الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة

الغزي، نجم الدين

الطبقة الأولى

الطبقة الأولى في ذكر من وقعت وفاته من المتعينين من افتتاح سنة إحدى وتسعمائة إلى ختام سنة ثلاث وثلاثين: المحمدون ا - محمد بن عوجان: محمد بن محمد بن أبي بكر بن علي، الشيخ الإمام، شيخ الإسلام ملك العلماء الأعلام، كمال الدين أبو المعالي ابن الأمير ناصر الدين بن أبي شريف المقدسي، المصري، الشافعي، سبط قاضي القضاة، شهاب الدين أحمد العمري، المالكي الشهير بابن عوجان. ولد ليلة السبت خامس في الحجة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة بالقدس الشريف، ونشأ في عفة، وصيانة، وديانة، ورزانة، وحفظ القرآن العظيم، والشاطبية، والمنهاج للنووي، وعرضهما على شيخ الإسلام شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني، وقاضي القضاة محب الدين بن نصر الله الحنبلي، وشيخ الإسلام سعد الدين الديري، وشيخ الإسلام عز الدين المقدسي في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، ثم حفظ ألفية ابن عالك، وألفية الحديث، وقرأ القرآن بالروايات على الشيخ أبي القاسم النويري، وسمع عليه، وقرأ في العربية والأصول والمنطق والعروض واصطلاح أهل الحديث، وأذن له بالتدريس فيها في سنة أربع وأربعين وثمانمائة، وتفقه على الشيخ العلامة زين الدين ماهر، والشيخ عماد الدين بن شرف، وحضر عند الشيخ شهاب الدين بن أرسلان، والشيخ عز الدين القدسي، ورحل إلى القاهرة سنة أربع وأربعين، وأخذ من علمائها منهم ابن حجر، وكتب له إجازة وصفه فيها بالفاضل

البارع الأوحد، وقاضي القضاة الشمس القاياتي، والعر البغدادي وغيرهم، وسمع الحديث على ابن حجر، والشيخ زين الدين الزركشي الحنبلي، والعز بن الفرات الحنفي وغيرهم، وتردد إلى القاهرة مرات، وحج بها صحبة القاضي عبد الباسط رئيس المملكة سنة ثلاث وخمسين، وسمع الحديث بالمدينة المنورة على المحب الطبري وغيره، وبمكة على أبي الفتح المراغي وغيره، ودرس وأفتى وأشير إليه في حاية شيخه ماهر، وكان يرشد الطلبة للقراءة عليه حتى ترك هو الإقراء، وفي سنة إحدى وثمانين توجه إلى القاهرة واستوطنها، وتردد الطلبة والفضلاء، وانتفعوا به، وعظمت هيبته، وارتفعت كلمته، ثم عاد إلى بيت المقدس بعد أن ولاه السلطان قايتباي الأشرف مدرسته المحدثة بها في سنة تسعين وثمانمائة، وفي شهر شوال سنة تسعمائة ورد إليه مرسوم شريف أن يكون متكلماً على الخانقاه الصلاحية بالقدس الشريف، وكان قد تولى مشيختها قبل ذلك مدة، ثم أضيف إليه التكلم على المدرسة الجوهرية وغيرها لما هو معلوم من ديانته وورعه، وقد استوفى ترجمته وأحواله تلميذه صاحب الأنس الجليل فيه. ومن تصانيفه: " الإسعاد بشرح الإرشاد " لابن المقري، و " الدرر اللوامع بتحرير شرح جمع الجوامع، في الأصول، و " الفرائد في حل شرح العقائد "، و " المسامرة بشرح المسايرة "، وقطعة على تفسير البيضاوي، وقطعة على المنهاج، وقطعة على صفوة الزبد لشيخه ابن أرسلان وغير ذلك، ومن إنشاده في بيت المقدس بعد غيبته عنه مدة طويلة ما ذكر في الأنس الجليل أنه سمع منه بدرب القدس الشريف حين عوده في غرة شهر ذي القعدة سنة تسعمائة. قال لي بروايتهما: أحيي بقاع القدس ما هبت الصبا ... فتلك رباع الأنس في زمن الصبا وما زلت من شوقي إليها مواصلاً ... سلامي على تلك المعاهد والربى واشتهر من شعره في المواضع التي تباح فيها الغيبة: القدح ليس بغيبة في ستة ... متظلم ومعزف ومحذر ولمظهر فسقاً ومستفت ومن ... طلب الإعانة في إزالة منكر ابن الحنبلي الحلبي في تاريخه عن شيخه العلامة شمس الدين الضيروطي المصري أنه توجه مع الشيخ نور الدين المحلي إلى الشيخ محمد الجلجولي المعروف بأبي العون

" المغربي "، وأخفى الشيخ نور الدين عن الشيخ أبي العون أنه من أهل العلم، فقال له الشيخ أبو العون كلاماً معناه أنه لا ينبغي لمن آتاه الله تعالى شيئاً من فضله أن يخفيه عن الناس، ثم إنه فرش له بساطاً كان في يده وأجلسه عليه قال وسأله الشيخ نور الدين عن الكمال بن أبي شريف الموافق له في الأخذ عن ابن أرسلان، فقال الشيخ أبو العون: قد رأينا مكتوباً على ساق العرش محمد بن أبي شريف من المحبين لأولياء الله تعالى. وكانت وفاته كما قال النعيمي في عنوانه: في يوم الخميس خامس عشري جمادى الأولى سنة ست وتسعمائة. عن أخويه شيخ الإسلام البرهان، وكان حينئذ بمصر، والعلامة جلال الدين، وكان عنده بالقدس عن دنيا طائلة - رحمه الله تعالى -. 2 - محمد المحرقي: محمد بن محمد الشيخ الفاضل ولي الدين ابن الشيخ العالم محب الدين المحرقي المباشر بالبيمارستان المنصوري بالقاهرة. توفي بها يوم الخميس ختام ربيع الأول سنة تسع بتقديم المثناة وتسعمائة. 3 - محمد القرافي: محمد بن محمد، الشيخ الإمام العلامة أقضى القضاة بدر الدين ابن الشيخ العلامة شمس الدين القرافي المالكي، خليفة الحكم بالديار المصرية. توفي بها يوم الثلاثاء ثالث عشر القعدة سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، ودفن بالصحراء بالقاهرة، وكانت جنازته حافلة. 4 - محمد القيراطي: محمد بن محمد بن إسماعيل، الشيخ الإمام، العلامة الصالح شمس الدين الشهير بالقيراطي، الدمشقي. ولد في سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة. قال الحمصي: وكان فاضلاً مفنناً، حفظ المنهاج للنووي، والتصحيح الكبير عليه للشيخ نجم الدين ابن قاضي عجلون. وتوفي ليلة الثلاثاء ثاني عشر رمضان سنة أربع عشرة وتسعمائة. 5 - محمد التيزيني: محمد بن محمد بن أبي بكر، الشيخ العلامة، المؤقت شمس الدين التيزيني، الدمشقي. الحنفي. ولد في رجب سنة ثمان وعشرين وثمانمائة، وكان عنده عقل وتؤدة، وحسن تصرف، وكان رئيس المؤقتين بالجامع الأموي. توفي يوم السبت ثالث صفر سنة إحدى عشرة وتسعمائة.

6 - محمد الفرفوري: محمد بن محمد بن عبد الله، قاضي القضاة بدر الدين بن الفرفور الدمشقي. الحنفي، اشتغل يسيراً في الفقه على البرهان بن عون، ثم ولي كتابة السر عوضاً عن أمين الدين الحسباني، ثم استنزل له عمه قاضي القضاة شهاب الدين بن الفرفور قاضي القضاة محب الدين الغصيف عن نظر القصاعية وتدريسها، وأسمعه الحديث على جماعة من الدمشقيين، ثم ولي قضاء القضاة الحنفية بالشام مراراً. عزل من آخرها في شوال سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، وتوفي بعد سنة ست وعشرين وتسعمائة لأن ابن طولون ذكر أن عمه الولوي بن الفرفور بعثه في صفر إلى صيدا هو والجلال البصروي في خزينة. 7 - محمد بن هشام: محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله، الشيخ العلامة محب الدين الشهير بابن هشام، النحوي، المصري نزيل دمشق. ولد في جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وتفقه بالعلامة قاسم بن قطلوبغا، والعلامة تقي الدين الشمني وغيرهما، وأخذ النحو عنهما أيضاً، والحديث عن ابن حجر وغيره، وكان علامة. وتوفي يوم السبت رابع القعدة سنة سبع وتسعمائة، ودفن في جوار المزار المعروف بسيدي بلال رضي الله تعالى عنه بمقبرة باب الصغير. 8 - محمد بن عطية الإسكندري: محمد بن محمد بن علي بن صالح بن عثمان ابن أبي الفتح بن عمر بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن عبد الله بن عطية بن عبد الصمد بن علي بن عبد المعطي بن أحمد بن يحيى بن موسى بن حمزة بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن محمود بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، الشيخ الإمام العارف بالله، الفقيه اللغوي، المحدث المسند، المعمر، المرشد، المسلك المربي، القدوة أبو الفتح شمس الدين السكندري المولد، الآفاقي المنشأ، العاتكي المزي الشافعي المذهب، العوفي النسب، الصوفي المشرب. قيل: ولد في الإسكندرية في أول شهر المحرم سنة ثمان عشرة وثمانمائة، وقرأت بخطه أنه ولد عاشر المحرم سنة عشرة وثمانمائة، ولما حملت والدته دخل والده الشيخ بدر الدين العوفي على

الشيخ الإمام العارف بالله تعالى الشيخ عبد الرحمن الشبريسي وسأله لها الدعاء، فقال له: إن زوجتك آمنة معها ولدان أحدهما يموت بعد سبعة أيام والآخر يعيش زماناً طويلاً، وسمه بأبي الفتح، وسيكون له فتح من الله تعالى، وتوكل على الله وسير إلى الله. يعيش سعيداً، ويموت شهيداً. يخرج من الدنيا كيوم ولدته أمه يضع قممه على جبل قاف المحيط يسوح زماناً، وينال من الله أماناً، فاستوص به خيراً، واصبر عليه، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً، فلما وضعته أمه كان الأمر كما قال الشيخ عبد الرحمن، فصنع والده وليمة بعد تمام أربعين يوما من ولادته، ودعا الشيخ عبد الرحمن وجماعة من الفقراء والصالدين وأضافهم، فلما رفعوا السماط حمله أبوه ووضعه بين أيديهم، فأخفه الشيخ عبد الرحمن الشبريسي وحنكه بتمرة، ثم مضغها وعصرها في فيه، ثم طلب شيئاً من العسل فأحضر له، فلعق الشيخ عبد الرحمن ثلاث لعقات، ثم ألعق المولود ثلاثا، ثم وضعه بي يدي الفقراء، وأمرهم فلعقوا منه، ثم قرأ الفاتحة سبع مرات، ثم قال لوالد الشيخ أبي الفتح: ادفع هذا لأمه لا يشاركها فيه أحد ولا تخش على الولد المبارك، فوالله إني لأرى روحه تجول حول العرش، ثم خرج من ساعته، وكان والد الشيخ أبي الفتح يقول حكايات الإشبريس. نقلت هذه الحكاية ملخصاً من خط الشيخ أبي الفتح في كتابه المسمى بالحجة الراجحة. قال: ثم إني رأيته - يعني الشيخ عبد الرحمن - بعد مدة، فلما أقبلت عليه قبل بين عيني، ونظر بعين لطفه إلي، ثم لقنني الذكر وأخذ علي العهد، ثم قال: عش في أمان الله، مؤيداً بالله، هائماً بالله، فانياً عما سواه، باقياً به. أنت إمام زمانك، وفريد أوانك، مقدماً على أقرانك، مباركاً على إخوانك، رعاك الله حفظك الله آواك الله " فرحين بما آتاهم من فضله " " سورة آل عمران: الآية 17 " الآية. قال: ثم ألبسني الخرقة الشريفة، ثم قال: أيامنا انقضت، وساعاتنا انقرضت، قال: فلما تم لي سبع سنين لبستها من يد الشيخ الإمام الورع الزاهد الناسك العابد العارف أبي الحسن علي الدمنهوري الصوفي، ومن يد الشيخ أبي إسحاق إبراهيم الأتكاوي يوم عاشر المحرم سنة خمس وعشرين وثمانمائة بلباسهما من الشبريسي، ثم نشأ الشيخ أبو الفتح، وطلب العلم والحديث، وتفقه بجماعة أولهم جده لأبيه القاضي نور الدين أبو الحسن علي، وهو أخذ الفقه والحديث عن جماعة منهم الحافظ علاء الدين علي بن إبراهيم بن داود بن سليمان بن سالم بن سلامة العطار، وتفقه ابن العطار بالشيخ الإمام الحافظ الفقيه أبي زكريا

يحيى بن شرف الدين النووي، وسمع الحديث على ابن حجر، والتقي الرسام، وعائشة بنت عبد الهادي، ومريم بنت أحمد بن محمد الأذرعي، والعز أبي محمد بن الفرات الحنفي وغيرهم. وقرأ على الحافظ شمس الدين أبي الخير المقدسي الحموي بمنزله بجامع القاف صحيحي البخاري ومسلم، وعوارف المعارف للسهروردي، وكتاب ارتقاء الرتبة في اللباس والصحبة، للقطب القسطلاني، والسيرة لابن هشام، وسنن ابن ماجة، وجامع الترمذي، ومسند الرافعي، ومجالس من مسند ابن حيان، ومن الموطأ، وسنن أبي داود وغير ذلك. وأجازه بجميع ما يجوز له روايته، وألبسه خرقة التصوف أيضاً، فلبسها منه وممن تقدم، ومن أبي العباس أحمد بن محمد بن الحسن الترابي، ومن أبيه القاضي بدر الدين الصوفي، ومن جده، ومن خاله أبي العباس أحمد بن القاسم بن موسى بن خلف بن محمد بن أحمد بن خلف الله ابن الشيخ الإمام العارف محرز بن خلف الله التونسي، ومن الحافظ ابن ناصر الدين، وابن الجزري، والشيخ عبد الرحمن بن أبي بكر بن داود الحنبلي الصالحي، والشيخ أبي الفتح محمد ابن الشيخ أحمد بن أبي بكر القوي، والشيخ أبي بكر محمد بن محمد بن علي الخافي، ومن الشيخ شهاب الدين بن أرسلان ومن غيرهم، وممن أخذ عن الشيخ أبي فتح المزي رضي الله تعالى عنه شيخ الإسلام الجد، واستجازه لشيخ الإسلام الوالد، وأحضره إليه وهو عون السنتين، فلقنه الذكر، وألبسه الخرقة، وأجازه بكل ما يجوز له وعنه روايته، والشيخ العلامة أبو المفاخر المحيوي النعيمي، وتلميذه الشيخ شمس الدين بن طولون، والشيخ شمس الدين الوفائي الواعظ وغيرهم. وألف كتاباً حافلاً في اللغة وقفت عليه بخطه، وله كتاب آخر سماه " بالحجة الراجحة في سلوك المحجة الواضحة " وقفت عليه بخطه أيضاً، كتاب آخر في آداب اللباس والصحبة وغير ذلك، ومن شعره ما كتبه في ختام الجزء الأول من كتاب الحجة الراجحة: يا ناظراً منعماً فيما جمعت وقد ... أضحى يردد في أثنائه النظرا سألتك الله إن عاينت من خطإ ... فاستر علي، فخير الناس من سترا وقال أيضاً رضي الله تعالى عنه: لم أنسى مذ قالوا فلان لقد ... أضحى كبير النفس ما أجهله فقلت: لا أصل لهذا وقال ... الناس: لم يكبر سوى المزبله وقال أيضاً رضي الله تعالى عنه: من كان حقا مع الرحمن كان معه ... نعم ومن ضر فيه نفسه نفعه

ومن تذلل للمولى، فيرفعه ... ومن تفرق فيه شمله جمعه وقال أيضاً رضي الله تعالى عنه: يربى الخليل على ما كان صاحبه ... يعتاده وعلى ما كان فيه ربي وفي الحقيقة يعتاد الصغير بما ... قد كان ينظر من أم له وأب والعبد يربى بما رباه سيده ... من كثرة الخير أو من قلة الأدب ومن تراه بضرب الدف ملتهباً ... يميل سامعه للرقص والطرب كذا لسانك من نطق يفوه بما ... عودته منك من صدق ومن كذب والشيخ إن كان ذا جهل فتتبعه ... فيه تلاميذه جهلاً بلا عجب وطالب الخير غير الخير ليس يرى ... وطالب الشر غير الشر لم يصب ومن مشى في طريق كان متهماً ... ما زال متهماً بالعيب والريب ومن أسر لشيء كان يفعله ... فسوف في وجهه يبدو لمرتقب ومن يماش فتى بالقبح متصفاً ... فسوف يرمى به في الحكم والسبب ومن له طمع يزداد فيه فلم ... يمل من كثرة الإلحاح في الطلب ومن له سوء خلق وابتليت به ... ففي مداراته ما زلت في تعب ومن يمل عن طريق الحق منحرفاً ... كالكلب ما زال يلفى أعوج الذنب ومن له حسن وجه لا حياء به ... فذاك برق بلا غيث ولا سحب ومن له يا فتى علم بلا عمل ... فذاك نخل بلا طلع ولا رطب ومن له في اللقا قول وليس له ... فعل، فذاك حكى كرماً بلا عنب أخبرت عن شيخ الإسلام الوالد - رضي الله تعالى عنه - أنه كان يحكي عن شيخه الشيخ أبي الفتح المزي أنه ذكر عن بعض شيوخه بدمشق أنه قال له يوماً: تعال إلي عند صلاة العشاء، فجاء إليه، فصلى معه العشاء، ثم خرج الشيخ المذكور، وخرج معه الشيخ أبو الفتح حتى كانا بالربوة، ثم خرج به من المكان المعروف بالمنشار، وتعلقا بسفح قاسيون، فلما أشرفا على الجبل قال الشيخ للشيخ أبي الفتح: انظر إلى هذه المشاعل وعدها واحفظ عددها، ثم سار به على السفح حتى وصلا إلى مقام السيد إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام المعروف بقرية برزة، فلما كان هناك قال الشيخ للشيخ أبي الفتح: كم عددت مشعلاً؟ قال: ثمانمائة، قال:

تلك أرواح الأنبياء المدفونين بهذا السفح المبارك عليهم الصلاة والسلام، قال: وذاك مصداق ما يقال إن بين أرض أرزة، وأرض برزة قبور ثمانمائة نبي. وكانت وفاة الشيخ أبي الفتح - رضي الله تعالى عنه - ليلة الأحد ثامن عشر ذي الحجة سنة ست وتسعمائة بمحلة قصر الجنيد قرب الشويكة، ودفن في الجانب الغربي في الأرض التي جعلت مقبرة، وأضيفت لمقبرة الحمرية - رحمه الله تعالى -. 9 - محمد الحصكفي: محمد بن محمد بن علي، الشيخ الإمام العلامة شمس الدين بن أبي اللطف الحصكفي، ثم المقدسي، سبط العلامة شيخ الإسلام تقي الدين القرقشندي. توفي والده شيخ الإسلام أبو اللطف، وهو حمل في عاشر جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين وثمانمائة، فنشأ بعده، واشتغل بالعلم الشريف على علماء بيت المقدس إذ ذاك منهم شيخ الإسلام الكمال بن أبي شريف، ثم رحل إلى الديار المصرية، وأخذ عن علمائها منهم الشيخ الإمام العلامة شمس الدين الجوجري، وسمع الحديث وقرأه على جماعة، وأذن له بالإفتاء والتدريس، وصار من أعيان العلماء الأخيار الموصوفين بالعلم والدين والتواضع، وكان عنده تودد إلى الناس، ولين جانب وسخاء نفس، وإكرام لمن يرد إليه، وأجمع الناس على محبته، وكانت وفاته رحمه الله تعالى ليلة السبت ثالث عشر القعدة سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه بجامع دمشق غائباً يوم الجمعة سادس عشري شهر القعدة المذكور - رحمه الله تعالى -. 10 - محمد الدوسي: محمد بن محمد بن عمر، الشيخ العالم، ولي الدين ابن القاضي شمس الدين، الدوسي، الصالحي، الحنبلي. توفي بصالحية دمشق يوم السبت تاسع عشر في الحجة سنة ثمان وعشرين وتسعمائة. ودفن بها. 11 - محمد بن غازي: محمد بن محمد بن غازي القاضي كمال الدين ابن الشيخ العلامة القاضي محيي الدين بن غازي الشافعي، ولي قضاء بعلبك والبقاع من أعمال دمشق مراراً، وتوفي بدمشق يوم الأحد سابع عشري الحجة سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، ودفن بباب الصغير - رحمه الله تعالى -.

12 - محمد البردعي: محمد بن محمد بن محمد، العالم الفاضل، محيي الدين البردعي، الحنفي، أحد موالي الروم. كان من أولاد العلماء، واشتغل على والده، ثم دخل شيراز وهراة، وقرأ على علمائها، وحصل علماً كثيراً، ثم ارتحل إلى بلاد الروم، وصار مدرساً بمدرسة أحمد باشا بمدينة بروسا، ثم تنقلت به الأحول حتى صار مدرساً بإحدى المدرستين المتلاصقتين بأدرنة، وتوفي وهو مدرس بها، وله حواشي على تفسير البيضاوي، وحواشي على حاشية شرح التجريد للسيد الشريف، وحواشي على التلويح، وشرح على آداب البحث للعضد، وكان له حط وافر من العلوم، ومعرفة تامة بالعربية والتفسير والأصول والفروع، وكان حسن الأخلاق، لطيف الذات، متواضعاً متخشعاً، وكان له وجاهة ولطف، وكان يكتب الخط الحسن مع سرعة الكتابة. توفي في سنة سبع وعشرين وتسعمائة بأدرنة - رحمه الله تعالى -. 13 - محمد الخطيب: محمد بن محمد بن أحمد بن علي، الشيخ العالم، العلامة شمس المصري، الحنفي، الشهير بالخطيب. ولد ثاني عشر القعدة أو شوال سنة خمسين وثمانمائة، وتفقه بقاسم بن قطلوبغا وغيره. وتوفي بعقبة أيلة في المحرم سنة تسع عشرة وتسعمائة. 14 - محمد بن منعة: محمد بن محمد بن يوسف، الشيخ العلامة قاضي القضاة أبو الفضل نور الدين الخزرجي، الدمشقي. الصالحي، المعروف بابن منعة. ولد بصالحية دمشق رابع شعبان سنة ست وثلاثين وثمانمائة، وحفظ القرآن العظيم، وحفظ درر البحار للقونوي، ثم المنار للنسفي، وسمع بعض مسانيد أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه - على قاضي القضاة حميد الدين، وتصحيح القدوري على الشيخ قاسم بن قطلوبغا، وتفقه بالشيخ عيسى الفلوجي، وولي تدريس الجمالية، وكانت سكنه، وبها كان ميلاده، والجوهرية، والشبلية

الجوانية، والمرشدية. وأفتى ودرس وناب في الحكم زماناً، وكانت سيرته فيه حسنة يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكان عنده أمانة وصبر، وحصل كتباً كثيرة، وانفرد في آخرة عمره بالرجوع إليه في مذهب أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه - بدمشق، ثم ولي في آخر عمره قضاء القضاة الحنفية بعد أن كره عليه، واعتقل بقلعة دمشق، ثم أطلق وولي القضاء في أول، سنة إحدى وتسعمائة. ثم كانت وفاته بقرية الفيجة مطعوناً في مستهل الحجة سنة أربع وتسعمائة، وأتي به إلى الصالحية، وصلي عليه بها، ودفن بتربة " الناظرة " المعظمية بسفح قاسيون رحمه الله تعالى. 15 - محمد بن قدامة: محمد بن محمد، " العلامة " قاضي القضاة بهاء الدين بن قدامة المقدسي الصالحي، ثم المصري الحنبلي. ولد في ربيع الأول سنة ثلاثين وثمانمائة. النعيمي: كذا أخبرني به، وأنه وجد ذلك بخط جده لأمه قاضي الحنابلة الشهير بابن الحبال انتهى. واشتغل في العلم، ودرس وأفتى، ثم ولي قضاء الحنابلة بالشام، ولم تحمد سيرته. لكن كان عنده حشمة، وتوفي يوم الجمعة عاشر ربيع الآخر سنة عشر وتسعمائة، وصلي عليه بجامع الحنابلة بالسفح القاسيوني، ودفن به في الروضة - رحمه الله تعالى -. 16 - محمد النحريري: محمد بن محمد، الشيخ العلامة أقضى القضاة ولي الدين بن الشيخ العلامة فتح الدين النحريري، المصري، المالكي. توفي سابع ربيع الأول سنة تسع وتسعمائة بتقديم التاء بالقاهرة، ودفن بالصحراء. 17 - محمد المعري: محمد بن محمد الشيخ شمس الدين العزي بالعين المهملة، الدمشقي الشافعي. ولد ثاني عشر ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة. قال النعيمي: رافقني على جماعة من العلماء والمحدثين، وشاهد ببابي مدة، ثم توجع وانعزل عن الناس، ثم توفي نهار الجمعة سلخ القعدة سنة خمس عشرة وتسعمائة. 18 - محمد الجوجري: محمد بن محمد الشاب العالم الفاضل، المفنن البارع أمين الدين ابن شيخ الإسلام شمس الدين الجوجري المصري، الشافعي، شارح

الإرشاد. والده توفي بالقاهرة مستهل صفر سنة اثنتي عشر وتسعمائة. 19 - محمد العنبري: محمد بن محمد الخواجا سري الدين العاتكي، الشهير بابن العنبري. كان يحب أهل العلم والحديث، وعنده عدة كتب في الفقه للمطالعة، وكان يلازم درس الشمس بن طولون وغيره. توفي في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، وهو والد الخواجا عبد القادر بن العنبري. 20 - محمد الياسوفي: محمد بن محمد، الشيخ العالم، المفتي المدرس بدر الدين الشهير بابن الياسوفي الدمشقي. الشافعي، ولد سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وسافر إلى القاهرة مراراً آخرها مطلوباً مع جماعة مباشري الجامع الأموي في جمادىالآخرة سنة ست عشرة وتسعمائة، فحصل له قبل دخول القاهرة توعك، واستمر إلى رابع يوم من وصوله إليها، فتوفي يوم الاثنين تاسع رجب، وصلي عليه غائبة بالجامع الأموي بدمشق يوم الجمعة ثالث شعبان المكرم. 21 - محمد بن بري: محمد بن محمد بن بري، العبد الصالح، شمس الدين بن بري الدمشقي. كان من أهل الخيرات. مات في سنة ست عشرة وتسعمائة، وأوصى ولده الشهابي أحمد بعمارة جامع مسلوت بحارة زقاق البركة بعد أن آل إلى الخراب، وكان قد تدارك جداره القبلي رجل من أهل الخير أيضاً يقال له: الخواجا شهاب الدين بن سليمان، فأتم المذكور عمارته، وصار أعجوبة. 22 - محمد الحصني: محمد بن محمد، الشيخ العلامة شمس الدين ابن الشيخ محب الدين الحسني، الحصني الدمشقي. الشافعي. توفي في دمشق يوم الأربعاء ثامن عشري شوال سنة إحدى وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 23 - محمد البازلي: محمد بن محمد بن عاود، الشيخ الإمام، العالم العلامة كمال الدين ابن الشيخ الإمام العلامة شمس الدين البازلي الكردي الأصل، الحموي، الشافعي. قال الحمصي: باشر نيابة القضاء بدمشق، ومشيخة المدرسة الشامية، وكان عالماً من أهل الفضل مفنناً. توفي بدمشق يوم السبت تاسع عشري شوال سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، وكان والده إذا ذاك حيا.

24 - محمد الفناري: محمد بن محمد، العالم الفاضل، المولى زين الدين. وقيل: زين العابدين الفناري الرومي الحنفي أول قضاة القضاة بدمشق من الدولة العثمانية. قرأ على علماء عصره منهم الفاضل ابن " عمه " المولى علاء الدين الفناري، ثم وصل إلى خدمة المولى العالم ابن المعرف معلم السلطان أبي يزيد بن عثمان، ثم تنقلت به الأحوال حتى صار قاضياً بدمشق، ثم بحلب قال في الشقائق النعمانية: كان عالماً فاضلاً ذكياً صاحب طبع وقاد، وذهن نقاد، وكان قوي الجنان، طلق اللسان، صاحب مروءة وفتوة، محباً للفقراء والمساكين. يبرهم ويرعى جانبهم، وكان في قضائه مرضي السيرة محمود الطريقة. انتهى. وذكر الشيخ شمس الدين بن طولون أن سيرته بدمشق كانت أحسن منها بحلب. قلت: حتى قال فيه شيخ الإسلام الجد رحمه الله تعالى حين كان قاضياً بالشام: أحب السادة الأروام لما ... أقاموا الشرع واتخذوه دينا وإن تسأل عن العباد منهم ... فقاضي الشام زين العابدينا وذكر ابن الحنبلي وابن طولون في تاريخهما هفوة صدرت منه حين كان قاضياً بحلب، وهي أن البدر بن السيوفي مفتي حلب وعالمها عقد بعض الأنكحة في أيام توليته بها، ولم يستأذن منه بناء على ما كان يعهده في دولة الجراكسة من عدم توقف عقود الأنكحة على أذن القضاة إذ لا يفتقر إلى إذنهم شرعاً، ولأنهم كانوا لا يأخذون عليها رسماً، فلما بلغ صاحب الترجمة أمر الشيخ بدر الدين السيوفي أن يستأذنه إذا أراد أن يعقد نكاحاً لأحد ليأخذ ما عليه من الرسم، فلم يبال الشيخ بذلك، وعقد لواحد نكاحاً من غير استئذان، فبعث إليه من أحضره إلى بابه ماشياً، فلما دخل عليه شتمه، ثم أمر به أن يكون في بيت محضر باشي تلك الليلة، وهم أن يوقع به ما لا يليق لولا أن الله تعالى دفعه عنه، ولم تمض على الشيخ بدر الدين مدة قليلة حتى مات قهراً بسبب ذلك، ثم مات صاحب الترجمة بعده بمدة يسيرة، وهو قاضي حلب في أول ربيع الأول سنة ست وعشرين وتسعمائة - عفا الله تعالى عنه -، وكان قد بعث، أولاقاً إلى دمشق ليأتي بالرئيس شمس الدين بن مكي ليعالجه، وبعث له معه أربعة آلاف درهم ليستخرج منها، فوصل أولاق إلى دمشق في رابع ربيع الأول المذكور، فذهب الأولاق بالرئيس المذكور إلى حلب، فوجدوا صاحب الترجمة قد توفي يوم الأحد مستهل ربيع، فسبحان الباقي.

25 - محمد الأنطاكي: محمد بن محمد الشيخ شمس الدين بن الأنطاكي الحلبي الشافعي، أحد الشهود بالمكتب الكائن داخل باب قنسرين بحلب في دولة الجراكسة. قال ابن الحنبلي: كان ذا نسخ لطيف، وتعليق حلو ظريف، ماجناً، لطيف العشرة، كثير النسخ لمجاميع كان يلتقطها من جواهر الأشعار، ونوادر الأخبار، من الهزليات والجديات. قال: وكان قديماً يميل إلى أكل الحشيشة الخبيثة، وشرب أم الخبائث، فكتب له شخص دين من أحبائه تجاه وجهه من حيث لا يشعر قول الشاعر: إذا كنت في نعمة فارعها ... فإن المعاصي تزيل النعم فتاب عند ذلك توبةً نصوحاً، وصار يعتزل الشهادة، إلى أن توفي في سنة ثمان وعشرين أو بعدها - رحمه الله تعالى. 26 - محمد بن الجرحي: محمد بن محمد الشيخ شمس الدين الشهير بابن الجرحي الحلبي قال ابن الحنبلي: كان أولاً أحد عدول حلب بالمكتب الكائن على باب الأسدية الجوانية ثم صار إمام السلطانية في الدولة العثمانية، وتوفي في سنة ثمان وعشرين أو بعدها. 27 - محمد بن القوجوي: محمد بن محمد، العالم الفاضل المولى. محي الدين القوجوي الرومي الحنفي. كان عالما بالتفسير والأصول وسائر العلوم الشرعية والعقلية، وأخذ العلم عن والده، وكان والده من مشاهير العلماء ببلاد الروم، ثم قرأ على المولى عبدي المدرس بأماسية، ثم على المولى حسن جلبي بن محمد شاه الفناري، وولي التدريس والولايات حتى صار قاضي العسكر بولاية أناطولي، ثم استعفي منه فأعفي وأعطي إحدى المدارس الثماني، ثم صار قاضياً بمصر، فأقام بها سنة ثم حج وعاد إلى القسطنطينية، وبها مات سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 28 - محمد المصري: محمد بن محمد، الشيخ العلامة القاضي أفضل الدين

الرومي المصري الحنفي قرأ الفقه على ابن قاسم وأجازه جماعة في استدعاء سبط شيخ الإسلام ابن حجر، وكان ديناً عاقلاً، وحج صحبة الشيخ أمين الدين الأقصراني، وتوفي بمصر في المحرم سنة اثنتين وثلاثين وتسعمئة عن نحو ثمانين سنة، وكانت جنازته حافلة رحمه الله تعالى. 29 - محمد الزيتوني: محمد بن محمد الشيخ الفاضل البارع محب الدين الزيتوني العوفي نسبة إلى سيدنا عبد الرحمن بن عوف، رضي الله تعالى عنه المصري الشافعي. دخل إلى دمشق وأخذ عن شيخ الإسلام الوالد، وحضر الكثير من تقاسيم المنهاج عليه، وحضر تقسيم التنبيه عليه وغير ذلك من دروسه، واستجاز من شيخ الإسلام، فأجازه بصحيح البخاري والتنبيه والمنهاج بعد أن سمع عليه الكثير من الصحيح، وتوفي سنة اثتتين وثلاثين وتسعمئة. 30 - محمد بن الغرس: محمد بن محمد، الشيخ الفاضل العلامة، شمس الدين ابن الشيخ العلامة الألمعي بدر الدين الشهير بابن الغرس بالمعجمة الحنفي المصري. كان ذا يد في النحو والأعاريب، وله شعر، وافتقر في آخر عمره، وسقم سنين بعد عز وترف ووجاهة، كان صابراً شاكراً، توفي رحمه الله تعالى في القعدة سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة عن نحو خمسين سنة. 31 - محمد وأخوه الغزيان: محمد بن محمد وأخوه أحمد أبناء القاضي رضي الدين الغزي، الجد الشابان الفاضلان أبو الخير قوام الدين، وأبو المكارم شهاب الدين. توفيا شهيدين بالطاعون في دمشق سنة اثنتين وتسعمائة. ثانيهما وهو الأصغر قبل أولهما وهو الأكبر يوم الأحد ثاني عشر القعدة عن ست عشرة سنة، وأولهما وهو الأكبر بعده باثنين وعشرين يوماً يوم الخميس رابع الحجة، وكان والدهما الجد الشيخ رضي الدين إذ ذاك بمصر، ولم يبق له بعدهما ولد، فبشره القطب كما قيل بأن يعوضه الله تعالى بولد صالح، فعوضه الوالد الشيخ بدر الدين سنة أربع وتسعمائة. 32 - محمد النكساري: محمد بن إبراهيم بن حسن العالم، العامل، الفاضل، الكامل، المولى محي الدين النكساري الرومي الحنفي. كان عالماً بالعربية، والعلوم الشرعية العقلية، ماهراً في علوم الرياضة. أخذ عن المولى فتح الله الشرواني، وقرأ على المولى حسام الدين التوقاني، ثم على المولى يوسف بالي بن محمد الفناري، ثم على المولى يكان، وكان

حافظاً للقرآن العظيم، عارفاً بعلم القراءات، ماهراً في التفسير. وكان يذكر الناس كل يوم جمعة تارة في أيا صوفيا، وتارة في جامع السلطان محمد خان، وكان حسن الأخلاق، قنوعاً راضياً بالقليل من العيش، مشتغلاً بإصلاح نفسه، منقطعاً إلى الله تعالى. صنف تفسير سورة الدخان، وكتب حواشي على تفسير القاضي البيضاوي، وحاشية على شرح الوقاية لصدر الشريعة، ولما آن أوان انقضاء مدته ختم التفسير في أيا صوفيا، ثم قال: أيها الناس إني سألت الله تعالى أن يمهلني إلى ختم القرآن العظيم، فلعل الله تعالى يختم لي بالخير والإيمان، ودعا فأمن الناس على دعائه، ثم أتى إلى بيته ومرض. وتوفي بالقسطنطينية في سنة إحدى وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 33 - محمد بن الخطيب: محمد بن إبراهيم، العالم العلامة، المولى محي الدين الشهير بابن الخطيب الرومي الحنفي، وكان من مشاهير موالي الروم. قرأ على والده المولى تاج الدين، وعلى العلامة علي الطوسي والمولى خضر بيك، وتولى المناصب، وترقى حتى جعله السلطان محمد بن عثمان معلماً لنفسه، ثم ادعى البحث مع المولى خواجه زاده، فقال له السلطان محمد: أنت تقدر على البحث معه. قال: نعم سيما ولي مرتبة عند السلطان، فعزله السلطان لهذا الكلام، ولما تولى السلطان أبو يزيد خان جمعه في ولايته مع المولى علاء الدين العربي في محفل من العلماء، فجرى بينهما مباحثة في الرؤية والكلام. انتهى فيها البحث إلى كلام أنكره عليه السلطان، ففطن ابن الخطيب لذلك، وصنف رسالة في البحث المذكور، وذكر في خطبتها اسم السلطان، وأرسلها إليه على يد وزيره إبراهيم باشا، فلما عرضها على السلطان، فقال السلطان: ما اكتفى بذلك الكلام الباطل باللسان حتى كتبه في الأوراق. اضرب برسالته وجهه، وقل له: يخرج البتة من مملكتي، فتحير الوزير، وكتم غضب السلطان عن ابن الخطيب، وانتظر ابن الخطيب جائزة الرسالة، وتألم من تأخرها، وقال للوزير: أستأذن السلطان أن أذهب من مملكته وأجاور بمكة وأدى أمره إلى الاختلال عند السلطان، وتحير الوزير، ثم أرسل إلى ابن الخطيب من ماله باسم السلطان عشرة آلاف درهم، وناسى السلطان القضية، ثم أن المولى جلال الدين الدواني رحمه الله تعالى أرسل كتاباً إلى بعض أصدقائه إلى الروم، وهو المفتي يومئذ وكتب في حاشيته: السلام على المولى ابن الخطيب، وعلى المولى خواجه زاده، فسمع ابن الخطيب بذلك، فطلب الكتاب وأرسله إلى الوزير وقال له: إنه يعتقد فضل خواجه زاده علي، وأنا مفضل عليه ببلاد الروم. يدل عليه كتاب المولى جلال الدين حيث قدمني عليه ذكراً، فلما وصل الكتاب إلى الوزير قال: إنه سؤال دوزي، والتقديم في

الذكر لا يستلزم التقديم في الفضل. قلت: وهذا الرجل وإن كان من الموالي المحققين، فأنت خبير بما اشتملت عليه سيرته من الدعوى، والحسد، وعدم الرضا من زمانه. وذكر صاحب الشقائق عن والده أنه دخل مع ابن الخطيب حين كان يقرأ عليه وهو متقاعد عن المناصب إلى السلطان أبي يزيد خان - رحمه الله تعالى في يوم عيد، فلما مر مع موالي بالديوان والوزراء جالسون سلم المولى بن فضل الله، وكان مفتياً في ذلك الوقت عليهم، فضرب ابن الخطيب في صدره بظهر يده، وقال: هتكت عرض العلم، وسلمت عليهم أنت مخدوم، وهم خدام سيما وأنت رجل شريف. قال: ثم دخل ونحن معه، فاستقبله سبع خطوات، وسلم عليه وما انحنى له، وصافحه ولم يقبل يده، وقال للسلطان: بارك الله لك في هذه الأيام الشريفة، ثم سلم ورجع. قلت: قد اشتملت هذه الحكاية على أمور بعضها معروف، وبعضها منكر، فأما ترك حنائه للسلطان، وتقبيل يده، فمن السنة، وأما إنكاره على المفتي السلام على الوزراء، وأهل الديوان ولومه على ذلك، وضرب يده في صدره، فجرأة وقلة أدب وخطأ ظاهر، ولابن الخطيب من المؤلفات حواشي على شرح التجريد للسيد الشريف، وحواشي على حاشية الكشاف للسيد أيضاً وغير ذلك، وكانت وفاته في سنة إحدى تسعمائة عفا الله تعالى عنه. 34 - محمد بن جماعة: محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سعد الله بن علي بن جماعة، ابن حازم بن صخر، الشيخ الإمام شيخ الإسلام قاضي القضاة، خطيب الخطباء نجم الدين أبو البقاء ابن قاضي القضاة برهان الدين ابن قاضي القضاة، شيخ الإسلام جمال الدين بن جماعة الكناني، المقدسي، الشافعي، سبط قاضي القضاة سعد الدين الديري - رحمهم الله تعالى - ولد في أواخر صفر سنة ثلاث وثلاثين ثمانية بالقدس الشريف، ونشأ به، واشتغل في صغره بالعلم على جده وغيره، وأذن له قاضي القضاة تقي الدين ابن قاضي شهبة بالإفتاء والتدريس مشافهةً، حين قدم إلى القدس الشريف، وتعين في حياة والده وجده، ولما توفي جده كان والده حينئذ قاضي القضاة الشافعية، فتكلم له في تدريس الصلاحية عند الملك الظاهر خشقدم، فأنعم له بذلك، ثم عن للقاضي برهان الدين أن يكون التدريس لولده الشيخ نجم الدين، لاشتغاله هو بمنصب القضاء، فراجع السلطان، فأجاب، وولى نجم الدين تدريس الصلاحية، فباشرها أحسن مباشرة وحضر معه يوم جلوسه قاضي القضاة حسام الدين بن العماد الحنفي قاضي دمشق، وكان إذ ذاك ببيت المقدس جماعة

من الأعيان شيوخ الإسلام، كالكمال والبرهان ابني أبي شريف، والبرهان الأنصاري، والشيح أبي العباس المقدسي، والشيخ ماهر المصري وغيرهم، ولم تزل الوظيفة بيده، حتى توفي والده في صفر سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، فجمع له بين قضاء القضاة، وتدريس الصلاحية، وخطابة المسجد الأقصى ولم يلتمس على القضاء ولا الدرهم الفرد، حتى تنزه عن معاليم الأنظار مما يستحقه شرعاً، ثم صرف عن القضاء والتدريس بالعز ابن عبد الله الكناني أخي الشيخ أبي العباس المقدسي، فانقطع في منزله بالمسجد الأقصى، يفتي، ويدرس، ويشغل الطلبة، ويباشر الخطابة، ثم عزل قاضي القضاة عز الدين، فتولى تدريس الصلاحية الكمال بن أبي شريف في صفر سنة ست وسبعين وثمانمائة، واستمر بها إلى سنة ثمان وسبعين، فأعيدت إلى صاحب الترجمة، فجلس للتدريس وافتتح التدريس بخطبة بليغة، وتكلم على قوله تعالى: " ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم " " سورة يوسف: الاية 65 " الآية. ثم تنزه عن القضاء، ولم يلتفت إليه بعد ذلك، ثم عن حصته من الخطابة، وانجمع عن الناس، وله من المؤلفات شرح على جمع الجوامع لابن السبكي سماه بالنجم اللامع، وتعليق على الروضة إلى أثناء الحيض في مجلدات، وتعليق على المنهاج في مجلدات، والدر النظيم في أخبار موسى الكليم، وغير ذلك، وتأخرت وفاته عن سنة إحدى وتسعمائة، رحمه الله تعالى. 35 - محمد الخليلي: محمد بن إبراهيم بن عبد الرحيم، الشيخ الإمام العلامة شمس الدين أبو الجرد ابن شيخ الإسلام برهان الأنصاري الخليلي، ثم المقدسي الشافعي، ولد بمدينة الخليل عليه الصلاة والسلام في شعبان سنة خمس وأربعين وثمانمائة، وحفظ القرآن والمنهاج، وألفية بن مالك، والجزرية، وبعض الشاطبية، واشتغل على والده، ثم أخذ العلم عن جماعة من علماء مصر، أجلهم شيخ الإسلام قاضي القضاة شرف الدين المناوي، والشيخ العلامة كمال الدين ابن إمام الكاملية الشافعيان، وأخذ العلوم عن الشيخ تقي الدين الشمني الحنفي، وفضل وتميز، وأجيز بالافتاء والتدريس، وأعاد بالصلاحية، وله تصانيف من شرح الجرومية، وشرح الجزرية، وشرح مقدمة الهداية في علم الرواية، لابن الجزري، ومعونة الطالبين في معرفة اصطلاح المعربين، وقطعة من شرح تنقيح اللباب لشيخ الإسلام ولي الدين العراقي، وغير ذلك، تأخرت وفاته عن سنة إحدى وتسعمائة. 36 - محمد بن أبي عامر: محمد بن إبراهيم بن محمد، الشيخ العلامة شمس الدين

الحنفي المقري، عرف بابن أبي عامر، أخذ عن الشهاب، أبي الطيب محمد بن أحمد بن علي الحجازي الشافعي، الأدب المحدث، وأخبره أنه يروي ألفية الحديث، والقاموس عن مؤلفيهما، وتلخيص المفتاح عن إبراهيم الشامي عن المؤلف. 37 - محمد بن الذهبي: محمد بن إبراهيم، الشيخ الإمام العالم الفاضل، أبو الفضل شمس الدين بن صارم الدين الرملي الشافعي، الشهير،، بابن الذهبي، أحد الشهود المعتبرين بدمشق، ذكر النعيمي، أنه كان قديماً بخدمة الشيخ رضي الدين الغزي الجد، وأن ميلاده كان سنة تسع وخمسين وثمانمائة، وقال الشيخ شهاب الدين الحمصي: أنه كان فاضلاً، ورأيت بخط شيخ الإسلام الوالد، أنه كان يعرف القراءات وكانت وفاته ليلة الجمعة ثالث عشر المحرم سنة سبع عشرة وتسعمائة بدمشق، بعد عوده من القاهرة. 38 - محمد بن مزهر: محمد بن أبي بكر القاضي، كمال الدين بن مزهر، كاتب الإسرار بالديار المصرية، توفي مطعوناً، يوم السبت خامس عشرين رمضان، سنة عشر وتسعمائة بالقاهرة، ودفن بتربة البارزي بها رحمه الله تعالى. 39 - محمد بن هلال: محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن مضر بن عمر بن هلال: الشيخ الفاضل العلامة الزاهد قوام الدين أبو يزيد الحيشي الأصل، الحلبي، الشافعي. كان عالماً فاضلاً مناظراً، له حدة في المناظرة، وذكاء مفرط، وحفظ عجيب. حفظ الشاطبية، وعرضها بحلب في سنة ثلاث ثمانين وثمانمائة، وسافر مع أبيه إلى بيت المقدس، فعرض أماكن منها ومن " الرائية " على إمام الأقصى عبد الكريم بن أبي الوفاء ثم جاور بمكة سنين، واشتغل بها، وسمع مع أبيه على الحافظ السخاوي، ثم عاد من مكة إلى حلب، واشتغل على عالمها البدر السيوفي، وقرأ عليه الإرشاد لابن المقري، وسمع بقرائة الشيخ زين الدين بن الشماع، ودرس بجامع حلب، ووعظ به وكان يأتي في وعظه بنوادر الفوائد، وسرد مرة النسب النبوي طرداً وعكساً، ثم أعرض عن ذلك، وكان صوفياً بسطامياً كأبيه يلف المئزر، ويرخي له عذبه رعاية للسنة، وكانت وفاته في حياة أبيه في شوال سنة أربع وعشرين وتسعمائة، وصلى عليه والده في جامع حلب في مشهد عظيم، ودفن في تربة أسلافه بالأطعانية.

40 - محمد المشهدي: محمد بن أبي بكر، الشيخ الإمام الفاضل، المسند الصوفي بدر الدين ابن الشيخ العلامة المسند بهاء الدين المشهدي المصري الشافعي، ولد في سنة اثنتين وستين وثمانمائة، وسمع على المسند أبي الخير الملتوتي مسند الطيالسي عن أبي الفرح عبد الرحمن بن المبارك الغزي ببلده، وسمع على عدة من أصحاب ابن الكويك، وابن الجزري، منهم والده، وعلى بعض أصحاب الشهاب الواسطي، وعلى قاضي القضاة بدمشق، القطب الخيضري، وأخذ عن الشهاب الحجازي الشاعر والرضى الأوجاقي، وعن غيرهم، وأجاز له ابن بلال المؤذن في آخرين من حلب، وسمع على جماعة من أصحاب شيخ الإسلام ابن حجر، وابن عمه شعبان، وغيرهما، ودرس وأسمع قليلاً، ناب في مشيخة سعيد السعدا الصلاحية عن ابن نسيبة، وكان عاقلاً، دمث الأخلاق ديناً صيناً، غير أنه كان ممسكاً حتى عن نفسه وفي مرض موته، كما قال العلائي، وقال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: كان عالماً صالحاً، كثير العبادة، محباً للخمول، إن رأى أحداً يقرأ عليه فتح له، وإلا أغلق باب داره، قال: فقلت له يوماً: ما أصبرك يا سيدي على الوحدة فقال: من كان مجالساً لله فما ثم وحدة؟! وقد جاوزت الأربعين سنة، وما بقي يناسبنا إلا الجد والاجتهاد وعدم الغفلة عن الله تعالى، ثم قال لي: هكنا أدركنا الأشياخ خلاف ما عليه أهل هذ (االزمان، يتعلم أحدهم مسائل، فيود أن لو عرف جميع أهل الأرض، قال: وكانيقول مدح الناس للعبد قبل مجاوزته الصراط كله غرور انتهى. وممن أخذ عنه الشيخ نجم الدين الغيطي، سمع عليه الموطأ برواية أبي مصعب، وقطعة من مسند الطيالسي، وأخذ عنه النخبة لابن حجر، وغير ذلك، وهو الذي تخرجت به، وانتفعت في فن الحديث، قال: وكانت وفاته سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة انتهى. وما ذكره من وفاته تقريب وتحرير وفاته، كما قرأت بخط العلائي يوم الاثنين سابع القعدة سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، ثم دفن يوم الثلاثاء بعد الصلاة عليه في جماعة قليلة بباب النصر، في تربة الصلاحية على أبيه، وتوفر له حظه من إيثار الخمول على الشهرة حياً وميتاً رحمه الله تعالى - وقال: وهو آخر ذرية ابن خلكان فيما يعلم، ولم يعقب رحمه الله تعالى. 41 - محمد بن الصعيدي: محمد بن أبي بكر، الشيخ الصالح المعتقد بدر الدين ابن الشيخ أبي بكر المصري الأحمدي، المعروف بابن الصعيدي، شيخ السادة الأحمدية. كان

الناس يتبركون به، ولهم فيه مزيد اعتقاد، وكان تحمل إليه الهدايا والإدرارات خصوصاً إذا شرع في التوجه إلى مولد سيدي أحمد البدوي - رضي الله تعالى عنه -، وكان مقبول الشفاعة، في الدولتين، مسموع الكلمة عند ملك الأمراء، فمن دونه، وكان إذا دخل على نائب مصر انتصب له قائماً، وانفرد به وقضى حوائجه، وقبل شفاعته، واعتبر كلامه، وأظهر ذلك بين خواصه وجماعته، وجعله أباً له، وكان يقطع خصومات، وينفذ أموراً لا يقدر عليها غيره، وكان يستخلص من القتل، وكان عليه السكينة والدهابة، وظهرت عليه خوارق وهابه الناس، وأقبلت عليه الدنيا، وكثرت مزارعه ومواشيه، وزوجه الأعيان ببناتهم، وبنيت له الزوايا، وعمرت له العمائر، وبقي على مكانته إلى أن توفي يوم الثلاثاء رابع عشر جمادى الثانية سنة ثمان وعشرين وتسعمائة. ولما بلغ ملك الأمراء موته تأسف عليه، وأجلس أولاده في حجره، ورسم لهم بإمضاء جميع جهاتهم، وأبقاهم على ما كان بيده رحمه الله تعالى. 42 - محمد بن ظهيرة: محمد بن أبي السعود بن إبراهيم، الشيخ الإمام العلامة، قاضي قضاة مكة المشرفة صلاح الدين بن ظهيرة المكي الشافعي. جرت له محنة في أيام الجراكسة، وهي أن السلطان الغوري حبسه بمصر من غير جرم ولا ذنب. بل للطمع في مال يأخذه منه على عادته، ولما خرج بعساكره من مصر لقتال السلطان سليم بن عثمان. أطلق كل من في حبسه من أرباب الجرائم وغيرهم، ولم يطلق صاحب الترجمة. بل أبقاه في الحبس، وسافر، فقتل في مرج دابق، فلما وصل الخبر بقتله، وكسر عسكر الجراكسة إلى مصر، وتسلطن طومان باي. توجه السلطان طومان باي إلى الحبس، وأطلق القاضي صلاح الدين، ثم لما وصل السلطان سليم خان إلى مصر جاء إليه القاضي صلاح الدين، فاكرمه وعظمه وخلع عليه وجهزه إلى مكة معزوزاً مكرماً مع الإحسان إليه، وكان بمصر جماعة من الحجازيين، فأحسن السلطان سليم إليهم كلهم، وكان القاضي صلاح الدين هو المشار إليه في تفرقة الصدقات السليمية في تلك السنة، وخطب عام إذ في الموقف الشريف خطبة عرفة، وبقي بمكة إلى أن توفي رحمه الله تعالى - في أواخر سنة ست أو أوائل سنة سبع وعشرين وتسعمائة. وصلي عليه غائباً بالجامع الأموي بدمشق يوم الجمعة سابع عشري ربيع الأول سنة وعشرين وتسعمائة. 43 - محمد المقري: محمد بن أبي عبيد، الشيخ الإمام العالم العلامة، شمس الدين المقري الشافعي خليفة الحكم العزيز بالقاهرة. قال الحمصي: وكان فاضلاً ذكياً مفنناً. توفي بالقاهرة يوم الجمعة ثالث عشري رمضان سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، وصلي عليه بجامع الحاكم، وكانت جنازته حافلة.

44 - محمد ابن أبي الحمائل: محمد بن أيي الحمائل، الشيخ الصالح، ولي الله تعالى، العارف به شمس الدين السروي المصري، الشهير بابن أبي الحمائل، ذكره شيخ الإسلام الجد فيمن صحبهم من أولياء الله تعالى، وكان رضي الله تعالى عنه أحد الرجال المشهورين بالهمة والعبادة، وكان إذا غلب عليه الحال تكلم بالعبرانية والسريانية والعجمية وغير ذلك من الألسن، وكان لا يتكلم بشيء، والحال غلب عليه إلآ نفذ، وكان يطير في الهواء والناس يشاهدونه، وقال عن نفسه: بينما أنا في منارة فارس كور ليلة إذ مز علي جماعة طيارة، فدعوني إلى مكة شرفها الله تعالى، فطرت معهم بقبقابي، فحصل عندي عجب بحالي، فسقطت في بحر دمياط، فلولا أني كنت قريباً من البر غرقت، وساروا وتركوني، وشكى إليه مرة أهل بلد من كثرة الفار في مقاتيهم، فقال لبعض جماعة: اذهب فناد في الغيط حسبما رسم محمد ابن أبي الحمائل أن ترحلوا أجمعون، فنادى الرجل لهم كما قال الشيخ، فخرج الفار كله من ذلك الوقت، فلم ير هناك واحدة منها، وقيل: أمره أن ينادي معاشر الفيران حسبما رسم محمد بن أبي الحمائل إنكم ترحلون من هذا الغيط، وكل من قعد منكم بعد الليلة شنق بلا معاودة، فخرجت الفار كلها إلا سبعاً فوجدت مشنوقة في عيدان العصفر، وقد استقصى بعض أحواله الشيخ عبد الوهاب الشعراوي في طبقاته، وكانت وفاته بمصر في سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، وصلي عليه بالجامع الأزهر، ودفن بزاويته بخط بين الصورين، وقبره بها ظاهر يزار. 45 - محمد التونسي: محمد بن أحمد، الشيخ الإمام، المدقق الصالح. أبو المواهب التونسي الشاذلي نزيل مصر، وهو الذي كان متصدراً في قبالة رواق المغاربة بالجامع الأزهر، وكان صاحب أوراد وأحوال، توفي في أوائل القرن العاشر رحمه الله تعالى.

46 - محمد بن خطيب حمام الورد: محمد بن أحمد بن محمد القاضي، كمال الدين الدمشقي الشهير بابن خطيب حمام الورد، ولد سابع عشر رجب سنة ست وأربعين وثمانمائة، وتوفي في جمادى سنة ثلاث وتسعمائة - رحمه الله تعالى. 47 - محمد أبي الفضل: محمد بن أحمد بن محمد بن أيوب، الشيخ العلامة، المفنن محب الدين الشهير بأبي الفضل الدمشقي الشافعي. مولده في ثالث عشر شعبان سنة أربعين وثمانمائة. أخذ عن الشيخ زين الدين الشاوي وغيره، وألف كتباً في الفقه وغيره. منها شرح على المنهاج وشرح على المنفرجة وتخميسها وغير ذلك، وعني بحل الزايرجه السبتية، وتوفي يوم الاثنين تاسع عشر المحرم سنة خمس وتسعمائة، ودفن من الغد بمقبرة الفراديس شمالي شباك الخانقاه النحاسية غربي الذهبية عند شيخه ابن الشاوي، ومن شعره قوله ملمحاً بحديث المسلسل بالأولية رواه عنه ابن طولون ومن خطة نقلت: إن رمتم فوزاً لدى رب السما ... وأن تنالوا في الجنان أنعما فأهل الأرض أوسعوهم رحمة ... لعل أن يرحمكم من في السما 48 - محمد العمري: محمد بن أحمد محمد سيدي الشيخ، العارف بالله تعالى، الولي الورع، الزاهد المجذوب، شمس الدين محمد ابن سيدي الشيخ العارف بالله تعالى أبي العباس بن شمس الدين العمري، الواسطي، المصري. قال الحمصي: كان له كرامات ظاهرة، وكشف صحيح، وكانت وفاته بالقاهرة يوم الأربعاء، في سادس عشري جمادىالآخرة سنة عشرة وتسعمائة. ودفن بجامعه بالقاهرة بقرب والده. 49 - محمد الكوكاجي الحنبلي: محمد بن أحمد أقضى القضاة عز الدين ابن القاضي شهاب الدين الكوكاجي الحموي، ثم الدمشقي الحنبلي، ولد بعد الأربعين وثمانمائة، وتوفي عشية الثلاثاء تاسع عشر في القعدة سنة سبع عشرة وتسعمائة. وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن بالروضة من سفح قاسيون - رحمه الله تعالى. 50 - محمد بن شكم: محمد بن أحمد الشيخ الإمام العلامة نجم الدين ابن الشيخ

العلامة شهاب الدين الشهير بابن شكم الدمشقي الشافعي، قال الحمصي: كان عالماً صالحاً زاهداً. وذكر ابن طولون في تاريخه أنه كتب على أربعين مسألة بالشامية. كتبها له وسأله عنها مدرسها شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون، فكتب عليها، وعرضها عليه يوم الأربعاء سادس عشري ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وتسعمائة عند ضريح الواقفة، فأسفر عن استحضار، حسن، وفضيلة تامة، وكانت وفاته في خامس عشر شوال يوم الاثنين سنة تسع عشر وتسعمائة بتقديم التاء، ودفن بصالحية دمشق رحمه الله تعالى. 51 - محمد بن البهوتي: محمد بن أحمد القاضي بدر الدين بن أبي العباس البهوتي المصري الشافعي من أعيان المباشرين بمصر، وكان ذا ثروة ووجاهة زائدة، حتىهابه بنو الجيعان وغيرهم من أرباب الديوان، وكان قد عرض بعض الكتب في حياة والده على الشرف المناوي، والجلال البكري، والمحب ابن الشحنة، والسراج العبادي وغيرهم، وكان ملازماً للشيخ محمد البكري النازل بالحسينية، وله فيه اعتقاد زائد، ولما دخل السلطان سليم بن عثمان مصر القاهرة، وتطلب العثمانيون الجراكسة ببيوت مصر وجهاتها، حشى القاضي بدر الدين البهوتي على نفسه وعياله، فحسن عنده أن يتوجه بهم إلى مصره عند صهره نور الدين البكري، فأنزلهم في الشختور، ثم أتى مسرعاً لينزل معهم، فوضع قدمه على حافة الشختور، فاختلت به، فسقط في النيل فغرق، فاضطربوا لغرقه، فانحدر الشختور إلى الوطاف العثماني، فظنوا أنهم من الجراكسة المتشبهين بالنساء، فأحاطوا بهم وسلبوهم ما معهم بعد التفتيش، فبينما هم على ذلك إذ أتى زوجة القاضي بدر الدين المخاض، فرحمها شخص بقرب قنطرة قديدار، فوضعت ولداً ذكراً في منزله، وكان القاضي بدر الدين يتمنى ذلك، وينذر عليه النذور، فلم يحصل إلا على هذا الوجه، وأحيط بماله وما جمعه، فاعتبروا يا أولي الأبصار، وكان ذلك في أواخر سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة. 52 - محمد بن العجمي الحنبلي: محمد بن أحمد بن علي بن إبراهيم أقضى القضاة، السيد الشريف ناصر الدين أبو عبد الله العجمي الأصل، الحلبي المولد، الإردبيلي الخرقة الحسيني الحنبلي، المعروف بالمهمازي. توفي بحلب سنة ست وعشرين وتسعمائة. 53 - محمد بن الشماخي: محمد بن أحمد الشيخ، الصالح الناسك السالك. بل العارف بالله تعالى، المربي المسلك المعمر، كمال الدين ابن الشيخ غياث الدين ابن الشيخ

كمال الدين الشماخي الأصل والمولد، وشماخي أم المدائن بولاية شروان. أخذ عن السيد يحيى ابن السيد بهاء الدين الشرواني الشماخي المولد، ثم الباكوي الوطن، وباكو بلدة من ولاية شروان أيضاً وبها توفي السيد يحيى - إلى رحمة الله تعالى - في سنة ثمان أو تسع وستين وثمانمائة، وكان السيد يحيى هذا جليل المقدار انتشرت خلفاؤه إلى أطراف الممالك، وترجمه صاحب الشقائق النعمانية. وقال: يحكى عنه أن لم يأكل طعاماً في آخر عمره مقدار ستة أشهر، فاشتهى في تلك المدة طعاماً عينه، فاهتم أكبر أولاده به، وأحضره، فلما أخذ لقمة اشتغل بتقرير المعارف الإلهية زماناً، ثم ترك اللقمة، ولم يأكلها فقيل له في ذلك، فقال: إن الحكيم لقمان تغذى برائحة شيء من الترياق عدة سنين، ولا بعد في أن أتغذى برائحة هذه اللقمة. وأما مريده الشيخ كمال الدين صاحب الترجمة، فذكر العلائي أنه دخل القاهرة بعد فتنة الطاغية إسماعيل شاه، فلم يظهر مشيخة ولا سلوكاً، ولا تقرب من أرباب الدنيا، بل جلس في حانوت بقرب خان الخليل يشتغل فيه الأقماع والكوافي على أسلوب العجم بحسن صناعة، وجميل دربة، وإتقان صنع. قال: وكان حافظاً لعبارات كثير من المشائخ، وآدابهم، وأخلاقهم، وحسن سيرتهم مما خلا منه كثير من المتصدرين مع عدم التكثر والتبجح، وكان وفاته ليلة الاثنين ثالث ربيع الأول سنة سبع وعشرين وتسعمائة. عن نيف وتسعين سنة ووقع في كلام العلائي عن مائة وثلاث عشرة سنة رحمه الله تعالى. 54 - محمد بن النجار الدمياطي: محمد بن أحمد بن عيسى الشيخ الإمام الأوحد العلامة. الحجة العمدة اللهامة شيخ وقته أمين الدين أبو الجود بن النجار الدمياطي، الشافعي خطيب جامع الغمري بمصر، وهو أحد تلاميذ شيخ الإسلام الجد مع أنه أسن منه، وأشياخ شيخ الإسلام الوالد، ووصفه الوالد " بشيخ " الإسلام، ومرة أخرى بولي الله تعالى، ولد كما قرأته بخط تلميذه الشيخ نجم الدين الغيطي سنة خمس وأربعين وثمانمائة. وممن أخذ العلم عنهم أيضاً شيخ الإسلام صالح البلقيني، والتقي الشمني، والسيدة زينب بنت الحافظ عبد الرحيم العراقي وغيرهم، وقد كان - رحمه الله تعالى - ممن جمع الله له بين العلم والعمل،

وكان في علوم الشرع إماماً، وفي علوم الحقيقة قدوة، وكان متواضعاً يخدم العميان والمساكين ليلاً ونهاراً، ويقضي حوائجهم، وحوائج الفقراء، والأرامل، ويجمع لهم من أموال الزكاة، ويفرقها عليهم، ولا يأخذ لنفسه من ذلك شيئاً، وكان يلبس الثياب الزرق، والجبب السود، ويتعمم بالقطن غير المقصور، وكان لا يترك قيام الليل صيفاً ولا شتاءً، وكان ينام بعد الوتر لحظة، ثم يقوم وينزل إلى الجامع، فيتوضأ ويصلي والباقي للفجر نحو سبعين درجة، ثم يصعد الكرسي ويتلو نحو ربع القرآن سراً، فإذا أذن الصبح قرأ جهراً قراءة تأخذ بجوامع القلوب، فمر نصراني من مباشري القلعة يوماً في السحر، فسمع قراءته فرق قلبه وأسلم على يدي الشيخ وهو على كرسته، وحسن إسلامه، وصلى معه الفجر، وبقي يصلي خلفه إلى أن مات، وكان يأتيه الناس للصلاة خلفه من بولاق، ومن نواحي الجامع الإزهر في صلاة الصبح لحسن صوته، وخشوعه، وكثرة بكائه حتى يبكي غالب الناس خلفه، وكان سيدي أبو العباس الغمري يقول عن جامعه: الجامع جثة، والشيخ أمين الدين روحها، وكان يقري ويضيف كل وارد، وكان يخدم نفسه، ويحمل الخبز على رأسه إلى الفرن، ويحمل حوائجه من السوق، ولا يمكن أحداً من حمل ذلك، وكان مع هذا له هيبة عظيمة يكاد من يعرفه يرعد من هيبته، وكان قد انتهت إليه الرئاسة بمصر في علوم السنة بالكتب الستة وغيرها، وكان يقرأ الأربع عشرة رواية، ومناقبه كثيرة. وله كرامات منها ما أحكاه الشيخ عبد الوهاب الشعراوي - رحمه الله تعالى - أنه رآه مرة أقسم على خشبة، فزحفت حتى وصلت إلى ركبتيه، ونقل ابن طولون عن الشيخ الفضل بن أبي اللطف أنه كان من أهل العلم. قال: وجرت له محنة في أيام السلطان قانصوه الغوري، وهي أن بعض التجار أودع عنده مالاً له صورة، وقال له: إذا بلغ ولدي بعد موتي، فادفعه إليه، فجاء الولد إليه، وهو دون البلوغ يطلب منه المال، فقال له: حتى تبلغ، فذهب إلى السلطان، فاشتكى عليه، فطلبه السلطان وطالبه بالوديعة، فأنكرها وحلف عليها، ثم لما بلغ الولد أقر بها، ودفعها إليه، فعلم السلطان بذلك، فطلبه فقال له: كيف تحلف ما عندك وديعة والآن قد أقررت بها؟ فقال له: إن فقهاء الشافعية كالنووي في الروضة قالوا: إن الظالم إذا طلب الوديعة من الوديع، وخاف منه عليها له أن ينكرها، ويحلف على ذلك وأنت ظالم، فرسم عليه السلطان، ثم شفع فيه، فأطلقه وأخبرنا شيخ الإسلام الوالد إجازة إن لم يكن سماعاً أن والده شيخ الإسلام رضي الدين الجد نظم قصيدة في نحو مائة بيت في معنى سأله في نظمه تلميذه شيخ المسلمين أمين الدين ابن النجار صاحب الترجمة، فأجابه إلى سؤاله، وكتب إليه من القصيدة بهذه القطعة:

إلهي سيدي ربي أغثني ... وخذ بيدي ومن بعدي أجرني إلهي قد جنيت وأي عبد ... ضعيف الخلق مثلي ليس يجني إلهي ليس أجدر بالخطايا ... وبالتقصير والزلات مني إلهي لو أتيت بكل ذنب ... فلا أولى بعفو عنك عني إلهي أنت ذو صفح جميل ... وجود واسع وعظيم من إلهي ما عصيت بغير علم ... ولا أبداً أطعت بغير إذن إلهي إن أطع فبمحض فضل ... وإن أعص فمن نقص ووهن إلهي ما لعبد حجة في ... تحمله الجناية والتجني إلهي إن حجتك التي قد علا ... برهانها من غير طعن إلهي ليتني لوكنت عبداً ... بلا خطأ وهل يجدي التمني إلهي ليتني لا كنت إذ لم ... أطعك وليت أمي لم تلدني إلهي إن خوفي زاد لولا ... رجائي مت من هم وحزن إلهي من يناقش في حساب ... يعذب منه يا رب أقلني إلهي أنت قهار حليم ... بحقك منك يا ذخري أعذني إلهي ليس إلا أنت ربي ... فلا أبداً بغيرك تمتحني إلهي إن أسأت بغير علم ... فإني فيك قد أحسنت ظني إلهي أنت قد حققت فقري ... إليك وليس شيء عنك يغني إلهي إنني أخشى وأرجو ... أماناً منك فامنن لي بأمن إلهي غير بابك في أموري ... إذا ما ضقت ذرعاً لم يسعني إلهي قد رجعت إليك عما ... سواك فلا إلى غير تكلني إلهي مثل ما أحسنت بدءاً ... ففي العقبي بحقك لا تسئني إلهي من يعين على وصولي ... إلى ما يرتضى إن لم تعني إلهي من سواك يزيل همي ... ومن أدعوه مضطراً يجبني إلهي لست أحصي ما به قد ... منحت من العطاء بلا تعني كانت وفاة الشيخ أمين صاحب صاحب الترجمة - رحمه الله تعالى - ليلة السبت السابع والعشرين من شهر القعدة سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، وقال الشعراوي سنة تسع

وعشرين، وهو تقريب منه على عادته الغالبة في طبقاته، والأول أصح، حرره الحمصي في تاريخه، ويؤيده ما ذكره ابن طولون أنه صلي عليه غائبة بالجامع الأموي بدمشق يوم الجمعة ثاني عشري صفر سنة تسع وعشرين وتسعمائة، قال الشعراوي: ودفن بتربة خارج باب النصر، بالقرب من زاوية سيدي الحصري رضي الله تعالى عنهما. 55 - محمد بن الكنجي: محمد بن أحمد، الشيخ الإمام العالم أبو عبد الله شمس الدين ابن الشيخ الصالح شهاب الدين الكنجي الدمشقي الشافعي، ولد في ربيع الأول سنة ست وخمسين وثمانمائة، وقرأ العربية على الشيخ موسى التونسي المغربي، ثم قدم دمشق وصار من أصحاب شيخ الإسلام الجد، وشيخ الإسلام الوالد، وقرأ عليهما قال الشيخ الوالد: لزمني كثيراًوقرأ علي جانباً كبيراً، نحو الثلث من كتاب المصابيح للبغوي، ومن شرحي على منظومة والدي شيخ الإسلام، مختصر جمع الجوامع في الأصول، من أوله إلى مسألة ما لا يتم الواجب المطلق إلا به، فهو واجب، وغير ذلك، قال: وحضر تقاسيدي للمنهاج والتنبيه وهو عمي من الرضاع، وكان - رحمه الله تعالى - له يد في النحو والحساب والميقات، حافظاً للقرآن، مجوداً، وولي، مشيخه الكلاسة، مات يوم الجمعة خامس عشر ذي القعدة الحرام سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، ودفن بباب الصغير، وكان ينشد كثيراًفي معنى الحديث: والناس أكيس من أن يمدحوا رجلاً ... حتى يروا عنده آثار إحسان 56 - محمد بن الفيوفي: محمد بن أحمد، الشيخ العلامة بدر الدين الفيومي الصوفي، كان من أصحاب شيخ الإسلام الوالد، سمع عليه مجلسين من صحيح مسلم، بقراءة صاحبه الشيخ برهان الدين البقاعي، وحضر مجالسه في غير ذلك، وتوفي، بحلب سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 57 - محمد بن الموقع: محمد بن إسماعيل القاضي محمد بن عماد الدين الموقع، قال الحمصي: كان مباركاً، توفي في دمشق في ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وتسعمائة. 58 - محمد بن جمعة: محمد بن جمعة، الشيخ الإمام العلامة بدر الدين الفيومي الحنفي المعروف بابن جمعة، من أعيان العلماء الفضلاء بمصر ومشاهيرهم بها، ولي، مشيخة القبة بتربة بشبك بالمطرية، ودخل إلى الروم مرتين، ودخل فيهما دمشق، الأولى صحبة قاصد السلطان قايتباي، فعاد إلى دمشق منها في جمادى الأولى سنة ست وتسعمائة، والثانية في سنة

سبع وتسعمائة، بتقديم السين فيهما، وكتب فيها بدمشق عند جوازه بها قاصداً لملك الروم السلطان أبي يزيد بن عثمان، في نصف شهر صفر من السنة المذكورة إلى شيخ الإسلام رضي الدين الغزي جدي لغزاً صورته: يا من له أدب وفضل لا يحد ... ومحاسن فوق الحساب فلا تعد ويحل إن نفث البليغ معانياً ... في مبهمات اللفظ فهي لها عقد ما اسم تركب من حروف مثل ما ... قد قامت الأركان منا بالجسد فأعجب لها من أربع قد ركبت ... فردين مع زوجين في اللفظ انعقد فرد وزوج أولان اتصلا ... كأن ذا وذاك روح وجسد وآخران انفصلا بعدهما ... كعاشق معشوقه عنه انفرد فبين فردين أتى زوج كذا ... ما بين زوجين لنا فرد ورد والأول النصف لثان عده ... والثالث النصف لرابع العدد والثالث الثلث لأول كما ... رابعه ثلث لثانيه يعد وعد حرف منه ساوى عدد ال ... باقي لمن قابل ذا بذا وعد حرف له نصف وحرف ثلث ... وحرف السدس حساباً لن يرد ذاك ثلاثة وهذا إثنان وال ... آخر إن تطلبه واحد أحد يقلى الذي يلقاه أبو لم يلقه ... جوى بقلب واجب طول الأبد قد بان ما قد بان من لغز يرى ... طرداً وعكساً في نظام اطرد فهاك لغزي إن ترد جوابه ... تجده دونه بدا يا ذا الرشد فأت به مبيناً مفصلاً ... وحل مافي النظم حل وانعقد فأجاب عنه شيخ الإسلام الجد بقوله رضي الله تعالى عنه: يا سيداً حاز الفضائل وانفرد ... بمعارف قد جد فيها واجتهد مازلت تبدي كل حين تحفة ... بعجائب من بحر عرفان تمد أرسلت لي لغزاً بديعاً وصفه ... عقدته بنوادر لا تنتقد في اسم تركب من حروف أربع ... معلومة مثل الطبائع في العدد فردين مع زوجين فيها ركباً ... من أول مع آخر أيضاً ورد مع ما ذكرت به من الألغاز في ... نظم ببحر كامل منه استمد

وطلبت فيه جواب ما ألغزته ... مني بتفصيل يحلل ما انعقد وجواب لغزك بين أوضحته ... بصريح لفظ فيه بالمعنى اتحد النصف منه الربع أو إن شئت قل ... نصف وربع نصفه من غير رد والربع نصف ربعه أو ضعفه ... من طرده أو عكسه حيث اطرد والربع نصف سدسه أو سدسه ... هندسة ما ثم من لها جحد والقلب واجباً إذا انتدبته ... كذا وليس خافياً على أحد وهو الصواب إن حذفت أولاً ... عوضته بسورة بلا فند وهو الجواب بحذف آخر وإن ... يبدل بدال فجواد ذو مدد وإنه المسؤول عنه ظاهراً ... فدم بجنة الرضى إلى الأبد توفي الشيخ بدر الدين بن جمعة صاحب الترجمة في يوم الخميس ثاني جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وتسعمائة. 59 - محمد بن المزلق: محمد بن حسن، قاضي القضاة شمس الدين أبو البقاء بن المقر بدر الدين ابن الخواجا شمس الدين الشهير بابن المزلق الدمشقي الشافعي، ولد بالقدس الشريف سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، وتوفي مقتولاً شهيداً بدمشق، ليلة الخميس تاسع عشر رجب سنة اثنتين وتسعمائة، ودفن بتربتهم شرقي مسجد الدبان، قيل: عاملت جاريتاه عليه ثلاثة مماليك من مماليك الحاجب الكبير تمريغا - رحمه الله تعالى -. 60 - محمد بن القلفاط: محمد بن حسن، القاضي ولي الدين ابن القاضي بدر الدين بن القلفاط الشافعي، خليفة الحكم العزيز بالقاهرة، حكم بين خصمين في بناء جدار، وحكم القاضي شمس الدين الخطيب المصري الحنفي بخلافه، فترافع الخصمان إلى السلطان الغوري فطلب القاضيين، ونهر صاحب الترجمة منهما، فعاد إلى بيته واستمر ضعيفاً أياماً، إلى أن مات يوم الاثنين ثاني عشر القعدة سنة إحدى عشرة وتسعمائة ببولاق - رحمه الله تعالى -. 61 - محمد بن الشاوي: محمد بن حسن، الشيخ الإمام شيخ الإسلام أبو عبد الله

شمس الدين ابن الشيخ بدر الدين الشاوقي الشافعي، توفي يوم الجمعة سابع عشر شعبان سنة اثتتي عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 62 - محمد بن الساموني: محمد بن حسن بن عبد الصمد، العالم العامل الزاهد المولى محيي الدين الساموني الروفي الحنفي، قرأ على والده، وعلى المولى علاء الدين العربي، ثم ولي التدريس، وترقى فيه، ثم صار قاضي أدرنة من قبل السلطان سليم، وتوفي وهو قاض بها. قال صاحب الشقائق النعمانية: كان مشتغلاً بالعلم غاية الاشتغال، بحيث لا ينفك عن حل الدقائق ليلاً ونهاراً، وكان معرضاً عن مزخرفات الدنيا، وكان يؤثر الفقراء على نفسه، حتى يختار لأجلهم الجوع والعري، وكان راضياً من العيش بالقليل، وكان له محبة صادقة للصوفية، وله حواش على شرح المفتاح للسيد الشريف، وحواش على حاشية التجريد للسيد أيضاً، وحواش على التلويح للعلامة التفتازاني، وكانت وفاته سنة تسع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 63 - محمد بن البابي الحلبي البيلوني: محمد بن حسن بن محمد بن أبي بكر، الشيخ العالم العامل الصالح، شمس الدين أبو عبد الله ابن الشيخ الصالح المقري بدر الدين البابي المولد، الحلبي المنشأ، الشافعي، المعروف بابن البيلوني، لازم الشيخ بدر الدين بن السيوفي، وحدث عنه، وقرأ على الكمال محمد بن الناسخ الطرابلسي، وهو نزيل حلب في شعبان سنة خمس وتسعمائة، من أول صحيح البخاري إلى أول تفسير سورة مريم، وأجازه ولمن معه، وأجازه جماعة آخرون منهم الحافظ شمس الدين السخاوي، وألبسه الطاقية، وصافحه وأسمعه الحديث المسلسل بالمصافحة، ومنهم الكمال والبرهان ابنا أبي شريف الشافعيان المقدسيان، وذلك عن اجتماع بهما وقراءة عليهما، وحدث بجامع حلب على الكرسي بصحيح البخاري وغيره، وولي إمامة السفاحية والحجازية بجامع حلب دهراً، وكان متقشفاً متورعاً عن فاخر الثياب، وأثوابه إلى أنصاف ساقيه عملاً بالسنة، متواضعاً يعبر عن نفسه بلفظ عبيدكم كثيراً، وكان ربما قال لغيره، كيف وليدكم وعبيدكم؟ فناقشه بعضهم في ذلك، فأجاب بأنه يقصد بالتصغير التعظيم كما هو مذهب الكوفيين، وكانت وفاته بحلب يوم السبت ثاني عشري القعدة سنة تسع عشرة وتسعمائة. 64 - محمد بن عنان: محمد بن حسن، الشيخ العالم الصالح الناسك العارف بالله

تعالى الشهير بابن عنان المصري الشافعي، كان ممن جمع بين علم الشرع وعلم الحقيقة، تفقه بالشيخ يحيى المناوي، وهو ممن أخذ عنه أيضاً، وكان سيدي محمد بن عنان ممن اشتهر بالجد في العبادة، والاجتهاد في الطاعة، وقيام الليل، وحفظ الأوقات من التضييع، حتى كان سيدي محمد بن أبي الحمائل يقول: ما رأت عيني أعبد من ابن عنان، وقصده الشيخ أمين الدين ابن إمام الكاملية إلى بلاد الشرقية، وأخذ عنه وتبرك برؤيته، وكان يحفظ القرآن العظيم، قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: قال لي مرة: حفظت القرآن وأنا رجل كبير، فقرأت النصف الأول أولاً على الشيخ ناصر الدين بن الاحطائي، والنصف الثاني على أخي الشيخ عبد القادر، كان لا يترك قيام الليل صيفاً ولا شتاًء، من حين كان صغيراً، وكان يتهيأ ويستعد لقيام الليل من صلاة العصر، فلا يستطيع أحد أن يكلمه حتى يصلي الوتر بعد العشاء، فإذا قام للتهجد من الليل، لا يتجرأ أحد أن يكلمه حتى يصلي الضحى، وكان لا يصغي قط لشيء من كلام الناس فيما لا يعنيه، ولا يستمع إلى أخبار الناس، لا سأل عن عزل من عزل، ولا تولية من تولى، قال الشيخ عبد الوهاب: وسمعته مرة يقول: منذ دخلت طريق الفقراء لا أقدر أجلس على حدث قط، بل وضوئي دائم ليلاً ونهاراً، قال: ولقد أصابتني جنابة مرة في ليلة باردة، وكان على باب داري بركة جمد ظاهرها من البرد، فنزلت فيها واغتسلت، فوجدتها من شدة الهمة كأنها مسخنة بالنار، وكان إذا استنجى في الخلاء وأبطأ ماء الوضوء، يرى أن يضرب يده في الحائط ويتيمم حتى يجيء الماء، ولا يجلس على غير طهارة لحظة، وكان يقول: من ادعى مجالسة الله عز وجل وهو يمكث على حدث لحظة واحدة، فهو قليل الأدب. وظهرت له كرامات كثيرة، منها ما ذكره الشيخ يوسف الحريثي أن طائفة الفقراء وردوا على سيدي محمد على غفلة وهو شاب، وكانوا نحو خمسمائة فقير، فأشبعهم كلهم من عجين أمه، وكان نصف ويبة ستر إناء العجين بردائه، وقال لأمه: قرصي منه ولا تكشفيه، فأخذت منه ما كفاهم، ثم أمرها فكشفت الإناء فلم تجد فيه شيئاً، وقال الشيخ أمين الدين بن النجار: كنا في سفر مع سيدي أبي العباس الغمري، وسيدي محمد بن عنان، فاشتد الحر علينا، فنزل الشيخان وطرحا على حمارتيهما بردة، وجلسا في ظلها، فعطش سيدي أبو العباس فلم يجد معنا ماء يشربه، فأخذ سيدي محمد طاسته وغرف بها ماء بارداً من الأرض الناشفة وقدمه لسيدي أبي العباس، فلم يشرب منه فقال: يا شيخ محمد، الظهور في هذه الأيام يقطع

الظهور، فقال سيدي محمد: وعزة الله لولا خوف الظهور لسألت الله تعال أن يجعلها بركة يشرب منها البهائم إلى يوم القيامة، وقال الشيخ شمس الطبخي وهو صهر سيدي محمد بن عنان: إن شخصاً كان في مقبرة برهمتوش، يصيح كل ليلة في قبره، فأعلموا سيدي الشيخ محمد بذلك، فمشى إلى قبره، وقرأ عليه سورة الملك، ودعا الله تعالى ساعة، فمن تلك الليلة ما سمعوا له صياحاً، وكان إذا دخل على فقير من إخوانه النافعين للناس وهو مريض يتحمل عنه المرض ويضطجع، فيقوم ذلك المريض في الحال، كأن لم يكن به مرض، وفعل ذلك مع الشيخ أبي العباس الغمري وغيره، قال الشيخ عبد الوهاب: ولما حضرته الوفاة فوق سطوح جامع باب البحر بخط المقسم، مات نصفه الأسفل، فصقى وهو جالس بالإيماء، فلما فرغ من الصلاة أشار إلي أضجعوني فأضجعناه، فما زال يهمهم بشفتيه والسبحة في يده، حتى كانت آخر حركة يده وشفته طلوع روحه، وكان ذلك في شهر رييع الأول، سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، ودفن خلف محراب جامع المقسم، وبنى عليه ولده الشيخ أبو الصفا قبة وزاوية - رحمه الله تعالى -. 65 - محمد بن الداديخي: محمد بن حسين الشيخ شمس الدين المجود المقرئ الداديخي، ثم الحلبي الشافعي، كان ديناً خيراً، وله أخلاق حسنة. أخذ القراءات عن مغربي كان بداديخ، وبرع فيه وفي غيره، وأخذ عن البازلي بحماة، وعن البدر السيوفي بحلب، وهما أجل شيوخه. ثم كان يشغل الطلبة في قبة بجامع عبيس، ويؤدب الأطفال، وتوفي سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة. 66 - محمد بن حمزة الحسيني: محمد بن حمزة بن أحمد بن علي بن محمد بن علي بن الحسن بن حمزة، الشيخ الإمام شيخ الإسلام، مفتي دار العمل بدمشق، السيد الشريف الحسيب النسيب، أبي عبد الله كمال الدين الحسيني الدمشقي الشافعي الشهير بأبيه، ولد في جمادى الأولى سنة خمسين وثمانمائة، كما قرأته بخطه في إجازته لأولاد مفلح، وبلغني أن والده استجاز له من ابن حجر، ولا يبعد فإن وفاة ابن حجر كانت ليلة السبت ثامن عشر ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، واشتغل في العلم على والده وخاليه النجمي والتقوي ابني قاضي عجلون، وعلى غيرهم، وبرع وفضل وتردد إلى مصر في الاشتغال

والأشغال، ثم صار أحد الشيوخ المعول عليهم من الشافعية بدمشق فقهاً وأصولاً وعربية وغير ذلك، وولي إفتاء دار العدل بدمشق، وقصده الطلبة، وكان جامعاً للعلوم مع جلاله ومهابة وهيئة حسنة، وكان يقرر في درسه بسكينة وتؤدة وأدب واحتشام، مع حل المشكلات ومراجعة التصحيح للشيخ نجم الدين ابن قاضي عجلون، والوقوف عندما صححه من كلام الشيخين وكلام المتأخرين، وكان يتردد إلى مصر، وتزوج وانتفع به الطلبة، وتخرج به الطلبة بدمشق والقاهرة، وما والاهما، وكان يدرس ويفتي وآخراً ترك الإفتاء، قال والد شيخنا الشيخ يونس العيثاوي - رحمه الله تعالى -: وكان يرد الأسئلة إلى بعض تلامذته لأمور منها: المحنة التي حصلت له مع السلطان قانصوه الغوري، وهي أنه رفع إليه سؤال فيمن بنى بنياناً في مقبرة، مسألة هل يهدم أو لا؟ فكتب أنه يهدم، فهدم على الفور، وكان الميت المبني على قبره أحد أولاد محب الدين الأسلمي، ناظر الجيوش بالشام، بمقبرة الشيخ أرسلان، وكان الهدم يوم الأربعاء ثاني رمضان سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، بحضرة قاضي القضاة الشافعية الولوي بن الفرفور، وقاضي القضاة المالكية خير الدين الغزي، وقاضي القضاة الحنابلة نجم الدين عمر بن مفلح، وصاحب الترجمة مفتي دار العدل كمال الدين بن حمزة وغيرهم، فلما هدم البناء المذكور استفتى أبو الميت محب الدين المذكور شيخ الإسلام التقوي ابن قاضي عجلون وهو خال السيد كمال الدين صاحب الترجمة فأفتى بعدم الهدم، وهو غير المنقول، وكأنه أدخل عليه في السؤال ما دعاه إلى الإفتاء بنلك، فأخذ محب الدين المذكور خط شيخ الإسلام ابن قاضي عجلون، وسافر به إلى مصر، بعد أن عقد بسبب ذلك مجالس عدة بدمشق منها يوم الأحد سادس المحرم سنة أربع عشرة وتسعمائة، بحضرة نائب الشام يومئذ سيبائي، والقضاة الأربعة والدوادار دولتباي وغيرهم، اجتمعوا بالتربة المذكورة وكشفوا عليها، واتفق الحال آخراً على أن من قال بقدم الجدار المبني يكتب خطه ومن قال بحدوثه يكتب خطه، ثم سافر محب الدين ووقف للغوري شاكياً باكياً، وبلغني أنه حمل معه من عظام الموتى، فطرحها بين يدي الغوري، فعند ذلك بعث الغوري في طلب السيد كمال الدين وخاله وولده القاضي نجم الدين، وقاضي القضاة الولوي بن الفرفور، وقاضي القضاة ابن يونس، وقاضي القضاة ابن خير الدين، وقاضي القضاة ابن مفلح وأقضى القضاة شهاب الدين الرملي، وعقد لهم مجلس بحضرة الغوري وعلماء مصر وقضاتها، وصاروا يتألفون السلطان بالجمع بين الإفتائين، تأدباً مع الشيخ تقي الدين ابن قاضي عجلون لأنه كان يومئذ شيخ الكل على الإطلاق، وكان للسيد أيضاً أصحاب وأنصار، فما أمكنهم إلا الإصلاح، وكان من كلامهم للسلطان الغوري أن العلماء ما زالوا يختلفون في الوقائع وكل أفتى بحسب ما ظهر له، وكان ميل الغوري إلى ما أفتى به الشيخ تقي الدين، وانفصل الأمر بعد عقد مجالس على المصادرة، وأخذ المال، وعزل ابن الفرفور

وتولية القاضي نجم الدين ابن الشيخ تقي الدين المذكور قضاء القضاة الشافعية، وعاد هو ووالده إلى دمشق متولياً لقضائها، ومكث مدة بها قاضياً، ثم عزل بابن الفرفور، واستمر الولوي بن الفرفور قاضياً إلى انقضاء الدولة الجراكسة، وعاد السيد كمال الدين وبقية القضاة إلى دمشق، وعكفت الطلبة عليه، وعظم شأنه، حدثنا بهذه القصة مراراً مشافهة شيخنا - فسح الله تعالى في مدته - عن والده الشيخ يونس - رحمه الله تعالى - ومن خطه نقلت ما عدا تاريخ الهدم والمجلس الذي عقد بالتربة المذكورة فإني حررته من كتاب ابن طولون، ونقلته من خطه، وولي السيد كمال الدين بن حمزة - رحمه الله تعالى - مع تدريس البقعة بالجامع الأموي، تدريس الشاميتين بدمشق الجوانية والبرانية والعزيزية والتقوية والأتابكية، وكان مجلس درسه بالجامع الأموي شرقي مقصورته، ولما دخل إبراهيم باشا الوزير الأعظم إلى دمشق في سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، رتب له في مال الجوالي بدمشق ثلاثين عثمانياً، وكان قليل الاعتراض على الحكام في أمر العامة، وعاش عيشة هنية نقية، وكان يتودد إلى أهل الصلاح، وممن حمل عنه الفقه وغيره من العلماء الشيخ الإمام العالم العلامة تقي الدين بن القاري، والشيخ العلامة بهاء الدين بن سالم، والعلامة كمال الدين الدركي إمام الشامية البرانية وخطيبها، والعلامة شمس الدين بن بركات بن الكيال، والعلامة برهان الدين الأخنائي، والعلامة القاضي جلال الدين البصروي، والعلامة القاضي زين الدين عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام التقوي ابن قاضي عجلون، والعلامة القاضي جمال الدين بن حمدان، والشيخ العلامة برهان الدين بن حمزة، والشيخ العلامة يعقوب الواعظ، والشيخ العلامة شمس الدين الوفائي الواعظ، والشيخ العلامة المفتي المدرس يونس العيثاوي والد شيخنا، والشيخ العلامة الورع شهاب الدين أحمد الطيبي، والشيخ العلامة الصالح علاء الدين القيمري وغيرهم، ولم يتفق لشيخ الإسلام الوالد الأخذ عنه لاستغنائه عنه بشيوخه وأقرانهم من الشاميين والمصريين، كما ستعلمه من ترجمة الشيخ الوالد. بالجامع الأموي، تدريس الشاميتين بدمشق الجوانية والبرانية والعزيزية والتقوية والأتابكية، وكان مجلس درسه بالجامع الأموي شرقي مقصورته، ولما دخل إبراهيم باشا الوزير الأعظم إلى دمشق في سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، رتب له في مال الجوالي بدمشق ثلاثين عثمانياً، وكان قليل الاعتراض على الحكام في أمر العامة، وعاش عيشة هنية نقية، وكان يتودد إلى أهل الصلاح، وممن حمل عنه الفقه وغيره من العلماء الشيخ الإمام العالم العلامة تقي الدين بن القاري، والشيخ العلامة بهاء الدين بن سالم، والعلامة كمال الدين الدركي إمام الشامية البرانية وخطيبها، والعلامة شمس الدين بن بركات بن الكيال، والعلامة برهان الدين الأخنائي، والعلامة القاضي جلال الدين البصروي، والعلامة القاضي زين الدين عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام التقوي ابن قاضي عجلون، والعلامة القاضي جمال الدين بن حمدان، والشيخ العلامة برهان الدين بن حمزة، والشيخ العلامة يعقوب الواعظ، والشيخ العلامة شمس الدين الوفائي الواعظ، والشيخ العلامة المفتي المدرس يونس العيثاوي والد شيخنا، والشيخ العلامة الورع شهاب الدين أحمد الطيبي، والشيخ العلامة الصالح علاء الدين القيمري وغيرهم، ولم يتفق لشيخ الإسلام الوالد الأخذ عنه لاستغنائه عنه بشيوخه وأقرانهم من الشاميين والمصريين، كما ستعلمه من ترجمة الشيخ الوالد. وحئثني من أثق به عن الشيخ الوالد أن رجلاً قال لشيخ الإسلام الجد: يا سيدي لو أمرت ولدك الشيخ بدر الدين أن يقرأ على السيد كمال الدين لكان ذلك حسناً فقال: ولدي من أقران السيد كمال الدين. فكيف يقرأ عليه؟ وأراد بذلك الشيخ الجد التنويه بمقام ولده، والتعريف بقدره مع اعترافه بكمال الكمال، وإلا فلا مانع من ذلك، قال والد شيخنا - رضي الله تعالى عنه -: وكان السيد كمال الدين - رحمه الله تعالى - هو سبب ظهور شرح المنهاج للشيخ جلال الدين المحلي بدمشق، فإنه استكتبه بمصر، وكتبه الطلبة وهو مفيد مع الاختصار، وكان الناس يطالعون العجالة، وهي أنفع لاشتمالها على الدليل والتعليل، والفروع المفيدة،

قال وأشياخنا كالإمام البلاطنسي وغيره، كانوا يأمرون الطلبة بمطالعتها قال: وأول اجتماعي بالسيد المذكور سألني عن محل إقامتي، فقلت: بميدان الحصا، فقال لي: هذه المحلة خصها الله تعالى بثلاثة أبارية كل منهم انفرد بفن لا يشارك فيه الشيخ إبراهيم الناجي بعلم الحديث، والشيخ إبراهيم القدسي بفن القراءات، والشيخ إبراهيم بن قرا في التصوف. انتهى. ورأيت للشيخ الصالح العلامة علاء الدين بن صدقة قصيدة يتغزل فيها ويتخلص لمدح صاحب الترجمة، فأحببت إثباتها هذا وهي هذه: لي في المحبة شاهد بفنائي ... عند الأحبة، وهوعين بقائي أذهب كلي في الغرام، ولم أدع ... من جملتي إلا محل رجائي فتبوأ الإحسان مني منزلاً ... وسط الفؤاد، وسائر الأعضاء ملكتهم رقي، وقلت برقة ... إن تقبلوا فأنا من السعداء ما زلت أسفح في هواكم أدمعي ... حتى همت ممزوجة بدماء فأنا الغريق بعبرة في لجة ... أشكو بها من فقد نار جواء لوكنت في لجج ولم تك في الحشا ... أهل المودة زاد حر ظمائي فبحق ساعات الوصال تعطفوا ... وأحيوا بوصل ميت الأحياء إن تقتلوا مضناكم يا حبذا ... إذ تدخلوه بزمرة الشهداء أو ترحموا صبا كئيباً ترحموا ... بمراحم من أرحم الرحماء برح المتيم في الهيام صبابةً ... لما عليه سطت يد البرحاء يا من هم قصدي وسؤلي والمنى ... إني كلفت بكم وطال عنائي جودوا وجوروا سادتي فأنا على الح ... الين لم أنقض عهود ولائي أعرضت عن قومي لأجل رضاكم ... وغدوت عبداً في الهوى برضائي أصبحت عن أهلي غريباً نازحاً ... وارحمتاه لغربة الغرباء ليس الغريب غريب دار إنما ... عندي الغريب المستهام النائي وأنا الذي عني أخلائي نأوا ... والصبر مني ذاهب متناهي لما ترحلت الأحبة حل بي ... داء ضنيت به وعز دوائي ساروا إلى نحو الخيام وهم معي ... قد خيموا في القلب والأحشاء تلك الليالي الماضيات بقربهم ... كوميض برق في دجى الظلماء ماذا عليهم لو أتاني منهم ... من يكشف الضراء بالسراء وأقول: مهلاً يا رعاك الله إن ... جزت المنازل جز على اللمياء

ولم الذي قد لامني في حبها ... إن كنت ترعى في الأنام إخائي واحفظ فؤادك بين سمر كواعب ... واحذر ظبا الألحاظ بين ظباء فأنا القتيل بسيف لحظ عزيزة ... وأنا الطعين بأسمر الهيفاء كحل السهاد نواظري من نظرة ... أرسلتها للمقلة الكحلاء لله كم سهرت عيوني عندما ... شهرت سيوف المقلة النجلاء لله ما منع الكرى عني سوى ... ذات الدلال بعينها الوسناء زارت بليل، ثم لما أسفرت ... ولى ظلام الليلة الليلاء سدلت ذوائبها فقلت: تمثلاً ... بالله خل الرقص في الظلماء وجلت محيا مثل بدر في الدحى ... وتمايلت تمشي على استحياء ما أن تثنت وانثنت إلا حكت ... غصناً يميس بحلة خضراء سارت تودعني وضنت بعدما ... سمحت ولم ترث لعظم بلائي فغدوت من شجو، ومن كلف بها ... مستوحشاً في الأهل والعشراء فشددت راحلة الرجاء على ... مطية همتي، وجنحت للعظماء لا أبتغي إلا كمال الدين ذا ال ... حسب الشريف خلاصة الشرفاء حبر وبحر في العلوم وسيد ... شيخ المشايخ أوحد العلماء حاوي الفضائل كنز أسرار الهدى ... عين الشريعة بهجة الفقهاء علم الحقيقة والطريقة شيخ ... الإسلام المحقق عمدة الفضلاء المرتقي لذرى المكارم والتقى ... نسل السراة السادة الكرماء فهو الرئيس ابن الرئيس ابن الرئيس ... ابن الرئيس وأرأس الرؤساء ولقد كساه الله ثوب ولاية ... ومهابة وجلالة وبهاء شيخ السكينة والوقار إذا بدا ... سطعت أشعة لمة بيضاء فتراه مثل البدر بين نجومه ... يسمو على العيوق والعواء والله ما في ذا الزمان نظيره ... في الفضل تحت الخيمة الزرقاء فله مقام ليسر يدرك شأوه ... خضعت لديه ذروة العلياء ولقد حوى شرفاً علياً زانه ... بتواضع ونزاهة وسخاء ذو حشمة ذو هيبة ذو رفعة ... بمحاسن الخلفاء والأمراء قطب له الأعلام قد نشرت على ... الأبدال والأوتاد والنجباء أهل الصفا سلكوا على منهاجه ... فمضى بهم للروضة الزهراء لسما الحقيقة قد سما وجلا عن ال ... قلب الصدا بحقائق الأسماء

روض العلوم لقد تضوع نشره ... لما تكمل منه بالأحياء داوى العليل شفا الغليل، ولم يزل ... لقلوب أهل الله خير شفاء ذو حكمة وبلاغة لم يوجدا ... في العصر للحكماء والبلغاء لا غرو إن قريش أهل فصاحة ... فاقت فصاحة سائر الفصحاء هذا وإن الكامل الأوصاف قد ... أضحى الفريد، وكعبة الشعراء يا سعد لا تلو على سلمى، وسل ... ما قد جرى في الحلة الفيحاء واقصد ديار الاكرمين بجلق ... الأمجدين الكمل الكبراء وانثر لآلئ مدح ذا الشرف الذي ... في الناس سار بسيرة حسناء العالم الفرد الذي قد قام ... بالإرشاد والتدريس والإفتاء الصاحب العقل العزيز، ومن غدا ... في الكون قدوة سائر العقلاء الزاهد الورع التقي الطاهر ال ... حسب النقي البر بالفقراء لا عيب فيه غيرأن يمينه ... مبسوطة في الناس بالنعماء هو كنز طلاب الكمال وذخرهم ... قطب الوجود ومطلب الصلحاء يحيي قلوب مجالسيه كأنه ... روح وريحان لدى الجلساء قد حاز كل لطافة وظرافة ... وعلا على اللطفاء والظرفاء كررت مدحي إذ حلا في الأكمل ... ابن الأكمل ابن الأكمل الأصلاء يا ليت شعري ما أقول بمدحه ... وعليه أثنى الدهر كل ثناء مولاي قد قصرت فيما قلته ... لكنني طولت ذيل رجائي فالعفو عن من كان من صدقاتكم ... وأتى لكم من أصدق الصدقاء هذه القصيدة من مبادئ شعر الشيخ علاء الدين بن صدقة، وغزلها لا بأس به، ومديحها أكثره بالغ، وله شعر أرق من ذلك وأحسن، وكانت وفاة السيد كمال الدين رحمه الله تعالى نهار الاثنين ثالث عشر رجب الفرد سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، وصلي عليه بالجامع الأموي، وصلى عليه الشيخ أبو الفضل بن أبي اللطف عند باب جامع جراح في جماعة ممن لم يكن صلى، ودفن إلى جانب خاله شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون بمقبرة باب الصغير، وقال تلميذه الشيخ تقي الدين القارئ يرثيه: توفي قرة العين الكمالي ... وصرنا بعده في سوء حال ولكنا صبرنا واحتسبنا ... وليس القلب بعد الصبرسالي ومهما كان في الدنيا جميعاً ... فإن مصير ذاك إلى الزوال

67 - محمد الطرابلسي: محمد بن خليل، الشيخ الإمام العالم شمس الدين ابن الشيخ خليل الطرابلسي الشافعي. خليفة بمدينة طرابلس. دخل إلى دمشق في ضرورة له، فتوفي بها غريباً يوم الأربعاء سابع شعبان سنة عشرة وتسعمائة، ودفن بباب الفراديس - رحمه الله -. 68 - محمد قاضي أدنة: محمد بن خليل، العالم الفاضل المولى، محمد الرومي الحنفي قاضي أدنة. توجه إلى الحج الشريف، فتوفي بالمدينة قبل وصوله إلى مكة سنة ثمان وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 69 - محمد المنزلاوي: محمد بن داود النسيدي المنزلاوي، الشيخ الصالح أحد المتمسكين بالسنة المحمدية في أقوالهم وأفعالهم. ألف رسالة سماها " طريقة الفقر المحمدي " ضبط فيها أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، وأفعاله وأحواله التي ظهرت لأمته، وكان يقول: ليس لنا شيخ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يضرب به المثل بمصر، وبسيدي محمد بن عنان، والشيخ يوسف الحديدي في اتباع السنة، وكان يقري الضيوف، ويخدم الفقراء والمنقطعين عنده، وينظف ما تحتهم من بول أو غائط، وكان لا يتخصص عنهم بشيء ربما خصصه أهل بيته بشيء بعد أن ينام الفقراء، فكان يخرج به إليهم ويوقظهم ويتساوى فيه هو وإياهم، وكان ربما طرقه الضيف بعد العشاء، ولم يكن عنده ما يقريه، فيرفع القدر على النار، ويضع فيه الماء، ويوقد عليه، فتارة يرونه أرزاً أو لبناً وتارة أرزاً وحلواً، وتارة لحماً ومرقاً، وربما وجدوا فيه لحم الدجاج. وحكي أن سيدي إبراهيم المبتولي بعث إليه في الغلاء عشرة أرادب من القمح، ففرقها على باب داره، وفضل له منها نحو خمسة أقداح. ومناقبه كثيرة مشهورة، وكانت وفاته في أوائل القرن العاشر ببلدة النسيدية، ودفن بجوار زاويته وقبره بها ظاهر يزار - رحمه الله تعالى -. 70 - محمد البازلي: محمد بن داود الشيخ الإمام العلامة مفتي المسلمين، شمس الدين أبو عبد الله البازلي الكردي، ثم الحموي، الشافعي، ولد في ضحوة يوم الجمعة سنة خمس وأربعين وثمانمائة في جزيرة ابن عمر، ونشأ بها، وانتقل إلى أذربيجان، فحفظ بها

كثيراًمن الكتب منها " الحاوي الصغير " و " عقائد النسفي " و " عروض الأندلسي " و " الشمسية " في المنطق و " الكافية " في النحو لابن الحاجب و " تصريف العزي ". وأخذ المعقولات عن منلا ظهير، ومنلا محمد القنجفاني ومولان عثمان الباوي، والمنقولات عن والده ونجم الدين، الأشلوبي، وقدم الشام في المحرم سنة سبعين وثمانمائة، وحج سنة خمس وسبعين، وعاد من الحجاز إلى حماة فقطنها، وكان زاهداً متقشفاً، كثير العبادة، يصوم الدهر، ويلازم التدريس، وألف عدة مؤلفات منها: حاشية على شرح جمع الجوامع للمحلي، وكتاب أسماء الرجال سماه " غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام " وكتاب " تقدمة العاجل لذخيرة الآجل " وله أجوبة شافية عن إشكال كانت تورد عليه، وأسئلة كانت ترفع إليه، وكانت وفاته بحماة سنة خمس وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 71 - محمد أبو السعود الجارحي: محمد بن دغيم، الشيخ الفقيه، الصوفي المتعبد، المتنسك المعتقد عند الملوك وأرباب الدول، فمن دونهم أبو السعود الجارحي القاهري. كان والده من أعيان كوم الجارح، والمتسببين به في أنواع المتاجر، فنشأ الشيخ أبو السعود على خير، وحفظ القرآن العظيم، واشتغل في الفقه والنحو، ثم أقبل على العبادة والمجاهدة، ومكث عشرين سنة صائماً لا يدري بذلك أهله، وكان يصلي مع ذلك بالقرآن في ركعة أو ركعتين في تلك المدة وأخذ في تقليل الأكل، فانتهى أكله إلى لوزة، ثم ترك اللوزة، وكان يختلي في تلك المدة في بيت وحده في المدرسة الأرسلانية بالقرب من قصر نائب جده، وكان يأخذ عشاءه كل ليلة من البيت، فيعطيه للفقراء، ثم يدخل الرسلانية فيصلي الصبح، ثم يخرج إلى حانوت له يبيع فيه القطن إلى العصر هذا في بدائته، ومع ذلك كان يحلف ويقول: والله ما بلغت الآن مقام مريد، ثم صحب العارف بالله تعالى زاهد زمانه المتقنع بالنزر اليسير مما يحصل له من عمل العراقي السادجة، والقبطي شهاب الدين أحمد المرحومي أخص متأخري

تلامذة الشيخ مدين. وكان الشيخ أبو السعود كثير التلاوة للقرآن العظيم ليلاً ونهاراً، وكان إذا دخل أول ليلة من رمضان نزل سرداباً تحت الارض، فلا يخرج منه لغير الجمعة إلى يوم العيد، وربما كان ذلك بوضؤ واحد من غير أكل، وكان يشرب كل ليلة عند المغرب مقدار أوقية مصرية ماء، وكان له طريقة تقرب من طريقة الملامتية، وكان لا يقرب أحداً إلا بعد امتحانه سنين، وجاء مرة مريد من مسيرة يومين يريد الاجتماع به، فلم يأذن له الشيخ، وقال أجيء من موضع بعيد، ولا يخرج إلي، فأرسل الشيخ يقول له: تمن علي بسفرك إلي أيومين كان المريد يسافر في الزمن الماضي ثلاثة أشهر في مسألة واحدة في الطريق؟ ثم قال له: اذهب لا أراك ثلاث سنين، فمكث ثلاث سنين، ثم جاء فأكرمه وانتفع به، وكانت كراماته ومكاشفاته ظاهرة، وقال له شخص من تلامذته: يا سيدي رأيت صبية من البرابرة، فراحت نفسي لها، فقال له الشيخ: صم تنفك عنك الشهوة، فلم يصم وذهب إلى الصبية، فأدخلته خصها، فأخذ رجلها في وسطه فتأمل، فوجدها في صورة الشيخ، فخجل وتركها، فلما رجع ذكر له الشيخ القصة قبل أن يذكرها هو. قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي - رحمه الله تعالى -: فرأيته في المنام قبل اجتماعي عليه يتوضأ في شعرة نحو شبر، فأول ما اجتمعت به بدا لي، وقال: طول الشعر للفقير يدل على زيادة الدين، وطوله للأغنياء يدل على غم وهم، وقال الشيخ نور الدين الماوردي: أنكرت على أصحابه حلقهم لحاهم، وقلت: هذا أمر لا عن الله، ولا عن رسوله، فقال لي: يا نور الدين لا بد لك من حلق لحيتك، وتكون أنت السائل في ذلك. قال: فحلقت لحيتي بعد قولى الشيخ بعشر سنين، وأبى الحالق أن يحلق، فأكرهته على ذلك قلت: هذا من جملة أحوال طريقته التي أشرنا إليها، وكان من عادته أن يدعي على بعض مريديه عند الحكام، فيقول: هذا زنا بجاريتي - يعني الدنيا - هذا أراد البارحة أن يقتلني، هذا سرق مالي، فيعترف المريد بذلك، ويضرب بالمقارع، ثم يشفع فيه الشيخ كان شطحه كثيراًلكنه كان يعطب من ينكر عليه. ومن لطائفه أن بعض علماء الجامع الأزهر بعث يستأذنه في الاجتماع به، فأذن له الشيخ، فقال الشي للحاضرين: هذا ليس على عقيدة في شيخ، فنصبة توديه، وضمة تجيء به، فلما جلس الفقيه قال الشيخ: يظن الناس بي خيراً وإني ... لشرالناس إن لم تعف عني بنصب الناس في أول البيت، فقام الفقيه وقال: هذا عامي، ثم لقيه الشيخ بعد شهر. فقال: يظن الناس بي خيراً بضم السين، فقبل الفقيه يد الشيخ. وقال: أنا أستغفر الله، فقال: من أبعدته نصبة، ورددته ضمة لا يصلح لصحبة الفقراء. قال الشعراوي: وسمعته مرة يقول

لفقيه: متى تصير هاؤك راءً؟ وقال أيضاً: سمعته يقول: إذا ذكرتم اسم ربكم، فلا تنطقوا به إلا مع التعظيم والخشية. قال: ولما حضرته الوفاة أرسل خلف شيخ الإسلام الحنفي وجماعته: وقال: اشهدوا علي بأني ما أذنت لأحد من أصحابي في شيء من السلوك، وما منهم من أحد شم الطريق، ثم قال: اللهم أشهد اللهم أشهد، وقال أيضاً: إنه مات سنة نيف وثلاثين وتسعمائة، وقال في موضع آخر: إنه توفي سنة ثلاث وثلاثين. قلت: وهو تقريب بلا شك، وإنما كانت وفاته سنة تسع وعشرين وتسعمائة. بتقديم التاء المثناة في تسع. كما قرأته بخط الشيخ موسى الكناوي، وحررت من تاريخ العلائي. إنه توفي ليلة الأربعاء مستهل جمادى من سنة تسع المذكورة قال: وأوصى أن يغسله الشيخ يوسف الأزهري، وحضر جنازته خلق منهم القاضي نور الدين الحنفي الطرابلسي، والسيد كمال الدين بن حمزة الشافعي الدمشقي. وصلي عليه بتقديم الحنفي له، وصلي عليه بجامع عمرو بن العاص - رضي الله تعالى عنه - حاضرة وبالجامع الأزهر غائبة. قال الشيخ عبد الوهاب: ودفن بزاويته بكوم الجارح بالقرب من جامع عمرو في السرداب الذي كان يتعبد فيه - رحمه الله تعالى -.72 - محمد بن رمضان: محمد بن رمضان، الشيخ الإمام، العالم العلامة شمس الدين الدمشقي مفتي الحنفية بدمشق. قال الحمصي: كان قد انعزل عن الناس، وتنصل من حرفة الفقهاء، ولازم العزلة إلى أن مات. قلت: وكان سبب عزلته انقطاعه إلى الله تعالى على يد سيدي علي بن ميمون، فقد ذك سيد محمد بن عراق في السفينة العراقية أنه لما كان متجرداً عند سيدي علي بن ميمون، حين قدم دمشق في قدمته الأخيرة في سنة ثلاث عشرة وتسعمائة. تجرد معه عنده جماعة، ثم قال: فمن أصلحهم عشرة. سيدي الشيخ عبد النبي مفتي المالكية، وسيدي محمد بن رمضان مفتي الحنفية، وسيدي أحمد بن سلطان كذلك، وسيدي عبد الرحمن الحموي مفتي الشافعية، وسيدي إسماعيل الدناني خطيب جامع الحنابلة، وأبو عبد الرحمن قيم الجامع، وسيدي عيسى القباقبي المصري، وسيدي أحمد ابن الشيخ حسن، وجاره حسن الصواف، وسيدي الشيخ داود العجمي. قال: ثم ثلائة من السادة المغاربة، عيسى المفتي، والحاج علي الزعري، والثيخ مسعود مؤدب الأطفال، ثم واحد في زهده فريد، وفي عبادته وحيد، لا يرائي بهما، ولا يسمع سيدي علي بن مقرع، ولا تنس صاحبه سيدي القاضي موسى الغريب، حسب الحسيب، وصهره السالم من الملامة، حالق لحية النفس اللوامة، عبد الله بن سلامة، قال وكان هؤلاء المذكورون إذا شكوا خواطرهم لسيدي الشيخ يتلون، ويسترجع وينظر إلي في غالب الأوقات، ويقول لي وهم يستمعون: سر بنا يا

ولدي عن هؤلاء الكذابين. فيا ليت شعري إذا كان مثل هؤلاء يعدهم سيدي من الكذابين، فمن يكون صادقاً؟ فاعتبروا يا أولي الأبصار. قال: وإني ما وجدت بعدهم من أصحاب إلا القليل أقل من القليل. انتهى. قلت: وتسمية سيدي على هؤلاء كذابين لا يطعن في صلاحهم لأن ذلك على عادة شيوخ الصوفية في تربية مريديهم لا يثبتون لهم حالاً، ولا مقاماً، ولا يخفى ما في كلام سيدي محمد بن عراق من الثناء عليهم وكانت وفاة الشيخ محمد بن رمضان صاحب الترجمة في تاسع ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 73 - محمد بن زرعة: محمد بن زرعة المصري، الشيخ الصالح، صاحب الأحوال والمكاشفات. كان يجلس في شباك بيته بالقرب من قنطرة قديدار، وكان يتكلم على ما يخطر للإنسان في نفسه، وكان يتكلم ثلاثة أيام، ويسكت ثلاثة أيام، وكان مزمناً مقعداً أقعده الفقراء. توفي سنة أربع عشرة وتسعمائة، ودفن في الشباك الذي كان يجلس فيه من بيته المذكور - رحمه الله تعالى -. 74 - محمد بن زكي الدين: محمد بن زكي الدين، الشيخ ناصر الدين المدني انتقد أهل المدينة عليه أموراً، وكتب فيه محاضر بأمور لا توصف، ومنع بسبب ذلك من الإقامة بالمدينة المنورة، وعزل من وظائفه وجهاته بها، فدخل القاهرة في زمن الغوري، وقم له تحفاً، فكلمه القاضي محب الدين بن رجا كاتب الأسرار في أمره، وأراه الفتاوي التي كتبت فيه والمحاضر، وتحزب بعض أمراء مصر، فتلافى ابن رجا الأمر بأن يعود إلى استيطان المدينة من غير عود جهاته إليه، وفاق إذ ذاك من الذل والإهانة والفقر بمصر ما لا يوصف ثم عاد إلى المدينة، فلما تولى السلطان سليم بن عثمان توجه إليه إلى الروم، وطلب منه نظر الحرم وأشياء آخر، ثم رجع إلى مصر، فولاه نائب مصر إذ ذاك قضاء المدينة، فأراد أن يولي عنه زباله رغماً على ابن عمه القاضي فتح الدين، وقال لنائب مصر: إني عاجز عن المنصب فيكون ابن عمتي نائباً عني، فقال له النائب: قد اعترفت بالعجز، فعزله وولي السيد عبد الله السمهودي. 75 - محمد بن سلطان: محمد بن سلطان، الشيخ الرئيس القاضي، كمال الدين بن الزيني سلطان الدمشقي الصالحي الحنفي. ولد في شعبان سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة،

واشتغل وحصل وبرع وناب في الحكم، وجمع منسكاً في مجلد سماه " تشوق الساجد، إلى زيارة أشرف المساجد "، وتوفي ليلة الأربعاء ثامن عشر ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، ودفن بتربتهم تحت المعظمية، وحضر جنازته من المباركين، وطلبة العلم، وصلى عليه ولده الشيخ قطب الدين. 76 - محمد بن سلامة: محمد بن سلامة، الشيخ العارف بالله تعالى، الزاهد المسلك الصوفي الهمداني الشافعي. قال الحمصي: ضرب بالمقارع إلى أن مات، وسبب ذلك أنه تزوج بإمرأة خنثى واضح، ودخل بها وأزال بكارتها، وكان لها ابن عم مغربي أراد أن يتزوجها، فلم تقبل عليه، فذهب إلى رأس نوبة النوب الأمير طراباي، وشكى عليهما، فأحضرهما وضربهما بالمقارع والرواثن، وجر سهما على ثورين، وأشهرهما في القاهرة، فما وصل إلى باب المقشرة حتى مات، ولم يسأل عنه ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال: وتأسف الناس عليه كثيراً، وكان موته في حادي عشر رمضان سنة إحدى عشرة وتسعمائة - رحمه آلله -. 77 - محمد بن شكم: محمد بن شكم، الشيخ العلامة نجم الدين بن شكم الدمشقي الصالحي الشافعي قال الحمصي: كان عالماً صالحاً زاهداً. قرأ على شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون وغيره. وسأله عن أربعين مسألة حين كان الشيخ تقي الدين مدرساً بالشامية البرانية على العادة، فكتب عليها، ثم عرضها عليه وعلى أهل درسه في اليوم الثاني، فأسفر عن استحضار حسن، وفضيلة تامة، وكان ذلك يوم الأربعاء سابع عشري ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، وذكر سيدي محمد بن عراق في السفينة أن سيدي محمد بن قيصر القبيباتي، وسيدي محمد بن شكم الصالحي قدما عليه مجد المعوش بعد موت سيدي علي بن ميمون بها بنية السلوك، ثم قدما عليه بعدهما سيدي محمد الجوهرفي الشهير بالفيومي لكنه أشار إلى تقدمه عليهما، وتمثل بقولهم: الطريق لمن صدق لا لمن سبق. كما ذكره ابن طولون. وكانت وفاة ابن شكم يوم الاثنين خامس عشر شوال سنة تسع عشرة وتسعمائة، ودفن بصالحية دمشق - رحمه الله تعالى -. 78 - محمد بن الجحيني: محمد بن عبد الله بن عيسى بن إسماعيل القاضي بهاء

الدين الجحيني الدمشقي الصالحي الحنفي. كان في أول أمره نقيباً لقاضي القضاة حسام الدين الشهير بابن العماد، ثم ترقى إلى أن فوض نيابة القضاء، فسار فيه بسيرة حسنة بعفة، وحسن سياسة ولد بالصالحية خامس ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، وتوفي في سابع صفر أو ربيع الأول سنة أربع وتسعمائة، ولم يوجد معه ولا ثمن، كفن، ودفن بالصالحية. 79 - محمد بن عبد السلام: محمد بن عبد الله بن عبد السلام قاضي القضاة أبو عبد الله صلاح الدين العلوي الشافعي. كان أصله من البلقاء، ونشأ بدمشق، واشتغل بها قليلاً، وولي كتابة الفقهاء بالشامية البرانية، وولي نظرها. ووكالة بيت المال للسلطان قايتباي، ثم ولي قضاء الشافعية عن القطب الخيضري بمصر في عشري المحرم سنة ست وثمانين وثمانمائة، ثم عزل عنه بعد ثلاثة أيام قال ابن طولون: وكان عنده دين وصلاح وخير وعفة، وتوفي ليلة الجمعة ثاني عشر ربيع الآخر سنة ثمان وتسعمائة عن سبعين سنة، وصلي عليه بعد صلاة الجمعة بالجامع الأموي، ودفن بمقابر الصوفية - رحمه الله تعالى -. 80 - محمد بن العاتكي: محمد بن عبد الله بن علي بن خليل، الشيخ العالم البارع بهاء الدين بن سالم العاتكي الدمشقي الشافعي. ولد سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة، وكان فاضلاً بارعاً. أخذ عن الشيخ تقي الدين ابن قاضي عجلون، والسيد كمال الدين بن حمزة وغيرهما، وكانت وفاته بالقاهرة في شهر رجب سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بدمشق يوم الجمعة ثالث عشر شعبان منها - رحمه الله تعالى -. 81 - محمد بن الموصلي: محمد بن عبد الله بن محمد، الشيخ الصالح المسلك المربي أبو الوفا ابن الشيخ الصالح القدوة عبد الله ابن الشيخ القدوة العلامة ناصر الدين، سبط الشيخ العارف بالله تعالى أبو بكر الموصلي الأشعري الشافعي. كان من أعيان الصوفية بدمشق وأصلابهم أباً عن جد. توفي في ثامن عشر رمضان سنة عشرين وتسعمائة، ودفن بمقبرة القبيبات - رحمه الله تعالى -. 82 - محمد بن إمام الكاملية: محمد بن عبد الرحمن بن علي، الشيخ الإمام الصالح، العلامة الفاضل شمس الدين إمام الكاملية بين القصرين. لبس الخرقة من الشيخ الإمام العلامة شمس الدين محمد بن محمد بن الجزري المقري صاحب النشر والطيبة في سنة تسع وعشرين وثمانمائة وتوفي في أوائل هذا القرن رحمه الله تعالى.

83 - محمدبن السخاوي: محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد، الشيخ الإمام، العالم العلامة المسند، الحافظ المتقن شمس الدين أبو الخير السخاوي الأصل القاهري المولد، الشافعي المذهب، نزيل الحرمين الشريفين. ولد في ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة بالقاهرة، وحفظ القرآن العظيم، وصلى به في شهر رمضان بزاوية الشيخ شمس الدين العدوي المالكي، وحفظ عمدة الأحكام، والتنبيه، والمنهاج، وألفية ابن مالك، والنخبة لشيخه شيخ الإسلام أبي الفضل بن حجر العسقلاني، وقرأ على شيخه كثيراً، وسمع عليه ولازمه أشذ الملازمة. حتى حمل عنه ما لم يشاركه فيه غيره، وأقبل عليه الشيخ بكليته حتى صار يرسل إليه قاصده يعلمه بوقت ظهوره من بيته ليقرأ عليه، وسمع من لفظه أشياء كثيرة، وحمل عنه أكثر تصانيفه، وأذن له في الإقراء، بل قال: إنه أمثل جماعتي، وألف له ترجمة سماها " بالجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر " وقال في إجازته للشيخ عبد القادر الأبار الحلبي: إنه يروي صحيح البخاري عنه وعن أزيد من مائة وعشرين نفساً أجلهم ابن حجر، ومنهم المسند أبو إسحاق إبراهيم بن صدقة الصالحي الحنبلي، والإمام زين الدين عبد الرحيم بن الجمال أبي إسحاق اللخمي الأسيوطي قراءة وسماعاً، وقرأ صحيح ملفقاً على العز بن الفرات، وجامع الترمذي على أم محمد سارة بنت السراج بن جماعة، وسمع سنن ابن ماجة على علي بن الفرات، وتفقه بجماعة منهم البرهان بن خضر العثماني، والبدر النسابة، والحافظ ابن حجر، والشرف المناوي، والعلم صالح البلقيني، والشمس الوفائي. قال: ولم أسمع الفقه من أفصح منه فيه. وألف كتباً منها ترجمة ابن حجر المشار إليها، ومنها " الضوء اللامع، في أخبار أهل القرن التاسع "، وذكر لنفسه فيه ترجمة على عادة المحدثين، وذكر فيها شيوخه ومن أخذ عنهم، ومن تأليفه كتاب سماه " الجواهر المكللة، بالأحاديث المسلسلة "، " والمقاصد الحسنة في الأحاديث الجارية على الألسنة " وهو أجمع وأتقن من كتاب السيوطي المسمى " بالجواهر المنتثرة، في الأحاديث المشتهرة "، وفي كل واحد منها ما ليس في الآخر، وله شرح على ألفية الحديث، وجزء في الأحاديث الواردة في الخاتم، وكتاب " تحرير الميزان " وكتاب " عمدة القارىء والسامع، في ختم الصحيح الجامع "، وكتاب " غنية المحتاج، في ختم صحيح مسلم بن الحجاج " في مؤلفات أخرى، وكان بينه وبين البرهان البقاعي، وبينه وبين الجلال السيوطيئ ما بين الأقران. حتى اشتهر أن السيوطي قال مضمناً:

قل للسخاوي إن تعروك نائبة ... علمي كبحر من الأمواج ملتطم والحافظ الديمي غيث السحاب، فخذ ... غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم ورأيت بخط بعض أهل العلم أن السخاوي توفي سنة خمس وتسعين وثمانمائة، وهو خطأ بلا شك، فإني رأيت بخط السخاوي على كتاب " توالي التأنيس بمعالي ابن إدريس " الشافعي للحافظ ابن حجر أنه قرىء عليه في مجالس آخرها يوم الجمعة ثامن شهر المحرم سنة سبع وتسعين وثمانمائة بمنزله من مدرسة السلطان الأشرف قايتباي بمكة المشرفة، ورأيت بخطه أيضاً على الكتاب المذكور أنه قرىء عليه أيضاً بالمدرسة المذكورة في مجالس آخرها يوم الأربعاء ثامن عشر شهر ربيع الأول سنة تسعمائة، ثم رأيت ابن طولون ذكر لي تاريخه أنه توفي بمكة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثالث عشر في القعدة سنة اثنتين وتسعمائة، ثم رأيت شيخنا النعيمي ذكر في عنوانه أنه توفي بالمدينة، وصلي عليه غائبة بدمشق يوم الجمعة سابع عشري ذي القعدة سنة اثنتين المذكورة، والله تعالى يعلم أيهما أصح - رحمه الله تعالى -. 84 - محمد بن الكفرسوسي: محمد بن عبد الرحمن، الشيخ الإمام العلامة الفقيه المدرس المفتي أبو عبد الله شمس الدين الكفرسوسي الشافعي. تفقه بالشيخ نجم الدين ابن قاضي عجلون، وأخيه الشيخ تقي الدين وغيرهما من الدمشقيين، وأخذ عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، وممن أخذ عنه الشيخ العلامة الزاهد شهاب الدين أحمد بن أحمد الطيبي الشافعي شيخ الإقراء بدمشق. إلى ذلك أشار الشيخ الطيبي في إجازته للشيخ أحمد القابوني بعد أن ذكر جماعة من شيوخه بقوله: ومنهم ولي الله شيخي محمد ... هو الكفرسوسي الإمام المحبر بعلم وإخلاص يزين، ولم يزل ... معيناً لخلق الله للحق ينصر وعن زكريا المقدم قد روى ... وعن غيره ممن له الفضل يغزر قال والد شيخنا - رحمه الله تعالى -: كان من أهل العلم والعمل والصلاح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. نافذ الكلمة، مهيباً عند الحكام، اتبع طريقة الوعظ مع الإفتاء والتدريس. اشتهر عند أهل القرى بحيث أنهم لا يستفتون غيره مع وجود أشياخه متقللاً من

الوظائف، وجاءته الدنيا موفرة، ولما جاء إبراهيم باشا الوزير - يعني إلى دمشق راجعاً من مصر - رتب له عشرين عثمانياً من الجوالي كل يوم، ومات ولم يتناول منها لبركته وصلاحه لما في بيت المال من المظالم. قلت: ودرس بالكلاسة قديماً نيابة عن شيخ الإسلام الجد حين كان صغيراً بإشارة شيخه الشيخ زين الدين خطاب كما ذكره ابن طولون في مواضع من تاريخه، وألف شرحاً على فرائض المنهاج، ومجالس وعظية، وكانت وفاته ليلة السبت الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، وصلي عليه في الجامع الأموي، ودفن قبل الظهر بمقبرة باب الفراديس. قال والد شيخنا: وكانت له جنازة عظيمة ما شهدتها لغيره، وحضرها شيخنا وشيخه أيضاً السيد كمال الدين بن حمزة، وتأسف عليه هو والمسلمون تأسفاً عظيماً. قلت: وبلغني أن الشيخ العارف بالله تعالى سيد علوان الحموي رثاه بقوله: ومن الدليل على اقتراب قيامة ... موت الأماثل من خيار الناس حتى إذا ذهب البقايا كلهم ... حلت البقاع بحلية الأبلاس يا معشر الإسلام توبوا وارجعوا ... وكأننا بالموت جا بالكاس أو ما وعظتم بالفقيه بأرضكم ... مفتي الأنام، وقدوة الأكياس وهو الكفرسوسي شيخ بلادكم ... كم قام فوق منابر وكراسي يدعو إلى المولى وينصر دينه ... حتى أتاه مكدر الإحساس فتخللت أعضاؤه بقدومه ... بتصرم الساعات والأنفاس أضحى طريحاً في القبور وعبرة ... من بعد ما قد كان فوق الراس فالله يرحمه ويرحم كل من ... قد عاذ بالديان من وسواس يا وحشتي لأولي العلوم وحسرتي ... مما أعاني من فؤاد قاسي ذهب الأولى كنا نعيش بظلهم ... وبقيت في ناس كما النسناس يا رب وفقنا وأصلح حالنا ... ما أنت يا رب الورى بالناسي ثم الصلاة مع السلام تخص من ... أهداه ربي رحمة للناس والآل والصحب الكرام بأسرهم ... ما عاد فاقد إلفه بالياس 85 - محمد بن صدقة: محمد بن عبد الرحيم بن صدقة الواعظ أبو الفتح ابن الشيخ عبد الرحيم المصري. كان يعظ الناس بالأزهر وغيره إلا أنه تزوج بامرأة زويلية فافتتن بها فيما ذكره العلائي، حتى باع فتح الباري والقاموس وغيرهما من النفائس، وركبته ديون كثيرة، ثم

خالعها وندم وأراد المراجعة، فأبت عليه إلا أن يدفع إليها خمسين ديناراً، فلم يقدر إلا على ثلاثين منها، فلم تقبل، فبعث بها إليها، وبعث معها سماً قاتلاً، وقال: إن لم تقبل الثلاثين وإلا أتحسى هذا السم، فرددتها عليه، فتحسى السم، فمات من ليلته، وكان موته في ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة. 86 - محمد الشهير بابن التقي: محمد بن عبد الغني، الشيخ العلامة أقضى القضاة زين الدين الشهير بابن تقي المالكي المصري. قال الحمصي: كان شاباً عالماً صالحاً. توفي في حادي عشري المحرم سنة عشر وتسعمائة، ودفن بالقرافة. 87 - محمد بن جبريل: محمد بن عبد القادر بن جبريل، الشيخ العالم العلامة قاضي القضاة خير الدين أبو الخير الغزي، ثم الدمشقي المالكي. ولد بغزة في ثاني عشر شوال سنة اثتتين وستين وثمانمائة، واشتغل وبرع، ثم قدم دمشق وحضر دروس الشيخ عبد النبي المالكي، وظهرت فضيلته خصوصاً في علم الفرائض والحساب، ثم ولي قضاء المالكية بالشام في ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وتسعمائة، وسار في القضاء سيرة حسنة بعفة وزهد وقيام في نصرة الحق، واستمر حتى عزل في أول رمضان سنة اثنتين وعشرين، فتوجه إلى بلده، ثم إلى مكة المشرفة، وبها توفي في صفر سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، ودفن بالمعلى، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة سادس جمادىالآخرة من السنة المذكورة - رحمه الله تعالى -. 88 - محمد بن عبد الكافي: محمد بن عبد الكافي، الشيخ العالم الصالح القاضي شمس الدين محمد المصري الخطيب بجامع القلعة الشهير بالدمياطي. قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: كان يقضي بحلب خارج بانقوسا، والناس يقرؤون عليه العلم، وكان لا يأخذ على القضاء أجراً، وكان طويلاً سميناً جداً، ومع ذلك كان يتوضأ لكل صلاة من الخمس. قال: وما سمعته مدة قراءتي عليه يذكر أحداً من أقرانه الذين يرون نفوسهم عليه إلا بخير، وكان كثير الصمت كثير الصيام طلباً للهزال، فيزيد عنه، وكان حلو المنطق، جميل المعاشرة، كريم النفس. انتهى. توفي في ثاني عشر جمادىالآخرة سنة تسع وتسعمائة، ودفن بالقرافة - رحمه الله تعالى -.

89 - محمد الضرير: محمد بن عبيد، الشيخ الإمام العلامة المقرئ المجود شمس الدين محمد الضرير. ولد في سنة خمس وأربعين وثمانمائة، وكان قفافياً بميدان الحصا بدمشق، ثم اشتغل في العلم، وأم وأقرأ بمسجد الباشورة بالباب الصغير، وكان عالما صالحاً. قال والد شيخنا: كان يعرف القراءات، ويقرأ الشاطبية وغيرها من كتب القراءات والتجويد، وانتفع عليه خلق كثير. انتهى. توفي يوم الأربعاء تاسع عشري في القعدة سنة ست وعشرين وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب الصغير بالقرب من ضريح حماد - رحمه الله تعالى -. 90 - محمد البابي: محمد بن عثمان بن إسماعيل الشيخ شمس الدين المعروف بابن الدغيم البابي قاضي قضاة حلب، وكاتب سرها، وناظر جيوشها، كان ذكياً فقيهاً متمولاً. توفي سنة خمس وتسعمائة. 91 - محمد بن عرب: محمد بن عرب، الشيخ الإمام العالم العلامة أقضى القضاة محب الدين أبو الفضل المصري الشافعي، الحكم العدل بالديار المصرية. قال الحمصي: كان عالماً فاضلاً مفنناً ذكياً فقيهاً، كثير الأدب. توفي بالقاهرة ثامن عشري المحرم سنة اثنتي عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 92 - محمد بن عز: محمد بن عز، الشيخ الصالح المجذوب، كان ساكناً في الزاوية الحمراء خارج مصر، وكان يلبس ثياب الجند، وكان يمشي بالسلاح والسيف، وكان أكابر مصر يحترمونه، وللناس فيه مزيد اعتقاد، وكان لا ينام شيئاً من الليل، ويستمر من العشاء إلى الفجر، تارة يضحك وتارة يبكي، حتى يرق له من يراه، وكان لا يخبر بولايته أحداً، وعزله في وقت معين لا يخطئ أبداً، وكان مجاب الدعوة زحمه إنسان بين القصرين، فرماه على ظهره، فدعا عليه بالتوسيط، فوسطه الباشا آخر النهار، وكانت وفاته غريقاً في الخليج بالقرب من الزاوية الحمراء في سنة ثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى - 93 - محمد بن القصيف: محمد بن علي بن أحمد بن جلال بن عثمان بن عبد الرحمن قاضي القضاة أبو الفضل محب الدين بن القصيف الدمشقي الحنفي. ولد سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة بمنزلة ذات حج من درب الحاج، وقيل: سنة إحدى وأربعين أو سنة أربعين، وحفظ القرآن ثم المختار، وعدة كتب، واشتغل وبرع وأفتى، ودرس بالمدرسة

القصاعية سنين عديدة، وسمع الحديث من أبي الفتح المزي والتقي بن فهد وغيرهما، وصنف كتاب " دليل المختار إلى مشكلات المحتار " ولم يتم وولي قضاء الشام مرات، وتوفي يوم الخميس سادس ربيع الأول سنة تسع وتسعمائة. قال ابن طولون: وظلم نفسه بأمور سامحه الله تعالى. 94 - محمد المصمودي: محمد بن علي القاضي شمس الدين المصمودي المالكي، كان فقيهاً فاضلاً، وناب عن العفيف بن حنعل قاضي المالكية بحلب، وكتب على الفتوى، وتوفي في الدولة الغورية. 95 - محمد بن الدهن: محمد بن علي، الشيخ المعمر المنور شمس الدين بن الدهن الحلبي الشافعي. شيخ القراء والإقراء بحلب، وإمام الحجازية بجامعها الكبير. قرأ على جماعة منهم منلا سليمان ابن أبي المقرئ الهروي، والعلامة منلا زاده الجوخي، وتوفي سنة خمس وعشرين وتسعمائة. 96 - محمد البلبيسي: محم (د بن علي القاضي محب الدين ابن القاضي نور الدين البلبيسي المصري. كان حسن الشكل والهيئة، جريئاً في أموره. قال العلائي: وكان مجازفاً في قضائه، سيىء السيرة، ولي مباشرة وقف يلبغا، وقرر فيها أخوه القاضي لال الدين بعد موته يوم الجمعة خامس عشر جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وتسعمائة. 97 - محمد بن قرينة: محمد بن علي، الشيخ الفاضل شمس الدين ابن الشيخ العلامة المفتي المحفي الشافعي، المعروف بابن قرينة. كان ذا عقل وتؤدة، تلقى عن أبيه تدريس التفسير بالبرقوقية، وتدريس اللغة بالمؤيدية والأشرفية، وتوفي في ثامن ربيع الثاني سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، وخلف ولداً صغيراً أسند الوصاية عليه إلى جماعة منهم السيد كمال الدين بن حمزة الشامي.

98 - محمد بن الخيوطي: محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم القاضي شمس الدين ابن العبد الصالح علاء الدين الموصلي المالكي، الشهير بابن الخيوطي. ولد في رمضان سنة اثنتين وستين وثمانمائة، وفوض إليه نيابة القضاء بدمشق، فلما كانت دولة ابن عثمان توجه إلى بلاد الروم، وحضر على السلطان سليمان خان، وفوض إليه قضاء المالكية بدمشق، وأنعم عليه بجهات أخر، فحصل له ضعف ببلاد الروم، فتوفي بها أو وهو راجع منها في أواخر سنة ثمان وعشرين، أو في أوائل سنة تسع وعشرين، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة رابع عشري محرم سنة تسع وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 99 - محمد بن الفناري: محمد بن علي بن يوسف ابن المولى شمس الدين الفناري الإسلام بولي المولى، العالم الكامل، قاضي القضاة العسكر بالولاية الأناظولية، ثم بالولاية الروميلية محيي الدين المشهور بمحمد باشا. ولد في أيام دولة السلطان محمد خان بن عثمان. قال في الشقائق: كان رحمه الله تعالى صاحب أخلاق حميدة، وطبع ذكي، ووجه بهي، وكرم وفي، وكان ذا عشرة حسنة، ووقار عظيم، وله حواش على شرح المواقف، وشرح الفرائض كلاهما للسيد الشريف، وحواش على أوائل شرح الوقاية لصدر الشريعة، وتوفي وهو قاضي العسكر الروملي في سنة تسع وعشرين وتسعمائة، ودفن عند قبر جده المولى شمس الدين بمدينة بروسا. 100 - محمد بن عراق: محمد بن علي بن عبد الرحمن، الشيخ الإمام، العارف بالله تعالى المجمع على ولايته وجلالته القطب الرباني، والغوث الصمداني، الأستاذ أبو علي شمس الدين بن عراق الدمشقي. نزيل المدينة المنورة، وأحد أصحاب سيدي علي بن ميمون. قال في الشقائق: كان - رحمه الله تعالى - من أولاد أمراء الجراكسة، وكان من طائفة الجند على زي الأمراء، وكان صاحب مال عظيم، وحشمة وافرة، ثم ترك الكل، واتصل بخدمة الشيخ العارف بالله تعالى الشيخ علي بن ميمون المغربي، واشتغل بالرياضة عنده. حكي أنه لم يشرب الماء مدة عشرين يوماً في الأيام الحارة حتى خر يوماً مغشياً عليه من شدة العطش، وقرب من الموت فقالوا للشيخ: إن ابن عراق قرب من الموت من شدة العطش، فقال الشيخ: إلى رحمة الله تعالى، فكرروا عليه القول، فلم يأذن في سقيه، وقال: صبوا على راحتيه الماء، ففعلوا ذلك، فقام على ضعف ودهشة، فلم يمض على ذلك أيام إلا وقد انفتح عليه الطريق،

ونال ما يتمناه. انتهى. قلت: ذكر سيدي محمد صاحب الترجمة في كتابه المسمى " بالسفينة العراقية، في لباس خرقة الصوفية " أنه ولد في سنة ثمان وتسعين وثمانمائة، وقرأ القرآن العظيم بالتجويد على الشيخ عمر الداراني. قرأ عليه ختمات، وعلى الشيخ إبراهيم المقدسي قرأ عليه يويمات، ثم اشتغل في الحساب على الشيخ زين الدين عرفة، ثم جود ختمة لابن كثير أفرد لروايته على الشيخ عمر الصهيوني، وجود عليه الخط أيضاً، وأخذ عنه علم الرماية، ولزمه فيه ثلاث سنوات كاملات، وفي أثنائها مات والده في سنة خمس وتسعين وثمانمائة، وتزوج في تلك السنة، ثم توجه إلى بيروت بنية استبقاء إقطاع والده، فسمع وهو في بيروت برجل فيها من الأولياء يسمى سيدي محمد الرايق، فزاره ودعا له وقال له: لا خيب الله سعيك، ثم قال له: يا ولدي إن أحببت التماس البركة من يد أهلها فعليك بأحد الثلاثة: رجل ببيروت يسمى الشيخ عفان، ورجل بطرابلس يسمى الشيخ ياسر، ورجل بصيدا يسمى الشيخ عمر بن المبيض، فيسر الله تعالى في ذلك الشهر باجتماعه بالثلاثة، وسأل كل واحد منهم أن يدعو له أن ينقذه مما هو فيه، ثم عاد إلى دمشق، واشتهر عنه أمر زيارته لهؤلاء. لكنه اشتغل بالفروسية والرمي والصيد، ولعب الشطرنج، والنرد والدفاف والتنعم بالمأكولات والملبوسات، وإنشاء الإقطاع والفدادين، ولم يزل مع هذه الأمور، مواظباً على الصلوات، وزيارة الصالدين، وحب الفقراء والمساكين، حتى مضى خمسة أعوام، ولم يتيسر له من يوقظه من هذا المنام، حتى كان يوم جمعة صادف فيه الشيخ إبراهيم الناجي في جبانة الباب الصغير، وهو راجع من ميعاده، فنزل سيدي محمد عن فرسه إجلالاً للشيخ وسلم على الشيخ. فقال الشيخ: من يكون هذا الإنسان؟ فقيل له: فلان ابن فلان، فأهل به ورحب وترحم على والده، فسأله سيدي محمد أنه يدعو له أن ينقذه الله تعالى مما هو فيه فقال له: لو حضرت الميعاد، ولازمتنا لحصل خير. قال سيدي محمد: فوادعته وسرت لصلاة الجمعة، فتعلق قلبي بحبه، وبت تلك الليلة وأنا أحدس به، وعزمت على حضور ميعاده بكرة السبت في زاوية سيدي أبي بكر الموصلي - رضي الله تعالى عنه - قال سيدي محمد: فما صليت صبح نهار السبت إلا بالزاوية المذكورة، وحضرت الميعاد، وكان بحضرة جماعة من الصالدين، ويسر الله تعالى ببركته ترك بعض ما أنا فيه فاشتغلت بالتجارة والزراعة وجعلتهما مهنتي لأنها أشبه، ثم استمر سيدي محمد - رضي الله تعالى عنه - في صحبة الشيخ محمد الناجي حتى مات، ولبس منه خرقة التصوف، وأخذ عنه وعن الفضل ابن الإمام، وعن الشيخ شهاب الدين بن مكية النابلسي علم التفسير والحديث والفقه، وهي العلوم الشرعية، وأخذ علم الأصول والنحو والمعاني والبيان عن جماعة منهم:

الشيخ أبو الفتح المزي، والشيخ محمد بن نصير، والشيخ علي المصري، وكان مع ذلك يصحب الصالدين والفقراء الصادقين مثل الشيخ محمد بن بزة، والشيخ محمد بن يعقوب، والسيد أبي بكر العلاف، والحاج علي بن سلطان، والحاج أبي بكر البيروتي، والشيخ عيسى الراجبي، والشيخ يوسف البهلول تلميذ ابن قرا، وسيدي الشيخ عبد اللطيف البلواني، والشيخ أحمد أبي رجيلة، والحاج علي بن عدي، والشيخ محمد المشهور بكمال الدين، والحاج أحمد بن جوان، والشيخ محمد الهليس الصواف، والشيخ جمعة النداف، والشيخ أحمد ضوي والشيخ حسن الحبار، والشيخ خميس البدوي وغيرهم - رضي الله تعالى عنهم - وكان بعد موت شيخه الناجي يدعو الله تعالى عقب صلاته، وفي إسحاره أن ييسر الله تعالى له من ينقذه من رداه ويطهره من أوزاره، حتى لاحت له ناصية الفلاح وجاء المرشد سيدي علي بن ميمون إلى باب داره عند الصباح، وذلك في مستهل سنة أربع وألف وتسعمائة، فكان كماله على يده، وفي هذه السنة حج سيدي علي بن ميمون، ثم قدم من الحج، وتوجه إلى الروم، وأقام بها خمس سنوات يدعوهم إلى الله تعالى على بصيرة، وكان سيدي محمد سأله المسير معه فقال له: توجه إلى سيدي عبد القادر بن حبيب يحصل باجتماعك به كل خير، ثم قال: أقرئه عني السلام، فسار إليه، وتلقن منه الذكر، ولبس منه الخرقة، وأقام عنده سبعة عشر يوماً، وكان كل يوم يعدل سنين، وفي شرح تائية سيدي عبد القادر بن حبيب للشيخ رضوان - رضي الله تعالى عنهما - أن سيدي محمد بن عراق ذهب إليه حافياً إلى الصفد، فقال الشيخ عبد القادر يمدحه: يخ حسن الحبار، والشيخ خميس البدوي وغيرهم - رضي الله تعالى عنهم - وكان بعد موت شيخه الناجي يدعو الله تعالى عقب صلاته، وفي إسحاره أن ييسر الله تعالى له من ينقذه من رداه ويطهره من أوزاره، حتى لاحت له ناصية الفلاح وجاء المرشد سيدي علي بن ميمون إلى باب داره عند الصباح، وذلك في مستهل سنة أربع وألف وتسعمائة، فكان كماله على يده، وفي هذه السنة حج سيدي علي بن ميمون، ثم قدم من الحج، وتوجه إلى الروم، وأقام بها خمس سنوات يدعوهم إلى الله تعالى على بصيرة، وكان سيدي محمد سأله المسير معه فقال له: توجه إلى سيدي عبد القادر بن حبيب يحصل باجتماعك به كل خير، ثم قال: أقرئه عني السلام، فسار إليه، وتلقن منه الذكر، ولبس منه الخرقة، وأقام عنده سبعة عشر يوماً، وكان كل يوم يعدل سنين، وفي شرح تائية سيدي عبد القادر بن حبيب للشيخ رضوان - رضي الله تعالى عنهما - أن سيدي محمد بن عراق ذهب إليه حافياً إلى الصفد، فقال الشيخ عبد القادر يمدحه: من كان مثلي خلف صب عاشق ... أضداد وصل لا يخاف أنا لها يا ابن العراق تهن يا ولدي وطب ... ماكل من طلب السعادة نالها ثم أشار إليه ابن حبيب أن يرجع إلى والدته، وسأله في الحج، فقال: إن تيسرت لك الأسباب، فلا بأس، فلما رجع إلى والدته شكى إليها القبض، وكانت تخاف عليه الجذب، فأذنت له في التوجه إلى بيروت ليسهل عليه ما هو فيه فاستأذنها في السفر في البحر إلى مصر لطلب العلم والحج أن يسر له ذلك، فأذنت مساعدة له على الخير، فركب البحر، وفي صحبته رجلان من أولي العزم، وهما السيد محمد الأنعالي، والشيخ عبد العزيز الخليلي، ودخل مصر سنة خمس وتسعمائة، فاجتمع فيها بجماعة من العلماء الصالدين من أعلمهم وأفضلهم شيخ الإسلام زكريا، والحافظ الجلال السيوطي والدمياطي، واجتمع من الأولياء بجماعة منهم سيدي أحمد القسطنطيني، وسيدي عبد القادر الدشطوطي، وسيدي محمد أبو المكارم الهيتي، وحصلت له بركتهم. أشاروا عليه بالعود إلى والدته، فعاد في بحر النيل إلى دمياط، واجتمع

فيها بعلماء أخيار منهم الشيخ أحمد اليبحوري، وحضر عرسه غير مرة، وألف منسكاً جامعاً، ومنهم الشيخ جلال الدين محمد الخطيب، وسيدي إبراهيم الحواص مؤدب الأطفال. حصل بالبلدتين المذكورتين في مدة يسيرة من أهل العلم ما لم يحصل المرء في أعوام، ثم ركب البحر الكبير إلى بيروت دخلها ليلة عيد الفطر سنة خمس المذكورة، ثم عاد إلى والدته بدمشق، ثم أستأذنها في الحج، فأذنت له، فحج من دمشق، فلما عاد من الحج خطر له أن يتوجه إلى سيدي علي بن ميمون، أو يشتغل فيما أمره به من علم الظاهر، فاستخار الله تعالى، واستشار من إخوانه الشيخ محمد ابن الشيخ يعقوب، وسيدي الشيخ محمد البلاطنسي، والشيخ محمد بن البزة، فأشاروا عليه أن يسير إلى بيروت بنية المرابطة والجهاد، وطلب العلم، فسار إليها، وصحبه الشيخ محمد بن يعقوب، فتلقاهما بها سيدي محمد بن الغصين البيروتي، وسيدي محمد القطب الصرفندي، وسيدي محمد الطيار، ثم تكلموا في خطبة زوجته أم محمد عبد الله، فقال لهم: كرروا الاستخارة في ذلك، وما يلقيه الله تعالى في قلوبكم فهو خير، فباتوا تلك الليلة، وأصبحوا كل واحد منهم رأى واقعة تؤذن بالزواج، فتزوج وبنى بها ليلة النصف من شعبان سنة ست وتسعمائة، وبقي بساحل بيروت إلى سنة عشر وتسعمائة، فخرج منها عن كل ما يملك، ورفض الدنيا ناحية، وأعرض عنها نوبة، وهاجر بأهله إلى دمشق، واجتمع في هذه المدة بثلاثة رجال من أصحاب الأحوال، وهم الشيخ حسن بن سعد الدين الجباوي، والشيخ خليل بن قديم الصمادي، والشيخ عون المشهور بأبي شوشة الطاوعي. سمعت شيخنا - رضي الله تعالى عنه - يحكي مراراً عن والده الشيخ يونس العيثاوي - رضي الله تعالى عنه - أنه كان يقول: ما رأينا من كان مقبلاً على الدنيا، ثم تركها حقيقة، وأعرض عنها إعراضاً كلياً، ثم لم يعد إليها، ولم يكن ليعرج عليها حتى لقي الله تعالى إلا سيدي محمد بن عراق - رضي الله تعالى عنه - وبقي سيدي محمد بدمشق حتى قدم سيدي علي بن ميمون من الروم إلى حماة سنة إحدى عشرة وتسعمائة، فبعث إليه كتاباً يدعوه فيه إلى الله تعالى، فلما وصل كتابه إليه بادر إلى الامتثال وأسرع في الحال، وسافر إليه ثاني اثنين، فاجتمع به يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول، فلما سلم عليه، وأذن له بالجلوس بين يديه فتح عليه بإذن الله تعالى، وأعطي لسان المعرفة من يومئذ، وأقام بحماة أربعة أشهر وعشرة أيام كل يوم يزداد علماً وهدى من الله تعالى، ثم أذن له الشيخ علي بالمسير إلى بيروت، فسافر إليها، وقعد لتربية المريدين، وقدم عليه الشيخ ذو النون الخياري برسالة من الشيخ محمد الغزاوي، وهو والد الشيخ أبو العون الغزي، فأخذ الطريق عن سيدي محمد بن عراق، وشهد له في السفينة بالفتح، والظفر بالأحوال، وألف سيدي محمد في تلك المدة أربعة وعشرين كتاباً في طريق القوم، فلما بلغ شيخه ذلك انقبض انقباضاً شديداً، وتطور عليه، وعزم بسبب ذلك على السفر

من حماة إلى دمشق، وكتب إلى بيروت لسيدي محمد لمن يلقاه بالكتب إلى دمشق، فسافر سيدي محمد إلى دمشق، ونزل عند والدته، وأقام عندها أياماً حتى قدم شيخه سيدي علي بن ميمون في سابع عشري رجب سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، ونزل بالصالحية، فسار إليه سيدي محمد، وتلقاه بالسلام والإكرام غير أنه استدعاه في ذلك المجلس، وقال له: يا خائن يا كذاب عن من أخذت هذا القيل والقال؟ فقال له سيدي محمد: يا سيدي فداك نفسي قد أتيناك بالموبقات، فافعل فيها ما تشاء، فغسلها سيدي علي، ولم يبق منها سوى القواعد والتأديب، ثم لزمه سيدي محمد ووالدته وأهله، وسكن بهم عنده بالصالحية، وقدمه الشيخ على بقية جماعته في الإمامة، وافتتاح الورد والذكر بالجماعة، وبقي عنده على قدم التجريد هو وأهله، حتى انتقل سيدي إلى مجد المعوش، فسافر معه، وبقي عنده حتى توفي سيدي علي - رضي الله تعالى عنه - ثم بقي بعده بمجد المعوش ست سنين وفي أول السابعة، وهي سنة ثلاث وعشرين عاد إلى ساحل بيروت بنى بها داراً لعياله ورباطاً لفقرائه، ثم قصده الناس لأخذ الطريق عنه، وذكر من أعيان جماعته الذين أخذوا عنه ببيروت، ومجد المعوش طائفة في كتاب السفينة منهم الشيخ أحمد الساعي، وحصل له على يديه الجذب الذي لم يتفق لغيره، ومنهم الشيخ علي الجوهري الشهير بالفيومي، والشيخ العارف بالله تعالى سيدي محمد بن قيصر القبيباتي، سيدي محمد بن شكم الصالحي، والشيخ محمد المشهور بكمال الدين الكردي شيخ المدرسة الشامية، والمجاذيب الثلاثة الكمل الشيخ علي الكردي، وصاحبه إسماعيل المهبلي، ومحمد البعلي الشهير بالحلاق، ثم كاتبه جماعة من أعيان دمشق في القدوم عليهم إلى دمشق ليكونوا في حمايته من الفتن والمحن، فسافر إلى دمشق ونزل ببيت ابن الباعوني من صالحية دمشق، وجلس ثم للإرشاد أياماً، وكان الناس يجتمعون إليه يوم الخميس للتأديب، ويوم الجمعة لتجويد القرآن، ويوم السبت لقراءة الحديث والفقه، واجتمع في هذه الأيام بنية السلوك جماعة منهم السيد علي العجلوني، والشيخ محمد البصراوي، والشيخ موسى الكناوي، والشيخ أحمد بن الديوان إمام جامع الحنابلة، والشيخ عبد الله بن الحبال إمام جامع المزة وغيرهم، ثم انتقل إلى الغوطة ونزل بقرية سقبا، وانقطع بها إلى الله تعالى المحمدون الثلاثة محمد الباعوني، والشيخ محمد الحنبلي، والشيخ محمد الأسد، وقدم بها من مصر سيدي محمد الصفوري، ثم سافر وهو في صحبته إلى صفد، فعزم على الإقامة بها، والانقطاع بمغارة يعقوب عليه السلام، فلم يتيسر له واجتمع عليه بها جماعة منهم ومن بلاد عجلون وعكا، وكانت مدة إقامته بصفد ثلاثة أشهر وأياماً، وهي رجب وشعبان ورمضان،

وفي سابع شوال وصل إليه كتاب من أهله يذكرون فيه أن نائب الشام ناوي المسير إلى الحج في سادس عشر الشهر، وأنه جعل الحاج بيد سيدي محمد، فأجابهم بأني لا أسير في ركب إلا أن يكون على الكتاب والسنة، وهذا متعذر، وأنا منتظر الإذن، فلما وصل الجواب إلى دمشق وافق يوم وصوله وصول الشيخ علي - رضي الله تعالى عنه - إلى دمشق بنية حجة الإسلام، فلما بلغه ذلك شق عليه، وأرسل مندوبه إلى سيدي محمد بكتاب مضمونه: ياأخي إن لم يشرح الله صدرك للمسير، وإلا رجعنا، والذي يظهر لي أن غالب الحج يبطل بسببكم، وذلك إليكم، فاستخيروا الله تعالى، وأسرعوا لنا بالجواب، وأجركم على الله تعالى، فالقى الله تعالى في قلبه إجابتهم، وأرسل إليهم إني ألاقيكم إلى المزيريب، وأذن لعياله بالمسير معهم، فلما حصل الاجتماع كان المسير على السنة ببركة سيدي محمد - رضي الله تعالى عنه - والمراد يكون المسير على السنة أنهم أبطلوا أجراس الجمال، ونحو ذلك من البدع التي حدثت في ركب الحج، وهذا ليس إلا كرامة لسيدي محمد، ونفوذ في التصرف، وبلغني أن سيدي محمد ذهب في هذه السفرة ماشياً، واتفقت لسيدي علوان معه قصة ستأتي إن شاء الله تعالى في ترجمته، وكانت هذه السنة سنة أربع وعشرين وتسعمائة، ثم قطن سيدي محمد من يومئذ بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم، وتردد بين الحرمين الشريفين مراراً، وحج كذلك مرات، وقصد بالمدينة المنورة للإرشاد والتريية، واشتهر بالولاية بل بالقطبية، وبلغني أن رجلاً اشتط عليه مرة بالمدينة، وسيدي محمد معرض عنه محتمل لأذاه، فلما انصرف قال له قائل: يا سيدي ما لك لا تنتقم من هذا السفيه؟ فاعتذر عنه بأنه لم يفعل ذلك إلا لأمر ظهر له علي أوجب الإنكار، وإن كنت منه برئياً. لكن يا ولدي سيأتي على الناس زمان إذا وقع بصرهم على قطب ذلك الزمان لا يرونه مسلماً، وذلك لما يظهر لهم عليه باعتبار إفهامهم، وإنما يكون ذلك منه تستراً لشدة الظلمة في ذلك الزمان يعني ويكون له في ذلك تأويل صحيح، وأكثر ما ذكرته هذا لخصته من كتاب سيدي محمد المسمى بالسفينة العراقية وبالجملة، فما ذكرته هذا نبذة لطيفة من مناقبه ومكارمه، وقد كان في عصره مفرداً علماً وإماماً في علمي الحقيقة، والشريعة مقدماً وليثاً على النفس، قاراً وغيثاً لبقاع الأرض، ماطراً. قال الشيخ موسى الكناوي - رحمه الله تعالى - يقول: سمعت الشهاب بن المختيش الذهبي الدمشقي يقول: أرسل خلفي سيدي محمد بن عراق، وهو في مدينة صفد في سنة أربع وعشرين وتسعمائة لما أراد السفر إلى الحجاز بنية المجاورة، وكان ذلك في شهر رمضان، فأتى بسحور ليلاً بسيرج وعسل، وخفقهما بإصبعه، وألعقني إصبعه صيانة لنفسه، ومنعاً لها من شهوتها، وبعضهم قال: مكث أربع عشرة سنة ما أكل اللحم، ومن آثاره - رضي الله تعالى عنه - بدمشق لما كان قاضياً بصالحيتها عمارته للرصفان بدرب الصالحية، وكان يعمل في ذلك هو وأصحابه - رضي الله تعالى عنهم - وممن أخذ عنه ممن لم

يتقدم لهم ذكر أولاده الثلاثة سيدي علي، والشيخ عبد النافع، والشيخ العارف بالله تعالى السيد الشريف قطب الدين عيسى الإيجي الصفوي، وصاحبه الشيخ محمد الإيجي، ثم الصالحي، والشيخ العارف بالله تعالى سيدي أحمد الداجاني المقدسي، والشيخ العارف بالله تعالى الشيخ موسى الكناوي، ثم الدمشقي. وشيخنا الشيخ العارف بالله تعالى سيدي أبو البركات محمد البزوري المتوفي في أوائل جمادى الأولى سنة ثلاث بعد الألف، وهو آخر من أخذ عنه وفاة فيما أعلم. قال الشيخ موسى الكناوي: وزرته - يعني سيدي محمد - مرتين بسقبا من الغوطة، ومرة بداريا، وكنت فيها في صحبة الشيخ عبد الغني بن الجناب العجلوني الإربدي. قال: ولما حججت سنة ثلاثين وتسعمائة اجتمعت به بالحرم النبوي الشريف ودعا لي وأعطاني شيئاً من التمر، وكان ذلك آخر العهد به في الدنيا إلى أن قال: وكان في صفته الظاهرة حسن الصورة، أبيض الوجه، لحيته إلى شقرة، مربوع القامة، وقال شيخنا الشيخ أبو البركات البزوري - رضي الله تعالى عنه -: اجتمعت بمكة المشرفة بالشيخ القطب الغوث العارف بالله تعالى شمس الدين محمد بن عراق فسألني ما اسمك؟ قلت: بركات، فقال لي: بل أنت محمد أبو البركات، ثم صافحني ولقنني الذكر، ودعا لي وحرضني على قراءة قصيدته اللامية الجامعة لأسماء الله الحسنى التي أولها: نبذة لطيفة من مناقبه ومكارمه، وقد كان في عصره مفرداً علماً وإماماً في علمي الحقيقة، والشريعة مقدماً وليثاً على النفس، قاراً وغيثاً لبقاع الأرض، ماطراً. قال الشيخ موسى الكناوي - رحمه الله تعالى - يقول: سمعت الشهاب بن المختيش الذهبي الدمشقي يقول: أرسل خلفي سيدي محمد بن عراق، وهو في مدينة صفد في سنة أربع وعشرين وتسعمائة لما أراد السفر إلى الحجاز بنية المجاورة، وكان ذلك في شهر رمضان، فأتى بسحور ليلاً بسيرج وعسل، وخفقهما بإصبعه، وألعقني إصبعه صيانة لنفسه، ومنعاً لها من شهوتها، وبعضهم قال: مكث أربع عشرة سنة ما أكل اللحم، ومن آثاره - رضي الله تعالى عنه - بدمشق لما كان قاضياً بصالحيتها عمارته للرصفان بدرب الصالحية، وكان يعمل في ذلك هو وأصحابه - رضي الله تعالى عنهم - وممن أخذ عنه ممن لم يتقدم لهم ذكر أولاده الثلاثة سيدي علي، والشيخ عبد النافع، والشيخ العارف بالله تعالى السيد الشريف قطب الدين عيسى الإيجي الصفوي، وصاحبه الشيخ محمد الإيجي، ثم الصالحي، والشيخ العارف بالله تعالى سيدي أحمد الداجاني المقدسي، والشيخ العارف بالله تعالى الشيخ موسى الكناوي، ثم الدمشقي. وشيخنا الشيخ العارف بالله تعالى سيدي أبو البركات محمد البزوري المتوفي في أوائل جمادى الأولى سنة ثلاث بعد الألف، وهو آخر من أخذ عنه وفاة فيما أعلم. قال الشيخ موسى الكناوي: وزرته - يعني سيدي محمد - مرتين بسقبا من الغوطة، ومرة بداريا، وكنت فيها في صحبة الشيخ عبد الغني بن الجناب العجلوني الإربدي. قال: ولما حججت سنة ثلاثين وتسعمائة اجتمعت به بالحرم النبوي الشريف ودعا لي وأعطاني شيئاً من التمر، وكان ذلك آخر العهد به في الدنيا إلى أن قال: وكان في صفته الظاهرة حسن الصورة، أبيض الوجه، لحيته إلى شقرة، مربوع القامة، وقال شيخنا الشيخ أبو البركات البزوري - رضي الله تعالى عنه -: اجتمعت بمكة المشرفة بالشيخ القطب الغوث العارف بالله تعالى شمس الدين محمد بن عراق فسألني ما اسمك؟ قلت: بركات، فقال لي: بل أنت محمد أبو البركات، ثم صافحني ولقنني الذكر، ودعا لي وحرضني على قراءة قصيدته اللامية الجامعة لأسماء الله الحسنى التي أولها: بدأت ببسم الله والحمد أولاً ... على نعم لم تحص فيما تنزلا قال: في كل ليلة أحسبه قال: بين المغرب والعشاء. قلت لشيخنا أبي البركات - رحمه الله تعالى -: هذه القصيدة اللامية التي اشرتم إليها هي من نظم سيدي محمد بن عراق؟ قال: نعم من نظمه وأنا أخذته عنه، فلازم على قراءتها، فإنها نافعة قلت: يا سيدي فنحن نرويها عنكم عن سيدي محمد بن عراق. قال نعم، وقد أثبت هذه القصيدة مع نظيرتين لها في خاتمة كتابي المسمى " عنبر التوحيد، ومظهر التفريد، ومن مؤلفات سيدي محمد بن عراق - رضي الله تعالى عنه - كتاب المنح الغنائية، والنفحات المكية "، وكتاب " هداية الثقلين، في فضل الحرمين "، وكتاب " مواهب الرحمن، في كشف عورات الشيطان "، ورسالة كتبها إلى من انتسب إلى الطريقة المحمدية، في سائر الآفاق خصوصاً بمكة العلية، والمدينة المرضية، وكتاب " السفينة العراقية "، وكتاب " سفينة النجاه، لمن إلى الله التجاه "، جواباً عن مكاتبات وردت إليه. وهو ببيروت من قبل بعض العلماء بدمشق يشكون له مما حدث في القرن العاشر من البدع والمنكرات، ومن كلامه في هذه السفينة، وقد أخبرني أستاذي عن بعض مشايخه أنه

كان يقول: إني أرى الخمول نهمة، وكل أحد يأباه، وأرى الظهور نقمةً، وكل أحد يتمناه، ألا وإن في الظهور، قصم الظهور، وألف أيضاً رسالة في صفات أولياء الله تعالى سأله في تأليفها تلميذه وفقيره الشيخ أحمد الداجاني المقدسي بتاريخ نهار الاثنين سابع ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة. قال فيها في وصف المذكورين، قرة العين، وثاني الاثنين أحمد الداجاني حمد الله شأنه، وفهمه أسرار المعاني، ومن كلامه فيها: واعلم أنه لا يجوز لمن يدعي المشيخة أن يتظاهر بين أظهر العباد، ويتصدر للسلوك والإرشاد، حتى يتصف باثنتي عشر خصلة اثنتان من الله، واثنتان من رسول الله صلى الله عليه وسلم، واثنتان من الصديق - رضي الله تعالى عنه -، واثنتان من الفاروق - رضي الله تعالى عنه -، واثنتان من ذي النورين - رضي الله تعالى عنه، واثنتان من جد الحسنين - رضي الله تعالى عنهم، فأما اللتان من الله يكون غفوراً رحيماً، واللتان من النبي صلى الله عليه وسلم يكون رؤوفاً رحيماً، واللتان من أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - يكون صديقاً سليماً، واللتان من عمر - رضي الله تعالى عنه - يكون غيوراً فهيماً، واللتان ومن عثمان - رضي الله عنه - يكون حياً كريماً، واللتان من علي رضي الله تعالى عنه - يكون شجاعاً عليماً، ثم قال: فيحق لمن اتصف بذلك، أن يكون عمدة للسالك، ومرشداً إلي ومنقذاً للهالك، انتهى. ومما ينسب تأليفه إلى سيدي محمد بن عراق رضي الله تعالى عنه " حزب الإشراق " أملاه علينا الشيخ يوسف ابن الشيخ سعيد بن حسن القاسمي العجلوني أحد جماعة سيدي أحمد الداجاني المقدسي رضي الله تعالى عنه - عن سيدي أحمد، عن سيدي محمد: " إلهي كلما أذنبت دعتني سابقة نعمتك إلى التوبة، وكلما تبت جذبتني أزمة قدرتك إلى المعصية، فلا التوبة تدوم، ولا المعصية تنصرف عني، وما أدري بماذا يختم لي غير أن سابقة الحسنى منك أوجبت لي حسن الظن بك، وأنت عند ظن عبدك بك، فهب لي منك توبة باقية، واصرف أزمة الشهوات عني، وامح زينتها من قلبي بزينة الإيمان، وقني من الظلم والبغي والعدوان يا حليم يا عظيم يا رحمن يا رحيم. إلهي أنوار تجلياتك الوجودية أشرقت، فلا يزاحم ضحاها وجود ليل سواها لإحاطة شمولها في مراتب ظهورها، فحققني اللهم بذلك تحقيقاً محفوظاً بلزوم مواطن مراضيك مع البقاء بك بعد الفناء فيك على قدم من اصطفيتهم، وأنعمت عليهم من النبيين والشهداء والصالدين، وحسن أولئك رفيقاً ذلك الفضل من الله، وكفى بالله عليماً. إلهي عم قدمك جدتي، فلا أنا، وأشرق نور سلطان هيبتك فأضاء هيكل بشريتي، فلا سواك، فما دام مني فبدوامك، وما فني مني، فبمعرفتي إياي أسألك سيدي بالألف إذا تقدمت، وبالهاء إذا تأخرت أن تضرب جيم جلال جمعي في زاي زين جمال تفرقتي، حتى ينادي قلبي: يا هو مرة

يا من ليس إلا هو، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. إلهي من أقوى متي حولاً وأنت حولي؟ ومن أولى مني بوجد أماله، وأنت مأمولي. سيدي من أعظم مني قوة، وأنت قوتي؟ ومن أحق بالأمان مني وأنت عصمتي؟ أمري وأمر كل شيء بيدك يا الله ". ومن شعر سيدي محمد رضي الله تعالى عنه ما ذكره ابن الحنبلي في ترجمة ولده سيدي علي، أنشدنا إياه الشيخ الصالح الفقيه الولي يوسف بن سعيد الداجاني العجلوني. قال: أنشدنا ولقننا شيخنا الأستاذ الكبير سيدي أحمد الداجاني. قال: أنشدنا ولقننا شيخنا العارف بالله تعالى سيدي محمد بن عراق لنفسه، وكان يأمر أصحابه بحفظ القرآن، وكان يقول كل ليلة بعد صلاة العشاء عقب قراءة الملك، فإذا فرغ منها قال: كلام قديم لايمل سماعه ... تنزه عن قلبي وفعلي ونيتي به أشتفي من كل داء وإنه ... دليل لعلمي عند جهلي وحيرتي فيا رب متعني بحفظ حروفه ... ونور به قلبي وسمعي ومقلتي وذكر ابن الحنبلي عن سيدي علي أن والده سيدي محمد بن عراق لما قدم على سيدي علي بن ميمون، وهو بحماة قال له الشيخ: بأي نية جئتني يا ابن عراق؟ قال: فقلت له: يا سيدي قد ضمنت نيتي هذه الأبيات أتى بيميني مصحفي ويدي التي ... تليها بها هيأت أثواب أكفاني وقدمت موتي بين عيني موقناً.....بآخرتي حتماً أمامي تلقاني كذلك دنيائي وورائي نبذتها ... وصيرت نفسي تحت أقدام إخواني فقال ابن ميمون: هذه دعوى، ولكن ثبتك الله تعالى، ووقع في الشقائق النعمانية أن سيدي محمد بن عراق مات بالمدينة النبوية، ودفن بها وهو غلط بلا شك، وإنما دفن بمكة بعد أن مات بها، وتحرير وفاته كما كتب به المحدث جار الله بن فهد إلى صاحبه الشيخ شمس الدين بن طولون، ونقله عنه في تاريخه يوم الثلاثاء رابع عشري صفر سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، ودفن من الغد بباب المعلى، وحضر جنازته سلطان مكة أبو نمي بن بركات. قال الشيخ موسى الكناوي: مات عن أربع وخمسين سنة - يعني تقريباً - وذكر ابن الحنبلي في ترجمة السيد عيسى الصفوي أنه كان له مزيد اعتقاد في سيدي محمد بن عراق، وأنه قال: له توفي سيدي محمد بمكة المشرفة تهالك الناس على تعاطي غسله، قال: فوقع في نفسي أن أكون ممن يساعد فيه، فلم أشعر إلا بواحد يناديني باسمي أن أقبل إلى مكان غسله، فمضيت

فإذا هو يدفع لي إناء ويأمرني بالسكب عليه، ففعلت. قال: ثم لما حمله الناس مزدحمين على سريره، وددت الحمل، فلم أصل إليه، فوقفت بجوار باب السلام ملصقاً كتفي بجانبه، فإذا الجنازة قد حضرت على عنق رجل يمني، وقد أمرني بحملها، ففعلت بدون أن أعرف هذا الرجل، والذي قبله. قال: ثم رأيت الشيخ في المنام، فأعطاني بيضتين قال: وكان يوصيني باستعمال دعاء القنوت لكونه جامعاً للمطالب الحسنة الجليلة. ولسيدي محمد مع سيد محمد المنير المصري قصة، ومع سيدي محمد المنير البعلي قصة أخرى ستأتي كل قصة في ترجمة صاحبها. قال الشيخ موسى: ورثاه جماعة منهم أخوة الشيخ علوان - رضي الله عنهما - فقال: سقى ثراك فقيدالحي صيبة ... من رحمة هملت من فيض رضوان محل العراق، وجار الله نخبتنا ... ما زلت مجتهداً في قمع شيطان تديم صوماً، وتحمي العين عن وسن ... مرتلاً بصلاة نظم قرآن حتى ثويت رهين النفس في حرم ... استودع الله ربي عين الأخوان 101 - محمد بن سالم: محمد بن علي بن خليل بن أحمد بن سالم بن مهنا بن محمد بن سالم الشيخ الإمام العلامة الفاضل الكامل الصالح بهاء الدين ابن الشيخ العالم الصالح علاء الدين العاتكي الدمشقي الشافعي، المعروف بابن سالم. ولد في سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة، وأخذ العلم عن أبيه، وعن التقوي ابن قاضي عجلون، والسيد كمال الدين بن حمزة وغيرهما، وكان عالماً عاملاً خيراً. حج وجاور ومات بالقاهرة سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بدمشق بالأموي منها يوم الجمعة ثالث عشري شعبان من السنة المذكورة - رحمه الله تعالى -. 102 - محمد بن هلال النحوي: محمد بن علي، الشيخ الفاضل، شمس الدين العرضي الأصل، ثم الحلبي، المعروف بابن هلال النحوي، الشافعي. اشتغل بحلب على الشيخ محمد الداديخي، والعلاء الموصلي، فلم يبلغ مطلوبه، فارتحل إلى القاهرة، ولزم الشيخ خالد الأزهري في العربية مدة طويلة إلى أن مات الشيخ خالد. فقدم صاحب الترجمة حلب، ودرس بجامعها. وألف عدة كتب منها حاشية على تفسير القاضي البيضاوي، وحاشية على المراح وشرح

على تصريف الزمجاني سماه " بالتطريف، على التصريف " ورسالة أثبت فيها أن فرعون موسى آمن إيماناً مقبولاً، وهو خلاف ما عليه الناس، وغض منه ابن الحنبلي كثيراً، وقال: وكان له شعر يابس، وهجو فيه فاحش. ومات يوم الأربعاء سادس عشر القعدة سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 103 - محمد بن عمر الحنبلي: محمد بن عمر القاضي، شمس الدين. الحورسي الدمشقي الحنبلي. ولد سنة ست عشرة وثمانمائة، وكان نقيباً لقاضي القضاة برهان الدين بن كمل الدين بن شرف الدين بن مفلح، ثم فوض إليه ولده قاضي القضاة نجم الدين بن مفلح نيابة القضاء. قال النعيمي: لقلة النواب، فدخل في القضاء مدخلاً لا يليق. وتوفي يوم الجمعة عشري جمادى الأولى سنة إحدى وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 104 - محمد بن هبة الله: محمد بن عمر بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد القادر بن هبة الله. الشيخ العلامة قاضي القضاة جلال الدين النصيبي الحلبي الشافعي، سبط المحدث أبي الفضل بن الشحنة. ولد في ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، وحفظ القرآن العظيم بها، وصلى به بجامعها الكبير وهو ابن ثمان، وحفظ المنهاجين والألفيتين، ثم جمع الجوامع، وعرض على الجمال الباعوني، وأخيه البرهان، والبدر ابن قاضي شهبة، والنجم ابن قاضي عجلون، وأخيه التقوي. ثم أخد الفقه عن أبي ذز، والأصول، والنحو عن السلامي، ووالده الزيني عمر، ثم قدم القاهرة على جده لأمه سنة ست وسبعين وثمانمائة، فأخذ عن الفخر المقدسي، والجوجري. وقرأ في الفقه على العبادي، وفي شرح الألفية لابن أم قاسم وغيره على التقوي الشمني، وقرأ على السخاوي في بعض مؤلفاته وفي غيرها، وبرع وتميز وناب في القضاء بالقاهرة ودمشق وحلب، وولي قضاء حماة وقضاء حلب، وأنشد فيه بعضهم حين ولي قضاء حماة: حماة مذ صرت بها قاضياً ... استبشر الداني مع القاصي وكل من فيها أتى طائعاً ... إليك وانقاد لك العاصي وكان ذا فطنة وحافظة مع رفاهية، وجمع تعليقات على المنهاج سماة الابتهاج، في أربع

مجلدات، واختصر جمع الجوامع، وجمع كتاباً كبيراً فيه نوادر وأشعار، وله شعر منه تخميس الأبيات المشهورة للشاب الظريف محمد بن العفيف: غبتم فطرفي من الأجفان ما غمضا ... ولم أجد عنكم لي في الهوى عوضا فيا عذولاً بفرط اللوم قد نهضا ... " للعاشقين بأحكام الغرام رضى فلا تكن يا فتى بالعذل معترضا " إن الوفي بعهد ليس ينتقض ... وإن همو نقضوا عهدي وإن رفضوا فقلت لما بقتلي بالأسى فرضوا ... " قروحي الفداء لأحبابي وإن نقضوا عهدي الوفي الذي للعهد ما نقضا " أحبابنا ليس لي عن عطفكم بدل ... وعن غرامي ووجدي لست أنتقل يا سائلي عن أحبائي وقد رحلوا ... " قف واستمع سيرة الصب الذي قتلوا فمات في حبهم لم يبلغ الغرضا " قد حملوه غراماً فوق ما يسع ... وعذبوا قلبه هجراً وما انتفعوا دعا أجاب تولى سهده هجعوا ... " رأى فحب فرام الوصل فامتنعوا فسام صبراً فاعيى نيله فقضى " وكانت وفاة صاحب الترجمة في ثالث عشر رمضان سنة ست عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 105 - محمد البحيري: محمد بن عمر ابن الشيخ العلامة بدر الدين ابن الشيخ زين الدين البحرفي. فقيه السلطان الغوري. توفي بمرض الإستسقاء في ليلة الخميس سادس عشر شعبان في سنة ثمان وعشرين وتسعمائة بعد أن نزل عن وظائفة. ووقف كتبه.

