلا إذا كانت هذه المؤسسة أو الدائرة تسمح بأن يتأخر في المجيء ويتأخر في الخروج فلا بأس.

حكم استعمال جهاز التسجيل التليفوني

حكم استعمال جهاز التسجيل التليفوني Q فضيلة الشيخ: أنا أخ لذكور وإناث في سن المراهقة، لذا فإني أستعمل جهاز التسجيل التليفوني درأً للمفاسد، حيث تم درأ مفاسد من خلاله، فما رأيكم يا فضيلة الشيخ بهذا العمل، مع العلم أنهم لا يعلمون بذلك؟ A رأيي في هذا: أنه من التجسس، ولا يجوز لأحد أن يتجسس على أحد، لأننا ليس لنا إلا الظاهر، ولو ذهبنا نتجسس على الناس لتعبنا تعباً عظيماً، لتعبنا في طريق التجسس وتعبت ضمائرنا فيما نسمع أو نرى، وإذا كان الله تعالى يقول: {وَلا تَجَسَّسُوا} بعد قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا} [الحجرات:12] . لكن إذا رأى قيم البيت أمارات ظاهرة تدل على هذه الاتصالات الخبيثة فلا بأس أن يضع مسجلاً من حيث لا يعلمون، لكن عليه إذا علم من أول الأمر ألا يتابع، بل يوبخهم حالاً؛ لأنه ربما إذا تابع سمع أشد مما كره أولاً، فمثلاً: إذا علم الليلة بمكالمة رديئة فمباشرة من الصباح يتكلم مع الذي اتصل بصاحبه ويوبخه، لا يقل: دعها إلى الليلة الثانية، الليلة الثالثة، الرابعة، لأرى ما عندهم هذا غلط، يجب قطع الطريق من أول الأمر فإذا فعل فلا بأس، أما مجرد اتهامات أو وساوس فلا يجوز، لكن إذا علم أن الأمر خطير وأن هذا يقع، وغلب على ظنه غلبةً قوية فلا بأس أن يضع هذا المسجل من أجل أن يتحقق في الأمر.

وجوب العدل بين الأولاد

وجوب العدل بين الأولاد Q فضيلة الشيخ: أنا شاب لا يساويني أبي بإخواني وجعلني منبوذاً من بينهم دون سبب يذكر، فما نصيحتك لي يا فضيلة الشيخ مع العلم أني أدعو له في كل يوم؟ A أما نصيحتي لك فالصبر، اصبر فإن العاقبة للمتقين، فعليك بالصبر والتحمل، لكن لا مانع من أن توعز إلى أحد من أصحاب أبيك الذين تثق بهم أن ينصح أباك، أو أن تأتي إليه بشريط تسمعه، أو برسائل صغيرة تسمعه أنه يجب عليه أن يعدل بين أولاده، ولقد أهدى بشير بن سعد الأنصاري إلى ابنه النعمان بن بشير هدية، فجاء إلى أم النعمان بن بشير وأخبرها، فقالت له: أشهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على ذلك. فذهب إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأخبره، قال: (هل لك بنون؟ قال: نعم. قال: أعطيتهم مثل ما أعطيت النعمان؟ قال: لا. قال: أشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور) فتبرأ منه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: (إني لا أشهد على جور) فدل ذلك على أن عدم العدل بين الأولاد من الجور. حتى كان السلف رحمهم الله يعدلون بين أولادهم في القبل، يعني: إذا قبل واحداً قبل الثاني، وإذا ضحك في وجه واحد ضحك في وجه الثاني، والله تبارك وتعالى يحب المقسطين أي العادلين، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (المقسطون على منابر من نور على يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، وهم الذين يعدلون في أهليهم وما ولوا) . وبهذه المناسبة أنبه على مسألتين مهمتين: المسألة الأولى: أن الإنسان يكون عنده أولاد كبار وصغار، الكبار يحتاجون إلى سيارة للدراسة أو للعمل أو ما أشبه ذلك لأنهم ما يستطيعون ثمنها فيشتري لهم سيارة ولا يعطي الآخرين الصغار، وهذا لا يجوز؛ لأن هذا جور، فإذا قال الأب: ابني الكبير يحتاج إلى سيارة ولا يقدر على ثمنها. نقول: الحمد لله، اشتر السيارة باسمك أنت وقيدها باسمك، وأعطها إياه على سبيل العارية، نحن لا نقول: لا تساعده، بل ساعده، لكن السيارة باسمك وأعطها إياه على سبيل العارية، تقضي حاجته ولا تجور على إخوانه، وكثير من الناس لا يفقه هذا الشيء وتجده يشتري السيارة لهذا الكبير ولا يعطي الصغار. المسألة الثانية: بعض الأولاد كبار يحتاجون إلى تزويج فيزوجهم، والآخرون صغار لا يحتاجون إلى التزويج، فهل يجب عليه أن يعطي الصغار مثل ما أعطى هؤلاء لمهر النكاح؟ لا. لا يجب. بل ولا يجوز؛ لأن الصغار لا يحتاجون إلى المهر، يعني: إلى الصداق، لكن هل يجب عليه أن يوصي لهم ويقول: إذا مت فأعطوا ابني الفلاني والفلاني والفلاني مثلما أعطيت الابن الذي تزوج؟ أقول: هل يجب أن يوصي بذلك أو لا؟ لا يجوز، لا يجب ولا يجوز للصغير، لا يجوز أن يوصي لهم، لماذا لا يجوز؟ لأن التزويج مثل النفقة، كل يعطى ما يحتاج، هؤلاء صغار مات وهم صغار لم يبلغوا أن يتزوجوا فلا يجوز أن يوصي لهم، لا يجب ولا يجوز. أرأيت الآن لو أن إنساناً عنده بنت وابن، البنت تحتاج إلى حلي: تحتاج إلى خروص في الأذن، وإلى خواتم في اليد، وإلى قلادة في العنق، وإلى ذهب فوق الرأس، والابن يحتاج إلى غترة وطاقية، كم قيمة الغترة والطاقية؟ خمسة وعشرون، وتلك بكم اشترى لها الذهب؟ يمكن بخمسة أو ستة آلاف، هذا ليس بجور لأنه اشترى للبنت ما تحتاج واشترى للولد ما يحتاج؛ والنفقة ليست بالكمية ولكن بالحاجة. إنسان منهم مرض وأنفق على علاجه نفقات كثيرة، هل يعطي الآخرين الأصحاء مثلها؟ لا، لأن هذه حاجة. طالب علم يحتاج إلى كتب والآخرون لا يحتاجون إلى الكتب، اشترى لهذا كتباً يحتاجها هل يلزم أن يعطي الآخرين؟ لا، إذاً العدل: أن يعطي كل إنسان ما يحتاج.

حكم الأم التي بتفريطها قتلت وليدها

حكم الأم التي بتفريطها قتلت وليدها Q فضيلة الشيخ: امرأة لديها طفلة، وهذه الطفلة تبلغ من العمر شهرين وضعتها في ظل الجدار وذهبت تؤدي عملها في المنزل، فانشغلت عنها، فلما رجعت وجدت الشمس قد أتت عليها وذهب عنها الظل، ثم بعد ذلك مرضت هذه الطفلة، وذُهِب بها إلى المستشفى، ثم بعد أسابيع توفيت هذه الطفلة، هل يلحق هذه المرأة كفارة أو شيء؟ وهل تعتبر متسببةً في وفاة طفلتها؟ A أولاً يجب أن نعلم أنه لا بد أن نتيقن أنها ماتت بسبب أمها، وهذا لا يمكن أن نعلمه لأنها قد تمرض بدون أن تصل الشمس إليها وحينئذٍ لا يلزم الأم شيء. ونظير ذلك أن بعض الناس أو بعض النساء تُنوم طفلها أو ابنتها إلى جنبها فإذا أصبحت وجدته ميتاً، فتقول: أخشى أنني انقلبت عليه وأنا نائمة وما دريت فهل يلزمها شيء على هذا؟ لا، لأنها قد تكون ماتت بدون سبب، فلا يلزمها شيء. إذاً هذه الطفلة التي وضعتها تحت الجدار ثم جاءتها الشمس هل هي تتيقن أنها ماتت بسبب الشمس؟ إن قدر أنها تيقنت ذلك فننظر: هل هي ذهبت عن البنت والشمس قريبة منها أو لا؟ إن كانت الشمس بعيدة ولا يخطر ببالها أن تأتي الشمس إليها حتى تهلكها فليس عليها شيء، وإن كانت قريبة فقد تسببت في وفاتها فعليها أن تكفر كفارة قتل النفس الخطأ، وعلى عاقلتها دية لمن يرث هذه الطفلة، لكن الدية الغالب أن الناس يتسامحون فيها وتبقى الكفارة، فالكفارة لا بد أن نتيقن أن الطفلة ماتت بسبب وصول الشمس إليها وإلا فلا شيء عليها.

خطر الخادمات والفتنة بهن

خطر الخادمات والفتنة بهن Q فضيلة الشيخ: أشهد الله العلي الكبير في هذا اليوم المبارك أني أحبك في الله، فضيلة الشيخ: أنا شاب لا أتجاوز الخامسة عشرة من عمري، وأنا إن شاء الله من الشباب الملتزم، ولكن في بيتنا خادمة وهي سيمة، فهل يصح أن أراها علماً أني لا أستطيع إخراجها لأن أمي مريضة وتريدها أيضاً، ولكن يا فضيلة الشيخ تعرض لي هذه الفتاة حتى في المنام فما نصيحتك لي وفقك الله؟ A أقول: أحبه الله الذي أحبنا فيه، وأخبركم -أيها الإخوة- أن المحبة في الله من أوثق عرى الإيمان. أما بالنسبة لالتزامه فأسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياه على الحق. وأما بالنسبة للخادم فأرى أن يفر منها فراره من الأسد، وألا يكلمها وألا ينظر إليها، وأن يسعى في ترحيلها وجلب خادم لا يكون بها فتنة، وإلا فمن المعلوم أن الخادمة هذه إذا كانت وسيمة وهو شاب فإما أن يدعوها هو أو تدعوه هي، فالشيطان لا بد أن يلقي بينهما الوساوس حتى يحصل الشر. فلهذا أقول: لو أنه هو يخدم أمه كما تخدمها هذه الخادمة ولا تبقى هذه الخادمة في البيت لكان هذا أحسن، فأرى أن يبادر بإعطاء هذه الخادمة حقها وترحيلها إلى أهلها، وأن يأتي بخادم لا يفتتن بها ولا تفتتن به، وإلا فالأمر خطير إن لم يصبها قريباً أصابها على المدى البعيد، إلا أن يشاء الله عز وجل، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) . ومن ثم أقول أيها الإخوة: إن خطر الخادمات خطر عظيم، كنت سابقاً أتساهل في مسألة المحرم (أن تأتي الخادمة بلا محرم) بمعنى: أنه إذا جاء بها ثم رجع فلا بأس، لكن بعد أن سمعت ما أكره، رأيت أنه لا بد أن تأتي الخادم بمحرم ويكون ملازماً لها إلى أن ترحل، سمعنا أشياء عجيبة لا أحب أن أذكرها لأنها تحزن كل مسلم!! فالواجب أن نتقي الله في أنفسنا وفي مجتمعنا، وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه (ما ظهر الزنا في قوم إلا ظهرت فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم) أعاذنا الله وإياكم من ذلك.

جواز تيمم المقعد العاجز للصلاة

جواز تيمم المقعد العاجز للصلاة Q فضيلة الشيخ: رجل مقعد يشق عليه الوضوء، وهو رجل تستعمل له الحفائظ، فهل يتيمم؟ A أقول: إذا كان هذا الرجل يشق عليه تكرار الوضوء فهنا طريقة: إذا أمكن أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير، وبين المغرب والعشاء جمع تقديم فيتوضأ في وقت العصر للظهر والعصر، ويكفيه ذلك للمغرب والعشاء، يقدم العشاء من حين يدخل وقت المغرب، يكفيه وضوءه واحداً لأربع صلوات؛ لأن المريض يجوز له الجمع، بالنسبة للفجر يكون وضوءه واحداً، فإذا لم يتمكن وشق عليه ذلك فله أن يتيمم؛ لأن الله سبحانه وتعالى جعل هذا الدين -والحمد لله- يسراً، قال الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء:43] أو: هنا بمعنى الواو أي وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ وجَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة:6] فنقول: تيمم وفضل الله واسع، ودين الله يسر.

حكم بيع الأعضاء وعمليات التجميل

حكم بيع الأعضاء وعمليات التجميل Q فضيلة الشيخ: نحن الأطباء نعاني من شيئين آمل منكم الإجابة: أولاً: يطلب منا في بعض الأحيان أن نقنع ولي أمر المريض المتوفى دماغياً بالتبرع بأعضائه، فهل ذلك جائز؟ وهل التبرع بالأعضاء جائز؟ ثانياً: يطلب منا كذلك عمل بعض العمليات التجميلية كتعديل الأنف، شفط الدهون، تصغير أو تكبير الثديين. إلخ، فما حكم هذه العمليات؟ وما الضابط وفقك الله وجزاك خيراً ونفع بك؟ A أما الأول -وهو التبرع بأعضاء الميت- فهذا حرام ولا يجوز؛ لأن الله سبحانه وتعالى جعل جسم الإنسان أمانة عنده، فقال عز وجل: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء:29] ولا فرق في التبرع بالأعضاء بين الحياة والموت، بمعنى: أن الحي لا يجوز أن يتبرع بشيء من أعضائه وأن الميت لا يجوز أن يتبرع بشيء من أعضائه، وأولياؤه ليس لهم الحق بالتبرع في شيء من أعضائه بعد وفاته، لأن الأولياء يرثون المال، أما أعضاء الميت فهي محترمة، حتى لو سمح الورثة أن تقطع أعضاء الميت للتبرع بها فإنه لا يجوز، بل قال الفقهاء رحمهم الله في كتبهم في كتاب الجنائز: لا يجوز أن يؤخذ شيء من أعضائه ولو أوصى به، حتى لو أوصى المريض بأن يؤخذ شيء من أعضائه فإنه لا يجوز تنفيذه؛ لأن جسم الإنسان أمانة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (كسر عظم الميت ككسره حياً) فكما أنه لا يجوز أن تكسر عظم الحي فلا يجوز أن تكسر عظم الميت. وما أكثر الفساد الذي حصل من أجل التبرع بالأعضاء، سمعنا في بلاد أنهم يأتون إلى الصبيان في الأسواق ثم يخطفونهم ويذبحونهم، ويبادرون بأخذ الأكباد وأخذ الكلى، يبيعونها، سباع! فلذلك نرى أن هذا حرام، لا يجوز ولو أوصى به الميت، وإذا لم يوص به فهو أشد، حتى الحي لا يجوز أن يتبرع، لو أن ابنك أو أباك أو أخاك أو أختك احتاجت إلى كلية فلا يجوز أن تتبرع بكليتك له، حرام عليك؛ أولاً: لأنها قد تزرع الكلية التي أخذت من موضعها إلى موضع آخر فقد تنجح وقد لا تنجح، حتى وإن غلب على الظن النجاح فهو جائز ألا تنجح، وأنت الآن ارتكبت مفسدة وهي إخراج هذه الكلية من مقرها الذي أقرها الله فيه إلى موضع قد ينجح وقد لا ينجح، وإذا غلب النجاح فالمفسدة محققة. ثانياً: أعندك علم بأن الكلية باقية ستستمر سليمة إلى أن تموت؟ لا، ربما تمرض الكلية الباقية، فإذا مرضت فلا شيء يعوض، فتكون أنت سبباً لقتل نفسك، وعلى هذا فلا يجوز التبرع بالكلى مطلقاً، ولا بالكبد مطلقاً، ولا بأي عظم مطلقاً، لا في الحياة ولا بعد الممات. طيب فإذا قال قائل: فالدم؟ قلنا: الدم لا بأس بالتبرع به عند الحاجة بشرط ألا يحصل على المتبرع ضرر، والفرق بين الدم والعضو أن الدم يأتي خلَفه والعضو لا يأتي خلَفه، الدم بمجرد ما ينتهي أخذ الدم منه يعطى غذاءً ويرجع الدم بإذن الله عز وجل، لكن العضو إذا فقد لا يرجع. أما موضع التجميل الذي ذكر، فالتجميل نوعان: النوع الأول: إزالة عيب. والنوع الثاني: زيادة تحسين. أما الأول فجائز -إزالة العيب- فلو كان الإنسان أنفه مائل فيجوز أن يقوم بعملية لتعديله؛ لأن هذا إزالة عيب، الأنف ليس طبيعياً بل هو مائل فيريد أن يعدله، كذلك رجل أحول، الحول عيب بلا شك، لو أراد الإنسان أن يعمل عملية لتعديل العيب يجوز أو لا يجوز؟ يجوز، ولا مانع، لأن هذا إزالة عيب. لو قطع أنف الإنسان لحادث هل يجوز أن يركب أنفاً بدله؟ يجوز؛ لأن هذا إزالة عيب، وقد وقعت هذه الحادثة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، قطع أنف أحد الصحابة في حرب من الحروب، فالرجل جعل عليه أنفاً من فضة، ركبه على الأنف، فأنتنت الفضة، الفضة تنتن، صار لها رائحة كريهة، فأذن له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يتخذ أنفاً من ذهب فاتخذ أنفاً من ذهب، إذاً هذا نقول: تجميل أو إزالة عيب؟ إزالة عيب، هذا جائز. كذلك لو أن الشفة انشرمت، فيجوز أن نصل بعضها ببعض لأن هذا إزالة عيب. أما النوع الثاني: فهو زيادة تحسين، هذا هو الذي لا يجوز؛ ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المتفلجات للحسن، بمعنى: أن تبرد أسنانها حتى تتفلج وتتوسع للحسن، لعن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك، ولعن الواصلة التي تصل شعرها القصير بشعر وما أشبه ذلك. بقي أن ننظر العملية لتكبير الثدي أو لتصغيره يجوز أو لا يجوز؟ هذا تحسين، إلا إذا كانت المرأة الصغيرة الثدي تريد أن يكبر لأجل أن يتسع للبن، يعني: بحيث يكون ثديها صغيراً لا يروي ولدها، فهذا ربما نقول: أنه لا بأس به، أما للتجميل فإنه لا يجوز. فهذا هو الضابط يا أخي الطبيب لمسألة التحسين، التحسين إذاً كم؟ نوعان: الأول: لإزالة عيب وهذا لا بأس به، والثاني: لزيادة تجميل فهذا لا يجوز.

تحمل المناجش لتبعة نجشه دون الشركاء

تحمل المناجش لتبعة نجشه دون الشركاء Q فضيلة الشيخ: لنا أرض تركة تم تجزئتها وبيعها، وسيتم تقسيم ثمنها علينا، إلا أنه انتشر بين الناس أن في بيع القطع نجش من أحد الورثة، ولا نعلم صحة هذا الخبر، علماً أن الذي تدور حوله الشكوك قام بشراء مجموعة من القطع بالمزاد العلني أثناء البيع، فسؤالي يا فضيلة الشيخ: هل يحل لنا أخذ نصيبنا من التركة، أم ماذا نفعل جزاك الله خيراً؟ A أقول أولاً: لا بد من أن نثبت أن هذا مناجش، لأنه قد يرى أن القطعة قيمتها قليلة فيشتريها. ثانياً: إذا ثبت أنه مناجش وصار الدور عليه بمعنى: أنه هو الذي اشتراها، فإن كان هناك زيادة فهي عليه ولا شيء عليكم أنتم، فصار لا بد من أمرين: أن نعلم أنه مناجش، والثاني: إذا علمنا أنه مناجش ووقف الدور عليه واشتراها فإن ذلك لا حرج عليكم فيه.

الرد على الإمام في الصلاة

الرد على الإمام في الصلاة Q فضيلة الشيخ: ما هي شروط الرد على الإمام إذا أخطأ في قراءته في الصلاة، علماً أن هناك من الأئمة من لا ينتظر ويعيد القراءة؟ A الرد على الإمام في الصلاة لا بد منه سواء في الفاتحة أو غير الفاتحة، والإمام إذا سمع الرد يجب عليه أن يرجع للصواب، بعض الأئمة يقول: إنني إذا رد عليَّ الناس تلخبطت وعجزت أن أقرأ نقول: الحمد الله، فدواء هذا سهل، ما هو الدواء؟ أن يركع، وإذا ركع فلا بأس، هاهو النبي عليه الصلاة والسلام قرأ مرةً في صلاة الفجر سورة المؤمنون {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] لما وصل قصة موسى وهارون أصابته سعلة -يعني: كحة- فوقف وركع، وكذلك للإمام إذا تلخبط فليركع، ولكل داء دواء -والحمد لله- أما أن يقول للناس: لا تردوا علي فهذا غلط، وإذا رد عليه يجب أن يعدل، فالقرآن كلام الله عزَ وجل لا بد أن يكون كما أنزل.

قضاء صوم الكفارة عمن مات وهو عليه

قضاء صوم الكفارة عمن مات وهو عليه Q فضيلة الشيخ: توفي والدي وقد قتل نفساً بغير عمد في حادث مروري، وقد أدى ما عليه من الدية وصام شهراً ونصف شهر لكنه لم يستطع أن يصوم باقي الشهر الثاني فأوصاني أن أصوم عنه البقية وذلك قبل أن يتوفى بسنين، وقد تصدق هو وتصدقنا عنه بعد وفاته، مع العلم أنه خلال هذه السنين لم نستطع أن نصوم الباقي، هل يجب علي أن أصوم عنه؟ أفدني جزاك الله خير. A لا يجوز أن يصوم عنه، لأن الذي فهمنا من السؤال: أن أباه قد عوفي وتمكن من الصيام، ولكنه لم يفعل، وبناءً على ذلك فإنه لا يصح أن يصوم عنه، أرأيت لو قلت لواحد من الناس: يا فلان أنا اليوم تعبان، توضأ عني وأنا أصلي، يجوز أو لا يجوز؟ ما يجوز، أو قال: والله أنا اليوم تعبان وعليَّ قضاء من رمضان فصم عني، فهذا لا يجوز. فإذا كان هذا الرجل قد تمكن من بقية الصوم ولم يفعل فإنه لا يصام عنه ولا يصح أن يصام عنه، أما إذا امتد به المرض حتى مات فهذا لا بأس أن يصوم عنه، ولكن تكون الأيام متتابعة، يعني: لا يفطر بينها إلا لعذر شرعي.

صلاة المستحاضة والضابط في ذلك

صلاة المستحاضة والضابط في ذلك Q أنا امرأة كبيرة كان عدد أيام الحيض في بداية الدورة سبعة أيام، ثم أصبت بمرض قبل مدة عشر سنوات فأصبح دم الحيض يستمر نزوله مدة ما يقارب الخمسة والعشرين يوماً أو العشرين أو الخمسة عشر يوماً، فكم يوماً أجلس بدون صلاة؟ وأحياناً قبل نزول الدم أرى خيوطاً حمراء بغزارة، فهل أصلي عند رؤية هذه الخيوط أما لا؟ أفدني أفادك الله. A ما دام الدم يستمر معها إلى خمسة وعشرين يوماً أو عشرين يوماً فهذه استحاضة، ترجع إلى عادتها الأولى قبل أن تصاب بهذا المرض، ثم تجلس العادة وتغتسل وتصلي، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة التي لها عادة سابقة أن ترجع إلى عادتها ثم تغتسل وتصلي ولو كان الدم يجري، ولا يضرها هذا الدم، وكذلك ما تراه المرأة من صفرة أو كدرة قبل ابتداء الحيض فلا عبرة به، قالت أم عطية رضي الله عنها: [كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً] وفي لفظ البخاري: [كنا لا نعدها شيئاً] بدون تقييد بعد الطهر.

حكم كتابة القرآن على غير وضوء

حكم كتابة القرآن على غير وضوء Q فضيلة الشيخ: أنا أدرس مادة القرآن في إحدى المدارس، ما حكم الكتابة بالطباشير وأنا غير متوضئ للقرآن؟ وما حكم غبار تلك الطباشير الممسوح من تلك الآيات المكتوبة الذي يسقط على الأرض بعد مسحه؟ A هذا كله لا شيء فيه، أما إمساك الإنسان الطباشير والكتابة عليها فإنه لم يمس القرآن، كما لو أن الإنسان أخذ قلماً عادياً وكتب في ورقة سورة الفاتحة مثلاً لكنه لم يمس الورقة فلا شيء في ذلك. وكذلك ما يتناثر من الطباشير التي كتب بها القرآن لا يضر ولا يؤثر؛ لأن الممنوع هو أن يمس الإنسان المكتوب فيه لا الدواة ولا القلم.

كيفية غسل الجنابة

كيفية غسل الجنابة Q فضيلة الشيخ: آمل توجيهكم لي ودلالتي على الطريقة التي تخلصني من هذه المشكلة: فأنا أثناء الاغتسال من الجنابة أجلس تحت الدش فترةً طويلة قد تصل إلى الساعة أو الساعتين، وهذا أدخل عليَّ الحرج، وهذا بسبب كثرة الدلك، سؤالي يا فضيلة الشيخ: ما هي الأماكن التي يركز عليها في الدلك والتي لا يصل إليها الماء؟ A أولاً: لا شك أن الرجل الذي سأل هذا السؤال مصاب بالوسواس -نسأل الله أن يرفعه عنه- لأن الاغتسال سهل: أمر يدك على جسمك بدون دلك يكفي، بل إن الإنسان إذا انغمس في بركة بنية رفع الحدث ثم خرج منها ارتفع حدثه، وليس عليه إلا أن يتمضمض ويستنشق، هذا في الجنابة، أما الوضوء فلا بد من الترتيب وأن يغسل الوجه أولاً ثم اليدين ثم يمسح الرأس ثم الرجلين. فنصيحتي لهذا الأخ: ألا يلتفت لهذا، يتوضأ أولاً وضوءه للصلاة، ثم يفيض الماء على رأسه حتى يرويه، ثم يغسل سائر الجسد، ويتعاهد الإبط لأنه يزل عنه الماء، وكذلك يتعاهد ما بين فخذيه، والباقي واضح، وهو إذا أمر يده على جسمه فقد حصل المقصود.

حكم معالجة العقم وهل للمرأة الفسخ؟

حكم معالجة العقم وهل للمرأة الفسْخ؟ Q فضيلة الشيخ: يعيش عدد من الأزواج بدون أولاد، وذلك لامتناع الإنجاب عنده، فهل الأفضل للرجل العلاج مع الصبر والاحتساب، أو أن يبحث عن بديل؟ أرجو التوجيه وفقك الله. A لا شك أن تأخر الإنجاب قد يكون لكون الرجل عقيماً، وقد يكون لمرض يزول بالمعالجة، وحينئذٍ ننصح الذي تأخر إنجابه أن يعرض نفسه على الأطباء؛ لأن كثرة الأولاد أمر مطلوب للشارع، فليبحث فإن قالوا إنه عقيم فالحمد لله لا يعلم ما هو الصالح، وإن قالوا: إنه ضعيف فليستعمل المقويات، المهم أنه يعرض نفسه على الأطباء لعله يجد علاجاً، ولا ينافي ذلك أن يتوكل على الله، بل فعل الأسباب من التوكل. ولكن أنا فهمت من السؤال شيئاً آخر وهو: هل المرأة تصبر وتحتسب مع هذا الرجل أو لها أن تطالب بالفسخ؟ فنقول: تنظر للمصلحة، إن رأت المصلحة أن تبقى معه على حاله فهو خير، وإن قالت: إنها تريد الأولاد فلتستسمح منه ولتطلب منه أن يفسخ النكاح أو يطلقها.

متابعة المأموم للإمام وكيفية المتابعة إذا أخطأ الإمام

متابعة المأموم للإمام وكيفية المتابعة إذا أخطأ الإمام Q فضيلة الشيخ: سمعت منكم في إحدى خطب يوم الجمعة أنك تقول: يجب ألا يتابع المأموم الإمام إذا زاد في صلاته عن عدد ركعات الفرض كما لو زاد خامسة، فما صفة التنبيه للإمام؟ أرجو التوضيح، وإذا لم يجلس الإمام واستمر في صلاته في الركعة الخامسة فماذا يفعل المأموم، هل يقوم بمتابعة الإمام، أم يستمر في جلوسه؟ A تنبيه الإمام بينه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قوله: (ليسبح الرجال ولتصفق النساء) فيقول الرجل: سبحان الله، لكن أحياناً يقول للإمام وهو قائم إلى الخامسة في الرباعية: سبحان الله. ولكن الإمام يستمر فماذا يصنع؟ نقول: يجلس ولا يتابع الإمام، ثم إذا سلم الإمام سلم معه، وذلك لأن بعض الأئمة يقوم إلى الخامسة لأنه نسي الفاتحة في إحدى الركعات، وإذا نسي الفاتحة في إحدى الركعات لغت الركعة وقامت الركعة التي تليها مقامها، فيأتي بالخامسة بدلاً عن الركعة التي نسي فيها الفاتحة، فتكون صلاة الإمام الآن غير باطلة لأنه أتى بالخامسة ليكمل صلاته التي نقصت بترك ركن من أركانها. أما لو علمنا أن الإمام قام إلى خامسة -أو إلى زائدة أعم- فإننا ننوي المفارقة ونسلم وحدنا وندعه، كما لو كان يصلي الفجر ونعلم أن الرجل قرأ الفاتحة والركوع والسجود تام والقيام من الركوع والجلوس تام والتشهد الأخير -أيضاً- نعلم أنه قرأه فإذا تيقنا أنه قام إلى زائدة فإننا لا نتابعه ونجلس ونسلم، أما إذا لم نتيقن فإننا نجلس ولكن ننتظر حتى يسلم ونسلم معه. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى، ونسأل الله تعالى أن نكون ممن قال الله فيهم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:10] .

اللقاء الشهري [51]

اللقاء الشهري [51] في هذا اللقاء الشهري تكلم الشيخ عن التوبة والحث عليها، مع ذكر شروطها بالشرح والتفصيل، وتكلم أيضاً في هذا اللقاء عن أحكام الطهارة، من وضوء وغسل وتيمم، كما أجاب عن الأسئلة المقدمة إليه من المستمعين، والتي هي غنية بالفقه والفوائد.

شروط التوبة

شروط التوبة الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا لقاؤنا معكم الثابتُ في كل شهر، في السبت الثالث من كل شهر ليلة الأحد، يتم هذا في شهر رجب عام ثمانية عشر وأربعمائة وألف، وبما أننا في مستقبل الشتاء فإن حديثنا في هذه الليلة سينحصر فيما يتعلق بالطهارة، وقبل أن نبدأ بهذا الموضوع نحب أن نعلق بعض الشيء على ما جاء في سورة البروج في قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} [البروج:10] هؤلاء الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات هم أصحاب الأخدود، الذين حفروا في الأرض أخاديد وأوقدوا فيها النيران العظيمة، وعرضوا عليها المؤمنين، فمن استمر على إيمانه ألقوه فيها، ومن كفر نجا منها لكنه لن ينجو من نار الآخرة والعياذ بالله. هؤلاء القوم يفعلون بالمؤمنين هذا الفعل الشنيع، وهم على هذه النار قعود يتفرجون عليها وكأن شيئاً لم يكن، وهذا يدل على قسوة قلوبهم -والعياذ بالله-، وعلى جبروتهم، وعلى شدة محاربتهم لدين الله عز وجل؛ هؤلاء الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات عرض الله عليهم التوبة فقال: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} [البروج:10] وفي قوله: {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} [البروج:10] دليل على أنهم لو تابوا لقبل الله توبتهم ونجاهم من عذاب جهنم وعذاب الحريق. وعلى هذا نفهم من هذه الآية الكريمة: أن التوبة من الذنوب مهما عظمت فإن الإنسان ينجو من عقابها؛ لأن من صفات الله عز وجل العظيمة أن رحمته سبقت غضبه، واعلم أخي المسلم أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والسيئة قال الله تعالى عنها: {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} [غافر:40] . إذا تاب العبد من الذنوب مهما عظمت فإن الله تعالى يتوب عليه، قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] واعلم أن قنوطك من رحمة الله، ويأسك من رحمة الله أعظم من ذنبك، كل الذنوب وإن عظمت فإنها في جانب عفو الله يسيرة سهلة {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] . فإذا تاب العبد توبةً نصوحاً خالصةً لله -جعلني الله وإياكم من التائبين، اللهم اجعلنا من التوابين المتطهرين يا رب العالمين- فإن الله يتوب عليه. واعلم أن التوبة من الذنوب واجبة على الفور لا يجوز للإنسان أن يؤخر فيها، فيبقى على ذنبه وعلى جرمه ويعتمد على التسويف، فيقول لنفسه: إن الله غفور رحيم، ولكن يجب أن يعلم الإنسان أن الله غفور رحيم لكنه شديد العقاب لمن بارزه بالعصيان، استمع إلى قول الله عز وجل: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة:98] وبعدها: {وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة:98] فبدأ بشدة العقاب، واتل قول الله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي} [الحجر:49] يعني: أخبرهم {أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر:50] . فيجب على العبد أن يتوب إلى الله فوراً، إن كان فرط في واجب وهو مما يمكن قضاؤه وتداركه فليفعل، إن كان قد فعل محرماً فليقلع فوراً بدون تأخير؛ وذلك لأن للتوبة شروطاً لا بد من مراعاتها:

من شروط التوبة: الإخلاص لله

من شروط التوبة: الإخلاص لله الشرط الأول: الإخلاص لله، أن يخلص العبد في توبته، فيقلع عن الذنب لأنه ذنب ومعصية لله؛ لا لأن الخلق يرونه بل خوفاً من عقاب الله، يقوم بالواجب لا لأن الخلق يرونه فيمدحونه ولكن لأن ذلك في رضا الله، فالإخلاص لله عز وجل أهم أركان وأهم شروط التوبة، لو تاب الإنسان خوفاً من السلطان أتصح توبته؟ لا، {تُوبُوا إِلَى اللَّه} [التحريم:8] أي: توبوا إلى الله لا إلى غيره {تَوْبَةً نَصُوحاً} [التحريم:8] اللهم حقق لنا الإخلاص.

من شروط التوبة: الندم على ما فات

من شروط التوبة: الندم على ما فات الشرط الثاني: أن يندم على ما فعل من الذنوب، لا بد أن يكون للذنب عنده انكسار وخجل من الله عز وجل وخشية منه؛ فيتأسف يقول: يا ليتني لم أفعل، ولكن يقلع عن الذنب، لا بد من الندم، فلا تصح التوبة والإنسان في قلبه أن الذنب وعدمه سواء، ولكن اندم كأن شيئاً محبوباً إليك فاتك، أو كأن شيئاً حصل عليك وأنت تكرهه، اندم على ما مر من الذنب.

من شروط التوبة: الإقلاع عن الذنب

من شروط التوبة: الإقلاع عن الذنب الشرط الثالث: الإقلاع عن الذنب في الحال، أن يقلع عن الذنب، إن كان معصية فليبتعد عنها، إن كان إخلالاً بطاعة فليقم بها، فلنضرب لهذا مثلاً: رجل علم أن غيبة الناس حرام، والغيبة: هي ذكر معائب الناس، وذكرك أخاك بما يكره، علم أن هذا حرام، بل هو من كبائر الذنوب على ما نص عليه إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله، فعزم على أن يتوب، ندم على ما فعل، لكن مع ذلك متى حصلت له فرصة في الغيبة اغتاب الناس، فهل تقولون: إن هذا صحت توبته؟ لا. فلا بد أن يقلع في الحال. رجل آخر ترك صلاة جماعة مع قدرته على الجماعة، وقال: إنه تائب. ولكنه ما زال يدع صلاة الجماعة، أتقولون إن توبته صحيحة؟ لا. لماذا؟ لأنه لم يقلع عن الذنب، ومصر على ألا يصلي، كيف التوبة من شيء أنت مصر عليه؟! رجل ثالث كان يتعامل بالغش، لأنه صاحب معرض أو صاحب بسطة بطيخ أو غيره، فوبخته نفسه ذات يوم فقال: إني تبت من الغش والخيانة، لكن ما زال يغش، أتصح توبته؟ لا. لا تصح توبته، فلا بد أن يقلع. رجل رابع كان جاره يتأذى منه، يسمع أصواتاً تؤذيه إما أغاني في مسجل أو راديو أو تليفزيون أو غيرها، والجار يتأذى من هذه الأغاني أولاً: لأنها معصية لله عز وجل، ثانياً: لأنها تقلق راحته، فقال له: يا أخي، يا جاري! آذيتني بهذا، فلما علم أن جاره يتأذى قال: الآن أتوب إلى الله. ولكنه مصر على ذلك، لم يوقفه ساعةً واحدة في غير ما جرت به العادة، فهل هذا تائب؟ لا، هذا ليس بتائب، لا بد أن يقلع عن الذنب وإلا فلا توبة له.

من شروط التوبة: العزم على ألا يعود

من شروط التوبة: العزم على ألا يعود الشرط الرابع: أن يعزم على ألا يعود، يعني: أن يعزم في نفسه على أنه لا يعود للذنب، ويجعل بينه وبين نفسه عهداً قائماً ألا يعود إلى هذا الذنب، واستمر في قلبه على أنه متى سنحت له الفرصة عاد إليه، فهل تصح توبته؟ لا، لأنه ما عزم ألا يعود، هو في نفسه تركه الآن لكنه ليس عنده عزيمة على ألا يعود فلا تصح توبته.

من شروط التوبة: أن تكون في وقتها

من شروط التوبة: أن تكون في وقتها الشرط الخامس وهو أشدها: أن تكون التوبة في الوقت الذي تقبل فيه التوبة؛ لأنه ليس كل وقت تقبل فيه التوبة. وهنا وقتان لا تقبل فيهما التوبة جاء ذكرهما في القرآن، أما الأول: فإذا حضر الإنسان الموت فإنها لا تقبل توبته؛ لقول الله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} [النساء:18] ليس هذا محل التوبة، إذا شاهدت الموت وعرفت أنك مفارق الدنيا قلت: تبت الآن، ما ينبغي. ولما أدرك فرعون الغرق في البحر قال: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ} [يونس:90] فآمن، فقيل له: {آلْآنَ} تؤمن {وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:91] أي: لا يقبل منك، ولهذا قال الله فيه: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [هود:98] كأنك تشاهد رجلاً يمشي أمام قومه يهديهم إلى النار والعياذ بالله، وهو يقول لهم في الدنيا: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر:29] هذا السبيل الذي يهديهم إليه، هداهم إلى النار والعياذ بالله. هذا الوقت الأول، إذا حضر الإنسان أجله فإن التوبة لا تنفعه، ولو سألت كل أحد منكم: هل تعلمون متى يحضر الأجل؟ لقلتم على لسان واحد: لا نعلم. ومن ادعى أنه يعلم فهو كاذب، وإذا كان كذلك كان وجوب التوبة على الفور؛ لأنك لا تدري أيها الإنسان، فإن كان عليك حق لأحد فبادر بوفائه، إن كان هناك شيء مقصر فيه: زكاة مال ما أخرجتها، كفارة يمين ما أخرجتها، كفارة ظهار، كفارة وطء في رمضان، أو غير ذلك فأخرجها، دين عليك ما قضيته فاقضه، فكم من إنسان عنده أموال كثيرة وعليه ديون ولم يقضها، فمات فجعل الورثة يلعبون بماله ونسوا الحق الذي نفسه معلقة به، فأد ما عليك قبل أن يفوت الأوان. أما الوقت الثاني: فهو إذا طلعت الشمس من مغربها، الشمس الآن كل من يشاهدها تطلع من المشرق وتغرب من المغرب منذ سخرها العزيز العليم عز وجل؛ إلى أن يأذن بخراب العالم وهي على سيرها، سبحان الله! لا تختلف ولا تزل عنه، ولا تسرع أكثر مما سبق، ولا تتباطأ أكثر مما سبق، ولا تطلع في الشتاء في مطلع الصيف، ولا في الصيف في مطلع الشتاء، بل هي بإذن الله مستمرة على أحسن نظام، فإذا أراد الله تعالى فناء العالم فإن الله يأمرها فتخرج من المغرب. سبحان الله! الشمس التي دائماً تطلع من المشرق تطلع من المغرب! من يقدر على هذا؟ الله عز وجل، لا يقدر غيره أحد، ولهذا لما سأل الصحابة رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند قوله تبارك وتعالى: ( {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً} [الإسراء:97] قالوا: يا رسول الله! كيف يحشر على وجهه؟ قال: الذي أمشاه في الدنيا على قدميه يمشيه يوم القيامة على وجهه) الله أكبر! فالذي سخر الشمس أن تطلع من مطلعها شرقاً يسخرها أن تطلع من مغربها غرباً، إذا طلعت الشمس يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إذا رآها الناس آمنوا أجمعون) كلهم يؤمنون، الكافر منهم والمؤمن، ولكن هل الكافر ينفع الإيمان؟ لا {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} [الأنعام:158] كل نفس لم تؤمن من قبل أو تكسب في إيمانها خيراً فإنه لا ينفعها ذلك بعد طلوع الشمس من مغربها، ولهذا جاء في الحديث: (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها) . فيا أخي يا عبد الله! فكر في نفسك، فكر فيما أنت مقصر فيه، أنقذ نفسك ما دمت في زمن الإمكان، فكر في حق الله: هل ضيعته، هل فرطت فيه، هل حصل في قلبك رياء، هل حصل في قلبك عجب، هل حصل في قلبك كراهة للمؤمنين أو حب للكافرين أو إيثار للدنيا على الآخرة، أشياء كثيرة، سبل عظيمة، فتن كبرى نسأل الله أن يعصمنا وإياكم منها. داو قلبك، إذا كنت تداوي قلبك في اليوم مرتين أو ثلاثاً، وتأكل الحبوب للشفاء في اليوم مرتين أو ثلاثاً فداو القلب، ارجع للقلب، لا يمت قلبك، لا يقس قلبك ما دام الأمر بيدك، ووالله إن فناء الجسم أهون من فناء الدين؛ ولذلك الذين عرفوا الحقيقة أفنوا أنفسهم في دين الله عز وجل، يعرضون رقابهم لسيوف الأعداء؛ كل ذلك إقامة لدين الله، وإعلاءًَ لكلمة الله، فرضي الله عنهم وأرضاهم. المهم يا إخواني! أدعو نفسي أولاً وأدعوكم ثانياً إلى تفقد القلوب، وإلى صقلها ودوائها؛ قبل أن يرين عليها ما كسبت فيطبع عليها والعياذ بالله، أسأل الله لي ولكم الهداية والتوفيق لما يحب ويرضى.

الطهارة

الطهارة أما ما يتعلق بالطهارة -وهو الموضوع في هذا اللقاء- فإني أريد من أحدكم أن يقرأ آية الطهارة. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة:6] . لكن هنا شيء ننبه عليه -والحمد لله- أن جرى الأمر على ما فيه الخير: أولاً: استمعتم إلى قرائته يقرأ: وأرجلِكم وأرجلَكم، والذي في القرآن بيننا: {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة:6] بالنصب، ولا شك أن القراءة الثانية صحيحة (وأرجلِكم) قراءة سبعية ثابتة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن الإنسان الذي يقرأ للتعلم أو للتعليم يقرأ بكل القراءات، والذي يقرأ بين العامة في بلد لا يفهم فيه إلا قراءة واحدة لا ينبغي أن يخرج عن هذه القراءة الواحدة؛ لأن العامي لا يدرك، فإما أن ينتقد القارئ ويقول: لا يا أخي، وإما أن يحاول تقليد القارئ فيغلط؛ لأنه عامي، لذلك أنصح إخواننا الذين يعرفون عدة قراءات ألا يقرءوا في البلد إلا ما يعرفه عامهم وما كان موجوداً في مصاحفهم؛ لئلا يحصل البلبلة والشك. ثانياً: بعض الناس -مثلاً- يأخذه النفس فلا يستطيع أن يكمل الآية فيقف على جملة، ثم يعيد ما قبلها عند إرادة استئناف القراءة، يعيد ما قبلها بناءً على أن ما بعدها متعلق بها ولا يدري أن الذي قبلها متعلق بالذي قبلها -أيضاً- فمثلاً: لو قرأ قارئ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [المائدة:6] فانتهى صوته إلى قوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة:6] هنا لا يحسن أن يعود فيقول: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [المائدة:6] لو أعاد قلنا: أعد الشرط -أيضاً- حتى تعيد جواب الشرط مع الشرط، لكن الحمد لله ما دام وقفت لعذر فابدأ من حيث وقفت، ولا حاجة إلى أن تعيد ما قبله. أما الآية الكريمة فسمعتم أن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة:6] ولو سألت أي واحد منكم: ما معنى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة:6] لقال: هذا خبر أو نداء؟ نداء، ينادينا ربنا عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة:6] إذاً يجب أن نستمع، ماذا تريد يا ربنا؟ ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [إذا سمعت الله يقول: (يا أيها الذين آمنوا) فأرعها سمعك -استمع- فإما خير تؤمر به وإما شر تنهى عنه] كل موضع في القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة:6] لا بد أن يكون هناك خير تؤمر به أو شر تنهى عنه، أو قصة نافعة ينفعك الله بها.

صفة الوضوء في القرآن

صفة الوضوء في القرآن {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة:6] قمتم: أي أردتم القيام، والصلاة هنا شاملة للفريضة والنافلة. {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة:6] وهذا أول ركن من أركان الوضوء وما قبله سنة، ما هو الذي قبله؟ التسمية، غسل الكفين ثلاثاً، هذه سنة، إن جاء بها الإنسان فهو أكمل وإن لم يأت بها فلا حرج عليه {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة:6] غسلاً بدون فرك، وإن دلكت فلا بأس لا سيما إذا كان على وجهك شيء من الدهن، فهنا يتأكد أن تدلك الوجه؛ لأن الدهن يزل معه الماء. والوجه من الأذن إلى الأذن، إذاً الشعر الذي بين الخد والأذن يعتبر من الوجه، هذا في العرض، في الطول: من منحنى الجبهة - سواء كان الشعر نازلاً عنه أو صاعداً عنه - من منحنى الجبهة إلى أسفل اللحية، لا بد أن يغسل هذا كله، ويدخل فيه المضمضة والاستنشاق، فلو قال قائل: إن الله لم يذكر المضمضة والاستنشاق، فالجواب سهل جداً: أين محل الأنف الذي هو محل استنشاق وأين محل الفم الذي هو محل المضمضة؟ الوجه، إذاً هما داخلان في غسل الوجه، وغسل الأنف بالاستنشاق وغسل الفم بالمضمضة. قال الله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة:6] إلى المرافق معناه أين المبتدأ؟ أطراف الأصابع؛ لأنه لما قال: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة:6] صار لا بد أن يكون من أطراف الأصابع إلى المرفق، والمرافق داخلة في الوضوء؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين ذلك، وهنا نقف لننبه على ما يغفل عنه كثير من الناس حيث كانوا يغسلون اليد من الكف إلى المرفق ظناً منهم أن غسلها قد تم قبل غسل الوجه، وهذا غير صحيح، ولا بد أن تغسلها من أطراف الأصابع إلى المرفقين. وإذا كان على الإنسان جبة يصعب أن يحلها، ماذا يصنع أيمسح عليها؟ أليس لباس الرجلين -الخفين- يمسح عليه؟ لماذا لا نقول: إذا كان عليه جبة وكان الكم ضيقاً امسح عليه؟ نقول: لا. لا يجوز، والدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في غزوة تبوك - وتبوك كما تعلمون باردة- كان عليه جبة ضيقة الأكمام، فلما تعسر عليه أن يخرج ذراعه منها أخرج اليد، وغسلها. إذاً لا بد أن تغسل يديك بكل حال، ولا يمكن المسح. قال الله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} [المائدة:6] ولم يقل اغسلوا تخفيفاً على العباد؛ لأنه لو ألزمنا بغسل الرأس لقلنا: سمعاً وطاعة، ولكن الرب الرحيم عز وجل جعل فرض الرأس المسح؛ لأن الرأس مترئس، ولو غسله الإنسان لساح الماء على جسده، وماذا يحصل من المشقة خصوصاً في أيام البرد؟ يحصل مشقة عظيمة، ولأن الرأس في الغالب مكسو بالشعر، والشعر إذا صببت عليه ماء أو غسلته متى ييبس؟ يأخذ مدة، فكان من حكمة أحكم الحاكمين ورحمة أرحم الراحمين أن جعل فرض الرأس المسح. لم يذكر الله الأذنين، فنقول: أين محل الأذنين؟ A في الرأس، وإذا كانتا في الرأس فهما داخلتان في عموم قوله: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} [المائدة:6] والحمد لله على بيانه، فمهما حاول الإنسان أن يسقط مسح الأذنين لم يتمكن؛ لا من القرآن ولا من السنة، أما السنة فقد تواتر عن النبي عليه الصلاة والسلام أو استفاض عن الرسول عليه الصلاة والسلام، أنه كان يمسح أذنيه مع رأسه، ولكن كيف يمسح الرأس؟ امسح الرأس كما شئت، بيد واحدة تبرمها على الرأس كله أو باليدين الاثنتين، والمسحة الواحدة تكفي، لكن الأفضل أن ترجع من مقدم الرأس من عند الجبهة (هكذا بيديك على رأسك) ثم تمرهما على الرأس إلى الرقبة ثم تعود إلى المكان الذي بدأت منه، ثم تمسح الأذنين كل أذن بيد، إلا إذا لم تستطع بإحدى اليدين فابدأ بالأذن اليمنى قبل اليسرى. كيف تمسح الأذنين؟ مسح الأذنين سهل، أدخل السبابة في الصماخ -في الفتحة- أدخلها إدخالاً فقط بدون أن تبرمها؛ لأن إبرامها يعني تكرار المسح، وأمر الإبهام على ظهر الأذن مرة واحدة؛ ولهذا قال العلماء: كل ممسوح فتكرار مسحه مكروه. انظر إلى الضابط: كل ممسوح فتكرار مسحه مكروه؛ الرأس، الخفين، الجبيرة في التيمم مسحة واحدة، لكن انظر الفقه في الدين لماذا كره العلماء أن يكرر المسح؟ قالوا: لأن الله سبحانه وتعالى خفف في طهارته فجعلها مسحاً، وتخفيف الكيفية يدل على أن تخفيف الكمية أفضل. الكمية ماذا تعني؟ العدد، والكيفية: المسح بدل الغسل، فإذاً نقول: لا تكرر مسح الرأس ولا مسح الأذنين. قال الله عز وجل: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] أي: اغسلوا أرجلكم إلى الكعبين، والكعبان هما: العظمان الناتئان في أسفل الساق، وهما داخلان في الغسل. وينبغي أن يخلل الإنسان بين أصابعه لا سيما أصابع الرجلين المتلاصقة؛ لأن الناس يختلفون في أصابع الرجلين، بعضهم تكون أصابعه متلاصقة، وبعضهم منفرجة، وبعضهم الإبهام مع التي تليها منفرجة والباقي متلاصق، ومع ذلك كله نقول: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لـ لقيط بن صبرة: (خلل بين الأصابع) فالتخليل بين الأصابع سنة، والواجب أن تتيقن أو يغلب على ظنك أن الماء دخل من بين الأصابع. انتهى الوضوء.

الواجب في الجنابة

الواجب في الجنابة ما الواجب في الجنابة؟ اسمع قول الله عز وجل: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] كلمة واحدة: {فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] فالذي عليه الجنابة ليس عليه إلا أن يطهر، ما عليه وضوء، عليه أن يطهر فقط؛ لأن الله ذكر الوضوء في مقابل الحدث الأصغر، الجنابة ما ذكر إلا كلمةً واحدة وهي: {فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] فلنسأل أولاً: من الجنب؟ الجنب: هو الذي أنزل المني بلذة، أو جامع زوجته وإن لم ينزل، فمتى جامع الرجل زوجته فقد أجنب سواء أنزل أم لم ينزل، ومن أنزل منياً لشهوة فقد أجنب سواء جامع أم لم يجامع، حتى لو فكر الإنسان وأنزل منياً فهو جنب يجب عليه الاغتسال. فلو أن الإنسان اغتسل فغسل أسفل جسمه قبل أعلاه فذلك يصح؛ كأن بدأ بغسل أفخاذه وسيقانه وأسفل بطنه، ثم أفاض الماء على أعلى جسده، أيجوز أو لا؟ يجوز. لماذا؟ لأن هذا يصدق عليه أنه تطهر؛ إذا عمم بدنه بالماء فقد تطهر، لكن لا شك أن الأفضل في الغسل أن يفعل الإنسان ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام، فماذا فعل الرسول عليه الصلاة والسلام في الغسل؟ نظف فرجه من آثار الجنابة، ثم توضأ وضوءه للصلاة، أي: وضوءاً كاملاً بالمضمضة والاستنشاق وغسل الوجه واليدين، ومسح الرأس، وغسل الرجلين، ثم أفاض على رأسه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده، ثم صلى، هذه كيفية الغسل المسنونة المستحبة. وأما إفاضة الماء على الجسد كله بدون هذا الترتيب فهو الغسل الواجب، وهو مجزئ ويكفي، وقد صلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذات يوم بأصحابه فإذا رجل منعزل لم يصل، قال له الرسول: (تعال، ما الذي منعك أن تصلي؟ قال: يا رسول الله! أصابتني جنابة ولا ماء؟) إذا أصابته جنابة يجب عليه؟ الغسل، والرجل لا يدري أن التيمم يكفي، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (عليك بالصعيد فإنه يكفيك) يريد بذلك التيمم، (فإنه يكفيك) يعني: عن الاغتسال. والظاهر أن الرجل تيمم وصلى، ثم جيء إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بماء في مزادة -قربة كبيرة- وكان القوم عطاشاً فاستقوا وسقوا الركاب، ومن توضأ توضأ، فبقي شيء فأعطاه الرجل وقال له: (خذ هذا فأفرغه على نفسك) أي: عن غسل الجنابة، ولم يقل له الرسول: توضأ أولاً وأفض على رأسك ثلاثاً، قال: (أفرغه على نفسك) فدل هذا على أن الإنسان إذا اغتسل من الجنابة فعم بدنه بالماء كفاه على أي صفة كان. وعليه فلو انغمس الإنسان في بركة أو في غدير -مجتمع ماء- بنية الغسل من الجنابة، ثم خرج وتمضمض واستنشق ومضى وصلى، فإن ذلك يجزئ؛ لأنه تطهر وتمضمض واستنشق، فارتفعت عنه الجنابة.

أحكام التيمم

أحكام التيمم يقول عز وجل: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} [المائدة:6] إذا لم نجد الماء وعلينا وضوء أو غسل فعلينا بالتيمم، بأن نتيمم صعيداً طيباً، والمراد بالطيب هنا: ضد الخبيث، والخبيث يعني: النجس، أي صعيد نتيمم به؟ هل لا بد أن يكون الصعيد فيه تراب؟ الآية مطلقة: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّبا} [المائدة:6] المهم أن يكون طاهراً سواء كان فيه تراب، فيه غبار أم لا، فمثلاً: لو أن الأرض أمطرت وصارت ندية ليس فيها تراب، أيجوز التيمم عليها؟ نعم يجوز. أرض رملية ليس فيها إلا رمل نقي ليس فيه غبار، هل يجوز أن يتيمم عليها؟ نعم. أرض صخرية ليس فيها إلا حجارة نظيفة، الرياح قد أزالت عنها الغبار، يجوز التيمم عليها؟ نعم. لأن الله تعالى قال: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} [النساء:43] ولم يقيده بشيء إلا أنه طيب، وجاءت السنة موافقةً للقرآن في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته) . كيفية التيمم سهلة يا إخوان: التيمم تعبد لله عز وجل بتعفير الوجه واليدين بالتراب أو بما هو مظنة التراب ليكون بذلك متطهراً، فكم أعضاء التيمم؟ التيمم له عضوان فقط هما: الوجه واليدان؛ لأن أهم شيء في التيمم التعبد لله عز وجل، وإلا فمن المعلوم أن الإنسان ليس يرى طهارةً حسية بالتيمم لكن والله فيه طهارة معنوية، ما هي؟ طهارة القلب والتذلل لله تبارك وتعالى بالتعبد له، لو أن أكبر ملوك الدنيا قال لك أو لأحد منكم: اضرب الأرض بيديك وامسح بهما وجهك تعظيماً لي، أتطيعونه؟ لا والله، والله لا نطيعه، لو يقطعنا لحما، لكن ربنا عز وجل لما قال لنا هذا قلنا: سمعنا وأطعنا، سمعاً وطاعة؛ ولذلك لما كان المقصود التعبد اختص التطهير بهذين العضوين: الوجه؛ لأنه أشرف من الرأس، واليدين؛ لأنهما أشرف من الرجلين. والإنسان إذا تعبد لله عز وجل بتعفير هذين العضوين الأكملين فتعفير ما دونهما من باب أولى، ولذلك اختص التيمم بهذين العضوين وهما: الوجه والكفان. كم مرة تمسحها؟ مرة واحدة؛ لأني أعطيتكم قبل قليل قاعدة مفيدة وهي: أن الممسوح لا يكرر مسحه. تبدأ بالتيمم بالوجه أو باليدين؟ بالوجه؛ لأن الله تعالى بدأه فقال: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [المائدة:6] ولقد أعطانا إمامنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم قاعدة مفيدة، لو وجدتها - أيها الإنسان - في كتاب لاتبعتها وقلت: ما أظرف صاحب الكتاب. ماذا أعطانا؟ (لما أقبل على الصفا بعد الطواف بالبيت ودنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] وقال: أبدأ بما بدأ الله به) سبحان الله! فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى قاعدة وهي البداءة بما بدأ الله به، هنا في التيمم بدأ الله بماذا؟ بالوجه، قال: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة:6] فلو بدأ المتيمم بيديه ثم وجهه أيكون ممتثلاً لأمر الله؟ بناء على القاعدة التي أصلها الرسول عليه الصلاة والسلام لا يكون ممتثلاً، لكن العلماء رحمهم الله ولا سيما الفقهاء منهم أهل القياس قالوا: يجب أن نبني طهارة التيمم على طهارة الماء، فما يشترط فيه الترتيب من طهارة الماء يشترط فيه الترتيب في طهارة التيمم، أفيدوني ما الذي يشترط فيه الترتيب من طهارة الماء؟ الوضوء - يا إخواني - أن تغسل الوجه أولاً ثم اليدين ثم الرأس ثم الرجلين، لكن الغسل ليس فيه ترتيب، اغسل أي شيء منك قبل الثاني فلا يضر. العلماء من أهل القياس قالوا: نقيس طهارة التيمم على طهارة الماء، فالتيمم عن الجنابة لو أخل فيه بالترتيب لم يضر، والتيمم عن الوضوء لا بد فيه من الترتيب؛ لكن لا شك أن الأحوط للإنسان سواء في طهارة الجنابة أو في طهارة الوضوء أن يرتب فيبدأ بالوجه أولاً ثم باليدين ثانياً. هل يمسح اليدين من أطراف الأصابع إلى المرفقين؟ لا. لأن الله لما أراد المرفقين، لما أراد أن تكون غاية المرفقين قيد فقال في الوضوء: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة:6] في التيمم ما قال: إلى المرافق، إذاً التيمم إلى الكفين فقط بدون زيادة، لو أراد الإنسان أن يزيد ومسح الذراع بالتيمم قلنا: هذا بدعة، وإن قال به بعض العلماء لكن كل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

الحرص على الطهارة والحذر من الوسواس

الحرص على الطهارة والحذر من الوسواس فيا أخي المسلم! احرص على الطهارة، ولكن لا يغلبك الوسواس وتشك في كل وهم يطرأ عليك؛ فإن بعض الناس يتوهم أنه أحدث إما بريح وإما بخروج شيء من ذكره، ثم يتذبذب هل يتوضأ أم لا يتوضأ؛ ثم بعض الناس يقول: لماذا أتذبذب؟ يحدث حالاً وينتهي الموضوع، وهل هذا حل؟ لا؛ لأنه لو تطهر ثانيةً فسوف يعود عليه الوهم، فهل يذهب ويحدث مرة أخرى؟ يبقى الذي في بطنه وهذه مشكلة! على كل حال: لا تنخدع بالوسواس، فإن نبيك عليه الصلاة والسلام وجزاه الله عنا خيراً أعطانا راحة نستفيد منها، معنى الحديث قال: (إذا أحس أحدكم بشيء في بطنه فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) الحمد لله أنت معذور ما دمت لم تتيقن فلا يهمنك الوهم حتى لو كان عندك (99%) أنك أحدثت (1%) أنك لم تحدث ماذا تفعل؟ خذ بالواحد وهو أنك لم تحدث، لو قال قائل ما ذكرته لكم قبل قليل: إنه سيحدث لكي يجزم بأنه أحدث ويتوضأ، وآخر قال: لا أحدث لكن أتوضأ احتياطاً، والثالث قال: أنا لا أتوضأ ولا أحدث. فأيهم أحق بالصواب؟ الثالث أحق بالصواب، الحمد لله نعمة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لو كان يعلم أن في كونه يحدث على اليقين خيراً لأرشد إليه، ولو كان يعلم أن غلبة الظن معمول بها هنا لأرشد إليها، لكنه عليه الصلاة والسلام لم يرشد إلا إلى الشيء المتيقن الذي يدركه الإنسان بحسه، يسمع صوتاً أو يجد ريحاً، فإياك أن تتوهم. حسن لو قال قائل: أحس بحركة ذكره فهل يلزمه أن يستبرئ ويخلع سرواله ويقول: أريد أن أرى؟ لا يلزمه، ولا يفعل؛ لأنه في العادة أن الإنسان إذا عصر ذكره سوف يخرج منه شيء، فليجتنب هذا، ولا يهتم به، وعليه بالصراط المستقيم، صراط النبي صلى الله عليه وسلم (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) ، ولم يرشد -أيضاً- إلى الاستبراء، ما قال يعني: فكر، ابحث، ولكنه قال: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) . أسأل الله تعالى أن يوفقني وإياكم لاتباع سبيله، وأن يهدينا صراطه المستقيم إنه على كل شيء قدير. ولنأخذ الآن جزءاً يسيراً من الأسئلة؛ لأنه طال بنا الحديث، وما كنت أظنه أن يطول هذا الطول، لكن الأسئلة الآن بأيدينا، إذا شئنا زدنا خمس دقائق أو عشر دقائق أو ما تيسر.

الأسئلة

الأسئلة

إحالة إلى كتب اللغة في الفرق بين المرفقين والكعبين والكوعين

إحالة إلى كتب اللغة في الفرق بين المرفقين والكعبين والكوعين Q فضيلة الشيخ كثير ما يسمع المرء بهذه العبارات ويخلط بينها: المرفقين، الكعبين، الكوعين. ونحو ذلك، هل من بيان لها وفقك الله؟ A لئلا نأخذ وقتاً في الجواب عليها أحيله على كتب اللغة، إن كان طالب علم وإلا المرفقان معروفان والكعبان معروفان وبيناهما، وهما أهم شيء يتعلق بالطهارة.

مشكلة الشك في الوضوء وحلها

مشكلة الشك في الوضوء وحلها Q هذه امرأة تقول: أنا امرأة أشك كثيراً في صحة الوضوء، تراني أعيده مرات ومرات حتى يصيبني اليأس من صحة الوضوء، فما الحل في رأيك يا فضيلة الشيخ؟ A الحل أن كل إنسان يعرف كم غسل أعضاءه، فإذا غسلتها مرةً واحدة كفى، وإن أعادت الغسل مرة أخرى فهو أكمل، وإن أعادتها مرة ثالثة فهو أكمل، وإن أعادتها مرة رابعة فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (فمن زاد على ذلك -يعني على الثلاث- فقد أساء وتعدى وظلم) فهل ترغب أن تتصف بهذه الثلاث: الإساءة والتعدي والظلم؟ لا أحد يرغب في هذا، فاقطع على الشيطان حبله، وإذا غسلت ثلاث مرات فاغسل من الميضأة واستعن بالله وصل، وإني واثق أن من ابتلي بهذا الوسواس -أجارنا الله وإياكم منه- أن الشيطان سيقول له: ما صليت، ما أديت الفريضة، ما أديت ركناً من الإسلام، لو مت على هذا مت على غير الفطرة، سيقول مثل هذه العبارات، لكن لا يهمك، أستعذ بالله وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وانته، وليعلم أن الله تعالى يعلمه وسيسأله: لماذا تجاوزت ما ورد عن رسولك، ما الذي ورد عن رسولك؟ ثلاث مرات أو عشرون مرة؟ ثلاث مرات. سيسأل يوم القيامة: ما الذي جعلك تزيد عما قال رسولك؟ أنت خير أم هو؟ هل قصر رسولي في إبلاغك؟ ما قصر، هو عليه الصلاة والسلام توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً حتى يبين لأمته أن كل ذلك جائز -والحمد لله-. فلذلك نقول لهذه المرأة: اتقي الله في نفسك، واقتصري على الثلاث، وقومي وأنت تقولين في نفسك: إن الوضوء لم يتم، وصل وأنت تقولين في نفسك: إن صلاتي لم تتم. ولا يهمنك وساوس الشيطان، وسيكون هذا شاقاً عليها لمدة أسبوع أو أسبوعين أو شهراً أو شهرين، سيكون العمل في هذا عندها أشد من حمل الأثقال، ولكن لتستعن بالله ولتصمد أمام عدو الله، ولتستعن بالله قبل كل شيء.

حكم الجبيرة

حكم الجبيرة Q أنا شاب - يا فضيلة الشيخ - أعاني من جروح في يديَّ ورجليَّ، ووصول الماء إلى الجروح يضر بها، وقد تيممت فجر يوم الجمعة القريب، ثم لبست الخفين، ثم توضأت الظهر وضوءاً عادياً ومسحت على الخفين، وكذلك العصر والمغرب والعشاء وفجر السبت، فهل فعلي هذا صحيح أم لا؟ A أما بالنسبة لليدين فالذي فهمت أن الرجل يستعمل الماء فيها، وأما الرجلان فالأمر فيهما خفيف إن لبس الخفين على أنهما خفان مؤقتان ليوم وليلة بعد أن توضأ وضوءاً كاملاً، فهذا يمسح أعلاهما ويكفي، وإذا تمت المدة خلعهما وغسل رجليه، وإن لبس ذلك لئلا يصل الماء إلى الجروح فهنا تكون جبيرة، تكون الخفان جبيرة، فلا تتوقت بوقت، ولا يشترط أن يلبسهما على طهارة، ويمسحهما في الجنابة والوضوء، ولكن يجب أن يمسح الجميع ظاهر الرجلين وباطنهما؛ لأن الجبيرة يمسح على جميعها بخلاف الخفين. وأما اليدان فالذي فهمنا من السؤال أنه يمكنه غسلهما، فإن قال: لا يستطيع أن يستعمل الماء نهائياً فالتيمم -والحمد لله- يقوم مقام الماء، وهو داخل في قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة:6] .

الواجب على من يخرج من لثته دم أثناء الوضوء

الواجب على من يخرج من لثته دم أثناء الوضوء Q فضيلة الشيخ أنا لدي مرض في اللثة، وكلما أردت الوضوء بعد المضمضة يخرج الدم من اللثة، هل يجب علي أن أوقف الدم أولاً، أم أستمر في الوضوء ومثله الرعاف؟ أفدني جزاك الله خيراً. A نعم، نقول: أكمل الوضوء، والدم لا يضرك ولا ينقض وضوءك مهما عظم، لكني أشير على الأخ السائل -وأسأل الله له العافية - أشير عليه أن يراجع الأطباء؛ لأن الإنسان مأمور بالتداوي دون أن يتداوى بحرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ما أنزل الله داءً إلا وأنزل له شفاءً؛ علمه من علمه وجهله من جهله) والرسول عليه الصلاة والسلام أخبرنا ذلك لمجرد أن نطلع على هذا الكلام، أو لأن نسعى إلى ما فيه الشفاء؟ الثاني بلا شك، إذا أخبرنا الرسول بخبر فليس المقصود مجرد أن نعلم به، بل أن نعمل بمقتضاه، وكذلك جاء عنه: (أيها الناس تداووا ولا تداووا بحرام) . فنقول للأخ: راجع الأطباء لعل الله تعالى يجد لك شفاءً لم يحن وقته بعد، وكثير ما يعالج الإنسان معالجات كثيرة لكن لم يقدر الله الشفاء إلا في وقت معين، لم يأت بعد، قال الله تبارك وتعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد:8] وإلى أجل مسمى، فلا تيئس.

شرط التكليف

شرط التكليف Q هذه امرأة تقول: كنت أغتسل من الجنابة وأبلل بعض شعر رأسي لجهلي بذلك، والآن قد هداني الله عز وجل وعرفت الحكم، فماذا علي في السنوات الماضية؟ A الذي نرى في مثل هذا أن المرأة إذا كانت جاهلة -والرجل أيضاً- جهلاً مطلقاً ولا طرأ على باله أن هذا شيء واجب وأخل به فهو ساقط عنه غير مكلف به؛ لأن من شرط التكليف العلم، ومن لم يعلم كيف يكلف؟ {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] وليس من وسع الإنسان أن يكلف بما لا يعقل، صحيح أن الإنسان قد يكون مفرطاً في السؤال بمعنى: أنه يمكنه السؤال ولم يسأل، لكن أحياناً قد يكون الإنسان في بادية بعيداً عن الناس، بعيداً عن العلم، ماشياً على ما مشى عليه الناس، فهذا لا يلزمه شيء، ومن ذلك: لو فرض أن امرأةً بلغت بالحيض وهي بنت عشر سنوات، وهي في بادية ولا يرون البلوغ إلا ببلوغ خمس عشرة سنة، فبقيت خمس سنوات لا تصوم، ثم بعد ذلك علمت فلا يلزمها قضاء خمس سنوات، لماذا؟ لجهلها المطلق. امرأة ما تعرف هذا الشيء وفي بادية بعيدة عن العلم والعلماء، ولم يطرأ على بالها أنه يجب عليها، ولا سيما في الزمن السابق يوم لا تليفون ولا بريد ولا شيء. كذلك هذه المرأة التي تقول إنها تغتسل من الجنابة وتبل شعر رأسها ولا تغسله ظناً منها أن ذلك يكفي فنقول: ما دام لم يطرأ على بالها أنه يجب غسل الرأس ولا أحد ذكر ذلك لها فليس عليها قضاء.

الواجب على المريض الذي صلى متيمما مع قدرته على الوضوء

الواجب على المريض الذي صلى متيمماً مع قدرته على الوضوء Q أجريت لوالدي عملية جراحية، وكان يستطيع الذهاب إلى الماء، ولكن كان يتيمم ويجمع الصلاة لمدة ثلاثة أيام تقريباً، فماذا عليه علماً أنه جاهل بذلك العمل يظن أن ذلك جائزاً؟ أرجو توجيهه مع نصحه في هذا لفتح قلبه وترغيبه للخير. A الذي أرى أن هذا يجب عليه الإعادة؛ لأنه ما دام في المستشفى، فالمستشفى -والحمد لله- في وسط أجواء يعرفون الحق، وعنده طلبة علم وعنده هاتف، فليسأل وهو في حال تدعو إلى السؤال؛ لأنه مريض، وكان عليه أن يسأل كيف يتطهر، كيف يصلي، وهل يستقبل القبلة أم لا، وهل يقوم أو يصلي قاعداً وما أشبه ذلك؟ لأنه مفرط، فأرى أن يقضي ما صلاه بغير وضوء، والحمد لله إن كان الأول قد أبرأ ذمته صار الثاني نفلاً، وإن كان لم يبرئ ذمته صار الثاني فرضاً والأول نفلاً، الأول نفل يثيبه الله عز وجل على قدر عمله وإن كان خطأً.

معنى قوله تعالى: (أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين)

معنى قوله تعالى: (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) Q فضيلة الشيخ ما معنى قول الله عز وجل: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:18] ؟ وهل من توجيه للشباب الذين يتزينون بمخالفة السنة ووضع الشعر على الوجه والتكسر كما تتكسر النساء؟ A معنى الآية الكريمة: أن الله تعالى ينكر على المشركين؛ لأن المشركين جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً، وقالوا: الملائكة بنات الله، فاختاروا لله تعالى ما يكرهون واختاروا لأنفسهم ما يشتهون، جعلوا البنين لهم والبنات لله، فيقول الله عز وجل: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:18] يعني: كمن لا يحتاج إلى ذلك، من الذي لا يحتاج إلى ذلك؟ الإنسان الذكر. {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [الزخرف:18] هذا وصف {وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:18] وصف آخر، من الذي يتحقق فيه هذان الوصفان؟ المرأة الأنثى، الأنثى تنشأ في الحلية، ويستجلب لها أنواع الحلي لتتزين بها، وأنواع الثياب، ولهذا جعل الله تعالى لها من الثياب ما تتحلى به وحرمه على الرجال مثل الحرير، فالحرير حرام على الرجال حلال للنساء؛ لأن المرأة مسكينة، تحتاج إلى أن تتجمل به، تحتاج إلى شيء تتحلى به، الرجل رجل يكفيه وصف الرجولية عن كل شيء. {وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:18] المرأة في الخصام هل خصامها مبين أو ضعيف؟ ضعيف؛ ويندر أن تلقى امرأة مثل الرجال في خصامها، فينكر الله عز وجل على هؤلاء المشركين الذين جعلوا لله عز وجل الناقص من الصنفين وجعلوا لأنفسهم الكامل. أما ما ذكره السائل مما ابتلي به بعض الشباب الفارغين الفارهين الذين أطغاهم الغنى والفراغ من كونهم يتحلون بحلي النساء، يلبسون الذهب؛ إما في الخواتم، وإما في الأزارير، وإما في القلائد أو ما أشبه ذلك، فإن نصيحتي لهم: أن يعرفوا قدر أنفسهم، وأن ينزلوا أنفسهم منزلتها، لا يهبطوا بها إلى منازل النساء لما في ذلك من الإثم لارتكاب ما حرم الله عليهم، ولما في ذلك من ظلم أنفسهم؛ حيث أنزلوها دون المستوى الذي يجب أن يكونوا عليه، ولما في ذلك -أيضاً- من الفتن؛ لأن من الذكور الآخرين من ابتلي بحب جنسه محبةً جنسية - والعياذ بالله - حتى أنه فيما مضى من الزمان كانت أمة عظيمة ابتليت بهذا، وأرسل من أجل ذلك رسول إليهم، وهم قوم لوط، وقد وبخهم فقال: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء:166] . فالواجب على الشاب أن يعرف قدر نفسه، وألا يهضمها، وإني أنصح إخواني أو أبنائي من هؤلاء الشباب إلى أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم، وأن يعلموا أن الشباب ما هو إلا فيء زائل، ما أسرع ما يندمون على ما فعلوا، ولقد صدق القائل: لا طيب للعيش ما دامت منغصةً لذاته بادكار الموت والهرم فأسأل الله لي ولهم الهداية والتوفيق لما يحب ويرضى.

الحفاظ على نعم الله

الحفاظ على نعم الله Q فضيلة الشيخ في هذه الأيام -ولله الحمد- تكثر الغدران ومجتمعات المياه وجريان الأودية، فهل من نصيحة لإخواننا بحفظ أنفسهم وأولادهم من الهلاك، فإنه يؤلمنا ما نسمع من حوادث الغرق، وهل يلحق الأب أو الأم كفارة وإثم إذا هلك أحد أولئك الأطفال بسبب هذا التفريط؟ أرجو التوجيه وفقك الله تعالى. A التوجيه في هذا أن النعم التي ينعم بها الله على العباد ينقسم فيها الناس إلى مؤمن وكافر؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى بأصحابه في يوم من الأيام صلاة الفجر على إثر سماء كانت من الليل - أي: مطر نزل في الليل - فلما صلى الفجر أقبل على الناس وقال لهم: (هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب - أعوذ بالله - وأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب) ونص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على ذلك؛ لأن العرب في جاهليتهم ينسبون الحوادث الأرضية إلى الأحوال الفلكية، وهذا حرام، فليس بين الأحوال الفلكية والحوادث الأرضية أي علاقة، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته) كانوا مثلاً إذا أمطروا في أول الشتاء قالوا: مطرنا بالوسم، الوسم بركة وخير، مع أنهم يعلمون أن الوسم أحياناً لا يأتي به ولا قطرة ماء. ومثل ذلك ما نسمع في بعض الصحف المنحرفة التي تريد لهذه الأمة أن تعود إلى الجاهلية الأولى من قولهم: إذا ولد فلان في نوء كذا أو في برج كذا فله السعادة، وإن ولد في نوء كذا أو في برج كذا فله الشقاء وما أشبه ذلك، كل هذا حرام ولا يجوز أن يصدق، والصحف المشتملة على مثل هذا يجب أن تهجر وألا تشترى، وأن يحذر منها، وأن يعلم أن هؤلاء إنما يأتون بهذه الصحف ليكسبوا بها مالاً ويفسدوا بها ديناً -والعياذ بالله- وإلا فنحن نجد الرجلين يولدان في برج واحد وفي نجم واحد وفي يوم واحد، بل وربما في ساعة واحدة يختلف أحدهما عن الآخر اختلافاً عظيماً في كل أمور الحياة وكل أمور الدين، ولا علاقة لحوادث الأرض بأحوال السماء، لا علاقة بينهما إطلاقاً، ويكفيك قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته) وقوله فيمن قال: مطرنا بنوء كذا وكذا (إنه كافر بالله مؤمن بالكوكب) . أعود إلى موضوع السؤال: أنعم الله علينا -والحمد لله- بنعم كثيرة في هذا الأسبوع بالنسبة للمطر، كثرت الأمطار، وكثرت الغدران، وكثرت الوديان، وكان بعض الناس يتهاون في الأمور، فتجده يدخل الماء في الشعيب ولا يبالي، ولا يدري أن الماء إذا صار قوياً لم يستطع الإنسان أن يتخلص منه مهما بلغت من قوة؛ لأنه يدفعه بغير اختياره، وهو إذا غاص في الماء وانخنق ودفع نفسه بقوة إلى فوق سيثقل وزنه؛ لأن قوته تضعف وبطنه يمتلأ ماءً، وفي النهاية يموت، وحينئذٍ يكون عاصياً لله عز وجل؛ لأن الله قال: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء:29] ويقول: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} [البقرة:195] . ولولا أننا نعتقد أن هذا الرجل حينما تجاوز الوادي وهو يمشي أو دخل في الغدير، لولا أنه يعتقد أنه سينجو لقلنا: إنه قاتل نفسه، وأي إنسان يقتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في جهنم -والعياذ بالله- خالداً مخلداً نسأل الله العافية، لكن هؤلاء يخاطرون ويظنون أنهم سينجون ولكنهم لا ينجون. أما بالنسبة للصغار فالواجب أن يبتعدوا عن هذه الأماكن بعداً ساحقاً ولا يكونون حولها، يكفيه أن يخرج هو وأهله وينظر إلى الشعيب، يقفون جميعاً خمس دقائق أو عشر دقائق ثم ينصرف إلى موضع آخر؛ لأنه لا بد من الغفلة، فإنه: لو نزل على شفا الوادي فلا بد من غفلة من الكبار، الإنسان لا يجعل عينه في أولاده دائماً، لا بد أن يغفل. ثم إنه يجب ألا يخفى علينا جميعاً أن الأرض تطوى للصغار، فالصغير بينما هو عندك ما تمر لحظات إلا وهو بعيد عنك سبحان الله! يعني: يذهب بسرعة، تعجبت كيف مشى هذا المشي! فلذلك ننصح إخواننا فنقول: لا تنزلوا حول الأودية ولا حول الغدران، ولا في النقر -نقر النفود- إذا صارت متقاربة وصغيرة؛ لأن الصبي قد يرقى النفود وينزل في هذه النقرة ولا يفطنون له ويضيع، والأولاد أمانة في أعناقنا يجب علينا أن نحافظ عليهم محافظةً تامة؛ لأن الولد الذي لا يميز كالبهيمة سواء، بل يمكن أن البهيمة أحسن منه، فالبهيمة لو ذهبت يمكن أن ترجع إلى أهلها لكن هو لا يرجع.

حكم الصلاة في الملعب إذا كان المسجد بعيدا

حكم الصلاة في الملعب إذا كان المسجد بعيداً Q فضيلة الشيخ نحن مجموعة من الشباب نجتمع في مكان للتسلية ولعب الكرة، ثم يؤذن المسجد ونسمع النداء، فهل يجوز لنا الصلاة جماعة في مكاننا أم ماذا نفعل؟ أرشدنا جزاك الله خيراً. A أولاً قبل أن نتكلم عن جواب السؤال نقول: اللعب بالكرة رأيي أن لا بأس به أحياناً، بشرط ألا يكون اللباس قصيراً، أعني: لا بد أن يكون اللباس ساتراً ما بين الركبة والسرة، لا بد من هذا، ولا يجوز أن يكون قصيراً بحيث يبدو شيء من الفخذ لا لأن الفخذ عورة ولكن لأن الشباب فتنة، أمرهم صعب، فيجب أن تكون الألبسة ساترة، وأدنى ما يمكن أن يرخص فيه فيما أرى أن ما بين السرة والركبة يجب أن يستر والباقي لا بأس. ثانياً: ألا يلهي عن واجب، فإن ألهى عن واجب كترك الجماعة - مثلاً - كان حراماً؛ لأن الله تعالى أحل البيع في قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} [البقرة:275] وحرم البيع بعد نداء الجمعة الثاني لئلا يصد عن ذكر الله فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:9] هذا البيع حلال بنص القرآن، ومع ذلك إذا ألهى عن الواجب صار واجب الاجتناب بنص القرآن. الكرة من الأشياء المباحة؛ لأننا لا نرى فيها منعاً من جهة الشرع، لكن إذا كانت تلهي عن واجب صارت حراماً؛ لأنها تلهي عن واجب. الشرط الثالث: ألا يحصل فيها ما يكون نابياً من الأقوال أو الأفعال، فأما من الأقوال فمثل: أن يسب بعضهم بعضاً، أو يسخر بعضهم من بعض، أو ما أشبه ذلك من الكلمات التي قد لا نعرفها لكنها إذا اشتملت على محرم فهي حرام. ومن الأفعال النابية: أن اللاعب منهم إذا غلب قاموا يتراكضون عليه ويصعدون على كتفه، وما أشبه ذلك من الأفعال التي لا تليق بالإنسان، والمسلم لا ينبغي له أن يصل إلى هذا الحد. أما بالنسبة للجواب عن السؤال: فإذا كانوا يسمعون الأذان لولا مكبر الصوت بمعنى: أنهم يكونون قريباً من المسجد فإنه يجب عليهم أن يصلوا في المسجد، أما إذا كانوا بعيداً ولولا مكبر الصوت لما سمعوه فلا بأس أن يصلوا جميعاً في مكانهم، لكن عليهم أن يبادروا بصلاة الظهر، وصلاة العصر، والمغرب، أما صلاة العشاء فالأفضل أن يؤخروها إلى ثلث الليل.

حكم استخدام الأدوية التي تخفف الشهوة

حكم استخدام الأدوية التي تخفف الشهوة Q فضيلة الشيخ ما حكم استخدام الأدوية التي تخفف من تأجج الشهوة؛ علماً أنها تكثر عند العزاب غير القادرين على الزواج؟ A هذا يرجع إلى استشارة الطبيب، إذا كان استعمال ما يفتر الشهوة لا يضر الإنسان في المستقبل فلا بأس، وإن كان يضره فإنه يمنع؛ لأن كل شيء يضر الإنسان فإنه ممنوع، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) والإنسان محتاج إلى هذه الطاقة في المستقبل، الإنسان سيتزوج فيحتاج إليها، ويحب أن تبقى معه مخزونة حتى يأتي الوقت الذي ييسر الله له زوجة وتسهل أمره. ثم إن الرسول عليه الصلاة والسلام أرشد الشباب إلى شيء فقال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) .

الحل لمسألة التأخر عن صلاة الفجر

الحل لمسألة التأخر عن صلاة الفجر Q تقول: أنا امرأة متزوجة وموظفة في نفس الوقت ولدي أطفال، وأعاني - يا فضيلة الشيخ - من تأخري في صلاة الفجر أحياناً بسبب وأحياناً بدون سبب، أرجو يا فضيلة الشيخ نصحي، وادع الله لي فإني أحبك في الله. A أقول: أسأل الله تعالى أن يعيننا وإياها على ذكره وشكره وحسن عبادته. أما بالنسبة لثقل الصلاة عليها فأظن أن من أكبر الأسباب التأخر في النوم؛ لأن الإنسان يحتاج إلى نوم يستريح به، ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يكره النوم قبل العشاء والحديث بعد العشاء، فهي لو أنها تقدمت في النوم وجعلت الشغل إن كان لها شغل إما مراجعة تحضير أو ما أشبه ذلك تجعله في آخر الليل، تقوم تتهجد ما شاء الله أن تتهجد ثم تراجع ما تجب مراجعته؛ لأن القيام بالواجب المدرسي أمر لا بد منه.

حكم ركوب المرأة مع السائق مع وجود الأطفال

حكم ركوب المرأة مع السائق مع وجود الأطفال Q ما حكم ركوب المرأة مع السائق بصحبة أطفالها وأعمارهم ما بين خمس وست إلى سبع سنوات؟ A أرى أن هذا يختلف، فبعض السائقين مأمون لا يمكن أن يتكلم مع المرأة فضلاً عن أن يمازحها أو يضاحكها، فهذا ربما نقول: إن الذي بلغ من الأطفال إلى هذا السن تزول به الخلوة، لكن متى يحصل هذا السائق؟ والذي أفتي به المنع إلا أن يكون معها رجل بالغ أو معه امرأة من محارمه.

حكم إدخال الدش إلى المنزل لإرضاء الأبناء

حكم إدخال الدش إلى المنزل لإرضاء الأبناء Q امرأة عندها ولدان يذهبان إلى أصدقائهم لينظروا إلى الدش ويجلسان إلى الساعة الثالثة ليلاً، وهي تخاف أن تجلس في البيت وحدها، فهل يجوز لها أن تشتري لهم دشاً ليجلسوا في البيت؛ لأنهم يقولون لها: إذا اشتريت لنا ذلك جلسنا في البيت، وهي تخاف عليهم من الانحراف والحوادث؟ أجبنا وفقك الله. A والله ما عندي جواب على هذا؛ لأن الدش نار تلظى، فهل يسوغ لي أن أفتيها بأن تحضر الدش لتفتتن هي وأولادها؟! هذا صعب عليَّ، وكونهم يذهبون إلى آخرين عندهم الدش تناصحهم وتبين لهم خطورته على دينهم وعلى أفكارهم، لكني لا أستطيع أن أقول بجواز اقتناء الدش؛ لأنه لو صح نصف ما أسمع عنه لكان كافياً للجزم بتحريم اقتنائه، لكن تسأل الله تعالى في آخر الليل أن الله سبحانه وتعالى يصلح لها الأولاد، والله قريب مجيب جل وعلا، وتناصحهم، ولا بأس أن تأتي بالتليفزيون ولكن تشترط عليهم ألا يكون إلا في الأمور النافعة كمشاهدة الحرمين في الصلاة والأخبار والعوالم الأرضية في كل مكان، ونسأل الله أن يعينها على تربيتهم.

حكم بقاء الزوجة مع الزوج الذي لا يصلي

حكم بقاء الزوجة مع الزوج الذي لا يصلي Q هذه امرأة تقول: زوجي يتهاون بالصلاة مع الجماعة، وصلاته في البيت على غير وقتها إما أنه نائم أو يتشاغل بشيء غير مفيد، وأنا لم أتركه، أذكره في كل وقت لدرجة أنه يحصل بيني وبينه خلاف بسبب ذلك، ويقول: سوف يحاسبني الله على ذلك ولست أنت التي تحاسبينني، وفي بيتنا دش وأنا غير راضية ولا أجلس عنده، بل يجلس زوجي عنده ويتركني ويقضي وقته عند الدش، حتى النوم ينام عنده ولا يحضر لفراشه ولا يعطيني حقي كزوجة إلا أحياناً بعد ثلاثة أشهر أو أكثر، مع العلم أنه بصحة جيدة وشاب. A أسأل الله سبحانه وتعالى له الهداية، وأن يعصمه من الشر، وأن يعينه على الخير والطاعة، عليها أن تسأل الله عز وجل له الهداية وتكثر من ذلك، وهي في حل من إثمه ما دامت تنصحه أحياناً، فإن اهتدى فله ولها وإن لم يهتد فلها عليه إلا إذا ترك الصلاة بالكلية فإنه لا يجوز أن تبقى معه طرفة عين؛ لأنه إذا ترك الصلاة بالكلية صار كافراً مرتداً -والعياذ بالله- والكافر المرتد لا يحل له أن يجامع المرأة المسلمة بنكاح؛ لأنه وإن كان قد تزوجها بعقد صحيح قبل ألا يصلي، لكن إذا ارتد وصار لا يصلي وجب التفريق بينهما. وأنا لا أتكلم في هذه المسألة عن الشخص المسئول عنه الآن؛ لأنها لم تذكر أنه لم يصل، بل ظاهر حاله أنه يصلي لكنه متهاون، فنقول: لتحرص على سؤال الله عز وجل له بالهداية، وإن اهتدى فذلك المطلوب، وإن لم يهتد فليس عليها من إثمه شيء.

الكافل كفالة غرامية كالأصيل

الكافل كفالة غرامية كالأصيل Q رجل كفل آخر بقرض زراعي، وبعد زمن رفض المكفول السداد، فطولب الكافل فسدد بعض الأقساط، ثم توفي والحال كذلك، والمكفول ما زال رافضاً والنظام الملزم كافله، فهل يجب على ورثته سداد هذه الأقساط؟ وهل يخرج من إرثه؟ أفتنا جزاك الله خيراً. A أما المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله فإن الضامن أو الكافل كفالة غرامية كالأصيل، بمعنى: أنه إن أوفى المكفول حصل المقصود؛ وإن لم يوف فالكفيل مطالب بالدين في حياته وبعد مماته، وعلى هذا فإذا كان الكفيل عنده تركة ومات فإنه يوفى الدين من تركته، ويطالب الورثة المكفول بما غرموا من تركة الميت. وأنا قلت هذا لئلا يتسارع الناس في الكفالة؛ لأن بعض الناس يتسارع في الكفالة فتجده يكفل الشخص وهو لا يعرف عنه أو في هو أم لا، وهو يماطل أو لا، وأنت يا أخي في عافية، لا تكفله إلا لضرورة قصوى يحتاج معها إلى الكفالة، أما مجرد أن تكفله بدين يأخذه ويتنعم به تنعماً لا داعي له؛ فهذا ليس من البصيرة في شيء، وليس من الرشد في شيء، فانتبهوا لهذه القضية، وكم من سؤال يرد علينا حول هذا الموضوع يكون الكفيل قد كفل كفالة غرامية ثم إن المكفول لا يهتم بالدين، ويماطل فيؤذي الكفيل. وأما مسألة السداد من الإرث فالمشهور من المذهب كما قلنا سابقاً: أن الكفيل مطالب كمطالبة الأصيل، بمعنى: أنه يوفى حتى من تركته إن خلف تركة، ويقدم وفاؤه على وصيته - أيضاً - يعني: لو فرضنا أن رجلاً كفل إنساناً بعشرة آلاف وهلك، وأوصى بالثلث، ولم يجد في تركته إلا عشرة آلاف ماذا نصنع؟ نؤدي العشرة إلى صاحب الدين ونبطل الوصية، ونبطل الإرث حتى يستوفي الورثة عشرة آلاف من المكفول، وحينئذ نمضي الوصية ويستحقون الميراث.

اللقاء الشهري [52]

اللقاء الشهري [52] هذا اللقاء هو عبارة عن توجيهات رمضانية تكلم عنها الشيخ -عليه رحمة الله- ومن هذه التوجيهات رسالة إلى المدخنين، مبيناً فيها كيف أنهم يستطيعون ترك الدخان في هذا الشهر وإلى الأبد، وحث الناس على اغتنام شهر رمضان المبارك بكثرة الأعمال الصالحة فيه، وكذلك تحدّث عن مسائل مهمة تحدُث غالباً في شهر رمضان موضحاً الحكم فيها.

توجيهات رمضانية

توجيهات رمضانية الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين, وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذه الليلة ليلة إحدى وعشرين من شهر شعبان عام ثمانية عشر وثمانمائة وألف، وهي أطول ليلة في السنة، ولهذا بعد يومين سيكر النهار على الليل ويأخذ من الليل ما أخذه منه، وهذا دليل على حكمة الله تعالى وقدرته، فهذه الشمس التي يختلف بها الليل والنهار تارة تكون في أقصى الجنوب وتارة تكون في أقصى الشمال، والذي يسيرها ويدبرها ويجريها إلى أجل مسمى هو خالقها عز وجل، قال الله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ} [القصص:71] ما الجواب؟ لا أحد يأتينا بضياء إذا جعل الله الليل سرمداً إلى يوم القيامة {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ} [القصص:72] ؟ A لا أحد {أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} [القصص:72-73] أي: في الليل {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [القصص:73] أي: في النهار {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص:73] نسأل الله أن يرزقنا وإياكم شكر نعمته وحسن عبادته. نحن الآن في استقبال شهر رمضان، نسأل الله تبارك وتعالى أن يفيض علينا وعليكم من بركاته، وأن يجعلنا وإياكم ممن يصومه ويقومه إيماناً واحتساباً، ولكن كيف نستقبل هذا الشهر المبارك؟ إنه شهر لا نظير له في شهور السنة، إنه شهر خصه الله بخصائص لا توجد في غيره من شهور السنة، فهو الشهر الذي فرض الله صيامه، وجعل صيامه أحد أركان الإسلام، وهو الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان، وهو الشهر الذي فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وهو الشهر الذي أعز الله فيه هذه الأمة في بدر حيث كانت الغلبة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه، وهو الشهر الذي فتحت به أم القرى وأنقذها الله تعالى من الشرك والمشركين، ففي هذا الشهر فضائل سابقة وفضائل لاحقة. ينبغي لنا أن نستقبل هذا الشهر بكل انشراح، وبكل سرور، وبكل عزم، وبكل نشاط على الأعمال الصالحة حتى نغتنم الفرصة، فكم من إنسان تمنى أن يدرك هذا الشهر ولم يدركه، وكم من إنسان أدرك هذا الشهر وفات عليه -خسره- ولم يعمل فيه شيئاً؛ لذلك أحث نفسي وإياكم على أن نستقبل هذا الشهر بالأعمال الصالحة المقربة إلى الله عز وجل، وأعظم ما فيه من الأعمال الصالحة الصيام؛ لأنه فرض، وركن من أركان الإسلام، ولكن هل الصيام أن نصوم عن الأكل والشرب والأهل؟ لا. هذا صيام ظاهري حسي، لكن الصيام المعنوي الحقيقي هو: أن يصوم الإنسان عما حرم الله، ولهذا قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] لم يقل: لعلكم تجوعون، لعلكم تعطشون، لعلكم تتشوقون للأهل، قال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:21] . وبين النبي صلى الله عليه وسلم هذا بقوله: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) إن الله تعالى لم يفرض علينا صيامه ليعذبنا به جوعاً وعطشاً وإمساكاً عن الأهل، إنما أراد منا أن ندع قول الزور والعمل به والجهل، فما قول الزور؟ قول الزور: كل قول محرم فهو قول زور، سواء شهادة زور، أو غيبة، أو نميمة، أو كذب، أو غير ذلك، كل قول محرم فهو قول زور؛ لأنه مأخوذ من الازورار وهو: الانحراف. والعمل به -أي بالزور- ويراد به كل عمل محرم، كالنظر في النساء، والنظر في الكتب البدعية، والنظر إلى الأفلام السيئة وغير ذلك. والجهل: العدوان على الناس، وليس ضد العلم؛ لأن الجهل هنا يراد به العدوان كما في قول الشاعر الجاهلي: ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا معنى لا يجهلن أحد علينا أي: لا يعتد ويبغ علينا، فإن بغى علينا صرنا أشد منه. ولا شك أن مؤمناً يمر به شهر كامل يتأدب بآدابه؛ لا شك أنه سيتغير مسيره، سيرجع إلى الله بعد الهرب منه، وسيرجع إلى الطاعة بعد المعصية، وستتهذب أخلاقه؛ لأن شهراً كاملاً يعتكف فيه الإنسان على ما يرضي الله عز وجل لا بد أن يؤثر فيه مهما كان.

رسالة إلى المدخنين

رسالة إلى المدخنين وإنني بهذه المناسبة أزجي رسالة إلى الذين ابتلاهم الله عز وجل بشرب الدخان: شرب الدخان حرام، وقد تبين للعلماء كثيراً الآن أنه حرام، وأن الشارب عاص لله ورسوله، وأنه إذا أصر على شربه انتقل من دائرة العدالة إلى دائرة الفسوق، فيكون فاسقاً، وشهر رمضان ميدان فسيح لمن أراد الله هدايته؛ فأمسك عن الدخان؛ لأنه سيمر به اليوم كاملاً وهو لا يدخن، فليتحمل وليصبر ليلته ثم يأتي اليوم الثاني، وبعد مضي أسبوع تتغير الأحوال، قد يكون في أول الأسبوع يشق عليه هذا كثيراً؛ لكن فيما تتبعنا وسبرنا وجدنا أن الأمور التي يريد الله أن تتغير تتغير في أسبوع، ولهذا كانت العقيقة -الذبيحة عن الولد- في اليوم السابع، يمر به الأسبوع، وهذا يطور الشيء، كثير من المرضى يحسون بالمرض ويصبرون عليه، وبعد أسبوع تتغير الحال إما إلى أسوء وإما إلى أصح. فأقول: إن هؤلاء الذين ابتلوا بشرب الدخان سيجدون في أول الأسبوع مشقةً عظيمة شديدة، لكن عليهم أن يتحملوا ويصبروا؛ لأنه وإن كان الثمن باهظاً فالسلعة غالية، الثمن باهظ سيتكلفون ويشق عليهم، لكن السلعة غالية، وهي أن يعصمهم الله من هذا الدخان الخبيث، وإذا مضى أسبوع تتغير الأحوال، والأسبوع الثاني تتطور إلى أحسن، وهلم جرا، فلا يخرج هذا الشهر المبارك إلا وقد عصم الله تعالى من شاء من عباده من شرب هذا الدخان الخبيث، لكن يبقى عليه أن يتعاهد هذه العصمة بحيث يبتعد عن الذين يشربونه حتى لا ينتكس بعد الاستقامة.

الحث على اغتنام شهر رمضان

الحث على اغتنام شهر رمضان إنني أحث نفسي وإياكم على اغتنام الفرصة في هذا الشهر المبارك، ولقد جرت العادة لكثير من الناس أن يسافروا إلى مكة لأداء العمرة وللمكث فيها ما شاء الله، ثم منهم من يرجع ومنهم من يكمل الشهر، ولا حرج في هذا، ولكن إذا كان الإنسان إذا ذهب إلى مكة يضيع الواجبات عليه فإنه يكون بذلك آثماً، لو فرضنا أنه ذهب إلى مكة وترك وظيفته، إن كان مؤذناً ترك الأذان، وإن كان إماماً ترك الإمامة، وربما ينيب عنه من لا يرضاه أهل المسجد، أو من لا ترضاه إدارة الأوقاف أو ما أشبه ذلك، يكون هذا الإنسان كالذي هدم مصراً وعمر قصراً، وبإمكانه إذا كان يحب أن يعتمر في رمضان أن يذهب في خلال ثلاثة أيام ويرجع، وإذا كان في الطائرة في خلال يوم واحد. كذلك -أيضاً- بعض الناس يذهب إلى مكة ويبقى كل الوقت هناك ويضيع أهله وأولاده، يسفهون ويتسكعون في الأسواق ليلاً ونهاراً، ويضيعون الواجب؛ لأن بعض الناس في رمضان يحيون الليل وينامون النهار، ويتركون الصلاة مع الجماعة؛ فيضيعهم وهو مسئول عنهم، فيكون هذا الرجل فعل مستحباً وترك واجباً، وكل إنسان عاقل لا يمكن أن يفضل المستحب على الواجب. وشر من ذلك من يذهب بعائلته إلى مكة ويدع العائلة الشباب والشابات يتسكعون في مكة، ويسفهون مع من يسفه ولا يبالي، تجده في المسجد الحرام يمكن في أول صف ويرى أنه حصل على أجر كثير وخير عميم، ولم يدر المسكين أنه بإضاعته أهله على إثم كبير؛ لذلك يجب علينا -يا إخواني- إذا أردنا عبادة أن نستشير أطباء العبادة، فمنهم أطباء العبادة؟ العلماء، فنستشير العلماء: هل هذا خير أو غير خير؟ هل هو شر أو خير؟ وأما أن يتعبد الإنسان لربه بعاطفته فهذا خطأ عظيم، قال الله عز وجل: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ} [المؤمنون:71] أي: بالقرآن الذي فيه تذكرهم {فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون:71] .

بحوث في الصيام ينبغي إلالمام بها

بحوث في الصيام ينبغي إلالمام بها في الصيام بحوث ينبغي أن نلم بها:

حكم تعليق النية في الصوم

حكم تعليق النية في الصوم البحث الأول: رجل نام -أو امرأة- نام ليلة الثلاثين من شعبان قبل أن يثبت الشهر فقال بقلبه: إن كان غداً من رمضان فأنا صائم، ولم يقم إلا بعد طلوع الفجر، وإذا الناس قد صاموا، فهل يجزئه صوم ذلك اليوم أو لا؟ A يجزئه؛ لأنه نوى شيئاً محتملاً، يعني: ليلة الثلاثين من شعبان يمكن أن تكون هي أول يوم من رمضان، أليس كذلك؟ وقد استثنى: إن كان غداً من رمضان فأنا صائم فصار غداً من رمضان، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) هذا الرجل له ما نوى أو لا؟ نعم. له ما نوى، وقد نوى إن كان غداً من رمضان فهو صائم. فإذا قال إنسان: هذا شرط في العبادة، والشرط في العبادة ليس بصحيح، فلابد من الجزم بالعبادة. قلنا: بل الشرط في العبادة صحيح، الدليل: أن ضباعة بنت الزبير أرادت الحج فأتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقالت: (يا رسول الله! إني أريد الحج وأنا شاكية -أي: مريضة- فقال لها: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني، فإن لك على ربك ما استثنيت) الله أكبر! حجي واشترطي، ما دمت مريضة تخشين ألا تكملين النسك فاشترطي، قولي: (إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، ثم قال: إن لك على ربك ما استثنيت) .

حكم من أكل وشرب ظانا بقاء الليل أو دخوله ثم تبين خطؤه

حكم من أكل وشرب ظاناً بقاء الليل أو دخوله ثم تبين خطؤه ثانياً: رجل قام في ليلة من ليالي رمضان ونظر إلى الساعة فأخطأ في نظره وظن أنه في ليل فجعل يأكل ويشرب، وإذا بالإقامة تقام للصلاة فأمسك، من حين ما سمع الإقامة أمسك، لكن الإقامة أولَّها شك هل هي إقامة أو أذان؟ فلما قال: قد قامت الصلاة عرف أنها إقامة فأمسك، أيصح صومه؟ يصح صومه، نعم يصح صومه وإن كان قد أكل في النهار؛ لأنه أكل جاهلاً، لا يدري أنه في النهار، بل يظن أنه في ليل، فصومه صحيح. فإذا قال قائل: ما هو الدليل على أن صومه صحيح؟ قلنا: لأنه أخذ برخصة الله، وقد قال الله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ} [البقرة:187] إذاً هو أكل برخصة من الله؛ لأنه ما تبين له، فليس عليه قضاء وصيامه صحيح، والدليل هذه الآية: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة:187] . أيضاً دليل آخر: قال الله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] ماذا قال الرب عز وجل؟ قال: قد فعلت. أي: لن أؤاخذكم إن نسيتم أو أخطأتم، وهذا الرجل مخطئ أو متعمد؟ مخطئ، فليس عليه شيء {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] هذا مخطئ وقد قال الله عز وجل: قد فعلت فالحمد لله. أيضاً: رجل سمع المؤذن يؤذن للمغرب وهو صائم، سمع المؤذن يؤذن والدنيا مظلمة فأكل وشرب، ثم تبين أن المؤذن أخطأ، الساعة مقدمة والشمس لم تغرب، هل يلزمه القضاء أو لا يلزمه والصوم صحيح؟ الصوم صحيح يا إخواني، كيف يكون صحيحاً وقد تبين أنه أكل قبل أن تغرب الشمس؟ نقول: نعم. هذا الرجل هل هو متعمد أن يأكل قبل أن تغيب الشمس أو مخطئ؟ مخطئ، فإذا كان مخطئاً فهذا كلام الله عز وجل: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فقال الله: قد فعلت. وقال جل وعلا: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] الحمد لله، فهو كريم تكرم على العباد جل وعلا، أفلا يليق بنا أن نقبل كرمه؟ بلى والله، نقبل كرمه. ثم نقول: هذه المسألة بعينها وقعت في زمن البشير النذير محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: [أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم طلعت الشمس] أفطروا في يوم غيم بناءً أن الشمس غربت، ثم طلعت الشمس ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالقضاء مع أنهم أكلوا قبل غروب الشمس، ولو كان القضاء واجباً عليهم لبلغهم الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك؛ لأنه إذا كان القضاء واجباً كان من شرع الله، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم مأمور أن يبلغ شرع الله، وإذا بلغه فلا بد أن ينقل إلينا؛ لأن الشرع إلى يوم القيامة، فلما لم ينقل إلينا أنهم قضوا يومه، علمنا أن الرسول لم يأمرهم بذلك وأن صيامهم صحيح.

حكم من أكل أو شرب في نهار رمضان ناسيا

حكم من أكل أو شرب في نهار رمضان ناسياً رجل صائم نسي فشرب فنجاناً من القهوة، ثم ذكر بعدما شرب الفنجان، ماذا نقول له؟ صيامه صحيح أو عليه الإعادة؟ صيامه صحيح، الدليل: قول الله تبارك وتعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] وهذه يا إخواني قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام: رفع الإثم والجناح عن كل مخطئ أو ناسي، والذي قالها الله عز وجل، ما قالها فلان وفلان حتى نقول يمكن يخطئ، قالها الرب عز وجل: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] . إذاً ليس عليه القضاء؟ نعم. فيه دليل خاص في الموضوع وهو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) الفعل ليس فعله في الواقع، لأنه ناسٍ، فكأنه لم يفعل، ولهذا قال: فإنما أطعمه الله وسقاه.

حكم من جامع أهله في رمضان بعد أذان الفجر ظنا منه أنه لم يؤذن

حكم من جامع أهله في رمضان بعد أذان الفجر ظناً منه أنه لم يؤذن إنسان حديث عهد بالزواج، وأتى أهله في آخر الليل ظناً منه أن الليل باق، وإذا بالإقامة تقام فما تقولون؟ هل عليه شيء؟ A لا. ما عليه شيء، لا إثم، ولا كفارة، ولا قضاء؛ لأن الله تعالى قال: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة:187] أي: النساء {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة:187] فالثلاثة كلها سواء: مباشرة النساء والأكل والشرب، ولا دليل على التفريق بينها، كلها من محظورات الصيام، وإذا وقعت على وجه الجهل أو النسيان فلا شيء. هذا الرجل الذي هو حديث عهد بعرس يقول: إنه يعلم أنه حرام، لكن لا يدري أن عليه هذه الكفارة المغلظة، ولو علم أن عليه هذه الكفارة المغلظة ما فعل -والكفارة هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، فإن لم يجد سقطت- وهو يعلم أنه حرام لكن لم يعلم أن عليه هذه الكفارة، ولو علم ما فعل، فهل نلزمه بالكفارة أو لا؟ الجواب: نعم. نلزمه بالكفارة، ولدينا على ذلك دليل وتعليل، الدليل: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: (يا رسول الله! هلكت هلكت، قال: ما الذي أهلكك؟ قال: أتيت أهلي في رمضان وأنا صائم) الرجل يعلم أنه حرام ولهذا قال: إنه هلك، قال: (أتيت أهلي في رمضان وأنا صائم، قال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اعتق رقبة، قال: لا أجد. قال: صم شهرين متتابعين، قال: لا أستطيع. قال: أطعم ستين مسكيناً، قال: لا أجد) كم الخصال الآن؟ الخصال ثلاث، عتق، فإن لم يجد فصيام، فإن لم يستطع فإطعام، لكن ما عنده شيء (فبينما النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جالس إذ جيء إليه بزنبيل فيه تمر، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهذا الرجل: خذ هذا فتصدق به قال: يا رسول الله! أعلى أفقر منا؟ والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا) سبحان الله! رجل قد أتى خائفاً هالكاً وطمع هذا الطمع، قال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أطعمه أهلك) فرجع إلى زوجته بتمر يكفيهم إلى ما شاء الله. فلم يعذره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بجهله في وجوب الكفارة؛ لأنه عالم. التعليل: هو أن هذا الذي يعلم التحريم قد انتهك حرمة الزمن وحرمة الصيام فلا عذر له؛ لأنه انتهك الحرمة.

حكم من سافر في نهار رمضان صائما ثم أراد أن يفطر

حكم من سافر في نهار رمضان صائماً ثم أراد أن يفطر رجل صام في بلده، ثم سافر في أثناء النهار، فهل يجوز له أن يفطر وقد صام ونوى الفرض، فهل يجوز أن يفطر أو لا؟ قال بعض أهل العلم: لا يجوز؛ لأنه لما تلبس بالفرض صار إتمامه واجباً، والقاعدة الفقهية: أن من دخل في فرض لزمه إتمامه. فلا يجوز أن يفطر. وقال بعض العلماء: بل يجوز أن يفطر، وهذا القول هو الصحيح، أن من سافر في أثناء اليوم وهو صائم فله أن يفطر سواء شق عليه الصيام أم لم يشق، الدليل: لأن التعليل الذي ذكره المانعون تعليل قوي، دخل في فرض ولا يمكن أن يخرج منه إلا لضرورة، لكن نقول لدينا دليل: وهو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أفطر في السفر وكان صائماً. ولا شك أن لنا في رسول الله أسوة حسنة -عليه الصلاة والسلام- فعليه: إذا سافر في أثناء اليوم وهو صائم فله أن يفطر ولا حرج عليه. لو قدرنا أن معه أهله هل يجامع أو لا؟ نعم يجامع؛ لأنه متى جاز الأكل والشرب جاز الجماع، هما قرينان في القرآن الكريم: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة:187] ولذلك لو دخل وقت الصلاة وأنت في بلدك ثم سافرت قبل أن تصلي، فهل تصلي أربعاً أو ركعتين؟ تصلي ركعتين؛ لأنك الآن مسافر، فلو قال قائل: هذا وجبت عليه الصلاة أربعاً؛ لأنه أذن وهو في البلد، قلنا: نعم. وجبت عليه أربعاً؛ لكن الآن هو في سفر، وقد قال الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء:101] فيصلي ركعتين. كما لو أنه كان بالعكس، لو قدم من السفر وقد دخل عليه وقت الصلاة وهو في السفر ثم وصل بلده كم يصلي؟ يصلي أربعاً، العبرة بفعل الصلاة. لو سألنا سائل: الصائم الذي سافر للعمرة هل الأفضل أن يؤدي العمرة في النهار ولكنه لا يستطيع إلا أن يفطر ويتقوى على الأكل والشرب، أو الأفضل إذا وصل إلى مكة أن يبقى إلى آخر النهار فإذا أفطر وتقوى أتى بالعمرة؟ أيهما أفضل؟ الأول أفضل، نقول: أفطر وأد العمرة منذ أن تصل إلى مكة؛ لأن المعتمر لا ينبغي أن يقدم شيئاً على العمرة من حين أن يصل إلى مكة، حتى أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان ينيخ راحلته عند المسجد قبل أن يذهب إلى رحله ويؤدي العمرة، فنقول: هذا أفضل. هذا المثال الذي ذكرته الآن قد لا نحتاج إليه اليوم؛ لأن اليوم النهار بارد ويمكن للإنسان أن يأتي بعمرته من حين أن يصل بدون مشقة، لكن قبل سنوات كان الإنسان يشق عليه جداً أن يؤدي العمرة وهو صائم، والأمر والحمد لله واسع.

التفصيل في مسألة ضرب الإبر في رمضان

التفصيل في مسألة ضرب الإبر في رمضان رجل احتاج إلى إبرة لأنه مريض، وقال الأطباء: لا بد من الإبرة وهو صائم، فهل يمكنهم من ذلك أو لا؟ A يمكنهم من ذلك، ويضرب الإبرة سواء في العضلات أو في الوريد، وسواء وجد طعمها في حلقه أم لم يجد؛ لأن الإبرة ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب، والأصل أن هذا الصيام صحيح ولا يحل لنا أن نبطل عبادة عباد الله إلا ببرهان من الله، رجل متلبس بعبادة الله نأتي ونقول: والله عبادتك فسدت؟! حرام علينا إلا بدليل (برهان واضح) . نعم. لو فرض أنه ضرب إبرة تغني عن الطعام والشراب ويتغذى عليها الإنسان فهذا نقول: إنه يفطر لكنه لا يحتاج إليها غالباً إلا لمرض ونقول: أفطر من أجل المرض، الأمر واسع -والحمد لله- ومن ذلك من يصابون بالفشل الكلوي يحتاجون إلى إبر تخرج الدم وينظف ثم يعود، هؤلاء نقول: أفطروا والأمر واسع، أفطروا وأجروا هذه العملية، وإن كان المرض مستمراً لا يرجى برؤه فأطعموا عن كل يوم مسكيناً، وإن كان يرجى برؤه فانتظروا حتى يعافيكم الله وتقضون لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185] .

قيام رمضان

قيام رمضان وننتقل الآن من الصيام إلى القيام، قيام رمضان مندوب إليه ولا ينبغي للإنسان أن يفرط فيه لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) والتراويح الآن تعتبر من قيام رمضان لا شك، فالذي ينبغي هو ألا نفرط فيه، وأن نبقى مع الإمام من صلاة العشاء إلى أن ينتهي؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما قالوا له: (يا رسول الله! قم بنا بقية ليلتنا -نود أن نبقى إلى الفجر- قال: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) اللهم لك الحمد، تقوم مع الإمام لمدة ساعة أو ساعة ونصف ويكتب لك قيام ليلة كاملة، فلا ينبغي للإنسان أن يفرط في هذه التراويح. بالنسبة للأئمة يجب عليهم أن يتقوا الله فيمن وراءهم، وأن يؤدوا الصلاة على وجه يطمئن الناس فيه، ويتمكنون من الدعاء في الركوع والسجود، والدعاء في السجود أوكد من الدعاء في الركوع؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن -أي: حري- أن يستجاب لكم) فليعط المأمومين فرصة للدعاء والتسبيح والثناء على الله عز وجل، ولا يكن همه أن يخرج مبكراً؛ لأن بعض الأئمة يلاحظ هذا، يسرع في التراويح لأجل أن يخرج هو الأول، ولا يغره أن الناس يكثرون وراءه؛ لأن الناس يحبون العجلة، لا يغره هذا، ليكن أكبر همه أن يؤديها على الوجه المطلوب، هذا هو المهم. والتراويح اختلف فيها السلف، بعضهم يقول: ثلاثة وعشرون، وبعضهم يقول: إحدى عشرة، وبعضهم يقول: ثلاث عشرة، وبعضهم يقول: تسع عشرة، اختلفوا فيها على أقوال كثيرة، فمن أتى بوجه من الوجوه الواردة عن السلف فلا لوم عليه أبداً حتى لو أتى بثلاثة وعشرين فإنه لا لوم عليه، ولذلك نرى أن من الغلط ما يفعله بعض المجتهدين إذا صلوا وراء إمام يكمل ثلاثة وعشرين وصلوا معه عشر ركعات تركوه وانصرفوا، هؤلاء مساكين حرموا أنفسهم أنهم يقومون مع الإمام حتى ينصرف فضاعت عليهم الليلة، ثم خالفوا الجماعة ويد الله مع الجماعة، ثم إن بعضهم ولا سيما في المسجد الحرام يجلس يشرب القهوة والناس يصلون، أو يتحدث والناس يصلون، وهذا من الغلط الذي يغلط فيه كثير من الناشئين في العلم. وكذلك -أيضاً- بلغنا أن بعض الأئمة يوتر بالناس التسع، والتسعة إذا أوتر الإنسان بها لا يسلم إلا في آخرها، السنة إذا أوترت بالتسع ألا تسلم إلا في آخرها، تجلس في الثامنة وتقرأ التحيات وتقوم وتأتي بالتاسعة، سمعنا أن بعض الأئمة يفعل ذلك، وهذا من الغلط، هل جاءهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام يصلي بالناس تسع ركعات؟ إذا جاء عن الرسول فعلى العين والرأس، وإذا لم يأت عن الرسول فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أيكم أم الناس فليوجز، فإن من ورائه الضعيف والمريض وذا الحاجة) وهل هذا إيجاز أنه يبقى يصلي بالناس لمدة ساعة أو ساعة ونصف لا ينصرفون؟ قد يكون بعضهم محصور في بول أو غائط أو ريح أو للشغل. ثم الذين يدخلون المسجد يجدونه يصلي التراويح يصلي هذا الوتر، ماذا ينوون؟ يريدون نية التهجد فتختلط عليهم النية، فلا يدرون ما ينوون، يقول بعض الذين يصنعون هذا: إننا نريد أن نبين السنة. فنقول: أثابكم الله على هذه النية، وتؤجرون عليها، لكن لا بالفعل، وبينوا للناس السنة بالمقال، قولوا: إذا أوترتم بالثلاث فإن شئتم اجمعوها وإن شئتم صلوا ركعتين ثم سلموا، وفي الخمس اجمعوها، وفي السبع اجمعوها. وهلم جرا، أما أن تشقوا على الناس فهذا خلاف ما أمر به الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله: (أيكم أم الناس فليخفف، ومن صلى بنفسه فليصلي كيف شاء) .

الزكاة

الزكاة ننتقل بعد ذلك إلى شيء من الزكاة: رجل له أخ فقير وهو غني، هل يجوز أن يعطي أخاه من زكاته؟ A نعم. وإعطاء أخيه من زكاته أفضل من إعطاء البعيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (الصدقة على القريب صدقة وصلة) ولما أمر بالصدقة وكانت زينب امرأة عبد الله بن مسعود تريد أن تتصدق، فقال لها زوجها عبد الله بن مسعود: تصدقي علي أنا وأولادي -لأنه قليل ذات اليد- فقالت: أنت زوجي وهؤلاء أولادي، كيف أتصدق عليك؟ قال: نحن أحق من الأباعد، قالت: أبداً لا أتصدق عليك حتى أسأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فسألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: (نعم. زوجك وولدك أحق من تصدقت عليه) فإذا كان لك أقارب فقراء من أهل الزكاة فأعطهم من زكاتك وهم أفضل من الأباعد. كذلك لو كان لك أب عليه دين، وأنت قد أغناك الله وعندك مال كثير، هل يجوز أن تقضي دين والدك من زكاتك؟ نعم. يجوز، أليس والدي غارماً؟ وقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ} [التوبة:60] . لك ولد له سيارة صدمت وأصلحها بدراهم، هل تقضي دينه إذا لم يجد ما يوفي به؟ نعم. يجوز، إلا إذا استدان للنفقة الواجبة عليك فهنا لا يجوز أن تعطيه من زكاتك؛ لأنك إذا أعطيته من زكاتك مع وجوب الإنفاق عليه وفرت مالك، لكن شيء يلزم الولد وهو لا يجب على الوالد فله أن يقضيه من زكاته (يوفي عنه من الزكاة) . وإنني أبين للإخوان أن الأوصاف الثمانية التي ذكر الله الأصل أن الزكاة تصرف فيهم على أي حال كانوا إلا بدليل، اقرأ الآية، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:60] . هذه الأوصاف الثمانية إذا وجدت في أي أحد من الناس فهو من أهل الزكاة إلا بدليل. رجل عنده خادم مسلمة وزوجها كذلك، ولهما أولاد في بلادهما، وهما فقيران (الخادم والخادمة) أيجوز أن يعطيهما من زكاته؟ الجواب: نعم. يجوز أن يعطيهما من زكاته؛ لأنهم فقراء والله تعالى يقول: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة:60] . رجل عنده عامل لكنه غير مسلم، هل يجوز أن يعطيه من زكاته؟ الجواب: لا يجوز أن يعطيه حتى وإن كان فقيراً إلا إذا كان يشعر أن هذا الرجل له اتجاه إسلامي، يحب الإسلام ويرى أنه إذا أعطاه من الزكاة تألفه وقبل الإسلام، فهنا يعطيه على أنه من المؤلفة قلوبهم. رجل عنده سيارة مرسيدس كبيرة، يكدها ويتعيش عليها، هل فيها زكاة؟ الجواب: لا. ما فيها زكاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة) فليس فيها زكاة. وأجرتها؟ أجرتها إن تمت الحول عنده يزكيها؛ وإن كانت الأجرة يصرفها على السيارة وعلى أولاده فلا زكاة فيها؛ لأن من شرط الزكاة تمام الحول، وهذا الرجل لا يبقى عنده المال إلى سنة، فهو يصرفه في مصالح السيارة وكذلك في أهله فليس عليه زكاة. ولعلنا نقتصر على هذا القدر لنجيب بما تيسر على الأسئلة إن شاء الله تعالى، ونسأل الله التوفيق للصواب، لكنني أحث نفسي وإياكم على الجد والنشاط في الأعمال الصالحة لا سيما في شهر رمضان المبارك.

الأسئلة

الأسئلة

الأصل في الإمساك بزوغ الفجر وفي الإفطار غروب الشمس

الأصل في الإمساك بزوغ الفجر وفي الإفطار غروب الشمس Q فضيلة الشيخ أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعلني وإياكم وجميع المسلمين ممن يصومون شهر رمضان ويقومونه على الوجه الذي يرضيه عنا، يا فضيلة الشيخ كما تعلمون الآن الفطر والإمساك حسب التقويم، وهذا مبني على الحساب وليس على رؤية الصبح وغروب الشمس، فسؤالي يا فضيلة الشيخ: هل إذا سمعت المؤذن وفي يدي اللقمة هل آكلها أم أتركها؟ أفتني جزاك الله خيراً. A لا شك أن الله سبحانه وتعالى ربط الإمساك والإفطار بعلامات محسوسة أفقية، الإمساك بطلوع الفجر، فمتى طلع الفجر ورأيته فأمسك سواء أذن أم لم يؤذن، ومتى أذن ولم يتبين الفجر فلك الأكل، لكن من المعلوم أننا الآن لا يمكن أن نشاهد الفجر؛ لأن البلد مضيئة بالأنوار، والناس أكثرهم في الحجر لا يشاهدونه، فمن باب الاحتياط أنك إذا سمعت المؤذن فأمسك، ولكن لا حرج عليك أن تأكل اللقمة التي في يدك أو تشرب الكأس الذي في يدك. أما بالنسبة للغروب فكذلك، فالإفطار مقرون بغروب الشمس، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا أقبل الليل من هاهنا -وأشار إلى المشرق- وأدبر النهار من هاهنا -وأشار إلى المغرب- وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) فإذا قدر أنك في مكان مرتفع وشاهدت الشمس قد غربت فأفطر؛ سواء أذن أم لم يؤذن، وإذا قدر أنك سمعت الأذان وأنت في مكان مرتفع لكنك تشاهد الشمس حرم عليك الإفطار؛ لأن المدار على غروب الشمس وعلى تبين الفجر في الإمساك.

الواجب على المريض مرضا مزمنا

الواجب على المريض مرضاً مزمناً Q فضيلة الشيخ هل يصوم من فيه فشل كلوي ومرض السكر وكل مرض مزمن؟ أرجو التفصيل وفقك الله. A هذه الأمراض بعضها شديد ولا يستطيع أن يصوم ولا يرجى زوالها، فهذه الأمراض يباح لمن ابتلي بها أن يفطر، ويطعم عن كل يوم مسكيناً، إن شاء أطعم كل يوم ليومه وإن شاء جمعها في آخر الشهر وأطعم على عدد الأيام، ثم إن شاء أطعم عشاءً أو سحوراً وإن شاء فرق لكل يوم كيلو من الرز على كل مسكين. أما الإنسان الذي يقدر على الصوم ولا يلحقه ضرر ولا مشقة فيجب عليه أن يصوم، والصيام ليس كالسفر، السفر يباح لك فيه الفطر وإن لم تجد مشقة، وأما المرض فلا يباح لك الفطر إلا إذا وجدت مشقة.

استخدام حبوب منع الدورة من أجل صيام رمضان

استخدام حبوب منع الدورة من أجل صيام رمضان Q فضيلة الشيخ ما حكم استعمال المرأة لحبوب منع الدورة الشهرية حتى تصوم جميع شهر رمضان؟ A لا تستعمل هذه الحبوب؛ لأنها ضارة كما ثبت ذلك عندنا بقول الأطباء، والأطباء في هذه الأمور هم مرجعنا، فيذكرون عنها أضراراً كثيرة؛ ولذلك كثرت التشوهات في الأجنة -أي: في الأحمال- ما أكثر اللاتي يقلن: إن الولد ما له جمجمة، ما له يد، ما له رجل وما أشبه ذلك، قال لي بعض الأطباء الموثوقين: إن من أسبابها أكل هذه العقاقير؛ لذلك نقول: لا تأكل المرأة شيئاً من ذلك. فإذا قالت: يفوتني الصوم والصلاة. نقول: بأمر من فاتك الصوم والصلاة؟ بأمر الله عز وجل، وقد دخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على عائشة وهي تبكي في حجة الوداع قبل أن يصلوا إلى مكة، وكانت عائشة رضي الله عنها محرمة بالعمرة وحاضت بسرف في الطريق، ودخل عليها النبي عليه الصلاة والسلام وهي تبكي قال: (ما لك؟ فأخبرته أنها لا تصلي، قال: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم) . والواجب على المرأة أن ترضى بقضاء الله وقدره، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (هذا شيء كتبه الله على بنات آدم) تسليةً لها، يعني: ليس خاصة بك، فكل بنات آدم يأتيها الحيض، لذلك أقول: لا تستعملي هذه الحبوب، والحمد لله إن صمت فبأمر الله وإن أفطرت فبأمر الله.

أنواع النذر

أنواع النذر Q فضيلة الشيخ هل يلزم قضاء صيام النذر قبل صيام شهر رمضان أم لا يلزم، فإذا كان يلزم ولم يصم إلا بعد صيام شهر رمضان فماذا عليه؟ A الواجب لمن نذر الصيام إذا كان معلقاً بشرط أن يوفي به من حين أن يوجد الشرط ولا يتأخر، مثال ذلك: قال: إن شفاني الله من هذا المرض فلله عليَّ نذر أن أصوم ثلاثة أيام. فشفي من المرض، فالواجب أن يبادر الإنسان بالصوم ولا يتأخر؛ لأن الله تعالى قال: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} [التوبة:76-77] أعوذ بالله {بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ} [التوبة:77] . أما النذر الذي ليس معلقاً بشرط، إنسان أراد أن يحمل نفسه على الصوم فقال: لله علي نذر أن أصوم ثلاثة أيام. من غير سبب، فهذا يجب عليه أن يبادر لكن ليس كوجوب الأول، فإذا أتاه رمضان وهو لم يصم فمن المعلوم أنه يبدأ برمضان، وإذا انتهى رمضان صام النذر، لكن لو أنه صام النذر في رمضان لم يصح صوم نذره ولا صوم رمضان. إنسان عليه نذر ثلاثة أيام فصام من رمضان ثلاثة أيام للنذر، فماذا عليه؟ لا ينفعه عن النذر ولا عن رمضان، أما كونه لا ينفعه عن النذر فلأن رمضان وقته مضيَّق لا يصح أن يصوم غيره فيه، وأما كونه لا يجزئ عن رمضان فلأنه لم ينو عن رمضان، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) .

الواجب على من نذر صوما ولم يستطع إكماله لعذر

الواجب على من نذر صوماً ولم يستطع إكماله لعذر Q امرأة كبيرة في السن نذرت على نفسها الكفارة المغلظة من صيام شهرين متتابعين أو عتق رقبة، والآن هي فقيرة ومريضة بمرض السكر وبدأت الصيام ولكن لم تستطع إكماله، فماذا عليها؟ A الظاهر أنه يجب عليها أن تطعم ستين مسكيناً؛ لأن الكفارة المغلظة عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، فعليها أن تطعم ستين مسكيناً، وإني أقول لكم: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن النذر وقال: إنه لا يرد القضاء، وإنه لا يأتي بخير. فليس فيه مصلحة شرعية ولا قدرية، بعض الناس إذا مرض ونذر ظن أنه إذا نذر أن الله سيشفيه، وهذا غلط، إذا كان الله أراد أن يشفيك شفاك بدون نذر، وإن كان الله لم يرد ذلك لم ينفع النذر. كذلك يستخرج به من البخيل؛ لأن البخيل شحيح بالمال، فمن أجل أن يحمل نفسه يقول: لله علي نذر أن أتصدق من أجل أن يحمل نفسه، وهذا غلط، قال الله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ} [النور:53] الجواب: {قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} [النور:53] أطيعوا الله بدون قسم. ، كذلك نقول: أطع الله بدون نذر، فالنذر مكروه، بل إن بعض العلماء حرمه، ولهذا تجد الذين ينذرون يندمون ندماً عظيماً، ويأتون إلى فلان ماذا تقول في النذر، خفف عني، يأتون الثاني: ما تقول في النذر خفف عني. وبعضهم -والعياذ بالله- يعطيه الله تعالى ما نذر عليه ولكن لا يفي، هذا خطره عظيم، خطره: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} [التوبة:77] ربما يجعل الله في قلبه هذا نفاقاً إلى أن يموت، أعاذنا الله وإياكم من ذلك.

حكم من نذر على نفسه أن يؤدي جميع الرواتب

حكم من نذر على نفسه أن يؤدي جميع الرواتب Q فضيلة الشيخ رجل رأى من نفسه تهاوناً في السنن الرواتب فأراد أن يعزم على نفسه في أدائها كاملة، فنذر لله تعالى ألا يترك أي سنة راتبة، فألزم نفسه بشيء لم يلزمه الله عليه، وهو الآن يجد في نفسه تقصيراً فما الخلاص لهذا الرجل الذي تسبب في تكلفة نفسه ما لا تطيق؟ A هذا شيء يطاق، الرواتب كل إنسان يطيقها، لكن إذا سافر سقطت عنه؛ لأنه إنما نذر صلاة الرواتب والرواتب في السفر تسقط إلا راتبة الفجر، انتبه لقول الرواتب من النوافل! النوافل في السفر لا تسقط، ومن قال: إن السنة في السفر ترك السنة فقد أخطأ. الذي يسقط من الرواتب في السفر ثلاث: الظهر والمغرب والعشاء؛ لكن لو سافر لأجل أن يسقط الرواتب الثلاث هل تسقط عنه؟ لا. هذه حيلة لا تنفع، ولهذا قال العلماء: المسافر لا يلزمه صيام، لكن لو سافر لأجل أن يفطر حرم عليه السفر وحرم عليه الفطر. المهم أن أقول للأخ: هذا شيء يطاق، وقوله: أنه لا يطيقه ما هو صحيح، كل يستطيع أن يصلي ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر، ما في صعوبة، فليستعن بالله وليوف بنذره، ولينصح غيره عن النذر.

حكم صوم المكلف إذا أتى بما يبطل صومه جاهلا

حكم صوم المكلف إذا أتى بما يبطل صومه جاهلاً Q فضيلة الشيخ شخص في بداية تكليفه كان يصوم صوماً صحيحاً لكن كان يفعل العادة السرية، وكان يجهل جهلاً تاماً أنها مفسدة للصوم، وأنها توجب الغسل فكان يصلي ويصوم ويفعل هذه العادة، وهذا كان في بداية تكليفه وهو دون الخامسة عشرة، فماذا عليه بعد أن علم الحكم وتاب إلى الله فلا يعلم عدد الأيام التي كان يفعل فيها تلك العادة وكذلك الصلاة؟ A في ملاحظة على هذا السؤال يقول: قبل تكليفي وهو يستخرج المني! فهل يصح هذا التعبير؟! لا. لأنه إذا خرج منه المني بلذة فقد بلغ وإن لم يكن له إلا عشر سنوات، لكن نحن نقول في الجواب: ما دام يفعلها في الصيام وهو لا يدري أنها حرام فصيامه صحيح؛ لأننا ذكرنا أن هذه قاعدة. أما بالنسبة للصلاة التي كان يصليها ولا يغتسل وهو لا يدري أن ذلك موجب للغسل فكذلك -أيضاً- لا يلزمه القضاء؛ لأنه جاهل، ولهذا لم يلزم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الرجل الذي كان يترك الأركان في الصلاة، رجل دخل المسجد وصلى صلاة لا يطمئن فيها، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ارجع فصل فإنك لم تصل) فرجع وصلى كالأولى فعاد فأعاده الرسول عليه الصلاة والسلام ثلاث مرات ولم يأمره بقضاء صلواته السابقة، مع أنه قال له: (لم تصل) . فأقول لهذا السائل: ليس عليك قضاء صلاة ولا قضاء صيام، ولكن أوصيك بكثرة الأعمال الصالحة والإنابة إلى الله عز وجل.

حكم حمل الطفل في الصلاة دون معرفة ما إذا كان نجسا أم طاهرا

حكم حمل الطفل في الصلاة دون معرفة ما إذا كان نجساً أم طاهراً Q فضيلة الشيخ أنا امرأة أصلي وولدي يبكي فأحمله ولا أدري أفيه نجاسة أم لا وهو متحفظ، فماذا علي؟ A ليس عليها شيء، يعني: لا بأس أن تحمل المرأة ولدها إذا صاح وهي لا تدري هل فيه نجاسة أو لا؛ ودليل ذلك: أنه وقع نظير هذا من الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كان يصلي وهو حامل بنت بنته - أمامة بنت زينب - وأبوها أبو العاص بن الربيع، كانت هذه الجارية صغيرة، فجعل الرسول عليه الصلاة والسلام يصلي بالناس وهو يحملها، إذا قام حملها وإذا سجد وضعها، ومعلوم أن الأطفال في الغالب لا تخلو ثيابهم من نجاسة، لكن هل الرسول يعلم أن فيها نجاسة؟ لا نعلم، لكن الذي يظهر أنه لا يعلم، بدليل أنه لما صلى بنعليه وفيهما قذر جاءه جبريل فأخبره في أثناء الصلاة فخلعهما ومضى في صلاته. فأقول لهذه المرأة: ما دامت هذه الطفلة محفظة، ولا تدري هل خرج منها شيء نجس أو لا فالأصل الطهارة ولا بأس أن تحملها وتسكتها. لكن إذا كان تسكيت الطفلة هذه يحتاج إلى ضرب خفيف على الظهر من أجل تسكيتها فهل يجوز أم لا؟ نعم. يجوز أن تضرب على ظهرها، لأن هذه حاجة، إلا أنها لا تكثر؛ لأنها إن أكثرت ربما تبطل الصلاة، لكن هل لها أن تقول: اسكتي يا بنية ماذا بك، أو لا؟ الجواب: لا، لأن هذا كلام، والصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الناس.

نصيحة تتعلق بصلاة الفجر

نصيحة تتعلق بصلاة الفجر Q فضيلة الشيخ ما نصيحتكم لإمام مسجد راتب لا نتمكن من صلاة راتبة الفجر معه في شهر رمضان إلا نادراً، فمعظم الجماعة يصلون راتبة الفجر بعد الصلاة، حيث أنه لا ينتظر بعد الأذان إلا خمس دقائق تقريباً مع قصر القراءة في الصلاة، وقد نصحته فقال: هذه رغبة الجماعة. فهل هو على خطأ في تفويت المأمومين بطول الصلاة وسنة الفجر أم أن هذه سنن لا شيء عليه فيها؟ A الذي أرى أنه يجب عليه مراعاة الشريعة دون مراعاة الخلق، الخلق لا ينفعون أحداً ولا يضرونه، افعل الشريعة يرضى عنك من شرعها وهو الله عز وجل، وإذا رضي الله عنك أرضى عنك الناس، فأولاً: كونه يقيم بعد أذان الفجر بخمس دقائق هو مخاطر؛ لأن كثيراً من الإخوة شاهدوا الفجر ورأوا أن التوقيت في التقويم يتقدم على الفجر؛ فهذا مخاطر جداً، ومسألة الصلاة أهم من الصيام. ثانياً: أن الفجر لها سنة قبلية وإذا بادر بالإقامة فاتت الجماعة كلهم أو أكثرهم هذه السنة القبلية التي قال عنها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) سنة الفجر الراتبة خير من الدنيا وما فيها، الدنيا من أولها إلى آخرها بملوكها ورؤسائها وزخارفها (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) والله نعم يا إخوان، نِعم، نِعم! يعني: أنت إذا صليت راتبة الفجر كأنما الدنيا كلها من أولها إلى آخرها قد حصلت عليها، بل حصلت على خير منها (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) . فنصيحتي لأخي الإمام هذا: أن يتأنى قليلاً أولاً مراعاةً للفجر لما فيه من الخطورة؛ لأنك لو قلت: الله أكبر قبل طلوع الفجر (تكبيرة الإحرام فقط) ما صحت صلاتك، لا بد أن تكون الصلاة من أولها إلى آخرها في الوقت. ثالثاً: أعطهم مهلة لمن أراد أن يصلي الراتبة. رابعاً: بالنسبة للتخفيف فهو خلاف هدي الرسول عليه الصلاة والسلام في الفجر، كان هدي الرسول في الفجر عليه الصلاة والسلام أن يقرأ من طوال المفصل، وطوال المفصل من ق إلى عم.

الواجب على من وجد شيئا يعرف صاحبه

الواجب على من وجد شيئاً يعرف صاحبه Q فضيلة الشيخ أنا عمري أربع عشرة سنة قد وجدت مائة ريال ساقطة في ظرف مكتوب عليها صاحب المائة، فأخذتها، فهل أعيدها لصاحبها؟ A معلوم أنه يجب، يجب على من وجد ضالة أو لقطة يعرف صاحبها أن يبلغه عنها، فإما أن يوصلها إليه أو يبلغ بها، لا بد من هذا، وهذه المسألة ليست في اللقطة، اللقطة إذا وجد الإنسان شيئاً لا يهتم الناس به فهو له، لكن هذا إذا عرف صاحبه ولو كان قرشاً واحداً، فيجب أن تنتبهوا لهذا، إذا وجدت شيئاً لشخص تعرفه لا تقل: هل هو كثير أو قليل، ولو كان ريالاً واحداً يجب أن تسلمه له، أو على الأقل تبلغه به وهو يأتي ليأخذه منك. فعلى هذا نقول للأخ الذي وجد مائة ريال يعرف صاحبها: يجب عليه أن يبلغ صاحبها، أو هو بنفسه يذهب إليه ويسلمه له.

الابن المعاق كالابن السليم في الإرث

الابن المعاق كالابن السليم في الإرث Q أنا امرأة زوجي متوفى، ولديَّ أملاك عبارة عن عدد من الأراضي وقيمتها المالية مرتفعة، وهذه المرأة ترغب في توزيع هذه الأراضي على أبنائها في حياتها، ومن بين هؤلاء الأبناء ابن معوق إعاقة كاملة قد تجاوز الثلاثين عاماً من عمره -الله يعافيه- وهو متخلف عقلياً منذ ولادته، ولا يتكلم ولا يدرك أي شيء من أمور الدنيا، بمفهوم الطب (إعاقة كاملة) سؤالي يا فضيلة الشيخ: ماذا أفعل تجاه هذه القسمة فيما يتعلق بالابن المتخلف عقلياً؟ وماذا يجب على الوصي على هذا الابن وهو أحد إخوته؟ A الذي أشير به عليها ألا تقسم مالها على أبنائها؛ لأنها لا تدري في المستقبل لعلها تحتاج إلى هذا المال، وإذا كانت قد فرقته لا يمكن أن ترجع فيه؛ لأن الأم ليست كالأب، الأب إذا وهب ابنه شيئاً له أن يرجع فيه، لكن الأم إذا وهبت ابنها شيئاً وقبضه ليس لها حق الرجوع، فلا أشير عليها أن تقسم مالها بين أبنائها، تبقيه ومن احتاج من أبنائها تعطيه، وإذا أعطت الابن لحاجته لم يلزمها أن تعطي الآخرين؛ لأن دفع الحاجة مطلوب، فمن احتاج منهم لزواج أو لشيء يحتاجه حقيقة فلها أن تعطيه دون إخوته. هذا المعاق في حال إعاقته لا يحتاج لشيء؛ لأنه يأكل ويشرب مع أهله وليس محتاجاً إلى سيارة يركبها أو ما أشبه ذلك، فتعطيه من النفقة ما يحتاج والباقي تدخره لنفسها، فإذا قضى الله أمره عليها بالموت ورثوه على حسب فريضة الله.

نصيحة لمن يستقبلون رمضان بالدش

نصيحة لمن يستقبلون رمضان بالدش Q فضيلة الشيخ حفظك الله ما نصيحتك لمن يستقبل شهر رمضان بالاستعداد لشراء طبق الاستقبال- يعني الدش- حتى لا تفوته برامجه التي يعرضها، وما نصيحتك للذين في بيوتهم ذلك الجهاز؟ أرجو التوجيه وفقك الله. A والله التوجيه -في الحقيقة- مني ومن غيري من العلماء -والحمد لله- ومازال المشايخ يحذرون من طبق الاستقبال هذا، وأنا ظننته طبق طعام لاستقبال رمضان، هذا أول ما سمعته، على كل حال: هذا الطبق في رمضان وفي غيره لا شك أنه دمر الأخلاق وأفسد العقائد وأضل كثيراً من عباد الله، وفي رمضان سيكون إثمه أشد؛ لأن رمضان موسم خير فإذا أضاعه الإنسان بمشاهدة هذه المنكرات أضاع شيئاً عظيماً، وأضاع فائدة الصيام التي قال عنها الرسول عليه الصلاة والسلام: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل؛ فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) . والذي ينبغي للمسلم أن ينتهز فرصة رمضان بتلاوة القرآن؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يدارسه جبريل القرآن في رمضان حتى يكمله، وفي السنة التي مات فيها دارسه مرتين، وإذا لم يحسن القرآن فالذكر: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، قال الله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ} [الكهف:46] فسر كثير من العلماء الباقيات الصالحات، بأنها التسبيح والتحميد والتكبير. وليعمره -أيضاً- بصلاة الضحى والليل، ليغتنم هذا الشهر المبارك بالأعمال الصالحة.

نصيحة للنساء اللاتي يتطيبن عند خروجهن لصلاة التراويح

نصيحة للنساء اللاتي يتطيبن عند خروجهن لصلاة التراويح Q فضيلة الشيخ هل من توجيه للنساء اللاتي يحرصن على صلاة التراويح ولكن ربما تتطيب أو تلبس ملابس غير متحشمة؟ A نصيحتي لها: أن تصلي في بيتها فهو خير لها، ولا يحل لها أن تخرج متعطرة أو متبرجة، أو تمشي مشية الرجال أو تضحك إلى أختها وتضحك إليها في الأسواق؛ لأن المقام خطر، والفتنة تدب إلى القلوب كالنار في الهشيم، فأولاً أقول: صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد. ثانياً: إذا خرجت فلتخرج تفلة، أي: غير متطيبة ولا متبرجة بزينة، فإن خرجت متطيبة فإنها على خطر عظيم؛ لأنها عصت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال: (أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا صلاة العشاء) هذا وهو بخور، أقل من دهن العود وشبهه.

مسألة التقصير والتطويل في صلاة التراويح

مسألة التقصير والتطويل في صلاة التراويح Q فضيلة الشيخ ما هو الضابط لمقدار القراءة في كل ركعة في التراويح، هل يكفي أن يقرأ الإمام نصف القرآن في الشهر أو ثلثيه؟ A إذا كان الناس محصورين فعلى رغبتهم إن شاء طول وإن شاء قصر، وأما إن كانوا غير محصورين فلا ينبغي أن يطول القراءة، أي: فليس بلازم أن تكمل القرآن، لا تطل به فتمله، لكن أهم شيء هو الركوع والسجود، والقيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين والتشهد، كثير من الذين يصلون التراويح مع الأسف إذا وصلوا "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على محمد" سلموا، وهذا غلط، لقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا تشهد أحدكم التشهد الأخير فليقل: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال) .

التفصيل في مسألة الصفوف والأفضل فيها

التفصيل في مسألة الصفوف والأفضل فيها Q فضيلة الشيخ مسألة وقع فيها النزاع هذه الليلة في وسط الصف، فهل وسط الصف أفضل أم أيمنه، ففي الطابق العلوي -أعني: مصلى النساء- يمين الصف مليء جداً وأما يساره فلا يوجد فيه نساء، أرجو توضيح الحكم. A هذا من الغلط أن نكمل الصف الأيمن والأيسر ما فيه شيء، والأيمن أفضل عند التساوي أو التقارب، وأما إذا كان الأيمن بعيداً فالقريب من الإمام في اليسار أفضل، فلذلك نقول: إنه ينبغي أن يكون اليمين واليسار متساوياً أو متقارباً؛ لفائدتين: الفائدة الأولى: القرب من الإمام. والفائدة الثانية: أن الإمام يكون وسطهم. ولا أظن أن أحداً يتصور أن الصحابة كان يقف الرجل منهم خلف الرسول عليه الصلاة والسلام ثم يكملون الأيمن كله ثم يبدءون مع اليسار، لا أظن أن هذا يقع من الصحابة، ولذلك ذكر كثير من العلماء ومنهم ابن مفلح في كتابه الفروع: أن قولهم اليمين أفضل يعني مع التقارب أو التساوي، وإلا فاليسار القريب أفضل من الأيمن البعيد لا في الرجال ولا في النساء.

الاعتكاف في المسجد الحرام أفضل من المساجد الأخرى لكن ليس على إطلاقه

الاعتكاف في المسجد الحرام أفضل من المساجد الأخرى لكن ليس على إطلاقه Q فضيلة الشيخ أيهما أفضل: الاعتكاف في المسجد الحرام، أو في المساجد الأخرى مع بيان السبب؟ A معلوم أن الأفضل الاعتكاف في المسجد الحرام، إلا إذا كانت المساجد الأخرى أخشع له؛ لأن بعض الناس مع الكثرة والضوضاء ما يكون عنده خشوع فنقول: اعتكف في مسجد آخر أخشع لك، أما في غير مكة فالمساجد والجوامع التي فيها الجُمع أفضل.

اللقاء الشهري [53] رقم (1، 2)

اللقاء الشهري [53] رقم (1، 2) الأيام العشر من ذي الحجة العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من سائر الأيام، حتى إن العمل في هذه الأيام أفضل من الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء، ويأتي في هذه الأيام الحج الذي هو ركن من أركان الإسلام، والذي من أهم شروطه القدرة والاستطاعة، ولابد لمن أراد الحج أن يكون ملماً بأحكامه حتى يكون حجه صحيحاً وتبرأ ذمته.

فضل العشر من ذي الحجة

فضل العشر من ذي الحجة الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإننا في هذه الليلة ليلة السابع عشر من شهر ذي القعدة عام ثمانية عشر وأربعمائة وألف نلتقي بإخواننا كجاري العادة في اللقاءات الشهرية التي نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بها وينفع كل من بلغته من الناس. وبما أن شهر ذي الحجة قد قرب والمسملون يتهيئون إلى الحج إلى بيت الله الحرام رأيت من المناسب أن يكون لقاؤنا هذه الليلة حول هذين الموضوعين: الموضوع الأول: عشر ذي الحجة. هذه العشر قال فيها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) وبناءً على هذا الحديث الشريف: ينبغي لنا أن نجتهد في الأعمال الصالحة في هذه الأيام العشر من الصيام والذكر وقراءة القرآن، وكثرة الصلاة والصدقة والإحسان إلى الخلق، وغير ذلك مما يقرب إلى الله تبارك وتعالى، فإن العمل الصالح في هذه الأيام العشر أفضل من العمل الصالح في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عمم تعميماً مؤكداً بمن فقال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) . وينبغي لطلاب العلم أن يبثوا الوعي بين الناس في فضائل هذه الأيام العشر؛ لأن الناس عنها غافلون، وبفضلها جاهلون، فيحتاجون إلى التذكير وإلى المعرفة والعلم، وآكد أيامها في الصيام يوم عرفة، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) . وأما ما يفعله بعض الناس من تخصيص السابع والثامن والتاسع بالصوم ظناً منهم أن لذلك مزية، فهذا غلط، لكن من كان من عادته أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر وصام السابع والثامن والتاسع عن الأيام التي كان يعتادها فلا بأس، أما أن يقول: إنه من السنة صوم السابع والثامن والتاسع، فهذا لا أصل له، فبالنسبة للعشر إما يوم عرفة فقط وإما العشر كلها، أما من كان من عادته أن يصوم ثلاثة أيام من الشهر وجعل السابع والثامن والتاسع هي الأيام فلا حرج عليه.

الأضحية

الأضحية ومما يتعلق بهذا الأضحية، الأضحية التي شرعها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله وفعله، فقد أمر بها وقام بها عليه الصلاة والسلام، وكان من عنايته بها أنه يخرج بأضحيته إلى مصلى العيد ليشهرها ويعلنها، فيذبحها هناك ويأخذ منها ما يريد أن يأكل ويتصدق بالباقي، فالأضحية شعيرة من شعائر الإسلام، وليس المراد منها أن يتصدق الإنسان بلحمها على الفقراء، لكن هذا من بعض ما يقصد بها. والمقصود الأعظم بها -أي بالأضحية- التقرب إلى الله تعالى بالذبح، وبهذا نعرف أن ما يصدر من بعض الناس من الدعوة إلى جلب الدراهم ليضحى بها في بلاد بعيدة أن ذلك صادر عن جهل؛ لأنه ظن أن المقصود بالأضحية ما يؤكل من لحمها، ولكن الله في القرآن يقول: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج:37] . ولهذا أقول لإخواني: إذا كنتم تريدون تطبيق السنة بالأضحية فعليكم أن تضحوا في بلادكم، لا تخرجوا بها إلى بلاد أخرى؛ إظهاراً للشعيرة، وتبياناً لها بين الأهل والأولاد، ولتباشروا أنتم ذبحها في بيوتكم إذا أمكن، فتذكروا اسم الله عليها، وتأكلوا منها؛ حتى توافقوا هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال الله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج:36] فبدأ بالأكل وهذا يدل على أنه ليس المقصود الصدقة بها ولكن المقصود التعبد لله تعالى بنحرها تعظيماً له جل وعلا، وهذا يفوت بلا شك إذا أعطيت دراهم يضحى بها في بلاد بعيدة. ثم إنك إذا أعطيت هذه الدراهم لا تدري أيضحى بشيء مجزئ أو غير مجزئ، ولا تدري -أيضاً- هل يذبحها من يوثق بمعرفته في الذبح وبدينه، ولا ندري أيمكن أن تذبح في أيام الأضحية أم لا؛ لأن الأضاحي التي تبذل قد تكون كثيرة جداً، لا يستوعبها الناس في ثلاثة أيام أو أربعة، وربما لا يصل الخبر إلا بعد، والمقصود: أن إعطاء الدراهم ليضحى بها في بلاد ولو كانت أفقر البلاد لا يحصل به المقصود الشرعي من الأضحية. أما إخواننا في البلاد الأخرى من الفقراء فالباب واسع -ولله الحمد- يرسل إليهم دراهم، يرسل إليهم أطعمة، يرسل إليهم ألبسة، يرسل إليهم فرش، وغير ذلك من أنواع المنافع، أما أضحية شعيرة نسيكة قرنها الله تعالى بالصلاة فقال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2] وقال: {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:162] وأمرنا أن نأكل منها وأن نذكر اسم الله عليها، فلا ينبغي أبداً أن تذبح خارج البلد، والذي أحث عليه أن تذبح في نفس البيت إذا أمكن ولم يتيسر أن تذبح في مصلى العيد. الله الله -أيها الإخوة- لا تعصف بكم العاطفة حتى تغفلوا عن مقاصد الشريعة.

الحج وأهم شروطه

الحج وأهم شروطه ومما نريد أن نبحث فيه في هذا اللقاء: مسألة الحج. الكثير من المسلمين يعلمون أن الحج أحد أركان الإسلام التي لا يتم إلا بها ولكن بشروط أهمها: القدرة والاستطاعة، لقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] فمن كان فقيراً فلا حج عليه، ومن كان مديناً فلا حج عليه، ومن كان عاجزاً ببدنه فلا حج عليه لكن يقيم من يحج عنه، وبهذا نعرف قلة فقه الذين يكون عليهم الدين فيذهبون ويحجون، أو ربما يستدينون ليحجوا، فهذا خطأ، احمد الله على العافية، إذا كان الله قد أوسع عليك ولم يوجب عليك الحج إلا بعد أن تقضي دينك فاحمد الله على ذلك، أنت مطالب بالدين ولست مطالب بالحج ما دام عليك دين، أرأيتم الفقير هل نلزمه بالزكاة؟ لا. من ليس عنده مال أو عليه دين لا نلزمه بالحج، وإذا لقي الله عز وجل يلقى الله تعالى وهو غير ناقص الإسلام، لماذا؟ لأن الله لم يوجبه عليه، إنما يجب على من استطاع إليه سبيلاً. يقول بعض الناس: أنا أستأذن من الدائن وأحج. نقول: ماذا ينفعك الاستئذان؟ هل إذا استأذنت يسقط عنك شيء من الدين؟ A لا يسقط، إذاً ما هي الفائدة؟ أنت إذا كان عليك عشرة آلاف دين وحججت بألفين اجعل الألفين في قضاء دينك، كم يبقى عليك؟ ثمانية، احمد الله على العافية. لو أذن لك الدائن وقال: لا بأس حج، فحججت هل تكون العشرة ثمانية؟ لا. إذاً لا فائدة، لكن الذي عليه دين ويعرف أنه كلما حل منه شيء فإذا هو واجد لوفائه فهذا إذا توفر عنده مال للحج فليحج، وأضرب لذلك مثلاً للذين في ذمتهم دين لصندوق التنمية العقاري، يقول: أنه إذا حل علي القسط فأنا واجد، لكن الآن عندي مال أستطيع أن أحج به، وإذا حل القسط أديت ما علي. نقول: نعم، حج، لأن هذا الدين لا يمنع من وجوب الحج، لكن إنساناً ليس عنده شيء ولا يثق بنفسه أن يوفي إذا حل الدين فلا يحج حتى لو أذن له صاحب البيت.

أهمية معرفة أحكام الحج

أهمية معرفة أحكام الحج والذي يجب على الإنسان إذا أراد الحج أن يفقه أحكام الحج قبل أن يحج؛ لأن من شرط العبادة: الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا يمكن المتابعة إلا بمعرفة كيف كان الرسول يحج، إذاً تعلم أحكام الحج قبل أن تحج، وبهذه المناسبة أحث إخواننا أئمة المساجد أن يقرءوا على الناس أحكام الحج ويفهموهم بقدر الاستطاعة، والكتب -والحمد لله- موجودة، وهناك كتب في الحج خاصة، من ذلك على سبيل المثال: كتاب الشيخ عبد العزيز بن باز " التحقيق والإيضاح " وكتابنا " المنهج لمريد العمرة والحج " أو " مناسك الحج والعمرة " ومناسك أخرى للعلماء الموثوقين، تقرأ على الناس، ويفسر لهم المشكل. ولهذا أقول: ينبغي لمن كان معهم حملة حملوا فيها كثيراً من الناس أن يكون معهم طالب علم يبين للناس، إذا جلسوا للفطور أو جلسوا للغداء أو جلسوا للعشاء يقرأ عليهم ويعلمهم، ما أكثر الذين يأتون بعد سنة أو سنتين يقصون علينا ما فعلوا في حجهم وإذا بهم قد تركوا ركناً من أركان الحج، وهذا شيء عظيم، يأتيك إنسان ويقول: والله أنا في اليوم الفلاني طفت طواف الإفاضة -وطواف الإفاضة ركن من أركان الحج- يقول: طفت طواف الإفاضة واحتجت إلى أن أنقض الوضوء وذهبت ونقضت الوضوء ثم رجعت وأكملت الطواف، ما بدأت من جديد. هذا لا يصح طوافه، نقول: يلزمك الآن أن تذهب إلى مكة وتحرم بعمرة من الميقات وتطوف وتقصر للعمرة ثم تطوف طواف الإفاضة، وربما يكون هذا المسكين قد تزوج ونكاحه غير صحيح عند كثير من العلماء؛ لأنه لم يحل التحلل الثاني، فالمسألة خطيرة، ولهذا أكرر وأقول: ألا يحج أحد حتى يعرف أحكام الحج.

من أحكام الحج

من أحكام الحج وأحكام الحج تخفى على كثير من الناس حتى على بعض طلبة العلم؛ لأن الحج ليس كالصلاة يتكرر كل يوم ويعرف، أو الصيام الذي يتكرر كل سنة ويعرف، لكنه في العمر مرة واحدة؛ لذلك يتأكد على الإنسان أن يتعلم أحكام الحج قبل أن يحج. فلنبدأ الآن بشرح أحكام الحج وكأننا سافرنا من بلادنا إلى مكة: ينبغي للإنسان عند السفر أن يتأهب للسفر، وذلك بأن يوفر معه النفقة -الدراهم- والطعام والشراب والفرش في أيام الشتاء، لأنه ربما يحتاجه هو في أمر لم يكن طرأ على باله، وربما يحتاجه أحد من رفقته فيحسن إليه بالصدقة، أو الهدية، أو القرض، فينبغي لمن أوسع الله عليه أن يتأهب بأكثر مما يتصور أنه يحتاجه حتى ينفع غيره. ثم ليحافظ على الصلوات بواجباتها وشروطها، يتطهر بالماء إذا أمكن فإن لم يمكن فبالتيمم، ويؤديها في وقتها، ويصليها قصراً من حين أن يخرج من بلده إلى أن يرجع إليه ولو طالت المدة، اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (لم يزل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي ركعتين منذ خرج من المدينة حتى رجع إليها) وقال لما سئل: (كم أقام في مكة؟ قال: عشرة) يعني: عشرة أيام. أما الجمع فالجمع إن كان سائراً -يعني: يمشي- فالأفضل أن يجمع إما جمع تقديم أو جمع تأخير حسب الأيسر له، وإن كان نازلاً فالأفضل ألا يجمع وإن جمع فلا بأس؛ لأنه مسافر، لكن إذا كان في مكة أو غيرها من البلاد مقيماً فإنه يلزمه أن يصلي مع الجماعة، فإن فاتته صلى ركعتين. فإذا وصل إلى الميقات اغتسل كما يغتسل للجنابة، وتطيب بأطيب ما يجد على رأسه ولحيته، ثم لبس ثياب الإحرام إزاراً ورداءً، والأفضل أن يكونا أبيضين نظيفين، ثم يلبي، والمرأة ليس لها لباس مخصوص في الإحرام، تلبس ما شاءت، إلا أنها لا تلبس ثياباً يعتبر زينة؛ لأن الناس سوف يشاهدونها، بل تلبس ثياباً بذلة، تلبس العباءة، وتلبس الثياب التي لا تلفت النظر. ثم يقول -ونحن الآن نريد أن نجعل نسكنا تمتعاً- يقول: لبيك عمرة، ولا يحتاج أن يقول: متمتعاً بها إلى الحج؛ لأنه قد نوى بقلبه أنه سيحج: لبيك عمرة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شرك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، ويرفع الرجل بها صوته، وليعلم أنه لا يسمعه شجر ولا حجر ولا مدر إلا شهد له يوم القيامة بهذه التلبية، ومضمون التلبية: إجابة الله عز وجل؛ لأن لبيك بمعنى: أجبتك، قال الله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج:27] يعني: أعلمهم به {يَأْتُوكَ رِجَالاً} [الحج:27] أي: على أرجلهم {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج:27] أي: ويأتونك ركباناً {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج:27] أي: على كل ناقة ضامر {يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج:27] الله أكبر! الآن لا يوجد ناقة (ضامر) وإنما طيارة أو سيارة، لكن كلها سواء. وليستمر في تلبيته إلى أن يشرع في طواف العمرة فيدخل المسجد الحرام ويقدم رجله اليمنى عند الدخول ويقول كما يقول إذا دخل غيره من المساجد، وليقصد الحجر الأسود يستلمه ويقبله إن تيسر فإن لم يتيسر أشار إليه، ويقول: باسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك, واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ويجعل البيت عن يساره، ويقول في طوافه ما شاء من ذكر ودعاء وقراءة قرآن، وفيما بين الركن اليماني والحجر الأسود يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. في هذا الطواف يضطبع الرجل بردائه في كل الأشواط السبعة، ويرمل في الأشواط الثلاثة فقط، ويمشي في الباقي. والرمل: هو إسراع المشي، وهذا إذا تيسر أما إذا لم يتيسر الرمل لكون الزحام شديداً فالأمر واسع -ولله الحمد- فإذا أتم سبعة أشواط صلى ركعتين خلف المقام إن تيسر، وإن لم يتيسر ففي أي مكان من المسجد، يقرأ في الأولى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:1] وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] مع الفاتحة، ويخفف هاتين الركعتين، وينصرف بعد السلام مباشرة بدون دعاء، فيتجه إلى الصفا، فإذا قرب من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] أبدأ بما بدأ الله به. فيرقى على الصفا ويتجه إلى القبلة، ويرفع يديه داعياً وذاكراً فيقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو بما أحب، ثم يعيد هذا الذكر مرة ثانية، ثم يدعو بما أحب، ثم يعيد الذكر مرة ثالثة، ثم ينزل متجهاً إلى المروة؛ يمشي مشياً معتاداً حتى إذا وصل إلى العمود الأخضر سعى -يعني: ركض ركضاً شديداً- فإن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يسعى حتى إن إزاره ليدور به من شدة السعي. وإذا كان المسعى زحاماً فالأمر واسع -والحمد لله- يمشي حسب القدرة، وإذا كان معه نساء يخاف عليهن لو سعى فيمشي؛ لأن المرأة لا تسعى. ثم إذا تجاوز العلم الأخضر الثاني مشى على عادته حتى يصل إلى المروة، إذا دنا من المروة فلا يقول شيئاً، العامة إذا دنوا من المروة قالوا: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] وهذا غلط، لا يقول شيئاً، بل يبقى في ذكره الذي كان يذكر الله به حتى يصعد على المروة ويتجه إلى القبلة ويرفع يديه داعياً وذاكراً بما فعل على الصفا، ويسعى سبعة أشواط. كيف يسعى سبعة أشواط؟ الأشواط هنا -في السعي- ليست كأشواط الطواف، أشواط الطواف من الحجر إلى الحجر، وأشواط السعي من الصفا إلى المروة هذا واحد، ومن المروة إلى الصفا هذا ثاني. يكمل سبعة أشواط وحينئذٍ نعرف أنه يبتدئ بـ الصفا وينتهي بـ المروة، فإذا رأيت أنك ختمت السعي بـ الصفا فاعلم أنك مخطئ، إما أنك زدت أو نقصت. إذا أتم السعي بقي عليه الآن الحلق أو التقصير، فأيهما أفضل؟ الأفضل هنا التقصير لوجهين: الوجه الأول: أنه الذي أمر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أصحابه حين قدم في اليوم الرابع وأمرهم أن يقصروا، أمر من لم يكن معه هدي أن يحل ويقصر. الوجه الثاني: أنه لو حلق وقد بقي مدة يسيرة للحج لم يبق للحج شعر، فنقول: وفر الشعر للحج واقتصر على التقصير، فإن قال قائل: هل التقصير يعم جميع الرأس أو جوانب الرأس؟ A إنه يعم جميع الرأس، المهم أنه يبقى الرأس وقد تبين وظهر أنه مقصر لا أنه غير مقصر، وبذلك يحل التحلل كله. بذلك -أي: بالطواف والسعي والتقصير- يحل الحل كله، حتى لو كان أهله معه جاز له أن يباشر أهله، انتهت العمرة، ثم يحرم بالحج في اليوم الثامن من مكانه الذي هو نازل فيه، إن كان نازلاً في مكة فمن مكة، أو في منى فمن منى، أو في أي مكان من مكانه، يحرم بالحج فيغتسل كما سبق في العمرة ويتطيب ويلبس ثياب الإحرام ويقول: لبيك حجاً ثم يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. هذا يكون ضحى اليوم الثامن، ويذهب إلى منى فينزل بها، فيصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، كل صلاة في وقتها مقصورة، أي: الظهر والعصر والعشاء تكون على ركعتين، فإذا طلعت الشمس في اليوم التاسع سار إلى عرفة، فينزل بـ نمرة إن تيسر وإن لم يتيسر ذهب رأساً إلى عرفة ونزل في مكانه، فإذا زالت الشمس صلى الظهر. وينبغي لإمام الحجيج أن يخطب فيهم خطبة قبل أذان الظهر، يقرر فيها أصول الإسلام وحقوق الإسلام، ويبين أحكام النسك، ثم يؤذن لصلاة الظهر والعصر جمع تقديم قصراً. لكن لو صادفت الحجة يوم الجمعة يصلي الجمعة أو لا؟ لا يصلي الجمعة، السفر ما فيه جمعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صادف يوم عرفة في حجة الوداع يوم الجمعة ولم يصل الجمعة، صلى الظهر والعصر. ثم إذا فرغ من صلاة الظهر والعصر يتفرغ للدعاء والذكر، ويكثر الابتهال إلى الله عز وجل في آخر النهار، فإن الله تعالى يباهي الملائكة بأهل الموقف، فإذا غربت الشمس سار من عرفة إلى مزدلفة ملبياً؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، ويؤخر الصلاة إلى أن يصل إلى مزدلفة فينزل بها، ويصلي المغرب والعشاء جمعاً وقصراً ويبيت في مزدلفة إلى أن يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر أذن وصلى الركعتين الراتبة ثم صلى الفجر، ثم جلس يدعو الله سبحانه وتعالى بما أحب إلى أن يسفر جداً. وليعلم أن عرفة كلها موقف وأن مزدلفة كلها موقف، ولكن ليتحرى أشد التحري في حدود عرفة؛ لأن بعض الناس يقصُر عن عرفة وينزل قبل أن يصل إلى حدودها، ويبقى في مكانه حتى تغيب الشمس ثم ينصرف إلى مزدلفة، وهذا لا حج له، بل رجع بدون حج؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الحج عرفة) . كذلك مزدلفة كلها موقف، لا يلزم أن تذهب إلى المشعر الحرام، بل أي مكان وقفت فيه أجزأك. ثم تنصرف من مزدلفة إذا أسفر جداً إلى منى، وبعد الانصراف من مزدلفة إلى منى ستفعل ما يأتي: أ

مسائل تتعلق بالحج

مسائل تتعلق بالحج وهنا مسائل:

حكم من ترك المبيت في منى

حكم من ترك المبيت في منى المسألة الأولى: لو أن الإنسان خرج من مكة في اليوم الثاني إلى عرفة رأساً ولم يبت في منى؟ ما الحكم؟ الحكم أنه ترك سنة، إن نزل في منى قبل عرفة فهو أفضل وإلا فلا شيء عليه، لا فدية ولا إثم ولا صيام ولا شيء، الدليل: أن رجلاً من طيء - طيء: جبل حول حائل - أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يصلي الفجر يوم العيد في مزدلفة، وأخبره بأنه أتعب نفسه وأكل راحلته -أتعبها- وأنه ما ترك جبلاً إلا وقف عنده. فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بـ عرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه) ولم يذكر المبيت في منى، فدل ذلك على أن المبيت في منى قبل يوم عرفة سنة، إن تيسر لك فهذا المطلوب وإن لم يتيسر فلا بأس.

حكم من خرج من مزدلفة قبل الفجر خوفا من الزحام ورمى حين وصل

حكم من خرج من مزدلفة قبل الفجر خوفاً من الزحام ورمى حين وصل مسألة أخرى: رجل خرج من مزدلفة قبل الفجر خوفاً من الزحام، ورمى حين وصل إليها -قبل الفجر- جائز أو غير جائز؟ جائز، وقد قيده بعض أهل العلم بما إذا كان ضعيفاً أو صغيراً لا يستطيع المزاحمة، لكن في وقتنا هذا كل يخشى المزاحمة، أليس كذلك؟ الصغير والكبير، فيما سبق لم يكن هناك زحام إلا قليل، ولا يشق الزحام إلا على شخص ضعيف جداً أو مريض، وأنا أدركت ذلك، أدركت أن الناس يرمون جمرة العقبة يوم العيد ونحن مخيمون عند مسجد الخيف نشاهد الذين يرمون، وتجدهم قليلاً، فكان الناس يقولون: من كان ضعيفاً أو مريضاً أو صغيراً فليدفع خوفاً من الزحام، أما الآن فالزحام موجود على الكبير والصغير والقوي والضعيف، وعليه فنقول: لا بأس أن يدفع الإنسان قبل الفجر، ومتى وصل إلى منى رمى، وأما حديث: (لا ترموا حتى تطلع الشمس) فهو حديث فيه نظر، وقد ثبت في صحيح البخاري: أن ابن عمر يرسل أهله إليه من مزدلفة ويوافون منى عند الفجر أو نحو ذلك ويرمون، وكذلك كانت أسماء بنت أبي بكر تفعل ذلك. ومن المعلوم: أن الناس إذا وصلوا إلى منى قبل الفجر ممن رخص لهم هل سيبقون هكذا في الخيام حتى تطلع الشمس وترتفع؟ لا. أبداً، سيبدءون بالرمي، والرمي هو تحية منى كما قال العلماء، بمعنى: أنك من حين أن تدخل منى ارم الجمرة، كما أنك إذا دخلت المسجد تبادر بصلاة ركعتين. فالقول: بأن من جاز له الدفع من مزدلفة في آخر الليل لا يرمي إلا إذا طلعت الشمس قول ضعيف، والصواب: أنك متى وصلت ارم. حسن لو وصلت قبل الفجر ورميت، ونزلت إلى مكة وطفت قبل الفجر طواف الإفاضة؟ يجوز أو لا يجوز؟ يجوز.

من لم يجد مكانا في منى ينزل حيث شاء

من لم يجد مكاناً في منى ينزل حيث شاء مسألة أخرى: إذا لم يجد الإنسان مكاناً في منى فأين ينزل؟ يقول بعض العلماء: ينزل حيث شاء، في مكة، قريباً من الحجاج، في أي مكان؛ وعللوا ذلك: لأن مكان الفرض تعذر المبيت فيه فهو كما لو قطعت يد الإنسان من فوق المرفق فإنه يسقط عنه غسلها، فهو الآن تعذر عليه المبيت لتعذر المكان فله أن يبيت في أي مكان، وعندي أن الأحوط والأبرأ للذمة: أن يخيم عند آخر خيمة من الحجاج، ليكون مظهر الناس واحداً، ويتحد المكان ويشعر الناس أن بعضهم مع بعض. وقياساً على المسجد إذا امتلأ، إذا امتلأ المسجد هل نقول للإنسان: صل في أي مكان، أو صل حيث تتصل الصفوف؟ الثاني، إذاً نقول: الأحوط والأبرأ للذمة أن تضع خيمة عند آخر خيمة من خيام الحجاج، سواء من جهة مكة أو من جهة مزدلفة، أو من شمال أو من جنوب.

حكم التوكيل في الرمي

حكم التوكيل في الرمي مسألة أخرى: إذا كان الإنسان لا يستطيع زحام الناس ككبير ومريض وامرأة وما أشبه ذلك، فهل له أن يوكل؟ في هذا خلاف بين العلماء: من العلماء من قال: إذا كان لا يستطيع سقط عنه الرمي، أخذاً بقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وهذا لا يستطيع، وأخذاً بقول الرسول عليه الصلاة والسلام في الصلاة وهي أعظم من الحج قال: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب) فأسقط عنه القيام مع أنه ركن؛ لأنه عاجز، فمن العلماء من قال: إذا عجز عن الرمي سقط عنه. ولا شك أننا في هذا الوقت في الزحام الشديد الإنسان الكبير الذكر الرجل القوي لا يكاد يتمكن من الرمي، وربما لا يرمي إلا من بعيد، يمكن تقع الحصاة في المكان أو لا تقع. والنساء في الواقع أمرهن مشكل، ضعيفات، متحجبات، محتشمات، أحياناً تخرج المرأة بلا عباءة، تسقط عباءتها مع الزحام، وأحياناً قد تكون نشأ فيها حمل فتسقط، وأحياناً تدوخ، وهذا والله لا يأتي به الإسلام؛ لأن الله قال في كتابه العظيم: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] ، ويقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78] كيف نحرج أنفسنا والله قد وسع علينا والحمد لله؟! إذا كان الإنسان عاجزاً عن الرمي فمن العلماء من قال: يسقط؛ لأن جميع الواجبات تسقط بالعجز. ومنهم من قال: فليوكل، واستند إلى حديث هو في السنن: أن الصحابة كانوا يرمون عن الصغار، قالوا: فإذا كان الصحابة رضي الله عنهم وهم خير هذه الأمة، بل خير الناس كلهم إذا كانوا يتوكلون عن صبيانهم في الرمي دل هذا على جواز الرمي، وهم يفعلون ذلك مع وجود الرسول عليه الصلاة والسلام. وهذا القول أحوط وأبرأ للذمة: أن من يشق عليه الرمي فليوكل. الوكيل، هل نقول: ارم الثلاث عن نفسك ثم ارجع أو ارمها كلها في موقف واحد؟ الثاني، في موقف واحد؛ لأن هذا ظاهر فعل الصحابة رضي الله عنهم، لم يقولوا: فكنا نرمي عن أنفسنا ثم نرجع ونرمي عن صبياننا، فترمي سبعاً عن نفسك أولاً ثم عن موكلك في الأولى، ثم في الثانية كذلك ثم في الثالثة. مسألة أيضاً: إذا وكل الإنسان من يرمي عنه، فهل يجوز أن يخرج من منى قبل أن يرمي الوكيل؟ الظاهر نعم يجوز؛ لأن بقاءه في منى إلى ما بعد الزوال إنما هو من أجل الرمي، والرمي الآن سقط عنه وتعلق بالوكيل فله أن يخرج، لكن ليس له أن يطوف طواف الوداع حتى يرمي الوكيل، وعلى هذا فليحدد وقتاً معيناً، يقول لوكيله: متى تظن أنك تنتهي من الرمي؟ قال: أظن أنني أنتهي من الرمي الساعة الثانية، فإذا تمت الساعة الثانية حينئذٍ يطوف للوداع ولا حرج، هذا إن لم يكونوا قد تواعدوا أن يكون طواف وداعهم وهم جميع، فهنا ينتظر حتى يأتي رفقته ويطوفون جميعاً. ولعلنا نقتصر على هذا القدر.

لا يلزم على الحاج زيارة المدينة

لا يلزم على الحاج زيارة المدينة هنا مسألة خارجة عن النسك: هل يلزم الإنسان إذا حج أن يذهب إلى المدينة أو لا يلزم؟ لا يلزم، ولا علاقة لزيارة المدينة بالحج إطلاقاً، هذا شيء وهذا شيء، زيارة المدينة في أي وقت. ولتعلم أنك إذا زرت المدينة فإنما تقصد المسجد النبوي لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) لكن من المعلوم أن الإنسان إذا ذهب وصلى في المسجد النبوي أنه سوف يزور النبي عليه الصلاة والسلام، فيسلم عليه، ويجعل وجهه إلى القبر الشريف وظهره إلى القبلة، ويسلم على النبي عليه الصلاة والسلام، فإن قال قائل: ما هو أفضل سلام على الرسول؟ قلنا: أفضل سلام على الرسول ما علمناه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث علمنا أن نقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. هذا أفضل سلام، ولا حاجة أن نطول ونسجع: السلام عليك يا من بالمؤمنين رءوف رحيم، السلام عليك يا خيرة خلق الله، وما أشبه ذلك، كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا سلم يقول: [السلام عليك يا رسول الله] وابن عمر من هو؟ صحابي من أجل الصحابة، لكن لا بأس أن تسلم بما علم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمته: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد -إذا زدت هذا فلا بأس- اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. ثم بعد ذلك تخطو عن اليمين خطوةً واحدة لتسلم على أبي بكر رضي الله عنه، تقول: السلام عليك يا خليفة رسول الله! رضي الله عنك، وجزاك عن أمة محمد خيراً، وتقول كذلك بالنسبة لـ عمر رضي الله عنه، وتنتهي. وإذا شئت أن تخرج إلى مسجد قباء بعد أن تتطهر في بيتك وتصلي فيه ركعتين في غير وقت النهي فهذا حسن؛ لأن من تطهر في بيته وخرج وصلى في قباء ركعتين كان كعمرة، وتسلم -أيضاً- على أهل البقيع وفيهم عثمان رضي الله عنه الخليفة الثالث للمسلمين، تسلم عليهم بما كان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسلم: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم. كم زرنا من القبور الآن؟ قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقبر صاحبيه، والبقيع، كذلك تخرج إلى أحد لتسلم على الشهداء هناك، وأجلهم حمزة بن عبد المطلب، تسلم عليهم بما يسلم به الرسول عليه الصلاة والسلام على أهل القبور. ولا يجوز أبداً أن يعتقد الإنسان أن الرسول عليه الصلاة والسلام ينفعه أو يضره، أو ينجيه من الشدة أبداً؛ لأن ذلك لله عز وجل وحده، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يوصي ابن عباس: (اعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك) وأمر الله نبيه أن يقول علناً: {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً} [الجن:21] ما أملكه، لا أقدر أضركم ولا أقدر أرشدكم، وأمره أن يقول: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} [الأعراف:188] ، وقال الله له: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ} [الأنعام:50] فأعطيكم منها {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} [الأنعام:50] حتى إن أصحابه رضي الله عنهم يغيبون عنه قريباً ولا يعلم، قال أبو هريرة: (كنت مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بعض طرق المدينة، وكان رضي الله عنه على جنابة، فانخنس -يعني: ذهب بخفية- واغتسل ثم جاء، فقال: أين كنت؟ -الذي يقول: أين كنت يعلم أو لا يعلم؟ لا يعلم- أين كنت؟ قال: كنت جنباً فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس) . يدخل بيته أحياناً ولا يعلم ما الذي فيه، دخل يوماً البيت وطلب طعاماً، وتعذروا منه فقال لهم: (ألم أر البرمة على النار؟) -وهو لا يعلم ما الذي فيها- قالوا: بلى، لكن هذا لحم تصدق به على بريرة - بريرة أمة اشترتها عائشة وأعتقتها، وبقيت عند عائشة تخدم- قالوا: هذا لحم تصدق بها على بريرة، هل كان يعلم؟ ما كان يعلم، يرى البرمة على النار لكن لا يعلم ما الذي فيها. فقال عليه الصلاة والسلام: (هو عليها صدقة ولنا هدية) وإنما قالوا: إنه لحم تصدق بها عليها؛ لأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم من خصائصه: أنه لا يأكل الصدقة، ومن باب أولى ألا يأكل الزكاة، أما أهل البيت فلا يأكلون الزكاة ويأكلون الصدقة، الصدقة تعتبر حلال لأهل البيت لكن الزكاة حرام عليهم. أسأل الله لي ولكم الإخلاص في العمل، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأسأله تعالى أن يحشرنا في زمرته وأن يسقينا من حوضه، وأن يدخلنا في شفاعته، وأن يجمعنا به في جنات النعيم.

الأسئلة

الأسئلة

لا يلزم الوالد أن يحج بأولاده

لا يلزم الوالد أن يحج بأولاده Q فضيلة الشيخ رجل لديه أبناء ذكور وإناث مكلفون ليس لديهم الاستطاعة المالية، فهل يلزم والدهم أن ينفق عليهم ما يكفيهم لأداء الحج، أم ينتظر حتى يكون لديهم الاستطاعة بأنفسهم؟ A لا يلزم الوالد أن يحج بأولاده ولو كان عنده مال كثير؛ لأن هذا دين، فإن تحقق فيهم الشرط والاستطاعة بأنفسهم وجب عليهم، لكن إن تطوع الأب وحج بهم فهذا حسن، وله أجر بلا شك، لكن نقول: يجب عليه أن يحج بهم؟ لا يجب، ربما نقول: يجب فيما لو حج ببعضهم وترك الآخرين نقول: يجب أن تحج بالآخرين بناءً على وجوب العدل، فإذا سمح الآخرون قالوا: يا والدنا إن شئت فحج بنا وإن شئت فلا تحج سقط عنه الوجوب.

حكم الحج على غير المستطيع إلا ببذل غيره له

حكم الحج على غير المستطيع إلا ببذل غيره له Q فضيلة الشيخ لديَّ أبناء قد بلغوا، وأحثهم على الحج وبيان وجوبه عليهم وفضله، ولكنهم لا يبدون رغبتهم ويعتذرون بأعذار لا مبرر لها كقولهم: إنا نخاف من الزحام، أو ما يصورنه من حوادث قد تحصل في ذلك المكان، فهل الخوف يبيح ترك الحج؟ وماذا يصنع الوالد تجاه أولاده؟ A هذا كالسؤال الأول تماماً، إذا كان الولد ما عنده مال فلا حج عليه، حتى لو قال الوالد: خذوا من المال وحجوا فلا يلزمهم. هم يقولون: ما نخاف، لو قالوا: ما نخاف، والمكان سعة والطريق سهل، لكن لسنا بحاجين حتى يجب علينا نقول: نعم لهم ذلك؛ لأنه لا يجب عليهم الحج حتى يدركوه بأنفسهم، انتبهوا -يا إخواني- الذي لا يستطيع الحج كالفقير الذي ليس عنده مال، هل يجب على الفقير الذي ليس عنده ماله أن يزكي؟ لا يجب، هذا مثله بالضبط ولا فرق. ولهذا أعطيكم ضابطاً ذكره العلماء قالوا: إن الرجل لا يكون مستطيعاً ببذل غيره له.

القادر على الحج لا يجوز أن يوكل غيره

القادر على الحج لا يجوز أن يوكل غيره Q فضيلة الشيخ إذا نوى الإنسان أن يحج بنفسه في هذا العام، ثم بعد أن عرف والده بأنه يريد الحج قال له: اجعل هذه الحجة لي. فهل لي أن أغير هذه النية وأنا في بلدي، علماً بأني وأبي قد حججنا حجة الإسلام؟ A إذا كان الأب الذي طلب من ولده أن يجعل حجه له -أي: للأب- قادراً على الحج فهذا لا ينفعه؛ لأن القول الراجح: أن القادر على الحج لابد أن يحج بنفسه، وأما أن يوكل فلا ينفع حتى لو كان نفلاً، نقول للإنسان: إن كنت قادراً حج بنفسك، وإن كنت غير قادر فالحمد لله لا يجب عليك شيء، ولا توصي أحداً به. ونقول له: إذا كان عندك فضل المال أعن به شخصاً يحج الفريضة تؤجر وتثاب، وهو أفضل من أن تذهب أنت بنفسك لحج نفل؛ لأنك تعين على فريضة، فكيف بمن يقول: يا ولدي حج عني؟ ما هو صحيح هذا، لم يرد الحج عن الغير إلا في الفريضة.

المريض يجوز له أن ينيب غيره

المريض يجوز له أن ينيب غيره Q شاب مريض بالفشل الكلوي حيث يعمل له غسيل ثلاث مرات في الأسبوع، وكذلك فهو ضعيف البنية، فهل يجب عليه الحج بنفسه أو أن ينيب غيره أو ينتظر؟ A الظاهر أنه مثل هذا المرض -عافاه الله منه وعافانا وإياكم- الظاهر أنه لا يبرأ، وعلى هذا فإذا كان عنده مال وجب عليه أن يوكل من يحج عنه بالمال الذي عنده.

توكيل المرأة من يرمي عنها الجمرات في حال الزحام

توكيل المرأة من يرمي عنها الجمرات في حال الزحام Q هل يجوز لولي المرأة أن يرمي عنها الجمرات خاصةً جمرة العقبة لكثرة الزحام؟ A جمرة العقبة فيها زحام في أول اليوم؛ لكن في آخر النهار يخف الزحام جداً، وفي الليل يخف أكثر، فإذا كانت تستطيع المشي فلتؤخر الرمي حتى يخف، لكن الشيء الذي فيه مشقة هو اليوم الثاني عشر، لمن أراد التعجل هذا لا شك أن فيه مشقة ويحصل فيه أموات؛ لذلك أرى: أن من أراد أن يتعجل ومعه نساء فليتوكل عنهن ويبقين في الخيمة، لئلا يلقين بأنفسهن إلى التهلكة، والناس كما ترون كثير منهم لا يرحم أحداً، يريد أن يقضي شغله ولا يهم أحداً، فتجد -ما شاء الله- كبار الأجسام لا يهمهم أحد إلا من شاء الله. فعلى كل حال: في اليوم الثاني عشر إن بقيت الدنيا هكذا زحاماً كما نشاهد وأراد الإنسان أن يتعجل فليتوكل عن النساء ويرمي عنهن.

الحج على وسائل النقل الحديثة أفضل من الإبل ليسرها

الحج على وسائل النقل الحديثة أفضل من الإبل ليسرها Q بعض الناس أراد أن يحج على الإبل مع أن المسافة ألف وثلاثمائة كيلو مع توفر السيارات عندهم، هل يعتبر هذا من التنطع في الدين؟ A والله أرى ألا يفعل، أرى أن الله تعالى لما يسر الأمر فليتيسر، قال تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُون} [الزخرف:12] فبدأ بالفلك، والسيارة فلك البر، والطيارات فلك الجو، والسفن فلك البحر، فليحمد الله على العافية، وأخشى أن يقع في قلوبهم أحد أمرين: إما ما يعرف بالآثار وإحياء الآثار وما أشبه ذلك، وإما أن يكون هناك رياء، وكلاهما شر، لذلك أنصح إخواننا بأن لا يشقوا على أنفسهم، عليهم بالتيسير حيث يسر الله عليهم، وأن يحجوا بما يحج الناس عليه.

جواز الحج لمن عليه أقساط يستطيع قضاءها بعد رجوعه

جواز الحج لمن عليه أقساط يستطيع قضاءها بعد رجوعه Q فضيلة الشيخ يطلبني البنك العقاري أقساطاً كثيرة لم أسددها، وقد جاء تعميم جديد بأنه يمكن للشخص أن يسدد الأقساط الحاضرة والباقي يؤجل إلى آخر الأقساط، فهل أسدد الحاضر وأحج؟ A جزاهم الله خيراً، هذا حسن، أقول: هذا النظام الذي ذكر ما علمت به إلا الآن، وهو نظام جيد، فأقول: سدد الآن ما تستطيع مما مضى، ولكن لا تستدن من أحد لتسدد؛ لأن هذا الذي يستدين ويسدد يكون كالمستجير من الرمضاء بالنار، فإذا أديت ما عليك بمال تقدر عليه أنت، وبقي الباقي إلى أجله وأنت في ظنك أنك ستوفي فحج ولا بأس، وإلا فلا تضيق على نفسك.

جواز الحج لمن عليه دين صاحبه مجهول

جواز الحج لمن عليه دين صاحبه مجهول Q فضيلة الشيخ: هل يجوز للإنسان أن يحج وهو عليه دين، وذلك الدين عبارة عن صبرة في البيت ولم يجد صاحب الصبرة، فماذا يعمل؟ هل يحج وهذا الدين معه؟ A نعم هذا يحج، لأن صاحب الدين مجهول، ولكني أرى للأخ: أن يذهب إلى القاضي ويعرض عليه المسألة، ويقول: دبر لي ماذا أفعل بهذه الصبرة، أجعلها في بيت المال، أم أتصدق بها على الفقراء، أم أجعلها في المساجد؟ حتى تبرأ ذمته منها وهو حي، ولا يتهاون، الأيام تمشي والأزمان تمضي فلعل أجله قريب، فلينظر لنفسه قبل رمسه، وليذهب إلى القاضي غداً قبل اليوم الذي يليه ليخلص نفسه.

حكم من حج بمال جمع له من أجل الزواج

حكم من حج بمال جمع له من أجل الزواج Q ما رأيك يا فضيلة الشيخ عن رجل حج لله تبارك وتعالى حجة الفريضة بمبلغ من المال حصل عليه عن طريق أنه كان يريد الزواج ولا يستطيع؛ لأنه فقير، فساعده بعض أهل العلم بمبلغ من المال، ثم أخذ من المال وحج عن الفريضة وهو لم يتزوج حتى الآن، والمبلغ الذي حصل عليه من أجل الإعانة له في الزواج، وهذا الكلام كان في العام الماضي وهو حتى الآن لم يتزوج، فما حكم حجه جزاك الله خيراً؟ A أما حجه فصحيح، وأما عمله فخطأ، ولكن عليه الآن أن يذهب إلى الرجل الذي أعانه على الزواج ويخبره بالواقع، ويقول: إني حججت ببعض المال الذي أعطيتني، وأرجو من الأخ الذي ساعده أن يسامحه حتى يحصل أجرين: أجر الإعانة على الحج، وأجر الإعانة على الزواج.

حكم حج المرأة من غير محرم

حكم حج المرأة من غير محرم Q رجل وامرأة مسنين عندهما خادمة تريد الذهاب إلى الحج، وقد أصرت عليهما مع أنه ليس لها محرم، وقد حجزوا لها في إحدى حملات هذا البلد، ويسألان: هل عليهما إثم في ذلك مع أنها جاءت إليهما بدون محرم ويصعب عليها أن تأتي مرةً أخرى مع محرم لأداء فريضة الحج؟ أفتنا جزاك الله خيراً. A لا يجوز أن تذهب الخادم بدون محرم، حتى مع نساء، وإن كان بعض العلماء يقول: إن كانت المرأة مع نساء وهي آمنة فلا بأس أن تحج، لكن إذا نظرنا إلى الحديث الصحيح وهو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خطب وقال: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا. فقال: انطلق فحج مع امرأتك) فأمره أن يدع الغزو ويحج مع امرأته، ولم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام: هل معها نساء؟ هل هي آمنة؟ هل هي شابة؟ هل هي عجوز؟ هل هي جميلة؟ هل هي قبيحة؟ ما استفصل، ومن قواعد العلماء: أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال. لذلك أرى ألا يسمحا لها بالذهاب إلى الحج. ثانياً: أرى أن عليهما أن يطمئناها ويقولا لها: الحج ليس واجباً عليك، وأنت منه في حل، وإذا لقيت ربك فإنك تلقينه غير ناقصة ركناً من أركان الإسلام، وانتظري حتى يأذن الله تعالى بتيسير أمرك مع محرم، وأما الاعتذار بأنها جاءت بلا محرم فهذا عجيب! أن يعتذر عن الداء بداء مثله أو أشد، كونها جاءت بلا محرم لا يبرر أن تحج بلا محرم؛ لأن مجيئها بلا محرم غلط، وكم من فظائع وطوام حصلت لكون الخادم ليس لها محرم في البيت. نسأل الله السلامة والعافية.

الواجب على من ترك واجبا في الحج متعمدا

الواجب على من ترك واجباً في الحج متعمداً Q فضيلة الشيخ رميت جمرة العقبة في آخر يوم بثلاث حصيات فقط والباقي نفذت دون سقوط في الحوض أو ضربت العمود، ثم ذهبت ولم آخذ حصى ولم أرم، فماذا علي؟ A هذه مشكلة! أولاً: يجب يا إخواننا أن تعلموا أنه ليس من شرط الرمي أن تضرب العمود، العمود إنما جعل علامة على مكان الرمي. ثانياً: إذا سقطت الحصى من يدك أو حين رميت لم تقع في المكان فخذ من الأرض التي تحتك حتى ولو كانت جنب الحوض ما فيه مشكلة؛ لأن الحصى حصى؛ سواء رمي به أو لم يرم به، والقول: بأن الحصاة التي رمي بها لا تجزئ قول ضعيف، ولا يرد على هذه المسألة التي ذكرت؛ لأن الذين قالوا: إن الحصاة التي رمي بها لا يرمى بها خافوا من أن إنساناً يحمل حصاةً واحدة فيرمي بها، ثم يأخذها من الحوض ويرمي بها، ثم يأخذها ويرمي بها، بكم رمى هو؟ رمى بحصاة واحدة لكن سبع مرات، هذا لا يجزئ، لكن إنسان يريد أن يأخذ حصاة من غيره ولم يأخذ حصاة ويرمي بها ثانية، من يقول: لا يجزئ؟! الحجر حجر. فنقول: إذا سقطت من يدك أو رميتها ولم يغلب على ظنك أنها وقعت في المكان فخذ من المكان الذي أنت فيه وأكمل الرمي. أما بالنسبة لصاحبنا الذي سأل، فأنا أقول وعلى ذمة القائلين من العلماء في ذلك: أنه يجب عليه أن يذبح فديةً في مكة ويوزعها على الفقراء؛ لأنه ترك واجباً.

التفصيل في الحج عن الميت

التفصيل في الحج عن الميت Q أيهما أفضل الحج للميت أو الصدقة بتكاليف الحج؟ A إذا كان الميت لم يؤد الفريضة فلا شك أنه إذا وكل من يحج عنه أفضل؛ لأنه يؤدي فريضة، أما إذا كانت نافلة فهنا ينظر للمصالح: إذا كان الناس في حاجة شديدة وفي مسغبة فالصدقة أفضل، وإلا فالحج عنه أفضل.

الحج كل عام إذا كان فيه فائدة مثل إرشاد الحجاج فهو خير من الجلوس

الحج كل عام إذا كان فيه فائدة مثل إرشاد الحجاج فهو خير من الجلوس Q فضيلة الشيخ أنا امرأة يحصل لي الحج في كل عام -ولله الحمد- ولقد قال لي بعض الناس بأن عملي هذا فيه أذية للمسلمين حيث أني أضيق عليهم، رغم أني أفيد من يذهب معي من النساء بالتوجيه والإرشاد، فما رأي فضيلتكم وما توجيهكم لي جزاكم الله خيراً؟ A أرى أن هذه المرأة التي يستفيد منها الناس في التوجيه والإرشاد أن تحج، ومسألة التضييق إذا لم تضيق هي ضيق غيرها، لكن هي فيها مصلحة للمسلمين، فإذا كانت في حملة توجه النساء وترشدهن، فلا شك أن حجها أفضل من بقائها، أما إذا كانت من عامة النساء فإننا نقول: إعانة من أراد الحج فريضةً بالمال الذي تريد أن تحج به أفضل؛ لأن الإنسان إذا أعان أخاه في عبادة فكأنه فعلها كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أعان غازياً فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا) .

توجيه لأصحاب الجوالات التي تستخدم في الحرم

توجيه لأصحاب الجوالات التي تستخدم في الحرم Q فضيلة الشيخ يلاحظ في الوقت الحاضر بشكل ظاهر كثرة استخدام الجوال عند تأدية المشاعر خاصة في الحرم في الطواف والسعي، فما توجيهك يا فضيلة الوالد؟ A أنا الحمد لله أديت العمرة في رمضان ولم أجد في هذا إشكالاً، وحضرت المساجد في الجماعة ولم أجد إشكالاً، فأنا أتعجب من كثرة السؤال حول هذا الموضوع والإشكالات، حتى أني سمعت بعض الناس الإمام يقول: استووا، اعتدلوا، طفوا البياجر. وكلاماً هذا معناه، المسألة ما وصلت إلى هذا إطلاقاً، لكن لا شك أن الإنسان إذا عرف أن الاتصالات هذه كثيرة وأبقى الهاتف أو البيجر أبقاه مفتوحاً لا شك أنه يؤذي؛ لأن بعض الناس -ما شاء الله! - يكون عليه اتصالات كثيرة، فهذا نقول له: أقفلها حتى لا تؤذي، وإذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج على أصحابه وهم يقرءون القرآن ويجهرون بالقرآن نهاهم عن ذلك وقال: (لا يؤذين بعضكم بعضاً) في الجهر بالقراءة، فكيف بهذه الأصوات؟ فعلى كل حال: من عرف من نفسه أن الاتصالات تكثر عليه فليغلق هذا.

ما يفعل من أراد أن يضحي في بلده وهو حاج

ما يفعل من أراد أن يضحي في بلده وهو حاج Q فضيلة الشيخ كيف يعمل من أراد أن يضحي في بلده وهو حاج، وماذا يترتب عليه؟ A يفعل كل ما يفعله الناس إلا تقليم الأظفار؛ ونتف الإبط، وأخذ الشارب، وحلق العانة، فهذه يفعلها قبل أن يدخل شهر ذي الحجة ما دام قد عرف أنه سيضحي، وأما حلق الرأس أو تقصيره في الحج والعمرة فهذا لا يضر حتى وإن كان يريد الحج؛ لأن هذا نسك، فلا بد من فعله.

الواجب على من لم يتم الحج أو العمرة

الواجب على من لم يتم الحج أو العمرة Q رجل أحرم بالعمرة وعلى مشارف مكة تعرض لحادث مروري، وتم نقله إلى المستشفى حيث تعرض لإصابات لم يتمكن معها من أداء العمرة، فماذا عليه يا فضيلة الشيخ؟ A المشكلة أن هذا قد وقع؛ فما أدري ماذا صنع الرجل، ولنقل: إن الرجل تحلل وألغى العمرة، فالواجب عليه هدي كما قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة:196] يعني: منعتم عن إتمامهما {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:196] فعلى هذا الرجل الآن أن يذبح هناك في مكة هدياً يفرقه على الفقراء.

الصلاة على الطائرة

الصلاة على الطائرة Q سافرت -يا فضيلة الشيخ- إلى خارج المملكة لحساب العمل، واستمرت الرحلة أربع عشرة ساعة تقريباً، مر علينا أوقات ثلاث صلوات، وكذلك مثلها عند رجوعنا إلى المملكة، سؤالي يا فضيلة الشيخ: أننا صلينا ونحن جلوس على المقاعد لعدم وجود أماكن مناسبة للصلاة، ولا يسمح لنا بأن نصلي في الممرات، فهل صلاتنا صحيحة أم يجب علينا الوقوف حتى ولو شق علينا؟ A الظاهر لي أن الوقوف لا يشق في الطائرة، كل إنسان يتمكن من أن يقف، فيقف، وإذا تمكن أن يستقبل القبلة فعل وإذا لم يتمكن أو لم تتبين القبلة يصلي حيث كان وجهه، وهل يستطيع الركوع أو لا يستطيع الركوع؟ حسب الكراسي، إذا كانت متقاربة ولا يستطيع الركوع لكن إن استطاع أن يركع فليركع، كذلك السجود يجلس ويومي بالسجود، فقول الأخ أنه لا يستطيع القيام فيه نظر. أما إذا رجَّع الذي أمامه الكرسي إليه يقول له: أبعدها عني؛ لأن الهواء تابع للقرار كما قرأناه في الصلح، وهوى الكرسي الذي عليه الراكب ليس للذي أمامه، بمعنى: أنه إذا وصل إلى حد كرسيه أنه لا يملكه، فإن رأى الأخ أن يعيد الصلاة فهو خير، وإن لم يعدها فأرجو ألا يكون فيه بأس.

الحج لا يحجب على صاحب الدين

الحج لا يحجب على صاحب الدين Q سائل يقول: بعض الناس عليه ديون ولم يحج حجة الإسلام، لكن الحج بالنسبة له لا يكلفه؛ لأنهم يعتدون معهم خيمة ومعهم طعامهم من بيوتهم، ولا يتكلفون إلا سعر البنزين، وإذا قدر على المجموعة لم يدفع إلا مبلغ ما يقارب عشرين ريالاً، هل يجب عليهم الحج ويحجوا مفردين؛ لأنه ليس عليهم هدي في هذه الحالة؟ A لا يجب عليهم الحج، ما دام باق عليهم دين فإن الحج لا يجب ولو كانت تكاليفه يسيرة، اللهم إلا رجل يذهب مع الحجاج يخدمهم ويعطونه أجرة على هذه الخدمة فهذا قد نقول: إنه اكتسب مالاً يستطيع أن يوفي به دينه من هذا الحج، هذا نقول: لا بأس أن يحج، وأما شخص يأخذ منه الحج ولو شيئاً يسيراً فليحمد الله على العافية وليقض دينه قبل حجه.

نصيحة لخياطي العباءات

نصيحة لخياطي العباءات Q فضيلة الشيخ عندي محل لخياطة العباءات وأرفق لكم مع سؤالي أربعة نماذج من أكمام العباءات الفرنسية أو المغربية التي أصبحت محل إقبال لكثير من النساء وبخاصة الفتيات في المدارس. النموذج الأول: كم دنتيل، النموذج الثاني: كم بدنتيل نوع آخر، النموذج الثالث: كم شيفون على مخمل -لا حول ولا قوة إلا بالله! - النموذج الرابع: كم مطرز بجلد. يقول: أرجو من فضيلتكم بيان حكمها وتوجيهي وإخواني أصحاب المحلات في مثل هذه الموديلات التي تتجدد حتى لا نستطيع ملاحقتها. A لا شك أن المرأة كلما كانت أستر؛ فهو أقرب إلى السنة وإلى الحشمة وإلى الحياء الذي هو من شيمة المؤمن، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الحياء من الإيمان) وهذه الألبسة التي لها أكمام، العباءات التي لها أكمام فيها محذور قبل أن تكون مطرزة وهي أنها تصف جسم المرأة؛ لأنها سوف تجعل هذه العباءات على أكتافها ويبقى رأسها بارزاً ورقبتها بارزة، ولا نعلم بعد ما الذي تستر به الرأس، قد يكون خماراً مزركشاً، وقد يكون هو نقاباً هو لثام في الحقيقة ما هو نقاب، لذلك أولاً: أنصح بناتنا وأخواتنا وعماتنا وخالاتنا بعدم لباس هذه العباءات. أما بالنسبة لمن يجلبونها فأنصحهم -أيضاً- بألا يجلبوها، وأن يجعلوا العباءات السابقة التي فيها الستر الكامل والبعد عن مظاهر الفتن هي سلعتهم، وإذا تركوا ذلك -أي: الأول والتطريزات التي عرضت علينا الآن- إذا تركوها لله عوضهم الله خيراً منها بالبركة وعدم الطمع والجشع؛ لأنه بإذن الله ما من إنسان اكتسب مالاً بمحرم إلا ألقى الله في قلبه الشح والحرص على الدنيا، وصار كالذي يأكل ولا يشبع.

نصيحة للأم التي تصر على بقاء التلفاز في البيت

نصيحة للأم التي تصر على بقاء التلفاز في البيت Q فضيلة الشيخ توفي والدي رحمه الله وقد ترك في منزلنا جهاز تليفزيون، وقد حاولت إخراجه من المنزل إلا أن والدتي أصرت على بقائه، فما نصيحتكم لوالدتي وهي الآن تسمعكم ولا يخفاكم ما فيه؟ A نصيحتي لها: أن تحمد الله على العافية، وأن تشكر الله سبحانه وتعالى أن يسر لها هذا الولد الذي نرجو أن يكون صالحاً، وأن تخرج التلفزيون من بيتها، ولكن لا أقول: إنه حرام إذا كان الإنسان أبقى التلفزيون في البيت ولا يقال عليه إلا الأخبار والأحاديث الدينية وما أشبه ذلك، هذا ليس حراماً، وليس لنا أن نحرم ما لم يحرمه الله عز وجل؛ فلذلك أنصحها أن تخرج هذا التلفزيون بناءً على طلب ولدها الذي نرجو الله أن يكون صالحاً، ولا حرج أن يشتروا بدلاً منه الفيديو فيعرض فيه الأشياء النافعة من المحاضرات الدينية، والآيات الأفقية وما أشبه ذلك.

الواجب على من حاضت قبل دخول الحرم

الواجب على من حاضت قبل دخول الحرم Q أنا مقيم في بريدة وذهبت لعمل عمرة، وقبل دخول الحرم حاضت زوجتي فاجتهدت وقلت لها: استثفري جيداً وطوفي وأتم العمرة، حيث أننا لا نستطيع المكث والانتظار أو العودة مرة أخرى، فما رأي فضيلتكم؟ A رأيي أن هذه فتوى من جاهل، وأنه لا يحل لإنسان أن يفتي إلا بعلم، إذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما قيل له: إن صفية زوجته قد حاضت. قال: (أحابستنا هي؟) ستحبس القوم والرسول والصحابة) حتى تطهر (أحابستنا هي؟ قالوا: إنها قد أفاضت، قال: انفروا) يعني: طواف الوداع لا يجب على الحائض، فهذه الفتوى التي أفتاها خطأ، والواجب عليها الآن أن تتجنب جميع محظورات الإحرام ومن ذلك معاشرة الزوج؛ لأنها لم تزل على إحرامها، ولتذهب إلى مكة وتكمل العمرة، لا تغتسل عند الميقات وتحرم، لأنها محرمة، الآن هي محرمة، تذهب إلى مكة وتطوف وتسعى وتقصر. وأما مسألة الاستثفار فيجب يا إخواني أن تعلموا أنه لم يقل بها إلا قليل من العلماء، ولم يقولوا بها في مثل حالنا الآن، قالوا بها: إذ جاءت امرأة على بعير من بلاد بعيدة؛ من الشام أو العراق أو مصر أو ما وراء ذلك ولم تتمكن من إبقاء الناس معها، ولا تتمكن من الرجوع فبعض العلماء يقول: تبقى على إحرامها إلى يوم القيامة، لا تتزوج ولا يأتيها زوجها؛ لأنها ما كملت، تبقى، وبعض العلماء يقول: تكون محصرة. ومعنى محصرة: أن تذبح هدياً، ولم تكن قد أدت الفريضة عليها حينئذ، فترجع بدون أداء الفريضة، والمسألة فيها ثمانية أقوال للعلماء، وذهب شيخ الإسلام رحمه الله مذهباً جيداً قال: إذا كانت لا تستطيع أن ترجع ولا تستطيع أن تبقى حتى تطهر فلها أن تستثفر بثوب وتطوف ولا حرج عليها. لكن الذي في بريدة أو في عنيزة أو في أطراف المملكة أما يستطيع أن يرجع؟ يستطيع، فيذهب بأهله وهي حائض قبل أن تكمل النسك، وإذا طهرت رجع بها. فليتق الله أخونا، وليعلم أن الإقدام على الفتوى بلا علم ليس بالهين، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33] ، وقال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:36] فليتق الله، وليبادر الآن قبل أن يكثر الزحام في مكة فيذهب بامرأته لتكمل عمرتها، اللهم اهدنا فيمن هديت.

حكم من ترك واجبا في الحج

حكم من ترك واجباً في الحج Q فضيلة الشيخ حججت قبل سنة وعملت بعض الأخطاء عن جهل: فلم أرم الجمرات أيام التشريق نهائياً، ولم أطف طواف الوداع عن جهل، كل هذه الأشياء وأنا داخل على الزواج الآن وظروفي صعبة جداً، فهل لي كفارة؟ A الأمر سهل لأنه ترك الرمي وطواف الوداع، فهذان واجبان، وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن من ترك واجباً فعليه دم، فإذاً عليه دمان يذبحهما في مكة ويوزعهما على الفقراء، وتم بذلك حجه أو عمرته إن كان معتمراً.

حكم تعليم الأضحية بالحناء والقلائد

حكم تعليم الأضحية بالحناء والقلائد Q فضيلة الشيخ ما حكم تعليم الأضحية بالحناء والقلائد؟ A الأضحية لا حاجة أن تعلم بحناء ولا بقلائد؛ لأن الإنسان سيضحي بها في بيته، ويأكل منها هو وأهله، ويطعم الفقراء، ويتصدق على الفقراء ويطعم الأغنياء، وإنما التقليد يكون للهدي الذي يبعث به إلى مكة حتى يعرف الفقراء أنه هدي فيتبعوه ليأكلوا منه.

حكم الأضحية إذا كانت بدين مؤجل

حكم الأضحية إذا كانت بدين مؤجل Q سائل يقول: ما حكم الأضحية إذا كانت بدين مؤجل؛ هل تجزئ أو لا بد من الاستئذان من صاحب الدين؟ A لا أرى أن يضحي الإنسان وعليه دين إلا إذا كان الدين مؤجلاً، وهو عالم من نفسه أنه إذا حل الدين تمكن من وفائه، فلا بأس أن يضحي وإلا فليدخر الدراهم التي عنده للدين. الدين مهم -يا إخواننا- كان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا قدم إليه رجل يصلي عليه ترك الصلاة عليه، حتى إنه في يوم من الأيام قُدِّم إليه رجل من الأنصار فخطا خطوات ثم قال: (هل عليه دين؟ قالوا: نعم. قال: صلوا على صاحبكم، ولم يصل عليه، حتى قام أبو قتادة رضي الله عنه وقال: الديناران عليَّ. فقال: حق الغريم وبرئ منه الميت. قال: نعم يا رسول الله! فتقدم وصلى) . ولما سئل عن الشهادة في سبيل الله وأنها تكفر كل شيء قال: (إلا الدين) الشهادة لا تكفر الدين، فالدين ليس بالأمر الهين -يا إخواننا- أنقذوا أنفسكم، لا تصاب البلاد بمصيبة اقتصادية في المستقبل؛ لأن هؤلاء الذين يستدينون ويستهينون بالدين سيفلسون فيما بعد ثم يفلس من ورائهم الذين دينوهم، فالمسألة خطيرة للغاية، وما دام الله عز وجل يسر للعباد العبادات المالية ألا يقوم بها الإنسان إلا إذا كان عن سعة فليحمد الله وليشكر.

ظاهرة نمص الحواجب

ظاهرة نمص الحواجب Q فضيلة الشيخ انتشر بين الفتيات والطالبات في المدارس ظاهرة نمص الحاجب، وهي تزداد يومياً، فما توجيهك يا فضيلة الوالد إلى الطالبات وكذلك إلى المعلمات والمسئولين في تعليم البنات؟ A لا شك أن هذا الذي ذكر في السؤال -إن كان حقاً- وأنه قد انتشر في النساء نتف الحواجب فالمسألة خطيرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعن النامصة والمتنمصة، ونتف الحواجب من النمص، فهل ترضى المرأة أن تكون ملعونةً مطرودة عن رحمة الله -والعياذ بالله-؟ لا أحد يرضى بهذا، فيحرم على المرأة وعلى من نمصها هذا الفعل، بل هو من كبائر الذنوب التي لا تكفرها الصلاة ولا الصيام. وعلى كل منا مسئولية فليتفقد أهله من بنات وزوجات وأخوات، وربما أمهات -أيضاً- وليمنعها من هذا العمل المنكر الذي يعد من كبائر الذنوب، وأخشى أن يعاقب بعقوبة صارمة عاجلة بدل هذا النعيم الذي نعيشه الآن؛ لأن الرب عز وجل قال لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر:50] وقال الله عز وجل: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة:98] ، وقال الله تبارك وتعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال:25] . علينا -أيها الإخوة- ألا نجعل هذه النعم سبباً للأشر والبطر والغفلة عن ذكر الله، علينا أن نجعلها عوناً على طاعة الله لعل الله يرحمنا في الدنيا والآخرة، أسأل الله الهداية للجميع. وعلى المعلمات أن يحذرن الطالبات من هذا العمل، وعلى المديرات أن يراقبن هذا مراقبة شديدة، ورئاسة تعليم البنات لا تألو جهداً في إقامة البنات على الوجه الأكمل، فهي تساعد في القضاء على هذه الظاهرة إن صح أن نعبر عنها بأنها ظاهرة، مع أني أرجو ألا تكون إلا في شرذمة قليلة جاهلة، وإلا لو علمت المرأة أنها تطرد وتبعد عن رحمة الله بهذا العمل ما عملته.

من قضى معظم الليل في منى فقد أدى الواجب

من قضى معظم الليل في منى فقد أدى الواجب Q فضيلة الشيخ أرجو منكم أن تبدوا لنا رأيكم بخصوص الحجاج الذين يقيمون في العزيزية ويذهبون إلى منى ويقضون فيها منتصف الليل، هل يكونوا بذلك قد أدوا واجب المبيت؟ A أما على قواعد الفقهاء رحمهم الله فقد أدوا الواجب؛ لأنهم يقولون: إن المكث في منى لا يجب إلا في الليل، فإذا قضى الإنسان معظم الليل في منى فقد أدى الواجب، لكن لا شك أن هذا ناقص، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقي في منى ليلاً ونهاراً، والبقاء في منى ليلاً ونهاراً عبادة، المسألة ليست نزهة، بل عبادة لله يتعبد الإنسان إلى الله عز وجل بالبقاء حتى الدقيقة التي تمضي يرى الإنسان أنه قد تقرب إلى الله بها. فما دام الإنسان يشعر بأن البقاء في منى قربة فإنه يهون عليه أن يبقى ولو مع مشقة، لكن الشيء الذي يضر الإنسان ويؤذيه هو غير مأمور به.

حج النافلة

حج النافلة Q بعض الناس ينصح من حج ألا يحج مرة ثانية وثالثة بحجة أن يفسح لغيره المجال، ما رأيك في هذا القول؟ A والله أنا أتوقف في هذا؛ فتارةً أقول: إذا رأينا الزحام الشديد وأن الإنسان يتعب بنفسه في أمر قد يكون بقاؤه في بلده أخشع وأتقى لله؛ لأنه في بلده سوف يقيم على ذكر وتكبير وقراءة قرآن وصيام وصدقة وإحسان، ويؤدي العبادات مطمئناً فيها، فتارةً أقول: هذا أفضل. وتارةً إذا رأيت الأدلة الدالة على الحث على الحج وبيان فضله أقول: أن يحج أفضل. ثم إذا رأيت -أيضاً- أن الحجاج بعضهم يحج فريضة، وبعضهم نافلة، ولا شك أن الأمكنة -أمكنة المناسك والمشاعر- لمن يؤدي الفريضة أولى؛ لأنه أحق بها ممن يحج تطوعاً، فأنا متردد في هذا، أخشى إن قلت: لا تحجوا والنصوص جاءت بالحث على الحج أن يكون في هذا إثم عظيم، وإذا نظرت إلى المصالح ودفع المفاسد وتخفيف الضرر على الناس قلت: عدم الحج أفضل، ومن عنده فضل مال فأبواب الخير كثيرة.

لا يحل أن يحجج من مال الأيتام لأبيهم

لا يحل أن يحجج من مال الأيتام لأبيهم Q سائل يقول: أنا ولي على أيتام قصار ولهم مال عندي، فهل يحق لي أن أحجج لأبيهم من مالهم؟ علماً بأنهم يرغبون في ذلك. A لا يحل له ذلك، يعني: لا يحل أن يحجج من مال الأيتام لأبيهم، كل تطوع فإنه لا يجوز أن يبذل فيه مال الأيتام إلا شيئاً واحداً وهو الأضحية، إذا كان ترك الأضحية يكسر قلوبهم فلا بأس أن يشتري لهم أضحية ويضحي لهم. وإذا كان أبوهم لم يحج الفرض فليس لهم ولا لغيرهم حق من الميراث حتى تؤدى عنه الفريضة؛ لأن الفريضة دين والدين مقدم على الميراث.

جواز إعلام الإمام عن جنس الجنازة

جواز إعلام الإمام عن جنس الجنازة Q فضيلة الشيخ صلينا قبل قليل على الجنازة، والإشكال أننا في الصفوف الخلفية لا نعلم أن هناك جنازة، والنساء لا يعرفن ما هو سبب التكبيرات، فهل إذا أعلم الإمام عن الجنازة وأنها ذكر أو أنثى هل في ذلك شيء؟ A ليس في هذا شيء، يعني: لا بأس أن الإمام يقول: صلوا على الرجل، صلوا على الأنثى. لكن في مثل ليلتنا هذه لا يخفى على أحد أن هناك جنازة. السبب؟ كثرة الجمع، فكثرة الجمع تؤذن بأن هناك جنازة. ثم إن الإمام إذا قام وكبر بعد التسبيح والتهليل إذا أمكنه علم أنها جنازة، إنما أصل التنبيه على وجود جنازة ليس فيه شيء لكن عند الحاجة، أما إذا لم يكن حاجة فما ليس له حاجة ليس له حاجة.

العقد على البنات يحرم الأمهات والدخول بالأمهات يحرم البنات

العقد على البنات يحرم الأمهات والدخول بالأمهات يحرم البنات Q فضيلة الشيخ هل تحرم الربيبة بمجرد الدخول بأمها أم بالجماع؟ وكذلك أم الزوجة هل تحرم بمجرد العقد على بنتها أو بشرط الجماع أيضاً؟ A يجب أن نعلم أن النكاح صلة بين الناس كما قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً} [الفرقان:54] وإذا تزوج إنسان امرأة وله آباء وأبناء صار أبناؤه وآباؤه محارم لهذه الزوجة بمجرد العقد، حتى لو أن زوجها طلقها بقي أبوه وأبناؤه محارم لها. كذلك -أيضاً- أمهات الزوجة يكون الزوج محرماً لهن، أبناء الزوج وآباء الزوج وأمهات الزوجة، هذه الثلاثة بمجرد العقد يثبت فيهم الحكم، من بقي؟ آباء الزوج، أبناء الزوج، أمهات الزوجة، بنات الزوجة، بنات الزوجة لا يكون الزوج محرماً لهن إلا إذا جامع أمهن، فلو تزوج إنسان امرأة ودخل عليها ولم يجامعها ثم طلقها، ثم تزوجت بعده آخر وأتت ببنت هل يحل له أن يتزوجها؟ نعم، يحل له أن يتزوجها؛ لأنه لم يجامع أمها. وأم الزوجة التي تزوج عليها وطلقها قبل الجماع هل تحل له؟ لا، انتبهوا للقاعدة هذه: يتعلق بالنكاح أربعة أصناف: آباء الزوج، وأبناء الزوج، أمهات الزوجة، وبنات الزوجة. آباء الزوج وأبناء الزوج وأمهات الزوجة بمجرد العقد يثبت فيهم الحكم، بنات الزوجة لا يثبت فيها الحكم إلا إذا جامع الأم. حسن أضرب مثلاً: رجل تزوج امرأة وطلقها قبل الدخول، ولها بنت من غيره ولها أم، من الذي يحرم عليه: البنت أو الأم؟ الأم، والبنت تحل. وهي من الذي يحرم عليها أبو الزوج أو ابن الزوج؟ كلهم يحرمون أبو الزوج وابن الزوج، المهم خذوا هذا الضابط: آباء الزوج وأبناء الزوج وأمهات الزوجة يثبت فيهم الحكم بمجرد العقد، بنات الزوجة لا يثبت فيهن الحكم إلا إذا جامع الزوجة. ونقتصر على هذا القدر من الأسئلة، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم علماً نافعاً، وعملاً صالحاً، ورزقاً طيباً واسعاً، وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

اللقاء الشهري [54]

اللقاء الشهري [54] في هذا اللقاء تجد كثيراً مما يهمك من أحكام متعلقة بأركان الإسلام، يقدمها الشيخ بأسلوب ميسر، يجعلك تشتاق لكلام العلماء وتطبيق السنة بعيداً عما أحدثه الناس من البدع والضلالات.

من الأشياء التي يتهاون فيها الناس الطهارة

من الأشياء التي يتهاون فيها الناس الطهارة الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في مساء السبت الثالث من كل شهر، وهذا السبت هو العشرون من شهر محرم عام تسعة عشر وأربعمائة وألف. نتكلم في هذا اللقاء على أشياء يتهاون بها الناس، ولكنها مهمة جداً، فمنها ما يتعلق بالصلاة. فإن كثيراً من الناس يتهاونون في الطهارة، ولا يبالي أتوضأ على الوجه المشروع أم لم يتوضأ، ولا يبالي أطهر ثوبه وبدنه وبقعته من النجاسة أم لم يطهر، ولا يبالي أصلى صلاةً يطمئن فيها ويأتي فيها بما يجب من قراءة وذكر أم لم يفعل. أما الطهارة فإنه لا شك أنه من شروط الصلاة التي لا تصح إلا بها: أن يتوضأ الإنسان من الحدث الأصغر وأن يغتسل من الحدث الأكبر، دليل ذلك قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] هذا الوضوء، وأما الغسل فقال: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] يعني: طهروا جميع البدن. ثم إن الله عز وجل خفف على العباد في ما إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يتوضأ أو يغتسل بالماء إما لمرض، وإما لفقد الماء، رخص للعباد أن يتيمموا، وذلك بأن يضربوا الأرض بأيديهم ويمسحوا بها وجوههم وأكفهم، قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْه} [المائدة:6] . ومن الناس من يتهاون في الطهارة من النجاسة، تجد الرجل يبول ثم يقوم من بوله دون أن يستقصي في تطهيره، أما في الماء فتطهيره سهل يغسل الإنسان رأس الذكر حتى يغلب على ظنه أنه تطهر، وهذا سهل، لا تظن أن الأمر صعب، فلو أن نقطة بول وقعت على أرض ملساء وصببت عليها الماء، فإن هذا البول سيجري في أول دفعة من الماء أو قل في ثاني دفعة. كذلك البول على رأس الذكر لا يحتاج إلى كبير عناء، ربما في ثلاث مرات أو أربع مرات يغلب على ظنك أن المحل نظف، أما ما يفعله بعض الناس من كونه يتزحر ويتكلف ويتشدد حتى يخرج آخر بوله، فهذا غلط؛ لأن هذا مما يسبب سلس البول في الإنسان. وكذلك بعض الناس تجده يمسح قناة الذكر من أصلها إلى رأس الذكر بحجة أنه يريد أن يخرج البول الباقي في القناة، وهذا غلط أيضاً لا الأول ولا الثاني، كلاهما من البدع ومن التعمق في دين الله عز وجل، وما أكثر الذين يبتلون بالوسواس أو سلسل البول إذا فعلوا مثل هذا الفعل. الأمر سهل، إذا غلب على ظنك أنك طهرت رأس الذكر من البول انتهى الأمر فلا حاجة إلى أن تعصره ولا أن تتحمل في إخراج ما بقي.

من الأشياء التي يتهاون فيها الناس الاطمئنان في الصلاة والتهاون بالصلاة نفسها

من الأشياء التي يتهاون فيها الناس الاطمئنان في الصلاة والتهاون بالصلاة نفسها تجد بعض الناس يتهاون في الصلاة، من جهة الطمأنينة لا يطمئن، يسرع إسراعاً لا يتمكن فيه من الاستقرار والطمأنينة، وهذا غلط، يجب أن تطمئن في الركوع، والرفع من الركوع، والسجود، والجلوس بين السجدتين؛ لأن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا به، وهنا يشكو بعض الناس من بعض الأئمة الذين لا يمكنهم معهم أن يقيموا الطمأنينة، يقول الرجل: إمامنا لا يمكنني أن أقرأ الفاتحة، فماذا أصنع؟ لا يمكنني أن أطمئن في السجود ماذا أصنع؟ نقول: إذا كان كذلك فلا تصل خلفه؛ لأنك بين أمرين: إما أن تترك الطمأنينة وتتابعه، وإما أن تأتي بالطمأنينة ولا يمكنك المتابعة، وكلاهما غلط، فإذا علمت من إمامك أنه لا يمكنك من قراءة الفاتحة أو من الطمأنينة في الركوع والسجود فلا تصل خلفه، ولكن وجه النصيحة إليه أولاً وقل له: اتق الله فإنك لا تصلي لنفسك إنما تصلي لمن خلفك، اتق الله فيهم، مكنهم من الطمأنينة، مكنهم من قراءة الفاتحة، مكنهم من الذكر والتسبيح والدعاء. ومن الناس من يتهاون بالصلاة على وجه أقبح وأطم وأعظم، لا يقوم لصلاة الفجر إلا إذا جاء وقت العمل، بل ويقول لأهله: لا توقظوني إلا إذا جاء وقت العمل. فماذا ترون في هذا الرجل الذي لا يقوم إلا إذا جاء وقت العمل ثم يقوم ويصلي؟ أترون صلاته صحيحه؟ هذا الرجل صلاته غير صحيحة ولا مقبولة ولا مكفرة لسيئاته ولا رافعة لدرجاته بل هي مردودة عليه، يضرب بها وجهه -والعياذ بالله- الدليل: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) يعني: مردوداً، وإذا كان مردوداً فعمله هباء منثورا لا يقبل منه. وعليه فنقول لهذا الرجل: إنه فعلاً لم يصل صلاة الفجر، لا يصلي في اليوم إلا أربع صلوات؛ لأن صلاة الفجر التي تعمد ألا يقوم إلا إذا جاء وقت العمل فيصليها غير مقبولة منه.

من الأشياء التي يتهاون فيها الناس أحكام حج بيت الله

من الأشياء التي يتهاون فيها الناس أحكام حج بيت الله من الناس من يفرط في الحج، ثم تجده إذا جاء ورجع قام يسأل: فعلت كذا فعلت كذا وربما لا يسأل إلا بعد سنوات عديدة، وربما يكون قد تزوج قبل أن يتحلل، وربما يكون قد جامع زوجته قبل أن يتحلل، وهذه مشكلة، ولذلك يجب على الإنسان أن يتعلم أولاً أحكام الحج. ويجب عليه ثانياً: إذا رجع وشك في شيء من أعمال الحج ولم يتمكن من عالم يسأله في مكة أن يسأل من حين يرجع. يحرجنا أقوام يسألونا عن أخطاء في حج له عشر سنين أو أكثر، مثاله: رجل حج ولم يطف طواف الإفاضة لأنه رأى الزحام الشديد فلم يطف، ثم رجع وتزوج، فماذا تقولون في زواجه؟ أكثر العلماء يقولون: ما يصح نكاحه، وأنه يجب عليه أن يذهب إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة ثم يعقد للنكاح من جديد، انظر إلى الخطر! وكثير من الناس لا يبالي بهذا، ولو أنه سأل في مكة وأخبر بالحق وجاء بالحق لسلم من هذه المشاكل. لذلك أقول: يجب على الإنسان إذا فعل شيئاً يظنه خطأً أن يسأل، إذا لم يوفق للسؤال قبل العمل فليبادر بالسؤال عما يظن فيه إشكال.

من الأشياء التي يتهاون فيها الناس قضايا البيوع

من الأشياء التي يتهاون فيها الناس قضايا البيوع في البيوع: البيع مبناه على شيئين: الصدق والبيان، أن يصدق الإنسان في معاملته، وأن يبين ما يجب أن يبين، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (البيعان بالخيار، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركت بيعهما) . من الكذب أن يقول: اشتريت السلعة بعشرة وقد اشتراها بثمانية. هذا كذب، ولماذا كذب؟ لماذا قال: بعشرة وهي بثمانية؟ لأجل أن يزيد الثمن. من الكذب أن يقول: هذه السلعة من النوع الفلاني الذي هو طيب وجيد ومتين، وهي من غيره، مثل أن يقول: هذه صناعة يابانية وهي صناعة غير يابانية، بل صناعة أردأ، فهذا أيضاً كذب، هذا الذي يبيع على هذا الوجه يكون بيعه ممحوق البركة. يوجد بعض الناس يبيع السلعة وهو يعرف أن فيها عيباً ولكنه يكتمه، ثم يقول للمشتري مخادعاً له: أنا أبيع عليك هذا الهيكل سليماً أو معيباً -وهو يدري عن العيب- هل هذا ناصح أو غاش؟ غاش، ومن ذلك بيع السيارات، وهو الذي يسمونه البيع تحت المكبر أو تحت (المايكرفون) يأتي الرجل ويجلب سيارته وهو يعلم أن فيها العيب الفلاني ولكنه يكتمه ويقول: ليس لك إلا كفرات السيارة، هذا لا شك أنه غش وأنه كاتم، وأن الله تعالى ينزع البركة من بيعه، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما) . ومن الناس من يخادع غيره، بأن يوكله أن يشتري له سلعة يقول: يا فلان اشتر لي الكتاب الفلاني -مثلاً- فيذهب هذا الوكيل ويشتريه لنفسه ثم يبيعه على من وكله بربح، يشتري الكتاب بعشرة ثم يبيعه على موكله باثني عشر مثلاً، هذا حرام، إنما هو وكيل اشتراه للموكل، فكيف يخدعه ويشتريه لنفسه ثم يبيع عليه بربح؟ هذا لا شك أنه غش ولا أحد يدري عنه إلا يذمه ويقول: هذا خداع وكذب. إذاً ماذا يصنع هذا الوكيل إذا كان يريد أن يشتغل بأجرة؟ نقول: يتفق مع الموكل ويقول: أنا اشتري لك السلعة الفلانية لكن لي عشرة في المائة مثلاً، أو أشتريها بمائة ريال -يعني: أجرة مائة ريال- وما أشبه ذلك، أما أن يخدعه ويوكله الرجل ثم يشتري السلعة لنفسه ثم يبيعها على هذا بربح فهذا عين الظلم وعين الغش. من ذلك -أيضاً- أنه مع الأسف كثر في الناس الآن شراء الوظائف، يحاول الرجل أو المرأة أن تتوظف في بلدها مثلاً ولا يحصل لها، ثم يأتيها رجل ويقول: أعطيني عشرة آلاف ريال أضمن لك الوظيفة في البلد. هذا الرجل أتظنون أن المسئولين بمجرد ما يقول لهم هذه المرأة: وظفوها في المكان الفلاني. يوظفونها؟ لا، فلا بد أن يأخذوا شيئاً، ويأخذ هذا شيئاً، والثالث شيئاً وتعود المسألة إلى شراء ضمائر -والعياذ بالله- وهذا لا يجوز؛ لأنه ليس من المعقول أن رجلاً يأخذ عشرة آلاف ريال بمجرد أن يقف على المسئول ويقول: يا فلان! هذا إنسان فقير ومحتاج، وظفه في المكان الفلاني. هذه ما تساوي عشرة آلاف ريال، لكنه سوف يرشي المسئولين حتى يتمكن من الوصول إلى غرضه والعياذ بالله. والأشياء كثيرة وعلى الإنسان أن ينصح نفسه، وأن يعلم أن هناك حساباً وأننا في الدنيا إنما نعمل للآخرة، قال الله تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى:17] ، وقال الله تبارك وتعالى في وصف الدنيا: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً} [الحديد:20] فكر في نفسك، في مثل هذا الشهر من العام الماضي معك أناس أصحاب، إخوان أصبحوا الآن في قبورهم مرتهنين، لا يملك الواحد منهم أن يزيل سيئة من سيئاته، ولا أن يكتسب حسنة فوق حسناته، وما أصابهم فسوف يصيبك، تعداك الموت إليهم وسيتعدى غيرك إليك، حاسب نفسك، أنقذ نفسك قبل ألا تستطيع، وفي الحديث: (ما من ميت يموت إلا ندم، إن كان محسناً ندم ألا يكون ازداد، وإن كان مسيئاً ندم ألا يكون استعتب) أنقذ نفسك ما دمت في زمن الإمهال، كل شيء بيديك الآن، إن كنت ظالماً لأحد تستطيع أن تستحله من مظلمته أو تردها عليه، إن كنت مسرفاً على نفسك في ما بينك وبين ربك يمكنك أن تنقذ نفسك من هذا الإسراف فحاسب نفسك أيها الأخ. أسأل الله أن يجعلني وإياكم من الهداة المهتدين، الصالحين المصلحين، وأن يحسن لنا ولكم العاقبة، وأن يختم لنا ولكم بالتوحيد. وإلى الأسئلة، نرجو الله أن يوفقنا للصواب. هذه أسئلة حول موضوع الطهارة والوضوء.

الأسئلة

الأسئلة

نصيحة موجهة لبعض الموسوسين

نصيحة موجهة لبعض الموسوسين Q بعض الموسوسين الذين أشرت إلى بعض أحوالهم يأتي إلى غسل الذراعين ويأخذ في غسلهما وقتاً طويلاً، فإذا قلنا له: إن هذا من الوسواس. قال: الذراع على شكل أسطواني لا ترى هل وصل الماء إلى أسفله أم لا. فننصحه ولا يتوجه، فما هي نصيحتكم له، وما هي الكتب التي تعالج مثل هذا الموضوع؟ A نصيحتي لهذا الأخ أن يتقي الله عز وجل، وأن يلتزم بالحدود الشرعية، جاء في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، وقال: من زاد على ذلك فقد أساء وتعدى وظلم) هل تقبل أن تكون مسيئاً متعدياً ظالماً؟ الجواب: لا، ولا شك أن هذا الذي ذكر عن نفسه ما سمعتم لا شك أنه واقع في كثير مما وقع فيه غيره، بمعنى: أن الوسواس في الناس أصبح كثيراً، ولا أدري أهو كثير من زمان ولم نعلم به، أو هذه الكثرة متجددة. على كل حال: سوف يتأثر إذا اقتصر على المشروع على الثلاث بلا زيادة سوف يتأثر، ويضيق صدره، ويقول: إنه صلى بغير طهارة. نقول: لا بأس، اكسر هذا الحد ثم يلين كل شيء، لو قال لك الشيطان: إنك لم تكمل الطهارة قل: لا بأس. صل، وإذا عزمت ولاقيت هذا الشيء بحزم أزاله الله عنك؛ مع الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والصبر على تحمل ما يحصل لك من المشقة.

عدم تكرار الاستنجاء في كل وضوء لغير حاجة

عدم تكرار الاستنجاء في كل وضوء لغير حاجة Q إذا غسل الإنسان عورته بعد الحدث وجاء وقت الصلاة، فهل يغسل العورة من جديد عند الوضوء؟ A لا، إذا استنجى الإنسان عند البول ثم جاء وقت الصلاة فلا حاجة أن يعيد الاستنجاء مرة أخرى؛ لأن الاستنجاء إزالة نجاسة، إذا زالت النجاسة هل هناك حاجة إلى أن تعيد غسلها عند الوضوء؟ لا، ولهذا قال الله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة:6] ولا ذكر الاستنجاء؛ لأن الاستنجاء إزالة نجاسة متى أزلتها في أي وقت فإنها تزول ولا حاجة إلى إعادة غسلها.

حكم صلاة المرأة الحامل التي يخرج منها الدم وصومها

حكم صلاة المرأة الحامل التي يخرج منها الدم وصومها Q امرأة حامل نزل منها دم ما حكم صلاتها وصومها، هل تترك الصلاة والصوم؟ A الحامل إذا نزل منها الدم فهذا الدم دم فساد، ليس حيضاً، فتصلي وصلاتها صحيحة، وتصوم وصومها صحيح، يحل لزوجها ما يحل لها إذا لم يأتها هذا الدم، لأن هذا الدم يسميه العلماء دم فساد، ولكن لا تتوضأ للصلاة إلا بعد دخول وقتها، إلا النافلة فمتى أرادت أن تصلي فلتتوضأ، في أي وقت غير أوقات النهي، أما الفريضة فلا تتوضأ لها إلا إذا دخل الوقت، هذا إذا كان الدم مستمراً، أما إذا كان متقطعاً وتوضأت ولم يخرج شيء حتى دخل وقت الصلاة فإنها تصلي الصلاة ولا حرج عليها.

طهارة الدم الخارج من الإنسان دون السبيلين

طهارة الدم الخارج من الإنسان دون السبيلين Q ما الحكم إذا وقع على الثوب دم من جرح في اليد، هل الدم نجس أم لا؟ وما هو الدم الذي ينجس؟ أفدني جزاك الله خيراً. A إذا صلى في ثوب أصابه دم من يده فإن صلاته صحيحه؛ لأن الدم الخارج من الإنسان ليس بنجس إلا ما خرج من السبيلين، فالرعاف دم طاهر، وما يخرج من جرح زجاجة أو مسمار أو ما أشبه ذلك هو دم طاهر، ولم يوجد لا في القرآن ولا في السنة أن دم الآدمي نجس إلا ما خرج من السبيلين، وما خرج من السبيلين فهو نجس، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الحائض أن تغسل الدم عنها؛ لكن الدم الباقي لم يرد الأمر بغسله، والصحابة في الحروب يصلون بجراحاتهم، والجروح دمها كثير في الحرب. وأما غسل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وجهه من الدم حين جرح في أحد فهذا لا يدل على النجاسة، وإنما يدل على إزالة الدم لأنه مستقذر، ولا يريد الإنسان أن يرى الناس عليه شيئاً من الدم. الخلاصة: أن دم الآدمي طاهر إلا ما خرج من السبيلين (القبل أو الدبر) لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن المؤمن لا ينجس) وفي الحديث: (ما أبين من حيٍ فهو كميتته) وميتة الآدمي طاهرة أو نجسة؟ طاهرة، لكن لا ينبغي للإنسان أن يبقي أثر الدم على نفسه، بل يغسله لئلا يتقزز الناس من مشاهدته.

كيفية غسل الجنابة لمن في ظهره لاصق

كيفية غسل الجنابة لمن في ظهره لاصق Q في ظهري لزقة بمقدار شبر ولا تصل يدي لأمسح عليها، فهل أتيمم عند الغسل للجنابة؟ A إذا لم تتمكن من مسحها فمن الممكن أن تجعل الماء يصب عليها -أي: على هذه اللزقة- ويجزئ ما دام الماء يصب عليها كأنما يصب على ظهرك فإن ذلك مجزئ.

حكم وطأ الفرش النجسة بأبوال الأطفال

حكم وطأ الفرش النجسة بأبوال الأطفال Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ أنا عندي أطفال صغار يتبولون على الفرش ولكن مع الوقت ينشف هذا البول ولا يوجد له أي أثر، فهل يجوز للمتوضئ أن يطأ على هذه الفرش؟ A الوطء على الفراش النجس إذا لم يكن الفراش رطباً ولا القدم رطبة لا يضر ولا يؤثر، ومن القواعد عند العوام وهي قاعدة صحيحة يقولون: (ما بين اليابسين نجاسة) انتبه إلى الضابط الفقهي: ما بين اليابسين نجاسة. يعني: إذا التقى شيئان يابسان فإنه لا ينجس أحدهما الآخر، لكن إذا كانت الرجل رطبة والمكان نجساً فإن الواجب غسل الرجل بعد ذلك، لكنني أنصح إخواننا -بارك الله فيهم-: إذا أصابت النجاسة الفرش فليبادروا بغسلها لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يفعل ذلك -أي: يبادر بغسل النجاسة- لما بال الرجل الأعرابي في المسجد وانتهى من بوله أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فوراً أن يصب على بوله دلو من ماء، ولما جيء بصبي إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أقعده في حجره، فبال الصبي في حجر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأمر بماء فأكفأه بوله، يعني: صب على بول الصبي بدون غسل ولا فرك؛ لأن بول الصبي الذكر الذي لم يأكل الطعام وإنما يتغذى بالحليب خفيف النجاسة، يكفي أن تصب عليه ماءً يغمره دون فرك ولا غسل. فأقول: إنه ينبغي لنا إذا بال أحد الأولاد على الفراش أن نبادر بغسله، ولكن كيف نغسله إذا كان لاصقاً بالأرض مثل الفرش الكبيرة هذه؟ نقول: أولاً: نأتي بإسفنج ونشفط به البول حتى ينشف، ثم نصب على البول مرتين أو ثلاثاً ماءً وبذلك يطهر. وأما الصغار فالأصل في الصغير الطهارة، حتى لو خرجوا من الحمام فهم طاهرون، يعني أقدامهم طاهرة؛ لأن النجاسة في الحمام هل تكون في كل الحمام أو في المكان المعد لها؟ في المكان المعد لها -الحوض- وبقية أجزاء الحمام طاهرة؛ الحوض -أيضاً- إذا صب الماء وزالت النجاسة طهر.

اليقين لا يزول بالشك

اليقين لا يزول بالشك Q فضيلة الشيخ أنا أشتكي من عدم تيقن خروج المذي، فعندما أفكر بالشهوة لا أدري أخرج مني أم لا، هل هناك ضابط في خروجه بارك الله فيك؟ A سنعطي الأخ السائل والسامع ضابطاً نافعاً عليه دليل من السنة: إذا شككت هل خرجت منك ريح أو بول أو مذي أو غيره مما يبطل الوضوء فالأصل الطهارة، الدليل: أن الصحابة رضي الله عنهم شكوا إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الرجل يحس في بطنه شيئاً ولا يدري أخرج منه شيء أم لا، فقال: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) يعني: حتى يتيقن، فالأمر -والحمد لله- واسع، لكن بعض الناس يغلبه الوسواس فإذا شك ذهب ينظر إلى رأس الذكر مثلاً، ولا حاجة إلى هذا؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل: إذا شك أحدكم فليستبرئ ولينظر. بل قال: (فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) فما دامت المسألة شكاً فإننا لا ننقب ولا نذهب ننظر، نقول: الحمد لله، نتلهى عنه ونتغافل والأصل الطهارة. كذلك يوجد بعض الناس يشك في حلقة الدبر، يحس برطوبة ولا يدري أهي عرق أو شيء خارج فماذا نقول؟ الأصل الطهارة وهذا عرق، أو نقول الأصل للنجاسة؟ الأصل الطهارة، وهذه الرطوبة نحملها على العرق، لا سيما إذا كنت تحس بهذا في أيام الحر وتفقده في أيام البرد فإن هذا قرينة واضحة على أنه عرق، والأصل الطهارة والحمد لله.

نصيحة موجهة لمن تهاون في النظر الى الدشوش

نصيحة موجهة لمن تهاون في النظر الى الدشوش Q أنا شاب ملتزم -ولله الحمد- ولكني بليت ببلوى وهي أن إخواني أتوا بجهاز الدش في استراحة لنا بالمزرعة، كنا نجتمع فيها اجتماع العائلة، ناصحتهم وخوفتهم بالله ولم يستجيبوا لي، ثم انقطعت عنهم في الاجتماع، ثم بعد فترة أتاني الشيطان وقال لي: لماذا لا تنظر إلى هذا الجهاز، إن كان حقاً قبلته وإن كان باطلاً رددته، ثم أخذ يوسوس لي حتى وقعت في هذه المصيبة فأخذت أنظر إليه وأهلي لا يعلمون ذلك إلى الآن، بل إني أناصحهم وأحذرهم منه أمامهم، أما في الخلوة فأذهب وأشغله بغير علمهم وأنا الآن على جرف يكاد ينهار، فما الحل في هذه المصيبة حماك الله من ذلك؟ أرجو الدعاء لي لعل الله يستجيب دعاءكم. A نسأل الله أن يحمينا وإياه وإخواننا المسلمين من هذه المصيبة. الواقع أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وأنه يتدرج به شيئاً فشيئاً حتى يصل إلى غاية الكفر -والعياذ بالله- ولهذا قال العلماء رحمهم الله: إن المعاصي بريد الكفر. بريد الكفر يعني: أن الشيطان ينقله من مرحلة إلى مرحلة حتى يصل إلى الغاية، وكان الناس فيما سبق يرسلون رسائلهم عن طريق البريد، البريد عبارة عن خيل يركبها الناس، يسيرون فيها مثلاً عشرة كيلو أو أكثر، هذه محطة، ثم تقف هذه الخيول، وإذا خيل أخرى في المحطة تعدو بها إلى المحطة الثانية، والثالثة، والرابعة حتى تصل إلى البلد، فالمعاصي في الواقع بريد الكفر، يحمل الشيطان الإنسان عليها مرحلة مرحلة حتى ينال غايته منه أجارنا الله وإياكم من ذلك. نصيحتي للأخ السائل: أن يكون عنده عزم، وأن يكون حازماً، وأن يبعد عن هذا، وإذا حدثته نفسه أن يذهب إليه فلينصرف إلى آخر، لينصرف إلى البيت، إلى المسجد، إلى أصحاب الخير، مع الاستعانة بالله، ودعاء الله عز وجل، أسأل الله أن يصرفني وإياه وإياكم عن كل سوء، وأن يصرف كل سوء عنا.

حكم امرأة أحرمت بالعمرة ثم جامعها زوجها حال الإحرام

حكم امرأة أحرمت بالعمرة ثم جامعها زوجها حال الإحرام Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ أنا امرأة قدمت من بلدي إلى جدة وكنت محرمة، وقبل أداء العمرة جاءني ما يأتي النساء فأدى زوجي العمرة ورجعنا، حيث أنه مرتبط بعمل، وسارت بنا الحياة طبيعية كزوجين، ثم نزلنا وأدينا مناسك العمرة والحج بعد ذلك، وكان ذلك منذ ثلاث سنوات تقريباً، ولم نعلم أنه كان ينبغي علي أداء العمرة إلا قريباً، فماذا علي الآن مع العلم أني عندما أديت مناسك العمرة لم أنو أنها عن العمرة التي لم يتيسر لي القيام بها؟ A أولاً نسأل نقول للسائلة: إذا كنت لا تدرين أن الجماع في الإحرام حرام فلا شيء عليك، وإذا كنت مكرهةً على الجماع فلا شيء عليك، أما إذا كنت تعلمين أنه حرام ووافقت الزوج عليه فأنت آثمة، والعمرة التي وقع فيها الجماع عمرة فاسدة، ويجب عليك شاة تذبح في مكة وتوزع على الفقراء، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو صيام ثلاثة أيام، ويجب -أيضاً- أن تقضي عمرة بدل العمرة التي فسدت.

حكم القبر داخل البيت

حكم القبر داخل البيت Q سألني أحد طلابي عن حكم قبر في بيتهم لأخ له ولد ميتاً فحفرت أمه له حفرة عميقة في أحد زوايا البيت وأخفته فيها ولم أعلم إلا قبل أيام، وقد مر عليه الآن ثمان سنوات، فما حكم الصلاة في البيت؟ وكذلك هل ينبش هذا القبر الآن مع العلم أنه قد لا يوجد له أثر؟ A الواجب أولاً أن يصلي عليه صلاة الجنازة. ثانياً: أن ينبشه ويدفنه في المقبرة لأن البيوت ليست مقابر.

حكم استمرار إلقاء الدروس طوال الأسبوع حتى يوم الجمعة

حكم استمرار إلقاء الدروس طوال الأسبوع حتى يوم الجمعة Q فضيلة الشيخ أنا إمام مسجد ألقي دروساً بعد صلاة العصر والعشاء باستمرار وبدون استثناء يوم من أيام الأسبوع، ولكن بعض كبار السن ينكر علي الحديث في يوم الجمعة بحجة أن مشائخهم الذين عاصروهم يكرهون ذلك، فهل هناك حكم شرعي؟ A أولاً: إذا كانت الدروس التي يلقيها مواعظ فلا ينبغي أن يعظ الناس كل يوم فيملهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يتخول أصحابه بالموعظة، أما إذا كانت دروساً علمية فلا بأس أن يستمر كل يوم، ومشائخنا الذين كانوا لا يقرءون أو لا يدرسون يوم الجمعة على الناس يفعلون ذلك بحجة ألا يُملوا الناس؛ لأن الناس سمعوا خطبة الجمعة واكتفوا بها موعظةً، واكتفوا بها فقهاً؛ فلذلك كان علماؤنا الذين أدركناهم لا يحدثون الناس يوم الجمعة بعد العصر اكتفاءً بخطبة الجمعة. لكن لو فعلها الإنسان ما عليه شيء، يعني: لو أن الإنسان صار يدرس الناس كل عصر ومن ذلك يوم الجمعة فلا بأس.

اتخاذ وسيلة تعين على الاستيقاظ لصلاة الفجر

اتخاذ وسيلة تعين على الاستيقاظ لصلاة الفجر Q فضيلة الشيخ أنا رجل مواظب على جميع الصلوات في المسجد، وفي بعض الأحيان تفوتني صلاة الفجر، وقد يمر عليَّ أيام ثلاثة لم أوفق فيها لحضورها، مع العلم أني أنام ونيتي القيام، وأكون نادماً قلقاً جداً إذا لم أصل صلاة الفجر، وهذا يا شيخ يتكرر في الشهر ثلاث أو أربعة أيام، فما العمل؟ أفتني جزاك الله خيراً. A العمل أنه يجب عليك أن تحتاط في الاستيقاظ، تضع عندك ساعة منبهة، فإن كنت ثقيل النوم فاطلب من أهلك أن يأتوا إليك ويوقظوك، وإذا لم يكن عندك أحد في البيت فاطلب من إخوانك أن يوقظوك عن طريق الهاتف، وإذا علم الله تعالى من نيتك صدق العزيمة على أداء صلاة الفجر في وقتها مع الجماعة أعانك الله عز وجل؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقبل على عبده أكثر مما يقبل العبد على ربه.

حكم من يلبس ملابس خفيفة تظهر منها عورته

حكم من يلبس ملابس خفيفة تظهر منها عورته Q فضيلة الشيخ الزمن زمن صيف، وكثير من الناس يلبس الخفيف والقصير من السراويل، فما حكم صلاة هؤلاء إذا كان الملبوس يصف أو يشف العورة وفقك الله وسددك؟ A أقول: إن من شرط صحة الصلاة أن يستر الرجل ما بين السرة والركبة بساتر صفيق، لا يتبين من ورائه لون الجلد، وما أشار إليه السائل يوجد، بمعنى: أن بعض الناس يلبس ثياباً شفافة وليس عليه إلا سروال قصير الكمين لا يستر إلا نصف الفخذ الأعلى فيبقى نصف الفخذ الأسفل بادياً، تشاهده وتعرف أن هذا الذي تحته جلد أحمر أو أسود أو حنطي، هذا لا يستر ولا تصح الصلاة به، ولذلك يجب على الإنسان أن يحتاط في هذه المسألة وأن ينصح إخوانه الذين يفرطون فيها لأن المسألة ليست بالأمر الهين. ولكني أسألكم: لو كان على الإنسان إزار صفيق، وصلى وليس عليه إلا فنيلة علاقية تصح صلاته أو لا؟ تصح صلاته، بل حتى لو لم يكن عليه فنيلة صحت صلاته؛ لأن المهم أن يستر ما بين السرة والركبة.

حكم من يخرج منه بول بعد غسل ذكره بمدة

حكم من يخرج منه بول بعد غسل ذكره بمدة Q فضيلة الشيخ بعد البول أنتظر قدر المعتاد لاكتمال خروجه، ثم أغسل الذكر، وأحياناً أستجمر، ثم بعد فترة ربع ساعة أو أقل من ذلك أجد شيئاً من البول قد تسرب من الذكر بقدر نقطتين أو ثلاث تقريباً، فماذا أفعل علماً أن هذا باستمرار يحصل معي؟ A أسأل الله له الشفاء العاجل، ليس هناك طريق فيما أرى إلا أن ينتظر حتى ينقطع البول، حتى لو أدى ذلك إلى أن يخرج من المرحاض ويمشي خطوات لأنه مع الحركة ربما ينزل بقية البول. وأنصح هذا الأخ: أن يعرض نفسه على أطباء مختصين لأن الله تعالى ما أنزل داءً إلا وأنزل له دواء، فربما يجد دواءً يشفيه الله تعالى به.

حكم من أصيب بسلس البول

حكم من أصيب بسلس البول Q تقول: أنا امرأة حاملة في الشهور الأولى، ودائماً بعد الخروج من الحمام ينزل علي نقط من البول خفيف بسبب الحمل، وأتوضأ للصلاة المفروضة أو لكل صلاة؛ لأنه بعض الوقت ينزل عليَّ بعد الوضوء، وأصلي ولا أعرف هل صلاتي صحيحة أم لا. A إذا كان هذا الخارج ليس له وقت محدد -والكلام الآن للرجال والنساء، قد يبتلى بعض الرجال أيضاً بهذا- إذا كان هذا الخارج ليس له وقت محدد فحكمه حكم سلسل البول نقول: توضأ وصل ولا يضرك إذا خرج، لأنه لو قلنا: ارجع وأعد الوضوء فربما تعيد الوضوء ثم ينزل مرةً أخرى، وهذه مشقة، أما إذا كان له عادة، يعني: أنه إذا نزل بقي ربع ساعة أو نصف ساعة لم ينزل فهنا نقول: اغتنم الوقت الذي لا ينزل فيه وتوضأ وصل.

كيفية إخراج زكاة الأسهم

كيفية إخراج زكاة الأسهم Q سائل يقول: فضيلة الشيخ سؤالي عن حكم زكاة الأسهم كيف تزكى؟ هل يفرق بين الأسهم المعدة للبيع والشراء، ومن جعلها من أجل أن تحفظ له نقوده فقط، وإن حصل لها ربح في وقت فإنه قد يبيعها لكن ليس لقصد البيع والشراء حين شرائها؟ وما هو وقت حولها؟ وكيف نزكي على نمائها؟ A الأسهم في الشركات الكبيرة حسب علمي أن الحكومة وفقها الله تأخذ الزكاة، وما أخذته الحكومة من الزكاة فقد وقع موقعه وبرئت به الذمة، أما الأسهم الصغيرة فهذه لا تأخذها الحكومة، وعليك أن تزكيها إن كنت تريدها للتجارة، تزكي الأصل والنماء، وإن كنت لا تريدها للتجارة كإنسان وضع دراهمه في أراضي لتحفظ الدراهم فقط لكن لو احتاج باع منها وأنفق فهذه ليس فيها زكاة؛ لأنها لم تكن عروض تجارة ولا من الأموال التي تجب الزكاة في عينها، فلا زكاة عليه. أما كيف يزكيها فنقول: إذا تم الحول فقدر قيمتها وقت الحول وأخرج ربع العشر، ولا تعتبر ما اشريتها به لأنك قد تشتريها رخيصة فتزيد أو تشتريها غالية فتنقص، العبرة بقيمتها وقت وجوب الزكاة.

حكم الختان للنساء

حكم الختان للنساء Q يواجه المسلم في المجتمعات المسلمة في غير هذه البلاد بعض المشكلات الاجتماعية، والمسلم يقف حائراً عندها لعدم وضوح الأدلة الشافية الكافية، ومما يقلقني هو أن عندي بنات وبلغن العاشرة ولم يختن بعد، وفي بلادنا إذا لم تختن المرأة صار ذلك عيباً تعير به المرأة ويصفونها بأشياء مخجلة، وأنا ضمن هذا المجتمع فأرجو أن توضح لي وللكثير ممن هو مثلي وفي حالتي، وأن تفتونا فتوى يستريح معها المسلم ويطمئن إليها: هل ختان النساء سنة للمرأة كما سمعنا؟ أفتونا مأجورين. A الختان الذي يسمه الناس (التطهير) قال بعض العلماء: أنه واجب في حق الذكور والإناث، وقال بعض العلماء: إنه سنة وليس بواجب في حق الذكور والإناث، والقول الثالث وسط يقول: الختان واجب في حق الذكور سنة في حق الإناث، وهذا هو القول الوسط وهو الذي تدل عليه ظواهر الأدلة فليكن هو المعتمد. والحمد لله ما دامت بناته قد بلغت الثانية عشرة إذا أحب ألا يختنها فلا حرج عليه ولا إثم عليه.

حكم من نذر ثم صعب عليه الوفاء به

حكم من نذر ثم صعب عليه الوفاء به Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ كنت أختلط بمريض فخشيت أن ينتقل إليَّ مرضه فنذرت إن عافاني الله من هذا المرض أن أقرأ سورة البقرة في كل يوم، والآن أجد صعوبةً في ذلك أحياناً. A أقول: إذا وجدت صعوبة فمن الذي أوجب عليها النذر؟ هي التي أوجبت على نفسها النذر؛ ولهذا لو أن الناس فقهوا ما نذروا أبداً؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن النذر وقال: (إنه لا يأتي بخير) اسمع كلام الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (لا يأتي بخير) والذي لا يأتي بخير هل نفعله؟ لا، ولهذا مال شيخ الإسلام ابن تيمية إلى تحريم النذر سواء كان في مقابل نعمة أو مقابل ارتفاع نقمة فإنه منهي عنه، ومكروه كراهة شديدة. فنقول لهذه المرأة: أنت الذي أوجبت على نفسك أن تقرئي البقرة كل يوم، وقراءة البقرة كل يوم ليست بصعبة، يمكن أن تقرئي نصف جزء في أول النهار، ونصف جزء عند صلاة الظهر، ونصف جزء عند صلاة العصر، جزء ونصف، وتكملي بعد العصر أو في الضحى فهو سهل، فالبقرة جزءان ونصف تقريباً، يمكن أن يقرؤها القارئ في خلال ساعة إلا ربع، وهو سهل، ويجب عليها أن تفي بنذرها، فإن لم تفعل فأخشى أن تكون مثل من قال الله فيهم: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [التوبة:76] وما الجزاء؟ {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ} [التوبة:77] . فنقول للأخت السائلة: استعيني بالله، واقرئي البقرة كل يوم كما ألزمت نفسك بذلك.

حكم من أحرم للحج ثم مشى في اليوم الثامن ولم يكمل حجه

حكم من أحرم للحج ثم مشى في اليوم الثامن ولم يكمل حجه Q رجل ذهب إلى العمرة مع أمه وبعض أخواته، وبعد مناسك العمرة وكانوا في منى في اليوم الثامن وافت هذا الرجل المنية -يعني: مات- وبعد ذلك ذهبت أمه مع بقية أخواته وتركن الحج، فما الحكم وماذا يلزمها وعلى بقية أخواته؟ A إذا كان هؤلاء النسوة قد اشترطن عند الإحرام أنه إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني فلا حرج عليهن، لأن بعض الناس قد لا يتحمل أن يكمل الحج مع المصيبة، أما إذا كن لم يشترطن فهذه مشكلة! ويجب عليهن الآن أن يعتبرن أنفسهن محرمات حتى يذهبن إلى مكة ويؤدين العمرة تحللاً من الحج، ويحججن من العام القادم؛ لأنهن تركن الحج قبل الوقوف بـ عرفة فينقلب إحرامهن عمرة، لما فات الوقوف انقلب إحرامهن عمرة فيلزمهن الآن أن يذهبن إلى مكة على اعتبار أنهن محرمات، وأن يأتين بالعمرة، وفي العام القادم يلزمهن أن يأتين بالحج، هذا إذا لم يكن اشترطن، فإن اشترطن ذلك فالأمر واسع، ليس عليهن شيء.

حكم ذكر عيوب الشخصيات في تدريس التاريخ

حكم ذكر عيوب الشخصيات في تدريس التاريخ Q أنا مدرس لمادة التاريخ وعندي إشكال يا فضيلة الشيخ: وهو أنه يمر علي في شرح بعض الشخصيات أنها تذكر بسوء كالخيانة والغدر ونقض العهد والتكبر أو دمامة الخلقة أو غير ذلك، وقد تكون هذه الشخصيات مسلمة، هل ذكري لهذه الشخصيات بما تكره يعتبر غيبة؟ A أرى ألا يذكر المسلم بسوء سواء كان حياً أو ميتاً لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا تسبوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا) أما المحاسن فتذكر لأن المحاسن تستدعي أن يدعى للرجل وأن يذكر بالخير. فالذي أرى أنه إذا مر بك شيء من هذا إن ثبت ثبوتاً قطعياً بأنه صدر من هذا الرجل الذي تتكلم عن حياته فالتمس العذر له، وأما إذا لم يثبت فإن الله تعالى يقول: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:36] .

حكم امرأة لم تغسل رأسها من الجنابة لعذر الجهل

حكم امرأة لم تغسل رأسها من الجنابة لعذر الجهل Q امرأة متزوجة منذ أكثر من خمس وعشرين سنة، وفي بداية زواجها كانت عندما تغتسل للجنابة تغسل جسدها سوى رأسها جاهلةً بذلك، فأخبرها زوجها بالحكم، فما حكم تلك الصلوات التي صلتها علماً أن هذا الأمر مر عليه مدةً طويلة، ولا تدري كم كانت المدة التي مكثت على هذه الحال. A إذا كانت لم يطرأ على بالها أن غسل الرأس واجب في الجنابة، ولم يذكر أحد لها ذلك فأرجو ألا تلزمها الإعادة، وأما إذا كان قد طرأ على بالها ولكنها فرطت وتهاونت فعليها الإعادة، وكيف تعيد؟ تقدر وتتحرى، فما غلب على ظنها قضته وما لم يغلب على ظنها لم تقضه.

سجود التلاوة خارج الصلاة مع القارئ

سجود التلاوة خارج الصلاة مع القارئ Q بالنسبة لسجود التلاوة في غير الصلاة عند قراءتنا للقرآن إذا كنا جماعة، هل يكون لنا إمام نسجد خلفه أم يجوز لنا أن نرفع قبله؟ A الإمام هو القارئ إن سجد فاسجدوا خلفه وإن لم يسجد فلا تسجدوا؛ لأن زيد بن ثابت رضي الله عنه قرأ على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سورة النجم فلم يسجد زيد ولم يسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

ترك الأم صغيرها عند إخوته الكبار عند خروجها ليس بتفريط

ترك الأم صغيرها عند إخوته الكبار عند خروجها ليس بتفريط Q فضيلة الشيخ هذه امرأة لها من العمر ما يقارب التسعين سنة حصلت لها قصة قبل خمسين سنة وهي أنها ذهبت في حاجة لها، وتركت ابنتها التي لها قريباً من سنتين في البيت عند أخواتها، فلما رجعت إلى البيت لم تجد البنت، فذهبت تبحث عنها فوجدتها قد ماتت من الظمأ، فهل على هذه المرأة كفارة؟ وإذا كان عليها كفارة فلمن تدفع الدية؟ A الظاهر أنه ليس عليها شيء؛ لأن مثل هذا قد جرت به العادة أن المرأة تذهب وتدع بنتها الصغيرة عند أخواتها وإخوانها ولا يعد هذا تفريطاً، أما إذا كان على خلاف العادة بأن فتحت الباب وليس عند الطفلة إلا من كان مثلها أو أقل فهذه تعد مفرطة فعليها أن تصوم شهرين متتابعين احتياطاً، وأما الدية فهي لأبيها.

حكم إعطاء مبلغ من المال لمن سيخرج صكا للأرض

حكم إعطاء مبلغ من المال لمن سيخرج صكاً للأرض Q فضيلة الشيخ لي أرض لم أخرج عليها صكاً، فقال لي أحد الناس: أعطني مبلغاً من المال لأخرج لك عليها صكاً، فهل يجوز لي أن أدفع هذا المال؟ A أما إذا كانت أجرةً معتادة فلا بأس، أما إذا كانت كثيرة فهذا يعني أن الرجل سوف يرشي من في المحكمة من كتاب أو غيرهم ليتوصل إلى مقصوده فلا يجوز له أن يفعل هذا.

حكم وضع البخور للنساء في صالات الأفراح

حكم وضع البخور للنساء في صالات الأفراح Q فضيلة الشيخ أود أن أسأل عن حكم وضع البخور للنساء في قصور الأفراح أثناء الحفلات هل هي من الأمور الجائزة شرعاً؛ علماً بأنها أصبحت من عادة الناس في ولائمهم، وقد تخرج المرأة وتركب مع السائق أو مع رجل أجنبي عنها؟ أفتنا جزاك الله خيراً. A أقول: لا تستعملوا هذا، فلا تستعمل النساء البخور اللهم إلا أن يبخروا المحل دون أن تأخذه المرأة وتبخر ثيابها لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا صلاة العشاء) يعني: الصلاة كلها، لكن لو وضعوا المباخر على رف مثلاً في المكان أو على رفوف متعددة دون أن تأخذ المرأة المبخرة وتبخر نفسها فهذا لا بأس به.

نصيحة لزوج لا يقوم بالواجب عليه لامرأته

نصيحة لزوج لا يقوم بالواجب عليه لامرأته Q امرأة تسأل عن حقها من زوجها تقول: فهو قاس في المعاملة غير منفق عليها. A الواجب على الزوج أن يعاشر الزوجة بالمعروف لقول الله تبارك وتعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] ولقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:228] ولا يحل للإنسان أن يقصر في واجب زوجته، بل الواجب أن يبذل لها ما يجب، وليعلم أنها إذا لم تأخذ منه اليوم حقها أخذته يوم القيامة من أعماله، وما ظنك بامرأة تكون خصماً لك يوم القيامة؟ اتق الله الآن ما دمت تستطيع أن تؤدي الواجب ولا تفرط وتهمل. أما بالنسبة للزوجة فنقول لها: اصبري واحتسبي الأجر من الله عز وجل، واعلمي أن دوام الحال من المحال، وأن الإنسان قد تتغير حاله، وأسألي الله الهداية لزوجك حتى يقوم بواجبك.

الأفضل لمن أراد قضاء طواف الإفاضة أن يكون محرما

الأفضل لمن أراد قضاء طواف الإفاضة أن يكون محرماً Q فضيلة الشيخ إذا لم يتمكن الحاج من طواف الإفاضة لمرض أقعده عن ذلك فعاد إلى بلده، ثم لما شفي رجع إلى مكة لطواف الإفاضة، فهل يدخل إلى مكة محرماً أم يدخلها حلالاً؟ A الأفضل أن يدخل مكة محرماً بالعمرة ويطوف ويسعى ويقصر، ثم يطوف طواف الإفاضة، وإن اقتصر على طواف الإفاضة فقط فلا بأس.

كيفية وضوء المرأة التي تخرج منها رطوبة وصلاتها

كيفية وضوء المرأة التي تخرج منها رطوبة وصلاتها Q تقول السائلة: هل يصح للمرأة أن تصلي صلاتين بوضوء واحد أم يجب عليها الوضوء لكل فريضة حيث أن الرطوبة تخرج كثيراً من النساء؟ وقد سمعنا لكم فتوى في الرطوبة التي تخرج من المرأة، ثم هذه الرطوبة هل هي طاهرة أم نجسة إذا أصابت الثياب؟ أرجو إيضاح ذلك بالتفصيل فالأمر مشتبه لدى الجميع. A هذه الرطوبة التي تكون مع المرأة طاهرة إلا أن تكون بولاً، والبول معروف له رائحة كريهة وله لون معروف، لكن هذه الرطوبة الطبيعية العادية طاهرة، لو أصابت الثياب أو البدن لا تنجس لكنها تنقض الوضوء، بمعنى: أنها لا تتوضأ للفريضة إلا بعد دخول الوقت، ولا تتوضأ للنافلة إلا إذا أرادت فعلها، ولها أن تجمع بين الصلاتين، تجمع الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء إذا كان يشق عليها أن تتوضأ لكل صلاة.

وجوب قضاء الدين عن الأب الميت بمقدار الإرث

وجوب قضاء الدين عن الأب الميت بمقدار الإرث Q فضيلة الشيخ توفي والدي قبل عشر سنوات وليس عليه دين -ولله الحمد- ما عدا منزل عليه أقساط للبنك العقاري، وهذا المنزل كان يسكنه أخي الأكبر مقابل أن يسدد أقساط البنك في كل سنة، وقبل فترة رأيت والدي في المنام في حال معينة يطلب مني البحث في حق عليه، وبعد سؤالي للبنك تبين لي أن أخي لم يسدد ثلاثة أقساط متتالية للبنك، وعندما سألته تهرب من الإجابة واتهمني بعدم الثقة، سؤالي يا فضيلة الوالد: ماذا يلزمني أنا في هذه الحال، هل يجب علي تسديد هذه الأقساط في حال رفض أخي التسديد؟ وعلى من يقع الإثم في حال عدم السداد؛ علماً أني موظف وراتبي جيد وأريد إبراء ذمة والدي؟ A أقول: هذا من نعمة الله عليك وعلى أبيك أن قيظ الله لك رؤيته ونبهك إلى ما يجب عليك، وأقول: إذا كان هذا الدين في البيت الذي ورثتموه فليس لكم حق في البيت ولا حفنة تراب حتى تؤدوا الدين الذي في البيت، وأعني به الدين الذي حل على الوالد قبل موته، فإذا أبى أخوك فإن الواجب عليك أنت أن تُخرج من دين والدك بقدر نصيبك من البيت، فمثلاً إذا كان البيت أنصافاً فأخرج نصف الدين الذي على أبيك والباقي على أخيك، ولكني من هذا المكان أنصح أخاك وأقول له: يا أخي اتق الله في نفسك واتق الله في أبيك وأخرج الدين؛ لأنك أنت لا يحق لك إرث أبيك إلا بعد قضاء الدين.

حكم استخدام جهاز الصدى في المساجد

حكم استخدام جهاز الصدى في المساجد Q فضيلة الشيخ لقد انتشر في كثير من المساجد ظاهرة جهاز الصدى، فما حكم الصلاة مع وجود هذا الجهاز الترددي؟ هل تجوز الصلاة في مسجد به هذا الجهاز؟ وقد سمعت بأن فضيلتكم امتنع عن الصلاة في مسجد من المساجد به هذا الجهاز. ملحوظة: بعض الناس يقول: أين دليل التحريم؟ أرجو التوضيح والله يحفظكم ويرعاكم. A أقول: إن هذا الصدى حسب ما سمعنا عنه يشبه البوق الذي يستعمله اليهود في صلواتهم، وفيه -أيضاً- محذور آخر وهو أنه يردد الحرف فيكون الحرف الواحد حرفين أو أكثر، وهذا زيادة في القرآن لا تجوز، ولذلك عد العلماء رحمهم الله الشدات في الفاتحة عدوا كل شدة حرفاً، وقالوا: لو أنه ترك التشديد في آية فقال: الحمد لله ربِ العالمين لم تصح قراءته؛ لأن التشديد وهو تكرار الحرف يعتبر حرفين، وعلى هذا فالصدى يعني: أن الذي قرأ فيه زاد في القرآن ما ليس منه؛ ومن هنا نعرف التحريم. أولاً: إن صح أنه يشبه بوق اليهود في صلاتهم فهو حرام للتشبه. والثاني: إذا لم يصح هذا فهو حرام لزيادة الحروف، ونحن لا نريد من القرآن أن نحوله إلى أغاني، القرآن نزل للخشوع والخضوع. ثم إن بعض الناس يقول لي: إن مسجده صغيراً لا يتحمل مكبر الصوت بلا صدى، ومع ذلك يستعمل الصدى! والله هذا يؤسفنا كثيراً أن يتعبد الإنسان لربه بهواه لا بالهدى، نحن لا ننكر أن يصلي الإنسان بمكبر الصوت إذا كان لا يغير الحروف ولا الكلمات ولا يخرج القرآن عن كونه موعظة يلين القلوب، وهذا الصدى يخرجه إلى أن يكون كأنه أغاني، وهذه محنة، والواجب على الإمام أن يتقي الله في نفسه، وأن يزيل هذا الجهاز، ثم ينظر هل هو في حاجة إلى أن يستعمل مكبر الصوت أو لا، إذا لم يكن حاجة فلا حاجة، والواقع أنه إذا كان المسجد صغيراً ألا حاجة لمكبر الصوت؛ لأن كونه ينقل في المنارة هذا أمر منهي عنه لا شك لكونه يؤذي من حوله من المساجد، ويشوش على الآخرين، ويؤذي أصحاب البيوت -أيضاً- لأن أصحاب البيوت يريدون أن يصلوا فيشوش عليهم، ربما يكون في البيت مريض قد بقي كل الليل ما نام، ولما أذن الفجر صلى الفجر ثم رقد فيأتي هذا بمبكر الصوت على المنارة ويحرمه النوم، وفيه مفاسد كثيرة. إذاً لسنا بحاجة إلى أن ننقل الصلاة على المئذنة. بقي: هل نحن في حاجة إلى استعمال مكبر الصوت في مسجدنا؟ ينظر. إذا كان المسجد صغيراً لا حاجة، إذا كان كبيراً ففيه حاجة، لكن لا حاجة للصدى إطلاقاً، بل الصدى مما هو منهي عنه، وقد بينت لكم وجه ذلك.

حكم من قال: إن القول بأن استئذان البكر يكون بسكوتها قول مزيف

حكم من قال: إن القول بأن استئذان البكر يكون بسكوتها قول مزيف Q يقول -نسأل الله لنا وله الهداية-: إن القول بأن سكوت البكر إذا استئذنت للنكاح أن أصحاب هذا القول ابتدعوا هذا التزييف، ولأن بعض طوال الشوارب قد ابتدعوا هذا التزييف، فذلك يعود أصلاً إلى الاستلاب الذكوري. A على كل حال هي كلمة سخيفة، يقول: إن المرأة إذا استئذنت في النكاح وهي بكر ليس أذنها سكوتها، ويقول: إن هذا تزييف. والحقيقة أن هذه كلمة خطيرة جداً! أن يكون حكم الرسول عليه الصلاة والسلام تزييفاً، أنا لا أدري كيف ينشر هذا في الصحيفة، وكيف ينطلق قلم لكاتب بمثل هذا! إلا أن يكون جاهلاً، لا ندري، قد يكون جاهلاً لا يدري نسأل الله لنا وله الهداية.

اللقاء الشهري [55]

اللقاء الشهري [55] إن الله سبحانه وتعالى حرم علينا ما يضرنا في حياتنا ومجتمعاتنا من إباحية وسفور وتحلل، وأحل لنا أمراً مشروعاً به تحفظ الأنساب والأعراض ألا وهو النكاح، ولكن لابد أن نعرف ما يشترط وما يجب وما يصلح في النكاح، وما يترتب عليه من أمور مهمة، حتى يصير نكاح نعمة وشكر لا نكاح نقمة وكفر.

شروط النكاح

شروط النكاح الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وخليله وأمينه على وحيه، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق، وجعله خاتم النبيين وإمام المتقين، بل وإمام المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. هذا اللقاء يتجاذبه أمران، الأمر الأول: الكلام عن الإجازة، وماذا يفعل الإنسان في هذه الإجازة الطويلة الصيفية. والثاني: النكاح. أما الأول فقد تكلمنا عنه في خطبة الجمعة الماضية وأرجو أن تكون مسموعةً لكثير منكم، ومن لم يسمعها فإنها موجودة -والحمد لله- في الأشرطة، وأما الثاني وهو مهم بل قد يكون أهم وهو النكاح وما يتعلق به. اعلم أخي المسلم أن النكاح من أخطر العقود وأهمها وأشدها ضرورة وأشدها ضرراً، فالنكاح من سنن المرسلين عليهم الصلاة والسلام، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً} [الرعد:38] . النكاح استجابة لداعي الفاطر؛ فإن كل إنسان مفطور على ذلك إلا ما ندر، فهو استجابة للفطرة التي خلق الناس عليها، ومن المعلوم أن استجابة الإنسان لما تقتضيه الفطرة من الأمور المطلوبة، يعني: ما تقتضيه فطرتك فإنه من الأمور المطلوبة بل قد يكون واجباً، أرأيتم الأكل والشرب أتستدعيه الفطرة أو لا؟ تستدعيه، ومع ذلك قد يكون واجباً أحياناً، حتى إنه قد يجب عليك أن تأكل الميتة، فإذا خفت الهلاك وجب عليك أن تأكل ما تسد به رمقك ولو من الميتة. النكاح تستدعيه الفطرة، فالقيام به استجابة لما تستدعيه الفطرة وتقتضيه، ففي النكاح غض البصر، وتحصين الفرج، وتكثير الأمة وتقارب الأمة بعضها إلى بعض، كم من أناس ليس بينهم صلة ويكون النكاح هو سبب الصلة، ولهذا قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} [الفرقان:54] فالنسب القرابة، والصهر: التقارب بين الناس بسبب الزواج. ولهذا أكثر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من التزوج من أجل أن يكون له في كل بطن من قريش صلة، وليس إكثار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من التزوج من أجل إشباع رغبته، ولذلك لم يتزوج بكراً إلا امرأةً واحدة، وهي عائشة رضي الله عنها، ولو كان تعدد الزوجات للرسول عليه الصلاة والسلام من أجل إشباع الرغبة لتزوج الأبكار، ومن الذي يرده؟ أي إنسان يشير عليه الرسول صلى الله عليه وسلم سيجيبه، لكن يريد أن يكون له في كل بطن من بطون قريش صلة؛ لأن التناكح بين الناس من أسباب التقارب والصلة، حتى إن أقارب زوجتك يكونون بالنسبة لأولادك أخوالاً، أو آباءً وأجداداً، أو أمهات وجدات، لذلك نقول: من مصالح النكاح أن يتقارب الناس بعضهم إلى بعض.

من شروط النكاح: رضا الزوج والزوجة

من شروط النكاح: رضا الزوج والزوجة ولكن هذا النكاح لا بد له من شروط نذكر أهمها: أهمها: رضا كل من الزوج والزوجة، فلا يصح النكاح إلا برضا الزوجين، لا يصح النكاح مع إجبار أحدهما، فلو أن الرجل أجبر ولده على أن يتزوج بنت عمه الذي هو أخو أبيه وقال: لا بد أن تتزوج فإن لم تفعل فسأقاطعك أو سأحبسك أو سأقتلك، لأنه قد تصل الحال إلى القتل -والعياذ بالله- فإذا تزوج الرجل بهذا الإكراه فنكاحه غير صحيح؛ ولهذا يجب على المسلم أن يراعي هذه الحقيقة، وألا يجبر ابنه على أن يتزوج بنت عمه، بل يجعل الخيار له إن شاء تزوج وإن شاء لم يتزوج. كذلك لا يجوز إكراه البنت أن تتزوج من لا تريده حتى لو كانت بنته، لو كانت ابنته حرم عليه أن يجبرها أن تتزوج من لا تريد التزوج به، فإن فعل وأجبر ابنته على أن يزوجها من لا تريد التزوج به فالنكاح غير صحيح، هو الآن قد سلط هذا الرجل على أن يزني بابنته -والعياذ بالله- لأن النكاح غير صحيح، فإجباره ابنته على أن تتزوج هذا الرجل يعني إجباره إياها على أن يطأها هذا الرجل بغير موجب شرعي، والمسألة خطيرة! ضد ذلك من يمنع أن يتزوج ابنه بامرأة، كما يوجد ممن عندهم أنفة وكبرياء؛ فلا يمكن أن يتزوج ابنه بمن دونهم سواء في النسب أو في الغنى أو فيما يقال: خضيري وقبيلي، تجد الولد يريد أن يتزوج بهذه المرأة لأنها أعجبته في جمالها وخلقها ودينها ويقول أبوه: لا، لا تتزوج. هذه ما هي من قبيلة فلان، ليست من قبيلتنا، أو نحن أشراف من ذرية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهم ليسوا أشرافاً -سبحان الله! - أو يقول: نحن قبايل وأولئك غير قبايل (خضيريين) من قال هذا؟ لا يحل للإنسان أن يمنع ابنه أن يتزوج امرأة يريدها إلا أن تكون كافرة من غير اليهود والنصارى فله أن يمنعها؛ لأن نكاح الكفار حرام إلا اليهود والنصارى فيجوز للمسلم أن يتزوج من نسائهم. كذلك -أيضاً- من الناس من يمنع ابنته أن يزوجها بخاطب كفء، خاطب مستقيم في دينه وخلقه والبنت تريده ويقول: لا، إما لأغراض شخصية بينه وبين الرجل، أو لأغراض نفسية أو غير ذلك، يمنع ابنته أن يزوجها ممن خطبها وهو كفء وهذا حرام عليه، ويعتبر خيانة للأمانة، قال أهل العلم: ومن تكرر منه ذلك صار فاسقاً من الفاسقين، وسقطت ولايته، وانتقلت الولاية إلى من بعده. هذا كلام العلماء رحمهم الله، كتبهم بين أيدينا، يعني: لو يخطب من الرجل ابنته، تخطب ابنته، والخاطب كفء في دينه وخلقه ويأبى، ويأتي آخر مثله ويأبى، ويأتي ثالث ويأبى قلنا: الآن اجلس في حبسك، لا ولاية لك؛ لأنك الآن فاسق، من يزوجها؟ أقرب الناس إليها، بعد أبيها مثلاً يزوجها أخوها، يزوجها عمها، لكن إذا أبت القرابة أن تزوج إما احتراماً لأبيها، وإما خوفاً من المشاكل فمن يزوجها؟ يزوجها القاضي، ترفع القضية إلى القاضي وهو يزوجها غصباً على أبيها وأخيها وعمها، لأن الحق في النكاح للمرأة، الحق لها. هذا من أهم الشروط، الرضا من الزوج أو من الزوجة؟ من الاثنين جميعاً، لا بد أن يرضى الزوج والزوجة، فبدون رضا لا يصح.

من شروط النكاح: وجود الولي

من شروط النكاح: وجود الولي من الشروط المهمة: الولي، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا نكاح إلا بولي) لو أن امرأة عاقلة رشيدة زوجت نفسها فالنكاح غير صحيح، ولو باعت بيتها فالبيع صحيح، لماذا؟ لأن النكاح عقد خطير، والمرأة قاصرة العقل قد تنظر إلى القريب ولا تنظر للبعيد، ووليها لا شك أنه أبصر منها وأدق منها نظراً فلا بد من ولي، وهم مرتبون: أولهم وأولاهم الأب وإن علا، ثم الابن وإن نزل، ثم الأخ الشقيق وأبناؤه، ثم الأخ لأب وأبناؤه، لكن الأخ لأب مقدم على أبناء الأخ الشقيق، ثم العم الشقيق وأبناؤه، ثم العم لأب وأبناؤه. الإخوة من الأم هل لهم ولاية في النكاح؟ الأخ من الأم لا ولاية له حتى لو لم يوجد عاصب فالقاضي يزوج ولا يزوج الأخ من الأم، لو كان هناك امرأة ليس لها إلا أخوها من أمها وليس لها عصبة وخطبت من أخيها من أمها فمن يزوجها؟ يزوجها القاضي، والخطبة الآن موجهة إلى من؟ إلى الأخ من الأم لأنه قريب لكن ليس له ولاية النكاح، يزوجها القاضي. فمن أولياء المرأة في النكاح؟ نقول: أولياؤها العصبة، ولا حق لذي فرض ولا حق لذي رحم في ولاية النكاح، إنما هو للعصبة، وترتيبهم أن يبدأ بالأصول ثم بالفروع ثم بالإخوة وأبنائهم ثم بالأعمام وأبنائهم.

أمور يجب الاهتمام بها في النكاح

أمور يجب الاهتمام بها في النكاح

من الأمور التي يجب الاهتمام بها في النكاح تيسير المهور

من الأمور التي يجب الاهتمام بها في النكاح تيسير المهور ومما يجب الاهتمام به في باب النكاح الصداق -المهر- فالأفضل أن يخفف بقدر الإمكان، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة) وما مقدار الصداق؟ لو تزوج الإنسان امرأة على درهم واحد لكفى، لكن هل له حد أعلى؟ ليس له حد أعلى؛ لكن كلما كان أقل فهو أفضل وأعظم بركة وأهون. انظر ماذا يترتب على تخفيف الصداق: يترتب عليه أنه أفضل، هذه واحدة. يترتب عليه أنه أيسر للرجال، ولولا غلاء المهور ما بقيت النساء في البيوت الآن، كل امرأة تريد أن تتزوج لكن الحائل والمانع هو كثرة المهر. قلة المهر فيه تخفيف على الإنسان من جهة أخرى وهي: لو قدر الله عز وجل ألا يكون بين الزوجين وفاق -وهذا واقع، فقد يكون الزواج غير موفق، أليس كذلك؟ إذا كان المهر سهلاً ويسيراً سهل على الزوج أن يطلق زوجته: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ} [النساء:130] لكن إذا كان المهر كثيراً لا يمكن أبداً أن يطلقها لأنه خسر عليها، وربما استدان أموالاً كثيرة فيصعب عليه جداً أن يطلقها، فيحصل الشر والبلاء. كثرة المهر توجب كراهة المرأة لأنه ليس كل أنثى يتزوجها الإنسان تعجبه الإعجاب الكامل، أليس كذلك؟ إذا كانت لم تعجبه الإعجاب الكامل فهو يقدر على الصبر عليها لكن يصبر عليها على مضض، وكلما تفرغ قام يفكر: كيف أخسر هذه الأموال العظيمة على هذه المرأة؟ وهو الآن لا يستطيع أن يطلقها لأن المهر كثير، ثم إذا طلقها متى يجد زوجه فتجده يفكر: كيف أخسر هذا المال الكثير على هذه المرأة فيحصل عدم الألفة! وبهذا يصدق الحديث وهو صادق؛ لكن يكون شاهداً لصدق الحديث: (أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة) لذلك ندعو إخواننا المسلمين كل من يسمع كلامنا هذا أن يحرص على تقليل المهر طلباً للأفضل والأيسر، ولئلا تبقى النساء عوانس، ويبقى الرجال لا يتزوجون.

من الأمور التي يجب الاهتمام بها في النكاح

من الأمور التي يجب الاهتمام بها في النكاح مما يهتم به في باب النكاح: عكس النكاح وهو الطلاق، إذا كان النكاح مرغباً فيه فالطلاق يكون بالعكس، لأن النكاح جمع والطلاق تفريق؛ ولهذا لا ينبغي للإنسان أن يطلق إلا في حال لا يمكن الصبر معها، وإلا فما دام يمكن الصبر فليصبر، يقول الله تبارك وتعالى: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء:19] لا تطلق إلا عند الحاجة الملحة، اصبر، قد يقول الإنسان: كيف أصبر على امرأة تعصيني ولا تطيعني؟ نقول: اصبر، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة -يعني: لا يكرهها وينفر منها- إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) إذا كره خلقاً ينظر إلى الخلق الآخر الذي يرضى به فيقابل بين هذا وهذا ويحصل الرضا. إن بعض الحمقى من الناس يطلق على أسهل سبب، لو دخل إلى بيته وهو يظن أن المرأة قد صنعت الشاي ولم يجد الشاي قد جهز تجده أحمق: إلى هذا الحين ما جهزت الشاي؟ أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، وهذا واقع يا إخواني، نحن لا نقول عن فراغ، هذا واقع. كذلك بعض الناس إذا نزل به ضيف وأراد أن يكرمه، يريد الضيف أن يرأف به ويرحمه فيقول: إياك أن تذبح شيئاً، علي الطلاق ما تذبح، سبحان الله! المرأة سهلة حتى تطلقها لأجل أن يذبح لك أو ما يذبح؟! وأنكى من ذلك أنه إذا قال: علي الطلاق ما تذبح قال الثاني: علي الطلاق لأذبحن فمن تبقى غير المطلقة؟ وكل هذا من الحمق ومن تعدي حدود الله عز وجل، اسمع الله يقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق:1] وتأمل يا أخي كيف وجه الخطاب للنبي والمراد الأمة: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق:1] اضبطوها تماماً: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ} [الطلاق:1] إذاً لا تسرع في الطلاق، ولذلك يحرم على الإنسان أن يطلق المرأة التي تحيض وهي حائض أو في طهر جامعها فيه، يحرم عليه ذلك سواء علم أم لم يعلم، مثاله: رجل قال لزوجته: أنت طالق، وهي حائض، نقول: هذا حرام عليك، وقد علم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن ابن عمر رضي الله عنهما طلق زوجته وهي حائض فتغيض عليه الصلاة والسلام وقال لـ عمر: (مره فليراجعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق) .

ضوابط عدة المرأة المفارقة

ضوابط عدة المرأة المفارقة كذلك لو طلقها في طهر جامعها فيه وهي ممن يحيض وليست بحامل فإن الطلاق حرام، لأنه إذا طلق وهو قد جامعها في هذا الطهر لا يدرى فلعلها حملت منه، وحينئذ لا ندري أطلقها لعدة الحيض أو لعدة الحمل. الطلاق في حال الحمل واقع أو غير واقع؟ والغريب أن بعض العوام يظنون أن الطلاق في الحمل لا يقع، ولا أدري من أين أتاهم هذا، الطلاق في الحمل يقع، حتى لو جامعها الإنسان وهي حامل وطلقها قبل الغسل من الجنابة وقع الطلاق، إذاً طلاق الحامل من أوكد الطلاق وقوعاً، وإذا تم الطلاق فلا بد من عدة، فما هي العدة؟ العدة إذا كان الإنسان قد دخل بزوجته أو خلا بها لمن تحيض ثلاث حيض طالت المدة أم قصرت، فإذا كانت المرأة لا تحيض إلا في الشهرين مرة كم تكون عدتها؟ ستة أشهر، وإذا كانت المرأة ترضع والعادة أن التي ترضع لا يأتيها الحيض إلا إذا فطمت الصبي، وبقيت ترضع هذا الصبي سنتين كم تكون العدة؟ تكون العدة سنتين، وبعد أن يأتيها الحيض تعتد بثلاث حيض. غالب الناس -مع الأسف الشديد- يظنون أن عدة الطلاق ثلاثة أشهر سواء تحيض أم لا تحيض، هذا غلط، التي عدتها ثلاثة أشهر صنفان من النساء ذكرهما الله عز وجل في سورة الطلاق فقال: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق:4] إذاً صنفان: التي يئست من الحيض إما لكبرها أو أنها أجرت عملية في الرحم انتزع الرحم منها أو غير ذلك، المهم أنها آيسة، هذه عدتها ثلاثة أشهر. {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق:4] يعني: الصغيرات اللاتي لم يأتهن الحيض عدتهن ثلاثة أشهر، إذاً نقول -وانتبهوا للضوابط-: المرأة المفارقة الحياة إن كان فراقها قبل الدخول والخلوة فلا عدة عليها، مثاله: رجل عقد على امرأة وتأخر الدخول، ثم بدا له أن يطلقها قبل أن يدخل بها وقبل أن يخلو بها فطلقها، أعليها عدة؟ لا، لقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب:49] هذه ما عليها عدة. القسم الثاني: طلقها وهي حامل، فعدتها إلى وضع الحمل طالت المدة أم قصرت لقول الله تعالى: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4] . الثالث: امرأة تحيض فعدتها ثلاث حيض طالت المدة أم قصرت. الرابعة: امرأة طلقها وهي لا تحيض لصغر أو إياس فعدتها ثلاثة أشهر. أما بالنسبة للمعتدة من الوفاة فإنهن صنفان فقط: حامل وغير حامل، الحامل عدتها وضع الحمل، وغير الحامل عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، تبدأ المدة من موت الزوج حتى لو تأخر دفنه أياماً فإن العدة من حين مات لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} [البقرة:234] وهو يذرها -أي: يتركها- من حين أن يموت. إذاً المفارقة بالموت صنفان: فإن كانت حاملاً فعدتها وضع الحمل، أو غير حامل فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام. لو فرض أن الرجل ما دخل عليها ولا خلا بها، تزوج امرأة عقد له عليها، ثم مات قبل أن يدخل عليها، هل تعتد أو لا؟ A تعتد، هذا غير الطلاق، انظر سبحان الله! الوفاة تعتد وإن لم يدخل عليها، فلو عقد له على امرأة وهو في مكة والمرأة في المدينة ثم مات في أثناء الطريق وجب على امرأته في المدينة أن تعتد لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} [البقرة:234] فإذا كانت حاملاً ومات عنها زوجها فعدتها وضع الحمل. رجل توفي وزوجته في حالة طلق الولادة ثم وضعت قبل أن يدفن انتهت عدتها أو لا؟ انتهت عدتها وإحدادها، ما بقي شيء؛ لقول الله تعالى: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4] ويدل لذلك أن امرأةً في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي سبيعة الأسلمية رضي الله عنها؛ مات عنها زوجها ثم ولدت بعده بليال، فدخل عليها رجل يقال له أبو السنابل بن بعكك ورآها متهيئة للخطَّاب، قال لها: ما هذا؟ لا يمكن أن تتزوجي حتى يمضي عليك أربعة أشهر وعشر؟ وهي نفست في ليال، هي رضي الله عنها لما قال لها أبو السنابل هذا الكلام ذهبت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وأخبرته أنها وضعت، وأن هذا الرجل قال لها: لا يمكن أن تتزوجي إلا بعد أربعة أشهر وعشر. فقال لها: (كذب أبو السنابل) يعني أخطأ، كذب في لغة الحجازيين في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام بمعنى أخطأ، يعني: أخطأ الرجل (لقد حللت للأزواج) وهي لم تلبث إلا ليالي. إذاً عدة الوفاة صنفان فقط: إما أن تكون حاملاً فعدتها بوضع الحامل، أو لم تكن حاملاً فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، ابتداءً من موت زوجها لا من دفنه ولا من علمها بموته، من موته تحسب أربعة أشهر وعشرة أيام. وبماذا تحسب الأشهر؟ تحسب أربعة أشهر وإن كان الشهر تسعة وعشرين يوماً لأن الله قال: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} [البقرة:234] فإذا قدر أن الشهر الأول والثاني والثالث ناقصات كم ينقص من الثلاثين؟ ثلاثة أيام، العبرة بالأشهر لا بالأيام لأن الله يقول: {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} [البقرة:234] . والعبرة بالأشهر الهلالية.

ما يترتب على النكاح من نفقة

ما يترتب على النكاح من نفقة ثم إن النكاح يترتب عليه نفقات من الزوج على الزوجة، فالواجب على الزوج أن ينفق على زوجته من حين أن يتسلمها، أي: من حين يدخل عليها، وهل ينفق عليها إنفاق غني أو إنفاق فقير أو وسط؟ A حسب حاله، قال الله عز وجل: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق:7] فلو تزوجت غنية بفقير وقالت له: ائتني بذهب، ائتني بأفخر الثياب، أسكني بأحسن القصور. فهل يلزمه ذلك أو لا يلزمه؟ الجواب: لا يلزمه. ولو تزوجت فقيرة بغني وقالت: أعطني حلياً، هات لي اللباس. فقال لها: أنت ابنة فقراء، أنت عند أهلك ليس لك اللباس الجميل ولا الحلي وتسكني في حفش بيت. هل يوافق على هذا الكلام؟ لا، نقول: أنت أغناك الله، والله عز وجل قال: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق:7] . إذا لم يقم الزوج بالإنفاق الواجب عليه فهل للمرأة أن تطالبه؟ الجواب: نعم، حقها، فإن قام بالواجب وإلا فلها فسخ النكاح؛ لأن الرجل فرط ولم يقم بالواجب عليه فلها أن تفسخ النكاح. لو كانت المرأة لا تقوم بحق زوجها، وإن قامت قامت على مضض وكره وتثاقل، فهل له أن يحبس النفقة عنها؟ نعم، أعط وخذ، ولذلك إذا كان الزوج لا ينفق عليها فلها أن تمنعه حتى من الفراش: {جَزَاءً وِفَاقاً} [النبأ:26] إن قام بحقها وجب أن تقوم بحقه وإن لم يقم بحقها لم يجب، وهي إن قامت بحقه وجب أن يقوم بحقها وإن لم تقم بحقه لم يجب عليه أن يقوم بحقها، حق متبادل. يوجد بعض الناس -والعياذ بالله- يهين المرأة إلى أبعد الحدود، لا يتكلم معها ولا يلقي لها بالاً، وهي عنده كخادم من أسوأ الخدم، وهذا والله لا يجوز أبداً، ألم تعلموا أن نبيكم محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) . ألم تعلموا أنه كان يسابق زوجاته يجاريهن في المشي؛ كما سابق عائشة رضي الله عنها؟ كل ذلك من حسن خلقه، وتأمل قوله: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) أي: فتأسوا بي. فالواجب على الزوجين أن يتعاشرا بالمعروف، يقوم الزوج بحق زوجته والزوجة بحق زوجها حتى تكون الحياة بينهما سعيدة، أما إذا كانا في نزاع وخصام فإن الحياة ستكون جحيماً -والعياذ بالله- وسيؤثر ذلك على أولادهما إن كان لهما أولاد. ونرجو الله تعالى أن يكون فيما حصل من الذكرى كفاية، ونسأل الله تعالى أن يكثر تزويج بناتنا وأبنائنا، وأن يخفف المهور، وأن يخفف القصور إنه على كل شيء قدير.

الأسئلة

الأسئلة

جواز أخذ المال من الآخرين للاستعانة به

جواز أخذ المال من الآخرين للاستعانة به Q فضيلة الشيخ أنا شاب أعاني من الشهوة فصارت تغلبني مرة وأغلبها مرة، وأخاف على نفسي الوقوع في معاصي تفسد القلب والدين، وأريد الزواج وليس عندي مال، سؤالي يا فضيلة الشيخ: هناك من يعطني مالاً للزواج ولكن نفسي تأبى أن آخذ مالاً من غيري، فأي الأمر أحب إلى الله: آخذ المال، أم أستعف حتى يغنيني الله من فضله؟ أسأل الله أن يحبك كما أحببتك فيه. A جزاك الله خيراً، قال الله عز وجل: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً} [النور:33] إلى متى؟ {حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] ولكن بماذا يغنيهم الله من فضله؟ أتظنون أنه يمطر عليهم من السماء ذهباً وفضة؟ أبداً، بل حتى ييسر الله لهم الغنى بأي سبيل مباح؛ سواء بإرث، أو بهبة، أو بتكسب، أو غير ذلك، لأن الله تعالى لم يبين بأي سبيل يكون الغنى فأقول للأخ: ما دام المال أتاك من غير استشراف نفس ومن غير سؤال فخذه وتزوج به، وأسأل الله أن يبارك له في زواجه، وإذا كان يتزوج قريباً فليدعنا إلى الوليمة إن شاء الله.

تحريم الاختصاء في الشرع

تحريم الاختصاء في الشرع Q فضيلة الشيخ سؤالي عن حكم الاختصاء في الحالة الآتية: رجل لم يتيسر له الزواج وهو مبتلى ببعض المعاصي ويخاف على نفسه من ذلك، وكلما وقع في شيء من ذلك تاب منه وأقلع عنه فوراً، وحلف أو نذر ألا يعود مرةً ثانية، ثم لا يلبث أن يقع مرة أخرى، وقد تكرر هذا منه مراراً، ثم إنه عزم على الاختصاء فاستشار بعض طلبة العلم فذكر له أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن ذلك وقال له: إنك إذا تبت توبةً نصوحاً فإن هذه التوبة تجب ما قبلها، حتى لو فرض أنك وقعت في شيء من ذلك من غير إسراف ثم تبت مرة أخرى لم يضرك هذا بإذن الله، وذكر له حديثاً في ذلك، إلا أن هذا الرجل رد عليه بقوله: إن كان الله سيغفر لي ويتجاوز عني؛ فإني أخاف أن ينكشف أمري وأفتضح عند الناس، وهم لن ينسوها لي أبداً، وستكون وصمة عار في وجهي ما بقيت؛ لأجل هذا فهو عازم على الاختصاء درأً لهذه المفسدة وحتى يتفرغ لطاعة الله وطلب العلم، فما توجيهك له في هذا الأمر جزاك الله خير الجزاء؟ A توجيهي له أن يتقي الله في نفسه، وألا ينفذ ما هم به من الاختصاء؛ لأن ذلك محرم، وإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم) فليصبر وليحتسب. ثم إننا في الوقت الحاضر يسر الله سبحانه وتعالى من الأدوية ما يكون مخففاً للشهوة، فبإمكانه أن يتصل بطبيب ناصح ثقة ويشكو إليه هذا الأمر على أني -أيضاً- لا أحبذ هذا، وأرجو الله تعالى أن ييسر له النكاح عن قريب حتى يزول عنه ما يجد.

حكم من أراد إعانة صديقه بمال اقترضه

حكم من أراد إعانة صديقه بمال اقترضه Q فضيلة الشيخ رجل تسلف من صندوق إقراض الزواج مبلغاً من المال، لكنه بقي من هذا المبلغ حوالي النصف، وله صديق سوف يتزوج، فهل يعطي ما بقي لصديقه أو يرجعه إلى صندوق الإقراض؟ A الواجب عليه أن يرده إلى صندوق الإقراض لأنه مدين وقد قدر على الوفاء، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (مطل الغني ظلم) إلا إذا كان الدين الذي لصندوق الإقراض مؤجلاً -أي: مقسطاً- وهو واثق من نفسه أنه إذا جاء وقت التسليم سيجد ما يسلمه، فهنا لا بأس أن يقرض صديقه أو يساعده تبرعاً، وإذا حل أجل الأقساط عليه أن يوفيه، أما إذا كان ليس عنده ما يوفي به ولا يؤمل ذلك فالواجب عليه أن يقضي دينه ولا يعين هذا الرجل؛ لأن إعانة إخوانه سنة، ووفاء الدين واجب.

نصيحة لمن ترك الزواج خوفا من عدم بر والديه

نصيحة لمن ترك الزواج خوفاً من عدم بر والديه Q فضيلة الشيخ أريد أن أتزوج ولكني أتركه خوفاً من عدم الوفاء ببر والدي، فماذا أفعل؟ A غلط، أقول: تزوج وربما يكون التزوج سبباً لبر الوالدين، لأنك إذا تزوجت تزوجت بأمر الله، والطاعات يجر بعضها بعضاً، فتزوج وبادر بالزواج، وربما يكون من بر الوالدين أن تتزوج لتخدم المرأة والديك، وإن كان خدمة المرأة لوالديك ليست واجبة؛ لكنها من باب الأخلاق الفاضلة، فقد ييسر الله لها أن تخدم هذين الأبوين.

لا يحق للمرأة المعتدة عن طلاق أن تستعجل عدتها

لا يحق للمرأة المعتدة عن طلاق أن تستعجل عدتها Q هل يحق للمرأة المطلقة التي تحيض في كل شهرين أن تتناول حبوباً لإنزال الحيض لئلا تطول عدتها؟ A لا تفعل؛ لأن لزوجها الحق، لأنه ربما مع طول مدة العدة يراجعها، والإنسان إذا راجع زوجته في العدة يراجعها بدون مهر وبدون عقد، فكونها تستعجل الحيض لتنتهي العدة هذا فيه ضرر على الزوج وإسقاط لحقه، فلا تستعمل هذا. نعم. لو فرض أنه لا رجعة لزوجها عليها كما لو كانت تعتد لآخر طلقة فقد يقال: إنه لا بأس أن تستعجل الحيض من أجل أن تستريح من العدة وتتزوج غير زوجها.

حكم اشتراط تمليك الزوجة الأثاث عند الطلاق

حكم اشتراط تمليك الزوجة الأثاث عند الطلاق Q يقول السائل: فضيلة الشيخ في بعض البلدان لا يتم الزواج إلا بما يسمى بالقائمة، وهي أن يقوم الزوج بكتابة كل ما يحتويه بيت الزوجية من أثاث وغيره ليكون ملكاً للزوجة في حالة الطلاق، وربما يجبر الزوج على كتابة أشياء غير موجودة الآن، فهل هذا يعتبر من الشرع لأنه عرف في تلك البلاد؟ أفدنا جزاك الله خيراً. A هذا يرجع إلى العادة والعرف، إذا كان عندهم أن من تمام المهر أن الزوج يسرد جميع ما في بيته ليكون ملكاً للزوجة فعلى حسب العادة، أما إلزامه بذلك بدون أن يكون هناك عرف مطرد فلا يجوز.

وقت انتهاء عدة المرأة التي توفي عنها زوجها

وقت انتهاء عدة المرأة التي توفي عنها زوجها Q امرأة توفي زوجها قبل أربعة أشهر وثمانية أيام، وما بقي عليها إلا يومان من العدة، ولكن لا تعلم يا فضيلة الشيخ متى تخرج من العدة هل في وقت خروج روحه أم متى يكون ذلك؟ آمل توضيح الحكم. A إذا تمت أربعة أشهر وأربعة أيام من موته انتهت العدة، لكن إذا كان قد مات في نصف النهار مثلاً فإ نها تكمل إلى الغروب. وهنا مسألة أحب أن أنبه عليها: أن بعض العوام يقولون: إذا انتهت العدة من الوفاة فإن المرأة تخرج بطعام أو دراهم، وأول من يصادفها تعطيه إياه ولو كان غنياً، هذا غلط، وهذه عادة سيئة وليس لها أصل من الشرع. لكن معنى انتهاء العدة: أنه إذا تمت خرجت من الإحداد، لأن المرأة في عدة الوفاة يجب عليها الإحداد بأن تتجنب الأمور التالية: أولاً: تتجنب جميع أنواع الزينة فلا تلبس الحلي، ولا تلبس الثياب الجميلة التي يقال لها إنها متزينة، ولا تتطيب، ولا تكتحل، ولا تخرج من البيت إلا لحاجة في النهار أو لضرورة في الليل، وأما مكالمة الرجال في الهاتف أو عند الباب فهذا لا بأس به.

حكم نداء أم الزوجة بخالة ونداء الزوجة لأبي الزوج بعم

حكم نداء أم الزوجة بخالة ونداء الزوجة لأبي الزوج بعم Q ما حكم نداء أم الزوجة من قبل الزوج بخالة، ونداء الزوجة لأبي زوجها بعم، فإذا كانت هذه العبارة ليست بصحيحة فبماذا ينادى كل واحد منهما؟ A لا بأس أن ينادي الرجل أم زوجته فيقول: يا خالة أو ما أشبه ذلك، لكن لا يعبر عنها بالخالة؛ مثل لو تكلم مع شخص آخر وقال: اليوم زارتني خالتي؛ لأنه إذا تكلم مع شخص آخر وقال: اليوم زارتني خالتي أوهم أن خالته أخت أمه، أما أن يخاطبها ويقول: يا خالة أو تقول الزوجة لأبي الزوج: يا عم، فهذا لا بأس به، وهو من الأدب.

جواز التعدد في الزواج إذا توفرت الشروط

جواز التعدد في الزواج إذا توفرت الشروط Q أمر مهم كثر في المجتمع وهو: حصول العقم في بعض النساء، ولعل لذلك سبباً خلقياً أو أسباباً منها: استعمال بعض حبوب منع الحمل في أول الزواج. ثانياً: استعمال موانع الحيض. ثالثاً: أمور يكيد بها الأعداء لا نعلم بها. سؤالي يا فضيلة الشيخ: هل للزوج أن يتزوج أخرى لتأخر الذرية لعدة سنوات وهو يحب زوجته، ولكنه يخاف من ظلمها في أمر لا دخل لها فيه، فما توجيهك يا فضيلة الوالد؟ وهل تعلمون علاجاً شرعياً لذلك نفعنا الله بك؟ A أقول: سبحان الله! في هذا العهد أو في هذا العصر كثر العقم وكثر التشوه -أيضاً- في الأجنة، وذلك لأن بعض النساء -هداهن الله- تستعمل العقاقير لإيقاف الحيض أو لإيقاف الحمل فتعاقب المرأة بهذا، ويعاقب الزوج الذي يأذن لها بهذا، لذلك أشير على إخواني أن يدعوا الأمور على طبيعتها، وإذا كثر النسل فهذه من نعمة الله عز وجل، وهذا هو الذي أراده النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهذه الأمة حيث قال: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة) . أما قوله: هل له أن يتزوج عليها فنقول: نعم تزوج عليها ولو كانت تلد، تزوج ثانية، فإن أردت وصار عندك قدرة مالية وبدنية فتزوج ثالثة، وإن كان عندك قدرة فتزوج رابعة، كلما تعددت الزوجات فهو أفضل إذا كان عند الإنسان قدرة مالية وبدنية، وقدرة عدلية -يعني: يعدل بينهن- أما إذا كان يخاف ألا يعدل أو كان فقيراً أو ليس عنده قدرة فهنا نقول: اقتصر على واحدة.

ليس على المرأة ولاية من أقاربها بالرضاع

ليس على المرأة ولاية من أقاربها بالرضاع السؤل: هل يجوز للأخ من الرضاعة أن يزوج أخته من الرضاعة إذا لم يوجد لها ولي يزوجها أم أن زواجها بيد القاضي؟ A جميع الصلة بالرضاعة ليس لهم حق أن يزوجوا، الأب من الرضاع لا يزوج، والأخ من الرضاع لا يزوج؛ لأنه ليس بينه وبين المرأة نسب، ونحن نقول: لا يزوج المرأة إلا ذكور عصبتها، هذه القاعدة.

حكم الزواج من أهل الكتاب في عصرنا هذا

حكم الزواج من أهل الكتاب في عصرنا هذا Q فضيلة الشيخ ذكرت حفظك الله أنه يجوز الزواج من أهل الكتاب، فهل يطلق على اليهود والنصارى في هذا الوقت بأنهم أهل كتاب لما يقومون به من تحريف وتجديد لكتبهم في كل عشر سنوات وانتسابهم لعيسى عليه الصلاة والسلام وهو بريء منهم؟ ثانياً: كيف الجمع بين جواز الزواج من أهل الكتاب والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (لا يبقى دينان في جزيرة العرب، أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب) أرجو توضيح ذلك لي. A أقول: من آخر ما نزل في القرآن سورة المائدة، حتى قال العلماء رحمهم الله: إن سورة المائدة ليس فيها شيء منسوخ. وسورة المائدة فيها حل نساء أهل الكتاب فقال الله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة:5] مع أن السورة نفسها قال الله تعالى فيها: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} [المائدة:73] والنصارى يقولون: إن الله ثالث ثلاثة. واليهود يقولون: عزير ابن الله. وقد أحل الله نساءهم. أما قوله: (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب) فمعلوم أن المرأة تابعة لزوجها، فهي وإن بقيت في جزيرة العرب فهي تبع وليست مستقلة، ولذلك لو تزوج إنسان من جزيرة العرب بامرأة من النصارى في بلادهم وأتى بها إلى الجزيرة فله أن يبقيها وذلك لأنها تعتبر تابعة، حتى إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سمى الزوجات عواني -يعني: أسرى- فقال: (اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم) والعاني: هو الأسير.

حكم جماع المرأة أثناء الحيض أو في دبرها

حكم جماع المرأة أثناء الحيض أو في دبرها Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ زوجي يجبرني على الجماع في أثناء الحيض، وعندما أبين له حرمة ذلك في القرآن ينهرني بشدة ويقول: إنك بامتناعك هذا تدفعينني للحرام ولا تعفيني. فما توجيهك يا فضيلة الشيخ لهذا الرجل وأمثاله، وأولئك الذين ربما يجبرون زوجاتهم على أن يطئوهن في أدبارهن. A أقول: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور:40] وطأ المرأة في حال الحيض حرام لأن الله تعالى قال: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:222] وإذا كان الزوج يريد المتعة فليتمتع بدون الوطء، له أن يطأها بين الفخذين مثلاً، أو أن يعجل شهوته بأي سبب لكن لا يطأ في الفرج. أما الوطء في الدبر فهو أخبث، إذا كان الله تعالى قد نهى عن الوطء في الحيض في محل الوطء وهو الفرج فكيف يدنو الإنسان بنفسه حتى يطأها في محل الخبث (الغائط) -والعياذ بالله- لكن هذه انتكاسة، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من عرف بهذا -أي: بوطء المرأة في دبرها- فإنه يجب أن يفرق بينهما غصباً عليه، لأن هذا منتهك لحرمات الله ولم يشكر نعمة الله عليه، والأمر -ولله الحمد- واسع، يستطيع الإنسان أن يتمتع بما بين الفخذين ويقضي شهوته بذلك. أما بالنسبة للمرأة فيجب عليها أن تمتنع إذا طلب أن يجامعها في الحيض أو في الدبر.

حكم إجراء عملية أطفال الأنابيب

حكم إجراء عملية أطفال الأنابيب Q هل يجوز للزوجين العقيمين استعمال عملية أطفال الأنابيب؟ A أنا لا أفتي بهذا؛ لكن غيري قد يفتي به، أما أنا فلا أفتي به.

تحريم رفع أصوات النساء بالغناء

تحريم رفع أصوات النساء بالغناء Q هل من كلمة يا فضيلة الشيخ إلى أصحاب صالات الأفراح والأعراس فيما يحصل من رفع أصوات الغناء بمكبرات الصوت، ويجلس الرجال يستمعون غناء الفتيات فما رأيكم؟ A رأيي أن هذا حرام أن تظهر أصوات النساء عند الرجال الذي يجلسون يستمعون إليهن ويتلذذون بأصواتهن. وفيه -أيضاً- إفزاع للجيران، وقلق عليهم، والواجب علينا إزاء هذه النعمة أن نشكر الله عز وجل، وألا نجعل من الفرح سبباً لمعصية الله، ومن المنكرات في هذا أن بعض الأزواج السفهاء يأتون إلى النساء في مجتمعهن ويجلس مع زوجته في مكان مرتفع ويتحدث إليها والنساء أمامه كاشفات الوجوه، وهذا لا شك في تحريمه، وأنه لا يجوز، وإني لأعجب من أهل المرأة كيف يمكنون الزوج من الحضور إلى النساء؟! أفلا يخشون أن تكون امرأة في النساء أجمل من زوجته؟ وإذا كانت أجمل من زوجته فسوف تنحط رغبته في زوجته بلا شك، يعني: الإنسان إذا رأى امرأة أجمل من زوجته وأبهى وأحسن جسماً فستقل رغبته في الزوجة، وتنقلب سعادته شقاوة، فلذلك أنهى عن هذا وأقول: ليتق الله عباد الله، وليتجنبوا هذه السفاسف، والنكاح ليس شيئاً غريباً لا يحدث في السنة إلا مرة، النكاح -والحمد لله- كل ليلة زواجات، فلا حاجة إلى أن نحتفل به هذا الاحتفال الذي يخرج عن السنة، أما ما وافق السنة من ضرب النساء بالدف بأصوات غير مزعجة ولا مثيرة للشهوة فهذا لا بأس به.

لا يشترط رضا الزوجة في الطلاق

لا يشترط رضا الزوجة في الطلاق Q أنا رجل أعمل في جهة رسمية يراجعها من يريد توثيق طلاق، فيكلفني المسئول عن تلك الجهة بسماع لفظ المطلقة وشهادة الشهود، ويكتفي بهذا بوقوع الطلاق دون التأكد من حال المرأة حين الطلاق لأن ذلك متعذر، فهل هذا الإجراء سائغ شرعاً أم لا؟ وماذا يجب علي للتأكد من حال المرأة جزاك الله خيراً؟ A أولاً: هل يشترط حضور المرأة ورضاها بالطلاق؟ لا يشترط، للرجل أن يطلق زوجته ولو كانت غير حاضرة ولو كانت غير معروفة، هو إذا كتب عند القاضي أو عند كاتب العدل أو عند من قلمه معروف أنه طلق زوجته انتهى سواء حضرت أو لم تحضر، وسواء رضيت أم لم ترض، وأما ظن بعض الناس أنه لا يمكن أن يقع الطلاق حتى يواجه زوجته به فهذا ظن لا أصل له، الطلاق يحصل متى أقر الزوج به وأثبته، وحينئذ لا حاجة أن تذهب المرأة إلى المحكمة، ولا حاجة أن تصدق زوجها، ولا شيء. ولمن أراد أن يكتب وثيقة الطلاق إذا ظن أن هذا الشخص لا يعرف أحكام الطلاق أن يقول له مثلاً: هل الزوجة مدخول بها أو لا؟ إذا قال: نعم. قال: هل جامعتها بعد الحيض؟ إذا قال: نعم. يقول: انتظر حتى يتبين حملها أو تحيض ثم تطهر. إذا قال: هي حائض. قال: انتظر حتى تطهر. هذا لا بأس أن يتحرى منه الكاتب حتى يقع الطلاق طلاق سنة.

خطر السفر إلى البلاد الكافرة والمتحللة

خطر السفر إلى البلاد الكافرة والمتحللة Q بعض الناس في الإجازة يذهب إلى خارج المملكة بحجة أو بغير حجة سواء إلى بلاد عربية متحللة أو غربية كافرة، فإذا نصح بعدم السفر قال: إن هذا من الترفيه المباح، والأسعار عندنا غالية ونحو ذلك. فما واجبي تجاهه إن كان قريباً لي؟ وما نصيحتك له وأمثاله عسى الله أن ينفع بك؟ A نصيحتي لإخواني المسلمين ألا يبدلوا نعمة الله كفراً، نحن -ولله الحمد- في خير، في أمن، في رغد من العيش، وإذا سمعنا الأخبار والقتال بين الناس، والفقر والخوف وجدنا أننا -ولله الحمد- في نعمة، فكيف نقابل هذه النعمة بكفرها؟ السفر إلى بلاد الكفر أو إلى بلاد متحللة -كما يقول السائل- خطر على العقيدة، خطر على الأخلاق، خطر على العائلة؛ لأن الإنسان إذا رأى الكفر هناك فإنه لن ينفر منه مثل نفوره لو لم يكن رآه، ومن الأمثال العامية: (كثرة الإمساس يقلل الإحساس) فإذا رأى الكفر، وسمع أصوات النواقيس، وأبواق اليهود خف الكفر في نفسه، وهذا إخلال بالعقيدة. كذلك يرى هناك بيوت الدعارة والزنا واللواط ويرى شرب الخمر، وهذا يؤثر على أخلاقه. كذلك العائلة الصغار، الصغير لن ينسى الصورة التي رآها في صغره، سوف تتمثل هذه الصورة في رأسه ولو كبر وتباعد الزمن، فيكون هذا الرجل أساء إلى نفسه وأساء إلى عائلته، ثم هذا فيه تنمية لأموال الكفار وتقوية لاقتصادهم. وفيه -أيضاً- إخلال باقتصاد البلاد؛ لأن الدراهم التي تخرج منا إلى هناك نقصتنا ووفرت الدراهم للبلاد الأخرى. ثم إن هؤلاء الكفرة يفرحون إذا رأوا الناس اتخذوا بلادهم موئلاً، يفرحون ويخسرون الخسائر الكبيرة لكون الناس يقصدونهم في بلادهم، كل هذه المفاسد العاقل فضلاً عن المؤمن لا يفعلها، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي شعبنا لما فيه خيرنا في ديننا ودنيانا.

حكم لبس الإحرام الذي خيط عليه ربقة

حكم لبس الإحرام الذي خيط عليه ربقة Q فضيلة الشيخ سمعنا عنكم جواز لبس الإحرام الذي قد خيط عليه ربقة كالإزرة. A صحيح، الإزار جائز سواء كان مربوطاً بتكة -يعني: بالربقة كما يقول السائل- أو مخاطاً أو فيه مخابئ -أيضاً- فيجوز أن يلبس الإنسان إزاراً فيه ربقة وأيضاً مخاطاً كالإزار المعروف، وأما توهم بعض العوام أن كل ما فيه خياطة فهو حرام غلط، وغير صحيح، ولذلك يسألون كثيراً عن الحذاء المخروزة هل يجوز لبسها أم لا لأن فيها خياطاً؟ فيقال: الإزار جائز على أي صفة كان، والقميص حرام على الرجال على أي صفة كان.

تحريم الغش بالتلميح أو الإشارة أو التصريح أو التعريض

تحريم الغش بالتلميح أو الإشارة أو التصريح أو التعريض Q أنا مدرس وأضطر إلى توزيع الأسئلة وأراقب على الطلاب، وعندي أكثر من حالة: أولاً: إذا قلت لطالب محدد: أعد حل السؤال. فهل هذا يعتبر غشاً؟ ثانياً: إذا قلت للطالب: انظر إلى هذا السؤال هل هو صحيح. لكي ألفت انتباهه لإعادة حل السؤال لأنه أخطأ فيه. ثالثاً: إذا جعلت الكلام عاماً لجميع الطلاب بدون تحديد. فما حكم الحالات الثلاث؟ A كل هذا غش، سواء قلت: انظر للجواب، أو انظر للسؤال تعميماً أو تخصيصاً، اللهم إلا إذا كان السؤال غامضاً فالواجب أن يبين للطالب، أما إذا كان السؤال واضحاً فإن الإشارة إلى الجواب تعتبر غشاً.

اللقاء الشهري [56]

اللقاء الشهري [56] لقد أنعم الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين نعماً كثيرة لا تعد ولا تحصى، وإن من واجب المؤمنين أن يقوموا بشكر هذه النعم الجزيلة، لأن النعم إذا شكرت قرت وإذا كفرت فرت، فيؤدوا الحقوق المفترضة عليهم من عبادة الله وطاعته؛ بإخراج الزكاة وكثرة الصدقة، وإن قوماً يقابلون النعمة بالكفران، والعافية بالعصيان؛ يلهثون وراء أعداء الله في تتبع أنواع الموضة من الملابس، ويحذون حذوهم في تقليد أشكالهم وألوانهم وملابسهم، وفي هذا اللقاء توجيهات تبين ما يحل من ذلك وما يحرم.

من أحكام اللباس ومنكراته

من أحكام اللباس ومنكراته الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإنني أذكركم -أيها الإخوة- بما أنعم الله علينا به في هذه البلاد من الرخاء والأمن والاستقرار، وغير ذلك مما لا يوجد في كثير من البلاد، وأنتم تعلمون أو كثير منكم يعلم ما يحدث في العالم من الشرور والفتن والكوارث؛ من الفيضانات والزلازل وغير ذلك. ولا شك أن النعم تستوجب منا الشكر، لأننا إذا شكرنا الله عز وجل فقد قال الله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7] فبين الله عز وجل أنه بالشكر يزيد النعم، أما إذا قوبلت بالكفر فإن الله تعالى سيعذب هؤلاء الذين أنعم الله عليهم فبدلوا نعمة الله كفراً.

تهافت النساء على الموضة

تهافت النساء على الموضة إننا في هذه البلاد -ولله الحمد- نتطلب الكماليات، أما الضروريات فمتوفرة والحمد لله. نتطلب الكماليات في الأكل والشرب، واللباس، والسكن، والمركوب، وقد أنعم الله علينا بذلك ولله الحمد، فكانت الألبسة والأطعمة والأشربة والمركوبات تأتينا من كل ناحية، ولكن يجب علينا أن نحذر أعداءنا، وألا نأمن مكرهم لأن أعداء الإسلام هم أعداؤكم، أنتم المسلمون الذين تمثلون الإسلام بقدر المستطاع، وأنتم أعداؤهم حقيقة لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ} [الفرقان:31] إنهم يريدون القضاء عليكم، القضاء على دينكم بكل وسيلة، وبكل مكر وخديعة. ومما يدل على ذلك ما يقدمونه لنا من الألبسة المتنوعة التي لا تتناسب مع اللباس الشرعي، وانظر كيف زخرت المكاتب بالمجلات وبالموديلات التي لا تمت إلى التقاليد التي نحن عليها التي يمليها ديننا لا تمت لها بصلة، والناس مع الأسف بما أنعم الله عليهم يتلقون كل جديد، وكلما أتت موضة أخذوا بها وتركوا السابقة مع أنها صالحة للاستعمال، هم يأخذون أموالنا، هم يقوون اقتصادهم ويرسلون لنا ما يخالف العادات التي نحن عليها، والتي انبثقت من ديننا. مع الأسف يوجد الآن ألبسة للنساء ملأت الأسواق، ألبسة إذا لبستها المرأة صارت شبه عارية، أو كأنها عارية، ألبسة يوجد عليها صور لا يجوز لبسها، ألبسة يكتب عليها عبارات رديئة سخيفة باللغة الإنجليزية، والناس كإبل نافرة ينكبون على هذه الألبسة ويشترونها من غير أن يفكروا فيها.

تحريم لبس النساء للبنطلونات وسبب التدهور في اللباس

تحريم لبس النساء للبنطلونات وسبب التدهور في اللباس وهناك ألبسة -أيضاً- كلها شر وبلاء كالبنطلونات، فالبنطلونات لا تحل للمرأة؛ لأنها لباس الذكور، وقد لعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المتشبهات من النساء بالرجال، والعجب أن الفتوى تصدر من العلماء ولكن الناس لا يبالون، صدرت الفتوى من عند سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز مفتي عام المملكة ومن مشايخ آخرين، ومن اللجنة الدائمة للإفتاء ومع ذلك لا يبالي الناس بهذا. ثم إنهم يتعللون هؤلاء: بأن المرأة إنما تلبس البنطلون في البيت أو عند الزوج أو ما أشبه ذلك، والعلة ليست هي مجرد أنه يصف حجم المرأة، أو يصف أفخاذها ورجلها، العلة أنه لباس الذكور، فلباس المرأة له تشبه بالرجل، وإذا كان العلماء في هذه البلاد الذين هم قادة علماء البلاد إن لم أقل قادة علماء العالم الإسلامي يقولون للناس: هذا حرام. ولكن الناس لا يبالون فإنه أمر يؤسف له، إذا لم يطع الناس علماءهم الذين هم قادة البلاد في بيان الشريعة فمن يطيعون؟! إذا كانوا يرجعون إلى علمائهم في شأن الصلاة والزكاة والصيام والحج فلماذا يخالفونهم في شيء دون ذلك وهو اللباس، ثم يركبون أهواءهم من غير نص ولا قياس؟ إن هذه البنطلونات لا تحل للمرأة من أجل التشبه بالرجل، ثم إننا لا نريد فلعل بنطلولات تأتي تكون ضيقة جداً حتى يستطيع الإنسان أن يقدر حجم فخذ المرأة (100%) ، ثم لا ندري لعلها تأتي بنطلونات من حرير ناعم مشابه للبشرة فيضم على أفخاذ المرأة وعلى أردانها حتى تصبح كأنها عارية تماماً، هذا التدهور السريع -ولا أقول التطور- هذا التدهور السريع سببه أمران: الأمر الأول: عدم قيام الرجال بما أوجب الله عليهم من رعاية المرأة وتوجيهها وإرشادها، حتى كأن الإنسان غير مسئول إطلاقاً عن بناته وأخواته وزوجاته، وإننا نحذر أولئك القوم الذين أهملوا نساءهم بأنهم سيكونون يوم القيامة مسئولين عنهم، وربما تكون هؤلاء النساء خصماً لهم عند الله عز وجل، لولا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم علم أن المرأة لن تستقل بنفسها تربيةً وتوجيهاً لما قال: (الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) ما قال هكذا إلا لأن الرجل يجب عليه أن يحقق المسئولية، وأن يعرف رجوليته، وأن يعرف أنه سلطان في بيته، لكن مع الأسف أن كثيراً من الرجال أصبحوا يُدبَّرون. أما السبب الثاني: فهو ضعف الشخصية، حتى كنا نظن أننا متخلفون وأن الدول الكافرة هي المتقدمة، فصرنا نلهث وراءهم، ونشرب صديد أفكارهم، والواجب أن يعتز المسلم بدينه، وأن تكون له شخصية قوية لا يخضع لصديد أفكار هؤلاء. هناك ألبسة ذكرت منها بعض الشيء، ألبسة من الحلي تكون على شكل حيوان، على شكل فراشة أو على شكل حية أو فيها صورة رئيس أو زعيم للكفار، أو مكتوب فيها كلمات سخيفة، كلها موجودة الآن، والواجب مقاطعة هذه الأشياء لأنها حرام، الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، وسبحان الله تلبس المرأة خاتماً أو حلياً آخر لتطرد ملائكة الرحمن عنها، لأنها إذا كانت صورة فالملائكة لا تدخل البيت، وتكون هذه المرأة شؤماً على نفسها وعلى من في البيت حيث إن الملائكة لا تدخل بيتها، وإذا لم تدخل الملائكة البيت ما الذي يدخله؟ الشياطين، فهل أحد يرضى بذلك؟ إنك الآن تمشي في السوق فيقابلك طفلان: أحدهما ذكر والثاني أنثى، أيهما أرفع ثوباً؟ الأنثى هي الأرفع ثوباً، تجد ثوبها إلى الركبة والصبي الذكر إلى الكعب إن لم يكن أنزل، انعكست القضية يا إخواني، انقلبت الأوضاع، كان الذي ينبغي لنا أن تكون الطفلة أسبغ وأطول ثوباً من الطفل، ولكن التقليد الأعمى، صاروا يشاهدون في المجلات أو في ما يسمونه البردة أو في القنوات الفضائية مثل هذه الألبسة فظنوا أن هذا هو الخير. يوجد -أيضاً- ألبسة للذكور، تجد الذكر عليه هافاً -سروالاً قصيراً- وعليه قميص -أعني ثوباً خفيفاً جداً- يصف البشرة، ومع ذلك يمشي بين الناس، وأدهى من ذلك أنه يصلي به، يقف بين يدي الله عز وجل عارياً نسأل الله العافية، وهذا لا تجزئه صلاته إذا صلى على هذا الوجه؛ لأن الله تعالى يقول: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31] وهذه زينة ناقصة، وذكر ابن عبد البر رحمه الله: أن العلماء أجمعوا على بطلان صلاة من صلى عرياناً وهو قادر على الستر. فالواجب الحذر من هذه الألبسة المحرمة فإن الله يقول: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً} [الأعراف:26] اللباس الذي يواري السوءات هو الضروري، ومعنى يواري: يغطي، وريشاً: لباس الكمال: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف:26] وهذا حث من الله عز وجل أن نأخذ بلباس التقوى وأن نتقي الله عز وجل في أنفسنا وفي أهلينا فإنه خير. أسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق لما يحب ويرضى. والذي ينبغي للإنسان أن يشكر نعمة الله وأن ينفق فلا يسرف ولا يقتر وكان بين ذلك قواما، وإذا اشترى ثوباً جديداً وعنده ثوب خلق فالأفضل أن يتصدق به على الفقراء إما في بلده وإما في بلد آخر، ويكون هذا من شكر نعمة الله عز وجل، وإن بعض الناس لا يهتم بهذا إذا اشترى الثوب الجديد رمى بالأول وإن كان صالحاً للاستعمال وهذا من إضاعة المال، ولهذا قال العلماء: ينبغي للإنسان إذا لبس ثوباً جديداً أن يتصدق بالثوب الخلق -يعني: القديم- حتى يلبس ثوباً جديداً حسياً ويلبس ثوباً معنوياً لأن الصدقة قربة إلى الله عز وجل. ثم إن الواجب ألا يبخل الإنسان على أهله في ما يجب من كسوة أو طعام أو شراب؛ لأنه مسئول عن ذلك إذا ضيعه، ولكن ليكن قيامه بذلك على وجه لا إسراف فيه ولا تقتير، نسأل الله لنا ولكم السلامة والتوفيق لما يحب ويرضى.

الأسئلة

الأسئلة

الرد على شبهة أن عورة المرأة مع المرأة من السرة إلى الركبة

الرد على شبهة أن عورة المرأة مع المرأة من السرة إلى الركبة Q سائل يقول: فضيلة الشيخ حول موضوع لباس المرأة: رفعت المرأة ثوبها من أسفل ولبست المشقوق من الخلف أو من الجانبين، وفي الآونة الأخيرة ظهرت موضة جديدة وهي كشف أعلى الجسد الصدر والأكتاف وأعلى الظهر، فلا يسترها شيء بحجة أن ذلك أمام النساء، والمرأة مع المرأة لا يجب عليها إلا ستر العورة المغلظة، فهل هذا العمل والقول حق أم باطل؟ وما هو دور الرجال والصالحات من النساء؟ A هذا فهم خاطئ، وقول باطل أن تقول المرأة: إن المرأة أمام النساء تكشف كل شيء إلا العورة المغلظة. من قال هذا؟ هذا ولا لباس الكفار -والعياذ بالله- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لباس نساء الصحابة في البيوت لباس يستر من الكف -كف اليد- إلى الكعب -كعب القدم- وهذا في البيوت، فإذا خرجت لبست القفازين لتستر اليدين، وأرخت ذيل ثوبها إلى شبر أو إلى ذراع حتى لا تنكشف الأقدام. هكذا كان لباس نساء الصحابة، ولا يمكن أن تجد في الصحابة أو أن يروى عن الصحابة أن المرأة تلبس ما يستر ما بين السرة والركبة فقط أبداً، لو تصور الإنسان هذه الصورة لوجدها بشعة! يعني: المرأة تخرج الثدي بارزة والأكتاف وأعلى الظهر، من يقول هذا؟ لكن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة) يعني: أنها لا تتقصد أن تنظر إلى العورة لو كشفتها المرأة المنظورة لحاجة، كما لو كانت تبول مثلاً فلا يجوز للمرأة الأخرى مثلاً أن تنظر إليها في هذه الحال؛ لأنها تنظر إلى عورة. وإذا كان الله عز وجل يقول: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور:31] دل على أن الثوب يصل إلى أين؟ إلى أي مكان؟ الخلاخيل، ما يخفين من زينتهن هي الخلاخيل في الرجل، وبأي شيء تخيفها؟ بالثوب، وهذا دليل على أن ثياب نساء الصحابة تصل إلى الكعب، فلا تضرب بالرجل فيعلم الناس ما تخفي من الزينة؛ لأن هذا فتنة.

كيفية تعليم الرجل لامرأته إذا أبت خلع البنطلون

كيفية تعليم الرجل لامرأته إذا أبت خلع البنطلون Q فضيلة الشيخ أنا آمر زوجتي بخلع البنطال فترفض وتقول: أنا عندك ولا يوجد أحد غيرنا. فماذا أفعل يا فضيلة الشيخ؟ هل أهجرها في المنام؟ أرشدني جزاك الله خيراً، وهل علي إثم بعد النصيحة؟ A هذا أمر سهل، أنت قوام عليها، خذ البنطلون منها وأحرقه وهي تنظر إليه، وتلبس القميص وما يسترها، وكيف تغلبك وأنت رجل وهي امرأة؟ {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء:34] المرأة لما قال عز وجل: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً} [النساء:128] ما قال: تضربوا. الرجل قال: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء:34] لك السلطة عليها، ولولا أنها تريد هذا اللباس ما ذهبت تجادلك لأنها بالنسبة لك تستطيع في الفراش أن تتعرى نهائياً، ولا يكون عليها بنطلون ولا سروال ولا شيء أبداً، لكن يكون عليكما جميعاً الرداء لئلا تنكشفا، وإذا كان هذا سائغاً بالنسبة للزوج فما الفائدة من البنطلون؟ وأنا أقول لك: استعن بالله عليها وخذ بنطلونها وأحرقه، وهي سوف ترضخ للحق إن شاء الله.

جواز التصدق بالرديء في غير الزكاة

جواز التصدق بالرديء في غير الزكاة Q فضيلة الشيخ ذكرت التصدق بالثوب الخلق، فهل يعارض قول الله عز وجل: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ} [البقرة:267] ؟ A لا يعارض لأن الآية في الزكاة، لا يجوز للإنسان أن يقصد الرديء من ماله ويخرجه في الزكاة، وأما ما ليس واجباً عليه إخراجه فليخرج ما شاء، ولا شك أن التصدق بهذا خير من إتلافه.

وجوب الفدية على من جاوز الميقات بغير إحرام

وجوب الفدية على من جاوز الميقات بغير إحرام Q فضيلة الشيخ ركبت الطائرة من الرياض إلى جدة بنية العمرة، ثم أعلن قائد الطائرة أنه بعد خمس وعشرين دقيقة سنمر فوق الميقات ولكن غفلت عن زمن المرور فوق الميقات بمقدار أربع أو خمس دقائق وأتممنا مناسك العمرة، فما الحكم يا فضيلة الشيخ؟ A الحكم أنه على ما ذكره العلماء يلزم هذا السائل أن يذبح شاةً في مكة ويوزعها على الفقراء، فإن لم يجد فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها. لكني أنصح الإخوة: أنه إذا أعلن القائد أنه بقي خمسةً وعشرين دقيقة أو عشر دقائق أن يحرموا؛ لأن بعض الناس ينام بعد هذا الإعلان ولا يشعر إلا وهو قريب من مطار جدة، وأنت إذا أحرمت قبل الميقات بخمس دقائق أو عشر دقائق أو ساعة أو ساعتين فلا عليك شيء، إنما المحذور أن تؤخر الإحرام حتى تتجاوز الميقات، والخمس الدقائق للطيارة تبلغ مسافة طويلة. فأقول للأخ السائل: اذبح فدية في مكة ووزعها على الفقراء عن كل واحد منكم لم يحرم إلا بعد الميقات، لكن في المستقبل انتبهوا إذا أعلن قائد الطائرة فالأمر واسع أحرموا، حتى إذا نمتم بعد ذلك لم يضركم.

حكم من أحرم من السيل وكان من أهل الرياض

حكم من أحرم من السيل وكان من أهل الرياض Q هذا سؤال مثله ولكن يقول: شخص ذهب بعدما فعل -نفس السؤال السابق- لكن يقول: وأما الثالث فعند وصوله مطار جدة ذهب إلى السيل وأحرم من هناك وأتى بعمرته، فهل عليه شيء أم لا؟ A إذا كان هذا من أهل الرياض وذهب إلى السيل وأحرم منه فلا شيء عليه، لأنه أحرم من ميقاته، وأما إذا كان جاء عن طريق المدينة فالواجب أن يذهب إلى ميقات أهل المدينة ويحرم منه، فإن أحرم من السيل فعليه فدية لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما وقت المواقيت قال: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن) فتجاوز ميقات أهل المدينة لمن مر به من غيرهم كتجاوز أهل نجد ميقات أهل نجد وهم لم يحرموا.

حكم استمرار دم النفاس زيادة على أربعين يوما

حكم استمرار دم النفاس زيادة على أربعين يوماً Q هذه سائلة تقول: امرأة قضت الأربعين من مدة نفاسها، ثم خرج منها الدم بعد الأربعين، فما الحكم أرجو التوضيح والإفادة؟ A القول الراجح أنه ما دام الدم مستمراً فإنها يجب عليها أن تبقى في نفاسها حتى تتم ستين يوماً، فإذا أتمت ستين يوماً واستمر الدم فما زاد عن الستين إن وافق عادتها -أي: عادة حيضها- فهو حيض، وإن لم يوافق عادة حيضها فهو دم فساد، تغتسل وتصلي وتحل لزوجها، وإن طهرت قبل الأربعين وجب عليها أن تغتسل وتصلي، ويجوز لزوجها أن يأتيها ولو قبل الأربعين ما دام أنها طهرت؛ لأنه إذا حلت الصلاة وهي أعظم من استمتاع الزوج بها فاستمتاع الزوج من باب أولى.

نصيحة لرجل لا يصلي الصلوات مع الجماعة

نصيحة لرجل لا يصلي الصلوات مع الجماعة Q فضيلة الشيخ والدي لا يصلي مع الجماعة إلا يوم الجمعة، ومن الصعب توجيهه للصواب حيث إنه يقول: انظر لنفسك بتأخرك عن صلاة الفجر، وهذا التأخر عندي نادراً، فما هو الأسلوب الأمثل لأقوم بمعالجة هذه المشكلة؟ A الآن هذا السائل يحتاج إلى علاج وأبوه يحتاج إلى علاج، أما هو فيحتاج إلى علاج بأن يحرص غاية الحرص على صلاة الفجر لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيما لأتوهما ولو حبواً) ويستعمل الوسائل التي يستيقظ بها كالساعة مثلاً، أو الهاتف، ويوصي أحد أصحابه بأنه إذا أذن الفجر يتصل عليه. أما بالنسبة لوالده فإني أنصح هذا الوالد أقول له: اتق الله، وصل مع الجماعة فإن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، ثم إن من العلماء المحققين الذين هم قادة في العالم الإسلام من يرى أن من تأخر عن صلاة الجماعة بلا عذر شرعي فلا صلاة له ولو صلى ألف مرة، ومن هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ فإنه كان يقول: من لم يصل مع الجماعة بلا عذر فلا صلاة له. وهو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، والمسألة خطيرة، لكن القول الراجح: أن الصلاة تصلح إلا أن ذلك الذي ترك الجماعة بلا عذر آثم، وربما يطبع الله على قلبه -والعياذ بالله- لأن المعاصي -نسأل الله العافية- تؤثر على القلب، قال الله تبارك وتعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14] فانظر إلى المعاصي كيف غيبت الحق عن القلب حتى صار يقرأ القرآن وكأنه أساطير الأولين نسأل الله العافية. فنصيحتي إلى هذا الرجل: أن يتقي الله، وأن يصلي مع الجماعة، وأن يمرن نفسه حتى يذوق طعم الإيمان فيسهل عليه الصلاة مع الجماعة.

حكم رمي الأغذية الفاسدة في الزبالة

حكم رمي الأغذية الفاسدة في الزبالة Q فضيلة الشيخ أنا أعمل في القسم الصحي في البلدية، نقوم بمصادرة الأغذية ثم نرميها مع الزبالة، فهل علينا شيء؟ وماذا نعمل؟ A ليس على هؤلاء الذين يراقبون الأطعمة الفاسدة شيء، بل هم مأجورون على ذلك؛ لأن بعض الناس -نسأل الله العافية- لا يبالي إذا فسد المأكول عنده أن يضر به الناس، بل بعضهم -نسأل الله العافية- يجعل الرديء أسفل والجيد فوق، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من غش فليس منا) . أما هذه الأشياء التي تجمع وهي خراب فلا بأس أن تلقى لكن ينبغي أن تكون في أكياس خاصة حتى يعرفها الذين يستلمونها ويلقونها في محل خاص، على أن البلدية التي تنظف الأسواق لا أظن أنه يكون فيما ينظفونه شيء من النجاسات، فيكون إلقاء هذه الأشياء الفاسدة مع الزبل ليس به بأس.

حكم من أحرم من جدة وليس من أهلها

حكم من أحرم من جدة وليس من أهلها Q فضيلة الشيخ رجل يريد أن يتنزه في جدة لمدة أسبوعين، ثم يأتي بعد ذلك بعمرة، فهل يصح ذلك، فقد نقل عنكم أنكم تجيزون ذلك وبالأخص من تزوج حديثاً؟ A ما نسب إلينا من جواز تجاوز الميقات لمن أراد أن يأتي بعمرة من أجل أن يبقى في جدة أياماً ثم يحرم من جدة فهذا كذب علينا، بل نقول ما قاله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين وقت هذه المواقيت وقال: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة) ونقول: سبحان الله! كيف يستهوي الشيطان بني آدم حتى يوقعهم في هذا الشيء؟ لو أحرم للعمرة من الميقات وذهب إلى مكة وأدى العمرة كم يبقى في مكة؟ ساعتين، ثم يذهب إلى جدة ويطيل فيها ما شاء، ويكون سفره من بيته إلى مكة سفر طاعة؛ لأنه أراد العمرة، ولكن الشيطان يغوي بني آدم ويوقعهم في التهاون. فنقول: نرخص للإنسان إذا كان يريد العمرة أن يذهب إلى جدة ولو مر بالميقات، ولا يحرم من الميقات، لكن يجب إذا أراد أن يحرم أن يرجع إلى الميقات ويحرم منه، فإن كان الإنسان على استعداد لذلك فليفعل، أما أن يتجاوز الميقات وهو يريد العمرة، ويبقى في جدة ما شاء الله ثم يحرم من جدة فهذا لا يجوز.

ميقات أهل القصيم برا وجوا

ميقات أهل القصيم براً وجواً السائل نفسه: ميقات أهل القصيم يا شيخ؟ الشيخ: ميقات أهل القصيم إذا جاءوا من طريق الطائف هو السيل، وإذا جاء من طريق المدينة فهو ذي الحليفة المعروف بـ أبيار علي. والطائرة من القصيم تمر من أبيار علي، فإذا نزل في جدة من الطائرة وأراد أن يحرم نقول: ارجع إلى أبيار علي وأحرم منها.

حكم لبس القبعات على الرأس

حكم لبس القبعات على الرأس Q فضيلة الشيخ في الآونة الأخيرة انتشر بين الأطفال وكبار الشباب لبس القبعات، فما حكم لبسها؟ A القبعات التي لها رف هذه يدعي بعض الناس أنه يفعلها من أجل توقي ضوء الشمس وحرارتها، ولكن هذه الدعوى لا صحة لها في الواقع، لأننا وجدنا من يلبسها بالليل، ألليل فيه شمس؟ ما فيه شمس، لكنها موضة. ثم إنني أنصح -أيضاً- الإخوة الذين يلبسونها: أنصحهم لأن ترفيه العين إلى هذا الحد إلى أن لا تقوى على استقبال أشعة الشمس يضرها كثيراً بمنزلة الرجل المترف لو قلت له: اركض من هنا إلى السوق لتعب تعباً عظيماً، لكن الرجل الذي تعود على المشي وكافح المشي لا يهتم به، هكذا -أيضاً- جميع القوى في البدن، فأنت إذا دللت عينيك حتى لا ترى أشعة الشمس فاعلم أن ذلك ضرر عليك، فهي من الناحية الطبية ضارة، اللهم إلا أن يكون أحد في عينيه رمد أو مرض يتعب من ضوء الشمس فهذا قد يقال: لا بأس به، مع أنه يكفي عنه أن يتخذ مرايات طبية ضد الشمس. فأرى أن من النصيحة لإخواننا وأبنائنا ألا يلبسوا ذلك، عندهم -والحمد لله- لباس يقي الرأس حر الشمس الغترة والطاقية، وفيهما خير.

حكم استئجار السيارات من الشركة لمدة معينة ثم يمتلكها المستأجر

حكم استئجار السيارات من الشركة لمدة معينة ثم يمتلكها المستأجر Q فضيلة الشيخ بعض شركات السيارات تقوم بإيجار السيارة للشخص مقابل أن يدفع ألفي ريال في الشهر مثلاً، والسيارة تكون باسم الشركة وتقوم بصيانتها من زيت وغيره، وإذا استمر الشخص مستأجراً للسيارة لمدة سنتين مثلاً تملكه الشركة السيارة، فما حكم هذا العمل؟ A هذا يسمى عندهم بالتأجير المنتهي بالتمليك، وهو عقد محرم فيما نرى، وذلك لأنه عقد جمع بين عقدين، فهذا الذي بيده السيارة هل هو مالك أو مستأجر؟ لا عندهم أنه مالك ومستأجر، إذا كان مالكاً وقدر أن السيارة تلفت بأمر قدري فضمانها على من؟ عليه هو؛ لأنه مالك. وإذا قدر أنه مستأجر وتلفت بأمر قدري فضمانها على المؤسسة، إذاً توارد الضمان وضد الضمان على عين واحدة، وهذا لا يستقيم. ثانياً: أنه إذا كان عنده آخر قسط وعجز عن دفعه ماذا يكون؟ تؤخذ السيارة والدراهم التي أخذت أولاً، وهذا ظلم، قد يقول هذا الذي استأجرها أو اشتراها: أنا واثق من نفسي أني سأوفي ولن ترجع السيارة إلى الشركة. لكن نقول: هل الضمان صحيح؟ الإنسان ربما يأتيه آفة من مرض أو انهدام بيت أو غير ذلك يستوعب كل ماله ويعجز في النهاية عن ذلك، لكني سمعت -والحمد لله- أن الشركات في أوروبا حذرت مراسليها في المملكة عن هذه المعاملة، ورأت فيها نقصاً كبيراً، فأقول: إذا صح فالحمد لله كفى الله المؤمنين القتال، وإذا لم يصح فإني أحذر إخواني المسلمين من هذه المعاملة. قد يقول بائع السيارة: أنا إذا بعتها بالتقسيط أخشى أن يلعب بي ولا يوفيني ويبيع السيارة. نقول: الحمد لله هذه العلة لها دواء، ما هو الدواء؟ أن أرهن السيارة، يعني: الشركة أو البائع يرهن السيارة ويأخذ استمارتها ولا يسلمها له إلا إذا أوفى الأقساط التي عليه، وبذلك تكون معاملة صحيحة موافقة للشريعة.

نصيحة لامرأة تخصصت في اللغة الإنجليزية

نصيحة لامرأة تخصصت في اللغة الإنجليزية Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ أنا فتاة تخرجت من الجامعة وتخصصي في اللغة الإنجليزية، فما ترى يا فضيلة الشيخ بمواصلة دراستي العليا فهل في ذلك بأس؟ A والله أرى أنها لو تخصصت في العلوم الشرعية لكان هذا أولى بها؛ لأني أخشى إذا تخصصت في اللغة الإنجليزية أن تتخذ كتباً باللغة الإنجليزية ترد من الكفار وتضل بها، فأقول: إذا أمكن الآن أن تجعل دراستها دراسة شرعية في جامعة الإمام أو في الجامعات الأخرى التي فيها تخصصات شرعية فهذا أولى بها.