106 - محمد بن عيسى: محمد بن عيسى، الشيخ الإمام، العلامة العالم، أقضى القضاة شمس الدين، الحنفي خليفة الحكم العزيز بدمشق، ومفتي الحنفية بها. قال الحمصي: كان عالماً فاضلاً مفنناً يعرف صناعة التوريق. والشهادة معرفة تامة، وكان ذكياً متضلعاً من العلوم لا يجارى في بحثه محجاجاً. توفي بدمشق في رجب سنة اثنتي عشر وتسعمائة، ودفن بالصالحية، وكانت له جنازة حافلة، وتأسف الناس عليه - رحمه الله تعالى -. 107 - محمد المالكي: محمد بن قاسم قاضي القضاة جلال الدين بن قاسم المصري المالكي. قال الشعراوي: كان كثير المراقبة لله في أحواله، وكانت أوقاته معمورة بذكر الله عز وجل. شرح المختصر والرسالة، وانتفع به خلائق لا يحصون، ولاه السلطان الغوري القضاء مكرهاً، وكان حسن الإعتقاد في طائفة القوم. قال: وكان أكثر أيامه صائماً لا يفطر في السنة إلا العيدين وأيام التشريق، وكان حافظاً للسانه في حق أقرانه. لا يسمع أحداً يذكرهم إلا ويجلهم. توفي بمصر سنة خمس وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه صلاة الغائب بالجامع الأموي بدمشق رابع عشر صفر سنة ست وعشرين وتسعمائة. 108 - محمد بن ليل الزعفراني: محمد بن ليل، الشيخ الصالح. شمس الدين الزعفراني التونسي القاطن بالقاهرة. كان يحفظ أنواع الفضائل، وكان يتأنق في إيراد أنواع التحميدات والتسبيحات والصلوات، ويعرف الألسن العربية المتنوعة، والخواص العجيبة، وكان يذكر أنه عارف بالصنعة، مات بالقاهرة يوم الأربعاء تاسع عشري جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وتسعمائة، ودفن بتربة المجاورين - رحمه الله تعالى -. 109 - محمد بن مسعود: محمد بن مسعود، الشيخ شمس الدين الناسخ المشهور، الصالحي الدمشقي الشافعي. انتهت إليه مشيخة الكتابة بدمشق، بل بالمملكة كلها. قرأ القرآن بالروايات، وتوفي يوم السبت العشرين من شوال سنة سبع عشرة وتسعمائة بالبدرائية، وحمل إلى الصالحية، فدفن غربي سفحها - رحمه الله تعالى -. 110 - محمد خواجه زاده: محمد بن مصطفى بن يوسف بن صالح البروسوي الرومي المولى العلامة الصوفي بن المولى الفاضل العلامة المشهور بخواجه زاده صاحب كتاب

" التهافت " والده ولي القضاء والتدريس ببعض مدارس بروسا، ثم تركها في حياة والده، ورغب في طريقة التصوف، واتصل بخدمة الشيخ العارف بالله تعالى حاجي خليفة، ثم ذهب مع بعض ملوك العجم إلى بلاده، وتوفي هناك سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة. 111 - محمد الرومي: محمد بن مصطفى بن الحاج حسن المولى، العالم الفاضل، الرومي الحنفي قرأ على علماء عصره، واتصل بخدمة المولى يكان، وولي التدريس والولاية، وتنقلت به الأحوال إلى أن ولاه السلطان محمد بن عثمان في سنة وفاته، وهي سنة ست وثمانين وثمانمائة قضاء العسكر الأناظولية، ولما تولى السلطنة السلطان أبو يزيد خان أقره في منصبه، ثم جعله قاضياً بالعساكر الروميلية، وبقي فيه حتى توفي قال في الشقائق: وكان رجلاً طويلاً عظيم اللحية، طلق الوجه، محباً للمشايخ، وكان بحراً في العلوم، محباً للعلم والعلماء، عارفاً بالعلوم العقلية والشرعية، وألف حاشية على تفسير سورة الأنعام من تفسير القاضي البيضاوي، وحاشية على المقدمات الأربع في التوضيح، وكتاباً في الصرف سماه " ميزان التصريف " وكتاباً في اللغة جمع فيه غرائب اللغات، ولم يتم، وبنى مدرسة بالقسطنينية ومسجداً وداراً للعلم، وبها دفن بعد أن توفي سنة إحدى عشر وتسعمائة، وقد جاوز التسعين - رحمه الله تعالى -. 112 - محمد العجلوني: محمد بن موسى بن عيسى، الشيخ العالم الصالح، شمس الدين بن الشيخ شرف الدين موسى العجلوني، الدمشقي. الصالحي. ولد بالصالحية سنة ثمان وأربعين وثمانمائة، وتوفي يوم الخميس ثاني ربيع الأول سنة تسع وتسعمائة، ودفن بمسكنه بزاوية المسلك محمد الخوام الشهير بالقادري بالصالحية - رحمه الله تعالى -. 113 - محمد بن ناشي: محمد بن ناشي الشيخ بدر الدين الكتبي الحنفي. كان مصاحباً للسلطان الغوري، ملتحقاً به، ونال بصحبته مرتبات ووظائف، وأثرى وقوي بأسه، وتولى إعادة المدرسة الجانبكية، وسافر مع السلطان الغوري إلى دمشق، ثم إلى حلب، وتوفي بها يوم الخميس في ثامن رجب سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، ودفن في تاسعه بها. 114 - محمد الميداني: محمد بن نصر، الشيخ العلامة المقريء المجود، شمس

الدين الضرير الدمشقي. الميداني المقريء. وكان من أهل العلم بالقراءات، وله في النحو مؤلفات منها كتاب مطول سماه " ذخر الطلاب، في علم الإعراب "، وكتاب آخر مختصر سماه " تنقيح اللباب، فيما لا بد منه أن يعتني في فن الإعراب "، قال والد شيخنا: وقرأته عليه، وكان فقيراً من الدنيا. وكان الشيخ شمس الدين بن طولون يتردد إليه كثيراً، وانتفع به جماعة. توفي يوم الخميس قبل المغرب سابع عشري صفر سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة. قال والد شيخنا ودفن بمقبرة الجوزة بمحلة الميدان، وفيها سادات كالشيخ إبراهيم القدسي، وإخوانه قلت وكانت وفاة الشيخ إبراهيم القدسي المقريء كاتب المصاحف المذكور في كلام والد شيخنا في دخول القرن العاشر. " وذلك " في ثاني رمضان سنة أربع وتسعين وثمانمائة، والله سبحانه تعالى هو الموفق. 115 - محمد باجه زاده: محمد بن يعقوب، العالم فاضل المولى محيي الدين الرومي الحنفي الشهير باجه زاده. قرأ على علماء عصره، ثم وصل إلى خدمة المولى الفاضل خطيب زاده، ثم ولي الولايات، وتنقل فيها حتى صار قاضي بروسا، ثم عزل ومات وهو معزول. قال في الشقائق: كان عالماً فاضلاً ذكياً، سليم الطبع، مبارك النفس، مقبلاً على الخير، متواضعاً متخشعاً، صاحب كرم وأخلاق. وكانت وفاته في ثلاث أو أربع وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 116 - محمد الطولقي: محمد بن يحيى بن عبد الله قاضي القضاة أبو عبد الله شمس الدين بن أبي زكريا المغربي الطولقي المالكي. سمع على العلامة جمال الدين الطمطامي. قال ابن طولون: قدم علينا دمشق، وأتجر بحانوت بسوق الذراع، ثم ولي قضاء دمشق عوضاً عن قاضي القضاة شمس الدين المريني، وعزل عن القضاء، ثم وليه مراراً، ثم استمر معزولاً مخمولاً إلى أن توفي يوم الأربعاء ثالث عشري شعبان سنة ثمان وعشرين وتسعمائة فجأة. كما قيل، وكان له مدة قد أضر، وصار يستعطي ويتردد إلى الجامع الأموي وكان يكتب عنه على الفتوى بالأجرة لى، وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن بمقبرة باب الصغير. 117 - محمد الباعوني: محمد بن يوسف بن أحمد، الشيخ العلامة بهاء الدين ابن قاضي القضاة جمال الدين الباعوني الشافعي. ولد في سنة سبع أو تسع وخمسين وثمانمائة

من لم أقف على أسماء آبائهم

بصالحية دمشق، وقرأ القرآن العظيم، وحفظ المنهاج، وأخذ عن عمه البرهان الباعوني، والبرهان بن مفلح، والبرهان المقدسي الأنصاري، والبرهان الأذرعي، وولده شهاب الدين، والزين خطأب، والقطب الخيضري وغيرهم. وغلب عليه الأب، وجمع عدة دواوين، وكان قليل الفقه، توفي كما وجدته بخط شيخ الإسلام الوالد في ليلة السبت حادي عشري رمضان المعظم سنة ست عشرة وتسعمائة. 118 - محمد بن يوسف الأندلسي: محمد بن يوسف بن عبد الله قاضي القضاة المالكية القاضي شمس الدين الأندلسي. قدم دمشق. وولي قضاءها مستقلاً في أول القرن. واعتضد في أموره بالشيخ عبد النبي مفتي المالكية بدمشق، وكان قضاء المالكية بدمشق يتردد بينه وبين الطولقي، وسافر آخراً في طلب القضاء من دمشق في مستهل شعبان سنة سبع وتسعمائة، ثم اشتهر في سنة تسع بتقديم التاء المثناة أنه غرق، ثم تحرر أنه نفي إلى قوص، ثم ذهب إلى بلاد التكرور، ومات بها في سنة عشرين وتسعمائة عن ولد بدمشق، وكذا حررت هذه الترجمة من كلام ابن طولون - رحمه الله تعالى -. من لم أقف على أسماء آبائهم من أهل هذه الطبقة، وهي الأولى، وكذا أفعل في كل طبقة، وفي كل حرف أؤخر من لم أعرف أسماء آبائهم إلى آخر الحرف اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً: 119 - محمد البكري: محمد الشيخ المسند القطب البكري النازل بالحسينية بمصر. قال العلائي: كان يزعم أن عمره ينوف على المائة سنة وأنه أدرك الحافظ زبن الدين العراقي وغالب طبقته. قال: قد أجاز لنا وكان متعبداً صالحاً. ويفهم من كلام العلائي أنه توفي في أول القرن العاشر رحمه الله تعالى. 120 - محمد البسطامي: محمد البسطامي شيخ زاوية سيدي تقي الدين العجمي البسطامي الكائنة بمصر أسفل قلعة الجبل بالمصنع. أجاز الشيخ بدر الدين الشويخ بخرقة التصوف، ولقنه الذكر، وأخذ عنه العهد من طريق أبي يزيد البسطامي، ومن طريق الشيخ يوسف العجمي الكوراني، وذلك بمكة في سابع رمضان سنة خمس وتسعمائة.

121 - محمد المناوي: محمد الشيخ الفاضل العدل، شمس الدين المناوي، نزيل الكاملية بمصر. أخذ عن ابن حجر، والكمال السيوطي، ومما أخبر به ولده الحافظ جلال الدين السيوطي أن مما يستحضره أن والده ذهب به وعمره ثلاث سنين إلى مجلس رجل كبير لا يتيقن من هو إلا أنه يظن أنه مجلس حافظ العصر ابن حجر، ثم إن رجلاً من طلبة والده كان ذهب معه في تلك المرة، وأركب الشيخ جلال الدين إذ ذاك أمامه. قال: فسألته مرات عن ذلك المجلس فقال: هو مجلس ابن حجر. قال الحافظ شمس الدين الداوودي المصري في ترجمة شيخه الجلال السيوطي والرجل المذكور: هو الفاضل العدل شمس الدين المناوي، نزيل الكاملية أضر بآخره. وتوفي في أوآخر سنة ثمان وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 122 - محمد الجلجولي: محمد، الشيخ الإمام، العالم العامل، الخاشع الناسك، ولي الله تعالى العارف به، بل القطب الرباني، والغوث الفرداني سيدي أبو العون الغزي، الجلجولي، الشافعي القادري أصله من غزة، وسكن جلجوليا، ثم انتقل في آخر عمره إلى الرملة، ثم استمر بها إلى أن مات - رضي الله تعالى عنه - صحب الشيخ العلامة ولي الله تعالى الشيخ شهاب الدين الرملي، الشهير بابن رسلان، واصطحب هو وشيخ الإسلام رضي الدين الغزي جدي كثيراً، وكان نفعه متعدياً، وكان كثير القرى للواردين عليه من الغرباء وغيرهم، وكان تفد إليه الناس بالهدايا وللنذور وللزيارة والتبرك بأنفاسه، وترد عليه المظلومون ويستشفعون به، فيشفع لهم، وكانت شفاعته مقبولة، وكلمته نافذة عند الملوك والأمراء، فمن دونهم لا ترد له شفاعة، وكانت أحواله ظاهرة، وكراماته متوافرة. قال الشيخ موسى الكناوي - رحمه الله تعالى -: كان ممن أظهر الله تعالى على يديه الكرامات بكثرة بحيث لو أراد العاد أن يعد في مجلسه كل يوم خمسين كرامة فصاعداً لعد. قال: وكان هذا وداعاً ليتحدث الناس به في ظلمة القرن العاشر وقال في موضع آخر: وهنا الشيخ أظهره الله تعالى في أوآخر القرن التاسع من أول القرن العاشر، وكان ظهوره بكثرة الكشف الزائد الصحيح، وتربية الفقراء، وانتفاع الناس به، وكان متصرفاً في الملوك بمصر والشام، فلا ترد شفاعته، وكان يقبل من الملوك وغيرهم، ويصرفه في وجوه الخير من غير إدخال ولا رغبة، ولما مات انقطع ظهور الولاية بهذه الصفة. انتهى. قلت: وبلغني أن بعض أولياء دمشق أراد أن يستكشف أمر سيدي أبي العون، ويسأله عن بدو أمره، فبعث إليه بعض مريديه، ولم يذكر له فيما بعثه، بل قال له:

اذهب زائراً إلى سيدي أبي العون، وقل له: أخوك فلان يسلم عليك، ولم يزد على ذلك، وقال له: انظر أول شيء يضيفك به، فأخبرني عنه إذا رجعت، فذهب المريد إلى الشيخ أبي العون، فأول شيء أقراه به قلقاس مطبوخ، ثم لما انقضت زيارته وأراد الرجوع إلى شيخه، قال له الشيخ أبو العون: إذا سألك شيخك عن أول طعام أكلته عندنا فقل له: قلقاس، فكان ذلك بداع كشف سيدي أبي العون، ولطائف إشاراته. وحكي أن بعض الفقهاء ارتحل إلى الشيخ أبي العون يقصد الزيارة، فلما دخل على الشيخ أبي العون رأى ي جماعته الغث والسمين، والبر والفاجر، فقال في نفسه: لا ينبغي أن يكون أصحاب الشيخ كلهم إلا أخياراً، ولا يليق بصحبته مثل هؤلاء الأشرار، أو نحو هذا الكلام، فما استتم هذا الخاطر حتى قال له الشيخ أبو العون: يا أخي إن الشيخ عبد القادر الجيلاني - رضي الله تعالى عنه - كان في جماعته البر والفاجر، فأما الأبرار، فكانوا يزدادون به براً، وأما الأشرار، فكان الله يصلحهم بصحبته، فعرف الفقيه أن الشيخ كاشفه بخاطره، فاستغفر الله تعالى، واعتذر من الشيخ، ومن تصرفات الشيخ أبي العون في الوجود ما حكاه الشيخ موسى الكناوي رحمه الله تعالى، وهو أن امرأة من أهل حلب خرجت من الحمام في جماعة من النسوة، فاحتملها رجل من الجند من جماعة نائب حلب، وأراد أن يذهب بها إلى الفاحشة، وعجز الناس عن خلاصها، فجاء رجل يقال له: قاسم بن زنزل بزائين مفتوحتين بينهما نون ساكنة، وكان من أهل الشجاعة والزعارة، فضرب الجندي ليستخلص منه المرأة، فقضى عليه، فمضى قاسم لوجهه هارباً، ثم لما أصبح عاد إلى المدينة، ودخل الحمام، فلما أحس به نائب حلب بعث في طلبه جماعة، فدخلوا عليه الحمام، فقال لقيم الحمام: أعطني سراويلي وخنجري، فخرج عليهم، فتفرقوا عنه، فهرب منهم، ووثب إلى بستان هناك، واستغاث بأبي العون الغزي، وكان قد رأى الشيخ أبا العون قبل ذلك واعتقده، فحماه الله تعالى منهم ببركة الشيخ أبي العون، فاستمر على وجهه على طريق الساحل حتى دخل جلجوليا فدخل على الشيخ أبي العون ودخل تحت ذيله، فدعا له الشيخ وكاشفه بما وقع، وقال له: كيف تقتل مملوك السلطان؟ فاعتذر بما فعله الجندي، فقال له: لك الأمان، ثم كتب الشيخ له كتاباً إلى نائب دمشق قانصوه اليحياوي، وكتاباً إلى نائب حلب، وقال له: اسق الماء واترك الزعارة، قال: نعم، ثم لما كتب له الكتاب إلى نائب حلب قال: يا سيدي أخاف أن لا يقبل ويقتلني، وكان في المجلس إذ ذاك الشيخ نعمة الصفدي فمد يده، وقال له: إن كلمك أقلع عينه بيدي، فأمسك أبو العون على يد الشيخ نعمة قبل أن يتم رفع يديه، وقال له: لو مكنته من رفع يده لقلع عينه، ثم ذهب قاسم إلى دمشق بكتاب الشيخ أبي العون إلى اليحياوي فأكرمه ودفع إليه نحو مائة درهم لكرامة الشيخ، ثم كتب إلى نانب حلب بإكرامه والعفو عنه لأجل

الشيخ، فأكرمه نائب حلب وعفا عنه، واستمر قاسم يسقي الماء، ويلازم زي الفقراء حتى صار رجلاً مذكوراً، وستأتي ترجمته في الطبقة الثانية، وحج الشيخ أبو العون في سنة سبع وتسعين وثمانمائة، فدخل القدس الشريف من جلجوليا في يوم السبت سابع عشر شوال، وتوجه من القدس إلى زيارة الخليل عليه السلام قاصداً مكة المشرفة بعد الظهر يوم الاثنين تاسع عشر الشهر المذكور، فقضى مناسكه، وزار النبي صلى الله عليه وسلم، وعاد إلى محل وطنه ذكر ذلك صاحب الأنس الجليل فيه. وممن أخذ عن الشيخ أبي العون شيخنا الشيخ حسن الصلتي مقرئ دمشق، ومن طريقه تحصل لنا طريقة الصحبة المتصلة بالشيخ أبي العون مع العلو الزائد - رضي الله تعالى عنهما - ولسيدي الشيخ أبي العون - رضي الله تعالى عنه - شعر قوي متين يشتمل على حماسة العارفين، فمنه ما قرأته بخط الشيخ أبي البقا البقاعي خطيب الأموي بدمشق أنه من كلام الشيخ أبي العون رضي الله تعالى عنه: يا حاضراً في ضمير القلب ما غابا ... لولاك ما لذ لي عيش ولاطابا آثار فعلك كانت أصل معرفتي ... ويجعل الله للتوفيق أسبابا ومن كلامه أيضاً رضي الله تعالى عنه: حياكم الله وأحياكم ... ولا عدمنا قط رؤياكم ولا حضرنا مجلساً بعدكم ... محسناً إلا ذكرناكم وقال أيضاً رضي الله تعالى عنه: أقول وقد نوديت سيما، وقيل لي ... فإنك في حفظ، وإنك في حرز أنا قادري الوقت صاحب عصره ... لوائي لواء الفتح والنصر والعز فهذا زماني ليس فيه مشارك ... أزمة أعلام الطريقة في حوزي مريدي إذا ما ضقت شرقاً ومغرباً ... فناد بأعلى الصوت غوثك يا غزي تجدني بأمر الله للوقت ناصراً ... هنيئاً مريدي بالسعادة والفوز وقال أيضاً رضي الله تعالى عنه: تعالوا إلينا لا ملال ولا بعد ... ولا صد عن أبوابنا لا ولا طرد تعالوا وقد صححتم عقد ودكم ... فمن صح منه العقد صح له الود إذا جئتم لا تنزلوا غير عندنا ... ومن غيرنا حتى يكون له عند

فما كل دار في الهوى دار زينب ... ولا كل خود بين أترابها هند ولا كل مورود يرود له الظما ... ولا كل واد في الهوى لكم رند أنا الفارس الصنديد والأسد الذي ... أبو العون من عزمي تذل له الأسد فتحت رتوقاً كان صعباًمسدها ... وليس لها من بعد فتقي لها سد وجردت سيف العزم في موكب الوفا ... بحد ذباب ما له أبداً غمد وفارقت أغياري، وملت عن السوى ... وعند التساوي الأخذ والبذل والرد فمن شاء فليرحل، ومن شاء فليقم ... فسيان عندي من يقيم ومن يغدو فهذا زماني ليس فيه مشارك ... صناجق أعلام الحقيقة ما تبدو فعش يا مريدي في هذا وسعادق ... لك العز والإقبال والجود والسعد وكان رضي الله تعالى عنه كثيراًما ينشد هذه الأبيات المروية عن سيدي الشيخ عبد القادر الكيلاني رضي الله عنه: إذا كان متا سيد في عشيرة ... رعاها وإن ضاق الخناق حماها فما ذكرت إلا وأصبح شيخها ... وما افتخرت إلا وكان فتاها وما ضربت بالأبرقين خيامنا ... فأصبح مأوى العارفين سواها وكانت وفاة سيدي أبي العون بالرملة في سنة عشر وتسعمائة، وصلي عليه صلاة الغائب بجامع دمشق يوم الجمعة سبع عشر صفر من السنة المذكورة، وقبره - رضي الله تعالى عنه - داخل مدينة الرملة عليه بناء يقصد للزيارة والتبرك. أعاد الله تعالى علينا وعلى المسلمين من بركاته. آمين. 123 - محمد العجمي: محمد العجمي الشهير بالطواقي شيخ الزاوية الخوارزمية، ويراجعهم في أمر المظلومين وينصرهم، فلما ولي نيابة دمشق قانصوه البرج المحمدي كان يظهر الديانة والمحبة لأهل دمشق، وكان يكرم العلماء والصالدين، وكان ممن يكرمه صاحب الترجمة الشيخ محمد، وكان يتردد إليه في أمر المظلومين، ويراجع الدوادار وغيره في أمرهم، فلما توفي النائب المشار إليه في ليلة الخميس سادس عشري صفر سنة عشر وتسعمائة عامل الدوادار على الشيخ محمد جماعة من غوغاء دمشق، فجاؤوا ليلاً إلى الخوارزمية، فطعنوه بالسكاكين، ثم ذبحوه، وأخفوا رأسه وقلبه، وألقوا جثته في بئر الزاوية، ولم يستطع أهله دفعهم، ثم لما طلع النهار جاء الناس إلى الزاوية، فلم يجدوه، ثم رأوه في البئر، فأخرجوه وغسلوه وكفنوه، ودفن في الزاوية المذكورة، ثم كبر الأمر، وكثر الكلام في أمره، فأمر

الدوادار حينئذ بالأمان، وأن لا يتكلم أحد فيما لا يعنيه، فغلب على ظن الناس أن قتله كان بإشارة الدوادار المذكور، وفاز الشيخ محمد العجمي بالشهادة، وكان قتله - رحمه الله تعالى - ليلة الأربعاء ثالث ربيع الأول سنة عشر وتسعمائة. 124 - محمد الأبشيمي: محمد الشيخ الإمام العلامة جلال الدين الأبشيمي المصرفي الشافعي. توفي بالقاهرة يوم السبت سابع عشر جمادى الأولى سنة عشر وتسعمائة. 125 - محمد النحريري: محمد الشيخ العلامة القاضي، شمس الدين النحريري، المالكي خليفة الحكم بالقاهرة، وكان مباشراً للمقر بن أجا صاحب ديوان الإنشاء بها. توفي يوم الأربعاء ثامن عشر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وتسعمائة، ودفن بالقرب من الإمام الشافعي - رحمهما الله تعالى -. 126 - محمد المغربي: محمد المغربي، الشيخ الصالح العالم، الزاهد الورع المسلك، المرئي العارف بالله تعالى سيدي شمس الدين، المعروف بالمغربيي، الشاذلي بالقاهرة. قال الشيخ عبد الوهاب: أخذ الطريق عن سيدي أبي العباس المرسي تلميذ سيدي شمس الدين الحنفي، وكان من أولاد الأتراك، وإنما اشتهر بالمغربي لكون أمه تزوجت مغربياً، وكان الغالب عليه الاستغراق، وكان بخيلاً في الكلام بالطريق، عزيز النطق بما يتعلق بها، وذلك من أعظم الأدلة على صدقه وعلو شأنه. وقال في الطبقات الوسطى: اجتمعت به مرة واحدة ذكروا أنه أقام في القطبية ثلاث سنين، وكان كريم النفس، يعطي السائل الألف كأنه لم يعطه شيئاً، وكان ينفق النفقة الواسعة من الغيب، وكثيراً ما كان يأتيه المدين، فيقول: يا سيدي ساعدني في وفاء ديني، فيقول له: ارفع طرف الحصير، وخذ ما تحته، فربما رأى تحته أكثر من ديونه، فيقول له: اوف دينك وتوسع بالباقي، وكان مع كثرة إعطاءاته يفت الرغيف اليابس في الماء ويأكله وينشد: اقنع بلقمة وشربة ماء ولبس الخيش ... وقل لقلبك ملوك الأرض راحوا بيش ودخل عليه السلطان قايتباي يزوره، ورسم له بألف دينار، فردها وأنشد البيت، فبكى السلطان قايتباي حتى بل منديله، وقال له: فرقها على المحبين، فقال له: من تعب في تحصيلها فهو أولى بتفرقتها، ثم قال: من كانت الحقيقة تتصرف فيه فلا اختيار له مع الله تعالى، ولم يقبل الألف دينار، وكان يقول: من أكثر على الله الرد، فهو من أهل الطرد، وكان علماء مصر قاطبة يذعنون له في العلوم العقلية والوهبية ويستفيدون منه العلوم التي لم تطرق سمعهم قط، وذكر الحمصي: أنه كان مقيماً بقنطرة سنقر بالقاهرة، وكان له كشف وكرامات ظاهرة.

قلت: وهو ممن صحبهم شيخ الإسلام الجد من أولياء الله تعالى في طريق الله تعالى كما ذكره في قائمة كتبها بخطه، وكانت وفاته يوم الاثنين سادس جمادىالآخرة سنة إحدى عشرة وتسعمائة بمنزله بقنطرة سنقر. قال الشيخ عبد الوهاب في الطبقات الوسطى: ودفن قريباً من باب القرافة وقبره ظاهر يزار - رحمه الله تعالى -. 127 - محمد الصيداوي: محمد الشيخ الفاضل العالم المفنن شمس الدين الصيدواي. كان عالماً بعلم النغمة، وله فيه مصنفات، وكان له فيه ملكة تامة، وانتفع به خلق كثير. توفي بدمشق سادس عشري القعدة سنة إحدى عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 128 - محمد الدلجي: محمد الشيخ الصالح الزاهد، العارف بالله تعالى سيدي محمد الدلجي المصري. كان مقيماً بتربة خارج باب القرافة يقصد للتبرك والزيارة، وزاره سيدي محمد بن عنان، وقبل رجله، وكان يلبس القلنسوة من غير عمامة، ويجلس على تخت من جريد، وكان مع ذلك مهيباً وقوراً. مات في سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، ودفن بالقرافة - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة. 129 - محمد المحرقي: محمد الشيخ الإمام العالم أبو الفضل محب الدين بن المحرقي خطيب الجامع الأزهر بمصر، وهو أحد الخطباء الذين أمرهم السلطان قانصوه الغوري أن يخطبوا بين يديه كل واحد في جمعة، وسبب ذلك أن بعض القضاة أراد أن يشارك قاضي قضاة الشافعية في خطبة القلعة بمصر، وكانت الخطبة إذ ذاك تختص بقضاة الشافعية، وكان قضاة الشافعية يومئذ البرهان القلقشندي، وكان يستنيب في الخطابة الشيخ شهاب الدين الحمصي، وكان السلطان تعجبه خطبته على خطبة قاضي القضاة المستنيب له، فاتفق أن الشيخ شهاب الدين الحمصي مرض وانقطع عن الخطبة، فخطب قاضي القضاة المذكور أول جمعة في رجب سنة ثلاث عشرة وتسعمائة والخطبة الثانية، فارسل السلطان إليه أن لا يخطب إلا الشيخ شهاب الدين الحمصي، فقيل له: إنه مريض، فقال السلطان: يخطب القاضي الحنفي جمعة، والمالكي جمعة، والحنبلي جمعة، وخطباء البلد كل جمعة إلى أن يبرأ الحمصي، وكان ذلك موافقا لما أراده بعض القضاة المتقدم ذكره، فبرأ الحمصي قبل يوم الجمعة، فحضر الخطيب وخطب، وحضر قاضي القضاة السري بن الشحنة للخطبة، فسبق وقفل عليه باب القلعة، فدخل على السلطان واستأذن في الخطابة في الجمعة الآتية، فأذن، فلما كان يوم الجمعة وهي رابع جمعة في رجب المذكور، فكانت حادي عشرية، طلع القلعة قاضي القضاة الحنفية المشار إليه، وتعمم بعمامة سوداء، وألقى على رأسه وكتفيه طرحة سوداء، فعلق طرفها بالحصير، فسقطت عمامته عن رأسه فلبسها، ثم صعد المنبر وخطب، وانتقدت عليه تكلفات

حصلت في خطبته، ثم خطب في الجمعة الثانية منها قاضي القضاة المالكية برهان الدين الدميري بعد أن استعفى، فلم يقبل منه فارتج وسقط عن المنبر، ثم قام بعضده رجل حتى رقي المنبر، فلما شرع في الخطبة ارتج عليه القول وقام وقعد مراراً، ثم خطب في الجمعة الثالثة قاضي القضاة الحنابلة شهاب الدين الشيشني، وأجاد في الخطبة الأولى، لكن أطال في الثانية، وساق فيها المواعظ ونزل، فصلى فسها عن الفاتحة، وشرع في السورة، فنبهه رجل من الحاضرين على قراءة الفاتحة، فعاد لقراءتها، ثم خطب في الجمعة الرابعة الشيخ العلامة كمال الدين الطويل الشافعي، ثم العلامة شمس الدين الغزي خطيب الغورية في الخامسة، ثم القاضي شرف الدين البرديني الشافعي في السادسة، ونسي الجلوس بين الخطبتين، ثم الشيخ العلامة محب الدين المحرقي خطيب الأزهر وهو صاحب الترجمة، والشيخ يحيى الرشيدي خطيب الأرتكية، ثم القاضي فخر الدين الطويل نقيب الشافعي، ثم قاضي القضاة البرهان القلقشندي صاحب الوظيفة. قال الحمصي في تاريخه: وشرط عليه أن لا يعود، ثم استقر الحمصي المذكور يخطب نيابة عنه، ووقع رعب السلطان الغوري في قلوب بعض هؤلاء الخطباء بسبب الخطبة بين يدي السلطان، حتى كان سبباً لموت القاضي برهان الدين الدميري المالكي، وصاحب الترجمة فيما ذكره الحمصي. واستمر صاحب الخطبة ضعيفاً حتى مات يوم الأربعاء سنة ثلاث عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 130 - محمد الناسخ: محمد الشيخ الإمام العلامة كمال الدين بن الناسخ الإطرابلسي الشامي المالكي قاضي المالكية بطرابلس الشام. أخذ عن الحافظ البرهان الحلبي وعن غيره، ودخل حلب فأكرمه أهلها لأنه كان معمرًا، وله سند عال، فسمع عليه الموفق بن أبي ذر وغيره صحيح البخاري بقراءة القاضي شمس الدين العرضي وغيره، واشتغل عليه الموفق أيضاً في شرح الألفية لابن عقيل، وكان يذكر أنه يحفظ من كتاب سيبويه ألف شاهد، وكان يعرف مذهب مالك، ومذهب الشافعي كما ينبغي، ومن مؤلفاته: " الجواهر الثمينات في الفرائض "، و " قسمة التركات "، وكتاب " الدرر في توضيح المختصر " مختصر الشيخ خليل، وكتاب " كافي المطالب " لمختصر ابن الحاجب، وكتاب " الحر الثمين بين الغث والسمين " في إعراب القرآن، واختصر شرح الرسالة لابن ناجي، وكانت وفاته بطرابلس سنة أربع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 131 - محمد الديري: محمد الشيخ الإمام العلامة بدر الدين الديري، القاهري الحنفي شيخ مدرسة المؤيدية، ومفتي الحنفية بمصر. كانت وفاته يوم الأربعاء ثاني جمادى الأولى سنة أربع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

132 - محمد الأسدي: محمد الشيخ العالم الفاضل بهاء الدين الأسدي الدمشقي الشافعي الشهير بابن الجاموس، مات بدمشق يوم الأحد تاسع عشر ربيع الآخر سنة خمس عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 132 - محمد بن السابق: محمد الشيخ المبارك الصالح شمس الدين بن السابق الدمشقي كان مؤذناً بالجامع الأموي. توفي يوم الخميس سادس رجب سنة ست عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى. 134 - محمد الحلواني: محمد الشيخ شمس الدين الحلواني الدمشقي. كان خطيب جامع الحشر بالحدرة تحت قلعة دمشق، وأحد العدول بمركز الخضريين بها. كانت وفاته يوم الاثنين سابع عشري شوال سنة ست عشر وتسعمائة. 135 - محمد الحمصي: محمد القاضي شمس الدين الحمصي ناظر الخواص بمصر. كان من الرؤساء الأعيان، وله كلمة نافذة عند الحكمام ووجاهة عند أرباب الشوكة، وناب في القضاء، وكانت وفاته بمصر يوم الجمعة سلخ الحقدة سنة ست عشرة وتسعمائة. 136 - محمد بن الهمام: محمد الشيخ الإمام المحقق كمال الدين بن الهمام الحنفي. أخذ عنه عبد البر بن الشحنة وغيره، وأخذ هو عن العلامة السراج عمه قاريء الهداية قرأت بخط الشهاب بن شعبان العمري القاهري أنه توفي في سنة سبع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 137 - محمد القرصوني: محمد الشيخ الإمام الفاضل البارع المفنن العلامة الرئيس شمس الدين القرصوني رئيس الأطباء بالقاهرة، وطبيب السلطان الغوري. توفي بالقاهرة في ربيع الأول سنة سبع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 138 - محمد القرماني: محمد العالم المولى محيي الدين القرمافي، الرومي، الحنفي. اشتغل في العلوم وبرع وأعطى تدريساً ببعض المدارس، ثم صار مدرساً بأحد المدرستين المتجاورتين بأدرنة، ثم تقاعد وأعطي كل يوم خمسين عثمانياً، ولزم بيته بقسطنطينية حتى مات في أوائل سلطنة سليم بن بايزيد - رحمه الله تعالى -. 139 - محمد المحلاوي: محمد الشيخ شمس الدين المحلاوي رئيس المؤذنين، ومؤدب السلطان الغوري. توفي القاهرة في ربيع الأول سنة سبع عشرة وتسعمائة أيضاً - رحمه الله تعالى -.

140 - محمد الغزي: محمد الشيخ الإمام العالم العلامة المفنن شمس الدين الغزي الشافعي. نزيل القاهرة كان مهيباً لا يكاد أحد ينظر إليه إلا ارتعد من هيبته، وكان حسن الصوت جداً لا يمل من قراءته من صلى خلفه، وإن أطال القراءة، وكان يفتي ويدرس سائر نهاره على طهارة كاملة، ولم يضبط عليه غيبة قط لأحد من أقرانه ولا من غيرهم، وكان يقبح الغيبة وينكرها جداً، ولما بنى السلطان الغوري مدرسته بمصر جعله إمامها وخطيبها من غير سؤال منه، وقدمه على سائر علماء البلد، وكانت وفاته بالقاهرة يوم الجمعة خامس عشر المحرم الحرام سنة ثمان عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى - واسعة. 141 - محمد البكري: محمد الشيخ الصالح العالم العامل الورع الزاهد الشيخ صدر الدين البكري. أخذ عن سيدي إبراهيم المتولي، وسيدي أبي العباس الغمري، وكان أجل أصحابهما، وكان كثير الصمت لا يتكلم إلا جواباً، ولا يكاد يرفع بصره إلى السماء في ليل ولا نهار تخشعاً، ولما حج وزار النبي صلى الله عليه وسلم. سمع النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليه السلام، وكانت وفاته بالمدينة المنورة سنة ثمان عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى ورضي عنه. 142 - محمد الخضري: محمد العبد الصالح الخضري المؤذن بالجامع الأموي بدمشق. كان الناس يحبونه ويعتقدونه، وكان جهوري الصوت يبلغ بمحراب الحنفية المخصوص الآن بالشافعية بين باب العنبرانية وباب الخطابة، مات يوم الأربعاء ثامن عشر المحرم سنة عشر وتسعمائة، وتأسف الناس عليه - رحمه الله تعالى -. 143 - محمد العريان: محمد العريان المجذوب المعتقد. بجلب. كان في بداية أمره مسرفاً على نفسه، فشرب ذات يوم خمراً وجرح إنساناً، فلما سال دمه هاله أمره، وندم على ما فرط منه، واجترأ عليه، واضطرب عقله، وصار يختلط بمؤذني جامع الزكي بحلب، ويعمل أعمالهم، ثم تجرد عن الملبس، وأوى إلى قبة من اللبن بين الكروم مجاورة لقبة الولي المعروف بالشيخ فولاد، وهو عريان، لا يستر سوى سوءتيه، وكان بين يديه كلاب كثيرة، وكانت تمنع مريديه زيارته إلا باشارة منه. وإذا أهدي إليه شيء بادر فأطعمها منه، وربما منع الناس من الوصول إليه بالحجارة. وكان لا يزال نظيفاً، وكان خير بك كافل حلب يعتقده، لكونه قدم يوماً، والناس محتاجون للمطر قدوماً خرق فيه عادته من الإقامة بمكانه المذكور،

وقال له: ما لك لا تبادر بالاستمطار؟ فسأله الدعاء وبادر بالاستمطار، فخرجوا فأمطروا. وكانت وفاته سنة تسع عشرة وتسعمائة، ودفن بقبته المذكورة - رحمه الله تعالى واسعة -. 144 - محمد بن الشنتير: محمد الشيخ الإمام العلامة شمس الدين المقدسي إمام المسجد الأقصى، المعروف بابن الشنتير أقام آخراً بدمشق، وكان إماماً لكافلها سيبائي، وتوفي بها في سابع رجب سنة تسع عشرة وتسعمائة، ودفن بها - رحمه الله تعالى -. 145 - محمد السيوفي: محمد الشيخ الصالح المبارك شمس الدين السيوفي، وكان مؤذناً بالجامع الأموي بدمشق، ومات بها يوم الجمعة ختام رجب سنة تسع عشرة وتسعمائة، ودفن بباب الفراديس - رحمه الله تعالى -. 146 - محمد بن السقطي: محمد الشيخ شمس الدين بن السقطي. كان من أعيان لشهود بدمشق، وتوفي بها حادي عشر شعبان يوم الجمعة سنة تسع عشرة وتسعمائة - رحمه لله تعالى -. 147 - محمد الزفتاوي: محمد الشيخ الصالح ناصر الدين الزفتاوي، المعروف بأبي العمائم لأنه كان يتعمم بنحو ثلاث أبراد صوف. وأكثر. أقام بالنحرارية وبني بها زاوية وبستاناً، وكان أحمدي الخرقة، وقصده الناس بالزيارة من سائر الآفاق، وكان لسانه لهجاً بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن العظيم. مات سنة تسع عشرة وتسعمائة بالنحرارية، ودفن بها وقبره بها ظاهر يزار - رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. 148 - محمد الصيروفي: محمد الشيخ الصالح ناصر الدين الصيروفي قال الحمصي في تاريخه: كان في خدمة الأمير أزدم دوادار السلطان بالقاهرة، وفارقه وتاب إلى الله تعالى، وبنى زاوية بالقاهرة بالقرب من ضريح السيدة نفيسة رضي الله تعالى عنها، وبنى زاوية آخرى بدمشق بالقرب من مدرسة قبليه بضم القاف، وإسكان الباء الموحدة، والياء المثئاة تحت وبينهما لام مفتوحة، وآخره هاء بمحلة مسجد القصب. وتوفي بدمشق يوم الجمعة ثالث عشر جمادى الآخرة سنة عشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى - آمين.

149 - محمد منلا دران: محمد المعروف بمنلا دران، ومنلا سيدي بفتح المهملة وإسكان التحتية التركماني الحنفي. أحد تلامذة الجلال الدواني. قطن حلب، فقرأ عليه بها جماعة من فضلائها، وتوفي بها في سنة عشرين وتسعمائة، ونقل ابن الحنبلي عن تلميذ صاحب الترجمة ابن بلال. قال: رأيته في المنام، فسألته ما فعل الله بك. فقال: عاتبني عتاباً كثيراً، ثم غفر لي بما في صدري من العلم - رحمه الله تعالى -. 150 - محمد العجاوي: محمد، الشيخ العالم. شمس الدين العجماوي المصري إمام سيبائي كافل المملكة الشامية. توفي بدمشق يوم الاثنين سادس عشري محرم سنة إحدى وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 151 - محمد الضيروطي: محمد، الشيخ الإمام، العالم، الفقيه الواعظ شمس الدين الضيروطي الشافعي، قالت والدته: لما حملت به رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأعطاني كتاباً، فأولته بولدي هذا، وكان محققاً بارعاً زاهداً عابداً، كثير البكاء من خشية الله تعالى، وكان يرابط في برج له بناه بثغر دمياط ليلاً ونهاراً، وكان يعظ الناس في الجامع الأزهر بمصر، وكان على مجلسه أبهة وسكينة يحضره الأمراء فمن دونهم، فيكثر عويلهم وبكاؤهم، وحصل له القبول التام عند الخاص والعام، وكان لا يكاد يمشي وحده بل الناس يتبعونه، ومن لم يصل إليه رمى بردائه على الشيخ حتى يمس ثياب الشيخ به، ثم يرده إليه ويمسح به وجهه، وكان قوالاً بالحق لا تأخذه في الله لومة لائم، وشدد النكير يوماً على السلطان الغوري في ترك الجهاد على الكرسي، فبلغ السلطان ذلك، فبعث إليه، وقال له: ما حملك على أن تذكرني بالنقائص بين العوام؟ فقال: نصرة الدين، فقال: ما عندنا مراكب معدة للجهاد، فقال: عمر لك مراكب أو استأجر، وأغلظ على السلطان، فاصفز لون السلطان، وأمر له بعشرة آلاف دينار، فردها وقال: أنا رجل تاجر لا أحتاج إلى مالك، فقال: عقر بها في البرج، فقال: أنا لا أحتاج إلى أحد يساعدني فيه، ولكن إن كنت محتاجاً إلى شيء تصرفه على الجهاد أقرضك وأصبر عليك، ثم طال بينهما الكلام، فقال الشيخ للسلطان: أما تؤدي شكر ما أنعم الله تعالى به عليك. قال: فبماذا؟ قال: كنت كافراً فمن الله عليك الإسلام، وكنت رقيقاً، فمن الله عليك بالعتق، ثم جعلك أميراً، ثم سلطاناً، ثم عن قريب يميتك ويجعلون أنفك في التراب، ثم يحاسبك على النقير والقطمير، وينادى عليك يوم القيامة من له حق على الغوري، فيا طول تعبك هناك،

بكى السلطان، وكان الشيخ يتاجر في الأشربة والأدوية والخيار شنبر، وكان لا يأكل من الصدقات، ويقول: إنها تسود قلب الفقير، وكان يتواضع لأشياخه، ولو في مسألة من العلم، وكان إذا تكلم في علم من العلوم ينصت العلماء له، ويعترفون بفضله، وكان يتطور ويختفي عن العيون، وربما كان يتكلم مع جماعة، فيختفي عنهم، وربما كانوا وحدهم فوجدوه بينهم. وأشار مرة إلى سفينة فيها لصوص فتسمرت، ثم أشار إليها، فانطلقت وتاب اللصوص على يديه. وأخبر زوجته أن ابنها حمزة يقتل شهيداً، بمدفع يطير رأسه، وكان الأمر كذلك. وله من المؤلفات " شرح المنهاج " للنووي، و " شرح الستين مسألة لسيدي أحمد الزاهد " وكتاب " القاموس في الفقه " وقطعة من شرح الإرشاد مرض - رحمه الله تعالى - فأخبر والدته أنه يموت في هذه المرضة، فقالت له: يا ولدي من أين لك علم ذلك؟ فقال: أخبرني بذلك الخضر عليه السلام، فمات رضي الله تعالى عنه في ربيع الأول كما قال الشعراوي، وقال الحمصي: في ربيع الآخرة سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، ودفن في زاويته في دمياط. قال الشعراوي: وأخبرني ولده السري أن والدته أخبرته أنها رأت الشيخ بعد موته في المنام، فقالت له: كيف حالك في منكر ونكير؟ فقال: كلمونا في كلام مليح، وأجبناهم بلسان فصيح - رضي الله تعالى عنه -. 152 - محمد البانياسي: محمد الشيخ الدين بن البانياسي الصالحي الدمشقي بسفح زاوية الشيخ أبي بكر بن داود. نزل عليه اللصوص ليلة الثلاثاء ثاني عشري شوال سنة إحدى وعشرين وتسعمائة بالزاوية المذكورة بعد فراغ وقتها فقتلوه، ثم دفن بكرة الأربعاء شمالي الزاوية المذكورة بالسفح القاسيوني - رحمه الله تعالى -. 153 - محمد الإمام: محمد الشيخ العالم محب الدين إمام المسجد الأقصى. توفي بالقدس سنة إحدى وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 154 - محمد القدسي: محمد الشيخ الصالح سيف الدين القدسي. توفي بها في سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه بجامع دمشق، وعلى المحب إمام الأقصى المذكور آنفاً، وعلى الشيخ الأشعري الرملي في يوم واحد وهو يوم الجمعة تاسع عشري القعدة من سنة المذكورة - رحمهم الله تعالى -. 155 - محمد السمنودي: محمد الشيخ الإمام المحدث شمس الدين السمنودي الشافعي خطيب الجامع الأزهر. كان ورعاً زاهداً لم يأكل من معاليم وظائفه الدينية شيئاً. إنما كان ينفقه على العيال، وكان يقول: جهدت إني آكل من معلوم، فلم يتيسر لي إنما آكل من

حيث لا أحتسب، وكان يفتي بمصر مدة طويلة، ثم انتقل إلى المحلة الكبرى، فأقام بجامع السر يفتي ويدرس به إلى أن مات، وكان لا يفتي في الطلاق أصلاً، ويقول: إنهم يسألونني في مسائل الطلاق خلاف الواقع، فيعملون بسبب فتياي بالباطل. توفي - رحمه الله تعالى سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، ودفن بمقبرة الشيخ الطريتي. 156 - محمد الحجازي: محمد الشيخ الإمام العالم العلامة محب الدين الحجازي، ثم المقري الحنفي. كان إمام المقام الشريف وقاريء بخاري القلعة بمصر، وشيخ تربة السلطان خشقدم بها، وكان - رحمه الله تعالى - مغرماً بسكنى الروضة، وصيد الأسماك في الشخاتير بالقصب في السواحل، توفي بها في المحرم سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 157 - محمد التركماني: محمد الشيخ محب الدين التركماني الأصل من جبال طرابلس الحلبي الحنفي إمام السلطان الغوري، وشيخ قبة بعد العصر، ورد القاهرة غريباً فقيراً، فانضم إلى الشيخ برهان الدين الطرابلسي شيخ القجماسية، وكان يختلف إلى الحافظ فخر الدين عثمان الديمي، ثم لا زال يترقى حتى ولي مشيخة أشرفية برسباي وغير ذلك، وكان حسن الصورة معتدلها عارفاً باللغة التركية. توفي في ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة بمصر - رحمه الله تعالى -. 158 - محمد المجذوب: محمد الشيخ الصالح، صاحب المكاشفات، سيدي بهاء الدين المجذوب، بمصر أحد من صحبهم شيخ الإسلام الجد في طريقته، من أولياء الله تعالى، كان قد طلب العلم في أول أمره، وصار خطيباً في جامع ميدان القمح بمصر، وكان يشهد، فحضر يوم الجمعة في عقد نكاح، فسمع قائلاً يقول: ها النار جاء الشهود، فصاح وخرج هائماً على وجهه ثلاثة أيام في الجبل المقطم وغيره، لا يكل ولا يشرب ولا ينام، ثم غلب عليه الحال، وكان كتابه البهجة، فكان يلهج بها في جذبه عائماً، وكان كشفه لا يخطئ، ما ضبط عنه أنه أخبر بشيء فأخطأ فيه، وكان إذا قال لأمير عزلناك عزل من يومه أو جمعته، أو قال وليناك كذا تولاه عن قريب، وحكى الشعراوي إنه كان معه مرة في وليمة، فأخذ قلة ماء وضرب بها نحو السقف، فقال فقيه كان حاضراً: كسر القلة، فقال الشيخ: تكذب، فنزلت على الأرض سالمة صحيحة، ثم اجتمع به الفقيه بعد بضع عشرة سنة، فقال: أهلاً بشاهد الزور، الذي شهد بغير علم أن القلة انكسرت، توفي - رضي الله تعالى عنه - سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة.

159 - محمد السطوحي: محمد المنير المشرقي، ثم الحلبي الأحمدي السطوحي، الشيخ الصالح، كان منيراً بحانوت داخل باب النصر بحلب، وكان من أرباب الأحوال مع أنه كان أمياً، هاجر إلى بيت المقدس سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، ودفن هناك في السنة التي بعدها - رحمه الله تعالى -. 160 - محمد العريان بمصر: محمد الشيخ الصالح المجذوب العريان بمصر، المعروف بالرويجل، كان له أحوال خارقة ومكاشفات صادقة، وكان ينام في كانون الطباخ، وهو جمر، فلا يحرقه، حكى الشعراوي عن شيخه شيخ الإسلام شهاب الدين الرملي قال: أصل ما حصل لي من الخير والفتوى بمصر من دعوى سيدي محمد الرويجل، فإنه دخل علي في بيتي وقت القائلة، إلى أن وقف على رأسي وقال: إنه يفتح عليك، ثم خرج، ولما دخل عسكر السلطان سليم بن عثمان مصر، صار يقول إيش عمل الرويجل حتى تقطعوا رقبته، ومر على شباك سيدي محمد بن عراق، فوقف وجعل يقول يا سيدي إيش عمل الرويجل حتى يقطعوا رأسه، ثم خرج من جامع باب البحر فقطع رأسه العسكر في طريق بولاق، وكان ذلك في المحرم سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، دفن في مقبرة الجزيرة - رضي الله تعالى عنه -. 161 - محمد العسقلاني: محمد الشيخ شمس الدين العسقلاني، نزيل حلب، كان صالحاً معتقداً اعتاد إماطة الأذى عن الطرقات، وكان يعظ الناس ببعض المساجد بحلب، قيل لما مرض، عاده بعض أهل الخير، فطلب منه عجوة فجاءه بها، فأخذ منها شيئاً وقال: هي التي بقيت من الرزق ودفع إليه الباقي، وأخبره أن امرأته حامل، فما خرج من عنده إلا وامرأته بالباب فدفعه إليها، ثم لم يمض مدة قليلة إلا وقد توفي إلى رحمة الله تعالى - سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ودفن في المقبرة التي دفن بها الشيخ محمد النجمي الخراساني، خارج باب الفرج - رحمه الله تعالى -. 162 - محمد الباعوني: محمد الشيخ العلامة، أقضى القضاة كمالى الدين الخطيب سبط شيخ الإسلام البرهان الباعوني، توفي بقرية صيدا من أعمال دمشق، ودفن بها في ثاني عشر جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة. 163 - محمد رئيس الكتاب بمصر: محمد الشيخ الصالح الدين، أستاذ الكتاب ورأسهم ورئيسهم ومرجعهم أبو الفضل الأعرج القاهري الشافعي، أحد أعيان الكتاب والكتبة من بالقاهرة، وكان قد جمع من المصاحف المعتمدة، رسماً وكتابةً وتحريراً، ومن تحف الأدبيات والنفائس، ومن آلات الكتابة شيئاً كثيراً، غالبها من كسبه في الكتب وكتابة يده،

وتوفي فجأة ليلة الاثنين ثامن عشري الحجة سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 164 - محمد باشا الوزير: محمد باشا المولى الفاضل، ثم الوزير حفيد المولى بن المعروف معلم السلطان أبي يزيد خان، اشتغل في العلم وبرع فيه، وصار مدرساً في قلندر خانه بالقسطنطينية، ثم بإحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه، ثم صار موقعاً بالديوان في أيام السلطان سليم خان، ثم استوزره، وكان له عقل وافر وتدبير حسن ومعرفة باداب، ولهذا تقرب عند السلطان سليم، ومات وهو شاب في سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 165 - محمد الحليبي: محمد الشيخ الإمام العلامة شمس الدين الحليبي الشافعي، خليفة الحكم العزيز بالقاهرة، توفي بإصطنبول سنة أربع عشرين وتسعمائة. 166 - محمد البدخشي: محمد البدخشي - ويقال: البلخشي، باللام - الشيخ الصالح العارف بالله تعالى، الصوفي الحنفي صحب الشيخ المشهور بابن المولى الأنزاري، وكان على طريقة شيخه من ترك الدنيا والتجرد من علائقها، ثم توطن مدينة دمشق، وكان له في الشيخ محيي الدين بن العربي اعتقاد، ولما فتح دمشق السلطان سليم بن عثمان - رحمه الله تعالى - ذهب إلى بيت الشيخ المذكور مرتين، كنا في الشقائق، وسمعت صاحبنا الشيخ الصالح إبراهيم بن أبي بكر السيوري - رحمه الله تعالى - يحكي عن أبيه الشيخ الصالح أبي بكر أن هذا الشيخ كان مقيماً برواق الجامع الأموي الشمالي، وكان يجلس عند شباك الكلاسة الذي يلي الزاوية الغزالية، وأن السلطان سليم زاره بهذا الموضع مرتين، وفي المرة الأولى لم يجر بينهما كلام، وفي المرة الثانية سكت السلطان سليم خان أيضاً وتكلم الشيخ محمد فقال: كلانا عبد الله، وإنما الفرق بيني ويينك أن ظهرك ثقيل من أعباء الناس، وظهري خفيف عنها، فاجتهد أن لا تضيع أمتعتهم، قال في الشقائق: وسأل السلطان سليم خان - رحمه الله تعالى - عن اختياره الصمت فقال: فتح الكلام ينبغي أن يكون من أعالي ولا علو لي، قلت: وهذه منقبة عظيمة للسلطان سليم خان - رحمه الله تعالى - أفصحت على حسن خلق وأدب ومعرفة واتضاح فرحمه الله تعالى، وذكر ابن طولون في تاريخه، أن زيارة السلطان للبلخشي كانت ليلة الاثنين سابع عشرة رمضان سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وأنه دخل الجامع الأموي فصلى بالمقصورة، وقرأ في المصحف العثماني، وزار قبر رأس سيدي يحيى عليه السلام، ثم قبر هود عليه السلام، ثم صعد المنارة الشرقية، ثم جاء إلى الكلاسة فزار بها الشيخ محمد البلخشي، ثم مشى إلى داخل الجامع وجلس معه ساعة، وعرض عليه دراهم فأبى أخذها، ووصاه بالرعية، وحكي عن خواجه محمد قاسم، وكان من نسل خواجه عبيد الله السمرقندي العارف العالم، أنه قال: ذهبت إلى خدمة المولى إسماعيل الشرواني من أصحاب خواجه

عبيد الله، فرغبني في مطالعة الكتب فاعتذرت إليه بعدم مساعدة الوقت، وذهبت إلى خدمة الشيخ محمد البدخشي، فقال لي: كأنك كنت عند المولى إسماعيل؟ قلت: نعم، قال: يرغبك في مطالعة الكتب، قلت: نعم، قال: لا تلتفت إلى قوله إني قرأت على عمي من القرآن إلى سورة العاديات، والآن ليس احتياجي في العلم إلى ما ذكره المولى إسماعيل، وما عرفت حاله، تارة أراه في أعلى عليين، وتارة في أسفل سافلين، قال خواجه محمد قاسم: ثم ذهبت إلى خدمة المولى إسماعيل فقال: لعلك كنت عند الشيخ محمد البدخشي، قال: قلت: نعم، قال: هل منعك عن المطالعة؟ قلت: نعم، قال: إن لك في المطالعة نفعاً عظيماً، إن جدك الأعلى خواجه عبيد الله، كان يطالع في أواخر عمره تفسير البيضاوي، ثم قال المولى إسماعيل: إن لي مع الشيخ محمد البدخشي حالاً عجيبة، إني إذا قصدت أن أصاحبه أريه نفسي في أعلى عليين، وإذا قصدت ترك صحبته أريه نفسي في أسفل سافلين قلت: رحم الله تعالى المولى إسماعيل الشرواني، والشيخ محمد البدخشي، لقد نصح كل منهما خواجه محمد قاسم المذكور، فأرشده كل منهما إلى طريقه الذي فتح عليه فيه، فأما المولى إسماعيل فأرشده إلى طريق المطالعة، والدأب، وأما البدخشي فأرشده إلى الاشتغال بالله تعالى، والانقطاع إليه عن كل سبب، وقد أفصحت هذه القصة على كشف كلي لهما، وعما كان عليه المنلا إسماعيل من قوة التصرف، وستأتي ترجمته في الطبقة الثانية - إن شاء الله تعالى - وأما الشيخ محمد البدخشي فكانت وفاته بدمشق في أواخر سنة اثنتين وعشرين، أو في أوائل سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ودفن بالسفح عند رجلي الشيخ محيي الدين بن عربي - رحمهما الله تعالى -. 167 - محمد الحليبي: محمد الشيخ الإمام العلامة شمس الدين الحليبي الشافعي، خليفة الحكم العزيز بالقاهرة، وذكر الشيخ رضي الدين الجد في قائمة من صحبهم، في طريق الله تعالى من الصالدين، توفي باصطنبول سنة أربع وعشرين وتسعمائة - رحمه الله مالى -. 168 - محمد العربيلي: محمد العبد الصالح العربيلي الأعمى، كان من حملة القرآن العظيم، حفظه بتربة المرحوم عمر بن منجك، في محلة باب النصر بدمشق، وكان من جماعة سيدي حسن الدونائي، وكان يركب الفرس، ويدور بها في دمشق، ونواحيها، كالبصير من غير قائد، توفي ليلة الجمعة مستهل القعدة سنة أربع وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 169 - محمد المغربي: محمد الشيخ الإمام العلامة السيد الشريف، شمس الدين مغربي الحريري المالكي، مفتي المالكية بدمشق توفي بها يوم الثلاثاء، سابع عشر المحرم،

سنة خمس وعشرين وتسعمائة، ودفن عند رجلي شيخه، الشيخ عبد النبي المالكي، بباب الصغير جوار عبد الجبار - رحمهما الله تعالى -. 170 - محمد الخراساني: محمد الخراساني النجمي، نزيل حلب، قيل: إنه كان يمني الأصل، وكان عالماً عاملاً، مطروح التكلف، لطيفاً في مواعظه، مليناً للقلوب القاسية، وسنده في لباس الخرقة، يتصل بنجم الدين البكري، وذكر ابن الحنبلي، أن الشيخ جلال الدين النصيبي، والشيخ جبريل الكردي، أنكرا على صاحب الترجمة حين قدم حلب، ما كان عليه من سماع الموصول، والشبابة، فقيل للأول: لا بأس بالاجتماع به، وإلا فلا وجه للإنكار عليه، فلما توجه إليه قال في نفسه: إن كان الشيخ ولياً، فإنه يطعمنا اليوم خبزاً، ولبناً، وعسلاً، وإنه يسألني عن مسألتين، فوافق ما في نفسه، وأما الثاني، فإنه طرق عليه الباب ذات يوم، ودخل عليه، فاعتنقه الشيخ فقال للشيخ: اجعلني في حل مما كان يصدر مني، من الغيبة لك، قد وجدت نفسي وأنا نائم أني في مفازة وإذا بك قلت لي: افتح فاك، وألقيت فيه شيئاً، فلم أقدر على ابتلاعه، ولا على إلقائه، فذكرتني أني اغتبتك، فلما تبت صار الذي وضعته في حلقي كأنه سكر، فابتلعته، وأخذتني، وأخرجتني من التيه، فلما أتم القصة جعله الشيخ في حل، وكان من كلامه من لم ينخلع لم ينقلع، وحكى ابن الحنبلي أيضاً، عن شيخ الشيوخ، الموفق بن أبي ذر أنه كان ذات يوم بين النائم واليقظان، فإذا طائر واقف على مكان داره، واضطرب ساعة قال: فاستيقظت مذعوراً، فأخذت الغطاء على رأسي، وإذا هاتف يقول: هذا روح الشيخ الخراساني فما مضى إلا قليل من الأيام، حتى توفي الشيخ الخراساني في في الحجة سنة خمس وعشرين وتسعمائة، وكان يوم دفنه مشهوداً، وعمرت عليه عمارة خارج باب الفرج من مدينة حلب، أنشأها الأمير يونس العادلي. 171 - محمد النجمي: محمد الشيخ الإمام العلامة، شمس الدين النجمي، أحد علماء مكة المشرفة، كان ممن جمع بين العلم والعمل، ولم يخفف بمكة بعده مثله، وكانت وفاته بها سنة خمس وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بدمشق بالجامع الأموي، بعد صلاة الجمعة، ثاني عشري المحرم سنة ست وعشرين وتسعمائة. 172 - محمد بن الخراط: محمد الشيخ الصالح العالم العلامة، شمس الدين المؤدب المقري الشافعي الحموي، المعروف بابن الخراط، توفي بها في أوائل سنة ست وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه، وعلى الشيخ البازلي غائبة يوم الجمعة، ثامن جمادى الآخرة منها - رحمه الله تعالى -.

173 - محمد الكركي: محمد بن علي بن أبي بكر، محب الدين، ابن قاضي القضاة، علاء الدين، ابن قاضي القضاة تقي الدين، ابن الرضي الأنصاري الكركي، كان موقعاً لنائب الشام سيبائي، وهو الذي عمر الحمام والدار، قبل القيمرية داخل دمشق، وكان الحمام قديماً دائراً، يقال: إنه من أيام اللنك، توفي فجأة يوم الأربعاء، ثاني عشري شوال سنة ست وعشرين وتسعمائة. 174 - محمد الشربيني: محمد الشربيني الشيخ الصالح الولي المكاشف شيخ طائفة الفقراء، بالشرقية من أعمال مصر، كان من أرباب الأحوال والمكاشفات، وكان يلبس بشتا من ليف، وعمامة من ليف، وكان يتكلم على سائر أقطار الأرض، حتى كأنه يربي بها، وحكى الشيخ الشعراوي عن بعض السواح أن له ذرية بأرض الغرب، من بنت سلطان مراكش، وذرية في بلاد العجم، وذرية في بلاد الهند، وذرية في بلاد التكرور، فكان في ساعة واحدة يطوف علي عياله في هذه البلاد، ويقضي حوائجهم، وكل أهل بلاد يقولون: إنه مقيم عندهم، ولتبدله في هذه الصور، وتصرفه في هذه الأشكال، كان ربما أنكر عليه بعض الفقهاء ترك الجمعة، فوجد يصلي الجمعة بمكة المشرفة، وقال ولده الشيخ أحمد: كان الشيخ يقول لعصاه: كوني صورة إنسان من الشجعان، فتطور في الحال، ويرسلها في حوائجه ثم تعود عصا، وقال سيدي محمد بن أبي الحمائل: هرب فقير مني إلى الشربيني، ثم جاء فقلت: أين كنت. قال: عند الشربيني، فقلت له: لأضربنك حتى يجيء الشربيني على صياحك، فقدمته للضرب فإذا الشربيني واقف على رأسه فقال: شفاعة فتركه، واختفى الشيخ، وكان إذا أراد أن يعدي في البحر، يقول له: المعدي هات كرا، فيقول الشيخ: عدنا لله يا فقير فيعديه فأبى عليه يوماً وقال: زمقتنا بحمارتك، فقال الشيخ: ها الله وطأطأ الإبريق، فأخذ ماء البحر كله فيه، ووقف المركب على الأرض فاستغفر المعدي وتاب، فصب الإبريق في البحر. ورجع الماء كما كان، وكان إذا احتاج لضيفه أو لبيته عسلاً أو لبناً أو شيرجاً أو غير ذلك، فيقول للنقيب: خذا هذا الإبريق واملأه من ماء البحر، فيملأه فيجده عسلاً أو لبناً أو غير ذلك، على وفق ما يحتاج إليه، وكان بعض خطباء مكة المشرفة، ينكر على الشيخ فكان ذات يوم يخطب على المنبر، فأحدث أوتذكر أنه كان قد احتلم ولم يغتسل، فكان الشيخ حاضراً فمد يده الشيخ، فوجد كم الشيخ مثل الزقاق، فدخله فوجد مطهراً أو ماء فتطهر، وخرج من كم الشيخ، فزال إنكار لخطيب، وأخبر بدخول ابن عثمان إلى مصر، قبل دخوله بسنتين، وكان يقول: أتاكم محلقو اللحا، فيضحك الناس عليه لشدة التمكين الذي كان للجراكسة، وله

خوارق كثيرة من هذا القبيل، وكرامات الاولياء لا مرية فيها، وكان يامر فقراءه ومريديه بالشحاذة على الأبواب، والتعمم بالحبال والخرق، وكان كثيراًما يقول لجماعته: بموت شخص من عباد الله في ثامن صفر سنة تسع وعشرين، فكل من أخذ من ماء غسله شيئاً، ووضعه عنده في قلينة، ومس منه الأبرص والأجذم أو الأعمى أو المريض، شفي من مرضه أو عماه، فما عرفوا أنه يعني نفسه، إلا يوم مات، فلم يقع من ماء غسله على الأرض نقطة، وقد صبوا عليه نحو أربعين، فكان يقال: إن رجال الغيب كانت تغرف ماء غسله، وكانت وفاته ثامن صفر سنة سبع وعشرين وتسعمائة، كما أخبر رضي الله تعالى عنه، وكان ذلك يوم الخميس، ودفن بزاويته في شربين رضي الله تعالى عنه. 175 - محمد الغزنوي: محمد الشيخ الفاضل الفقيه، المحدث القاضي بدر الدين الغزنوي المالكي، أخذ الفقه عن الشيخ العلامة نور الدين السنهوري، وحضر تقاسيمه، والحديث عن عدة من أصحاب ابن الكويك، واصحاب إبراهيم بن صديق الرسام، وابن ناصر الدين حفيد سيدي الشيخ يوسف العجمي، ولم يتزوج قط، وانفرد بقاعة بالقرب من جامع الأزهر، ثم انقطع أياماً فلما طالت غيبته، وجهل أمره فتحت قاعته، فوجدت بها عمامته الكبيرة، وقليل نقد، وصندوق محرق، وكان انقطاع خبره في سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، واتهم بقتله جماعة، وصلب بعضهم بالقاهرة. 176 - محمد خواجه زاده: محمد الشيخ العارف بالله تعالى، مصلح الدين الشهير بالنسبة إلى المولى خواجه زاده، الصوفي الإسلام بولي اشتغل بالعلم، ثم اتصل بخدمة الشيخ العارف بالله تعالى حاجي خليفة، وحصل عنده طريقة التصوف حتى أجازه بالإرشاد، وانقطع في آخر أمره عن الناس، واشتغل بنفسه وكان رجلاً متواضعاً متخشعاً أديباً مهيباً وقوراً صبوراً، وكانت أنوار الاستغراق والوجد تشاهد في وجهه، ارتحل في آخر أمره إلى القدس الشريف، ومات هناك في عشر الثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 177 - محمد التتائي: محمد الشيخ الإمام العلامة شمس الدين التتائي المصري المالكي، أقام بمدرسة الشيخونية بمصر، وشرح الرسالة شرحاً حافلاً، وعدة كتب، وكان معمور الأوقات بالعلم والعبادة والأوراد، وكان صواماً قواماً مؤثراً للخمول، لا يتردد إلى الأكابر، ولا يأكل لأحد من الظلمة، أو من أعوانهم شيئاً، وكان محرراً لنقول مذهبه ضابطاً لها، وقال الحمصي: كان قاضياً بمدينة طرابلس، ثم حضر إلى دمشق، فحصل له محنة

وضع فيها بالسجن، ثم حصل له ضعف، فنقل إلى البيمارستان النوري بدمشق، واستمر به إلى أن توفي يوم الأحد ثاني ربيع الآخر سنة ثلانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 178 - محمد الباعوني: محمد القاضي، جلال الدين بن الباعوني، أحد العدول بدمشق، ولي نيابة القضاء بالصالحية، وكان من جماعة سيدي محمد بن عراق، رضي الله تعالى عنه، توفي بالصالحية مطعوناً يوم الثلاثاء، مستهل جمادىالآخرة سنة اثنتين وتسعمائة، رحمه الله تعالى رحمة واسعة -. 179 - محمد الدفاني: محمد الشيخ الصالح العابد الشهير بالدفاني، توفي يوم السبت سادس عشري جمادىالآخرة سنة ثلاثين وتسعمائة مطعوناً أيضاً رحمه الله تعالى. 180 - محمد التوزي: محمد الشيخ الفاضل الصالح الورع الزاهد المعمر بدر التوزي المؤقت بجامع الحاكم بمصر. كان من أولياء الله تعالى المستورين، وكان ذا قدم راسخ في العبادة، مع إخفائها، وكان له خلوة في سطح جامع الحاكم، لا يدخلها في الليل أحد غيره، وكان له فيها خلق عمامة، ومرقعة بالية، يلبسها إذا دخل فلا يزال يتضرع، ويبكي إلى الفجر ثم لبس ثيابه الحسنة، ويخرج لصلاة الصبح، وكان مع الفقهاء فقيهاً، ومع الفقراء فقيراً، ومع العارفين عارفاً، ومع العامة عامياً، وكان يعتقده أكابر الدولة ويكرمرنه، ويهدون إليه الهدايا، وكان يفرقها على المحتاجين، ولا يأكل منها شيئاً، وكانوا يقولون إنه يعرف الكيمياء، وكان يعلم أنهم لا يعظمونه إلا لذلك، وخدمه الأستاذ ابن تغري بردي خدمة طويلة طلباً للكيمياء، وقال له مكاشفاً: لا يخلو حالك من أمرين، إما أن يأذن الله تعالى لك في العمل، فتصح معك، فيقتلك السلطان، وإما أن لا تصح معك، فتكون زغلياً فيقتلك السلطان، فاستغفر من ذلك الخاطر، وتاب إلى الله تعالى، وكان يغسل الأولياء، فلا يموت ولي إلا يوصي أن لا يغسله إلا الشيخ بدر الدين تبركاً بيده، فغسل جماعة منهم سيدي أبو العباس الغزي، وسيدي نور الدين الحسني، وسيدي ياسين، وابن أخت سيدي مدين، وسيدي أبو السعود الجارحي، وسيدي محمد بن أبي الحمائل، وسيدي محمد بن عنان، وغيرهم، وتوفي بعد أن أضر في آخر عمره، في أوآخر القعدة سنة ثلاثين وتسعمائة عن نحو تسعين سنة رضي الله تعالى عنه. 181 - محمد القيصوني: محمد الرئيس شمس الدين القيصوني القاهري، قال العلائي: كان من ألطف الناس طبعاً في كل فن ذكي الجنان، سخياً، كثير الإحسان، حسن العشرة، محباً لأهل العلم والفضلاء، بحيث أنزل في داره عدة من العلماء قائماً بكلفهم، وخدمهم، كالشيخ شهاب الدين بن شقير التونسي، والشيخ عمر البجائي، والشيخ شهاب

الدين القسطلاني، وقاضي زاده الشرواني، جمع بين حسن الشكل، والنباهة، وفصاحة اللفظ، وحسن الخلق، والذكاء المفرط، والمداخلة في كل فن، والتفرد في الطب، وجودة الدربة وحسن العلاج، والخبرة بالأمور. توفي - رحمه الله تعالى - بعد عوده من الروم، في رشيد يوم الأربعاء حادي عشر صفر سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، ودفن بكوم الأفراح بعد أن اتصل عند السلطان سليمان بن عثمان - رحمه الله تعالى - وعظم عند أكابر دولته، وأقبلت عليه الدنيا، رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 182 - محمد السمنودي: محمد الشيخ العالم المفتي الخطيب، شمس الدين السمنودي المصري الشافعي. قال العلائي: كان على علم، وخير، وديانة، وتوفي في القعدة سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 183 - محمد المنير البلبيسي: محمد الشيخ الإمام العالم العابد الناسك الزاهد الولي العارف بالله تعالى، سيدي شمس الدين أبو عبد الله المنير البلبيسي الأصل، الخانكي، أحد أصحاب سيدي إبراهيم المتبولي، والشيخ كمال الدين إمام الكاملية بمصر، حكي أنه كان يأتي من المكان الذي هو مدفون فيه، إلى الكاملية، كل يوم صباحاً، فيحضر عرس الشيخ كمال الدين، ويرجع إلى مكانه قبل الليل لأجل السقاية، والمسافة المذكورة قدر مرحلتين ذهاباً وإياباً، ودام على ذلك مدة ثلاث سنوات، وكان يحفظ كتاب الروضة للنووي على ظهر قلب، ومكث في بدايته ثلاثين سنة، يقرأ في النهار ختمة، وفي الليل ختمة كل يوم وليلة، وكان يحج كل سنة، ويرد إلى مصر، ويقيم بها شهراً، ثم يزور بيت المقدس، وأخبر عن نفسه في أوآخر عمره أنه حج سبعاً وستين حجة، وكان حجه على التجريد في أكثر أوقاته ماشياً، وعلى كتفه الركوة يسقي الماء، وكان يطوي في أكثر أوقاته في الطريق، وفي مدة إقامته بمكة والمدينة، وإذا أكل فلا يأكل إلا نحو ثلاث تمرات، خوف التغوط في تلك الأماكن، وكان لا يحلق رأسه إلا في الحج كل سنة، وكان يحمل لأهل مكة والمدينة كل سنة ما يحتاجون إليه من الطعام، والقماش، والسكر، والصابون، والإبر، والخيوط، فكانوا يتلقونه من مرحلة، وكان سيدي محمد بن عراق - رضي الله تعالى عنه - ينكر عليه ذلك، ويقول: لمن هذه الأشياء. يحملها من أمراء مصر، من الشبهات، فبلغه ذلك، فمضى إليه حافياً مكشوف الرأس، فلما وصل إلى خلوته بالحرم النبوي قبل العتبة ووقف غاضاً طرفه، وقال: دستور يا سيدي يدخل محمد المنير، فلم يرد عليه ابن عراق شيئاً، فكرر عليه القول، فلم يرد عليه شيئاً، فرجع منكسراً، فلما حكيت هذه الحكاية للشيخ علي الخواص البوسي، حين قدم الحج المصري إلى مصر قال: وعزة ربي قتله فإنه ما ذهب قط إلى فقير على هذه الحالة إلا وقتله،

فجاء الخبر انه مات بعد خروج الحاج من المدينة بنحو عشرين يوماً قلت: كذلك حكى هذه الحكاية الشعراوي في طبقاته الكبرى، وكررها في الوسطى، ولكن يعكر على ذلك أن وفاة سيدي محمد بن عراق تأخرت عن وفاة سيدي محمد المنير - رضي الله تعالى عنهما - بسنتين، فلعل الخبر الذي جاء إلى مصر، بعد عود سيدي محمد المنير، بموت سيدي محمد بن عراق، كان غير صحيح، فإن وفاة سيدي محمد بن عراق تحقيقاً في رابم عشري صفر سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة بمكة المشرفة، كما تقدم تحريره، وسيأتي تاريخ وفاة سيدي محمد المنير والله سبحانه وتعالى أعلم. وكان سيدي محمد المنير ماراً في الأزلم في طريق الحج مرة، فرأ رجلاً مهتماً فقال له: ما لك؟ قال: هرب الجمال فأعطاه خمسمائة دينار، ولم يكن بينهما معرفة، فلما وصل إلى مكة جاءه الرجل بمثلها، فأبى أن يقبلها، وقال ما أعطيتها إلا الله تعالى، وكان يتعمم بالصوف الأبيض، ويلبس البشت المخطط بالأحمر، ويقول: أنا رجل أحمدي، وكان يكره الكلام في الطريق من غير سلوك، ولا عمل، ويقول أنه بطالة، وكان ممن صحبه شيخ الإسلام الجد من الأولياء، والعارفين، بمصر، وذكر في فهرست من اجتمع بهم، واصطحب معهم من الصالدين، وكان سبب إقامة الشيخ في سطح الخانكاه، في محل مدفنه اليوم، وكان مقيماً في بلبيس أولاً أن امرأة عطشت في هذا المكان، ومعها ولد فماتت من العطش فقال: أروني ذلك المكان، فلما رآه حفر فيه بئراً، وجلس يسقي الناس عليها، وبنى له قريباً منها خصاً، ونقل زوجته إليه، ثم عمر حوله الفقراء دويرات حتى صارت قرية، وينى له بها زاوية، ورتب فيها لقمة للواردين، بحيث يأكل من سماطه، ويشرب من بئره الامراء، فمن دونهم وقال الشيخ رضي الله تعالى عنه: ما دامت اللقمة في هذه الزاوية، فالبلاء الجائي من الشرق مدفوع من أهل مصر، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال له: يا محمد لا يسعى أحد في إخراج هذه الرزقة عن ناديتك، إلا أهلكه الله تعالى، وقال ابن طولون: في تاريخه في حوادث سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة يوم الجمعة ثاني جمادى: صلي غائبة بالجامع الأموي على الشيخ الصالح محمد المنير، توفي بزاويته قرب الخانكاه، من أرض مصر، وكان في كل عام يصوم رمضان بالجامع الأزهر، ويختم في كل يوم وليلة ختمة، ويحج كل عام ماشياً، ويزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولما كان آخر عام حج فيه نام في مسجد المدينة، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال له: يا شيخ محمد لا بقيت تتعب نفسك، قد قبلناك. انتهى. والذي حررته من تاريخ العلائي في وفاته أنه توفي يوم الخميس الحادي والعشرين من شهر صفر سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، ودفن بزاويته بسطح الخانقاه رضي الله تعالى عنه.

184 - محمد الشناوي: محمد الشيخ الصالح العالم المربي المسلك العارف بالله تعالى سيدي محمد الشناوي، شيخ الفقراء بالشرقية، من أعمال مصر، أخذ الطريق عن سيدي محمد بن أبي الحمائل السروي، وكان من أهل الإنصاف، والأدب يقول عن نفسه: ما دخلت قط على فقير إلا وأرى نفسي دونه، وقال الشيخ أمين الدين النجار: سمعت الشيخ أبا العباس الغمري رضي الله تعالى عنه يقول: يموت الأدب في الفقراء بعد محمد الشناوي، وكان يقدمه على شيخه السروي، وكان أهل البلاد الغربية مجمعين على اعتقاده، وكان يلقن كلمة التوحيد لرجالهم، ونسائهم، في أي بلد دخل إليه، وقال: أشعلنا في هذه البلاد نار التوحيد، فلا تنطفئ - إن شاء ألله تعالى - إلى يوم القيامة، وكان يقضي ليله ونهاره في عبادة الله تعالى، هو وجماعته بحيث كان إذا ختم القرآن افتتح الذكر، فإذا فرغ من الذكر افتتح القرآن، وكان مع ذلك قد أقامه الله تعالى في حوائج خلقه ليلاً نهاراً، وكان لم يزل في مقاعده حبائر القطن ملفوفة ملصوقة من كثرة ركوبه في حوائج الناس، وكان أوسع أشياخ عصره خلقاً، وأكرمهم نفساً، وكان يقول: الطريق كله أخلاق لا أقوال ودعاوي، وكان يقول: ما ادى أحد قط مقاماً دون النبوة، وكذبته لأن غايته أنه ادعى ممكناً، وكان يقول: ما دخلت قط على فقير أو عالم إلا وخرجت بفائدة، ومن كان ذلك فلا تحصى أشياخه، وكان إذا أذن لفقير في تلقين يأخذه بيده ثم ينشد: أهيم بليلى ماحييت فإن أمت ... أوصي، بليلى من يهيم بها بعدي وكانت له أموال، وبهائم، وحبوب وغيرها كلها على اسم المحتاجين لا يتخصص منها بشيء، وكان لا يقبل شيئاً من هدايا العمال، والمباشرين، وأرباب الدولة، ويقول: من شرط الداعي إلى الله تعالى أن يطعم الناس، ولا يطعموه، وهو الذي سعى في إبطال سخرة الشعير التي كانت في بلاد ابن يوسف، ونقشت بها حجارة، ووضعت في كراسي البلاد، وكان يموت في تلك السخرة ناس كثير من الجوع، والعطش، وتنقطع الطرقات نحو شهرين، حتى يفرغ قلع الشعير، وعزم على السفر إلى الروم، بسبب ذلك في ليلة من الليالي، فرأى سيدي أحمد البدوي - رضي الله تعالى عنه - وقال: له يا محمد لا نحوجك إلى السفر، فإن جميع أولياء الله تعالى الغربية معك، ولما توقف أمر العرض إلى السلطان بن عثمان بسبب ذلك قال: الشيخ إن شاء الله تعالى يرسل الله للسلطان من يسأله في ذلك، ففي تلك الليلة رأى السلطان الشيخ محمد الشناوي على حمارته السوداء في ديوانه وهو يقول له يا مولانا السلطان أرسل مرسوماً إلى مصر بإبطال سخرة الشعير التي في بلاد السباخ، فبعث السلطان مرسوماً بذلك، وأرسل الوزراء مكاتبيهم إلى نائب مصر بالواقعة وأن الذي رآه السلطان هو الشيخ محمد الشناوي، وكان له اعتقاد تام في سيدي أحمد البدوي، ونسبة تامة إليه، وربما كان يكلمه فيجيبه من داخل ضريحه. قال الشعراوي: سمعته مرة يحدثه، وسيدي أحمد يجيبه من القبر، وقال في

الطبقات الوسطى: سمعته مرة يشاور سيدي أحمد - رضي، الله تعالى عنه - على حاجة في مصر، فقال له الشيخ من داخل القبر: سافر، وتوكل على الله تعالى، وكانت وفاته - رحمه الله تعالى - في ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة ودفن بزاويته بمحلة روح، وقبره بها ظاهر يزار رضي الله تعالى عنه. 185 - محمد الكحال: محمد الرئيس، صلاح الدين الطبيب المعروف - رحمه الله تعالى - بالكحال القابوني الدمشقي. له اشتغال على شيخ الإسلام الوالد، وذكره في فهرست تلاميذه وقال: إنه كان من أذكياء العالم، وأجاويد الناس، توفي بالمدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 186 - محمد السمديسي: محمد القاضي شمس الدين السمديسي الحنفي، أخذ عن رضوان العيني، وعبد الدايم الأزهري، والشمسي محمد بن أسد، والقراءآت عن جعفر السمنودي، وأخذ عنه الشيخ بهاء الدين القليعي، وأخذ عنه الشيخ علاء الدين المقدسي، نزيل القاهرة الفقه والقراءآت، وسمع عنه كثيراً. توفي سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 187 - محمد السعودي: محمد القاضي بدر الدين بن الوقاد السعودي نقيب الحنفية بمصر. كان له ثروة، وأملاك توفي أوآخر القعدة سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 188 - محمد السندفاني: محمد السندفاني المحلي، كان شاباً صواماً قواماً، قليل الأكل كثير الصمت، كريم النفس، يحب الوحدة، ولا يمل منها، يحب أن يجلس في المساجد المهجورة، والخرب، وكان له والدة وهو بار بها، وكان يتلطف بها، ويقول هبيني لله، والميعاد بيننا الآخرة، وحج على التجريد ماشياً حافياً عدة سنين، اجتمع بالشيخ العارف بالله سيدي علي الذويب بالحر الصغير من نواحي دمياط، وكساه جبته، وقال له: يا محمد ما فرح مني بذلك أحد غيرك قط، وأخذ عنه جماعات من أهل الطريق. توفي سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، ودفن بسندفا بالمحلة الكبرى، - رحمه الله تعالى -. 189 - محمد أبي فاطمة: محمد الشيخ الصالح المجذوب المعروف بأبي فاطمة العجلوني الدمشقي. قرأت بخط الشيخ موسى الكناري - رحمه الله تعالى - أن السيد نجدة الحسني الحصني كان هو، وولده بقرية الحرجلة، فرجع منها إلى دمشق، فبينما هو يمشي

في سهل الغوطة، إذ رأى الشيخ محمد المذكور، وكان يعرفه قال: فحثثت الفرس خلفه، ولحقته فسلمت عليه فقلت له: من أين أقبلت. قال: من بغداد قال: فقلت له: الك علم بالشيخ خليل - يعني العجلوني المجنوب، قال: نعم، وضعوه وتداً في بغداد وهذا هو الأصح، قال السيد نجدة: ثم التفت إلى ولدي، وكان يمشي خلفي، فغاب عني الشيخ محمد، ولم اعلم كيف ذهب مات في أواخر هذه الطبقة - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة.

حرف الهمزة من الطبقة الأولى

حرف الهمزة من الطبقة الأولى 190 - إبراهيم بن المعتمد: إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن حمد بن إبراهيم بن يعقوب، ابن المعتمد الشيخ الإمام العالم العلامة الفقيه، برهان الدين بن خطيب، القاضي شمس الدين بن الخطيب، برهان الدين بن المعتمد، القرشي الدمشقي الصالحي الشافعي، ولد كما قال النعيمي: في ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، وحفظ المنهاج، وعرضه على جماعة من الأفاضل، وكتب له الشيخ بدر الدين ابن قاضي شهبة، في الشامية أربعين مسألة، كتب عليها في سنة ثمان وستين وثمانمائة، وفوض إليه القضاء، الخواجا الصابوني، في سنة سبعين، ثم درس في المجاهدية، والشامية الجوانية، والأتابكية، وتصدر بالجامع، له حاشية على العاجلة (في مجلدين، وحج وجاور في سنة اثنتين وثمانين، ولازم النجد بن فهد، وسمع عليه، وعلى غيره بمكة قال النعيمي وابن طولون: وكان حسن المحاضرة، جميل الذكر يحفظ نوادر كثيرة من التاريخ، وذكر في تاريخه " مفاكهة الخلان " في وقائع سنة أنه وضع ذيلاً على طبقات ابن السبكي، وأكثر فيه من شعر البرهان القيراطي، وقال والد شيخنا الشيخ يونس العيثاوي: كان الشيخ برهان الدين بن المعتمد، من أكابر الشافعية في عصره. قرأ عليه القاضي برهان الدين الأخنائي، والشيخ تقي الدين القاري، وغيرهما من الأكابر، وله الدلالة على العجالة، وهي نافعة قال: وكان سخياً له مكارم أخلاق، وكلمة نافذة كما استفيض، وسمع ممن أدركنا قال: وكان يدرس في الجامع الأموي بناطقة، وتحقي. انتهى، وكانت وفاته يوم الأحد ثالث عشر شعبان سنة اثنتين وتسعمائة، ودفن من الغد وسط الروضة بسفح قاسيون، وخلف دنيا عريضة - رحمه الله تعالى -. 191 - إبراهيم نقيب الأشراف: إبراهيم بن محمد السيد الشريف، برهان الدين الحسني، نقيب الأشراف بدمشق. ولد في سنة ثمان وأربعين وثمانمائة. قالى الحمصي: وكان رجلاً شجاعاً مقداماً، على الملوك ووقع له مع السلطان الأشرف قايتباي وقائع يطول شرحها، ومات بالقاهرة وهو يومئذ نقيب الأشراف بدمشق، في يوم الخميس خامس المحرم سنة ثلاث

عشرة وتسعمائة، وأسند الوصاية على أولاده لكاتب الأسرار المحب ابن أجا. قال ابن طولون: وتقلد أموراً في حياته، وبعد موته - رحمه الله تعالى -. 192 - إبراهيم بن حمد الهلالي: إبراهيم بن محمد بن سليمان بن عون بن مسلم بن مكي بن رضوان، الشيخ الإمام العلامة برهان الدين بن عون الهلالي الدمشقي الحنفي مفتي الحنفية بدمشق، ولد في سنة خمس وخمسين وثمانمائة، وأخذ الحديث عن جماعة منهم الحافظان السخاوي، والديمي، وترجمه الثاني في إجازته كما قرأت بخطه بالشيخ الإمام الأوحد المقري المجود العالم المفيد، وتفقه على جماعة منهم الشيخ الإمام المحدث زين الدين قاسم ابن قطلوبغا الجمالي، وممن أخذ عنه الفقه، وغيره الشمس بن طولون، وتوفي ليلة الأحد سادس عشر شوال سنة ست عشرة وتسعمائة، وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن قبلي جامع جراح بباب الصغير - رحمه الله تعالى -. 193 - إبراهيم بن محمد الدسوقي: إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الدسوقي، الشيخ الصالح المعتقد الرباني الصوفي الشافعي، ولد في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، ولبس خرقة التصوف من الشيخ شهاب الدين بن قرا، وتفقه به، ولقنه الذكر أبو العباس المرسي، وأخذ عليه العهد عن والده، عن جده قال الحمصي: وكان صالحاً مباركاً مكاشفاً، ونقل ابن طولون أن الجمال يوسف بن عبد الهادي ذكره في الرياض اليانعة، في أعيان المائة التاسعة فقال: اشتغل، وتصوف، وشاع ذكره، وعنده ديانة، ومشاركة، وللناس فيه اعتقاد قال ابن طولون: وكان شديد الإنكار على صوفية هذا العصر، المخالفين له خصوصاً الطائفة العربية، قال: ولم تر عيناي متصوفاً من أهل دمشق أمثل منه، لبست منه الخرقة، ولقنني الذكر، وأخذ علي العهد الجميع يوم السبت سادس عشري في الحجة سنة اثنتي عشر وتسعمائة، انتهى. قلت: أخبرني شيخنا فسح الله تعالى في مدته عن والده الشيخ الإمام يونس العيثاوي - رحمه الله تعالى - أن الشيخ إبراهيم المذكور، كان متعبداً مكباً على الاشتغال بالله تعالى، وكان له أولاد وأولاد أولاد كلهم يشتغلون عليه في أكثر أوقاتهم، فمنهم من يقرئه القرآن، ومنهم من يعلمه التهجي، ومنهم من يقرئه في الغاية أو في المنهاج أو غير ذلك، من كتب العلم، وهذا ديدنه وديدنهم - رحمه الله تعالى - توفي ليلة الاثنين ثالث شعبان سنة تسع عشرة وتسعمائة، وصلي عليه بالأموي ودفن بمقبرة باب الصغير - رحمه الله تعالى -. 194 - إبراهيم بن محمد الشوبيني: إبراهيم ابن الشيخ برهان الدين ابن الشيخ شمس

الدين الخطيب الشوبيني الحنفي، أحد الشهود المعتبرين بدمشق، ولد في شوال سنه اثنتين وأربعين وثمانمائة، وتوفي في يوم الخميس عاشر القعدة سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب الفراديس - رحمه الله تعالى -. 195 - إبراهيم بن محمد بن أبي شريف: إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن علي بن أيوب الشيخ الإمام الحبر الهمام، العلامة المحقق، والفهامة المدقق، شيخ مشايخ الإسلام، ومرجع الخاص والعام، مولانا، وسيدنا قاضي القضاة، أحد سيوف الحق المنتضاة، أبو إسحاق برهان الدين ابن الأمير ناصر الدين بن أبي شريف المقدسي المصري الشافعي، أحد أجلاء شيوخ شيخ الإسلام الوالد، ولد بالقدس الشريف في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، ونشأ بها، وقيل: سنة ست وثلاثين وثمانمائة، واشتغل بفنون العلم على أخيه شيخ الإسلام الكمال بن أبي شريف، ورحل إلى القاهرة، فأخذ الفقه عن قاضي القضاة علم الدين صالح البلقيني، وعن قاضي القضاة شمس الدين محمد القاياتي، والأصول عن الشيخ جلال الدين المحلي، وسمع عليه في الفقه أيضاً، وأخذ الحديث عن شيخ الإسلام بن حجر، وعن غيره، وتزوج بابنة قاضي القضاة شرف الدين يحيى المناوي قاضي قضاة الشافعية بالديار المصرية، وناب عنه في القضاء، ودرس وأفتى وصنف ونظم ونثر، ووقفت له على ديوان خطب في غاية البلاغة، والفصاحة، وترجمه صاحب الأنس الجليل فيه، في حياته وقال: ولي المناصب السنية، وغيرها من الأنظار بالقاهرة المحروسة، وعظم أمره، واشتهر صيته، وصار الآن المعول عليه في الفتوى بالديار المصرية قال: وهو رجل عظيم الشأن، كثير التواضع، حسن اللقاء، فصيح العبارة فو ذكاء مفرط وحسن نظم ونثر، وفقه نفيس، وكتابة على الفتوى نهاية في الحسن، ومحاسنه كثيرة، وترجمته، وذكر مشايخه يحتمل الإفراد بالتأليف، ولو ذكرت حقه في الترجمة لطال الفصل، فإن المراد هذا الاختصار، ثم قال قدم شيخ الإسلام برهان الدين من القاهرة المحروسة إلى بيت المقدس سنة ثمان وتسعين وثمانمائة، بعد غيبة طويلة، ثم عاد إلى وطنه بالقاهرة قلت: وقرأت بخط الشيخ برهان الدين البقاعي في تاريخه في وقائع سنة تسع وتسعين وثمانمائة أن الشيخ برهان الدين بن أبي شريف كان بالقاهرة مزوجاً بها قاطناً، وأنه قصد السفر إلى القدس لزيارة أبيه وأمه، فلم يتهيأ له ذلك، فاتفق أن سرقت له أمتعته في رييع الآخر من السنة المذكورة فاضطرب حاله، فيما يعمل في أمرها قال البقاعي: فاستشارني، فأشرت عليه برأي، وذهب من عندي فانتظرت ماذا يكون في ذلك، فسألت عنه بعد أيام فقيل: ذهب إلى القدس، فاشتد عجبي من ذلك لأنه لم يعلم بسفره أحد من أصحابه، ولا

ودع أحداً ممن يعز عليه قال: وإذا هو قد حمله حامل ليحضر جنازة أبيه، فعد ذلك من خيرهما ومعاً - انتهى. قال في الأنس الجليل: ثم حضر - يعني صاحب الترجمة - إلى القدس سنة تسعمائة، وحصل للأرض المقدسة بوجوده الجمال، وانتفع به في الفتوى، فإن أخاه شيخ الإسلام الكمالي من حين قدم الشيخ برهان الدين إلى القدس وجه إليه أمر الفتوى، فما كان يكتب إلا القليل، وذكر ابن طولون في تاريخه أن صاحب الترجمة قدم دمشق يوم الجمعة في ثاني في الحجة سنة ثمان وتسعين وثمانمائة، ونزل بالشميصاتية. قال: ثم قرأنا عليه بعد ذلك فيها، وأخبر أن ميلاده سنة ست وثلاثين. وأن ميلاد أخيه الشيخ كمال الدين سنة اثنتين وعشرين. انتهى. وكذلك أرخ النعيمي ميلاده سنة ست وثلاثين، وما قدمناه قاله صاحب الأنس الجليل، ولعل ما هذا أصح وقال النعيمي: فوض إليه قضاء مصر في تاسع عشر ذي الحجة سنة ست وتسعمائة عوض محيي الدين عبد القادر بن النقيب قلت: وبقي في قضاء قضاة الشافعية بمصر إلى يوم الخميس رابع ربيع الأول سنة عشر وتسعمائة، فعزل بقاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن الفرفور كما ذكره الحمصي في تاريخه، ثم أنعم عليه السلطان الغوري بمشيخة قبته الكائنة قبالة المدرسة الغورية بمصر في يوم الخميس مستهل جمادى الأولى سنة عشر، واستمر في المشيخة المذكورة إلى ذي القعدة سنة تسع عشرة وتسعمائة، فوقعت حادثة بمصر، وهي أن رجلاً أتهم أنه زنا بامرأة فرفع أمرهما إلى حاجب الحجاب بالديار المصرية الأمير أنسبائي فضربهما فاعترفا بالزنا، ثم بعد ذلك رفع أمرهما إلى السلطان الغوري، فأحضرا بين يديه، وذكرا أنهما رجعا عما أقرا به من الزنا قبل ذلك، فعقد السلطان لهما مجلساً جمع فيه العلماء والقضاة الأربعة، فأفتى شيخ الإسلام برهان الدين صاحب الترجمة بصحة الرجوع، فغضب السلطان لذلك، وكان المستفتي القاضي شمس الدين الزنكلوني الحنفي، وولده، فأمر السلطان بهما، فضربا في المجلس حتى ماتا تحت الضرب، وأمر بشنق المتهمين بالزنا على باب صاحب الترجمة، فشنقا، وعزل صاحب الترجمة من مشيخه القبة الغورية والقضاة الأربعة الكمال الطويل الشافعي، والسري بن الشحنة الحنفي، والشرف الدميري المالكي، والشهاب الشبشتي الحنبلي، وكانت هذه الواقعة سبباً لتكدر دولة الغورية، وتبادي انحلال ملكه حتى قتل بعد سنتين بمرج دابق، ولا حول ولا قوة إلا بالله. واستمر صاحب الترجمة ملازماً لبيته، والناس يقصدونه للأخذ عنه،

والاشتغال عليه في العلوم العقلية والنقلية، واقتناص فوائده العلمية والأدبية. قال الشعراوي: فكان من المقبلين على الله عز وجل ليلاً ونهاراً لا يكاد يسع منه كلمة يكتبها كاتب الشمال، وكان لا يتردد لأحد من الولاة أبداً، وكان الإنسان إذا عرض عليه محفوظاته يتلجلج من شدة هيبته، فيباسطه حتى يسكن روعه، وكان له في القدس مصبنة يعمل فيها الصابون، وكان يتقوت منها، وكان لا يأكل من معاليم مشيخة الإسلام شيئاً، وكان قوالاً بالحق، آمراً بالمعروف لا يخاف في الله لومة لائم، وعارضه السلطان الغوري في واقعة، فما أفلح بعدها أبداً، وسلب ملكه، وكان الناس يقولون: جميع ما وقع للغوري بسر الشيخ برهان الدين. انتهى. ومن لطائفه ما ذكره عنه محدث حلب الزين بن الشماع في عيون الأخبار. قال: وقد حضرت درسه بالقاهرة سنة إحدى عشرة، فأتى بفوائد كثيرة، وختم المجلس بنكتة فيها بشارة جليلة، فقال، مما حاصله: أختم المجلس ببشارة عظيمة ظهرت في قوله تعالى " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم " " سورة الحجر: الآية 49 " قال قوله تعالى: نبئ أي يا محمد عبادي أي شرفهم بياء الإضافة إلى تقدس ذاته، فأوقع ذكرهم بينه وبين نبيه فعباد وقع ذكرهم بين ذكر نبيهم، وذكر ربهم لا ينالهم إن شاء الله تعالى ما يضرهم بل المرجو من كرم الله تعالى أن يحصل لهم ما يسرهم. انتهى. ومن مؤلفاته " شرح المنهاج " في أربع مجلدات كبار " وشرح الحاوي " وكتاب في الآيات التي فيها الناسخ والمنسوخ وغير ذلك، ومن شعره من قصيدة ختم بها صحيح البخاري: دموعي قد نمت بسر غرامي ... وباح بوجدي للوشاة سقامي فأضحى حديثي بالصبابة مسنداً ... ومرسل دمعي من جفوني هامي وكتب إلى أخيه شيخ الإسلام كمال الدين، وهو ببيت المقدس متشوقاً: ما شمت برقاً بأرجاء الشام بداً ... إلا تنفست من أشواقي الصعدا ولا شممت عبيراً من نسيمكم ... إلا قضيت بأن أقضي به كمدا ولا جرى ذكركم إلا جرت سحب ... أودت لظى بفؤاد أورثته ردا يا لوعة البين ما أبقيت من جلد ... أيقنت والله أن الصبر قد نفدا حشوت أحشاي نيراناً قد اتقدت ... بأضلعي فأذابت مني الجسد كيف السبيل إلى عود اللقاء، وهل ... هذا البعاد قضى المولى له أمدا من مبلغ الصحب أن الصب قد بلغت ... أشواقه حالة ما مثلها عهدا

لم أنسى أنس ليال بالهنا وصلت ... والنفس بالوصل أمسى عيشها رغدا أحادي العيس إن حاذيت حيهم ... فحيهم وصف الوجد الذي وجدا وأشهد بما شهدت عيناك من حرق ... يهدا السقام وما منها الفؤاد هدا وإن حللت ربى تلك الرباع فسل ... عن جيرة لهم روح المشوق فدا فالروح ما برحت بالقدس مسكنها ... والجسم في مصر للتبريح قد قعدا هي البقاع التي شد الرحال لها ... على لسان رسول الله قد وردا من حل أرجاءها ترجى النجاة له ... أكرم بها معبداً أعظم بها بلدا صوب العهاد على تلك المعاهد ... لا زالت سحائبه منهلة أبدا وذكر ابن الحنبلي في تاريخه في ترجمة الزين بن الشماع تلميذ البرهان بن أبي شريف أنه رأى في منامه الشيخ برهان، وقد دخل منزله بحلب، فاستأذنه في قراءة بعض ما نظمه الشيخ برهان الدين ليرويه عنه، فأذن له قال: فمما قرأته عليه. توق الهوى والنفس وأجهد لتسلما ... وجاهد لكي ترقى من العز سلما وكانت وفاته - رحمه الله تعالى - كما نقله ابن الحنبلي عن ابن الشماع نقلاً عن بعض فضلاء المصريين، في فجر يوم الجمعة ليومين بقيا من المحرم سنة ثلاث وعشر وتسعمائة، وقرأت بخط تلميذ الشيخ برهان الدين شيخ الإسلام الوالد أنه توفي ليلة الجمعة تاسع عشري المحرم سنة ثلاث وعشرين المذكورة. قال: ودفن بالقرب من ضريح الشافعي - رضي الله تعالى عنه - وفي يوم الجمعة رابع عشري ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين المذكورة صليت بدمشق صلاة الغائب بالجامع الأموي على جماعة من العلماء ماتوا القاهرة، وهم صاحب الترجمة، وقاضي قضاة الحنفية البرهان بن الكركي، والشيخ العلامة برهان الدين الطرابلسي الحنفي، والشيخ العلامة شهاب الدين القسطلاني الشافعي، والشيخ العلامة الصالح المحدث المصري زين الدين عبد الرحمن الصالحي الشافعي - رحمهم الله تعالى - ذكر ذلك الحمصي وابن طولون في تاريخهما. 196 - إبراهيم بن مسافر: إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مسافر الشيخ برهان الدين الناسخ الدمشقي الميداني. ولد سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وتوفي يوم الخميس تاسع عشري رمضان سنة خمس وعشرين وتسعمائة، ودفن بالحمرية عند والده - رحمها " الله تعالى - رحمة - واسعة - آمين.

197 - إبراهيم الأرمنازي: إبراهيم بن أبي الوفاء بن أبي بكر بن أبي الوفاء الشيخ الصالح المعمر المعتبر برهان الدين الأرمنازي، ثم الحلبي الشافعي. كان من حفاظ كتاب الله تعالى، وكان إماماً للسلطان الغوري حين كان حاجب الحجاب بحلب، فلما تسلطن توجه الشيخ إيراهيم إليه بالقاهرة، وحج منها في سنة ست وتسعمائة، ثم عاد إليها، واجتمع به فأحسن إليه وأمره بالإقامة لإقراء ولده، فاعتذر فقبل عذره، ورتب له ولأولاده من الخزينة ثلاثين ديناراً في كل سنة، ثم عاد إلى حلب. قال ابن الحنبلي: واتفق له أنه قرأ في طريق الحاج ذهاباً وإياباً، وفي إقامته بمصر قدر شهرين، ما يزيد على ثلاثمائة وخمسين ختمة. قيل: وكان راتبه في الإقامة مع قضاء مصالحه في اليوم والليلة ختمة، وبدونه ختمة ونصفاً، وكان يمشي في الأسواق فلا يفتر عن التلاوة. وتوفي بحلب سنة سبع وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 198 - إبراهيم بن أحمد القصيري: إبراهيم بن أحمد بن يعقوب، الشيخ العلامة برهان الدين الكردي القصيري الحلبي الشافعي. المعروف بفقيه اليشبكية بحلب لتأديبه الأطفال بها. ولد بقرية عارة بمهملتين من القصير من أعمال حلب، وانتقل مع والده إلى حلب صغيراً فقطن بها. وحفظ القرآن العظيم. ثم الحاوي، ودخل إلى دمشق، فعرضه على البدر ابن فاضي شهبة والنجمي والتقوي ابني قاضي عجلون، وسمع الحديث بها وبالقاهرة على جماعة، وبحلب على الموفق أبي ذز وغيره، وأجازه الشيخ خطاب وغيره. قال ابن الشماع: ولم يهتم، بالحديث كما ظهر لي من كلامه، وإنما اشتغل في القاهرة بالعلوم العقلية والنقلية. وقال ابن الحنبلي: كان ديناً خيراً كثير التلاوة للقرآن، معتقداً عند كل إنسان، طارحاً للتكلف، سارحاً في طريق التقشف، مكفوف اللسان عن الإغتياب، مثابراً على إفادة الطلاب، إلى أن قال: وقد

انتفع به كثيرون في فنون كثيرة منها: العربية والمنطق والحساب والفرائض، والفقه والقراءات والتفسير قال: وكنت ممن انتفع به في العربية والمنطق والتجويد، قال: ولما كف بصره رأى النبي صلى الله عليه وسلم، في المنام، فوضع يده الشريفة على إحدى عينيه قال: فكانت لها بعد ذلك رؤية ما. كما نقل لنا عنه صاحبنا الشيخ الصالح برهان الدين إبراهيم الصهيوني. قال: ثم كانت وفاته ليلة الثلاثاء رابع عشر جمادىالآخرة سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 199 - إبراهيم بن إدريس الهمداني: إبراهيم بن إدريس، الشيخ الصالح برهان، الهمداني الشافعي القاطن برواحية حلب. خليفة الشيخ يونس الهمداني. كان صالحاً سليم الصدر، متجرداً، لم يتزوج قط، ولم بالرواحية ملازماً للأوراد الفتحية في طائفة من المريدين كثيرة قيل: وكان أحد أجداده صوفياً بدمشق من أولياء الله تعالى، متى ضرب بسيفه من يستحق القتل قطع، وإلا لم يقطع. قال ابن الحنبلي: وكان ممن أخبر بزوال دولة الجراكسة لمنام رأى فيه رجلاً قصيراً راكباً على فرس وأمامه آخر يذود الناس بين يديه باللسان التركي، وقد سأل عنه سائل من هذا؟ فقيل: إنه ملك الروم. وكانت وفاته بحلب سنة خمس وعشرين وتسعمائة، وصلى عليه إماماً صاحبه الشيخ زين الدين بن الشماع، ودفن شرقي مزار الشيخ ثعلب على الجادة - رحمه الله تعالى -. 200 - إبراهيم بن سلامة كاتب الأسرار بدمشق بن محب الدين: إبراهيم بن سلامة البرهاني ناظر القلعة الدمشقية ابن القاضي محب الدين، كاتب الأسرار بدمشق. مات في أوائل جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، وكان يومئذ غائباً بالقاهرة، فلما بلغه موته عاد من القاهرة، فأقام على قبره أياماً، وبنى عليه بنياناً بالقرب من ضريح سيدي الشيخ أرسلان، فانكر بعض أعيان دمشق، وقالوا: هذا بنى في مقبرة مسبلة، فاستفتي السيد كمال الدين بن حمزة في ذلك، فأفتى بالهدم، واستفتي شيخ الإسلام التقوي ابن قاضي عجلون بعدم الهدم لأنه أدخل

عليه في السؤال أن البنيان كان قديماً وأعيد، وركب القضاة الأربعة ونائب الشام سيبائي، فهدموا البنيان عملاً بفتوى السيد، وطلبوا بسبب ذلك إلى القاهرة في قصة شرحناها في ترجمة السيد المشار إليه. 201 - إبراهيم بن عثمان بن عبادة: إبراهيم بن عثمان بن محمد بن عثمان بن موسى بن يحيى الشيخ الفاضل برهان الدين، المرادي، الدمشقي. الصالحي، الحنبلي المعروف بجابر بن عبادة. ولد في رمضان سنة سبع وأربعين وثمانمائة، وسمع على البرهان بن الباعوني، والنظام بن مفلح، والشهاب بن زيد. وتوفي يوم الخميس مستهل رجب سنة تسع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 202 - إبراهيم بن علي القرصلي: إبراهيم بن علي الشيخ العلامة برهان الدين القرصلي، ثم الحلبي. كان من قرصة بفتح القاف وسكون الراء، وضم الصاد المهملة - قرية من القصير - وكان من جملة فلاحيها. فتعلم الخط، ثم رأى في المنام أنه على لوح في البحر، وبيده عصى يحركه، فأول له ذلك، بأنه سيكون من أهل العلم. وكان كما أول له عن لعلماء،. ودرس بمسجد العناتبة بحلب. وغيره. قال ابن الحنبلي: وأكب على دروسه جماعة في العقليات لمهارته فيها، وإان كان في النقليات أمهر، وفضله أظهر. توفي سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 203 - إبراهيم بن علي القلقشندي: إبراهيم بن علي بن أحمد، الشيخ الإمام العلامة الهمام، والمحدث الحافظ الرحلة القدوة شيخ الإسلام قاضي القضاة أبو الفتح الجمالي، والبرهاني ابن الشيخ العلامة علاء الدين القلقشندي القاهري. الشافعي أحد أجلاء شيوخ الوالد - رحمهم الله تعالى - أخذ عن جماعة منهم الحافظ ابن حجر، والمسند عز الدين بن الفرات الحنفي وغيرهم، وخزج لنفسه أربعين حديثاً، وقال البدر العلائي: إنه آخر من يروي عن الشهاب الواسطي، وأصحاب الميدومي، والتاج الشرايشي، والتقي الغزنوي، وعائشة الكنانية وغيرهم، وقال الشعراوي: كان عالماً صالحاً زاهداً، قليل اللهو والمزاح، مقبلاً على أعمال الآخرة حتى ربما يمكث اليومين والثلاثة لا يأكل. انتهت إليه الرئاسة، وعلو

السند في الكتب الستة والمسانيد والإقراء. قال: وكان لا يخرج من داره إلا لضرورة شرعية، وليس له تردد إلى أحد من الأكابر، وكان إذا ركب بغلته وتطيلس يصير الناس كلهم ينظرون إليه من شدة الخشوع والهيبة التي عليه، وكانت وفاته بمصر يوم الثلاثاء عاشر جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة بحصر البول عن إحدى وتسعين سنة بتقديم التاء المثناة فوق. قال العلماء: سواء لا تزيد ولا تنقص يوماً بعد أن ضعف بصره مع سلامة الحواس، وحسن الإسماع، وتوفي فقيراً وصلي عليه بالجامع الأزهر، ودفن بتربة الطويل خارج باب الحديد من صحراء القاهرة. قال الشعراوي: وكأن الشمس كانت في مصر، فغربت - أي عند موته - قال: وكانت جنازته حافلة خاصة بالأمراء والعلماء والصالدين - رحمه الله تعالى -. 204 - إبراهيم بن عمر بن مفلح الحنبلي: إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن محمد بن مفلح بن محمد بن معرج بن عبد الله، الشيخ الإمام العلامة مفتي الحنابلة، الشيخ برهان الدين ابن قاضي القضاة الحنابلة نظام الدين بن مفلح. ولد في ربيع الأول سنة ست وخمسين وثمانمائة، وأخذ عن أبيه وغيره، وتوفي بقرية مضايا من الزبداني ليلة الجمعة سادس عشر شعبان سنة سبع عشرة وتسعمائة، ورحل ميتاً إلى منزله بالصالحية وقت صلاة الجمعة، ثم غسل يوم السبت ودفن بالروضة قرب قبر والده - رحمه الله تعالى -. 205 - إبراهيم بن عمر اليمني: إبراهيم بن عمر بن إبراهيم، الشيخ الصالح المقرئ الوقور برهان الدين اليمني الحرازي، القحطاني، الحاتمي، الشافعي نزيل دمشق، أخذ عن شيخ الإقراء بدمشق الشيخ شهاب الدين الطيبي وغيره، وتلمذ هو لشيخ الإسلام الوالد قرأت بخط والدي - رضي الله تعالى عنه - بعد أن ترجم الشيخ برهان الدين المذكور ما نصه قرأ علي البخاري كاملاً قراءة إتقان وكتب له به إجازة مطولة وكان أحد المقتسمين للمنهاج في مرتين وللتنبيه وأجزته بهما، وقرأ بعض الألفية، وقرأ علي شيئاً من القرآن العظيم، وصلى بي وبجماعة التراويح ثلاث سنين بالكاملية. ختم فيها نحو خمس ختمات، وحضر دروساً كثيرة ولزمني إلى أن مات شهيداً بالطاعون ثاني عشر جمادىالآخرة سنة ثلاثين وتسعمائة ودفن بباب الفراديس بإشارتي. كان - رحمه الله تعالى - من المحبين الصلحاء جزاه الله تعالى خيراً وبرد مضجعه. انتهى.

206 - إبراهيم بن الكيال: إبراهيم بن قاسم بن محمد، الشيخ الفاضل المحدث برهان الدين بن الشيخ شرف الدين الشهير بابن الكيال الدمشقي. توفي يوم الثلاثاء حادي عشر صفر سنة أربع وعشرين وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب الصغير عند قبر سيدي أوس بن أوس الثقفي رضي الله تعالى عنه. 207 - إبراهيم البحيري: إبراهيم الشيخ الصالح الإمام العالم برهان الدين البحيري المصري النحوي. قال الحمصي: كان صالحاً عالماً زاهداً مجاوراً بالجامع الأزهر. توفي يوم الخميس ثاني رمضان سنة عشر وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 208 - إبراهيم القيي: إبراهيم الشيخ الصالح برهان الدين القبي الرملي. توفي بهما سنة عشر وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثاني المحرم سنة إحدى عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 209 - إبراهيم الدميري: إبراهيم الشيخ العلامة قاضي قضاة المالكية بالقاهرة المعزية سنين برهان الدين الدميري. توفي ببيته بالقرب من الصالحية بين القصرين بالقاهرة في يوم الأربعاء ثالث عشري رمضان سنة ثلاث عشرة وتسعمائة. كان سبب موته خطبته بين يدي السلطان الغوري لما أراد أن يسمع الخطباء، وقد قدمنا القصة في ترجمة الشيخ محب الدين المحرقي خطيب الجامع الأزهر - رحمه الله تعالى -. 210 - إبراهيم الشاذلي: إبراهيم الشاذلي المصري العارف بالله تعالى. كان ينفق نفقة الملوك، ويلبس ملابسهم، وينفق من غيب الله تعالى لا يدري له أحد جهة معينة تأتيه منها الدنيا، ولم يطلب الطريق حتى لحقه المشيب، فجاء إلى سيدي محمد المغربي الشاذلي، وطلب منه التربية. فقال له: يا إبراهيم تريد تربية بيتية وإلا سوقية، فقال له: ما معنى ذلك. قال: التربية السوقية بأن أعلمك كلمات في الفناء والبقاء ونحوهما، وأجلسك على سجادة، وأقول لك خذ كلاماً، واعط كلاماً من غير ذوق ولا انتفاع. والتربية البيتية بأن تفني اختيارك في اختياري، وتشارك أهل البلاد، وتسمع في حقك ما تسمع، فلا تتحرك منك شعرة اكتفاء بعلم الله تعالى. فقال سيدي إبراهيم: أطلب التربية البيتية. قال: نعم لكن لا يكون فطامك إلا بعدي على يد الشيخ أبي المواهب، وكان الأمر كذلك، ولم يشتهر إلا بالمواهبي، ثم قال له الشيخ

محمد: أخدم البيت والبغلة، وحسن الفرس، وافرش تحتها الزبل، وكب التراب، فقال: سمعاً وطاعةً. فلم يزل يخدم عنده حتى مات، فاجتمع على سيدي أبي المواهب، فما عرف إلا به، ولم يزل عند الشيخ أبي المواهب يخدم كذلك، ولم يجتمع مع الفقراء في قراءة حزب ولا غيره، حتى حضرت سيدي أبي المواهب الوفاة، فتطاول جماعة من فقرائه إلى الأذن. فقال الشيخ: هاتوا إبراهيم، فجاءه فقال: افرشوا له السجادة، فجلس عليها، وقال له: تكلم على إخوانك في الطريق، فابدأ الغرائب والعجائب، فأذعن له الجماعة كلهم. وكان له ديوان شعر وموشحات وكتب على الحكم العطائية شرحاً. وتوفي في سنة أربع عشرة وتسعمائة، ودفن بزاويته بالقرب من قنطرة سنقر، وقبره بها ظاهر يزار - رحمه الله تعالى -. 211 - إبراهيم بن حسن الشيشيري: إبراهيم بن حسن الشيخ العالم الشيشري ابن الشيخ الكامل بالله حسن النبيسي، ونبيس قرية في حلب الشيشر من بلاد العجم، وكان المنلا إبراهيم من فضلاء عصره، وله مصنفات في الصرف، وقصيدة تائية في النحو لا نظير لها في السلامة وله تفسير من أول القرآن إلى سورة يوسف ومصنفات في التصوف وممن أخذ عنه الشيخ أبو الفتح السيستري نزيل الشميصاتية بدمشق، وكان يحفظ قصيدة التائية المذكورة ويرويها عنه. قتل في أرزنجان قتله جماعة من الخوارج سنة خمس عشر وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 212 - إبراهيم الأنطاكي: إبراهيم الأنطاكي، ثم الحلبي الشاعر المعروف بأسطا إبراهيم الحمامي. قال ابن الحنبلي: كان شاعراً ذا ذكاء وذوق مع كونه عامياً. وله موشحات وتصانيف وأعمال موسيقية مشهورة على لحن فيها، وديوان حافل سماه " برهان البرهان "، ومن شعره مضمناً: هويت رشا حاز الجمال بأسره ... له طلعة فاقت على شفق الفجر تحير فيه الواصفون لحسنه ... وقالوا: عجزنا عنه بالفكر والذكر فقلت لهم: هذا الذي صح أنه ... كما شاعت الأخبار في البر والبحر تراءى، ومرآة الزمان صقيلة ... فآثر فيها وجهه صورة البدر توفي ليلة الفطر سنة ست وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

213 - إبراهيم العجلوني: إبراهيم الشيخ الصالح برهان الدين العجلوني والدمشقي الشافعي الصوفي، أخذ الطريق عن الأخوين الشيخين العالدين الزاهدين الشهابي أحد، والبرهاني إبراهيم ابني قرا، وكان يتكسب في العطر والبزر بحانوت في آخر السويقة المحروقة. ذهب ليشتري فلفلاً ليضعه في حانوته من سوق البزورية داخل دمشق، فلما وصل إلى قرب جامع جراح وقع ميتاً، وحمل إلى منزله بقرب زاوية الشيخين المذكورين، وكان ذلك عشية السبت عشري شوال سنة سبع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 214 - إبراهيم الصلتي: إبراهيم القاضي برهان الدين الصلتي الحسيني الشافعي. ولي نيابه القضاة بدمشق، ومات يوم الاثنين ثالث شعبان سنة تسع عشرة وتسعمائة بتقديم التاء المثناة - رحمه الله تعالى -. 215 - إبراهيم بن الخطيب: إبراهيم العالم الفاضل المولى الشهير بابن الخطيب الرومي الحنفي، أحد الموالى العثمانية. فرأ على أخيه المولى خطيب زاده وعلى غيره، ثم ولي التدريس وترقى فيها حتى صار مدرساً بمدرسة السلطان مراد خان ببروسا، وتوفي وهو مدرس بها، وقال في الشقائق كان سليم الطبع حليم النفس منجمعاً عن الخلق، مشتغلاً بنفسه، أديباً لبيباً، إلا أنه لم يشتغل بالتصنيف لضعف دائم في مزاجه، وكانت وفاته في سنة عشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 216 - إبراهيم السمديسي: إبراهيم القاضي برهان الدين السمديسي المصري الحنفي ولي نيابة القضاء، والوظائف الدينية بالقاهرة، وناب عن عمه القاضي شمس الدين السمديسي في إمامة الغورية، وكانت وفاته يوم الإثنين سادس عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه في الجامع الأزهر - رحمه الله تعالى -. 217 - إبراهيم الكركي: إبراهيم الشيخ الإمام العلامة قاضي القضاة برهان الدين بن الكركي المصري الحنفي. كان فاضلاً عالماً عارفاً بالميقات ووضعياته، ذكياً لطيفاً، حسن

العشرة والمعاملة، وفيه عفة وكرم باشر القضاء بعفة وديانة، وضبط للأوقاف وصرفها إلى أربابها، وكان ذا فصاحة في اللسان العربي والتركي، ولم يزل في عزة وارتفاع قدر خصوصاً عند الملوك والأتراك، وكان له ثروة وأملاك وجهات كثيرة، ومتع حتى بموت أعدائه أمامه ودرس بالأشرفية وغيرها. قال العلائي: وقد وقفت له على سماع في صحيح البخاري بحفظ الزركشي في نسخة الشيخونية، وكان يقول: إنه سمع عليه في صحيح مسلم أيضاً، وقد اشتغل على التقويين الشمني والحصكفي، وأخذ الأخذ عن ابن العطار، وكانت وفاته يوم الثلاثاء خامس شعبان سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة غريقاً تجاه منزله من بركة الفيل بسب أنه كان توضأ بسلالم قيطونه، فانفرك به القبقاب، فانكفأ في البركة، ولم يتفق أحد يسعفه فاستبطأوه فتطلبوه، فوجدوا عمامته عائمة وفردة القبقاب على السلم، فعلموا سقوطه في البركة، فوجدوه ميتاً ونال الشهادة، ودفن بفسقيته التي أنشأها بتربة الأتابك يشبك بقرب السلطان قايتباي - رحمه الله تعالى - وتردد الأمير طومان باي الذي صار سلطاناً بعد موت الغوري إلى بيته، وذهب ماشياً إلى جنازته هو ومن بمصر من الأعيان، وصلي عليه بسبيل المؤمنين ضحوة الأربعاء سادس شعبان المذكور، وصلي عليه وعلى البرهان بن أبي شريف وآخرين غائبة في جامع دمشق يوم الجمعة تاسع عشر محرم سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 218 - إبراهيم بن موسى الطرابلسي: إبراهيم بن موسى بن أبي بكر ابن الشيخ علي الشيخ الصالح العلامة برهان الدين الطرابلسي، ثم الدمشقي. نزيل القاهرة الحنفي. أخذ عن السخاوي والديمي وغيرهما، وكان منقطعاً في خلوة بالمؤيدية عند الشيخ صلاح الدين الطرابلسي، ثم طلب العلم واشتغل، وترقى مقامه عند الأتراك بواسطة اللسان، ثم صار شيخ القجماسية، وتوفي في أواخر سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق مع البرهانين المتقدمين ابن أبي شريف، وابن الكركي - رحمهم الله تعالى -. 219 - إبراهيم الصوفي: إبراهيم الصوفى الدمشقى صاحب الشيخ الصالح علي

الوراق. قال شيخ الإسلام الوالد: كان صالحاً، ولكنه اتهم بالكيمياء، وصلب سنة ثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة. 220 - أبو بكر بن زريق الحنبلي: أبو بكر بن محمد الشيخ الإمام العلامة تقي الدين ابن الشيخ الإمام العلامة الحافظ ناصر الدين بن زريق، الدمشقي، الصالحي، الحنبلي. توفي يوم السبت ثاني عشر صفر سنة سبع عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى. 221 - أبو بكر الحيشي: أبو بكر بن محمد بن أبي بكر الحيشي بن نصر بن عمر بن هلال بن معدي بن زيد بن أبي يزيد بن عشائر ينتهي نسبه كما وجد بخطه إلى زيد الخير الصحابي - رضي الله تعالى عنه - الشيخ المحدث تقي الدين الحبيشي الأصل، الحلبي الشافعي البسطامي الخرقة. قال ابن الحنبلي: أدركته وقد عمر وعلى رأسه تاج البسطامية، وفي وجهه نور السادات الصوفية. وحدثني ووالدي بالحديث المسلسل بالأولية، وذكره السخاوي في الضوء اللامع، وقال: ولد سنة ثمان وأربعين وثمانمائة في مستهل جمادى الأولى بحلب. ولازم والده في النسك، وقرأ وسمع على أبي ذز بن البرهان الحافظ، وتدرب به في كثير من المبهمات والغريب والرجال، بل وتفقه به وبالشمس البابي إمام الجامع الكبير بحلب، وأبي عبد الله بن القيم، وابن الضعيف، وكذا على العلاء ابن السيد عفيف الدين حين ورد عليهم في آخرين: بل أجاز له ابن حجر، والعلم البلقيني، والزين عبد الرحمن بن داود في بعض الاستدعاءات، وزار بيت المقدس، وحج في سنة ست وثمانين، وجاور ولازم الشمس السخاوي، وحمل عنه مؤلفاته، وكانت وفاته في رجب سنة ثلانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 222 - أبو بكر بن إسماعيل السندي: أبو بكر بن إسماعيل بن يوسف بن حسين بن يوسف بن موسى، الشيخ تقي الدين السندي، الصوفي، الشافعي، الشهير بالشرابي ابن أخي قاضي القضاة شهاب الدين السندي الحصكفي شارح المحرر، والفصوص لابن العربي عمه المذكور دخل حلب، فأخذ عن علمائها كالبدر السيوفي، والبرهان العمادي، وألف شرحاً لطيفاً على " القصاري " في علم الصرف، ثم رجع إلى العمادية، وبها توفي قبل العشرين والتسعمائة ظناً. كما قاله ابن الحنبلي رحمه الله تعالى.

223 - أبو بكر الشاذلي العيدروسي: أبو بكر بن عبد الله الشيخ الصالح العارف بالله تعالى الشاذلي، المعروف بالعيدروس، وهو مبتكر القهوة المتخذة من البن من اليمن، وكان أصل اتخاذه لها أنه مر في سياحته بشجر البن على عادة الصالدين، فاقتات من ثمره حين رآه متروكاً مع كثرته، فوجد فيه تجفيفاً للدماغ، واجتلاباً للسهر، وتنشيطاً للعبادة، فاتخذه قوتاً وطعاماً وشراباً، وأرشد أتباعه إلى ذلك، ثم انتشرت في اليمن، ثم إلى بلاد الحجاز، ثم إلى الشام ومصر، ثم سائر البلاد، واختلف العلماء في أوائل القرن العاشر في القهوة وفي أمرها حتى ذهب إلى تحريمها جماعة ترجح عندهم أنها مضرة، وآخر من ذهب إليه بالشام والد شيخنا الشيخ شهاب الدين العيثاوي، ومن الحنفية بها القطب بن سلطان، وبمصر الشيخ أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي تبعاً لأبيه، والأكثرون ذهبوا إلى أنها مباحة، وقد انعقد الإجماع بعد من ذكرناه على ذلك، وأما ما ينضم إليها من المحرمات فلا شبهة في تحريمه، ولا يتعدى تحريمه إلى تحريمها حيث هي مباحة في نفسها، وأما مبتكرها صاحب الترجمة، فإنه في حد ذاته من ساعات الأولياء، وأئمة العارفين، وقد ألف كتاباً في علم القوم سماه " الجزء اللطيف، في علم التحكيم الشريف " وذكر فيه أنه لبس الخرقة الشاذلية من الشيخ الفقيه الصوفي العارف بالله تعالى جمال الدين محمد بن أحمد الدهماني المغربي القيرواني الطرابلسي المالكي في المحرم سنة أربع وتسعمائة. كما لبسها من الشيخ إبراهيم بن محمود المواهبي بمكة في صفر سنة ثلاث وتسعمائة، كما لبسها من شيخه الكامل محمد أبي الفتوح الشهير بابن المغربي، كما لبسها من الشيخ أبي عبد الله محمد بن حسين بن علي التيمي الحنفي، كما أخذ من الشيخ ناصر الدين بن المبلق السكندري الأصولي، وعن الشيخ تاج الدين بن عطاء الله الإسكندري، عن الشيخ أبي العباس المرسي، عن الشيخ أبي الحسن الشاذلي - رضي الله تعالى عنهم - وكانت وفاة صاحب الترجمة في أوائل القرن المذكور، ولعله لم يدرك العاشرة منه. 224 - أبو بكر ابن قاضي عجلون: أبو بكربن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن شرف بن منصور بن محمود بن توفيق بن محمد بن عبد الله، الشيخ العالم

العلامة المتقن المحرر الفهامة القدوة الأمة والرحلة العمدة الإمام الهمام، شيخ مشايخ الإسلام، أبو الصدق تقي الدين ابن الشيخ العلامة أقضى القضاة ولي الدين ابن قاضي عجلون الزرعي الدمشقي الشافعي. ولد بدمشق في شعبان سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، واشتغل على والده وأخيه شيخ الإسلام الشيخ نجم الدين، وعلى شيخ الإسلام زين الدين خطاب، وسمع الحديث على المسند أبي الحسن علي بن إسماعيل بن بردس البعلي، والحافظ شمس الدين بن ناصر الدين وغيرهما، وأخذ عن ابن حجر مكاتبة، والعلم صالح البلقيني، والشمس المناوي، والجلال المحلي. وكان إماماً بارعاً في العلوم، وكان أفقه زمانه، وأجل معاصريه وأقرانه، ودرس بالجامع الأموي والشامية البرانية والعمرية وبالقاهرة دروساً حافلة. وألف منسكاً لطيفاً، وكتاباً حافلاً سماه " أعلام التنبيه، مما زاد على المنهاج من الحاوي والبهجة والتنبيه "، انتهت إليه مشيخة الإسلام ورئاسة الشافعية ببلاد الشام بل وبغيرها من بلاد الإسلام، وحصل له من السعد في العلم والرئاسة وكثرة التلامذة، وقرة العين بهم في دمشق ما حصل لشيخ الإسلام زكريا بالقاهرة إلا أن القاضي زكريا زاد عليه في السعادة بكثرة التصانيف وتحقيقها - رحمهما الله تعالى - وبرع أكثر تلاميذ صاحب الترجمة في حياته كالشيخ شمس الدين الكفرسوسي، والشيخ تقي الدين البلاطنسي، والسيد كمال الدين بن حمزة والقاضي رضي الدين الجد، وشيخ الإسلام الوالد، والشيخ بهاء الدين الفصي البعلي، والشيخ تقي الدين القاري، والشيخ علاء الدين القيمري، والشيخ شرف الدين يونس العيثاوي وغيرهم، وأخبرني شيخنا المعمر المقرئ المجيد ولي الله تعالى البدري حسن الصلتي القبيباتي الدمشقي. الصالحي، المتوفى في أواخر سنة إحدى وتسعين وتسعمائة أنه قرأ على الشيخ تقي الدين صاحب الترجمة، وتفقه به، وأخذ عنه الحديث وغيره، فهو آخر من يروي عنه بلا شك ولا ريب، وحدثني شيخنا - فسح الله تعالى في أجله - مراراً عن والده الفقيه العلامة شرف الدين يونس العيثاوي، عن مشايخه، عن الشيخ العلامة نجم الدين ابن قاضي عجلون أنه كان إذا ذكر أخوه الشيخ تقي الدين يقول: لولا أنه يقبح بالإنسان أن يمدح أخاه لقلت ما تحت أديم السماء أفقه منه، وحدثني شيخنا عن والده أيضاً مراراً أن أهل مصر كانوا يقفلون محابرهم إذا قدمها الشيخ تقي الدين، ويقولون: جاء ابن قاضي زرع، ويخلون له أمر الفتوى، وقال ابن طولون: عرضت عليه محفوظاتي وأجازني، وكتب لي خطه بذلك، وفي غضون ذلك حضرت عنده عدة مجالس، واستفدت منه فوائد، وكثيراً من فتاويه قال: وقد جمعها شيخنا الشهاب بن طوق،

وذيل عليها ما قاله أخونا النجمي بن شكم. قال: ولما قدم لدمشق العالم الرحال جار الله بن فهد المكي، قرأ عليه مسند الشافعي، وغالب مشيخة الفخر بن البخاري، وبعض مناسك له وغير ذلك، وترجمه شيخ الإسلام الوالد في بعض مؤلفاته، ثم قال: وقد قرأت عليه جانباً كبيراً من العجالة نحو ثلثيها ومثله من التصحيح أكبر لأخيه، وسمعت عليه جانباً كبيراً من البخاري، وآخر من مسلم، ومن سنن أبي داود، وأجازني بها وبجميع الكتب الستة، وكل ما يجوز له وعنه روايته. قال: وأفتيت ودرست في أيامه مدة طويلة، وقرأت عليه منظومتي المسماة " باللمحة، في اختصار الملحة "، وابتهج به كثيراً، وكان يعجب بي كثيراً، ويثني علي في غيبتي جميلاً، انتهى. وأخذت من تاريخ ابن طولون وغيره جملاً من سيرته - رضي الله تعالى عنه - كان - رحمه الله تعالى - مرجع الناس في حل المشكلات والمعضلات، وبيان الأحكام الشرعية، والقيام في أمور العامة على الحكام وغيرهم، وكان ينكر على كثير من المتصوفة المنتحلين لأمور ينكرها ظاهر الشرع، وقام على الشيخ شمس الدين العمري المتصوف مراراً، ومنعه من التكلم، وأدبه وزجره عن مطالعة كتب ابن العربي، وعن ما كان يقع منه من الشطحيات، ثم لما وقع اعتقاد العمري في قلب السلطان قايتباي، وسافر إليه العمري، وشكى من الشيخ تقي الدين، فطلب الشيخ تقي الدين " هو والشيخ محب الدين الحصني بسببه إلى القاهرة مع أن الشيخ تقي الدين " كان مذهبه السكوت في أمر ابن العربي، وعدم الإنكار. ولما قدم الشيخ العلامة برهان الدين البقاعي دمشق في سنة ثمانين وثمانمائة تلقاه الشيخ تقي الدين هو وجماعة من أهل العلم إلى القنيطرة، ثم لما أتف كتابه في الرد على حجة الإسلام الغزالي في مسألة " ليس في الإمكان، أبدع مما كان "، وبالغ في الإنكار على ابن العربي وأمثاله حتى أكفر بعضهم. كان الشيخ تقي الدين ممن أنكر على البقاعي ذلك، وهجره بهذا السبب خصوصاً بسبب حجة الإسلام تقي الدين مرة أخرى في أيام الغوري بسبب فتياه في واقعة ابن محب الدين الأسلمي المعارضة لفتيا تلميذه وابن أخته السيد كمال الدين بن حمزة، وطلب هو والسيد وجماعة إلى القاهرة بهذا السبب، وغرم بسبب ذلك أموالاً كثيرة حتى باع أكثر كتبه بهذا السبب، وانتهى الأمر آخراً على العمل بفتياه، وإعادة تربة ابن محب الدين المهدومة بفتوى الشيد كما كانت عملاً بما أفتى به الشيخ تقي الدين كما ذكره الحمصي في تاريخه. وعاد الشيخ تقي الدين هو وولده الشيخ نجم الدين إلى دمشق، وقد ولي ولده المذكور قضاء قضاة الشافعية لما قد استوفيت القصة في ترجمة السيد كمال الدين، وأضر الشيخ تقي الدين آخراً، وغلب عليه في آخر عمره الرقة والخوف والاعتراف بالتقصير. حدثني شيخنا - فسح الله تعالى في

مدته - عن والده قال: دخلت على شيخنا شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون بعد أن أضر، فوجدته محتبياً جاعلاً رأسه بين ركبتيه، فظننت أنه نائم، فلم أتكلم، ولم يشعر بي فبعد ساعة هب كما يستيقظ النائم، ومسح يديه على وجهه قائلاً: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، قال: فمكث ساعة، ثم أفهمته أني دخلت، فسلمت قلت: وقد أحببت أن لا أخلي هذه الترجمة من نكتة ظريفة، وفائدة منيفة، وهي أني أقول ما رأيت، ولا أظن أني أرى أفقه من شيخ الإسلام والدي، وسمعته أو حضرته، وهو يقول: ما رأيت أفقه من شيخ الإسلام زكريا، ولا أحسن تصرفاً إلا أن يكون شيخ الإسلام تقي الدين أبو بكر بن عبد الله ابن قاضي عجلون وهو أكثر نقلاً واستحضاراً، وهما ما رأيا أفقه من شيخ الإسلام الشمس القاياتي، وهو ما رأى أفقه من شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني، وهو ما رأى أفقه من شيخ الإسلام تقي الدين السبكي، وهو ما رأى أفقه من فقيه المذهب النجم بن الرفعة، وهو ما رأى أفقه من السديد التزمنتي، وهو ما رأى أفقه من سلطان العلماء ابن عبد السلام، وهو ما رأى أفقه من الإمام فخر الدين بن عساكر الحافظ، وهو ما رأى أفقه من القطب النيسابوري، وهو ما رأى أفقه من الإمام محمد بن يحيى، وهو ما رأى أفقه من حجة الإسلام الغزالي، وهو ما رأى أفقه من أبي المعالي إمام الحرمين، وهو ما رأى أفقه من والده الشيخ أبي محمد الجويني، وهو ما رأى أفقه من القفال، وهو ما رأى أفقه من الإمام أبي زيد المروزي، وهو ما رأى أفقه من شيخ الإسلام أبي إسحاق المروزي، وهو ما رأى أفقه من الباز الأشهب بن سريج، وهو ما رأى أفقه من الإمام أبي القاسم الأنماطي، وهو ما رأى أفقه من الإمام أبي إبراهيم المزني، وهو ما رأى أفقه من إمام الأئمة أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، وهو ما رأى أفقه من إمام دار الهجرة أبي عبد الله مالك بن أنس، وهو ما رأى أفقه من الإمام نافع، وهو ما رأى أفقه من عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو ما رأى أفقه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخبرنا شيخ الإسلام الوالد قال: أخبرنا شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون عن أخيه شيخ الإسلام نجم الدين أن جميع الذين أفتوا في عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله رحمه الله تعالى: لقد كان يفتي في زمان نبينا ... مع الخلفاء الراشدين أئمة معاذ وعمار وزيد بن ثابت ... أبي بن مسعود وعوف حذيفة ومنهم أبو موسى وسلمان حبرهم ... كذاك أبو الدرداء، وهو تتمة وأفتى بمرآه أبو بكر الرضى ... وصدقه فيها وتلك مزية توفي شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون صاحب الترجمة في ضحوة يوم الاثنين

حادي عشر رمضان سنة ثمان وعشرين وتسعمائة بمنزله بالدولعية داخل دمشق، وصلى عليه ولده قاضي القضاة نجم الدين شمالي مقصورة الجامع الأموي، ودفن بمقبرة باب الصغير، وحملت جنازته على الرؤوس. قال شيخ الإسلام الوالد: وحمل جنازته من تلاميذه الشيخ العلامة تقي الدين أبو بكر بن محمد بن محمد البلاطنسي، والشيخ تقي الدين القارئ، والفقير - يعني نفسه - وقال ابن طولون: وكنت حاضر الجنازة، وغالب أفاضل البلد، وكان الحر شديداً، وتأخر في دفنه لأجل إصلاح، ولم يحضرها تلميذه الشيخ شمس الدين الكفرسوسي، والشيخ أبو الفضل المقدسي، وهما من أخصائه، ولعل لهما عذراً ولا لوم رضي الله تعالى عنه. 225 - أبو بكر المؤقت: أبو بكر بن عبد المحسن الشيخ تقي الدين البغدادي الأصل الدمشقي المؤقت بالجامع الأموي، كان من أهل العلم، وأخذ عن شيخ الإسلام الوالد، وكتب بعض مؤلفاته. توفي في أواخر حدود هذه الطبقة ظناً رحمه الله تعالى. 226 - أبو بكر البكري: أبو بكر بن عبد المنعم زين الدين البكري أحد أعيان قضاة مصر القديمة وأصلائها. كان فاضلاً في فقه الشافعية، وكان ذا نباهة وعقل وحياء، توفي في منتصف الحجة سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة عن نحو خمسين سنة، وصلي عليه بجامع عمرو، ودفن عند والده بقرب مقام الشافعي - رضي الله تعالى عنه - عن غير وارث إلا شقيقه عمر محتسب القاهرة يومئذ رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 227 - أبو بكر الحموي: أبو بكر بن محمود قاضي القضاة تقي الدين الحموي الأصل، ثم الحلبي، الشافعي، الشهير بابن المعري. كان في دولة الجراكسة قاضياً بحماة ثم تحاشى عن القضاء، واختار العزلة، وبقي بحماة إلى تولية الدولة العثمانية، فرحل إلى حلب، ومكث بها على حشمته ورئاسته وأبهته وجلالته، بحيث لا يخرج من منزله إلا إلى صلاة الجماعة بالجامع الكبير. وتوفي بحلب في سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 228 - أبو بكر خطيب المزة: أبو بكر الشيخ تقي الدين الشاهد بمركز العدول بباب الفرج بدمشق، المعروف بخطيب المزة. توفي يوم الاثنين ختام جمادىالآخرة سنة خمس عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى.

229 - أبو بكر بن المجنون: أبو بكر، الشيخ الصالح تقي الدين الدمشقي العاتكي، الشهير بابن المجنون. كان أحد جماعة الشيخ العلامة العارف بالله تعالى سيدي أبي الفتح المزي، وكان تقياً نقياً صالحاً ورعاً، وكان ينسج القطن، ويأكل من عمل يده. توفي يوم الأحد سلخ رمضان سنة سبع عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى. 230 - أبو بكر الدليواتي: أبو بكر المصري الأصل، الحلبي، الشيخ الصوفي الشهير الدليواتي، صاحب المزار المشهور - بحلب - كان قادري الخرقة أردبيليها، وكان رفيقاً للشيخ محمد الكواكبي في أخذ الطريق عن الشيخ باكير، عن إبراهيم البسيتي عن خوجه علي صاحب المزار المشهور ببيت المقدس عن أخيه خوجه صدر الدين الأردبيلي، وكان طريقه الماء والمحراب، ومجاهدة النفس، والقيام لله تعالى، وكان ينكر على الشيخ إبراهيم بن سعيد الدامي ما كان يتعاطاه من الدفوف والمواصل في السماعات، وتعصب عليه مع الشيخ إبراهيم جماعة من حلب، وأراعوا تعزيره، فدفعهم الله تعالى، وكانت وفاته بعد خمس عشرة وتسعمائة. 231 - أبو بكر خطيب قبر عاتكة: أبو بكر، الشيخ العالم تقي الدين خطيب محلة قبر عاتكة بدمشق، عرف بالمناشفي. توفي يوم الأحد رابع ربيع الأول سنة سبع عشرة بتأخير الباء الموحدة وتسعمائة بدمشق. رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 232 - أبو بكر ابن قاضي زرع: أبو بكر الشيخ العلامة القاضي تقي الدين الدمشقي، المعروف بابن قاضي زرع الشافعي، كان آخر حلفاء الحكم بدمشق. توفي يوم الثلاثاء عاشر رمضان سنة تسع عشرة بتقديم المثناة وتسعمائة رحمه الله تعالى. 233 - أبو بكر الحديدي: أبو بكر، الشيخ الصالح، العابد الزاهد، الحديدي صاحب الرواية بالبحر الصغير. أخذ الطريق عن سيدي أحمد بن مصلح المنزلاوي، ووافق الشيخ محمد المنير في الحج كل سنة أربعين سنة، وكان يفعل كما يفعل من حمل القماش والسكر

والصابون لفقراء مكة، وكان من طريقه سؤال الناس للفقراء حضراً وسفراً، وكان إذا دخل سوقاً سأل الناس يميناً وشمالاً، فلا يخرج إلا وقد حصل له دراهم كثيرة، فيصرفها للفقراء، ويقول: أخذنا من الناس ما ينفعهم في آخرتهم، وكان يحب القراء ومن دعاه، فلم يجبه مشى خلفه، وهو مكشوف الرأس ليدخل عليه حتى يجيبه، وكان يغلب عليه البسط والانشراح، ومع ذلك شديد الحرص على السنة لا يسامح أحداً في شيء من أدائها، وكان معه مقراض من رأى شاربه طويلاً قصه، فإن امتنع تبعه قائلاً: واديناه ويا محمداه حتى يمكنه من قصه. توفي بالمدينة المنورة سنة خمس وعشرين وتسعمائة. 234 - أبو بكر الظاهري: أبو بكر، الشيخ العالم الفاضل، تقي الدين الظاهري، نزيل دمشق. توفي بها في مستهل رمضان سنة @سبع وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحه واسعة. 235 - أبو بكر الحمصي: أبو بكر، الشيخ الصالح تقي الدين الحمصي أحد صوفي الشميصاتية والنازلين بها، وكان يحفظ القرآن حفظاً جيداً. توفي يوم الاثنين سادس عشري جمادىالآخرة سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة. قال ابن طولون: وهرع الناس إلى جنازته والصلاة عليه، ولم أر أحداً بدمشق إلا شهد له بالصلاح، ودفن بباب الصغير، رحمه الله عالى رحمة واسعة. 236 - أبو البقاء بن الجيعان: أبو البقاء بن الجيعان كاتب السر بمصر. توفي مقتولاً سنة اثنتين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 237 - أبو الخير بن نص: أبو الخير بن نصر شيخ البلاد الغربية من أعمال مصر ومحيي السنة. توفي في أواسط حدود هذه الطبقة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 238 - أبو الخير الكليباتي: أبو الخير الكليباتي، الشيخ الصالح الولي المكاشف الغوث المجذوب. كان رجلاً قصيراً يعرج بإحدى رجليه، وله عصا فيها حلق خشاخيش وكان لا يفارق الكلاب في أي مجلس كان فيه حتى في الجامع والحمام، وأنكر عليه شخص ذلك. فقال له: رح وإلا جرسوك على ثور، فشهد ذلك النهار زوراً، فجزسوه على ثور دائر

مصر، وأنكر عليه بعض القضاة ذلك، فقال: هم أولى بالجلوس في المسجد منك، فإنهم لا يأكلون حراماً، ولا يشهدون زوراً، ولا يستغيبون أحداً، ولا يدخرون عندهم شيئاً من الدنيا، ويأكلون الرمم التي تضر رائحتها الناس، وكان كل من جاءه في حملة يقول له: اشتر لهذا الكلب رطل لحم شواء، وهو يقضي حاجتك، فيفعل، فيذهب ذلك الكلب، ويقضي تلك الحاجة. قال الشعراوي: أخبرني سيدي علي الخواص أنهم لم يكونوا كلاباً حقيقية، وإنما كانوا جناً سخرهم الله تعالى له يقضون حوائج الناس، وقال الحمصي بعد أن ترجمه بالقطب الغوث: كان صالحاً مكاشفاً، وظهرت له كرامات دلت على ولايته، وكان مجذوباً يصحو تارة، ويغيب أخرى، وكان يسعى له الأمراء والأكابر، فلا يلتفت إليهم. توفي في ثالث جمادىالآخرة سنة تسع وتسعمائة، وحمل جنازته القضاة والأمراء، ودفن بالقاهرة بالقرب من جامع الحاكم بالقاهرة، وبنى عليه عمارة وقبة القاضي شرف الدين الصغير ناظر الدولة، وانتهت عمارتها في ختام رجب من السنة المذكورة. وقال الشعراوي: إنه مات سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، والأول هو ما حرره الشيخ الحمصي في تاريخه، وكان يومئذ بمصر، وما قاله أصح لأنه يتقيد بالوقائع والحوادث يوماً يوماً، وأكثر ما أرخه الشعراوي - رحمه الله تعالى - في طبقاته تقريب رحمه الله. 239 - أبو السعود قاضي مكة: أبو السعود العلامة قاضي قضاة مكة. قتله الشريف بركات سنة ثمان وتسعمائة. 240 - أبو السعادات بن ظهيرة: أبو السعادات بن ظهيرة قاضي قضاة مكة عرض له السيد نبيتة ابن السيد بركات صاحب مكة لما قدم مصر في شهر جمادىالآخرة سنة خمس وعشرين وتسعمائة عن ابن ناصر لسوء ولايته، وذم سيرته كما ذكره العلائي في تاريخ. 241 - أبو سنقر البعلي: أبو سنقر، الشيخ الصالح المبارك المعتقد أبو علي البعلي الأصل الدمشقي. قال الشيخ موسى الكناوي: كان مجذوباً عارفاً، وكان خفير دمشق، وكان رجلاً مربوعاً أبيض اللون يخضب لحيته بالحناء، عليه جلاية بيضاء دائماً، وبيده كشتوان كبير، وعصا كبيرة، فإذا سأله أحد مسألة من المغيبات يضرب بالكشتوان على العصا، ثم يتكلم بما يقتضيه الحال، وقال الشيخ شمس الدين بن طولون: كان يقال إنه من الإبدال، وأنه خفير

الشام قال: ولا شك في صلاحه. قال: وكان عليه عمامة كبيرة فيها ورقة، فإذا أراد أحداً يكتب، وحضر دواة استكتبه فيها ما تيسر. قال: وكان يتكلم بكلام فيه كشف، وكانت وفاته في يوم الأحد حادي عشر ذي الحجة سنة ثلاثين وتسعمائة بالبيمارستان النوري بدمشق، ودفن بباب الصغير عند قبر الشيخ حماد المشهور تجاهه من الشمال نحو أربعة أذرع كذا قال الشيخ موسى. لكنه أرخ وفاته في صفر سنة إحدى وثلاثين آخذاً مما وجده مكتوباً على قبره بالحبر، والأول أصح لأنه الذي أرخه ابن طولون في تاريخه المرتب على الأيام وكذلك الحمصي إلا أنه قال: وكانت له كرامات ومكاشفات. انتهى. ومات وهو في عشر السبعين تقريباً، قلت: كتب شيخ الإسلام الجد - رضي الله تعالى عنه - في قائمة أصحابه الذين اصطحب معهم من الصالدين والأولياء الشيخ سنقر البعلي من غير إضافة الأب، فلا أدري أهو صاحب الترجمة أم غيره، فإن في بلدة بعلبك قبراً مشهوراً بقبر الشيخ سنقر، فلعله هو، والله سبحانه وتعالى أعلم. 242 - أبو النور التونسي: أبو النور الحافظ لكتاب الله تعالى المقري التونسي المالكي نزيل المدرسة المقدمية بحلب. كان يؤدب الأطفال بها، وكان من عادنه أن يقرأ ثلث القرآن بعد المغرب، وثلثه بعد العشاء، ومن غريب ما اتفق له أنه لما ركب البحر من تونس إلى إسكندرية حصل لملاح السفينة، وكان فرنجياً حمى غب أشغ (لته عن مصلحته السفينة، وعجز ركابها علاج ينفعه، وطلب من الشيخ أبي النور ما يكتب للحمى، فكتب له ورقة خذوه فغلوه، ثم الجحيم صلوه، ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا، فاسلكوه، ولف الورقة، ودفعها له، فوضعها في رأسه فما مضت تلك الليلة حتى ذهبت عنه الحمى. توفي أبو النور بحلب سنة ست وعشرون وتسعمائة، ودفن بمقبرة الرحبي رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 243 - أبو يزيد بن محمد آل عثمان: أبو يزيد بن محمد السلطان المفخم، والخاقان المعظم، بايزيد خان ابن السلطان محمد خان فاتح القسطنطينية العظمى ابن السلطان مراد خان ابن السلطان محمد خان ابن السلطان بايزيد خان ابن السلطان مراد خان ابن السلطان أورخان ابن السلطان عثمان خان الغازي ابن أرطغرل بن سليمان شاه سلطان الروم - رحمه الله تعالى -.مولده سنة ست وخمسين وثمانمائة، وجلس على تخت السلطنة بعد وفاة أبيه في ثامن ربيع الأول سنة ست وثمانين وثمانمائة، وعمره إذ ذاك ثلاثون سنة، وكان من أعيان الملوك الأكابر، وممن ورث السلطنة عن آبائه كابراً عن كابر، تزينت باسمه رؤوس المنائر، وصدور المنابر،

فتح الفتوحات، وغزا في سبيل الله الغزوات، مما افتتحه قلعة ملوان وقلعة كوكلك وقلعة أق كرمان وقلعة متون وقلعة قرون وغير ذلك وكان محباً للخيرات، مثابراً على البر والصدقات، يميل إلى العلماء والصلحاء، ويعرف حقوق الفضلاء والنبلاء، ودخل الخلوة عند بعض المشايخ، وبنى الجوامع والمدارس والتكايا والزوايا، ورتب للمفتي الأعظم ومن ببيته من العلماء في زمانه كل عام عشرة آلاف عثماني، ولكل واحد من مدرسي المدرسة العثمانية سبعة آلاف عثماني، ولمدرسي شرح المفتاح لكل واحد أربعة آلاف عثماني، ولكل واحد من مدرسي شرح التجريد الذي عثماني، وكذلك رتب لمشايخ الصوفية ومريديهم وأهل الزوايا ما يليق بهم. عين لهؤلاء من الكسوة من الفراء والحوائج على قدر مراتبهم، وصار ذلك قانوناً جارياً بعده مستمراً، وكان يحب أهل الحرمين الشريفين، ويحسن إليهم إحساناً كثيراً، ورتب لهم الصر في كل عام، وكان يجهز إلى فقراء الحرمين في كل سنة أربعة عشر ألف دينار ذهباً يصرف نصفها على فقراء مكة، ونصفها على فقراء المدينة، وكان يكرم الواردين عليه من أهل الحرمين الشريفين أو من غيرهم، ويصلهم ويحسن إليهم حتى ألف الشيخ جمال الدين المبرد الحنبلي الصالح الدمشقي في مدحه، ونشر مناقبه مؤلفاً مستقلاً، وصنف الشيخ شهاب الدين أحمد بن. الحسين العليف شاعر مكة باسمه تاريخاً سماه " الدر المنظوم، في مناقب السلطان بايزيد ملك الروم "، لا يخلو من فوائد لطيفة، وكتب في مدحه قصيدة رائية طنانة مطلعها: خذوا من ثنائي موجب الحمد والشكر ومن در لفظي طيب النظم والنثر ومنها: فيا راكباً يسري على ظهر ضامر ... إلى الروم يهدي نحوه طيب النشر لك الخير إن وافت بروساً فسر بها ... رويداً لإستنبول سامية الذكر إلى ملك لا يبلغ الوصف كنهه ... شريف المساعي نافذ النهي والأمر إلى بايزيد الخير والملك الذي ... حمى بيضة الإسلام بالبيض والسمر وجرد للدين الحنيفي صارماً ... أباد به جمع الطواغيت والكفر وجاهدهم في الله حق جهاده ... رجاء لما يبغي من الفوز والأجر له هيبة ملء الصدور وصولة ... مقسمة بين المخافة والذعر أطاع له ما بين روم وفارس ... ودان له ما بين بصرى إلى مصر إلى أن قال: سليل بني عثمان والسادة الأولى ... علا مجدهم فوق السماكين والنسر ملوك كرام الأصل طابت فروعهم ... وهل ينسب الدينار إلا إلى التبر

محوا أثر الكفار بالسيف فاغتدت ... بهم حوزة الإسلام سامية القدر فيا ملكاً فاق الملوك مكارماً ... فكل إلى أدنى مكارمه تجري لئن فقتهم في رتبة الملك والعلى ... فإن الليالي بعضها ليلة القدر فدتك ملوك الأرض طراً لأنها ... سوار وأنت البدر في غرة الشهر وهي طويلة. ويحكى أنها لما وصلت إلى السلطان أبي يزيد خان سر بها، وأمر لقائلها أحمد العليف بألف دينار جائزة، ورتب له في الصر في كل عام مائة دينار ذهباً كانت تصل إليه في كل عام، وصارت بعده لأولاده، وكان قد استولى على المرحوم السلطان أبي يزيد خان في آخر عمره مرض النقرس، وضعف عن الحركة، وترك الحروب والسفر سنين متعددة، فصارت عساكره يتطلبون سلطاناً شاباً قوي الحركة، كثير الأسفار ليغازي بهم، ويغنموا الغنائم، فرأوا أن السلطان سليم خان من أولاد السلطان أبي يزيد أقوى أخوته وأجلدهم، فمالوا إليه، وعطف عليهم، فخرج إليه أبوه محارباً، فقاتله وهزمه أبوه، ثم عطف على أبيه ثانياً لما رأى من ميل العساكر إليه واجتماعهم عليه، فلما رأى السلطان أبو يزيد توجه أركان الدولة إلى السلطان سليم، استشار وزراءه وأخصاءه في أمره، فأشاروا إليه أن يفرغ له عن السلطنة، ويختار التقاعد بعزه في أدرنة، وأبرموا عليه في ذلك، فأجابهم حين لم ير بداً من إجابتهم، وطلب السلطان سليم إلى حضرته، وعهد إليه بسلطنته، ثم توجه مع بعض خواص خدامه إلى أدرنة، فلما وصل إلى قرب جورلو كان فيها حضور أجله. فتوفي بها في سنة ثمان عشرة وتسعمائة، ووصل خبر موته هو وسلطان مكة قايتباي بن محمد بن بركات الشريف، وسلطان اليمن الشيخ عامر بن محمد إلى دمشق في يوم واحد، وهو يوم الأحد ثاني عشري ربيع الأولى من السنة المذكورة. رحمهم الله تعالى رحمة واسعة. آمين. 244 - أحمد أبو المكارم الشارعي: أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله، القاضي شهاب الدين أبو المكارم الشهير بالشارعي المصري المالكي، نزيل دمشق. ولد في ثاني عشر ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة بالشارع الأعظم قرب باب زويلة، وتوفي ليلة الخميس ثاني عشري ربيع الأول سنة إحدى وتسعمائة بدمشق رحمه الله تعالى. 245 - أحمد بن عبية: أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن عبية،

شيخ العالم الواعظ المذكور شهاب الدين قاضي القدس الشريف الشهير بابن عبية المقدسي الأثري الشافعي نزيل دمشق. ولد في ثاني عشر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة، واشتغل بالقدس الشريف وحصل، وولي قضاء بيت المقدس، وامتحن بسبب القمامة، ثم رحل إلى لدمشق وقطن بها ووعظ وذكر الناس بالجامع الأموي، وله شعر لطيف وخط حسن، وقرأت بخطه أنه بات في بيت بعض إخوانه، وكان بقرب ناعورة على النهر تدور وتئن فقال: وناعورة أنت فقلت لها: اقصري ... أنينك هذا زاد للقلب في الحزن فقالت: أنيني إذ ظننتك عاشقاً ... ترق لحال الصب قلت لها: إني وهذا أقرب من قول الحافظ أبي الفضل بن حجر رحمه الله تعالى: غرمت على الترحال من غير علمها ... فقالت وزادت في الأنين وفي الحزن لقد حدثتني النفس أنك راحل ... فزاد أنين قلت: ما كذبت إني قلت: ولو قال: قد صدقت لكان أولى، ومن شعر ابن عبية - رحمه الله تعالى - قصيدة نونية نقلت منها من خطه ما أثبته هنا: بأبي أزج حواجب وعيون ... سلب بصاد للقلوب ونون ففؤادي المعتل منه ناقص ... بمثال ذاك الأجوف المقرون يا نظرة قد أورثت قلبي الردى ... بأبي جفون معذبي وجفوني نظرت غزالاً ناعساً يرعى الكرى ... فهي التي جلبت إلي منوني قال العذول: وقعت في شرك الهوى ... فأجبت هذا من فعال عيوني يا قاتل الله العيون فإنها ... حكمت علينا بالهوى والهون إلى أن قال وأجاد: خدعوا فؤادي بالوصال وعندما ... ثبت الهوى في أضلعي هجروني هجروا ولو ذاقوا الذي قد ذقته ... تركوا الصدود وربما وصلوني لم يرحموني حين حان فراقهم ... ما ضرهم لو أنهم رحموني ومن العجائب أن نسوا ودي ومن ... ودي لهم كل الورى عرفوني وقال في ملخصها مادحاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما مخلصي في الحب من شرك الهوى إلا بمدح المصطفى المأمون زين الأعارب في القراع وفي القرى ... ليث الكتائب لم يخف لمنون

بدر تبدى في حنين للوغا ... فسبى عداه بصارم وحنين في البأس ما في الناس مثل محمد ... كلا، وقال: افي الحسن والتمكين هو فاتح كالحمد أول سورة ... وجميع أهل القرب كالتأمين توفي بدمشق ليلة السبت ثالث جمادى الأولى سنة خمس وتسعمائة، ودفن شمالي ضريح الشيخ حماد في مقبرة باب الصغير رحمه الله تعالى. 246 - أحمد إمام الكاملية: أحمد بن محمد، الشيخ العالم الزاهد شهاب الدين إمام الكاملية. توفي بالقدس الشريف سنة تسع بتقديم المثناة وتسعمائة، وصلي عليه بجامع دمشق غائبة عقب صلاة الجمعة ثالث عشر جمادى الأولى سنة تاريخه رحمه الله تعالى. 247 - أحمد بن طوق: أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن أحمد، الشيخ الإمام العالم الصالح المحدث شهاب الدين الدمشقي الشافعي، الشهير بابن طوق. ولد في ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وثمانمائة، وتوفي يوم الأحد ثالث أو رابع رمضان سنة خمس عشرة وتسعمائة بدمشق. 248 - أحمد بن أمير غفلة: أحمد بن محمد بن عثمان، الشيخ الإمام الفرضي شهاب الدين أبو العباس الشهير بابن أمير غفلة، ونائب قريمزان الحلبي الحنفي. قال ابن الحنبلي: كان عالماً عاملاً، منور الشيبة، حسن السمت، فقيهاً، فرضياً، حيسوباً. تلمذ للعلامة الفرضي، الحيسوب، جمال الدين، يوسف الأسعردي، ثم الحلبي، وعلق على نزعة الحساب تعليقاً حمله على وضعه شيخنا العلاء الموصلي، كما نبه على ذلك في ديباجته. ولم يزل على ديانته يتعاطى صنعة التجارة إلى أن مات سنة خمس عشرة وتسعمائة، قيل: وكان الناس مضطرين إلى الغيث، فأرسله الله تعالى في أول ليلة مكث في قبره رحمه الله تعالى. 249 - أحمد النويري: أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد الشيخ الإمام خطيب الخطباء بالمسجد الحرام، وإمام الموقف الشريف محب الدين أبو بكر بن خطيب الخطباء العلامة شرف الدين أبي القاسم بن خطيب الخطباء أبي الفضل كمال الدين ابن قاضي

القضاة، وخطيب الخطباء محب الدين ابن قاضي القضاة، وخطيب الخطباء كمال الدين القرشي العقيلي النوريري المكي الشافعي، أخذ عن الشيخ أبي الفتح المراغي، وسمع ثلاثيات البخاري على جدته لأمه أم الفضل خديجة، وتدعى سعادة بنت وجيه الدين عبد الرحمن بن أبي الخير محمد بن فهد المكي، وعلى العلامة برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن علي بن محمد بن داود البيضاوي الزمزمي، وعلى ابن أخيه الشيخ محب الدين عبد السلام بن موسى بن أبي بكر البيضاوي المعروف بالزمزمي أيضاً. رواية هؤلاء كلهم عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الرسام عن الحجار، وله شيوخ آخرون، وأجاز البرهان العمادي في الحجة سنه خمس عشرة وتسعمائة. أجاز البدري حسن في ثاني شعبان سنة ست وتسعمائة. 250 - أحمد القسطلاني: أحمد بن محمد الشيخ الإمام العلامة، الحجة الرحلة الفهامة، الفقيه النبيه المقري المجيد المسند المحدث أبو العباس شهاب الدين القسطلاني المصري، ثم القاهري الشافعي صاحب المؤلفات الحافلة، والفضائل الكاملة، أخذ عن ابن حجر العسقلاني وغيره، وأخذ عنه شيخ الإسلام الوالد وغيره، وكان من أزهد الناس في الدنيا، وكان منقاداً إلى الحق من رد له سهواً أو غلطاً يزيد في محبته، وألف شرحه على البخاري قبل أن يؤلف شيخ الإسلام القاضي زكريا شرحه عليه، وكان يقول للشيخ عبد الوهاب الشعراوي، أحضر عند شيخ الإسلام شرحي فمهما وجدته خالفني فيه، فاكتبه لي في ورقة، فكان يكتب له أوراقاً ويجهزها إليه وتارة يرسل الشيخ عبده، فيأخذها، وقال له مرة: لا تغفل عن كتابة ما يخالفني فيه الشيخ، فإنه لا يحرر الكتاب إلا الطلبة، ولا طلبة لي. وقال العلائي: إنه كان فاضلاً محصلاً ديناً عفيفاً متقللاً من عشرة الناس إلا في المطالعة والتأليف والإقراء والعبادة. وقال الشعراوي: كان من أحسن الناس وجهاً، طويل القامة، حسن الشيب. يقرأ. بالأربع عشرة رواية، وكان صوته بالقرآن يبكي القاسي إذا قرأ في المحراب تساقط الناس من الخشوع والبكاء. قال: وأقام عند النبي صلى الله عليه وسلم، فحصل له جذب، فصنف المواهب اللدنية لما صحا، ووقف خصياً كان معه على خدمة الحجرة النبوية. انتهى. وذكر شيخ الإسلام الوالد أنه أخذ عنه شرحه على البخاري، والمواهب اللدنية، وأجازه

بهما وبسائر مؤلفاته، ومنها كتاب " الأنوار، في الأدعية والإذكار " ومختصر منه سماه " اللوامع، في الأدعية والإذكار والجوامع "، ومختصر من المختصر سماه " قبس اللوامع " وكتاب " الجني الداني، في حل حرز الأماني "، وهو للشاطبية كالتوضيح على ألفية ابن مالك، وله غير ذلك، وكان له اعتقاد تام في الصوفية، وأكثر في المواهب من الاستشهاد بكلام سيد وفا، وكان يميل إلى الغلو في رفعة قدر النبي صلى الله عليه وسلم حتى اختار مذهب مالك - رضي الله تعالى عنه - في تفضيل المدينة على مكة. قلت: وأول دليل على قبول أعماله وإخلاصه في تأليفه عناية الناس بكتابه " المواهب اللدنية " ومغالاتهم في ثمنه مع قلة الرغبات، والله سبحانه وتعالى أعلم، وكانت وفاته على ما حررته من تاريخ العلائي ليلة الجمعة ثامن المحرم سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة لعروض فالج له. نشأ من تأثره ببلوغه قطع رأس إبراهيم بن عطاه الله المكي صديق السلطان الغوري بحيث سقط عن دابتة، وأغمي عليه، فحمل إلى منزله، ثم مات بعد أيام، وصلى عليه بالأزهر عقب صلاة الجمعة، ودفن بقبة قاضي القضاة بدر الدين العيني من مدرسته بقرب جامع الأزهر، وتأثر كثير من الناس لموته لحسن معاشرته وتواضعه - رحمه الله تعالى - ورضي عنه وصلي عليه غائبة بدمشق مع جماعة منهم البرهان بن أبي شريف. 251 - أحمد بن الملاح: أحمد بن محمد الشيخ علي الإمام العالم المقريء شهاب الدين الرملي، ثم الدمشقي الشافعي الشهير بابن الملاح. ولد سنة تسع وخمسين وثمانمائة، وكان على جانب كبير من الديانة وصفاء القلب، وتولى مشيخة الإقراء بالمدرسة السيبائية، والإمامة بها وناب في إمامة الأموي مرات، وتوفي يوم الاثنين تاسع عشر رمضان سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 252 - أحمد بن محمد الخالدي: أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن محمد الشيخ الصالح أبو العباس شهاب الدين، الشهير بابن بري الخالدي البابي الحلبي، ثم الدمشقي الحنفي الصوفي. ولد في ثالث صفر سنة أربعين وثمانمائة، وكان من أعيان الناس، وتوفي بدمشق يوم الأحد سادس رجب سنة أربع وعشرين وتسعمائة، ودفن بالحمرية خارج دمشق رحمه الله تعالى. 253 - أحمد بن محمد التباسي: أحمد بن محمد سيدي الشيخ العارف بالله تعالى

أبو العباس المغربي التونسي، المشهور بالتباسي - بفتح المثناة فوق وتشديد الموحدة، - ويقال: الدباسي - بالدال - المالكي، وهو شيخ سيدي علي بن ميمون - رحمه الله تعالى - كان والده من أهل الثروة والنعمة، فلم يلتفت إلى ذلك. بل خرج عن ماله وبلاده، وتوجه إلى سيدي أبي العباس أحمد بن مخلوف الشابي - بالمعجمة والموحدة - الهدلي القيرواني والد سيدي عرفة، فخدمه وأخذ عنه الطريق، وكان سيدي أحمد بن مخلوف من أكابر الأولياء، ومن مناقبه أن الشيخ أبا الفتح الهندي لما توجه إلى المغرب يقصد زيارة الشيخ أبي مدين كشف له في بعض بلاد الله تعالى عن شجرة مكتوب على أوراقها: لا إله إلا الله محمد رسول الله الشابي ولي الله، ثم آل أمره إلى أن صحبه، وفتح للشابي على يديه، فلازم التباسي خدمته حتى فتح له، وصار من كبار العارفين، وكان ينفق من الغيب، ولم يقرأ من القرآن إلا سورة يوسف، ومع ذلك كان إذا تكلم في الطريق يستحضر من البقرة إلى الجنة والناس، وكان يستحضر نصوص المدونة للإمام مالك رضي الله تعالى عنه - قال سيدي علي بن ميمون رضي الله تعالى عنه: دخلت عليه فوجدته يقرأ رسالة ابن أبي زيد على مقتضى ظاهر الشرع، وباطن الطريق حتى قلت في نفسي: هذا هو التقرير أو كما قال: قال: سيدي محمد ابن الشيخ علوان الحموي في كتابه " تحفة الحبيب " وكان مما بلغنا إذا أشكل على جهابذة المحققين من أعيان المدرسين من علماء ناحيته شيء في مسألة من مسائل العلوم الظاهرة يرسلون إليه، فيوضحها ويقررها على أحسن ما يكون، ولم يمت حتى كتب على خديه بقلم نوراني " رحمه الله " فكان لفظ رحمه مكتوباً على خده الأيمن والجلالة على الأيسر، وكانت هذه الكتابة واضحة يقرأها كل من يدرك القراءة إذا قرب من الشيخ. قال: ومن غريب ما بلغنا من بعض الثقات أن الشيخ حصل له مرض، فاحتاج إلى النقلة من محل إلى آخر، فنادى أربعة أنفار من أصحابه ليحملوه، وكان مستلقياً على نحو بساط، فقام كل من الأنفار الأربعة عند طرف من أطرافه، فلم يستطيعوا رفعه، فاستدعى بأربعة معهم، فلما كملت عدتهم ثمانية خف عليهم حتى حملوه، ونقلوه لسر إلهي، ونقل والده سيدي الشيخ علوان - رضي الله تعالى عنه - عن الشيخ مسعود الصنهاجي وكان من أصحاب التباسي أن رجلاً كانت منه نظرة لأجنبية فدخل على الشيخ فاستطرد الشيخ في الكلام، ثم قال: ما قرأ أحدهم يدخل علينا، وعينه تقطر من الزنا، فاعترف صاحب الذنب بعد وجل الباقين. وكانت وفاة التباسي - رضي الله تعالى عنه - بنفزاوة - بالنون والفاء والزاي - في ذي القعدة سنة

ثلاثين وتسعمائة. كما ذكره ابن الحنبلي في تاريخه في ترجمة سيدي علي بن ميمون نقلاً عن خط شيخه الزين بن الشماع، وذكر ابن طولون في تاريخه في وقائع سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة يوم الجمعة ثالث عشري المحرم. صلي غائبة بالجامع الاموي على الشيخ المسلك أحمد الدباسي المغربي التوزي. توفي بمعاملة نفزاوة من الجناح الأخضر من الغرب، وقد جاوز المئة سنة، وشاع أنه شيخ السيد علي بن ميمون رحمه الله تعالى. 254 - أحمد بن محمد الباني: أحمد بن محمد، الشيخ الصالح الفاضل المعتبر شهاب الدين أبو العباس ابن الشيخ المسند العالم المعمر شمس الدين الباني المصري الشافعي الأصم كأبيه. صنف تفسيراً من سورة يس إلى آخر القرآن، وباعه مع بقية كتبه لفقره وفاقته، وولده الشيخ شمس الدين الباني أحد شيوخ جلال الدين السيوطي، وخرج له السيوطي مشيخة، وقرأها عليه، وكانت وفاة والده صاحب الترجمة يوم الجمعة سادس عشر المحرم سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 255 - أحمد بن إبراهيم الحاملي: أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحيم القاضي شهاب الدين ابن شيخ الإسلام برهان الدين الأنصاري الحاملي، ثم المقدسي الشافعي. ولد في سنة ست وأربعين وثمانمائة، واشتغل في العلم على والده، وعلى شيخ الإسلام الكمال بن أبي شريف، وباشر نيابة الحكم العزيز بالقدس الشريف في حياة والده ذكره صاحب الأنس الجليل، وقال: وهو خير متواضع: ولي مشيخة الخثنية بنزول صدر من والده. قال: وهو مستمر إلى يومنا - يعني بعد سنة إحدى وتسعمائة، وتقدم ذكره أخيه في المحمدين، ولم يتفق لي تحرير وفاتهما - رحمهما الله تعالى. 256 - أحمد بن إبراهيم بن منجك: أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن منجك الأمير شهاب الدين الدمشقي لم يحمد ابن طولون سيرته في أوقافهم، ومات بطرابلس وحمل إلى دمشق في محفة، ودخلوا به لدمشق يوم الأحد سابع عشر المحرم سنة ثمان عشرة وتسعمائة، ودفن بتربتهم بميدان الحصا، وتولى أوقافهم بعده الأمير عبد القادر بن منجك - رحمه الله تعالى -. 257 - أحمد بن إبراهيم الأقباعي: أحمد بن إبراهيم ابن أخي الشيخ الصالح

الصوفي ابن الشيخ العارف بالله تعالى برهان الدين ابن الشيخ العارف بالله تعالى القطب الغوث سيدي أحمد الأقباعي الدمشقي الشافعي. ولد في سنة سبعين تقريباً. واشتغل في العلم على والده، وابن عمته الشيخ رضي الدين، وأخذ الطريق عن أبيه، وقرأ على شيخ الإسلام الوالد جانباً من عيون الأسئلة للقشيري، وحضر بعض دروسه، وتولى مشيخه زاوية جده بعد أبيه، وكان على طريقة حسنة، وتوفي في صبيحة يوم الأربعاء سادس عشري ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة. قال الشيخ الوالد: ووقفت على غسله وحملت تابوته، وتقدمت في الصلاة عليه. قال النعيمي: ودفن على والده بمقبرة سيدي الشيخ أرسلان رضي الله تعالى عنه. 258 - أحمد بن أي بكر الحموي: أحمد بن أبي بكر بن محمود الأصلي العريق بدر الدين ابن قاضي القضاة تقي الدين الحموي، ثم الحلبي الشافعي ناظر أوقاف الحرمين الشريفين حلب. كان له حشمة ورئاسة، وذكاء عجيب، واستحضار جيد لفوائد أصلية وفرعية، غير أنه نضم إلى قرا قاضي مفتش أوقاف حلب وأملاكها، وداخل في أمور السلطنة، وصار له عنده اليد النافذة، وهرع الناس إليه لذلك، فلما قتل قرا قاضي في جامع حلب سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة قتل معه وأرادوا العامة حرقه، فاستخلصه منهم أهله وجماعته، فغسلوه وكفنوه ودفنوه بمقبرة أقربائه. 259 - أحمد بن أحمد بن خليل: أحمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن خليل، الشيخ العلامة شهاب الدين أبو العباس الحاضري الأصل، الحلبي الحنفي عرف بابن خليل. أخذ عن الحافظ برهان الدين الحلبي سبط بن العجمي، وكان يفتي بحلب، ويعظ بجامعها، وكان وعظه نافعاً يكاد يغيب لفرط خشوعه، وكان ديناً خيراً تلمذ له شيخ الشيوخ بحلب الموفق ابن أبي ذر المحدث قال ابن الحنبلي، وأخبرني أنه كان يتمثل بقول القائل: وكان فؤادي خالياً قبل حبكم ... وكان بذكر الخلق يلهو ويمرح فلما دعا قلبي هواك أجبته ... فلست أرى قلبي لغيرك يصلح توفي سنة ثلاث عشرة وتسعمائة بحلب، وتأسف الناس عليه - رحمه الله تعالى -. 260 - أحمد بن أحمد الرملي: أحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن زهير بن

خليل الإمام العلامة، والمفيد الفهامة، شمس الدين الرملي، ثم الدمشقي الشافعي. ولد بالرملة في ربيع الأول سنة أربع وخمسين وثمانمائة، وكان يعرف قديماً بابن الحلاوي، وبابن الشفيع كما قال الحمصي في تاريخه. دخل دمشق وأخذ عن ابن نبهان، وابن عراق، والتليلي، والزين خطاب، ثم رحل إلى القاهرة، فأخذ عن المناوي، والمحب بن الشحنة، وابن الهائم الشاعر، وقرأ القرآن على النور الهيثمي والشيخ جعفر السنهوري وغيرهما من مشايخ الاقراء وقرأ القرآن العظيم بما تضمنه حرز الأماني، وأصله على الإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر الحمصاني نحو قراءته له على الشيخ عبد الرحمن شهاب الدين، المعروف بابن عياش نحو قراءته على الشمس العسقلاني. وشمع على الجمال عبد الله بن جماعة خطيب المسجد الأقصى المسلسل بالأولية وغيره، ثم استوطن دمشق، وناب في الحكم مراراً، فحمدت سيرته ومروءته، وناب في إمامة الجامع الأموي عن العلامة غرس الدين خليل اللدي، ثم لما مات استقل بها، فباشرها سنين حتى توفي، وانتهت إليه مشيخة الإقراء بدمشق، وكان له مشاركة جيدة في عدة من العلوم، وله نظم حسن، وتوفي يوم السبت عشر في الحجة سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب الصغير - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة آمين. 261 - أحمد بن إسكندر الحلبي: أحمد بن إسكندر بن يوسف، وقيل: ابن يوسف بن إسكندر، الشيخ العلامة شهاب الدين الدين الحلبي نزيل دمشق الشافعي، المعروف بابن الشيخ إسكندر هو جد أخي لوالدي لأمه، الشيخ العلامة العارف بالله تعالى شهاب أحمد الغزي أخذ عن جماعة منهم جدي ووالدي. قال شيخ الإسلام الوالد: وكان له في علم الهيئة والمنطق والحكمة وغير ذلك، وكان مدرس السيبائية بتقرير من واقفها سيبائي نائب الشام، وناظراً على وقف سيدي إبراهيم بن أدهم - رضي الله تعالى عنه - قتله اللصوص بدرب الروم سنة تسع وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 262 - أحمد بن أسعد التنوخي الحنبلي: أحمد بن أسعد بن علي بن محمد بن محمد بن منجا بن سعد القاضي شهاب الدين أبي العباس ابن القاضي وجيه الدين ابن قاضي القضاة علاء الدين ابن القاضي صلاح الدين ابن القاضي شرف الدين ابن الشيخ زين الدين ابن الشيخ عز الدين ابن القاضي وجيه الدين التنوخي الصالحي الدمشقي الحنبلي. ولد في سابع عشري صفر سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وحفظ القرآن، واشتغل في العلم، ثم غلب عليه التصوف، ثم عاد فقيها، وولي نيابة الحكم للقاضي برهان الدين بن مفلح وغيره، ثم غلب عليه جانب التصوف، وبنى بمنزله بحارة الفواخير لصيق التربة العادلية بسفح قاسيون رواقاً

بمحراب، وكان له نظم حسن، ومنه كتاب " العقيدة " في نحو سبعمائة بيت على طريقة السلف، وقد أنكر عليه في بعضها الشيخ العلامة عبد النبي المالكي، وتوفي يوم الأربعاء خامس عشر جمادى الأولى سنة ثمان وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 263 - أحمد بن بترس الصفدي: أحمد بن بترس الصفدي، الشيخ العارف بالله تعالى، المكاشف بأسرار غيب الله. كان ظاهر الأحوال بصفد، مسموع الكلمة عند حكامها، وكان الناس يترددون إليه، فيشفع لهم، ويقضي حوائجهم، ويقريهم ويضيفهم، وكان ذا شيبة نيرة، وكان إذا أراد أن يتكلم بكشف يطرق رأسه إلى الأرض، ثم يرفعه وعيناه كالجمرتين يلهث كصاحب الحمل الثقيل، ثم يتكلم بالمغيبات، وكان في بداءته ذا رياضة ومجاهدة، كان له نحل كثير، وكان قبل أن يظهر عليه الحال يمضي إلى النحل ويجتنيه، فإذا جناه لا يأكل من عسله، ولا يلعق يده، واجتمع به الشيخ موسى الكناوي - رحمه الله تعالى - في سنة أربع وعشرين وتسعمائة بصفد، وقصده زائراً فدخل عليه في يوم جمعة، وقبل يده فأمره بالجلوس، فجلس عنده إلى قرب صلاة الجمعة، والخلق ترد عليه ما بين زائر ومتشفع به إلى الحكام، وجائع يقصده للطعام وغير ذلك، ثم ذهب لصلاة الجمعة، ثم عاد بعدها، وجلس عنده إلى انقضاء صلاة العشاء الآخرة، وأضمر أن يبيت عنده تبركاً، قال: فلما انصرف الناس عنه رأيته تجشأ عشر مرات متتابعات، فقلت في نفسي، واعجباً أنا اليوم ملازم له، ولم أره أكل ولا شرب، ثم قلت في نفسي، ربما يكون جشاؤه عن جوع، فبادر، وقال: لا ليس هو عن جوع، ولا عن أكل قال: فقلت له: وإلا عما ذا؟ قال: أرأيت هذا الكلام الذي وقع من الناس في مجلسنا في يومنا دخل مع الروح نهاراً لمصالح المسلمين، فالروح تخرج ليلاً لتختلي بمولاها ومناجاته. قال: فقف شعري وهبته، وطلبت الأذن منه، وانصرفت إلى منزلي. وذكر أيضاً أنه كان عنده في اليوم الثاني من هذه القصة بعد أن صلى الصبح إماماً به، وبمن عنده وانصرف الناس إلى أشغالهم، وبقي عنده إلى ارتفاع النهار. قال: وإذا أنا بالشيخ تحرك، وقام وقعد، وأرعد وأزبد. قال: فبقيت باهتاً لا أدري ما السبب. قال: ثم جلس الشيخ في مجلسه، واستقبل باب الطبقة، وقال: جوز موز قال: فرفع الستارة شاب مغربي عليه ثوب أبيض نظيف، وعمامة نظيفة بيضاء، فدخل خائفاً مضطرباً يلتفت يميناً وشمالاً، ولم ير الشيخ ورآني فقصدني، ووقع علي وأنا جالس لم أتحرك، ولم أتكلم قال: فأخذت بكتفه

وأجلسته. قال: ثم أن الشيخ دعاه فرأى الشيخ حينئذ، فقام إليه وقبل قدميه ويديه، ثم حضر الناس من أشغالهم، فقال الشيخ: هاتوا له لبناً وعسلاً وخبزاً، فوضعه له فأكل قليلاً، ثم أذن له الشيخ فخرج فقال الناس للشيخ: ما هذا الرجل المغربي. فقال. أتاني ليسلبني حالي، فأظفرني الله تعالى به، وعفوت عنه. قال الشيخ موسى - رحمه الله تعالى -: وكانت معي طاسة تساوي نحو خمسين درهما للشرب والأكل. قال: فقعدنا عند وادي دلبية لأجل الغداء، فلما وصلت إلى صفد فقدتها، وسألت رفيقي عنها، والشيخ يسمعني أسأله، فقال: لا تسأل عنها نسيتها وقت غدائكم بوادي دلبية. قال: وكنت جالساً عنده وحدي، فخطر لي خاطر. هل للشيخ قوة التمكين؟ فقال: نعم لنا قوة التمكين، فسكت ولم أزد على ذلك. قال: وقد مات بصفد سنة ست أو سبع وعشرين وتسعمائة. قلت: ذكر ابن طولون أنه صلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثامن عشري ذي القعدة سنة ست وعشرين وتسعمائة، وأنه توفي بصفد - رحمه الله تعالى -. 264 - أحمد بن حجي: أحمد بن حجي، القاضي شهاب الدين أبو العباس الحسباني الدمشقي الأطروش أحد عقلاء دمشق. ولد ليلة الأربعاء خامس ذي الحجة سنة ثمان عشرة وثمانمائة، وسمع قبل طرشه على الحافظ بن حجر، والمسند علاء الدين بن بردوس البعلي وغيرهما، وأذن للنعيمي في الرواية عنه، وأجازه بكل ما يجوز له روايته، وتوفي يوم الأربعاء سابع رمضان سنة سبع وتسعمائة، ودفن في تربة باب الفراديس - رحمه الله تعالى -. 265 - أحمد بن حسن المقدسي الحنبلي: أحمد بن حسن بن أحمد بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي، الشيخ الإمام العلامة الصالح المفيد مهذب الدين أبو العباس بن عبد الهادي المقدسي الأصل، الصالحي الدمشقي الحنبلي، قال أخوه الشيخ جمال الدين يوسف بن عبد الهادي: ولد سنة ست وخمسين وثمانمائة، وسمع الحديث من جماعة كالنظام بن مفلح بن الشريف، وفاطمة الحرستانية، وجماعة من أصحاب بن المحب أصحاب ابن التفليسي، وأصحاب عائشة بنت عبد الهادي. 266 - أحمد بن حسين العليني: أحمد بن حسين بن محمد الشيخ شهاب الدين أبو العباس العليني المكي الشافعي نزيل المدينة. ولد سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وسمع على جماعة، وأجازه آخرون. قال ابن طولون: أجازني في استدعاء بخط شيخنا النعيمي مؤرخ في سنة عشرين وتسعمائة قال: وربما اجتمعت به - رحمه الله تعالى -.