حكم من يأتي قبل الغروب ويجلس على الجدار ولا يصلي تحية المسجد

حكم من يأتي قبل الغروب ويجلس على الجدار ولا يصلي تحية المسجد Q فضيلة الشيخ يأتي بعض الإخوة من المؤذنين أو المأمومين قبيل غروب الشمس إلى المسجد فلا يصلي التحية، فيجلس على الجدار الذي يستند عليه ويقول: إن هذا ليس جلوساً لأنه ليس على الأرض ولم يكن موجوداً في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويفعل ذلك تحرجاً، فما توجيهكم؟ A توجيهي أني أسأل الله عز وجل أن يعيذني وإياه والسامعين من الشيطان الرجيم، سبحان الله! تصل الحال بالمؤمن إلى هذا؟! يجلس على الجدار المتخذ للإسناد إليه ولا يصلي وهو يعلم أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) وقوله: إن هذا ليس بجلوس من تخييل الشيطان، إذا قلنا: هذا ليس بجلوس معناه أن كل الذين يجلسون على الكراسي غير جالسين. ثم هب أنه ليس بجلوس، مكثك بدون صلاة ضياع، وليعلم الجميع أن عمر الإنسان ومكسبه في هذه الدنيا ما أمضاه في طاعة الله، فأقول لهذا الرجل نصيحة لله: لا يلعب عليك الشيطان، صل وإذا كنت لا تستطيع أن تصلي قائماً فاجلس على هذا الجدار وعند الركوع قم واركع واسجد كما تفعل في الصلوات الأخرى، واكسب الوقت فإن الوقت يمضي سريعاً، ويذهب العمر جميعاً. وأقول: إن فعله هذا معصية للرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن كل الناس يعلمون أن هذا الرجل جالس، ولا يشكون في هذا، فكيف يغالط نفسه ويقول: إنه ليس بجالس؟

حكم من صلى لغير القبلة ولم يعلم ذلك إلا بعد ذلك

حكم من صلى لغير القبلة ولم يعلم ذلك إلا بعد ذلك Q فضيلة الشيخ قدم قادم إلى مدينة عنيزة لأول مرة، وكان يصلي الفريضة في المسجد ويصلي النافلة، وتصلي زوجته الفريضة في البيت، إلا أنه تبين لهم بعد ثمانية أيام أنهم يصلون في البيت لغير القبلة بسبب انحراف المنزل الذي يسكنه عن مستوى الشارع، فما حكم صلاته؟ A إذا كان الانحراف عن القبلة يسيراً فلا بأس، أما إذا كان كثيراً بحيث تكون القبلة وراءه أو عن يمينه أو عن شماله فعليهم إعادة الصلاة التي مضت، أما الانحراف اليسير فهذا لا يضر.

حكم اشتراء الكتب بنية الإهداء ثم نوى إيقافها

حكم اشتراء الكتب بنية الإهداء ثم نوى إيقافها Q اشتريت بعض الكتب لإرسالها إلى أخي ليستفيد منها، وقبل إرسالها وضعتها في مكتبتي الخاصة المتواضعة، ثم إني بعد ذلك أوقفت جميع كتبي على طلبة العلم في منطقة معينة بعد وفاتي، السؤال: هل تدخل تلك الكتب التي اشتريتها لأخي في ذلك الوقف؟ A نعم تدخل؛ لأن الإنسان إذا نوى كتاباً أو أي شيء من الأعيان لشخص ولم يقبضه الشخص فهو بالخيار: إن شاء أمضاه وإن شاء رده، فلو أن الإنسان أراد أن يهدي لأخيه كتاباً وعينه وكتب عليه اسم أخيه، ثم بدا له ألا يفعل فله ذلك؛ لأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض. وكذلك لو أن الإنسان عزل دراهم يريد أن يتصدق بها ثم بدا له ألا يفعل فلا حرج عليه، لأن الفقير لا يملكها إلا إذا قبضها، وهذه قاعدة اتخذها حتى تنفعك: كل شيء تنويه لغرض ولم تنفذه فهو بيدك: إن شئت نفذ وإن شئت فدع.

الرد على إشاعة أن ابن عثيمين تراجع في تحريم اقتناء الدش

الرد على إشاعة أن ابن عثيمين تراجع في تحريم اقتناء الدش Q فضيلة الشيخ أشهد الله على محبتك فيه، وبعد يا فضيلة الشيخ: تردد على بعض ألسنة العامة أنكم قد تراجعتم عن فتواكم بحرمة اقتناء الدش وبيعه وشرائه، فهل هذا صحيح؟ A لا حول ولا قوة إلا بالله! أقول: جزاه الله خيراً على المحبة، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعاً من أحبابه. وأما إشاعة أنني تراجعت عن تحريم اقتناء الدش فهذا غريب! غريب!! ولكني أقول: إذا افتروا على الله كذباً فالبشر من باب أولى، وإذا قيل لأحد في شخص من العلماء فيما يستنكر يجب أن يتصل بالعالم، ونحن نشكر أخانا الذي سأل، فأقول: إنني لم أتراجع، بل هو حرام، اقتناؤه حرام، وهو قد أفسد البشر الآن، كل الانحرافات العظيمة حسب ما نسمع أنها توجد في هذا الدش، ولقد أضل قوماً كثيراً، حتى إن بعض الناس -حسب ما نسأل في الهاتف ما ندري عنهم- يكون الرجل مستقيماً ملتزماً، فيضع الدش في بيته وإذا به ينحرف، وينسى أهله، وينسى مصالح دينه ودنياه -والعياذ بالله- فكيف يمكن لعالم يعرف مصادر الشريعة ومواردها أن يفتي بحل هذا الدش؟!!

لا يشترط استحضار النية في جزئيات العمل

لا يشترط استحضار النية في جزئيات العمل Q فضيلة الشيخ هل يجب استحضار النية عند مباشرة أي عمل يكون قد استحضرت له النية من قبل، أي: في جزئيات هذا العمل؟ A الصحيح أنه لا يشترط النية في جزئيات العمل مطلقاً؛ حتى فيما يكون كل جزء منه منفصلاً عن الآخر، وذلك أن المنوي ينقسم إلى قسمين: قسم لا يمكن أن ينفصل بعضه عن بعض مثل الصلاة، فهذا يكفي فيه نية واحدة من أول، ولذلك إذا دخلت في الصلاة فهل يلزمك أن تنوي الركوع والسجود والقيام والقعود؟ لا يلزمك، إذا دخلت في الصلاة فأنت ناو لكل الصلاة. إذا دخلت في الوضوء هل نقول: يجب أن تنوي لكل عضو نية مستقلة؟ لا. القسم الثاني: ما يستقل بعض العبادة فيه عن بعض كالحج مثلاً، الحج فيه إحرام، طواف، سعي، وقوف بـ عرفة، فهل يلزم لكل جزء منه أن تنويه أو تكفي النية الأولى؟ أكثر العلماء على أنه يلزم أن تنوي لكل جزء نيته، فلو أنك أحرمت بالعمرة ومشيت وطفت ولم تنو الطواف بعينه، فيرى هؤلاء العلماء أن الطواف لا يصح؛ لأنك لم تنو، ويرى آخرون أن الطواف صحيح وإن لم تنوه ويقول: هذا الطواف جزء من عبادة فهو كالركوع في الصلاة وكالسجود في الصلاة وهذا أقرب إلى الصواب؛ لأن الحج والعمرة عبادة واحدة، لكن لا شك أن الإنسان إذا أراد أن يفعل شيئاً فلا بد أن ينويه، إنما الذي يقع أن يغفل الإنسان ويلهو أما مع عدم الغفلة واللهو فلا بد أن ينوي.

حكم تعليق التمائم من القرآن

حكم تعليق التمائم من القرآن Q ما هو قولكم يا فضيلة الشيخ في مسألة التمائم إذا كانت من القرآن؟ وهل كتابة آية من القرآن ككتابة آية الكرسي على لوح ثم يمسح ويشرب لدفع الشر وجلب الخير؟ علماً بأن هذا ينفع عند الناس لا سيما إذا كانت المرأة في وقت الولادة إذا كتبت آية الكرسي وشربت فإنها تلد بإذن الله. A القراءة على المرضى بالقرآن أفضل بكثير من أن يوضع القرآن في ورقة ويعلق، والتمائم تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم نعلم أنها من القرآن، وقسم نعلم أنها من عمل الكهان، وقسم لا ندري ما هو، يكتب مربعات ومدورات وما أشبه ذلك. أما القسم الذي نعلم أنه من عمل الكهان كأن يكون فيه أسماء جن أو عفاريت أو ما أشبه ذلك فلا شك أنها حرام. وقسم آخر لا ندري ما هو فهو -أيضاً- حرام. قسم ثالث نعلم أنه من القرآن أو من الأحاديث النبوية يأخذه الإنسان ويعلقه على صدره، فهذا فيه خلاف: من العلماء من يقول: إذا كان من القرآن فلا بأس به لعموم قول الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء:82] وهذا عام. ومنهم من يقول: إنه لا يجوز لعموم النهي عن التمائم، ولا شك أن الاحتياط ألا يلبسه الإنسان لكن إذا لبسه فتأثيمه شاق على الإنسان، يعني: ما أستطيع أن أقول: إنه حرام. أما كون القرآن يكتب في إناء ويصب عليه الماء ثم يروج ويشربه الإنسان فهذا فعله السلف رحمهم الله، يكتبون في إناء للزعفران آية الكرسي، المعوذات وشيئاً من القرآن ثم يصب عليه الماء ويروج هكذا باليد أو بتحريك الإناء، ثم يشربه الإنسان فهذا فعله السلف، وهو مجرب عند الناس، ونافع بإذن الله.

صيام الإثنين والخميس وأيام البيض

صيام الإثنين والخميس وأيام البيض Q فضيلة الشيخ ما هو الأفضل: صيام يومي الإثنين والخميس أم صيام ثلاثة أيام من الشهر؟ A هو إذا صام الإثنين والخميس فقد صام ثلاثة أيام من الشهر بل أكثر، كم يصوم إذا صام الإثنين والخميس؟ ثمانية أيام، فصوم الإثنين والخميس يكفي عن صيام الأيام الثلاثة، لكن صيام الأيام الثلاثة لا يكفي عن صوم الإثنين والخميس، فليصم الإثنين والخميس، لكن إن حصل أن يضيف إليها صيام الأيام البيض فهو خير.

نصيحة للمرأة أن تلبس الخمار وتترك البرقع

نصيحة للمرأة أن تلبس الخمار وتترك البرقع Q ما قولكم يا فضيلة الشيخ في لبس البرقع للنساء مع هذا التوسع الموجود الآن؟ A أنا أمتنع عن الفتوى بذلك، وأرى ألا تلبسه المرأة لأنه فتنة، والنساء بعضهن يتهاون، يجعل الفتحة كبيرة بحيث ترى العين والجفن، وبعضهن تخرج العين وهي مكتحلة فتفتن، فأرى أن المرأة تبقى على ما هي عليه فيما سبق؛ تخمر وجهها كاملاً كما تخمر رأسها.

حكم الرجل يأمر زوجته بإسقاط الحمل

حكم الرجل يأمر زوجته بإسقاط الحمل Q فضيلة الشيخ رجل أمر امرأته أن تسقط ولدها وهو دون أربعة أشهر، ففعلت فما حكم هذا؟ A إذا كان لم تنفخ فيه الروح نظرنا؛ إذا كان يخشى على المرأة الضرر فلا بأس أن تضعه، وإذا كان لا يخشى عليها الضرر فلا يحل لها أن تضعه حتى لو أمرها زوجها؛ لأن لها الحق في هذا الولد، لكن بعض الناس -والعياذ بالله- ليس له هم إلا إشباع الغريزة فقط، وربما يكون له نية أن يطلقها فيخشى إن وضعت أن يكون هناك مشكلة في الطلاق، فنقول: المرأة لا يلزمها إذا أمرها زوجها أن تسقط حملها، فلا يلزمها أن تسقطه بأي حال من الأحوال. أما إذا كان قد نفخت فيه الروح وتم له أربعة أشهر فهذا لا يجوز تنزيله أبداً لا بأمر الزوج ولا بأمر الطبيب ولا شيء.

حكم خروج المرأة إلى الولائم وهي محد

حكم خروج المرأة إلى الولائم وهي مُحد Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ امرأة في الإحداد دعيت لحضور وليمة زواج وكذلك ولائم أخرى، فهل يجوز لها إجابة تلك الدعوات؟ وما هي الضرورات التي تبيح لها الخروج؟ A أما في الليل فلا يجوز لها أن تجيب الدعوة؛ لأنها لا يجوز أن تخرج في الليل إلا للضرورة كاحتراق البيت وخوف انهدامه، وخوف اللصوص وما أشبه ذلك. أما في النهار فالأمر أوسع، فإذا دعيت إلى وليمة فإن كان الداعون لو تخلفت لم يعذروها وهم من الأقارب الذين لا بد من إجابة دعوتهم؛ فلا حرج أن تذهب إلى الدعوة وترجع بمجرد انتهاء الوليمة، وإلا فالأفضل لها أن تبقى في بيتها على كل حال.

اللقاء الشهري [57]

اللقاء الشهري [57] يقول الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) فكل معاملة فيها رباً أو ميسر فإنها حرام؛ لذلك لابد على من أراد أن يدخل في أي معاملة أن يراقب الله فيها، ويتعلم معالمها وحدودها أو يسأل أهل العلم عنها حتى يكون كسبه حلالاً، ويلقى الله عز وجل بريء الذمة. وبين يديك -أيها القارئ الكريم- في هذه المادة فتاوى فيها ما تأتي وما تجتنب من البيوع ونحوها.

الحث على العلم ببيان فضله

الحث على العلم ببيان فضله الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإنه يسرنا -ولله الحمد- إقبال الناس على العلم تحصيلاً وتأصيلاً وتفريعاً، ليس هنا في عنيزة ولكن حتى في غيرها، فقد رأينا إقبال الناس العظيم على تلقي العلم في المسجد الحرام وفي كل مكان، وهذا يبشر بخير، فنسأل الله تعالى أن يزيدنا وإياكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً. في هذه الليلة اقترح علينا بعض الناس أن يكون هذا اللقاء في ما يتعلق بالبيع والشراء والإجارة والاستئجار والوقف وغيرها، حسب ما يسمح به الوقت من المعاملات، وهذا اقتراح جيد؛ وذلك لأن العلم الشرعي منه ما هو فرض عين ومنه ما هو فرض كفاية، فلا يخرج العلم عن أحد الفرضين: إما فرض عين، وإما فرض كفاية. فرض العين على كل من يحتاج إلى معرفة ما يريد أن يفعله من العبادات، فمثلاً: إذا كنت تريد أن تصلي فلا بد أن تعلم ماذا تقول في صلاتك، وماذا تفعل في صلاتك، وكيف صلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى تعبد الله على بصيرة. إذا أردت أن تزكي وعندك مال فلا بد أن تعرف ما هي الأموال الزكوية وما مقدار زكاتها وإلى أين تصرف؟ لا بد من هذا؛ لئلا تترك الزكاة وأنت لا تعلم أو تترك زكاة مالٍ قد بلغ النصاب، أو تصرف الزكاة في غير محلها. كذلك الحج، إذا أردت أن تحج وتعتمر لا بد أن تفهم كيف العمرة وكيف الحج حتى تعبد الله على بصيرة. أما ما لا يحتاج الإنسان إليه كرجل فقير هل يحتاج الفقير أن يتعلم أحكام الزكاة؟ لا يحتاج؛ لأنه ليس عنده مال، ولهذا قد نقول لزيد من الناس: يجب أن تتعلم أحكام الزكاة ولعمرو لا يجب؛ لأن زيداً عنده مال وعمراً ليس عنده مال، لكن تعلم الشريعة عموماً فرض كفاية؛ ولذلك نهنئ طلبة العلم الذين يدرسون علم الشريعة بأنهم قائمون بفرض من فروض الله، ولا شك أن للفرض أجره العظيم قال الله تعالى في الحديث القدسي: (ما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) ولذلك لو سألك سائل: ركعتا الفجر -يعني: ركعتا صلاة الفجر- أو ركعتان تتهجدهما في الليل أيهما أفضل؟ الأول لأنه فرض والثاني نفل، لكن الله قال: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) . أحكام البيع والشراء هل تلزم كل أحد؟ قد نقول: لا، وقد نقول: بلى. أليس كل واحد منا يشتري خبزاً، ويشتري إداماً، ويشتري ثوباً، ويشتري سيارة ممن أغناه الله؟ إذاً لا بد أن نعرف، الآن كل إنسان منا ممكن يذهب إلى البقال ويشتري أغراضاً للبيت، لا بد أن يعرف، لو أن البقال كتب على اللوحة: كل خبزة بريال، مثلاً، فهل يجوز هذا البيع لو أخذت خبزة ووضعت ريالاً؟ يجوز، ألم تعلموا أن بعض العلماء يقول: هذا حرام؛ لأن ما فيه صيغة، ما فيه بعت ولا اشتريت، لكن القول الصحيح أنه حلال، إذاً لا بد أن نعرف.

شروط البيع

شروط البيع البيع والشراء والإجارة والتأجيل والاستئجار والوقت وما أشبهها كلها من نعم الله على العباد، لولا حل البيع لوقع الناس في حرج، أنا محتاج إلى لباس ومعي دراهم واللباس عند صاحب الدكان، لولا أن البيع جائز فكيف أتوصل إلى اللباس؟ A لا يمكن، اللهم إلا بالقتال. صاحب الدكان محتاج إلى الدراهم يريد أن يصفي البضاعة حتى يشتري بضاعة أخرى؛ لولا هذا لم يتيسر له أن يصفي البضاعة. إذاً فإباحة البيع من نعم الله عز وجل على العباد، قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} [البقرة:275] لكن البيع له شروط وله موانع، له شروط لا يصح إلا بها، وله موانع تمنع صحته مع وجود الشروط.

من شروط البيع: أن يكون البائع مالكا للمبيع أو له عليه ولاية

من شروط البيع: أن يكون البائع مالكاً للمبيع أو له عليه ولاية فمن الشروط: أن يكون البائع مالكاً للشيء أو له عليه ولاية، يعني: أنه لا بد أن يقع البيع من مالك أو من يقوم مقامه. لو أنني استوليت على حقيبتك -حقيبة الدراسة- وبعتها على واحد أيجوز البيع؟ لا يجوز، لأني لست مالكاً ولا قائماً مقام المالك. لو علمت أنك تريد أن تبيع هذه السلعة فبعتها بناءً على ما أعتقده من أنك تريد بيعها، ولما أخبرتك أجزتني وقلت: جزاك الله خيراً، أنا أبحث عن أحد يشتريها. هل يصح البيع أو لا يصح؟ شرط البيع أن يكون من مالك أو من يقوم مقامه، وأنا لست بمالك ولا أقوم مقامك لأنك ما وكلتني، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء، منهم من قال بالجواز، ومنهم من قال لا يجوز. مثال آخر: رجل أعرف أنه يريد أن يبيع سيارته، ومتأكد من ذلك، فمر بي رجل وقال: هل تعرف أحداً عنده سيارة؟ قلت: نعم، هذه السيارة، والرجل لم يوكلني فاشتراها بثمن مثلها ونقد الثمن وأخذ السيارة وانصرف، هل يجوز أو لا يجوز؟ ننظر، هو لا بد أن يكون من مالك أو من يقوم مقامه، وأنا لست مالكاً ولا قائماً مقام المالك لكن بعض العلماء يقول: إن ذلك جائز وإن لم يوكلني صاحب السيارة، إذا أجازني فقد حصل المطلوب، وهذا القول هو الصحيح، لكن لو لم يجزني وقال: لماذا بعتها؟ أنا ما وكلتك، وأنا كنت أريد بيعها لكني عدلت عن هذا. فما الحكم؟ فالبيع غير صحيح قولاً واحداً. الآن تورطت وبعت على الرجل، فماذا أصنع؟ أبحث عن الرجل في أي مكان وأسترد السيارة وأعطيه فلوسه، فإن عجزت فعلي الضمان لصاحب السيارة، فلو قدر أني بعتها بعشرة آلاف وهي تساوي عشرين ألفاً أضمن له عشرين ألفاً أو لا؟ نعم أضمن له عشرين ألفاً لكن عشرة آلاف معي أسلمها له وأزيده عشرة آلاف.

الأشخاص الذين يقومون مقام المالك في البيع

الأشخاص الذين يقومون مقام المالك في البيع إذاً من شروط البيع يا إخواني أن يكون ماذا؟ من مالك أو من يقوم مقامه. فمن الذي يقوم مقام المالك؟ يقوم مقام المالك الوكيل، والوصي، والناظر، والولي، فهم أربعة: الوكيل، الثاني: الوصي، الثالث: الناظر، الرابع: الولي.

من الذين يقومون مقام المالك في البيع الوكيل؟

من الذين يقومون مقام المالك في البيع الوكيل؟ الوكيل: هو الذي يتصرف لحي بإذنه، مثل أن أقول: يا فلان! خذ سيارتي هذه بعها، هذا وكيل؛ لأنه يتصرف عني وأنا حي بإذني، فهو وكيل، هل جاءت السنة بجواز تصرف الوكيل؟ نعم. وكل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجلاً وهو عروة بن الجعد أن يشتري له أضحية بدينار، فاشترى اثنتين بالدينار، ثم باع واحدة بدينار، ورجع إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بشاة ودينار. انظر إلى هذا التصرف الطيب! اشترى بالدينار شاتين لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (اشتر أضحية) اشترى شاتين، وجدهما رخيصتين فاشتراهما ثم باع واحدة بدينار وأتى بالشاة والدينار. أتدرون ماذا قال له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ قال: (اللهم بارك له في بيعه وشرائه) مكافأة عظيمة، فكان -يقول الراوي عنه- فكان لو اشترى تراباً لربح منه ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم له؛ إذاً الوكالة جائزة. ووكل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا هريرة رضي الله عنه على صدقة الفطر في رمضان؛ لأن الناس يجمعون صدقة الفطر عند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويتصدق بها، في ليلة من الليالي -اسمع القصة العجيبة! - في ليلة من الليالي جاء شخص بصفة رجل فأخذ من الطعام، فأمسكه أبو هريرة وقال: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فقال: إنه ذو عيال وإنه فقير، فرحمه أبو هريرة وأطلقه، في الصباح غدا أبو هريرة -يعني: ذهب- إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الغدوة في الصباح فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما فعل أسيرك البارحة؟) ما الذي أعلم الرسول؟ الله عز وجل، قال: (يا رسول الله! إنه قال: إنه ذو حاجة وذو عيال فأطلقته، فقال: إنه كذبك وسيعود) أي: كذب عليك، وسيعود، يقول: (فعلمت أنه سيعود لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه سيعود، فجعلت أرصده فجاء وأخذ من الطعام فأمسكه أبو هريرة وقال: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فادعى الحاجة والفقر والعيال فأطلقه. ثم غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأخبره، فقال: إنه كذبك وسيعود) فجعل يترصد له في الليلة الثالثة، فجاء وأمسكه وقال: لا بد أن أرفعك إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذا تكرر الشيء ثلاث مرات انتهى، فقال له: ألا أدلك على آية في كتاب الله إذا قرأتها لم يزل عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح. قال: نعم، قال: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:255] ثم غدا رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأخبره، فقال: (صدقك وهو كذوب) -صدقك: يعني أخبرك بالصدق، وهو كذوب: يعني الشيطان- ثم قال له: (يا أبا هريرة أتدري من تناجي منذ ثلاث ليال، قال: الله ورسوله أعلم. قال: ذلك شيطان) . الشاهد من هذا: أن الرسول وكل على حفظ صدقة الفطر وأجاز تصرف أبي هريرة رضي الله عنه ونفذه، مما يدل على أن القول الراجح: أن الإنسان إذا تصرف في مال غيره وأجازه الغير فالتصرف صحيح.

من الذين يقومون مقام المالك الوصي؟

من الذين يقومون مقام المالك الوصي؟ الثاني: الوصي وهو النائب عن الإنسان بعد موته، بأن يقول: أوصيت بخمس مالي للفقراء والوصي فلان، هذا ناب عن المالك بعد مماته، وبهذه المناسبة أود أن أنبه إخواني الذين يكتبون الوصايا ألا يكتبوا الوكيل بعد موت فلان، هذا غلط، لأن الوكالة إذا مات الموكل انفسخت، بل يقول بدلاً من الوكيل فلان يقول: الوصي فلان.

من الذين يقومون مقام المالك الناظر؟

من الذين يقومون مقام المالك الناظر؟ الثالث: الناظر، وهو الوكيل على الوقف، كإنسان أوقف عمارة قال: هذه وقف ريعها للفقراء، أيقول: والوكيل عليها فلان أو والناظر عليها فلان؟ أقول: والناظر عليها فلان، ولا أقول: الوكيل؛ وهذه -أيضاً- مما يغلط فيها كثير من الكتاب الذين يكتبون الأوقاف يقول: الوكيل على هذا الوقف هذا غلط، بل يقال: الناظر على هذا الوقف؛ لأن الناظر له استقلال أكثر من الوكيل.

من الذين يقومون مقام المالك الولي؟

من الذين يقومون مقام المالك الولي؟ الرابع: الولي، وهو مفوض من قبل الشرع، وهو الولي على السفيه، ولي على الصغار وعلى المجانين وما أشبه ذلك، هذا يسمى ولياً. فالولي على مال اليتيم الصغير الذي لم يبلغ أو المجنون أو السفيه له التصرف والبيع والشراء؛ لأنه نائب مناب المالك. فصار الذين يصح أن يبيعوا نيابةً عن المالك أربعة: الوكيل، والوصي، والناظر، والولي. المهم لا بد أن يكون البيع من مالك أو من يقوم مقامه. لو أن رجلاً سرق شيئاً وباعه هل يصح البيع؟ لا يصح البيع؛ لأن السارق ليس مالكاً ولا قائماً مقام المالك. لو أن شخصاً غصب أرضاً يعرف أن هذه الأرض لجاره فاستولى عليها ثم باعها، أيصح البيع؟ لا يصح، لأنه ليس مالكاً. لو أن شخصاً وجد شيئاً ثميناً كالحلي في السوق، وكتمه وباعه، أيصح بيعه أو لا يصح؟ لا يصح؛ لأنه ليس من مالك ولا من يقوم مقام المالك.

وجوب بيان العيب على البائع

وجوب بيان العيب على البائع هذا ما يتعلق بالبيع، وعلى كل منا إذا باع أن يتقي الله عز وجل فيبين ويصدق حتى يبارك الله له في بيعه لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما) اصدق ولا تقل: إن هذه السلعة جيدة وهي رديئة، لا تنف العيب عنها وفيها عيب، ولهذا نقول: لا شك أن من الغش ما يعرف بالبيع تحت الميكرفون. وهم الذين يبيعون في السيارات، تأتي السيارة ثم يبيعها ويقول للمشتري: ما بعت عليك إلا الغمارة أو الكفرات، ما تطالبني بأي عيب. المشتري يكون قد طمع في السيارة ويقول: ما في مشكلة، أشتريها على أن ما فيها إلا الكفرات أو الغمارة هذا حرام إذا كان البائع يعرف العيب الذي فيها، ويجب عليه أن يبين، ولا يقول: أنا بعت عليه برضاه؛ لأنه لو علم بالعيب حقيقةً ما اشتراها، لكنهم يكتمون العيب ويلزمون المشتري بما لم يلتزم به؛ بأنه لا يرجع. لو أن أحداً اشترى السيارة على هذا الأساس، ثم تبين بها عيب، وثبت أن البائع يدري بهذا العيب، فهل للمشتري الخيار؟ A نعم، له الخيار، فلو قال البائع: إني قد بعت عليه والتزم. نقول: لكنك خدعته، لو بعتها بعشرة آلاف ثم علم بالعيب ما اشتراها ولا بثمانية، لكن اشتراها بعشرة مخاطرة، فالبائع إذاً وقع في الإثم، وللمشتري إذا أثبت أن البائع كان يعلم بالعيب وكتمه أن يردها ويأخذ فلوسه. فعلى البائع أن يتقي الله عز وجل ويصدق ويبين حتى يبارك الله له في بيعه، فإن كذب وقال: إني اشتريتها بمائة. وهو ما اشتراها إلا بثمانين فبركة بيعه ممحوقة، أو كتم بأن كان يعلم بها عيباً ولكنه كتمه فبركة البيع ممحوقة، فإن قال قائل: نجد أناساً يبيعون ويشترون بالكذب والدجل والغش ومع ذلك تنمو أموالهم وتكثر. نقول: هذا لا يدل عن رضا الله عنهم، بل (إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وتلا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102] ) . ونقتصر على هذا القدر مما تكلمنا عليه فيما يتعلق بالبيوع، وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى، ولنتفرغ الآن إلى الإجابة على الأسئلة، ونسأل الله أن يوفقنا للصواب.

الأسئلة

الأسئلة

أحكام بيع ثمار النخيل

أحكام بيع ثمار النخيل Q السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فضيلة الشيخ نرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا أحكام بيع ثمار النخيل خاصة وأن أكثر ثمار النخيل ماتت من شدة الحر. A بيع النخيل يعني: بيع الثمرة على النخلة جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجازه بشرط أن تحمر أو تصفر، فقد نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، فإذا باعها ثم أصيبت بجائحة حر أو مطر أو رياح؛ فللمشتري الخيار لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا بعت من أخيك ثمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟) فنهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم البائع إذا أصابت الثمرة جائحة أن يأخذ الثمن وقال: (بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟) . لكن لو أن العيب الذي حصل كان بسبب المشتري؛ بأن كان يخرفها ويشقق الشماريخ فلا ضمان على البائع؛ لأن العيب حصل بفعل المشتري، وكذلك لو أخر جذها حتى جاء موسم الأمطار ونزل المطر على الثمرة فأفسدها، فلا خيار للمشتري لأنه هو الذي فرط في التأخير. فإن قال إنسان: هل يجوز للبائع أن يقول للمشتري: إن أصابتها جائحة فإنه يقدر لك النقص ولا تردها، كأن يقول: أبيع لك الثمرة لكن إذا أصابها جائحة من فساد التمر أو ما أشبه ذلك فإنه يثمن ولا تردها، فوافق المشتري على هذا الشرط، فإن ذلك جائز؛ لأن الحق للمشتري في الرد أو تقدير النقص فإذا أسقط الرد بقي له تقدير النقص.

الجوائز المشروعة والممنوعة

الجوائز المشروعة والممنوعة Q فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مما انتشر بين أصحاب المحطات أنهم يوزعون كروتاً فيها: إذا ملأت سيارتك بمقدار خمسمائة لتر من البنزين تحصل على أربعين لتراً، ويكون ذلك بكل مرة تعبئ بها السيارة تحصل على كرت بقيمة كمية البنزين الذي عبأته، ثم إذا أكملت المقدار المحدد تحصل على الأربعين لتراً فما حكم ذلك جزاكم الله خيراً؟ A لا بأس به، يعني: لا بأس أن يضع عند محطة البنزين ورقة أو لوحاً بأن من عبأ كذا وكذا من البنزين فله جائزة، هذا جائز لكن بشرط أن يكون ثمن البنزين عنده كثمنه عند الناس لا يزيد؛ لأن المشتري الآن إما سالم وإما غانم، لن ينقصه شيء، أما لو زاد الثمن في البنزين بأن كان اللتر عند غيره بعشرة وهو صار عنده بعشرين فهذا لا يجوز، لأن مشتري البنزين يكون إما غانماً وإما غارماً وهذا هو الميسر.

المراد بالتفرق في البيع والشراء

المراد بالتفرق في البيع والشراء Q يقول السائل: فضيلة الشيخ هل يكون التفرق في البيع بالأبدان أم بماذا؟ A يشير السائل إلى قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا) فهل المراد: التفرق بالأبدان أم بالأقوال؟ نقول: المتعين أنه التفرق بالأبدان، وأنك إذا بعت على شخص شيئاً فلك الخيار ما دمتما في المجلس ولو طال المجلس، فلو كان في طيارة -مثلاً- وهو إلى جنبه في المقعد وباع عليه شيئاً، فما داما لم يتفرقا فلكل واحد منهما الخيار، لكن لهما أن يقطعا الخيار بمعنى أن يقول: بعتك على أن لا خيار لك. فإذا قال: قبلت. لم يكن له خيار ولو كان في المجلس؛ ولهذا جاء في نفس الحديث: (ما لم يتفرقا وكانا جميعاً أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع) وإن تفرقا قبل أن يفسخا البيع فقد وجب البيع.

حكم بيع الوكيل السلعة بزيادة في السعر وأخذه للزيادة

حكم بيع الوكيل السلعة بزيادة في السعر وأخذه للزيادة Q يقول السائل: فضيلة الشيخ ما الحكم إذا ما وكلني شخص ببيع سلعة وقال لي: بعها بمائة مثلاً. ثم بعتها بمائة وعشرة، وأخذت العشرة، فهل هذا جائز؟ A هذا ليس بجائز، يعني: لو قال لك الموكل: خذ هذا بعه بمائة فبعته بمائة وعشرة فالعشرة للذي وكلك وليست لك، إلا إذا قال: خذ هذا بعه بمائة وما زاد فلك، فلا بأس أن تبيعه بمائة والزيادة لك، لكن بشرط: أن يكون الذي وكلك يعرف ثمن هذه السلعة، لأنه قد يكون الذي وكلك جاهل بالأسعار فيظن أن سلعته هذه لا تزيد عن مائة فيقول: بعها بمائة وما زاد فلك. ففي هذه الحال يجب أن تقول: يا أخي السلعة تساوي أكثر، تساوي مائتين؛ لأنك لو لم تفعل لكنت خادعاً له، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) .

جواز اشتراط البائع على المشتري ألا يبيع ما اشتراه إذا صح الغرض

جواز اشتراط البائع على المشتري ألا يبيع ما اشتراه إذا صح الغرض Q يقول السائل: السلام عليكم، أنا يا شيخ اشتريت أرضاً من أخي فشرط عليَّ أخي ألا أبيعها فهل هذا الشرط صحيح؟ A إذا شرط البائع على المشتري ألا يبيع ما اشتراه فهذا شرط ينافي العقد، لأن مقتضى الشراء أن يكون المشتري مالكاً يتصرف كما شاء وهذا حبسه قال: لا تبع. لكن إذا كان للبائع غرض صحيح في ألا يبيعها المشتري فالشرط صحيح، مثاله: رجل عنده عبد مملوك وهو في نفسه نفيس، فجاءه صاحب له وقال له: بع علي العبد. قال: والله العبد أنا عندي نفيس لا أرغب أن أبيعه. قال: بعه. فقال: لا أرغب ببيعه إلا بشرط ألا تبيعه أنت، وأنك إن أردت بيعه تبيعه عليَّ أنا وحدي. فهذا الشرط حينئذ جائز أو غير جائز؟ جائز؛ لأن فيه غرضاً صحيحاً. كذلك لو كان عند الإنسان بقرة وباعها على شخص قال: بشرط ألا تبيعها على فلان لأن فلاناً يعذب البقر، مثلاً يسني عليها أو للحرث، المهم أنه يؤذيها. فهذا الشرط صحيح.

حكم زكاة العقار

حكم زكاة العقار Q اشتريت قطعة أرض قبل عشر سنوات للعمارة، ولكن أردت أن أتاجر فيها حتى يحصل دوري فيها في البنك العقاري، ولكن حتى اليوم لم أبعها حيث عدلت عن بيعها، فهل علي زكاة هذه الأرض قبل عدولي عن بيعها ولها أكثر من عشر سنوات أفيدوني جزاكم الله خيراً؟ A هذا ينبني على النية، إذا كان الإنسان نوى الربح في هذه الأرض ففيها الزكاة، لأنها تكون تجارة، وأما إذا لم ينو الربح، وإنما ينوي إقامة بناء عليها يؤجره أو يسكنه أو أراد أن يحفظ دراهمه في هذه الأرض، ولم يرد الربح، فهذا لا شيء عليه، فليس عليه زكاة. كذلك أيضاً: لو أراد الربح وبعد مضي سنتين أو ثلاث عدل عنها وأراد أن تبقى له فإن الزكاة تجب عليه في السنوات التي كان قد نواها للربح وتسقط عنه من حين عدل عن هذه النية.

النخيل عليه زكاة إذا بلغ النصاب سواء أعد للأكل أو للبيع

النخيل عليه زكاة إذا بلغ النصاب سواء أعد للأكل أو للبيع Q يقول السائل: فضيلة الشيخ حفظكم الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل للنخيل الذي في البيوت والأحواش المعدة للأكل وليس للتجارة زكاة؟ وما مقدارها؟ وكيف تحصى؟ A النخيل التي في البيوت إن كانت قليلة لا تبلغ النصاب فلا زكاة فيها، وإن كانت كثيرة تبلغ النصاب؛ كما يوجد في بعض الاستراحات أو في بعض الأحواش الكبيرة، فهنا يجب عليه أن يزكيها سواء أرادها للأكل أو للبيع؛ لأن الثمار تجب فيها الزكاة على كل حال، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (في ما سقت السماء العشر) وقال: (ليس في ما دون خمسة أوسق صدقة) فهنا يسأل: فإذا كانت تبلغ النصاب ففيها الزكاة وإلا فلا، ولو أنه احتاط وأخرج الزكاة مطلقاً إذا كان يشك هل تبلغ النصاب أو لا فهذا أحسن. لكن ما مقدارها؟ مقدار الزكاة إذا كان الماء يدخل على الإنسان بدون قيمة فمقدار الزكاة العشر كاملاً؛ لأن هذا الماء لا يكلف الإنسان شيئاً فهو كالذي تسقيه السماء، والعشر (10%) ، وإذا كان يدخل عليه الماء بأجرة ففيه نصف العشر يعني: (5%) .

حكم شراء الذهب ببطاقة الصرف الفوري

حكم شراء الذهب ببطاقة الصرف الفوري Q يقول السائل: فضيلة الشيخ هل يجوز شراء الذهب بواسطة بطاقة الصرف الفوري الشبكة السعودية؟ A الذهب إذا بيع بالأوراق النقدية فلا بد من التقابض قبل التفرق، فليصرف المشتري هذه الورقة ويأتي بالدراهم ويستريح، أو يكون عند البائع -بائع الذهب- ويتصل بالبنك ويقول: يا فلان اخصم من حسابي كذ وكذا -يعني: ثمن الذهب- واجعله في حساب فلان، فإذا قال: فعلت -يعني: البنك- جاز ذلك؛ لأن البائع الآن استلم، بأ، قُيد قيمة الذهب في حسابه، فيكون هذا استلاماً.

حكم بيع الذهب القديم نقدا ثم شراء ذهب جديد بذلك النقد

حكم بيع الذهب القديم نقداً ثم شراء ذهب جديد بذلك النقد Q لو باع الذهب القديم على صاحب المحل وقبض منه المبلغ، ثم اشترى منه ذهباً جديداً هل في ذلك شيء؟ A ليس في هذا شيء، أي: كإنسان عنده حلي قديم فجاء إلى التاجر فباعه عليه، ثم اشترى منه بعد أن قبض الثمن حلياً جديداً فهذا لا بأس به ولا إشكال فيه.

حكم بيع التمر بتمر آخر مع التفاضل في الثمن

حكم بيع التمر بتمر آخر مع التفاضل في الثمن Q السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما رأيكم في من يشتري مثلاً زنبيل تمر (شقر) وزنه ثلاثة كيلو بزنبيل تمر (سكري) وزنه ثلاثة كيلو وزيادة عشرين ريال مثلاً؟ A هذا لا يجوز لأن التمر جنس واحد، والجنس الواحد لا يجوز أن يزيد بعضه على بعض، ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أتي إليه بتمر جيد، فقال: (من أين هذا؟ قالوا: كنا نشتري الصاع من هذا بصاعين، والصاعين بالثلاثة. فقال: ردوه، هذا عين الربا) ثم أرشدهم عليه الصلاة والسلام إلى أن يبيعوا التمر الرديء بثمن ويشتروا بثمنه تمراً جيداً لكن من غير البائع، يبيعه في السوق ثم يأخذ الدراهم ويشتري تمراً جيداً، فالزنبيل الذي في السوق قد يكون غالياً أكثر ثمناً من زنبيل الشقر، فلا يجوز أن يبيع بعضهما ببعض مع التفاضل أو زيادة الدراهم.

حكم بيع الدخان والملابس التي فيها صور

حكم بيع الدخان والملابس التي فيها صور Q ما حكم من يبيع الدخان والملابس التي فيها صور، فهل هذا بيع جائز؟ وهل ما وجده من الربح مال حلال أم حرام؟ A لا يجوز للإنسان أن يبيع الدخان؛ لأن الدخان محرم، وإذا حرم الله شيئاً حرم ثمنه، ولأن بيعه من باب التعاون على الإثم والعدوان. وكذلك الملابس التي فيها صور تامة لا يجوز بيعها؛ لأن بيعها يؤدي إلى لبسها، ولبسها حرام، أما إذا لم يكن فيها إلا وجوه فليست حراماً. وكذلك الحفاظات التي تربط على القبل أو الدبر من الصبي هذه لا بأس ببيعها وشرائها وإن كانت فيها الصور لأنها ممتهنة غاية الامتهان؛ حيث تلف على محل الأذى والقذر.

حكم تصرف الورثة في المال الحرام الموروث من الميت

حكم تصرف الورثة في المال الحرام الموروث من الميت Q يقول السائل: رجل كان يبيع ويشتري في المحرمات فحصل من ذلك على مال كثير ثم مات، هل لورثته التصرف في هذا المال وتقسيمه بينهم؟ A يعني: لو أن رجلاً كان يكسب المال عن طريق محرم ثم مات؛ فإن هذا المال حلال لورثته وإثمه على الميت، إلا إذا علم الورثة أن هذا المال بعينه لشخص فيجب عليهم أن يردوه إليه، مثال ذلك: رجل غصب أرضاً من شخص، بأن تعدى على حدوده، ثم مات، والورثة يعلمون أن نفس هذه الأرض لجاره، فالواجب عليهم أن يردوها إلى جاره، لأن هذه عين ماله، وكذلك لو سرق شيئاً وبقي المال المسروق عنده ثم مات فيجب على ورثته أن يردوا السرقة إلى مالكها.

مسألة ضع وتعجل

مسألة ضع وتعجل Q عندي إيجار محل وأتاني الرجل الذي عندي له إيجار المحل قبل أن يحل إيجار المحل وقال: ادفع الإيجار واخصم منه خمسمائة ريال، هل يجوز ذلك؟ A هذا يقول: إنه استأجر دكاناً أو بيتاً بخمسة آلاف، وفي أثناء السنة قال صاحب البيت أو الدكان: أعطني أربعة آلاف وأنزل عنك ألف ريال، هل يجوز أو لا يجوز؟ فالجواب: إن هذا جائز ولا بأس به؛ لأن فيه مصلحة للطرفين، المستأجر مصلحته التخفيض، والمؤجر مصلحته التقديم والتعجيل. وكذلك لو كان عند شخص دراهم مؤجلة مقسطة تبلغ مثلاً مائة ألف مؤجلة بعشر سنين كل سنة عشرة آلاف، فقال صاحب الدين: أعطني خمسة آلاف الآن نقداً وأسقط عنك الباقي، فهذا جائز على القول الراجح؛ لأن في هذا مصلحة للطرفين، وليس فيه ربا بل فيه نقص ضد الربا.

حكم معالجة المريض المصاب بالصرع عند من يخرجهم بالقرآن

حكم معالجة المريض المصاب بالصرع عند من يخرجهم بالقرآن Q يقول السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يوجد رجل في دولة مجاورة للمملكة تتصل عليه هاتفياً وتقول: اسمك فلان ووالدتك فلانة فقط ويخبرك بالمرض الذي فيك هل هو نفسي أو سحر أو مرض عضوي، فهل هذا جائز؟ A كيف جائز؟ إنسان لم ير المريض ولم يوصف له المريض المرض ويقول: هذا سحر، أو جن، أو عين؟! هل هو يعلم الغيب؟ هو مشعوذ، أو له أحد من الجن ما ندري، المهم على كل حال لا يصلح هذا، لكن إن علمت أن فلاناً عنده قدرة على إخراج الجن بأن يقرأ على المريض المصاب ويخرج الجني فهذا اذهب إليه بصاحبك المصاب. واجعله يقرأ عليه حتى يخرج ما فيه. ونحن لا ننكر أن أحداً من الناس يستطيع أن يخرج الجني من الإنسي، بل هذا أمر واقع، جاءت به السنة وعمل به الأئمة، وكان شيخ الإسلام رحمه الله له القدح المعلى في هذا، يؤتى إليه بالمصروع الذي صرعه الجني ويقرأ عليه ويعدو الصارع ويخرج.

حكم مسافر دخل مسجدا وصلى معهم ركعتين ثم سلم الإمام نفسه

حكم مسافر دخل مسجداً وصلى معهم ركعتين ثم سلم الإمام نفسه Q مسافر دخل المسجد وصلى مع جماعة ركعتين، ثم سلم الإمام وهو لا يعلم هل الجماعة مسافرين أو مقيمين، فهل يتم الصلاة أم يقصرها؟ A ينظر للقرائن (قرائن الأحوال) إذا كنت في مسجد يصلي فيه المسافرون كمساجد المطارات مثلاً، فالغالب أن الذي يصلي فيها مسافرون، فاجعل صلاتك صلاة المسافر، أما إذا كنت في البلد فمعلوم أن مساجد البلد إنما يصلي فيها المقيمون فأتمم الصلاة أربعاً، وإن شككت فالاحتياط أن تصلي أربعاً لأنه لا يضرك.

عدم تحديد الشرع للمدة التي يجوز فيها القصر للمسافر

عدم تحديد الشرع للمدة التي يجوز فيها القصر للمسافر Q أنا مبتعث إلى أمريكا وأسكن في عمارة كلها مسلمون -ولله الحمد- ولكن مدة إقامتنا متفاوتة، فأنا بقي لي سنة كاملة، والبعض بقي له ستة أشهر وهكذا، ونصلي في مسجد خاص بالعمارة بإشراف السفارة، والإمام نحن اخترناه من بيننا، ولكن هل يا شيخ نقصر الصلاة أم نتم؟ وكذا صيام رمضان والسنن الرواتب؟ ونساؤنا هل تكون مثلنا جزاك الله خيراً؟ A اتبع إمامك، إذا كان الإمام يتم فأتم وإن كان يقصر فاقصر لأن القول الراجح: أن المسافر مسافر ولو طالت مدة سفره ما لم ينو الإقامة المطلقة أو يستوطن. بالنسبة للنساء لا يصلين مع الجماعة فيقصرن الصلاة حتى يرجعن إلى بلادهن سواء حددت المدة أم لم تحدد؛ لأنه ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما يدل على التحديد، بل القرآن يقول الله تعالى فيه: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء:101] والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يرد عنه حرف أنه حدد المدة، وهو عليه الصلاة والسلام بقي في أسفاره مدداً مختلفة، بقي في فتح مكة تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة، وكان في رمضان وهو مفطر، وبقي في غزوة تبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة، وبقي في حجة الوداع آخر مرة سافرها عشرة أيام يقصر الصلاة. قيل لـ أنس بن مالك رضي الله عنه: [كم أقمتم في مكة -يعني: عام حجة الوداع-؟ قال: أقمنا فيها عشراً] فإذا كانت أسفار الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم تختلف ولم يحدد لأمته شيئاً معيناً علم أن المسألة ليس فيها تقييد، ما دمت قد أقمت لغرض متى انتهى رجعت فأنت مسافر سواء حددت المدة أم لم تحدد، والتفريق بين التحديد وعدمه لا دليل عليه.

حكم من سافر وترك دجاجا في شبك عندها ما يكفيها من طعام وشراب ثم ماتت

حكم من سافر وترك دجاجاً في شبك عندها ما يكفيها من طعام وشراب ثم ماتت Q يقول السائل: لقد حصل أن سافرنا في الإجازة وتركنا دجاجاً في شبك، ووضعنا عنده ما يكفيه من العيش والماء، ولكن بعد عودتنا وجدناه قد مات، علماً بأنه معنا علم بأن الماء يكفيه، فماذا علينا تجاه ذلك؟ الواجب: الظاهر لي أنكم لم تفرطوا، أبقيتم عنده الماء والطعام فمات، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (دخلت النار امرأة في هرة حبستها، لا هي أطعمتها إذ حبستها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض) قد يقول قائل: ربما ماتت الدجاج من الحر، فنقول: الحر ليس معلوماً حتى يقال: إنك فرطت في عدم اتخاذ الوقاية منه، وما دام مكانها -مكان الدجاج- مظللاً كالعادة فليس عليك إثم.

ما يشرع زيارته في المدينة

ما يشرع زيارته في المدينة Q ما صحة هذا العمل: وهو ما يوجد عند الحرم وخصوصاً عند البقيع من بيع الحب للحمام، فبعض الناس يشتريه ثم يرميه، وبعضهم يتقصد رميه بالمقبرة، فما حكم هذا العمل؟ وحدثونا يا شيخ عن المزارات التي تزار في المدينة النبوية والتي دل عليها الدليل. A أرى أن هذا عمل ليس بجيد، كون الإنسان يشتري الحب ويلقيه في الأرض للحمام، هذا غلط، أحياناً يداس هذا الحب بالأقدام خصوصاً في أيام الموسم؛ لأن أيام الموسوم يكون الناس بكثرة ولا تتمكن الحمام من النزول فتأكل، وهذا غلط، بل إضاعة مال وإهانة طعام. أما المزارات التي في المدينة فهي: أولاً: المسجد النبوي، تصلي فيه ما شاء الله. ثانياً: قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقبرا صاحبيه أبي بكر وعمر. ثالثاً: البقيع. رابعاً: مسجد قباء. خامساً: شهداء أحد. غير ذلك لا يوجد مكان تشرع زيارته في المدينة.

حكم من نذر بالحج ولم يؤد الحج المفروض عليه

حكم من نذر بالحج ولم يؤد الحج المفروض عليه Q فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، امرأة نذرت إن رزقت بمولود أن تحج وقد رزقها الله به، فهل عليها الحج للنذر، علماً بأنها لم تحج الفرض، فأيهما تقدم؟ A يجب أن تعلموا -أيها الإخوة- أن النذر منهي عنه، نهى عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: (إنه لا يأتي بخير ولا يرد القضاء) ولهذا ذهب بعض العلماء: إلى أن النذر حرام، لماذا تنذر؟ لماذا تكلف نفسك؟ وهل الله عز وجل لا يمن عليك بالشفاء أو على قريبك بالشفاء إلا إذا شرطت له شرطاً؟! سبحان الله! لا تنظر، اسأل الله الشفاء والعافية، فإن كان الله يريد أن يشفى شفي سواء نذرت أم لم تنذر، فإذا فعلت ونذرت فإن كان نذر طاعة وجب عليك الوفاء به، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه) . بناءً على هذا: ماذا تقولون في المرأة المذكورة؟ يجب أن تحج، لكن تبدأ بحج الفريضة ثم تأتي بحج النذر وجوباً، فإن لم تفعل فقد عرضت نفسها لعقوبة عظيمة، استمع إليها في قول الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [التوبة:75-76] انظر عاهدوا الله إن الله أغناهم أن يتصدقوا وأن يكونوا من الصالحين، فأعطاهم الله ذلك، ولكنهم بخلوا بالمال وأعرضوا عن الصلاح: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ} [التوبة:77] إلى متى؟ {إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} [التوبة:77] أي: إلى الموت: {بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ} [التوبة:77] . الخلاصة يا إخواني: احذروا النذر، لا تنذروا، أنتم في عافية، لا تلزموا أنفسكم ما لم يلزمكم الله به إلا بفعلكم، من كان عنده مريض فليقل: اللهم اشفه. من كان يريد الاختبار فليقل: اللهم نجحني؛ لأن بعض الطلبة الآن إذا كانت الدروس صعبة وخاف من السقوط يقول: لله علي نذر إن نجحت لأفعلن كذا وكذا من الطاعات، ثم إذا نجح قام يسأل، يأتي إلى العالم الفلاني والعالم الفلاني انظروا حل، ما في حل، لابد أن توفي بالنذر.

اللقاء الشهري [58]

اللقاء الشهري [58] في هذه المادة توجيهات ووصايا للأسرة المسلمة تجاه أبنائها في بداية العام الدراسي، ووصايا للطلاب كذلك بالجد والاجتهاد ومذاكرة الدروس وطلب العلم لله، وأن ثمرة العلم هو العمل.

توجيهات عامة للأسرة في بداية العام الدراسي

توجيهات عامة للأسرة في بداية العام الدراسي الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. ثم إني أشكر الله سبحانه وتعالى أن يسر العودة إلى هذا اللقاء المبارك بعد الإجازة، وهو اللقاء الذي يتم كل شهر في الجامع الكبير بـ عنيزة في مساء ثالث سبت من الشهر، وهذه الليلة ليلة الأحد الثاني والعشرين من شهر جمادى الأولى عام تسعة عشر وأربعمائة وألف. وأنبه إخواني أنه سيوزع إن شاء الله بعد نهاية اللقاء كتيب صغير فيه الأصول الثلاثة وأدلتها، والدروس المهمة لعامة الأمة، وصفة الحج والعمرة، وأذكار اليوم والليلة بعد انتهاء اللقاء إن شاء الله تعالى. أقول: إنه كان من المقرر أن نستمر في الكلام على المعاملات، لكن نظراً لاستقبال العام الدراسي الجديد لعل من الأحسن أن نتكلم حول هذا الموضوع. فأقول: إن الله سبحانه وتعالى جعل أهلينا أمانةً عندنا، وأوجب علينا رعايتهم، وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:6] وقال نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) ومن السائل له؟ السائل له هو الله عز وجل، وذلك يوم القيامة حين لا يجد مفراً من السؤال. وإن الواجب على الرجل في أهله من زوجات وبنين وبنات وغيرهم أن يتفقد أحوالهم، لأنهم مهما كانوا فهم معرضون للخطر والإهمال والغفلة، ولأنه إذا صار يراقبهم ويتابع أحوالهم حصلت بينه وبينهم الألفة والتقارب، وأكثر الناس اليوم -وأستغفر الله إن قلت أكثر- مهملون لأولادهم من البنين والبنات، لا يسأل الابن: أين ذهب؟ ولا من صاحبه ولا من صديقه؟ ولا ماذا عمل في واجباته الدراسية؟ وهذا خطأ.

حث الطلاب على الاجتهاد وعدم الإهمال

حث الطلاب على الاجتهاد وعدم الإهمال وعلى الطالب أن يجتهد في ابتداء الدراسة من أول العام؛ لأنه إذا ترك الاجتهاد في أول العام تراكمت عليه المعلومات وعجز عن هضمها في المستقبل، لكن إذا كان يأخذ كل درس في حينه، ويراجعه، ويتمهل فيه؛ سهل عليه في آخر العام أن يراجعه؛ لأن الدرس قد رسخ في ذهنه فتسهل عليه المراجعة وتكون النتيجة طيبة. أما إذا أهمل وتمنى على الله الأماني وقال: الوقت أمامي طويل ونحن في أول السنة؛ فإنه سيضيع عليه الوقت، وسيعجز في آخر الأمر عن هضم العلوم. وليعلم أنه ليس المقصود من التعلم أن يحمل الإنسان بطاقة شهادة، المقصود من التعلم: هو إدراك العلم، أما هذه البطاقة فهي وإن كانت ميزاناً ظاهراً في عصرنا لكنها لا تفيد الإنسان شيئاً هذه واحدة خلاصتها: أني أحث الشباب المتعلمين على أن يتداركوا أمرهم من أول السنة، وأحث أولياء أمورهم على مراقبتهم والنظر في أحوالهم ومن أصدقاؤهم؟ وإلى أين يذهبون؟ ومتى يرجعون؟

معرفة الطالب أن ثمرة العلم العمل

معرفة الطالب أن ثمرة العلم العمل ثانياً: ما هي ثمرة العلم؟ ثمرة العلم العمل، وعلم بلا عمل فالجهل خير منه، فلا بد من العمل بما علم الإنسان وإلا أصبح الجاهل خيراً منه، فمثلاً: إذا علمنا أنه يجب على الإنسان أن يصلي الصلوات مع الجماعة إن كان رجلاً، وأن يكون أداء الصلاة بحضور قلبه وتدبره لما يقوله ويفعله وجب علينا أن نطبق هذا؛ لأن ذلك هو الثمرة، إذا علمنا أن بر الوالدين واجب -الأم والأب- فالواجب أن نقوم ببرهما، بالإحسان إليهما بالقول والفعل والمال، وبكل ما يسمى براً؛ لأن بر الوالدين بعد حق الله تعالى كما قال الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [النساء:36] وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [الإسراء:23] وقال الله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان:14] . وليعلم أن العقوق من أكبر الكبائر لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور. وما زال يكررها حتى قالوا: ليته سكت) . ثم ليعلم -أيضاً- أن الإنسان إذا بر بوالديه برَّ به أبناؤه وبناته لأن البر -كما يقول العامة- أسلاف، من بر بوالديه بر به أولاده، وهذا جزاء عاجل، والجزاء الآجل عند الله أعظم وأبقى.

احترام المدرسين وتوقيرهم

احترام المدرسين وتوقيرهم ثالثاً: إذا علمنا أن الواجب القيام بحقوق المدرس فلنطبق هذا، لنحترم المدرس حتى يحترمنا، وكثير من الطلاب لا يحترمون الأساتذة، ويسخرون منهم، وتجد المدرس يدرس والطالب غافل يعبث في دفتره، يعبث في الماسة، يكلم صاحبه، يضع رأسه على الماسة وينام كل هذا ينافي الأدب، فالواجب على الإنسان أن يحترم المعلم؛ لأنه مربٍّ موجه، كما أن الواجب على المدرس -أيضاً- أن يراعي شعور الطلاب، بحيث يتنزل معهم ويناقشهم، ولا يعنف عليهم، ويبذل لهم صدق المقال، ولا يظهر أمامهم إلا بالأخلاق الفاضلة لأن التلميذ يكتسب من أخلاق معلمه أكثر مما يكتسب من أخلاق أمه وأبيه. وإن بعض المدرسين يهمل هذا الجانب، فتجده يحضر إلى الطلاب ولا يبالي بهم وكأنهم أمامه بَهْمٌ، وإذا قام أحد يسأل سؤال استرشاد قمعه وقال: اجلس. ولا يمكن الطلاب من المناقشة معهم؛ لأنه يخشى إن ناقشوه أن يكون فاشلاً إذ أنه لم يُحضِّر ولم يهتم، وهذا خطأ وخيانة للوظيفة التي هو فيها، فالواجب أن يكون أمام الطلاب على وجه مرضي مقبول حتى ينتفعوا من علمه إذا كان لديه علم.

مراقبة الوالد لابنته عند الذهاب إلى المدرسة

مراقبة الوالد لابنته عند الذهاب إلى المدرسة وإن من المهم -أيضاً- ولا سيما بالنسبة للبنات أن يراقب الإنسان كيف تذهب ابنته إلى المدرسة؛ فإن بعض البنات تجدها تطلب من أمها أحسن الثياب وأجملها، وكلما ظهرت موضة قالت لأمها: اشتريها لي؛ حتى تماري بذلك زميلاتها وهذا خطأ عظيم، وكنت أظن أن نظام الرئاسة توحيد اللباس، وإذا كان هذا نظامها فالواجب الأخذ به ولا يجوز أن يتعداه الإنسان؛ لأن ولاة الأمور إذا أمروا بأمر ليس فيه معصية لله ورسوله فالواجب على الأمة اتباعه لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59] . ومن المهم أن ينظر من الذي يذهب بابنته أو بأخته إلى المدرسة، فإنه لا بد في ركوب المرأة مع السائق أن يكون معهما إما امرأة وإما محرم، فلا يجوز للسائق أن يخلو بالمرأة لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) ، وما ظنك باثنين الشيطان ثالثهما؟ بعض الناس يتهاون في هذا الأمر تهاوناً كثيراً، حتى إني سمعت أن بعضهم يركب ابنته الشابة مع السائق الذي ليس بمحرم لها، ثم إذا قارب باب المدرسة نزلت وذهبت وكأنها لم تأت وحدها مع السائق: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ} [النساء:108] يخافون الناس ولا يخافون الله! وخطر هذا عظيم لا تستهن به، لا تقل: نحن في أمان، لا تقل: هذا الرجل -الذي ليس من محارمها- رجل مأمون، فاثنان ثالثهما الشيطان ليس بينهما أمان. لذلك أرى: أنه إذا كان هناك من يحمل البنات أو المدرسات لا يركب معه امرأة وحدها أبداً لأن ذلك خلوة محرمة، ولكن تركب اثنتان فلا بأس، فإذا قال: كل امرأة في بيتها كيف تركب امرأتان؟ نقول: الحمد لله إذا كانت المرأتان متقاربتين في البيوت فلتأت إحداهما إلى الأخرى وتركبان مع السائق اثنتين هذا إذا لم يكن مع السائق أحد من النساء من محارمه، فإن كان معه أحد من النساء من محارمه فهذا كاف. أسأل الله تعالى أن يجعل هذا العام عام خير ورشد، وهدى وصلاح للآباء والأمهات، والأبناء والبنات، إنه على كل شيء قدير. ونأتي الآن إلى دور الأسئلة ونرجو الله أن يوفق فيها للصواب.

الأسئلة

الأسئلة

الأبناء أكبر مشغلة وأعظم مسئولية

الأبناء أكبر مشغلة وأعظم مسئولية Q فضيلة الشيخ تعلم يا فضيلة الشيخ أن بعض الآباء ينشغل في أعماله، وقد لا يتمكن من سؤال أبنائه عن مستواهم الدراسي أو من يصحبون، فهل هذا تضييع لحقوقهم؟ A قوله إنه ينشغل بأعماله نقول: من أكبر أعماله أبناؤه وبناته، ومسئوليتهم أعظم من مسئولية تجارته، ولنسأل ماذا يريد من تجارته؟ إنه لا يريد منها إلا أن ينفق على نفسه وأهله وهذا غذاء البدن، وأهم منه غذاء القلب، غذاء الروح، زرع الإيمان والعمل الصالح في نفوس الأبناء والبنات. ثم ليعلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) فالولد الصالح ينفع أباه وأمه في الحياة والممات، فهو أولى من مراعاة المال، فالمال إن كان صاحبه ذا غنى كثير أمكنه أن يجعل فيه عاملين يعملون بالتجارة، وإن كان دون ذلك فإن الله يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2-3] .

حكم من حفظ شيئا من كتاب الله ثم نسيه

حكم من حفظ شيئاً من كتاب الله ثم نسيه Q يقول: فضيلة الشيخ من المعلوم أنه يقرر على الطلاب حفظ شيء من كتاب الله تعالى، فإذا جاءت السنة الثانية نسينا بعض السور المقررة في الفصل الماضي، فهل يحرم على الإنسان نسيان هذه السور المقررة؟ A ليعلم أن الله تعالى إذا منَّ على الإنسان بحفظ شيء من كتابه فإنه من النعم العظيمة التي لا ينبغي للإنسان أن يهملها، وقد جاء حديث فيه وعيد شديد على من نسي شيئاً حفظه من كتاب الله، لكن المراد من نسيه معرضاً عنه زاهداً فيه، أما من نسيه لاشتغاله بتحصيل معاشه ومعاش أولاده، وكذلك باشتغاله إذا كان طالباً بالدروس الأخرى فإنه لا إثم عليه؛ لأنه لا يعد تاركاً له على وجه العمد، وقد قال الله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فأرجو الله سبحانه وتعالى ألا يكون على هؤلاء إثم، ولكني أحثهم على أن يتعاهدوا ما حفظوه من كتاب الله كما أمر بذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: (تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصياً من الإبل في عقلها) .

الوسائل المعينة على الإخلاص

الوسائل المعينة على الإخلاص Q ما هي الوسائل المعينة على الإخلاص في طلب العلم؟ A من أكبر الوسائل المعينة على الإخلاص: أن يريد الإنسان بطلب العلم امتثال أمر الله ورجاء ثوابه؛ لأن الله تعالى حث على طلب العلم بقوله: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11] وأن يرجو بهذا ما وعد به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) وليعلم أنه ما جلس مجلساً يتعلم فيه العلم إلا كان هذا المجلس غنيمة له، فبهذا وأمثاله يتكون الإخلاص في القلب، وأن يريد الإنسان بطلب العلم وجه الله تعالى والدار الآخرة.

مسئولية الأبناء على الأب دون الأم إذا كانت معاقة

مسئولية الأبناء على الأب دون الأم إذا كانت معاقة Q يقول: فضيلة الشيخ امرأة كبيرة في السن فيها مرض وهو جلطة -نعيذكم بالله وإخواننا المسلمين منها- وهي لها من الأولاد ما يقارب الخمسة؛ منهم ولدان لا يصليان، فماذا على الأم؟ هل عليها إثم أم على الأب؟ A مسئولية الأولاد على الأب، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) والشيء الخفي الذي يكون في البيت والأب لا يدري عنه تبلغ الأم به الأب وتبرأ بذلك ذمتها، ولكن المشكل قول السائلة: إن لديها ابنين لا يصليان هذه مشكلة غاية الإشكال، إذا كانا لا يصليان لا في المسجد ولا في البيت فهما كافران إذا كانا بالغين عاقلين؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر مخرج عن الملة -والعياذ بالله- ولنا في إثبات ذلك رسالة صغيرة الحجم لكنها كبيرة المعنى في بيان الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأقوال الصحابة رضي الله عنهم على أن ترك الصلاة بالكلية كفر مخرج عن الملة، يعتبر صاحبه مرتداً؛ إن رجع إلى الإسلام وصلى فهذا المطلوب، وإلا وجب على ولي الأمر قتله لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه) . ولكن لم يسد الله تعالى باب التوبة، فباب التوبة مفتوح، فعلى من ترك الصلاة أن يتوب إلى الله، وما تركه من الصلوات السابقة لا يلزمه قضاؤه، لكن يبتدئ من جديد ويصلي، والتوبة تهدم ما قبلها كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فأرجو من هذه المرأة بل أرجو من أبي الأولاد أن يلاحظ هذين الابنين الذين لا يصليان.

حكم حمل سلسلة مفاتيح من ذهب وحكم الصور والصلبان في الأدوات المدرسية

حكم حمل سلسلة مفاتيح من ذهب وحكم الصور والصلبان في الأدوات المدرسية Q فضيلة الشيخ نرى أن بعض المدرسين والطلاب ربما حملوا سلسلة مفاتيح يكون فيها شيء من الذهب، فهل يجوز ذلك؟ كذلك بعض الأدوات المدرسية تكون فيها صور أو صلبان، فما تنبيهكم؟ A أما السلاسل من الذهب إذا كان الإنسان لا يلبسها فإنها من الإسراف، وإن كان يلبسها فالأنثى يحل لها من الذهب ما جرت به العادة، والذكر لا يحل له أن يلبس شيئاً من الذهب على الإطلاق، لكن لا شك أن كون الميدالية سلسلة من الذهب إسراف، والله عز وجل قال: {وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام:141] . أما الصور التي في الأدوات كالتي تكون في كرتون آلة الهندسة أو في بعض البرايات التي للأقلام، أو في بعض الأقلام فهذه لا حكم لها، بمعنى: أنه لا حرج فيها، لكن التخلي عنها أفضل بلا شك.

جواز ركوب المدرسة مع السائق إذا كان معها نساء أخر

جواز ركوب المدرسة مع السائق إذا كان معها نساء أخر Q تقول السائلة: فضيلة الشيخ هل يجوز للمرأة التي تُعيِّن مدرسةً أن تسافر مع مدرسات مثلها في كل يوم مع سائق أجنبي ليس معه محرم، هل يجوز ذلك؟ A الذي نرى أن ذلك لا بأس به، يعني: لو عينت المرأة في بلد غير بلدها تذهب إليه كل يوم وترجع في نفس اليوم مع زميلات لها ولا يحصل في ذلك خلوة مع السائق فلا بأس به، لأن هذا لا يعد سفراً حتى لو بلغ ثمانين كيلو مثلاً أو تسعين كيلو وهن يرجعن في يومهن فليس هذا سفراً فلا يحتاج إلى محرم، لكن الممنوع هو الخلوة، أن يخلو السائق بواحدة منهن حتى ولو في البلد لأن الخلوة بالسائق محرمة.

عدم إجابة دعاء الوالدين على أولادهما إذا كان ظلما

عدم إجابة دعاء الوالدين على أولادهما إذا كان ظلماً Q فضيلة الشيخ هل دعوة الوالدين على الابن مستجابة إذا كان سبب تلك الدعوة محاولة الابن للإصلاح وعدم تفهم الوالدين لذلك؟ A دعوة الوالدين على الولد لا تخلو من أن تكون ظلماً أو عدلاً، فإن كانت عدلاً فإن دعاء الوالدين على الولد حري بالإجابة، وإن كان ظلماً مثل أن ينصحهما فيدعوان عليه فإن الله لا يستجب ذلك لقول الله تعالى: {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام:21] . كذلك لو نهياه عن الدروس في المساجد، أو عن صحبة الأخيار ثم أصر على الدروس في المساجد وعلى صحبة الأخيار فدعوا عليه؛ فإن دعوتهما لا تقبل لأنهما ظالمان، وقد قال الله تعالى: ((إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظالمون)) [الأنعام:21] . وبهذه المناسبة أود أن أوجه نصيحة لبعض الآباء والأمهات -أيضاً-: إذا رأوا من الولد أو البنت إقبالاً على اتباع السنة وضعوا أمامه من المعوقات ما يمنعه عن تطبيق السنة، وربما يحرجانه ويقولان: أنت في حرج. وربما تقول الأم: والله ما آكل أضحيتك، وما أشبه ذلك، كل هذا لا يجوز، فلا يجوز للإنسان أن ينهى عن المعروف، من الذين ينهون عن المعروف؟ المنافقون: {يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} [التوبة:67] وقولهم: إننا نخاف من التشدد في الدين أو الوساوس أو ما أشبه ذلك -كما يدعي بعض النساء- نقول: هذا علمه عند الله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:3-4] فإذا رأى الإنسان ابنه أو ابنته مقبلاً على الخير وعلى الطاعات فلا يجوز منعه. كذلك يوجد من بعض النساء إذا كانت البنت صالحة تصوم يومي الإثنين والخميس، أو الأيام البيض، تمنعها الأم، تقول: لا تصومين، وربما تحرجها، وربما تدعو عليها، فنقول: إذا دعت عليها فإنه لا يقبل لأن دعوتها عليها إذا صامت ما شرع الله صيامه ظلم، والظلم لا يقبله الله عز وجل. وأما تحريجها فإن ذلك -أيضاً- لا يمنع البنت أن تصوم، وعلى الأم أن تكفر كفارة يمين لأن الحرج كالتحريم، والتحريم قال الله تعالى فيه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم:1-2] فإن قال قائل: هل يلزم الابن أو البنت أن يطيع أبويه في عدم الصيام المشروع، أو في عدم طلب العلم، أو في عدم الدعوة إلى الله؟ قلنا: لا يلزمك، ومعصيته إياهما في هذه الحال لا إثم فيها.

عدم جواز مناقشة الأم مدير المدرسة عن أبنائها

عدم جواز مناقشة الأم مدير المدرسة عن أبنائها Q يقول السائل: فضيلة الشيخ يحدث كثيراً في مدارس البنين أن تقوم الأم بالاتصال بالمدرسة ومناقشة المعلم أو مدير المدرسة عن ابنها في المدرسة، سؤالي يا فضيلة الشيخ: هل يجوز لها ذلك، أم أن هذا الدور -أقصد متابعة الأبناء- يجب أن يكون على الأب؟ وما توجيهك يا فضيلة الشيخ؟ A لا شك أن الأب هو المسئول كما قررناه قبل ذلك، هو المسئول عن أبنائه وبناته، ولا ينبغي للمرأة أن تناقش مدير المدرسة أو أساتذة المدرسة، هذا يكون إلى الأب، الرجال للرجال والنساء للنساء، أما إذا كانت تريد أن تناقش مديرة المدرسة والمدرسات فنعم، الذي يتولى ذلك هو الأم.

حكم الدراسة لأجل الشهادة فقط والتوجيه في ذلك

حكم الدراسة لأجل الشهادة فقط والتوجيه في ذلك Q فضيلة الشيخ أنا أدرس لآخذ الشهادة، هل هذا حرام علي؟ وكيف أعمل لكي تكون دراستي لوجه الله؟ A هذا سؤال مهم، الدراسة لأجل الشهادة نسأل هذا الدارس هل تريد الشهادة لتنال بها مرتبةً ورتبةً مالية؛ فالنية هذه نية خاسرة، أو تريد أن تنال بالشهادة مكاناً تنفع به المسلمين من تدريس أو قضاء أو إدارة؛ فهذه نية طيبة ولا تنافي الإخلاص؛ لأننا نعلم الآن أن مدار اتخاذ الإنسان مكاناً ينفع الناس به إنما يكون بالشهادة، الذي ليس معه شهادة ولو كان من أعلم الناس لا يتسنى له أن يدرس في الجامعة مثلاً أو يدرس في الثانوية، فإذا طلبت العلم للشهادة لتتبوأ مكاناً قيادياً في الأمة من مدرس أو قاض أو مدير أو ما أشبه؛ ذلك فهذه نية طيبة وليس فيها إثم.

جواز إنشاء الجمعيات المالية بين الزملاء

جواز إنشاء الجمعيات المالية بين الزملاء Q أكثر من سؤال حول موضوع الجمعية فمن ذلك يقول: فضيلة الشيخ نحن مجموعة من الزملاء نريد أن نعمل جمعية، وهي أن يدفع كل واحد منا مبلغاً محدداً كأربعة آلاف، فيأخذ المبلغ واحداً منا ونمشي على الترتيب في أخذ المبلغ، سبب السؤال: أننا سمعنا أنها حرام أو بها شبهة، فما فتواكم يا فضيلة الشيخ في هذه المسألة؟ A فتواي في هذه المسألة أنها جائزة، وليس فيها شبهة إطلاقاً، بل هي من التعاون بين المسلمين، مثلاً: إذا كانوا عشرة وقالوا: يؤخذ من كل واحد ألف في الشهر، ويعطى الأول، في الشهر الثاني يعطي الثاني، وفي الشهر الثالث يعطى الثالث، وهكذا حتى تعود إلى الأول من جديد، أي مفسدة في هذا؟ أي رباً في هذا؟ فهي خير وتعاون، أحياناً يكون الإنسان في ضائقة وراتبه الذي بيده لا يكفيه فيستعين بإخوانه ويقول: أقرضوني، فلو قال قائل: هو إذا أقرضهم سيقرضونه. نقول: نعم، وهل أخذ زيادة؟ لم يأخذ زيادة، أعطى ألفاً وأخذ ألفاً، لم تزد، ولا إشكال فيها، والإفتاء فيها بالتحريم وهم في الواقع، وكل قرض جر منفعة فهو ربا، هذا إذا كان منفعة زيادة كأن يقول: أقرضك عشرة آلاف وأسكن بيتك سنة -مثلاً- أما هذا فإن المقرض لم يأته زيادة عما أقرض، وهو انتفع وإخوانه أيضاً انتفعوا، فعندي أنه لا إشكال فيها وأنها من باب التعاون بين الإخوة. السؤال: إذا كانوا أكثر من اثني عشر هل فيها زكاة؟ الجواب: مسألة الزكاة تكون حسب أقوال العلماء في مسألة الدين، الآن -مثلاً- هو إذا أعطى الأول ألفاً والثاني ألفاً والثالث ألفاً سيكون له في آخر العام ما في ذمتهم، إذا كانوا تسعة كم يكون في ذمتهم؟ تسعة آلاف، تزكى؛ لأن الدين على الملي تجب فيه الزكاة.

الكحل الثابت لا يدخل في الوشم المنهي عنه

الكحل الثابت لا يدخل في الوشم المنهي عنه Q تقول السائلة: فضيلة الشيخ ظهر في أوساط النساء وخصوصاً في مدارس البنات ما يسمى بالكحل الثابت، وهو مجموعة من الأصباغ تدوم فترةً طويلة، فهل يدخل ذلك في حكم الوشم؟ وما توجيهك للنساء في ذلك؟ A هذا لا يدخل في الوشم لأن الوشم يغرز فيه الكحل في داخل الجلد، ولا ينمحي أبداً أما هذا فينمحي، ولكني أحب أن ينتبه الناس لهذه المواد: الكحل الثابت والميش وما أشبه ذلك، هذه فيها مواد كيماوية لا شك، وتأثيرها على البشرة -يعني: على الجلد- وعلى الشعر أمر مجزوم به؛ لكنه لا يظهر الأثر إلا بعد مدة؛ لذلك أرجو من أخواتنا، وأرجو -أيضاً- من إخواننا أن ينتبهوا لهذه النقطة، فإن هذه المواد الكيماوية لا بد أن يكون لها تأثير على البدن، أما الأشياء الطبيعية كالكحل المعتاد فهذا لا يضر، فلنتنبه لهذا الشيء.

ضرورة احترام المدرس وإن كان عاصيا ولزوم النصيحة للشخص إذا وجد فيه عيب

ضرورة احترام المدرس وإن كان عاصياً ولزوم النصيحة للشخص إذا وجد فيه عيب Q هذا يقول: فضيلة الشيخ لي معلم لا يلتزم بالتعاليم الإسلامية فهو يحلق لحيته، ويشرب الدخان، ويطيل ثوبه، فهل يجب علي احترامه وتقديره؟ وهل يجوز أن أعرض عنه؟ -وقبل أن يختم يقول- سبق أن سمعت غيبة لك يا فضيلة الشيخ ولم أنكر فأرجو أن تسامحني على ذلك قبل أن لا يكون دينار ولا درهم. A أما بالنسبة للمدرس الذي بهذه الصفة فأرى أن يرفع أمره إلى مدير المدرسة، ومدير المدرسة سوف يعمل اللازم بالنسبة لهذا المدرس بالنصيحة بالتي هي أحسن، وتنحل الأمور إذا أتيت من أبوابها، لكن في الفصل الذي فيه الدراسة يحترم لا لذاته ولكن من أجل أن له الولاية على الطلاب في هذا الفصل -أي: فصل الدراسة-. وأما بالنسبة لكونه لم يدافع عني فأشكره على هذا الاعتذار، ولكني أبشره بشيء مهم أن كل إنسان يغتاب شخصاً فإنما يقدم له عملاً صالحاً يبقى للذي اغتيب، ولهذا قال بعض السلف: أود أن أبذل دراهم لمن يغتابني؛ لأن الذي يغتابني يهدي إلي هدية أثمن من الدراهم، وهي الحسنات؛ فلقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من تعدون المفلس فيكم؟ قالوا: من لا درهم عنده ولا متاع -أو قالوا: ولا دينار- قال: لا، المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، فيأتي وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأخذ مال هذا؛ فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار) نسأل الله العافية. وأنا لا أقول: إني معصوم، ليس فيَّ شيء يمكن أن يغتابني الناس فيه، لكني أقول: كل إنسان يبلغه عني شيء فالواجب عليه أن يبلغني إياه؛ لأن هذا من النصيحة والإنسان بشر، وهذا خير من كونه يتكلم في عرض الإنسان، أبلغ أخاك عيبه، ومن أهدى إليك عيبك فقد نصحك وأحسن إليك.

عدم جواز التقليل من الحفظ المقرر في مدارس التحفيظ

عدم جواز التقليل من الحفظ المقرر في مدارس التحفيظ Q فضيلة الشيخ أحسن الله إليك، أنا في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم يقرر علينا خمسة أجزاء مثلاً، ولكن المعلم ربما يقلل على الطلاب فيعطيهم أقل من هذا المقرر، فهل يجوز للمعلم ذلك؟ A لا يحل للمعلم أن ينقص شيئاً من المقررات، ولا أن يتغيب عن الحصص الدراسية لأنه مؤتمن، فهو أمين بين مؤتمنين: أمين بين الدولة وبين الطلاب، أمين بين الطلاب وآبائهم، يجب عليه أن يمشي على النظام، لكن أحياناً يكون المقرر أكثر من الزمن وحينئذ يقع الإشكال، بمعنى: أنه يكون المقرر -مثلاً- خمسة أجزاء والزمن لا يتسع لخمسة أجزاء، فما موقف المدرس حينئذ؟ في هذه الحال أرى أن المدرسين يكتبون تقريراً إلى إدارة المدرسة، وإدارة المدرسة إلى إدارة التعليم وإدارة التعليم إلى الوزارة في أن الزمن لا يكفي لهذا المقرر فيزاد في الزمن، بدلاً من أن يكون حصتين يكون ثلاثاً.

حل توجيهي لشاب في أسرة فاسدة

حل توجيهي لشاب في أسرة فاسدة Q سائل يقول: فضيلة الشيخ في بيتنا دش وفيديو وخادمة، وأبي وإخواني لا يصلون لا في البيت ولا في المسجد، ويشربون الدخان، نصحتهم كثيراً في كل هذا ولم يمتثلوا لنصحي، وأنا إذا ذهبت إليهم أضعف جداً حيث تكون الخادمة في البيت كاشفة الوجه والرأس، والدش موجود وصوته مرتفع بالموسيقى، فماذا أعمل يا فضيلة الشيخ؟ أرجو منكم لهم الدعاء بالهداية. A نسأل الله لهم الهداية ولكل إخواننا المسلمين. أقول: إذا كان يمكنك أن تنفرد بمسكن فافعل، وإذا كان لا يمكنك فاختر حجرةً من البيت تكون فيها وتبعد عن الأشياء المحرمة، وليس عليك من إثمهم شيء ما دمت لا تجد مكاناً وليس عندك دراهم تستأجر بها، فكن في حجرة خاصة في البيت واسأل الله لهم الهداية.

حكم الصلاة في المسجد قبل الإقامة بدون إذن الإمام

حكم الصلاة في المسجد قبل الإقامة بدون إذن الإمام Q فضيلة الشيخ دخل مجموعة من الناس إلى المسجد قبل إقام الصلاة فصلوا قبل الإقامة، فما حكم صلاتهم؟ A لا يجوز للإنسان أن يقيم الجماعة في مسجد له إمام راتب إلا بإذن الإمام، وإذا قال هؤلاء: نحن مسافرون، لا يمكننا أن ننتظر حتى يأتي الإمام ويصلي. قلنا: الأمر واسع، إذا كنتم مسافرين فسافروا وصلوا في الطريق، أما أن تصلوا في مسجد له إمام قبل حضور إمامه فهذا لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن ذلك فقال: (لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه) فسلطان المسجد هو إمامه فيجب الانتظار حتى يحضر الإمام، فإن قالوا: نحن مسافرون لا يمكننا أن نبقى. قلنا: الحمد لله، أنتم معذورون بترك الجماعة، سافروا وصلوا في أي مكان شئتم.

حكم الصلاة على الإسفنج

حكم الصلاة على الإسفنج Q فضيلة الشيخ ما حكم من دخل مسجداً مفروشاً على الإسفنج؟ وما حكم السجود على الإسفنج في الصلاة؟ A لا بأس أن يصلي في المسجد، لكن إذا سجد فليكبس على الإسفنج حتى يستقر لقول أنس بن مالك رضي الله عنه: (كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه وسجد عليه) فهذا يدل على أنه لا بد أن تمكن جبهتك لا أن تضعها على الإسفنج وضعاً؛ لأنه إذا وضعتها وضعاً لم يصدق عليك أنك سجدت. إذاً نقول: إذا صلى الإنسان في المسجد أو في بيته على الإسفنج فإنه لا بد أن يضغط عليه حتى يستقر.

كيفية الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأخير من الصلاة

كيفية الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأخير من الصلاة Q فضيلة الشيخ ما هي كيفية الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأخير في الصلاة صيغة اللفظ الواردة جزاك الله خيراً؟ A الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هي: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

كيفية التوبة من السرقة

كيفية التوبة من السرقة Q فضيلة الشيخ شخص له عدة سوابق في السرقة، وعندما أراد التوبة عن ذلك لم يعرف الوسيلة إلى ذلك، فماذا يفعل حتى يتوب، مع العلم أن الأشخاص الذين سرق منهم لم يعودوا موجودين؟ A التائب من السرقة لا تتم توبته حتى يوصل المال إلى من سرق منه، ولكن إذا قلنا: لا بد أن توصل المال إلى من سرقته منه قد يكون فيه إشكال، ما هو الإشكال؟ الإشكال أن يقبضوا عليك، وإذا قال: إنه سرق ألفاً قالوا: لا، أنت سرقت ألفين، وهذه مشكلة، فما هي الطريق؟ الطريق أن ينظر إلى أحد من أصحاب الرجل صاحب المال ويذهب إليه ويخبره بالخبر، وصديق صاحب المال يعطيه ويقول: هذا من رجل تاب إلى الله ومن تحقيق التوبة أن يرد المال إليك. فإذا قال: لم أعرف الرجل، أو كنت أعرفه ولكن سافر إلى بلده ولا أدري أين هو. نقول: عليك أن تتصدق بقدر ما سرقت تخلصاً من السرقة لا تقرباً بذلك إلى الله، وهكذا القاعدة يا إخواني، القاعدة: في كل مال جهل مالكه أن تتصدق به تخلصاً منه.

حكم القراءة من المصحف في الفريضة والنافلة

حكم القراءة من المصحف في الفريضة والنافلة Q سؤالي يا فضيلة الشيخ: ما حكم النظر في المصحف في صلاة الفرض والنفل؟ وما حكم القراءة ببعض الأدعية كدعاء الاستخارة في صلاة النافلة؟ A القراءة من المصحف في صلاة الفريضة والنافلة إن كان يمكن أن يقرأ بدون ذلك فهو أفضل؛ لأن القراءة في المصحف تحتاج إلى نظر، وتحتاج إلى حمل المصحف، وإلى وضعه، وإلى تقليب الأوراق وكلها حركات، فإذا كان الإنسان لا بد أن يقرأ فلا بأس سواء في الفريضة أو في النافلة، ومن ذلك -أي: من القراءة في الفريضة- أن بعض الناس في فجر يوم الجمعة لم يحفظ (الم تنزيل السجدة) ، ولا: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} [الإنسان:1] فبعض الناس يترك هذه السنة لأنه لم يحفظها، فنقول: الحمد لله الأمر واسع، إذا كنت لا تحفظها عن ظهر قلب فاقرأ بها من المصحف ولا حرج في هذا، وقد كانت أم المؤمنين رضي الله عنها تقرأ في صلاتها في التهجد من المصحف، فلا حرج. أما إذا كان ليس له حاجة للقراءة في المصحف فلا يقرأ في المصحف. وإنني بهذه المناسبة أود أن أنبه إلى شيء كان الناس يفعلونه ثم تقاصروا فيه -والحمد لله- وهو: أن بعض المأمومين في التراويح في رمضان أو في صلاة التهجد يأخذ المصحف ليتابع الإمام، وهذا غلط؛ لأن هذا يؤدي إلى حركات لا داعي لها، ويمنع المصلي من وضع اليد على الصدر، وربما يسرح في نظره إلى الآيات في المصحف عن استماع الإمام، نعم لو أن الإمام لم يحفظ جيداً فقال لبعض المأمومين: يا فلان! صل ورائي، وإذا غلطت فرد علي، فهذا لا بأس به لأن فيها مصلحة، أما لمجرد المتابعة فلا.

التفصيل في قصر الصلاة في السفر وجمعها

التفصيل في قصر الصلاة في السفر وجمعها Q فضيلة الشيخ نحن طلبة ندرس في إحدى الدول الغربية، ولكن نواجه مشكلة وهي: اختلاف الفتاوى في الصلاة: هل تجمع وتقصر، أم تقصر فقط، فماذا تقولون بالتفصيل وفقكم الله؟ A بقي قسم ثالث: أم لا تقصر ولا تجمع، هذه المسألة يا إخواني مبنية على خلاف العلماء رحمهم الله، إذا أراد المسافر أن يقيم في مكان مدةً محددة معلومة، فهل له أن يقصر الصلاة أو لا؟ أكثر العلماء يقولون: لا يقصر الصلاة إذا زادت إقامته عن خمسة عشر يوماً، وبعضهم يقول: أربعة أيام. وبعضهم يقول: أربعة أيام لا يحسب منها يوم الدخول والخروج. وبعضهم يقول: تسعة عشر يوماً. وقد ذكر الحافظ النووي رحمه الله في كتابه شرح المهذب عشرين قولاً أو أكثر من عشرين قولاً في هذه المسألة. والقول الراجح: أنه ما دام الإنسان مسافراً فهو مسافر حتى لو حدد المدة، وحتى لو زادت على أربعة أيام أو عشرة أو عشرين أو ثلاثين، هو مسافر، والدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سافر وأقام عدة إقامات مختلفة وهو يقصر الصلاة، أقام في غزوة الفتح في مكة تسعة عشر يوماً، وأقام في تبوك عشرين يوماً، وأقام في حجة الوداع عشرة أيام وكلها يقصر، ولم يرد عنه حرف واحد يقول: من نوى أكثر من أربعة أيام أو أكثر من خمسة عشر يوماً لزمه الإتمام؛ أبداً، وإنما كان يقصر ما دام على سفر، وقد أطلق الله تبارك وتعالى هذا الحكم فقال: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء:101] ولم يحدد. إذاً لا إشكال عندي في أن هؤلاء المبعوثين للدارسة يقصرون الصلاة، ماذا بقي من الرخص؟ الجمع، هل يجمعون أو لا؟ أقول: الأفضل ألا يجمعوا إلا إذا كان يلحقهم في ترك الجمع مشقة كتباعد الأمكنة، أو وجود حصص دراسية تمنعهم من أن يصلوا الصلاة الثانية في وقتها فلهم الجمع. هذا هو القول الراجح عندي، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم، وشيخنا عبد الرحمن بن السعدي رحمه الله ومشايخ آخرين على أن ذلك غير محدد. بقي الاختلاف، اختلاف الطلبة لا ينبغي أن يختلفوا في هذا، يتبعون الإمام فإذا كان الإمام الذي يصلي بهم لا يرى القصر ويصلي أربعاً فليصلوا أربعاً وهم على خير، وإن كان يرى القصر ويصلي ركعتين فليصلوا ركعتين، ومن لا يرى القصر وصلى خلف الإمام الذي يقصر فإن الإمام إذا سلم يقوم المأموم فيتم.

حكم معاشات التقاعد لمن تقاعد عن العمل

حكم معاشات التقاعد لمن تقاعد عن العمل Q فضيلة الشيخ قاربت على التقاعد فبماذا تنصحني: هل أستقيل وأصفي حقوقي بدلاً من التقاعد لأني سمعت أن فيه شبهة رغم أنه أفيد بالنسبة لي من التصفية، أم أنه ليس فيه شبهة فآخذ به يا فضيلة الشيخ؟ A أقول: ليس فيه شبهة إن شاء الله، معاشات التقاعد ليس فيها شبهة لأنها من بيت المال وليست معاملة بين شخص وآخر حتى نقول: إن فيها شبهة الربا، بل هي استحقاق لهذا المتقاعد من بيت المال، فليس فيها شبهة، تبقى على وظيفتك وتأخذ معاش التقاعد، وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يجعل فيه البركة لك.

واجبنا نحو المسلمين في كوسوفا

واجبنا نحو المسلمين في كوسوفا Q فضيلة الشيخ هل من كلمة توجهنا فيها لدعم إخواننا المظلومين في إقليم كوسوفا حيث أن هناك الهجمة الشرسة كالتي كانت في البوسنة من الصرب النصارى بل أشد، وخصوصاً مع هذا التعتيم على وضعهم وهذا التكالب من أعداء المسلمين والتلاعب فيهم، حتى لم نرهم يعملون شيئاً، وما هو حثكم للمسلمين في دعمهم؟ A والله هذه المسائل لا شك أنها تؤلمنا، والله نتألم، الإنسان لو تصور -لا قدر الله- أن مدينة من مدن المملكة تسلط عليها أعداء شرسون، وأخرجوا النساء والأطفال وقتلوا الرجال الشيوخ فلن يصبر على هذا، ولتألم أو مات ألماً، ولا شك أن إخواننا المسلمين في كوسوفا يلحقهم مثل هذا كما نسمع في الأخبار على أن الأخبار معتمة، ولكن ما موقفنا؟ إننا لا نستطيع إلا الدعاء، أن ندعو الله لهم في الصلوات والخلوات، في آخر الليل، فيما بين الأذان والإقامة، في السجود أن ينصرهم الله وأن يخذل أعداءهم من الصرب. وكذلك -أيضاً- يجب أن نعلم -أيها الإخوة- أن النصارى واليهود وسائر المشركين أعداء للمسلمين، كلهم أعداء للمسلمين، ومعلوم أن العدو لا يمكن أن يفرش الأرض وروداً لعدوه أبداً، بل يحب القضاء عليه بأسرع وقت، يقول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال:73] ويقول عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة:51] ويقول جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة:1] ويقول تبارك وتعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء:89] ويقول تعالى: {وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [الممتحنة:2] ويقول تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة:109] هذه حقيقة يجب أن تكون في قلب كل مسلم، وأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتوحد الأديان أبداً، الدين واحد ما هو؟ الإسلام كما قال الله تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3] وقال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران:85] . اليهود والنصارى على دين لكن بعد أن بعث الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم نسخ الله به جميع الأديان، وهم لو كانوا صادقين بأنهم يؤمنون بالله واليوم الآخر لاتبعوا محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن هم الآن (اليهود) مكذبون لموسى وهم يدعون أنهم أتباعه، النصارى مكذبون لعيسى وهم يدعون أنهم أتباعه، قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} [البقرة:113] كل أمة تكفر أخرى، النصارى مكذبون لعيسى عليه السلام لأن عيسى قال لهم: {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف:6] فلما جاءهم محمد: {قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الصف:6] لم يقبلوا بشارة عيسى ولم يصدقوا به. ثم إني أقول لكم -بارك الله فيكم-: من كذب رسولاً واحداً من الرسل فقد كذب الجميع، اسمعوا قول الله عز وجل: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:105] وهل بعث أحد قبل نوح؟ لا، ومع ذلك يقول الله عن قومه الذين كذبوه إنهم كذبوا المرسلين؛ لأن من كذب رسولاً من الرسل فقد كذب الجميع يجب أن نعرف هذا، وأنا أعلم الآن أن هناك أناساً يداهنون الكفار ويقولون: كلنا إبراهيميون، لأن اليهود يقولون: إبراهيم منا، والنصارى يقولون: إبراهيم منا. فكذبهم الله فقال: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران:67] هؤلاء الذين يداهنون ويقولون: كلنا نؤمن بالله واليوم الآخر، كلنا إبراهيميون نقول: هذه مغالطة، لو كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر ما كذبوا الرسول عليه الصلاة والسلام.

حكم اعتقاد أن للنجوم والبروج تأثيرا

حكم اعتقاد أن للنجوم والبروج تأثيراً Q فضيلة الشيخ نقرأ في التقاويم اليومية أن لبعض الأبراج خواص تنسب إليها، فهذا المرفق يقول: خواص برج العقرب -مما ذكر- غزير قلما يخلف مطره إلا أنه مذموم؛ لأنه ينبت النشرة وهو نبت إذا رأته الإبل مرضت. A على كل حال الإخبار بما يقع في البروج أو النجوم إذا كان مجرد خبر بأن يقال: جرت العادة أنه في النجم الفلاني أو البرج الفلاني يحصل كذا وكذا فهذا لا بأس به لأنه خبر، أما إذا اعتقد أن للبروج تأثيراً في الحوادث فهذا حرام، وهو نوع من الشرك، وكذلك لو اعتقد أن للنجوم التي ليست البروج تأثيراً في الحوادث فهذا نوع من الشرك الذي لا يجوز ولا يصدق، فهذه هي القاعدة: إذا كان يخبر عما كان عادةً مثل أن يقول: إذا دخل البرج الفلاني كثر المطر في العادة. فلا بأس به، هذا شيء واقع، أما إذا كان يعتقد أن للبرج تأثيراً فهذا نوع من الشرك، وفي الصحيح عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: (صلى بنا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاة الصبح في الحديبية على إثر سماء كانت من الليل -يعني: على إثر مطر- فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب) .

حكم اتخاذ احتفالات أو أعياد رأس كل حول

حكم اتخاذ احتفالات أو أعياد رأس كل حول Q فضيلة الشيخ رجل يوجد عنده مؤسسة وسيمر عليه فترة من الزمن بعد أيام يريد أن يحتفل بها لإظهار الأعمال التي قام بها، فما توجيهك له في ذلك هل يفعل أم لا؟ ولماذا؟ وما حكم تهنئته بذلك؟ A أرى ألا يفعل؛ لأني أخشى أن يتخذ ذلك عيداً، كلما حال الحول أقام احتفالاً، ولم يجعل الله لهذه الأمة عيداً يحتفل فيه إلا الفطر والأضحى والجمعة عيد الأسبوع ولها خصائصها، لكن العيدان: الأضحى والفطر يجوز فيهما من اللعب والدف ما لا يجوز في غيرهما، فهذه الأعياد الثلاثة الإسلامية، ولا ينبغي للإنسان أن يتخذ عيداً سواها، ولكنه لا بأس أن الإنسان إذا تم الحول على تجارته وهي مستقيمة أن يشكر الله تعالى ويحمد الله عليها، بل هذا من الأمور المطلوبة، أما اتخاذ احتفال أو عيد أو عزائم فلا.

حكم طاعة الوالدين في فعل المنكر

حكم طاعة الوالدين في فعل المنكر Q فضيلة الشيخ نخبرك بأنا نحبك في الله، ولقد تطرقت يا فضيلة الشيخ إلى بر الوالدين، فإذا كان الوالدان لا يسمحان بزيارة أخ عاق، فما حكم مخالفتهم في ذلك؟ A هذا السؤال الذي سأل عنه أخونا يقع كثيراً، يكون بين الأم وبين أختها أو قريبتها سوء تفاهم، أو بين الأب وأخيه أو قريبه سوء تفاهم، ويقول لأولاده: لا تزوروا فلاناً، أو تقول المرأة: لا تزوروا خالتكم مثلاً، ولا شك أن هذا أمر بقطيعة رحم، فهو أمر بمنكر، فلا يطاع الولدان بهذا، لكن تداريهما فتذهب إلى هؤلاء الذين نهوك عن زيارتهم وتزورهم خفية من غير أن يشعر الولدان بذلك، فتجمع بين تحصيل المصلحة ودرء المفسدة.

طلب العلم مقدم على صلاة النافلة

طلب العلم مقدم على صلاة النافلة Q فضيلة الشيخ تعلمون -حفظكم الله- أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد فعل سنة الضحى ورغب فيها، ونحن طلاب لنا رغبة في أدائها، فهل من كلمة إلى مدراء المدارس والوكلاء والأساتذة لتخصيص غرفة لمن يرغب في أدائها؟ A لا أستطيع أن أقول هذا، أنا أخشى أنه يقعد يصلي ويتلهى مع زميله وتضيع عليه الفرصة، وهم إن شاء الله ما داموا في طلب العلم فطلب العلم أفضل من النافلة، على أن من العلماء من قال: إن سنة الضحى غير مشروعة. وبعضهم قال: غير مشروعة لمن يقوم الليل. ولكن القول الراجح: أن سنة الضحى سنة في كل الأيام، لو لم يكن منها إلا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر أنه: (يصبح على كل عضو من أعضاء البدن صدقة) ، والأعضاء -يعني: المفاصل، ثلاثمائة وستون مفصلاً تحتاج كل يوم إلى ثلاثمائة وستين صدقة- لكن التسبيح صدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، قال: (ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى) فإن تيسر لك أن تركعهما فهذا المطلوب وإن لم يتيسر فأنت في خير إن شاء الله. السائل نفسه: في الفسحة يا شيخ؟ الشيخ: الفسحة يمكن، لكن كوننا نخصص مكاناً لمن أراد أن يصلي أخشى أن يكون فيه تلاعب، وأنتم تعرفون أن الشباب الصغار ليسوا على مستوى واحد.

اللقاء الشهري [59]

اللقاء الشهري [59] في هذا اللقاء تفسير آيات من سورة الفرقان، وقد تضمنت هذه الآيات عدة أمور: منها: امتداح الله لنفسه بخلق المخلوقات العظيمة في هذا الكون، بالإضافة إلى تعاقب الليل والنهار من أجل التذكير والعبادة. ومنها: بيان صفات عباد الرحمن التي نفتقد التحلي بالكثير منها.

تفسير آيات من سورة الفرقان

تفسير آيات من سورة الفرقان الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء التاسع والخمسون من اللقاءات الشهرية التي تتم يوم السبت ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذه الليلة هي ليلة الأحد الحادي والعشرين من شهر جمادى الآخرة عام (1419هـ) . أسأل الله تعالى أن ينفعني وإياكم بما علمنا، وأن يزيدنا علماً، وأن يجعلنا من الصالحين المصلحين إنه على كل شيء قدير.

تفسير قوله تعالى: (تبارك الذي جعل في السماء بروجا.

تفسير قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً.) في هذه الليلة سنبدأ بتفسير آخر سورة الفرقان، من قول الله تبارك وتعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً} [الفرقان:61] . يمتدح جل وعلا نفسه بهذه المخلوقات العظيمة، فيقول: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً} [الفرقان:61] أي: تعالى وتعاظم، وحلت البركة بأسمائه وكلامه عز وجل، كما قال الله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص:29] وفي دعاء الاستفتاح نقول في الصلاة: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك) أي: إن البركة تنال باسمك، ولهذا يذبح رجلان ذبيحتين: أحدهما لم يسم على ذبيحته، والثاني سمى عليها، فذبيحة الأول حرام لا بركة فيها، وذبيحة الثاني الذي سمى عليها حلال فيها البركة. فالله عز وجل متبارك متعالٍ متعاظم: البركة في أسمائه البركة في صفاته البركة في كلامه جل وعلا. {الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً} [الفرقان:61] (بروجاً) جمع برج، وهي النجوم العالية، هذه النجوم التي نراها ونشاهدها ليلاً هي بروج يعلو بعضها بعضاً وهي اثنا عشر برجاً، ثلاثة للصيف، وثلاثة للشتاء، وثلاثة للخريف، وثلاثة للربيع، فالجميع اثنا عشر برجاً، نجوم عالية، انظر إلى هذه النجوم كيف تراها بهذا الكبر وبينك وبينها من المسافات العظيمة ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، أو من أطلعه الله عليك! {وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً} [الفرقان:61] السراج: الشمس، والقمر المنير: القمر، والأم هي الشمس؛ لأن نور القمر مستفاد من نور الشمس، ولهذا إذا دنا القمر من الشمس ضعف نوره؛ لأنها تضعف المقابلة بينه وبين الشمس ونوره مكتسب من الشمس، فإذا قرب منها قلَّت المقابلة فقلَّ النور، وإذا ابتعد عنها وصار هو في المشرق وهي في المغرب أو بالعكس امتلأ نوراً؛ ولذلك تجدون القمر في ليالي الإبدار مكانه بالنسبة للشمس في أول الليل شرقاً والشمس غرباً، وفي آخر الليل يكون غرباً والشمس شرقاً ويمتلئ نوره؛ لأنها تتم مقابلته مع الشمس، ولهذا سمى الله الشمس سراجاً والقمر نوراً.

تعاقب الليل والنهار

تعاقب الليل والنهار {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} [الفرقان:62] يخلف بعضه بعضاً، يأتي الليل فيذهب النهار، ويأتي النهار فيذهب الليل، بقدرة الله جل وعلا، وقد بيَّن الله لنا ذلك في قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ} [القصص:71] ؟ A لا إله إلا الله، لا أحد يقدر على هذا إلا الله، لو اجتمعت الأمم كلها بأجناسها وأنواعها وقواتها ما استطاعوا أن يمنعوا الشمس لحظة واحدة، ولا أن يعجلوها لحظة واحدة {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ} ؟ الله عز وجل {أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص:72-73] الحمد لله. إذاً جعل الله الليل والنهار خلفة، أي: يخلف بعضهما بعضاً، يأتي هذا ويذهب هذا، ويأتي هذا ويذهب هذا، ثم هناك آية أخرى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [لقمان:29] تارة يزيد النهار وينقص الليل، وتارة ينقص النهار ويزيد الليل، وتارة يتساويان. من الذي يسير الشمس حتى يطول الليل أو النهار؟ الله عز وجل. {خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62] (لمن أراد أن يذكر) أي: من الناس الذين لا يشكرون الله، لكن لو تأملوا لتذكروا، لو تأملوا بهذه القدرة الإلهية العظيمة؛ أن الله تعالى يجعل الليل والنهار خلفة لتذكروا {أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62] أي: أراد عبادة، ولهذا لنا عبادات مقرونة باختلاف الليل والنهار الفجر بطلوع الفجر، والظهر بزوال الشمس، والعصر إذا صار ظل كل شيء مثله، والمغرب بغروب الشمس، والعشاء بغروب الشفق، فالله تعالى جعل هذا الاختلاف لمن أراد أن يتذكر؛ لأن الإنسان بمجرد ما يتأمل -وإن لم يكن مؤمناً لكن بعقله- لا بد أن يعرف أن اختلاف الليل والنهار بحكمة من مدبر حكيم عز وجل.

تفسير قوله تعالى: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا)

تفسير قوله تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناًَ) قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً} [الفرقان:63] استمع إلى ما سيأتي في أوصاف عباد الرحمن، وتأمل كيف قال: عباد الرحمن! ليشير إلى أن كونهم عبيداً لله إنما هو برحمة الله عز وجل قال: عباد الرحمن، ولم يقل: عباد الله؛ لتعلم أنهم لم يكونوا عباداً لله إلا برحمة الله عز وجل. وأوصافهم: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً} [الفرقان:63] فإذا قال قائل: هل الخلق كلهم عبيد لله، أو العبيد لله هم العابدون له؟ A كل الخلق عبيد لله، قال الله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً} [مريم:93-95] كل الخلق عباد لله أرقاء لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، ولا يستطيعون أن يدفعوا ما أراد الله بهم، أعتى العتاة وأشدهم عناداً عبدٌ لله، لكن بالعبودية الكونية لا بالعبودية الشرعية، ولذلك تحدى الله عز وجل الكفار فقال تعالى: {فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ} [الواقعة:83] أي: الروح صعدت من البدن حتى وصلت إلى الحلقوم {وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ} [الواقعة:84-85] (أقرب إليه منكم) أي: بملائكتنا، الملائكة الذين يحضرون لقبض الروح، (ولكن لا تبصرون) فالذين عند الميت حال الاحتضار لا يشاهدون شيئاً {فَلَوْلا إِنْ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} [الواقعة:86] أي: كما تزعمون أنكم لن تجازوا على الأعمال ولن تبعثوا {تَرْجِعُونَهَا} [الواقعة:87] ما هو الجواب؟ لا يمكن أن يرجعوها، متى بلغت الروح الحلقوم لو اجتمع أهل الأرض كلهم وأهل السماء فلن يستطيعوا ردها {تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الواقعة:87] لا يمكن. إذاً: هل الخلق جميعهم كافرهم ومؤمنهم عبيد لله؟ نعم، عبيد لله بالمعنى الكوني، لا يمكن أن يفروا من قضاء الله وقدره، لكن العبادة المفيدة عبادة الشرع، العابدون لله بشرعه اللهم اجعلنا منهم، اللهم اجعلنا منهم، اللهم اجعلنا منهم. {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً} [الفرقان:63] ذكر صفاتهم الفعلية والقولية {يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً} [الفرقان:63] تجده يمشي لا مشية المجنون المخبول، ولا مشية المتسرع؛ بل مشية هينة، وليس المعنى: أنهم لا يسرعون، بل يسرعون في موضع الإسراع ويخفضون في موضع الخفض، لكن هوناً متواضعين لله، متواضعين لعباد الله. {وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ} [الفرقان:63] وأساءوا إليهم بالقول لا يقابلونهم ولكن {قَالُوا سَلاماً} [الفرقان:63] قد يتبادر لبعض الناس أن المعنى: أنهم يقولون: سلامٌ عليكم، ولكن المعنى أعم من ذلك، أي: قالوا قولاً يسلمون به، إما سلام عليكم، وإما كلام لين آخر يسلمون به.

تفسير قوله تعالى: (والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما))

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً)) قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً} [الفرقان:64] يبيتون سجداً لله وقياماً، وتأمل لماذا قدم (لربهم) على قوله: (سجداً وقياماً) ؟! إشارة لإخلاصهم أنهم لا يقومون رياءً ولا سمعة، وإنما يقومون لله وحده، وهل هم يسجدون ويقومون فقط، أم يركعون أيضاً؟ يركعون ويجلسون، الصلاة فيها ركوع وقيام وقعود وسجود، فلماذا نص على القيام والسجود؟ نص عليهما لأن القيام أشرف بذكره، والسجود أشرف بهيئته، القيام أشرف بذكره؛ لأن الإنسان القائم يقرأ كلام الله عز وجل، أفضل قول هو قول الله عز وجل، فلشرف ما يقرأ به في قيامه نص على القيام، والسجود أشرف في هيئته؛ لأن الساجد أقرب ما يكون لربه تبارك وتعالى، فنص على القيام لشرفه لما يقرأ فيه، وعلى السجود لشرفه بهيئته. وقل لي يا أخي: ما الذي تضعه عند السجود؟ تضع الجبهة والأنف، الوجه، فأشرف ما في الإنسان وأعلى ما في الإنسان ينزل حتى يكون في موطئ الأقدام ذلاً لله عز وجل، ولو وضع السيف على رقبة المؤمن ليسجد لفلان أو فلان ما سجد، لكنه إذا سمع المنادي: حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ أجاب بسرعة. إذاً هؤلاء من أوصافهم أنهم يبيتون لربهم سجداً وقياماً، وهل يطيلون القيام؟ هل يطيلون السجود؟ ما دام بياتهم على هذا الوصف فمعناه أنهم يطيلون القيام والسجود، وهذا إمامهم محمد صلوات الله وسلامه عليه يطيل القيام حتى إن قدميه لتتفطر من طول القيام (صلى معه ذات ليلة عبد الله بن مسعود وهو شاب، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم وأطال القيام، قال عبد الله بن مسعود: حتى هممت بأمر سوء -وهو شاب أصغر من الرسول عليه الصلاة والسلام- قالوا: ماذا هممت يا أبا عبد الرحمن؟ قال: أردت أن أقعد وأدعه) . الله أكبر! وصلى معه حذيفة بن اليمان ذات ليلة، فبدأ بالبقرة بعد الفاتحة، يقول حذيفة: (فقلت: يسجد عند المائة، -أي: إذا أتم مائة آية يركع- ولكنه مضى حتى أتم البقرة، فقلت: يركع حينئذ، ثم مضى، فقرأ النساء ومضى وقرأ آل عمران) وهذا قبل الترتيب الأخير، لأن سورة النساء كانت قبل آل عمران، وفي الترتيب الأخير صارت آل عمران قبل النساء، وقرأ الرسول عليه الصلاة والسلام خمسة أجزاء وربع، قال حذيفة: (وكان لا يمر بآية تسبيح إلا سبح، ولا بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية وعيد إلا تعوذ) إذا كنا نقرأ خمسة أجزاء -مثلاً- في ساعة ونصف، ففي كم قرأها الرسول مع الترتيل ومع السؤال عند ورود الرحمة، والتعوذ عند ذكر العذاب، والتسبيح عند ذكر التسبيح؟ ستكون ساعات طويلة، وفي السجود -أيضاً- يطيل السجود عليه الصلاة والسلام، ولكن قد يستحسر المرء إذا سمع مثل هذا، ويقول: ما لي ولهذا! لا أستطيع، ثم يقول لنفسه: أنام إلى أذان الفجر، فنقول: يا أخي! الخير كل الخير فيما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام: (اكلفوا من العمل ما تطيقون) أي: لا تكلفوا أنفسكم، وإنما الذي تطيقون، وقال صلى الله عليه وسلم: (أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل) أي: الذي يديم عليه الإنسان وإن قل، فإذا حصل لك في آخر الليل قبل الفجر بنصف ساعة، تقوم وتتوضأ وتقرأ ما ينبغي أن يقرأ عند الاستيقاظ، وتصلي ولو ثلاث ركعات (الوتر) وتداوم على هذا، فهو خير والحمد لله. لكن ابدأ صلاة الليل بعد النوم بركعتين خفيفتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ويأمر به؛ أن تبدأ صلاة الليل بركعتين خفيفتين، والحكمة من هذا: أن الإنسان إذا نام فإن الشيطان يعقد على ناصيته ثلاث عقد، ثم إذا قام من نومه وذكر الله انحلت عقدة، ثم إذا توضأ انحلت العقدة الثانية، ثم إذا صلى انحلت العقدة الثالثة، فكان ينبغي أن يجعل الصلاة أول ما يصلي بعد النوم ركعتين خفيفتين، وهذا سهل، نصف ساعة قبل صلاة الفجر تداوم عليها يكون هذا العمل عند الله عز وجل أحب ما يكون، فإن أحب ما يكون أن تداوم على العمل الصالح.

تفسير قوله تعالى: (والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم.

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ.) قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ} [الفرقان:65] مع كونهم يبيتون لله سجداً وقياماً يخافون من النار {يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ} [الفرقان:65] ؛ لأنهم لا يفخرون ولا يمنون بعملهم على الله، يؤمنون بأن العمل لهم: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ} [فصلت:46] يرون أن لله المنَّة عليهم حينما هداهم لهذا العمل، ولهذا وصفهم الله تبارك وتعالى في آية أخرى بأنهم {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:18] انظر! يقومون آخر الليل يستغفرون الله؛ لأنهم يرون أنهم مقصرون، مهما عمل الإنسان من العبادة والطاعة فلم يؤدِ حق الله عز وجل عليه، إذا عملت بالطاعة فلله عليك حق أن تشكره عليها؛ لأن الطاعة نعمة، وإذا شكرت الله على هذه النعمة لزمك حق آخر تشكره مرة ثانية على هذا الشكر، وإذا شكرته الثالثة لزمك حق رابع، ولهذا قال الشاعر قولاً حميداً: إذا كان شكري نعمة الله نعمةً عليَّ له في مثلها يجب الشكر فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله وإن طالت الأيام واتصل العمر اللهم إنا نسألك شكر نعمتك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك. {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ} [الفرقان:65] جهنم اسم من أسماء النار، ولها أسماء كثيرة، أعاذني الله وإياكم ووالدينا ومشايخنا منها إنه على كل شيء قدير. ((رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ)) [الفرقان:65] كأن عذاب جهنم مقبل عليهم، فيقولون: {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً} [الفرقان:65] أي: كان لزاماً بمنزلة لزوم الغريم للمدين، أي: ملازم لها، أجارنا الله وإياكم منها! وهذه الملازمة إنما هي لمن يستحق الملازمة وهم الكفار، أما المؤمن فهو وإن فعل معاصٍ يستحق بها أن يعذب في النار فهناك شيء آخر وراء هذا وهو رحمة الله عز وجل، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48] أبشر يا أخي المؤمن، أمِّل بربك خيراً، مهما عظمت الذنوب ولكنها دون الشرك فهي تحت المشيئة، لكن لا يغرنك هذا فتأمن من مكر الله وتستمر على المعاصي، وتقول: الحمد لله! الله غفور رحيم، {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48] بعض الناس يغرهم هذا الحلم من الله عز وجل، ولكننا نقول لهؤلاء: إن الله تعالى لم يقل: ويغفر ما دون ذلك، بدون أن يقول: لمن يشاء، فهل أنت على يقين أنك تحت المشيئة أن الله يشاء أن يغفر لك؟ لا، لست على يقين، هذا أمر مبهم لا نعلمه، فلا تأمن مكر الله ولا تقنط من رحمة الله.

تفسير قوله تعالى: (إنها ساءت مستقرا ومقاما)

تفسير قوله تعالى: (إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً) قال تعالى: {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} [الفرقان:66] (إنها) الضمير يعود على جهنم (ساءت مستقراً) هذا ذم عظيم، أي: ساءت مستقراً يستقر به الإنسان، وساءت مقاماً يقيم فيه، فليست حسنة لا في مستقرها ولا في مقامها، ومعلوم أنها لن تكون حسنة وفيها هذا العذاب العظيم المعلوم بالكتاب والسنة. هذا الوصف لجهنم على ضد الوصف للجنة التي قال الله فيها: {حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} [الفرقان:76] فاختر يا أخي هذا أو هذا. وفي قوله تعالى: {مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} [الفرقان:66] دليل على أن عباد الرحمن يؤمنون بأن النار مستقر لأهلها الذين هم أصحابها؛ لأن أصحاب النار الذين هم أصحابها لا يخرجون منها، والنار لا تفنى، قال الله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} [الأحزاب:65] وقد ذكر الله تعالى تأبيد الخلود لأهل النار في ثلاثة مواضع من القرآن: الأول: قال الله سبحانه وتعالى في سورة النساء: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} [النساء:168-169] . الثاني: قال الله تعالى في سورة الأحزاب: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} [الأحزاب:64-65] . الثالث: قال الله تعالى في سورة الجن: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} [الجن:23] أبد الآبدين، فالنار لا تفنى {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر:48] . ولو قال قائل: كيف يصبرون؟ أفلا يحترقون؟ ف A قال تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء:56] ، وقال تعالى: {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الأنفال:50] لكن الخالق جل وعلا قادر على أن يعيدهم مرةً ثانية؛ فالجلود تنضج ولكن تعاد من جديد، وهكذا أبداً. قال تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا} [الكهف:29] بعد المدة الطويلة يطلبون الماء {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف:29] بمجرد ما يقرب من وجوههم -أجارنا الله وإياكم منها- يشويها فتتمزق، وإذا وصل الأمعاء فاسمع: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد:15] إذاً لا فائدة فيه.

تفسير قوله تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا.

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا.) قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان:67] هم أيضاً مع كونهم يبيتون لله سجداً وقياماً، والذين يقيمون التهجد سيقيمون الفرائض من باب أولى، هم أيضاً منفقون، لكن إنفاقاً معتدلاً {لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان:67] الإسراف: الزيادة، والإقتار: النقص، أي: لا يسرفون بزيادة ولا يقترون بتقصير، فهنا طرفان في الإنفاق: الأول: إسراف. والثاني: إقتار. وبينهما يقول: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان:67] أي: لا يميلون للإسراف ولا إلى التقتير، بل ينفقون بين هذا وهذا حسب ما تقوم به حاجاتهم، هل لأنهم فقراء أم لأنهم معتدلون؟ الثاني لا شك، حتى لو كانوا أغنى ما يكون فلا يمكن أن يسرفوا. وإذا نظرنا إلى حال الناس اليوم وجدنا أنهم بين طرفين: إما مسرف يأتي بالطعام كثيراً، وباللباس كثيراً، وبالفرش كثيراً، وبالسيارات كثيراً، بكل ما ينفق يسرف، وإما مقتر لا يقوم بالواجب لأهله بل يقتر عليهم، وهناك قسم ثالث لكنه قليل يكون إنفاقه بين هذا وهذا. والإسراف له أمثلة كثيرة، منها: رجل شاب في مقتبل العمر يريد أن يشتري سيارة، فعرضت عليه سيارة جديدة بأربعين ألف ريال، ممتازة توصله إلى مكة والمدينة والرياض وغيرها، وعرضت عليه سيارة أخرى بثمانين ألف ريال، وهو رجل قليل ذاتِ اليد، يمكن ألا يحصل على هذه السيارة إلا بقرض أو بتقسيط زائد على قيمتها الحاضرة، فتجد بعض الشباب يختار التي بثمانين ألفاً، وهو رجل قليل ذات اليد، فيبقى الدين عليه، وإذا حلَّ الدين ولم يوفِ فإن الدائن لا يرحمه، ويزيد عليه، وإلا فالسجن، وهذا المسكين لا يريد السجن بلا شك، يذهب يستدين من شخص آخر ليقضي الأول، وإذا حلَّ دين الثاني وليس عنده شيء طلب دائناً ثالثاً، وهكذا يكون بين أيدي الأغنياء كالكرة بين أيدي اللاعبين، هذا يضربه مرة وهذا يضربه مرة لماذا يا أخي؟ اشترِ على قدرك بأربعين ألف واقض حاجتك، وإياك والدين فهو هم وغم! ومن ابتلي به فإنه لا يشبع، وأضرب لكم مثلاً في كراهة الرسول عليه الصلاة والسلام للدين: أتت امرأة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! وهبت نفسي لك -تريد أن يكون زوجاً لها، والتزوج بالهبة خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:50]- فلم يُردها الرسول عليه الصلاة والسلام، فقام رجل من الصحابة فقال: يا رسول الله! إن لم يكن لك بها حاجة زوجنيها، قال له: المهر، قال: المهر إزاري، ليس عليه رداء ما عليه إلا إزار، قال: إزاري، قال: إن أعطيتها إياه بقيت بلا إزار، وإن بقي معك بقت بلا صداق، ابحث عن مهر، فذهب الرجل يبحث فما وجد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (التمس ولو خاتماً من حديد) خاتم للإصبع من حديد فلم يجد، هل قال الرسول عليه الصلاة والسلام له: استقرض من إخوانك المسلمين؟ لا. مع أن الزواج من ضروريات الحياة، ولم يفتح له باب الاستقراض، وإنما قال: (هل معك شيء من القرآن؟ قال: نعم. معي كذا وكذا، قال: زوجتكها بما معك من القرآن) أي: علمها الذي عندك ويكفي. فالمهم أن تهاون الشباب الآن وغير الشباب بالدين خطأ عظيم، اقتصد على قدر الحاجة، لا تكن من المسرفين ولا من المقترين، ويقول العوام في المثل السائر: (مد رجلك على قدر لحافك) . هذا صحيح، الإنسان مثلاً: إذا كان طويلاً واللحاف قصير ومد رجليه فستخرج من اللحاف ويكون عرضة للبعوض وعرضة للبرد، لكن إذا مد رجليه على قدر اللحاف سلم. فالحاصل: أن من صفات عباد الرحمن أنهم ينفقون ولكنهم {إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان:67] . أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من عباد الرحمن، وسنتكلم إن شاء الله على بقية الآيات في اللقاءات المقبلة. أمدنا الله وإياكم بعونه، وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إنه على كل شيء قدير. وأبشر إخواني الذين جاءوا من أماكن من غير هذا الحي، أبشرهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) اللهم اجعلنا من هؤلاء إنك على كل شيء قدير.

الأسئلة

الأسئلة

أيهما أفضل: قيام الليل أم الذكر؟

أيهما أفضل: قيام الليل أم الذكر؟ Q فضيلة الشيخ! أنا طالب علم أرغب في قيام الليل ولكن هذا يتعارض مع الجلوس في المسجد بعد الفجر، فهل الأفضل في حقي أن أقوم الليل مع النوم بعد صلاة الفجر إلى وقت الدراسة، أم الأفضل أن أجلس بعد الفجر لقراءة القرآن والحفظ وجزاكم الله خيراً؟ A الأفضل أن تقوم الليل؛ لأن جنس الصلاة أفضل من جنس الذكر، وصلاة الليل هي أفضل الصلوات بعد الفرائض كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) فأشير عليك أن تقوم الليل، وأما جلوسك بعد صلاة الفجر، فلا شك أنه مرغب فيه، لكنه لا يساوي صلاة الليل.

الجمع بين حديثي: (كل أمتي معافى) و (إذا خلى بمحارم الله)

الجمع بين حديثي: (كل أمتي معافى) و (إذا خلى بمحارم الله) Q فضيلة الشيخ! عندي لبس وأريد أن تزيله عني جزاك الله خيراً في حديثين: قوله صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) والحديث الثاني: (كان إذا خلا بمحارم الله انتهكها) يريحني الأول ويؤرقني الآخر، فأرجو منك التوضيح يا فضيلة الشيخ في الربط بينهما نفع الله بك؟ A الربط بينهما: أن من الناس من يتبجح بفعل المعصية، فيفعل المعصية سراً لا يطلع عليه أحد، ثم ينشرها في الناس إذا أصبح، ويقول: فعلت كذا وفعلت كذا، وهذا لا شك أنه ليس في عافية لأمور: أولاً: لأنه هتك ستر الله عليه. ثانياً: لأنه تبجح بمعصية الله. ثالثاً: أن هذا وسيلة إلى أن يقتدي به غيره، وما أكثر هذا في الذين يسافرون أيام الإجازة إلى بلاد خليعة ثم يرجع ويقول: فعلت كذا وفعلت كذا في الفندق الفلاني، ومع العاهرة الفلانية، وما أشبه ذلك، هؤلاء ليسوا في عافية ولا شك. أما الإنسان الذي يترك المعصية أمام الناس ولكن يفعلها إذا خلا، ولم يمنعه من هذا إلا الحياء، وهو مع هذا في الخفاء خائف من الله عز وجل، ويخشى أن الله سبحانه وتعالى يعاقبه ولو بقسوة القلب؛ فهذا لا يذم. المشكل: الذي يرائي الناس بفعل الطاعات، وكذلك لا يخاف الله بالغيب، وأما رجل يخاف الله لكنه في العلانية يخجل من الناس وفي السر تغلبه نفسه ومع ذلك فهو خائف من ربه؛ فهذا لا لوم عليه، لكن يجب عليه أن يحاول ترك المعصية بقدر استطاعته.

حكم من شك في الحدث أثناء الصلاة

حكم من شك في الحدث أثناء الصلاة Q فضيلة الشيخ! من شك في الحدث في أثناء الصلاة ولم يغلب على باله شيء، فما الحكم؟ A كل إنسان يشك في شيء موجود فلا يلتفت إلى هذا الشك، هذه قاعدة عامة: كل إنسان يشك في شيء موجود أنه زال فالأصل بقاؤه، ومن ذلك: الإنسان يشك في الحدث هل أحدث؟ نقول: الأصل بقاء الوضوء وأنه لم يحدث، وهذا يكثر في طائفتين من الناس: الطائفة الأولى: طائفة مبتلاة بالوسواس والتخيلات والأوهام، وهذه دواؤها الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وألا يُلتفت إلى هذا الوسواس. والطائفة الثانية: طائفة معهم غازات في بطونهم، يحسون بالحركة ويخشون أنه حصل حدث، فهؤلاء دواؤهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) . فنصيحتي لكل إنسان: أن يلزم هذين الطريقين، إذا كان عن وسواس فعليه بالتعوذ والإعراض عن هذا الشيء وألا يلتفت إليه، وإذا كان عن شيء محسوس، قرقرة في البطن أو غازات؛ فيبني على اليقين أنه لم يحدث، حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.

حكم النشرة

حكم النشرة Q فضيلة الشيخ! ما حكم النُشرة، فإننا نسمع من البعض يقول في ذلك: الضرورات تبيح المحرمات. فهل هذه القاعدة مطردة في جميع الضروريات، جزاك الله خيراً؟ A النُشرة: حل السحر عن المسحور، وقد قسَّم ابن القيم رحمه الله النُشرة إلى قسمين، فقال: القسم الأول: النشرة بالأدعية والتعوذات والقراءة، فهذه جائزة ولا إشكال فيها. القسم الثاني: النشرة بالسحر، بأن يذهب إلى السحرة يعينون له محل السحر الذي سُحر، قال ابن القيم: هذا من عمل الشيطان، ولا يجوز. وأما قول بعض الناس: الضرورة تبيح المحرم. فهذه لا تبيح الشيء الذي يتعلق بالعقيدة، أرأيتم لو قيل لرجل مريض: إنه لا يشفى إلا إذا زنى، فهل يزني؟ لا يمكن أن يزني؛ لأن من شرط إباحة المحرمات عند الضرورة أن تزول الضرورة بذلك. على كل حال: هذه المسألة قسمها ابن القيم هذا التقسيم، ومن أراد المزيد من ذلك فليرجع إلى كتاب التوحيد لشيخ الإسلام/ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، فقد ذكر باباً مستقلاً في هذا، وقال: (باب ما جاء في النُشرة) .

حكم مسح الوجه باليدين عقب الدعاء

حكم مسح الوجه باليدين عقب الدعاء Q فضيلة الشيخ! أرجو التوضيح حول هذا الأمر الذي أشكل عليَّ وعلى بعض الناس، وهو: ما حكم المداومة أو الإكثار من مسح الوجه باليدين عقب الدعاء، خاصةً أن الناس يحتج بحديث ذكره ابن حجر رحمه الله في بلوغ المرام؟ A مسح الوجه باليدين بعد الدعاء يرى بعض العلماء أنه بدعة، وممن رأى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال: إن الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة ولا ينجبر بعضها ببعض. ويرى بعض العلماء أن الأحاديث الواردة في ذلك بمجموعها تكون من الأحاديث الحسنة التي يعمل بها. والأمر في هذا واسع: من مسح وجهه فلا حرج عليه، ومن تركه فهو أفضل.

حكم وطء المرأة النفساء

حكم وطء المرأة النفساء Q ما حكم وطء المرأة في النفاس؟ وكم مدة النفاس؟ وما حكم من فعل ذلك؟ A وطء المرأة حال النفاس محرم كما هو أيضاً في حال الحيض، لقول الله تبارك: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:222] . وأما مدة النفاس فتختلف، فبعض النساء تكون مدتها عشرين يوماً، وبعضهن دون ذلك، حتى إن بعضهن تبقى خمسة أيام وتطهر، وبعضهن تزيد على الأربعين إلى ستين، فتختلف النساء. أما من فعل ذلك فعليه أن يتوب إلى الله مما صنع وألا يعود، وقد جعل الله تبارك وتعالى له ما تزول به الشهوة من غير الجماع، فيستطيع أن يجامع بين الفخذين مثلاً، ويستطيع أن يستمني بيد امرأته، أي: يفعل العادة السرية مثلاً، فالأمر -والحمد لله- له حل وأما وطؤها وهي نفساء فإن ذلك حرام، لكن لو طهرت قبل أربعين يوماً فيحل له أن يجامعها؛ لأنه إذا جازت الصلاة جاز الجماع من باب أولى. وأما ما روي عن بعض السلف: أن امرأته أتت إليه وقد طهرت قبل الأربعين فتركها، فهذا رأيه، ولكن الصحيح الذي لا إشكال فيه: أن من جازت لها الصلاة من الزوجات جاز لزوجها وطؤها.

حكم سفر المرأة بدون محرم

حكم سفر المرأة بدون محرم Q فضيلة الشيخ! عرض عليَّ هذا المشروع وأنا أستفتيك فيه: هناك مجموعة من المدرسات تم تعيينهن في بلد بعيد جداً، فعرض عليَّ أن أستأجر بيتاً لهن وأسكن أنا وزوجتي معهن بمقابل مادي، على أن أعيدهن أنا وزوجتي في يوم الأربعاء إلى أهلهن فنسافر يوم السبت، وهكذا طوال العام الدراسي، فما رأيك يا فضيلة الشيخ في هذا؟ وهل من كلمة توجهها لي ولأهلهن؟ بارك الله فيك. A لا أرى هذا؛ لأن بقاءهن في البلد على سفر، والمرأة لا يحل لها أن تسافر إلا مع ذي محرم، إلا إذا جاء محارمهن وسكنوا معهن فلا بأس، أو أن تذهب بهن أول النهار وترجع بهن آخر النهار ففي هذه الحالة نرى أن ذلك جائز؛ لأن هذه المدة مع قصر المسافة لا تعد سفراً.

حكم من جامع زوجته في نهار رمضان ولم يستطع الصيام

حكم من جامع زوجته في نهار رمضان ولم يستطع الصيام Q فضيلة الشيخ! جامعت امرأتي في رمضان، ولكن يا فضيلة الشيخ لا أستطيع الصيام وظرفي أني أعمل، فهل هناك كفارة أخرى؟ A نعم هناك كفارة أخرى وهي إطعام ستين مسكيناً؛ لأن الذي يجامع زوجته في نهار رمضان في البلد عليه عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً. أما لو جامعها في غير بلده كرجل سافر إلى العمرة -مثلاً- وهو صائم هو وأهله، ثم بدا له أن يجامعها في هذا السفر سواءً في الطريق أو في مكة فلا بأس، حتى وإن كان يريد أن يبقى كل شهر رمضان؛ لأن المسافر لا يلزمه الصوم. والإنسان يجب عليه أن يتقي الله عز وجل، وألا يبدل نعمة الله كفراً، حيث أنعم الله عليه بالزوجة فلا يجعل ذلك سبباً لانتهاك حرمات الله عز وجل فيجامع في نهار رمضان، وقد أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (يا رسول الله! هلكت، قال: ما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم) فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على قوله: (هلكت) وجعل هذا هلكة، والليل قريب والحمد لله، قد يجامعها في نصف النهار ولم يبق لهما إلا نصف النهار، أو في أول النهار ويبقى باقي النهار.

أفضل الأيام في أداء العمرة

أفضل الأيام في أداء العمرة Q فضيلة الشيخ! أيهما أفضل للمرأة: أن تذهب لأداء العمرة في رمضان قبل العشر الأواخر، أو في العشر الأواخر؟ A المرأة والرجل سواء، كما قال عليه الصلاة والسلام: (عمرة في رمضان تعدل حجة) سواءً كانت العمرة في أوله أو في وسطه أو في آخره، لكن هنا مسألة يجب أن نتنبه لها: بعض الناس يذهب بأهله إلى مكة من بنين وبنات ويدعهم يتسكعون في الأسواق، وربما يتعرضهم سيئ من السيئين، فتجده هو في المسجد الحرام يعبد الله عز وجل، لكنه قد أضاع أمانة أهم من بقائه في المسجد الحرام وهي رعاية أهله، ولذلك نرى أن الإنسان إذا كان لا يستطيع السيطرة على أهله فيبقى في بلده والحمد لله، وقوله صلى الله عليه وسلم: (عمرة في رمضان تعدل حجة) ولكنها ليست فريضة، أو يذهب بأهله ويرجع في يومه، ويحصل على عمرة في رمضان ويسلم من الشر الذي قد يأتيه وهو لا يريده.

حكم شركات التأمين

حكم شركات التأمين Q فضيلة الشيخ! لدينا سيارات نقل بضائع (تريلات) تعمل على الطرق البرية في المملكة بالأجرة، والبضاعة ذات قيمة عالية جداً، أحياناً يقدر الله على إحدى هذه التريلات حادث مروري وهي محملة بالبضاعة، ويكون هناك تلف في البضاعة والسيارة كاملة أو جزء منها، ونتحمل نحن قيمة البضاعة التالفة مع إصلاح سياراتنا على حسابنا وندفع لصاحب البضاعة قيمة التالف، سؤالي يا فضيلة الشيخ: ما حكم التأمين الشامل على البضاعة والسيارة تأميناً شاملاً؟ ثانياً: ما حكم التأمين على البضاعة فقط؟ ثالثاً: ما حكم التأمين ضد الغير فقط؟ A أما الأول: فإن السيارة إذا حصل عليها حادث وتلف ما فيها من البضاعة بدون تفريط من صاحب السيارة وبدون تعدٍّ منه فلا ضمان عليه، ولا يحل لصاحب المال الذي حمله أن يصُمِّن صاحب السيارة؛ لأن هذا المال بيده أمانة أخذه هو برضى صاحبه وحمله في السيارة فهو أمين، وكل أمين يحصل التلف تحت يده بدون تعدٍّ ولا تفريط فلا ضمان عليه، ولا يحل لصاحب المال أن يطالبه، حتى لو فرض أنه طالبه وخصمه وهو يعلم أن صاحب السيارة لم يتعد ولم يفرط، فإذا أخذه ولو بحكم القاضي فإنه حرام عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما أقضي بنحو ما أسمع، فمن اقتطعت له شيئاً من حق أخيه فإنما أقتطع له جمرةً من النار فليستقل أو ليستكثر) . أما لو كان ذلك بتعدٍّ منه أو بتفريط؛ كسرعة غير عادية، أو تفريط في الكفرات لم يتفقدها، أو غير ذلك، فعليه الضمان. أما بالنسبة للتأمين: فإنه حرام، سواءٌ على السيارة، أو على المال، أو على السيارة والمال، أو ضد الغير، كله حرام، كله ميسر، قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:90] فقرن الله الميسر بالخمر والأنصاب والأزلام، والتأمين من الميسر. وقد لبَّس بعض الناس على دار الإفتاء في المملكة العربية السعودية أنها تجيز التأمين التجاري كالذي أراده السائل، وأصدرت لجنة الإفتاء وعلى رأسها سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز بياناً بأن هذا كذبٌ على اللجنة، وأن اللجنة إنما تجيز التأمين التعاوني، بمعنى: أن يُجعل صندوق بين العائلة توضع فيه دراهم، ومن حصل عليه حادث أعانوه منه ولا يرجع إليه شيء، وأن هذا الذي نسب إلى هيئة كبار العلماء تلبيس ودجل. فنصيحتي لإخواني المسلمين عموماً: أن يتقوا الله عز وجل، وألا ينتهكوا حرمات الله، وأن يعلموا أن المال خُلِقَ لهم ولم يخلقوا للمال، وأن يعلموا أن المال عارية إما أن تفقده في حياتك أو تموت ويكون لمن خلفك. فالتأمين بجميع أنواعه وأشكاله حرام، لكن قيل لنا: إن بعض البلاد يجبرون الإنسان على التأمين ولا يعطونه رخصة للسيارة ولا أي معاملة إلا بالتأمين، فماذا يصنع الإنسان؟ نقول: هذه ضرورة، أعطهم ما طلبوا منك للتأمين، ولكن إذا حصل عليك حادث فلا ترجع عليهم إلا بمقدار ما أعطيتهم؛ لأن العقد الذي بينكم عقدٌ باطل شرعاً، وإذا كان باطلاً شرعاً بطل ما يستلزمه وما يقتضيه هذا العقد، ولا يحل لك أن تأخذ إلا بمقدار ما أُخذ منك فقط.

حكم من انقطع عنه صوت الإمام وهو في الصلاة

حكم من انقطع عنه صوت الإمام وهو في الصلاة Q فضيلة الشيخ! صليت مع الإمام ودخلت معه في تكبيرة الإحرام وسمعت قراءة الفاتحة، ثم فجأة انقطع صوت الإمام ولم أسمع التكبيرة للركوع بسبب خلل في مكبر الصوت، فلم أستطع متابعة الإمام وأكملت صلاتي منفردة. فهل الصلاة صحيحة بمخالفتي للإمام؟ A الصلاة صحيحة، إذا انقطع صوت الإمام وانفرد الإنسان عن الإمام فصلاته صحيحة؛ لأنه معذور، لكن لو فرضنا أن هذا في صلاة الجمعة وانقطع الصوت في الركعة الأولى وانفرد الإنسان عن الإمام فإنه لا يصلي جمعة؛ لأنه لم يدرك منها ركعة، ولو انقطع في الركعة الثانية وانفرد عن الإمام أتمها جمعة؛ لأنه أدرك ركعة كاملة. ولكن لا ينبغي للمأموم -ذكراً كان أو أنثى- إذا انقطع الصوت أن ينوي الانفراد في الحال، بل عليه أن ينتظر؛ لأنه أحياناً ينقطع الصوت ثم يصلحونه، فإذا أيس حينئذٍ ينفرد.

حكم بيع التقسيط

حكم بيع التقسيط Q فضيلة الشيخ! ذكرت -حفظك الله- في خطبة الجمعة بأن بيع السيارة بالتقسيط والضمان حرام الشيخ: لا، نحن ذكرنا التأجير المنتهي بالتمليك. السائل: وأنا قد اشتريت هذه السيارة، فما العمل الآن ولم يبق سوى أقساط قليلة؟ A أرى أن تسدد الأقساط القليلة هذه، وينتهي العقد وتكون السيارة لك، وتسلم من غائلتها وشرها.

حكم إتيان المرأة في دبرها

حكم إتيان المرأة في دبرها Q فضيلة الشيخ! أرجو الإجابة على هذا السؤال؛ لأنه مهم عندي، فهو يقلقني زوجي يطلب مني أن يأتيني من الخلف -أي: من فتحة الشرج- وأنا أرفض ذلك، وهو يجبرني على ذلك لدرجة أني أبكي وأرفض ولكنه يجبرني على هذا الشيء، أرجو الإفادة جزاك الله خيراً؟ A أولاً: أنصح هذه السائلة إذا أرادت أن تقدم هذا السؤال ألا تقدمه هكذا علناً؛ لأن هذا -والحمد لله- غير موجود، لا يوجد اللهم إلا إذا كان في المليون واحد، وإيراد مثل هذا السؤال في هذا المجتمع يفتح الباب، ثم هو أيضاً في رأيي منافٍ للحياء، أن المرأة تحكي عن زوجها هذا، لو اتصلت بي أو بغيري من أهل العلم في هذا الأمر إما بالتلفون أو برسالة ترسلها لكان خيراً. على كل حال نحن نبين الحكم في هذا: وطء المرأة في دبرها من كبائر الذنوب، حتى جاء فيه الوعيد الشديد جاء الوعيد بالكفر، وجاء الوعيد باللعن، وسمي هذا: اللوطية الصغرى، والنصوص في هذا كثيرة، وما ذكر عن بعض السلف أنه أباحه خطأ عليهم، كما ذكر ذلك ابن القيم في زاد المعاد، وغيره، وإنما أرادوا أن يأتيها في الفرج من ناحية الدبر، وهذا جائز لا بأس به، أن الإنسان يطأ زوجته في فرجها لكن من الخلف، يأتيها من الخلف هذا لا بأس به؛ لقوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:223] أما أن يطأها في الدبر فلا. وهنا مسألة: يظن بعض الناس أنه إذا فعل هذا -أي: أتى أهله من الدبر- انفسخ النكاح، وليس كذلك، فالنكاح باقٍ، لكن لو عاود واستمر وجب أن يفرق بينهما، أي: يبن المرأة وزوجها الذي يفعل هذا الفعل، وبالنسبة لها عليها أن تمتنع منه بقدر الاستطاعة. فنصيحتي أولاً للأزواج: أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وفي أهليهم، وألا يعرضوا أنفسهم للعقوبة. ونصيحتي للزوجات: أن يمتنعن من هذا إطلاقاً، حتى لو أدى ذلك إلى الخروج من البيت إلى أهلها فلتفعل ولا تبق عند هذا الزوج، وهي في هذه الحالة ليست بناشز؛ لأنها فرت من معصية، ولها النفقة على زوجها، فلو بقيت عند أهلها شهراً أو شهرين فإنها تطالبه بالنفقة، لأن الظلم منه هو؛ لأنه لا يحل له أن يكرهها على هذا الأمر.

حكم استثمار المال الموروث

حكم استثمار المال الموروث Q فضيلة الشيخ! توفي والدي وخلف مبلغاً من المال فوضعته في شركةٍ لاستثماره حتى لا تفنيه الزكاة، وكنت أحياناً أزكيه من مالي الخاص، ثم بعد عدة سنوات رأيت أن أسحبه من تلك الشركة وأضعه في مشروع آخر، وقد نما وكثر، ولكن بعد سنوات صار أقل، فهل يلزمني أن أدفع للورثة أصل المال، أم ما لحقه من النماء؟ A المال ما دام موروثاً عن الأب فإن أصله وربحه للورثة، لكن لا يجوز لأحد من الورثة أن يضعه في شركة إلا برضى الجميع، إما أن يوكلوه وإما أن يستأذن منهم ويدفعه للشركة، فما حصل من نماء فإنه تابع لأصله، أي: يوزع على كل وارث بقدر إرثه.

بمن يلحق العاصي عند قبض روحه؟

بمن يلحق العاصي عند قبض روحه؟ Q فضيلة الشيخ! جاء في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل حين احتضاره للموت المؤمن والكافر: أن المؤمن تفتح له أبواب السماء لروحه، وينادى بأحسن أسمائه، ويكتب كتابه في عليين، وورد في الكافر أنه في سجين، ويفرش له في قبره من النار، فهل هناك غير تلك الحالتين؟ A الذي يظهر والله أعلم: أن المؤمن تصعد نفسه إلى السماء وتفتح لها أبواب السماء، والكافر لا تصعد نفسه إلى السماء، أما المؤمن العاصي فلا شك أنه ليس كالكافر، ولكن هل يلحق بالمؤمن المتقي أم لا؟ الله أعلم، لا ندري، ثم إني أقول -أيها الإخوة-: أمور الغيب لا تبحثوا فيها، خذوا بما بلغكم ودعوا ما لم يبلغ؛ لأن أمور الغيب فوق مستوى الإنسان، أرأيتم الآن أرواحكم في أجسادكم، هل يستطيع أحدٌ منكم أن يصف روحه؟ أبداً، إلا ما بلغنا من الكتاب والسنة، وهي روحه بين جنبيه، وفي يوم القيامة تدنو الشمس من الخلائق مقدار ميل، والميل إما أن يكون المسافة، وإما أن يكون ميل المكحلة مثل الأصبع هذه الشمس البعيدة عنا الآن لو نزلت مقدار ميل عن مجراها الآن لاحترقت الدنيا، وفي يوم القيامة لا تحرق الناس مع أنها تنزل هذا النزول؛ لأن أحوال الآخرة لا يمكن أبداً أن تقاس بأحوال الدنيا. في يوم القيامة المؤمنون: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد:12] جعلنا الله وإياكم منهم والكافرون في ظلمة، يقول المنافقون للمؤمنين: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً} [الحديد:13] ومع ذلك الناس في صعيد واحد، هؤلاء يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، وهؤلاء في ظلمة، فالعقل لا يدرك هذا الشيء، لكن الواجب علينا فيما يتعلق بأمور الغيب أن نقول: سمعنا وآمنا وصدقنا، وألا نقيسه بأحوال الدنيا؛ لظهور الفرق العظيم بين هذا وهذا.

حكم صبغ الشعر بالسواد

حكم صبغ الشعر بالسواد Q فضيلة الشيخ! انتشر في الأسواق صبغة للشعر ذات ألوان متعددة ما عدا الأسود، ولكنها إذا وضعت على الشعر الأبيض انقلب أسود، فهل يجوز استعمالها، حيث أنها قبل أن توضع على الشعر لونها غير أسود؟ وهل من السنة تغيير الشيب بالكتم أو الحناء؟ A ما دام أن هذه الصبغة إذا وضعت على الشعر الأبيض اسودَّ فهي حرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتغيير الشيب لكنه نهى عن السواد، حيث قال: (وجنبوه السواد) ، وورد الوعيد الشديد على قوم يخضبون بالسواد. فعلى المرء أن يتقي الله عز وجل، وهو وإن كان شعره أبيض وهو نشيط وقوي فهو شاب، ولو كان شعره أسود وهو ضعيف هزيل فهو شيخ شايب، فالأفضل تغيير الشيب بالحناء والكتم، أي: يخلطان جميعاً، الحناء أصفر والكتم أسود يميل إلى الزرقة قليلاً حتى يخرج منهما لونٌ بني، أي: أدهم، هذا هو الأفضل، وإن صبغ بالحناء فقط فلا بأس، وإن صبغ بالكتم فقط فلا؛ لأنه يكون أسود.

أكثر مدة للنفاس

أكثر مدة للنفاس Q فضيلة الشيخ! لقد علمت أن مدة النفاس أربعين يوماً، ولكن قد يزيد على ستين يوماً، ولا أعرف هل أصلي بعد الأربعين أم لا. أرجو إيضاح ذلك حتى لا تضيع صلاتي. A أقول: العلماء -رحمهم الله- مختلفون في أكثر مدة النفاس، فمنهم من قال: أكثر مدة النفاس أربعون يوماً، وعلى هذا فإذا جاوز الدم أربعين يوماً فإن وافق عادة حيضها قبل الحمل جلست، وإن لم يوافق فهو دم فساد، تصلي وتصوم وتحل لزوجها. هذا هو مذهب الإمام أحمد رحمه الله عند أصحابه. القول الثاني: أكثره ستون يوماً، وإن الدم ما دام على وتيرة واحدة لم يتغير، فإنها تبقى إلى ستين يوماً. وهذا مذهب الشافعي رحمه الله عند أصحابه. وعليه: إذا تمت الستون يوماً والدم باقٍ قلنا فيه -فيما زاد على الستين- كما قلنا فيما زاد عن الأربعين، إن وافق العادة فهو حيض، وإن لم يوافق العادة فهو دم فساد تغتسل وتصلي وتصوم.

التوبة من الآثام والمعاصي

التوبة من الآثام والمعاصي Q هذا سائل يطلب من فضيلة الشيخ أن يكون عوناً له في جواب هذا السؤال، وخلاصة سؤاله أنه يقول: كنت شاباً منحرفاً عن الدين بما تعنيه كلمة الانحراف، ثم منَّ الله عليَّ بتوبة من عنده فرجعت إلى الدين، ولكن العقبات -كما تعلمون- كثيرة والمعوقات أكثر، ثم صار يتوب ويرجع عدة مرات ويعاهد الله ويقسم على الله بألا يعود فيرجع، يقول: بعد مدة استمرت أربع سنوات وأنا على تلك الحال، أفعل المعصية ثم أقسم ألا أعود ثم أعود، ثم منَّ الله علي بفضله ومنته ورحمته فتركت جميع المعاصي التي كنت أرتكبها، سؤالي يا فضيلة الشيخ: هل تقبل توبة كهذه التوبة التي لم تكن صافية نقية؟ وماذا أصنع تجاه هذه الأيمان هل أكفّرها؟ علماً بأني لا أعلم لها عدداً، أم يكفي الإقلاع عن تلك المعاصي؟ وفي آخر السؤال يقول: ماذا أفعل في العهد؟ وهل أدخل تحت قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} [الرعد:25] ؟ A الحمد لله الذي منَّ الله على أخينا في آخر الأمر بالتوبة وإصلاح العمل، وأبشره -حسب ما أعلم من الكتاب والسنة- أن توبته صحيحة، وأسأل الله له الثبات، فليثبت ولا يلتفت إلى الوساوس التي يلقيها الشيطان في قلبه، فتوبته مقبولة، وليستمر على طاعة الله واجتناب معصيته. أما ما حصل من الأيمان والعهود فإنه يجزئ عنها جميعها أن يطعم عشرة مساكين؛ لأنها أيمان أو نذور بمعنى الأيمان، والمحلوف عليه شيء واحد، وإذا تعددت الأيمان والمحلوف عليه شيء واحد كفاه عنها كلها كفارة واحدة، فنقول لأخينا: أطعم عشرة مساكين لكل مسكين كيلو من الرز، واجعل معه لحماً يكون طعماً له، وإلا فادع عشرة من الفقراء إلى غداء أو عشاء ويكفيك. أسأل الله له الثبات، وأن يديم علينا وعليكم نعمته، وهذه من نعمة الله عليه أنه يحس بالذنب ويعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به، وهو سبحانه وتعالى أرحم الراحمين.

اللقاء الشهري [60]

اللقاء الشهري [60] في هذا اللقاء الذي بدأه الشيخ بالتحدث عن صلاة الاستسقاء وأحكامها؛ تابع تفسير آخر سورة الفرقان؛ ليبين صفات عباد الرحمن التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات، ثم يجيب عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

صلاة الاستسقاء وصفاتها

صلاة الاستسقاء وصفاتها الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء المتمم للستين من اللقاءات الشهرية التي تتم في الجامع الكبيرة في عنيزة، وهذه الليلة هي ليلة التاسع عشر من شهر رجب عام (1419هـ) . أسأل الله تعالى أن يجعل لقاءاتنا خيراً وعاقبتها خيراً؛ إنه على كل شيء قدير. وقبل أن نشرع في موضوع هذا اللقاء نتكلم عن صلاة الاستسقاء صلاة الاستسقاء سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، والاستسقاء يعني: طلب السقيا، ومن المعلوم أن الذي ينزل الغيث هو الرب عز وجل، كما قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} [لقمان:34] وقال الله عز وجل: {أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ} [الواقعة:68-69] . A أنت يا ربنا، أنت الذي أنزلته وجعلته مباركاً تنبت به من كل زوج بهيج. هذا المطر يصرفه الله تبارك وتعالى حيث شاء كيف شاء على قدر ما شاء عز وجل، ولذلك تجد بعض البلاد يكون فيها أمطار كثيرة، وبعض البلاد تكون قاحلة، وبعض البلاد تكون بين هذا وهذا، واستمع إلى قول الله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً} [الفرقان:50] .

استسقاء الخطيب يوم الجمعة

استسقاء الخطيب يوم الجمعة الاستسقاء له صفات متعددة: منها: أن يستسقي الخطيب يوم الجمعة في خطبة الجمعة، ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أنس بن مالك رضي الله: (أن رجلاً دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل -فبدأ رضي الله عنه بسبب السؤال قبل السؤال- قال: هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه ورفع الناس أيديهم معه، وقال: اللهم أغثنا -ثلاث مرات- قال أنس -وهو راوي الحديث- فوالله ما في السماء من سحاب ولا قزعة -القزعة: قطعة من السحاب إذاً: السماء صحو تماماً- وما بيننا وبين سلع -وهو جبل معروف في المدينة إلى الآن بهذا الاسم- من بيت ولا دار -وإنما ذكر ذلك لأن السحاب تأتي من جهة هذا الجبل- يقول: فخرجت من ورائه سحابة مثل الترس -والترس: ما يتوقى به المجاهد من الرماح، وهو يشبه التبس- فارتفعت في السماء، فلما توسطت انتشرت ورعدت وبرقت، فما نزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته) لا إله إلا الله! أمطرت وخر السقف من المسجد، وساح على رأس الرسول عليه الصلاة والسلام، وجعل المطر يتحادر على لحيته، والمدة قصيرة؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] ويقول تعالى: {وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر:50] وبدأ المطر ينزل أسبوعاً كاملاً ما رأوا الشمس ليلاً ونهاراً، فلما كانت الجمعة الأخرى دخل رجل أو الرجل الأول وقال: (يا رسول الله! تهدم البناء وغرق المال فادع الله يمسكها عنا) تهدم البناء من كثرة الأمطار، وغرق المال من كثرة الأمطار، فادع الله يمسكها عنا، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه لم يدع أن يمسكها الله إنما دعا بدعاء نافع غير ضار، قال: (اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر) وجعل يشير هكذا بيده، يقول أنس: (فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت) بأمر من؟ بأمر الله عز وجل، ليس بأمر الرسول عليه الصلاة والسلام، وإنما يقول: حوالينا ويتفرق السحاب، نقول بأمر الله، ومن المعلوم أنه يمكن أن تكون بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ويكون الله سخر له الغمام كما سخر الريح لسليمان، سليمان سخر الله له الريح؛ يضع البساط ويجلس هو وحاشيته، ثم يأمر الريح فتهب عاصفة قوية لكن بدون قلق: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص:36] حيث أراد {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ:12] لكن محمد عليه الصلاة والسلام لم يقل للسحاب: تفرقي؛ حتى نقول: إن هذا بأمره، إنما دعا الله وقال: (حوالينا ولا علينا) فالذي فرقها هو الذي جمعها وهو الله عز وجل، وخرج الناس يمشون في الشمس -تعالى الله- وسال الوادي (قناة) شهراً، وقناة واد في المدينة بهذا الاسم إلى اليوم، سال شهراً كاملاً من الأمطار، فسبحان الله عز وجل!

الدعاء في أي مكان يحصل فيه الدعاء

الدعاء في أي مكان يحصل فيه الدعاء ومن أنواع الاستسقاء: أن يدعو الإنسان في أي مكان يمكن فيه الدعاء في المسجد أو في البيت، وعلى أي حال في السجود، في التشهد، بين الأذان والإقامة، يدعو الله تعالى بالغيث، ولقد استسقى النبي صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ ودعا الله أن ينزل المطر حتى يقوم فلان فيسد ثعلب حائطه بردائه، والثعلب: هو الشق في الجدار تدخل منه السيول، فنزل المطر ونزل المطر وخاف الناس من الغرق، وقالوا للرجل: لا يمكن أن تمسك السماء حتى تقوم أنت وتسد ثعلب حائطك بردائك، فقام الرجل وسد الثعب وهو: الشق في الجدار الذي يدخل السيل إلى الحائط، فلما سده بردائه أمسك المطر سبحان الله! آية من آيات الله، وآية من آيات الرسول عليه الصلاة والسلام.

الخروج إلى المصلى

الخروج إلى المصلى ومن ذلك: أن يخرج الناس إلى مصلى العيد، ويصلي الإمام صلاة الاستسقاء كما يصلي في العيد، ويخطب خطبة واحدة، وإن شاء قدم الخطبة على الصلاة؛ لأن كلا الأمرين ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو بالدعاء المناسب. وفي هذا الأسبوع ستقام -إن شاء الله- صلاة الاستسقاء بعد غدٍ بأمر ولي الأمر، وتعلمون أن بلادنا واسعة الأرجاء، حتى لو فرض أننا في وسط المملكة لم يكن هناك حاجة إلى المطر؛ لأن موسم المطر بدأ قريباً، لكن هناك أماكن شاسعة تحتاج إلى مطر، والعلماء يقولون: يستسقي ولو كان القحط في غير أرضه، فالأمر واضح والحمد لله، فينبغي لنا أن نخرج مع المسلمين في هذا اليوم؛ لدعاء الله عز وجل والتقرب إليه بالصلاة، وليعلم الناس أنه لا ملجأ لهم عند الشدائد إلا الله عز وجل القادر على إزالتها تبارك وتعالى. هذا ما أردنا أن نقدمه بين يدي موضوع اللقاء الذي ابتدأناه في الشهر الماضي.

في ظلال سورة الفرقان

في ظلال سورة الفرقان آخر ما وصلنا إليه قوله تبارك وتعالى في وصف عباد الرحمن: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً * وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان:63-67] .

توحيد الدعاء والعبادة

توحيد الدعاء والعبادة ثم قال -وهو ابتداء هذا اللقاء-: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ} [الفرقان:68] أي: لا يدعون مع الله إلهاً آخر لا دعاء مسألة ولا دعاء عبادة، وإنما يدعون الله وحده، وهذا هو التوحيد الذي جاءت به الرسل واتفقت عليه، كما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:36] وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25] كل الرسل أجمعوا على هذا، وحق لهم أن يجمعوا؛ لأن الله تعالى أمرهم بذلك، وقال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] . فهم لا يدعون مع الله إلهاً آخر لا دعاء مسألة ولا دعاء عبادة دعاء العبادة كالركوع والسجود وجميع أنواع العبادة، فهم لا يذبحون لصنم، ولا ينذرون لصنم ولا لقبر ولا لشمس ولا لقمر، وإنما يجعلون العبادة لله الذي خلقهم. ولا يدعون غير الله دعاء مسألة؛ فلا يأتون إلى صاحب القبر ويقولون: يا سيدي! يا مولاي! يا ولي الله! أعطني كذا وكذا، لا يقولون هذا؛ لأنهم يعلمون أن غير الله لا يملك نفعاً ولا ضراً لا لنفسه ولا لغيره، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أمره الله أن يقول ويعلن: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ} [الأعراف:188] وإذا كان الله أمره أن يعلن: {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً} [الجن:21-22] فإذا كنت أنا لا أدفع عن نفسي لو أرادني الله تعالى بسوء فكيف أملك ذلك لكم؟!! وإذا كان الله أمره أن يعلن: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأنعام:50] فكيف يُتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلهاً مع الله يدعى ليكشف الضر؟!! هذا لا يمكن، والنبي صلى الله عليه وسلم نعلم علم اليقين أنه لو خرج لهؤلاء لقاتلهم واستباح دماءهم وأموالهم ونساءهم؛ لأنهم مشركون. فعباد الرحمن لا يدعون مع الله إلهاً آخر.

أنواع الشرك

أنواع الشرك والشرك نوعان: أكبر وأصغر، فمن دعا غير الله لكشف الكربات فقد أشرك شركاً أكبر، حتى لو صلى وصام ولو تصدق وحج، ولا يحل له أن يحج؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة:28] وإذا علمنا أنه يشرك بالله ويدعو غير الله منعناه من دخول المسجد الحرام. والشرك الأصغر أنواعه كثيرة، وهو خفي جداً، قد يحصل في القلب من غير أن يعلم الرجل الرياء شرك أصغر، مثال ذلك: رجل تصدق بدراهم أمام الناس من أجل أن يقولوا: فلان جواد متصدق، فهذا شرك أصغر، هو يريد التقرب إلى الله، لكن يريد من الناس أن يمدحوه لأنه يتقرب إلى الله انتبهوا! هو لم يرد أن يتقرب إلى الناس بهذا، لو كان يريد هذا لكانت المسألة خطيرة ربما نقول: شرك أكبر، لكنه يريد أن يتقرب إلى الله فيمدحه الناس بأنه جواد يتقرب إلى الله تعالى بالصدقات. كذلك إنسان قام يصلي وحوله أناس؛ فصار يطمئن في صلاته ولا يتحرك، وقد طمأن رأسه من أجل أن يقال: إن فلاناً يتقن صلاته، هو لا يريد التقرب إلى الناس بالصلاة أبداً، وإنما يريد التقرب إلى الله لكنه حسنها من أجل أن يقول الناس: إن الرجل يتقن صلاته لله عز وجل، وهذا رياء.

حكم الرياء إذا خالط العبادة

حكم الرياء إذا خالط العبادة ما حكم الرياء إذا خالط العبادة؟ حكم الرياء إذا خالط العبادة: أولاً: أن الإنسان يأثم. ثانياً: أن عبادته مردودة لا يقبلها الله عز وجل؛ لقوله تعالى في الحديث القدسي الصحيح: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) فاحذر الرياء، واجعل نيتك لله خالصة، لا يهمك الناس مدحوك أو ذموك. بقي مسألة: لو قال قائل: أنا سأترك الصدقة خوفاً من الرياء. وهذا يقع، كأن وجد فقيراً يسأل وظاهر حاله أنه فقير حقاً، فقال: لن أتصدق عليه خوفاً من الرياء، فماذا نقول؟ نقول: هذا تخاذل وغلط، هذا يعني: أن الشيطان غلبك حتى منعك من الصدقة، تَصدقْ ولا تبالِ، فأنت إن تصدقت من أجل أن يمدحك الناس كان رياء، وإن تركت الصدقة خوفاً من الرياء فإن ذلك خذلان ونصرٌ للشيطان عليك والعياذ بالله، فلا يهمنك هذا. كذلك بعض الناس يحب أن يصوم، فيترك الصوم مخافة أن يقال: إنه صائم، فيخشى من الرياء، وهذا غلط. ثم إن الإنسان إذا أظهر العبادة من أجل أن يتأسى الناس به كان إماماً فيها -انتبه إلى هذه النقطة- أحياناً يقول الإنسان: لا أحب أن يطلع الناس أني صائم، لكن لو اطلع الناس عليه من أصحابه وأصدقائه تأسوا به وصاموا، فهل الأفضل الإخفاء أم الإعلان؟ الإعلان أفضل؛ لماذا؟ ليكون إماماً يتأسى به في الخير ويُقتدى به، ولهذا امتدح الله عز وجل الذين ينفقون سراً وعلانية، لم يمتدح الذين ينفقون سراً فقط بل سراً وعلانية؛ لأن العلانية قد تكون أفضل من السر حسب ما يترتب عليها من المصالح.

النفس التي حرم الله قتلها

النفس التي حرم الله قتلها {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} [الفرقان:68] النفس التي حرم الله هي: أولاً: نفس المؤمن. ثانياً: نفس الذمي. ثالثاً: نفس المعاهد. رابعاً: نفس المستأمن. أربع أنفس محرمة إلا بالحق

أولا: النفس المؤمنة

أولاً: النفس المؤمنة أما المؤمن فلا إشكال فيه، وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء:93] خمس عقوبات والعياذ بالله: جزاؤه جهنم، وخالداً فيها، وغضب الله عليه، ولعنه، وأعد له عذاباً عظيماً.

ثانيا: الذمي

ثانياً: الذمي وأما الذمي؛ فلأن الذمي ساكن معنا في بلدنا وتحت حمايتنا، ولكنه يبذل الجزية، والذمي في الوقت الحاضر لا نعلم له وجوداً، هل أحد منكم يعلم له وجوداً؟ بمعنى: أنه يبقى في بلدنا يبذل الجزية كل سنة، يعطينا دراهم، لكنه في عصمتنا نحميه، هذا غير موجود الآن، لكننا نرجو الله عز وجل أن يوجد في المستقبل القريب، لما كان الإسلام عزيزاً كان أهل الذمة يبقون مع المسلمين في البلاد ولكن مع بذل الجزية، وكيف يبذلونها؟ يبذلونها عن يد وهم صاغرون، يأتي أكبر تاجر من الذميين في بلادنا وقد بقي بالجزية، يأتي هو بنفسه ويدفع الجزية ويعطيها المسئول في الدولة الإسلامية عن يد وهو صاغر. إذاً: الذمي هو: الذي يقيم بدارنا آمناً مطمئناً لكن يبذل الجزية؛ وهي ما يفرضه الإمام عليه كل عام، فيبقى في حمايته، وإذا تم العام يأتي بالجزية. مسألة: إذا كان هذا الرجل -الذمي- غنياً وعنده خدم، فأرسل الخادم بالجزية إلى المسئول، فهل يكفي أم لا؟ الله سبحانه وتعالى يقول: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:29] اختلف العلماء في قوله: (عن يد) ، فقيل: المعنى: أن يأتي بها الذمي ولا نأخذها منه على طول، يقف عند الماسة أمام المسئول ولا يكلمه المسئول، بل يهينه ويتلهى عنه وهو واقف، فإذا أراد أن يسلم الجزية أخذها منها بقوة حتى يكاد أن ينزع يده؛ لأنه قال: {عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:29] أذلة. هذا قول لبعض الفقهاء إلا أنه ضعيف، ولا يمكن أن يعامل الإسلام الذميين هذه المعاملة، لكن المعنى: {عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:29] أي: أن الذمي يبذلها بيده لا يرسل بها خادماً، وأيضاً لا يأتي بفخر وهينمة، بل يبذلها وهو صاغر. وهذا الذمي حمايته علينا، وصد العدوان عنه علينا،؛ لأننا نستلم منه مقابل ذلك الجزية.

ثالثا: المعاهد

ثالثاً: المعاهد والمعاهد هو: من بيننا وبينه عهد أن يبقى في البلد لكنه لا يبذل الجزية، ولكن يجب علينا حمايته وفاءً بالعهد، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة) والعياذ بالله! فالمعاهد له حق لا يجوز العدوان عليه. ومن يتولى المعاهدة؟ أيتولاها رعاع الناس وغوغاء الناس، أم ولي الأمر؟ يتولاها ولي الأمر، فإذا عاهد ولي الأمر تاجراً أو مهندساً أو عاملاً أو غير ذلك؛ فلا يحل لأي واحد من الرعية أن يؤذيه أو يقتله، بل من قتله لم يرح رائحة الجنة والعياذ بالله! فكيف يدخلها؟ لا يدخلها ولا يرح رائحتها، والمسألة ليست فوضى كل واحد يقول: أنا السلطان، أنا الأمير، أنا المدبر، أنا الذي أكتب العهد، وما أشبه ذلك، فالمسألة ترجع لولاة الأمور.

رابعا: المستأمن

رابعاً: المستأمن والمستأمِن لا يبقى في بلادنا، رجل معه بضاعة يريد أن يدخل بها البلد ليبيعها، بضاعة مباحة، فيدخل ونعطيه الأمان على أن يدخل ولا أحد يعتدي عليه هذا هو الرابع من النفوس المعصومة المحرمة. عباد الرحمن لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق، وعلى هذا فمن قتل نفساً معصومة فإنه ليس من عباد الله، أي: اختل من صفات من عباد الرحمن فيه هذا الوصف العظيم.

أمثلة للحق الذي يبيح قتل النفس المحرمة

أمثلة للحق الذي يبيح قتل النفس المحرمة وقوله عز وجل: {إِلاَّ بِالْحَقِّ} [الفرقان:68] سنضرب أمثلة للحق الذي يبيح قتل النفس المحرمة

القصاص

القصاص أولاً: القصاص، والقصاص بحق بمعنى: إذا قتل أحدٌ شخصاً وتمت شروط القصاص، فإن القاتل يقتل؛ لقول الله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة:45] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث. وذكر منها: النفس بالنفس) فيقتل. والقصاص حياة، مثاله: زيد قتل عمراً فقتلنا زيداً؛ نقول: هذه حياة. وقد قال بعض العلمانيين والمعترضين على الشريعة: كيف يكون حياة وقد قتل واحداً والآن نقتل اثنين، أين الحياة؟! فنقول: سبحان الله! إذا قتلنا هذا القاتل فكم ينكفُّ عن القتل من مجرمين؟ كثير، كل مجرم يهم بالقتل إذا علم أن مآله أن يقتل توقف؛ لأن أشد الناس حباً للحياة وكراهةً للموت أبعدهم عن الإيمان، بمعنى: أن أبعد الناس عن الإيمان هو أشد الناس حباً للحياة، قال الله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا} [البقرة:96] والمشرك لا يود الموت، اليهودي والنصراني لا يود الموت: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمْ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} [البقرة:94-95] المجرم لا يمكن أن يقدم على شيء وهو يعلم أنه سيقتل به أبداً. إذاً: النفس بالنفس جائز، وهل ينافي وصف عباد الرحمن؟ لا، لأنه قتل بحق، والقتل بحق جائز.

الزنا

الزنا ومن القتل بحق: أن يرجم الزاني إذا تمت الشروط. والزنا -والعياذ بالله- قال الله فيه: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء:32] أيهما أشد وأقبح: الزنا أم نكاح ذوات المحارم؟ نكاح ذات المحارم، ولهذا قال الله عز وجل: {وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً} [النساء:22] وفي الزنا قال: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء:32] ولهذا كان القول الراجح من أقوال العلماء: أن من زنى بأحد محارمه يقتل بكل حال، حتى وإن لم يكن ثيباً. أقول: الزاني إذا زنى وهو محصن قد منَّ الله عليه بالنكاح واستمتع بزوجته ثم زنا؛ فيرجم على كل حال، يرجم إذا تمت الشروط وكيف يكون الرجم؟ يوقف ويجمع حصى، ويأخذ الناس من هذا الحصى ويضربونه حتى يموت، وهنا نسأل: أليس قتله بالسيف أهون؟! فلماذا قتل بالحجارة؟ نقول: أولاً: حكم الله عز وجل لا تعترض عليه، قل: سمعنا وأطعنا، فإذا قلت: سمعنا وأطعنا فتح الله عليك. ثانياً: لا تظن أن الإسلام يفرق بين شيئين إلا لسبب، فهذا الرجل الزاني الشهوة تعلقت بجميع بدنه؛ لأن كل البدن مع الشهوة يهتز فينال من اللذة، فكان من المناسب أن نرجمه بالحجارة حتى يتألم جميع بدنه الذي تلذذ بالحرام، وهذه حكمة عظيمة، ولهذا قال العلماء: لا يجوز أن يرجم بحجارة كبيرة تقتله بأول مرة، ولا يجوز أن يقصد المقاتل بحيث يموت بسرعة، بل يفرق الأحجار على بدنه حتى يموت. إذاً: زنا المحصن مبيح لقتله لكن بالرجم.

اللواط

اللواط ثالثاً: اللواط، والعياذ بالله! وهو إتيان الذكر الذكر، هذه جريمة قال فيها نبي الله لوط لقومه: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} [الأعراف:80] الفاحشة، لم يقل فاحشة، و (أل) تدل على كبر هذه الفاحشة، وهي والله كبيرة أعظم من الزنا والعياذ بالله! ولهذا وبخ لوط قومه فقال: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} [الشعراء:165-166] ما هذه الفطرة؟! فطرة مقلوبة، ولهذا قال: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء:166] أي: مخالفون للفطرة. فإذا تلوط رجل برجل وكلٌّ منهما بالغ غير مكره وجب قتلهما وجوباً، حتى وإن لم يحصنا وإن لم يتزوجا الزاني لا يرجم إلا إذا كان قد تزوج وجامع زوجته بالحلال، أما اللواط فلا يشرط فيه هذا، يقتل الفاعل والمفعول به، والدليل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الصغير واسمه: السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، قال: إن الصحابة أجمعوا على قتل الفاعل والمفعول به. لكن اختلفوا: فمنهم من قال: يُصعد بهما إلى أعلى مكان في البلد ثم يلقيان منه ويتبعان بالحجارة. ومنهم من قال: يرجمان رجم الزاني. ومنهم من قال: يحرقان بالنار، وقد فعل ذلك أبو بكر رضي الله عنه وبعض الخلفاء؛ لأن جريمتهم جريمة عظيمة وليست بهينة. إذاً: مما يبيح القتل: اللواط.

الحرابة

الحرابة رابعاً: الحرابة، والحرابة: أن يوجد قومٌ يتكتلون في الطرقات ومن مر من الناس أخذوا ماله وقتلوه، هؤلاء بين الله تعالى عقوبتهم في سورة المائدة فقال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ} [المائدة:33] هؤلاء يجب أن يقتَّلوا إذا قتلوا الناس، حتى وإن لم يطالب أولياء المقتولين عن القتل، حتى ولو سمحوا بالقتل؛ لأنهم يقتلون ردعاً لفسادهم. وهناك أشياء معروفة عند العلماء لا نطيل الكلام فيها، وهي معروفة -والحمد لله- عند الفقهاء رحمهم الله في كتاب الحدود وفي كتاب المرتد. ولنتفرغ للأسئلة لأنها كثيرة، وربما يكون فيها تعرض لبعض ما نريده.

الأسئلة

الأسئلة

قلب الرداء في الاستسقاء والحكمة من ذلك وهل تقلب المرأة عباءتها؟

قلب الرداء في الاستسقاء والحكمة من ذلك وهل تقلب المرأة عباءتها؟ Q فضيلة الشيخ! هل من كان يلبس شماغاً يقلبه في صلاة الاستسقاء، وهل المرأة تقلب عباءتها؟ A الظاهر لا، المرأة الستر لها أفضل ولا تقلب عباءتها، والشماغ أيضاً لا يقلب؛ لأنه ليس رداءً ولا لباساً على الجسم فهو يشبه العمامة على الرأس، ولم أعلم إلى ساعتي هذه أن الصحابة كانوا يقلبون عمائمهم، لكن المشلح للرجال قد يكون مشبهاً للرداء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن: ما الحكمة في هذا؟ ما الحكمة في أن الإنسان يقلب المشلح مثلاً؟ الجواب: من باب التفاؤل، أن الله يقلب الشدة إلى رخاء، وهذا تعليل لا بأس به، تفاؤلاً لعل الله عز وجل أن يقلب الحال من الجدب وقحط المطر إلى الرخاء. ولكن أهم من ذلك عندي التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم بالنسبة لنا، نقلب ذلك تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لقول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب:21] أما بالنسبة لفعل الرسول إياه فالتعليل ما سبق. أيضاً قال بعض العلماء: وكأن الرجل التزم بأن يغير عمله السيئ إلى عملٍ صالح؛ لأن الأعمال لباس، قال الله تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف:26] فكأن الإنسان بهذا الفعل التزم أن يغير حاله ولباسه الديني إلى لباس آخر، والله أعلم. وعلى كل حال: أهم شيء بالنسبة لنا أننا نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم.

التخلف عن صلاة الاستسقاء بحجة كثرة المعاصي

التخلف عن صلاة الاستسقاء بحجة كثرة المعاصي Q فضيلة الشيخ! بعض طلبة العلم لا يخرج لصلاة الاستسقاء بحجة أن المعاصي موجودة، فكيف ندعو الله ونحن لم نغير من أحوالنا؟ A هذا غلط؛ لأن المصائب كلها قد تكون بسبب الذنوب، كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى:30] وقد تكون امتحاناً من الله عز وجل يمتحن بها العبد هل يصبر أو لا يصبر. هذه واحدة. ثانياً: إذا قلنا: إن علينا ذنوباً، أليست هذه الصلاة من أسباب مغفرة الذنوب؟! إذاً: فلنخرج إلى الله عز وجل، ولنضح له في البر نستسقيه ونتعبد له بالصلاة والذكر وغير ذلك. فلهذا أرجو من إخواننا طلبة العلم -إذا صح السؤال- أن يتأملوا الموضوع، وألا يثبطوا الناس عن الخير وأن يشجعوهم عليه.

شهر رجب والمخالفات التي تقع فيه

شهر رجب والمخالفات التي تقع فيه Q فضيلة الشيخ! هل لشهر رجب مزية عن غيره من الشهور؟ وهل العمرة في شهر رجب أفضل، أم في شهر شعبان أيهما أُثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ A شهر رجب كغيره من الشهور لكنه من الأشهر الحرم، والأشهر الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، هذه ثلاثة متوالية، ورجب منفرد، ولهذا يسميه بعض الناس: رجب الفرد. والأشهر الحرم المعاصي فيها أعظم من غيرها؛ لقول الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة:36] وشهر رجب كان بعض السلف يعتمرون فيه؛ لأنه نصف الحول؛ فإذا أسقطنا الثلاثة الحرم الأول: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، وبدأنا من صفر صار رجب هو الشهر السادس، أي: نصف السنة، وإن بدأنا من محرم صار شهر رجب هو السابع، فكان بعض السلف يعتمرون في هذا الشهر؛ لئلا يتأخرون عن زيارة البيت الحرام، حتى يبقى البيت الحرام معموراً في آخر السنة وفي وسط السنة. أما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يعتمر فيه، وإنما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في أشهر الحج، كل عمر الرسول كانت في أشهر الحج، ولم يعتمر لا في رمضان ولا في رجب، لكن رمضان ورد فيه: (عمرة في رمضان تعدل حجة) أما رجب فلم يرد. ويعتقد بعض الناس أنه تسن في رجب زيارة المسجد النبوي ويسمونها الرجبية، وهذا لا أصل له، ولا يعرفه السلف ولا قدماء الأمة، فهو بدعة محدثة ليست من دين الله عز وجل، وزيارة المسجد النبوي مشروعة في كل وقت، أي وقت تذهب إلى المسجد النبوي تزوره فهو خير. كذلك يظن بعض الناس أن الإسراء والمعراج كان في رجب في ليلة سبعة وعشرين، وهذا غلط، ولم يصح فيه أثر عن السلف أبداً، حتى إن ابن حزم رحمه الله ادعى الإجماع على أن الإسراء والمعراج كان في ربيع الأول، ولكن الخلاف موجود ولا إجماع، وأهل التاريخ اختلفوا في هذا على نحو عشرة أقوال، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: كل الأحاديث في ذلك ضعيفة منقطعة مختلفة لا يعول عليها. إذاً: ليس المعراج في رجب وأقرب ما يكون أنه في ربيع. ولو فرضنا أنه في رجب وفي ليلة سبعة وعشرين هل لنا أن نحدث في هذه الليلة احتفالاً وفي صبيحتها تعطيلاً للأعمال؟ أبداً، هذه بدعة دينية قبيحة، لم ترد لا عن الرسول، ولا عن الخلفاء، ولا عن الصحابة، ولا عن التابعين، ولا عن أئمة المسلمين، فهي بدعة منكرة. وبعض الناس يظنون أن ليلة المعراج أفضل من ليلة القدر والعياذ بالله، وهذا غلط محض، فلذلك يجب علينا نحن أواخر هذه الأمة أن ننظر إلى ما فعله سلف الأمة قبل ظهور البدع، وأن نبين للناس، ومن بان له الحق فلم يتبعه فهو على خطر؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء:115] .

زكاة الحلي

زكاة الحلي Q فضيلة الشيخ! يعمد بعض النساء في مثل هذه الأيام وشهر شعبان إلى بيع ما عندها من الذهب أو استبداله هروباً من زكاة الحلي التي يحل حولها في رمضان، فهل من نصيحة وتوجيه؟ A النصيحة: يجب أن نعلم أن الحيل في الشريعة الإسلامية باطلة؛ سواء كانت هذه الحيل على إسقاط واجب، أو على فعل محرم، فكلها باطل، والذي يتحيل فيه شبهٌ من أخس عباد الله وهم اليهود، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل) والمتحيل على الله لاعب على الله -والعياذ بالله- مستهزئٌ بالله: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ} [البقرة:9] ومع ذلك كل من تحيل على واجب لإسقاط الواجب فإنه لا يسقط ويكون مطالباً به عند الله، وكل متحيل على محارم الله فإنها لا تحل ويكون معاقباً على هذه المعصية، فحذار حذار من الحيل! فإنكم لا تعاملون إلا من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. ونقول: لو فرض أن امرأة باعت حليها في شعبان أو في رجب فراراً من وجوب الزكاة عليها في رمضان، فإن الزكاة تجب عليها في رمضان في الحلي الجديد؛ لأنه عوض عما تجب فيه الزكاة، أرأيت لو أن إنساناً عنده -مثلاً- دراهم من فضة، ثم باعها قبل رمضان بشهر أو شهرين وحولها إلى دنانير، فهل تجب الزكاة في الدنانير في رمضان أم نقول: حتى يتم الحول؟ تجب في رمضان، فالحيل لا تسقط الواجب، وما سمعت أحداً قال مثلما جاء في هذا السؤال من هذه الحيلة. نعم. أسمع من بعض الناس يقول: إن حلي المرأة لا تجب فيها الزكاة، وهذا خلاف مشهور من قديم الزمان، ولكن الخلاف يجب على المؤمن أن يرده إلى الله ورسوله، قال الله عز وجل: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى:10] وقال عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:59] ولم يرد لا في القرآن ولا في السنة أن حلي المرأة لا زكاة فيه أبداً، ومن وجد شيئاً من ذلك فليسعفنا به، بل النصوص عامة في وجوب زكاة الذهب والفضة، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) . لا يوجد نص يقول: ليس في حلي المرأة زكاة، والقياس على الثياب غلط، فلو كان عند الإنسان ألف ثوب لا تجب في الزكاة، فقياس الحلي على الثياب غلط: أولاً: لأنه قياس في مقابلة النص، وكل قياس في مقابلة النص فإنه فاسد باطل. ثانياً: أنه لا يتم القياس؛ لأن الذهب والفضة الأصل فيهما وجوب الزكاة، والثياب ونحوها الأصل فيها عدم الوجوب. ثالثاً: أن الذين يقولون بعدم الوجوب، قالوا: لو أن المرأة أعدت الذهب للكراء -تؤجره- ففيه الزكاة، ولو أن إنساناً صنع ثياباً كثيرة للكراء فليس فيها زكاة، فإذاً: القياس غير صحيح. والحمد لله، زكاة الحلي ربع العشر، أي: (2. 5%) وهذه لا تضر الإنسان، إن كانت واجبة في دين الله فقد أدى ما عليه وأبرأ ذمته، وإن لم تكن واجبة فهي تطوع: (وكل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة) والله ليتمنين كل واحدٍ منا بعد الموت أنه تصدق بدرهم واحد، لأن كل الأموات يتمنون أن في حسناتهم زيادة حسنة واحدة، والصدقة من أفضل الأعمال.

بلوغ النصاب في الزكاة وحكم استخدام ما يمنع الطير عن الثمار

بلوغ النصاب في الزكاة وحكم استخدام ما يمنع الطير عن الثمار Q فضيلة الشيخ! لي مزرعة فيها أشجار العنب وهي تثمر ولكن الطير يأتي عليها كلها ولا أستفيد منها بشيء، فهل عليَّ في ذلك زكاة وهو لا يمكن خرصه؟ وهل يجوز تغطية الأشجار المثمرة عن الطير أو استعمال ما يطردها عنه؟ A إذا كان هذا العنب يفسده الطير حتى لا يبقى ما يبلغ النصاب فلا زكاة على صاحبه، وأما إذا كانت تفسده ويبقى مقدار النصاب ففي ففيما بقي الزكاة. وأما هل يجوز أن يجعل على العنب شبكاً يمنع الطيور منه، أو يجعل أشياء يحدث منها صوت ويفزع منه الطير ويذهب فلا بأس؛ لأنه يجوز للإنسان أن يدافع عن ماله، حتى لو هاجمه رجل مسلم فله أن يدافع عن ماله، فكيف بالطيور؟ فلا بأس أن يضع الإنسان شيئاً ينفر الطيور عن إفساد ماله وهو غير ملوم في ذلك.

حكم الصلاة في مكان العمل لمن خاف الضرر

حكم الصلاة في مكان العمل لمن خاف الضرر Q فضيلة الشيخ! نحن مجموعة من الموظفين -عشرة تقريباً- نعمل في مصرف إسلامي، وتأتي علينا صلاة المغرب ونحن في العمل، فهل يجوز لنا -يا فضيلة الشيخ- أن نصلي في مكان العمل علماً أن المسجد قريبٌ منا؛ حيث يتطلب العمل منا كثيراً من الوقت لإنهائه مما يفوت علينا صلاة الجماعة، فماذا نعمل جزاك الله خيراً؟ A إذا كان خروجكم من هذا المصرف إلى المسجد يؤثر ضرراً، أو يُخشى من سرَّاق أو ما أشبه ذلك فلا بأس أن تبقوا وتصلوا في مكانكم، والسؤال كما سمعتم يقول: مصرف إسلامي، أي: أنه خالٍ من الربا، وهذا عذر؛ حتى إن العلماء قالوا: لو أن الخباز خاف إذا ذهب إلى المسجد أن تحترق الخبز فله أن يبقى، والخبز ليس بشيء بالنسبة للدراهم، ثم إن العلماء يقولون: إنه معذور بترك الجماعة مع أن هؤلاء سوف يصلون جماعة، فلا أرى حرجاً عليهم إذا كان ذهابهم إلى المسجد يتضمن ضرراً أو يُخاف من السرَّاق.

حكم هدايا العمال

حكم هدايا العمال Q فضيلة الشيخ! ما حكم ما يعمله بعض الموظفين من توصيل أبناء مدرائهم أو رؤسائهم في العمل إلى بيوتهم بعد خروج الأبناء من المدرسة، إما بأمر من الرئيس بمقابل أو بدون مقابل؛ سواءً كان واحداً أو أكثر جزاكم الله خيراً؟ A هذا يشبه هدايا العمال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد: (هدايا العمال غلول) والغلول حرام، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:161] فإذا كان هذا الرجل يذهب بأبناء رئيسه أو بناته إلى المدرسة ويرجع بهم إلى البيت فهذا لا شك أنه مثل الهدية، فإن كان بأجرة جاء أمر آخر، وهو أنه يشغله عن العمل الرسمي؛ لأن الذهاب بالأولاد إلى المدارس أو الرجوع بهم من المدارس يكون في وقت العمل الرسمي، ولا يجوز للمدير أو الرئيس أن يستعمل من تحت يده في أعماله الخاصة أبداً، فإن فعل فهو ظالم للدولة، وإن أكرهه فهو ظالم للدولة وظالم للموظفين، وبعض الناس -والعياذ بالله- إذا لم يعمل الموظف بما يريد تعرَّض له، وإذا كان بيده أن ينقله إلى مكان يعيد نقله، أو أن يحرمه من ميزات واجبة له، وهذا حرام. والواجب علينا -يا إخواني- أن نتقي الله عز وجل، وأن نعلم أننا ملاقو الله، وأن نعلم أننا سنحشر حفاة عراة غرلاً، فلا يحل لأحد أن يظلم أحداً ممن جعله الله تحت يده.

مسألة في الرضاع

مسألة في الرضاع Q فضيلة الشيخ! أمي تزوجت رجلاً وأنجب بنتاً وولداً، ثم توفي فتزوجت أمي والدي وهو عم البنت والولد -تعني: الزوج الثاني- تقول: وله أبناء أحدهم رضع من والدتي مع أختي لأمي، سؤالي يا فضيلة الشيخ: هل يصبح هذا الولد أخاً للبنت، أم لا؛ لأن بعض الناس يقول: الحليب للأب، جزاك الله عنا خير الجزاء؟ A الواقع أن اللبن للأب والأم، فإذا أرضعت امرأة طفلاً صار ولداً لها، وصار جميع من أتوا من المرأة إخوة له؛ سواء من زوج سابق أو زوج لاحق، كذلك أولاد الزوج الذي كان زوجاً لها حين إرضاع الولد يكونون إخوةً لهذا الطفل، إخوةً له من الأب، ولذلك أقول: يمكن أن يكون الإخوة إخوة من الأم، ويمكن أن يكونوا إخوة من الأب، ويمكن أن يكونوا إخوة من الأب والأم. فلو أن امرأة تزوجت رجلاً وولد لها أولادٌ منه ثم مات عنها أو طلقها، ثم تزوجت آخر فولدت منه، ثم أرضعت طفلاً بلبن الآخر، فما صلة الأولاد من الزوج الأول بهذا الطفل؟ هم إخوة من الأم، وبالنسبة لأولاد الزوج الثاني من الأم والأب، وأولاد الزوج الثاني من امرأة أخرى يكونون إخوة من الأب.

حكم بيع ما خرج من الملك

حكم بيع ما خرج من الملك Q فضيلة الشيخ! أنا مزارع أزرع القمح وأدخله لصوامع الدولة التي أعطتني بطاقة بما قيمته سبعون ألف ريال تقريباً، ولا تصرف لي قيمته إلا بعد عدة سنوات، وقد اشترى مني شخصٌ هذا القمح في هذه السنة مع بطاقة الصوامع بأربعين ألف ريال حالَّة، فهل هذا جائز؟ وإذا كان ذلك غير جائز فماذا أفعل مع المشتري حيث أنه سيرفض إقالتي؟ A القمح الذي باع هذه السنة هل هو القمح الذي أدخله على الدولة؟ إذا كان كذلك فهذا غلط؛ لأن القمح الذي دخل على الدولة ملك للدولة وخرج من ملكه، فكيف يبيعه؟ الدولة الآن عندها قيمة القمح، فإذا كان أدخله بسبعين ألفاً ثم باعه بأربعين ألفاً فمعناه: أنه باع سبعين ألفاً عند الدولة بأربعين ألفاً، وهذا حرام لا يجوز، أما مشكلته مع الرجل فهذه إلى القاضي وليست إلينا هنا.

حكم الجمع والقصر في السفر المتردد

حكم الجمع والقصر في السفر المتردد Q نحن جماعة من المدرسين تبعد المدرسة ما يزيد على مائة وخمسين كيلو عن البلدة التي نسكن فيها، ونحن نتردد يومياً إلى المدرسة، وقد اختلفنا في حكم القصر والجمع بالنسبة لصلاة الظهر والعصر، فهل يحق لنا في هذه المسافة القصر والجمع ونحن نتردد يومياً إلى المدرسة أم لا؟ A الاحتياط ألا يقصروا ولا يجمعوا؛ لأن مثل هذا لا يعد عند الناس سفراً، وإن كان سفراً عند بعض العلماء، فالذي أرى لهم: ألا يجمعوا ولا يقصروا. إلا لو فرض أنهم إذا وصلوا إلى أهليهم متعبين ويخشون إن ناموا ألا يقوموا إلا عند الغروب، أو يخشون إن بقوا حتى يؤذن العصر أن يصلوا العصر وهم في شدة النعاس، فهنا نقول: اجمعوا؛ لأن الجمع أوسع من القصر، لا حرج أن يجمعوا، وإذا وصلوا إلى بلدهم ينامون إلى الغروب، أما القصر فأرى أن الاحتياط ألا يقصروا؛ لأن هذا لا يسمى سفراً في عرف الناس الآن.

حكم الضمان في حوادث السيارات

حكم الضمان في حوادث السيارات Q فضيلة الشيخ! أنا امرأة كان معي ولد رضيع عندما سافرت مع أخي من الدمام إلى الرياض، وفي السفر انفجر أحد الكفرات ثم انقلبت السيارة ومات هذا الرضيع في هذا الحادث، وسؤالي فضيلة الشيخ: هل عليَّ كفارة في موت ذلك الرضيع؛ لأني أخشى أن أكون قد فرطت؟ وما هي الكفارة؟ A ليس عليها الكفارة، ولا فرطت، امرأة سافرت بطفلها معها هذا ليس بتفريط، هذا شيء معتاد عند الناس ولا يعدونها مفرطة، وأما بالنسبة لسائق السيارة فينظر: إذا كان انفجار الكفر بتفريطه أو بتعديه فهو ضامن، أما إذا كان بغير تفريطه ولا تعديه، بمعنى: أنه قد تفقد السيارة ولم يعلم فيها عيباً ولكن قضاء الله وقدره فوق كل شيء؛ فهذا لا شيء عليه، وهذا يقع كثيراً، أحياناً ينفجر الكفر بدون أي سبب لا بسرعة ولا بتحميل فوق الطاقة، ولكن الله إذا أراد شيئاً نفد، فهذا لا شيء عليه، والقاعدة: كل حادث ليس بتفريط من السائق ولا بتعدٍ منه فإنه لا شيء عليه فيه.

حكم إنشاد قصائد الرثاء على القبور

حكم إنشاد قصائد الرثاء على القبور Q فضيلة الشيخ! أنا شاعر توفي صديق حميم لي، فقلت في رثائه أبياتاً من الشعر ثم ذهبت إلى المقبرة فقرأتها عليه كما يفعل من أراد السلام عليه، فهل فعلي هذا صحيح؟ وهل الميت يسمع رثاءه؟ أفتنا جزاك الله خيراً A لو أنك -جزاك الله خيراً- لما فعلت هذا أعطيته الورقة يقرؤها لكان أحسن! هذا ليس بمشروع وغلط منك، والميت لا يسمع مثل هذا، وغاية ما يسمع أنه من سلم عليه وهو يعرفه رد عليه السلام، هذا إن صح الحديث في ذلك؛ لأن العلماء اختلفوا في صحة هذا الحديث: (أن الرجل إذا أتى قبراً يعرفه في الدنيا وسلم عليه رد الله عليه روحه فرد السلام) هذا إن صح الحديث، أما أن تجعل له رثاء تأتي وتنشد عنده فليس بصحيح؛ ولا شك أن هذا بدعة. وإني أنصح إخواني: ألا يتعبوا أنفسهم في التعلق بالأموات؛ لأنهم إذا تعلقوا بالأموات وأكثروا من زيارة الصديق والقريب بقي الحزن في قلوبهم لا يزول، وصاروا كلما زاروا تجدد الحزن، والحمد لله كل حي ميت، والمصيبة تبرد بطول الأيام إذا لم يوجد ما يجددها، ويكفي إحساناً إلى الميت من صديق أو قريب أن تدعو الله له، هذا خير ما تهديه إلى الميت ادع الله له، استغفر له اللهم اغفر لفلان، اللهم ارحمه، اللهم افسح له في قبره، اللهم نور له فيه، وما أشبه ذلك من الدعاء المناسب. ولا أدري هل الأبيات مع أخينا أم لا؟ لعله يعرضها عليَّ ولو بعد انتهاء الدرس، لنرى ما فيها؛ لأنني أخشى أن يكون فيها بلاء، فأرجو منه أن يعرضها عليَّ حتى إذا كان فيها شيء مخالف أو غلو ينبه عليه.

حكم صلاة الاستسقاء على انفراد

حكم صلاة الاستسقاء على انفراد Q فضيلة الشيخ! هل يجوز للإنسان أن يصلي صلاة الاستسقاء فرداً، أو المدرس مع التلاميذ في المدرسة؟ A أما على كلام الفقهاء رحمهم الله فيجوز أن يصليها فرداً أو مع أهله في البيت أو في المدرسة، لكن السنة والأكمل أن يجتمع المسلمون في مكان واحد على إمام واحد ويسألون الله؛ لأنه كلما كثر الجمع واتحدوا كان أقرب إلى الإجابة. فلذلك ننصح إخواننا أن يحضروا إلى مصلى العيد للاستسقاء، والفقهاء قالوا: يخرج إلى مصلى العيد ومعه الشيوخ والصبيان المميزون وأهل الصلاح، لأن ذلك أقرب إلى الإجابة، فالحضور هو الأفضل.

نصيحة وتوجيه لأصحاب الجوالات

نصيحة وتوجيه لأصحاب الجوالات Q فضيلة الشيخ! ظهر في الآونة الأخيرة جهاز الجوال وكثر استعماله من النساء وخاصةً من الفتيات، وأسيء استعماله في المعاكسات فلا رقيب ولا حسيب من البشر، فهل من نصيحةٍ للآباء والفتيات، فإنه أصبح من أخطر حبائل الشيطان!! A النصيحة: إن أسباب الشر في عصرنا كثرت، وهي فتنة يفتتن بها من أراد الله فتنته، وهي ابتلاء من الله عز وجل، فإن الله تعالى قد يبتلي العباد بتيسير سبل المعاصي لهم، وما ذكره السائل واقع: فإن الجوالات وسيلة قريبة لاتصال الشابات بالشباب؛ لأنها تستخدمه في كل مكان حتى ولو كان في المرحاض -في الحمام- ولأنه إذا اتصل أحد يظهر رقمه في الجوال ويسهل الاتصال به، فهو خطير. ولذلك أولاً: أنصح شبابنا وشاباتنا من هذا العمل المشين، وأرجو أن يكون مستقبل الإسلام على أيديهم خير مستقبل. ثانياً: أنصح الآباء والأولياء أن يتحسسوا وينظروا ببصر ثاقب: كيف تستعمل الشابة هذا الجوال، وكيف يستعمله الشاب؟ وقلت لكم: إن الله قد يبتلي العباد بتيسير أسباب المعاصي ليمتحنهم عز وجل، ولنا مثلان: المثل الأول: في أمم قبلنا. والمثل الثاني: في صدر هذه الأمة. فاليهود حرم عليهم صيد السمك يوم السبت، فإذا كان يوم السبت جاءت الأسماك على ظهر الماء: {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ} [الأعراف:163] في أيام الأسبوع الباقية لا تأتي، وطال عليهم الأمد، فقالوا: لا بد من حيلة، وهي أن نضع شباكاً يوم الجمعة فيأتي السمك ويتكاثر فيها، وإذا كان يوم الأحد خذوه، فماذا فعل الله بهم؟ قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة:65] فكانوا قردة. وصدر هذه الأمة ابتلاهم الله عز وجل وهم محرمون بالصيد المحرم على الحرام، فكان الصيد تناله أيديهم ورماحهم الزاحف تناله اليد، فالأرنب يمسكه بيده، والغزال يمسكه بده، والطائر يدركه برمحه، مع أن الطيور لا تدرك إلا بالسهام، والرمح -كما تعرفون- عبارة عن عصا أو نحوه في رأسه حديد مدبب، ينالها برمحه فالصحابة؟ أمسكوا عن هذا، ما أحد منهم صاد صيداً مع أنه سهل. والآن المعصية سهلت بواسطة هذه الأجهزة فعلينا أن ننتبه، وأخشى أن يعمنا الله تعالى بعقاب، وأن يبدل هذا الأمن خوفاً، وهذا الشبع جوعاً، وهذه الكسوة عرياً؛ لأن الله عز وجل يقول: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:96-99] . أجارنا الله وإياكم من هذا!

حكم رجوع المرأة لتارك الصلاة إذا تاب

حكم رجوع المرأة لتارك الصلاة إذا تاب Q هذه السائلة تقول: فضيلة الشيخ! أنا أم لأربعة أطفال تزوجت منذ ثمانية عشر سنة من رجل لا يعرف الصلاة أبداً طوال هذه السنوات، بالرغم أنه مرت به ظروف سيئة؛ فقد توفي ابنه، وبعد ذلك أصيب بحادث مؤلم ولكنه لم يعتبر واستمر على العصيان، وأنا دائماً أقدم له النصيحة والإرشاد، ولكن لا يريد أن أتكلم في هذا الموضوع، بالرغم من أنه دائماً يذكر الله، وعندما أطلب من والدته أن تنصحه تقول: اصبري، كثيرٌ من الناس يصبرون، ولكن خوفي من النار ومن سوء تربية أبنائي جعلني أفكر بالانفصال، وكثرت المشاكل بيننا، وتم الطلاق في العام الماضي، وذهب عند والدته منذ سنة وأربعة أشهر، وجلست أربي أبنائي وأدعو الله له بالتوفيق والسداد، ولكني أخبرت من أحد الأقارب أنه بدأ يصلي في المسجد في بعض الأوقات بسبب تأثير بعض أصحابه عليه، وبسبب أن أمه قالت: إذا صليت سوف تتزوج امرأة أخرى، وحاولت أن أضع وسيطاً يتوسط بيننا من أجل أن يعود إلى بيته إذا كان صحيحاً ما سمعت، ولكن والدته تقف في طريق سعادته وتقول: لن ترجع حتى تربيها لك الزوجة الثانية. أرجو أن تدلني يا فضيلة الشيخ على من يسعدني ويقف بجانب أبنائي لإرجاع أبيهم بدون مشاكل، فما رأيك وتوجيهك؟ A أقول: إذا صح أن الرجل عاد إلى الإسلام بالصلاة فلا حرج أن تعود إليه بعقدٍ جديد، وأما إذا كان لم يزل تاركاً للصلاة، فإنه لا يجوز أن ترجع إليه.

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان Q هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم في شهر شعبان؟ A شهر شعبان كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر الصوم فيه، حتى كان يصومه إلا قليلاً، أي: إلا يوماً أو يومين، ولذلك ينبغي للإنسان أن يكثر الصيام في شهر شعبان.

اللقاء الشهري [61]

اللقاء الشهري [61] في هذا اللقاء ذكر الشيخ خصائص شهر رمضان وفضائله، ثم ذكر أنواع الصوم، مبيناً أنه صوم عن المعنويات وصوم عن المحسوسات، ثم تكلم عن مفطرات الصيام، ومتى يصير بها الإنسان مفطراً، ذاكراً مع ذلك أحكاماً متفرقة في الصيام، وقد تخلل ذلك كله توجيهات وفوائد مهمة، ونصائح غالية.

خصائص شهر رمضان

خصائص شهر رمضان إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. أما بعد: فإننا كنا نسير في تفسير سورة الفرقان، وانتهينا فيه إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ} [الفرقان:68] . وسنرجئ الكلام على التفسير لمناسبة قرب شهر رمضان المبارك. فأولاً: شهر رمضان له مزايا عظيمة: منها: أن الله تعالى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، كما قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185] ، ومن ثم أوجب الله صيامه ليكون شكراً لله عز وجل على هذه المنة العظيمة، وهي إنزال القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. ومنها: أن الله فرض صومه فرضاً، وكان فرضه في السنة الثانية من الهجرة، وكان أول ما فرض يخير الناس بين أن يصوم الصائم أو يغذي، ثم بعد هذا تعين الصوم وصارت الفدية لمن لا يستطيع الصوم على وجه مستمر، وعلى هذا فيكون النبي صلى الله عليه وسلم صام تسع سنين. ومن خصائص هذا الشهر: أن الله تعالى سن قيامه على وجهٍ خاص، وهو أنه يسن فيه أن يكون القيام جماعة مع الإمام، ثبت هذا في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه صلى بأصحابه ثلاث ليال ثم ترك القيام، وقال: إنه تركه خوفاً من أن يفرض علينا. وبقي الناس يصلون أوزاعاً، الرجل وحده، والرجل مع الرجلين والثلاثة والأربعة، حتى كان زمن عمر رضي الله عنه، ولما كان زمن عمر قال: [أرى أن يجمع الناس على إمام واحد] فأمر رجلين: أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة انتبه إلى هذا! أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، وعلى هذا فصلاة التراويح إحدى عشرة ركعة بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أما سنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، ثم فصلت فقالت: يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً) ومعنى قولها: (يصلي أربعاً) أي: يجعلها في وقت واحد لا في تسليم واحد، بل الأربع بتسليمتين كما جاء ذلك مفصلاً في حديثها رضي الله عنها: (ثم يستريح، ثم يصلي أربعاً بتسليمين ثم يستريح، ثم يصلي ثلاثاً) ومن ثم سمي هذا القيام تراويح، لأن الناس يتروحون فيه ويستريحون. وقيام غيره سنة ولا شك، ينبغي للإنسان ألا يدع قيام الليل ولو كان يسيراً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله جل وعلا ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له حتى يطلع الفجر) لكن كونها جماعة في المساجد هذا خاص برمضان. ومن خصائص هذا الشهر: أن صيامه سببٌ لمغفرة الذنوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه) كل ما تقدم، إذا صمته إيماناً بالله واحتساباً لثواب الله يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك، كل ما تقدم والحمد لله. ومن خصائصه: أن من قامه إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، كل ما تقدم يغفر لك إذا قمت إيماناً واحتساباً، إيماناً بالله واحتساباً لثوابه؛ فإنه يغفر لك ما تقدم من ذنبك. ومن فضائل الشهر المبارك: أن فيه ليلة القدر، والدليل أن الله تعالى قال في القرآن العظيم: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1] وقال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185] فإذا جمعت بين الدليلين صارت النتيجة: أن ليلة القدر في رمضان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف يتحرى ليلة القدر، فاعتكف العشر الأول، ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم قيل له: إنها في العشر الأواخر، فاعتكف العشر الأواخر. ومن خصائص هذا الشهر: أنه يسن اعتكاف العشر الأواخر منه، وأما غيره من الشهور فلا يسن فيه الاعتكاف، لكن لو اعتكف فلا بأس، إنما لا يطلب من الناس أن يعتكفوا في غير رمضان، في العشر الأواخر تحرياً لليلة القدر. ومن خصائص هذا الشهر: أن العمرة فيه تعدل حجة لحديث: (عمرة في رمضان تعدل حجة) ، حتى لو اعتمرت فطفت وسعيت وقصرت ومشيت تعدل حجة، فليس بلازم أن تبقى يوماً أو يومين أو أكثر، إنما عمرة واحدة تعدل حجة. وبهذه المناسبة أقول: إن العمرة في رمضان سنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عمرة في رمضان تعدل حجة) ، وهذا يعني الحث عليها، ولكن إذا كان الإنسان إمام مسجد أو مؤذن مسجد فهل من حقه أن يذهب من أول يوم من رمضان ويبقى هناك إلى آخر الشهر؟ لا يجوز له ذلك؛ لأن قيامه بواجب الإمامة وواجب الأذان حتم واجب عليه، فكيف يليق بالمؤمن أن يقدم النفل على الواجب؟!! بعض الناس يعبدون الله تعالى ويريدون الخير لكن يجهلون، يقول: أذهب هناك في رمضان أستأنس والحرم والعالم، نقول: لا بأس، هذا طيب، لكن بقاؤك لأداء الوظيفة أفضل، لأنك إذا ذهبت وتركت الوظيفة أثمت. وبعض الناس يذهب بأهله إلى هناك، وليس له وظيفة، لكن ذهب بأهله وترك الفتيات والفتيان لا يبالي بهم، يخرجون إلى الأسواق يتسكعون فيها وربما ينالهم أذىً من السفهاء، وهو جالس في المسجد الحرام وتاركٌ ما يجب عليه، فإنه يجب عليه رعاية أهله وتحصينهم من سوء الأخلاق، لكن كثير من الناس عمرتهم عاطفة فقط، لا ينظرون إلى الأمور ويزنون بعضها ببعض حتى يعرف ما هو الأحسن والأفضل. ومن خصائص هذا الشهر: أنه إذا دخل شهر رمضان تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النيران، تفتح أبواب الجنة استقبالاً للعاملين عملاً صالحاً، وهذا يعني حث الناس على العمل الصالح حتى يدخلوا من هذه الأبواب، وتغلق أبواب النار حتى ينكف الناس عن الأعمال الموجبة للنار، لأن أبوابها أغلقت. ومن خصائص هذا الشهر: أنه تصفد -أي: تغلُّ- فيه مردة الشياطين، فلا يخلصون إلى ما يخلصون إليه في غيره. وله مزايا كثيرة.

أنواع الصوم

أنواع الصوم نعود إلى الصوم فنقول: إن الصوم نوعان: صوم عن المحسوسات. وصوم عن المعنويات. فالصوم عن المحسوس كل واحد يقدر عليه، لكن الصوم عن المعنويات ليس كل أحد يقدر عليه. الأول: الصوم عن المحسوسات هو الصوم عن الأكل والشرب والجماع وما يفطر الصائم، هذا صوم عن شيء محسوس غذاء للبدن فقط، وهذا كل إنسان يقدر عليه. الثاني: الصوم عن المعنويات، وهذا هو الشاق، وهو الصوم عن المعاصي. فمن صام عن المفطرات الحسية ووقع في المعاصي والمآثم فإنه لم يأت بروح الصوم ولا بحكمة الصوم، والدليل: قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] ، ما قال: لعلكم تجوعون، لعلكم تعطشون، لعلكم تتركون التمتع بالنساء لا، إنما قال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] ، هذه هي الحكمة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) ، إن الله عز وجل لا يريد منا إذا صمنا أن نتعذب بترك الأكل والشرب والنكاح، إنما يريد أن ندع قول الزور والعمل به والجهل، وليس الجهل ضد العلم، الجهل هو العدوان، وعلى هذا قول الشاعر: ألا لا يجهلن أحدٌ علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا إذاً: الصوم الحقيقي هو الصوم عن الأمور المعنويات، أي: عن المعاصي، ولهذا قال الشاعر: إذا لم يكن في السمع مني تصاون وفي بصري غض وفي منطقي صمتُ فحظي إذاً من صومي الجوع والظمأ فإن قلت إني صمت يوماً فما صمتُ والشاعر أخذ هذا المعنى من الآية والحديث. وهل الذي يصوم ولا يصلي هل هو صائم حقيقة؟ لا والله، يوجد أناس -والعياذ بالله- يسهرون الليل كله في رمضان، وإذا تسحروا وملئوا بطونهم برزق الله ناموا عن صلاة الفجر والظهر والعصر، وإذا قاربت الشمس أن تغرب قاموا وصلوا الفجر والظهر والعصر، ولا يذكرون الله فيها إلا قليلاً، ولو تأخر الغروب لتأخروا، لكن لقرب أكلهم استيقظوا، هؤلاء ما صاموا، صومهم ناقص للغاية. أناس صاموا وجعلوا يأكلون لحوم الناس بالغيبة، أصام هؤلاء؟ ما صاموا حقيقة. أناس صاموا ولكنهم يتعاملون في البيع والشراء بالغش والكذب والأيمان الكاذبة، أصام هؤلاء؟ لا، هؤلاء لم يصوموا. إذاً: يجب علينا أن نلاحظ الصوم المعنوي، وهو الصوم عن المعاصي، هذا أهم شيء، أما الصوم عن المفطرات الحسية فهذا أمر سهل كل يستطيعه.

مفسدات الصيام

مفسدات الصيام ولنعد الآن إلى الأشياء التي يصام عنها حساً، فنقول: الذي يصام عنه حساً: الأكل والشرب والجماع، وهذا مذكور في قول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] ، فذكر من المفطرات الأكل والشرب والجماع، وهي مفسدة للصوم بإجماع المسلمين، هذا في القرآن. ومن المفطرات: ما كان بمعنى الأكل والشرب، أي: ما أغنى عن الأكل والشرب، مثل الإبر المغذية التي يكتفى بها عن الأكل والشرب، أما غير المغذية فلا تفطر، سواء ضربها الإنسان في الفخذ أو في العرق، أو في الوريد، أو في أي شيء، لا يفطر من الإبر -أي: الحقن- إلا ما يغني عن الأكل والشرب؛ لأنه بمعنى الأكل والشرب، إذ إن البدن يتغذى به هذه أربعة. الخامس: إخراج المني بفعل الإنسان، أي: أن يفعل فعلاً يخرج به المني، سواء قبَّل زوجته فأمنى، أو ضمها فأمنى، أو ما أشبه ذلك، أو استمنى بيده، أو على مخدة أو على فراش حتى خرج المني؛ فإنه يفطر ويفسد صومه، ولو قال قائل: ما هو الدليل؟ كيف تفسدون عبادة خلق الله بدون دليل؟ نقول: هذا اعتراض صحيح، أي إنسان يفسد أي عبادة من العبادات فعليه الدليل، وإلا فلا يجوز له أن يتحكم في عباد الله ويقول لهذا: عبادتك صحيحة، ولهذا عبادتك فاسدة، لا يمكن. ف A ربما يُستدل بما جاء في الحديث القدسي الذي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه حيث إن الله يقول: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) والمني شهوة، والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وفي بضع أحدكم صدقة) أن الرجل إذا جامع زوجته فهي صدقة (قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: نعم، أرأيتم لو وضعها -انتبهوا لكلمة (وضعها) - في الحرام أكان عليه وزر؟ قالوا: نعم، قال: كذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) ، هذا هو تقرير الدليل في أن الإنزال بفعل الإنسان يفسد الصوم. وما هو حكم الإمذاء؟ لو أن إنساناً قبل زوجته فأمذى أيفسد صومه؟ لا يفسد، ولا يمكن أن يقاس الإمذاء على الإمناء لظهور الفرق بينهما. السادس: إخراج القيء عمداً والقيء معروف، أن يخرج الإنسان ما في معدته من الطعام والشراب، إذا تعمد، أما إذا غلبه القيء فإنه لا يضره، والدليل على هذا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من استقاء عمداً فليقضِ، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه) وهنا Q لو أحسست بالقيء هل يلزمك أن تحجبه وتمنعه؟ الجواب: لا يجب، وفي هذا ضرر عليك؛ لأن المعدة إذا هاجت لا بد أن تخرج، فلا تمنعها، دعه يخرج، لكن لا تجلبه أنت، وفرق بين الجلب وبين كون المعدة تهيج حتى يخرج ما فيها، فالأول بفعل الإنسان والثاني بغير فعله. السابع: إخراج الدم بالحجامة. فلو أن الصائم حجم فخرج منه دم فسد صومه، ولا بد من دليل، فقد ذكرت لكم الآن أن كل إنسان يقول هذه العبادة فاسدة، قل: عليك الدليل، ولا يحل لإنسان أن يقول للناس: عباداتكم باطلة إلا بدليل؛ لأنه لو أبطل عبادة قام بها الإنسان لربه افترى على الله كذباً إلا بدليل إذاً: ما هو الدليل؟ الدليل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وهذا الحديث صحيح عند الإمام أحمد رحمه الله، صححه وأخذ به، وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالة صغيرة له اسمها: حقيقة الصيام، قرر هذا وأكده، وبين أنه هو القول الراجح، وإن كان بعض العلماء يقول: الحجامة لا تفطر، لكن الصحيح أنها تفطر. وهل الرعاف يفطر أم لا؟ أما لو غلب الإنسان فإنه لا يفطر، ولا إشكال في هذا، فلو أن الإنسان رعف أنفه وخرج دم كثير فإنه لا يفسد صومه؛ لأنه بغير قصد وقياساً على القيء، فإن القيء إذا غلبه لا يفطر، وهذا أيضاً مثله، لكن لو أن الإنسان أدخل إصبعه في أنفه لينظفه فصار الرعاف أيفطر أم لا؟ لا يفطر؛ لأنه ما أراد أن يخرج الدم، بخلاف الذي أتى للحاجم وقال: احجمني. الثامن: خروج دم الحيض والنفاس فإذا خرج دم المرأة وهي صائمة فسد صومها، أعني بذلك الحيض أو النفاس، فلو حاضت المرأة قبل غروب الشمس بخمس دقائق فقط فإنه يفسد صومها، ولو حاضت بعد الغروب بدقيقة فلا يفسد صومها، وأما ما اشتهر عند النساء أنهن يقلن: إذا حاضت المرأة قبل أن تصلي المغرب ولو بعد غروب الشمس فصومها فاسد، فهذا غير صحيح، بل متى غابت الشمس وهي لم تحض فصيامها صحيح، حتى لو أحست بأن الحيض تحرك قبيل الغروب ولم يخرج إلا بعد الغروب فصيامها تام وصحيح، وإن لم تصلِّ، فالعبرة بغروب الشمس وخروج الدم. والنفاس كذلك، ودم الاستحاضة، الدم الذي يسمى دم فساد هل يفسد الصوم؟ لا يفسد الصوم إلا دم الحيض أو دم النفاس. إذاً: هذه ثمانية مفطرات، لكن الثامن في الواقع بغير اختيار الإنسان، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحائض مقرراً الحكم: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟) . والسبعة الأولى هي: الأكل، الشرب، الجماع، إنزال المني بفعله، القيء عمداً، الحجامة، ما كان بمعنى الأكل والشرب.

شروط تفطير المفطرات

شروط تفطير المفطرات اعلموا -أيها الإخوة- أن هذه المفطرات السبعة لا تفطر إلا بشروط ثلاثة: الأول: أن يكون عالماً. الثاني: أن يكون ذاكراً. الثالث: أن يكون عامداً. فضد العلم الجهل، والجهل نوعان: إما جهل بالحكم الشرعي، وإما جهل بالوقت، وكلاهما إذا حصل فلا إثم على الصائم ولا قضاء ولا كفارة، فإذا كان جاهلاً بالحكم الشرعي، كرجل استمنى -مثلاً- وهو لا يدري أن الاستمناء حرام في الصيام، فنقول: لا يفسد صومه. رجل استقاء عمداً، وهو لا يدري أنه يفسد الصوم، فنقول: صومه صحيح. رجل أكل وشرب يظن أنه في الليل وإذا هو بعد الفجر، فصومه صحيح. رجل كان في غيم وليس معه ساعة، فظن أن الشمس غربت فأفطر، وإذا بالشمس تخرج من وراء الغيم، فنقول: صومه صحيح لأنه جاهل بالوقت. رجل سمع في الراديو مؤذناً فظنه مؤذن الحي فأفطر، وإذا بمؤذن الحي يؤذن بعد ذلك، فصومه صحيح؛ لأنه جاهل بالوقت. قد يقول قائل: ما هو الدليل على أنه يصح الصوم مع الجهل، والله تعالى يقول: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] ؟ قلنا: عندنا أدلة: أولاً: قول الله تبارك وتعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] قال الله قد فعلت. لا أؤاخذكم إذا نسيتم أو أخطأتم، والخطأ الجهل. ثانياً: عدي بن حاتم رضي الله عنه قرأ قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ} [البقرة:187] فأتى بعقالين، والعقال هو الذي تقيد به البعير، واحد أسود وواحد أبيض، وجعلهما تحت وسادته، وجعل يأكل ويشرب والنور في السماء ساطع، لكن إلى الآن لم يتبين العقال الأسود من الأبيض، فلما تبين العقال الأسود من الأبيض أمسك فهم من الآية أن المراد بالخيط الأبيض هو الحبل الأبيض، والخيط الأسود الحبل الأسود، إذاً: هو جهل معنى الآية، فلما أصبح أخبر النبي عليه الصلاة والسلام، فقال له: (إن وسادك لعريض) ، أي: أن وسع الخيط الأبيض والأسود؛ لأن الخيط الأبيض بياض النهار، والأسود سواد الليل، فإذا كان الخيط الأبيض والأسود تحت الوسادة فإنها سوف تكون عريضة عرض الأفق، فبين له النبي عليه الصلاة والسلام أنه بياض النهار وسواد الليل ولم يأمره بقضاء الصوم؛ لأنه كان جاهلاً بالحكم، يظن أن هذا معنى الآية. كذلك الجهل بالوقت روت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنهم كانوا في يوم غيم فأفطروا، ثم طلعت الشمس؛ لأنه ليس عندهم ساعات، ولا يعرفون الوقت إلا بالشمس، ولعل الغيم كان شديداً متكاثفاً، المهم أنهم أفطروا ثم طلعت الشمس، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء، ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لنقل إلينا، لأنه إذا أمر به كان من الشريعة والشريعة لا بد أن تنقل إلينا تامة. تبين الآن أنه لابد أن يكون عالماً، فإن كان جاهلاً فلا شيء عليه. كذلك إذا أكل أو شرب ناسياً فلا شيء عليه، قال الرسول عليه الصلاة والسلام في نفس المسألة: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه) ، اللهم لك الحمد، (فليتم صومه) إشارة إلى أن الصوم لم يحصل فيه نقص ولا فساد، ثم بين الحكمة والسبب فقال: (إنما أطعمه الله وسقاه) ، لأنه لم يتعمد. يقولون: الشيء بالشيء يذكر قال أحد التلاميذ وهو في قاعة الاختبار: إنه يكتب الجواب فسمع شخصاً يعلِّم تلميذاً إلى جانبه بالجواب، يسأل هذا التلميذ ويقول: هل يجوز أن أكتب الجواب وأنا سمعته؟ نعيد Q تلميذ على الماسة يكتب الجواب ولا يريد الغش بأي حال من الأحوال، لكنه سمع شخصاً يقول لجاره: الجواب كذا وكذا، والجواب صحيح، فهل يجوز أن ينقل الجواب أم لا يجوز؟ نقول: إنما علمه الله، هذا رزق جاء بدون تعب، فلا حرج أن يكتب الجواب، حتى لو فرض أنه لم يكن يعرفه فيكتبه؛ لأنه ما حاول الغش ولا غش. بقي علينا من الشروط شرط ثالث: أن يكون عامداً، إذا لم يكن عامداً فلا شيء عليه، دليل ذلك قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] ، فإذا لم يتعمد فلا شيء عليه، وله أمثلة: إنسان يستنشق في الوضوء فنزل الماء من خياشيمه إلى معدته، فلا يفطر؛ لأنه غير متعمد. كذلك إنسان يتمضمض فنزل الماء إلى بطنه، فلا يفطر؛ لأنه غير متعمد، والله عز وجل يقول: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] . إذاً: هذه الشروط الثلاثة لا بد من مراعاتها حتى لا يفسد الإنسان عبادة عباد الله وهي غير فاسدة، وكما لا يجوز لنا أن نتساهل لا يجوز أن نشدد، بعض الناس يقول: شدد لا تفتح للناس ويقول: ناسي هذا غير صحيح، كما لا يجوز لنا أن نتساهل فيما أوجب الله لا يجوز لنا أن نتشدد، دين الله بين الغالي فيه والجافي عنه. هذا ما يتعلق بالصيام، وأرجو الله تعالى أن ينفعني وإياكم به.

وصايا متفرقة في الصيام

وصايا متفرقة في الصيام ولكن يا إخوان احفظوا صيامكم، صونوه عن قول الزور، وعن عمل الزور، وعن العدوان على الناس، ابتعدوا عن الغيبة، أكثروا في الصيام من قراءة القرآن، ومن الذكر، ومن الصلاة في غير أوقات النهي؛ حتى يكون صومكم على وجه يرضى الله جل وعلا به.

المحافظة على السحور

المحافظة على السحور كذلك تسحروا في آخر الليل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به، فقال: (تسحروا) ، وفعله هو صلوات الله وسلامه عليه، وقال: (فصل ما بيننا وبين صيام أهل الكتاب أكلة السحور) ، إذاً: عندما يقدم السحور استحضر ثلاثة أشياء: الأول: امتثال أمر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حتى تكون من الذين قالوا: سمعنا وأطعنا. الثاني: التأسي به عليه الصلاة والسلام كأنما يتسحر أمامك. الثالث: مخالفة أهل الكتاب اليهود والنصارى. ولا أدري أنحن نستحضر هذه المعاني أم لا؟ قليل من الناس، إما جهلاً أو نسياناً، لكن احرص على هذا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن في السحور بركة) ، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنك تأكل وتشرب وتمسك من طلوع الفجر، كل النهار لا تأكل ولا تشرب ومع ذلك يعينك الله عليه، بواسطة السحور الذي أكلت وشربت كم تشرب في أيام الصيف في اليوم من مرة؟ كل خمس دقائق تشرب مرة، فإذا صمت تصبر إلى غروب الشمس، كل ذلك من بركة السحور.

الإفطار على الرطب

الإفطار على الرطب وعند الإفطار اختر أن تفطر على رطب، والرطب الآن -بحمد لله- موجودة في الثلاجات، وإن لم تجد فعلى تمر، وإن لم تجد فعلى ماء، وهنا Q ليس عندك تمر ولكن عندك أطباق حلوى وكأس ماء، فأيها تفطر به: أطباق الحلوى أم الماء؟ تفطر بالماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإن لم يجد فعلى ماء) ، ولم يقل: فعلى حلو، فالماء أفضل من أطباق الحلوى، ثم إذا شربت كل ما شئت.

تأخير السحور وتعجيل الفطر

تأخير السحور وتعجيل الفطر والأفضل في السحور أن تؤخره بشرط أن تأمن طلوع الفجر، اجعله آخر شيء قبل الفجر بيسير، وأما قول بعض العوام: أمسك قبل الفجر بخمس دقائق فلا أصل له، كل حتى يتبين الفجر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أعد في رمضان مؤذنين: أحدهما بلال والثاني ابن أم مكتوم وكان بلال يؤذن قبل الوقت، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه يؤذن ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم) ، من أجل القائم يرجع ويأكل والنائم يستيقظ (كلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم -وهو أعمى- فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) إذا طلع الفجر ذهب يؤذن، إذاً هناك مسافة بين طلوع الفجر وبين أذانه، والرسول صلى الله عليه وسلم أذن لهم أن يأكلوا إلى أن يسمعوا أذان ابن أم مكتوم. فعليك أن تؤخر السحور فهو أفضل. والفطر الأفضل تعجيله، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) .

التوبة من شرب الدخان في رمضان

التوبة من شرب الدخان في رمضان وإنني بهذه المناسبة أزف إلى إخواني الذين ابتلوا بشرب الدخان نصيحة باستقبال هذا الشهر المبارك: أن يحاولوا ترك الدخان؛ لأنه يسهل لهم في هذا الشهر أكثر من غيره، إذ إنهم سيكونون في النهار ممتنعين بحكم الصيام، وفي الليل يتلهون عنه بالقراءة، بأن يروح بعضهم على بعض، أو بأي شيء، يتصبرون في الليل، فإذا مضى شهر كامل وهم لم يتناولوا الدخان انقطع عنهم بإذن الله، فهو فرصة أن يتوب الإنسان من شرب الدخان، ومن استعان بالله أعانه الله، ومن اتقى الله جعل له مخرجاً، ومن اتقى الله جعل له من أمره يسراً، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من المتقين.

قيام الليل في رمضان

قيام الليل في رمضان وإلى هنا ينتهي القول فيما يتعلق بالصوم، أما بالنسبة للقيام فإنني أبشركم بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام بأصحابه وأنهى الصلاة قبل طلوع الفجر، فقالوا: (يا رسول الله! لو نفلتنا بقية ليلتنا -أي: لو قمت بنا إلى آخر الليل- فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) اللهم لك الحمد يكتب لك قيام ليلة وأنت على فراشك ومع أهلك، لكن قم مع الإمام حتى ينصرف، وتقوم معه من صلاة العشاء أو من القيام. فإذا قال قائل: ماذا تقولون في قوم يذهبون إلى مساجد أخرى غير مساجد حاراتهم؟ ف A لا حرج عليهم في هذا، المساجد كلها بيوت الله، إلا إذا كان يترتب على ذهابهم تعطيل المسجد في حارتهم فلا، أما إذا كان سيبقى من يقيم الصلاة في هذا المسجد فلا حرج أن يذهب الإنسان إلى مسجد آخر يرتاح لقراءته صوتاً وأداءً؛ لأن الأمر -والحمد لله- واسع، وكثيرٌ من الناس إذا صلى مع من يرتاح له نفسياً أو لحسن صوته أو لحسن أدائه يكون أخشع، وما دام الله عز وجل قد فسح ولم يحرم علينا أن نتعدى مساجدنا في حاراتنا إلى غيرها فالأمر -والحمد لله- واسع، إلا إذا لزم من ذلك تعطيل المسجد فلا، كلٌ يصلي في حارته، وإذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة، وهذا من نعمة الله عز وجل. وإنني أوصي إخواني الأئمة أن يتقوا الله عز وجل فيمن خلفهم؛ بأن يؤدوا الصلاة بطمأنينة، في القراءة، والركوع، والسجود، والقيام بعد الركوع، والجلوس بين السجدتين، والتشهد أيضاً، فإن كثيراً من الأئمة يسرع في الركوع والسجود والقيام، ويسرع في التشهد، فإن الإنسان يتشهد التشهد المعروف فإذا وصل إلى قوله: وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وإذا بالإمام يسلم، هذا غلط وخطأ، دع المصلين يدعون الله عز وجل بعد التشهد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر التشهد قال: (ثم ليتخير من الدعاء ما شاء) ، على الأقل دعهم يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الكاملة، دعهم يستعيذون بالله من الأربع: (أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال) . ولو سألنا سائل: ما هو الوقت الذي يربحه الإنسان في حياته؟ لقلنا: طاعة الله عز وجل، نصيبنا من أعمارنا في الدنيا هو طاعة الله عز وجل، أما الباقي فهو إما علينا وإما لا لنا ولا علينا، أما الذي نربحه من أعمالنا فهو طاعة الله عز وجل. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

الأسئلة

الأسئلة والآن مع الأسئلة، وأرجو منكم أن تنتبهوا للسؤال؛ لأنه ربما يكون السؤال الذي يلقى هو الذي في نفوسكم فتستغنون به عن سؤال جديد.

كيف يكون الفطر بالرطب؟

كيف يكون الفطر بالرطب؟ Q فضيلة الشيخ! ذكرتم الفطر على رطب، فهل السنة أن تكون ثلاثاً فما فوق، أم يكفي واحدة ويشرب الإنسان قهوة بعدها؟ ومثل ذلك من تصبَّح بسبع تمرات، هل لا بد أن يأكل التمر مرة واحدة ثم يشرب بعد السبع؟ أرجو الإفادة A على كل حال؛ الفطر على تمرات، وأقلها ثلاثاً، لكن بعض الناس في أيام الصيف يكون عطشاناً وييبس فمه، فإذا أكل تمرة احتاج أن يشرب، فلا بأس ولا حرج الأمر واسع، لكن إذا أمكن أن تأكل ثلاثاً قبل أن تشرب فهو أحسن، وفي وقتنا في هذا الفصل يمكن، ربما بعض الناس لا يشرب أبداً.

حكم الأكل والشرب بعد الأذان إذا لم يطلع الفجر

حكم الأكل والشرب بعد الأذان إذا لم يطلع الفجر Q فضيلة الشيخ! من الملاحظ في الأشهر السابقة في رمضان تفاوت المؤذنين خصوصاً في أذان الفجر، وبلغني عن فضيلتكم أنكم تقترحون إضافة خمس دقائق على تقويم أم القرى خاصة، فهل هذا صحيح؟ A نعم هذا صحيح، وكثرت في الأيام الأخيرة الأوراق التي ترفع إليَّ من إخوة أثق بهم، يقولون: إن التقويم متقدم على طلوع الفجر، وبعضهم يبالغ إلى ثلث ساعة، وبعضهم ربع ساعة، وكتبوا لنا أوراقاً، وكتبوا لنا أيضاً بيانات في كل فصل، بل في كل يوم، لكن على كل حال؛ الإنسان ينبغي له أن يحتاط في الصوم ولا يضره -إن شاء الله- إذا تقدم خمس دقائق، لكن في الصلاة هذه هي المشكلة التي أنا مهتم بها كثيراً؛ لأن بعض الناس حينما يؤذن الفجر يقوم ويصلي، سواء في البيوت أو في بعض المساجد، وهذا خطأ، فلو كبرت للإحرام قبل الوقت لم تبرأ ذمتك ولم تؤد الفريضة، ونسمع أن بعض الناس من حين يؤذن وينتهي الأذان يقول: أقم الصلاة. هذه هي المشكلة، وأيهما أشد خطراً: أن تأكل بعد طلوع الفجر وأنت لم تعلم أنه قد طلع، أو أن تصلي وأنت لم تعلم أن الفجر قد طلع؟ الثاني أخطر، فلا تصح صلاة الفجر وتبرأ بها الذمة إلا إذا تيقنت أو غلب على ظنك غلبةً قوية أن الوقت قد دخل.

حكم الكبير الذي لا يستطيع الصوم

حكم الكبير الذي لا يستطيع الصوم Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ! لي والدٌ لم يصم أربع سنوات وهو مقعد على السرير وهو مريض وعمره يزيد على خمس وثمانين سنة، فهل عليه كفارة؟ أفدنا جزاك الله خيراً. A الكبير الذي لا يستطيع الصوم يجب عليه أن يفدي عن كل يوم بإطعام مسكين، وذلك بأن يجمع المساكين على غداء، والغداء في الغالب في رمضان صعب، أو على عشاء، يطعم -مثلاً- اليوم عشرة مساكين، وغداً عشرة مساكين آخرين، وبعد غد عشرة مساكين في آخر الشهر، هذا واحد، أو يعطي كل واحد كيلو من الأرز ومعه لحم يكون إداماً له، أيُّ لحم؛ سواء كان من بقر أو غنم أو إبل أو دجاج.

الإطالة في صلاة التراويح

الإطالة في صلاة التراويح Q فضيلة الشيخ! أنا إمام مسجد أريد أن أطيل في صلاة التراويح وأرتل القرآن، لكن كبار السن خلفي ومنهم والدي يمنعونني من ذلك ويوردون علي أحاديث التخفيف مثل: (أفتان أنت يا معاذ؟!) ونحو هذا، فما هو الضابط يا فضيلة الشيخ في عدد التسبيح ونحوه في الصلاة؟ A أهل العلم يقولون: إن عدد التسبيح في الصلاة أعلاها عشر، وأدنى الكمال ثلاث، لكن المشكلة كيف نؤدي التسبيح؟ بعض الناس يقول: سبحان الله سبحان الله سبحان الله سريعاً، فيمكن أن يقول أربع تسبيحات في أقل من ثانية، وهذا ليس بصحيح، بل قل: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، بهدوء، هذا أدنى الكمال، وأعلاه عشر، ثم نقول: النافلة ليست مثل الفريضة، الفريضة لا بد أن الإنسان يحضر ويصلي مع الجماعة، أما النافلة فليست واجبة، أيضاً الفريضة لا بد أن يصلي الإنسان قائماً والنافلة يجوز أن يصلي قاعداً، فقل لوالدك ومن يشبهه من كبار السن: إذا كنتم لا تستطيعون أن تصلوا قياماً فصلوا قعوداً، والأمر والحمد لله واسع، لكن دعونا نغتنم الفرصة في هذا الشهر المبارك بزيادة دقيقة في عمل صالح.

ختم المصحف في صلاة التراويح

ختم المصحف في صلاة التراويح Q فضيلة الشيخ! أنا إمام مسجد وهناك نية ألا أختم القرآن في صلاة التراويح، ولكن بعض جماعة المسجد يرغبون بل يلزمونني بذلك، فكيف أتصرف معهم؟ أأخذ برأيي أم برأيهم؟ A خذ برأيك ما دام أنك لو أكملت بهم القرآن لأطلت، لأنك إذا كنت تتحرى السنة في عدد الركعات، فستكون عدد الركعات إحدى عشرة، ولو قرأت بهم في كل ليلة جزءاً صعب عليهم، لكن اقرأ ما تيسر، إن ختمت القرآن في قيام أول الشهر وآخر الشهر فحسن، وإن لم تفعل فليس بواجب، فأنت اقرأ ما تيسر، وهنا في الجامع لنا سنين طويلة، ومن حين بدأنا نقتصر على إحدى عشرة ركعة، ولا نختم القرآن إلا إذا تمكنا من ختمه في ليالي التهجد في آخر الشهر.

متى تفطر الحامل؟

متى تفطر الحامل؟ Q امرأة تقول: فضيلة الشيخ! المرأة الحامل إذا أخبرها طبيب ثقة بأن الصيام قد يؤثر على الجنين، ولكن هذا التأثير ليس كبيراً حيث سينقص وزن الطفل فقط، ولكن سرعان ما يستعيد وزنه بعد الولادة بإذن الله، فهل يجب عليها أن تصوم، أم الأولى في حقها أن تفطر لحق الجنين؟ A إذا كان لا يضر الجنين وهي لا يحصل عليها مشقة فلتصم، وخفة وزنه قد يكون لمصلحته؛ لأنه إذا خف وزنه سهل خروجه، وبعد أن يولد فيشب ويثقل وزنه، أما إذا قالوا: إنه يضره؛ بحيث لا يأتيه من الغذاء من الدم ما يقيم عظامه وأعصابه وما أشبه ذلك، فهنا لا تصوم، أو كان يشق عليها هي؛ لأن النساء يختلفن في الحمل، وأيضاً الحمل يختلف أوله وآخره، فمتى وجدت مشقة أو خيفة على الجنين فإنها لا تصوم.

حكم استنشاق الدخان أو البخور

حكم استنشاق الدخان أو البخور Q الصيام في هذا العام في برد شديد كما هو متوقع، ويكثر إشعال الناس للنار بغرض التدفئة، ويخرج من هذه النار دخان قد يدخل في جوف الإنسان وذلك لقربه من النار، فماذا يصنع؟ وهل يفطر بذلك؟ A إذا كان حول الإنسان دخان من حطب أو من بخور فإنه لا يضر، حتى لو أخذ المبخرة وأضفى عليها الغترة فإنه لا يضر، الذي يضر أن يستنشق الدخان؛ لأنه إذا استنشقه دخل إلى جوفه، أما مجرد أن يشم رائحة دخان، أو أن يكون في حجرة وقد أولع النار وصار يخرج منها الدخان فإن ذلك لا يضر، حتى لو دخل أنفه لا يضر، مثلاً: لو أن إنساناً في هذه الأيام سبح في بركة وانغمس فيها ودخل الماء إلى بطنه فإنه لا يضره؛ لأنه لم يتعمد. وهذه النقطة أسمع كثيراً من الناس يسألون عن البخور للصائم ويظنون أن مجرد الدخان يفطر الصائم، وهذا غلط، لا يفطره إلا إذا استنشقه ودخل إلى جوفه. وإذا استنشق ماء الورد وأحس به في حلقه فلا يفطر؛ لأنه ليس له جرم وإنما هو مجرد رائحة، ولذلك -أيضاً- لو شم ريحاناً وأحس به في حلقه فإنه لا يضر.

نصيحة للطلاب بمناسبة قرب الامتحان

نصيحة للطلاب بمناسبة قرب الامتحان Q فضيلة الشيخ! صيام هذا الشهر يأتي في أيام امتحان وسوف نشتغل عن كثير مما كنا نعمل سابقاً، فما نصيحتك للطلاب والطالبات؟ A أما الطالبات فسمعت أنهم قدموا اختبارهن، وأما الطلبة فأنتم تعلمون أن الرجل أقوى من المرأة وأشد تحملاً، ولا يهمه لو جعل على كتفه عدلاً من الشعير وعلى الكتف الآخر عدلاً من الشعير؛ لأنه قوي، وسيكون قوياً -إن شاء الله- على أداء الامتحان، لكن يبقى النظر: إذا كان من عادته -مثلاً- أن يقرأ كل يوم خمسة أجزاء، وفي أيام الامتحان لا يتمكن، فنقول: الحمد لله، الأمر واسع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً) ، فما دمت في رمضانات سابقات تقرأ كل يوم خمسة أجزاء أو عشرة وتعذر عليك ذلك بواسطة الامتحان؛ فإنه يرجى أن يكتب لك الأجر الذي كنت تفعله فيما سبق، أي: أجر العمل الذي كنت تعمله فيما سبق.

التوبة مما وقع من أخطاء في رمضان

التوبة مما وقع من أخطاء في رمضان Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ! لقد أخطأت في صيامي كثيراً، أرجو الله أن يغفر لي ويتوب علي، فما هي كفارة الكذب الذي وقع مني؟ وما هي كفارة القسم بالله كاذباً؟ فلقد أقسمت أيماناً مغلظة على أمور معينة ثم خلفت هذه الأيمان وأريد أن أتوب وأكفر عن هذه الأيمان، إلا أني لم أتذكر كم عدد هذه الأيمان جزاك الله خيراً. A هذا السؤال تضمن أشياء: أولاً: أخطاء كثيرة في صيامها، والمخرج المخرج التوبة إلى الله عز وجل، أن يندم الإنسان وأن يتأثر نفسياً، وأن يعزم على ألا يعود، وإذا تاب إلى الله فإن الله يقول: {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] أي ذنب تتوب منه يتوب الله عليك. ثانياً: وأما الأيمان التي حلفت وحنثت فيها ولكنها لا تدري كم عددها فتأخذ بالأقل، فإذا قدرت أنها عشرة أو عشرون فتجعلها عشرة؛ لأن الأصل براءة الذمة، فلم يلزمها كفارة لم تعلم أنها وجبت عليها.

الشهر الذي مدته تسعة وعشرون يوما هل يجزئ في الكفارة؟

الشهر الذي مدته تسعة وعشرون يوماً هل يجزئ في الكفارة؟ Q فضيلة الشيخ! رجل عليه كفارة صيام شهرين: رجب وشعبان، فهل يتم هذين الشهرين، أم يمشي على التقويم؟ A إذا كان شهر رجب ثبت دخوله بشهادة، وثبت دخول شعبان بشهادة، وكان رجب تسعة وعشرين يوماً وكان شعبان تسعة وعشرين يوماً، فقد نقص عن الستين يومان، فنقول: يجزئه ذلك؛ لأن الله تعالى لم يقل: صيام ستين يوماً، كما قال: إطعام ستين مسكيناً في كفارة الظهار، بل قال: شهرين، والشهر هو ما بين الهلالين، سواء كان تسعة وعشرين يوماً أو ثلاثين يوماً، أو شهر يكون تسعة وعشرين يوماً والشهر الثاني ثلاثين يوماً، المهم أن ما حدده الله بالشهر فهو شهر.

حكم سفر المرأة إلى مكة كل سنة

حكم سفر المرأة إلى مكة كل سنة Q يقول السائل: أمي تقوم بالذهاب إلى مكة لغرض العمرة في كل سنة، وتقوم بأخذ أولادها وأعمارهم من الرابعة عشرة والثالثة عشرة، فهل نقوم بمنعها من الذهاب كل سنة، أم نقوم بمساعدتها على ذلك؟ A هذا يرجع إلى حال الأم وحال الأولاد، إن كان الأولاد يخشى عليهم من السفه والتجول في الأسواق يميناً وشمالاً فالأفضل أن تبقى في بلدها، وإن كانوا -أي: الأولاد- ملتزمين لا يخشى عليهم، وهي ترى أنها هناك أخشع لها وأحضر لقلبها فلتفعل، فالأمر واسع، إلا إذا كان في البيت زوج لها ولم يسافر معها ويرغب أن تبقى معه حرم عليها أن تذهب إلى العمرة، حرام وليس مكروهاً فقط، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه) ، فإذا كان هذا في الصوم وهي عند زوجها لا يجوز أن تصوم إلا بإذنه فكيف أن تسافر؟!! ولهذا يجب على المرأة إذا كان زوجها لم يسافر أن تبقى معه إلا إذا أذن لها، فإن أذن لها مرغماً فإذنه غير معتبر، يجب أن تبقى، فلو قالت الزوجة مثلاً: أنا سأذهب أسافر إلى مكة وأعتمر وأجلس هناك إلى العيد، فقال: اذهبي أو لا تذهبي، هذا ليس إذناً، والإنسان يعرف قول صاحبه عن رضى وقوله عن إكراه، فإذا علمت أنه لم يقل هذا إلا عن إكراه أو خوف فلا تسافر.

حكم العادة السرية وكيفية التخلص منها

حكم العادة السرية وكيفية التخلص منها Q هل من حل إيمانيٍ وعمليٍ للعادة السرية حيث أني مبتلىً بها وتؤرقني في شهر رمضان؟ A أسأل الله له العافية، أما الحل الإيماني فهو قول الله تبارك وتعالى في وصف المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ} [المعارج:29-31] والعادة السرية وهي الاستمناء وراء ذلك؛ وراء الزوجات ووراء المماليك من النساء وهن السراري {فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ} [المعارج:31] فوصف الله ذلك بأنه عدوان، والإنسان إذا علم أن هذا عدوان لن يفعله. وأما الرادع الحسي فليسأل الأطباء حتى يتبين له أنها من أضر ما يكون على البدن، وإن كان الإنسان يجد فيها راحة، لكنها راحة يسيرة يعقبها ضرر كبير، ولقد قال لي بعض الناس: إنه ابتلي بهذا فابتلي بالوساوس الشيطانية والعياذ بالله والمضايق النفسية، وهذا ليس ببعيد؛ لأن الله تعالى حكيم جعل هذه النطفة لها محل معين: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:223] ، وعلى الإنسان أن يتصبر ويتصبر ويتصبر، ولقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام دواءً ناجحاً وهو الصوم، فقال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) .

حكم من صام في بلده ثم سافر إلى آخر لم يوافقوهم في الصيام

حكم من صام في بلده ثم سافر إلى آخر لم يوافقوهم في الصيام Q فضيلة الشيخ! إني أحبك في الله، وأسأل الله لي ولكم ولجميع المسلمين العلم النافع والعمل الصالح والقبول. أما بعد: فسؤالي هو: شخص سافر بعد دخول شهر رمضان بخمسة أيام للعمل في دولة عمان، وكنا هنا في السعودية صمنا قبلهم بيوم، واستمر هناك شهر رمضان عندهم إلى ما بعد رمضان، وكان الشهر هنا في السعودية ثلاثين يوماً، وكذلك هناك في عمان ثلاثين يوماً، فإذا صمت على صيامهم أكون قد صمت واحداً وثلاثين يوماً، ولكني لما صمت ثلاثين يوماً أفطرت بناءً على صيامي في السعودية، فصمت على صيام أهل هذا البلد وأفطرت معهم وخالفت البلد الذي أنا فيه، فهل عليَّ شيء؟ A أولاً أقول: أحبه الله الذي أحبنا فيه، وجعلنا وإياكم من أحبابه. سمعتم السؤال: يقول: إنه سافر من السعودية إلى بلد آخر خالفهم في دخول الشهر، ولنفرض أن السعودية ثبت عندها الشهر ليلة السبت وهم لم يصوموا إلا ليلة الأحد، وكان الشهر تاماً في السعودية وفي البلد الآخر، ويلزم -على هذا- إذا صام معهم أن يصوم واحداً وثلاثين يوماً، وإن أفطر ففيه إشكال؛ وهو أنه سيفطر والناس صائمون، أقول -وأسأل الله أن يوفقني إلى الصواب-: إذا علمنا أن هؤلاء الذين تأخروا عن السعودية تأخروا عناداً ومخالفةً لـ أهل السنة فإنه يفطر ولو كانوا صائمين، لكن يفطر سراً؛ لئلا يكون مخالفاً للجماعة علناً، أما إذا علمنا أن هذا عن اجتهاد منهم، ولم يخالفوا أهل السنة، لكن هذا الذي أداهم إليه اجتهادهم، تحروا الهلال فما رأوه، فهنا نقول: لا تفطر، صم معهم ولو كان صومك واحداً وثلاثين يوماً؛ لأن هذا اجتهاد والسعودية لها اجتهاد.

حكم الجمع بين صلاة الجمعة والعصر

حكم الجمع بين صلاة الجمعة والعصر Q فضيلة الشيخ! سافرنا إلى العمرة ثم جمعنا بعد صلاة الجمعة في المسجد الحرام، فهل هذا يجوز؟ A لا يجوز أن تجمع العصر إلى صلاة الجمعة؛ لقول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:103] أي: وقت محدد، وإذا كان كذلك فإنه لا يجوز أن نجمع بين صلاتين إلا إذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، ولم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه جمع العصر إلى الجمعة أبداً، إنما كان يجمع العصر إلى الظهر؛ لأنها مثلها، أما الجمعة فتختلف عن الظهر اختلافاً عظيماً، فإن قال قائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصادف أن صلى الجمعة في السفر، بل كان يصلي الظهر على أنها ظهر والعصر على أنها عصر ويجمع بعضهما إلى بعض، ولم تأت الجمعة عليه وهو في السفر فيصليها جمعة. نقول: نعم هذا صحيح؛ فإن الجمعة لا تشرع في السفر، لكن مرت عليه الجمعة في المدينة في المطر ولم يجمع العصر إليها، مع أنه كان يجمع العصر إلى الظهر في المطر، لكن في الجمعة ما جمع، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة، فدخل رجل وقال: (يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل -لا يوجد مطر ولا مرعى- فادع الله يغيثنا، فرفع يديه وقال: اللهم أغثنا.) ثلاث مرات، والناس رافعو أيديهم معه، أمطرت السماء، فما نزل الرسول صلى الله عليه وسلم من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته، اللهم صلِّ وسلم عليه، آية من آيات الله! وبقي المطر أسبوعاً كاملاً لا يرون الشمس، والسماء تمطر وسالت الأودية، حتى إن الوادي الذي يسمى: قناة، -وهو معروف إلى الآن بهذا الاسم- صار يمشي شهراً كاملاً الله أكبر! وفي الجمعة الثانية دخل الرجل أو غيره، وقال (يا رسول الله، تهدم البناء وغرق المال -من كثرة الأمطار- فادع الله أن يمسكها عنا، فرفع يديه وقال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر) فأقلعت، وخرج الناس في الشمس. الآن وجد سبب الجمع الجمعة الأولى نزل المطر ولم يجمع العصر، والجمعة الثانية كان الوحل والوحل يجمع له ولم يجمع، فدل هذا على أن العصر لا يمكن أن تضاف إلى الجمعة جمعاً. وأقول لهذا الأخ السائل: عليكم الآن أن تعيدوا العصر أربعاً، أحوط من جهة أ، تصلوها أربعاً لا من جهة الإعادة، فإن الإعادة لا بد أن تعيدوها، أعيدوا العصر إما أربعاً وإما ركعتين، إن اقتصرتم على ركعتين فلا بأس؛ لأن صلاة المسافر ركعتان، وإن جعلتموها أربعاً لأنكم في حضر الآن فاجعلوها أربعاً.

حكم المسح على ظاهر الجبيرة فقط

حكم المسح على ظاهر الجبيرة فقط Q فضيلة الشيخ! وضعت جبيرة قبل شهرين وكنت أمسح عليها كما أمسح على الجوارب، لا أمسح أسفلها ولا جوانبها لمدة شهر ونصف، فما حكم الصلاة في هذه المدة؟ A أقول: إنه لا إعادة عليه في صلاته، وإن كان لا يمسح من الجبيرة إلا ظاهرها، والدليل على هذا: عمار بن ياسر رضي الله عنه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنب، احتلم في الليل ولم يجد الماء، فجعل يتمرغ على التراب، يتقلب كما تتقلب الدابة، قياساً على الغسل، فإن الغسل يشمل كل البدن، فقال: إذاً لابد أن يلوث كل البدن بالتراب، وجاء وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: (إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا، وضرب بيديه على الأرض ومسح وجهه وكفيه) ، ولم يأمره بالإعادة، لم يأمره أن يعيد الصلاة السابقة؛ لأنه كان مجتهداً، الرجل مجتهد وفعل ذلك عن قياس، وهذا الأخ السائل الذي عليه الجبيرة أتى بقياس، لكنه نقص، الجبيرة لا بد أن تمسح كلها من فوق ومن تحت ومن كل ناحية، لكن أقول للأخ: أسأل الله لي وله العلم النافع، وليس عليه إعادة فيما سبق. وهناك قضية ثانية تشبه هذه: امرأة جاءت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقالت: (يا رسول الله! إني أستحاض حيضة كثيرة -شديدة- تمنعني من الصلاة، فماذا أصنع؟) فأرشدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنها تجلس عادتها، ولم يأمرها بإعادة الصلوات التي تركتها؛ لأنها بانية على أصل، أن الأصل في الدم الذي يخرج من المرأة أنه حيض. السائل: إذا كانت الأصابع ظاهرة ولا يغسلها ولا يمسحها في الجبيرة. الشيخ: هذه أيضاً نقطة، بعض الأحيان تكون الجبيرة في الكف والأصابع ظاهرة، فيلزم أن تغسل الأصابع والجبيرة تمسح عليها، كذلك في الرجل قد تكون أصابع الرجل ظاهرة، فاغسلها وامسح الجبيرة.

حكم إعادة الصلاة والصيام بعد التوبة مع تعليق على كلمة (سيدة)

حكم إعادة الصلاة والصيام بعد التوبة مع تعليق على كلمة (سيدة) Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ! أنا سيدة لي أولاد، ومنذ ثلاث سنوات وأنا لا أصلي ولا أصوم، والآن هداني الله ولله الحمد فأنا أصلي وأصوم وأدعو ربي وأستغفره على ما فات مني، أرجو إفتائي على ما فاتني ماذا علي؟ هل يكون علي كفارة مع الاستغفار أم ماذا أصنع؟ A ليس عليها إلا التوبة وقد تابت والحمد لله، وليس عليها إعادة ما مضى من الصلوات، ولا إعادة ما مضى من الصوم، لكن الزكاة عليها أن تؤدي الزكاة وإن لم تؤدها فلا حرج؛ لأنها لما تركت الصلاة صارت -والعياذ بالله- مرتدة من الكافرات، والآن هداها الله للإسلام فهي مسلمة والحمد لله. لكن لي على كلامها ملاحظة، تقول: أنا سيدة وهذه تزكية للنفس، وهل الرجل يقول: أنا سيد؟ المرأة هي التي تقول: أنا سيدة، وهذا اللقب متلقن من غير المسلمين؛ لأن غير المسلمين يقدسون النساء ويرفعونهن أكثر من درجتهن، فاعتاد الناس أن المرأة تسمى (السيدة) والعجيب أنك لو تأملت كتب الحديث التي ينقل فيها أصحابها ما يروونه عن عائشة وأمهات المؤمنين وغيرهن فلن تجد واحداً قال: السيدة عائشة أبداً، والناس الآن إذا ذكروا عائشة قالوا: السيدة، ولا يقولون: السيد أبو بكر، مع أن أبا بكر أعلى منها وأحق بالسيادة، والرجال هم السادة والنساء هن عوان (أسرى) عند الرجال، أقول هذا لقول الله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف:25] أقول هذا لقول الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:228] أقول هذا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله في النساء فإنهن عوانٌ عندكم) ، ولست أريد بذلك غمط النساء، بل حقهن على الرءوس، والبنات أمهات المستقبل والأمهات أمهات الحاضر، لكن أريد أن المرأة تنزل حيث أنزلها الله عز وجل؛ لأن ذلك أستر لها وأصون وأحفظ لدينها، وأصلح للمجتمع، ولا يغر المرأة ما كانت عليه الدول الكافرة، الدول الكافرة الكفر أعظم، لكن عليها أن تتبع أمهات المؤمنين، ونساء الصحابة ماذا فعلن، وماذا قلن، وماذا تركن. إذاً: كلمة (سيدة) احذفوها من القاموس، اضربوا عليها بالقلم الأحمر، وقولوا للمرأة: إن بعض الجهات يكتبون على الحمامات: هذا للرجال وهذا للسيدات. وهذا غمط في حق الرجال، أليس كذلك؟! الرجل سوف يزعل إذا رأى أن المرأة سيدة وهو فقط رجل، لكن التقليد الأعمى مشكلة، نسأل الله العافية!

حكم الطلاق من الرجل الكبير السن، وإذا قال: أنت طالق ستين مرة، فما حكمه؟

حكم الطلاق من الرجل الكبير السن، وإذا قال: أنت طالق ستين مرة، فما حكمه؟ Q يقول السائل: أبي يبلغ من العمر خمساً وستين سنة، وفي السنتين الأخيرتين تغير تغيراً كبيراً، فقام بطلاق أمي فقال: إنك طالق ستين مرة، يطلقها وترجع له مرة، فما رأيك يا فضيلة الشيخ هل ترجع له حيث أنه يبلغ هذا العمر الكبير وهو بحاجة إلى من يعوله؟ أفتنا مأجوراً جزاك الله خيراً. A أقول: إذا كان هذا الكلام الذي يصدر منه عن غير وعي فلا طلاق عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا طلاق في إغلاق) ، وهذا نص في الطلاق، ولقول الله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ} [المائدة:89] ، فإذا كان هذا الرجل لا يدري ما يقول، لكن مع الضيقة والضنك طلق، فلا طلاق عليه أصلاً لا واحدة ولا ستين، وأما إذا كان يعقل فإنه إذا قال: أنت طالق ستين مرة، قلنا: يكفي منك ثلاث، وسبعة وخمسون لك، فأنت ابحث، والعمر في الواقع الخمسة والستون لا يؤدي إلى الخرف والهذرات إلا أن يكون الإنسان مصاباً بمرض في رأسه، لكن عادة أنه ما يصل إلى الهذرات في هذا السن. والخلاصة: إذا كان الوالد حينما تكلم بهذا الكلام يعي ما يقول ويدري ما يقول فالطلاق واقع، ثم هل يكون ثلاثاً أو واحدة؟ فيه خلاف، وأما إذا كان لا يعي ما يقول فالطلاق غير واقع.

نصيحة لأصحاب الدشوش

نصيحة لأصحاب الدشوش Q فضيلة الشيخ! هل من نصيحة لمن يشاهد الدش في رمضان في نهاره أو ليله؟ A النصيحة لمن يشغله في رمضان وغيره، وأنتم -بارك الله فيكم- تعلمون ما حصل من هذه الدشوش من تغير في المجتمع لا سيما في الشباب، تغير ملحوظ واضح، منذ طلعت علينا هذه الآلة الفاسدة ونحن نحس بالتغير، وضرره كبير، أسأل الله تعالى أن يسلط الحكومة على من يقتنيه حتى تتلفه؛ لأنه في الواقع ضرر لا من ناحية الدين فقط ولا من ناحية الخلق ولا من ناحية الأمن، بل من كل ناحية. فأنصح إخواني عباد الله من أن يقتنوه، ومن كان عنده شيء منه فلا سبيل له إلى التخلص منه إلا بتكسيره؛ لأنه إن وهبه استعمله الآخر في المعاصي وكان هو السبب، وإن باعه فكذلك، فلا سبيل للخلاص منه إلا بالتكسير، فإذا قال: أنا اشتريته بدراهم فكيف أكسره هذا إضاعة مال؟! قلنا: إضاعة المال في طاعة الله خير، والأموال كلها إنما خولنا الله إياها لأجل أن نقوم بطاعته، فإذا أتلفناها خوفاً من الوقوع في المعصية كان هذا ربحاً وليس إتلافاً، وهذا كما ذكر المفسرون في قول الله تبارك وتعالى عن سليمان عليه الصلاة والسلام أنه اشتغل بالخيل التي أعدها للجهاد، لأن سليمان يحب الجهاد ولا شك، ولهذا أقسم أن يطوف على تسعين امرأة كل واحدة منهن تلد غلاماً يقاتل في سبيل الله، وكان يحب الخيل، فعرضوها عليه ذات يوم فانشغل بها عن صلاة العصر، فقال: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص:32] ، أي: الشمس {رُدُّوهَا عَلَيَّ} [ص:33] فردوا عليه الخيل {فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص:33] لأنها شغلته عن طاعة الله، فأتلفها ليتخلص من شرها. فإتلاف هذه الدشوش والتخلص من شرها هو من طاعة الله عز وجل.

هل يؤجر من سمع المواعظ والمحاضرات من المسجل أو الراديو؟ وحكم دخول الحائض إلى المسجد

هل يؤجر من سمع المواعظ والمحاضرات من المسجل أو الراديو؟ وحكم دخول الحائض إلى المسجد Q سائلة تقول: هل سماع الخطب والمحاضرات والندوات ومجالس الذكر من المذياع يحصل به الأجر كما قال صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم. إلى آخر الحديث) وذلك خاصة للنساء؟ وهل تأثم المرأة إذا دخلت تحت درج المسجد من الداخل أو داخل سوره وهي حائض لتستمع إلى المواعظ والمحاضرات؟ A أما الأول فلا شك أن الإنسان يؤجر على سماع القرآن من المسجل أو من الإذاعة، ويؤجر كذلك على سماع المواعظ والمحاضرات والندوات المفيدة من الإذاعة أو من المسجل. وأقول: إن من نعمة الله عز وجل على عباده وجود هذه الآلات الحافظة التي تحفظ ما يقول الناس وتبلغ القريب والبعيد، هي من نعمة الله عز وجل، لكن أن يكون ذلك مثل أجر الحاضرين الذين يتدارسون القرآن فلا، ولهذا لو جعلنا مسجلاً عند مكبر الصوت ليؤذن بدل الرجل الذي يؤذن فإن ذلك لا ينفع؛ لأن هذا حكاية أذان وليس أذاناً. وأما دخول الحائض المسجد فلا يجوز إلا مارةً مروراً فقط، والمسجد كل ما أحاط به السور، سواءٌ الدرج أو البرحة التي نسميها الصرحة، فهذه لا يجوز أن تبقى فيها، والحمد لله الآن ليس هناك داعي؛ لأنها ستسمع من الأشرطة أو من مكبر الصوت في المنارة. ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم اغتنام أوقاتنا بالأعمال الصالحة، وأن يحسن لنا ولكم الخاتمة والعاقبة، إنه على كل شيء قدير. سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

اللقاء الشهري [62]

اللقاء الشهري [62] لقاء مهم مليء بالأحكام الشرعية، مستفيض بالأدلة النقلية، غني بالتوجيهات والنصائح الربانية، موضوعه الحج والعمرة، بل فيه ذكر ما يفعله الحاج منذ خروجه من بيته حتى عودته إليه.

الحج وما يتعلق به

الحج وما يتعلق به الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في هذا المسجد الجامع الكبير في مدينة عنيزة كل شهر مرة، إلا أن يحول دون ذلك مانع، وهذه الليلة هي الخامسة من شهر ذي القعدة عام (1419هـ) . ونحن في أوسط أشهر الحج؛ لأن أشهر الحج ثلاثة: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، فنحن في أوسط الشهور الثلاثة شرفها الله عز وجل، لذلك رأيت أن من المناسب أن نتكلم عن الحج وما يتعلق به، فنقول: أولاً: منزلة الحج من الدين الإسلامي. ثانياً: حكم الحج. ثالثاً: متى فرض الحج.

منزلة الحج في الدين الإسلامي

منزلة الحج في الدين الإسلامي أما منزلة الحج من الدين الإسلامي: فهو أحد أركان الإسلام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام) فمنزلته من الإسلام منزلة عالية، فهو أحد أركانه ومبانيه العظام.

حكم الحج

حكم الحج أما حكمه: فإنه فرضٌ بإجماع المسلمين المستند إلى الكتاب والسنة، أي: أن فرضه ثبت بالكتاب العزيز، وبالسنة النبوية، وبإجماع المسلمين. أما الكتاب: فقال الله عز وجل: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:97] . وأما السنة: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيها الناس! إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا. فقام رجل هو الأقرع بن حابس، فقال: يا رسول الله! أفي كل عام؟ -أي: أفرض الله ذلك كل عام؟ - قال: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم، الحج مرة فما زاد فهو تطوع) . وأجمع المسلمون على فرضية الحج واشتهر ذلك بينهم، وكان ذلك من المسلَّمات في الدين الإسلامي، حتى إن أهل العلم قالوا: من أنكر فرضية الحج فهو كافر؛ لأن هذا مما علم بالضرورة من دين الإسلام، فالمسلمون كلهم يقولون: إن الحج ركن من أركان الإسلام. وهل يجب الحج على الإنسان فوراً أو على التراخي؟ A يجب فوراً، أي: من حين أن تتم شروط وجوب الحج فإنه يجب أن يؤديه الإنسان ولا يتأخر، لأن واجبات الإنسان على الفور، فإن الإسلام لا يدري ما يعرض له، فقد يكون فقيراً بعد الغنى، ويكون سقيماً بعد الصحة، ويكون ميتاً بعد الحياة، إذاً: متى تمت الشروط فبادر ولا تتأخر.

شروط وجوب الحج

شروط وجوب الحج والشروط خمسة: الإسلام وضده الكفر. والعقل وضده الجنون. والبلوغ وضده الصغر. والحرية وضدها الرق. والاستطاعة وضدها العجز. الأول: الإسلام وضده الكفر فالكافر لا يجب عليه الحج، ولهذا لو وجدنا كافراً لا نقول له: حج، بل نقول له: أسلم أولاً ثم حج. الثاني: العقل وضده الجنون فلو فرض أن إنساناً منذ صغره كان مجنوناً، عنده أموال كثيرة لكنه مجنون، فلا حج عليه ولا يُحج عنه؛ لأنه غير عاقل، فإذا وجدنا أحداً متخلفاً في العقل منذ صغره وعنده مال وعنده أب يمكن يحج به، فإنه لا يجب عليه الحج لعدم العقل. الثالث: البلوغ وضده الصغر فلو مات قبل أن يبلغ فإنه لا يحج عنه، لا يجب الحج عنه، لأنه صغير، حتى لو فرض أن هذا الصغير عنده أموال كثيرة ومات فإنه لا يحج عنه منها؛ لأنه لم يجب عليه الحج، والبلوغ يحصل بالنسبة للرجال بواحد من أمور ثلاثة: الأول: أن يتم له خمس عشرة سنة. الثاني: أن تنبت عانته. الثالث: أن ينزل المني بشهوة أو احتلاماً. أما في النساء فتزيد المرأة علامة رابعة وهي: الحيض، فإذا حاضت ولو لم يكن لها إلا عشر سنوات فهي بالغ. الشرط الرابع: الحرية وضدها الرق فالرقيق المملوك لا حج عليه؛ لأنه ليس له مال فإن ماله لسيده. الخامس: الاستطاعة وهو الشرط الذي ذكره الله في القرآن وجاءت به السنة أيضاً: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] أي: من قدر أن يحج، أما من لم يقدر فلا حج عليه، ولكن إن كان ذا مال فإنه يقيم من يحج عنه، أي: ينيب من يحج عنه ما لم يرجُ أن يقدر في المستقبل فلا ينيب عنه من يحج عنه، وإذا زال العجز وجب عليه أن يحج بنفسه. مثال ذلك: رجل عنده مال كثير لكن فيه مرض لا يرجى برؤه، أو كِبر والكِبر لا يرجى زواله، فهل يلزمه أن ينيب من يحج عنه؟ نعم يلزمه، لأنه قادر بماله فيلزمه أن يقيم من يحج عنه. مثال ثانٍ: رجل عنده مال وهو عاجز عن الحج هذا العام، لكن مرضه يرجى أن يشفى منه، فهل يلزمه أن يقيم من يحج عنه، أم ينتظر إلى العام القادم؟ ينتظر إلى العام القادم، ولا يصح أن يقيم من يحج عنه؛ لأنه قادر بنفسه. مثال ثالث: إنسان عنده مال وهو قادر ببدنه، فهل يلزمه أن يحج هذا العام، أم نقول له: لك أن تؤخره إلى العام الثاني؟ يلزمه أن يحج هذا العام، ولا يجوز أن يؤخر إلى العام الثاني؛ لأن الحج على الفور. مثال رابع: إنسان قادر ببدنه لكن ليس عنده مال، فهل يلزمه أن يحج؟ فيه تفصيل: إن كان يقدر أن يمشي ولا تزيد النفقة على نفقة الإقامة؛ فإنه يلزمه أن يحج، كرجل من أهل مكة ليس عنده مال، لكن يستطيع أن يخرج مع الناس إلى عرفة ويرجع، فنقول: يلزمه أن يحج؛ لأن الله قال: {مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] وهذا مستطيع، والحج لا يكلفه زيادة مال، فيلزمه أن يحج.

متى فرض الحج

متى فرض الحج متى فرض الحج؟ فرض الحج على القول الراجح: في السنة التاسعة أو العاشرة، ولم يفرض قبل ذلك، مع أن التوحيد فرض من أول البعثة، والصلاة فرضت قبل الهجرة، والزكاة فرضت إما قبل الهجرة وبُينت تفاصيلها بعد الهجرة، أو لم تفرض إلا بعد الهجرة، والصيام فرض بعد الهجرة، والحج تأخر إلى التاسعة أو العاشرة، والحكمة ظاهرة: لأن مكة -شرفها الله عز وجل- كانت إلى السنة الثامنة بيد المشركين، يمنعون من شاءوا، ويأذنون لمن شاءوا، حتى إنهم صدوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يتم عمرته عام الحديبية، فليس من الحكمة أن يلزم الناس أن يحجوا مع أنهم قد يردون من أثناء الطريق، فتأخر فرض الحج إلى أن فتحت مكة في السنة الثامنة.

سبب تأخير النبي صلى الله عليه وسلم للحج بعدما فرض

سبب تأخير النبي صلى الله عليه وسلم للحج بعدما فرض إذا قلنا: إنه فرض في السنة التاسعة فهل حج الرسول عليه الصلاة والسلام من حين فرض؟ لم يحج؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الحج لسببين: الأول: أنه صلى الله عليه وسلم بقي في المدينة يتلقى وفود العرب الذين يأتون مسلمين؛ لأن العرب لما فتحت مكة وفتحت الطائف انكسرت شوكتهم، وصاروا يدخلون في دين الله أفواجاً، فبقي في المدينة يتلقى الوفود ويعلمهم الدين ثم ينصرفون. هذا سبب. سبب آخر: في السنة التاسعة حج المسلمون والمشركون، فاختار الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن تكون حجته ليس فيها أخلاطٌ من المشركين، ولهذا لما حج أبو بكر رضي الله عنه في السنة التاسعة بالناس نادى المنادي: ألا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. إذاً أخر النبي صلى الله عليه وسلم الحج لسببين: الأول: البقاء في المدينة لتلقي الوفود. الثاني: ألا يكون معه أحدٌ من المشركين.

صفة الحج والعمرة

صفة الحج والعمرة نعود الآن فنذكر كيفية الحج الحج نوع من الجهاد في سبيل الله؛ بدليل: أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (يا رسول الله! هل على النساء جهاد؟ قال: عليهن جهاد لا قتال فيه؛ الحج والعمرة) ولهذا كان في الحج تعب بدني وإنفاق مالي كالجهاد تماماً، فهو نوعٌ من الجهاد في سبيل الله، واستنبط بعض العلماء رحمهم الله ذلك من قول الله تبارك وتعالى: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:195-196] فذكر الحج بعد أن ذكر الإنفاق في سبيل الله، وهو إشارة إلى أن الحج نوعٌ من الجهاد في سبيل الله، ولكن لا بد أن نعرف صفة الحج حتى نفعل هذه الصفة على ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

من آداب السفر

من آداب السفر أولاً: يشد الإنسان رحله من بلده إلى مكة، فينبغي أن يتأدب بآداب السفر؛ يكون سمح البال، واسع الصدر، معه النفقة التي تكفيه وتزيد؛ لأنه لا يدري ما يعرض له في الطريق، قد يحتاج شيئاً أو يحتاج مرافقه شيئاً فتكون النفقة معه، وليكن خادم إخوانه في السفر، قال نافع مولى ابن عمر: [صحبت عبد الله بن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني رضي الله عنه] . كن خادم أصحابك، فإن ذلك من محاسن الأخلاق، ولهذا قال بعضهم: إنما سمي السفر سفراً لأنه يسفر عن أخلاق الرجال. أي: يبينها ويظهرها، حتى إن عمر رضي الله عنه شهد رجلاً عنده يزكي رجلاً ويقول: إنه رجل عدل وفيه ما فيه، فقال له عمر: هل سافرت معه؟ قال: لا، قال: إذاً أنت لا تعرفه. ولذلك إذا سافرت مع إنسان تبين لك من أخلاقه ما لا يتبين في حال الإقامة.

الإحرام من الميقات

الإحرام من الميقات فإذا وصلت إلى الميقات فأحرم، لا تتجاوز الميقات وأنت تريد الحج أو العمرة إلا محرماً واغتسل كما تغتسل للجنابة، ثم طيب بدنك بالطيب على الرأس وعلى اللحية، ثم البس الإحرام، والإحرام: إزار ورداء للرجال، أما النساء فليس لهن ثياب معينة، ولتلبس المرأة ما شاءت، إلا أنها لا تلبس ثياباً تلفت أنظار الرجال إليها، ثم تلبي فتقول: لبيك اللهم عمرة. وتركض أو تمشي وأنت لا تزال تلبي وترفع الصوت بالتلبية إذا كنت رجلاً، وأما المرأة فلا ترفع صوتها، إلى أن تصل إلى مكة.

دخول المسجد الحرام والطواف بالبيت

دخول المسجد الحرام والطواف بالبيت ثم إذا وصلت إلى مكة تدخل المسجد الحرام وتقول عند دخوله ما تقوله عند أي مسجد، فتقول: (باسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك) ثم تقصد الحجر الأسود وتستلمه -أي: تمسحه- وتقول: باسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. وإن تيسر أن تقبله مع الاستلام فهو حسن، وإن لم يتيسر لا الاستلام ولا التقبيل فالإشارة تكفي باليد اليمنى، وليس كما نشاهده من العوام يمد يديه جميعاً، إنما باليد اليمنى، ثم تنطلق من الحجر لتجعل الكعبة عن يسارك وتدور إلى أن تصل الحجر، وإذا مررت بالركن اليماني وهو الركن الذي يليه الحجر فاستلمه -أي: امسحه- بدون تكبير، فإن لم تستطع فلا تشر إليه، لأن ذلك -أعني التكبير عند استلام الركن اليماني، والإشارة إليه عند تعذر استلامه- لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، والعبادات مبناها على التوقيف، وقل بين الركن اليماني والحجر الأسود: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201] وإذا حاذيت الحجر مرة ثانية فقل: الله أكبر. فقط، وفي بقية الطواف الطائف يقول ما شاء من ذكر ودعاء وقراءة قرآن؛ لأن المقصود أن تشتغل بما يقربك من الله عز وجل، إن شئت أن تقرأ قرآناً فاقرأ، أو أن تذكر الله فاذكر الله، أو أن تسبح فسبح، أو أن تكبر فكبر، كما تشاء، حتى تتم سبعة أشواط. وبذلك انتهى الطواف. واعلم أنك بهذا الطواف -وأقصد بذلك الرجال- يسن لك سنتان: السنة الأولى: أن تضطبع بردائك، ومعنى الاضطباع: أن تجعل الرداء وسطه تحت الإبط وطرفيه على العاتق الأيسر في جميع الطواف، وأن ترمل في الأشواط الثلاثة الأولى، والرمل هو: سرعة المشي مع مقاربة الخطى، وهذا إن تيسر، أما إذا كان هناك زحام فإن الإنسان لا يتمكن من الرمل إلا بتأذٍ يقع عليه أو تأذٍ يقع منه. وإذا أتممت سبعة أشواط فتقدم إلى مقام إبراهيم واقرأ وأنت متجهٌ إلى مقام إبراهيم قول الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] ثم صل ركعتين، تقرأ في الأولى قل يا أيها الكافرون مع الفاتحة، وفي الثانية قل هو الله أحد مع الفاتحة، وخفف الركعتين، ولا تدع بعدهما، بل دع المكان لغيرك، وإذا سلمت فإن تيسر أن تعود إلى الحجر الأسود وتستلمه فافعل، وإن لم يتيسر فلا إشارة.

السعي بين الصفا والمروة

السعي بين الصفا والمروة ثم اتجه إلى الصفا لتسعى بين الصفا والمروة، فإذا دنوت من الصفا فاقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] وإن شئت فزد: أبدأ بما بدأ الله به. هذا تقوله إذا أقبلت على الصفا وليس إذا صعدت، وتقوله أول مرة ولا تقوله عند المروة، ثم اصعد الصفا واتجه إلى القبلة وارفع يديك وادع الله عز وجل واذكره بما ورد، ثم انحدر من الصفا متجهاً إلى المروة، فإذا حاذيت العلم الأخضر وهو العمود الأخضر وفوقه نجفات خضر؛ فاركض بقدر ما تستطيع، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسعى شديداً تدور به إزاره، وهذا مشروط بما إذا لم يكن زحام، فإن كان زحام فعلى ما تستطيع، ولا تسع سعياً شديداً فتتأذى وتؤذي، حتى تصل إلى المروة، فإذا وصلت إليها فاصعد عليها واستقبل القبلة وارفع يديك وقل كما قلت على الصفا؛ حمداً وذكراً ودعاء، ثم انزل منها متجهاً إلى الصفا، تمشي في موضع المشي وتركض في موضع الركض، فإذا أقبلت على الصفا فلا تقرأ الآية، إنما تقرأ إذا أقبلت على الصفا أول مرة، وتصعد على الصفا وتدعو الله عز وجل بما دعوت به في أول شوط، حتى تتم سبعة أشواط.

الحلق أو التقصير

الحلق أو التقصير ثم تحلق أو تقصر، لكن إذا كان وقت الحج قريباً فالتقصير أفضل في العمرة ليتوفر الشعر للحج، وبهذا تحل حلاً كاملاً. فصارت العمرة الآن: إحرام، وطواف، وسعي، وحلق أو تقصير، تتم الآن وتحل من كل شيء حرم عليك بالإحرام.

الإحرام للحج إذا دخل يوم الثامن من ذي الحجة

الإحرام للحج إذا دخل يوم الثامن من ذي الحجة فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة، فأحرم من مكانك الذي أنت فيه، إن كنت في مكة فمن مكة، وإن كنت في منى فمن منى، وإن كنت في عرفة فمن عرفة، أو في أي مكان، أحرم منه واغتسل والبس ثياب الإحرام وتطيب كما فعلت عند إحرام العمرة، وتقول: لبيك اللهم حجاً، ولا تقول عمرة، وتبقى في منى محرماً تصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، كل صلاة تصليها في وقتها، لكن قصراً، فتصلي الظهر ركعتين والعصر ركعتين والعشاء ركعتين، أما المغرب فثلاث والفجر ركعتان.

الوقوف بعرفة

الوقوف بعرفة ثم إذا طلعت الشمس اليوم التاسع تذهب إلى عرفة، تنزل بمكان يسمى (نمرة) كان الناس ينزلونه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نزل فيه حتى زالت الشمس، لكن الآن يصعب جداً أن تنزل فيه، والنزول فيه سنة وليس بواجب. فإذا زالت الشمس يوم عرفة فصلِّ الظهر والعصر جمعاً وقصراً بأذان وإقامتين، ويحسن أن تستمع إلى خطبة الإمام في مسجد نمرة، وهذا سهل في الوقت الحاضر، اجعل عندك راديو في الخيمة وافتحه على الإذاعة السعودية ثم استمع؛ لأن الخطبة في يوم عرفة سنة، وإذا انتهى الخطيب فأذن وصلِّ الظهر ركعتين والعصر ركعتين، وتبقى الآن متفرغاً للذكر والدعاء وقراءة القرآن وغير ذلك ربما يقول قائل: إذا بقيت من هذا الوقت إلى الغروب أدعو الله وأذكر الله وأقرأ القرآن ربما أتعب، فنقول: هذا حقيقة، لكن إذا وجدت من نفسك تعباً فاسترح لأكل أو شرب أو نوم أو ما أشبه ذلك، ولكن احرص على أن يكون آخر النهار -نهار يوم عرفة - وقتاً للتفرغ لعبادة الله؛ للذكر والتسبيح وقراءة القرآن، ولقد جربت شيئاً نافعاً لا يحصل فيه ملل ولا كسل، وهو أن تقرأ القرآن بتدبر فتسأل عند آية الرحمة، وتتعوذ عند آية الوعيد، وتسبح عند آية التسبيح، والقرآن فيه وعد ووعيد وتسبيح، وهنا لا تمل؛ لأنك سوف تقرأ القرآن وتمشي فلا تمل ولا تتعب.

المبيت بمزدلفة

المبيت بمزدلفة فإذا غربت الشمس فاتجه إلى مزدلفة (المشعر الحرام) وتبيت بها، ولكنك تصلي من حين أن تصل إلى مزدلفة المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين مجموعة، إلا أنك إذا تأخر بك السير وخشيت أن ينتصف الليل قبل أن تصل إلى مزدلفة؛ وجب عليك أن تصلي ولا تؤخر إلى ما بعد نصف الليل، وتبيت في مزدلفة، ثم تصلي الفجر إذا طلع الفجر، وتذكر الله تعالى قليلاً حتى تسفر جداً.

رمي الجمار

رمي الجمار ثم تنزل إلى منى، وأول ما تفعل رمي جمرة العقبة -إن تيسر- بسبع حصيات تكبر مع كل حصاة: الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، والسنة ألا تلقط الحصى من مزدلفة ولكن القطها من منى، ولو عند الجمرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف عند الجمرة وأمر ابن عباس أن يلقط له سبع حصيات، فالتقطها من هناك، أما ما ورد عن بعض السلف أنها تلقط من مزدلفة، فإنما قالوا ذلك ليكون الإنسان مستعداً للرمي من حين أن يصل إلى منى؛ لأنه ليس كل أحد يتيسر له أن ينزل في منى ويلقط الحصى أو أن يأمر من يلقط له الحصى، فقالوا: خذ الحصى معك من أجل أن تذهب وترمي من حين أن تصل، حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم -يا إخواننا- رمى جمرة العقبة وهو على بعيره ولم ينزل، وقد قال العلماء رحمهم الله: إن رمي جمرة العقبة تحية منى كالركعتين تحية المسجد.

النحر والطواف والسعي والمبيت بمنى

النحر والطواف والسعي والمبيت بمنى فإذا رميت الجمرة فانحر الهدي، وهذا هدي التمتع، ثم احلق رأسك كاملاً، ثم البس الثياب؛ لأنك حللت من جميع محظورات الإحرام إلا النساء، وتطيب. ثم تنزل إلى مكة فتطوف طواف الإفاضة بثيابك؛ لأنك حللت من لبس الإحرام تطوف سبعة أشواط بدون رمل، تشمي مشياً عادياً. ثم تسعى بين الصفا والمروة على حسب ما سمعتم أولاً. ثم ترجع إلى منى وتبيت بها.

مسائل مهمة تتعلق بالحج

مسائل مهمة تتعلق بالحج ولننظر -أيها الإخوة- الآن بعد الانصراف من مزدلفة والوصول إلى منى فعلنا عدة أمور: أولاً: رمي جمرة العقبة. ثانياً: النحر. ثالثاً: الحلق. رابعاً: الطواف. خامساً: السعي. فهل للإنسان أن يقدم بعضها على بعض؟ اسمع فتوى النبي عليه الصلاة والسلام (ما سئل عن شيء يوم العيد قدم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج) . وعلى هذا نأخذ أمثلة: رجل انطلق من مزدلفة إلى مكة رأساً وطاف وسعى ثم عاد ورمى، فإن ذلك يجوز. رجل رمى ثم حلق قبل أن ينحر، فنقول: يجوز. رجل نزل إلى مكة ليطوف ويسعى فوجد المطاف ضيقاً جداً، فسعى قبل أن يطوف، فإن ذلك يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما سئل عن شيء قدم ولا أخر يومئذٍ -أي: يوم النحر- إلا قال: (افعل ولا حرج) . ثم يبيت في منى ليلة أحد عشر وليلة اثنى عشر وليلة ثلاثة عشر، هذا إن تأخر، وإن تعجل فيبيت ليلة أحد عشر وليلة اثنى عشر، وبعد الزوال في الأيام الثلاثة يرمي الجمرات الثلاث، فيرمي الجمرة الصغرى، ثم الوسطى، ثم العقبة والصغرى هي أول ما يليك إذا نزلت إلى مكة، ترميها بسبع حصيات، تكبر مع كل حصاة، ثم تبعد عن الزحام والحصى وتقف مستقبلاً القبلة رافعاً يديك تدعو الله عز وجل دعاءً طويلاً حسب ما تستطيع، ثم الوسطى ترميها مثلها وتقف بعدها وتدعو الله تعالى دعاءً طويلاً، ثم جمرة العقبة ولا تقف ثلاثة أيام بعد الزوال، وبذلك تم الحج، فإذا أردت السفر إلى بلدك فلا تخرج حتى تطوف الوداع. ولنأخذ الآن أمثلة: رجل دفع من عرفة قبل الغروب، فلا يجوز له ذلك، بل يجب أن يبقى في عرفة حتى تغرب الشمس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في عرفة حتى غربت الشمس، ولو كان الدفع قبل الغروب جائزاً لدفع الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه أرحم بالأمة وأرفق بهم أن يدفعوا في النهار، وفي وقت ليس هناك أعمدة كهرباء، فلما انتظر حتى غربت الشمس وحل الظلام ولم يدفع قبل ذلك علمنا أن البقاء في عرفة إلى الغروب واجب، ولأن الإنسان إذا دفع قبل الغروب خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم ووافق هدي المشركين؛ لأن المشركين يدفعون من عرفة إذا صارت الشمس على الجبال كالعمائم على رءوس الرجال، أي: إذا قاربت الغروب مشوا. رجل دفع من مزدلفة قبل أن يصلي الفجر، فهذا جائز، لا سيما في عصرنا هذا من أجل الزحام، وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم للنساء والضعفة أن يدفعوا من مزدلفة في آخر اليوم لئلا يزحمهم الناس، وفي وقتنا الآن الزحام شديد، فلك أن تدفع قبل الفجر من مزدلفة وترمي، متى وصلت ترمي ولو كان قبل الفجر بساعة أو ساعتين. لكن رجل لم يدفع من مزدلفة إلا بعد طلوع الشمس، كذلك يجوز، لكن لا يفعل إلا لعذر؛ كتعطل السيارة، أو فقد بعض الأصحاب فيبقى يبحث عنهم مثلاً، وإلا فليدفع قبل أن تطلع الشمس؛ لأن تأخير الدفع من مزدلفة حتى تطلع الشمس يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ويوافق هدي المشركين، فقد كان المشركون إذا وقفوا في مزدلفة يقولون: أشرق ثبير كيما نغير. رجل أخر الرمي حتى غابت الشمس في يوم أحد عشر ويوم اثنا عشر، فإن ذلك جائز، ولك أن ترمي إلى الفجر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت أول الرمي وسكت عن آخره، فدل هذا على أن الأمر واسع، لا سيما في أوقاتنا هذه الجمع كثير، والغشم كثير، وعدم المبالاة كثير، وتجد الواحد يأتيك كالجمل الصائل الهائج يريد أن يرمي -على زعمه- الشيطان، وربما يأخذ أحجاراً كبيرة يرمي الشيطان على زعمه، وسُمع بعضهم وهو يلعن الجمرة، ويقول: لعنك الله أنت الذي فرقت بيني وبين زوجتي. سبحان الله! هذا جهل عظيم، ولذلك يجب أن ننزع هذه العقيدة الباطلة من أفكار الناس، ونقول: رمي الجمرات منسك من مناسك الحج، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما جعل الطواف بالبيت وبـ الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) . رجل جمع أيام التشريق في آخر يوم، لم يذهب يوم أحد عشر ولا اثنا عشر، جعلها كلها جميعاً في آخر يوم، هذا لا يجوز إلا لعذر؛ كما لو كان الإنسان بعيداً في أطراف منى ويشق عليه أن يتردد كل يوم، فنقول: لا بأس، اجمع الأيام الثلاثة في آخر يوم، ولكن ابدأ بالترتيب، ارم ثلاثاً عن يوم أحد عشر، وثلاثاً عن يوم اثنا عشر، وثلاثاً عن يوم ثلاثة عشر، فترمي الأولى ثم الوسطى ثم العقبة. امرأة يشق عليها الزحام ولا يرجى أن تتأخر حتى يخف، فهل لها أن توكل؟ A نعم لها أن توكل، وكذلك الشيخ الكبير له أن يوكل، والمريض له أن يوكل، وضعيف البنية له أن يوكل؛ لأن الزحام شديد لا سيما في اليوم الثاني عشر لمن أراد أن يتعجل؛ لأنه في هذا اليوم يحصل زحام شديد، والمرأة لا تتحمل فلتوكل. رجل عزم على أن يتعجل ويخرج من منى، لكن حبسه السير، ازدحام السيارات حبسه حتى غابت الشمس فماذا نقول له؟ نقول: سر ولو غابت الشمس؛ لأنك حبست ضرورة. رجل أو امرأة خاف من الزحام إذا رمى في أول الوقت يوم اثنا عشر، ثم تعجل فأخر الرمي حتى خف الزحام ولم يخف الزحام إلا بعد الغروب فرمى ودفع، فإن ذلك يجوز؛ لأن هذا التأخير ضرورة، فهو كمن نام عن صلاة أو نسيها يصليها إذا ذكرها، وهذا نقول: ما دام لا يتحمل الزحام وأخر حتى غابت الشمس، ومن نيته القطعية أنه متعجل وليس متأخراً، نقول: إن الله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] ويقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78] . أسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً. بقي الكلام على محظورات الإحرام، ولكن الوقت لا يتسع، فليؤجل -إن شاء الله- إلى اللقاء القادم ونتكلم عليه.

الأسئلة

الأسئلة

حكم من وكل ابنه ليحج عنه نافلة

حكم من وكل ابنه ليحج عنه نافلة Q فضيلة الشيخ! طلب مني والدي أن أحج عنه في هذا العام حج نافلة، حيث أنه قد حج مرة واحدة ولكنه يشك في أداء مناسكها أداءً صحيحاً كاملاً، وهو قادر على الحج مادياً ولكنه صحياً غير قادر، فهل أحج عنه، علماً أني قد حججت عن نفسي؟ A لا بأس أن يحج عنه في هذا الحال، ولكن قوله: إنه لا يدري عن الفريضة. هذا لا يقبل منه، لا بد أن يحدد ما الذي حصل منه، لأنه قد يكون الذي حصل منه ترك واجب يجبر بدم ولو من الآن، فلا بد للأب أن يُستفصل ما الذي أخللت به، حتى يتبين الأمر، لأنه إذا كان أخلل بترك واجب فحج ابنه عنه لا يغني ولا يفيد، فأرجو من هذا الوالد ومن الولد أيضاً أن يفصل ما الذي حصل من الخلل لعله يجبر الآن، وأما إذا كان الأب قادراً على أن يحج ببدنه وقال لابنه: حج عني، فلا يحج عنه، كما أنه لو قال لابنه: صلِّ عني فلا يصلي عنه، فالحج عبادة، ولم ترد الاستنابة في الحج إلا في الفريضة للعاجز، كالمرأة التي قالت: (يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده بالحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع الركوب على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم) والأخرى قالت: (يا رسول الله! إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: نعم) أما إنسان في بيته ويعاشر أهله وينام على الكنبات، ثم يقول لواحد: حج عني! هذا لا يصح، الحج عبادة، لا بد أن يشعر الإنسان بقلبه أنه متعبد لله بها متقرب إلى الله بها.

الأفضل لمن قد أدى فريضة الحج ولديه مال

الأفضل لمن قد أدى فريضة الحج ولديه مال Q فضيلة الشيخ! أنا شاب سبق لي أداء الحج أكثر من مرة ولله الحمد والمنة، فما هو الأفضل في حقي الآن: أن أحج بنفسي، أم أتبرع بتكاليف الحج لمسلم لم يؤد الفريضة فأدفع ذلك المال إلى مكتب الجاليات أو غيره؟ A الأفضل أن تعطيه من يستعين به على أداء الفريضة، ولعله يكتب لك -إن شاء الله- أجره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من جهز غازياً فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا) .

حكم الاستخارة لمن أراد الحج

حكم الاستخارة لمن أراد الحج Q فضيلة الشيخ! هل يشرع لمن أراد أن يحج في هذا العام أن يصلي صلاة الاستخارة؟ A إذا كان واجباً فلا يجوز للإنسان أن يصلي صلاة الاستخارة، لأنه لا بد أن يحج، إذ أن أداء الفريضة على الفور، وأما إذا كانت نافلة فله أن يستخير: هل يحج هذا العام أو الذي بعده؛ لأنه في النافلة إن شاء حج هذا العام أو الذي بعده أو الذي بعده، وأما الواجب فلا يستخير فيه؛ لأن الله قد حكم به وأوجبه.

حكم من مات ولم يحج

حكم من مات ولم يحج Q لي ابن أخ أصيب بمرض السرطان -أعيذكم بالله من ذلك وجميع المسلمين- وتوفي هذا العام وعمره تسع عشرة سنة ولم يؤد فريضة الحج، علماً بأنه أصيب بهذا المرض منذ خمس سنوات، فهل نحج عنه؟ وهل هناك كفارة؟ A لا بد أن نسأله: هل هذا الشاب عنده مال يستطيع أن يحج به؟ إن كان الأمر كذلك فلا بد أن يحج عنه، وإذا لم يكن عنده مال فالحج ليس بواجب عليه وقد مات بريئاً من الفريضة، لكن إن أرادوا أن يتطوعوا ويحجوا عنه فلا حرج.

حكم وضع لباس الإحرام على هيئة الإزار

حكم وضع لباس الإحرام على هيئة الإزار Q فضيلة الشيخ! ما حكم وضع لباس الإحرام على هيئة الإزرة؟ A لا حرج، فلو أن الإنسان خاط الإزار ولبسه فلا حرج في هذا، حتى لو جعل فيه ربقة يشده بها، وذلك لأنه لم يخرج عن كونه إزاراً، والمشروع للمحرم أن يحرم بإزار ورداء، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل) قال: (إزاراً) ولم يقل: إزاراً ليس فيه خياطة، فإذا خاط الإنسان إزاره ووضع فيه الربقة وشده على بطنه فلا حرج في هذا. ونقول: لو كان معه جوال وجعل له مخبأً في هذا الإزار فلا بأس.

السر في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو قلت نعم لوجبت)

السر في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو قلت نعم لوجبت) Q ما هو سر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو قلت نعم لوجبت) لماذا لم يقل لا بل مرة في العمر؟ A السر والله أعلم: لكف مثل هذا السؤال، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو قال: نعم؛ لوجبت ولما استطعتم، فكأنه يقول: دعوني ما تركتكم، ولا تسألوا عن شيء فتجابوا بشيء لا تستطيعونه.

حكم من أحرم ولبى بإحرام فلان من الناس

حكم من أحرم ولبى بإحرام فلان من الناس Q فضيلة الشيخ! ما حكم من حج مع الناس دون تحديد نسكه؟ A إذاًً ماذا سيقول؟ هل يقول: لبيك مع الناس؟! فلا بد أن يعين حجاً أو عمرة أو ما أشبه ذلك، لكن لو قال: لبيك بمثل ما أحرم به فلان، مثل لو لم يكن طالب علم وقال: لبيك بمثل ما أحرم به فلان؛ فإنه يكفي، وينظر فلاناً ماذا لبى به، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى الأشعري وعلي بن أبي طالب إلى اليمن، وقدما عليه في مكة في حجة الوداع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـ علي بن أبي طالب: (بم أهللت؟ قال: قلت: أهللت بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن معي الهدي فلا تحل) ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أشرك علي بن أبي طالب في الهدي، فصار علي كأنه قد ساق الهدي، ومن ساق الهدي فلا يمكن أن يحل إلا يوم العيد، أما أبو موسى فقال: (أهللت بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: اجعلها عمرة) لأن أبا موسى لم يسق الهدي. فالشاهد من هذا: أنه يجوز أن يحرم الإنسان بما أحرم به فلان، ويسأله: أنت أحرمت بحج أو بعمرة أو بحج وعمرة؟ ويمشي على ما هو عليه. إلا إذا أحرم فلان بحج فنقول للذي قال: أحرمت بالذي أحرم به فلان: اجعلها عمرة.

حكم انتقاب المرأة في الحج

حكم انتقاب المرأة في الحج Q يقول السائل: أمي امرأة كبيرة قد ضعف بصرها، فهل يجوز لها أن تلبس النقاب في الحج وتضع غطاءً خفيفاً على عينها وذلك لتستطيع الإبصار؟ A لا يجوز لها ذلك؛ لعموم نهي النبي صلى الله عليه وسلم المرأة عن النقاب، ولكن من الممكن أن تغطي وجهها، وإذا كانت لا تبصر تمسك بيد ابنتها أو أختها أو ما أشبه ذلك، وأما أن نجيز للمرأة ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فلا.

حكم المبيت في مزدلفة بدل منى بسبب الزحام

حكم المبيت في مزدلفة بدل منى بسبب الزحام Q يقول السائل: حججت قبل سنتين ومعي نساء ولم نبت في منى؛ لأننا سمعنا أن الشيخ ابن باز حفظه الله أفتى بجواز الجلوس في مزدلفة بسبب شدة الزحام، وقد ذهب أناس ورجعوا بسبب الزحام، ومعنا نساء، فما حكم ذلك؟ A إذا لم يجد الإنسان مكاناً في منى فلينزل عند آخر خيمة، سواء في وادي محسر أو في مزدلفة أو من جهة أخرى، المهم أنه إذا لم يجد مكاناً فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ينزل في آخر الحجيج ولا شيء عليه.

التنبيه على بعض الأخطاء التي تقع في الحج

التنبيه على بعض الأخطاء التي تقع في الحج Q فضيلة الشيخ! تعرضتم للجهل العظيم، فهل نبهتم -وفقكم الله- على هذه الأمور التي يكثر فيها الجهل: الزحام لتقبيل الحجر، والتحلق على النساء في المطاف حتى إن بعضهم يستدبر الكعبة، والقراءة من كتاب المناسك لكل شوط دعاء، وعدم الاستفادة من أيام الحج الفاضلة واستغلالها فهي تذهب هدراً؟ A نأخذها واحدة واحدة: المسألة الأولى: الزحام لتقبيل الحجر غير مشروع وغير مسنون، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لـ عمر: (إنك رجل قوي فلا تزاحم فتؤذي الضعيف) إن وجدت فرجة فاستلمه وإلا فاستقبله وهلل وكبر، والزحام يحصل به أذية على الطائف وعلى الآخرين، ويذهب عن القلب الخشوع الذي يراد للعبادة؛ لأنه يكون مشغولاً بنفسه، ولا يدري هل يستطيع الخروج أم يموت في الداخل، فلذلك نرى أنه ليس من السنة ولا من المطلوب أن تزاحم لتقبيل الحجر، والحمد لله يكفي عن التقبيل أن تشير إليه. الثانية: التحلق على النساء في المطاف إذا كان هناك جماعة يطوفون ويتحلقون على النساء حتى إن بعضهم يمشي في الطواف وقد جعل الكعبة خلف ظهره والثاني جعل الكعبة أمام وجهه، كلا الرجلين لا يصح طوافهما، فلا بد أن يكون البيت عن يسارك وأنت تطوف، فلذلك يجب التنبه لهذا. الثالثة: القراءة من الكتيبات التي توزع وكل شوط له دعاء معين، هذا بدعة بلا شك، وهو إشغال للمسلمين عما أتوا من أجله وهو دعاء الله عز وجل، فالإنسان عندما يقرأ كتيباً ربما لا يدري ما هو معناه، وهو كذلك، وسمع بعضهم وهو يقول: اللهم أغنني بجلالك عن جرامك، وهو يريد: بحلالك عن حرامك، لكن لا يدري، وسمع بعضهم يقول: "ربنا آتنا في الدنيا حسنتو الآخرة حسنة" وهو لا يدري، من أجل حرف العطف، وهذه بلية وهي صد المسلمين عند دعائهم الذي يريدونه هل من المعقول أن تقرأ دعاءً لا تدري ما معناه، أو أن تدعو الله بشيء في قلبك تريده من أمور الدنيا والدين؟ الأمر الثاني، يا أخي! ادع الله بما تريد، كل إنسان يريد حاجة الفقير يريد غنى، والمريض يريد صحة، والشاب يريد زوجة وهكذا، كل إنسان له غرض، وأما أن نقصر الناس على هذه الأدعية التي لا يعرفونها فهو منكر وبدعة، والعجيب أنهم إذا وصلوا إلى حد الحجر وبقي كلمة واحدة من الدعاء وقف، فلو قال: ربنا آتنا ووصل إلى الحجر لا يقول: في الدنيا حسنة، لماذا؛ لأنه انتهى الشوط، وربما يكمل الدعاء قبل تمام الشوط فيسكت، وهذا شيء نسمعه ونسمع به. فوصيتي لكم -بارك الله فيكم- أن تنهوا عن هذه الكتيبات. وبعضهم يقول: هذا مقام العائذ بك من النار، وهو موازٍ باب العمرة والمقام وراءه، وهذا لا يجوز، فأنتم انصحوا إخوانكم من باب النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. الرابعة: عدم الاستفادة من أيام الحج الفاضلة واستغلالها، وهذا صحيح، فكثير من الناس يجعل الحج كأنه نزهة مزاح ولغو، ولا يستغل هذه الأيام الفاضلة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) وعلى رأسها يوم عرفة ويوم النحر: (قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء) . فاستغل هذه الأيام، لأنك لا تدري أتدركها بعد هذا العام أم لا، ولا تدري أيحصل لك المجيء إلى مكة بعد هذا العام أم لا. وبهذه المناسبة أقول: في الحج ست وقفات، وأنتم تظنون أنه ليس في الحج إلا وقفة واحدة، بل فيه ست: وقفة على الصفا، ووقفة على المروة، ووقفة في عرفة، ووقفة في مزدلفة بعد الفجر، ووقفة عند رمي الجمرة الأولى في أيام التشريق، ووقفة عند رمي الجمرة الوسطى، فهذه ست وقفات، لكن بعضها طويل وبعضها قصير.

حكم من نسي الحلق وهو معتمر ثم حلق بعدما خرج من مكة

حكم من نسي الحلق وهو معتمر ثم حلق بعدما خرج من مكة Q فضيلة الشيخ! أخذت العمرة قبل سنوات ولم أحلق إلا بعدما خرجت من مكة نسياناً فماذا عليَّ؟ A ليس عليك شيء -إن شاء الله- ما دمت قد نسيت ثم أتيت بالواجب، إلا أنه إذا كان ذلك في العمرة فلا بد أن تخلع ثيابك فوراً وتلبس ثياب الإحرام ثم تقصر أو تحلق، لأنك لا تحل من العمرة إلا بالحلق أو التقصير.

حكم الإحرام من جدة لمن ليس من أهلها

حكم الإحرام من جدة لمن ليس من أهلها Q فضيلة الشيخ! شخصٌ سافر إلى جدة لقضاء شغل له وفي نيته أن يحرم لأداء العمرة عندما ينتهي من هذا العمل، فهل يجوز له الإحرام من جدة والحال هذه؟ A لا يجوز له الإحرام من جدة، يجب عليه إذا انتهى شغله أن يرجع إلى الميقات الذي مر به أولاً فيحرم منه، فمثلاً: إذا جاء بالطائرة من القصيم وأنهى شغله في جدة فيجب أن يرجع إلى المدينة ليحرم من ميقات أهل المدينة؛ لأنه يكون قد حاذاه، وإذا كان جاء من الرياض فيجب عليه إذا أنهى شغله في جدة أن يرجع إلى السيل الذي هو قرن المنازل ويحرم منه. ولكني أقول يا إخواني: الشيطان يلعب على ابن آدم، لماذا لا يحرم من الميقات، وإذا وصل جدة طلع إلى مكة وخلال ثلاث ساعات وهو راجع؟ هل في هذا صعوبة؟ قد يقول: إن شغلي من حين أصل يبدأ، نقول: الحمد لله، قدم رحلة قبل هذه.

حكم من مات ولم يحج تفريطا منه وهو قادر

حكم من مات ولم يحج تفريطاً منه وهو قادر Q إذا لم يحج الشخص وهو قادر ولكنه يسوف فمات ولم يحج فهل يحج عنه؟ وإذا مات هل يحكم بأنه من أهل النار أم لا؟ A يرى بعض أهل العلم أن ترك الحج كفر، ويستدل بقول الله تبارك وتعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:97] قال: (ومن كفر) أي: فلم يحج، وهذا رواية عن الإمام أحمد. ويروى عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: [لقد هممت أن أبعث إلى هذه الأمصار، فمن وجدوه ذا سعة ولم يحج فليمت يهودياً أو نصرانياً، ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين] وإن كان هذا الأثر فيه شيء من الضعف. ولكن إذا فرط ومات فهل يحج عنه أم لا؟ الإنسان يتوقف في هذا لأنه قد يقول قائل: إنه لو حج عنه لا ينفعه، الرجل تارك مفرط، بخلاف من مات ولم يؤد الزكاة؛ فهذا يجب أن تؤدى الزكاة إن كان له مال؛ لأن الزكاة حق للفقراء بخلاف الحج. فعلى كل حال: إذا وجد سعةً ولم يحج فهو على خطر عظيم.

حكم الصلاة في الإزار فقط

حكم الصلاة في الإزار فقط Q فضيلة الشيخ! هل تجوز الصلاة في الإزار فقط وهي تستر ما بين السرة والركبة؟ وما الحكم إذا ظهرت السرة؟ A الصحيح أنه لا بأس أن يصلي بإزار، لكن إذا كان الإزار واسعاً يتسع للإزار ولستر المنكبين وجب عليه، أما إذا لم يكن عنده إلا إزار فإنه لا حرج عليه أن يصلي بإزار، ولكن إذا كان عنده ما يستر به منكبيه فليسترهما. وإذا ظهرت السرة فليرفع الإزار؛ لأن العورة ما بين السرة والركبة، فليست السرة من العورة وليست الركبة مع العورة، لكن يرفعه؛ لأنه يخشى مع الحركة أن تنزل أكثر.

حكم حج الزوج بزوجته والنفقة عليها

حكم حج الزوج بزوجته والنفقة عليها Q فضيلة الشيخ! إني أحبك في الله لي زوجة ولم تحج، فهل يلزمني أن أحج بها؟ وهل تلزمني نفقتها في الحج؟ وإذا لم يجب عليَّ فهل يسقط عنها؟ A أقول: أحبك الله الذي أحببتني فيه، وجزاك الله خيراً، وجعلنا الله وإياكم من أحبابه. إن كانت الزوجة قد اشترطت عليه في العقد أن يحج بها وجب عليه أن يفي بهذا الشرط وأن يحج بها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1] وقال: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً} [الإسراء:34] . أما إذا لم تشرط عليه فإنه لا يلزمه أن يحج بها، ولكني أشير عليه أن يحج بها: أولاً: طلباً للأجر، لأنه يكتب له من الأجر مثل ما كتب لها، وهي قد أدت فريضة. ثانياً: أن ذلك سببٌ للألفة بينهما، وكل شيء يوجب الألفة بين الزوجين فإنه مأمور به. ثالثاً: أنه يمدح ويثنى عليه بهذا العمل. فليستعن بالله، وليحج بزوجته سواء شرطت عليه أم لم تشترط، وأما إذا اشترطت فيجب عليه أن يوفي.

حكم منع الزوج زوجته من الحج

حكم منع الزوج زوجته من الحج Q إذا منع الزوج زوجته من الحج فهل يأثم؟ A نعم يأثم، إذا منع زوجته من الحج الذي تمت شروطه فهو آثم، فلو قالت: هذا أخي محرم لي سيذهب يحج بي، وأنا عندي نفقة ولا أريد منك مالاً، وهي لم تؤد الفريضة، فيجب أن يأذن لها، فإن لم يفعل حجت ولو لم يأذن إلا أن تخاف أن يطلقها، فتكون حينئذٍ معذورة.

حكم الوكالة في رمي الجمار

حكم الوكالة في رمي الجمار Q امرأة تاهت عن محرمها عند الجمرات ولم تستطع الرمي فوكلت رجلاً لا تعرفه أن يرمي عنها، فما الحكم في ذلك؟ A إذا كان الرجل ثقة فلا بأس أن توكل من يرمي عنها؛ لأنها في هذه الحال لا تستطيع، ولكن لو أنها أخرت الرمي حتى تجد محرمها ويذهب بها وترمي بنفسها لكان أفضل.

حكم تمتع من اعتمر ثم خرج من مكة إلى بلده

حكم تمتع من اعتمر ثم خرج من مكة إلى بلده Q أريد الذهاب إلى مكة في هذه الأيام وأرغب في الحج، فإذا أخذت عمرة في الأسبوع الأول من ذي القعدة وسأعود إلى عنيزة في أسبوعي، فهل يحق لي أن أكون متمتعاً إلى الحج؟ فإذا كان يحق لي فهل أحرم من الميقات للحج أو من داخل مكة؟ A إذا جاء إلى مكة وأتى بالعمرة ورجع إلى بلده ثم رجع إلى مكة، إن رجع إلى مكة بإحرام الحج فهو مفرد؛ لأن رجوعه إلى بلده حال بينه وبين التمتع، حيث أنه أفرد العمرة بسفر وأفرد الحج بسفر، وأما إذا أحرم بعد رجوعه بعمرة فإنه يكون متمتعاً بالعمرة الثانية لا بالعمرة الأولى، وإذا قدر أنه لم يأت بعمرة في السفر الثاني وأراد الحج وجب عليه أن يحرم من الميقات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت قال: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن) أو قال: (ولمن مر بهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة) .

إذا مات الميت في الحج ولم يكمل حجه فهل يكمل عنه؟

إذا مات الميت في الحج ولم يكمل حجه فهل يكمل عنه؟ Q فضيلة الشيخ! ذهبت أنا وصاحب لي للحج في العام الماضي فمات صاحبي، فهل أكمل عنه الحج أم لا؟ A كيف يكمل الحج وهو محرم بالحج؟!! على كل حال: إذا أحرم الإنسان بالحج ومات قبل تمامه فإنه لا يقضى عنه ما بقي، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان واقفاً بـ عرفة، فأتوا إليه وقالوا له: يا رسول الله! إن فلاناً وقصته ناقته فسقط منها ومات، فقال: (اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تغطوا رأسه، ولا تحنطوه -أي: لا تجعلوا فيه طيباً- فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) أي: يخرج من القبر يقول: لبيك اللهم لبيك، ولم يقل: كملوا عنه؛ ولأننا لو كملنا عنه لفاته هذه المنقبة وهي أنه يخرج محرماً، لأننا إذا أكملنا عنه حلَّ. لذلك إذا مات الإنسان في أثناء النسك فلا يقضى عنه شيء، وإذا كان لم يحل التحلل الأول دفن في ثوبه، أي: في إزاره وردائه، ولا يؤتى له بكفن جديد ليخرج من قبره وهو يقول: لبيك اللهم لبيك. وهذا نظير المجاهد الذي يقتل شهيداً فإنه يبعث يوم القيامة وجرحه يثعب دماً، اللون لون الدم والريح ريح المسك. الله أكبر!

حكم من طاف طواف الوداع ثم بات بمكة ولم ينفر

حكم من طاف طواف الوداع ثم بات بمكة ولم ينفر Q فضيلة الشيخ! قمت بفريضة الحج، وبعد أن انتهيت من طواف الوداع نمت في مكة؛ لأني كنت في تعب شديد ولم أستيقظ إلا في اليوم الثاني، فهل عليَّ شيء؟ A عليه أن يعيد الطواف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت) وهذا آخر عهده بالفراش، فعليه أن يعيد الطواف، وإذا كان لم يفعل فأرى له من الاحتياط أن يذبح فدية بـ مكة توزع على الفقراء.

المرجع المناسب لمعرفة صفة الحج والعمرة

المرجع المناسب لمعرفة صفة الحج والعمرة Q فضيلة الشيخ! ما هو المرجع المناسب لمعرفة صفة الحج والعمرة؟ A الحمد لله الآن المناسك كثيرة، أي: المؤلفات في صفة الحج والعمرة كثيرة لعلماء موثوقين والحمد لله، وأجمع حديث في صفة الحج حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه؛ فإنه ذكر حج النبي صلى الله عليه وسلم منذ خرج من المدينة إلى يوم العيد مفصلاً، فهو أجمع وأشمل حديث.

حكم من أسقطت جنينها بدون قصد وهي جاهلة بحملها

حكم من أسقطت جنينها بدون قصد وهي جاهلة بحملها Q هذه امرأة انقطعت عنها الدورة لمدة شهرين وكانت حاملاً، ولم تكن تعرف حملها لجهلها بعوارض الحمل، فحدث أن أتاها مغصٌ في بطنها فاستخدمت مسهلاً وهي لا تعرف أنها حامل وإنما استخدمته للعلاج، فحدث أن سقط حملها بقدر قبضة اليد قطعة دمٍ حمراء، سؤال هذه المرأة بعد أن رزقها الله بذرية أصغرهم في الجامعة بعد ثلاثين سنة: هل عليها ذنب أو كفارة فيما فعلت رغم جهلها ولم يكن فيما مضى عندها من تسأله من علماء أو مشايخ؟ A ليس عليها شيء، لأن هذا الحمل لم يكن إنساناً، وأيضاً هي ما شربت الدواء من أجل أن يسقط الحمل، إنما شربته من أجل أن يسهل بطنها حيث ظنت أن هذا مغص في البطن فشربته، فليس عليها شيء.

حكم وضع العلامات على القبور

حكم وضع العلامات على القبور Q أثناء دخولنا لأحد المقابر شاهدنا بعض الأمور على قبور المسلمين، ومنها: وضع أسياخ من حديد بطول القبر كعلامة للقبر، أو وضع قطعة من المعدن أو الزجاجات الفارغة، وبعض الناس يتوسع في وضع علامات للقبر، بحيث يقوم بالكتابة على القبر برموز باسم الميت وتاريخ الوفاة وحفر ذلك على حجر أو نخيلة تصب من إسمنت ونحوه، فهل هذا الأمر جائزاً؟ A أقل أحواله الكراهة؛ لأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لـ أبي الهياج الأسدي: [ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ألا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته] . والحمد لله، الإنسان يمكن أن يدعو للمقبور ولو في بيته، فليس من الشرط أن تحضر إلى قبر الإنسان، وإذا رآها في المقبرة فليخبر المسئولين في البلد، إما البلدية أو غيرها من أجل إزالة هذه الأشياء.

اختصاص المحكمة بقضايا النزاع في الميراث

اختصاص المحكمة بقضايا النزاع في الميراث Q توفي والدنا وترك لنا ميراثاً وهو عقارات، واتفقنا مع الوالدة على عدم بيعها لنستفيد من ريعها، غير أن الأخ الأكبر طلب حقه فثمّن العقار وأعطي نصيبه، وقد تحصل على أموال زائدة عن حقه بحجة أنه يقوم بالمصروف علينا، حتى البيت الذي يسكنه هو للورثة وحكمت المحكمة بإخراجه منه ولكنه رفض، وهذه القضية مستمرة منذ ما يقارب العشرين عاماً، وهناك أمور متوقفة على شهادة الوالدة التي رفضت الشهادة بحجة أنه أخ لنا مع ظلمه، فهل للوالدة الحق بعدم الإدلاء بالشهادة وبيان الحقيقة أم هي آثمة؟ نرجو التوضيح والنصيحة. A أرجو أن يقبل نصيحتي: وهو أن يحول هذا السؤال إلى المحكمة.

بيان لأضرار الدشوش

بيان لأضرار الدشوش Q لي صديق أراه من الملتزمين، يحافظ على الواجبات ولكن عنده بعض الاستهانة في بيته؛ فالتلفاز موجود، ثم أدخل صحن الاستقبال "الدش" وكان من المحاربين له، ولكنه الآن أدخله بحجة متابعة الأخبار خصوصاً ما يسمى بقناة الجزيرة التي تبث الشبه العقدية وتدسها مع الأخبار والأشياء العلمية، فما نصيحتك له ولأمثاله؟ آمل ذكر أضرار هذا الدش وآثاره. A الذي أرى أن هذه الدشوش أضرارها ظاهرة في المجتمع، الآن تغير المجتمع أو تغيرت شريحة كبيرة من المجتمع تغيراً ملموساً، حتى ظهرت الفاحشة والعياذ بالله! بل الفاحشة الكبرى، وحتى بث فيه التشكيك في الدين الإسلامي، يقام رجلان يتناظران، ويجعل الضعيف منهما هو الذي يدافع عن الإسلام، والقوي ببيانه ولسانه هو الذي يهاجم الإسلام، فيبتلع هذا الضعيف ابتلاعاً، ويقع المشاهد في حيرة وشك، وربما فضل غير الإسلام على الإسلام -نسأل الله العافية- ووالله إن هؤلاء الذين يبثون هذه الأشياء إنهم لمسئولون عن الأمة الإسلامية، وإنهم سيجدون غبها من حين أن تخرج نفوسهم من أرواحهم، وهؤلاء المشاهدون سيدخلون في قول الله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً} [الأحزاب:67-68] والواجب الإعراض عن هذه الدشوش التي يبثها أعداء الإسلام والتحذير منها، وكم حذرنا نحن وحذر غيرنا منها! ولكن إلى الله المشتكى، الناس لا يزالون في غفلة وسهو، نسأل الله السلامة!

رخص السفر لا تنتهي إلا بالوصول إلى البلد

رخص السفر لا تنتهي إلا بالوصول إلى البلد Q فضيلة الشيخ! إذا خرج رجل في رحلة برية مسافة قصيرة كعشرين كيلو مثلاً، وهو ينوي المبيت خارج البلد، فهل يجوز له الجمع والقصر؟ وكذلك إذا كانت رحلته إلى مكان بعيد، وفي أثناء عودته توقف خارج بلده ولكنه على مسافة قريبة منها فبات هناك، فهل يجوز له القصر والجمع؟ A يجوز له القصر والجمع، ما دام أنه خرج عن البلد وبقي ليلة أو ليلتين فإنه مسافر، وكذلك إذا أقبل من سفر وبقي عليه مسافة قصيرة حتى يصل إلى بلده فله الجمع والقصر؛ لأن رخص السفر لا تنتهي إلا بالوصول إلى البلد، كما أن رخص السفر لا تبتدئ إلا بعد الخروج من البلد.

نصيحة لموسوس

نصيحة لموسوس Q هناك إنسان عندما يذهب إلى دورة المياه للوضوء يمكث فيها مدة طويلة، حتى إنه في بعض الأحيان كالفجر تطلع الشمس وهو لم ينته من الوضوء، وعند السؤال عن سبب ذلك يذكر بأنه يخرج منه بول وينتظر انقطاع البول، وأنه كلما انتهى من الوضوء يحس بأنه خرج منه بولٌ مرة أخرى فضيلة الشيخ: هل يجوز له الانتظار حتى انقطاع البول رغم خروج وقت الصلاة؟ وهل يجوز زيادة غسل الأعضاء أكثر من ثلاث مرات؟ A أسأل الله له الشفاء، اللهم اشفه وعافه، هذا وسواس ومرض، فأقول له: نصيحتي لك أنك إذا بلت أول مرة وانقطع البول أن تستنجي ثم تتوضأ وتمشي إلى الصلاة، أما إن بقيت فإن الشيطان سوف يلعب بك، ويدفع البول شيئاً فشيئاً حتى يشوش عليك، فأرجو أن تنتبه لهذا، من حين ما ينقطع البول استنج ثم توضأ وانصرف إلى الصلاة، وإذا قويت على هذا فإن الله تعالى يزيل عنك الذي تجده.

حكم من اعتمر وترك طواف الوداع

حكم من اعتمر وترك طواف الوداع Q اعتمرت في رمضان وتركت طواف الوداع، فهل عليَّ شيء وأنا أعلم فتواكم ولكني تساهلت بسبب فتوى بعض العلماء وإلحاح الرفقة عليَّ بالتعجيل؟ فماذا عليَّ الآن؟ A إذا طاف الإنسان وسعى وقصر في العمرة ومشى فلا عليه شيء؛ لأن طوافه الأول عند سفره، وأما إذا بقي ولو قليلاً فإن عليه أن يطوف طواف الوداع، وهذا الرجل يقول: إنه سمع فتوانا وسمع فتوى آخرين، فإذا كان حين تركه لطواف الوداع وهو متردد هل هو واجب أو غير واجب بناءً على اختلاف الفتوى فليس عليه شيء، وأما إذا كان يعتقده واجباً ولكن تهاون؛ فالاحتياط أن يذبح فدية في مكة وتوزع على الفقراء، إما أن يذهب إلى مكة بنفسه، أو يوكل من يقوم عنه بهذا الشيء.

اللقاء الشهري [63]

اللقاء الشهري [63] إن من الواجب المتحتم على كل مسلم أن يعرف أمور دينه؛ حتى يعبد الله على علم وبصيرة وهدى؛ بعيداً عن الأهواء والشبهات، والتفريط والوقوع في المحظورات، وفي هذا اللقاء يتكلم الشيخ عن الأمور المحظورة في عبادة من العبادات وشعيرة من شعائر الإسلام ألا وهي محظورات الإحرام، ثم بعد ذلك يجيب عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

محظورات الإحرام

محظورات الإحرام الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وخليله وأمينه على وحيه، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ليكون للعالمين نذيراً، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في كل شهر في الجامع الكبير في عنيزة، وهذه الليلة هي التاسعة عشرة من شهر ذي القعدة عام (1419هـ) . تكلمنا في الحلقة السابقة عن شروط وجوب الحج، وعن صفة العمرة والحج، والآن نتكلم عن محظورات الإحرام. فيجب أولاً أن نعلم: أن الإنسان متى قال: لبيك اللهم لبيك، لبيك عمرة أو لبيك حجة؛ فقد دخل في عبادة يتقرب بها إلى الله عز وجل، فينبغي أن يعظم هذه العبادة؛ لأن تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج:30] ينبغي للإنسان من حين أن يدخل في النسك أن يقوم بما أوجب الله عليه؛ من الصلوات في أوقاتها مع الجماعة، وأن يترك كل ما حرم الله عليه من الغيبة والنميمة، والكذب واستماع الأغاني، وغير ذلك مما حرم الله عليه، وينبغي أن يتخلق بالأخلاق الفاضلة؛ من بشاشة الوجه، وانشراح الصدر، وتحمل المشاق، والصبر على الأذى؛ لأن حسن الخلق من أفضل الأعمال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) والإنسان يذكر بالخير إذا أحسن خُلقه، ويقتدى به أيضاً؛ فيكون دالاً على الخير بمقاله وفعاله، وما أكثر ما نسمع عن الناس أنهم يقولون: صحبنا فلاناً في السفر فوجدناه خير صاحب. وقد قيل: إنما سمي السفر سفراً لأنه يسفر عن أخلاق الرجال. (يسفر) أي: يبين ويظهر أخلاق الرجال. قال رجل: [صحبت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لأخدمه فكان يخدمني] . إذاً: عليك بحسن الخلق، وعليك ببذل المال ما استطعت، فلا تبخل على نفسك ولا تبخل على إخوانك إذا رأيت محتاجاً فساعده، وإذا رأيت كئيباً فأدخل عليه السرور. ولا تزاحم عباد الله في المناسك عند المطاف وعند السعي وعند الجمرات، بل احرص على أن تتحمل الزحام ولا تؤذي أحداً، لأن ذلك كله في سبيل الله.

الرفث في الإحرام

الرفث في الإحرام واجتنب المحظورات في الإحرام التي منعها النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت الآيات الكريمة أيضاً بالإشارة إليها، فمن ذلك: الرفث وهو الجماع ومقدماته من النظر بشهوة والتقبيل واللمس بشهوة، بل إن الإحرام يحرم فيه عقد النكاح، حتى العقد لو كانت المرأة المعقودة بها بعيدة، بل إنه تحرم فيه الخطبة، لا تخطب امرأة وأنت في إحرام عمرة أو حج، ولهذا قال الله عز وجل: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ} [البقرة:197] .

حلق الرأس

حلق الرأس كذلك اجتنب حلق الرأس؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] لأنك لو حلقت رأسك وأنت محرم فعند التحلل أين الشعر؟! ومن المعلوم أنه عند التحلل إما أن يقصر الإنسان وإما أن يحلق، فإذا حلق في حال الإحرام أو قصر فماذا سيفعل عند التحلل؟! ولهذا قال الله عز وجل: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] .

الطيب

الطيب ولا تتطيب؛ فإن الطيب من محظورات الإحرام، ودليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تلبسوا ثوباً مسه الزعفران ولا الورس) والزعفران: نوع من أنواع طيب، والورس: نبت معروف في اليمن له رائحة كرائحة الزعفران؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم استفتي في رجل وهو واقف بـ عرفة، وهذا الرجل وقصته ناقته، أي: سقط منها فمات، فجاءوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يصنعون به؛ فقال: (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه ولا تحنطوه -والحنوط: أطياب تجعل في الميت إذا مات- فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) ؛ لأنه مات وهو محرم فيبعث يوم القيامة على إحرامه، كالمجاهد إذا قتل في سبيل الله يدفن في ثيابه، ولا يغسل ولا يطلب له كفن حتى لو وجدت الأكفان، وإنما يدفن في ثوبه بدمائه ولا يغسل الدم؛ لأنه يبعث يوم القيامة وجرحه يثعب دماً -ينزف- اللون لون الدم والريح ريح المسك، كذلك المحرم إذا مات وهو محرم يكفن في ثياب الإحرام ولا يطلب له كفن من جديد، وإنما يكفن في إزاره وردائه ولا يغطى رأسه، ويبعث يوم القيامة من قبره يقول: لبيك اللهم لبيك، يلبي بين العالم، بين المحشورات كلها. إذاً: لا يتطيب المحرم، لا في بدنه، ولا في ثيابه، ولا في طعامه، ولا في شرابه، ولذلك يحرم على المحرم أن يشرب القهوة التي فيها الزعفران إذا كان ريحه باقياً.

لبس الثياب المنهي عنها

لبس الثياب المنهي عنها وكذلك لا يلبس شيئاً معيناً من الثياب عينه النبي صلى الله عليه وسلم؛ سئل: (ما يلبس المحرم؟ -أي: أي ثوب يلبسه المحرم؟ - قال: لا يلبس القميصَ ولا السراويلَ ولا البرانسَ ولا العمائمَ ولا الخفاف) . القميص: هي ثيابنا التي علينا الآن قمص. السراويل معروفة. البرانس: ثياب فضفاضة واسعة ولها شيء يتصل بالرأس، ويغطيه، يتصل بها شيء مخيط معها على ما هي معروفة مما يدار على الرأس. الخفاف: ما يلبس في الرجل من جلود ونحوها، والجوارب مثلها. هكذا حدد النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يلبسه المحرم، ومفهومه أن ما عدا ذلك يلبسه. إذاً: هل يلبس المحرم الساعة؟ يلبسها؛ لأنها ليست من هذه الأشياء الخمسة. وهل يلبس نظارة العين؟ يلبسها؛ لأنها ليست من هذه الأشياء الخمسة. وهل يلبس الحزام ويربط به إزاره؟ نعم يلبسه. وهل يلبس الإزار إذا كان مخيطاً، أي: قد خيط طرفاه؟ نعم يلبسه، لأنه ليس من هذه الخمسة، بل هو إزار ولو خيط، ولو جعل فيه ربقة فإنه يجوز؛ لأنه لا يخرج عن كونه إزاراً إذا وضعت فيه الربقة، وكذلك لو وضع فيه محفظة يجعل فيها الدراهم أو الحاجات فإنه يجوز له ذلك؛ لأنه لا يزال يسمى إزاراً وليس من الخمسة، فقد الخمسة وما سواها فهو جائز. وإذا لبس الإنسان المشلح فنقول: لا يجوز إذا لبسه على هيئة لبسه العادي، أما لو التف به كما يلتف بالرداء فلا بأس، وكذلك لو لبس غترة وشماغ وطاقية فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه يشبه العمامة، بل هذا عمامة عندنا نحن النجديين، عمامتنا: الغترة والطاقية.

قتل الصيد

قتل الصيد كذلك لا يجوز للمحرم أن يقتل الصيد؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة:95] والصيد مثل: الحمام، الضباء، والأرانب، والجراد، فإن الجراد من الصيد، ولذلك لا يجوز للمحرم أن يقتل جرادة، كما لا يجوز قتل الجرادة في الحرم ولو كنت غير محرم؛ لأن الحرم يحرم صيده، وأكثر الناس يجهلون أن الجراد من الصيد؛ ولذلك تجدهم في أيام رمضان عندما يهيج الجراد يلاحقونه ويأخذونه، وربما يجمعونه في كيس ويبيعونه، وهذا حرام؛ لأن الجراد من الصيد، فالواجب على المسلم أن يمتنع من محظورات الإحرام.

حكم من ارتكب شيئا من محظورات الإحرام جاهلا أو ناسيا

حكم من ارتكب شيئاً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً فلو قال قائل: لو أن الإنسان نسي وغطى رأسه فهل عليه شيء؟ لا ليس عليه شيء، لكن يجب عليه من حين يذكر أن يكشف رأسه. لو أن الإنسان تطيب ناسياً فهل عليه شيء؟ لا. لكن من حين أن يذكر يجب عليه أن يغسل الطيب. لو أن الإنسان قبَّل الحجر الأسود والحجر الأسود بعض الناس يجعل فيه طيباً وعلق الطيب بشفتيه أو بأنفه، فهل يأثم أو لا يأثم؟ لا يأثم، لكن يجب عليه في الحال أن يمسح هذا الطيب؛ لأن المحرم لا يجوز له أن يتطيب. لو أن الإنسان فعل محظوراً جاهلاً يظن أنه جائز، فهل عليه شيء؟ A لا، ولكن عليه أن يزيل هذا المحظور من حين أن يعلم، ولنضرب لهذا مثلاً: رجل دفع من عرفة ونزل في مزدلفة وظن أن الحج عرفة وأنه انتهى، فقام وتطيب، فهل عليه شيء أم لا؟ لا؛ لأنه جاهل، فإذا قال إنسان: أعطونا دليلاً على أن الجاهل والناسي ليس عليهما شيء. قلنا: قال الله عز وجل: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فقال الله تعالى: قد فعلت. وقال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] فنفى أن يكون علينا جناحٌ فيما أخطأنا به، وبين أن الجناح على من تعمد، وهذه لا شك أنها من نعمة الله عز وجل.

حكم قطع الشجر للمحرم

حكم قطع الشجر للمحرم ولو أن المحرم قطع غصناً أو ورقة من الشجر، فهل هذا حرام أو غير حرام؟ نقول: فيه تفصيل: إن كان داخل الحرم فهو حرام، وإن كان خارج الحرم فهو حلال. مثال ذلك: قطع شجرة في عرفة، فإنه حلال؛ لأن عرفة ليست من الحرم قطع شجرة في منى، فإنه حرام؛ لأن منى من الحرم، وعلى هذا فلا علاقة بين قطع الشجر والإحرام، فإن الشجرة إن كانت في الحرم، أي: داخل حدود الحرم، فهي آمنة، ولا يجوز لأحد أن يقطعها، وإن كانت خارج الحرم فليس لها أمان، فيجوز لكل إنسان أن يقطعها سواء كان محرماً أم غير محرم.

حكم لبس النقاب والقفازين للمرأة المحرمة

حكم لبس النقاب والقفازين للمرأة المحرمة هل يجوز للمرأة أن تنتقب وهي محرمة؟ لا، لا يجوز، والنقاب: أن تغطي وجهها وتفتح لعينيها ما تنظر به، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تنتقب المرأة المحرمة. وهل يجوز للمرأة المحرمة أن تلبس القفازين؟ لا. لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تلبس المرأة القفازين، فإذا قال قائل: المرأة تلبس قفازين لتستر كفيها عن الناس، قلنا: يمكن أن تستر كفيها بطرف العباءة، ولا يلزم لبس القفازين. أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير والصلاح، وأن يرزقنا تعظيم حرماته وشعائره؛ إنه على كل شيء قدير. ونظراً لكثرة الأسئلة نقتصر على هذا القدر من بيان محظورات الإحرام لنتفرغ للإجابة عن الأسئلة، ونسأل الله أن يوفقنا للصواب.

الأسئلة

الأسئلة

فضل عشر ذي الحجة

فضل عشر ذي الحجة Q فضيلة الشيخ! بعد أيام نستقبل عشر ذي الحجة، فما نصيحتك للجميع في استغلالها؟ أرجو بيان فضلها والأعمال التي تسن فيها. A عشر ذي الحجة تبتدئ من دخول شهر ذي الحجة وتنتهي بيوم عيد النحر، والعمل فيها قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهنَّ أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلاً خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) . وعلى هذا فإني أحث إخواني المسلمين على اغتنام هذه الفرصة العظيمة، وأن يكثروا في عشر ذي الحجة من الأعمال الصالحة؛ كقراءة القرآن، والذكر بأنواعه من تكبير وتهليل وتحميد وتسبيح، والصدقة، والصيام، وكل الأعمال الصالحة اجتهد فيها، والعجب أن الناس غافلون عن هذه العشر! تجدهم في عشر رمضان يجتهدون في العمل، لكن في عشر ذي الحجة لا تكاد ترى أحداً فرَّق بينها وبين غيرها، وإذا قام الإنسان بالعمل الصالح في هذه الأيام العشر يكون قد أحيا ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة. وإذا دخلت هذه العشر والإنسان يريد أن يضحي فإنه لا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته شيئاً، كل هذه لا يأخذ منها إذا كان يريد أن يضحي، فأما الذي يضحى عنه فلا حرج عليه، وعلى هذا فإذا أراد الإنسان أن يضحي عنه وعن أهل بيته أضحية واحدة كما هي السنة؛ فإن أهل البيت لا يلزمهم أن يمسكوا عن الشعر والظفر والبشرة، وإنما الذي يلزمه هو المضحي الذي هو الأب، وما تسمعون من هذه العبارة: حرم على من يضحي أو يضحى عنه. فإنها عبارة لبعض العلماء، أما الحديث فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئاً) فوجه الخطاب لمن يريد أن يضحي، ولكن لو قال قائل: إذا كان هذا الذي يريد أن يضحي سافر للحج فسوف يؤدي العمرة ويقصر، مع أنه أوصى أهله أن يضحوا، نقول: هذا لا يضر؛ لأن التقصير في العمرة نسك ولا بد من فعله، وكذلك التقصير في الحج أو الحلق لا بأس به، وإن كان لا يدري هل ضحى أهله أم لا.

حكم من أحرم ومنع من دخول مكة

حكم من أحرم ومُنع من دخول مكة Q فضيلة الشيخ! هناك شخص لم يتمكن من إخراج بطاقة الحج، فإذا أحرم ومُنع من دخول مكة هل يدخل في حكم المحصر فيحل ويهدي، أم أن له أن يلبس ثيابه ويدخل؛ لأنه يريد عمل الخير لا لطمع في الدنيا؟ A أقول: ما دام الحج الآن لا بد أن يحمل الحاج بطاقة الدخول، فما الذي يمنعه من حمل البطاقة؟ الأمر ميسر، وفي كل مكان مكاتب تعطي هذه البطاقات، فكيف يخاطر ويذهب إلى الحج دون أن يحمل البطاقة؟ ولكن لو فرض أنه فعل ومنع من دخول مكة؛ فإنه يكون في حكم المحصر، يذبح الهدي هناك في مكان إحصاره ويتحلل والحمد لله، لكن هنا شيء يكفيه عن التحلل، وهو أن يقول عند عقد الإحرام: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني. فإذا قال ذلك ومنع يرجع ويلبس ثيابه ويحج في وقت آخر. أما الأمر الثاني الذي قاله في السؤال: أنه يلبس الثياب وهو محرم، فهذا غلط عظيم، وهذا نوع من الاستخفاف بحرمات الله عز وجل، إذ كيف تحرم وتعصي الرسول صلى الله عليه وسلم فيما نهاك عنه من لبس القميص؟! وما هذا إلا خداع لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فإذا قدرنا أنه خداع انطلى على الشرطة والجنود، فليس خداع لله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ} [آل عمران:5] ثم من الذي أوجب عليك هذا الشيء؟ أليس حجك سنة وعمرتك سنة وطاعة ولي الأمر واجبة إلا في معصية؟ ولهذا لو منعنا أن نؤدي الحج الواجب قلنا: لا سمع ولا طاعة نريد أن نحج، أما إذا كان الحج حج نفل أو عمرة ورأى ولي الأمر أن من الخير للمسلمين عموماً الذي يحجون أن يخفف عنهم بهذا النظام، فلا محذور فيه، ولا شك أن ولي الأمر له أن يفعل ما فيه المصلحة ودفع المضرة، وما دمت أديت الفريضة فالباقي نفل، وطاعة ولي الأمر ومساعدة إخوانك في هذا النظام -الذي نسأل الله أن يجعل عاقبته حميدة- خير لك من أن تكلف نفسك، ثم نقول: إذا كان لديك رغبة في الحج فانظر إلى بعض الناس الذين لم يؤدوا الفريضة وساعدهم، وأعطهم الدراهم يحجون بها لأنفسهم؛ فتكون معيناً على فريضة، وتشارك صاحب الفريضة فيما أعنته عليه.

حكم تأخير الحج للمرضعة

حكم تأخير الحج للمرضعة Q سائلة تقول: أريد أداء فريضة الحج هذا العام أول مرة وأنا متزوجة ولي أولاد صغار، أصغرهم يبلغ من العمر خمسة أشهر، وأقوم بإرضاعه رضاعة طبيعية فقط، ولكنه باستطاعته أن يتناول وجبة أخرى بسيطة بجانب الحليب، وقد منعني زوجي من الحج بحجة الرضاعة الطبيعية، وأنا لا أريد اصطحابها معي خوفاً عليها من الأمراض وتغير الجو، وأيضاً عدم أخذ نصيب أكبر من الطاعات؛ لأنها سوف تشغلني في وقتي، مع العلم أن موافقة زوجي متوقفة على إفتاء فضيلتكم، فهل هذا من الأمور التي تسمح لي بترك الحج هذا العام؟ A لا حرج على هذه المرأة التي هذه حالها أن تؤخر الحج إلى سنة قادمة: أولاً: لأن كثيراً من العلماء يقولون: إن الحج ليس واجباً على الفور، وأنه يجوز للإنسان أن يؤخر مع قدرته. ثانياً: أن هذه محتاجة إلى البقاء من أجل رعاية أولادها، ورعاية أولادها من الخير العظيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها) . فأقول: تنتظر إلى العام القادم، ونسأل الله أن ييسر لها أمرها ويقدر لها ما فيه الخير.

السفر الذي يقطع التمتع

السفر الذي يقطع التمتع Q اعتمر رجل من أفريقيا في أشهر الحج، ثم ذهب إلى المدينة ينتظر الحج، فهل هذا يعتبر متمتعاً؟ A لا ندري، إن رجع بعمرة صار متمتعاً بالعمرة الأخيرة، وإن رجع بالحج بأن أحرم بالحج من ذي الحليفة فقال بعض أهل العلم: إنه مفرد؛ لأنه قطع بين الحج والعمرة بسفر. والصحيح: أنه ليس بمفرد وأنه متمتع؛ لأن السفر الذي يقطع التمتع هو أن يسافر الإنسان إلى بلده، وأما إذا سافر إلى بلد آخر فإنه ليس متمتعاً؛ لأنه ما زال في سفره الأول، إذ أن الإنسان إذا سافر إلى مكة من بلده فهو مسافر حتى يرجع إلى بلده، فسفره من مكة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكة هو عبارة عن سفر واحد. والخلاصة: أنه إذا كان من أهل أفريقيا وأدى العمرة في أشهر الحج وذهب إلى المدينة ورجع من المدينة محرماً بالحج أو بعمرة جديدة فإنه لا يزال متمتعاً، وعليه هدي التمتع، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.

حكم حج من فقدت محرمها في عرفة

حكم حج من فقدت محرمها في عرفة Q تقول السائلة: فضيلة الشيخ! حججت في العام الماضي أنا وزوجي، وفي يوم عرفة ضاع زوجي ولم أره إلا بعد أن انتهى الحج في بلدي، فهل حجي صحيح أم ناقص؟ A الحج صحيح وليس فيه نقص؛ لقول الله تبارك وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] ولقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286] وماذا تصنع إذا فقد زوجها؟ تستمر في حجها وترجع مع رفقتها.

حكم التمتع بالحج لأهل مكة

حكم التمتع بالحج لأهل مكة Q رجل من أهل القصيم أناب رجلاً من أهل مكة بالحج متمتعاً، فهل في مثل هذه الحالة يلزم الهدي للتمتع أم لا؟ A هذا لا يلزم، وكيف يكون أهل مكة متمتعين؟! لأنهم لم يأتوا بالعمرة من الميقات إنما أحرموا من مكة بالحج، فهم ليسوا متمتعين، وعلى هذا فمن أراد أن ينيب من يمكنه التمتع فلينب من أهل الطائف مثلاً، أو من أهل جدة، أما أهل مكة فلا.

الوقت الكافي للمتمتع بالحج

الوقت الكافي للمتمتع بالحج Q ما هو الوقت الكافي للتمتع؟ أحياناً نحل من إحرامنا ضحى اليوم الثامن ثم نحرم بالحج في نفس اليوم. أرجو التوضيح. A إذا وصل الإنسان إلى مكة وهو متمتع، فإذا أمكنه أن يفصل بين الحج والعمرة ولو بساعة فهو متمتع، وأما إذا دخل وقت الحج، مثل أن يقدم مكة بعد ظهر اليوم الثامن فقد انتهى وقت التمتع؛ لأنه دخل وقت الحج، والله عز وجل يقول: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة:196] وهذا يدل على أن بينهما مسافة ووقتاً، وهذا قد وصل إلى مكة والناس في منى محرمون بالحج. فنقول: إذا قدمت متأخراً فانو الحج مفرداً، وإن كنت تحب أن يحصل لك حج وعمرة فانوه قراناً وقل: لبيك عمرة وحجاً.

رمي الجمار للمتعجل

رمي الجمار للمتعجل Q فضيلة الشيخ! ذكرت في اللقاء الماضي -وفقك الله- أن الحاج إذا عزم على التعجل في اليوم الثاني عشر وكانت الجمرات مزدحمة وانتظر حتى يخف الزحام فله أن يتعجل ولو رمى الجمرات بعد الغروب، فهل يجب أن ينتظر عند الجمرات أم يجوز أن يكون عند خيمته؟ وماذا إذا لم يخف الزحام إلا بعد العشاء؟ أرجو ذكر ضابط نستنير به حول هذا الأمر. A الواجب أن يتقدم إلى الجمرات وينتهز الفرصة، وقد بلغني عن بعض الناس أنه في عصر اليوم الثاني عشر يكون المرمى خفيفاً؛ وذلك لأن المتعجلين قد انتهى أكثرهم، والمتأخرين يأتون في الليل، فحدثني شخص يقول: أنا أرمي عادةً بعد العصر وأنا أتعجل وأجده خفيفاً، والعلة معقولة. فأقول: تقدم، بمعنى: حمَّل متاعك وتقدم إلى الجمرات، ومتى وجدت فرصة فارم وانزل إلى مكة، حتى لو فرض أنك لم تجد الفرصة إلا بعد غروب الشمس أو بعد دخول وقت العشاء فلا حرج عليك، متى وجدت الفرصة فارم ولو بعد منتصف الليل وانزل إلى مكة.

ما يحصل به التحلل الأول والثاني

ما يحصل به التحلل الأول والثاني Q بم يحصل التحلل الأول والثاني؟ A التحلل الأول يحصل بأمرين: رمي جمرة العقبة بعد العيد، والذي يرمى من الجمار يوم العيد هو العقبة فقط، ثم بعد ذلك الحلق أو التقصير، وهذا يحصل به التحلل الأول، فإذا انضاف إلى ذلك طواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة حل التحلل الثاني، وعلى هذا يمكن أن يتحلل الإنسان التحلل الثاني في يوم العيد نفسه، فيرمي الجمرات ويحلق أو يقصر وينزل إلى مكة ويطوف ويسعى ويكون حل التحلل الثاني وحل له كل شيء.

حج المفرد

حج المفرد Q فضيلة الشيخ! رجل قدم إلى المملكة لأول مرة لأداء الحج، فهل يجوز له أن يحج مفرداً مع أنه لم يسبق له أداء العمرة؛ وذلك لأن له صحبة مفردين؟ A لا بأس أن يحج مفرداً، ولكن تبقى عليه العمرة، وقوله: لأن له رفقة مفردين. لا يمنع أن يتمتع، فينزل مع الرفقة ويطوفون جميعاً ويسعون جميعاً وهم يبقون على إحرامهم وهو يقصر ويحل، وأحسن له إذا حل من أجل أن يخدم إخوانه بدون مشقة أو تعب، وإذا كان يوم الثامن من ذي الحجة أحرم بالحج وخرج مع إخوانه ووقف معهم في عرفة ومزدلفة ومنى وينزلون إلى مكة، فيمتاز عنهم بشيء واحد وهو السعي، وهم لا سعي عليهم؛ لأنهم سعوا عند القدوم، وهو عليه السعي؛ لأنه سعى عند القدوم للعمرة فيجب أن يسعى للحج مع الطواف.

الأفضل لمن وصل مكة بعد ظهر يوم عرفة

الأفضل لمن وصل مكة بعد ظهر يوم عرفة Q من وصل إلى مكة بعد الظهر من يوم عرفة، هل الأفضل له أن يذهب إلى مكة ويطوف طواف القدوم ويسعى سعي الحج ثم يخرج إلى عرفة، أو أن الأفضل أن يذهب إلى عرفة مباشرة؟ A الأفضل أن يذهب إلى عرفة مباشرة؛ لأن هذا اليوم يوم عرفة وليس يوم الطواف، والرجل الذي أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصلى معه الفجر في مزدلفة وهو عروة بن مضرس، أتى من جبال طيء من عند حائل وصادف النبي صلى الله عليه وسلم وهو في صلاة الفجر في مزدلفة، فقال: (يا رسول الله إني أتعبت نفسي وأكللت راحلتي -أو قال: أكللت نفسي وأتعبت راحلتي- وإني ما تركت جبلاً إلا وقفت عنده، فهل لي من حج؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بـ عرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه) ولم يذكر أنه طاف طواف القدوم، وعلى هذا فإذا وصلت إلى مكة في يوم عرفة فاذهب إلى عرفة.

حكم الحج عن المريض

حكم الحج عن المريض Q امرأة بالغة حصل عليها حادث وأصبح بها حالة نفسيه، فهي تخاف من السيارة وأصواتها، وصار في عقلها شيء من التخلف، فهل يحج عنها أم لا؟ A إذا كان عندها مال فيحج عنها، وإن كان ليس عندها مال فلا يحج عنها، فلا يجب أن يحج عنها إذا كان ليس عندها مال؛ لأنها غير قادرة، وأما إذا كان عندها مال فالظاهر أن مثل هذا المرض لا يزول، فنسأل الله لها الشفاء والعافية، وأن يعينها ويقدرها على أداء الحج.

حكم الحج على من لا مال له

حكم الحج على من لا مال له Q سماحة الشيخ! جزاك الله خير الجزاء أنا طالب فهل لي أن أحج وآخذ من والدي، أم أنتظر حتى أتوظف فيكون عندي ما يمكنني من الحج، أيهما الأفضل لي؟ A من المعلوم أن الطالب الذي ليس عنده مال لا يلزمه أن يسأل والده ويقول: أعطني ما أحج به؛ لأنه لم يجب عليه الحج، لكن إن رأى الأب أن يعطيه ما يحج به إحساناً له لا وجوباً على الأب فلا حرج، وهذا من الإعانة على البر والتقوى ومن صلة الرحم أيضاً. فأشير على جميع الآباء الذين عندهم قدرة أن يساعدوا أبناءهم في أداء الحج وإن كان غير مفروض عليهم؛ لأن هذا من الإحسان ومن صلة الرحم.

وقت صلاة المغرب والعشاء في مزدلفة

وقت صلاة المغرب والعشاء في مزدلفة Q فضيلة الشيخ! ما هو الراجح في نظر فضيلتكم في من وصل إلى مزدلفة قبل أذان العشاء متى يصلي المغرب والعشاء؟ وهل يجوز أن نؤخر صلاة العشاء إلى بعد منتصف الليل حتى نصل إلى مزدلفة، أم نقف في منتصف الطريق ونصلي؛ لأنه أحياناً لا يتيسر لنا المكان إلا بعد منتصف الليل؟ A أقول: من دفع من عرفة إلى مزدلفة ثم أمسكه السير حتى قارب نصف الليل فالواجب أن يصلي العشاء، ولا يجوز أن يؤخرها إلى ما بعد منتصف الليل؛ لأن وقت العشاء ينتهي بنصف الليل. ومن دفع من عرفة إلى مزدلفة ووصل إلى مزدلفة قبل أذان العشاء فله أن يصلي المغرب والعشاء جمع تقديم؛ لأنه وصل قبل العشاء، يصلي جمع تقديم ولا حرج؛ لأنه مسافر، ولأن ذلك أيسر لا سيما في وقتنا الحاضر مع كثرة الحجاج، والإنسان لو ذهب يتوضأ ربما يضيع عن قومه، فله أن يجمع جمع تقديم متى وصل إلى مزدلفة.

الحث على مساعدة الآخرين في نفقة الحج

الحث على مساعدة الآخرين في نفقة الحج Q رجل يرغب أن يحج نافلة ولكنه لا يستطيع لكبر سنه فهل الأفضل أن ينيب عنه، أو أن يتصدق بالقيمة جزاك الله خيراً؟ A الأفضل أن يعين من يؤدي فريضة الحج بهذه الدراهم، ولا يوكل من يحج عنه؛ لأن التوكيل في الحج إنما جاء في الفريضة دون النافلة، وإذا لم يجد أحداً يحتاج إلى أداء الفريضة فليصرف هذه الدراهم إما في بناء مسجد يساهم فيه، أو في أعمال صالحة أخرى، أو يتصدق بها على فقير أو قريب.

حكم التوكيل في الحج عن المريض

حكم التوكيل في الحج عن المريض Q فضيلة الشيخ! أنا مريض بمرض الصرع منذ ثلاث عشرة سنة، وأستعمل دواءً يمنع بقدرة الله تعالى حدوث نوبة الصرع، ولكن إذا تعبت وجهدت حدث لي الصرع، فهل يجوز لي أن أوكل أحداً يحج عني، أم أحج وأتحمل؟ A إذا كان هذا المرض لا يرجى أن يزول فليوكل من يحج ويعتمر عنه إن كان عنده مال، وإن لم يكن عنده مال فالحج غير واجب عليه. أما إذا كان يرجى زواله باستمرار الدواء فلينتظر حتى يشفيه الله. وأسأل الله تبارك وتعالى أن يشفيه ويعافيه ويرفع عنه ما يجد.