267 - أحمد بن خضر الرومي: أحمد بن خضر، العالم الفاضل المولى أحمد باشا ابن المولى خضر بيك ابن جلال الدين الرومي الحنفي، كان عالماً متواضعاً محباً للفقراء، ولما بنى السلطان محمد خان المدارس الثماني أعطاه واحدة منها، وسنه يومئذ دون العشرين، ثم تنقل في المناصب حتى صار مفتياً بمدينة بروسا في سلطنة السلطان بايزيد خان، وأقام بها مدة متطاولة، وله مدرسة هناك بقر بالجامع الكبير منسوبة إليه، وله كتب موقوفة على المدرسة، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين وتسعمائة. قال في الشقائق: وجاوز سنه التسعين - رحمه الله تعالى -. 268 - أحمد بن حمزة الطرابلسي: أحمد بن حمزة، الشيخ الإمام الصالح العالم العلامة شهاب الدين التركي الطرابلسي الدمشقي الشافعي الصوفي. ولد في شوال سنة أربع وثلاثين وثمانمائة، وكان إماماً لكافل طرابلس الشام " البجاني "، ولما جاء من كفالة طرابلس إلى كفالة دمشق صحبه المذكور إلى دمشق، وكان على طريقة حسنة. قال الحمصي: كان رجلاً عالماً صالحاً، ومن محاسنه أنه صلى بالجامع الأموي في شهر رمضان بالقرآن جميعه في ركعتين، وقال النعيمي: أصيب في بصره سنة خمس عشرة وتسعمائة بعد أن أصيب في أواخر القرن التاسع بأولاد نجباء، وصبر عليهم، ثم انقطع عن الناس بالمدرسة التقوية إلى أن توفي يوم الجمعة خامس ذي القعدة سنة عشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة. 269 - أحمد بن شعبان بن شهاب الدين: أحمد بن شعبان بن علي بن شعبان الإمام العلامة العمدة شهاب الدين، وكان ممن اصطحب هو وشيخ الإسلام الجد. أخذ العلم والحديث عن الشيخ العلامة المسند شهاب الدين أحمد الحجازي، وعن شيخ الإسلام شرف الدين المناوي، والمسند الحافظ عبد الرحمن جلال الدين أبي هريرة القمصى وعن الإمام المسند شمس الدين محمد بن عمر الملتوتي الوفائي، وتلقن الذكر من الإمام العارف بالله تعالى، أبي إسحاق جمال الدين بن نظام الشيرازي بجامع الأزهر، ومن الشيخ العارف بالله تعالى زيد الدين الحافي أحد أصحاب الشيخ عبد الرحمن الشيريسي، ومن الشيخ العارف بالله تعالى شرف الدين الغزي أحد أصحاب الشيخ ركن الدين السمناني، ومن الشيخ الإمام القدوة أبي

عبد الله محمد بن أحمد المديني ابن أخت سيدي مدين المصري ومن غيرهم، ولبس الخرقة القادرية والسهروردية والأحمدية من الشيخ أبي العباس أحمد الأسياطي بحق لباس للخرق الثلاث من ابن الجزري، ولبس الخرقة القادرية أيضاً من الشيخ كمال الدين ابن إمام الكاملية، والشيخ زين الدين التميمي كلاهما عن ابن الناصح، ولبس الخرقة الأحمدية أيضاً عن الشيخ الكبير سيدي إبراهيم المتبولي، وتوفي بغزة سنة ست عشرة وتسعمائة، وصلى عليه غائبة بدمشق عقب صلاة الجمعة تاسع رجب منها - رحمه الله تعالى -. 270 - أحمد بن شقير: أحمد بن شقير، الشيخ الإمام العالم العلامة، والمحقق المتقن الفهامة، شهاب الدين المغربي التونسي النحوي، المعروف بابن شقير، وربما عرف بشقير نزيل القاهرة عده شيخ الإسلام الجد ممن اصطحب بهم من أولياء الله تعالى، وهو من مشاهير المحققين من علماء القاهرة. أخذ عنه المقر السيد عبد الرحيم العباسي وغيره، وأخبرنا شيخ الإسلام الوالد، ومن خطه نقلت قال: أنشدني المقر الكريم العلامة السيد عبد الرحيم العباسي للعلامة المحقق شهاب الدين بن شقير التونسي: سائلي عن قضيتي في البراغيث ... خذ الشرح إن أردت التقصي نحن منها ما بين فتل وقتل ... وهي منا مابين قرص ورقص توفي يوم الاثنين سادس القعدة سنة تسع وتسعمائة بمصر، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثامن محرم سنة عشر وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 271 - أحمد بن صدقة الدمشقي: أحمد بن صدقة، الشيخ الفاضل شهاب الدين الدمشقي الشافعي أحد العدول بدمشق. توفي وهو متوجه إلى مصر بالعريش في أواخر جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 272 - أحمد بن عبد الله القرعوني: أحمد بن عبد الله، الشيخ الصالحي المبارك شهاب الدين القرعوني الدمشقي - الشافعي. توفي بدمشق يوم الثلاثاء خامس عشر الحجة سنة عشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة -. 273 - أحمد بن عبد الحق: أحمد بن عبد الحق الشيخ شهاب الدين الشافعي. توفي بدمشق يوم الأحد سادس رجب سنة خمس عشرة وتسعمائة رحمه الله. 274 - أحمد الشهير بابن مكية: أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الكريم الشيخ شهاب

الدين الشهير بابن مكية النابلسي، ثم الدمشقي الشافعي. ولد سنة أربع وأربعين وثمانمائة، واشتغل في العلم على الشيخ الإمام شمس الدين محمد بن حامد الصفدي، وكان أول دخوله إلى دمشق في سنة ست وتسعين وثمانمائة، ووعظ بها بعد صلاة الجمعة عشري جمادى الآخرة تجاه محراب الحنفية على كرسي الواعظ شهاب الدين بن عبية، وكان حاضراً إذ ذاك، فتكلم صاحب الترجمة على البسملة وأسماء الفاتحة، ونقل كلام العلمماء في ذلك، فكان هذا أول أمره بدمشق، وصار من مشاهير الوعاظ بالجامع الأموي، وكانت وفاته في آخر أيام التشريق سنة سبع وتسعمائة، ودفن عند الشيخ إبراهيم الناجي غربي سيدنا معاوية - رضي الله ى عنه - بمقبرة الباب الصغير رحمه الله تعالى. 275 - أحمد بن عبد الرحمن الشويكي الحنبلي: أحمد بن عبد الرحمن بن عمر الشويكي الأصل النابلسي، ثم الصالحي الحنبلي الشاب شهاب الدين الفاضل. حفظ القرآن العظيم، ثم المقنع، ثم شرع في حله على ابن عمه العلامة شهاب الدين الشويكي الآتي ذكره أيضاً، وكان له سكون وحشمة، وميل إلى فعل الخيرات، وتوفي يوم الأربعاء تاسع شعبان سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، ودفن بالسفح، وتأسف الناس عليه، وصبر والده واحتسب، ومات وهو دون العشرين سنة رحمه الله تعالى. 276 - أحمد بن عبد الرحيم التلعفري: أحمد بن عبد الرحيم بن حسن الرئيس الفاضل العلامة شهاب الدين التلعفري الدمشقى القبيباتي الشافعي، الشهير بابن المحوجب. ولد في ربيع الأول سنة إحدى أو اثنتين وأربعين وثمانمائة، وطلب العلم، وكان له خط حسن، وكتب بخطه كثيراً لنفسه، وعندي نسخة من شرح الروض بخطه في أربع مجلدات نقلها من خط المصنف، وكان مهاباً عند الملوك والأمراء، وله كرم وافر، وسماطه من أفخر الأطعمة يأكل منه الخاص والعام حتى نائب دمشق وقاضيها فمن دونهما، وكان له كلمة نافذة يأوي إليه كل مظلوم، وكان قد جزأ الليل ثلاث أثلاث. ثلثاً للسمر مع جلسائه والكتابة، وثلثاً للنوم وثلثاً للتهجد والتلاوة، وكان شيخ الإسلام زين خطاب يأتي إليه، ويبيت عنده الليالي، وكان يتردد إليه أكابر الناس العلماء والأمراء وغيرهم، وبالجملة انتهت إليه الرئاسة والسيادة بالشام وتردد إلى مصر كثيراً، ووجه إليه السلطان قايتباي خطابة المقدس، وهو بمصر عند موت بعض خطبائه من غير طلب منه فقبلها، ثم نزل عنها لبعض المقادسة، ورأى شدة عنايتهم بطلبها مع تصميم على تقريره فيها، وكان ذلك من كمال عقله ورزانته، وكان كث اللحية

والحاجبين وافرهما، أشعر الأذنين، واسع الصدر، وكانت وفاته يوم السبت ثالث عشري ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، ودفن برؤوس العمائر قبلي قبر الشيخ تقي الدين الحصني رحمه الله تعالى. 277 - أحمد بن عبد العزيز السنباطي: أحمد بن عبد العزيز، الشيخ الإمام العلامة المفنن شهاب الدين أبو السعود ابن الشيخ العلامة المحدث عز الدين السنباطي المصري الشافعي. ولد سنة سبع وثلاثين وثمانمائة، وكان أحد العدول بالقاهرة. سمع صحيح البخاري على المشايخ المجتمعين بالمدرسة الظاهرية القديمة بين القصرين بالقاهرة، وكانوا نحو أربعين شيخاً منهم العلامة علاء الدين القلقشندي ممن أخذ الصحيح عن الحافظ عبد الرحيم العراقي، وابن أبي المجد والتنوخي، ومن مشايخه أبو السعادات البلقيني، والشهاب الأبدي صاحب الحدود في النحو، والعلامة ناصر الدين بن قرقماش الحنفي صاحب زهر الربيع في شواهد البديع أخذه عنه وممن أخذ عن صاحب الترجمة الشيخ نجم الدين الغيطي قرأ عليه جميع صحيح البخاري، وكان وفاته سنة ثمان وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 278 - أحمد بن عب (د القادر النبراوي الحنبلي: أحمد بن عبد القادر الثشب الفاضل شهاب الدين ابن القاضي محب الدين النبراوي المصري الحنبلي، توفي يوم الخميس عشري ربيع الأول سنة خمس وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 279 - أحمد بن عبد الملك الموصلي الشيباني: أحمد بن عبد الملك بن علي بن عبد الله، الشيخ الصالح الورع، الزاهد العابد، المحقق المسلك شهاب الدين أبي العباس ابن الشيخ الصالح عبد الملك الموصلي الشيباني المقدسي، ثم الدمشقي الشافعي الصوفي أحد مشايخ الصوفية بدمشق والقدس، وشيخ زاويتي جده بهما. ولد بالقدس في ربيع الأول سنة أربع وأربعين وثمانمائة، وأخذ عن قاضي القضاة قطب الدين الخيضري وعن غيره، ولبس خرقة التصوف من ابن عمه الشيخ زين الدين عبد لقادر بلباسه لها من يد والده الشيخ إبراهيم بلباسه لها من يد والده الشيخ العارف بالله تعالى سيدي أبي بكر الموصلي، وهو جد صاحب الترجمة أيضاً، قال ابن طولون: جالسته كثيراً بالجامع الأموي، وانتفعت به، وأجازني شفاهاً غير مرة، وكتبت عنه أشياء انتهى. وكانت وفاته يوم الاثنين حادي عشر القعدة سنة خمس وعشرين وتسعمائة ودفن جوار قبر الشيخ إبراهيم الناجي بتربة الباب الصغير رحمه الله تعالى.

280 - أحمد بن عبد الوهاب العيني: أحمد بن عبد الوهاب بن عبد القادر الدمشقي الحنفي، الشاب الفاضل شهاب الدين ابن القاضي تاج الدين ابن ديوان القلعة، سبط شيخ الإسلام زين الدين العيني. قرأ بدمشق على القطب ابن سلطان الآتي ذكره في الطبقة الثانية، وسمع على علماء عصره بالجامع الأموي، وتوفي مطعوناً ثالث عشر رجب سنة ثلاثين وتسعمائة عن نحو ثماني عشرة سنة، وتقدم للصلاة عليه السيد كمال الدين بن حمزة، وتأسف الناس عليه رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 281 - أحمد بن عثمان منلا زاده: أحمد بن عثمان، الشيخ الإمام العالم العلامة الشهير بمنلا زاده الجرخي السمرقندي، الخطابي الشافعي. دخل بلاد العرب، وكان فقيهاً عارفاً بالقراءات، وكان بينه وبين الشاطبي أربعة رجال، وجمع بين الهداية والمحرر في تأليف واحد، ومن مؤلفاته شرح هداية الحكمة، وله مؤلفات أخرى حافلة، دخل حلب ودمشق وأخذ عنه شيخ الإسلام الجد، وقرأ عليه المتوسط، وشرح الشمسية وغيرهما، وسأله مفتي حلب البدري حسن السيوفي عن عبارة أشكلت عليه في المطول، فرفع له الإشكال بإرجاع ضمير فيها إلى خلاف ما ظنه السيوفي. فاعتقد فضله، ثم أخذ عنه " تفسير البيضاوي " وصار يثني عليه الثناء الجميل، وكان يخبر عنه أنه كان يقول: عجبت لمن يحفظ شيئاً كيف ينساه: قال الشيخ شمس الدين الخناجري فيما نقله ابن الحنبلي في تاريخه: وقد كنت مع البدر ابن السيوفي يوم توديعه إياه، فلما عزم الناس على المسير في خدمته، قال له البدر: أنمشي خلفكم أو قدامكم؟ فقال له: كيف دستور العرب؟ قال: أن نمشي قدام الشيخ ليلاً وخلفه نهاراً، ولكن كيف دستور العجم؟ قال: دستورنا نحن ترك التكلف. فساروا في خدمته كما أراد. انتهى. ولعل وفاته تأخرت إلى أول القرن العاشر - رحمه الله تعالى -. 282 - أحمد بن علي الشعراوي: أحمد بن علي بن شهاب، الشيخ العالم الصالح شهاب الدين الشعراوي الشافعي والد الشيخ عبد الوهاب الشعراوي. اشتغل في العلم على والده الشيخ نور الدين علي الشعراوي، ووالده حمل العلم عن الحافظ بن حجر، والعلم صالح البلقيني، والشرف يحيى المناوي، وكان فقيهاً نحوياً مقرئاً، وله صوت شجي في قراءة القرآن يخشع القلب عند سماع تلاوته بحيث صلى خلفه قاضي القضاة كمال الدين الطويل، فكاد أن يخر إلى الأرض من فرط الخشوع، وقال له: أنت لا يناسبك إلا إمامة جامع الأزهر،

وكان ماهراً في علم الفرائض، وعلم الفلك، وكان يعمل الدوائر، ويشد المناكيب، وكان له شعر ونثر أمة في الإنشاء، وربما أنشأ الخطبة حال صعود المنبر، وكان مع ذلك لا يخل بأمر معاشه من حرث وحصاد وغير ذلك، وكان له توجه صادق في قضاء حوائج الناس، ويشهد بينهم، ويحسب، ويكتب محتسباً في ذلك، وكان يقوم كل ليلة بثلث القرآن، أو بأكثر. قال ولده الشيخ عبد الوهاب: وقد كنت أقرأ عليه مرة في سورة والصافات، فلما بلغت قوله تعالى: " فاطلع فرآه في سواء الجحيم قال: تالله إن كدت لتردين " " سورة الصافات: الآية - 55 - 56 " بكى حتى أغمي عليه، وصار يتمرغ في الأرض كالطير المذبوح. قال: وصنف عدة مؤلفات في علم الحديث والنحو والأصول والمعاني والبيان، فنهبت مؤلفاته كلها، فلم يتغير وقال: قد ألفناها لله فلا علينا أن ينسبها الناس إلينا أم لا توفي - رحمه الله تعالى - سنة سبع وتسعمائة، ودفن في بلدته بناحية ساقية أبي شعرة إلى جانب قبر والده بزاويتهم رحمهم الله تعالى. 283 - أحمد بن علي المقرئ: أحمد بن علي الشيخ العالم المقرئ شهاب الدين بن الشيخ نور الدين شيخ القراء بالقاهرة. توفي في يوم الأحد عاشر القعدة سنة ثلاث عشر وتسعمائة رحمه الله تعالى. 284 - أحمد الباعوني: أحمد بن علي بن إبراهيم، الشيخ شهاب الدين الباعوني الأصل من باعون قرية بالموصل - الحلبي المولد والدار، الشاعر المعروف بابن الصواف، المعروف أبوه بالصغير - بالتصغير - كان أديباً شاعراً، ذكره جار الله بن فهد في رحلته إلى حلب سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة وذكره في " معجم الشعراء " الذين سمع منهم الشعر وأنشد له: روحي الفداء لذي لحاظ قد غدت ... بسوادها البيض الصحاح مراضا كالغصن قداً، والنسيم لطافةً ... والياسمين ترافةً وبياضاً وله مطلع قصيدة التزم بها واوين أول البيت وآخره: وواد به الغيد الحسان قد استووا ... وورد ظباء الحي في ظله ثووا

ووافوا به من مهجتي في الهوى حووا ... وولوا وعن عهد المحبين ما لووا توفي بالحريق في داره بحلب سنة أربع وعشرين وتسعمائة. 285 - أحمد البغدادي: أحمد بن علي بن البهاء بن عبد الحميد بن إبراهيم، الشيخ العلامة القاضي شهاب الدين ابن القاضي العلامة علاء الدين البغدادي الدمشقي الصالحي الحنبلي، ولد ليلة الاثنين عاشر ربيع الأول سنة سبعين وثمانمائة، وأخذ العلم عن أبيه وغيره، وكان من العلماء المتميزين في الفقه والفرائض، وانتهت إليه رئاسة مذهبه، وقصد بالفتاوي، وانتفع الناس به فيها وفي الاشغال، وتعاطى الشهادة على وجه إتقان لم يسبق عليه، وفوض إليه نيابة القضاء في الدولة العثمانية قاضي القضاة زين العابدين في ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ثم ترك القضاء، وأقبل على العلم والعبادة، وكان من أخص أصحاب شيخ الإسلام الجد، وله على الوالد مشيخة، وللوالد عليه مشيخة أيضاً، أخذ عنه كثيراً من نظمه وتأليفه، وهو الذي أشار إليه بالكتابة على الفتوى بمحضر من والده شيخ الإسلام - رضي الدين الغزي وكان يمنعه أولا من الكتابة في حياة شيوخه، فاستأذنه له في الكتابة صاحب الترجمة، فأذن له فيها، وكتب ليلة عيد الأضحى سنة ثمان وعشرين وتسعمائة كما استوفيت القصة في كتاب بلغة الواجد في ترجمة الوالد، ثم كانت وفاة الشيخ شهاب الدين البغدادي بكرة النهار يوم الجمعة حادي عشري رجب سنة تسع وعشرين وتسعمائة، ودفن بتربة باب الفراديس.286 - أحمد الجعفري: أحمد بن عمر بن سليمان بن الشيخ العلامة شهاب الدين الجعفري الشافع الصوفي الوفائي الدمشقي. له كتاب لطيف شرح فيه حكم ابن عطا آلله - رحمه الله تعالى - وضعه على أسلوب غريب، وكلما تكلم على حكمة اتبعها بشعر عقدها فيه فمن ذلك قوله: أجل أوقات عارف زمن ... يشهد فيه وجود فاقته متصفاً بالذي يقربه ... من ربه من وجود زلته عقد فيه قول ابن عطا الله: خير أوقاتك وقت تشهد فيه وجود فاقتك وترد إلى وجود زلتك. وقال أيضاً:

خيرماتطلب منه ... هو ما يطلب منك فاطلب التوفيق منه ... للذي يرضيه عنك عقد فيه قول ابن عطا الله: خير ما تطلبه منه ما هو طالبه منك. وقال أيضاً: إن وسع الكون صغير جرم جثمانيتك فإنه يضيق عن ... عظيم روحانيتك عقد فيه قول ابن عطا الله: وسعك الكون من حيث جثمانيتك، ولم يسعك من ثبوت روحانيتك. قرأت بخط صاحب الترجمة في آخر كتابه المذكور أنه فرغ منه في آخر يوم الجمعة ثالث عشري القعدة سنة تسع عشرة وتسعمائة بمكة المشرفة تجاه البيت الحرام، وهو من هذه الطبقة كما هو الغالب على الظن والله سبحانه وتعال أعلم. 287 - أحمد الفرفوري: أحمد بن محمود بن عبد الله بن محمد، قاضي القضاة العلامة شهاب الدين أبو العباس، الشهير بابن الفرفور الدمشقي الشافعي. ولد في نصف شوال سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وأخذ عن الشيخ برهان الدين الباعوني، وأبي الفرج ابن الشيخ خليل، والشيخ زين الدين خطاب الغزاوي، والشيخ نجم الدين قاضي عجلون، والشيخ شمس الدين محمد بن محمد السعدي، وأبي المحاسن بن شاهين وغيرهم، وفضل وبرع وتميز على أقرانه، وكان جامعاً بين العلم، والرئاسة، والكرم، وحسن العشرة بحيث أن الحمصي - رحمه الله تعالى - قال: إنه ختام رؤوساء الدنيا على الإطلاق. وقال: إنه كان سلطان الفقهاء والرؤوساء، ولي قضاء القضاة الشافعية بدمشق، ثم جمع له بينه وبين قضاء مصر يوم الخميس رابع ربيع الأول سنة عشر وتسعمائة، وأبيح له أن يستنيب في قضاء دمشق من يختار، فعين ولده القاضي ولي الدين واستمرت بيده الوظيفتان إلى أن مات، فتولى قضاء مصر بعده شيخ الإسلام إبراهيم القلقشندي، وقضاء دمشق ولده المذكور، وكان له شعر متوسط منه ما قرأت بخط الشيخ شمس الدين ابن طولون في تاريخه، ونقلته من خطه أيضاً. قال: أنشدنا قاضي القضاة ولي الدين بن الفوفور لوالده قاضي القضاة بمصر والشام الشهابي بن الفرفور يمدح سلطان مصر الأشرف قانصوه الغوري، فقال في العشر الأخير من جمادى الأولى سنة ثمان وتسعمائة: لك الملك بالفتح المبين مخلد ... لأنك بالنصر العزيز مؤيد

وأنت العزيز الظاهر الكامل الذي ... هو الأشرف الغوري، وهو المسدد تملكته والسيف كاللحظ هاجع ... بأجفانه، والرمح هاد ممدد بأمن ولا خوف، وسلم ولا وغا ... ولكنه عيد لعود يؤبد فملكك يوم العيد جاء مبشراً ... بعود سرور كل عام يجدد ولم تك يوماً ساعياً طالباً له ... ولكنه وافاك يسعى ويجهد تقلدته من مالك الملك راضياً ... بما قد أراك الله تثني وتحمد وكان لك الله ا (لمهيمن حافظاً ... يعينك في كل الأمور ويسعد وكم فئة لابت عليهم قلوبهم ... ولكن إليه لم تطل منهم يد ومن عاند المقدور منه فقد قضى ... وكان له من منهل الهلك مورد فبشرى بتمكين من الله دائم ... ونصر على الباغي، ومن كان يحسد لقد شاع في الإسماع ما قد حويت من ... صفات بها منها الكمال مؤكد ففي السلم حلم فيه كالماء رقة ... وفي الحرب نار جمرها يتوقد لأنك حامي حومة الدين بالظبا ... وللسيف خد بالدماء مورد بذلك شم الراسيات بعسكر ... إذا سار ضاهاه الجراد المبدد وإن دخلوا داراً لأعداك أقفرت ... وإن وردوا بحراً يجف وينفد وقد ساقنا ما شاقنا من سماعها ... محساً نراها بالعيان ونشهد وكان الذي قد شاهدته عيوننا ... بأضاف ما قال الرواة وعددوا فتجلس في التخت الشريف بطلعة ... بها تدهش الأبصار إذ تتردد يدبر أمر الملك منك روية ... يريك بها الله الصواب فترشد وتجلس في الشورى مع الأمراء في ... نهارك للملك الشريف تمهد وتستقبل الإذكار بالليل ساهراً ... بترتيب أوراد بها تتعبد فتستغرق الوقتين حكماً وحكمةً ... فتجهد إما في الدجا تتهجد كما قد رأينا الحال ليلة مولد ... فيا حبذا ذكر وورد ومورد ويا حبذا لحن عن اللطف معرب ... ونظم بديع فهو در منضد فذكر وتسبيح وتمجيد خالق ... وتقديسه لا لغو فيه ولا دد فهذا هو الذكر الجميل الذي غدا ... على طول هذا الدهر يروى ويسند فللخلفاء الراشدين بمثل ذا ... مآثر تروى عنهم ليس تجحد ونعم المماليك الذين تعلموا ... وقد لازموا الأوراد حتى تعودوا مزامير داود وإلا بلابل ... وورق وكل كالغزال يغرد

وأطربنا في المجلس الشيخ حيدر ... فطبنا وقلنا: إنما هو معبد وجانم في الإيقاع تحريك عضوه ... على الوزن في أمثاله ليس يوجد ومنه لنعمان سمعنا قراءة ... بها كل مسموع سوى الذكر يزهد فألحانهم فخر لهم وسعادة ... وخير وفضل وارتقاء وسودد فلله أوفى الحمد نلنا مرادنا ... وفزنا بما كنا نروم ونقصد وقد شاهدت سلطاننا العين قد حوى ... صفات كمال مثلها ليس يوجد محب لأهل العلم والفضل والتقى ... بحيث إليهم دائماً يتودد ويسأل في العلم الشريف مسائلاً ... تعز على درك الفهوم وتبعد كذا أولياء الله أيضاً يحبهم ... ويدعو لهم في ورده ويمجد ومولد خير الخلق أحراه عادة ... بها كل خير دائماً يتولد فبالأشرف الغوري يطوى حديث من ... بأخبارهم كم جاء سفر مجلد فأقسم لا يسعى إليه مشقة ... ولا سفرة أدت لرؤياه تبعد وقد حاز أنواع المحاسن كلها ... كمالاً وفضلاً فهو في الدهر مفرد فدام له النجل السعيد ممتعاً ... بما يرتضي والعيش أصفى وأرغد وقرت به عيناه طول زمانه ... على درجات العز يرقى ويصعد ولا زال في عز ونصر وملكه ... على رغم أنف الحاسدين مخلد وألف صلاة مع سلام تصاعدت ... يلقاها خير الأنام محمد فلما وقف عليها السلطان الغوري ابتهج بها، وقرأها بنفسه على من حضر، وكافأه عنها بقصيدة من نظمه وجهزها إليه وهي: أجاد لنا القاضي ابن فرفور أحمد ... مديحاً به أثني عليه وأحمد شهاب لدين الله، والشمس باهر ... مناقبه مشهورة ليس تجحد وقاضي قضاة الشام جاء يزورنا ... ويثبت دعوى حبنا ويؤكد ويهدي لنا منه الدعاء فمرحبا ... به زائراً للأنس جاء يجدد له عندنا الإكرام والعز والرضى ... وفوق الذي من غيرنا كان يعهد ولما تأملنا بديع بيانه ... وحسن معاني نظمه حين ينشد وجدنا قصيداً كل بيت به غدا ... يرى أنه في الحسن قصر مشيد بلاغتها كالسحر وهي فصيحة ... وألفاظها الدر النفيس المنضد وبشرنا فيها بتمكين ملكنا ... وإنا بنصر الله فيه نؤيد

لأن إلينا مالك الملك ساقه ... بحيث أتانا، وهو يسعى ويجهد ولاحظ أن العيد عود تفاؤلاً ... لنا بسرور عوده يتأبد وإنا بعون الله نقهر ضدنا ... ومن قد بغى جهلاً ومن كان يحسد وترجم عنا في الحماسة والوغا ... بأبلغ ما في مثل ذلك يقصد ووصف الذي قد كان ليلة مولد ... عبارته فيها لجين وعسجد ففيها قد استوفى الوقائع كلها ... بنظم به الذكر الجميل مخلد وعدد أوصافا لنا في مديحه ... بأحسن لفظ في المدائح يورد وقد سرنا في ملكنا أن مثله ... لما فيه من جمع الكمالات يوجد إمام كبير في العلوم وقد حوى ... محاسن في أوصافه تتعد سخاء وجود عفة ونزاهة ... وفخر على أهل الزمان وسؤدد ويحمل كل الكل إن كان حادث ... وإن جل خطب أو تكدر مورد فهذا به في الحكم تبرأ ذمة ... وهذا له فصل القضاء يقلد وهذا به استدراك ما اختل كله ... وهذا به إصلاح ما كان يفسد فأهلاً وسهلاً مرحباً لقدومه ... له عندنا أعلى مقام وأحمد وسوف يرى من قربنا ما يسره ... ونطرد عنه كل سوء ونبعد بحيث تقر العين منه ولا يرى ... من الدهر في أيامنا ما ينكد ونسعفه في كل ما قد أهمه ... ونبسط في حكم لديه ونعضد ويبلغ في أيامنا غاية المنى ... ويأتيه إحدى العيش فيها وأرغد فإنا رغبنا منه في صالح الدعا ... ولا سيما في الليل إذ يتهجد فناظمها الغوري غاية قصده ... دعا له من مخلص القلب يصعد بعفو وغفران، وحسن عواقب ... وخاتمة بالخير وهو يوحد وبالحشر مع من أنعم الله بالهدى ... عليهم ومن من نوره النار تخمد وبعد صلاة من إلهي دائماً ... على المصطفى، وهو النبي محمد وآل وصحب كلما هبت الصبا ... وناح على الأفنان طير مغرد قلت: ولا شك أن القصيدة الثانية أقرب من الأولى إلى الحسن والرقة وبين القصيدتين فرق ظاهر، وللفاضل الأديب علاء الدين ابن مليك في صاحب الترجمة وولده الولوي مدائح فائقة، وقصد رائقة، ضمنها ديوانه، وكانت وفاة قاضي القضاة شهاب الدين بالقاهرة في سابع جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وتسعمائة. قال الحمصي: شرع في وضوء صلاة الصبح،

فتوفي وهو يتوضأ، وكان مستسقياً. وحمل تابوته الأمراء، وكانت جنازته حافلة، ودفن بالتربة المنسوبة إلى ابن أجا الحلبي كاتب الأسرار بالقرافة بالقرب من الإمام الشافعي - رضي الله تعالى عنه - وصلي عليه غائبة بالجامع الأموي بدمشق يوم الجمعة ثاني شهر رجب سنة إحدى عشر المذكورة رحمه الله تعالى.288 - أحمد بن محمود المالكي: أحمد بن محمود الشيخ شهاب الدين المالكي أحد العدول بباب مدرسة الصالحية بالقاهرة؛ كان عالماً فاضلاً، ومات بالقاهرة حادي عشر شوال سنة اثنتي عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى.289 - أحمد بن ولي الدين الرومي: أحمد بن ولي الدين، العالم الفاضل الشاعر الشهير بأحمد باشا بن المولى ولي لدين الحسيني الرومي الحنفي قرأ على علماء عصره وفضل، وتنقل في المناصب حتى صار قاضي العسكر، ثم جعله السلطان محمد خان الغازي معلماً لنفسه، واشتد ميله إليه حتى استوزره، ثم عزله عن الوزارة لأمر جرى بينهما، وجعله أميراً على بعض البلاد مثل تيرة وأنقرة وبروسا، وكان رفيع القدر، عالي الهمة، كريم الطبع، سخي النفس، ولم يتزوج لعنة كانت به، وكان له نظم منه بالعربية: يا رامي قلبي بسهام اللحظات هيهات نجاتي ما زلت فداك روحي وحياتي من قبل مماتي نمقت إلى بابك قرة عيني ... بالدمع كتابا أشهدت على الوجد مداد ... دواتي سل من عبراتي جلباب دجى صدغك هذا ... قد أصبح مسكا يا ريم لقد أحرق في الصين ... قلوب الظبيات كم تحرق أحشاي وفيك زلال والشارب على منه خضرا ... في ماء الحياة من أحمد في ليله أصداغ ملاح ... لاحت كلماتي من شمها فاز بمسك الدعوات ... حسب الغدوات

ذكر صاحب الشقائق النعمانية أن أحمد باشا أراد أن يعارض بذلك موشحاً للمولى خضر بيك ابن المولى جلال الدين العلامة الملقب بجراب العلم، المتوفي في سنة ثلاث وستين وثمانمائة بمدينة قسطنطينية حين كان قاضياً بها، وهو أول قاض بها من بعد فتحها على يد سلطان محمد خان وهو قوله: يا من ملك الأنس بلطف الملكات في حسن صفات حركت جنوني بفنون الحركات يا جنة ذاتي العارض والخال وأصداغك حفت ... إطراق محياك والجنة كيف احتجبت بالشهوات ... من كل جهات إن ضاق عن الوسع عبارات لساني ... لا عبرة فيها في القلب نكات كتبت بالعبرات ... تحكي نكبات قد سال على بابك أنهار دموعي ... ليلاً ونهاراً فالرحم على السائل أولى الحسنات ... ثم العزمات كرر عدة الوصل وصلها بخلاف ... فالوعد كفاني والصب يرى لذته في الفلوات ... من ذكر فرات لو مرعلى تربة من حيك ... ظل يا مؤنس روحي أحييت عظامي ورفاتي ... من بعد مماتي في خطي إذا نقل من فيه ... مثالاً يحكيك بلطف من شاربك الخضر روي في ... الظلمات عن عين حياتي قلت: عجبت ممن يذكر أن هذا الموشح معارض بالذي قبله فضلاً عن من يدعي معارضته به، وقد توفي أحمد باشا، وهو أمير بروسا في سنة اثنتين وتسعمائة، ودفن بها، وله فيها مدرسة وقبة مبنية على قبره، وقد كتب على بابها تاريخ وفاته. قال في الشقائق والتاريخ: لمحمد ابن أفلاطون نائب لمحكمة بروسا وهو هذا: هذه أنوار مشكاة لمن ... عده الرحمن من ممدوحه فر من أدناس تلك الدار إذ ... كان مشتاقاً إلى سبوحه

قال روح القدس في تاريخه: ... إن في الجنات مأوى روحه 290 - أحمد بن يحيى بن المهندس: أحمد بن يحيى بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عمر بن حسين، الشيخ العالم المورق المتقن شهاب الدين، الشهير بابن المهندس الشيرازي الأصل الدمشقي العاتكي الشافعي. ولد في سنة أربع وثلاثين وثمانمائة. قال النعيمي: رافقناه على جماعة من العلماء، ثم انتهى إليه الاتقان في كتابة الوثائق والتواقيع حتى صار أكبر من يشار إليه في ذلك، وتوفي ليلة الخميس سادس عشري رجب سنة عشر وتسعمائة رحمه الله تعالى. 291 - أحمد بن يوسف الطرابلسي: أحمد بن يوسف القاضي شهاب الدين، الشهير بالطرابلسي المالكي نزيل دمشق. ولد سنة ثمان وثمانمائة فوض إليه نيابة الحكم قاضي القضاة محيي الدين بن عبد الوارث، واستمر على تقوى وحرمة حتى توفي ليلة الأربعاء ثامن رمضان سنة سبع وتسعمائة، ودفن عند قبر الشيخ تقي الحصني برؤوس العمائر. 292 - أحمد بن يوسف المالكي: أحمد بن يوسف المقريء المالكي، العارف بالله تعالى أحد رجال المغرب وأوليائها: كان موجوداً في أول هذا القرن، ومن أصحابه سيدي أحمد البيطار، وستأتي ترجمته في الطبقة الثانية. 293 - أحمد بن يوسف الباعوني: أحمد بن يوسف ابن الشيخ الأديب الفاضل القاضي شهاب الدين ابن القاضي جمال الدين الباعوني الدمشقي الشافعي. ولد سنة تسع وخمسين وثمانمائة، وحفظ المنهاج وغيره، وسمع على عمه البرهان الباعوني، والبرهان بن مفلح، والبرهان الأنصاري المقدسي، والبرهان الأذرعي، وولده الشهاب الأذرعي، والقطب الخيضري، والزين خطاب، وجمع عدة دواوين قال ابن طولون: وكان قليل الفقه، كثير الأدب، وسافر إلى مصر مراراً، وتوفي ليلة السبت حادي عشر رمضان سنة عشر وتسعمائة. 294 - أحمد بن يوسف الخالدي: أحمد بن يوسف الخواجا المتصوف شهاب الدين ابن الشيخ المتصوف المعمر زين الدين الخالدي الدمشقي الحنفي. قال ابن طولون: أنشدني لنفسه في قضاة زمانه: قضاة زماننا احتجوا بعلموما لهم على ذاك اجتماع

فأضحى العلم منفرداً يناديأضاعوني وأي فتى أضاعواتوفي يوم الأحد سابع عشر رجب سنةأربع وعشرين وتسعمائة، وقد بلغ الثمانين عن دنيا واسعة، ودفن بالحمرية على والده رحمه الله تعالى. 295 - أحمد بن شكم: أحمد الشيخ العالم العلامة الصالح الناسخ شهاب الدين الشهير بابن شكم الدمشقي الصالحي. اشتغل على الشيخ بدر الدين ابن قاضي شهبة، والشيخ نجم الدين ابن قاضي عجلون وغيرهما، وكان على طريقة حميدة ساكناً في أموره. مطرحاً، نحيف البدن على وجهه أثر العبادة، وانتفع عليه جماعة من أهل الصالحية وغيرهم في علوم سيما العربية. توفي يوم الأربعاء ثامن عشر رمضان سنة ثلاث وتسعمائة رحمه الله تعالى. 296 - أحمد الغمري: أحمد، الشيخ العارف بالله تعالى سيدي أبو العباس الغمري القاهري، كان رضي الله تعالى عنه جبلاً راسياً، وطوداً راسخاً في العلوم والمعارف، وهو ممن صحبه شيخ الإسلام الجد من أولياء الله تعالى، وكان رضي الله تعالى عنه يحب بناء المساجد والجوامع حتى قيل: إنه بنى خمسين جامعاً منها جامعه المعروف به بمصر، وجامعه بالمحلة. كان معاناً في نقل العمد والرخام وغيرها من الكيمان في الشذرات، والبلاد الكفرية حتى أن عمد جامعه بمصر والمحلة يعجز عن نقلها سلطان، وذكر عنه إمام جامعه بمصر سيدي الشيخ أمين الدين بن النجار أنه أقام صف العمد التي على محراب جامعه المذكور كلها في ليلة واحدة والناس نائمون، وكان الفعلة قد باتوا على أن يقيموها بكرة النهار، فأصبحوا فوجدوا عمد الصف الأول كلها قائمة فقال له بعض من يدل عليه: وعزة ربي لو أنك قلت لجميع هذه العمد: قومي بإذن الله تعالى لم يتخلف منها عمود واحد، وكراماته - رضي الله تعالى عنه - كثيرة مستفيضة، وحكى ولده سيدي أبو الحسن الغمري. قال: كنت مع والدي ومعنا عمود رخام على جملين، فجئنا إلى قنطرة ضيقة لا تسع سوى جمل واحد، فساق الشيخ الجمل الآخر، فمشى على الهواء بالعمود، وكان لا يمكن صغيراً يمزح مع كبير، ولا يمكن أمرد من الأذان في جامعه حتى يلتحي، وكان السلطان قايتياي محمد الناصر يزوره غفلة، فلما ولي قال: أخذنا على غفلة ومناقبه - رضي الله تعالى عنه - لا تحصى. توفى رابع عشر صفر في مصر سنة خمس وتسعمائة، ودفن في جامعه بمصر رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 297 - أحمد بن ماقي: أحمد القاضي شهاب الدين بن ماقي. توفي مطعوناً بدمشق يوم الأربعاء مستهل ربيع الأول سنة تسع بتقديم المثناة وتسعمائة.

298 - أحمد النشيلي: أحمد، الشيخ الفاضل العلامة القاضي شهاب الدين النشيلي الشافعي خليفة الحكم العزيز بالديار المصرية. كان من ندماء السلطان الغوري وخواصه مات في ختام رمضان سنة عشر وتسعمائة، وكان يتهم بمال له صورة، فلم يظهر له أثر بعد موته. 299 - أحمد الفيشي: أحمد القاضي شهاب الدين الفيشي الشافعي خليفة الحكم أيضاً بالقاهرة. توفي يوم الثلاثاء ثالث ذي القعدة سنة عشر وتسعمائة مطعوناً رحمة الله تعالى. 300 - أحمد المنصوري الحنبلي: أحمد القاضي شهاب الدين المنصوري الحنبلي خليفة الحكم بالقاهرة. كان سميناً مفرطاً في السمن، ومات يوم الاثنين تاسع عشري جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وتسعمائة بالقاهرة. 301 - أحمد بن العسكري الحنبلي: أحمد الشيخ الإمام العالم العلامة شهاب الدين ابن العسكري الصالحي الدمشقي مفتي الحنابلة بها، كان صالحاً، ديناً، زاهداً، مباركاً يكتب على الفتيا كتابة عظيمة، ولم يكن له في زمنه نظير في العلم والتواضع والتقشف على طريقة السلف، وكان منقطعاً عن الناس قليل المخالطة لهم، وألف كتاباً في الفقه جمع فيه بين المقنع والتنقيح، ومات قبل تمامه ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وتسعمائة بدمشق، ودفن بالصالحية رحمه الله تعالى. 302 - أحمد الإعزازي: أحمد الشيخ العلامة القاضي شهاب الدين الإعزازي الدمشقي الصالحي، كان صالحاً، مباركاً ديناً. (وناب في القضاء بدمشق، وتوفي بها يوم الجمعة ثالث عشر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، وصلى عليه بالأموي بعد صلاة الجمعة، ودفن بمقبرة باب الصغير، وكانت جنازته حافلة رحمه الله تعالى.303 - أحمد بن كركر: أحمد الشيخ العدل شهاب الدين الدمشقي، الشهير بابن كركر سافر إلى مصر القاهرة صحبة تاج الدين ديوان القلعة، فمرض في بيت الأمير سودون أمير مجلس، ومات يوم السبت تاسع عشر شوال سنة ثلاث عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى.304 - أحمد الخشاب: أحمد الشيخ العلامة شهاب الحموي، ثم الدمشقي الخشاب.

كان من فضلاء الشافعية، وكان خطيباً بجامع القصب، وتوفي في الحجة سنة ثلاث عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى.305 - أحمد بن الفاقوسي: أحمد القاضي شهاب الدي الموقع بديوان السلطان الغوري بالقاهرة، عرف بابن الفاقوسي. مات بالقاهرة في خامس عشر صفر سنة أربع عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 306 - أحمد بن عيد: أحمد القاضي شهاب الدين، الشهير بابن عيد الحنفي، ولي نيابه القضاء بالقاهرة، وسافر إلى دمشق، وولي بها نيابة القضاء عن ابن يوسف، وتزوج بدمشق زوجة القاضي الفاضل إسماعيل الحنفي، وطلع هو وهي إلى بستان بالمزار، فنزل عليه السوقة ليلاً فقتلوه، وقتلوا غلامه، فأصبح نائب الشام سيبائي رسم على زوجته بسببه، وكان ذلك يوم الخميس ثاني عشري الحجة سنة أربع عشرة وتسعمائة. 307 - أحمد بن قطيبا: أحمد الشيخ شهاب الدين الشهير بابن قطيبا القدسي أحد العدول بدمشق، مات يوم الثلاثاء سادس رمضان سنة خمس عشر وتسعمائة بدمشق رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. 308 - أحمد بن الرقام: أحمد القاضي شهاب الدين بن الرقام قاضي تدمر، وأحد الشهود بدمشق. مات بها في رابع عشري جمادى الآخرة سنة ست عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 309 - أحمد الفيومي: أحمد، الشيخ العلامة شهاب الدين الفيومي خطيب جامع برد بيك بدمشق، وهو المعروف بالجامع الجديد خارج بابي الفراديس والفرج، وأخذ عنه الخطابة صاحبه والد شيخنا الشيخ العلامة يونس العيثاوي، واستمرت في يده إلى أن مات. توفي صاحب الترجمة ثاني رمضان سنة سبع عشرة وتسعمائة. 310 - أحمد المغربي: أحمد الشميخ المعتق شهاب الدين أبو العباس المغربي القسطنطيني، ثم القاهري أحد جماعة الشيخ أبي المواهب التونسي المتقدم في المحمدين. كان يجلس متصدراً تجاه رواق المغاربة بالجامع الأزهر في موضع الشيخ أبي المواهب ملازماً لحزب الشيخ أبي المواهب المذكور، وطريقه بعد عصر الجمعة في محفل، وكانت وفاته ليلة الأحد عشري ربيع الأول سنة ثماني عشرة وتسعمائة بالقاهرة.

311 - أحمد الشيشني الحنبلي: أحمد الشيخ العلامة قاضي القضاة شهاب الدين الشيشني المصري الحنبلي، ولي قضاء الحنابلة بمصر سنين، وتوفي في سنة سبع عشرة وتسعمائة، وولي قضاء الحنابلة بعده قاضي القضاة عز الدين، وصلي عليه غائبة بدمشق بالجامع الأموي يوم الجمعة ختام صفرالمذكور رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 312 - أحمد الضرير: أحمد الضرير، الشيخ الصالح أحد تلامذة سيدي عمر الروشني أحد سادات العجم. دخل مصر، ولقيه الشعراوي في سنة نيف وعشر، فذكر عنه في كتاب " البحر المورود، في المواثيق والعهود "، أنه حكي له أن جماعة من العلماء بتبريز اعترضوا على جماعة سيدي عمر الروشني في الصباح، وعقدوا على ذلك عقد مجلس، فنادى الشيخ: أيها الفقراء من كان منا، فليكتم ورده ولا يصح ولا ينطق، فافتتح الشيخ الذكر، فغرقوا فيه، فصار الفقير. يكتم ويخفت نفسه فيموت فمات منهم اثنا عشر رجلاً وغشي على نحو من أربعمائة فقير قال الشيخ أحمد المذكور: فأتوا بي إلى هؤلاء الموتى، فجسستهم بيدي، فوجدت أمعآءهم قد انفتقت واحترقت أكبادهم كأنها شويت على الجمر. قال: فأمسكتها، فتفتتت تحت يدي، ثم إن الشيخ عمر أرسل وراء من كان تولى أمر تلك الواقعة، وجمع العلماء لعقد المجلس، وكان اسمه منلا عبد اللطيف من أعيان المدرسين بتوريز، وقال له: انظر هؤلاء الموتى. هل يقول عاقل قط أن هؤلاء متصنعون سهم الله في البعيد؟ فسقطت عليه داره، فهلك هو وأولاده وعياله وجيله، ولم ينج منهم أحد، وكان يوماً مشهوداً بتوريز رحمه الله تعالى. 313أ - حمد القرعوني: أحمد، الشيخ الصالح المعتقد شهاب الدين القرعوني، ثم الدمشقي. كان من المغالين في اعتقاد الشيخ محيي الدين بن العربي. قال الشيخ عبد الباسط العليوي: وهو ابن بنت أخي القرعوني صاحب الترجمة أخبرني أنه قرأ على ابن حجر، وسنه حيتئذ نحو الثلاثين سنة لكنه لم يشتهر بالحديث، وتوفي يوم الثلائاء خامس عشر الحجة سنة عشرين وتسعمائة بدمشق رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 314 - أحمد أبي عراقية: أحمد، الشيخ الصالح المعتقد المكنى بأبي عراقية. أصله من العجم، وكان مقيماً بدمشق، وكان للأروام فيه اعتقاد. قال ابن طولون: وهو ممن أخذ عنه، وقد أخبرنا كثيراًعن استيلائهم عن هذه البلاد، وعمارتهم عند قبر المحيوي ابن العربي تكية قبل موته، وقد وقع ذلك بعد موته بسنين. ما قال. انتهى.

وكانت وفاته في سنة عشرين وتسعمائة ودفن عند صفة الدعاء أسفل الروضة من سفح قاسيون رحمه الله تعالى. 315 - أحمد الحسيني البخاري: أحمد، الشيخ العارف بالله تعالى، السيد الحسيني البخاري صحب في بداءته الشيخ العارف بالله تعالى خواجه عبيد الله السمرقندي، ثم صحب بأمره الشيخ الإلهي، وسار معه إلى بلاد الروم، وترك أهله وعياله ببخارى، وكان الشيخ الإلهي يعظمه غاية التعظيم، وعين له جانب عيشه، وكان يقول: إن السيد أحمد البخاري صلى بنا الفجر بوضوء العشاء ست سنين، وسئل السيد أحمد عن نومه في تلك المدة. قال: كنت آخذ بغلة الشيخ وحماره في صبيحة كل يوم، وأصعد الجبل لنقل الحطب إلى مطبخ الشيخ، وكنت أرسلهما ليرتعا في الجبل، وأستند إلى شجرة، وأنام ساعة، وذهب بأذن شيخه إلى الحجارة على التجرد والتوكل، وأعطاه الشيخ حماراً وعشرة دراهم، وأخذ من سفرة الشيخ خبزة واحدة، ولم يصحب سوى ذلك إلا مصحفاً ونسخة من المثنوي، فسرق المصحف، وباع المثنوي بمئة درهم، وكان مع ذلك على حسن حال، وسعة نفقة. وجاور بمكة المشرفة قريباً من سنة، ونذر أن يطوف بالكعبة كل يوم سبعاً، ويسعى بين المروتين سبعاً، وكان كل ليلة يطوف تارة، ويتهجد أخرى، وتارة يستريح ولا ينام ساعة مع ضعف بنيته، وزار القدس الشريف وسكنه مدة، ثم رجع إلى شيخه وخدمته ببلدة سيما، ثم وقع في نفسه زيارة مشايخ القسطنطينية، فاستاذن من شيخه فأذن له فذهب إليها، ثم كتب إلى شيخه يرغبه في سكناها، فرحل إليه شيخه، ثم لما مات شيخه صار خليفة في مقامه، ورغب الناس في خدمته حتى تركوا المناصب، واختاروا خدمته، وكان مجلسه عليه الهيبة والوقار، وكان له أشراف على الخواطر، ولا يجري في مجلسه ذكر الدنيا، وكان طريقته الأخذ بالعزيمة، والعمل بالسنة، والتجنب عن البدعة، وترك الصورة والعزلة والجوع، والصمت، وإحياء الليل، وصوم النهار، والمحافظة على الذكر الخفي، وتوفي في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، ودفن عند مسجده، وقبره يزار، ويتبرك به. قيل: ولما وضع في قبره توجه هو بنفسه إلى القبلة، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم رحمه الله تعالى. 316 - أحمد الزواوي: أحمد الزواوي، الشيخ الصالح العابد. أخذ الطريق عن الشيخ شعبان البلقطري، وكان ورده في اليوم والليلة عشرين ألف تسبيحة وأربعين ألف صلاة

على النبي صلى الله عليه وسلم. دخل القاهرة، وكان الغوري قد سافر إلى ابن عثمان، فقال: جئت لأرد ابن عثمان عن مصر، فعارضه الأولياء، وأخذه البطن، فحمل إلى بلده، فمات في الطريق في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 317 - أحمد الفيشي: أحمد الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين الفيشي المالكي خليفة الحكم بالقاهرة، ومفتي المالكية بها، سافر به السلطان سليم إلى الروم، وتوفي بالقسطنطينية، وورد خبره إلى دمشق في رمضان سنة أربع وعشرين وتسعمائة. 318 - أحمد الحسامي: أحمد الشيخ الإمام العلامة، المحقق، المجد، الفقيه، النحوي، الصوفي شهاب الدين الحسامي القاهري الشافعي. كان صالحاً، قانعاً، باراً بأمه، قائماً بمصالحها، صابراً، متواضعاً يخدم نفسه، ويشتري حوائجه من السوق، ويحملها بنفسه، ولا يمكن أحداً يحملها عنه، وكان يتعمم بالقطن من غير قصارة، وثيابة قصيرة اقتداء بالسلف، وكان ملازماً للطهارة لا يكاد يدخل عليه وقت، وهو محدث، وكان كثير الصمت، قليل الكلام، تجلس معه اليوم واليومين، فلا تسمع منه كلمة لغو، وكان كثير الصيام والقيام يقوم النصف الثاني من الليل كل ليلة، وكان يتورع عن صدقات الناس، ولا يقبل هدية من أحد لا يتورع في كسبه، وكان صوفياً. أخذ التصوف عن الشيخ المرصفي، وكان يذهب إلى مجلسه كل يوم جمعة، وكان العلماء مع ذلك يرجعون إليه في المعقولات، ويعدلونه في العربية بابن مالك وابن هشام، وكانت وفاته بالقاهرة يوم الثلاثاء خامس عشر ربيع الثاني سنة خمس وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 319 - أحدم الطواقي: أحمد الشيخ شهاب الدين الطواقي الدمشقي المتصوف. انفرد بإتقان علم الموسيقي، ورحل بسببه إلى الشرق، ثم إلى الروم، ثم قطن دمشق، وسكن بمحلة باب السريجة، وكان يتشكل في لباسه، ويلبس على رأسه مئزراً عسلياً، ويضع على أكتافه مئزراً أخضر، وفي رقبته مسبحة، وبيده اليمنى سجادة، وكان ينظم الشعر، ويعتقد المحيوي بن العربي، ويدعي أنه من ذريته قال ابن طولون وليس كذلك فقد أخبر الثقة ممن يعرفه ويعرف أهله أن أصله تركماني، وكان ينسب إلى معاشرة المرد، وتوفي له ولد، فوجد عليه، وبنى على قبره بيتاً في تربة التوتة قبلي القنوات، ولازمه مدة، وكان الناس يترددون إليه ثمة، ومات قتلاً في أوائل الحجة سنة ست وعشرين وتسعمائة عن سن عالية، ودفن عند ولده رحمهما الله تعالى.

320 - أحمد بن نابتة: أحمد، الشيخ الفاضل الصالح الفقيه المقري شهاب الدين، المعروف بابن نابتة المصري الحنفي. حضر في الفقه طى العلامة الشمس قاسم بن صبغا، وأخذه أيضاً عن الشيخ جلال الدين الطرابلسي، والقراءات عن الشمس الحمصاني، وكان متزهداً متقللاً، وأقبلت عليه الطلبة، واشتغل الناس عليه، وأصيب بالفالج أشهراً، ثم مات به في ليلة الأربعاء حادي عشر ربيع الثاني سنة سبع وعشرين وتسعمائة، وهو في أواخر الثمانين، ودفن بتربة الشيخ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى. 321 - أحمد المنوفي: أحمد، الشيخ الفاضل المحدث المعتقد القاضي شهاب الدين المنوفي الشافعي متولي الظاهرية القديمة بمصر، ولي قضاء بلدة منوف العليا، فباشر القضاء بعفة ونزاهة، وطرد البغايا من تلك الناحية، وأزال المنكرات، واستخلص الحقوق بحيث كانت تأتيه الخصوم من بلاد بعيدة أفواجاً، وتستخلص بهمته وعدله حقوقاً كانت قد ماتت. قال العلائي: وقد أوقفنى على عدة مختصرات له في الفقه، والفرائض، والحساب، والعربية حوت مع الاقتصار فوائد وفرائد خلت منها كثير من المختصرات والمطولات، وكانت وفاته في مستهل شوال سنة سبع وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 322 - أحمد السنباطي: أحمد الشيخ الفاضل الصالح شهاب الدين السنباطي المصري، وهو غير الشيخ شهاب الدين بن عبد الحق السنباطي، فإنه متأخر عن هذه الطبقة، وكان صاحب الترجمة شاهداً بحارة عبد الباسط. قال العلائي: وهو آخر من يروي عن ابن حجر والخطيب الرشيدي. توفي في أواخر رجب سنة ثمان وعشرين وتسعمائة. 323 - أحمد الراعي: أحمد، الشيخ الفاضل العريق المعتبر شهاب الدين ابن الشيخ العالم، المعروف بالراعي شارح الجرومية. قال العلائي: وهو ممن سمع على شيخ الإسلام ابن حجر، وتقدم في صناعة التوريق والتسجيل. واعتبر، وله فيه مصنفات، وتوفي في تاسع جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 324 - أحمد أبو طاقية: أحمد. الشيخ المعتقد أبو طاقية المصري. كانت الجراكسة وغيرهم يعتقدونه ويجيئون إليه، وكان يلبس عليه عرقية بغير عمامة، وجبة صوف صيفاً

وشتاء، وكان منفرداً لا عيال له. ولا أهل. وجد ميتاً بحجرته بالمدرسة البندقدارية قد تدلى لسانه وتمزق بدنه كأنه أكل شيئاً مسموماً بحيث غسل بخمس روايا، وحفظ بدنه بأربعة أرطال من القطن وورق الموز، وكان ذلك يوم السبت خامس عشري شعبان سنة ثمان وعشر وتسعمائة، ووجد عنده ما يقرب من الذي دينار. 325 - أحمد البهلول: أحمد البهلول المصري أحد أصحاب الشيخ شعبان البلقطري كان سيدي محمد ابن عنان يعظمه، وله كرامات وخوارق، وكان يقول: لا تدفنوني إلا خارج باب القرافة في الشارع، ولا تجعلوا لقبري شاهداً، ودعوا الناس والبهائم تمشي علي، فقيل له: قد عملنا لك قبراً في جامع بطيحة. فقال: إن قدرتم أن تحملوني، فافعلوا، فلما مات عجزوا أن يحركوا النعش إلى ناحية جامع بطيحة، فلما حملوه إلى ناحية القرافة خف علي وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 326 - أحمد البحيري: أحمد الشيخ العلامة المفنن السالك الشاعر المعمر شهاب الدين البحيري المصري المالكي. حفظ القرآن العظيم، وسلك في شبوبيته على الشيخ العالم الزاهد الناسك أبي العباس المرسي مريد الشيخ الملك محمد الحنفي الشاذلي، وأخذ الشيخ مدين، واستقل في العلم، وأمعن في العربية ولا سيما التصريف، وألف فيه شرحا جيداً على المراح، وتب بخطه كثيراً، ومما كتب شرح مسلم للابي، وأخذ الفقه عن الشيخ يحيى العلمي، وله نظم جيد وألغاز، وكان قانعاً متقللاً، وتزوج وهو شاب، ثم تجرد، وتوفي خامس شوال سنة تسع وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 327 - أحمد السهروردي: أحمد الشيخ شهاب الدين السهروردي المصري. كان بيده جهات كثيرة، وأنظار، وسافر إلى الروم، وعاد إلى مصر، فتوفي بها في ليلة الاثنين أو صبيحته تاسع جمادى الأولى سنة ثلاثين وتسعمائة. 328 - أحمد الخجا ناظر الجامع الأموي: أحمد الطالشي العجمي، المشهور بالخجا ناظر الجامع الأموي نحو سنة، فقطع جوامك أكثر مرتزقته، ونقص من مؤذنيه ومؤقتيه وأئمته ومدرسيه، وأبطل أموراً، ورتب فيه قراء يقرأون الربعة الشريفة تحت قبة النسر، وعدتهم ستون نفراً، ووضع يده على أنظار المدارس التي حول الجامع، ومات يوم الأحد خامس عشري شعبان سنة ثلاثين وتسعمائة.

329 - أحمد ابن الجيعان: أحمد القاضي شهاب الدين بن الجيعان نائب كتابة السر بمصر، وأحد أعيانها. قبض عليه في فتنة أحمد باشا لما ادعى السلطنة بمصر لنفسه، وبعث السلطان سليمان إليه إبراهيم باشا في عساكر ثخينة فقتله، واتهم بإغراء أحمد باشا على طلب السلطنة جماعة من أعيان مصر منهم القاضي شهاب الدين بن الجيعان صاحب الترجمة، والشيخ شمس الدين الدمياطي، فقبض عليهما، ثم أخرج ابن الجيعان من العرفانة، فشنق بعد أن طلب من الجلاد أن يخليه ليصلي ركعتين فصلى، ثم شنق في يوم الخميس تاسع عشري رجب سنة ثلاثين وتسعمائة، وطالت مدة حبس الدمياطي، ثم أخذت منه أموال وأطلق. 330 - أحمد باشا الطاغية: أحمد باشا الطاغية، كان من خواص مماليك السلطان سليم بن السلطان أبي يزيد بن عثمان، ولما استعفى الوزير محمد الجمالي، المعروف ببيري باشا من الوزارة العظمى تقدم إلى التصدي لها أحمد باشا المذكور، وكان ميل السلطان سليمان إلى تصدير إبراهيم باشا، فأعمل السلطان سليمان الفكر في دفعه، فأنعم عليه بنيابة مصر، وأعطاها له تيماراً ليستجلب خاطره، ويستشلحه عن الوزارة العظمى، فسافر إلى مصر، فدخلها في صبيحة الأحد ثامن عشر شوال سنة تسع وعشرين وتسعمائة، ومعه الأمير جانم الحمزاوي، والأمير إبراهيم المرقباني، واستولى عليها، وأظهر الطغيان والتجبر، وصادر أكابرها في الأموال، وقتل جماعة من أمرائها، وكان ممن قبض عليه جانم الحمزاوي الذي أقامه الخنكار معه مرجعاً ومستشاراً وعمدة في المملكة، والأمير فارس، وضم إليهما الأمير إبراهيم المرقباني صورة، فإنه كان من أعوانه وخواصه، واعتقلهم أياماً، ثم أحضر مباشري الأمير فارس، وعذبهم عذاباً شديداً بحيث قطع من لحومهم، وأطعمهم منها، فاعترفوا بما ليس عليهم، فعاتبه الأمير فارس على ذلك، وويخه وقال له: لأخبرن السلطان سليمان بتفاصيل أفعالك، فأمر بضرب عنقه، فضربت عنق الأمير فارس، في الحال، ثم ضيق على الأمير جانم لحمزاوي، وطلب منه مائة وستين ألف دينار، وحبسه، فتكلم في أمره قرا موسى، والأمير محمد بيك الرومي، والأمير داود بيك، وشفعوا فيه عنده، فلم يقبل شفاعتهم، فحنقوا عليه، ثم أمر بقتل قرا موسى في قصص طويلة، ثم تطاول إلى السلطنة بمصر وقال: إن السلطان سليمان قد سمح له بذلك، فادعى السلطنة لنفسه، وأمر أن يخطب باسمه في المنابر، وأن تضرب سكه الدنانير والدراهم باسمه، ورتب عسكراً من الجراكسة والعوانية والعامة، وعصى عليه أهل قلعة الجبل وحاصرها، وصمم الينكجرية على عدم التسليم له، وقالوا: نحن مماليك السلطان الحافظون لقلعته، فإن ورد علينا أمر منه نتركها ونسلمها، وإلا نحن باقون على دركنا لا ندعه أبداً بعد أن أرسل إليهم في ذلك بعض أكابر مصر، فأجابوا بذلك، فابتدأ الحصار من يوم

الاثنين تاسع عشر ربيع الأول سنة ثلاثين وتسعمائة، واستمر على ذلك يعمل الحيل البالغة في أخذها، حتى دخلها في مستهل ربيع الثاني من السنة المذكورة، فقبض على من فيها، وقتل أئمة الجوامع والمؤذنين، وهبروا بالسيوف نحو ألف نفس ممن فيها، ولم يرحموا صغيراً ولا كبيراً بحيث كان المقتول في هذه الحادثة من الفريقين من الينكجرية نحو ألف وخمسمائة، ومن الجراكسة نحو ستمائة، ومن العوام نحو ألف وانتهب بيوت من بقي من الينكجرية، واستباحوا حريمهم، ثم أمر بإعادة بعض ما انتهب منهم، وأحضر القضاة يوم الخميس سادس ربيع الثاني المذكور، وابن الخليفة في بيت طراباي، وطلب منهم المبايعة على السلطنة بمصر وأعمالها، ولبس شعار الملوك، ثم برز به جهاراً إلى المقعد على رؤوس الإشهاد زاعماً أن السلطان سليمان - رحمه الله تعالى - من عليه بذلك في نصرته بفتح رودس حين البيعة بها بحسن صنيعه. ثم أخذ بعد ذلك في مصادرة الأكابر كالأمير جانم الحمزاوي طلب منه مائة وخمسين ألف دينار، وكذلك قاضي القضاة الشافعية شرف الدين البرديني، والقاضي بدر الدين بن الوقاد السعودي، والخواجا بن عبد الله، والخواجا قاسم الشرواني، والخواجا عبد الرحمن بن الجمال، والخواجا بن الصيرفي الإسكندري، وطلب من كل واحد منهم مائة ألف دينار، وأحضرهم في مجلس واحد، وأحضر معهم جماعة من أعيان اليهود وغيرهم، فأمر بتعذيبهم بحضرتهم بأنواع العذاب حيث مات بعضهم، فقال القاضي بدر الدين: هذا لا يحل، واستغاث. فقال له: ليس هذا غيرة للإسلام، وإنما هو توجع لليهود المعاملين لك، وقيل: إنه أمر بضرب القاضي شرف الدين والتضييق عليه، وأمر بضرب جماعة من التجار مقارع وكسارات، ثم صادر الخواجا أبا سعيد كبير المغاربة، وأخذ منه ومن المغاربة أموالاً كثيرة، وكذلك من اليهود والنصارى، وكان يساعده على ذلك ويفقهه في المظالم جماعة منهم الأمير إبراهيم المرقباني، فكان من تدبيره السيئ أن سعى عند أحمد باشا في أمان عبد الدائم بن بقر الذي كان السلطان الغوري قد حبسه لفساده في بعض الأبراج، فأطلقه وضمنه البلاد الشرقية، فالتزم بها بثلاثين ألف دينار يجمعها من العربان، وضمنه المرقباني المذكور، فحذره منه فقال: إن حصل منه خلل اشنقني فاتفق أن عبد الدائم أظهر العصيان، وانحاز إلى برج دمياط، فقال أحمد باشا للمرقباني: أنت قلت في ضمانك إن حصل منه خلل اشنقني فأمر بشنقه، وصدق عليه من أعان ظالماً سقط عليه ثم أصر أحمد باشا على هذه الاحوال أياماً، وكان ذلك بإغراء قاضي زاده الإردبيلي، واستمالته لأحمد باشا عن اعتقاد أهل السنة إلى اعتقاد إسماعيل شاه،

ومذهب الإمامية وإباحته له أموال أهل السنة فيما نقله العلائي. فلما كان ضحوة يوم الاثنين سابع عشر ربيع الثاني المذكور حسن عند أحمد باشا النزول إلى حمام خشقدم الزمان برأس الرميلة، وكان أخبر أهل التقويم بحدوث عارض كبير، وضرب سيف في الحمام المذكور، فدخلها وأمر جماعة من الجراكسة ومماليكه أن يحرسوا درب الحمام، فبلغ الأمراء بمصر منهم الأمير جانم الحمزاوي، والأمير محمد بيك الرومي، والأمير تنم ناظر الدشيشة، والأمير علي ابن عمر أنه دخل الحمام، فنزلوا إليه وبعثوا جماعة يقتحمون عليه الحمام، فمانعهم المماليك والجراكسة وجماعة، ووقع بعضهم في بعض حتى قتل بينهم نحو ستين نفساً، فلما بلغه الخبر وهو بالحمام استغاث بالحمامي، فأخرجه من المستوقد، ثم ألبس قفطاناً أخضر، وركب فرساً، ودار من جانب باب القرافة، وانحاز إلى المبيت، فلم يظفر بشيء من المال، فنزل عند المساء في نحو خمسة عشر نفساً من جماعته، فتوجهوا إلى بركة الحاج، ثم انحاز إلى عبد الدائم بن بقر فخرج في أثره الأمير جانم والأمير تنم في نحو خمسمائة نفس، فاستكشفوا أمره، فوجدوا معه قبائل من العربان والجراكسة والعثمانية مناهم بأمور منها أن يبيح لهم القاهرة وأعمالها، وأن يسامع العربان في الخراج ثلاث سنين، فلم يجدوا لهم بهم طاقة، فرجعوا إلى مصر يوم الخميس عشري ربيع الثاني المذكور، فتبعهم بعض جماعة أحمد باشا، فقطعوا منهم رأس بدوي وجركسي، وعلقا بباب زويلة، ثم قبضا في اليوم المذكور على هامان أحمد باشا قاضي زاده، فقطعت رأسه، وعلقت بباب زويلة أيضاً، ثم اجتمعت الأمراء، وأقيم الأمير تنم باشا على الجراكسة، ونودي لهم بالأمان، والأمير جانم باشا على الينكجرية، والأمير محمد بيك محافظاً للقلعة، ثم اجتمعوا أسفل مدرسة السلطان حسن، فكتبوا وصرفت عليهم نفقاتهم، وحرض عليهم الأمير تنم في المصادقة مع السلطان سليمان حفظاً لمهجهم، ثم نودي بأن النفير عام، فتأهب لذلك طوائف من الروم، والعجم، وأهل الشام، والمغاربة والعوام. وطلبوا القضاة، وطلعوا إلى القلعة، وانكشف أمر أحمد باشا بأنه داعية لإسماعيل شاه الصوفي في سفارة قاضي زاده وتسويله، ووجدوا تاجاً عنده من شعار الصوفي، واستفيض أنه استحل قتل أهل السنة، وسلب أموالهم، وعزم على تقديم الاثني عشر إماماً على اعتقاد الرافضة، واظهار ذلك على المنابر وغير ذلك بحيث ثبت عندهم كفره، ثم ركب القضاة الأربعة في محفل عظيم، والتاج على رمح، والمنادي ينادي أمامهم وسط القصبة إن أحمد باشا ثبت كفره وإظهاره شعار الصوفي، فعليكم بالجهاد فيه، وإن يقاتل كل إنسان عن نفسه وعن عياله، ومن لم يخرج بنفسه أعطى دراهم للبدل عنه، ثم توجه الأمير جانم الحمزاوي، والأمير تنم في نحو الذي نفس، وثمان عربات، وحصل بينهم مجاوشات قتل فيها خلالق، ثم حصل فيما قبل اختلاف بين العربان الذين اجتمعوا على أحمد باشا، فافترقوا فرقتين بين حرام وبين وائل، واقتتلا فقتل بينهم نحو المائة، ثم وصل إلى الإسكندرية ألف ينكجري من الروم بعثهم السلطان سليمان لحفظ بعض الأبراج، فصادف وصولهم هذه الحادثة، فتلائموا على عسكر السلطان، واجتمعوا على قتال أحمد باشا ومن معه، فاجتمع الأمير أحمد بن بقر شيخ عرب الشرقية من أعمال مصر بأولاده الثلاثة المطيعين، وبعثوا إلى عبد الدائم، فقال له أبوه الأمير أحمد: يا ولدي إما أن ترجع إلى الله تعالى وتكفينا شر سطوة السلطان سليمان، وترحم نفسك، وترحمنا وتعدل عن صحبة أحمد باشا ونصرته ونقبض عليه، وإلا هلكنا عن آخرنا، فإن الأمور تضايقت، وقد وصل طلاع عسكر السلطان سليمان إلى مصر، فانحل عبد الدائم عن أحمد باشا، وانفلت عنه العربان، وغالب الجراكسة، فلما علم ضعف حاله، وانقلال الخلق عنه قصد أن يعدي إلى زفتة، فنزل هو وستة أنفار من خواصه، فلما وصل إلى البر دهمته عربان الأمير حسام الدين ابن بغداد، فتوارى منهم، وتنكر بلبس عباءة خولي، فلما فقدوه تتبعوا أمره، واستقصوا عليه حتى قبض عليه وعلى من معه، فقطعت أعناقهم، وعلق رأس أحمد باشا في صنجقة، وركب القضاة والأعيان، واشتهرت ونودي عليها بعد أن زينت مصر والقاهرة، وفرج عن الناس كرب كثير، وذلك يوم السبت التاسع والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة ثلاثين وتسعمائة، ثم علقت رأسه على باب زويلة، ثم جهزت إلى السلطان سليمان - رحمه الله تعالى - في ثالث جمادى الأولى، وضبط الأمراء مصر إلى أن وردها مصطفى باشا. عن نفسه وعن عياله، ومن لم يخرج بنفسه أعطى دراهم للبدل عنه، ثم توجه الأمير جانم الحمزاوي، والأمير تنم في نحو الذي نفس، وثمان عربات، وحصل بينهم مجاوشات قتل فيها خلالق، ثم حصل فيما قبل اختلاف بين العربان الذين اجتمعوا على أحمد باشا، فافترقوا فرقتين بين حرام وبين وائل،

واقتتلا فقتل بينهم نحو المائة، ثم وصل إلى الإسكندرية ألف ينكجري من الروم بعثهم السلطان سليمان لحفظ بعض الأبراج، فصادف وصولهم هذه الحادثة، فتلائموا على عسكر السلطان، واجتمعوا على قتال أحمد باشا ومن معه، فاجتمع الأمير أحمد بن بقر شيخ عرب الشرقية من أعمال مصر بأولاده الثلاثة المطيعين، وبعثوا إلى عبد الدائم، فقال له أبوه الأمير أحمد: يا ولدي إما أن ترجع إلى الله تعالى وتكفينا شر سطوة السلطان سليمان، وترحم نفسك، وترحمنا وتعدل عن صحبة أحمد باشا ونصرته ونقبض عليه، وإلا هلكنا عن آخرنا، فإن الأمور تضايقت، وقد وصل طلاع عسكر السلطان سليمان إلى مصر، فانحل عبد الدائم عن أحمد باشا، وانفلت عنه العربان، وغالب الجراكسة، فلما علم ضعف حاله، وانقلال الخلق عنه قصد أن يعدي إلى زفتة، فنزل هو وستة أنفار من خواصه، فلما وصل إلى البر دهمته عربان الأمير حسام الدين ابن بغداد، فتوارى منهم، وتنكر بلبس عباءة خولي، فلما فقدوه تتبعوا أمره، واستقصوا عليه حتى قبض عليه وعلى من معه، فقطعت أعناقهم، وعلق رأس أحمد باشا في صنجقة، وركب القضاة والأعيان، واشتهرت ونودي عليها بعد أن زينت مصر والقاهرة، وفرج عن الناس كرب كثير، وذلك يوم السبت التاسع والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة ثلاثين وتسعمائة، ثم علقت رأسه على باب زويلة، ثم جهزت إلى السلطان سليمان - رحمه الله تعالى - في ثالث جمادى الأولى، وضبط الأمراء مصر إلى أن وردها مصطفى باشا. 331 - إدريس بن حسام الدين البدليسي: إدريس بن حسام الدين، العالم الفاضل المولى البدليسي العجمي، ثم الرومي الحنفي. قال في الشقائق: كان موقعاً لديوان أمراء العجم، ولما حدثت فتنة ابن أردويل ارتحل إلى الروم، فأكرمه السلطان أبو يزيد غاية الإكرام، وعين له مشاهرة ومسانهة، وعاش في كنف حمايته عيشة راضية، وأمره أن ينشيء تواريخ آل عثمان بالفارسية فصنفها، وكان عديم النظير، فاقد القرين بحيث أنسى الأقدمين، ولم يبلغ إشاءه أحد من المتأخرين، وله قصائد بالعربية والفارسية تفوت الحصر، وله رسائل عجيبة في مطالب متفرقة، وبالجملة كان من نوادر الدهر، ومفردات العصر. توفي في أوائل سلطنة السلطان سليمان خان رحمه الله تعالى. 332 - إدريس بن عبد الله اليمني: إدريس بن عبد الله، الشيخ الفاضل، اليمني،

الشافعي نزيل دمشق. كان من أصحاب شيخ الإسلام الوالد ممن حضر، وشملته إجازته، وكان قد عزم على قراءة المنهاج عليه وعلى غيره والاشتغال، فعاجلته المنية سنة تسع بتقديم المثناة وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 333 - إدريس المؤرخ المارديني: إدريس، الشيخ الفاضل، العالم المؤرخ المنشيء صدر الدين المارديني القاهر. توفي بها في سنة سبع بتأخير الموحدة وعشرين وتسعمائة. 334 - إسماعيل خطيب السقيفة: إسماعيل بن محمد ابن الشيخ علي العلامة عماد الدين السيوفي الدمشقي الشافعي، الشهير بخطيب جامع السقيفة بباب توما بدمشق. ولد في مستهل ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وقرأ في القرآن العظيم على الشمس بن النجار، وحفظ التنبيه، ومنهاج البيضاوي، والشاطبية، وعرض على الشيخ تقي الدين الحريري، والشيخ برهان الدين الباعوني، والشيخ علاء الدين البخاري، وسمع بقراءة القطب الخيضري، وعلي الخردفوشي، وابن بردس، وابن الطحان وغيرهم، وجلس في أول أمره بمركز الشهود، وخطب بجامع السقيفة، وكان فيه دهاء وحيلة، وهو والد الشيخ العلامة شمس الدين، الشهير بابن خطيب السقيفة بينه وبينه في السن إحدى عشرة سنة لا تزيد ولا تنقص، فإن مولد ولده سنة أربع وأربعين وثمانمائة في ربيع الأول أيضاً كما حرر النعيمي مولاهما، وهو أمر غريب لا يكاد يتفق، وكانت وفاة الشيخ شمس الدين قبل أبيه يوم الأحد ثاني صفر سنة سبع وتسعين وثمانمائة، وتوفي والده الشيخ عماد الدين صاحب الترجمة يوم الخميس ثاني عشري ربيع الأول سنة إحدى وتسعمائة، ودفن عند ولده جوار الشيخ أرسلان - رضي الله تعالى عنه - قال النعيمي: وبه انقرض ذكر بيت السقيفة. 335 - إسماعيل بن اكرم العنابي: إسماعيل بن محمد الفاضل الأمير عماد الدين أبو الفدا ابن الأمير ناصر الدين بن الأكرم العنابي الدمشقي. سمع شيئاً من البخاري على البدر بن نبهان، والجمال بن المبرد، وولى أمرة التركمان في الدولتين الجراكسية والعثمانية، ونيابة القلعة في أيام خروج الغزالي على ابن عثمان، وكان في مبدأ أمره من أفقر بني الأكرم، فحصل دنيا عريضة، وجهات كثيرة، وفي آخر عمره انتقل من العنابة، وعمر له بيتاً غربي المدرسة المقدمية داخل دمشق، وكان عنده تودد لطلبة العلم، ومحبة لهم واعتقاد في

الصالدين، وبعض إحسان إليهم. خرج مع نائب دمشق إلى قتال اللدروز، فتضعف في البقاع، ورجع منه في شقدوف إلى أن وصل إلى قرية دمر، فمات بها أو في الطريق منها، وحمل إلى دمشق وهو ميت، فغسل بمنزله الجديد، وصلي عليه عند مقصورة الأموي، ودفن بالعنابة، وحضر جنازته السيد كمال الدين بن حمزة والأعيان، وكان موته في صبيحة الخميس حادي عشر المحرم سنة ثلاثين وتسعمائة عن نحو سبعين سنة رحمه الله تعالى. 336 - إسماعيل بن عبد الله الصالحي: إسماعيل بن عبد الله الصالحي، الشيخ الصالح الموله، قرأ القرآن بمدرسة الشيخ أبي عمر، جف دماغه بسبب كثرة القراءة، فزال عقله، وقيل: عشق فعف، وكان في جذبه كثير التلاوة، ويتكلم بكلمات حسنة، وللناس فيه اعتقاد حتى الأعيان، وكان يلازم الجامع الجديد، وجامع الأفرم بالصالحية قال ابن طولون: وأنشدني: إذا المرء عوفي في جسمه ... وملكه الله قلباً قنوعاً وألقى المطالع عن نفسه ... فذاك الغني وإن مات جوعاً توفي في تاسع عشري رمضان سنة تسعمائة، ودفن بالروضة من جهة الشرق بالقرب من قبر ابن مالك بالسفح، وكانت له جنازة حافلة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 337 - إسماعيل بن قاسم الموقع: إسماعيل بن قاسم بن طوغان، الشيخ الصالح عماد الدين الشهير بابن الموقع الدمشقي. ولد سنة خمس وأربعين وثمانمائة. قال الحمصي: وكان مباركاً. وتوفي يوم الاثنين ثامن عشر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، ودفن بباب الصغير. 338 - إسماعيل الشويكي: إسماعيل، الشيخ الصالح عماد الدين النحاس، الشهير بالشويكي ثم الدمشقي الشافعي. ولد سنة ست وعشرين وثمانمائة، واشغل في العلم على جماعة، وكانت وفاته في عشرين رمضان سنة سبع وتسعمائة رحمه الله تعالى. 339 - إسماعيل الزاهر: إسماعيل الفرا، الشيخ العارف بالله تعالى الولي المعتقد، المعروف بالزاهر القاهري. كان صديقا لشيخ الإسلام الجد، وهو ممن اصطحب لهم في طريق الله تعالى من الأولياء، والصالدين، واجتمع به شيخ الإسلام الوالد، وضمن لوالده أن

يكون من أهل العلم والصلاح، فوفى الله تعالى عنه ما ضمنه، وكان الأمر كذلك ولله الحمد. توفي بالقاهرة سنة سبع وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بدمشق بعد صلاة الجمعة في الجامع الأموي سابع شعبان من السنة المذكورة كما ذكره ابن طولون في تاريخه رحمه الله تعالى. 340 - إلياس الرومي: إلياس العالم الفاضل المولى شعاع الدين الرومي. كان من نواحي قسطمون، واشتغل في العلم، وتقدم في الفضل حتى صار معيداً لدرس المولى الفاضل خواجه زاده، ثم اشتغل في التدريس حتى صار مدرساً بإحدى الثماني بإسلام بول، ثم أعطي تقاعداً، وكان كريم النفس، متخشعاً، مشتغلاً بنفسه، منقطعاً عن الخلق، ويقال: أنه جاوز التسعين، ومات سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، وله شريك في لقبه سيأتي في جزء الشين المعجمة رحمه الله تعالى. 341 - أمر الله ابن آق شمس الدين: أمر الله بن محمد بن حمزة، الشيخ العارف بالله تعالى المولى ابن الشيخ العارف بالله تعالى، المعروف بآق شمس الدين الدمشقي الأصل الرومي المولد والمنشأ. قرأ على علماء عصره، ثم اتصل بخدمة المولى الفاضل الشهير بالخيالي، ولما توفي والده أخذت أوقافه من يده، فجاء شاكياً إلى السلطان محمد خان بن عثمان، فعوضه الوزير محمد باش القراماني عن أوقاف والده بتولية أوقاف الأمير البخاري بمدينة بروسا، وصار متولياً على أوقاف السلطان مراد خان بها أيضاً، ثم ابتلي بمرض النقرس، واختلت منه رجلاه واحدى يديه، فأعطي تقاعداً. وأقعد سنين كثيرة حتى مات، وكان يبكي كل وقت، ويقول: ما أصابتني هذه البلية إلا بترك وصية والدي، وكان يوصي أولاده أن لا يقبلوا منصب القضاء والتولية. وكانت وفاته في سنة تسع وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً. 342 - أمة الخالق: أمة الخالق الشيخة الأصلية المعمرة أم الخير. ولدت سنة إحدى عشرة وثمانمائة، وحضرت على الجمال الحنبلي، وأجاز لها الشرف ابن الكويك وغيره. وهي آخر من يروي عن أصحاب الحجاز. نزل أهل الأرض درجة في رواية البخاري بموتها، وكانت وفاتها في سنة اثنتين وتسعمائة رحمها الله تعالى رحمة واسعة.

حرف الباء الموحدة

343 - أم الهنا: أم الهنا بنت محمد الشيخة المباركة الصالحة بنت القاضي ناصر الدين البدراني المصرية. قال الحمصي: كانت فاضلة، ولها رواية في الحديث. توفيت في ثامن جمادى الأولى سنة إحدى عشرة وتسعمائة، ودفنت بالقرب من ضريح سيدي العارف بالله تعالى عبد الله المتوفي بالقاهرة رحمها الله تعالى. حرف الباء الموحدة من الطبقة الأولى 344 - باشا جلبي الرومي: باشا جلبي، العالم المولى ابن المولى زيرك الرومي الحنفي. كان من الأفاضل، وله ذكاء تام ولطف محاورة. تخزج عنده كثير من الطلبة، وكان من مشاهير المدرسين، وتنقل في التداريس حتى ولي تدريس إحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنة، وتوفي وهو مدرس بها في أوائل سلطنة السلطان سليم خان ابن السلطان بايزيد، وله شريك في اسمه في الطبقة الثانية رحمه الله تعالى. 345 - باكير الرومي: باكير، الشيخ الفاضل تقي الدين الرومي ناظر التكية السليمية، ولي نظارة الجامع الأموي، ودخل دمشق ... ونزل عند شيخ الإسلام الجد، وكان من أصحابه وتلاميذه وترجمه بالولاية والفضل، ثم عزل من الجامع الأموي، وأعطي تولية التكية السسليمية، ثم عزل عنها بالشيخ أبي الفتح بن مظفر الدين المكي، ثم سافر إلى بلاد الروم، وعاد بتولية الجامع، وتولية التكية جميعاً، ودخل دمشق عاشر رجب سنة ست وعشرين وتسعمائة، فصرفه نائب الشام في تولية التكية دون الجامع، ثم كانت وفاته ليلة الجمعة خامس الحجة الحرام سنة ست وعشرين المذكورة، ودفن بالقرب من الشيخ محيي الدين بن العربي تحت السماء رحمه الله تعالى. 346 - بالي الأيدي: بالي الأيدي، المولى العالم الفاضل الرومي الحنفي. أخذ العلم عن علماء عصره، واتصل بخدمة المولى خطيب زاده، ثم بخدمة المولى سنان جلبي، ثم تنقل في التداريس حتى صار مدرساً باحدى الثماني، ثم تقاعد عنها بثمانين عثمانياً، ثم أعطي قضاء بروسا، ثم أعيد إلى إحدى الثماني، ثم ولي قضاء بروسا ثانياً، ثم أعيد إلى إحدى

الثماني، واستمر حتى مات وهو مدرس بها، وكان له مشاركة جيدة في سائر العلوم قادراً على حل غوامضها. قوي الحفظ. مكباً على الاشتغال حتى سقط مرة عن فرسه. فانكسرت رجله، فاستمر ملقى على ظهره مدة شهرين أو كثر، ولم يترك درسه في المدة، واقتنى كتباً كثيرة، وألف رسالة أجاب فيها عن إشكالات المولى سيدي الحميدي، وكانت وفاته في سنة تسع بتقديم المثناة وعشرين وتسعمائة، ودفن عند مسجده بالقسطنطينية رحمه الله تعالى. 347 - بخشي خليفة الرومي: بخشي خليفة المولى الفاضل الأماسي الرومي الحنفي. اشتغل في العلم بأماسة على علمائها، ثم رحل إلى ديار العرب، فأخذ عن علمائهم، وصار له يد طولى في الفقه والتفسير، وكان يحفظ منه كثيراً، وله مشاركة في سائر العلوم، وكان كثيراً ما يجلس للوعظ والتذكير، وغلب عليه التصوف، فنال منه منالاً جليلاً، وفتح عليه بأمور خارقة حتى كان ربما يقول: رأيت في اللوح المحفوظ مسطوراً كذا وكذا، فلا يخطيء أصلاً، ويكون الأمر كما قال، وله رسالة كبيرة جمع فيها ما اتفق له من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وكان خاضعاً خاشعاً متورعاً متشرعاً يلبس الثياب الخشنة، ويرضى بالعيش القليل. توفي بعد الثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 348 - برادر الرومي: برادر بكسر الموحدة وبالراء بعدها دال مهملة مفتوحة، ثم راء آخر الحروف المنلا برادر الرومي العثماني الكاتب الفاضل نزيل رواق الأروام بالجامع الأزهر سنين كثيرة. كان فصيحاً في التركية، والفارسية، والعربية، كاتباً، منشئاً، عارفاً، عفيفاً نظيفاً، قنوعاً. توفي بالقاهرة ليلة الثلاثاء ثالث صفر سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة. 349 - بركات بن محمد الشريف: بركان بن محمد الشريف أمير مكة وسلطانها. توفي بمكة ليلة الأربعاء رابع عشري القعدة سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، وتولى مكانه ولده أبو نمي بن بركات. ذكره العلائي في تاريخه استطراداً رحمه الله تعالى. 350 - بركات بن إبراهيم الأذرعي: بركات بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، الشيخ الإمام الفاضل زين الدين، وقال النعيمي محب الدين الأذرعي الدمشقي العاتكي الشافعي الشهير بابن سقط: ولد في سابع عشر شعبان سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة. قال الحمصي: وكان من أهل الفضل، وكان أحد عدول دمشق. توفي ليلة الجمعة ثاني عشر شوال سنة تسع عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى.

351 - بركات بن أحمد بن الكيال: بركات بن أحمد بن محمد بن يوسف بن محمد الشيخ العالم الصالح الواعظ زين الدين الدمشقي الصالحي، الشهير بابن الكيال. ولد كما روى بخطه سنة ثلاث وستين وثمانمائة، وكان في ابتداء أمره تاجراً، ثم ترك التجارة بعد أن ترتب عليه ديون كثيرة، ولازم الشيخ برهان الدين التاجي زماناً طويلاً، وانتفع به قال الحمصي: وقرأ عليه صحيح البخاري كاملاً، وكتب من مصنفاته، ودرس بالجامع الأموي في علم الحديث، وكان متقناً محرراً، وخرج أحاديث مسند الفردوس، وانتفع الناس به وبوعظ وحديثه. قال ابن طولون: ورأس بعد موت شيخه، ولازم الجامع الأموي تجاه محراب الحنابلة، ووعظ بمسجد الأقصاب، وجامع الجوزة وغيرهما، وخطب بالصابونية سنين وحصل دنيا كثيرة، وصنف عدة كتب. قلت: ومنها كتاب " حياة القلوب، ونيل المطلوب " في الوعظ، ومنها " الكواكب الزاهرات، في معرفة من اختلط من الرواة الثقات "، في علم الحديث، ومنها " أسنى المقاصد، في معرفة حقوق والولد على الوالد "، ومنها الجواهر الزواهي، في ذم الملاعب والملاهي "، ومنها والأنجم الزواهر، في تحريم القراءة بلحون أهل الفسق والكبائر " كما نقلت ذلك من خطه وطالعت المؤلفين الأخيرين من مؤلفاته بخطه والظاهر أن عربيته كانت قليلة، وكانت وفاته يوم الأحد ثامن أو تاسع ربيع الأول سنة تسع وعشرين وتسعمائة. قال الحمصي: وسبب موته أنه خرج من بيته لصلاة الصبح بالجامع الأموي، فلقيه اثنان فأخذا عمامته عن رأسه، وضرب على صدره، فانقطع في بيته، ثم بعد ذلك أراد الخروج إلى الجامع، فما استطاع ذلك فتوضأ وصلى الصبح والضحى في بيته، ودفن بعد صلاة الضحى، وذكر ابن طولون أنه قبل موته بثلاث أيام حصل من مشد الزبالة في حقه قلت: أدب بسبب زبالة وجدها عند باب بيته، وذكر أن الذي ضربه، وحل عمامته رجل مجذوب. كان من أتباع الشيخ العقيبي لأن الشيخ بركات كان ينكر على الشيخ عمر ما كان يعتاده من أمر بعض فقرائه أن يطوفوا في الأسواق، وفي رقابهم المعاليق وغير ذلك. وهم يجهرون بالذكر حتى ربما صرح الشيخ بركات بالإنكار في مجالسه العامة، فأضمر ذلك له ذلك المجذوب حتى ظفر به، وقال له مالك: وللشيخ عمر وكانت هذه الحادثة سبب موته - رحه الله تعالى - وصلى عليه الشيخ شمس الدين الكفرسوسي في صحن الجامع الأموي، وكانت جنازته حافلة، ودفن بمقبرة باب الصغير بالقرب من سيدي أوس. قال ابن طولون: ولم يخلف

بعده في دمشق مثله في الوعظ، وحسن صوته، وإدراكه لفن النغمة، ورثاه الفاضل الشيخ شهاب الدين ابن التدمري بقصيدة أنشأها بعد الفراغ من الفراغ في صبحته أولها: مات من كان للنواظر قره ... ولأهل الصلاح كان مسره مات من كان خادم العلم دهراً ... فلهذا في العلم حصل عمره سهر الليل في العلوم وسيما ... في حديث النبي أشغل فكره كم له في الحديث قول صحيح ... شرح الله للأحاديث صدره ناصر للحديث طول زمانه ... فلهذا قد عزز الله نصره وله في العلوم قول سديد ... فيه شدد المهيمن أزره وهي طويلة ونظمها متوسط ومن أبياتها: ليس من أهل ذا الزمان، ولكن ... آخر المولد المبارك عمره حافظ حد ربه فلهذا ... حاد عما نهى وتابع أمره وإذا كان حاضراً بين جمع ... فتراه في الجمع قد صار صدره وله في مجالس الوعظ قول ... ينفع السامعين في كل كره إن يعد في الأنام يوماً مريضاً ... بدعاه فيكشف الله ضره طالما قد دعا على كل نحس ... من ذوي العلم أخمد الله جمره كم يؤاسي الفقير منه بفضل ... ثم يكفي لسائر الناس شره إلى أن قال: فتوفاه ذو الجلال شهيداً ... ليوفيه في القيامة أجره راح من كف أهله وبنيه ... ومحبيه درة أي دره يوم موت له بكى الناس حتى ... خلت فوق الثرى من الدمع مطره قد بكته مجالس الوعظ لما ... غاب عنها وخلد الله ذكره بلغ الله روحه ما تمنى ... في جنان الرضى بأعلى الأسره وجزاه الإله خيراً دواماً ... ثم أعلى في جنة الخلد قصره وحباه بكل روح وريح ... ان ونعمى وغبطة ومسره وما أحسن قوله فيها: من يكن ذا نباهة ورشاد ... وسداد فليس يأمن دهره أعظم الله أجركم في أخيكم ... وكفاه نار الجحيم وحره

حرف التاء المثناة

ووقاكم من حادثات الليالي ... وكفاكم من حاسد السوء شره 352 - بركات ابن حسن الفيجي: بركات بن حسن الفيجي المقريء. أخذ عن والده وعن غيره، وأجازه البدر حسن ابن الشويخ في سنة أربع وتسعمائة. 353 - بركات المصري: بركات الشيخ الصالح المجذوب المصري. كان يحب الإقامة بالأخلية، وكان أكثر إقامته بميضأة الكاملية بمصر، أو بميضأة الحجازية، وكان يرى الناس أنه يأكل الحشيش، سل عليه جندي سيفاً. وقال له: كيف أنت شيخ وتأكل الحشيش؟ فقال له: هذا ما هو حشيش. وأعطاه الجندي: فوجده مأمونية حارة، وله كرامات كثيرة. توفي سنة خمس عشرة وتسعمائة. 354 - بركات الخياط: بركات الخياط المصري الشيخ الصالح الملامتي. كان يأكل من كسب يمينه، ويخيط المضربات المثمنة، وكان يقول لمن يخيط له: هات معك فوطة وإلا اتسخ قماشك من ثيابي، وكان يتستر بالتقذر لا يدع جيفة يجدها من كلب أو قط إلا وضعها في دكانه، وكان الشيخ نور الدين المرصفي وغيره يرسلون إليه الحملات، فيضعونه له الحجر على حانوته، فيعلم بالحاجة، فيقضيها ويقول: الاسم لطوبه والفعائل لأمشير نحن نتعب مع الناس وهؤلاء يأخذون الهدايا منهم، وأخبر بدخول ابن عثمان مصر في الوقت الذي دخل فيه، وهوآخر يوم من سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وكان الأمر كما قال. ومات في ثالث شهر من دخوله، ودفن بالقرب من حوض الصارم بالحسينية بالزاوية التي بناها له تلميذه الشيخ رمضان، ودفن معه جماعة من الصلحاء منهم سيدي علي الخواص رحمه الله تعالى. حرف التاء المثناة من الطبقة الأولى: 355 - التوقاتي الرومي: التوقاتي المولى العالم المدرس ببلدة أماسية الرومي الحنفي. كان فاضلاً منقطعاً عن الناس بالكلية. مشتغلاً بالدرس والعبادة، وكان لا يقدر على الحضور بين الناس وحشة منهم وحياء، وكان صالحاً مباركاً. مات بأماسية في أواسط سلطنة السلطان سليمان خان رحمه الله تعالى.

حرف الثاء المثلثة خال

حرف الثاء المثلثة خال حرف الجيم من الطبقة الأولى 356 - جان بردي: جان بردي بن عبد الله الجركسي، الشهير بالغزالي. سخيف الرأي كان في الدولة الجراكسية كافل حماة ثم دمشق، ثم لما قتل الغوري بمرج دابق رجع جان بردي إلى مصر، وقد تسلطن طومان باي لما وصل موت الغوري إلى مصر، فأقامه طومان باي كافلاً لدمشق، وبعث معه قوة من الجيش، فلما وصل جان بردي وعسكره، إلى غزة تلاقى هو وسنان باشا وزير السلطان سليم، وكان قد جهزه السلطان سليم أمامه إلى مصر، فانتصر عليه، وهرب جان بردي إلى مصر، فلما أخذ السلطان سليم مصر أمنه، وولاه كفالة الشام دمشق، وصفد، وغزة والقدس وأعمالها، كما وعده بذلك، ووعد خير بك بنيابة مصر حين كانا في عسكر الغوري، وبعثا يطلبان من السلطان سليم الأمان أن لا يقتلهما، وأن يكرمهما، وأن يفرا عن الغوري ولا يثبتا في عسكره، فلما التقى الجمعان فر خير بك بمن معه من ميمنة الغوري، وجان بردي بمن معه من ميسرته، فوافاهما السلطان سليم بما وعدا، ثم لما رجع جان بردي إلى مصر وافق طومان باي، ومع ذلك ثبت السلطان سليم على ميثاقه، ووعده وولاه نيابة الشام، ورجع في ركاب السلطان سليم إلى دمشق، ثم خرج في وداعه، ثم عاد إلى دمشق، وقد ولى السلطان سليم قاضي القضاة ابن الفرفور بعد أن تحنف وكان شافعياً، وأبطل القضاة الأربعة إلا ابن فرفور، فكان قاضياً، وكان جان بردي نائباً، وأعاد الشهود إلى مراكزهم على عادتهم في الدولة الجركسية بعد أن كان السلطان سليم قد رفعهم مع القضاة من مراكزهم، ووقع بينه وبين ابن الفرفور بهذا السبب، ونشر العمل في دمشق وأعمالها، وأبطل ما كان حدث بها من اليسق ومنع من أخذه، ومنع البوابين أن يأخذوا شيئاً من الداخلين إلى المدينة، وجرد السيف على كل من تعرض من الأروام لا مرأة أو صبي، وكتب بذلك إلى السلطان سليم، وأخبره بأن دمشق غير معتادة لهذه المناكر، فأجيب بأنا قلدناك أمر الرعية، فافعل ما هو الشرع، وزادت محبة السلطان له والناس، وصار بينه ويين الفرفوري تباين وتنافر، فإنه كان يميل إلى ابقاء القديم على قدمه، وكان ابن الفرفور يأبى إلا قانون الأروام، وهرب منه إلى حلب خوفاً من انتهاك حرمته، وعرض جان بردي بالقضاء لقاضي القضاة شرف الدين بن مفلح الحنبلي بدلاً عن ابن فرفور، فأجيب إلى ذلك، وولي ابن مفلح القضاء إلى أن قتل جان بردي الغزالي.

قال والد شيخنا: وكان سيرتهما في مدتهما حسنة إلى سنة ست وعشرين وتسعمائة، وكان الغزالي في بيروت، وجاءه الخبر بموت السلطان سليم، فركب من ساعته إلى دمشق، وحاصر قلعتها أياماً يسيرة، ثم سلمها إليه أهلها، ونفى نائبها إلى بيت المقدس، واستخدم من كان فيها من الينكجرية، ورد أولاد العرب من المقدمين، ورؤساء النوب والبارودية والجلخية والبوابين إلى مناصبهم بالقلعة، وجعل نيابتها للأمير إسماعيل بن الأكرم، وأمر الخطباء أن ينوهوا بسلطنته، ويدعون له بها على المنابر، وفرح بذلك جهلة العوام دون عقلاء الناس لما يعلمونه من قوة بأس بني عثمان، وحذراً عليه أن لا تبقى نيابة بيده بسبب بذلك فيعدمونه ويعدمون حسن سياسته، ثم توجه إلى طرابلس وحمص وحماة وحلب، وحاصر قلاعها، ولم يظفر بطائل لكنه قبض على كافل حمص وقتله، ثم دخل حماة وقد فر كافلها وقاضيها إلى حلب، فأخذ من كان معه في النهب، وقتل من كان له غرض في قتله، وأوقع الحمويين في أمر مذبح. ولما بلغ السلطان سليمان خان ما فعله جان بردي الغزالي جهز جيشاً إليه، واشتد الخوف على أهل دمشق وأعمالها لما سمعوا بذلك، واضطربت الأحوال، واختلفت الآراء وودوا العقلاء موت الغزالي أو قبضه ليتلقوا الجيش به ليدفعوا عن أنفسهم تهمة ما فعله ويسلموا من انتهاك الحرم، وأخذ المهج، وصار الغزالي إلى تحصين ما حول القلعة، ويبني التداريب المانعة من الدخول إلى المدينة، ونصب منجنيقاً في داخل القلعة ليرمي بها الحاصرين لها، وكان الجهلاء والذين كتبهم في عسكره فرحين بذلك متدرعين بالسلاح يقولون: نكسرهم إلى أبواب الروم والعقلاء مهمومون بذلك لعلمهم بما يحدث بعده من حكام الأروام، ولا يقدرون على نصحه، واستمر الناس في الخوف، وحاروا في أمورهم، فمنهم من نقل حرب إلى القوى، ومنهم من دخل المدينة بماله وعياله، وصار الغزالي يكثر الركوب إلى داخل القلعة، ويرجع إلى دار السعادة، وضاقت عليه الأرض، وهم بالهرب، وكانت جهالة عساكره الذين جمعهم من القرى يقولون له: نحن فينا كفاية لصدهم، وصار ينادي كل يوم بالأمان والإطمئنان، وأن لا يخرج أحلأ من محلته. قال الحمصي في تاريخه: وفي يوم الجمعة الثالث والعشرين منه - أي من شهر صفر - سنة سبع وعشرين تسعمائة أمر جان بردي الغزالي يخطبوا له بالسلطنة، ويلقبوه بالأشرف، فصلى بالجامع الأموي بالمقصورة، وخطب بالأشرف، ووقف على المقصورة بساطاً في اليوم المذكور. قال: وفي يوم السبت رابع عشريه جمع مشايخ الحارات بالجامع الأموي، وحلفهم أنهم معه ولا يخونوه، وإنما يكونوا على كلمة واحدة، وفي الاثنين سادس عشريه ركب هو والعساكر وأهل الحارات إلى مسطبة السلطان

بالقابون، فبلغه أن عسكر السلطان بن عثمان وصل إلى القصير، وأن عدتهم اثنان وستون ألفاً، وأن باشهم الوزير الثالث فرحات وصحبته نائب حلب قراجا باشا، والأمير شاه سوار، والأمير إياس باش الينكجرية، والأمير محمد ابن قرقماس، والأمير محمد بن قرمان، وقاضي القضاة ولي الدين بن الفرفور، وقد أعيد إلى وظيفة القضاء على عادته عوضاً عن قاضي القضاة شرف الدين بن مفلح، فلما بلغ الغزالي ذلك ركب هو والعساكر إليهم، واقتتلوا وكسر عسكر الغزالي، واستأصل جميع عسكره الأسافل، وذكروا أن عدة القتلى سبعة آلاف، ثم دخل العسكر العثمانية إلى لدمشق على حمية على أثرهم، فوجدوا أبواب دمشق مفتحة، ولم يقف أحد منهم في وجوههم، فطلع إليهم نائب القلعة الأمير إسماعيل بن الأكرم بمفاتيح القلعة، وسلمهم إياها، ثم دخلوا البلد وانتهبوها، ولم يسلم منهم إلا ما قل. وذكر والد شيخنا أن رعايا أهل دمشق كانوا يتضرعون إلى الله تعالى أن يلقى الغزالي عساكر الأروام في الفلاة ليسلموا هم وحريمهم، فاستجاب الله دعاءهم، وقبل تضرعهم، فخرج الغزالي إليهم هو وعسكره، وكان معه الأمير يونس بن القواس بعشيره، والأمير عمر بن الغرقي بعشيره، والتقى العسكران بين دوما وعيون فاسريا والقصير، فلما التقى الجيشان فر ابن القواس بعشيره، وثبت الغزالي هو وقليل ممن معه، فقتلوا وقتل معه عمر ابن الغرقي ثم تبع الأروام بقية الفارين وأخذوا في سلب ما عليهم وبايديهم ولو قصدوا قتل العوام الذين تجيشوا مع الغزالي لقتلوا خلقاً كثيراً حتى وصلوا إلى القابون وآخر عسكر الروم بل أثناؤهم لا يعرفون أن الغزالي برز إليهم حتى رأوا القتلى، فقالوا: ما شأن هؤلاء؟ فقيل لهم: إنه عسكر الغزالي، ولم يدخل من عسكر الغزالي إلى البلد أحد. بل من سلم منهم من القتل فروا في القرى والقفار. قال والد شيخنا: سوى عبد أسود بيده رمح راكب على فرس سايقها سوقاً حثيثاً، فقال له الواقفون برأس الأباريز: بشر بشر، فقال: انكسروا، فكبروا فرحين ظناً منهم أن الغزالي انتصر، فقال لهم رجل من العقلاء: من له بيت أو محلة فليذهب إليها، فإنما أراد بقوله: انكسروا الغزالي وعسكره، فقيل له: بل انتصر، فبينما هم في المحاورة إذ نادى رجل من أعلى القلعة من كان بيته داخل المدينة. فليدخل قبل إغلاق الباب، فهرع الناس إلى مساكنهم وبيوتهم، فلم يكن بأسرع أن دخل عسكر الروم المدينة، وكان ذلك يوم الثلاثاء السابع والعشرين من شهر صفر سنة سبع وعشرين وتسعمائة. 357 - جان بلاط: جان بلاط بن عبد الملك الأشرف أبو النصر سلطان مصر اشتراه

بشتك الدوادر وقدمه للأشرف قايتباي بعد طلبه له، فجعله خاصكياً، وقربه إليه، وعلمه القرآن والحساب، والرمي، وصار رئيساً محتشماً، ثم رقاه أستاذه حتى أعطاه تقدمة ألف على التجارة، واستمر على ذلك حتى ولي الدوادارية الكبرى في زمن ولده الناصر، ثم أنعم عليه بنيابة حلب، وأقام بها سنة، ثم نقله إلى نيابة الشام، وأقام بها سبعة أشهر. قال ابن طولون: وفي أيام ولايته بدمشق ذهبت في خدمة شيخنا المحدث الجمال ابن المبرد إليه، فقال له: عني هذا ولدك فقال: لا هذا طالب علم. فأنشد: يا طالب العلم لا تركن إلى الكسل ... واعجل فقد خلق الإنسان من عجل واستعمل الصبر في كسب العلوم وقل: أعوذ بالله من علم بلا عمل ثم قدم القاهرة في زمن الظاهر، فولاه الأمرة الكبرى، وزوجه بأخته، وصار العادل طومان بأي يرمي الفتنة بينه وبين الظاهر إلى أن تنافرا، وقدر جان بلاط على الظاهر، فخرج من قلعة مصر وتركها له، فصعد جان بلاط القلعة، وتسلطن في ضحوة يوم الاثنين ثاني القعدة سنة خمس وتسعمائة، ثم جرد قصروه نائب الشام، فأرسل إليه عسكراً مقدمهم الدوادار الكبير، وأمير سلاح العادل طومان باي، فاتفقا عليه، وعادا إلى القاهرة، فحصروا القلعة جمعة، وخامر عسكر جان بلاط عليه، ففروا عنه، فطلع إليه طومان باي في يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الآخرة ثاني سنة ولايته، وهي سنة ست وتسعمائة، فأمسكه وأرسله إلى الإسكندرية، ثم قتله خنقاً، ودفن بها مدة شهر، ثم نقل إلى القاهرة ودفن بتربة أستاذه قايتباي الأشرف نحو ثلاث أيام، ثم رد إلى تربته التي أعدها لنفسه خارج باب النصر، فنقل إليها، ولم تتغير جثته رحمه الله تعالى. 358 - جبريل الكردي: جبريل بن أحمد بن إسماعيل، الشيخ الإمام العلامة أمين الدين الكردي، ثم الحلبي الشافعي. أحد المدرسين بحلب والمعتبرين بها، كان له القدم الراسخة في الفقه والكتابة الحسنة المعربلة على رقاع الفتاوى أخذ الحديث عن السيد علاء الدين بن محمد بن عفيف الدين بن محمد ابن السيد بدر الدين الألجي، وأجاز له جميع ما يجوز له وعنه روايته، وأخذ الصحيحين عن الكمال ابن الناسخ بحق قراءته لهما عن الحافظ برهان الدين الحلبي، وقرأ صحيح مسلم على قاضي القضاة نظام الدين بن التادفي الحنبلي،

وكان ديناً، خيراً، متواضعاً، مشغولاً بإقراء الطلبة في الفقه والعربية وغيرهما، ولف في آخر عمره مئزراً على رأسه، وتوفي سنة ثلانين وتسعمائة كما قال ابن الحنبلي رحمه الله تعالى. 359 - جبريل الشافعي: جبريل قال الحمصي في تاريخه: سنة سبع عشرة وتسعمائة رابعة الجمعة صلي بالجامع الأموي - يعني بدمشق - صلاة الغيبة على الشيخ العلامة وجيه الدين جبريل الشافعي مفتي حلب، وتوفي بها قلت: الظاهر أنه غير جبريل المتقدم، ولم يذكره ابن الحنبلي في تاريخه. 360 - جعفر بن إبراهيم السنهوري: جعفر بن إبراهيم، الشيخ الإمام العلامة المقريء المجود نور الدين أبو الفتح ابن الشيخ صارم الدين أبي إسحاق السنهوري، المصري، الشافعي، البصير أخذ القراءات عن الشيخ شهاب الدين أبي جعفر أحمد الكيلاني، المعروف بابن الحافظ وعن غيره، وكانت وفاته في سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 361 - جعفر بن تاجي بيك: جعفر بن تاجي بيك المولى الفاضل الرومي الحنفي، كان والده في خدمة السلطان أبي يزيد خان حين كان أميراً على أماسية، ورغب هو في طلب العلم، وخدم الموالي كالمولى بن الحاج حسن، والمولى القسطلاني، والمولى خطيب زده، والمولى خواجه زاده، واشتهر بالفضل، ورغب في خدمة الفضلاء، وأعطاء السلطان أبو يزيد خان مدرسة محمود باشا بالقسطنطينية، ودرس بها وأفاد، ثم جعله موقعاً بالديوان السلطاني، وعاش في دولة وافرة، ونكب فانتهبت ثاره، وعزل عن منصبه في آخر سلطنة السلطان أبي يزيد بحادثة يطول شرحها، وأعطي تقاعداً مائة درهم كل يوم، فلم يقبله، ولما تسلطن السلطان سليم خان أضاف إليها قضاء بعض البلاد فقبلها، ثم جعله موقع الديوان، ثم قاضياً بالعساكر الأناظولية، ثم قتله لأمر أوجب ذلك في قصة يطول شرحها. 362 - جمال خليفة القراماني: جمال خليفة، الشيخ العارف بالله تعالى جمال الدين القراماني الحنفي: كان مشتغلاً في العلم، فاضلاً في فنونه. قرأ على قاضي زاده. وخدم المولى مصلح الدين القسطلاني، وكان خطه حسناً استكتبه السلطان محمد خان في نسخة من كافية ابن الحاجب، وأجازه بمال حج به، ثم رجع إلى القسطنطينية، فدخل يوماً على القسطلاني، وهو يومئذ قاض بالقسطنطينية، ومعه مصحف بخط أرغون الكاتب لبعض إخوانه

حرف الحاء المهملة

يريد بيعه، فعرضه على السلطان، فقال له. كم درهماً يريد صاحبه؟ فقال: ستة آلاف درهم. فقال: كثير ودفعه إلى جمال خليفة، ثم عرضت على المولى القسطلاني أفراس وردت من بلاد قرامان، فاشترى فرساً منها بعشرة آلاف درهم. قال جمال خليفة - رحمه الله تعالى -: فقلت في نفسي: أنا لا أصير في العلم مثل المولى القسطلاني، ومع ذلك هذا حاله في آخر عمره، وكان ذلك سبباً لإنقطاعي عن طريق العلم، وميلي إلى طريق الصوفية، ثم صحب جمال خليفة في طريق الله تعالى الشيخ حبيب القراماني الآتية ترجمته في حرف الحاء المهملة، ولزم خدمته، واشتغل بالرياضات والمجاهدات حتى أجازه بالإرشاد، فأقام مدة في بلاد قرامان، ثم دخل القسطنطينية، وبنى له الوزير بيري باشا زاوية، فأقام بها حتى مات. وكان يتكلم في التفسير، ويعظ الناس ويذكرهم ويلحقه عند ذلك وجد وحال، وربما غلب عليه الحال، فألقى نفسه من على المنبر، وكان لا يسمع صوته أحد إلا ويحصل له حال، وتاب على يديه جماعة، وسمع صوته مرة كافر من بعد، فدخل المسجد وأسلم على يده، وكان عابداً، زاهداً، ورعاً، متضرعاً يستوي عنده الغني والفقير، يحب الطهارة، ويغسل أثوابه بنفسه مع ما له من ضعف المزاج، وكان يقول: التوحيد والإلحاد يعسر التمييز بينهما، وكان متمسكاً بالشريعة، محذراً ممن لا يتمسك بها، ويقول: إن مبنى الطريقة على رعاية الأحكام الشرعية، وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعمائة رحمه الله تعالى. 363 - جبير بن نصر التبريزي: جبير بن نصر العجمي التبريزي، الشيخ الصالح نزيل دمشق. كان كثيراً ما ينشد قول محمد بن عبد الباقي الشهير بابن نصر الكاتب: كيف السلوك إلى سبيل محجة ... في الوصل تستبقي الصديق صديقاً إن زرته مدداً يمل، وإن أزر ... غباً يراه قطيعة وعقوقا توفي بدمشق في أوائل جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وتسعمائة، ودفن بجانب الشارع الأعظم قبلي تربة الطواشي رحمه الله تعالى. حرف الحاء المهملة من الطبقة الأولى: 364 - حبيب القراماني: حبيب القراماني العمري من جهة الأب، البكري من جهة الأم، الشيخ العارف بالله تعالى أحد شيوخ الروم. اشتغل في أول عمره بالعلم، وقرأ في شرح العقائد، ثم ارتحل إلى خدمة السيد يحيى ابن السيد بهاء الدين الشيرازي، فلقي في طريقه

جماعة من مريديه، فقال لهم: إن يقدر شيخكم أن يريني الرب في يوم واحد، فلطمه أحدهم لطمة شديدة حتى خر مغشياً عليه، فعلم السيد يحيى بهذه القصة، فدعا الشيخ، وقال له: لا بأس عليك إن الصوفية تغلب الغيرة عليهم، وإن الأمر كما ظننت، وأمره بالجلوس في موضع معين، وأن يقص عليه ما يراه، ثم قال لمريديه: إنه من العلماء، فحكي عن الشيخ أنه قال: لما دخلت من الموضع جاءتني تجليات الحق مرة بعد أخرى، وفنيت عن كل مرة، ثم داوم على خدمة السيد يحيى اثنتي عشرة سنة، ثم استأذن منه، وعاد إلى بلاد الروم، وسكن مدة بأنقرة، ولازم زيارة الشيخ المعروف بحاج بيرام، وصحبة الشيخ آق شمس الدين، والأمير النقشبندي القصيري، والشيخ عبد المعطي الرسي وغيرهم، وكان له أشراف على الخواطر، ولم يره أحد راقداً، ولا مستنداً إلا في مرض موته. توفي - رحمه الله تعالى - سنة اثنتين وتسعمائة، ودفن في مدينة إماسية بعمارة محمد باشا. 365 - حسام بن الدلاك: حسام العالم المولى الرومي الحنفي، المعروف بابن الدلاك. كان خطيباً بجامع السلطان محمد خان بالقسطنطينية، وكان يعرف العربية، وكان له مهارة تامة في علم القراءات. حسن الصوت، حسن التلاوة. مات في أوائل القرن العاشر رحمه الله تعالى. 366 - حسن بن محمد بن سعد الدين الجباوي: حسن بن محمد الجباوي، ثم الدمشقي القبيباتي الشافعي، الصوفي، المعروف بابن الشيخ سعد الدين الجباوي. سأله الشيخ شمس الدين بن طولون: هل أخذت عن أحد؟ فذكر له أنه أخذ عن الشمس الارتحي وجماعة، فاستجازه فأجاز له، ومن المشهورين طريقهم أنهم يبرئون من الجنون بإذن الله تعالى بنشر يخطون فيها خطوطاً كيف اتفق، فيشفى بها العليل، ويحتمي لشربها عن كل ما فيه روح، ثم يكتبون للمبتلى عند فراغه من شرب النشر حجاباً.، وفي الغالب يحصل الشفاء على أيديهم، وأخبرني بعض من اعتقد صلاحه وصدقه من جماعتهم أنهم يقصدون بتلك الخطوط التي يكتبونها في نشرهم وحجبهم: بسم الله الرحمن الرحيم، وهم يتلفظون بها حال الكتابة، وأصل هذه الخاصية التي لهم أن جدهم الشيخ سعد الدين لما فتح الله تعالى عليه، وكوشف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعلي - رضي الله تعالى عنهما - وكان قبل ذلك من قطاع الطريق، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم علياً - رضي الله تعالى عنه - أن يطعمه ثمرات أغمي على الشيخ سعد الدين أياماً، ثم لما يفق إلا وقد تاب الله تعالى عليه وفتح عليه، ثم كشف الله تعالى. له عن كبير الجان، فأخذ

عليه العهد بذلك، وكانت وفاة صاحب الترجمة يوم الخميس عاشر جمادى الأولى سنة عشر وتسعمائة رحمه الله تعالى. 367 - حسن بن محمد بن الشويخ: حسن بن محمد ابن الشيخ العلامة المقرئ الصوفي بدر الدين ابن الشيخ محمد المقدسي الشافعي، المعروف بابن الشويخ. أخذ القراءات، ولبس خرقة التصوف من الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن علي إمام الكاملية بين القصرين بالقاهرة بحق لباسه لها من الشيخ العلامة المقري الصوفي، المعروف بابن الجزري، ولبسها أيضاً من الشيخ محمد البسطامي شيخ زاوية سيدي تقي الدين العجمبم البسطامي الكائنة بمصر أسفل قلعة الجبل بالمصنع، وأخذ عليه العهد ولقنه الذكر بمكة في سابع رمضان سنة خمس وتسعمائة، وأخذ الحديث عنه الحافظ عثمان الديمي الشافعي رحمه الله تعالى. 368 - حسن بن محمد منلا بدر الدين: حسن بن محمد منلا بدر الدين الرومي الحنفي قدم دمشق مع الدفتردار الزيني عمر الفيقي، وكان يقريء ولده، فأخذ له تدريس القصاعية الحنفية، فدرس بها، وحضره بعض أولاد العرب منهم القطب بن سلطان مدرس القاهرية الجوانية، وحج في سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، وتوفي يوم الأربعاء ثامن عشري جمادى الآخرة سنة تسع بتقديم المثناة وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 369 - حسن بن إبراهيم الدسوقي: حسن بن إبراهيم، الشيخ الصالح ابن الشيخ المعتقد الماوردي الزبداني، المعروف بابن الدسوقي. كان له لطف ومحاورة. قال ابن طولون: أنشدنا ببيته بالزبداني لأبي الحسن القيرواني: كم من أخ قد كان عندي شهدة ... حتى بلوت المر من أخلاقه كالملح يحسب سكراً في لونه ... ومجسه ويحول عند مذاقه توفي ليلة الأربعاء سادس عشر القعدة سنة سبع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 370 - حسن بن إبراهيم الحنبلي: حسن بن إبراهيم بن أحمد بن خليل بن

أحمد بن عيسى بن عثمان بن عمر بن علي بن سلامة، الشيخ بدر الدين العجمي الأصل، المقدسي البيت لبدي، ثم الصالحي الحنبلي. حفظ المحرر للمجد بن تيمية، وحله على شارحه الشيخ علاء الدين البغدادي، ولازم شيخ الحنابلة الشهاب العسكري في حل المقنع والتنقيح، وحل توضيح ابن هشام في النحو على الشيخ شهاب الدين بن شكم، ولازمه مدة طويلة وتسبب بالشهادة في مركز العشر، وتوفي يوم الخميس حادي عشر المحرم سنة خمس عشرين وتسعمائة بالصالحية، ودفن بتربة القاضي علاء الدين الزواوي رحمه الله تعالى. 371 - حسن بن أبي بكر بن مزهر: حسن بن أبي بكر بن مزهر، القاضي بدر الدين ابن القاضي زين الدين كاتب الأسرار بالقاهرة. صودر وحبس، ثم ضرب بحضرة السلطان الغوري، ثم عصر، ثم لف القصب والمشاق على يديه وأحرقت، ثم عصر رأسه، ثم أحمي له الحديد ووضع على ثدييه، وأقطع ثديه، وأطعم لحمه واستمر في العذاب إلى أن مات بقلعه مصر، وعذب عذاباً شديداً - رحمه الله تعالى - وكانت وفاته يوم الأربعاء رابع رجب سنة عشر وتسعمائة رحمه الله تعالى. 372 - حسن بن أحمد الكبيسي: حسن بن أحمد، الشيخ الصالح بدر الدين الكبيسي، ثم الحلبي. سمع ثلاثة أحاديث بقراءة الشيخ أبي بكر الحيشي على مسند الدنيا الشيخ محمد بن مقبل بن عبد الله المؤذن، الحلبي، وأجاز لهما، وكان معتقداً عند الناس، محباً للعلماء والصلحاء، شديد الحرص والميل إلى مجالس العلم والذكر، وقال الشيخ زين الدين بن الشماع: لم تر عيني مثله في شدة ضبطه للسانه، وتمسكه بالشريعة. قال ابن الحنبلي: ولم يضبط عنه أنه حلف يوماً على نفى ولا إثبات، وحكي أنه لما قربت وفاته أوصى أن يجهز ويدفن متى مات ليلاً أو نهاراً، وأن يكفن في شاش كان على رأسه، فكفن به بعد أن تبرع له معتقدوه بأكفان كثيرة، وكانت وفاته في سنة إحدى وتسعمائة أو بعدها بيسير رحمه الله تعالى. 373 - حسن بن أحمد الوفائي: حسن بن أحمد، الشيخ الصوفي الوفائي الحلبي. كان سالكاً على طريقة سيدي علي وفاء. كما كان أبوه كذلك، وكان خياطاً ومحبوه يترددون إلى حانوته ويتبركون بخياطته، وكان أسمر اللون، وشعر رأسه مسترسل، وعلى رأسه

مدلوكة من صوف أسود وعمامة سوداء، وعباءة سوداء، وكان متقشفاً مخشوشناً ملازماً علي الذكر في مريديه بمسجد قرب داره في زقاق الكلاسة بحلب، وهو غير محلة الكلاسة بها إلى أن توفي في سنة ثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 374 - حسن ابن ثابت الزمزمي: حسن بن ثابت بن إسماعيل الشيخ الإمام الحيسوب المفيد بدر الدين الزمزمي، المكي. خادم بئر زمزم. وسقاية العباس - رضي الله تعالى عنه - نزيل دمشق الشافعي. أخذ العلم عن قريبه الشيخ إبراهيم الزمزمي وغيره، ثم اعتنى بعد الزيارج، وبتصانيف الشيخ جلال الدين السيوطي - رحمه الله تعالى - وتوفي بالمدرسة الباذرائية داخل دمشق في سابع عشر ربيع الأول تقريباً سنة إحدى وعشرين وتسعمائة تحقيقاً، ودفن بمقبرة باب الصغير رحمه الله تعالى. 375 - حسن بن صالح السرميني: حسن بن صالح بن سلامة الشيخ، الفاضل، الأديب بدر الدين السرميني، الإدلبي، الأزهري، ثم الحلبي، الشافعي، الصوفي، الشاعر. ولد في حدود الثمانين وثمانمائة بسرمين، ونشأ بها يتيماً عند أمه، ثم بلغ ثم ارتحل إلى الشام وزار بيت المقدس، ثم رحل إلى القاهرة، وأقام بالأزهر أربع سنين، واشتغل بالعلم، ولازم الشيخ نور الدين المحلي وغيره. وتردد إلى شيخ الإسلام القاضي زكريا، ثم ذهب إلى مكة في سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، وجاور بها سبع سنين متوالية، وقرأ بها العلم. وقرأ جانباً من البخاري على الحافظ تقي الدين بن فهد، ولعله مات في حدود هذه الطبقة. 376 - حسن بن عطية العلوي: حسن بن عطية بن محمد بن فهد، المسند بدر الدين العلوي الهاشمي المكي الشافعي، ولد يوم الأربعاء تاسع المحرم سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، وأخذ عن والده وعمه الحافظ تقي الدين بن فهد، وأبي الفتح المراغي، وعبد الرحيم الأسيوطي، وأبي الفضل بن حجر العسقلاني، واجتمع به ابن طولون في سنة عشرين وتسعمائة، وأجاز له ولم يسمع منه، وتوفي في القعدة سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

377 - حسن بن علي المنوفي: حسن بن علي القاضي، بدر الدين المنوفي المصري، ثم الدمشقي المالكي الشهير في بلده بابن مشعل. قال ابن طولون: حدث بدمشق عن جماعة منهم الحافظ شمس الدين السخاوي، وقرأت عليه في دار الحديث وغيرها قطعاً من كتب وأربعينات وأجزاء، ومنه وصلت المسلسل بالمالكية سنة سبع وتسعمائة رحمه الله تعالى. 378 - حسن بن المرادي الحنبلي: حسن بن علي بن عبيد بن أحمد بن عبيد بن إبراهيم، الشيخ، الإمام، الفاضل بدر الدين أبو علي المرادي، ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي. حفظ القرآن العظيم وعدة كتب، واشتغل أولاً على جماعة، وآخراً على الشيخ زين الدين بن العيني، فقرأ عليه شرحيه على الألفية، وعلى الخزرجية، وأخذ الحديث عن ابن السلمي، وأبي الشريفة، النظام بن مفلح، ورحل مع الجمال بن المبرد إلى بعلبك، فسمع بها غالب مسموعاته، وسمع على جماعة كثيرين، وكان له خط حسن، وكان يتكسب بالشهادة، وهو من شيوخ ابن طولون ومجيزيه. توفي يوم الخميس تاسع رمضان سنة ست عشرة وتسعمائة. 379 - حسن البعلي: حسن بن علي الشيخ الإمام العالم بدر الدين بن أبي الحسن البعلي إمام الجامع الكبير بها. توفي يوم الثلاثاء ثاني عشري جمادى الأولى سنة ست عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى. 379 - حسن بن علي الماتاني الصالحي: حسن بن علي بن محمد الشيخ بدر الدين الماتاني الصالحي سمع على الشهاب بن زيد، والنظام بن مفلح، والبدر بن نبهان وغيرهم، وكان له استحضار عظيم في السيرة، ومعقول حسن، ومحبة لأهل الحديث. توفي ليلة الأربعاء ثاني عشري شعبان سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 380 - حسن بن علي الحصكفي: حسن بن علي بن يوسف بن المختار، الشيخ الإمام شيخ الإسلام بدر الدين الإربلي الأصل، والحصكفي، الحلبي، الشافعي، الشهير بابن السيوفي. خاتمة علماء الشافعية بحلب. ولد تقريباً في سنة خمسين وثمانمائة بحصن كيفا. كذا ذكره السخاوي في الضوء اللامع، والذي نقله الشيخ زين الدين بن الشماع عن المحب جار الله بن فهد عن نفس صاحب الترجمة أنه ولد في سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، وأنه نشأ بالحصن، وحفظ القرآن العظيم، و " المنهاج " للنووي، و " الإرشاد " لابن المقري، وألفيتي

العراقي في الحديث، وفي السيرة، و " منهاج البيضاوي " في الأصول و " الطوالع ". له أيضاً في أصول الدين، و " الشاطبية " في القراءات و " الكافية " لابن الحاجب، و " الألفية " لابن ممالك في النحو، و " تصريف العزي " في الصرف، و " الشمسية " في المنطق، وقرأ الشاطبية والقرآن العظيم بمضمونها على شيخ القراء أبي محمد سليمان بن أبي بكر بن المبارك شاه الهروي، وهو على الجلال أبي عبد الله يوسف بن رمضان بن الخضر الهروي، وهو عن ابن الجزري، وأخذ عن الهروي المذكور أيضاً علم العروض، وأنهى عليه كتاب القسطاس للزمخشري قراءة بحلب، وقرأ أيضاً بعض السبع على أبي الحسن الجبرتي نزيل سطح الجامع الأزهر في دخلته إلى القاهرة، وقرأ ثمن حزب أو دونه للأربعة عشر على الزين جعفر السنهوري، وأخذ الفقه وغيره بها عن الشيخ العلامة شمس الدين الجوجري، وسمع عليه، وأخذ بالقدس عن الكمال بن أبي شريف بعض " الحاوي " وقرأ عليه أيضاً حاشيته على شرح العقائد، وشيئاً من شرحه على المسايرة للإمام ابن الهمام، وشيئاً من حاشيته على شرح المحلي لجمع الجوامع، وكان صاحب الترجمة كتب على هوامش نسخته أنظاراً على شيخه المؤلف المشار إليه، فلما دفع إليه نسخته ليكتب عليها الإجازة تذكرها، فتكدر حياءً من شيخه، فاتفق أن الشيخ اطلع عليها، وردها عن آخرها، وأجازه من غير اكتراث، ولا تغير عليه، وهذه منقبة عظيمة للكمال بن أبي شريف، ولصاحب الترجمة رواية أيضاً عن القطب الخيضري، وقرأ الشاطبية أيضاً على الشمس السلامي الحلبي بها، وأخذ عنه الفقه والحديث أيضاً، وقرأ عليه في الصحيحين، وشرح ألفية العراقي، وحمل عنه أيضاً ألفية ابن معطي، وألفية بن مالك كلاهما في النحو، وأخذ عن الشيخ علي قرا ثرويش الأصول والمنطق والمعاني والبيان، وأخذ الحديث أيضاً من الشيخ أبي ذز بن البرهان الحلبي، وقرأ عليه في الصحيحين و " الشفاء " للقاضي عياض، وأخذ عنه أيضاً " إعراب المنهاج " له، وعن الشيخ نصر الله " الكافية " لابن الحاجب، وعن منلا زاده " تفسير البيضاوي ". وتلمذ أيضاً للعلامة المحقق منلا عبد الرحمن الجامي، وحج قديماً سنة ست وستين وثمانمائة، وأخذ بمكة عن التقي بن فهد، وسمع على الشيخ عبد الرحمن بن خليل الأذرعي بدمشق سنة سبع وستين تأليفه المسمى بشارة المحبوب، بتكفير الذنوب، وأخذ عن البرهان البقاعي سنة إحدى وثمانين وثمانمائة، وأجازه بالإفتاء والتدريس جماعة، وصار أعجوبة زمانه، وواسطة عقد أقرانه، ثم تصدر ببلده للإفادة، وانتفع الناس بتدريسه وإفادته، وصار شيخ بلده ومفتيها ومحققها ومدققها مع الديانة والصيانة، غير أنه كان يكثر الدعوى والتبجح والمشاححة لطلبة العلم في ألفاظ وغيرها، وتنافس في المباحثة مع الشيخ عبد الغني المغربي شيخ المالكية بدمشق ومع غيره.

وكان طويل القامة، نير الشيبة، مهيباً، من رآه لا يشك أنه من كبار العلماء، وعظام النبلاء غير أنه كان يخضب لحيته بالسواد في أول شيبه، ثم ترك آخراً، وله من المؤلفات حاشية على شرح المنهاج للمحلي، وحاشية على شرح الكافية المتوسط للسيد ركن الدين، ومن شعره ما كتبه على غطاء علبة: إلهي فاحفظني وقال: اتكشف الغطا ... إذا ما كشفت السر عن كل مضمر ولكن غطاء القلب، فاكشفه سيدي ... وأشهدني الأسرارفي كل مظهر وقال رحمه الله تعالى: إذا ما نالت السفهاء عرضي ... ولم يخشوا من العقلاء لوما كسوت من السكوت فمي لثاماً ... وقلت: نذرت للرحمن صوما وقال في مؤذن اسمه قاسم، ولم يكن حسن الصوت: إذا ما صاح قاسم في المنار ... بصوت منكر شبه الحمار فكم سبابة في كل أذن ... وكم سبابة في كل دار توفي بحلب في رييع الأول سنة خمس وعشرين وتسعمائة بعد أن ألمت به كائنة بغير حق من قبل قاضي حلب زين العابدين محمد بن الفناري، وقد أشرنا إليه في ترجمة المذكور، وفي تاريخ ابن طولون أنه مات قهراً بسبب تلك الكائنة، ولم تطل مدة القاضي بعدها كما تقدم، وكان للصلاة على الشيخ بدر الدين مشهد عظيم بالجامع الكبير بحلب، ودفن في مقابر الحجاج، ووضع تحت رأسه طاقية كان قد وهبها له الشيخ الصالح علاء الدين علي بن يوسف ابن صبر الدين الجبرتي بوصية منه. ورآه أحد ولديه في المنام، وهو يشكو من سقوط لبن القبر على ضلعه، فتوجه إليه ولده والحاج أبو بكر الحجار، المعروف بابن الحصينة، فنظرا، فإذا هو قد سقط قال أبو بكر: فكشفت عليه، فوجدته لم يتغير، ولا ظهر له رائحة كريهة، وإنما انقطع الكفن من عند كتفه قليلاً. وصلي عليه غائبة بدمشق في الجامع الأموي يوم الجمعة بعد صلاتها رابع ربيع الثاني من سنة خمس وعشرين المذكورة - رحمه الله تعالى -. 382 - حسن بن عمر الحبار الرحيبي: حسن بن عمر. وقال الشيخ موسى الكناوي: حسن بن محمد الشيخ الصالح المبارك الحبار الدوباي الرحيبي نسبة إلى الرحيبة من عمل دمشق عنها يوماً ونصف يوم، ثم الدمشقي. كان من عباد الله تعالى الصالدين، وأوليائه المقربين، وكان يعمل الحبر المليح ويبيعه ويقتات من كسب يمينه، وكان لا يلقى أحداً إلا

مبتسماً، ويسابقه بالسلام، وكاد سليم الصدر من الغش والحسد، ملازماً على الذكر، مشغول القلب بالله تعالى، وكان يقرأ عنده جماعة بتربة عمر بن منجك، منهم رجل اسمه موسى الرشاني، فمرض. فقال للشيخ حسن: إني دفنت في موضع كذا سبعين أشرفياً قايتبائياً أخرج علي منها، والباقي لك لا أستحق فيه حقاً دونك، فمات موسى المذكور، وصرف عليه الشيخ أشرفيين، وبعد أيام حضر ابن عم له، فسأل: هل خلف شيئاً؟ فأحضر له جميع المبلغ المذكور، ودفعه إليه، ولم يأخذ شيئاً، وكان بميدان الحصا امرأة غاب عنها زوجها، ولها أولاد أيتام، وكان الشيخ يجمع لها من الفطرة كل سنة ثلاثة أكيال، فاستاجر في بعض السنين من رجل يقال له عمر الإقبالي الحمصي حماراً يحمل عليه القمح، فذهب مع الشيخ إلى بيت تلك المرأة، فلما أفرغ المغل رأى المرأة قد أقبلت على الشيخ، فدعت له، ولم يرد عليها الشيخ ولا كلمة، ولا أعارها طرفه. قال: فرأيتها امرأة جميلة، فلما كنا في أثناء الطريق. قلت له: يا سيدي هذه امرأة جميلة، ولم لا تتزوجها؟ قال: وما أعلمك بأنها جميلة. فقلت: قد رأيتها، فقال: هه - كلمة تعجب وزجر - قال: ولم يخاطبني، ولم ينظر إلي بعد ذلك يومين، وكانت هذه عادته مع الأرامل والأيتام يتفقدهم، ويملأ لهم الماء، ويقضي حوائجهم، ويدفع إليه مما يدفعه إليه أهل الخير من زكوات أموالهم، وكانوا يستحبون دفع الصدقات والزكوات إليه ليصرفها على مستحقيها ثقة بأمانته، وديانته، ومعرفته للمحتاجين، والحكايات عنه في ذلك كثيرة، ولما كان سيدي محمد بن عراق بالصالحية في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة. قام في عمارة الرصيف الذي بدرب الصالحية، فكان الشيخ الحبار يمضي ويعاونهم في عمارته، ويضرب لثاماً كي لا يعرف، فقدر أنه مرض، فجاء إليه سيدي محمد بن عراق " مختفياً "، وأهدى إليه هدية، وذكره في سفينته، فيمن صحبهم في طريق الله تعالى، وشهد فيه أنه من الأخيار، وكانت وفاته رضي الله تعالى عنه يوم الاثنين ثالث عشر شعبان سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ودفن بتربة باب الصغير قريباً من تربة عمر بن منجك. قال الشيخ موسى الكناوي - رحمه الله تعالى - ورأيته بعد موته في المنام، فقلت له: كيف وجدت الله. فقال: خير موجود رحمه الله. 383 - حسن بن عيسى الفلوجي: حسن بن عيسى بن محمد الفلوجي البغدادي الأصل، العالم الحنفي بدر الدين اشتغل قليلاً على الزيني بن العيني، واعتنى بالشهادة، ثم تركها، وحضل دنيا واسعة، وحج سنة عشرين، وجاور، وولي نظر الماردانية والمرشدية، ونزل له أخوه شمس الدين عن تدريسها، وعدة مدارس، ولم يكن فيه أهلية فتفرقها الناس

مع أنه كثير الشر. كما قال ابن طولون، ومات يوم الثلاثاء، ودفن يوم الأربعاء عشرين صفر سنة سبع وعشرين وتسعمائة، ودفن بالسفح رحمه الله تعالى. 384 - حسن الطحينة: حسن، الشيخ الصالح، الحلبي، الشافعي، الشهير بالشيخ حسن الطحينة. قرأ في الفقه على الشيخ عبد القادر الأبار الحلبي، ثم صار من مريدي الشيخ موسى الأريحاوي، وانقطع بالجامع الكبير بحلب بالرواق المعروف يومئذ بمصطبة الطحينة، نحو أربعين سنة بحيث لا يتغير من مكانه صيفاً ولا شتاء. وحكيت عنه مكاشفات، وهرع إليه الناس بالأموال وغيرها، وكان يصرفها في وجوه الخير من عمل بعض الركايا، وإصلاح كثير من الطرقات وإزالة ما فيها، وكان إذا رأى طائراً على بركة الجامع الكبير بحلب. قال: هذا رسولي يخبر بكذا وكذا، وكان يكره سماع اليراع، وينفر منه إذا سمعه، وكان يخلط المآكل المنوعة إذا وضعت له، فإذا قيل له في ذلك قال: الكل يجري في مجرى واحد. توفي - رحمه الله تعالى - في سنة سبع وتسعمائة. 385 - حسن المطراوي: حسن المطراوي المصري، صاحب الكرامات والخوارق، وكان مقيماً بجامع القرافة، والناس يقصدونه بالزيارة، وكان شيخاً طاعناً في السن قارب المائة سنة ومع ذلك يقوم الليل على الدوام، قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: وأخبرني أنه فقد الماء الذي يتوضأ منه في ليلة، فتوجه إلى الله تعالى، وإذا بشخص من أرباب الأحوال طائر، وفي عنقه قربة ماء ملأها من النيل،. فنزل عليه، وصبها له في الخابية، وصعد في الهواء. قال: ثم قال لي: يا ولدي من صدق مع الله تعالى سخر له الوجود، فإني لو أعلم أني لو كنت غير صادق معه في قيام الليل، أو قمت لعلة ما سخر لي بعض أوليائه. توفي في سنة عشر تقريباً رحمه الله تعالى. 386 - حسن مؤدب الأطفال: حسن الشيخ، الصالح، المبارك، الفقيه اللطيف بدر الدين المصري مؤدب الأطفال بخروبيها أدب جماعة من أكابرها وأعيانها كالقافي بدر الدين بن عبد الوارث وأولاد ابن عبد المنعم وغيرهم منذ سنين طبقة بعد طبقة. قال العلائي: وقد ذكر لي أنه وجد بعد موت والده عدة مساطير بمعاملات كثيرة، فتفكر في تخليصها ومخاصمات أربابها، وما في ذلك من المشاق، فغلب عليه طريق الراحة والخير، فغسلها أجمع وقنع بجهة التعليم، وكان أمة في ذلك مواظباً درباً مباركاً فيه متبركاً به، ونال منه معايش مع الانجماع،

وفراغ القلب، وكأن ملازماً لأذان الخروبية السكري سكنه، والإمامة بجامع الحسنات، توفي ليلة الثلاثاء سادس عشر صفر سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة عن نحو تسعين سنة رحمه الله تعالى. 387 - حسن العراقي: حسن العراقي نزيل مصر، الشيخ الصالح العابد الزاهد صاحب الأحوال العجيبة، والكشف الصحيح، كان عن طريقه إذا أتاه أحد بشيء من الأثواب النفيسة ويقول هذا نذر لك يا شيخ حسن يقبلها ثم يأخذ السكين فيقطعه قطعاً ثم يخيطها بخيط ومسلة، ويقول: إن العبد إذا لبس الجديد تصير النفس سارقة بالنظر إليه، وتعجب به، فإذا قطعناها تقطع خاطر النفس، وحكى عنه الشيخ عبد الوهاب الشعراوي حكاية عجيبة أخبر بها عن نفسه أنه كان في مبتدأ أمره شاباً من أهل دمشق، وكان ينسج العباء، وكان مسرفاً على نفسه، فجاءه التنبيه من الله تعالى: ما لهذا خلقت، فدخل الجامع الأموي، فوجد شخصاً يتكلم على الكرسي في شأن المهدي وخروجه، فاشتاق إلى لقائه، وصار يدعو الله تعالى في سجوده أن يجمعه بالمهدي، فبيمنا هو ليلة بعد صلاة المغرب في الجامع يصلي السنة إذ دخل عليه شخص عليه عمامة كعمائم العجم، وجبة من وبر الجمال، فجلس خلفه، وحس بيده على كتفه، وقال له: قد استجاب الله تعالى دعاك يا ولدي أنا المهمي، فقال: تذهب معي إلى الدار؟ فذهب معه وقال له: أخل لي مكاناً أنفرد به، فأخلى له مكاناً، فأقام عنده سبعة أيام بلياليها، ولقنه الذكر وقال له: اعلمك وردي تداوم عليه إن شاء الله تعالى تصوم يوماً، وتفطر يوماً، وتصلي كل ليلة، خمسمائة ركعة فكان يصليها خلفه كل ليلة في تلك المدة وكان إذ ذاكأمرد حسن الصورة وكان المهدي يقول له: لا تجلس قط إلا ورائي، فلما انقضت السبعة أيام خرج فودعه، فأخبره أنه سيعمر طويلاً، فكان الشيخ يقول في أواخر عمره: إن سنه مائه وسبع وعشرون سنة، ثم خرج سائحاً، فرحل إلى مكة، ثم إلى اليمن، ثم إلى الهند، ثم إلى السند، ثم إلى الصين، ثم عاد إلى بلاد العجم، ثم سافر إلى بلاد الروم، ثم أقصى المغرب، ثم دخل إلى مصر بعد خمسين سنة في السياحة، فلما دخل إلى مصر وجد أن المشار إليه بها هو سيدي إبراهيم المتولي، فلم يأذن له بدخول مصر، وقال له: اسكن في القرافة، ولا تجتمع بأحد، فأقام في قبة مهجورة عشر سنين تخدمه الدنيا في صورة عجوز تأتيه كل يوم برغيفين وإناء فيه طعام، ولم يكلمها قط، ولم تكلمه ثم استأذن في دخول مصر، فأذن له أن يسكن في بركة القرع، فأقام فيها سنين عديدة، ثم أراد الشيخ عبد القادر الدشطوطي أن يبني له جامعاً هناك، فعارضه. وقال له: أخرج من هذه الحارة، فلم يزل به حتى خرج إلى الكوم المدفون به الآن خارج باب الشعرية بالقرب من بركة الرطلي، وجامع البشيري بمصر، فمكث به سبع سنين،

فبينماً هو يوماً جالس هناك إذ طلع إليه الدشطوطي، فقال له: إنزل من هذا الكوم، فقال له: لا أنزل، وتنازعا فدعا عليه الدشطوطي بالكساح، ودعا هو على الدشطوطي بالعمى، فاستجيبت دعوة كل منهما في صاحبه، وبقي الشيخ حسن معقداً بالكوم المذكور حتى توفي به في سنة نيف وعشرين وتسعمائة، ودفن به - رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 388 - حسن بن محمد بن الشحنة: حسن بن محمد بن محمد قاضي القضاة ابن قاضي القضاة أبو الطيب عفيف الدين، وقال الحمصي وابن طولون بدر الدين بن أبي اليمن أثير الدين بن أبي الفضل محب الدين بن الشحنة. قال ابن طولون الحنفي، وقال ابن الحنبلي في تاريخه الشافعي: ولد في سنة ثمان وخسمين وثمانمائة، وحصل بالقاهرة طرفاً من العلم، وأخذ البخاري عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد القادر بن محمد بن طريف الشاوي - بالمعجمة - المصري، الحنفي الصوفي، وهو خاتمة من يروي عن ابن أبي المجد، الخطيب الدمشقي، وقرأ شرح " جمع الجوامع " بحلب على العلامة المنلا علي، الشهير بعلي درويش الخوارزمي قراءة تحقيق، وتدقيق، وولي قضاء حلب، وكتابة السر بها، وتوفي في يوم الثلاثاء حادي عشر شوال سنة عشر وتسعمائة. قال ابن طولون: مطعوناً بالقاهرة رحمه الله تعالى. 389 - حسين بن أحمد بن الأطعاني: حسين بن أحمد بن حسين، الشيخ، الصالح، الموصلي الأصل، العزازي الحلبي الشافعي، المعروف بابن الأطعاني. قال ابن الحنبلي: كان فيما بلغني صالحاً فاضلاً، حسن الخط، له اشتغال على البدر السيوفي في العربية والمنفق. قال: وكان أبوه متزوجاً بنت الشهاب أحمد ابن الشمسي محمد الأطعاني، ولم يرزق الشيخ حسن منها بل من أمة أذنت له في التسري بها كانت عاقراً، فاشتهر بواسطة ذلك بالأطعاني قال: وكان من شأنه فيما بلغني عن سقاء كان بمكة يدعى بعزرائيل أنه لما توفي بها طلب منه ماء لغسله يأتي به من سبيل الجوخي لقلة الماء بمكة إذا ذاك. قال: فذكرت أني الآن فارقته خالياً عن الماء، فصمموا علي في الذهاب إليه، فذهبت لآتي بالماء من غيره، فمررت به فإذا هو ممتلئ، فملأت قربتي، وعدت وعد ذلك من كراماته، وكانت وفاته في سنة اثنتي عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى.

390 - حسين ابن حسن البيري: حسين بن حسن بن عمر، الشيخ حسام الدين البيري، ثم الحلبي، الشافعي الصوفي، وصفه شيخ الإسلام الوالد في رحلته وغيرها الشيخ الإمام الكبير العلامة المفتي العارف بالله تعالى. ولد ببيرة الفرات، ثم انتقل إلى حلب، وجاور بجامع الطواشي، ثم بالألجيهية، ثم ولي في سنة أربع وتسعمائة النظر والمشيخة بمقام سيدي إبراهيم بن أدهم، وكان له فوق ونظم ونثر بالعربية، والفارسية، والتركية، وله رسالة في " القطب والإمام " وعرب شيئاً من " المثنوي " من الفارسية، وشيئاً من " منطق الطير " من التركية منه: اسمعوا يا سادتي صوت اليراع ... كيف يحكي عن شكايات الوداع ومنه: ما ترى قط حريصاً قد شبع ... ما حوى الدرالصدف حتى قنع ومن شعره رضي الله تعالى عنه: بقايا حظوظ النفس في الطبع أحكمت ... كذلك أوصاف الأمور الذميمة تحيرت في هذين، والعمر قد مضى ... إلهي فعاملنا، بحسن المشيئة قال ابن الحنبلي، وأنشدني له الشيخ قاسم بن الجبريني: من البطون بسر اللطف أرباني ... إلى الظهور، وذاك اللطف رباني وقد بنى في وجودي والبنان بنا ... لو خلته قلت: واشوقي إلى الباني الله أكرمني، الله أوهبني ... الله أمنحني، الله أعطاني أنساني الغير بالإحسان واعجبا ... فكيف أنسى لمن للغير أنساني؟ إنسان عيني مغمور بحكمته ... واحيرتي كيفما أدركت إنساني!

ما ثم في الكون معبود سواه يرى ... ولا له أبداً في ملكه ثاني في طي أسمائه الحسنى له حكم ... إذا نشرت ترى القاصي بها داني وكانت وفاته في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 391 - حسين بن حسن الجباوي: حسين بن حسن بن محمد، الشيخ الصوفي المتقدم ذكره الجباوي، ثم الدمشقي القبيباتي الشافعي، الشهير بابن سعد الدين قال ابن طولون: مشى على طريقة أهله، ثم أقبل على الدنيا، واستأجر عدة جهات، وتقدم عند الحكام، واجتمعت به مراراً بمنزله بالقبيبات، فوجدت عنده كرماً ومحادثة حسنة. قلت: وهو والد الشيخ أحمد، والشيخ سعد الدين، وستأتي ترجماتهما - إن شاء الله تعالى - توفي يوم الاثنين خامس عشر ذي الحجة سنة ست وعشرين وتسعمائة عن نحو خمس وثلاثين سنة تقريباً، ودفن عند والده برؤوس العمائر عند باب الله رحمه الله تعالى. 392 - حسين بن سليمان الإسطواني الحنبلي: حسين بن سل (يمان بن أحمد، الفاضل بدر الدين بن عبد الله الأسطواني الصالحي الحنبلي. قال ابن طولون: حفظ القرآن بمدرسة أبي عمر، وقرأ على شيخنا ابن أبي عمر الكتب الستة، وقرأ وسمع ما لا يحصى من الأجزاء الحديثية عليه. قال: وسمعت بقرائته عدة أشياء، ولي إمامة محراب الحنابلة بالجامع الأموي في الدولة العثمانية. انتهى. وقال شيخ الإسلام الوالد: حضر بعض دروسي، وشملته إازتي، وقرأ علي، وسألني أسئلة في الفقه، وذاكرني فيه، وقرر في الكاملية سبع سنين إلى أن توفي في صفر سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، ودفن بباب الفراديس - رحمه الله تعالى. 393 - حسين بن عبد الرحمن الرومي: حسين بن عبد الرحمن العالم الفاضل المولى حسام الدين الرومي الحنفي قرأ على علماء عصره ودخل إلى خدمة المولى أفضل زاده ثم ولي التداريس حتى صار مدرساً بمدرسة السلطان محمد خان ببروسا ثم بمدرسة أبي يزيد خان باماسية ثم بإحدى الثماني ومات وهو مدرس بها وكان فاضلاً بارعاً حسن الصوت لطيف المعاشرة وله أدب ووقار وله حواش على أوائل حاشية التجريد وكلمات متعلقة بشرح الوقاية لصدر الشريعة ورسالة في جواز استخلاف الخطيب ورسالة في جواز الذكر الجهري وغير ذلك توفي في سنة عشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

394 - حمزة الشهير بليس جلبي: حمزة العالم المولى نور الدين الرومي الحنفي الشهير بليس جلبي قرأ على علماء عصره وخدم المولى خواجه زاده ثم صار حافظاً لدفتر بيت المال والديوان في زمن السلطان محمد خان ثم صار مدرساً بمدرسة السلطان مراد خان ببروس ثم صار حافظاً لدفتر بيت المال أيضاً في سلطنة السلطان أبي يزيد خان ثم عزل وبقي متوطناً في بروسا وبنى بها زاوية للصلحاء ومات في سنة اثنتي عشرة أو ثلاث عشرة وتسعمائة ودفن في زاويته المذكورة رحمه الله تعالى. 395 - ابن الحطاب الشويكي: ابن الحطاب الأبله، المبارك الشويكي الممشقي. كان في أول أمره حائكاً مجيداً، وحصل له توله وتزايد عليه، وكان الناس يتبركون به، وتوفي في سابع عشر شعبان يوم السبت سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، ودفن بمقبرة الحمرية، وجعل على قبره إشارة رحمه الله تعالى. 396 - حميد الدين الحسيني: حميد الدين بن أفضل الدين العالم العلامة المولى حمد الله الحسيني. كان له حظ عظيم من الورع والتقوى والعلم والفضل. قرأ على والده، وكان والده عالماً صالحاً زاهداً قانعاً صبوراً، وعلى غير والده، ثم خدم المولى بيكان، ثم أعطي تدريس مدرسة السلطان مراد خان ببروسا، وعزل عنها في أوائل دولة السلطان محمد خان، فأتى القسطنطينية، فبينما هو ذات يوم مار في بعض طرقاتها إذ لقي السلطان محمد، وهو ماش مع عدة من علمائه، وكان ذلك عادته قال: فعرفته، ونزلت عن فرسي، ووقفت فسلم علي، وقال: أنت ابن أفضل الدين؟ قلت: نعم، قال: أحضر الديوان غداً، قال: فحضرت، فلما دخل الوزراء عليه قال: جاء ابن أفضل الدين، قالوا: نعم قال: أعطيته مدرسة والدي السلطان مراد خان ببروسا، وعينت له كل يوم خمسين درهماً، وطعاماً يكفيه من مطبخ عماتي. قال: فلما دخلت عليه، وقبلت يده أوصاني بالإشتغال بالعلم، وقال: أنا لا أغفل عنك، ثم أعطاه السلطان محمد إحدى المدارس الثماني، ثم جعله قاضياً بالقسطنطينية، ثم صار مفتياً بها في أيام السلطان أبي يزيد خان، واستمر حتى مات، وكان عالماً كبيراً. ذكر تلميذه المولى محيي الدين الفناري أنه لم يجد مسألة من المسائل شرعية أو عقلية إلا وهو يحفظها، وقال: لو ضاعت كتب العلم كلها لأمكن أن يمليها من حفظه، وهذا الكلام في نفس الأمر غلو وإغراق. وحكى في الشقائق عنه أنه حكى عن نفسه أنه وقع بالقسطنطينية طاعون حين كان مدرساً

حرف الخاء المعجمة

بإحدى الثماني، فخرج ببعض أولاده إلى بعض القرى، وهي زلة لا تليق بمقام مثله، وكان حليماً صبوراً لا يكاد يغضب حتى تحاكم إليه، وهو قاض رجل وإمراة، فحكم للرجل، فاستطالت عليه المرأة، وأساءت القول في حقه، فلم يزدها على أن قال: لا تتعبي نفسك حكم الله لا يغير، وإن شئت أن أغضب عليك، فلا تطمعي، وله حواش على شرح الطوالع للأصبهاني، وهي متداولة مقبولة، وحواش على شرح المختصر للسيد الشريف، وهي مقبولة أيضاً، وكانت وفاته في سنة ثمان وتسعمائة. 397 - حيدر الخيالي: حيدر العالم الفاضل المولى الرومي، الحنفي ابن أخي المولى الخيالي، وحفيد المولى محمد بن الفناري. اشتغل في العلم، وخدم المولى محمود القوجوي، وصار معيد الدرس، وكان يومئذ مدرساً بدار الحديث بأدرنة، وقرأ عليه المطول من أوله إلى آخره، وصحيح البخاري من أوله إلى آخره، وكان يقرأ عليه في أثناء الدرس شرح الكرماني، ثم رحل إلى مصر، وأخذ عن علمائها التفسير، والحديث، والأصول، والفروع، ثم عاد إلى الروم، فصار متولياً على أوقاف عمارة السلطان محمد خان ببروسا، ثم على أوقاف السلطان أورخان بها، وكان له يد طولى في النظم والنثر بالعربية مع الفصاحة والبلاغة. توفي ببروسا في أواخر دولة السلطان سليم خان بن السلطان أبي يزيد خان رحمهم الله تعالى. حرف الخاء المعجمة من الطبقة الأولى: 398 - خالد بن عبد الله الأزهري: خالد بن عبد الله بن أبي بكر، الشيخ العلامة النحوي زين الدين المصري الأزهري الوقاد به. اشتغل وبرع، وانتفعت به الطلبة، وصنف شرحاً على أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك لابن هشام، وهو المشهور بالتوضيح، وإعراباً على الألفية لابن مالك، وشرحاً على الجرومية، وآخر على قواعد الإعراب لابن هشام، وآخر على الجزرية في التجويد، وآخر على البردة، والمقدمة الأزهرية، وشرحها، وكثر النفع بتصانيفه لوضوحها. وكانت وفاته في رابع عشر المحرم سنة خمس وتسعمائة بعد أن حج، ووصل إلى بركة الحاج خارج القاهرة، وكان صحبة الركب الأول، وحصل له محنة من العرب رحمه الله تعالى. 399 - خضر بن محمد الحسباني: خضر بن محمد الشيخ زين الدين الحسباني عامل

أوقاف الحرمين الشريفين بدمشق. مولده تقريباً في أوائل الثلاثين وثمانمائة، وتوفي يوم الجمعة ثامن عشر شوال سنة ست عشرة وتسعمائة، ودفن شرقي القلندرية بمقبرة باب الصغير عند والده أبي الفضل. قال ابن طولون: وبمجرد إهالة التراب في قبره أذن المغرب، فأذن شخص عند قبره وفرح - رحمه الله تعالى -. 400 - خضر بن أحمد الرومي: خضر بن أحمد، الشيخ. العارف المولى خضر بيك ابن المولى أحمد باشا الرومي الحنفي. تربى عند والده، وحصل فضيلة وافرة من العلم وصار مدرساً بمدرسة السلطان مراد الغازي ببروسا، وانتفع به الطلبة، وفضلوا عنده، ثم مال إلى التصوف وتهذيب الأخلاق، وصار خاشعاً. وقوراً، ساكناً، مهيباً، متأدباً، متواضعاً مراعياً لجانب الشريعة، حافظاً لآداب الطريقة، مقبولاً عند الخاصة والعامة. حتى توفي سنة ثلاث أو أربع وعشرين وتسعمائة رحمه الله. 401 - خضر نائب قلعة مصر: خضر الأمير خير الدين نائب قلعة مصر، كان ديناً عفيفاً، عاقلاً، شفوقاً، محترماً، ذا رأي وتؤدة يحمل هم الخلق في الحوادث، ويشفع وينفع مع حسن اعتقاد. وبر للفقراء والمساكين دائماً من سماطه صباحاً ومساءً، وعمر مسكنه بالقلعة مسجداً، وأوصى أن يعمر مقام سيدي سارية، وأن يدفن فيه. ففعلوا، ومات ليلة الأربعاء خامس ربيع الثاني سنة سبع بتأخير الباء الموحدة وعشرين وتسعمائة عن نحو سبعين سنة بمصر، وأوصى بألفي دينار من ماله للصدقات، وأن يحج عنه. 402 - خطاب بن محمد الصالحي الحنبلي: خطاب بن محمد بن عبد الله الكوكبي، ثم الصالحي، الدمشقي، الحنبلي الشيخ المفيد زين الدين. حفظ القرآن في مدرسة الشيخ أبي عمر، وأخذ عن الشيخ صفر، والشهاب بن زيد وغيرهم، واشتغل في العربية على الشيخ شهاب بن شكم، وحل عليه ألفية العراقي في علم الحديث، واعتنى بهذا الشأن. قال ابن طولون: أنشدنا لنفسه في مستهل رجب سنة سبع وتسعين وثمانمائة، وكان الطاعون موجوداً بدمشق يومئذ: بطشت يا موت في دمشق ... وفي بنيها أشد بطش وكم بنات بها بدوراً ... كانت فصارت بنات نعش وقال: عرض له ضعف في بعض الأحيان، وكان عند الناس أنه فقير، فأوصى بمبلغ من

الذهب له كمية جيدة، ثم برأ من ذلك الضعف، فشنق نفسه بخلوته بالضيائية في سابع عشر جمادى الأولى سنة خمس وتسعمائة. رحمه الله تعالى. 403 - خليل بن محمد بن خلفان: خليل بن محمد بن أبي بكر بن خلفان - بفتح المعجمة والفاء، وإسكان اللام بينهما، وبالنون آخره - القاضي غرس الدين الدمشقي الحنبلي، المعروف بالسروجي. ولد في ربيع الأول سنة ستين وثمانمائة بميدان الحصا، واشتهر بالشهادة، ثم فوض إليه نيابة الحكم مدة يسيرة، وتوفي يوم الخميس سابع شهر رمضان سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، ودفن بتربة الجورة بالميدان - رحمه الله تعالى رحمة واسعة -. 404 - خليل بن إيراهيم الصالحي: خليل بن إبراهيم بن عبد الله، الشيخ المحدث أبو الوفاء، ابن أبي الصفا الصالحي، الحنفي، ولد سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة. أجاز ابن طولون، والكفرسوسي، وابن شكم وغيرهم في صفر سنة سبع وتسعمائة، وأجاز لمن أدرك حياته، ومن مشايخه ابن حجر، والشيخ سعد الدين الديري الحنفي، والعيني، والقاياتي، والعلم البلقيني وغيرهم رحمه الله تعالى. 405 - خليل بن سالم الحلبي: خليل بن سالم، الشيخ الصالح. الصوفي. الحريري. الخرقة الحلبي، المعروف بابن النفاش بالفاء، كان يصدع بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وكان له اهتمام بترميم المساجد من ماله حتى اتهمه الأستادار في الدولة الجراكسية بدفين ظفر به، وأراد أن يأخذ منه مالاً بطريق الجور، فصدعه بالقول وهول عليه، فلم يستطع التوصل إليه ذكره ابن الحنبلي. وقال: توفي عن سن عالية في سنة ثمان وعشرين وتسعمائة أو بعدها - رحمه الله تعالى. 406 - خليل بن عبد القادر بن غرس الدين: خليل بن عبد القادر بن عمر بن محمد، الشيخ الإمام، العالم المحدث غرس الدين أبو سعيد بن الشيخ أبي المفاخر زين الدين ابن الشيخ العلامة سراج الدين، الجعبري الأصل، الحلبي الشافعي سبط خطيب الأقصى، الشيخ شهاب الدين القرقشندي. ولد في المحرم سنة تسع وستين وثمانمائة بالقدس الشريف، واشتغل في العلم على جماعة منهم شيخ الإسلام الكمال بن أبي شريف، والشيخ العلامة

برهان الدين الخليلي الأنصاري وغيرهما، وجمع معجماً لاسماء شيوخه. ولي حصة من مشيخة حرم الخليل عن والده المتوفي في المحرم سنة سبع وتسعين وثمانمائة، وكان رجلاً خيراً ديناً من أهل العلم، والتواضع والناس سالمون من يده ولسانه، وتوفي في أحد الربيعين سنة ست وتسعمائة رحمه الله تعالى. 407 - خليل بن نور الله بن خليل الله: خليل بن نور الله، الشيخ العلامة، المعروف بمنلا خليل الله الشافعي تلميذ المنلا علي القوشجي. دخل حلب وقطنها، واكب على القراءة عليه بها جماعة، منهم الشمس السفيري، وكتب على الفتوى، وكان يختمها بخاتم له على طريقة الأعجام. قيل: وكان يفتي من الرافعي الكبير بقوة المطالعة، وكانت له مواعيد حسنة بجامع حلب، وألف رسالة في المحبة، ورسالة في الفتوح، في بيان النفس والروح، ورسالة في بيان " نكتة التثنية، في قوله تعالى: " رب المشرقين ورب المغربين " " سورة الرحمان: الآية 17 " مع الإفراد في قوله: " رب المشرق والمغرب " " سورة المزمل: الآية 9 " والجمع في قوله: " رب المشارق والمغارب " " سورة المعارج: الآية 40 " وكانت وفاته سنة ثمان وتسعمائة، وحمل سريره برسباي الجركسي كافل حلب، ودفن بتربة السفيرفي خارج باب المقام، وتأسف لفقده الفضلاء والنبلاء رحمه الله تعالى. 408 - خليل بن خليل الفراديسي الحنبلي: خليل بن خليل الفراديسي الصالحي الحنبلي. الشيخ غرس الدين أبو القاسم. كما قال ابن طولون: حفظ القرآن، ثم قرأ المحرر للمجد بن تيمية، وأخذ عن النظام بن مفلح، والشهاب بن زيد، والشيخ صفي الدين، ولازم شيخنا القاضي ناصر الدين بن زريق، وأكثر من الأخذ عنه، ثم أقبل على الشهادة والمباشرة لأوقاف مدرسة أبي عمر وغيرها، قال ابن طولون: أجاز لنا، وكتب عنه فوائد، توفي في حبس كرتباي الأحمر ملك الأمراء بدمشق سنة أربع وتسعمائة رحمه الله تعالى. 409 - خليل الأوسي: خليل القاضي غرس الدين الأوسي، الرملي الشافعي. قاضي الرملة، المعروف بابن المدققة. توفي بالقاهرة يوم الجمعة خامس شوال سنة تسع وتسعمائة - رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

410 - خليل الرومي: خليل. العالم الفاضل المولى الرومي. الحنفي، المشهور بمنلا خليلي. كان حليماً كريماً متواضعاً متخشعاً إلا أنه كان يغلب عليه الغفلة في سائر أحواله. درس في بعض مدارس الروم، ثم بإحدى الثماني، ثم (بمدرسة أدرنة، ثم أعطي قضاء القسطنطينية في دولة السلطان أبي يزيد خان، ثم قضاء العسكري الأناظولي، ثم الروم إيلي، ومات على ذلك فى أوائل دولة السلطان سليم خان بن أبي يزيد خان رحمه الله تعالى. 411 - خليل القلعي: خليل القلعي، الشافعي، العبد الصالح والد إمام الجوزة. كان على طريقة السلف الصالحين رحمه الله تعالى. 412 - خليل المقيم بالكلاسة: خليل، الشيخ الصالح الموله المقيم بالكلاسة بدمشق، كان للناس فيه اعتقاد عظيم، وكان يحبون أن يطلب منهم الدراهم. فيعطونه. توفي في أواخر الحجة سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 413 - خميس المجذوب: خميس، الشيخ الصالح المجنوب صاحب الحال والتمكين بدمشق، واشتهر أنه هو الذي أدخل الشي حسن ابن الشيخ سعد الدين الجباوي إلى الشام، وكان سبب رسوخ الطائفة السعدية في دمشق، وكان إذا مر به أحد يأمره بتقبيل يد الشيخ حسن واعتقاده، وقال الشيخ موسى الكناوي: لم أره. وحكى عنه أصحابنا حكايات تدل على تصرفه وسعة حاله. قال: ومن أصحابه سيدي محمد بن قيصر القبيباتي. قلت: من الحكايات المشهورة عنه أن بعض جماعته، ولعله ابن قيصر. كان يتردد إلى سيدي علي بن ميمون بالصالحية، وكان ابن ميمون ربما لاح منه إنكار على الشيخ حسن، فذكر ذلك لسيدي خميس، فقال لذلك الرجل: الذي كان يتردد إلى سيدي علي بن ميمون. قل لابن ميمون لما سقطت نعلك في البحر. وأنت في السفينة في يوم كذا من ردها إليك إلا رجال الشام، فذكر ذلك لابن ميمون، فاعترف بذلك، وصار يتأدب بعد ذلك مع الشيخ خميس - رحمه الله تعالى - ومات سيدي خميس في سنة ثماني عشرة وتسعمائة أو دونها، ودفن بمقبرة القبيبات رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

حرف الدال المهملة

414 - خديجه بنت محمد البيلوني: خديجة بنت محمد بن حسن البابي الحلبي، المعروف بابن البيلوني، الشافعي. الشيخة الصالحة المتفقهة، الحنفية، أجاز لها الكمال بن الناسخ الإطرابلسي وغيره رواية صحيح البخاري، واختارت مذهب أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه - مع أن أباها وأخوتها شافعيون حفظاً لطهارتها عن الانتقاض بما عساه يقع من مس الزوج لها، وحفظت في مذهب الحنفية كتاباً، وكانت دينة، صينة، متعبدة، مقبلة على التلاوة إلى أن توفيت في رمضان سنة ثلاثين وتسعمائة رحمها الله تعالى. حرف الدال المهملة من الطبقة الأولى: 415 - دمرادش المحدث: دمرداش المحمدي، الشيخ الصالح الورع المعتقد، صاحب الزاوية، والغيط بالقاهرة ذكر ابن طولون أنه كان أحد مماليك السلطان قايتباي الملك الأشرف، والظاهر أنه ليس كذلك، فإن الشيخ عبد الوهاب الشعراوي، ذكر أنه كان أجل أصحاب سيدي أحمد بن عقبة المغربي، المدفون في حوش السلطان برقوق، بصحراء مصر، فلما مات شيخه، ساح في البلاد حتى دخل تبريز العجم، فصحب الشيخ العارف سيدي عمر روشني بها وأقام عنده مدة، ثم رجع إلى مصر، فنزل بالبرية خارج الحسينية، فسأل السلطان قايتباي أن يأفن له في إحياء أرض زاويته، والغيط المعروف به الآن، فأذن له فأقام بغرس النخيل، وسقيه نحو خمس سنين، وهو في خص، هو وزوجته، فغرس ألف نخلة فلم يخطيء منها واحدة، وليس منذ غرس غيطة بمصر، أحسن تمراً من غيطه، ولتمره شهرة زائدة، وكل ذلك ببركة التقوى، وملاحظة النية عند غرسه فإنه أخبر عن نفسه، أنه لم يغرس نخلة قط، إلا على نية الفقراء، والمساكين الذين هو من جملتهم، وذكر أن سيدي إبراهيم المتبولي، هو الذي أشار عليه بذلك، وقال له: يا دمرداش كل من عمل يدك، وإياك والأكل من صدقات الناس، فإنهم يتقاسمون حسناتك في الآخرة، وقد وقف غيطه، وشرط أن تنقسم غلته أثلاثاً ثلاث لمصالح الغيط، وثلث لورثته، وثلث الفقراء والمساكين القاطنين بالزاوية، والواردين إليها، وشرط على القاطنين بزاويته، أن يقرأوا كل يوم ختماً يتناوبونه، ثم يجتمعون قبيل المغرب، ويهدونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى الشيخ محيي الدين بن العربي - رضي الله تعالى عنه - وقال العلائي: كان على سمت حسن يكل الحلال، ويطعمه، وكان يعتقد ابن العربي، وابن الفارض، واستكتب، الفتوحات المكية، وغالب شروح التائية، وقال الشعراوي: أقام عند

حرف الذال المعجمة

الفقراء الصادقون، وانتفعوا به، واستخلف منهم جماعة، وأذن لهم بالتسليك في مصر، منهم الشيخ حسن الجركسي، والشيخ محمد الحانوتي، والشيخ كريم الدين بن الزيات، وهو الذي أحيى طريقة شيخه بعده، قال: وزاوية الشيخ دمرداش عامرة بالسماط، والفقراء، وليس في مصر زاوية يأكل فقراؤها حلالاً مثلها لأن وقفها، من عمل الشيخ بيده، لا منة لأحد فيه على الفقراء، ولا رياء فيه، ولا سمعة قال: وكان إذا غلب عليه الحال يأكل الإردب الفلفل، وعمل له مرة الأمير قبردي الدوادار سماطاً، وأرسل يقول له: ائت بجميع أصحابك، فلم يأت معه أحد، فجلس على السماط قيل: وكان يكفي خمسمائة نفس، فقال: أما ننتظر الجماعة فقال الشيخ: أنا أسد عنهم، فصار يأكل من الإناء، ويلحسه حتى أكله كاملاً، وقال: لم أشبع فآتوه بكسر يابسة، وبقية الطعام الذي ترك للعيال، والغز، فاستغفر الأمير، واعتذر للشيخ وقيل له: كيف أكلت ذلك كله؟ فقال: رأيته شبهات، فحضرت بطائفة من الجن فكلوه، وحميت الفقراء منه، وذكر العلائي أنه توفي في عصر يوم السبت، حادي عشري في الحجة سنة تسع، بتقديم المثناة وعشرين وتسعمائة، وأقيم مكانه ولده سيدي محمد، وذكر ابن طولون، أنه صلي عليه غائبة بالجامع الأموي بدمشق يوم الجمعة سابع عشر المحرم، سنة ثلاثين وتسعمائة، ثم صلي عليه بالعمارة السليمية بالصالحية، في الجمعة التي تليها، ولعل ذلك لاعتقاده الزائد في ابن العربي - رضي الله تعالى عنهما - ورحمهما رحمة واسعة. حرف الذال المعجمة من الطبقة الأولى: 416 - ذو النون الكملاني: ذو النون الشيخ الإمام، العالم الصالح الزاهد المجذوب الكملاني، كذا ترجمه الشيخ شهاب الدين الحمصي، في تاريخه، وقال: وكان له أحوال ظاهرة ومكاشفات غريبة، وكان لا يستقر في مكان إلا قليلاً، وانتقل في آخر أمره إلى الجبل المانع، بالقرب من قرية الكسوة بدمشق، وأقام به مدة، ثم رجع إلى مقام السيد ضرار بن الأزور الصحابي - رضي الله تعالى عنه - خارج دمشق، وأقام به مدة، ثم عاد إلى الجبل المانع، فعدا عليه جماعة من المناحيس، الفلاحين الفسقة، فقتلوه ليلاً، وقطعوا رجله، ودفنوه تحت أحجار بالجبل المذكور، ففطن به جماعة من جيرة الجبل المذكور، فأخرجوه، وأحضروه إلى قرب سيدي الشيخ أرسلان، فغسلوه، وكفنوه، ودفنوه بالمكان الذي أنشأه القرب من سيدي ضرار بن الأزور، المذكور، وتأسف الناس عليه، وكان قتله في رجب سنة تسع وعشرين، وتسعمائة رحمه الله تعالى.