حكم التوكيل في رمي الجمار

حكم التوكيل في رمي الجمار Q فضيلة الشيخ! حججنا قبل خمس سنوات ولله الحمد وكان معنا نساء، وخرجنا من مزدلفة على نية أنهن سيرمين، وقبل أن نصل الجمرة خشينا عليهن وأبقيناهن ورمينا عنهن ولم يكن هناك زحام شديد، ثم سمعنا من يقول: أن الرمي يوم النحر لا بد أن ترميه المرأة بنفسها، فما العمل الآن؟ A الرمي في يوم العيد وفيما بعده من النسك، وقد قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] ولا يجوز لأحد أن يوكل من يرمي عنه لا في يوم العيد ولا في غير يوم العيد إلا من لا يستطيع، فمثلاً: المرأة كبيرة السن لا تستطيع، ومثلها الرجل المريض لا يستطيع، سواء كان رجلاً أو امرأة، وكذلك الصغير أو النحيف لا يستطيع، هذا إذا لم يتأخر، أما إذا تأخر إلى الليل فالغالب أن الأمر واسع ويمكنه أن يرمي بنفسه، فلو أن هؤلاء الرجال أخروا النساء إلى الليل ورمين في الليل لكان ذلك خيراً، أما ما مضى فإن كان قد حصل منهم تفريط فعلى كلام الفقهاء: بجب أن تذبح كل واحدة منهن -ممن وكلت- فدية في مكة توزع على الفقراء سواء ذهبت هي بنفسها أو وكلت. وإني أقول: الزحام الشديد الذي يخشى على النساء منه لا يجوز أن تخوض المرأة غماره؛ لأن ذلك تعب عليها، ولأنها سترمي الجمرة وهي لا تشعر من شدة الزحام، فمثلاً: إذا كان يريد أن يتعجل في يومين ويحب أن يرمي من حين الزوال وينصرف، هنا لا يمكن أن ترمي المرأة أبداً، لأن فيه خطر عليها، فنقول: في هذه الحال توكل ولا حرج. أما في غير ذلك مثلاً: في يوم الحادي عشر، فيمكن أن تؤخر الرمي عن الزوال إلى العصر أو إلى الليل إلى الفجر، فالأمر والحمد لله واسع.

حكم الحج عن الغير من أجل المال

حكم الحج عن الغير من أجل المال Q فضيلة الشيخ! ما حكم من أخذ نقوداً من أجل أن يحج عن غيره، وكان مقصده التكسب من هذه الحجة وقصر في النفقة في الحج واقتصد وعاد بأكثر من نصف المال الذي أعطي إياه؟ A إذا حج الإنسان عن غيره من أجل المال فأخشى ألا يقبل الله منه؛ لقول الله تبارك وتعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ} [هود:15-16] وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى:20] فإذا علمت من نفسك أنك تأخذ الدراهم لتحج عن غيرك من أجل الدراهم فلا تفعل، اتركه ولا تخيب نفسك وتخيب أخاك. أما إذا أردت أن تحج عن الغير إحساناً به؛ لأنه يرغب هذا، واستعانةً بما يعطيك على أداء النسك فهذا لا بأس به، وإذا أعطاك شيئاً وبقي مما أعطاك فهو لك، إلا إذا قال: ما زاد على النفقة فرده عليَّ؛ فيجب عليك أن ترده.

حكم من لا يستطيع الغسل من الجنابة

حكم من لا يستطيع الغسل من الجنابة Q فضيلة الشيخ! لقد أكرمني الله بالحج إلى بيته الحرام وأتممت مناسك الحج، ولكن حينما بت في مزدلفة أصبحت محتلماً فلم أستطع الاغتسال لكثرة الزحام، فتوضأت وصليت الفجر ثم ذهبت إلى منى واغتسلت وصليت الفجر حوالي الساعة العاشرة، فما الحكم؟ وهل عليَّ شيء؟ جزاك الله خيراً. A الواجب على من لا يستطيع أن يغتسل أن يتيمم، فإن الله تعالى رخص للإنسان إذا لم يجد الماء أن يتيمم، وإذا تيمم وصلى فصلاته صحيحة ولا يحتاج أن يعيدها، فإذا قدر على الماء بعد ذلك وجب عليه أن يغتسل إذا كان تيممه عن جنابه، أو يتوضأ إذا كان تيممه عن حدث أصغر. لكن ما فعله الأخ الذي سأل فصحيح؛ لأن الرجل أكبر ما يمكن أن نقول: عليك الإعادة وقد أعاد، مع أنه لا يجب عليه الإعادة؛ لقول الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78] .

حكم ذبح الهدي أو حلق الرأس خارج الحرم

حكم ذبح الهدي أو حلق الرأس خارج الحرم Q فضيلة الشيخ! ما حكم من ذبح الهدي أو حلق رأسه خارج منطقة الحرم في عرفات مثلاً؟ A أما الحلق فلا بأس أن يحلق في عرفات أو غيرها؛ لأن الحلق ليس له مكان، وأما الهدي هدي التمتع فلا بد أن يكون داخل الحرم، فلو ذبح هديه في عرفات لم يصح ولم يجزئه حتى لو دخل باللحم وأعطاه أهل منى لم يقبل منه؛ لأنه ذبحه في غير مكانه، وإذا كان هذا قد وقع منه فالأمر والحمد لله سهل، يوكل أحد الذاهبين إلى مكة أن يشتري له شاة ويذبحها بنية الهدي الذي ذبحه في غير مكانه، وإن كان يريد أن يذهب هو بنفسه ليحج فليباشر ذلك بنفسه.

حكم استعمال الصابون ومعجون الأسنان والمناديل المبللة بالطيب للمحرم

حكم استعمال الصابون ومعجون الأسنان والمناديل المبللة بالطيب للمحرم Q ما حكم استعمال المناديل المبللة بالطيب، وكذلك معجون الأسنان والصابون؟ A المناديل المبللة بالطيب لا يجوز استعمالها في حال الإحرام، إلا إذا حل التحلل الأول؛ بأن رمى جمرة العقبة وحلق أو قصر، وأما معجون الأسنان فلا بأس به؛ لأن رائحته ليست رائحة طيب لكنها رائحة ذكية ونكهة طيبة، وكذلك الصابون لا بأس باستعماله؛ لأنه ليس طيباً ولا مطيباً ولكن فيه رائحة ذكية طيبة من أجل إزالة ما يعلق باليد من الرائحة التي قد تكون كريهة.

النافلة تكمل الفريضة

النافلة تكمل الفريضة Q سائلة تقول: حججت قبل سنوات عديدة، ثم قالت: إن يسر الله لي حجة أخرى فسأجعل تلك سنة وأنوي هذه الحجة فريضة؛ لأني في تلك الحجة في أيام جهل وعدم إدراك، فهل يجوز لها هذا العمل؟ A نقول: فريضتها هي الأولى، والحجة الثانية تطوع، واعلم -أخي المسلم- أن جميع النوافل تكمل بها الفرائض، مثلاً: نحن الآن صلينا العشاء، والعشاء لها سنة بعدها، فإذا صلينا الراتبة التي بعدها فإن كان في الفريضة خلل فهذه الراتبة تجبر الخلل والحمد لله، كذلك هذه المرأة نقول: إذا كان في حجها الأول خلل فحجها الثاني يرقع ذلك الخلل، فإن النوافل تكمل بها الفرائض يوم القيامة إذا كان في الفرائض نقص.

حكم شرب الماء المخلوط بالورد أو النعناع للمحرم

حكم شرب الماء المخلوط بالورد أو النعناع للمحرم Q ما حكم شرب المحرم للماء الذي وضع فيه ماء الورد أو النعناع؟ A أما ماء الورد فلا يجوز أن يشرب الإنسان منه متى كانت رائحته باقية، وأما النعناع فلا بأس به؛ لأن رائحته ليست طيباً ولكنها رائحة ونكهة طيبة، فهي من جنس رائحة التفاح والأترج وما أشبههما.

حكم صوم اليوم الثالث عشر من ذي الحجة لمن تعود صيام الأيام البيض

حكم صوم اليوم الثالث عشر من ذي الحجة لمن تعود صيام الأيام البيض Q بالنسبة لمن يصوم الأيام البيض الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، فهل يصوم الثالث عشر مع الرابع عشر والخامس عشر مع أن الثالث عشر من أيام التشريق، أم يجعل صيامه في العشر؟ A يسال عن الذي يصوم أيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، في شهر ذي الحجة هل يصوم اليوم الثالث عشر؟ نقول: لا يجوز؛ لأن عيد الأضحى يتبعه ثلاثة أيام تسمى أيام التشريق، لا يجوز للإنسان أن يصوم فيها إلا من لم يجد الهدي من متمتع وقارن فيصومها. ولكن نقول لهذا السائل: صم عشر ذي الحجة، وهي التسع الأول: الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع، ويجزئ ذلك عن صيام أيام البيض، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام لا يبالي أصامها في أول الشهر أم في وسطه أم في آخره) .

الأضحية عن الحاج

الأضحية عن الحاج Q فضيلة الشيخ! ما انتشر بين بعض العامة أنه لا يضحي الحاج إلا إذا كان قد توفي أحد والديه، فهل هذا صحيح؟ A هذا ليس بصحيح، الحاج إذا كان هو صاحب البيت فإنه يضحي، بمعنى: أنه يقول لأهله: اذبحوا الأضحية عني وعنكم، ويعطيهم القيمة، أما إذا كان يريد أن يضحي بـ مكة فلا؛ لأن الحاج المشروع في حقه هو الهدي وليس الأضحية، ولهذا لم يضحِ النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مع أنه كان يضحي كل سنة، واكتفى في حجة الوداع بنحر الهدي وهو مائة بعير، نحر منها ثلاثة وستين بيده والباقي أعطاه علياً رضي لله عنه وقال: انحره. ولم يضحِ. فعلى هذا نقول: إذا كان الحاج رب البيت فليوصِ أهله بأن يشتروا أضحية من ماله ويضحى بها عنه وعنهم، وأما في مكة فالهدي.

اللقاء الشهري [64]

اللقاء الشهري [64] في هذه المادة يبدأ الشيخ بالدعاء لإخواننا في كوسوفا، ثم بتفسير آخر سورة الفرقان، خاتماً بالإجابة عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء، والتي كانت في مواضيع شتى.

دعاء وتأمين

دعاء وتأمين الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا أول لقاء شهري يتم في هذه السنة، وهذا الشهر هو شهر محرم عام (1420هـ) وهذه الليلة هي ليلة السادس عشر منه. أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعله عام خير وبركة للإسلام والمسلمين، وأن ينصر إخواننا المسلمين في كوسوفا على أعدائهم الصرب المعتدين. أسأل الله تعالى أن يمنح إخواننا رقاب أولئك الصرب المعتدين الظالمين، وما ذلك على الله بعزيز. وأحث إخواني المسلمين على أن يكثروا من دعاء الله تعالى لهم في كل وقت، وأن يقنتوا في صلاة الفجر كما جاءنا من ولاة أمورنا أن نقنت لهم في صلاة الفجر، فنتقيد بما ذكروا لنا ولاة الأمور؛ لأن أصل القنوت في المملكة إنما يكون بعد إذن ولي الأمر، إذ أن القنوت إنما يخاطب به ولي الأمر لا كل إنسان بمفرده؛ لأنه نوع من الولاية. نسأل الله تبارك وتعالى أن يحقق لإخواننا النصر العاجل، وأن يقر أعيننا بهزيمة أولئك الصرب، إنه على كل شيء قدير.

استقبال العام الجديد بالتوبة والاعتبار

استقبال العام الجديد بالتوبة والاعتبار ينبغي للإنسان العاقل أن يعتبر ما سيأتي بما مضى، إنك أيها الأخ المسلم قد أمضيت عاماً كاملاً اثني عشر شهراً، مضت وكأنها دقائق بل لحظات، فاعتبر المستقبل بالماضي، سيمر بك هذا العام -إن بقيت في الدنيا- سريعاً كما مر بك العام المنصرم، فاستعد يا أخي للأعمال الصالحة، انتهز الفرصة، لا تُضع وقتك سدى، الوقت أثمن من المال وأغلى، أرأيت قول الله عز وجل: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:99-100] ولم يقل: لعليِّ أتمتع في الدنيا، لعليِّ أبني القصور وأشيدها، لكن قال: {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:100] . أكثر من طاعة الله، فلله عليك وظائف يومية وأسبوعية وحولية، فقم بهذه الوظائف من الوظائف اليومية: الصلوات الخمس التي هي أحد أركان الإسلام وأعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، حافظ عليها ومر أبناءك بالصلاة لسبع واضربهم عليها لعشر، وتفقد جيرانك وقم بنصحهم وإرشادهم لعل الله يهديهم على يدك.

في ظلال سورة الفرقان

في ظلال سورة الفرقان أما موضوع هذا اللقاء فهو آخر سورة الفرقان انتهينا إلى قول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} [الفرقان:68] فما معنى قوله: (لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ) ؟ أي: لا يشركون مع الله إلهاً آخر. وما معنى قوله: {وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} [الفرقان:68] ؟ أي: لا يقتلون النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق. وما هي النفس التي حرم الله قتلها؟ هي أربع: المسلم، والمعاهد، والذمي، والمستأمن. إذاً: الموجود بيننا من الكفار يعتبرون من المعاهدين.

تفسير قوله تعالى: (ولا يزنون)

تفسير قوله تعالى: (وَلا يَزْنُونَ) الصفة الثالثة: قوله: {وَلا يَزْنُونَ} [الفرقان:68] والزنا: وطء الفرج الحرام والعياذ بالله، فمن جامع امرأة بغير عقد نكاح صحيح أو ملك يمين صحيح فهذا هو الزنا، وهو من كبائر الذنوب وعظائمها، وقد سماه الله تعالى فاحشة فقال: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء:32] وعقوبته الرجم أو الجلد مع التغريب. الرجم إذا كان الزاني محصناً، والمحصن هو: الذي تزوج بنكاح صحيح وجامع زوجته وهو بالغ عاقل حر. وانظر إلى الشروط: تزوج بنكاح صحيح، وجامع زوجته، وهما -أي: الزوج والزوجة- بالغان، عاقلان، حران، أي: غير مملوكين، فإذا تمت هذه الشروط الخمسة فهو محصن، فإذا زنى بعد ذلك وجب رجمه بالحجارة، بمعنى: أن يقف للناس ويرموه بالحجارة، وتكون الحجارة وسط لا صغيرة ولا كبيرة، ولا يتقصدون المقاتِل؛ لأنهم إذا تقصدوا المقاتِل قضوا عليه بسرعة، والحكم الشرعي يريد أن يتألم جميع بدنه الذي تلذذ بوطء الحرام. هكذا حد الزاني إذا كان محصناً، ثم إذا تم رجمه ومات فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدعى له بالمغفرة ويدفن مع المسلمين؛ لأنه مسلم، وهذا الحد يكون كفارة له، فلا يعذب يوم القيامة على زناه؛ لأنه عذب في الدنيا. مسألة: قد يقول قائل: لماذا لا نقتله بالسيف؛ لأنه أقرب وأسرع في الإجهاز عليه؟ نقول: لا، نقتله بالرمي بالحجارة، هكذا جاءت السنة، وهذا الرجم ثابت في الشريعة المحمدية وكذلك في شريعة اليهود، لأنه تطهير للناس، وردعٌ لهم عن هذه الفاحشة. أما إذا كان الزاني غير محصن فإنه يجلد مائة جلدة بحضور طائفة من المؤمنين، ويغرب عن الوطن الذي وقع فيه الزنا لمدة سنة، ولكن لا يغرب إلى بلاد يتمكن فيها من الزنا؛ لأنه إنما يغرب إبعاداً له عن مكان الزنا. وغير المحصن هو من اختل فيه شرط من شروط الإحصان التي سمعتموها. ولا بد أن يكون الزاني عالماً بالتحريم، فإن لم يكن عالماً بالتحريم فإنه لا يحد، لكن لو علم بالتحريم ولم يعلم بالحد فإنه يحد؛ لأنه ليس من شرط الحد، أن يكون المجرم عالماً به، كما أن الإنسان لو جامع زوجته في نهار رمضان في بلده فإنه يجب عليه الكفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، لكن لو قال هذا الرجل: إنه لم يعلم بأن هذه هي الكفارة ولو علم لما فعل، قلنا: لا يمنع هذا من وجوب الكفارة؛ لأن الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله كان لا يدري ما عليه من الكفارة، فألزمه النبي صلى الله عليه وسلم بها. قال الله عز وجل: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً} [الفرقان:68] (ذلك) المشار إليه ما سبق: الشرك، وقتل النفس والزنا. {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً} [الفرقان:69] نسأل الله العافية! ولا شك أنه من يشرك بالله شركاً أكبر فإنه مخلدٌ في نار جهنم والجنة حرام عليه، وكذلك قتل النفس إن استحل قتلها وهو يعلم أنها محرمة، أي: نفس محرمة محترمة، فهو كافر فيخلد في النار؛ لأنه استحل ما حرمه الله عز وجل وهو يعلم أنه حرام، أما إن لم يستحل القتل فهو ذنب من الذنوب العظيمة، والزنا إذا استحله صار كافراً مخلداً في النار، وإن فعله لغلبة الشهوة عليه فإنه من كبائر الذنوب ولكن لا يخلد في النار.

التوبة وشروطها

التوبة وشروطها قال الله عز وجل: {إِلاَّ مَنْ تَابَ} [الفرقان:70] أي: تاب عن هذه الثلاثة، فإذا تاب من الشرك غفر الله له، وإذا تاب من قتل النفس غفر الله له، وإذا تاب من الزنا إذا غفر الله له، ودليل ذلك: قول الله عز وجل: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال:38] أي: ينتهوا عن كفرهم، يغفر لهم كل ما سلف من الذنوب، فلو أن أحداً كان يسجد للصنم ويستغيث به ثم هداه الله فأخلص وتبرأ من الشرك، فإن ذلك الشرك السابق لا يضره؛ لأنه تاب. لو أن إنساناً قتل نفساً بغير حق، ثم ندم وتاب إلى الله عز وجل فإن ذلك لا يضره؛ لأنه تاب، ولكن لا بد أن يسلم نفسه لأولياء المقتول ليقتلوه، أو يأخذوا الدية، أو يعفوا عنه، وإلا لم تصح توبته. ولو أنه زنا -والعياذ بالله- ثم ندم وتاب فلا يؤاخذ على زناه، لكن بالنسبة للمزني بها هل لها حق عليه بحيث نقول له: تحلل منها؟ في هذا تفصيل: إن كانت طائعة فلا حق لها، وإن كانت مكرهة فلها الحق، فعليه أن يستحلها، أي: يطلب منها أن تحلله؛ لأنه اعتدى عليها، وربما تكون بكراً فأفسدها، فالأمر عظيم. نرجع إلى قوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ تَابَ} [الفرقان:70] . فما هي التوبة؟ وما شروطها؟ التوبة هي: الرجوع إلى الله عز وجل من معصيته إلى طاعته. وشروطها خمسة: الأول: الإخلاص لله. الثاني: الندم على ما فعل. الثالث: الإقلاع عنه. الرابع: العزم على ألا يعود. الخامس: أن تكون التوبة في وقت تقبل فيه التوبة.

إخلاص التوبة لله عز وجل

إخلاص التوبة لله عز وجل فمن تاب مراعاةً للخلق فتوبته غير مقبولة؛ لأنه لم يتب إلى الله وإنما تاب إلى الخلق، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) انتبه يا أخي! أخلص النية لله، لو تصدقت بمائة ريال ليقول الناس: إنك كريم فهل تقبل؟ لا تقبل، لأنك أشركت مع الله، تصدق ليقول الله عز وجل: هذا عبدي تصدق تقرباً إلي.

الندم

الندم الثاني الندم: فلا بد أن يكون في قلبك حسرة على ما جرى من الذنب، لا يكن فعلك للمعصية وعدمه سواءً، بل لا بد أن يكون في قلبك حسرة، تتحسر وتقول: ليتني ما فعلت! أغواني الشيطان! وما أشبه ذلك.

الإقلاع عن الذنب

الإقلاع عن الذنب الثالث: الإقلاع عن الذنب: وما أثقل هذا الشرط على كثير من الناس! فلننظر إلى إنسان يترك الصلاة، كيف يكون الإقلاع عن ترك الصلاة؟ أن يصلي. إنسان يأكل الربا فكيف الإقلاع؟ أن يترك الربا. إنسان تعدى على شخص فضربه، فكيف الإقلاع؟ الإقلاع أن يستحله ويقول: يا فلان حللني. إنسان اغتاب شخصاً تكلم في عرضه وهو غائب، فكيف الإقلاع منه؟ أن يمسك عن غيبته وأن يستحله، يقول: يا فلان حللني، وإذا جاءك أخوك المسلم يطلب منك الحل فلا ترده، حللَّه حتى يكون أجرك على الله عز وجل، قال الله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:40] بعض الناس -والعياذ بالله- تأخذه العزة بالإثم، فإذا جاءه أخوه يستحله يقول: كيف أحللك وأنت هتكت عرضي وتكلمت عليَّ في المجالس وما أشبه ذلك؟ نقول: ما دام الرجل جاء يستحلك فاحتسب الأجر على الله عز وجل، ولعلك إذا حللته أن تنقلب غيبته إياك ثناءً عليك، وهذا هو الواقع. وذا كان الذنب أخذ مال من شخص؛ سرقة أو غصباً أو ما أشبه ذلك، فكيف الإقلاع عنه؟ أن ترد المال إليه، فإذا قال: لا أستطيع، لو ذهبت وأعطيته -مثلاً- مائة ريال لقال: أخذت مني ألفاً، ثم جعلها مشكلة، نقول: إذا خفت من هذا فهناك طرق: كأن تعطي المال شخصاً ثقة وتقول: يا فلان! هذا المال أخذته سرقة من ذلك الرجل وعينه، جزاك الله خيراً أده إليه وقل له: إن هذا مال قد أخذ منك في سالف الزمان، وتبرأ الذمة بهذا. وإذا لم تجد ثقة فاجعله في ظرف وأرسله في البريد ولا تكتب عنواناً لك، وقل: هذا من أخ لك تاب إلى الله وقد أخذه منك فحلله. إذا كنت لا تعرفه، مثل أن يكون صاحب دكان أخذت منه شيئاً وسافر الرجل ولم تدر من هو ولا تعرف محله، فماذا تصنع؟ تصدق به تخلصاً منه لا تقرباً به إلى الله، لأنك لو تصدقت به تقرباً إلى الله ما قبل الله منك، لكن تصدق به لصاحبه تخلصاً منه. فإن كان صاحبه كافراً، وهذا يقع من بعض الناس يكون عنده عامل غير مسلم فيظلمه ولا يوفيه ويسافر العامل ولا يعرف عنه لا مكانه ولا حمولته ولا شيئاً مما يمكن أن يتوصل إليه، فإنه يتخلص من هذه الدراهم ويعطيها إما بيت المال، وإما شخصاً فقيراً، أو ما أشبه ذلك، وهذا الرجل إن أسلم نفعته الصدقة، وإن لم يسلم لم تنفعه الصدقة؛ لأن الكافر لا ينفعه أي عمل صالح.

العزم على عدم العودة إلى الذنب

العزم على عدم العودة إلى الذنب الرابع: العزم على ألا يعود فلا بد أن تعزم على ألا تعود، فإن تبت مخلصاً لله، نادماً على ما فعلت، مقلعاً عنه، لكن في قلبك أنه لو تيسرت لك المعصية الثانية لفعلت، فإن التوبة لا تصلح؛ لأن توبتك الآن توبة مؤقتة إلى أن تسنح الفرصة لك فتفعل المعصية، هذا لا ينفع. لكن هل يشترط ألا يعود أم ليس بشرط؟ A ليس بشرط، فليس من شرط التوبة ألا تعود، فربما يكون الإنسان عازماً على ألا يعود ثم تغلبه نفسه الأمارة بالسوء فيعود، فإذا عاد فالتوبة السابقة لا تبطل، ولكن عليه أن يجدد توبةً للذنب الذي فعله.

أن تكون التوبة في وقت تقبل فيه التوبة

أن تكون التوبة في وقت تقبل فيه التوبة الشرط الخامس: أن تكون التوبة في وقت تقبل فيه التوبة فخرج بذلك ما إذا حضر الموت الإنسان وتاب فإنه لا تقبل التوبة منه؛ لقول الله تبارك وتعالى: {وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} [النساء:18] هذا ما ينفعه، ولذلك لما أدرك فرعون الغرق قال الله عنه: {قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:90] فقيل له: {أَالآنَ} [يونس:91] تؤمن وتكون من المسلمين {وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:91] فلا تقبل منه، وهذا الشرط -أيها الإخوة- يستلزم أن نبادر إلى التوبة وألا نتأخر؛ لأننا لا ندري متى يأتينا الموت، كم من إنسان مات على فراشه! وكم من إنسان مات على سيارته! كم من إنسان يمشي وسقط ومات! فإذا كان هكذا فبادر بالتوبة لئلا يفجأك الموت. أما الثاني: فهو طلوع الشمس من مغربها، فإنه إذا طلعت الشمس من مغربها: {لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرا} [الأنعام:158] لا يوجد توبة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها) وذلك أن هذه الشمس العظيمة التي أمرت أن تسير بانتظام تشرق من المشرق وتغرب من المغرب، إذا جاء وقت خروجها من المغرب استأذنت الله عز وجل أن تخرج من المشرق فيقول: اخرجي من المغرب فتخرج، فإذا رآها الناس آمنوا كلهم، لكن الذين لم يؤمنوا من قبل لا ينفعهم الإيمان. أسأل الله تعالى أن يتوب علينا وعليكم توبةً نصوحاً، وأن يوفقنا لما فيه خيرنا وصلاحنا في ديننا ودنيانا، وأن يكتب ذلك لجميع المسلمين إنه على كل شيء قدير. وإلى الأسئلة فيما بقي من الوقت.

الأسئلة

الأسئلة

مسائل في قنوت النوازل

مسائل في قنوت النوازل Q فضيلة الشيخ! تكلمتم حفظكم الله عن قنوت النوازل، فآمل التكرم ببيان ما يلي حيث أشكل عليَّ ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو على رعل وذكوان وعصية، فأريد بيان الأمر هل يقال في الدعاء: اللهم اهدنا فيمن هديت، ويخرج عن الموضوع وهو الاستنصار للمصابين بالنازلة؟ وهل يدعى فيه للمسلمين عموماً ويدعى على الكافرين، ويقال: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم؟ A أولاً: يجب أن نعلم أن القنوت للنوازل أمره إلى ولي الأمر إلى السلطان، حتى إن فقهاء الحنابلة رحمهم الله يقولون: لا يقنت إلا الإمام نفسه، ليس إمام المسجد، إمام الدولة فقط، فإذا كان راجعاً إلى الإمام فإنه ليس لنا الحق أن نقنت بدون إذنه. هذه واحدة، وهي مسألة مهمة جداً. ثانياً: هل يختص القنوت بصلاة الفجر أم بجميع الفرائض؟ والجواب: أنه يكون في جميع الفرائض كما ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا قال ولي الأمر: اقنتوا في صلاة الفجر، فالمعنى: ألا نقنت في غيره. ثالثاً: القنوت هل هو الدعاء بقنوت الوتر المعروف: اللهم اهدني فيمن هديت. ؟ ليس كذلك، القنوت يدعى فيما خص له فقط، فمثلاً: إذا كنا الآن نقنت لإخواننا في كوسوفا فندعو الله تعالى أن ينصرهم على عدوهم وأن يكبت عدوهم، هذا هو الأصل، وإن زاد الإنسان في حمد الله عز وجل والثناء عليه، والصلاة على نبيه والدعاء للمسلمين فلا بأس، لكن لا يطيل، فإن بعض الناس يطيل في القنوت حتى يسأم المصلون وراءه، وهذا غلط، إذا كنا نعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أسوتنا وقدوتنا لا يطيل في قنوت النوازل فلنتبعه.

عظم فتنة النساء

عظم فتنة النساء Q فضيلة الشيخ! تكلمتم عن الزنا -والعياذ بالله- وأسبابه، وقد كثرت أسباب الزنا وأعظمها المرأة التي حذر النبي صلى الله عليه وسلم من شأنها؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) وقال عليه الصلاة والسلام: (فاتقوا الدنيا واتقوا النساء) فهل من كلمة توجيهية في التحذير من هذه الفتنة؟ A الكلمة حول هذا الموضوع: أن نعلم أن الله عز وجل ذو حكمة بالغة فرَّق بين الرجال والنساء قدراً وفرَّق بينهما شرعاً، أما تفريقه بينهما قدراً فاسأل علماء التشريح للأجساد تجد أن تركيبة المرأة ليست كتركيبة الرجل، بل بينهما اختلاف عظيم، وانظر إلى الفرق التكويني -الذي لا يحتاج إلى علماء- يبن المرأة والرجل فالصوت يختلف، حتى إن بعض الرجال إذا كان صوته يشبه النساء يقولون: فلان صوته كصوت المرأة، وبعض النساء يكون صوتها جهورياً غليظاً كصوت الرجل، فالأول يستنكر والثانية تستنكر؛ لأنها خرجت عن مقتضى العادة التي جعلها الله عز وجل للصنفين، كذلك أيضاً في القوة والتحمل والجلد، ولهذا رفع الجهاد عن النساء؛ لأنهن لسن أهلاً لذلك، قالت عائشة رضي الله عنها: () لأنها لا يمكن أن تصمد في القتال، وإذا وجد امرأة نادرة فهذا شيء نادر لا حكم له. ثم هناك أشياء ثانية لا أود أن أتعرض لها فيما يتعلق بشئونها الخاصة، فالفرق أمر معلوم، ولا أحد ينكر هذا. وفرَّق الله بينهما شرعاً، فعلى النساء واجبات ليست على الرجال، وعلى الرجال واجبات ليست على النساء، وإن كان الأصل أن يتساوى الرجال والنساء في أحكام الله، لكن هناك أحكام اقتضت حكمة الرب عز وجل أن تختص بالنساء وأحكام اقتضت حكمة الله أن تكون للرجال، ولو لم يكن من ذلك إلا قول النبي صلى الله عليه وسلم للنساء يخاطبهن: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبِّ الرجل الحازم من إحداكن. قلن: يا رسول الله! ما نقصان عقلنا؟ قال: أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟) هذا نقص دين، الرجل يصلي ويصوم في رمضان وهي لا تصلي ولا تصوم في هذا الشهر الفضيل، هذا نقصان دين، وأما العقل فقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً بالشهادة، فإن شهادة الرجل بشهادة امرأتين، وشهادة المرأة لا تقبل في الحدود الشرعية، لا تقبل في الزنا، لو أن مائة امرأة شهدت على رجل بأنه زنى لم تقبل، ولو شهد أربعة رجال قبلوا، وأشياء كثيرة شرعية فرَّق الله بها بين الرجل والمرأة. ثم إنه لما كانت فتنة النساء عظيمة حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله كما في الحديث الذي ذكره السائل، وبتوجيهه وإرشاده عليه الصلاة والسلام، حيث أمر بابتعاد النساء عن الرجال حتى في مواطن العبادة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) لأن آخرها أبعد من أولها عن الرجال، فصار خيرها، وكان صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة يبقى قليلاً لا ينصرف من أجل أن تنصرف النساء قبل أن يختلط بهن الرجال، ورويت أحاديث في نهي المرأة أن تحتضن الطريق، أي: تكون في وسط الطريق؛ لئلا تختلط بالرجال، وهذا أمر معروف في الشرع لا يجهله إلا من لم يقرأ ما كتبه العلماء رحمهم الله في ذلك. لهذا أقول: إن على الإنسان أن يقي نفسه وأهله نار جهنم؛ بتوجيه النساء إلى ما ينبغي أن يكن عليه من العفة والحياء والتستر والبعد عن الاختلاط بالرجال، بل وعن مخاطبة الرجال على وجه يكون سبباً للفتنة، ولهذا قال الله تبارك وتعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [الأحزاب:32] .

ظاهرة كثرة السائقين وخروج البنات معهم بغير محرم

ظاهرة كثرة السائقين وخروج البنات معهم بغير محرم Q فضيلة الشيخ! من أسباب الزنا الظاهرة كثرة السائقين والخدم، ويرى ذلك عند مدارس البنات والأسواق والمناسبات، فما توجيهك يا فضيلة الشيخ؟ وهل يباح إدخال الخادمة الشابة الصغيرة وحدها في بيت يمتلأ بالشباب المراهقين، أو وجود السائق مع فتيات مراهقات؟ نرجو التوجيه. A على كل حال هذا لا يحتاج إلى توجيه، مجرد حكاية في الواقع يكفي في التوجيه، كل إنسان عاقل لا يريد هذا أبداً، ولهذا حرم النبي صلى الله عليه وسلم الخلوة بالمرأة وقال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان) . فنصيحتي لأولئك الذين يتهاونون بالخلوة: أن يتوبوا إلى الله عز وجل، وألا يجعلوا السائقين يخلون بالبنات، تجد المرأة الشابة مع سائق أجنبي شاب، فنقول: الحمد لله، إذا كنت أنت أيها الأب الكريم تستطيع أن تصحبها فهذا المطلوب، وإلا فاجعل معها أحد إخوانها أو معها امرأتين أو ثلاثاً حتى تزول الخلوة.

كفارة الجماع في نهار رمضان

كفارة الجماع في نهار رمضان Q أنا امرأة كنت متزوجة من رجل، وهذا الرجل جامعني في نهار رمضان عدة مرات وكنت جاهلة بهذا الأمر، فحزنت وذهبت إلى أهلي ثم رجعت إليه وبعد ذلك طلقني وهذا من عدة سنوات، أي: أكثر من عشر سنوات، وقد جلست معه سنة واحدة، فهل عليَّ شيء في ذلك؟ A إذا كانت هذه السائلة لا تدري أن الجماع حرام كالأكل والشرب فليس عليها شيء لا قضاء ولا كفارة، لكن ظني أن هذا بعيد، بعيد أن تجهل المرأة أو الرجل أن جماع الصائم حرام. أما إذا كانت تعلم أنه حرام ولكن لا تدري ماذا يجب عليها إذا فعلت فهي آثمة وعليها الكفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً، قال أهل العلم: وإذا تكرر هذا في أيام فعليها لكل يوم كفارة.

حكم تشبه النساء بالرجال والعكس

حكم تشبه النساء بالرجال والعكس Q فضيلة الشيخ! ظهرت في الآونة الأخيرة أحذية نسائية تشبه من الأمام حذاء الرجل ذات إصبع ومن الخلف والأسفل بحذاء النساء، فما حكمها؟ A هذه تصلح للخنثى الذي لا يدرى أذكر هو أم أنثى! إذا كان ظاهرها يشبه حذاء الرجل، وأن الإنسان لو وجدها لظن أنها حذاء رجل فإنه لا يجوز أن تلبسها المرأة، كما أن الرجل لو وجد حذاءً ظاهره من حذاء النساء وأسفله وعرقوبه من حذاء رجال فإنه لا يجوز أن يلبسه؛ لأن العبرة بالظاهر. فنصيحتي لأخواتي: ألا يلبسن هذا لأن الأمر خطير، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال.

حكم الإتمام في السفر

حكم الإتمام في السفر Q ذكرتم يا فضيلة الشيخ في أحد اللقاءات الماضية: أن الرجل إذا خرج مسافة عشرين كيلو تقريباً فله قصر الصلاة، بشرط أن يجلس يومين فأكثر. فهل الشخص إذا كان لا يرى ذلك وخرج مع أناس يقصرون الصلاة يتم هو، أم يعتبر مخالفاً للجماعة؟ A لا بأس أن يتم، ما دامت المسألة خلافية وهو يرى أنه لا يحل له القصر فليصل وراء الإمام الذي يقصر وإذا انتهت صلاته -أي الإمام- قام وأتى بركعتين، وفي هذه الحال إذا كان الذي يرى عدم جواز القصر أقرأ القوم فليكن هو إمامهم، وإذا كان هو إمامهم لزم الجميع أن يتموا؛ لأن المسافر إذا صلى خلف الإمام المتم وجب عليه الإتمام.

حكم التهنئة بدخول العام الجديد

حكم التهنئة بدخول العام الجديد Q فضيلة الشيخ! هل تجوز التهنئة بدخول العام الجديد؟ A لا أعلم لها أصلاً من السنة ولا من عمل السلف، بل هي عادة، فأنت لا تفعلها، ولكن من هنأك فرد عليه؛ لأنه ما هنأك إلا محبةً فيك وسروراً بدخول العام الجديد، فمن هنأك فهنئه، ومن لم يهنئك فلا تبتدئه.

هل تترك المرأة الغسل لأجل تساقط الشعر؟

هل تترك المرأة الغسل لأجل تساقط الشعر؟ Q امرأة مصابة بمرض يجعل شعرها يتساقط إذا غسلته بالماء، فماذا تفعل: هل تترك الغسل من الحيض والجنابة، أم ماذا؟ A لا بد أن تغتسل للحيض والجنابة، وتساقط الشعر من الماء لا شك أنه داء ومرض، وما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء، فلتراجع الأطباء فلعلهم يجدون شيئاً يمسك الشعر إذا مر عليه الماء، وأخشى أن تكون هذه المرأة معها شيء من الوسواس، وأنها تحك رأسها بقوة وشدة عند الاغتسال ويتساقط الشعر.

حكم من كبر تكبيرة الإحرام إماما ثم ذكر أنه على غير طهارة

حكم من كبر تكبيرة الإحرام إماماً ثم ذكر أنه على غير طهارة Q فضيلة الشيخ! إذا كبر الإمام تكبيرة الإحرام ثم ذكر أنه ليس على طهارة، فرجع فقدم الذي خلفه والذي خلفه لم يكبر تكبيرة الإحرام بعد، والذين بجواره صغار لم يقدمهم لأنهم في المدرسة، فماذا عليه؟ A الصورة المذكور هي: رجل تقدم ليصلي بالجماعة وذكر أنه ليس على وضوء، نقول: يجب عليه الانصراف ولا يستحيي، فإن الله تعالى لا يستحيي من الحق، ثم إذا كان وراءه من يمكن أن يصلي بالقوم جذبه وقدمه وقال: أكمل بهم، وإذا كان وراءه من لا يصلح أن يكون إماماً فليقل لهم: كل واحد يصلي على انفراده.

نصيحة لشاب مبتلى بالعادة السرية

نصيحة لشاب مبتلى بالعادة السرية Q فضيلة الشيخ! أنا شاب في التاسعة عشرة من العمر مبتلىً بالعادة السرية، كلما تبت إلى الله تغلبني الشهوة، وأقع في هذه العادة السيئة، فما نصيحتك لي؟ وهل هذه العادة من قبيل الزنا؟ A نصيحتي لك: أن تكسر شوكة الشيطان، كلما حدثتك نفسك فتلهَّ عن ذلك وأعرض واسأل الله تعالى الإعانة، فإن غلبتك نفسك فتب إلى الله، والله تعالى لا يمل حتى تمل، كلما غلبتك نفسك وعجزت وفعلت فباب التوبة مفتوح والحمد لله، لكن حاول أن تتصدد عنها وأن تبتعد، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء) . أسأل الله تعالى أن يهيئ لشبابنا زوجات صالحات، وأن يرخص المهور حتى تكون الواحدة بعشرة آلاف أو عشرين ألفاً، أو بشيء معقول. والآن حسب علمي أن الناس بدءوا يخففون المهور والحمد لله، والمستقبل سيكون خيراً من الماضي بإذن الله عز وجل.

التحذير من بعض الأوراق التي تنشر بين الناس

التحذير من بعض الأوراق التي تنشر بين الناس Q ما قول فضيلتكم في هذه الأوراق التي تنشر بين المسلمين ويصدقها الناس، وهذه بعضها؟ A هذه الأوراق نشرها باطل وكلها كذب. الأولى تقول: من الشيخ أحمد حامل مفاتيح حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وذكر أنه كان يقرأ القرآن في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي تلك اللحظة غلبه النوم. إلى آخره. هذه الوصية كذب ليس لها أصل، ولا يحل لأحد أن يوزعها، ومن رآها توزع فلينصح من يوزعها لكف التوزيع، والعجب أن محمد رشيد رضا رحمه الله صاحب المنار يقول: إنها كانت موجودة في عهده في زمن الطلب. أي: لها الآن أكثر من مائتي سنة وهي يتداولها الناس. الورقة الثانية تقول: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: دخلت أنا وفاطمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدناه يبكي بكاءً شديداً، فقلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله ما الذي أبكاك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي! ليلة أسري بي إلى السماء رأيت نساءً من أمتي في عذاب شديد، فأنكرت شأنهن لما رأيت من شدة عذابهن. هذا أيضاً كذب ليس بصحيح، وهذا يقول في آخرها: كل من يقرأ هذا عليه جزاه الله خيراً أن يصورها ويوزعها على أصدقائه. أقول: كل من يقرأ هذا عليه أن يمزقها وأن يحذر منها؛ لأنها كذب، ولها نظائر كثيرة ولا داعي أن أتكلم فيها، لكن أقول: احذروا هذه المنشورات، وإذا وجدتم منشوراً فاعرضوه على العلماء عندكم حتى يبينوا الحق، والله الموفق.

العدل في الأعطيات بين الأولاد

العدل في الأعطيات بين الأولاد Q فضيلة الشيخ! هناك مسألة تشكل على كثير من الناس، وهي مسألة العدل بين الأولاد ذكوراً كانوا أم إناثاً، نرجو توضيح هذه المسألة من ناحية شراء السيارة أو الزواج، ما الفرق بين قوله: الهبة أو الهدية أو العطية أو النفقة؟ وما حكم الوصية بذلك، أن يوصي الأب بمال يكون لأحد من الأبناء عندما يبلغ فيحتاج للزواج مثلاً؟ وإذا لم يوص هل للأولاد التصرف بالمال بذلك بعد اتفاقهم وتراضيهم؟ نرجو توضيح هذه المسألة وما يرد عليها من إشكالات، بارك الله في علمك ونفع بك. A جاء عن بشير بن سعد الأنصاري رضي الله عنه: أنه نحل ابنه النعمان نحلة إما غلاماً وإما بستاناً، فقالت زوجته: لا أرضى حتى تشهد النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فذهب ليشهد النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فقال: (أشهد على هذا غيري، فإني لا أشهد على جور) فتبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم، ولما سأله: (ألك بنون؟ قال: نعم، قال: أكلهم أعطيتهم مثل هذا؟ قال: لا. قال: إني لا أشهد على جور) ، فلا يجوز للإنسان أن يخص أحداً من أولاده بشيء دون الآخرين إلا مسألة النفقة، فالعدل فيها أن يعطي كل إنسان ما يستحقه، وهذا يختلف، فالكبير يحتاج إلى ثياب طويلة واسعة والصغير دون ذلك، فهل نقول: إذا أعطيت الصغير ثوباً وأعطيت الكبير ثوباً أعط الصغير الفرق بين الثوبين؟ لا؛ لأن الإنفاق من كسوة وطعام وشراب وفراش تابع للحاجة، فالعدل بين الأولاد فيه أن تعطي كل إنسان ما يحتاج. والتزويج من النفقة، فإذا احتاج أحدهم إلى زوجة زوجته، والآخرون ما احتاجوا فلا تزوجهم ولا تعطهم مهراً؛ لأن الأول زوجته لأجل دفع حاجته. وهل يوصي الإنسان بعد موته أن يعطى أولاده الصغار الذين لم يبلغوا مثل ما أعطي الكبار الذين زوجهم؟ لا يجوز أن يوصي، وإن أوصى فالوصية باطلة مردودة، لكن لو أن الورثة فيما بعد أرادوا أن يعطوا إخوانهم الصغار شيئاً فلا حرج في ذلك. والله الموفق.

اللقاء الشهري [65]

اللقاء الشهري [65] في هذا اللقاء محور الحديث عن استغلال الإجازة الصيفية، مع ذكر أقسام الناس في هذه الإجازة من ناحية استغلالها، فمنهم من يستغلها بطلب العلم الشرعي، وهذا أعظم استغلال لهذه الإجازة، أو بالذهاب إلى مكة والمدينة للعمرة والزيارة، وقد ذكر -رحمه الله- بعض التنبيهات التي تتعلق بهذه الزيارة، ثم ذكر صنفاً آخر، وهم الذين يستغلونها بالسفر لمجرد المتعة المباحة، مبيناً دخول هذا في باب الترويح عن النفس، وبعد ذلك حذر من الصنف الرابع وهم أصحاب اللهو الذين يستغلون هذه الإجازة بالسفر المحرم إلى بلاد الكفر، حيث طمس الهوية الإسلامية.

استغلال الإجازة الصيفية وأقسام الناس فيها

استغلال الإجازة الصيفية وأقسام الناس فيها الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الخامس والستون من اللقاءات الشهرية التي تتم كل شهر مرة في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذه الليلة هي الخامسة عشرة من شهر صفر عام (1420هـ) . نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل هذه اللقاءات ولقاءات إخواننا أهل العلم لقاءات مباركة دالة على الخير محذرة من الشر، وإنني أبشركم -أيها الإخوة- أن حضوركم إلى هذه اللقاءات من ذكر الله عز وجل، وأنكم مثابون عليها مع ما يحصل لكم من العلم النافع الذي تستنيرون به في أمور دينكم ودنياكم. أيها الإخوة: إننا نستقبل إجازة المدارس في هذا العام، الإجازة النهائية التي تبلغ حوالي ثلاثة أشهر، أو تزيد قليلاً أو تنقص قليلاً. هذه الإجازة هل ينبغي أن نجعلها كاسمها إجازة، أو نقول: هي إجازة مقيدة، بمعنى: أنها إجازة من الدروس النظامية، ولكنها ليست إجازة في طلب العلم وفي طلب ما ينفع الإنسان؟ ينبغي أن نجعلها كذلك، وأن نجد فيها غاية الجد في طلب ما ينفعنا في ديننا ودنيانا، لا نقول: إن الدراسة انتهت، فإن عمل المرء لا ينقضي حتى يأتي أجله، كما قال الله عز وجل: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99] وقيل: "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد".

استغلالها بطلب العلم الشرعي

استغلالها بطلب العلم الشرعي ولكن الواقع أن الناس ينقسمون في هذه الإجازة إلى أقسام كثيرة: منهم: من يتفرغ في هذه الإجازة لطلب العلوم الشرعية التي لم يقرأها في دراسته النظامية، أو التي قرأها على عجل دون أن يتمهل فيها وأن يتعمق فيها، وهؤلاء خير الأصناف، أعني: الذين يتفرغون في هذه الإجازة لطلب العلم الشرعي، وما هي الوسيلة لذلك؟ الوسيلة -والحمد لله- الآن موجودة، يوجد دورات في المدن الكبيرة، يجلس لها أهل العلم يعلمون الطلبة، وهناك أيضاً مراكز صيفية إذا يسر الله لها أقواماً أمناء، أهل علم وإيمان انتفع بهم الشباب ولا شك، وهناك كتب ومؤلفات يقرؤها طالب العلم ويتمرن على كسب العلم عن طريقها، ولكن احذر أن تقرأ كتباً مضلة فكرياً أو خلقياً أو منهجياً، فإن ضررك من هذه الكتب أكثر من غفلتك عنها، اقرأ كتب العلماء الذين عرفوا بالعلم والإيمان كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وتلميذه ابن القيم، كذلك كتب الفقهاء إذا كنت تتحمل أن تبحث وأن تقارن بين أقوال العلماء، كذلك مثل كتب شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله وفي التفسير وغير التفسير، ومثل كتب شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله من فتاويه أو غيرها، وغير ذلك من كتب أئمة الدعوة والحمد لله وهي متوفرة. هذا هو الصنف الأول من الأصناف الذين يتمتعون بالإجازة.

استغلالها بالذهاب إلى مكة والمدينة للعمرة والزيارة

استغلالها بالذهاب إلى مكة والمدينة للعمرة والزيارة وهناك صنف من الناس يسيرون في الأرض يذهبون إلى مكة وإلى المدينة يتمتعون بعمرة وزيارة، والعمرة قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها: (العمرة إلى العمرة كفارةٌ لما بينهما) فتكون العمرة كفارة لما بين العمرتين من صغائر الذنوب، وزيارة المسجد النبوي قربة إلى الله عز وجل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) وليس لهذه الزيارة أو العمرة حد محدود، فيمكن أن تبقى أسبوعاً أو شهراً أو أكثر من ذلك حسب ما يتيسر لك، وحسب ما يناسبك وأهلك، وتزداد بذلك ثقافة ومعرفة لأحوال الناس، لا سيما وأن الناس الذين يفدون إلى مكة والمدينة من جهات شتى من العالم الإسلامي، فيحصل لك جلوس إليهم، واحتكاك بهم، ودراسةٌ لأحوالهم، وإرشادٌ لهم لما هم عنه غافلون أو به جاهلون. مكة -شرفها الله- فيها المسجد الحرام، وهل فيها أمكنة أخرى تزار في العمرة أو لا؟ العمرة ليس فيها شيء إلا المسجد الحرام، تطوف وتسعى وتقصر وانتهت العبادة ليس هناك عبادة سوى هذا، الصلوات معروفة، ولكن ليس هناك أماكن يسن للإنسان أن يقصدها. وبعض الناس يتعمد أن يذهب إلى غار حراء يظن أن هذا من السنة وليس كذلك، غار حراء غار كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعبد فيه الليالي ذوات العدد قبل أن ينبأ، ونزل عليه الوحي وهو في هذا الغار، ولكن لم يعد النبي صلى الله عليه وسلم إليه بعد ذلك ولا كان الصحابة يقصدونه، وهناك غار آخر يقصده بعض والناس يظن أنه قربة، وهو غار ثور الذي اختفى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة وإتيانه ليس بسنة ولا قربة إلى الله عز وجل، لكن لو أن الإنسان صعد على جبل حراء أو على جبل ثور من أجل أن يطلع فقط دون أن يتقرب إلى الله بهذا الصعود، فهل ينكر عليه؟ A لا ينكر عليه، ينكر على الإنسان الذي يذهب يتعبد لله ويتقرب إلى الله بذلك. وفي المدينة النبوية اقصد بذهابك إليها الصلاة في المسجد النبوي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة) وأول ما تقصد المسجد تصلي فيه وليس له حد محدود، صلِّ فيه فرضاً واحداً أو اثنين أو ثلاثة، يوماً أو يومين أو ثلاثة أو أكثر، ليس فيه خمس صلوات كما يقول بعض العوام، ولا فيه أربعين صلاة كما يقول آخرون، بل صلِّ ما شئت. ثم زيارة قبر نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، هذا القبر كان هو مسكنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان له زوجات مات عن تسع منهن، وكل واحدة لها بيت، وهذا الذي هو فيه بيت عائشة رضي الله عنها، ولما مرض النبي صلى الله عليه وسلم كان من عدله أن يذهب إلى كل امرأة في يومها وهو مريض، ويقول: (أين أنا غداً؟ أين أنا غداً؟) فهم زوجاته رضي الله عنهن أنه يريد يوم عائشة، فأذنَّ له أن يمرَّض في بيت عائشة، فبقي عند عائشة مريضاً وآتاه الموت يوم الإثنين، اللهم صل وسلم عليه، وصادف ذلك اليوم يوم عائشة، ومات وهو في حجرها عليه الصلاة والسلام، وآخر ما طعم من الدنيا ريقها؛ لأن أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر دخل ومعه سواك والنبي صلى الله عليه وسلم يحتضر، فجعل ينظر إليه، فعرفت عائشة أنه يريده فقالت: آخذه لك؟ فأشار أن نعم، فأخذته وقضمته بأسنانها، أي: قطعت الألياف التي كان عبد الرحمن يتسوك بها، ثم قضمته وعلكته وطيبته وصار من أحسن ما يكون، ثم أعطته النبي صلى الله عليه وسلم فاستاك به بيده الكريمة، قالت: (فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استن استناناً -يعني: استاك استياكاً- أحسن منه) فصار آخر ما طعم من الدنيا ريقها رضي الله عنها. المهم أنه مات في هذا المكان، والحمد لله ما زال فيه منذ دفن إلى اليوم، والأرض لا تأكل منه شيئاً، الأنبياء كلهم لا تأكلهم الأرض، فقد حرم الله جل وعلا على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء. وإذا انتهيت من الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في أي مكان منه، وإن كان في الروضة وهي ما بين بيته ومنبره فهو أحسن، إذا انتهيت فاذهب إلى القبور الثلاثة: قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وقبر عمر، وسلم عليهم، ابدأ أولاً بالرسول صلى الله عليه وسلم وسلم عليه، قف أمامه وقل: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. هذه أحسن صيغة تسلم بها على الرسول صلى الله عليه وسلم، ودع عنك ما يذكره بعضهم في بعض الكتيبات الصغار، وسلم عليه بما علمه أمته. ثم اخط خطوة عن يمينك لتكون تجاه أبي بكر رضي الله عنه، وسلم عليه وقل له: السلام عليك يا خليفة رسول الله، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمدٍ خيرا -ثلاث كلمات- ثم تجاوز قليلاً خطوة واحدة عن يمينك لتقف تجاه عمر رضي الله عنه، وسلم عليه وقل: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمدٍ خيراً. وهناك مزار ثالث: وهو البقيع، مقبرة أهل المدينة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) ، فتأتي وتسلم على المقبرة أول ما تدخل على الجميع بالسلام المعروف: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم) . ثم اعمد إلى قبر الخليفة الثالث عثمان وهو معروف، سلم عليه، قف أمامه وقل: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، اللهم ارض عنه واجزه عن أمة محمدٍ خيراً. ثم انصرف ولا تدع في المقبرة، فالمقبرة ليست مكان دعاء، وأهل القبور لا يُدعون، أهل القبور يدعى لهم ولا يُدعون، فهم في حاجة. هذه ثلاثة مزارات. الرابع: مسجد قباء، تطهر في بيتك واخرج إليه وصل فيه ما شاء الله، فإن من تطهر ببيته وخرج إلى قباء وصلى فيه كان كمن أدى عمرة، وصلِّ فيه ما شئت ثم انصرف، قال الله تبارك وتعالى مخاطباً نبيه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [التوبة:107] أربعة أغراض لمسجد الضرار، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة:108] صل في قباء ركعتين أو ما شئت، ثم انصرف. هذا المزار الرابع. الخامس: شهداء أحد، والمكان معروف ومقبرتهم معروفة، سلم عليهم كما تسلم على سائر المقابر، وإن شئت فخصص منهم حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم الذي له هذا اللقب العظيم: أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن حمزة، وقد استشهد حمزة في غزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة. هذه خمسة مزارات في المدينة وما سواها فلا أصل له، وليس هناك مسجد قبلتين ولا مسجد غمامة ولا شيء، لكن تعرف أن بعض الناس يستغل الفرصة لأكل المال بالباطل، فيقول للناس الذين لا يعرفون: هذا مزار كذا، وهذه سبعة مساجد، وهذا مسجد غمامة، وهذا مسجد القبلتين وما أشبه ذلك، فهذا استغلال وأكل أموال الناس بالباطل، حتى إني رأيت في شرقي الطائف حصاةً حجراً يقولون: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتكأ بمرفقه على هذه الحصاة، وهي في سفح جبل، والرسول عليه الصلاة والسلام ما جاء إلى الطائف من هذه الناحية، لكن الناس يريدون أن يلعبوا على الجهال فيسلبوا أموالهم. انتهينا الآن من بلدين شريفين عظيمين يسافر إليهما بعض الناس في الإجازة، ومن الناس من يسافر لزيارة قريب له في بلاد أخرى، يسافر يزورهم ويصلهم ويستأنس بهم مدة يقدرها الله عز وجل، وهذا أيضاً سفرٌ مبرور وصاحبه مأجور، لأنه سفر لصلة الرحم، وهو مشروع، ويثاب صاحبه على هذا السفر، ويحصل لك أن تشاهد أقاربك وتحبهم ويحبوك وفيه خير كثير.

استغلالها بالسفر للمتعة المباحة

استغلالها بالسفر للمتعة المباحة وهناك صنف يسافر لمجرد المتعة لكنها متعة حلال، وهذا جائز، له أن يسافر وإن كان سينفق أمواله لكنه سينفقها في مباح، والنفوس تكل وتسأم وتتعب مع الدروس، فإذا انطلقت وذهبت لينفس الإنسان عن نفسه فلا حرج، الدين والحمد لله يسر، لكن بشرط ألا يذهب إلى محرم، فمثلاً: لا يذهب إلى أماكن الأغاني والمطربين والملحنين؛ لأن شهود أهل الباطل باطل، وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} [النساء:140] فلا تشهد باطلاً لا أغاني، ولا رقصاً، ولا شيئاً محرماً؛ لأنك إذا فعلت ذلك فقد استعنت بنعم الله على معصية الله، وهذا لا يليق بالعاقل فضلاً عن المؤمن.

استغلالها بالسفر المحرم إلى بلاد الكفر

استغلالها بالسفر المحرم إلى بلاد الكفر الصنف الخامس: من يسافر لبلاد كافرة، وهذا أخطر ما يكون، بلاد الكفر بلاد قد دمرت من الإيمان، لا تسمع فيها أذاناً ولا إقامة، وإنما تسمع نواقيس النصارى وأبواق اليهود، لا تسمع فيها (الله أكبر) كيف يليق بالمؤمن أن يذهب من بلاد يعلن فيها بتكبير الله وتوحيده إلى بلاد لا يسمع فيها هذا؟! مع ما يشاهد في أسواقها وفي مقاهيها وفي مطاعمها وفي فنادقها من الشر، مع أن بعض الناس يذهب للأسف بعائلته وهم صغار فتترسم هذه الصورة الباطلة في أذهانهم ولا ينسونها أبداً، وهذا السفر إلى التحريم أقرب منه إلى الإباحة، وقد صرح بعض علمائنا المعاصرين أن ذلك حرام، حتى لو أن الإنسان من أتقى الناس؛ لأن الإنسان بشر والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. فإياك أن تسافر وحدك أو بأهلك إلى بلاد الكفر! احذرها وابتعد عنها لا خير فيها ولا في أهلها. الصنف السادس: ومن الناس من يبقى في بلده في متجره أو متجر أبيه، أو في مزرعته، أو مع مواشيه، فهؤلاء على خير ما داموا لا يأتون محرماً في هذا الجلوس. أسأل الله تعالى أن يحفظ علينا ديننا، وأن يصلح شبابنا وشاباتنا وشيوخنا وكهولنا إنه على كل شيء قدير. والآن إلى الأسئلة، نسأل الله أن يوفقنا فيها إلى الصواب، إنه على كل شيء قدير.

الأسئلة

الأسئلة

حكم حضور الوليمة التي فيها منكر

حكم حضور الوليمة التي فيها منكر Q فضيلة الشيخ! من المعلوم أنه في الإجازة تكثر مناسبات الزواج والولائم ونحوها، فهل يجوز للإنسان أن يحضر وليمة أو زواجاً فيه منكر كالضرب بالطبول أو الأغاني ونحوها؟ A هذا السؤال وجيه؛ لأن الناس غالباً يتزوجون في هذه الإجازة، وولائم العرس أصلها مشروع، فينبغي للمتزوج أن يصنع وليمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ عبد الرحمن بن عوف: (أولم ولو بشاة) ولكن الوليمة تكون بقدر، بمعنى: على قدر معين، بحيث لا تصل إلى الأشر والبطر والتوسع بالمأكولات وكذلك التوسع في الأماكن، فإنه بلغنا أن بعض الناس يستأجر فندقاً كاملاً الليلة هذه بمائة ألف أو نحوها، فهذا بطر، وهذا مما يسبب قلة الزواج، لأن الزوج ليس على استعداد أن يبذل هذه المبالغ؟! ومتى يحصل هذه المبالغ، ولو اقتصر الناس على وليمة يسيرة يحضرها أقارب الزوج وأقارب الزوجة والجيران الأقربون لكان هذا هو الخير كما هي العادة فيما سبق. أما إذا كانت الوليمة تشتمل على محرم فنقول: إن كان الإنسان له رأي وله قيمة، وبحضوره يستطيع أن يوقف المحرم، فالحضور عليه واجب، يجب أن يحضر؛ لأنه يكسب بحضوره فائدتين: الفائدة الأولى: إجابة الدعوة. الفائدة الثانية: إزالة المنكر. وأما إذا كان لا يستطيع فإنه لا يحضر، لأنه إذا حضر وشاركهم، أو جلس ولكنه لم يقم ولم يفارق صار مثلهم في الإثم والعياذ بالله! ومن المنكر: ما بلغنا عن بعض النساء أنها تأتي وعليها العباءة في الشارع، لكن إذا دخلت ألقت العباءة وصارت كأنها عارية والعياذ بالله! فهذا منكر. ومن المنكر: أن بعض النساء يحضرن بآلات التصوير ويصورن المشهد، وربما اختفى بعض السفهاء من الرجال وفعلوا ذلك، هذا أيضاً من المنكرات العظيمة. ومن المنكر: أن يأتي الزوج في محفل النساء ويكون قد أعد له ماسة، وإن شئت فقل: منصة، ويجلس هو والزوجة أمام النساء، حتى قيل: إن بعض السفهاء يقبل زوجته أمام النساء!! نعوذ بالله! ألا يثير الشهوة هذا؟! بلى والله، مهما كانت المرأة في التقوى وتشاهد شاباً وشابة يقبل أحدهما الآخر إلا وستثور شهوتها، وربما يأتي بتفاحة أو بحلوى ويلقمها الزوجة أمام النساء، كل هذا من الفتن، وهذا حرام بلا شك، وأقبح من ذلك أن بعض الناس يأتي بفيديو ويصور هذا المشهد، كل هذه حدثت أخيراً، وسببها ما قاله الشاعر: إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة الفراغ ليس عنده شغل، ما يشتغل ويكد على عياله وعلى نفسه، والشباب الصغر؛ أما الكبير فإنه عاقل ولا يدع الأوقات تذهب سدى. والجدة هي: الغنى، فإن الغنى مفسدة إلا من هداه الله عز وجل. الخلاصة: أن حضور الولائم من السنة، لكن إذا كان فيها محرم، فإن قدرت على تغييره فاحضر وغير وإلا فلا تحضر.

حكم الضرب بالدف ومن يضرب عليه؟

حكم الضرب بالدف ومن يضرب عليه؟ Q فضيلة الشيخ! هل الضرب بالدف الموجود هو المسنون؟ وهل السنة أن يكون الضارب عليه من الأطفال أم من النساء، فإننا نشاهد أن بعض الناس يأتي بمغنية تكلفتها ما يقارب الثلاثة آلاف ريال، علماً أنه يحصل رقص مائع وحركات ليست من عاداتنا نحن المسلمين، وكلمات الغناء ماجنة تؤخذ من أشرطة غنائية فهل هذا هو المسنون، أم أن المسنون سوى ذلك؟ نرجو بيانه. A هذا غير مسنون، هذا منكر، والدف الذي يشرع الضرب فيه هو الطار الذي ختم من جانب واحد والجانب الآخر مفتوح، أما الطار الذي هو مغلق فهذا لا يجوز وهو الطبل، والفرق بينهما: أن الطار المفتوح صوته خفيف، والمغلق له رنة أكثر من ذلك. والأغاني المشروعة تكون من النساء، يغنين بأغاني ترحيبية، وأغاني تدخل السرور على الحاضرين، وأما الأغاني الهابطة الماجنة فإنها لا تجوز.

حكم تكسير الدش مع رفض الوالد لذلك

حكم تكسير الدش مع رفض الوالد لذلك Q فضيلة الشيخ! والدي عنده دش ونصحناه بإخراجه ولكنه رفض، فهل يجوز لنا تكسيره؟ وإذا غضب علينا بفعل ذلك فهل نأثم؟ A إذا كسرتموه ولن يشتري بدله فكسروه وإن غضب، والقلوب بيد الله عز وجل، ربما يغضب ولكن في النهاية يرضى، أما إذا كسرتموه اليوم اشترى بدله، فهذا لا تكسروه، لأنه إضاعة مال بلا فائدة، ولكن لا تحضروه، إذا كنتم ساكنين معه في البيت لا تحضروه عندما يشاهد الأشياء المحرمة.

حكم لبس النساء للنعال التي تشبه نعال الرجال

حكم لبس النساء للنعال التي تشبه نعال الرجال Q سائلة تقول: فضيلة الشيخ! ظهر في الآونة الأخيرة نعال نزلت تشبه نعال الرجال من حيث الإصبع، فما حكم لبسها وفقك الله؟ A أرى أن لبسها حرام؛ لأني رأيتها ظاهرها نعل رجل ولا يشك الإنسان أنها لرجل، صحيحٌ أن أسفلها غليظ ليس كنعل الرجال، لكن الحكم على الظاهر، الظاهر إذا رآها الإنسان قال: هذه نعل رجل، الخاتم والسير كله من نعل الرجال، فلبس هذا حرام، وشراؤه حرام، وبيعه حرام، وأشد من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء) فهل يرضى أحد أن يدخل تحت لعنة الرسول عليه الصلاة والسلام؟! لا أحد يرضى، لذلك أرى أن تقاطع هذه النعال، وألا تشترى، ونسأل الله تعالى أن يوقظ المسئولين عما يرد على هذه البلاد من مثل هذه الأمور، حتى يمعنوا ما كان حراماً.

حكم العقود المطلقة التي ليس فيها شرط

حكم العقود المطلقة التي ليس فيها شرط Q سائل يقول: فضيلة الشيخ! تعاقدت زوجتي وزميلاتها مع سائق يوصلهن إلى مدرستهن بمبلغ معين عقداً مطلقاً، فهل يلزمهن أجرة ذلك السائق في أيام الإجازة؟ A على هذا لا ينبغي هنا، ولكن لا بد أن نبين ما نراه الحق إن شاء الله تعالى: إذا كان هناك شرط بين صاحب السيارة والمستأجرات فعلى ما اشترطوا، بمعنى: إذا كان السائق اشترط عليهن الأجرة في الإجازة؛ إجازات الأعياد وإجازات الفصول، فعلى ما اشترطوا؛ لقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1] والأمر بالوفاء بالعقود أمر بالوفاء بأصل العقد، وبشرط العقد أي: بما يشرط في العقد، وإن لم يكن بينهم شرط يرجع إلى عرف الناس وعادة الناس: هل العادة أن السائق يعطى في أيام الإجازة أم لا؟ فيمشى على العرف، وإذا كان العرف مختلفاً فالأصل أنه لا يستحق إلا أيام الدراسة، ومع ذلك أنا مفتٍ ولست بملزم، لو أن صاحب السيارة قال: لا بد أن آخذ كل الشهور حتى الإجازة فالمحكمة هي التي تحكم بينهم، ولذلك أقول: ينبغي للنساء اللاتي يستأجرن من يحملهن في أيام الدراسة أن يكتبن في العقد: أنه لا حق لك في أيام الإجازة، حتى لا يكون هناك اشتباه.

نصيحة لمن يترك زوجته وأولاده بلا عائل

نصيحة لمن يترك زوجته وأولاده بلا عائل Q تقول السائلة: زوجي يسافر ويتركنا في الإجازة بلا عائل، الأولاد والبنات يضيعون، فما نصيحتك له ولأمثاله؟ A نصيحتي له ولأمثاله: أن بقاءه في أهله خير له من السفر إذا كانوا محتاجين إلى رعايته، لأنه إذا بقي فقد قام بواجب عليه أوجبه الله عليه في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:6] وأوجبه النبي صلى الله عليه وسلم عليه في قوله: (الرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته) . أما إذا كانوا يستمرون على ما هم عليه من الطاعة فله أن يسافر، لكن لا ينبغي أن يبطئ عنهم، بل شهر أو نصف شهر أو ما أشبه ذلك، إلا للضرورة.

نصيحة لطالب العلم في دعوته إلى الله

نصيحة لطالب العلم في دعوته إلى الله Q فضيلة الشيخ! هذا سؤال باسم طلبة العلم: فنحن في بداية الإجازة الصيفية نستعد ويستعد غيرنا من إخواننا طلبة العلم إلى الدعوة إلى الله في شتى بقاع الأرض، سواء في قرانا أو غيرها، فما نصيحتك لطالب العلم في دعوته إلى الله عز وجل ما هي الخطوات التي يسلكها؟ وبماذا تحثونه عليه؟ A قبل كل شيء النية الخالصة، أن ينوي الإنسان بدعوته إلى الله عز وجل نشر دين الله في عباد الله، وتعليم الجاهل، وإرشاد الضال. هذا قبل كل شيء. ثانياً: أن يدعو بالحكمة؛ بالرفق وباللين وبالمناقشة على وجه هادئ إذا احتيج إلى المناقشة. ثالثاً: ألا يتدخل في أمر لا يدركه، مثل أن يفتي بما لا علم له به، فإن الإفتاء بغير علم من أكبر الذنوب؛ لأنه يقول على الله ويفتري على الله، ولهذا قرنه الله تعالى بالشرك في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33] فإذا سئل عن شيء لا يعلمه فيقول: أنا لا أعلم، ولكن من حقكم علي أن أسأل وأبلغكم، أو يرشدهم إلى من يسألونه حتى تبرأ بذلك ذمته، ولكن مع ذلك أقول: إذا كان يقوم بالدعوة غيره واستفادته من طلب العلم أكثر من استفادته في المواعظ والدعوة إلى الله، فليستمر في طلب العلم حتى ينضج، وليوازن بين فائدة هذا وهذا.

المسارعة بالزواج لمن كان مستطيعا ولو رفض الوالدان

المسارعة بالزواج لمن كان مستطيعاً ولو رفض الوالدان Q أنا شاب أخشى على نفسي الفتنة شديد التوقان إلى النكاح، ولي مصدر مالي لا بأس به ووالدي مقتدر، وقد أخبرت أهلي مرات ومرات في هذا الشأن، ولكن جوابهم دائماً: الزواج مسئولية وأمانة، والذي جعلك تصبر إلى هذا الوقت يجعلك تصبر حتى تنهي دراستك الجامعية وتتوظف. فضيلة الشيخ: أرجو إبداء رأيك في شأني، وأرجو إسداء النصح لوالدي، وما تنصحني به؟ علماً بأني قادر على الزواج وأستطيع الإنفاق على نفسي وزوجتي والمسكن مهيأ، ولكن لم يبق إلا موافقة الوالد. A أقول: توكل على الله، ومن الليلة ابحث عن زوجة، ولا تطع والدك، وهنا أمران: أمر والدك بالانتظار، وأمر نبيك بالحث على النكاح، فأيهما تقدم؟ أمر النبي عليه الصلاة والسلام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج) وهذا الرجل حسب سؤاله مستطيع، المال عنده والبيت عنده وكل شيء، فليتزوج، فإن اكتفى بواحدة وإلا ففي ثانية، وإن لم يكتف بثانية فثالثة، وإن لم يكتف بثالثة فرابعة، وإن لم يكتف برابعة فليشتر أمة، والإماء له ما شاء. الخلاصة: أقول: لا تطع والدك تزوج واستعن بالله. أما بالنسبة للوالد: فإني أحذره من أن يمنع أولاده من النكاح، وأقول: إذا طلب الولد النكاح وهو فقير وأنت غني يجب أن تزوجه من مالك، فكيف إذا كان هو سيزوج نفسه؟ وأقول للوالد: اتق الله، لو أنك في وضع الولد الآن ومنعك أحد من النكاح ألا يكون في قلبك عليه شيء؟ الجواب: بلى والله، فليتق الله، ولييسر الأمر لولده. وكذلك بالنسبة للبنات، بعض الناس يمنع بناته من النكاح بحجة أنها لم تكمل الدراسة، فيقال: متى خطب الكفء فزوجه ولا تنتظر الدراسة، المرأة في الحقيقة مطالبة بشئون البيت، أما الدراسة والتوسع فيها فهذا للرجال، والنساء مأمورات بشئون البيت، قال الله تعالى لأطهر النساء في خير القرون: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب:33] وانظروا إلى البلاد التي عايشت المرأة فيها الرجل ماذا يحصل؟ يحصل فساد وبلاء ومصاحبة، ومفاسد لا يعلمها إلا الله، لكن لو أن الرجل سعى بما يلزمه مما هيأه الله له قدراً وشرعاً والمرأة كذلك؛ لكمل الشعب واستراح يأتي الرجل إلى البيت فيجد كل شيء كاملاً، يخرج إلى السوق فيجد أنه هو الذي يباشر الأعمال وهو الذي يباشر الوظائف، وللنساء بيوت وللرجال وظائف، كلٌّ يسعى فيما يكمل به الآخر المرأة تكمل لزوجها الراحة وشئون البيت، والرجل يكمل لزوجته جميع المئونة، ولو أننا مشينا على ما جاءت به الشريعة في هذا الأمر لحصل خير كثير. فإذا خطب كفء فزوج واستعن بالله ولا ترد المرأة، والإنسان إذا رد بناته مرة بعد أخرى عزف الناس عنهن ثم بقين لا أزواج لهن.

حكم طواف من كانت حائضا ثم قطعت الدم بحقنة

حكم طواف من كانت حائضاً ثم قطعت الدم بحقنة Q تقول السائلة: فضيلة الشيخ! حججت هذا العام، وفي أثناء طواف الإفاضة نزلت علي العادة، فأخبرت طبيبة الحملة بذلك فقالت: سوف أعطيك إبرة توقف عنك الدم لمدة ست ساعات، وفعلاً توقف الدم ست ساعات، فطفت وسعيت، وبعد ست ساعات جاءت الدورة، فهل ما فعلته صحيحاً أم ماذا؟ A إذا كان الوقوف طهراً كاملاً والنساء يعرفن الطهر فلا بأس يكون طوافها صحيحاً، وأما إذا لم يكن طهراً صحيحاً فقد طافت قبل أن تطهر، وطواف المرأة قبل طهرها باطل وغير صحيح.

توجيه لمن انشغل بعمله عن طلب العلم وعن الخشوع في الصلاة

توجيه لمن انشغل بعمله عن طلب العلم وعن الخشوع في الصلاة Q فضيلة الشيخ! لي أعمال كثيرة أبحث فيها عن الرزق تقوم بشغلي عن طلب العلم النافع، وهذا العمل يشغلني حتى أحياناً في وقت صلاتي بالتفكير، فهل أنا مؤاخذ على هذا العمل؟ A أما بالنسبة لشغل العمل عن طلب العلم فلا حرج؛ لأن طلب العلم فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط عن الآخرين. وأما إشغاله عن الصلاة فاستمع إلى قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون:9] فلا تخسر، حاول أن تحضر قلبك كما أحضرت جسمك للصلاة، وألا تنشغل فيما سواها، وعوِّد نفسك على هذا حتى تجد لذة الصلاة، وحتى تكون صلاتك ناهية لك عن الفحشاء والمنكر.

نصيحة لمن لا يوقظ أهله للفجر بسبب خروجه للأذان

نصيحة لمن لا يوقظ أهله للفجر بسبب خروجه للأذان Q فضيلة الشيخ! والدتي تنام عن صلاة الفجر وأنا أخرج قبل الأذان فلا يمكنني أن أقوم بإيقاظهم إلى الصلاة لا هي ولا إخواني، فلا تصلي، فهل يجوز لي أن أسكب عليها الماء، أو أن أسحب شرشفها الذي تتغطى به؟ وهل هذا مخالف للبر بالوالد؟ A أولاً: أنصح هذا السائل ألا يخرج إلى المسجد قبل الأذان، ما دام الذين في البيت محتاجين إليه فلا يخرج ويبقى حتى يؤذن ثم يوقظهم، ويستعمل كل الأساليب التي يحصل بها الإيقاظ، لكن بدون إزعاج، والماء لو صبه على وجه الوالدة أزعجها بلا شك، لكن إذا سحب الشرشف منها بلطف ولين فهذا لا يضر، المهم نشير عليه ألا يتقدم إلى المسجد، بل يصبر حتى يؤذن ويوقظ أمه وإخوانه وهو على خير. مداخلة: هو مؤذن المسجد. الشيخ: ليس فيه إشكال، يذهب ويؤذن ثم يرجع ويوقظهم.

اللقاء الشهري [66]

اللقاء الشهري [66] بدأ الشيخ لقاءه بمقدمة، ثم بدأ بتفسير آيات من آخر سورة الفرقان المتحدثة عن أوصاف عباد الرحمن، فذكر أنهم لا يشهدون مجالس الغيبة التي فيها منكرات، وأنهم بعيدون عن اللغو الذي لا فائدة منه، وأنهم إذا نسوا شيئاً من أمر الله فذُكّروا ذكروا ورجعوا وأنابوا. وذكر أن من دعائهم أن يرزقهم الله الذرية الطيبة التي تقر بها الأعين. ثم ذكر أن جزاء هؤلاء جنات فيها غرف وغيرها من النعيم المقيم، ولهم الخلد فيها جزاء أعمالهم الطيبة والصبر على ذلك.

تفسير بعض آيات من سورة الفرقان

تفسير بعض آيات من سورة الفرقان الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وخليله وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، أرسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وترك أمته على محجة بيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. أما بعد: أيها الإخوة: فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم كل شهر في ليلة الأحد الثالثة من كل شهر، وهذا الشهر هو شهر ربيع الأول عام (1420هـ) .

تفسير قوله تعالى: (والذين لا يشهدون الزور)

تفسير قوله تعالى: (والَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) نبتدئ هذا اللقاء بما انتهينا إليه فيما سبق من تفسير آخر سورة الفرقان. ذكر الله تبارك وتعالى أوصاف عباد الرحمن وسبق كثير منها، ومن أوصافهم: أنهم {لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان:72] . (لا يشهدون الزور) أي: لا يشهدون المنكر من القول والعمل، أي: لا يحضرونه ولا يجلسون إليه؛ لأن شهود الزور يحصل به إثم الزور، بمعنى: أن الإنسان إذا قعد مع قوم على زور فإنه مثلهم وإن لم يعمل عملهم، ودليل ذلك قول الله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} [النساء:140] فهذا يعني أنكم إذا قعدتم إذاً تكونوا مثلهم {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً} [النساء:140] فهم لا يشهدون الزور وإذا لم يشهدوا الزور، لن يعملوا به. وإنه بهذه المناسبة يشكو كثيرٌ من الناس اليوم حضور اجتماعات الزفاف؛ لأنهم يقولون: لا تخلو كثيرٌ من ليالي الزفاف إلا وفيها منكر، فماذا نصنع؟ هل نحضر مع كرهنا لذلك أو لا نحضر؟ الجواب يا إخواننا أن نقول: إذا كان الإنسان بحضوره يستطيع أن يمنع المنكر وجب عليه أن يحضر؛ وذلك لسببين: أولاً: أن إجابة وليمة العرس واجبة بالشروط المعروفة. ثانياً: أنه يستطيع إزالة المنكر، ومن استطاع أن يزيل المنكر وجب عليه أن يزيله، فإن لم يستطع فلا يحضر؛ لأنه إذا حضر شاركهم في الإثم. يقول بعض الناس: إذا لم أحضر يغضب القريب والصديق، فنقول: وليكن ذلك؛ لأنك إذا أغضبته أرضيت الله، وهل ينبغي للمؤمن أن يراعي رضا الناس دون رضا الله؟! لا والله، إن من التمس رضا الناس بسخط الله؛ سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن التمس رضا الله بسخط الناس؛ كفاه الله مئونة الناس، فلا تبالِ يا أخي، وإذا قال لك قريب: لماذا لم تحضر؟ تقل: لو اتقيت الله لحضرنا، ولا نبالي، ولا نحابي أحداً في دين الله، وتقول له بصراحة: لو أنك تخليت عن هذا الأمر الذي هممت به لأجبتك، أما أن تقيم هذه الحفلة المحرمة، وتريد مني أن أحضر، فهذا لا يمكن. كذلك أيضاً، يوجد أناسٌ يجلسون عند الذين يغتابون الناس، وغيبة الناس من الزور بلا شك، فتجده يجلس ويستمع إلى الغيبة، ويقول: إني كارهٌ لذلك، فهل هذه الدعوى صحيحة؟ ليست صحيحة؛ لأنه لو كان كارهاً لذلك حقيقةً ما جلس، وإذا جلس مع الذين يغتابون الناس وإن لم يشاركهم في الغيبة فهو مشارك لهم في الإثم.

تفسير قوله تعالى: (وإذا مروا باللغو مروا كراما)

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) يقول الله تعالى في وصف عباد الرحمن: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان:72] واللغو هو الذي ليس بزور وليس بمشروع ومحبوب، يمرون به مر الكرام (مروا كراماً) أي: بعيدين عن اللغو، وهذا أيضاً يقع كثيراً بين الناس، تجد الناس الآن في الاستراحات، وفي الدواوين، وفي البيوت، تجد كثيراً من كلامهم لغواً لا فائدة فيه، هؤلاء إذا مروا باللغو مروا كراماً، يسلمون من اللغو ويأتون بالخير والنصيحة.

تفسير قوله تعالى: (والذين إذا ذكروا بآيات ربهم.

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ.) ثم قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً} [الفرقان:73] أي: إذا نسوا شيئاً من طاعة الله، ثم ذكرهم أحد بذلك قبلوا وسمعوا وأبصروا، فلم يخروا عليها صماً وعمياناً، وإنما يتلقونها بالقبول والراحة، ويقومون بما يجب عليهم. إن بعض الناس -والعياذ بالله- إذا ذكر بآيات الله استنكف واستكبر، وقال: من أنت حتى تأمرني؟ من أنت حتى تنهاني؟! أنا أكبر منك أنا أعلم منك!! وهذا محرم، الواجب إذا ذكرك أحدٌ بطاعة الله أن تتذكر وألا تخر على ذلك أصم أعمى.

تفسير قوله تعالى: (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا.

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا.) قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] يسألون الله سبحانه وتعالى أن يهب لهم من أزواجهم وذرياتهم قرة أعين، أي: ما تقر به العين؛ من معاشرة طيبة، وصلاح، وتعاون على البر والتقوى، وغير ذلك مما تقر به عينه. {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] وهذه أفضل وأعلى من التي قبلها، أي: اجعلنا أئمة للمتقين في التقوى، والدعوة إلى الله، والخير والبر، وهذه -والله- تساوي الدنيا كلها؛ أن تكون إماماً للناس في تقوى الله عز وجل، بحيث يضرب بك المثل، وتتبع أقوالك وأفعالك، ويقتدي الناس بك، والمتقون: هم الذين قاموا بطاعة الله، واجتنبوا ما نهى الله عنه.

تفسير قوله تعالى: (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا.

تفسير قوله تعالى: (أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا.) قال تعالى: {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} [الفرقان:75] هذا جزاؤهم، والغرفة هي الجنة، وسميت بذلك لأنها غرف فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، نسأل الله أن يجعلني وإياكم من ساكنيها {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} [الفرقان:75] أي: بسبب صبرهم. قال أهل العلم: والصبر ثلاثة أقسام: 1/ صبر على طاعة الله. 2/ صبر عن معصية الله. 3/ صبر على أقدار الله المؤلمة ولنضرب لكل واحدة مثالاً: الصبر على طاعة الله أن يقاوم الإنسان نفسه ويحملها على فعل الطاعة، فلو قام في آخر الليل في أيام الشتاء، ووجد الماء بارداً لكنه لا يضره، فإنه يحتاج إلى صبر، فليصبر، وإن تألم بالبرد، فإن إسباغ الوضوء على المكاره من الرباط. هذا صبر على طاعة الله. الصبر عن معصية الله أن تهون عليه نفسه النظر إلى النساء -مثلاً- ويحاول أن يمنعها. هذا صبر عن محارم الله. الصبر على أقدار الله لا يكاد يسلم أحد من بلاء من مرض من فقر من فقد أقارب من فقد أصحاب، والمصائب كثيرة، فليصبر على هذه الأقدار، ويتحمل، فإن الله تعالى مع الصابرين. قال العلماء رحمهم الله: ومقام الناس بالنسبة لأقدار الله أربعة مقامات: الأول: الجزع. الثاني: الصبر. الثالث: الرضا. الرابع: الشكر. كل إنسان يصاب بمصيبة لا بد أن يكون على حال من هذه الأحوال. الأول: الجزع وذلك أنه إذا أصيب بالمصيبة جعل يلطم خده، وينتف شعره، ويدعو بالويل والثبور، ويشق ثوبه وهذا عليه وزر، أو إذا مات عليه قريب جعل ينوح عليه نوح الحمام ولا يصبر، والنوح على الأموات من كبائر الذنوب، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة، أي: التي تنوح والتي تستمع لها. ومن الناس -والعياذ بالله- من يزيد على هذا فيصعد إلى الجبل عند المصيبة ويتردى منه؛ فيهلك نفسه، أو يشرب سماً، فيقتل نفسه، أو يقتل نفسه بحديدة، ولا يصبر، وهل هذا الذي يفعل هذا الفعل ينجو من المصيبة؟ لا والله، بل لا يزداد إلا حسرة؛ لأنه إذا مات وهو الذي قتل نفسه فإنه يعذب بما قتل به نفسه في نار جهنم، نسأل الله العافية! وما فعله هذا إلا كالمستجير من الرمضاء بالنار. الثاني: الصبر وهو أن يتجرع مرارة المصيبة، يتعب نفسياً من المصيبة، لكنه قد حمى سمعه وبصره وجوارحه، ويتحمل، فإن زاد على ذلك الاحتساب، أي: احتساب الأجر من الله على الصبر فهذا نور على نور. الثالث: الرضا ومعناه: أن الإنسان إذا أصيب بمصيبة قال: هذه من عند الله، ورضي بها واستسلم، ولم يكن في قلبه ذلك الحزن البالغ الذي قد يحمله على مكروه، بل يقول: أنا عبد الله عز وجل يفعل بي ما شاء، إن أصابني بضراء صبرت فكان خيراً لي، وإن أصابني بسراء شكرت فكان خيراً لي. الرابع: الشكر لكن كيف يشكر الإنسان على المصيبة؟ يشكر على المصيبة من وجهين: الوجه الأول: أنه إذا قاسها بما هو أعظم شكر الله. الثاني: أنه إذا قاسها باعتبار أجرها شكر الله؛ لأن الأجر خيرٌ من المصيبة: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10] . نرجع إلى الآيات قال الله تعالى: {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً} [الفرقان:75] تتلقاهم الملائكة بالتحية والسلام، وإدخال الأنس والسرور، وغير ذلك مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. {خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} [الفرقان:76] (خالدين فيها) أي: في الغرفة، والمراد غرفات الجنات (حسنت مستقراً ومقاماً) والفعل إذا بني على (فعُل) فمعناه التعجب، أي: ما أحسنها مستقراً ومقاماً! أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من ساكني هذه الغرف، وأن يتوفانا على الإيمان، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.

الأسئلة

الأسئلة

بعض مكفرات الذنوب

بعض مكفرات الذنوب Q فضيلة الشيخ! إذا فعل الإنسان منكراً وأصابه بسبب هذا المنكر مرضٌ، فهل هذا ابتلاءٌ من الله أم لا؟ A إذا أذنب الإنسان ذنباً وأصيب بمرض؛ فإن هذا المرض يكفر الله به عنه، بل إذا أصابته شوكة كفَّر الله بها عنه، بل إذا اغتم واهتم كفَّر الله بها عنه، كما جاء ذلك في الحديث صريحاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من نعمة الله عز وجل؛ أن الإنسان إذا أصيب بمرض فإن ذلك يكون تكفيراً عن سيئاته، أو همَّ فإن ذلك يكون تكفيراً عن سيئاته.

حكم حضور الأفراح مع وجود منكرات مخفية

حكم حضور الأفراح مع وجود منكرات مخفية Q أغلب أفراحنا -ولله الحمد- ليس فيها منكرات، اللهم إلا إذا دخل الرجال إلى صالات الطعام وهي قريبة من صالات النساء فقد نسمع أحياناً أصواتاً نسميها طقاقات، فهل هذا منكر؟ وهل يجب علينا الخروج بعد أن حضرنا إلى هذا الطعام والنفوس مشتاقة إلى هذا الطعام اللذيذ؟ أقول: هل علينا الخروج بعد أن ترفض النساء خفض أصواتهن؟ وهل إذا علمت أن عند النساء منكراً في هذا الزواج ألا أحضر خصوصاً أنني لا أشاهده، فهو خاص بصالة النساء وصالة الرجال خالية من المنكرات؟ أفتونا جزاكم الله خيراً. A يقول أهل العلم رحمهم الله: إذا دعي شخص إلى وليمة وفيها منكر لا يقدر على تغييره، ولا يحضره ولا يشاهده ولا يسمعه؛ فإنه بالخيار إن شاء حضر، وإن شاء لم يحضر. أما ما يتعلق بصالات النساء القريبة من محل الرجال، فالنصيحة: أن تكون الجدران التي تلي مجالس الرجال مختومة، ليس فيها شيء يمضي معه الصوت، وأن يكون الصوت خفيفاً بقدر ما يسمعه من في الصالة من النساء، فإذا استعمل الناس هذا، وصارت صالة النساء منفردة مختومة لا تصل أصوات النساء إلى الرجال، وصارت الأصوات خاصة بالصالة فهذا لا بأس به، وليحضر ولا حرج عليه.

حكم الغناء مع المعازف

حكم الغناء مع المعازف Q فضيلة الشيخ! ما رأي فضيلتكم فيما يفعله بعض الرجال في تجمعات الرجال وأفراحهم من الغناء بدون المعازف ومع المعازف؟ وجزاكم الله خيراً. A الغناء مع المعازف حرام، إلا ما استثني، والذي استثني هو الدف، والدف هو: الطار الذي لم يختم من كل جانب، بمعنى: أن فيه جانباً واحداً يدق عليه، والثاني مفتوح، هذا يسمى الدف وهو من المعازف لكن رخص فيه في أيام العرس، كما جاءت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما الطبل المختوم من الجانبين، أو الموسيقى، أو الربابة، أو ما أشبه ذلك؛ فهذه حرام ولا يجوز استعمالها، واستعمالها في الحقيقة منافٍ لشكر الله على نعمة النكاح، ولا ينبغي لنا أن نبدل نعمة الله كفراً.

بدعية الاحتفال بالمولد النبوي

بدعية الاحتفال بالمولد النبوي Q ذكرتم فضيلة الشيخ في تفسيركم لقوله تعالى: {لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان:72] الحديث حول الزور، فهل حضور حفل المولد من هذا الزور أم لا؟ وهل إذا دعي الإنسان لحضور محاضرة أو إلقاء محاضرة في مثل هذه الاحتفالات هل يحضر أم لا؟ أفتونا جزاكم الله خيراً. A أقول: إن الاحتفال بالمولد النبوي ليس معروفاً عن السلف الصالح، وما فعله الخلفاء الراشدون، ولا فعله الصحابة ولا التابعون لهم بإحسان، ولا أئمة المسلمين من بعدهم، وهنا نسأل: هل نحن أشد تعظيماً للرسول صلى الله عليه وسلم من هؤلاء؟! لا هل نحن أشد حباً للرسول من هؤلاء؟ لا فإذا كان كذلك فإن الواجب علينا أن نحذو حذوهم، وألا نقيم عيد المولد النبوي؛ لأنه بدعة أين الرسول صلى الله عليه وسلم منه؟ لماذا لم يقم عيداً لمولده؟ أين الخلفاء الراشدون؟ أين الصحابة؟ أهم جاهلون بهذا، أم كاتمون للحق فيه، أم مستكبرون عنه؟! كل هذا لم يكن، ولا شك أن كثيراً ممن يقيمون هذه الموالد يقيمونها عن حسن نية، إما محبة للرسول صلى الله عليه وسلم، وإما مضاهاةً للنصارى الذين يقيمون لعيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام عيداً لميلاده، فيقولون: نحن أحق. ولكن هذا من التصور الخاطئ؛ لأنه كلما كان الإنسان أحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبعد عن البدع، لأنه إذا ابتدأ هذا وقال: إنني أتقرب إلى الله تعالى به، قلنا: أدخلت في دين الله ما ليس منه، وتقدمت بين يدي الله ورسوله، وإن قال: إنه عادة عندنا، قلنا: وهل تقام الأعياد بناءً على العادات أم بناءً على الشريعة؟! بناءً على الشريعة، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجدهم يحتفلون بعيدين لذكرى انتصار وقع لهم، فنهاهم عن ذلك، وقال: (إن الله أبدلكم بخيرٍ منهما: عيد الأضحى وعيد الفطر) فكيف تقيمون عيداً؟! فإن قالوا: نحن نقيم هذا العيد إحياءً لذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالجواب: أولاً: لم يصح أن مولده كان في اليوم الثاني عشر. ثانياً: لو صح فذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم تتكرر كل يوم، أليس المسلمون يقولون في كل يوم: أشهد أن محمداً رسول الله في الأذان؟ بلى، بل إن الإنسان في كل صلاة يقرأ التشهد ويقول: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) الذكرى دائماً في قلب المؤمن وليست خاصة بليلة معينة، ولكن نظراً إلى أن كثيراً من الناس يجهلون مثل هذا الأمر، ويجهلون خطورة البدعة؛ استمروا فيها، ولكني -والحمد لله- أتفاءل خيراً أن كثيراً من الناس اليوم -ولا سيما الشباب منهم- عرفوا أن هذه البدعة لا أصل لها ولا حقيقة لها.

معنى قوله تعالى: (من أزواجنا وذرياتنا)

معنى قوله تعالى: (مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا) Q فضيلة الشيخ! ما نوع (مِن) في قوله تعالى: {مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا} [الفرقان:74] ؟ وهل يدعو بذلك المتزوجون فقط أم يفعل ذلك الجميع؟ أحسن الله إليك. A (مِن) هذه للبيان، وليست للتبعيض، أي: أنهم عينوا ما طلبوا بالأزواج والذرية، وهذا يشمل المتزوج وغير المتزوج؛ لأن غير المتزوج مقبل على الزواج والذرية، فهو يسأل الله تعالى أن يهب له من أزواجه اللاتي يتزوج بهن، وأما المتزوج فالأمر فيه ظاهر، فتكون دعوة غير المتزوج دعوة لما يستقبل من أمره، وأما المتزوج فهي دعوة لما هو عليه الآن.

اختيار الزوجة لا يتوقف على رضا الأبوين

اختيار الزوجة لا يتوقف على رضا الأبوين Q فضيلة الشيخ! قد عقدت زواجي على امرأةٍ لا ترضى عليها أمي؛ لا لدينها، وإنما لا تحبها لأنها لم ترق لها فقط، ما هي نصيحتك يا شيخنا مع العلم أني قد عقدت عليها؟ وجزاكم الله خيراً. A أقول: بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما في خير. النكاح لا أحد يتدخل فيه، لا أم ولا أب، إلا إذا رأوا شيئاً يخل بالدين، لأن هذا خاص بالإنسان نفسه، كما أنه في الأكل -مثلاً- إذا قال له أبوه: لا تقرب الأرز، فهل يتركه؟ لا يتركه، هذا شيء يتعلق بالإنسان نفسه وشخصه، فإذا أحبَّ الإنسان أن يتزوج من امرأة وقالت له أمه: لا تتزوج بها، يسأل: هل فيها عيب في دينها، أو عفتها، أم ليس فيها شيء؟ قالت: ليس فيها شيء لكني لا أريدها، نقول: يتزوجها وبارك الله لهما وعليهما وجمع بينهما في خير. ولكن يجب عليه بعد ذلك أن يحاول الإصلاح بين زوجته وأمه، حتى تستقر الأوضاع، ويحصل الاجتماع بين الرجل وأمه وزوجته، فإن لم يمكن هذا وصار اجتماعهما في بيت واحد يؤدي إلى النزاع والشقاق، في الصباح في شقاق وفي المساء في شقاق، فلا حرج عليه أن ينفرد بمسكن وحده مع زوجته.

حكم سفر المتزوج بدون أهله لغير حاجة

حكم سفر المتزوج بدون أهله لغير حاجة Q فضيلة الشيخ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ظهر في الآونة الأخيرة سفر بعض الشباب الصالحين إلى خارج المملكة عزاباً، ويتركون زوجاتهم وأولادهم، وسفرهم هذا لغير حاجة، إضافةً إلى ما يحصل لأولادهم من إهمالٍ وضياعٍ نرجو منكم التوجيه وجزاكم الله خيراً. A هذا والله من المؤسف؛ أن الإنسان يسافر ويترك أهله، وهم محتاجون إليه في النفقة، ومحتاجون إليه في الأنس به، ومحتاجون إليه في التوجيه والتربية، ثم يذهب إلى بلاد ربما يحصل له فيها شر في عاداتهم وأخلاقهم وعباداتهم، فنصيحتي لهؤلاء: أن يتقوا الله في أنفسهم، ويتقوا الله في أهليهم، ويبقوا في بلادهم، وإذا أرادوا أن يسافروا سافروا بأهليهم إلى مكة والمدينة وإلى ما فيه خير لهم، أما أن يذهبوا ليتلفوا أنفسهم ويصدوا عن أهليهم؛ فهذا خطأ، سفه في العقل، وضلال في الدين.

حكم بيع ما ليس عنده

حكم بيع ما ليس عنده Q فضيلة الشيخ! وفقكم الله ونفع بكم إذا علمت أن شخصاً يبحث عن سلعة معينة، فهل يجوز أن أبيعه هذه السلعة مع أني لا أملكها، لكن بعد أن آخذ منه المبلغ أذهب وأشتري هذه السلعة من السوق بسعر أقل من المبلغ الذي أخذته منه؟ نرجو التوضيح، ولكم جزيل الشكر. A هذا ليس بجائز، صورة المسألة: أن يأتي شخص إلى آخر ويقول: أريد السلعة الفلانية، وليست عنده، فيبيعها عليه، ويأخذ الثمن ويشتري بأقل مما باع به، فهذا ليس من النصح في شيء، ثم هل هو ضامن أن يجد هذه السلعة؟ قد يكون رآها عند شخص من الناس، وهذا الشخص قد باعها، وخرجت من ملكه، فيبقى بينه وبين المشتري نزاع. وقد يقول قائل: إن السلم كان معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو: أن يأتي الرجل إلى صاحب البستان ويقول: هذه ألف ريال تعطيني بها ثمراً من النخل أو زرعاً أو حباً من الزرع بعد سنة. هذا جائز وعمل به الصحابة، لكن قضيتنا ليست سلماً، القضية بيع حاضر بحاضر، فاعتمد على ما كان يظنه من أن السلع موجودة في المكان الفلاني، ثم لم يجدها، فماذا يكون؟ يكون نزاع، ويقول هات ذلك: التي بعتها لي، فيقول: لم أجدها!! ثم إذا قدر أن وجودها مضمون، فكيف يغش صاحبه؟! يبيعها عليه بألف ويشتريها بثمانمائة، هذه المعاملة محرمة، وعلى المرء أن يتقي الله عز وجل، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام رضي الله عنه أن يبيع ما ليس عنده.

حكم لبس الأطفال الملابس الضيقة والقصيرة وكذلك القصات الغريبة

حكم لبس الأطفال الملابس الضيقة والقصيرة وكذلك القصات الغريبة Q فضيلة الشيخ! كثيراً ما نرى في مجالس النساء الفتيان والفتيات الصغار ذوي السبع سنوات أو نحوها وهم يرتدون الملابس القصيرة أو الضيقة، أو بقصات غريبة، أو قصات للفتيات الصغيرات تشبه قصات الأطفال الذكور، فإذا تكلمنا مع الأم ونصحناها احتجت بأنهم مازالوا صغاراً، فنرجو من فضيلتكم التكرم بالبيان الشافي لقضية لباس الأطفال وقص شعورهم، وبارك الله فيكم. A من المعلوم أن الإنسان يتأثر بالشيء في صغره، ويبقى متأثراً به بعد الكبر، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نأمر الصبيان بالصلاة لسبع سنين ونضربهم عليها لعشر؛ ليتعودوا، والطفل على ما اعتاد، فإذا اعتادت الطفلة الصغيرة أن تلبس القصير الذي يصل إلى الركبة، والقصير الذي يصل إلى العضد أو الكتف؛ ذهب عنها الحياء، واستساغت هذه الملابس بعد كبرها، كذلك بالنسبة للشعر، فالمرأة لا بد أن يكون لها شعر يتميز عن شعر الرجال، فإن جعلت شعرها كشعر الرجال فقد تشبهت بهم، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال. وليُعلَم أن الأهل مسئولون عن هؤلاء الصبيان، وعن توجيههم وتربيتهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الرجل راعٍ في أهل بيته ومسئول عن رعيته) فالحذر الحذر من الإهمال! وليكن الإنسان جاداً في توجيه أبنائه وبناته، حريصاً عليهم حتى يصلحهم الله تبارك وتعالى ويكونوا قرة عين له.

حكم منع الزوجة من الحضور إلى الحفلات المشتملة على منكر

حكم منع الزوجة من الحضور إلى الحفلات المشتملة على منكر Q فضيلة شيخنا حفظه الله! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: من المنكرات الظاهرة في حفلات الأعراس: ما تلبسه كثيرٌ من النساء من الملابس المفتوحة والشفافة وشبه العارية، فهل يجب على الزوج أن يمنع زوجته من حضور الزواجات بسبب هذه المنكرات؟ وجزاكم الله خيراً. A يجب على الزوج -واستمع لكلمة (يجب) - أن يمنع زوجته من حضور الحفلات التي تشتمل على منكر؛ لأنه مسئولٌ عن الزوجة، ويجب على الزوجة أن تمتثل أمر زوجها؛ لأن هذا حقيقة الزوجية، أعني: طاعة الزوج في غير معصية الله، حتى إنَّ بعض العلماء يقول: للزوج أن يمنع زوجته من الخروج من البيت مطلقاً إلا للصلاة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) ولا يجوز للزوجة أن تتسخط من منع الزوج لها من حضور هذه الحفلات المنكرة، بل عليها أن تشكر الله أن يسر لها زوجاً يحميها من المعاصي.

حكم التبرع بأعضاء الميت

حكم التبرع بأعضاء الميت Q فضيلة الشيخ! توفي لي أحد الأقارب، فهل يشرع لي التبرع بأحد أعضائه؟ وإذا كان ذلك مشروعاً، فهل الأفضل التبرع أم عدمه؟ جزيتم خيراً. A ما أظن أحداً يفعل هذا، إذا مات الميت فهو محترم كالحي تماماً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كسر عظم الميت ككسره حياً) وقد ذكر فقهاء مذهب الإمام أحمد رحمه الله: أنه لا يجوز أن يقطع شيء من الميت ولو أوصى به الميت، حتى لو قال الميت مثلاً: إذا مت فخذوا الكلية أو القلب أو العين، أو ما أشبه ذلك، فإنه لا يجوز أن تنفذ وصيته. وكذلك الحي لا يجوز أن يتبرع بشيء من أعضائه، ولا لأمه وأبيه، فلو فرضنا أن الأم فيها فشل كلوي، وقرر الأطباء أنه لا بد من أن يتبرع ابن لها بإحدى كليتيه، فلا يحل له أن يفعل؛ لأن الكلية إذا أخذت من شخص فإنه تبقى له واحدة، وهذه الواحدة لو مرضت فربما يؤدي إلى هلاكه، لأنه قد أخذ إحدى الكليتين. فلا يحل لأحد أن يتبرع بشيء من جسده، لا في حياته، ولا بعد موته، إلا شيئاً واحداً وهو الدم، فيجوز للإنسان أن يتبرع بدمه، بشرط ألا يتضرر بسحبه منه، وأن ينتفع به المريض، والفرق بينه وبين الأعضاء: أن الدم يخلفه دم آخر، فإذا سحب من العروق عوض بدل ذلك دمٌ آخر، وحينئذٍ لا يكون متضرراً بأخذ هذا منه.

حكم من شهد أناسا يصلون وقد صلى

حكم من شهد أناساً يصلون وقد صلى Q فضيلة الشيخ! ما رأيكم في من يقف حول المسجد أثناء أداء الصلاة في هذا المسجد في مثل هذه الليلة، حتى تنتهي الصلاة ثم يدخلون المسجد لحضور هذا اللقاء المبارك هل عملهم هذا صحيح، أم الأفضل أن يدخلوا في الصلاة مع الإمام فتكون لهم نافلة؟ A عملهم صحيح، فلا يأثمون عليه، ولكن الأفضل أن يدخلوا المسجد ويصلوا مع المسلمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لرجلين رآهما قد تخلفا عن صلاة الفجر في مسجد الخيف في منى، فجيء بهما ترعد فرائصهما هيبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (ما منعكما أن تصليا في القوم؟ قالا: يا رسول الله! صلينا في رحالنا، قال: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها -أي: الصلاة الثانية- لكما نافلة) .

حكم البيع والشراء وقت الجمعة لمن صلى مبكرا

حكم البيع والشراء وقت الجمعة لمن صلى مبكراً Q فضيلة الشيخ! يصلي بعض الناس الجمعة في جوامع تخرج بسرعة، ثم يأتون إلى السوق ويحصل بيع وشراء والصلاة لم تنته في هذا الجامع والخطبة أحياناً، ما حكم البيع والشراء في هذه الساعة؟ وجزاكم الله خيراً. A لا بأس به، ما داموا قد أدوا صلاة الجمعة فإنه لا بأس أن يحضروا ويبيعوا ويشتروا، ولو كان المسجد الذي إلى جانبهم لم يصل بعد، اللهم إلا إذا كانوا قريبين من المسجد بحيث يشوشون على المصلين؛ فيمنعون.

حكم زواج الغريب بنية الطلاق

حكم زواج الغريب بنية الطلاق Q ما حكم السفر إلى الخارج والتزوج بعقد صحيح ومهر، وجميع شروط الزواج، لكن بنية الطلاق؟ A هل أحد يتزوج امرأة إلا لتبقى معه! هذا هو الأصل، قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم:21] فليس المقصود من الزواج أن الإنسان يقضي وطره وشهوته فقط، نعم هذا من مقصود النكاح، لكن المقصود الأول هو أن تكون سكناً يسكن إليها، وتبقى معه إلى أن يفرِّق الله بينهما إما بموت أو طلاق، أما النكاح بنية الطلاق فالعلماء مختلفون فيه: منهم من أجازه، ومنهم من منعه. لكن هنا شيء آخر: سمعت أن بعض الشباب يذهب إلى بعض البلاد ليتزوج فقط، ليس له غرض إلا أن يتزوج، وتجده يجلس مع هذه المرأة لمدة أسبوع أو عشرة أيام ثم يطلقها، وهذا لم يقل أحد من العلماء بجوازه، العلماء ذكروا الجواز فيما لو كان شخص غريب في بلد، وخشي على نفسه؛ فله أن يتزوج بنية أنه إذا غادر البلد طلقها. هذا محل الخلاف، أما أن يذهب إلى البلد بقصد أن يتزوج فهذا لم يقل أحد بجوازه، إلا من يرى جواز المتعة كـ الرافضة، وهذا رأي باطل أبطلته السنة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المتعة: (إنها حرام إلى يوم القيامة) .

حكم الكدرة والصفرة قبل وبعد الحيض

حكم الكدرة والصفرة قبل وبعد الحيض Q فضيلة الشيخ! نرجو توضيح قولكم في الكدرة والصفرة قبل وبعد الحيض، علماً بأن المرأة تقول: إن حيضي لا بد أن يتقدمه يوم كدرة أو صفرة، وبعض النساء تقول: لا بد أن يعقب حيضي صفرة بصفة دائمة، أرجو توضيح ذلك بتفصيل. A الذي نرى أن الصفرة قبل الحيض ليست بشيء، وأن الصفرة بعد الحيض ليست بشيء، وأن الصفرة في أثناء الحيض شيءٌ لأنها لم تطهر بعد. فمثلاً: إذا كانت عادة المرأة خمسة أيام، ورأت الدم في اليومين الأولين، وفي اليوم الثالث رأت صفرة، وفي اليوم الرابع والخامس رأت دماً، فالصفرة هذه التي بين الدمين تعتبر من الحيض، أما لو رأت صفرة لمدة يومين أو ثلاثة أو أكثر، ثم جاء الحيض، فالصفرة هذه ليست بشيء، أو طهرت وانتهت أيامها ثم رأت الصفرة فليست بشيء. إذاً الصفرة إما أن تكون قبل الحيض، أو بعد الحيض، أو في أثناء الحيض، والذي يعتبر حيضاً هو ما كان في أثناء الحيض فقط.

حكم تصغير الأسماء المعبدة لله تعالى

حكم تصغير الأسماء المعبدة لله تعالى Q ما حكم تصغير الأسماء التي فيها تعبيد لله عز وجل، مثل: عبود لعبد الله؟ A لا بأس أن يصغروها؛ لأنهم لا يقصدون بذلك تصغير اسم الله عز وجل، إنما يقصدون بهذا تصغير المسمى، عبد الله يسمونه عبيد الله، ليس فيها شيء، وبعضهم يقول: عبود، أيضاً ليس فيها شيء، وعبد الرحمن بعضهم يسمونه عبيد الرحمن، ليس فيها شيء، وبعضهم يسمونه تحيم، هذه أيضاً ليس فيها شيء؛ لأن التصغير إنما يقصد به تصغير المسمى لا تصغير اسم الله الكريم.

حكم كشف المرأة وجهها أمام الأجانب

حكم كشف المرأة وجهها أمام الأجانب Q ما حكم كشف وجه المرأة؟ ولعله يقصد كشف الوجه أمام الرجال الأجانب. A كشف المرأة وجهها أمام الرجال الذين ليسوا بمحارمها محرم، وقد بينا ذلك في رسالة صغيرة تسمى: رسالة الحجاب، وذكرنا فيها من الأدلة من القرآن والسنة والمعنى ما لو طالعه الإنسان تبين له الحق.

حكم لبس الحجاب الأبيض أو غيره إذا كان من عادة البلد

حكم لبس الحجاب الأبيض أو غيره إذا كان من عادة البلد Q فضيلة الشيخ حفظك الله! هل يجوز للمرأة أن تتحجب بلباس أبيض أو أخضر أو غيره من الألوان إذا كان هذا عادة عند قومها، خاصةً إذا حوربت من بعض الجهات إن هي لبست جلباباً أسود؟ A لا بأس -إذا كان هذا عادة أهل البلد- أن تلبس الثياب البيض، لكن ليس على شكل ثياب الرجال، واللون لا عبرة به، لكن بشرط: أن يتميز ثوبها عن ثوب الرجل، أما إذا لم يكن من عادة بلدها فإن الواجب أن تتبع عادة أهل البلد، تلبس الثياب السود أو الخضر أو الحمر حسب العادة وتغطي جميع وجهها.

حكم ملاصقة الأرجل في الصلاة

حكم ملاصقة الأرجل في الصلاة Q أرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي الصحيح لملاصقة الأرجل مع من يجاور المصلي. A كان الصحابة رضي الله عنهم إذا قاموا في الصف يلصق أحدهم كعبه بكعب صاحبه ومنكبه بمنكبه وذلك لغرضين: الغرض الأول: تحقيق المساواة. والغرض الثاني: سد الفرج. وليس إلصاق الكعب بالكعب مقصوداً لذاته، بل هو مقصود لغيره، وهو تحقيق المساواة والتراص، وبناءً على ذلك: يتبين أن ما يفعله بعض الناس الآن من كونه يفرج بين رجليه ويحنف الرجل من أجل أن تتلاصق الكعاب لا أصل له، فالصحابة لم يقولوا: كان الرجل يفرج بين رجليه حتى يمس كعب صاحبه، بل قالوا: إنهم يتراصون حتى إن أحدهم ليمس كعبه كعب صاحبه. لكن بعض الناس لا يتأنى في فهم النصوص حتى يعرف المراد، وإلا فلا يمكن أن يدعي أحد أن المعنى: أن الرجل يفرج رجليه، ويبقى أعلى البدن متباعداً، هذا غير ممكن، ولا أحد يقول بهذا.

حكم تحريك الأصبع في التشهد وكيفيتها

حكم تحريك الأصبع في التشهد وكيفيتها Q هذا يا شيخ يريد تطبيق عملي لتحريك الأصبع في التشهد. الشيخ: أصح الأقوال عندنا في تحريك الأصبع: أنه يحرك كلما دعا الإنسان، مثلاً: إذا قال: رب اغفر لي، يرفع الأصبع وارحمني، يرفع الأصبع، وكل جملة دعائية يرفع الأصبع، في التشهد: السلام عليك أيها النبي، فيه دعاء، يرفع أصبعه السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، يرفع أصبعه اللهم صل على محمد، يرفع أصبعه اللهم بارك على محمد، يرفع أصبعه أعوذ بالله من عذاب جهنم، يرفع أصبعه ومن عذاب القبر، يرفعها المهم أنه يرفع أصبعه عند كل دعاء، ولهذا جاء الحديث: (كان يحركها يدعو بها) والمعنى واضح؛ لأنه يرفعها إلى الله عز وجل الذي يدعوه.

حكم صلاة المفترض خلف مفترض مع اختلاف النية

حكم صلاة المفترض خلف مفترض مع اختلاف النية Q فضيلة الشيخ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: الرجاء من سماحتكم توضيح القول في صحة صلاة من يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء، مع حصول المخالفة، حيث لم تتوافق الصورة الظاهرة، وكيف الجواب على قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه) ؟ A السؤال يقول: هل يجوز للإنسان أن يصلي خلف إمام يخالفه في النية؟ مثلاً: الإمام يصلي العشاء فدخل إنسان معه ليصلي المغرب، النية مختلفة هل يجوز أن يدخل معه مع اختلاف النية؟ الجواب: يجوز، وما المانع؟ وهذا لا يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه) لأن هذه الجملة فسرها الرسول عليه الصلاة والسلام فقال: (إذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا) . أما اختلاف صلاة المأموم فلا تضر؛ لأن هذا المأموم إن دخل مع الإمام الذي يصلي العشاء في أول ركعة، انتهت صلاة المغرب إذا قام الإمام إلى الرابعة، فلينفرد عن الإمام، ينوي الانفراد ويقرأ التشهد ويكمل ثم يقوم مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء. وإن دخل مع الإمام بنية المغرب والإمام في الركعة الثانية من صلاة، العشاء فيسلم معه ولا يضر، وبعض الناس يقول: إذا دخل معه في الركعة الثانية سوف يجلس في الركعة الأولى، فنقول: يجلس في الركعة الأولى؛ لأن الأولى له هي الثانية للإمام، كذلك إذا قام الإمام إلى الرابعة فكان عليه هو أن يجلس؛ لأن من يصلي المغرب يجلس في الثانية، وهنا لا يجلس بل يتبع الإمام، فصار يتشهد في غير موضع التشهد، ويترك التشهد في موضع التشهد، نقول: هذا الاختلاف لا يضر، أرأيتم لو دخل مع الإمام في الظهر بنية الظهر لكن دخل في الركعة الثانية، فهل تختلف صورة صلاته أم لا؟ تختلف، فإنه إذا دخل مع الإمام بنية الظهر، والإمام يصلي الظهر، لكن دخل في الركعة الثانية، سوف يتشهد في الركعة الأولى، ويترك التشهد في الركعة الثانية، ويتشهد في الركعة الثالثة، وهذا لا يضر، لأن ما كان من غير صلاته، وإنما فعله تبعاً للإمام لا يضر؛ لأنه مأمور بمتابعة الإمام.

حكم عمل المساج من وراء الثياب أو مباشرة

حكم عمل المساج من وراء الثياب أو مباشرة Q ما رأي فضيلتكم فيما يفعله بعض الفتيات مع بعضهن بعضاً، أو الفتيان مع بعضهم بعضاً من عمل المساج، وهو: أن يرقد الشخص على بطنه -مثلاً- ويقوم الآخر بتدليك ظهره وجنبيه ورقبته وكتفيه وساقيه وربما فخذيه، وأحياناً يكون ذلك من وراء ثياب، وأحياناً يكون التدليك مع مباشرة الجلد، وربما وضع المدلك دهناً يدلك به، خصوصاً أن مثل هذه الظاهرة تكثر في سكن الكليات والجامعات لكلا الجنسين؟ أفتونا مأجورين. A إذا فعله الزوج مع زوجته أو الزوجة مع زوجها فهذا لا بأس به؛ لأنه مهما كان الأمر فهو مباح حتى لو تحركت شهوته في هذه الحال فليقض شهوته لأنه مع امرأته، أما إذا كان مع غيرهما ففيه فتنة، فلو أن شاباً فعل ذلك مع شاب ألا يخشى أن تثور شهوته؟ بلى، ولو فعلتها امرأة مع امرأة يخشى كذلك أن تثور شهوتها؛ لأن المرأة تشتهي كما يشتهي الرجل، فلا أرى هذا جائزاً إلا مع الزوج وزوجته، كذلك لو فرضنا أن رجلاً شيخاً كبيراً له بنات وطلب منهن أن يغمزن ظهره فهذا لا بأس به؛ لأن الشهوة هنا بعيدة جداً، والرجل كبير يحتاج إليه، فمع حاجته وبعد الشهوة نقول: لا بأس به إن شاء الله.

حكم لعب الشطرنج والورق عموما

حكم لعب الشطرنج والورق عموماً Q فضيلة الشيخ! أحسن الله إليك ما حكم لعب الورق التي ليس فيها صورة أرواح وغيرها؟ وما حكم لعب الشطرنج، واللعب بالزهر، علماً أنهم لا يضيعون أوقات الصلاة؟ أجيبونا مأجورين وجزاكم الله خيراً A هذا محرم عند كثير من علمائنا المعاصرين: الشطرنج والورقة، وممن قال بتحريمه شيخنا أبو عبد الله عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله.

كيفية اعتداد المطلقة مع عدم انتظام دورتها

كيفية اعتداد المطلقة مع عدم انتظام دورتها Q فضيلة الشيخ! امرأة طلقت طلاقاً بائناً، والدورة الشهرية ليست منتظمةً لديها؛ فقد تتأخر الشهر والشهرين لا تأتيها الدورة، فكيف تكون عدة هذه المرأة؟ وجزاكم الله خيراً. A المرأة التي تحيض عدتها ثلاث حيض، سواء طالت المدة أم قصرت، وعلى هذا لو طلق الإنسان زوجته بعد وضعها، فالعادة أن المرأة إذا كانت ترضع لا يأتيها الحيض، فنقول: تبقى هذه المرأة حتى يأتيها الحيض بعد الرضاع وتحيض ثلاث مرات؛ لقول الله تبارك وتعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:228] هذا هو الواجب.

حكم من تقاضى راتبه دون عمل

حكم من تقاضى راتبه دون عمل Q فضيلة الشيخ! أحسن الله إليكم تُلزَم بعض الشركات من قبل الدولة بتوظيف عددٍ معين من الموظفين خلال العطلة الصيفية، فتقوم بعضها بتوظيف بعض الشباب وظائف رمزية؛ بحيث تُسجل أسماء موظفين عندها، وتقول: تعالوا في آخر الشهر لاستلام الرواتب، حيث اكتفت الشركة من الموظفين، فما حكم عملهم ذلك؟ وما حكم من توظف فيها في سنين سابقة واستلم منها رواتب؟ A هذا العمل أو هذه العملية فعلتها الحكومة -جزاها الله خيراً- لسببين: السبب الأول: إشغال الطلبة عن إضاعة الأوقات، والفراغ الذي قد يكون سبباً لمآسي كثيرة. السبب الثاني: تمرين الشباب على العمل. وبعض الشركات يكون عندها عمَّال تستغني بهم، فإذا قدم الشباب إليها طلباً قالت: أنا أعطيكم الراتب، ولا تعملوا واذهبوا لأهلكم، وهذا لا يفي بغرض الدولة؛ لأن الدولة إنما فعلت هذا لسببين: السبب الأول: إشغال الشباب عن ضياع الأوقات. الثاني: تمرن الشباب على العمل. والشركة إذا قالت: خذ هذا الراتب ولا تشتغل لم تف بالغرض.

حكم مصافحة المرأة الأجنبية

حكم مصافحة المرأة الأجنبية Q تنتشر في بلادنا مصافحة الرجال للنساء المحرمات عليهم، فهل عليَّ حرجٌ في مصافحة النساء القواعد من أقاربي إذا خشيت حصول الجفاء؟ وجزاكم الله خيراً. A لا يجوز للإنسان أن يصافح امرأةً ليست من محارمه، حتى ولو كانت كبيرة؛ لأنه كما يقال: لكل ساقطة لاقطة. والكبيرة ربما تكون كبيرة السن لكن لحمتها لحمة شابة فتحصل الفتنة. وخلاصة الجواب: لا يجوز لإنسان أن يصافح امرأةً، إلا من كانت زوجته أو من محارمه.

حكم ترك بعض السنن خوفا من وقوع فتنة

حكم ترك بعض السنن خوفاً من وقوع فتنة Q فضيلة الشيخ! هل يجوز ترك بعض السنن خوفاً من وقوع فتنة، أو افتراقٍ بين المسلمين؟ A كأنه -والله أعلم- يريد ترك رفع اليدين مثلاً في الصلاة، لأن بعض العلماء يقول: إن رفع اليدين في الصلاة خاص بتكبيرة الإحرام فقط، وينكرون على من يرفعون أيديهم عند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد، فهل الأفضل أن أخالف ما هم عليه اتباعاً للسنة، أو الأفضل أن أترك السنة تأليفاً لقلوبهم؟ الثاني أولى، لكن مع ذلك لا يترك السنة تماماً بل يعمل بها في بيته، ويعلم هؤلاء أن الحق في رفع اليدين، ثم إذا اطمأنوا إلى قوله رفعوا أيديهم.

حكم تسمية المدينة بالمدينة المنورة

حكم تسمية المدينة بالمدينة المنورة Q فضيلة الشيخ! ما حكم تسمية المدينة المنورة بهذا الاسم؟ A اشتهر عند الناس لقب المدينة المنورة، ولكن هذا حدث أخيراً، فكل كتب السابقين يقولون: المدينة فقط، أو يقولون: المدينة النبوية، والمدينة المنورة في الواقع ليس خاصاً بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن كل مدينة دخلها الإسلام فهي منورةٌ بالإسلام، وحينئذٍ لا يكون للمدينة النبوية ميزةٌ إذا قلنا: المدينة المنورة، لكن مع هذا لا نقول: إنه حرام، بل نقول: هذا لقب جرى الناس عليه فلا بأس به، لكن الأفضل أن نقول: المدينة النبوية.

حكم من ترك صلاة الجماعة تهاونا

حكم من ترك صلاة الجماعة تهاوناً Q هل على الإنسان شيءٌ إذا ترك صلاة الجماعة تهاوناً بدون عذر؟ A إذا ترك صلاة الجماعة تهاوناً بدون عذر ثم صلى منفرداً، فإن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يرى أن صلاته باطلةٌ؛ لأنه يرى أن الجماعة شرط لصحة الصلاة، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كل يعلم منزلته في العلم والأمانة والدين والفهم، فقوله قوي، لكنه ضعيف من وجه، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) وهذا يدل على أن صلاة المنفرد صحيحة، وإلا لما كان لها فضل، فرأي شيخ الإسلام في هذا ضعيف. والصواب: أن صلاة الجماعة واجبة وليست شرطاً لصحة الصلاة، وأن من لم يصل مع الجماعة فهو آثم، عاصٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مشابهٌ للمنافقين الذين تثقل عليهم الصلوات، حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً) . وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء المبارك، ونسأل الله تعالى أن يعيننا وإياكم على الخير في مثل هذه الليلة من الشهر القادم إن شاء الله تعالى.

اللقاء الشهري [67]

اللقاء الشهري [67] في بداية العام الدراسي يلتحق بحلق التعليم آلاف الطلاب من الكبار والصغار على مختلف فئات العمر والمراحل الدراسية، فكان لابد من الحديث عن استقبال العام الدراسي الجديد وكيف نستقبله. وفي هذا اللقاء بيّن الشيخ ملحوظات دقيقة وتوجيهات سديدة للطلاب، ثم بعد ذلك أجاب عن الأسئلة التي وردت إليه في هذا اللقاء.

وقفات في استقبال العام الدراسي الجديد

وقفات في استقبال العام الدراسي الجديد الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى على حين فترة من الرسل، وانطماس من السبل، أرسله بدين كامل منظم للخلق في عباداتهم ومعاملاتهم وأخلاقهم وأحوالهم، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، حتى في آخر حياته عليه الصلاة والسلام وهو يوصي أمته: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) فلم يدع وقتاً ولا لحظة إلا وهو يرشد أمته للخير، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في الجامع الكبير في مدينة عنيزة، يتم في هذه الليلة ليلة خمس وعشرين من شهر جمادى الأولى عام (1420هـ) . فنسأل الله عز وجل الذي يسر مثل هذه اللقاءات أن يجعلها لقاءات مباركة نافعة، اللهم اجعلها لقاءات مباركة نافعة لنا ولإخواننا المستمعين ولإخواننا الذين يسمعون. وما دمنا في استقبال عام دراسي جديد كما ذكر ذلك أخونا الشيخ/ حمود بن عبد العزيز الصايغ وهو معلوم، فإن من الأجدر والأولى أن نتكلم فيما ينبغي أن نستقبل هذا العام الجديد به. فنقول: هذا العام كغيره من الأعوام يدخل حقل التعلم الصغار والكبار، من أولى ابتدائي إلى آخر الجامعة والدراسات العليا، كل واحد منهم كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (كلكم يغدو -يخرج في الغداة- فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها) . إن علينا في استقبال هذا العام أن نلاحظ الملاحظات الآتية:

إخلاص النية لله عز وجل في الدراسة

إخلاص النية لله عز وجل في الدراسة أولاً: ما الذي جاء بنا إلى حقل التعليم من مدرسة أو معهد أو جامعة؟ هل نحن جئنا لننال حظاً من الدنيا، أو جئنا لننال حظاً من الدين؟ يختلف الناس: فبعض الناس لا يأتي إلا من أجل أمر الدنيا، وبعض الناس يأتي لأمر الدين، ليتعلم أمور الدين فيقيم نفسه ثم يقيم غيره، ولا غرو ولا عجب في هذا؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) وهذا مثال وإلا فجميع الأعمال على هذا المنوال. الذي يريد أن يتعلم الدين ليعمل به ويعلم الناس هل يفوته شيء من العلم؟ A لا. والذي يتعلم للدنيا إن لم يفته شيء من العلم وصار كالأول فقد اختلفا اختلافاً عظيماً في الثواب والأجر، لذلك أحث إخواني طلبة العلم أن تكون نيتهم خالصةً لله، وأعني بذلك: طلبة العلم الشرعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من طلب علماً مما يبتغى به وجه الله يريد عرضاً من الدنيا لم يرح رائحة الجنة) والعياذ بالله! وتأمل قوله: (مما يبتغى به وجه الله) لأن العلوم أنواع، والعلوم التي يبتغى بها وجه الله هي العلوم الشرعية التي يحيا بها دين الله عز وجل، أما الأمور الدنيوية كعلوم الحساب والهندسة وما أشبهها فهذه للدنيا من أصلها وفرعها. فعليك -يا أخي- بالإخلاص لله عز وجل في طلب العلم. وقد يقول بعض الناس: إنكم إذا قلتم هذا منعتمونا من دخول المدارس والمعاهد والجامعات التي تمشي على النظام ويتدرج فيها الإنسان حتى يصل إلى الغاية؛ لأن كثيراً من الناس يريدون أن يقرءوا ليأخذوا الشهادة، فما الحل؟ أنترك هذه المدارس ونقول: عليكم بالدراسة في المساجد وفي البيوت أما هذه المدارس والمعاهد والجامعات فاتركوها، أم نصحح النية ونقرأ في هذه الجامعات؟ أيهما أولى؟ الثاني وهو أن نصحح النية، وكيف نصحح النية؟ من المعلوم في الوقت الحاضر أن الإنسان لا يمكن أن يرتقي إلى مكان ومنزلة ينفع بها الناس إلا إذا كان معه شهادة، ولهذا إذا قال: ليس معي شهادة، ركلوه، فإذا طلبت العلم في هذه المدارس والمعاهد والجامعات من أجل أن تنال الشهادة التي ترتقي بها إلى مكان تنفع الناس به، فهذه النية نية صحيحة يثاب عليه العبد، فأنت -يا أخي- ادخل المدارس والمعاهد والجامعات بنية أنك تريد شهادة تتمكن بها من نفع الناس تكون مديراً تكون وزيراً تكون أستاذاً؛ لأنه لا توجد مرتبة كهذه إلا إذا كان لديك شهادة.

التحلي بالأخلاق الفاضلة

التحلي بالأخلاق الفاضلة ثانياً: أحث طالب العلم على التخلق بالأخلاق الفاضلة؛ لأنه لا فائدة للعلم إلا أن تعمل به، ولهذا قال الله عز وجل: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم:1] وهذا العلم: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:2-4] . فلا بد أن يكون طالب العلم على خلق فاضل، أسأل الله أن يهديني وإياكم لأحسن الأخلاق والأعمال حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) احرص كل الحرص على حسن الخلق، ومن حسن الخلق أنك إذا لقيت صاحبك فسلم عليه، قل: سلام عليك؛ لأن هذا من الأخلاق الفاضلة، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الأخلاق الفاضلة وعلى السلام بالذات، فقال في حق المسلم على أخيه: (إذا لقيته فسلم عليه) وقال صلى الله عليه وسلم: (والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) أظهروه وأعلنوه وأكثروا منه. ولقد كان بعض السلف يدخل إلى السوق ليسلم على الناس كيف يدخل ليسلم؟! أليس الناس يدخلون السوق ليربحوا؟ A بلى. وهذا يدخل ليربح، لأنه إذا سلم مرة كان له عشر حسنات، وهذا ربح عظيم. فمن الخلق أن تسلم على من لقيت من المسلمين، وأما من غير المسلمين فلا تسلم عليهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن نبدأ اليهود والنصارى بالسلام وغيرهم كذلك. فإذا قال قائل: إذا لقيت شخصاً هو أصغر مني فهل أبدؤه بالسلام، أم أقول: أنا أحق منه أن يبدأني بالسلام؟ أقول أيها الإخوة: لا تأخذك العزة بالإثم فتقول: أنا الأكبر لي الحق، فقد كان من خلق النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يبدأ من لقيه بالسلام، مع أنه أشرف الخلق وأعظم الخلق حقاً على الخلق ومع ذلك يبدأ من لقيه بالسلام، لا تقل: أنا أكبر منه، ابدأ أنت ولك الأجر ولك الأسوة الحسنة برسول الله صلى الله عليه وسلم. فالسلام إذن من الأخلاق الفاضلة، ومن السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم. مسألة: هل يكفي من السلام أن تقول: مرحباً وأهلاً؟ لا يكفي؛ لأن الله تعالى ذكر السلام، وقال نبيه صلى الله عليه وسلم: (إذا لقيته فسلم عليه) ، وكذلك لا يكفي أن ترد على من سلم عليك وتقول: أهلا وسهلاً بأبي فلان، بل لا بد أن تقول: وعليك السلام، ثم ترحب.

مساعدة الإخوان

مساعدة الإخوان من الأخلاق الفاضلة التي ينبغي لطالب العلم أن يتصف بها: مساعدة إخوانه إن احتاجوا للمساعدة، سواء كان في مال يقرضه إياه، أو في طعام يحمله له، أو في ورقة يعينه على نقلها، المهم أن تعينه كلما احتاج إلى معونتك؛ لأن ذلك صدقة -كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة) فاحرص على نفع إخوانك، واعلم أن الجزاء من جنس العمل، فإذا أحسنت إلى إخوانك أحسن الله إليك، وأيهما أعظم: أن تحسن أنت إلى أخيك، أو أن يحسن الله إليك؟ الثاني أعظم، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) أي: أن عون الله للإنسان كعونه لأخيه. ولا تظن أن طلب المعونة إنما يجاب إذا كان من زملائك، لا تظن هذا، بل هذا وغيره أيضاً، حتى من الجيران، فلو أن أحداً طلب منك أن تعينه فأعنه؛ فإن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

المثابرة في طلب العلم والمصابرة عليه

المثابرة في طلب العلم والمصابرة عليه ومما ينبغي لطالب العلم إذا كان يريد العلم حقيقة: أن يثابر على العلم، أي: يداوم عليه ويصبر ولا يمل؛ لأن العلم صعب، والعلم إن أعطيته كلك أدركت بعضه، وإن أعطيته بعضك لم تدرك منه شيئاً، فاجتهد في المراجعة، واجتهد في المناقشة مع إخوانك بنية الوصول إلى الحق، اجتهد في تعاهد ما حفظت من العلم، وإذا قرأت تاريخ العلماء رحمهم الله تعجبت: كيف كانوا يصبرون هذا الصبر على طلب العلم؟! مع أنه ليس هناك كهرباء، ولا أدوات كتابية سهلة، الأشياء في ذلك الوقت كانت صعبة، ومع ذلك كانوا يبقون كل الليل يراجعون على قنديل يكادون لا يبصرون ما يقرءون، لكنهم جادون؛ لأنهم يعلمون أنهم في جدهم وطلبهم للعلم كالمجاهدين في سبيل الله عز وجل، ليس عملاً ضائعاً بل هو كالجهاد في سبيل الله، واسمع إلى قول الله تبارك وتعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً} [التوبة:122] (ينفروا) أي: في الجهاد، (كافة) لا يمكن هذا؛ لأنه لو نفروا كافةً في الجهاد لتعطلت شعائر الإسلام، فلهذا قال: {فَلَوْلا نَفَرَ} [التوبة:122] ومعنى (لولا) : هلَّا: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة:122] أي: وقعدت طائفة {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة:122] من الذين يتفقهون في الدين: النافرون أم القاعدون؟ القاعدون {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة:122] فانظر كيف جعل الله التفرغ لطلب العلم معادلاً للجهاد في سبيل الله. إذاً: أنت يا طالب العلم مجاهد في سبيل الله، وحاجة الناس إلى العلم أشد من حاجتهم إلى الجهاد؛ لأن الجهاد في ناحية خاصة وعمل خاص، لكن العلم في كل نواحي الحياة، العلم يعرف الإنسان بعقيدته في ربه عز وجل يعرف كيف يتطهر، وكيف يتوضأ، وكيف يصلي، وكيف يزكي، وكيف يصوم، وكيف يحج، وكيف يجاهد. والعلماء هم ورثة الأنبياء، وذلك في العبادة والخلُق والمعاملة والدعوة، إذا قاموا بهذا فقد ورثوا الأنبياء، أما العالم الذي لا يعمل بعلمه فليس بوارث للأنبياء، ولكن اعلم أنك ربما تطلب العلم وتتساهل في العمل به، لكن كلما طلبت العلم ازددت رغبةً فيما عند الله وحينئذٍ تعمل بالعلم، ولهذا قال بعض أهل العلم: طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله. سبحان الله! فالعلم الشرعي كله خير، فاعمل به تفز بربحه.

دور الآباء في توجيه الأبناء

دور الآباء في توجيه الأبناء ولعل ما ذكرناه من التوجيه بالنسبة لطلب العلم كافٍ، وبقي النظر: البنون والبنات لهم راعٍ يرعاهم، إذا كانوا صغاراً فإن الذي يرعاهم ويدير شئونهم هو أبوهم أو أخوهم الأكبر. (الرجل راعٍ في أهل بيته ومسئول عن رعيته) فيجب على أولياء الأمور ورعاة البيوت أن يحملوا أهليهم على عبادة الله عز وجل، وعلى الحرص في طلب العلم، وأن يشجعوا الأولاد، يقول: تعال يا بني! ماذا حفظت اليوم؟ اقرأ عليَّ ما حفظت؛ حتى يتشجع ويعلم أن وراءه من يتابعه، وكذلك يقال في البنات شجعهم، احملهم على العلم، احملهم على العمل به، ألَّف قلبك إلى قلوبهم، لا تكن كبعض الآباء يكون في بيته كالخشبة المسندة لا يحرك ساكناً، فإن الإنسان مسئول عن أسرته ورعيته. أسأل الله أن يعينني وإياكم على أداء الأمانة، والإنسان مؤتمن على أهله ولا بد أن يسأل: أين ذهبت يا ولدي؟ ماذا قال لك المدرس؟ ما هي دروسك؟ ويشجعه.

دور المدرسين في تربية الطلاب

دور المدرسين في تربية الطلاب وكذلك أيضاً بالنسبة لرعاة التلاميذ في المدرسة، وهم الأساتذة والمدرسون والمدراء، يجب عليهم أن يقوموا بما هو أصلح من حسن التعليم، وقوة الملاحظة، والحزم، حتى لا يفوت الوقت على الطلاب، ويجب على الأساتذة أن يظهروا أمام الطلاب مظهراً جميلاً يرغبهم في الخير، ومن المؤسف أنك تجد بعض المدرسين يدخل الفصل عابس الوجه مقطباً لا يريد من أي طالب أن يسأل ولا أن يناقش، بل تجده إذا ناقشه أحد من الطلبة زجره ووبخه؛ لأنه ليس عنده علم فيخجل، إن أجاب بالخطأ فضح نفسه، وإن سكت فضح نفسه، فينتهر الطالب ويقول: اسكت اجلس، والطالب إذا نهره الأستاذ مرة فإنه سوف يستحسر ولا يسأل. والذي ينبغي للمدرس أن يكون قوياً من غير عنف، حليماً من غير ضعف؛ حتى تستقيم له حياته مع تلاميذه. وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. وإلى الأسئلة، نسأل الله أن يوفقنا فيها إلى الصواب.

الأسئلة

الأسئلة

توجيه إلى سائقي باصات النساء وإلى النساء المتبرجات

توجيه إلى سائقي باصات النساء وإلى النساء المتبرجات Q فضيلة الشيخ! من الملاحظ على مدارس البنات كثرة السائقين من المسلمين والكفار وأشكالهم عجيبة في التجمل، يقفون قريباً من أبواب المدارس وقد يكون معه محرم أو لا يكون إلا طفلاً صغيراً أو لا يوجد أحد معه. ثانياً: المعلمات يلبسن ملابس مخالفة للحشمة والتستر فتحات وشفاف وضيق، فما توجيه فضيلة الوالد في ذلك؟ A أقول: إن الواجب على من يحمل النساء من طالبات أو معلمات أو موجهات أو مديرات أن يتقي الله في نفسه، وأن يبتعد عن أسباب الفتنة، ومن الفتنة: أن يخرج بأجمل ما يكون من اللباس وأحسن ما يكون من الهيئة، وكأن هذا اليوم يوم عرسه، وربما ينثر على نفسه من الطيب ما تفتتن به المرأة هذا ما أنصحه لله عز وجل، فإن تيسر أن يعرف الأمر من نفسه وإلا فالواجب أن يرفع أمره إلى المسئولين ويمنع، ولقد كانت الرئاسة العامة لتعليم البنات إذا رأت من أحد ما ينِمُّ عن فعل ما يفتتن به النساء فصلته، وهذا هو الواجب، وهي مشكورة إذا قامت بهذا. أما بالنسبة للنساء فلا يحل للمرأة أن تركب وحدها مع السائق، حتى لو كان بينها وبين المدرسة مسافة قريبة فلا يحل لها ذلك؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وما الذي يمنع أن يكون بينه وبينها كلام يَنِمُّ عن بلاء؟! قد لا يكون هذا في أول يوم ولا في ثاني يوم، ولكن مع كثرة المساس يقل الإحساس، ويتدرج مع المرأة شيئاً فشيئاً، لو لم يكن من ذلك إلا أنه يتلذذ بصوتها وتثور شهوته، والإنسان بشر، فلا يجوز للمرأة مهما كانت ومهما كان السائق أن تنفرد معه في السيارة. وكيف إذا كانت المرأة شابة وكان قائد السيارة شاباً؟! إنها ظلمات بعضها فوق بعض، نسأل الله السلامة. ثم إن على المتعلمات والمعلمات والمديرات وجميع النساء أن تخرج بثوب عادي، ولقد أحسنت الرئاسة صنعاً حيث جعلت الزي زياً واحداً، فجزاها الله خيراً، ولكن مع ذلك تريد الرئاسة الإصلاح وبعض النساء يردن الإفساد، تأتي بثوب جميل تحصل فيه الفتنة لمن شاهدها ثم تقتدي بها بقية النساء. فالواجب تقوى الله عز وجل على الجميع، نسأل الله تعالى أن يحمي بلادنا من كل سوء وشر وبلاد المسلمين عامة.

طرق الاستفادة من قراءة كتب العلم

طرق الاستفادة من قراءة كتب العلم Q فضيلة الشيخ! كيف أستفيد من قراءتي لكتب العلم حتى لا تضيع سدىً؟ A أولاً: الناس يختلفون في هذا، بعض الناس يكون عنده قوة في الحفظ والذكاء، فيحفظ الكتاب بمجرد أن يمر عليه مرة واحدة ويفهم المعنى، وبعض الناس يكون عنده حفظ وليس عنده ذكاء، وبعض الناس عنده ذكاء وليس عنده حفظ، لكن الناقص يجب أن يحاول تكميل نفسه بكثرة المراجعة، ومن أحسن الشيء أن تقدر -مثلاً- خمسة أسطر وتحفظها وتكررها حتى تكون عندك مثل الفاتحة، ثم تنتقل إلى موضع آخر، ثم تعيد ما حفظته بالأمس، ولقد كنت -أتحدث عما كنت أفعله- أتحفظ المتن في العصر وفي الصباح أراجع فأجدني قد حفظت، وبعض الناس يقول بالعكس: أتحفظ في أول النهار وأراجع في آخر النهار فأجدني حفظت، والإنسان أمير نفسه. ثانياً: إذا مرت بك فائدة عزيزة قلَّ أن تمر بك؛ فقيدها واجعل لك دفتراً خاصاً تقيد فيه هذه المسائل، ولهذا قيل: قيدوا العلم بالكتابة. ثالثاً: احرص على أن تتباحث مع زملائك وتنهي الأمر إلى الشيخ، لأنه مع المباحثة يتفتح الذهن، ويتعود الإنسان على المناظرة، ونحن في هذا العصر محتاجون إلى جودة في المناظرة؛ لأن أهل الفسوق والفجور عندهم من قوة البيان وطلاقة اللسان ما قد يضيع الحق بباطلهم.

أهمية النية في الأعمال

أهمية النية في الأعمال Q فضيلة الشيخ! الطالب الذي يتجه لدراسة العلوم العلمية كالطب والهندسة وغيرها مما يخدم الناس، هل ينقص أجره أم لا؟ وكيف السبيل الصحيح لهذا؛ لأن الطلاب لو توجهوا إلى العلوم الشرعية لما وجد من يخدم في المجالات العلمية العملية؟ آمل التوضيح. A هذه العلوم في حد ذاتها ليس فيها أجر؛ لأنها لا تَمُتُّ إلى الشريعة بصلة من حيث أن الشريعة لا تقوم إلا بها، إذ أن الشريعة تقوم بدونها، فهي في حد ذاتها ليس فيها أجر، لكن إذا نوى الإنسان بها سد حاجة الناس واستغناءهم عن غيرهم صار له الأجر بهذه النية، وقد رأيت كلاماً لبعض العلماء قال: إن مثل هذه الأمور تعلمها من فروض الكفاية؛ لأن الناس محتاجون إلى الصنعة، ومحتاجون إلى البناء، ومحتاجون إلى الأعمال التي يطلبها هؤلاء، والنية لها تأثير كبير في حصول الأجر، فتنوي أنت إذا لم يكن لديك رغبة في طلب العلوم الشرعية، تنوي بذلك أنك تريد أن تسد بعلمك حاجات المسلمين، فالناس محتاجون، وينبغي أن نكون أمة نستغني عن غيرنا. والآن لو قلت لك: إننا نفتقر إلى غيرنا في أشياء كثيرة، لكن الحمد لله بدأت الأمور الآن تتحسن، وبدأت الصناعات الآن في بلادنا تتطور ونرجو لها مستقبلاً أزهر.

حكم ما يمنع من وصول الماء إلى الجلد من غراء ونحوه

حكم ما يمنع من وصول الماء إلى الجلد من غراء ونحوه Q فضيلة الشيخ! أصيبت بعض أصابعي بغراء قوي يصعب إزالته حيث أن هذه المادة تحجب الماء من الوصول إلى الجلد عند الوضوء، وإني عندما أقوم بإزالته يلحقني ضرر من ذلك، فماذا أصنع؟ A أولاً: ادفع، بمعنى: قبل أن تستعمل هذا الغراء اجعل على يدك قفازين من البلاستيك، فما دمت تعرف أنك سوف تمارس هذه المهنة فاجعل قفازين من البلاستيك، وهذه تمنع أن يعلق بك شيء من هذا الغراء. ثانياً: إذا قدر أنك لم تلبس القفازين فهل الغراء لا يذوب بأي شيء، أم له أشياء تذيبه؟ له أشياء تزيله وهو البنزين أو القاز (الكيروسين) لكن ذكر لي بعض الناس: أن بعض الغراء لا يزيله بنزين ولا قاز، وأنه لا يذهب إلا إذا ذهب شيء من الجلد معه، فمثل هذا لا تلزم إزالته، ويكفي أن يمر عليه الماء، وإن حصل أن تمسحه مع مرور الماء عليه فهذا أحسن.

السفر في طلب العلم

السفر في طلب العلم Q فضيلة الشيخ! طالب العلم الذي يفارق أهله من أجل طلب العلم هل يزيده ذلك قربةً عند الله؟ وأرجوك يا شيخنا أن تذكر بعض فضائل طلب العلم التي وردت في الكتاب والسنة مما يشجعنا ويجعلنا نزداد في طلب العلم؟ A لا شك أن كون الطالب يبحث عن العلم حتى في بلاد أخرى ثم يهاجر إلى طلب العلم أنه أفضل ممن يطلب العلم في بلده، مع تساوي نوع الطلب ونوع العمل بالعلم؛ لأن هذا فارق الأوطان وفارق الأهل وفارق المألوف من أجل تحصيل العلم، فيكون هذا أفضل، كما أن الغالب أن الذي يسافر لطلب العلم يكون أكثر تفرغاً من الذي يطلب العلم في بلده؛ لأنه في بلده قد يشغله أهله في حاجاتهم أو غير هذا فيفوته خير كثير، ثم إن طالب العلم الذي يسافر في طلب العلم يلتقي بأناس لا يجدهم في بلده، والغالب أن الأصدقاء من البلد يلهون الإنسان، والأصدقاء من غير البلد ما داموا جاءوا كلهم لطلب العلم سوف يساعدونه على طلب العلم. أما طلبه أن أذكر فضائل العلم فهذا موجود في الكتب.

توبة شاب كان يسرق النقود من أبيه

توبة شاب كان يسرق النقود من أبيه Q فضيلة الشيخ! أنا شاب أبلغ من العمر خمس عشرة سنة -ملتزم ولله الحمد- وكنت أسرق من أبي بعض النقود وهو لا يعلم عني وهي مبالغ كثيرة لا أعلم قدرها، والله يعلم أني نادم على ما فعلت، والآن أنا عندي مسجد وأستلم منه مكافأة ولكن المكافأة تذهب مني إلى أهلي حيث أنني عليَّ التزامات، وهناك أناس قد سرقت منهم وأنا لا أستطيع إرجاعها إليهم فلا أملك نقوداً وأستحي منهم، فماذا أصنع؟ A أقول: هذا الأخ قد بارك الله له في عمره، فإن عمره خمس عشرة سنة، وقد سرق من أبيه وسرق من الناس وصارت عليه ديون كثيرة، نسأل الله أن يعينه على أدائها إلى أهلها، وما دام الرجل إمام مسجد وملتزم وعليه ديون، فإنه يجوز أن يدفع له من الزكاة ما يقضي به دينه؛ لأنه داخل في قوله تعالى: {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة:60] لكن إذا خشي الإنسان أنه لو أعطاه ليقضي الدين صرفه في كماليات وترك الدين، فهناك لا يُعطه بل يذهب إلى الدائن ويسدد عنه. بقي أن يقال: كيف يتخلص من قوم سرق منهم؟ هل يذهب إليهم ويقول: أنا سرقت منكم؟! لكن هناك حيلة، وهي أن يرسل بالبريد المضمون، ولكن وهذه فيها إشكال، وهو أنه قد لا يسلم إلى يد صاحبه، لكن بعض الناس يكتب: خاص يسلم بيده ولا يفتحه إلا هو، وهذا يكتب على الظرف وأحياناً يأتينا هكذا، فهنا إذا علمنا أنه وصل أرجو ألا يكون فيه بأس. وهناك طريقة أخرى: ما دام أنه إمام مسجد فإنه يستطيع أن يذهب إلى صاحبه الذي سرق منه ويقول: هذه دراهم من رجل يقول لي سلمها لفلان فإني قد سرقتها منه. وهذا صحيح؛ لأنه قال: من رجل، وهو رجل قد سرقها، وهذه أيضاً أحسن من الأولى؛ لأنه يطمئن إلى وصولها إلى صاحبها. وهناك حل ثالث: أن يضعها في سيارة المسروق منه، أو يلقيها إلى بيته، لكن في السيارة أخشى أن يجدها أحد الركاب، لكنه إذا عين وقال: هذه إلى فلان وعين اسمه، فتبرأ الذمة إن شاء الله.

السنة في الدعاء للميت بعد الدفن

السنة في الدعاء للميت بعد الدفن Q فضيلة الشيخ! شاركت في تشييع جنازة في إحدى مدن القصيم، وبعد الدفن ورش الماء وقف المشيعون للدعاء على الميت ولكنهم أطالوا الوقوف جداً وقالوا: هذه هي السنة، حيث ورد أن الوقوف ما يعدل ذبح جزور وتقسيم لحمه، فما صحة ذلك؟ ومتى يكون الوقوف؟ وما هي الأدعية الواردة؟ ومن لم يقف إلا قصيراً ثم ينصرف هل ينال الأجر الموعود به؟ A إذا فرغ الناس من دفن الميت فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: (استغفروا لأخيكم فإنه الآن يسأل) ، ولم يكن يدعو بهم دعاءً جماعياً بل كل إنسان يدعو لوحده، ولم يكن يطيل الوقوف، ومن عادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا دعا دعا ثلاثاً، وعليه فيكفي أن تقف وتقول: اللهم اغفر له، اللهم اغفر له، اللهم اغفر له اللهم ثبته، اللهم ثبته. اللهم ثبته، وتنصرف، وأما الجلوس أو الوقوف بقدر ما تنحر الجزور ويقسم لحمها فهذا قاله عمرو بن العاص رضي الله عنه وأوصى به، ولكن هذا ليس من الهدي العام للنبي صلى الله عليه وسلم ولا للصحابة، فهو أوصى به اجتهاداً منه رضي الله عنه، وقال: [حتى أراجع رسل ربي] أي: الملائكة الذين يسألونه. والذي أرى: أن يؤخذ بما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال: وصية عمرو بن العاص رضي الله عنه اجتهاد منه، والسنة قائمة بعدم ذلك.

حكم من أدركها الحيض وهي صائمة

حكم من أدركها الحيض وهي صائمة Q فضيلة الشيخ! إذا نزل دم الحيض قبل المغرب بربع ساعة أو ثلث ساعة قبل الأذان وأنا صائمة صيام التطوع، فهل يجب عليَّ قضاؤه؟ A إذا نزل دم الحيض على الصائمة ولو قبل الغروب بلحظة بطل صومها، فإن كان صوماً واجباً وجب عليها أن تقضيه، وإن كان تطوعاً فهي بالخيار: إن شاءت قضته وإن شاءت لم تقضه، لكن إذا كان صومها لهذا اليوم تطوعاً لكونه يوماً معيناً فلا تقضي. مثاله: امرأة من عادتها أن تصوم الإثنين والخميس، وفي آخر يوم الإثنين قبل الغروب أتاها الحيض ففسد صومها، فهل تقضي ذلك اليوم؟ الجواب: لا تقضه، لأنه صوم مسنون في يوم معين وقد فات اليوم، فهو سنة فات محلها. مسألة: لو أن المرأة أحست عند الغروب بمغص الدم -دم الحيض- ولكن لم يخرج إلا بعد الغروب بخمس دقائق، فهل يفسد صومها؟ لا يفسد؛ لأنه لا يفسد إلا إذا خرج الحيض.

كيف يكون المدرس أو المدرسة داعية إلى الله؟

كيف يكون المدرس أو المدرسة داعية إلى الله؟ Q فضيلة الشيخ! أنا معلمة في إحدى المدارس أعلم المواد العلمية، وتتوق نفسي لأن أكون داعية إلى الله وأحمل لهم التدريس ما الله به عليم، غير أني لا أجد صلةً بين تخصصي وبين ما أريد وهو الدعوة إلى الله، ولطالما وقفت حائرة عند سؤال بعض تلميذاتي: ما الغرض من دراسة هذه المادة؟ سؤالي يا فضيلة الشيخ: كيف أجعل من هذا التخصص البعيد عن الشرع وسيلة للدعوة إلى الله؟ ولي طلب أخير: أن تدعو الله أن يهديني ويهدي بي وأن يحلل عقدةً من لساني. A أقول: إذا كانت المرأة أو الرجل يريد أن يكون داعيةً إلى الله وتخصصه في العلم الذي نجح فيه بعيد عن هذا الغرض؛ فإنه يمكن أن يدعو الله بما عنده من العلم الآخر ولو يسيراً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) وإذا كان تخصصه بشيء يتعلق بالأحياء فبإمكانه أن يشرح كيف ركب الله البدن، وكيف جعل فيه هذه القوى، البدن الآن فيه معامل مختلفة، انظر إلى طعامك كيف يدخل وكيف يخرج؟ ما الذي حوله من حاله الأولى عند دخوله إلى حاله الثانية عند خروجه؟ الله عز وجل، لكن بما أودع في الجسم من المعامل والتكريرات، فيمكن إذا كان هو عالم بهذا أن يدعو إلى الله بهذه الواسطة، كما قال الله عز وجل: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:21] إذا كان عالماً بالجيولوجيا والنبات فإنه يمكن أن يشرح للتلاميذ ما يتعلق بهذا مما يدل على كمال الله عز وجل وقدرته، وقد قال الله تعالى: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} [الذاريات:20] .

توبة المرابي

توبة المرابي Q فضيلة الشيخ! أبشرك بأن كثيراً من الذين يعملون في البنوك الربوية في قلق من عملهم، وقد رجع عدد منهم إلى الله وترك عمله ويسر الله له عملاً خيراً منه، ولكن سؤالي يا فضيلة الشيخ الذي حيرني: توبة المرابي كيف تكون: هل يخرج من جميع ماله المحرم الذي اكتسبه، أم ماذا يصنع؟ حيث أني قرأت لأهل العلم كلاماً مختلفاً: منهم من قال: يتخلص مما في يده من المال المحرم إن كان عالماً بالحرمة، فإن لم يكن فلا يخرج شيئاً، ومنهم من قال: له كل ما في يده قبل التوبة تسهيلاً له في التوبة، ومنهم من قال: يتخلص من الربا كله؛ لأن الله يقول: {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [البقرة:279] فما هو الحكم الذي تؤيده الأدلة جزاك الله عنا خيراً، ويسر لإخواننا طريق الخلاص من كل محرم؟ A الذي يظهر لي: أنه إذا كان لا يعلم أن هذا حرام فله كل ما أخذ وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام فلا يخرج شيئاً، وقد قال الله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:275] . أما إذا كان عالماً فإنه يتخلص من الربا بالصدقة به تخلصاً منه، أو ببناء مساجد أو إصلاح طرق أو ما أشبه ذلك.

حكم خروج المتوفى عنها زوجها وقت العدة وما تمنع منه

حكم خروج المتوفى عنها زوجها وقت العدة وما تمنع منه Q فضيلة الشيخ! امرأة معتدة عدة وفاة، وقد خلَّف زوجها أموالاً وعقاراً فكان من نصيبها فِلة، وبدأت تؤثث هذه الفِلة، فتقول: هل يجوز لي أن أذهب إلى الفِلة في وقت النهار لترتيب الأثاث في مكانه المناسب والإشراف عليه، أم يجب عليَّ البقاء في المنزل؟ A أرى أنه يجب عليها البقاء في المنزل الذي مات زوجها وهي فيه؛ لأن تأخير تأثيث الفِلة حتى تنتهي العدة لا يضر، لكن إن احتاجت إلى الخروج فإنها تخرج نهاراً وترجع ليلاً. أما الأشياء التي تمنع منها المحتدة فهي: أولاً: التحلي أي: لبس الحلي بجميع أنواعه، سواء كان في اليدين أو في الأذنين أو على الرأس أو في الرجلين، المهم يجب عليها أن تتجنب جميع أنواع الحلي في أي مكان من بدنها. ثانياً: يجب أن تتجنب كل لباس الزينة، كل ما يعد زينة، وأما ما لا يعد زينة فلها أن تلبسه، سواء كان أخضر أو أسود أو أحمر أو أبيض، ليس هناك لون يجب أن تتقيد به، المهم ألا يكون ثوب زينة، بمعنى: ألا يقال إن المرأة تجملت. ثالثاً: الطيب يجب عليها أن تتجنب جميع أنواع الطيب، لا الدهن كالعود والورد ونحوه، ولا البخور، إلا إذا طهرت من الحيض فلا بأس أن تستعمل البخور شيئاً يسيراً. رابعاً: تزيين الجسم فلا تكتحل، ولا تتورس كمحمر الشفاه مثلاً، ولا تتمكيج، فكل هذا ممنوع. وأما الاغتسال فلها أن تغتسل كما شاءت في الليل أو في النهار، في الجمعة أو غير الجمعة، وكل هذا لا يضر. خامساً: ألا تخرج من بيتها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، بل تبقى فيه ليلاً ونهاراً حتى تنتهي العدة؛ لأن الله قال: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} [البقرة:234] أي: ينتظرن في بيوتهن أربعة أشهر وعشرة أيام. وإن كانت حاملاً؟ فإلى وضع الحمل، طالت المدة أو قصرت، ولهذا يمكن أن تنتهي المرأة من الإحداد قبل أن يدفن زوجها إذا كانت حاملاً، بأن تكون -مثلاً- في الطلق حين مات الزوج، وحين خرجت روحه خرج الطفل من بطنها، نقول: هذه الآن انتهت عدتها وإحدادها، وإن بقيت عشرة أشهر فتبقى حتى تضع؛ لقول الله تبارك وتعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4] .

حكم مخالطة قاطع الصلاة

حكم مخالطة قاطع الصلاة Q فضيلة الشيخ! أنا عامل أعمل مع مجموعة من المسلمين في عمل، ولكني لم أشهد على هؤلاء العمال أنهم ركعوا لله ركعة عدا العيدين فقط لمدة عام، فما واجبي نحوهم وقد نصحتهم كثيراً؟ وما واجب صاحب العمل؟ وبماذا تنصحه؟ وهل يصيرون بفعلهم كفاراً يحرم أن أبدأهم بالسلام والتحدث؟ ولكم أفضل الجزاء. A الواجب على من كان مشاركاً لهؤلاء في أعمالهم وهم لا يصلون أن ينصحهم أولاً، ويحذرهم من عقوبة الله سبحانه وتعالى، ويبشرهم بما لهم إذا قاموا بطاعة الله، فإن نفع بهم ذلك فهو ذاك، وإن لم ينفع وجب عليه أن يبلغ صاحبهم الذين يعملون عنده، يبلغه عن أحوالهم، وهذا الذي يعملون عنده يجب عليه أن يأمرهم بالصلاة، فإن لم يفعلوا وجب أن يسفِّرهم؛ لأنه لا خير فيهم، ولا يحل السكوت عليهم، بل الواجب أن ينصحوا أولاً ثم يسفَّروا إلى بلادهم ثانياً.

اللقاء الشهري [68]

اللقاء الشهري [68] في هذه المادة يتحدث الشيخ عن تفسير بعض آيات سورة الفرقان، مع ذكر بعض الفوائد والتوجيهات، ثم بعد ذلك يجيب عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

في ظلال سورة الفرقان

في ظلال سورة الفرقان الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر ما لم يوجد مانع، وهذا اللقاء هو الثامن والستون من اللقاءات الشهرية، وهذه الليلة هي ليلة الأحد السادس عشر من شهر جمادى الثانية عام (1420هـ) . وسوف نتكلم في هذا اللقاء عما بقي من آيات آخر سورة الفرقان. وقد انتهينا إلى قول الله تبارك وتعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان:77] ولا حرج علينا أن نعيد ما قبلها لما فيه من الفائدة. يقول الله تبارك وتعالى: {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً} [الفرقان:75] (أولئك) أي: الذين اتصفوا بتلك الصفات السابقة من قوله: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً} [الفرقان:63] إلى هذه الآية: {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} [الفرقان:75] والذي يجزيهم ذلك هو الله عز وجل، لكنه لم يسم للعلم به، والشيء المعلوم إذا لم يسم فلا حرج، أرأيتم قول الله عز وجل: {وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً} [النساء:28] فإن الخالق هو الله، حذف لأنه معلوم. إذاً: {يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ} [الفرقان:75] الذي يجازي هو الله عز وجل، وحذف لأنه معلوم، لا أحد يمكن أن يدخل أحداً الجنة إلا الله عز وجل، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن أهل الجنة إذا مروا على الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار واقتص لبعضهم من بعض الاقتصاص النهائي الذي يزيل الغل والحقد في الصدور، فإذا أتوا إلى باب الجنة وجدوه مغلقاً، يحتاجون إلى أن يشفع لهم أحد في فتحه، فيشفع النبي صلى الله عليه وسلم. هذا بعد أن وصلوا إلى الجنة فكيف إذا لم يصلوا إليها؟! لا يمكن الوصول إلى الجنة ولا يمكن جزاء الغرفة إلا من قبل الله عز وجل، وقولنا: الغرفة، المراد به الجنس، وإلا فهي أكثر من واحدة، كما قال تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ:37] غرفات: جمع غرفة، فالمراد بقوله: (الغرفة بما صبروا) المراد الغرفات وهي غرفات الجنات، كما قال عز وجل: {لَكِنْ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [الزمر:20] .

أنواع الصبر

أنواع الصبر وقوله عز وجل: {بِمَا صَبَرُوا} [الفرقان:75] الباء هنا للسببية، أي: بسبب صبرهم، و (ما) مصدرية؛ لأن ما بعدها يؤول بالمصدر، وتقدير الكلام بعد (ما) المصدرية: بصبرهم، أي: يجزون الغرفة بصبرهم، والصبر: الحبس، ومنه قول العرب: قتل فلانٌ صبراً أي: محبوساً مقيداً. والمراد بالصبر هنا الصبر على ثلاثة أمور: الأول: الصبر على طاعة الله. الثاني: الصبر عن معصية الله. الثالث: الصبر على أقدار الله.

الصبر على الطاعة

الصبر على الطاعة فالصبر على طاعة الله: أن يحبس الإنسان نفسه على الطاعة فيتمها ويتقنها ويجيدها. وهل يحتاج هذا إلى معاناة؟ A نعم يحتاج إلى معاناة، لا سيما مع ما شق في الطاعة، فإن الإنسان يجد معاناة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرباط من جملة أوصاف المرابطين: (وإسباغ الوضوء على المكاره) وفي رواية: (في السبرات) أي: أيام البرد؛ لأن أيام البرد يشق على الإنسان أن يتوضأ لبرودة الماء. كذلك الصلاة تحتاج إلى معاناة وصبر، وليس الصبر في الصلاة على مجرد الحركات البدنية، فالحركات البدنية قد تكون سهلة مثل: القيام والركوع والسجود، هذا قد يكون سهلاً، لكن هناك صبر شاق متعب، وهو صبر القلب على عدم الوساوس، على عدم السرحان يميناً وشمالاً، وأكثرنا -نسأل الله أن يعاملنا بعفوه- أكثرنا يصلي ولكن قلبه ليس مصلياً، قلبه يجول يميناً وشمالاً، فهل نقول: إن هذا صابر؟ لا، ما صبر، فاحبس القلب، اجعله يتدبر ما تقول ويتأمل ما تفعل، فإذا قرأت الفاتحة فاصبر نفسك على أنك تخاطب رب العالمين جل وعلا، وإذا قلت: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] فالله يقول لك: حمدني عبدي، وإذا قلت: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3] فالله يقول لك: أثنى عليَّ عبدي، إذا قلت: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] فالله يقول: مجدني عبدي، وإذا قلت: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] قال: هذا بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل. فاصبر قلبك على أنك تستحضر هذا المعنى العظيم. ثم اذكر قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق:16] يعلم الوسوسة والذي يوسوس به، وحينئذٍ يكون هذا عوناً على حضور القلب، والشيطان سوف يهجم عليك، وإذا صددت القلب عن الهواجس في هذا الشيء فتح لك باباً ليس له قيمة ولا ينفعك لا في دينك ولا دنياك، فإذا سددته فتح آخر، لم يكن يطرأ على بالك أبداً وهلم جرا. فاصبر قلبك واحبسه عن الهواجس، وأحضره معك في صلاتك. هذا صبر على الطاعة. والإنسان في الحج يجد مشقةً عظيمة في الزحام في الطواف في السعي في رمي الجمرات في الطريق، فاصبر نفسك، لا تقل: ليتني ما حججت هذا العام. اصبر نفسك واحبسها على هذه المشقة. وهذا صبر على طاعة الله. وفي الصيام في أيام الصيف النهار طويل، والجو حار، والبدن يحتاج إلى رطوبة، فتنشف الأعضاء ويتألم الإنسان، ولكن اصبر نفسك، لا تتأسف على صوم تطوع، ولا تمل من صوم واجب. وكذلك طاعة الوالدين، قد يأمرك الوالد بما لا تريد، لكن ليس عليك فيه ضرر وله فيه مصلحة، فاصبر عليه وإن كنت لا تريده. والأمثلة على هذا كثيرة.

الصبر عن المعصية

الصبر عن المعصية والقسم الثاني: الصبر عن المعصية، بمعنى: أن نفسك إذا دعتك إلى معصية فامنعها، ذكرها بالله، خوفها من العقوبة، فلو دعتك نفسك إلى أن تشرب الخمر -والعياذ بالله- وامنعها، وبين لها ما فيه من الضرر. لو دعتك نفسك إلى الزنا بالعين أو بالأذن أو بالفرج فاصبر نفسك، وغض الطرف، وأعرض عن السماع، وحصن فرجك، وربما تجد من ذلك صعوبة لا سيما مع قوة الداعي وقلة المانع؛ فالداعي إلى الزنا في الوقت الحاضر قوي، فإذا نظرت إلى وسائل الإعلام وإلى الشيء الفاضح، سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة تجده قوياً جداً، كذلك أيضاً الداعي إلى هذا قوة الشباب، والفراغ، والأمن، والنعمة، كل هذه من أسباب تسهيل الزنا والعياذ بالله! وإذا نظرت إلى المانع فإذا هو ضعيف الإيمان ضعيف، والرادع السلطاني ضعيف، انظر إلى البلاد يمينك وشمالك تجد أن الرادع هش، لا يقيمون الحدود، وسمعنا والعهدة على الناقل: أن في بعض قوانينهم أنه إذا كان الزنا بين رجل وامرأة باختيارهما ولا زوج للمرأة فإنه لا عقوبة!! نعوذ بالله! هذا تعطيل لحدود الله. وإن كان لها زوج ورضي بذلك فلا عقوبة، وإن طالب فله حق! وهذا القانون باطل، والإعراض عن حكم الله واتباع هذا قد يؤدي إلى الكفر المحض والعياذ بالله. فإذا صبر الإنسان نفسه مع قوة الداعي وقلة المانع كان هذا من الصبر المحمود. أيهما أشد كلفة على الإنسان: الصبر على الطاعة، أو عن المعصية؟ الأصل أن الصبر على الطاعة أشد؛ لأن فيه حمل الناس على الفعل، والفعل أهون من الترك، لكن قد يكون في بعض الناس الصبر عن المعصية أشق عليه، ولكلٍ درجات مما عملوا.

الصبر على أقدار الله

الصبر على أقدار الله القسم الثالث: الصبر على أقدار الله وأقدار الله عز وجل هي ما يقدرها على العباد، وهي دائرة بين أمرين: بين الإحسان والعدل، كل ما يقدره الله على العبد من مصائب دائر بين أمرين: إما إحسان وإما عدل الإحسان: أن يقدر الله مصيبة على العبد ولا يعلم لها سبباً، هذه إحسان، وأما التي يعلم أن لها سبباً فهذا عدلٌ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى:30] . وما منا أحد إلا يصاب، والمصيبة مصيبة الدين, ولهذا نقول في دعاء القنوت: اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا. الدنيا مهما كانت مصيبتها فهي هينة، غاية ما فيها الموت، والموت انتقال من أدنى إلى أعلى بالنسبة للمتقين، قال الله عز وجل: {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى} [النساء:77] مصيبة الدنيا سهلة بالنسبة لمصيبة الدين، مصيبة الدين -والله- أعظم وأشد على العاقل، أما الدنيا فكما قلت لكم أولاً: الحال لا تدوم وكما قيل: دوام الحال من المحال. والثاني: أنها أنهى ما تكون أن توصل إلى الموت الذي لا بد منه. والصبر على أقدار الله: ألا يتسخط الإنسان بقلبه ولا بلسانه ولا بجوارحه ألا يتسخط بقلبه بأن يسخط على الله عز وجل ويقول: كيف ابتلاني ولم يبتلِ فلاناً؟ يا أخي! من أنت؟ ألست عبداً لله؟! إذا كنت كذلك فالسيد يفعل بعبده ما شاء، ثم اعلم أنك لا تصاب بمصيبة وإن قلَّت إلا كُفَّر بها عنك سيئات أو رُفعت بها درجات، حتى جاء في الحديث: (إن الرجل ليطلب المفتاح من جيبه -يفتح الدار- ولا تقع عليه يده أول مرة يكتب له به أجر) لأنه يفزع، ويقول: لعله ضاع، أين وضعته؟ هذا الفزع يكتب له به أجر، إلى هذا الحد!! حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الشوكة يشاكها يثاب عليها) . أنت مأجور، فكيف تتسخط من قضاء الله وقدره والخير لك؟! يقال: إن رابعة العدوية وهي من جملة العابدات أصيبت بمصيبة فقطعت أصبعها فلم تتأثر، فقيل لها في ذلك، قالت: إن حلاوة أجرها أنستني مرارة صبرها. ما شاء الله! أما التسخط باللسان: كأن يشكو الله عز وجل إلى الخلق، أو يقول: واويلاه! واثبوراه! وما أشبه ذلك. وأما التسخط بالجوارح: فشق الجيوب، ولطم الخدود، ونتف الشعور، وما أشبه ذلك، ويوجد أناس يفعلون هذا، وأعظمه وأقبحه وأشده: الانتحار والعياذ بالله! يوجد أناس إذا أصيبوا بالمصائب التي يعجزون عنها ذهبوا يقتلون أنفسهم، ولقد حكى لنا نبينا صلى الله عليه وسلم قصة رجل جُرح فلم يصبر، ففعل ما لا يجوز فعله، فأوجب الله له النار. والذي ينتحر تخلصاً من هذه المصيبة لن يتخلص، هو يظن أنه إذا مات استراح وليس كذلك، بل إذا مات فإنه معذب في نار جهنم بما قتل به نفسه خالداً مخلداً فيها أبداً. ولهذا ننعى إخواننا الذين يذهبون إلى بلاد فلسطين المحتلة ويفجرون أنفسهم بين جمع اليهود، ويظنون بذلك أنهم يتقربون إلى الله، ولكن هذا لا يزيدهم إلا بعداً؛ لأنهم يقتلون أنفسهم والعياذ بالله! وقتل النفس من كبائر الذنوب، يُعذب في النار بما قتل به نفسه. ولكننا لا نقول لهؤلاء: إنهم من هذا الصنف؛ لأنهم مجتهدون، يظنون أن هذا خير، والمتأول نرجو الله له العفو، لكن هذا العمل محرم شرعاً وليس من الجهاد في سبيل الله، وهو أيضاً خلاف المعقول فإذا قدرنا أنه قتل نفسه كم يقتل من اليهود؟ أكبر شيء اجعله يقتل خمسين أو مائة، فتأخذ اليهود بالثأر وتقتل مئات، وتزداد تعصباً لما ترى من استحلال البلاد، لكن أكثر الناس لا ينظر إلى العواقب ولا ينظر إلى الأمور العميقة. المهم يا إخواني: أن الصبر على أقدار الله مواضعه ثلاثة، وهي: القلب، واللسان، والجوارح، هذه أنواع الصبر، فقول الله عز وجل هنا: {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} [الفرقان:75] أي: بصبرهم، والصبر كما سمعتم ثلاثة أنواع. واعلم أن مما يسليك في المصائب أن تنظر إلى من حولك، هل من حولك قد أصيبوا أم لا؟ إنك لن ترى إلا مصاباً مثلك، أو أعلى منك، أو دونك، لكن لا يخلو أحد من مصيبة، إلا من قصر عمره فهلك قبل أن تناله المصائب، هذا إن قدر وجوده. فسلِّ نفسك بأقرانك وأصحابك، وقد كانت الخنساء ترثي أخاها صخراً وتقول: ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون مثل أخي ولكن أسلي النفس عنه بالتأسي

تفسير قوله تعالى: ((ويلقون فيها تحية وسلاما))

تفسير قوله تعالى: ((وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً)) {خَالِدِينَ فِيهَا} [الفرقان:76] خلوداً دائماً أبدياً، لا موت، ولا مرض، ولا نوم، ولا هم، ولا غم، ولا نصب، ولا تعب، حتى إن الرجل ليشتهي الثمرة على الغصن فيتدلى له الغصن حتى يأخذ الثمرة، قال الله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن:54] قال العلماء: إن الإنسان إذا اشتهى الثمرة انهزع الغصن بأمر الله عز وجل حتى يأخذ الثمرة بدون تعب. لا فيها غم ولا خوف، يقول الله تعالى لهم: (أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً) هذا والله النعيم، رضوان الله أبدي لأهل الجنة. اللهم اجعلنا من أهل الجنة. {خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} [الفرقان:76] يعني: ما أحسنها! وهذه الجملة تفيد التعجب، أي: ما أحسن مستقرهم! وما أحسن مقامهم! فهم في نعيم ومستقر آمنين: {لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر:48] . {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان:77] أي: لولا عبادتكم لم يعبأ الله بكم شيئاً ولأهلككم، ولولا دعاؤكم لأهلككم {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر:45] . {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ} والخطاب للكفار {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً} [الفرقان:77] أي: سوف يكون العذاب لزاماً لكم لأنكم التزمتم الكفر في حياتكم فلزمكم العذاب بعد مماتكم. اللهم نجنا من النار، اللهم نجنا من النار، اللهم نجنا من النار، وأسكنا دار القرار. وإلى هنا ينتهي الكلام على الآيات الأخيرة من هذه السورة. أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن تدبر كلامه وعمل به وصار قائده إلى جنات النعيم، إنه على كل شيء قدير. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الأسئلة

الأسئلة

خطر تتبع الموضات ولبس العباءات الفاضحة

خطر تتبع الموضات ولبس العباءات الفاضحة Q فضيلة الشيخ! مشكلة أراها انتشرت في مجتمعنا وابتلي بها أناس ذوو دين وخلق، ألا وهي لبس العباءات التي تكون على الكتفين مع تنوع أسمائها، مرة عمانية وأخرى فرنسية، فما قولك الفصل في هذه المسألة لعلنا نحصر هذه المشكلة قبل انتشارها بشكل أعظم؟ وأقترح على فضيلتكم -والأمر لكم- أن تكتب فتوى في ذلك وتوزع على مدارس البنات وغيرها من مجتمعات النساء. A أولاً: أنا أرى أن شعبنا -والحمد لله- شعب محافظ، قد بنى سلوكه ومنهجه على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى ما درج عليه سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم، هذا معظم شعبنا ولله الحمد، ولا إشكال في ذلك، وأحب بكل قلبي ألا ننتهز الفرص كلما جاءتنا موضة ذهبنا نأخذ بها. وهذه الموضات التي ترد إلينا: إما أن تخالف الشريعة وإما أن تخالف العادة، فإن كانت مخالفة للعادة دون الشريعة فإن اتباعها يعتبر سفهاً في العقل، إذ أي فرقٍ بين هذه العادة التي وردت والعادة التي نحن عليها؟ بل إن عاداتنا -والحمد لله- أقرب إلى الستر والمصونة من العادات الواردة. أما إذا كانت مخالفة للشريعة فكيف يرضى المسلم أن يتلبس بعادات قوم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر مخالفة لشريعة الله؟! ثم اعلم -يا أخي- أن التشبه بالكفار يزيد الكفار قوة ويزيدك ضعفاً، بغض النظر عن نوع الملبوس؛ لأنك إذا تشبهت بقوم فهذا يعني أنك جعلتهم سادة لك، وجعلت نفسك تابعاً لهم وهم متبعون إذاً: أنت أنزلت نفسك في منزل الذل وأنزلت أولئك في منزل العز؛ لأنه لولا أنك تعتقد أنهم أرقى منك لما قلدتهم، وهذه كثير من الناس يغفل عنها، كثير من الناس لا يعرف هذا، ويكفي أن نعلم أن أولئك إذا علموا أنك آخذ بعاداتهم فرحوا بهذا، وقالوا: نحن القادة ونحن السادة. فأود من كل قلبي ألا ننتظر كل موضة تخرج فنأخذ بها، ثم إننا إذا جعلنا نتتبع الموضات ألهانا ذلك عن مصالح ديننا ودنيانا، وصار الواحد منا -ولا سيما النساء- ليس له هم إلا أن ينظر ماذا حدث اليوم، ماذا ورد إلى السوق من اللباس، وما أشبه ذلك، وهذه مصائب تدل على ضعف الشخصية وعلى قلة الدين. والآن هناك شيء عجيب! فتحت مطاعم للأكل والشرب في بلد كـ عنيزة، بلد أهلها -والحمد لله- غالبهم مواطنون، فوجدنا أن أناساً يرتادون هذه المطاعم من أهل البلد الصميم يتعشون هم وأهلهم في هذه المطاعم! سبحان الله! عجائب! أيهما أحسن: عشاء أنت الذي توليته بنفسك وعرفت ما فيه وعرفت نظافته، أم طعام قد يكون بقايا طعام وضع بعضه على بعض وسخن في النار وكأنه مطبوخ الآن؟! ثانياً: أنت لا تدري، أحياناً قد يوجد في هذه المطاعم طعام متسمم. ثالثاً: كيف تخرج بعوائلك؟! بنات أعمارهن تسع عشرة سنة أو عشرون سنة أو خمس عشرة سنة، وشباب صغار، كيف تخرج بهم إلى هذه المطاعم؟! أليس من الأجدر بك وأنت الرجل المصون الحريص على سلامة عرضك، أليس الأجدر بك أن تبقى أنت وأهلك في بيتك؟! والله هذا هو الأجدر. فالحقيقة أن الإنسان كلما تفكر في المجتمع وجد هناك أشياء تَنِمُّ عن ضعف الشخصية، وعن قلة الدين، وعن سفه العقل. أما بالنسبة لهذه العباءات، فلا يشك أحد أن العباءة العادية التي كانت تلبسها نساؤنا أستر من هذه العباءات وأبعد من الفتنة، وأقوى للشخصية؛ حيث إن الإنسان لم يتنزل إلى ما ورده من غير المسلمين، وهذا يكفي في أن نرجح العباءات السابقة على العباءات الجديدة. ثم إننا نقول: بالله عليكم أيهما أستر: العباءة السابقة، أم هذه التي تبين الأكتاف وتبين العنق طوله من قصره، وربما تكون ضيقة تبين مقاطع الجسم؟ الأول أفضل وأستر، ثم لا ندري أيضاً ربما تتطور المسألة وتكون اليوم عباءة وغداً قميصاً، ويستطيع الواحد أن يقول: ما الفرق يبن هذه العباءة الكتفية وبين القميص؟ وتكون النساء تخرج بالقمص، وربما تتطور الدعوى ولا يكفي هذا، ربما تخرج بالقمص المفتوحة من الأمام والخلف وليس على المرأة إلا السروال، فالمسألة ليست تطوراً بل هي تدهور، وإذا لم يقم الرجال من أهل العلم والدين والعقل والمصونة على هذه العادات التي وردتنا فسوف تنتشر على وجه لا يمكننا أن نقوم أمامه؛ لأن الماء إذا كان قليلاً يمكن حبسه في أي حابس، لكن إذا جاء واد كبير فما الذي يسده؟! فالواجب على عقلائنا وأهل الدين منا وأهل العلم أن يحاربوا هذه الأشياء قبل أن تستفحل ويعجزوا عنها، واسألوا الدول الكافرة والمقلدة للكفار ماذا حصل لهم بالتفسخ والتبرج؟ حيث عجزوا الآن عن أن يقيموا حرماتهم وشخصياتهم.

التعلق بالمخلوقات وتصديق ما لا يعقل

التعلق بالمخلوقات وتصديق ما لا يعقل Q فضيلة الشيخ! رجل اشتهر بعلاج الأمراض وإجراء العلميات بدون جراحة، ويخبر الناس بما فيهم من الأمراض وظاهره الصلاح وأنه محافظ على الصلاة، ولا يطلب من الناس نقوداً، ولكن الناس تعلقوا به، وأعرف أناساً من هذه المنطقة يريدون السفر إليه وهو موجود في خارج هذه البلاد، فما حكم السفر إليه؟ وما تعليقكم؟ A يقولون: حدث العاقل بما لا يعرف، فإن صدق فلا عقل له. ما أُخبرنا أن أحداً يشفي الله المرضى على يده بمجرد المس بيده إلا عيسى عليه السلام. فأنا لا أصدق بهذا أبداً، وإن قدر أن الناس فتنوا به وحصل أن أحداً ذهب إليه وعالجه بدون عملية، فهناك شياطين تعمل له. لو قال لنا أحد: هذه الشمس ليست شمساً، إنما هي لمبات مكونة ومجموعة وتضيء الأرض، فلن نوافقه على هذا، وأي إنسان له عقل بل أدنى ذرة من عقل لا يمكن أن يصدق أن رجلاً من بني آدم يؤتى إليه بمرضى يحتاجون إلى عمليات فيعالجهم بدون جراحة سبحان الله عجائب! وهذا مما ابتلي به الناس اليوم، وصاروا يعتمدون على غير ربهم عز وجل ويتعلقون بالمخلوق، فيصدقون بما لا يعقل. فأقول للأخ الذي يريد أن يسافر: لا تسافر، ابق في مكانك واسأل ربك عز وجل، فالله على كل شيء قدير كم من أناس حفرت قبورهم، وجهز الماء لتغسيلهم، وجلبت الأكفان ليكفنوا فيها ولم يموتوا! لأن الله على كل شيء قدير، الذي أنزل المرض قادر على أن يرفعه ما لم يكن الأجل قد حل فلا فائدة ماذا قال زكريا حين بشره الله بالولد؟ وماذا قال الله له؟ {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنْ الْكِبَرِ عِتِيّاً} [مريم:8] {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} [مريم:9] من الذي أوجدك؟ إنه الله، فالله عز وجل قادر على أن يوجد لك ولداً، وأنا أقول للمريض: من الذي أمرضك؟ إنه الله، فالذي أمرضك قادر على أن يرفع المرض عنك، لكن الله تعالى يقول: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} [الطلاق:3] ولا بد أن أمره يبلغ مكانه: {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [الطلاق:3] قد يكون الله عز وجل قدر أن هذا المرض هو المرض النهائي، والدعاء حينئذٍ يكون رفعة للدرجات، وقد يكون الله قدر أن هذا المرض لا يزول إلا بدعاء فلان أو فلان فيدعو الله ويبرأ.

حكم إخراج الزكاة من صندوق العائلات

حكم إخراج الزكاة من صندوق العائلات Q فضيلة الشيخ! كثر في الآونة الأخيرة وضع العائلات صندوقاً خاصاً بأفرادها بحيث من يحتاج يقترض منه لأي غرض، فهل على ذلك الصندوق زكاة أم لا؟ أفدنا جزاك الله خيراً. A إذا كان الذين يضعون سهامهم في هذا الصندوق يعتقدون أن ملكهم باقٍ على هذا الذي وضعوه، بمعنى: أنه لو أراد أن يسحبه سحبه، وأنه لو مات ورث عنه، فالملك ملك الجميع وتجب زكاته. انتبه للتفصيل حتى يزول الإشكال أما إذا كان المساهم في هذا الصندوق يعتقد أن الدراهم خرجت عن ملكه ولن يستطيع سحبها ولن تورث من بعده، فهذه لا زكاة فيها؛ لأنها خرجت عن ملكه. السائل: أمين الصندوق هل يأثم إذا لم يخرجها؟ الشيخ: إذا وجبت الزكاة لا بد أن يخرجها، وكما قلت في التفصيل: يطلب من كل منهم أن يوكلوه في إخراج زكاتهم ويخرجها، وإن لم يكن توكيل فعلى كل واحد منهم أن يعرف ما وضع في هذا الصندوق ويخرج زكاته.

الأذان في مساجد الطرقات

الأذان في مساجد الطرقات Q فضيلة الشيخ! مسألة تحصل في مساجد الطرق، إذا دخل جماعة إلى المسجد وكان مسجد الطريق تقام فيه الجماعات مراراً، فهل يؤذن للصلاة فيه كل من دخل؟ وإذا لم يشرع الأذان فهل يقيم إمامهم الصلاة، أم يقيم غير الإمام؟ A إذا كان هؤلاء الجماعة الذين حضروا دخل عليهم الوقت وهم في البر لم يؤذنوا ولم يسمعوا أذاناً؛ فإنهم إذا وصلوا إلى المسجد يؤذنون ويقيمون الصلاة؛ لأنهم في البر لم يؤذنوا لأنفسهم ولم يكونوا في حكم المؤذَن لهم، أما إذا كانوا يسمعون الأذان وهم في الطريق ووصلوا إلى المسجد فإنهم يقيمون الصلاة بلا أذان.

ظاهرة الانهزامية في التمسك بالد~Aين

ظاهرة الانهزامية في التمسك بالد~Aين Q فضيلة الشيخ! أنا شاب ملتزم -ولله الحمد- ولكني أعاني من انهزامية شديدة، وأحس كأن عيون الناس تراقبني بعين الازدراء والسخرية، حيث إن ثوبي قصير وشخصيتي شخصية متدين، فما نصيحتك لي؟ وما نصيحتك لمن يزدري أمثال أولئك؟ A أولاً: ينبغي للإنسان أن يكون قوياً بدينه عزيزاً به، ما دام متمسكاً بدين الله حق التمسك فلا يهمنه أحد، وليعلم أنه لم يسلم أحدٌ من هذا؛ حتى رب العالمين جل وعلا كذبه بنو آدم وشتموه، قالوا: إن الله لا يقدر على أن يعيد الموتى، وهذا تكذيب، وقالوا: إن له ولداً، وهذا شتم، والنبي صلى الله عليه وسلم ما سلم من الناس، لا هو ولا غيره من الرسل، وكل إنسان مؤمن سيكون له عدو من المجرمين، كما قال عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ} [الفرقان:31] فما دمت -يا أخي- على حق فاعتز بالحق الذي أنت فيه: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون:8] حتى لو قال لك الشيطان: إن الناس يزدرونك. فقل: الحمد لله، إذا ازدروني على ديني فأنا فوقهم في هذا الدين. أما مسألة اللباس القصير، فاللباس القصير ليس هو الميزان، بل إن الميزان الأخلاق واتباع السنة، وبالنسبة للثوب الصحابة رضي الله عنهم كانت ثيابهم إلى الكعب، بل إن الحديث يدل على جواز لبس الثوب إلى الكعب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرتب العقوبة إلا على ما كان أسفل من الكعبين، وأنا أرى الناس ينفرون من صاحب الثوب الذي إلى نصف الساق أو لا يقبلون منه النصيحة، بعض الناس -والعياذ بالله- لا يقبل النصيحة ممن ثوبه إلى نصف ساقه، فما دام الأمر واسعاً فأكف الناس عن عرضي، وأتمتع بما أحل الله، ورب مفضول يكون أفضل. أما بالنسبة لمن يكره هؤلاء أو يستهزئ بألبستهم فننظر: هل قصده كراهة ما هم عليه، أم كراهتهم هم أنفسهم؟ إن كان قصده كراهة ما هم عليه من الحق، فهذا خطر، وقد يكون ردة عن دين الإسلام، وإن كان كارهاً لهم هم بأنفسهم؛ فهذا لا يكون ردة، لكنه مع ذلك يجب أن يصبر نفسه. وأضرب لكم مثلاً: لو أن رجلاً عالماً موثوقاً عند الناس محبوباً إليهم جعل ثوبه إلى نصف ساقه، ولا حاجة إلى التمثيل بالشخص، وآخر ليس له ذكر عند الناس ومغمور جعل ثوبه إلى نصف ساقه، فهل تكون النفس قابلةً للأول دون الثاني، أم هم على حد سواء؟ الأول تقبله أكثر من الثاني، وربما تقتدي به أيضاً، لذلك يجب على الإنسان أن يعرف قدر نفسه بين الناس، وما دام الأمر واسعاً والحمد لله فلا يكلف نفسه ما ليس بواجب، وفيه نفور الناس عنه وعدم قبول نصيحته إياهم.

حكم الصور التي تلصق بالجسم

حكم الصور التي تلصق بالجسم Q ما حكم هذه اللواصق التي توجد عند محلات الخياطة ومستلزماتها، وذلك بأن تقوم المرأة أو الفتاة بلصقه على جسدها أياماً وربما ساعات، وربما وضعته في أماكن لا يليق كشفها ولبست عليه لباساً شفافاً لكي يظهر، وهذا في المناسبات ونحوها بدأ ينتشر، وهو عبارة عن صور لحيوانات وحيات وعقارب وطيور وعلامات لها معانٍ عند الكفار وفراعنة وغيرها، وله جرم يمنع وصول الماء، فما حكم وضعه وشرائه وبيعه؟ وهل من نصيحة للآباء والأولياء الذين لا يعلمون ما يحدث في بناتهم؟ وقد حدثني شخص أنه ربما رسم وشماً على الجسد لا يخرج منه، جزاك الله عنا خيراً وجعلك مفتاح خير مغلاق شر. A هذا من الأمور التي ذكرتها من قبل وهي الانهزامية أمام ما يرد إلينا من أعدائنا. أولاً: هذه الصور لا يجوز أن تعلق على الأجسام مهما كان حتى لو كانت منفصلة، وهذه الآن الموجودة أمامي عقارب وقطط وشيء ما أدري ما هو، على كل حال: لو أن المرأة علقتها كان حراماً عليها، فكيف وهي تلصقها على عضوها ويمنع وصول الماء في الوضوء والغسل، وربما ينطبع منه صورة تبقى -كما قال السائل- وتكون كالوشم، وكل هذا حرام، ويجب أن يمنع، ومن رأى منكم أحداً من البقالات أو غيرها تبيع هذا الشيء فليبلغ المسئولين من أجل منعها، وإن كان ثمة عقوبة تعاقب، أما أن نجعل سباع بني آدم يلعبون بنا هذا اللعب، يأخذون دراهمنا ويؤثموننا! فهذا لا يليق يا جماعة، اتقوا الله، تآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، أي إنسان يرى هذا فالواجب عليه أن يبلغ المسئولين، إما هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإما المحافظة أو الإمارة حتى تصل إلى وزارة التجارة ووزارة التجارة يجب عليها أن تمنع هذا؛ لأنها مسئولة عند الله عز وجل أن تدخل هذه الأشياء بلادنا تفسد نساءنا وأشباه النساء والناس يتفرجون على هذا، ليس هذا بصحيح، تعاونوا على البر والتقوى. الخلاصة: وضع هذه الأوراق التي فيها صور على الثوب أو على الجسد محرم لا يجوز، وطبعه على الجلد حتى يكون فيها قشرة تمنع وصول الماء لا يجوز، ووضعه على الجلد حتى تنطبع الصورة ولا تزول بالماء لا يجوز، وتمكين نسائنا وسفهائنا من هذا لا يجوز، وإقرار الدكاكين التي تبيع هذا لا يجوز. الواجب علينا نحن الشعب إذا رأينا مثل هذا أن نرفع به إلى المسئولين، وعلى المسئولين أن يبلغوه أعلى مسئول في البلد حتى يقوم بمنعه، أما ترك الحبل على الغارب كل من شاء أن يأتي بشيء أتى به، ونحن مثل الدجاج التي يوضع لها الحب وفيه السم يأكل هذا الحب ويموت، فهذا غلط! أنتم المسئولون، أنا لا أستطيع أن أمشي على كل دكان وأنظر ما فيه، ولا أستطيع أن أغير كل شيء، لكن أنتم -والحمد لله- تستطيعون أن تنظروا إلى هذه الدكاكين وتناصحوهم أولاً، فإن اهتدوا فهذا المطلوب، وإلا فارفعوهم إلى المسئولين، هذا ما في ذمتكم، وأرجو من الأخ الذي أعطانا هذا أن يهبها لي وأتصرف فيها بما أريد.

هل يرث الإخوة لأم مع الجد؟

هل يرث الإخوة لأم مع الجد؟ Q فضيلة الشيخ! شخص ولد له ولد واحد فقط ثم توفي الأب -يرحمه الله- وخلَّف مالاً بعده، وعاش هذا الولد حتى بلغ من العمر ثلاث عشرة سنة وتوفي وخلَّف وراءه المال الذي ورثه من أبيه، وليس له إلا والدة وجد من أبيه وإخوة من أمه، فهل إخوته من أمه يرثون أم لا؟ وكم نصيب جده ونصيب أمه؟ A الإخوة من الأم لا يرثون إذا وجد أحد من الآباء أو الأجداد بمحض الذكور، بمعنى: أن الإخوة من الأم يحجبهم الأب، يحجبهم أبو الأب، وأبو أب الأب، ما دامت السلسلة كلها من الذكور فإن الإخوة من الأم لا يرثون، أيضاً الإخوة من الأم تحجبهم البنات، والأبناء، وأبناء الأبناء، وبنات الأبناء. بقي الميراث لأمه وجده، فالأم لها السدس؛ لقول الله تبارك وتعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء:11] والباقي للجد، والإخوة من الأم ليس لهم شيء.

عدد الرضعات المحرمات

عدد الرضعات المحرمات Q فضيلة الشيخ! أرضعت إحدى قريباتي بنتاً صغيرة وذلك بواسطة الثدي الصناعي وليس من ثديها ولكنه من حليبها تضعه فيه، وقد أرضعتها ثلاث مرات، فهل تكون بنتاً لها من الرضاعة؟ A الرضاع لا يحرم إلا إذا كان خمس رضعات فأكثر، كل رضعة منفصلة عن الأخرى، وأما تنفس الصبي في الرضعة الواحدة فليس بشيء، فلو أن الصبي في حجر المرضعة تنفس خمس مرات فالرضعة واحدة، فلا بد أن تتفرق الرضعات ومقدارها خمس رضعات، فإذا أرضعت المرأة الطفلة مرة أو مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً فلا أثر لها، فلا بد من خمس، وحينئذٍ صار ولدها من الرضاعة، حتى لو فرض أنها أرضعته بلبن ابنها الذي له ثلاث سنوات، فلو أنها فطمت ابنها وأرضعت هذا الطفل بما بقي من اللبن؛ فإنه يكون ابناً لها من الرضاع إذا تمت خمس رضعات، وقد ورد في السؤال أنها أرضعته ثلاث رضعات إذاً: ليس ولداً لها. ولو أنه أُ رضع خمس مرات من الفنجان، كأن وضعت المرأة حليبها في فنجان وأرضعته، ثم بعد مدة أرضعته بفنجان آخر، حتى أكملت خمسة فناجين؛ فإنه يصير ولداً لها سواءً أشبع أو لم يشبع. مسألة: بلغني أن بعض الأزواج يستمتع بزوجته بمص ثديها فيشرب حليبها، فإنه يكون ابناً لها من الرضاع، وهنا المشكلة أنه إذا كان ابنها من الرضاع فإن النكاح ينفسخ، فتكون هذه اللذة أعقبها شقوة، ولهذا نحذر الأزواج من هذا العمل. وهذا الذي قلته هو رأي ابن حزم رحمه الله وأصحابه من الظاهرية، يقولون: إن الرضاع يؤثر حتى في الكبير، وبناءً على هذا الرأي نقول: إذا رضع الزوج من زوجته خمس مرات كل صباح يفطر على حليبها، فإنه يكون ولداً لها على رأي هؤلاء العلماء وينفسخ النكاح. لكن على كل حال: قول الجمهور أنه لا يكون ولداً لها؛ لأنه لا بد أن يكون الرضاع قبل الفطام.

نصيحة لمشاهدي القنوات الفضائية

نصيحة لمشاهدي القنوات الفضائية Q فضيلة الشيخ! أنا شاب ابتليت بالنظر إلى القنوات الفضائية الخليعة، وقد أترك الصلاة أحياناً لهذا الأمر، فما نصيحتك لي جزاك الله خيراً؟ A نصيحتي لك: أن تكسر هذه الوسيلة التي توصلك إلى مشاهدة القنوات الفضائية التي تصدك عن ذكر الله وعن الصلاة، اكسرها لله وستجد في قلبك -والله- لذة الإيمان وحلاوة الإيمان أشهى من كل شيء: (ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه) جرب من الليلة وأتني بعد أسبوع وانظر ماذا كان لقلبك، ستتغير إذا فعلت ذلك لله عز وجل. ذكر أن سليمان عليه السلام كان يحب الجهاد في سبيل الله، ولهذا أقسم ذات ليلة وقال: والله لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، تلد كل واحدة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله. لمحبته للجهاد، فقيل له: قل: إن شاء الله، فما قال: إن شاء الله. وذلك لتأكد عزيمته، فجامع في تلك الليلة تسعين امرأة فولدت واحدة منهن شق إنسان، الله أكبر! نصف واحد، حتى يتبين له أن الأمر أمر الله عز وجل، وقد قال الله لنبيه: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف:23-24] . عرضت عليه ذات يوم الخيل المسومة واستمتع بها ولها بها، يقولون: لها عن صلاة العصر حتى غابت الشمس، وفسروا بذلك قول الله عز وجل: {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص:32] أي: حتى غابت الشمس ولم يصلِ العصر، فقال: {رُدُّوهَا عَلَيَّ} [ص:33] فردوها عليه {فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} [ص:33] (السوق) : جمع ساق؛ ساق الرجل، فجعل يعقرها ويضرب أعناقها، انتقاماً من نفسه حيث تلهى بها عن الصلاة، قتلها أو عقرها لله عز وجل، فماذا جازاه الله؟ جازاه الله بالريح، سخر الله له الريح تجري بأمره رخاءً حيث أصاب وبقوة عاصفة، وكم تبلغ العواصف الآن؟ تبلغ مائتي كيلو في الساعة، أو ما بين ذلك، والريح التي سخرها الله لسليمان قال: {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ:12] أي: في اليوم مسيرة شهرين، وبأمره، قالوا: إنه يضع البساط ويجلس عليه هو وحاشيته ثم يأمر الريح فتحمله، على بساط بدون أي فزع! {رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص:36] . فأنت يا أخي! إذا تركت هذه الآلة لله عز وجل وكسرتها؛ فإن شاء الله تعالى ستجد لذة إيمان وحلاوة إيمان لا تستطيع أنت ولا أنا أن أصفها، فكسره الليلة ونم نوماً هادئاً وصلِ الفجر، وإن تيسر لك أن تقوم آخر الليل فالحمد لله.

حكم كشف الوجه للطبيب

حكم كشف الوجه للطبيب Q فضيلة الشيخ! أذهب إلى المستشفى بكثرة وأكشف وجهي للدكتور وأنا لا أتناول الدواء الذي يعطيني إياه، فهل عليَّ إثم؟ A هذه لا يجوز لها أن تذهب إلى الطبيب وتكشف وجهها عنده، ما دام يصف لها الدواء ولا تستعمله، فما هي الفائدة؟ لكن إن احتاجت حاجة حقيقة فلا بأس أن يكشف الطبيب على ما يحتاج إلى النظر إليه، بشرط ألا ينفرد بها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم) .

مشكلة أسرية

مشكلة أسرية Q فضيلة الشيخ! لي أم تعيش في بيت بمفردها وهي تتألم بسبب ذلك كثيراً، فأرادت أن آتي بها لتعيش معي في بيتي ولكن زوجتي أبت ذلك وسلكت معها جميع السبل الطيبة لإقناعها ولكن دون جدوى، فهل لي أن أطلق زوجتي بسبب ذلك؟ A هذه ينظر فيها من عدة أوجه: أولاً: هل الأم ملحة على أن ينقلها ابنها إلى بيته؟ ثانياً: هل له أولاد من هذه الزوجة بحيث لو طلقها لتشتت الأولاد وحصل بذلك مفاسد؟ ثالثاً: هل يمكن أن يستأجر بيتاً بجواره ويجعل أمه فيه ويجعل بينه وبينها باباً يدخل إليها وتدخل إليه؟ إذا كان هذا ممكناً فهو الواجب، ولا أستطيع الآن أن أقول: طلق امرأتك، لأني أخشى أن الأم لم تلزمك في الموضوع وقانعة بما هي عليه ولا يهمها، وأخشى أيضاً أن طلاق الزوجة يكون فيه تشتت الأولاد وضرر كثير، فأسأل الله تعالى أن يهيأ له أن يجمع بينه وبين أمه وزوجته على وجه مستقيم.

حكم المسح على النعال إذا كانت تحت الكعبين

حكم المسح على النعال إذا كانت تحت الكعبين Q فضيلة الشيخ! نقرأ أن من شروط المسح على الخفين: أن يكون ساتراً لمحل الفرض. فهل معنى ذلك: أنه يجوز المسح على (الكنادر) المعروفة -أكرمكم الله- الآن وغالباً ما تكون تحت الكعبين، خصوصاً إذا كان في نزعها مشقة؟ وإذا انتهت مدة المسح وأنت على طهارة فما الحكم؟ وكذلك إذا خلعت الخفين وأنت على طهارة المسح فهل تصلي في ذلك؟ A إذا كان الخف دون الكعبين فمن العلماء من أجاز المسح عليه كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ومنهم من لم يجز المسح عليه، واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم في المحرم إذا لم يجد نعلين: (فليلبس الخفين وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين) قال: وهذا دليل على أن الخف الذي أسفل من الكعبين حكمه حكم النعل وليس حكم الخف، فالاحتياط: إذا كان الخف دون الكعبين ألا تمسح عليه، تبعاً لرأي الجمهور. وأما إذا تمت المدة وأنت على طهارة في مسح فاستمر على طهارتك حتى ينتقض وضوؤك بناقض آخر، لأن انتهاء مدة المسح لا تنقض الوضوء على القول الصحيح، إذا لا دليل على انتقاض الوضوء بتمام مدة المسح، وإذا لم يكن دليل فالذي يقول: إنه ينتقض، يحتاج إلى دليل، والأصل بقاء ما كان على ما كان، وكذلك لو خلع الإنسان الجورب الذي كان يمسح عليه فإن طهارته باقية، ولا تنتقض إلا إذا وجد ناقض آخر كبول أو غائط أو ريح، فهو على طهارته، فإذا انتقض وضوؤه وتوضأ فلا بأس أن يعيد الخفين أو الجوارب بعد الوضوء الثاني.

حكم الاتكاء في الصلاة

حكم الاتكاء في الصلاة Q فضيلة الشيخ! من المشاهد في كثير من المساجد وجود حواجز في الصف الأول يتكئ عليها المصلون أثناء انتظارهم للصلاة أو بعد الصلاة، ولكننا نلاحظ على البعض أنه يعتمد عليها أثناء قيامه أو ركوعه بساقه في الصلاة، وبعضهم في أثناء التشهد يتكئ عليها بظهره، فهل فعلهم هذا صحيح؟ وما الواجب فعله في مساجدنا تجاه هذه المتكآت؟ A المتكآت لا أرى فيها بأساً بشرط أن يكون تجاوزها سهلاً، لأن بعض المتكآت ترفع فيشق على من أراد أن يجاوزها، فإذا كانت قصيرة لا تشق على من أراد أن يتجاوزها فلا بأس بها. أما الاعتماد عليها فقد ذكر العلماء رحمهم الله: أن الإنسان لو اعتمد وهو قائمٌ على عمود اعتماداً كاملاً، بحيث لو أزيل العمود لسقط؛ فإن صلاته الفريضة لم تصح؛ لأنه لم يقم قياماً يعتمد فيه على أعضائه، أما إذا كان ذلك في حال الجلوس فلا بأس أن يتكئ عليها ولو كان اتكاءً كاملاً، لكن اعتماده على أعضائه أحسن.

حكم المسح على الحناء الموضوع على الشعر في الوضوء

حكم المسح على الحناء الموضوع على الشعر في الوضوء Q فضيلة الشيخ! ما حكم المسح على الحناء الموضوع على الشعر أثناء الوضوء؟ A لا بأس به، ولو كان يمنع وصول الماء، لكن في الغسل من الجنابة والحيض لا بد من إزالته، ويدل على أن الأول لا بأس به: أن النبي صلى الله عليه وسلم في إحرامه في الحج كان قد لبَّد رأسه، أي: وضع عليه لبد من صمغ أو عسل أو ما أشبه ذلك؛ اتقاء الشعث، كما قال صلى الله عليه وسلم حين قيل له: (يا رسول الله! ألا تقصر -أي: من العمرة- وتحل كما حل الناس؟ قال: إني قد سقت هديي ولبدت رأسي فلا أحل حتى أنحر) فالحناء على الرأس ولو منع وصول الماء لا بأس به في الوضوء، لكن في الغسل من الجنابة أو الحيض لا بد من إزالته.

المسح على الجبيرة أو ما حل محلها

المسح على الجبيرة أو ما حل محلها Q من وضع لصقة على جرح وعليه غسل جنابة واغتسل وهي عليه ثم نزعها ولم يمسح على محلها وصلى، فما حكم ذلك؟ A لا حرج عليه؛ لأنه حين اغتساله كانت عليه هذه اللصقة، لكن لا بد أن يمر يده عليها ليكون ماسحاً، فإذا مسحها تمت طهارته، حتى لو أزالها فيما بعد فهو على طهارته. السائل: يقول: لم يمسح عليها يا شيخ. الشيخ: إذا تجاوزها الماء فإن بعض العلماء يقول: إذا غسل الممسوح أجزأه عن المسح، وبعضهم يقول: لا يجزئه غسل الممسوح عن مسحه، وبعضهم يقول: إن أمر يده عليه فلا بأس وإلا فلا. مثال ذلك: الرأس، فلو أن الإنسان توضأ وضوءاً عادياً فوضع رأسه تحت (البزبوز) حتى امتلأ الشعر من الماء ولم يمر يده عليه فإنه لا يجزئ؛ لأن هذا عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) هذا في الوضوء، أما في الغسل فيجزئ؛ لأن الغسل ليس فيه شيء ممسوح إلا الجبيرة. وبعضهم يقول: إن كان حين غسله أمر يده عليه أجزأ. وبعضهم يقول: إنه يجزئ مطلقاً، لكن الاحتياط: أنه لا بد من المسح في الممسوح.

حكم جمع العصر إلى الجمعة

حكم جمع العصر إلى الجمعة Q فضيلة الشيخ! كنت أسافر مع والدي وأنا صغير لم أبلغ، وكان والدي يجمع الجمعة والعصر، وكنت أصلي معه أنا وإخواني، وقال له بعض الناس: إن هذا العمل لا يجوز، حيث إن فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين أفتى بذلك، فذهب والدي وسأل فأفتاه بعض أهل العلم وقالوا له: يجوز لك أن تجمع الجمعة مع العصر؛ لأن السفر له خاصية، وبعد مدة ترك والدي الجمع بينهما، فهل علينا قضاء ما فات من الصلوات؟ A أما الصغار فليس عليها قضاء؛ لأنهم دون البلوغ فلم يكلفوا، وأما الكبار فما داموا قد استفتوا عالماً فإثمهم على من أفتاهم وليس عليهم شيء. وأما حكم المسألة: فإن القرآن والسنة يدلان على أنه لا يجوز جمع العصر إلى الجمعة لا في سفر ولا في حضر، والدليل من القرآن العزيز قول الله سبحانه وتعالى: {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:103] أي: لها وقت محدد، فإذا صلى الإنسان الصلاة قبل وقتها فهي غير صحيحة، إلا إذا صح أنها تجمع لما قبلها فهي صحيحة، وهنا نقول: السنة دلت على أن العصر لا تجمع للجمعة لوجود سبب الجمع ولم يجمع الرسول عليه الصلاة والسلام وأنا أسأل الآن: المطر من أسباب الجمع أم لا؟ الجواب: نعم من أسباب الجمع، وكذلك الوحل في الأسواق من أسباب الجمع، وقد وجد هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع العصر وذلك فيما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: يا رسول الله! -اسمع كلام الصحابة، الصحابة رضي الله عنهم فصيحون صريحون- قال: يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه ورفع الناس أيديهم، وقال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا. قال أنس وهو راوي الحديث: وكانت السماء صحواً، وما نرى في السماء سحاباً ولا قطعة من سحاب، وما بيننا ويبن سلع من بيت ولا دار - وسلع جبل في المدينة معروف إلى الآن، تأتي من قبله السحاب- يقول: فنشأت من ورائه سحابة مثل الترس، فارتفعت في السماء وانتشرت ورعدت وبرقت وأمطرت، فما نزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته) سبحان الله! إن الله على كل شيء قدير {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] وكان المطر يتحادر من لحيته لأن سقف المسجد من عريش، وأنتم تعرفون العريش فإنه يوجد الآن في الفلاية بساتين ما يسمى عريشاً أو يسموه المجبب، وهو من السعف، فنزل المطر من فوق إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فما نزل إلا والمطر يتحادر من لحيته، ثم صلى وبقي المطر أسبوعاً كاملاً ليلاً ونهاراً لا يقف، وما رأوا الشمس. وفي الجمعة الثانية دخل رجل أو الرجل الأول، وقال: (يا رسول الله! غرق المال وتهدم البناء) وذلك من المطر، يحتمل أن الزروع لكثرة الأمطار غرقت، والمواشي جرفتها الشعاب وهلكت، أما تهدم البناء فواضح؛ لأن البناء كان من الطين فتهدم (فادع الله يمسكها عنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر. قال أنس: فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت) الله أكبر! سبحان الله العظيم! انفرجت بأمر الله، فخرج الناس يمشون في الشمس. ويتبين من هذا أن الجمعة الأولى فيها سبب الجمع وهو المطر، ولم يجمع النبي صلى الله عليه وسلم، والجمعة الثانية فيها سبب الجمع وهو الوحل ولم يجمع، ومن المعلوم أنه لو كان الجمع سائغاً لفعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه بالمؤمنين رءوف رحيم: (وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً) . ثم نقول: هل الجمعة كالظهر، أم أنها تفارقها في الأحكام؟ تفارقها في أكثر من ثلاثين حكماً، فكيف يصح أن نقيس الجمعة على الظهر؟! هذا قياس فاسد؛ لوجود النص المانع من القياس، ولظهور الفرق الموجب للتفريق. فمن قال بجواز جمع العصر إلى الجمعة فقد أخطأ، والدليل كما سمعتم من القرآن: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:103] والأصل: أن العصر لا تصلى إلا إذا دخل وقت العصر، ومن السنة ما سمعتم. والقياس غير صحيح لأمرين: أولاً: لمصادمة الدليل. ثانياً: لأنه قياس مع الفارق، ولا يقاس فرع على أصل إلا إذا تشابه في كل شيء.

اللقاء الشهري [69]

اللقاء الشهري [69] يوم الجمعة يوم عظمه الله في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا اللقاء المبارك كان ليوم الجمعة النصيب الوافر من الشرح والبيان، فقد تناول الشيخ بعض أحكام يوم الجمعة بدءاً من كيفية الأذان، ثم عرج على أحكام الخطبة وبيان حكم البيع بعد أذان الجمعة، وفي الأخير تذكير بفضل إجابة نداء يوم الجمعة.

تفسير آيات من أواخر سورة الجمعة

تفسير آيات من أواخر سورة الجمعة الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين أسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أتباعه بإحسان إنه على كل شيء قدير. أما بعد: فهذه هي ليلة الأحد الخامس عشر من شهر رجب عام (1420هـ) وبها يتم اللقاء التاسع والستون من اللقاءات الشهرية التي تعقد في هذا المسجد الجامع الكبير في عنيزة، في ليلة الأحد الثالث من كل شهر ما لم يكن هناك مانع. هذا اللقاء -ولله الحمد- يحصل فيه خير كثير: اجتماع على الذكر (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده) ولله تعالى ملائكة سياحون في الأرض يلتمسون حلق الذكر، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة) . فهذه اللقاءات مع أهل العلم فيها خير كثير، نحث إخواننا على الحرص عليها ومتابعتها والاستفادة منها، ونسأل الله أن يجمعنا في الدنيا على طاعته وفي الآخرة في دار كرامته. أيها الإخوة: موضوع هذا اللقاء هو الكلام على قول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ اللَّهْوِ وَمِنْ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الجمعة:9-11] .

تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة)

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ) (يا أيها الذين آمنوا) اسمع الخطاب والنداء من أين صدر؟ صدر من عند الله عز وجل، إلى الذين آمنوا، وما أطيب هذا الوصف الذي يصفك الله به أيها المؤمن! فإذا سمعت الله يقول: (يا أيها الذين آمنوا) مكرماً لك، رافعاً لشأنك، فانتبه، ما هذا النداء؟ وماذا يريد المنادي منا؟ قال ابن مسعود رضي الله عنه: [إذا سمعت الله يقول: (يا أيها الذين آمنوا) فأرعها سمعك، فإما خيرٌ تؤمر به، وإما شرٌّ تنهى عنه] . أرعوا أسماعكم لهذا الخطاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:9] والنداء للصلاة يكون بالأذان المعروف، وقد قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة والناس ليس لهم دولة إسلامية، فأنشأ الدولة الإسلامية من حين هاجر، وصاروا يجتمعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليصلوا معه، وليس ثمة نداء، فتشاوروا فيما بينهم: كيف نجمع الناس على الصلاة؟ فقال بعضهم: اضربوا ناقوساً. وقد كان النصارى يضربونه عند الصلاة في الكنيسة، والناقوس مثل الجرس الكبير. وقال بعضهم: نجعل بوقاً ينفخ فيه ويكون له صوت عالي حتى يحضر الناس. واقترح آخرون: أن توقد نار عظيمة يشعر بها أهل البلد ويعرفون أن الوقت قد دخل. فهذه اقتراحات ثلاثة، كلها رفضت الناقوس للنصارى، والبوق لليهود، والنار للمجوس، كل هذه لم يوافقوا عليها، فهداهم الله عز وجل للحق، فرأى عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه في المنام أثناء المشاورات رجلاً بيده بوق، فقال له: أتبيعني هذا؟ قال: نعم، لكن ماذا تصنع به؟ قال: أنادي به للصلاة، قال: ألا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ قال: بلى، فأذن الأذان كله في المنام، فلما أصبح غدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بأنه رأى كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنها لرؤيا حق -أثبتها النبي عليه الصلاة والسلام، والحق ضده الباطل- ولكن اذهب إلى بلال فإنه أندى صوتاً منك فعلمه الأذان ينادي به بالناس. فما أن سمعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلا جاء مسرعاً يقول: والله يا رسول الله لقد رأيت مثل الذي رأى) إذاً: هذه رؤيا صدقها النبي صلى الله عليه وسلم وحكم بأنها حق، ثم أيدت بشهادة رجل آخر وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومن ثم ثبت الأذان في السنة الثانية من الهجرة إلى يوم القيامة، ونسأل الله تعالى ألا يقطعه وألا يقطعنا من سماعه، هذا الأذان بقي إلى يومنا هذا. في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن هناك أذانان لصلاة الجمعة بل أذان واحد، فإذا جاء الخطيب وسلم على الناس وجلس على المنبر أذن المؤذن، ولما كثر الناس في زمن عثمان رضي الله عنه واتسعت المدينة زاد عثمان رضي الله عنه أذاناً ثالثاً الأذان الأول والثاني والإقامة ثلاثة، فصار يؤذن للجمعة مرتين: مرة سابقة على مجيء الإمام، ومرة عند مجيء الإمام، ولم يكن على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا الثاني الذي يكون عند حضور الإمام. وقد ادعت حادثة حديثة من الشباب: أن الأذان الأول للجمعة بدعة. سفهاء الأحلام، قالوا: إنه بدعة؛ لأنه لم يكن في عهد الرسول. سبحان الله! الرسول نعم لم يفعله إلا أنه سنَّه، فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) وعثمان رضي الله عنه منهم بإجماع المسلمين، فيكون اتباع عثمان في ذلك بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، والسبب الذي من أجله زاد عثمان هذا الأذان لم يكن موجوداً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يقال: إنه وجد في عهده ولم يفعله، فإحداثه بعده بدعة. ثم نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم سنَّ أذاناً لغير وقت الصلاة في غير الجمعة، وذلك في رمضان، فقد كان في رمضان للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذنان: أولهما بلال والثاني عبد الله بن أم مكتوم، وكان بلال رضي الله يؤذن قبل الفجر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه يؤذن ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) . إذاً: هذا أذان قبل الصلاة لغرض لا يتعلق بالصلاة وإنما يتعلق بالسحور، فكيف بأذان الجمعة الذي تعلق بنفس الصلاة حتى يأتي الناس إليها مبكرين. إذاً فالأذان الأول للجمعة مشروع والحمد لله، والمراد بالآية الكريمة: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة:9] المراد بها الأذان الثاني الذي يكون عند حضور الإمام، والمنادي (إذا نودي للصلاة) غير معلوم، لم يسم في الآية، لكنه معلوم بالعمل، فالمؤذن للجمعة هو المؤذن لبقية الصلوات الخمس.

تفسير قوله تعالى: (.

تفسير قوله تعالى: ( فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ.) قال تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:9] (اسعوا) أي: ائتوا مبادرين، وليس المعنى: ائتوا راكضين، لا يمكن أن تأتي وأنت تركض، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) إذاً: المراد بالسرعة هنا المبادرة في الحضور إلى ذكر الله، وذكر الله هو الخطبة والصلاة؛ لأن الخطبة تلي الأذان، والله عز وجل يقول: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:9] ولأن الخطبة فيها ذكر الله؛ ففيها حمد وثناء على الله، وشهادة له بالتوحيد، وشهادة للنبي بالرسالة، وموعظة للمؤمنين، فهي ذكر لله عز وجل. ولهذا لا يجوز للإنسان أن يتكلم حال خطبة الجمعة؛ لأنه مأمور بأن يأتي إلى هذا الذكر، فكيف يأتي ويتلهى عنه؟ إذاً: يجب أن ننصت لهذه الخطبة وجوباً، فإن تكلم فقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (الذي يتكلم والإمام يخطب يوم الجمعة كمثل الحمار يحمل أسفاراً) والأسفار هي كتب علمية يحملها الحمار، أتظنون أن الحمار ينتفع بها؟! لا أبداً، الحمار أبلد الحيوانات، لا ينتفع بالكتب التي على ظهره ولا التي أمامه، وهذا الذي يتكلم والإمام يخطب يوم الجمعة كمثل الحمار يحمل أسفاراً. وقد مثل الله اليهود بالحمار يحمل أسفاراً، قال تعالى:: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ} [الجمعة:5] إذاً: الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب مشابهٌ لليهود، وأي مسلم يرضى أن يكون مشابهاً لليهود؟! لا أحد. فإن تكلم وقال له آخر: اسكت، فقد لغا، أي: ضاعت عليه جمعته، ما كأنه صلى الجمعة ولا ينال أجر الجمعة حتى لو كان مغتسلاً متطيباً متقدماً إلى المسجد خاشعاً متخشعاً، إذا قال لمن يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب: اسكت، فقد ضاعت عليه الجمعة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت) فإن أشار إليه إشارة بيده فلا يلغو؟ لا يلغو؛ لأن اللغو رتب على القول لا على الإشارة. وإذا قال قائل: هل هذه الآية تشمل ما إذا سمعت مؤذناً يؤذن للجمعة ولكنك تريد أن تصلي في مسجد آخر ومسجدك الذي تريده لم يؤذن فيه، فهل يجب عليك أن تسعى لما سمعت مؤذن المسجد الآخر؟ A لا، كما أنه لا يجب عليك أن تستمع لخطبته لأنك لا تريد الصلاة معه، فمثلاً: إذا قدرنا أنك تريد أن تصلي الجمعة في الجامع الكبير هنا، وسمعت مؤذناً في طرف البلد يؤذن للجمعة لحضور إمامه، هل يلزمك إذا شرع في الخطبة أن تسكت؟ لا يلزمك، حتى لو كنت تسمع سماعاً تاماً لأنك لا تريد أن تصلي معه، فلست مأموراً بأن تذهب إليه. {إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:9] الصلاة، والتكبير، والاستعاذة بالله، وقراءة القرآن، كل هذا من ذكر الله.

تفسير قوله تعالى: (.

تفسير قوله تعالى: ( وَذَرُوا الْبَيْعَ.) قال تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:9] (ذروا) أي: اتركوا، حتى لو كانت السلعة بين يديك تعرضها للزبون وسمعت المؤذن يقول: (الله أكبر) فدعها وامض، حتى لو قلت: بعت عليك، وسمعته يؤذن قبل أن يقول: قبلت، فعليك أن توقف البيع، فلا يجوز إيجاب ولا قبول بعد أذان الجمعة. (ذروا البيع) اتركوا البيع، والآية عامة، أي بيع، سواءٌ كان هذا البيع قليلاً أو كثيراً، حتى لو كان مسواكاً، فإذا أذن للجمعة وأنت تريد أن تشتري مسواكاً لتتسوك به في هذه الصلاة لا يجوز؛ لأنه بيع، لكن استثنى العلماء رحمهم الله ما لو كان الإنسان يحتاج إلى شراء ثوب، عنده ثوب نجس لا يمكن أن يصلي فيه، ويحتاج إلى شراء ثوب، فهنا يجوز أن يشتري ثوباً ولو بعد أذان الجمعة الثاني؛ لأنه يشتري الثوب للوصول إلى شرط من شروط الصلاة، فصار اشتغاله بشراء الثوب لمصلحة الصلاة. واستثنى العلماء أيضاً: ما لو وجد ماءً يباع وهو على غير وضوء بعد أذان الجمعة الثاني، وهذا يوجد في المدن الكبيرة، فهل يشتريه ليتوضأ به، أم نقول: يحرم شراؤه ويتيمم ويصلي؟ الأول، نقول: هذه ضرورة، وهذه أيضاً لمصلحة الصلاة. واستثنى العلماء ما كان للضرورة، كإنسان هالك من الظمأ، والماء يباع عند المسجد، وهو إن دخل في الصلاة شوش فكره يريد الماء فله أن يشتري ويشرب، وإلا فالأصل التحريم (ذروا البيع) هذا مع أن البيع حلال في الأصل، والدليل قول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:275] لكن لما كان البيع قد ينشغل به الإنسان عن حضور الخطبة والصلاة صار البيع في هذه الحال حراماً. أرأيتم لو أن رجلين يمشيان إلى الجمعة فأذن المؤذن، فقال أحدهما للآخر: يا فلان، اشترينا أرضاً فهل لك الرغبة في أن تساهم فيها؟ قال: نعم، اكتبني مساهماً، قال: إن شاء الله أكتب. هل يجوز هذا أم لا يجوز؟ معلوم أن المساهمة بيع بيع، إذاً: فهي تدخل في الآية: (وذروا البيع) إذاً: هذا حرام ويلغى العقد، وإذا انتهت الصلاة يجدد ويقول: يا فلان، أنا مساهم معكم اكتب لي سهماً. إذاً البيع بعد نداء الجمعة الثاني محرم وباطل، ولا ينتقل فيه المبيع إلى المشتري ولا الثمن للبائع، وإذا وقع هذا قلنا للمتبايعين: هذا عقد باطل، وإذا انتهت الصلاة فتبايعا من جديد. هل تحرم الهدية بعد نداء الجمعة الثاني؟ لو كان الإنسان -مثلاً- يمشي مع صاحبه ومعه مسواك فأهداه إلى صاحبه هدية، فإنه يجوز؛ لأنه ليس بيعاً، ثم هو يسير فقال: خذ هذا المسواك، فيأخذه ولا يلهيه. عقد النكاح، رجلان يمشيان فقال أحدهما للآخر: إنه يبحث عن زوجة، فقال: عندي لك زوجة وهي ابنتي، ومعهما رجلان آخران من أجل أن يكونوا شهوداً، فقال: زوجنيها، قال: هذه أبرك ساعة، أنا ما غذوتها إلا لك وأمثالك، باسم الله زوجتك ابنتي فلانة، قال: قبلت، وهذا بعدما أذن الأذن الثاني يوم الجمعة وهما في طريقهما إلى المسجد، ثم قال للرجلين: اشهدا، تم العقد الآن، فهل يجوز هذا أم لا يجوز؟ ننظر إلى الآية، اجعلونا نمشي على ألفاظ نصوص الكتاب والسنة، قال الله: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:9] هل عقد النكاح بيع؟ ليس عقد بيع، إذاً على مقتضى اللفظ أن يكون عقد النكاح جائزاً؛ لأنه أمر نادر يقل جداً، متى يصادف أن اثنين يمشيان إلى المسجد وبعد الأذان يزوج أحدهما الآخر ابنته؟! هذا ما تيسر، والنادر يقول العلماء: ليس له حكم، ومن نظر إلى أن المقصود بالنهي عن البيع هو الانشغال عن حضور الخطبة والصلاة قال: النكاح قد يشغل أكثر، هذا الرجل الذي عقدنا له الزواج سوف يفكر متى الدخول؟ ومتى يصير؟ ومن أين المهر والنفقات وأثاث البيت؟ يفكر أكثر من عقد البيع، فيقول بعض العلماء الآخرين: عقد النكاح حرام ولا يصح، وإنما ذكر الله البيع لأنه الغالب، وإلا فجميع العقود مثل البيع، إلا شيئاً نعلم أنه لا يمكن أن يلحق بالبيع لقلة إشغالك كالهدية -كما مثلنا أولاً- فهذا يجوز.

تفسير قوله تعالى: (.

تفسير قوله تعالى: ( ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ.) قال الله عز وجل: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [الجمعة:9] (ذلكم) المشار إليه السعي إلى الجمعة (خير لكم) من البيع ومن الدنيا وما فيها. والله إن طاعة واحدة تطيع الله فيها خير لك من الدنيا وما فيها؛ لأن الدنيا زائلة والطاعة باقية، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها) اللهم اجعل لنا فيها موضعاً يا رب العالمين، اللهم اجعل لنا فيها موضعاً، اللهم اجعل لنا فيها موضعاً وموضع السوط أقل من هذه (الماسة) وليس المقصود الدنيا دنياك أنت، بل المقصود الدنيا من أولها إلى آخرها (ومن بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة) والبيت أكبر من موضع السوط (ومن صلى في اليوم اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتاً في الجنة) أربع قبل الظهر بسلامين، واثنتان بعدها، واثنتان بعد المغرب، واثنتان بعد العشاء، واثنتان قبل الفجر، إذا صليتها يوماً واحداً بنى الله لك بيتاً في الجنة، وفي اليوم الثاني بيتاً آخر، وهكذا الثالث والرابع. إذاً: قول الله عز وجل هنا: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [الجمعة:9] أي: من البيع، وإن عظم وإن كثر ربحه فمضيكم إلى ذكر الله يوم الجمعة خير من ذلك. {إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة:9] أي: إن كنتم من ذوي العلم والفهم فاعلموا أن هذا خيرٌ لكم. وهنا أنبه إلى أن الإنسان ينبغي له إذا قرأ: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [الجمعة:9] أن يقف، ثم يقول: {إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة:9] لأنه لو قال: (ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون) أوهم أن يكون الشرط في الخيرية، فيكون المعنى: خير لنا إن علمنا وإلا فلا، والأمر ليس كذلك، هو خير لنا على كل حال، لكن (إن كنتم تعلمون) كأنه يقول عز وجل: اعلموا إن كنتم ذوي العلم أن هذا خير لكم. ولهذا نجد أن الإنسان إذا ترك البيع عند الجمعة ثم عاد إلى البيع بعد أذان الجمعة أن الله يبارك له في بيعه ويوسع له، والعكس بالعكس. وإلى هنا ينتهي الكلام عن هذه الآية، وسنعود في اللقاء القادم إلى تكملة السورة إن شاء الله تعالى.

الأسئلة

الأسئلة

حكم من اغتسل للجمعة ثم صلى ولم يتوضأ

حكم من اغتسل للجمعة ثم صلى ولم يتوضأ Q فضيلة الشيخ! في يوم الجمعة اغتسلت للجمعة ونويت أن أتوضأ بعد هذا الغسل ولكن نسيت الوضوء وصليت الجمعة، فماذا عليَّ، هل أعيد الصلاة أم ماذا؟ A أولاً: يجب على الإنسان أن يعلم أن غسل الجمعة واجب، ومن لم يغتسل فهو عاصٍ لله ورسوله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) . ثانياً: هل هذا الغسل عن حدث أم عن غير حدث؟ الجواب: ليس عن حدث، وإذا فلن يكن عن حدث لم يرتفع الحدث به، لأن الحدث إنما يرتفع إذا كانت الطهارة عن حدث، وإذا لم يرتفع الحدث به وصلى الإنسان الجمعة بغير وضوء فإنه يعيدها ظهراً؛ لأنه ما نوى رفع الحدث. أما لو اغتسل عن جنابة ولم يتوضأ فإن صلاته صحيحة؛ لأن الإنسان يجوز له أن يصلي بالغسل عن الجنابة وإن لم يتوضأ، ولكن بشرط: أن يتمضمض ويستنشق. وعلى هذا نقول للأخ السائل: الأحوط في حقك أن تعيد صلاة الجمعة ظهراً، وأنت إن شاء الله قد حصَّلت الأجر؛ لأنك لم تتعمد الصلاة بغير وضوء.

مقدار الوقت بين الأذان الأول والثاني للجمعة

مقدار الوقت بين الأذان الأول والثاني للجمعة Q فضيلة الشيخ! ما هو الوقت المشروع بين الأذانين؟ أعني: الأذان الأول والثاني للجمعة، هل هو كفعل هذه البلاد أم كفعل بلاد الحرمين؟ A البلاد واحدة ولا يصح أن نميز بينهما، فـ القصيم وبلاد الحرمين شيء واحد، أنا كنت أتوقع أن يقول: بلاد الشام أو العراق أو ما أشبه ذلك، لهذا عليه أن يصحح العبارة أولاً. والواقع أننا في نجد نجعل فرقاً بين الأذان الأول والأذان الثاني نحو نصف ساعة أو ساعة إلا ربع وبعض الناس ساعة، وفي مكة والمدينة لا يجعلون بينهما فرقاً، إذا دخل الوقت وقت الظهر أذن المؤذن الأذان الذي يسمونه الأول، ثم يؤذن الثاني بعد مجيء الخطيب. والذي يظهر لي أن فعل أهل نجد أصح؛ لأنه هو الذي يحصل به الفائدة، أن الناس يستمعون إلى الأذان الأول ثم يتأهبون إلى الصلاة ويأتون إلى المسجد الجامع، وقد قال أهل العلم رحمهم الله: من سمع النداء الثاني يوم الجمعة لزمه السعي من حين أن يسمع، ومن كان بيته بعيداً لزمه السعي إلى الجمعة بحيث يصل إليها مع الخطيب. فعمل الناس هنا عندي أقرب إلى الصواب ممن لا يؤذنون الأذان الأول للجمعة إلا إذا دخل وقت الظهر. لكن ليس معنى هذا أن نضلل من خالفنا، وهذه نقطة مهمة أبثها لطلاب العلم: إذا اختلف الفقهاء في سنة فقال بعضهم: هي سنة، وقال آخرون: ليست بسنة، فليس لازم قول الذين يقولون: إنها ليست بسنة أن يبدعوا الآخرين، لا يبدعونهم أبداً، لأننا لو بدعنا المخالف لنا في هذه الأمور لزم أن يكون كل الفقهاء في مسائل الخلاف مبتدعة، لأن الذي يقول لي: إنت مبتدع، أقول له: وأنت مبتدع، فيبقى الفقهاء كلهم في مسائل الخلاف أهل بدعة، وهذا لا قائل به، فإذا اختلف العلماء رحمهم الله في مسائل لا تتعلق بالعقيدة وليست محدثةً حدثاً واضحاً، إنما اختلفوا في مفهوم النصوص، فهنا نقول: الأمر واسع، ولا يمكن أن يبدع بعضنا بعضاً.

هل يجزئ غسل الجنابة عن غسل الجمعة؟ وحكم غسل الجمعة في ليلة الجمعة

هل يجزئ غسل الجنابة عن غسل الجمعة؟ وحكم غسل الجمعة في ليلة الجمعة Q فضيلة الشيخ! إذا كان عليَّ جنابة فاغتسلت في يوم الجمعة، فهل يكفي هذا الغسل عن غسل الجمعة، أم أغتسل غسلاً آخر؟ وهل يجزئ إذا اغتسل المسلم في ليلة الجمعة؟ A أما إذا اغتسل الإنسان في ليلة الجمعة فإنه لا يكفي عن غسل الجمعة، وأما إذا اغتسل يوم الجمعة عن جنابة فإنه يجزئ عن غسل الجمعة، كما تجزئ صلاة الفريضة عن تحية المسجد، فهنا اغتسل الإنسان غسلاً مشروعاً وهو غسل الجنابة فأجزأ عن الغسل المشروع الذي هو يوم الجمعة، لكن لو نواهما جميعاً في غسل واحد فهو أفضل.

حكم حضور المرأة لصلاة الجمعة

حكم حضور المرأة لصلاة الجمعة Q فضيلة الشيخ! هل يشرع للمرأة أن تحضر صلاة الجمعة؟ وهل في هذا الجامع مكان لصلاة الجمعة للنساء؟ A أما حضور المرأة للجمعة والجماعات فإنه ليس بمشروع لكنه جائز، والدليل على هذا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خيرٌ لهن) فالأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها ولا تحضر الجمعة ولا الجماعات، لكن إذا حضرت فلا ننهاها، إذا أتت إلى المسجد غير متبرجة بزينة ولا متطيبة بطيب له رائحة يشمها من كان حولها، أما هذا المسجد ففيه -والحمد لله- مصلى خاص للنساء، يدخلن من باب خاص بعيداً عن مخالطة الرجال.

حكم جمع العصر مع الجمعة

حكم جمع العصر مع الجمعة Q فضيلة الشيخ! هل يجوز للمرأة التي صلت الجمعة في الحرم المكي أن تجمع صلاة العصر معها؟ A لا يجوز أن تجمع صلاة العصر إلى الجمعة، لا في المسجد الحرام، ولا في المسجد النبوي، ولا في المسجد الأقصى، ولا في المساجد الأخرى، ولا في البيوت، الجمعة صلاة عيد لها خصائصها ومميزاتها، وهي منفردة تماماً عن غيرها من الصلوات، ولا يمكن أن يجمع صلاة أخرى تخالفها إليها. هذا من جهة التعليل، أما من جهة الدليل: فلأنه وجد سبب الجمع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم -أعني: جمع العصر إلى الجمعة- ولم يجمع، وجمع بين العصر والظهر، وتركُ الجمع في يوم الجمعة مع وجود سببه يدل على أنه لا يجوز، ولو كان جائزاً لفعله النبي صلى الله عليه وسلم تشريعاً للأمة ورفقاً بها، فإذا قال قائل: ما هو الدليل على أن الأصل لا تجمع للجمعة؟ قلنا: الدليل أنه في جمعة من الجمع كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس، فدخل رجل فقال: (يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا) فأنشأ الله السحاب واتسع ورعد وبرق وأمطر والنبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، وما نزل إلا والمطر يتحادر من لحيته، سبحان الله! والله أكبر! ولماذا نزل من لحيته؟ لأن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم على عريش، والعريش سقف من جريد النخل، والمطر يتخلله، فما نزل إلا والمطر يتحادر من لحيته، إذاً المطر كان شديداً، فخرج الناس ولم يجمع النبي عليه الصلاة والسلام مع وجود السبب وهو المطر، وبقي المطر أسبوعاً كاملاً ليلاً ونهاراً ما طلعت الشمس، قال أنس: [والله ما رأينا الشمس سبتاً] الله أكبر! مطر ينزل بالليل والنهار على بيوت من الطين، يخاف عليها أن تتهدم، ولهذا جاء في الجمعة الثانية إما الرجل الأول أو غيره وقال: (يا رسول الله! غرق المال وتهدم البناء) غرق المال: السيول جرفت المواشي، والزروع أغرقها الماء ففسدت، وتهدم البناء لأنه من الطين، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: (اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر) فانفرجت السماء بقدر المدينة فقط، حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم يشير بيده الكريمة ويقول: حوالينا ولا علينا، فينفرج السحاب إلى الجهة التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم، هل لأنه رب مدبر أم لأنه داعٍ لرب مدبر؟ الثاني، فإنه ليس بيده شيء، لكن دعا ربه فاستجاب له، وخرج الناس يمشون في الشمس، والأسواق كان فيها وحل لأنها طين، ليس هناك إسفلت، وهو سبب موجب للجمع، ومع ذلك لم يجمع النبي صلى الله عليه وسلم، وترك الشيء مع وجود سببه بلا مانع دليل على أنه ليس مشروع، وهذا واضح ولله الحمد، أن العصر لا تجمع إلى الجمعة لا من الرجال ولا من النساء، لكن النساء إذا صلينها ظهراً فإنهن يجمعن العصر إليها؛ لأن جمع العصر إلى الظهر أمر جاءت به السنة.

حكم الإنكار على من يبيع ويشتري بعد النداء الأول يوم الجمعة

حكم الإنكار على من يبيع ويشتري بعد النداء الأول يوم الجمعة Q فضيلة الشيخ! هل لي أن آمر بالصلاة الذين يبيعون ويشترون بعد النداء الأول يوم الجمعة فأنكر عليهم بيعهم وشراءهم؟ وجزاك الله خيراً. A يجب عليك أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بعد أذان الجمعة الثاني، لكن إذا شرع الخطيب في الخطبة فيجب أن تتوقف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت) وقولي له: أنصت، أمرٌ بمعروف ونهي عن المنكر، ومع ذلك قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (فقد لغوت) وهذه عقوبة، هذا ليس ثواباً بل عقوبة. السائل: أنهاهم في النداء الأول؟ الشيخ: في النداء الأول لك أن تنهاهم إلى أن يشرع الخطيب في الخطبة.

حكم حضور الجمعة والجماعة للمسافر إذا دخل البلد

حكم حضور الجمعة والجماعة للمسافر إذا دخل البلد Q هل يجوز للمسافر إذا قام في بلد أن يتخلف عن حضور الجمعة وكذلك الجماعة؟ A لا يجوز، بل يجب على من سمع النداء أن يجيب المنادي سواء كان مقيماً أو مسافراً، فمن أقام في البلد في يوم الجمعة وهو مسافر وسمع النداء يجب عليه أن يجيب، لأن الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:9] ونسأل هذا المسافر: هل أنت من المؤمنين أم لا؟ فسيقول: من المؤمنين، فنقول: إذا كنت من المؤمنين فما جوابك لله يوم القيامة وقد وجه إليك الخطاب وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:9] ؟ نعم لو فرض أن الإنسان يمشي في سفره ومر بالبلد وهو في الشارع يسمع المنادي، فنقول: لا يلزمك أن تبقى وتصلي لأنك ماشي، لكن إنسان مقيم يجب أن يحضر، وكذلك أيضاً يقال في الجماعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الجماعة: (من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر) والسفر ليس بعذر، بدليل: أن الله أمر بصلاة الجماعة في حال القتال.

حكم كتابة الخطبة والخطيب يخطب

حكم كتابة الخطبة والخطيب يخطب Q فضيلة الشيخ! رأيت بعض الإخوة يلخص خطبة الجمعة وأنتم تخطبون، حفظكم الله ورعاكم وأطال في عمركم على طاعته، فهل فعله هذا صحيح؟ A هذا الفعل ليس صحيحاً؛ لأنه إذا لخص جملة ضاعت عليه الجملة الأخرى، أو لخصها على وجه خطأ، فلا يرخص للإنسان أن يلخص خطبة الجمعة، لكن هنا شيء أهم من هذا، وهو المسجل والحمد لله، يأتي بالمسجل وهناك مسجلات صغيرة جداً ويسجل، وإذا ذهب إلى البيت يلخص ما شاء، فلا تكتب لا قليلاً ولا كثيراً.

حكم غسل الجمعة للمريض

حكم غسل الجمعة للمريض Q فضيلة الشيخ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ذكرتم أن غسل الجمعة واجب على كل محتلم. فإذا كان الشاب فيه زكام وخشي مضاعفة الزكام فماذا يفعل؟ A أولاً: تعبيرك هذا غلط غلط غلط، أن تقول: ذكرت، وأنا ما ذكرت أنا أقول: قال الرسول عليه الصلاة والسلام، وفرق بين قولي: ذكرت، وبين قولي: قال الرسول، فصواب العبارة أن تقول: إنكم سقتم الحديث وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) والله عز وجل يعلم أني لو لم أر في هذا الحديث وجوب غسل الجمعة ما قلت للناس: اغتسلوا، وكيف ألزم الناس بما يلزمهم في دين الله؟! الإنسان يخشى ربه قبل أن يخشى خلقه، هذا شيء واجب علينا أن نبلغه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) فكلمة (واجب) لو صارت في كتاب من كتب المؤلفين من الرجال، لقيل: إن المؤلف يرى وجوب غسل الجمعة، فكيف وقد صدر من أعلم الخلق بشريعة الله وأنصح الخلق لعباد الله، وأفصح الخلق في القول والمقال، هذا أمر واضح أنه واجب. أما إذا كان الإنسان مريضاً بزكام أو غيره ويخشى من استعمال الماء فلا شيء عليه؛ لأن لدينا قاعدة من الله عز وجل وهي: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] و {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286] ويروى وهو ضعيف: أن قوماً خرجوا في سرية فجرح أحدهم فاحتلم، فقال لقومه: ألا أتيمم؟ قالوا: لا نجد لك رخصة، الماء بين يديك، فاغتسل فدخل الماء جرحه فمات، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال) والله عز وجل قال: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [النساء:29] ، ولما أجنب عمرو بن العاص رضي الله عنه وهو في سرية مع قومه تيمم ولم يغتسل وصار إمامهم، فلما وصلوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أخبروه، فقال: (أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: يا رسول الله! ذكرت قول الله عز وجل: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [النساء:29] فخفت على نفسي من البرد، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه) تقريراً لهذا، وفرحاً يكون هذا الرجل يفهم من كتاب الله ما أراده الله عز وجل، وإلا لو كان رجلاً بسيطاً لقال: إن الله قال: (لا تقتلوا) وأنا ما قتلت نفسي، أنا خفت عليها من البرد، والبرد ليس قتلاً على كل حال، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم إقراراً وتقريراً لهذا الرجل وفرحاً بكونه فهم من كتاب الله عز وجل هذا الفهم، فرح الرسول أن أمته فهمت كلام ربها. ونحن -والله- نفرح كما فرح الرسول عليه الصلاة والسلام، وإن كان بين الفرحين مثل ما بين المشرق والمغرب، لكننا نفرح أن يفهم العامة وطلاب العلم من كتاب الله ما أراده الله تعالى بكلامه. فإذا كان هذا الرجل مزكوماً ويخشى أنه إن خلع ثيابه أصابه الهواء وتأثر أو تأخر برؤه فقد عفا الله عنه.

حكم ذكر الله أو الصلاة على النبي متابعة للخطيب

حكم ذكر الله أو الصلاة على النبي متابعة للخطيب Q فضيلة الشيخ! الرجل الذي يتكلم والإمام يخطب يوم الجمعة بذكر الله أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عندما يذكر ذلك الإمام في الخطبة، أو يؤمن على الدعاء، فهل هذا يعتبر من الكلام أثناء الخطبة؟ وماذا يشرع وما لا يشرع للمأموم أثناء الخطبة؟ A هذا لا يعد من الكلام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب لنا مثلاً بالكلام المؤثر، فقال: (إذا قلت لصاحبك.) وأنت ما قلت لصاحبك، أنت مع ربك عز وجل، فإذا ذكر اسم الله في أثناء الخطبة فقلت: سبحانه، أو ذكر رسوله صلى الله عليه وسلم فقلت: اللهم صل عليه، أو ذكر ثواب فقلت: أسأل الله من فضله، أو ذكر عقاب فقلت: أعوذ بالله، فإن هذا لا يدخل في الكلام المحرم، لكن هل يسن للإنسان أن يقوله أم لا؟ أرى أنه لا بأس أن يقوله، وهذا مما يدعو إلى حضور قلبه مع الإمام بخلاف ما إذا غفل، ولكن بشرط: ألا يشوش على من حوله.

حكم إدخال الأولاد المدارس الأجنبية

حكم إدخال الأولاد المدارس الأجنبية Q انتشر في الآونة الأخيرة التفريط في المدارس الأجنبية في بلادنا، حتى ذكر أنها تزيد على مائة مدرسة، في الرياض ثلاثون، وفي الشرقية أربع عشرة مدرسة، وفي جدة ثلاث وعشرون مدرسة، وفي القصيم مدرسة واحدة، وهكذا موزعة على المناطق، فما الحكم في إدخال أولادنا إلى هذه المدارس؟ وما حكم تأجير المساكن لهذه الأغراض؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. A أرى أنه ينظر أولاً في مناهجهم، ما هذه المناهج؟ وما الذي يخشى منها في المستقبل؟ لأنه قد يكون في أول سنة مناهجها سليمة (100%) لكن في السنة الثانية تتغير ويكون الإنسان قد وقع في شركها وفي فخها ولا يمكن أن ينتقل عنها. ثانياً: أرى ألا ندخل أبناءنا في هذه المدارس مطلقاً؛ لأنها مهما كانت فمدارسنا خيرٌ منها والحمد لله، وفي المدارس التابعة لوزارة المعارف ما يشفي ويكفي. فرأيي: أنه لا يجوز لواحد منا أن يدخل أبناءه أو بناته -إن فتحت مدارس للبنات- في هذه المدارس، وتجب مقاطعتها، هذا رأيي في هذه المدارس، أما في وضع هذه المدارس فالأمر ليس إلي ولا إليكم بل إلى جهات أخرى.

حكم قراءة سورة الكهف في ليلة الجمعة

حكم قراءة سورة الكهف في ليلة الجمعة Q فضيلة الشيخ! من قرأ سورة الكهف في ليلة الجمعة فهل يحصل له فضل قراءة سورة الكهف؟ A لا، قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، وأحسن ما يكون أن تكون بعد طلوع الشمس، لك من طلوع الشمس إلى غروب الشمس، إذا قرأتها في أي ساعة ما يبن الطلوع والغروب فقد أجزأ.

حكم الصلاة والصوم لمن زاد نزول الدم عن عادتها

حكم الصلاة والصوم لمن زاد نزول الدم عن عادتها Q فضيلة الشيخ! أتت الدورة الشهرية واستمرت معي إلى الآن وقد مضى عليها اثنا عشر يوماً حتى هذا اليوم، وهذه المرأة عادتها سبعة أيام فقط، ولم تصل خلال السبعة الأيام الأولى، ثم اغتسلت وصلت بناءً على عادتها دائماً، فهل ما فعلته صحيح؟ وهل تصوم أو لا؟ وهل تحل لزوجها خلال الأيام الباقية؟ أفتنا مأجوراً بارك الله فيك. A عملها هذا صحيح لو تعدى الدم خمسة عشر يوماً، أما قبل الخمسة عشر يوماً فإنه يحتمل أن العادة زادت، والنساء تزيد عادتهن أحياناً وتنقص أحياناً. فنقول لهذه المرأة: انتظري حتى تتمي خمسة عشر يوماً، فإذا أتممت خمسة عشر يوماً فاغتسلي وصلي وفي الشهر الثاني اجلسي عادتك فقط، لأنه لا يصدق أن المرأة مستحاضة حتى تتجاوز نصف المدة، خمسة عشر يوماً، فإذا تجاوزت نصف المدة صار أكثر وقتها دماً، وحينئذٍ ترجع إلى عادتها من قبل أن يأتي هذا المرض، ولا تحل لزوجها حتى تتم خمسة عشر يوماً ثم تغتسل فتحل، فإذا جاء الشهر الثاني فإنها تجلس عادتها فقط ثم تغتسل وتصلي وتحل لزوجها.

حكم رش ماء زمزم في دبر الطفل لمرض فيه

حكم رش ماء زمزم في دبر الطفل لمرض فيه Q هل يجوز رش الطفل في دبره من ماء زمزم لوجود مرض فيه وهذا الماء مقروء فيه، في الحمام؟ وجزاكم الله خيراً. A يقرأ على ماء زمزم وغير ماء زمزم ويمسح به موضع الألم في أي موضع من الجسم، لكن ينظف أولاً القبل والدبر من أثر البول أو الغائط، ثم يمسح بهذا الماء.

كيفية الصلاة مع الإمام إذا ضاق المصلى

كيفية الصلاة مع الإمام إذا ضاق المصلى Q فضيلة الشيخ! لدينا مصلى في المدرسة يضيق على المصلين، حتى إن بعض الطلاب يصلي مع الإمام في الصف الأول، فهل الأفضل أن يبقى الإمام في الوسط ويصلي الطلاب يمينه ويساره، أم يصلي الإمام في اليسار ويكون جميع الطلاب يمينه؟ A الأفضل إذا ضاق المكان عن كون الإمام متقدماً والمأموم متأخراً فإنه يصلي الإمام بينهما، حتى لو كانوا ثلاثة صلى أحدهم عن يمين الإمام والثاني عن يساره، لأن الأمر كان هكذا في أول الإسلام، كان الثلاثة يصلون صفاً واحداً وإمامهم وسطهم، ثم نسخ هذا وصار الثلاثة يتقدمهم الإمام، وعلى هذا فنقول: إذا وجد ثلاثة فالأفضل أن المأمومين وراء الإمام والإمام متقدم، وإن ضاق المكان صفوا صفاً واحداً والإمام بينهما، وليس عن يمينه فقط كما يفهمه بعض العوام، وإذا كان المأموم واحداً فإنه يكون عن يمين الإمام، لأنه الآن دار الأمر بين أن يكون في اليسار أو في اليمين، فنقول: اليمين أفضل. وهنا نقطة أحب أن أنبه عليها، وهي: أن بعض الناس إذا جاءوا والناس يصلون جماعة صاروا في اليمين ولو كان بعيداً من الإمام وتركوا اليسار وهو قريب، وهذا مفهوم خطأ، بل يكون الأيمن أفضل إذا كان اليسار مقارباً له أو مساوياً، وأما إذا كان اليسار أقرب فهو أفضل من اليمين، والدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: أتموا الأيمن فالأيمن، ولما كان الصف الأول أفضل من الصف الثاني على كل حال قال: (أتموا الأول فالأول) ولو كان اليمين أفضل على كل حال لكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول للناس: أتموا الأيمن فالأيمن، ثم إن صورة الجماعة إذا كانوا من وراء الإمام إلى يمينه الصف تام واليسار ما فيه أحد، فهذه صورة لا تدل على توسط الإمام، مع أنه يوجد حديث لكنه ضعيف أنه صلى الله عليه وسلم قال: (وسطوا الإمام) أي: اجعلوه وسطاً.

تفسير قوله تعالى: (وإن منكم إلا واردها

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا Q ما هو تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً} [مريم:71] هل المعنى: أن المسلم والكافر والفاجر والصالح سيمرون على جهنم؟ وجزاكم الله كل خير. A أما على الصراط فلا يمر إلا المؤمنون، والكفار يساقون إلى النار -والعياذ بالله- في عرصات القيامة ورداً، وأما المؤمنون فهم يصعدون على الصراط إلى الجنة، ثم يصعدون عليه على قدر أعمالهم في السرعة، ومنهم من يخدش ويلقى في جهنم ويعذب بقدر ذنوبه حسب ما أراد الله عز وجل ثم يخرج.

توجيه حيال واقع الفساد الذي يمس المرأة وينادي بإفسادها

توجيه حيال واقع الفساد الذي يمس المرأة وينادي بإفسادها Q فضيلة الشيخ! غير خافٍ عليكم حفظكم الله ما تواجهه المرأة في هذه البلاد وغيرها من بلاد المسلمين من حملات لإخراجها من بيتها ونزع حيائها وحشمتها، وإن المشاهد لأحوال المرأة في الآونة الأخيرة في هذه البلاد يجد تحولاً كبيراً لما كانت عليه في السابق؛ حيث بدأ التساهل في الحجاب والتلاعب بأشكاله في ظل تسابق أهل الأسواق، فقد أغرقوا الأسواق بكم هائل من الملابس والعباءات التي ترغب الفتاة بالسفور والتبرج، كما بدأ ظهور المرأة بألوانها الجميلة وشعرها في الصحف والمجلات والتلفاز وذلك باسم الفن الهادف، والمذيعة المتألقة أو الحاذقة، إلى غير ذلك مما يضيق به صدر كل غيور فضيلة الشيخ! ما هو دور طلبة العلم وأولياء الأمور الذين قصروا في توجيه المرأة وأدخلوا وسائل الإعلام التي ساعدت على إخراج المرأة من حيائها وحشمتها؟ نرجو توجيهكم يا فضيلة الشيخ جزاكم الله خيراً. A الواقع أن هذه مصيبة -كما قال الأخ السائل- وقد سارت في البلاد سير النار في الهشيم، وأنها مما ينذر بالخطر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعلم البشر بما ينفع الناس ويضرهم في دين الله عز وجل قال: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء، وإنما كانت فتنة بني إسرائيل في النساء) ومع الأسف الشديد أن هذا يوجد تحت بصر أولياء الأمور وسمعهم، لكن الرجل يذهب إلى دكانه أو إلى عمله ويترك أهله ولا يفعل فيهم شيئاً، والأمر عند هؤلاء بارد، لكنه -والله- ينذر بالخطر. ثم هذه الموضات التي أغرقت الأسواق وأفسدت الأسواق وأفسدت النساء كلها ضرر على اقتصادياتنا، تجد المرأة الموظفة يذهب نصف راتبها في هذه الموضات، حتى لو كانت الموضة الجديدة أسوأ حالاً من الأولى لكنها جديدة، فتشتري المرأة ثوباً بمائة ريال أو بمائتين ريال أو بخمسمائة ريال أو بستمائة ريال. إن هذه الموضات التي ترد على البلاد هي ضرر على اقتصادنا وضرر على ديننا، تكون المرأة فكرها دائماً في هذه الموضات ما الذي أتى اليوم؟ وما الذي سيأتي غداً؟ فيضيع الدين كله من أجل هذا اللباس الذي بعضه لا يجوز شرعاً. لذلك أنصح رجالنا المؤمنين أن ينتبهوا لهذا الأمر، وأن يعلموا أن أعداءهم أعداء حقيقيون، فمنهم أناس لا يهمهم هذا الأمر، لا يهمهم إلا تحصيل الفلوس فقط، ومنهم أناس يقصدون إفساد المسلمين، نسأل الله أن يجعل كيدهم في نحورهم، وأن يوقظ أولياء أمورنا لما فيه الخير والصلاح، وأن يمنعوا أهليهم وأبناءهم وبناتهم من اتباع الموضات التي لا تفيد.

دور المسلمين نحو إخوانهم في الشيشان

دور المسلمين نحو إخوانهم في الشيشان Q أكثر من سائل يسألون عن الشيشان، يقولون: ما دورنا نحو إخواننا في الشيشان؟ A الواقع أن الجمهورية الشيشانية أصيبت بهذا البلاء من الملاحدة الكفرة. موقفنا: أن ندعو لهم، ندعو لهم في الصلاة، وبين الأذان والإقامة، وفي صلاة الليل، وفي كل المناسك، أما مسألة القنوت فلا نقنت إلا بأمر ولي الأمر، لأننا تابعون لولي الأمر، وسأخبركم عن رأي الفقهاء في مسألة القنوت عند النوازل: من العلماء من يقول: لا يقنت في النوازل إلا الرئيس الأعلى في الدولة فقط وغيره لا يقنت. وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة رحمهم الله، حيث قالوا: إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة فيقنت الإمام الأعظم في الفرائض، وعلى هذا لا يسن للشعب أبداً أن يقنت، وعللوا ذلك: بأنه لم يقنت في النوازل إلا الرسول عليه الصلاة والسلام. لكن هذا القول ضعيف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم مشرع. ومن العلماء من قال: يقنت إمام المسجد كل في مسجده. ومنهم من قال: يقنت كل مصلٍ. وهذا هو الأرجح، أن يقنت كل مصلٍ، لكن الإمام في الجماعة لا يقنت إلا بعد موافقة ولاة الأمور، إن قالوا: اقنتوا قنتنا جهراً، وإن سكتوا سكتنا، لكننا لا نسكت عن الدعاء لإخواننا في الشيشان. وليعلم أن الشيشان جمهورية إسلامية والروس أمة ملحدة، لكن لما رأوا أن الإسلام سيمتد أرادوا أن يقضوا على الإسلام، وأول جمهورية إسلامية استقلت هي الشيشان فيما أعلم، فأرادوا أن يقضوا على الإسلام، ولذلك الغرب ساكتون وما قالوا شيئاً، لأن هذا مما يفرحون به، إذ أن الغرب الكفرة يفرحون بكل ما يكون فيه ذل للإسلام وخذلان المسلمين، لا شك في هذا، وعندي ألف في الألف أنهم يودون هذا، وإن أظهروا أنهم يساندون الإنسانية وما أشبه ذلك فهم كذبة، ولهذا هم ساكتون، لما بدأت جمهورية الشيشان الآن تُضرب بالقنابل ويموت الناس في الأسواق تحركوا ولكن تحرك سلحفاة، وإلا لو خنقوا الروس في الأمور الاقتصادية لعلمنا أن الروس سوف يستسلم ويذل، بل من أسباب هجوم الروس على الشيشان ولكنه دون السبب الأول: أنهم يريدون أن يشغلوا شعبهم بهذه الحرب عن العيب والعور والبلاء في اقتصادهم ومجتمعاتهم. تيمور الشرقية مسألتها أهون من هذا بكثير، لكن لما كان غالبها من النصارى ماذا فعل الغرب الأمة النصرانية الملحدة؟! أقاموا أسطولاً وطيارات ودبابات من أجل أن يفصلوا تيمور الشرقية عن إندونيسيا حتى يضعفوا المسلمين ويأخذوهم شيئاً فشيئاً دويلات دويلات، وقد علم أن التفرق فيه الفشل كما قال عز وجل: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال:46] . نحن موقفنا: أن نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينصر إخواننا الشيشان في جمهوريتهم، وأن يذل الروس إذلالاً يكون حديثاً لمن بعدهم، وكذلك كل من كاد للمسلمين، لأنه ليس بيننا وبين هؤلاء نسب، بيننا وبينهم الدين، من كان عدواً للإسلام فهو عدونا إلى يوم القيامة، ومن كان ناصحاً للإسلام فعلى حسب نصحه نحبه ونفرح بانتصاره، ألم تروا أن الله قال: {الم * غُلِبَتْ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ} [الروم:1-5] مع أنه نصر الروم وهم نصارى على الفرس وهم مجوس، كلهم كفار، لكن لا بأس أن يفرح المؤمن بانتصار من فيه خير للمسلمين ولو كان كافراً. اللهم انصر إخواننا المسلمين في الشيشان، اللهم انصرهم على عدوهم، اللهم فرج كرباتهم ويسر أمورهم، واخذل أعداءهم يا رب العالمين. اللهم صل على محمد.

اللقاء الشهري [70] رقم 1؛2

اللقاء الشهري [70] رقم 1؛2 في بداية هذا اللقاء تذكير بأحوال الأمة الإسلامية وتسلط الأعداء عليها من كل حدب وصوب، مع ذكر واجبنا نحوهم، ثم انتقل الشيخ ذاكراً مزايا شهر رمضان من نزول القرآن فيه، بالإضافة إلى سنية القيام فيه والاعتكاف، منبهاً على الحكمة من فرضية الصيام، ثم أضاف إلى ذلك ذكر مفطرات الصوم، وشروط تحقق الإفطار بهذه المفطرات، خاتماً كلمته بالتذكير بشروط وجوب الصوم. ثم انتقل -رحمه الله- بعد ذلك للإجابة عن الأسئلة.

بيان حال الأمة الإسلامية مع تسلط الأعداء عليها

بيان حال الأمة الإسلامية مع تسلط الأعداء عليها الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء المتمم للسبعين من اللقاءات الشهرية التي تتم في الجامع الكبير في مدينة عنيزة في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذه الليلة هي ليلة عشرين من شهر شعبان عام (1420هـ) . أسأل الله أن ينفعنا بهذه اللقاءات، وأن يرزقنا وإياكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً، ورزقاً طيباً واسعاً يغنينا به عن خلقه، ولا يغنينا به عنه عز وجل. في هذه الليلة نرحب بإخواننا في مدينة بريدة في مسجد الغانم بحي البصيرية، حيث إنهم شاركوا في الاستماع إلى هذا اللقاء عبر الهاتف جزاهم الله خيراً وأخلف عليهم ما أنفقوه بالبركة، كما سبقهم في ذلك إخواننا في رياض الخضراء. إن الأمة الإسلامية في هذه الأيام تستقبل شهر رمضان المبارك، ولكنها تعيش بألم ونكد فيما يجري على إخواننا في الشيشان من تسلط أولئك الملحدين من بلاد الروس عليهم، لا لشيء؛ إلا لأنهم شرعوا في نشر الدين الإسلامي الصافي من البدع في بلاد البلقان، ولكن أعداء الإسلام لا يرضون بهذا أبداً سواءٌ كانوا من الملحدين الشيوعيين، أو كانوا من النصارى أو من اليهود أو من غيرهم، وهذا ظاهر. إن الدول الغربية ساكتة، بل ربما يكون بعضها يساعد الروس بالخفاء -قاتل الله الجميع- ولما أرادت تيمور الشرقية وهي جزء من الأمة الإسلامية في إندونيسيا أن تتحرر لأن أكثرها نصارى، قام الغرب وقعد، وهيأ الأسطول الجوي والبحري والبري من أجل أن ينفصل هذا الجزء من إندونيسيا لأن أكثره نصارى، أما جمهورية الشيشان الجمهورية الفتية التي عرفت حقيقة الحياة، وعرفت حقيقة التوحيد، وعرفت الدين الصافي، فهي عند الغرب منشقة، والمجاهدون فيها إرهابيون وما أشبه ذلك، ولكني أقول: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:249] . إننا لن نيئس ولن نقنط وسوف يرجع الروس على أعقابهم مخذولين إن شاء الله كما رجعوا في أول مرة، وإن من حق إخواننا علينا، بل أدنى حق أن ندعو الله لهم أن ينجيهم من القوم الظالمين، وأن ينصرهم على القوم الكافرين في أوقات وأحوال الإجابة في السجود في الفريضة والنافلة، بين الأذان والإقامة، في آخر الليل، في يوم الجمعة من مجيء الإمام إلى أن تُقضى الصلاة، كل هذه أوقات إجابة علينا أن نلح على الله عز وجل بالدعاء. اللهم انصر إخواننا المسلمين في الشيشان، اللهم انصرهم على عدوهم، اللهم اردد عدوهم خائباً نادماً، اللهم أذله بعد العزة، اللهم أضعفه بعد القوة، اللهم أفقره بعد الغنى، اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم يا رب العالمين، واجعل بأسهم بينهم.

مزايا شهر رمضان وخصائصه

مزايا شهر رمضان وخصائصه

من خصائص رمضان: نزول القرآن فيه

من خصائص رمضان: نزول القرآن فيه المسلمون اليوم يستقبلون شهر رمضان، وهذا الشهر له مزايا كثيرة على غيره من الشهور: منها: أن الله أنزل فيه القرآن قال تعالى: {هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185] أنزل الله هذا القرآن في ليلة القدر، وهذا القرآن الكريم -أيها الإخوة- كلام الله عز وجل تكلم به حقيقة، وتلقاه جبريل من الله عز وجل، ونزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وتناقله المسلمون قرناً بعد قرن كابراً عن كابر حتى بلغنا -ولله الحمد- غير منقوص ولا مزيد، وهذا القرآن له أيضاً خصائص، منها: 1/ أنه كلام الله ولا يستطيع أحد أن يأتي بمثله، ولا بعشر سور، ولا بسورة من مثله، ولا بأي حديث مثله، قال الله عز وجل: {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء:88] ومعنى (ظهيراً) أي: معيناً، وقال عز وجل: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} [هود:13] وقال عز وجل: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} [يونس:38] وقال عز وجل: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} [الطور:34] ولو دون آية، ولكن لا أحد يستطيع. 2/ ومن خصائص القرآن الكريم: أنه لا يجوز للجنب أن يقرأه حتى يغتسل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو أحرص الناس على إقراء القرآن لا يمنعه عن إقرائهم إلا الجنابة. 3/ ومنها: أنه لا يجوز مس المصحف أو أي ورقة فيها قرآن إلا بوضوء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يمس القرآن إلا طاهر) . 4/ ومنها: أن الحائض لا تقرأ القرآن إلا لحاجة، والحاجة مثل: الأوراد كآية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وقل هو الله أحد، والمعوذات، وغيرها مما ورد من الأوراد. ومن الحاجة: أن تخاف نسيانه فتقرأه ولا بأس. ومن الحاجة: أن تكون معلمة تعلم القرآن ولو كانت حائضاً ولا بأس. ومن الحاجة: أن تكون متعلمة فتسمع القرآن معلمتها، لأن هذه حاجة ولا بأس في ذلك. 5/ ومن خصائص القرآن: أن الحرف الواحد منه بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها، فمثلاً إذا قرأت: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] (مالك) أربعة حروف فيها أربع حسنات، كل حسنة بعشر أمثالها، فالجميع أربعون حسنة، في أي كلام يحصل هذا الفضل؟ لا يحصل إلا في القرآن الكريم. 6/ ومنها: أن القرآن يلين القلب ولو كان قاسياً، ودليل ذلك قول الله تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر:21] وهو الجبل، وفيه يقول ابن عبد القوي رحمه الله: وحافظ على درس القران فإنه يلين قلباً قاسياً مثل جلمد نسأل الله تعالى أن يلين قلوبنا بالقرآن الكريم.

من خصائص رمضان: وجوب صومه

من خصائص رمضان: وجوب صومه من خصائص رمضان: أن الله تعالى أوجب على عباده أن يصوموه، فقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] إلى قوله: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185] وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه) .

من خصائص رمضان: مشروعية قيام لياليه

من خصائص رمضان: مشروعية قيام لياليه ومنها: أن (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه) ولو قمت شهر رجب أو شعبان أو شوال لم يحصل لك هذا الأجر، إنما الأجر لمن قام رمضان إيماناً واحتساباً. فإن قال قائل: وهل يمكن أن يقوم الإنسان رمضان كله؟ قلنا: نعم يمكن ذلك، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة كاملة) وهو على فراشه، وسبب هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قام بأصحابه إلى نصف الليل، فقالوا: (يا رسول الله، نفلنا بقية ليلتنا -أي: زدنا- قال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) اللهم لك الحمد، قيام ليلة وأنت على فراشك نائم ولكن حافظ إذا دخلت مع الإمام على ألا تنصرف حتى ينتهي، أما أن تصلي مع هذا ركعتين ومع هذا ركعتين ومع هذا ركعتين فلا يصح. فإن قال إنسان: هل الأفضل إذا صليت مع الإمام حتى ينصرف أن أقتصر على هذا وأنتهي ولا أقوم، أو الأفضل أن الإمام إذا قام للوتر أترك الإمام؛ لأني سوف أصلي في آخر الليل، وإذا صليت آخر الليل أختم صلاتي بالوتر؟ A الأول أفضل؛ لأنك إذا مكثت مع الإمام حتى ينصرف أدركت قيام الليل كله مع الجماعة، وأعطيت نفسك حظاً أكثر من الراحة، ولو كانت الصورة الثانية -أعني: أن يترك الإمام ويتهجد في آخر الليل ويوتر- ولو كان هذا أمراً مطلوباً لقال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: تهجدوا في آخر الليل، لكنه لم يقل هذا بل قال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) .

من خصائص رمضان: أن فيه ليلة القدر

من خصائص رمضان: أن فيه ليلة القدر ليلة القدر أشاد الله تعالى بذكرها فوصفها بأنها مباركة في سورة الدخان: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان:3] وأنزل الله تعالى فيها سورة كاملة: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر:1-5] هذه الليلة من قامها إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وفي هذه الليلة يفرق كل أمر حكيم، ويكتب فيها كل ما يكون في السنة.

من خصائص رمضان: مشروعية الاعتكاف فيه

من خصائص رمضان: مشروعية الاعتكاف فيه من خصائص رمضان: أنه يسن فيه الاعتكاف وهو أن يلزم الإنسان المسجد لطاعة الله عز وجل، والدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في العشر الأواخر منه، وقد اعتكف قبل ذلك العشر الأول ثم الأواسط يتحرى ليلة القدر، فأخبر أنها في العشر الأواخر فاعتكف العشر الأواخر حتى توفاه الله. ولكن الاعتكاف هل المراد به أن الأصحاب ينضم بعضهم إلى بعض في زاوية في المسجد يتحدثون باللغو وما لا فائدة منه، أو المقصود التعبد لله عز وجل؟ الثاني هو المقصود، ولهذا قال العلماء في تعريف الاعتكاف: هو لزوم مسجدٍ لطاعة الله. فإياك أن تذهب هذه الأوقات الثمينة بالتحدث إلى أصحابك وإضاعة الأوقات، أما إذا تحدث معهم أحياناً فلا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تحدث مع زوجته صفية بنت حيي رضي الله عنها ليلاً، ثم قام من أجل أن يقلبها إلى بيتها. ثم إن الاعتكاف يدخله الإنسان إذا غابت الشمس يوم عشرين ويخرج إذا غابت الشمس من آخر يوم من رمضان سواء كان التاسع والعشرين أو الثلاثين.

من خصائص رمضان: أنه تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار

من خصائص رمضان: أنه تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار من خصائص رمضان: أنه إذا دخل تفتح فيه أبواب السماء، وأبواب الرحمة، وأبواب الجنة ترغيباً لمن يريد الجنة أن يعمل لها، ولذلك يكثر الخير من أهل الخير، وتغلق فيه أبواب النار حتى لا يعمل الإنسان بعمل أهل النار، وتغل فيه الشياطين، فلا يصلون إلى ما يصلون إليه في غيره، وإلا لا بد من عمل الشياطين لكنهم لا يصلون إلى ما يصلون إليه في غيره.

الحكمة من مشروعية صوم رمضان

الحكمة من مشروعية صوم رمضان أيها الإخوة: لا بد أن نتكلم عن الحكمة في فرض الصوم. الحكمة ذكرها الله عز وجل في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] هذه الحكمة: (لعلكم تتقون) أي: تتقون الله عز وجل. وجاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) فالله لا يريد منا أن نترك الطعام والشراب فقط، بل يريد منا أن ندع قول الزور والعمل بالزور والجهل، فقول الزور يشمل كل قول محرم من الغيبة والنميمة والسب والشتم وما أشبه ذلك، ويجب على الصائم أن يدع ذلك ويتأكد في حقه. والعمل بالزور: العمل المحرم كالغش والخيانة وأكل الربا وما أشبه ذلك، وإلا فإن الإنسان لم يصم حقيقة. والجهل: العدوان على الغير؛ لأن الجهل يأتي في اللغة العربية بمعنى: العدوان على الغير كما في قول الشاعر: ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا

مفسدات الصوم

مفسدات الصوم هذا هو الحكمة من الصيام، أما الصيام الظاهري صيام البدن فهو عن الأشياء الآتية: أولاً: الأكل والشرب والجماع، فقد قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة:187] أي: الإفضاء إليهن بالجماع {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة:187] هنا اسمع {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة:187] هذا تابع للمباشرة {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] هذه ثلاث مفطرات إذا فعلها الإنسان فسد صومه، فلو جامع فسد صومه، ولو أكل فسد صومه، ولو شرب فسد صومه. الرابع: أن يستقيء فيقيء، إذا استقاء الإنسان أي: حاول أن يخرج ما في معدته من الطعام والشراب فخرج فسد صومه، وأما إذا قاء غير متعمد فلا يفسد صومه، والدليل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ذرعه القيءُ فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمداً فليقض) ومعنى ذرعه القيء أي: غلبه، فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمداً فليقض. الخامس: الحجامة إذا ظهر الدم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) فإذا احتجم الصائم وخرج منه دم أفطر لهذا الحديث، لا تقل: هذا ليس بأكل ولا شرب والقيء ليس بأكل ولا شرب، بل قل: سمعنا وأطعنا. السادس: ما كان بمعنى الأكل والشرب: وهو الحقن التي يستغنى بها عن الأكل والشرب، اذهب المستشفى واسأل فيه عن حقن تحقن بالبدن تغني عن الأكل والشرب، وهناك حقن لا تغني عن الأكل والشرب لكن الذي يفطر هو الأول؛ لأنه يستغنى بها عن الأكل والشرب ويسميها (العوام) المغذي، أما الإبر غير المغذية فلا تفطر، والإبر المقوية لا تفطر، والإبر للدواء لا تفطر سواءٌ كانت في العضلات أو في الوريد أو في أي مكان، لا يفطر من الإبر إلا ما كان مغذياً فقط. السابع: إنزال المني بلذة بفعل من الصائم، سواءٌ كان بالاستمناء وهو ما يُسمى بالعادة السرية، أو كان بتمرغ على الفراش، أو كان بتقبيل امرأته، أو بضمها، أو بتكرار النظر إليها، فإن الصوم يفسد؛ لقول الله تعالى في الحديث القدسي في الصائم: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) وهذه شهوة. لكن إن أمذى بذلك، أي: قبَّل امرأته فخرج منه المذي فإن الصوم لا يفسد؛ لأنه لا دليل على فساده. وسأعطيك أيها الأخ السامع إذا شرع الإنسان في العبادة على وجه شرعي فإنه لا يجوز أن يفسدها إلا بدليل شرعي، الأمر ليس إلينا إنما الأمر إلى الله، وهذا الرجل شرع في الصيام واستمر صائماً على وجه شرعي فلا يجوز أن نقول: إذا أمذى فسد صومه، إلا إذا كان عندنا دليل شرعي ولا دليل على هذا، ولا يمكن أن يقاس المذي على المني لما بينهما من الفروق الحسية والحكمية والذاتية، فهذا يختلف عن هذا. الثامن: خروج دم الحيض، فإذا خرج من المرأة دم الحيض ولو قبل الغروب بدقيقة واحدة أو أقل فسد صومها، وإن غابت الشمس قبل أن تحيض ثم حاضت بعد الغروب بلحظة فصومها صحيح. وأما ما اشتهر عند النساء أن المرأة إذا حاضت بعد الفطور قبل أن تصلي المغرب فسد صومها، فهذا لا أصل له، ولم يقل به أحد من العلماء. فإن قال قائل: ما دليلك على أن المرأة إذا كانت صائمة ونزل منها دم الحيض فسد صومها؟ نقول: دليلنا على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم) . التاسع: خروج دم النفاس، وهو ما يحصل عند الولادة مع الطلق، فإذا أحست المرأة وهي حامل بالطلق ونزل منها الدم فسد صومها، هذا إذا كان قبل الولادة بيومين أو ثلاثة، أما إذا كان الدم قبل هذه المدة فهو دم فساد لا يفسد الصوم.

شروط تحقق الإفطار بالمفطرات

شروط تحقق الإفطار بالمفطرات هذه تسعة مفطرات، ولكن يجب أن نعلم أن هذه المفطرات لا تفطر بمجرد أن يتناولها الصائم بل لا بد لها من شروط ثلاثة: الشرط الأول: أن يتناول هذه الأشياء ذاكراً. الشرط الثاني: أن يتناولها عالماً. الشرط الثالث: أن يتناولها قاصداً مريداً لها. ضد الذكر النسيان؛ فلو تناولها ناسياً كأن مر بماء وهو عطشان فشرب حتى روي ناسياً فلا شيء عليه. كذلك أيضاً لو كان جاهلاً لم يعلم أن هذا الشيء يفطر؛ كإنسان احتجم وظن أن الحجامة لا تفطر، فصومه صحيح. إنسان قبل زوجته فأنزل، لكنه ظن أنه لا يفسد الصوم إلا بالجماع، فلا شيء عليه؛ لأنه جاهل. إنسان أكل السحور ثم تبين أنه قد أذَّن، أي: طلع الفجر، وأن أكله كان بعد طلوع الفجر فلا شيء عليه لأنه جاهل. إنسان سمع صوت مؤذن في آخر النهار فأفطر، فتبين أن المؤذن قد أذن قبل الوقت، فماذا على الذي أفطر؟ لا شيء عليه؛ لأنه جاهل. الشرط الثالث: أن يكون قاصداً فإن لم يكن قاصداً فلا شيء عليه، كرجل يتوضأ فتمضمض، ثم نزل الماء إلى جوفه فلا شيء عليه، لأنه لم يقصد هذا. امرأة أكرهها زوجها فجامعها وهي صائمة ولم تستطع أن تدافعه، فصومها صحيح ولا شيء عليها. والدليل على ذلك: أن الأكل والشرب بنص القرآن يفطر، فما الدليل على أن الإنسان إذا كان جاهلاً أو ناسياً أو غير قاصد لا يفطر؟ الدليل: قال الله عز وجل: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا} [البقرة:286] قال الله: قد فعلت. فلا يؤاخذنا الله عز وجل لا بالخطأ ولا بالنسيان، وقال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] والذي دخل الماء إلى جوفه غير قاصد ولم يتعمد قلبه أن يشرب ويفسد الصوم، هذه الأدلة من القرآن وكفى بها أدلة. أما السنة: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) وهذا نص في الموضوع. أما الجهل: فقد أتى عدي بن حاتم رضي الله عنه وكان صائماً، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أنه جعل تحت وسادته عقالين -والعقال: الحبل الذي تربط به يد البعير -أحدهما أسود والثاني أبيض، وجعل يأكل -يتسحر- وهو ينظر إلى هذين العقالين، فلما تبين الأسود من الأبيض أمسك. إذاً هذا الرجل أكل بعد طلوع الفجر أم لا؟ نعم قطعاً؛ لأنه لا يتبين الخيط الأبيض الذي هو العقال من الأسود إلا بعد ارتفاع النور. ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: (إن وسادك لعريض) أي: واسع (إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل) ومعلوم أن بياض النهار وسواد الليل ليس تحت الوسادة ولم يأمره بالقضاء، مع أنه أكل بعد طلوع الفجر، لكنه جاهل لا يعرف معنى الآية تماماً. دليل آخر: في آخر النهار قالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس، ولم يأمرهم بالقضاء، وهم الآن قد أكلوا قبل غروب الشمس، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء، ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لنُقل إلينا؛ لأنه إذا أمرهم به صار شريعة، والشريعة محفوظة لا بد أن تنقل. أما الدليل على القصد فقد سمعتموه من القرآن وهو قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] .

الجماع أعظم المفطرات

الجماع أعظم المفطرات أعظم المفطرات الجماع؛ لأن الجماع فيه كفارة مغلظة، وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً. ودليل هذا هذه القصة الغريبة: أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (يا رسول الله، هلكت قال: وما الذي أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم) هل الرجل الآن متعمد أو غير متعمد؟ متعمد، والدليل أنه قال: (هلكت) فهو عالم (فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتق رقبة، قال: لا أجد، قال: صم شهرين متتابعين، قال: لا أستطيع، قال: أطعم ستين مسكيناً، قال: لا أجد، ثم جلس الرجل فجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خذ هذا وتصدق به، فقال: يا رسول الله، أعلى أفقر مني؟ -انظر الطمع، جاء على أنه خائف وجل- والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني) لابتيها أي: الحرتين، المدينة ليس فيها أفقر مني، أتدرون ماذا فعل المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ (فضحك حتى بدت نواجذه أو أنيابه عليه الصلاة والسلام وقال له: أطعمه أهلك) انظروا إلى سماحة الإسلام ويسر الإسلام! لما جاء هذا الرجل تائباً عومل بهذا اليسر، فرجع الرجل إلى أهله وقد خرج منهم خائفاً، رجع إليهم غانماً فرحاً عنده تمر. المهم أن أعظم المفطرات هو الجماع وفيه ما سمعتم: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطيع فإطعام ستين مسكيناً، والمرأة كالرجل إذا كانت مطاوعة، أما إذا كانت مكرهة فلا شيء عليها.

شروط وجوب الصوم

شروط وجوب الصوم هل الصوم واجب على كل الناس، أو لا بد فيه من شروط؟ A لا بد فيه من شروط، واعلم يا أخي وأخص طالب العلم: أن من إتقان هذه الشريعة أن جعلت للعبادات ضوابط بحيث لا تجب إلا بشروط ولا تسقط إلا بأسباب. فشروط وجوب الصيام: 1/ أن يكون مسلماً. 2/ بالغاً. 3/ عاقلاً. 4/ قادراً. 5/ مقيماً. 6/ خالياً من الموانع. الأول: الإسلام وضده الكفر، فالكافر لا نلزمه بالصوم، بل ولا نأمره بالصوم حتى يسلم، لو رأينا كافراً يأكل في البيت في نهار رمضان، لا نقول له شيئاً، ولو خرج إلى السوق نمنعه، لكن في بيته لا نمنعه ولا ننهاه عن الأكل؛ لأنه ليس بمسلم. الثاني: البلوغ وضد البلوغ الصغر، والبلوغ يحصل بواحد من ثلاثة أمور: 1/ تمام خمس عشرة سنة. 2/ إنزال المني بشهوة. 3/ إنبات العانة: وهي الشعر الخشن حول القبل. وتزيد المرأة بالحيض؛ إذا حاضت ولو لم يكن عمرها إلا عشر سنوات فهي بالغة، والصغير لا يجب عليه الصوم لكن يؤمر به ليعتاده. الثالث: العاقل وضد العاقل المجنون، وإن شئت فقل: ضد العاقل فاقد العقل؛ ليشمل المجنون والمغمى عليه والمخرف لكبرٍ، فكل هؤلاء لا يجب عليهم الصيام، فلو أن إنساناً حصل له حادث في أول يوم من رمضان وبقي مغمى عليه كل الشهر فإنه لا يقضي إلا اليوم الأول؛ لأن اليوم الأول أدرك أوله وهو صاحٍ والباقي لا شيء عليه؛ لأنه ليس معه عقل، كذلك المهذري ليس عليه صيام؛ لأنه فاقد العقل فلا يلزمه الصيام، كذلك أيضاً لو اختل تفكيره بسبب حادث أو مرض فلا صيام عليه. الرابع: القدرة وضدها العجز، والعجز إما أن يكون طارئاً يرجى زواله، وإما ألا يرجى زواله، فالذي يرجى زواله نقول للمريض: انتظر حتى يعافيك الله واقض الصوم، والذي لا يرجى زواله كالعجز عن الصوم لكبر أو لمرض لا يرجى برؤه فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً، وقد كان أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كبر يجمع آخر رمضان ثلاثين فقيراً ويطعمهم خبزاً وإداماً عن ثلاثين يوماً. الخامس: المقيم وضده المسافر، فالمسافر يخير: إن شاء صام، وإن شاء أفطر، والصوم أفضل له إلا أن يشق عليه فالفطر أفضل، لماذا الصوم أفضل؟ أولاً: لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم. ثانياً: لأنه أسرع في إبراء الذمة. ثالثاً: لأنه أيسر للمكلف. رابعاً: لأنه يصادف شهر رمضان الذي هو شهر الصيام. لكن إذا شق عليه ولو قليلاً فالفطر أفضل. Q ما تقولون في رجل: ذهب إلى مكة لأداء العمرة وهو صائم لكنه في أثناء الطواف والسعي عطش وشق عليه، فهل الأفضل أن يبقى صائماً مع المشقة، أو يفطر؟ الجواب: الأولى له أن يفطر، ولما جيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في آخر النهار -العصر- قيل: (يا رسول الله! إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنهم ينتظرون ما تفعل، فدعا بماء بعد العصر وشربه والناس ينظرون، فأفطر الناس إلا قليل منهم -كأنهم شحوا باليوم وبقوا ممسكين- فقالوا: يا رسول الله! إن بعض الناس قد صام، قال: أولئك العصاة، أولئك العصاة) لأن الصوم يشق عليهم فلم يقبلوا رخصة الله. فإن قال قائل: أرأيتم لو كان صائماً ثم سافر في أثناء النهار أيجوز له أن يفطر؟ فالجواب: نعم يجوز له أن يفطر؛ لأنه يصدق عليه قول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] . فإذا قال قائل: أرأيتم لو أنه قدم إلى بلده وهو مفطر في السفر هل يبقى مفطراً أم يمسك إلى غروب الشمس؟ فالجواب أن للعلماء في هذا قولين: أحدهما: أنه يجب عليه أن يمسك مع القضاء. والثاني: لا يجب عليه أن يمسك؛ لأنه لو أمسك ما نفعه، إذ لا بد من قضاء هذا اليوم، وهذا القول هو الراجح أنه إذا قدم المسافر مفطراً لا يلزمه الإمساك؛ لأنه لا يستفيد من هذا الإمساك شيئاً وليس بصوم. السادس: الخلو من الموانع، وهذا خاص بالأنثى، فلا تكون حائضاً، فإن كانت حائضاً أو نفساء فلا صيام عليها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم) . فإن قال قائل: أرأيتم لو حدث الحيض في أثناء النهار أيفسد صومها؟ الجواب: نعم. أرأيتم لو أنها كانت مفطرة حال الحيض ثم طهرت في أثناء النهار أيلزمها الإمساك؟ فيه قولان للعلماء، فهي كالمسافر الذي قدم مفطراً، والصحيح: أنه لا يلزمها الإمساك، لأنها سوف تقضي هذا اليوم. ولعلنا نقتصر على هذا القدر، ونسأل الله تعالى أن يخلص لنا ولكم النية، وأن ينفعنا بما علمنا إنه على كل شيء قدير والآن إلى الأسئلة، وتكون بين أهل عنيزة وأهل بريدة وأهل رياض الخضراء.

الأسئلة

الأسئلة

التحذير من الأخطاء التي تقع في شهر رمضان

التحذير من الأخطاء التي تقع في شهر رمضان Q فضيلة الشيخ! من الملاحظ على بعض المسلمين اليوم في شهر رمضان الإسراف في الأكل والشرب؟ A ما قاله السائل صحيح، بعض الناس يسرفون في المآكل والمشارب في نهار رمضان، كأنهم لا يقرءون قول الله عز وجل: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} [الأعراف:31] صحيح أن رمضان شهر الجود وشهر الكرم، لكن على وجهٍ نافع، أما الإسراف فلا نفع فيه، ومن ذلك ما يفعله بعض الناس في العمرة تجده يذهب إلى مكة ويبقى فيها الشهر كله أو أكثره ويخسر على هذا خمسين ألفاً أو ستين ألفاً، وهذا من سوء التصرف، هذه الدراهم الكثيرة يكفي منها خمسة آلاف تذهب أنت وعائلتك وتعتمر في يوم أو يومين وترجع والباقي تتصرف فيه؛ لأنه يوجد أناس من المسلمين فقراء جياع، بل يوجد من بلادك من هم فقراء وجياع. شارك في بناء المساجد، شارك في الأعمال الإغاثية وما أشبه ذلك، أما أن تأخذ خمسين ألفاً أو ستين ألفاً والمقصود يحصل بدونها؛ لأن العمرة يكفي فيها يوم، فهذا أيضاً من الإسراف الذي يفعله بعض الناس نسأل الله لنا ولهم الهداية. السائل: من الملاحظ أيضاً كثرة النزول إلى الأسواق من النساء خصوصاً في آخر شهر رمضان؟ الشيخ: هذا أيضاً من الخطأ. أولاً: المرأة بيتها خير لها، حتى التراويح لو جلست في بيتها أفضل، لكن بعض النساء تقول: إذا جلست في البيت يلحقني الكسل ولا أستطيع أن أقوم بالتراويح. فنقول: لا بأس، إذاً هذه مصلحة فاذهبي إلى المسجد، أما أن تتسكع في الأسواق مع كثرة السفهاء فهذا خطأ، ويجب على أولياء النساء أن يمنعوهن من هذا. السائل: متابعة المسلسلات والقنوات التي تتنافس في الشر في هذا الشهر؟ الشيخ: كذلك أيضاً متابعة المسلسلات والأفلام الخليعة في هذا الشهر محرمة وفي غيره أيضاً محرمة، لكن هنا يشتد التحريم؛ لأن هذا شهر عبادة، وشهر تقوى، وشهر البعد عن المحرمات، فالواجب على أولياء الأمور أن يمنعوا من ولاهم الله عليه من مشاهدة هذه المسلسلات. السائل: الاشتغال بالألعاب في الليل عند الشباب. الشيخ: الألعاب قسمان: قسم مباح كالمسابقة على الأقدام، وكرة القدم إذا لم يكن فيها كشف عورة ولا نزاع وخصومة، فهذه لا بأس بها، لكن لا أرى أن يحيوا ليلهم بهذا، أقول: هذا وقت فاضل، اجتمعوا في البيت وتدارسوا القرآن، أو ناموا حتى تتفرغوا للعبادة في النهار؛ لأن كثيراً من الناس في الليل سهران، وفي النهار نائم، وأقبح من ذلك أن بعض الناس ينام إذا صلى الفجر ولا يقوم إلا عند غروب الشمس فيترك الصلوات، وهذا خطأ كبير.

حكم الاكتحال في نهار رمضان

حكم الاكتحال في نهار رمضان Q فضيلة الشيخ: هل الكحل في نهار رمضان يفطر علماً بأن فيه قناة تصل بين العين والحلق فإذا بصق يجد الشخص أثراً لذلك هل نقول: أفطر ذلك الإنسان؟ A القول الراجح أنه لا يفطر بالكحل، حتى لو وجد لونه أو طعمه في حلقه، كما حقق ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، لأن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب، ولا يرد على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ لقيط بن صبرة: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) لأن الأنف موضع لإيصال المشروبات إلى المعدة، فهو منفذ معتاد، أما العين فليست كذلك، وعلى هذا فإن الصائم له أن يكتحل ولو وصل الكحل إلى حلقه.

حكم الإطعام عن الرجل الكبير الذي لا يشعر بنفسه

حكم الإطعام عن الرجل الكبير الذي لا يشعر بنفسه Q فضيلة الشيخ: السلام عليك ورحمة الله وبركاته أما بعد: ما حكم الإطعام عن الرجل الكبير الذي لا يشعر بنفسه؟ A الرجل الكبير الذي لا يشعر ليس عليه لا إطعام ولا صيام؛ لأنه بمنزلة الصبي الذي دون التمييز أو دون البلوغ فليس عليه شيء.

المفاضلة بين العمرة والاعتكاف في رمضان

المفاضلة بين العمرة والاعتكاف في رمضان Q فضيلة الشيخ! أيهما أفضل العمرة في رمضان أم الاعتكاف؟ A العمرة في رمضان لا تنافي الاعتكاف في الواقع، لأن الاعتكاف في العشر الأواخر والعمرة في كل الشهر، فبإمكانه أن يعتمر في أول الشهر ويتفرغ للاعتكاف.

حكم من ذرعه القيء ورجع منه إلى جوفه وهو صائم

حكم من ذرعه القيء ورجع منه إلى جوفه وهو صائم Q فضيلة الشيخ! أصبت بفشل كلوي خلال شهر رمضان الماضي، وقد صمته ولله الحمد، ولكن في بعض الأيام يأتيني قيء شديد إلى درجة أنه يرجع إلى جوفي مرة أخرى، سؤالي: هل يكون صومي صحيحاً أم لا؟ A صوم هذا السائل صحيح؛ لأن هذا القيء بغير اختياره، وقد سمعتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ذرعه القيء فلا قضاء عنه) وإذا رجع منه شيء إلى الجوف بغير اختيار الإنسان فلا شيء عليه؛ لأن من شروط المفطرات: أن تكون عن قصد.

حكم من قتل إنسانا خطأ

حكم من قتل إنساناً خطأً Q فضيلة الشيخ! كنت في الخامسة عشرة من عمري خرجت مع عمي للصيد، وكنا نطارد ظباً وعمي نازل وأنا ابن أخيه الصغير أقود السيارة مع عدم معرفتي للقيادة فدهست عمي حتى مات، فدفعت الدية إلى أهل عمي، ولكن هل علي كفارة صيام وأنا قادر على الصيام ومتى أبدأ بالصيام؟ A كل إنسان يقتل نفساً معصومة؛ سواء كان المقتول مسلماً أو ذمياً أو معاهداً؛ فإن عليه الكفارة وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فلا شيء عليه، وهذا السائل يقول: إنه قادر على أن يصوم الكفارة فليستعن بالله بعد رمضان وليصم الكفارة، ولكن إذا كان يحب أن يصوم الأيام الست بعد العيد فلا حرج، ثم يشرع في الكفارة.

حكم تعليق الدعاء بالمشيئة

حكم تعليق الدعاء بالمشيئة Q السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ! ورد النهي في السنة عن تعليق الدعاء بالمشيئة ما وجه قول النبي صلى الله عليه وسلم للمريض: (لا بأس طهور إن شاء الله) ؟ A النهي عن تعليق الدعاء بالمشيئة هو قول الإنسان: اللهم اغفر لي إن شئت، وهذه أقبح من قول: اللهم اغفر لي إن شاء الله. هذه واحدة. ثانياً: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا بأس طهور إن شاء الله) وهذا خبر، وهو طهور بالنسبة للمريض إذا احتسب الأجر، والمريض قد يحتسب الأجر وقد لا يحتسب، فإذا لم يحتسب لم يكن طهوراً له. فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن شاء الله) هو كالرجاء أن يكون هذا المريض محتسباً للأجر فيكون مرضه طهوراً له، وحينئذٍ لا ينافي تعليق الدعاء بالمشيئة. ومما ينهى عنه أيضاً ما يفعله بعض الناس يقول: اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه. فإن هذا منكر، بل اسأل الله أن يعافيك، واسأل الله أن يغنيك، واسأل الله أن يعلمك، ولا تقل: لا أسألك رد القضاء؛ لأنه لا يرد القضاء إلا الدعاء وكم من إنسان أشرف على الموت فدعا أو دعي له فشفاه الله. المهم أن هذه الكلمة لا يجوز أن تقال: (اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه. يا أخي اسأل الله العافية ولا تسل الله أن يبتليك بلطف.

حكم من أجبر على المشاركة في خدمة الحجيج ويريد أن يحج

حكم من أجبر على المشاركة في خدمة الحجيج ويريد أن يحج Q فضيلة الشيخ! شخص يعمل في العسكرية وجب عليه الحج ولم يؤده ويريد أن يؤديه هذه السنة، ولكنه أجبر على المشاركة في خدمة الحجيج، فهل يجب عليه أن يرفض ويحج؟ A لا يجب عليه أن يرفض بل يسمع ويطيع، أحياناً يطلب منه أن يشارك ولكن قد يرخص له في يوم عرفة أن يحرم بالحج، فإذا رخص له في يوم عرفة أن يحرم بالحج أحرم من عرفة، ولا يلزمه أن يذهب إلى الميقات؛ لأنه لم يتمكن من الشروع في النسك إلا في هذا المكان، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من كان دون المواقيت فمن حيث أنشأ) .

توجيه لمن يتأخر عن صلاة العشاء بسبب مشاهدة المسلسلات

توجيه لمن يتأخر عن صلاة العشاء بسبب مشاهدة المسلسلات Q ما رأيك فيمن يتأخر عن صلاة العشاء في رمضان؛ لأنه يشاهد المسلسلات؟ A أقول: أخطأ خطأً عظيماً؛ لأنه لا يجوز أن يتأخر الإنسان عن صلاة الجماعة لا في رمضان ولا في غيره، ولا سيما أنه تأخر ليشاهد مسلسلات قد تكون خبيثة كما هو الغالب، فعليه أن يتوب إلى الله، وأن يجتهد في طاعة الله تعالى في هذا الشهر؛ لأنه لا يدري هل يعود عليه أو لا يعود، فكم من إنسان لم يعد عليه رمضان كم من إنسان أشرف على رمضان ومات قبل أن يدرك أول يوم، فعليه أن يتوب إلى الله من الآن، ويصمم ويعزم على أن يستقبل شهر رمضان بهمة عالية وعزيمة صادقة.

حكم من حلف فحنث فصام ولم يطعم

حكم من حلف فحنث فصام ولم يطعم Q فضيلة الشيخ! رجل حلف على شيء ثم حنث في يمينه وصام مع قدرته على الإطعام، فما الحكم: هل يجزئه الصيام مع أن الله بدأ بالإطعام وجعل الصيام عند عدم الاستطاعة، ولو كان غير عالم بالحكم هل يختلف الحكم؟ A إذا صام الإنسان في كفارة اليمين وهو قادر على إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن الصوم يكون نافلة وعليه أن يأتي بالكفارة، لكن الصوم لا يضيع يكون نافلة له وليطعم. ولقد اشتهر عند كثير من الناس أن كفارة اليمين هي الصيام، ولهذا إذا حلف على أخيه وقال: والله أن تفعل كذا، يقول: لا تجعلني أصوم ثلاثة أيام، وهذا خطأ، الإطعام مقدم أو الكسوة أو عتق الرقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة.

حكم صوم من به مرض خطير

حكم صوم من به مرض خطير Q فضيلة الشيخ: لقد أجريت لي عملية استئصال قلب واستبداله بقلب آخر قبل سبعة أشهر وقد نجحت العملية والحمد لله. أولاً: يا فضيلة الشيخ أطلب منكم الدعاء لي والتأمين من الإخوة الحضور باستمرار هذا النجاح، وأن يوفقني الله للاستقامة والشكر على هذه النعمة. ثانياً: السؤال يا فضيلة الشيخ: إن طبيبي المشرف والمتابع لحالتي يفيدني بعدم إمكانية صوم شهر رمضان القريب، ما الحكم يا فضيلة الشيخ علماً بأنه ليس من أهل السنة؟ وأخيراً: ماذا أعمل في أيام علي من رمضان الماضي أفطرت فيها عند تدهور حالتي؟ A الحمد لله، أسأل الله تعالى أن يديم شفاءه، وأن يثبته على دين الله، وهذه من نعمة الله سبحانه وتعالى عليه، فليستغل الفرصة بكثرة العبادات من التسبيح والتكبير والتهليل وقراءة القرآن والصدقة إن كان عنده مال وما أشبه ذلك. أما بالنسبة للصيام فلا يصوم، فإذا قال الطبيب الموثوق: إن الصوم ربما يعيد المرض عليه حرم عليه أن يصوم؛ لقول الله تبارك وتعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء:29] فليبق حتى يشفيه الله تعالى شفاءً تاماً ويأذن له طبيبه بالصوم. وأما الأيام التي مضت فإنه إذا تعافى عافية كاملة فعليه أن يقضيها مع رمضان القريب.

أفضلية دفع الزكاة في رمضان

أفضلية دفع الزكاة في رمضان Q يا شيخ! دفع الزكاة في رمضان هل له أفضلية على غيره من الشهور مع أنها واجبة إذا توفرت فيها الشروط؟ A الواجب في الزكاة أن يدفعها إذا تم الحول ولا ينتظر رمضان، فإن أحب أن يدفعها في رمضان وقد تم حولها السابق فإنه يستغفر الله تعالى عن تأخيرها، ولا حرج عليه أن يقدم زكاة العام المقبل في رمضان، هذا من حيث الزمن ورمضان لا شك أن النفقة فيه أفضل، لكن أحياناً تكون الزكاة في غير رمضان أفضل والصدقة أفضل؛ لأن الفقراء يكونون أحوج منهم في رمضان كما هو معروف، في رمضان تكثر الصدقات والزكوات فيحصل للفقراء شيء من الغنى، لكن في غير رمضان قد يكونون أشد حاجة.

قتل كل مؤذ

قتل كل مؤذ Q فضيلة الشيخ! جزاك الله خيراً، إذا كانت عندي قطة سوداء داخل الحطب ولحقني منها أذىً وطردتها ورجعت، هل يجوز أن أقتلها؟ A إذا آذتك فاقتلها؛ لأن كل مؤذٍ يقتل حتى بنو آدم الساعون في الأرض فساداً يقتلون، فكيف بالهرة، فإذا آذتك وأخرجتها ولم تفعل، أي: ما امتنعت، فلك قتلها.

حكم التهنئة لدخول شهر رمضان

حكم التهنئة لدخول شهر رمضان Q فضيلة الشيخ! هل وردت تهنئة بدخول شهر رمضان، وإذا هنأني شخص ماذا أقول له؟ وجزاك الله خيراً. A ورد عن السلف أنهم كانوا يهنئون بعضهم بعضاً في دخول رمضان ولا حرج في هذا، فيقول مثلاً: شهر مبارك، أو بارك الله لك في شهرك، أو ما أشبه ذلك، ويرد عليه المهنأ بمثل ما هنأه به، فيقول مثلاً: ولك بمثل هذا، أو يقول: وهو مبارك عليه، أو ما يحصل به تطييب خاطر المهنئ.

حكم الشراء دينا عن طريق البنك بالتقسيط المريح

حكم الشراء ديناً عن طريق البنك بالتقسيط المريح Q فضيلة الشيخ! كثر في الوقت الحاضر تنافس البنوك والشركات على التقسيط المريح كما زعموا مما أثقل الكثيرين بالديون لغير حاجة، وهذه البنوك بعضها لا يملك تلك السلعة، ولكن يطلب منك تحديد المطلوب ثم يشتريه أو يحضره بشرط أن تفتح عنده حساباً جارياً، وتضع راتبك الشهري عنده لضمان حقه فما الحكم وما التوجيه؟ A التوجيه أن هذه مصيبة، أعني أن تسهيل الاستدانة ضرر لا سيما على الشباب، تجد الشاب صغيراً ومع ذلك عليه ديون كثيرة؛ لأنه سهل له الطريق، والدين أمره عظيم: (سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة هل تكفر الذنوب؟ قال: نعم، ثم لما ولى الرجل دعاه وقال: إلا الدين أخبرني بذلك جبريل آنفاً) . وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا قدم عليه الميت لا يصلي عليه إذا كان عليه دين لا وفاء له، حتى قدم إليه رجل من الأنصار فخطى خطوات ليصلي عليه، ثم سأل: (هل عليه دين؟ قالوا: نعم، فتأخر وقال: صلوا على صاحبكم) حتى عرف ذلك في وجوه القوم، فقال أبو قتادة رضي الله عنه: (يا رسول الله! الديناران عليَّ، قال: حقَّ الغريم وبرئ من الميت؟ قال: نعم، فتقدم وصلى) ثم إنه جاء في حديث وإن كان ضعيفاً: (أن نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) فلماذا يا أخي تثقل ذمتك بالديون وأنت في غنىً عنها؟ تجد الرجل يستدين ليشتري سيارة بقيمة سبعين ألفاً وهو يستطيع أن يشتري سيارة بثلاثين ألفاً، وهذا خطأ عظيم، نسأل الله أن يهدي الشباب وغير الشباب للمحافظة على براءة الذمة. أما بالنسبة للمعاملة التي ذكرها السائل أن الرجل يختار سيارة معينة، ويأتي إلى التاجر سواءً البنك أو غير البنك ويقول: أنا أريد السيارة الفلانية وأنا ليس عندي نقود، فيقول له: أنا أشتريها وأبيعها منك بالتقسيط، هذا حرام، وهو حيلة لا إشكال فيها، وحيلة قريبة، لو كان الربا العظيم الذي رتب الله عليه من العقوبة ما لم يرتب على ذنب غيره سوى الشرك؛ لو كان يحل بهذه الطريقة وهذه الخديعة ما حرم ربا أبداً، وإذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (قاتل الله اليهود لما حرمت عليهم الشحوم أذابوها، ثم باعوها وأكلوا ثمنها) لو تأملت هذه الحيلة التي قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيها: (قاتل الله اليهود) لوجدتها أبعد عن الحرام من هذه الحيلة التي ذكرها السائل. ولا تغتر أيها المسلم بمن يفتي بالجواز؛ لأن هذه بمجرد ما يتأملها الإنسان يعرف أنها حرام، ثم قولهم: لو أن الذي طلب شراءها تركها بعد شراء البنك أو التاجر لها لقبل منه أن يترك، نقول: هذا كلام ليس له معنى، رجل جاء وعين السيارة التي يريدها ليس هو بتارك، لكن فرض أن يكون تركها إنما هو: من أجل أن يلقوا القش حتى لا يقال: إن هذه حيلة على الربا، ولكن الله عز وجل لا يخفى عليه خافية، احذر يا أخي المسلم من هذه المعاملة، إنها أشد جرماً من أن يقول البنك: خذ خمسين ألفاً واشتر السيارة وهي عليك بستين ألفاً مقسطة، هذه حرام ليس عليها إشكال، والصورة التي ذكرها السائل أخبث، لأنها جمعت مفسدة الربا ومفسدة الحيلة والخداع.

حكم كشف عورة المرأة عند الولادة ونتف الشعر للزينة

حكم كشف عورة المرأة عند الولادة ونتف الشعر للزينة Q فضيلة الشيخ! تتساهل بعض النساء في أمر العورة، فتذهب إحداهن إلى الطبيب مع وجود طبيبة خصوصاً في قسم الولادة وأمراض النساء، وكذلك أيضاً تأتي إحداهن بامرأة تزيل الشعر الزائد عن جسمها خصوصاً ما حول العورة مما يلزم الكشف عن كثير من العورة خصوصاً عند الزواج، فهل هذان مسوغان للكشف عن العورة سواءً للرجل أو المرأة؟ A أما الأول: إذا احتاجت المرأة للكشف عن العورة للولادة فهذا شيء يشبه الضرورة فلا بأس به. وأما الثاني وهو التزيين بحلق الشعر الذي حول العورة فلا حاجة له في الواقع؛ لأن التي كانت تحلق شعرها من حين نبتت العانة ولم تحتج إلى غيرها هي أيضاً لا تحتاج إلى غيرها. ومسألة إزالة الشعر عند النكاح أو عند الزواج سمعت أن بعض الكوفيرات يستعملن النمص والعياذ بالله، أي: نتف شعر الوجه حتى لو كان فيه شعرة ما تنظر إلا بمنظار نتفتها، وهذا لا يجوز، لأن النمص محرم بل من كبائر الذنوب. فالمهم أن كشف العورة إذا احتيج إليه فلا بأس به أما مع عدم الحاجة فلا يجوز.

الفرق بين صلاة التراويح وقيام الليل

الفرق بين صلاة التراويح وقيام الليل Q فضيلة الشيخ حفظه الله: ما الفرق بين صلاة التراويح وقيام الليل؟ A صلاة التراويح هي قيام الليل، لكن المسلمين جعلوها في أول الليل، لأنه أسهل على الناس من آخر الليل، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقم الليل كله إلا في العشر الأواخر، فقد كان يقوم الليل كله، أما أول الشهر فكان يقوم وينام، ومع هذا لم يقم بأصحابه إلا ثلاث ليالٍ ثم تأخر خشية أن تفرض على الناس.

الجمع بين أفضلية العمل بين الصحابة والناس آخر الزمان

الجمع بين أفضلية العمل بين الصحابة والناس آخر الزمان Q فضيلة الشيخ! كيف نجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم: (في آخر الزمان عند كثرة الفتن يكون عمل الرجل مثل عمل خمسين من الصحابة) وحديث: (لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) ؟ A يجب أن نعلم أن الفضل نوعان: الأول: فضل مطلق وهذا لا يمكن أن يباري أحد الصحابة فيه. الثاني: فضل مقيد، فهذا قد يكون الإنسان فيه أفضل من الآخرين، وإن كان دونهم في الفضيلة، في أيام الصبر الذي يكون فيه الإنسان غريباً لا يجد من يساعده ولا من يعينه، بل ربما يجد من يستهزئ به ويسخر منه ويضيق عليه ويؤذيه، فمن أجل هذه المعاناة ضوعف له الأجر، أما الفضل المطلق فهو للصحابة رضي الله عنهم، نظير ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد يخص بعض الصحابة بشيء وغيره من الصحابة أفضل منه، لما قال في خيبر: (لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) دعا علي بن أبي طالب، فقيل له: إنه يشتكي عينيه، فجيء به فبصق صلى الله عليه وسلم في عينيه فبرأ كأن لم يكن به وجع، ثم أعطاه الراية، ومن المعلوم أن محبة الله ورسوله بالنسبة لـ أبي بكر أشد من علي رضي الله عنه، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل: (أي الرجال أحب إليك؟ قال: أبو بكر) فهذه ينبغي لطالب العلم أن يتفطن لها.

الأفضل في المكان الذي تقام فيه صلاة التراويح

الأفضل في المكان الذي تقام فيه صلاة التراويح Q فضيلة الشيخ! هل الأفضل أن تقام صلاة التراويح في كل مسجد، أم تجتمع بعض المساجد مع بعض كأن تكون في الجوامع حتى يكون أكثر جماعة وأنشط؟ A الذي يظهر لي أن الأيسر للناس أن يكون الناس في أحيائهم، كل حي يقيم التراويح في مسجده، حتى تعمر بيوت الله عز وجل بالمصلين، ثم لو قلنا: إنهم يجتمعون في مسجد واحد حصل بذلك هجر لبقية المساجد وحصل تضييق على المساجد الأخرى، وأنتم تعلمون الآن أن المسألة ليست كالسابق، فالناس يأتون على سياراتهم فتجد الرجل وحده في سيارة فلا يحصل ضيق وتعب، فالذي أرى أن الأفضل أن تصلى صلاة التراويح في المساجد كما تصلى الفرائض.

حكم لبس المرأة للنقاب والبنطلون

حكم لبس المرأة للنقاب والبنطلون Q فضيلة الشيخ! انتشر في الآونة الأخيرة وبشكل ملفت بين النساء وبإقرار من أولياء الأمور بل يساعدوهن على ذلك منها ما يسمى بالنقاب والعباءة الفرنسية والبنطلون، خاصة من أولياء ظاهرهم الالتزام، أرجو تقديم النصيحة جزاكم الله خيراً؟ A أما النقاب فقد كان معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والدليل على هذا: "أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى المحرمة أن تنتقب". ولكن هذا الشيء الجائز إذا كان يفضي إلى شيء محرم فمن الأولى منعه؛ لأن كل مباح يفضي إلى محرم يكون حراماً، أو على الأقل يكون ممنوعاً، والنقاب لو أبحناه للنساء اليوم لتوسعن فيه، وصارت لمدة أسبوع أو شهر على النقاب السني المعروف، ثم بعد ذلك تتوسع كما هو الواقع الآن، صارت الآن النساء بدلاً من النقاب يتلثمن، بمعنى عامي: يتلطمن لطمة، فلذلك لا نفتي بجوازه وإن كنا نعتقد أنه في الأصل جائز. أما بالنسبة للبنطلون، الواقع أن هذا من وحي الشيطان، فإن العلماء الكبار في هذه البلاد كلهم أفتوا بتحريمه، المتكلم يفتي بتحريمه وهو أنا، والشيخ/ عبد العزيز بن باز رحمه الله يفتي بتحريمه، واللجنة الدائمة للإفتاء تفتي بتحريمه، والشيخ/ عبد الله بن جبرين يفتي بتحريمه، هؤلاء رموز علماء البلاد، إذا كان العامة لا يرجعون إلى مثل هؤلاء فإلى من يرجعون؟ لذلك أؤكد أنه يجب منع المرأة من لبس البنطلون ولو عند الزوج، والحمد لله الزوج ليس بحاجة للبنطلون، ولا بحاجة للثياب أيضاً، يجوز أن يبيت هو وزوجته في الفراش بدون شيء، لماذا البنطلون؟ لولا أن الشيطان يوحي إلى الناس بتزيين الشيء القبيح. أليس البنطلون مبيناً مفاصل الرجلين، هذه رجل وهذه رجل؟ وكذلك أيضاً ربما يبين الصدر، وربما يأتي يوم من الأيام فيغدقون على بلادنا ببنطلونات لونها لون الجلد ورقتها رقة الجلد وضيقة جداً، إذا لبستها المرأة تكون كأنها عارية وهذا ليس ببعيد. أما العباءة الفرنسية، فأنا لا أتصورها، ولكن أظن أنها تلبس على الكتف ولها أكمام فتكون المرأة كأنها لابسة المقطع ما لبست عباءتها، ولا أحب أن نفتح الباب فتتطور المسألة -بل تتدهور- إلى شيء أسوأ.

حكم من أدرك مع الإمام في العشاء ركعتين فاكتفى بالسهو ولم يكمل

حكم من أدرك مع الإمام في العشاء ركعتين فاكتفى بالسهو ولم يكمل Q تقول السائلة: فضيلة الشيخ! صلينا معك صلاة العشاء، وقد أتينا إلى الصلاة في السجود الأول من الركعة الثانية وكبرنا وصلينا ثم جلسنا معك جلوس التشهد الأول، ثم أكملنا الركعتين وأنت سلمت ونحن سجدنا سجود السهو قبل السلام ثم سلمنا، فهل الصلاة صحيحة؟ فإن كانت غير ذلك فهل تلزمنا الإعادة؟ A الذي فهمنا من كلام المرأة السائلة: أنها ما صلت إلا ركعتين، وعلى كل حال: إن كانت لم تصل إلا ركعتين وجب عليها الآن أن تعيد الصلاة أربع ركعات، وأما إذا كانت أكملت الركعتين بعد أن سلمت فعليها سجود السهو بعد السلام، وإذا فات لا يضرها. الخلاصة: إذا كان على الإمام سجود سهو بعد السلام وكان بعض الناس عليه قضاء فماذا يصنع؟ الواجب إذا سلم الإمام من الصلاة أن يقوم ويقضي ما عليه، ثم إن كان أدرك الإمام في سهوه سجد بعد السلام، وإن كان الإمام سها قبل أن يدخل معه فلا شيء عليه.

توجيه للطلاب الذين سيمتحنون في رمضان

توجيه للطلاب الذين سيمتحنون في رمضان Q فضيلة الشيخ! يأتي شهر رمضان والطلاب والطالبات في انشغال مع المذاكرة من أجل الامتحانات، وسوف يمضي أكثر الشهر في هذه الامتحانات والمذاكرة لغير طلاب الجامعة، فما توجيهكم حيث سننشغل عن قراءة القرآن وربما نفوت التراويح والنوافل، فكيف يكون الجمع؟ A أولاً: بالنسبة للنساء، فقد أخبرني الرئيس العام أن امتحانهن سوف يبتدئ من اليوم الثالث من رمضان، وأن الدروس كل يوم درس فقط، وهذا لا يوجب انشغال على المرأة حتى عن قيام رمضان، فلتهون على نفسها، أما بالنسبة للرجال فمن كان مجتهداً من أول العام فإنه لن يحتاج إلى كثرة الدراسة، ومن كان مضيعاً فقد ضيع نفسه.

نصيحة في استغلال شهر رمضان بالعبادة

نصيحة في استغلال شهر رمضان بالعبادة Q فضيلة الشيخ! بم تنصحون من يقضي أكثر نهار رمضان بالنوم وقلة الذكر؟ نرجو توجيه هؤلاء إلى الفعل الصحيح وجزاك الله خيراً؟ A أوجه إخواني جميعاً وأول ما أبدأ به نفسي: أن نستغل هذا الشهر المبارك أسأل الله أن يبلغنا وإياكم صيامه وقيامه إيماناً واحتساباً، أن نستغله بالأعمال الصالحة من ذكر وقراءة قرآن، وصلاة وصدقة، وبر والدين وصلة أرحام، وخلق حسن، لأنه شهر قد لا يعود على الإنسان مرة ثانية، وأما الذين يسهرون في الليل وينامون في النهار فهم من أخسر الناس، لأنهم أضاعوا الليل فيما لا فائدة فيه، بل وربما في مضرة، وأضاعوا النهار أيضاً بكثرة النوم، وربما ينامون حتى عن صلاة الظهر وصلاة العصر. فنصيحتي لإخواني المسلمين: أن يتقوا الله عز وجل وأن يغتنموا فرص المواسم فإنها والله أبلغ من مواسم البيع والشراء في وجوب الحرص عليها.

حكم دفع الزكاة على المال الذي دفع كأسهم

حكم دفع الزكاة على المال الذي دفع كأسهم Q فضيلة الشيخ! ما حكم دفع الزكاة على المال الذي دفع كأسهم وقدره مائتي ألف ريال، هل تدفع الزكاة على الربح أم على رأس المال رغم أن رأس المال الآن لا يوجد منه شيء حيث دفع مصروفات، ماذا نفعل جزاك الله خيراً؟ A هذا ينظر إلى المساهم، فإن كان المساهم يريد أن تبقى سهامه في الشركة ليستغلها فهذا ليس عليه شيء إلا في الدراهم فقط، وأما إذا صرفت في المعدات أو ما أشبه ذلك فليس عليه شيء. أما إذا كان ممن يتاجر بالأسهم بمعنى: أنه لا يريد استمرار مشاركته، بل كلما جاءه ربح باع هذه الأسهم واشترى أسهماً أخرى فهذا عليه أن يزكي عن السهم بقدر قيمته عند وجوب الزكاة، فإذا كان السهم أول ما ساهم مائة ريال ثم زاد إلى ألف ريال فيزكي ألف ريال. السائل: على رأس المال وليس على الربح؟ الشيخ: الربح سوف يأخذه ويدخله في المال فيتبع المال.

قيام الليل مع أكثر من إمام

قيام الليل مع أكثر من إمام Q فضيلة الشيخ! بعض المساجد مثل الحرم المكي يصلون عشر تسليمات كل خمس تسليمات يصليها إمام، هل إذا صليت خمس مع الإمام الأول وذهبت يكتب لي قيام ليلة أو لا بد من الإتمام؟ A لابد من الإتمام؛ وذلك لأن الإمام الثاني نائب عن الأول والدليل على هذا: أن الوتر يكون مع الإمام الثاني، فالأول لم يتم صلاته في الواقع، بل قام بعض القيام وأتمه الآخر.

حكم من ذهب مع أولاده للعمرة وانشغل عنهم بالعبادة

حكم من ذهب مع أولاده للعمرة وانشغل عنهم بالعبادة Q فضيلة الشيخ! ما رأيك فيمن يذهب في رمضان إلى مكة لأداء العمرة هو وأولاده ويتركهم يتسكعون في الأسواق والطرقات وهو مشغول بالعبادة؟ A أرى أن هذا إلى الإثم أقرب إليه من الأجر، لأن رعاية الأولاد وتربيتهم أوجب من الذهاب إلى العمرة، بل الذهاب إلى العمرة سنة وليس بواجب، فكيف يدع الواجب ويفعل السنة؟ ومن المعلوم أن عبادة الله ليست بالهوى، بل بالهدى وما دل عليه الشرع، أما لو جعلنا كل إنسان يعبد الله بهواه لتفرق الناس ولصاروا أشتاتاً وأنواعاً. فالواجب على الإنسان أن يراعي أهله حتى لو فرض أن أهله بقوا وهو سافر إلى مكة فقد أثم إلا أن يذهب إلى مكة ويؤدي العمرة ويرجع في يومه فهذا أرجو ألا يكون عليه إثم.

الرد على من قال: إن دولة الشيشان دولة بدعية

الرد على من قال: إن دولة الشيشان دولة بدعية Q فضيلة الشيخ! تكلمت في أول اللقاء عن الشيشان وبعض الناس يشكك في الشيشانيين ويقول: بأنهم ليسوا من أهل السنة حيث أن عندهم بدعاً، والبعض الآخر يقول: هم السبب فيما حصل فكيف نعينهم؟ فهل من كلمة جواباً على هؤلاء وإخواننا يبادون إبادة جماعية، والمسلمون يتفرجون ولا يسمع لهم صوتاً؟ A أما الأول وهو قولهم: إن عندهم بدعاً، فلا شك أنه ما من شعب إلا عنده بدعة إلا أن يشاء الله، ولكن الدولة دولة سنية سلفية، وقد واجهت رئيسهم ومفتيهم قبل العام عند سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز رحمه الله وواجهت منهم تقبلاً للحق بل طلباً للحق، ودولة الشيشان في دول القوقاز تسمى الوهابية، لأن عقيدتها سلفية. وأما كونهم السبب في ذلك، فهب أنهم تصرفوا وأخطئوا، هل إذا أخطئوا -وهم إن شاء الله لهم أجر على اجتهادهم- ندعهم تأكلهم الطيور؟ أبداً! أخطئوا وكلنا يخطئ، لكن لما وقعوا في الشباك يجب أن ننقذهم بقدر المستطاع، فلا لبس في موضوعهم، صحيح أن الدولة التي إلى جانبهم دولة صوفية بدعية، وهي أنجوشيا، وقد علمنا أن زعمائهم قد شدوا الحمل على الوهابية، أما الشيشان فلا، فبهذا أجبنا والحمد لله على كلا الأمرين: أولاً: أنها ليست دولة بدعية. والثانية: إذا قدر أنهم أخطئوا في التقدير وحصل ما حصل، فالواجب أن نساعدهم الآن لما وقعوا في الشباك.

حكم دفع الزكاة للمتضررين في الشيشان

حكم دفع الزكاة للمتضررين في الشيشان Q ما رأيك يا فضيلة الشيخ! هل يجوز تعجيل الزكاة لإخواننا المتضررين في الشيشان؟ A لا بأس في ذلك، أرى أن الشيشان الآن في حاجة للزكاة، المجاهدون من قسم (في سبيل الله) واللاجئون من قسم (الفقراء والمساكين) فأحث إخواني على التبرع لهم بالصدقات وبالزكوات.

حكم من رأى صائما يأكل أو يشرب ناسيا

حكم من رأى صائماً يأكل أو يشرب ناسياً Q السلام عليكم ورحمة الله وبركاته! إذا رأيت الصائم يأكل أو يشرب ناسياً في نهار رمضان ماذا أفعل: هل أذكره أم أتركه؟ A يجب على من رأى شخصاً يأكل أو يشرب في رمضان وهو يعرف أنه صائم؛ يجب عليه أن يذكره لأنه إذا نسي فهو معذور لكن أنت لم تنس، وقد قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:2] .

نصيحة للابسي القبعات

نصيحة للابسي القبعات Q ما حكم لبس القبعة التي انتشرت في عصرنا هذا بين كثير من الشباب هداهم الله؟ أفيدونا يا فضيلة الشيخ مأجورين وجزاكم الله خيراً. الشيخ: ما هي القبعة؟ السائل: لبس القبعة طاقية لها مقدمة من الوجه. الشيخ: التي فيها رف؟ السائل: ليس فيها شيء لكن شكلها تشبهاً يا شيخ. الشيخ: لكن فيها رف من الأمام. السائل: نعم. الشيخ: أرى ألا تلبس وقد لقيت شاباً بعد صلاة العشاء وقلت: لماذا تلبس هذه؟ قال: ألبسها عن الشمس، فتأمل كيف بلغ بهم حد البلاهة إلى هذا، بعد صلاة العشاء هل يوجد شمس؟ ثم إن ظني أنها ضارة على العين؛ لأن العين بعد ذلك لا تستطيع مجابهة أشعة الشمس. وعلى كل حال: ينبغي أن نقابل الذين يلبسونها باللين واللطف ونقول: لا ينبغي أن تخرج عن عادة البلد دون الإنكار عليه.

التقويم ومطابقة الفجر في التوقيت

التقويم ومطابقة الفجر في التوقيت Q السلام عليكم فضيلة الشيخ! هل تقويم أم القرى موافق لطلوع الفجر؟ A فيه خلاف بين الناس، وقد حرر بعض الإخوة من أهل العلم والخبرة، فوجدوا أنه في الفجر متقدم خمس دقائق على طلوع الفجر.

حكم استعمال نقط الأنف في رمضان

حكم استعمال نقط الأنف في رمضان Q يا شيخ! ما حكم استعمال نقط الأنف في رمضان وهي تدخل غالباً في الحلق؟ A إذا لم تصل إلى الحلق أو وصل الطعم دون الجرم الذي صب في الأنف فهذه لا تضر، أما إذا كانت كثيرة تصل إلى المعدة فإنه لا يجوز استعمالها لمن صومه واجب إلا عند الضرورة ويفطر ويقضي يوماً بدله. وإلى هنا انتهى هذا اللقاء المبارك، أسأل الله تعالى أن يجعله نافعاً للجميع، وأن يعيدنا وإياكم معاد الخير إنه على كل شيء قدير.

اللقاء الشهري [71]

اللقاء الشهري [71] تنقضي الأيام، ويتصرم الزمان، بسرعة غير معهودة، وهذا كله يدعو إلى استغلال الوقت واستثماره، فهو أنفس ما يملكه الإنسان. وإذا كانت هذه قيمة الوقت، فهو في رمضان أغلى وأثمن، هذه كلها محاور دار حولها الحديث في هذا اللقاء، بالإضافة إلى تفصيل لأحكام الزكاة. وفي فقرة الأسئلة كثير من الفتاوى العامة، والإجابات الهامة، عن أسئلة الحاضرين.

هدي السلف في قضاء أوقات رمضان

هدي السلف في قضاء أوقات رمضان الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فقد جرت عادة السلف أو كثير منهم إذا دخل رمضان أن يتفرغوا لقراءة القرآن؛ وذلك لأن الشهر يمضي، وهو شهر القرآن، فينبغي أن يتفرغ الناس فيه لقراءة القرآن، ولكن نظراً لطلب الإخوة في مركز الدعوة في عنيزة أن يحصل هذا اللقاء العارض، ونظراً لما أرجو الله سبحانه وتعالى فيه من المصلحة، وافقت على عقد هذا اللقاء في هذه الليلة ليلة الأحد الحادي عشر من شهر رمضان المبارك عام (1420هـ) . هذه الليلة ليلة الأحد أول أيام الأسبوع، وهي أول العشر الأواسط من رمضان، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح لنا ولكم الأولى والآخرة.

معنى تقارب الزمان ودلالاته

معنى تقارب الزمان ودلالاته في هذه الليلة أود أن أذكر نفسي وإياكم باغتنام الوقت قبل فواته، فإن الأيام تمضي بسرعة ولا سيما في وقتنا هذا، فإن الإنسان بينما هو في يوم الجمعة وإذا بالجمعة التالية كأن لم يكن بينهما إلا يوم واحد، وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان) فإن قوله: حتى يتقارب الزمان، قال بعض العلماء: إن المعنى هو أن المدن تكبر فتكون المسافة التي بين المدينتين عشرة أيام فإذا كبرتا وصارتا أقل من ذلك، فيتقارب الزمان، ولكن الذي يظهر: أنه يفسر بما نحن عليه اليوم، الزمان متقارب جداً، وجرب نفسك، شهر رمضان في العام الماضي كأنه لم يمش إلا في شعبان، هذا ما أجده في نفسي ولا أدري أتجدون ذلك في أنفسكم أو لا؟ تجدون هذا!! كأنما دخل شهر رمضان هذا العام الليلة الماضية والآن تم ثلثه والثلث كثير، نسأل الله تعالى أن يعفو عما مضى وأن يعيننا على الأعمال الصالحة فيما بقي.

فضل أيام رمضان

فضل أيام رمضان العشر الأواسط أفضل من العشر الأول والعشر الأواخر أفضل من العشر الأواسط، وتجدون هذا في الغالب مطرد وأن الأوقات الفاضلة آخرها أفضل من أولها، ويوم الجمعة عصره أفضل من أوله، ويوم عرفة عصره أفضل من أوله، والحكمة من هذا والله أعلم: أن النفوس إذا بدأت بالعمل كلت وملت فرُغِّبت بفضل آخر الأوقات على أولها حتى تنشط فتعمل العمل الصالح.

من أحكام الزكاة

من أحكام الزكاة الغالب أن الناس في هذا الشهر يخرجون زكاتهم نظراً لفضيلة الزمان وهذا لا بأس به ولا حرج في أن الإنسان يجعل شهر رمضان شهر الزكاة، وكان أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه يخطب في الناس ويقول: أما بعد فإن هذا شهر زكاتكم، قيل: إنه شهر محرم، وقيل: شهر رمضان، وعلى كل حال فلا حرج أن يجعل الإنسان شهراً معيناً يحصي فيه ماله الذي فيه الزكاة ويزكي، ولكن لا يؤخر ما وجبت زكاته إلى الشهر، مثلاً: لو وجبت زكاتك في رجب فلا يجوز أن تؤخرها إلى رمضان، لكن لك أن تقدم زكاتك التي لا تحل إلا في ذي الحجة تقدمها في رمضان ولا حرج، فالمهم لما كان عادة كثير من الناس أن يخرج زكاته في رمضان كان لا بد أن يعرف الإنسان. أولاً: الأموال الزكوية. ثانياً: مقدار الزكاة. ثالثاً: إلى من تصرف الزكاة؟ هذه ثلاثة، أولاً: الأموال الزكوية، هل كل مال فيه زكاة؟ هذه واحدة. ثانياً: مقدار الزكاة نصف أو ربع أو عشر أو أكثر أو أقل، لا بد أن نعرف، كما يجب علينا أن نعرف صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء وعدد ركعاتها، فكذلك الزكاة؛ لأن الزكاة أخت الصلاة وقرينتها في كتاب الله. الثالث: إلى من تصرف؟ هل الإنسان بالخيار يصرفها كيف يشاء؟ لا.

الأموال الزكوية

الأموال الزكوية الأموال الزكوية هي: بهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم. ثانياً: الذهب والفضة. ثالثاً: الخارج من الأرض. رابعاً: عروض التجارة. الأول: بهيمة الأنعام، وليس كل بهيمة الأنعام تجب فيها زكاة، لا بد أن تكون سائمة -أي: ترعى- لا يعلفها صاحبها، ترعى إما كل السنة أو أكثر السنة، فأما التي تعلف فليس فيها زكاة ولو بلغت آلافاً، فمثلاً: إنسان عنده ألف شاة لكنه يعلفها وهو قد أعدها للتنمية ولم يعدها للتجارة، فهذه ليس فيها زكاة؛ لأنها ليست سائمة. والسائمة: هي التي ترعى مما أخرج الله عز وجل إما السنة كلها أو أكثرها. الثاني: الخارج من الأرض، وهل كل خارج من الأرض تجب فيه الزكاة؟ قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ} [البقرة:267] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (فيما سقت السماء أو كان عثرياً العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر) فلو أخذنا بعموم هذه الآية والحديث لقلنا: تجب الزكاة في كل خارج من الأرض، حتى في البطيخ والخضروات وفي كل شيء؛ لأن الآية عامة والحديث عام، لكن هناك شيء مقيد وهو: أنه لا بد أن يبلغ نصاباً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) . إذاً لا بد أن يبلغ خمسة أوسق فأكثر. الثاني: لا بد أن يكون مما يوسق. أي: يحمل ويدخر ويقتات، مثل: التمر والبر والشعير، والأرز، وأما ما لا يوسق فليس فيه زكاة. الآن نسأل: الخضروات والفواكه وما أشبه ذلك توسق؟ A لا، جرت العادة أنها تؤخذ أفراداً أو بالوزن وتؤكل مباشرة فليس فيها زكاة. إذاً ليس كل خارج من الأرض فيه زكاة. الثالث: الذهب والفضة، والنصوص فيها عامة، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة:34] ومعنى يكنزونها أي: لا يؤدون زكاتها {وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة:34-35] وهذه عامة سواء كان الذهب قليلاً أو كثيراً وسواءً كان دراهم أو دنانير، أو قطعاً من الذهب وقطعاً من الفضة أو كان حلياً مع أن الحلي حرام استعماله في الأكل والشرب، أو كان حلياً، النصوص عامة، فهل هي مخصصة أم لا؟ الجواب: ننظر، نقول: لا بد أن تبلغ النصاب، والنصاب من الفضة خمس أواق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمس أواق صدقة) والأوقية: أربعون درهماً، فتكون الخمس الأواق مائتي درهم، وهذه الأواق بالنسبة للجرامات بلغت (595) جراماً، فمن كان عنده من الفضة دون ذلك فليس فيه زكاة. الذهب جاء فيه حديث رواه أهل السنن: (ليس عليك فيما دون عشرين ديناراً زكاة) والدينار مثقال، فيكون نصاب الذهب عشرون مثقالاً، تبلغ بالجرامات (85) جراماً، وما دون ذلك ليس فيه زكاة. لكن لو قال قائل: عندي نصف نصاب من الذهب ونصف نصاب من الفضة هل أكمل أحدهما بالآخر؟ الجواب: قال بعض العلماء: تكمل أحدهما بالآخر، فإذا كان عندك عشرة دنانير وعندك مائة درهم، لو نظرت إلى كل واحد بعينه فلا زكاة عليه؛ لأن كل واحد منهما لم يبلغ النصاب، وإن جمعتهما صارا نصاباً، وهذا محل خلاف بين العلماء، والقول الراجح: أنه لا يضم أحدهما إلى الآخر؛ لأن السنة دلت على أن هذا له نصاب وهذا له نصاب، وكما أننا لا نضم البر إلى الشعير في تكميل النصاب فلا نضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب.

حكم زكاة الحلي

حكم زكاة الحلي Q امرأة عندها حلي من الذهب يبلغ النصاب هل يجب عليها أن تزكيه أم لا؟ A هذا فيه خلاف بين العلماء، بعضهم يقول: لا زكاة فيه؛ لأن هذا يستعمل للباس فهو كالثياب التي على الإنسان لا زكاة فيها، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة) فهي حوائج معدة للإنسان يستعملها المرء للتجمل كالثياب فلا زكاة فيها. وقال آخرون: تجب الزكاة إذا بلغ النصاب؛ لأن الأدلة عامة لم يخصص منها شيء، والواجب على الأمة الإسلامية في نصوص الكتاب والسنة أن تتبع عموم الكتاب والسنة، فإذا كان عاماً عممت الحكم، وإن كان خاصاً خصصته، ولا يمكن لأي إنسان أن يثبت أن الحلي لا زكاة فيه وأنه مستثنى، فليس في الكتاب ولا في السنة ولا في إجماع الأمة ولا في القياس الصحيح دليل على انتفاء وجوب الزكاة في الحلي، والأدلة أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وكلها ليس فيها دليل، ومن وجد دليلاً فليتفضل به، وجزى الله شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله خيراً فقد كنا نقلد المذهب في هذه المسألة ونقول: الحلي المعد للبس ليس فيه زكاة، حتى قدر الله عز وجل أن ندرس في الرياض في المعهد العلمي، وندرس على يد الشيخ/ عبد العزيز رحمه الله في بيته أو في المسجد، فمرت بنا هذه المسألة فرأيناه يرى وجوب زكاة الحلي، وألف بذلك رسالة في وجوب الزكاة، فقلنا له: ما دليلك يا شيخ؟ قال: الدليل العمومات والخصوصات، العموم القرآن والسنة: {يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة:34] قال أهل العلم: معنى كنزها ألا تؤدي زكاتها، حتى لو كانت على ظهر جبل فهي كنز، وما تؤدى زكاته ولو كان في قعر الأرض فهو ليس بكنز، وقال أيضاً رحمه الله -وذكره في رسالته- حديث أبي هريرة في مسلم: (ما من صاحب ذهب ولا فضة إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جبينه -أي: وجهه- وظهره وجنبه كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد ثم يرى سبيله، إما إلى الجنة وإما إلى النار) وتقرير هذا الدليل أن يقال: هل المرأة التي تملك الحلي هل يقال: إنها صاحبة ذهب أو فضة؟ الجواب: نعم، يقال بلا شك، إذاً تدخل في عموم الحديث. وقال أيضاً رحمه الله: هناك دليل خاص وهو ما أخرجه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم: (أن امرأة أتت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي يد ابنتها مسكتان -أي: سواران- قال: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار؟) الجواب: لا يسرها، كأنه قال: إن لم تؤدِ زكاته سورك الله بهما سوارين من النار (فخلعتهما من ابنتها وألقتهما للرسول صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ورسوله) وهذا دليل خاص، وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله ورواية عن إمامنا الإمام أحمد بن حنبل، وقد قيل: إنه في العصور الوسطى كان على مذهب أبي حنيفة ثلاثة أرباع الأمة الإسلامية؛ لأن الخلفاء في الدولة العثمانية كلهم على مذهب الأحناف والناس على دين ملوكهم. على كل حال: الحق لا يعرف بالكثرة، صحيح أن كثرة العلماء مرجحة بلا شك، لكن إذا وجد الدليل فهو الإمام ولا قول لأحدٍ بعده، لكن هؤلاء الذين قالوا: يقاس على الثياب. الجواب: هذا القياس فاسد من وجهين: الوجه الأول: أنه في مقابلة النص، فالنص يدل على وجوب الزكاة، فكيف تقيس شيئاً تبطل به نصاً؟! لا يمكن هذا، ولهذا يسمي العلماء القياس المعارض للنص: فاسد الاعتبار، أي: اعتباره فاسد ولا قيمة له. ثانياً: أن هذا القياس غير صحيح، الذهب والفضة ما هو الأصل فيهما؟ وجوب الزكاة، والثياب الأصل عكس هذا، وهو عدم وجوب الزكاة، فكيف يقاس شيء الأصل فيه الوجوب على شيء الأصل فيه عدم الوجوب؟ هذا لا يستقيم. ثم هو قياس متناقض، يقولون: لو كان عند المرأة دنانير ذهب تعدها للنفقة ففيها الزكاة، وإن كانت لا تعدها ففيها زكاة أيضاً على قول هؤلاء، ويقولون في الحلي: إن أعد للنفقة ففيه الزكاة وإن أعد للبس فلا زكاة فيه، والقياس يقتضي أن يتساوى الأصل والفرع. على كل حال لا أحب أن أطيل في هذه المسألة، المسألة خلافية، من العلماء من قال: تجب، ومنهم من قال: لا تجب، وإذا كنا نخشى أن نقف بين يدي الله يوم القيامة فلا شك أن الاحتياط لنا أن نزكي هذا.

زكاة عروض التجارة

زكاة عروض التجارة عروض التجارة شامل عام لا يختص بمال معين، فكل شيء تعده للتجارة ففيه الزكاة حتى الثياب، والسيارات فيها زكاة لو كان إنسان عنده معرض سيارات معدة للتجارة يشتري ليربح ففيها الزكاة، ومن يبيع ويشتري في الأراضي يريد الربح ففيها زكاة، الأواني فيها زكاة، بهيمة الأنعام يريدها للتجارة وإن كان يعلفها كل يوم ففيها زكاة. أما مقدار الواجب: فالواجب من الذهب والفضة وعروض التجارة ربع العشر، أي: واحداً من أربعين، فليقل الطالب: عندك أربعون ألف ريال كم فيها من الزكاة؟! ألف ريال، إذا قال: إنه ينقص ماله، نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما نقص مال من صدقة) بل ينميه الله عز وجل ويقيه الآفات، مع ما يكون في قلب الإنسان من الكرم ومحبة الإحسان إلى الغير والفوائد العظيمة، إذاً لا حاجة إلى الحساب الكثير، نقول: إذا أردت أن تعرف مقدار الواجب في مالك وفي عروض التجارة فقوِّم المال وقت الوجوب، ثم اقسم ذلك على أربعين، فالناتج بالقسمة هو الواجب. أما الخارج من الأرض فما كان يخرج بتعب ومشقة -بسقي- ففيه نصف العشر، وما ليس فيه مشقة ففيه العشر كاملاً. أما الماشية، بهيمة الأنعام لا يستطيع الإنسان أن يضبطها؛ لأنها فيها أوقاص والشارع هو الذي حددها.

بيان مصارف الزكاة

بيان مصارف الزكاة أما البحث الثالث في الزكاة فهو من أهل الزكاة؟ هل الإنسان مخير إذا رأى أي شخص يرق له أعطاه الزكاة أم أن أهل الزكاة أصناف معلومة محددة من قبل الشرع؟ A الثاني، استمع قول الله عز وجل: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:60] أي: أن الله فرضها علينا وبيَّن أن هذا الفرض صادر عن علم وحكمة والله عليم حكيم، أي إنسان يتصف بواحد من هذه الأوصاف فأعطه زكاتك ولا تبالِ، لكن هل تعطي أباك منها وهو فقير؟ نقول: لا تجزئ، ونقول: أي إنسان يقول لك: إنه لا يجوز أن تعطي زكاتك والدك قل: هات الدليل؛ لأنك أنت معك دليل، فأقول: إذا حابى الإنسان نفسه بالزكاة فكأنه لم يخرجها، بمعنى أنه إذا كان إعطاء الزكاة يقضي أن يسقط عنه شيء من الواجب فالزكاة لا تلزم مثلاً: هذا غني وأبوه فقير يجب عليه أن ينفق على أبيه من ماله الخاص، فإذا كان هذا الأب يحتاج في النفقة إلى عشرة آلاف سنوياً وعند الابن عشرة آلاف زكاة، لو أعطاها والده لأسقط عن نفسه عشرة آلاف فكأنه ما أدى الزكاة في الواقع؛ لأنه حمى بها ماله، وبناءً على ذلك نقول: كل القرابات الذين لا تلزمك نفقتهم أعطهم أو لا يلزمك ما تحملوه فأعطهم زكاتك، فهذا الأب الذي ذكرنا لو أنه حصل منه أ، صدم سيارة إنسان وقدرت السيارة بخمسة آلاف، هل يجوز أن تعطي والدك خمسة آلاف غرم السيارة أو لا يجوز؟ لأنه لا يلزم الابن أن يتحمل غرامات أبيه، نعم يجب عليه أن ينفق عليه، لكن الغرامات لا، انتبه إلى هذه القاعدة. Q هل يجوز أن نصرف الزكاة في التعليم في إصلاح الطرق في بناء المساجد في بناء المدارس؟ لا يجوز، لأنه مخصص، والذي يأمر وينهى هو الله عز وجل، وأما قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة:60] فالمراد الغزاة، ليس المراد كل ما يقرب إلى الله، لو كان المراد كل ما يقرب إلى الله لم تكن للحصر فائدة في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} [التوبة:60] ونقول: لو أننا أذنا للناس أن يصرفوا زكاة أموالهم في هذه المشاريع الخيرية لانسد باب الإنفاق وصار الناس ينفقون زكواتهم في هذه المشاريع ولم يبق تطوع من الناس، فيكون في ذلك سد باب الخير، ولا نحب أن نطيل في هذا البحث ونقتصر على ما أوردنا ونسأل الله أن يجعل فيه الكفاية.

الأسئلة

الأسئلة والآن إلى الأسئلة ونرجو الله أن يوفقنا للصواب.

إذا اجتمعت صلاة التراويح وصلاة الجنازة فأيهما يقدم؟

إذا اجتمعت صلاة التراويح وصلاة الجنازة فأيهما يقدم؟ Q فضيلة الشيخ! حصل في هذا اليوم جنازة قبل صلاة التراويح، فأيهما أفضل أن نتبع الجنازة أم نصلي صلاة التراويح؟ وما هو الأفضل بالنسبة للإمام هل يؤجل صلاة الجنازة إلى ما بعد التراويح أم يعجل بها؟ A تعارض الآن عندنا شيئان وكلاهما له فضل، اتباع الجنازة والثاني التراويح، فهل نتبع الجنازة وندع التراويح أم العكس؟ ننظر التراويح لو فوتها الإنسان لم يفته إلا صلاة الجماعة فقط؛ لأنه يمكن أن يتهجد في بيته، له من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر والجنازة لو فوتها أو بقي في التراويح فاتت، وعلى هذا التعليم يقدم الجنازة، ولكن إذا كان يخشى أنه إذا ذهب مع الجنازة تكاسل وفاته التهجد فليبق إلا إذا اضطر إلى الخروج مع الجنازة بأن لم يكن معها من يقوم بالكفاية فحينئذٍ يتبع الجنازة.

حكم استخدام التحاميل والحقن في نهار رمضان

حكم استخدام التحاميل والحقن في نهار رمضان Q فضيلة الشيخ! شخص مصاب بالتهاب المرارة وحصوتها ويتعرض لنوبات شديدة من الألم لا ينفع معه الإبر المسكنة فيضطر إلى وضع التحاميل، فما حكم وضع هذه التحاميل المسكنة في نهار رمضان؟ كذلك الإبر المسكنة التي ليست مغذية وكالأنسولين لمرضى السكر؟ A الذي نرى أن هذا ليس مفطراً، سواءً التحاميل من أسفل أو إبر السكر؛ لأنها ليست مغذية فلا تكون بمعنى الأكل والشرب، وأعطيكم قاعدة أخص بهذا طلبة العلم: إذا تعارض القول بأنه مفطر أو أنه غير مفطر فما الأرجح؟ أنه غير مفطر، إذ لا يجوز لنا أن نفسد عبادة شرعية إلا بدليل شرعي؛ لأننا لو أفسدنا الصوم لكنا جنينا على هذا الصائم وأفسدنا صومه، ولكنا قلنا على الله ما لا نعلم، وهذه قاعدة تفهم في كل شيء، كلما تعارض عليك أمران وجوب أو عدم وجوب فالأصل عدم الوجوب، حرام أو غير حرام فالأصل عدم التحريم، مفسد أو غير مفسد فالأصل عدم الإفساد وهكذا.

حكم زكاة أسهم الشركات

حكم زكاة أسهم الشركات Q فضيلة الشيخ! عندي مائة سهم في شركة ما فهل عليها زكاة؟ وما مقدار زكاة الأسهم؟ A إذا كانت الدولة وفقها الله تأخذ الزكاة من هذه الشركات بدقة فلا يلزمك أن تزكي؛ لأن ولي الأمر له أن يقبض الزكاة ويصرفها في مصارفها كما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يبعث عماله لقبض الزكاة وتأتي إليه في المدينة ويقسمها. وأما إذا كانت الدولة لا تأخذها فعليك أن تحصي السهام التي لك، فإن كنت تعدها للتجارة فقدر قيمتها عند وجوب الزكاة وأخرج ربع عشر القيمة، لأن هذه زكاة العروض، وإن لم تكن أعددتها للتجارة بل لتبقى وتنمو فلا زكاة عليك في الأمور العينية التي ليست من الأموال الزكوية، كما لو كان الإنسان مساهماً في آلات ومعدات لا للتجارة ولكن للاستغلال فلا زكاة عليه في هذه المعدات، وإنما الزكاة في النقود التي تحصل منها.

ما يقال خلف الإمام إذا دعا بجمل دعائية أو خبرية

ما يقال خلف الإمام إذا دعا بجمل دعائية أو خبرية Q فضيلة الشيخ! يمر بنا ونحن نصلي خلف الإمام بعض الجمل خصوصاً في الدعاء بعض الجمل الخبرية وبعض الجمل الدعائية فما يقول عقب كل واحدة مثل: اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله إلى آخره؟ A اللهم إنا نستعينك معناها: نطلب العون وهي دعاء، فتقول: آمين. أما نحمدك ونثني عليك فهذا خبر فإن شئت قلت: (سبحانك) وإن شئت سكت، لأنها جملة خبرية ثناء على الله عز وجل.

حكم دفع المرأة زكاتها لزوجها

حكم دفع المرأة زكاتها لزوجها Q السلام عليكم يا فضيلة الشيخ! هل يجوز أخذ زكاة زوجتي من الذهب علماً بأنها مدرسة وأنا حتى الآن لا أعمل أفيدونا جزاكم الله خيراً؟ A يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها لزوجها إذا كان من أهل الزكاة؛ سواءً زكاة الذهب أو زكاة المال، وذلك لأن الزوجة لا يجب عليها الإنفاق على زوجها حتى نقول: لو دفعت زكاتها إليه لحمت بذلك مالها، فيجوز للزوجة أن تدفع زكاة مالها لزوجها إذا كان من أهل الزكاة.