حرف الراء

حرف الراء من الطبقة الأولى: 417 - رجب قاضي البقاع: رجب القاضي زين الدين قاضي البقاع، من أعمال دمشق. قال الحمصي: كان من الفضلاء. توفي في رابع عشر القعدة سنة ثماني عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. آمين. 418 - رستم الرومي: رستم الشيخ العارف بالله تعالى، رستم خليفة الرومي البرسوي الحنفي، أصله من قصبة كونيك، من ولاية أناظولي، وأخذ الطريق عن الشيخ العارف المعروف بحاجي خليفة الرومي، ويفهم من سيرته أنه كان أويسيا، له خوارق، ويتستر بتعليم الأطفال، وكان لا يتكلم إلا عن ضرورة، وله أنعام تام على الأغنياء والفقراء، وإذا أهدى إليه أحد شيئاً كافأه بأضعافه، ولم يكن له منصب، ولا مال، وحكى عن نفسه، أنه رمد مرة فلم ينفعه الدواء، فرأى رجلاً فقال له: يا ولدي إقرأ المعوذتين في الركعتين الأخيرتين من السنن المؤكدة قال: فداومت على ذلك فشفي بصري، وكان بعض جماعته يقول: نرى أن ذلك الرجل هو الخضر عليه السلام، وخرج جماعة من المارقين على بروسا، في سنة سبع عشر وتسعمائة، فاضطرب الناس اضطراباً شديداً، حتى هموا بالفرار، فاستغاثوا بالشيخ رستم خليفة، فقال لهم هؤلاء الجماعة: لا يدخلون هذا البلد، ولا يلحق أهله ضرر من جهتهم، فثبتوا مكانهم، وكان كما قال: ومات في تلك السنة، ودفن ببروسا رحمه الله. 419 - رمضان الرومي: رمضان الرومي، الشيخ العارف بالله تعالى، المقيم بأدرنة، كان صوفياً، وأخذ عن الشيخ العارف المعروف بالحاج بيرام، وكان بحراً زاخراً في المعارف الإلهية، وطوداً شامخاً في الإرشاد، وسلك على يديه جماعة من المريدين، وكان مجاب الدعوة، انقطع المطر مرة بأدرنة في سلطنة السلطان بايزيد خان، فاستسقى أهلها، فلم يسقوا حتى استغاثوا به، فحضر إلى المصلى، وصعد المنبر، ودعا الله تعالى، وتضرع إليه فما نزل من المنبر إلا وقد نزل المطر، وتوفي بأدرنة في أيام سلطنة السلطان المذكور رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 420 - رمضان الرومي أيضاً: رمضان الرومي أيضاً العالم الزاهد الورع الخاشع، المعروف بحاج رمضان المتوطن ببلدة قسطموني، من بلاد الروم، كان قائم الليل، صائم النهار، منقطعاً إلى الله تعالى، منجمعاً عن الناس قال في الشقائق: وكان بركة من بركات

حرف الزاي

المسلمين، توفي في أوائل دولة السلطان سليمان خان، رحمهم الله تعالى رحمة واسعة. حرف الزاي من الطبقة الأولى: 421 - زكريا ابن القاضي زين الدين الأنصاري: زكريا بن محمد بن زكريا الشيخ الإمام، شيخ مشايخ الإسلام، علامة المحققين، وفهامة المدققين، ولسان المتكلمين، وسيد الفقهاء والمحدثين، الحافظ المخصوص بعلو الأسناد، والملحق للأحفاد بالأجداد، العالم، العامل، والولي الكامل، الجامع بين الشريعة والحقيقة، والسالك إلى الله تعالى أقوم مسالك الطريقة، مولانا وسيدنا قاضي القضاة، أحد سيوف الحق المنتضاة، زين الدين أبو يحيى الأنصاري السنيكي، المصري، الأزهري، الشافعي، وسنيكة المنسوب إليها - بضم السين وفتح النون وإسكان الياء المثناة تحت وآخر الحروف تاء التأنيث - بليدة من شرقية مصر. قرأت بخط شيخ الإسلام الوالد أنه ولد ببلده في سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة. وقال الحمصي: في سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وحكى العلائي. عن الشيخ الصالح المعتقد ربيع ابن الشيخ المصطلم عبد الله السلمي الشنباري أنه يوماً بسنيكة مسقط رأس الشيخ زكريا، وإذا بامرأة تستجير به وتستغيث أن ولدها مات أبوه، وعامل البلد النصراني قبض عليه يروم أن يكتبه موضع أبيه في صيد الصقور، فخلصه الشيخ منه، وقال لها: إن أردت خلاصه فافرغي عنه يشتغل ويقرأ بجامع الأزهر، وعلي كلفته، فسلمت إليه الشيخ زكريا على ذلك ليتنصل من الفلاحة، وكان عليه يومئذ خلق ثوب وزمط مقور، فلا زال يشتغل الشيخ زكريا حتى صار إلى ما صار إليه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. قال العلائي: وكان إذا ورد عليه الشيخ ربيع أو زوجته أو أحد من أقاربه يجله في زمن صمدته ومنصبه، وكان يقضي حوائجهم، ويعترف بالفضل لهم، وربما مازحته زوجة الشيخ ربيع التي ربته، وحكى الشيخ عبد الوهاب الشعراوي، عن الشيخ زكريا - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: جئت من البلاد وأنا شاب، فلم أعكف على الاشتغال بشيء من أمور الدنيا، ولم أعلق قلبي بأحد من الخلق. قال: وكنت أجوع في الجامع كثيراً. فأخرج في الليل إلى الميضأة وغيرها، فأغسل ما أجده من قشيرات البطيخ حوالي الميضأة وآكلها، وأقنع بها عن الخبز، فأقمت على ذلك الحال سنين، ثم إن الله تعالى قيض لي شخصاً من أولياء الله تعالى كان يعمل في الطواحين في غربلة القمح،

فكان يتفقدني ويشتري لي ما أحتاج إليه من الأكل والشرب والكسوة والكتب، ويقول لي: يا زكريا لا تخف عني عن أحوالك شيئاً، فلم يزل معي كذلك عدة سنين، فلما كان ليلة من الليالي أخذ بيدي والناس نائمون. وقال لي: قم معي، فقمت معه فأوقفني على سلم الوقادة الطويل بالجامع، وقال: إصعد هذا الكرسي، فلم يزل يقول لي اصعد إلى آخر درجة. ثم قال: إنزل، فنزلت، فقال لي: يا زكريا إنك تعيش حتى تموت أقرانك، ويرتفع شأنك، وتتولى مشيخة الإسلام - يعني قضاء القضاة مدة طويلة - وترتفع على أقرانك، وتصير طلبتك مشايخ الإسلام في حياتك حتى يكف بصرك قلت: ولا بد لي من العمى. فقالا: لا بد، ثم انقطع عني فلم أره من ذلك. انتهى. واشتغل - رضي الله تعالى عنه - في سائر العلوم المتداولة، وبرع فيها، فقرأ القرآن العظيم على جماعة منهم الإمام الرحلة زين الدين أبو النعيم رضوان بن محمد العقبي، والإمام المقريء نور الدين علي بن محمد ابن الإمام فخر الدين المخزومي البلبيسي الشافعي إمام الأزهر قراءة عليهما جميعاً للأئمة السبعة، ومنهم الإمام العلامة زين الدين ظاهر بن محمد بن علي النويري المالكي جميعاً للأئمة الثلاثة زيادة على السبع، وقرأ على العقبي الشاطبية، والرائية، وسمع عليه من التيسير للداني يسيراً، وتفقه بجماعة منهم شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني، وفقيه الوقت الشرف موسى بن أحمد السبكي، ثم القاهري، والشيخ شمس الدين محمد بن علي البدشيني نزيل تربة الجبرتي بالقرافة، والعلامة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن رجب القاهري عرف بالمجدي، والعلامة شمس الدين محمد بن محمد بن أحمد الحجازي مختصر الروضة، والشيخ العلامة شمس الدين محمد بن إساعيل الوفائي، وقرأ على شيخ الإسلام شمس الدين محمد بن على القاياتي أول شرح البهجة للعراقي إلى الأمان، ومن الأمان إلى آخره، وعلى العلامة علم الدين صالح ابن شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني، وأذن له جماعة من هؤلاء وغيرهم بالتدريس والإفتاء، وقرأ كتاب " التبيان، في آداب حملة القران "، للنووي على الشيخ أبي إسحاق الصالحي، وأخذ العربية، والأدب، والأصول، والمعقولات عن شيخ الإسلام ابن حجر، وعن المحيوي الكافيجي، والتقي الحصكفي وعن غيرهم، وكان رفيقاً للجمال يوسف الكوراني، والعماد إسماعيل الكردي، على الشمس الشرواني في هذه، وسمع عليه هو والعماد المذكور بقراءة الكوراني شرح المواقف. لكن نقل العلائي أن الشمس الشرواني لما سئل عن هؤلاء في فهم الكتاب المذكور قدم الكوراني عليهما، وأخذ القاضي زكريا - رحمه الله تعالى - الحديث عن جماعة منهم ابن حجر قرأ عليه السيرة النبوية لابن سيد الناس، والسنن لابن ماجة لما عدا من قوله في آخر الدعوات ما يدعو به الرجل إذا خرج من

بيته إلى آخر الكتاب، فمات ابن حجر قبل إكماله، وسمع عليه أشياء كثيرة، وقرأ على أبي النعيم رضوان العقبي مسند الإمام الشافعي، وصحيح مسلم، والسنن الصغرى للنسائي، وسمع عليه شرح معاني الآثار للطحاوي وغير ذلك كثيراً، وقرأ صحيح البخاري على أبي إسحاق إبراهيم بن صدقة الحنبلي، وسمع جميعه على الشمس القاياتي، وأكثره على ابن حجر، وأجازه خلائق يزيدون على مائة وخمسين نفساً ذكرهم في ثبته، ولبس الخرقة الصوفية من الشيخ أبي العباس أحمد بن علي الأتكاوي، والشيخ أبي الفتح محمد بن أبي أحمد الغزي، والشيخ أبي حفص عمر بن علي النبتيتي، والشيخ أحمد ابن الفقيه علي الدمياطي. الشهير بابن الزلباني، والشيخ زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي التميمي الخليلي، وكلهم شافعيون، وتلقن منهم الذكر، وأذنوا له بالتلقين والإلباس، وكنلك أخذ الطريق عن أوحد الجماعة القائم في النصيحة بين العباد بما استطاعه سيدي محمد بن عمر الواسطي، الغمري، الشافعي بحق أخذه عن سيدي الشيخ أحمد الزاهد صاحب الستين مسألة في الفقه - رضي الله تعالى عنه - وسافر شيخ الإسلام زكريا وهو بالمحلة الكبرى من مصر، وأقام عنده أربعين يوماً، وقرأ عليه كتاب " قواعد الصوفية " له كاملاً، ثم رجع إلى مصر. قال الشعراوي: وأخبرني - رضي الله تعالى عنه - أنه دخل مرة على سيدي محمد الغمري الخلوة على غفلة، فرأى له سبع عيون قال: لما بهت فيه. قال لي: يا زكريا إن الرجل إذا كمل صار له عيون بعدد أقاليم الدنيا. قال: ودخلت عليه مرة أخرى، فرأيته متربعاً في الهواء قريباً من سقف الخلوة. قال الشعراوي: وأخبرني أنه من حين كان شاباً يحب طريق الصوفية، ويحضر مجالس ذكرهم حتى كان أقرانه يقولون: زكريا لا يجيء منه شيء في طريق الفقهاء لكوني كنت مكباً على مطالعة رسائل القوم، مواظباً على مجالس الذكر، قال: ولما اشتغلت بالعلم، وبرعت فيه - بحمد الله تعالى - شرحت البهجة. قال: فلما أتممت شرحها غار بعض الأقران، فكتب على بعض نسخ الشرح كتاب الأعمى والبصير تعريضاً بأني لا أقدر أشرح البهجة وحدي، وإنما ساعدني فيه رفيق أعمى كنت أطالع أنا وإياه. قال: فاحتسبت بالله تعالى، ولم ألتفت إلى مثل ذلك. قال: وكان تأليفي لشرح البهجة في يوم الاثنين، والخميس لكونها ترفع فيها الأعمال. كما ورد في الحديث. انتهى. ع فيها الأعمال. كما ورد في الحديث. انتهى. ثم وكان - رضي الله تعالى عنه - بارعاً في سائر العلوم الشرعية وآلاتها حديثاً، وتفسيراً، وفقهاً، وأصولاً، وعربية، وأدباً، ومعقولاً، ومنقولاً. فأقبلت عليه الطلبة للإشتغال عليه، وعمر حتى رأى تلاميذه وتلاميذ تلاميذه شيوخ الإسلام، وقرت عينه بهم في محافل العلم، ومجالس الأحكام قصد بالرحلة إليه من الحجاز والشام ومن أعيان من أخذ عنه الشيخ الإمام

العلامة جمال الدين عبد الله الصافي، والشيخ الإمام نور الدين المحلي، والشيخ الإمام مجلي، والشيخ الفقيه عميرة البرلسي، والشيخ العلامة السيد كمال الدين بن حمزة الدمشقي، والشيخ بهاء الدين المفصي، وشيخ الإسلام الجد، وشيخ الإسلام الوالد. قرأ عليه المنهاج والألفية، وسمع عليه أشياء كثيرة، والشيخ العلامة مفتي البلاد الحلبية البدر بن السيوفي، والشيخ العلامة شهاب الدين الحمصي، والشيخ العلامة بدر الدين العلائي الحنفي، والشيخ العلامة شمس الدين الشبلي، والشيخ الصالح الولي عبد الوهاب الشعراوي، والشيخ العلامة فقيه مصر شهاب الدين الرملي القاهري، وولده شيخنا العلامة شمس الدين الرملي، والشيخ العلامة مفتي الحجاز، وعالمها شهاب الدين بن حجر الهيتمي. شارح المنهاج، وولد الشيخ زكريا الشيخ العلامة الصالح العلامة نور الدين النسفي المصري، ثم الدمشقي وغيرهم. وولي الجهات والمناصب، وولاه السلطان قايتباي قضاء القضاة، فلم يقبله إلا بعد مراجعة كلية، ثم عزل عن القضاء بسبب خطه على السلطان بالظلم، وزجره عنه تصريحاً وتعريضاً. قال العلائي: وعاش عزيزاً مكرماً محظوظاً في جميع أموره ديناً ودنيا بحيث قيل: إنه حصل له من الجهات والتداريس والمرتبات والأملاك قبل دخوله في منصب القضاء كل يوم نحو ثلاثة آلاف درهم، وجمع من الأموال، والكتب النفيسة ما لم يتفق لمثله. قال: ومتع بالقول على ملازمة العلم والعمل ليلاً ونهاراً مع مقارنة مئة سنة من عمره من غير كلل ولا ملل مع عروض الإنكفاف له. بحيث شرح البخاري جامعاً فيه ملخص عشرة شروح، وحشى تفسير البيضاوي في هذه الحالة، وكان يبر من الطلبة من يسوق له عبارات الكتب، فيأمره بكتابة ما يراه منها، " ويحرر من غير ضجر، وكان يقرأ عليه الدروس ومروياته في الحديث، ويراجع مصنفاته فيصلحها " ويحررها المرة بعد الأخرى إلى آخر وقت قال: وكان رجاعاً إلى الخير. منقاداً للمعروف، ولو من الأداني، منصفاً لمن أوله ولو صغيراً غير متكثر بالعلوم والمشيخة، ضابطاً لأوقاته غير مضيع لعمره، سليماً من العوارض والعواطل غير أنه تحمل في منصب القضاء لمراعاة مصالح دنياه وحفدته أموراً تخشى عاقبتها، حتى أنشد فيه الشيخ تاج الدين بن شريف. قاضي سنيكة عالم متبحر ... لكنه لكنه لكنه ثم انتقد عليه أموراً ظاهرها التعصب، ومنها حادثة وقعت للعلائي نفسه، مع رأس نوبة النواب الأمير أزبك اليوسفي، بسبب المدرسة العلائية الديلمية، زعم العلائي أن صاحب الترجمة راعى جانب الأمير أزبك فيها، ثم قال العلائي. معتذراً: لعمري أني رقمت هذه الأمور، وإني في تأثر وحيرة، فإنه من شيوخنا في الجملة دراية، وروايةً وإن شاركناه في كثير من شيوخه، وقد جمع من أنواع العلوم، والمعارف، والمؤلفات المقبولة، ومكارم الأخلاق،

وحسن السمت، والتؤدة، والأخذ عن الأكابر، ما لم يجمعه غيره، فإنه آخر من روى عن الضابط الصين المسند أبي النعيم رضوان العقبي، وعن القاياتي إلى أن قال: وكان قلمه أجود من تقريره، لكنه رزق حظاً وافراً وتكاثرت عليه صغار الطلبة، والمشايخ الكمل، ووسع الناس، واستجلبهم بقبول ما يأتون، والتوجه إلى ما يبدون. قال: وسبب ذلك في الحقيقة كثرة اطلاعه، وتحصيل الكتب الواسعة، ولفظ نكت المتأخرين، ونوابغهم، وغفلة غالب الناس عن ما أخذه لقصور هممهم، وعدم اطلاعهم انتهى. وإنما ذكرت كلام العلائي هذا لاشتماله على تقرير حال الشيخ - رضي الله تعالى عنه وإن اشتمل على غض قليل من مقامه لأن الفاضل لا يخلو من حاسد مناكد، ولا بد لكل من تولى القضاء من راض منه وساخط، وكذلك تباعد أكثر السلف عن تولية القضاء كأبي حنيفة، وسفيان الثوري، ويحيى بن يحيى النيسابوري وأمثالهم، فمثل ذلك لا يكون جرحاً في مثل صاحب الترجمة مع إطباق الناس على تعديله، واعتقاد تقديمه وتفضيله، وقد كان - رضي الله تعالى عنه - يتأسف على تولية القضاء. قال الشعراوي: قال في مرة إنها كانت غلطة. فقلت له: ما هي؟ فقال: لي توليتي للقضاء صيرتني وراء الناس مع أني كنت مستوراً قال: فقلت له: يا سيدي إني سمعت بعض الأولياء يقول: كانت ولاية الشيخ للقضاء ستراً لحاله لما شاع عند الناس من صلاحه وزهده وورعه ومكاشفاته. قال: فقال: الحمد لله الذي خففت عني يا ولدي. قال الشعراوي: وكانت أول شهرة يعني بالصلاح والولاية في أيام السلطان خشقدم، وذلك أنه كان في باب النصر رجل مشهور بالصلاح، فمر عليه السلطان خشقدم، فوقف عليه يزوره، فقال للسلطان: إذا كان لك حاجة. فاسأل فيها الشيخ زكريا، فركب السلطان فزاره، فأسرعت الناس إليه، فمن ذلك اليوم اشتهر بالصلاح. وقال الشعراوي أيضاً: أخبرني يوماً أن الخضر عليه السلام كان يجتمع بسيدي علي الضرير النبتيتي، فسأله يوماً عن أحوال علماء العصر، فصار يقول: ونعم منهم، فسأله عني فقال: ونعم منه إلا أن عنده نفيسة، فقلت: يتوب منها، ولم يبين له الخضر ذلك. قال: فتنكرت على أفعالي، وصار عندي تطير من جميع أفعالي، فأرسلت أقول لسيدي علي: إذا رأيته مرة أخرى، فاسأله يبين النفيسة لأتوب عنها، فأتاه فأخبره. وقال: إنه إذا كاتب الأمراء في حاجة يقول لقاصده: قل هذا الكتاب من الشيخ زكريا، فيسمي نفسه شيخاً. قال: فمن ذلك اليوم ما تلفظت بهنه الكلمة، وكان الشيخ بعد ذلك يقول لقاصده، إذا أرسله إلى أحد من الأمراء: يقول لك زكريا خادم الفقراء. وذكر الشعراوي في طبقاته الكبرى والوسطى وغيرهما جملة من كراماته. منها أنه دعا لأعمى مرة، فأبصر. قلت: وحدثت عن والدي - رضي الله تعالى عنه - أن الشيخ دخل إلى

الغوري في حادثة تعصب الغوري فيها، فعلم الغوري بان الشيخ جاء في ذلك، فأمر البوابين، فوضعوا السلسلة على بابه، فجاء الشيخ وهو راكب على بغلته، فقطع السلسلة بكراسة كانت في يده من غير اكتراث ثم دخل ودخل الناس معه وبالجملة فقد صار أمثل أهل زمانه وأرأس العلماء من أقرانه، ورزق البركة في عمره، وعلمه وعمله، وأعطي الحظ في مصنفاته وتلاميذه حتى لم يبق بمصر إلا طلبته وطلبة طلبته، وقرئ عليه شرحه على البهجة سبعاً وخمسين مرة حتى حرره أتم تحرير، ولم ينقل ذلك عن غيره من المؤلفين، وكانت مؤلفاته " شرح الروض " و " شرح البهجة " و " المنهج " وشرحه يدرسها الناس، ويرجع إليها مدرس كل كتاب منها في حل مشكلاته، وأقرأ شيخ الإسلام الجد في شرحه على الروض وغيره، وراجعه في مواضع منه، فأصلحها، ومؤلفاته كلها حافلة، جليلة، معتبرة، مقبولة فما يتعلق بالفقه منها " المنهج وشرحه " وشرحا البهجة الكبير والصغير، وسماه بالخلاصة، وشرح الروض، وشرح التنقيح ومختصره، وشرحه مختصر أدب القضاء للغزي، والفتاوي وما يتعلق بعلم الفرائض شرحان على الفصول، وشرح الكفاية لابن الهائم، وشرح النفحة القدسية لابن الهائم أيضاً، وما يتعلق بالأول مختصر جمع الجوامع، وشرح المختصر المذكور، وحاشية على شرح جمع الجوامع للمحلي، وقطعة على مختصر ابن الحاجب، وشرح الطوالع في أصول الدين، وما يتعلق بالتفسير حاشية على البيضاوي، ومقدمة في البسملة والحمدلة، وما يتعلق بالقراءات، والتجويد مختصر المرشد للعمادي، وشرح الجزرية، ومختصر قرة العين في الفتح، والإمالة، ومقدمة في أحكام النون الساكنة والتنوين، وما يتعلق بالحديث شرح البخاري والإعلام بأحاديث الأحكام، ومختصر الآداب للبيهقي وشرح الفية العراقي، ومما يتعلق بالتصوف شرح رسالة القشيري، وشرح رسالة الشيخ أرسلان، وما يتعلق بالنحو والتصريف حاشية على ابن المصنف، وشرح الشافية لابن الحاجب، وشرح الشذور لابن هشام، وما يتعلق بالمنطق شرح إيساغوجي، وما يتعلق بالجدل شرح آداب البحث، وما يتعلق بغير ذلك مختصر بنل الماعون، وشرحا المنفرجة كبير وصغير، وديوان خطب، والثبت الذي أثبت فيه مروياته ومجيزيه، فجملة مؤلفاته أحد وأربعون مؤلفاً، وكلها نرويها بالإجازة الخاصة من شيخ الإسلام الوالد بحق أخذها عنه حين كان في طلب العلم بالقاهرة. وكان صاحب الترجمة معما كان عليه من الاجتهاد في العلم اشتغالاً، واستعمالاً وإفتاءً، وتصنيفاً، ومعما كان عليه من مباشرة القضاء، ومهمات الأمور، وكثرة إقبال الدنيا لا يكاد يفتر عن الطاعة ليلاً ونهاراً، ولا يشتغل بما لا يعنيه، وقوراً، مهيباًَ، مؤانساً، ملاطفاً يصلي النوافل من قيام مع كبر سنه وبلوغه مائة سنة وأكثر، ويقول: لا أعود نفسي الكسل

حتى في حال مرضه كان يصلي النوافل قائماً، وهو يميل يميناً وشمالاً لا يتمالك أن يقف بغير ميل للكبر والمرض، فقيل له في ذلك. فقال: يا ولدي النفس من شأنها الكسل، وأخاف أن تغلبني، وأختم عمري بذلك، وكان إذا أطال عليه أحد في الكلام يقول له: عجل قد ضيعت علينا الزمان، وكان إذا أصلح القاريء بين يديه كلمة في الكتاب الذي يقرأه ونحوه يشتغل بالذكر بصوت خفي قائلاً. الله الله لا يفتر عن ذلك حتى يفرغ، وكان قليل الأكل لا يزيد على ثلث رغيف، ولا يأكل إلا من خبز خانقاه سعيد السعداء، ويقول؛ إنما أخص خبزها بالأكل لأن صاحبها كان من الملوك الصالحين، وذكر أنه عمرها بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان - رضي الله تعالى عنه - كثير الصدقة مع إخفائها، وكان له جماعة يرتب لهم من صدقته ما يكفيهم إلى يوم، وإلى جمعة، وإلى شهر، وكان يبالغ في إخفاء ذلك حتى كان غالب الناس يعتقدون في الشيخ قلة الصدقة، وكان إذا جاءه سائل بعد أن كف بصره يقول لمن عنده من جماعته: هل هذا أحد؟ فإن قال له: لا أعطاه، وإن قال له: نعم قال، له: قل، له: يأتينا في غير هذا الوقت، قال الشعراوي: وقد جاء مرة رجل شريف أسود من صوفية تربة قايتباي. فقال: يا سيدي خطفت عمامتي في هذه الليلة، وكان حاضراً الشيخ جمال الدين الصافي، والشيخ أبو بكر الظاهري جابي الحرمين، فأعطاه الشيخ جديداً، فرماه في وجه الشيخ، وخرج غضبان، فأعلمت الشيخ بذلك. فقال: هو أعمى القلب الذي جاء هؤلاء الجماعة انتهى. وكان - رضي الله تعالى عنه - يعتقد ابن العربي، وابن الفارض، وأنظارهما من كبار الصوفية، ويتأول كلامهم بتآويل جلية حتى ضمن ذلك كتابه شرح الروض ورد فيه على ابن المقري قال المسند زين الدين بن الشماع. محدث جلبي: وكان قد رحل إلى مصر، وأخذ عن صاحب الترجمة وغيره قال: أول ما اجتمعت به قال لي: ما اسمك؟ قلت: عمر، فترنم لهذا الاسم، ثم قال: والله يا سيدي أنا أحب عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - وأحب من اسمه عمر لأجل سيدي عمر. قال ابن الشماع: ثم ذكر لي مناماً رآه حاصله أنه رأى سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - في منامه وهو طوال قال: فقلت له: اجعلني في صدرك أو في قلبك. فقال له سيدنا عمر - رضي الله تعالى عنه - يا زكريا أنت عين الوجود، ثم ذكر لي أنه استيقظ، وهو يجد لذة هذه الكلمة. قال ابن الشماع: ثم ذكر لي أنه اختصم شخصان من أمراء الدولة في الشيخ شرف الدين عمر بن الفارض - رحمه الله تعالى - فقال أحدهما: هذا ولي الله، وقال الآخر: هو كافر، وإن القائل بكفره كتب صورة سؤال في كفره، وطلب منه الكتابة قال شيخ الإسلام زكريا: فامتنعت من ذلك، واعتذرت بأن القول بكفر مسلم هي خطر قال: فلما سمع القائل بولايته لذلك طمع في الكتابة بولايته، فكتب صورة سؤال،

وطلب الكتابة بولايته، فامتنعت أيضاً، واعتذرت بأن الجزم بولاية من لم نتحقق ولايته فيه خطر أيضاً، فلم يقنع بل طلب الكتابة، وترك السؤال عندي، فذهبت بعد صلاة الجمعة إلى جامع الأزهر لزيارة شخص كنت أعتقده لاستشيره في الكتابة في الولاية، فلما رآني ابتدرني قبل أن أكلمه بقول: نحن مسلمون أولا؟ قلت له: بل أنتم من خيار المسلمين قال: فما الذي يوقفك عن الكتابة. فقلت له: كنت أنتظر الأذن قال: ثم فتح علي بكتابة عظيمة في القول بولايته، قال ابن الشماع: هذا ملخص ما سمعته من لفظه انتهى. ذكره ابن الحنبلي في ترجمة ابن الشماع، وقال الشعراوي لما وقعت فتنة الشيخ برهان الدين البقاعي في شأن سيدي عمر بن الفارض: أرسل السلطان إلى العلماء، فكتبوا بحسب ما ظهر، وامتنع الشيخ زكريا، ثم اجتمع بالشيخ محمد الإصطنبولي، فقال له: اكتب، وانصر القوم، وبين في الجواب أنه لا يجوز لمن لم يعرف مصطلح القوم ذوقاً أن يتكلم في حقهم بشيء آخر لأن دائرة الولاية من وراء طور العقل لبنائها على الكشف. انتهى. وقال الشيخ شمس الدين محمد بن عمر بن أحمد الحلبي الشافعي في مختصر كتاب الدرر في ترجمة بن حجر للشمس السخاوي. قال لي الشيخ جمال الدين الصافي. لما قدم مع الغوري إلى حلب مع قضاة مصر لما سألته عن ابن الفارض، وعن ابن العربي، فقال لي: هذا السؤال سألته لشيخنا القاضي زكريا، فقال لي: أعتقد أن ابن الفارض ولي الله، وأعتقد أن ابن العربي ولي الله، ولكنه دون ابن الفارض. قلت: وهنا خلاف ما عليه معتقدوهما، فإنهم يقدمون ابن العربي على ابن الفارض - رضي الله تعالى عنهما - وقد كان الأول قاطناً بدمشق، وهي مسكن الإبدال غالباً، والثاني بمصر، وهي مسكن الأوتاد والإبدال من الصديقين، والأوتاد من الأبرار، وسمعت بعض إخواننا يحكي أنه روي أن الشيخ محيي الدين بن العربي كان يعرض عليه كلام سيدي عمر بن الفارض - رضي الله تعالى عنه - فيقول: هو كلامنا لكنه أبرزه في قالب آخر. وكان يقول: هو ماشطة كلامنا، والذي يظهر لي من كلامهما أن ابن العربي أوسع في المعرفة، وأن ابن الفارض أوغل في المحبة، والله سبحانه وتعالى هو الموفق، وكان لشيخ الإسلام زكريا ذوق في فهم كلام القوم يشرح كلام أهل الطريق على أتم وجه، ويجيب عنه الأجوبة الحسنة إذا أشكل على الناس شيء منه، وكان يقول الفقيه: إذا لم يكن له معرفة بمصطلح ألفاظ القوم: فهو كالخبز الحاف بغير أدم، ورفع إليه سؤال عن بيت من كلام بعض العارفين صورته: أمولانا شيخ العلم والفضل والحجى ... ومن حوله أحداق راجيه محدقه ومن هو في التوحيد حقاً، وأهله ... بصير نصير سحب جدواه مغدقه

ومن لاذ وفد السائلين ببابه ... فأولاهم كنز العلوم وأنفقه ومن هو قطب حل دائرة النهى ... عليه مدارالعلم حين تحققه ابن موضحاً معنى لبيت يلي الذي ... يليه بمدحي من معانيه مشرقه محمد المختار أزكى الورى، ومن ... على فضله كل البرايا مصدقه هو السر في الدارين، والنقطة التي ... لها حرف جمع أعجمت منه تفرقه فذا مدح بعض العارفين لوصفه ... ولم يدر معناه البديع ورونقه عليه مع الآل الكرام وصحبه ... سلام متى ناحت بأيك مطوقه فأجاب - رضي الله تعالى عنه -: بأن السر هو الأكمل، والنقطة القطب، والحرف الطرف، والجمع هذا الأنبياء، وهمزة أعجمت للسلب، ويقال: أعجمت الكتاب أزلت عجمته، وتفرقة مفعول له، ويحتمل أن يراد بالنقطة نقطة حرف الهجاء، وبالجمع الكلمات على إرادة التشبيه البليغ أي هو كالنقطة التي بها أزيلت عجمة حروف الكتابة، فإنه صلى الله عليه وسلم أزيلت أيضاً به العجمة من ريب وغيره من الكتاب المنزل عليه، والمعنى على الأول أنه صلى الله عليه وسلم أكمل الخلق، وقطبهم الذي به أي بكونه قطباً صار طرف الأنبياء. وخاتمهم، وأزبلت به العجمة عن الكتاب المنزل تفرقة بين الحق والباطل قال: وحاصله نظماً: محمد في الدارين أكمل خلقه ... تعالى، وقطب الأنبياء مصدقه وخاتم رسل الله، وهو الذي به ... أزيلت جميع المعجمات الموثقه وكان شعر الشيخ - رضي الله تعالى عنه - متوسطاً، ومنه ما رواه عنه شيخ الإسلام الوالد - رضي الله تعالى عنه - في المواضع التي تباح فيها الغيبة: وتباح غيبة لمستفت ومن ... رام إغاثة لدفع منكر ومعرف متظلم متكلم ... في معلن فسقاً مع المحذر وقال - رضي الله تعالى عنه - متوسلاً: إلهي ذنوبي قد تعاظم خطرها ... وليس على غير المسامح متكل إلهي أنا العبد المسيء، وليس لي ... سواك، ولا علم لدي ولا عمل إلهي أقلني عثرتي وخطيئتي ... لأني يا مولاي في غاية الخجل إلهي ذنوبي مثل سبعة أبحر ... ولكنها في جنب عفوك كالبلل ولولا رجائي إن عفوك واسع ... وأنت كريم ما صبرت على زلل إلهي بحق الهاشمي محمد ... أجرني من النيران إني في وجل

وباللطف والعفو الجميل تولني ... وبالخير، فامنن عند خاتمة الأجل ومدحه القاضي بهاء الدين محمد بن يوسف بن أحمد: جاء فيه العذول شيئاً فريا ... قمر قد أباحني الرشف ريا قيل: هذا بدر التمام، فقالت: ... حسنات الخدود: نحن الثريا بهواه من عاذلي. وسقامي ... واتهام السلو رحت بريا وقضيب القوام راح وجسمي ... وصراط الغرام فيه سويا بت في الوصل في هواه غنياً ... ولهذا هجرت نومي مليا ومن الصبر عنه رحت فقيراً ... وهو أمسى بكل حسن غنيا كل من هام في هواه رشيد ... فعذولي عليه راح غويا ليس قلبي بسقم جفنيه يقوي ... فضعيفان يغلبان قويا فخلاصي من الغرام عزيز ... وسلوي خلصت منه نجيا فعسى ذكر رحمة من إلهي ... لي في حب عبده زكريا شافعي الزمان قاضي القضاة ... قد تلقى الحكم العزيز وليا هو شيخ الإسلام، وهو إمام ... كان يقتدى به مهديا قمع الله حين آتاه حكماً ... كل من كان ظالماً مقضيا ملأ القلب هيبةً وجلالاً ... وعيون الورى جمالاً مليا وله العلم حلة وشعار ... ولهذا في المجد أضحى سنيا عالماً عاملاً جليلاً جميلاً ... خاشعاً ناسكاً عزيزاً أبيا عابداً زاهداً إماماً كبيراً ... محسناً مخلصاً كريماً سريا أمة قانتاً حنيفاً منيباً ... خاضعاً مخبتاً وفياً صفيا ملا الخافقين في العلم حتى ... سار عنه معنعناً مرويا هو ممن يتلى الكتاب عليهم ... فيخرون سجداً وبكيا ولهذا قد حل من كل حال ... ومقام سام مكاناً عليا وكانت وفاته - رضي الله تعالى عنه - يوم الأربعاء ثالث شهر في القعدة سنة ست وعشرين وتسعمائة عن مائة وثلاث سنوات، وغسل في صبيحة يوم الخميس، وكفن وحمل ضحوة النهار ليصلى عليه بجامع الأزهر في محفل من قضاة الإسلام، والعلماء، والفضلاء،

وخلائق لا يحصون، واجتمع بالجامع المذكور ونواحيه أمثالهم اغتناماً للصلاة عليه، وقاربوا أن يدخلوا به وإذا بقصاد ملك الأمراء يحمله إلى سبيل أمير المؤمنين ليظفر بالصلاة عليه، وكان الشيخ عبد الوهاب الشعراوي قد رأى قبل موته مناماً وقصه عليه، وكاشفه به قبل أن يخبر به وقال له يوماً، وهو بين يديه يطالع له في شرح البخاري: قف واذكر لي ما رأيت في هذه الليلة، فقال له: رأيت أني معكم في مركب، وأنت جالس عن يسار الإمام الشافعي، فقلت لي: سلم على الإمام، فسلمت عليه، ودعا لي والمركب مقلعة في بحر مئل عباب النيل، ورأيت المركب كلها مفروشة بالسندس الأخضر وكذلك القلع والحبال كلها حرير أخضر ومتكآت خضر، فلا زلنا مقلعين حتى انتهينا إلى جنينة عظيمة أصولها في ساحل البحر، وثمارها مدلاة من شراريف الحائط. قال: وطلعت أنا من المركب إلى البستان، فرأيت حوراً حساناً يجنين من الزعفران في قفاف بيض على رؤوسهن كل قمعة من الزعفران قدرها في الجرم إسباطة البلح. قال: فأستيقظت. فقال له شيخ الإسلام زكريا. إن صح منامك، فإني سوف أدفن بالقرب من الإمام الشافعي، وكان حاضراً بالمجلس حينئذ الشيخ جمال الدين الصافي، والشيخ أبو بكر الظاهري، فلما توفي شيخ الإسلام زكريا فتحوا له فسقية في باب النصر، فقال الشيخ جمال الدين الصافي للشعراوي: أين رؤياك؟ قال: فقلت له: إن الشيخ قال: إن صحت رؤياك. قال: فبينما نحن كذلك، وقد كفن الشيخ، وما بقي إلا حمله جاء قاصد ملك الأمراء خاير بيك فقال: إن ملك الأمراء ضعيف، ولا يستطيع أن يأتي إلى باب النصر، ومقصوده أن تحملوه إلى سبيل المؤمنين ليصلى عليه، فحمل إلى الرميلة، وصلي عليه هناك، فلما صلوا عليه قال ملك الأمراء: ادفنوه عند الإمام الشافعي - رضي الله تعالى عنه - ثم حمل نعشه مالك الأمراء وغيره، ومشى أمامه الأمير جانم الحمزاوي، والقضاة، والعلماء، والأمراء، والخاص، والعام. قال الشعراوي: وكانت جنازته مشهورة ما رأيت أكثر خلقاً منها، قال العلائي: ودفن بالقرافة الصغرى بتربة الشيخ نجم الدين الخويشاتي بقرب قبر الإمام الشافعي في فسقية جديدة أنشأها القاضي شرف الدين قريب بن أبي المنصور لنفسه - رحمه الله تعالى - وصلي عليه غائبة بالجامع الأموي بدمشق يوم الجمعة بعد صلاتها رابع أو خامس جمادىالآخرة سنة سبع وعشرين وتسعمائة قال ابن طولون: وأخرت الصلاة عليه لاشتغال الناس بالفتنة الغزالية - رحمه الله تعالى -. 422 - زكريا المصرفي: زكريا القاضي زين الدين المصري الشافعي، وهو غير شيخ الإسلام القاضي زكريا المتقدم ذكره. كان قاضياً بمصر العتيقة مظهر للشهامة، وعنده دعوى صحب الشيخ جلال الدين السيوطي، والشيخ نور الدين الأشموني، ولم يحمد العلائي سيرته،

حرف السين المهملة

وذكر أنه توفي في سادس جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. حرف السين المهملة من الطبقة الأولى: 423 - سعدي بن ناجي بيك: سعدي بن ناجي بيك، العالم الفاضل المولى سعدي جلبي أخو المولى جعفر جلبي، ابن ناجي بيك المتقدم. ذكره الرومي الحنفي. قرأ على جماعة من الموالي منهم المولى قاسم الشهير بقاضي زاده والمولى محمد بن الحاج حسين، وبرع في فضائله، ودرس في مدرسة السلطان مراد خان الغازي ببروسا، ثم أعطي مدرسة الوزير علي باشا بالقسطنطينية، ثم إحدى الثماني، ثم حج وعاد فأعطي تقاعداً بثمانين عثمانياً، وكان فاضلاً في سائر الفنون وخصوصاً العربية، وله باللسان العربي إنشاء، وشعر في غاية الجودة، وله حواش على شرح المفتاح للسيد الشريف، وحاشية على باب الشهيد من شرح الوقاية لصدر الشريعة، ونظم عقائد النسفي بالعربية، وله رسائل أخرى، وتوفي سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. 424 - السلطان سليم بن أبي يزيد: سليم بن أبي يزيد بن محمد بن مراد السلطان المفخم، والخاقان المعظم، سليم خان بن عثمان. هو من بيت رفع الله على قواعده فسطاط السلطنة الإسلامية، ومن قوم أبرز الله تعالى لهم ما ادخره من الاستيلاء على المدائن الإيمانية، رفعوا عماد الإسلام وأعلوا مناره، وتواصوا باتباع السنة المطهرة، وعرفوا للشرع الشريف مقداره، وصار صاحب الترجمة منهم هو الذي ملك بلاد العرب، واستخلصها من أيدي الجراكسة بعد ما شتت جمعهم، فانفلوا عن مليكهم وجدوا في الهرب، ولد في أماسية في سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، وجلس على تخت السلطنة، وعمره ست وأربعون سنة بعد أن خلع نفسه والده السلطان أبو زيد خان عن السلطنة، وسلمها إليه، وتحول إلى مدينة أدرنة في قصة تقدمت في ترجمة والده - رحمه الله تعالى - وكان السلطان سليم سلطاناً قهاراً، وملكاً جباراً، قوي البطش، كثير السفك، شديد التوجه إلى أهل النجدة والبأس، عظيم التجسس عن أخبار الملوك والناس، وربما غير لباسه وتجسس ليلاً ونهاراً، وكان شديد اليقظة، والتحفظ. يحب مطالعة التواريخ، وأخبار الملوك، وله نظم بالفارسية، والرومية، والعربية منه ما ذكر القطب الهندي المكي أنه رآه بخطه في الكوشك الذي بني له بروضة المقياس بمصر ونصه:

الملك لله من يظفر بنيل غنى ... يسلبه قسراً ومن ذا يضمن الدركا لو كان لي أو لغيري قدر أنملة ... فوق التراب لكان الأمر مشتركا ولما استقر على سرير السلطنة أخذ في قهر الملوك والسلاطين، فبدأ بمقاتلة شاه إسماعيل بن الشيخ حيدر الصوفي لما بلغه أشاعته للرفض، وقتله لعلماء أهل السنة وأكابرها، سافر إليه السلطان سليم إلى بلاد العجم، وتلاقيا بالقرب من تبريز، وتصافا فانكسر عسكر الصوفي، وانهزم، ودخلت عساكر السلطان سليم إلى تبريز، ونفذت فيها أوامره ونواهيه، أراد الإقامة بها ليستولي على إقليم العجم وما فيه، فما أمكنه ذلك لكثرة القحط واستيلاء الغلاء حتى بيع الرغيف بمائة عثماني، والعليقة بمائتين، فرجع إلى الروم، وأخذ من أراد من أكابر العجم وفضلائها وأماثلها، وعظمائها، وساقهم سركناً إلى البلاد الرومية، على قوانين سلاطين العثمانية، ثم سافر بعد أن استقر أمره من الرجوع من الأرض العجمية، وقصد بعساكره البلاد الحلبية، ولما سمع سلطان الجراكسة قانصوه الغوري بخروج السلطان سليم من أرض الروم. خرج بعساكره من أرض مصر، وأشاع في عساكره أنه يريد الإصلاح بين السلطان سليم، والسلطان شاه إسماعيل الصوفي، وسافر من بلاد مصر إلى بلاد الشام، ودخل دمشق، ثم حلب، وكاتب السلطان سليم بما جاء إليه من الإصلاح بينه وبين الصوفي، فارتاب منه سلطان سليم، ويعث إليه أني أبدأ بقتالك قبله لأنك مبتدع، وهو مبتدع، فتحرك الشر بينهما، وقامت الحرب على ساق، والتقيا بعساكرهما في مرج دابق، وانكسر عساكر الجراكسة، ومات الغوري، ثم من شدة ما دخل عليه من القهر والغلبة، وتفرقت عنه العساكر، ثم دخل السلطان سليم إلى حلب وملكها، ثم ملك ما بينها وبين دمشق، ثم ملك دمشق ودخلها يوم السبت مستهل رمضان سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وأقام بدمشق مدة حتى دبر أمورها، وأقام قوانينه فيها، ثم سافر منها قاصداً بلاد مصر، فخرج منها يوم الاثنين عشرين ذي القعدة من السنة المذكورة، وكانت أمراء الجراكسة قد سلطنوا بمصر طومان باي، ولقبوه بالأشرف، فلما سمعوا بخروج السلطان سليم من دمشق إليهم تأهبوا لقتاله والخروج إليه، وبرزوا إلى الريدانية خارج مصر، وقاتلوا عساكر الروم، وثبتوا معهم ساعة، وقتل من أعيان عساكر السلطان سليم وزيره سنان باشا، وكان اسمه يوسف، ثم انكسر عسكر الجراكسة، وتفرقوا شذر مذر، وهرب طومان باي، ثم دخل السلطان سليم إلى مصر، وكان دخوله إليها يوم الثلاثاء خامس المحرم

سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ثم قبض بعد ذلك على طومان باي، وصلبه على باب زويلة، وبقي بمصر مدة حتى مهد أمورها، وسار إلى الإسكندرية، وعاد إلى مصر، ثم إلى دمشق، وأخذ معه جماعة من أعيان مصر سركناً كما هو قانونهم، وكان دخوله إلى دمشق يوم الأربعاء حادي عشري رمضان سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ونزل بالقصر الظاهري بالميدان الأخضر، وهو موضع التكية السليمانية الآن، ثم أشار بعمارة على قبر الشيخ محيي الدين بن العربي، وبعث الولوي ابن الفرفور، ومعه معلم السلطان شهاب الدين بن العطار، وجماعة، وهندسوا عمارة جامع بخطبة، وكان ذلك يوم السبت رابع عشري رمضان المذكور، وفي ثانية يوم الأحد طلع ابن الفرفور، وقاضي العسكر المولى ركن الدين زيرك وجماعتهم إلى الصالحية، واشتروا بيت خير بك دوادار منشيء الحاجبية بالصالحية من مالكه يومئذ، وهو رزق الله الحنبلي الصالحي ليوسعوا به الجامع، ثم في يوم الاثنين سادس عشري رمضان المذكور شرعوا في هدم مسجد كان جدده شهاب الدين الصميدي لصيق تربة الشيخ ابن العربي حين كان ناظراً على ذلك، وفي هدم حمام كان لصيق ذلك يعرف بحمام الجورة، ثم شرعوا في العمارة يوم الأحد ثاني شوال سنة ثلاث وعشرين المذكورة، ثم أمر السلطان ببناء قبة على تربة الشيخ ابن العربي، فأسست جدرانها ليلاً، وكان الشروع فيها ليلة الثلاثاء ثالث ذي القعدة، وفي يوم الاثنين العشرين من محرم سنة أربع وعشرين وتسعمائة. وضع منبر الجامع المذكور، وهو المعروف الآن بالسليمية، وفيه رسم السلطان سليم خان - رحمه الله تعالى - ببناء تكية شمالي هذا الجامع، وفي يوم الجمعة رابع عشري المحرم المذكور ركب السلطان إلى الجامع المذكور، وصلى به الجمعة، وخطب به يومئذ قاضي القضاة ولي الدين بن الفرفور، وكان مهيباً عظيماً قفلت له غالب أسواق دمشق، وفرق السلطان يومئذ جرابين من الفضة، وعينت خطابة الجامع المذكور لمنلا عثمان بن منلا شمس الحنفي، فباشرها من يوم الجمعة مستهل صفر، وعينت إمامته للشيخ شمس الدين بن طولون الحنفي يوم الجمعة، وباشرها يوم الجمعة المذكور، وكان خروج السلطان سليم خان من دمشق يوم الاثنين سابع عشري محرم سنة أربع وعشرين المذكورة عائداً إلى محل سلطنته، ودخل القسطنطينية يوم الخميس لخمس بقين من شعبان سنة أربع وعشرين وتسعمائة، وأقام بها نحو سنتين، وظهرت له في ظهره جمرة منعته الراحة، وحرمته الاستراحة، وعجزت في علاجه حذاق الأطباء، وتحيرت في أمره عقول الألباء، ولا زالت به حتى حالت بينه وبين الأمنية، وخلت بينه وبين المنية، فمات - رحمه الله تعالى - في رمضان أو شوال سنة ست وعشرين وتسعمائة بعد أن طالت علته نحو أربعين يوماً، وذكر العلائي في تاريخه نقلاً عن بعض المراسلات التي وردت إلى مصر من الروم بموت السلطان سليم أنه خرج من القسطنطينية إلى جهة أدرنة، وقد خرجت له تلك الجمرة تحت إبطه وأضلاعه، فلم يفطن لها حتى وصل إلى المكان الذي بارز فيه أباه السلطان أبا يزيد حين نازعه في السلطنة، فطلب له الجرايحية والأطباء، فلم يدركوه إلا وقد تأكلت ووصلت إلى الأمعاء، فلم يستطيعوا دفعاً عنه، ولا نفعاً. ومات بها ودفن بالأستانة عند قبر أبيه السلطان أبي يزيد خان رحمها الله تعالى رحمة واسعة. آمين. فر، وعينت إمامته للشيخ شمس الدين بن طولون الحنفي يوم الجمعة، وباشرها يوم الجمعة المذكور، وكان خروج السلطان سليم خان من دمشق يوم الاثنين سابع عشري محرم سنة أربع وعشرين المذكورة عائداً إلى محل سلطنته، ودخل القسطنطينية يوم الخميس لخمس بقين من شعبان سنة أربع وعشرين وتسعمائة، وأقام بها نحو سنتين، وظهرت له في ظهره جمرة منعته الراحة، وحرمته الاستراحة، وعجزت في علاجه حذاق الأطباء، وتحيرت في أمره عقول الألباء، ولا زالت به حتى حالت بينه وبين الأمنية، وخلت بينه وبين المنية، فمات - رحمه الله تعالى - في رمضان أو شوال سنة ست وعشرين وتسعمائة بعد أن طالت علته نحو أربعين يوماً، وذكر العلائي في تاريخه نقلاً عن بعض المراسلات التي وردت إلى مصر من الروم بموت السلطان سليم أنه خرج من القسطنطينية إلى جهة أدرنة، وقد خرجت له تلك الجمرة تحت إبطه

وأضلاعه، فلم يفطن لها حتى وصل إلى المكان الذي بارز فيه أباه السلطان أبا يزيد حين نازعه في السلطنة، فطلب له الجرايحية والأطباء، فلم يدركوه إلا وقد تأكلت ووصلت إلى الأمعاء، فلم يستطيعوا دفعاً عنه، ولا نفعاً. ومات بها ودفن بالأستانة عند قبر أبيه السلطان أبي يزيد خان رحمها الله تعالى رحمة واسعة. آمين. 425 - سليم بن نذر تلميذ الكواكبي: سليم بن نذر - بالنون والذال المعجمة - العيني، ثم الحلبي، الشيخ العابد، الورع، الزاهد، خليفة الشيخ محمد الكواكبي، حكي أنه أول ما قدم على شيخه المذكور امتحنه ببيع ما يملك من غنم، وخيل، وأثاث، ويأتيه بما جمعه من المال. فامتثل أمره، وأتاه به، فأخنه منه، فلم يكترث لذلك، ثم لم يلبث إلا قليلاً، وأصاب تلك القرية جائحة، ونهب مال، فلما أخبر الشيخ محمد بذلك أخرج للشيخ سليمان جميع ماله بعينه، وأذن له أن يعود إلى مأمنه، فقوي اعتقاده في الشيخ، وصار من مريديه، ثم من خلفائه. قيل: وكان الشيخ محمد الكواكبي يقول: مثلي ومثل سليمان كمثل بئرين بينهما حائط، فزال الحائط، واختلط الماءان وتوفي الشيخ سليمان في سنة إحدى عشرة وتسعمائة بحلب، ودفن بها في مقابر الصالحين، وقبره معروف بها يزار رحمه الله تعالى. 426 - سليمان البحيري: سليمان، الشيخ العلامة علم الدين البحيري المصري شيخ المالكية ومفتيهم بمصر، توفي يوم الخميس ثامن شعبان سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، ودفن بالصحراء بالقاهرة رحمه الله تعالى. 427 - سنطباي: سنطباي، الشيخ المتصوف. أخذ نظر السنقرية بالقرب من خانقاه سعيد السعداء بالقاهرة، وأخرج من كان بها من طلبة العلم والصلحاء، ووضع في خلاويها الجلابقية والمماليك، وكانوا مريدين له يسجدون له ويقرهم على ذلك، وكان يتهم بضرب الزغل، فرسم عليه السلطان الغوري بعد أن وجد عنده من الذهب المزغول على ما قيل ما جملته خمسون رطلاً مصرياً من الذهب والفضة شيئاً كثيراً، ومن النحاس كذلك، ثم عرضه السلطان المذكور بحضرة عسكره، وأحضر جماعته، فضربهم بحضرته، فأقروا عليه وقابلوه بذلك بحضرة الناس، فقطعت أيديهم، وأمر بقطع يد سنطباي، فرد عنه الأمير قرقماش أتابك العساكر يومئذ، فرسم السلطان بنفيه إلى القدس بعد أن زجره السلطان، وقال له: إنك تدعي

أنك الصوفي المسلك، وأنت زركاوي شيطان زغلي أخرج من مملكتي، وكان ذلك في اوائل شوال سنة إحدى عشرة وتسعمائة. ذكر قصته هذه الحمصي، ولا أدري ما فعل الله به بعد ذلك. 428 - سوندك بقوغه جي ده ده: سوندك، الشيخ العارف بالله تعالى أحد مشايخ الروم، وصوفيتها، الشهير - رحمه الله تعالى - بقوغه جي ده ده، كان له جذب وحال. حكي أنه عند المولى حميد الدين بن أفضل الدين المتقدم في حرف الخاء، وهو يومئذ مفتي الروم فدخل على المفتي المولى الكرماستي، وهو يومئذ قاضي القسطنطينية، فشكا إليه متصوفة الزمان، وقال: إنهم يرقصون ويصعقون عند الذكر، وهذا مخالف للشرع، فقال المولى حميد الدين للكرماستي: إن رئيسهم هذا الشيخ، وأشار إلى الشيخ سوندك، وقال: إن أصلحته صلح الكل، ثم أقام المولى الكرماستي، وصحب معه الشيخ سوندك إلى منزله، وأحضر مريديه وهيأ لهم طعاماً، فأطعمهم، ثم قال: اجلسوا واذكروا الله تعالى على أدب ووقار وسكون فقالوا: نفعل ذلك، فلما شرعوا في الذكر صاح الشيخ في أذن المولى الكرماستي صيحة عظيمة حتى قام، وسقطت عمامته عن رأسه، ورداؤه عن منكبه، وشرع يصرخ ويصعق حتى مضى نحو ثلث النهار، فلما سكن اضطرابه. قال له الشيخ: لأي شيء اضطربت أيها المولى أنت قلت إنه منكر؟ فقال له: تبت إلى الله تعالى عن ذلك الإنكار، ولا أعود إليه أبداً، وكانت وفاة الشيخ سوندك بالقسطنطينية، وهو من هذه الطبقة رحمه الله تعالى. 429 - سويد المجذوب: سويد المجذوب بحلب، قال ابن الحنبلي: أدركته، وكان من شأنه أنه كلما قيل له: أفرد صوت صوتين، وكلما قيل له: ازوج: صوت صوتاً واحداً على خلاف ما يطلب منه. قال: وكان خير بك الجركسي كافل حلب يعتقده، وربما قربه إليه وأكل معه من غير أن يعاف أوساخ ثيابه، فقيل له: إنه يأكل الحشيشة، فأرسل أميناً اتبعه، فإذا هو قد أخذ الحشيشة ووضعها في كمه، فاحتوى على عقله حتى أحضره إليه وأشار إلى أن في كمه ما فيه، فطلب منه خير بك أن يطعمه مما فيه، فأبى فصمم عليه فأخرج له شيئاً من الحلاوات ففتش كمه فإذا هو خال عن تلك الحشيشة، فزاد اعتقاده فيه - رحمه الله تعالى آمين. 430 - سويدان المجذوب: سويدان، الشيخ الصالح المجذوب المدفون بالقرب من

حرف الشين المعجمة

الخانقاه السرياقوسية بمصر. كان من أولياء الله تعالى، وله مكاشفات كثيرة، وخوارق شهيرة عده شيخ الإسلام الجد، فيمن صحبهم من أولياء الله تعالى. كان مكشوف الرأس أبداً، وله شعر طويل ملبد، كث اللحية، وكان أكثر كلامه إشارات لا يفهمها عنه إلا الفقراء الصادقون، وكان يحمل حملات الناس، وكل من حمله حملة وضع حبة من الحمص في فيه ليتذكر قصته، فكان ربما امتلأ فمه من الحمص، وربما مكثت الحبة، أو الحبات في فيه شهراً حتى تقضى تلك الحوائج، وكان يتطور، فربما وجد في صور سبع وفيل، وفي صورة فقير وأمير، وكانوا يرونه مرة بمكة، ومرة بمصر، وأخبر بموت أمه يوم موتها بمصر، وهو بمكة، ودخل زمزم ومعه كفنها، فغسله منه، ورماه لهم بمصر مبلولاً وهم يغسلونها، وما عرف الناس من رماه حتى جاء الخبر مع الحاج من مكة، وأخبر الناس بذلك، وكان - رحمه الله تعالى - في أول أمره مقيماً بالخانقاه السرياقوسية مدة طويلة، وبني له هناك زاوية خارج الخانقاه مما يلي مصر، ثم انتقل في أيام السلطان الغوري إلى مدرسة ابن الزين برصيف بولاق إلى أن توفي في سنة تسع بتقديم المثناة. عشرة وتسعمائة، ودفن بزاويته خارج الخانقاه السرياقوسية - رحمه الله تعالى -. 431 - سيدي ابن محمود بن المجلد: سيدي ابن محمود، المولى العالم الصالح الرومي الحنفي، الشهير بابن المجلد، كان أصله من ولاية قوجه إيلي، واشتغل في العلم، وحصل وصار مدرساً بمدرسة عيسى بيك ببروسا، ثم رغب في التصوف، وعين له كل يوم خمسة عشر درهماً بالتقاعد، ثم صحب الشيخ العارف بالله تعالى السيد البخاري، وكان فاضلاً مدققاً، حسن الخط، مؤدباً، صالحاً، ديناً يخدم بيته بنفسه، ويشتري حوائجه ويحملها من السوق بنفسه، وكان ملازماً للمسجد، منعزلاً عن الناس، ومات على ذلك في أوائل سلطنة السلطان سليمان رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 432 - سيف الدين القدسي: سيف الدين الشيخ الصالح المقدسي. توفي بها سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه وعلى الشيخ محب الدين إمام الأقصى، والشيخ أبي شعرة الرملي جميعاً غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة تاسع عشر رمضان منها. حرف الشين المعجمة من الطبقة الأولى: 433 - شرباش الإينالي: شرباش بن عبد الله الإينالي أحد أمراء دمشق. سكن صالحية قال ابن طولون: وله نفس أبية، وشوهدت منه أمور ردية الآن. توفي سنة ثمان تسعمائة ودفن بتربة عمر ...

حرف الصاد المهملة

434 - شرف الصعيدي: شرف، الشيخ الصالح، الورع، الزاهد. شرف الدين الصعيدي. دخل مصر في أيام السلطان الغوري، وأقام بها حتى مات، وكان يصوم الدهر، ويطوي أربعين يوماً فأكثر، وبلغ الغوري أمره، فحبسه في بيت وأغلق عليه الباب، ومنعه الطعام والماء، ثم أخرجه، فصلى بالوضوء الذي دخل به، فاعتقده السلطان المذكور اعتقاداً عظيماً، وكان يكاشف بما يقع للولاة وغيرهم، ومات قبل العشرين وتسعمائة، ودفن بالقرب من تربة الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه. 435 - شعبان الصورتاني: شعبان، الشيخ زين الدين الصورتاني الحنبلي أحد عدول دمشق ممن سكن الصالحية، ثم ولي قضاء صفد، ثم عزل عنها، وأخذ عن النظام بن مفلح، وابن زيد، وأكثر عن أبي البقاء بن أبي عمر، وكان لا بأس به، وتوفي في شوال سنة أربع وتسعمائة رحمه الله تعالى. 436 - شعبان المجذوب: شعبان الشيخ المجذوب الموله بدمشق، كان عجيب الحال، وللناس فيه اعتقاد كلي، ومات يوم الأربعاء رابع عشر جمادى الأولى سنة ست وعشرين وتسعمائة، وجيء له بخمسة أكفان، فكفن بها، ودفن عند الشيخ خليل بالقرب من دار السعادة خارج دمشق رحمه الله تعالى. حرف الصاد المهملة من الطبقة الأولى: 437 - صالح بن يوسف: صالح بن يوسف بن الحسين، السلطان بن السلطان، تملك بلاد بني جبر كان من بيت السلطنة هو وأبوه وجده، وهو خال السلطان مقرن، وقد وقع بينهما وقعة عظيمة تشهد لصالح بالشجاعة التي لا توصف، فإنه كر على مقرن وعسكره، وكانوا جما غفيراً بنفسه، وكان خارجاً لصلاة الجمعة لا أهبة معه، ولا سلاح، فكسرهم، ثم كان الحرب بينهم سجالاً إلى أن توفي. قدم إلى دمشق في سنة سبع وعشرين وتسعمائة، وأخذ عن علمائها منهم شيخ الإسلام سمع الجد عليه جانباً من البخاري، وحضر دروس شيخ الإسلام الوالد، واستجاز منهما، فأجازاه، وكان في قدمته تلك إلى دمشق متستراً بها، مختفياً غير منتسب إلى سلطنة، وسمى نفسه إذ ذاك عبد الرحيم، ثم حج وعاد إلى بلاده، وكان

حرف الضاد المعجمة

مالكي المذهب، فقيهاً متبحراً في الفقه والحديث، وله مشاركة جيدة في الأصول والنحو، وكان محباً للعلما والصلحاء، شجاعاً مقداماً عادلاً في ملكه، صالحاً كاسمه، مات - رحمه الله تعالى - في سنة ثلاثين أو إحدى وثلاثين وتسعمائة ببلاده. 438 - صالح اليمني: صالح اليمني، الشيخ الإمام المقريء. قرأ القرآن على سبعين شيخاً في اليمن وغيرها عدة ختمات إفراداً وجمعاً بما تضمنه حرز الأماني، وأصله أعلاهم سنداً، وأقلهم عدداً، الشيخ سراج الدين عمر المشار إليه الأنصاري النشار، والشيخ شهاب الدين أحمد.... القسطلاني بحق قراءة الأول على الشيخ الإمام السيد الشريف إبراهيم بن أحمد الحسني الطباطي بمكة بحق قراته على الشمس العسقلاني، وبحق قراءة الثاني على الأول، وعلى الإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر الحمصاني، وشيخ القراء أحمد ابن الشيخ أسد الدين الأسيوطي، وإمام النحو زين الدين عبد الغني الهيتمي. حرف الضاد المعجمة من الطبقة الأولى خال: حرف الطاء المهملة من الطبقة الأولى خال: حرف الظاء المعجمة من الطبقة الأولى: 439 - ظهير الدين الإردبيلي: ظهير الدين المولى الإردبيلي الحنفي، الشهير بقاضي زاده. قرأ في بلاد العجم على علمائها، ولما دخل السلطان سليم خان إلى مدينة تبريز في قتال شاه إسماعيل الصوفي أخذه معه إلى بلاد الروم، وعين له كل يوم ثمانين درهماً، وقال في الشقائق: كان عالماً كاملاً صاحب مجاورة، ووقار، وهيبة، وفصاحة، وكانت له معرفة بالعلوم خاصة بعلم الإنشاء والشعر، وكان يكتب الخط الحسن قتل مع الوزير أحمد باشا بمصر سنة ثلاثين وتسعمائة، وذكر العلائي أن صاحب الترجمة استمال أحمد باشا إلى اعتقاد إسماعيل شاه الصوفي طلباً لاستمداده به، واستظهاره معه بمكاتبات وغيرها، وعزم على إظهار شعار الرفض، واعتقاد الإمامية على المنابر. حتى قال صاحب الترجمة: إن مدح الصحابة على المنبر ليس بفرض، ولا يخل بالخطبة، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة أحمد باشا، وذكر العلائي أيضاً أنه قبض على صاحب الترجمة يوم الخميس عشري ربيع الثاني سنة ثلاثين وتسعمائة، وقطعت رأسه، وعلقت على باب زويلة.

حرف العين المهملة

حرف العين المهملة من الطبقة الأولى: 440 - عبد الله بن محمد السبتي: عبد الله بن محمد، الشيخ العلامة قاضي المالكية بصفد ابن قاضي القضاة شمس الدين السبتي، ولد في سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وكانت وفاته بصفد يوم الأربعاء ثامن عشر رجب سنة عشر وتسعمائة. كما ذكره النعيمي، ونقله ابن طولون عن ولد المترجم الزيني عبد القادر رحمه الله تعالى. 441 - عبد الله بن إبراهيم الشبشيري: عبد الله بن إبراهيم. الفاضل، العلامة الشهير بابن الشيخ الشبشيري الحنفي. قرأ على علماء العجم، وبرع هناك في العربية والمعقولات، ثم دخل بلاد الروم، وعين له السلطان سليم خان كل يوم ثلاثين درهماً، وعمل قصيدة بالفارسية نحو ثلاثين بيتاً أحد مصراعي كل بيت منها تاريخ لسلطنة السلطان سليمان، والمصراع الثاني من كل بيت تاريخ فتح رودس، وله حواش على حاشية شرح المطالع للسيد الشريف، وشرح على الكافية، ورسالة في المعمى فارسية. مات في أوائل سلطنة السلطان سليمان رحمهما الله تعالى. 442 - عبد الله بن أحمد الشنشوري: عبد الله بن أحمد، الشيخ الإمام العلامة جمال الدين الشنشوري المصري الشافعي. له شرح التدريب للسراج البلقيني، وهو من أهل هذه الطبقة رحمه الله تعالى. 443 - عبد الله بن أحمد بن أبي كثير الحضرمي: عبد الله أحمد ابن أبي كثير الشيخ الإمام شيخ الإسلام، ولي الله تعالى، العارف به الزاهد. المفتي. الفقيه جمال الدين الحضرمي، ثم المكي الشافعي. قال ابن طولون: حكى لنا عنه إخونا الجمال بن خضر أنه قال: له ثلاث وخمسون سنة بمكة. ولم يتوضأ إلا من ماء زمزم، ولا أكل من ضيافة لأحد من

أهلها سوى مرة واحدة للقاضي إبراهيم كأنه ابن ظهيرة، فإنه حاباه في ذلك، وكان من عادته أن يجلس كل يوم بالحرم الشريف يقريء الناس في عدة علوم إلى قبيل الظهر، ومن بعد صلاة الظهر يقريء آخرين في الحديث إلى العصر، ومن بعد صلاة العصر آخرين في التصرف، ومن بعد صلاة المغرب إلى العشاء يطوف، وممن أخذ عنه الحديث. وغيره البرهان العمادي الحلبي. قرأ عليه أحاديث من الكتب الستة وغيرها في سنة خمس عشرة وتسعمائة، وكانت وفاته في سنة خمس وعشرين بمكة، وصلي عليه غائبة بدمشق بجامع بني أمية يوم الجمعة رابع عشر الحجة بعد صلاتها رحمه الله تعالى. 444 - عبد الله بن عبد الله بن رسلان: عبد الله بن عبد الله بن رسلان، الشيخ الإمام العلامة جمال الدين ابن الشيخ زين الدين البويضي - من قرية البويضة من أعمال دمشق، ثم الدمشقي الشافعي. ولد سنة إحدى وخمسين وثمانمائة. كان رفيقاً للشيخ تقي الدين البلاطنسي على شيوخه، وأخذ عنه الشيخ موسى الكناوي صحيح البخاري وغيره، وكانت وفاته في البيمارستان النةوري يوم الخميس سادس أو سابع ذي القعدة سنة ست وعشرين وتسعمائة، وصلى عليه إماماً رفيقه البلاطنسي، ودفن بمقبرة باب الصغير جوار الشيخ نصر المقدسي بصفة الشهداء رحمه الله تعالى. 445 - عبد الله بن عبد الرحيم السمهودي: عبد الله بن عبد الرحيم، الشيخ العالم السيد الشريف القاضي جلال الدين الصعيدي، الأصل، السمهودي، وهو ابن أخي السيد نور الدين السمهوري مؤرخ المدينة المنورة. قال العلائي: كان من أهل الفضل والخير لم تعرف له صبوة. رحل إلى الروم طلب قضاء المدينة، ففوض الأمر إلى نائب مصر يومئذ ففوض القضاء إليه في سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ولم أقف إلى الآن على تاريخ وفاته، ولعله من هذه الطبقة رحمه الله تعالى. 446 - عبد الله بن عمر الكناوي: عبد الله بن عمر بن سليمان بن عمر بن نصر الكناوي الصفدي الشافعي جد الشيخ موسى الكناوي لامه. كان عالماً مؤثراً للصمت والعزلة عن الناس لا يحضر مجالسهم إلا لحضور الصلاة والجنتئز ونحو ذلك، وللتدريس وقراءة صحيح البخاري على كرسي يصوت حسن، ونغمة طيبة، وترتيل وتأن، وحضور قلب، وسكون جوارح، وكان يقرر معاني الأحاديث لمن يحضر مجلسه، وكان إماماً بالمسجد الذي

يجري إليه الماء خارج كفر كنا، وكان يفتي أهل تلك البلاد، ويقريء الطلبة بها في الفقه والفرائض والحديث والنحو، ومكث على ذلك قريباً من خمسين سنة، وكان صوته في القراءة لطيفاً، ومع ذلك كان يسمعه من يتسمع لقراءته، وهو يتهجد في هدو الليل من نحو ميل، وكان في صوته رقة وتحنن، وحكى سبطه الشيخ موسى عن رجل سكن كفركنا أربعين سنة، ولازم الشيخ عبد الله في تلك المدة في صلاة الفجر كل يوم أنه لم يرى الفجر سبق الشيخ عبد الله قط. بل كان هو دائماً يسبق الفجر، وسبب ذلك أن الشيخ عبد الله لما ذهب إلى القدس الشريف للاشتغال على الشيخ الإمام، الفقيه العارف بالله تعالى شهاب الدين بن أرسلان الرملي، ثم المقدسي - قدس الله تعالى سره - أقام الشيخ عبد الله المذكور بالمدرسة الختنية جوار المسجد الأقصى عند الشيخ شهاب الدين مدة، فخرج الشيخ شهاب الدين في ليلة من الليالي آخر الليل، فوجد الطلب منهم من يقرأ القرآن، ومنهم من يدرس في قراءة العلم، ومنهم من يصلي، ومنهم من يذكر الله تعالى، ووجد الشيخ عبد الله هذا نائماً، فوكزه الشيخ شهاب الدين برجله، فجلس فزعاً، فقال له: يا ولدي أرسلك أهلك لتشتغل بالعلم أو بالنوم؟ فاستمر الشيخ عبد الله لا ينام في تلك الساعة ببركة الشيخ شهاب الدين بن أرسلان - رضي الله عنه - وكانت وفاة الشيخ عبد الله ببلدة كفركنا من أعمال صفد في غرة شوال سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، وهي في عشر التسعين - بتقديم التاء المثناة - رحمه الله تعالى 447 - عبد الله المصري: عبد الله القاضي جمال الدين المقريء المصري الحنفي نزيل دمشق باشر نيابة القضاء بها عن قاضي القضاة محي الدين عبد القادر بن يونس الحنفي، وتوفي بدمشق يوم الخميس رابع ربيع الأول سنة ثمان عشرة وتسعمائة رحمه الله. 448 - عبد الباسط بن محمد بن الشحنة: عبد الباسط بن محمد بن محمد، الشيخ الفاضل الذكي أبو الفضل محب الدين ابن قاضي القضاة أثير الدين بن قاضي القضاة محب الدين بن الشحنة الحنفي. ولد بالقاهرة سنة سبع وسبعين وثمانمائة، وسمع بها الحديث على جده المحب وعلى الجمال بن شاهين سبط الحافظ بن حجر، وعلى والده الأثير، ثم قدم حلب مع والده، فقرأ في العربية والمنطق في العلائي قل دروس وغيره، وتفرغ له والده عن خطابة الجامع الكبير بحلب وغيرها، ثم عاد إلى القاهرة في دولة الملك الأشرف قايتباي، فاعتنى به، وولاه نظر الجوالي بدمشق، فلم يزل بها حتى مات في سنة ثلاث وتسعمائة رحمه الله تعالى.

449 - عبد البر بن محمد بن الشحنة: عبد البر بن محمد بن محمد قاضي القضاة، أبو البركات، سري الدين، ابن قاضي القضاة أبي الفضل محب الدين ابن قاضي القضاة أبي الوليد محب الدين أيضاً ابن الشحنة، الحنفي. ولد بحلب سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، ثم رحل إلى القاهرة، فاشتغل في علوم شتى على شيوخ متعددة، ذكرهم السخاوي في ترجمته في " الضوء اللامع " منهم والده، وجده، ودرس وأفتى، وتولى قضاء حلب، ثم قضاء القاهرة، وصار جليس السلطان الغورقي وسميره. قال الحمصي: وكان عالماً متفنناً للعلوم الشرعية والعقلية. قال ابن طولون: ولم يثن الناس عليه خيراً، وذكر الحمصي أن عبيد السلموني شاعر القاهرة هجاه بقصيدة قال في أولها: فشا الزور في مصر، وفي جنباتها ... ولم لا وعبد البر قاضي قضاتها وعقد على السلموني بسبب ذلك عقد مجلس في مستهل المحرم سنة ثلاث عشرة وتسعمائة بحضرة السلطان الغوري، وأحضر في الحديد، فأنكر، ثم عزر بسببه بعد أن قرئت القصيدة بحضرة السلطان، وأكابر الناس، وهي في غاية البشاعة والشناعة، والسلموني المذكور كان هجاء خبيث الهجو ما سلم منه أحد من أكابر مصر، فلا يعد هجوه جرحاً في مثل القاضي عبد البر، وقد كان له في ذلك العصر حشمة وفضل، وكان تلميذه القطب بن سلطان مفتي دمشق يثني عليه خيراً، ويحتج بكلامه في مؤلفاته، وكان ينقل عنه أنه أفتى بتحريم قهوة البن، وله - رحمه الله تعالى - مؤلفات كثيرة منها شرح منظومة بن وهبان، في فقه أبي حنيفة النعمان، ومنها شرح الوهبانية، في فقه الحنفية، وشرح منظومة جده أبي الوليد بن الشحنة التي نظمها في عشرة علوم، وكتاب لطيف في حوض دون ثلاث أذرع. هل يجوز فيه الوضوء أو لا. وهل يصير مستعملاً بالتوضؤ فيه أولاً؟ ومنها " الذخائر الأشرفية، في الغاز الحنفية "، وله شعر لطيف منه قوله من قصيدة مفتخراً: أضار وما مناقبي الفخار ... وبي والله للدنيا الفخار بفضل شائع، وعلوم شرع ... لها في سائر الدنيا انتشار وهمة لوذع شهم تسامى ... وفوق الفرقدين لها قرار وفكر صائب في كل فن ... إلى تحقيقه أبداً يصار

ومنها: سموت لمنصب الإفتاء طفلاً ... وكان له إلى قربي ابتدار وكم قررت في الكشاف درساً ... عظيماً قبل ما دارالعذار وقال ناظماً لأسماء البكائين في غزاة تبوك وهم الذين نزلت فيهم هذه الآية " ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع " " سورة التوبة: الآية 92 ". إلا أن بكاء الصحابة سبعة ... لكونهم قد فارقوا خير مرسل فعمرو أبو ليلى، وعليه سالم ... كذا سلمة عرياض وابن مغفل قلت: وذيل عليه شيخ الإسلام الوالد بقوله: كثعلبة عمرو، وصخر وديعة ... وعبد ابن عمرو وابن أزرق معقل قال الشيخ الوالد - رضي الله تعالى عنه -: وكنت قبل أن أقف على بيتي القاضي عبد البر قد استوفيت أسماءهم، ونظمتها في هذه الأبيات: وفي الصحب بكاؤن بضعة عشر قد ... بكوا حزناً إذ فارقوا خير مرسل فمنهم أبو ليلى، وعمرو بن عتمة ... وصخر بن سلمان وربع بمعقل كذلك عبد الله، وهو ابن أزرق ... كذاك ابن عمرو، ثم نجل مغفل وثعلبة، وهو ابن زيد، وسالم ... هو ابن عمير في مقال لهم جلي أبو علية أو علية ووديعه ... والأمجد العرياض للعد أكمل وذكر ابن الحنبلي في تاريخه أن القاضي عبد البر نظم أبياتاً في أسماء البكائين المذكورين، وبين فيها اختلاف المفسرين، وأهل السير فيهم، وشرحها في رسالة لطيفة، ولعلها غير البيتين المتقدمين، ومن لطائف القاضي عبد البر ما أنشده عنه شيخ الإسلام الوالد - رضي الله تعالى عنه - في كتابه فصل الخطاب: حبشية سائلتهما عن جنسها ... فتبسمت عن در ثغر جوهري

وطفقت أسأل عن نعومة ماطقي ... قالت: فما تبغيه جنسي أبحري وكانت وفاته يوم الخميس خامس شعبان سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع بني أمية بدمشق المحمية خامس عشر شعبان المذكور - رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. 450 - عبد الحق بن محمد البلاطنسي: عبد الحق بن محمد، الشيخ الإمام العلامة زين الدين ابن الشيخ الإمام العلامة شمس الدين البلاطنسي الشافعي. ولد. في سنة ست وخمسين وثمانمائة، وتوفي فجأة يوم الأربعاء سابع شعبان سنة ثماني عشرة وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثالث رمضان السنة المذكورة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 451 - عبد الحق بن محمد السنباطي: عبد الحق بن محمد، الشيخ الإمام، شيخ الإسلام الحبر البحر، العلامة الفهامة السنباطي، القاهري، الشافعي خاتمة المسندين. ولد في أحد الجمادين سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة كما قرأت بخط ابن طولون نقلاً عن كتاب محدث مكة جار الله بن فهد، وقرأت أيضاً بخط الشيخ نجم الدين الغيطي، وقرأت بخط الوالد أن الشيخ عبد الحق نفسه ذكر له ذلك، وأخذ بالقراءات والسماع عن العلامة كمال الدين بن الهمام، والشيخ أمين الدين الأقصرائي، والشيخ محيي الدين الكافيجي، والشيخ تقي الدين الشمني، والشيخ تقي الدين الحصكفي، والشيخ شهاب الدين السكندري المقريء تلميذ العسقلاني، والشيخ المحقق جلال الدين المحلي، والشيخ العلامة علم الدين صالح البلقيني، والشمس الدواني وعن غيرهم، وسمع السنن لابن ماجة على المسندة الأصلية أم عبد الرحمن باي خاتون ابنة القاضي علاء الدين بن البهاء أبي البقاء محمد بن عبد البر السبكي، عن المسند أبي عبد الله محمد بن الفخر البعلي، عن الحجار، وأجازه ابن حجر، والبحر العيني. كان جلداً في تحصيله، مكباً على الإشتغال حتى برع، وانتهت إليه الرئاسة بمصر في الفقه والأصول والحديث، وكان عالماً عابداً متواضعاً طارحاً للتكليف. من رآه شهد فيه الولاية والصلاح قبل أن يخالطه، أخذ عنه شيخ الإسلام فيما بلغني، والعلامة بدر الدين العلائي، وولده الشيخ الفاضل العلامة شهاب الدين أحمد، والشيخ عبد الوهاب الشعراوي، والقطب

المكي الحنفي وغيرهم، وجاور بمكة في سنة إحدى وثلانين وتسعمائة، وكان نازلاً في دار بني فهد، فتوعك في ثامن عشر شعبان، وبقي متوعكاً اثني عشر يوماً منها ثلاثة أيام كان في مصطلحاً لا يدخل جوفه فيها شيء، ولا يخرج منه شيء، ولا ينطق بشطر كلمة، ثم فتح عينيه في أثنائها، وقال: لا إله إلا الله إقض إمض إقض أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله. ماداً السبابة والإبهام فما أتمها إلا مقبوضاً إلى رحمة الله تعالى، وكان ذلك في غرة رمضان سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة كما ذكر ذلك العلائي في تاريخه، وقال محدث مكة جار الله بن فهد في كتابه إلى الشيخ شمس الدين بن طولون: فقدر الله تعالى وفاته في ليلة الجمعة غرة شهر رمضان عند إطفاء المصابيح أوان الفجر. قال: وكان ذلك مصداق منام رؤي له في أول السنة يؤمر فيه بزيارة النبي صلى الله عليه وسلم. قال: إطفاء المصابيح. قال: وضمن ذلك بعض الشعراء في أبيات وهي: توفي عبد الحق يوم غروبه ... بمكة بعد الصبح بدء صيامه وزد واحداً فوق الثلاثين مردفاً ... بتسع ميء واجعله عام حمامه قضى عالم الدنيا كأن لم يكن بها ... سقى الله قبراً ضمه من غمامه قال الشيخ جار الله: وصلي عليه عقب صلاة الجمعة عند باب الكعبة، وشيعه خلق كثير إلى المعلا، ودفن بتربة سلفنا عند مصلب سيدنا عبد الله بن الزبير الصحابي - رضي الله تعالى عنه - بشعب النور، ورثاه جماعة من الشعراء، وحزن الناس عليه كثيراً، فإنه خاتمة المسندين والقراء أيضاً، وقد جاوز التسعين. انتهى. وذكر العلائي في تاريخه أن الذي صلى عليه إماماً ولده العلامة شهاب الدين وأنه دفن في التربة المذكورة بين قبري محدثي الحجاز الشيخين الحافظين تقي الدين بن فهد، وولده نجم الدين بن فهد، وكان يوماً مشهوداً، وخلف ثلاثة بنين رجالاً متتابعة صلحاء عقلاء فضلاء غير أن أوسطهم الشيخ شهاب الدين أفضل بنيه، ودونه الشيخ محب الدين. انتهى - رحمه الله تعالى. 452 - عبد الحليم بن علي القسطموني: عبد الحليم بن علي، العالم الفاضل

المولى حليمي القسطموني المولد، الرومي الحنفي. اشتغل بالعلم، وخدم المولى علاء الدين العربي، ثم ارتحل إلى بلاد العرب، وقرأ على علمائها، وحج ثم سافر إلى بلاد العجم، وقرأ على علمائها، وصحب الصوفية، وتربى عند شيخ يقال له: المخمودي، ثم عاد إلى بلاد الروم، واستقر بها، ثم طلبه السلطان سليم بن أبي يزيد خان قبل جلوسه على سرير السلطنة، وجعله إماماً له وصاحباً، فرآه متفنناً في العلوم، متحلياً بالمعارف، فلما جلس على سرير السلطنة جعله معلماً لنفسه، وعيين له كل يوم مئة عثماني، وأعطاه قرى كثيرة، ودخل معه بلاد الشام ومصر، وتوفي بدمشق بعد عوده في صحبة السلطان سليم إليها من مصر، ودفن بتربة الشيخ محيي الدين بن العربي يوم الجمعة عشري شوال سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة. قال الحمصي: وصلى عليه السلطان بالجامع الأموي هو وأكابر الناس من الأروام والعرب، وترحمت عليه الناس، وأنه كان لا يتكلم إلا خيراً عند السلطان. قال ابن طولون: ودفن إلى جانب الشيخ محمد البلخشي من القبلة بتربة المحيوي المذكورة رحمه الله تعالى. 453 - عبد الحليم بن مصلح المنزلاوي: عبد الحليم بن مصلح المنزلاوي، الشيخ الصالح المتخلق بالأخلاق المحمدية. كان متواضعاً. كثير الإزراء بنفسه، والحط عليها، وجاءه مرة رجل فقال له: يا سيدي خذ علي العهد بالتوبة، فقال: والله يا أخي إلى الآن ما تبت، والنجاسة لا تطهر غيرها، وكان إذا رأى من فقير دعوى سارقه بالأدب، وقرأ عليه شيئاً من آداب القوم بحيث يعرف ذلك المدعي أنه عار عنها، ثم يسأله عن معاني ذلك بحيث يظن المدعي أنه شيخ، وأن الشيخ عبد الحليم هو المريد أو التلميذ، وجاءه مرة شخص من اليمن. فقال: أنا أذن لي شيخي في تربية الفقراء، فقال: الحمد لله الناس يسافرون في طلب الشيخ، ونحن جاء الشيخ لنا إلى مكاننا، وأخذ عن اليماني، ولم يكن بذلك، وكان الشيخ يربيه في صورة التلميذ إلى أن كمله وزاد حاله، ثم كساه الشيخ عبد الحليم عند السفر وزوده، وصار يقبل رجل اليماني، ويقول: يا سيدي صرنا محسوبين عليكم، وكان يؤدب الأطفال في بداءته، ولم يأخذ لهم شيئاً، ولم يأكل لهم طعاماً، ولا يقبل من أحد شيئاً، فاشتهر بالصلاح في بلاد المنزلة، فلقيه شخص من أرباب الأحوال اسمه العبيدي، فقال له: يا عبد الحليم لا تكن صالحاً إلا إن صرت تنفق من الغيب، ثم قال: أطلب مني شيئاً آتك به، فقال: ما أنا محتاج إلى شيء، فمد يده العبيدي في الهواء، فأتى بدينار، فأثرت تلك الكلمة في الشيخ عبد الحليم، وأخذ في الاجتهاد سنة يصوم نهارها، ويقوم ليلها، ويختم ختمة نهاراً، وختمة ليلاً، فجاء العبيدي فقال له: الآن صح لك اسم الصلاح، فمد يدك في الهواء، وهات لي ديناراً، فمد يده في الهواء فأتى بدينار، ففارقه يومئذ، واشتهر الشيخ عبد الحليم بعد ذلك، وعمر عدة جوامع

في المنزلة، ووقف عليها الأوقاف، وله جامع مشهور به في المنزلة له فيه سماط لكل وارد وبني بيارستان للضعفاء قريب منه، وكان يجذب قلب من يراه أبلغ من جذب المغناطيس للحديد، وكان لا يسأله فقير قط شيئاً من ملبوسه إلا نزعه عنه في الحال، دفعه إليه، وربما خرج إلى صلاة الجمعة فيدفع كل شيء عليه، ويصلي الجمعة بفوطة في وسطه، ومناقبه كثيرة مشهورة بدمياط، والمنزلة - رضي الله تعالى عنه - توفي بعد الثلاثين وتسعمائة، ودفن بمقبرة بلدة الخربة، وقبره بها ظاهر يزار - رحمه الله تعالى. 454 - عبد الخالق المعالي: عبد الخالق المعالي، الحنفي المصري، الشيخ الإمام الصالح. كان له الباع الطويل في علم المعقولات، وعلم الهيئة، وعلم التصوف، وكان كريم النفس لا ينقطع عنه الواردون في ليل ولا نهار، وكان للفقراء عنده في الجمعة ليلة يتذاكرور عنده في أحوال الطريق إلى الصباح، وكان له سماط من أول رمضان إلى آخره، وكان دائم الصمت لا يتكلم إلا لضرورة. يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. مات في حدود أواخر هذا الطبقة، ودفن قريباً من جامع آل مالك رحمه الله تعالى. 455 - عبد الرحمن بن محمد المقدسي: عبد الرحمن بن محمد، شيخ الشيوخ أبو الفرج زين الدين ابن الأمير ناصر الدين ابن أبي شريف المقدسي شيخ الخانقاه بالقدس، وهو أخو الكمال، والبرهان ابني أبي شريف. كان موجواً في سنة إحدى وتسعمائة، ولم يتحرر لي تحديد وفاته بعد ذلك رحمه الله تعالى. 456 - عبد الرحمن بن محمد الكلسي: عبد الرحمن بن محمد بن يوسف بن عبد الله الشيخ العلامة زين الدين أبو الفرج الكلسي الأصل، الحلبي المولد، الحنفي. ولد بعد الستين وثمانمائة، واشتغل في النحو والصرف، ثم حج ولازم السخاوي بمكة، وسمع من لفظه الحديث المسلسل بالأولية وغيره، وسمع عليه البخاري، ومعظم مسلم، وسمع عليه من مؤلفاته، " القول البديع، في الصلاة على الشفيع "، والقول التام، في فضل الرمي بالسهام "، و " القول النافع، في ختم صحيح البخاري الجامع " و " تحرير البيان، في الكلام على الميزان " والكثير من شرح ألفية العراقي له - أعني السخاوي - وأجاز له في ذي القعدة سنة ست وثمانين وثمانمائة، وفي هذه السنة أجازت له المسندة زينب الشويكية رواية ما سمعه عليها بمكة من

سنن ابن ماجة من باب صفة الجنة والنار إلى آخر الكتاب، وأذنت له في رواية سائر مروياتها. وأذن له الشمس البازلي بحماة بالإفتاء والتدريس، وأجاز له بعد أن وصفه بالإمام العالم العلامة الجامع بين المعقول والمنقول، المتبحر في الفررع والأصول، ثم قرأ على العلامة محمد بن محمد الطرابلسي الحنفي في سنة تسعين في تنقيح الأصول، وأذن له بالتدريس في سائر العلوم، ثم أجاز له الكمال ابن أبي شريف في سنة خمس وتسعمائة أن يروي عنه سائر مؤلفاته ومروياته، ثم أجاز له الحافظ عثمان الديمي في سنة سبع وتسعمائة، وكان قصير القامة، نحيف البدن، لطيف الجثة، حسن المفاكهة، كثير الملاطفة، وكان له إلمام بالفارسية، والتركية، واعتناء بالتنزهات، والخروج إلى البساتين مع الديانة والصيانة. توفي بحلب في ذي القعدة سنة ثلاثين وتسعمائة، ودفن بالقرب من مزار الشيخ يبرق رحمه الله تعالى. 457 - عبد الرحمن بن محمد الكتيي: عبد الرحمن بن محمد بن إدريس، الشيخ زين الدين الكتبي الدمشقي الحنفي. كان عنده فضيلة، وله قراءة في الحديث، وكان لطيفاً يميل إلى المجون والخداع. مات سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 458 - عبد الرحمن بن إبراهيم الدنابي الحنبلي: عبد الرحمن بن إبراهيم، الشيخ الإمام القدوة الزاهد زين الدين أبو الفرج الدنابي الدمشقي الصالحي الحنبلي. حفظ القرآن العظيم، ثم قرأ المقنع وغيره، واشتغل وحصل وأخذ الحديث عن أبي زيد وابن عبادة وغيرهما، ثم كان يقريء الأطفال في مكتب مسجد ناصر الدين غربي مدرسة أبي عمر، وكان يقرأ البخاري في البيوت والمساجد وجامع الحنابلة بالسفح، وكان إذا ختم البخاري في الجامع المذكور يحضر عنده خلائق، فإنه كان فصيحاً، وله مسلك في الوعظ حسن، ثم أنه انجمع في آخر عمره عن الناس، وقطن بزاوية المحيوي الرجيحي بالسهم الأعلى إماماً وقارئاً للبخاري، ومات في سنة خمس عشرة وتسعمائة، ودفن بالروضة بسفح قاسيون رحمه الله تعالى. 459 - عبد الرحمن بن إبراهيم الدسوقي: عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن، الشيخ الصالح القاضي محب الدين. ابن الشيخ الصالح الزاهد الرباني إبراهيم الدسوقي، ولد في ذي الحجة سنة ثمان وستين وثمانماثة، وكان ناظر الأيتام بدمشق، وفوض إليه نيابة القضاء فى سنة ست عشرة وتسعمائة، وتوفى ليلة السبت سابع ربيع الثاني سنة سبع

وعشرين وتسعمائة فجاة، ودفن بمقبرة الباب الصغير عند والده رحمه الله تعالى. 460 - عبد الرحمن بن إبراهيم الشاذلي: عبد الرحمن بن إبراهيم، الشيخ العابد الدين الصالح زين الدين ابن الشيخ الفاضل أبي المكارم بن أبي الوفاء الشاذلي المصري الشافعي، وهو أخو الشيخ أبي الفضل بن أبي الوفاء شيخ الوفائية بمصر، وكان يغلب على صاحب الترجمة الخير والصلاح، ولم يهتم بمشيخة، وتوفي في أواخر ربيع الثاني سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 461 - عبد الرحمن بن أبي بكر الأسيوطي: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن أبي سابق الدين بكر بن عثمان بن محمد بن خضر بن أيوب بن محمد ابن الشيخ همام الدين، الشيخ العلامة، الإمام، المحقق، المدقق، المسند، الحافظ شيخ الإسلام جلال الدين أبو الفضل ابن العلامة كمال الدين الأسيوطي، الخضيري، الشافعي صاحب المؤلفات الجامعة، والمصنفات النافعة، ولد بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة، وعرض محافيظه على قاضي القضاة عز الدين أحمد بن إبراهيم الكناني الحنبلي، فسأله ما كنيتك؟ فقال: لا كنية لي. فقال أبو الفضل، وكتبه بخطه. وتوفي والده وله من العمر خمس سنوات. وسبعة أشهر قد وصل في القراءة إذ ذاك إلى سورة التحريم، وأسند وصايته إلى جماعة منهم العلامة كمال الدين بن الهمام، فأحضر ابنه عقيب موته، فقرره في وظيفة الشيخونية ولحظه بنظره، وختم القرآن العظيم، وله من العمر دون ثماني سنين. ثم حفظ عمدة الأحكام، ومنهاج النووي، وألفية ابن مالك، ومنهاج البيضاوي، وعرض الثلاثة الأولى على مشايخ الإسلام العلم البلقيني، والشرف المناوي، والعز الحنبلي، وشيخ الشيوخ الأقصرائي وغيرهم، وأجازوه، وحضر مجالس الجلال المحلي سنة كاملة يومين في الجمعة، وحضر مجلس زين الدين رضوان العقبي، وأحضره والده قبل موته وهو صغير مجلس رجل كبير من العلماء أخبره بعض أصحاب أبيه أنه مجلس الحافظ ابن حجر، وشرع في الاشتغال في العلم من ابتداء ربيع الأول سنة أربع وستين وثمانمائة، فقرأ على الشيخ شمس الدين محمد بن موسي السيرائي صحيح مسلم إلا قليلاً منه والشفاء، وقرأ عليه الفية بن مالك حلاً فما أتمها إلا وقد صنف، وأجازه بالعربية، ثم قرأ عليه قطعة من التسهيل، وسمع عليه الكثير من ابن المصنف، والتوضيح، وشرح الشذور، وفي المغني في أصول فقه الحنفية، وشرح العقائد للتفتازاني، وقرأ على الشيخ الإمام الصالح شمس الدين محمد ابن الشيخ سعد الدين بن

سعد بن خليل المرزباني، الحنفي الكافية لابن الحاجب، وشرحها للمصنف، ومقدمة إيسا غوجي في المنطق، وشرحها للكاني، وقطعة من كتاب سيبويه حلاً، وسمع عليه من المتوسط والشافية، وشرحها للجاربردي، ومن ألفية العراقي، ولزمه حتى مات سنة سبع وثمانمائة، وقرأ في الفرائض والحساب على علامة زمانه شهاب الدين أحمد بن علي الشارمساحي، ثم لزم درس شيخ الإسلام العلم صالح البلقيني من شوال سنة خمس وستين وثمانمائة، فقرأ عليه من أول التدريب لوالده السراج البلقيني إلى باب الوكالة، وسمع عليه من أول الحاوي إلى باب العدد، وغالب المنهاج والتنبيه، وقطعة من الروضة، وقطعة من التكملة للزركشي، ولزم أيضاً درس شيخ الإسلام الشرف المناوي، فقرأ عليه من المهاج، وسمعه عليه كاملاً في التقسيم، وسمع عليه الكثير من شرح البهجة للعراقي، ومن تفسير البيضاوي وغيره، ولزمه إلى أن مات، ولزم دروس العلامة محقق الديار المصرية سيف الدين محمد بن محمد الحنفي، وسمع عليه دروساً عديدة من الكشاف، ولزم درس العلامة التقي الشمني من شوال سنة ثمان وستين وثمانمائة، وسمع عليه المطول والتوضيح، والمغني، وحاشية عليه، وشرح المقاصد للتفتازاني، وقرأ عليه من الحديث كثيراً، ومن علومه شرحه على نظم النخبة لوالده، ولزم أيضاً دروس العلامة المحيوي محمد بن سليم الكافيجي، وقرأ عليه شرح القواعد له، وأشياء من مختصراته، وسمع عليه من الكشاف وحواشيه، والمغني، وتوضيح صدر الشريعة، والتلويح للتفتازاني، وتفسير البيضاوي وغير ذلك، وقرأ على قاضي القضاة العز أحمد بن إبراهيم الكناني قطعة من جمع الجوامع لابن السبكي، وقطعة من نظم مختصر ابن الحاجب وشرحه كلاهما تأليفه، وقرأ في الميقات علي الشيخ مجد الدين إسماعيل بن السباع، وعلى الشيخ عز الدين عبد العزيز بن محمد الميقاتي، وقرأ في الطب على محمد بن إبراهيم الدواني. قدم عليهم القاهرة من الروم، وحضر عند الشيخ تقي الدين أبي بكر بن شادي الحصكفي كثيرة، وقرأ على الشيخ شمس الدين البابي دروساً من المنهاج من كتاب الخراج إلى باب الجزية، وشيئاً من البهجة، وأجيز بالإفتاء والتدريس، وقد ذكر تلميذه الداوودي في ترجمة أسماء شيوخه إجازةً وقراءةً وسماعاً، مرتبين على حروف المعجم، فبلغت عدتهم أحداً وخمسين نفساً، وألف المؤلفات الحافلة الكثيرة الكاملة الجامعة، النافعة المتقنة، المحررة، المعتبرة نيفت عدتها على خمسمائة مؤلف، وقد استقصاها الداوودي في ترجمة وشهرتها تغنينا عن ذكرها هنا، وقد اتفقت روايتنا لها عن شيخ الإسلام الوالد عنه بحق إجازته له، وأذن له بروايتها عنه، وقد اشتهر أكثر مصنفاته في حياته في البلاد الحجازية، والشامية، والحلبية، وبلاد الروم، والمغرب، والتكرور، والهند، واليمن، وكان في سرعة الكتابة والتأليف آية كبرى من آيات الله تعالى. قال تلميذه الشمس الداوودي: عاينت الشيخ، وقد كتب في ويومالجامعة، النافعة المتقنة، المحررة، المعتبرة نيفت عدتها على خمسمائة مؤلف، وقد استقصاها الداوودي في ترجمة وشهرتها تغنينا عن ذكرها هنا، وقد اتفقت روايتنا لها عن شيخ الإسلام الوالد عنه بحق إجازته له، وأذن له بروايتها عنه، وقد اشتهر أكثر مصنفاته في حياته في البلاد الحجازية، والشامية، والحلبية، وبلاد الروم، والمغرب، والتكرور، والهند، واليمن، وكان في سرعة الكتابة والتأليف آية كبرى من آيات الله تعالى. قال تلميذه الشمس الداوودي: عاينت الشيخ، وقد كتب في ويوم

واحد ثلاثة كراريس تأليفاً وتحريراً، وكان مع ذلك يملي الحديث، ويجيب عن المتعارض منه بأجوبة حسنة، وكان أعلم أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه، ورجاله، وغريبه، واستنباط الأحكام منه، وأخبر عن نفسه أنه يحفظ مئتي ألف حديث. قال: ولو وجدت أكثر لحفظته. قال: ولعله لا يوجد على وجه الأرض الان أكثر من ذلك، ولما بلغ أربعين سنة من عمره أخذ في التجرد للعبادة والإنقطاع إلى الله تعالى، والإشتغال به صرفاً، والإعراض عن الدنيا وأهلها كانه لم يعرف أحداً منهم، وشرع في تحرير مؤلفاته، وترك الإفتاء والتدريس، واعتذر عن ذلك في مؤلف ألفه في ذلك وسماه " بالتنفيس " وأقام في روضة المقياس فلم يتحول منها إلى أن مات لم يفتح طاقات بيته التي على النيل من سكناه، وكان الأمراء والأغنياء يأتون إلى زيارته، ويعرضون عليه الأموال النفيسة فيردها، وأهدى إليه الغوري خصياً وألف دينار، فرد الألف، وأخذ الخصي فاعتقه وجعله خادماً في الحجرة النبوية، وقال لقاصد السلطان: لا تعد تأتينا قط بهدية، فإن الله تعالى أغنانا عن مثل ذلك، وكان لا يتردد إلى السلطان، ولا إلى غيره، وطلبه مراراً فلم يحضر إليه، وقيل له: إن بعض الأولياء كان يتردد إلى الملوك والأمراء في حوائج الناس، فقال: أتباع السلف في عدم ترددهم أسلم لدين المسلم. وألف كتاباً سماه " ما رواه الأساطين، في عم التردد إلى السلاطين "، قلت: وقد نظمت هذا الكتاب في منظومة لطيفة حافلة، وزدت على ما ذكره زيادات شريفة، ورؤي النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، والشيخ السيوطي يسأله عن بعض الأحاديث، والنبي صلى الله عليه وسلم. يقول له: هات يا شيخ السنة، ورأى هو بنفسه هذه الرؤيا، والنبي صلى الله عليه وسلم. يقول له: هات يا شيخ السنة، وذكر الشيخ عبد القادر الشاذلي في كتاب ترجمته أنه كان يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقظة. فقال لي: يا شيخ الحديث، فقلت له: يا رسول الله أمن أهل الجنة أنا؟ قال: نعم، فقلت: من غير عذاب يسبق؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لك ذلك، وألف في ذلك كتاب " تنوير الحلك، في إمكان رؤية النبي والملك "، وقال له الشيخ عبد القادر، قلت له يا سيدي: كم رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقظة؟ فقال: بضعاً وسبعين مرة، وذكر خادم الشيخ السيوطي محمد بن علي الحباك أن الشيخ قال له يوماً وقت القيلولة وهو عند زاوية الشيخ عبد الله الجيوشي بمصر بالقرافة: نريد أن نصلي العصر في مكة بشرط أن تكتم ذلك علي حتى أموت. قال: فقلت: نعم. قال: فأخذ بيدي، وقال: غمض عينيك، فغمضتها فرمل في نحو سبع وعشرين خطوة، ثم قال لي: إفتح عينيك، فإذا نحن بباب المعلى، فزرنا أمنا خديجة، والفضيل بن عياض، وسفيان بن عيينة وغيرهم، ودخلت الحرم، فطفنا وشربنا من ماء زمزم، وجلسنا خلف المقام حتى صلينا العصر، وطفنا وشربنا من زمزم، ثم قال لي: يا فلان ليس العجب من طيئ الأرض لنا، وإنما العجب من كون أحد من أهل مصر المجاورين لم يعرفنا، ثم قال لي: إن شئت تمضي معي، وإن شئت تقم حتى يأتي الحاج.

قال: فقلت: بل إذهب مع سيدي، فمشينا إلى باب المعلا، وقال لي: غمض عينيك، فغمضتها، فهرول بي سبع خطوات، ثم قال لي: إفتح عينيك، فإذا نحن بالقرب من الجيوشي، فنزلنا إلى سيدي عمر بن الفارض، ثم ركب الشيخ حمارته، وذهبنا إلى بيته في جامع طولون. وذكر الشعراوي، عن الشيخ أمين الدين النجار إمام جامع الغمري أن الشيخ أخبره بدخول ابن عثمان مصر قبل أن يموت، وأن يدخلها في افتتاح سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، وأخبره أيضاً بأمور أخرى تتفق في أوقات عينها، وكان الأمر كما قال - رضي الله تعالى عنه - ومحاسنه ومناقبه لا تحصى كثرة، ولو لم يكن له من الكرامات إلا كثرة المؤلفات مع تحريرها وتحقيقها لكفي ذلك شاهداً لمن يؤمن بالقدر، وله شعر كثير كثره متوسط، وجيده كثير، وغالبه في الفوائد العلمية، والأحكام الشرعية، فمن شعره وأجاد فيه: فوض أحاديث الصفات ... ولا تشبه أو تعطل إن رمت إلا الخوض في ... تحقيق معضله فأول إن المفوض سالم ... مما يكلفه المؤول وقال رضي الله تعالى عنه: حدثنا شيخنا الكناني ... عن أية صاحب الخطابة أسرع أخا العلم في ثلاث ... الأكل والمشي والكتابة وقال في الشافعي - رضي الله تعالى عنه - مضمناً مكتفياً: إن ابن إدريس حقاً ... بالعلم أولى وأحرى لأنه من قريش ... وصاحب البيت أدرى وقال مقتبساً - رضي الله تعالى عنه. أيها السائل قوماً ... ما لهم في الخير مذهب أترك الناس جميعاً ... وإلى ربك فارغب وقال مقتبساً أيضاً: عاب الإملاء للحديث رجال ... قد سعوا في الضلال سعياً حثيثا

إنما ينكر الأمالي قوم ... لا يكادون يفقهون حديثاً وقال مقتبساً: لا تقابل الجهلا ... بالذي أتوا تفلح إن ترد أن تسوءهم ... فاعف عنهم واصفح أعبد الله ودع عن ... ك التواني بالهجود ومن الليل فسب ... حه وإدبار السجود وقال: إني عزمت وما عزم بمنخرم ... ما لم يساعده تقدير من الباري أن لا أصاحب إلا من خبرتهم ... دهراً مقيماً، وأزماناً بأسفار ولا أجالس إلا عالماً فطناً ... أو صالحاً أو صديقاً لا بإكثار ولا أسائل شخصاً حاجة أبداً ... إلا استعارة أجزاء وأسفار ولا أذيع، ولا للعالم الفطن الصد ... يق ما يحتوي مكنون أسراري ولا أصاحب عامياً، وإن شهدوا ... بأنه صالح معدوم أنظار ولست أحدث فعلاً غير مفترض ... أو مستحب، ولم يدخل بانكار ما لم أقم مستخير الله متكلاً ... وتابعاً ما أتى فيها من آثار وقال متشكياً: طوبى لمن مات فاستراحا ... ونال من ربه فلاحا ما نحن إلا في قوم سوء ... أذاهم قد بدا ولاحا وكانت وفاته - رضي الله تعالى عنه - في سحر ليلة الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى سنة إحدى عشرة وتسعمائة في منزله بروضة المقياس بعد أن تمرض سبعة أيام بورم شديد في ذراعه الأيسر، وقد استكمل من العمر إحدى وستين سنة وعشرة أشهر وثمانية عشر يوماً، وكان له مشهد عظيم، ودفن في حوش قوصون خارج باب القرافة، وصلي عليه غائبة بدمشق

بالجامع الأموي يوم الجمعة ثامن رجب سنة إحدى عشرة المذكورة. قيل: أخذ الغاسل قميصه وقبعه فاشترى بعض الناس قميصه من الغاسل بخمسة دنانير للتبرك به، وباع قبعه بثلاثة دنانير لذلك أيضاً، ورثاه عبد الباسط بن خليل الحنفي بقوله: مات جلال الدين غيث الورى ... مجتهد العصر إمام الوجود وحافظ السنة مهدي الهدى ... ومرشد الضال بنقع يعود فيا عوني انهملي بعده ... ويا قلوب انفطري بالوقود واظلمي يا دنيا إذ حق ذا ... بل حق إن ترعد فيك الرعود وحق للضوء بأن ينطفي ... وحق للقائم فيك القعود وحق للنور بأن يختفي ... ولليالي البيض إن تبق سود وحق للناس بأن يحزنوا ... بل حق أن كل بنفس يجود وحق للأجبال خر وإن ... تطوى السما طيا كيوم الوعود وأن يغور الماء والأرض أن ... تميد إذ عم المصاب الوجود مصيبة حلت فحفت بنا ... وأورثت نار اشتعال الكبود صبرنا الله عليها وأولاه ... نعيماً حل دار الخلود وعمه منه بوبل الرضى ... والغيث بالرحمة بين اللحود ولعله رثي بالمراثي الحافلة، ولم أقف إلا على هذه القصيدة في تاريخ ابن طولون. ذكر أنه استملاها من بعض من قدم عليهم دمشق من القادمين، فكتبها هذا من خطه لئلا تخلوا الترجمة من مرثية ما رحمه الله تعالى. 462 - عبد الرحمن المقدسي: عبد الرحمن ابن الشيخ العلامة زين الدين بن جماعة المقدسي الشافعي شيخ الصلاحية بالقدس الشريف توفي بالقدس سنة أربع وعشرين وتسعمائة وصلي عليه وعلى الشيخ عبد القادر الدشطوطي غائبة بجامع بني أمية بدمشق يوم الجمعة ثاني عشر رمضان منها رحمه الله تعالى. 463 - عبد الرحمن بن عبد الله: عبد الرحمن بن عبد الله الفكيكي المغربي المالكي نزيل دمشق قرأ على شيخ الإسلام الوالد في الجرومية وغيرها ومات مطعوناً بدمشق سنة ثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

464 - عبد الرحمن بن علي الأماسي: عبد الرحمن بن علي العالم العلامة المحقق الفهامة، المولى عبد الرحمن بن المؤيد الأماسي الرومي الحنفي، ولد بأماسية في صفر سنة ستين وثمانمائة واشتغل في العلم ببلده ولما بلغ سن الشباب صحب السلطان أبا يزيد، خان حين كان أميرا بأماسية فوشى به المفسدون إلى السلطان محمد خان والد السلطان أبي يزيد فأمر بقتله فبلغ السلطان أبا يزيد ذلك قبل وصول أمر والده فاعطاه عشرة آلاف درهم وخيلاً وسائر أهبة السفر وأخرجه ليلاً من أماسية ووجهه إلى بلاد حلب وكانت إذ ذاك في أيد الجراكسة فدخلها سنة ثمان وثمانين وثمانمائة فأقام هناك مدة واشتغل بها في النحو فقرأ على بعض أهلها في المفصل ثم أشار عليه بعض تجار العجم أن يذهب إلى المولى جلال الدين الدواني ببلدة شيراز ووصف له بعض فضائله فخرج مع تجار العجم في تلك السنة وقصد المنلا المذكور فقرأ عليه زماناً كثيراًوحصل عنده من العلوم العقلية والعربية والتفسير والحديث وأجازه وشهد له بالفضل التام بعد أن أقام عنده سبع سنين فلما بلغه جلوس السلطان أبي يزيد خان على تخت السلطنة سافر من بلاد العجم إلى الروم فصحب موالي الروم وتكلم معهم فشهدوا بفضله وعرضوه على السلطان فأعطاه مدرسة قلندر خانه بالقسطنطينية ثم إحدى الثماني ثم قضاء القسطنطينية ثم أدرنة ثم قضاء العسكر بولاية أناطولي ثم بولاية روم إيلي ثم عزل وجرت له محنة ثم لما تولى السلطان سليم خان أعاده إلى قضاء العسكر في سنة تسع عشرة وتسعه وسافر معه إلى بلاد العجم وكان معه في محاربة الشاه إسماعيل ثم عزل عن قضاء العسكر بسبب اختلال حصل له في عقله في شعبان سنة عشرين وتسعمائة وعين له كل يوم مئتي درهم ورجع إلى القسطنطينية معزولاً وكان قبل اختلاله بالغاً الغاية القصوى في العلوم العقلية والعربية ماهراً في التفسير مهيباً حسن الخط جداً ينظم الشعر بالفارسية والعربية وله مؤلفات بقي أكثرها في المسودات منها رسالة لطيفة في المواضع المشكلة من علم الكلام وكانت وفاته بالقسطنطينية ليلة الجمعة خامس عشر شعبان سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة وقيل في تاريخ وفاته: نفسي الفداء لحبر حل حين قضى ... في روضة وهو في الجنات محبور مقامه في علا الفردوس مسكنه ... أنيسه في الثرى الولدان والحور قل للذي يبتغي تاريخ رحلته ... نجل المؤيد مرحوم ومغفور 465 - عبد الرحمن بن موسى المغربي: عبد الرحمن بن موسى المغربي التادلي

المالكي نزيل دمشق كان رجلاً فاضلاً صالحاً اختص بصحبة شيخ الإسلام الوالد وجعل نفسه كالنقيب لدرسه وحضر كثيراًمن دروسه وقرأ عليه في مختصر الشيخ خليل على مذهب الإمام مالك وقرأ عليه في الجرومية وفي منظومته نظم الجرومية ثم سافر إلى الحجاز فمات في الطريق سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 466 - عبد الرحمن البهنسي: عبد الرحمن البهنسي المصري الشيخ الصالح المصطلم المستغرق المعتقد أحد صوفية الشيخونية المقيم بالبرقوقية بين القصرين بمصر. توفي سنة سبع عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى. 467 - عبد الرحمن البابكي: عبد الرحمن الشيخ الصالح الخير زين الدين البابكي المصري أحد أصحاب الشيخ كمال الدين ابن إمام الكاملية توفي سنة سبع عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 468 - عبد الرحمن الصالحي: عبد الرحمن الشيخ العالم الصالح المحدث زين الدين الصالحي الشافعي. توفي بالقاهرة سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه وعلى آخرين تقدم ذكرهم في ترجمة البرهان بن أبي شريف غائبة بالأموي بدمشق يوم الجمعة رابع عشري ربيع الثاني منها رحمه الله تعالى. 469 - عبد الرحمن شيخ الصوابية: عبد الرحمن الشيخ الصالح المسلك زين الدين شيخ الصوابية بصالحية دمشق. توفي بها يوم الخميس ثامن عشري رجب سنة تسع - بتقديم المثناة - وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 470 - عبد الرحمن بن الأكرم: عبد الرحمن القاضي زين الدين بن الأكرم ابن عم نائب القلعة الأمير إسماعيل بن الأكرم توفي بالعقبة بدرب الحجاز يوم الجمعة ثاني عشر المحرم سنة ثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 471 - عبد الرحمن بن محمد الأوجاقي: عبد الرحمن بن محمد الشيخ الإمام العالم العلامة المحدث المسند الحافظ الحجة الرحلة الناقد تقي الدين ابن الشيخ محب الدين الأوجاقي المصري الشافعي. قرأ القرآن العظيم على والده وهو أول شيخ قرأ عليه القرآن، وسمع منه وعليه الحديث، وأخذ عنه العلوم الشرعية وغيرها، وقرأ أيضاً على الشيخ شمس

الدين محمد الشهير بالسكندري، وعلى العلامة زين الدين أبي بكر بن عياش، وهؤلاء كلهم قرأوا على الشيخ شمس الدين العسقلاني، وأخذ العلوم الشرعية أيضاً عن شيخ الإسلام ابن حجر، والمولى ابن العراقي، والشمس القاياتي، وصالح البلقيني، والفقه عن والده، وعن العلم صالح، والعلامة زين البوتيجي، والقاياتي، ولازم الشرف المناوي في المنهاج والبهجة وغيرها تقسيماً، قال: وهو آخر شيخ قرأت عليه العلوم الشرعية، وأخذ كتب النووي عن الشهاب الواسطي عن الصدر الميمومي عن النووي، وقرأ في شرح التلخيص للتفتازاني على شيخ الإسلام سعد الدين الديري الحنفي المقدسي، والعلامة عز الدين بن عبد السلام البغدادي، وسمع في الحديث المسلسل بالأولية من والده، وابن حجر، والعلم صالح، والشرف مناوي، والشيخ العلامة الشيخ أبي هريرة الأبوتيجي، والمسند العلامة أبي الطيب أحمد شهاب الدين الحجازي، والمسند محيي الدين الطريفي، وسمعه بالمسجد الحرام من شيخ الإسلام الحافظ أبي الفتح محمد شرف الدين ابن الحافظ أبي بكر المراغي. قال: وهو أول حديث سمعته من لفظه أنا، وصاحبنا قاضي القضاة زكريا الأنصاري، وسمعته بمكة أيضاً من العلامة تقي الدين بن فهد، وبالمدينة من قاضي القضاة أبي الفتح بن حاتم المديحي، وبالقدس من قاضي قضاتها جمال الدين يوسف بن إبراهيم بن جماعة، والحافظ أبي بكر عبد الله تقي الدين القرقشندي، وروى صحيح البخاري عن جمع كثير يزيد عددهم على المائة وعشرين نفساً ما بين قراءة وسماع. ومناولة لجميعه مقرونة بالإجازة وإجازه مجردة منهم والد المحب الأوجاقي سماعاً عليه مرات كثيرة في كل سنة بقراءة الشيخ الفاضل شمس الدين محمد بن مخلوف القمني، ومنهم الشيخ ولي الدين أبو زرعة العراقي بالإجازة، والحافظ شيخ الإسلام ابن حجر سماعاً منه وعليه، ولبس الخرقة القادرية من والده، ومن السيد الشريف أبي الحسن علي، وابن عمه السيد الشريف أبي المحاسن حسن نور الدين الكيلاني، ومن الشيخ أحمد أبي العباس شهاب الدين الزركشي الخطيب الشافعي عن ابن الناصح وصحب من مشايخ عصره، جماعة أجلاء منهم سيدي أبو الفتح ابن أبي الوفاء، وصاحبه الشيخ أبو سعيد، والشيخ مدين، والسيد أبو الصفا الوفائي، والشيخ الكبير المعمر سيدي محمد بن سلطان، وسيدي محمد بن خضر، وسيدي الشيخ كمال الدين الملقب بالمجذوب، وسيدي الشيخ ماهر صاحب سيدي إسماعيل الأنبائي، وسيدي أحمد بن قرا الشامي، وسيدي محمد النابلسي أحد أصحاب سيدي الشيخ يوسف العجمي، وسيدي عمر الكردي، وسيدي أحمد بن رياض وآخر من صحبهم منهم الشيخ - العارف بالله تعالى - سيدي أبو العون الغزي وله رضي الله تعالى عنه شعر لطيف منه:

تقول نفسي: أتخشى ... من هول ذنب عظيم لا تختشي من عقاب ... وأنت عبد الرحيم وقال رحمه الله تعالى: إذا كنت الرحيم فلست أخشى ... وإن قالوا: عذاب النار يحمى وكم عبد كثير الذنب مثلي ... بفضلك من عذاب النار يحمى وقال أيضاً: ياراحمي ورحيمي ... ومانحي كل نعمه ابن الوجاقي عبد ... مرداه منك رحمه وقال في مرضه الذي مات فيه وأجاد فيه: لما مرضت من الذنوب لثقلها ... وأيست من طب الطبيب النافع علقت أطماعي برحمة سيدي ... وأتيته متوسلاً بالشافعي وكانت وافته - رحمه الله تعالى - بالقاهرة يوم الاثنين ثاني أو ثالث جمادى الآخرة سنة عشر وتسعمائة. 472 - عبد الرحيم بن صدقة المكي: عبد الرحيم بن صدقة، الشيخ الإمام العلامة الورع الزاهد، زين الدين المكي الشافعي، قرأ عليه البرهان العمادي الحلبي، أحاديث من الكتب الستة، وأجازه برباط المقياس تجاه المسجد الحرام، في العشر الأول من الحجة سنة خمس عشرة وتسعمائة. 473 - عبد الرحيم بن علي الرومي: عبد الرحيم بن علي المولى الفاضل عبد الرحيم ابن المولى علاء الدين العربي الرومي الحنفي، لقبه والده ببلك، واشتهر به على علي المولى خطيب زاده، وكان فاضلاً في الفروع والأصول، ذكياً فصيحاً، حسن المحاورة، ودرس ببعض المدارس، ثم بإحدى الثماني، ثم ولي قضاء القسطنطينية، ثم أعيد إلى تدريس إحدى الثماني، ومات وهو مدرس بها سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 474 - عبد الرحيم الأبناسي: عبد الرحيم الأبناسي، الشيخ المشهور المصري، من

مناقبه ما حكاه عنه الشيخ عبد الوهاب الشعراوي، أن السلطان قايتباي أرسل إليه مرسوماً، بعشرة أنصاف مصرية من الجوالي في كل يوم، فانقبض خاطر الشيخ من ذلك، فوضع المرسوم في عمامته، وركب حمارته، وخرج لحاجة فبينما هو تحت بيت إذ سمع امرأة تقول لجارتها: هذا الشيخ هو الذي أخذ جوالي ولدي، فعرف البيت، وأرسل المرسوم إلى قايتباي، وقال: إن كنت تريد البر لي فامسح اسمي، واكتب اسم ولد المتوفي، وما زال يبرم على السلطان حتى كتب العشرة أنصاف لولد تلك المرأة، وهو ولد المتوفي، ثم جاءها بالمرسوم وأعطاها إياه، وقال: ابرئي ذمة عبد الرحيم، وادعي له بالموت على الإسلام، فإني خائف من سوء الخاتمة، فبكت المرأة وبكى الشيخ، ولعله أدرك أوائل هذه الطبقة، رحمه الله تعالى. 475 - عبد الرزاق: عبد الرزاق...... الشيخ الصالح المربي المسلك الشافعي الحموي القادري نسباً وخرقة، توفي بحماة في سنة إحدى وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بالأموي بدمشق يوم الجمعة تاسع ربيع الأول منها. 476 - عبد الرزاق بن أحمد الأريحي: عبد الرزاق بن أحمد بن محمد الشيخ ولي الدين بن زين الدين الشيخ العلامة شمس الدين الأريحي، ولد سنة خمس وأربعين وثمانمائة، وتوفي سنة اثنتين وتسعمائة، رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 477 - عبد الرزاق بن أحمد العجيمي: عبد الرزاق بن أحمد بن أحمد بن محمود بن موسى، المعروف جده أحمد في القدس الشريف بالعجيمي، وجده الأعلى موسى بالتركماني الشيخ الفاضل المقري المجود زين الدين ابن الشيخ الإمام المقرئ، كاتب المصاحف شهاب الدين أحمد المقدسي الأصل، الدمشقي السافعي، ولد في سادس عشر جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، وأخذ القراءات وغيرها عن والده وغيره، وتوفي في سنة تسع وتسعمائة، ودفن بمقبرة المزرعة المعروفة الآن بالجورة بالقرب من ميدان الحصا عند أخيه الشيخ إبراهيم المقدسي. 478 - عبد السلام: عبد السلام، الشيخ الصالح، خادم الشيخ علي أبي تراب، الكائن

بالحرشف بالقاهرة، مات يوم الأحد ثاني شعبان، سنة اثنتي عشرة وتسعمائة بالقاهرة، ودفن بها رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 479 - عبد العال إمام السلطان: عبد العال الشيخ الفاضل الناسك المتقلل زين الدين المصري الحنفي إمام السلطان جان بلاط، وإمام مدرسته بباب النصر، تيسرت له الرئاسة، وعرضت عليه فأبى إلا التقليل والتقنع، قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: كان الشيخ عبد العال رجلاً صالحاً كريماً عفيفاً لا يكاد يمكن أحد أن يفارقه، حتى يقدم له شيئاً يكله قال: ودخلت عليه مرة فلم يجد عنلى طعاماً، فقمم إلي الماء فقال: اشرب ولو يسيراً قال: وربما وجد اللقمة اليابسة فيضعها بين يدي الأمير، ونحوه انتهى. وكانت وفاته في أواخر سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة قال العلائي: وأعقب ولداً فاضلاَ يسمى أمين الدين من أمة حبشية، نشأ على علم، وخير انتهى، وستأتي ترجمة الشيخ أمين الدين بن عبد العال في الطبقة الثانية رحمه الله تعالى. 480 - عبد العال المجذوب: عبد العال المجذوب المصري، كان مكشوف الرأس لا يلبس القميص، وإنما يلبس الإزار صيفاً وشتاءً، وسواكه مربوط في إزاره، وكان محافظاً على الطهارة خاشعاً في صلاته، مطمئناً فيها متألهاً، وكان يحمل إبريقاً عظيماً يسقي به الناس في شوارع مصر، وكان يطوف البلاد والقرى، ثم يرجع إلى مصر، وكان يمدح النبي صلى الله عليه وسلم، فيحصل للناس من إنشاده عبرة ويبكون قال الشعراوي: ولما دنت وفاته دخل إلى الزاوية وقال للفقراء: تدفنوني في أي بلد فقلت: الله أعلم فقال: في قليوب، وكان الأمر كما قال، مات بعد ثلاثة أيام ودفن قريباً من القنطرة، التي في شط قليوب، وبنوا عليه قبة في سنة نيف وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 481 - عبد العزيز السبتسي: عبد العزيز بن عبد اللطيف بن أحمد بن جار بن زائد بن يحيى بن مختار بن سالم ابن الشيخ الصالح المسند المعمر عز الدين السبتسي المكلي الشافعي المعروف كسلفه بابن زائد، ولد في سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة بمكة، وحفظ القرآن العظيم، وسافر مع أبيه في التجارة، إلى الهند واليمن وسواكن وغيرها، وسمع على الشيخ أبي الفتح المراغي جميع البخاري، خلا أبواب، وبعض مسلم وكتباً كثيرة من السنن الأربعة،

وسمع على الشيخ الحافظ تقي الدين بن فهد، ومنه أشياء كثيرة، وعلى القاضي شهاب الدين الزفتاوي المسلسل بالأولية، وجزء أيوب السختياني، والبردة للبوصيري، وغير ذلك وأجاز له جماعة منهم الحافظ بن حجر، وأحمد بن أبي بكر الدماميني، والعز عبد الرحيم ابن الفرات، والسعد الميري، وسارة بنت ... ابن جماعة وغيرهم، وكان موجوداً في سنة عشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 482 - عبد العزيز بن محمد الحرناوي: عبد العزيز بن محمد الشيخ الصالح عز الدين بن ناصر الدين الحرناوي، البغدادي نزيل دمشق، كان من أولياءه تعالى سمع على المحدثين البغداديين، كابن النجار وغيره، وقطن بدمشق وبها توفي ليلة الخميس خامس عشري جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعمائة رحمه الله تعالى. 483 - عبد العزيز بن عمر بن فهد: عبد العزيز بن عمر بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن فهد بن حسن بن محمد بن عبد الله بن سعد بن هاشم بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن القاسم بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن جعفر بن محمد الشهير بابن الحنفية، ابن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنهما - الشيخ الإمام الحافظ، المتقن الرحال المفيد القدوة، عز الدين أبو الخير وأبو فارس ابن العمدة المؤرخ الرحال نجم الدين أبي القاسم، وأبي حفص ابن العلامة الرحلة الحافظ تقي الدين أبي الفضل، ابن أبي النصر ابن أبي الخير المعروف كسلفه بابن فهد، ولد في الثلث الأخير من ليلة السبت سادس عشري شوال سنة خمسين وثمانمائة بمكة المشرفة، وحفظ القرآن العظيم والأربعين النووية، والإرشاد لابن المقري، والألفية لابن مالك، والنخبة لابن حجر، والتحفة الوردية، والجرومية وعرضها جميعها على والده وجده، والثلاثة الأولى على جماعة غيرهما، واستجاز له والده جماعة منهم ابن حجر، وأسمعه على المراغي والزين الأسيوطي، والبرهان الزمزمي، وغيرهم ثم رحل بنفسه إلى المدينة المنورة، ثم إلى الديار المصرية، وسمع بالقدس، وغزة ونابلس ولدمشق وصالحيتها، وحماة وحلب، وغيرها من جماعة واجتهد، وتميز ثم عاد إلى بلده، ثم رجع إلى مصر، بعد نحو أربع سنوات، وذلك في سنة خمس وسبعين وثمانمائة، وقرأ على شيخ الإسلام زكريا والشرف عبد الحق السنباطي، في الإرشاد وعلى السخاوي ألفية الحديث وغيرها، ورجع إلى بلده ثم سافر في موسم السنة التي تليها إلى دمشق، وقرأ بدمشق على

الزين خطاب قطعة من أول الإرشاد، وكذا على المحب البصروي، وكان قد أخذ عنه بمكة أيضاً، وحضر دروس التقوي ابن قاضي عجلون، وسافر منها إلى حلب ثم رجع وسافر إلى القاهرة، ثم عاد إلى بلده، ثم عاد إلى القاهرة أيضاً، ولازم السخاوي، وحضر درس إمام الكاملية والسراج العبادي، ثم عاد إلى بلده، وأقام بها ملازماً للاشتغال، ولازم فيها عالم الحجاز البرهان، ابن ظهيرة في الفقه، والتفسير وأخاه الفخر، والنور الفاكهي في الفقه وأصوله، وأخذ النحو عن أبي الوقت المرشدي، والسيد السمهودي مؤرخ المدينة، والنحو والمنطق على العلامة يحيى العلم المالكي، وبرع في علم الحديث، وتميز فيه بالحجاز مع المشاركة في الفضائل، وعلو الهمة والتخلق بالأخلاق الجميلة، وصنف عدة كتب معجم شيوخه نحو ألف شيخ، وفهرست مروياته، وجزء في المسلسل بالأولية، وكتاب فيه المسلسلات التي وقعت له ورحلة في مجلد، وكتاب في الترغيب والاجتهاد، في الباعث لذوي الهمم العلية على الجهاد، وترتيب طبقات القراء للذهبي، وتاريخ على السنين ابتدأ فيه من سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، وذكر ابن طولون عن والده المحدث جار الله بن فهد أن أباه نظم الحديث المسلسل بالأولية في بيتين ذكر أنه لم ينظم غيرهما وهما: الراحمون لمن في الأرض يرحمهم ... من في السماء كذا عن سيد الرسل فارحم بقلبك خلق الله وارعهم ... به تنال الرضى والعفو عن زلل وذكر ابن طولون أيضاً أنه أجازه مراراً، وسمع منه الحديث المسلسل بالأولية، ثم المسلسل بالمحمدين، ثم المسلسل بحرف العين، وذلك يوم الاثنين سادس في الحجة سنة عشرين وتسعمائة بزيارة دار الندوة رحمه الله تعالى. 484 - عبد العظيم الخانكي: عبد العظيم بن يحيى الخانكي العلامة الشافعي، أخذ عن المسند شهاب الدين أحمد البرقوقي وغيره رحمه الله تعالى. 485 - عبد العزيز الرومي: عبد العزيز بن يوسف بن حسين السيد الشريف الحسني، المولى الفاضل الشهير بعابد جلبي الرومي الحنفي، خال صاحب الشقائق، قرأ على المولى محيي الدين محمد السامسوني، ثم على المولى قطب الدين حفيد قاضي زاده الرومي، ثم المولى أخي جلبي، ثم المولى علي بن يوسف الفناري، ثم المولى معروف زاده معلم السلطان بايزيد خان، ثم صار مدرساً بمدرسة كليبولي، ثم قاضياً ببعض النواحي، ومات بمدينة

كفه قاضياً بها في سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 486 - عبد الغفار الضرير: عبد الغفار الشيخ الإمام العلامة المفنن الشيخ زين الدين المصري الشافعي الضرير. قال الحمصي: مات قتلاً في صلاة الجمعة ببلدة يقال لها: مطبوس، بالقرب من إسكندرية قال: وسبب ذلك أن هذه كانت جارية في إقطاع الأمير طراباي رأس نوبة النوب، وبها رجل متدارك لمالها اسمه أبو عمرو، فوقع بينه وبين أهل البلدة لفسقه وظلمه، فشكوا حالهم إلى للأمير طراباي، فأرسل أخاه للبلد يحرر ذلك، فلما حضر شكا أهل البلدة إليه ظلم أبي عمرو لهم، فضرب أخو طراباي واحداً من أهل البلدة بالدبوس، فرجمه أهل البلدة فأمر بضرب السيف فيهم، فقتل منهم ما يزيد على ثلاثين نفراً فقال الشيخ عبد الغفار: هذا ما يحل فضربت عنقه، وألقي في البحر فساقه البحر إلى قرية تسمى كوم الأفراح بها جمع من الأولياء فدفن بها، كانت له جنازة لم تشهد، وكان قتله - رحمه الله تعالى - في يوم الجمعة سادس عشر المحرم سنة ثلاث عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى. 487 - عبد الفتاح العجمي: عبد الفتاح بن أحمد بن عادل باشا الحنفي العجمي الأصل، ثم أحد موالي الروم كان عالماً فاضلاً محققاً، وله خط حسن، قرأ على جماعة منهم المولى محيي الدين الإسكليبي، والمولى عبد الرحمن بن المؤيد، ثم صار مدرساً بمدرسة المولى يكان ببروسا، ثم بمدرسة أحمد باشا بن ولي الدين بها، ثم بمدرسة إبراهيم باشا بالقسطنطينية، ومات وهو مدرس بها سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 488 - عبد القادر بن محمد الحيسوب: عبد القادر بن محمد بن منصور بن جماعة الشيخ العالم الفرضي الحيسوب زين الدين الصفدي، ثم الدمشقي الشافعي المعروف في صفد بابن المصري، وفي دمشق ببواب الشامية البرانية لأنه نزلها حين دخل دمشق، وكان بواباً بها سنين عديدة، ثم سكن السميصاتية مدة، ولد بصفد سنة أربع وثلاثين وثمانمائة، وأخذ عن الشيخ شمس الدين بن حامد الصفحي، والشيخ شمس الدين البلاطنسي، والشيخ بدر الدين ابن قاضي شهبة، والشيخ زين الدين خطاب، والشيخ نجم الدين ابن قاضي عجلون، والشيخ شمس الدين الشرواني وغيرهم، وكان له يد طولى في علم الحساب وقلم الغبار، بحيث لم يكن له بدمشق نظير في ذلك، وكان نحيف البدن ضعيف البصر له شراسة في خلقه، وكان يتعاطى شراء الكتب الحسان، وانتفع به جماعة، ولما توفي شيخه ابن حامد أخذ عنه نظر

المدرسة الصارمية داخل بابي النصر والجابية، وتدريسها، وسكن بها، وانقطع عن الناس وبها توفي سادس عشر ذي الحجة سنة ثلاث وتسعمائة، وصلي عليه بالأموي، ودفن بمقبرة الفراديس رحم (هـ الله تعالى. 489 - عبد القادر بن محمد الرجيحي الحنبلي: عبد القادر بن محمد بن عمر بن عيسى بن سابق بن هلال بن يونس بن يوسف بن جابر بن إبراهيم بن مساعد الشيخ الورع المسلك محيي الدين بن أبي المواهب الشيخ العارف بالله تعالى شمس الدين الشيباني المزي، ثم الصالحي الحنبلي، عرف بابن الرجيحي، وجده الأعلى الشيخ يونس، هو الشيخ العارف بالله تعالى شيخ الطائفة اليونسية ذكر ترجمته ابن خلكان وغيره، ولد صاحب الترجمة في ثاني عشر ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وحفظ القرآن العظيم، والخرقي واشتغل في العلم، ثم تصوف ولبس الخرقة من جماعة منهم والده والعلامة أبو العزم المقدسي نزيل القاهرة والشيخ أبو الفتح الإسكندري، ولازمه كثيراً، واتفع به، وأخذ عنه الحديث، وقرأ عليه الترغيب والترهيب للمنذري كاملاً، وقرأ عليه غير ذلك، وسمع منه وعليه أشياء كثيرة وناب في الحكم عن قاضي القضاة نجم الدين عمر بن مفلح، وكانت سيرته حسنة، وسكن آخراً بالصالحية بالسهم الأعلى، وبنى بها زاوية وحماماً وسكناً، وتوفي في ليلة الخميس رابع عشر المحرم سنة عشر وتسعمائة، ودفن بسفح قاسيون عند صفة الدعاء رحمه الله تعالى. 490 - عبد القادر بن محمد الأبار: عبد القادر بن محمد بن عثمان بن علي، الشيخ العلامة محيي الدين ابن الشيخ الفقيه المفتي شمس الدين المارديني الأصل، الحلبي المولد والمنشأ والدار، الشافعي، الشهير بالأبار، هو وأبوه لأنه كان يصنع الإبر بحانوت كائنة له، ثم اشتغل في العلم، ورحل في طلبه، وكان ممن أخذ عنه الحديث وغيره الشمس السخاوي، وكتب له إجازة حافلة مؤرخة في أوائل جمادى الآخرة سنة تسع وثمانين وثمانمائة، وسمع منه المسلسل بالأولية وغيره، وممن أخذ عنه الفقه وغيره الشيخ العلامة شمس الدين محمد بن عبد المنعم الجوجري المصري، سمع عليه معظم التنبيه، وأجازه به وبغيره، وأذن له بالإفتاء والتدريس بعد أن أثنى عليه كثيراً، وأنشده لنفسه ملمحاً مضمناً: كانت مسائلة الركبان تخبرنا ... عن علمكم ثم عنكم أحسن الخبر

ثم التقينا، وشاهدت العجائب من ... عزيزعلم حمته دقة النظر فقلت حينئذ: والله ما سمعت ... أذناي أحسن مما قد رأى بصري وبالجملة فقد اجتهد صاحب الترجمة - رحمه الله تعالى - على طلب العلم، وأكب على خصيله حتى صار فقيه حلب ومفتيها، وأخذ عنه فضلاؤها كالبرهان العمادي، والزين بن الشماع، وكان مع براعته في الفقه، حسن العبارة، شديد التحري في الطهارة، طارح التكلف، ظاهر التقشف، حسن المحادثة، حلو المذاكرة، اتفق أكثر الخواص والعوام على محبته والثناء عليه، وكانت علامة القبول والصدق ظاهرة في أقواله وأفعاله وحكي عنه أنه حضر عقد مجلس صار بدار العدل بحلب، فجلس بعض الجهلة في مكان أرفع من مكانه، فلامه بعض الأكابر على ذلك، وقال له: لم تركته يجلس فوقك؟ فقال: والله يا أخي لو جلس فوقي لرضني رضا. قلت: واتفق نظير ذلك للشيخ الزاهد العلامة شهاب الدين الطيبي الدمشقي، حضر مجلساً، فجلس من هو دونه مرتفعاً عليه في المجلس، فقيل له: يا مولانا لم مكنته من الجلوس فوقك؟ قال: إنه لم يجلس فوقي، ولكن جلس إلى جنبي. قال ابن الحنبلي: وكان يعني الأبار. يقول: كما أخبرني عنه بعض أحفاده نحن من بيت بماردين مشهور ببيت رسول. قال: وجدنا الشيخ أرسلان الدمشقي غير أني لا أحب بيان ذلك خوفاً من أن أنسب إلى تحميل نسبي على الغير، وأن يقدح في بذلك. انتهى. قلت: لكن المشهور أن الشيخ أرسلان الدمشقي لم يعقب كما أجاب بذلك الشيخ الحافظ العلامة برهان الدين الناجي حين سئل عن ذلك، وألف في ذلك مؤلفاً لطيفاً، وكانت وفاة صاحب الترجمة في ذي القعدة سنة أربع عشرة وتسعمائة بحلب، وتحرير وفاته كما في تاريخ الحمصي يوم الثلاثاء خامس عشر شهر ذي القعدة المذكورة رحمه الله تعالى رحمةً واسعة. 491 - عبد القادر بن محمد بن حبيب: عبد القادر بن محمد بن عمر بن حبيب الشيخ العالم الزاهد العارف بالله تعالى الصفدي الشافعي صاحب التائية المشهورة، أخذ العلم والطريق عن الشيخ العلامة الصالح شهاب الدين بن أرسلان الرملي صاحب الصفوة وعن غيره، وكان خامل الذكر بمدينة صفد، مجهول القدر عند أهلها لا يعرفون محله من العلم والمعرفة، وكان يقرىء الأطفال، ويباشر وظيفة الأذان حتى لقيه سيدي علي بن ميمون، فسمع شيئاً من كلامه، فشهد له ذوقه بأنه من أكابر العارفين، وأعيان المحبين، فهناك نشر ذكره

وعرف الناس قدره، كما ذكر ذلك الشيخ علوان الحموي في أول شرح تائية ابن حبيب. قلت: وحدثني بعض الصالحين الثقات أن السيد علي بن ميمون كان سبب رحلته من الغرب طلب لقي جماعة أمره بعض رجال المغرب بلقيهم، منهم ابن حبيب، وقال: إنه في بلدة من بلاد لشام بين جبال وآكام، فلما دخل ابن ميمون البلدان الشامية تطلب ابن حبيب في قرايا البقاع، ووادي التيم، وما والاهما حتى دخل قرية دربل، فوجدهما قريباً مما وصف له به بلدة بن حبيب، فلما دخل ابن ميمون دربل أحس به ابن حبيب وهو بصفد، وهنا لا يبعد على أولياء الله تعالى، فنظروا إلى ابن حبيب ذات يوم، وهو يحلق سبابة يده اليمنى في كف يده اليسرى، وهو يقول عند كل تحليقة: در دربل در درربل حتى حلق أربعين تحليقة، فكان ابن ميمون إذا أصبح كل يوم دار نواحي دربل يتصفح وجوه أهلها، ولا بغيته فيهم حتى دارها أربعين يوماً بعدد تحليقات ابن حبيب، ثم خرج ابن ميمون من دربل، وسافر حتى دخل بلدة صفد، فتنشق أنفاس ابن حبيب، فدخل عليه المكتب، فقعد ناحية، فأضافه الشيخ عبد القادر بن حبيب وأكرمه، ثم لما أطلق الأولاد قال لابن ميمون: يا رجل إني أريد أن أغلق باب المكتب، فنظر إليه سيدي علي بن ميمون أعبد القادر أما كفاك ما أتعبتني أربعين يوماً بقولك در دربل در دربل حتى تطردني الآن؟ فقال له ابن حبيب: يا أخي إذا كان كذلك فاسترني. قال: بل والله لأفضحنك وأشهرنك، فما زال سيدي علي بن ميمون - قدس الله سره - بابن حبيب حتى أشهره، وعرف الناس بمقداره حتى رمقوه بالأبصار، وشدت لزيارته الرحال من الأقطار، قال الشيخ علوان - رحمه الله تعالى -: هذا وهو متسبب بأسباب الخمول، متلبس بأمور لا تسلمها علماء النقول، ولا تسعها منهم العقول، إذا كان ممن أقيم في السماع، وكشف القناع، والضرب ببعض الآلات، والبسط والخلاعات، ثم اعتذر - رضي الله تعالى عنه - عن ضربه بالآلات بما هو مذكور في شرح التائية. وبالجملة، فكان ابن حبيب - رضي الله تعالى عنه - متستراً بالخلاعة والنفخ في المواصيل، والضرب على الدف على الإيقاع حيثما كان في الأسواق والمحافل كل ذلك لأجل التستر، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، ويظهر أمره حتى رسخ في النفوس أنه من كمل العارفين، وكان حيثما سمع الأذان وقف وأذن، وكان ربما مشى بدبوس إمام نائب صفد، وكان لا يمكن أحداً من تقبيل يده، وإنما يبادي للمصافحة، ويطوف على أهل السوق فيصافحهم في حوانيتهم واحداً واحداً، وكان يداعب الناس سمع قائلاً يقول الله تعالى: كريم. فقال: ليس كريم، فتعجب منه، فقال: ليس كريم أي لا يشبه ريماً، وهو الظبي ولا غيره لأنه ليس كمثله شيء. وقال مرة: عمري كذا كذا ألف سنة - بكسر

السين - فأنكر عليه. فقال: أردت بالسنة النعاس، وكل ذلك تستراً وتمويهاً. ولا يزداد الناس فيه إلا اعتقاداً، وكان يقول: يأتوني فيقولون: سلكنا وغزلهم معرقل، وكان يقول: لو جاءني صادق لطبخته في يومين، وكان في بداءته يثور به الغرام، وتسري فيه المحبة والشوق حتى يفيض على رأسه الماء من إناء كبير، فلا يصل إلى سرته من شدة الحرارة الكائنة في بدنه، وكان ينفرد الأيام والليالي في البراري والصحاري حتى فجأته العناية، ووافته الهداية، وجاءته الفيوض العرفانية، والمواهب الربانية، وكان لا يتكلم في رمضان إلا بإشارة خوفاً من النطق بما لا يعني، وكان لا يقبل هدايا الأمراء، ولا يشير إلى مسلم بيده اليسرى وكان إذا جاءته رسالة من إخوانه لا يأخذها إلا متوضئاً. وقال مرة لبعض أصحابه: تقدم فامش أمامي، ثم أخبره عن سبب ذلك أنه كان معه كتاب فيه بسم الله الرحمن الرحيم، ففعل ذلك تعظيماً لاسم الله تعالى، وكان مبتلي بأمراض وعلل خطيرة حتى عمت سائر جسده، وربما طرحته في الفراش وهو على وظائفه ومجاهداته، وكان يعاقب نفسه إذا اشتهت شيئاً بإحضار الشهوة، ومنعها إياها أياماً، وكان يعتقد ابن العربي اعتقاداً زائداً، ويؤول كلامه تأويلاً حسناً، وبعث إليه سيدي علي بن ميمون مرة يستأذنه في الزيارة، فبعث إليه يقول: إن مشكاح الأسواق لا يزار، ثم سافر ابن حبيب إلى دمشق، وكان سيدي علي بالبترون، فحضر إلى دمشق، ونزل بمكانه بالصالحية، وكان ابن حبيب نازلاً عند الشيخ عبد النبي المالكي بدمشق، ولم يجتمعا بالأشباح في هذه المرة، ولما بلغه أن سيدي علي يذكره في مجلس التربية بين الفقراء أنشدها ضمناً لنفسه: الفراش وهو على وظائفه ومجاهداته، وكان يعاقب نفسه إذا اشتهت شيئاً بإحضار الشهوة، ومنعها إياها أياماً، وكان يعتقد ابن العربي اعتقاداً زائداً، ويؤول كلامه تأويلاً حسناً، وبعث إليه سيدي علي بن ميمون مرة يستأذنه في الزيارة، فبعث إليه يقول: إن مشكاح الأسواق لا يزار، ثم سافر ابن حبيب إلى دمشق، وكان سيدي علي بالبترون، فحضر إلى دمشق، ونزل بمكانه بالصالحية، وكان ابن حبيب نازلاً عند الشيخ عبد النبي المالكي بدمشق، ولم يجتمعا بالأشباح في هذه المرة، ولما بلغه أن سيدي علي يذكره في مجلس التربية بين الفقراء أنشدها ضمناً لنفسه: ولقد سما الكلب الحقير إلى السهى ... لما تلفظت الأسود بذكره وكان له شعر ضمنه من دقائق المعاني السنية، ما يشهد لأهل الأذواق أنه كان من أهل الهمم العلية، والأسرار الربانية، وإن كان في بعض تراكيبه ما لا يسلمه علماء العربية من التائية التي ذيل بها على أبيات الشافعي - رضي الله تعالى عنه - الذي أولها: لما عفوت، ولم أحقد على أحد ... أرحت نفسي من حمل المشقات وقد تلقاها الناس بالقبول، وجرت أبياتها على الألسنة، وانقادت لمعانيها العقول، حتى شرحها الشيخ العالم العارف بالله تعالى سيدي علوان الحموي - رضي الله تعالى عنه - شرحاً حافلاً، وحل ألفاظها حلاً باستقصاء مراداتها كافلاً، واعتذر عن بعض ما وقع فيها من مخالفة الوزن أو ركاكة التركيب، وأتى فيها بكل معنى لطيف وغريب، وقد اتفق لناظمها - رضي الله تعالى عنه - واقعة رأى فيها روحانية النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقظان، وعرضها فيها عليه، وأصلح له

بعض أبياتها، وتلقاها بالقبول والاستحسان، ووقوع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة قد تتفق لبعض الأولياء من قبيل الكرامة، وخرق العادة، وقد تقدم نظير ذلك في ترجمة الشيخ جلال الدين السيوطي - رحمه الله تعالى - وبلغه الحسنى وزيادة، ومن أحاسن تائية ابن حبيب رضي الله تعالى عنه: يا صاح كم ذا التواني والتلاهي وكم ... تسوف العمر ولى في المحالات الحق يدعوك في الإسحار، فاسع وقم ... وافتح فؤادك، وانشق طيب نفحات واستحل واستجل أبكار المعاني وطب ... وناج ربك في ترتيل آيات وأحسن الظن فيه، واستعن به ... فاستغن والجأ إليه في الأمورات واغرس بقلبك أشجار الوداد له ... واخليه من شوك سعدان الخليقات وصالح الله وأصلح ما تريد كما ... تطيع مولاك تلقى منه طاعات لم يعلم المدبرون الشوق منه لهم ... لفطروا كيف في أهل المحبات إن يمش قاصده يأتيه هرولة ... لبدك اللازم انهض كم إضاعات دع الزمان وأهليه ونفسك لا ... تذهب عليهم أخا العرفان حسرات كالوقت من كان معه كيف حل ومن ... أضحى مع الله لا يلهو بأوقات طوبى لمن فاق كأساً من محبته ... ودام حتى حظي منه بكاسات من قام بالنفس لم يثبت وقد ثبتا ... من قام في الله في أهنى هنيئات خوف المحب، وفسق العارفين كذا ... كذب المريد فساد في الطريقات حدثنا الشيخ العلامة عبد الحي الحمصي الحنفي مد الله ظله، وكان قد استطال عليه بعض من لا يدانيه، وأفحش في تحريه عليه وتعديه، واستنصر في أخذ حقه فلم يجد نصيراً، ونام تلك الليلة مقهوراً، قال: فبينما أنا نائم إذ رأيت في فلاة من الأرض، واسعة الطول والعرض، شيخاً مهيباً عليه الوقار، وهو مرتد بأردية الافتقار، قال: فسألت من هذا الرجل المهيب؟ فقيل لي: إنه الشيخ عبد القادر بن حبيب، قال: فتقدمت إليه، وقبلت يحيه، فقال لي: كيف قلنا في التائية؟ فقلت له: يا سيدي لا أدري ما تريد من أبياتها المرضية، فقال: أما قلت فيها: إن لم تجد منصفاً للحق دعه إلى ... مولى الموالي ومساك السموات ومن شعر ابن حبيب - رضي الله تعالى عنه - من قصيدة ذكر منها الشيخ علوان في شرح التائية أبياتاً عديدة:

أنا الضيغم الضرغام صمصام عزمها ... على كل صب في الغرام مصمم وما سدت حتى ذقت ما الموت دونه ... كذا حسن عشقي في الأنام يترجم وكانت وفاته - رضي الله تعالى عنه - بصفد يوم الأحد عاشر جمادى الأولى سنة خمس عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى. 492 - عبد القادر بن محمد بن جبريل: عبد القادر بن محمد بن جبريل بن موسى بن أبي الفرج، الشيخ الإمام العلامة محيي الدين المقرئ الشافعي، الشهير بجده جبريل، وهو والد قاضي قضاة المالكية بدمشق خير الدين. ولد في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وكان مفتياً على مذهب الشافعي بغزة، وتوفي بها ليلة الجمعة تاسع عشر شوال سنة سبع عشرة وتسعمائة، ودفن بمقبرة ساقية العواميد، وصلي عليه غائبة بالجامع الأموي بدمشق عقب صلاة الجمعة سادس عشر شوال السنة المذكورة رحمه الله تعالى. 493 - عبد القادر بن محمد الدشطوطي: عبد القادر بن محمد، الشيخ الصالح المعمر المعتقد المجرد، العفيف العارف بالله تعالى، المقبول الشفاعة في الدولتين الجراكسية والعثمانية الشيخ زين الدين ابن الشيخ بدر الدين المشطوطي كذا ضبطه العلائي، وضبطه السخاوي في الضوء اللامع - بطاءات مهملة وشين معجمة - كما هو جار على الألسنة قال: وربما جعلت الشين جيماً، ولكن صوابه الدشطوخي - بدال مهملة مكسورة وشين معجمة ساكنة وبعدها طاء مهملة مفتوحة وبعد الواو خاء معجمة - نسبة إلى دشطوخ، وهي قرية من قرى الصعيد. قال السخاوي: كان متقشفاً يحب سماع القرآن، وكلام الصوفية، انتشر اعتقاده بين المصريين من سنة سبع وثمانين فما بعدها، وكانوا يشاهدون منه كرامات وأحوالاً. قال الشيخ زين الدين الشماع الحلبي: وكان من أكابر أرباب الأحوال. قلت: ذكره شيخ الإسلام الجد فيمن اصطحب معهم من أولياء الله تعالى، وجمع به ولده شيخ الإسلام الوالد، وكان يأمره بالذهاب إليه والتبرك به حين كان بمصر من سنة سبع عشرة إلى سنة إحدى وعشرين، وترجمه الشيخ الوالد بالقطبية في أماكن متعددة، وترجمه الحافظ جلال الدين بالولاية، وألف بسببه تأليفاً في تطور الولي ذكر في أوله أن سبب تأليفه أن رجلين من أصحاب الشيخ عبد القادر المذكور حلف كل واحد منهما أن الشيخ عبد القادر بات عنده ليلة كذا، فرفع إليه سؤال في

حكم المسألة قال: فأرسلت إلى الشيخ عبد القادر، وذكرت له القصة، فقال: لو قال أربعة إني بت عندهم لصدقوا. قال السيوطي: فأجبت بأنه لا يحنث واحد منهما، ثم حمل ذلك على تطور الولي، وهو جزء لطيف حافل نقل فيه كلام فحول العلماء كابن السبكي، والقونوي، وابن أبي المنصور، وعبد الغفار القوصي، واليافعي - رضي الله تعالى عنهم - وقال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: دخلت مرة على سيدي عبد القادر، فقال: يا ولدي كل من قال سعادته بيده كذب، وفي لفظ آخر، من قال: إن سعادته بغير يد الله فقد كذب، وأذكر لك بمداءة أمري كنت في دشطوط لا أهجع من السعي في الدنيا، وأنا راكب على ظهر الفرس من الغيط إلى السواقي إلى بلدة كذا، وكان يضرب بي في المثل في الجهد في الدنيا فبينا أنا راكب فرسي يوماً، وأنا ذاهب إلى الغيط، فحصل لي جاذب إلهي، فصرت أغيب عن إحساسي اليومين والثلاثة، ثم أفيق فأجد الناس حولي، وأنا في بلد آخر غير بلدي، ثم أغيب حتى صرت أغيب من الجمعة إلى الجمعة، ثم من الشهر إلى الشهر لا آكل ولا أشرب، فأفقت يوماً، فقلت: اللهم إن كان هذا وارد حق منك، فاقطع علائقي من الدنيا. قال: فرجعت إلى ولدي بعد تسعة أشهر، فوجدت الأولاد وأمهاتهم والبهائم حتى كلاب الدار قد ماتوا، فقلت للناس: هل وقع فصل في البلد؟ فقالوا: لا إنما وقع ذلك في دارك فقط. فقلت: إنه وارد حق، فأخذت فى السياحة إلى يومي هذا ليس لي علاقة من الدنيا سوى هاتين الجبتين اللتين علي هذه حكايته بلفظه، وكان الشيخ عبد القادر مشهور الولاية، ظاهر الأحوال بين الناس، مقبولاً عند الخاص منهم والعام، مسموع الكلمة عند السلطان، فمن عونه مقبول الشفاعة، وكان قال له: صاحب مصر، وكان السلطان قايتباي إذأ رآه يمرغ خديه على قدميه، وعمر عدة جوامع بمصر وقراها، ووقف الناس عليها الأوقاف الكثيرة، وكان المتولي لعمارة جامعه بمصر وزاويته بها الشيخ جلال الدين البكري، وهو والد الشيخ أبي الحسن البكري، وكان الشيخ جلال الدين أولاً من قضاة مصر والمباشرين بها، فلما تواضع لله تعالى وخدم الشيخ عبد القادر رفعه الله تعالى، وأقبل الشيخ عبد القادر على ولده سيدي الشيخ أبي الحسن، وكان يومئذ يشتغل في علوم الظاهر فاضلاً فيها، فأمره والده بخدمة عبد القادر واعتقاده، فبعثه الشيخ عبد القادر إلى الشيخ رضي الدين جدي، وكان يومئذ نازلاً بمصر، فلا زال عند الشيخ رضي الدين ملازماً له في منزله في غالب أوقاته ليلاً ونهاراً حتى فتح الله تعالى عليه بحقائق المعرفة، ولطائف الإشارات، فقال له الشيخ رضي الدين: يا أبا الحسن ما بقيت مصر تسع لنا ولك، وسافر الشيخ رضي الدين من مصر إلى دمشق في سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، ثم صارت الشهرة العظيمة لأولاد البكري من يومئذ إلى يومنا هنا، وكان ذلك كله ببركة الشيخ عبد القادر الدشطوطي - رضي الله تعالى عنه - وكان - رضي الله تعالى عنه - صاحياً، وهيئته هيئة المجاذيب، حافياً، مكشوف الرأس، عليه جبة حمراء تارة وتارة جبتان، وكان بعد أن أضر بصره لبس واحدة، وتعمم بالأخرى، وكان له كلام

عال على لسان أهل المعرفة حتى استشهد بكلامه سيدي الشيخ علوان الحموي في رسالة كتبها إلى صاحبه الزيني عمر بن الشماع محدث حلب، وضمنها موعظة أمره فيها بالخروج من عطن الكون المقيد إلى الوجود المطلق، وأنشد فيها قول بعض العارفين: وكل قبيح إن نسيت لحسنه ... إليك معاني الحسن فيه تدافع وقول الآخر: ويقبح من سواك الفعل عندي ... فتفعله ويحسن منك ذاكا ثم قال الشيخ علوان: ولقد بلغني عن الدشطوطي المصري - رحمه الله تعالى - أنه قال له شخص شاكياً من آخر: يا سيدي ذا وحش قوي، فأجابه الشيخ يا ذا حط من حسنك على وحاشته يبقى مليحاً، وذكر الشعراوي أنه أول ما اجتمع به في رمضان سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، وهو دون البلوغ أوصاه بوصايا، وقال له: أنا أعرف أن عقلك الآن ما يحمل هذا الكلام، ولكن هات الموأة والقلم واكتبها. قال: فأتيته بالدواة، فكتبها، وقال: احفظ هذه الوصية حتى تكبر وتعرف معناها وتمكلو لمن علمك إياها. أوصيك بعدم الإلتفات إلى غير الله عز وجل في شيء من أمورك في الدنيا والآخرة، فإن جميع الأمور لا تبرز إلا بأمره، فارجع في الأمور إلى من قدرها يقول الله عز وجل في بعض كتبه المنزلة: يا عبدي لو سقت إليك ذخائر الكونين، فنظرت إليها بقلبك طرفة عين فأنت مشغول عنا لا بنا وذكر أن البحر توقف يوماً، ثم هبط أيام الوفاء نحو ثلاثة أذرع، فجاء الناس إليه، فذهب إلى شاطي النيل، فخاض فيه، وقال اطلع بأذن الله تعالى، فطلع البحر، وأوفى ذلك الوقت، وكاد الناس أن يتقاتلوا عليه يتبركون به. قال: واتفق الناس أنه ما رؤي قط في معدية في البحر لا في الجيزة، ولا في ينبوبة إنما كانوا يرونه في هذا البر. وهذا البر، وحج مرة ماشياً حافياً طاوياً، فلما وصل إلى باب السلام بحرم مكة انطرح بخده على العتبة ثلاثة أيام حتى أفاق، ثم دخل للطواف والسعي، ولما زار النبي صلى الله عليه وسلم وضع خده على باب السلام بحرم المدينة مستغرقاً إلى أن رجع الحجاج، ولم يدخل المسجد. قال الشعراوي: وأخبرني الأمير يوسف بن أبي إصبع أن السلطان قايتباي لما سافر لنواحي بحر الفرات استأذن سيدي عبد القادر، فأذن له قال: فلما سافر مع السلطان كنا نجده ماشياً قدام السلطان في البرية، وبيننا وبينه نحو عشرة أذرع، فإذا نزلنا نسلم عليه اختفى. قال: فلما نزلنا حلب وجدنا زحمة على باب زاوية: فقلنا: ما هذا فقالوا سيدي عبد القادر الدشطوطي له هنا خمسة أشهر ضعيف في هذه الزاوية فقلنا نحن فارقناه في مصر من نحو خمسة وعشرين يوماً. قال: وكنا نراه أمامنا في الطريق، فدخلنا فوجدناه ضعيفاً كما قالوا: فتحيرنا في أمره.

وذكر ابن الحنبلي في تاريخه أن سيدي عبد القادر دخل حلب سنة تسعين وثمانمائة، وقد كان عسكر قايتباي ببلاد الروم نازلاً على أدنة، فأقام الشيخ عبد القادر بحلب أياماً، ثم لم يوجد، فلما عاد عسكر قايتباي منصوراً اخبرا أنهم وجدوه يوم انتصروا، وكان يوم نصرهم قريباً من يوم فقده بحلب، ومن وقائعه أنه يبيت كثيراًعند رجل نصراني في باب البحر، فيلومه الناس على ذلك، فيقول لهم الشيخ عبد القادر: هذا مسلم فأسلم ببركة الشيخ، وحسن إسلامه، وكراماته ومناقبه كثيرة مشهورة غير محصورة - رضي الله تعالى عنه - ووقع في طبقات الشعراوي الكبرى والصغرى أن سيدي عبد القادر قد مات في نيف وثلاثين وتسعمائة، وهذا تقريب منه على عادته في طبقاته - رضي الله تعالى عنه - ولكنه أبعد هنا، فإني حررت وفاة الشيخ عبد القادر من تاريخ العلائي، والحمصي، وابن طولون أنها كانت في سنة أربع وعشرين وتسعمائة، وحرر العلائي وفاته يوم الاثنين تاسع شعبان منها قال: ولما بلغ وفاته الأمراء - يعني خاير بك المظفري - اغتم لذلك، ونزل من القلعة هو، والأمراء، وقضاة القضاة، والمباشرون. وأركان الدولة، وأرباب الولايات، ومن لا يحصى، فحضروا جنازته ولما دنت وفاته، رضي الله تعالى عنه - أكثر من البكاء والتضرع، وكان يقول للشيخ جلال الدين البكري وهو يعمر في زاويته التي دفن فيها خارج باب الشعرية بمصر: عجلوا بعمارة القبة، فإن الوقت قد قرب، فلما مات كان بقي عليهم في بنائها يوم، وكملت، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثاني عشر رمضان سنة أربع وعشرين المذكورة. كما ذكره الحمصي. وقال ابن طولون: صلي عليه غائبة في اليوم المذكور، وعلى شيخ الصالحية عبد الرحمن بن جماعة المقدسي رحمهما الله تعالى. 494 - عبد القادر بن محمد النعيمي: عبد القادر بن محمد بن عمر بن محمد بن يوسف بن عبد الله بن نعيم - بضم النون - الشيخ العلامة الرحلة مؤرخ دمشق، وأحد محدثيها الأعلام أبو المفاخر محيي الدين النعيمي الدمشقي الشافعي. أحد نواب القضاة الشافعية بدمشق المحمية، ولد يوم الجمعة ثاني عشر شوال سنة خمس وأربعين وثمانمائة، ولازم الشيخ إبراهيم الناجي، والشيخ العلامة زين الدين عبد الرحمن ابن الشيخ الصالح العابد خليل، وبه اشتهر ابن سلامة بن أحمد القابوني، والشيخ العلامة مفتي المسلمين شمس الدين محمد بن عبد الرزاق الأريحي الأشعري الشافعي، والشيخ العلامة زين الدين خطاب الغزاوي،

والشيخ الفقيه العلامة مفلح بن عبد الله الحبشي المصري، ثم الدمشقي. ولبس منه خرقة التصوف، وأخذ عن الشيخ العلامة شيخ الإسلام، ومن أشياخه بدر الدين ابن قاضي شبهة الأسدي، وأخذ عن الشيخ العلامة شهاب الدين أحمد بن قرا، وقرأ على البرهان البقاعي مصنفه المسمى " بالأيذان " وأجاز له به وبما يجوز له، وعنه روايته، وشيوخه كثيرة ذكرهم في تواريخه، وألف كتباً كثيرة منها الدارس، في تواريخ المدارس، ومنها " تذكرة الأخوان، في حوادث الزمان "، ومنها " القول البين المحكم، في بيان إهداء القرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم "، ومنها كتاب " تحفة البررة، في الأحاديث المعتبرة "، ومنها " إفادة النقل، في الكلام على العقل "، وله غير ذلك من المؤلفات، وكانت وفاته كما رأيته بخط ولده المحيوي يحيى وقت الغداء يوم الخميس رابع شهر جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وتسعمائة، ودفن بالحمرية رحمه الله تعالى. 495 - عبد القادر بن محمد الكيلاني: عبد القادربن محمدبن عبد القادر بن محمد بن يحيى بن محمد بن نصر بن عبد الرزاق ابن سيدي الشيخ عبد القادر الكيلاني، السيد الشريف، الحسيب النسيب محيي الدين ابن الشيخ شمس الدين الحموي القادري الشافعي. كان له حشمة ونورانية. قال ابن طولون: وذكر لي الشيخ تقي الدين البلاطنسي أنه لا بأس به في باب الديانة والخير، ونقل بن الحنبلي عن ابن عمه القاضي جلال الدين التادفي: أنه ترجمه في كتابه قلائد الجواهر فقال: كان صالحاً مهيباً، وقوراً، حسن الخلق، كريم النفس، جميل الهيئة، مع كيس وتواضع وبشر، وحلم، وحسن ملتقى، لطيف الطبع، حسن المحاضرة، مزاحاً لا يزال متبسماً، معظماً عند الخاص والعام، له حرمة وافرة، وكلمة نافذة، وهيبة عند الحكام وغيرهم. انتهى. وله واقعة ملخصاً أنه نوزع من بعض بني عمه في تولية، فتعصب عليه رجل من مباشري ديوان الجيش بالقاهرة. يقال له: ابن الإنبايي منسوب إلى ولي الله الشيخ إسماعيل الإنباني، فتوجه الشيخ عبد القادر إلى القاهرة، وأبرم على ابن الإنبابي في قضاء حاجته، فاغلظ له القول، فتوجه وهو منكسر القلب إلى منزله، وكان قد نزل بالزاوية المعروفة يومئذ بالقادرية بالقاهرة، فتوجه تلك الليلة إلى جده وسميه الشيخ عبد القادر الكيلاني، واستنهضه في قصته فإذا ابن الإنبائي يطرق عليه الباب، فلم يفتح له إلا بعد مراجعة، فلما فتح له بادر إلى تقبيل قدميه، ووعده بقضاء حاجته، وأخبره أنه رأى في منامه جديهما الشيخ عبد القادر الجيلي

والشيخ إسماعيل الإنبائي، فاغلظ الشيخ عبد القادر عليه وأوعده بالقتل لولا ما شفع جده الشيخ إسماعيل، وإن جده الشيخ إسماعيل قال له: قدم واقتل هذه الحية التي تحت وسادتك. وأنه استيقظ مرعوباً مذعوراً، ورفع الوسادة فإذا الحية تحتها. قال: فقتلتها وجئت من ساعتي، ثم إن ابن الإنبائي قضى حاجته، واهتم بشأنه، وأخرج له ولبعض أحبائه من الحمويين في يوم واحد أربعة وعشرين مربعاً، ولم يتفق اجتماع مثل ذلك في الدولة الغورية لأحد في يوم واحد مع وجود داء كان في عين الغوري يمنعه من الكتابة على مثل هذا القدر من المربعات، ولم يكن ملوك الجراكسة يوقعون إلا بأيديهم، وتوفي صاحب الترجمة بحماة سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بدمشق بالأموي يوم الجمعة بعد صلاتها ثاني عش جمادى الآخرة من السنة المذكورة، وكان أكبر من يوجد من ذرية الشيخ عبد القادر الكيلاني - رضي الله تعالى عنه - كما قال ابن طولون رحمه الله تعالى. 496 - عبد القادر بن أحمد بن يونس: عبد القادر بن أحمد بن عمر بن محمد بن إبراهيم قاضي القضاة الحنفية بدمشق أبو المفاخر محيي الدين النابلسي، ثم الدمشقي الحنفي، المعروف بابن يونس. ولد في الحجة سنة خمس وخمسين وثمانمائة، وقرأ القرآن العظيم، ومجمع. البحرين لابن الساعاتي وغير ذلك، واشتغل وحصل وأفتى ودرس بالقصاعية، وتولى القضاء بحلب ثم بدمشق سنين إلى أن عزل عنه في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وتوفي في يوم الخميس ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاثين وتسعمائة، ودفن بباب الصغير عند ضريح سيدنا بلال - رضي الله تعالى عنه - رحمه الله تعالى. 497 - عبد القادر الصاني: عبد القادر أبو عبيد بن حسن ابن الشيخ الإمام العلامة الفقيه الثبت النبيه أبو عبد الله جمال الدين الصاني - بصاد مهملة ونون - نسبة إلى صانية قرية من الصونة داخل الشرقية من أعمال مصر القاهرة الشافعي. قال العلائي: سمع على الملتوتي وابن حصن وغيرهما، وأخذ عن القاضي زكريا، وكان رجلاً معتبراً وجيهاً وثاباً في المهمات، حتى أن قيام دولة القاضي زكريا وصمدته كانت منه، وكان قوي البدن ملازماً للتدريس والإقراء والإفتاء. انتهى. وقرأت بخط بعضهم أن من مشايخه الشهاب الحجازي الأديب المحدث قال الشعراوي:

وكان قوالاً بالمعروف، ناهياً عن المنكر يواجه بذلك الملوك فمن دونهم حتى أداه ذلك إلى الحبس الضيق، وهو مصمم على الحق. انتهى. وقد نقلنا عنه فائدة في ترجمة القاضي زكريا في ابن العربي وابن الفارض نقلها عن الشمس السفيري حين كان بحلب في صحبة الغوري في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وممن أخذ عنه الشيخ نجم الدين الغيطي، وسمع عليه رسالة الشافعي - رضي الله تعالى عنه - وقطعة من مسند الطيالسي نجم الدين الغيطي، وسمع عليه رسالة الشافعي - رضي الله تعالى عنه - وقطعة مسند الطيالسى مجتمعاً مع البدر المشهدي، وكانت وفاته ليلة الأحد تاسع شوال سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 498 - عبد القادر بن علي بن النوار: عبد القادر بن علي بن محمد بن أبي بكر، الشيخ الفاضل، الشهير بابن النوار الفيومي الشافعي المقيم بمشهد زين العابدين بالجامع الأموي بدمشق. ذكره شيخ الإسلام فيمن أخذوا عنه. وقال: كان صافياً صالحاً ملازماً للمشهد يقرئ الأطفال أحياناً، وقرأ علي غالب الغاية، وكثيراً من الرحبية، وجانباً من المنهاج، وجميع العنقود في النحو وغير ذلك، وحضر كثيراًمن دروسي، وأجيز، ومات بالمكان المعروف بالسحر من المشهد سنة تسع وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 499 - عبد القادر بن عبد العزيز بن جماعة: عبد القادر بن عبد العزيز الشيخ الإمام العارف بالله تعالى محيي الدين بن جماعة المقدسي، الشافعي، القادري خطيب الأقصى. أخذ عن والده، وعن العماد بن أبي شريف، وعن العارف بالله تعالى سيدي أبي العون الغزي، وأخذ عنه الشيخ نجم الدين الغيطي حين ورد القاهرة سنة ثلاثين وتسعمائة، وهو والد الشيخ عبد النبي بن جماعة. 500 - عبد القادر الطوخي: عبد القادر الشيخ محيي الدين الطوخي أحد العدول بالقاهرة. مات يوم الأحد تاسع جمادى الأولى سنة اثتتي عشرة وتسعمائة. 501 - عبد القادر بن الفيومي: عبد القادر بن الفيومي، الشيخ الفاضل الكاتب المنفرد الفيومي الأصل، ثم الخانكي. كان دمث الأخلاق، توفي في تاسع ربيع الثاني سنة سبع عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى. 502 - عبد القادر الطرابلسي: عبد القادر قاضي القضاة محيي الدين الطرابلسي قاضيها. توفي بها يوم السبت ثالث المحرم سنة إحدى وعشرين وتسعمائة.