حكم زكاة الأراضي

حكم زكاة الأراضي Q فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته! هل تجب الزكاة في الأرض التي تأخذ من الدولة علماً أنه لا يريد أن يقيم عليها مسكناً وجزاكم الله خيراً؟ A لا يجب عليه أن يزكيها؛ لأن الرجل ليس تاجر أراضٍ، لكنه أبقاها يقول: إن احتجتها بعتها وإلا بقيت، أو يكون متردداً يبن أن يتجر بها أو يبقيها ويبني عليها بناءً أو ما أشبه ذلك، فالمهم أن هذا لا تجب فيه الزكاة، كذلك لو أن الإنسان اشترى أرضاً للتجارة وفي أثناء الحول بدا له أن يبني عليها بناءً فلا زكاة فيها، وكذلك لو اشترى أرضاً ليبني عليها، ثم طابت نفسه منها وعرضها للبيع ليشتري أرضاً أخرى فلا زكاة عليه، فزكاة الأراضي إنما تجب على الذين يتجرون بالأراضي وهم أصحاب العقارات.

حكم التأجير المنتهي بالتمليك

حكم التأجير المنتهي بالتمليك Q فضيلة الشيخ! التأجير المنتهي بالتمليك كثر الكلام فيه، فما هو القول الذي يفتي به فضيلتكم؟ A أنا واحد من أعضاء هيئة كبار العلماء نسأل الله ألا يجعل ذلك فتنة لي، المسألة لا تزال تحت البحث من هيئة كبار العلماء؛ لأنها عرضت على المجلس مرتين ولم يبت فيها بشيء، وينتظر إلى الجلسة القادمة إن شاء الله في آخر شوال وانظر ماذا يصدر، لكن لا تتعامل بها الآن حتى تصدر الفتوى.

كيفية زكاة المال المشترك

كيفية زكاة المال المشترك يقول: فضيلة الشيخ! عندنا سيارات نملكها ثم نبيعها بالأقساط الشهرية وهذا المال لمجموعة من الأشخاص احترنا في كيفية إخراج زكاته علماً بأن هذا المال في أصله كان لمجموعة من الأشخاص كجمعية، فلما زاد عن الحاجة بدأنا نشتري سيارات ونقسطها، فكيف نخرج زكاته؟ A إخراج الزكاة سهل يوكل هؤلاء الشركاء واحداً منهم ويتولى الإخراج من مجموع المال، وكل على سهمه، فمثلاً: إذا قدر أنه مائة ألف بين عشرة أشخاص، نقول لهؤلاء العشرة: وكلوا واحداً منكم ويخرج الزكاة من المائة الألف عن الجميع. أقساط السيارات كغير الشركاء، أي: الديون التي لك في ذمة الناس إذا جاء وقت الزكاة احص مالك الموجود بين يديك واحص الديون التي لك على الناس وأخرج زكاتها جميعاً تسترح منها ولا تبق معلقة، لكن إذا كانت الديون على شخصٍ معسر لا يمكنك أن تطالبه لإعساره فلا زكاة عليك فيما عنده حتى تقبضه، فإذا قبضته فزكه لسنة واحدة ولو كان قد مضى عليه سنوات؛ لأن الذي عند المعسر كالمعدوم.

إخراج الزكاة للمتسولين في الحرم

إخراج الزكاة للمتسولين في الحرم Q أنتم تعلمون يا فضيلة الشيخ أن المتسولين في الحرم كثر، فهل يجوز صرف مائة ريال من فئة خمسة ريالات ومن ثم دفعها لهم على أنها من الزكاة؟ الشيخ: يعني معناه: تعطيهم مثلاً مائة ويعطونك تسعين، هكذا؟ السائل: يصرف قبل أن يدخل إلى الحرم يأخذ معه مبلغ من المال يعتبره من الزكاة هل يجوز ذلك؟ الشيخ: ويعطي هؤلاء المتسولين؟ السائل: ويعطي هؤلاء المتسولين. الشيخ: إذا غلب على ظن الإنسان أن الذي أعطاه مستحق للزكاة أجزأه سواء كان متسولاً أو كانت هيئته هيئة الفقير فإنه يجزؤه؛ حتى لو بان بعد ذلك أنه غني فإنه يجزئ، ولهذا لما تصدق الرجل على غني وأصبح الناس يتحدثون: تصدق الليلة على غني، قيل لهذا المتصدق الذي ندم على تصدقه على الغني: أما صدقتك فقد قبلت. والله عز وجل لا يكلف نفساً إلا وسعها، لا يلزمنا أن نبحث عن الإنسان حتى نصل إلى حد اليقين هذا شيء متعذر أو متعسر، إذا غلب على ظنك أن هذا من أهل الزكاة فأعطه، وإذا تبين أنه ليس من أهلها فزكاتك مقبولة والحمد لله.

حكم رد السلام في الصلاة

حكم رد السلام في الصلاة Q فضيلة الشيخ! إذا كنت في صلاة الظهر وسلم علي آخر هل أرد أم لا؟ وما هو الأولى للقادم؟ A أما الرد بالقول فلا يجوز، لأنك إذا رددت بالقول بطلت الصلاة، وأما الرد بالإشارة فلا بأس وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يرد السلام بالإشارة، يرفع يده إشارة إلى أني قد سمعت ولكني لن أتكلم؛ لأني في الصلاة، ولكن إن بقي المسلم حتى سلم المصلي رد عليه بالقول وإن ذهب كفت الإشارة.

حكم زكاة البهائم السائمة التي تعد للتنمية

حكم زكاة البهائم السائمة التي تعد للتنمية Q يقول: فضيلة الشيخ! الأغنام والإبل الموجودة في البادية هل تعتبر سائمة وهل فيها زكاة حيث أن صاحبها يعلفها أكثر من نصف السنة ولربما علفها السنة كلها علماً بأن الغالب أنهم يعدونها للتنمية والاتجار بها؟ A هذه تكلمنا عليها، لكن لعل السائل لم ينتبه: إذا كانت هذه السائمة للتنمية وهي تعلف أكثر من نصف السنة فلا زكاة فيها؛ لأنها ليست سائمة شرعية، وإن كانت ترعى أكثر الحول ففيها الزكاة، أما إذا كانت للتجارة رجل يتجر بالأغنام يبيع هذه اليوم ويشتري بدلها وما أشبه ذلك، فهذه فيها الزكاة على كل حال حتى لو كان يعلفها، لأنها أموال تجارية كأموال التجار في الدكاكين.

حكم استعمال ما يمنع الدورة الشهرية من أجل العبادة

حكم استعمال ما يمنع الدورة الشهرية من أجل العبادة Q يقول: فضيلة الشيخ! قد يحمل المرأة حبها للخير أن تستعمل بعض الموانع لمنع الدورة الشهرية لأجل العمرة أو لأجل صيام وصلاة رمضان فما حكم ذلك؟ A أما من أجل صلاة رمضان أو صيام رمضان فلا تستعملها؛ لأن الأمر واسع والحمد لله، وهذا شيء كتبه الله على بنات آدم كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذه الحبوب بلغني من أطباء مخلصين صادقين أن فيها أضراراً عظيمة، وأما العمرة فهذه ربما يرخص فيها؛ لأن العمرة قد تفوت لو جاء الحيض من حين الإحرام قبل الطواف ورجعوا قبل أن تطوف، فالعمرة ربما يرخص فيها وأما من أجل الصيام والقيام وقراءة القرآن فلا.

حكم زيارة المرأة للمقابر

حكم زيارة المرأة للمقابر Q ما حكم زيارة المرأة للمقابر؛ لأن هناك دليلاً يقال: إن عائشة رضي الله عنها زارت أخاها عبد الرحمن في المقبرة. وهذا حديث حسن خرجه النسائي فما حكم ذلك؟ والله أعلم. A أولاً: يجب علينا أن نعلم أنه لا يمكن أن يعارض قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقول أحدٍ كائناً من كان؛ لقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36] ولقوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:59] . فلا يمكن أن يعارض لعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم زائرات القبور بما فعلته عائشة رضي الله عنها: أولاً: لأنها معرضة للصواب والخطأ بخلاف قول المعصوم صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ثانياً: ربما تكون نسيت إن كان قد بلغها الحديث أو تأولت أو ما أشبه ذلك، لكن هناك حديث في صحيح مسلم حين فقدت عائشة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ووجدته زائراً للبقيع، قالت: (يا رسول الله! أرأيت ماذا أقول؟ فعلمها السلام على القبور) ولكن هذا أيضاً لا يعارض الزيارة؛ لأنا نقول: لو أن المرأة مرت في المقبرة ووقفت ودعت لأهل القبور فلا بأس، أما أن تخرج من بيتها لتزور القبور فهذا محرم.

حكم قراءة سورة بعد الفاتحة للمأموم في الركعة الثالثة والرابعة

حكم قراءة سورة بعد الفاتحة للمأموم في الركعة الثالثة والرابعة Q فضيلة الشيخ! في الصلاة الرباعية إذا أطال الإمام الركعة الثالثة طويلاً بعدما أنتهي من الفاتحة هل أقرأ سورة بعدها، أم ألزم السكوت حتى يركع؟ A لا، الأولى أن تقرأ سورة بعدها؛ لأنه قد جاء في حديث أبي سعيد ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد يزيد على الفاتحة في الركعتين الأخريين، ولأن الصلاة لا سكوت فيها إلا لقراءة الإمام والإمام يقرأ سراً، وعلى هذا فنقول: اقرأ سورة بعد الفاتحة. لو قال قائل: هلا تقولون: إننا نردد الفاتحة؟ فالجواب: لا، لأن ذلك لم يرد وقراءة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الأخريين قد ورد.

حكم استخدام الهاتف الجوال للمعتكف في المسجد

حكم استخدام الهاتف الجوال للمعتكف في المسجد Q يقول: فضيلة الشيخ! ما حكم استعمال الجوال أو الهاتف في المسجد للمعتكف؟ وما ضوابط ذلك إذا كان جائزاً؟ A لا بأس باستعمال الجوال والهاتف للمعتكف في المسجد إذا لم يشوش على الناس، فإن شوش على الناس فإنه لا يستعمل، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج على أصحابه ذات ليلة وهم يصلون في المسجد أوزاعاً ويجهرون بالقراءة، فقال: (لا يؤذين بعضكم بعضاً في القراءة، كلكم يناجي ربه) وأمرهم ألا يجهروا لئلا يؤذي بعضهم بعضاً، فإذا كانت هذه الجوالات أو البياجر تشوش على المصلين فإن الواجب أن يصكها الإنسان ويغلقها حتى لا يشوش على إخوانه. وبهذه المناسبة أود أن أذكر إخواني الأئمة الذين يصلون بالميكرفون ويفتحونه على حافات المسجد أو في المنارة فإن ذلك يشوش على من بقربهم من المساجد، ويشوش على أهل البيوت الذين يصلون وحدهم، وربما يؤدي إلى الإضرار بأهل البيوت، قد يكون المريض متشوفاً للنوم فيطير عنه النوم ويتأذى بهذا، فأدعو إخواني الأئمة إلى إقفال الميكرفونات عن المنائر وقت الصلاة؛ لأنها أذية لا شك فيها، وليس فيها فائدة للمصلين؛ لأن المصلين قد يستغنون بالمكبرات الداخلية، ولا للذين خارج المسجد؛ لأن الذين خارج المسجد إذا سمعوا القراءة وظنوا أن الإمام قريباً يركع أسرعوا وركضوا لإدراك الركوع فخالفوا بذلك السنة؛ ولأن بعض الناس وقد شكي إلينا هذا يبقى في بيته ويقول: مازال في الركعة الأولى والإنسان إذا أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة، ثم يبقى إلى أن يبقى ركعة ثم قد يدرك الركعة وقد لا يدركها.

انقطاع دم الحيض دليل طهارة المرأة

انقطاع دم الحيض دليل طهارة المرأة Q ما الحكم إذا انقطع الدم عن المرأة بعد الدورة الشهرية هل هذا يعد طهراً؟ علماً بأنها لم تر القصة البيضاء؟! A القصة البيضاء تكون بانقطاع الدم، لأنه إذا انقطع الدم ونشفت المرأة محل الخارج بقصة بيضاء ولم تجد دماً، فهذه القصة البيضاء، وعلى هذا فمتى انقطع الدم الذي هو الحيض فقد طهرت المرأة ووجبت عليها الصلاة ووجب عليها الصيام، وجاز لزوجها أن يجامعها إن كانت متزوجة.

حكم إخراج الجنين من بطن الأم

حكم إخراج الجنين من بطن الأم Q فضيلة الشيخ: امرأة أصيبت بحادث في ظهرها وهي حامل في الشهر الخامس فقرر الأطباء إجراء عملية لظهرها واشترطوا إخراج الجنين فأبت الأم، فقالوا: إن عليها خطراً من الشلل أو الموت إن استمر الجنين ولم تعمل العملية، فما العمل الآن مأجورين؟ A لا يجوز إخراج الجنين إذا كان لو أخرج لمات حتى وإن خيف على الأم الشلل أو الموت، أسمعتم الحكم؟ إذاً بعد نفخ الروح في الجنين لا يجوز إخراجه بأي حال من الأحوال مهما كان؛ لأنك إذا أخرجته قتلت نفساً عمداً وهذا الجنين مؤمن، وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء:93] . ولأننا إذا أخرجناه هل نتيقن أن الأم تسلم؟ لا، ربما تكون العملية سبباً لموتها، وحينئذٍ نكون ارتكبنا محظوراً متيقناً لدفع ضرر محتمل. وأيضاً إذا أبقينا الجنين وماتت الأم أو شلت، فهل نحن الذين تسببنا لموتها أو شللها؟ الجواب: لا، هذا من الله عز وجل، والله تعالى يقدر ما شاء، وأيضاً لن نتيقن أنه إذا بقي يموت. كثيراً ما يقرر الأطباء أن المرأة لو بقي الحمل في بطنها لماتت ثم لا تموت، وأنا على يدي وتحت سمعي وبصري: قرر الأطباء على امرأة حامل أن جنينها مشوه وأنه لا بد من إخراجه، تقرير طبي! فظهر الجنين أجمل إخوانه، مما يدل على أنهم قد يخطئون. فعلى كل حال: لو فرضنا (100%) أنه إذا بقي في بطنها هلكت وهلك الجنين لقلنا: إن هلاكها ليس بأيدينا بل من عند الله عز وجل، والله فرق بين الذي بيد الإنسان وبين الذي من عنده كما قال عز وجل: {قُلْ هَلْ َتَربَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا} [التوبة:52] فنحن إذا أبقينا الجنين وماتت الأم فليس بفعلنا بل بفعل الله عز وجل: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد:38] وهذه مما قدم فيها العقلانيون عقولهم على الكتاب والسنة وقالوا: إذا بقي في بطن أمه وماتت الأم مات هو، فنقول: وليكن ذلك، إذا ماتت الأم يموت هذا الجنين مثلاً فمن الله عز وجل على أنه يمكن الآن، حسب ترقي الطب أنه إذا تقرر موت الجنين عند الولادة أمكنهم بسرعة أن يخلصوا الأم من الموت، وهذا شيء مؤكد، فالمهم أنت يا أخي امش على الكتاب والسنة ولا يهمك أحد، والدنيا ليست للبقاء، الذي ما مات اليوم سيموت غداً.

حكم شراء السيارة من البنوك بشروط فيها حيل ربوية

حكم شراء السيارة من البنوك بشروط فيها حيل ربوية Q فضيلة الشيخ! حفظك الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما حكم الاقتراض من البنك؟ اقتراض سيارة علماً بأن شروطهم: أولاً: السيارة تملك ملكية جزئية وليس للمعرض حرية التصرف فيها. ثانياً: أن الفائدة عند تأخر القسط عن الوقت المحدد تزداد يومياً. ثالثاً: أن من شروطهم أخذ (1%) عندما يتراجع عن الاقتراض بحجة أنها أتعاب. رابعاً وهو الأخير: تحويل الراتب الشهري إليهم. A هذه المعاملة بارك الله فيكم محرمة؛ لأن البنك إنما اشترى السيارة من أجلك، ولم يشترها من أجلك إلا لأجل الربا، ولهذا لا يمكن أن يبيعها لك برأس مالها، فهذا البيع بيع غير مراد، بيع يتخذ حيلة لاستحلال ما حرم الله عز وجل، والتحيل على المحرم لا يجعله مباحاً كما أن التحيل على الواجب لا يسقطه، وإن أفتاك الناس وأفتوك فهي حرام، وأضرب لك مثلاً يا أخي: أهذه الحيلة أقرب إلى المحرم أم حيلة اليهود الذين حرمت عليهم الشحوم فأذابوها ثم باعوا الودك وأكلوا ثمنه؟ لا شك أن هذه الحيلة التي اشتبهت على بعض العلماء فأفتوا بحلها أقرب إلى التحريم من حيلة اليهود، نعم لو قدر أن البنك يملك السيارة وفي حوزته تساوي خمسين نقداً فجاء إنسان وقال: أنا أريد أن آخذها بستين مؤجلة، ولا يزاد الدين بتأخر الوفاء فهذا بيع صحيح، لكن اختلف العلماء فيما إذا كان طالب السيارة لا يريدها وإنما يريد قيمتها بحيث إذا اشتراها باعها مباشرة وأخذ القيمة فهذه مسألة التورق واختلف فيها العلماء رحمهم الله، وكان شيخ الإسلام رحمه الله يمنعها منعاً باتاً ويشدد فيها -أعني شيخ الإسلام ابن تيمية - وناهيك به علماً وفقهاً وورعاً، يقول: هذه حرام، ويقول: يا سبحان الله! كيف يرجع الربا المحرم في الكتاب والسنة والذي ورد من الوعيد عليه ما لم يرد على ذنب دون الشرك، كيف ينقلب حلالاً بهذه الحيلة؟ فيرى أن التورق حرام، وأنه من العينة وذكره نصاً عن الإمام أحمد رحمه الله. أما مسألتنا التي أشار إليها السائل فالبنك لا يملكها، لكن أتيت إليه وقلت: أنا أختار السيارة الفلانية في المعرض الفلاني قال: اذهب وانظر كم ثمنها ثم راجعني، ثم أشتريها من المعرض بخمسين وأبيعها عليك بستين إلى أجل، فهذه لا يشك إنسان تأملها حق التأمل في أنها حرام.

حكم مشاركة اليهود والنصارى أعيادهم واحتفالاتهم

حكم مشاركة اليهود والنصارى أعيادهم واحتفالاتهم Q يا شيخ! يشتمل القرن القادم في الرابع والعشرين من هذا الشهر المبارك بحلول ما يسمونه بالألفية الثالثة، ولا يخفى على فضيلتكم احتفال اليهود والنصارى بهذه المناسبة الكبيرة عندهم، ولا يخفى عليكم أيضاً انبهار الناس بما ينشره الكفرة من التهويل عما يحدث في تلك الليلة. ما هو توجيه فضيلتكم للناس الذين يسمرون أعينهم أمام شاشات التلفزة والقنوات الفضائية في مثل هذه المناسبة فيما أن الكفرة يعتمدون على نبؤاتهم في هذه المناسبة؟ A بارك الله فيك! هذه المسألة صدرت فيها فتوى من اللجنة الدائمة في عدة صفحات، ونشروها وهي مفيدة، وصوتي مضموم إلى صوتهم، وإني لأعجب غاية العجب من هؤلاء الكفرة الذين يدعون الذكاء، أقول: الذكاء -لأنهم ليس لهم عقول- كل إنسان كافر فليس بعاقل كما قال عز وجل في الكفرة: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [البقرة:171] لكن أقول: ليس عندهم ذكاء، هل تمام تسعة وتسعين يعني دخول ألفين وواحد؟ الجواب: لا، إذاً الألفان ما تمت، وستتم إذا تمت ألفين أما ألف وتسعمائة وتسعة وتسعون فكيف يقال تمت الألفان؟ وكيف يقال دخلت الألفية الثالثة؟ وهذه والحمد لله أول فاضح يفضح هؤلاء ويبين أنهم سفهاء، هذه واحدة، إذاً هذا خطأ من الناحية التاريخية. ثانياً: من الناحية العقدية أتعجب غاية العجب من قوم عندهم من الذكاء ما استطاعوا أن يصنعوا هذه الصنائع الباهرة، ويعتمدون فيما يقدرونها من الألفيات على أوهام وخيالات لا حقيقة لها، ربما كانوا يضحكون على من يقول مثلها فيما سبق والآن هم قالوها، من قال لهم: إن شيئاً سيتغير بعد حلول الألفية الثالثة؟ ولا يجوز لنا نحن المسلمين أن نصدقهم في ذلك لأن هذا من علم الغيب، وقد قال الله عز وجل: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} [النمل:65] نعم. إذا كان هناك شيء أجلوه إلى أجل معين كما يزعم عن الكمبيوتر أنه إذا مضى كذا وكذا، أنه في (2005م) أو (2001م) سيتعطل والآن هم جادون غاية الجد في التأهب لهذا، هذا هم قدروه ويمكن، ولقد حدثني إنسان أتى من أمريكا بحديث عجب، يقول: إن الكمبيوتر الآن ما له إلا رقمان، وإذا وصل إلى (99) ثم شرع في (2000) ألغيت الأرقام وصار اثنين، يقول: فهم الآن مشوش عليهم، هل معناه أن الزمن يعود من (1099) إلى (99) فقط؟ أي: يبلعون ألف سنة، أو هناك ألف ثالثة سوف تأتي، والله لو قاله إنسان صغير لقلنا: هذا مجنون، الزمان يعود ألف سنة إلى الوراء؟ لا يصلح، لكن هم سبحان الله! جاعلين بطونهم وأيديهم على قلوبهم يقولون: نخشى الآن أن يرجع الزمان إلى الوراء، سبحان الله! شيء عجيب! لكن الله عز وجل أراد أن يفضحهم وأن هؤلاء قوم سفهاء الأحلام ليس عندهم عقول، أما بالنسبة لنا نحن المسلمين فلا يحل لنا أن نتابعهم في هذا، ولا أن نصدقهم على ما يقولون ويتخرصونه، لأننا أمة حق بين واضح، لا خيالات ولا أوهام. ثانياً: ما يجعلونه عيداً بمناسبة دينية يحرم علينا أن نسايرهم فيه، حتى أن ابن القيم رحمه الله في كتابه أحكام أهل الذمة ذكر أن الذي يرضى بأعيادهم إن كان قد سلم من الكفر فهو أشد ممن يرضى بكذا وكذا من المعاصي، وكلامه هذا واضح. إذا رضي الإنسان بشعائر الكفر فمعناه الرضا بالكفر، وهذا خطر على الإنسان، ولا يجوز لنا أن نتبادل الهدايا من أجل هذا، ولا أن نهنئهم بهذا العيد، ولا أن ننزل قيم الأشياء من أجل هذه المناسبة، لأني سمعت بعض المحلات يقولون: ننزل القيمة من (100) فيجعلها (90) لماذا؟ ربما يكون هؤلاء التجار عندهم سلع كاسدة ويريدون أن ينزلوا فقالوا: هذه مناسبة، لكن لا يجوز حتى في هذه الحال، انتظر حتى تمضي الأيام ثم نزل ما شئت، أما أن تنزلها بهذه المناسبة فلا. واعلم يا أخي المسلم أن الكافر يفرح فرحاً عظيماً إذا وافقه المسلم في شيء من شعائره، حتى تعلمنا للغتهم يفرحون به، ونحن كثيرٌ منا مثل الدجاج يأكل حباً فيه سم، يعني: تعلمنا للغتهم وحتى بعض الناس يتخاطب بها ويفرحون بها فرحاً عظيماً، لو أن إنساناً غير عربي تعلم لغتك هل تفرح؟ أنا أفرح أن يتعلم لغتي وهو لغته غير العربية، كذلك هم يفرحون، ولهذا كان من حكمة عمر رضي الله عنه أنه يضرب الناس إذا رطنوا رطانة الأعاجم، لماذا يتكلم بلغة غير عربية؟! أتريد أن تقضي على هويتك وعلى عروبتك وعلى دينك؟! لأن الدين لا يمكن أبداً أن يفهم فهماً حقيقياً إلا حسب مقتضى اللغة العربية، ولهذا تجد كثيراً من العلماء الذين ليسوا أصلاً في العرب ولم يتقنوا العربية تجدهم إذا فسروا القرآن أو فسروا الحديث يكون عليهم خطأ كثير. على كل حال، رأينا في هذه الاحتفالات: أنه لا يجوز للإنسان أن يشاركهم فيها، ولا يهنئهم بأعيادهم، ولا يخفف من الأعمال، ولا أن ينزل من قيم السلع من أجل هذه المناسبة. نسأل الله تعالى أن يعيد للأمة الإسلامية مجدها وعزها وكرامتها إنه على كل شيء قدير.

نصائح موجهة للمعتكفين

نصائح موجهة للمعتكفين Q فضيلة الشيخ! ونحن مقبلون على العشر الأواخر من شهر رمضان بعد العشر الأواسط ما نصيحتك وفقك الله تعالى؛ خصوصاً للمعتكفين، فإنه يكثر عند المعتكفين التساؤل متى يبدأ في اعتكافه ومتى يخرج؟ وهل من السنة ألا يخرج لصلاة العيد ذلك اليوم؟ وهل من السنة الاغتسال للمعتكف بعد صلاة المغرب في كل ليلة من ليالي العشر؟ A العشر الأواخر لا شك أنها أفضل أيام رمضان؛ لأن فيها ليلة القدر إما في الواحد والعشرين أو الثالث والعشرين أو الخامس والعشرين أو السابع والعشرين أو التاسع والعشرين، هذه الأوتار هي آكدها، ويجوز أن تكون في الليلة الثانية والعشرين والرابعة والعشرين والسادسة والعشرين والثامن والعشرين والثلاثين، وأوكد الأوتار ليلة سبعة وعشرين، لكن ليلة القدر عموماً لا تخص بشيء إلا تأكد القيام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه) أما ما يفعله بعض الناس من كثرة الصدقة ليلة سبعة وعشرين يزعمون أنها ليلة القدر، أو العمرة في ليلة سبعة وعشرين يزعمونها ليلة القدر فهذا خطأ من جهتين: أولاً: ليلة سبعة وعشرين ليست هي ليلة القدر، فقد صادفت ليلة القدر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة واحد وعشرين. ثانياً: إذا ثبت أنها ليلة القدر ولن يثبت -اللهم إلا بما يشاهد من قرائن الأحوال ولكنه لا يتيقن- فلا يخصص إلا ما خصصه الشارع وهو القيام، فليس للصدقة فيها زيادة أجر ولا للعمرة فيها زيادة أجر، وهذه مسألة مهمة. أما مسألة الاعتكاف فالإنسان يدخل الاعتكاف إذا غربت الشمس يوم عشرين -أي: من ابتداء ليلة واحد وعشرين- وينتهي بغروب الشمس آخر يوم من رمضان سواءً تسعة وعشرين أو ثلاثين، ويخرج إلى بيته، ولا حاجة إلى أن يبقى في المسجد حتى يخرج إلى صلاة العيد، فإن هذا وإن قاله بعض العلماء ليس عليه دليل. أيضاً: يخرج المعتكف كغيره بأجمل وأحسن اللباس، وليس كما قال بعضهم: يخرج بثيابه التي عليه ويدعون أنها أثر عباده كإبقاء دم الشهيد عليه، نقول: الثياب ليست هي أثر الاعتكاف، الاعتكاف لا يغير من اللباس شيئاً. كذلك ينبغي للمعتكف ما دام قد اعتكف وحبس نفسه في المسجد أن يمضي وقته بطاعة الله عز وجل من قراءة وذكر وصلاة في غير أوقات النهي وغير ذلك من القربات، وألا يجعل هذا المكان -أعني: المسجد- مزاراً يزوره أصدقاؤه وأقاربه ومن حديث لحديث، ومن قهوة لقهوة (وربما من فصفص لفصفص) وما أشبه ذلك، هذا خطأ، الاعتكاف: التعبد لله تعالى بلزوم مسجد لطاعة الله. أسأل الله تعالى أن يجعل لنا ولكم من هذا الشهر نصيباً، ومن ليلة القدر نصيباً، وأن يستعملنا في طاعته ويحمينا من معاصيه. والاغتسال بعد المغرب ليس بسنة، وما كان معروفاً عند السلف من الاغتسال فهو من أجل أن ينشطوا على القيام، وليس مراداً لذاته، وبناءً على ذلك: ففي أيام الشتاء لا يحتاج الإنسان إلى تنشيط؛ لأن الوقت بارد والكسل قليل، وفي غير أيام الشتاء أيضاً بالنسبة لوقتنا الحاضر هناك منبهات غير الاغتسال، مثل: القهوة، والشاي، والعصير وما أشبه ذلك.

الحكم إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة

الحكم إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة Q إذا وافق العيد يوم الجمعة فماذا يكون العمل؟ A العمل أنه حصل للمسلمين عيدان: عيد الأسبوع وعيد رمضان، فمن حضر صلاة العيد مع الإمام سقط عنه حضور الجمعة ولكن يصليها ظهراً، أما الإمام فيجب عليه أن يُجمِّع، والمساجد الأخرى لا تقيم الظهر، أي: لا نقول للمساجد الأخرى: أذنوا الظهر وصلوا ظهراً، ولكن نقول: احضروا إلى الجامع، ومن لم يحضر وقد حضر مع الإمام صلاة العيد فيصلي في بيته أو في مزرعته أو ما أشبه ذلك، المهم لا تقام المساجد إلا مساجد الجمعة فقط يوم العيد، تقام الجمعة، فمن حضرها فهو أفضل، ومن لم يحضرها لم يأثم إذا كان قد حضر صلاة العيد، ولكن على من لم يحضرها أن يصلي الظهر، لأنه فرض الوقت ولا بد منه.

اللقاء الشهري [72]

اللقاء الشهري [72] ابتدأ الشيخ جلسته بالكلام عن ثلاث نقاط ليست من الموضوع، أولاها: عدوان الروس على الشيشان، وكيف أن المجاهدين ما زالوا يقاومون بالرغم من قلتهم وقلة أسلحتهم وكثرة الروس وأسلحتهم. وثانيها: حكم صلاة الجمعة إذا كانت في يوم عيد. وثالثها: صلاة الكسوف وبعض أحكامها، ثم انتقل إلى موضوع اللقاء وهو الحديث عن الحج وصفته وأحكامه.

عدوان الروس على الشيشان

عدوان الروس على الشيشان الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الثاني والسبعون من اللقاءات الشهرية التي تتم ليلة الأحد الثالث من كل شهر، لكننا هذا الشهر أخرناها أسبوعاً؛ نظراً لأن أوله قد شغل الناس بصيام الأيام الستة من شوال، وهذه الليلة هي ليلة الأحد الثالث والعشرون من شوال حسب التقويم، أو الرابع والعشرون منه حسب رؤية الهلال عام (1420هـ) . نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل في هذه اللقاءات الخير والبركة، وأن يعيدها علينا وعليكم في أمن وإيمان وإسلام واتباع. في هذا اللقاء حدثت أشياء لا بد أن نتكلم عليها قبل أن نشرع في موضوع اللقاء. الشيء الأول: هو ما حصل من عدوان دولة الروس على إخواننا في الشيشان: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [البروج:8-9] ونحن نؤمن بالله وقدره وقضائه ونعلم علم اليقين أن لو شاء الله ما فعلوه، ولكن الله تعالى فعله لحكمة عظيمة لعل المسلمين يرجعون إلى الله عز وجل، فإن ما حصل في جانب من أراضي المسلمين فكأنما حصل في قلب كل بلد مسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وشبك بين أصابعه) . ونحن نعلم أن الملحدين الروس إنما قاتلوا هذه الجمهورية الفتية؛ لأنها أقبلت على تطبيق الدين الإسلامي في التوحيد والمتابعة، علمنا هذا من علمائهم ورؤسائهم الذين واجهناهم في الحج، ولكن مع الأسف أن الجمهوريات الأخرى لا يريدون أن تطبق الشريعة على ما ينبغي مع أنها إسلامية، ولذلك لم يقوموا بنصر إخوانهم في الشيشان، وإلا لو قامت هذه الجمهوريات ورجت دولة الروس لحصل في هذا شيء كثير، لكن نعلم أن هناك خونة حتى في نفس الشيشان كما نسمع من الأخبار (خونة يتبعون الروس) فما موقفنا الآن؟ من المعلوم أنه ليس لنا حيلة ولا قدرة ولا قوة، وأن الموقف كان يجب أن يكون من الدول الإسلامية في إنكار هذا الأمر الفظيع، ولكن قدر الله وما شاء فعل، موقفنا الآن هو أن ندعو الله عز وجل بأن ينصرهم عليهم وأن يدمر هذه الدولة الكافرة الملحدة؛ في كل وقت مناسب حتى في السجود، في صلاة الفريضة والنافلة، حتى في آخر نهار الجمعة، في وقت صلاة الجمعة، في كل وقت إجابة، والله سبحانه وتعالى قد يملي لهؤلاء الظلمة الكفرة ويمكنهم بعض الشيء من أجل أن يوغلوا في الكفر والعدوان ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وهذا الذي نؤمله ونرجوه من الله عز وجل.

حكم صلاة الجمعة إذا كانت في يوم عيد

حكم صلاة الجمعة إذا كانت في يوم عيد ثانياً: صادف عيد الفطر هذا العام عيد الأسبوع، أي: كان عيد الفطر وعيد الأسبوع في يوم واحد يوم الجمعة، فما موقف المسلمين من الصلاتين صلاتي العيدين: هل يكتفون بصلاة العيد عن الجمعة، أو بالجمعة عن العيد؟ كل هذا لا يكون؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا صادف العيد يوم الجمعة صلى العيد في وقتها والجمعة في وقتها كما ثبت ذلك في صحيح مسلم، وبناءً على ذلك فالزموا إقامة صلاة العيد في وقتها في أول النهار، وتلزم إقامة صلاة الجمعة في وقتها بعد الزوال، لكن يرخص لمن حضر صلاة العيد مع الإمام ألا يحضر صلاة الجمعة، ولكن يجب أن يصلي الظهر دون أن تقام صلاة الجماعة في المساجد؛ لأنه لا يمكن أن تقام صلاة الجماعة في المساجد والجوامع يصلون جمعة، لكن الذي حضر صلاة العيد يصلي في بيته -مثلاً- أو في استراحته مع زملائه صلاة الظهر فقط، ولكن حضورهم للجمعة أفضل، ولهذا وجب على الإمام الذي يصلي بالناس صلاة العيد أن يصلي الجمعة مع أنه حاضر صلاة العيد، لكن يجب أن تقام هذه الشعيرة صلاة الجمعة.

صلاة الكسوف

صلاة الكسوف الشيء الثالث: الكسوف الذي حدث في آخر ليلة الجمعة قبل الماضية، حدث الكسوف بعد طلوع الفجر، فاختلف الناس هل يصلون أو لا يصلون؟ وذلك لأن العلماء رحمهم الله اختلفوا في هذه المسألة فمنهم من قال: إذا طلع الفجر فإنه لا يصلى صلاة الخسوف، يعني: لو كسف القمر بعد طلوع الفجر ولو قبل الصلاة لا تصلى بناءً على أن هذا وقت نهي والنهي لا تصلى فيه صلاة الخسوف، لكن هذا القول ضعيف، والصواب أنها تصلى صلاة الخسوف -خسوف القمر- ولو كان ذلك بعد طلوع الفجر، إلا إذا انتشر ضوء النهار حتى غطى على ضوء القمر لو كان صاحياً فحينئذٍ لا يصلى؛ لأن القمر زال سلطانه والانتفاع به، وقد جعل الله تعالى القمر آية ليلية، فقال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء:12] قال مجاهد وغيره: آية الليل هي القمر، وإذا انتشر ضوء النهار ما بقي آية؛ لأنه زال سلطانه فحينئذٍ لا يصلى. أما ما دام ظلام الليل غالباً على ضوء النهار وخسف القمر فإنه يصلى ولا نهي عن صلاة الكسوف، وصلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان، يطول القراءة الأولى التي قبل الركوع الأول ثم الثانية أقصر منها ثم القراءة في الركعة الثانية أقصر من القراءة الأولى وهكذا، ركعتان فيهما أربعة ركوعات وأربع سجدات، هكذا صلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. كسفت الشمس في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في التاسع والعشرين من شوال عام عشر من الهجرة بعد أن ارتفعت؛ كسفت كسوفاً كلياً حتى صارت كأنها قطعة نحاس، وفزع الناس لذلك حتى النبي عليه الصلاة والسلام قام فزعاً؛ حتى إنه لحق بردائه وخشي أن تكون الساعة؛ لأن الشمس إذا كسفت كسوفاً كلياً أظلم الجو وأمر أن ينادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس وصلى بهم الصلاة التي سمعتم عنها، في هذه الصلاة أطال القراءة إطالة طويلة حتى إن بعض الصحابة يسقط مغشياً عليه من طول القيام، وفي مقامه عرضت عليه الجنة وعرضت عليه النار، قال: (ولم أر كاليوم قط أفظع) يعني: رأى شيئاً فظيعاً صلوات الله وسلامه عليه، ولما انتهت الصلاة وقد تجلت الشمس خطب الناس خطبةً بليغةً عظيمةً جداً، خطبهم قائماً لكن لم يرد أنه صعد على المنبر، ولكنه خطب قائماً صلوات الله وسلامه عليه، كان هذا اليوم هو اليوم الذي مات فيه إبراهيم رضي الله عنه ابن محمد صلى الله عليه وسلم، وكان هذا الابن من مارية القبطية، يعني: ليس من حرة، وكان صلى الله عليه وسلم يحبه، ومات وله ستة عشر شهراً، وكان له مرضع في الجنة، ولما مات بكى عليه الصلاة والسلام وقال: (العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون) في هذا اليوم كسفت الشمس، فقال الناس: كسفت لموت إبراهيم؛ لأنهم جهال، فيظنون أن كسوف الشمس يعني موت عظيم، أو القمر إذا خسف فيعني موت عظيم، فأعلن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، وما الحوادث في الأرض حتى تؤثر في أجواء السماء؟ الأرض لا تؤثر في السماء، لكن السماء تؤثر في الأرض بالقواصف والصواعق والبرد وغير ذلك، أما الأرض حوادثها لا تؤثر في السماء، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان يخوف الله بهما عباده) نسأل الله أن يعاملنا جميعاً بعفوه. إذا نظرنا إلى حالتنا اليوم وجدنا أن كثيراً من المسلمين على وجه غير مرضي: يضيعون الصلاة، ويتبعون الشهوات، ويقرون المنكر ولا يتناهون عنه، ويجهلون المعروف أو ينكرون المعروف، ولذلك {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41] أسأل الله أن يوقظنا وإياكم بآياته، وأن يعفو عنا ويغفر لنا ويعيننا على طاعته.

الحج

الحج أما موضوع هذا اللقاء بما أن موسم الحج قد قرب ونحن الآن في شهر من أشهر الحج، أليس كذلك؟ فما هي أشهر الحج؟ شوال وذو القعدة وذو الحجة، هذه أشهر الحج، ونحن الآن -أيضاً- على القرب من شهر من الأشهر الحرم وهو ذو القعدة؛ لأن ذا القعدة وذا الحجة والمحرم هذه الثلاثة أشهر حرم، والرابع رجب، وبما أننا قريبون من الحج ينبغي أن نعرف من الذي عليه الحج؟ ينبغي أن نعرف متى فرض الحج؟ ينبغي أن نعرف كم حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟

السنة التي فرض فيها الحج

السنة التي فرض فيها الحج فنقول: إن الحج لا يجب إلا بشروط نذكرها إن شاء الله، أما متى فرض؟ فقد فرض الحج في السنة التاسعة من الهجرة لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:97] ونزلت هذه الآية في السنة التاسعة، كل أول سورة آل عمران نزل في السنة التاسعة وتسمى: عام الوفود، ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم في تلك السنة، لكنه خلَّف على الحجاج خليفته الأول أبا بكر رضي الله عنه، لم يحج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأنه بقي في المدينة تسهيلاً للوفود الذين يقدمون المدينة ليتعلموا دينهم. ومن جهة أخرى كان الناس في السنة التاسعة يحج المشرك والمؤمن، فأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك السنة: ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف في البيت عريان، فصارت السنة العاشرة خالصةً للمسلمين، وهي التي حج فيها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وهنا تعليل ثالث وهو أن هؤلاء الوفود الذين يأتون في السنة التاسعة إذا أسلموا سيحجون في السنة العاشرة، فيكون ذلك أكثر جمعاً للمسلمين. أما كم حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ فإنه لم يحج بعد الهجرة إلا مرة واحدة، قبل الهجرة جاء في السنن أنه حج مرة أيضاً، ولكن الثابت هو ما بعد الهجرة فلم يحج إلا مرة واحدة صلى الله عليه وسلم.

شروط الحج

شروط الحج أما شروط الحج فهي خمسة جمعت في هذا البيت: الحج والعمرة واجبان في العمر مرةً بلا توان بشرط إسلامٍ كذا حريه عقلٌ بلوغٌ قدرةٌ جليه الإسلام: وضد الإسلام الكفر، فالكافر لا يجب عليه الحج؛ لأنه لو حج لم يقبل منه، قال الله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} [التوبة:54] من المعلوم أن الكافر بالهوية لا يمكن أن يدخل مكة، هناك شرطة تمنعه، لكن المسلم بالهوية الكافر في الحقيقة يدخل مكة، مثاله: رجل لا يصلي وحج، فهل يصح حجه؟ لا. لا يصح؛ لأن الذي لا يصلي كافر كفراً أكبر مخرجاً عن الملة، فلو حج لم يكن مسلماً ولا يقبل منه، ولهذا نقول لمن ابتلوا بهذه البلية (بعدم الصلاة) صلوا أولاً، ثم حجوا، أما أن تذهبوا إلى مكة وأنتم لا تصلون فحرام عليكم أن تدخلوا الحرم؛ لأن حدود الحرم لا يحل للكافر أن يدخله، ولست أقصد بالحرم المسجد، فالحرم ما كان داخل الأميال. الثاني: الحرية ضدها الرق، فالرقيق لا يجب عليه الحج؛ لأنه أولاً لا مال عنده، وثانياً: هو مشغول بخدمة سيده. الثالث: العقل: وضد العقل الجنون، فلو فرض أن إنساناً كان مجنوناً -نسأل الله السلامة- لكنه غني هل يجب عليه الحج؟ A لا. هل يحجج عنه؟ الجواب: لا. لأن من شرط الوجوب العقل، كذلك لو فرض أن شخصاً كبيراً ليس عنده مال ثم أصابه الهرم وصار يهذي ما له عقل، ثم مات له قريب فورثه، فكان عنده مال هل يجب عليه الحج؟ لا يجب، لماذا؟ لأنه غير عاقل فلا يجب عليه الحج. الرابع: البلوغ وضده الصغر، فالصغير لا يجب عليه الحج، لكن لو حج صح حجه إلا أنه يجب عليه إذا بلغ أن يأتي بحجة الإسلام؛ لأنه إذا حج قبل أن يبلغ فقد حج قبل أوانه فصار كالذي يصلي قبل الوقت لا تجزئه عن الفريضة، لو صلى إنسان قبل أذان الظهر يعني: قبل زوال الشمس، نقول: لا تجزئك عن الفريضة، ولا بد أن تصلي بعد دخول الوقت. الشرط الخامس: القدرة على الحج، القدرة بالبدن والقدرة بالمال، فمن كان قادراً ببدنه قادراً بماله وجب عليه أن يحج بنفسه، ولا يجوز أن يؤخر الحج، لا يقول: هذه السنة أريد أن أتريث والسنة الثانية أحج؛ لأنه لا يعلم ما يعرض له، ربما تأتي السنة الثانية وهو عاجز أو فاقد للمال أو ميت هالك، فلا يجوز أن يتأخر؛ هذا إذا كان قادراً بماله وبدنه. إذا كان قادراً بماله لكنه عاجز ببدنه عجزاً لا يرجى زواله كإنسان غني لكنه كبير السن أو مشلول أو ما أشبه ذلك، فهنا نقول: أقم من يحج عنك، الدليل: أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت: (يا رسول الله! إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج شيخاً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم) قالت: فريضة الله، فأقرها على هذا القول، فدل ذلك على أن العاجز ببدنه لا تسقط عنه الفريضة ما دام عنده مال. إذا كان عاجزاً بماله قادراً ببدنه يلزمه أن يحج بنفسه مثل أن يكون من أهل مكة ليس عنده مال لكن يستطيع أن يخرج إلى عرفة ومزدلفة ومنى بكل سهولة، نقول: يجب عليك أن تحج؛ لأنك قادرٌ ببدنك. حسن إذا كان عاجزاً بالمال والبدن فلا شيء عليه والحمد لله. من ذلك -أي: من القدرة على الحج- أن يكون للمرأة محرم، فمن لا محرم لها لا حج عليها، حتى لو بلغت أربعين سنة أو خمسين سنة أو أكثر، فلتهنأ بالعافية ولا تحزن؛ لأن الحج ليس فريضة عليها لعدم وجود المحرم، فلو لقيت ربها للقيت ربها غير عاصيةٍ في ترك الحج، بل هي ممتثلة لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) . لقد كان بعض النساء تتألم وتحزن إذا لم تجد محرماً، فنقول: الحمد لله لا تألَّمي ولا تحزني؛ لأن الحج لا يجب عليك، وهنا أسألكم: هل الفقير الذي لا زكاة عليه يندم ويحزن لأنه لم يزك، الجواب: لا يندم ولا يحزن؛ لأنه لم تجب عليه الزكاة، وإن كان يتمنى أن عنده المال فيتصدق، فنقول: الحمد الله أيتها المرأة المسلمة إنك إذا تركت الحج لعدم وجود المحرم فقد أطعت الله ورسوله حيث قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) . حسن إذا قال قائل: لماذا لا تجعلونها كالشيخ الكبير تنيب من يحج عنها؟ قلنا: لا نقول هذا؛ لأنه لا يجب عليها الحج حتى يجب عليها أن تنيب من يحج عنها، فهي لم يجب عليها الحج. ما رأيكم في امرأة ليس لها محرم فقالت لرجل له ثلاثون سنة: أريد أن أرضعك لتكون محرماً لي وعمره ثلاثون سنة! وصارت تحلب له خمسة أيام من لبنها ليشرب، فرضع خمس مرات، ما تقولون؟ الجواب: لا يصلح؛ لأنه فاته وقت الرضاعة، فالكبير لا يتغذى بالرضاع، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة) المعنى: الرضاعة المؤثرة هي التي يندفع بها الجوع ويحتاج الطفل إليها، أما الكبير فلا ينفعه الرضاع ولو رضع مائة مرة. ومن الاستطاعة: ألا يكون على الإنسان دين، فإن كان عليه دين نظرنا: إن كان الدين حالاً وجب عليه أن يقضي الدين أولاً، ثم إن بقي شيء حج به وإلا فلا حج عليه، وإن كان مؤجلاً نظرنا إذا كان هذا الدين المؤجل إذا حل وجد عنده -أي: عند هذا الإنسان- رصيداً فليحج سواءً راجع من له الدين أو لم يراجعه، ما دام الدين مؤجلاً وهو واثق من نفسه أنه إذا حل القسط يستطيع دفعه، فهنا نقول: حج، ومن ذلك إذا كان الإنسان عليه أقساط للبنك العقاري، فقال: القسط قدره اثنا عشر ألفاً وأنا ليس عندي إلا ثلاثة آلاف، نقول: ليس عليك حج إلا إذا وثقت أنك إذا حل القسط أديته فتوكل على الله حج. أقول بارك الله فيكم الذي عليه الدين سنقسمه إلى قسمين: الأول: الحال، فنقول: أوف الدين ثم حج. الثاني: المؤجل، فنقول: إذا كنت تعلم من نفسك أنه إذا حل الأجل فعندك قدرة على الوفاء فحج؛ سواءً استأذنت من صاحب الدين أو لا، أما إذا كان ليس عندك ثقة من نفسك لا تحج، فإذا قال: أنا أرغب في الحج فالحج واجب، قلنا: لا. ما هو بواجب عليك، وإذا كنت صادقاً فكن راغباً في قضاء الدين؛ لأن الدين أمره خطير خلافاً لمن يتساهل فيه، ألم تعلموا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي قال الله عنه: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128] أنه إذا قدمت إليه جنازة يصلي عليها كان لا يصلي عليها إذا كان عليه دين، قدم رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليصلي عليه، فلما خطا خطوات سأل: (هل عليه دين؟ قالوا: نعم. عليه ديناران، فتأخر وقال: صلوا على صاحبكم) الله أكبر، يا لها من مصيبة على أهل الميت! يتراجع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الصلاة عليه! صعبة جداً جداً. فقام أبو قتادة رضي الله عنه وقال: (يا رسول الله! الديناران عليَّ، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: حق الغريم وبرئ منهما الميت؟ قال: نعم. يا رسول الله! فتقدم وصلى) هذا يدل على أن الدين أمره عظيم، حتى الشهادة وهي القتل في سبيل الله تكفر كل شيء إلا الدين فلا تكفره، صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلا تتهاون بالدين، الآن تجد بعض الناس يتهاون؛ تجده -مثلاً- يشتري بيتاً بأقساط، لماذا يا أخي؟ استأجر حتى يغنيك الله، تجده يشتري السيارة يمكن أن يجدها بعشرين ألفاً ولكن يشتري سيارة بثمانين ألفاً لماذا؟ تجد بيته مستقيماً ويكفيه، لكن يقول: أريد أن أضع فيه ديكور وأريد أن أضع فيه فرشاً غالية الثمن، هذا غلط، الدين ليس بهين، لا تتهاون بالدين، فالمنزلة الشرعية أنه عظيم فضلاً عما يقال: الدين سهر في الليل وهَمٌّ في النهار. هذا المدين الذي قلنا أنه إذا كان دينه مؤجلاً وليس واثقاً أن يوفي عند حلول القسط، إذا لم يحج ولقي الله هل يعاقبه الله؟ لا يعاقبه؛ لأنه لم يجب عليه الحج، ولقد قال الله تعالى: {مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] . طالب علم عنده مكتبة يحتاجها، ولو باعها أو باع بعضها تمكن من الحج لكن يحتاجها، هل نقول: بع من مكتبك ما تحج به؟ الجواب: لا. لا نقول بع، ما دمت تحتاج إلى هذه الكتب ولو كانت غالية الأثمان وليس عندك دراهم فإنه لا يلزمك أن تبيع منها وتحج؛ لأن هذا مما يحتاجه الإنسان. كذلك -مثلاً- في البيت أواني يحتاجها في الشهر مرة أو في السنة مرة هل نقول: بعها وحج، أم نقول: لا حج عليك؟ الجواب: هو الثاني (لا حج عليه) لأن هذه من حوائجه، والدين والحمد لله يسر ليس فيه مشقة ولا تعسير. وإلى هنا ينتهي هذا الكلام، وإن شاء الله في الدرس القادم سنذكر بحول الله محظورات الإحرام وكيفية الحج، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً، ونكمل هذا اللقاء بالإجابة على الأسئلة، وأرجو من الجميع أن ينتبهوا ويتابعوا الجواب على الأسئلة، لا يقول أحدكم: أنا لم أقدم سؤالاً ويبقى في هواجس فيضيع عليه الوقت، فانتبهوا فربما يأتي في الأسئلة أشياء أهم مما سمعتم.

الأسئلة

الأسئلة

من أحكام الكسوف

من أحكام الكسوف Q فضيلة الشيخ! نريد من فضيلتكم بيان الأحكام التالية في الكسوف: بماذا تدرك صلاة الكسوف؟ وهل تشرع خطبة الكسوف لكل أحد؟ وهل يكون الإمام واقفاً أم جالساً؟ A تدرك الركعة في الكسوف بإدراك الركوع الأول، يعني مثلاً: لو جئت والإمام قد ركع الركوع الأول ثم دخلت معه وهو يقرأ ثم ركع الثاني، فإن هذه الركعة قد فاتتك؛ لأن الإمام ركع ركوعين، وأنت الآن ركعت ركوعاً واحداً إذاً فاتتك الركعة، فالضابط: أنك متى دخلت مع الإمام بعد الركوع الأول في الركعة فقد فاتتك الركعة، فإذا قمت تقضيها هل تصلي القضاء بركوع واحد أم بركوعين؟ بركوعين لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) وفي لفظ: (فاقضوا) . هل تشرع فيها الخطبة لكل أحد؟ الجواب: من كان قادراً على أن يوجه الناس فليتكلم، فإن لم يكن الإمام قادراً على أن يخطب الناس ويوجههم، قام أحد من الجماعة الذين يمكنهم ذلك يخطبون الناس. وأما هل يخطب قائماً؟ فنعم. يخطب قائماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خطب في صلاة الكسوف قائماً، وهذا يدل دلالة واضحة على أن الخطبة فيها مشروعة وليست من الخطب العوارض، بل هي خطبة ثابتة كلما صلى الكسوف يخطب بعدها، لكن هذا من كان قادراً، وأما من لا يعرف فلا يتكلم، ولينظر أحد طلبة العلم في المسجد ويطلب منه أن يتكلم.

تقديم صلاة الفريضة على الكسوف

تقديم صلاة الفريضة على الكسوف Q إذا جاء الكسوف بعد دخول وقت الصلاة فأيهما يبدأ به؟ A نعم. يبدأ بصلاة الفريضة، يعني مثلاً: حصل الكسوف بعد الأذان نقول: صل الفريضة أولاً، ثم صلاة الكسوف، لماذا؟ أولاً: لأن الفريضة أهم، الفريضة واجبة. ثانياً: أن الفريضة أحب إلى الله لقوله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) . ثالثاً: أنها أيسر على الناس؛ لأن المرء إذا صلى الفريضة قد يكون لديه شغل، قد يكون محتاجاً إلى البول أو الغائط أو ما أشبه ذلك فيذهب. رابعاً: أنه إذا صلى الفريضة، لو بدأ بالكسوف وجاء إنسان دخل بعد أن كبر الإمام ماذا ينوي هذا الداخل؟ سينوي أنها الفريضة وهي صلاة الكسوف، فنقول: ابدأ بما يتبادر إلى أذهان الداخلين وهي صلاة الفريضة. الخلاصة: أن نقدم صلاة الفريضة على صلاة الكسوف.

حكم من صلى مع جماعة صلاة الخسوف ويظن أنها صلاة الفريضة

حكم من صلى مع جماعة صلاة الخسوف ويظن أنها صلاة الفريضة Q فضيلة الشيخ! دخل رجل مع الإمام وهو يصلي صلاة الخسوف، والرجل يظن أنها صلاة الفرض فدخل معه، فماذا يفعل هذا المأموم؟ A هذا هو الذي ذكرنا قبل قليل، دخل فظن أن الإمام يصلي صلاة الفريضة ثم ما قام الإمام بعد الركوع الأول وشرع في القرآن عرف أنها صلاة الكسوف ماذا يصنع؟ ينفرد عن الإمام ويكمل الفريضة؛ لأنه قد دخل على أنها فريضة فيكملها وينفرد عن الإمام؛ لأنه لا يمكنه متابعة الإمام إذ أن الإمام سوف يركع في الركعة الواحدة ركوعين، وهذا لا يصح في الفريضة، فإذا علمت أنها صلاة الكسوف فانو الانفراد وكمل صلاة الفريضة؛ لأنك نويتها من أول الصلاة، ثم ادخل مع الإمام فيما بقي من صلاة الكسوف.

تهنئة للشيخ بإتمام صيام رمضان

تهنئة للشيخ بإتمام صيام رمضان Q فضيلة الشيخ! بما أن هذا أول لقاء بعد شهر الصيام فإن الإخوة بـ بريدة يهدونك السلام جميعاً ويهنئونك وأنفسهم بإتمام شهر الصيام، ويدعون الله لك بأن تكون ممن طال عمره وحسن عمله. الشيخ: أقول جزاهم الله خيراً، وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته، ولهم التهنئة بما من الله به على الجميع من إكمال شهر الصيام بصيامه وقيامه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبله منا وأن يجعله شاهداً لنا يوم نلقاه، وأن يعيده علينا وعلى الأمة الإسلامية بالإيمان والعمل الصالح والانتصار والظهور على الأعداء إنه على كل شيء قدير.

حكم بيع الاسم لآخر في قرض الصندوق العقاري

حكم بيع الاسم لآخر في قرض الصندوق العقاري Q فضيلة الشيخ! ما حكم بيع الاسم لشخص آخر في قرض الصندوق العقاري؟ A هذا يرجع إلى النظام المعروف عند الصندوق، فإذا كانوا يجيزون أن يبيعه فلا بأس، وذلك لأن العقار مرهون للصندوق، والمرهون لا يباع إلا بإذن المرتهن، فإذا أذنوا فلا بأس.

حكم جعل الطلاق بيد المرأة وحكم الدخان

حكم جعل الطلاق بيد المرأة وحكم الدخان Q يا فضيلة الشيخ! في هذه الأيام في غير بلاد الحرمين صدرت في بعض البلاد الإسلامية بعض الفتاوى التي في الدين منها: أن يكون الطلاق بيد المرأة، ومثل فتوى جواز الدخان لصاحب المال الوفير، ما توجيهكم لذلك يا فضيلة الشيخ؟ A توجيهنا لهذا: أما من قال: إن الطلاق يكون بيد المرأة، فهذا ليس بصواب وليس بصحيح، وهو معارض للقرآن الكريم، فالقرآن يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب:49] ويقول عز وجل: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة:237] ويقول عز وجل: {يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:1] ويقول عز وجل: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء:34] وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما الطلاق لمن أخذ بالساق) وهذا فيما أظن خلاف إجماع المسلمين أن يكون الطلاق بيد المرأة. ومن الناحية العقيلة: المرأة ذات عاطفة سريعة وعقل ناقص، لو ترى رجلاً أجمل من زوجها لجاءت إلى الزوج وقالت: أنت طالق ثلاثاً، طلقتك طلاقاً بائناً لا رجعة فيه؛ لأنها ترجو هذا الرجل الجميل، ولو يسيء الرجل إليها أدنى إساءة خلاص لركبت الطلاق بالثلاث، هذا شيء غريب أعني: قلب الحقائق والعياذ بالله. نعم لو فرض أن هناك شروطاً اشترطتها على الزوج ولم يف بها فلها الفسخ ولا نسميه طلاقاً؛ نسميه فسخاً لا يحسب من الطلاق ولا ينقص به عدد الطلاق. وأما مسألة الدخان، فالدخان أهون من هذه المسألة؛ لأن الدخان قد اختلف فيه العلماء من قديم الزمان وحديثه، فمنهم من قال: إنه مباح، ومنهم من قال: إنه مكروه، ومنهم من قال: إنه حرام، ومنهم من قال: إنه مستحب، ومنهم من قال: إنه واجب، نعم أول ما خرج على الناس اختلفوا فيه كعادة الأشياء الجديدة، الذين قالوا إنه واجب كيف يصير واجباً؟ قال: نعم. لو فرضنا بعد ما أذن المؤذن والإنسان يشرب الدخان وله ساعة أو ساعتين ما شرب وهو دايخ الآن ما يمكن يروح يصلي إلا إذا شرب سيجارة، قالوا: فلابد أن يشرب من أجل أن يصلي بطمأنينة، فقالوا: هذا يجب، (لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافع الأخبثان) لكنا نقول: هذا لنبين للناس أن مسألة الدخان تحريمه ليس إجماعياً، بل هو مختلف فيه. في الوقت الحاضر وبعد أن تقدم الطب، وعرفت مضار الدخان لا يشك أي إنسان يعرف مصادر الشريعة ومواردها أنه حرام، ولا يمكن أن يفتي بحله، ونحن لا نفتي بحله ونرى أنه حرام، وأنه لا يليق بالعاقل فضلاً عن المؤمن، ويحصل فيه من الشر والبلاء ما تقشعر له الجلود، الشاب إذا ابتلي بهذا يمكن يبيع عرضه من أجل أن يأخذ سيجارة والعياذ بالله.

الواجب على من ترك المبيت بمزدلفة

الواجب على من ترك المبيت بمزدلفة Q ذهبنا إلى الحج ولما صعدنا عرفة تعطلت السيارة في نهاية عرفة وصلينا المغرب وأصلحنا السيارة ومشينا، ولكن لم نعرف الطريق، فتهنا وتعطلت السيارة مرة ثانية ولم نصل مزدلفة إلا بعد طلوع الشمس ما الحكم يا فضيلة الشيخ؟ A أولاً: لن أجيب على هذا السؤال، متى كان هذا وفي أي سنة؟ السائل: لا أتذكر يا شيخ. الشيخ: هب أنه في آخر عام، لماذا يسأل الآن وقد مضى إلى الآن أحد عشر شهراً، فلماذا أخر السؤال إلى اليوم؟ السائل: ما الحكم يا شيخ؟ الشيخ: والله أنا أرى أن مثل هؤلاء لا يستاهلون الجواب اللهم إلا أن يكون جاهلاً لا يعرف شيئاً، لكن هذه الصورة التي ذكرت لا أحد يجهل أن فيها خطأ، وكان عليه أن يسأل وهو في مكة قبل أن ينتهي الحج، ولكن على حسب القواعد المعروفة عند العلماء: أن على من لم يدرك المبيت في مزدلفة أو على الأقل يأتي قبل الفجر أن عليه دماً يذبح في مكة ويوزع على الفقراء، ومن لم يجد فلا شيء عليه.

حكم الودك إذا وضع مع الطعام

حكم الودك إذا وضع مع الطعام Q فضيلة الشيخ: أشهد الله على حبك في الله، وسؤالي هو: نعلم أن لحم الجزور ينقض الوضوء فهل الودك الناتج عن شحم الجزور ينقض الوضوء إذا وضع مع الطعام أو بعض المأكولات مثل الكليجة وغيرها؟ A أكل لحم الإبل ينقض الوضوء بلا شك؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بالوضوء من أكل لحمها، وسئل عن الرجل يأكل من لحم الإبل أيتوضأ؟ قال: نعم. ثم سئل عن الرجل يأكل من لحم الغنم يتوضأ؟ قال: إن شاء. هذا معنى الحديث، وعليه فنقول: إن لحم الإبل ناقض للوضوء سواءً الشحم أو اللحم الأحمر أو الأمعاء أو الكرش أو الكبد أو غيره، وسواء كان نياً أو مطبوخاً، وسواء كان قليلاً أو كثيراً، وأما الودك الذي يخلط بغيره لإصلاحه فإنه لا ينقض الوضوء كالودك الذي يجعل في الكليجة أو ما أشبه ذلك، فإن هذا لا ينقض الوضوء؛ لأنه لا يصدق عليه أنه أكل لحماً.

نصيحة لرواد الإنترنت

نصيحة لرواد الإنترنت Q فضيلة الشيخ! أرجو أن توجه نصائح ذهبية لبعض الشباب الملتزم الذين يعكفون على الإنترنت وجزاكم الله خيراً. A معلوم أن الإنترنت فيه خير وفيه شر، والذي يبتغي فيه الخير يجده، وفيه علوم شرعية وعلوم لغوية وعلوم صناعية وغير ذلك، وفيه شر محض وشر كثير، وقد بلغني أنها في خطورتها أشد من القنوات الفضائية. فنصيحتي لإخواني: بالنسبة للإنترنت أو للقنوات الفضائية أن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يعلموا أنهم ما خلقوا لهذا وإنما خلقوا لعبادة الله عز وجل، وأنهم إذا نزلوا بأنفسهم إلى ما يشبه الحيوانات وهو إشباع الرغبات والشهوات فقد خسروا الدنيا والآخرة والعياذ بالله، فعلى إخواني المسلمين أن يحفظوا دينهم، وأن يحفظوا أوقاتهم، وألا يضيعوا هذا العمر الثمين الثمين الثمين، والله لدقيقة واحدة أعز من ألف درهم، أرأيتم إذا حضر الموت لو قيل للإنسان: أعطنا كل الدنيا ونؤجلك دقيقة واحدة لقال: نعم. ولهذا قال الله عز وجل: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:99-100] . أسأل الله لنا جميعاً حسن الخاتمة، ولهذا جاء في الحديث (ما من ميت يموت إلا ندم، إن كان محسناً ندم ألا يكون ازداد، وإن كان مسيئاً ندم ألا يكون استعتب) احفظ العمر يا أخي، والله إنه لأغلى من الذهب والفضة، وإذا كان الإنسان لا يضيع درهماً من الدراهم فكيف يضيع هذا العمر الذي عليه مدار السعادة أو الشقاء، اللهم اجعلنا من السعداء، اللهم اجعلنا من السعداء، اللهم اجعلنا من السعداء يا رب العالمين.

أخبار المسلمين في الشيشان وحكم الذهاب للجهاد

أخبار المسلمين في الشيشان وحكم الذهاب للجهاد Q فضيلة الشيخ! حفظكم الله ورعاكم، إخواننا المسلمين في الشيشان، ما هي آخر أخبار إخواننا المسلمين هناك؟ وما رأيكم فيمن يريد الذهاب هناك للجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الله؟ وما هي شروط الجهاد في سبيل الله؟ وهل المتزوج يلزمه بر والديه إن كانا ليسا بحاجته؟ وفقكم الله. A الأخبار عنهم والحمد لله سارة إذا نظرنا إلى حجم القوات الظالمة المعتدية بالنسبة إليهم، يعني: وما بقاؤهم هذه المدة يكابحون ويكدحون إلا نصر من الله عز وجل وآية من آيات الله، كيف تقف هذه الأمة الضعيفة أمام هذه القوة الظالمة التي تقصف المدن والقرى والشعاب والطرق ليلاً ونهاراً، ومع ذلك لا زالوا والحمد لله يدافعون، والذي نسمع خيراً كثيراً، سمعنا أن طائفة منهم نزلوا من الجبال لفك حصار من الروس، فلما نزلوا خافوا أن يفطن لهم الروس فيقضون عليهم، فأرسل الله سبحانه وتعالى ثلوجاً عظيمةً وضباباً ثخيناً كثيفاً، فمر هؤلاء القوم من عند جيوش الروس وهم لا يشعرون بهم حتى فكوا الحصار، هكذا سمعت مباشرة من الذين كلمونا من هناك، وهذه نعمة. أما الذهاب إليهم فقد حدثني من له صلة بهم وهو في المملكة أنه لا ينبغي الذهاب إليهم في الوقت الحاضر؛ لأن هناك ثلوجاً عظيمة وبرداً شديداً، نفس أهل المنطقة بعضهم يموت، وهم يقولون: ننتظر من إخواننا أن يأتي الدفء، فإذا أتى الدفء فمرحباً بهم.

حكم صلاة الكسوف للمرأة

حكم صلاة الكسوف للمرأة Q فضيلة الشيخ! ما حكم صلاة الكسوف للمرأة في البيت، وهل يجوز للمرأة أن تصلي في المسجد؟ A تصلي في المسجد؛ لأن نساء الصحابة حضرن صلاة الكسوف حين كسفت الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويجوز أن تصلي في بيتها، وأصح أقوال العلماء: أن صلاة الكسوف فرض كفاية، وأنه يجب أن تقام صلاة الكسوف في البلاد، مثلاً: إذا كنا في مدينة فيجب أن تقام صلاة الكسوف، ولكن لا تجب في كل المساجد إلا على سبيل الاستحباب والأفضل أن تقام صلاة الكسوف في الجوامع كما نص على ذلك أهل العلم وكما يدل عليه ظاهر السنة، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جمع الناس في مكان واحد، ثم قرأ بهم قراءة تدل على أن هذه صلاة اجتماع وذلك أنه قرأ به جهراً وهو يصلي بهم نهاراً، ولا نعلم صلاة يقرأ فيها جهراً في النهار إلا الصلوات التي يجتمع إليها كصلاة العيد وصلاة الجمعة وصلاة الاستسقاء، فدل هذا على أن الأفضل أن يجتمع المسلمون في الجوامع، وهو أيضاً أولى لأجل أن يخطب المصلي؛ لأنه هو خطيب المسجد يخطب بالناس بعد انتهاء صلاة الكسوف.

حكم قول القائل: أسألك بالله

حكم قول القائل: أسألك بالله سائل صدر سؤاله بقوله: أسألك بالله إلا تقرأ هذا السؤال على الشيخ؟ Q التعليق على مقولته: أسألك بالله إلا تقرأ هذا السؤال؟ A أولاً: لا ينبغي للإنسان أن يلجأ أخاه ويحرجه في قوله: أسألك بالله؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من سألكم بالله فأجيبوه) فإذا قلت للشخص: أسألك بالله. أحرجته؛ لأنه يبقى متردداً هل يجيبك أو لا يجيبك وقد يكون في إجابته لك ضرر عليه، فلا ينبغي للإنسان أن يسأل أخاه هذا السؤال؛ على أن بعض أهل العلم قال: إن معنى من سألكم بالله أي: من سألكم بدين الله، أي سؤالاً جائزاً له فأجيبوه، وليس المعنى من قال: أسألك بالله؛ ولذلك أنا أنصح جميع إخواني المسلمين ألا يقولوا لإخوانهم: أسألك بالله، ثم هذا المسئول إذا كان في إجابته ضرر لا تلزمه الإجابة.

نصيحة لمن يظن أنه يطلب العلم من أجل الشهادة

نصيحة لمن يظن أنه يطلب العلم من أجل الشهادة Q يا فضيلة الشيخ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يريد به إلا عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة) أو كما قال، أنا طالب في الجامعة وأدرس علوماً شرعية، وكثيراً ما أقول: إني سأترك الدراسة لهذا الحديث؛ لأني لست مخلصاً في دراستي، بل وأنا أدرس لأجل الشهادة والمال، وأنا متردد أرجو من فضيلتكم توجيهي وجزاكم الله خيراً. A أقول: جزاه الله خيراً على هذا السؤال الذي قد يشكل على كثير من الطلاب، من المعلوم أن الذين يدرسون في الجامعة إنما يريدون أن يتبوءوا مكاناً ينفعون به الناس، ولا طريق إلى ذلك إلا بالشهادة، فهو إذا درس في الجامعة من أجل أن يحصل على الشهادة، فيكون مدرساً أو قاضياً أو معلماً مرشداً أو واعظاً فهذا خير، وهذه نية سليمة ما فيها شيء؛ لأنه من المعلوم الآن لو جاء إنسان عالم بدون شهادة وقدم ليكون أستاذاً في الجامعة هل يطاع؟ ما يطاع؛ لأنه ما معه شهادة، فإذاً نقول لإخواننا: نيتكم سليمة إذا كنتم تريدون بهذه الشهادة أن تتبوءوا مكاناً تنفعون به عباد الله، فهي نية سليمة ولا إشكال فيها، وكم من أناس درسوا في الجامعة فنفع الله بهم، صاروا قضاة صاروا دعاة صاروا موجهين صاروا مدرسين، فنفع الله بهم.

حكم من حبسه حابس عن الحج

حكم من حبسه حابس عن الحج Q فضيلة الشيخ! أحرمت بالحج العام الماضي أنا وأولادي السبعة من ذي الحليفة ولم نشترط عند الميقات، وعندما وصلنا إلى الحج ردونا؛ لأننا ليس معنا تصاريح للحج، علماً بأنني قلت لأحد أقاربي في المدينة: احجز لنا شقة من أجل أن نجلس فيها، فرجعنا إلى الشقة في المدينة واستحللنا من الإحرام، فماذا علينا؟ وفقكم الله. A الواقع أن هؤلاء مفرطون ما داموا يعرفون أنهم ربما يردون، فعليهم أن يشترطوا فيقولوا: إن حبسنا حابس فمحلنا حيث حبستنا، لكن يبقى الآن هل إنهم أحرموا على نية أنهم إن ردوا رجعوا وحلوا من الإحرام، إذا كانوا على هذه النية فلهم ما نووا، وأرجو أن يكون إحلالهم صحيحاً ولا شيء عليهم.

نصيحة لمن قسى قلبه وثقلت الطاعة عليه

نصيحة لمن قسى قلبه وثقلت الطاعة عليه Q فضيلة الشيخ! أشكو من قسوة قلبي وثقل الطاعة عليَّ فهل من حل؟ رغم أني مسرفة على نفسي بالمعصية، فما نصيحتك لي ولأخواتي الفتيات اللاتي شغلن بالموضة ونحوها من الأمور التي تفتن المرأة عن دينها؟ A أقول: إن قسوة القلب لها دواء وهو الإكثار من قراءة القرآن، دليل ذلك قول الله عز وجل: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر:21] والجبل كما نعلم حجارة صماء لو نزل القرآن عليها لخشع وتصدع، كذلك القلب إذا ورد عليه القرآن وقرأ الإنسان بتفكر وتمعن فلا بد أن يؤثر في قلبه، واسمع إلى قول الله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:37] فعليك أيتها الأخت! بتلاوة كتاب الله بتدبر وتخشع، وسيبدل الله هذه القسوة ليناً ورجوعاً إلى الله تبارك وتعالى. أما النساء اللاتي شغلن بالموضات فقد خسرن الدنيا والآخرة إلا أن يشاء الله، وإنك لتعجب من هؤلاء النساء اللاتي شغلن بالموضات يتعبن أنفسهن، ويتعبن أزواجهن، ويتعبن آباءهن ويتعبن أولياء أمورهن، ثم إن هذا المال يذهب إلى من؟ إلى الشركات التي تورد هذه الموضات وقد تكون الشركات شركات كافرة، فينتفع أعداؤنا بأموالنا. فنصيحتي للنساء ولأولياء أمورهن: ألا يذهبوا وراء هذه الموضات التي لا خير فيها إلا إضاعة الوقت وإتلاف المال، مع ما فيها من تأثير على القلب في انصرافها عن طاعة الله.

نصيحة للذين يدخلون الدش إلى منازلهم

نصيحة للذين يدخلون الدش إلى منازلهم Q فضيلة الشيخ! حفظه الله، تعلمون أنه حصل فتنة كبيرة بمشاهدة الدشوش، وبعض الناس والعياذ بالله ربما أدخله في منزله وبين أولاده فما تعليقكم حفظكم الله؟ A تعليقنا على هذا: أن يتقي الله المرء في نفسه وأهله، وألا يدخل هذه الدشوش في البيوت؛ لأن الإنسان يدخلها على أنه سيشاهد الأخبار فقط أو ما يبث فيها من علوم، لكن لا تزال به حتى ينغمس في طينها -والعياذ بالله- ولقد سمعت عن أناس ملتزمين على درجة عالية من العلوم أدخلوا هذه الدشوش على أنهم يشاهدون الأخبار، ويطالعون بعض المعلومات، وإذا بهم ينتكسون والعياذ بالله، فخطرها عظيم. أما بالنسبة لمن يدخلها في بيته وهو يشاهد أهله يطالعون هذه المنكرات العظيمة، فأنا أسأل: هل يعد هذا ناصحاً لأهله أم غاشاً لهم؟ هو غاش بلا شك؛ لأنه قادر على أن يمنعهم منها لإخراجها وتكسيرها، فإذا كان غاشاً فهل يدخل في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ما من عبدٍ يسترعيه الله على رعيه يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة) ؟ الأمر خطير يا إخواني، فلذلك أرى أنه يحرم على الرجل أن يدخل هذه الدشوش إذا كان يعرف من أهله أنهم سيشاهدون ما لا تجوز مشاهدته.

حكم ركوب المرأة مع السائق الأجنبي لوحدها

حكم ركوب المرأة مع السائق الأجنبي لوحدها Q فضيلة الشيخ! ما حكم ركوب المرأة مع السائق الأجنبي لوحدها إذا كانت في الشارع والسيارة مكشوفة يرى ما بها من الداخل، ما رأيكم في ذلك حيث أن كثيراً من الناس يقول: إنها ليست خلوة ما دامت أمام الناس؟ A رأينا أنه حرام ولا يحل، والمفسدة التي في الخلوة موجودة في هذه الصورة، وقوله: إنه ليس خلوة؛ لأن الناس يشاهدونها، الجواب عنه من وجهين: الأول: أن السيارة ماشية. ما كل واحد يشاهدها وليس الناس يطالعون في كل سيارة تمشي. الثاني: أنه وإن كانت ترى لكن الهمس واللمس والضحكة لهذه المرأة التي هو خالٍ بها لا يدري عنها الناس، فالمحظور الذي في الخلوة التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم موجود في هذا، بل قد يكون هذا أشد، فربما يراودها عن نفسها ويقول: إن لم تفعلي وإلا فسأمشي على البر وأكرهك على ما أريد ولا تريدينه أنت، فالمسألة خطيرة جداً، ولقد حدثت بحوادث لا أحب أن أذكرها لفظاعتها فيمن ركبت مع السائق لوحدها. فالحذر الحذر من هذا! وباب الزنا أحاطه الشارع بسياج قوي حتى حرم النظر إلى المرأة، والخلوة بها، والسفر بلا محرم، وذلك أن النفوس تدعو إليه، النفوس ضعيفة الإيمان، فلذلك جعل له سياج يحمي المرء من أن يقوم به.

حكم من يؤخر صلاة الفجر إلى وقت الوظيفة

حكم من يؤخر صلاة الفجر إلى وقت الوظيفة Q فضيلة الشيخ! ما حكم من لا يصلي الفجر إلا عند قيامه لأجل الوظيفة أي: في الساعة السابعة والنصف تقريباً في الغالب، مع العلم بأنه لا يتأخر عن عمله بدقيقة واحدة؛ لأنه يحرص على أن يسجل في سلك المتقدمين في الوظيفة؟ A يرى بعض أهل العلم أن من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها بلا عذر كافر كفراً أكبر مخرجاً عن الملة، وبناءً على هذا يكون هذا الرجل كافراً كفراً مخرجاً عن الملة؛ لأن تأخير الصلاة إلى ما بعد الوقت عمداً بلا عذر شرعي لو صلاها لم يستفد منها ولا تقبل منه. ويرى آخرون: أن ترك الصلاة الذي ورد أنه كفر هو أن يتركها بالكلية لا الفجر ولا غيره، وهذا أقرب إلى ظاهر النصوص؛ فهذا لا يكفر على هذا القول الذي نرجحه، لكن على خطر عظيم -والعياذ بالله- ما لم يعتقد أنه يجوز تأخير الفجر إلى ما بعد الوقت فحينئذٍ يكون أنكر فرضيتها فيكفر بالإنكار.

حكم قص المرأة لشعرها إلى ما فوق الكتفين لأجل زوجها

حكم قص المرأة لشعرها إلى ما فوق الكتفين لأجل زوجها Q يا فضيلة الشيخ! هل يجوز قص الشعر إلى ما فوق الكتفين للمرأة إذا كانت لا تقصد التشبه وإنما إجابة لطلب زوجها، وما حكم لبس النقاب وإخراج العينين فقط؟ A أما الأول وهو قص المرأة شعرها: فالمشهور عند الحنابلة أنه يكره أن تقصه ولو شيئاً يسيراً، وقالوا: إنه إذا كانت في النسك لا تقص منه إلا قدر أنملة، فما بالك بغيره؟ وقال بعض العلماء: إنه يجوز أن تقص رأسها بشرط ألا يرتفع فوق الكتف، وألا يكون فيه مشابهة لشعر الرجال أو لشعر المومسات العاهرات أو الكافرات، وبناءً على هذا نقول: لا تقص المرأة شعر رأسها إلى ما فوق الكتفين حتى وإن رضي الزوج بذلك، بل حتى وإن أمر بذلك، وعلى الأزواج أن يتقوا الله وألا يكرهوا النساء على أمر يكرهنه، والإسلام أيضاً لا يراه. أما بالنسبة للنقاب: فالنقاب في الأصل جائز؛ لأن الصحابيات كن ينتقبن في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في المحرمة: (لا تنتقب) لكن نظراً لما حدث من النساء اليوم وتوسعهن في ذلك لا أفتي بجوازه، بل أرى منعه؛ لأن النساء تلاعبن به فصار بعضهن يفتح فتحة كبيرة حتى يظهر الحاجب وأعلى الخد، وصار بعضهن الآن يتلثم في الخمار تلثماً، وبناءً على هذا التوسع أرى منعه ولا أفتي بجوازه، ولا حرج علي في ذلك؛ لأن الأشياء المباحة إذا كان يترتب عليها محظور فإنها تمنع؛ كما منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من طلق زوجته ثلاثاً من مراجعتها، وقال: [أرى الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم] فأمضاه عليهم.

حكم توكيل الحاج من يضحي عنه في بلده

حكم توكيل الحاج من يضحي عنه في بلده Q ما الحكم في رجل ذهب إلى الحج وكان قبل ذهابه قد وكل من يضحي عنه في بلده، فهل يجوز له ذلك، أم هل يكتفي بحجه ولا أضحية عليه، فما هو الأفضل في حقه؟ وما الذي يترتب على ذلك من أحكام شرعية؟ وجزاك الله خيراً. A إذا كان أهله معه فالأفضل ألا يوصي بأضحية أي: ألا يوكل أحداً يضحي عنه، وأما إذا كان أهله في بلدهم، فهنا ينبغي أن يوكل من يضحي عنه في أهله، وحينئذٍ لا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته شيئاً إلا إذا أحرم بالعمرة فله أن يقصر؛ لأن التقصير صار نسكاً.

حكم الاغتسال في غير الميقات لمن أراد العمرة

حكم الاغتسال في غير الميقات لمن أراد العمرة Q هل يجوز لمن أراد العمرة أن يغتسل في بيته ثم يسافر وهو في القصيم وينوي إذا ما وصل إلى الميقات؛ خصوصاً في مثل هذه الأيام الباردة؟ A نعم. لا بأس أن يغتسل في بيته ويسافر إذا كان اغتساله عند السفر، ولكنه إن تمكن من أن يغتسل في الميقات فهو أفضل. إلى هنا ننتهي من المجلس، نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعله مجلس خير وبركة، وأن يرزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً متقبلاً، ورزقاً طيباً واسعاً.

اللقاء الشهري [73] رقم1؛2

اللقاء الشهري [73] رقم1؛2 الحج هو أحد الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام، فهو فريضة على كل مسلم ومسلمة يستطيع إليه سبيلاً، وقد فُرض الحج في السنة التاسعة، فحج النبي عليه الصلاة والسلام في السنة العاشرة وذلك لأسباب. وقد بيَّن الشيخ رحمه الله أن على من أراد الحج أن يتعلمه، وأن يحج كما حج النبي صلى الله عليه وسلم، حيث وضح صفة حجه عليه الصلاة والسلام كاملة في هذا اللقاء، وقد كان من المواضيع التي ذكرت في هذا اللقاء الأضحية وفضل عشر ذي الحجة.

أهمية الحج في الإسلام

أهمية الحج في الإسلام الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإننا نشكر الله عز وجل على إنعامه وإفضاله حيث شرع مواسم الخيرات لعباده ليستكثروا من الخير، فمن قضى شهر الصيام حتى دخلت شهور حج بيت الله عز وجل، فإن أول شهور الحج شهر شوال، فالعباد ينتقلون من موسم إلى موسم، وما شرع الله الحج لأهل مكة وذبح الهدايا إلا وشرع لغيرهم من البلدان التقرب إليه بالأضاحي، فلله الحمد والمنة على هذه النعم. أيها الإخوة: إن هذا اللقاء هو اللقاء الشهري الذي يتم في مساء السبت الثالث من كل شهر؛ نسأل الله أن ينفع به وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه. اخترنا أن يكون بعد المغرب ليتسع الوقت للكلام والجواب على السؤال، نبدأ أولاً بالحج فنتكلم عن أهميته في دين الإسلام. الحج هو في منزلة عالية من دين الإسلام؛ وذلك لأنه أحد أركانه التي بني عليها لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (بني الإسلام على خمس) أي: على خمس دعائم: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله هذه واحدة، وهي مفتاح العمل فلا يصح عمل إلا بها، حتى لو صام الإنسان وزكى وحج وصلى ولكن لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإنه لا يقبل حجه ولا يقبل صومه، ولا تقبل صدقته ولا تقبل صلاته. فإن قال قائل: أليس الإنسان يقول في الصلاة: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ نقول: بلى يقول هذا، لكن أرأيت لو كان يقول هذا ولكنه يعبد الأموات أيكون صادقاً في هذه الشهادة؟ لا. إذاً لا تقبل منه الصلاة، وشهادته أن لا إله إلا الله شهادة كذب؛ لأن من شهد أن لا إله إلا الله أي: لا معبود بحق إلا الله، فلا يمكن أن يعبد أحداً سوى فاطر السماوات والأرض. الركن الثاني: إقام الصلاة، أي: الإتيان بها مستقيمة حسب ما صلاها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي قال لأمته: (صلوا كما رأيتموني أصلي) . الثالث: إيتاء الزكاة، أي: إعطاء المال الواجب في الأموال لمستحقيه، ولهذا نقول: إيتاء الزكاة حذف منها المفعول الثاني، والتقدير: إيتاء الزكاة مستحقها. الرابع: صوم رمضان. الخامس: حج بيت الله الحرام. إذاً الحج في مرتبة عالية من هذا الدين الإسلامي؛ لأنه أحد أركانه ومبانيه العظام، وقد تأخر فرض الحج، فلم يفرضه الله عز وجل على عباده إلا متأخراً في السنة التاسعة أو العاشرة؛ وذلك لأن مكة كانت قبل ذلك تحت قبضة قريش يمنعون من شاءوا ويأذنون لمن شاءوا، ولهذا منع المشركون رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد جاء معتمراً معه الهدي يلبي الله عز وجل، ولما أقبل على الحرم منعوه، في أي مكان؟ في الحديبية، قالوا: لا يمكن أن تدخل مكة فيتحدث الناس: أنا أخذنا ضغطاً، وجرى بينهم وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الصلح الذي ظاهره هضم المسلمين حقهم، ولكنه فتح كما سماه الله عز وجل، فقال في كتابه: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد:10] المراد بالفتح هنا صلح الحديبية، لذلك كان من حكمة الله عز وجل أن يتأخر فرض الحج إلى بيت الله إما في السنة التاسعة أو في السنة العاشرة.

صفة حجه عليه الصلاة والسلام إجمالا

صفة حجه عليه الصلاة والسلام إجمالاً فرض الحج وحج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد هجرته مرةً واحدة في الاتفاق، وجعل الله تعالى في هذه الحجة على كثرة ما فيها من الأفعال وكثرت ما فيها من الأقوال بركة عظيمة، تلقاها سلفنا الصالح (الصحابة رضي الله عنهم) ونقلوها إلينا -والحمد لله- محفوظة متقنة محررة من قبل جهابذة العلماء في الحديث، حتى كأنما نشاهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو لم يحج إلا مرة واحدة، ولكن بركة الله لا نهاية ولا حصر لها. في السنة التاسعة أعلن أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حاج العام المقبل، فاجتمع المسلمون من جميع الجهات من الجزيرة العربية من أجل أن يشاهدوا حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيقتدوا به وينقلوه إلى الأمة، فاجتمع خلق كثير كانوا من بين يدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن خلفه وعن يمينه وشماله مد البصر، أمم عظيمة لتقتدي برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتأتم به وتنقل حجه إلى أمته من بعدهم، وهكذا حصل. خرج صلى الله عليه وسلم في الخامس والعشرين من ذي القعدة يوم السبت، ونزل في ذي الحليفة وأحرم منها وسار إلى مكة، ولما وصل البيت طاف طواف القدوم، وسعى سعي الحج والعمرة؛ لأنه كان قارناً وبقي على إحرامه، فلم يتحلل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأنه كان قد ساق الهدي، طاف بالبيت وبقي على إحرامه وأمر أصحابه أن يحلوا، ثم خرج ظاهر مكة ونزل الأبطح وكان قدومه يوم الأحد الرابع من شهر ذي الحجة وبقي هناك يصلي ركعتين ولم ينزل إلى المسجد الحرام لا لطواف ولا لصلاة. وفي اليوم الثامن توجه صلوات الله وسلامه عليه بأصحابه إلى منى، فنزل هناك وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً بلا جمع، ولما طلعت الشمس سار إلى عرفة ونزل بـ نمرة وهي: قرية تقع جنوب غرب عرفة من أجل أن يستريح ويريح رواحلهم. فلما زالت الشمس أمر أن ترحل ناقته، فرحلت وركبها ونزل في بطن الوادي وادي عرنة في المكان الذي بني فيه المسجد الآن، نزل هناك وأمر المؤذن فأذن للظهر، فصلى الظهر ركعتين، ثم العصر ركعتين، ثم خطب الناس خطبةً عظيمةً بليغةً تناولها أهل العلم بالشرح واستنباط الفوائد، ومن أحسن ما رأيت رسالة للشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله في شرح هذه الخطبة وهي مطبوعة ومنشورة، ويقال: إنه ما من أحد في عرفة إلا سمع الخطبة، أي: أن الله عز وجل سهل للمسلمين أن يسمعوا هذه الخطبة في أي مكان من عرفة. ثم ارتحل ناقته إلى المكان الذي اختار أن يقف فيه، وهو عند جبل عرفات الذي يسمى: جبل الرحمة، وهي تسمية حادثة وإلا فاسمه إلال على وزن هلال أو جبل عرفة وهو معروف الآن، نزل هناك، لماذا نزل هناك؟ أظن والله أعلم أنه اختار النزول هناك ليكون خلف أصحابه؛ لأن من عادته في السير أن يكون آخر قومه ليتفقد المتخلف صلوات الله وسلامه عليه، وقف على بعيره يدعو الله عز وجل رافعاً يديه اليمنى واليسرى حتى إن خطام ناقته لما سقط أخذه بإحدى يديه وهو رافع الأخرى إلى أن غابت الشمس، ثم دفع متجهاً إلى مزدلفة، وفي أثناء الطريق احتاج صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يبول فخرج إلى الشعب عن يسار الذاهب إلى مزدلفة، ونزل وبال وتوضأ، ولكنه توضأ وضوءاً خفيفاً ولم يسبغ، وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد أردف خلفه على ناقته أسامة بن زيد بن حارثة، فقال له أسامة: (الصلاة يا رسول الله! قال: الصلاة أمامك) . ثم ركب حتى أتى مزدلفة بعد دخول وقت العشاء فتوضأ فأسبغ وأمر فنودي للصلاة، ثم صلى المغرب والعشاء ثم بات هناك، ولما طلع الفجر أمر بالأذان للفجر ثم صلى الفجر في غلس مبكراً على خلاف العادة، وبعد ذلك ركب حتى أتى المشعر الحرام مكان المسجد اليوم، ووقف على بعيره يدعو الله ويستغفر الله حتى أسفر جداً، وكان يقول في عرفة: (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف) وفي مزدلفة يقول: (وقفت هاهنا وجمع -يعني: مزدلفة - كلها موقف) كأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم يشير إلى أن يبقى كل أناس بمكانهم حتى لا يزدحموا على مكان مخصوص، والحكم واحد والأجر واحد. ولما أسفر جداً سار من مزدلفة إلى منى وكانت منى في ذلك الوقت لها ثلاث طرق: طريق على اليمين، وطريق على اليسار، وطريق في الوسط، فسلك الطريق الوسطى؛ لأنها تخرج رأساً على جمرة العقبة، وهو يريد أن يبدأ قبل كل شيء برمي الجمرة، حتى أتى الجمرة ووقف وأمر عبد الله بن عباس أن يلقط الحصى -حصى الجمرات- فلقط سبع حصيات فقط فوق الحمص ودون البندق، وجعل يقلبها بين يديه ويقول: (بأمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلو في الدين) رماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة. ومن المعلوم أنه لن يصل إلى الجمرة إلا بعد طلوع الشمس؛ لأنه وقف في مزدلفة حتى أسفر جداً، ثم سار على بعيره، فرمى الجمرات ثم نحر هديه، أهدى مائة بعير عليه الصلاة والسلام (مائة بعير عن سبعمائة شاة) نحر بيده الكريمة ثلاثاً وستين بعيراً، وأعطى علي بن أبي طالب رضي الله عنه الباقي فينحر، ثم حلق رأسه وبدأ بالشق الأيمن وقسم الشعر على الناس. فهو إلى الآن رمى ثم نحر ثم حلق وحل، تحلل صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم نزل إلى مكة فطاف بالبيت وشرب من ماء زمزم وصلى الظهر هناك، ثم خرج إلى منى، خرج إلى منى ووجد أناساً لم يصلوا، فصلى مرةً أخرى؛ لأنه ثبت أنه صلى في منى الظهر وصلى في مكة، والجمع بينهما أن نقول: صلى في مكة ولما خرج وجد بعض أصحابه لم يصلوا فصلى بهم صلى الله عليه وسلم. وبات في منى ليلة الحادية عشرة، ولما زالت الشمس من اليوم الحادي عشر ذهب ليرمي الجمرات قبل أن يصلي الظهر بعد الزوال وقبل الصلاة، رمى الجمرة الأولى بسبع حصيات، ثم تقدم واستقبل القبلة ورفع يديه وجعل يدعو دعاءً طويلاً، ثم الوسطى بسبع حصيات، ثم تقدم واستقبل القبلة ورفع يديه وجعل يدعو دعاءً طويلاً، ثم جمرة العقبة ولم يقف، ثم عاد إلى رحله، وبات في منى ليلة الثاني عشر، وفي اليوم الثاني عشر فعل كما فعل في اليوم الحادي عشر، ثم بات في منى ليلة الثالث عشر، ورمى الجمرات في اليوم الثالث عشر كما رماها في اليوم الثاني عشر، ثم نزل إلى مكة وصلى الظهر في مكة -ظهر يوم الثالث عشر- وبات في مكان يقال له: المحصَّب لكثرة حصبائه، وفي آخر الليل أمر بالرحيل فارتحل الناس، وأتى البيت فطاف فيه طواف الوداع، ثم صلى صلاة الفجر، ثم غادر إلى مهاجره طيبة المدينة، فبقي في مكة عشرة أيام (من الرابع إلى الرابع عشر) ولهذا سئل أنس بن مالك: كم أقمتم في مكة؟ قال: أقمنا فيها عشراً. هذه صفة حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أتينا بها على وجه الإجمال ليكون ذلك أسهل وأقرب للفهم، ولكن لنا فيها وقفات.

وقفات تفصيلية في حجه عليه الصلاة والسلام

وقفات تفصيلية في حجه عليه الصلاة والسلام

كيفية إحرامه عليه الصلاة والسلام

كيفية إحرامه عليه الصلاة والسلام أولاً: كيف أحرم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ أحرم بأن اغتسل كغسل الجنابة أي: غسلاً كاملاً، وتطيب في لحيته وبدنه بطيب من أطيب ما يكون، وبطيب غادق (كثير) حتى كان يُرى وبيص المسك من مفارقه وهو محرم عليه الصلاة والسلام، ثم لبس الإزار والرداء ثم أحرم فقال: (لبيك حجة، وجاءه الملك قال له: قل عمرةً وحجاً، فقال: عمرةً وحجاً) فصار بذلك قارناً، ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله وهو إمام أهل السنة وإمام أهل الحديث، قال: لا أشك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان قارناً والمتعة أحب إليَّ، وسيأتي معنى قوله رحمه الله: المتعة أحب إليَّ؛ لأن الرسول أمر به، فكان يقول: لبيك عمرةً وحجاً، هذه واحدة.

وقفة مع الطواف وبعض ما يتعلق به

وقفة مع الطواف وبعض ما يتعلق به الوقفة الثانية: لما أتى المسجد ماذا صنع؟ صنع عند دخول المسجد كما يصنع عند دخول المساجد الأخرى لعموم الأدلة بدون تفصيل، ثم اتجه إلى الكعبة -زادها الله شرفاً وعظمة- اتجه إليها فاستلم الركن أي: الحجر الأسود وقبله، وفي الأشواط الثلاثة الأولى كان يرمل أي: يسرع دون أن يمد الخطى، أي: يسرع والخطى على ما هي عليه متقاربة في الأشواط الثلاثة فقط، وفي الأربعة الباقية كان يمشي على عادته، لكن الاضطباع في جميع الطواف؛ والاضطباع: أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على كتفه الأيسر، وهو سنة في الطواف فقط. إذاً حصل أنه استلم الركن وقبله واضطبع في جميع طوافه، ورمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، وماذا يقول عند استلامه؟ كان يكبر، كلما استلم الركن قال: الله أكبر، وكان يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201] . ولم ينقل ماذا يقول في بقية الأشواط، ولكن قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما جعل الطواف بالبيت وبـ الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) وعلى هذا ففي طوافك ادع الله بما شئت من خيري الدنيا والآخرة، اذكر الله، اقرأ القرآن، سبح؛ لأن المقام مقام ذكر الله عز وجل، وأما ما يوجد في الكتيبات هذه لكل شوط دعاء مخصوص فهذا بدعة لا تستعمله، وانصح من رأيته يستعمله، قل: يا أخي! ادع الله بما تحب، لا تقرأ شيئاً ربما لا تعرف معناه. مسألة: إذا قال قائل: كيف يقبِّل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حجراً؟ أيفعل ذلك تبركاً بالحجر أم ماذا؟ ف A ليس تبركاً بالحجر، فالحجر لا ينفع ولا يضر، ولهذا لما طاف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقبَّل الحجر، قال: [إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك] إذاً نحن نقبل الحجر تأسياً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتعبداً لله عز وجل وتذللاً له حيث نقبل حجراً من الأحجار، ولولا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبله ما قبلناه، ولذلك لا نقبل الركن اليماني؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقبله، ولا نقبل الركنين الشامي والغربي، ولا نستلمهما أيضاً؛ لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم، فصارت أركان البيت ثلاثة أقسام: الأول: ما يسن استلامه وتقبيله وهو الحجر الأسود. والثاني: ما يسن استلامه دون تقبيله ودون الإشارة إليه وهو الركن اليماني. والثالث: ما لا يسن تقبيله ولا استلامه وهما الركنان الشامي والغربي. مسألة: فلو قال قائل: أرأيتم لو لم يتمكن من استلام الحجر ولا تقبيله ماذا يصنع؟ نقول: يشير إليه بيده ويقول: الله أكبر. أما الركن اليماني إذا لم يستطع استلامه فإنه لا يشير إليه؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والعبادات توقيفية، إن لم ترد عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا يحل لنا أن نتعبد إلى الله بها. انتهى الكلام على موقف الطواف. الوقفة الثالثة: موقف ركعتين خلف المقام؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما انتهى من طوافه تقدم إلى مقام إبراهيم وقال: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة:125] وصلى ركعتين خلف المقام، هاتان الركعتان هل هما واجبتان أم هما سنة؟ وهل يتعين أن يكونا خلف المقام، أو يجوز أن يكونا في أي مكان من المسجد، أو إذا لم يمكن في المسجد فخارج المسجد؟ الجواب: اختلف العلماء في وجوب هاتين الركعتين. فقال بعض العلماء بالوجوب، وقال بعض العلماء بالاستحباب، والأقرب: أنهما للاستحباب، أنهما مستحبتان لا واجبتان، ولا يشترط أن يكونا خلف المقام، بل لو كانا في أي مكان في المسجد كفى، بل لو كانا خارج المسجد كما لو كان المسجد ضيقاً وصلى في الساحات الخارجية فلا بأس، والسنة تخفيفهما، وأن يقرأ فيهما في الأولى: قل يا أيها الكافرون، وفي الثانية: قل هو الله أحد.

سعيه عليه الصلاة والسلام ونزوله بالأبطح والدفع إلى منى

سعيه عليه الصلاة والسلام ونزوله بالأبطح والدفع إلى منى الوقفة الرابعة: عند السعي، إن النبي صلى الله عليه وسلم لما دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158]-أي: لما دنا قل أن يصعد- (أبدأ بما بدأ الله به) فبدأ بـ الصفا. صعد الصفا، وماذا صنع حين صعوده؟ رفع يديه حين رأى البيت وكبر ثلاثاً، وقال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده) كرر هذا ثلاث مرات يدعو فيما بين المرة الأولى والثانية، وفيما بين المرة الثانية والثالثة، وبعد الثالثة نزل متجهاً إلى المروة، في أثناء السعي مر بالوادي، الوادي (مجرى السيل) وكان في ذلك الوقت بيناً واضحاً، بطن الوادي عادة يكون منخفضاً، فلما انخفض سعى سعياً شديداً أي: ركض حتى إن إزاره لتدور به من شدة السعي، ولما صعد الوادي مشى عادةً وفعل على المروة كما فعل على الصفا، ولم يكرر الآية: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] لأنها ليست من ذكر المسعى، إنما قالها حينما دنا من الصفا قبل أن يدخل في السعي. مسألة: الوقوف عند السعي ليس بكثير؛ لأن ما لا شيء يستلم ولا يقبل ولا يشار إليه، إنما هو أشواط معروفة يبتدئها بـ الصفا ويختمها بـ المروة. ماذا صنع بعد السعي؟ أمر من لم يكن معه هدي أن يجعل إحرامه عمرة ويحل، قالوا: (يا رسول الله! نحل وقد سمينا الحج -أي: لبينا بالحج كيف نجعلها عمرة؟ - قال: افعلوا ما آمركم به) حتم عليهم وغضب حتى حل من لم يكن معه هدي، قالوا: (يا رسول الله! الحل كله؟ قال: الحل كله) . مسألة: وقفة بعد أن سعى قلنا: إنه نزل في الأبطح ظاهر مكة بقي فيه أربعة أيام من يوم الأحد إلى يوم الخميس، وهو في هذا المكان يقصر الصلاة، وربما جمع بين الصلاتين، هل البقاء في الأبطح من الأمور المشروعة، أو إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نزله من أجل الراحة؟ A الثاني، في ذلك الوقت لا يوجد بناء، الآن يوجد بناء ولا يمكن للمرء أن ينزل إلا أن يستأجر من العمائر التي فيه، ومع ذلك لا نقول: إن من السنة أن يكون مكانك في مكة في هذه العمائر؛ لأن نزول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الأبطح أيسر له من أجل الدفع إلى منى. مسألة: دفع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى منى في اليوم الثامن، نقف هنا: هل البقاء في منى في اليوم التاسع هل هو واجب أو سنة؟ الجواب: هو سنة وليس بواجب، فلو دفع الإنسان من مكة إلى عرفة فلا حرج، لكن فاته أجر المبيت في منى، ولو لم يحرم في الحج إلا يوم عرفة وذهب إلى عرفة فلا حرج، الدليل: أن عروة بن مضرس رضي الله عنه أدرك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صباح يوم العيد في مزدلفة وصلى معه، وأخبره أنه أتعب ناقته وأتعب نفسه وما ترك جبلاً إلا وقف عنده، فهل له من حج؟ فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من شهد صلاتنا هذه -يعني: الفجر- ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بـ عرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه) وعلى هذا فإذا ذهب الناس من أوطانهم ووصلوا إلى مكة يوم الثامن وخرجوا فوراً إلى منى دون أن يطوفوا بالبيت ويسعوا فلا حرج.

الوقوف بعرفات

الوقوف بعرفات مسألة: نقف على الوقوف بـ عرفات، هل الذهاب إلى نمرة والمكث فيها إلى الزوال هل هو واجب أو سنة؟ A هو سنة وليس بواجب، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الحج عرفة) ونمرة ليست من عرفة. مسألة: الوقوف بـ عرفة إلى غروب الشمس، ولا يحل لأحد أن يخرج من حدود عرفة قبل غروب الشمس؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقف حتى غابت الشمس وقال: (خذوا عني مناسككم) ولو دفع الإنسان قبل غروب الشمس لشابه هدي المشركين دون هدي سيد المرسلين، وذلك لأن المشركين إذا صارت الشمس على رءوس الجبال كالعمائم على رءوس الرجال دفعوا من عرفة، فخالفهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتأخر حتى غابت الشمس. مسألة: الناس في عرفة هل يستقبلون القبلة عند الدعاء، أو يستقبلون الجبل؟ الجواب: يستقبلون القبلة، الجبل ليس له حرمة في ذاته، ولهذا لا يشرع صعوده ولا التمسح به ولا الوقوف على رأسه، هو جبل عادي فالاتجاه عند الدعاء إلى القبلة، وهل يقف الإنسان قائماً، أو يدعو وهو جالس؟ نقول: يدعو وهو جالس، وإن رأى مللاً وقام ليستريح ودعا وهو قائم فلا حرج. مسألة: وهل الأفضل أن يدعو وهو راكب في السيارة، أو أن يدعو في مكان خالٍ يناجي ربه فيه؟ الجواب: الثاني؛ لأنه إذا ركب الناس ربما يشوش بعضهم على بعض ويشتغل بعضهم ببعض، فإذا انحاز الإنسان إلى مكان خالٍ ودعا الله كان ذلك أخشع له، ولكن بماذا يدعو يا إخواني؟ الجواب: إن علم شيئاً من السنة في هذا فليدع به وإلا دعا بما أحب، ومن المعلوم أنه إذا طال الزمن في الدعاء فسيحصل الملل، ولكن الحمد لله الأمر واسع خذ كتاب الله العزيز واقرأ فيه بتدبر، وكلما مرت بك آية رحمة فاسأل، أو آية وعيد فتعوذ، أو آية تسبيح فسبح، وإذا تابعت القرآن على هذا الوجه لن تمل إلى أن تغرب الشمس. وهنا أنبه إخواننا على تحري حدود عرفة؛ لأن بعض الحجاج -الله يهدينا وإياهم- ينزلون قبل الوصول إلى عرفة ويبقون فيها، فإذا غابت الشمس انصرفوا، ألم تعلموا أن هؤلاء لا حج لهم؟ الجواب: بلى. لا حج لهم؛ لأنهم لم يقفوا بـ عرفة، نعم لو فرض أن عرفة كانت ضيقاً ونزلوا هناك خارج الحدود، فإذا زالت الشمس ذهبوا إلى عرفة وبقوا فيها إلى الغروب، أو ذهبوا إلى عرفة بعد العصر وبقوا إلى الغروب فهذا لا بأس به.

المبيت بمزدلفة

المبيت بمزدلفة ننتقل إلى مزدلفة، إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى بها المغرب والعشاء جمع تأخير، فإذا وصل الناس إلى مزدلفة قبل دخول وقت العشاء فهل يصلون جمعاً، أو نقول: صلوا المغرب في وقتها والعشاء إذا دخل وقتها؟ بعض العلماء قال بالثاني: إذا وصلت إلى مزدلفة قبل دخول وقت العشاء فصل المغرب، ثم إذا دخل وقت العشاء فصل العشاء بأذان وإقامة، والمغرب بأذان وإقامة. ولكني أقول: في الوقت الحاضر لا شك أن الأيسر على الحجاج أن يجمعوا بين المغرب والعشاء من حين أن يصلوا، وإذا كان كذلك فالأفضل فعل الأيسر، فليصلوا المغرب والعشاء من حين أن يصلوا ولو قبل دخول وقت العشاء؛ لأنه -كما تعلمون- يتعب الإنسان في الحصول على الماء، وربما إذا أبعد عن مكان إخوانه يضيع، فليصل المغرب والعشاء جمع تقديم وذلك أفضل؛ لأنه مسافر، والمسافر الأفضل له فعل الأيسر من الجمع وعدم الجمع. من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقف حتى صلى الفجر، ووقف عند المشعر الحرام حتى أسفر جداً، فهل هذا واجب، أو يجوز أن يدفع الإنسان في آخر الليل؟ A هذا ليس بواجب، ولكنه أفضل لا سيما في الزحام الشديد، وقد أذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للنساء والضعفة أن يدفعوا من مزدلفة قبل الفجر، وأن يرموا الجمرة إذا وصلوا ويصلوا الفجر في منى. مسألة: إذا بقي الإنسان إلى الفجر وصلى الفجر وبقي للدعاء فهل نقول: اذهب إلى المشعر الحرام، أو يجوز أن تدعو الله في مكانك؟ الجواب: يجوز أن تدعو الله في مكانك؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وقفت هاهنا وجمع كلها موقف) .

أعمال اليوم العاشر

أعمال اليوم العاشر في منى وقفات: أولاً: من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رمى جمرة العقبة أول ما وصل إلى منى، أرأيتم لو أن الإنسان عدل إلى رحله، وأنزل متاعه، واستراح قليلاً، ثم ذهب للرمي أيجوز أو لا يجوز؟ A يجوز. في منى يوم النحر يفعل الحاج خمسة أشياء: أولاً: رمي جمرة العقبة. والثاني: النحر. والثالث: الحلق أو التقصير. والرابع: الطواف. والخامس: السعي، إن كان متمتعاً أو كان قارناً أو مفرداً ولم يكن سعى بعد طواف القدوم. لو قدم هذه الأشياء بعضها على بعض فلا حرج؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يسأل في التقديم والتأخير في هذه الأشياء، فيقول: (لا حرج) ومن سأله عند تقديم الحلق على النحر قال: (لا حرج) ولم يقل: ولا تعد، فكونه يقول لا حرج دون أن يقول: ولا تعد يدل على أن الأمر واسع والحمد لله، وهذا من رحمة الله أن الحجاج رخص لهم، من الناس من يحب أن يبدأ بالطواف والسعي قبل كل شيء، ومنهم من يحب الرمي ثم الحلق حتى لا يجتمع الناس في مكان واحد، ولهذا تجد أمماً عظيمة يطوفون ويسعون، وتجد آخرين يرمون، وآخرين يذهبون إلى المنحر، كل هذا من التيسير اللهم لك الحمد. إذاً لو قدر أنك لو ذهبت من مزدلفة إلى مكة وطفت وسعيت، ثم خرجت ورميت ونحرت وحلقت، ما الحكم؟ لا حرج، وهكذا لو أتيت إلى مكة للطواف والسعي ووجدت المطاف مزدحماً، ووجدت السعي أوسع فبدأت بالسعي؛ أيجوز أو لا يجوز؟ يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل عن هذه المسألة نفسها، فقيل له: (سعيت قبل أن أطوف؟ قال: لا حرج) فالأمر والحمد لله واسع.

الرمي وطواف الوداع

الرمي وطواف الوداع وقفة في الرمي: من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يرم إلا بعد الزوال في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، فهل يجوز الرمي قبل الزوال؟ لا يجوز؛ لأنه لو جاز الرمي قبل الزوال لرخص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للضعفة كما رخص لهم في يوم العيد أن يرموا قبل الفجر، والموجب قائم وهو الزحام، بل إنه في رمي الجمرات في أيام التشريق أشد إلحاحاً؛ لأن الجو حار، ومع ذلك لم يأذن لأحد أن يتقدم فيرمي قبل الزوال. حتى في اليوم الثاني عشر وهو يوم التعجل لا يجوز لأحد أن يرمي قبل الزوال؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يرم إلا بعد الزوال وقال: (خذوا عني مناسككم) ولكن لو أن الإنسان في اليوم الثاني عشر تعجل ولم متاعه، وحمله على السيارة ثم ذهب متجهاً إلى مكة على أنه سيرمي وينزل، فحدث زحام في الخطوط وزحام عند الجمرات، فهل ينتظر إلى الليل ثم يرمي ويمشي، أو نقول: انتظر إلى الليل وتبقى إلى اليوم الثالث؟ الجواب بالأول، ما دمت قد نويت التعجل وارتحلت وحبسك الزحام، فلا حرج أن تستمر في تعجلك ولو بعد غروب الشمس، حتى لو لم ترم إلى منتصف الليل، ثم امش ولا حرج؛ لأنه يصدق عليك أنك تعجلت في يومين لكن حبسك العذر. في آخر شيء طواف الوداع، إذا انتهى الإنسان من الحج وأراد الرجوع إلى بلده؛ فإنه لا ينصرف حتى يطوف بالوداع، ويسقط الوداع عن المرأة الحائض والنفساء، أسأل الله تعالى أن يهيئ للمسلمين حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً.

الأضحية شروطها وآدابها

الأضحية شروطها وآدابها أما الأضحية فالأضحية سنة مؤكدة لا ينبغي للقادر عليها أن يدعها حتى قال بعض العلماء: إنها واجبة على القادر؛ لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بها ولفعله إياها، فيكره للقادر أن يترك الأضحية، بل يضحي عنه وعن أهل بيته، ولا تصح الأضحية إلا بثلاثة شروط: الأول: أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم، فلو ضحى الإنسان بفرس فإنه لا يجزئ، ولو ضحى بظبي لم يجزئ، فلا بد أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام وهي: الإبل والبقر والغنم معزها وضأنها. الشرط الثاني: أن تكون بالغة للسن الواجب وهو في الضأن ستة أشهر، وفي المعز سنة، وفي البقر سنتان، وفي الإبل خمس سنوات، وما دونها لا يجزئ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) . الشرط الثالث: أن تكون سليمة من العيوب المانعة من الإجزاء وهي ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قوله: (أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء التي لا تنقي) العجفاء يعني: الهزيلة التي ليس فيها مخ. بقي الوقت، فلا بد أن تكون في الوقت المحدد شرعاً، وهو من صلاة العيد إلى غروب الشمس آخر أيام التشريق، فمن ذبح قبل الصلاة لم تجزئ ووجب عليه أن يذبح بدلها، أي: لو أن إنساناً لما دخل يوم العيد وطلعت الشمس قال: أريد أن أذبح الأضحية حتى إذا رجعت من الصلاة وجدت اللحم ناضجاً، فذبحها، نقول: هذه لا تجزئ، شاتك شاة لحم، إن أحببت أن تبيع هذا اللحم فبعه، وإن أحببت أن تهديه فأهده، وإن أحببت أن تتصدق به فتصدق، وإن أحببت أن تأكله فكله، المهم أنها شاة لحم. ويجب عليه أن يذبح مثلها وجوباً بعد الصلاة، إلى آخر أيام التشريق، إذا غربت الشمس يوم الثالث من أيام التشريق انتهى وقت الأضحية، فتكون الأيام أربعة أيام. وإذا دخل عشر ذي الحجة والإنسان قد نوى الأضحية فإنه لا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئاً حتى يضحي، ما هي البشرة؟ الجلد، قد يقول قائل: كيف يأخذ الإنسان من جلده؟ نقول: نعم. يوجد بعض الناس يكون في أقدامه شقوق فتجده ينتفها، هذا لا يجوز وهو يريد أن يضحي.

المصالح التي تفوت بإرسال مال الأضحية لمكان ما ليضحى فيه

المصالح التي تفوت بإرسال مال الأضحية لمكان ما ليضحى فيه واعلم أن الأضحية في مكان المضحي لا خارج البلد، وأما ما يظنه بعض الناس من أنك ترسل دراهم إلى مكان من بلاد المسلمين ليضحى به فهذا غلط، وفيه فوات مصالح عظيمة وله سلبيات، أما فوات المصالح: فأولاً: هل الأضحية شرعت من أجل الانتفاع باللحم، أو من أجل التقرب إلى الله تعالى بذبحها؟ A الثاني بلا شك، قال الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2] وقال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج:34] ولو كان المقصود اللحم لجاز لكل إنسان أن يشتري يوم العيد أكثر من لحم الضأن ويتصدق به، ولكن المقصود التقرب إلى الله تعالى بالذبح، فإذا أرسلت دراهم إلى مكان لا تدري عنه، فهل تشعر بأنك متقرب إلى الله تعالى بالذبح، أو متقرب إلى الله تعالى بهذه الدراهم التي أرسلت؟ الجواب بالثاني لا شك، ولا تشعر بأنك متقرب إلى الله بالذبح، فيفوت هذا المقصود الأعظم الذي قال الله عنه: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج:37] . ثانياً: أمرنا الله تعالى بالأكل منها فقال تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج:28] وإذا دفعت الدراهم إلى مكان ما يشترى به أضحية ويضحى بها فهل تأكل منها؟ لن تأكل ففوت أمر الله عز وجل، وقد قال بعض العلماء: إن الأكل منها واجب وأن من لم يأكل من أضحيته فهو آثم. قالوا: لأن الله أمر بالأكل وقدم الأكل على إطعام المسكين، قال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج:28] وأنت الآن ما أنت بآكل منها. ثالثاً: يفوت المضحي الذي أرسل الدراهم ذكر اسم الله عليها؛ لأن الذي يسمي هو الذابح ففاتك هذا الشيء، فحرمت الأجر.

الأمور السلبية في إرسال مال الأضحية ليضحى بها في مكان آخر

الأمور السلبية في إرسال مال الأضحية ليضحى بها في مكان آخر أما الأمور السلبية فهي كثيرة: منها: أن الإنسان ممنوع من أخذ الشعر والظفر والبشرة حتى يضحي، وإذا أرسل الدراهم فما الذي يعلمه أنه ضحي بها أو لا؟ لا يدري، فيبقى معلقاً هل يأخذ من هذه شيئاً أو لا يأخذ؟ ويبقى في شك حتى يضرب التلفون على الذين قبضوا الدراهم يقول: هل ذبحتم أضحيتي؟ حتى يأخذ من شعره الذي يستحب أخذه، فسيقولون: والله عندنا آلاف من الغنم ما ندري ما هي أضحيتك؟ ربما يقولون: انتظر ثلاثة أيام، ولا يمكن أن يتأكد أن أضحيته ذبحت إلا إذا انتهت الأضاحي كلها، فيبقى الإنسان معلقاً لا يفعل السنة في حلق العانة، ولا في تقليم الأظفار، ولا في الأخذ من الشارب، فعطل السنن. ثانياً: من الأمور السلبية أنك إذا دفعت الدراهم -وهذه مسألة يجب النظر فيها نظراً عميقاً- إذا دفعت الدراهم ودفع الثاني دراهم والثالث دراهم، ولنقل اجتمع -مثلاً- مائة ألف فاشتري بها أضاحي، فما هي أضحيتك من هذه الأضاحي؟ إن الذين يضحون لا يدرون، اجتمع عندهم مائة ألف عن مائتين أضحية، ذبحوا المائتين ولا يدرون أن هذه لفلان أو هذه لفلان، ذبحوها باسم أنها ضحايا وبس، ومعلوم أنه لا بد من تعيين من هي له، ولم يبلغنا أن هؤلاء الذين يأخذونها أنهم يجعلون قوائم بأسماء فيقول: باسم الله عندي صفحة فيها عشرة أسماء، فلان ابن فلان هذه أضحيته فاذبحها يا جزار، ما يقولون هذا، وحينئذٍ تبقى أضحيتك عائمة، وبمقتضى القواعد الشرعية لا تجزئ الأضحية لأنه لم يعين، صارت مائتين أضحية مشاعة بين مائتين رجل أو أقل أو أكثر، وهذا أمر مشكل. ومنها: أنه يفوتك الأكل منها وقد بينا أن بعض العلماء أوجب الأكل. ومنها: أنك لا تأمن أن يتأخر ذبح أضحيتك إلى ما بعد أيام التشريق؛ لأنه إذا قدرنا أن هناك عشرة آلاف رأس والجزارون خمسة أو ستة أو عشرة، فهل يمكنهم أن يذبحوا هذا العدد الكثير في أربعة أيام؟ قد لا يمكن، فتبقى الأضاحي متأخرة عن وقتها، وكما سمعتم أولاً: إذا لم تقع الأضحية في وقتها فهي غير مجزئة. والمهم أننا ننصح إخواننا المسلمين عن ارتكاب هذه الطريق بما فيها من فوات المنافع، وحصول الأمور التي يقع فيها الشك، ولسنا نريد بهذا أن نمنع الخير عن إخواننا المتبرعين بل نقول: يا أخي! انفع إخوانك بالدراهم، بالأطعمة، بالكسوة، بالفرش، بالخيام، بحفر الآبار، افعل هذا، وربما يكونون محتاجين لهذا أكثر من حاجتهم لقطعة من اللحم، فأرجو من إخواننا المسلمين في مثل هذه الأمور أن يتأنوا وأن يسألوا أهل العلم. لو قال قائل: إذا دعت الضرورة في بلد ما إلى بذل الأضاحي لهم، نقول: لا تبذل الأضاحي، ابذل صدقة، والصدقة عند الضرورة أفضل من الأضحية، لكن ادفعها لا على أن يشترى بها أضحية، الأضحية دعها عندك في بيتك، وهذه اجعلها صدقة والصدقة عند الضرورة -أي: دفع الضرورة- أفضل من أضحية، فمثلاً: إخواننا في الشيشان مضطرون إلى مساعدتهم بالمال إذا كان يمكن أن يصل إليهم، فإذا كان الإنسان عنده مائتا ريال إما أن يشتري بها أضحية أو يرسلها لهم؟ الأفضل أن يرسلها لهم؛ لأنهم في ضرورة والأضحية ما هي ضرورة، فلينتبه المسلمون لهذا، ولا ينجفلوا للدعوات التي ظاهرها العاطفة، والعاطفة يجب أن تكون من كل مسلم لأخيه، لكن لا بد من التمشي على الحدود الشرعية.

فضل عشر ذي الحجة

فضل عشر ذي الحجة أخيراً فضل عشر ذي الحجة: قال فيها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) يعني: عشر ذي الحجة، أولها أول يوم وآخرها يوم العيد، وقيل: آخرها يوم عرفة. وعلى كل حال: فأحث إخواننا المسلمين على كثرة العمل الصالح في هذه الأيام العشر من الصدقة والذكر وقراءة القرآن وغير ذلك، والعجب أن المسلمين في عشر رمضان يكثرون من الخير وحق لهم ذلك، لكن في عشر ذي الحجة هم عنها غافلون؛ لأنه لم يتنبه العلماء في هذه المسألة فينبهوا الناس، أو تنبهوا لكن لم يحصل فرصة للكلام. على كل حال: أحث إخواني على كثرة العمل الصالح في هذه الأيام العشر من قراءة القرآن، والذكر، والصلاة، والصدقة، والصيام، وليملئوا الأجواء من قولهم: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. في المساجد والأسواق والبيوت جهراً إلا النساء فلا ترفع أصواتهن بذلك. صيام عشر ذي الحجة ورد حديث في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصومها) وورد حديث في السنن عن حفصة: (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يدع صيامهن) قال الإمام أحمد: والمثبت مقدم على النافي. ونحن نقول: لا حاجة إلى هذا ما دام عندنا قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) وهل الصيام من العمل الصالح؟ نعم. يدخل في هذا، وكون عائشة رضي الله عنها ما رأته صائماً فغيرها رآه وأثبت، ولفظ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقتضي صيامها، ولعلها رضي الله عنها لها عذر في عدم الرؤية، أو يجوز عليها ما يجوز على غيرها من النسيان أو غير ذلك، المهم لدينا نص محكم وهو: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) فيقتضي أن يصومها المسلمون تقرباً إلى ربهم عز وجل. نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعمل الصالح الذي يرضيه عنا، وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأن يجعل خير أعمارنا آخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا وأسعدها يوم نلقاه، وأن يجمعنا مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

الأسئلة

الأسئلة

النيابة في الحج

النيابة في الحج سائل يقول: فضيلة الشيخ! في النيابة عن الغير، كثر في الآونة الأخيرة النيابة عن الغير في الحج؛ فهلا تكرمت يا فضيلة الشيخ! ببيان هذه الأمور: أولاً: النيابة المشروعة في الفرض والنفل ما هي وما صفتها؟ A الأصل في العبادات أن تكون من الفاعل المخاطب بها؛ لأن المقصود بها إصلاح القلب، والتقرب إلى الله عز وجل، وإذا أناب الإنسان غيره فيها فإنه لا يستفيد هذه الفائدة العظيمة، فمثلاً: إذا استناب الإنسان شخصاً في الحج تجد المحرم متجنباً للمحظورات، وتجد المنيب على كل ما يريد من الشهوات وربما يكون على المعاصي، فأين العبادة؟ ولذلك نقول: الاستنابة في الحج إن كانت عن فريضة، والمنيب لا يستطيع أن يقوم بها على وجه لا يرجى زواله فهذا لا بأس به؛ لأن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن أبيها وكان شيخاً كبيراً أدركته الفريضة -فريضة الحج- فقالت: (يا رسول الله! أحج عنه؟ قال: نعم) وهذا واضح لعجزه، وكذلك لو كان ميتاً ولم يحج وأراد أحد أن يحج عنه فلا بأس؛ لأن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أن أمها نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، قال: (حجي عنها) . أما الاستنابة في النفل؛ ففي ذلك روايتان عن الإمام أحمد: إحداهما أن ذلك جائز، والثانية: أن ذلك ليس بجائز، وفرق بينها وبين الفريضة بأن الفريضة لا بد من فعلها إما بنفس الإنسان وإما بنائبه، وأما النافلة فلا، فتهاون الناس الآن في النيابة في الحج أمرٌ ليس من عادة السلف، ولا كانوا يتجاسرون على هذه النيابة على هذا الوجه. ثم إن بعض الناس يُنوِّب في بعض أفعال الحج مثل من يوكل من يرمي عنه وهو قادر على الرمي، تجده جالساً في الخيمة مع أصحابه يتحدث وكأنه في نزهة ثم يقول: يا فلان خذ حصاي وارم عني، أين العبادة؟ الحج عبادة يا إخواننا، ليس مجرد أفعال تفعل، عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه عز وجل، ولذلك كان الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، فلا ينبغي الإكثار من الاستنابات، ولكن خير من ذلك إذا كان الإنسان قد أدى الفريضة أن يرى رجلاً لا يستطيع أن يؤدي الفريضة فيعطيه دراهم ليحج بها، فيكون قد أعان على حج واجب وله مثل أجر الفاعل، أي: له أجر الفريضة؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من جهز غازياً فقد غزا) .

حكم من يحج عن غيره وهو مستأجر من قبل حملة الحج للعمل

حكم من يحج عن غيره وهو مستأجر من قبل حملة الحج للعمل Q هل يجوز لي أن أحج نيابةً وأنا مستأجر من قبل حملة الحج للعمل، وقد أذنوا لي بالحج، ومن المعلوم أني لن أدفع من مال النيابة شيئاً بل ربما سأقبض مالاً من تلك الحملة، فما حكم ذلك المال الذي دفع لي؟ A إذا علم بذلك الذي دفع المال وأذن فلا بأس، لكن إذا لم يعلم وأعطه الدراهم وحج هذا الرجل مجاناً إما لكونه عاملاً في الحملة أو لغير ذلك، المهم أنه حج مجاناً فماذا يكون؟ نقول: لا بد أن تستأذن منه بعد الحج وتقول: هل رخصت لي؟ إن قال: لن أرخص لك، فيرد عليه ما أخذه، والحج للموكل، مثال ذلك: زيد أعطى عمراً دراهم ليحج بها، فحج عمرو بالسيارات التي تبرع بها أهلها، أو صار عاملاً في حملة ولم يسلم شيئاً، فهنا نقول: يجب عليك أن تخبر من أعطاك المال فإن أذن لك فإنه يقال: ما آتاك من المال فهو لك، وثبت الحج له، وإلم يأذن وقال: لا. أنت الآن حججت مجاناً وحججت عني؛ فإنه يكون قد حج عن نفسهويرد الدراهم إلى صاحبها.

لا يجب الحج على المدين ولا الاستدانة للحج

لا يجب الحج على المدين ولا الاستدانة للحج Q حول الحج مع الاستطاعة ووجود الدين هل للإنسان أن يستلف ليحج؟ ومن حج وعليه دين حال هل يصح حجه سواءً سمح له صاحب الدين أم لا؟ A أولاً يا إخوان: يجب أن نشكر الله عز وجل ونثني عليه أنه لم يوجب الحج على من عليه دين رأفة بالناس، فإذا كان عليك دين فلا تحج؛ لأن الحج لم يجب عليك أصلاً، ولو لقيت ربك للقيته وأنت غير مفرط؛ لأنك لم يجب عليك الحج، فاحمد الله أن يسر لك، واعلم أن حق الآدمي مبني على المشاحة، والآدمي لا يسقط شيئاً من حقه، وحق الله مبني على المسامحة، أترد فضل الله عليك وتقول: أريد أن أحج وعليَّ دين ويبقى الدين عالقاً في ذمتك مع أن الحج ليس واجباً عليك؟ الحج لا يجب على من عليه دين أبداً إلا إذا كان الدين مؤجلاً، وكان الإنسان واثقاً أنه إذا حل القسط فإنه يوفيه، وكان بيديه دراهم يمكن أن يحج بها، فهنا نقول: حج لأنك قادر بلا ضرر، وعلى هذا فالذي عليه دين للبنك العقاري وهو واثق من نفسه أنه إذا حل القسط أوفاه، وبيده الآن دراهم يمكن أن يحج بها فليحج، وأما إذا كان لا يثق أنه يوفي الدين إذا حل القسط فلا يحج، ويبقي الدراهم عنده حتى إذا حل القسط أدى ما عليه.

حكم حج الخادمة بدون محرم واستقدامها كذلك

حكم حج الخادمة بدون محرم واستقدامها كذلك Q فضيلة الشيخ! ما حكم الحج والعمرة للخادمة إذا لم يكن معها محرم؟ وما حكم استقبال الخادمة بدون محرم أو نقل كفالتها ممن قد استقدمها مسبقاً؟ A هذان سؤالان: السؤال الأول: إذا حج أهل البيت وعندهم خادمة وليس معها محرم فليحجوا بها؛ وذلك لأن حجهم بها أحفظ لها من أن تبقى في البيت وحدها أو يعيروها لأحد من الناس، فنرى أن تذهب معهم؛ لأنها باقية معهم في البيت بلا محرم. وأما بالنسبة لاستقدام النساء بلا محرم؛ فكنت بالأول أتساهل فيه بعض الشيء، وأقول: إذا جاء بها محرمها ثم رجع فالأمر سهل، لكن حصلت وقائع من بعض ضعيفي الإيمان وضعيفي العفاف أوجبت لي أن أقول: لا يجوز أن تستقدم خادمة إلا بمحرمها الذي يبقى معها.

سبب تنظيم الحج في المملكة عن طريق الحملات

سبب تنظيم الحج في المملكة عن طريق الحملات Q لقد صدر تنظيم الحج عن طريق الحملات، وهذا مكلف مادياً لمن عنده أربع بنات، حيث يكلف ذلك حوالي خمسة عشر ألف ريال على أقل تقدير؛ فهل يسقط الحج عنهم؟ A من المعلوم أن الحكومة وفقها الله سنت سنتين: السنة الأولى: أنه لا يحج أحد إلا بعد خمس سنوات، وهذا التنظيم في محله؛ وذلك من أجل التخفيف على الحاج الذي حج تطوعاً وعلى الآخرين، والحكومة وفقها الله لم تمنع الحج، لم تقل لا تحجوا إلا الفريضة، لكنها نظمت، وفرق بين المنع والتنظيم، ونقول للإخوة: لا تحزنوا من هذا النظام؛ لأن أسباب المغفرة والحمد لله لا تنحصر في الحج، الإنسان إذا أسبغ الوضوء وصلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وإذا قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر، وإذا قال: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين أتم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، وإذا صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، وكذلك إذا قام ليلة القدر، فأسباب المغفرة والحمد لله كثيرة، لا تحزن يا أخي وساعد الحكومة على النظام الذي فيه الخير، وإذا كنت ولا بد فانظر إلى أخيك الذي لم يفرض وساعده على فرضه، أعطه النفقة تحز أجر فريضة الحج. وأما بالنسبة للنظام الثاني وهو: أنه لا بد أن يحج الناس مع الحملات، فالذي أرى أن الناس فهموه على غير المراد؛ وذلك لأن الخيام الآن في منى أخذتها الحملات، ما بقي مكان للخيمة التي تذهب بها العائلة وتنصبها هناك، فرأوا حفظاً للنظام وعدم الفوضى أن يكون الإنسان في أيام الحج خاصة مع حملة؛ لأنه إذا وصل إلى منى ووجد أن الخيام قد وزعت فأين يذهب؟ فظني أن النظام هذا يراد أن يكون الإنسان في أيام الحج خاصة مع حملة، أما الوسيلة التي تنقله إلى مكة فلا أظن أنه لا بد أن يكون مع الحملة وربما يذهب على سيارته.

أهمية الخط المحاذي للحجر الأسود والرد على من يقول: إنه يسبب الزحام للطائفين

أهمية الخط المحاذي للحجر الأسود والرد على من يقول: إنه يسبب الزحام للطائفين Q ما رأيكم فيما يفعله كثير من الطائفين الذين يقفون على الخط المحاذي للحجر الأسود لأجل التكبير، ويظنون أنه لا بد من التكبير على الخط فلا يجوز تجاوزه إلا بعد التكبير؛ مما يكون سبباً في الزحام ومضايقة الطائفين؟ A أقول: هذا الخط الذي وضع على قلب الحجر الأسود هو من نعمة الله عز وجل على كل الحجاج والمعتمرين؛ ذلك لأن الإنسان لا يتيقن محاذاة الحجر بدون هذا الخط، وما أكثر ما كنا نتساءل هل حاذينا الحجر هل تقدمنا هل تأخرنا؟ لكن لما جاء هذا الخط صرنا نتيقن أننا بدأنا الطواف من حيث يبدأ وانتهينا به من حيث ينتهي. أما مسألة الوقوف فقد طفنا نحن في أيام السعة وفي أيام الضيق ولم نجد هذا الذي يقول بعض الناس، وإن كان الحج في الحقيقة كالبحر (أمواج) لكن ما لقينا أحداً، بعض العوام من خارج البلاد ربما يقفون، ولكن مع ذلك إذا كان الزحام شديداً لا يتمكنون من الوقوف طويلاً؛ لأن الناس يدفعونهم، كان الناس من قبل يقفون في مساحة أوسع من هذه المساحة؛ لأن كل واحد منهم يظن أنه حاذى الحجر يقف ويسلم على الحجر، أما الآن فانحصر الموقف عند هذا الخط، فأرى أنه من نعمة الله، ومن حسنات الحكومة وفقها الله عز وجل، كان من قبل خطين أحدهما عن يمين الحجر والآخر عن يساره، أرادوا به أن يحتاط الإنسان عند ابتداء الطواف فيبدأ من الخط اليسار، ويحتاط في انتهائه فيصل إلى خط اليمين، وحصل في ذلك إشكال؛ لأن هذين الخطين يكون الحجر بينهما فيحصل الإشكال، تجد بعض الناس يبتدئ من الخط الثاني الأيمن فينقص الشوط الأول، وبعض الناس ينتهي في الشوط الأخير عند الخط الأيسر فينقص الشوط الأخير. ثم بعد ذلك رئي أن يزال الخطان وأن تجعل خطاً واحداً، وإذا أردت أن تعرف ضرورة الناس إلى هذا الخط، فانظر منتهاه من عند باب الصفا، الذي يقف عند منتهاه من عند باب الصفا، يقول: سبحان الله هذا محاذاة الحجر! لأنه يظن أن محاذاة الحجر قبل هذا بأمتار، وإذا ظن هذا ووقف في الشوط الأخير قبل أن يصل إلى المنتهى لم يصح الشوط الأخير فيرجع بدون طواف. فالمهم أن هذا -والحمد لله- آثاره حسنة جداً وحفظٌ للطواف لا نظير له، وإذا وقف الناس ثلاث ثوانٍ فإنه لا يمكنهم الوقوف طويلاً مع زحام الناس لهم، مع أني وأقول ذلك مشهداً إياكم على هذا: ما رأيت هذا الشيء بمعنى: أن كثيراً منهم يسلم، يعني: يشير بيده وهو يمشي، والذي يقف يقف ثواني لا تبلغ دقيقة واحدة.

حكم امرأة حجت وطافت طواف الإفاضة وهي حائض

حكم امرأة حجت وطافت طواف الإفاضة وهي حائض Q هناك امرأة طافت حول الكعبة وهي حائض، ولم تخبر والدها وأهلها بذلك وأكملت حجها، وقد توفي والدها، فما عليها؟ A هذه مشكلة، هل هو طواف الإفاضة أم الوداع؟ السائل نفسه: يظهر أنه طواف الإفاضة. السائل: يا شيخ! التعقيب بارك الله على سؤال الحج: الأخوات تقول: إن الطواف كان في عمرة ليس في حج. الجواب: نفس الشيء؛ لأن طواف العمرة ركن، وهذه أشد؛ لأنها إذاً لم تحل تحللاً أولاً ولا ثانياً، هي الآن على إحرامها تماماً فيجب عليها أن تتجنب جميع محظورات الإحرام. السائل نفسه: لكن هي اعتمرت وحجت بعدها مرات. الجواب: طيب اعتمرت وحجت هل نوت القضاء؟ إن نوت القضاء فهذا مقبول، وإن لم تنو القضاء فيبقى هل صحت عمرها التي وقعت في جوف العمرة الأولى أو لم تصح؟ أنا أقول أسأل الله لي العفو العافية: إن هذه العمرة صحيحة إن شاء الله لأنها جاهلة، وإلا لكان إحرامها بعمرة في جوف عمرة لا يصح، فنقول: إحرامها إن شاء الله صحيح وعمرها صحيحة، وما دامت لم تنو القضاء فعليها القضاء. الشيخ: إذا كان طواف الإفاضة فأخبرها أنها الآن فيما بقي من إحرامها يعني: لم تحل إلا التحلل الأول، وإذا كان لها زوج يجب على زوجها أن يتجنبها، وإذا كانت قد عقد عليها النكاح بعد طوافها الإفاضة وهي حائض فعقد النكاح غير صحيح، ويجب أن يفارقها زوجها وتذهب الآن إلى مكة إن أتت بعمرة من الميقات فحسن، فتأتي بالعمرة وتطوف وتسعى وتقصر، ثم تطوف طواف الإفاضة للحج الماضي، وإن لم تأت بالعمرة فلا حرج فتذهب إلى مكة وتطوف طواف الإفاضة للحج الماضي وترجع إلى بيتها، وبعد رجوعها إذا كانت قد تزوجت فيما بين قضاء الطواف الآن والطواف الأول فيجب أن يعاد العقد، وإذا أعيد العقد فله أن يدخل بها فوراً؛ لأن العدة له.

التكبير في أيام التشريق يكون في كل وقت

التكبير في أيام التشريق يكون في كل وقت Q فضيلة الشيخ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته التكبير في أيام التشريق يكون بعد الصلوات فقط، أم في كل وقت؟ جزاكم الله خيراً. A الصحيح: أن التكبير في أيام التشريق سنة في كل وقت، وقد نص الله على ذلك في الكتاب العزيز فقال: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة:203] .

الأفضل في الأضحية

الأفضل في الأضحية السائل: هل الأفضل في الأضحية رفيعة القيمة، أو السمينة الكبيرة؟ A الغالب أنهما متلازمان، أن الكبيرة ذات اللحم الكبير يكون أغلى، لكن أحياناً يكون بالعكس، فإذا نظرنا إلى منفعة الأضحية قلنا: الكبيرة أفضل وإن قلت قيمتها، وإن نظرنا إلى صدق التعبد لله عز وجل قلنا: كثيرة الثمن أفضل؛ لأن بذل الإنسان المال الكثير تعبداً لله يدل على كمال عبادته وصدق عبادته. والجواب: أن نقول لهذا: انظر ما هو أصلح لقلبك فافعله، ما دامت المصلحتان قد تعارضتا فانظر ما هو أصلح لقلبك، إن رأيت أن النفس يزداد إيمانها وذلها لله عز وجل ببذل الثمن الكثير فابذل الثمن الكثير.

القيام بالأفضل والأرفق بعد النزول من مزدلفة ليلا

القيام بالأفضل والأرفق بعد النزول من مزدلفة ليلاً Q فضيلة الشيخ! بعد النزول من مزدلفة ليلاً بعد نصف الليل هل الأفضل أن نرمي أم نذهب إلى المطاف؛ لأن ذلك ربما يكون أرفق على من معه نساء يخشى من حبسهن له، فيبادر بالطواف قبل الرمي قبل فجر يوم العيد؟ A الأفضل الأرفق، فإذا كان الأرفق له أن ينزل إلى مكة ويطوف ويسعى ويخرج ويرمي فليفعل، والدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الضعفة من أهله ليلة الـ مزدلفة قبل الفجر مع أن الأفضل أن يبقى الحاج حتى يسفر، فبعثهم ليرموا بهدوء وطمأنينة، فإذا كان الإنسان يرى أنه إذا نزل إلى مكة وطاف وسعى كان أرفق له فليفعل.

لا يجب الحج على من لا يملك نفقته

لا يجب الحج على من لا يملك نفقته Q يوجد عندي ولدان أنوي أن أسافر بهما لأداء فريضة الحج، ولكن عند مراجعة إحدى الحملات طلبوا مبالغ كبيرة قد تصل إلى قرابة عشرين ألف ريال، وأنا دخلي محدود، فهل تسقط عنهما فريضة الحج حتى يدركا هذا المبلغ؟ A أقول: إذا كان مفهوم النظام: أن الإنسان يجب أن يعقد مع الحملة من بلده حتى يرجع وهذا يكلفه، ولا يستطيعه فإنه لا يجب عليه الحج؛ لأنه غير مستطيع، لكن في ظني أن الناس فهموا خطأ، الحكومة إنما قالت هذا -والله أعلم- تريد أن يكون الإنسان منتمياً إلى حملة في المشاعر خاصة؛ لأنه من الآن قد أخذت الخيام الجديدة، فأين يسكن الناس؟ مشكلة هذه، فالذي يظهر لي والله أعلم: أن الحكومة وفقها الله إنما تريد الانتماء إلى حملة في مشاعر الحج لا من بيتك إلى أن ترجع إليهم.

حكم السكن في منى

حكم السكن في منى Q هل لا بد من السكن في منى مع أن أجور الخيام مرتفعة، أو أسكن خارج منى؟ A إذا كنت تقدر على أجور الخيام فيجب أن تكون في الخيام، وإن كنت لا تقدر فاسكن حيث انتهت الخيام.

حكم حج من ترك السعي (التحلل الثاني)

حكم حج من ترك السعي (التحلل الثاني) Q امرأة وصلت إلى مكة وهي قارنة، فسعت بين الصفا والمروة قبل يوم عرفة ثم أكملت أعمال الحج، وبعد أن طهرت طافت حول الكعبة ولم تسع مرة ثانية فما حكم عملها ذلك؟ A سعيها لم يصح، وهو ركن من أركان الحج، وذلك أنه لم يسبقه طواف، فيجب عليها الآن أن تذهب إلى مكة وأن تسعى وتعتبر نفسها أنها لم تحل التحلل الثاني.

حكم خلع الإحرام وإبداله بثياب أخرى من أجل المرور من نقاط التفتيش

حكم خلع الإحرام وإبداله بثياب أخرى من أجل المرور من نقاط التفتيش Q بعض الحجاج بعد إحرامه ووصوله إلى نقاط التفتيش يعمد إلى قلع إحرامه ولبس ثيابه لعدم استخراج تصريح الحج، فإذا تعداهم لبس إحرامه ثم قدم فدية، ما قولكم لهؤلاء؟ A قولنا في هؤلاء أنهم أخطئوا من جهة أنهم خدعوا الدولة بمخالفة النظام. ثانياً: أنهم عصوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معصيةً ظاهرة، فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يلبس المحرم القميص) وهؤلاء لبسوه، فكأنه يعلن بفعله معصية الرسول عليه الصلاة والسلام، وعجباً لهؤلاء أن يتخذوا آيات الله لعباً من أجل حج ليس بواجب عليهم؛ فالحكومة ما منعتهم من الحج، بل نظمت الحج، فكيف يخادعون الحكومة بإظهار أنهم غير محرمين، ويعصون الله ورسوله بلباس القميص؟!! إني لأعجب ولو فتشت ما فتشت لرأيت مثل هؤلاء الذين ابتلوا بمعصية الله ورسوله، ومخادعة الدولة، لو فتشت فيهم لوجدت عندهم تهاوناً كثيراً في أمور عظيمة أهم من هذا.

حكم السعي قبل يوم عرفة بالنسبة للمرأة

حكم السعي قبل يوم عرفة بالنسبة للمرأة Q بالنسبة للمرأة التي سعت قبل يوم عرفة؟ A لو فرض أنها طاهر وطافت طواف القدوم وسعت قبل عرفة فلا بأس. السائل: لكن كانت عليها العادة يا شيخ. الجواب: إيه! معناه أنها في العادة ولم تطف. السائل: هل هناك دليل يا شيخ! أنه لا سعي قبل الطواف؟ الجواب: نعم هناك، وهو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لـ عائشة: (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت ولا بـ الصفا والمروة) وذكرت عن نفسها أنها لما طهرت طافت وسعت.

حكم ذهاب الخادمة إلى الحج بدون محرم

حكم ذهاب الخادمة إلى الحج بدون محرم Q ما حكم يا شيخ! ذهاب الخادمات إلى الحج بدون محرم بمصاحبة مجموعة من النساء؟ A هذا بارك الله فيك لا نرى جوازه إلا إذا كانت الخادمة قد سافر أهل البيت ولم يبق في البيت أحد فهنا تذهب معهم ولو بدون محرم؛ لأن ذلك أحفظ لها.

حكم اقتراض مال الأضحية

حكم اقتراض مال الأضحية Q رجل يصر أن يضحي وعليه دين؛ يقترض ليشتري أضحية فيضحي بها؟ A أنا أرى ألا يفعل إلا إذا كان الرجل يؤمل أن يقضي دينه، فهذا نقول: إنه أحيا سنة وفعل خيراً، وما دام أنه يعرف أنه الآن ما عنده شيء لكن إذا جاء الراتب فسيكون عنده شيء، فلا بأس أن يقترض.

حكم جعل الإحرام على شكل إزار

حكم جعل الإحرام على شكل إزار Q فضيلة الشيخ! كثر الكلام حول وضع الإحرام على شكل وزرة، أليس يكون مفصلاً على البدن وقد نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن لبس السروال والقميص، فهو سيكون من جنس السروال أرجو التوضيح، حتى أن بعض العامة قال: كل مرة تأتون بشيء جديد؟ A الحمد لله إذا جئنا بشيء جديد وهو مباح ذلك من فضل الله، نرى أن الإزار إزار سواءٌ لف على البدن بدون خياطة أو خيط، وسواءٌ ربط بسبتة أو نحوها أو ربط بتكة؛ لأنه لا يزال يسمى إزاراً. وأما السروال فبينه وبين الإزار فرق، السروال مفصل على كل عضو على حدة: الرجل اليمنى وحدها والرجل اليسرى وحدها، فلا يصح قياسها عليه، ثم إن عموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من لم يجد إزاراً) يشمل الإزار المخيط وغير المخيط.

حكم قبول الأبناء لمساعدة أبيهم المالية في الحج

حكم قبول الأبناء لمساعدة أبيهم المالية في الحج Q فضيلة الشيخ! لدي أبناء لا يستطيعون الحج استطاعة مالية، وأرغب في مساعدتهم وإعطائهم ما يكفيهم، لكنهم لا يرغبون في ذلك، فهل يأثمون بذلك، وهل عليَّ من إثم؛ خاصة وأني راغب في أدائهم لهذه الفريضة وأحذرهم من التأخير؟ A هذه المسألة إذا قال الأب لأبنائه: أنا مستعد أن أحج بكم فهل يلزمهم القبول أو لا؟ يرى بعض أهل العلم أنهم لا يلزمهم القبول؛ لأن في هذا منة، وهم لا يجب عليهم الحج بأنفسهم؛ لأنهم ليس عندهم شيء. ويرى آخرون: أنه يلزمهم القبول؛ لأن منة الأب على ابنه ليست كمنة الرجل الذي هو بعيد عنه. لكن لو كانوا يعلمون أن أباهم سوف يقول بين حين وآخر: أهذا جزائي! أحج بكم وأفعل وأفعل وتفعلون كذا، فلهم أن يمتنعوا ولا يحجوا.

السفر إلى بلد الحاج بعد العمرة يقطع التمتع

السفر إلى بلد الحاج بعد العمرة يقطع التمتع Q ما رأي فضيلتكم فيمن أخذ عمرة في شوال متمتعاً بها إلى الحج، فإذا جاء الحج يريد أن يحرم بالحج داخل حدود الحرم علماً أنه سيرجع إلى بلده بعد العمرة التي في شوال مع زوال حكم الإحرام من جدة؟ A التمتع هو أن يحرم الإنسان بالعمرة في أشهر الحج ناوياً الحج، فإن أتى بعمرة في أشهر الحج ولم يطرأ على باله أنه سيحج، ثم رجع إلى بلده وبدا له أن يحج وأتى بحج مفرد فهو مفرد وليس بمتمتع، كذلك لو أتى بالعمرة ناوياً الحج متمتعاً بها إلى الحج، ثم عاد إلى بلده، ثم رجع إلى الحج محرماً بالحج فإنه ليس بمتمتع؛ وذلك لأنه فصل بين العمرة والحج بالرجوع إلى بلده، وأنشأ للحج سفراً مستقلاً كما أنه أتى بعمرة في سفر مستقل، وبناءً على هذا إذا رجع من بلده لابد أن يحرم من الميقات الذي يمر به أولاً. السائل: الإحرام من جدة يا فضيلة الشيخ؟ الشيخ: الإحرام من جدة لأهل جدة لا بأس، وغيرهم يجب أن يحرم من أول ميقات مر به إذا كان يريد الحج أو العمرة.

حرمة تطييب ثياب الإحرام

حرمة تطييب ثياب الإحرام Q ما حكم وضع المسك على الإحرام والبدن بعد لبسه من الميقات؟ A لا يجوز للإنسان أن يلبس إحراماً مطيباً لا بالمسك، ولا بدهن العود، ولا بالريحان، ولا بالورد؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا تلبسوا ثوباً مسه الزعفران ولا الورس) . أما بالنسبة لتطييب بدنه عند الإحرام فهذا من السنة أن يطيب رأسه ولحيته؛ كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

حكم اشتراط الاستقامة على من يعطى الزكاة

حكم اشتراط الاستقامة على من يُعطى الزكاة Q هناك لجنة الزكاة تحت جمعيات تشترط حصول شهادة محافظة على الصلاة، لكن بعض المتقدمين يتخلف عن صلاة الفجر، وهذه اللجنة تصر على أنه لا بد من صلاة الفجر، ما رأيكم في هذا؟ الشيخ: يعني: أنها لا تعطي أحداً من الزكاة إلا إذا كان يؤدي الصلاة؟ السائل: وبالذات صلاة الفجر. الشيخ: يعني: هي تقول هكذا؟ السائل: إي نعم. الشيخ: ولكنهم مستحقون للزكاة؟ السائل: نعم. الشيخ: لا يحل لها هذا. السائل: وهم يصلون محافظون على الصلوات لكن الفجر قد يتساهل أو قد ينام. الشيخ: أقول: لا يحل لهذه اللجنة أن تشترط في إعطاء الزكاة أن يكون مستحقها مستقيماً، هذه زيادة قال الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة:60] وهذا فقير مستحق، فلا يحل لها ذلك، وليس من شروط استحقاق الفقير: أن يكون عدلاً. لكن تعطيه وتحثه على الاستقامة فلعله يستقيم.

لا يجب الحج على المرضع إذا أدى إلى مشقة

لا يجب الحج على المرضع إذا أدى إلى مشقة Q فضيلة الشيخ! أنا امرأة أرضع طفلتي وهي الآن في الشهر السابع وأنوي الحج إن شاء الله تعالى؛ فهل أحج وأتركها مع تعلق قلبي معها وهي تشرب الحليب، أم ماذا أصنع؟ A لا أرى أن تحج، حتى الفريضة لا تجب عليها في هذه الحال؛ لأن قلبها سوف ينشغل بابنتها، وسفرها بابنتها صعب، فلتبق والعام القادم إن شاء الله تحج.

حكم الإحرام بالقران في يوم عرفة

حكم الإحرام بالقران في يوم عرفة Q فضيلة الشيخ! ما حكم من أحرم بالعمرة والحج في يوم عرفة هل يكون متمتعاً أم قارناً؟ وإذا طاف ونزل على المسعى وهو في السطح، وعند التقصير أخذ شعرات من جوانب رأسه هل عليه شيء؟ A هذه ملخبطة. على كل حال هو يقول: هل يجوز أن يحرم بالقران في يوم عرفة؟ والجواب: نعم؛ لأنه إذا أحرم بالقرآن دخلت العمرة بالحج وصارت الأفعال للحج، وكما أنه يجوز أن يحرم مفرداً بالحج يوم عرفة، فكذلك يجوز أن يحرم قارناً ولا إشكال في هذا، لكن لو قدم الإنسان مكة في اليوم الثامن فهل يتمتع أو لا؟ الذي أرى أنه لا يتمتع؛ لأن الله قال: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة:196] وهذا يدل على أنه لا بد أن يكون هناك وقت بين العمرة والحج يتمتع بها، وأنت الآن مأمور بأن تخرج إلى منى فما بقي لك إلا نسكان: إما القران وإما الإفراد.

كلمة توجيهية إلى أصحاب الحملات

كلمة توجيهية إلى أصحاب الحملات Q يا فضيلة الشيخ! نأمل توجيه كلمة إلى أصحاب الحملات بالاهتمام بالمسافرين معهم؛ بالسهر على راحتهم وتوعيتهم في أمور دينهم وخاصةً في أمور الحج؛ وعدم رفع التكاليف عليهم وفقكم الله؟ A أقول: بارك الله تعالى في سعي الحملات إذا أخلصت النية لله عز وجل ونوت راحة الحجاج، وهو أمر مطلوب، فالذي ينبغي من أصحاب الحملات ألا يستغلوا الفرصة في زيادة النفقات إلا ما دعت الضرورة إليه؛ لأن بعض الحملات تقول: إن الخيام في منى ارتفعت أسعارها فيرفع السعر من أجل هذا، والإنسان لا بد أن يكون له ربح، لكن التبرر بالناس غلط، ثم إني أشير على إخواني أصحاب الحملات أن يصطحبوا معهم طالب علم، إن كانت السيارات واحدة فالواحد يكفي، وإن تعددت السيارات فينبغي أن يجعلوا مع كل سيارة طالب علم يوجههم ويرشدهم، ويرجعون إليه عند المشاكل.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحج أوكد من غيره

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحج أوكد من غيره Q بعض الناس عند تأدية مناسك الحج يتهاون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويرى منكراً ولا ينكره، ومعروفاً فلا يأمر به، وإذا سألته عن ذلك قال: إن الله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105] فما رأيكم في هذا؟ وما تفسير هذه الآية وفقكم الله على طريق الحق؟ A أرى في هذا: أنه يجب على كل إنسان أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر سواءً في الحج أو في غير الحج؛ لأن النصوص عامة، لكنها في الحج قد تكون أوكد؛ لأن الله تعالى قال: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة:197] . وأما الآية الكريمة فالله تبارك وتعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105] ومن لم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في موضعه فإنه لم يهتد، لكن إذا عجز الإنسان عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهنا لا يتعب نفسه، بل عليه نفسه ولا يضره من ضل، فتفسير الآية هو هذا، ولهذا قال أبو بكر رضي الله عنه: (أيها الناس! إنكم تقرءون هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105] وإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه، أو قال: بعقاب من عنده) والآية صريحة: (لا يضركم من ضل) بشرط: إذا اهتديتم، ومن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع وجوبه فما اهتدى.

حج من عليه دين عن غيره

حج من عليه دين عن غيره Q رجل عليه دين ما يستطيع الحج، ويقول: لكن قد يأخذ حجة عن عنه، فما الحكم؟ الشيخ: لا بأس بهذا؛ لأن أخذ الحج عن غيره لا تضره شيئاً، بل ربما يعطى قدراً من المال أكثر مما ينفقه فيحصل له زيادة.

جواز خياط الرداءين ببعضهما للحاجة

جواز خياط الرداءين ببعضهما للحاجة السائل: هناك شخص ثقيل الجسم وبدين فيقول: أضع الإحرام على هيئة رداء فما رأيكم في هذا. الشيخ: على هيئة ماذا؟ السائل: على هيئة إزار دائري على الجسم مخيطاً فهل يكون مخيطاً أم لا؟ الشيخ: أنا أرى أن يخيط الرداءين بعضهما ببعض، ثم يلبسه اللباس المعتاد.

الصدقة بالمال الموصى به أفضل من الحج إذا لم يعين الميت الحج

الصدقة بالمال الموصى به أفضل من الحج إذا لم يعين الميت الحج Q هناك مبلغ من المال صدقة من الوالد رحمه الله تعالى؛ فهل الأفضل أن أتصدق به عنه في أي مجال من مجالات الخير، أو أن أدفعه لشخص ليحج عنه؛ علماً أنه حج رحمه الله أكثر من مرة، يعني السائل يقول: هل الصدقة أفضل، أم الحج؟ A الصدقة بالمال الموصى به إذا لم يعين الميت الحج أفضل؛ لأنه ينتفع بها الفقير بدون عوض، والحج لا يحج إلا بعوض، فالصدقة أفضل، إلا إذا كان الموصي نص في الوصية على الحج فيتبع ما نص عليه.

حكم المسح على الحذاء دون الجورب مع الصلاة بالجورب فقط

حكم المسح على الحذاء دون الجورب مع الصلاة بالجورب فقط Q رجل لبس الجوارب والحذاء، ثم مسح على الحذاء فقط، وعندما وصل إلى المسجد خلع الحذاء وصلى وعليه جوارب فقط، وهذه طريقته حتى نهاية مدة المسح، فما حكم طريقته هذه وفقكم الله؟ A هذه غلط؛ لأن القاعدة: أن الإنسان إذا مسح على شيء تعلق الحكم به، فإذا مسح على الكنادر (الحذاء) ثم خلعها وأراد أن يتوضأ فلا بد أن يتوضأ وضوءاً كاملاً بغسل رجليه، ولهذا نقول: الأفضل في مثل هذه الحال أن يجعل المسح على الجوارب أعني: على الشراب من أجل أن يكون حراً من جهة الحذاء. السائل: وما حكم فعله هذا؟ الشيخ: الذي فعل أرجو ألا يكون به بأس؛ لأنه قد قيل به من بعض العلماء، لكن في المستقبل لا يفعل.

حكم الحج عمن مات قبل أن يكمل حجه

حكم الحج عمن مات قبل أن يكمل حجه Q فضيلة الشيخ! عامل غير قادر على الحج لفقره، لكن دفع له كفيله ما يكفي لحجه فذهب في العام الماضي للحج مع رفقته، وأحرم للحج هناك ولكن ضاع عن رفقته فرجع إلى عنيزة صباح اليوم التاسع ولم يكمل حجه، وفي هذه السنة توفي في آخر شهر رمضان فهل يجب على ورثته أن يحجوا عنه؛ علماً بأنهم فقراء؟ A لا يجب عليهم أن يحجوا عنه؛ لأن من عجز عن تكميل نسكه بموت فلا يكمل له، والدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في الرجل الذي وقصته ناقته يوم عرفة: (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) ولم يأمرهم أن يكملوا النسك عنه، فهذا الرجل قدم على ربه ونسأل الله له العفو.

وجوب تعيين صاحب الهدي من قبل النائب عنه في الذبح

وجوب تعيين صاحب الهدي من قبل النائب عنه في الذبح Q فضيلة الشيخ! بعض الحملات يجمعون من الحجاج مبالغ للهدي ويذبحون عنهم هديهم، ولكن ربما تركوا التسمية عن كل واحد فهل هذا جائز؟ A هذا لا يجوز، لا بد أن تعين لمن هذه الذبيحة، فمثلاً: إذا كان في الحملة ثلاثون رجلاً واشترى لهم ثلاثين شاةً؛ فليكن بين يديه قائمة بأسمائهم، وكلما قدم شاةً قال: هذه عن فلان؛ لأنه لا بد من التعيين، أما أن يذبح الثلاثين عن ثلاثين رجلاً فلا يصلح هذا.

لا يجوز لولي المعتوه التبرع من ماله ولو لقربة

لا يجوز لولي المعتوه التبرع من ماله ولو لقربة Q فضيلة الشيخ! وحول الأضحية فهذا سائل يقول: إذا كان هناك شخص عنده مال وهو لا يعقل، فهل يضحى عنه من ماله؛ لأن له عادةً أنه يضحي لما كان مدركاً لذلك؟ A لا يضحى عنه؛ لأنه إذا وصل إلى حد ليس عنده تمييز؛ فإنه لا يجوز أن يتبرع أحدٌ بشيء من ماله، والأضحية تبرع، ثم مثل هذا الرجل ربما يكون البيت فيه أحد من أولاده الكبار يضحي عنه وعن والده وأهل بيته.

ترك سنة سوق الهدي

ترك سنة سوق الهدي Q فضيلة الشيخ! عندنا وللأسف سنة مندثرة، وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم يسوق الهدي في العمرة فما توجيهكم لمن ترك هذه السنة؟ A نعم. كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسوق الهدي في العمرة والحج، وأحياناً يرسل بالهدي من المدينة وهو في المدينة، وهذه السنة تركها الناس، والذي يظهر لي أن تركهم إياها من أجل المشقة، حتى الرعاة ربما لا يجد راعياً يسوقها من الحل أو من بلده إلى مكة، فمن أجل هذه المشقة تركت، ولكن لو أن أحداً كان حول الحرم أعني: في الحل وهو حول الحرم وساق الهدي فهذا طيب.

حكم من قطع شجرة مؤذية وهو محرم جهلا

حكم من قطع شجرة مؤذية وهو محرم جهلاً Q قمت بالحج في السنة الماضية وكانت حولنا شجرة مؤذية فقطعتها وأنا جاهل بذلك، فما الحكم؟ A أولاً نسأل: هل هذه الشجرة مما غرسه الآدمي، أو مما أنبته الله بغير فعل آدمي؟ إن كانت الأولى فليس فيها شيء ولو كانت في جوف مكة ولو كان الإنسان محرماً، وإن كانت الثانية أي: أنها نبتت بغير فعل الآدمي فننظر هل هي في عرفة، أو داخل حدود الحرم؟ إن كانت في عرفة فلا حرج؛ لأن قطع الشجر لا علاقة له بالإحرام، وإن كانت داخل الحرم كـ مزدلفة ومنى فإن قطع الأشجار التي أنبتها الله حرام، ولكن هذا الرجل يقول: إنه جاهل، والجاهل لا شيء عليه، جميع محظورات الإحرام، بل جميع المحرمات في الشريعة إذا فعلها الإنسان جاهلاً فلا شيء عليه لا إثم ولا فساد نسك ولا جزاء؛ لقول الله تبارك وتعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فقال الله تعالى: قد فعلت. ولقول الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] ولقول الله تعالى في الصيد: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ} [المائدة:95] . فخذ يا أخي المسلم هذه القاعدة من رب العالمين عز وجل: كل محرم تفعله ناسياً أو جاهلاً فليس عليك شيء إطلاقاً، الرجل يأكل وهو صائم ناسياً صومه صحيح، يأكل بعد الفجر ولم يعرف بطلوع الفجر صومه صحيح، كل المحرمات إذا فعلها الإنسان جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه، الرجل يتكلم في الصلاة وهو لا يدري أن الكلام فيها حرام صلاته صحيحة.

الأولى اتباع الأسهل في الرمي

الأولى اتباع الأسهل في الرمي Q هل يؤجر الإنسان إذا ترك سنة الرمي بعد الزوال وقبل الصلاة، فما الأفضل اتباع الأسهل أو السنة؟ A أرى: أن اتباع الأسهل أولى، والآن إذا ذهب ورمى بعد الزوال قد يكون فيه مشقة شديدة، ولا سيما الذين معهم نساء فسيشق عليهم، وربما يغمى على المرأة فيبقى الإنسان متعب النفس والبدن، والحمد لله هذه سنة بعد الزوال مباشرة وقبل الصلاة ولك أن ترمي بعد العصر، ولك أن ترمي بعد المغرب، ولك أن ترمي بعد العشاء، ولك أن ترمي في آخر الليل إلى أن يطلع الفجر.

حكم أخذ ورقة عقد من إحدى الحملات من أجل التصريح دون الذهاب مع الحملة

حكم أخذ ورقة عقد من إحدى الحملات من أجل التصريح دون الذهاب مع الحملة Q فضيلة الشيخ! هل يجوز لي أن آخذ ورقة عقد من إحدى الحملات، وذلك من أجل التصريح لي بالحج من قبل الأحوال، مع العلم بأني لست من أهل هذه المنطقة، ولن أذهب مع هذه الحملة، ولكن من أجل التصريح فقط؟ A لا أرى جواز هذا، أرى أنه يجب أداء الأمانة، وأرى أنه يجب الصدق، وأنت إذا أخذت ورقة من الحملة وهي كذب فقد خنت الدولة من جهة وكذلك كذبت، والحملة لا يحل لها أن تعطيك، وقد بلغني أن بعض الحملات تأخذ مائة ريال أو مائتين حسب حالته وتعطيه، وهذا لا يجوز، والواجب أن يكون المؤمن صريحاً، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً) .

حكم الكدرة والصفرة التي تخرج من المرأة

حكم الكدرة والصفرة التي تخرج من المرأة Q فضيلة الشيخ! أرجو توضيح هذا الأمر حيث كثر الكلام فيه، وهو حكم الكدرة والصفرة التي تخرج من المرأة بعد انقطاع الدم، ومتى يكون طهر المرأة وهل لا بد من القصة البيضاء؟ A هذه مسألة اختلف فيها العلماء، والذي ترجح عندي أخيراً: أنه لا عبرة بالكدرة ولا بالصفرة إلا ما كان أثناء الحيض، يعني: مثلاً امرأة عادتها خمسة أيام رأت في اليوم الثالث كدرة أو صفرة نقول: هي تبع الحيض، أما امرأة أتتها الكدرة والصفرة قبل أن ينزل الدم فهذه الكدرة والصفرة لا عبرة بها، وامرأة أخرى طهرت من الحيض وانقطع الدم وبقيت الصفرة والكدرة -أيضاً- لا حكم لها.

حكم الهدي والأضحية للحاج

حكم الهدي والأضحية للحاج Q فضيلة الشيخ! الهدي والأضحية ما حكمهما للحاج؟ A الهدي سنة كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أهدى مائة بعير عليه الصلاة والسلام عن سبعمائة من الضأن صلى الله عليه وسلم، وذبح منها ثلاثة وستين بيده على قدر عمره الشريف، وأعطى علياً فنحر الباقي، ثم أمر من كل بعير بقطعة فطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها، وهذا مما يؤكد أكل الإنسان من هديه وأضحيته، لكن لو أن الإنسان كان رب البيت وحج فعليه هدي، يعني: المشروع بحقه الهدي، ولا بأس أن يبقي لأهله دراهم يشترون بها أضحية فيضحون بها.

حكم قطر الدم التي تكون بعد الطهر

حكم قطر الدم التي تكون بعد الطهر Q هذه أخت تسأل وتقول: انتهيت من الدورة الشهرية منذ تسعة أيام وبعد ذلك نزلت قَطر من الدم من الظهر حتى العصر هل يجوز مواصلة الصلاة والعبادة بعد ذلك؟ A نعم. هذا ليس بشيء، فالقطر بعد الطهر لا تعتبر شيئاً، وقد مثل ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالرعاف، قال: [إذا نزل من المرأة ما يشبه الرعاف بعد الطهر فليس بشيء] .

الحث على الدعاء للمجاهدين في الشيشان

الحث على الدعاء للمجاهدين في الشيشان Q أرجو من فضيلتكم حث الإخوة على الدعاء لإخواننا في الشيشان لا سيما في الأيام العشر من ذي الحجة ويوم عرفة وأيام الذبح أيام الأضاحي وفقكم الله وجزاكم الله خيرا؟ A نعم. أنا أحث إخواني على الدعاء لإخوانهم المسلمين في الشيشان سواءٌ في العشر أو قبل العشر، أحثهم على الدعاء لهم في السجود، وبعد التشهد قبل التسليم، وكذلك فيما بين الأذان والإقامة، وكذلك في جوف الليل، بإلحاح وافتقار إلى الله عز وحل؛ لأنهم في محنة نسأل الله تعالى أن يفرج عنهم، ونسأل الله تعالى أن يدمر الروس تدميراً يكون عبرةً للعالمين وما ذلك على الله بعزيز، القلوب بيد الله، فقد تتنافر قلوب الروس الطغاة حتى يقتل بعضهم بعضاً، أسأل الله أن يجعلها حرباً شعواء في أسواقهم وبيوتهم.

المرأة ليس لها ثياب معينة في الإحرام

المرأة ليس لها ثياب معينة في الإحرام Q هل للإحرام بالنسبة للنساء ملابس معينة؟ وما حكم تغيير ملابس الإحرام سواءً للرجل أو المرأة؟ A المرأة ليس لها ثياب معينة في الإحرام، تلبس ما شاءت غير ألا تتبرج بالزينة، ولها أن تغير الثياب لوسخ أو نجاسة أو غير ذلك، وكذلك الرجل له أن يغير لباس الإحرام، لكن الرجل معروف أن له لباساً خاصاً في الإحرام وهو الإزار والرداء، لكن لو أراد أن يغيرها فلا حرج، إما لوسخ أو نجاسة أو لغير ذلك من الأسباب.

أحكام الصلاة في السفر

أحكام الصلاة في السفر السائل: فضيلة الشيخ! آمل توضيح أحكام الصلاة في السفر من القصر والجمع، خصوصاً وكثيراً من الناس ربما يشكل عليه هذا الأمر؟ A أما القصر في السفر فهو سنة مؤكدة لا ينبغي للإنسان تركها، إلا من كان في بلد فيجب عليه أن يصلي مع الجماعة. وأما الجمع فالأفضل للمسافر أن يجمع إذا جد به السير، أعني: إذا كان مستمراً في سيره، أما إذا كان جالساً فالأفضل ألا يجمع، وإن جمع فلا حرج عليه. ولكن إذا ائتم الإنسان برجل يتم وجب عليه الإتمام لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) .

حكم صيام النفل للمرأة دون إذن الزوج

حكم صيام النفل للمرأة دون إذن الزوج Q فضيلة الشيخ! امرأة تريد أن تحافظ على صيام الإثنين والخميس وتصوم عشر ذي الحجة، ولكن زوجها ربما يمنعها من ذلك فهل لها ذلك؟ A ليس للمرأة أن تصوم وزوجها حاضر إلا بإذنه، لا الإثنين ولا الخميس، ولا الأيام البيض، ولا عشر ذي الحجة إلا بإذنه، ولكن لا ينبغي للزوج أن يمنعها من الخير فيكون في نفسها شيء، وهو إذا رخص لها في الصوم فقد أعانها على خير والإعانة على خير خير، فأشير على الزوج أن يأذن لها أن تصوم، وأما إذا أصر ولم يأذن فإنه لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه.

ثبوت الأجر لمن يستمع للمحاضرات عبر الهاتف

ثبوت الأجر لمن يستمع للمحاضرات عبر الهاتف Q يا فضيلة الشيخ! نحن نستمع كلامك الآن ونحن في بريدة فهل يحصل لنا الأجر، وندخل في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله) الحديث؟ A نعم. نرجو هذا؛ لأن اجتماعكم على سماع الميكرفون كاجتماع الناس على مكبر الصوت، أنتم الآن تستمعون الهاتف كما يستمع الناس بالميكرفون، فأنتم إن شاء الله نرجو لكم الأجر والثواب.

قول الشيخ (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ما وجهه؟

قول الشيخ (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ما وجهه؟ Q يا شيخ! كثيراً ما يردد الشيخ حفظه الله عند ذكر النبي قوله: صلى الله عليه آله وسلم ولم يقل: وأصحابه. فهل هي من الصيغ الواردة؟ وأيهما أفضل والمشهور؟ A أنا لا أقول صلى الله عليه وآله، أقول: صلى الله عليه وعلى آله. ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه لما قالوا: علمنا كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) قال أهل العلم: آل النبي أتباعه على دينه. السائل نفسه: وكذلك في التشهد يا فضيلة الشيخ. الشيخ: وكذلك في التشهد: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) .

حكم الأكل من الأضحية التي لم يذكر عليها اسم الله

حكم الأكل من الأضحية التي لم يذكر عليها اسم الله Q هذا السائل يقول: إذا ضحينا ونسينا التسمية فقد سمعت عنكم حفظكم الله: أن هذه الضحية لا يجوز أكلها، والله تعالى يقول: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] وقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] . A ضحى الإنسان ونسى أن يسمي هل تبقى الذبيحة حلالاً أو لا؟ الجواب: ليست حلالاً؛ لأن الله تعالى قال: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:121] وأطلق، وهنا شيئان: الأول: فعل الذابح. والثاني: فعل الآكل. لو ذبح ولم يسم الله فلا إثم عليه لقول الله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] لكن بقي فعل الآكل، الآكل لا يجوز أن يأكل وهو يعلم أنه لم يذكر اسم الله عليها، وقد نهاه الله عن ذلك، لكن لو فرض أن الآكل أكل ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه، وهذا الذي قررناه هو مقتضى الأدلة القرآنية والنبوية، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. قد يقول قائل: يذهب على الإنسان مال كثير، إذا فرضنا أنها بعير مثلاً؟ نقول: الحمد لله إذا ذهب فقد ذهب بأمر الله: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:121] وإذا ذهب فإنه لن ينسى بعد اليوم التسمية أبداً، لأنه يذكر أنه فات عليه هذه الذبيحة. أرأيت لو أن إنساناً صلى محدثاً ناسياً فليس عليه شيء في الصلاة لأنه ناس، لكن يجب عليه أن يعيدها لفوات الشرط، وقد أشبعنا الكلام على هذه المسألة في كتابنا الأضحية والذكاة، لو رجعت إليه لكان خيراً.

حكم أداء صلاة المغرب والعشاء في عرفة وحكم المبيت ليلة التاسع في عرفة

حكم أداء صلاة المغرب والعشاء في عرفة وحكم المبيت ليلة التاسع في عرفة Q فضيلة الشيخ! نرى بعض المسئولين عن الحج ربما يحملون من معهم بالمبيت ليلة التاسع في عرفة ويلزمون أيضاً من معهم بصلاة المغرب والعشاء في عرفة بمجرد مغيب الشمس والحجة التيسير؟ A إذا كان هؤلاء يخشون أنهم إذا دفعوا لم يصلوا مزدلفة إلا بعد منتصف الليل فلا بأس أن يصلوا المغرب والعشاء في عرفة، وأما إذا كانوا لا يخشون هذا فلا يصلون إلا في مزدلفة ما لم يخشوا خروج الوقت، فإن خشوا خروج الوقت قبل الوصول إلى مزدلفة انحازوا جانباً ووقفوا وصلوا. السائل نفسه: المبيت ليلة التاسع في عرفة؟ الشيخ: المبيت ليلة التاسع في عرفة لا بأس به لا حرج، لكن الأفضل أن يكون المبيت ليلة التاسع في منى.