503 - عبد القادر بن النقيب: عبد القادر، الشيخ الإمام العلامة قاضي القضاة محيي الدين المصري القاهري الشافعي، المعروف بابن النقيب. قرأ العلم على جماعة من الأعلام منهم شيخ الإسلام الكمال بن أبي شريف، وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري، وتولى قضاء مصر مرات، وكان لا يصلي الصبح صيفاً ولا شتاءً إلا في الجامع الأزهر يمشي كل يوم من المدرسة الناصرية إليه، وكان متواضعاً، سريع الدمعة، وكان بيده مشيخة الخانقاه الصلاحية وتدريس الظاهرية الجديدة برقوق بين القصرين. كان ماراً بالقصبة ليلة الاثنين حادي عشر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة فرفسه بغل، فانكسر ضلعه أو فخذه، ومات في اليوم الثاني، ودفن في صبيحة الثلاثاء ثاني عشر الشهر المذكور رحمه الله تعالى. 504 - عبد القادر النبراوي الحنبلي: عبد القادر القاضي محيي الدين النبراوي الحنبلي. كان أقدم الحنابلة بمصر، وأعرفهم بصناعة التوريق والقضاء والفقاهة مع سماع له ورواية، وكان أسود اللون، وله مع ذلك تمتع بحسان النساء للطف عشرته ودماثة أخلاقه، وكان يصبغ بالسواد مع كبر سنة، ومات ليلة الأربعاء خامس عشر جمادىالآخرة سنة ثمان وعشرين وتسعمائة عن نيف وتسعين سنة - بتقديم المثناة - رحمه الله تعالى. 505 - عبد القادر المنهاجي: عبد القادر، الشيخ الإمام العلامة المقريء زين الدين المصري الشافعي، المعروف بالمنهاجي نزيل مكة المشرفة. قرأ عليه البرهان العمادي أحاديث من الكتب الستة، وأجازه في العشر الأول من في الحجة سنة خمس عشرة وتسعمائة برباط العباس رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 506 - عبد القادر الشيباني: عبد القادر الشيخ زين الدين الشيباني المكي الحنفي. دخل مصر متوجهاً إلى بلاد الروم لطلب قضاء الحنفية بمكة، ثم رحل من القاهرة في قافلة صحبة الأمير جانم الحمزاوي ليلة الاثنين سادس جمادىالآخرة سنة ثمان وعشرين وتسعمائة فتوفي بأم الحسن. 507 - عبد الكريم بن محمد المباهي: عبد الكريم بن محمد بن يوسف المباهي الأموي الأصل، الدمشقي الشافعي المقريء. كان فاضلاً صالحاً، وهو ممن قرأ على الشيخ الإسلام الوالد، وحضر دروسه كثيراً. توفي في سنة ثمان وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

508 - عبد الكريم بن عبد الله الرومي: عبد الكريم بن عبد الله، العالم الفاضل المولى المشهور الرومي الحنفي. كان هو والوزير محمود باشا، والمولى إياس من مماليك أمير من أمراء السلطان مراد خان الغازي بن عثمان. كان اسمه محمد آغا، وكان عبد الكريم ومحمود عدلاً لإياس على الدابة حين أتى بهم محمد آغا لما طلبوا العلم. كان المولى يقول لهما: تلطفا كما كنت عدلاً لكما على الدابة. فانا الآن عدل لكما في الفضيلة، سيدهم محمد آغا قد نصب لهما معلماً أقرأهم وعلمهم، ثم أرسل محمود إلى السلطا مراد خان الغازي، فوهبه لابنه محمد خان، فلما ولي محمد خان السلطنة جعله وزيراً، ثم إن عبد الكريم جد في طلب العلم، وحصل فنوناً عدةً، وفضائل جملة، وقرأ على المولى الطوسي والمولى سنان العجمي تلميذ المولى محمد باشا الفناري، ثم صار مدرساً ببعض المدارس ثم بإحدى الثماني التي بناها السلطان محمد خان عند فتح القسطنطينية، ثم ولاه قضاء العسكر ثم جعله مفتياً، وبقي إلى أن مات في دولة السلطان أبي يزيد، ولعل وفاته في حدود التسعمائة أو بعدها بقليل، وله حواش على أوائل التلويح. قال في الشقائق: حكى لي بعض من مجلس محمود باشا أن المولى الشهير بولدان قال يوماً للوزير محمود باشا: إني أحبك محبة شديدة. قال: ومن العجب أنك تحب عبد الكريم أكثر مني. قال: صدقت. قال: أيأخذ عبد الكريم بيدك، ويدخلك الجنة. قال: أرجو ذلك منه قال: كيف؟ قال: كنت رئيس البوابين عند السلطان محمد خان، وكنت مبتلي بشرب الخمر وأفرطت منه ليلة، فجاء عبد الكريم وقت الصبح، فطهرت بيتي، وأزلت منه آلات الخمر وبخرته حتى لا يطلع عليه، فتكلمت معه ساعة، ثم قام، فلما وصل إلى الباب وقف وقال: أكلمك شيئاً. قلت: تكلم. قال: إنك بحمد الله من أهل العلم، ولك منزلة عند السلطان، وعن قريب من الزمان تصير وزيراً له، فلا يليق بك أن تصب في باطنك هذا الخبيث. قال: فعرقت استحياء منه حتى ترشح العرق من ثويي، وكان يوماً بارعاً، وكنت ألبس الثوب المحشو. قال: وكان المولى عبد الكريم سبباً لتوبتي. فهل أحبه أم لا؟ قال المولى: ولدان وجب عليك محبته من صميم القلب. انتهى. 509 - عبد الكريم بن الأكرم: عبد الكريم، الشيخ العلامة القاضي كريم الدين بن الأكرم الدمشقي الحنفي. توفي بمنزله بالعناية خارج دمشق يوم الخميس سادس عشر صفر سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ودفن بمقبرة الشيخ أرسلان رحمه الله تعالى. 510 - عبد الكريم الجعبري: عبد الكريم بن عبد القادر بن عمر بن محمد بن علي بن

محمد بن إبراهيم الجعبري صاحب الشرح، والمصنفات المشهورة، الشيخ كريم الدين قدم دمشق سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة. 511 - عبد اللطيف الآمدي: عبد اللطيف بن حسن، الشيخ الصالح الصوفي عبد اللطيف جلبي الآمدي الروشني الخرقة، كان خليفة عن أبيه حسن جلبي، وأبوه عن دده عمر، ودده عمر عن السيد يحيى الروشني الخلواتي. ذكره ابن الحنبلي لأنه قطب حلب، وأقام حلقة الذكر بجامعها، وذكر عن ولده فتحي جلبي أن والده توفي بأمد سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 512 - عبد اللطيف الدنجيهي: عبد اللطيف، الشيخ العلامة زين الدين الدنجيهي. توفي بالقاهرة يوم الأحد سابع المحرم سنة تسع - بتقديم المثناة - وتسعمائة. 513 - عبد اللطيف ابن المجندي: عبد اللطيف، الشيخ الفاضل الشاعر زين الدين بن المجندي. توفي بدمشق يوم الخميس عاشر صفر سنة تسع المذكورة آنفاً وتسعمائة - رحمه الله تعالى واسعة. 415 - عبد المعطي المكي: عبد المعطي، الشيخ الجليل المكي أحد من اصطحب معهم شيخ الإسلام الجد من الأولياء والعلماء. توفي بمكة المشرفة سنة أربع وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع بني أمية بدمشق المحمية يوم الجمعة ثامن ربيع الأول سنة خمس وتسعمائة رحمه الله تعالى. 515 - عبد النبي المغري: عبد النبي المغربي المالكي، الشيخ الإمام العلامة، الحجة القدوة اللهامة، مفتي السادة المالكية بدمشق، أحد إخوان سيدي علي بن ميمون، وشيخ الإسلام الجد، وترجمه - رحمه الله تعالى - بالعلم والولاية، وذكره الشيخ علوان في " شرح تائية ابن حبيب " وذكر ابن الحنبلي في تاريخه أنه قدم حلب في سنة اثنتين وتسعمائة، أو قبلها، فباحثه البدر السيوفي في تنافس حتى انتهى معه إلى إظهار قبح تسميته بعبد النبي لكونه من الأسماء المعبدة لغير الله تعالى. انتهى. وذكر ابن طولون في تاريخه، " مفاكهة الأخوان " أنه توضأ يوم الجمعة عشرين شوال سنة ثلاث وثلاثين لصلاة الجمعة من الظاهرية الجوانية. قال: فرأيت ناظرها منلا بني الرومي قد

عمل على إيوان الحنفية القبلي درابزين لصيانته. قال: وأخبرت أن بها نازلاً منلا رسول بلاد بيروت، ومنلا أحد أحد المدرسين بجامع الأموي المطالبي الحنفي عوضاً عن الشمس الكفرسوسي المتوفي إلى رحمة الله تعالى - قال: وقد كان ينكر - يعني الكفرسوسي - على شيخنا الشيخ عبد النبي هذه التسمية، فكيف بهذه الأسماء الثلاثة؟ قال: ومن رأيت ينكرها مدرس هذه المدرسة صاحبنا القطب ابن سلطان الحنفي انتهى. قلت: وهذه عادة الأعاجم يختصرون هذه الأسماء المعبدة بحذف عبد، وهو خطأ ظاهر، وأقبح ما يقع من ذلك قولهم في منلا عبد الأحد: منلا أحد، وتبعهم الأروام في هذا الاختصار لكنهم زادوا ياء النسبة، فزال الإشكال، ولكن فاتهم فضيلة التعبيد في التسمية فقالوا في عبد الكريم: كريمي، وفي عبد الحليم، حليمي، وكانت وفاة الشيخ عبد النبي صاحب الترجمة في يوم الجمعة ثالث عشري رمضان سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ووافق حضور جنازته بالجامع الأموي حضور الى سليم خان ابن عثمان، فصلي عليه مع الجماعة رحمه الله تعالى. 516 - عبد الهادي: عبد الهادي بن شرف الدين عيسى العمري الصفوري ثم الدمشقي الشافعي، الشيخ الصالح الصوفي السالك المربي ولي الله تعالى. توفي بمنزلة بمحلة قبر عاتكة يوم الأحد سادس عشر شوال سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، وحضر جنازته السيد كمال الدين ابن حمزة، وخلائق من الصوفية، وأهل العلم، ودفن بتربة بالقرب من مسجد الطالع بالمحلة المذكورة، وتعرف الآن بالدقاقين، وقبره الآن ظاهر بها يزار رحمه الله. 517 - عبد الودود: عبد الودود، الشيخ الصالح، العابد، الزاهد، المقيم بنواحي قلعة الجبل بالقاهرة، كان ينسج الصوف، ويتقوت منه، وكانت عمامته خرقاً خرقاً من الصوف الأحمر، وكان سيدي محمد بن عنان يقصده بالزيارة، وكان له مكاشفات، وعليه أنس عظيم وتوفي في سنة خمس عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى. 518 - عبد الوهاب بن أحمد الطرابلسي الحنبلي: عبد الوهاب بن أحمد بن الوهاب القاضي تاج الدين الطرابلسي، ثم الدمشقي الحنبلي. ولد في ثاني ذي القعدة اثنتين وأربعين وثمانمائة، وفوض إليه نيابة القضاء قاضي الحنابلة بدمشق نجم الدين بن مفلح وكان مقيماً بدار الحديث لابن عروة بالمشهد الشرقي بالجامع الأموي، وفوض إليه القضاء أيضاً بمكة وبالقاهرة وبطرابلس، ومات بدمشق بالبيمارستان النوري عاشر جمادى الأولى إحدى وعشرين وتسعمائة رحمه الله.

519 - عبد الوهاب بن نقيب الأشراف: عبد الوهاب بن أحمد السيد الشريف تاج الدين ابن السيد شهاب الدين بن نقيب الأشراف، وأخذ الفقه عن الشيخ برهان الدين الطرابلسي، ثم المصري بها، وقرأ عليه مصنفه في الفقه على طريقة المجمع، وتردد إلى سيدي محمد بن عراق إلى أن توفي ليلة السبت ربيع الأول سنة خمس وعشرين وتسعمائة عن نحو ثلاثين سنة، وأمه الفاضلة البارعة زينب بنت الباعوني، وصلى عليه الشيخ شهاب الدين الشويكي بمدرسة أبي عمر، ودفن بأعلى الروضة من سفح قاسيون رحمه الله تعالى. 520 - عبد الوهاب بن عبد الكريم الرومي: عبد الوهاب بن عبد الكريم الفاضل ابن الفاضل، المولى بن المولى الرومي الحنفي. قرأ على جماعة منهم المولى عذاري، والمولى لطفي التوقاتي، والمولى خطيب زاده، والمولى القسطلاني، وكان ذكياً عارفاً بالعلوم الشرعية والعقلية مهيباً مطارحاً للتكلف مع أصحابه. ودرس بالقسطنطينية، ثم صار حافظاً لدفتر الديوان السلطاني، ثم ولي القضاء ببعض البلاد. توفي في أوائل سلطنة السلطان سليمان خان رحمه الله تعالى. 521 - عبد الوهاب بن أحمد بن عرب شاه: عبد الوهاب بن أحمد بن محمد قاضي قضاة الحنفية بدمشق المحمية، الشيخ العلامة تاج الدين ابن الشيخ العلامة شهاب الدين، الشهير بابن عرب شاه. ولد سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، وكان في ابتداء أمره شاهداً، وبلغ في صناعة الشهادة غاية الدهاء، وكان فقيراً، فحصلت له ثروة وجاه ونظم في مذهب الحنفية كتاباً كبيراً ثم ولي القضاء في رجب سنة أربع وثمانين وثمانمائة، ثم عزل عنه في شوال سنة خمس وثمانين، ثم سافر إلى مصر، فولي مشيخة الضر غمشية بها إلى أن توفي في خامس عشر رجب سنة إحدى وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثامن شعبان منها رحمه الله تعالى. 522 - عبد الوهاب المصري: عبد الوهاب، الشيخ الصالح المسلك المجد، القائم برتبة المشيخة، الداعي إلى الله تعالى، العارف به سيدي الشيخ تاج الدين الذاكر المصري ربي يتيماً بمكتب مدرسة الحسامي، فلما ترعرع تعلق على صنعة البناء، ثم وفقه الله تعالى للإجتماع على الشيخ نور الدين بن خليل، عرف بابن عين الغزال الحسني، فلازمه وصار يحضر

المحافل، ويتردد إلى الشيخ تقي الدين عبد الرحيم الأوجاقي وأوقاته ومجالسه حتى اشتهر، فجمع الناس، ولازم الذكر والخير، وأقرأ البخاري والشفا والعوارف بروايته لها عن العز بن الفرات، وعن التقي الأوجاقي، ونازع العلائي أن يكون سمع من العز بن الفرات، وقال: إن الذي أوهم الشيخ تاج الدين ذلك هو الزين عبد القادر بن مغيزل السقا. أوهمه أنه قرأ عليه بمكتب الحسام حين كان يتيماً به قال: وكأنه إن صح فقراءته على الشيخ الصالح عبد الرحيم، الشهير بابن الفرات النازل بالقرا سنقرية. قال: ولم يدع قط سماعاً، ولا إجازة. انتهى. وفيما قاله وقفة فإن الشيخ تاج الدين أجل أن يدخل عليه هذا الوهم، وسنه يقبل ذلك، فإن العلائي نفسه قال: إنه قارب الثمانين، وكان - رحمه الله تعالى - نير الوجه، حسن السمت، كثير الشفاعات، شديد الإهتمام بقضاء حوائجهم، مجداً في العبادة، دائم الطهارة، لا يتوضأ عن حدث إلا كل سبعة أيام، وسائر طهاراته تحديد، وانتهى أمره آخراً إلى أنه كان يمكث اثني عشر يوماً لا يتوضأ عن حدث، ولم يعرف ذلك لأحد في عصره إلا للشيخ أبي السعود الجارحي، وامتحنه قوم دعوه، وجعلوا يطعمونه، ويؤكدون عليه سبعة أيام، ولم يحدث، ثم علم أنهم امتحنوه، فدعا عليهم، فانقلبت بهم المركب، فقيل له في ذلك، فقال: لا غرق وإنما هو تأديب، وينجون، وكان كذلك، ثم ندم على الدعاء عليهم، وقال: لا بد لي من المؤاخذة، فمرض أكثر من أربعين يوماً، ومكث خمساً وعشرين سنة لم يضع جنبه على الأرض إنما ينام جاثياً على حصير، وقال عند موته: لي أربعون سنة أصلي الصبح بوضوء العشاء، وقد طويت سجادتي من بعدي، ولما سافر الغوري لقتال بن عثمان طلب الشيخ تاج الدين الذاكر ليسافر معه، وجميع أشياخ البلد، فتوعدهم. فقال الشيخ: ما بقي بيننا اجتماع هو لا يرجع، ونحن نموت، وكان الأمر كما قال، ومات الشيخ تاج الدين في يوم الخميس عشري جمادىالآخرة سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، ودفن بزاويته قريباً من حمام الدوحين رحمه الله تعالى. 523 - عبد الوهاب الدنجيهي: عبد الوهاب، الشيخ الإمام، الفقيه السالك الصالح المجرد القانع تاج الدين الدنجيهي المصري الشافعي، الكاتب النحوي. حفظ القرآن العظيم، وصحب الشيخ العارف بالله تعالى سيدي إبراهيم المتبولي، وجود حتى حسن خطه، وكتب كتباً نفيسة، واشتغل في الصرف، والنحو، والمعاني، والبيان، والمنطق، والأصلين، والفقه على العلامة علاء الدين ابن القاضي حسن الحصن كيفي، وسمع عليه المطول، وشرح العقائد، وشرح الطوالع، وغاية القصد، والمتوسط، وشرح الشمسية، وحضر غالب دروس

شيخ الإسلام زكريا الأنصاري. وتصانيفه، وقرأ شرح قاضي زاده في علم الهيئة على العلامة عبد الله الشرواني، وقرأ أيضاً على منلا علي الكيلاني في العبري وغيره. تمرض في البيمارستان شهراً، وأقعد ومات به يوم الجمعة حادي عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى واسعة - امين. 524 - عثمان بن محمد الأزهري: عثمان بن محمد بن عثمان، الشيخ الإمام، العلامة، المحدث المسند الحافظ شيخ السنة أبو عمرو فخر الدين الديمي، الأزهري، المصري، الشافعي. مولده في سنة تسع عشرة - بتقديم التاء - وثمانمائة، وكان من مشافه تلامذة ابن حجر - رحمه الله تعالى - قال السخاوي: قرأ عليه مسند الشهاب، وغالب النسائي. انتهى. وقرأت بخطة أنه قرأ جميع البخاري على الشيخ الإمام المسند المعمر الحبر برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم ابن الشيخ فتح الدين صدقة بن إبراهيم بن إسماعيل الحنبلي الصالحي، وجميع مسلم على الشيخ المسند المعمر شمس الدين أبي عبد الله محمد ابن الشيخ الإمام المحدث جمال الدين أبي محمد عبد الله بن محمد ابن شيخ الإسلام أبي إسحاق برهان الدين إبراهيم الحبر الخطيب الرشيدي، وقال جلال الدين السيوطي: كان الشيخ عثمان الديمي يحفظ عشرين ألف حديث، وهو الذي عناه السيوطي أيضاً بقوله: قل للسخاوي إن تعروك نائبة ... علمي كبحر من الأمواج ملتطم والحافظ الديمي غيث السحاب فخد ... " غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم " وأخذ عنه جماعة كثيرة منهم البرهان ابن عون، وأبو الفرج فخر الحلبي، والشيخ شمس الدين الداوودي، والمقريء الكريم السيد عبد الرحيم العباسي الإسلام بولي وغيرهم. ذكر ابن طولون أنه صلي عليه غائبة بدمشق بالجامع الأموي بعد صلاة الجمعة ثاني رجب سنة ثمان وتسعمائة. 525 - عثمان بن يوسف الحموي: عثمان بن يوسف القاضي فخر الدين الحموي

الدمشقي الشافعي. ولد سنة أربع وأربعين وثمانمائة، واشتغل بحل الحاوي الصغير على العلامة مفلح الحبشي، وكان يحوك، ثم صار بواباً بالبدرائية، ثم تعانى صنعة الشهادة بخدمة قاضي القضاة شرف الدين بن عيد الحنفي، ثم فوض إليه نيابة الحكم القاضي شهاب الدين بن الفرفور، وتوفي يوم الاثنين ثامن عشر القعدة سنة ثمان وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب الفراديس رحمه الله تعالى. 526 - عرفة بن محمد الحيسوب: عرفة بن محمد الشيخ العلامة المحقق الفرضي الحيسوب زين الدين الأرموي الدمشقي الشافعي. كان خبيراً بعلم الفرائض والحساب وكان يعرف ذلك معرفة تامة، وله فيه شهرة كلية، وهو الذي رتب مجموع الكلائي، وممن أخذ عنهم الفرائض الشيخ شمس الدين محمد بن محمد الرملي الشهير بابن الفقيرة الشيخ العلامة الزاهد شهاب الدين بن رسلان الرملي عن الشيخ شهاب الدين بن الهائم، وممن أخد عنه والد شيخنا وغيرهما، وكانت وفاته يوم الأحد حادي عشري شوال سنة ثلاثين وتسعمائة. 527 - عفيف الدين بن شعيب: عفيف الدين بن شعيب أحد نواب القضاة الشافعية بدمشق. توفي بها يوم الخميس حادي عشر ربيع الآخر سنة عشرة وتسعمائة - رحمه تعالى - رحمة واسعة. 528 - عز الدين الصابوني: عز الدين الصابوني الحلبي الحنفي، المعروف بابن عبد الغني، وهو ابن عم أبي بكر بن الموازيني. كان خطيباً جيد الخطابة، ولي خطابة جامع الأطروش بحلب، فلما دخل السلطان سليم بن عثمان حلب في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة صلى الجمعة مرة بالجامع المذكور خلف المذكور، فخطي بسبب ذلك، ولم يلبث أن توفي تلك السنة، وكان في قدميه أعوجاج بحيث كان لا يتردد في الشوارع إلا راكباً رحمه الله تعالى. 529 - علي بن محمد الشرابي: علي بن محمد، الشيخ العلامة علاء الدين الكردي الشرابي الشافعي. قطن حلب، وأخذ بها عن الحافظ أبي ذر المصابيح وغيره، وأجاز له وكان عالماً عاملاً ينفق على طلبة العلم من ماله، ولم يتزوج قط، وكان يختار من المأكل ما لا

تميل إليه نفسه، ويؤثر غيره بالطيبات، ووقف كتبه على الشيخ العرضي، ثم على ذريته، وتوفي في سنة خمس وتسعمائة رحمه الله تعالى. 530 - علي بن محمد بن مليك: علي بن محمد بن علي بن عبد الله، الشيخ الفاضل الشاعر علاي الدين بن مليك الحموي، ثم الدمشقي الفقاعي الحنفي. ولد بحماة سنة أربعين وثمانمائة، وأخذ الأدب عن الفخر عثمان بن العبد التنوخي وغيره، وأخذ النحو والعروض عن الشيخ بهاء الدين بن سالم، قدم دمشق، فتسبب ببيع الفقاع عند قناة العوني خارج باب الفراديس، ثم تركه، وصار يتردد إلى دروس الشيخ برهان الدين بن عون، وأخذ عنه فقه الحنفية، وصارت له فيه يد طولى، وشارك في اللغة والنحو والصرف، وكان له معرفة بكلام العرب، وبرع في الشعر حتى لم يكن له نظير في فنونه، وجمع لنفسه ديواناً في نحو خمس عشرة كراسة، وخمس المنفرجة، ومدح النبي صلى الله عليه وسلم بعدة قصائد، ومن لطائفة قوله: لم أجعل الفقاع لي حرفة ... إلا لمعنى حسنك الشاهد أقابل الواشي بالحد والعا ... ذل أسقيه من البارد ومن مشاهير قصده النبوية عفا الله عنه: هل لصب قد غير السقم حاله ... زورة منكم على كل حاله يا لقومي من للفتى من فتاة ... مزجت كأس صدها بالملاله قلت: إذ مد شعرها لي ظلالاً ... أسبغ الله لي عليها ظلاله ليت شعري مع الهوى كيف مالت ... ولها القد شاهد بالعداله لست أنسى، وقولها أنت سال ... قلت: روحي ومهجتي لا محاله كم محب بدمعه قد أتاها ... سائلاً، وهي لا تجيب سؤاله حين أضحى لخدها المسك خالاً ... قلت: رفقاً بمهجة الصب خاله رشقتني من لحظها بسهام ... بعد ما جردت علي نصاله سالم القلب في الهوى مقلتيها ... فانثنى قدها يروم قتاله آه من قدها أما لفؤادي ... شافع من حديث واش أما له يا لقومي ما للعذول ومضنى ... بذل الروح في هواها وماله إن أنا أحسنت وإن هي أساءت ... ليس دمعي يرقى على من أساله عاذل الصب خل عنك ودمعي ... فعلى الخذ قد كفى ما جرى له

فهي شمس تطلعت من خباها ... وعليها من البراقع هاله رأت البدر في الكمال، فأبدت ... واضحاً بالسنا تريه كماله حاولت زورتي، فنم عليها ... قرطها في الدجى ومسك الغلاله ثم لما أن سلمت اذكرتني ... عهد من سلمت عليه الغزاله خاتم الأنبياء والرسل حقاً ... من أتى بالهدى وأدى الرسالة لا تقسه بالبحر يوم نوال ... يعجز البحر أن يضاهي نواله وإذا ما شكا له الفقر راج ... قال: لا فقر يختشى وأنا له يا إمام الهدى، ويا من عليه ... من طراز الوقار أبهى جلاله كن شفيعي مما جنيت قديماً ... زمن اللهو والصبا والجهاله فعليك الصلاة في كل وقت ... وزمان مضى، وفي كل حاله وعلى آلك الكرام وصحب ... قد سموا بالوفا وصدق المقاله ما حدا في العراق بالركب حاد ... ولنحو الحجاز شد رحاله وله: رب بدر بات يجلو جهرة ... نشر راح من لماه معتصر وعجيب تحت أذيال الدجى ... اجتماع الشمس عندي والقمر ومن لطائفه: يا من به رق شعري ... وزاد بالنعت وصفه قد مزق الشعر شاشي ... والقصد شيء الفه وكان له صوف عتيق، فقلبه وقال: قد كان لي صوف عتيق طالما ... قد كنت ألبسه بغير تكلف والآن لي قد قال حين قلبته ... قلبي يحدثني بأنك متلفي وحكي أنه مر بالمرجة على قوم شرب، وكانوا يعرفونه، فدعوه إلى الزاد، فقعد عندهم يذاكرهم، فبينما هم كذلك إذ جاءهم جماعة الوالي، فأخذوهم وأخذوه معهم، فلما وصلوا إلى القاضي للتسجيل عليهم عرفه القاضي فلامه فقال: والله ما كنت رفيقاً لهم ... ولا دعتني للهوى داعيه

وإنما بالشعر نادمتهم ... لأجل ذا ضمتني القافيه فخلوا عنه وله: الطرف يقول: قد رماني القلب ... والقلب لناظري يقول الذنب والله لقد عجبت من حالهما ... هذا دنف ودمع هذا صب وشعره كله جيد، وكانت وفاته في شوال سنة سبع عشرة وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب الفراديس رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 531 - علي بن محمد الشيرازي: علي بن محمد المولى مظفر الدين الشيرازي العمري الشافعي. فطن حلب سنة ست عشرة وتسعمائة، وأخذ بها عن جماعة منهم الشمس بن بلال، وكتب حواشي على الكافية، وكان يقول: إن جده الشيخ نجيب الدين علي ابن دغشن الشيرازي أحد خلفاء الشيخ شهاب الدين عمر السهروردي. قال السيد قطب الدين الإيجي: وكان منلا مظفر الدين صهر المنلا جلال الدين الدواني، وكانت له مهارة في المنطق حتى كان يقول عنه منلا جلال الدين: لو كان جسماً لكان هو منلا مظفر الدين، وذكر في الشقائق أنه دخل بلاد الروم، وكان المولى بن المؤيد قاضياً بالعسكر، وكان المولى مظفر الدين مقدماً عليه حال قراءتهما على المنلا المواني، فأكرمه ابن المؤيد إكراماً عظيماً، وعرضه على السلطان أبي يزيد خان، فأعطاه مدرسة مصطفى باشا بالقسطنطينية، فدرس بها، ثم أعطاه إحدى المدارس الثماني، فدرس بها مدة، ثم أضرت عيناه، فعجز عن إقامة التدريس، فعين له السلطان سليم خان في كل يوم ستين درهما بطريق التقاعد، وتوطن مدينة بروسا قال في الشقائق: وكانت له يد طولى في علم الحساب والهيئة والهندسة، وكان له زيادة معرفة بعلم الكلام والمنطق خاصة في حاشية التجريد، وحواشي شرح المطالع. قال: ورأيت على كتاب إقليدس في فن الهيئة أنه قرأه من أوله إلى آخره على الفاضل أمير صدر الدين الشيرازي قال: وكتب عليه حواشي لحل مشكلاته. قال: وكان سليم النفس، حسن العقيدة، صالحاً مشتغلاً بنفسه، راضياً من العيش بالقليل، واختار الفقر على الغنى، وكان يبذل ماله للفقراء والمحاويج. وذكر ابن الحنبلي نقلاً عن يحيى جلبي قاضي بغداد أنه توفي مطعوناً سنة ثماني عشرة وتسعمائة، وقال في الشقائق: إنه مات بمدينة بروسا بعد أن توطن بها، وقد كف

بصره في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة. قال ابن الحنبلي: ورآه الشمس ابن بلال في المنام موته بالبلاد الرومية. فسأله كيف وجدت الصبر. فقال: كما هو مقيد في شرح العقائد بعينه رحمه الله تعالى. 532 - علي بن محمد الحصكفي الشافعي: علي بن محمد بن عبد الرحيم محمد بن علي بن إبراهيم بن مسعود بن محمد الشيخ العلامة، المفنن، المتقن، والمفيد علاء الدين أبو الحسن، والحصكفي الموصلي الشافعي قطن دمشق أولاً مع أبيه وقرأ بها على الشيخ عماد الدين المعروف بخطيب السقيفة، والبرهان ابن المعتمد وغيرهما، وحج ماشياً، ثم قطن حلب، وقرأ بها على الفخر عثمان الكردي، والبدر السيوفي، والشمس البازلي وغيرهم ودرس بها وأفاد وربما أفتى وجلس بمكتب الشهادة بحلب تحت قلعتها، وتردد الطلبة إليه، وتلقى منه جمع جم من الأفاضل حتى ترقى بعضهم إلى الإفادة، ثم لما أبطلت الدولة العثمانية مكاتب الشهود ترك ذلك، وأقبل على الاشتغال، وكان له يد طولى في النحو، والصرف والمنطق، والعروض، والقوافي، وكان له تقرير حسن في الفقه، ومشاركة كلية في الأدب، وشعره لطيف منه: تمر الليالي والحوادث تنقضي ... كأضغاث أحلام ونحن رقود وأعجب من ذا أنها كل ساعة ... تجد بنا سيراً ونحن قعود وقال يمدح النووي رحمه الله تعالى: إلى الشيخ محيي الدين علامة الورى ... وروضته تعزى الدراية في الفتوى دقائقه كنز وأذكاره هدى ... ومنهاجه السامي هو الغاية القصوى وقال يمدح البهحة لابن الوردي رحمه الله تعالى في الفقه: لقد أحسن الوردي في البهجة التي ... تنظم فيها الفقه كالدر في العقد لها أصبح المنثور يومي بإصبع ... حنانيك كل الحسن في بهجة الورد وقال يمدح المنطق والنحو ملمحاً بكتاب المفتاح: إذا ما رمت تحقيقاً لعلم ... فلذ بالمنطق العمل القويم ولا تدخل إليه بغير نحو ... فإن النحو مفتاح العلوم

وقال ملغزاً: يا إماماً في النحو شرقاً وغرباً ... من له بان سره المكنون أي ما اسم قد جاء ممنوع صرف ... وأتى الجر فيه والتنوين وأجاب عنه: علم كان للمؤنث جمعاً ... سالماً جمع ذين فيه يكون وأجاب عن قول فضلاء النحو: سلم على شيخ النحاة وقل له ... عندي سؤال من يجبه يعظم أنا إن شككت وجدتموني جازماً ... وإذا جزمت فإنني لم أجزم بقوله: قل في الجواب بأن " إن " في شرطها ... جزمت ومعناها التردد فاعلم وإذا بجزم الحكم إن شرطيه ... وقعت ولكن شرطها لم يجزم وقال ملمحاً بما ذكره ابن هشام في شرح القطر قال: روي أنه قيل لابن عباس: إن ابن مسعود قرأ، وقالوا: يا مال. فقال: ما اشغل أهل النار عن الترخيم. ذكره الزمخشري وغيره، وعن بعضهم أن الذي حسن الترخيم هذا أن فيه إشارة إلى أنهم يقطعون الاسم لضعفهم عن إتمامه. انتهى. فقال صاحب الترجمة: ما كان أغنى أهل نار جهنم؟! ... إذ رخموا يا مال وسط الجحيم عجزوا عن استعمال كلمة مالك ... فلأجل ذا نادوه بالترخيم وقال ملغزاً في الثلج وأجاد: اسم الذي ألغزته ... يطفي شرار اللهب مقلوبه مصحفاً ... وجدته في حلب وقال محاجياً في عين تاب:

يا صاح ما اسم بلدتي ... كم قد حوت بدراً طلع قريبة من حلب ... رادفها طرف رجع وقال في مليح عروضي: هويت عروضياً مديد صبابتي ... ببحر هواه كامل الحسن وافره على خده البدرالمكمل دارة ... وفي وجهه الشمس المنيرة دائره وقال مضمناً: لئن فتن المرد الملاح أولي النهى ... وأودت عيون منهم وحواجب فحب النساء الخرد البيض مذهبي ... وللناس فيما يعشقون مذاهب وذكر ابن الحنبلي أن الشمس السفيري أخبره أن صاحب الترجمة اتخذه سفيراً بينه وبين بعض المخاديم في قضاء حاجة مهمة قال فقضيتها له كما أراد فانشدني: قصدت لحاجتي خلاً وفياً ... فما ألفيت كالبحر السفيري به نلت الذي قد كنت أرجو ... وأحسنت السفارة بالسفير توفي يوم الثلاثاء سابع شوال سنة خمس وعشرين وتسعمائة، ورثاه تلميذه ابن الحنبلي بقصيدة نونبة ذكرها في تاريخه تركتها خشية الإطالة رحمه الله تعالى. 533 - علي بن محمد الشبلي: علي بن محمد، الشيخ علاء الدين بن الشيخ الصالح شمس الدين الشبلي، الدمشقي الشافعي كان لا بأس به، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ست وعشرين رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 534 - علي بن أبي بكر نقيب الأشراف بدمشق: علي ابن أبي بكر، الشيخ العلامة السيد الشريف علاء الدين ابن السيد ناصر الدين، الشهير بابن نقيب الأشراف بدمشق الدمشقي الحنفي. ولد في نصف شوال سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وهو اليوم الذي ولد فيه قاض القضاة شهاب الدين بن الفرفور، وتوفي ليلة الاثنين رابع عشر الحجة سنة عشر وتسعمائة ودفن بتربتهم لصيق مسجد الذبان بدمشق، وهي السنة التي توفي في أوائلها قاضي القضاة المذكور رحمه الله تعالى.

535 - علي بن أبي القسم الإخميمي: علي بن أبي القسم، القاضي العدل، العفيف السخي علاء الدين الإخميمي، القاهري قاضي القضاة الشافعية. قال العلائي: كان له انقطاع عن الناس، وانجماع بالكلية، وكان له معرفة في الصناعة، وتصميم في المهمات وإن كان قليل العلم. توفي سادس عشر القعدة سنة تسع - بتقديم المثناة فوق - وعشرين وتسعمائة - وصلي عليه بالأزهر. 536 - علي بن أحمد بن عربي شاه: علي بن أحمد، العالم الفاضل علاء الدين بن عرب شاه، وهو أخو قاضي القضاة بدمشق تاج الدين عبد الوهاب بن عربشه، وأخو بدر الدين حسن بن عربشاه أحد الشهود المعتبرين بدمشق. ولد سنة ثمان وأربعين وثمانمائة، وتوفي يوم الثلاثاء حادي عشر شوال سنة عشر وتسعمائة، ودفن بالروضة بسفح قاسيون. 537 - علي بن أحمد الإربلي: علي بن أحمد، الشيخ نور الدين الإربلي. أحد العدول. مات بمكة مجاوراً سنة ثلاث وتسعمائة رحمه الله تعالى. 538 - علي بن أحمد نقيب الأشراف: علي بن أحمد، الشيخ العلامة الإمام السيد علاء الدين ابن السيد شهاب الدين نقيب الأشرأف الدمشقي، الحنفي، كان عالماً، فاضلاً. مفنناً، ذكياً، بارعاً في العلوم العقلية والنقلية. توفي يوم الاثنين سادس عشري القعدة سنة إحدى عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى. 539 - علي بن أحمد الرومي: علي بن أحمد، العالم العلامة، العامل، الفاضل، المولى علاء الدين الجمالي، الرومي، الحنفي. قرأ على المولى علاء الدين بن حمزة القراماني، وحفظ عنده القدوري، ومنظومة النسفي، ثم دخل إلى قسطنطينية، وقرأ على المولى خسرو، ثم بعثه المذكور إلى مصلح الدين بن حسام، وتعلل بأنه مشتغل بالفتوى، وبأن المولى مصلح الدين يهتم بتعليله أكثر منه، فذهب إليه، وهو مدرس سلطانية بروسا، فأخذ عنه العلوم العقلية والشرعية، وأعاد له المدرسة المذكورة، وزوجة ابنته، وولدت منه، ثم أعطي مدرسة بثلاثين، ثم تقلبت به الأحوال، على وجه يطول شرحه، فترك التدريس، واتصل بخدمة العارف بالله تعالى مصلح الدين بن أبي الوفاء ثم لما تولى السلطان أبو يزيد السلطنة رأه في المنام، فأرسل إليه الوزراء، ودعاه إليه، فامتنع، فأعطاه تدريساً بثلاثين جبراً، ثم رقاه في التدريس حتى أعطاه إحدى الثماني، فدرس بها مدة طويلة ثم توجه بنية الحج إلى مصر، فلم

يتيسر الحج في تلك السنة لفتنة حدثت بمكة المشرفة، فأقام بمصر سنة، ثم حج وعاد إلى الروم، وكان توفي المولى أفضل الدين مفتي التخت السلطاني في غيبته، فأعطاه السلطان أبو يزيد منصب الفتوى، وعين له مئة درهم، ثم لما بنى مدرسة القسطنطينية ضمها له إلى الفتوى، وعين له خمسين درهما زائدة على المائة، وكان يصرف جميع أوقاته في التلاوة، والعبادة، والتدريس، والفتوى، ويصلي الخمس في الجماعة، وكان كريم الأخلاق لا يذكر أحداً بسوء، وكان يغلق باب داره، ويقعد في غرفة له، فتلقى إليه رقاع الفتاوي، فيأخذها ويكتب، ثم يدليها، ففعل ذلك لئلا يرى الناس، فيميز بينهم في الفتوى، وكان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويصدع بالحق، ويواجه بذلك السلطان، فمن دونه حتى أن السلطان سليم خان أمر بقتل مائة وخمسين رجلاً من حفاظ الخزينة، فتنبه لذلك المولى علاء الدين المذكور، فذهب إلى الديوان، ولم يكن من عادتهم أن يذهب المفتي إلى الديوان إلا لحادثة عظيمة، فلما دخل على أهل الديوان تحيروا في الأمر، وقالوا: لأي شيء دعا المولى إلى المجيء. فقال: أريد أن ألاقي السلطان، ولي معه كلام، فعرضوا أمره على السلطان، فأمر بدخوله وحده، فدخل وسلم وجلس، وقال: وظيفة أرباب الفتوى أن يحافظوا على آخرة السلطان، وقد سمعت بأنك أمرت بقتل مائة وخمسين رجلاً من أرباب الديوان لا يجوز قتلهم شرعاً فغضب السلطان سليم، وكان صاحب حدة، وقال: لا تتعرض لأمر السلطنة، وليس ذلك من وظيفتك. فقال: بل أتعرض لأمر آخرتك، وهو من وظيفتي، فإن عفوت، فلك النجاة وإلا فعليك عقاب عظيم، فانكسرت سورة غضبه وعفا عن الكل، ثم تحدث معه ساعة، ثم سأله في إعادة مناصبهم، فأعادها لهم. وحكي أن السلطان سليم أرسل مرة إليه أمراً بأن يكون قاضي العسكر، وقال له جمعت لك بين الطرفين لأني تحققت أنك تتكلم بالحق، فكتب المولى المذكور في جوابه وصل إلي كتابك - سلمك الله تعالى. وأبقاك - وأمرتني بالقضاء، وإنني أمتثل أمرك إلا أن لي مع الله تعالى عهداً أن لا تصدر عني لفظة: حكمت، فأحبه السلطان محبة عظيمة لإعراضه عن المال والجاه والمنصب صيانة لدينه، ثم زاد في وظيفته خمسين عثمانياً، وصارت مئتي عثماني، وكانت وفاته - رحمه الله تعالى - في سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة. رحمه الله تعالى. 540 - علي بن حسن السرميني: علي بن حسن، الشيخ علاء الدين السرميني، ثم

الحلبي على عادة الحلبيين في الألقاب. أخذ الفرائض والحساب على الجمال الأسعردي، ومهر فيهما، واشتهر بهما. وكان له في الدولة الجركسية مكتب على باب دار العدل بحلب بطلب منه لكتابة الوثائق، ثم لما أبطلت الدولة العثمانية مكاتب الشهود أخذ في كتابة المصاحف والانتفاع بثمنها، وتأديب الأطفال بمكتب داخل باب أنطاكية بحلب، وبه قرأ على ابن الحنبلي القرآن العظيم سنة سبع - بتقديم السين - وعشرين وتسعمائة ثم توفي في رمضان سنة تسع - بتقديم المثناة - وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 541 - علي بن خليل المرصفي: علي بن خليل، الشيخ، العالم، الصالح، المربي، المسلك الرباني ولي الله تعالى العارف به سيدي نور الدين المرصفي، ويقال: المرصفاوي الشافعي الصوفي، تلميذ الشيخ محمد ابن أخت الشيخ محين المصري. اختصر كتاب الرسالة لأبي القاسم القشيري، وكان يقريء فيه المريدين، وسماه " الورد العذب " قال العلائي: وكان منجمعاً. ملازماً للذكر والعبادة والتواضع والخير، وذكر الشعراوي أنه سمع منه أنه اجتمع بسيدي مدين، وهو ابن ثماني سنين، ولم يأخذ عنه، ثم لما كبر اجتمع بابن أخته سيدي محمد، وأخذ عنه الطريق، واجتمع عليه الفقراء بمصر، وصار هو المشار إليه فيها لانقراض جميع أقرانه، وكأنه من شأنه إذا تكلم في دقائق الطريق، وحضر أحد من القضاة والفقهاء ينقل الكلام إلى مسائل الفقه إلى أن يقوم ذلك القاضي أو الفقيه. ويقول: ذكر الكلام بين غير أهله عورة، فإذا خرج عاد إلى الكلام الأول، وقيل له مرة: لم لم تجعل لك درساً في الطريق بجامع الأزهر؟ فقال: ليس ذلك من أخلاق القوم إنما كان الجنيد، ومن بعده يدرسون علم القوم في قعر بيوتهم خوفاً أن يسمع أحد من القوم كلاماً لا يفهمه، فيقع فيهم، فيهلك وذلك لدقة مداركهم. قال الشعراوي - رحمه الله تعالى -: ودخل سيدي أبو العباس الحريثي يوماً، فجلس عندي بعد المغرب إلى أن دخل وقت العشاء، فقرأ خمس ختمات، وأنا أسمع، فذكرت ذلك لسيدي علي المرصفي فقال: يا ولدي أنا قرأت ألف ختمة، وله كلام عال في الطريق. ذكر منه الشعراوي - رضي الله تعالى عنه في طبقاته نبذة، وكانت وفاته كما حررته من تاريخ العلائي يوم الأحد حادي عشر جمادى الأولى سنة ثلاثين وتسعمائة، وكانت سنه يومئذ....

542 - علي بن خير الدين الحلبي: علي بن خير الدين، الشيخ الفقيه، شيخ الشيخونية بمصر الشيخ علاء الدين الحلبي الحنفي نزيل القاهرة. قال العلائي: كان لين العريكة أخذ عن ابن أمير حاج الحلبي، وتوفي ليلة الثلاثاء رابع عشري ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة. 543 - علي بن سلطان المصري: علي بن سلطان، الشيخ، الصالح، الفاضل الناسك السالك نور الدين بن سلطان المصري الحنفي. كان متجرداً منقطعاً، وله أخلاق حسنة دمثة توعك مدة، ومات يوم الثلاثاء حادي عشر القعدة سنة ثلاثين وتسعمائة عن غير وارث. 544 - علي بن سلطان الحوراني: علي بن سلطان، الشيخ، الصالح، الزاهد علاء الدين الحوراني الشافعي نزيل الصالحية بدمشق. كان من أصحاب الشيخ محمد العمري - بالمهملة - والشيخ أبي الصفا الميداني صاحب الزاوية المشهورة به بميدان الحصا، وكان قد قطن بالصالحية مدة يتعبد بها، وكان لشيخ الإسلام السيد كمال الدين بن حمزة فيه اعتقاد زائد، وأوصى بشيء عند موته، وكانت وفاة صاحب الترجمة فجأة في يوم الخميس مستهل ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة رحمه الله. 545 - علي بن عبد الله الخطيب الحنبلي: علي بن عبد الله بن أبي عمرو، الشيخ علاء الدين الخطيب الحنبلي المؤذن بالجامع الأموي بدمشق الشهير بعليق - بضم المهملة وتشديد اللام المفتوحة - ولد سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة، قال النعميمي: وهو آخر من سمع صحيح مسلم كاملاً على الشيخ الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، وكانت وفاته في سنة ست وتسعمائة رحمه الله. 546 - علي بن عبد الله العشاري: علي بن عبد الله القاضي علاء الدين العشاري نسبة إلى عشار - بضم المهملة - بلدة قريبة من الدير الحلبي الشافعي، المعروف بابن القطان. كان اشتغاله في العلم على الجلال النصيبي، وحرص على اقتناء الكتب النفيسه، وكان

في ابتداء أمره شاهداً بمكتب الزردكاشية، وولي قضاء إعزاز وسرمين، وتوفي في العشر الآخر من رجب سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 547 - علي بن عبد الباسط بن الحمال: علي بن عبد الباسط المصري، المعروف بابن الحمال أحد المباشرين بديوان القاهرة. مات راجعاً من إسلام بول في الطريق سنة تسع - بتقديم المثناة - وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 548 - علي بن عبد الرحمن الهبراري: علي بن عبد الرحمن الهبراري الجبرتي الرجل الصالح، الخير، الدين، المبارك، الشافعي نزيل دمشق. حضر دروس شيخ الإسلام الوالد كثيراً، وقرأ عليه في المنهاج وفي غيره. توفي شهيداً بالطاعون يوم الأحد سابع عشري جمادىالآخرة سنة ثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 549 - علي بن علي النووي: علي بن علي بن يوسف بن خليل، الشيخ الإمام، العلامة المدرس المحرر الفهامة علاء الدين النووي ثم الدمشقي. ولد في حادي عشر شوال سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، واشتغل في العلم، وبرع فيه وأفتى، وكان يتكسب بالشهادة في مركز باب الشامية البرانية خارج دمشق، وتوفي في ليلة الخميس عاشر صفر الخير سنة إحدى وتسعمائة، ودفن بمقبرة النخلة غربي سوق صاروجا غربي المدرسة الشامية المذكورة رحمه الله تعالى. 550 - علي بن مقرر: علي بن مقرر - بالقاف الساكنة وكسر الراء الأولى - الشيخ الصالح أحد أصحاب سيدي علي بن ميمون. توفي في سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة عشري رييع الثاني منها رحمه الله تعالى. 551 - علي بن ميمون المغربي: علي بن ميمون بن أبي بكر بن علي بن ميمون بن أبي بكر بن يوسف بن إسماعيل بن أبي بكر بن عطا الله بن حيون بن سليمان بن يحيى بن نصر، الشيخ المرشد المربي القدوة الحجة ولي الله تعالى العارف به السيد الشريف الحسيب النسيب أبو الحسن بن ميمون الهاشمي القرشي المغربي الغماري الفاسي أصله. كما قال ابن طولون من جبل غارا - بالغين المعجمة - من معاملة فاس، وقال الشيخ موسى الكناوي: أصله من غمارة، وسكن مدينة فاس، واشتغل بالعلم، ودرس، ثم تولى القضاء، ثم ترك ذلك ولازم الغزو على السواحل، وكان رأس العسكر، ثم ترك ذلك أيضاً، وصحب مشايخ الصوفية، ومنهم الشيخ عرفة القيرواني، فأرسل الشيخ عرفة إلى أبي العباس أحمد التوزي الدباسي، ويقال: التباسي - بالتاء - ومن عنده توجه إلى المشرق. قال الشيخ موسى: فدخل بيروت في أول القرن العاشر،

وكان اجتماع سيدي محمد بن عراق به أولاً هناك، ولما دخل بيروت مكث ثلاث أيام لم يأكل شيئاً، فاتفق أن ابن عراق كان هناك، وأتى بطعام، فقال لبعض جماعته: ادع لي ذلك الفقير فقام السيد علي بن ميمون، وأكل، وقال ابن عراق لأصحابه: قوموا بنا نزور الإمام الأوزاعي فصحبهم ابن ميمون لزيارته، ففي أثناء الطريق لعب ابن عراق على جواده كعادة الفرسان، فعاب عليه السيد علي بن ميمون. فقال له: أتحسن لعب الخيل أكثر مني؟ قال: نعم، فنزل ابن عراق عن فرسه، فتقدم إليه سيدي علي، فحل الحزام وشده كما يعرف، وركب ولعب على الجواد، فعرفوا مقداره في ذلك، ثم انفتح الأمر بينهما إلى أن أشهر الله تعالى الشيخ علي بن ميمون، وصار من أمره ما صار. قال الشيخ موسى: كذا أخبرني علي الغرياني المغربي شيخه علي الكيزواني، عن سيدي محمد بن عراق، وقال في الشقائق: إنه دخل القاهرة، وحج منها، ثم دخل البلاد الشامية، وربي كثيراًمن الناس، ثم توطن بمدينة بروسا، ثم رجع البلاد الشامية، وتوفي بها. قال: وكان لا يخالف السنة حتى نقل عنه أنه قال: لو أتاني السلطان أبو يزيد بن عثمان لا أعامله إلا بالسنة، وكان لا يقوم للزائرين، ولا يقومون، وإذا جاءه أحد من أهل العلم يفرش له جلدة شاة تعظيماً له، وكان قوالاً بالحق لا يخاف في الله تعالى لومة لائم، وكان له غضب شديد إذا رأى في المريدين منكراً يضربهم بالعصا. قال: وكان لا يقبل وظيفة ولا هدايا الأمراء والسلاطين، وكان مع ذلك يطعم كل يوم عشرين نفساً من المريدين، وله أحوال كثيرة، ومناقب عظيمة. انتهى. وكان من طريقته ما حكاه عنه سيدي محمد بن عراق في كتاب السفينة أنه لا يرى لبس الخرقة ولا ألباسها وذكر الشيخ علوان رضي الله تعالى عنه أنه كان لا يرى الخلوة، ولا يقول بها، وكان إذا بلغه أن أحداً سبه، أو ذمه، أو نسبه إلى جهل، أو فسق، أو بدعة يتأول ما يتأول عنه، وكان يقال عنه: كناز وكيماوي ومطالبي فيقول: نعم أنا كناز، وعندي كنز عظيم، ولكن لا يطلبونه ولا يسألوني عنه، وأنا كيماوي ولكن لا يطلبون ما عندي من الكيمياء، وأنا مطالبي وعندي مطلب نفيس مزهود فيه، ويشير إلى كنز العلم، ومطلب المعرفة، وكيمياء الحقيقة، وكان كثيراً ما يقول: جواب الزفوت السكوت، ومن وصاياه: إجعل تسعة أعشارك صمتاً، وعشرك كلاماً، وكان يقول: الشيطان له وحي وفيض، فلا تغتروا بما يجري في نفوسكم وعلى ألسنتكم من الكلام في التوحيد والحقائق حتى تشهدوه من قلوبكم، وكان إذا أتاه متظلم من الحكام يقول له: أصلح حالك مع الله، فمن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه، وبين خلقه، وكان ينهى أصحابه عن الدخول بين العوام، وبين الحكام، ويقول: ما رأيت لهم مثلاً

إلا الفأر والحيات فإن كلاً منهما مفسد فى الأرض، فالحيات مسلطة على الفار، والفار مسلطة على الناس، وكذلك العوام سلط بعضهم على بحض، فسلط الله تعالى الحكام عليهم، وكما أنه لا بد أن يسقط على الحية قاتلاً يقتلها أو يأتيها أجلها سلط على الظالم ظالماً آخر، وكان شديد الإنكار على علماء عصره، وكان يسمي القضاة القصاة والمشايخ المسايخ، والفقيه الفقيع من فقع اللبن إذ فسد، وكان من كلامه لا ينفع الدار إلا ما فيها، وكان يقول أيضاً: لا تشتغل بعد أموال التجار وأنت مفلس، وكان يقول: أسلك ما سلكوا تدرك ما أدركوا، وكان يقول: لا تخلطوا الحقائق ويستدل بقوله تعالى: " ولا تلبسوا الحق بالباطل " " سورة البقرة: الآية 42 " وكان يقول: عجبت لمن يقع عليه نظر المفلح. كيف لا يفلح قلت: وهو منقول عن سيدي أحمد بن الرفاعي - رضي الله تعالى عنه - وكان يقول: يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، ولا يبصر الجذع في عينه. قلت: هو حديث رواه الإمام أحمد من طريق أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - ولفظه يبصر أحدكم القذى في عين أخيه، وينسى الجذع في عينه، وكان يقول: كنزك تحت جمارك، وأنت تطلبه من عند جارك، وله كلام غير هذا، وله من المؤلفات شرح الجرومية على طريقة الصوفية، وكتاب " غربة الإسلام، في مصر والشام "، وما والاهما من بلاد الروم والأعجام، ورسائل عدة منها " بيان فضل خيار الناس، والكشف عن مكر الوسواس "، " ورسالة الإخوان، من أهل الفقه وحملة القرآن "، و " كشف الإفادة، في حق السيادة "، و " مواهب الرحمن، وكشف عورات الشيطان "، و " تذكرة السالكين "، و " تذكرة المريد المنيب، بأخلاق أصحاب الحبيب "، كنا في ترجمته لابن طولون ورسالة لطيفة سماها " تنزيه الصديق، عن وصف الزنديق "، ترجم فيها الشيخ محيي الدين بن العربي، وذكر في أولها أن سبب تأليفها أنه دخل دمشق في سنة أربع وتسعين وثمانمائة، فسمع عن بعض أهلها استنقاص الشيخ محيي الدين بعد أن زار الشيخ عبد القادر ابن حبيب الصفدي بها في شعبان من هذه السنة، وهو الذي عرفه بابن العربي، وبمقامه في الصالحية. قال: وكنت أسمع به في المغرب، ولا أدري من حاله سوى أنه من أهل العلم والخير، فقصدت زيارته، فانتهيت إلى حمام يقال له: حمام الجورة، فسألت من الحمامي أن يفتح لي باب مقامه، فصعد من بعض الجدران، وفتح في باب مقامه، فوجدته ليس فيه أثر العواد، وفيه عشب يابس يدل على أن أحداً لا يأتيه إلى أن قال: ثم قعدت عند قدميه الكريمتين كما ينبغي. بل أقول قعدت على سوء الأدب إذ هو أن أقف خارج المقام بالكلية في مقام السائل المقتر لكن أخطأت. وأسأل الله تعالى بلطفه أن يتوب علي من ذلك. قال: ثم رأيت في مشهد قبره عند رأسه حجراً مكتوباً فيه قوله تعالى: " ادع إلى سبيل ربك " " سورة النحل: الآية 125 " الآية، فعند ذلك قوي نور اعتقادي في الشيخ، وتزايد نوراً على نور حتى ملأ ظاهري وباطني، وكنت قصدت بلاد ابن عثمان رجاء الجواز من هناك إلى

المغرب، فدخلت برصة غرة المحرم سنة خمس وتسعين، فلما كان تسع وتسعمائة خطر بنا إلى تقييد بعض كلمات في إظهار شيء من محمود صفاته، ثم ذكر - رحمه الله تعالى - ترجمة الشيخ ابن العربي - رضي الله تعالى عنه - ودل هذا الكلام منه على أنه كان له اعتقاد زائد في ابن العربي، وهو ما عليه أعيان المتآخرين، ومن العلماء المحققين، والصوفية المتعمقين، رضي الله تعالى عنهم أجمعين -، ودل هذا الكلام منه أيضاً أنه - رضي الله تعالى عنه - دخل دمشق قبل القرن العاشر وذكر سيدي محمد بن عراق رضي الله تعالى عنه - في كتاب السفينة أن سيدي علي بن ميمون دخل دمشق سنة أربع وتسعمائة. - ودل هذا الكلام منه على أنه كان له اعتقاد زائد في ابن العربي، وهو ما عليه أعيان المتآخرين، ومن العلماء المحققين، والصوفية المتعمقين، رضي الله تعالى عنهم أجمعين -، ودل هذا الكلام منه أيضاً أنه - رضي الله تعالى عنه - دخل دمشق قبل القرن العاشر وذكر سيدي محمد بن عراق رضي الله تعالى عنه - في كتاب السفينة أن سيدي علي بن ميمون دخل دمشق سنة أربع وتسعمائة. وذكر ابن طولون في تاريخه مفاكهة الإخوان أن سيدي علي بن ميمون أول ما دخل دمشق دخل في أواخر سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، فهرع الناس إليه للتبرك به، ونزل بحارة السكة بالصالحية، وصار يعمل بها ميعاداً، ويرشد الناس، وممن صعد إليه للأخذ عنه الشيخ عبد النبي شيخ المالكية، والشيخ شمس الدين بن رمضان شيخ الحنفية، وسلكا على يديه، وخلق من الفضلاء انتهى. ولا تنافي بين هذا وبين ما تقدم لأن ما ذكره ابن طولون هو مبلغ علمه إذا لم يعلم بقدمة ابن ميمون الأولى، والثانية حين ذكر هذا الكلام، وأيضا فإن سيدي علي بن ميمون لم يشتهر في بلاد العرب بالعلم والمشيخة والإرشاد إلا بعد رجوعه من الروم إلى حماة سنة إحدى عشرة، ومكث بها مدة طويلة، ثم قدم منها إلى دمشق في سابع عشري رجب سنة ثلاث عشرة وتسعمائة كما ذكره سيدي محمد بن عراق في سفينته، وتقدم في ترجمة ابن عراق من هذا الكتاب. قال ابن عراق: وأقام - يعني شيخه ابن ميمون - في قدمته هذه ثلاث سنوات، وخمسة أشهر، وأربعة عشر يوماً يربي ويرشد ويسلك ويدعو إلى الله تعالى على بصيرة. قال: واجتمع عليه الجم الغفير. قال: وكنت حينئذ متجرداً معي جماعة ممن أصلحهم عشرة سيدي الشيخ عبد النبي مفتي المالكية وسيدي محمد بن رمضان مفتي الحنفية، وسيدي أحمد بن سلطان كذلك، وسيدي عبد الرحمن الحموري مفتي الشافعية، وسيدي إسماعيل الدنابي خطيب جامع الحنابلة، وأبو عبد الرحمن قيم الجامع، وسيدي عيسى القباقبي المصري، وسيدي أحمد ابن الشيخ حسن، وجاره حسن الصواف، وسيدي الشيخ داود العجمي. انتهى. قلت: وكان ممن اصطحب به شيخ الإسلام الجد - رضي الله تعالى عنه - وكان يحضر سيدي علي بن ميمون دروسه ومجالسه، فكان الجد - رضي الله تعالى عنه - يقول لابن ميمون حين يحضر عنده: يا سيدي علي أمسك لي قلبي. أمسك لي قلبي، وممن اجتمع به شيخ الإسلام الوالد، وكان يومئذ في سن الثماني أو التسع لكنني لم أتحقق عنه أنه أخذ عنه شيئاً، أو

لم يأخذ عنه، وكان شيخنا الشيخ حسن الصلتي المقري يذكر أنه رأى سيدي علي بن ميمون، وحضر مجالسه، فعلى هذا يكون بحمد الله تعالى قد صحبنا في طريق الله تعالى من صحبه، ومن كراماته أنه حصلت بين رجلين من الفقراء المتجردين عنده منافرة، فخرج أحدهما على وجهه، فسمع الشيخ بذلك، فقال: لمن كان السبب في ذلك: إما أن تأتي به، وإما أن تذهب عني، فلم يلبث يسيراً إلا والذي خرج على وجهه قد دخل على الشيخ، وهو يبكي، وذكر أن الشيخ تشكل له في صورة أسد، وكان كلما توجه إلى طريق منعه من سلوكها، ومن كراماته أن المطر حبس بدمشق في سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، فكتب سيدي علي بخطه درجاً إلى نائب دمشق سيبائي، فحضر النائب بالدرج إلى الجامع الأموي في يوم الجمعة رابع رمضان، فقرأه على مفتي دار العمل السيد كمال الدين بن حمزة، وقضاة القضاة الثلاثة الشافعي ابن الفرفور، والمالكي خير الدين، والحنبلي نجم الدين بن مفلح، فإذا فيه آيات من القرآن العظيم، وأحاديث من السنة في التحذير للترك ونحوهم من الظلم، ثم انتقل إلى الفقهاء والقضاة فحذرهم من أكل مال الأوقاف، ثم حث على الاستغفار، وذكر ما يتعلق بذلك، ومن نقل ذلك من السلف بحيث أن سيبائي ذرف دمعه فهم في أثناء قراءة الدرج وقع المطر، وجاء الله تعالى بالغيث كذلك ذكر هذه الواقعة ابن طولون، وأنا لا أشك في أنها كرامة ظاهرة، وانتقد ابن طولون على الدرج المذكور أن صاحب الترجمة تعرض فيه لذكر الشيخ تقي الدين ابن قاضي عجلون وبذكر غيره، ولامهم فيه على ترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأنا أقول: لا انتقاد عليه في ذلك أصلاً، فإنه أراد النصيحة، وأظن أن الفتنة التي وقعت بين التقوي ابن قاضي عجلون، وابن أخته السيد كمال الدين، وبقية أعيان دمشق بسبب دم التربة كما تقدم شرحها في ترجمة السيد وغيرها أيضاً. إنما كانت بسبب توجه سيدي علي بن ميمون بقلبه عليهم، وتكدر خاطره، ويؤيد ذلك أن هدم التربة المذكورة كان في ثاني رمضان المذكور، ثم استفتي الشيخ تقي الدين في هذه الأيام في هذه الواقعة، وأفتى بعدم الهدم، ثم هاجت الفتنة بعد ذلك، وانتشر شرها، وتطاير شررها حتى طلب الشيخ تقي الدين وابن أخته وآخرون إلى السلطان الغوري بمصر، وصودروا بأموال كثيرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم رأيت ابن طولون ترجم سيدي علي بن ميمون في التمتع بالأقران، وذكر من مصنفاته " بيان فضل خيار الناس، والكشف عن مكر الوسواس "، و " الرسالة الميمونية، في توحيد الجرومية "، و " بيان غربة الإسلام، ورسالة الإخوان، من أهل الفقه وحملة القران "، و " كشف الإفادة، في حسن السيادة "، و " مواهب الرحمن، في كشف عورات الشيطان "، وغير ذلك، وقال: قدم دمشق فتلقاه الشيخ عبد النبي، وأنزله بحارة السكة بالصالحية، وهرع للسلام عليه طلبة العلم والفضلاء والعلماء والقضاة والأمراء، وصار يسأل كلاً عن اسمه، وينهاه عن ذكره اللقب إن

ذكره، ثم عن حرفته ويوصيه بتقوى الله تعالى، ثم يوجه نفسه إلى القبلة، ويرفع يديه إلى وجهه ويقرأ له الفاتحة، ويدعو له ويصرفه، وإن رأى في ملبسه شيئاً منكراً ذكره. قال: ثم عقد للتسليك مجلساً في منزله، فتلمذ له خلق من المذاهب الأربعة كالشيخ عبد النبي من المالكية، والشمس ابن رمضان من الحنفية، والشهاب بن مفلح من الحنابلة، والزين الحموري من الشافعية، وآخر من تسلك على يديه منهم القاضي أبو عبد الله محمد بن عراق، وشاع ذكره وبعد صيته، وصار كلامه مسموعاً عند الأمراء خصوصاً نائب الشام سيبائي، ولهم فيه اعتقاد زائد، ثم قال ابن طولون: اجتمعت به وسلمت عليه، ثم ترددت إلى مجلسه، فما رأت عيني أعظم شأناً منه لكنه كان يستنقص الناس، وقال أحياناً: ما رأيت في هذه المملكة أعلم من ابن حبيب الصفدي. قال: وكان ابن حبيب مشهوراً بمحبة ابن العربي، ويتبجح بها انتهى. قلت: وما ذكره عن أنه كان يستنقص الناس هذا إنما كان من سيدي علي بن ميمون على سبيل التنهيض لمن يستنقصه، وينكر عليه لا على سبيل احتقار الناس واستصغارهم، وتأييد نفسه عليهم، ومن كرامات ابن ميمون - رضي الله تعالى عنه - أيضاً ما ذكره الشيخ علوان في شرح تائية ابن حبيب أن رجلاً من أعيان دمشق وفضلائها في العلم والتدريس. قال: فبلغني أنه تفرس فيه أنه لا يكون منه نتيجة، وكان ذلك بعد أن تجرد ذلك الرجل وارتكب أنواعاً من الرياضة والمجاهدات، وحكى سيدي محمد ابن سيدي علوان في تحفته. قال: أخبرني شفاهاً جمع ممن سكن قرية مجدل معوش التي هي قرية الشيخ، وقبره فيها أنه كان في جوارهم، وفي قريتهم كروم قد يبست أغصانها، وفسدت عروقها، وتعطلت بالكلية، فمذ حل الشيخ المذكور بتلك الأراضي عادت الأراضي المجدبة مخصبة، وعادت أشجار العنب المذكورة أيضاً إلى أحسن ما يكون، وأينعت ثمارها. قال: وهي مستمرة من ذلك الآن إلى هذا الزمان، ولم يعرف ذلك إلا من بركته، وذكر أيضاً أن بعض أهل العلم حكى له، وقد توجه لزيارة قبر سيدي علي بن ميمون - رضي الله تعالى عنه - في سنة سبع وثلاثين وتسعمئة فقال: إن من غريب كرامات من أنتم متوجهون لزيارته، ما شاهدته بعيني ذلك أن رجلاً من الأجناد أرسل كلباً قال: أو صقراً على غزال، فركضت الغزال حتى جاءت إلى الأرض التي هو مدفون فيها، فدخلتها واجتمعت في ظل الشيخ، فقيل للجندي: دعها فإنها قد فعلت فعل العائذ بقبر الشيخ، فلم يلتفت إلى مقالتهم، وجاء إليها وهي قائمة، فلم تبرح مكانها، حتى أمسكها الجندي بيده وذبحها وأكل من لحمها، فلما فرغ من أكله أخذه وجع في بطنه، واستمر حتى مات من ليلته، فلما غسل كان لحمه على المغتسل متقطعاً قطعاً حتى كأنه أكل شيئاً مسموماً قال: فعلمت أنا وغيري أن ذلك كله من بركة الشيخ انتهى.

وكان سبب انتقال سيدي علي بن ميمون من دمشق إلى مجدل معوش، وهي قرية من معاملة بيروت أنه دخل عليه، وهو بصالحية دمشق قبض، واستمر ملازماً له حتى ترك مجلس التأديب، وأخذ يستفسر عن الأماكن التي في بطون الأودية، ورؤوس الجبال حتى ذكر له سيدي محمد بن عراق مجدل المعوش، فهاجر إليها في ثاني عشر المحرم سنة سبع عشرة وتسعمائة. قال سيدي محمد بن عراق: ولم يصحب غيري، والولد علي، وكان سنه عشر سنين، وشخصاً آخر عملاً بالسنة، وأقمت معه خمسة أشهر، وتسعة عشر يوماً، وتوفي ليلة الاثنين حادي عشر جمادى الآخرة، ودفن بها في أرض موات بشاهق جبل حسبما أوصى به. قال: ودفن بعده خارج حضرته المشرفة رجلان وصبيان وامرأتان، وأيضاً امرأتان وبنتان الرجلان محمد المكناسي، وعمر الأندلسي والصبيان عبد الله، وكان عمره ثلاث سنين، وموسى بن عبد الله التركماني، والامرأتان أم إبراهيم وبنتها عائشة زوجة الذعري، والامرأتان الأخريان مريم القدسية، وفاطمة الحموية، وسألته عند وفاته عن أمور منها: أين أجعل دار هجرتي؟ فقال: مكان يسلم فيه دينك ودنياك، ثم تلا قوله تعالى: " إن الذين توفاهم الملائكة " " سورة النساء: الآية 97 " وقال ابن طولون في حوادث سنة سبع عشرة وتسعمائة من تاريخه: ويوم الجمعة تاسع عشرته - يعني جمادى الآخرة - بعد صلاتها بالجامع الأموي نودي بالسدة بالصلاة غائبة على الشيخ العالم السيد علاء الدين علي بن ميمون المغربي. قال: وقد صح أنه توفي ليلة الخميس حادي عشرة بتل القرب من مجدل معوش، وبه دفن انتهى. ولم يختلف قول سيدي محمد بن عراق في السفينة، وقول ابن طولون، والشيخ موسى الكناوي أن سيدي علي بن ميمون توفي في ليلة الحادي عشر من جمادى الآخرة غير أن في كلام ابن طولون أنه كان يوم الخميس، وتقدم أنه كان يوم الاثنين، وقول ابن طولون أصح لأنه أرخ هو والحمصي وغيرهما مستهل جمادى المذكورة أنه كان يوم الاثنين، فيكون حادي عشرة يوم الخميس بلا شك رحمه الله تعالى. 552 - علي بن ناصر المكي: علي بن ناصر، الشيخ، الإمام، العالم، العلامة علاء الدين ابن ناصر المكي. أخذ صحيح البخاري عن المسند زين الدين عبد الرحيم المكي الأسيوطي، وعن غيره عن الحجار، وتفقه بالشرف المناوي عن الولوي ابن العراقي عن أبيه عن أبي النعمان عن النووي، ومن مؤلفاته " مختصر المنهاج وشرحه " وله تأليف في الحديث والتفسير والأصول أجاز البرهان العمادي الحلبي في ذي القعدة سنة خمس عشرة وتسعمائة.

553 - علي بن يوسف الفناري: علي بن يوسف بن أحمد، العالم، العلامة، المولى علاء الدين سبط المولى شمس الدين الفناري الرومي الحنفي. رحل في شبابه إلى بلاد العجم، فدخل هراة، وقرأ على علمائها، ثم إلى سمرقند وبخارى، وقرأ على علمائها أيضاً، وبرع في كل علم حتى جعلوه مدرساً، ثم غلب عليه حب الوطن، فعاد إلى بلاد الروم في أوائل سلطنة محمد خان بن عثمان، وكان المولى الكوراني يقول له: لا تتم سلطتك إلا أن يكون عندك واحد من أولاد الفناري، فلما دخل بلاد الروم أعطاه السلطان محمد مدرسة مناستر بمدينة بروسا بخمسين درهماً، ثم مدرسة والده مراد خان بالغازي بها بستين درهماً، ثم ولاه قضاء بروسا، ثم قضاء العسكر، ومكث فيه عشر سنين، وارتفع قدر العلماء في زمان ولايته إلى أوج الشرف، وكان أيامه تواريخ، ثم عزله ورتب له ولأولاده مرتبات سنية، ثم لما تولى ولده أبو يزيد خان السلطنة من بعده جعل المولى علاء الدين قاضياً بالعسكر في ولاية روم إيلي، ومكث فيه ثماني سنوات، ثم عزله ورتب له ما يكفيه، وكان شديد الاهتمام بالعلم، وكان لا ينام على فراش وإذا غلبه النوم استند إلى الجدار والكتب بين يديه، فإذا استيقظ ينظر في الكتب، ولم يعتن بالتصنيف كثراً، ولكنه شرح الكافية في النحو، وشرح قسم التجنيس كذا من الحساب، وكان ماهراً في سائر العلوم، ثم خدم الشيخ العارف بالله تعالى حاج خليفة، ودخل الخلوة عنده، وحصل له من علوم الصوفية فوق لكنه كان مغري بصحبة السلاطين بحيث كان يغلب عليه الصمت إلا إذا ذكر له صحبته مع السلاطين، فعند ذلك يورد الحكايات اللطيفة والنوادر، ومن لطائفة أنه كان يوماً وجماعة ينتظرون الإفطار في رمضان، وكان يوماً شديد الحر فاستبطأوا المغرب. فقال: الشمس أيضاً لا تقدر على الحركة من شدة الحر، وحكى عنه تلميذه المولى الخيالي أنه قال يوماً: ما بقي من حوائجي إلا ثلاث الأولى أن أكون أول من يموت في داري، والثانية أن لا يمتد بي مرض، والثالثة أن يختم لي بالإيمان. قال الخيالي: فكان أول من مات في الدار، وتوضأ يوماً للطهر، ثم مرض وحم ومات مع أذان العصر. قال: فاستجيبت دعواته في الأوليين، وظني أنه أجيبت في الثالثة، وتوفي في سنة ثلاث وتسعمائة تقريباً رحمه الله تعالى. 554 - علي بن يوسف البصروي: علي بن يوسف بن أحمد الشيخ الإمام العلامة

علي الدين الدمشقي العاتكي الشافعي، الشهير بالبصروي. قالى النعيمي: ولد كما أخبرني به سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، ثم رأيت بخطه أنه ولد في سنة ثلاث وأربعين. انتهى. واشتغل في العلم، وبرع في الفقه وغيره، ولازم شيخ الإسلام رضي الدين الغزي جد والدي، وولده العلامة القاضي شهاب الدين وهو عم والدي، ثم اصطحب مع جدي الشيخ رضي الدين على المشايخ، وكتب أشياء من مؤلفات بيننا ومن غيرها - رحمه الله تعالى - وكانت وفاته في منتصف نهار الأربعاء سادس عشر رمضان سنة خمس وتسعمائة، وهو والد الخطيب جلال الدين البصروي الآتي في الطبقة الثانية إن شاء الله تعالى. 555 - علي بن يوسف النواوي: علي بن يوسف بن خليل، الشيخ العالم الصالح المدرس علاء الدين النواوي، ثم الدمشقي الشافعي قال النعميمي: ميلاده كما أخبر به في حادي عشر شوال سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، وكان يتكسب بالشهادة، وكان مصاباً بإحدى عينيه. توفي ليلة الخميس عاشر صفر سنة إحدى وتسعمائة، ودفن بالمقبرة غربي جامع برسباي بمحلة سوق ساروجا بوصية منه رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 556 - علي ابن يونس الخطيب: علي بن يونس، السيد الشريف الخطيب علاء الدين بن شيخ الشيوخ بحلب شرف الدين الحسيني، الشافعي، كان كأبيه خطيباً بجامع المهمندار بحلب قال ابن الحنبلي: ذهب إلى زبيد من بلاد اليمن، لما بلغه وصول أخيه الرشيد الشريف زين العابدين إليها، فمات بها قبل أن يراه سنة تسع - بتقديم المثناة - وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 557 - علي الدقاق: علي، الشيخ الصالح المعتقد علاء الدين الدقاق الدمشقي. كان كثير العبادة والخير. وكان للناس فيه مزيد اعتقاد، وله شهرة في ذلك. توفي يوم الخميس سابع شوال سنة اثنتين وتسعمائة وقد قارب المائة رحمه الله تعالى. 558 - علي الصابون: علي الرئيس نور الدين الصابوني ناظر الجيوش الشريفة بمصر. توفي أوائل رمضان سنة ست وتسعمائة رحمه الله تعالى.

559 - علي الحنفي: علي الشيخ علاء الدين الدمشقي الحنفي. نزيل جامع المهمندار بحلب، كان ديناً خيراً تردد إلى الشيخ شمس الدين بن الشماع الأيوي، وصحب الشيخ شهاب الدين المرعشي، ومن مناقبه أنه أطلع على ليلة القدر، وكان له شعر ولطافة وذوق فمن شعره: إذا لم تكن لي ملجأ عند فاقتي ... ولا لي في إفناء فضلك مرتع فلا أنت تحييني إذا كنت ميتاً ... ولا أنت لي يوم القيامة تشفع وقال مضمناً: إذا أسمعتني يوماً مقالاً ... ذميماً إذ تبالغ في ذما صبرت على الأذى منك احتساباً ... ولي أذن عن الفحشاء صما وحكي أنه خرج في صحبة الشيخ شهاب الدين المرعشي إلى جانب نهر حلب، فأنشد الشيخ شهاب الدين المرعشي: جلسناعلى روض من الخز لين ... وللصحب من نسج السحاب سدير وللقوم قول مطرب لبقاعه ... وللماء من فوق الصخور خرير وأنشد صاحب الترجمة على أثره: جلسنا على مرج نضير مزخرف ... بأنوار أزهار، وماء مطرد وقد نظم الأنواء ليلاً بجيدها ... عقود لآل من سقيط الندى يدي وكانت وفاته في حدود التسعمائة رحمه الله تعالى، 560 - علي البكائي: علي العالم الفاضل المولى علاء الدين البكائي، الرومي، الحنفي. قرأ على علماء عصره، وصار مدرساً ببعض مدارس الروم، ثم درس في سلطانية بروسا، ثم بإحدى الثماني، ثم عين له كل يوم ثمانون درهماً، ونصب مفتياً في بروسا وكان سليم الطبع، شديد الذكاء، وانتفع به كثيرون، ولم يصنف شيئاً، وتوفي في سنة تسع - بتقديم المثناة - وتسعمائة وقيل في تاريخه: وحيد مات مرحوم سعيداً. 561 - علي النبتيتي: علي النبتيتي، الشافعي، الشيخ الإمام العالم العلامة ولي الله تعالى العارف به، البصير بقلبه، المقيم ببلدته نبتيت من أعمال مصر. كان رفيقاً للقاضي زكريا في الطلب والاشتغال، وبينهما إخوة أكيدة، وكان قد أخذ العلم عن جماعة، منهم

الشيخ كمال الدين ابن إمام الكاملية، والمشهور بالعلم والولاية، وكان النبتيتي من جبال العلم، متضلعاً من العلوم الظاهرة والباطنة، وله مكاشفات لطيفة، وأخلاق شريفة، وأحوال منيفة، وكان يغلب عليه الخوف والخشية حتى كأن النار لم تخلق إلا له وحده، وكان الناس يقصدونه إلى موضع إقامته بناحية نبتيت للعلم، والإفتاء، والإفادة، والتبرك، والزيارة من سائر الآفاق، وكان ترفع إليه المسائل المشكلة من مصر والشام والحجاز، فيجيب عنها نثراً ونظماً، وكانت نصوص الشافعي وأصحابه نصب عينيه، وكان مخصوصاً في عسكره بكثرة اجتماعه بالخضر عليه السلام، وقد تقدم في ترجمة القاضي زكريا سؤاله عنه، وعن غيره من العلماء، وقول الخضر عليه السلام عن الشيخ زكريا: له نفيسة. قال الشعراوي: وسألته عن شروط الاجتماع بالخضر عليه السلام، فقال لي: هي ثلاثة شروط: الأول: أن يكون على سنة في جميع أحواله، الثاني: أن لا يكون حريصاً على الدنيا، ولا يبيت على دينار ولا درهم إلا للدين الثالث: أن يكون سليم الصدر لأهل الإسلام ليس في قلبه غل ولا حقد ولا حسد لأحد منهم، ثم قال: فمن لم تجتمع فيه هذه الشروط لا يجتمع به الخضر، ولو كان على عبادة الثقلين، وكان إذا نزل ببلده أو أقليمه بلاء يقول: هذا سبب ذنب علي، وكان إذا نزل بالمسلمين بلاء لا يأكل ولا ينام ولا يضحك، ويقول: هذا من شرط المؤمن، وكان وقته كله معموراً بالعلم والعبادة ليلاً ونهاراً، وكان يقول: لا يكمل الرجل في العقل إلا إن كان كاتب الشمال لا يجد شيئاً من أعماله يكتبه، وله مناقب كثيرة، ومن شعره رضي الله تعالى عنه. ومالي لا أنوح على خطائي ... وقد بارزت جبار السماء قرأت كتابه وعصيت سراً ... لعظم بليتي ولشؤم رائي بلائي لا يقاس به بلاء ... وأعمالي تدل على شقائي فيا ذلي إذا ما قال ربي: ... إلى النيران سوقوا ذا المرائي فهذا كان يعصيني جهاراً ... ويزعم أنه من أوليائي تصنع للعباد، ولم يردني ... وكان يريد بالمعنى سوائي في أبيان آخر، وكانت وفاته يوم عرفة سنة سبع عشرة وتسعمائة، ودفن ببلده وقبره بها ظاهر يزار رحمه الله تعالى. 562 - علي بن الخباز: علي الشيخ الصالح نور الدين بن الخباز البغدادي العاتكي. كان يأكل من كسب يمينه، ويتسبب بنسج القطن بالقرب من مقابر الحمرية، وكان يجتمع عليه في كل جمعة جماعة، فيذكرون الله تعالى بالقرب من ضريح سيدي يحيى بالجامع الأموي

برفع الصوت. توفي يوم الأربعاء حادي عشر رمضان سنة إحدى عشرة وتسعمائة. رحمه الله تعالى. 563 - علي الرملي: علي، الشيخ الفاضل القاضي علاء الدين الرملي الشافعي خليفة الحكم العزيز بدمشق. توفي مقتولاً بين المغرب والعشاء ليلة السبت جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة وتسعمائة بسوق الرصيف بالقرب من الجامع الأموي، وهو السوق المعروف الآن بدرويش باشا بسوق عند باب البريد. خرج عليه جماعة فقتلوه، ولم يعلم قاتله، واتهم بقتله القاضي شهاب الدين الرملي إمام الجامع الأموي لما كان بينهما من المخاصمات الشديدة رحمه الله تعالى. 564 - علي بن المذاقف: علي، الشيخ نور الدين، المصري، الشافعي نزيل حلب الشهير بابن المذاقف. كان يؤدب الأطفال بمسجد قاقان كذا بحلب، ويصرف جميع ما يحصل من قبلهم في جميع الخير، قانعاً بالقميص وبالعباءة، كان حسن الصوت في التلاوة، سليم الصدر، معتقداً في القلوب، وكان خير بك حين كان كافل حلب يعتقده كثيراً له نوع اشتغال على البدر بن السيوفي، وكان يطنب في مدح الجرومية في النحو توفي سنة عشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 565 - علي البليلي: علي البليلي، المغربي، الشيخ الزاهد الصالح نزيل القاهرة، كان أصله من قبيلة من عرب المغرب. يقال لها: بائلة، وكان على قدم عظيم في العبادة، وكان يقيم مرة بمصر مجاوراً بالأزهر، ومرة بمكة، ومرة بالقدس، ودخل إلى مصر في أيام الغوري، وعلى بطنه سبعة دنانير على اسم الحج، وكان يسأل الناس، وكل، فدخل يوماً إلى سوق الجملون، فوقف على أول دكان. فقال له صاحبها: يفتح الله، فوقف على الثاني. فقال له كذلك، فوقف على الثالث فقال له: أصرف لك ديناراً من السبعة التي على بطنك، ورزق الحج على الله تعالى، فأخذ الدنانير من بطنه، ورمى بها في الشارع، ثم لم يربط على دينار بعدها، وكان له خلق حسن، وعلم وافر. توفي بعد العشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 566 - علي الدميري: علي الدميري، الشيخ الصالح المجذوب. كان مكشوف الرأس منلفاً في بزة بحيث كان من يراه يعتقده أنه أنه أعجمي، وكان لا يتكلم إلا قليلاً جداً كلمات خفيات في كل ثلاث أيام، وكان لا يدخل بيت الحاجة إلا في كل ثلائة أشهر مرة واحدة،

وكانت وفاته سنة أربع وعشرين وتسعمائة، ودفن في المسجد المقابل لباب ابن خاص بك بين القصرين بالقاهرة، وقبره ظاهر يزار رحمه الله تعالى. 567 - علي دولات: علي دولات. قتله السلطان سليم بن عثمان في حدود إحدى وعشرين وتسعمائة. 568 - علي الكردي: علي الكردي، الشيخ الصالح، الورع. الزاهد، العارف بالله تعالى الشافعي. المذهب، القاطن بدمشق. كان من مشاهير الأولياء بدمشق، وعمه شيخ الإسلام الجد ممن اصطحب بهم من أولياء الله تعالى وكان من أهل السنة كثير الإنكار على المبتدعة يحب الحديث وأهله، ويسأل من أمور دينه من العلماء الشافعية، وسافر إلى مجدل معوش، وأخذ عن سيدي محمد بن عراق حين كان به بعد موت سيدي علي بن ميمون، وكان يتستر بالتجاذب في بداءة أمره، وكان يركب قصبة، ويحمل أخرى، ويجعل في رأسها ذنب ثعلب، وكان يتطور في لباسه، فتارة يلبس لباس الترك، وتارة زي مشايخ العرب، وتارة لباس أولاد العرب، وتارة يحمل معه طيراً من خشب، وتارة من حديد، وتارة يحمل رمحاً، وربما كان يركب فرساً، ويلبس درعاً وخوذة، ويطوف في نواحي البلد، وكان للناس فيه اعتقاد زائد، وكان في آخر أمره يلازم صلاة الجمعة على الدكة التي كانت موضوعة تجاه محراب الحنفية بالأموي، وهو المعروف الآن بمحراب الأولي، وإمامه شافعي، وكان يضع جميع أمتعته فوق الدكة، فإن وجد أحداً فوق الدكة أزعجه، ومن مشهور وقائعه أنه دخل على جان بردي الغزالي حين كان نائباً في دمشق، وعليه. أي على الشيخ علي لباس الحرب، وبيده رمح، فعسر ذلك على الغزالي، وأمر أن يقبض عليه، فقبضوا عليه ووضعوه في الحديد، واستودعوه بالبيمارستان، وضيقوا عليه، وتركوه وذهبوا، فما كان إلا لحظة واحدة، وإذا به مفلت من غير أن يطلقه أحد. وحدثني من أثق به، عن الشيخ علي بن عبد الرحيم الصالحي، عن الشيخ الصالح البرهان إبراهيم التبيلي أنه قال: كان الشيخ علي الكردي ذات يوم جالساً بالمقصورة من الجامع الأموي، فمر عليه إنسان، فسلم عليه فقال الشيخ علي: وعليك السلام سليمان سليمان، ثم التفت الشيخ علي إلى من عنده. فقال: هذا السلطان سليمان، فنظروا فلم يجدوا لذلك الإنسان علماً، ولا خبراً، ولا عيناً، ولا أثراً، ثم توفي الشيخ علي، وكانت تولية السلطان سليمان السلطنة بعد موته بمدة قليلة، وكانت وفاته بالكلاسة يوم الجمعة رابع القعدة سنة

خمس وعشرين وتسعمائة، وصلوا عليه بالجامع الأموي، ورجعت جنازته على الرؤوس: ودفن بالروضة بالسفح القاسيوني بوصية منه - رحمه الله تعالى رحمة - واسعة. 569 - علي الجارحي: علي الشيخ الفاضل، العلامة نور الدين الجارحي المصري شيخ مدرسة الغوري، وكان مبجلاً عند الجراكسة، وكان من قدماء فقهاء طباقهم يكتب الخط المنسوب، وظفر منهم بعز وافر. قاله العلائي. وقال الشعراوي: كان قد انفرد في مصر بعلم القراءات هو والشيخ نور الدين السمنهودي، وكان يقريء الأطفال تجاه الجامع الغمري، وكان إذ نظر إلى الطفل رعد من هيبته، وكان مذهب الإمام الشافعي نصب عينيه، وما دخل عليه وقت وهو على غير طهارة، وقال: إنه كان ليله ونهاره في طاعة ريه وكان يتهجد كل ليلة بثلث القرآن انتهى. وكان وفاته في شعبان سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة. رحمه الله تعالى. 570 - علي الأشموني: علي، الشيخ الإمام العالم العامل، الصدر الكامل أبو الحسن نور الدين الأشموني، الشافعي، الفقيه المقريء، الأصولي. كما ترجمه بذلك تلميذه شيخ الإسلام الوالد بخطه، وذكر أنه أخذ القراءات عن ابن الجزري، وقال الشعراوي: إنه نظم المنهاج في الفقه وشرحه، ونظم جمع الجوامع في الأصول، وشرحه، وشرح ألفية ابن مالك شرحاً عظيماً، وكان متقشفاً في مأكله وملبسه وفرشه، وكانت وفاته في حدود هذه الطبقة لعلها بين العشرين إلى الثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 571 - علي الشربوني: علي الشربوني المصري، الشيخ الصالح القدوة أحد أصحاب سيدي الشيخ شعبان القطوري الشاذلي. كان يغلب عليه الاستغراق، يلبس الثياب الفاخرة حتى يحسبه من رآه قاضياً، وكان له خوارق وكرامات، وربما تحدث بها شكراً، وكان ينظم الموشحات الغريبة في معالم الطريق. توفي سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة. 572 - عمر بن إبراهيم بن مفلح الحنبلي: عمربن إبراهيم بن محمد بن مفلح قاضي قضاة الحنابلة نجم الدين ابن قاضي قضاتها برهان الدين بن مفلح الراميني الأصل الصالحي الدمشقي الحنبلي. ولد في سنة ثمان وأربعين وثمانمائة، وكان من أعيان دمشق وأصلائها. أخذ عن والده وعن غيره، وولي قضاء الحنابلة بدمشق مراراً آخرها في سنة عشر وتسعمائة، واستمر فيه إلى أن توفي ليلة الجمعة ثاني شوال سنة تسع - بتقديم المثناة - عشرة

وتسعمائة، وصلي عليه نهار الجمعة بعد صلاتها بالأموي، وحضر للصلاة عليه نائب الشام سيبائي والقضاة الثلاثة، وخلائق لا تحصى، ودفن بالصالحية على والده رحمه الله تعالى 573 - عمر ابن جانبك: عمر بن جانبك الشيخ زين الدين الدمشقي أحد العدول مولده سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة بها، وقرأ على الزين بن العيني، وأجاز له الشهاب بن زيد، وكان فاضلاً، وكان يجلس هو والشيخ بدر الدين الياسوفي للشهادة بدكات باب البريد بالجامع الأموي، توفي يوم الثلاثاء سادس عشري ربيع الأول سنة ست وتسعمائة رحمه الله تعالى. 574 - عمر بن سليمان المقريء: عمر بن سليمان، الشيخ العالم الفاضل زين الدين ابن الشيخ سليمان المقرئ. توفي بدمشق يوم السبت ثالث عشري ربيع الأول سنة سبع - بتقديم السين. وتسعمائة رحمه الله تعالى. 575 - عمر بن عبد الباسط: عمر بن عبد الباسط المقر الأشرف. ركن الدين ابن المقر الأشرف ناظر الجيوش بالديار المصرية زين الدين أبي الهبات عبد الباسط، كان مقيماً بالقاهرة، فتوجه إلى دمشق للتحرير على جهاتهم بدمشق، فمات بها يوم الجمعة ثاني رجب سنة تسع - بتقديم المثناة - وتسعمائة. قال الحمصي: وكان أخوه الزيني عبد الرحمن سافر إلى دمشق للتحرير على جهاتهم، فتوفي أيضاً بدمشق رحمهما الله تعالى. 576 - عمر بن عبد الرحمن الأسدي: عمر بن عبد الرحمن، الشيخ العلامة زين الدين الأسدي هو من أهل هذه الطبقة ومن شعره قوله ملمحاً بالحديث: من كان يرجو رحمة الله في ... يوم به خطب الورى يعظم يكن لمن في الأرض ذا رحمة ... فإنما يرحم من يرحم 577 - عمر بن عبد العزيز الفيومي: عمر بن عبد العزيز، الشيخ الفاضل سراج الدين أبو حفص الفيومي الأصل، الدمشقي. كان له مشاركة جيدة. وقال الشعر الحسن، وله ديوان شعر في مجلد ضخم، ومدح الأكابر والأعيان، وخمس البردة تخميساً حسناً رزق فيه السعادة التامة، واشتهر في حال حياته، وكتبه الناس لحسنه وعذوبة ألفاظه، ومن شعره: إن كان هجري لذنب حدثوك به ... عاتب به ليبين العبد أعذاره وإن يكن حظ نفس ما له سبب ... فلا تطعها فإن النفس أماره وتوفي بدمشق سنة سبع - بتقديم السين - وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب السريجة على والده رحمه الله تعالى.

578 - عمر بن علي بن الصيرفي: عمر بن علي بن عثمان بن عمر بن صالح، الشيخ الإمام العالم العلامة أقضى القضاة، الخطيب المصقع، المسند المحدث سراج الدين ابن الشيخ الحافظ العلامة شيخ الإسلام علاء الدين بن الصيرفي الشافعي. ولد في سنة أربع وعشرين وثمانمائة. قاله الحمصي، وقال النعميمي: سنة خمس وعشرين، وقيل: سنة ثلاثين وثمانمائة، وكان له أسانيد عالية بالحديث النبوي، ولي نيابة القضاء بدمشق مدة طويلة، والعرض، والتقرير، وباشر خطابة الجامع الأموي نحو أربعين سنة، وكان وفاته ليلة الأحد سابع شوال سنة سبع - بتقديم السين - عشرة وتسعمائة، وصلى عليه السيد كمال الدين بن حمزة بالأموي، ودفن بمقبرة باب الصغير على والده الحافظ علاء الدين الصيرفي غربي باب الصغير في آخرها جوار مسجد النارنج رحمهما الله تعالى. 579 - عمر ابن التراب: عمر القاضي زين الدين بن التراب الحنفي. توفي بدمشق في رمضان سنة تسع وتسعمائة - بتقديم السين. 580 - عمر الأبشيمي: عمر الشيخ العلامة زين الدين الأبشيمي، الشافعي قاضي قلعة الجبل بالقاهرة، كان له فضيلة تامة، وتوفي يوم السبت ثاني عشر شعبان سنة عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى. 581 - عمر البجائي: عمر البجائي المغربي الإمام العلامة، القدوة الحجة الفهامة ولي الله تعالى العارف به قدم إلى مصر في زمان السلطان الغوري، وصار له عند الأكابر وغيرهم القول التام، وكان له كشف ظاهر، وكان يخبر بالوقائع الآتية في مستقبل الزمان، فتقع كما أخبر وهو ممن أخبر بزوال مملكة الجراكسة وقتالهم لابن عثمان، وقال: إن الدولة تكون للسلطان سليم، ومر على المعمار وهو يعمر القبة الزرقاء للغوري تجاه مدرسته، فقال: ليس هذا قبر الغوري، فقالوا له: وأين قبره. فقال: يقتل في المعركة، فلا يعرف له قبر، وكان الأمر كما قال، كان شاباً طويلاً، جميل الصورة، طيب الرائحة على الدوام، حفظ المدونة الكبرى للإمام مالك، وسمع الحديث الكثير، وكان يصوم الدهر وقوته في الغالب الزبيب، ولم يكن على رأسه عمامة إنما كان يطرح ملاءة عريضة على رأسه وظهره، ويلبس جبة سوداء واسعة الأكمام، وسكن جامع الملك بالحسينية، ثم انتقل إلى جامع محمود، ثم عاد إلى قبة المارستان بخط بين القصرين، وبقي بها إلى أن مات، ولما أقام بجامع أنشد فيه الشيخ شمس الدين الدمياطي أبياتاً منها:

سألتني أيها المولى مديح أبي ... حفص وما جمعت أوصافه الغرر مكمل في معانيه وصورته ... كمال من لا به نقص ولا قصر مطهرالقلب لا غل يدنسه ... ولا له قط في غير التقى نظر فهن جامع محمود بساكنه ... فإنه الآن محمود ومفتخر وقل له: فيك بحر العلم ليس له ... حد فيا لك بحراً كله درر إلى آخر قوله. مات سنة تسع عشرة أو عشرين، ودفن بالقرافة في حوش عبد الله بن وهب بالقرب من قبر القاضي بكار، وصلى عليه الملأ من الناس رضي الله تعالى عنه. 582 - عوض الغزي: عوض الغزي المجذوب. اجتمع به الشيخ موسى الكناوي، وهو راجع من مصر في سنة أربع أو خمس وعشرين وتسعمائة في قرية يبنى، وكان الناس منصرفين من سوق الرملة، فسلموا عليه كثيراً قال فقلت لواحد منهم: من هذا الرجل. فقال: هذا الشيخ عوض خفير هذه البلاد. 583 - عويدات المجذوب: عويدات المجذوب أحد المولهين بدمشق، كان غالب جلوسه بمحلة ميدان الحصا، وتوفي يوم الخميس ثاني عشر رمضان سنة إحدى عشر وتسعمائة رحمه الله تعالى. 584 - عائشة الباعونية: عائشة بنت يوسف بن أحمد بن ناصر الدين، الشيخ الأريبة، العالمة، العاملة أم عبد الوهاب الصوفية، الدمشقية بنت الباعوني. أحد أفراد الدهر، ونوادر الزمان فضلاً، وعلماً، وأدباً، وشعراً، وديانةً، وصيانةً. تنسكت على يد السيد الجليل إسماعيل الخوارزمي، ثم على خليفة المحيوي يحيى الأرموي، ثم حملت إلى القاهرة، ونالت من العلوم حظاً وافراً، وأجيزت بالإفتاء والتدريس، وألفت عدة كتب منها " الفتح الحنفي " يشتمل على كلمات لدنية، ومعان سنية، وكتاب " الملامح الشريفة، والأثار المنيفة "، يشتمل على إنشادات صوفية، ومعارف ذوقية، وكتاب " در الغائص، في بحر المعجزات والخصائص "، وهو قصيدة رائية، وكتاب " الإشارات الخفية، في المنازل العلية "، وهي أرجوزة اختصرت فيها منازل السائرين للهروي، وأرجوزة أخرى لخصت فيها " القول البديع، في الصلاة على الحبيب الشفيع "، وللسخاوي، ومن كلامها: وكان مما أنعم الله تعالى به علي أنني بحمده لم أزل أتقلب في أطوار الإيجاد، في رفاهية لطائف البر الجواد، إلى أن

خرجت إلى هذا العالم المشحون بمظاهر تجلياته، الطافح بعجائب قدرته وبدائع آياته، المشوب موارده بالأقذار والأكدار، الموضوع بكمال القدرة والحكمة للابتلاء والاختبار، دار ممر لا بقاء لها إلى دار القرار، فرباني اللطف الرباني في مشهد النعمة والسلامة، وغذاني بلبان مدد التوفيق لسلوك سبيل الاستقامة، في بلوغ درجة التمييز، أهلني الحق لقراءة كتابه العزيز، ومن علي بحفظه على التمام، ولي من العمر ثمانية أعوام، ثم لم أزل في كنف ملاطفات اللطيف، حتى بلغت درجة التكليف، في كلام آخر ذكرته في ترجمتها ودخلت إلى القاهرة في سنة تسع عشرة وتسعمائة، فأصيبت في الطريق بشيء كان معها من مؤلفاتها ومنظوماتها، ولما دخلت إلى القاهرة ندبت لقضاء مآرب لها تتعلق بولدها وكان في صحبتها المقر أبو الثنا محمود بن آجا الحلبي صاحب دواوين الإنشاء بالديار المصرية، فأكرمها وولدها، وأنزلها في حريمه، وكانت قد مدحته بقصيدة أولها: روى البحر أصباب العطا عن نداكم ... ونشر الصبا عن مستطاب ثناكم فعرضها على شيخ الأدباء السيد الشريف عبد الرحيم العباسي القاهري، فأعجب بها، فبعث إليها بقصيدة من بديع نظمه، فأجابت عنها بقصيدة مطلعها: وافت تترجم عن حبر هو البحر ... بديعة زانها مع حسنها الخفر ثم كتب إليها السيد المشار إليه ملغزاً: قل لمن بالقريض بز الفحولا ... فانثني عن قصورهم مستطيلا وأرانا عرائس الثغر تجلي ... بمعان أضحى علاها جليلا رافيات من زاهيات المعاني ... في مروط تجر فيها الذيولا مسفرات عن حسن معنى بديع ... من سناه تبغي البذور الأفولا وتود الرياض أن لو اعيرت ... من أفانين وشيها أكليلا كل طرف إذا ترجع منها ... عاد من حسنه حسيراً كليلا

وإذا ما ظبا اللواحظ غاز ... لن ظباها أولت شباها فلولا وما اسم شيء حروفه عاطلات ... وهو في الدهر لا يرى تعطيلا ولع القلب دائماً بثلاث ... فيه لم تستطع إليه وصولا ولنا فيه في الخواطر ود ... لم نجد للسلو عنه سبيلا وإذا الحذف حل في طرفيه ... رادف اسماً يحبوك منه خليلا وإذا ما استقل منه ثان ... بتاليه حباه منه ثواباً جزيلا وإذا ما قلبته دون ترت ... يب ترى سؤدداً وقدراً نبيلا وإذا ما اعتبرته دون قلب ... لن تداني مقامه تبجيلا وإذا ما عكست منه أخيراً ... لثلاث وجدت روحاً ظليلا وهو صف يخص من قد تعالى ... عن زوال وأن يلاقي مثيلا وإذا ما نقصته واحداً صار لر ... بع الظليم سوطا طويلا مثل ما في العلا تصورت فرداً ... من غدا بابه لعاف مقيلا كاتب السر رقية الدهر ... تاريخ المعالي من قد سما تفضيلا ذو السجايا التي تريك المزايا ... قد تعالت عن أن تعد عديلا دام في ظل نعمة وبقاء ... لا يرى الدهر عنهما تحويلا فأجابته بقولها: يا حسيبا قد حاز مجداً أثيلا ... وفخاراً بالمصطفى لن يحولا وإماماً فيما حوى لا يجارى ... في علوم حوت له التفضيلا

جئتنا بالعجاب نظماً تحلا ... من لآلي البديع عقداً جميلا سافراً عن وجوه معجز لغز ... كل فكر أضحى لديه كليلا قد سمعنا وما سمعنا لمعنى ... لغزك الفائق البديع مثيلا وعلى كل حالة فهو ... محود صفات مكمل تكميلا رائقاً واسم كاتب السر فيه ... زاده رونقاً فأضحى جميلا سيداً كاملاً وجيهاً نبيهاً ... عالماً عاملاً عطوفاً وصولاً زاده الله رفعة وحباه ... من جميل الهناء حظا جزيلاً وحمى ذاته وأبقى بقاه ... في سرور ونعمة لن تزولا ما سرت نسمة وفاح أريج ... وزها الروض بكرةً وأصيلاً ومدحها السيد المشار إليه بقصيدة: ليهنك مجد طارف وتليد ... يخصك آباء به وجدود وقدر له أعلا السماكين منزل ... وفوق متون الفرقدين قعود وأصل زكا والفرع يتبع أصله ... وليس له عما انتحاه محيد فيا روضة العلم التي بان فضلها ... وليس من الفيض السري مديد فمنثور ما تبديه قد ضاع نشره ... ومنظومه فوق النحور عقود وورق المعاني فوق دوح بيانها ... له ببديع السجع فيه نشيد إذا ما تغنى مطرباً عندليبها ... تميل قلوب لذةً وتميد فأجابته بقصيدة منها: تساميت مرمىً فاللحاق بعيد ... وحسبك ما أبدعت فهو شهيد حصلت على الغايات مجداً وسؤدداً ... وفضلاً مبيناً ليس فيه جحود وأصحبت في روض العلوم مفكها ... تجول وتجني ما تشا وتفيد وكم بوجيز اللفظ أصدرت منهلاً ... يطيب به للطالبين ورود موارد آداب صفا سلسبيلها ... وحام عليها مهتد ورشيد

ومن كلامها على لسان القوم رضي الله تعالى عنهم: حبيبي أنت من قلبي قريب ... وعن سري جمالك لا يغيب خلعت الحسن في خلع التجلي ... فشاهدت الجمال ولا رقيب وأبدت الوصال فلا صدود ... ولا وهم ولا شيء يريب وطفت علي في حان التصابي ... بكأس عيش شاربه يطيب براح نلت أقصى الري منه ... وفي زي تراءت لي الغيوب وزالت باستوا شمسي ظلالي ... تجل ليس يعقبه غروب وصرت إلى مقام ليس فيه ... سواك حبيب قلبي له نصيب تنادمني، وتسقيني مدامي ... ويحضرني لديك فلا أغيب وتذكرني، وتشهدني جمالاً ... تقدس أن يكون له ضريب فلا خوف وأنت أمان قلبي ... ولا سقم وأنت لي الطبيب ولا حزن وأنت سرور سري ... ولا سؤل وأنت لي الحبيب وقالت رحمها الله تعالى: يا من أفنى في معناه ... بمن معنى في هواه جد لي جد لي ومتعني ... وجلدني بالعيان في اتصالي يا محبوبي يا مطلوبي ... يا مقصودي ياموجودي كن لي كن واجبر كسري ... واغن فقري بالتداني والوصال حبك تيم فيك المغرم ... ولي هيم لا بل أعدم عقلي عقلي وأحيرني ... وأسهرني وأضناني بالدلال مجلى المظهر فيما أظهر ... أفنى مني لما نور ظلي ظلي وأجردني ... وأفردني وأفناني بالجلال غبت عني رحت مني ... زالت حجبي وافى قربي وصلي وصلي قد أدهشني ... وأنعشني وأحياني بالجمال في مجلاه لما حيا ... من وافاه بالحميا خلي خلي قم وتردى ... وتملى بالإحسان من نوالي هذي الخمرة فيض المنان ... عند العرفان لها ندمان أهلي أهلي وسادتي ... وأحبابي وإخواني في أحوالي

حرف الغين المعجمة

وقال الشيخ شمس الدين بن طولون الحنفي: أنشدتنا عائشة بنت القاضي يوسف الباعوني: نزه الطرف في دمشق ففيها ... كلما تشتهي وما تختار هي في الأرض جنة فتأمل ... كيف تجري من تحتها الأنهار كم سما في ربوعها كل قصر ... أشرقت من وجوهها الأقمار وتناغيك بينها صادحات ... خرست عند نطقها الأوتار كلها روضة وماء زلال ... وقصور مشيدة وديار ذكر ابن الحنبلي أن صاحبة الترجمة دخلت حلب في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة والسلطان الغوري بها لمصلحة لها كانت عنده، فاجتمع بها من وراء حجاب البحر السيوفي، وتلميذه الشمس السفيري وغيرها، ثم عادت إلى دمشق، وتوفيت بها في السنة المذكورة رحمهما الله تعالى. حرف الغين المعجمة من الطبقة الأولى: 585 - غياث الدين الشهير بباشا جلبي: غياث الدين، المولى العالم الفاضل ابن أخي الشيخ العارف بالله تعالى آق شمس الدين الرومي الحنفي، الشهير بباشا جلبي. قرأ على المولى الخيالي، والمولى خواجه زاده وغيرهما، وصحب الصوفية، ثم أعطي مدرسة المولى الكوراني بالقسطنطينية، ثم ترقى في التدريس حتى أعطي إحدى الثماني، ثم تركها واختار مدرسة أبي أيوب الأنصاري - رضي الله تعالى عنه - ثم أعطي سلطانية أماسية مع منصب الفتوى، ثم تركها وأعطي تقاعداً بسبعين عثمانياً في كل يوم، ثم طلب مدرسة القدس الشريف، فمات قبل السفر إليها سنة سبع أو ثمان وعشرين وتسعمائة، وله رسائل كثيرة لكنه لم يدون كتاباً رحمه الله تعالى. حرف الفاء من الطبقة الأولى: 586 - فاطمة بنت التادفي الحنبلي: فاطمة بنت يوسف القاضي جمال الدين التادفي

حرف القاف

الحنبلي، الحليي. قال ابن الحنبلي: وهو ابن أخيها كانت من الصالحات الخيرات، وكان لها سماع من الشيخ المحدث برهان الدين، وكانت قد حجت مرتين، ثم عادت إلى حلب، وأقلعت عن ملابس نساء الدنيا بل عن الدنيا بالكلية، ولبست العباءة وزارت بيت المقدس، ثم حجت ثالثة، وتوفيت بمكة المشرفة سنة خمس وعشرين وتسعمائة رحمها الله تعالى. 587 - فرح بنت الدوادار: فرح بنت يشبك المصونة بنت الأمير الخير الفقيه يشبك الدوادار الكبير بمصر، كانت أمها خوند بدرية بنت الملك المؤيد شيخ، وكانت هي من العابدات التاليات للقرآن العظيم بارة بالأرامل واليتامي والمنقطعين. ماتت بالقاهرة يوم الأربعاء عشري صفر سنة سبع وعشرين وتسعمائة بعد أن أوصت بشيء كثير من أثاثها، وأعتقت رقيقها رحمها الله تعالى. حرف القاف من الطبقة الأولى: 588 - قاسم بن أحمد الرومي: قاسم بن أحمد بن محمد، الفاضل الكامل المولى قوام الدين الجمالي الرومي الحنفي، اشتغل بالعلم، واتصل بخدمة المولى علي بن محمد القوشجي، ودرس بإحدى الثماني، ثم أعطي قضاء القسطنطينية، ومات قاضياً بها في دولة السلطان أبي يزيد وكان شديد الاشتغال يحفظ كثيراًمن الكتب، وله شأن إلا أنه لم يصنف شيئاً رحمه الله تعالى. 589 - قاسم بن عمر المغربي: قاسم بن عمر الشيخ الفاضل المتعبد الصالح المبارك المعتقد شرف الدين الزواوي المغربي القيرواني المالكي. كان أولاً مقيماً في صحبة رفيقه الشيخ الصالح العابد الزاهد محمد الزواوي بمقام الشيخ تاج الدين ابن عطا الله الإسكندري، ثم أقام بمقام الإمام الشافعي خادماً لضريحه، وصحب الشيخ جلال الدين السيوطي، وارتبط به، وقلده في ملازمة لبس الطيلسان صيفاً وشتاءً، وكان يتردد إلى الشيخ تقي الدين الأوجاقي وغيره من أهل العلم، وأخذ عنه شيخ الإسلام الوالد ديوان سيدي علي وفا بحق أخذه له عن السيدة حسناء بنت الناظم عن الناظم - رضي الله تعالى عنهم - وتوفي يوم الثلاثاء رابع عشري شعبان سنة سبع وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 590 - قاسم البغدادي: قاسم، العالم الفاضل المولى البغدادي الكرماني، ثم

القسطنطيني ابن أخت المولى شيخي الشاعر الحنفي أحد موالي الروم، اشتغل في العلم، واتصل بخدمة المولى عبد الكريم، ثم صار مدرساً ببلدة أماسية، ثم بمدرسة أبي أيوب الأنصاري - رضي الله تعالى عنهم - ثم بمدرسة قلندرخانة بالقسطنطينية، ثم بإحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنة، ثم بإحدى الثماني، وكان ذكياً، سليم الصدر، وافر العقل، وكان يدرس كل يوم سطرين أو ثلاثة، ويتكلم عليها بجميع ما يمكن إيراده من الفوائد من نحو، وصرف، ومعان: وبيان ومنطق، وأصول مع رفع جميع ما أشكل على الطلبة على أحسن الوجوه وألطفها، وكان يتعيب على الطلبة فيما يفوتهم من الإشكالات إذا لم يتنبهوا له، وله حواش على شرح المواقف وأجوبة عن السبع الشداد التي علقها المولى لطفي، وله أشعار لطيفة تركية وفارسية، وكانت وفاته في سنة إحدى وتسعمائة رحمه الله تعالى. 591 - قاسم الأحمدي: قاسم، الشيخ الصالح المعتقد الأحمدي الدمشقي. كان لا يزال مستور الوجه متطيلساً بمئزر أحمر، وكان للأتراك فيه اعتقاد عظيم، وكانت وفاته يوم، الخميس ثامن عشري ربيع الآخر سنة سبع عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى. 592 - قاسم بن العيني: قاسم الشيخ شرف الدين بن العيني أحد العدول بدمشق، توفي يوم الجمعة خامس عشر المحرم سنة ثماني عشرة وتسعمائة، ودفن بالصالحية رحمه الله تعالى رحمة واسعة. آمين. 593 - قانصوه الغوري: قانصوه بن عبد الله الجركسي السلطان الملك الأشرف، المشهور بالغوري، وسماه ابن طولون جندب، وجعل قانصوه لقباً له قال: والغوري نسبة إلى طبقة الغور قال ابن الحنبلي: إحدى الطبقات التي كانت بمصر مدة تعليم المؤدبين. قال ابن طولون: كان يذكر أن مولده في حدود الخمسين وثمانمائة ترقى في المناصب حتى صار نائب طرسوس، فانتزعها منه جماعة السلطان أبي يزيد بن عثمان، فهرب منها، وعاد إلى حلب، فلما انتصر عسكر مصر على الأروام عاد إلى طرسوس مرة ثانية، ثم أخذها الأروام مع ما والاها، فهرب منها أيضاً إلى حلب، ثم نصر عسكر مصر ثانياً، فعاد إليها مرة ثالثة، ثم أعطي نيابة مطلبه، فلما مات الملك الأشرف قايتباي رجع إلى مصر، ووقعت له أمور في دولة الملك الناصر ابن قايتاي، ثم أعطاه تقدمة ألف، ثم في دولة جان بلاط أعطاه رأس نوبة النوب، ثم

توجه صاحب الترجمة صحبة العسكر المصري إلى الشام بسبب عصيان قصروه نائبها، فخامر أمير العسكر طومان باي، واتفق مع قصروه على أن يكون سلطاناً، وأمسكوا جماعة من الأمراء، وجعل من الأمراء، وجعل صاحب الترجمة دواداراً كبيراً، ثم توجهوا إلى الديار المصرية، وحاصروا الأشرف جان بلاط، ثم أمسكوه، وتولى السلطنة طومان باي واستمر صاحب الترجمة دواداراً إلى أن وقع بينه وبين طومان باي، فاتفق مع العسكر على أن يركبوا عليه، واختفى هو في حيلة، فهرب السلطان طومان باي ليلة الجمعة مستهل شوال سنة ست وتسعمائة، فتولى السلطنة بعده صاحب الترجمة في يوم عيد الفطر، ولما تسلطن أخذ يتتبع رؤوس الأمراء، وذوي الشوكة، فيقتلهم شيئاً شيئاً، ثم فشا ظلمه ومصادرته للناس في أموالهم حتى صار شيخ الإسلام زكريا يعرض بظلمه في الخطبة، وهو تحت منبره يسمع، ولم يتعظ حتى حصل منه أذية بالغة للبرهان بن أبي شريف عالم مصر يومئذ، ومفيدها بسبب الرجل الذي رمي بالزنا، فأقر بالتهديد والضرب، ثم أنكر، فأفتى ابن أبي شريف بعصمة دمه، وعدم رجمه، فغضب عليه الغوري بسبب ذلك، وعزله من مدرسته التي جددها بالقاهرة وصلب الرجل على باب شيخ الإسلام ابن أبي شريف حتى جزع الناس له، واستعظموا هذا الأمر الشنيع مع مثله، واستمر في منزله لا يخرج منه، والناس يقصدونه في أنواع العلوم إلى أن أزعج الله تعالى الغوري، فأمر العسكر بالتجهيز لحلب، وأشاع أنه يريد الإصلاح بين ملك الروم، وملك شاه إسماعيل الصوفي الخارجي، ثم سافر من تخت ملكه في عاشر ربيع الثاني سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وصحبته الخليفة المتوكل على الله أبو عبد الله محمد العباسي، وقضاة الشرع الأربعة وغيرهم من العلماء، ومشايخ، وستة عشر أميراً مقدماً، فلما دخل غزة شكا إليه أهل القدس ظلم نائبه وغيره، فأهانهم بالطرد والضرب، ثم دخل دمشق في موكب عظيم، ونائب الشام حامل القبة والطير على رأسه على عادة الملوك المتقدمين، ونزل بالمصطبة بوطأة برزة، وشكا إليه أهل حمص وغيرهم ظلم نوابهم، فلم يشكهم، وأقام سبعة أيام، ولم يحضر جمعة ولا جماعة، وتوجه إلى حلب ومعه نواب الشام، وحمص، وحماة، وطرابلس وغيرهم من الأمراء، ولم يقر بحمص ولا زار بها سيدي خالد بن الوليد - رضي الله تعالى عنه - مع أن الطاغية تيمورلنك دخلها لزيارته، وجعل أهلها في غفارته، وعند وصوله إلى حلب جاءه قاصدان من ملك الروم أحدهما قاضي العساكر الروم إيلية ركن الدين بن زيرك، والثاني الأمير قراجا باشا، وأخبراه بوصول ملكهم إلى القيسارية متوجهاً لقتال الصوفي، فخلع عليهما وأكرمهما، وذكر لهما ما يريد من الإصلاح بين السلطان سليم وشاه إسماعيل، وأرسل بذلك إلى السلطان سليم

قاصداً يقال له: الأمير مغلباي الدوادار، فلما وصل إليه قبض عليه حتى وصل إليه قاصداه، فحلق لحيته، وأخذ جميع ما كان معه من متاع، وقال له: قل لأستاذك هذا خارجي وأنت مثله، وأنا أقاتلك قبله، والميعاد بيننا وبينك في مرج دابق، ثم سافر خلفه، وصار يأخذ كل بلد يدخله من أعمال ملك الغوري، فلما بلغ الغوري ذلك من قاصده ومن غيره خرج من حلب في نحو ثلاثين ألفاً، وترك ولده في قلعتها، وكان خروجه منها يوم الثلاثاء عشري رجب بعد إقامته بها شهرين، وقد كان الغوري في أول الأمر مصمماً على مباينة شاه إسماعيل حتى وقع في قلبه رعبه بسبب أن شاه إسماعيل كان قد قتل صاحب هراة، وولده قبرخان، فبعث برأس الأب إلى ملك الروم السلطان سليم، وبرأس الابن إلى الغوري، وكتب إلى الأول رسالة مطلعها: برأس الأب إلى ملك الروم السلطان سليم، وبرأس الابن إلى الغوري، وكتب إلى الأول رسالة مطلعها: نحن أناس قدغدا شأننا ... حب علي أبي طالب يعيبنا الناس على حبه ... فلعنة الله على العائب وكتب إلى الثاني رسالة مطلعها: السيف والخنجر ريحاننا ... أف على النرجس والآس وشربنا من دم أعدائنا ... وكأسنا جمجمة الرأس فرد عليه الأول بهذين البيتين: ما عيبكم هذا، ولكنه ... بغض الذي لقب بالصاحب وكذبكم عنه وعن بنته ... فلعنة الله على الكاذب ورد عليه الثاني بمقاطيع منها قول شيخ الإسلام البرهان بن أبي شريف: السيف والخنجر قد قصرا ... عن عزمنا في شدة الباس لو لم ينازع حلمنا بأسنا ... أفنيت سلطاً سائر الناس فكانت هذه القصة محركة للسلطان سليم خان - رحمه الله تعالى - إلى السفر إلى قتال شاه إسماعيل، وشجعته السنة عليه، وأنهضه حب الشيخين إليه، وأما الغوري فوقع رعبها في قلبه حتى قرب رجلاً أعجمياً بسبب ذلك، وكان الأعجمي ينسج المودة في الباطن بينه وبين شاه إسماعيل حتى أخرجه من مصر قاصداً للإصلاح بينه وبين السلطان سليم، فلما كان مبطناً مودته لأهل البدعة رد الله تعالى كيده في نحره، وسلط عليه ملك الروم، فتوجه إليه السلطان سليم خلفه قاصده، وخرج الغوري إليه من حلب في التاريخ المذكور، فوصل

إلى مرج دابق ليلة الخميس ثاني عشري رجب سنة أثنتين وعشرين وتسعمائة، ونزل عند القبر المنسوب لنبي الله عواد عليه الصلاة والسلام، ومكث عنده ثلاثة أيام، ثم في ظهر يوم السبت رابع عشري رجب صاح عسكره في الوطاق، وصل عسكر الروم، فركبوا جميعهم إلى آخر الوطاق، فلم يجدوا أحداً، ثم عادوا إلى مخيمهم، فأمرهم الغوري بالرحيل صلتاً، ويأخذون طعامين، وعليقة، فخرجوا من وطاقهم، وباتوا خارجين عنه إلى صباح يوم الأحد، ثم عادوا إلى وطاقهم، فمكثوا فيه إلى قريب الظهر، ثم جاءتهم العساكر الرومية، فركبوا على خيولهم، فوقع الحرب بينهم، فدفع عليهم العسكر الرومي بالعرادات، ورموا بها عليهم، فأظلم الأفق، وصار له دوي، وجفلت الخيل فقاتلوهم ساعة، ثم هرب الغلمان وبعض العسكر، وقتل جماعة من أمراء الجراكسة، ثم غشي على الغوري، وكان بطيناً سميناً، فطاح عن فرسه، ثم طاح عنها ثانياً، فأقعدوه وقالوا له: أثبت لنا فقال لهم: ما بقي شيء فرغت وأسكت من وقته، ثم زحف عليهم عسكر الروم، فتفرق عنه عسكره وتركوه ملقى على الأرض، فمات ولم يعلم به أحد، وصار عبرة لمن اعتبر، وصارت حاله كما قيل: جاءته من قبل المنون إشارة ... فهوى صريعاً لليدين وللفم ورمى بمحكم درعه وبرمحه ... وامتد ملقى كالفنيق الأعظم لايستجيب لصارخ إن يدعه ... أبداً ولا يرجى لخطب معظم ثم ملك السلطان سليم بلاد حلب وما والاها من بلاد الشام، ودخل إلى دمشق كما تقدم في ترجمته، وإلى مصر، ثم عاد إلى تخت ملكه، وصارت البلاد لأولاد عثمان إلى الآن - وفقهم الله تعالى - والغوري آخر ملوك الجراكسة. 594 - قايتباي سلطان مكة: قايتباي بن محمد بن بركات الشريف سلطان مكة. توفي في سنة ثماني عشرة وتسعمائة، وفيها توفي سلطان الروم أبو يزيد خان بن عثمان، وسلطان اليمن عامر بن محمد رحمهم الله تعالى. 595 - قايتباي الجركسي: قايتباي أبو النصر بن عبد الله السلطان الملك الأشرف الجركسي الظاهري نسبة إلى الملك الظاهر جقمق، ميلاده في سنة ست وعشرين

وثمانمائة في سلطنة الملك، ثم انتقل إلى الملك الظاهر جقمق، فأعتقه ونسب إليه، ثم رفعه الله تعالى ورقاه حتى ملكه الله تعالى بلاد العرب. حكى أنه مر في حلبة المماليك على دمشق فتفرس فيه بعض أوليائها أن أمره يؤول إلى السلطنة، فكان يعرفها له، ولعل هذا هو السبب في اعتقاله لأهل العلم والصلاح. بويع له بالسلطنة في يوم الاثنين سادس شهر رجب سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة بحضرة الخليفة المستنجد بالله أبي المظفر يوسف بن محمد العباسي، وقضاة القضاة الأربعة الولوي الأسيوطي الشافعي، والمحب أبو الفضل ابن الشحنة الحنفي والحسام بن محمد بن حرير الحسيني المالكي، والعز أحمد الكناني العسقلاني الحنبلي وأركان الدولة، وكان المتولى لتألف الناس عليه القاضي زين الدين أبو بكر بن مزهر صاحب ديوان الإنشاء بعد خلع الملك الظاهر تمريغا، والقبض عليه، ثم سلك الملك الأشرف قايتباي أحسن المسالك، وسار أحسن السير فى تدبير الممالك، وكان يتألف قلوب العلماء، ويتواضع لعامة الصلحاء، وكان له في سيدي عبد القادر الدشطوطي غاية الاعتقاد، وكان سيدي عبد القادر يتولى تربيته وإرشاده كلما مر عليه، وكان يمتثل أمره، وينقاد بلغني أنه كان يمر، وهو راكب في موكبه على سيدي عبد القادر، فيحبس فرسه عنده، ويطلب منه المدد والدستور وربما نزل إليه، فقبل يديه، فقال سيدي عبد القادر له يوماً، والذباب منعكف عليه وعلى ثيابه يا قايتباي قل لهذا الذباب يذهب عني، فحار تايتباي. فقال: يا سيدي كيف يسمع الذباب مني؟ قال: وكيف تكون سلطاناً ولا يسمع الذباب منك؟ ثم قال سيدي عبد القادر: يا ذباب إذهب عني، فلم يبق عليه ذبابة، وكان بين السلطان قايتباي، وبين الجد غاية الاتحاد ولكل منهما في الآخرة مزيد الاعتقاد، وكان الجد يقطع له بالولاية حتى قال من أبيات: إمام الناس في العصر ... ولي الله في السر وكناه أبا النصر ... وقايتباي قد سماه آدم يا رب سلطانه ... وثبت فيه أركانه ومكن فيه عرفانه ... وظفره بمن عاداه وكتب الشيخ الجد ديواناً لطيفاً من نظمه وإنشائه في مناقبه ومآثره سماه " بالدرة المضية، في المآثر الأشرفية "، وذكر فيه أن بعض أولياء الله تعالى أظهره على مقام الملك الأشرف قايتباي في الولاية لما اجتمع الجد بالولي المذكور في حجر إسماعيل عليه الصلاة والسلام في وقت السحر، فعرفه بمقامه، وأمره باعتقاده، ونظم في مآثره وعمائره قصيدة رائية ضمنها الديوان المذكور، فمنها أنه عمر حصناً بالإسكندرية، ومدرسة بالقرب منه، وحصن صغر دمياط، وبنى حصوناً، وبنى مدرسة معظمة بمكة لصيق الحرم الشريف مما يلي المقام،

وأعطى تدريسها لشيخ الإسلام البرهان بن ظهيرة، وعمر مسجد الخيف، وساق الماء من عرفات إلى منى، والمحصب، ولما ذكر الجد ذلك في قصيدة قال: وسقته لمنى، ثم المحصب بل ... وعن قريب على باب السلام يرى فاتفق للجد في هذا البيت كرامة عجيبة، وهو أنه أخبر أن ماء عرفات سينساق إلى مكة حتى يرى جارياً على باب السلام، وكان الأمر كما ذكر، فإن السلطان سليم ساق الماء إلى مكة، وهو الآن يجري بالمسعى بالقرب من باب السلام، وعمر قايتباي الحجرة الشريفة، والقبة المبتناة عليها، وعمر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمر بالمدينة مدرسة ورباطاً، وساق ماء العين الزرقاء إليها، وهذا كما قال الشيخ - رضي الله تعالى عنه. هذا وحقك شيء ما سبقت له ... وكم مليك تمناه وما قدرا أليس يكفيك هذا سيدي شرفاً ... على الملوك وفخراً زين السيرا وعمر بالقدس الشريف مدرسة عظيمة، ورم الجامع الأموي، وعمر مدرسة بغزة، وجامعاً بالصالحية المصرية، وجامع الروضة، وجامع الكبير، وتربة بصحراء مصر، وعمر قبة الإمام الشافعي في مآثر آخرى، ولقد كان من محاسن الدهر، ورؤوس ملوك الأرض، ولم ينتقد عليه أحد عظيم أمر سوى ما كان من أمره بإعادة كنيسة اليهود بالقدس الشريف بعد هدمها، وعقوبته لعالم القدس البرهان الأنصاري، وقاضيها الشهاب بن عبية وغيرهم بسبب هدم الكنيسة حتى حملوا إليه، وضرب بعضهم بين يديه، وقد شنع بن عبية على قايتباي في ذلك، وبالغ في حقه حتى زعم أنه لم يفعل ذلك إلا لمودة بينه وبين اليهود، وتعصب منه على الدين، وهنا تحامل من ابن عبية تعزير قايتباي له، وفي نفس الأمر، فإن قايتباي لم يقصد الأمر باعادة الكنيسة نصرة لليهود، وإنما أمر بذلك أن عقد مجلساً جمع فيه العلماء، وأفتى بعضهم بأن هدم الكنيسة لم يصادف محلاً، وقد استوفى القصة صاحب الأنس الجليل فيه، وكان كثيراً ما يقع بين الملك الأشرف قايتباي، وشيخ الإسلام الجد مطارحات، فمنها ما أنشد السلطان مستجيزاً من الجد رضي الله تعالى عنه. عشق، وتجلد، وصبر، وسكوت ... ما أصنع ما أفعل، والوقت يفوت فأجابه شيخ الإسلام الجد بقوله بديهاً: ألفاظكم كالدر أو كالياقوت ... يا من للروح قوتهم أشهر قوت أقسمت بحق جبركم لا أنسى ... يوماً لجميلكم وإن كنت أموت

حرف الكاف

وقال الملك الأشرف مستجيزاً من الشيخ الجد أيضاً: يقولون لي العذال: توب عن الهوى ... ومن لا جنى ذنباً عليش يتوب فقال الشيخ رضي الله تعالى عنه: يقول لي العواذل تب سريعاً ... ولا تهوى الملاح فلا أجيب أتوب عن السلو بكل حين ... وعن حب الملاح فلا أتوب وكانت وفاة السلطان قايتباي - رحمه الله تعالى - في ليلة الاثنين ثامن عشري ذي القعدة سنة إحدى وتسعمائة، ولذلك قيل: إنه المجدد من الملوك على رأس القرن العاشر. قال النعيمي: ومدة ولايته ست وعشرون سنة، وثلالة أشهر، وثلاثة عشر يوماً، وقيل: إنه توفي ليلة الجمعة خامس عشري القعدة. حرف الكاف من الطبقة الأولى: 596 - كرتباي الجركسي: كرتباي بن عبد الله الأمير الجركسي نائب دمشق. كان حسن السيرة بالنسبة إلى غيره من الأمراء، وكان يكره المناحيس والمفسدين، وله عليهم سطوة زائدة، وحرمة وافرة أغار على عرب هتيم بأرض الزرقا، ثم رجع متوعكاً إلى دمشق، وأمر في توعكه بتفرقة ألفي دينار على الفقراء والمساكين بالجامع الأموي، ثم مات عاشر ربيع الأول سنة أربع وتسعمائة رحمه الله تعالى. 597 - كسباي السلحدار: كسباي بن عبد الله السلحدار. قيل: هو السائل للشيخ جلال الدين عن النساء هل يرين الله تعالى في الآخرة؟ فأجابه: نعم، وألف بسبب سؤاله كتاباً سماه " تحفة الجلساء، في رؤية الله للنساء "، مات مطعوناً سنة ثلاث وتسعمائة في سابع عشر رمضان بالقاهرة قال ابن طولون: وقد ضبط من توفي بها من أول رجب إلى موت هذا ثمانمائة ألف، وستة عشر نفساً رحمهم الله تعالى. 598 - كمال الرومي: كمال ابن الحاج الياس الرومي الحنفي أحد الموالي الرومية، أول قاض بحلب من العثمانية بعد الدولة الجركسية، تولى قضاء حلب استقلالاً في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وكان شهماً متمولاً مقدماً على الأحكام الشرعية، مهيباً، كثير الخدم والحشم، يلبس الحسن، ويهوى الوجه الحسن. كما قال ابن الحنبلي، وهذه الأخيرة ليست من الكمال في شيء.

حرف اللام

حرف اللام من الطبقة الأولى: 599 - لطف الله التوقاتي: لطف الله المولى العالم الفاضل الشهير بمولانا لطفي التوقاتي الرومي الحنفي. تخرج بالمولى سنان باشا، ولما دخل المولى علي القوشجي بلاد الروم قرأ عليه العلوم الرياضية بإشارة المولى سنان، ولما كان سنان وزيراً عند السلطان محمد خان بن عثمان رباه عنده، فجعله السلطان محمد أميناً على خزانة الكتب، فاطلع على الغرائب منها، ثم لما ولي السلطنة أبو يزيد خان أعطاه مدرسة السلطان مراد خان الغازي بمدينة بروسا، ثم رقاه حتى أعطاه، إحدى الثماني، ثم ولاه مراد خان ثانياً، وأقام ببروسا، وكان ذكياً، فطناً، خاشعاً، يقرأ عليه في صحيح البخاري: فيبكي حتى تسقط دموعه على الكتاب حتى ختم القراءة، وكان فاضلاً عالماً غير أنه كان يطيل لسانه على أقرانه حتى أبغضه علماء الروم، ونسبوه إلى الإلحاد والزندقة، وفتش عليه واستحكم في قتله المولى أفضل الدين، فلم يحكم، وتوقف في أمره فحكم المولى خطيب زاده بإباحة دمه، فقتلوه قال في الشقائق: ولقد سمعنا من حضر يحكي أنه كان يكرر كلمتي الشهادة، وينزه عقيدته مما نسبوه إليه من الإلحاد حتى قيل: أنه تكلم بالشهادة بعدما سقط رأسه على الأرض. قال: وروي أن الشيخ العارف بالله تعالى الشيخ محيي الدين القوجوي لما سمع بقتله. قال: أشهد أنه بريء من الإلحاد والزندقة، ومن نوادره العجيبة أنه كان مع أصحابه على جبل بروسا حين كان مدرساً بها، فجاءه رجل من أهل القرى، وبيده خطام دابة، وعلى عنقه مخلاة، فشرب من عين جارية هناك، ثم استلقى على ظهره، فقال المولى لطفي لأصحابه بعدما تأمل ساعة: إن هذا الرجل من قصبة إينه كول، وقد أخذت دابته، وهو في طلبها، ثم تأمل ساعة، وقال: اسم الرجل سوندك، ثم تأمل ساعة. فقال: إن في مخلاته نصف خبزة، وقطعة جبن، وثلاث بصلات، فتعجب أصحابه من ذلك، ثم طلبوا الرجل، فقالوا له: من أين أنت؟ قال: من إينه كول. قالوا له:. ما اسمك؟ قال: سوندك. قالوا: أي شيء في مخلاتك. قال: طعام الفقراء، فاستخرجوه، فإذا فيه نصف خبزة وقطعة جبن وثلاث بصلات كما أخبر المولى المذكور، وله من المؤلفات حواشي شرح المطالع، وحواش على شرح المفتاح لسيد الشريف، ورسالة سماها بالسبع الشداد مشتملة على سبعة أسئلة على السيد الشريف في بحث الموضوع، ولو لم يؤلف إلا هذه الرسالة لكفته فضلاً، ورسالة ذكر فيها أقسام العلوم الشرعية والعربية بلغ فيها مقدار مائة علم

حرف الميم

أورد فيها غرائب وعجائب، وكان قتله في سنة أربع وتسعمائة - رحمه الله تعالى - وقيل في تاريخه: ولقد مات شهيداً. حرف الميم من الطبقة الأولى: 660 - مبارك الأوغاني: مبارك بن إسماعيل، وسماه ابن طولون أحمد بن محمد المدعو الشيخ مبارك، ثم الشيخ إسماعيل الأوغاني، ثم الدمشقي الحنفي، الشيخ الصالح، قدم دمشق وهو طفل، فحفظ القرآن بالجامع الأموي، وولي خدمة المصاحف، ثم عمل بواباً عند الأمير عبد القادر بن منجك، ثم لما قدم السلطان سليم إلى دمشق خدم قاضي عسكره ابن زيرك، فقرره في بعض الوظائف، ثم أعطي نظارة التكية بصالحية لدمشق، ومات ليلة الثلاثاء تاسع عشري صفر سنة ثلانين وتسعمائة، ودفن بحوش تربة ابن العربي رحمه الله تعالى. 661 - محمود بن محمد الحمصي: محمود بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن أيوب بن محمد، الشيخ الإمام العلامة نور الدين الحمصي، ثم الدمشقي الشافعي، الشهير بابن العصباتي. ولد في ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة. أخذ عن والده، وعن الشيخ تقي الدين بن الصدر الطرابلسي، وقدم دمشق سنة تسعمائة، واستوطن بها، ووعظ بالجامع وغيره. وتوفي راجعاً من الحج في منزلة رابغ على ثلاث مراحل من مكة يوم الجمعة مستهل المحرم سنة خمس وتسعمائة رحمه الله. 662 - محمود بن محمد الرومي: محمود بن محمد، العالم الفاضل، المولى بدر الدين الرومي. كان إماماً للسلطان أيي يزيد خان، ثم ولاه قضاء بروسا عشر سنين أو أكثر، ثم أعطاه قضاء العسكر بولاية أناظولي في سنة إحدى عشرة وتسعمائة، ثم أعطي التقاعد عنه، وعين له كل يوم مائة عثماني، ومات بعد زمان يسير قال في الشقائق: كان كريم النفس حميد الأخلاق محباً للعلماء والصلحاء رحمه الله تعالى. 663 - محمود بن محمد بن أجا التدمري: محمود بن محمد بن محمود بن خليل بن أجا المقر الأشرف محب الدين أبو الثناء التدمري الأصل، الحلبي، ثم القاهري الحنفي، كاتب الأسرار الشريفة بالممالك الإسلامية المعروف بابن أجا. ولد كما قال

السخاوي: في سنة أربع وخمسين وثمانمائة بحلب، واشتغل بالعلم في القاهرة إلى سنة ثمان وثمانين، ثم زار بيت المقدس، ورجع إلى حلب، وتميز بالذكاء، ولطف العشرة، وولي قضاء حلب في شهر رمضان سنة تسعين، وحج سنة تسعمائة، ثم رجع إلى حلب، وطلبه سلطان مصر الغوري من حلب، وولاه كتابة السر بالقاهرة عوضاً عن القاضي صلاح الدين بن الجيعان في أول ولايته سنة ست وتسعمائة، واستمر فيها إلى آخر الدولة الجركسية، وهو آخر من ولي كتابة السر، ثم حج في دولته ثانياً في سنة عشرين وتسعمائة، فقرأ عليه المسند جار الله بن فهد عشرين حديثاً عن عشرين شيخاً، وخرجها له في جزء سماه " تحقيق الرجا، لعلو المقر ابن أجا "، ثم عاد إلى القاهرة فشكا مدة، فركب إليه السلطان، وزاره لمحبته له وجلالته عنده، ثم سافر صحبة الغوري إلى حلب سنة اثنتين وعشرين، وأقام بها حتى قتل الغوري، فرجع القاهرة، فولاه السلطان طومان باي الأشرف كتابة السر بها، ثم لما دخل السلطان سليم إليها أكرمه، وعرض عليه وظيفته، فاستعفى منها، واعتذر بكبر سنه وضعف يديه، ثم سأل السلطان سليم في الإقامة بحلب، فأجابه وعاد معه إلى حلب، واستقر في منزله إلى أن توفي بها، وكان ذا هيبة وشكالة وشيبة نيرة، ظريفاً، كيساً يحب التواريخ، ويرغب في خلطة الأكابر، وأنشد ابن الحنبلي لوالده يمدح الذكور: مدحي وحمدي فيك قد زادني ... فخراً وأوليت به جولدا فدم مدى الدهر لنا سالماً ... لازلت ممدوحاً ومحمودا ومن مدائح البارعة عائشة بنت الباعوني - رحمها الله تعالى - في المذكور حين قدمت عليه القاهرة قصيدتها الرائية التي أولها: حنيني لسفح الصالحية والجسر ... أهاج الهوى بين الجوانح والصدر ومنها: ألا ليت شعري والأماني كثيرة ... أأبلغ ما أرجوه قبل انضا عمري وهل أردن صافي يزيد واجتلي ... محاسن ذاك السفح والمرج والقصر بلى إن ربي قادر وعطاؤه ... بغير حساب والهبات بلا حصر ولي أمل فيه جميل وجودهكفيل بما أرجوه من منن الجبر وحسبي بشيراً بالأماني وبالمنى ... معاملتي باللطف في العسر واليسر ولا بد من جود يوافي رفاؤه ... بتبليغ آمالي، وفكي من الأسر ويبدو صباح الوصل أبيض ساطعاً ... سطوع ضياء البشر من كاتب السر

سليل أجا كهف اللجا، وافر الحجى ... منيل الرجا ركن السيادة والفخر إمام حوى من كل علم لبابه ... فحج لعالي بابه كل ذي قدر وأصبح في بحر الحقائق غائصاً ... ومستخرجاً ما شاء من ذلك البحر تلوذ به الأعيان فيما يهمهم ... فيلفون عطف البر أو فائض البر كريم تجاري السحب راحته ولا ... يريد بما يجزي سوى الفوز بالأجر يمن ولا من يشوب عطاءه ... ويمنح من لفظ سبى العقل بالسحر عرائس فكر أرخص الدر لفظها ... وأنشت معانيها لنا دهشة الفكر معجزة إن أنشدت صدر مجلس ... ترى كل من فيها نشاوى بلا خمر مفيد بحل المشكلات بموجز ... حلا وعلا عن وهدة العي والحصر ملي بتدبير الممالك مرتضى الم ... لوك ملاذ الناس في سائر المصر هو الشمس في العليا هو النجم في الهدىهو الغوث في الجدوى هو الصبح في البشر وكانت وفاته بحلب في العشر الأول من شهر رمضان سنة خمس وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 604 - محمود بن محمد الأنصاري: محمود بن محمد بن عبد الواحد أقضى القضاة نور الدين الأنصاري، السعدي، العبادي، الأنصاري جلس بمركز العدل بسوق التجار بحلب، وناب في القضاء عن المحب بن أجا، وهو قاضيها، وكان فقيهاً، سليم الصدر، ديناً، خيراً لكن كان عنده سذاجة، وكان يركب ما يظنه شعراً، ولا يراعي وزناً ولا قافيةً، وتوفي اثنتين وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 605 - محمود بن ألرو بكر المعري: محمود بن أبي بكر بن محمود قاضي القضاة نور الدين المعري الأصل الحموي، ثم الحلبي الشافعي سبط الشيخ أبي ذر ابن الحافظ الدين الحلبي، ولي قضاء حماة إلى آخر دولة الجراكسة، فلما مر السلطان سليم على حماة ولاه قضاءها أيضاً، ثم لما رجع السلطان سليم بدا لصاحب الترجمة أن يترك القضاء في الدولة تورعاً عما أحدثوه من المحصول والرسم، فتركه وترك غيره عن المناصب الحموية، فأخرجت له براءة واحدة بنحو ثلاثين منصباً ما بين تدريس وتولية، ثم إنه قطن حلب هو، وأخوه المقر أحمد، وسكن بالمدرسة الشمسية بمحلة سويقة حاتم، فلم يلبثوا إلا قليلاً ماتوا، وكانت وفاة القاضي نور الدين في سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

606 - محمود بن عبد البزبن الشحنة: محمودبن عبد البر بن محمد ابن قاضي القضاة حسام الدين ابن قاضي القضاة سري الدين بن الشحنة الحنفي. ولد بالقاهرة ولي قضاء حلب، ثم كان آخر القضاء الحنفية بالقاهرة المعزية في الدولة الجركسية، ولما دخل السلطان سليم القاهرة، وهرب السلطان طومان باي إلى الصعيد بعدما وقع الحرب بينه وبين السلطان، وطلب طومان باي منه الأمان، فأجابه وبعث إليه بالأمان مع قاضي القضاة المذكور، وبعض رفقائه في القضاء، فبغى طومان باي عليهم وقتلهم إلا من سلم، وكان صاحب الترجمة ممن قتله، وذلك في أوائل سنة ست وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 607 - محمود بن كمال الطبيب: محمود بن كمال الطبيب بن الطبيب المولى الملقب باخرجان المشتهر جاخي جلبي. كان أبوه كمال الدين من تبريز، ثم دخل الروم، وفتح حانوتاً في سوق الوزير محمود باشا بالقسطنطينية، واشتهرت حذاقته بالطب حتى رجعوا إليه في ذلك، فأثرى وحصل له مال عظيم، وطلبه السلطان محمد خان ليكون طبيباً في دار سلطنته، فأبى واشترى لنفسه داراً بالقسطنطينية، وسكن بها إلى أن مات، وبعد وفاته خدم ولده المذكور الحكيمين قطب الدين، وابن المذهب، فمهر في الطب، وأظهر في العلاج تصرفات كثيرة حتى نصبوه رئيساً في بيمارستان السلطان محمد خان، وتقدم عند السلطان أبي يزيد خان حتى صار من أطباء دار سلطنته، ثم جعله أمينا لمطبخ السلطنة، ومال إليه كثيراً، وأهله لمصاحبته، ثم حسده الوزراء واخترعوا أمراً يوجب عزله فعزله، ثم تبين له عدم صحة ذلك فأعاده إلى مكانه، وجعله رئيس الأطباء في دار سلطنته، ثم لما تولى السلطان سليم خان عزله مدة ثم أعاده وقربه وتصاحب معه ومال إليه كل الميل، فحصل له جاه عظيم، ثم لما تولى السلطان سليمان عزله أيضاً، ثم أعاده، ثم سافر إلى الحج الشريف في سنة ثلاثين وتسعمائة، فلما رجع من الحج توفي بمصر، ودفن عند الإمام الشافعي - رضي الله تعالى عنه - عن ست وتسعين سنة، ولم ينقص من قواه شيء إلى أن مات رحمه الله تعالى رحمه واسعة. 608 - محب الدين المقدسي: محب الدين المقدسي إمام المسجد الأقصى. الشيخ العلامة. توفي سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 609 - مصطفى القسطلاتي: مصطفى العالم العامل، الفاضل، المولى مصلح الدين القسطلاني الرومي الحنفي أحد الموالي الرومية. قرأ على علماء الروم، وخدم المولى خضر بيك، ودرس في بعض المدارس، ثم لما بنى السلطان محمد خان بن عثمان المدارس الثماني بالقسطنطينية أعطاه واحدة منها، وكان لا يفتر من الاشتغال والدرس، وكان يدعى أنه لو أعطى

المدارس الثماني كلها لقدر ان يدرس في كل واحدة منها كل يوم ثلاثة دروس، ثم ولي قضاء بروسا ثلاث مرات، ثم قضاء أدرنة كذلك، ثم القسطنطينية كذلك، ثم ولاه السلطان محمد خان قضاء العسكر، وكان لا يداري الناس، ويتكلم بالحق على كل حال، فضاق الأمر على الوزير محمد باشا القراماني، فقال للسلطان: إن الوزراء أربعة، فلو كان للعسكر قاضيان أحدهما في ولاية روم إيلي، والآخر في ولاية أناظولي كان أسهل في إتمام مصالح المسلمين ويكون زينة لديوانك فمال السلطان إلى ذلك، وعين المولى المعروف بالحاجي حسن لقضاء أناظولي، فأبى السلطان ذلك، فلما مات السلطان محمد، وتولى بعده ولده السلطان أبو يزيد خان عزل القسطلاني، وعين له كل يوم مائة درهم، ثم صار قضاء العسكر ولايتين بعد ذلك، وكان القسطلاني، يداوم أكل الحشيش والكيف، وكان مع ذلك ذكياً في أكثر العلوم، حسن المحاضرة، وأخبر عن نفسه في قصة طويلة ذكرها صاحب الشقائق أنه طالع لابن سينا سبع مرات، والسابعة مثل مطالعة التلميذ أول درسه عند مدرس جديد، وكان المولى خواجه صاحب كتاب " التهافت " إذا ذكر القسطلاني يصرح بلفظ المولى، ولا يصرح بذلك لأحد سواه من أقرانه، وكان يقول: إنه قادر على حل المشكلات، وإحاطة العلوم الكثيرة في مدة يسيرة إلا أنه إذا أخطأ بحكم البشرية لا يرجع عن ذلك، ولا يهتم بأمر التصنيف لاشتغاله بالدرس والقضاء لكنه كتب حواشي على شرح العقائد، ورسالة ذكر فيها سبعة أشكال، وشرحها، وحواشي على المقدمات الأربع التي ابتدعها صدر الشريعة رد فيها على حواشي الموالى علي العربي، وتوفي سنة إحدى وتسعمائة، ودفن في جوار أبي أيوب الأنصاري رحمهما الله تعالى رحمة واسعة. 610 - مصطفى بن البركي: مصطفى العالم الفاضل المولى مصلح الدين الرومي الحنفي الشهير بابن البركي، كان أبوه قاضياً، وطلب العلم، وخدم المولى قاسم الشهير بقاضي زاده، ثم صار معيد المدرسة، ثم درس في بعض المدارس، ثم جعله السلطان أبو يزيد خان معلماً لولده السلطان أحمد، وهو أمير بأماسية، ثم أعطاه إحدى الثماني، ثم قضاء وكان في قضائه حسن السيرة، مرضي الطريقة، واستمر قاضياً بها مدة طويلة إلى أن عزله السلطان سليم خان في أوائل سلطنته، وعين له كل يوم مائة وثلاثين عثمانياً، وكان مفنناً، فصيح اللسان، طلق الجنان، توفي سنة تسع عشرة أو سنة عشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

611 - معين الدين الإيجي: معين الدين بن صفي الدين، الشيخ، الإمام، العلامة، المحقق المدقق، الفهامة، العارف بالله تعالى، السيد الشريف الإيجي، الشيرازي، الشافعي صاحب التفسير، وهو جد السيد قطب الدين عيسى الصفوي لأمه. كان من العلماء الراسخين والمرتاضين. قدم مكة فأري سيدتنا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه، فلما استيقظ فسر منام نفسه بأنه سينقطع إلى الله تعالى فوق ما كان عليه، فاتفق أن سرق جميع ما كان عنده من مال ومتاع إلا الكتب، فبقي بمكة على خدمة العلم والعباعة إلى آخر أجله. قال ابن الحبنلي: وهو القائل: خليلي حل الشيب رأسي ولم يدع ... فؤادي طلا باب الشباب، وما انتحى فقولا له: يا قلب عن فشرك ارتدع ... فليس سواء آية الليل والضحى وذكر ابن الحنبلي في ترجمة الشيخ محمد الأدهمي المعروف بابن السني أن السيد معين الدين المذكور كان إذا كتب اسمه، وصف نفسه بالسني لتصلبه في التسنن حتى كان يأتي الحجرة النبوية، ويقف بحذاء قبر أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - ويقول: إني وإن كنت منتسباً إلى علي - رضي الله تعالى عنه - ولكني أعتقد أنك أفضل منه الآن أتوسل بك في الآخرة، وقال سبطه السيد قطب الدين: وكان يقول أنا لا أقلد أحداً في تفضيل الشيخين ومن أراد الدليل عليه، فليجيء إلي، وليسمع مني، وكانت وفاته رحمه الله تعالى بمكة المشرفة سنة ست وتسعمائة. 612 - منجد المجذوب: منجد المجذوب الدمشقي، قال الشيخ موسى الكناوي: كان رجلاً أسمر اللون، طويل القامة، مكشوف الرأس حافياً دائماً. يراه الناس يأكل الطين، ولا يتناول من أحد شيئاً، وكان دائماً في الصيف والشتاء عليه قميص واحد، ويغسله كل يوم ويلبسه من غير نشوفة، ومات في سنة أربع عشرة وتسعمائة تقريباً رحمه الله تعالى. 613 - موسى بن أحمد الأريحاوي: موسى بن أحمد، الشيخ العلامة، الفقيه شرف الدين النحلاوي الأصل. الحلبي الدار، الأردبيلي الخرقة، الشافعي المذهب، الشهير بالشيخ موسى الأريحاوي لسكناه بأريحا. أخذ في تعلم القرآن العظيم، وكتب له المعلم حروف الهجاء، فوافق ذلك قدوم الشيخ باكير، والشيخ داود الصوفيين الإردبيليين إلى أرض الشام، وكان قدوم الأول لتربية الشيخ الكواكبي، والثاني لتربية الشيخ موسى المذكور، وكان الشيخ

داود يقف وهو ببعض القرى متوجهاً إلى قرية الشيخ موسى، فيقول: إني لأجد ريح يوسف فلما اجتمع الشيخ داود بالشيخ موسى وجده أخذ في تعليم القرآن، فنهاه عن ذلك وأدخله الخلوة، ثم استفسره عما رآه فيها، فأخبره أنه رأى نفسه لابس درع من الورق لا كتابة عليها فأمره بالمقام في الخلوة إلى أن كان اليوم السابع والثلاثون من خلوته، فسأله عما رأى فأخبره أنه رأى نفسه لابس درع مكتوبة، وأنه قرأ جميع ما فيها، فأمره حينئذ بقراءة القرآن العظيم فقرأه بأذن الله تعالى، ثم أمره أن يطالع كتاب " قمع النفوس " للشيخ تقي الدين الحصني، ولم يزل يزوره بنية التربية إلى أن أعتقده أهل قريته، وكثير من أهل القرى، وصار له سماط وبساط ثم أقام بحلب يدرس الفقه، وكان راسخ القدم فيه، وممن انتفع به قاضي القضاة الكمال التادفي ذكر ابن الحنبلي أن الشيخ محمد الخراساني النجمي عزم يوماً على زيارة الشيخ موسى المذكور، فبينما هو في الطريق إذ سأله سائل عن محل توجهه، فأخبره أنه بصدد زيارة الشيخ موسى لقرب انتقاله إلى عالم البرزخ، فلما راه حصل بينهما بسط زائد بعد أن كان الشيخ موسى منكراً على الشيخ محمد قبل اجتماعه به، ثم مرض الشيخ موسى عقب ذلك، وتوفي أواخر الحجة سنة خمس عشرة وتسعمائة، فحضر الشيخ محمد دفنه، ووقف عند قبره،، ودعا له، ودفن بتربة الخشابين داخل باب قنسرين بحلب رحمه الله تعالى. 614 - موسى أبن الحسن اللألآني: موسى بن الحسن، الشيخ العالم، العامل المعروف بالمنلا موسى الأول الكردي اللألآني - بالنون - الشافعي نزيل حلب. اشتغل ببلاده على جماعة منهم المنلا محمد الخبيصي، وأخذ عن الشمس البازلي نزيل حماة، وعن منلا إسماعيل الشرواني أحد مريدي خوجه عبيد النقشبندي. اخذ عنه بمكة تفسير البيضاوي، وأخذ عن الشهاب أحمد بن كلز بأنطاكية شرح التجريد مع حاشيته، ومتن الجغميني في الهيئة، ثم قدم حلب، وأكب على المطالعة، ونسخ الكتب العلمية لنفسه، ولازم التدريس بزاوية الشيخ عبد الكريم الخافي بها مع كثرة الصيام، والقيام، والزهد، والسخاء، والصبر على الطلبة، وممن أخذ عنه علم البلاغة أابن الحنبلي، وتوفي مطعوناً بحلب في شعبان سنة ثلاثين وتسعمائة، وفي الليلة التي أسفر صباحها عن يوم دفنه رأى شخص في المنام من يكنس داخل باب قنسرين، فسأله لم ذلك؟ فقال: لأجل جنازة الشيخ موسى، ودفن بتربة أولاد ملوك. 615 - موسى بن عبد الله جماعة: موسى بن عبد الله بن محمد، الشيخ، الإمام،

العلامة شرف الدين ابن قاضي القضاة جمال الدين ابن شيخ الإسلام نجم الدين، الشهير بابن جماعة المقدسي الشافعي، خطيب المسجد الأقصى الشريف. ولد في حادي عشري رجب سنة خمس وأربعين وثمانمائة، وأجازه الشيخ زين الدين ابن الشيخ خليل وغيره، وقال في الأنس الجليل: اشتغل في العلم في والده، وخطب المسجد الأقصى، وله نحو خمس عشر سنة، واستقر في الخطابة مشاركاً لبقية الخطباء هو وأخوه الخطيب بدر الدين محمد. قال: وأعاد الخطيب شرف الدين بالمدرسة الصلاحية، وفضل، وتميز، وصار من أعيان بيت المقدس، وهو رجل خير من أهل العلم والدين لا يختلط بأحد، ولا يتكلم بين الناس بأمور الدنيا، وعنده فصاحة في الخطبة، وعلى صوته الأنس والخشوع والناس سالمون من يده ولسانه انتهى. قلت: ودخل دمشق مع والده حين أسمع والده بها غالب مسموعاته، وكان والده من الأكابر يرحل للأخذ عنه، وكان صاحب الترجمة رجلاً مهيباً، وكانت وفاته في بيت المقدس سنة ست عشرة وتسعمائة، وفي ختام شعبان منها صلي عليه بجامع دمشق الأموي غائبة رحمه الله تعالى. 616 - موسى بن عبد الحق العنبري المؤذن: موسى بن عبد الحق، الشيخ شرف الدين المؤذن بالجامع الأموي، الشهير بالعنبري نقيب الفقهاء بدمشق. ولد في ذي الحجة سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وتوفي سنة خمس وتسعمائة رحمه الله تعالى. 617 - موسى بن عبد الغفار المالكي: موسى بن عبد الغفار، الشيخ الإمام، العالم العلامة شرف الدين المالكي خليفة الحكم العزيز بالقاهرة، وكاتب مستندات السلطان الغوري. مات يوم الجمعة خامس عشري رجب سنة اثنتي عشرة وتسعمائة. 618 - موسى بن علي الحوارني: موسى بن علي، الشيخ العالم الصالح شرف الدين الشهير بالحوارني الشافعي. كان يحفظ القرآن العظيم، والمنهاج، وكان يدرس فيه وفي القرارات بمدرسة شيخ الإسلام أبي عمر، وكان رئيس سبع تاج الدين بمحراب الحنفية من الجامع الأموي. تفقه على شيخ الإسلام نجم الدين ابن قاضي عجلون، وكان يحفظ التصحيح الأكبر له، وسمع على البرهان الباعوني وغيره، ولي نظر الشبلية والإمامة بها، وكان يقريء بها سيرة ابن هشام كل يوم بعد العصر، ودرس بمدرسة أبي عمر سنين، وانتفع الناس به. قال ابن

حرف النون

طولون: وحضرت عنده مراراً. توفي بمنزله بمحلة الشبلية، ودفن بالصالحية ليلة الخميس حادي عشرة الجمادين سنة إحدى وتسعمائة رحمه الله تعالى. 619 - موسى بن العجمية: موسى، الشيخ شرف الدين بن العجمية، الدمشقي الشافعي أحد رؤساء المؤذنين بالجامع الأموي، وكان رجلاً صالحاً، محباً للصوفية، وامتحن في آخر عمره بذهاب ماله قيل: وكان نحو ألف دينار من خلوته بمدرسة الصادرية. توفي يوم السبت سادس ذي الحجة سنة ست وعشرين وتسعمائة، ودفن بتربة باب الفراديس رحمه الله تعالى رحمة واسعة. حرف النون من الطبقة الأولى: 620 - نبهان بن عبد الهادي الصفوري: نبهان بن عبد الهادي، الشيخ، العالم الفاضل الصالح، العارف بالله تعالى الصفورفي الشافعي. ذكره شيخ الإسلام الوالد - رضي الله تعالى عنه - في معجم تلامذته. قال: وكان من عباد الله الصالحين، سريع الدمعة، خاشع القلب، ساكن الحواس. قرأ على الوالد ألفيته في التصوف كاملة، وحضر دروسي كثيراً، واستجازني فأجزته. مات - رحمه الله تعالى - في سنة ست وعشرين وتسعمائة. انتهى. قلت: ذكر الحمصي في تاريخه أنه مات بصفورية، وصلي عليه بالجامع الأموي يوم الجمعة مستهل ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وتسعمائة، وترجمه الشيخ الإمام العالم الزاهد العابد، وفي تاريخ ابن طولون أنه صلي عليه يوم الجمعة حادي عشري ربيع الآخر، وأنه مات بصفورية بعد توجهه من الشام من نحو شهرين وإن الذي صلي عليه في مستهل ربيع الآخر هو شيخ الإسلام بدر الدين السيوفي مفتي حلب مات بها رحمها الله تعالى. 621 - نسيم الدين الحنفي قاضي مكة: نسيم الدين قاضي مكة الحنفي. قال العلائي: كان فاضلاً، ذكياً، مستحضراً لكثير من المسائل، حافظاً لمتن المجمع، ديناً، فصيحاً، لطيفاً، عفيفاً لا يتناول على القضاء شيئاً البتة، وأخذ الفقه عن الشمس بن الضياء، وعن جماعة من المصريين وغيرهم، وتوفي بمكة سنة سبع وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

622 - نصر المجنوب: نصر الشيخ الصالح المجذوب. الصاحي الذي كان يركب الفيل بمصر أيام الغوري. كان ملامتياً عرياناً دائماً ليس عليه إلا سراويل من جلد، وطرطور من جلد، محلوق اللحية يشتم السلطان، فمن دونه، ويحتمل الناس، وكان يعطب على من ينكر ذلك ذكره الشعراوي وقال: صحبته سنة، ثم مات سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 623 - نصوح الطوسي: نصوح، الشيخ العارف بالله تعالى الطوسي. كان عالماً، صالحاً يحفظ القرآن العظيم، ويكتب الخط الحسن، ثم نسب إلى الطريقة الزينية، وخدم الشيخ تاج الدين القراماني، وبلغ عنده رتبة الإرشاد، وقعد على سجادة التربية بعد وفاة الشيخ صفي الدين في زاوية شيخه المذكور، ومات في وطنه سنة أربع أو ثلاث وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 624 - نعمة الصفدي: نعمة الصفدي، المجذوب الغارق في الجذب، قال الشيخ الكناوي: أصله من عرب بني صخر من غور بيسان، فمن الله تعالى عليه وجذبه، فسكن مدينة صفد قال: وكان رجلاً أسمر اللون، طويلاً، غليظ القطعة، له كرامات كثيرة، ومكاشفات زائدة يعرف بعضها أهل بلاده: منها أن نائباً كان بصفد في عصر الشيخ نعمة. قال له: بنيت لك تربة. فقال له الشيخ. نعمة: لذقنك، فعن قليل مات النائب، ودفن بها، ومنها أن النائب المذكور كان جائراً جباراً، فقبض على جماعة ظلماً، وأودعهم الحبس، فمر عليهم الشيخ نعمة يوماً، فاستغاثوا، به. قيل: كان بيده خيارة، وقيل: عقب خيارة، فرمى بها إلى باب الحبس، وكان عليه قفل كبير، فانكسر وانفتح باب السجن، فخرج المحبوسون، وفروا منهزمين إلى بلدانهم، فضج الناس لذلك، واعترى النائب خوف وذلة، وهاب الشيخ نعمة، وتأدب معه. مات بصفد سنة إحدى أو اثنتين وتسعمائة فيما ذكره الشيخ موسى، وفي تاريخ ابن طولون أنه مات قبل ذلك بنحو سنتين، وهو الأصح رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 625 - نهالي بن عبد الله: نهالي بن عبد الله المولى الفاضل، الشهير بهذا اللقب. قال في الشقائق: ولم نعرف اسمه. كان عتيقاً لبعض الأكابر. وقرأ في صغره مبادئ العلوم، ثم خدم العلماء، وفاق على أقرانه، ومهر في العربية والأصول والتفسير، وكان له نظم بالعربية

حرف الواو

والتركية والفارسية، ووصل إلى خدمة المولى محمد بن الحاج حسن، ودرس بالمدرسة التي بناها المولى المذكور بالقسطنطينية، ثم بأسحلقيه أسكوب، ثم بمدرسة مصطفى باشا بالقسطنطينية، ثم فرغ عن التدريس، وسافر إلى الحج، فلما أتم الحج مرض فعاهد الله تعالى إن صح من مرضه لم يعاود التدريس، وندم على ما مضى من عمره في الاشتغال بغير الله تعالى، فأدركته المنية في مرضه ذلك، فتوفي بمكة المشرفة، ودفن بها في سنة خمس أو ست وتسعمائة رحمه الله تعالى. حرف الواو من الطبقة الأولى: 626 - الوزيري: الوزيري القاضي المالكي بمصر. توفي بمصر سنة ثلاث وتسعمائة وصلي عليه غائبة بدمشق يوم الجمعة تاسع عشر ذي الحجة منها رحمه الله تعالى. حرف الهاء خال حرف الياء التحتانية من الطبقة الأولى: 627 - ياسين الشافعي: ياسمين الشيخ الإمام، العلامة، الشافعي، شيخ المدرسة البيرية توفي في سادس عشري ذي الحجة سنة تسع وتسعمائة. استقر عوضه في المشيخة الشيخ العلامة كمال الدين الطويل الشافعي رحمه الله تعالى. 628 - يحيى بن محمد بن سلطان: يحيى بن محمد الشيخ. العالم، الفاضل محيي الدين بن كمال الدين بن سلطان الحنفي. توفي بمكة المشرفة رابع عشر الحجة سنة خمس عشرة وتسعمائة. قال ابن طولون: ولم يكن ببيت ابن سلطان أولى منه رحمه الله تعالى. 629 - يحيى بن إبراهيم الدميري: يحيى بن إبراهيم قاضي القضاة شرف الدين قاضي القضاة برهان الدين الدميري، القاهري آخر قضاة القضاة المالكية بالقاهرة المحمية الدولة الجركسية. كانت له شهامة ورئاسة ورفاهية في العيش. قدم مع الأشرف الغوري

دمشق، ودخل معه حلب، وذلك في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وأخذ عنه ابن الحنبلي والده، وأجاز لهما - رحمه الله تعالى رحمة واسعة - آمين. 630 - يحيى بن أحمد الأخنائي: يحيى بن أحمد بن حسن بن عثمان العلامة أقضى القضاة محيي الدين ابن الشيخ شهاب الدين الزرعي: الشهير بالأخنائي الشافعي. خليفة الحكم العزيز بدمشق. ولد في خامس عشر رمضان سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، وخطب مرة بالجامع الأموي عن قريبه قاضي القضاة نجم الدين ابن شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون لضعف حصل للخطيب سراج الدين الصيرفي، فحصل له ارتعاد في الخطبة، وكان ذلك يوم الجمعة تاسع عشر شوال سنة أربع عشرة وتسعمائة، وكانت وفاته بعد ذلك بمدة يسيرة يوم الاثنين سابع القعدة من السنة المذكورة، وصلي عليه بالأموي، وحضر جنازته قضاة القضاة، وأعيان الناس وخلائق كثيرة، ودفن بباب الصغير عند والده وأخيه غربي القلندرية رحمه الله تعالى. 631 - يحيى بن علي المعروف بابن الشاطر: يحيي بن علي الشيخ المعمر، المنور، شرف الدين الحصكفي، ثم الحلبي الشافعي، المعروف بابن الشاطر، وبابن معلم سلطان بحصن كيفا. قال ابن الحنبلي: باشر صنعته في أول عمره بتقوى وديانة، ويلغ فيها ما لم يبلغه غيره من الكمال، ثم تركها، واشتغل بالطاعة والعبادة، وفعل الخير حتى كان هو السبب في إيصال الماء إلى محلة سويقة الحجارين بحلب، وذلك أنه سعى فيه عند يشبك الدوادار لما نزل على حلب متوجهاً إلى أخذ الرها من السلطان يعقوب بك ابن حسن بك، سمح له بخمسة عشر ألفاً، فصرفها في عمل الحوض الكائن بها الآن مع ما ضمه إليه أهل الخير من المال، وحج وجاور بالقدس الشريف قريباً من اثنتي عشرة سنة، وأكرمه بها كل الإكرام بالإنفاق عليه شيخ الإسلام الشمس محمد بن أبي اللطف الحصكفي الشافعي إلى أن قال: ولم يزل الشيخ شرف الدين على الخير والديانة والمبادرة إلى الطاعة، ومطالعة كتب القوم، والاحتفال بالنظر إلى أحياء علوم الدين إلى أن توفي بحلب سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، ودفن خارج باب الفرج قبلي تربة الخرساني في قبر حفره لنفسه بيده شيئاً فشيئاً رحمه الله تعالى. 632 - يحيى بن عبد الله الإربدي: يحيى بن عبد الله، الشيخ، الصالح، العالم بن الشيخ الصالح محيي الدين ابن الإربدي. ثم الدمشقي الصالحي المقري. ولد بإربد في العشر

الأول من رمضان سنة سبع وأربعين وثمانمائة، وتوفي سابع عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، ودفن بتربة ابن سلطان تحت المعظمية بسفح قاسيون عند قبر والده الشيخ صالح رحمه الله تعالى. 533 - يحيى الشيخ شرف الدين بن العداس: يحيى الشيخ شرف الدين العداس إمام جامع شيخون بالقاهرة، وخطيبه وناظره. كان ذا نشاط، وبساط، وسماط، وبر لأصحابه. وقضاء لحوائجهم بحيث أدى به ذلك آخراً إلى تحمل شيء من الدين، وتوفي سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 634 - يعقوب الحميدي الشهير بآجه: يعقوب الحميدي المولى العلامة الشهير بآجه خليفة أحد الموالي الرومية. خدم المولى علاء الدين الفناري، ودرس في عدة مدارس آخرها مدرسة مغنيسا، وهو أول مدرس بها، ومات عنها، وكان فاضلا صالحاً متصوفاً. له مهارة في الفقه ومشاركة في غيره ذو سمت حسن صحيح العقيدة. توفي سنة ثمان أو تسع وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 635 - يعقوب ابن سيدي علي الرومي: يعقوب ابن سيدي علي أحد الموالي الرومية وشارح كتاب شرعة الإسلام رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 636 - يوسف بن المبيض: يوسف بن محمد، وقال ابن طولون: يوسف بن أحمد الشيخ العلامة، المحدث، الواعظ أبو المحاسن جمال الدين الشهير بابن المبيض الحمصي الأصل. قال ابن النعميمي: ثم المقدسي، ثم الدمشقي الشافعي أحد الوعاظ بدمشق، ومن شعره ما كتبه عنه ابن طولون من إملائه عاقداً للحديث المسلسل الأولية: جاءنا فيما روينا أننا ... يرحم الرحمن منا الرحما فارحموا جملة من في الأرض من ... خلقه يرحمكم من في السما توفي بدمشق في يوم الاثنين ثاني عشر شوال سنة تسع وعشرين وتسعمائة، ودفن بتربة باب الصغير رحمه الله تعالى. 637 - يوسف بن أي بكر بن الخشاب: يوسف بن أبي بكر بن علي بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن يوسف قاضي القضاة جمال الدين أبو المحاسن، الحلبي، الشافعي،

المعروف بابن الخشاب سبط ابن الوردي. ولد في خامس عشر شوال سنة سبع وستين وثمانمائة، وأخذ الفقه عن الفخر عثمان الكردي، والعربية عن العلامة قل دوريش، والعروض للتبريزي عن العلاء الموصلي، ولي قضاء طرابلس. قال الحمصي: ثم عزل منها، ثم ولي نيابة القضاء بالقاهرة، ثم وولي قضاء طرابلس. قال الحمصي: ثم عزل منها، ثم ولي نيابة القضاء بالقاهرة، ثم ولي نظر البيمارستان المنصور بها، ثم عزل منه، وسافر إلى مدينة إسكندرية، فتوفي بها يوم الاثنين ثامن عشري المحرم سنة إحدى عشرة وتسعمائة. قال ابن الحنبلي: سم دسه عليه بعض أعدائه، ثم نقل إلى تربته التي أعدها لنفسه بالقاهرة رحمه الله تعالى. 638 - يوسف بن إسكندر بن البجق: يوسف بن إسكندر بن محمد بن محمد بن قاضي القضاة جمال الدين أبو المحاسن، الحلبي، الحنفي المشهور والده بالخواجا ابن الحق وهو ابن أخت المحب ابن أجا كاتب السر. اشتغل بالفقه وغيره على الزيني عبد الرحمن بن فخر النساء وغيره، وسمع على الجمال إبراهيم القلقشندي أربعين حديثاً خرجها بعض الفضلاء عن أربعين شيخاً من مشايخه، وعلى المحب أبي القاسم محمد بن جوباش بن عبد الله الحنفي جميع سيرة ابن هشام، وأجاز له كل منهما ما يجوز له، وعنه روايته، وتولى القضاء بحلب بعناية خاله، ثم ولي في الدولة الرومية تدريس الحلاوية، ووظائف أخرى، ثم رحل إلى القاهرة وتولى مدرسة المؤيدة بها، وسار فيها السيرة المرضية، وكان له شكل حسن، وشهامة، ورئاسة، وفخامة، وألف رسالة في تقوية مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه - في عدم رفع اليدين قبل الركوع وبعده وامتدحه العلاء الموصلي بقصيدة طولى مطلعها: الورد من وجنات خدك يقطف ... والشهد من جنبات ثغرك يرشف وقوامك المياس أزهى إن ثنى ... عطفيه من غصن الخلاف وأهيف إلى أن قال: فعل المدام بمقلتيه ولونها ... في خده، والثغر فيه القرقف لقوامه الخطي ينتسب القنا ... وللحظه الهندي يعزى المرهف هجر المحب، وقد بدا في صدغه ... واوات صدغ للمحبة تعطف قالوا: فصفه وزد لنا في وصفه ... فأحببت والشمس المنيرة توصف

قمر منير بدر، تم طالع ... حلو الشمائل، والكلام مهفهف رشأ غزال ذو ألتفات أكحل ... ريم الفلاة غزير طرف أوطف لا أنثني لا أنتهي عن حبه ... يوماً وإن نام الوشاة وعنفوا لكن براعة مخلص من حبه ... قاض القضاة أبو المحاسن يوسف ثم قال: أهدت له أخلاقه طيب الثنا ... فثناؤه كالمسك بل هو أعرف وبجوده ووجوده حلب سمت ... وبخاله عز المليك الأشرف حج صاحب الترجمة من القاهرة، ثم قدمها موعوكاً، فمات بها ليلة الأربعاء ثامن عشر صفر سنة تسع وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 639 - يوسف بن حسن بن المبرد الحنبلي: يوسف بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي، الشيخ الإمام العلامة، المصنف، المحدث جمال الدين الشهير بابن المبرد الصالحي، الحنبلي، ولد سنة أربعين وثمانمائة قرأ القرآن على الشيخ أحمد الصفدي الحنبلي وجماعة ثم على الشيخ محمد، والشيخ عمر العسكريين، والشيخ زين الحبال، وصلى بالقرآن ثلاث مرات، وقرأ المقنع على الشيخ تقي الدين الجراعي، والشيخ تقي الدين بن قندس، والقاضي علاء الدين المرداوي، وحضر دروس خلائق منهم القاضي برهان الدين بن مفلح، والشيخ برهان الدين الزرعي، وأخذ الحديث عن خلائق من أصحاب ابن حجر، وابن العراقي، وابن البالسي، والجمال بن الحرستاني، والصلاح بن أبي عمر، وابن ناصر الدين وغيرهم، وكان الغالب عليه علم الحديث والفقه، وشارك في النحو والتصريف والتصوف والتفسير، وله مؤلفات كثيرة وغالبها أجزاء ودرس وأفتى، وله نظم ليس بذاك، وقد ألف تلميذه الشيخ شمس الدين بن طولون في ترجمته مؤلفاً ضخماً وقفت عليه في تعاليقه، وكانت وفاة صاحب الترجمة يوم الاثنين سادس عشر المحرم سنة تسع وتسعمائة، ودفن بسفح قاسيون، وكانت جنازته حافلة رحمه الله تعالى.

640 - يوسف بن حمدان الدوبائي الرحبي: يوسف بن حمدان بن حسن القاضي جمال الدين الدوبائي، الرحيب، الدمشقي، الشافعي. ولد عشية الأحد تاسع عشر جمادى الأولى سنة أربع وسبعين وثمانمائة بالتربة المنجكية بمحلة مسجد الذبان. قال النعيمي: اشتغل قليلاً، ثم فوض إليه القاضي ولي الدين ابن الفرفور نيابة الحكم يوم الخميس عاشر صفر سنة سبع عشرة وتسعمائة انتهى. قلت: وكان خطه حسناً إلى الغاية. كتب شرح الروض للقاضي زكريا، وعندي النصف الأولى منه جزئين، وكانت وفاته ليلة الأربعاء ثاني عشر ربيع الثاني سنة سبع وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 641 - يوسف بن مزهر: يوسف ابن القاضي جمال الدين ابن القاضي زين الدين بن مزهر كاتب الأسرار الشريفة بمصر. شنق نفسه يوم الثلائاء سابع ربيع الثاني سنة ست عشرة وتسعمائة. ذكره الحمصي. 642 - يوسف الحمامي المصري: يوسف، الشيخ الإمام العالم القاضي جمال الدين الحمامي المصري، المالكي، قال الحمصي: كان صالحاً مباركاً، وباشر نيابة الحكم العزيز بمصر القاهرة، وتوفي بها سابع عشر شعبان سنة إحدى عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى. 643 - يوسف الشهير بشيخ بستان: يوسف العالم الفاضل المولى الحميدي، المشهور بشيخ بستان الرومي الحنفي اشتغل بالعلم أشد الاشتغال، ولم يكن ذكياً لكن كان طبعه خالصاً من الأوهام، وصار معيداً عند قاضي زاده، ثم وصل إلى خدمة خوجه زاده، ثم صار مدرساً ببعض المدارس، ثم بمدرسة أحمد باشا بن ولي الدين ببروسا، ثم عزل عنها، وكان ساكناً بروسا في بعض رباطاتها متجرداً عن العلائق، راضياً بالقليل من العيش، ولم يتزوج، وله حواش على شرح المفتاح للسيد مقبولة، توفي سنة إحدى عشرة أو اثنتي عشرة رحمه الله تعالى. 644 - بوصف بن الصرخدي: يوسف بن الصرخدي، التاجر، الدمشقي. كان حافظاً لكتاب الله تعالى ملازماً للجامع الأموي، وانقطع إلى الله تعالى، ولازم العبادة، وكانت وفاته بدمشق ثالث عشر شعبان سنة سبع عشرة وتسعمائة، ودفن بباب الصغير رحمه الله تعالى.

645 - يوسف الخشاب الحلبي: يوسف الخشاب، الحلبي، المعروف بالمجاور لمجاورته بمكة سنين. كان ديناً بنى مسجداً بحلب بالقرب من ساحة ابن بزا يعرف بمسجد المجاور دعي إلى وليمة، فغص بلقمة، فمات من ساعته وذلك في سنة ثمان وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى. 646 - يوسف السلموني: يوسف، الشيخ الفاضل جمال الدين السلموني شاعر مصر وأديبها. كان هجاء بالغ الهجاء، ووقع له واقعة بسبب ذلك في سنة إحدى عشرة وتسعمائة، وهي أنه هجا القاضي معين الدين بن شمس وكيل بيت المال بمصر هجواً فاحشاً منه هذا البيت: وحرفته فاقت على كل حرفة ... يركب ياقوتاً على فص خاتمه فلما بلغ معين الدين ذلك شكا السلموني إلى السلطان الغوري، فقال: إن وجب عليه شيء في الشرع أدبه، فنزل من عند السلطان، ومسك السلموني في الحديد، وأتى به إلى بيت القاضي سري الدين عبد البر بن الشحنة، وادعى عليه، فضربه عبد البر وعزره وأشهره على حمار، وهو مكشوف الرأس، وقد ورد أن سيدنا عمر ابن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أول من عاقب على الهجاء، وقال بعض فضلاء مصر في واقعة السلموني: وشاعر قد هجا شخصاً فحل به ... من حاكم الشرع توبيخ وتعزير فأشهروه وجازوه بفعلته ... تباً له شاعر بالهجو مشهور فلما بلغ السلطان ما فعله ابن شمس بالسلموني شق عليه ذلك، وأمر بقطع لسانه، فإنه قال: رسم السلطان لي بأني أشهر السلموني، ولم يكن السلطان رسم بذلك، واستمر ابن شمس في الترسيم مدة طويلة حتى أرضى السلطان بمال له صورة، فرضي عنه، وألبس خلعة، ثم أن السلموني هجا القاضي عبد البر بقصيدة طويلة أفحش فيها مطلعها: فشا الزور في مصر، وفي جنباتها ... ولم لا وعبد البر قاضي قضاتها؟! وذكر الحمصي في تاريخه في شوال سنة عشر وتسعمائة أن الجمال السلموني جاء إلى بيت القاضي شهاب الدين بن الفوفور ليسلم عليه، فمنعه عز الدين القسلتي من الدخول، فغضب وكتب رقعة وجهزها للقاضي، وفيها هذه الأبيات: ببابكم كلب عقور مسلط ... عديم الحيا والعقل في البعد والقرب أقمتوه صداً للفقير ملالة ... ولم تذكروا بين الورى نعم الرب

يظن بجهل منه أن مجيئنا ... إليكم لأجل النيل والأكل والشرب ولم يعلم المفتون أن نفوسنا ... لها شرف يسمو على السبعة الشهب وليس الغنى بالمال قال نبينا ... ولكن غناء النفس مع عدم الكسب وما جئتكم والله إلا مهنئاً ... لأني من بعض المحبين والصحب تذكرت لما أن أتيت وصدني ... مقالة بعض الناس في معرض العتب ومن يربط الكلب العقور ببابه ... فإن بلاء الناس من رابط الكلب فلما وصلت الرقعة إلى القاضي عرف أنها من السلموني وأن عز الدين منعه من الدخول، فتف عليه، ووضع في ورقة عشرة دنانير، ودفعها إلى السلموني، وأوصى البواب أن لا يمنعه من الدخول، وإن أراده كل يوم عشر مرات، والظاهر تأخر وفاة السلموني عن سنة ثلاثين، فإني تتبعت الجزء الذي وقفت عليه من تاريخ الحمصي إلى السنة المذكورة، ولم يؤرخ وفاته فيه مع تقيده بمثل ذلك غاية التقييد. 647 - يوسف ابن سويد كين: يوسف، الشيخ جمال الدين المعروف بابن سويد كين القدسي، ثم الدمشقي أحد العدول بدمشق. تربى وتخرج بزوج خالته، الشيخ العلامة شهاب الدين بن رسلان، وروى عنه قال النعيمي: وهو آخر من روى عن الزين القباني عن ابن الخباز عن النووي. توفي في آخر رمضان سنة أربع وتسعمائة رحمه الله تعالى. 648 - يوسف الشهير بقاضي بغداد: يوسف العالم الفاضل المولى قوام الدين الشهير بقاضي بغداد كان من بلاد العجم من مدينة شيراز وولي قضاء بغداد مدة فلما حدثت فيه فتنة ابن أردبيل ارتحل إلى ماردين، وسكن بها، ثم رحل إلى بلاد الروم، فأعطاه السلطان أبو يزيد خان سلطانية بروسا، ثم إحدى الثماني، وكان عالماً، متشرعاً، زاهداً، وقوراً. صنف شرحاً على التجريد جامعاً لفوائد، وشرحاً على نهج البلاغة، وكتاباً جامعاً لمقدمات التفسير وغير ذلك. وتوفي في أوائل دولة السلطان سليم خان رحمه الله تعالى. 649 - يونس بن محمد التركماني: يونس بن محمد الأمير يونس بن المبارك التركماني الصالحي. مات عشية ليلة الخميس خامس جمادى الأولى سنة عشر وتسعمائة رحمه الله تعالى. 650 - يونس بن محمد العجلوني: يونس بن محمد الشيخ شرف الدين الجابى،

الشهير بالعجلوني الدمشقي الشافعي أحد المباشرين بالجامع الأموي. ولد في خامس عشر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثمانمائة، وطلبه السلطان الغوري في جملة مباشري الجامع للتفتيش عليهم، ثم رجعوا وقد عمل عليهم أربعة آلاف دينار، ووصلوا إلى دمشق في خامس عشر شعبان سنة ست عشرة وتسعمائة، فمات الشيخ شرف الدين يوم الجمعة سابع عشري شعبان السنة المذكورة، ودفن بباب الفراديس رحمه الله تعالى. 651 - يونس الحرافيش: يونس بن محمد بن شعبان، الشيخ العلامة شرف الدين بن سلطان الحرافيش بدمشق، قال ابن طولون: كان من المتغفلين في المجالس، ولكن حصل به النفع في آخر عمره بملازمة المشهد الشرقي بالجامع الأموي لإقراء الطلبة، وكان في ابتداء أمره شاهداً تجاه باب المؤيدية، وكانت وفاته يوم الأربعاء حادي عشري جمادى الآخرة سنة تسع - بتقديم المثناة - وعشرين وتسعمائة. قال ابن طولون: وصلى عليه التقوى بالبلاطسي ضحوة النهار بالجامع الأموي، ودفن بباب الصغير رحمه الله تعالى. 652 - يونس الهمداني: يونس بن إدريس بن يوسف، الشيخ الصالح، المسلك شرف الدين الحلبي، ثم الدمشقي الشافعي الصوفي الهمداني الخرقة. ولد بمدينة حلب في سنة سبع وستين وثمانمائة، واشتغل على جماعة في عدة فنون، وتوجه إلى مكة ثلاث مرات، وجاور في حدود الثمانين، وسمع بها الحديث على الحافظ شمس الدين السخاوي، والإمام محب الدين الطبري، وقرأ على ولده الإمام أبي السعادات في النحو، ولبس الخرقة الهمدانية، وتلقن الذكر من السيد عبيد الله التستري الصوفي الهمذاني، وصار له أتباع كثيرون يتداولون الأوراد الفتحية بالمدرسة الرواحية بحلب. قال ابن الحنبلي: وكان السبب في كثرة مريدة مزيد ظلم بحلب أفضى إلى أن كثيراًمن المتهمين والزعار اتبعه، وصار إذا صدر منه فساد، وقبض عليه كافل حلب استشفع به، فساء ذلك كافل حلب، فبلغه فلم يسعه المكث بها، فهاجر إلى دمشق قال الحمصي: كانت إقامته بدار الحديث بقرب قلعة دمشق. انتهى. وهي دار الحديث الأشرفية، وقد ولي النووي - رحمه الله تعالى - تدريسها ومن شعر صاحب الترجمة مشيراً إلى ذلك ولا يخفى ما فيه: إن دار الحديث طابت بمولى ... كان قطب الوجود حين تولى رحمة الله سابغة عليه ... أس شرع النبي قولاً وفعلاً

ولو قال رحمه الله: لا تزال عليه حاز شرع النبي قولاً وفعلاً. سلم له وزن البيت الثاني، وكان معناه صحيحاً، ولعله قال كذلك، ولكن أوردته كما رأيته، وكانت وفاته بدمشق يوم الاثنين عشري شعبان سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

الطبقة الثانية

الطبقة الثانية من الكواكب السائرة، في مناقب أعيان المائة العاشرة فيمن وقعت وفاتهم من أعيان البارعين من مفتتح سنة أربع وثلاثين إلى مختتم سنة ست وستين المحمدون محمد بن محمد الغزي محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن بدر بن مفرج بن بدري بن عثمان بن جابر بن ثعلب بن ضوي بن شداد بن عاد بن مفرج بن لقيط بن جابر بن وهب بن ضباب بن علي بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب الشيخ الإمام، شيخ الإسلام، المحقق المدقق العلامة، العمدة الحجة الفهامة، القاضي رضي الدين أبو الفضل بن رضي الدين الغزي الأصل، الدمشقي المولد والمنشأ والوفاة، العامري القرشي الشافعي جدي لأبي ولد صبيحة اليوم العاشر من ذي القعدة الحرام سنة اثنتين وستين وثمانمائة، وتوفي والده شيخ الإسلام رضي الدين أبو البركات وسنه إذ ذاك دون السنتين، وأسند وصايته عليه إلى شيخ الإسلام زين الدين خطاب بن عمر بن مهنا الغزاوي الشافعي شيخ الشافعية بدمشق، فرباه أحسن تربية، وكفله أجمل كفالة إلى أن ترعرع وطلب العلم بنفسه مشمراً عن ساق الاجتهاد،

وسالكاً أقوم مسالك الرشاد، مؤثراً لطريقة التصوف على سبيل التجرد منعزلاً عن الناس في زاوية جده لأمه ولي الله القطب الرباني العارف بالله والداعي إليه سيدي الشيخ أحمد الأقباعي بعين اللؤلؤة خارج دمشق. إلى أن برع في علمي الشريعة والحقيقة، وسلك في كل منهما أكمل طريقة، ولازم الشيخ خطاب مدة حياته وانتفع به وتفقه عليه، ثم تزوج بابنة الشيخ خطاب أخراً بالتماس من أبيها، ولزم أيضاً الشيخ محب الدين بن محمد بن خليل البصروي شيخ الشافعية في زمانه، وأخذ عنه الفقه والحديث والأصول والعروض، ثم لزم الشيخ برهان الدين الزرعي، وأخذ عنه الحديث وغيره وولده العلامة المحقق شهاب الحين أحمد، وأخذ عنه المعقولات والمعاني والبيان والعربية. وممن تفقه بهم أيضاً شيخ الشافعية وابن شيخهم البدر ابن قاضي شهبة، والشيخ الأوحد ولي الله شمس الدين محمد بن حامد الصفدي، والشيخ الأكمل شيخ الإسلام النجم ابن قاضي عجلون، وأخوه شيخ الإسلام تقي الدين أبو بكر، والشيخ الإمام خليل اللدي إمام الجامع، وكذلك الشيخ الصالح المقريء إبراهيم بن أحمد القدسي. قرأ عليه وهو صغير القرآن العظيم والمنهاج حفظاً وحلاً، وأخذ الحديث وعلومه أيضاً عن الشيخ الإمام المعمر الأوحد برهان الدين الناجي، والشيخ الصالح العالم زين الدين عبد الرحيم ابن الشيخ خليل القابوني إمام الجامع الشريف الأموي، والشيخ المسند بدر الدين حسن بن شهاب، والشيخ الإمام الحافظ الناقد الحجة برهان الدين البقاعي، وأخذ عنه العربية أيضاً، وقرأ عليه الكتب الستة، وشرح ألفية الحديث للعراقي للمصنف، ونخبة الفكر وشرحها لابن حجر، وغالب مؤلفاته كالمناسبات وغيرها، وكذلك الشيخ الإمام العلامة حسن بن حسن بن حسين الفتحي الشوازي رفيق بن الجزري، وصاحب الحافظ ابن حجر قرأ عليه الحديث المسلسل بالأولية، وسورة الصف وغير ذلك، وسمع منه كثيراً من مروياته، والعلامة برهان الدين الباعوني، وقرأ على العلامة المحقق منلا زاده الخطابي صاحب المؤلفات الشهيرة شرح الشمسية والمتوسط وغيرهما، واجتمع بالشيخ عبد المعطي المكي، وسيدي الشيخ أحمد بن عقبة اليمني، والشيخ العارف بالله تعالى محمد المذكور اليمني وغيرهم، واصطحب مع سيدي الشيخ أبي العون الغزي، وسيدي علي بن ميمون المغربي وغيرهما. وممن أخذ عن الشيخ رضي الدين رضي الله تعالى عنه ولده شيخ الإسلام بدر الدين والدي، وسيدي الشيخ أبو الحسن البكري، وشيخ الإسلام أمين الدين بن النجار إمام جامع الغمري بمصر، وشيخ المسلمين العلامة السيد عبد الرحيم العباسي المصري، ثم الإسلام بولي، والعلامة بدر الدين العلائي، وقد كان - رحمه الله تعالى - ممن قطع عمره في العلم طلباً

وإفادةً وجمعاً وتصنيفاً. أفتى ودرس، وولي القضاء نيابة عن قريبه قاضي القضاة القطب الخيضري، وسنه إذ ذاك دون العشرين سنة، ثم عن قاضي القضاة شهاب الدين الفرفوري، ثم عن ولده القاضي ولي الدين بعد أن تنزه عن الحكم، ثم ألزم به من قبل السلطان سليم خان على لسان نائبه بالمملكة الشامية وغيرها فرهات باشا وإياس باشا، وكان لهما فيه مزيد الاعتقاد، وباشر مدة ولايته القضاء بعفة ونزاهة وطهارة يد ولسان وقيام في الحق. يقضي على من عساه يكون لا يحابي أحداً ولا يماريه لا تأخذه في الله لومة لائم، وهو آخر قضاة العدل وله من المؤلفات الدرر اللوامع، نظم جمع الجوامع، في الأصول، وألفية في التصوف سماها الجوهر الفريد، في أدب الصوفي والمريد وألفية في اللغة نظم فيها فصيح ثعلب وألفية في علم الهيئة، وألفية في الطب، ومنظومة في علم الخط، ونظم رسالة السيد الشريف في علمي المنطق والجدل، ووضع على نظمه شرحاً نفيساً، وألف مختصراً في علمي المعاني والبيان سماه بالإفصاح، عن لب الفوائد والتلخيص والمصباح، ووضع عليه شرحاً حافلاً، وشرح أرجوزة البارزي في المعاني والبيان أيضاً، وشرح عقيدة جمع الجوامع، ونظم عقائد الغزالي، وعقائد لبعض الحنفية، ونخبة الفكر لابن حجر في علم الحديث، وقلائد العقيان في مورثات الفقر والنسيان للشيخ إبراهيم الناجي، وألف كتاب الملاحة، في علم الفلاحة، وغير ذلك، وله شعر رائق، ونظم فائق، وأكثر في تقبسه النصائح والحكم والحقائق، أوردت منه نبذة في كتابي المسمى بلغة الواجد واستوفيت غالبه في شرحي على الفتية في التصوف، ومنه قوله نظماً مضمناً: ما كان بكر علومي قط يخطبها ... إلا ذوو جدة بالفضل أكفاء وغض منه ذوو جهل معاندة ... والجاهلون لأهل العلم أعداء وقوله أيضاً: يا جاهلا وهو لأهل العلم لا يسلم ارجع إلى الحق وإن سئلت قل: لا أعلم وقوله رضي الله تعالى عنه: يا طالب الله حقاً ... اخرج إلى الله عنكا وإن خرجت فناد ... استغفر الله منكا

محمد بن محمد الدلجي

وأجاب عن اللغز المشهور في الفرائض وهو: ثلاثة أخوة لأب وأم ... وكلهم إلى خير فقير أصابهم صروف الدهر يوماً ... وكان لميتهم مال كثير فحاز الأكبران الثلث منه ... وباقي المال أحرزه الصغير بقوله: ثلاثة أخوة لأب وأم ... تزوج بنت عمهم الصغير له من إرثها نصف بفرض ... وسدس بالعصوبة يا خبير قال شيخ الإسلام الوالد - رحمه الله تعالى: - وقد رأيت قبل موته بأيام قليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، ومعه جماعة من الصحابة، وهو يقول: جئنا لنحضر تجهيز والدك. قال: فكاشفني على ذلك، قلت: وله كرامات ومكاشفات كثيرة بينا جملة منها في بلغة الواجد. وكانت وفاته رضي الله تعالى عنه في شوال سنة خمس وثلاثين وتسعمائة عن ثلاث وسبعين سنة وصلى عليه ولده الوالد بالجامع الأموي، ودفن بمقبرة الشيخ أرسلان رضي الله تعالى عنه، وكانت جنازته حافلة. سئل شيخ الإسلام الوالد - رحمه الله تعالى - هل يبقى تصرف الولي بعد موته. فقال: نعم يتفق ذلك لكثير من أولياء الله تعالى، واشتهر ذلك عن جماعة منهم الشيخ عبد القادر الكيلاني، والشيخ أرسلان وغيرهما. قال: وأنا اتفق لي أني كنت إذا زرت والدي أتصدق عند قبره بشيء، فكان يجتمع علي الفقراء متى زرته لما علموا أن ذلك من عادتي، فزرته يوماً، فاجتمع الفقراء للصدقة، فتفقدت الكيس، فإذا قد نسيته في البيت، فتوجهت إلى روحانية الشيخ الوالد فإذا على قبره شيء من الدراهم، فتناولته ودفعته إلى الفقراء. محمد بن محمد الدلجي محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الشيخ الإمام العلامة شمس الدين الدلجي العثماني الشافعي. ولد سنة ستين وثمانمائة تقريباً بدلجة، وحفظ القرآن العظيم بها، ثم دخل القاهرة، فقرأ التنبيه وغيره، ثم رحل إلى دمشق أقام بها نحو ثلاثين سنة، وأخذ عن البرهان البقاعي، والحافظ برهان الدين الناجي، وقاضي

محمد بن محمد بن بلال

القضاة قطب الدين الخيضري، والقاضي ناصر الدين بن زريق الحنبلي، والإمام المحدث شمس الدين السخاوي، وسافر إلى بلاد الروم، واجتمع بسلطانها أبي يزيد خان، وحج من بلاد الشام، وعاد إلى مصر القاهرة، وكتب شرحاً على الخزرجية، وشرحاً على الأربعين النواوية، وشرحاً على الشفاء للقاضي عياض، وشرحاً على المنفرجة، واختصر المنهاج والمقاصد وسمي الثاني مقاصد المقاصد، وشرحه وأخذ عنه جماعة. قال الشيخ المحدث نجم الدين الغيطي سمعت عليه كثيراً، وأجاز لنا القرآن العظيم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مناماً عن جبريل عن رب العزة جل وعلا، فإنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام بمكة، وقرأ عليه أوائل سورة النحل. توفي بالقاهرة سنة سبع وأربعين وتسعمائة. محمد بن محمد بن بلال محمد بن محمد بن محمد، الشيخ الإمام العلامة شمس الدين أبو عبد الله عرف بابن بلال، العيني الأصل، الحلبي الحنفي. ولد بحلب سنة خمس أو ست وسبعين وثمانمائة، ولزم المنلا قل درويش أربع سنوات في علو شتى، وقرأ أيضاً على منلا مظفر الدين الشيرازي، والبرهان الفرضي، والمنلا دران، والبدر السيوفي وغيرهم، ثم لازم الإفتاء والتدريس والتأليف بجامع حلب. حتى أسن، فانقطع في منزله، وأكب على التصنيف في علوم متنوعة إلا أنه كان لا يسمح بتآليفه، ولم تظهر بعده وكان كثير الصيام والقيام لا يمسك بيده درهماً ولا ديناراً، وكان وقوراً مهيباً، نير الشيبة، كثير التواضع، وكان يلازم لبس الطيلسان، وكان له قوة ذكاء، ومزيد حفظ، ورسوخ قدم في العربية والمعقولات، وأصابه مرة فالج وعوفي منه، وحج وجاور ودخل القاهرة، ثم كانت وفاته بحلب سنة سبع وخمسين وتسعمائة، ودفن بمقابر الحجاج، وأوصى أن يغسله شافعي وأن يلقن في قبره - رحمه الله تعالى -. محمد بن محمد الذهبي محمد بن محمد بن علي، الشيخ الإمام العلامة

محمد بن محمد بن قاضي عجلون

المسند سعد الدين الذهبي المصري الشافعي، مولده سنة خمسين وثمانمائة، وكان عالماً صالحاً زاهداً يختم القرآن كل يوم ختمة مع اشتغال الطلبة، وكان له خلق واسع إذا تجادل الطلبة في شيء اشتغل بالتلاوة حتى يفرغ جدالهم، وكان يقضي حوائجه بنفسه، ولا يدع أحداً يحمل له متاعاً، وكان كثير الصدقة، وأوصى بمال كثير للفقراء والمساكين، وممن أخذ عنه القاضي أبو البقاء بن جيلان، والشيخ شمس الدين الفلوجي، ثم الدمشقي قرأ عليه في الأصول والفقه وغيرهما، وأجاز لسيدي محمد، وأبيالوفاء ولدي الشيخ علوان الحموي. وكانت وفاته في سنة تسع - بتقديم المثناة - وثلاثين وتسعمائة بالقاهرة، ودفن خارج باب النصر، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق، يوم الجمعة سادس عشري ذي القعدة من السنة المذكورة. محمد بن محمد بن قاضي عجلون محمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد ابن الشيخ الإمام العالم الصالح، أقضى القضاة، أبو اليمن ابن القاضي محب الدين ابن قاضي عجلون، كان من العلماء الكمل، والصلحاء الكبار له في اليوم والليلة ختمات لكتاب الله تعالى، لا يفتر عن القراءة في ممشاه، وقعوده، نير الوجه، حسن الشكل، ولي القضاء مدة سنين، نيابة عن ابن عمه قاضي القضاة، نجم الدين شيخ الإسلام تقي الدين بن قاضي عجلون، وكان يباشر عنه الخطابة بالجامع الأموي قال والد شيخنا وكان الشيخ أبو اليمن يلبس الثياب الحسنة، وفي آخر عمره طرح التكلف، ولبس الخشنة، واستوى عنده كلاهما، وتخرج به الناس كثيراً مع ما هو عليه من تلاوة القرآن العظيم، توفي بعد العشاء ليلة الخميس سابع عشري جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وتسعمائة، وصلي عليه في الجامع لأموي، ودفن بمقبرة باب الصغير بتربة أهله قريباً من قبر عمه شيخ الإسلام تقي الدين. محمد بن محمد بن البيلوني محمد بن محمد بن حسن الشيخ الفاضل شمس الدين أبو البركات ابن الشيخ العلامة شمس الدين أبي عبد الله البابي الأصل، الحلبي لشهير كأبيه بابن البيلوني إمام السفاحية، سمع بقراءة أبيه على الكمال بن الناسخ، من أول صحيح البخاري إلى تفسير سورة مريم، وسمع على الزين الشماع الشمائل للترمذي، وأجاز له، وقرأ على العلاء الموصلي شرح الألفية لابن عقيل، وكان يدرس أحيانا بالحجازية، وكان له حظوة عند قاضي حلب عبيد الله سبط ابن الفناري، وكان له حركة، وسعي في تحصيل الدنيا، فعرض له شيخه ابن الشماع في ذلك، فذكر أنه إنما يطلب الدنيا للاكتفاء عن الحاجة

محمد بن محمد البيلوني

إلى الناس، والاستعانة على الاشتغال بالعلم، والتوسعة على المحتاجين في وجوه البركات، وكانت وفاته بمنبج سنة خمس وثلاثين وتسعمائة، وهو دون الأربعين، ودفن وراء ضريح سيدي الشيخ عقيل المنبجي رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن محمد البيلوني محمد بن محمد بن حسن الشيخ المقريء الخير شمس الدين أبو اليسر ابن البيلوني أخو المتقدم، سمع على ابن الناسخ بقراءة أبيه ما تقدم وأجاز له، ولازم شيخ القراء المحيوي عبد القادر الحموي، ثم الشيخ زين الدين الأرمنازي وكان له معرفة بالطب جيدة، وكان صالحاً متواضعاً أثوابه إلى أنصاف ساقيه كأبيه، وربما حمل طبق العجين على عاتقه، مع جلالة قدره مات مطعوناً في سنة اثنتين وستين وتسعمائة، ودفن عند والده، وكانت جنازته حافلة. محمد بن محمد بن حلفا الغزي محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن فضل بن عميرة الشيخ عفيف الدين أبو اليمن ابن حلفا الغزي الأصل، الحلبي المولد، والدار الحنفي كان يدرس، ويفتي، وكف بصره، وكان يأمر بالكتابة على صورة الفتوى، وأمر آخراً أن يكتب في نسبه الأنصاري لما بلغه أنه من ذرية حباب بن المنذر بن الجموح الخزرجي، أخذ بحلب عن الشمسين بن هلال، وابن بلال، وله شيوخ آخرون بها، وبغيرها واجتمع بالشيخ أبي العون الغزي قال ابن الحنبلي أخبرني أنه لما حل بمنزله رأى طائفة من الفقراء الصلاح، وآخرين من المفسدين هربوا إليه من جوائح حصلت عليهم إحتماء به، فحصل، عنده إنكار بسبب إبقاء هذه الطائفة بمنزله قال: فخرج إلينا الشيخ، وأخذ يقول: قال الشيخ، عبد القادر الكيلاني وقد قيل في مريديه الجيد والرديء، أما الجيد فهو لنا، وأما الرديء فنحن له، فكان ذلك كشفاً منه انتهى. توفي الشيخ عفيف الدين سنة ست وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن محمد بن المغراية محمد بن محمد بن عبد الله الشيخ كمال الدين ابن الشيخ تاج الدين ابن الشيخ جلال الدين الحراني الأصل، الحلبي المولد، والمنشأ

محمد بن محمد الخيضري

الشافعي عرف بابن المغراية كان يكتب بالشهادة بحلب، وكذلك والده، ثم ناب في الحكم. توفي بدمشق الشام سنة ثمان أو تسع وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن محمد الخيضري محمد بن محمد بن محمد القاضي كمال الدين بن أبي اليمن ابن قاضي القضاة قطب الدين الخيضري، الدمشقي، الشافعي، ولي القضاء بميدان الحصى وغيره في أيام قاضي دمشق ابن إسرافيل، وكان عنده حشمة، وفضيلة، وكان أحد المدرسين بالجامع الأموي إلا أنه كان يستعمل الأفيون، وكان في الغالب مستغرقاً، وربما حدث له ذلك، وهو مار في الطريق، فدخل يوم السبت مستهل ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وتسعمائة إلى ميضأة العنبرانية بالقرب من جامع الأموي لقضاء الحاجة، وأغلق عليه الباب فكأنه شرد على عادته، فسقط على رأسه في الخلاء، فلما أحسوا به أخرجوه، فخرجت روحه في الحال، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فحمل إلى بيته، فغسل، وكفن، وحمل إلى لأموي، وصلي عليه، ودفن بمقبرة باب الصغير، وكانت جنازته حافلة رحمه الله تعالى. محمد بن محمد الأزهري محمد بن محمد بن علي الشيخ شمس الدين، أبو الطيب الحساني الغماري الأصل المدني المولد، والمنشأ المالكي، عرف بابن الأزهري، كان كثير الفضائل، حسن المحاضرة، صوفي المشرب، له ميل إلى كتب ابن العربي من غير غلو، له نظم، ونثر، نظم أرجوزة سماها لوامع تنوير المقام في جوامع تعبير المنام، دخل بلاد الشام قاصداً الروم، فدخل دمشق، وحلب، واجتمع به فيها ابن الحنبلي، فأخذ كل منهما من الآخر، وأجاز كل منهما الآخر، وكانت وفاته بالمدينة الشريفة سنة اثنتين وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن محمد بن حسن محمد بن محمد بن حسن الشيخ الفاضل، شمس الدين الدمشقي، المعروف بابن الشيخ حسن، كان من أهل الفضل، والحلم، والصلاح، وكان خطيباً بجامع الأفرم، وأخذ عن جماعة منهم الشيخ الوالد قرأ عليه شرح عقيدة الشيباني، وحضر دروسه بالشامية، وغيرها كثيراً، وتوفي في حدود الستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن محمد بن علي كوجك محمد بن محمد بن إبراهيم بن علي كوجك القاضي نظام الدين الحموي المولد، الحنفي عرف بابن الكوكاجي، وهو تحريف الكوجكي، ولد في ربيع الأول سنة سبعين وثمانمائة قرأ الكنز في فقه الحنفية، على ابن رمضان

محمد بن محمد البقاعي

الدمشقي، وغيره ثم قلد الإمام أحمد - رضي الله تعالى عنه - وولي قضاء الحنابلة بمدينة طرابلس الشام، وناب عن القاضي نظام الدين التادفي الحنبلي بحلب، وتوفي سنة سبع وخمسين وتسعمائة. محمد بن محمد البقاعي محمد بن محمد بن يحيى البقاعي الشيخ شمس الدين البقاعي القرعوني، ثم الدمشقي، حضر دروس شيخ الإسلام الوالد في سنة ست وثلاثين وتسعمائة. محمد بن محمد الفصي البعلي محمد بن محمد بن علي الشيخ الإمام العلامة، المحقق المدقق الفهامة، بهاء الدين الفصي البعلي الشافعي مفتي بعلبك، مولده بها في ربيع الأول سنة سبع وخمسين وثمانمائة، وعرض المنهاج على الشيخ بدر الدين ابن قاضي شهبة الأسدي، ثم جد في طلب العلم، والاشتغال به في سنة إحدى وسبعين على جماعة منهم شيخ الإسلام زين الدين خطاب، وشيخي الإسلام نجم الدين وأخيه تقي الدين ابني قاضي عجلون، وأذن له الشيخ تقي الدين بالإفتاء، ثم سافر إلى مصر، وقرأ على قاضي القضاة زكريا، وأذن له أيضاً بالإفتاء، والتدريس في سنة خمس وثمانين، وكان عنده ذكاء، وقد شاب سريعاً، وكان ألثغ، كما ذكر ذلك كله النعيمي قلت: وكان من إخوان شيخ الإسلام الجد، وشيخ الإسلام الوالد، وشاركهما في الشيوخ، وإن كان الشيخ الوالد دونه، في السن، ولما رحل الوالد إلى الروم في رمضان سنة ست وثلاثين مر على بعلبك، فتلقاه الشيخ بهاء الدين، ووالداه في جماعة من أكابر البلدة إلى رأس العين، وسلموا عليه، وعظموه غير أنهم صدقوا ما هو مشهور من سذاجة البعليين بالاعتذار، إلى الشيخ في تكرم شهر الصوم، حتى نظم الشيخ الوالد فيهم مقاطيع ضمنها رحلته منها قوله: شهر الصيام كريم ... لكنكم بخلاء هبنا نصوم نهاراً ... أليس يأتي العشاء وكانت وفاة الشيخ بهاء الدين يوم الأربعاء، رابع عشري المحرم سنة إحدى وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بدمشق، يوم الجمعة قال ابن طولون: ولم يخلف بعده مثله، ولا في دمشق في فقه الشافعية رحمه الله تعالى.

محمد بن محمد بن العجيمي

محمد بن محمد بن العجيمي محمد بن محمد بن أحمد الشيخ العلامة المحدث الواعظ، شمس الدين المقدسي الشافعي، الصوفي الشهير، بابن العجيمي، أخذ عن شيخي الإسلام الكمال البرهان، وابن أبي شريف، والحافظ جلال الدين السيوطي، وشيخ الإسلام القاضي زكريا، والمسند شمس الدين السخاوي، وقال ابن طولون: كان عنده فضيلة، وأخذ الحديث عن شيخنا ناصر الدين بن زريق، وتوجه إلى الروم، وحصل له به الإقبال، وعاد وتردد إلى دمشق مراراً عديدة، ووعظ تجاه محراب الحنفية، ودرس مدة بالفصوص ثمة. انتهى. قلت: ومحراب الحنفية هو المحراب الذي تصلي به الشافعية الآن الأولى خارج مقصورة الأموي، وذكر ابن الحنبلي أنه دخل إلى حلب، ودخل إلى دمشق، وحلب مرتين، ووعظ بهما، وكان يعتم بعمامة سوداء، واجتمع بحلب في سنة تسع وعشرين وتسعمائة بمحدثها الشيخ زين الدين بن الشماع، وقرئت عليهما ثلاثيات البخاري، ثم أجاز كل منهما للآخر قال ابن الشماع: وقد أخبر بعض من أثق به من الأخيار ممن حضر وعظه بما شاهده من غزارة حفظه، وعذوبة لفظه، ثم قال: لا غرو فهو خادم التفسير، والسنن المنتصب لنصح المسلمين، والمرغب، وأهدى سنن بل هو العلم الفرد. الذي رفع خير الأولياء، والعلماء، ونصب حالهم، ليقتدي بهم، وخفض شأن أهل البطالة من الصوفية الجهلة وحذر من بدعهم، واتباع طريقهم. انتهى. وذكر ابن الحنبلي أنه كان يعظ بصحن الجامع بحلب شرقيته تارة، وبغربيته أخرى، وإذا حضر مجلس وعظه يأتي بين علمين يوضعان له آخراً على جنب كرسيه، وكان للناس إقبال عليه، وميل زائد إليه، وكان الشيخ أبو يزيد الحيشي يعظ على أسلوبه غير أن الناس كانوا لا يقبلون عليك كإقبالهم على المقدسي، فاستنهض جماعة لمنعه من الوعظ، وذكر عنه أنه يلحن فحضروا لسماعه، فبلغ الشيخ شمس الدين المقدسي أمرهم، فلم يحضر ذلك اليوم، ثم تلاشى أمره قال ابن الحنبلي: وقد بلغني أنه توجه في آخر أمره إلى الباب العالي السليماني، فأعطي نظر بيت المقدس، ومات به سنة ثمان أو تسع وثلاثين وتسعمائة، وفي تاريخ ابن طولون أنه صلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة تاسع عشر شوال سنة ثمان وثلاثين، وأنه توفي ببيت المقدس يوم السبت قبله.

محمد بن محمد بن سلطان

محمد بن محمد بن سلطان محمد بن محمد بن عمر بن سلطان الشيخ الإمام العلامة، المحقق المدقق الفهامة، شيخ الإسلام، مفتي الأنام، ببلاد الشام، أبو عبد الله قطب الدين، ابن القاضي كمال الدين، المعروف بابن سلطان الدمشقي، الصالحي الحنفي، ميلاده في الليلة الثانية عشرة من ربيع الأول سنة سبعين وثمانمائة، أخذ عن قاضي القضاة، عبد البر بن الشحنة، وغيره، وله مؤلف في الفقه، ورسالة في تحريم الأفيون، وغير ذلك، وذكر ابن طولون في تاريخه مفاكهة الأخوان أن الشيخ قطب الدين ابن سلطان صاحب الترجمة، اجتمع هو والشيخ تقي الدين القاري، يوم الجمعة خامس عشر ربيع الثاني، سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة، عند النائب بالشباك.... وعرفه بأن البركة، التي عزم على بنائها، وسط الجامع الأموي، لا يجوز، وقد كان رمى آلتها، وجاء بالحجارة من عمارة جامع بيت لهيا، فقام النائب مغتاظاً، فاجتمعوا ثاني يوم، ومعهم الجلال البصروي، وخطيب الجامع، وجاء النائب، والقاضي الكبير، فعضدهم في المنع، فكتب النائب إلى مفتي إسلام بول، يسأل عن جواز ذلك، وصنف القطب، فيها مؤلفاً سماه البرق الجامع في المنع من البركة في الجامع، وذكر صاحب الترجمة قال والد شيخنا: الشيخ يونس العيثاوي، وقال: كان من أهل العلم الكبار، جليل المقدار، مهيباً عظيماً، نافذ الكلمة، عند الدولة يردون الأمر، إليه في الفتوى، ماسك زمام الفقهاء في التجمل بأحسن الثياب، يعرف مقام الشافعية، وما هو لهم من القدم على غيرهم، ويرفع مقامهم، كان بيده تدريس القصاعية المختصة بالحنفية، وتدريس الظاهرية، التي هي سكنه، والنظر عليها، وكان له تدريس في الجامع الأموي، وغير ذلك من المناصب العلية، وولي القضاء بمصر في زمن الغوري نيابة عن شيخه ابن الشحنة، وكف بصره من بعد مع بقاء جمال عينيه، بحيث يظن أنهما بصيرتان، وكان حسن الوجه، والذات، وكان يملي من الكتب الجواب على الأسئلة التي ترفع إليه، واتخذ خاتماً منقوشاً يختم به على الفتوى، خوفاً من التلبيس عليه، قال: بتحريم القهوة التي حدثت بدمشق، وقال إنها من جملة المصائب التي حدثت بهذا الزمان. قال: وحدثني عن شيخنا السيد كمال الدين يعني ابن حمزة أنه كان يسمي بيت القهوة، الخمارة، وأنه لما سلم عليه حال رجوعه من مصر سأله عن رجل كيف حاله فقال إنه ملازم الخمارة فقال له: كيف جرى؟ قال: حدثت بمصر شرب القهوة، يجتمعون عليها كاجتماعهم على شرب الخمر، وهو معهم قال: وحدثني أن من جملة أشياخه الشب برهان الدين الناجي، أخذ عنه الحديث، وامتنع آخراً من الكتابة على الفتيا، في الطلاق في مسألة الاستثناء، وأصاب لجهل الحالف بشرطه، وداوم على قراءة القرآن مع جماعة يختلفون إليه في آخر أمره، ووقف وقفاً على جماعة يجتمعون كل ليلة جمعة في الجامع الأموي يذكرون

محمد بن محمد الخناجري

الله عز وجل، ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم توفي ليلة الثلاثاء سبع عشري ذي القعدة الحرام سنة خمسين وتسعمائة، وصلي عليه في الجامع الأموي، ودفن داخل تربة القلندرية، من باب الصغير ببيت مسقف قديم معد للعلماء، والصلحاء من الموتى، وأوصى أن يلقن بعد دفنه فلقنه أحد السادة الشافعية، وكان يتعبد بمذهب الشافعية رحمه الله تعالى. محمد بن محمد الخناجري محمد بن محمد الشيخ الإمام العلامة، العمدة الحجة الفهامة، شمس الدين الخناجري والده ديري الأصل الحلبي الشافعي، المعروف والده بابن عجل، كان له يد طولى في الفقه، والفرائض، والحساب، مع المشاركة في فنون أخر، قرأ في النزهة على العلامة جمال الدين ابن النجار المقدسي الشافعي الوفائي، صاحب المنظومة المسماة، بغية الرامض، في علم الفرائض، بحق قراءته لها على مؤلفها ابن الهايم، وقرأها على ابن الحنبلي على ابن الخناجري، وكان صاحب الترجمة، لطيف المحاضرة، حسن المعاشرة، كثير المعاطفة، والممازحة، وخفة الروح، وانشراح الصدر، وكان مع ذلك معتقداً في الصوفية سراً، وذكر ابن الحنبلي أنه كان يسمع الآلات ويقول أنا ظاهري، أعمل بقول ابن حزم الظاهري، وقال: ذلك مرة في حضور الموفق ابن أبي ذر، على لسان المباسطة فقال له: إن من الحزم ترك قول ابن حزم، وذكره شيخ الإسلام الوالد في رحلته فقال: الشيخ الإمام، والحبر البحر الهمام، شيخ المسلمين أبو محمد والد محمد شمس الدين الخناجري الشافعي شيخ الفواضل والفضائل، وإمام الأكابر والأفاضل، بدر الإنارة المشرق لسرى القوافل، وشمس الحقائق التي مع ظهورها النجوم أوافل، له المناقب الثواقب، والفوائد الفرائد، والمناهج المباهج، وله بالعلم عناية تكشف العماية، ونباهة تكسب النزاهة، ودراية تقصد الرواية، ومباحثة تشوق، ومناقبه تروق، مع طلاقة وجه، وتمام بشر، وكمال خلق، وحسن سمت، وخير هدي، وأعظم وقار، وكثرة صمت، ثم أنشد: ملح كالرياض غازلت الشمس ... رباها وأفتر عنها الربيع فهو للعين منظر مونق الحسن ... وللنفس سؤدد مجموع

محمد بن محمد الحنفي

ثم قال: وقد كان اجتمع بي، وبوالدي شيخ الإسلام في مصر، ثم في الشام، ووقع بيني وبينه مفاوضة، ومذاكرة، ومباحثة، ومحاورة مع اذعانه لما أذكر، وقبوله لما أقول، وهو يدعو لي ويشكر، وعلى الله تعالى القبول، انتهى ومن لطائف القاضي جابر متغزلاً مورياً باسم صاحب الترجمة والبدر السيوفي شيخي حلب: سللن سيوفاً من جفون لقتلتي ... وأردفنها من هدبها بخناجر فقلت أيفتى في دمي قلن لي أجل ... أجاز السيوفي ذاك وابن الخناجر وكانت وفاته في يوم عرفة سنة أربعين وتسعمائة، بعد وفاة الشيخ شهاب الدين الهندي، بأشهر فقال ابن الحنبلي يرثيهما: توفي شيخنا الهندي في رحب رمسه ... ففاضت دموعي من نواحي حناجري ومن بعده مات الإمام الخناجري ... وبان فكم من غصة في الحناجر وصلي عليه غائبة في الجامع الأموي بدمشق يوم الجمعة خامس المحرم سنة إحدى وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن محمد الحنفي محمد بن محمد المولى العلامة محيي الدين ابن بير محمد باشا الحنفي، أحد موالي الرومخ، قرأ على والده، ثم خدم المولى ابن كمال باشا علاء الدين الجمالي، وصار معيداً لدرسه، ثم درس بمدرسة مصطفى باشا بالقسطنطينية، ثم بإحدى المدارس الثمان، ثم صار قاضي أدرنة، ومات قاضياً بها، وكان عالي الهمة، رفيع القدر، له أدب، ووقار، وحظ وافر، من العلوم المتداولة توفي رحمه الله تعالى في سنة إحدى وأربعين وتسعمائة. محمد بن محمد بن مغوش محمد بن محمد الشيخ الإمام، المحقق المدقق، العلامة الملقب، بمغوش - بمعجمتين - التونسي المالكي، اشتغل على علماء المغرب، وسمع الصحيحين، والموطأ، والترمذي، والشفاء وقرأ البعض من ذلك على الشيخ العلامة الصدر الكبير المعمر، أبي العباس أحمد الأندلسي المعروف، بالمشاط، وسمع

صحيح البخاري، وصدر مسلم على ولي الله الشيخ أبي عبد الله أحمد البكي المغربي، بحق روايته لذلك عن شيخ الإسلام، ابن حجر المصري، وفضل في بلاده، وبرع، وتميز، وولي قضاء عسكر تونس، في دولة سلطانها مولاي حسن بن محمد بن عثمان بن المنصور بن عبد العزيز الحفصي، ثم قدم من طريق البحر، إلى القسطنطينية، في دولة السلطان سليمان خان بن عثمان خان، فعظمه، وأكرم مثواه، ورتب له علوفة حسنة، وشاع فضله بين أكابرها، وأخذ عنه جماعة من أعيانها حتى صار قاضياً للعسكر إذ ذاك، ولم يزل بها معظماً مبجلاً، نشر الفوائد، وحرر الفرائد، وأملى بها أمالي على شرح الشاطبية للجعبري، إلى أثنائه، وكان مسكنه بها في عمارة الوزير محمود باشا، ثم استأذن من السلطان، في الرحلة إلى مصر واعتذر بعدم صبره على شتاء الروم، وشدة بردها فأذن له في الرحلة إليها، وأمر أن يستوفي ما عين له، من العلوفة من خزنتها، فتوجه إلى البلاد المصرية، من طريق البر في سنة أربع وأربعين وتسعمائة، فدخل حلب وانتدب للقراءة عليه، والأخذ عنه جماعة، من أهلها منهم ابن الحنبلي، وقرأ عليه في العضد دروساً، ثم توعك بها، وعوفي، ثم سافر من حلب في صحبته الشمس الطبلي ودخلا طرابلس، وأقام بها مدة وانتفع به، أهلها في النحو وغيره، ثم رحلا منها إلى دمشق فدخلاها يوم الثلاثاء رابع جمادى الأولى من السنة المذكورة، ونزل بجامع تنكز، ثم انتقل إلى بيت القاضي زين الدين معروف الصهيوني الشافعي، داخل دمشق فاجتمع به أفاضلها، وشهدوا له بالعلم، والتحقيق خصوصاً في التفسر، والعربية، والمنطق، والكلام، والعروض، والقراءات، والمعاني، والبيان وقالوا: لو يرد إلى دمشق من مستحضر كلام السعد التفتازاني، والسيد الشريف، ويقرره، وما يرد عليه، وقرأ عليه الشيخ علاء الدين بن عماد الدين الشافعي، في أوائل تفسير القاضي البيضاوي، فأفاد وأجاد إلى الغاية، حتى أذهل العقول، وقرأ عليه القاضي معروف رسالة الوجود للسيد الشريف، وبعض شرح آداب البحث للمسعودي، وقرأ عليه الشيخ شهاب الدين الطيبي في القراءات، وأجازه إجازة حافلة، ثم سافر من دمشق في يوم الاثنين سادس عشر جمادى الآخرة من السنة المذكوره، وودعه جماعة من الطلبة إلى داريا وألف تلميذه الشيخ شهاب الدين الطيبي مؤلفاً في تاريخ سفره، بالكسور العددية، وسماه السكر المرشوش في تاريخ سفر الشيخ مغوش، وقال ابن الحنبلي في ترجمته، كان عالماً علامة متفننا مفننا، ذا ادراك عجيب، واستحضار غريب، حتى أنه كان في قوته أن يقريء مثل العضد المرة بعد المرة، من غير مطالعة، قال ولده محمد: وكان من عادته الاستلقاء على القفا، ولو حالة التدريس، وعدم النهوض لمن ورد عليه، من الأكابر إلا لبعض الأفراد، وقليل ما هم كل ذلك لما كان عنده من حب الرفاهية، والراحة، والانبساط، والشهامة، انتهى.

وقال صاحب الشقائق: بعد أن ذكر أنه أخذ عن الشيخ مغوش، وقرأ عليه، وبحث معه، كان رحمه الله تعالى آية كبرى، من آيات الله في الفضل والتدقيق، والحفظ، والتحقيق، وكان يقريء القرآن العظيم للسبعة، بل للعشرة، من حفظه بلا مطالعة كتاب، وكان يعرف علم النحو، والصرف، في غاية ما يمكن، وكان شرح التلخيص، مع حواشيه، للسيد في حفظه، من أوله إلى آخره، مع تحقيقات، وتدقيقات زائدة، من عنده وكذا شرح الطوالع للأصفهاني، وشرح المواقف للسيد الشريف، كانا محفوظين له مع اتقان، وتدقيق، وكذا شرح المطالع للعلامة قطب الدين الرازي، كان في حفظه من أوله إلى آخره، وكانت قواعد المنطق محفوظة، له بحيث لا يغيب منها شيء عن خاطره، وكذا التلويح في شرح التوضيح، وشرح مختصر ابن الحاجب للقاضي عضد الدين الأيجي، مع حواشيه في حفظه، ولم نجد شيئاً من قواعد علم الأصول إلا وهي محفوظة، وكذا الكشاف، مع حواشي الطيبي، كان محفوظاً من أوله إلى آخره، وبالجملة كان من مفردات الدنيا، إلى أن قال: ومع ذلك كان لين الجانب، طارحاً للتكليف، متصفاً بالأخلاق الحميدة، وكان مشتغلاً بتلاوة القرآن في أعم أوقاته، وكان يطالع في حفظه، كلما أراد من العلوم، ولم يكن عنده كتاب، ولا ورقة، أصلاً انتهى. وكانت وفاته - رحمه الله تعالى - كما ذكره ابن الحنبلي، في تاريخه نقلاً عن تلميذ الشيخ مغوش البرهمتوسي الحنفي، وفي العشر الأواخر من شعبان سنة سبع وأربعين، وقيل ثمان وأربعين وتسعمائة، كذا قال ابن الحنبلي: قلت: والظاهر الأول لأن ابن طولون ذكر في تاريخه، أنه صلي عليه غائبة بجامع دمشق، يوم الجمعة سابع شوال، سنة سبع بتقديم السين وأربعين وتسعمائة، قيل: ومطر الناس يوم دفنه، وعمر عليه داود باشا نائب مصر، عمارة بجوار الإمام الشافعي وحدثنا شيخنا شيخ الإسلام، أقضى القضاة، المحب الحنفي، فسح الله في مدته، أنه قرأ على قبره ما نصه: أيا ملك العلماء يا من ... به في الأرض أثمر كل مغرس لئن أوحشت تونس بعد بعد ... فأنت لمصر ملك الحسن تونس قلت: ولقد أحسن الشيخ محمد الفارضي المصري في قوله يرثيه: تقضى التونسي فقلت بينا ... يروح كل ذي شجن ويونس أتوحشنا وتونس بطن لحد ... ولكن مثل ما أوحشت تونس

ورثاه ابن الحنبلي، لما بلغه وفاته بقصيدة قال فيها: أدخل في ظل عفوه الأحد ... من لا يداني مثله أحد عالم إقليم تونس حرست ... من فرقة للضلال تعتقد ومن تولى قضاء عسكرها ... فما تولى عن معدم مدد وانتشرت للورى فواضله ... فما لها مثل فضله عدد وكان بحراً بجوفه درر ... روية لا تزال تتقد ومن علوم غدت لفرقته ... ذات أمس ليس دونها جلد فاللغة اختل نظم مجملها ... كأنما خان روحها الجسد والنحو ما زال باب ندبته ... يبكى عليه لفرط ما يجد والشعر لولا رثاؤه انقطعت ... أسبابه بل ولم يكن وتد ذو دقة في البيان منشاها ... فرط ذكاء وفطنة تقد ومنهل في البديع باذله ... حلو، وأين النبات والبرد ذو قدم في الأصول راسخة ... بكى لفقدان مثلها العضدخ وذو كلام عدت طوالعه ... عوادياً حين عاد يفتقد من مغرب الشمس شمسه بزغت ... ثم اضمحلت بعكس ما نجد توزن بالساعة التي، قربت ... وأن أهل الكمال قد بعدوا

محمد بن محمد أحد موالي الروم

مضى مغوش لروض تربته ... تاريخه من كان حوضه يرد وأعطش الواردين حين مضى ... فاحترقت من فراقه الكبد إلى أن قال: أدخله الله ظل رحمته ... فهو الرحيم المهمين الصمد محمد بن محمد أحد موالي الروم محمد بن محمد، المولى العلامة، محيي الدين الحنفي، أحد موالي الروم، المعروف بابن قطب الدين، قرأ على الشيخ مصطفى العجمي، ثم على المولى سيدي جلبي القوجوي، ثم على المولى يعقوب ابن سيدي، ثم على الفاضل بن المؤيد، ثم صار مدرساً بمدرسة أحمد باشا بمدينة بروسا، ثم ترقى في التداريس، وولي قضاء حلب، ثم بروسا، ثم إسلام بول، ثم ولي قضاء العساكر الأناظولية، ثم عزل عنه، وأعطي تدريس إحدى الثماني، وعين له كل يوم مائة وخمسون عثمانياً، وما مكث إلا يسيراً حتى ترك التدريس، والمناصب، وذهب إلى الحج الشريف، ثم رجع إلى الروم، وتقاعد بالقسطنطينينة، وعين له كل يوم مائة وخمسون عثمانياً، وكان كما قال صاحب الشقائق، عالماً فاضلاً صالحاً، ورعاً محباً للصوفية، سالكاً لطريقهم، واعتزل الناس، واشتغل بخويصة نفسه، وكان لا يذكر أحداً إلا بخير، وكان له معاملة مع الله تعالى، وقال ابن الحنبلي كان أصيلاً عريقاً ينسب أباه إلى قاضي زاده الرومي، والعلاء القوشجي، ذا حشمة وسكينة، ووقار، واعتقاد في أهل الصلاح، وشغف بكلام الصوفية، وتبجيل العلماء، وذكر أيضاً أنه كان في ولايته بحلب عفيفاً عن الرشى صابراً على تلاحي الخصام مسامحاً لمن ربما يسمعه غليظ الكلام وكان لا يفصل بين الحكومات المشكلة إلا بعد التروي الكلي، في مدة مديدة، لم يقضي بالحق، وكان يكره أهل التزوير، ويعزرهم، وتعفف في آخر عمره عن أخذ سجلات الحسبة، ومن شعر ابن الحنبلي، مؤرخاً لتولية المشار إليه قضاء العسكر: تولى ابن قطب الدين قاضي عسكر ... على وفق ما ترجو الأعاجم والعرب فأبديت تاريخ الولاية قائلاً: ... يطاع يقيناً في ولايته القطب وكانت وفاته في سنة سبع - بتقديم السين - وخمسين وتسعمائة.

محمد بن محمد إمام الباشورة

محمد بن محمد إمام الباشورة محمد بن محمد بن عبيد، الشيخ الفاضل الصالح الواعظ، نجم الدين، ابن الشيخ العالم الصالح المقرىء المجيد، شمس الدين محمد الضرير، إمام مسجد الباشورة، توفي نهار الجمعة، بعد العصر سادس عشري ذي القعدة سنة ستين وتسعمائة، ودفن يوم السبت على والده في تربة باب الصغير رحمه الله تعالى. محمد بن محمد القرمشي محمد بن محمد الأمير نجم الدين القرشي، الدمشقي، كان فاضلا يقرأ القرآن، ويبكي عند التلاوة، وكان بينه وبين الشيخ علاء الدين بن عماد الدين الشافعي، مودة ومحبة، مات في سنة ستين أو إحدى وستين، وتسعمائة، ومات بعده ولده الأمير محمد، كنز الدين بتسعة أشهر، وهو والد محمد جلبي ابن القرمشي. محمد بن إبراهيم البلبيسي محمد بن إبراهيم بن محمد بن مقبل، الشيخ العلامة شمس الدين البلبيسي، ثم المقدسي، ثم الدمشقي الشافعي الوفائي، واعظ دمشق، أخذ عن الشيخ أبي الفتح السكندري، المزي، وغيره وكان أسن من الإمام الوالد، ومع ذلك أخذ عنه، فذكره الشيخ الوالد، في فهرست تلاميذه، وقال: أجزته بعض مؤلفاتي، وأشعاري وحضر دروساً من دروسي، وسألني في تأليفي منظومتي، المكما المسماة بنظم الدرر، في موافقات عمر، وفي شرحها قال: وقد تعرضت لذلك إشارة فيها، وتصريحاً في شرحها انتهى. وكان الوفائي مجاوراً في خلوة بالخانقاه الشميصاتية، لصيق الجامع الأموي، وانقطع بها خمس سنوات، وقد تعطل شقه الأيسر، وفي يوم السبت حادي عشر رجب سنة خمس وثلاثين، دخل عليه اثنان من المناحيس، وهو على هذه الحالة، فأخذا منه منديل النفقة بما فيه، وعدة من كتبه، وذهباً، كان عنده، وكان ذلك قبل صلاة الصبح فأقام الصوت عليهما، فلم يدركا كما ذكره ابن طولون في تاريخه، وكان ذلك زيادة في ابتلائه رحمه الله تعالى فإنه كان من عباد الله الصالحين، وكانت وفاته في رجب سنة سبع وثلاثين وتسعمائة. محمد بن إبراهيم الشنائي محمد بن إبراهيم الشيخ الإمام العلامة، شمس الدين أبو عبد الله بن البرهان الشنائي المالكي، قاضي القضاة بالديار المصرية، كان ممن جمع بين العلم، والعمل قواماً صواماً، له شرح على الرسالة، عظيم وعدة تصانيف مشهورة، وكان

محمد بن إبراهيم بن بلبان البعلي

ممن أجمع الناس على جلالته، وتحريره لنقول مذهبه، أخذه عنه السيد عبد الرحيم العباسي الإسلابولي وغيره، وكان موجوداً في سنة سبع بتقديم السين وثلاثين وتسعمائة. محمد بن إبراهيم بن بلبان البعلي محمد بن إبراهيم بن بلبان، الشيخ الصالح شمس الدين البعلي، المعروف بجده مولده، كما قرأته بخطه في إجازته لشيخنا العلامة نور الدين محمد البيلوني الحلبي، تاسع عشر المحرم سنة إحدى وسبعين وثمانمائة، أخذ ورد ابن داود عن الشيخ عبد القادر ابن أبي الحسن البعلي، الحنبلي، بحق روايته، عن ولد المصنف للورد المذكور، سيدي عبد الرحمن بن أبي بكر، ابن داود عن أبيه، وكانت إجازته لشيخنا المذكور بالجامع الجديد بدمشق، سنة ثلاث وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن أبي بكر ابن قاضي عجلون محمد بن أبي بكر، بن عبد الله، بن عبد الرحمن، بن محمد بن شرف، الشيخ العلامة، قاضي قضاة الشافعية، بدمشق نجم الدين ابن شيخ مشايخ الإسلام، تقي الدين ابن قاضي عجلون الشافعي، مولده بدمشق سابع عشر شوال سنة أربع وسبعين وثمانمائة، وقرأ القرآن العظيم، واشتغل على والده في المنهاج، وغيره، ودرس نيابة عن والده بمدرسة شيخ الإسلام، أبي عمر، وولي خطابة جامع يلبغا، وفوض إليه قاضي القضاة شهاب الدين بن الفرفور، نيابة الحكم يوم الخميس حادي عشر جمادى الأولى سنة أربع وتسعمائة، ولما دخل مع أبيه إلى القاهرة، في حادثة محب الدين ناظر الجيوش المتقدمة، في ترجمة السيد كمال الدين بن حمزة، ولاه السلطان الغوري قضاء القضاة بالشام، استقلالاً في ثامن عشر جمادى الأولى سنة أربع عشرة وتسعمائة، ودخل دمشق، هو وأبوه ثامن عشري شعبان، منها واعتقل بقلعة دمشق، في جامعها في عشية الخميس تاسع عشري جمادى الآخرة، من سنة خمس عشرة وتسعمائة ثم عزل في ثاني ذي القعدة منها، وأعيد القاضي ولي الدين بن الفرفور، وتوفي القاضي نجم الدين ليلة الثلاثاء عاشر ربيع الثاني سنة خمس وثلاثين وتسعمائة، ودفن عند والده بتربة باب الصغير. محمد بن أبي الطيب البكري الحلبي محمد بن أبي الطيب، بن محمود الشيخ شمس الدين البكري الحلبي القلعي الشافعي، ولي خطابة الجامع وإمامة المقام بحلب وتوفي سنة إحدى وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

محمد بن أحمد الكفتي

محمد بن أحمد الكفتي محمد بن أحمد الشيخ شمس الدين، الدمشقي الكفتي، أحد العدول بدمشق، توفي يوم الثلاثاء خامس عشر رجب سنة خمس وثلاثين وتسعمائة، ودفن بباب الصغير رحمه الله تعالى. محمد بن أحمد بن الفرفور محمد بن أحمد، بن محمود، بن عبد الله، بن محمود قاضي القضاة، ولي الدين، ابن قاضي القضاة، شهاب الدين، بن الفرفور الدمشقي، الشافعي، مولده في ثامن عشر جمادى الأولى، سنة خمس وتسعين، بتقديم - التاء - وثمانمائة - وحفظ القرآن العظيم، والمنهج في الفقه لشيخه شيخ الإسلام، زكريا، وجمع الجوامع لابن السبكي، وألفية ابن مالك، وأخذ الفقه بدمشق عن شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون، وبالقاهرة عن قاضي القضاة زكريا، المذكور، والبرهان ابن أبي شريف، وأخذ الحديث بدمشق عن الحافظ برهان الدين الناجي، والشيخ أبي الفتح المزي، والشيخ أبي الفضل ابن الإمام، والشيخ جمال الدين بن عبد الهادي، وبمصر عن الشيخ المحدث تقي الدين ابن الشيخ محب الدين، الأوجاقي، وغيره، وأجاز له جماعات في عدة استدعاآت، وولي قضاء قضاة الشافعية، بدمشق بعد وفاة أبيه وعزل عنه وأعيد إليه مراراً آخرها في سنة ثلاثين وتسعمائة، وولي قضاء حلب سنة ست وعشرين وتسعمائة، وعزل عنه في أثناء صفر سنة سبع وعشرين، وعاد إلى دمشق، وكان آخر قاض تولى حلب من قضاة أولاد العرب، ومع توليته بدمشق، وحلب في الدولة العثمانية لم ينتقل عن مذهبه، وصار لنائب الشام عيسى باشا عليه حقد آخراً، فسافر من دمشق يوم الاثنين ثامن عشر رمضان سنة ست وثلاثين، وسافر في صحبته شيخ الإسلام الوالد، قاصدين بلاد الروم، ودخل حلب يوم الأربعاء سابع عشري رمضان المذكور، وعيدوا بها، فلما كان يوم الاثنين ثالث شهر شوال حضر أولاقان، من جهة عيسى باشا نائب الشام، ومعهما مكاتبات يخبر فيها بحضور مرسوم سلطاني بعود القاضي الفرفور محتفظاً للتفتيش عليه، وتحرير ما نسب من المظالم إليه، وأن المتولي عيسى باشا، وقاضي الشام ابن إسرافيل مكانه، فرجع ابن الفرفور إلى دمشق، وسافر شيخ الإسلام الوالد إلى بلاد الروم كما بينه الشيخ الوالد في رحلته: سارت مشرقة وسرت مغرباً ... شتان بين مشرق ومغرب ووصل ابن الفرفور إلى دمشق يوم الثلاثاء تاسع عشر شوال، ووضع في قلعتها ثم نودي

محمد بن أحمد الغمري المصري

من الغد بالتفتيش عليه، وشرع في ذلك من يوم السبت ثاني عشري شوال واستمر التفتيش عليه أياماً في نحو خمسة عشر مجلساً قال الشيخ الوالد: رحمه الله تعالى: وخرج عليه من كان داخلاً فيه، وراكناً إليه، وشدد عليه في الحساب، من كان يعده من الأحباب، فأتاه الخوف من جانب الأمن، ومن حيث أمل الربح جاء الغبن، ثم أنشد: رب من ترجو به دفع الأذى ... عنك يأتيك الأذى من قبله ريما يرجو الفتى نفع فتى ... خوفه أولى به من أمله وبقي مسجونا بالقلعة، إلى أن توفي بها في يوم الثلاثاء، سلخ جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، ودفن بتربته التي أنشأها شمالي ضريح الشيخ أرسلان، رضي الله تعالى عنه، ورثاه جماعة منهم، الشيخ علاء الدين بن عماد الدين فقال: إلى الله أشكو ما لقيت من البعد ... وما حل بي يوم الفراق من الوجد نأى راحلاً عن منزلي من أحبه ... وأصبحت ولهاناً من البعد والصد وأهون شيء ما أقاسي من الجوى ... إذا ما صفا عيش الأحبة من بعد خليلي نوحا وانعيا في الورى فتى ... لقد كان بين الناس كالعلم الفرد غريق الذرى قاضي القضاة الذي رقى ... إلى الغاية القصوي بالحلم والرشد أذاب فؤادي بالفراق وهجره ... سقاني أخير العصر من أول الرعد لقد كان أعلى الناس في المجد مطلقاً ... وأوفاهم بالقول والفعل والعهد وكان إمام الناس شامة جلق ... جزيل العطا مبدي الندى حاتم المجد لقد أظلم الأكوان فيه فراقه ... وصار ضياء الشمس كالفاحم الجعد وقد كان قطب الكون والناس حوله ... نجوم وهم في طالع العز والسعد ألا يا بروحي هل لك اليوم عودة ... فتقري سلامي جيرة العلم الفرد إذا زمزم الحادي بذكراه في الورى ... يسابقه ركب من الدمع في خد وصفت بمحمر من الدمع بعده ... من الرمل مبيضاً لأرعى به عهدي وقد كان ذا عزم وحزم وهيبة ... وأولى الندى للناس من كان في المجد فيا رب بالمختار طه محمد ... تجازي ابن فرفور بجنتك الخلد تعامله بالغفران والعفو والرضى ... إذا ما أضا برق يجيء بني سعد محمد بن أحمد الغمري المصري محمد بن أحمد الشيخ الصالح الورع،

محمد بن أحمد البكائي

سيدي أبو الحسن ابن الشيخ العارف بالله تعالى، سيدي أبي العباس الغمري المصري الشافعي الصوفي، رأى الشيخ محمد الشناوي في منامه، أن نخلة في جامع الغمري قطع رأسها، فطلع لها رأس في الحال، فأول ذلك أن سيدي أبا الحسن يخلف أباه، فكان كذلك قال الشعراوي: جاورت عنده ثلاثين سنة ما رأيت أحداً من أهل العصر على طريقته في التواضع والزهد وخفض الجناح، وكان يقول: إذا سمع أحداً يعد ذهباً يضيق صدري، وكان لا يبيت وعنده دينار ولا درهم، ويعطي السائل ما وجد حتى قميصه الذي عليه، وكان يخدم في بيته ما دام فيه، ويساعد الخدام يقطع العجين، ويغسل الأواني، ويقد تحت القدر، ويغرف للفقراء بنفسه، وكان شديد الحياء لا ينام بحضرة أحد أبداً ويقول: أخاف أن يخرج مني ريح وأنا نائم، وكان حمل المعاشرة خصوصاً في السفر لا يتخصص بشيء عن الفقراء، وكان كثير التحمل للبلاء لا يشكو من شيء أصلاً، وكان حلساً من أحلاس بيته لا يخرج منه إلا للصلاة وقراءة الجزء أو حاجة ضرورة، وإذا خرج ترك الأكل والشرب لئلا يحتاج إلى قضاء الحاجة في غير منزله، مات - رضي الله تعالى عنه - في سنة تسع - بتقديم التاء - وثلاثين وتسعمائة، ودفن عند والده في المقصورة أخريات الجامع التي من إنشاء أبيه سيدي أبي العباس الغمري رضي الله تعالى عنه. محمد بن أحمد الرملي: محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن نصر الشيخ أبو الفضل الرملي، أحد العدول بدمشق، والإمام بالجامع الأموي شريكا للشيخ تقي الدين القاري، ذكر ابن طولون أنه كان حسن السياسة، وكان يرجع إليه الناس في المحكمة الكبرى، توفي يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وتسعمائة عن دنيا واسعة، ومتاجرات، ووظائف قال ابن طولون، وكثر الثناء عليه، واستقر الإمامة عليه بإشارة الأفندي ثم في يوم الجمعة، وصل مكتوب الأمير علي باك الدفتر دار بحلب لشيخ الإسلام الوالد البدر الغزي، وفيه أنه الإمامة عن الشيخ أبي الفضل الرملي، فباشرها شريكه العلامة الشيخ تقي الدين القاري. محمد بن أحمد البكائي محمد بن أحمد المولى محمد شاه ابن المولى شمس الدين البكائي الحنفي، أحد الموالي الرومية، كان فاضلاً محققاً مشتغلاً بنفسه لا يذكر أحداً بسوء، قرأ على جماعة ثم صار معيداً لدرس المولى علي الجمال المفتي، ثم صار مدرساً بمدرسة مراد باشا بالقسطنطينية، ثم ترقى إلى إحدى المدارس الثماني، ومات على ذلك في سنة إحدى وأربعين وتسعمائة.

محمد بن أحمد الخالدي

محمد بن أحمد الخالدي محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الفتح ابن مولانا جلال الدين الخالدي البكشي، ثم السمرقندي الحنفي، المشهور بمنلا محمد شاه كشهرة الذي قبله، غير أن ذاك رومي، وهذا عجمي، والأول مات بالروم، وهذا بحلب، كان شيخاً معمراً نحيف البدن محققاً مدققاً متواضعاً سخياً، قرأ على أكابر علماء العجم كالمنلا عبد الغفور اللاري أحد تلامذة منلا عبد الرحمن الجامي، قدم حلب في سنة خمس وأربعين وتسعمائة متوجها إلى مكة هو وولده عبد الرحيم، وكان اشتغاله إذ ذاك بمطالعة شرح الفصوص للجامي، وبكتابة حاشية على شرح الجامي على الكافية قال ابن الحنبلي: اجتمعت به مراراً، واستفدت منه قال: وكانت وفاته في السنة المذكورة يعني سنة خمس وأربعين، ودفن بمقبرة الصالحين بحلب. محمد بن أحمد بن نقيب الأشراف بحلب محمد بن أحمد بن يوسف، السيد الشريف الحسني الإسحاقي، ابن نقيب الأشراف بحلب، كان له حشمة، وحسن ملتقى، وانطلاق لسان، واقتدار على لطف العبارة. توفي في ذي الحجة سنة تسع وخمسين وتسعمائة - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة. محمد بن أحمد البابي محمد بن أحمد بن عمر الشيخ نجم الدين ابن الفقيه الأصولي، شهاب الدين ابن الشيخ الصالح زين الدين البابي، ثم الحلبي الشافعي الخطيب ابن الخطيب ابن الخطيب الشهير في مدينة الباب بابن صليلة، وفي حلب بالنجم الإمام لأنه كان إماماً بخيربك الأشرفي كافل حلب، وربما كان يخطب في الأعياد بجامع حلب، وكان له قراءة حسنة، وصوت جهوري مطرب، توفي في أواخر ذي الحجة سنة خمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن أحمد الشويكي الحنبلي محمد بن أحمد الشيخ العلامة شمس

محمد بن أحمد الشهير بالمولى حافظ

الدين الشويكي الصالحي الحنبلي، كان فقيهاً وأفتى مدة، ثم امتنع من الإفتاء في الدولة الرومية، وكان إماماً في الحاجبية، وكان أستاذاً في الفرائض والحساب، وله يد في غير ذلك توفي يوم الاثنين يوم عاشوراء سنة تسع وأربعين وتسعمائة بغتة، عن نحو إحدى وأربعين سنة، وصلي عليه بجامع الحنابلة في سفح قاسيون، ودفن إلى جانب قبر العلامة علاء الدين المرداوي الحنبلي، مؤلف التنقيح عند ظهره شرقي صفة الدعاء بالسفح. محمد بن أحمد الشهير بالمولى حافظ محمد بن أحمد بن عادل باشا المولى الفاضل حافظ الدين الحنفي، أحد الموالي الرومية الشهير بالمولى حافظ، أصله من ولاية بردعة في حدود العجم، قرأ في صباه على مولانا يزيد بتبريز، وحصل عنده وبرع عليه واشتهرت فضائله وبعد صيته، ولما وقعت في العجم فتنة إسماعيل بن أردبيل ارتحل إلى الروم، وخدم المولى الفاضل عبد الرحمن بن المؤيد، وبحث معه وعظم اعتقاده فيه وزكاه عند السلطان أبي يزيد خان فأعطاه تدريساً بأنقره، فأكب هناك على الاشتغال، وكان حسن الخط، سريع الكتابة، كتب شرح الوقاية لصدر الشريعة في شهر واحد، ودرس هناك بشرح المفتاح للسيد، وكتب حواشي على بعض من شرح المواقف، وكتب القسم الثاني من المفتاح في خمسة عشر يوماً بخط حسن، وكتب على حواشيه ما استحسنه من شرح الفاضل الشريف، وأتم تلك الحواشي، والانتخاب في خمسة أشهر، ثم رحل إلى القسطنطينية، وعرض الحاشية على ابن المؤيد، فوقعت منه الموقع وابتهج بها، ثم صار المولى حافظ مدرساً بمدرسة الوزير علي باشا بالقسطنطينية، وكتب حواشي على شرح المفتاح للسيد، ثم صار مدرساً بمدرسة إزينق، وكتب هناك رسالة في الهيولى عظيمة الشأن، ثم أعطي تدريس إحدى المدارس الثماني، وكتب بها شرحاً على التجريد، ثم درس باياصوفية وألف كتابا سماه مدينة العلم، ثم تقاعد عن التدريس، وعين له كل يوم سبعون عثمانياً وأكب على الاشتغال بالعلم ليلاً ونهاراً لا يفتر عن مطالعة العلم بحيث أتقن العلوم العقلية، ومهر في العلوم الأدبية، ورسخ في التفسير، وألف رسائل أخرى كثيرة منها رسالة سماها نقطة العلم ورسالة سماها السبعة السيارة، وكان له أدب ووقار. توفي في سنة سبع وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن أحمد بن الحمزاوي محمد بن أحمد بن أحمد بن يوسف بن أبي بكر الشيخ شمس الدين ابن الحمزاوي، مولده سنة تسع بتقديم التاء وتسعمائة، وقرأ على شيخ الإسلام الوالد في الفقه، وهو أخو القاضي كمال الدين الحمزاوي. محمد بن إسماعيل بن الأكرم محمد بن إسماعيل بن الأكرم، الشيخ الصالح شمس الدين، توفي هو والشيخ أحمد بن سعد الدين، والمحيوي، ولد صالح في يوم واحد

محمد بن إدريس الحنفي

قال والد شيخنا ولعله يوم الجمعة من شهر شعبان سنة ثلاث وستين وتسعمائه، ودفن بباب الفرادس، وصلى عليه قاضي القضاة أبو عبد الكريم في جم غفير. محمد بن إدريس الحنفي محمد بن إدريس المولى الفاضل السيد الشريف محيي الدين الحنفي، أحد موالي الروم الشهير بمعلول أفندي، دخل إلى دمشق ثالث عشر شعبان سنة أربع وأربعين وتسعمائة ذاهباً إلى مصر متولياً قضاءها. محمد بن إسماعيل العجلوني محمد بن إسماعيل بن محمد بن علي بن إدريس الشيخ الإمام العلامة، شمس الدين العجلوني، ابن الشيخ الصالح الإمام العالم الورع، عماد الدين الميموني الشافعي، قاضي عجلون كان من أخص جماعة شيخ الإسلام الوالد، وتلاميذه، قسم عليه المنهاج والمنهج والتنبيه، وغير ذلك، وسمع عليه جانباً من صحيح البخاري، بقراءة الشيخ برهان الدين البقاعي، وقرأ عليه شرح المنفرجة الكبير للقاضي زكريا، وقسم عليه شرح جمع الجوامع هو والشيخ أبو بكر، والشيخ عمر ولدا شيخ الإسلام شمس الدين ابن أبي اللطف المقدسيان، وكتب له الشيخ إجازة مطولة أذن له فيها بالإفتاء والتدريس، وأثنى عليه كثيراً وقال في حقه: إنه من الفضلاء المتمكنين ذو يد طولى في القراءات والفقه، ومشاركة حسنة في الحديث والأصول والنحو وغير ذلك، قلت: وكانت وفاته في سنة خمس أو ست وخمسين وتسعمائة رحمه الله. محمد بن الياس الرومي جوي زاده محمد بن الياس، المولى الفاضل العلامة الكامل، محيي الدين الحنفي، أحد الموالي الرومية، الشهير بجوي زاده، قرأ على علماء عصره ووصل إلى خدمة سعدي جلبي ابن الناجي، ثم خدم المولى بالي الأسود، وصار معيداً لدرسه، ثم أعطي تدريس مدرسة أمير الأمراء بمدينة بروسا، ثم ترقى في التدريس حتى أعطي إحدى الثماني، ثم صار قاضياً بمصر، ثم عاد من مصر وقد أعطي قضاء العساكر الأناظولية عوضاً عن قادري جلبي، فدخل دمشق يوم الثلاثاء ثامن رجب سنة أربع وأربعين وتسعمائة، ثم صار مفتياً بالقسطنطينية، ثم تقاعد عن الفتوى، وعين له كل يوم مائتا عثماني، وكان تقاعده عن الفتوى في خامس عشري صفر سنة ثمان وأربعين وتسعمائة، ويومئذ توجه السلطان سليمان خان إلى بلاد قزوين وصدوين، وكان سبب عزله عن الفتوى انحراف

محمد بن بركات بن الكيال

السلطان عليه بسبب إنكاره على الشيخ محيي الدين بن العربي، وغالب الأروام على اعتقاده فخالفهم في ذلك، ووافقه على ذلك العلامة الشيخ إبراهيم الحلبي، ثم القسطنطيني خطيب عمارة المرحوم السلطان محمد خان بن عثمان، ولكن خالفه في المسح على جوارخ الجوخ غير المجلد والنعل، فقال صاحب الترجمة: بالمنع وقال الشيخ إبراهيم: بالجواز. ذكر ذلك الشيخ شمس الدين ابن طولون في تاريخه مفاكهة الخلان قال: والصواب إن كان خف الجوخ مما يستمسك بنفسه، ويمكن تتابع المشي فيه لغلظه وقوته، صح وإلا فلا، وولى السلطان عن صاحب الترجمة في الفتوى قاضي العساكر قادر جلبي، ثم صار صاحب الترجمة بعد التقاعد مدرساً بإحدى الثماني، ثم قاضياً بالعساكر الرومتلية، وكان مرضي السيرة، محمود الطريقة، طارحاً للتكليف، متواضعاً مقبلاً على الاشتغال بالعلم، مواظباً على الطاعات، مثابراً على العبادات، قوالاً بالحق لا يخاف في الله لومة لائم، وكان يحفظ القرآن العظيم، وكان له يد طولى في الفقه والتفسير والأصول، ومشاركة في سائر العلوم، وبالجملة كما قال صاحب الشقائق: كان سيفاً من سيوف الحق، قاطعاً فاصلاً بين الحق والباطل، حسنة من حسنات الأيام، وله تعليقات لكنها لم تشتهر مرض - رحمه الله تعالى - بعد صلاة العشاء، فلم يمض إلا نصف الليل حتى مات، وقيل مرض بعد صلاة العصر، ومات قبل صلاة المغرب، وذلك في سنة أربع وخمسين وتسعمائة. محمد بن بركات بن الكيال محمد بن بركات، الشيخ الواعظ الفاضل، شمس الدين ابن الشيخ الواعظ الفاضل زين الدين، بن بركات بن الكيال الشافعي، أسمعه جماعة منهم والده على الشيخ برهان الدين الناجي وزوجه ابنته، واشتغل ووعظ بالجامع الأموي، وغيره وكان خطيب الصابونية، وكان عنده تودد للناس توفي يوم السبت عشري شوال سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة. محمد بن بهاء الدين محمد بن بهاء الدين، بن لطف الله الشيخ الإمام العلامة المحقق الصوفي، المعمر المنور محيي الدين الحنفي، أحد الموالي الرومية الشهير ببهاء الدين زاده، قرأ على المولى الفاضل مصلح الدين القسطلاني، ثم على معلم السلطان أبي مزيد خان المولى المعروف بابن المعترف، ثم مال إلى التصوف، فخدم الشيخ العارف بالله تعالى محيي الدين الأسكليبي، وبقي عنده حتى أجازه بالإرشاد، وجلس مدة في وطنه بالي كسرى، ثم جاء إلى القسطنطينية، وجلس في زاوية شيخه المذكور بعد وفاة المولى

محمد بن حسام قراجلبي

عبد الرحيم بن المؤيد، وربي كثيراً من المريدين، وكان عالماً فاضلاً في العلوم الشرعية والفرعية ماهراً في العلوم العقلية، عارفاً بالتفسير والحديث، والعربية، زاهداً ورعاً ملازماً لحدود الشريعة، مراعياً لآداب الطريقة، جامعاً بين علوم الشرع ومعارف الحقيقة، ولما مرض مفتي التخت السلطاني علاء الدين الجمالي، وطالت مرضته وعجز عن الكتابة قيل له اختر من العلماء من يكون مقامك، فاختار المولى المذكور لوثوقه بفقهه وورعه وتقواه، وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم، ووقع منه كلام في حق إبراهيم باشا الوزير بسبب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فحنق عليه الوزير، فخافوا على الشيخ منه، وأشاروا إليه أن يسكت عنه فقال: غاية ما يقدر عليه القتل وهو شهادة، والحبس وهو عزلة وخلوة، والنفي وهو هجر، وله تآليف حسنة منها شرح الأسماء الحسنى وتفسير القرآن العظيم، وشرح الفقه الأكبر للإمام الأعظم أبي حنيفة، جمع فيه بين طريق الكلام وطريق التصوف، وله في التصوف رسائل كثيرة، ومن مكاشفاته ما حكاه صاحب الشقائق عن نفسه أنه لما كان مدرساً في إحدى الثماني رأى في المنام في ثلث الليل الأخير أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى إليه تاجاً من المدينة المنورة، فلما صلى الصبح دخل عليه رجل من قبل صاحب الترجمة لم يكن دخل عليه قبل ذلك فقال له الشيخ: أن الواقعة التي رأيتها معبرة بأنك ستصير قاضياً، ثم اجتمع به صاحب الشقائق بعد مدة فذكر له الواقعة، وتعبيره إياها مما تقدم فقال له: نعم هو كذلك فقال له: إنما أطلب القضاء فقال له: لا تطلب، ولكن إذا أعطيته بلا طلب، فلا تزده قال صاحب الشقائق: وكان هذا أحد أسبابه لقبول منصب القضاء، وحج صاحب الترجمة في سنة إحدى وخمسين، فدخل بلاد الشام، ولما رجع في السنة القابلة مات ببلده قيصرية، ودفن بها عند قبر الشيخ إبراهيم القيصري، وهو شيخ شيخه. محمد بن حسام قراجلبي محمد بن حسام المولى محيي الدين أحد الموالي الرومية المعروف بقراجلبي: ترقى في التداريس، حتى صار قاضياً بدمشق، ودخلها في ربيع الأول سنة خمس وخمسين وتسعمائة ولم تطل مدة ولايته بها. محمد بن حسن بن الحاج حسن محمد بن حسن المولى الفاضل، محمد شاه ابن المولى الحاج حسن، قرأ والده وغيره، ثم درس بمدرسة داود باشا بالقسطنطينية، ثم

محمد بن حسان الدمشقي

بإحدى الثماني، وتوفي وهو مدرس بها، وله شرح على القدوري، وشرح على ثلاثيات البخاري، وكان مكباً على الاشتغال بالعلم في كل أوقاته، وله مهارة في النظم والنثر مات رحمه الله تعالى في سنة تسع - بتقديم التاء - وثلاثين وتسعمائة. محمد بن حسان الدمشقي محمد بن حسان الشيخ الصالح، شمس الدين حسان الدمشقي الشافعي، أحد الفضلاء والبارعين قال ابن طولون: وكان غالباً عليه التنزه توفي يوم الاثنين ثالث ذي القعدة سنة خمس وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه بمسجد الأقصاب، ودفن بمقبرة باب الفراديس - رحمه الله تعالى. محمد بن الحسن بن عبادة الحلبي محمد بن الحسن بن محمد بن عبد الواحد بن علي بن محمد بن يوسف بن محمد ابن الشيخ الإمام شهاب الدين أحمد بن يوسف بن عبد الواحد، الشيخ شمس الدين الأنصاري، المنسوب إلى سعد بن عبادة الحلبي الحنفي، أحد عدول حلب في الدولتين. كان فقيهاً شروطياً حلو الخط نظيف العرض، له استحضار لتواريخ الناس، وميل إلى مطالعة كتب التواريخ، وكان له حظوة عند قضاة حلب، وقبول عند أهلها، وكان يتعاطى شهادة الجريدة بسوق حلب أيضاً، توفي بماء الأسد، ثم بالإسهال، ليلة الاثنين تاسع عشري ربيع الثاني سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، وأوصى أنه لا يملك من المال سوى دينار واحد أعطاه إياه الشيخ محمد الحانوتي فهو يتبرك به. محمد بن حمدان الدمشقي محمد بن حمدان، القاضي عز الدين الصالحي، ثم الدمشقي الحنفي، كان ناظراً على كهف جبريل بسفح قاسيون، وكان أحد رؤساء المؤذنين بالجامع الأموي، وناب في الحكم لعدة من القضاة منهم قاضي القضاة ابن يونس، وكان له حشمة وتأدب مع الناس تضعف سنين إلى أن توفي في أوائل ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وتسعمائة، ودفن بتربة باب الفراديس رحمه الله تعالى. محمد بن خليل الصمادي محمد بن خليل بن علي بن عيسى بن أحمد بن صالح بن عيسى بن محمد بن عيسى بن داود بن مسلم، الشيخ الصالح المعتقد المربي المسلك، ولي الله العارف له شمس الدين الصمادي، ثم الدمشقي، الشافعي القادري شيخ الطائفة الصمادية بالشام، كان - رضي الله تعالى عنه - من أولياء الله تعالى، وكان في حال الذكر

يظهر منه أمور خارقة للعادة، وكانت عمامته وشدة من صوف أحمر، فيما ذكره ابن طولون والمعروف عنه من حال الصمادية، وضع الشدود الحمر، والتعمم بالصوف الأبيض، ثم هم الآن يتعممون بالعمائم الخضر لثبوت نسبهم، وكان الشيخ محمد المذكور مجالسه حسنة، وكان للناس فيه اعتقاد خصوصاً أعيان الأروام، وسافر إلى الروم، واجتمع بالسلطان سليم خان ابن أبي يزيد خان ابن عثمان، فاعتقده اعتقاداً زائداً، وأعطاه قرية كتيبة رأس الماء، ثم استقر الأمر على أن عين له قرية كناكر تابع وادي العجم، وغلاها إلى الآن يستوفيه الصمادية بعضه لزاوية الشيخ محمد المذكور بمحلة الشاغور، وبعضه لذريته، وكان يقرأ في كل سنة مولداً يدعو إليه أعيان دمشق، وطلبتها وصلحاءها، ويمد لهم سماطاً، ويكرمهم ويحسن قراهم، واشتهر أمره وأمر آبائه من قبل في دق الطبول، عند هيمان الذاكرين واشتداد الذكر، وأنكر عليهم جماعة، واستفتي شيخ الإسلام شمس الدين بن حامد الصفدي، وشيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون فأفتيا بإباحته قياساً على طبل الحجيج، وطبل الحرب، ثم استفتي فيه شيخ الإسلام الوالد فأفتى بإباحته، كذلك، وكتب على السؤال مؤلفاً بسط القبول فيه على ذلك، مع التحرز والإتقان، واشتهرت عن بعض آباء صاحب الترجمة قصة عجيبة، هي أن جماعة الصمادية كانوا يضربون الطبول قديماً بين يدي الشيخ، في حلقتهم يوم الجمعة بعد الصلاة، فأمر بعض الحكام بمنعهم من ذلك، في بعض الأيام وإخراج الطبل إلى خارج الجامع، فدخل الطبل محمولاً يضرب عليه، ولا يرون له حاملاً، ولا عليه ضارباً، واستمر الطبل في هواء الجامع من باب البريد حتى انصدم ببعض عواميد الجامع، مما يلي باب جيرون، وكان شيخ الإسلام الجد، والوالد يحضران مجالس الصمادية، وذكرهم وبالجملة أن مجالسهم مهيبة عليها الوقار، والأنس تخشع القلوب لسماع طبولهم، وإنشادهم لأنهم خالون عن التصنع، وكان بين صاحب الترجمة، وبين شيخ الإسلام الوالد تردد ومحبة. كما كان بين الجد وبين أبيه الشيخ خليل وجده الشيخ علي المحبة الزائدة، والمودة الأكيدة، تمرض الشيخ محمد مدة وأوصى في مرضه، وجعل الشيخ بدر الدين ابن المزلق وصياً على أولاده، والشيخ الوالد ناظراً عليه، ثم كانت وفاته يوم الجمعة خامس عشر جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وتسعمائة وصلي عليه عقيب صلاة العصر بالجامع الأموي، ثم حمل إلى زاويته ودفن في إيوانها، ولم يدفن في نفس الزاوية لأنه قد وقفها قديماً، وخلف ثمانية عشر ولداً ما بين ذكور وإناث، أمثلهم الشيخ محمد أبو سلم، وترك دنيا عريضة.

محمد بن الخليل الحلبي

محمد بن الخليل الحلبي محمد بن الخليل ابن الحاج علي بن أحمد بن ناصر الدين بن محمد بن قصير العجمي، جده قنبر، واشتهر به الحلبي الشيخ الإمام الفاضل العالم العلامة العامل البارع الأوحد الكامل شمس الدين. مولده سنة إحدى وتسعمائة قال شيخ الإسلام الوالد: حضر بعض مجالس في قراءة الحاوي، ومغني اللبيب في سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة بدمشق، ثم رحل إلى بلد حلب قلت، ثم اجتمع به في رحلته إلى الروم سنة ست وثلاثين وتسعمائة. محمد بن سالم الطبلاوي محمد بن سالم بن علي الشيخ الإمام العلامة شيخ الإسلام، بقية السلف الكرام الشيخ ناصر الدين الطبلاوي الشافعي، أحد العلماء الأفراد بمصر أجاز شيخنا العلامة الشيخ محمود البيلوني الحلبي كتابة في مستهل جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين وثمانمائة قال: تلقيت العلم عن أجلة من المشايخ منهم قاضي القضاة زكريا، وحافظ عصرهم الفخر بن عثمان الديلمي، والسيوطي، والبرهان القلقشندي بسندهم المعروف، وبالإجازة العالية مشافهة عن الشيخ شهاب الدين البيجوري، شارح جامع المختصرات، نزيل الثغر المحروس بدمياط بالإجازة العالية، عن شيخ القراء والمحدثين، محمد بن الجزري وقال الشعراوي: صحبته نحو خمسين سنة ما رأيت في أقرانه أكثر عبادة لدينه لا تكاد تراه إلا في عبادة، إما يقرأ القران، وإما يصلي، وإما يعلم الناس العلم، وانتهت إليه الرئاسة في سائر العلوم بعد موت أقرانه قال: ولما دخلت مصر في سنة إحدى عشرة وتسعمائة، وكان - رضي الله تعالى عنه - مشهوراً في مصر برؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عليه الخلائق إقبالاً كثيراً بسبب ذلك، فأشار عليه بعض الأولياء بإخفاء ذلك، فأخفاه قال وليس في مصر أحد الآن يقرر في بيان العلوم الشرعية، وآلاتها إلا هو حفظاً، وقد عدوا ذلك من جملة كراماته، فإنه من المتبحرين في التفسير والقراءات والفقه والحديث والأصول والمعاني والبيان والطب والمنطق والكلام والتصوف، وله الباع الطويل في كل فن من العلوم، وما رأيت أحداً في مصر أحفظ لمنقولات هذه العلوم منه، وجمع على البهجة شرحين، جمع فيهما من

محمد بن خليل إمام جامع الجوزة

شرح البهجة لشيخ الإسلام، وزاده فيها ما في شرح الروض، وغيره وولي تدريس الخشابية، وهي من أجل تدريس في مصر يجتمع في درسه غالب طلبة العلم بمصر، وشهد له الخلائق بأنه أعلم من جميع أقرانه، وأكثرهم تواضعاً، وأحسنهم خلقاً، وأكرمهم نفساً. لا يكاد أحد يغضبه لما هو درس التمكين إذا حضر ولده يجلس بجانب النعال، فيكون هو صدر المجلس، وله صدقة كثيرة لا يكاد يبيت على دينار ولا درهم مع كثرة دخله تبعاً لشيخه الشيخ زكريا قال: وقد عاشرته مدة سنين أطالع أنا وإياه لشيخ الإسلام المذكور، فكنت أطالع من طلوع الشمس إلى الظهر، ويطالع هو من الظهر إلى غروب الشمس، فما كنت أظن أحداً بمصر أكرم مني مجلساً، فكنت إن نظرت إلى وجه شيخ الإسلام سررت، وإن نظرت إلى وجه الشيخ ناصر الدين سررت، وكأنما النهار الطويل يمر كأنه لحظة من أدبه وأدب شيخه، من حلاوة منطقهما وكثرة فوائدهما، لا سيما في علم التأليف والوضع وضم الألفاظ انتهى. توفي كما بخط والد شيخنا نقلاً عن ثقات كانوا بمصر عاشر جمادى الآخرة سنة ست وستين وتسعمائة ودفن في حوش الإمام الشافعي، وكان له جنازة عظيمة، وصلي عليه غائبة بدمشق يوم الجمعة ثالث عشر شعبان قال والد شيخنا: وقيل لي أنه عمر نحو المائة وانتفع به خلق كثير رحمه الله تعالى. محمد بن خليل إمام جامع الجوزة محمد بن خليل الشيخ الفاضل الصالح الزاهد أبو اللطف شمس الدين ابن الشيخ صالح غرس الدين، خليل القلعي الدمشقي الشافعي، إمام جامع الجوزة، خارج باب الفراديس بالقرب من قناة العوني، كان رحمه الله تعالى كوالده ورعاً زاهداً متعففاً، معتزل الناس، ويخدم نفسه، سالكاً على طريقة السلف الصالحين، مؤثراً لخشونة العيش، يلبس العبادة، له زاوية يقيم فيها الوقت لذكر الله تعالى على طريقة حسنة، وكان له خطبة بليغة نافعة، وموعظة من القلوب واقعة، توفي نهار الاثنين ثالث جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وتسعمائة. محمد بن رجب البهنسي محمد بن رجب القاضي شمس الدين البهنسي، الحنفي وهو والد الشيخ نجم الدين البهنسي، مفتي الحنفية بدمشق، ذكر ابن طولون في تاريخه أنه كان نقيب الحكم، ثم فوض إليه قاضي القضاة الحنفية زين الدين ابن يونس نيابة القضاة يوم الخميس تاسع عشري جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وتسعمائة وقرأت بخط الشيخ يحيى بن

محمد بن سحلول البقاعي

النعيمي، أنه توفي يوم الأربعاء عشري رجب سنة ثمان وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن سحلول البقاعي محمد بن سحلول - بلامين - الحديثي البقاعي الشافعي، قال ابن طولون: كان صالحاً يحفظ القرآن العظيم حفظاً جيداً، ويقرأه في كل ثلاثة أيام قال: وقد أفادني عن بعض الصلحاء المصريين في دفع الفواق أن يقبض الإنسان بإبهاميه على ظهر أصلي بنصريه بقوة. توفي فجأة يوم الأحد ثاني عشر جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة ودفن بمقربة البيمارستان النوري رحمه الله تعالى. محمد بن سعيد الحلبي محمد بن سعيد الشيخ الإمام العلامة محيي الدين بن سعيد الحلبي، قدم دمشق الشام، فصار إماماً لنائبها قصوره، وقرأ عليه عدة من الأفاضل، وصار له كلمة مسموعة. توفي بحلب سنة أربع وثلاثين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة حادي عشر رجب منها رحمه الله تعالى. محمد بن سويدان الحلبي محمد بن سويدان الحلبي، كان شيخاً صالحاً منوراً همداني الخرقة، أدرك السيد عبد الله التستري الهمداني، وتلقن منه الذكر، وذكر في حلقته كوالده الشيخ سويدان. توفي سنة خمس وستين وتسعمائة عن نحو مائة سنة. محمد بن سيف الدمشقي محمد بن يوسف القاضي شمس الدين الدمشقي الحنفي، ناب في القضاء عن قاضي ابن الشحنة، وعن قاضي القضاة ابن يونس بدمشق، ثم ثبت عليه وعلى رجل يقال له حسين البعلي البقسماطي عند قاضي دمشق، أنهما رافضيان فحرقا تحت قلعة دمشق بعد أن ربطت رقابهما وأيديهما وأرجلهما في أوتاد، ثم ألقي عليهما القنب والبواري الحطب، ثم أطلقت النار عليهما حتى صارا رماداً، ثم ألقي رمادهما في بردى، وكان ذلك يوم الثلاثاء تاسع رجب سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة قال ابن طولون: وسئل الشيخ قطب الدين ابن سلطان، مفتي السادة الحنفية عن قتلهما فقال: لا يجوز في الشرع بل يستتابان. محمد بن سيف القسطنطيني محمد بن سيف الشيخ العلامة شمس الدين الحلبي، ثم القسطنطيني الشافعي، إمام عمارة محمود باشا، أخذ عن البدر السيوفي وغيره من

محمد بن شعبان الضيروطي

علماء حلب، ثم توطن القسطنطينية حتى مات، وكان حسن السمت والملبس، وكان يعظ الموعظة الحسنة، وكان له حظوة تامة عند بعض أكابر الدولة، وذكر ابن الحنبلي أن أباه كان جمالاً وقد قيل: العلم يرفع بيتا لا عماد له ... والجهل يخفض بيت العز والشرف توفي سنة إحدى وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة أمين. محمد بن شعبان الضيروطي محمد بن شعبان بن أبي بكر بن خلف بن موسى الشيخ الإمام العلامة شمس الدين الضيروطي، المصري الشافعي، المشهور بابن عروس مولده سنة سبعين - بتقديم السين - وثمانمائة، بسنديون تجاه ضيروط، وأخذ العلم عن جماعة منهم الشهاب الشيخ أحمد المغربي التونسي، المعروف بابن شقير. أخذ عنه النحو، وقرأ عليه في التوضيح والوافية، ومنهم الشيخ نور الدين المحلي قرأ عليه شرح جمع الجوامع للمحلي، جميعه مع حاشيته لشيخ الإسلام، الكمال بن أبي شريف، وشرح الشمسية للقطب جميعه، وحاشيته للسيد الشريف، ورحل إلى بيت المقدس، فلزم الكمال ابن أبي شريف، المذكور أحد عشر شهراً، وسمع عليه شرح جمع الجوامع مع حاشيته له، وأجاز له تدريس العلوم المتعارفة، ولقي سيدي أبا العون المغربي صحبة الشيخ نور الدين المحلي، وسأله الشيخ نور الدين أن يدعو له فدعا له أن يزيده الله من فضله، فسأله الشيخ شمس الدين أن يدعو له بمثل ذلك، ففعل وقرأ ثلاثيات البخاري على أمة الخالق بنت العقبي بحق إجازتها من عائشة بنت عبد الهادي، عن الحجار، وكان طارحاً للتكيف، متواضعاً ذكياً، يصل إلى المدارك الدقيقة بفهم ثاقب، وكان يحفظ كتبا كثيرة يسردها عن ظهر قلب حتى كأنها لم تغب عنه فجمع الله تعالى له بين الفهم والحفظ، وكان مدرساً بمقام الإمام الشافعي بمصر فأخذه عنه رجل أعجمي، فرحل إلى بلاد الروم واسترده مضموماً إليه تدريس الخشابية بمصر المشروطة لأعلم علماء الشافعية، وكانت رحلته إلى الروم سنة إحدى وأربعين وتسعمائة، فدخل دمشق وحلب، وأخذ عنه بها جماعة من أهلها منهم ابن الحنبلي، قرأ عليه شرح النخبة لمؤلفها ابن

محمد بن صالح الكيلاني

حجر، وأذن له أن يقرئه، وأن يروي عنه صحيحي البخاري ومسلم وسائر مروياته، ثم دخل إلى دمشق عائداً في سنة اثنتين وأربعين فأكرمه علماؤها، واجتمع به ابن طولون عند الشيخ قطب الدين ابن سلطان قال: فسلمت عليه ورأيته يتذاكر معه فتحققت أنه من أهل العلم قال: أخبرني الشيخ قطب الدين أنه اشتغل بفنون لا يعرفها غيره انتهى. وأضافه شيخ الإسلام الوالد في يوم الخميس تاسع عشري شوال ضيافة حافلة حضرها جماعة من أهل العلم منهم الشموس الثلاثة ابن طولون الحنفي، والعجلوني الشافعي، والشويكي الحنبلي، قال ابن طولون: وكانت ضيافته هائلة وسافر من دمشق يوم الأحد ثاني ذي القعدة من السنة المذكورة، هو والشيخ شرف الدين الرهاوي، وكانت وفاته بالقاهرة ليلة الجمعة سابع عشري شوال سنة تسع وأربعين وتسعمائة قال ابن طولون: إنه صلي عليه وعلى الشيخ شهاب الدين بن النجار الحنبلي المتوفي بمصر أيضاً والشيخ شمس الدين بن عبد الرحمن الصهيوني خطيب جامع الأطروش بطرابلس، المتوفي بها صلاة الغائب بدمشق يوم الجمعة يوم عيد الأضحى من السنة المذكورة رحمهم الله تعالى. محمد بن صالح الكيلاني محمد بن صالح الشيخ العلامة الخطيب، أبو الفتح ابن الشيخ صلاح الدين الكيلاني الشافعي، خطيب المدينة المنورة وإمامها قدم الشام ودخل دمشق وحلب، وهو ممن اجتمع بشيخ الإسلام الوالد بالمدينة المنورة، ودمشق ولما دخل حلب امتدح اسكندر دفتر دار حلب بهذه الأبيات: سود العيون هي السيوف البيض ... يومي إلى نفسي بها فتفيض مقل تضاعف سقمها فنفضته ... فجرى بجسمي سقمها المنفوض فالحسن ممحوض من الباري لها ... إن زاد فيها الغمز والتفضيض مرض الجنون محبب بعيونها ... لكنه بجسومنا مبغوض تلك التي هي جنتي وبخدها ... نار عليها ناظري معروض وهناك تفاح يزيد غضاضة ... والمجد منه اسكندر ممحوض ليث يهيج على فراسته ولا ... يثنيه عنها في العرين ربوض لو عز بحر للجسام لخاضه ... ونجا ولم يبتل حين يخوض وهو الحليم إذا أتى بكبيرة ... حاف وأزلق أخمصيه دحوض

محمد بن عبد الله الشنشوري

وله العزائم كالصوارم لم يكن ... ليكلها التهوين والتمريض ومدبر قد أبرمت أراؤه ... حكما يعز لمثلها التنقيض وجليس كتب ما خض لعلومها ... ليجي بزبدتها له التمخيض سود الدفاتر عنده معشوقة ... عشقاً تمنته الحسان البيض فاسلم سلمت لأهل دهرك مالكاً ... طول الزمان تسوسهم وتروض وكانت وفاته بالمدينة سنة ثمان وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن عبد الله الشنشوري محمد بن عبد الله بن علي الشيخ العلامة، أبو عبد الله شمس الدين الشنشوري المصري الشافعي، مولده سنة ثمان وثمانين وثمانمائة، وأخذ عن الجلال السيوطي، والقاضي زكريا، والسعد الذهبي، والكمال الطويل، والنور المحلي، وله مؤلفات في الفرائض وأجاز ابن كسباي في ربيع الأول سنة ثمانين وتسعمائة - رحمه الله تعالى - وتوفي سابع عشر ذي الحجة الحرام سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، وله من العمر سبع وتسعون سنة. محمد بن عبد الله العسكري محمد بن عبد الله القاضي شمس الدين، بن الشيخ جمال الدين العسكري الصالحي الحنفي، حفظ القرآن العظيم، وأسمعه والده على جماعة منهم المحدث ناصر الدين بن زريق، وقرأ المختار في فقه الحنفية، وحل قطعة منه على الشيخ شمس الدين بن طولون، وولي القضاء ببعض النواحي قال ابن طولون ولكنه كان ينسب إلى شرب الراح توفي فجأة أوائل جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة عفا الله عنه. محمد بن عبد الله الشهير بمحمد بيك محمد بن عبد الله المولى الفاضل محيي الدين الحنفي، أحد موالي الروم الشهير بمحمد بيك، كان من مماليك السلطان أبي يزيد خان رغب في العلم، وترك طريق الإمارة، وقرأ على جماعة منهم المولى مظفر الدين العجمي، والمولى محيي الدين الفناري، والمولى بير أحمد جلبي، ثم خدم بن كمال باشا، وصار معيداً لدرسه، ثم درس بمدرسة الوزير مراد باشا بالقسطنطينية، ثم ببعض المدارس، ثم بإحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه، ثم اختل دماغه، ثم برأ فسافر إلى مصر في البحر،

محمد بن عبد الله الحميري

فأسرته النصارى، فاشتراه بعض أصدقائه منهم، ثم عاد إلى القسطنطينية، فأعطاه السلطان سليمان خان سلطانية بروسا، ثم مدرسة أبي يزيد خان بأدرنة، ثم قضاء دمشق، فدخلها حادي عشر صفر سنة ست وأربعين وتسعمائة، وعزل عنها في صفر سنة تسع وأربعين، فعاد إلى الروم، واختل مزاجه غاية الاختلال، وأعطي في أثناء المرض قضاء مصر، فسافر إليها في أيام الشتاء فأدركته المنية، في الطريق، وكان محباً للعلم، وأهله وللصوفية، وله مهارة في العلوم العقلية، ومعرفة بالعلوم الرياضية، وله تعليقات على بعض الكتب، وملك كتباً كثيرة طالع أكثرها توفي - رحمه الله تعالى - في بلدة كوتاهية سنة خمسين وتسعمائة رحمة واسعة آمين. محمد بن عبد الله الحميري محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن قاسم الشيخ شمس الدين الحميري، البستي المالكي القاضي بصفد ابن قاضي قضاتها كان عالماً فاضلاً، وسمع على شيخ الإسلام الوالد شيئاً من صحيح مسلم. محمد بن عبد الأول التبريزي محمد بن عبد الأول التبريزي أحد موالي الروم رأى الجلال الدواني، وهو صغير، وقرأ على والده قاضي حنيفة بمدينة تبريز، ودخل في حياة والده الروم، وعرضه المولى علي المؤيد على السلطان أبي يزيد خان لسابقة بينه وبين والده، فأعطاه مدرسة، ثم ولي تدريس إحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه، ثم بإحدى الثمان، وعزل، ثم أعطي إحداهن ثانياً، ثم أضرت عيناه فأعطي تقاعداً بثمانين درهماً، وكان فاضلاً زاهداً صحيح العقيدة، له حاشية على شرح هداية الحكمة لمولانا زاده توفي سنة أربع أو خمس وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن عبد الأول الحسيني محمد بن عبد الأول، السيد الشريف، قاضي القضاة شمس الدين الحسيني الجعفري، التبريزي الشافعي، ثم الحنفي سبط صدر تبريز نعمة الله ابن البواب الشافعي، أحد الموالي الرومية، المعروف بشصلي أمير، اشتغل على والده العلامة منلا عبد الأول بن منلا إسماعيل القمر، أحد أصحاب منلا عبيد الله النقشبندي، وعلى منلا محمد البدليسي الشافعي، وغيرهما ودرس في حياة أبيه الدرس العام، في سنة ست عشرة أو سبع عشرة، ثم دخل الروم، وترقى في التدريس بمدارسها حتى وصل إلى إحدى الثماني، ثم ولي قضاء حلب في أواخر سنة تسع وأربعين وتسعمائة، ومنع وهو قاض بحلب من شرب

محمد بن عبد البر بن الشحنة

القهوة على الوجه المحرم، ثم ولي قضاء دمشق فدخلها في ربيع الثاني سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة، ووافق القطب ابن سلطان الحنفي، والشيخ يونس العيثاوي، والد شيخنا في القول، بتحريم القهوة البنية، ونادى بإبطالها في يوم الأحد سابع ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين، ثم يعرض في إبطالها إلى السلطان سليمان خان فورد أمره الشريف بإبطالها في شوال من السنة المذكورة، فاشتهر النداء بذلك، وكان صاحب الترجمة عالماً فصيحاً، حسن الخط قال ابن الحنبلي: وكان له ذؤابتان يخضبهما، ولحيته بالسواد، وذكر ابن طولون أنه كان محمود السيرة، وكان له حرمة زائدة، توفي بالقسطنطينية في شهر المحرم سنة ثلاث وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن عبد البر بن الشحنة محمد بن عبد البر، بن محمد أقضى القضاة، محب الدين ابن قاضي القضاة سري الدين، بن الشحنة، المصري المولد والمنشأ، الحنفي، كان أسمر من سرية أبيه المسماة غزال، ولي نيابة الحكم عند والده، ثم نيابة الحكم عنه، ثم قدم إلى حلب عند إنقضاء الدولة الجركسية، بعد أن حج وجاور، وكان مقداماً محتشماً، حسن الملبس، لطيف العمامة، حسن المطارحة، لطيف الممازحة، رقيق الطبع، سريع الشعر، مع حسنه ورقته في الجملة، ومن شعره في مليح اسمه إبراهيم: يا حبيبي صل معني ... ذاب وجداً وغراما وارحمن صباً كساه ... غزل عينيك سقاما ورماه عن قسي الحا ... جب اللحظ سهاما أنحلته رقة الخصرم ... نحولاً حيث هاما لا يرى إلا خيالا ... إن تقل فيه نظاما لم يذق من يوم غبتم ... عنه لا أكلا ولاما أطلقت عيناه نهراً ... طلقت منه المناما أوقدت حشو حشاه ... نار خديك ضراما عجباً للنار فيه ... وبه حزت المقاما

محمد بن عبد الجليل الزرخوني

إن بعد الوصل عادت ... لك برداً وسلاما توفي بحلب ليلة الأحد تاسع شعبان سنة إحدى وخمسن وتسعمائة، قبيل الفجر، ودفن بتربة موسى الحاجب، خارج باب المقام رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن عبد الجليل الزرخوني محمد بن عبد الجليل بن أبي الخير، محمد المعروف بابن الزرخوني، المصري الأصل، الدمشقي الشافعي، الأستاذ ابن الأستاذ القواس العلامة الفاضل محب الدين، قال شيخ الإسلام، الوالد: ذكر لي أن مولده ثالث عشر ذي الحجة سنة خمس وتسعين وثمانمائة، وطلب الحديث على كبر، وحصل عدة فنون، وكان من أخصاء الشيخ الوالد، ومحبيه، وكان ينوب عنه في إمامه الجامع الأموي. قال الوالد: ولزمني كثيراً، وقرأ علي ما لا يحصى كثرة، وكانت وفاته سنة ثلاث أو أربع وستين وتسعمائة. محمد بن عبد الرحمن العلقمي محمد بن عبد الرحمن، بن علي ابن أبي بكر الشيخ الإمام العلامة شمس الدين، أبو عبد الله العلقمي القاهري الشافعي، مولده تقريباً خامس عشر شهر صفر سنة سبع وتسعين وثمانمائة كان أحد المدرسين بجامع الأزهر، وله حاشية حافلة على الجامع الصغير لجلال الدين السيوطي، وكتاب سماه ملتقى البحرين بين الجمع بين كلام الشيخين أخذ عن جماعة منهم شيخ الإسلام الوالد، اجتمع به في رحلته إلى دمشق سنة أربع وثلاثين وتسعمائة، وحضر بعض دروسه، وسمع منه تأليفه المسمى بالدر النضيد، في آداب المفيد والمستفيد، ثم رحل إلى القاهرة، ولما دخل شيخ الإسلام الوالد القاهرة سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة لزمه العلقمي، وكان يقوم بمصالح الشيخ كلها، وأخذ أيضاً عن الشيخ شهاب الدين الرملي، والشيخ ناصر الدين اللقاني، وغيرهم وأجيز بالإفتاء والتدريس، فدرس، وأفتى، وكان قوالا بالحق، ناهياً عن المنكر، وكان له توجه عظيم في قضاء حوائج إخوانه، وعمر عدة جوامع في بلاد الريف، تأخرت وفاته عن إحدى وستين وتسعمائة لأن الشعراوي ذكره في طبقاته الوسطى في الأحياء في هذه السنة. محمد بن عبد الرحمن الحلبي محمد بن عبد الرحمن بن عمر الحلبي، ثم الإسلام بولي أحد الموالي الرومية خدم الفاضل مصلح الدين الشهير بابن البريكي، ثم المولى

محمد بن عبد الرحمن الصهيوني

شمس الدين باشا ابن المولى خضر بك ثم درس بصتوقة ثم صار قاضياً بعدة بلاد وكان فاضلاً بنى داراً للتعليم بالقسطنطينية، ووقف كتبه بالمدارس الثماني، ومات قاضياً بكفتة في دولة السلطان سليمان. محمد بن عبد الرحمن الصهيوني محمد بن عبد الرحمن، الشيخ الإمام العلامة سري الدين الصهيوني الشافعي، خطيب جامع الأطروش بطرابلس، توفي بها وصلي عليه غائبة بدمشق، يوم الجمعة ليلة عيد الأضحى سنة تسع - بتقديم التاء - وأربعين وتسعمائة، مع الشمس الصفوري والشهاب التنوخي. محمد بن عبد الرحمن الصفوري محمد بن عبد الرحمن، الشيخ الإمام الفاضل الصالح، قطب الدين الصفوري الصالحي الشافعي الواعظ، أخذ عن والده وعن الشيخ جلال الدين السيوطي بمصر، وعن غيرهما قال الشيخ يونس والد، شيخنا: كان له وعظ حسن وخطبة بليغة، ووالده كان من الصلحاء، والوعاظ، وهم بيت صلاح ودين توفي - رحمه الله تعالى - في تاسع عشر ربيع الآخر سنة ثمان وخمسين وتسعمائة، ودفن بسفح قاسيون. محمد بن عبد الرحيم الفصي البعلي محمد بن عبد الرحيم، الشيخ الإمام العالم العامل الزاهد، ولي الله تعالى العارف به شمس الدين بن المنير البعلي الشافعي، كان صاحباً ورفيقاً لشيخ الإسلام، بهاء الدين الفصي، وكان يحضر درسه كثيراً، وكان من أكابر إخوان شيخ الإسلام الجد، وكان يحترف بعمل الإسفيذاج، والسيرقون، والزنجبار، ويبيع ذلك وسائر أنواع العطارة، وكان يجلس في حانوته ببعلبك، وفي كل يوم يضع من كسبه من الدنانير والدراهم والفلوس، في أوراق ملفوفة عدة، ويضع الأوراق في مكان عنده وإذا وقف عليه الفقراء أعطاهم من تلك الأوراق ما يخرج في يده، لا ينظر في الورقة المدفوعة، ولا في الفقير المدفوع إليه، وكان كثير الصدقة معاوناً على البر والتقوى، وكان يعمر المساجد الخراب، ويكفن الفقراء، وكان له مهابة عند الحكام يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكان ناصحاً للطلبة في الإفادة، وله أوراد ومجاهدات، واجتمع به شيخ الإسلام الوالد بمدينة

محمد بن عبد الرحمن النبك الحلبي

بعلبك، في سنة ست وثلاثين حين مر بها قاصداً بلاد الروم، وأثنى عليه في الرحلة كثيراً، وكان له يد في التصوف، والسلوك قال ابن طولون: وقد وقفت على مصنف لطيف مشهور لمرشده في التصوف، والصفاية سماه رقائق الحقائق. وحدثني شيخنا مراراً قال: حدثني والدي الشيخ يونس قال: حكت لي بنت الشيخ السمير، وكانت صدوقة أن أباها أرسل إلى الشيخ العارف بالله تعالى سيدي محمد بن عراق، وهو في الحجاز ثوباً بعلياً مطوياً، فلما وصل إله قال لا إله إلا الله هذا الشيخ شمس الدين أرسل إلينا الكفن، ثم أنه أرسل إليه حبات كباراً من يسر فلما وصلت إلى الشيخ شمس الدين تعجب، وقال: هذا ما بقي لنا من الأجل، من السنين، فما كان إلا أن توفي إلى رحمة الله تعالى في مستهل صفر وقال ابن طولون يوم الأحد ثاني صفر سنة سبع - بتقديم السين وثلاثين - وتسعمائة، ودفن بمدينة بعلبك، وصلي عليه غائبة بدمشق بالأموي يوم الجمعة سابع صفر. محمد بن عبد الرحمن النبك الحلبي محمد بن عبد الرحمن بن موسى الملقب بالنبك، ابن محمد الحلبي الهمداني، ابن الشيخ المعمر الصالح، قيم مقصورة جامع حلب لبس الخرقة الهمدانية من الشيخ عبد الله الهمداني، وحج ثلاث مرات وقف في اثنتين منها الجمعة، وزار بيت المقدس وغيره، وكان جده النبك، من مريدي الشيخ أبي بكر الحيشي الكبير، ومن خدام الحافظ البرهان الحلبي، توفي في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وتسعمائة عن مائة وعشرين سنة. محمد بن عبد القادر بن الشحام محمد بن عبد القادر بن أبي بكر، الشيخ شمس الدين بن الشحام العمري الحلبي، أحد الرؤساء بجامع حلب، سمع الحديث المسلسل بالأولية على المحدث عبد العزيز بن عمر بن محدد بن فهد المكي، وكان ديناً خيراً فقيهاً موقتاً، وكان إماماً بالتغري، ورمشيه بحلب قال ابن الحنبلي: وفيها قرأت عليه في الميقات سافر إلى دمشق، فمرض بها فنقل إلى بيمارستانها. فقال له كاتب البيمارستان: ماذا أكتب لك. ما هو ملك لك. فقال: أكتب إني فقير من فقراء المسلمين لا عليه ولا له، وكانت وفاته بها في سنة أربع وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن عبد القادر إمام زاده محمد بن عبد القادر، أحد موالي الروم

محمد بن عبد القادر الرومي

المشهور بإمام زاده، تنقل في التدريس، ثم ولي قضاء القضاة بحلب، ذكر ابن الحنبلي في تاريخه أنه كان يستكتب في الوقيع على الوثائق، وأنه نصحه في ذكر حذراً من التلبيس في ذلك، فأظهر له القبول، ثم أصر على ما كان عليه، وأنه كان لا يخرج إلى المحكمة إلا قليلا وأنه عزل عن قضاء حلب سنة اثنتين وستين وتسعمائة. محمد بن عبد القادر الرومي محمد بن عبد القادر أحد الموالي الرومية، أيضاً أخذ عن جماعة منهم المولى محيي الدين الفناري، والمولى شمس الدين كمال باشا، والمولى حسام جلبي، والمولى نور الدين، ثم خدم خير الدين معلم السلطان سليمان، ثم ولي تدريس مدرسة قاسم باشا ببروسا، ثم مدرس الأفضلية بالقسطنطينية، ثم مدرسة الوزير محمود باشا، ثم سلطانية بروسا، ثم إحدى الثماني، ثم ولي قضاء القضاة بمصر، ثم بالعساكر الأناظولية، ثم تقاعد بمائة درهم لإختلال عرض له برجله منعه عن مباشرة المناصب، ثم ضم له في تقاعده خمسون درهماً، وكان عارفاً بالعلوم العقلية، والنقلية، وله ثروة بنى داراً للفقراء بالقسطنطينية وداراً للتعليم في قرية قرماته سنة ثلاث وستين وتسعمائة. محمد بن عبد القادر الطبيب محمد بن عبد القادر بن محمد بن محمد بن محمد الشيخ العلامة شمس الدين ابن العلامة زين الدين القويضي الصالحي الحنفي، الطبيب. بن الطبيب المشهور في الحذق في صناعة الطب، هو وأبوه بصالحية دمشق، في حارة حمام المقدم سنة تسعين وثمانمائة، وحفظ المختار في الفقه، والبصروية في النحو، وتوضيح الخزرجية في العروض وقرأ على الجمال بن طولون، والنجم محمد بن شكر، وفي القانون على الشمس بن مكي وسمع الحديث على الجمال بن المبرد، وتخرج في الطب والعلاج بوالده، وكان لديه كرم زائد، ومحبة للصوفية، وكان ماهراً في الطب الطبائعي، وسافر إلى الروم فأعطي رئاسة الطب بدمشق، ونظر المرشدة بالصالحية، ثم ولي إحدى الوظيفتين بالبيمارستان القيمري، ثم اقتصر في علاجه على الحكام، والأكابر، وترك الفقراء عكس ما كان عليه والده ودرس في الطب مع المشاركة في غيره، وكان قرأ المختار على الجمال بن طولون ولما قدم منلا حبيب العجمي دمشق، قرأ عليه في المنطق والحكمة، وحبب إليه علم الرمل والزايرجة، ورحل بسببه إلى مصر والإسكندرية، ومهر في ذلك ونسب إلى التعلق على

محمد بن عبد الكبير اليمني

الصنعة، وجمع كتباً نفيسة، وتوفي يوم السبت عاشر ربيع الأول سنة تسع - بتقدم التاء - وسبعين وتسعمائة، ودفن عند والده تجاه تربة السبكين، تحت كهف جبريل من السفح. محمد بن عبد الكبير اليمني محمد بن عبد الكبير الشيخ الصالح المجمع على جلالته، بن القطب الكبير سيدي عبد الكبير اليمني الحضرمي، كان أهل مكة يعظمونه، وله حرمة تزيد على حرمة سلطان مكة، وكان موجوداً في سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة. محمد بن علي محمد بن علي الشيخ الإمام العلامة، سعد الدين الذهبي المصري الشافعي، مولده خمسين وثمانمائة، كان من العلماء المشهورين بدمشق، أخذ عنه جماعة منهم الفلوجيان قال الشعراوي: كان ورده كل يوم ختماً صيفاً وشتاءً، وكان خلقه واسعاً إذا تجادل عنده الطلبة يشتغل هو بتلاوة القرآن، حتى يقضى جدالهم، وكان يحمل حوائجه بيده، وإذا خرج إلى السوق في حاجة يتلو القرآن سراً ذهاباً وإياباً، وكان كثير الصدقة حتى أوصى بمال كثير للفقراء والمساكين، وكان لا يقبل من أحد صدقة توفي في سنة ثمان أو تسع وثلاثين وتسعمائة. محمد بن عبدو الخاتوني محمد بن عبدو الشيخ الصالح الزاهد المعمر شمس الدين الخاتوني الأردبيلي الخرقة، الحنفي ولد ببيرة، الفرات، في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وثمانمائة وحملته أمه إلى الشيخ محمد الكواكبي الحلبي، فأمر خليفته الشيخ سليمان العيني أن يربيه، ولم يزل يتعاطى الذكر والفكر حتى فتح عليه، وكان يتردد إليه الزوار فلا يرى نفسه إلا ذليلاً، ولا يطلب أحد منه الدعاء إلا سبقه إلى طلبه منه، وكان زاهداً متعففاً عما في أيدي الناس، وعن أموال عظيمة، كان يدفعها، إليه الحكام، وكان يؤثر العزلة، وشاع عنه أنه كان ينفق من الغيب، وكانت مكاشفاته ظاهرة وكان كثيراً ما يقول: لست بشيخ ولالي خليفة، وتوفي بحلب في أواخر شوال سنة خمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن علي الحلبي الحريري محمد بن علي الشيخ شمس الدين الحلبي الحريري الحنفي. المعروف بابن السيوفي تعلم القرآن والكتابة، على كبر، ثم تفقه بالزين بن فخر النساء وأخذ عن الزين بن الشماع، قال ابن الحنبلي: وكان يترجى لو عمل كتاباً

محمد بن علي الطويل

في فقه الحنفية يرتب فيه ذكر المسائل على ترتيب منهاج النووي في فقه الشافعية. قال: وكان عبداً صالحاً ملك كتباً جيدة، مات سنة أربع وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن علي الطويل محمد بن علي الشيخ الإمام العلامة، قاضي القضاة شيخ الإسلام، كمال الدين الطويل القاهري الشافعي، قاضي الشافعية بالديار المصرية، في أواخر الدولة الجركسية ولد سنة ست وأربعين وثمانمائة. قال الشعراوي كان من أولاد الترك وبلغنا أنه كان في صباه يلعب بالحمام في الريدانية، فمر عليه سيدي إبراهيم المتبولي - رضي الله تعالى عنه - وهو ذاهب إلى بركة الحاج فقال له: مرحباً بالشيخ كمال الدين شيخ الإسلام فاعتقد الفقراء أن الشيخ يمزح معه، إذ لم يكن عليه إمارة الفقهاء، ففي ذلك اليوم ترك لعب الحمام، واشتغل بالقراءة والعلم وعاشر جماعة الشيخ إبراهيم الذين ظنوا أنه يمزح معه حين لقبه شيخ الإسلام، حتى رأوه تولى مشيخة الإسلام، وهي عبارة عن قضاء القضاة أخذ الشيخ كمال الدين العلم، والحديث عن الشرف المناوي، والشمس الحجازي، والشيخ محمد بن كتيلة وغيرهم، وسمع صحيح مسلم وغيره على قاضي القضاة قطب الدين الخيضري، وسمع ألفية الحديث للعراقي وجزءاً في فضائل ... لولده الولوي العراقي على الشرف المناوي عن الولوي العراقي عن والده الحافظ زين الدين العراقي قال الشعراوي: وكان إماماً في العلوم والمعارف، متواضعاً عفيفاً ظريفاً، لا يكاد جليسه يمل من مجالسه انتهت إليه الرئاسة في العلم، ووقف الناس عند فتاوبه، وكانت كتب مذهب الشافعي كأنها نصب عينيه، لا سيما كتب الأذرعي والزركشي، وذكر الحمصي في تاريخه أن صاحب الترجمة دخل دمشق صحبة السلطان الغوري، يوم الخميس تاسع عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة وخطب بجامع دمشق يوم الجمعة عشري جمادى الأولى المذكور وقال ابن الحنبلي: قدم حلب سنة اثنتين وعشرين مع الأشرف قانصوه الغوري، فأخذ عنه الشمس السفيري، والمحيوي ابن سعيد، وعاد إلى القاهرة فتوفي بها سنة ست وثلاثين وتسعمائة، ورؤي في ليلة وفاته أن أعمدة مقام الشافعي سقطت قال الشعراوي: ولما دنت وفاة الشيخ كمال الدين رأيت سيدي إبراهيم المتبولي في المنام وقال لي: قل للشيخ كمال الدين يتهيأ للموت، ويكثر من الاستغفار فقد دنا أجله فأعلمته بذلك فقال: سمعا وطاعة فعاش بعد ذلك شهراً ونصف شهر،

محمد بن علي بن فستق

فأنظر يا أخي ملاحظة سيدي إبراهيم له أول أمره وآخره، ودفن بتربة باب النصر قريباً من المدرسة الحاجية، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثامن عشر ذي الحجة الحرام سنة ست وثلاثين وتسعمائة المذكورة كما ذكره ابن طولون. محمد بن علي بن فستق محمد بن علي بن أحمد. الشيخ الفاضل الصالح المقرىء المجود شمس الدين بن علاء الدين بن شهاب الدين الحريري السكري الشهير بابن فستق، الدمشقي الشافعي، الحافظ لكتاب الله تعالى مع الإتقان كان في خدمة الجد شيخ الإسلام رضي الدين الغزي، ومن أخصائه، ثم لازم شيخ الإسلام الوالد، وحضر دروسه كثيراً ومات رحمه الله تعالى سنة ست وثلاثين وتسعمائة رحمة واسعة آمين. محمد بن علي البصروي : محمد بن علي بن يوسف بن علي الشيخ الإمام العلامة القاضي جلال الدين ابن القاضي علاء الدين البصروي، الدمشقي الشافعي، شيخ التبريزية بمحلة قبر عاتكة، وخطيب الجامع الأموي، ولد عاشر رجب سنة تسع - بتقديم التاء - وستين وثمانمائة، واشتغل على والده وغيره، وولي خطابة التابتية، وتدريس الغزالية، ثم العادلية وفوض إليه نيابة الحكم قاضي القضاة الولوي ابن الفرفور، حادي عشر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وتسعمائة. قال والد شيخنا: وكان خطيباً وإماماً بجامع التبريزي بمحلة قبر عاتكة، ساكناً إلى جانبه وخطابة التابتية كانت بيده أيضاً، وبيد والده من قبله، ثم ولي خطابة مدرسة سيباي في حياة الواقف، وبعده مع بقاء ما في يده يستنيب عنه فيهما أولاده وغيرهم، ثم استنابه قاضي القضاة ابن الفرفور في خطابة الأموي حيث كانت الخطابة به يومئذ مشروطة لقاضي قضاة الشافعية، فصار يخطب بالأموي، ويستنيب عنه في مدرسة سيبائي إلى أن اشتغل بها ولده محمود، واستمر الشيخ جلال الدين يخطب في الأموي نيابة، ثم استقلالاً إلى أن مات وكانت لخطبته وقعة في القلوب لم يخرج بصوته عن طريقة خطبة أبناء العرب لا يراعي في الخطبة تنغيماً، ولا إطراباً بل يخطب وعليه السكينة والوقار، بحيث تخشع لخطبته القلوب، وتذرف منها العيون، وكان يقرأ سيرة ابن هشام في الجامع الأموي في كل عام بعد صلاة الصبح شرقي المقصورة، قال وال شيخنا: وكان من أهل العلم والصلاح والدين له محفوظات في الفقه وغيره وقيام الليل أنه متى منعه مانع من جنابة اشتغل بدلاً عنه بقراءة ماضية في المنهاج حتى يغتسل قبل الفجر، ثم يعود إلى التلاوة قلت: وحدثني عنه الشيخ الصالح المعمر الشيخ

محمد بن علي الغزي

عبد القادر بن سوار شيخ المحيا الآن بدمشق بمثل ذلك. وقال لي: كان لا يفتر من قراءة القرآن ليلاً ونهاراً، وكان كثيراً ما تتفق له التلاوة، وهو في الخلاء فقيل له: في ذلك فقال: إن القرآن يجري على لساني إتفاقاً من غير قصد. قال والد شيخنا: وفي آخر خطبة خطبها بالأموي وكانت في ثامن ربيع الآخر من سنة ست وأربعين وكان مريضاً سقط عن المنبر مغشياً عليه. قال ابن طولون: ولولا أن المرقي اختضنه لسقط إلى أسفل المنبر. قال: ولم يكمل الخطبة الثانية فصلى الجمعة إمام الجامع الشيخ عبد الوهاب الحنفي. وقال والد شيخنا: لما سقط نادى الشيخ عبد الوهاب، ودخل المحراب وصلى الجمعة بالناس من غير نظر إلى تتميم أركان الخطبة والبناء على ما تقدم منها قبل سقوط الخطيب قال: وحمل الشيخ جلال الدين بعد الصلاة إلى منزله المجاور للجامع الأموي من جهة الغرب، وعدناه حينئذ لأنه كان منقطعاً قبل ذلك، وجلست عنده وصار يكلمنا، وحكى أن والده كان يتمنى ثلاثاً خطابة الأموي، والسكني بقربه، وأن يصلى عليه إذا مات في الجامع. قال: وهذه الثلاث حصلت لي دونه. قال وقال لي: اتخذت لي قبراً عند رجلي شيخه الشيخ أبي الفضل، يعني ابن أبي اللطف المقدسي، قال: ودفن فيه كما قال فإنه توفي ليلة الثلاثاء رابع عشري جمادى الأولى سنة ست وأربعين وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب الصغير تجاه الشيخ نصر الله المقدسي، إلى جانب الإمام التغلبي خطيب الأموي في عصره أيضاً. قال ابن طولون: وصلى عليه الشيخ محمد الأيجي بوصية منه ونزل في مرضه عن تدريس العادلية للشيخ نجم الدين البهنسي وأحد ولديه. محمد بن علي الغزي محمد بن علي الشيخ الإمام العالم العامل نجم الدين ابن النصيل الغزي الشافعي، توفي بالقدس في سنة سبع وأربعين وتسعمائة، وصلى عليه غائبة بالجامع الأموي يوم الجمعة ثالث ربيع الأول. محمد بن أبي جنغل المالكي محمد بن علي بن عمر بن علي قاضي القضاة عفيف الدين بن جنغل بضم الجيم والغين المعجمة بينهما نون ساكنة الحلبي المالكي، آخر قضاة القضاة المالكية بحلب، وابن قاضي قضاتها، ولد نهار الأربعاء ثالث عشري شوال سنة أربع وسبعين وثمانمائة، وتفقه على الشيخ المكناسي المغربي المالكي، ثم ولي القضاء من قبل السلطان الأشرف قايتباي تاسع عشري شوال سنة سبع وتسعين وثمانمائة، وهو ابن نيف وعشرين سنة، ثم انكفت عن المناصب في الدولة العثمانية، ولزم بيته

محمد بن علي الفلوجي

آخراً في رفاهية وطيب عيش، والمسلمون سالمون من يده ولسانه، ولم يكن يخرج من بيته إلا لصلاة الجمعة والعيدين، وربما شهد بعض الجنائز وكانت وفاته نهار الأربعاء ثاني شوال سنة إحدى وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن علي الفلوجي محمد بن علي الإمام العلامة شمس الدين بن الفلوجي، ثم الدمشقي الشافعي الواعظ المقرىء، أخو الشيخ أحمد الفلوجي، الآتي في الطبقة الثالثة، وأسن منه إلا أنه توفي شاباً، أخذ عن الشيخ الوالد الإرشاد، واللمحة البدرية له في النحو وغير ذلك، وعلى الشيخ تقي الدين القاري، وعن الشيخ سعد الذهبي وغيرهم، ومكث بالقاهرة سنين في الاشتغال، ثم قدم دمشق يوم السبت ثاني عشري رمضان سنة تسع وثلاثين وتسعمائة، ثم شرع يعظ تحت قبة النسر بالأموي عقب صلاة الجمعة، وابتدأ يوم عيد الفطر، وتكلم على أول الأعراف، وكان يجلس على جلد كعادة الوعاظ المصريين، وكان يحض على الواقعة في وعظه. قال والد شيخنا: كان شابا ذكياً واعظاً يفتي ويدرس في الشامية البرانية، وأم بمقصورة الأموي شريكاً للشيخ شهاب الدين الطيبي، وكان عارفاً بالقراءات فقيهاً حسناً كتابه الإرشاد، كان يثلب أرباب الدولة على ظلمهم سرعة خوفه منهم، واشتهر بين العوام بالوعظ والإفتاء وأقبلوا عليه، وذكر ابن الحنبلي في تاريخه، أنه دخل حلب في سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة جرت له بها محنة، وذلك أنه أشيع عنه بحلب أنه يكفر ابن العربي ومن يعتقده، وغالب الدولة والحكام يعتقدونه، فوصل ذلك إلى جماعة من أربابها، فشكوا عليه عند القاضي، وسعوا في قتله فاختفى من حلب، ثم ظهر في مدينة أبيه، وتراءى على عيسى باشا فعرفه الأكابر، فكتبوا له محضراً بعدم التعرض له، لما علموا من حاله أنه حكى كلام المكفرين من غير اعتقاد تكفيره، ثم عاد إلى حلب، ثم رجع إلى دمشق، وتوفي ليلة السبت سادس عشر رمضان سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة، وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن بمقبرة باب الصغير وكانت له جنازة عظيمة، وتأسف الناس عليه رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. محمد بن علي الجعبري الحلبي محمد بن علي بن يوسف الجعبري، ثم الحلبي المولد والدار، المتعبد على مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى القصاب بمدينة حلب، المعروف بابن الهويدي، كان شيخاً معمراً، كثير التلاوة باللفظ الواضح الجلي، حتى في حال سيره في الطريق، غزير البكاء عند تلاوة القرآن، إذا مر بآية رحمة، أو آية عذاب منفرداً عن أبناء حرفته بهذا الشأن، وكان كثير الثناء على الشيخ عبد القادر الأبار، وعلى ما حضره من

محمد بن علي بن علوان الحموي

مواعظه مستحضراً لبعض ما سمعه منه، وكان يحكى عن جده كمال الدين يوسف. أنه كان مع صلاحه قاضياً حنفياً بمدينة جعبر، ثم انتقل إلى مدينة الباب بسبب منام رأى فيه أن الله تعالى تجلى على مدينة جعبر، فلما أخذ في الرحيل عنها قيل له: في ذلك فقال: إنها عن قريب ستخرب لما يشير إليه قوله تعالى: " فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا " سورة الأعراف: الآية 143، فخربت بعد رحيله بقليل، توفي حفيده المذكور في رجب مبطوناً سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. محمد بن علي بن علوان الحموي محمد بن علي بن عطية، الشيخ الإمام العالم العلامة، الأوحد المدقق المحقق الفهامة، شيخ المسلمين، وعلم العارفين، شمس الدين ابن الشيخ الإمام، شيخ الإسلام، العارف بالله تعالى سيدي الشيخ علوان الحموي الشافعي الصوفي الواعظ أخذ العلوم الظاهرة، والباطنة عن أبيه وعن كثير من الواردين إليه، ولقنه والده الذكر وألبسه الخرقة، وكان قد ابتلي في صغره بسوء الفهم، والحفظ، حتى ناهز الاحتلام، وفهمه في الأدبار، فبينما هو في ليلة من الليالي عند السحر إذا هو بوالده سيدي الشيخ علوان - رضي الله تعالى عنه - وقد أخذت والده حالة، فأخذ في إنشاد شيء من كلام القوم، فلما سري عنه خرج من بيته وأخذ في الوضوء في إناء واسع من نحاس، فلما فرغ والده من وضوئه أخذ الشيخ شمس الدين ماء وضوء والده وشربه، فوجد بركته وتيسر عليه الفهم، والحفظ من يومئذ، ولم يتوقف عليه بعد ذلك شيء من المطالب القلبية كما ذكر ذلك صاحب الترجمة في رسالته التي ألفها في علم الحقيقة، وكملها في سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة وسماها تحفة الحبيب، وكان يعظ بحماة بعد أبيه، ويدرس في العلوم الشرعية والعقلية، وتشتكى إليه الخواطر ويجيب عنها، وكان في وعظه آية، وفي الفصاحة والبلاغة غاية، ولما رجع شيخ الإسلام الوالد من الروم في سنة سبع وثلاثين، فمر بحماة بعث الشيخ شمس الدين جماعته إلى لقاء الشيخ الوالد وأنزله عنده، وأضافه ثلاثة أيام كما ذكر الوالد رضي الله تعالى عنه في المطالع البحرية وأثنى فيها على صاحب الترجمة ثناءً بالغاً. وقال: لم يزل يقطع الليل ساهراً، ويهش للجميل مبادراً، ويجمع إلى شرف الجلال جلال الشرف، ويقيم سرفه في الخير الحجة على من قال: لا خير في السرف، ويعمر بالحسنى سواءه، ويتبع في القربات آباءه، بانياً كما بنوا، وبادئاً من حيث انتهوا، فهو حبر الأكارم، وبحر المكارم، وتاج المفاخر وحجة المفاخر، ودليل كم ترك الأول للآخر انتهى.

ثم انتسجت بينه وبين الوالد المحبة وتأكدت الصداقة والصحبة، وكان كل منهما يكاتب الآخر ويراسله، ويتحرى الإطناب في مدح الآخر ويحاوله، وقد أثبت من ذلك نبذة صالحة في كتابي المسمى بلغة الواجد، في ترجمة الإمام الوالد، وذكر ابن الحنبلي في تاريخه، أنه صحب صاحب الترجمة، وأخذ عنه وأنه قدم حلب مرتين نزل في الأولى بالمدرسة الأشرفية، وعمل فيها ميعاداً جليلاً على كرسي نصب له بإيوانها، فأتى فيه من سحر البلاغة والبراعة، في عين تلك العبارة، بالعجب العجاب، في مقام كان مقام أطناب، وكان ممن حضر هذا الميعاد الشهاب الأنطاكي، والشمس السفيري وابن الخناجر وآخرون من سوى العوام، ثم قدم في المرة الثانية في أوائل سنة أربع وخمسين، فأخذ في أربعين مجلساً بالجامع الكبير على قوله تعالى: " الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب " سورة الشورى: الآية 13، وأشار إلى أنه اقتصر على هذا العدد لموافقته عدد حروف حلب بحساب الجمل، وذكر ابن طولون في تاريخه، أن الشيخ شمس الدين حج هو وأخوه أبو الوفاء في سنة ثمان وثلاثين، فمر بدمشق ولما عاد في سنة تسع وثلاثين إلى دمشق عمل مجلساً يوم الجمة تاسع عشر صفر بجامع مسجد القصب، خارج دمشق في قوله تعالى: " ولله على الناس حج البيت " سورة آل عمران: الآية 97، بسؤال بعض الحاضرين، وحضره أفاضل دمشق، ومنهم القاضي زين الدين معروف البلاطنسي، ثم هرعت أعيان البلد للسلام عليهما حتى قاضي قضاة دمشق، ثم سافر من دمشق بعد خمسة عشرة يوماً من وصولهما لدمشق، ثم قال ابن الحنبلي: بعد أن ما من الله تعالى به على صاحب الترجمة من سرعة الإنشاء بحيث لو أخذ في وضوء صلاة الجمعة وطلب منه على البديهة أن يخطب لعمل في سره خطبة عجيبة غريبة، وخطب بها ولم يتوقف على رسمها ورقمها مآلا. قال: وكان دمث الأخلاق، جمالي المشرب، عنده طرف جذب. ثم قال: وبالجملة فقد كان من أخيار الأخيار، وآثاره من بدائع الآثار، ولله دره فيما أنشد فيه من شعره بالسماع منه الشهابي أحمد الشهير بابن المنلا الشافعي حيث قال: تنفس قلب الصب في كل ساعة ... لا كؤسهم فاء الزمان أدارها إلى الله أشكو أن كل قبيلة ... من الناس قد أفنى الحمام خيارها قلت: وهذا من رواية الأكابر عن الأصاغر، والشيوخ عن التلامذة فإن ابن المنلا المذكور كان أحد تلاميذ ابن الحنبلي، وتأخرت وفاته عن رأس القرن الحادي عشر، قتله فلاحوه بقرية له بحلب، كان يتردد إليها، وكانت وفاة الشيخ محمد صاحب الترجمة بمدينة

محمد بن علي الأنصاري

حماة في أوائل رمضان سنه أربع وخمسين وتسعمائة، وورد الخبر بموته إلى دمشق يوم الجمعة ثالث عشر رمضان المذكور، وصلي عليه غائبة بعد صلاة الجمعة رحمه الله تعالى. محمد بن علي الأنصاري محمد بن علي، بن يوسف، بن المولى شمس الدين الأنصاري، المولى العلامة محيي الدين الحنفي، أحد موالي الروم، وتقدم ذكر أخيه واسمه في الطبقة الأولى، قرأ على والده في شبابه، وبعد وفاته على المولى خطيب زاده، ثم على المولى أفضل الدين، ثم درس بمدرسة علي باشا بالقسطنطينية، ثم ترقى حتى صار مفتياً أعظم واشتغل بإقراء التفسير، والتصنيف فيه، ولم يكمل وألف عدة رسائل وحواشي على شرح المفتاح للسيد وغير ذلك، وكان آية في الفتوى ماهراً فيها، وله احتياط في المعاملة مع الناس وكان متحرزاً عن حقوق العباد، محباً للفقراء والصلحاء، لا يخاف في الله لومة لائم توفي رضي الله تعالى عنه في سنة أربع وخمسين وتسعمائة، ودفن بجوار أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه. محمد بن علي الجمالي محمد بن علي، المولى الفاضل، محيي الدين بن المولى علاء الدين الجمالي، الحنفي أحد موالي الروم، قرأ على جده لأمه حسام الدين زاده، ثم على والده، ثم على المولى سويد زاده، ثم درس بمدرسة الوزير مراد باشا بالقسطنطينية، ثم بإحدى الثماني، ثم تقاعد وعين له في كل يوم مائة درهم، وكان مشتغلاً بنفسه، حسن السمت والسيرة، محباً للمشايخ والصلحاء، له معرفة تامة بالفقه، والأصول توفي في سنة ست أو سبع وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن علي بن طولون محمد بن علي، بن محمد الشيخ الإمام العلامة المسند المفنن الفهامة، شمس الدين أبو عبد الله، ابن الشيخ علاء الدين، ابن الخواجه شمس الدين الشهير بابن طولون، الدمشقي الصالحي الحنفي، المحدث النحوي، مولده بصالحية دمشق في ربيع الأول سنة ثمانين وثمانمائه تقريباً، وسمع وقرأ على جماعة منهم القاضي ناصر الدين أبو البقاء زريق، والخطيب سراج الدين الصيرفي، والجمال يوسف بن عبد الهادي عرف بابن المبرد، والشيخ أبو الفتح السكندري، المزي، وابن النعيمي في آخرين، وتفقه بعمه الجمال بن طولون وغيره، وأخذ عن السيوطي إجازة مكاتبة في جماعة من المصريين وآخرين، من أهل الحجاز وكان ماهراً في النحو علامة في الفقه، مشهوراً بالحديث، وولي تدريس الحنفية بمدرسة شيخ الإسلام أبي عمر وإمامة السليمية بالصالحية، وقصده الطلبة في

النحو، ورغب الناس في السماع منه، وكانت أوقاته معمرة بالتدريس والإفادة والتأليف، كتب بخطه كثيراً من الكتب، وعلق ستين جزءاً وسماها بالتعليقات، كل جزء منها مشتمل على مؤلفات كثيرة، أكثرها من جمعه وبعضها لغيره، ومنها كثير من تأليفات شيخه السيوطي، وكانت أوقاته معمورة كلها بالعلم، والعبادة، وله مشاركة في سائر العلوم، حتى في التعبير والطب، وحدثني الشيخ المسلك أحمد ابن الشيخ العارف بالله تعالى سليمان الشلاح الصوفي قال: كنت عند والدي فدخل عليه الشيخ شمس الدين بن طولون زائراً، فلما جلس تقدم رجل من الفقراء، فقص على الوالد أنه رأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أسود اللون فقال الشيخ سليمان: هنا مولانا الشيخ شمس الدين يعبر لك هذه الرؤيا، فقال الشيخ شمس الدين: هذه الرؤيا تدل على أن الرائي مبتدع مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن السواد غير صفة النبي صلى الله عليه وسلم، والرؤيا تمل على حال الرائي، فالظاهر أنه على غير السنة، فاستعاذ الرجل من ذلك وقال: ليس في عقيدتي شيء من ذلك فقال له الشيخ: لا بد لك أنك مخالف للسنة في شيء، فلا بد أن تتوب منه فقال: ما أعرف من نفسي شيئاً من ذلك إلا أنه ربما تشاغلت عن الصلاة فقال: هو ذلك فإن الصلاة عمود الدين وأي مخالفة للسنة أعظم من ترك الصلاة، فاستعبر الرجل وأخذ عليه الشيخ العهد على التوبة، وقد أخذ عن الشيخ شمس الدين بن طولون جماعة من الأعيان، وبرعوا في حال حياته كالشيخ شهاب الدين الطيبي شيخ الوعاظ، والمحدثين، والشيخ علاء الدين بن عماد الدين، والشيخ نجم الدين البهنسي، خطيب دمشق، وممن أخذ عنه آخراً شيخ الإسلام الشيخ إسماعيل النابلسي، مفتي الشافعية، وشيخنا الشيخ العلامة زين الدين ابن سلطان مفتي الحنفية، وشيخ الإسلام شمس الدين العيثاوي، مفتي الشافعية الآن، فسح الله تعالى في مدته، وشيخ الإسلام شهاب الدين الوفائي مفتي الحنابلة، الآن نفع الله تعالى به وقريبه القاضي أكمل بن مفلح وغيرهم، وكان الشيخ شمس الدين - رحمه الله تعالى - ربما نظم الشعر، وليس شعره بذاك على قلته، ومن جيده قوله ملمحاً بالحديث المسلسل بالأولية: إرحم محبك يا رشا ... ترحم من الله العلي فحديث دمعي من جفا ... ك مسلسل بالأولي ورأيت بخط بعض الفضلاء أن من شعره رحمه الله تعالى: ميلوا عن الدنيا ولذاتها ... فإنها ليست بمحموده

محمد بن محمد بن عوض

واتبعوا الحق كما ينبغي ... فإنها الأنفاس معدوده فأطيب المأكول من نحلة ... وأفخر الملبوس من دوده توفي - رحمه الله تعالى - يوم الأحد حادي عشر أو ثاني عشر جمادى الأولى سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، ودفن بتربتهم، عند عمه القاضي جمال الدين، بالسفح قبلي الكهف الخوارزمية، ولم يعقب أحداً، ولم يكن له زوجة حين مات. محمد بن محمد بن عوض محمد بن محمد ابن الشيخ شرف الدين أبي المكارم، حمزة بن عوض، الواعظ المشهور بالديار الرومية، بمنلا عرب الأنطاكي الحنفي، ولقبه ابن طولون زين العرب، كان جده مما وراء النهر من تلاميذ الفاضل التفتازاني، ثم رحل فاستوطن أنطاكية، وبها ولد محمد هذا، وحفظ القرآن في صغره، ثم حفظ الكنز والشاطبية، وغيرهما وتفقه على أبيه وعميه الشيخ حسن والشيخ أحمد فكانا فاضلين، وقرأ عليهما الأصول والقراءات، والعربية، ثم سار إلى حصن كيفا، وآمد، ثم نزل إلى تبريز وأخذ عن علمائها واشتغل هناك سنين، وممن أخذ عنهم بتبريز مولانا مزيد، ثم رجع إلى أنطاكية، وحلب وأقام مدة ووعظ ودرس وأفتى، ثم رحل إلى مكة فحج ثم إلى مصر فأخذ عن الجلال السيوطي وغيره ووعظ بها وأفتى وحصل له قبول تام حتى طلبه قايتباي الملك الأشرف، فدخل عليه ووعظه وألف له كتاباً في الفقه سماه " النهاية " فأحسن جائزته وأكرمه غاية الإكرام، وبقي عنده إلى أن توفي سنة ثلاث وتسعمائة، ثم سافر إلى الروم، ودخل بروسا فأحبه أهلها فأقام عندهم، واشتغل بالوعظ والنهي عن المنكرات، ثم ذهب إلى القسطنطينية فأحبه أهلها، وسمع السلطان أبو يزيد خان وعظه، فمال إليه كل الميل وألف له كتاباً سماه تهذيب الشمائل في السيرة النبوية، وكتاباً آخر في التصوف وخرج معه إلى السفر، وحضر فتح قلعة متون، وكان ثاني الداخلين إليها أو ثالثهم، ثم رجع إلى القسطنطينية، وبقي بها يأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر، لا يخاف في الله لومة لائم وكان ينكر على الملاحدة والرافضة، ثم رجع ومعه أهله إلى حلب، فأكرمه ملك الأمراء خير بك جداً، وقرأ عليه والتزم بجميع مصالحه، فمكث ثماني سنين مشتغلاً بالتفسير، والحديث، والوعظ والرد على الملاحدة، والرافضة سيما على طائفة أردبيل، وكانت تلك الطائفة يبغضونه، بحث يلعنونه مع الصحابة في الجامع. قال ابن الحنبلي: واتفق له أن حضر في مجلس وعظه شيعي متسلح من أتباع الإيجي، بعثه شاه إسماعيل إلى الغوري، صاحب مصر، فتوجه إليه وعاد من عنده إلى حلب، فهم بإشهار سيفه فقتله: الحلبيون وحرقوه فتغير الايجي من ذلك، وكاتب الغوري في ذلك، فاضطرب له فإذا محضر خير بك كافل حلب يتضمن إخماد الفتنة، وتسكين غضب الغوري، على الشيخ، ثم بد للغوري فكتب أمراً بخروجه من حلب فاجتمع به خير بك خفية فأخبر به خير بك خفية، فأخبره بما وردت به

محمد بن عمر السفيري

المكاتبة وأمره بالمهاجرة خفية، فهاجر إلى البلاد الرومية، ثم انتهى. وذكر صاحب الشقائق أنه لما دخل الروم في هذه المقدمة، كان في زمن السلطان سليم، فاجتمع به وحرضه على قتال عساكر في الرافض قزلباش، وألف له كتاباً في الغزو وفضائله، نفيساً جداً، وذهب معه إلى حربهم، وكان يعظ الجند في الطريق، ويحرضهم على الجهاد خصوصاً لتلك الطائفة والسلطان يكرمه، ويحسن إليه فلما التقى الجمعان، وحمي الوطيس أمره السلطان بالدعاء، وهو يؤمن، فانهزم العدو وفتحت تبريز حينئذ، ثم سار الشيخ إلى ولاية روم إيلي، فوعظ أهلها، ونهاهم عن المعاصي، وأمرهم بالفرائض، فانصلح به كثير من الناس، وبنى جامعاً في مدينة سراي ومسجداً آخر في أسكوب، وأقام هناك عشر سنين، وأسلم على يديه كثير من الكفار، وغزا مع السلطان سليم أيضاً، أنكروس في سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، ودعا له حال القتال، فجاء الفتح، ثم انتقل إلى بروسا، وسكن بها وشرع في بناء جامع كبير فتوفي بها قبل إتمامه، وعمر وولد له قريب من مائة نفس، وألف كتباً ورسائل غير ما تقدم وخصوصاً في الكيمياء، ووصل إليها وكان له احتياط في مأكله ومشربه، ونفقته، وكان يختار لذلك ما يفتح به عليه من التجارة، لأنها من أطيب ما أكل الرجل منه، كما في الحديث وكان يحفظ أحاديث كثيرة، وله قدرة على التفسير من غير مطالعة، وكان دأبه في يوم الجمعة أن يتكلم على ما يقرأه الخطيب في الصلاة بخطبة بليغة، ووجوه مختلفة، وعلوم جمة، قال ابن الحنبلي: وكان له قوة حافظة لا نظير لها بحيث حكى لنا شيخنا الشهاب الأنطاكي أنه سأله عن حالته في الحفظ، فذكر له أنه إذا مر على الكراسة التي تكون في خمسة وعشرين سطراً مرة واحدة فإنه يحفظها، ويفهم مضمونها قال: وكان محدثاً مفسراً جامعاً لفضائل شتى، سالكاً طريق السنة في إرخاء العذبة، وكانت عذبته طولى، يرخيها وراء ظهره قال: ومما بلغني أن جده الشيخ حمزة كان يقرأ الكشاف في حلب، وكان إذا أجري ذكر مؤلفه قال رحمه الله: إن كان مستحقاً للرحمة انتهى. وفي نفس الأمر كان صاحب الترجمة آية من آيات الله، وأعجوبة من عجائب الدهر. أمات بدعاً كثيرة، وأحي سنناً كثيرة، وانتفع به خلائق كثيرة، وكانت وفاته في رابع المحرم سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة ببروسا، وصلي عليه غائبة بدمشق يوم الجمعة حادي عشر رمضان منها رحمه الله تعالى. محمد بن عمر السفيري محمد بن عمر، بن أحمد الشيخ العلامة شمس

محمد بن عمر المذوخي

الدين، ابن الشيخ زين الدين، ابن ولي الله الشيخ شهاب الدين السفيري الحلبي الشافعي، ولد بحلب في سنة سبع وسبعين وثمانمائة، ولازم العلاء الموصلي، والبحر السيوفي، في فنون شتى، وقرأ على الكمال ابن أبي شريف في حاشيته على شرح العقائد النسفية ورسالة العذبة له، وقدم مع أخيه الشيخ إبراهيم بن أبي شريف إلى دمشق فأجاز له ولبعض الدمشقيين، ثم إلى حلب فقرأ عليه بها رسالة مختصر الرسالة القشيرية له، وقرأ على البازلي تصديقات القطب وعلى أبي الفضل الدمشقي في شرحه على النزهة في الحساب وعلى الشيخ محمد الداديخي في شرح الشاطبية لابن القاصح، وفي غيره، ودرس بالجامع الكبير بحلب، والعصرونية والسفاحية وجامع تغري بردي، وسافر إلى القاهرة سنة سبع وعشرين وتسعمائة، واجتمع بها بشيخ الإسلام زكريا الأنصاري، وحضر الصلاة عليه لما مات في تلك السنة، واجتمع بآخرين منهم الشيخ نور الدين البحيري، وصحب في صغره الشيخ عبد القادر الدشطوطي، حين قدم حلب، وفي كبره الشيخ شهاب الدين أنطاكي، إلى أن توفي سنة ست وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن عمر المذوخي محمد بن عمر، الشيخ الفاضل شمس الدين المذوخي البقاعي الشافعي من قرية مذوخا بالمعجمتين، والميم مضمومة من عمل البقاع، من نواحي دمشق، قرأ القران العظيم على الشيخ إبراهيم العيثاوي عم شيخنا، وعلى الشيخ عبد العظيم، وعلى الشيخ شمس الدين القدسي المقريء، ابن الشيخ أحمد القدسي، وحفظ القرآن، واشتغل في العلم وحصل وكره الأكل من الأوقاف، فرجع إلى بلدته المذكورة وتعاطى الزراعة، فأثرى وتمول ورحل إلى مصر، فاشتغل بها مدة يسيرة، ثم رجع إلى بلده قام بها،

محمد بن عمر بن سوار العاتكي

وخطب وصار يدعو أهلها إلى الطاعة، إلى أن توفي ليلة الجمعة خامس المحرم سنة سبع - بتقديم السين - وخمسين وتسعمائة، ودفن ببلده رحمه الله تعالى. محمد بن عمر بن سوار العاتكي محمد بن عمر بن سوار الدمشقي العاتكي، الشافعي العبد الصالح الورع، والد الشيخ عبد القادر بن سوار شيخ المحيا، بدمشق أخذ الطريق عن الشيخ عبد الهادي الصفوري، وكان من جماعته، وكان صواماً قواماً ينسج القطن، ويأكل من كسب يمينه، وما فضل من كسبه تصدق به وتعاهد الأرامل واليتامى، وأخبرت عنه أنه كان إذا انقطع معه طاق وفركه، ووصله علم عليه بتراب ونحوه فيقال له: لم تفعل ذلك. فيقول: حتى يعلم المشتري أنه طاق موصول، فلا ينغش. وأخبرني بعض جماعته قال: ربما سقى الشاش العشرة أذرع بكرة النهار ونسجه يفرغ من نسجه وقت الغداء، من ذلك اليوم فيمد له في الزمان، وحدثني ولده الشيخ عبد القادر أنه مر يوماً على صورة جميلة فنظر إليها ووقعت من قلبه، وكان يميل إلى النظر، فلما دخل عليه والده كاشفه بذلك وعاتبه على النظر، ووعظه فزال من قلبه في الحال، ورجع عن النظر ببركة والده، وأخبرني أن والده توفي في سنة أربع وستين وتسعمائة عن نحو سبعين سنة رحمه الله تعالى. محمد بن قاسم المالكي محمد بن قاسم الشيخ الإمام شيخ الإسلام جلال الدين ابن قاسم المالكي قال الشعراوي: كان كثير المراقبة لله تعالى في أحواله، وكانت أوقاته كلها معمورة بذكر الله تعالى، شرح المختصر والرسالة، وانتفع به خلائق لا يحصون، ولاه السلطان الغوري القضاء مكرهاً، وكان أكثر أيامه صائماً، وكان حافظاً للسانه في حق أقرانه، لا يسمع أحداً يذكرهم إلا يجلهم، وكان حسن الاعتقاد في الصوفية رحمه الله تعالى. محمد بن قاسم الرومي محمد بن قاسم، المولى العلامة، محيي الدين بن الخطيب، قاسم الرومي الحنفي، أحد موالي الروم، ولد بأماسية، وقرأ على المولى المعروف بأخوين ثم على المولى سنان باشا، ثم صار مدرساً بأماسية، ثم ترقى إلى إحدى الثماني، ثم أعطي تدرس مدرسة السلطان أبي يزيد خان بأماسية، ثم السليمانية بجوار أيا صوفية، وهو أول مدرس بها، ثم أعيد إلى إحدى الثماني، ومات وهو مدرسها بثمانين عثماني، وكان عالماً صالحاً محباً للصوفية: مشتغلاً بنفسه، قانعاً مقبلاً على العلم، والعبادة،

محمد بن فتيان المقدسي

وله مهارة في القراءات والتفسير واطلاع على العلوم الغريبة، كالأوفاق والجفر والموسيقي، مع المشاركة في كثير من العلوم وكان له يد في الوعظ، والتذكير، صنف كتاب روضة الأخيار في علوم المحاضرات وحواشي على شرح الفرائض، للسيد وحواشي على أوائل شرح الوقاية لصدر الشريعة ومات في سنة أربعين وتسعمائة وصلي عليه وعلى ابن كمال باشا غائبة في جامع دمشق يوم الجمعة ثاني ذي القعدة من السنة المذكورة. محمد بن فتيان المقدسي محمد بن فتيان، الشيخ الإمام العلامة، الواعظ المذكور أبو الفتح ابن فتيان المقدسي الشافعي، كان إماماً بالصخرة بالمسجد الأقصى أربعين سنة وتوفي رحمه الله في ربيع الآخر سنة خمس وستين وتسعمائة. محمد بن محمود الطنيخي محمد بن محمود الشيخ العالم المجمع على جلالته شهاب الدين الطنيخي، المصري الشافعي، إمام جامع الكبير كان كريم النفس، حافظاً للسانه، مقبلاً على شأنه. زاهداً، خاشعاً، سريع الدمعة، عند ذكر الصالحين، ولم يزاحم قط على شيء من وظائف الدنيا، أخذ عن الشيخ ناصر الدين اللقاني، والشيخ شهاب الدين الرملي، والشيخ شمس الدين البلاطنسي، وأجازوه بالإفتاء والتدريس فدرس، وأفتى وانتفع به خلائق، وكان والده الشيخ محمود عبداً صالحاً، من أهل القرآن والخير، ذكر ذلك كله الشيخ عبد الوهاب الشعراوي، وقرأت بخط شيخ الإسلام الوالد، أن صاحب الترجمة حضر بعض دروسه، وسمع عليه بعض شرح المتقدم، على الكافية، قال: وهو رجل فاضل مستحضر لمسائل الفقه، وخلافها وكان ذلك في سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة، ويؤخذ من طبقاته أنه كان موجوداً في سنة إحدى وستين وتسعمائة. محمد بن محمود المغلوي محمد بن محمود أحد الموالي الرومية، المعروف بابن الشيخ محمود المغلوي الوفائي، الحنفي خدم المولى سيدي القراماني، وصار معيداً لدرسه، ثم درس ببعض المدارس، فانتهى إلى مدرسة فرهات باشا بمدينة بروسا، ثم اختار القضاء فوليه بعدة بلاد، ثم عاد إلى التدريس حتى صار مدرساً باحدى الثماني، ثم أعطي

محمد بن مصطفى القوجوي

قضاء قسطنطينية، ثم تقاعد بمائة عثماني، إلى أن مات وكان عارفاً بالعلوم الشرعية، والعربية، وكان له إنشاء بالعربية والفارسية والتركية، وأكثر اهتمامه بالمحسنات اللفظية، وكان يكتب أنواع الخط وله تعليقات على بعض الكتب، وكان له أدب ووقار لا يذكر أحداً إلا بخير توفي في سنة ثلاث وستين وتسعمائة. محمد بن مصطفى القوجوي محمد بن مصطفى، المولى العلامة محيي الدين ابن الشيخ العارف بالله تعالى، مصلح الدين القوجوي الحنفي الرومي، أحد الموالي الرومية، اشتغل وحصل، ثم خدم المولى أفضل الدين، ثم درس بمدرسة خواجه خير الدين بالقسطنطينية، ثم آثر العزلة فترك التدريس، وتقاعد بخمسة عشر عثمانياً، وكان يستكثرها على نفسه ويقول: يكفيني منها عشرة، ولازم بيته وأقبل على العلم والعبادة، وكان متواضعاً يحب أهل الصلاح، وكان يشتري حوائجه من السوق بنفسه مع رغبة الناس في خدمته، فلا يرضى إلا بقضائها بنفسه تواضعاً، وهضماً للنفس، وكان يروي التفسير في مسجده فيجتمع إليه أهل البلد، ويسمعون كلامه ويتبركون بأنفاسه، وانتفع به كثيرون، وكان يقول: إذا شككت في آية من القران أتوجه إلى الله تعالى فيتسع صدري حتى يصير قدر الدنيا، ويطلع به قمران لا أدري هما أي شيء، ثم يظهر نور فيكون دليلاً على اللوح المحفوظ فاستخرج منه معنى الآية، وممن أخذ عنه صاحب الشقائق قال: وهو من جملة من افتخرت به، وما اخترت منصب القضاء إلا بوصية منه، وله حواشي على البيضاوي جامعة لما تقرر من الفوائد، في كتب التفسير بعبارات سهلة قريبة، وله شرح على الوقاية في الفقه، وشرح الفرائض السراجية، وشرح المفتاح للسكاكي، وشرح البردة مات في سنة خمسين وتسعمائة، رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. محمد بن مغلبائي الحلبي النحاس محمد بن مغلباي بن عبد الله الحلبي النحاس شيخ الطائفة الهمدانية بحلب، وخليفة الشيخ إبراهيم بن إدريس، كان أبوه جركسياً من عتقاء خير بك نائب القلعة الحلبية، وكان صالحاً منوراً، لازم الأرواد الفتحية بالمدرسة الرواحية بحلب، في طائفة من أهل طريقته حتى توفي سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة. محمد بن مكي شيخ الأطباء محمد بن مكي، الشيخ العلامة، شمس الدين

محمد بن ملكا الحموي

الدمشقي، الشافعي شيخ الأطباء بدمشق، بل وغيرها قال ابن طولون: اشتغلت عليه مدة وتلمذ له الأفاضل، ولم تر عيني أمثل منه في تقرير هذا العلم، ولكنه كان قليل الحظ في العلاج قال: وكان ينسب إلى الرفض، ولم أتحقق ذلك، وكان يعرف الهيئة والهندسة، والفلك وبضاعته في غير ذلك مزجاة، توفي بغتة ليلة الأربعاء تاسع جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة وقد جاوز الثمانين. محمد بن ملكا الحموي محمد بن ملكا الشيخ الصالح الزاهد الحمصي أحد جماعة الشيخ علوان الحموي توفي بحمص في سنة ست وثلاثين وتسعمائة وصلي عليه غائبة بدمشق يوم الجمعة ثالث ربيع الأول منها رحمه الله تعالى. محمد بن ولي الدين الحلبي محمد بن ولي الدين، الشيخ شمس الدين الحنفي الحلبي المقرىء المجود والشهير بأبيه الحلبي، كان من تلاميذ العلامة شمس الدين ابن أمير حاج الحلبي الحنفي، ومن مريدي الشيخ عبد الكريم الخافي، وكان له خط حسن، وهيبة مقبولة، وسكينة وصلاح، وكان يؤدب الأطفال داخل باب قنسرين، ويؤذن بزاوية الشيخ عبد الكريم الخافي، ويقرأ بها ميعاد الأحياء، وكان له في كل سنة وصية، وفي سنة موته أوصى مرتين، ومات مسموماً سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة. محمد بن يحيى الزحلي محمد بن يحيى، بن أبي بكر، بن عبد الغني الشيخ الفاضل شمس الدين الزحلي الشافعي، أحد مباشري الجامع الأموي، حضر دروس شيخ الإسلام الوالد، وسمع عليه رسالة القشيري. قال ابن طولون: وكان لا بأس به وكان قد باع عقاره، وخرج إلى الحج عازماً على المجاورة، فمات في طريق الحجاز، في الذهاب في أرض الأقيرع المعروف بمفارش الرز سنة أربعين وتسعمائة. محمد بن يحيى التادفي الحلبي الحنبلي محمد بن يحيى بن يوسف قاضي القضاة أبو البركات، جلال الدين، الربعي، التادفي، الحلبي، الحنبلي، ولد في عاشر ربيع الأول سنة تسع وتسعين - بتقديم التاء - فيهما - وثمانمائة، وولي قضاء الحنابلة بحلب عن أبيه وعمره تسع عشرة سنة إلى آخر دولة الجراكسة، ثم لم يزل يتولى المناصب السنية

في الدولتين بحلب وحماة ودمشق، ثم سافر إلى القاهرة، فناب بمحكمة الحنابلة بالصالحية النجمية، ثم بباب الشعرية، ثم ولي نظر وقف الأشراف بالقاهرة، ثم استقل بقضاء رشيد، ثم تولى قضاء المنزلة مرتين، ثم ولي قضاء حوران من أعمال دمشق، ثم عزل عنه سنة تسع وأربعين وتسعمائة فذهب إلى حماة وألف فيها قلائد الجواهر، في مناقب الشيخ عبد القادر وضمنه أخبار رجال أثنوا عليه وجماعة ممن لهم انتساب إليه من القاطنين بحماة، وغيرهم وقرأ بها قطعة من صحيح البخاري، في سنة خمس وتسعمائة على الشيخ المعمر الفاضل أحمد ابن سراج عمر البازري الشافعي، وأجاز له وكان قبل ذلك اشتغال على الشمس السفيري، والشمس ابالدهن المقرىء، بحلب والشهاب بن النجار الحنبلي، بالقاهرة قرأ عليه بها في كتاب التنقيح للمرداوي، وأخذ عن الشيخ أبي البقاء الساسي الشافعي، شيئاً من القرارات ونظم ونثر ومن شعره: طال نوحي وبكائي والسهر ... من غزال صد عني ونفر فأسقياني خمرة ... الضنا ... أن قلبي من جفاه في ضرر قتل مثلي في هواكم هين ... فارحمني ما بقي لي مصطبر يا فتى قد قد قلبي قدة ... وجهك الفضاح قد فاق القمر وله أيضاً: يا رب قد حال حالي ... والدين أثقل ظهري وقد تزايد ما بي ... والهم شتت فكري ولم أجد لي ملاذاً ... سواك يكشف ضري فلا يكلني لنفسي ... واشرح إلهي صدري وعافني واعف عني ... وامنن بتيسير أمري بباب عفوك ربي ... أنخت أنيق فقري فلا ترد سؤالي ... واجبر بحقك كسري توفي بحلب في سنة ثلاث وستين وتسعمائة قال ابن عمه ابن الحنبلي: في تاريخه ولم يعقب ذكراً.