اللقاء الشهري [74]

اللقاء الشهري [74] هذا اللقاء عبارة عن جلسة محاسبة لما قدمه الإنسان طيلة العام، هل قام بما أمره الله عز وجل من الواجبات واجتنب ما نهاه عنه من المحرمات، أو أنه قصّر فيما أمره الله به، وارتكب ما نهاه الله عنه؟ ومما تناوله هذا اللقاء: التحذير من غيبة العلماء والأمراء، وبيان أن غيبتهم ليست كغيبة عامة الناس.

وقفة محاسبة

وقفة محاسبة الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: أيها الإخوة: هذا هو اللقاء الأول من هذا العام من اللقاءات الشهرية التي تتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذا اللقاء هو ليلة الأحد التاسع عشر من شهر محرم عام (1421هـ) . أسأل الله تعالى أن يجعله لقاءً مباركاً نافعاً، هذا اللقاء كما علمتم الآن تم بعد صلاة العشاء، ولكن نظراً لكون الليل يقصر رأينا أن نقدمه في المستقبل فنجعله بعد صلاة المغرب؛ حتى يسهل على من جاءوا إلى البلد الرجوع إلى بلدهم مبكرين، وحتى لا يطول اللقاء في الليلة القصيرة، فعزمنا -إن شاء الله تعالى- في المستقبل أن يكون اللقاء بعد صلاة المغرب. هذا اللقاء نذكر فيه إخواننا ماذا ختموا به العام الماضي؟ من الناس من ختمه بالحج إلى بيت الله الحرام (ومن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) ومن الناس من لم يحج ولكن صام يوم عرفة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن يوم عرفة: (إنه يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) ولكن مع ذلك لا نتكل على الأماني؛ لأن الإنسان قد يقصر في صومه وقد يقصر في حجه، فلنتأمل هل نحن فيما مضى من عامنا السابق قمنا بالواجب؟ الواجب لله والواجب لعباد الله هل نحن قصرنا في العمل السابق؟ هل علينا واجبات لم نقم بها؟ هل نحن أدينا الزكاة التي هي حق لله وحق للعباد؟ قد نكون مقصرين في أداء الواجب من الزكاة هل نحن أدينا ما يجب علينا لأقاربنا من النفقات أو لأزواجنا من النفقات؟ هل نحن أمسكنا عن أعراض المسلمين ولم نغتب أحداً ولم ننم إلى أحد، أم أن الأمور على خلاف ذلك؟ فيجب علينا -أيها الإخوة- أن نحاسب أنفسنا عما مضى، أما المستقبل فهو إلى الله عز وجل، ولكن يجب على الإنسان أن يعزم عزيمة صادقة على أنه سيلتزم بما أوجب الله عليه لله أو لعباد الله، وليستعن بالله، وليقرأ قول الله عز وجل: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ} [الشورى:13] وهذا من أهم الوصايا كما قال الله عز وجل: {شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى:13] يجب أن نعزم العقد من الآن على أن نكون أمة واحدة على أن يكون هدفنا واحداً على أن يكون منهجنا واحداً على أن تكون قلوبنا متآلفة صافية، ليس فيها حقد على أحد ولا بغضاء لأحد من المسلمين، وعلينا إذا سمعنا عن أحد ما يقال عنه أن نتأكد أولاً هل هذا حق أو ليس بحق؟ فكم من شيء ينقل عن الشخص من قول أو فعل ولا يكون له أساس من الصحة، فلنتثبت أولاً هل وقع هذا الشيء أو لا؟ مثلاً: لو قيل لنا: إن فلاناً لا يصلي مع الجماعة، فهل نأخذ هذا بدون تثبت؟ لا. نتثبت أولاً، ثم إذا ثبت لدينا أنه مخل بواجب الجماعة فإننا لا نتخذ من هذا سبيلاً إلى غيبته والتشمت به، وإلقاء العداوة والبغضاء في قلوب الناس بالنسبة له، علينا أن ننصحه، ولكن كيف النصيحة؟ النصيحة إما أن يذهب الإنسان إليه في بيته، أو يدعوه في بيته ويتكلم معه بالرفق واللين والترغيب والترهيب، فإن استقام فهذا المطلوب، وإن لم يستقم برئت الذمة منه وصار الإثم عليه.

التحذير من غيبة العلماء والأمراء وبيان أقسام العلماء

التحذير من غيبة العلماء والأمراء وبيان أقسام العلماء كذلك قد نسمع عن بعض العلماء أخطاءً وليس أحدٌ معصوم من الخطأ، فهل نأخذ بما سمعنا دون تثبت؟ لا. لا بد للإنسان أن يتثبت؛ لأن هذا الناقل قد يكون فهم كلام العالم خطأً، وقد يكون سأل عن شيء ليس هو الذي يريد فأخطأ في التعبير فأجاب العالم على حسب ما سمع، والعالم إنما يجيب على حسب ما يسمع؛ لأنه لا يعلم ما في القلوب، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما أقضي بنحو ما أسمع) هذا وهو الرسول عليه الصلاة والسلام (فمن اقتطعت له من حق أخيه شيئاً بغير حق فإنما أقتطع له جمرة من النار فليستقل أو يستكثر) . وإذا ثبت عن العالم ما نقل عنه فهل نطيل ألسنتنا بسب هذا العالم؟ لا. لا نفعل؛ لأن هذا لا يجدي من الحق شيئاً، وربما تأخذ العالم العزة بالإثم فيزداد في ما هو عليه من الخطأ، إذاً العلاج أن نذهب إليه -إلى هذا العالم- بأدب وبأسلوب رفيع ونقول: بلغنا عنك كذا وكذا فما وجهه؟ نرجو أن تبين لنا وجه ذلك؛ لأنك عندنا في منزلة عالية لعلمك وفضلك، فأخبرنا، إذا أخبر بوجهة ما قال وكانت الوجهة حقاً؛ فالواجب علينا أن نقبل ما قال وأن ندافع عنه في المجالس، ونقول: إنما قال كذا لكذا وكذا، فننقذ سمعة الرجل ونبين الحق. واعلموا -يا إخواننا- أن غيبة العلماء ليست كغيبة عامة الناس؛ لأن غيبة العالم لا شك أنها تؤثر عليه، لكن تؤثر على شيء أهم وهو ما يحمله من العلم من علم الشريعة؛ لأن الناس إذا لم يثقوا بالعالم لم يقبلوا قوله حتى لو قال الصواب، فتكون أنت إذا اغتبت العالم جنيت على العالم وعلى الشريعة؛ لأن الناس لا يثقون بقوله بعد هذا. كذلك الأمراء وولاة الأمور، ليست غيبتهم كغيبة غيرهم، وليست غيبة غيرهم كغيبتهم؛ لأنك إذا اغتبت ولاة الأمور أو نشرت معايبهم بين الناس كرههم الناس، وصاروا إذا أمروا بالحق قال الناس: هذا باطل، وتمردوا عليهم، وماذا يحصل للأمة إذا تمردت على أمرائها؟ تحصل الفوضى، وربما يصل الأمر إلى أن تسيل الدماء، ولا يخفى علينا جميعاً ما وقع في بعض البلاد العربية بناءً على هذا، والواجب علينا إذا سمعنا وتأكدنا عن الأمراء ما لا ينبغي أن نناصحهم، أن نبذل لهم النصيحة، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) هؤلاء خمسة: أولاً: النصح لله عز وجل بأن تخلص له الدين، ولا تريد بالعبادة ما سوى الله عز وجل، لا تريد أن يمدحك الناس؛ فإن مدح الناس لا ينفعك ولا يضرك، لا ينفعك إلا ما كتب الله لك. ثانياً: النصيحة لكتاب الله وهو القرآن أن تصدق بأخباره، وأن تمتثل أوامره وأن تجتنب نواهيه، وأن تذود عنه تحريف المبطلين وغلو الغالين، القرآن كلام الله عز وجل وهو أمانة بين أيدينا يجب علينا أن نذب عنه وأن ندافع عنه. ثالثاً: النصيحة للرسول بالإيمان بأنه رسول الله حقاً، وأن نصدق خبره، وأن نمتثل أمره وأن نجتنب نهيه صلوات الله وسلامه عليه، فهو الإمام وهو القدوة والأسوة. رابعاً: لأئمة المسلمين وأئمة المسلمين هم الذين يقتدي بهم المسلمون إما بالتشريع وإما بالتنفيذ، وهم العلماء والأمراء، العلماء أئمة يدعون الناس إلى كتاب الله عز وجل هم المقدمون في هذا، والأمراء أئمة، ولهذا من له السلطة العليا يسمى الإمام، فهم الأئمة ينفذون شريعة الله، وحينئذٍ يكون من الإمام الأول في الأئمة هم العلماء؛ لأن الأمراء يجب عليهم أن يتبعوا الحق الذي قاله العلماء، إذاً فالحقيقة أن الإمامة بيد العلماء، والمراد بالعلماء: العلماء الربانيون الذين هم العلماء حقيقة؛ لأنك إذا تدبرت أحوال العلماء وجدت أنهم ثلاثة أقسام: الأول: عالم ملة. الثاني: عالم دولة. الثالث: عالم أمة. الأول: عالم ملة وهو الذي ينشر الملة ويبينها للناس ويعمل بها، ولا تأخذه في الله لومة لائم، هو يريد إقامة الملة لا غير، حتى إنه ليفتي أباه فيقول: يا أبت! هذا حرام، يا أبت! هذا واجب، ويفتي السلطان ويقول: هذا حرام وهذا حلال، لكن بالحكمة. الثاني: عالم دولة ينظر ما تشتهيه الدولة فيحكم به ويفتي به حتى لو خالف نص الكتاب والسنة، وإذا خالف نص الكتاب والسنة شرع في تحريفه، وقال: المراد بكذا كذا وكذا، فحرف الكتاب والسنة لإرضاء الدولة. الثالث: عالم أمة ينظر ماذا يريد الناس العامة فيفتيهم بما يستريحون إليه، حتى ولو كان على حساب نصوص الكتاب والسنة، ولذلك تجده يتتبع الرخص لإرضاء العامة، ويقول: هذه مسألة خلافية والأمر واسع. سبحان الله! الأمر واسع والله يقول عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:59] كيف تقول: هذه فيها خلاف وأمرها واسع؟! والله إن الأمر ضيق، وإذا وجد الخلاف يجب أن يحقق الإنسان في المسألة أكثر وأكثر حتى يتبين له الصواب، أما كونه يسترخي ويقول: هذه مسألة خلافية، والأمر واسع، وباب الاجتهاد مفتوح، وما أشبه ذلك، فهذا خطأ، الواجب أن يتبع الإنسان ما دل عليه الكتاب والسنة سواءٌ أرضى الأمة أم أسخطها، والله عز وجل يقول: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمْ الْمُرْسَلِينَ} [القصص:65] ما قال: ماذا أجبتم العامة؟ ماذا أجبتم الدولة؟ {مَاذَا أَجَبْتُمْ الْمُرْسَلِينَ} [القصص:65] . فليتق الله العالم إذا نوقش في مسألة قال فيها بخطأ ليتق الله وليتبع الحق، وليعلم أنه إذا تبع الحق بعدما تبين فإن ذلك والله رفعة له، وليس كما يخيله الشيطان أنه إضاعة له، بعض الناس يقول: إذا رجعت إلى فلان وفلان في المناقشة يعني أنني مهزوم ومغلوب، ولكن الواقع أنه هازم نفسه غالب على نفسه الأمارة بالسوء، ارجع إلى الحق أينما كان، وخذه من أي مصدر، ألم تعلموا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو أرجح الناس عقلاً وأصوبهم صواباً أمر أن يستشير الناس، فقال الله عز وجل: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران:159] وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنه إذا شاور سوف يرجع إلى الرأي الصواب سواءٌ كان رأيه أو رأي غيره. فعلى المسلم أن يتقي الله عز وجل وأن يتبع الحق أينما كان، وأن يعلم أنه بتواضعه ورجوعه إلى الحق يزيده الله تبارك وتعالى رفعة وعزة في الدنيا والآخرة. أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا جميعاً ممن رأى الحق حقاً واتبعه، اللهم اجعلنا ممن رأى الحق حقاً واتبعه، ورأى الباطل باطلاً واجتنبه، ولا تجعل ذلك ملتبساً علينا فنضل يا رب العالمين. اللهم إنا نسألك في هذا الجمع أن تنصر إخواننا في الشيشان، اللهم انصرهم، اللهم ثبت أقدامهم، اللهم اغفر لموتاهم، اللهم اجمع شمل أحيائهم، اللهم إنا نسألك بعزتك وقوتك وقهرك أن تدمر دولة الروس، اللهم دمرها تدميراً يكون عبرةً للناس، اللهم فرق جمعهم، اللهم شتت شملهم، اللهم اهزم جندهم، اللهم أبدلهم بعد القوة ضعفاً، وبعد العزة ذلاً، وبعد الغنى فقراً، وبعد الاجتماع تفرقاً، وبعد الائتلاف تمزقاً، اللهم اجعل بأسهم بينهم يا رب العالمين، اللهم أقر أعيننا بهزيمتهم عاجلاً غير آجل، إنك على كل شيء قدير. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الأسئلة

الأسئلة

حكم من أتى جماعة يصلون وهو قد صلى

حكم من أتى جماعة يصلون وهو قد صلى Q يأتي بعض الإخوة إلى اللقاء وفضيلة الشيخ يصلي فبعضهم يجلس خارجاً، وبعضهم يصلي تحية المسجد، وبعضهم يجلس، فما الحكم يا فضيلة الشيخ؟ A إذا جاء الإنسان إلى جماعة فإنه يدخل معهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة الفجر في مسجد الخيف عام حجة الوداع، فوجد رجلين لم يصليا فسألهما عن ذلك، فقالا: (صلينا في رحالنا، فقال: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة) فإذا دخلت المسجد وهم يصلون فصل معهم حتى لو كان في المغرب.

شرح حديث: (من غسل يوم الجمعة واغتسل.

شرح حديث: (من غسَّل يوم الجمعة واغتسل.) Q فضيلة الشيخ! أرجو من فضيلتكم بيان هذا الحديث: عن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في غسل يوم الجمعة: (من غسَّل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ؛ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحيهما والحاكم وصححه وهو في صحيح الألباني. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من جاء في الساعة الأولى من يوم الجمعة فكأنما قرب بدنة، وفي الساعة الثانية كأنما قرب بقرة.) الحديث. متى بداية الساعة الأولى؟ وهل بداية يوم الجمعة من طلوع الفجر أم من طلوع الشمس؟ أرجو توضيح ذلك جزاك الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء ونفع بك. A أما الحديث الأول: (من غسَّل واغتسل، وبكر وابتكر، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ؛ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها) الحديث من حيث الإسناد لا بأس به ولا مطعن فيه، لكن من حيث ترتب الثواب العظيم على ذلك قد يستغربه بعض الناس، ولكن -يا أخي- لا تستغرب فضل الله عز وجل، فقد يكون العمل عملاً قليلاً وله ثواب كثير، وفضل الله تعالى واسع، لكن ما معنى: غسَّل واغتسل؟ معناها: غسَّل بتنظيف الجسم، واغتسل أي: بالغ في ذلك، أو اغتسل كغسل الجنابة، وبكر وابتكر أي: بالغ في البكور، ودنا من الإمام واضح، واستمع ولم يلغ أيضاً واضح. فاحرص -يا أخي- على أن تغتسل يوم الجمعة؛ لأن غسل الجمعة واجب على كل بالغ، والدليل على وجوبه قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) هذا الحديث أخرجه السبعة البخاري وأبو داود ومسلم والنسائي وابن ماجة والإمام أحمد رحمه الله، كلهم أخرجوه (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) هذا كلام الرسول عليه الصلاة والسلام. وهل تجدون أحداً أعلم بشريعة الله من رسول الله؟ لا. هل تجدون أحداً أنصح لعباد الله من رسول الله؟ لا. هل تجدون أحداً أفصح فيما يعبر به عما في نفسه من رسول الله؟ لا. كل الخلق لا يدانون الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا هل تجدون أحداً أعلم بما يقول من رسول الله؟ أبداً، وقد قال: (غسل الجمعة واجب) ثم علقه بوصف يقتضي الإلزام وهو البلوغ، فقال: (على كل محتلم) وإنني أعتقد لو جاءت هذه العبارة في كتاب من كتب الفقه لكان الشارحون يقولون: إن المؤلف يرى وجوب الغسل، فكيف وقد جاءت عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟! ثم إذا اغتسلت فاحرص على أن تبادر وتبكر في الساعة الأولى، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة (من جاء في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن جاء في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن جاء في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن جاء في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن جاء في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة) . وابتداء الساعات هذه من طلوع الشمس، واقسم ما بين طلوع الشمس إلى مجيء الإمام على خمسة أقساما، سواء طالت المدة أم قصرت؛ لأن الزمن يختلف بين الشتاء والصيف.

الفتور وعلاجه

الفتور وعلاجه Q هل تمر على الإنسان ساعات يشعر فيها بالفتور؟ وما علاجه؟ الشيخ: هذا أمر لا بد منه، فالإنسان لا يمكن أن يكون على حالٍ واحدة دائماً في النشاط والعبادة وطلب العلم، لا بد كما جاء في حديث حنظلة: (ساعة وساعة) ولكن على الإنسان أن يكون حازماً، وأن يجعل فتوره تقوية لمستقبله، ولا يجعل الفتور سبيلاً إلى الفتور الآخر، وإلا فلا يمكن أن يكون الإنسان دائماً جاداً بل لا بد من راحة للجسم وراحة للعقل وراحة للفكر.

عورة المرأة عند النساء والرجال

عورة المرأة عند النساء والرجال Q فضيلة الشيخ! ما هي حدود عورة المرأة عند الرجال وعند النساء؟ A اقرأ قول الله عز وجل: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور:31] يتبين لك: أن لباس النساء لباس ساتر يصل إلى الكعب؛ لأن قوله: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور:31] دليل على أن الثياب قد وصلت إلى أسفل الساق؛ لأن الذي يخفى من الزينة هو الخلخال وشبهه. عورة المرأة مع الرجل إذا كان من محارمها فما يظهر غالباً كالوجه والكفين والذراعين والرأس والرقبة والساقين، هذا لا بأس أن ينظر الرجل إليه، وليس معنى ذلك: أن المرأة تلبس لباساً قصيراً؛ لأن هناك فرقاً بين اللباس وبين النظر، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا الرجل إلى عورة الرجل) ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: للمرأة أن تلبس ما تستر بين السرة والركبة فقط. ولا يعقل أبداً أن نساء الصحابة يجلسن بعضهن إلى بعض والمرأة ليس عليها إلا سروال من السرة إلى الركبة، هذا لا يمكن أن يقوله عاقل فضلاً عن عالم يعرف هدي الصحابة رضي الله عنهم. ثم نقول: يلزم من هذا القول أن تكشف المرأة عن ثديها، وهذا لا يفعله حتى نساء الغرب، بل تضع على الثدي سنديانات لئلا ترى، فهل يعقل أن نساء الصحابة يكن أشد تهتكاً من نساء الغرب؟! ثم على فرض أن هذا مقصود، بمعنى: أن المرأة يجوز لها أن تلبس هذا أمام المرأة الأخرى، هل يليق أن ينشر ذلك في وقت الناس فيه ليسوا مقبلين على التستر بل بالعكس؟ وإذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لـ معاذ: (أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً، قال معاذ: يا رسول الله! أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا) مع أن المسألة مسألة عقيدة وعبادة، فكيف نقول للناس الآن: المرأة تنظر إلى ما عدا ما بين السرة والركبة، ونقول للأخرى: البسي ما يستر السرة والركبة، كيف نقول هذا؟! هذا فتح باب شر خطير جداً، ولذلك استنكر كثيرٌ من النساء هذا الفهم، وهو فهمٌ خاطئ؛ لأن لدينا امرأتين: ناظرة ومنظورة، والنبي صلى الله عليه وسلم خاطب الناظرة ولم يخاطب المنظورة، فالمنظورة معروف أنها قد كست بدنها كاملاً، حتى إن أم سلمة لما ذكرت خروجها للسوق، قالت: يا رسول الله! تنكشف الأقدام، فرخص للمرأة أن تنزل ثوبها إلى ذراع، فالمهم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخاطب المنظورة وإنما خاطب الناظرة، والناظرة ربما تنظر إلى عورة أختها إذا كانت مثلاً تسبح، أو إذا كانت تقضي حاجتها، أو إذا كانت خلعت ثوبها لسبب من الأسباب، فلا يجوز أن تنظر إلى عورتها، أما أن نقول للمنظورة: البسي ما يستر ما بين السرة والركبة فقط، فهذا خطأ على الحديث، وليس هذا معنى الحديث.

حكم أشرطة الفيديو التي فيها صور مدبلجة لحيوانات

حكم أشرطة الفيديو التي فيها صور مدبلجة لحيوانات Q هناك أشرطة فيديو فيها صور مدبلجة لحيوانات وغيرها تحكي قصصاً تربوية تاريخية خاليةً من الأغاني والموسيقى، فما حكم هذه الأشرطة؟ وما رأي فضيلتكم فيمن يروون قصصاً للأطفال خيالية فيها حث على آداب الإسلام مثلاً؟ A هذه الصور المدبلجة هل هي صور على أشكال مروعة يخشى على عقول الصبيان منها أم لا؟ إن كانت الأولى فهذا لا يجوز؛ لأن الواجب أن نجنب أبناءنا كل ما يشوش على عقولهم، أما إذا كانت صور معقولة وفيها تربية فهذا لا بأس به، لكن بشرط ألا تنسب القصة إلى شخص معين وهو لم يقلها أو لم يقم بها، وما زال العلماء رحمهم الله يضربون الأمثال فيقولون: هذا رجل فعل كذا وفعل كذا، ولكنه ليس واقعاً، إنما يقصدون التصوير والتقريب.

حكم ستر صاحب المعصية

حكم ستر صاحب المعصية Q حديث: (من ستر على أحد ستر الله عليه) هل يجوز لنا أن نستر على الزاني وشارب الخمر؟ وإذا كان الجواب بنعم فكيف ننكر المنكر؟ وهل نتغاضى إذا رأينا منكراً؟ أفيدونا حفظكم الله. A أما إذا بلغت الأمور إلى المسئولين فلا يجوز التستر، لكن قبل ذلك ينظر: هل هذا الرجل كان مستقيماً وحصلت منه فلتة، وربما إذا نصح يتوب إلى الله عز وجل، فهذا الأولى أن يستر، وأما إذا كان لو ستر لتمرد وازداد شره، فهذا لا يجوز ستره، بل يجب أن يرفع إلى ولاة الأمور ليقيموا عليه ما يجب عليه من العقوبة.

حكم من دخل في طواف الإفاضة بين الحجر والكعبة

حكم من دخل في طواف الإفاضة بين الحجر والكعبة Q حججت في أحد الأعوام وكان الحج فرضاً وعندما كان طواف الحج مع الزحام الشديد دخلت في هذه الأشواط بين حجر إسماعيل والكعبة، فهل علي شيء؟ وجزاكم الله خيراً. الشيخ: ما هذا الطواف الذي دخل فيه بين الحجر والكعبة؟ السائل: طواف الحج، طواف الإفاضة. A هذه مشكلة، معناه: أن الرجل إلى الآن حل التحلل الأول فقط، ويجب عليه أن يذهب إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة، ثم إن شاء أحرم من الميقات بعمرة وطاف وسعى وقصر ثم طاف طواف الإفاضة عن حجه السابق، وإن شاء طاف طواف الإفاضة فقط ورجع. ثم إننا ننصح إخواننا الحجاج وغيرهم ألا يبقوا هذه المدة بدون سؤال، قد يتعلل بعض الناس فيقول: ما طرأ على بالي أني أخطأت لكن بعدما سمعت من الناس عرفت الخطأ، فنقول: الله يعين هؤلاء ويعين العلماء أيضاً؛ لأن هذه تحدث مشاكل عند العلماء، ولذلك لو سألت عالمين أو ثلاثة تجد بينهم اختلافاً في هذا، ثم إن السائل يقول: حجر إسماعيل، وهذا خطأ، الحجر هنا ليس حجر إسماعيل، وإسماعيل لم يعلم به ولم يدفن به، هذا الحجر لما هدمت قريش الكعبة وأرادت أن تبنيها قصرت عليهم النفقة، فأرادوا أن يخرجوا بعض الكعبة من البناء ورأوا أن الجهة الشمالية أولى؛ لأنه ليس فيها الحجر الأسود، فحطموها وأخرجوا منها نحو ستة أذرع ونصف، وأما إسماعيل فلا علم له بها ولم يدفن بها، ولا يمكن أن يدفن بها وهي بيت الله عز وجل التي يؤمها المسلمون من جميع أقطار الدنيا، فتكون قبلتهم قبر آدمي. فبلغ الرجل هذا وقل له: يذهب إلى مكة الآن ويقوم بما يجب.

حكم النذر إذا لم يسم

حكم النذر إذا لم يسم Q امرأة تقول لأبنائها: علي نذر ألا تفعلوا كذا، فيفعلوا وهي لم تسم، فماذا عليها؟ A أولاً: ننهى عن النذر؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عنه وقال: (إنه لا يأتي بخير، وإنه لا يرد قضاءً) حتى إن بعض أهل العلم حرم النذر؛ لأن الإنسان يلزم نفسه بما لا يلزمه. ثانياً: بالنسبة لقضية المرأة عليها كفارة يمين؛ لأن هذا النذر حكمه حكم اليمين، فتطعم عشرة مساكين أو تكسوهم أو تعتق رقبة، فإن لم تجد صامت ثلاثة أيام متتابعة.

حكم غسل الجمعة على من استيقظ قبل مجيء الإمام بقليل

حكم غسل الجمعة على من استيقظ قبل مجيء الإمام بقليل Q هل يجوز لمن قام من النوم قبل صلاة الجمعة بقليل أن يذهب ويصلي بدون غسل؟ A إذا قدر أن الإنسان نسي أو نام ولم يذكر أو لم يستيقظ إلا قبل مجيء الإمام بقليل، بحيث يتخلف لو بقي يغتسل، فهنا يسقط الغسل؛ لأن الغسل للجمعة فرع، فلا يمكن أن يضاع الأصل من أجل الفرع.

حكم من أسقطت جنينها وقد نفخ فيه الروح

حكم من أسقطت جنينها وقد نفخ فيه الروح Q فضيلة الشيخ! هذه والدتي في قلق حيث حملت في الشهر السادس وكانت مريضة بسبب حمل الجنين، ودخلت المستشفى وأخرجوها وقالوا: إن كان مريضاً سينزل، فذهبت إلى إحدى النساء فكوتها؛ لأن من حولها من النساء قالت: اكتوي، فإذا كان الجنين مريضاً نزل، وإن كان سليماً سيرتفع، ثم شربت نشا المحلبية فسقط الجنين فصاح حوالي خمس دقائق فمات، ووالدتي في حيرة، وقد كانت مريضة جداً حتى نزل الجنين، فهل عليها حرج؟ وهل عليها إثم في ذلك؟ A عليها حرج، ثم حرج، ثم حرج، وإثم، ثم إثم، ثم إثم؛ لأن الجنين إذا بلغ أربعة أشهر لا يمكن تنزيله إطلاقاً حتى لو أن أمه هلكت فليكن؛ لأن الإنسان كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: (يجمع الخلق في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك) هذه أربعة أشهر (ثم يبعث إليه ملك فينفخ فيه الروح) وإذا نفخ فيه الروح لا يمكن تنزيله إطلاقاً؛ لأنه لو نُزِّل لكان هذا يعني قتل نفس بغير حق، فإذا قال أحد: لو بقي في بطن أمه لهلكت وإذا هلكت يهلك. فالجواب: أولاً: لو هلكت الأم قد لا يهلك الجنين إذا كان عندها من يعمل العملية مباشرة ويخرج الولد، فقد يسلم، فموته ليس محققاً. ثانياً: إذا قدر أن الأم ماتت فهل ماتت بفعلنا؟ لا. هذا من الله عز وجل، لكن لو نزلنا الجنين ومات فقد مات بفعلنا وهذا لا يجوز. على هذه المرأة الآن أن تصوم شهرين متتابعين، أما مسألة الدية فهذا بينها وبين وارث الجنين ولا نتكلم فيها، ولكن عليها الكفارة أن تصوم شهرين متتابعين، فإن قالت: إنها لا تقدر، فلا شيء عليها؛ لأن الله تعالى لم يذكر بدلاً عن صيام الشهرين في القتل، فإذا عجزت عن الواجب سقط عنها.

حكم من حج فوقف بعرفة ومزدلفة ولم يكمل بقية الحج

حكم من حج فوقف بعرفة ومزدلفة ولم يكمل بقية الحج Q فضيلة الشيخ! حدث معي قبل عشر سنوات ولم أكن متزوجة في ذلك الوقت، فقد كنت زائرة إلى مكة في أشهر الحج، ثم نويت الحج في بداية شهر ذي الحجة فأحرمت من منزل عمي بـ مكة، وفي صباح يوم عرفة طفت بالبيت ثم ذهبت إلى عرفة وشهدت ذلك اليوم، ثم انصرفت إلى مزدلفة سيراً على الأقدام وبت في مزدلفة، وبعد صلاة الفجر ضيعت عمي في مزدلفة إلى مغرب ذلك اليوم، وبعد الغروب نزلت إلى مكة وبت في المنزل دون أن أكمل أركان الحج لا رمياً ولا مبيتاً ولا طوافاً، وفي نهاية شهر ذي الحجة عدت إلى القصيم، فماذا أصنع الآن؟ A مشكلة يا إخوان، هذه المرأة الآن لم تأت بطواف الإفاضة؛ لأن طواف الإفاضة وقته بعد الوقوف بـ عرفة ومزدلفة، إذاً الطواف لاغي، لم تفعل إلا الوقوف بـ عرفة ومزدلفة، فعليها الآن أن تتجنب جميع محظورات الإحرام؛ لأنها لا تزال في إحرام، وتذهب إلى مكة وتطوف وتسعى، وما تركت من واجب الرمي أو المبيت فعليها دم لكل واحد، فعليها للرمي دم وللمبيت دم. أكرر الجواب: يجب الآن أن تذهب إلى مكة وتطوف طواف الإفاضة وتسعى للحج، وعليها دم لترك المبيت، ودم لترك الرمي، ودم ثالث لترك طواف الوداع.

حكم لبس العباءة الواسعة الأكمام

حكم لبس العباءة الواسعة الأكمام Q ما حكم لبس العباءة ذات الأكمام الواسعة، علماً أنها تكون ساترة لليد وغير مزركشة؟ A الذي أرى: أن الذي ينبغي لنسائنا أن يكون لهن شخصية إسلامية، وأن يبقين على العباءة المعتادة التي تكون على الرأس؛ لأنها أستر، والعباءة التي تكون على الأكتاف تبين الأكتاف وتبين طول الرقبة من قصرها، ثم هي فتح باب للتوسع، فلن تقف النساء على هذا الحد ما دام فتح لهن الباب، فأرى أن تبقى المرأة على لباسها الأول للعباءة التي تكون على رأسها وبقية بدنها.

حكم صلاة المسبل

حكم صلاة المسبل السائل: ما حكم صحة القول: بأن صلاة المسبل حري ألا تقبل؟ وهل هذا يكون أعلم من آكل الربا والزاني والعاق لوالديه نأمل توضيح ذلك، وجزاكم الله خيراً. A يرى كثيرٌ من العلماء أن المسبل ثوبه أو سرواله أو مشلحه إذا صلى لا تقبل صلاته؛ لأنه صلى بالثوب المحرم عليه، ولكن القول الراجح عندي: أن صلاته مقبولة إلا أنه آثم. وأما المقارنة بينه وبين عقوق الوالدين وقطيعة الرحم فلا يمكننا هذا؛ لأن هذه الأمور تعود إلى الله عز وجل، فتقدير الثواب والعقاب إلى الله عز وجل.

حكم ركوب المرأة مع السائق الأجنبي

حكم ركوب المرأة مع السائق الأجنبي Q فضيلة الشيخ! هل ركوب المرأة مع الرجل الأجنبي لوحدها داخل المدينة يعتبر خلوة؟ A أرى أن هذا خلوة، ركوب المرأة مع السائق الذي ليس بمحرم لها خلوة محرمة داخلة في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) (وما من رجل خلا بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان) وهذه الخلوة أخطر من الخلوة في الحجرة؛ وذلك لأن السائق يتلاعب بعقل هذه المرأة، ويزين لها السوء، ويلين لها القول، ويذهب بها حيث شاء في البراري والقفار، فخطر هذا عظيم، فلا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تركب مع سائق ليس بمحرم لها ولو كانت في البلد.

من قتل له قتيل فهل يقتل القاتل أم لا؟

من قتل له قتيل فهل يقتل القاتل أم لا؟ Q فضيلة الشيخ! إذا كان الرجل يعيش في بلاد لا تطبق حدود الله وقتل ولده، ومعلوم أن القاتل في تلك البلاد لا يقتل وإنما يسجن عدة سنوات ثم يخرج، فماذا يفعل والد المقتول الذي يقول الله فيه: {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً} [الإسراء:33] هل له أن يعتدي عليه؟ أفيدونا مأجورين. A هذا السؤال لا نجيب عليه هنا، لكن إذا سألنا عنه سائل أخبرناه بما عندنا حول هذا الموضوع، وأنت تعرف أنه لو أن ولي المقتول قتل القاتل حصل بذلك شر كبير، إذ يأتي أولياء القاتل الذي قتل فيعتدون على الآخرين وتنتشر الدماء، فالمسألة هذه خطيرة، وعلى الإنسان الذي قتل له قتيل في بلد لا يحكم فيها بكتاب الله عز وجل أن يصبر ويقول كما قال الأول: ومن لم يمت بالسيف مات بغيره تنوعت الأسباب والموت واحد أما أن يفعل فعلاً تكون فيه فتنة وشر وبلاء فلا يفعل.

حكم إخراج الصغير من الصف في الصلاة

حكم إخراج الصغير من الصف في الصلاة Q هل يجوز للإمام أن يخرج الصغير دون السابعة من الصف؟ A لا يجوز للإمام ولا لغير الإمام أن يخرج الصغير من الصف، إلا إذا كان في ذلك ضرر بحيث يكون منه أصوات مزعجة أو تردد بين الصفوف، أو ما أشبه ذلك، فحينئذٍ له إخراجه، ولكن يتصل أولاً بوليه الذي في المسجد ويقول: يا فلان، إن ولدك مثلاً أو أخاك حصل منه كذا وكذا، وأنت بسكوتك عنه تكون آثماً. أما إذا لم يكن منه شيء فلا، بل يبقى الأطفال في أماكنهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد فهو أحق به) وأما قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى) فالمراد: أمر العقلاء البالغين أن يكونوا يلون الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إلا لو قال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا يلني إلا أولوا الأحلام. قلنا: اطردوا الصغار، لكن قال: ليلني، وهو أمر وليس نهي، أمر هؤلاء أولي الأحلام والنهى أن يتقدموا حتى يلوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ثم إن طرد الصغار له تأثير نفسي عليهم، فيكرهون الذي طردهم، ويكرهون المسجد، ويكرهون الجماعة، ويؤثر عليهم في المستقبل، والصغير لا ينسى، اذكر -مثلاً- نفسك عندما كنت صغيراً وضربك أحد فلن تنساه.

العدل بين الأولاد

العدل بين الأولاد Q هل من العدل بين الأولاد -بنين وبنات- في شراء ما يحتاجون، أم يكون الشراء حسب الحاجة؟ A شراء ما يحتاجون بمعنى شراء حسب الحاجة، السؤال ما يختلف، لكني أقول لك: يجب العدل بين الأولاد إلا ما يحتاجه أحدهم دون الآخر، فمثلاً: لو كان عند إنسان ثلاثة أولاد أحدهم قد بلغ أن يتزوج، فهنا يزوجه ولا يعطي الآخرين مثله؛ لأنه لم يبلغ أن يتزوجوا، وإذا كان عنده بنت وولد، فالولد يحتاج إلى غترة أو طاقية بعشرين ريال -مثلاً- لكن البنت تحتاج إلى حلي بمائة ريال أو مائتين، فيعطيها ويعطي هؤلاء ما يحتاجون إليه، وأما إذا أعطاهم شيئاً فوق الحاجة فإنه لا يجوز إلا أن يسوي بين الذكور وبين الإناث، ويكون للذكر مثل حظ الأنثيين.

جواز غيبة الفاسق لتبيين حاله

جواز غيبة الفاسق لتبيين حاله Q هل صحيح أنه لا غيبة لفاسق؟ ومن هو الفاسق الذي تحل غيبته إذا كان ذلك حلالاً؟ A هذا ليس بحديث، ومراد قائله: أنه يجوز للإنسان أن يبين ما في الفاسق من العيوب من أجل إصلاحه لا من أجل الشماتة به، أو من أجل التحذير منه إذا خاف أن يغتر الناس به، هذا معنى هذه المقالة.

بيان لخطر التفحيط

بيان لخطر التفحيط Q فضيلة الشيخ! يكثر في بلادنا الشباب الذين همهم التفحيط والسرعة والتطعيس وإيذاء المسلمين، ولذلك يحصل أحياناً -بل كثيراً- حوادث يحصل فيها وفيات، فهل يعتبر هذا من الانتحار؟ وما دور أولياء أولئك الشباب وتمكينهم من تلك السيارات؟ ثم ما حكم ذلك الرجل هل يحل له أن يعفو عن كل من أساء إليه بحادث ونحوه؟ A هذا ليس من الانتحار؛ لأن الانتحار أن يقصد الإنسان قتل نفسه وهذا ما قصد، لكن لا شك أنه من السفه ومجانبة الصواب، ونصيحتي لأولياء أمور هؤلاء: أن يتقوا الله عز وجل، وألا يمكنوا أولادهم من هذا الفعل الذي يجني عليهم أضراراً نفسية وأضراراً مالية وعدواناً على الغير، وليخش هؤلاء من زوال النعم، فإن النعم إذا لم تشكر زالت، رزقنا الله وإياكم شكر نعمته وحسن عبادته.

كيفية سماع الإذاعات التي فيها الخير والشر

كيفية سماع الإذاعات التي فيها الخير والشر Q فضيلة الشيخ! هناك إذاعة تبث من خارج المملكة معظم ما فيها أغاني وموسيقى، ولكنهم جعلوا شيئاً من الفتوى فانكب الناس عليها سماعاً، فما حكم استماعها علماً أنه يوجد بها ذلك البلاء؟ A على كل حال: من المعلوم أن الإذاعات تجعل الخير وتجعل الشر، فإذا كنت تأمن على نفسك من استماع الشر واستمعت الخير فلا بأس؛ لأن هذا الراديو -مثلاً- أو التلفزيون أمره بيدك، إذا شئت أغلقته وإذا شئت فتحته، فإذا كان به خير فلا حرج أن تستمع إلى الخير بشرط أن تأمن على نفسك؛ لأن بعض الناس يقول: أنا أريد أن أسمع الفتاوى والأخبار وما أشبه ذلك، ولكن ما يزال به الشيطان حتى ينهمك في سماع الأشياء المحرمة.

حكم الجمع لمن سيصل بلاده قبل دخول وقت الصلاة الثانية

حكم الجمع لمن سيصل بلاده قبل دخول وقت الصلاة الثانية Q مسافر يعلم أنه سيصل إلى بلده قبل دخول وقت الصلاة الثانية، فهل يجوز أن يجمع بين الصلاتين؟ مثاله: إنسان غابت عليه الشمس وهو في السفر وأراد أن يجمع العشاء إلى المغرب، فهل هذا جائز؟ وهل الجمع لمن كان جاداً في السفر؟ A هذا جائز؛ لأنه ما زال في السفر، لكن الأفضل ألا يفعل إذا كان يظن أو يغلب على ظنه أنه سيصل إلى بلده قبل دخول وقت العشاء أو بعده ولكن يمكن الوقت؛ وذلك لأن الجمع رخصة عند الحاجة سواءٌ في السفر أو في الإقامة. ويجوز الجمع للجاد في السير وغير الجاد؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يجمع وإن كان نازلاً، كما في حديث أبي جحيفة في نزول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الأبطح عام حجة الوداع، قال: (فخرج النبي صلى الله عليه وسلم من قبة كانت من أدم حمراء، ووضعت له العنزة فتقدم فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين) فظاهر الحديث أنه جمعهما، وكذلك في تبوك جمع بين الصلاتين وهو نازل. لكن يقال: القصر أفضل للمسافر من حين يخرج من بلده إلى أن يرجع إليها، ما لم يصل مع إمام يتم، والجمع رخصة لا ينبغي فعله إلا عند الحاجة إليه، وإن فعله المسافر فلا حرج.

الثواب لا قياس فيه

الثواب لا قياس فيه Q ورد في الحديث: (من جلس في مصلاه بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس كان كحجة وعمرة تامة تامة) أو كما ورد في الحديث، هل معنى ذلك: أن من فعل هذا فله مثل أجر الحج والعمرة، أم كيف ذلك؟ A أولاً: هذا الحديث فيه مقال، فإن كثيراً من الحفاظ ضعفوه. ثانياً: على تقدير صحته فالثواب لا قياس فيه، قد يثاب الإنسان على عمل قليل ثواب عمل كثير؛ لأن الثواب فضل من الله عز وجل يؤتيه من يشاء.

حكم صيام يوم عاشوراء دون صيام يوم قبله أو بعده

حكم صيام يوم عاشوراء دون صيام يوم قبله أو بعده Q لي طفلة في العاشرة من عمرها صامت يوم عاشوراء ولم تصم قبله ولا بعده فما حكم ذلك يا فضيلة الشيخ؟ الشيخ: ما شاء الله! ما لها إلا عشر سنوات؟! السائل: نعم. عشر سنوات. A ما شاء الله! لا حرج عليها؛ لأن صوم يوم قبله أو يوم بعده على سبيل الأفضلية فقط.

حكم المماطلة في قضاء الدين

حكم المماطلة في قضاء الدين Q فضيلة الشيخ! ما حكم شراء القرض ممن خرج له قرض من البنك العقاري؟ وما حكم من لم يسدد إلى الآن وهو حالٌّ عليه وقادر على السداد؟ A أما الأول: فلا نرى الجواز، إلا إذا ذهب إلى الجهة المسئولة وتنازل الأول للآخر. وأما تأخير الوفاء مع القدرة عليه فإنه محرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مطل الغني ظلم) والمطل معناه: التأخير في الوفاء، والعجب من بعض الناس -اللهم اهدنا فيمن هديت- أنهم يقولون: إن مال الحكومة ليس له حرمة، ويماطلون في حق الحكومة، وهذا خطأ، فمال الحكومة له حرمة؛ لأن المال الذي في بيت المال للمسلمين عموماً، كل إنسان له فيه حق، ولكن لا يستقل به واحد دون الآخر، فلذلك نصيحتي لهذا الأخ الذي أخر وماطل: أن يتقي الله عز وجل، وأن يوفي الأقساط التي حلت عليه مع القدرة على ذلك، وما يدريه لعله يموت غداً أو بعد غد ثم يبقى معلقاً بدينه، والدين ليس بالسهل، كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل أن يفتح الله عليه، كان لا يصلي على من عليه دين، حتى أنه قدم له رجل من الأنصار، فلما خطا خطوات قال: (هل عليه دين؟ قالوا: نعم، فتأخر وقال: صلوا على صاحبكم) انظر يا أخي! النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أرأف الخلق بالخلق يقول: (صلوا على صاحبكم. فقال أبو قتادة رضي الله عنه: الديناران عليَّ، قال: حق الغريم وبرئ منه الميت؟ قال: نعم. فتقدم وصلى) وسأله رجل: (هل يكفِّر القتل في سبيل الله؟ قال: نعم. يكفِّر كل شيء، ولما انصرف قال: تعال، أتاني جبريل وقال: إلا الدين) فالاستشهاد في سبيل الله لا يكفر الدين. وتهاون بعض الناس الآن بالدين خطأ عظيم، تجد الواحد منهم يستدين من أجل أن يشتري سيارة فخمة، ويجد سيارة بثلاثين ألفاً فيقول: لا. أشتري بسبعين ألفاً، أو يجد فراشاً يكفي بيته بخمسين ألفاً، فيقول: لا، أريد أن أشتري بمائة ألف، وهذا لا شك أنه من السفه وأنه خطأ. العوام يقولون مثلاً جيداً: مد رجلك على قدر لحافك. إنسان لحافه قصير ورجلاه طوال فلا يمد رجليه بل يضمهما حتى يكون الغطاء على جميع الجسم. الآن: أزف الترحل غير أن ركابنا لمّا تزل برحالنا وكأن قد انتهى الوقت المقرر، وإلا لقاء قادم إن شاء الله تعالى، ومن كان له سؤال ولم يجب عنه فالتلفون [3642107]

اللقاء الشهري [75]

اللقاء الشهري [75] في نهاية كل عام دراسي تبدأ الامتحانات، وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان، وهذا يذكرنا بالامتحان الأكبر يوم تبلى السرائر، وتظهر أسرارها الضمائر، لكن الامتحان الأكبر ليس فيه إعادة كامتحان المدارس، فإما إلى جنة وإما إلى نار. وبعد الامتحانات الدراسية تأتي الإجازات الصيفية، وكيف يستغلها الشخص، فالناس فيها على أصناف شتى ما بين مضيع مفرط أو مستفيد مغتنم، فالسعيد من تقدم والشقي من تأخر.

الامتحان الأكبر

الامتحان الأكبر الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء الثاني من اللقاءات الشهرية التي تتم مساء كل سبت ثالث من كل شهر، نسأل الله تبارك وتعالى أن يديمها، وأن يرزقنا وإياكم علماً نافعاً، وعملاً صالحاً متقبلاً، ورزقاً طيباً واسعاً، هذه الليلة هي ليلة الأحد السابع عشر من شهر صفر عام (1421هـ) . نذكر إخواننا جميعاً ونذكر أنفسنا ونحن في زمن الاختبار والامتحان لطلابنا من ذكور وإناث - نذكر أنفسنا وإياكم بالاختبار الأعظم الذي يكون بين الإنسان وبين ربه يوم القيامة. إن هذا الاختبار الذي يكون يوم القيامة ليس اختباراً للظواهر بل للبواطن، فالظواهر كل أحد يمكن أن يحسنها أحسن شيء، كما قال الله تعالى في المنافقين: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} [المنافقون:4] أي: إن منظرهم حسن بهي يظن الإنسان أنهم من أهل التقى {وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} [المنافقون:4] فهم خطباء فصحاء، لكن لا خير فيهم {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} [المنافقون:4] لا تستقيم بنفسها بل على جدار. أيها الإخوة: الاختبار يوم القيامة على البواطن، كما قال الله عز وجل: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق:8-9] أي: البواطن. (تبلى) أي: تختبر وينظر ما فيها ولا عبرة بالظواهر. {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ} [الطارق:9-10] إن المشركين ينكرون أن يكونوا مشركين ويقولون: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام:23] لكن تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يكسبون. أخي المسلم: يقول الله تبارك وتعالى: {أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات:9-10] أعمال الجوارح كل يستطيع أن يحسنها أحسن شيء، لكن أعمال القلوب صعبة، ولهذا قال بعض السلف: ما جاهدت نفسي على شيء مجاهدتها على الإخلاص. الإخلاص الذي نظن أننا مخلصون في أعمالنا، ومع ذلك السلف كانوا يجاهدون أنفسهم على الإخلاص. فتش قلبك -يا أخي- هل فيك رياء؟ هل فيك كراهة للحق؟ هل فيك بغضاء للمؤمنين؟ هل فيك حقد على المؤمنين؟ فإن غسيل القلب كل يوم أهم من غسيل الثياب كل يوم، اغسل قلبك وطهره، يقول الله عز وجل: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} [المائدة:41] فطهر قلبك. اللهم طهر قلوبنا يا رب العالمين، الله طهرها من الرياء، اللهم طهرها من البغضاء على المسلمين ومن الحقد عليهم يا رب العالمين، اللهم اختم لنا بخاتمة السعادة واجعلنا ممن كتبت له الحسنى وزيادة. أيها الإخوة: بعد هذا الاختبار -أعني: اختبار يوم القيامة- إما إلى الجنة وإما إلى النار، قال الله عز وجل: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ فَأُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ} [الروم:14-16] . أخي المسلم: فكر في ذلك اليوم، لا درهم ولا دينار، ولا متاع ولا ثياب، ولا حميم ولا صديق ولا قريب {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:34-37] . يا أخي المسلم: هل هذا اليوم قريب أم بعيد؟ إنه قريب، قال الله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً} [الأحزاب:63] وقال تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} [الشورى:17] . إننا نتطلع إلى آخر العام ونقول: بقي اثنا عشر شهراً، وإذا به في لحظة يصل إلينا، كذلك عمر الإنسان يقول: متى الموت؟ ويؤمل، وإذا بحبل الأمل قد انصرم، ثم بعد النقلة من الدنيا إلى الآخرة ليس هناك عمل، انتهى وقت العمل، ما بقي إلا الجزاء، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية) أي: شيء يضعه في حياته يجري ثوابه؛ كبناء المساجد، وبناء الدور لطلبة العلم، وطباعة الكتب للانتفاع بها، وإصلاح الطرق، وما أشبه ذلك مما يدوم نفعه (أو علم ينتفع به) وهذا أعظم، العلم الذي ينتفع به أفضل الثلاثة؛ لأن العلم الذي ينتفع به يبقى به ذكرك مئات السنين (أو ولد صالح يدعو له) الولد الصالح يفنى عن قريب أو بعيد، لكن العلم النافع الذي ينتفع به يبقى ما شاء الله، الآن نحن ننتفع بما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهل ننتفع بأموال الأغنياء الذين أنفقوا كثيراً منها في سبيل الله؟ لا. لكن علم أبي هريرة بين أيدينا يقرأ صباحاً ومساءً في المساجد والمدارس. الإمام أحمد له مئات السنين ومع ذلك ننتفع بعلمه الآن، شيخ الإسلام ابن تيمية له مئات السنين وننتفع بعلمه الآن، وهل يحصل على أجر من انتفاعنا بعلمه؟ نعم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أو علم ينتفع به) فهو يحصل على أجر. أيها الأخ: حاسب نفسك، واستعد للاختبار الأعظم. اللهم ثبت أقدامنا يا رب العالمين، ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، إنك على كل شيء قدير.

الإجازة وكيفية استغلالها

الإجازة وكيفية استغلالها أعود إلى اختبار الدنيا: أبناؤنا وبناتنا الآن يختبرون ليحصلوا على نتيجة، نتيجة دراسية وقد لا يحصلون، لكن ماذا بعد هذا الاجتهاد المضني المتعب بعده إجازة، وتسمى عطلة؛ من أجل أن يستريح الإنسان عن كدح مضى ويستعد للمستقبل، هذا هو المقصود من الإجازة، ولكن بماذا يمضي الإجازة من حصلت له الإجازة؟ الناس يختلفون اختلافاً عظيماً، فلنستعرض ما نعلم من ذلك وما لم نعلم ذكرونا به وأعلمونا به. من الناس من يستغل هذه الإجازة بالانكباب على العلم، ودراسة ما سبق، والاستعداد لما يأتي، والدعوة إلى الله عز وجل في القرى والأمصار، ولا شك أن هذا خيرٌ عظيم ينتفع به الإنسان وينفع. وما أحسن أن يقوم جماعة من الإخوان ويأخذون رخصة من الجهات المسئولة ويذهبون إلى الجنوب وإلى الشرق وإلى الشمال وإلى الغرب في المملكة، فأطراف المملكة يحتاجون إلى العلم الشرعي، وإلى الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، وما أكثر ما يأتينا من طلب أن نحضر أو أن نُحضر أحداً من طلاب العلم! ولا شك أن هذا خير ما تمضى به الإجازة.

استغلال الإجازة بأداء العمرة

استغلال الإجازة بأداء العمرة ومن الناس من يستغل هذه الإجازة بالسفر إلى الحرمين: مكة والمدينة، يذهب إلى هناك بأهله ويبقى ما شاء الله فيحصل على خير، يحصل على عمرة، وعلى صلاة في المسجد الحرام، وعلى التقاء بإخوانٍ له من أقطار الدنيا، وهذا خير، قال صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما) مثلاً: اعتمرت قبل ستة أشهر واعتمرت في هذه الإجازة، فما بينهما فهو مكفَّر بهذه العمرة، إنها نعمة عظيمة، يكفر لك ما بين العمرتين، وما أكثر ما حملت من الذنوب التي تحتاج إلى تكفير! ولكن احذر من شيء يفعله بعض الجهال، وهو تكرار العمرة في سفر واحد، فإن هذا لا أصل له في شريعة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم فتح مكة في العشرين من شهر رمضان في السنة الثامنة من الهجرة، وبقي فيها تسعة عشر يوماً لم يأت بعمرة، ففي أول قدومه لا يمكن أن يأتي بعمرة؛ لأنه مجاهد، لكن بعد أن استقر الوضع لم يخرج إلى التنعيم ولا إلى الجعرانة ولا إلى غيرهما من الحل حتى يأتي بعمرة. وهل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جاهل بالعمرة المكية؟ هل الرسول جاهل أنها سنة؟ لا. هل الرسول صلى الله عليه وسلم عالمٌ بأنها سنة ولكن لم يسنها لأمته؟ كلا والله، ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أن ذلك من شريعة الله ودين الله لكان أول القائمين به وأول الداعين له، فلم يفعل، وما كرر العمرة أبداً. في حجة الوداع احتاجت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن تحرم بعمرة بعد الحج، فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بها إلى التنعيم وتحرم بعمرة وتأتي تطوف وتسعى وتقصر، أخوها معها قد تيسر له أن يعتمر، ومع ذلك لم يفعل، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلم أنه معها، وأن من اليسير عليه أن يعتمر، ومع ذلك لم يقل: اعتمر يا عبد الرحمن. يا إخوتي: أين نحن من طريق السلف؟ احذر أن تكرر العمرة لا عنك ولا عن أبيك ولا عن أمك، ولهذا قال بعض التابعين: [لا أدري أهؤلاء الذين يخرجون إلى التنعيم يأتون بعمرة أيأثمون أم يؤجرون؟] لا تغتر بعمل الناس، كم من أناس عملوا عملاً ليس له أصل من الشرع! أقول هذا إبراءً للذمة، وإصلاحاً للأمة، وإقامةً للملة بعون الله عز وجل، أنا ما يضرني لو أن أحداً اعتمر ألف مرة، لكن يجب عليَّ بما أنعم الله به عليَّ من العلم أن أبين الحق، ولا أبالي بالعمل ولا أبالي بفتوى من يفتي، بيننا وبين المفتين سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ليأتوا بحديث واحد أمراً أو فعلاً أو إقراراً من الرسول عليه الصلاة والسلام أن الناس يكررون العمرة من مكة.

صفة العمرة

صفة العمرة صفة العمرة أن تنويها من حين تركب السيارة من بيتك؛ حتى يكون الطريق عبادة من بيتك إلى أن ترجع، وليس معنى ذلك: أني أقول: ادخل في العمرة، بل انو أنك مسافر للعمرة، حتى لو قدر الله عليك ألا تدرك العمرة فإنه يكتب له الأجر، والدليل قول الله عز وجل: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء:100] فانو العمرة من حين تركب السيارة، فكن في سفرك مقيماً للصلاة، حسن الأخلاق، خادماً لإخوانك، قال بعضهم: [صحبت ابن عمر لأخدمه فكان يخدمني] . الله أكبر! ابن عمر الصحابي الجليل الورع الفقيه يقول الرجل: صحبته لأخدمه فكان يخدمني. (ومن تواضع لله رفعه الله) . فإذا وصلت إلى الميقات فاغتسل كما تغتسل للجنابة، وهذا معلوم -أي: صفة الاغتسال- ثم طيب رأسك ولحيتك، طيبها بأطيب ما تجد، وأكثر من الطيب في رأسك؛ لأن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تقول: [كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفارق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو محرم] والمفارق أي: مفرق الرأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يتخذ الشعر بناءً على أن هذه هي العادة في زمنه، وكان أول ما قدم المدينة يسدل رأسه إلى وراء موافقة لليهود، ثم بعد ذلك كره أن يوافقهم وصار يفرق الشعر على اليمين وعلى الشمال وعلى الخلف. فإذا وصلت إلى الحرم -أوصلك الله إلى الخير- فادخل المسجد وقل الذكر الذي تقوله عند دخول كل مسجد، وتقدم إلى الحجر الأسود فاستلمه، امسحه بيدك وقبله إن استطعت، وإلا استلمه بيدك وقبل يدك، وإن لم تستطع فبالإشارة، يروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال لـ عمر: (يا عمر! إنك رجل قوي فلا تزاحم فتؤذي الضعيف، ولكن إن وجدت فرجة فاستلمه -أي: الحجر الأسود- وإلا فاستقبله وهلل وكبر) ثم تطوف سبعة أشواط تبتدئ من الحجر وتنتهي بالحجر، واحذر أن تدخل من باب الحِجر؛ لأنك لو دخلت من باب الحجر أنقصت الشوط. أتدرون ما هذا الحجر؟ العوام يقولون: هذا حجر إسماعيل، إسماعيل ما يدري عنه ولا يعلم عنه ولا دفن فيه، هذا الحجر لما هدمت قريش الكعبة وأرادت أن تبنيها نقصت النفقة، ما عندهم مال، فقالوا: إذاً تقصر الكعبة، لا يبنى الجزء الشمالي منها، ولكن يحوَّط، ففعلوا، وبقيت حتى فتح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مكة، سنة ثمان من الهجرة، وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحسن الناس خلقاً وخير الناس لأهله، يتحدث مع زوجاته ويحدثهن، وينبسط إليهن، حدث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها يوماً من الدهر فقال لها: (لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم، وجعلت لها بابين: باباً يدخل منه الناس وباباً يخرجون منه) يعني: ولكن خشيت الفتنة أني لو هدمتها وأعدتها على ما سبق افتتن الناس؛ لأنهم حديثو عهد بكفر، فبقيت إلى عهد عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنه، لما تولى عبد الله بن الزبير على الحجاز هدم الكعبة؛ لأن الفتنة أمنت، وبناها على قواعد إبراهيم، وبقيت زمناً من الدهر، ثم أعيدت على ما هي عليه اليوم. إذاً: الحجر الآن من الكعبة، ولا بد أن نطوف من ورائه، لأننا لو دخلنا من الباب لم يتم الشوط، انتبه لهذا. ثم من نعمة الله عز وجل أن وفق هذه الحكومة -جعلها الله موفقةً دائمة- ووضعت علامة على محاذاة الحجر الأسود لما كثر الناس وكانوا لا يدركون محاذاة الحجر، فوضعت هذا الخط البني حتى يعرف الإنسان من أين يبتدئ وإلى أين ينتهي، وكنا قبل هذا نجد مشقة يقف الواحد فيشك ويقول: أنا حاذيت أو تقدمت أو تأخرت لكن من نعمة الله وتوفيقه أن الحكومة -زادها الله توفيقاً- وضعت هذا الخط، وفيه مصلحة عظيمة، فصار الناس الآن يبتدئون من الخط لا على أنه علامة شرعية مقصودة بذاتها؛ ولكن لأنه علامة على محاذاة الحجر، كما يوجد الآن بين أيديكم خطوط لتسوية الصفوف، وكما يوجد الآن لإيصال الكلام هذه الميكرفونات هل نحن نتعبد لله تعالى بوضع الميكرفون على أنه عبادة، أو على أنه وسيلة لإسماع الناس؟ الثاني، كذلك هذه الهواتف الآن تسمع من في بلاد بعيدة. على كل حال أقول: أتمم سبعة أشواط، ثم صلِّ ركعتين خلف المقام إن تيسر ولو كنت بعيداً، المهم أن يكون المقام بينك وبين البيت، وإن لم يتيسر ففي أي مكان، ثم اعمد إلى المسعى، فاصعد على الصفا واستقبل القبلة وارفع يديك للدعاء والتهليل والتكبير، ثم انزل متجهاً إلى المروة، فإذا حاذيت العمود الأخضر فاركض بقدر ما تستطيع إذا كان المسعى واسعاً ليس فيه زحام، إلى أن تصل إلى العمود الآخر الأخضر، ثم امش على العادة حتى تصل إلى المروة وافعل عليها كما فعلت على الصفا، وهكذا حتى تتم سبعة أشواط، من الصفا إلى المروة شوط، ومن المروة إلى الصفا شوط آخر، إذاً ليس كالطواف، الطواف لا يتم الشوط حتى تصل إلى المكان الذي بدأت منه، لكن المسعى لا، والسعي في الدور الأرضي والسعي في الدور الثاني والسعي في الدور الثالث كلها مجزئة، والأفضل لك أن تكون في الدور الذي تتمكن فيه من الخشوع ويقل فيه الزحام. فإذا أتممت السعي سبعة أشواط بعد ذلك تحلق أو تقصر، أنت بالخيار، احلق وهو أفضل، أو قصر، والمرأة تقصر، وبذلك انتهت العمرة، فمن أراد أن يرجع إلى بلده رجع في الحال، ومن أقام في مكة فليقم، ولكن إذا أراد أن يرجع إلى بلده فليطف طواف الوداع.

استغلال الإجازة بزيارة المدينة

استغلال الإجازة بزيارة المدينة أما المسجد النبوي فأول ما تصل إليه تدخل كما تدخل المساجد الأخرى وتذكر الذكر المعروف، ثم تصلي ما شاء الله أن تصلي في نفس المسجد، واعلم أن الزيادة في المسجد حكمها حكم المسجد، وإذا صليت فاتجه إلى القبر الشريف قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقابله، وقل: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. ولا سلام أحسن من هذا السلام؛ لأنه الذي علمه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمته، ثم اخط خطوة عن اليمين لتقف أمام أبي بكر رضي الله عنه وتقول: السلام عليك يا خليفة رسول الله، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمدٍ خيراً. ثم اخط خطوة عن اليمين لتكون مقابل عمر بن الخطاب فتقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمدٍ خيراً. وانتهى، لا يحتاج أن تقف للدعاء، سواءٌ استقبلت القبر أو استقبلت القبلة. ثم تخرج وتذهب إلى البقيع مقبرة الصحابة رضي الله عنهم، التي قال فيها الرسول عليه الصلاة والسلام: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) وهذا عام يشمل الموجودين في ذلك الوقت والذين بعدهم. هذه المقبرة مقبرة الصحابة رضي الله عنهم، وفيها قبر الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه، فسلم أولاً سلاماً عاماً تقول: السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم. ثم تسلم سلاماً خاصاً على أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، الذي قتل شهيداً وهو يتلو كتاب الله عز وجل، تسلم عليه وتقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمدٍ خيراً. ثم تنصرف، وإذا أحببت أن تزور مسجد قباء فهو خير، تتوضأ في بيتك وتخرج وتصلي فيه ما شاء الله، ركعتين أو أربعاً بسلامين، أو ستاً بثلاث تسليمات، وهكذا، الذي تريد، ثم تنصرف، ثم تزور الشهداء في أحد، وعلى رأسهم أسد الله وأسد رسوله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، عم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، تسلم عليهم كالعادة: السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون إلى آخره. وهنا انتهى الذي يزار في المدينة، فصار هناك خمسة أشياء: الأول: المسجد النبوي. الثاني: قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصاحبيه. الثالث: البقيع. الرابع: قباء. الخامس: أحد. وغير هذا لا يسن، وما يذكره بعض الناس هناك من المساجد السبعة، ومسجد الغمامة، ومسجد القبلتين، وما أشبه ذلك، كله لا يزار وزيارته بدعة. هذه طائفة من الناس تقضي الإجازة في هذه الأماكن المطهرة.

قضاء الإجازة بالسفر المحرم

قضاء الإجازة بالسفر المحرم ومن الناس من يقضي الإجازة في بلاد الكفر أو في بلاد دمار الأخلاق، نسأل الله العافية! يسافر بأهله وأطفاله إلى بلاد الكفر، بلاد لا يسمع فيها الأذان ولا تقام فيها الجماعة، وإنما فيها نواقيس النصارى وأبواق اليهود، يذهب بأطفاله، والطفل يتلقى ويتلقف ما يشاهد ويسمع ويبقى في قلبه. ثم إنفاقٌ عظيم على هذه الرحلة في جيوب أعدائه، في جيوب أعداء الله، في جيوب من ينصرون اليهود، رفعٌ لمعنوياتهم -أي: الكفرة- ورفعٌ لاقتصادهم، وفخرٌ لهم أن يأتي الناس إلى بلادهم، وهذا يجب أن يخجل الإنسان منه في مروءته قبل أن ينظر في دينه، وهذه الرحلة لو قال قائل بأنها حرام لم يكن قوله بعيداً؛ لما فيها من إضاعة الوقت وإنفاق المال والخلل في الأخلاق والمروءة. وهناك بلاد أخرى غير كافرة، لكن فيها أنواع من البلاء والشرور، يشاهدها الإنسان وهو في غنى عنها، فكأن هذا ممن يستعين برزق الله على معصيته. لذلك نصيحةً لله عز وجل وإبراءً للذمة: أنصح إخواني المسلمين من أن يسافروا إلى هذه البلاد، وأقول: الحمد لله بلادنا فيها أشياء ترفيهية مباحة، ولست أقصد الترفيهية المحرمة كالأغاني والموسيقى وما أشبه ذلك، هذا لا نقره، ولا نجوز لأحد أن يشهده، لكن هناك أشياء مباحة يتسلى بها الإنسان وقتاً من الزمن. ومن الناس من يقضي الإجازة في أعمال تجارية، يكون هذا الطالب -مثلاً- له والدٌ يتعامل بالتجارة، فيساعد والده ويستفيد ويكتسب. ومن الناس من يقضي الإجازة في الحراسة، يكون أبوه فلاحاً فيساعد والده في الفلاحة، وكل هذا خير. فالمهم أن نصيحتي لإخواني المسلمين: أن يستغلوا هذه الإجازة بما ينفعهم في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعاً، وأقول هذا استكمالاً للتقسيم، وإلا فالذي ينفع في الآخرة نافعٌ في الدنيا، انتبه يا أخي! أنا قلت: بما هو نافعٌ في الدنيا أو نافع في الآخرة أو نافعٌ فيهما، قلت هذا استكمالاً للتقسيم، وإلا فالذي ينفع في الآخرة ينفع في الدنيا؛ لأن الذي ينفع في الآخرة يعني: أنك اكتسبت الوقت وربحت الوقت، والذين لا ينتفعون في الآخرة من دنياهم خسروا أو لم يخسروا؟ خسروا والله، ضاعت أعمارهم، لم ينتفعوا من الدنيا بشيء، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما جلس قومٌ مجلساً لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا كان عليهم كرة) (كرة) أي: حسرة، كيف فاتنا؟ كل لحظة تمر بك لم تنتفع بها في الآخرة فإنها خسارة، لكن عادة قد تكون إثماً وقد لا تكون إثماً. فعليك يا أخي بانتهاز الفرصة ما دمت في زمن الإمهال، هذه الإجازة استغلها بما ينفع ودع عنك ما يضر، وإذا كنت من الخيار فدع اللغو، كما قال الله عز وجل في عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً، قال: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان:72] أي: يمرون مراً لا يتضررون فيه، بل يسلمون من إضاعة الوقت. أسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يحب في الدنيا والآخرة، وأن يجعل أعمارنا في خير أعمالنا، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

الأسئلة

الأسئلة

فتنة الإنترنت وكيفية النجاة منها

فتنة الإنترنت وكيفية النجاة منها Q فضيلة الشيخ! أمة الإسلام مستهدفةٌ من أعدائها قد تكالبوا علينا من كل صوب، آخر شرهم -وهو من أخطر الشر في نظري- ما يسمى بالإنترنت الذي غزا البيوت، بل فتحت له مقاهي يحضرها الأطفال والشباب قبل الكبار وينادى بفتح مثلها للنساء، وأعظم ما يعرض في هذه المقاهي الجنس وساقط الأخلاق، فما نصيحتك لنا في التعامل مع هذه الفتنة؟ وما حكم فتح هذه المقاهي وغالب ما يشاهد فيها الفساد؟ نفع الله بك. A الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. الفتن حذر منها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أعظم تحذير، وأخبر أنها ستكون فتنٌ يرقِّق بعضها بعضاً، كلما حدثت فتنة قال الناس: الفتنة السابقة أهون من هذه، أي أن الفتنة الحادثة تجعل الفتنة السابقة رقيقة سهلة؛ وذلك لأنها أعظم وأشد، وهذا هو الواقع. لقد سئم الناس وتعبوا وملوا وأنكروا من القنوات الفضائية، فجاء هذا الإنترنت الذي أصبح الإنسان يخاطب المرأة وجهاً لوجه، ويشاهد ما يريد من الشر والفساد، ولكن سمعت أن حكومتنا -وفقها الله- وضعت حاجزاً عن نشر الأخلاق السيئة في الإنترنت، وهذا مما تشكر عليه الحكومة، ومما يدل على رعايتها الرعاية الطيبة لشعبها، وهي وإن سيطرت على جهة ما قد لا تسيطر على كل جهة، ولكن هي في طريقها -إن شاء الله تعالى- إلى السيطرة على هذا كله، ومنع ما يسيء إلى الدين أو إلى الأخلاق، ولكن الحكومة ليست كل شيء، أليس كذلك؟ ليست كل شيء، إنما يجب على الشعب نفسه أن يتقي الله عز وجل وأن يتجنب ما فيه ضررٌ مما تنشره الإنترنت، وكل إنسان راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته، والله لو طبقنا هذه المسئولية التي أخبرنا عنها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لصلح الشعب، فإن الشعب أفراد مكونة من بني آدم، لو أن صاحب هذا البيت أصلح بيته، والثاني أصلح بيته، والثالث أصلح بيته؛ لمشى الإصلاح وصلح الخلق، لكن المشكل أن في البيوت رجالاً أشباه الرجال ولكنهم نساء، لا يكاد يسيطر على بيته، هو إذا جاء وأكلهم جاهز أكل ونام أو ذهب إلى متجره ولا يهمه، وإذا جاء في الليل وجد زوجته على الفراش وهي متجملة له وقضى حاجته منها ولا يهمه، أهذا رجل؟! لا والله ما هو برجل، إن الرجل هو الذي يتفقد أهله ماذا صنعوا؟ وماذا فعلوا؟ وأين ذهب أبناؤه وبناته؟ وأين رجعوا؟ لأنه مسئول مسئول مسئول، وقد قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:6] أمرنا أن نقي أهلينا ناراً، وهذا يعني أن نربيهم التربية التي تقيهم النار، ولكن مع الأسف أن كثيراً من الرجال ليس برجل، بل هو شبيه رجل وليس برجل، ولهذا خطب بعض الخلفاء بعد أن اختلفت الأمة وقال: أيها الرجال ولا رجال! أيها الرجال أشباه الرجال! الرجل رجل بمعنى الكلمة. فنصيحتي لكل واحد من إخواني المسلمين: أن يراقب أهله من ذكور وإناث؛ لأنه مسئول، وإذا رباهم التربية الصحيحة انتفع بهم بعد موته، صلحوا وصاروا يدعون له بعد الموت. الإنترنت فيه خير، لا أقول: إنه شر محض، بل فيه خير، لكن مع ذلك فيه شرور شرور في العقائد؛ لأنه تنشر فيه عقائد بدعية بعضها مكفر وبعضها مفسق، وفيه الشر في الأخطاء الكثيرة في الفتاوى، يقوم المفتي ويفتي بما عنده وليس عنده علم، وهذا خطر على العوام؛ لأن العامي على اسمه عامي، وكما قيل: العوام هوام، والعامي إذا أفتى إنسان يوافق هواه ضرب صفحاً عن الفتاوى الأخرى، وهذا ضرر، وفيه ضرر في الأخلاق، والدعارة والفساد، وغير ذلك مما هو معروف، فمن استفاد منه واقتناه لما فيه من المصلحة وسلم من شره، فهذا من وسائل العلم، وأما من أخذ بما فيه من خير وشر وشاهد ما هب ودب فهو على خطر. أما ما يتعلق بفتح المقاهي فهذا لا يسأل عنه، هذا له جهة مسئولة عنه فليتصل بهذه الجهة.

الأعراس الشرعية

الأعراس الشرعية Q فضيلة الشيخ! من الأمور التي تكثر في الإجازة الصيفية كثرة الزواجات والمناسبات، لكن يلحظ عليها لبس النساء للشفاف والمشقق، والإسراف في الولائم، وحصول الغناء خارج القصر، وعدم استغلال مثل هذه الاجتماعات بالخير والفائدة، فما توجيهكم؟ A هو كما قال السائل: في أيام الإجازة تكثر الزواجات، ونسأل الله أن يكثرها وأن يكثر النسل، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يا معشر الشباب!) انظر خطاب النبي عليه الصلاة والسلام، ما وجهه للشيوخ أو للكهول، بل للشباب: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء) أي: قطع، يخفف الشهوة ويوصل العبد بربه، ويتلهى بذكره وصومه عن تذكر الجنس. أقول: إن الناس -والحمد لله- تكثر فيهم الزواجات في أيام الإجازة، ولكن يجب أن نجعل هذه الزواجات زواجات شرعية، فيها الدف والغناء للنساء كما كان ذلك معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والدف هو الطار الذي ليس له إلا وجه واحد، ويُتجنب الأغاني الماجنة أو الموسيقى أو ما أشبه ذلك، يجب أن تتجنب. ثانياً: يجب أن تأتي المرأة بلباس الحشمة، لباس الحياء، والمرأة مضرب المثل في الحياء، ولهذا يقال: أحيا من العذراء في خدرها. ليس لباسها كلباس الرجال، ولا حياؤها كحياء الرجال، ولا عملها كأعمال الرجال، والله تعالى فرق بين الرجل وبين المرأة في كل شيء، إلا في الأحكام الشرعية فالناس فيها سواءٌ، كالصلاة واجبة على الرجال والنساء، والزكاة على الرجال والنساء، والصوم على الرجال والنساء، والجهاد على الرجال دون النساء؛ لأن المرأة ضعيفة ما تستطيع أن تقاتل. كذلك اللباس تختلف النساء عن الرجال، ومن قال: إن عورة المرأة كعورة الرجال فقد أخطأ، ولهذا كان نساء الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا خرجن إلى الأسواق يكون على المرأة جلباب واسع مثل العباءة، ورخص لها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن ترخيه شبراً، قالوا: (يا رسول الله! تنكشف أقدامهن. قال: أرخينه إلى ذراع) كل ذلك لئلا تنكشف قدم المرأة، ولأجل ألا تسرع في المشي؛ لأنه إذا كان جلبابها إلى ذراع فلا تستطيع العجلة. ثم إن بعض الناس اشتبه عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة، ولا الرجل إلى عورة الرجل) اشتبه عليهم الأمر، فظنوا أن معنى الحديث: أن للمرأة أن تلبس أمام المرأة ما يستر الذي بين السرة والركبة فقط، وهذا خطأ على فهم الحديث إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث لم يتكلم عن اللباس أصلاً، تأمل الحديث -يا أخي- هل تكلم الرسول على اللباس؟ لا. بل تكلم عن النظر، المرأة لا تنظر عورة المرأة، ما قال: للمرأة أن تلبس من اللباس ما يستر ما بين السرة والركبة، أبداً ولا تعرض له؛ لأنه من المعلوم أن لباس النساء في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في السوق كما سمعتم، لبس الجلابيب الواسعة المرخاة، وفي البيوت اللباس المعتاد، لا تُخرج المرأة في بيتها إلا ما تحتاج إليه للطبخ ونحوه، هذا لباسها، حتى إنه لما أمر النساء أن يخرجن إلى العيد قلن: (يا رسول الله! المرأة ليس عليها جلباب، قال: تلبسها أختها من جلبابها) أي: تعيرها جلباباً تخرج به، ما قال: تخرج بالقميص أو نحوه. والجلباب هو ما يشبه العباءة. المهم أن الخطأ في فهم النصوص خطر عظيم، ولما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة) ما تكلم في اللباس إطلاقاً، وليس معناه: أن النساء يلبسن ما بين السرة والركبة فقط. وهل تتصور أنت -أيها المسلم- أن نساء الصحابة فيما بينهن تجلس الواحدة ليس عليها إلا سروال يستر ما بين السرة والركبة؟! هل تتصور هذا؟! لا. أبداً، الدول الغربية ما فعلت هذا، حتى الدول الغربية التي نساؤها عاريات يجعلن على الثدي شيئاً يسترها، وهذا الذي توهم يريد أن يكون نساء الصحابة فيما بينهن ما تلبس المرأة إلا ما بين السرة والركبة، سبحان الله! عجائب، عجائب، عجائب! إننا نقول بكل سهولة وبكل يسر: لم يتكلم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث عن اللباس أبداً، وإنما تكلم عن نظر المرأة إلى المرأة، وهذا ممكن، كأن تكون المرأة مثلاً تغتسل وحولها امرأة، نقول: لا يجوز أن تنظر إلى العورة امرأة تقضي حاجتها وحولها امرأة، نقول: لا يحل لها أن تنظر إلى عورتها امرأة نائمة انكشفت عورتها، نقول للمرأة الأخرى: لا تنظري إلى عورتها امرأة جالسة وليس عليها سروال ورافعة ساقيها وستبدو العورة، نقول للثانية: لا تنظري إلى عورتها هكذا ينزل الحديث، وليس في الحديث ذكرٌ للباس أبداً، لكن أكثر ما يخطئ الناس في الفهم أو القياس الفاسد.

حكم خلوة المرأة مع السائق

حكم خلوة المرأة مع السائق Q كثيراً ما نرى -يا فضيلة الشيخ- امرأة أو مجموعة نساء مع السائق، وإذا ما تمت المناقشة حول ذلك قالوا: هناك فتاوى تجيز ركوب المرأة مع السائق داخل المدينة، ما رأي فضيلتكم؟ A إذا كان هذا في البلد فلا بأس؛ لأنهن نساءٌ مع واحد، والمنهي عنه هو الخلوة، واحدة تخلو بالسائق، فهذا لا يجوز ولو في البلد، وما ذكر من الفتاوي المختلفة في هذا الباب يجب أن يعرض على الكتاب والسنة وينظر ما نتيجته أرأيتم رجلاً مع امرأة ليست بمحرم له في سيارة، الزجاج مغلق والسيارة تمشي، أهذا خلوة أم لا؟ خلوة لا شك؛ لأنه ليس واقفاً يشاهده الناس، هو مار يمشي، ما يشاهده الناس، ولا يرون ماذا يفعل، ولا يسمعون ما يتكلم به، لا سيما بعد أن رخص للسيارات بوضع التظليل، ألا يمكن أن يقول هذا الرجل الأجنبي للمرأة: تعالي هنا قدام، وفي حال السير يتكلم معها ويهمس، وربما يقبِّل، وربما يعصر الفخذ هل هذا ممكن أم غير ممكن؟ هذا ممكن، حتى لو قدر أن هذا ليس بخلوة، ما دام يفضي إلى محرم فالمباح إذا أفضى إلى محرم صار حراماً، أرأيتم البيع والشراء حلال أم حرام؟ البيع والشراء حلال، وإذا أذن الأذان الثاني ليوم الجمعة صار حراماً. فيجب على المفتين وهم يتحملون المسئولية، وما أعظم زلة العالم! يجب عليهم أن يتقوا الله عز وجل، وأن ينظروا إلى النتيجة فيما يفتون به، لا مجرد أن ينظروا إلى الأمور على وجهٍ سطحي، بل ينظرون ما هي النتيجة، أنا أقول: حتى لو قلنا: إنه ليس بخلوة وأنه مباح، فإنه يجب أن يقال: إنه حرام؛ لما يترتب عليه من المفاسد، وأنا أقول وأشهدكم على ما أقول، وكبراء علمائنا الذين توفاهم الله والباقون -أيضاً- يقولون بهذا: أنه لا يجوز للمرأة أن تخلو بالسائق لوحدها، وأن خلوتها بذلك خلوة شرعية، وهذا الذي أوصيكم به أيها الإخوة، اتئدوا في الفتاوى، ولا تسمعوا لكل فتوى حتى تعرفوا أنها صدرت من عالم أمين على عباد الله فقيه في دين الله، والعالم ليس هو المتبحر في حفظ العلوم، العالم الفقيه هو الذي يقدر الأمور ويخطط للفتوى قبل أن يفتي، ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: [كيف بكم إذا كثر قراؤكم وقل فقهاؤكم؟!] كثر القراء معناه: علم كثير لكن بدون فقه، والعالم الرباني هو الذي يربي الأمة على دين الله عز وجل. الخلاصة: أن خلوة المرأة مع السائق في البلد حرام لا تجوز داخلةٌ في النهي، أما في السفر ففيها محظوران: الأول: السفر بلا محرم. الثاني: الخلوة.

حكم صلاة ركعتي الطواف بعد كل طواف

حكم صلاة ركعتي الطواف بعد كل طواف Q يا شيخ! هل الصلاة التي بعد الطواف تكون بعد كل طواف أم في طواف خاص؟ A المعروف عند العلماء رحمهم الله أنها بعد كل طواف حتى طواف التطوع، لكن قالوا: للإنسان أن يجمع أسبوعين أو ثلاثة، ثم يصلي بعد ذلك لكل أسبوع ركعتين، مثلاً: طاف أربعة عشر مرة ينوي سبعاً وسبعاً، نقول: لا حرج، وصل ركعتين للسبع الأول وركعتين للسبع الثاني.

حكم لبس النقاب

حكم لبس النقاب Q فضيلة الشيخ! تفشى بين بعض نسائنا -هداهن الله- ظاهرة لبس النقاب بشكل ملفت للنظر، وهو متفاوت بين السعة والضيق، وبعضهن يلبسن نقاباً واسعاً لكن يلبسن فوقه غطاء، وتجدون برفق هذا السؤال -يا فضيلة الشيخ- نموذجين من هذه النقابات، أرجو -حفظكم الله- بيان حكم لبسهما، سواءًَ في الإحرام أو غيره عند النزول للأسواق ونحوه؟ A أقول بارك الله فيكم: النقاب في الأصل جائز، ولا يمكن أن نقول بأنه حرام؛ لأنه موجود في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والدليل على وجوده بين النساء: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى المرأة المحرمة أن تنتقب، وكونه ينهى عن المرأة المحرمة أن تنتقب يدل على أن هذا من عادات المحلات، ولكن إذا ترتب عليه مفسدة فإننا لا نفتي بجوازه تربيةً للأمة، فإذا قال قائل: كيف تمنع ما كان حلالاً في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام؟ أقول: أمنعه لأنه ترتب عليه مفسدة، فبدأت المرأة توسع النقاب وتجمله وتكتحل ويحصل شر، والعين قد تفتن أكثر من نظر الوجه، فإذا قال قائل: هل سبقك أحدٌ في منع ما كان جائزاً من أجل التربية؟ فالجواب: نعم، سبقني إلى هذا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن يكن فيكم محدثون -أي: ملهمون- فـ عمر) وذلك في شيء من أخطر الأمور، فقد كان طلاق الثلاث في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي عهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر، كان طلاق الثلاث واحدة، فإذا قال الرجل لزوجته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، فهي واحدة، في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي عهد أبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، والثلاث إذا جمعت في كلمة أو في مجلس حرام، فكثر الطلاق الثلاث في عهد عمر، فلما كثُر قال رضي الله عنه: [أرى الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم] تأديباً لهم أمضاه عليهم، وقال: أي إنسان يطلق زوجته ثلاثاً في مجلس واحد فإننا نلزمه ونمنعه من مراجعة الزوجة، مع أن مراجعة الزوجة في الأصل حلال، لكن رأى أن الناس وقعوا في الحرام فمنع الحلال، وهذا من السياسة الحكيمة؛ أن يراعي الإنسان أحوال الأمة، ولقد سمعتم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم امتنع من هدم الكعبة وردها إلى قواعد إبراهيم خوفاً من الفتنة.

الدش وخطره

الدش وخطره Q سائلة تقول: يا فضيلة الشيخ! أراد زوجي إحضار الدش إلى أولادي، فرفضت ذلك فأحضره ووضعه في غرفة في السطح، ثم أخذ يجلس عنده كل وقته حتى النوم والأكل نحضره له في هذه الغرفة، فقاطع أولاده ومجالستهم حتى اشتكت المدرسة من ضعفهم، فأخذ يسيء خلقه عند أتفه الأسباب، ومرة أخرجني من البيت فبت عند الجيران لكون أهلي في المدينة المنورة، والآن أنا عند أهلي، ماذا أفعل خاصة وأن لدي أولاداً كما ذكرت؟ آمل من فضيلتكم توجيهي. A لا شك أن الصواب مع هذه المرأة، ما دامت وصلت الحال بهذا الرجل إلى أن عكف على هذا الدش، فالصواب معها، والواجب على الرجل -إذا كان الأمر كما ذكرت المرأة- أن يتقي الله تعالى في نفسه، وأن يكسر هذا الدش؛ لأنه صده عن طاعة الله، وصده عن معاشرة أهله، وصده عن رعاية أولاده، وصده عن مصالح عظيمة، فليتق الله، وأسأل الله أن يسمعه كلامي، ليتق الله عز وجل وليكسر هذه الآلة التي أدت إلى هذه الحال التي ذكرتها المرأة، وإذا فعل ذلك فسوف يطيب عيشه، ويطمئن قلبه، وتصلح أموره، ويجمع الله شمله بأهله وأولاده.

حكم المواشي التي تشرب من مياه الصرف الصحي

حكم المواشي التي تشرب من مياه الصرف الصحي Q رجل عنده إبل وغنم في جانب الوادي، ويجري في هذا الوادي مياه الصرف الصحي وتشرب منه هذه المواشي، فهل يؤكل لحمها ويشرب لبنها؟ A لا حرج أن يؤكل لحمها ويشرب لبنها؛ لأنها تشرب فقط، والجلالة التي قال العلماء: إنه يحرم لحمها ولبنها حتى تحبس وتطعم الطاهر ثلاثاً يقولون: هي التي أكثر علفها النجاسة، وهذا شرب وليس بعلف. هذا من جهة. من جهة أخرى: أسمع أن هذه المجاري يجعل فيها مواد تذهب النجاسة، لا يبقى للنجاسة أثر لا في اللون ولا في الطعم ولا في الريح، وإذا وصل الأمر إلى هذا صار الماء طاهراً، لو أصاب ثيابك لم يجب عليك أن تغسله، إذا صح هذا الذي أخبرت به، أنه يلقى عليه المواد تفتته وتزيل النجاسة لا لوناً ولا طعماً ولا ريحاً.

حكم الذهاب إلى الملاهي

حكم الذهاب إلى الملاهي Q يا صاحب الفضيلة! يكثر ذهاب أولياء الأمور بأطفالهم إلى ما يسمى بملاهي الأطفال، وفيه من المخالفات الشرعية من تبرج بعض النساء، والأطفال فيهم حرص شديد على الذهاب إلى هذه الملاهي، فما الحكم الشرعي في الذهاب إلى هناك؟ A هذه الملاهي -كما ذكر أخونا السائل- فيها منكرات، وإذا كان المكان فيه منكرات فإن استطاع الإنسان أن يزيل هذه المنكرات وجب عليه الحضور لإزالتها، وإذا لم يستطع حرم عليه الحضور، وحينئذٍ نقول: اخرج بأولادك إلى البر وكفى، وأما أن يؤتى بهم إلى هذه الملاهي وفيها الاختلاط، وفيها السفهاء الذين يغازلون النساء، وفيها الثياب التي لا يحل للمرأة لبسها؛ فإنه لا يحل أن يأتي إليها إلا إذا كان قادراً على إزالة المنكر.

حكم ذهاب الطالبات إلى الكليات البعيدة

حكم ذهاب الطالبات إلى الكليات البعيدة Q ما حكم ذهاب الطالبات للدراسة في الكليات التي تبعد عن البلد خمسة وسبعين كيلو تقريباً، مع العلم أن عدد الطالبات يصل إلى أربعين طالبة في الحافلة، والسائق الذي يذهب بهن يعطى راتباً من قبل الكلية؟ وجزاكم الله خيراً. A لا حرج في هذا إذا كن يرجعن في يومهن، مثلاً: طالبات أو معلمات يذهبن إلى بلد آخر خمسة وسبعين كيلو أو مائة كيلو ويرجعن في يومهن ولا خلوة، فهذا لا حرج فيه؛ لأنه لا يسمى سفراً عرفاً.

حكم المراكز الصيفية للذكور والإناث

حكم المراكز الصيفية للذكور والإناث Q فضيلة الشيخ! من المعلوم أن البنين والبنات في هذه الإجازة يكثر فراغهم حيث الصباح والمساء لا شيء عندهم، فما توجيهك في المراكز الصيفية للذكور والإناث؟ A أما المراكز الصيفية للذكور فأنا أحث عليها إذا كان القائمون عليها أهل علم وإيمان ونزاهة؛ لأنها في الواقع تحفظ وقت الطالب، وتحميه من عدوان السفهاء عليه، فأحث إخواني أن يلحقوا أبناءهم بهذه المراكز، وأسأل الله تعالى أن يجعلها مرتع خيرٍ وبركة. أما النساء فلا أرى هذا، أن يكون لهن مراكز، حتى لو وضع مراكز لا أرى للمرأة أن تذهب؛ لأني أخشى من التوسع والتطور وبعد إذٍ لا نستطيع أن نمنع. مداخلة: وماذا عن دور القرآن؟ الشيخ: دور القرآن حسن، مثلاً النساء تذهب إلى دور القرآن وتتعلم القرآن هذا حسن. إلى هنا ينتهي هذا اللقاء، وقد زاد عن الوقت المقرر؛ لأن من عادتنا أن نقيم الصلاة على الساعة الثانية بالتوقيت العربي، ونرجو الله تعالى أن يجعل فيما حصل كفاية، وأن يثيب الجميع على هذا الحضور والإنصات والاستماع. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

اللقاء الشهري [76]

اللقاء الشهري [76] النكاح سنة من سنن المرسلين له فوائد عظيمة جداً، منها: غض البصر، وتحصين الفرج، وتكثير النسل، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الشباب المستطيع أن يتزوج، وأمر من لم يستطع أن يصوم؛ لأنه هو الحل الوحيد لمن لا يستطيع الزواج، وقد جاءت هذه المادة لبيان كل ذلك، مع توضيح لشروط الزواج، وشروط الخروج منه.

النكاح وفوائده

النكاح وفوائده الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإننا في هذه الليلة ليلة الأحد الثالث عشر من شهر ربيع أول عام (1421هـ) نفتتح هذا اللقاء السادس والسبعين من اللقاءات الشهرية التي تتم كل شهر ليلة الأحد الثالث من كل شهر في الجامع الكبير في عنيزة، والتي يشاركنا فيها في الآونة الأخيرة إخوانٌ لنا في مدن أخرى، نسأل الله تعالى أن ينفع بهذه اللقاءات. هذا اللقاء سنجعله مناسباً لما يحدث في هذه الإجازة من كثرة الزواج. فنقول: الزواج من سنن المرسلين، كما قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً} [الرعد:38] وكما فعل صاحب مدين مع موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام حين قال له: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ} [القصص:27] ولأن فيه فوائد عظيمة للمجتمع عموماً وللزوجين خصوصاً، ولأنه من طبيعة البشر؛ فإن الطبيعة الفطرية تهوي النكاح وتريده، ولولا أن الله جعل في الفطرة هواية النكاح ما تزوج أحد؛ لأنه يستحيا -لولا قوة الشهوة- أن يكشف الرجل عورته للمرأة وتكشفها للرجل، لكن الله جبل الخلق على هذه الفطرة من أجل المصالح العظيمة التي منها: بقاء النسل وبقاء البشر، إذ لولا النكاح ما توالد البشر ولهلكوا. وفي النكاح فوائد كثيرة: منها: التأسي بالمرسلين كما سبق. ومنها: غض البصر وتحصين الفرج؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة -أي: النكاح- فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) . ومنها: تكثير نسل الأمة، ولهذا حث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على أن نتزوج بالودود الولود؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكاثر الأنبياء يوم القيامة بأمته، وأمته أكثر الأمم بلا شك. ومنها: ما يترتب على ذلك من الإنفاق على الزوجة والأولاد. ومنها: ما يترتب على ذلك من تقارب الناس بعضهم لبعض، كما قال عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} [الفرقان:54] تجد الرجل لا يعرف هؤلاء القوم وليس لهم به صلة، فإذا تزوج منهم حصلت الصلة حتى كأنهم من أقاربه، وهذه هي إحدى الحكم في تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، حتى يكون له في كل قبيلة من قريش صلة بالمصاهرة، ولهذا مات صلوات الله وسلامه عليه عن تسع نسوة.

شروط النكاح

شروط النكاح النكاح فيه فوائد كثيرة، ومن أجل هذه الفوائد جعل الله تعالى له حدوداً في الدخول فيه وحدوداً في الخروج منه. نذكر الحدود في الدخول فيه:

الولي

الولي أولاً: لا بد من الولي، وهو الرجل البالغ العاقل من عصبات المرأة، وعلى هذا فالمرأة لا تكون ولياً، بمعنى: لا تزوج الأم ابنتها؛ لأن الأم نفسها تحتاج إلى ولي. والبالغ ضده الصغير، فالصغير لا يكون ولياً ولو كان من أذكى الناس، فذكرٌ له أربع عشرة سنة ومن أذكى الناس وأعقل الناس لا يمكن أن يكون ولياً، فلو كانت امرأة لها أخٌ شقيق ذكي عاقل، ولها ابن عم بعيد لكنه بالغ عاقل تمت به شروط الولاية، فمن الذي يزوجها؟ يزوجها ابن العم البعيد، وذلك لفقد البلوغ. والعاقل ضده المجنون، ولا يكون ولياً، بل هو يحتاج إلى ولاية. (من عصبات المرأة) احتراز من ذوي الفروض والأرحام، فذوو الفروض لا ولاية لهم، وذوو الأرحام لا ولاية لهم أبو الأم هل يكون ولياً لبنت ابنته؟ لا. لأنه ليس من العصبة وجد المرأة لأمها لا يكون ولياً لها؛ لأنه ليس من العصبة، أما جدها لأبيها فهو ولي؛ لأنه من العصبة، وعلى هذا لو اجتمع أبو أم وابن عم بعيد فإن الذي يزوج المرأة ابن العم البعيد دون أبو الأم، والأخ من الأم هل يزوج أخته من الأم؟ A لا يزوج؛ لأنه ليس من العصبة، وعلى هذا فلو وجد ابن عم بعيد جداً وأخ من أم فإن الذي يزوجها ابن العم البعيد إذا تمت شروط الولاية. إذاً: ولي المرأة هو الرجل البالغ العاقل من عصبات المرأة، وما هو الدليل على أنه لا بد أن يكون لها ولي؟ أليست المرأة يجوز أن تبيع كل مالها كما شاءت في الحدود الشرعية؟ الجواب: بلى. لكن لا تزوج نفسها؛ لأن النكاح ليس بالأمر الهين، بل خطير جداً، الدليل قول الله تعالى: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة:232] تعضلوهن أي: تمنعوهن، وهذا يدل على أنها لا تتزوج إلا بولي وإلا لكان العضل وعدمه سواءً. ثانياً: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا نكاح إلا بولي) أي: لا نكاح صحيح إلا بولي، هذا شرط من شروط النكاح، ولو زوجت المرأة العاقلة العالمة الذكية نفسها رجلاً خليقاً ديناً فإن النكاح باطل؛ لأنها لم تتزوج بولي، و (لا نكاح إلا بولي) .

رضا الزوجين

رضا الزوجين الشرط الثاني: رضى الزوج والزوجة فإن أكره الزوج أو الزوجة على النكاح فلا نكاح، وكيف يكره الزوج؟ عند بعض البوادي يكره الرجل ابنه على أن يتزوج ابنة عمه ويقول: إما أن تتزوجها وإلا فالرصاصة في رأسك، وهذا إكراه فلا يصح النكاح، بعض البادية يفعل هذا؛ لأنه قد حجر ابنة أخيه لابنه، فيقول: كيف أقابل الرجال وأنا قد حجرت ابنة عمك لك ثم تقول: لا؟ فيكره ابنه على أن يتزوجها، فالنكاح باطل، كذلك لو أكرهت البنت على أن تتزوج من لا تريد فإن النكاح باطل، حتى لو كان أباها فإن النكاح باطل، فلو أكره ابنته على النكاح بأن قال لها: يا ابنتي! هذا ابن عمك قد حجرناه لك ولا يمكن أن تخجلينا، إما أن تتزوجي وإلا فالرصاصة في رأسك. فوافقت وتم العقد، فإن هذا العقد غير صحيح لعدم الرضا، الدليل: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تنكح الأيم -أي: الثيب- حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت) وقال: (البكر يستأذنها، أو قال: يستأمرها أبوها) فنص على البكر ونص على الأب. وما ذهب إليه بعض العلماء من جواز إجبار الرجل ابنته على الزواج، مستدلين بحديث عائشة حين زوجها أبو بكر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وليس لها إلا ست سنين؛ فقولهم ضعيف واستدلالهم باطل؛ لأن أبا بكر زوج عائشة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهل يعقل أن عائشة تمانع في هذا؟ أبداً، هو يعلم علم اليقين أنها تفرح بهذا، ولهذا لما نزل قول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب:28-29] فالرسول خير النساء: إن كنتن تحببن الدنيا وزينتها فأنا أسرحكن سراحاً جميلاً، وإن كنتن تردن الله ورسوله فلكن الله ورسوله، وبدأ بـ عائشة، عائشة البكر الصغيرة خيرها وخاف أن يدركها الشباب وقال لها: (ما عليك أن تستأمري أبويك) أي: شاوري أبويك، خاف أن تتعجل وتقول: أريد الدنيا؛ لأنها صغيرة، قالت: يا رسول الله! أفي هذا أستأمر أبوي أن أخير بين الله ورسوله وبين الدنيا، أفي هذا أستأمر أبوي؟ أريد الله ورسوله. سبحان الله! هل يعقل أن مثل هذه إذا زوجها أبوها بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تمانع؟ لا تمانع، إذاً الاستدلال بهذا الحديث خطأ وغلط، لكن أروني بكراً أقر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نكاحها وهي كارهة، لا تجدون هذا، وما يفعله بعض البادية يحبس ابنته على كثرة ما يعطى من الأموال فقد خان أمانته، وسقطت ولايته، وفعل إثماً مبيناً والعياذ بالله، ولن تغنيه الدنيا عن الآخرة، وما يدري فلعله لا يستمتع بما اشترط لنفسه من الأموال. هذا هو الشرط الثاني.

تعيين الزوجة

تعيين الزوجة الشرط الثالث: تعيين الزوجة كأن يسميها باسمها، أو يصفها بوصف لا ينطبق إلا عليها، أو يشير عليها إن كانت حاضرة، فالتعيين يكون بواحد من أمور ثلاثة: أن يسميها باسمها، كأن يكون هناك رجل له ابنتان إحداهما زينب والثانية فاطمة، فقال: زوجتك إحدى ابنتي، من هي؟ لا بد من أن يعين، لكن قال: زوجتك ابنتي فاطمة؛ فهذا تعيين، أو له ابنتان إحداهما طويلة والثانية قصيرة، وقال: زوجتك ابنتي القصيرة، وهذا الوصف لا تتصف به الأخرى، هذا تعيين صحيح، أو بناته عنده في المجلس لكنهن متغطيات، فقال: زوجتك هذه، وأشار إليها، فهذا تعيين صحيح. لعلكم تقولون: أليس صاحب مدين قال لموسى: زوجتك إحدى ابنتي؟ فالجواب بلى، قال: إحدى ابنتي، ما قال هذه ولا هذه، لكننا نعلم أن موسى عينها، فإحدى ابنتي للتخير، أي: خذ من شئت، فعينها فزوجه إياها، فهنا عينها بعد الإبهام وهذا الصحيح.

الشهود

الشهود بقي شرط رابع مختلف فيه وهو: الشهود أن يكون العقد بشاهدين ذكرين بالغين عاقلين، فإن تزوج بلا شهود فلا نكاح، أو بشهادة امرأتين فلا نكاح، أو بشاهدة عشر نساء فلا نكاح، أو بشاهدة غلامين فلا نكاح، لا بد أن يكونا رجلين بالغين عاقلين، لكن هذا الشرط فيه خلاف بين العلماء، منهم من يقول: إنه شرط للصحة، ومنهم من يقول: إنه شرط للكمال، بمعنى: أنه إذا كان هناك شهود فهو أكمل وإلا فالعقد صحيح، وهل يصح أن يكون أحد الشاهدين المأذون الشرعي الذي يكتب أو لا يصح؟ يصح أن يكون أحد الشاهدين المأذون الشرعي، وعلى هذا فإذا حضر الرجل والمأذون الشرعي وشاهد، وزوجه الولي فالعقد صحيح؛ لأن المأذون شاهد. إذاً: لا بد في العقد من هذه الشروط، ولا بد ألا يزيد عن العدد المشروع وهو أربع، فلو تزوج خامسةً ومعه أربع فالنكاح باطل؛ لقوله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:3] فإن طلق إحدى الأربع فهل يتزوج الخامسة؟ A ما دامت المطلقة في العدة فلا يتزوج، وإذا انتهت العدة تزوج.

تعلم ما يجب في النكاح وما يحرم وما يباح

تعلم ما يجب في النكاح وما يحرم وما يباح ثم إنه ينبغي للإنسان أن يتعلم ما يجب في النكاح وما يحرم وما يباح، حتى يؤدي الواجب ويجتنب المحرم ويستمتع بالمباح. والواجب على الرجل وعلى المرأة -أيضاً- أن يعاشر كل منهما الآخر بالمعروف؛ لقول الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] وأما ما يفعله بعض الناس من الرجال والنساء من كونه يعاكس الآخر، وينكد عليه حياته، ويثير غضبه؛ فهذا حرام وإثم والعياذ بالله! وأشر منه من إذا غضب أدنى غضبة طلق ثم يأتي نادماً أمسك أعصابك، لا تطلق إلا بعد روية ومشاورة وتفكير: هل في الطلاق خير أم لا؟ فعلى كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف على الرجل إذا رأى امرأته على منكر أن ينصحها، وعلى المرأة إذا رأت الرجل على منكر أن تنصحه، وعلى كل منهما أن يقبل النصيحة ولا تأخذه العزة بالإثم، لكن إذا كان الرجل يتهاون بالصلاة ونصحته المرأة ثم نصحته ثم نصحته، فهل تلح عليه دائماً؟ A لا. تدعو بالمعروف؛ لأنها لو تلح عليه دائماً كرهها وأبغض حتى الحق، وقال: لن أصلي، ما عليك مني، كما هو معلوم، لكن بالتي هي أحسن، فإذا عجزت عنه فهل عليها إثم من معصيته؟ لا. ليس عليها إثم، قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران:20] عليها أن تبين النصيحة وليس عليها إثم من مخالفة الزوج، إثمه عليه، وكذلك يقال في المرأة. وهل للزوج أن يمنع امرأته من الخروج من المنزل أم لا؟ نعم. له أن يمنعها من الخروج من المنزل، وهل له أن يمنعها من زيارة أمها وأبيها؟ لا. إلا إذا خاف أن تفسد الأم ابنتها عليه؛ لأن بعض الأمهات -نسأل الله العافية- تفسد ابنتها على زوجها، تقول لها: زوجك لا يعطيك نفقة ولا يعطيك حلياً، ولا يذهب بك إلى الاستراحات، ولا يشتري لك سيارة، وما أشبه ذلك، تذهب من عند زوجها مثل الزبد سهلة لينة ثم تأتي وهي حجر؛ لأن أمها ملأت قلبها على زوجها، والعجب أن هذا يأتي من الأم غيرةً من ابنتها أن زوجها يحبها! وكان عليها إذا كان زوجها يحبها أن تشكر الله أن ابنتها محبوبة عند زوجها؛ لأن هذا من مصلحة الجميع. ومما ينبغي أن يعلم -وهو يخفى على كثير من الشباب والشابات- أنه إذا حصل الدخول وحصل الجماع وجب الغسل سواءٌ أنزل أم لم ينزل، وبعض الجهال يظن أنه لا يجب الغسل إلا إذا أنزل، وهذا غلط، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل) فيجب الغسل بواحد من أمرين: إما الإنزال ولو بدون جماع، وإما الجماع ولو بدون إنزال. والجماع والإنزال من باب أولى، انتبهوا لهذا ونبهوا الشباب؛ لأنه يتصل بنا البعض ويقول: له سنة وسنتين وثلاث يجامع الزوجة ولا يغتسل؛ لأنه يظن أن الجماع الذي يوجب الغسل هو الذي يحصل فيه إنزال، وليس كذلك، فنبهوا إخوانكم وأصحابكم على هذا وأشيعوه بين الناس حتى لا يمضي الأمر.

طرق الخروج من النكاح

طرق الخروج من النكاح أما بالنسبة للخروج من النكاح فلا بد فيه من شروط، فإن الإنسان يخرج من النكاح إما بالطلاق وإما بالفسخ وإما بالموت إما بالطلاق بأن يطلق الرجل امرأته وينتهي، أو بالفسخ بأن تكون المرأة اشترطت على زوجها شرطاً ولم يفِ به فلها الفسخ، أو يجد الرجل في امرأته عيباً لم يعلم به فله الفسخ، أو يفارق الرجل زوجته على عوض فهذا فسخ، وهل أحد يفارق امرأته على عوض؟ نعم. كأن تكون العشرة بينهما غير جيدة وتطلب الطلاق فيقول: لا أطلقك إلا بكذا وكذا، فتبذل هي أو وليها، فهذا فسخ، لا ينقص به عدد الطلاق ولا يحتسب من الطلاق، بل هو فسخ وفداء، ولهذا قال الله عز وجل: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة:229] ثم قال {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة:230] أي: الثالثة. قال ابن عباس: [كل طلاق أجازه المال فهو خلع] أي: أن كل طلاق فيه عوض فإنه خلع، أي: فسخ وليس بطلاق. ثم الطلاق هل كلما أراد الإنسان أن يطلق يطلق أم لا بد من حدود؟ لا بد من حدود: أولاً: لا تطلق المرأة بعد الدخول وهي حائض، ودليل ذلك قول الله تعالى: {يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:1] فسر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك بأن يطلقها طاهراً من غير جماع، وذلك في قصة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: فإن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما طلق زوجته وهي حائض، فأخبر عمر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فتغير فيه، أي: غضب، لماذا يطلق وهي حائض؟ ثم قال لـ عمر: (مره -أي: مر ابن عمر - فليراجعها ثم ليتركها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً) فالطلاق في الحيض منكر وحرام وتعدٍ لحدود الله، ولكن لو أن الإنسان أحمق فطلق في الحيض فإنه يقع، وهكذا قول العلماء -علماء الأمة- أكثر العلماء ومنهم المذاهب الأربعة يقولون: إذا طلق في الحيض فإنه يقع، وأظهر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه لا يقع الطلاق في الحيض، ونصر هذا القول واحتج له بما يقبل وما لا يقبل. فاعلموا -أيها الإخوة- أن طلاق الرجل امرأته في الحيض ليس أمراً هيناً، فلو طلقها في الحيض وقلنا: إنه يقع، وجمهور العلماء على أنه يقع، ثم ردها بدون اعتبار لهذه الطلقة فإنه يطؤها وطء زنا، أكثر العلماء يقولون هذا، والآن مع الأسف الشديد تساهل الناس في هذا الأمر، صار الواحد مباشرة يبت الطلاق وهي حائض ولا يهمه، هذا خطأ عظيم، ثم يأتي إلى أبواب العلماء ويقول: أفتوني، وكان هذا القول أعني القول: بأن الطلاق في الحيض لا يقع، كان هذا القول مهجوراً لا يعرفه الناس في هذه البلاد، حتى ظهرت الفتوى وانتشر أن الطلاق في الحيض لا يقع، وصار الزوج العامي الذي لا يعرف كوعه من كرسوعه إذا طلق في الحيض جاء يستفتي وقال: إني طلقت في الحيض، قال له المفتي: إذاً وقع الطلاق عليك، قال: كيف يقع وأنا طلقت في الحيض والطلاق في الحيض لا يقع؟ وهو عامي جاهل، لكن لما كان له حظ نفس في هذه المسألة صار عالماً يحاج طلبة العلم. المهم لا تتهاونوا بالطلاق في الحيض، وأنا وإن كنت أرى أنه لا يقع، لكن أرى أن الإنسان على خطر؛ لأن كل الأمة وأئمة الأمة يرون أنه يقع إلا ما ندر، ولهذا في هذا الجمع كل الذين أجابوا قالوا: يقع، وواحد منهم قال: إنه لا يقع، فمثلتم خلاف العلماء تماماً، أكثركم يقول: إنه يقع. وبالنسبة لي أنا إذا جاءني شخص وقال: إنني طلقت زوجتي في الحيض عام (1410هـ) ، ثم طلقتها طلاقاً صحيحاً عام (1415هـ) ، ثم طلقتها طلاقاً صحيحاً عام (1420هـ) هذه ثلاث طلقات، جاء يستفتيني وأنا أرى أن الطلاق في الحيض لا يقع، فهل أقول: طلقتك الأولى لم تقع ولك المراجعة؟ أنا شخصياً لا أفتي بهذا، أقول: طلقتك الأولى وقعت، والدليل: لو أنها حين انقضت عدتها من طلقتها الأولى تزوجت إنساناً هل يأتي زوجها الذي طلقها ويقول للرجل: أنت الآن استحللت امرأتي؟ لا يأتي أبداً، إذاً الذي عندي أنه لو جاءني الرجل الذي طلق في الحيض في العدة فهنا أقول: طلاقك غير واقع والزوجة في عصمتك؛ لأنها لم تحل لغيرك الآن، لكن بعد أن انقضت العدة وندم وجاء يريد أن يفسد الأول لا أفتيه بأنه لم يقع، بل أقول: وقع، ويحسب عليك من الطلاق، انتبهوا إلى الخطة التي مشيت عليها تأسياً بـ عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين ألزم الناس بوقوع الطلاق الثلاث المجموعة لما انتهكوا حرمات الله وصاروا لا يبالون بالطلاق الثلاث المجموعة، وبعض العلماء السابقين رحمهم الله أشار إلى هذه المسألة وقال: إن الرجل إذا طلق زوجته الطلقة الثالثة جاء يقول: إن أحد الشهود على عقد النكاح غير عدل، فاسق، من أجل أن يبطل العقد؛ لأنه ليس بشهود عدول، وإذا بطل العقد بطل الطلاق المبني على العقد، فلا يحسب عليه، انظر هذا الرجل -والعياذ بالله- يتبع هواه، لما كان يستحل زوجته ويطؤها ليلاً ونهاراً صار الشاهد على العقد عدلاً، ولما ضاقت عليه الحيلة صار الآن غير عدل، هذا تلاعب بآيات الله عز وجل، أقول: إن بعض العلماء المعاصرين قبل مدة ذكر هذا في بعض أجوبته المطبوعة. على كل حال لا يطلق في حيض. ثانياً: لا يطلق المدخول بها في طهر جامع فيه، إلا أن تكون حاملاً فلا بأس؛ لأنه لو جامع ثم طلق بعد الجماع فبماذا تعتد: أتعتد بالحمل أم بالحيض؟ إن قلت: بالحمل، قلنا: لا، لاحتمال أنها لم تحمل، وإن قلت: بالحيض، قلنا: لا تعتد بالحيض؛ لأنها تحتمل أنها حملت، انتبه للحكم العظيمة في الشريعة الإسلامية! فإذا طلق في طهر جامع فيه فهو حرام؛ لأنه لم يطلق لعدة متيقنة، يحتمل أن تكون حاملة فعدتها وضع الحمل، ويحتمل ألا تكون حملت فعدتها بالحيض، فلما صار هذا محتملاً صار هذا حراماً؛ لأن الله تعالى قال: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق:1] وإذا كنا لا ندري أعدتها عدة الحامل أم عدة غير الحامل لم نكن أحصينا العدة، وقد قال الله عز وجل: ((وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ)) [الطلاق:1] . إذاً: يحرم طلاق المرأة المدخول بها إذا كانت حائضاً، أو في طهر جامع فيه أما إذا كانت في طهر لم يجامع فيه فالطلاق جائز، وإذا كانت حاملاً فالطلاق صحيح ولو جامعها ولو لم يغتسل من جماعها. وغير المدخول بها إذا طلقها وهي حائض رجل عقد على امرأة والدخول بعد شهر، وفي أثناء هذه المدة طلقها، فالطلاق هنا حلال؛ لأنه ليس عليها عدة، وقد قال الله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:1] فإذا طلقها قبل الدخول والخلوة فلا عدة، ويطلق متى شاء ولو حائضاً. Q لو طلقها وهي نفساء عليها الدم حلال أم حرام؟ حلال؛ لأنه طلق للعدة، إذ أن النفساء إذا طلقت شرعت في العدة من حين الطلاق، فيكون قد طلق للعدة، فإذا أورد علينا شخص فقال: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لـ عمر: (مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً) فنقول: هو يخاطب رجلاً طلق امرأته في حيض، والمعنى: طاهرة من الحيض لا مطلق الطهر، وعلى هذا فالطلاق في النفاس جائز وليس بطلاق بدعي، وهو نافذ؛ لأنه إذا طلقها في هذه الحال فقد طلق للعدة.

الأسئلة

الأسئلة

نصيحة في التقليل من تكاليف الزواج

نصيحة في التقليل من تكاليف الزواج Q فضيلة الشيخ! هل من نصيحة للإخوة الحاضرين والسامعين في التقليل من تكاليف الزواج من مهر وغيره، وبطاقات الزواج التي مصيرها إلى القمامة وقد تساوي خمسة إلى عشرة ريالات، ولو وضعت على شريط أو كتاب بريال أو ريالين لنفع الله بها وحفظت هذه البطاقة ونشر الخير بذلك الزواج؟ A أنا أنصح إخواني المسلمين عن الإسراف في المهور والمغالاة فيها وعن الإسراف في الولائم، فإن النكاح ليس بغريب، كل بني آدم يتزوجون، فليس أمراً غريباً حتى نسرف في مناسباته، هو أمر طبيعي، فليكن طبيعياً (وأعظم النكاح بركة أيسره مؤونة) وكلما سهَّل الإنسان مؤونة النكاح صار ذلك سبباً في الالتئام بين الزوجين وحسن العشرة بينهما؛ لأن ذلك من بركته، فنصيحتي لإخواني أولاً: ألا يغالوا في المهور. ثانياً: ألا يغالوا في الولائم بلغني أنه يوجد في بعض البلدان من ينفق مائة ألف ريال على وليمة واحدة أو أكثر، باستجلاب المغنيات والمغنين، واستئجار الفنادق الرفيعة، وما أشبه ذلك، هذا خطأ عظيم وإسراف يخشى من العقوبة. ثالثاً: ألا يغالوا في بطاقات الدعوة أحياناً تأتيك البطاقة تساوي عشرة ريالات أو أكثر وهي -كما قال السائل- مرجعها إلى القمامة، ومع ذلك إذا وجه الدعوة إلى مائة رجل فستكون قيمتها ألف ريال، وهذا خطأ عظيم، حتى الذين تأتيهم البطاقة -وأنا منهم- أرق لهؤلاء الإخوان وأرحمهم وأقول: مساكين! بذلوا الأموال في غير طائل، أرأيت لو أنهم صوروا على آلة التصوير ألف نسخة، ولتكن بخمسين ريال وتغني عن هذا، والمقصود إشعار المدعو بأنه عند الداعي له منزلة يحتاج أن يوجه الدعوة إليه. رابعاً: الإسراف في ليالي الزفاف في ملابس النساء التي يصدق على بعضها ما جاء في الحديث: (نساء كاسيات عاريات مميلات مائلات) وأقبح من ذلك أن يقوم الرجل وزوجته على المنصة، وربما يقبلها، وربما يعطيها الحلوى أو التفاح، وربما تأكل بعض التفاح وتعطيه يأكل بعضه أو بالعكس! بالله عليكم هل هذا يثير الشهوة أم لا؟! نعم. يثير الشهوة الراقدة التي ما تعرف الحياء، وأقبح من ذلك أن تؤخذ صورة الرجل والمرأة بالفيديو، يزعمون أنها للتذكار، وهي فضيحة وإنكار! وشر من ذلك أن يرى النساء أمامه متبرجات متطيبات لابسات أحسن ثياب، وربما تكون الواحدة منهن بالنسبة إلى زوجته كالقمر بالنسبة إلى السهى، السهى نجم ضعيف، فيتعلق قلبه بمن يشاهد من النساء ويعرض عن زوجته، وتكون ليلته سوداء ولو في الليالي المقمرة؛ لأنه رأى من النساء من نكد عليه حياته، هو في نفسه يشعر بأن زوجته أجمل النساء وأنها خير النساء، فتأتي هذه المرأة التي شاهدها في هذا الحفل فتغطي محاسن زوجته، والعجيب أن الذي يدعو هؤلاء النساء هم أهل الزوجة، فهم يخربون بيوتهم بأيديهم! يأتون بهؤلاء النساء حتى تكون زوجته فيهن رخيصة، وهذا والله من المنكر، ولم يحدث إلا أخيراً، وأنا أحبذ أن يأتي الزوج بعد صلاة العشاء إلى بيت الزوجة ومعه أنفار قليل، فيجلسون ويتحدثون بنحو ربع ساعة ويشربون القهوة والشاي ثم يقولون: السلام عليكم، بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما في خير. ويقول قائل منهم: بارك الله لمن زار وخفف، وهم لم يبقوا إلا ربع ساعة، والآن يبقون إلى الفجر، والله بلغني أنهم يبقون إلى الفجر، ويديرون رأس الزوج، مسكين! هو معهم كالشاة يمشي ويتعب ويمل، فإذا وصل إلى الصفر من قوته البدنية والجنسية أدخلوه على زوجته، ما الفائدة؟ الآن من حين يدخل إلى أين يذهب؟ إلى الفراش، إلى النوم مباشرة من أين جاءتنا هذه العادات؟ المثال الذي ذكرته لكم بعد ربع ساعة من صلاة العشاء أو نصف ساعة إلى الأكثر يأخذون بيد الزوج ويدخلونه على زوجته في بيت أبيها، نكاح هادئ جميل لذيذ موافق للفطرة، ولكن كما قيل: في الترف التلف. وهذا هو المطابق للواقع، كلما ازداد الناس ترفاً ازدادوا تلفاً وتهالكاً، فنسأل الله الهداية.

حكم التعدد من أجل مجاراة الناس أو لتأديب الزوجة

حكم التعدد من أجل مجاراة الناس أو لتأديب الزوجة Q بما أن الحديث حول مناسبات الأعراس هذا سؤال: ما رأي فضيلتكم فيمن يتزوج امرأة ثانية بقصد المجاراة للغير، أو من أجل أن يؤدب زوجته كما يزعم، وغالباً ما يفشل هذا الزواج؟ A أما من حيث تعدد الزوجات، فهل الأفضل التعدد، أو الأفضل الإفراد؟ في هذا للعلماء قولان مشهوران: القول الأول: أن الأفضل أن يقتصر على واحدة. وهذا هو المشهور في مذهب الإمام أحمد رحمه الله عند أصحابه المتأخرين، قالوا: يسن أن يتزوج نكاح واحدة، وعللوا ذلك: بأنه أبعد عن الجور، وأجمع للقلب، وأبعد عن التشويش. وقال آخرون: بل الأفضل أن يعدد؛ لأنه أكثر في تحصيل مصالح النكاح. والقول بالتعدد أقرب إلى الصواب من القول بالإفراد، لكن من تزوج لقصد مجاراة الغير ومماراتهم فهذا قصد سيئ مذموم، النساء لسن ثياباً يلبسهن الرجال، فإذا لبس الآخرون ثوباً جديداً لبس هو ثوباً جديداً، بل المرأة مكرمة لها حقها، ومن تزوج من أجل تأديب زوجته فلا حرج؛ لأن بعض النساء لا يؤدبهن إلا النساء، ولهذا يقال: أدبوا النساء بالنساء. وكثيرٌ من النساء تكون ناشزة لا تؤدي زوجها الحق الواجب له، فيريد أن يبسط نفسه وأن يتزوج عليها، وإذا تزوج عليها فمنهن من تستقيم ومنهن من تزيد نشوزاً، وحينئذٍ يبت طلاقها ويدعها عند أهلها. فالمهم أن التزوج لتأديب الزوجة الناشز لا بأس به، وأما التزوج لمجاراة الناس فلا.

حكم الزواج بالكتابية

حكم الزواج بالكتابية Q ما حكم الزواج بالكتابية إما يهودية أو نصرانية؟ A ليس لنا أن نحكم إلا بما حكم الله به يا أخي! وقد قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة:5] أي: حلال، فيجوز للرجل أن يتزوج اليهودية أو النصرانية، هذا هو الأصل، لكن إذا خاف الإنسان على نفسه أو ولده من أن يتزوج باليهودية أو النصرانية مُنع من ذلك لا لأن المرأة حرام، ولكن لخوف أن يقع في الحرام، فإذا كان رجلاً ضعيف الدين وأعجبته امرأة يهودية ولا يأمن نفسه أن تجره إلى دينها، فهنا نمنعه ونقول: يحرم عليك؛ لأن زواجك بها وهو حلال ذريعةٌ إلى الوقوع في الحرام، وكذلك لو خاف على أولاده؛ لأن بعض الناس أشباه الرجال وليسوا برجال رجلٌ في ثيابه، ورجلٌ في شماغه، ورجلٌ في مشلحه، لكن حقيقته امرأة، فإذا خاف أن يفسد أولاده على يدها فلا يتزوجها، وكذلك يقال في النصرانية. والحاصل: أن الأصل جواز تزوج المسلم باليهودية أو النصرانية ما لم يخش المحذور، فإن خشي المحذور منع. وهكذا -يا إخواني- كل شيء مباح، إذا كان يخشى منه المحذور فإنه ينقلب حراماً، انتبه إلى هذه القاعدة وخذها يا طالب العلم ويا العامي أيضاً؛ لأنها سهلة جداً: كل شيء مباح إذا خشي منه المحذور فإنه يكون حراماً. وهنا نكتة أقصها عليكم حتى تعلموا أن الإنسان الذي على فطرته عنده من الجواب ما ليس عند العالم المنحرف، يقال: إن رجلاً من أهل نجد اجتمع بنصراني أظنه في مصر، وجرى الحديث بينهما كما يجري الحديث بين الجالسين كثيراً، فقال له النصراني: أنتم أيها المسلمون ظلمة، قال: كيف؟ قال: لأنكم تبيحون لأنفسكم أن تتزوجوا منا ولا تبيحون لنا أن نتزوج منكم. هل هذا صحيح هذا أم غير صحيح؟ فيه تفصيل، فقوله: أنكم ظلمة، غير صحيح، وقوله: تبيحون ولا تبيحون، صحيح، فقال له العامي: نحن نؤمن بنبيكم وأنتم لا تؤمنون بنبينا، سبحان الله! جواب مفحم مقنع، آمنوا بنبينا ولكم أن تتزوجوا منا. وهذا جواب سليم. وآخر قدح في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: إن زوجته فيها ما فيها، ورماها بالإفك، وهو نصراني، قال: نبيكم هذا -قاتله الله، قاتل الله النصراني- يقول: نبيكم هذا عنده زوجة، وذكر الإفك، المنافقون رموها بالإفك، رموا عائشة بأنها زانية والعياذ بالله! فقال له العامي: إن كان نبينا قد اتهمت زوجته ورميت بالزنا فإن نبيكم قد اتهمت أمه ورميت بالزنا. هل هذا صحيح أم غير صحيح؟ صحيح؛ لأن اليهود يرون أن مريم عليها السلام زانية، قالوا: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً} [مريم:28] فيا أخي: سبحان الله! الجواب على الفطرة يكون غالباً مقنعاً. السائل: نقرها على ما تفعله كشرب خمر وما إلى ذلك؟ الشيخ: نعم. هل إذا تزوج امرأة يهودية أو نصرانية فإنه يقرها على ما تراه حلالاً في دينها.

حكم سماع الشهود موافقة الزوجة

حكم سماع الشهود موافقة الزوجة Q هل يشترط للشهود في النكاح سماع موافقة الزوجة؟ وهل يكون الشهود من محارمها أم من غيرهم؟ لأن الذي يحصل يا شيخ أن المأذون ووالد الزوجة والشهود يجتمعون في مكان ويقررون، ويذهب أحد محارم الزوجة ويأخذ توقيعها على هذا. A أولاً: لا بد أن نعلم أن المشهور من المذهب أن الشهود في النكاح يشترط ألا يكونوا من أصول الزوج ولا من فروعه، ولا من أصول الولي ولا من فروعه، ولا من أصول الزوجة ولا من فروعها، وعلى هذا فلو كان أحد الشهود والد الولي لم يصح، أو كان الشهود ابن الزوج لم يصح، ولكن هل تشترط الشهادة على رضى الزوجة أم لا؟ في ذلك خلاف، والمذهب أنه سنة وليس بواجب، لكن نظراً لما يحدث في وقتنا الحاضر من المخاصمات ونحوها نرى أنه لا بد أن يشهد الشهود على إذن الزوجة. السائل: هل يسمعون موافقتها يا شيخ؟ الشيخ: إذنها يعني موافقتها، ولكن بعض النساء إذا كانت أختها التي تريد الزواج لا تعرف تكتب تحضر التي تعرف تكتب وتكتب اسم أختها وتوقع عليه، وهذا حرام لا يجوز، بل الواجب أن تحضر الزوجة وإن لم تعرف الكتابة ويؤخذ إذنها ويكتفى بذلك.

منهج الرسول عليه الصلاة والسلام مع زوجاته عند الخلاف

منهج الرسول عليه الصلاة والسلام مع زوجاته عند الخلاف Q أحياناً يحصل بين الرجل وزوجته سوء تفاهم فيهجرها في المضجع ولا يتكلم معها، وإذا دخل المنزل لا يسلم عليها، فهل هذا العمل موافق لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجر؟ وما هو منهج الرسول عليه الصلاة والسلام مع زوجاته عند الخلاف؟ A من الخطأ والغلط أن تصل الحال بالزوجين إلى هذا، أن يهجرها في المضجع ويهجرها في الكلام، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بيته يقوم بأعمال البيت حتى تأتي الصلاة فيخرج إلى الصلاة، فلا ينبغي للإنسان أن يهجر أهله حتى لو أخطئوا فليتحمل وليصبر؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة -أي: لا يكرهها- إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن النساء خلقن من ضلع وأعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن استمتعت بها استمتعت بها على عوج) وهذا الهجر لا يزيد الأمر إلا شدة، بل عليه أن يصبر ويتحمل ويلاطف الزوجة ويكلمها على قدر عقلها حتى تتم الأمور، والزوجة يكفيها ابتسامة فقط تزيل عنها كل ما في قلبها، ويكفيها ضد ذلك عبوس في الوجه فتنفر، فليراعي الإنسان هذه الأحوال ليعيش مع زوجته عيشةً هنيةً رضية. وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء.

اللقاء الشهري [77]

اللقاء الشهري [77] في هذا اللقاء تفسير الآيات الأخيرة من سورة الأحزاب، مع شرح وتوضيح معنى عرض الأمانة، وبيان آيات المنافقين، وسمات المشركين، وصفات المؤمنين. وفي آخره الحديث عن التوبة، وشروط قبولها، والإجابة عن أسئلة الحاضرين.

تفسير أواخر سورة الأحزاب

تفسير أواخر سورة الأحزاب الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: أيها الإخوة المكرمون: إن من نعمة الله عز وجل علينا في هذا العصر أن يسر لنا المواصلات والاتصالات، فها نحن نتكلم من هنا من الجامع الكبير في عنيزة ويسمعنا إخوانٌ لنا في بلاد أخرى بدون مشقة وبدون كلفة، بينما كان الناس في الأول لا يتواصلون إلا بعد مدة، ولكن من نعمة الله عز وجل أن يسر المواصلات في الطائرات والسيارات والبواخر وكذلك الاتصالات، فلله الحمد والنعمة.

تفسير قوله تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السموات)

تفسير قوله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ) ثم إننا في هذه الليلة، أعني ليلة الأحد الحادي والعشرين من شهر ربيع الآخر، سوف نتكلم على قول الله عز وجل: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:72] . قوله عز وجل: {إِنَّا عَرَضْنَا} [الأحزاب:72] ، تحدث الله عن نفسه بصيغة الجمع: {إِنَّا عَرَضْنَا} [الأحزاب:72] فلماذا؟ للتعظيم، لتعظيم نفسه عز وجل؛ لأنه سبحانه العظيم الذي لا أعظم منه، وقد شبه النصارى على عوام المسلمين فقالوا: إن الله سبحانه وتعالى متعدد لأنه يقول: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب:72] ، ويقول: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى} [يس:12] ، ويقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [الحجر:9] ، فيشبهون؛ لأن هذه الضمائر تدل على الجمع، لكنها في اللغة العربية تدل على الجمع وعلى التعظيم، وهؤلاء عموا عن قول الله عز وجل: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة:163] ، وهكذا كل من في قلبه زيغ يتبع ما تشابه من القرآن والسنة فيضرب بعضه ببعض، ولكن يقيض الله عز وجل لدينه من يحفظه ويدفع هذه الشبهات ويبين الحق فيها، فمن هؤلاء؟ هؤلاء هم الراسخون في العلم؛ لقول الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} [آل عمران:7] ، أي: القرآن {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران:7] ، ذكر قسمين: آيات محكمات، وأخر متشابهات {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} [آل عمران:7] ، أي: ميل عن الحق وضلال {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} [آل عمران:7] ويدعون المحكم {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} [آل عمران:7] ، أي: فتنة الناس عن دينهم {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران:7] أي: تحريفه على ما يريدون. إذاً: قوله عز وجل: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب:72] ، {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى} [يس:12] ، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [الحجر:9] ، وأشباهها من الآيات يراد بها التعظيم {عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب:72] أي: القيام بما يجب، {عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} [الأحزاب:72] سبحان الله! مخلوقات عظيمة عرض الله عليها الأمانة هل تقوم بها أم لا؟ قال الله عز وجل: {فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا} [الأحزاب:72] ، (أبين) أي: امتنعن عن حملها لأنها مسئولية عظيمة، ولعل قائلاً منكم يقول: كيف تعرض الأمانة على جماد؟ ف A الجماد وذو الشعور أمام أمر الله على حد سواء، يوجه الله الخطاب إلى الجماد فيجيب الله عز وجل؛ لأن كل شيء بالنسبة لله على حد سواء، واسمع قول الله عز وجل: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً} [فصلت:11] ، هذا أمر موجه للجماد {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:11] ، هذا الجواب، أجابت هذه الجماد لله عز وجل. ولما تجلى الله عز وجل للجبل حين قال موسى: {رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف:143] شوقاً إلى الله عز وجل، {قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} [الأعراف:143] ، فنظر موسى إلى الجبل بعد أن تجلى الله له فجعله دكاً، اندك لعظمة الله عز وجل وخشيته، فخر موسى صعقاً، غشي عليه؛ لما رأى من الهول العظيم، جبل أمامه صخر عظيم اندك في لحظة! ومن المعلوم أن الإنسان لا يتحمل هذا {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف:143] . أيها الإخوة: لقد قال الله عز وجل: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ} [الحشر:21] ، هذا القرآن وهو كلام الله وصفةٌ من صفاته {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر:21] . عرض الله الأمانة على السماوات والأرض والجبال {فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} [الأحزاب:72] خفن منها ألا يقمن بواجب الأمانة، {وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ} [الأحزاب:72] الله أكبر! حملها الإنسان، بماذا حملها؟ بما أعطاه الله من العقل والتفكير وبما أرسل إليه من الرسل وبين له السبل وهداه، (إنه) أي: الإنسان، (كان ظلوماً جهولا) . وقوله: (إنه) قال بعض أهل العلم: الضمير يعود على الإنسان الكافر هو الظلوم الجهول، ليس عائداً على كل إنسان؛ لأن المسلم ذو عدل وذو علم وذو رشد، فالإنسان الذي كان ظلوماً جهولاً هو الكافر، أما المؤمن فلا يمكن، المؤمن يمنعه إيمانه عن الظلم، ويمنعه إيمانه عن السفه والغي.

تفسير قوله تعالى: (ليعذب الله المنافقين والمنافقات)

تفسير قوله تعالى: (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ) ثم قال عز وجل: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب:73] المعنى: أن الله عز وجل بين لنا الأمانة، وأنه عرضها على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان لأجل هذه النتيجة، وما هي النتيجة؟ {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب:73] هؤلاء ثلاثة أقسام انقسم إليها الخلق: الأول: المنافقون. الثاني: المشركون. الثالث: المؤمنون. انتبه يا أخي وانظر سبيل من تسلك.

المنافقون وصفاتهم

المنافقون وصفاتهم قال تعالى: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ} [الأحزاب:73] فمن هم المنافقون؟ المنافقون: هم الذين يظهرون الإسلام ويخفون الكفر، يظهرون الإسلام ويقولون: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، ويحضرون الصلاة، ويتصدقون، لكن قلوبهم خربة خالية من الإيمان، أعاذني الله وإياكم من ذلك! اللهم أعذنا من النفاق. هذا الصنف من الناس خرج حينما صار للمسلمين قوة وعزة، لكن في مكة قبل الهجرة ليس هناك منافق، الناس إما مؤمن صريح وإما كافر صريح، لكن لما قويت شوكة المؤمنين وخصوصاً بعد أن هزم الكفار في بدر، وقد كانت في السنة الثانية من الهجرة في رمضان -لما هزم المشركون بدأ النفاق؛ لأنهم -أي: المنافقين- عرفوا أن محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم سيظهر دينه، فصاروا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وأنزل الله فيهم سورة كاملة من طوال المفصل، وهي قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ. } [المنافقون:1] فكانوا يحضرون الصلاة، لكنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، ويتصدقون لكنه رياء وسمعة، ويأتون إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ويقولون: نشهد إنك لرسول الله، سبحان الله! فماذا قال الله فيهم؟ قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون:1] أي: لكاذبون في قولهم: نشهد؛ لأنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، ولذلك إذا احتاجوا إلى هذه الكلمة عجزوا عنها، فإن المنافق إذا دفن في قبره وتولى عنه أصحابه أتاه ملكان يسألانه: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلت! يقول: لا أدري؛ لأنه ليس في قلبه إيمان، والآخرة مبنية على السرائر لا على الظواهر، أما الدنيا فمبنية على الظواهر، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين استؤذن في قتل المنافقين، قال: (لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه) ، وفي الآخرة العبرة بالسرائر {أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات:9-10] {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق:8-9] اللهم طهر سرائرنا، اللهم طهر سرائرنا، اللهم طهر سرائرنا يا رب العالمين، وأمتنا على الإيمان والتوحيد. أيها الإخوة: المنافقون لهم روغان عن الحقائق، ولذلك كان من صفاتهم أنهم إذا حدثوا كذبوا، وأكذب حديث أنهم يقولون: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهم كاذبون في هذا لا يؤمنون به، وإذا عاهدوا غدروا، لا يوفون بالعهد؛ لأنه ليس عندهم إيمان يحملهم على الوفاء بالعهد، وإذا خاصموا فجروا؛ فجحدوا ما يجب عليهم وادعوا ما ليس لهم، وإذا ائتمنوا خانوا. أخي المسلم: هذه علامات النفاق، هذه علامات النفاق، هذه علامات النفاق، فاحذر أن تتصف بواحدةٍ منها؛ لأن نبينا محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم حذرنا منها. والآن لو نظرت في واقع المسلمين اليوم لوجدت كثيراً منهم إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا اؤتمن خان. إن كثيراً من المسلمين وليس أكثرهم، فالحمد لله أكثرهم مستقيم، لكن فيهم من إذا حدثك كذبك، وإذا وعدك أخلفك، وإذا عاهدك غدر بك، وإذا خاصمك فجر بك، وما أكثر الذين يأتون إلينا يشكون من كفلائهم! أتى به على عقد معلوم بينهم ثم لا يفي بالعهد ولا يفي بالعقد، يماطل بالأجرة وربما ينكرها، ويؤذي العامل ويحمله ما ليس واجباً عليه وهكذا. وهناك -أيضاً- من إذا اؤتمن خان، وما أكثرهم! إذا اؤتمنوا خانوا، وما أكثر الخيانة في كثير من الناس! ومن ذلك -مثلاً- أن يعرض الإنسان سلعته فيأتيه الزبون ليشتري فيقول: كم قيمة هذه؟ فيقول: ألف ريال، وقيمتها في الحقيقة خمسمائة، لكن استغل فرصة جهل هذا المشتري بالثمن وقال: بألف ريال، هذا جمع بين الكذب والخيانة والغدر، ثلاث صفات من صفات المنافقين، وما يدري أن ما ترتب على هذا الكذب من كسب مادي فهو حرام، ويوشك من أكل الحرام ألا تستجاب دعوته؛ لأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!) ومن الخيانة في الأمانة: ما يفعله كثيرٌ من أولياء النساء في التزويج، فتجده يخطب منه الرجل الصالح المستقيم في دينه وخلقه ولكن إذا عرف أنه لن يعطيه مالاً رده، وقال: البنت صغيرة، البنت مخطوبة لغيرك، وما أشبه ذلك، ثم يزوجها ابن عمها الذي ليس عنده خلق ولا دين، أو يزوجها من ليس ابن عمها ولكن أكثر الدراهم لأبيها، وهذه والله خيانة، وستطالبه البنت يوم القيامة، وحينئذٍ يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لماذا تحجب المرأة عن خاطبها الكفء من أجل مصلحتك الخاصة؟ أليس هذا من الخيانة؟! أليس هذا من الظلم؟! سبحان الله! لو أنك أنت أيها الأب خطبت امرأة ثم منعت منها لاستكبرت هذا الشيء وعددته ظلماً وجوراً، والعجب أن هؤلاء يظلمون أقرب الناس إليهم وهنَّ بناتهم اللاتي هنَّ بضعةٌ من الأب وقطعة وجزء منه، ومع ذلك يظلمها هذا الظلم، يحجزها لابن عمها، أو يقول: لا تتزوجي رجلاً من غير القبيلة، أو ما أشبه هذا! هذا من المنكر، وللقضاة أن يتدخلوا في هذا الموضوع، بمعنى: أن المرأة إذا خطبها كفءٌ لها وأبى أبوها فلها أن ترفع الأمر إلى القاضي ويقول لأبيها: زوجها وإلا زوجتها أنا أو من يليك في الولاية من عصبتها. ومن الخيانة وهي من صفات المنافقين: ما ذكره الله عز وجل في قوله: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين:1-3] ، إذا استوفى لنفسه استوفى كاملاً، وإذا كال لغيره نقص، (يخسرون) أي: ينقصون، قال الله عز وجل: {أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:4-6] . ومن الخيانة في الأمانة: ما يفعله بعض الناس في أهله، يرضيهم بما حرم الله عليهم، فيجلب لهم من وسائل الإعلام المنظورة والمقروءة والمسموعة ما فيه البلاء والشقاء، وهذا خيانة للأمانة، وسوف يحاسب عند الله عز وجل يوم القيامة، لقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:6] ، فجعل وقاية الأهل كوقاية النفس، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته) ، مسئول أمام الله يوم القيامة. أسأل الله أن يعينني وإياكم على أداء هذه الأمانة الكبرى. عليك أن توجه أهلك من بنين وبنات وزوجات وغيرهن ممن لك ولاية عليهن، أن توجههم إلى الطريق السوي، الطريق المستقيم، ولا تظن أنك بريء من المسئولية أبداً، فقد حملك إياها الله رب العالمين وحملك إياها رسول رب العالمين محمدٌ صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ومن النفاق: أن بعض الناس يرائي، بمعنى: أنه يفعل العبادة ليقول الناس: إن فلاناً عابد. اللهم أعذنا من الرياء ومن راءى راءى الله به، وسوف يفضحه إما في الدنيا وإما في الآخرة. ومن ذلك أيضاً: أن يتصدق بشيء أمام الناس ليقولوا: فلان كريم، لا ليتقرب إلى رب العالمين، وهذا الرياء مبطلٌ للعمل، قال الله عز وجل في الحديث القدسي الصحيح: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) ، ولما سئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الرجل يقاتل أعداء الله، يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياءً، أي ذلك في سبيل الله؟ قال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) ، فالمراءاة في العمل محبطة له، ويا أخي المسلم! ماذا ينفعك الناس؟ ماذا ينفعونك إذا راءيتهم؟ وماذا يضرونك إذا أخلصت العمل لله وتركتهم؟ إنهم لن يضروك شيئاً بالإخلاص، وإنهم يضرونك بالرياء، وأنت الذي أضررت بنفسك. فاحذر أخي من النفاق، احذر من النفاق العقدي والعملي، العقدي في القلب أجارني الله وإياكم منه، والعملي بالجوارح.

المشركون وصفاتهم

المشركون وصفاتهم قال تعالى: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ} [الأحزاب:73] المشرك: من اتخذ مع الله إلهاً يعبده، أو اتخذ مع الله رباً يعتقد أن له تدبيراً في الكون، والمشرك كافر واضح وليس منافقاً، يظهر شركه علناً ويقاتل المؤمنين من أجله، مثل مشركي قريش، أليسوا قاتلوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عمداً؟ أليسوا أخرجوه وأصحابه من ديارهم؟ أليسوا يسيئون إليه بالقول وبالفعل؟ يقولون: إنه ساحر، إنه مجنون، إنه كاذب، وأساءوا إليه بالفعل أيضاً؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذات يومٍ ساجداً تحت الكعبة، آمن مكان على الأرض ذلك المكان، وهو محترم معظم عند قريش إلا مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كان ساجداً لله عز وجل فقالوا: من يذهب إلى جزور بني فلان ويأتي بسلاها القذر المكروه منظراً ويضعه على ظهر محمد؟ فانتدب لذلك أشقاهم والعياذ بالله! فذهب وأتى بسلا الناقة الذي يخرج منها عند الولادة، فألقاه على ظهر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو ساجد بالله عليكم أفي هذا إهانة للرسول؟! بلى والله أفي هذا إهانة للمسجد الحرام؟ بلى والله، والعجب أنه لو جاء بدوي جاهل يسجد تحت الكعبة لعظموه واحترموه، وهذا النبي الكريم الذي هو أولى بالكعبة من هؤلاء المشركين يفعل به هذا! لماذا؟ لأن المشركين لا يبالون، يعلنون بشركهم ولا يبالون، ما عندهم نفاق. هذا الصنف الثاني من الناس.

المؤمنون وصفاتهم

المؤمنون وصفاتهم الصنف الثالث: قال تعالى: {وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب:73] ، اللهم تب علينا يا رب العالمين يتوب الله على المؤمنين الموحدين الذين ليس عندهم نفاق، فهم موحدون ضد المشركين، وهم خالصون ضد المنافقين، يتوب الله عليهم، حتى لو أنهم تابوا من الشرك ومن النفاق تاب الله عليهم، لقول الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] وكم من مشرك منابذ للدعوة الإسلامية تاب فتاب الله عليه. عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان ضد الدعوة الإسلامية، فأسلم وكان الخليفة الثاني في هذه الأمة. خالد بن الوليد، وعكرمة بن أبي جهل، وغيرهم من صناديد قريش وكفارها أسلموا فتاب الله عليهم. أبو سفيان زعيم قريش، كان يقول يوم أحد: اعلُ هبل. لأن أبا سفيان لما انتهت الحرب وصارت الهزيمة على المسلمين لأنهم حصل منهم ما يوجب الهزيمة، افتخر وقال: أفيكم محمد؟ قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تجيبوه) لماذا؟ إهانة له، وحتى يربو بنفسه بعد ذلك ويفتخر، انظر يا أخي إلى الحكمة النبوية، وهكذا وقع، ثم قال: أفيكم ابن أبي قحافة؟ أفيكم عمر؟ قال: (لا تجيبوه) حينئذٍ افتخر وانتفخ ورأى أنه حصل على كل شيء، فقال: اعلُ هبل. وهبل صنم لقريش وسط الكعبة، والمعنى: ما أعلاك اليوم! اليوم أنت العالي، ثم قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أجيبوه) ، الآن حمي الوطيس، وصلت المسألة إلى الباري عز وجل، قال: (أجيبوه، قالوا: بماذا نجيبه؟ قال: قولوا: الله أعلى وأجل، فقالوا: الله أعلى وأجل) ، إذا كنت اليوم تفتخر بصنمك بأنه عالٍ فالله أعلى وأجل، ثم قال أبو سفيان لما رد عليه بالتوحيد أتى عن طريق الرسالة، قال: يوم بيوم بدر والحرب سجال. كيف يوم بدر؟ يوم بدر كان النصر للمسلمين، وقتل من صناديد قريش وكبرائهم ما هو معلوم قال: يوم بيوم بدر، أي: اليوم غلبناكم وأنتم غلبتمونا يوم بدر، والحرب سجال، أي: مرة لكم ومرة عليكم، فأجابوه: لا سواء، لا سواء -أي: بين اليومين- قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. وهل هذان اليومان على حد سواء بعد أن كان قتلى المسلمين في الجنة وقتلى الكفار في النار؟ لا. أنا المقصود من هذا أن المشركين يصرحون بمنابذة المؤمنين، وأن الإنسان إذا تاب ولو كان مشركاً منابذاً تاب الله عليه؛ فهذا الرجل أبو سفيان أسلم وصار من الصحابة، لكنه تأخر إسلامه فتأخرت مرتبته. إذاً: من تاب تاب الله عليه، حتى من الشرك، وحتى من النفاق، وحتى من الاستهزاء بالله وآياته، والدليل على أن التائب من النفاق يتوب الله عليه قول الله عز وجل: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتي اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً} [النساء:145-146] ، لكن لاحظ أن الله ذكر أشياء مهمة {الَّذِينَ تَابُوا} [النساء:146] أي: رجعوا من النفاق إلى الإيمان الخالص {وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ} [النساء:146] توكلوا عليه واعتصموا به {وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} هذه ثلاثة أوصاف {فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء:146] . والمستهزئ بالله وآياته هل تصح توبته؟ A نعم تصح، والدليل: قول الله عز وجل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} [التوبة:65] ، أي: سألت المستهزئين؛ لأنهم كانوا يستهزئون ويقولون: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء -يعنون: النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه- ما رأينا مثلهم أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء. وكذبوا والله، هذه الأوصاف في المنافقين تماماً، قال الله عز وجل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً} [التوبة:65-66] إذاً معناه: أن هؤلاء قد يعفو الله عنهم وذلك بالتوبة، فمن تاب مهما كان شركه وكفره فإن الله يتوب عليه. وهؤلاء الذين تابوا من الكفر وقد قتلوا من قتلوا من المسلمين هل يلزمهم ضمان المسلمين الذين قتلوهم؟ لا يلزمهم، لقول الله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} [الأنفال:38] ولهذا لو رأى شخص شخصاً كان كافراً وقد قتل أباه ثم أسلم فإنه لا يجوز له أن يقتله؛ لأن إسلامه عصمه وغفر له به ما سلف. قال تعالى: {وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:73] أيها الأخ العربي النحوي: تشكل عليك هذه الجملة: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:73] أي: كان فيما مضى، والآن؟ كان فعل ماضي، نقول: (كان) هنا لا يقصد بها الزمان، بل يقصد بها تحقيق اتصاف الله عز وجل بالمغفرة والرحمة، فهي كما يقول النحويون: مسلوبة الزمان، والمقصود بها التوكيد، فالله تعالى متصف بالمغفرة والرحمة دائماً وأبداً.

شروط التوبة

شروط التوبة وهنا يجدر بنا أن نتكلم عن شروط التوبة هل كل من قال: تبت إلى الله يكون تائباً؟ لا بد من شروط، وشروط التوبة خمسة: الأول: الإخلاص لله عز وجل. فمن تاب رئاء الناس فلا توبة له، ومن تاب خوفاً من سوط السلطان فلا توبة له، فلابد فيها من الإخلاص لله عز وجل، وإن كان الإنسان قد يحمله خوفه من السلطان على التوبة، لكن يتوب إلى الله مخلصاً، ولهذا شرعت الحدود في الزنا والسرقة والقذف وما أشبه ذلك، وهذه لا شك أنها تحمل الإنسان على ترك هذه الذنوب، لكنه يتركها لله لا لمجرد الخوف. الثاني: الندم على ما فات. يندم بقلبه ويتحسر ويقول: ليتني لم أفعل، ولا يجعل حاله بعد التوبة كحاله قبلها، بل لا بد من انفعال في النفس وندم، وليتني لم أفعل، لا اعتراضاً على القدر ولكن ندماً على ما فعل. الثالث: الإقلاع عن الذنب. وهذا هو بيت القصيد، وكيف يكون الإقلاع عن الذنب إن كان الذنب ترك واجب قام بهذا الواجب إذا كان يمكن قضاؤه، وأقول: إذا كان يمكن قضاؤه؛ لأن من الواجبات ما لا يقضى، مثلاً: لو أن الإنسان ترك الصلاة حتى خرج وقتها عمداً بلا عذر، فهنا لا يقضي الصلاة؛ لأنه لو قضاها لم تقبل منه، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ، أي: مردود عليه، أما لو أخرها لعذر كنوم ونسيان فيقضيها ولا حرج. وإذا كان الذنب فعل محرم أقلع عنه في الحال ولا يكمل، فلو فرضنا أن إنساناً يأكل طعاماً لغيره ثم تاب في أثناء الطعام، فهل نقول: له أن يشبع، أو يجب عليه أن يكف؟ يجب عليه أن يكف، ولو استمر لم تصح توبته، لأنه لابد من الإقلاع في الحال. ولو أن شخصاً استولى على أرض رجل من الناس وتبين له أن الأرض ليست له، فهل يبقي الأرض في ملكه، أم يجب أن يردها إلى صاحبها؟ يجب أن يردها إلى صاحبها حتى لو كان قد بنى عليها، يجب أن يردها إلى صاحبها، ويتصالح مع صاحبها إذا كان قد بنى عليها بنياناً، أو يترافعان إلى القاضي. وإذا كان الذنب جحد دينٍ عليه، فتكون التوبة بأن يقر ويرده إلى صاحبه، أما أن يقول: أنا أخشى إن أقررت بعد أن جحدت أن تسوء سمعتي عند الناس، فنقول له جواباً على هذا: إذا ساءت سمعتك عند الناس زمناً قصيراً فستعود السمعة أحسن من قبل؛ لأن الله إذا رضي عن العبد أرضى عنه الناس، والناس إذا تأملوا في الموضوع ورأوا أن هذا الرجل خرج من المحرم عليه بصراحة أحبوه ورفعوا ذكره وزالت السمعة السيئة، لكن الشيطان يقول للإنسان: لا تقر وأنت قد جحدت أولاً، إذا أقررت بعد جحدك قالوا: هذا رجل متقلب، ما دام الأمر مضى امضِ، هذا غلط عظيم، قل الحق وسوف تكون العاقبة لك. الشرط الرابع: العزم على ألا يعود في المستقبل. فإن تاب من الذنب الآن ولكن في نيته أنه إذا حصلت فرصة فعله، فالتوبة غير صحيحة؛ لأنه لم يعزم على ألا يعود، بل تاب الآن لكن في نفسه أنه لو سنحت الفرصة لعاد إلى الذنب، فهذا لا تقبل توبته. الشرط الخامس: أن تكون التوبة في زمن القبول. انتبه إلى هذا الشرط: أن تكون التوبة في زمن القبول؛ بأن تكون قبل حضور الأجل، وقبل طلوع الشمس من مغربها، ذلك لأنه إذا حضر الأجل فإن التوبة غير مقبولة، وإذا طلعت الشمس من مغربها فالتوبة غير مقبولة، والدليل: قول الله عز وجل: {وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} [النساء:18] أخي المسلم: هل عندك أمان أنك ستبقى حتى تتوب؟ لا، إذاً: يا أخي! بادر بالتوبة قبل أن يدركك الأجل وأنت لم تتب {وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} [النساء:18] . وانظر شاهداً لهذا: فرعون الذي أرسل الله إليه موسى فكذبه، وخرج بجنوده ليقضي على موسى وقومه، حتى صار موسى وقومه بين البحر وبين فرعون وقومه، وهو بحر القلزم المسمى اليوم بـ البحر الأحمر {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء:61] أي: أدركنا الآن، هلكنا، البحر أمامنا وفرعون خلفنا، فقال موسى قول المطمئن الواثق بالله عز وجل: {قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء:62] ، فأوحى الله إليه أن اضرب بعصاك البحر، عصا من شجر عادي، لكن فيه آيات، فضرب البحر بالعصا، فانفلق اثنتي عشرة طريقاً، انفلق وصارت أسواق واسعة في وسط البحر والماء كالجبال بين هذه الأسواق، ثم إن هذه الأسواق صارت يابسة في الحال كما قال عز وجل: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً} [طه:77] فدخل وموسى وقومه من هذه الأسواق، ثم أتبعه فرعوه وقومه، فأمر الله البحر فانطبق عليهم، فماذا قال فرعون لما أدرك الغرق؟ {قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:90] ، الآن آمن، وانظر كيف أذل نفسه غاية الذل بقوله: {إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} [يونس:90] ، فجعل نفسه تابعاً لبني إسرائيل، بينما كان في الأول عالياً عليهم، لكن اضطر إلى هذا {قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:90] ، فقيل له: {أَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:91] أي: آلآن تتوب؟ هذا لا ينفع وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يونس:92] أي: علامة، وذلك أن بني إسرائيل قد أرعبهم فرعون إرعاباً عظيماً، فلا تطمئن قلوبهم ولا تهدأ نفوسهم حتى يروا هذا العدو وقد هلك، فبقي الجسم وشاهده بنو إسرائيل واطمأنوا أنه قد أدركه الغرق، ولهذا قال تعالى: {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يونس:92] ثم بعد ذلك أكلته الحيتان وذهب، وما ذكر أنه موجود الآن في الأهرام فلا أساس له من الصحة، وكم من شيء اشتهر ولكن ليس له سند، والقرآن الكريم يقول: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ} [يونس:90] انتهى موضوعه. الأمر الثاني مما لا تقبل معه التوبة: إذا طلعت الشمس من مغربها، فإذا حصل ذلك آمن الناس كلهم؛ لأنه حصل لهم أمر ليس باستطاعة أحد، الشمس الآن تشرق من المشرق وتغرب من المغرب، فإذا طلعت من المغرب ورآها الناس آمنوا، وقالوا: لا يمكن أن تخلف العادة إلا ولها رب يدبرها، فآمنوا، ولكن الله يقول: {لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} [الأنعام:158] . هذه شروط التوبة خمسة، إذا تحققت تاب الله على العبد، اللهم إنا نسألك أن تتوب علينا يا رب العالمين، وأن توفقنا لما فيه صلاح ديننا ودنيانا إنك على كل شيء قدير.

الأسئلة

الأسئلة

المقصود بالأمانة المذكورة

المقصود بالأمانة المذكورة والآن إلى الأسئلة، نسأل الله تعالى أن يلهمنا الصواب. Q فضيلة الشيخ! ما المقصود بالأمانة في هذه الآية التي فسرتموها؟ A المقصود بالأمانة في الآية التي ذكرناها الأوامر والنواهي، أي: التكليف في العبادات، فيشمل كل ما يجب فعله أن يفعله الإنسان وكل ما يحرم فعله أن يتجنبه الإنسان.

توجيه إلى أصحاب الحدائق والمنتزهات

توجيه إلى أصحاب الحدائق والمنتزهات Q فضيلة الشيخ! أشهد الله على محبتك، وأسأله سبحانه أن يجمعنا وإياك ووالدينا وإخواننا المسلمين في جنته. الشيخ: آمين. وبعد: أعرض هذه القضية التي بدأ يتهافت أرباب الأموال والمستكثرون منها عليها، ألا وهي المشاريع العائلية من منتزهات وحدائق، التي ينشئها أصحاب الأموال، يختلط الرجال والنساء فيها كل ذلك طمعاً في المال، فما توجيهك لهؤلاء؟ وأيهما أولى أن يخصصوها للنساء خاصة أم يجعلوها مختلطة؟ فنحن يا فضيلة الشيخ نقع تحت ضغوط عائلية بالذهاب بأهلنا إلى تلك الأماكن! A السؤال هذا مهم جداً، ولكن لا تنفع فيه الفتوى، هذا لا بد أن يرفع إلى الجهات المسئولة في الدولة ويُدرس بنية الإصلاح ويُمنع ما لا يجوز، فالدولة -والحمد لله- قوية، والدولة متى قامت بأمر الله عز وجل نصرها الله على كل إنسان، وإلا فمن المعلوم أن الدول الكافرة والدول الفاسقة وإن لم تصل إلى حد الكفر تضغط على هذه الحكومة بكل ما تستطيع؛ لأنه -والحمد لله- لا أعلم أحداً أقوم بدين الله من هذه الدولة على ما فينا من القصور، لكن إذا رأينا غيرنا ولو كانوا قريبين منا تبين الفرق العظيم، والله عز وجل يقول في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7] ، لكن فيما بيننا يجب علينا النصح، أن ننصح هؤلاء الذين انخذلوا أمام الضغوط التي توقعهم في الهاوية، وأن يعلموا أن الدنيا ليست دار مقر إنما هي دار عمل وممر، فليتقوا الله في أنفسهم وليتقوا الله تعالى في إخوانهم المواطنين.

حكم أداء الصلاة بعد استعمال المنشطات

حكم أداء الصلاة بعد استعمال المنشطات Q فضيلة الشيخ! ما حكم أداء الصلاة وسائر العبادات بعد تعاطي بعض الأمور المنشطة المتخذة للعلاج والخمول والكسل؟ الشيخ: هل هذه الحبوب تزيل العقل؟ السائل: لا، إنما تنشط فقط. A إذاً ما المانع؟ لا بأس في هذا ولا إشكال فيه.

كيفية تحمل الإنسان للأمانة

كيفية تحمل الإنسان للأمانة Q كيف يكون الإنسان هو الذي احتمل الأمانة وهو مكلف ولم يكن له اختيار في ذلك الاحتمال؟ A أقول: إن الله عز وجل قال: {وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ} [الأحزاب:72] ، والله عز وجل لا يظلم أحداً، فلولا أن الإنسان اختار هذه الأمانة أن يحملها لما قال: وحملها الإنسان، وكما ذكرنا في التفسير: إن الإنسان حملها بما أعطاه الله من العقل والتصرف، وبما أرسل إليه من الرسل وأنزل إليه من الكتب، فكأنه قال: أنا لها، أنا الذي أحملها؛ لأن عندي كتاب الله وسنة رسوله وعندي العقل والتمييز.

نصاب التمر

نصاب التمر Q رجل له عدد من الدور فيها عدد من النخيل، فهل تجب الزكاة إذا بلغت النصاب؟ وما هو نصابها بالكيلو؟ A أقول: بارك الله فيك هذه النخيل تجب فيها الزكاة إذا بلغت النصاب؛ لعموم الأدلة الدالة على ذلك، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (فيما سقت السماء العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر) ، والنصاب هو ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويعتبر النصاب بزنة التمر عند يبسه لا بقيمته عند كونه رطباً؛ لأنه قد يكون في حال الرطب يبلغ النصاب، ولكن إذا يبس لا يبلغ النصاب، فالعبرة به يابساً، أي: إذا صار تمراً.

كيفية العدل بين الأولاد

كيفية العدل بين الأولاد Q ما هي طريقة العدل بين الأولاد وخاصة في حاجاتهم كالسيارة والزواج؟ وهل الأبناء والبنات سواء؟ A طريقة العدل بين الأولاد أن يعطى كل إنسان ما يحتاج، فإذا احتاج أحدهم إلى الزواج أعطاه المهر كاملاً، ولا يلزمه أن يعطي الآخرين، أما بالنسبة للسيارة فالاحتياط أن يجعل السيارة باسمه -أي: باسم الوالد- ويمنح ولده الانتفاع بها، فإذا قدر أن الوالد مات أعيدت السيارة إلى تركته وورثها الجميع، وإذا قدر أن الابن مات أيضاً أعيدت إلى الأب، هذا هو الأحوط. أما بالنسبة للتعديل في مقدار ما يعطيهم إذا كانوا ذكوراً وإناثاً، فالقول الراجح: أن للذكر مثل حظ الأنثيين، لأنه لا قسمة أعدل من قسمة الله عز وجل، وقد قال الله تعالى: {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:11] . وهنا مسألة أحب أن أنبه عليها، وهي: أن بعض الناس يوصي لأولاده الصغار بالمهر بعد وفاته، وهذا حرام، ولا يحل له، ولا يلزم الورثة أن ينفذوا هذه الوصية، مثال ذلك: رجل له ثلاثة أولاد: أحدهم كبير بلغ سن الزواج فأعطاه مهراً خمسين ألفاً مثلاً، وبقي الاثنان صغاراً لم يبلغوا سن الزواج، فبعض الناس يوصي لكل واحد بخمسين ألفاً بمثل ما زوج به الكبير، وهذا غلط، والوصية حرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا وصية لوارث) ، وإذا شاء الولد الثالث أن يبطل الوصية فله ذلك.

حكم الصلاة في البيت لعذر شرعي

حكم الصلاة في البيت لعذر شرعي Q كنت أحافظ على الصلوات جميعها في المسجد لما كانت عندي سيارة، ثم بعد ذلك بعت السيارة، وهو رجل كبير في السن، والآن أصبح يصلي في بيته، فما الحكم؟ A لا بأس، إذا كان المسجد بعيداً ويشق عليه فله أن يصلي في بيته.

حكم من أدرك الركوع الثاني من صلاة الكسوف

حكم من أدرك الركوع الثاني من صلاة الكسوف Q فضيلة الشيخ! أدركت صلاة الكسوف في الركوع الثاني في الركعة الأولى، فهل تحسب لي ركعة؟ A في صلاة الكسوف ركعتان، وفي كل ركعة ركوعان، وإذا أدرك الركوع الأول فقد أدرك الركعة، وإن فاته الركوع الأول فاتته الركعة، وعلى هذا فلو دخل مع الإمام بعد أن رفع من الركوع الأول فاتته الركعة، فيقضيها إذا سلم الإمام، يقضيها بركوعين وسجودين.

حكم المسح على الجورب إذا لبسه على جورب آخر

حكم المسح على الجورب إذا لبسه على جورب آخر Q رجل مسح على الجورب ثم لبس جورباً آخر وهو على طهارة، فهل يمسح عليه؟ A إذا لبس جورباً ويمسح عليه ثم نزعه ولبس آخر نظرنا: إن كان بعد مسح الأول فإنه لا يمسح على الآخر، وأما إذا كان نزعه -أي: نزع الأول- قبل أن يمسحه بل هو على طهارته ثم غير الجورب، فهنا تبتدئ المدة من أول مسحةٍ بعد الحدث، لكن المسألة التي أردت: لو أن إنساناً لبس جورباً ومسح عليه، ثم رأى نفسه محتاجاً إلى جورب آخر فلبس الجورب الآخر على طهارة مسح الأول، فهنا لا حرج في ذلك، وتبتدئ المدة من مسح الأول لا من مسح الثاني.

حكم مس المصحف من غير طهارة

حكم مس المصحف من غير طهارة Q ما حكم مس المصحف من غير طهارة؟ A القول الراجح: أن مس المصحف لا يجوز إلا بطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، وأما قراءة القرآن فتجوز من المحدث حدثاً أصغر ولا تجوز من المحدث حدثاً أكبر حتى يغتسل، هذا هو القول الراجح في هذه المسألة، والمسألة فيها خلاف معروف عند العلماء، ولكن الراجح عندي ما سمعته مني.

المراد بالعرض في قوله تعالى: ((إنا عرضنا الأمانة) .

المراد بالعرض في قوله تعالى: ((إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ) .) Q فضيلة الشيخ! ما معنى قول الله تعالى: {عَرَضْنَا} [الأحزاب:72] والعرض أليس من الله؟ فكيف تأبى السماوات والأرض والجبال عن حمل الأمانة؟ A المراد: عرضها عليهم، ولم يأمرهم بها سبحانه وتعالى، إنما عرضها عليهم وقال: هل تحملونها أو لا؟ {فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا} [الأحزاب:72] وليس المراد بالعرض الأمر، فلو أمر الله تعالى هذه السماوات والأرض والجبال لامتثلت، وفرق بين العرض وبين الأمر.

ضابط شراء السلع التي فيها جوائز

ضابط شراء السلع التي فيها جوائز Q فضيلة الشيخ! المسابقات والجوائز والسحب عليها ما ضابط الحلال منها والحرام؟ فنحن في حيرة حيث كثرت بما يفوق الخيال. A الضابط: أنه إذا جعلت جائزة لمن يشتري بملغ معين، وهذا الذي وضع الجائزة لم يزد السعر من أجل الجائزة فلا بأس، ولكن يبقى المشتري إذا كان لا يريد السلعة لكن اشتراها من أجل الجائزة فهذا حرام عليه؛ لأنه إنما قصد الجائزة دون السلعة، فصار لنا نظران: النظر الأول: بالنسبة لواضع الجائزة نقول: لا بأس بوضعها بشرط ألا يزيد قيمة السلع عنده. النظر الثاني: بالنسبة للمشتري، لا بأس أن يشتري ويأخذ الجائزة إذا حصلت له بشرط أن يكون له غرض في الشراء، لا يشتري من أجل أن يحصل على الجائزة، وكما سمعنا أن بعضهم يشتري علب الحليب من أجل الجائزة التي فيها، فإذا فكها أراق الحليب في الأرض، ليس له غرض فيه، فهذا محرم ولا يجوز هذا هو الضابط.

حكم إهداء الدش للغير وما العمل بعد ذلك؟

حكم إهداء الدش للغير وما العمل بعد ذلك؟ Q لقد كان لدي دش فيما مضى وقد قمت بإهدائه إلى أحد أقربائي، والآن بعد أن منَّ الله علي بالهداية أردت أن أتلفه، فما العمل؛ علماً بأنني لا أستطيع أن أطلبه منه لأنه قد يعتقد أنني لا أريد أن أعطيه، أو أني تراجعت في هديتي؟ A أقول: الحمد لله الذي منَّ على هذا بالهداية، وليذهب إلى الذي أخذه ويسأله: هل هو يستعمله في المحرم كما هو غالب الاستعمال عند الناس، أو لا يستعمله إلا في الأخبار فقط؟ فإن كان الثاني وهو ثقة فلا حرج، وإن كان الأول وأنه يشاهد في هذا الدش ما هب ودب، فإنه يقول عني أنا: إن فلاناً يقول: خذه وكسره أمام الرجل الذي أهديته له، وبهذا يزول الشك من الرجل الذي أهدي له، ويقتنع إن شاء الله عز وجل.

حكم ولوغ الكلب في الإناء وكذلك الأحواض الكبيرة

حكم ولوغ الكلب في الإناء وكذلك الأحواض الكبيرة Q يوجد لدي عدد من الغنم والضأن ومعها كلبان معدة للحراسة، وأحياناً يشربان مع الغنم والضأن، فما حكم ذلك علماً بأن الماء راكد؟ A ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه أمر بغسل الإناء سبع مرات إحداها بالتراب إذا ولغ فيها الكلب، لكن الأحواض الكبيرة لا يؤثر فيها ولوغ الكلب، فإذا كانت هذه أحواض كبيرة -أعني: بركاً كبيرة- فإنه لا يضر أن تشرب منها الكلاب، وتشرب منها الغنم أيضاً، ويتطهر منها الناس؛ لأن هذا ليس كالأواني التي يؤثر فيها ولوغ الكلب.

كيف يعمل من سرق أموالا وأراد أن يردها إلى أهلها؟

كيف يعمل من سرق أموالاً وأراد أن يردها إلى أهلها؟ Q من كان يسرق من أقاربه بعض المال وقد منَّ الله عليه بالتوبة، ولكن يخشى إذا رد هذه الأموال حدوث المشاكل، فماذا يفعل؟ الشيخ: سرقها سرقة؟ السائل: نعم. A ليس هناك مشكلة إن شاء الله، ينظر إلى شخص ثقة أمين ويخبره بالواقع ويقول: جزاك الله خيراً، أعطها أهلها، بشرط أن يكون هذا أميناً عند أهل الأموال، وإذا لم يمكن هذا فهناك طريقة أخرى وهي: أن يرسل بالبريد المسجل أو الممتاز ويكتب ورقة بغير قلمه هو: هذه دراهم قد سرقها منكم سارق والآن يردها عليكم.

حكم شهادة الابن على أبيه والتشهير به

حكم شهادة الابن على أبيه والتشهير به Q ما حكم شهادة الابن على أبيه والتشهير به؟ A أما شهادة الابن أو البنت على أبيهما في المحكمة فهي واجبة؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء:135] ، وأما التشهير بذلك فهذا حرام؛ لأنه لا داعي لهذا، وفيه عقوق للوالدين.

حكم اقتناء التلفاز

حكم اقتناء التلفاز Q ما حكم اقتناء التلفاز؟ A إذا أتيت بالتلفاز هل تستطيع أن تسيطر عليه بحيث لا يشاهد فيه إلا ما كان مباحاً؟ إن كان الأمر كذلك فلا بأس، وإذا كنت لا تستطيع السيطرة عليه فهناك شيء يسمى: الكمبيوتر، اشتر من هذا النوع وضع فيه من الأشرطة ما تريد، ويحصل به المطلوب إن شاء الله.

حكم من لم تعتد بعد وفاة زوجها وهي جاهلة

حكم من لم تعتد بعد وفاة زوجها وهي جاهلة Q ما حكم من مات عنها زوجها ولم تعتد وهي جاهلة بذلك؛ علماً بأن زوجها تركها مدة طويلة؟ A لا شيء عليها ما دامت جاهلة، وأما ترك زوجها لها مدة طويلة فهذا لا يمنع العدة كما يتوهمه بعض الناس، بعض الناس يقول: الرجل إذا طلق زوجته وقد غاب عنها مدة طويلة فإنه لا عدة عليها، وإذا مات عنها وقد تركها مدة طويلة فلا عدة عليها، وهذا غلط، العدة واجبة على كل من كانت مع زوج سواء طالت مدة غيبته عنها أم لا، لكن إذا تركت العدة أو تركت الإحداد جهلاً منها فلا شيء عليها، والعدة تنتهي بانتهاء وقتها.

حكم الصلاة خلف الصوفيين

حكم الصلاة خلف الصوفيين Q ما حكم صلاة الجماعة خلف أئمة الصوفية إذا تعذرت الصلاة مع غيرهم؛ علماً أنه لا يوجد في تلك البلاد غير الأئمة الصوفيين؟ A أقول: سيسهل الله أمره.

إذا حاذت المرأة الحائض الميقات فماذا تعمل؟

إذا حاذت المرأة الحائض الميقات فماذا تعمل؟ Q فضيلة الشيخ! تساؤلات بين المسافرين خصوصاً الذين يذهبون لأداء العمرة: أولاً: المرأة الحائض إذا حاذت الميقات فماذا تعمل؟ A إذا كانت المرأة حائضاً ووصلت إلى الميقات وهي تريد العمرة فإنها تغتسل وتحرم، وتبقى حتى تطهر، ثم إذا طهرت طافت وسعت وقصرت، وإذا كانت تخشى أن يرجع أهلها قبل أن تطهر فلا تحرم، فإن قدر أنهم بقوا حتى طهرت فإنها تخرج إلى التنعيم وتحرم منه.

حكم طواف الوداع للمعتمر

حكم طواف الوداع للمعتمر Q ما حكم طواف الوداع للمعتمر؟ A الصحيح أن طواف الوداع للمعتمر واجب، إلا إذا رجع الإنسان من سفره فوراً بأن طاف وسعى وقصر ثم ركب السيارة ومشى فهذا يكفيه الطواف الأول، وأما لو بقي ولو ساعة واحدة وجب عليه أن يطوف للوداع عند الخروج.

رجل كتب صك أرض لأخيه باسمه كي يقدمها إلى البنك، فما حكم ذلك؟

رجل كتب صك أرض لأخيه باسمه كي يقدمها إلى البنك، فما حكم ذلك؟ Q إذا أخذ شخصٌ صك أرضٍ من أخيه فوضعها باسمه ثم تقدم بها إلى البنك العقاري، ثم بعد ذلك أعاد الأرض إلى صاحبها وكتب الصك باسم صاحبها الأول، وفيه ما يكون بمقابل وقد يكون بغير مقابل، فهل هذا معارضٌ للأمانة أم لا؟ A هذا معارض للأمانة، جامع بين الكذب والخيانة وأكل المال بالباطل وحصول المشاكل في المستقبل، لذلك أقول: هذا عمل محرم لا يحل للمسلم أن يفعله.

حكم المعاملة مع البنوك التي تبيع بالتقسيط إذا لم تكن السلعة موجودة عندها

حكم المعاملة مع البنوك التي تبيع بالتقسيط إذا لم تكن السلعة موجودة عندها Q فضيلة الشيخ! بعض الأشخاص يتفقون مع البنوك على أقساط، ثم بعد توقيع العقد يشترون له سيارة ويعرضها هذا الشخص للبيع، هل يجوز شراء هذه السيارة منه نقداً؟ A أصل هذه المعاملة محرمة، يحرم على الإنسان أن يأتي إلى البنك أو إلى التاجر ويقول: أنا أريد السيارة الفلانية اشترها لي، ثم بعها عليَّ بالتقسيط بثمن أكثر، هذا محرم، وهذا -والله- حيلة على الربا، وهو أقبح مما لو جاء إلى البنك وقال: أعطني خمسين ألف ريال وهي عليَّ بستين ألف ريال إلى سنة، كلاهما محرم، لكن الأخيرة أهون؛ لأن الأخير ربا صريح، والإنسان فيه لم يسلك سبيل المنافقين، أما الأولى فإنه خادع الله عز وجل، هذا البنك ما اشترى السيارة إلا من أجلك، فكأنه أقرضك قيمتها بزيادة، فليحذر المؤمن هذه المعاملة، وليتق الله ربه، وليعلم أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأن العبرة في العقود بمعانيها لا بصورها. وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

§1/1