محمد بن يحيى الحاضري

محمد بن يحيى الحاضري محمد بن يحيى، بن أحمد بن محمد بن خليل أقضى القضاة حميد الدين الحاضري الأصل الحلبي، ثم القاهري الحنفي جاور بمكة المشرفة، وقرأ بها الفقه، ثم أخذ بحلب عن الشهاب الأنطاكي ثم رحل إلى القاهرة فاستنابه بالمنزلة القاضي جلال الدين التادفي، فأحبه أهلها فاستوطن بها وتزوج من نسائها، وولد له بها بنون، وكان فقيهاً فاضلاً صاحب الشكل، والهيئة ساكناً محتشماً، توفي بالمنزلة سنة ست وخمسين وتسعمائة. محمد بن يعقوب سبط بن حامد الصفدي محمد بن يعقوب، الشيخ الإمام العلامة شيخ الإسلام شمس الدين سبط بن حامد الصفدي الشافعي، شيخ صفد ومفتيها، قرأ وحصل في بلده وغيرها، ورحل إلى دمشق بقصد تقسيم المنهاج وشرحه للمحلي، على شيخ الإسلام السيد كمال الدين بن حمزة، فقسمه عليه وحضره جماعة من الأجلاء منهم والد شيخنا، وقال في ترجمته: كان شيخ المملكة الصفدية ملاذ الناس من طلبة العلم وغيرهم، يرجع في الإفتاء والتدريس إليه، وله وعظ حسن يقع في القلب، رحل إلى مصر، واشتغل في العلم بها، واجتمع بالأكابر من علمائها، وكان يرحل لدمشق كثيراً لمحبة أهلها، وكان له مهابة وجلالة وكلمة نافذة، وكانت وفاته في أواخر في الحجة سنة أربع وخمسين وتسعمائة بصفد، وورد الخبر بموته إلى دمشق في يوم السبت من مستهل المحرم سنة خمس وخمسين، وصلي عليه غائبة يوم الجمعة سابع المحرم المذكور، وتأسف الناس عليه تأسفاً عظيما رحمه الله تعالى. محمد بن يوسف الأنطاكي محمد بن يوسف الشيخ الفاضل شمس الدين الحريري الأنطاكي، ثم الحلبي الحنفي عرف بابن الحمصاني، ولد بأنطاكية ليلة السابع والعشرين من رمضان المعظم، سنة تسعين بتقديم التاء وثمانمائة وجود القرآن العظيم، على الشيخ محمد الداديخي وغيره، وقرأ الجزرية على البدر السيوفي وغيره، والسراجية على الزين بن فخر النساء الحنفي، وسمع عليه صدر الشريعة، وقرأ على أبي الهدى النقشواني رسالة أخرى في الفرائض، وعلى الشيخ عبد الحق السنباطي المصري، كتاب الحكم لابن عطاء الله الإسكندري، وعلى منلا إسماعيل الشرواني نزيل مكة الأربعين النووية، وكذا قرأها على ابن فخر النسا، وأجاز له كل منهما، وحج أربع مرات منها ثنتان في المجاورة، وزار بيت

محمد بن يوسف الحلبي التادفي

المقدس، ودخل القاهرة وغيرها، وطاف البلاد واجتمع بمشاهير العلماء والصوفية، وأدرك من أكابرهم الشيخ أبا العون الغزي وصحبه، بجلجولية، ثم قطن بعد أسفاره العديدة المديدة بحلب، وصحب بها ابن الحنبلي، وقرأ عليه الأربعين النووية، في سنة ثمان وأربعين وتسعمائة، ثم كانت وفاته بالرملة سنة. محمد بن يوسف الحلبي التادفي الشافعي محمد بن يوسف بن عبد الرحمن قاضي القضاة، أبو اللطف كمال الدين الربعي، الحلبي، التادفي، الشافعي، ذكره شيخ الإسلام الوالد في الرحلة وقال في وصفه: الشيخ الأوحد، والأصيل الأمجد، ذو النسب الذي طارت مناقب نزاهته كل مطار، وانتظمت أسلاك إصالته في أجياد الأسطار، وسرت سمات فضيلته مسار نسمات باسمات الأزهار، إلى أن قال: تصطفيه الرتب العليه السنية، وتستأنس به الخطط الشرعية السنية، فطوراً مقدماً في أندية الأمراء والأعيان، وتارة صدراً في قضاة العدل والإحسان، القضائي الكمالي التادفي قاضي حلب، ثم مكة كان صحبني من حلب إلى البلاد الرومية، فأسفر عن أعذب أخلق، وكرم أعراق، وأحسن طوية، وأنشدني من نظمه قصيدة تائية ومقامه أكبر من الشعر، وأعلى في القيمة وأغلى في السعر انتهى. وولد كما قال ابن أخيه ابن الحنبلي في تاريخه في ربيع الأول سنة أربع وسبعين وثمانمائة، وتفقه على الفخري عثمان الكردي، والجلال النصيبي وغيرهما، وأجاز له باستدعاء والده المحب أبو الفضل بن الشحنة، وولده الأثير محمد، والسري عبد البر بن الشحنة الحنفيون، وقضاة القضاة الشافعية مشايخ الإسلام زكريا الأنصاري، والجمال إبراهيم بن علي القلقشندي، والقطب محمد الخيضري، والحافظ فخر الدين عثمان الديمي الشافعي، والجمال يوسف بن شاهين الشافعي، في آخرين ولبس الخرقة القادرية من الشيخ عبد الرزاق الحموي الشافعي الكيلاني، وتاب في القضاء عن شيخه القاضي حسين بن الشحنة الشافعي وغيره، ثم ترك مخالطة الناس ولف المئزر على رأسه، وأقدم على خشونة اللباس، وأخذ في مخالطة الفقراء والصوفية، فلما بلغ السلطان الغوري ذلك أرسل له توقيعاً بأن يكون شيخ الشيوخ بحلب، ثم ولي قضاء الشافعية بطرابلس، ثم عزل عنه، ثم ولاه الغوري قضاء حلب عن

القاضي جلال الدين النصيبي، ولما قرىء توقيعه بجامع حلب وتفرق الناس توجه إلى القاضي جلال الدين، واعتذر إليه وفوض إليه الجمال القلقشندي قاضي القضاة بالممالك الإسلامية نيابة الحكم بالديار المصرية، ومضافاتها مضافاً إلى قاضي حلب بسؤاله، ثم ولي في الدولة العثمانية تدريس العصرونية بحلب، ثم أضيف إليه نظر أوقاف الشافعية بحلب، ثمتدريس الحاجبية، ثم ولاه خير بك المظفري حين كان كافل الديار المصرية، ثم في الدولة العثمانية قضاء الشافعية بمكة وجدة وسائر أعمالها، ونظر الحرمين عن المحب بن الظهيرة والخدمة، كان مأذوناً له في ذلك، فتوجه إلى محل ولايته وكان أول قاض ولي ذلك من غير أهل مكة في الدولة العثمانية، وبقي في وظيفة القضاء حتى مات خير بك واستقر مكانه محمد باشا فنوزع في الوظيفتين بمساعدة أمير مكة لابن ظهيرة، ثم استقر فيها بعناية محمد باشا حين ولي قاسم باشا مكان محمد باشا، فعزله بعد أمور جرت بينه وبين أميرها، ولم يمكنه الله منة، ثم لما خرج القاضي كمال الدين من مكة معزولاً سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة كتب للشريف أمير مكة أبياتاً سماها السهم المهلكة الباري، في الشريف بركات وأتباعه والذراري، ومن جملتها: يا واليا قطن الحجاز تعسفاً ... عزلي بموتك منذر قد عز لي فاشرب بكأس حمام موتك جرعة ... لمرورها أبداً بعمرك تصطلي أو ما علمت بأنني شهم له ... سهم مصيب من نأى في المقتل فابشر بحتفك مع ديارك والتي ... سحب المنايا عنهم لا تنجلي فمات الشريف بركات في تلك السنة، وهو من الاتفاق الغريب، ومن شعر القاضي كمال الدين: ترى بعد هذا البين والبعد أسمع ... بأن ليتلات المواصل ترجع

ويهدا فؤاد لا يقر قراره ... وجفن قريح بالبكا ليس يهجع بدور الحمى يا من سرور حماتهم ... مقيم له بين الأضالع أربع فميتكم هلا وقفتم سويعة ... أزود طرفي نظرة وأودع أعلل قلبي بالسلام عليهم ... وأطمع فيما ليس لي فيه مطمع وله أيضاً: لولا رجائي أن الشمل يجتمع ... ما كان لي في حياتي بعدكم طمع يا جيرة قطعوا رسلي وما رحموا ... قلباً تقطع وجداً عندما قطعوا أواه وأطول شوقي للأولى سكنوا ... في الصرح ياليت شعري ما الذي صنعوا لا عشت إن كنت يوماً بعد بعدكم ... أملت أني بطيب العيش أنتفع هم أطلقوا أدمعي والنار في كبدي ... كذاك نومي وصبري والهوى منعوا دع يفعلوا ما أرادوا في عبيدهم ... لا وأخذ الله أحبابي بما صنعوا وقد امتدحه جماعة من أعيان عصره، ولو لم يمدح إلا بالأرجوزة التي نظمها شيخ الإسلام السيد الشريف عبد الرحيم العباسي، الإسلام حين قدم عليهم من بلاد الرومية لكفى وهي: سعد قدوم مجدك السني ... مؤيد بالصمد العلي كان له في رتب العلياء ... محل عز شاسع السناء روى حديث قدره الثقات ... وأثبتت آثاره الأثبات طوى نسيم جوده الموصوف ... حديث حاتم السخا المعروف آراؤه على الصواب وقف ... ليس لها من نحو ذاك صرف

أبت معاني مجده إن نولا ... إلا ممهدة السماك في العلا تبت يدا حساده الأرذال ... فالنقص لا يدنو من الكمال بينهما ظاهر فرق يعلم ... ليس على صاحب عقل يبهم يا من له السؤدد والمجد العلي ... والحلم والخلق المذهب الرضي مقدمك المبارك الآثار ... تجمل بهذه الديار تاهت بمجده السني الرفيع ... وافتخرت بزهده البديع تم لها منه لدون فخر ... نور تميد منه شمس الفجر ناب سنا ضيائه الوهاج ... عن قمر السماء والسراج هنأت السراء للعلياء ... بما أتاها من حبا النعماء بروحة.... النجاح ... وغرة تحكي سنا الصباح أكرم به من قدم ميمون ... محقق الرجاء والظنون أهدته للروم يد الآلاء ... فالجود من تلك اليد البيضاء حل به كريم أصل سيد ... له السخاء خلق والسؤدد ليس له في سلخه عديل ... ولا يرى لمجده مثيل

جمله الله من الصفات ... له سنا يسمو على الندات ضرائب يعقلها التنبيه ... ليس لها في كرم تشبيه بدمعة سارت كما الأمثال ... لما بدت في حلية الكمال أثبت في محدح سنا علياه ... بيتين تعلو بهما الجباه رمزهما كالدر في الأسلاك ... أو النجوم الزهر في الأفلاك شم برق أول ثالث يتم ... ما كان من فحواه عنك بالكتم بخامس ثانيهما إن عدا ... أوفاك ما قد كان منه بدا تاها بما جاء من المديح ... وأعجزا ذا اللسن الفصيح رواهما من خص بالإعياء ... منتحل الفطنة والذكاء هان بما حاز من الكلام ... جواهر الجوهر في النظام أقبل عليهما بوجه كالقبس ... وأقرأ ألم نشرح ولا تقرأ عبس يا خير قادم بخير طارف ... وتالد منسحب المطاوف أنت الذي عندك دون العرض ... مالك ما اسخى امرؤ في الأرض

ليس عن الإتقان فيه تلهو ... ولا عن الراجي نداك تسهو ظن لك الحمد ذوو البأساء ... معاد في ملابس النعماء نولك الله من العلياء ... فوق الذي تروم من رجاء مهنئاً بنعم الخلاق ... مجملا بأحسن الأخلاق لا تشتكي من حادث يضجر ... ولا على صفوك ما يكدر بدولة مصحوبة الآلاء ... بأحسن المدح مع الثناء لا ينقضي لدورها أزمان ... ولا كمالها له نقصان ليس لها في سعدها مثيل ... ولا يرى لغيرها عديل وقد التزم السيد عبد الرحيم - رحمه الله تعالى - في هذه الأرجوزة التزاماً عجيباً، ورمزها رمزاً غريباً، وهو أنه تبدأ من أول بيت فيها فتعد ثلاثة أبيات وتأخذ أول البيت الثالث، ثم تعد كذلك ثلاثة وتأخذ أول الثالث، حتى تنتهي إلى آخر الأبيات وتكرر مرة ثانية عليها في العدد كذلك، ثم تجمع الحروف، فيخرج منها هذا البيت: رأيت بحضرة الملك ابتهاجاً ... به انبسطت من البشرى ظلال ثم تبدأ من أول بيت منها فتعد خمسة أبيات وتأخذ آخر البيت الخامس، ثم تعد كذلك خمسة وتأخذ آخر الخامس وهكذا كما تقدم وتجمع الحروف فيخرج منها هذا البيت: فرحت مسايلاً عنها فقالوا ... لحضرة مجدها وافي الكمال قال ابن الحنبلي: وهذان البيتان كان غير السيد قد مدح الممدوح بهما بالقاهرة، فاطلع عليهما السيد فأدرجهما في أبياته قلت: لكن في قول السيد رحمه الله تعالى في الأرجوزة: أثبت في مدح سنا علياه ... بيتين تعلو بهما الجباه

محمد بن يونس بن المنقار

ما يشير إلى أن البيتين المشار إليهما من نظم السيد أيضاً: ثم كانت وفاة صاحب الترجمة في أواسط الحجة سنة ست وخمسين وتسعمائة. محمد بن يونس بن المنقار محمد بن يونس بن يوسف الأميري المولوي بن شمس الدين بن المنقار الحلبي الأصل، ولي نيابة صفد، ودخل دمشق وقال ابن طولون: كان عنده حشمة، وتوفي بدمشق يوم الثلاثاء رابع ربيع الأول سنة أربعين وتسعمائة ودفن بالخوارزمية بجنب كهف جبريل بسفح قاسيون بوصية منه رحمه الله تعالى. محمد الزهيري محمد الشيخ الفاضل نجم الدين الزهيري الحنفي، كان نائب الباب بدمشق، وكان بيده تدريس الريحانية والمرشدية والمقيمية البرانية، والمعزية البرانية، وكان قد عمرها وجدد قاعة الدرس بها، وأقام الجمعة بها، وكان لها سنين بطالة نحو ثلاثين سنة مع إحسانه إلى مستحقيها، ولما مات بطل ذلك، وكانت وفاته في سلخ ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وتسعمائة، وولى القاضي نيابة الباب للقاضي معروف البلاطنسي، وهو والد العمل صفي الدين مقيد السجلات بالباب رحمه الله. محمد بن المعمار محمد المولى الفاضل محيي الدين الدواني الشهير بابن المعمار خدم المولى محمد بن الحاج حسن، ثم درس بأسكوب، ثم بمدرسة الوزير محمود باشا، ثم بإحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنة، ثم بإحدى الثماني، ثم ولي قضاء حلب، ثم أعيد إلى إحدى الثماني وعين له كل يوم ثمانون عثمانياً، ثم أعيد إلى قضاء حلب، ومات بها سنة أربع وثلاثين وتسعمائة. محمد الحلبي محمد الشيخ العالم أقضى القضاة، شمس الدين الحلبي المعري، توفي بها وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة رابع عشر ربيع الأول سنة خمس وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن قرطاس محمد المولى الفاضل محيي الدين الشهير بابن قرطاس، أحد موالى الروم، كان أبوه من بلاد العجم، ودخل الروم وصار قاضياً ببعض

محمد الحصني

بلادها، واشتغل ابنه هذا على جماعة من الموالي، منهم المولى بن المؤيد، والمولى محمد بن الحاج حسن، ثم ولي المدارس وترقى حتى درس بإسحاقية أسكوب، ثم بمدرسة محمود باشا في القسطنطينية وتوفي وهو مدرس بها، وكان فاضلاً محققاً مجتهداً في العبادة ملازماً على تلاوة القرآن طارحاً للتكليف، مات في سنة خمس وثلاثين وتسعمائة. محمد الحصني محمد الشيخ الصالح، العالم العلامة، الحسيب النسيب، السيد شمس الدين الحصني، من أقارب شيخ الإسلام تقي الدين الحصني، صاحب قمع النفوس، رحل إلى القاهرة وأقام بها مدة ومات بها في سنة خمس وثلاثين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة في جامع الأموي في يوم الجمعة رابع عشر المحرم، سنة ست وثلاثين وتسعمائة. محمد المقدسي محمد الشيخ العلامة أبو الفتح المقدسي الشافعي، كان شيخ الخانقاه الشميصاتية جوار الجامع الأموي بدمشق، وولي نظر الصدراوية، وكان له سكون وفضيلة، وله شرح على البردة، توفي يوم الجمعة عشر جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وتسعمائة. محمد مفتي كرمان محمد الشيخ الإمام العلامة محيي الدين الشافعي، مفتي كرمان حج في سنة خمس وثلاثين وتسعمائة، وقدم مع الحاج الشامي إلى دمشق في حادي عشر صفر سنة ست وثلاثين وتسعمائة، وزار الشيخ محيي الدين بن العربي وصحب بها الشيخ تقي الدين القاري، وأكرمه قاضي دمشق وجماعة من أهلها، وأحسنوا إليه، وأخبر عن نفسه أن له تفسيراً على القرآن العظيم، وحاشية على كتاب الأنوار للأردبيلي، وغير ذلك وأنه كان صحب ذلك معه فخاف عليه من العرب، فرده إلى بلده كرمان، ومدح الكمال ناظر النظار بقصيدة. محمد البانقوسي محمد الشيخ شمس الدين البانقوسي الحلبي، عرف بابن طاش نبطي، تفقه على ابن النساء، ودرس بالأتابكية البرانية بحلب، وكان صالحاً مباركاً،

محمد الدواخلي

قليل الكلام، حسن الخط، كبير السن، كثير التهجد، توفي في سنة ست وثلاثين وتسعمائة. محمد الدواخلي محمد الشيخ الإمام العلامة، المحقق المحدث، الشيخ شمس الدين الدواخلي قرية من المحلة الكبرى المصري الشافعي كان - رحمه الله تعالى - مخصوصاً بالفصاحة في قراءة الحديث، وكتب الرقائق، والسير، كريم النفس، حلو اللسان، كثير الصيام، يقوم ويحيي ليالي رمضان كلها، مؤثر الخمول وعدم الشهرة، وهو مع ذلك من خزائن العلم، أخذ عن البرهان بن أبي شريف، والكمال الطويل، والشمس بن قاسم، والشمس الجوجري، والشمس بن المؤيد والفخر القسي، والزين عبد الرحمن الأنباسي، وغيرهم ودرس بجامع الغمري وغيره، وانتفع به خلائق، توفي في سنة تسع - بتقديم التاء - وثلاثين وتسعمائة، ودفن بتربة دجاجة، خارج باب النصر. محمد الصمادي محمد الشيخ الصالح، شمس الدين محمد القطان، خليفة الشيخ محمد الصمادي، وكان - رحمه الله تعالى - ساكناً بحارة القط بدمشق، من حارات اليهود، وبنى له ثم زاوية وتوفي يوم الجمعة تاسع عشر ذي القعدة سنة تسع - بتقديم التاء - وثلاثين وتسعمائة بعد الصلاة عليه بالأموي رحمه الله تعالى. محمد الأنطاكي محمد العلامة، منلا شمس الدين الأنطاكي، توفي بالقدس الشريف في سنة أربعين وتسعمائة. محمد البسامي محمد الشيخ الصالح العابد المحدث، شمس الدين أبو الطحلة العلجوني، البسامي نسبة إلى أحد بسام الشافعي، دخل دمشق، وأم بالجامع الأموي نيابة وكان له سند بالمصافحة، والمشابكة، وإرسال العذبة، أخذ عنه ابن طولون وغيره، ثم عاد إلى عجلون، ومات بها في سنة أربعين وتسعمائة وصلي عليه وعلى المنلا محمد الأنطاكي المتقدم قبله بجامع دمشق غائبة، في يوم واحد يوم الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى من السنة المذكورة رحمه الله تعالى. محمد بن ظهيرة محمد الشيخ الإمام العلامة، قاضي القضاة، محب

محمد بن الناسخ

الدين بن ظهيرة الشافعي، قاضي مكة توفي بها في ذي القعدة سنة أربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. محمد بن الناسخ محمد بن الشيخ العلامة، صدر الدين بن الناسخ شيخ مدينة طرابلس الشام، توفي بها في أواخر سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة رابع المحرم سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة. محمد القراماني محمد المولى العلامة، محيي الدين القراماني، أحد الموالي الرومية، قرأ على علماء العجم، ثم دخل الروم فقرأ على المولى يعقوب ابن سيدي علي شارح الشرعة، وصار معيداً لدرسه، ثم درس ببعض المدارس، ثم أعطي تدريس مدرسة أزنيق، ومات عنها وكان مشتغلاً بالعلم ليلاً ونهاراً، علامة في التفسير والأصول والعربية، له تعليقات على الكشاف والقاضي والتلويح والهداية، وشرح رسالة إثبات الواجب الوجود للدواني، وله حواش على شرح الوقاية لصدر الشريعة، وكتاب في المحاضرات، سماه جالب السرور توفي في سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة. محمد العلائي محمد الشيخ العلامة، المسند المؤرخ، بدر الدين العلائي الحنفي المصري، أخذ عن شيخ الإسلام الجد وغيره، وأثنى عليه العلامة المحدث جار الله ابن فهد وغيره، وتوفي في حدود سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة. محمد البعلي محمد الشيخ العارف بالله تعالى، شمس الدين البعلي، الحنفي الأويسي خليفة الشيخ أويس، وكان أجل خلفائه، يعرف التصوف معرفة جيدة، وله مشاركة في غيره، توفي ببعلبك سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة وصلي عليه غائبة في جامع دمشق يوم الجمعة خامس عشر ربيع الأول منها رحمه الله تعالى. محمد الظني محمد الشيخ العالم الصالح، شمس الدين الظني الشافعي، كان من الفضلاء المعتقدين بدمشق، وكان يؤدب الأطفال وفي آخر عمره استقر مؤدباً لهم، بالقيمرية الجوانية، وأعطي مشيخة القراء بالشامية البرانية، وباشرها أشهراً ثم مات عنها في يوم

محمد أحد مشايخ الروم

الخميس رابع المحرم سنة أربع وأربعين وتسعمائة، واستقر عوضه فيها الشيخ علاء الدين بن عماد الدين الشافعي، رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. محمد أحد مشايخ الروم محمد الشيخ العارف بالله تعالى، محيي الدين، أحد مشايخ الروم، من قرية قريبة من أماسية، تسمى قفل. طلب العلم، وتصوف واختار العزلة في وطنه، وصرف أوقاته في العلم والعمل، وغلب عليه الورع، وكان يأكل من زراعة نفسه، وتزوج بنت العالم العامل نجيبي، ومات بعد الخمسين وتسعمائة. محمد الرومي الأشتيتي محمد الشيخ الصالح، محيي الدين الرومي الأشتيتي، كان عابداً صالحاً متورعاً، يربي المريدين بزاويته بأشتيتة في ولاية روم إيلي توفي بعد الأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد الداوودي محمد الشيخ الإمام العلامة، المحدث الحافظ، شمس الدين الداوودي المصري الشافعي، قيل: وكان مالكياً، وكان شيخ أهل الحديث في عصره، أثنى عليه المسند العلامة جار الله بن فهد وشيخ الإسلام الوالد، وغيرهما قال ابن طولون: وضع ذيلاً على طبقات الشافعية للشيخ تاج الدين السبكي، وأرسل طلب مني تراجم أناس ليضعها فيه، قلت: وجمع ترجمة شيخه الحافظ جلال الدين السيوطي، في مجلد ضخم، ورأيت على ظهر الترجمة المذكورة بخط بعض فضلاء مصر، أن مؤلفها توفي قبل الزوال بيسير من يوم الأربعاء ثامن عشري شوال من شهور ستة خمس وأربعين وتسعمائة، ودفن بتربة فيروز بعد العصر بالقرب من مدرسة الأشرف برسباي، بالصحراء باب النصر، وذكر ابن طولون في تاريخه في حوادث سنة سبع وأربعين أنه صلي عليه غائبة بجامع دمشق ثامن عشر ربيع الثاني منها، وبين ذلك وبين التاريخ المتقدم سنة وخمسة أشهر وعشرون يوماً، ونقل وفاته كانت في سنة ست وأربعين وأن الكاتب المتقدم سها. محمد الفرضي محمد الشيخ العلامة، شمس الدين المصري الشافعي الفرضي، الحيسوب قال ابن طولون: قال لي الشيخ محمد الفلوجي: مدرس الشامية الجوانية إنه أعلم أهل مصر بالحساب، والفرائض، توفي في سنة خمس وأربعين وتسعمائة، وصلي

محمد بن مكية

عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة عاشر جمادى الأولى منها، وكان الذي صلى عليه الشب زين الدين عمر ابن أبي اللطف الشافعي يومئذ ثم الحنفي وكان قد خطب يومئذ بالجامع المذكور، قدمته مع أخيه الشيخ أبي بكر للأخذ عن شيخ الإسلام الوالد، وغيره من علماء دمشق. محمد بن مكية محمد الشيخ العلامة، شمس الدين ابن مكية، النابلسي الشافعي توفي بنابلس سنة خمس وأربعين وتسعمائة وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة سابع رجب منها رحمه الله. محمد الدمنهوري محمد الشيخ العلامة، شمس الدين الدمنهوري المالكي، توفي في سنة سبع وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثاني جمادى الأولى منها رحمه الله تعالى. محمد الفارسكوري محمد الشيخ شمس الدين الفارسكوري الحنفي المصري إمام المدرسة الغورية، بها توفي سنة سبع وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة، سابع جمادى الأولى رحمه الله تعالى. محمد القدسي محمد الشيخ ناصر الدين القدسي الشافعي، قدم دمشق وخطب بجامعها، يوم الجمعة سابع جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وتسعمائة، ولا أدري متى توفي رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن القاص محمد المجذوب، المعروف بابن القاص القاهري، كان عرياناً، مكشوف الرأس، والغالب عليه الصمت، وكان يجلس على باب دكان باب القنطرة قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: صحبته حال جذبه، وحال صحوه، وأعطاني جزءاً من كتاب الأحياء أوائل جذبه، وكان كثير الكرامات، مات سنة تسع بتقديم التاء وأربعين وتسعمائة. محمد الواسطي محمد الشيخ الصالح، شمس الدين الواسطي الشافعي المنير مؤدب الأطفال بحلب تفقه على الجلال النصيبي، وغيره قال ابن الحنبلي: وكان مكباً على عمل الكيمياء إلا أنه كان يحفظ القرآن، ويستشكل منها مواضع، ويقترع أموراً من عند قال: ووقع منه أن كتب ذات مرة رسالة وقال في ضمنها: قد خضت لجة بحر وقف العلماء

محمد شيخي جليي

بساحله قال: فلما بلغ شيخنا العلائي الموصلي عاب عليه ذلك وأنشد فيه: إن المنير قد سما ... أخوانه بفضائله أرسو ببحر علومه ... وسينزلون بساحله قال: وكان أبوه شيعياً إلا أنه كان كثير التعرض لذم أبيه لصلبه قال: ولقد نقل عنه أنه كان يقول: اللهم لا تحشرني مع أبي في الآخرة قال: واتفق أنه قدم هذه البلاد الحلبية فخنق نفسه بيده، وكانت وفاته سنة خمسين وتسعمائة. محمد شيخي جليي محمد المولى العلامة، المعروف بشيخي جلبي، أحد موالي الروم كان فاضلاً ذكياً متواضعاً، خدم المولى محيي الدين الفناري، ثم المولى بالي الأسود، ثم درس بمدرسة مولانا خسرو، ثم بمدرسة ابن ولي الدين ثم بمدرسة بيري باشا، ثم بطرابزون، ثم بأبي أيوب، ثم بإحدى الثماني، ومات على ذلك في سنة إحدى وخمسين وتسعمائة رحمه الله. محمد مرحبا محمد المولى الفاضل، محب الدين الشهير بمرحبا، وقيل: إن اسمه مصطفى وقيل: كان يعرف بابن بيري محمد كان، محباً للفقراء، قرأ على المولى ركن الدين بن المولى زيرك، والمولى أمير جلبي، ثم خدم المولى خير الدين معلم السلطان، ثم أعطي تدريس مدرسة خير بك ببروسا، ثم مدرسة قر احصار، ثم مدرسة الوزير علي باشا بالقسطنطينية، ثم إحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنة، ثم بإحدى الثماني، ثم صار قاضياً بدمشق، ودخلها في رابع عشري محرم سنة خمس وأربعين وتسعمائة، وعزل عنها في عشري ذي القعدة من السنة المذكورة، وأعطي قضاء بروسا، ثم قضاء أدرنة ومات وهو قاض بها في حدود الخمسين وتسعمائة. محمد إمام خانه محمد الشيخ العالم العامل، محيي الدين المعروف بإمام خانه لكونه إمام قلندرخانه الرومي، كان بارعاً في العلم، أصولاً وفروعاً، وعربية وتفسيراً، ثم تصوف وصحب الشيخ حبيب القرماني، والشيخ ابن أبي الوفا، والسيد أحمد البخاري، ثم صار إمام وخطيب جامع قلندرخانه، وانقطع إلى الله تعالى ولازم بيته وكان مباركاً صحيح العقيدة محافظاً لحدود الشريعة، قال في الشقائق: وكان شيخاً هرماً، سألته عن سنه فقال: مائة

محمد السعدي

أو أقل سنتين وعاش بعد ذلك مقدار ثمان سنين، ومات سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد السعدي محمد الشيخ شمس الدين، العقائدي الصوفي السعدي الدمشقي الشيخ أحمد ابن الشيخ سعد الدين: كان عبداً صالحاً قصر نفسه آخراً على خدمة الشيخ عز الدين الصناديقي، المدفون بجامع المسلوت، وتوفي في حدود سنة خمس وستين وتسعمائة. محمد البقاعي محمد الشيخ الإمام الفاضل، كمال الدين البقاعي، ثم الدمشقي الشافعي قال: كان والد شيخنا يحب الإصلاح بين الأخصام، والتودد إلى الناس، ويتردد إلى المتصوفة دخل حمام السكاكري، وهو متنطق ولما خرج منه، وقف على مسطبته فسقط مغمى عليه، فحمل إلى بيته بمحلة مسجد القصب، وتوفي فيه نهار الأربعاء ثاني ربيع الآخر سنة ست وخمسين وتسعمائة، وصلي عليه بجامع منجك بالمحلة المذكورة، ودفن بمقبرة الفراديس بالقرب من ضريح الشيخ شمس الدين الكفرسوسي، رحمهما الله تعالى. محمد الجعيدي محمد الرئيس، شمس الدين الجعيدي الدمشقي الشافعي المنشد الزاجل، رئيس دمشق في عمل المولد كان من محاسن دمشق التي انفردت بها، توفي في سنة خمس وستين وتسعمائة تقريباً.

حرف الهمزة من الطبقة الثانية

حرف الهمزة من الطبقة الثانية إبراهيم البقاعي الحنبلي إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر، الشيخ الصالح العارف برهان الدين البقاعي الحنبلي، ثم الشافعي، مولده في ربيع الأول سنة خمس وثمانين وثمانمائة، قرأ على شيخ الإسلام الوالد في الأصول والعربية، وحضر دروسه كثيراً، وقرأ عليه بداية الهداية للغزالي والبخاري، كاملاً في ستة أيام، أولها يوم السبت حادي عشري رمضان سنة ثلاثين وتسعمائة، وصحيح مسلم كاملاً في رمضان سنة إحدى وثلاثين في خمسة أيام متفرقة في عشرين يوماً، أولها يوم الأحد حادي عشرة وآخرها آخره وقرأ عليه نصف الشفا الأول وغير ذلك وترجمه الوالد، فإنه كان من الأولياء الذين لا يعلمون بأنفسهم، وتوفي شهيداً مبطوناً يوم الثلاثاء حادي عشر شعبان سنة خمس وثلاثين وتسعمائة عن خمسين سنة وستة أشهر رحمه الله تعالى. إبراهيم بن محمد اليمني إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن يوسف بن خليل الشيخ العلامة برهان الدين اليمني الزبيدي، ثم الحسوي المالكي، لازم شيخ الإسلام الوالد سنين، وقرأ عليه في الفقه على مذهب الشافعي، وفي ألفية لابن مالك، وقرأ عليه شرحه المنظوم على الألفية في سنة ست وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. إبراهيم بن محمد الطبيب إبراهيم بن محمد صلاح الرئيس الطبيب ابن الطبيب الرئيس ابن الرئيس المعروف والده بصلاح الدين الكحال وتقدم ذكره في الطبقة الأولى قرأ على شيخ الإسلام الوالد في الفقه والعربية، وهو من هذه الطبقة. إبراهيم بن محمد بن ميكائيل إبراهيم بن محمد القاضي، برهان الدين الجلجولي، الشهير بابن ميكائيل الشافعي، كان يكتب بالشهادة، ثم ناب في المحكمة، وغض منه شيخ الإسلام الوالد رحمه الله تعالى.

إبراهيم بن محمد جماعة

إبراهيم بن محمد جماعة إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سعد الله ابن جماعة، الشيخ الإمام المحدث برهان الدين، ابن الشيخ الإمام شيخ الإسلام نجم الدين بن الخطيب البليغ العلامة برهان الدين ابن العلامة خطيب المسجد الأقصى كما الدين الكناني المقدسي الشافعي، مولده كما نقله ابن طولون عن خط والده صبيحة يوم الاثنين خامس عشر المحرم سنة سبعين وثمانمائة، وسمع على والده الكتب الستة وغيرها، وأجاز له القاضي برهان الدين ابن قاضي عجلون، والعلامة تقي الدين الشمني، وقاضي القضاة أبو العباس بن نصر الله والعلامة تقي الدين بن فهد، والعلامة شمس الدين بن عمران، والشيخ أمين الدين الأقصرائي وقاضي القضاة الشرف المناوي، والقاضي بدر الدين ابن قاضي شهبة، وقاضي القضاة الجمال الباعوني، وأخوه البرهان، وولي تدريس الصلاحية ببيت المقدس سنين، ثم قطن دمشق وحدث بها كثيراً عن والده وغيره، وولي تدريس الشامية البرانية سنين، ثم تدريس التقوية ونظرها، ثم عزل عن التدريس واستمر النظر بيده إلى أن عزم على التوجه إلى بلده، فأعرض عن النظر المذكور، وسافر من دمشق، فمات بقية سعسع في آخر ليلة الثلاثاء خامس عشري شوال سنة ثمان وأربعين وتسعمائة، بعد أن بقي نحو سنتين مستلقياً على ظهره، من زلقة حصلت له بسبب رش الماء داخل دمشق، فانفك فخذه، ولم يمكنه الصبر على علاجه لنحافة بدنه، ولطف مزاجه، ثم حمل من سعسع وأعيد إلى دمشق وغسل في منزله قبل ضريح سيدي صهيب الرومي، بميدان الحصا، ودفن بباب الصغير قبل سيدي الشيخ نصر المقدسي، يوم الأربعاء وكانت جنازته حافلة قال ابن طولون: وكان عنده وسوسة في الماء، فلا يشرب من غير بئر، وإذا خرج من منزله عطشان، فيصبر حتى يجد ماء بئر قال: ومن نظمه في جارية تدعى المها: ويلاه من هتك عيون المها ... قد جرحت قلبي بتلك النبال بالله بالله أهيل الهوى ... إن مت مفتوناً بذاك الجمال لا تأخذوا في قاتلي في الهوى ... ففي سبيل الحب هذا حلال والله والله العظيم الذي ... أسكنها قلبي بذلك الدلائل إن واصلت أو هجرت أو نأت ... ودي لها باق على كل حال إبراهيم بن محمد الحلبي إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، العلامة الفاضل

إبراهيم بن محمد بن البيكار

المولى، إبراهيم الحلبي قال في الشقائق: كان من مدينة حلب، وقرأ هناك على علماء عصره، ثم ارتحل إلى مصر وقرأ على علمائها في الحديث والتفسير والأصول والفروع، ثم إلى بلاد الروم، وقطن بقسطنطينية، وصار إماماً ببعض الجوامع، ثم صار إماماً وخطيباً بجامع السلطان محمد بقسطنطينية، وصار مدرساً بدار القراء التي بناها الفاضل سعدي جلبي المفتي، ثم قال: كان عالماً بالعلوم العربية والتفسير والحديث وعلوم القراءات، وكانت له يد طولى في الفقه والأصول، وكانت مسائل الأصول نصب عينيه، وكان ملازماً لبيته مشتغلاً بالعلم، ولا يراه أحد إلا في بيته أو في المسجد، وإذا مشى في الطريق يغض بصره عن الناس، ولم يسمع أحد أنه ذكر أحداً بسوء، ولم يلته بشيء من الدنيا إلا بالعلم والعبادة والتصنيف، والكتابة وقال ابن الحنبلي: كان سعدي جلبي مفتي الديار الرومية يعول عليه في مشكلات الفتاوي، ولما عمر داراً للقراء جعله شيخها إلا أنه كان منتقداً على ابن العربي، كثير الحط عليه ومع هذا كان متبحراً في التجويد والقراءات، والفقه، وله تآليف عدة منها شرح على منية المصلي. قال في الشقائق: سماه بغية المتملي ما أبقي شيئاً من مسائل الصلاة إلا أورده فيه من الخلافيات، على أحسن وجه وألطف تقرير قال ابن الحنبلي: وفيه استمداد زائد من شرحها لأبن أمير حاج الحلبي، ومن مصنفاته كتاب في الفقه سماه بملتقى الأبحر قال ابن الحنبلي: جمع فيه بين القدوري والمختار والكنز والوقاية، مع فوائد أخرى قال: ولنعم التأليف هو قلت: واجتمع به شيخ الإسلام الوالد في رحلته إلى الروم سنة ست وثلاثين وأثنى عليه في المطالع البدرية. وقال: اجتمع في مرات وتوفد وصار بيننا وبينه أعظم مودة وأوكد وأعارني من كتبه عدة أيام تأليف ما ألفت ببلاد الروم، كتفسير آية الكرسي، وشرح البردة وقال في الشقائق: مات سنة ست وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. إبراهيم بن محمد بن البيكار إبراهيم بن محمد بن علي الشيخ العلامة المقرىء المجود برهان الدين المقدسي الأصل الدمشقي البصير، المعروف بابن البيكار نزيل حلب. مولده بالقابون قرية من قرى دمشق، سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة وقرأ القرارات بدمشق على الشيخ شهاب الدين بن بدر الطيبي الآتي في الأحمدين، من هذه الطبقة، وعلى الشيخ الرحلة صالح اليمني، والشهاب أحمد الرملي إمام جامع الأموي، والشيخ أحمد البصير، ثم رحل إلى مصر سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، فقرأ على الشيخ الشمس محمد السمديسي، والشيخ أبي النجاء محمد النحاس، والشيخ نور الدين أبي الفتح جعفر السمهودي قال ابن الحنبلي: ومما حكي عن الشيخ برهان الدين أنه كثيراً ما كان يمرض، فيرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في

إبراهيم الأريحاوي

المنام، فيشفى من مرضه، وكان مجتهداً في أن لا ينام إلا على طهارة، وكان كثيراً ما يدخل على الحجازية بالجامع الأعظم بحلب، حيث درس بها فأقوم إجلالاً له، فيأخذ في المنع من القيام، وهو لا يرى قيامي، وإنما يكشف له عنه من نوع ولاية توفي بحلب سنة سبع وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. إبراهيم الأريحاوي إبراهيم بن إبراهيم بن أبي بكر الشيخ برهان الدين الأريحاوي الأصل، الحلبي الدار، الصوفي الشافعي، كان يحب خدمة العلماء بالمال واليد، وكان يجمع نفائس الكتب الحديثية والطبية، ويسمح باعارتها قرأ على البرهان العمادي الآتي وابن مسلم وغيرهما، وولي وظيفة تلقين القرآن العظيم بجامع حلب وغيرها قال ابن الحنبلي: وأعرض في آخر أمره عن حرفته وقنع بالقليل، وأكب على خدمة العلم، وكان عفيفاً، متقنعاً قال: ورافقنا في أخذ العلم عن الزين عبد الرحمن بن فخر النساء وغيره، وكانت وفاته سنة خمس وأربعين وتسعمائة. إبراهيم بن حمزة إبراهيم بن أحمد بن حمزة العلامة برهان الدين ابن الشيخ شهاب الدين بن حمزة الدمشقي الشافعي، قال والد شيخنا: الشيخ يونس كان رفيقنا في الاشتغال ووالده من أهل العلم الكبار، وكان هو شاباً مهيباً، له يد طولى في المعقولات، وأب وحصل وجمع بين طرفي المنهاج على شيخنا البلاطنسي، ورافقنا على السيد كمال الدين بن حمزة مع الأجلة الأكابر، له أبحاث عالية، وهمة سامية، طارح للتكليف سكن المدرسة التقوية، ومات بها ليلة الثلاثاء سابع ربيع الأول سنة ست وثلاثين وتسعمائة، ودفن بباب الفراديس بعد الصلاة عليه بالأموي، وكان ممن صلى عليه ومشى في جنازته قاضي القضاة ولي الدين ابن الفرفور - رحمه الله تعالى. إبراهيم بن أحمد الأخنائي إبراهيم بن أحمد الإمام العلامة القاضي برهان

إبراهيم بن فخش الصونسوي

الدين بن الاخنائي الدمشقي الشافعي، قال والد شيخنا: كان من العلماء والفضلاء والرؤساء، وكان يمسك زمام الفقهاء، ويلبس أجمل الثياب وأفخرها، ويركب الخيل الحسان، أحد قضاة العدل، اشتغل أولاً على الشيخ العلامة برهان الدين بن المعتمد، ورافق تقي الدين القارىء عليه وعلى غيره في الاشتغال، وكان يحضرنا في الدروس على السيد كمال الدين ابن حمزة، له مهابة ودعابة مع سكينة ووقار، توفي ليلة الأربعاء سابع شهر رجب الفرد سنة أربع وخمسين وتسعمائة وصلي عليه في الجامع الأموي ودفن بتربة المعمورة على الطريق الآخذ قبلة بغرب إلى جامع جراح. إبراهيم بن فخش الصونسوي إبراهيم بن بخش بالموحدة بن إبراهيم الصونسوي الحنفي المشهور بدده خليفة مفتي حلب قيل: كان في الأصل دباغاً فمن الله تعالى عليه بطلب العلم، حتى صار من موالي الروم، وهو أول من درس بمدرسة خسرو باشا بحلب، وأول من أفتى بها من الأروام قال ابن الحنبلي: صحبناه فإذا هو مفنن ذو حفظ مفرط حتى ترجمه عبد الباقي المقريء، وهو قاضيها بأنه انفرد في المملكة الرومية بذلك مع غلبة الرطوبة على أهلها واستيلاء النسيان عليهم بواسطتها. قال: وذكر هو عن نفسه أنه لو توجه إلى حفظ التلويح في شهر لحفظه، إلا أنه كان واظب على صوم داود عليه السلام ثماني سنوات، فاختلف دماغه، فقل حفظه، ولم يزل بحلب على جد في المطالعة وديانة في الفتوى حتى ولي منصب الإفتاء بإزنيق من بلاد الروم. وكان يقول: لو أعطيت بقدر هذا البيت ياقوتا ما حلت عن الشرع شبراً، وألف رسالة في تحريم اللواط، وأخرى في أقسام أموال بيت المال وأحكامها ومصارفها وثالثة في تحريم الحشيش والبنج.

إبراهيم بن حسن العمادي

إبراهيم بن حسن العمادي إبراهيم بن حسن بن عبد الرحمن بن محمد الشيخ الإمام، شيخ الإسلام، برهان الدين ابن الشيخ الإمام، العلامة زين الدين الحلبي الشافعي، الشهير بابن العمادي، ولد بعد الثمانين وثمانمائة بحلب ونشأ بها، وأخذ العلوم عن جماعة من أهلها وممن ورد إليها، منهم والده والشمس البازلي، والشيخ أبو بكر الحيشي، والشيخ مظفر الدين الشيرازي نزيل حلب، وأخذ العربية ابتداء على الشيخ إبراهيم فقيه اليشبكية، وقرأ المطول، وبعض العضد على البدر بن السيوفي، والفقه وغيره عن المحيوي عبد القادر الأبار وجد واجتهد، حتى فضل في فنون، ودرس وأفتى، ووعظ مع الديانة، والسكون ولين الجانب، وحسن الخلق، وحج من طريق القاهرة، وأخذ من جماعة من أعيانها كشيخ الإسلام زكريا، والبرهان ابن أبي شريف، وسمع على الثاني ثلاثيات البخاري، بقراءة ابن الشماع، وقرأها على العلامة نور الدين المحلي، وسمعها بقراءته من ابن الشماع، وأخذ عن الشهاب القسطلاني المسلسل بالأولية، وثلاثيات البخاري، والطبراني وابن حيان، والأربعين الثلاثيات المستخرجة، من مسند أحمد وشرحه على البخاري، والمواهب اللدنية وفتح الداني من كنز حرز الأماني، وأخذ بمكة عن العز بن فهد وابن عمه الخطيب، والسيد أصيل الدين الأيجي، ولقي بها من مشايخ القاهرة عبد الحق السنباطي، وعبد الرحيم ابن صدقة، فأخذ عنهما أيضا وأخذ بغزة عن شيخها الشهاب ابن شعبان، وسمع صحيح البخاري بحلب، على الكمال محمد بن الناسخ الطرابلسي، ثم أكب على إفادة الوافدين إليه بالعربية والقراءات والفقه وأصوله، والحديث وعلومه، والتفسير وغير ذلك، وكان لا يرد أحداً من الطلبة، وإن كان بليداً ودرس وأفتى، وكان لا يأخذ على الفتوى شيئاً، وانتهت إليه رئاسة الشافعية بحلب، قال ابن الحنبلي: وكان قد عبث مرة بحل زايرجة السبتي، فحل منها شيئاً ما وعلق بالكيمياء أياماً، ثم تركها ولم تكن تراه إلا أسر الأخلاق، متبسماً حالة التلاق، حليماً صبوراً صوفياً معتقداً لكل صوفي له مزيد اعتقاد في الشيخ الزاهد محمد الخاتوني، وكانت وفاته يوم الجمعة في شهر رمضان سنة أربع وخمسين وتسعمائة، ودفن وراء المقام

إبراهيم بن موسى الصلتي

الإبراهيمي خارج باب المقام في تتمة مقبرة الصالحين، ورثاه الشيخ أبو بكر الحلبي العطار الجلومي فقال: أضحى العمادي للمقام مجاوراً ... ومقامه عند المقام عظيم فاقصد زيارته تنل كل المنى ... فضريحه في الصالحين مقيم وإذا وصلت إلى الضريح فقل له ... هنا المقام وأنت إبراهيم إبراهيم بن موسى الصلتي إبراهيم بن موسى السيد برهان الدين الحسيني الصلتي الدمشقي، كان ملازماً للقاضي شهاب الدين الفرفور، ثم لولده القاضي ولي الدين، وكان يكتب بالشهادتين والوكالة عن الناس، وكان يكتب في رسم شهادته الواعظ، وكان ناظراً على البادرائية، مات في تاسع شوال سنة خمس وثلاثين وتسعمائة، ودفن بتربة الشيخ أرسلان قدس سره وحضر جنازته الأعيان. إبراهيم بن والي الأمير إبراهيم بن والي، ابن نصر جحا، ابن حسين الأمير الفقيه برهان الدين الدكري المقدسي، ثم الغزي الحنفي، سبط الشيخ شهاب الدين أحمد التميمي الداري، ويعرف بابن ولي قال ابن الحنبلي: وسألته عن والي اسم أبيه هو أو اسم جده، فأخبر أنه اسم أبيه ولكن مع تحريف فيه، فإن اسمه كما وقع له استعماله على الأصل حيث قال في آخر قصيدة له: قال الفؤاد مقالات يوبخني ... لما راني على طول من الأمل أن ليس تنفع أقوال تقررها ... ما لم تكن عاملاً بالفعل يا ابن ولي قدم حلب فيما ذكر ابن الحنبلي سنة ست وأربعين، وارداً من بغداد لتيمار كان له بها، وكان لطيف المذاكرة، حسن المحاضرة، اشتغل بالعربية، وغيرها وتعاطى الأدب، وكان له منظومة في النحو، سماها البرهانية وقرظ عليها سيدي محمد ابن الشيخ علوان قلت: وقفت عليها فوجدته نظم فيها الجرومية، مع زيادات لطيفة، ووضع رسالة في الصيد وما يتعلق

إبراهيم بن يوسف ابن الحنبلي

بالخيل، برسم وزير السلطنة السليمانية، وقدمها إليه بالروم، ثم عاد إلى وطنه من غير الطريق المعتاد، ففقد في الطريق سنة ستين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. إبراهيم بن يوسف ابن الحنبلي إبراهيم بن يوسف بن عبد الرحمن الشيخ برهان الدين ابن قاضي القضاة، ابن المحاسن ابن قاضي القضاة زين الدين الحلبي الحنفي، الشهير بابن الحنبلي، المؤرخ المشهور وسبط قاضي القضاة أثير الدين بن الشحنة، قال والده في در الحبب: ولد بحلب سنة سبع وسبعين وثمانمائة، فاشتغل بها في الصرف والنحو والعروض والمنطق على العلاء ابن الدمشقي المجاور بجامع المهمندار، وعلى الفخر عثمان الكردي والبرهان القرصلي، والزين بن فخر النساء، وجود الخط على الشيخ أحمد أخي الفخر المذكور وألم بوضع الأفاق العددية، وتعلق بأذيال القواعد الرملية، والفوائد الجفرية. وأجاز له البرهان الرهاوي رواية الحديث المسلسل بالأولية، عد أن اسمعه منه بشرطه وجميع ما يجوز له وعنه روايته، ثم ذكر أنه استجيز له باستدعاء والده جماعة كثيرون من المصريين، كالمحب بن الشحنة، والسري عبد البر بن الشحنة، والقاضي زكريا، والجمال إبراهيم القلقشندي، والقطب الخيضري، والحافظ عثمان الديمي، والجمال يوسف بن شاهين وأنه سمع على البرهان بن أبي شريف، ما اختصره من رسالة القشيري، وأنه لبس الخرقة القادرية من الشيخ عبد الرزاق الكيلاني الحموي قال: ثم لبستها أنا من يده وذكر عنه أنه رأى في المنام شخصاً بادياً نصفه الأعلى من ضريح، وهو يقول له: إذا وقعت في شدة فقل: يا خضير يا خضير، وأنه كان إذا حز به أمر قال ذلك: ففرج عنه وذكر من تأليفه كتابه المسمى وثمرات البستان، وزهرات الأغصان، والسلسل الرائق، المنتخب من الفائق، وكتاباً انتخبه في آداب الرئاسة سماه ومصابيح أرباب الرياسة، ومفاتيح أبواب الكياسة، وغير ذلك وأنه توفي في ليلة الأحد حادي عشر ذي القعدة سنة تسع - بتقديم التاء - وخمسين وتسعمائة وصلى هو عليه قال: ومن شعر والدي ما كتب به إلي وهو غائب عن حلب في طاعون سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة:

إبراهيم بن يوسف البناني

سلم بني النفس والوالدا ... لله لا تشرك به أحدا والجأ إليه في الأمور عسى ... تعطى بذاك الأمن والرشدا من كان بالرحمن محتسباً ... ولركن قول الله مستندا لم يخش من هم ولا نكد ... كلا ولا من حاسد حسدا فكن الرضي بما يريد وكن ... متمسكاً بجنابه أبدا إبراهيم بن يوسف البناني إبراهيم بن يوسف بن سوار الكردي البناني الخاتوني، ثم الحلبي الشافعي قال ابن الحنبلي: فقيه صوفي، سليم الصدر معمر. اجتمع بالسيد علي بن ميمون، بعد أن رآه في المنام، فألبسه ثوباً أبيض قال: وكان مغرماً بالكيمياء توفي سنة ستين وتسعمائة، ودفن خارج باب قنسرين بمقبرة أولاد ملوك، عند الشيخ موسى الكردي بوصية منه. إبراهيم الصفوري إبراهيم الشيخ الفاضل، برهان الدين الصفوري، توفي بصفوريا سنة تسع وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. إبراهيم المنلا إبراهيم المنلا العجمي التبريزي الشافعي نزيل دمشق، كان من أهل الفضل في المعقولات وقرأ نحو نصف المصابيح على الشيخ شمس الدين بن طولون، وتوفي يوم الأحد رابع عشر رجب سنة سبع وأربعين وتسعمائة، ودفن بالقلندرية بباب الصغير وخلف كتباً نفيسة. إبراهيم أحد موالي الروم إبراهيم العالم العامل، المولى الأجل الكامل الحسيب النسيب السيد أحمد، أحد موالي الروم، كان والده من سادات العجم، رحل إلى الروم، وتوطن بقرية من قرى أماسية، يقال لها: قرية يكتجه، وكان من أكابر أولياء الله تعالى، وله كرامات وخوارق منها أنه كف بصره في آخر عمر، فكشف ولده السيد إبراهيم رأسه بين يديه يوماً فقال له: يا سيد إبراهيم لا تكشف رأسك ربما يضرك الهواء البارد، فقال له: ولده كيف رأيتني وأنت بهذه الحالة. قال: سألت الله تعالى أن يريني وجهك، فمكنني من ذلك، فصادف نظري انكشاف رأسك، وقد كف بصري الآن كما كان، نشأ ولده المذكور في حجره بعفة

إبراهيم العجمي

وصيانة، ورحل في طلب العلم إلى مدينة بروسا، فقرأ على الشيخ سنان الدين، ثم اتصل بخدمة المولى حسن الساموني، ثم رغب في خدمة المولى خواجه زاده، ثم ولي التدريس حتى صار مدرساً بمدرسة السلطان بايزيد خان بمدينة أماسية، وفوض إليه أمر الفتوى، ثم تركها وعين له السلطان بايزيد كل يوم مائة عثماني، على وجه التقاعد، ولما جلس السلطان سليم خان على سرير الملك، اشترى له داراً في جوار أبي أيوب الأنصاري - رضي الله تعالى عنه - والآن هي وقف وقفها السيد إبراهيم على من يكون مدرساً بمدرسة أبي أيوب وكان مجرداً لم يتزوج في عمره بعد أن أبرم عليه والده في التزوج، ثم رجع عنه بعد أن أجابه إلى ذلك، وكان رجوعه عنه لإشارة النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وكان منقطعاً عن الناس في العلم والعبادة، زاهداً ورعاً، يستوي عنده الذهب والمدر، ذا عفة ونزاهة، وحسن سمت وأدب واجتهاد، ما راه أحد إلا جاثياً على ركبتيه لم يضطجع أبداً مع كبر سنة، وكان من عادته لا يأمر أحداً بشيء أصلاً، وربما أخذ الكوز فوجده فارغاً، فلا يقول لأحد من خدمه أملأه حذراً من الأمر، وكان طويل القامة، كبير اللحية، حسن الشيب يتلألأ وجهه نوراً، وكان متواضعاً خاشعاً، يرحم الفقير، ويجل الكبير، ويكثر الصدقة، ويلازم على الصلوات في الجماعة، ويعتكف بين العشائين في المسجد، وكف في آخر عمره مدة، ثم عولج فأبصر ببعض بصره، وكان رجل من الطلبة يطيل لسانه فيه فأخبر بذلك مراراً فلم يتأثر، حتى قيل له يوماً أن ذلك الرجل ذكره بسوء فقال: هل يتحرك لسانه الآن. فاعتقل لسان الرجل، وبقي كذلك حتى مات الرجل لخصت هذه الترجمة من الشقائق النعمانية، وذكر أنه توفي في سنة خمس وثلاثين وتسعمائة قال: وقد ذهبت إليه في مرض موته، وهو قريب من الإحتضار ففتح عينيه فقال: إن الله تعالى كريم لطيف شاهدت من كرمه ولطفه ما أعجز عن شكره، ثم اشتغل بنفسه ودعوت له، وذهبت ومات في تلك الليلة، ودفن عند جامع أبي أيوب الأنصاري رحمه الله تعالى إبراهيم العجمي إبراهيم العجمي الصوفي الشيخ المسلك نزيل مصر، كان رفيقاً للشيخ دمرداش، والشيخ شاهين في الطريق على سيدي عمر روشني بتبريز العجم، ثم دخل مصر في دولة ابن عثمان، وأقام بمدرسة بباب زويلة، فحصل له القبول التام، وأخذ عنه خلق كثير من الأعجام والأروام، وكان يفسر القرآن العظيم، ويقريء في رسائل القوم مدة طويلة، حتى وشي به إلى السلطان لكثرة مريديه، وأتباعه، وقيل له: نخشى أن يملك مصر

إبراهيم المرشدي

فطلبه، السلطان إلى الروم بسبب ذلك، ثم رجع إلى مصر وطرد من كان عنده من المريدين والأتباع من الترك امتثالاً لأمر السلطان، ثم به له تكية مقابل المؤيدية، وجعل له مدفناً وبنى حوله خلاوي للفقراء، وكان له يد طولى في المعقولات، وعلم الكلام، ونظم تائية جمع فيها معالم الطريق، وكان ينهى جماعته أن يحج الواحد منهم، حتى يعرف الله تعالى المعرفة الخاصة، عند القوم توفي سنة أربعين وتسعمائة وصلي عليه غائبة دمشق يوم الجمعة سابع ذي الحجة منها. إبراهيم المرشدي إبراهيم الشيخ الصالح الورع الزاهد الشهير بمرشد المصري الصوفي القادري، كان صاحب مجاهدات، وهمم عالية يطوي الأيام والليالي، حتى مكث أربعين سنة صائماً، لا يكل عند الإفطار إلا تمرة واحدة أو زبيبة أو لوزة، حتى لصق بطنه، وكان له مجلس ذكر بجامع الأزهر بعد صلاة الجمعة. قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: وأخبرني أنه في ابتداء أمره أقام في خربة مدة عشر سنين لا يجتمع بأحد، وسخر الله تعالى له الدنيا تأتيه كل ليلة برغيف وطعام، وكان يحبك الشدود وغيرها ويتقوت بذلك مات بعد الأربعين وتسعمائة، ودفن بباب الوزير بالقرب من قلعة الجبل بمصر وله من العمر مائة سنة وثلاث عشرة سنة. إبراهيم أبي لحاف إبراهيم الصالح المجذوب المصري، الشهير بأبي لحاف كان في أول جذبه مقيماً في البرج الأحمر من قلعة الجبل، نحو عشرين سنة، فلما قرب زوال دولة الجراكسة، أرسل إلى الغوري يقول له: تحول من القلعه واعط مفاتيحها لأصحابها، فلم يلق الغوري إلى كلامه بالاً وقال هذا مجذوب: فنزل الشيخ إبراهيم إلى مصر فزالت دولة الجراكسة، بعد سنة وكان حافياً مكشوف الرأس وأكثر إقامته في بيوت الأكابر وكان يكشف له عما نزل بالإنسان من البلاء في المستقبل فيأتي إليه فيخبره أنه نازل به في وقت كذا وكذا وكذا، ويطلب منه مالاً فإذا دفعه إليه تحول البلاء عنه، والأذى كما أخبر، وكان يمكث الشهر وأكثر لا ينام الليل، بل يجلس يهمهم بالذكر إلى الفجر صيفاً وشتاء، مات سنة أربعين وتسعمائه، ودفن بقنطرة السد في طريق مصر العتيقه، في أساكر المجاور لسبيل العالي. إبراهيم عصيفير إبراهيم الشيخ الصالح، المجذوب المصري، المعروف بعصيفير من أهل الكشف الكامل، أصله من نواحي الصعيد، كان ينام مع الذئاب في القفار، ويمشي على الماء جهاراً، وجاء أبو موسى المحتسب مرة فقال له: إدع لي فقال: الله يبتليك

إبراهيم الرحبي

بقاتل يقتلك عن قريب، فقتل تلك الليلة، ومر على الأمير سودون، وهو يعمر في خربة جداراً ليعمرها قصراً، فرجمه وقال: أنتم فرغت مدتكم ما بقيتم تلحقوا أن تسكنوا فسافر الغوري لقتال ابن عثمان، فقتل. وخربت دور عسكره كلهم قال الشعراوي: واشترى لي تلك الخربة، فجعلتها مسجداً، وأخبرني بحريق يقع في مكان، فوقع تلك الليلة ورمى مرة جرو كلب في دست الطباخ، فبحث الناس فوجدوا في القدر، لحم ميت، ومر عليه شخص بإناء فيه لبن فرماه منه، فكسرت فإذا فيه حية ميتة، وأحواله عجيبة توفي سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة، ودفن بزاويته بين السورين تجاه زاوية الشيخ أبي الحمائل رحمه الله تعالى. إبراهيم الرحبي إبراهيم الرحبي، المصري الشيخ الصالح، كان مقيماً في زاويته على باب جامع الأزهر، وكان له في بدايته سياحات كثيرة، ساح سبع عشرة سنة في جبال الشام وغيرها، واجتمع بمشايخ كثيرة، ثم دخل مصر واجتمع بالشيخ أبي السعود الجارحي فأجلسه في باب جامع الازهر، وقال له: كل من رأيته من العميان وذوي العاهات جاء يطلب القرآن يرده أهل الجامع ولم يعلموه، فاسأل الناس وإعط فقيهاً الجامكية ليقرئهم ولا يخيبهم، وكان يخدم كل من مرض في الجامع بنفسه، وينحي القذر من تحته ويعمل له المزورات وغيرها، حتى يشفى أو يموت فيغسله ويكفنه لوجه الله تعالى، وكان يسأل الناس ما تحتاج الفقراء المقيمون عنده إليه من الدراهم والثياب والطعام وسائر ما يحتاجون إليه، وكان يأخذ من الخضرية ما يكسد عندهم من السلق والرجلة والجزر وغير ذلك، ويطبخه للفقراء، وإذا احتاجوا إلى قمح أو غيره من الحبوب أو كسوة طلع إلى السلطان قايتباي، فيامر له بجميع ما يحتاج إليه، وكان يجمع عنده ما تحتاج الفقراء إليه من ملح أو شعير أو بصل أو غيرها من الأدم، ومن منخل أو غربال أو رحى أو مسامير أو سيور للقباقيب؟ فكل من احتاج إلى شيء من ذلك يقول له: ادخل وخذ حاجتك، وكان مع ذلك يصبر على حبس الفقراء وقلة أدبهم، ويرى لهم الفضل عليه مات في آخر شوال سنة أربع وخمسين وتسعمائة. إبراهيم الشاعر إبراهيم الشيخ الفاضل الأديب الشاعر برهان الدين ابن المبلط، شاعر القاهرة من شعره في القهوة: يا عائباً لسواد قهوتنا التي ... فيها شفاء النفس من أمراضها

إبراهيم الرومي

أو ما تراها وهي في فنجانها ... تحكي سواد العين وسط بياضها ولبعضهم في المعنى: إشرب هنيئاً قهوة البن التي ... تحلو مع الإخوان والخلان سوداء في المبيض من فنجانها ... تحكي سواد العين للإنسان قلت: أحسن منه قولي: إشرب من القهوة صاعين ... ولو ببذل الورق والعين سوداء في بيض فناجينها ... كأنها الإنسان من عين إبراهيم الرومي إبراهيم الرومي، ثم الدمشقي الشيخ الفاضل المدرس، نزيل دمشق، كان قد ولي تدريس المقدمية الجوانية، ثم نزل عنه وحج وعاد فقطن مدرسة أبي عمر بسفح قاسيون، وصار يتردد إلى زيارة الشيخ محيي الدين ابن العربي، ويصلي في السليمية الصلوات النهارية، وأحياناً يتقصد أماكن الزيارات، فيزورها ولو كانت بعيدة ماشياً، ويعود المرضى ويشهد الجنائز، وكان من شأنه أن يتمسح بجدران المساجد وهو يتلو القرآن، ولذلك قيل أنه حصل له جذب، ولسان حاله كما قيل: أمر على الديار ديار ليلى ... أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي ... ولكن حب من سكن الديارا ولما مرض واشتد به المرض، حمل إلى البيمارستان النوري، فمات به بعد أن أوصى أن يدفن في حوش الشيخ محيي الدين العربي، فدفن به بعد الصلاة عليه بالأموي وحمل إلى الصالحية. أبو بكر البلاطنسي أبو بكر محمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر الشيخ الإمام شيخ مشايخ الإسلام العلامة المحقق، الفهامة المدقق، الحافظ الناقد الجهبذي تقي الدين البلاطنسي، كان عالماً عاملاً ورعاً كاملاً مولده كما قرأته نجده يوم الجمعة عاشر رجب تمام إحدى وخمسين وثمانمائه، أخذ العلم عن والده وعن شيخ الإسلام زين الدين خطاب والقاضي بدر الدين ابن قاضي شهبة، وشيخ الإسلام النجمي، والتقوي ابن قاضي عجلون

وقاضي القضاة جمال الدين بن الباعوني، والحافظ برهان الدين الناجي، والشيخ العلامة شهاب الدين الأذرعي، والحافظ شمس الدين ابن الحافظ شهاب الدين الغريابي المغربي والشيخ تاج الدين عبد الوهاب الكفر بطنائي، وغيرهم قال تلميذه والد شيخنا: وهو من بيت صلاح وعلم، سمعت مدحه بذلك من السيد كمال الدين بن حمزة، ورحل إلى دمشق في طلب العلم وأخذ عن علمائها، ثم استوطنها، وكان يجلس بالبادرائية، ولم يتناول من أوقاف دمشق شيئاً حتى أرسل إليه شيء من مال الشامية البرانية، فرده وقال: إنما استحق بالمباشر والحضور فيها وبعث إليه ... باشا نائب دمشق بمال، فرده إليه فبعث إليه مرة أخرى وقال للرسول: قل له إنه حلال فرده أيضاً، وقال: أنا في غنية عنه وبعث إليه إبراهيم آغا نائب القلعة بمال، فسأله الدعاء فرده، ولم يقبله، ودعا له وقال للرسول: قل له غيري أحوج إليه مني، وعمن له متولي الجامع الأموي ثمانية عثمانية في مقابلة تدريسه به، فلم يقبل ليكون تدريسه بغير عوض، وكان له مهابة في قلوب الفقهاء والحكام يرجع إليه في المشكلات، وكان لا يتردد لأحد لغناه وكان له همة مع الطلبة ونصيحة واعتناء بالعلم، وكان أماراً بالمعروف نهاءاً عن المنكر، لا يخاف في الله لومة لائم لا يداهن في الحق له حالة مع الله تعالى يستغاث بدعائه، ويتبرك بخطه، قائماً بنصرة الشريعة حاملاً لواء الإسلام، مجداً في العبادة، مجانباً للرياء، لا يحب أن يمدحه أحد مدحه بعض طلبته بقصيدة منها: أيا من يروم العلم والبحث في الدرس ... ويسأل بين الأنس عن مجلس الأنس فعد إلى الشيخ التقي محمد ... أبا بكر البحر الخضم البلاطنسي ولم يجسر عليه أن يعرضها عليه، فالتمس من والد شيخنا عرضها عليه، وأقسم عليه في ذلك قال والد شيخنا: وأنا اعلم منه كراهية مدحه، غير أني تجرأت عليه وقلت صاحبنا فلان. قال أبياتاً تتضمن المدح فغضب وقال: اسكت! فسكت ولم أقرأها عليه، وكان يختم القرآن في كل جمعة، ويفرغ الختم قبل صلاتها، وكان يختم في رمضان في كل ليلة ختمتين وأكب في آخر عمره على التلاوة، فكان لا يأتيه الطلبة لقراءة الدرس إلا وجدوه يقرأ القرآن وكان وقافاً عند الشروط: والحدود إذا رأى كتاباً موقوفاً مكتوباً عليه أن لا يخرج من موضع كذا رده ولا يبقيه عنده، وله شعر لا بأس به، منه قصيدة نونية مدح فيها السلطان سليمان رحمه الله تعالى - وتعرض فيها لما حصل في زمانه من الفتوحات كرودس وغيرها، وما قام فيه من نصرة الدين، ويشكو فيها ما أحدثه القضاة والولاة بدمشق فقال في هذا الفصل الأخير: وعن رشوة حادوا إلى اليسق الذي ... أهانوا به والله ملك ابن عثمانا

أبو بكر بن محمد القاري

ووالله أن الشافعي ومالكاً ... وأحمد والثوري أيضاً ونعمانا ومن جاء يقفو أثرهم متمسكاً ... بهديهم المنصوص نصاً وقرانا يرون جميعا حظر ذا اليسق الذي ... يراه قضاة العصر شرعا وميزانا وهذا وإن المنكرات التي فشت ... وأظلم منها الشام ريفاً وبلدانا وعادت بها الأخيار سكرى وصيرت ... شرار الورى يسطون بغياً وطغيانا أعلت وأبكت واسطاً وشرارها ... وفتتت الأكباد سناً وأبدانا وقد شاع أن الله أرسل عبده ... الموفق سلطان البرايا سليمانا لغوث رعايا قد دهتهم مصائب ... وهدت من الدين الحنيفي أركانا فكيف وإني كان هذا وشبهه ... وسلطاننا من أكمل الناس إيمانا فهنا سؤالي ثم إني ضارع ... يديم إله العرش ملك ابن عثمانا وأختم نظمي بالصلاة مسلماً ... على المصطفى المختار من نسل عدنانا توفي ليلة الاثنين ثاني المحرم سنة ست وثلاثين، وتسعمائة ودفن بمقبرة باب الصغير جوار بلدية شيخ الإسلام، شمس الدين البلاطنسي، المعاصر لابن شهبة وقبرهما في آخر التربة من جهة الشمال. أبو بكر بن محمد القاري أبو بكر بن محمد بن يوسف، الشيخ الإمام العلامة المحقق، المدقق، الفهامة، شيخ الإسلام الشيخ تقي الدين القاريء، ثم الدمشقي، الشافعي. أخذ عن البرهان ابن أبي شريف، والقاضي زكريا وغيرهما من علماء مصر، وبالشام عن الحافظ برهان الدين الناجي وغيره، وتفقه على شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون، وابن أخته السيد كمال الدين بن حمزة، والشيخ تقي الدين البلاطنسي المتقدم قبله، وكان يترجمه ويثني عليه، ويقول: هو أعلم جماعتنا الآن. ولي إمامة المقصورة بالأموي شريكاً للقاضي شهاب الدين الرملي، ثم لولده الشيخ أبي الفضل، ثم لشيخ الإسلام والدي، وولي نظر الحرمين وغيره، وولي تدريس الشامية البرانية آخراً، ولزم المشهد الشرقي مدة يسيرة، واخترمته المنية بالجامع الأموي بعد شيخه شيخ الإسلام التقوي ابن قاضي عجلون، وردت المشكلات إليه، وعكفت الطلبة عليه، وكان ممن أخذ عنه شيخ الإسلام شهاب الدين الطيبي، والشيخ العلامة علاء الدين بن عماد الدين، وتزوج بنت مفتي الحنفية الشيخ قطب الدين ابن سلطان الحنفي، ورزق منها ابناً. مات بعده بمدة يسيرة، وكان محققاً مدققاً واقفاً مع

أبو بكر بن عبد الجليل القواس

المنقول، عالماً بالنحو والقراءات والفقه والأصول. نظم أرجوزة لطيفة في عقيدة أهل السنة، وله شعر حسن منه في عدد حروف الفاتحة: وعدد الحروف للفاتحة ... عشرون مع أربعة ومائة وعدد الشدات فيها أربع وعش ... ر شدات عليها أجمعوا ولم أعد همزات الوصل ... وكل حرف ساقط في الأصل لساكن فالمتصل لا يجب ... عليه نطق بجميع الكتب وزدت فيه ألفات أربعاً ... إذ يجب النطق بهن جمعاً وكل حرف مدغم أسقطته ... كيف وفي التشديد قد ذكرته وذا الذي ذكرت في الكل جلي ... وظاهر يعرف بالتأمل وذكر ابن طولون أنه دخلت على الشيخ تقي الدين في يوم الجمعة مستهل ربيع الأول الأنور سنة خمس وثلاثين وتسعمائة شقة بوضع في الترسيم بأمر المفتش أن ألزم بمال الحرمين. قال والد شيخنا: اعتراه في آخر عمره نحول وذبول وسعال، ومع ذلك كان يشتغل الناس عليه حتى غلبه المرض، وتوفي ليلة الأربعاء ثالث عشر ربيع الأول سنة خمس وأربعين وتسعمائة عن خمس وستين سنة، وحضر جنازته. والصلاة عليه بالأموي جم غفير من أهل العلم وغيرهم، منهم الشيخ شمس الدين حامد الغزي، وتقدم للصلاة عليه خطيب دمشق الشيخ جلال الدين البصروي، ودفن بمقبرة باب الصغير عن يمين الطريق السالك من الغرب إلى الشرق بالقرب من جامع جراح، وولي تدريس الشامية بعده شيخ الإسلام الوالد، وإمامة المقصورة شيخ الإسلام شهاب الدين الطيبي أحد تلاميذه. أبو بكر بن عبد الجليل القواس أبو بكر بن عبد الجليل الأستاذ تقي الدين ابن الأستاذ القواس، الشاب الفاضل، الصالح، الخير، الشافعي أخو الشيخ محب الدين المتقدم مولده سادس عشر المحرم سنة ست وتسعمائة. قرأ على شيخ الإسلام الوالد غالب المنهاج في الفقه والجرومية والملحة وغيرهما في النحو، وفي شرح الورقات، وفي إذكار النووي، وبرع وكان من المباركين الصالحين، وتوفي يوم الجمعة رابع ذي الحجة سنة ست وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أبو بكر بن عبد الكريم الخليصي أبو بكر بن عبد الكريم، الشيخ الصالح تقي الدين الخليصي الأصل، الحلبي الشافعي إمام المدرسة البلاطية بحلب المشهور بالزاهد،

أبو بكر الشريطي

وهو سبط العالم المفتي الصالح أبو بكر الخليص. كان شيخاً منوراً ذا زهد وورع وصلاح وتهجد في الليالي مع ذكر وبكاء لا يراه أهل محلته إلا أوقات الصلوات، وهو في غيرها يتردد إلى المقابر والمزارات، وإلى المكان المعروف بقبور الصالحين، وكان كثيراً ما يقصده الزوار يسمعون منه ما يقرأه عليهم من رياض الصالحين أو غيره. توفي بحلب سنة ثمان وخمسين وتسعمائة. أبو بكر الشريطي أبو بكر الشريطي، الصالحي، الشيخ الصالح تقي الدين تلميذ الشيخ أبي الفتح المري. أخذ منه، ولبس منه الخرقة، وتوفي بغتة يوم الأربعاء ختام جمادى الآخرة سنة أربعين وتسعمائة، ودفن بسفح قاسيون. أبو بكر بن شهلا أبو بكر، القاضي تقي الدين بن شهلا الأسمر الدمشقي، الشافعي المتصرف. تولى نيابة القضاء مراراً، وصار له صيت عند قضاة الأروام خصوصاً ابن إسرافيل، ثم انحرف عليه، وعزله، واستمر معزولاً إلى أن توفي يوم الخميس ثاني صفر سنة إحدى وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه بمسجد القصب، ودفن بتربة الشيخ أرسلان، وخلف دنياً كثيرة. قيل: إنها قربت سبعة عشر ألف دينار. أبو بكر قاضي الخليل أبو بكر الشيخ الصالح تقي الدين قاضي الخليل. توفي بمصر في أواخر ربيع الأول سنة ست وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثالث عشر ربيع الآخر منها، وحضر الصلاة عليه أخوه الشرفي محمود قاضي صفد، وشيخ دار الحديث الأشرفية داخل دمشق. أبو بكر سراق الحشمة أبو بكر الشيخ تقي الدين القواس، المعروف بسراق الحشمة لأنه كان يستعير أثواب الناس في الجمع والأعياد من كل زي. فيلبسها، فتارة يكون في زي أهل الشام، وتارة يكون في زي أهل الحجاز، وتارة في زي الأروام، وتارة في زي العرب، وكان يكره هذا اللقب، وكان أصحابه يسمونه بشيخ الحشمة، وكان تلميذاً لسيدي محمد بن عراق، ثم لأولاده من بعده، وسافر إلى الروم، فأعطي في صر مكة ثمانية دنانير في كل سنة، وفي زاوية السليمية عشرين عثمانياً كل يوم. توفي سادس عشر شوال سنة خمسين وتسعمائة بدمشق.

أبو بكر بن فهد

أبو بكر بن فهد أبو بكر، الشيخ العلامة تقي الدين بن فهد الحنفي. قدم دمشق من مكة صحبة الوزير الطواشي، ثم عاد إليها مع الحاج مبشراً للسلطان ابن أبي نمي برضى السلطان سليمان في سنة ست وأربعين وتسعمائة. أبو بكر الأبياري أبو بكر الشيخ تقي الدين الأبياري، المصرفي، الصوفي. كان فقيهاً زاهداً عابداً، وكان مع ذلك يعرف الفقه، والحديث، والقراءات، والنحو، والأصول، والهيئة، وكان يقريء الأطفال احتساباً، ولم يتناول على التعليم شيئاً، وما قرأ عليه أحد إلا انتفع به. رأى في منامه وهو صغير أنه يزرع شجر النبق، فزرع ستين نبقة، فلم يخس منهن واحدة، فعرض ذلك على شيخ المغيربية الشيخ أبي الخير بن نصر، فقال له تفسير ذلك: أنه لا يقرأ عليك أحد إلا انتفع، وكان الأمر كذلك، وكان مورداً للفقراء ببلدة أبيار لا ينقطع عنه الضيف، وكان مع ذلك لا راتب له، ولا معلوم بل ينفق من حيث لا يحتسب، أخذ الطريق عن الشيخ محمد النشاوي: وأذن له في تربية المريدين، فلم يفعله احتقاراً لنفسه، وهو من هذه الطبقة رحمه الله تعالى. أبو بكر المنلا أبو بكلا المنلا العلوي، الحنفي نسبة إلى محمد بن الحنفية الحنفي المذهب أيضاً، المعروف بشيخ زاده. كان من كبار الفضلاء والأذكياء مع ما له من المال والرزق والكتب النفيسة، وكان صالحاً متواضعاً لا يحب التصنع لا من نفسه ولا من غيره، وكان يغلظ على من يرى منه خلاف ذلك. وينصحه، وكان جليل القدر بسمرقند بواسطة أن خالته كانت زوجاً لملكها. دخل حلب في سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، وكان رفيقاً لابن الحنبلي في صدر الشريعة على الشهاب أحمد الأنطاكي، ثم سافر إلى مكة، وجاور بها سنين، ثم عاد منها بعد سبع سنين إلى حلب، ثم سافر إلى بلده، وقطن بها، ثم كان بالهند. أبو السعود بن بدر الدين زاده أبو السعود المولى الفاضل، الشهير بابن بدر الدين زاده أحد موالي الروم. ولد ببروسا، وتزوجت أمه بعد أبيه بالمولى سيدي الحميدي فقرأ

أبو بكر الحصكفي

عنده سائر العلوم، وقرأ على غيره، وخدم المولى ركن الدين، ثم أعطي قضاء بعض البلاد، وله كتاب بالتركية سماه سليم نامه وهو مقبول عند أربابه، وله ديوان الصبابة، وأشعار بالتركية، وكان فاضلاً، صاحب ذكاء وفطنة. مات بعد خمس وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أبو بكر الحصكفي أبو بكر محمد بن أبي اللطف، الحصكفي الأصل، المقدسي الشافعي، الشيخ الإمام العلامة تقي الدين ابن شيخ الإسلام شمس الدين. أخذ عن والده وغيره، وحضر هو وأخوه الشيخ عمر إلى دمشق، فقرأ على شيخ الإسلام الوالد جميع شرح الجوامع بمشاركة الشيخ شمس الدين العجلوني، وكان ختم الكتاب بالشامية البرانية يوم الأربعاء مستهل جمادى الأولى سنة خمس وأربعين وتسعمائة، وحضره الشيخ المحدث الفقيه شمس الدين بن طولون، والشيخ أبو الفتح المالكي وغيرهما من الأعيان، وختامهم شيخ الإسلام الوالد بعد ذلك. وأنشد الرئيس محمد بن الجعيدي بعد الختم في مناسبة المقام، وكتب الشيخ لهم بذلك إجازة حافلة، ثم برع الشيخ تقي الدين المذكور في فنون من العلم خصوصاً بالأصول، قال الشيخ محمد بن العلمي الفقيه مدرس القصاعية: كان الشيخ أبو بكر ابن أبي اللطف أصولي بيت المقدس حتى كان يعرف بالشيخ أبي بكر الأصولي. سكن دمشق آخراً، وتزوج بها، ومات سنة ستين وتسعمائة تقريباً رحمه الله تعالى. أبو الصفاء بن عبدو أبو الصفاء بن عبدو، الشيخ الصالح. توفي بمعاملة حلب، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة تاسع عشر صفر منها. أبو العباس الحريثي أبو العباس الحريثي، المصري. نشأ في العبادة والإشتغال بالعلم، وتلا القرآن العظيم للسبع، ثم خدم سيدي محمد بن عفان، وأخذ عنه الطريق، وزوجه الشيخ بابنته، وقربه أكثر من جميع أصحابه، ثم صحب بعده سيدي علي المرصفي، وأذن له أن يتصدر للإرشاد، وتلقين الذكر. قيل: ولم يأذن الشيخ بذلك لغيره، ودخل الخلوة بعد أستاذه مراراً، ولم يخرج للإرشاد حتى سمع الهواتف تأمره بذلك، فدعا إلى طريق الله تعالى، ولقن الذكر نحو عشرة آلاف مريد، ولما حضرته الوفاة. قال: خرجنا من الدنيا، ولم يصح معنا صاحب في الطريق. بني زاوية بمصر، وعمر عدة مساجد في دمياط والمحلة وغيرهما. قال الشعراوي: ووقع له كرامات كثيرة منها أنه جلس عندي بعد المغرب في

أبو الفتح الخطيب

رمضان، فقرأ قبل أذان العشاء خمس ختمات، ومنها أنه طلع بي بواسير، وحصل لي منها ضرر شديد، فشكيت ذلك إليه. فقال لي: غداً تدخل في صلاة العصر تسلم منها، فلا تجد لها أثراً، فكان الأمر كما قال، وكان كريم النفس، حسن المعاشرة، كثير التبسم، زاهداً في الدنيا، كثير الوحدة في الليل. طوى الأربعين يوماً، وكان كثير التحمل لهموم الخلق حتى صار كأنه شن بال، وكان مع ذلك لا يعد نفسه من أهل الطريق، وإذا ذكر له شيء من مقاماتهم يقول: استراحت العرايا من شراء الصابون قال الشعراوي: توفي بثغر دمياط في سنة خمس وأربعين وتسعمائة، ودفن في زاوية الشيخ شمس الدين الدمياطي الواعظ، وقبره بها ظاهر يزار، وذكر ابن طولون أنه صلي عليه غالبة بجامع دمشق بعد الجمعة عاشر ذي القعدة سنة ست وأربعين وتسعمائة. أبو الفتح الخطيب أبو الفتح الخطيب ابن القاضي ناصر الدين المدني خطيب الحرم بها. دخل دمشق قاصداً الروم، وخطب بجامع دمشق يوم الجمعة سلخ صفر سنة أربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أبو الفتح السبستري أبو الفتح الشيخ العلامة، المحقق المدقق الفهامة، أبو الفتح السبستري، ثم التبريزي الشافعي نزيل دمشق المحروسة. كان فاضلاً، بارعاً، صالحاً خاشعاً، له يد طولى في المعقولات والمنقولات، وانتفع به الطلبة، وهرعوا إليه، ورغبوا فيما عنده، وكان ذا أخلاق حسنة، وآداب جميلة. أخذ عنه الشيخ العلامة نجم الدين البهنسي، والشيخ إسماعيل النابلسي، والشيخ عماد الدين، والشيخ شمس الدين بن المنقار، والمنلا أسد، والقاضي عبد الرحمن بن الفرفور وغيرهم، وكان له خلوة في الشميصاتية يدرس فيها. توفي بالصالحية شهيداً بالطاعون سنة اثنتين وستين وتسعمائة، ودفن بسفح قاسيون، وكانت جنازته حافلة، ولقنه الشيخ شهاب الدني الطيبي رحمه الله. أبو الفضل الأحمدي أبو الفضل الأحمدي صاحب الكشوفات الربانية، والمواهب الصمدانية، العارف بالله تعالى. أخذ الطريق عن سيدي علي الخواص، والشيخ بركات الخواص وغيرهما، وكان من أهل المجاهدات، وقيام الليل، والتخشن في المأكل والملبس، وكان يخدم إخوانه، ويقدم لهم نعالهم، ويهيء الماء لطهارتهم، وكان إذ كان مع

أبو الفضل بن الرملي

إخوانه. ودخلوا مكاناً ينزعون فيه نعالهم يجمعها كلها في خرج معه، ويحملها على عاتقه إلى موضع لبس النعال، فيقدم لكل واحد نعله، ولا يمكن أحداً من حمل نعل نفسه، وكان شديد التعظيم للمساجد. لا يتجرأ أن يدخل مسجداً إلا تبعاً لغيره، ويقول: مثلنا لا ينبغي له أن يدخل حصر الله على الناس، وكان كذلك شيخه الخواص - رحمها الله تعالى - وكان له كشف عجيب بحيث يرى بواطن الخلق وما فيها كما يرى ما في داخل البلور. قال: سألت الله تعالى أن يحجب ذلك عني. فأبى علي، وكان يقول: أعطاني الله تعالى أنه لا يقع بصري على حب فيسوس، وجرب ذلك فيه. قال الشعراوي - رحمه الله تعالى -: ووقع بيني وبينه اتحاد عظيم لم يقع لي قط مع أحد من الأشياخ إذا جالسته، وشرح ضمني إلى مكان أو كلام يقول لي: ارجع بقلبك من الشيء الفلاني، فيعرف ما شرح قلبي إليه، وكننت إذا ورد علي شيء من الحقائق في ليل أو نهار، وأردت أن أقوله له يقول لي: قف لا تخبرني حتى أسمعك ما ورد علي حرفاً بحرف، وتارة يأتيني بورقة في عمامته، ويقول: هذا كلام ورد علي الليلة، فحرر علي مصطلح النحاة، فإني لا أعرف أنطق بالنحو. قال: وورد علي كلام بالليل. وكتبته. فبينما أنا أقرأه للفقراء إذ دخل. فقال: اسمعوا هذه الورقة، فقابلناها عليها، فلم يخطيء حرفاً واحداً. قال: وسألني مرة الأمير محيي الدين ابن أبي الإصبغ دفتر دار مصر. كان وهو محبوس في الغرقانه أن أسأل الله تعالى في إطلاقه من السجن، فتوجهت إلى الله تعالى في تلك الليلة في الأسحار، وسألت الله تعالى في إطلاقه، فجاءني الأخ المذكور، وقال: ضحكت عليك، وأنت تدعو للأمير محيي الدين بالخلاص، ودعاؤك يصعد سبعة أذرع إلى السماء، ويرجع وقد بقي من مدة حبسه خمسة أشهر، وسبعة أيام، فلو كنت شاطر مصر لا تقدر على إخراجه حتى تمضي هذه المدة، وكان الأمر كذلك. وقال في الطبقات الكبري: حج سيدي أبو الفضل مرات على التجريد، فلما كان آخر حجة كان ضعيفاً. فقلت له: في هذه الحالة تسافر. فقال: لترابي فإن نطفتي مرغوها في تربة شهداء بدر، وكان كما قال، وذلك في سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة، وحكى عنه في الوسطى أنه قال: إنما أسافر لترابي لا للحج، فقلت: كيف. فقال: قد قرب أجلي وترابي في تربة بدر عند مسجد العمائر، فكان الأمر كما قال: وأورد الشعراوي من كلامه وأحواله كثيراً في الطبقات الكبرى والوسطى، وأشار إلى أنه ذكرها أبسط مما فيهما في كتابه المسمى بالمنن والأخلاق. أبو الفضل بن الرملي أبو الفضل بن الرملي الإمام تقدم في المحمدين.

أبو الليث الحنفي

أبو الليث الحنفي أبو الليث المولى العلامة الرومي، الحنفي، أحد موالي الروم كان خوجه إياس باشا الوزير. خدم المولى الشهير بضميري، وبه اشتهر، وصار معيداً لدرسه، ثم صار مدرساً بمدرسة الوزير محمود باشا بالقسطنطينية، ثم بابي أيوب ثم بإحدى الثماني، ثم صار قاضياً بحلب في سنة أربع وأربعين، وذكره ابن الحنبلي في تاريخه وقال: إنه كان علائي الأصل نسبة إلى العلائية قصبة قريب أذنه، وقال: كان له إلي إحسان، برقم بعض العروض في بعض المناصب الحلبية حتى نظمت له ما نظمت، وأنا بمجلسه، وقد دفع لي عرضاً كان وفق المراد فقلت: حل أرض أو يشيب نباتها ... وأنت لأرضي يا أخا الغيث كالغوث محال، وما من همة قسورية ... تفوت أخا عدم، وأنت أبو الليث ثم ولي قضاء دمشق عن قاضي قضاتها إسحاق أفندي، ودخلها يوم الخميس تاسع شعبان سنة أربع وأربعين وتسعمائة، ثم توفي بها يوم الأربعاء حادي عشر رمضان من السنة المذكورة، ودفن بباب الصغير عند قبر إسحاق أفندي المتوفى قبله، وتقدم للصلاة عليه تقي الدين القاري بالأموي. أبو الهدى النقشواني أبو الهدى بن محمود، العالم المتبحر، الصالح المنلا النقشواني الحلبي. كان عالماً، عاملاً، محققاً، مدققاً، منقطعاً عن الناس، قليل الأكل، خاشعاً، إذا توجه إلى الصلاة لم يلتفت يميناً ولا شمالاً، وكان ينظم الشعر بالعربية والفارسية. أخذ عن جماعة منهم منلا طاش الدريعي، ومنلا مزيد القراماني، وابن الشاعر، وكان يميزه على شيخيه الأولين ذكره ابن الحنبلي وقال: دخل حلب، وسكن فيها بالكلتاوية، وبها

أحمد بن محمد الحمصي المؤرخ

صحبته، ثم بالأتابكية البرانية ثم مات بعين تاب سنة - تسع بتقديم التاء - وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن محمد الحمصي المؤرخ أحمد بن محمد بن عمر بن أبي بكر بن عثمان بن عبد اللطيف بن أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن حسن بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري، الشيخ الإمام العلامة الخطيب البليغ، المحدث، المؤرخ. القاضي شهاب الدين الحمصي الأصل، الدمشقي الشافعي، ونسبه المذكور نقلته من خطه، وجده عبد الله بن زيد هو الذي رأى في منامه قصة الأذان، ووافقه فيه عمر بن الخطاب، وهو صحابي جليل تفتخر به الأنصار - رضي الله تعالى عنهم - ولد الشيخ شهاب الدين في سنة إحدى وخمسين أو ثلاث وخمسين وثمانمائة، واعتنى بقراءة الحديث، وطلب العلم، وأخذ عن جماعة من الشاميين والمصريين، وفوض إليه القضاء قاضي القضاة شهاب الدين بن الفرفور، ثم سافر إلى مصر، وفوض إليه قاضي القضاة زكريا، وكان يخطب مكانه بقلعة الجبل، وكان الغوري يميل إلى خطبته، ويختار تقديمه لفصاحته، ونداوة صوته، ثم رجع إلى دمشق في شعبان سنة أربع عشرة وتسعمائة، وخطب بجامعها عن قاضي قضاة الشافعية الولوي، وتوفي يوم الثلاثاء تاسع عشر جمادى الثانية سنة أربع وثلاثين وتسعمائة، ودفن بباب الفراديس. أحمد بن محمد المقدسي أحمد بن محمد بن محمد بن عمران الشيخ شهاب الدين المقدسي الحنفي. سمع بقراءة الشهاب أحمد بن عبد الحق السنباطي علي قاضي القضاة البرهاني القلقشندي في تاسع عشر شوال في سنة تسع عشرة وتسعمائة. أحمد بن محمد المرداوي الحنبلي أحمد بن محمد، الشيخ الفاضل الصالح الإمام شهاب الدين المرداوي، ثم الصالحي الحنبلي، المعروف بابن الديوان إمام جامع

أحمد بن محمد بن حمادة

المظفري بسفح قاسيون، قال ابن طولون: كان مولده بمردا، ونشأ هناك إلى أن عمل ديواناً بها، ثم قدم دمشق، فقرأ القرآن بها على الشيخ شهاب الدين الذويب الحنبلي لبعض السبعة، وأخذ الحديث عن الجمال بن المبرد وغيره، وتفقه عليه، وعلى الشهاب العسكري على مذهب الحنابلة، وولي إمامة جامعهم بالسفح نيفاً وثلاثين سنة، وتوفي ليلة الجمعة سابع عشر المحرم سنة أربعين وتسعمائة فجأة بعد أن صلى المغرب بجامع الحنابلة، ودفن بصفة الدعاء أسفل الروضة بسفح قاسيون، وكانت له جنازة حافلة، وولي الإمامة بعده بالجامع المذكور الشيخ موسى الحجاوي. أحمد بن محمد بن حمادة أحمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد، الشيخ الإمام العلامة الورع، الشيخ شهاب الدين ابن الشيخ شمس الدين ابن القاضي جمال الدين الأنطاكي، الحلبي، الحنفي، المعروف بابن حمادة. ولد بأنطاكية سنة إحدى وسبعين - بتقديم السين - وثمانمائة، ونشأ بها، وحفظ القرآن العظيم، وتخرج في صنعة التوقيع بجده، وأخذ النحو والصرف عن الشيخ علاء الدين العدسي الأنطاكي، والمنطق والكلام والأصول على الشيخ المعمر الصالح الفاضل محي الدين بن محمد بن صالح بن لحام عرف بابن عرب الأنطاكي الحنفي. تلميذ قاضي زاده الرومي، ثم قدم حلب ولازم فيها البدر السيوفي،. واشتغل بالقراءات على الشيخ محمد الداديخي، وتعاطى صنعة الشهادة، ثم صار مدرساً في توسعة جامع الصروي بحلب، وحج وأجاز له بمكة المحدث عبد العزيز بن الحافظ نجم الدين بن فهد، وبالقاهرة قاضي القضاة زكريا، والشيخ العلامة شهاب الدين القسطلاني، ولم يزل مكباً على التدريس والتحديث والتكلم على الأحاديث النبوية بالعربي والتركي بالجامع المذكور، وعرض عليه تدريس السلطانية بحلب، فأعرض عنه لاطلاعه على ما كتب على بابها من اشتراط كون مدرسها شافعياً، وولي خطابة الجامع المذكور، ثم أعرض عنها لخطابة الجامع الكبير بإبرام قاضي حلب المولى محيي الدين بن قطب الدين، ثم لما ولي المذكور قضاء العساكر الأناظولية ضم له مع الخطابة تدريس الحلاوية والإفتاء بحلب، ثم حج ثانياً سنة تسع وأربعين وتسعمائة، فتحرك عليه وجع النقرس وهو بدمشق، وكان يعتريه أحياناً، واستمر حتى دخل المدينة، فخف عنه، ثم توفي أخراً منه، وذكر ابن طولون في

أحمد بن محمد الشويكي الحنبلي

تاريخه أن صاحب الترجمة قدم مع الحاج إلى دمشق سنة خمس وتسعمائة، وأنه زار الشيخ محيي الدين بن العربي يوم الخميس ثالث عشر صفر منها قال: وسلم علي، وأفادني أن في البزازية ذكر أن القاضي إذا لم يعرف الحكم في المسألة واستفتى المفتي فأجاب بالخطأ ثم القاضي حكم به أن الإثم يكون على القاضي فقط لحكمه به قال وكان مفتي دمشق القطب ابن سان يشكره فذكرت ذلك له فذهب وسلم عليه قال ابن الحنبلي وكان له الخط الحسن والتحشية اللطيفة المحررة على هوامش الكتب والنسخ الكثير في أنواع العلوم لاسيما الفقه وكان منقطعاً غالباً في داره إلا في وقت مباشرة ما بيده من الوظائف ولم يكن له خبرة بأساليب أهل الدنيا مع الصلاح الزائد وله من التأليف منسك حمله على تأليفه، الشيخ الفاضل الملك، العارف بالله تعالى علاء الدين الأطاسي، الحمصي حين مر عليه بحمص شرحها ببيت المقدس سنة أربع وأربعين، وتوفي طلوع الفجر يوم عرفة سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة. قال ابن الحنبلي: وقد أخبرني الثقة بعد عودي من الحج سنة أربع وخمسين أنه علم قبل موته أنه سيموت، فأخذ في تلاوة القرآن على أحسن ما يتلى من رعاية التجويد، وأخذ يكرر قوله تعالى: " يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل، ويخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، ويرزق من يشاء بغير حساب " سورة البقرة: الآية 212، مرة بعد أخرى حتى انتقل إلى رحمة الله تعالى. أحمد بن محمد الشويكي الحنبلي أحمد بن محمد بن أحمد العلامة الزاهد أبو الفضل شهاب الدين الشويكي النابلسي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي مفتي الحنابلة بدمشق. ولد في سنة خمس أو ست وسبعين وثمانمائة تقريباً بقرية الشويكة من بلاد نابلس، ثم قدم دمشق، وسكن صالحيتها، وحفظ القرآن العظيم بمدرسة أبي عمر والخرقي، والملحة في النحو وغير ذلك، ثم سمع الحديث على ناصر الدين بن زريق، وحج وجاور بمكة، ثم حج وجاور بالمدينة سنتين، وصنف في مجاورته، كتاب التوضيح جمع فيه بين المقنع والتنقيح الأول للموفق بن قمامة والثاني للعلاء المرداوي، وزاد عليهما أشياء مهمة قال ابن طولون: وسبقه إلى ذلك شيخه الشهاب العسكري لكنه مات قبل إتمامه، فإنه وصل به إلى الوصايا وعصريه أبو الفضل بن النجار، ولكنه عقد عبارته انتهى. وقرأت بخط الشيخ محمد بن عبد الرحمن الصفوري أن الشيخ أحمد الشويك توفي بالمدينة المشرفة المنورة ودفن بالبقيع في ثامن عشر صفر سنة تسع وثلاثين وتسعمائة، ورؤي

أحمد بن محمد الحلبي النشابي

في المنام. فقال: اكتبوا على قبري هذه الآية " ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله " سورة النساء: الآية، وقال ابن طولون في تاريخه في وقائع سنة تسع - بتقديم التاء - وثلاثين وتسعمائة في يوم الجمعة سلخ جمادى الأولى صلي عليه غائبة بالأموي، وعلى العلامتين شهاب الدين النشيلي الشافعي. توفي بمكة وشهاب الدين الشويكي توفي بالمدينة. أحمد بن محمد الحلبي النشابي أحمد بن محمد الشيخ شهاب الدين النشابي الحلبي، الهمداني، الخرقة، الشافعي، ثم الحنفي أحد مريدي السيد عبيد الله التستري الهمداني الطريقة. قال ابن الحنبلي: كان منور الشيبة، حسن الهيئة، جهوري الصوت، وكان يقرأ الحديث في بعض بيوت حلب. قال: وكان عنده خفة روح، ومزح، وبذل نفس وطرح، توفي في سنة أربعين وتسعمائة. أحمد بن محمد الصفوري أحمد بن محمد، الشيخ الفاضل شهاب الدين ابن الشيخ قطب الدين الصفوري، الصالحي، الشافعي. كان ذكياً ينظم الشعر الحسن، وسمع على ابن طولون في الحديث، وأضر قبل بلوغه، وكان يقرأ في البخاري في المواعيد، ويخطب عن ظهر قلب بعد أن أضر، وتوفي يوم الاثنين سادس عشر رجب سنة ثمان وأربعين وتسعمائة، وقد بلغ الأربعين، وصلي عليه بالجامع الجديد بالصالحية، وكان جنازته حافلة. ودفن عند جده بتربة السبكيين بالسفح. أحمد بن محمد المنزلاوي أحمد بن محمد بن داود، الشيخ الفاضل شهاب الدين بن داود المنزلاوي. كان ملازماً للعمل بالكتاب والسنة لا يزيغ عنها في شيء من أحواله، وكان يدرس العلم ويقرىء كتب التصوف في زاويته على بحيرة دمياط وتنيس، وكان يقول: من أراد حفظ السنة فليعمل بها، فإنها تتقيد عنده ولا ينساها، وكان مورداً للضيوف الواردين من دمياط والصادرين. توفي سنة إحدى وخمسين وتسعمائة عن نيف وثمانين سنة. أحمد بن محمد البصروي أحمد بن محمد بن علي، القاضي شهاب الدين الخطيب بن جلال الدين ابن العلامة علاء الدين البصروي الحنفي، بخلاف أبيه وجده. فإنهما

أحمد بن محمد بن المؤيد

شافعيان ولي قضاء قارة ثم الصلت وعجلون، قرأ على والده، وشيخ الإسلام الوالد وغيرهما، وتوفي سنة ثلاث وستين وتسعمائة، وتاريخ وفاته قاضي أحمد. أحمد بن محمد بن المؤيد أحمد بن محمد بن محمد أبي بكر، الشيخ شهاب الدين، الشهير بابن المؤيد أحد العدول بدمشق، بل عين الموقعين بالشام، كان من أخصاء شيخ الإسلام الوالد، وأعيان طلبته. مولده سنة ثمان وستين وثمانمائة، وتوفي كما رأيته بخط الشيخ يحيى النعيمي نهار الاثنين مستهل ذي القعدة سنة سبع وأربعين وتسعمائة. أحمد بن محمد الجعفري أحمد بن محمد بن محمد بن عبد القاهر، الشيخ عز الدين ابن قاضي نابلس الجعفري، الحنبلي أحد العدول بدمشق. مولده سنة أربع وستين وثمانمائة، أو سنة ثلاث وستين، أخذ عن جماعة منهم شيخ الإسلام الوالد. سمع منه كثيراً ونقل ابن طولون عنه أن من أشياخه الكمال بن أبي شريف، والبرهان البابي، والشيخ علي البغدادي، وأجاز له الشيخ البارزي، وكتب بعض مؤلفاته، وكان ممن انفرد بدمشق بجودة الكتابة، وإتقان صنعة الشهادة. توفي ليلة الاثنين مستهل ربيع الآخر سنة أربعين وتسعمائة، ودفن بالروضة بسفح قاسيون رحمه الله تعالى. أحمد بن إبراهيم الشماع أحمد بن إبراهيم بن أحمد، الشيخ العالم الزاهد شهاب الدين. أبو العباس الشماع، الحلبي، الشافعي، الشهير بابن الطويل. كان شيخاً صالحاً، حسن السمت. قرأ في سنة سبع عشرة تسعمائة على الحافظ عبد العزيز بن محمد بن فهد المكي شيئاً من كتب الحديث، وسمع عليه غالب البخاري، وأجاز له، وألبسه الخرقة خرقة التصوف، وكان يميل إلى كلام القوم، وكتب الوعظ، وكان يأكل الخبز اليابس منقوعاً بالماء، وإذا حصل له مأكل نفيس آثر به الفقراء، وترك كل قوت حلب قدر ست عشرة سنة لما بلغه من بيع ثمرها قبل بدو صلاحه، وتوفي سنة إحدى وستين وتسعمائة. أحمد بن إبراهيم الأخنائي أحمد بن إبراهيم، الشيخ شهاب الدين ابن القاضي برهان الدين الأخنائي، الشافعي أحد أصلاء دمشق. قال والد شيخنا: كان قليل

أحمد بن أي بكر الحبيشي

المخالطة، ملازماً للأموي. قلت: ولعل هذا هو العفو عنه في ترك عيادته لشيخ الإسلام الوالد حين مرض مرضاً طويلاً في سنة خمس وخمسين وتسعمائة مع أنه جارنا بيته قريب، وكان قد عاد الوالد غالب أعيان دمشق، ولم يعده صاحب الترجمة، وقيل له في ذلك فقال أنا ... فقال شيخ الإسلام الوالد في ذلك: فديت جاراً جنبا ... نسل الكرام أحمدا مرضت دهراً طائلاً ... فلم يعدني أحمدا وقال: إني جنب ... معتذراً مما بدا فقلت: إني ارثا ... لم تك قط مسجدا توفي رحمه الله تعالى - يوم الاثنين ثاني عشري ربيع الأول سنة ست وستين وتسعمائة، ودفن عند والده بالقرب من جامع جراح رحمه الله تعالى رحمة واسعة. آمين. أحمد بن أي بكر الحبيشي أحمد بن أبي بكر الشيخ شهاب الدين أبو النجيب ابن الشيخ القدوة تقي الدين الحبيشي الحلبي. توفي سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة. قال ابن الحنبلي: ويموته انقرض الذكور من بيت الحبيش بحلب. أحمد بن أحمد الباجي أحمد بن أحمد، الشيخ العلامة شهاب الدين الباجي - بالموحدة - الأنطاكي الخنفي المشهور بابن كلف، ولي قضاء العسكر بماردين في زمان السلطان قاسم بيك، ثم ترك ذلك، وعاد إلى نشر العلم بأنطاكية، ثم درس بحلب. قال ابن الحنبلي: واجتمعت به وهو معتكف بالجامع الكبير، ولم يتفق لي القراءة عليه، ثم ارتحل إلى بيت المقدس، فأعطي تدريس الفنارية قال: وكان عالماً عاملاً، مفنناً، مطرحاً للتكلف، يلبس الصوف، ويلف على رأسه المئزر. توفي سنة أربعين وتسعمائة ببيت المقدس. قلت: وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى من السنة المذكورة، وسماه ابن طولون محمد ... أحمد بن الكيال أحمد بن بركات، الشيخ شهاب الدين بن الكيال الشافعي. خطيب الصابونية بعد أخيه، وناظر أوقاف سيدي سعد بن عبادة. توفي يوم الأربعاء

أحمد بن إسماعيل عتور

خامس رمضان سنة ست وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن إسماعيل عتور أحمد بن إسماعيل، الخواجا الكبير الصالح المتدين المتصوف بل الولي المشهور شهاب الدين ابن الخواجا عماد الدين بن عتور، الشافعي، كان من جماعة الشيخ خليل العمادي. وولد الشيخ محمد، واجتمع بسيدي عبد القاهر الدشطوطي وغيره من أولياء القاهرة، ثم صحب سيدي أحمد المناوي، وصار له معه ماجريات وخوارق، ولما سافر الميداني إلى مصر بقيت مراسلاته واصلة إلى سيدي أحمد بن عتور. توفي - رحمه الله تعالى - في سنة خمس وأربعين وتسعمائة. أحمد بن بدر الطيبي أحمد بن بدر بن إبراهيم، الشيخ شهاب الدين الطيبي الشافعي المقريء والد إمام الجامع الأموي وواعظه، شيخ الإسلام الطيبي المشهور تلا بالسبع على العلامة إبراهيم بن أحمد بن محمود القدسي كاتب المصاحف المشهور، وعلى إمام الجامع الأموي غرس الدين خليل، وانتهى إليه علم التجويد في زمانه، وكان يتسبب بدكان له بباب البريد، ويقريء الناس بها، وتوفي ليلة الخميس سادس جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة، وصلي عليه بالأموي، ودفن ليلة الخميس بباب الفراديس قال ابن طولون: ولم أحضر جنازته لحصول مطر غزير حينئذ بعد توقعه أياماً حتى استسقى الخطباء والصالحون رحمه الله تعالى رحمة واسعة. أحمد بن حسين العينتابي أحمد بن حسين الشيخ، المعمر، المنور المجرد العينتابي الأصل الحلبي، المعروف بصاش بي أحمد لأنه كان يربي شعر رأسه ويدوه أحمد كانت له سياحة في الجبال والقفار مدة مديدة، وكان رجلاً أمياً إلا أنه كان صالحاً، سليم الصدر، معتقداً في العلماء والأولياء، أدرك ولي الله دده عمر الروشني الخلواتي التبريزي ولم يجتمع به إلا أنه صحب مريده حسن جلبي الآمدي بحلب، وهو الذي أمره بحلق رأسه، وصيره من مريديه، وكان يتواجد في ذكره، ويغيب فيه عن نفسه، وكان عيسى باشا نائب الشام يعتقده كثيراً. توفي في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وتسعمائة، وصلى عليه بالجامع الكبير خطيبه الشمس الأنطاكي رحمه الله تعالى. أحمد بن حسين الجبائي أحمد بن حسين بن حسن بن محمد، الشيخ الصالح القدوة ولي الله تعالى العارف به، الشيخ أحمد ابن الشيخ سعد الدين الجبالي الدمشقي القبيباتي شيخ بني سعد الدين بدمشق، كان له - رحمه الله تعالى - أوقات يقيم فيها الذكر

أحمد بن حسين البيري

والسماع، ويكتب النشر والحجب على طريقة أهله المعروفة، وكان له الكشف التام والكرامات الكثيرة، وكان له سخاء وقرى للورادين على عادتهم سمعت الأستاذ العارف بالله تعالى، الشيخ أحمد ابن الشيخ أبي بكر العاتكي، المعروف باليتيم. كان من فقراء المذكور، ومن خلفاء أخيه، الشيخ سعد الدين. يقول: من أراد أن يطلع على كرامات بني سعد الدين وخوارقهم، فإن لهم كرامتين ظاهرتين السفرة والحلقة، أما السفرة فإنها موضوعة لكل وارد عليهم من أمير أو فقير، وأما حلقتهم فإنها سالمة من المنكرات لا يحضر فيها أمرد، ولا يثبت فيها متصنع، ولا لاعب، وقد رأيت لبعض الفضلاء أبياتاً في مدح الشيخ أحمد مؤرخة في شهر رجب سنة إحدى وستين وتسعمائة وهي: يا سائق الأظغان في البيداء ... والصبح شق غلالة الظلماء ناشدتك الرحمن يا حادي إذا ... وافيت وادي جلق الفيحاء وبدت قباب كالعرائس تنجلي ... عجباً، فعج بالقبة البيضاء واقصد لباب الله، وادخل في الحمى ... وابسط بساط مسرة وهناء وانزل بقوم لا يضام نزيلهم ... نسل الكرام، وملجأ الغرباء هم آل سعد الدين بيت طاهر ... ولهم كرامات، وحسن ثناء وبدا شهاب الجود منهم في الورى ... بمكارم، فمنهل كالأفواء شيخ الشيوخ ومن تسمى أحمداً ... وسما على العباد والصلحاء مولى جليل القدر زاك أصله ... ذو نسبة فاقت على النسباء كم من صريع قد أقام بحاله ... والسر يسري منه للفقراء في سائر الأقطار شاع حديثه ... بمكارم جلت عن الإحصاء والله يبقيه ويبقي أهله ... ما لاح برق مشرق بسماء توفي - رحمه الله تعالى - يوم الجمعة من شهر شعبان المبارك سنة ثلاث وستين وتسعمائة، وأخلف عنه في المشيخة أخوه الشيخ سعد الدين، وصلى عليه قاضي القضاة محمد بن عبد الكريم في جمع كثير، وجم غفير، ودفن بتربة الشيخ تقي الدين الحصني خارج باب الله. أحمد بن حسين البيري أحمد بن حسين بن حسن بن عمر، الشيخ العلامة

أحمد بن حمزة عرب جلبي

شهاب الدين ابن الشيخ العارف بالله تعالى بدر الدين البيري الأصل، الحلبي الشافعي الصوفي، مولده سنة سبع وتسعين - بتقديم السين الأولى وتأخيرها في الثاني - وثمانمائة لقنه الذكر وهو صغير الشيخ علاء الدين الأنطاكي الخلوتي سنة ست وتسعمائة، وألبسه الخرقة والتاج الأدهميين شيخ صالح يعرف بالشيخ عبد الله الأدهمي، وكان عنده وسوسة زائدة في الطهارة، وكان لا يلبس الملبس الحسن، وإنما كانت له جوخة بيضاء لا يغيرها، وخرقة بيضاء يضعها تحت عمامته، ويعطفها عليها ذكره ابن الحنبلي، وقد قصر في ترجمته كثيراً، وكان يقصر من مقامه، وقد ذكر شيخ الإسلام الوالد صاحب الترجمة في فهرست تلاميذه، وأثنى عليه كثيراً، وذكر أنه اجتمع به في رحلته من حلب إلى دمشق، وقرأ عليه مدة أولها سابع شهر ربيع الأول، وآخرها ثامن عشري جمادى الأولى من سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، فقرأ عليه في الحديث جانباً من البخاري من أوله إلى باب حسن إسلام المرء، ومن مسلم من أوله إلى أثناء الإيمان، وحديثين في أثنائه، ومن جامع الترمذي من أوله إلى منتهي ثلاثة أبواب منه، ومن سنن أبي داود كتاب العلم بتمامه، وقرأ عليه في الأصول أوائل منظومة والده الشيخ رضي الدين الغزي المسماة، بالدرر اللوامع في نظم الجوامع وغالب شرح الورقات للمحلي، وفي الفقه من أول المنهاج إلى باب التيمم قراءة تحقيق، وأوائل الإذكار للنووي، ومنظومة المجد بن الطمس كاملة، وتأليفه المسمى بالبرهان الداحض في ... إثبات الوطء للحائض، ومن أول تأليفه المسمى بالدر النضيد، في أدب المفيد والمستفيد إلى الباب الرابع منه وتأليفه اللمعة، في خصائص يوم الجمعة، وتأليفه نظم الدرر، في موافقات عمر، وغير ذلك، وكتب له الشيخ الوالد إجازة حافلة بما قرأه، وبالأذن بالإفتاء والتدريس. ولما مر شيخ الإسلام بحلب في رحلته إلى الروم سنة ست وثلاثين وتسعمائة أنزله المذكور بزاوية والده، وأخلى له أمكنة متعددة، وقام في حقه أحسن القيام. وأثنى عليه الشيخ الوالد في الرحلة كثيراً، ونظم فيه مقطوعاً لطيفاً أورده في إجازته فقال: فهو الشهاب شبيه البدر في شرف ... وفي علاه وتكميل وتنوير والبحر فضلاً وإفضالاً فيا عجباً ... للبحر كيف انتمى حقاً إلى البير أحمد بن حمزة عرب جلبي أحمد بن حمزة المولى ابن المولى، العالم الفاضل المشهور بعرب جلبي أحد موالي الروم، واشتغل، وحصل، وخدم المولى موسى

أحمد بن حمزة بن قيما

جلبي ابن المولى أفضل زاده، وهو مدرس إحدى الثماني، ثم رحل إلى مصر في دولة السلطان بايزيد خان، وقرأ على بعض علمائها في الكتب الستة وأجازه، وفي التفسير والفقه والأصول والهندسة والهيئة، وقرأ المطول بتمامه، ودرس بمصر، وأقرأ الطلبة هناك في العضد والمطول وغيرهما، واشتهرت فضائله بالقاهرة، وشهدوا له بالفضل، ثم جاء إلى بلاد الروم، فبنى له الوزير قاسم باشا مدرسة بالقرب من مدرسة أبي أيوب الأنصاري - رضي الله تعالى عنه - ودرس بها مدة عمره، وكان أكثر اشتغاله بالفقه وتفسير القاضي البيضاوي، وكان عالماً عابداً، محباً للخير، صحيح العقيدة، حسن السمت، وانتفع به كثير من الناس. توفي سنة خمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن حمزة بن قيما أحمد بن حمزة الشيخ المعمر شهاب الدين القلعي الحلبي الحنفي، ثم الشافعي، المشهور بابن قيما، اعتنى بالقراءات، وتزوج بابنة الشيخ نور الدين محمود البكري الشافعي خطيب المقام، فانتقل إلى مذهبه، فصار شافعياً بعد أن كان حنفياً هو وأبوه، وقرأ عليه بحلب القرآن لأبي عمرو، وأخذ أيضاً بالقاهرة عن النشار المقريء صاحب التآليف المشهورة. وتوفي بحلب في أول ذي الحجة سنة خمسين وتسعمائة. أحمد بن حمزة بن بليس أحمد بن حمزة، المولى الفاضل بير أحمد ابن المولى نور الدين، الشهير بابن بليس جلبي، اشتغل في العلم، وحصل ودرس ببعض المدارس، ثم بمدرسة أسكوب، ثم بمدرسة مصطفى باشا بالقسطنطينية، ثم صار قاضياً بأسكوب، ثم قبرس، ثم بأدرنة، ثم بدار الحديث بالمدينة المنورة، ثم بإحدى الثماني، ثم صار قاضياً بمصر، ثم عزل عنها، وأعطي تقاعداً بتسعين عثمانياً، ثم أعيد إلى قضائها ثانياً، ثم أعطي تقاعداً عنها بمائة عثماني، ومات على ذلك، وكان ذا ثروة عظيمة، وجمع كتبا كثيرة، ولم يصنف شيئاً، توفي في سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن محمد المنزلاوي أحمد بن محمد بن داود، الشيخ الصالح الورع الزاهد محيي السنة المحمدية في دمياط، والمنزلة الشيخ شهاب الدين المنزلاوي. كان محدثاً فقيهاً، صوفياً كريماً، يخدم الفقراء بنفسه كما كان والده، وكان يقري الضيوف كثيراً، وتظهر عليه الخوارق في ذلك، فربما وضع الماء والأرز في القمر، فيجعل الله تعالى فيه الدسم من لبن وغيره حتى، يقول الضيف: ما ذقت ألذ منه، وربما ملأ الإبريق من البئر شيرجاً أو عسلاً

أحمد بن سليمان بن كمال باشا

للضيوف، وكان له هيبة عند الحكام، وكان قائماً بشعار السنة في بلاد المنزلة، وإزالة المنكر بحيث لا يقدر أحد أن يتظاهر فيها بمعصية، أو ترك صلاة. توفي سنة إحدى وخمسين وتسعمائة، ودفن عند والده بالسمية عن نيف وثمانين سنة. أحمد بن سليمان بن كمال باشا أحمد بن سليمان العالم العلامة، الأوحد المحقق الفهامة، المولى شمس الدين أحد موالي الرومية الشهير بابن كمال باشا صاحب التفسير، كان جده من أمراء الدولة العثمانية، واشتغل هو بالعلم وهو شاب، ثم ألحقوه بالعسكر، فحكى عن نفسه أنه كان مع السلطان بايزيد خان في سفر، وكان وزيره حينئذ إبراهيم باشا ابن خليل باشا، وكان في ذلك الزمان أمير ليس في الأمراء أعظم منه يقال له: أحمد بيك بن أورنوس. قال: فكنت واقفاً على قدمي قدام الوزير، وعنده هذا الأمير المذكور جالساً إذ جاء رجل من العلماء رث الهيئة، رثي اللباس، فجلس فوق الأمير المذكور، ولم يمنعه أحد عن ذلك، فتحيرت في هذا الأمر، وقلت لبعض رفقائي: من هذا الذي تصدر على مثل هذا الأمير؟ قال: هو رجل عالم مدرس بمدرسة فلبه يقال له: المولى لطفي قلت: كم وظيفته؟ قال ثلاثون درهماً. قلت: فكيف يتصدر على هذا الأمير ووظيفته هذا القدر. فقال رفيقي: العلماء معظمون لعلمهم، فإنه لو تأخر لم يرض بذلك الأمير، ولا الوزير قال: فتفكرت في نفسي، فوجدت أني لا أبلغ رتبة الأمير المذكور في الإمارة، وأني ولو اشتغلت بالعلم يمكن أن أبلغ رتبة هذا العالم، فنويت أن أشتغل بالعلم الشريف، فلما رجعنا من السفر وصلت إلى خدمة المولى المذكور، وقد أعطي عند ذلك مدرسة دار الحديث بأدرنة، وعين له كل يوم أربعون درهماً. قال: فقرأت عليه حواشي المطالع، وكان قد اشتغل في أول شبابه في مبادىء العلوم كما سبق، ثم قرأ على المولى القسطلاني، والمولى خطيب زاده، والمولى معروف زاده، ثم صار مدرساً بمدرسة علي بيك بمدينة أدرنة، ثم بمدرسة أسكوب، ثم ترقى حتى درس بإحدى الثماني، ثم بمدرسة السلطان بايزيد بأدرنة، ثم صار قاضياً، ثم أعطي قضاء العسكر الأناظولي، ثم عزل عنه، وأعطي دار الحديث بأدرنة، وأعطي تقاعداً كل يوم مئة عثماني، ثم صار مفتياً بالقسطنطينية بعد وفاة المولى علي الجمالي، وبقي على منصب الإفتاء إلى وفاته ذكره في الشقائق وقال: كان من العلماء الذين صرفوا جميع أوقاتهم إلى العلم، وكان يشتغل به ليلاً ونهاراً، ويكتب جميع ما سنح بباله وقد فتر الليل والنهار، ولم يفتر قلمه، وصنف رسائل كثيرة من المباحث المهمة الغامضة، وعدد رسائله قريب من مئة، وله من التصانيف تفسير لطيف حسن قريب من التمام اخترمته المنية، ولم يكمله، وله حواش على الكشاف، وله شرح بعض

أحمد بن منلا شيخ خجا كمال

الهداية، وله كتاب في الفقه متن، وشرح سماه بإصلاح الإيضاح وله كتاب في الأصول متن، وشرح سماه تغيير التنقيح وله كتاب في علم الكلام كذلك سماه تجريد التجريد وله كتاب في المعاني والبيان كذلك، وكتاب في الفرائض متن، وشرح كذلك، وله حواش على شرح المفتاح للسيد الشريف، وحواش على التلويح، وحواش على التهافت للمولى خواجه زاده، وكانت وفاته سنة أربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق، وعلى أحد المدرسين الثمانية محمد بن قاسم يوم الجمعة ثاني ذي القعدة سنة أربعين من السنة المذكورة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. أحمد بن منلا شيخ خجا كمال أحمد بن منلا شيخ المعروف بخجا كمال هكذا سماه ابن طولون، وسماه الوالد في فهرست تلاميذ كمال بن أحمد ناظر النظار بدمشق، وهو أول من ولي نظارة النظار بها، ومتولي الجامع الأموي، والتكية السليمية، والبيمارستان إلى جانبها المعروف بشيخ كمال العجمي اللالائي نسبة إلى لألأقرية من أعمال تبريز، ثم التيريزي الشافعي. كان له فضيلة ومشاركة أخذ عن شيخ الإسلام الجد، والوالد وعن غيرهما. قال الوالد: كان فيه محبة لأهل الخير، واعتقاد في الصالحين، ومن يتوسم فيه الخير والبركة، وربما انتقد عليه بعض الناس أموراً لتعلقه بالولايات، وأنت خبير بأن رضى الناس غاية لا تدرك. قلت: ولو لم يكن له من المكرمة إلا مصاهرة شيخ الإسلام الجد له كما صاهره القاضي المعتبر برهان الدين الأخنائي، والقاضي أمين الدين بن عبادة لكفاه توثيقاً وتعديلاً. قال ابن طولون: بعد أن ذكر ما انتقده عليه بعض الناس من أحداث وظيفة نظر النظار بدمشق، ثم حدثت بعد ذلك بمصر، ثم بحلب، ومن ترتيب، أخذ زوائد أوقاف الجوامع والمدارس والربط ونحوها إلى خزينة السلطان في كل عام، ومن تكبره على بعض مرتزقتها. قال: لكنه كان محباً للمجذوبين، كثير الإحسان إليهم كالشيخ عمر الحار، والشيخ الصالح علي ابن مكين وغيرهما. قال: وصار الشيخ تقي الدين القاريء الشافعي يفتي بعد موت الكمال، ويصرح بأنه كان رافضياً بسبب أن خاتمه كان مكتوباً عليه عشق علي قلت: ولا يقبل جرح الشيخ تقي الدين فيه لأنه كان وقع بينه وبينه بسبب إجارة استأجرها الشيخ تقي الدين من أوقاف المقرئين، وعارضه فيها الكمال كما أشار الشيخ تقي الدين نفسه إلى ذلك في قصيدة له رائية يشكو فيها الكمال إلى عيسى باشا، وقد امتحن الشيخ تقي الدين - رحمه الله تعالى - بسبب تلك الإجارة حتى سجن، وسعى في خلاصه والد شيخنا وغيره، ثم أن والد شيخنا أثنى على صاحب الترجمة لما أن حرق سوق باب البريد، واحترق أبواب الجامع معه. قال: وكان المتكلم عليه

أحمد بن عبد الله قراأوغلي

الخجا العجمي من قبل خرم باشا، وأحسن النظر فيه، وعمر ما احترق من مال الوقف الذي كان مرصداً عنده، والحالة أنه سرق له مال من منزله، وتحدث الناس أنه يدعي سرقة المال المرصد، ولو ادعاه لصدقوه. لكنه قال: مال الجامع محفوظ لم يسرق، فازداد الناس في مدحه، وذكر عفته، فإنه لم يقطع على المستحقين شيئاً، بل هو الذي رتب القراء تحت القبة، واستمر وسببه اطلاعه على الوقف، وكانت وفاة الكمال في ليلة الخميس تاسع عشري ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وتسعمائة بعد أن تمرض مدة، واختلفت عليه الأمراض، وتصدق قبل موته بعشرة آلاف عثماني على الفقراء، وأعتق مماليكه، ودفن بباب الصغير بالقرب من قبر السيد كمال الدين بن حمزة تجاه باب مزار السيد بلال رضي الله تعالى عنه. أحمد بن عبد الله قراأوغلي أحمد بن عبد الله، المولى الفاضل أحد الموالي الرومية الشهير بقراأوغلي، ونقلت اسمه واسم أبيه من الشقائق النعمانية، وقيل: اسمه عبد الأحد، وقيل: عبد الأحد اسم أبيه، والأول أصح لأنة كما قال صاحب الشقائق: كان من عتقاء السيد إبراهيم الأماسي أحد الموالي، فقرأ على مولاه المذكور، ثم درس ببعض نواحي أماسية، ثم بمدرسة أماسية، ثم بأبي أيوب الأنصاري، ثم بإحدى الثماني، ثم أعطي قضاء دمشق ودخلها في إحدى الجمادين سنة أربعين، وهو شيخ كبير، وكان الغالب عليه محبة الصوفية والفقراء، ونادى بدمشق أن لا تخرج إمرأة طفلة إلى الأسواق. كان محباً للصلحاء وقوراً، صاحب شيبة حسنة، صحيح العقيدة، محمود السيرة، أديباً لبيباً، وقال ابن طولون بعد أن وصفه بالعلامة، وسماه أحمد بن عبد الأحد: وكان منور الشيبة، محباً للصالحين غير أن فوق يده أيدياً، وكان ذلك يمنعه من سماع كلمته، ونفوذ أمره، وكانت وفاته يوم الثلاثاء حادي عشري ذي الحجة الحرام سنة إحدى وأربعين وتسعمائة، وقرأت وفاته في الشقائق النعمانية، فذكر أنه مات سنة اثنتين وأربعين وهو قاض بدمشق، والأصح ما تقدم كما حررته من خط ابن طولون في تاريخه قال: وصلي عليه بباب العنبرانية يعني من الجامع الأموي قال: وكان الإمام بهم الشيخ ركن الدين محمد الكوسوي الخراساني الحنفي النازل بالبادرائية، وهو مؤاخ في الله الشيخ محمد الأيجي الشبرازي الشافعي انتهى. ووقع لبعض من ألف التاريخ ممن لا يوثق به أن الذي صلى عليه إماماً الشيخ زين الدين الكفرسوسي، وهو خطأ بلا شك قال ابن طولون: ودفن بباب الصغير عند سيدي بلال بوصية منه، بعد ما زار الصالحين بدمشق في يوم عرفة، حتى ذهب إلى برزة وزار المقام، ثم وقع في

أحمد بن عبد الأول القزويني

المرض يوم عيد النحر، ثم لما تزايد به مرضه جمع له أحد وأربعون نفساً اسم كل واحد منهم محمد وقرأوا سورة الأنعام، ودعوا له بالشفاء، ثم لما تزايد به المرض قرب قربانات من الغنم، وأطلق جماعات من المحبوسين، ووزن عنهم وأعتق أرقاءه وكانوا نحو ثلاثين رقبة، ووقف كتبه وجعل مقرها بتربة استاذه، قراأوغلي عند أيوب الأنصاري بالروم، وأوصى بالودائع، وبكفارات الصلوات وأقبل على الله تعالى وصار يتلو أوراده إلى أن وقع في النزع رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. أحمد بن عبد الأول القزويني أحمد بن عبد الأول، الشيخ الإمام العلامة المحقق. والمفنن شهاب الدين منلا أحمد القزويني، المشهور في دياره بالسعيدي نزيل دمشق سئل عن مولده، فأخبر أنه ولد سنة اثنتين وتسعين - بتقديم التاء - وثمانمائة، وأن له نسباً إلى سعيد بن زيد أحد العشرة - رضي الله تعالى عنهم - وذكر أنه ختم القران، وهو ابن ست سنين وأربعة أشهر، وأربعة أيام، وأنه أخذ الفرائض عن أبيه، وأفتى فيها صغيراً سنة إحدى وتسعمائة، وله مؤلفات منها شرح إيساغوجي ألفها ببلاده، ثم دخل بلاد المغرب واستوطن بدمشق، وحج منها، فاصطحب مع الشيخ محمد الإيجي، ولما حج أوصاه الإيجي أن يسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم لدى قبره الشريف، وكان من عادته أن يأمر من توجه إلى الحج بالسلام عليه، فلما عاد أخبره بأنه نسي الوصية، وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فتذكر فقال له: إن فلاناً أوصاني أن أسلم عليك، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الشيخ محمد الإيجي: فقلت لمنلا أحمد، فهلا صليت عليه ساعتك كما أوصيتك وتركت الحكاية. قلت: العجب من الشيخ محمد الإيجي في سؤاله عن ذلك ومن منلا أحمد في عدم إجابته عن ذلك. فإن المراد بالسلام عليه إبلاغه السلام صلى الله عليه وسلم وقد حصل له بذلك أن فلاناً أوصاني أن أسلم عليك، ثم رحل منلا أحمد إلى حلب فأكرم مثواه دفتر دارها اسكندر بيك، ثم سافر معه وجمعه بالسلطان سليمان وأعطي بالقسطنطينية تدريساً جليلاً، وسافر مع السلطان إلى قتال الأعاجم، وعاد معه وألف هناك كتباً منها حاشيته التي على شرح فرائض السراج للسيد ناقش فيها ابن كمال باشا، ثم عاد إلى دمشق سنة أربع وستين وتسعمائة قال والد شيخنا: واشترى بيت ابن الفرفور وعمر عمارة عظيمة، وجعل فيها حماماً وبيوتاً كثيرة بالسقوف الحسنة، والأرائك العظيمة، وغرس أشجار مشتملة على فواكه وزين أرضها بالزراعة والرياض والرياحين ومات وأرباب الصنائع يشتغلون

أحمد بن عبد الحق السنباطي

عنده في أنواع العمائر، وكانت وفاته في ليلة الأحد رابع عشر شعبان سنة ست وستين وتسعمائة، وصلي عليه قبيل الظهر في الجامع الأموي، ودفن بالقلندرية بمقبرة باب الصغير وكان له جنازة عظيمة حملها الأكابر منهم قاضي القضاة ابن المفتي المولى أبي السعود وقيل: إنه غسله مع من غسله، وترك بنتاً عمرها فيما قيل سبع سنوات، وابناً عمره سنة، ولم يولد له في جميع عمره سواهما، ومات وله من العمر أربع وسبعون سنة. أحمد بن عبد الحق السنباطي أحمد بن عبد الحق بن محمد، الشيخ الإمام العالم العلامة، الشيخ شهاب الدين ابن الشيخ عبد الحق السنباطي، المصري، الشافعي الواعظ بجامع الأزهر. أخذه عن والد وغيره، وكان معه بمكة في مجاورته بها سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، ووعظ بالمسجد الحرام في حياة أبيه، وفتح عليه في الوعظ حينئذ، وهو الذي تقدم للصلاة على والده حين توفي بمكة المشرفة كما تقدم، وقال الشعراوي: لم نر أحداً من الوعاظ. أقبل عليه الخلائق مثله، وكان إذا نزل من فوق الكرسي يقتتل الناس عليه. قال: وكان مفنناً في العلوم الشرعية، وله الباع الطويل في الخلاف، ومعرفة مذاهب المجتهدين، وكان من رؤوس أهل السنة والجماعة، وكان قد اشتهر في أقطار الأرض كالشام، والحجاز، واليمن، والروم، وصاروا يضربون به المثل، وأذعنوا له علماء مصر الخاص منهم، والعام. وذكر ابن طولون أنه ولي تدريس الخشابية بمصر بعد الشيخ الضيروطي، وهي مشروطة لاعلم علماء الشافعية كالشامية البرانية بدمشق، وعمل له الحسد النكاية عند نواب مصر، ونجاه الله تعالى، وهدم كذا كذا كنيسة وبيعة. قلت: وكان - رحمه الله تعالى - يشدد في قهوة البن، ويقول بتحريمها، وتبعه جماعة من طلبة العلم بمصر كما كان والده شيخنا الشيخ يونس العيثاوي يشدد فيها بدمشق، وتبعه بعض جماعة من طلبة العلم بها حتى ضمنها بعض مؤلفاته، ثم انعقد الآن الاجماع على حلها في ذاتها، وأما في الإجتماع على إدارتها كالخمر، وضرب الآلات عليها، وتناولها من المرد الحسان مع النظر إليهم، وغمز بعض أعقابهم، فلا شبهة في تحريمه، وكانت وفاة الشيخ شهاب الدين ابن عبد الحق في أواخر صفر سنة خمسين وتسعمائة. قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: ولما مات أظلمت مصر لموته، وانهدم ركن عظيم من الدين. قال: وما رأيت في عمري كله أكثر خلقاً من جنازته إلا جنازة الشيخ شهاب الدين الرملي لكونهم صلوا عليه في الجامع الأزهر يوم الجمعة، وصلي عليه غائبة في جامع دمشق يوم الجمعة ثاني عشري ربيع الأول سنة خمسين المذكورة رحمه الله تعالى.

أحمد بن عبد العزيز الدمشقي

أحمد بن عبد العزيز الدمشقي أحمد بن عبد العزيز بن محمد القاضي، شهاب الدين أبو العباس الدمشقي، المالكي ابن قاضي القضاة شعيب الشافعي. كان من رؤوساء المدرسين بالجامع الأموي، وكان عنده تواضع. قال ابن طولون: أوقفني على منظومته في علم المعاني والبيان. حج في آخر عمره، ورجع من الحج متضعفاً، واستمر مدة إلى أن توفي ليلة الجمعة خامس عشر المحرم سنة أربع وثلاثين وتسعمائة، وهو في سنه السبعين، وصلي عليه في الأموي، ودفن بباب الصغير. أحمد بن عبد العزيز الفتوحي الحنبلي أحمد بن عبد العزيز بن علي، الشيخ الإمام العلامة، شيخ الإسلام قاضي القضاة شهاب الدين الفتوحي الحنبلي، المعروف بابن النجار قاضي قضاة الحنابلة بالديار المصرية. مولده سنة اثنتين وستين وثمانمائة ومشايخه تزيد على مائه وثلاثين شيخاً وشيخة، وكان عالماً عاملاً متواضعاً، طارحاً للتكلف. سمع منه ابن الحنبلي حين قدم حلب مع السلطان سليم خان سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة الحديث المسلسل بالأولية، وقرأ عليه في الصرف، وأجاز له، ثم أجاز له بالقاهرة إجازة تامة بجميع ما يجوز له، وعنه روايته بشرطه كما ذكره في تاريخه، وذكر والد شيخنا أنه لما دخل دمشق صحبة الغوري هو وقاضي القضاة كمال الدين الطويل الشافعي، وقاضي القضاة عبد البر بن الشحنة الحنفي، وقاضي القضاة المالكي، وشيخ الإسلام جمال الدين العباد هرع إليهم جماعة للأخذ عنهم لعلو أسانيدهم، وكان ذلك في أوائل جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وذكر الشعراوي أن صاحب الترجمة لم يل القضاء إلا بعد إكراه الغوري له المرة بعد الأخرى، ثم ترك القضاء في الدولة العثمانية، وأقبل على العبادة في آخر عمره وأكب على الاشتغال في العلم، حتى كأنه لم يشتغل بعلم قط مع أنه انتهت إليه الرئاسة في تحقيق مقول مذهبه، وفي علو السند في الحديث، وفي علم الطب والمعقولات، وكان في أول عمره ينكر على الصوفية، ثم لما اجتمع بسيدنا علي الخواص وغيره أذعن لهم واعتقدهم، وصار بعد ذلك يتأسف على عدم اجتماعه بالقوم من أول عمره، ثم فتح عليه في الطريق، وصار له كشف عظيم قبل موته. توفي في سنة تسع - بتقديم التاء - وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بدمشق يوم الجمعة يوم عيد الأضحى منها، وعلى الشيخ شمس الدين الضيروطي، والشيخ شمس الدين الصهيوني جمعاً. قال الشعراوي: وهو آخر مشايخ الإسلام من أولاد العرب انقراضاً. قلت: هذا جار على اصطلاحهم في زمان الجراكسة من تقليب كل من ولي قضاء القضاة شيخ الإسلام، والمراد به آخر قضاة القضاة من أبناء العرب موتاً بالقاهرة.

أحمد بن علي القاري

أحمد بن علي القاري أحمد بن علي المولى، العلامة محيي الدين ابن المولي علاء الدين القاري أحد الموالي الرومية. قرأ على علماء عصره، ثم رحل إلى العجم، وقرأ على علماء سمرقند وبخارى، ثم عاد إلى الروم، فأعطاه السلطان سليم خان مدرسة الوزير قاسم باشا، وكان محباً للصوفية سيما الوفائية، مكباً على العلم، اطلع على كتب كثيرة، وحفظ أكثر لطائفها ونوادرها، وكان يحفظ التواريخ، وحكايات الصالحين. صنف تهذيب الكافية في النحو وشرحه وحاشية على شرح هداية الحكمة لمولانا زاده وحواشي على شرح التجريد للسيد، وتفسير سورة الضحى وسماه تنوير الضحى وغير ذلك من الرسائل والتعليقات، وتوفي سنة أربعين وتسعمائة. أحمد بن عمر المزجد الزبيدي أحمد بن عمر، الشيخ الإمام، العالم العلامة قاضي القضاة القاضي صفي الدين المزجد الزبيدي الشافعي صاحب العباب كما قال القاضي جمال الدين محمد بن عمر الحضرمي: رأيت في النوم ليلة العشرين من شهر صفر سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة في وقت السحر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين يديه كتاب يطالع فيه، فقلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألك اطلاع على تصنيف أمتك. قال: نعم. فقلت له: فما تقول في عقيدة إحياء علوم الدين. قال: لا بأس به. قلت: فهل لك اطلاع على تصانيفهم الفقهية؟. فقال: نعم، ولم أر أجزل عبارة من إمام الحرمين، وما رأيت مثل مجموع لابن أبي السرور ضمنه الروض، وزاد عليه باقي مسائل المذهب. قال: فوقع حينئذ ببالي أن المجموع هو العباب تصنيف شيخنا القاضي صفي الدين المزجد. انتهى. قال الشيخ عبد القادر الفاكهي المكي: إلا أن المزجد بحر علم ... خضم والجواهر في عبابه ومذهبنا المهذب فيه ضمنا ... فوائد اليتيمة في كتابه وله أيضاً: إلا أن العباب عزيز مثل ... ولا يلقى لمبدعه نظير ففاخر يا ولوع به وباهي ... ففيه الروض، والدر النضير كذا التنبيه والإرشاد جمعا ... وحسبك بحر علمهما الغزير ولم لا والذي أنشاه قاض ... تقي لا يميل ولا يجور له في حكمه آيات عدل ... وشاهده لرقته الضمير وقال العلامة وحيد الدين الزبيدي:

أحمد بن عمر البارزي

جزى ربنا عنا الذي هو أهله ... شهاب الدنا، والدين أعني أبا الحسن بتصنيفه هذا العباب الذي له ... تقلد ذو الحلم الجسيم من المنن غنينا به عن كل أصل وفرعه ... وروض وإرشاد، وشرحهما معا فيا طالباً العلم حسبك درسه ... إذا شئت تدعى عالم الشام واليمن وشرح العباب الشيخ شهاب الدين ابن حجر المكي، وسيدي علي بن عراق، والظاهر أن المزجد من أهل هذه الطبقة، فإن الشيخ علي ابن سيدي محمد بن عراق لما قدم الشام سنة سبع وأربعين وتسعمائة اجتمع به ابن طولون، وأخبره أنه كتب شرحاً على العباب، وأنه أرسل من مكة إلى مؤلفه استدعاء بالإجازة نظماً، فأجابه إلى ذلك، وقرأهما علي انتهى. أحمد بن عمر البارزي أحمد بن عمر، الشيخ الفاضل، المعمر شهاب الدين ابن الشيخ العلامة سراج الدين البارزي، الحموي، الشافعي. كان موجوداً في سنة خمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى آمين. أحمد بن قاسم القادري أحمد بن قاسم بن يحيى، السيد الشريف الحسيب النسيب شهاب الدين القادري نسبة وطريقة، الحموي. توفي بها في سنة خمس أو ست وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن مركز أحمد بن مركز، الشيخ العالم العامل شهاب الدين ابن الشيخ مركز. قرأ في العربية والتفسير والحديث على والده، واشتغل بالوعظ والتذكير، وانتفع الناس به، وله رسائل في بعض المسائل. توفي سنة ثلاث وستين وتسعمائة. أحمد بن مردال الحصري أحمد بن مردال، الشيخ الصالح المفيد شهاب الدين الدمشقي، الحصري، الشافعي الشماع، وكان يتسبب بعمل الشمع، وكان أستاذاً في صناعته، وولي فراشة السليمية بالسفح، ولازم الشيخ شمس الدين ابن طولون وغيره، وكان له نظم وسط. توفي يوم السبت رابع عشر جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وتسعمائة. أحمد بن ناصر الإعزازي أحمد بن ناصر، الشيخ شهاب الدين الإعزازي الأصل، إمام الشافعية بجامع المهمندار. تفقه على البرهان العمادي كأبيه، واشتغل ببعض

أحمد بن يوسف الدمشقي

الطلبة، وأعطي تدريس الشافعية فما وصلت براءته إلا وهو مريض المرض الذي مات فيه سنة خمس وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن يوسف الدمشقي أحمد بن يوسف، القاضي شهاب الدين ابن القاضي جمال الدين بن أيوب الدمشقي جد شرف الدين بن أيوب. مات في سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، ومات أخوه القاضي محب الدين في سنة تسعمائة، وأبوهما القاضي عماد الدين يوم الجمعة رابع عشري المحرم سنة إحدى وتسعين - بتقديم التاء - وثمانمائة. أحمد بن يونس الشلبي أحمد بن يونس، الشيخ الإمام، العالم العلامة، الأوحد المحقق، المدقق، الفهامة، شهاب الدين المصري الحنفي، المعروف بابن الشلبي. كان عالماً، كريم النفس، كثير الصدقة على الفقراء والمساكين، ولم يكن في أقرانه أكثر صدقة منه، وكان له اعتقاد في الصالحين والمجاذيب، ذا حياء وعلم وعفو، وكان رفيقاً لمفتي دمشق القطب ابن سلطان في الطلب على قاضي القضاة سري الدين ابن الشحنة، والشيخ العلامة برهان الدين الطرابلسي، ثم المصري في الفقه، وعلى الشيخ خالد بن عبد الله الأزهري في النحو. توفي في سنة سبع - بتقديم السين - وأربعين وتسعمائة، وكانت جنازته حافلة بالأمراء والعلماء والتجار وغيرهم، حتى ما وجد أحد بباب النصر مكاناً خالياً من الناس، ودفن في حارة باب النصر تجاه الحوازية، ومات وله من العمر بضع وستون سنة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة عاشر ربيع الأول سنة سبع وأربعين المذكورة. أحمد بن يوسف القسطنطيني أحمد بن يوسف المولى شرف الدين القسطنطيني المولد، الشهير بابن الحصاص. اشتغل ثم خدم المولى بن المؤيد، ثم درس وترقى في المدارس حتى أعطي سلطانية بروسة، ثم ولي قضاء الشام، فدخلها تاسع شهر ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وثمانمائة في يوم الأربعاء ثالث عشر جمادى الثانية منها. ورد الخبر بعزله، وفي يوم الثلاثاء سابع عشر رجب عزم على الخروج من دمشق، فورد أمر سلطاني باسمه أنه عين في دمشق مفتشاً على الأوقاف. قال والد شيخنا: وقد سألت القاضي أحمد بن يوسف الحنفي أيام توليته بدمشق عن حل اليسق يعني المحصول الذي يأخذه القاضي وقت

أحمد بن الصايغ

الأحكام الشرعية مستنبطة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وأنتم تأخذون هذه اليسق من أي هذه الأربعة، فسكت، ثم قال: لا والله وإنما هو تبعاً للموالي، فقلت له: الجهل ليس بقدوة، وكان بين يديه ولد له فقال لي والدي فقير فقلت له في ذلك ببيت المال ما يكفيه لو طلبه. قال: ثم بعد شهر أو أزيد اجتمعت به، فوجدته قد حصل لي كتاباً. يقال له: الفصول العمادية، ورفعه إلي لأنظر هل فيه ذكر بحله، وصحبته معي إلى منزلي، فلم أجد فيه إلا مسألة القسام، وأن له أخذ الأجرة بالتراضي، وليس فيه ذكر لأخذ القاضي بل فيه ما هو حجة عليه، فلما رجعت إليه، وأوقفته على المذكور لم يكن إلا أنه قال بعده: لكنه يعافينا الله منها. قال: وكان محافظاً على الصلاة بالجماعة في الأموي لا يحب أحداً يمشي أمامه على هيئة الأكابر. انتهى. وذكر صاحب الشقائق أنه صار بعد أن عاد إلى الروم من الشام مدرساً بإحدى الثماني بثمانين درهماً، ومات على ذلك، وكان عالماً مدققاً له مهارة في العلوم العقلية بعيداً عن التكلف، صحيح العقيدة توفي سنة ست وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن الصايغ أحمد الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين بن الصايغ المصري، الحنفي. أخذ عن الشيخ أمين الدين الأقصرائي، والشيخ تقي الدين الشمني والكافيجي، والأمشاطي وغيرهم، وأجازوه بالإفتاء والتدريس، وكان بارعاً في العلوم الشرعية والعقلية، وله باع في الطب، ولم يتعلق بشيء من الوظائف، وعرضت عليه عدة وظائف، فلم يقبلها، وكان يؤثر الخمول، ويقول: أحب شيء إلى أن ينساني الناس، فلا يأتوني، وكان حسن الأخلاق، حلو اللسان، متواضعاً، قليل التردد إلى الناس، وكان يدرس في تفسير البيضاوي وغيره. توفي في أوائل حدود هذه الطبقة رحمه الله تعالى. أحمد المنيري أحمد الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين المنيري، المصري. كان بارعاً في العلوم الشرعية والعقلية، رث الهيئة. والوقار، صغير العمامة، وكان يقصده الناس في الشفاعات، وقضاء الحوائج عند الأمراء، والأكابر، وكان مسموع الكلمة عندهم ينقادون له ولا يردون له شفاعة لزهده فيما في أيديهم، وكان كثيراً ما يأتيه الفقير، فيسأله الشفاعة وهو يدرس، فيترك الدرس، ويقوم معه. ويقول: هذه ضرورة حاضرة، وضرورة الحاجة إلى العلم متراخية. مات في حدود هذه الطبقة.

أحمد العاتكي

أحمد العاتكي أحمد السيد الشريف العاتكي الدمشقي أحد المجذوبين بها. كان بمدرسة أبي عمر بالصالحية، وكان للناس فيه اعتقاد زائد خصوصاً ناظر النظار الكمال التبريزي. قال ابن طولون: وصرح أهله أنه ليس بشريف. قال: وكان كثيراً ما يسألني عن أحكام العبادات على مذهب الشافعي، فإنه كان متديناً به. توفي يوم الثلاثاء عاشر شهر رمضان سنة ست وثلاثين وتسعمائة بالبيمارستان القيمري، وجهزه الكمال المذكور، وكانت جنازته حافلة، ودفن بمقبرة الشيخ أبي عمر خارج الحواقة من جهة السفح رحمه الله تعالى. أحمد البخاري أحمد الشيخ الإمام العلامة السيد الشريف شهاب الدين البخاري المكي إمام الحنفية بالمسجد الحرام توفي في بندر جدة عاشر ربيع الثاني سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة، وهو قاض بها عن مستنيبه، فحمل منها إلى مكة على أعناق الرجال، فوصلها في ليلة ثاني تاريخه، فجهز بمنزله، ودفن صبح يومه على أبيه بالمصلى كتب بذلك محدث مكة جار الله بن فهد إلى صاحبه الشيخ شمس الدين بن طولون ومن خطه في تاريخه نقلت. أحمد النشيلي أحمد الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين النشيلي المصري الشافعي. توفي بمكة في سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة. أحمد الزبيدي أحمد الشيخ شهاب الدين الزبيدي المكي. كان مترجماً بالعلم، ودخل دمشق متوجهاً إلى الروم، فمات بحلب سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثاني رجب منها كما ذكره ابن طولون، ولم يذكره ابن الحنبلي في تاريخه. أحمد الضرير أحمد البقاعي، الشافعي الضرير نزيل دمشق. حفظ القرآن العظيم بمدرسة أبي عمر، وحفظ الشاطبية، وتلا بعضها على الشيخ علي الجرايحي القيمري، وحل البصروية وغيرها في النحو على ابن طولون، وبرع وحصل وحج، وصار يقريء الأطفال بمكتب الحاجبية بصالحية دمشق، وتوفي بغتة يوم الجمعة تاسع عشر رجب سنة أربعين وتسعمائة.

أحمد البعلي الحنبلي

أحمد البعلي الحنبلي أحمد، الشيخ العلامة شهاب الدين البعلي أحد علماء الحنابلة بمدينة بعلبك، عرف بابن الحيط. توفي بها في سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بدمشق يوم الجمعة ثالث عشري جمادى الأولى منها. أحمد بير أحمد أحمد المولى بير أحمد أحد الموالي الرومية. خدم المولى أحمد باشا المفتي ابن المولى خضر بيك، وترقى في التداريس إلى مدرسة مراد خان ببروسا، ثم أعطي قضاء حلب، ثم عزل عنها، وأعطي تقاعداً بثمانين عثمانياً، وكانت له مشاركة في العلوم، وعلق تعليقات على بعض المباحث، ومات في عشر الخمسين وتسعمائة. أحمد ورق جلبي أحمد، المولى الفاضل شمس الدين، المشهور بورق جلبي أحد الموالي الرومية. ترقى في التدرايس إلى مدرسة أبي أيوب الأنصاري، وكان فاضلاً مفيداً صالحاً، طيب الأخلاق، انتفع به كثير من الناس، ومات في حدود الخمسين وتسعمائة. أحمد الأنقروي أحمد، الشيخ العالم العامل الأنقروي الرومي، ثم الحلبي. اشتغل في شبابه بالعلم، ثم رغب في التصوف، وانتسب إلى الخلوتية، وكان في أول أمره يدور البلاد، ويعظ الناس، ثم توطن في بلده في شيخوخته، وأقبل على الوعظ إلى أن توفي بعد الخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد الشيبيني أحمد الشيبيني المصري. كان مجذوباً غارقاً لا يصحو إلا وقت الوضوء والصلاة، وإذا صلى أذن للصلاة ورفع صوته، وكان إذا رأى مجذوباً لا يصلي يقول: هذا قليل الدين، ووقع من المنارة العالية في مدينة منوف إلى الأرض، فلم ينكسر من أعضائه شيء، ونزل واقفاً، ومشى مسرعاً على الأثر. مات سنة سبع وخمسين وتسعمائة ودفن بناحية شيبين رحمه الله تعالى. أحمد السبكي أحمد، الشيخ الصالح الناسك شهاب الدين السبكي، المصري

أحمد البرلسي

أحد أصحاب سيدي أحمد الشناوي المأذون لهم في تربية المريدين. كان على سنن السلف الصالح، وكان يأكل من كسب يده بالحياكة وغيرها، وكان له اعتقاد حسن في سائر المسلمين. أقام بمصر في أواخر عمره حتى مات سنة ثمان وخمسين وتسعمائة، ودفن بتربة الفقراء بجوار الجعبري. أحمد البرلسي أحمد الشيخ الإمام العلامة المحقق شهاب الدين البرلسي، المصري الشافعي، الملقب بعميرة. أخذ العلم عن الشيخ عبد الحق السنباطي، والبرهان بن أبي شريف، والشيخ نور الدين المحلي، وكان عالماً زاهداً ورعاً، حسن الأخلاق، وانتهت إليه الرئاسة في تحقيق المذهب يدرس ويفتي حتى أصابه الفالج، ومات به. أحمد الرملي أحمد الشيخ العالم العلامة، الناقذ الجهبذ الفهامة، شيخ الإسلام، والمسلمين شهاب الدين الرملي، المنوفي، المصري، الأنصاري، الشافعي، وبلده كما قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي قرية صغيرة قريباً من البحر بالقرب من منية العطار تجاه مسجد الخضر عليه السلام بالمنوفية، وهو أحد الأجلاء من تلاميذ شيخ الإسلام القاضي زكريا الأنصاري، وكان مقدماً عنده حتى أذن له أن يصلح في مؤلفاته في حياته. وبعد مماته، ولم يأذن لأحد سواه في ذلك، وأصلح عدة مواضع لي شرح البهجة، وشرح الروض لشيخ الإسلام، وكتب شرحاً عظيماً على صفوة الزبد في الفقه، وكتبه الناس في حياته، وقرأوه عليه جمع فيه غالب ترجيحاته وتحريراته، وله مؤلفات أخر، وجمع الشيخ شمس الدين الخطيب الشربيني فتاويه، فصارت مجلداً، وأخذ عنه ولده شيخنا بالمكاتبة سيدي محمد، والخطيب الشربيني، والشيخ نور الدين الطنبذائي، والشيخ شهاب الغزي أخي حين قدم القاهرة مع والده في سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة وغيرهم، بل انتهت إليه الرئاسة في العلوم الشرعية بمصر، حتى صارت علماء الشافعية بها كلهم تلامذته إلا النادر، إما طلبته وإما طلبة طلبته، وجاءت إليه الأسئلة من سائر الأقطار، ووقف الناس عند قوله، وكان جميع علماء مصر وصالحيهم حتى المجاذيب يعظمونه ويجلونه. حتى أقران شيوخه، وكذلك صار لولده سيدي محمد المنوفي على رأس القرن العاشر، وكان يخدم نفسه، ولا يمكن أحداً يشتري له حاجة من السوق إلى أن كبر سنه وعجز. توفي - رحمه الله تعالى - في يوم الجمعة مستهلاً جمادى الآخرة

أحمد الحصري

سنة سبع وخمسين تسعمائة، وصلوا عليه في الأزهر. قال الشعراوي: وما رأيت قط في عمري جنازة اجتمع فيها خلائق مثل جنازته، وضاق الجامع عن صلاة الناس فيه ذلك اليوم حتى أن بعضهم خرج وصلى في غيره، ثم رجع للجنازة، ودفن بتربته قريباً من جامع الميدان خارج باب القنطرة، فأظلمت مصر وقراها بعد موته رحمه الله تعالى. أحمد الحصري أحمد، الشيخ الصالح شهاب الدين الحصري، الدمشقي القواس. كان ملازم تلاوة القرآن في مقصورة جامع الأموي، وفي مدرسة أبي عمر. قال والد شيخنا: وكان من بقية الصالحين سليم الاعتقاد، توفي في مستهل ذي الحجة سنة خمس وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن البيطار أحمد بن البيطار، المغربي، المالكي نزيل دمشق. كان من أصحاب سيدي الشيخ عرفة ابن الشابي القزويني. قدم دمشق يوم الاثنين ثاني المحرم سنة أربع وأربعين وتسعمائة. وقال: أتيت إلى دمشق لتهذيب جماعة سيدي علي بن ميمون بإشارة شيخي، ونزل بزاوية ابن الموصلي بميدان الحصا، ثم انتقل إلى النورية تجاه البيمارستان النوري، وسلم عليه الشيخ شهاب الدين الميلي، والعلامة الشيخ أبو ... المالكي وغيرهما، وزار الشيخ محيي الدين العربي، واجتمع بالشيخ شمس الدين بن طولون، ثم سلم عليه، وتذاكر معه، وذكر أنه كان عليه برنس أسود، قال: والصلاح لائح عليه، وقال والد شيخنا: أقام بدمشق سنين، واشتهر بالصلاح، واجتمع عليه جماعة من العوام، والله يتولى الصالحين انتهى. قلت: أخبرنا شيخنا العارف بالله تعالى الشيخ محمد ابن الشيخ أبي بكر اليتيم العاتكي أنه اجتمع به، وأخذ عنه. قال: وكان من عادته إذا قرأ ورده بعد صلاة الصبح كل يوم أن يحضر إلى جماعته في دهليز بيته، فيقعد ويحف به الناس، فأول شيء يتكلم به أن يقول: موجود، ويمدها. فتقول الجماعة كلهم: موجود، ويمدون كما يمد الشيخ فإذا انتهت أصواتهم وسكتوا قال الشيخ: ما الدليل على وجوده. فيقولون: وجوده هذا العالم، ثم ينبعث الشيخ في الكلام. قال: وازدحم عليه الناس أول ما ورد دمشق، فأمر بوابه أن لا يفتح الباب لأحد منهم إلا من وزن درهمين، فأخذ الناس يقلون حتى لم يبق عنده إلا الصادقون، ثم ترك تلك العادة، وكانت وفاته كما قال شيخنا ثالث عشر ذي الحجة سنة خمس وستين وتسعمائة، ودفن بباب الفراديس رحمه الله تعالى. أسد بن صنع الله التبريزي أسد بن صنع الله بن فرج الله الأمير التبريزي.

إسحاق بن إبراهيم الأسكوبي

ولي نظارة البيمارستان النوري بدمشق بعد سنان الرومي، وكان ترجماناً للطفي باشا. قيل: وكان ينسب إلى الرفض، وشرب المدام، وبنى داراً حسنة قبلي المدرسة الخاتونية، ومات يوم الخميس سلخ ربيع الأول سنة ست وثلاثين وتسعمائة، ودفن بباب الفراديس. إسحاق بن إبراهيم الأسكوبي إسحاق بن إبراهيم المولى الفاضل الأسكوبي وقيل البرصاوي أحد موالي الروم طلب العلم عند جماعة من علماء الروم وخدم المولى بالي الأسود، ثم صار مدرساً بمدرسة إبراهيم باشا بأدرنة، بمدرسة أسكوب، ثم بمدرسة قيلوجة، ثم بمدرسة إزنيق، ثم بدار الحديث بأدرنة، ثم بإحدى الثماني، ثم أعطي قضاء دمشق فدخلها في ثامن ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة، ولما دخلها قال: لا يدخل علي أحد إلى ثلاثة أيام لأستريح لأني شيخ كبير مستور، ثم برز للناس، واجتمعوا به وحكم بينهم، فشكر في أحكامه، واشتهرت عفته واستقامته حتى كتب إليه الشيخ شيخ الإسلام الوالد على لسان بعض أصحاب الوالد الفضلاء، وقد كتب له صاحب الترجمة عرضاً بمنصب تعارض فيه الدفتر دار علي جلبي، وكان ذلك في سنة أربع وأربعين. أيا بحراً سما فضلاً وأرضا ... بعدل عمن أشخاصاً وأرضا ويا أقضى القضاة، وخير خير ... وأنفذ حاكم حكماً وأمضى أتيت معرضاً بالحال يوماً ... فصرحت اكتبوا للشيخ عرضا ولم أبرم عليك بل ابتداء ... برمت، وهل ترى للبرم نقضا وظني بل يقيني دون شك ... ووهم كون أمر الندب فرضا ولكن أختشي من سوء حظ ... يبدل بسط جود منك قبضا فأنفذ عرضك الميمون يا من ... تنزه عن صفات الذم عرضا توفي ليلة الاثنين خامس عشر ربيع الثاني سنة أربع وأربعين وتسعمائة، وتقدم للصلاة عليه المنلا داود الأويسي بالجامع الأموي، ودفن بباب الصغير، وكانت جنازته حافلة، وكثر الترحم عليه من الصالحين، وعد من الصالحين. قاله ابن طولون. إسحاق أحد الموالي الرومية إسحاق أحد الموالي الروم. كان نصرانياً طبيباً، وكان يعرف علم الحكمة معرفة تامة، وقرأ على المولى لطفي التوقاتي المنطق، والعلوم الحكمية، وباحث معه فيها، ثم أنجز كلامهم إلى العلوم الإسلامية، وقرر عنده حقيقة

إسماعيل بن عمر شاه

الإسلام، حتى اعترف وأسلم، ثم ترك الطب، واشتغل بتصانيف حجة الإسلام الغزالي، والإمام فخر الدين الرازي، وداوم على العمل بالكتاب والسنة، وصنف شرحاً على الفقه الأكبر لأبي حنيفة إلا أنه كان ينكر التصوف لأنه لم يصل إلى أذواق أهله، ثم رجع عن الإنكار آخر أمره، وهو من أهل هذه الطبقة رحمه الله تعالى. إسماعيل بن عمر شاه إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن سيف الدين بن عمر شاه، الشيخ صدر الدين الشافعي. ولد منلا عصام البخاري المشهور بالحواشي على شرح الكافية للجامي. قدم حلب سنة ثمان وأربعين، وقرأ أشياء من البخاري على شيخ الشيوخ الموفق بن أبي ذر، وأجاز له، وظهر له فضل حسن، وتوفي بين الحرمين وهو ذاهب من المدينة إلى مكة سنة اثنتين أو ثلاث وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. إسماعيل الصالحي الحنبلي إسماعيل بن عبد الرحمن بن إبراهيم الشيخ عماد الدين ابن الشيخ زين الدين الذيابي الصالحي الحنبلي خطيب جامع المظفري. سمع على أبي بكر بن أبي عمر، وأبي عمر بن عبد الهادي، وأبي الفتح المزي، وقرأ على الشيخ ابن طولون في العربية، وتوفي يوم السبت تاسع عشري شعبان سنة ثمان وأربعين وتسعمائة، ودفن بوصية منه شمالي صفة الدعاء أسفل الروضة بسفح قاسيون رحمه الله تعالى. إسماعيل الشرواني إسماعيل الشيخ الإمام العلامة المحقق المدقق الصالح الزاهد العارف بالله تعالى المولى إسماعيل الشرواني الحنفي، قرأ على علماء عصره، منهم العلامة جلال الدين الدواني، ثم خدم الشيخ العارف بالله تعالى خواجه عبيد الله السمرقندي، وتربى عنده وصار من كمل أصحابه، ولما مات خواجه عبيد الله ارتحل المولى المذكور إلى مكة المشرفة، وتوطنها ودخل الروم في ولاية السلطان أبي يزيد خان، ثم عاد إلى مكة وأقام بها إلى أن مات، وذكره شيخ الإسلام الجد، فيمن صحبهم من أولياء الله تعالى بمكة من المجاورين بها، وسمعت شيخنا يحكي عن والده أنه كان يثني عليه لأنه قدم دمشق، ونزل بالنورية وتردد إليه جمع من الأفاضل، وقرأ عليه في تفسير البيضاوي، ثم انفرد بجامع التكية السليمية قال ابن طولون: واجتمعت به ثمة، وأخبرني. أنه أخذ الحديث من الأمير جمال الدين الخراساني المحدث قال: ورأيته يتنقص الإمام البغوي المفسر القرآن،

إسماعيل الكردي الياني

فنفرت النفس منه بسبب ذلك فإنه أحد أئمة السنة انتهى. قلت: ولعل بغضه منه بسبب أن الأعاجم يميلون إلى المباحث الدقيقة المعلقة بالعقليات دون المأثورات، وتفسير البغوي غالبه خال من مثل ذلك لا بسبب ما توهمه ابن طولون من ميل إلى بدعة ونحوها، فقد كفاك تزكية الجد له وترجمته بالولاية، وذكره صاحب الشقائق النعمانية قال: وكان رجلاً معمراً وقوراً مهيباً منقطعاً عن الناس، مشتغلاً بنفسه طارحاً للتكلف العاري، وكان حسن المعاشرة للناس يستوي عنده صغيرهم وكبيرهم، غنيهم وفقيرهم، وكان له فضل عظيم في العلوم الظاهرة، وألف حاشية على تفسير البيضاوي، وكان يدرس بمكة فيه وفي البخاري، وتوفي بها في عشري ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة وقال ابن طولون: في عشر ذي القعدة عن نحو أربع وثمانين سنة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة، مستهل ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. إسماعيل الكردي الياني إسماعيل الشيخ الإمام العلامة الكردي الياني الشافعي نزيل دمشق قال والد شيخنا: كان من أهل العلم والعمل والصلاح والورع والمجاهدة والتوكل، صحبني بالدلالة على ابن الشيخ المربي الزاهد سليمان الكردي،، وأقام عنده مدة، ثم حج إلى بيت الله الحرام، وجاور بمكة، وتزوج بامرأة من العمادية، وعاد وهي معه ورزق منها ولداً صالحاً سماه سليمان، وعلمه القرآن، ثم رجع إلى بلاده، وتزوج امرأة أخرى من الأكراد، وعاد إلى دمشق بزوجتيه، ورزق من الأخرى أولاداً، وسكن بهما في بيت من بيوت الشامية الجوانية، وصار يتردد إليه طلبة يشتغلون عليه في المعقولات مع تردده إلي قال: وقرأ بعض المنهاج علي قراءة تحقيق وتدقيق، توفي ليلة السبت خامس جمادى الأولى سنة ست وخمسين وتسعمائة بالطاعون، بعد أن صلى المغرب والعشاء جماعة، وصلي عليه بالجامع الأموي، وتولى تجهيزه ودفنه الخواجا بدر الدين ابن الجاسوس، ودفن بمقبرة باب الصغير، مما يلي الطريق من جهة الشمال، ومن علامة صلاحه أنه استخرج من قبره المحفور له حجر مكتوب عليه يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم. قال والد شيخنا: وأخبرنا خلق من صلحاء الأكراد أن والده من العلماء الكبار في تلك الديار وانتفع به خلق كثير رحمه الله تعالى. إسماعيل إمام جامع الجوزة إسماعيل الشيخ الصالح العابد الورع إمام

أمير شريف العجمي

جامع الجوزة خارج باب الفراديس بدمشق، قال والد شيخنا: كان له مكاشفات وحالات مع الله تعالى، وكان لا نظير له في الملازمة للخيرات، وتوفي في أوائل المحرم سنة سبع وخمسين وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب الفراديس رحمه الله. أمير شريف العجمي أمير شريف العجمي المكي العلامة في الطب، قدم دمشق سنة تسع - بتقديم التاء - وأربعين وتسعمائة، متوجها إلى الروم وأضافه الشيخ أبو الفتح السيستري قال ابن طولون: وبلغني أنه شرح رسالة الوجود للسيد الشريف، وشرح الفصوص للمحيوي ابن العربي. أويس القرماني أويس الشيخ الصالح العارف بالله تعالى المرشد إليه الدال عليه الولي الكبير، المعمر القرماني الأبرى الصوفي الخلواتي الحنفي، صاحب الخلفاء والأتباع، كان في ابتداء أمره فلاحاً بأبر بفتح الهمزة والموحدة وبراء قرية من قرى قرمان، وكان أمياً لا يقرأ، ولا يكتب فحصلت له جذبة، ثم لحق بخدمة الشيخ محمد بن محمد بن جلال الدين الأقصرائي الصوفي، فتعلم عنده القرآن، وتعبد وجاهد بنفسه، ودخل الخلوة حتى قيل: أنه فاق بسبب الرياضة على خليفة الأقصرائي محيي الدين البكري بفتح الموحدة والكاف، وكان المذكور من علماء الظاهر، وتلقن الشيخ أويس الذكر من أستاذه المذكور، كما تلقنه من مير الأرزنجاني، وتلقنه الأرزنجاني من السيد يحيى بسنده المشهور، وصار من جملة خلفائه، إلى أن كثرت أتباعه، وشاع ذكره، فدخل إلى بلد القصير، واستوطن بقرية جوالة، ثم قدم حلب فرفع إلى قلعتها، هو وخليفته الشيخ شمس الدين أحمد بن محمود الرومي، لما نسب إليهما من دعوى أن شخصا يسمى حامد الهندي يكون مقدمة المهدي يخرج من بين أظهر الأويسية، ومن دعوى أن الشيخ عبد القادر الجيلي، لم يكن ولياً بل كان رجلاً صالحاً، وبقي خليفته الشيخ داود، في شرذمة من المريدين بالطرنطائية داخل باب الملك، إلى أن أطلق الشيخ من القلعة، ثم استوطن الشيخ أويس، وخليفته الشيخ داود دمشق، وخليفته الشيخ شمس الدين بعلبك، وتوفي الشيخ أويس بدمشق سنة إحدى وخمسين وتسعمائة، عن سن عالية يكاد أن يبلغ المائة رحمه الله تعالى. إياس باشا الوزير إياس باشا الوزير الكبير والمشير، السامي مقامه على الأثير، الوزير الأعظم، للسلطان المفخم، سليمان خان بن عثمان كان كافلاً لدمشق بعد جان بردي الغزالي، وكان له سيرة حسنة، وسياسة مستحسنة، خالط فيها العلماء، وتودد إلى الصلحاء، وكان من أكبر المحبين لشيخ الإسلام الجد الشيخ رضي الدين الغزي وحضر إلى بيته زائراً معتقداً متبركاً، واستمرت المودة بينه وبين الشيخ وولده شيخ الإسلام والدي، ثم وضع جواريه

حرف الباء من الطبقة الثانية

في بيت الجد وتوجه إلى البلاد الرومية، وولدت له عندنا بنت سماها الجد فاطمة، ثم وجهت البنت ووالدتها إليه إلى الروم، ولما رحل شيخ الإسلام الوالد إلى الروم بعد وفاة والده تلقاه الوزير المشار إليه أحسن ملقى، وأقبل عليه غاية الإقبال، وألف له شيخ الإسلام الوالد ثمة تفسير آية الكرسي، وشرح البردة، وأثنى عليه الشيخ في الرحلة كثيراً ومن لطائف شيخ الإسلام الجد: من لاذ بالله حاشا ... جنابه يست باشا ومن يمت في رضاه ... ففي الحقيقة عاشا إني رضي بمهما ... أراد مني وماشا وأنني مطمئن ... بالله قلبا وجاشا لا أختشي من عدو ... إن صال بغياً وهاشا ربي تدارك بلطف ... يعطي الفقير انتعاشا وذا بأعلى وزير ... للملك آياس باشا وكانت وفاته بالقسطنطينية، بعد أن مات غالب أهل بيته في سنة ست وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق، وبالجامع المظفري يوم الجمعة حادي عشر ربيع الآخر منها، وتأسف عليه صلحاء دمشق وعلماؤها رحمه الله تعالى. حرف الباء من الطبقة الثانية باشا جلبي البكالي باشا جلبي البكالي الحنفي المولى الفاضل أحد موالي الروم، خدم المولى المؤيد زاده، وترقى في التداريس، إلى دار الحديث بالمدينة المنورة، وكان حليماً كريماً ينظم الأشعار التركية، لكن كان في مزاجه اختلال توفي بالمدينة المنورة سنة ثمان أو تسع وثلاثين، وتسعمائة رحمه الله تعالى. بديع بن الضياء بديع بن الضياء، قاضي مكة المشرفة وشيخ الحرم الشريف بها قال ابن طولون: كان من أهل الفضل والرئاسة، قدم دمشق، ثم سافر إلى مصر فبلغه تولية قضاء مكة للشيخ زين الدين عبد اللطيف ابن أبي كثير، وأنه أخرج عنه قضاء جدة، فرجع إلى دمشق وأقام بها مدة، ثم سافر إلى الروم، فخرج من دمشق يوم السبت منتصف ربيع

بدر الدين الرومي

الأول سنة إحدى وأربعين وتسعمائة، بعد أن حضر ليلة الجمعة التي قبل التاريخ المذكورة عند الشيخ علي الكيزواني، تجاه مسجد العفيف بالصالحية، وسمع المولد وشرب هو والشيخ علي وجماعته القهوة المتخذة من البن. قال ابن طولون: ولا أعلم أنها شربت في بلدنا هذه يعني دمشق قبل ذلك. قال: وكان عمي الشيخ جمال الدين بن طولون يقول بتحريمها. وقال: أمرها مشهور بمكة ولعلمائها مصنفات في حل شربها، وعدمه انتهى. فلما وصل القاضي بديع إلى الروم، أعيد إليه قضاء جدة، ثم رجع فتوفي بمدينة بدليس، من أطراف ديار بكر وورد الخبر بموته، في صفر سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق الأموي يوم الجمعة ثاني جمادى الأولى قال ابن طولون: وغلطوا في المنادى عليه، فقالوا: أنه توفي بآمد وقد قدمنا أنه توفي ببدليس. بدر الدين الرومي بدر الدين الرومي، المولى الطبيب الحنفي، الملقب بهدهد اشتغل وحصل وخدم في العلم المولى ابن المعرف، ثم رغب في الطب، وقرأ على الحكيم محيي الدين، ثم صار من جملة أطباء دار السلطنة، وكان ديناً خيراً عفيفاً صالحاً محباً إلى الناس، مات بعد الخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. بركات بن الحجيج بركات ابن أبي بكر، بن محمد الشهير بابن الحجيج الصالحي الحنبلي، أخذ عن شيخ الإسلام الوالد وغيره. بركات ابن الحمصي بركات بن أبي بكر المجذوب، المعروف بابن الحمصي الشرايحي، من محلة ساحة بزي، من مدينة حلب قال ابن الحنبلي: مجذوب أشعث أغبر مكشوف الرأس، غير منتعل لا صيفاً ولا شتاءً، مهيب قد لزمه الجذب من صغره، وصار ديدنه ذم النفس، والدنيا والإكثار أن يقول: راح اليوم وجاء الغد، وربما كاشف قال: ووقع لي أنا معه أني كنت وراء الإمام في صلاة المغرب، فمر بين يدي الصفوف ذاهباً، فوقع في قلبي من الإنكار عليه حيث مر ولم يصل، فلما تمت الصلاة سمعته وهو بطرف الجامع

بركات بن الشاهد

يقول: أنا رفعت عني الصلاة توفي بعد أن كف بصره سنة أربع وأربعين وتسعمائة، رحمه الله تعالى رحمة واسعة. بركات بن الشاهد بركات بن عمر، بن محمد الشيخ الصالح الشاهد العدل، ابن الشيخ الصالح الحلبي الطوافي، الأدهمي الخرقة، المشهور والده بغبريش، كان خادماً بالجامع منكلي، بغا بعد شيخه بابا محمد الأدهمي قال ابن الحنبلي: ولما توجه شيخه بابا محمد إلى القاهرة، ذهب إليه فأخبره أن سيدي إبراهيم بن أدهم، أخبره في المنام أن في صندوق بابا محمد تاجاً بنفسجياً، وكان كما رأى في منامه، فعند ذلك أخرجه وألبسه إياه، فعاد به إلى حلب، ولم يزل على رأسه حتى توفي سنة ثلاث وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. بركات بن البيطار بركات بن البيطار، الشاب الصالح الدمشقي، توفي في أواخر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وتسعمائة، وليس هذا من العلماء، ولا من الصوفية، ولكن له قصة عجيبة، وهي أنه له إخوان في الله تعالى، شابان صالحيان أيضاً، أحدهما الشاب الصالح سعد الدين ابن الشيخ تغلب بضم المثناة فوق، ثم بالغين المعجمة الساكنة وفي آخره موحدة، والثاني الشاب الصالح. يوسف بن تبل بالتاء المثناة فوق، ثم بالموحدة ثم لام، وكان هؤلاء الثلاثة اجتمعوا قبل موتهم بمدة قريبة في مكان، وتعاهدوا على أن من توفي منهم قبل أخيه يشتريه، من بقي بسبعين ألف تسبيحة، لما بلغهم في ذلك من بعض الصالحين، فلما توفي الأول وهو بركات فعل رفيقاه ذلك، ثم لما توفي الثاني وهو سعد الدين وكانت وفاته بعد بركات بجمعة، فعل ذلك الثالث، ثم توفي الثالث وهو يوسف بن تبل بعد جمعة أخرى، ففعل ذلك جماعته بعد موته، وكانت وفاته يوم الخميس سابع عشر ربيع الثاني من السنة المذكورة، ودفنوا ثلاثتهم بسفح قاسيون، قلت: والمشهور سبعون ألف في ليلة أو إحدى وسبعون ألف تهليلة، ذكره الشيخ أبو بكر الحبيشي في كتاب البركة، في السعي والحركة، وذكره غيره أيضاً وحكي فيه عن بعض الصالحين، أنه من اشترى نفسه أو غيره بذلك من الله تعالى فقد اعتقت نفسه، أو فقد غفر له وذكروا في ذلك قصة عن بعض المكاشفين كوشف بامرأة في عذاب، فاشتريت بما ذكره، فرآها ذلك المكاشف نجت منه قلت: وأنا أتفق لي في ذلك أنه كان لنا صاحب يقال له: يوسف المنوري من جماعة المحيا، وكنت أراه صالحاً، وكان بعض الناس ينتقصه، ويحكي عنه أموراً يخشى منها فمات، فجمعت له جماعة من الأخوان وأدرنا مسبحة

بشر الحنفي

ألفية، ونحن نقول كلمة التوحيد وجمعنا العدد باعتبار مجموع الجماعة حتى بلغ العدد المذكور، وسألنا الله تعالى أن يغفر للمذكور، فلما أصبحنا عدا علينا رجل من إخواننا الصالحين، لم يكن علم باجتماعنا، ولا بما صنعنا فقال: رأيت البارحة الشيخ يوسف المنوري في المنام، وهو في أحسن صورة، وهو يقول لي: يا فلان جزى الله عنا شيخنا الشيخ نجم الدين، وأخانا الشيخ عمر الحرستاني خيرا، وكان الحرستاني المذكور ممن جمعناه كذلك فإنهم خلصوني من كذا وكذا. بشر الحنفي بشر الشيخ الإمام العلامة، المصري، الحنفي. أخذ العلم عن البرهان والنور الطرابلسيين، وعن شيخ الإسلام عبد البر بن الشحنة، وأجاوز بالإفتاء والتدريس، ودرس وأفتى وانتفع به خلائق، وغلب عليه في آخرة عمره محنة الجفاء، والخمول، والجلوس، وعدم التردد إلى الناس، وناب في القضاء مدة، ثم ترك ذلك، وأقبل على العبادة وكان يديم الصيام والقيام. مات بعد سنة ستين وتسعمائة. باي خاتون الحلبية باي خاتون بنت إبراهيم بن أحمد الحلبية الشافعية، بنت أخي شيخ الإسلام زين الدين عمر، ابن الشماع قرأت عليه المنهاج للنووي، بطرفيه وشيئاً من إحياء علوم الدين، وكان كثير الزيارة لها، ومات ورأسه في حجرها، وكانت ترقي للريح الأحمر فيبرأ بإذن الله تعالى، وبذلت نحو مئتي مثقال من الذهب في الصدقات ذكرها ابن الحنبلي وقال: توفيت سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة، ودفنت بجوار عمها المشار إليه رحمهما الله تعالى. بوران بنت الشحنة بوران بنت محمد أثير الدين قاضي القضاة ابن الشحنة. ولدت بحلب سنة إحدى وستين وثمانمائة، وقرأت القرآن العظيم، وطالعت الكتب، ونظمت ونثرت ذكرها ابن الحنبلي، وقال: حجت مرتين، وكانت صالحة خيرة، ولما احتضرت حمدت الله تعالى على أنه لم يكن في صندوقها إذ ذاك درهم ولا دينار، وكانت مستأجرة لبعض الجهات تسعين سنة ممن أخبر به الفقر، ولم تمض من المدة سوى القليل، فردته على المؤجر، وسامحته في باقي الأجرة، وكانت وفاتها سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة، ولها في رثاء أخيها محب الدين:

حرف التاء المثناة فوق خال

دعوا دمعي بيوم البين يجري ... فقد ذهب الأسى بجميل صبري وكيف تصبري وأخي رهين ... بأرض الشام في ظلمات قبر. حرف التاء المثناة فوق خال حرف الثاء المثلثة خال حرف الجيم من الطبقة الثانية جابر بن إبراهيم التنوخي جابر بن إبراهيم بن علي التنوخي القضاعي الشافعي، القاطن بجبل الأعلى من معاملة حلب، ولي نيابة القضاء به، وكان شاعراً ماهراً عارفاً بالعروض والقوافي، وطرف من النحو، مستحضراً لكثير من اللغة، ونوادر الشعر، حافظاً لكثير من مقامات الحريري. حضر دروس العلاء الموصلي بحلب، وذاكره، وكان له نظم حسن، نظم قصائد سماها، بالعقد العالي، في مدح الكمالي، وأهداها للقاضي كمال الدين التادفي الشافعي منها: طاب الزمان وراقت الصهباء ... شدت على أوراقها الورقاء وأدارها الساقي علينا في الربى ... كانت لداء القوم نعم الداء ساق له وجه حكى بدر الدجا ... جيد الغزال ومقلة نجلاء يرنو إلى الندمى فيسكر طرفه ... غنجاً ولا سهرا ولا إغفاء

جار الله بن فهد

كالبدر حاز بكفه شمس الضحى ... في فتية تحكيهم الجوزاء فاشرب ولا تدع السرور بها فقد ... غفل الوشاة وغابت الرقباء سيما وقد مد الربيع بساطه ... من بعد ما قد جادت الأنواء حاكت به أيدي الزمان رقارقا ... فترى به الصفراء والحمراء يزهو بأزهار يخالف نورها ... يصبو إليها القلب والحوباء وارفض صوب الغاديات بوبلها ... من كف قاضينا يسح نداء أعني كمال الدين ذا الفخر الذي ... شهدت له الأموات والأحياء الشافعي التادفي، ومن غدت ... تمحى به البأساء والضراء توفي في جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. جار الله بن فهد جار الله بن عبد العزيز بن عمر، الشيخ الإمام المحدث، المخرج المؤرخ محب الدين ابن الحافظ عز الدين ابن الحافظ تقي الدين بن فهد المكي، الهاشمي المنسوب إلى سيدي محمد بن الحنفية الشافعي. أخذ الحديث عن والديه في آخرين، ورحل إلى الديار المصرية والشامية، ودخل حلب حين دخلها السلطان الغوري سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وجمع تاريخاً وأربعين حديثاً سماه تحقيق الرجا لعلو المقر ابن أجا ومعجماً ذكر فيه أسماء شيوخه والشعراء الذين سمع منهم الشعر، وكتاباً آخر سماه التحفة اللطيفة في بناء المسجد الحرام والكعبة الشريفة قال ابن الحنبلي سمعت من لفظه بمكة المشرفة سنة ثلاث وخمسين، وأجاز في أن أرويه عنه، وجمع ما يجوز له وعنه روايته قال: وأنشدنا لبعض مشايخه: أكابرنا شيوخ العلم حازوا ... علوم الدين فاغتنموا وفازوا

جان التبريزي

أجازوا لي رواية ما رووه ... فها أنا ذا أجزت كما أجازوا قال: وناولني نسخة بهذا الكتاب بخطه فملكته، وكان صاحب الترجمة صاحباً للشيخ شمس الدين بن طولون، ورفيقاً له في الأخذ عن جماعة من الشيوخ، وكان يكاتب كل واحد منهما صاحبه في كل سنة مع الحجاج، ويذكر له من يتوفى في كل سنة، ولما حج شيخ الإسلام الوالد في سنة خمسين وتسعمائة حضر المشار إليه للسلام عليه، وأثنى عليه الوالد كثيراً، وترجمه بالإمامة والتقدم في علم الحديث، وكانت وفاته سنة أربع وخمسين وتسعمائة بمكة رحمه الله تعالى. جان التبريزي جان التبريزي الشافعي، المعروف بميرجان الكبابي القاطن بحلب. كان عالماً كبيراً سنياً صوفياً قصد قتله شاه إسماعيل صاحب تبريز لتسننه، فخلع العذار، وطاف في الأزقة كالمجنون، ثم صار على أسلوب الدراويش. قال ابن الحنبلي: زرته بحلب في العشر الرابع من القرن، وهو بحجرة ليس بها إلا الحصير، ومن لطيف ما سمعته: منه السوقية كلاب سلوقية. انتهى. وفي تاريخ ابن طولون المسمى بمفاكهة الإخوان وفي يوم الثلاثاء سادس عشر شعبان يعني سنة أربع وثلاثين وتسعمائة. قدم دمشق عالم الشرق فيما قيل مرجان القبابي التبريزي الشافعي، وقيل: إنه كان إذا طلع محل درسه نادى مناد في الشوارع من له غرض في حل إشكال فليحضر عند المنلا فلان. قال: ووقفت له على تفسير عدة آيات على طريقة نجم الدين الكبرى في تفسيره. قال: وعنده اطلاع انتهى. ثم ذكر ابن طولون أنه سافر راجعاً إلى بلاده من دمشق في يوم الاثنين حادي عشر ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وودعه ناظر النظار الكمال، وجماعة إلى نحو القطيفة. قال: وقد كان شاع عنه أنه يمسح على الرجلين من غير خف، وأنه يقدم علياً رضي الله تعالى عنه، واستخرج ذلك من آية من القرآن العظيم. جانم الجركسي جانم بن يوسف الجركسي الحمزاوي القادري أحد أمراء مصر في الدولة الجركسية، ثم في الدولة العثمانية. له بمصر الأوقاف المشهورة، ومنها مرتب حصر الجامع الأموي بدمشق في كل سنة ثمانون حصيرة من الحصر المصرية المعظمة. سافر شيخ

جعفر البروساوي

الإسلام الوالد في صحبته، وهو أمير الخزينة القاهرة المصرية من حلب سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، وكان له في الوالد مزيد محبة واعتقاد، ثم عاد جانم إلى مصر، ثم قتله سليمان باشا بأمر السلطان هو وولده يوسف في سنة أربع وأربعين وتسعمائة، وعاتب الشيخ شاهين سليمان باشا في قتل ولده وهجره بسبب ذلك. جعفر البروساوي جعفر البروساوي، المشهور بنهال الفاضل البارع أحد موالي الروم. اشتغل في العلم، وصار مدرساً ببعض المدارس، ثم صار قاضياً بالغلطة، ثم مال إلى العزلة، وتقاعد بثلاثين عثمانياً، وله أشعار بالتركية مقبولة، وكتاب في الهزل سماه دافع الغموم قال في الشقائق: وندم على تأليفه، ولزم أن يشتريه ممن لقيه عنده، ويحرقه بالنار. قال: وروي أنه غلب عليه الزهد والورع آخر عمره، وجاور بمكة في حدود الخمسين وتسعمائة. جلال الدين الرومي جلال الدين المولى الفاضل أحد موالي الروم خدم المولى محمد بن الحاج حسن، ثم صار مدرساً بمدرسة المولى المذكور بالقسطنطينية، ثم صار قاضياً بعدة من البلاد، ثم تقاعد بخمسة وثلاثين عثمانياً، وصرف جميع أوقاته في العلم والعبادة، وكان فاضلاً محققاً مدققاً، ذا شيبة نيرة بقية من الصالحين. مات سنة أربع أو خمس وثلاثين وتسعمائة. جمعة الضرير جمعة الضرير ابن جمعة المقريء الشافعي. قرأ على الشيخ الوالد في الألفية والمنهاج. قال الشيخ الوالد: بلغني عنه منكرات. جها نكير بن سليم جها نكير السلطان ابن سليمان بن سليم. كان بحلب مع والده حين كان بها سنة ست وخمسين وتسعمائة، فتوفي بها في السنة المذكورة، وصلى عليه أبوه في مشهد عظيم، وحمل إلى الفردوس، ثم شق بطنه وغسل وصبر وحمل إلى الروم. حرف الحاء المهملة من الطبقة الثانية حبيب القاضي حبيب القاضي الأصبهاني الشافعي. قيل: إنه كان عالماً عظيماً في المعقولات. ورد دمشق حاجاً منها في يوم الثلاثاء سادس جمادى الأولى سنة

حامد الحارثي

تسع - بتقديم التاء - وثلاثين وتسعمائة، وزار ابن العربي ومعه جماعة من طلبته. حامد الحارثي حامد بن جلال الدين الحارثي، الملتاني، الحنفي، قدم حلب ستة خمسين، وسأله ابن الحنبلي: أمن الهند أنتم أم من السند؟ فقال: أنا من ملتان، وهي بينهما إلا أني اشتهرت بالهندي، وحكي أنه دخل بعلبك، فاجتمع به طائفة الأويسية، فقالوا: إنه يظهر من بيننا رجل يقال له: حامد الهندي، ويكون مقدمة للمهدي، وطلبوا منه أن يستقر بينهم، فلم يفعل، وتبرأ من ذلك، وذهب آخراً إلى القسطنطينية، فأقام بها مدة، ولم يحصل له بها إقبال، ومات بالبيمارستان بها سنة تسع وخمسين وتسعمائة. حسن بن إسكندر حسن بن إسكندر بن حسن بن يوسف بن حسن، الشيخ الفاضل العالم العلامة بدر الدين النصيبي، الحلبي ثم المصري الضرير، المعروف بالشيخ حسن. مولده سنة اثنتين وسبعين - بتقديم السين - وثمانمائة، كان عالماً بارعاً في الفقه والنحو والقراءات والتجويد. قرأ عليه شيخ الإسلام الوالد في صفر القرآن العظيم، والمنهاج، والألفية حفظاً بمصر، ثم رحل إلى أهله في البحر، وأقام عندهم سنين، ثم قدم دمشق في صفر سنة أربع وثلاثين وتسعمائة. قال شيخ الإسلام الوالد: وحضر دروسي في تقسيم الحاوي وغيره، وأخذ عني، وحصل له بذلك سرور زائد. قال: ورام الإقامة بدمشق، فضاعت له دراهم، فتغير بسببها، واضطرب ظاهراً وباطناً، ثم سافر إلى طرابلس، وشتى بها على أن يرجع بعد فراغ الشتاء إلى مصر، ثم عاد إلى مصر في البحر في السنة المذكورة. انتهى. قلت: وكان يعرف بمصر بالشيخ حسن الشامي، ثم الغمري. ذكره الشعراوي وقال: شيخي وقدوتي إلى الله تعالى العلامة، الورع، الزاهد. كان عالماً عاملاً، حافظاً لمتون الكتب الشرعية وآلاتها على ظهر قلب، وكان حافظاً للسانه، ملازماً لشأنه، مواظباً على الطهارة الظاهرة والباطنة، غزير الدمعة، لا يسمع آية أو حديثاً أو شيئاً من أحوال الساعة، وأهوال يوم القيامة إلا بكى حتى أرحمه من

حسن بن علي الطبراني

شدة البكاء، قال: وكان كريم النفس، جميل المعاشرة، أماراً بالمعروف، لا يداهن أحداً في دين الله عز وجل. قال: وهو أكثر أشياخي نفعاً لي. قرأت عليه القران بعد والدي تجويداً، وقرأت عليه المنهاج، والألفية، والشاطبية، والتوضيح، وجمع الجوامع، وتلخيص المفتاح، وقواعد الإعراب. قال: وكثيراً ما يقول لي: مقصودي آكل أنا وإياك من الحلال، فأقول له: في أي المواضع؟ فيقول: في بركة الخازندار خارج مصر، فأقوده إليها، فيجلس على شاطئها، ويقول لي: إجمع من ورق الخس والجزر والفجل ما تراه في جانب الشط مما تساقط من الذين يغسلون الخضراوات من الطين. قال: فالتقط له شيئاً من ذلك، فيأكله ويشرب من البركة، ويقول: الحمد الله الذي أطعمنا في هذا اليوم حلالاً لا شبهة فيه. قال: ثم يرجع إلى جامع الغمري، وربما واظبنا على مثل ذلك الأسبوع كاملاً لا يذوق طعاماً ولا شراباً غير الورق، والشرب من البركة. قال: وكان إذا أعطاه أحد شيئاً. وشك فيه بشبهة يشتري به حطباً للطعام وصابوناً، ويقول: إنه أهون من الأكل والشرب من حيث الحساب. مات - رحمه الله تعالى - بعد الخمسين وتسعمائة بمصر - ودفن خارج باب النصر. حسن بن علي الطبراني حسن بن علي، الشيخ بدر الدين الطبراني من بلدة عند بركة الطبرية الشافعي، المقريء نزيل دمشق، حفظ القرآن العظيم بمدرسة شيخ الإسلام أبي عمر بسفح قاسيون، ثم تلاه بعدة روايات على الشيخ علاء الدين القيمري، واشتغل في النحو على ابن طولون، فقرأ عليه قطعة من ألفية ابن مالك، وتسبب بقراءة الأطفال في مكتب عز الدين غربي المدرسة المذكورة، وصلى عدة ممن أقرأه بالقرآن، وكان أحد شقيه بطالاً لا يمشي إلا بعكاز، وقد كان تأهب للحج والمجاورة بمكة، فمات قبل ذلك وكانت وفاته ليلة الأحد عيد الفطر سنة تسع - بتقديم التاء - وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. حسن بن يحيى بن المزلق حسن بن يحيى، الشيخ العالم الواعظ بدر الدين بن المزلق الدمشقي. كان فاضلاً، مقبول الشكل، محبباً عند الخاص والعام، يعظ الناس بالجامع الأموي في الأشهر الثلاثة. قال والد شيخنا: كان من أهل العلم والديانة، وولي تدريس الأتابكية بمحلة الصالحية، وتفقه على الشيخ تقي الدين القاري، وقبله على الشيخ شرف الدين يونس العيثاوي. انتهى.

حسن بن النصيبي

وبلغني أنه أخذ عن شيخي الإسلام القاضي زكريا والتقوى ابن قاضي عجلون، وقال شيخ الإسلام الوالد: حضر دروسي في الأصول والفقه، وسمع علي جانباً من البخاري، وكان يلثغ في الثاء المثلثة. توفي في يوم الأربعاء سادس عشري صفر سنة وستين وتسعمائة، وصلي به بالجامع الأموي بعد صلاة الظهر، ودفن في تربة أهله خارج باب الجابية بدمشق في المحلة المحروقة تجاه تربة باب الصغير رحمه الله. حسن بن النصيبي حسن بن عمر بن محمد الشيخ بدر الدين ابن قاضي القضاة زين الدين ابن قاضي القضاة جلال الدين الحلبي، الشافعي، المعروف بابن النصيبي - سنة سبع - بتقديم السين - وتسعمائة - واشتغل بالعلم على العلائي الموصلي، والبرهان اليشبكي وغيرهما ثم رحل لأجل المعيشة إلى الروم، فصار يكتب القصص التي ترفع إلى السلطان بالتركية على أحسن وجه، ثم تقرب إلى نيشانجي الباب العالي، فقربه وأحبه، ولي بها نظر الأوقاف بحلب، ونظر الحرمين والبيمارستان الأرغوني بها، والبيمارستان النوري بحماة، ثم وشي به إلى عيسى باشا لما دخل حلب مفتشاً على ما بها من المظالم، وقيل له: أن عليه ما ينوف عن عشر كرات، واختفى منه مدة، وشدد عيسى باشا في طلبه، فبعث أخاه البدري تحسين إلى الروم في أمره، ولم تقض له حاجة، فدعا ذلك صاحب الترجمة إلى أن تمثل بين يدي عيسى باشا ملقياً سلاحه، ثم عاد من عنده سليماً، وتولى نظر الأموال السلطانية بحلب بعد وفاة عيسى باشا، فهابه الأمناء والكتاب والعمال لمزيد وقوفه على أمور الديوان، وكثر الواردون عليه، والواقفون ببابه حتى ولي اسكندر بيك دفتر دار حلب، وأظهر عليه أموالاً كثيرة بمعونة أهل الديوان، وأخذها منه حتى لم يبق معه ولا الدرهم الفرد، ثم عرض له إسكندر بيك عرضاً حسناً، ثم كانت وفاته مسموماً سنة ست وخمسين وتسعمائة، ودفن بمقبرة سيدي علي الهروي خارج باب المقام بحلب بوصية منه.

حسن بن محمد بن مزلق

حسن بن محمد بن مزلق حسن بن محمد بن محمد بن حسن بن محمد، الشيخ الفاضل بدر الدين ابن المزلق الشافعي. قرأ الفقه على شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون، ثم على تلميذه التقوي القاريء، والوالد، وكان رفيقاً للشيخ علاء الدين بن عماد الدين في الاشتغال على الشمس ابن طولون، وكان ألثغ، وعليه شهامة العلماء، وله تصدير بالأموي، وكان يختم في رمضان كل سنة صحيح البخاري تحت قبة النسر حفظاً، وكان قاضي القضاة بدمشق محمد جلبي ابن المفتي أبي السعود يحبه، ويأنس به، ويقول له: أنت شبيه بوالدي، وأنت عندي في مقامه. مات سنة خمس وستين وتسعمائة، وصلى عليه قاضي القضاة المذكور. خلف كتباً حسنة كثيرة اشتراها جملة الشيخ إسماعيل النابلسي. حسن بن يونس بن قرنفل حسن بن يونس، الشيخ الفاضل بدر الدين ابن العلامة شرف الدين بن شعبان القرنفل الغزي، الشافعي، ثم الحنفي. كان من إخوان شيخ الإسلام الوالد وأصحابه، وسافرا معا إلى الروم، وعاد الوالد في سنة سبع وثلاثين، وكان عوده هو في السنة التي بعدها، ووصل دمشق يوم الثلاثاء سابع عشري ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين، وقد أعطي نظر التربة الأشرفية بالكلاسة، وبقعة تدريس في الجامع الأموي عوضاً عن المرحوم برهان الدين بن حمزة الطرابلسي، والكتابة على البيمارستان النوري، ونيابة القسمة عن قاضي العسكر، ثم قرأت بخط شيخ الإسلام الوالد أنه صحبه حين حج الوالد من طريق القاهرة سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة من جسر بنات يعقوب إلى غزة، ومن لطائف شيخ الإسلام الوالد. قوله مستدعياً للبدر بن شعبان المذكور إلى منتزه بالنيرب يسمى الدهشة وقد كان دعا قبله إليه القاضي عبد اللطيف بن أبي كثير، والقاضي معروف مكتب إليه: مجالس أنسنا للب تدهش ... بروض ريحه للروح منعش به توت وتفاح وخوخ ... وإنجاص وأعناب ومشمس وثلج ثم مشروب وماء ... فإن اللحم إذ يشوى يعطش حوت لطفاً ومعروفاً، ولكن ... على البدر المنير بها تفتش حسن الشهير بأمير حسن حسن المولى الفاضل، الشهير بأمير حسن أحد موالي الروم. برع وفضل ودرس وترقى في التداريس حتى أعطي دار الحديث بأدرنة، ومات عنها كان مشتغلاً بالعلم. له حواش على شرح الفرائض للسيد، وحواش على شرح الرسالة في آداب البحث لمسعود الرومي وغير ذلك.

حسن السرميني الينابيعي

حسن السرميني الينابيعي حسن، الشيخ بدر الدين السرميني، المشهور بابن الينابيعي، الحلبي، الشافعي، الغزي قال ابن الحنبلي: كان عالماً، فاضلاً، تلمذ للبدر السيوفي وغيره، أدرك الشيخ باكير صاحب الزاوية المشهور بسرمين، وأخذ عنه القراءات، وكان من العارفين بها. توفي سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، وقد قارب المائة وقوته محفوظة. حسن الدنجاوي حسن الشيخ الدنجاوي ذكره الشعراوي وأشار إلى أنه كان من أصحاب النوبة والتصرف بمصر مات في جمادى الأولى سنة إحدى وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. حسين بن أحمد الخوارزمي حسين بن أحمد بن إبراهيم، الشيخ العابد، الصوفي الخوارزمي خليفة الشيخ محمد الخبوشاني. كان شيخاً معمراً مهيباً ذكر أن له من الأتباع نحو مائة ألف ما بين خلفاء ومريدين قيل: وكان من أحواله إذا ذكر في المسجد الذي هو فيه مع مريديه يطول حتى يراه من كان خارجاً من المسجد من غير منفذ من منافذه، فدخل بلاد الشام حاجاً، فحج ورجع إلى دمشق، فأعجبته فعمر بها خانقاه للفقراء من ماله، وكان متمولاً جداً حتى عمر عدة خوانق في بلاد عديدة، ثم عاد إلى حلب، وقصد أن يشتري بها بستاناً، ويعمر به عمارة، فمرض بها، وتوفي في عشري شعبان سنة ثمان وخمسين وتسعمائة، ودفن بها في تابوت، ثم نقل بعد أربعة أشهر إلى دمشق، ولم يتغير أصلاً، ودفن بها رحمه الله تعالى. حسين بن عبد القادر الكيلاني حسين بن عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن يحيى بن أحمد بن محمد بن نصر بن عبد الرزاق بن القطب الكبير، سيدي عبد القادر الكيلاني، السيد الشريف، الحسيب، النسيب، الشيخ عفيف الدين ابن الشيخ محيي الدين الحلبي، ثم الحموي، الشافعي، سبط النظام التادفي. الحنبلي. ولد بحلب سنة ست

حسين آغا

وعشرين وتسعمائة، ثم توطن حماة، وقرأ في الفقه، وسمع الحديث على الشيخ المعمر شهاب الدين أحمد البازلي الحموي الحمصي الشافعي سنة خمسين، وسافر إلى دمشق، فتلقاه الفقراء والمشايخ وبعض الأعيان، ولبس منه الخرقة جماعة، وحصل له القبول من عيسى باشا ابن إبراهيم باشا نائب الشام، وصار له حلقة في الجامع الأموي بعد صلاة الجمعة، ثم عاد إلى حماة، فودعه الناس في يوم مشهود، ثم سافر إلى الروم، فطلبه السلطان سليمان. فدخل عليه فأمره بالجلوس وأمر له بعشرين عثمانياً في زاوية عمارة والده بدمشق، فأبى ثم قبل بعد التصميم عليه، ثم عاد فدخل حلب سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة. حسين آغا نائب قلعة دمشق حسين آغا نائب قلعة دمشق. بنى له تربة بالكلاسة بالقرب من تربة السلطان صلاح الدين، ومات في سنة سبع - بتقديم السين - وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. حسين جلبي متولي تكية السليمية حسين جلبي متولي تكية السلطان سليم خان بالصالحية بدمشق. شنق هو وسنان القراماني يوم الخميس رابع عشر شوال سنة ست وستين وتسعمائة، وصلبا معاً بدار السعادة وشاشاهما وعمامتاهما على رؤوسهما، وهما ذوا شيبتين نيرتين رحمهما الله تعالى. حسام الدين القراصوي حسام الدين جلبي القراصوي أحد موالي الروم. قرأ على العلماء، ثم خدم المولى عبد الكريم ابن المولى علاء الدين المغربي، ثم درس بإحدى المدارس، ثم بمدرسة أسكوب، ثم بمدرسة بايزيد خان بطرابزون، ثم بإحدى الثماني، ثم صار قاضياً بأدرنة، ثم بالقسطنطينية، ثم أعطي إحدى الثماني أيضاً، وعين له كل يوم مائة عثماني إلى أن توفي، وكان سخي النفس، حليماً، صبوراً على الشدائد، طارحاً للتكلف، منصفاً من نفسه، وكانت وفاته في سنة سبع - بتقديم السين - وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. حمزة أوج باشا حمزة المولى نور الدين أحد موالي الروم، الشهير بأوج باشا. اشتغل ثم خدم المولى معروف زاده، ثم درس بمدرسة مغنيساً، ثم بمدرسة إزنيق، ثم

حمزة الرومي

بمدرسة أبي أيوب، ثم بإحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنة، ثم بإحدى الثماني، ثم بمدرسة السلطان بايزيد، ثم بأماسية، ونصب مفتياً بها، وعين له كل يوم سبعون عثمانياً بالتقاعد، ومات عنها، وكان حريصاً على جمع المال يتقلل في معاشه، ويلبس الثياب الدنيئة، ولا يركب دابة حتى جمع أموالاً عظيمة، وبنى في آخر عمره مسجداً بالقسطنطينية قريباً من داره،. وبنى حجراً لطلبة العلم، ووقف عليها أوقافاً كثيرة. قال له الوزير إبراهيم باشا يوماً: إني سمعت أنك تحب المال، فكيف صرفته في الأوقاف؟ قال: هو أيضاً من غاية محبتي في المال حيث لم أرض أن أخلفه في الدنيا، فأريد أن يذهب معي إلى الآخرة. قلت: وهذا يدل على إمساكه رشداً لا بخلاً خصوصاً إن كان جمع المال من الحل. مات - رحمه الله تعالى - بعد الأربعين وتسعمائة. حمزة الرومي حمزة المولى نور الدين الكرمباني الرومي، الصوفي، الحنفي. كان من طلبة العلم، ثم رغب في التصوف، وخدم الشيخ العارف بالله سنبل سنان، ثم خدم الشيخ العارف بالله محمد بن بهاء الدين، وصار له عنده القبول التام، وكان خيراً، ديناً، قوالاً بالحق، مواظباً على آآداب الشريعة، مراعياً لحقوق الإخوان. توفي في سنة خمس وستين وتسعمائة بالقسطنطينية. حيدر السمرقندي حيدر، الشيخ. العارف بالله تعالى بأبا حيدر السمرقندي خدم في صغره الشيخ العارف بالله خواجه عبيد الله السمرقندي، ثم صحب أصحابه، ثم جاور بمكة مدة، ثم دخل الروم، فأحبوه واعتقدوه، وبنى له السلطان سليمان مسجداً ظاهر القسطنطينية، فتوطن بجواره، وواظب الأوقات الخمسة، واعتكف مرة بأبي أيوب الأنصاري آخر عشر في رمضان، فلم يفطر تلك المدة إلا بلوزتين فقط، وكان يستوي عنده الصغير والكبير، وهو من هذه الطبقة. حيدر الأسود حيدر المولى العالم أحد الموالي الرومية، المشهور بالأسود، واشتغل في العلم، وخدم المولى أفضل الدين، ودرس في عدة مدارس آخرها مدرسة السلطان بايزيد خان بأدرنة، ثم أعطي قضاء حلب، فلم تحمد سيرته في القضاء، واشتهر بالطمع، فعزله السلطان سليمان. وغضب عليه، ثم بعد مدة تعطف عليه وأعطاه تقاعداً بثلاثين عثمانياً، ولزم بيته بالقسطنطينية، وبنى مسجداً بقرب داره، ووقف عليه، وكان مشتغلاً بالعلم إلا أن اشتغاله بالدنيا كان أكثر لأنه كان يحب العز والجاه، وهو من هذه الطبقة.

حرف الخاء المعجمة من الطبقة الثانية

حرف الخاء المعجمة من الطبقة الثانية خليل بن محمد الصلتي خليل بن محمد الصلتي، الشاب الفاضل، الشافعي، ذكره شيخ الإسلام الوالد في تلاميذه قال: وحضر بعض دروسي مع رفيقه الشيخ أحمد بن أحمد الطيبي، وقرأ على اليمني الشيخ إبراهيم اليمني. مات يوم الأحد نصف رجب الفرد سنة أرجع وثلاثين وتسعمائة عن بضع وعشرين سنة رحمه الله تعالى. خليل مفتي المالكية خليل، الشيخ الإمام العلامة مفتي المالكية بمصر، توفي بالقاهرة، وصلي عليه غائبة بدمشق في الجامع الأموي في يوم الجمعة سادس صفر سنة ست وأربعين وتسعمائة، صلى عليه إماماً الشيخ شهاب الدين الطيبي، وتأسف الناس عليه. خديجة الصالحية خديجة بنت نصر الله الصالحية الدمشقية. قال ابن طولون: كانت حنبلية، وكان للناس فيها اعتقاد خصوصاً الأروام حتى الوزير الأعظم إياس باشا، وقد أرسل من الروم دراهم لتعمير سكنها، وهو وقف الزاوية الداوودية، وكانت إذا سألها أحد عن أمر تقول: حتى أبيت كذا الليلة، ثم تصبح فتشير عليه بفعل كذا، وتركه وغالبه يصح لكن كان ابن عمها الشيخ زين الدين عمر بن نصر الله ينكر عليها ذلك ويقول لها: هذا من فعل الكهنة، ولا أرى لك ذلك وحجت سنة خمس وأربعين، فوقفت بيتاً كانت ورثته من أبيها على جامع الحنابلة، وأعتقت جاريتها، وماتت في رجوع الحجاج في هدية حادي عشر المحرم سنة ست وأربعين وتسعمائة، وكانت أقعدت قبل موتها، وكان يطاف بها في شقدوف رحمها الله تعالى. خديجة بنت محمد العامري خديجة بنت محمد بن إبراهيم المقرىء العامري الحنفي كان أبوها ابن عم للجد شيخ الإسلام رضي الدين، وكانت هي صالحة، فاضلة، فقيهة، أخذت عن جماعة منهم شيخ الإسلام الجد، وسمعت على شيخ الإسلام الوالد في البخاري، وحضرت عليه في الفقه. توفيت في شهر رجب سنة خمس وثلاثين وتسعمائة. وورثها الجد بعد ثبوت النسب. خير الدين القسطموني خير الدين، المولى العلامة أحد موالي الروم، كان من ولاية قسطمون، وقرأ على العلماء وحصل وخدم المولى أخي يوسف، ثم المولى مصلح الدين البريكي، ثم صار معلماً للسلطان سليمان، وحصل له حشمة وافرة، وقبول تام، وجاه رفيع، وازدحم العلماء والأفاضل والأكابر على بابه، وهو مع ذلك لم يتغير عن طبعه من التواضع، والكرم، ولين الجانب، والتلطف للفقراء والمساكين. توفي - رحمه الله تعالى - في سنة خمسين وتسعمائة.

حرف الدال المهملة من الطبقة الثانية

حرف الدال المهملة من الطبقة الثانية داود بن حسن العجلوني داود بن حسن بن مسعود الشيخ علاء الدين بن سليمان العجلوني المقرىء، قرأ على جماعة من العلماء منهم شيخ الإسلام الوالد، وفقد في سنة إحدى وأربعين وتسعمائة. داود بن سليمان القصيري داود بن سليمان، الشيخ الفقيه البارع القصيري الشافعي، وهو أخو الشيخ عبدو. أخذ الفقه عن البرماوي تلميذ الشيخ البازلي، ثم الحموي توفي سنة خمس وثلاثين وتسعمائة. داود بن كمال داود بن كمال، المولى الشيخ العالم الكامل أحد موالي الروم قال في الشقائق: كان عالماً فاضلاً ذكياً مدققاً، وكانت له يد طولى في العلوم، وكان كريم الطبع، مراعياً للحقوق، قوالا بالحق لا يخاف في الله لومة لائم، ثم اشتغل في طلب العلم حتى توصل إلى خدمة المولى الفاضل بن الحاج حسن، ثم انتقل إلى خدمة المولى ابن المؤيد، ثم ولي التدريس، ثم صار قاضياً بمدينة بروسا مرتين، ثم اختار التقاعد فعين له كل يوم مئة درهم عثماني، ومات على ذلك في سنة أربعين وتسعمائة، ولم يشتغل بالتصنيف لضعف مزاجه. داود المرعشي داود المرعشي، الحنفي، الصوفي، الأويسي خليفة الشيخ أويس وشيخ الطائفة الأويسية بدمشق، كان من أكابر العلماء، وكان مقبولاً عند قاضي العسكر الروم المولى محي الدين الفناري وغيره، ورحل إلى الشيخ أويس القرماني، فأخذ عليه العهد، وجعله خليفة، ثم سافر معه إلى حلب، ثم إلى دمشق، وحج منها وجاور، ثم عاد إلى دمشق سنة أربع وخمسين وتسعمائة، ثم قتل بها وذلك بأمر سلطاني ورد على نائب دمشق بسبب ما بلغ السلطان عنه من كثرة اتباعه ودعواه أن المهدي المبعوث أخر الزمان يكون من الأوسية ولهجهم بذلك، وبلغني أنه خنق برمضان سنة.

حرف الذال المعجمة خال

حرف الذال المعجمة خال حرف الراء من الطبقة الثانية رجب اليعفوري رجب بن علي بن الحاج أحمد بن محمود، الشيخ العلامة زين الدين اليعفوري، الحموي، الشهير بالعزازي الشافعي، وهو جد صاحبنا العلامة تاج الدين القطان النحوي الشافعي لأبيه كان - رحمه الله تعالى - ممن تلمذ للشيخ العلامة شمس الدين البازلي الكردي، والحموي، ثم أخذ بمصر في سنة ثلاثين وتسعمائة على الشيخ العلامة المسند عبد الحق السنباطي كتب الحديث، وتفقه به وبالشيخ العلامة شمس الدين النشلي، والشيخ العلامة شهاب الدين الرملي وغيرهم، ثم دخل إلى دمشق، فقرأ على شيخ الإسلام الوالد في المنهاج للنووي مقسماً سنة خمس وثلاثين وتسعمائة شركة العلماء شمس الدين الجبرني، والعلامة عبد القادر الصهيوني، والعلامة إبراهيم اليمني تقسيماً كاملاً، وكان الشيخ رجب هو القارىء في الأول، ثم حضر تقسيم الحاوي أيضاً على الشيخ الوالد بقراءة العلامتين شمس الدين العجلوني، وعلاء الدين بن أبي سعيد الحموي، ثم أخذ معهما قسما ثالثاً، ثم قرأ عليه في ألفية ابن مالك تقسيماً أيضاً، واعتنى بجمع المهم من فتاوى شيخ الإسلام الوالد، فجمع منها ثلاث مجلدات، وحضر عند الشيخ أيضاً في دروس الشامية وغيرها من الدروس العامة في الرافعي الكبير والروضة، ثم عاد إلى بلده حماة، واستقر بها مفتياً مدرساً مع مكاتبة إلى شيخ الإسلام الوالد، ومراجعة في كثير من المسائل، وكان مخلصاً في صحبته ومصافاته، وكان شيخ الإسلام يترجمه بالفضل والصلاح، وفي تاريخ ابن الحنبلي أنه مر بحلب سنة إحدى وخمسين متوجهاً إلى إسلام بول لعزله عن تدريس عصرونية حماة، وأنه أنشده أو زار ... لشيخ الإسلام بهاء الدين الفصي البعلي الشافعي: إن سار عبدك حيث سرت تواضعاً ... لجلال قدرك ما تعدى الواجبا فلئن تأخر كان خلفك خادماً ... ولئن تقدم كان دونك حاجبا ثم توجه مرة أخرى إليها، فتوفي بالقسطنطينية في المحرم سنة ستين وتسعمائة، ودفن بالقرب من ضريح أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه.

حرف الزاي من الطبقة الثانية

حرف الزاي من الطبقة الثانية زكريا الحموي زكريا بن حسن بن علي الشيخ زين الدين الحموي المولد، الهيتي الأصل، الشاذلي العلواني حضر مجالس سيدي علي بن ميمون، ثم صار من مريدي سيدي علوان ولازمه، فلما توفي الشيخ علوان رحل إلى حلب سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، وصار يشكو الناس إليه الخواطر، ولم يؤرخ ابن الحنبلي وفاته. زكريا المصري زكريا بن زكريا الشيخ العلامة زين الدين المصري، حفيد شيخ الإسلام قاضي القضاة زكريا الأنصاري، أخذ العلم عن جده المذكور، وعن البرهان بن أبي شريف، والشيخ عبد الحق، والكمال الطويل، ولبس خرقة التصوف من جده ومن سيدي علي المصفي وغيرهما، وكان جده يحبه محبة عظيمة، وكان ذكياً فطناً خاشعاً أفتى ودرس، وكان قاضي الركب المصري إلى الحج، في سنة سبع بتقديم السين وأربعين وتسعمائة قال الشعراوي، سافرت معه إلى مكة وهو قاضي المحمل، وكان يقضي بالنهار ولا يمل من الطواف في الليل كثير الصدقة والإفتقاد لفقراء الركب، توفي رحمه الله تعالى في شوال سنة تسع بتقديم التاء وخمسين وتسعمائة ودفن خارج باب النصر تجاه مقام السيدة زينب. زين العابدين الجزري زين العابدين بن حسين بن عبد الله بن عمر بن علي الجزري المولد، الحلبي الوطن، العباسي، كان في ابتداء أمره يغسل الموتى، ثم لزم الكمال التادفي حين كان شيخ شيوخ حلب، ثم صار هو شيخ شيوخها، وكان قادرياً

زين العابدين الأنصاري

سهروردياً رفاعياً. لبس الخرقة من الشيخ محيي الدين بن محمد القادري أحد ذرية الشيخ عبد القادر الكيلاني، وأذن له في الباس الخرقة والإجلاس علس السجادة، وأخذ العهد وقص الشعور، ثم أخذ عليه العهد السيد علي الخراساني السهروردي بحق أخذه من الشيخ زين الدين الخوافي بسنده، وأجلسه على السجادة شيخ الشيوخ بحلب يومئذ السيد علي بن يوسف بن محمد الرفاعي، توفي في حلب سنة سبع - بتقديم السين - وثلاثين وتسعمائة. زين العابدين الأنصاري زين العابدين بن وهبان الأنصاري المدني المكي العالم العلامة، حضر دروس شيخ الإسلام الوالد، وسمع منه جانباً من تأليفه المسمى بالدر النضيد، في آداب المفيد والمستفيد. زين العابدين بن العجمي زين العابدين بن العجمي الأجل الرومي الشافعي نزيل دمشق قال ابن طولون: أصله من بغداد واشتغل بتبريز وولي تدريساً بمدينة طوقات ورتب له فيه أربعون عثمانياً، ثم تركه، وتصوف على طريقة النقشبندية، ثم قدم دمشق وأقرأ فيه الأفاضل، ومات شهيداً بالطاعون، يوم الخميس خامس عشر شوال سنة تسع بتقديم التاء وثلاثين وتسعمائة بعد أن مات بهذه العلة بضعة عشر من جماعته، ووقف بيته على الرواحية، وبعده على الحرمين وكتبه عليه، ثم على الشافعية، وشرط النظر لأعلمهم واستقرارها بمقصورة الأموي، وأوصى أن يصلي عليه الشيخ محمد الأيجي، فعند وفاته أصيب الأيجي بالطاعون، واشتغل بنفسه فتقدم للصلاة عليه الشيخ تقي الدين القاري باشارة قاضي القضاة إسرافيل، وقال لي شيخنا محب الدين أفندي: رأيتها مكبوس في مجلسه، ثم ترقى سعدي جلبي بعد ذلك إلى قاضي العسكر، ثم صار مفتياً بالقسطنطينية العظمى، ومات على ذلك بعلة النقرس سنة خمس وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق بعد الجمعة رابع عشر رجب منها. حرف السين المهملة من الطبقة الثانية سعد الدين الأنصاري سعد الدين بن علي، بن محمد بن أحمد بن عبد الله أقضى القضاة سعد الدين ابن القاضي علاء الدين الأنصاري الأنطاكي الحلبي، ثم الدمشقي كان

سعودي المجذوب

فاضلاً ناثراً يعرف باللسان التركي، والفارسي، وكان مدرساً بالماردانية بصالحية دمشق قال ابن الحنبلي: لازم شيخنا العلاء الموصلي، في قراءة قطر الندى والوافية وعروض الأندلسي وغير ذلك، واشتغل على الجلال النصيبي وغيره، وعني بالأدب وتولع بمطالعة مقامات الحريري، فحفظ غالبها وخط الخط الحسن، واشتغل في صنعة الشهادة وناب في القضاة بأنطاكية، فلم يشك منه أحد، وتزوج، ثم ترك التزوج مع الديانة والصيانة ومن شعره: نظري إلى الأعيان قد أعياني ... وتطلبي الأدوان قد أدواني من كل إنسان إذا عاينته ... لم يلق إلا صورة الإنسان انتهى. ذكره ابن الحنبلي قلت: عارضته بهذين البيتين بقولي: نظري إلى الأعيان ما أعياني. وكان ساكناً في خلوة من خلوات الشميصاتية، لصيق الجامع الأموي، وأصبح مخنوقاً ملقى على باب الخانقاه المذكورة يوم السبت ختام صفر سنة خمس وستين وتسعمائة، ودفن بباب الفراديس. سعودي المجذوب سعودي أحد المجاذيب المشهورين بمصر، كان من أهل الكشف مات سنة إحدى وأربعين وتسعمائة، وبنى عليه سليمان باشا قبة خضراء ذكره الشعراوي في الطبقات الكبرى. سلام الله الشيرازي سلام الله الشيرازي، ثم المكي أحد أئمة الحرم المكي كذلك، ذكره ابن طولون وقرأت بخط شيخ الإسلام الوالد عبد السلام سلام الله بن تقي الدين ابن جمال الدين الكازروني البكري، من علماء المدينة المنورة، قدم دمشق من القاهرة سنة تسع وعشرين وتسعمائة، وخطب بالجامع الأموي يوم الجمعة سادس عشرة، ثم خطب في الجمعة التي تليها في السليمية بالصالحية، وتوجه إلى الروم في تاسع رجب بعده قيل ليسعى في خطابة مكة، وسأله بعضهم عن ذلك فقال: خطيبها صاحبي وأنا أسعى على قضائها قال ابن طولون: واجتمعت به في العمارة السليمية بالصالحية، فلم أر عنده فضلية انتهى. وعلى شيخ الإسلام الوالد فيمن لقيهم بالمدينة في رجوعه من الحج سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة وترجمه بالعلم.

سفر الأنكوري

سفر الأنكوري سفر بن جمال الدين بن محمد الرومي الأنكوري، الحنفي المجاور بجامع الزكي بحلب. قال ابن الحنبلي: كان معمراً أدرك الجلال الدواني، وتلمذ له وقيل: وسرى إليه طبعه في استعارة كتب الناس وإمساكها عليهم إلا أن أستاذه كان يمسكها على أربابها الجهلاء بمضامينها، فيأخذها منهم بطريق شرعي لا على أربابها مجاناً. قال: وكانت له دعوة عريضة في الهيئة والنجوم من غير يد طولى فيهما، وعبث بالكيمياء، انتهى، توفي إحدى وخمسين وتسعمائة. سليمان القادري سليمان الصواف الشيخ الصالح العارف بالله تعالى، والد الشيخ أحمد بن سليمان، كان قادرياً ولحق سيدي علي بن ميمون، وأخذ عن شيخ الإسلام الجد، وعده شيخ الإسلام الوالد ممن تلمذ لوالده من أولياء الله تعالى، وأخبرني ولده الشيخ أحمد أن ابن طولون كان يتردد إلى والده ويعتقده، وأنه كان عند والده مرة فتقدم رجل من الفقراء إلى الشيخ سليمان، وقال يا سيدي رأيت البارحة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيته أسود اللون فقال الشيخ عبر رؤياك على مولانا الشيخ فقال له ابن طولون: يدل هذا المنام أن صاحبه على خلاف السنة، لأنه صلى الله عليه وسلم كان أبيض اللون، ولون السواد خلاف لونه فالرائي على خلاف سنته فقال الرجل الرائي: ما أنا على خلاف السنة، وما أعرف من نفسي إلا أني أكسل عن الصلاة في بعض الأوقات فاتركها فقال له الشيخ: يا سبحان الله وأي مخالفة للسنة أعظم من هذه المخالفة، فإن ترك الصلاة من أعظم الذنوب، ولها تأثير في سواد الوجه، وفي الحديث من صلى بالليل حسن وجهه بالنهار، فمن ترك الصلاة اسود وجهه قال الشيخ أحمد فقال والدي: لا بد أن تتوب عن ترك الصلاة، وتصلي ما فاتك منها هذا معنى الحكاية، ولا ألتزم لفظها، وحدثني الشيخ أحمد أن والده توفي في سنة خمس وأربعين وتسعمائة. سليمان الرومي سليمان أحد موالي الروم ترقى في المدارس حتى درس بإحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنة، ومات وهو مدرسها، وكانت وفاته في مجلس غاص بالعلماء في وليمة الختان لأولاد السلطان سليمان سقط مغشياً عليه، فحمل إلى خيمته، فمات بها سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، وكان فاضلاً مشتغلاً بنفسه رحمه الله تعالى.

سليمان الخضيري

سليمان الخضيري سليمان الخضيري، المصري، الشافعي، الشيخ الصالح الفاضل العارف بالله تعالى. أخذ العلم عن الحافظ جلال الدين السيوطي، والشيخ قطب الدين الأوجاقي، والطريق عن الشيخ شهاب الدين المهدي، وأذن له في المريدين، ويلقنهم الذكر، فتلمذ له خلائق لا يحصون، وكان زاهداً ديناً كاملاً لا ينتقص أحداً من أقرانه، ويقول: لا يتعرض لنقائص الناس إلا كل ناقص. قال الشعراوي: أدركت الأشياخ، وهم يضربون به وبجماعته المثل في الإجتهاد في العبادات، وصحب بعد موت شيخه مشايخ لا يحصون، وكانوا يودونه ويحبونه كسيدي محمد بن عنان، وسيدي علي المرصفي، وسيدي محمد بن داود المنزلاوي، وولده الشيخ أحمد، وسيدي محمد المنير، وسيدي محمد البروي، وسيدي عبد الحليم بن مصلح، وسيدي أبي بكر الحديدي، وغلب عليه في آخر أمره الخفاء لعلو مقامه، وكان له مكاشفات وكرامات. قال الشعراوي: أخبرني في سنة تسع وخمسين وتسعمائة أن عمره مائة سنة وثماني سنين، وكان موجوداً في سنة إحدى وستين وتسعمائة. سنان الرومي سنان جلبي المولى العلامة أحد الموالي الرومية. ترقى في المدارس ثم أعطي قضاء القضاة بدمشق، فدخلها في صفر سنة تسع - بتقديم التاء - وأربعين وتسعمائة، وحكم فيها نحو ثلاث سنوات، وحمدت سيرته في قضائها. سنان القراماني سنان القراماني نزيل دمشق والد أحمد جلبي ناظر أوقاف الحرمين الآن بدمشق. ولي نظارة البيمارستان النوري،، ثم ولي نظارة الجامع الأموي، وانتقد عليه أنه باع بسط الجامع وحصره، وأنه خرب مدرسة المالكية التي بقرب البيمارستان النوري،، وتعرف بالصمصامية، وحصل به الضرر لمدرسة النورية ببعلبك، فشنق بسبب هذه الأمور هو وناظر السليمية حسين جلبي في يوم الخميس رابع عشر شوال سنة ست وستين وتسعمائة كما قرأت ذلك بخط والد شيخنا. قلت: وأما الآن، فقد تجاوز أهل الفساد إلى أمور فوق هذه الأمور بحيث هذه الأمور التي انتقدت على سنان لا تعد بالنسبة إليها شيئاً، ثم إن حصل عليهم إنكار دفعت الرشوة عنهم وباله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ولقد ... برطيل أهل الجور يكفيهم ... في هذه الدنيا العقاب الأليم

السيد الحاجري

ورشوة الحكام أعمتهم ... عن الطريق الحسن المستقيم فاعبث كما شئت، وكن ظالماً ... ولا تقل في الظلم يوماً وخيم إن لم يكن منك تعين بأن ... خلفك بعثاً وعذاب الجحيم كأن كل الناس قد جاوزوا ... الحبس، وصاروا في جنان النعيم السيد الحاجري السيد الحاجري المغربي، المالكي نزيل دمشق كان سكن بالتربة الأشرفية شمالي الكلاسة جوار الجامع الأموي تزوج بابنة القاضي كمال الدين، ثم سافر من دمشق إلى الروم، وحصل له إقبال من السلطان، والوزير الأعظم إياس باشا، وأعطي دنيا ووظائف منها إمامة المالكية بالجامع، ثم عاد فمات بحلب سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة. حرف الشين المعجمة من الطبقة الثانية شاهين الجركسي شاهين بن عبد الله الجركسي، العابد الزاهد، بل الشيخ العارف بالله، الدال عليه، والمرشد إليه. كان من مماليك السلطان قايتباي، وكان مقرباً عنده، فسأل السلطان أن يعتقه، ويخليه لعبادة ربه، ففعل فساح إلى بلاد العجم وغيرها، وأخذ الطريق عن سيدنا أحمد بن عقبة اليمني المدفون بحوش السلطان برقوق، فلما مات صحبه نحو ستين شيخاً منهم الشيخ العارف بالله تعالى حسين جلبي المدفون بزاوية الشيخ دمرداش، ولما دخل العجم أخذ عن سيدي عمر روشني بتبريز، ثم رجع إلى مصر، وأقام بالمحل الذي دفن فيه من جبل المقطم، وبنى له فيه معبداً، وكان لا ينزل إلى مصر إلا لضرورة شديدة، ثم انقطع ثمة لا ينزل من الجبل سبعاً وأربعين سنة، واشتهر بالصلاح في الدولتين، وكان أمراء مصر وقضاتها وأكابرها يزورونه، ويتبركون به، وكان يغتسل لكل صلاة، وقام مرة للوضوء بالليل، فلم يجد ماء، فبينما هو واقف وإذا شخص طائر في الهواء في عنقه قربة، فأفرغها في الخابية، ثم رجع طائراً نحو النيل، وكان ذلك من صدق الشيخ وكرامته عند الله تعالى. مات في رابع شوال سنة أربع وخمسين وتسعمائة، ودفن بزاويته بالجبل، وبنى السلطان عليه قبة، ووقف على سكانه أوقافاً. شرف الدين الشافعي شرف الدين السيد الشريف العلامة المدرس بزاوية الحطاب بمصر الشافعي. كان صامتاً معتزلاً عن الناس، وكان وقته كله معموراً بالعلم والعبادة،

شلبي أمير أحد موالي الروم

وتلاوة القرآن. ورده كل ليلة قبل النوم ربع القرآن. ما تركه صيفاً ولا شتاءً، وكان على مجلسه الهيبة والوقار، وله صحة اعتقاد في الصوفية يتواجد عند سماع كلامهم. توفي سنة أربعين وتسعمائة. ذكره الشعراوي رحمه الله تعالى. شلبي أمير أحد موالي الروم شلبي أمير المولى العلامة أحد الموالي الرومية. كان أحد المدرسين بالثماني بالقسطنطينية، ثم ولي قضاء دمشق، ودخلها في ربيع الثاني سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة، واستمر قاضياً نحو سنتين، وحمدت سيرته، وكانت له صلابة في أحكامه، وحرمته وافرة. شعبان المجذوب شعبان المجذوب. كان له كشف وأحوال عجيبة، لبس مرة في أول يوم من السنة جلد بقر، فقال سيدي علي الخواص: هذه سنة تموت فيها البهائم، فكان الأمر كذلك، ولبس الشيخ شعبان مرة أخرى جلد معز، فمات المعز تلك السنة، ولبس مرة جلد ضأن، فمات الضأن، وأوقد مرة ناراً. فقال سيدي علي: لا بد من فتنة تقع في مصر، فوقعت فتنة أحمد باشا المتقدمة في ترجمته في الطبقة الأولى، وجاءت امرأة إلى الشيخ عبد الوهاب الشعراوي، وباتت في بيته، ولم تعلم حاجتها، فأرسل الشيخ شعبان إليه يقول: لا تفرق بين رأسين في الحلال. قال الشيخ عبد الوهاب: فما عرفت معنى ذلك، فلما طلع النهار. قالت لي تلك المرأة: لي بنت، وكتب شخص كتابه عليها، وله مدة ثلاث سنين غائب، ومقصودي أن ترسلوا معي إلى القاضي يفسخ عليه، فإن مصالحها ضاعت، فتذكرت قول الشيخ شعبان: لا تفرق بين رأسين في الحلال. قال: فقلت لها: إن بعض الفقراء يقول لك: اصبري، فإن زوجها يأتي عن قريب، فسافرت المرأة إلى البلاد، فبعد شهر حضر زوج البنت. مات - رحمه الله تعالى - بمصر رابع شعبان سنة سبع - بتقديم السين - وخمسين وتسعمائة، وكانت جنازته حافلة وحضروها ... محمد السلطان لئلا يتقاتل الناس على دفنه كل جماعة يقولون: ندفنه في حارتنا تبركاً، ودفن بزاويته في درب الأبراريين بالقرب من سويقة اللبن. شمس بن آق شمس الدين شمس بن عمر بن آق شمس الدين البرسوي، الحنفي خواجه السلطان سليم المشهور بشمسي جلبي. دخل حلب، واجتمع به ابن الحنبلي، وأثنى عليه في الفضل والعلم، ثم دخل دمشق قاصداً للحج الشريف، فمات في

شهاب النشيلي

طريق الحج قبله عند المعظم في سنة سبع وخمسين وتسعمائة. شهاب النشيلي شهاب الطويل النشيلي، المصري المجذوب. كان من قرية سيدي خليل النشيلي أحد أصحاب سيدي أبي العباس المرسي، وكان من أهل الكشف، وإذا راق تكلم بكلام حلو محشو أدباً، ولقي مرة إنساناً وهو داخل إلى جامع الغمري وهو جنب فلطمه على وجهه، وقال: ارجع اغتسل، وجاء رجل كان قد فعل الفاحشة بعبده فقال له: يا سيدي أسألك الدعاء، فأخذ خشبة وضربه بها مائة ضربة، وقال: يا كلب تفعل في العبد، فافتضح ذلك الرجل وخجل قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: وأول ما لقيته وأنا شاب أمرد قال لي: أهلاً يا ابن الشوني، وكنت لا أعرف قط الشوني، فبعد عشر سنين حصل لي الاجتماع بالشوني، وأخبرته بقول الشيخ شهاب. فقال: صدق أنت ولدي إن شاء الله تعالى يحصل لك على يدي خير. كان يحب دخول الحمام، ويكثر منه حتى مات في الحمام بعد الأربعين وتسعمائة، ودفن بزاويته بمصر العتيقة. حرف الصاد المهملة من الطبقة الثانية صالح جلبي صالح جلبي، المولى العلامة أحد موالي الروم. ترقى إلى التدريس لإحدى الثماني، ثم أعطي قضاء القضاة بحلب، فدخلها يوم الخميس ثالث شوال سنة إحدى وخمسين وتسعمائة، ثم عزل منها ثاني عشري ذي القعدة، ثم ولي قضاء دمشق فدخلها في رجب سنة أربع وخمسين وتسعمائة، وأقام الأحكام بها نحو السنة، وكان محمود السيرة، وله تواضع ومكارم أخلاق قال ابن الحنبلي: وكان ممن منع شرب القهوة بحلب على الصفة المحرمة من الدور المراعى في شرب الخمر وغيره، وكنت عنده يوم منع ذلك. فقال: أيشربونها في الدور؟ فقلت: نعم. والدور كما شاع باطل وأنشدته من نظمي. قهوة البن أضحى ... بها الحمى غير عاطل لكنهم شربوها ... بالدور والدور باطل صنع الله الأماسي صنع الله، الشيخ العارف بالله تعالى الأماسي الخلواتي،

صدقة البانقوسي

الملقب بشيخ السراجين. كان زاهداً، عابداً، راغباً في العزلة، متؤدباً، متواضعاً، وله قدم راسخ في التعبير. صدقة البانقوسي صدقة بن علي، الشيخ الفاضل زين الدين ابن الشيخ علاء الدين البانقوسي الأصل، الحلبي، ثم الحموي، ثم الدمشي، الحنفي والد الشيخ علاء الدين بن صدقة الشافعي. كان والده المذكور كاتب أوقاف الحرمين الشريفين بدمشق، وقفت على تاريخ وقفيته، فإذا هي في عشرين جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة. حرف الضاد المعجمة خال حرف الطاء المهملة خال حرف الظاء المعجمة خال حرف العين المهملة من الطبقة الثانية عبد الله بن محمد المدرني عبد الله بن محمد بن أحمد الفاضل المرشد المدرني أحد مشايخ الروم ومواليها. مات والده الشيخ محمد شاه، وهو شاب في تحصيل العلم، وقرأ على المولى عبد الرحيم بن علاء الدين العربي، والمولى الفاضل سيدي محمد القرماني، وكان في بداءته تابعاً لهوى نفسه، فرأى ليلة أباه في منامه قد ضربه ضرباً شديداً، ووبخه على فعله، فلما أصبح ذهب إلى الشيخ رمضان المتوطن بأدرنة، وتاب على يديه، ودخل الخلوة، وارتاض وجاهد، ونال منالاً عظيماً حتى أجازه بالإرشاد، فرجع إلى وطنه، وأقام هناك يرشد ويدرس ويعظ، وله مشاركة في سائر العلوم، وخط حسن، وكان من محاسن الأيام. توفي سنة أربع وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. عبد الله بن أحمد الصويتي عبد الله بن أحمد بن عبد الله، الشيخ الفاضل جمال الدين الصويتي، العجلوني، الشافعي، المقرىء. دخل دمشق، واشتغل بها، وسمع على شيخ الإسلام الوالد غالب تأليفه المسمى بالدر النضيد في سنة أربع وثلاثين وتسعمائة. عبد الله بن حمزة المدني عبد الله بن حمزة، الشيخ الإمام جمال الدين المدني الشافعي. مر بدمشق قاصداً بلاد الروم، فخطب بجامعها في يوم الجمعة رابع عشر ذي القعدة الحرام سنة أربع وثمانين وتسعمائة.

عبد الله الهندي

عبد الله الهندي عبد الله بن منلا صدر الدين بن منلا كالي الهندي، الحنفي. اشتغل بحلب في كبره بالعلم، واعتنى بالقراءات، وجمع للسبعة، ثم للعشرة، وأخذ بها عن الشيخ إبراهيم اليشبكي، والشيخ إبراهيم الصيرفي، والأريحاوي، والشيخ أحمد بن قيما، ثم دخل إلى القاهرة، وأخذ عن الشيخ ناصر الدين الطبلاوي وغيره، ثم رجع إلى حلب، ولزمه الطلبة في القراءات، وحج سنة سبع وخمسين وتسعمائة، فتوفى وهو راجع في طريق الحج. عبد الله الجراعي الحنبلي عبد الله بن عبد الله بن زيد، الشيخ العالم الصالح موفق الدين الجراعي، الحنبلي، الصالحي. أثنى عليه الشيخ الوالد، وذكره في فهرست تلاميذه، وأشار إلى أنه قرأ عليه أشياء من جملتها، مختصر الملحة المسمى باللمحة تصنيف الوالد، وكتب شيئاً من شعره، واستجازه فأجازه، وكان موجوداً في أوائل حدود هذه الطبقة. عبد الله الكردي عبد الله بن عبد الرحمن بن أصفهان الكردي الشافعي، المنسوب إلى بزين - بالموحدة والتصغير - قبيلة من الاكراد، وقرأ في الصرف وغيره على أبيه الفقيه المحدث عبد الرحمن، والنحو على مولانا حسين العمادي المقيم بسمرقند، والمنطق على منلا نصير الأستراباذي، والكلام على منلا علي الكردي الحوزي - بزاي قبلها واو ساكنة بعد حاء مهملة - ولما دخلت سنة تسع وأربعين لزم ابن الحنبلي في علم البلاغة. قال ابن الحنبلي: وكان فاضلاً ذكياً. كتب بخطه تفسير منلا عبد الرحمن الجامي، وطالعه. توفي ببلد القصير مطعوناً في سنة اثنتين وستين وتسعمائة. عبد الله بن أبي بدرون عبد الله بن عبد اللطيف بن أبي بدرون، السيد الشريف عفيف الدين الحسيني، الفاسي، المكي قريب مؤرخ مكة القاضي تقي الدين. مولده كما نقلته من خط ابن طولون عن كتاب العلامة شهاب الدين البخاري المكي الإمام بمقام الحنفية أنه في شوال سنة سبع وأربعين وثمانمائة، وأجازه الحافظ أبو الفضل بن حجر، ومن في طبقته باستدعاء المحدث نجم الدين عمر بن فهد في سنة خمسين وثمانمائة، وله سماع على الشيخ أبي الفتح المراغي العثماني وغيره. توفي في شوال سنة ست وثلاثين وتسعمائة،. عبد الله المجذوب عبد الله الذي كان يصحن الحشيش في خزائن الأزبكية

عبد الله الخوانكي

بالقاهرة. كان له كرامة كل من أخذ من حشيشه، - وكل منه يتوب لوقته، ولا يعود لها أبداً. قال الشعراوي: وكان من الراسخين. قال: وكان كثير الكشف. قال: وسمعته يقول مرة: وعزة ربي ما أخذها أحد من هذه اليد، وعاد إليها - يعني الحشيشة - مات سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، ودفن في خراب الأزبكية مع الغرباء. عبد الله الخوانكي عبد الله الخوانكي. دخل مصر في أخر سنة تسع وخمسين وتسعمائة، فأقام خارج باب الفتوح على باب حارة الخضريين، وكان له حال عظيم، ويعارض الناس بما يحصل لهم في المستقبل، وكان خفياً لا يتميز عن العامة في ملبوسه ولا مأكله - رضي الله تعالى عنه -. مات في حدود الستين وتسعمائة. عبد الباسط البعلي عبد الباسط القاضي زين الدين البعلي، الحنفي عرف بابن البقرة. توفي في بعلبك سنة ثمان وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة حادي عشر جمادى الأولى منها. قال ابن طولون: وكان ولده يومئذ قاضي قناة العوني يعني القاضي تقي الدين. عبد البر المصري عبد البر بن عبد الرحمن بن محمد المصري، ثم الدمشقي الشافعي الشيخ الفاضل زين الدين الباهر. مولده سنة أربع وتسعمائة. قرأ على الشيخ شيخ الإسلام الوالد المنهاج وغيره قراءة فهم وإتقان. عبد الجليل الزرخوني عبد الجليل بن أبي الخير محمد الأستاذ القواس الزرخوني، المصري الأصل، ثم الدمشقي الشافعي. أحد جماعة شيخ الإسلام الوالد، وتلاميذه ومحبيه، وذكر الوالد عنه أنه كان من الأخيار الصلحاء والفضلاء، ذا همة ومروءة وصفاء، ومحبة لمن فيه الخير والإحسان إلى الفقراء. توفي ليلة الجمعة ثامن ذي الحجة الحرام سنة خمس وثلاثين وتسعمائة، وصلي عليه بعد صلاة الجمعة، ودفن بمقبرة باب الصغير بالقرب من ضريح سيدي نصر المقدسي رحمه الله تعالى. عبد الحفيظ اليمني عبد الحفيظ بن محمد بن شرف الدين اليمني، الشافعي العالم الفاضل، المعروف بالتستري نزيل دمشق. حضر دروس شيخ الإسلام الوالد في الفقه آخرها سنة أربع وثلاثين وتسعمائة. عبد الحمد القسطموني عبد الحميد بن الشرف، العالم العامل الواعظ

عبد الرؤوف اليعمري

القسطموني الرومي، الحنفي. طلب العلم، ثم رغب في التصوف، وصحب الشيخ مصلح الدين الطويل النقشبندي، ثم اختار بعد وفاته طريقة الوعظ، وكان يعظ الناس بالقسطنطينية، وعين له في كل يوم ثلاثون عثمانياً، وكانت له يد طولى في التفسير، وكان يدرس في بيته، ويفسر القرآن بتقريرات واضحة بليغة، وعبارات رائقة فصيحة، واستفاد منه كثير من الناس، وكان فارغ الهم من أشغال الدينا، مقبلاً على صلاح حاله، طويل الصمت، كثير الفكر، وقوراً مهيباً. توفي سنة ست وأربعين وتسعمائة. عبد الرؤوف اليعمري عبد الرؤوف اليعمري المصري الأزهري. أحد شعراء مصر. قدم حلب هو وصاحبه الشيخ نور الدين العسيلي، ونزلا بالمدرسة الشرفية، وكان حسن الشعر، لطيف الطباع، مات بالقاهرة سنة اثنتين وستين وتسعمائة. عبد الرحمن البصروي عبد الرحمن بن محمد الشيخ زين الدين الحنفي ابن العلامة جلال الدين البصروي الشافعي، وهو سبط الشيخ العلامة زين الدين بن عبد الرحمن بن العيني الحنفي ربما ترجم بالعلم قال ابن طولون: وقد رأيته وهو يدرس في المختار توفي بالحسى أحد منازل الحجاج وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة رابع عشر صفر سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. عبد الرحمن الميداني عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الملك القاضي زين الدين ابن الموصلي الميداني الدمشقي الشافعي درس بالجامع الأموي، والظاهرية الجوانية، والقيمرية الكبرى، وولي نيابة القضاء بالصالحية وغيرها، ثم ترك ذلك في يوم السبت مستهل ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وتسعمائة ودفن بزاويتهم بميدان الحصى قال ابن طولون: وكان لا بأس به، ولا يستكثر عليه سلوك أهل الخير لأنه من ذريتهم. عبد الرحمن بن القصاب عبد الرحمن بن حسن، الشيخ العالم العامل، والإمام الأوحد الكامل، أبو هريرة زين الدين الكردي، الحلبي، الشهير بابن القصاب الشافعي. أحد المدرسين والمفتين بحلب. أخذ عن شيخ الإسلام البدر ابن السيوفي وغيره، واجتمع بشيخ الإسلام الوالد في رحلته إلى حلب ماراً إلى الروم في سنة سبع وثلاثين وتسعمائة وذكره

عبد الرحمن بن القصار

الوالد في الرحلة، وأثنى عليه كثيراً، وترجمه بالعلم والدراية والزهد والولاية واستجابة الدعاء. توفي - رحمه الله تعالى - بحلب في سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق في يوم الجمعة ثالث عشري رمضان منها. عبد الرحمن بن القصار عبد الرحمن بن رمضان القصار والده. اشتغل في العلم على ابن الحنبلي، والجمال بن حسن ليه، وكان صالحاً، ديناً، عفيفاً، طارح التكلف، قانعاً بأجرة أزرار كان يصنعها، وكان له ذوق صوفي، ومزاج صفي، حج وجاور ومرض، ثم شفي وعاد إلى حلب، ومات بها في شعبان سنة أربع وستين وتسعمائة. عبد الرحمن بن الديبع عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن يوسف الشيخ الإمام العلامة، الأوحد المحقق الفهامة، محدث اليمن ومؤرخها، ومحيي علوم الأثر بها وحيد الدين أبو الفرج الشيباني، الزبيدي، الشافعي، المعروف بابن الديبع - بكسر الدال المهملة، وسكون الياء المثناة من تحت، وفتح الموحدة، وفي آخره مهملة - ومعناه بلغة النوبة المبيض لقب جده علي بن يوسف. ولد في عصر يوم الخميس رابع المحرم سنة ست وستين وثمانمائة، وحفظ القرآن العظيم، وتلا للسبع إفراداً وجمعاً، واشتغل في الفقه، والفرائض، والحساب، والجبر، والمقابلة، والهندسة، والعربية، والحديث، والتفسير على علماء عصره باليمن، وحج مراراً، وأخذ عن الحافظ شمس الدين السخاوي، وعلماء الحرمين إذ ذاك، وألف كتباً عديدة منها كتاب تيسير الوصول في الحديث هذب فيه جامع الأصول، وجمع فيه الكتب الستة، وله فيه: كتابي تيسير الوصول الذي حوى ... أصول الحديث الست عز نظيره فمن بمعانيه اعتنى ودروسه ... وتحصيله استغنى، ودام سروره وقال رحمه الله مجيزاً لأهل عصره: أجزت لمدركي عصري، ووقتي ... رواية ما تجوز روايتي له

عبد الرحمن الحسيني

من المقروء والمسموع طراً ... وما ألفت من كتب قليله ومالي من مجاز عن شيوخي ... من الكتب القصيرة والطويله وأرجو الله يختم لي بخير ... ويرحمني برحمته الجزيله كتب الشيخ جار الله بن فهد المكي إلى الشيخ شمس الدين بن طولون في سنة تسع وثلاثين وتسعمائة أنه اجتمع بصاحب الترجمة في سنة أربع عشرة وتسعمائة في رحلته إلى اليمن، وأخذ عنه، وكتب إليه أن صاحب الترجمة توفي في سابع عشري رجب الحرام سنة أربع وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه بمسجد الأشاعرة، ودفن بتربة باب سهام عند قبة الشيخ إسماعيل الجبرتي، وخلف ولده علي يقرأ الحديث عوضه في جامع زبيد الكبير. عبد الرحمن الحسيني عبد الرحمن بن يوسف بن الحسين المولى العالم، الصالح الكامل الحسيني، الرومي أحد الموالي الرومية. ولد في سنة أربع وستين وثمانمائة، وقرأ في شبابه على المولى محيي الدين محمد الساموني، ثم على المولى قطب الدين، ثم على المولى على الفناري، ثم على المولى علي اليكاني، وكان مقبولاً عند هؤلاء الموالي، ثم صار مدرساً بمدرسة جند يكن بمدينة بروسا، وكان بارعاً في العلوم العقلية، مشاركاً في غيرها من العلوم، محققاً، مدققاً، زاهداً ورعاً، راضياً من العيش بالقليل، ثم غلب عليه الانقطاع بعد، والتوجه إلى الحق عن الخلق، فترك التدريس المذكور، وعين له كل يوم خمسة عشر عثمانياً، فقنع بها، ولم يقبل الزيادة عليها، ولازم الاشتغال بالله، وانقطع بمدينة بروسا، ولحقته في بداءة جذبه الإلهية، وساح في الجبال، فكان يجد فيها ما يسد جوعته، وربما وجد الخبز بين الأشجار، وآثر محبة الأولياء والصالحين، وحكى عن نفسه أنه مرض في مدينة أدرنة، وهو ساكن في بيت وحده، وليس عنده أحد، فكان في كل ليلة ينشق له الجدار، ويخرج له منه رجل يمرضه، ثم يذهب، فلما برأ من المرض قال له الرجل: لا أجيء إليك بعد هذا. قال: فقلت له: من أنت. قال: إذا أردت أن تعرفني، فاخرج من المدينة، واذهب مع المسافرين تجدني قال: فخرجت من المدينة بعد أيام مع بعض أهل القرى، فقال بعضهم في الطريق: إن ههنا قرية لطيفة الهواء فيها رجل يعرف بالعالم الأسود، فعرفت أن الرجل هو ذاك. قال: فتوجهت إلى تلك القرية، فتلقاني ذلك الرجل، وهو يضحك، فإذا هو الرجل الذي كان يجيء إلي في المرض، فأقمت عنده ذلك اليوم، فلما جاء وقت العصر أردنا أن

عبد الرحمن الشامي

نصلي هناك، فأشار إلى مكان مرتفع، فلما علوناه. قال: كيف هذا المكان. قلت: في غاية اللطافة. قال: تنظر من هنا إلى الكعبة قلت: هكذا قال. فقال: انظر، فنظرت فإذا الكعبة قدامنا، فصليت العصر هناك، وما غابت عن أعيننا حتى أتممنا الصلاة. توفي السيد عبد الرحمن سنة أربع وخمسين وتسعمائة بمدينة بروسا، وحكي في الشقائق عن بعضهم أنه قال: رأيت المولى عبد الرحمن في المنام، فقال لي: إن في عمارة السيد البخاري بمدينة بروسا رجلاً مسافراً يريد أن يزورني، فدله على قبري. قال: فذهبت في صبيحة تلك الليلة إلى المقام المذكور، فوجدت هناك رجلاً مسافراً، فقلت له: ما تريد. قال: أريد زيارة المولى عبد الرحمن، فذهبت به إلى قبره، فلما جلس، فهمت منه أنه استثقلني، فدخلت المسجد، فاستمعت كأنهما يتحدثان، وسمعت صوت المولى المذكور كما هو في حياته، فلما انقطع كلامه خرجت من المسجد فلم أر أحداً عند قبره. عبد الرحمن الشامي عبد الرحمن الشامي المدرس بخانقاه سعيد السعداء بالقاهرة، الشيخ الإمام، الفقيه، النحوي، الصوفي. كان يتعمم بالصوف، وله تحقيق في العلوم الشرعية والعقلية، وأقبلت الأكابر والأمراء عليه، واعتقدوه، وكانوا يجلسون بين يديه متأدبين، وهو يخاطبهم بأسمائهم من غير تعظيم ولا تلقيب. مات في حدود هذه الطبقة، ودفن قريباً من تربة السلطان. قال: ورأيت الوحوش تنزل من الجبل، فتقف على باب تربته في الليل، فيخرج إليها ويكلمها، فترجع - ذكره الشعراوي رحمه الله تعالى. عبد الرحمن الأجهوري عبد الرحمن الأجهوري، المصري المالكي، الشيخ الإمام العلامة الزاهد الخاشع زين الدين مفتي المسلمين. تلا على الشيخ شهاب الدين القسطلاني للأربعة عشر، وحضر عليه قراءة المواهب اللدنية من تصنيفه، وأخذ الفقه وغيره عن الشيخ شمس الدين اللقاني، وعن أخيه الشيخ ناصر الدين وغيرهما، وأجازوه بالإفتاء والتدريس، فأفتى ودرس، وصنف، كتباً نافعة منها شرح مختصر الشيخ خليل وسارت الركبان بمصنفاته إلى بلاد المغرب والتكرور، وكان الشيخ ناصر اللقاني إذا جاءته الفتيا يرسلها إليه من شدة إتقانه وحفظه للنقول، وكان كريم النفس، قليل الكلام واللغو، حافظاً لجوارحه، كثير التلاوة والتهجد. قال الشعراوي: فلما مرض دخلت إليه، فوجدته لا يقدر يبلع الماء من

عبد الرحمن المناوي

غصة الموت، فدخل عليه شخص بسؤال فقال: أجلسوني. قال: فأجلسناه وأسندناه، فكتب على السؤال، فلم يغب له ذهن مع شدة المرض، وقال: لعل ذلك آخر سؤال نكتب عليه، فمات تلك الليلة، وكانت وفاته بعد الستين وتسعمائة، ودفن تجاه أخوة يوسف عليه الصلاة والسلام بجوار جامع محمود بالقرافة، وقبره ظاهر يزار. قال الشعراوي: وكان كلما مر على موضع قبره يقول: أنا أحب هذه البقعة. عبد الرحمن المناوي عبد الرحمن المناوي، المصري الشيخ الصالح، العالم العابد الورع أحد تلامذة سيدي محمد الشناوي. كان - رضي الله تعالى عنه - جميل الأخلاق، كريم النفس، جمالاً للأذى صباراً على البلاء، كثير الحياء لا يكاد يرفع بصره إلى السماء، ولا إلى جليسه. أقام في طنتدا، ثم انتقل إلى الجامع الأزهر، فأقام به مدة، وانتفع به خلائق، ثم رجع إلى بلده المناوات، ومات بها في حدود الخمسين وتسعمائة - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة. عبد الرحيم الشامي عبد الرحيم بن إبراهيم، الشيخ زين الدين ابن القاضي برهان الدين المعتمد الدمشقي، الشافعي. كان قد بعث إليه والده، وصلى بالقرآن العظيم في رمضان، وكان على طريقة السلف الماضين في تفطير الصائمين في رمضان. توفي - رحمه الله تعالى - في خامس عشر ربيع الأولى سنة ثمان وخمسين وتسعمائة، ودفن بالصالحية. عبد الرحيم ابن قاضي عجلون عبد الرحيم بن أبي بكر زين الدين ابن الشيخ الإسلام التقوي ابن قاضي عجلون الشافعي توفي في تاسع عشر ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وتسعمائة ودفن عند والده بباب الصغير تجاه مزار سيدي بلال رضي الله تعالى عنه. السيد عبد الرحيم العباسي عبد الرحيم بن أحمد، الشيخ العلامة الإمام، والمولى الفهامة الهمام، شيخ الإسلام، ومحقق القاهرة والروم والشام، السيد الشريف الحسيب النسيب أبو الفتح بدر الدين العباسي القاهري، ثم الإسلام بولي. مولده كما قرأته من خطه الكريم في سحر يوم السبت رابع عشري رمضان المعظم قدره سنة سبع - بتقديم السين - وستين وثمانمائة بالقاهرة، وأخذ العلم بها عن علمائها، فأول مشايخه منهم قاضي القضاة شمس الدين أبو عبد الله النشائي، وأخذ عن الشيخ العلامة المحقق محيي الدين الكافيجي،

والشيخ الإمام العلامة أمين الدين الأقصرائي، والشيخ العلامة قاضي القضاة محب الدين بن الشحنة، والقاضي العلامة قاضي القضاة شرف الدين موسى بن عيد الحنفيين، وعن الشيخ العلامة قاضي القضاة برهان الدين اللقاني المالكي، وعن الشيخ الإمام سراج الدين عمر العبادي، والشيخ الإمام العلامة شمس الدين أبي عبد الله الجوجري شارح المنهاج والإرشاد، والشيخ العلامة جلال الدين البكري، والشيخ العلامة شمس الدين أبي عبد الله محمد بن قاسم، والشيخ الإمام العلامة حافظ العصر فخر الدين عثمان الديمي، والشيخ الإمام قاضي القضاة برهان الدين بن ظهيرة قاضي مكة، والشيخ العلامة شيخ الإسلام محب الدين محمد بن الغرس البصروي الشافعيين، وسمع صحيح البخاري على المسند ابن المعمر العز الصحراوي، وعبد الصمد الحرستاني بالأزهر بحق روايتهما عن العراقي عن الحجار، وقرأ على المسند الرحلة بدر الدين بن حسن بن شهاب بحق روايته عن عائشة بنت عبد الهادي عن الحجار، ثم لازم آخراً شيخ الإسلام الجد الشيخ رضي الدين الغزي، وانتفع به في العلوم والمعارف شيئاً كثيراً، وحصل له بصحبته خير كثير، وفوائد جمة، وأخبرنا شيخ الإسلام الوالد عن السيد عبد الرحيم أنه حكى له عن نفسه أن مما وقع له مع الجد، وهو نازل عنده في بيته مختفياً في قيطون بنت ابن حجر ببركة الرطلي من القاهرة، أنه كان كثيراً من الليالي ما يوقظه للقيام، ويسمع صوته عند رأسه يقول له: يا هو قم وبينه وبينه ثلاثة أبواب مغلقة وأنه كان كثير التعلق إذ ذاك فقال له: هذه خلوة جعلت لك فلا تخرج منها حتى تبلغ الأربعين، فكان كذلك وقد أشار السيد عبد الرحيم رحمه الله تعالى إلى بعض ما كان للشيخ الجد عليه من اليد، والفضل فقال في قصيدة كتبها إليه من قصائد في مدحه يقول فيها: والصباح استعار من هجر حبي ... حلة أورثته طول التمادي فترى الطرف في إرتقاء سناه ... مثل رقبي لليلة الأعياد لو بدا لي وجه الرضي لأغنى ... عن سناه بنوره الوقاد سيدي لم يزل يمد مواليه م ... فيض من أغزر الأمداد ولعبد الرحيم رحمى لديه ... هو في ظلها وثير المهاد لم يزل لي منه نتائج لطف ... غاديات تفوق سفح الغوادي فالتفات مخاطر حامل ما ... بين حالي وحال أهل العناد وسلوك لي من طريق قويم ... موصل هديه لنهج الرشاد لست أنسى ليالياً بحماه ... بت فيها قرير عين الوداد

واقعاً من ولائها في برود ... نسجها محكم بصنع الأيادي وظلال من فيضة سابغات ... لم يزل في جبرها في اشتداد إلى أن قال: يا ولي الوجود عطفاً على من ... هو في منتداك في خير باد ما له غير ظل جودك ظل ... فهو يغدو به على كل عاد دمت للعالمين بحر علوم ... يرتوي منه كل صاد وغاد ولشيخ الشيوخ نجلك سعد ... ذو نحوس من مالك الأسعاد ومعاليه قرة لعيون ... من سؤال ومحنة للأعادي ما أديل اللقاء من يوم بين ... وأعاد السرور لطف المعاد ولما دخل شيخ الوالد بلاد الروم، أكرم السيد عبد الرحيم مثواه، وعرف أكابر الموالي بمكانته في العلوم وزكاه، وحصل بينهما في تلك الرحلة من لطيف المحاورة، وعجيب المسايرة، ما هو أرق من النسيم، وأعذب من التسنيم، وأخذ كل واحد منهما عن الآخر ومن أراد الوقوف على تفصيل ذلك فليراجع رحلة الشيخ الوالد المسماة بالمطالع البدرية في المنازل الرومية، وهذه التسمية من لطائف السيد عبد الرحيم أيضاً ومن غريب ما ذكره الوالد عنه في الرحلة المذكورة، ما سمعه السيد في المنام وقد مات السلطان سليم رحمه الله تعالى وأخفي موته إلى أن يحضر ولد السلطان سليمان: قل لشياطين البغاة اخسئوا ... قد أوتي الملك سليمان وكان مصداق هذه الواقعة ما شاع واشتهر من العدل، الذي حصل في دولة السلطان سليمان - رحمه الله تعالى - واشتداد بأسه، في جهاد أهل الكفر والطغيان، بحيث أنه أعدل ملوك بني عثمان، ولذلك طالت مدته واتسع له الزمان، وكم للسيد المذكور رحمه الله تعالى في فتوحات السلطان سليمان ووقائعه، من قصيد نضيد خصوصاً في فتح رودس، وذكر صاحب الشقائق للسيد المشار إليه ترجمة مليحة، أثنى عليه فيها ثناء بالغاً وقال: كانت له يد طولى وسند عال في علم الحديث ومعرفة تامة بالتواريخ والمحاضرات والقصائد الفرائد، وكان له إنشاء بليغ ونظم حسن مليح إلى أن قال وبالجملة كان من مفردات العالم صاحب خلق عظيم وبشاشة، ووجه بسام لطيف المحاورة، عجيب النادرة، متواضعاً متخشعاً أديباً لبيباً يبجل الصغير ويوقر الكبير، وكان كريم الطبع سخي النفس مباركاً مقبولاً، قال: وجملة القول فيه أنه كان بركة من الله في أرضه وذكر أيضاً أنه دخل القسطنطينية في زمن السلطان بايزيد مع رسول أتاه من قبل الغوري، وكان القاضي يومئذ المولى ابن المؤيد فزاره السيد فأكرمه، وكان له شرح

على البخاري أهداه إلى السلطان بايزيد فأعطاه السلطان جائرة سنية ومدرسته التي بناها بالقسطنطينية ليقرىء فيها الحديث، فلم يرض ورغب في الذهاب إلى الوطن، ثم لما انقرضت دولة الغوري، أتى إلى القسطنطينية، وأقام بها وعين له كل يوم خمسون عثمانياً على وجه التقاعد، قلت قرأت بخط السيد رضي الله عنه أنه ألف شرح البخاري بالقاهرة، سنة خمس أو ست وتسعمائة، وله شرح آخر عليه مبسوط ألفه بالروم، والظاهر أنه لم يتم وشرح على مقامات الحريري، حافل جداً وقطعة على الإرشاد في فقه الشافعية، وشرح على الخزرجية في علم العروض، وشرح على شواهد التلخيص ولما كان شيخ الإسلام الوالد بالروم لخص شرح الشواهد المذكورة في كتب مؤلفه، للسيد عبد الرحيم استوفى فيه مقاصده وزاد عليه لطائف كثيرة، وسماه تقريب المعاهد في شرح الشواهد، ثم بلغني بعد ذلك أن السيد لخص كتابه في مختصر لطيف بالغ في اختصاره جداً، وكتبه برسم بعض الموالي وأما شعر السيد فإنه في الطبقة العليا من الحسن والبلاغة، مع إتقان النكات البديعية فيه وقد كتب شيخ الإسلام الوالد عنه جملة صالحة من قصائده ومقاطيعه في الرحلة وغيرها، ومن ألطفها قوله: إن رمت أن تسبر طبع امرىء ... فاعتبر الأقوال، ثم الفعال وإن تجدها حسنت مخبراً ... من حسن الوجه، فذاك الكمال ومن ذلك قوله، وأجاد فيه: حال المقل ناطق ... عما خفا من عيبه فإن رأيت عارياً ... فلا تسل عن ثوبه وقال أيضاً: يا من بني داره لدينا ... عاد بها الربح منه خسرا لسان أقوالها ينادي ... عمرت داراً لهم أخرى وأنشد له شيخ الإسلام في المطالع البدرية: دع الهوى واعزم على ... فعل التقى ولا تسل فآفة الرأي الهوى ... وآفة العجز الكسل وأنشد له أيضاً: إفعل جميلاً أنت تحصده ... من سره تدري وتجزاه

عبد الرحيم جليي بن المؤيد الحنفي

فإن أسنى حلة لامرىء ... أن يفعل الخير وينساه وأنشد له أيضاً: حال المقل لم يزل ... يشكو اضطراراً مسته يقول لما ضيقه ... يذهب عنه أنسه وأنشد له أيضاً: إن يقعد الجاهل فوقي ولم ... يرع ذمام العلم والأصل فالشمس يعلو زحل أوجها ... وهي على الغاية في الفضل وأنشد له أيضاً: أرى الدهر يسعف جهاله ... فأوفر حظ به الجاهل وانظر حظي به ناقصاً ... أيحسبني أنني فاضل وأخبرنا شيخ الإسلام الوالد إجازة أن السيد لما أنشده هذا المقطوع أجابه له ويقول: أعبد الرحيم سليل أهل ... ويا فاضلاً دونه الفاضل أتعتب دهراً غدا موقنا ... بأنك في أهله الكامل ودرجه بقوله دونه الفاضل بالقاضي الفاضل واسمه عبد الرحيم أيضاً وهو من لطائف التورية، وعجائب الإتفاقات، وأنشد صاحب الشقائق النعمانية للسيد: أرعشني الدهر أي رعش ... والدهر ذو قوة وبطش قد كنت أمشي ولست أعبي ... والآن أعي، ولست أمشي وكانت وفاته رحمه الله تعالى في سنة ثلاث وستين وتسعمائة. عبد الرحيم جليي بن المؤيد الحنفي عبد الرحيم بن علي بن المؤيد الفاضل العلامة الكامل العارف بالله تعالى، المشهور بحاجي جلبي الرومي، القسطنطيني الحنفي عرف بابن المؤيد أحد الموالي الأجلاء بالروم قال في الشقائق: كان أولاً من طلبة العلم الشريف وقرأ على المولى الفاضل سنان باشا، وعلى المولى الفاضل خواجه زاده، وكان مقبولاً عندهما قال: وكان المولى الوالد يحكي، ويقول: إن خواجه زاده كان يذكر بالفضل المولى المذكور، وكان يذكر بالفضل المولى الفاضل ركن الدين الشهير بباشا جلبي قال المولى

الوالد: ما سمعته يشهد لأحد من طلبته بالفضل مثل شهادته لهما، ثم أن الشيخ المذكور سلك مسلك التصوف، واتصل بالشيخ العارف بالله تعالى محيي الدين بن الأسكليبي، ونال عنده في التصوف غاية متمناه، وحصل له شأن عظيم، وجلس للإرشاد في زاوية شيخه الشيخ مصلح الدين السيروزي، وربى كثيراً من المريدين، قال: وبالجملة كان جامعاً بين الفضيلتين العلم والعمل، وكان فضله وذكاؤه في الغاية لا سيما في العلوم العقلية، وأقسام العلوم الحكمية، وكان له معرفة تامة بالعربية، وآية كبرى في معارف الصوفية، وقد ظهرت له كرامات علية انتهى. قلت: ولما حج دخل بلاد الشام ونزل بدمشق في رجوعه من الحج اجتمع بشيخ الإسلام الجد وأخذ عنه، وذكره الجد رضي الله عنه فيمن تلمذ له من أولياء الله تعالى واجتمع به شيخ الإسلام الوالد في رحلته إلى الروم وذكره في المطالع البدرية وقال فيه، هو صدر من صدور أئمة الدين، وكبير من كبراء الأولياء المهتدين، وقدوة في أفراد العلماء الزاهدين، حامل لواء المعارف، ومحور التالد منها والطارف، محافظ على الكتاب والسنة، قائم بأداء الفرض ثم السنة، حامل لأعباء صلاح الأمة، باسط للضعفاء وذوي الحاجات، جناح الرأفة والرحمة، ذو أذكار وأوراد يعمر بها مجالسه، وأحوال وأسرار يغمر بها مجالسه، وجد في العبادة، وجهد في الزهادة، ومواظبة هيام، وملازمة قيام. يقضي بنفع الناس سائر يومه ... وتجفوه في جنح الظلام مضاجع فينفك عنه يومه وهو ذاكر ... وينفك عنه ليله وهو راكع ثم ذكره في موضع آخر من المطالع البحرية فقال: وقد استفدت منه، واستفاد مني، وأخذت عنه، وأخذ عني، واستجزته لولدي أحمد، ولمن سيحدث لي من الأولاد، ويوجد على مذهب من يرى ذلك، ويسلك هذه المسالك، فمما أخذ عني مؤلفي المسمى، بالزبدة في شرح البردة، وتفسير آية الكرسي، وبحث وتحقيق أوضحته في معنى الكلام النفسي وقصيدتي القافية، التي هي ببعض مناقب شيخ الإسلام يعني والده وافية، وقصيدتي الخائية المعجمة، بحل طلاسم بعض الكنوز المعظمة، وإن كتابة خلاق عليم وحملها ينفع لدفع الطاعون، وأنه مجرب كما رواه لنا الأئمة الواعون، قال: وأنشدته لنفسي: من رام أن يبلغ أقصى المنى ... في الحشر مع تقصيره في القرب فليخص الحب لمولى الورى ... والمصطفى فالمرء مع من أحب قال: ومما أفادني أياه نقلاً عن بعض العارفين أن الإنسان إذا قال: " ربنا " خمس مرات ودعا استجيب له، واحتج بقوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام " ربنا إني أسكنت من

عبد الرزاق الترابي

ذريتي بواد غير ذي زرع " سورة: إبراهيم الآية 137، إلى قوله: " ربنا وتقبل دعاء، ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب " سورة: إبراهيم الآية 41، قال فاستحضرت في الحال دليلاً آخر ببركته، وهو قوله تعالى: " ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك " سورة: آل عمران الآية 191، إلى قوله: " ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك " سورة: آل عمران الآية 194، الآية وهي تمام الخمس، ثم عقبها بقوله، فاستجاب لهم ربهم، فسر بذلك كثيراً، وشكر ودعا انتهى كلام شيخ الإسلام والدي في المطالع البدرية. قلت: ويساعد هذا ما روي عن جعفر الصادق - رضي الله تعالى عنه - أنه قال من حزبه أمر فقال: خمس مرات ربنا أنجاه الله مما يخاف، وأعطاه ما أراد، وقرأ " ربنا ما خلقت هذا باطلاً " سورة: آل عمران الآية 191، الآيات وقد قلت: جاء في الآثار أن العبد إن ... ربنا في خمس مرات يقل فحقيق بجواب ثابت ... وعليه نص آيات يدل ربنا فاغفر لنا أوزارنا ... وأهدنا فعلاً إلى خير السبل ربنا وامنن علينا رحمة ... باشتغال بك عن كل شغل ربنا واجعل هوانا تابعاً ... للذي جاء به خير الرسل ربنا إنا لنرجو دائماً ... منك ما نطلب من كثر وقل ربنا أصلح لنا شؤوننا ... كلها يا خير مولى لم يخل توفي المنلا حاجي جلبي صاحب الترجمة في سنة أربع وأربعين وتسعمائة كما قال في الشقائق: عبد الرزاق الترابي عبد الرزاق الترابي المصري، الشيخ الصالح، الورع، الزاهد أخذ الطريق عن سيدي علي النبتيتي، والشيخ العارف بالله أحمد الترابي المدفون بالقرب من جامع شرف الدين بالحسينية، والشيخ نجا النبتيتي. كان على قدم عظيم من الزهد والورع، وأقبل الناس عليه بالإعتقاد بعد موت شيخه الشيخ نجا، وله رسالة في الطريق، ونظم لطيف. انتقل من الريف إلى مصر، فأقام بها مدة، ثم انتقل إلى الجيزة، فأقام بها إلى أن مات، وطلع مرة إلى خير بيك، وهو والي مصر في شفاعة، فلم يقبلها، وأغلظ على الشيخ فخرجت له تلك الليلة جمرة، ومات منها بعد سبعة أيام، وكانت وفاة سيدي عبد الرزاق في سنة أربع أو خمس وثلاثين وتسعمائة رحمه الله.

عبد الصمد العكاري

عبد الصمد العكاري عبد الصمد بن محمد الشيخ الإمام العلامة عبد الصمد ابن الشيخ الصالح المرشد محيي الدين العكاري، الحنفي نزيل دمشق. قال والد شيخنا: كان رجلاً صالحاً، وانتهت إليه الفتيا في مذهب أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه - وحصلت له محنة من نائب دمشق سنان الطواشي، والقاضي السيد العجمي يعني المعروف بشصلي أمير قال: وحصل الانكار عليه بسكنه في المدرسة العادلية المقابلة للظاهرية، وكان له تدريس مدرسة القصاعية، وحصل له ثروة، وكان يعتكف العشر الأواخر من رمضان في الجامع الأموي، وكان والده يربي الفقراء، وعلى طريقة حسنة. انتهى. وبلغني أن الشيخ عبد الصمد درس بالتقوية أيضاً، وذكر الشيخ عبد الباسط العلماوي في بعض تآليفه أن الشيخ عبد الصمد كان يسكن بالمدرسة الجمالية بسفح قاسيون أي في زمان الصيف، وسكنها بعده الشيخ زين الدين بن سلطان، ومن بعده جلال جلبي سبط الشيخ عبد الصمد، وكانت وفاة الشيخ عبد الصمد في نهار الاثنين ثامن رجب سنة خمس وستين وتسعمائة. عبد العزيز ابن أم ولد عبد العزيز بن زين العابدين، المولى الفاضل، العالم حفيد المولى، الشهير بابن أم ولد من الموالي الرومية، وكان صاحب الترجمة مشهوراً بابن أم ولد شهرة جده لأمه، اشتغل في العلم وحصل واتصل بخدمة المولى الفاضل، ثم درس بمدرسة داود باشا بالقسطنطينية، ثم ترقى إلى دار الحديث بأدرنة، ثم ولي قضاء القضاة بحلب، ثم صار مفتياً ومدرساً بأماسية، ثم ترك المناصب وتقاعد وعين له كل يوم سبعون عثمانياً، ومن شعره ما كتبه على وثيقة، وهو قاض بمغنيسا: هذه حجة مبانيها ... أسست بالوثاق تأسيسا صح عندي فحواها ... لن ترى في السطور تلبيسا ثم عبد العزيز وقعها ... قاضياً في ديار مغنيسا قال ابن الحنبلي: وكان فاضلاً، فصيحاً، حسن الخط، لطيف الشعر باللسان العربي، بديع المحاضرة، جميل المذاكرة إلى أن قال: ولم تزل الحلبيون راضين بحكمه، وإمضائه غير

عبد العزيز المغربي المكناسي

أني سألته يوما كيف وجدتم من بالبلدة من العلماء. فقال: أكثر من بالبلدة بلداء. انتهى. وكانت وفاته بالقسطنطينية سنة إحدى وخمسين وتسعمائة. عبد العزيز المغربي المكناسي عبد العزيز بن عبد الواحد بن محمد بن موسى العالم الفاضل، الأديب المغربي المكناسي، المالكي شيخ القراء بالمدينة المنورة. كان فاضلاً، مفنناً، شاعراً، صالحاً، دمث الأخلاق، كثير التواضع له عدة منظومات في علوم شتى منها منهج الوصول ومهيع السالك للأصول، في أصول الدين، ونظم جواهر السيوطي في علم التفسير ودرر الأصول في أصول الفقه، ونتائج الأنظار، ونحت الأفكار للنظار، في الجمل ونظم العقود في المعاني والبيان وتحفة الأحباب في الصرف وغنية الإعراب في النحو ونزهة الألباب في الحساب، والدر في المنطق ومن شعره: ذوو المناصب إما أن يكون لهم ... نصب وإلا فهم فيها ذوو نصب فلا تعرج عليها ما بقيت وكن ... لله محتسباً في تركها تصب لا سيما منصب القاضي فإنك إن ... تزغ عن الحق فيه كنت ذا عطب فإن قضى الله يوماً بالقضاء أخي ... عليك فاعدل ولكن لا إلى الذهب قلت: من لطيف ما اتفق لي قولي: عجبت من أهل هذا العصر كلهم ... وكل أمرهم عندي من العجب قالوا: قضاة الزمان قد عدلوا ... فقلت: ما عدلوا إلا إلى الذهب قدم صاحب الترجمة دمشق بعد أن زار بيت المقدس من جهة المدينة في سنة إحدى وخمسين وتسعمائة وأنشد: قالوا: دمشق جنة زخرفت ... من كل ما تهوى نفوس البشر أما ترى الأنهار من تحتها ... تجري فقلت: مجاوباً بل سقر لأنها حفت بما يشتهى ... فهي إذاً نار كما في الخبر وأقول كالمعارض له:

عبد العزيز الزمزمي

قالوا: دمشق جنة ... قد زخرفت قلت: نعم للعارفين الشاكرين م ... ما حوت من النعم فاعجب لخال عن حجى ... في حقها بالشتم عم الربوة التي لها ... في الذكر ذكر لا تذم ودخل في سفرته هذه إلى حلب، واستجاز بها الشمس السفيري، والموفق بن أبي ذر، ثم عاد إلى المدينة المنورة، وتوفي بها في سنة أربع وستين وتسعمائة. عبد العزيز الزمزمي عبد العزيز بن علي بن عبد العزيز، الشيخ الإمام، العالم المفنن عز الدين المكي، الزمزمي الشافعي. مولده سنة تسعمائة، وله مؤلفان أحدهما سماه بالفتح المبين في مدح سيد المرسلين والثاني بفيض الجود على حديث شيبتني هود ودخل بلاد الشام ماراً بها إلى الروم سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة. قلت: هو والد شيخنا شيخ الإسلام شمس الدين محمد الزمزمي مفتي مكة. أخذت عنه، واستجزت منه لنفسي ولولده البحري والسعودي في سنة سبع وألف، وتوفي في سنة تسع وألف. أخذ عن والده المذكور، وعن العلامة شهاب بن حجر المكي، وكانت وفاة والده بعد الستين وتسعمائة، ومن شعره وفيه تورية مرئية: وقال الغواني: ما بقى فيه فضلة ... لشيء وفي ساقيه لم يبق من مخ وفي كل ظل المرخ مرخى غصونه ... فحيث انثنى أعرضن عن ذلك المرخي عبد العزيز المقدسي عبد العزيز الشيخ الإمام العلامة عز الدين الديري، المقدسي الضرير، الحنفي مفتي بلاد القدس، وأحد الأجلاء بها. كان يكتب عنه الفتوى، ويناول الكاتب خاتمه ليختم به على السؤال خوفاً من التدليس، وتوفي بالقدس الشريف في العشر الأواسط من شوال سنة ثمان وأربعين وتسعمائة. عبد العزيز الصناديقي عبد العزيز، الشيخ العارف بالله المجذوب عز الدين الصناديقي المدفون بجامع مسلوت بمحلة خان السلطان خارج دمشق. كان غالب أيامه بالجامع

عبد العلي الخراساني

المذكور، وأقام مدة في بيت سوار بقبر عاتكة، فاتفق أن الشيخ أحمد ابن الشيخ حسين بن سعد الدين. كان زائراً بالقرب من بيت سوار، فطلب منه بعض الناس أن يكتب له حجاجاً أو نشرة، فأخذ القلم ومده، فلم يمتد، فغمسه في الدواة، ثم أعاده، فلم يمتد فعل ذلك مراراً. فقال الشيخ أحمد: إن الموضع محظور. هل تعرفون بهذه الحارة أحداً من أهل الأحوال. فقيل له: نعم يا سيدي. الشيخ عز الدين بالقرب منك، فرمى القلم، ومشى إليه فزاره واستمد منه، ثم عاد فأخذ القلم، فمده فجرى في الحال. توفي الشيخ عز الدين في حدود الستين وتسعمائة، ودفن شمالي جامع مسلوت. عبد العلي الخراساني عبد العلي بن حسين بن محمد الخراساني الحنفي. عبد الغني الجمحي عبد الغني بن الجناب العجلوني الإربدي، الجمحي - بضم الجيم وسكون الميم، وبالحاء المهملة - نسبة إلى قرية جمحى قرية من قرى إربد. كان من أولياء الله تعالى، حسن الطريقة، صحيح العقيدة، ضابطاً للشريعة لا يتعداها، غاضاً بصره، كافاً لسانه. تردد إلى دمشق مراراً، وكان سيدي محمد بن عراق يجله ويعظمه. قال الشيخ موسى الكناوي: رأيت سيدي محمد بن عراق في سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة بقرية سقبا، فخلا بي في مكان على حدة، وسألني عن الشيخ عبد الغني. فقلت له: بلغني أنه قاصد زيارتك في جمع من فقراء تلك البلاد. فقال: متى يكون ذلك. وإني لمشتاق إليه ثم بعد أيام حضر ومضى لزيارة سيدي محمد بن عراق إلى داريا في حرم سيدي أبي سليمان الداراني، وبتنا هناك ليلة أو ليلتين قال وسكن الشيخ عبد الغني بدمشق في سنة ست أو خمس وثلاثين وتسعمائة، ومكث بها نحو ثلاث سنين، فكان يقرىء الأطفال بالترابية بالمزار، ثم تركها وأقرأهم بالتوريزية بقبر عاتكة قال: وحضر مرة في أيام الباشا سنان الطواشي ليشفع في حريم من أهل تلك البلاد الماكس الأمير طرباي الحارثي قال: فاضفته هو وأصحابه، فلما أراد المضي إلى الباشا قال: لأصحابه انظروا واسمعوا ما أقول لكم فقوموا معي عنده، ولا يتكلم أحد منكم بكلمة، ولا ينظر بطرفه إلى هذا الظالم، فامتثلوا أمره، وقضيت حاجته، وكتب له مرسوماً به، وخرسه عنهم وذكر الشيخ موسى أيضاً أن الشيخ عبد الغني قال له: في يوم جمعة أركب بنا نسلم على الشيخ تقي الدين البلاطنسي، ففي الطريق قال له: إياك أن تقول له هذا

عبد القادر الآمدي

فلان قال: وكان الشيخ عبد الغني يلبس جلابية خام بيضاء، ويشد وسطه بسير جلد على هيئة فقير من أهل البر، قال فقلت له: نعم فلما دخلنا على البلاطنسي، وسلم الشيخ عبد الغني عليه قام البلاطنسي له وأجلسه إلى جانبه وكان من عادة البلاطنسي أنه لا يقوم لأحد، فجعل يلاطفه ويؤانسه، وكان الشيخ عبد الغني قانعاً زاهداً متواضعاً ملاحظاً للإخلاص ليس له دعوى حافظاً لجوارحه ولسانه مقبلاً على شأنه مات ببلدة جمحى في سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة. عن نحو ثمانين سنة وولي إعادة الشامية البرانية، ولاه مدرس في سنة ست وأربعين وتسعمائة ففرغ عنها. عبد القادر الآمدي عبد القادر بن عبد الله الآمدي، ثم الحلبي، ثم الدمشقي. كان نجاراً، ثم تاجراً، وصحب سيدي علوان، فصار له فوق حسن، واستحضار كثير من رقائق القوم ببركة شيخه دخل حلب، ومات بدمشق سنة ست وستين وتسعمائة. عبد القادر الصهيوني عبد القادر بن محمد بن محمد بن محمد ابن قاضي سراسيق الشيخ العلامة شرف الدين الصهيوني، ثم الطرابلسي، ثم الدمشقي، الشافعي. خطيب جامع العطار بطرابلس. وإمامه. أخذ عن شيخ الإسلام الوالد، وقرأ عليه في البهجة جانباً صالحاً، وفي صحيح مسلم، وفي الإذكار وغير ذلك، وحضر كثيراً من دروسه، ثم أخذ قسماً في الألفية عليه، وهو القسم الأخير مع رفاقه الثلاثة الشيخ رجب الحموي، والشيخ محمد الجبرتي، والشيخ إبراهيم اليمني الجبرتي، وقدم حلب في حياة الشيخ شهاب الدين الهندي، فقرأ عليه في شرح الشمسية للقطب، وسمع عليه في غيره، ثم عاد إلى طرابلس، ودرس بجامع العطار، وانتفع به الطلبة، وكان الثناء عليه جميلاً في الديانة، وحسن الخلق غير أنه كان ينكر على ابن العربي، وتوفي بطرابلس سنة اثنتين وستين وتسعمائة. عبد القادر القويضي عبد القادر بن محمد، الشيخ الحاذق زين الدين ابن

عبد القادر بن سعيد

الشيخ شمس الدين القويضي، الدمشقي الحنفي الطبيب. أخذ الطب عن الرئيس خشمش الصالحي، وكان أستاذاً في الطب، وكان يذهب إلى الفقراء في منازلهم ويعالجهم ويفاقرهم، وربما لم يأخذ من بعضهم شيئاً، وقد يعطي الدواء من عنده، ويركبه من كيسه، وكان في آخر أمره يتلو القرآن في ذهابه وإيابه من الصالحية إلى دمشق، وكان ساكناً بالقرب من الجامع الجديد بسفح قاسيون، وكان حسن المحاضرة، جميل المذاكرة، وله شعر وسط انقطع أياماً، ثم توفي يوم الأحد ثامن عشر جمادى الأولى سنة سبع وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه بالجامع الجديد، وتأسف الناس عليه، وكانت جنازته حافلة، ودفن تجاه تربة السبكيين شمالي السفح. عبد القادر بن سعيد عبد القادر بن أبي بكر بن سعيد، الشيخ محيي الدين الحلبي، الشافعي، المشهور بابن سعيد، كان جده سعيد هذا يهودياً، فأسلم واشتغل صاحب الترجمة بالعلم في حلب على العلاء الموصلي، ومنلا حبيب الله العجمي، وأخذ عن الكمال بن أبي شريف ببيت المقدس، وكان ذا همة عالية في النسخ حتى كتب البخاري وما دونه في القدر، ورحل إلى دمشق والقاهرة. قال ابن طولون: قدم دمشق إماماً لقصروه نائب حلب، وقرأ عليه صاحبنا العلامة القاضي نجم الدين الزهيري المتوفى قبله، وكانت له شهرة ولديه رئاسة، ثم عاد إلى حلب، وصار مفتي دار العدل بها في الدولة الجركسية، ثم ولي المناصب في الدولة العثمانية مشيخة التغري، ورمشية ومشيخة الزينبيه ونظرها، ونظر جامع الأطروش. قال ابن الحنبلي: وتعاظم على الشيخ علاء الدين الموصلي، فبلغه أنه صحف كلمة يشبه في المنهاج الفرعي من الشوب، وهو الخلط بلفظة يشبه من الشبه، وحمل ما ذكره الشيخ البيضاوي في قوله تعالى: " فسحقاً لأصحاب السعير " سورة الملك: الآية 67 - 11 من قراءة التثقيل على تشديد القاف مع ضم الحاء مع أن المراد بها مجرد ضم الحاء من غير تشديد القاف فهجاه بقوله: يا سائلي عن جهول ... يتيه في الجهل حمقا لم يدر بين يشبه ... وبين يشبه فرقا وخالف الله فيما ... أبداه في الذكر حقا وقال فيه سحقاً ... سحقاً له ثم سحقا مات سنة أربع وثلاثين وتسعمائة بحلب، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة خامس شعبان منها.

عبد القادر بن منجك

عبد القادر بن منجك عبد القادر بن أبي بكر بن إبراهيم بن منجك الأمير ابن الأمير زين الدين بن منجك الدمشقي، أحد أجلاء دمشق وأمرائها حفظ القرآن العظيم، وتفقه على الشيخ برهان الدين بن عوف الحنفي وغيره، وحصل كتباً نفيسة قال ابن طولون: ترددت إليه كثيراً وولي النظر على أوقافهم سنين وحصل دنيا، وكان سمحاً تمرض وطالت علته إلى أن توفي يوم الأربعاء خامس ذي الحجة سنة أربعين وتسعمائة، وصلي عليه في عدة في الجامع الأموي ودفن بتربتهم بجامع ميدان الحصا وحضرت جنازته الأعيان وخلف ولدين هما الأمير إبراهيم، والأمير أبو بكر. عبد القادر الحمصي ابن الدعاس عبد القادر بن أحمد الشيخ الفاضل زين الدين الكاتب الحمصي، المعروف بابن الدعاس، دخل دمشق وحضر دروس شيخ الإسلام الوالد، وكتب بخطه نسختين من مؤلفه المسمى بالدر النضيد، في أدب المفيد والمستفيد، واجتمع به في ذهابه إلى الروم سنة ثلاث وثلاثين، ثم رجع الوالد سنة سبع وثلاثين وتسعمائة فوجده قد مات بحمص. عبد القادر بن عبيد عبد القادر بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن عمر بن علي، الشيخ المعتقد عبيد المدفون بالقيروان. أقضى القضاة محيي الدين بن الفريابي المدني المالكي ناب عن أبيه في القضاء بالمدينة، وكان فقيهاً فاضلاً لطيفاً ماجناً، توفي بالمدينة المنورة سنة سبع وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. عبد القادر القصيري عبد القادر بن أحمد، الشيخ العلامة محيي الدين القصيري البكراوي شهرة الشافعي. تفقه بالسيد كمال الدين بن حمزة الدمشقي، والبرهان العمادي، الحلبي، وأخذ عن غيرهما أيضاً. ولي مشيخة خانقاه أم الملك الصالح أيوب بحلب، ودرس بالفردوس، والجامع الكبير بها، وكان عارفاً بالفقه والفرائض مع المشاركة في

عبد القادر بن التينة

الأصول توفي وهو يذكر الله ذكراً متوالياً سنة ثلاث وستين وتسعمائة، ودفن بمقابر الصالحين بحلب. عبد القادر بن التينة عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر المؤدب والده الأطفال بمسجد الشيخ أرسلان بدمشق، المشهور بابن التينه. حضر الشيخ الوالد مع والده، وعرض عليه بعض الكتب في رمضان سنة خمس وثلاثين، ورمضان سنة ست وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. عبد القادر الحقوقي عبد القادر بن أحمد الشيخ الفاضل محيي الدين الحقوقي الدمشقي الشافعي، أخذ عن جماعة منهم شيخ الإسلام الوالد، قرأ عليه جمع الجوامع للمحلي قراءة تحقيق وتدقيق، وفي الخزرجية وسمع عليه في المنهاج وغيره، في سنة أربعين وتسعمائة وشهد له أنه من أهل الفضل والذكاء والصلاح. عبد القادر العجماوي عبد القادر بن حسن العجماوي الشافعي، أجاز شيخنا شيخ الإسلام بدر الدين بن محمد بن حسن البيلوني في خامس عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. عبد القادر بن مفلح عبد القادر بن عمر بن إبراهيم بن مفلح القاضي محيي الدين الراميني الأصل، الدمشقي الحنبلي، أبو الناصر برهان الدين بن مفلح ناب في القضاء في قرى الشام، ثم بالمؤيدية، ثم قناة العوني، والميدان والصالحية، وطالت إقامته بها وكانت له معرفة تامة بأحوال القضاء، وعزل مراراً وأعيد إلى أن توفي سنة سبع وخمسين وتسعمائة ودفن بمقبرة الفراديس. عبد القادر المقرىء الحموي عبد القادر بن لطف الله، بن الحسن بن محمد بن سليمان بن أحمد الشيخ محيي الدين المقرىء ابن المقرىء ابن المقريء الحموي، ثم الحلبي السعدي العبادي الشافعي، أحد أكابر حفاظ القرآن العظيم ورئيس قراءته بالجماعة بحلب، ويعرف بابن المحوجب، ولد سنة ست وتسعين بتقديم التاء وثمانمائة، وقرأ القرآن العظيم بحماة برواية أبي عمرو سبع مرات على عالمها ومحدثها ومقرئها عبد الرحمن البرواني

عبد القادر بن جماعة

قاضي الحنابلة بها بحق قراءته بها على الشيخ محمد ابن عائشة، ثم قطن حلب فأقرأ بها مماليك أنزك الجركسي نائب قلعتها، ثم انحصرت فيه رئاسة القراء بها، وكان البدر السيوفي يحب قراءته ويميل إليه ويعظمه حتى تلا عليه الفاتحة براوية أبي عمرو، واستجازه مع جلالته لما علم له من السند العالي، إلى ابن عائشة قال ابن الحنبلي: وكان الشيخ محيي الدين يحكي لنا بعد موت البدر السيوفي، أنه صار متى حصل له خلل في حلقه، منعه عن حسن التلاوة توجه إلى قبره وتوسل به، فلم يرجع من عنده إلا وقد فتح عليه قال: وكان مبتلى بعلم جابر مشغوفاً بالتزوج، حتى أنه تزوج أكثر من ثلاثين امرأة. توفي في سنة ست وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. عبد القادر بن جماعة عبد القادر بن عبد العزيز الشيخ الإمام العارف بالله محيي الدين بن جماعة المقدسي القادري، أخذ عنه الشيخ العلامة نجم الدين الغيطي، حين ورد عليهم القاهرة سنة ثلاثين وتسعمائة، أخذ عنه علم الكلام وتقلن منه الذكر، وهو من أهل هذه الطبقة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. عبد القادر بن اللحام البيروتي عبد القادر الشيخ العلامة ركن الدين بن اللحام البيروتي الشافعي، توفي ببيروت وصلي عليه غائبة بدمشق يوم الجمعة، تاسع عشري ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة. عبد القادر الصفوري عبد القادر الشيخ الفاضل زين الدين الصفوري، اشتغل بالعلم بالشامية البرانية بدمشق، وفضل وتوفي بقرية صفوريا من أعمال صفد سنة تسع بتقديم التاء وثلاثين وتسعمائة، وصلي عليه وعلى قريبه الشيخ إبراهيم الصفوري يوم جمعة ثامن عشر شعبان منها. عبد القادر السبكي المجذوب عبد القادر السبكي المجذوب المصري الشيخ الصالح، كان مجذوباً، ثم أفاق في آخر عمره، وصار يصلي، ويقرأ كل يوم ختمة مع بقاء أحواله من الكشف، ورؤي وهو راكب حمارته يسوقها على الماء أيام وفاء النيل، وكان يخدم الأرامل، ويشترى لهم بأنواع الحوائج، ويضع كل ما يشتريه في إناء واحد من زيت

عبد القادر الذاكر

وسيرج وعسل ورب وغيره ذلك، ثم يعطي كل واحدة حاجتها من غير اختلاط، وهي كرامة ظاهرة، وكان تارة يلبس زي الجند، وتارة الريافة، وتارة زي الفقراء، وكان يعطب من ينكر عليه مات ذي جمادى الآخر سنة ستين وتسعمائة. عبد القادر الذاكر عبد القادر الشيخ الصالح محيي الدين الذاكر، بجامع ابن طولون بمصر أخذ عن الشيخ تاج الدين الذاكر، وكان صالحاً عابداً أقبل عليه الأمراء والأكابر إقبالاً عظيماً، ونزل نائب مصر لزيارته مرات وتظاهر آخراً بمحبة الدنيا والتجارة فيها طالباً للستر، وذكر الشعراوي عنه أنه قال له: مرات ما يقي الآن لظهور الفقر فائدة بأحوال القوم. قال: وقد عوض الله تعالى بمجالسته في حال تلاوتي لكلامه، ومجالسة نبيه صلى الله عليه وسلم في حال قراءتي لحديثه، مات في صفر سنة ستين وتسعمائة. عبد القادر النجار عبد القادر النجار الشافعي من سكان حارة مسجد القصب، من دمشق الشيخ الصالح الفاضل قال والد شيخنا: كان ملازماً للصلحاء، صحب الشيخ بركات بن الكيال، والشيخ شمس الدين يعقوب سبط أبي حامد الصفدي، ولازمه وكان يحفظ أوراداً، وله مطالعة في كتب فضائل الأعمال، توفي في سلخ جمادى الأولى سنة سبع وستين وتسعمائة. عبد الكريم بن عبادة الحنبلي عبد الكريم بن محمد، بن عبادة الأصيل العريق الفاضل، الشيخ كريم الدين ابن الشيخ الإمام قطب الدين بن عبادة الصالحي الحنبلي، توفي في أواخر شهر ذي القعدة الحرام سنة ست وستين وتسعمائة، عن بنتين ولم يعقب ذكراً، وانقرضت به ذكور بني عبادة، ولهم جهات وأوقاف كثيرة. عبد الكريم الجعبري عبد الكريم بن عبد القادر بن عمر بن محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم الشيخ كريم الدين الجعبري المقرىء صاحب الشرح. والمصنفات المشهورة، قدم دمشق سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، وأخذ عنه الشيخ شهاب الدين الطيبي الحديث، ومصنفات ابن الجزري.

عبد الكريم المخزومي

عبد الكريم المخزومي عبد الكريم بن محمد بن محمد بن خالد الخالدي المخزومي الحلبي إمام الحنفية بالجامع الكبير بحلب، كان في ابتداء أمره من الأمراء وأرباب الأقاطيع، وسكان القلعة الحلبية، ثم لما سيق أهل القلعة إلى القسطنطينية بالأمر السلطاني، بعد أن ملكها السلطان سليم بن عثمان، كان صاحب الترجمة ممن سيق إليها منهم، ثم عاد بعد مدة إلى حلب، وقد ربى شعر رأسه، ولبس مئزراً وانسلخ عن طور أهل الدنيا، وأخذ له حجرة بالجامع الكبير بحلب، فتوفي الشرف يحيى بن أقجا إمام الحنفية به، في سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة فأعطي وظيفة الإمامة المذكورة، ثم صار ممن يعتقده الناس من الأمراء وغيرهم، وتوفي سنة خمس وستين وتسعمائة بحلب عن أكثر من ثمانين سنة. عبد الكريم بن مفلح عبد الكريم بن إبراهيم الفاضل، كريم الدين ابن القاضي برهان الدين بن مفلح الحنبلي، كان كاتباً في المحكمة الكبرى بادهينانية بدمشق، مات فجأة بعد أن بيض أربعة أوراق مساطير، ثم خرج فبينما هو في الطريق سقط لوجهه وحمل إلى منزله فلما وضع مات في يوم الأحد ثالث عشر ذي القعدة سنة خمس وستين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة في يوم الاثنين في الجامع الأموي، وحمل إلى مقبرة باب الصغير ودفن بالقلندرية وكانت له جنازة حافلة، وصبر والده واحتسب رحمه الله تعالى. عبد الكريم بن الأشناني عبد الكريم بن أحمد بن أبي بكر بن علي، الشيخ زين الدين الحمصي الأصل الحلبي المولد، الرودسي المحل والوفاة، المعروف بابن الأشناني الشافعي، ثم الحنفي كان تاجراً كأبيه، ثم اعتنى بصنعة التوريق، وصار يكتب الوثائق الشرعية حتى كاتبه عيسى باشا مع الحلبيين بسبب قتل قرا قاضي، وكان ممن سيق إلى رودس، وصار فيها خطيباً وإماماً بجامع سنان باشا بعد أن افتتحت في صفر في سنة تسع - بتقديم التاء - وعشرين وتسعمائة، وقطن بها صاحب الترجمة إلى أن توفي في سنة اثنتين وستين وتسعمائة. عبد الكريم المياهي عبد الكريم بن عبد اللطيف بن علي، الشيخ كريم الدين بن أبي اللطف زين الدين المياهي القادري الصوفي الشافعي، الصالح، الذي كان من

عبد الكريم الجعبري

أعيان جماعة شيخ الإسلام الوالد، وتلاميذه، ومعتقديه، وسمع الحديث على الشيخ سراج الدين الصيرفي، وكان يتسبب هو ووالده ببيع المياه المستخرجة، وإليه ينسبان وكان يؤذن في جامع تنكز، ويرقي وعمر زاوية تحت الجسر الأبيض، وكان قديماً مسجداً، ثم أخذ يقيم الأوقات فيها سنين، وكان يكثر من شهود الجنائز، ويجالس الفقراء، ويزور الصلحاء والضعفاء وله شعر منه قوله: ولقد شكوتك بالضمير إلى الهوى ... ودعوت من حنقي عليك فأمنا منيت نفسي من وصالك قبلة ... ولقد يغر المرء بارقة المنى توفي ليلة السبت سادس عشر ربيع الآخر سنة أربعين وتسعمائة، عن نحو سبعين سنة ودفن تحت كهف جبريل تجاه تربة السبكي بسفح قاسيون رحمه الله تعالى. عبد الكريم الجعبري عبد الكريم الجعبري، خطيب حرم الخليل عليه الصلاة والسلام توفي سنة تسع بتقديم التاء وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بدمشق يوم الجمعة سلخ رجب منها. عبد الكريم مفتي شيخ عبد الكريم المولى الإمام العلامة، العارف بالله مفتي التخت السليماني الملقب بمفتي شيخ، كان مولده بمدينة كرماستي، واشتغل في العلم على علماء عصره، وحفظ القرآن العظيم، وكان في زمن اشتغاله بالعلم يقرأ القرآن في أيام الجمع بمحفل السيد البخاري بمدينة بروسا، ثم وصل إلى خدمة المولى العالم بالي الأسود، ثم سلك طريقة التصوف وصحب الشيخ العارف بالله تعالى المشهور بإمام زاده، ثم قعد في أيا صوفيا بمدينة قسطنطينية، واشتغل بإرشاد المتصوفة، واشتغل حينئذ بالفقه فحفظ مسائله، ومهر فيه حتى أن السلطان سليمان عين له في كل يوم مائة عثماني، ونصبه مفتياً فأفتى الناس، وظهرت مهارته في الفقه، وكتب كتباً كثيرة وكان يطالع فيها كل وقت، ويحفظ مسائلها، وكان يعظ الناس، ويذكرهم ولكلامه تأثير في القلوب، وكان له كل سنة خلوة أربعين يوماً، يرتاض فيها رياضة قوية ويحفر له سريباً في الأرض ويصلي فيه، ولا يخرج للناس وحكي عنه أنه كانت تتعطل حواسه جملة من شدة رياضته، فإذا تمت الأربعون يوماً خرج إلى الناس ووعظهم، وذكرهم إلى وقت خلوته في السنة القابلة، وذكر عنه كرامات كثيرة، وذكر

عبد اللطيف بن أبي كثير

صاحب الشقائق عن نفسه أنه شكى إليه النسيان فدعا له بزوال النسيان وقوة الحفظ، وأنه رأى أثر ذلك، وكان مع ذلك حلو المحاضرة حافظاً لنوادر الأخبار، وعجائب المسائل كريم الأخلاق متواضعاً خاشعاً حج في سنة ثلاثين وتسعمائة، ورجع على الطريق المصري، ثم دخل إلى دمشق في أوائل سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، وزار المحيوي ابن العربي، ونزل في بيت ابن الكاتب في محلة مأذنة الشحم، وتردد إليه الأفاضل، ورفعت إليه عدة أسئلة، فكتب على بعضها أجوبة عجيبة وعزا النقول فيها باختصار إلى أهله كما ذكر ذلك ابن طولون، وذكر أنه اجتمع به هو والقاضي نجم الدين الزهيري قال فرأيناه ذا شيبة نيرة كبيرة وتواضع وعلم، ومعه كتب عظيمة وسأله القاضي نجم الدين المشار إليه في الإقامة بدمشق مدة فقال: خلفي عيال وقد توفي رفيقي في الإفتاء منلا علي، وانفردت بالإفتاء وقد أرسل السلطان يستعجلني انتهى، وذكر في الشقائق أنه توفي سنة ست وخمسين وتسعمائة رحمه الله. عبد اللطيف بن أبي كثير عبد اللطيف بن سليمان الشيخ الفاضل العلامة زين الدين بن علم الدين بن أبي كثير، المكي قدم دمشق، وأقام بها مدة، وقرأ الشفاء على الشيخ شمس الدين ابن طولون الصالحي، في مجلسين في رجب سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة، ثم سافر إلى السلطان سليمان حين كان ببغداد، فولاه قضاء مكة عن البرهان بن ظهيرة وأضيف إليه قضاء جده، ونظر الحرم الشريف، ثم رجع إلى دمشق فدخلها يوم الأربعاء سابع عشري رمضان سنة إحدى وأربعين وتسعمائة، وصار بينه وبين شيخ الإسلام الوالد صحبة ومودة، وكان له شعر حسن منه الموشح المشهور في القهوة: قهوة البن مرهم الحزن ... وشفا الأنفس فهي تكسو شقائق الحسن ... من لها يحتسي شاذلي المحا لها أمس ... قطب الزمان ولها العيد روس قد كيس ... وابن ناصر أعان والمناوي في المطهر الأقدس ... اجتلاها عيان وفحول اليمن أولو اليمن ... كفها تحتسى قال فيها ما قال في زمزم ... شيخنا العالم ولذي الباسور والهم ... نفعها حاسم فقل لأمري لها حرم ... أيها الواهم

أنت تفتي بمقتضى الظن ... لك لا تاتسي شربها بالقياس والاجماع ... مستحل مباح فهي تنفي ... الأشباع ... والكرب والرياح وتنيل الحواس والأسماع ... طرباً وارتياح فأدرها على ذوي الفن ... سخنة الملمس قل لمن شربها له مله ... أن يروم الصواب فاجتل كأسها على اسم الله ... وأتل أم الكتاب ثم صل على رسول الله ... واحتسبها تثاب ثم صفق إن شئت أو غن ... وافت أو درس وقد عارض الشيخ أبو الفتح المالكي المغربي، هذا بموشح على وزنه، وقافيته وقال شيخ الإسلام الوالد: أخبرني الزيني عبد اللطيف بن أبي كثير عن بعض من ينسب لحمق أنه أرسل يراجعه في مسألة مع صبي مهمل حساً ومعنى، فشرع يقرر له المسألة ويريه الروضة وغيرها، ثم أرسل إليه مع الصبي المذكور، ورقة صورة ما فيها. مولاي هذا الذي يراه ... وشكله الجامد المبرد تلميذك الخبيث أضحى ... ينبيك عن ذوقه المبدد في لحظة نال منه فضلا ... صيره في العلوم مفرد فحقق الفقه والمعاني ... والنحو والصرف جود بالأمس أرسلته إليه ... فخاله في الظلام أمرد فسله عما قد صار منه ... ينبيك لكن ذاك يجحد ثم كتب تحتها سجعاً مضمونه التلميح لأمر ما، فكتب إليه من رأس القلم: العفو مولاي منك أولى ... والعفو خير والستر أجود وليس قول الذي ذكرتم ... يقبل فيما إليه أسند وليس نصغي إليه حتى ... يقول في خصمه سيجحد فشكله ذو الجمود أضحى ... أسلم من ريبة وأبعد فإنه بارد ولكن ... قد يوجد الريق منه أبرد وإن يكن قد أصاب منه ... رشفاً به قلبه تبرد فوازع العين مانع من ... تحقيق ما عنده تردد

عبد اللطيف الخراساني

قلت ما بين كلاميهما كما بين مقاميهما، فإن تحسين الظن بالمسلمين أولى من إساءة الظن بهم خصوصاً في مثل ذلك، سافر صاحب الترجمة مع الحاج هو والشيخ أبو الفتح المالكي إلى مكة في شوال سنة إحدى وأربعين وتسعمائة وتوفي في حدود الخمسين وتسعمائة. عبد اللطيف الخراساني عبد اللطيف بن عبد المؤمن بن أبي الحسن، الشيخ العارف بالله الخراساني الجامي، الأحمدي، الهمداني الطريقة. خرج من بلاده يريد الحج في جم غفير من مريديه، فدخل القسطنطينية في دولة السلطان سليمان، فكرم مثواه هو وأركان دولته قيل: واجتمع به السلطان سليمان، وتلقن منه الذكر، ثم دخل حلب في رمضان سنة أربع وخمسين وتسعمائة، ونزل بالتكية الخسروية، وقرأ بها الأوراد الفتحية على وجه خشعت له القلوب، وذرفت له العيون، وهرع إليه جميع أهل حلب حتى أميرها ودفتر دارها، وصار يتكلم في الطريق ويورد أخبار الصوفية قال ابن الحنبلي: وسألته عن وجه وقوله في نسبة الإحمدي، فقال: هي نسبة إلى جدي مير أحمد أحد شيوخ جام في وقته قال: ونسبي متصل بجرير بن عبد الله البجلي. قال: واستخبرته عن شيخه في الطريق. فقال: إنه حاجي محمد الخبوشاتي، وذكر أنه تلقن الذكر منه، وهو تلقنه من شيخ شاه الإسفرائيني البيدوراني، وهو تلقنه من الشيخ رشيد الدين الإسفرائيني، وهو تلقنه من عبد الله البردشابادي، وهو تلقنه من الشيخ إسحاق الختلاني - بفتح المعجمة وسكون المثناة فوق - وهو تلقنه من السيد علي الهمداني، ونقل ابن الحنبلي عنه فائدة نقلها عن الشيخ رشيد الدين الإسفرائيني أنه كان يقول: إنه صلى الله عليه وسلم يحضر روحه عند قول القائل في الأوراد الفتحية: الصلاة والسلام عليك يا من عظمه الله. وأنه لا يخلو من حضوره بالروح. قال صاحب الترجمة بعد فعل ذلك: ولذلك ترى العادة أن ترفع الأيدي عند قولك: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله إلى قولك: الصلاة والسلام عليك يا من عظمه الله. قال ابن الحنبلي: وقد سألته عن تلقيني الذكر، فلقنني إياه بالتكية الخسروية، وصافحني وأجازني أن ألقن وأصافح، وكتب لي دستور العمل، ولكن بالفارسية لاشتغاله عن التعريب بأهبة السفر، فاستأذنته في تعريبه نظماً ونثراً بحسب ما فيه من منظوم ومنثور له ولغيره، ولو باستعانة بالغير في معرفة معانيه الإفرادية، دون تبديل معانية التركيبية، قال: فأذن

عبد اللطيف الخراساني

فعربته، وعرضت التعريب عليه، فاستملحه، وصار الناس يكتبون منه نسخاً، ثم كان سفره إلى بيت الله الحرام، فحج وعاد سنة خمس وخمسين، وتكلم في حلب أياماً في الإرشاد، وأخذ العهد على جماعة، ولقنهم الذكر بها، ثم توجه إلى بلاده من طريق القسطنطينية، فصادف المرحوم السلطان سليمان بقونية، وهو متوجه إلى فتح تبريز، فرأى أن يصبحه معه، فصحبه وصاحبه في أثناء الطريق، ورفعت الوحشة بينهما، وعين له من يخدمه من جملة خدمه حتى دخل معه إلى حلب، ثم فارقه منها، وتوجه إلى بلاده، فتوفي ببخاري. ومن كراماته ما حكاه ابن الحنبلي أنه ذهب إليه مرة، وفي رفقته بعض الطلبة، فجرى منه في الطريق أن قال لهم: لو تركتم فن المنطق، وشرعتم فيما هو أولى. قال: فما جلسنا بين يديه إلا وأخذ يحكي لمنلا إسماعيل بن منلا عصام البخاري قائلاً: إن والدك كان يقول: قد بلغت ثلاثاً وتسعين سنة، ولم أمسك كتاباً في علم حتى في المنطق إلا وأنا على وضوء، ثم التفت إلى رفقتي وأمرهم أن لا يكثروا منه، وأن يضموا إليه علماً شرعياً. قال ابن الحنبلي: وكان محدثاً مفسراً، مستحضر الأخبار، معدوداً من أرباب الأحوال بل كان يقول: لم يزل في بيتناً من له حال، وكانت وفاته في سنة ثلاث وستين وتسعمائة ببخارى. عبد اللطيف الخراساني عبد اللطيف المنلا الخراساني الحنفي، دخل دمشق في أوائل جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وتسعمائة حاجاً، فنزل بالصالحية، وكان رجلاً عالماً خصوصاً في التفسير عاملاً قال ابن طولون: وأفاد أن للسيد الشريف حواشي على المختصر في علم المعاني والبيان لم تعرف واحدة منها في ديارنا. وقال: إن مؤلفه الشيخ سعد الدين التفتازاني الشافعي كان سئل عند موته، فضل السيد الشريف الجرجاني الحنفي في ترك التحشية عليه، فلم يلتفت إلى سؤاله قال: وأما حاشيته على المطول فمشهورة عندنا. عبد اللطيف أحد موالي الروم عبد اللطيف المولى الفاضل، أحد موالي الروم، اشتغل بالعلم حتى وصل إلى خدمة المولى مصلح الدين البارحصاري، وترقى حتى صار مدرساً بإحدى المدارس الثماني، ثم بمدرسة أبي يزيد خان بأدرنة، ثم صار قاضياً بها، ثم ترك القضاء وعين له كل يوم ثمانون درهماً، وكان عالماً عاملاً عابداً زاهداً صالحاً تقياً نقياً

عبد المؤمن المالكي

مقبلاً على المطالعة والأوراد والأذكار، ملازماً للمساجد في الصلوات الخمس، معتكفاً في أكثر أوقاته مجاب الدعوة صحيح العقيدة، لا يذكر أحداً إلا بخير، وكان كثر اهتمامه بالآخرة، ولم يكن له هم في أمر الدنيا، توفي سنة تسع أو ثمان وثلاثين وتسعمائة. عبد المؤمن المالكي عبد المؤمن المالكي، أحد أصحاب سيدي علي بن ميمون المغربي نزيل مدينة بروسا، والقاطن بها اشتغل بالوعظ والتذكير، واختلف الناس فيه وشهد بعض العلماء بصحة طريقته، وحسن سيرته.... عبد المطلب بن مرتضي عبد المطلب بن مرتضي، كان والده من بلاد العجم وكان شريفاً صحيح النسب، كاتباً مجيداً كتب مصاحف كثيرة، رغب السلاطين فيها لحسن خطها، وصار نقيب الأشراف ببلاد الروم، وولده صاحب الترجمة حينئذ في سن الشباب، وقد رغب في التحصيل، وكان يكتب الخط الحسن، وصار له معرفة بالأنساب بالفارسية والعربية، ونظم بالتركية والفارسية، ثم رغب في التصوف، وصحب الشيخ ابن الوفاء، ثم صحب بعد وفاته الشيخ يحيى الطوزلوي، ودخل عنده الخلوة، وزوجه بنته وأجاز له بالإرشاد لكنه رغب في العزلة، وعدم الاختلاط، وكان له ذوق ولطائف في الصحبة، مات رحمه الله تعالى في سنة خمس وخمسين وتسعمائة قلت: وعندي في تسميته عبد المطلب نظر لأن المطلب ليس من أسماء الله تعالى، ولا يجوز التعبد لغيره، وإنما هي تسمية قديمة في الجاهلية، أشهر من سمي بها عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعبد الملك بن القصاب عبد الملك بن عبد الرحمن بن رمضان بن حسن الحلبي، الشافعي الشهير بابن القصاب. قال ابن الحنبلي: تفقه على والده، وجلس بعده لشكاية الخواطر على حسب حاله، وحدث على كرسي جامع دمرداش، وتوفي في سنة خمس وستين وتسعمائة. عبد النافع بن عراق عبد النافع بن محمد بن علي بن عبد الرحمن بن

عراق الشيخ الفاضل القاضي سري الدين بن حمزة الدمشقي الأصل الحجازي، الحنبلي، الحنفي، أحد أولاد القطب الكبير سيدي محمد بن عراق. مولده بمجدل مغوش في سنة عشرين وتسعمائة، وكان فاضلاً لبيباً أديباً، حسن المحاضرة، مأنوس المعاشرة. دخل بلاد الشام مرات، وتولى قضاء زبيد من بلاد اليمن. له مؤلف سماه بيان ما أعضل في جواب أي المسجدين أفضل، أهو القائم بالعبادة والمعمور، أو الدائر العاري المهجور وله شعر حسن منه: إن الغرام حديثه لي سنة ... مذ صح أني فيه غير مدافع يا حائزاً لمنافعي ومملكاً ... رقي، تهن، برق عبد النافع ومنه من بحر البسيط، وزاد في ضربه حرفاً، وفيه توجيه لطيف: يا غائبين وقولي حين أذكرهم ... كم هكذا أغتدي في غربة وفراق لو سار ركب بعشاق الهوى رملاً ... نحو الحجاز لما ذاق النوى ابن عراق ورشيق مليح قد وصورة ... قال: إن القلوب لي مأموره رام كشفاً لما حوته ضلوعي ... قلت: بالله خلها مستوره ومنه: يا رب أثقلني ذنب أقارفه ... فهل سبيل إلى الإقلاع عن سببه وأنت تعلمه فاغفره لي كرماً ... وخذ بناصيتي عن سوء مكتسبه ومنه: فؤادي في أرض الحجاز وإنني ... بأرض بلاد الشام جسماً وقالبا فمن لي بأن أقضي غرامي وأنثني ... وقد سر محبوبي بعودي وقال: با

عبد الواحد المغربي

توفي بمكة المشرفة معزولاً عن قضاء زبيد في سنة اثنتين وستين وتسعمائة. عبد الواحد المغربي عبد الواحد المغربي المالكي نزيل دمشق الصالح. قرأ على ابن طولون عدة مقدمات في النحو، ثم قرأ عليه الألفية وشرحها لابن المصنف، وسمع عليه الحديث كثيراً، وبرع في فقه المالكية، وتخرج فيه على أبي الفتح المالكي، ودرس بالجامع الأموي حسبة، وكان يقرىء الأطفال بالكلاسة، ثم بالأمينية، وتوفي في البيمارستان النوري يوم الاثنين ثاني عشري صفر سنة أربع وأربعين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. عبد الواسع الديمتوفي عبد الواسع بن خضر المولى الفاضل العلامة الديمتوفي، أحد موالي الروم، كان والده من الأمراء واشتغل هو بالعلم، وقرأ وهو شاب على المولى شجاع الدين الرومي، ثم على المولى لطفي التوقاتي، ثم على المولى الفناري، ثم اتصل بخدمة المولى أفضل زاده، ثم ارتحل إلى بلاد العجم، ووصل إلى هراة من بلاد خراسان وقرأ هناك على العلامة حفيد السعد التفتازاني حواشي شرح العضد للسيد الشريف، ثم عاد إلى الروم في أواخر دولة السلطان سليم خان، فأنعم عليه بمدرسة علي بيك بأدرنة، ثم بالمدرسة الحجرية بها، ثم بمدرسة محمود باشا بالقسطنطينية، ثم بإحدى المدرستين المجاورتين بأدرنة، ثم بإحدى الثماني، ثم ولاه قضاء بروسا، ثم ولاه السلطان سليمان قضاء القسطنطينية، وبعد يومين جعله قاضيا بالعسكر الأناظولي، ثم عين له كل يوم مائة عثماني بطريق التقاعد ثم صرف جميع ما بيده في وجوه الخيرات، وبنى تكيتين ومدرسة، ووقف جميع كتبه على العلماء بأدرنة، وكان عنده جارية فأعتقها وزوجها من رجل صالح، ثم ارتحل إلى مكة المشرفة، وانفرد بها عن الأهل والمال، والولد واشتغل بالعبادة إلى أن توفي سنة أربع أو خمس وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. عبد الوهاب العرضي الحلبي عبد الوهاب بن إبراهيم العرضي الحلبي الشافعي، مفتي الشافعية بحلب، ذكره الوالد في رحلته ووصفه بالشيخ الفاضل، والعالم الكامل البارع في فنون العلم وأنواع الأدب. عبد الوهاب الغزي عبد الوهاب بن أبي بكر، الشيخ الصالح، الغزي

عبد الوهاب الكنجي

الأصل، الحلبي المولد، الشافعي، الصوفي، الهمداني الخرقة، الليموني. أحد أكابر حفاظ القرآن العظيم. لبس الخرقة، وتلقن الذكر من الشيخ يونس بن إدريس، وألم بالشاطبية، وأقرأ فيها، وأم بجامع حلب، وتوفي في رمضان سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة. عبد الوهاب الكنجي عبد الوهاب بن أحمد بن محمد الشيخ الفاضل تاج الدين الكنجي الدمشقي الشافعي، أخو الشيخ الإمام شمس الدين الكنجي المتقدم ذكره في الطبقة الأولى، عني بالفرائض والحساب، ولزم شيخ الإسلام الوالد كثيراً، وقرأ عليه شرح المنهاج للمحلي من أوله إلى باب صفة الصلاة، وقرأ عليه غالب ترتيب المجموع في الفرائض للشيخ بدر الدين المارديني، وذكر في فهرست تلاميذه وهو وأخوه عماي من الرضاع قال وهو ممن أذهب عمره في الحساب، من غير جمود فيه، وغالب عليه الحمق وقلة العقل في عدم حساب العواقب، ثم قال: توفي يوم الاثنين تاسع عشر شوال المبارك سنة أربع وثلاثين وتسعمائة قال: وتعذر علي حضور جنازته. عبد الوهاب بن تاج الدين العنابي عبد الوهاب بن عبد القاضي، القاضي تاج الدين العنابي الدمشقي الأسلمي، أبوه كان ديوانياً بقلعة دمشق هو وأبوه من قبله، ثم تولى عمة وظائف منها إمرة التركمان، واستمر على ذلك في الدولة الجركسية، ثم أخذه السلطان سليم في المركز إلى الإسلام بول، ثم أطلقه فحج، وجاور، ثم عاد إلى دمشق، وبقي بها إلى الممات قال: وقد فقد هيبته قال ابن طولون: وسمع في صغره على جماعة عدة أجزاء، ولم يقف إلا على الجزء الثالث من أحاديث علي بن حجر. قال: ولذلك استجزته لجماعة. قال: ومدحه الشعراء الأفاضل منهم شيخنا علاء الدين بن مليك، وأكثر منه الشيخ شهاب الدين الباعوني، وكانت وفاته ليلة الجمعة ثاني ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة، ودفن في تربتهم، لصيق الصابونية من جهة القبلة، ولم تحتفل الناس بجنازته. عبد الوهاب العيثاوي عبد الوهاب بن يونس بن عبد الوهاب الشيخ الإمام العلامة تاج الدين ابن الشيخ الصالح العلامة شرف الدين العيثاوي، أخو شيخنا شيخ الإسلام شهاب الدين لأبيه ولد ليلة الأربعاء ثالث عشري رمضان، سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، وحصل له بركة أشياخه منهم الشيخ تقي الدين البلاطنسي، والشيخ أبو الفضل بن أبي اللطف المقدسي، قرأ عليهما وأجازاه بالمكاتبة، وأجاز مفتي بعلبك، الشيخ بهاء الدين بن الفصي،

عبد الوهاب الصواف

واجتمع بشيخ الإسلام جمال الدين الديروطي المصري، وبحث معه وأجازه وقرأ على الشيخ شمس الدين سبط أبو حامد، وشيخ الإسلام التقوي القاري، وكتب كل منهما إجازة حسنة، وسافر إلى حلب سنة ست وخمسين وتسعمائة، فحضر دروس شيخ الإسلام تاج الدين عبد الوهاب العرضي، وكان يشير إليه في الدرس، ويرفع محله، واجتمع بقاضي قضاة العساكر، المولى سنان بن حسام الدين فعظمه، وأثنى عليه، ونشأ من صغره في طاعة الله تعالى مؤدياً للصلاة قبل الوجوب بحكمه عليه باراً بأبيه متأدباً متواضعاً سليم الفطرة منور الطلعة، ولم يزل منذ صغره مشتغلاً بالعلم قراءة، ثم إقراء، وتدريساً في الفقه والنحو والتصريف والتفسير والحديث، وانتفع به الطلبة وولي تدريساً بالجامع الأموي، وبمدرسة أبي عمر، ودرس بالظاهرية، وأم بالناس وخطبهم نيابة عن أبيه بالجامع الجديد، خارج باب الفراديس، والفرج، وكان يود أن يموت قبل أبيه فبلغه الله تعالى منيته وساق الله تعالى في حياة والده منيته فتوفي نهار الأربعاء خامس عشري رجب سنة ثمان وخمسين وتسعمائة، وعمره سبع وثلاثون سنة وشهر وثمانية وعشرون يوماً، وخرجت روحه شاخصاً ببصره قائلاً لا إله إلا الله وصلى عليه العلماء والصالحون، ودفن بمقبرة الفراديس، واتفق في وقت دفنه آذان المؤذنين بالمنائر، آذان الظهر ونزول المطر الخفيف في وقت دفنه، ولم يزل في السماء سحاب ورؤي النور يتصاعد من قبره، ورؤي في المنام فقيل له: ما فعل الله بك قال غفر لي بقولي لا إله إلا الله وقال للرائي: سلم على والدي وقل له يأمر الناس بقول لا إلا إلا الله. عبد الوهاب الصواف عبد الوهاب الشيخ الصالح، السيد الشريف تاج الدين الصواف الدمشقي الشافعي المقرىء. قال ابن طولون: سمع معي بمكة على محدثها الشيخ عز الدين بن فهد وغيره، وبدمشق على مؤرخها القاضي محيي الدين النعيمي وغيره، وكان يقرأ للأموات خصوصاً بتربة باب الصغير، وكان يدعو في المحافل أدعية لطيفة وكان له بعض اشتغال وصلاح، وكان فقيراً توفي يوم الثلاثاء ثاني عشري شوال سنة إحدى وأربعين وتسعمائة ودفن بباب الصغير. عبدو الكردي القصيري عبدو بن سليمان الكردي القصيري، الشافعي، الصوفي الخلواتي، العبد الصالح، المشهور كان أصله من خينو من قرى القصير، فتركها مع

عبيد الله بن يعقوب

نضارتها إلى قرية خربة بجبل الأقرع، فعمر له بها داراً، فعمر غيره دورا، ً واعتزل بها إلى أن ورد عليه ولده الشيخ أحمد، وقبل يده، وأظهر التوبة عما كان عليه من عدم الرضى مما عليه أبوه، فجعله خليفة، وانقطع لمجرد العبادة، وكان له مريدون كثيرون إلا أنهم لم يبلغوا قدر مريدي ولده الشيخ أحمد، ولا كان يشتغل بعلوم الظاهر كما كان ولده، وكان الشيخ عبدو من المجدين في العبادة فوق العادة يتعمم هو وأصحابه وأتباعه بالمآزر السود، ويلبس التاج المضرب، وتوجه بعضهم إلى زيارته، فرأى حول داره دواب لا تحصى للزوار وغيرهم فحدثته نفسه أن يشتري لدابته علفاً خشية عليها أن تموت جوعاً بين تلك الدواب الكثيرة. قال فدخلت على الشيخ. فقال لي بديهة: أتخاف عليها من الموت لعدم العلف؟ قال: فعلمت أنه كاشفني، وتوفي الشيخ عبدو في وطنه سنة أربع وأربعين وتسعمائة. عبيد الله بن يعقوب عبيد الله بن يعقوب، المولى الفاضل أحد الموالي الرومية، سبط الوزير أحد باشا ابن الفناري. قال في الشقائق: قرأ على علماء عصره، واشتغل بالعلم غاية الاشتغال، ثم وصل إلى خدمة الفاضل مصلح الدين البارحصاري، ثم انتقل إلى خدمة الشيخ محمود قاضي العسكر المنصور، ثم صار قاضياً بحلب، ثم قال: كان فاضلاً ذكياً كانت له مشاركة في العلوم، ومعرفة تامة بعلم القراءآت، وكان قوي الحفظ. حفظ القرآن العظيم في ستة أشهر، وكان صاحب أخلاق حميدة جداً، وكان من الكرم في غاية لا يمكن المزيد عليها إلى أن قال: وملك كتباً كثيرة، وهي على ما يروى عشرة آلاف مجلد. قال رأيت له شرحاً للقصيدة المسماة بالبردة وهو أحد شروحها انتهى. ولي قضاء حلب في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، ومكث بها مدة قال ابن الحنبلي كان له مدة إقامته بحلب شغف بجمع الكتب سمينها وغثها، جديدها ورثها، حتى جمع منها ما يناهز تسعة آلاف مجلد، وجعل فهرستها مجلداً مستقلاً. يذكر فيه الكتاب ومؤلفه، ولم يعرف مؤلفي عدة منها، فكتب أسماءها، وفرقها على علماء حلب ليعرفوه، وكان مع أصالته فاضلاً سيما في القراءات، عارفاً باللسان العربي، سخياً في كثير من رسوم المحكمة، ومعتقداً في الصوفية، كثير التردد إلى مجلس الشيخ علي الكيزواني لتقبيل يده من غير حائل، ولا يتغالى في ملبسه، لكنه كان مترفهاً في مأكله ومشربه، مغرماً بالعمائم وتحسينها بالنقوش

عبيد الدنجاوي

وغيرها، وكان يميل إلى صنعة الكيمياء، وكان عليه مع ذلك دين كثير لكنه لا يبالي به، وكان يقول إذا ذم أحداً من متولي الأوقاف: من تعاطى الأوقاف فقد تحمل أحداً وقاف. قال ابن الحنبلي: وفي سنة إحدى وثلاثين في ذي الحجة منها عقيب صلاة الأضحى بالجامع الكبير أمر أن يتقدم الإمام الحنفي، فيصلي بالمحراب الكبير الملاصق للمنبر قبل الشافعي، ويصلي الشافعي به بعده قال: فبقي هذا إلى عامنا هذا الذي نحن فيه الآن في آخر عام أربعة وستين بعد أن عهدنا المحراب الكبير مختصاً بالشافعية، والذي عن يمينه، وهو الغربي بالحنفية على وفق ما ذكره ابن الشماع في عيون الأخبار قال في الشقائق: مات سنة ست وثلاثين وتسعمائة. عبيد الدنجاوي عبيد الدنجاوي، ثم البلقيني المصري الشيخ العارف بالله تعالى أحد أصحاب سيدي الشيخ محمد الكواكبي الحلبي، دخل مصر من قبل الشام في زمان السلطان قايتباي، وكان يعتقده أشد الإعتقاد، وكان وظيفته خدمة شيخه المذكور، وكان له أثر في كاهله من أثر حمل الماء، وغيره على ظهره، وكتفه في خدمة الشيخ. والفقراء، ولم يكن يحضر مع أصحاب شيخه أورادهم قط إنما كان مشغولاً بالخدمة، فلما حضرت شيخه الوفاة تطاول ذوو الهيئات للأذن، فلم يلتفت الشيخ إلى أحد منهم. وقالوا: هاتوا عبيد فأذن له بحضرتهم فغاروا منه، ووجدوا عليه حتى كادوا يقتلونه، فسافر إلى مصر ودخل مصر مجذوباً عريان ليس عليه سوى سراويل وطرطور كلاهما من جلد، ثم أذن له في السفر إلى الصعيد فأقام بها مدة، ثم رجع إلى مصر فسكن بلقين، وعمر بها زاوية وأقبلت الإناس عليه من سائر الآفاق، ونزل السلطان إلى زيارته فمكث هناك مدة، ثم أذن له أن يسكن مصر، فسكن في الزواية الحلاوية فرآها خربة، فعمرها له السلطان الغوري، وكان ينزل هو وولده، إلى زيارته، ثم ترك لباس الجلد، وصار يلبس الملابس الفاخرة كملابس الملوك، وكان له سبعة نقباء لقضاء حوائج الناس عند السلطان فمن دونه، وكان لا ترد له كلمة ولا شفاعة، وكان لا يرد له سائلاً قط، ومن سأله درهماً أعطاه ما يساوي خمسين ديناراً، وما يقرب منها، وكان إذا جاءه من بعض الأكابر مال، ولو خمسمائة دينار فرقه في الحال على الحاضرين، توفي في جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وتسعمائة. عثمان الآمدي عثمان بن شمس الإمام العلامة الخطيب، المفنن فخر الدين أبو النور بن منلا شمس الآمدي، ثم الدمشقي الحنفي، ولي خطابة السليمية بصالحية دمشق

عثمان بن شيء لله

ومشيخة الجقمقية داخل دمشق بالقرب من جامع الأموي، ودرس في الجامع المذكور وكان ساكناً يجيد تدريس المعقولات، وكان له يد طولى في إدراك علم النغمة، وله كتابة حسنة، وحوى كتباً نفيسة، وتوفي يوم الاثنين ثاني عشري ربيع الأول سنة أربع وأربعين وتسعمائة، وهو في حدود السبعين، وصلي عليه بالأموي وكان له جنازة حافلة حضرها طلبة العلم والأعيان والفقراء الأدبيون، ودفن في طرف تربة الفراديس من جهة الشمال عند ضريح سيدي منلا زين الدين. عثمان بن شيء لله عثمان بن عمر، الشيخ المعمر، الحلبي، الشافعي، المعروف بابن شيء لله. تفقه على الفخري عثمان الدي، والبرهاني فقيه اليشبكية بحسب ما أمكنه، وجود القرآن، وحج وانتفع به من كان لائقاً به من الطلبة، وتوفي سنة تسع - بتقديم التاء - وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. عثمان السنباطي عثمان الشيخ الإمام العلامة القاضي فخر الدين السنباطي الشافعي، أخذ عن القاضي زكريا، والبرهان بن أبي شريف، والكمال الطويل، وصحب الشيخ محمد النشاوي، وكان من العلماء العاملين، قليل الكلام، حسن الصمت، ولما ضرب القانون على القضاة عزل نفسه، وكان يقضي في بلاده احتساباً، وهو من هذه الطبقة. عرفة القيرواني عرفة القيرواني المغربي المالكي، الشيخ العارف بالله تعالى شيخ سيدي علي بن ميمون، وسيدي أحمد بن البيطار، من كراماته ما حكاه سيدي محمد ابن الشيخ علوان، في كتابه تحفة الحبيب أن سلطان المغرب قد حبسه، بنقل واش كاذب فوضعة في السجن، وقيده بالحديد، وكان الشيخ عرفة إذا حضر وقت الصلاة أشار إلى القيود، فتتساقط فيقوم ويصلي فقال له: بعض من كان معه في السجن إذا كان مثل هذا المقام لك عند الله، فلأي شيء ترضى ببقائك في السجن فقال: لا يكون خروج إلا في وقت معلوم، لم يحضر إلى الآن واستمر على حاله حتى رأى سلطان المغرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: عجل بإطلاق عرفة من السجن مكرماً، وإياك من التقصير تكن مغضوبا عليك، فإنه من أولياء الله تعالى، فلما أصبح أطلقه مكرماً مبجلا تأخرت وفاة سيدي عرفة إلى سنة ثمان وأربعين، أو قبلها وصلي عليه غائبة بدمشق في الأموي يوم الجمعة تاسع عشر المحرم سنة تسع وأربعين وتسعمائة رحمه الله.

عز الدين العجمي

عز الدين العجمي عز الدين المازندراني، العجمي، جاور بمكة، ثم قدم حلب سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، وظهر له فضل في علوم شتى لا سيما القراءات فإنه كان فيه أمة وألف فيكتاباً في وقف حمزة وهشام، وله شرح على الجرومية أجاد فيها وأتى بعبارات محكمة لكنها مغلقة على المبتدىء، ثم رحل إلى بلاده، فمات بها في حدود هذه الطبقة. علي بن محمد المقدسي علي بن محمد بن علي، الشيخ الإمام العلامة أبو الفضل بن أبي اللطف المقدسي الشافعي نزيل دمشق. قرأت بخطه في إجازة أولاد مفلح أن مولده في جمادى الأولى سنة ست وخمسين وثمانمائة زاد في إجازة الشيخ شهاب الدين الطيبي أنه في العشر الأوسط من جمادى الأولى، وأنه ولد ببيت المقدس، وذكر أنه أخذ عن الشهاب الحجازي، والسيد علاء الدين بن السيد عفيف الدين الإيجي، وشيخ الإسلام الشيخ ماهر المصري، وهو أعلى شيوخه في الفقه، وقرأت بخط تلميذه والد شيخنا الشيخ يونس العيثاوي، وأخبرناه عنه ولده شيخنا شيخ الإسلام شهاب الدين أنه تفقه على الشيخ كمال الدين ابن أبي شريف في بيت المقدس، ورحل إلى مصر، وأخذ عن علمائها الفقه والحديث عن الشيخة أم الخير المحدثة بالديار المصرية لعلو سندها، وقال لها على عادة أخذه السند أسمعينا من نظمك. فقالت: لم أنظم شيئاً. لكن أنشدني والدي، وقد مر على مسجد خراب مكتوب على جداره هذا البيت: بأي جريرة وبأي ذنب ... بيوت الله خربها الزمان وعاد بعد مدة فرأى إلى جانب هذا البيت: فساد الناس خربها ولولا ... فساد الناس ما خرب الزمان وأخذ الفقه أيضاً عن شيخ الإسلام زكريا، وعن الشيخ سراج الدين العبادي، والشيخ فخر الدين المفتي بمصر، وسمع على الشيخ تقي الدين أبي بكر بن عبد الكريم بن عبد الرحمن بن محمد بن إسماعيل بن علي بن الحسن بن إسماعيل بن صالح بن سعيد القلقشندي

الشافعي، صحيح البخاري كاملاً، ومسلسلات منها المسلسل بالأولية، وأخذ الجزرية عن الشيخ شمس الدين محمد بن موسى بن عمران المقريء الغزي الحنفي، عرضها عليه في مجلس واحد عند باب الحديد، أحد أبواب المسجد الأقصى في ثامن رجب سنة ست وستين وثمانمائة، وهو يرويها عن ناظمها كذا رأيته بخط الشيخ العلامة شهاب الدين الطيبي، ورحل إلى دمشق، ثم استوطنها، وحضر دروس شيخ الإسلام مشايخ الإسلام زين الدين بن خطاب الغزاوي في الشامية البرانية وغيرها، وشيخ الإسلام نجم الدين ابن قاضي عجلون صاحب التصحيح والتاج وغيرهما، ثم قرأ من بعده على أخيه شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاص عجلون. وقال والد شيخنا: ورافق شيخنا الشيخ تقي الدين البلاطنسي والشيخ بهاء الدين الفصي البعدي، والشيخ بدر الدين بن الياسوفي وغيرهم من الأجلة الكبار المفتين في التقسيم على الشيوخ المتقدم ذكرهم، وكل منهم يدرس ويفتي قال: وجاور بمكة مع الشيخ تقي الدين ابن قاضي عجلون، وذكر لي أنه حصل له زيادة في بدنه، فتزوج امرأة بمكة، وحضر دروس شيخ الإسلام قاضي القضاة ابن ظهيرة الشافعي، قال: وكان يحكي لنا فصاحته وبلاغته في تقريره، وعاد إلى دمشق مستوطناً بعياله يفتي ويدرس، وكان أحد المدرسين بالجامع الأموي يجلس مستنداً إلى أحد الأعمدة مستقبل القبلة عند قبر سيدي يحيى عليه السلام إلى أن قال وبيض التحرير للشيخ نجم الدين ابن قاضي عجلون بأمر أخيه الشيخ تقي الدين، ووصل فيه إلى أثناء المعاملات، وزاد فيه فوائد مهمة، وله كتاب مر النسيم، في فوائد التقسيم، وكان حافظاً لكتاب الله تعالى، وله همة مع الطلبة، ومهابة، وموادة للخاص والعام، ونفس غنية متقللاً من الوظائف، ظاهراً غناه قال: وتمنى الموت لفتنة حصلت في الدين لما دخلت هذه الدولة العثمانية، وضربت المكس على الأحكام الشرعية حتى على فروج النساء، وكان يقول أي فتنة أعظم من ذلك. قال: وأخبرني أنه تنخع الدم، وأنه من كبده لما لحقه من القهر والغيرة على دين الإسلام، وتغيير الأحكام، أخبرنا شيخنا فسح الله تعالى في مدته - قال: أنبأنا والدي قال: أنشدني العلامة شيخ الإسلام أبو الفضل بن أبي اللطف المقدسي في أول دخول السلطان سليم دمشق هذه الأبيات: ليت شعري من على الشام دعا ... بدعاء خالص قد سمعا فكساها ظلمة مع وحشة ... فهي تبكينا ونبكيها معا قد دعا من مسه الضر من ال ... ظلم والجور اللذين اجتمعا فعلى الحجب دعا فانبعثت ... غارة الله بما قد وقعا

علي بن دغيم البابي الحلبي الحنبلي

فأصاب الشام ما حل بها ... سنة الله التي قد بدعا توفي الشيخ أبو الفضل بن أبي اللطف في نهار الأحد قبل الظهر خامس عشر صفر سنة أربع وثلاثين وتسعمائة، وحملت جنازته على الرؤوس، وصلي عليه مرتين مرة في محلته بميدان الحصا، ومرة بجامع المصلى، ودفن بمقبرة باب الصغير بالقرب من ضريح سيدي الشيخ نصر المقدسي تجاه قبر معاوية - رضي الله تعالى - عنه إلى جانب قبر التغلبي خطيب جامع دمشق في عصره. قال الشيخ يونس: ولما رجعنا من جنازته توجهت مع شيخنا البلاطنسي إلى زيارة قبر الشيخ تقي الدين ابن قاضي عجلون، والشيخ زين الدين بن خطاب، وأنشدني ما أنشده الشيخ نجم الدين ابن قاضي عجلون لما رجعوا من جنازة الشيخ زين الدين خطاب هذا البيت: واعجباً من عجب يا قومي ... ميت غد يحمل ميت اليوم علي بن دغيم البابي الحلبي الحنبلي علي بن محمد بن عثمان بن إسماعيل، الشيخ علاء الدين ابن قاضي القضاة شمس الدين البابي، الحلبي، الحنبلي، المعروف بابن الدغيم قال ابن الحنبلي: ولي تدريس الحنابلة بجامع حلب، وكان هيناً لينا، صبوراً على الأذى، مزوحاً قال: وتوفي يوم الجمعة ثاني عشر رمضان سنة ثمان وأربعين وتسعمائة، ودفن بجوار مقابر الصالحين بوصية منه. قال: وكان آخر حنبلي بقي بمدنية حلب من أهلها. علي بن محمد البكري علي بن محمد ابن الشيخ الإمام العلامة، نادرة الزمان، وأعجوبة الدهر، الفقيه، المحدث، الأستاذ الصوفي أبو الحسن ابن القاضي جلال الدين البكري. أخذ الفقه والعلوم عن القاضي زكريا، والبرهان بن أبي شريف وغيرهما، وأخذ التصوف عن شيخ الإسلام رضي الدين الغزي جدي، وبلغني أن القطب الكبير سيدي عبد القادر الدشطوطي، كان من معتقديه والد الشيخ أبي الحسن القاضي جلال الدين، وكان قد انكسر عليه مال للغوري جزيل، وكان الغوري عسوفاً، فطالب القاضي جلال الدين بالمال، وأراد أن يعاقبه عليه، فجاء القاضي جلال الدين إلى سيدي عبد القادر، وشكى إليه أمر

الغوري، وسأل منه أن يكون خاطره عليه. فقال له: يا جلال الدين إن رددت عنك الغوري تعطيني ولدك أبا الحسن يخدمني. قال: نعم، وبعث إليه بأبي الحسن، وكان إذ ذاك شاباً بارعاً فاضلاً، له اشتغال على مشايخ الإسلام، فلما جاء دخل أبو الحسن فقال له: يا أبا الحسن لا تقرأ على أحد، واترك الإشتغال حتى يجيء شيخك من الشام، فامتثل أمره، ثم أن سيدي عبد القادر بعث إلى الغوري، وكان له فيه مزيد اعتقاد، وقال له: هبني ما على جلال الدين من الدين ففعل. فقال له سيدي عبد القادر: اعطه مرسوماً بالبراءة، وأن لا يطالبه أحد ففعل الغوري، ثم انقطع القاضي جلال الدين، وولده الشيخ أبو الحسن لخدمة سيدي عبد القادر الدشطوطي، وعمر الجامع المعروف به بالقاهرة، وكلما أراد أبو الحسن أن يعاود المشايخ في الدروس واستأذن سيدي عبد القادر يقول له لا حتى يجيء شيخك من الشام، فلما قدم شيخ الإسلام الجد رضي الدين الغزي القادري في سنة سبع عشرة - بتقديم السين - وتسعمائة جاء مسلماً على سيدي عبد القادر وكان بينه وبينه قبل ذلك محبة وصحبة قال سيدي عبد القادر: للشيخ أبي الحسن قم يا أبا الحسن هذا شيخك قد جاء من الشام، وسلمه للشيخ رضي الدين وقال له: يا سيدي رضي الدين علم أبا الحسن الكيمياء، وأمر أبا الحسن أن يذهب مع الشيخ، ويلازمه فلازم الشيخ رضي الدين في سكنه ليلاً ونهاراً، وكان يذهب هو وشيخ الإسلام الوالد كل يوم يقرآن الدروس على الشيخ رضي الدين، وعلى غيره من علماء مصر إذ ذاك بأمر الشيخ رضي الدين وإشارته قال والدي: كنت أذهب أنا وأبو الحسن البكري إلى شيخ الإسلام زكريا، وشيخ الإسلام البرهان بن أبي شريف، والشيخ القسطلاني وغيرهم، نقرأ الدروس ونحضر دروسهم، فكان أبو الحسن لا يمكنني من حمل محفظتي، ويحلف علي، ويحملها لمكان شيخ الإسلام الوالد، وكان الشيخ أبو الحسن كلما طالب الشيخ رضي الدين بعلم الكيمياء الذي أمره الدشطوطي بتعليمه يقول له: الشيخ رضي الدين حتى يأتي الأبان وكان الشيخ يربي أبا الحسن، ويهذب أخلاقه، ويعلمه الآداب، ويلقي إليه الفوائد وينهضه في الأحوال، والطاعات، حتى أنس منه الكمال قال له: يوماً يا أبا الحسن أريد منك أن تركب على بغلتك، وتذهب من هذا المنزل إلى جامع الأزهر، وفي إحدى يديك رغيف، وفي الآخرى بصلة، وتأكل من ذلك وأنت راكب حتى تدخل الجامع، ثم تعود إلي ففعل الشيخ أبو الحسن ذلك فلما رجع إلى الشيخ رضي الدين قال له: يا أبا الحسن ما بقت مصر تسعنا وإياك، فمن ثم سافر الشيخ رضي الدين راجعاً إلى الشام واشتهر الشيخ أبو الحسن البكري، وقد تمت فتوحاته، ونمت نفحاته، وصار يتكلم على الناس، ثم صار المدد متصلاً في ذريته إلى الآن، وذكره الشيخ عبد الوهاب الشعراوي في طبقاته. وقال: أخذ العلم عن جماعة من مشايخ الإسلام، والتصوف على الشيخ رضي الدين الغزي وتبحر في علوم الشريعة، من فقه وتفسير

وحديث وغير ذلك، وكان إذا تكلم في علم منها كأنه بحر زاخر لا يكاد السامع يحصل من كلامه على شيء ينقله عنه لوسعه إلا إن كتبه. قال: وأخبرني بلفظه، ونحن بالمطاف أنه بلغ درجة الإجتهاد المطلق. وقال: إنما أكتم ذلك عن الأقران خوفاً من الفتنة بسبب ذلك، كما وقع للجلال السيوطي قال: وكانت مدة اشتغاله على الأشياخ نحو سنتين، ثم جاء الفتح من الله، فاشتغل بالتأليف، قلت: ومن مؤلفاته شرح المنهاج وشرح الروض وشرح العباب للمزجد، وحاشيته على شرح المحلى قال الشعرواي: وهو أول من حج من علماء مصر في محفة، ثم تبعه الناس قال: وحججت معه مرة، فما رأيت أوسع خلقاً ولا أكثر صدقة في السر والعلانية، وكان لا يعطي أحداً شيئاً نهاراً إلا نادراً، وأكثر صدقته ليلية، وكان له الإقبال العظيم من الخاص والعام في مصر والحجاز، وشاع ذكره في أقطار الأرض كالشام والروم - اليمن، وبلاد التكرور، والغرب مع صغر سنه، وله كرامات كثيرة، وخوارق، وكشوفات فما قاله أو وعده لا يخطىء قال: وترجمه الناس بالقطبية العظمى، ويدل على ذلك ما أخبرنا به الشيخ خليل الكشكاوي. قال: رأيت الشيخ أبا الحسن البكري، وقد تطور، فصار كعبة مكان الكعبة، ولبس سترها كما يلبس الإنسان القميص قال: وكان له النظم السائغ في علوم التوحيد، وأطلعني مرة على تائية عملها نحو خمسة آلاف بيت أوائل دخوله في طريق القوم، ثم أنه غسلها، وقال: إن أهل زماننا لا يتحملون سماعها لقلة صدقهم في طلب الطريق. انتهى. لية، وكان له الإقبال العظيم من الخاص والعام في مصر والحجاز، وشاع ذكره في أقطار الأرض كالشام والروم - اليمن، وبلاد التكرور، والغرب مع صغر سنه، وله كرامات كثيرة، وخوارق، وكشوفات فما قاله أو وعده لا يخطىء قال: وترجمه الناس بالقطبية العظمى، ويدل على ذلك ما أخبرنا به الشيخ خليل الكشكاوي. قال: رأيت الشيخ أبا الحسن البكري، وقد تطور، فصار كعبة مكان الكعبة، ولبس سترها كما يلبس الإنسان القميص قال: وكان له النظم السائغ في علوم التوحيد، وأطلعني مرة على تائية عملها نحو خمسة آلاف بيت أوائل دخوله في طريق القوم، ثم أنه غسلها، وقال: إن أهل زماننا لا يتحملون سماعها لقلة صدقهم في طلب الطريق. انتهى. ومن شعر الشيخ أبي الحسن وهي قصيدة مشهورة: بوجودكم تتجمل الأوقات ... وبجودكم تتنزل الأقوات وبسركم تطوي الركائب سيرها ... وبنشركم تتعطر النسمات وبذكركم تطوى أحاديث العلى ... وبفضلكم تتلى لنا الآيات وبشكركم تتحدث الركبان ... والبلدان والعمران والفلوات وبرسمكم ينشا السحاب وبإسمكم ... يمحى العقاب وتغفر الزلات أنتم معاني الكائنات فأينما ... أنتم حللتم حلت البركات لله ما أحلى قديم حديثكم ... ذاك الذي هو للقلوب حياة تحيى قلوب العارفين بذكركم ... والجاهلون قلوبهم أموات غنى الزمان بذكركم متهللاً ... فرحاً فكل جهاته نغمات طرب الوجود على لذيذ سماعكم ... فكأنما نسماته نايات

رقت معانيكم فحار أولو النهى ... واستعجمت برموزها الكلمات وبدا سناء صباحكم فقلوبنا ... كزجاجة وصدورنا المشكاة وقع النداء لنا ألست بربكم ... قلنا بلى وأجابت الذرات شهد الشهود وأثبت القاضي على ... إشهادكم وتسجل الإثبات وعلى قديم العهد نحن إلى اللقا ... هيهات أن تتحول الحالات جعل التعاون بيننا من ذلك ال ... عهد القديم وضمنا الميقات ما في الحمى إلا محب جمالكم ... حتى حمام الأيك والأثلات إن كان للأيام أعياد الهنا ... أنتم لنا الأعياد والجمعات فكلامكم من معدن الوحي الذي ... ظهرت على إثباته الآيات واهاً على أحوال قوم أعرضوا ... عن بابكم كم فاتهم خيرات وحياتكم من فاته من أنسكم ... وقت فكل العمر منه فوات ومن احتمى يوماً بغير حماكم ... حلت به الآفات والهلكات لفقيدكم تجري الكنوز من الثرى ... وبعبدكم تتضامن السادات يا نائمين تيقظوا من نومكم ... لم يبق من قرب الحبيب سبات يا معرضين عن الكريم تعرضوا ... فلربكم في دهركم نفحات خلوا الغرور فكل شيء هالك ... لا شك إلا الله والطاعات أين الجبابرة الفراعنة التي ... ضاقت لعظم جيوشها الفلوات أين الملوك السالفون ومدحهم ... أين البنود السود والرايات بل أين ذو القرنين من دانت له م ... الآفاق والبلدان والظلمات أين المعارف أين اخوان الصفا ... والأخوة والأنساب والأخوات جز في ديارهم وسائل عنهم ... يخبرك أنهم جميعاً ماتوا لله كم تحت الثرى من أمة ... راحت وملء فؤادها حسرات كانوا وكانت في الحمى أوقاتهم ... ماتوا وماتت معهم الأوقات يبكي الزمان عليهم متأسفاً ... وتفيض من أجفانه العبرات بالأمس كانوا في المنازل كلهم ... واليوم هم تحت التراب رفات ثم الصلاة على النبي وآله ... ما دامت الأزمان والساعات قرأت بخط الشيخ المحدث العلامة نجم الدين الغيطي المصري، وأخبرنا عنه شيخنا العلامة نور الدين محمود البيلوني الحلبي إجازة أن الشيخ أبا الحسن البكري، توفي في سنة

علي بن محمد الشامي

اثنتين وخمسين وتسعمائة، وكانت جنازته مشهورة ودفن بجوار الإمام الشافعي. علي بن محمد الشامي علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن الشيخ العلامة الفقيه المقريء سعد الدين الشامي، ثم الحجازي الشافعي، ولد سيدي محمد بن عراق ولد كما ذكره والده في السفينة العراقية في سابع ذي الحجة سنة سبع - بتقديم السين - وتسعمائة بساحل بيروت، وحفظ القرآن العظيم، وهو ابن خمس سنين في سنتين، ولازم والده في قراءة ختمة كل جمعة ست سنين، فعادت بركة أبيه عليه، وحفظ كتباً عديدة في فنون شتى، وأخذ القراءات أولاً عن تلميذ أبيه الشيخ أحمد بن عبد الوهاب خطيب قرية مجدل معوش، وأفرد عليه القراءات وثانياً على تلميذ والده أيضاً الشيخ محمود بن حميدان المدني في أربع ختمات، ثم عن شيخه الخطيب شمس الدين محمد بن زين الدين القطان ختمة العشرة، وكان له قدم راسخة في الفقه، والحديث والقراءات، ومشاركة جيدة في غيرها، وله اشتغال في الفرائض، والحساب، والميقات، وقوة في نظم الأشعار الفائقه، واقتدار على نقد الشعر، وكان ذا سكينة ووقار، لكن كان أصم صمماً فاحشاً قيل: وكان سببه أنه كان مكباً على سماع الأنغام الطيبة فنهاه عنها والده، فلم ينته فعوقب بذلك وولي خطابة المسجد النبوي صلى الله عليه وسلم على صاحبه، وكان باذلاً للهمة طارحاً للتكلف ملازماً للتعفف، وكرم النفس دخل دمشق وحلب في رحلته إلى الروم، وقدم دمشق مع الحاج في صفر سنة سبع - بتقديم السين - وأربعين وتسعمائة ونزل بخلوة الشيخ محمد الأيجي تلميذ والده قال ابن طولون: فسلمت عليه بها فوجدته عرض له صمم في تلك البلاد قال: وذكر لي أنه عمل شرحاً على صحيح مسلم شبيهاً لصنع القسطلاني على صحيح البخاري، وشرع في كتابة شرح على العباب في فقه الشافعية، وكان سبقه إليه العلامة أبو الحسن البكري، لكن باختصار، ثم ذكر ابن طولون أن الشيخ علي بن عراق سافر من دمشق لزيارة بيت المقدس يوم الخميس ثالث جمادى الآخرة من السنة المذكورة، فزار، ثم انصرف إلى مصر وذكر أنه في مدة إقامته بدمشق أنه كان يزور قبر ابن العربي، وأنه يبيت عنده، وأنه أشهر شرب القهوة بدمشق، فاقتدى به الناس، وكثرت من يومئذ حوانيتها. قال: ومن العجب أن والده كان ينكرها، وخرب بيتها بمكة، وذكر ابن الحنبلي أنه كتب إلى الشيخ علي بن عراق، وهو بحلب يستفتيه في القهوة هذه الأبيات: أيها السامي بكلتا الذروتين ... بجوار المصطفى والمروتين

علي بن محمد بن أبي سعيد

والعلي القدر علماً وكذا ... عملاً فوق علو النيرين من له في الزهد باع ويد ... فلذا ترمقه صفر اليدين أفتنا في قهوة قد ظلمت ... حيثما شيب معاطيها بشين من تلة هالنا مسمعه ... واقتراف لأقاويل ومين ومراعاة أمور شاهدت ... فعلها في الحان كلتا المقلتين وحكى شرابها أهل الطلا ... فالتداني بين تين الفرقتين أدعوا ذا الطرس ما يرجو الفتى ... أو دعوا فاليأس إحدى الراحتين فأجاب رحمه الله تعالى بقوله: أيها السامي سمو الفرقدين ... وإمام العلم مفتي الفرقتين يا رضي الدين يا بدر الندا ... من رجاه راح مملوء اليدين جاءني منك نظام قد حكى ... في نصوع اللفظ مسبوك اللجين قلت فيه ان في القهوة قد ... خلطوها بتلة وبمين وبمطعوم حرام وغنى ... وبرقص وبصفق الراحتين فطلبت الحكم فيه بعد ما ... قد رأيتم ما ذكرتم رأي عين وعلى ذا الأمر إذ كان الذي ... شانها حتى تصفى دون رين والتداني من حماها وهي في ... وصفها المذكور شين أي شين والصفا في شربها مع فتية ... أخلصوها التقوى وشدوا المئزرين ثم ناجوا ربهم جنح الدجى ... بخشوع ودموع المقلتين فابتداء الأمر فيها هكذا ... قد حكوه عن ولي دون مين ذا جوابي واعتقادي أنه ... في اعتدال كاعتدال الكفتين توفي في المدينة المنورة، وهو خطيبها وإمامها سنة ثلاث وستين وتسعمائة. علي بن محمد بن أبي سعيد علي بن محمد بن حسن الحموي الشافعي نزيل دمشق، الشيخ الإمام العلامة علاء الدين القطان، الشهير بابن أبي سعيد قيل: أنه نسب إلى المتولي من أصحاب الشافعي، مولده سنة ست وستين وثمانمائة، وقرأ على جماعة من العلماء ولزم شيخ الإسلام الوالد فقرأ عليه في شرحه على المنهاج، قراءة تحقيق وإتقان، وفي شرحه على الدرر اللوامع في الأصول، وفي شرحه المنظوم على الألفية، وقرأ عليه النصف من

علي بن محمد الكنجي

الحاوي بتمامه، وسمع عليه النصف الأول وقرأ عليه غير ذلك من مؤلفاته، وغيرها، وكان من الفضلاء البارعين ذا يد في الأصول، والفقه، ومشاركة جيدة في البيان، والنحو، والمنطق، وغير ذلك، مع إطراح زائد، ولما دخل الزين عبد اللطيف بن أبي كثير المكي دمشق صحبه واختص به، ثم ذهب معه إلى مصر ثم فارقه ابن أبي كثير، وعاد إلى دمشق، ثم انقطع بها مدة ومات بها سنة أربعين أو إحدى وأربعين وتسعمائة. علي بن محمد الكنجي علي بن محمد بن أحمد الشيخ العلامة، علاء الدين ابن الشيخ شمس الدين الكنجي الدمشقي الشافعي، مولده سنة تسعين - بتقديم التاء - وثمانمائة بالقدس الشريف، وكان بارعاً في كثير من العلوم، فاضلاً صالحاً مباركاً خيراً ديناً كأبيه شيخ الإسلام كثيراً، وهو من هذه الطبقة. علي بن محمد الحميدي علي بن محمد السيد علاء الدين الحسيني العجلوني، ثم البروسوي، المعروف بالحديدي خليفة الشيخ العارف بالله تعالى أبي السعود الجارحي صاحب الزاوية المشهورة بكوم الجارح بالقاهرة توطن بروسا من بلاد الروم نحو ثلاثين سنة، ثم حج وعاد إلى القاهرة، ودخل مصر وحلب سنة ثلاث وستين وتسعمائة، وكان له عبث بعلم الوفق والأسماء وصناعة الكيمياء، وكان له أسانيد عالية، وذكر ابن الحنبلي عنه أن شيخه أبا السعود الجارحي هو الذي بعث إليه السلطان سليم يستأذنه خفية مع بعض خواصه في أخذ مصر، فلم يتكلم، وإنما أخرج له رغيفاً عليه سلك، فأوصله الرسول إليه، ففهم منه الإذن قال: وكان السلطان طومان باي يعتقد الشيخ أبا السعود، ويلازم زاويته، فلما قدم السلطان سليم مصر وأرإد إمساك طومان باي جاء أعوانه، فأحاطوا بالزاوية، ودخلها قوم منهم، فلم يجدوا طومان باي، وكان الشيخ بين أظهر المريدين، فلم يروه، وكان كأنه لم يكن، فلما لم يظفروا بطومان باي، ولا بالشيخ وقعوا في المريدين والفقراء ضرباً، فإذا الشيخ بين أظهرهم، فحملوه إلى السلطان سليم، فإذا هو الآذن له في أخذ ملك مصر، فخلى سبيله، ومات صاحب الترجمة في حدود هذه الطبقة.

علي بن أحمد الجوبري

علي بن أحمد الجوبري علي بن أحمد بن موسى بن محمد الديري، ثم الجوبري الدمشقي الشافعي الأديب، المعتقد علاء الدين أبو الحسن، مولده بقرية الشوبك ببلاد نابلس، في جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وثمانمائة، كان مؤذناً بالجامع الأموي متسبباً ببابه فاضلاً بارعاً شاعراً، له ديوان شعر، ومن شعره تخميس أبيات ابن حجر. أمر يطول ومدة متقاصره ... وبصائر عميت وعين باصره فإلى متى بالصبر ويحك صابره ... قرب الرحيل إلى ديار الآخره فاجعل إلهي خير عمري آخره فالعيش والدنيا كلذة حالم ... وسواك يا مولاي ليس بدائم وإليك مرجعنا بأمر حازم ... فلئن رحمت فأنت أكرم راحم وبحار جودك يا إلهي زاخره يا رب إن الدهر أبلى جدتي ... وعصيت في جهل الشباب وجدتي فإذا تصرم ما بقي من مدتي ... آنس مبيتي في القبور ووحدتي وارحم عظامي حين تبقى ناخره إذ كنت ترحم من مضت أعوامه ... في لهوه حتى نمت آثامه والعفو منك رجاؤه ومرامه ... فأنا المسكين الذي أيامه ولت بأوزار غدت متواتره فبوجهك الباقي وعز جلاله ... ومحمد سر الوجود وآله رفقاً بمن أنت العليم بحاله ... وتوله باللطف عند مآله يا مالك الدنيا ورب الآخره توفي يوم الأربعاء سابع عشر صفر سنة سبع وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. علي بن محمد الحاضري علي بن محمد بن عز الدين بن محمد

علي بن أحمد الكيزواني

الصغير بن عز الدين بن محمد الكبير، ابن خليل أقضى القضاة علاء الدين الحاضري الأصل، الحنفي أخذ عن الشمس الدلجي وغيره، وجلس بمكتب العدول على باب جامع حلب الشرقي، وناب محكمة الجمال يوسف بن اسكندر الحنفي، وكتب بخطه كثيراً من الكتب العلمية ووعظ بجامع حلب، وكان صالحاً عفيفاً سليم الصدر توفي في شوال سنة سبع وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. علي بن أحمد الكيزواني علي بن أحمد بن محمد، الشيخ العابد، الزاهد، المسلك العارف بالله تعالى أبو الحسن الكيزواني، الحموي، الصوفي، الشاذلي، وهو منسوب إلى كازوا، وقياس النسبة الكازواني، وهو اشتهر بالكيزواني، وكان يقول: أنا الكي زواني الكزواني كان له اطلاع على الخواطر، وله تآليف لطيفة في علوم القوم منها كتاب سماه زاد المساكين ونقل ابن الحنبلي في تاريخه عن تاريخ جار الله بن فهد المكي أن الكيزواني ولد تقريباً في عاشر رجب سنة ثمان وثمانين وثمانمائة، وأنه توجه صحبة الشيخ علوان حموي إلى بروسا من بلاد الروم سنة ثمان وتسعمائة، وأقام في صحبته عند سيدي علي بن ميمون نحو شهرين، وعاد في صحبته إلى صالحية دمشق، وأنه لازم سيدي علي بن ميمون، انتفع به، وتهذب بأخلاقه، وذكر صاحب الشقائق النعمانية: أنه سافر مع سيدي علي بن ميمون في نواحي حماة، وكانت الأسد كثيرة في تلك النواحي، فتعرض لهم الأسد، فشكوا منه إلى الشيخ ابن ميمون. فقال: اذنوا فأذنوا، فلم يبرح، فذكروا ذلك للشيخ فقال: اذنوا ثانياً، فلم يبرح، فتقدم الكازواني، فغاب الأسد عن أعينهم، ولم يعلموا أخسفت به الأرض أم ذاب في مكانه، فذكروا ذلك لسيدي علي بن ميمون فغضب على الكازواني، وقال له: أفسدت طريقنا وطرده، ولم يقبله حتى مات، فأراد الكازواني أن يرجع إلى خلفاء الشيخ، فلم يقبلوه حتى ذهب إلى بلاد الغرب، وأتى بكتاب من الشيخ عرفة أستاذ سيدي علي بن ميمون إلى خلفاء السيد علي، وقال فيه: إن أحداً لا يرد من تاب إلى الله تعالى، وإن شيخه إنما رده لتأديبه وإخلاصه، فقبلة الشيخ علوان، ووأكل تربيته، ثم رحل إلى بلاد الروم، ثم ذهب إلى حج الشريف، وجاور بمكة إلى أن مات. وذكر ابن الحنبلي في تاريخه أنه قدم حلب، وجلس في مجلس التسليك، فاجتمع عليه خلق كثير، ولما كانت سنة ست وعشرين، وهي

السنة التي ورد فيها حلب أرسل الشيخ علوان إلى الشيخ زين الدين بن الشماع رسالة مبسوطة تشتمل على التنفير من الإجتماع بالكيزواني بألفاظ يابسة لا ينبغي إطلاقها في حق متدين، فقرأها ابن الشماع على غير واحد، ثم توجه ابن الشماع في السنة المذكورة إلى الحج، وجاور، فلما قدم حلب سنة ثمان وعشرين رأى أمر الكازواني في ازدياد، وقد أقبل عليه خلق كثير، فأعرض عن قراءة الرسالة، وخطر له أن يغسلها، ثم خشي أن يكون في غسلها انتقاص لكاتبها، ثم ترجح عنده غسلها فغسلها، ثم توجه الكازواني بعد انسلاخ السنة المذكورة إلى حماة، واجتمع بالشيخ علوان، واعتذر إليه عن أشياء انتقدت عليه، وجدد التوبة، فأذن الشيخ علوان حينئذ في الإجتماع به. قال ابن الشماع: وقد ظهر - ولله الحمد - أنا سبقناه إلى محو الرسالة حساً قبل محوه لها معنى، وفي ذلك برهان ظاهر على أن من أخلص النية، ألهم سلوك الطرائق المرضية، وكان مما كتبه الشيخ علوان إلى ابن الشماع عن الكازواني أنه وقف علينا تائباً، وفي المواصلة راغباً، فحكمنا بالظاهر، والله يتولى السرائر، فإن رأيتم الإجتماع معه أو عنده، فذاك إليكم، وما أريد أن أشق عليكم، وليس يخفى على علمكم الحديث المشهور التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وذكر ابن طولون أن الكازواني دخل من حلب إلى دمشق يوم الجمعة ثاني عشر شعبان سنة....، ونزل بالصالحية قاصداً التوجه إلى الحجاز، وتلقاه بعض الصوفية، وأنزله بالناصرية بسفح قاسيون، وهرعت الناس إليه للسلام عليه. قال: وهو من أعيان المحبين للشيخ محيي الدين بن العربي. قال: وكان تلميذاً للشيخ علي بن ميمون وطرده، ثم سكن حلب، وبنى له بها زاوية، وذكر الشعراوي في طبقاته وقال: أخبرني من لفظه أنه كان في بداءته يمكث خمسة شهور طاوياً لا ينام إلا جالساً، ثم ذكر جملة مما سمعه من كلامه، ثم قال: وكان بدؤ أمره بمدينة حلب، وبنى له النائب تكية عظيمة، واجتمع عليه خلائق لا يحصون، فوقعت فتنة في حلب، فقتل الدفتر دار، وقاضي العسكر يعني قرا قاضي، فقال الناس: إن ذلك باشارة الشيخ يعني الكازواني، فأخرجوه من حلب، ونفوه إلى رودس، فأقام بها ثلاث سنين، ثم رأته يعني في المنام خونة الخاص، وهو يقول لي أن أقيم بمكة، ولا أرجع إلى حلب. فقال: من تكون. قال! الكازواني: فكلمت عليه السلطان سليمان، فأرسل له مرسوماً بأن يسافر إلى مكة، ويقيم بها، وعمرت له خونة هناك تكية. وفيها سماط، فزاحمه أهل مكة، فتركها وسكن في بيت عند الصفا. قال الشعراوي: وأخبرني أنه لما دخل مكة انقلبت أهلها إليه رجاء أن يتوسط لهم عند السلطان في الأرزاق لأن الخاص مكية كانت تعتقده قال: فثقل علي بذلك، فتظاهرت بالرغبة في الدنيا، وصرت كلما يأتي إلى مكة صدقة أرسلت قاصدي أسألهم أن يعطوني، فإذا أعطوني قلت: هذا يسر وعدته عليهم، فأنكروا علي وتركوني فاسترحت بذلك وراق وقتي للطواف والعبادة. وإلا فأنا بحمد الله تعالى لا أحتاج إلى صدقة أحد لأن عندي ما يكفيني، ويكفي عيالي. عند الصفا. قال الشعراوي: وأخبرني أنه لما دخل مكة انقلبت أهلها إليه رجاء أن يتوسط لهم عند السلطان في الأرزاق لأن الخاص مكية كانت تعتقده قال: فثقل علي بذلك، فتظاهرت بالرغبة في الدنيا، وصرت كلما يأتي إلى مكة صدقة أرسلت قاصدي أسألهم أن يعطوني، فإذا أعطوني قلت: هذا يسر وعدته عليهم، فأنكروا علي وتركوني فاسترحت بذلك وراق وقتي للطواف

علي بن صالح الكلزلي

والعبادة. وإلا فأنا بحمد الله تعالى لا أحتاج إلى صدقة أحد لأن عندي ما يكفيني، ويكفي عيالي. وذكر ابن الحنبلي في تاريخه أنهم صلوا على الكازواني غائبة بحلب في رجب سنة اثنتين وخمسين لورود الخبر بموته، ثم ظهر أنه حي، ولما بلغه أنه صلي عليه تمنى أن يصلوا عليه مرة أخرى، ثم وثم قلت: ورأيت بخط بعض الفضلاء أنه صلي عليه بجامع دمشق غائبة يوم الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة. قال ابن الحنبلي: وكانت وفاته بين مكة والطائف في رجب سنة خمس وخمسين وتسعمائة إلا أنه حمل، ودفن بمكة، وأورد له الشعراوي في الطبقات الكبرى: القصد رمز، فكن ذكياً ... والرسم سر على الأشاير فلا تقف مع حروف رسم ... كل المظاهر لها ستاير علي بن بكار السرميني: علي بن بكار بن علي، الشيخ علاء الدين المؤدب السرميني، الحلبي، قرأ القران العظيم على ابن الدهن، والبدر بن السيوفي، ثم لازم إقراء الأطفال في داره سنين في جماعة من أهل الخير والصلاح، وكان من عادته أن يدعو ويرفع صوته يطوله عند قوله: اللهم أعنا على سكرات الموت، وما قبل الموت، وما بعد الموت،. فاتفق له أنه مات فجأة في أواخر الورد، وهو على وضوء كما مات صاحب الورد المذكور كذلك، وكانت وفاته في ربيع الأول سنة خمس وأربعين وتسعمائة. علي بن صالح الكلزلي علي بن صالح بن إسماعيل بن يوسف، الأديب الشاعر الحلبي المشهور بدرويش علي بن الكلزلي. له شعر ملحون وربما جمع فيه بين بيتين كل واحد من بحر لعدم إلمامه بالعربية والوزن لكن كان له ذكاء، وحكي أن رجلاً عرف بشيخ الشيوخ الأنصاري أنشد لنفسه: ذكر الصبا فصبا، وكان قد ارعوى ... صب على عرش الغرام قد استوى فذيل عليه القاضي جابر التنوخي، الحلبي بقوله: تجري مدامعه ويخفق قلبه ... فترى العشيق على الحقيقة واللوى

علي بن حسن الجراعي

وإذا تألق بارق من بارق ... طفقت تنم عليه أسرار الجوى فذيل عليه الدرويش علي بقوله: وأنا نذير العاشقين فمن يرد ... طول الحياة فلا يذوقن الهوى فخذوا أحاديث الهوى عن صادق ... ما ضل عن شرع الغرام ولا غوى مات سنة ثمان وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. علي بن حسن الجراعي علي بن حسن بن أبي مشعل، الشيخ الإمام العلامة علاء الدين الجراعي، ثم الدمشقي، الشافعي، المشهور بالقيمري لكونه كان يسكن بمحلة القيمرية تجاه القيمرية الكبرى. قرأ في علم القراءات على الشيخ شمس الدين ابن الملاح، وفيه وفي العربية على الجمال البويضي، وتفقه على الشيخ تقي الدين القارىء، وأجازه بالإفتاء والتدريس. كذا قال ابن طولون، وذكره شيخ الإسلام الوالد في فهرست من قرأ عليه، وقال: قرأ علي دروساً من الخزرجية، ودروساً من أوائل شرحي على منظومة الوالد في الأصول، وجانباً من تفسير البيضاوي. قال: وصحبني في قرآتي على شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون، وسمعت بقراءته عليه ربع صحيح البخاري الأول، وشيئاً من صحيح مسلم، وشيئاً من سنن أبي داود، وشيئاً من ابن ماجة. قال: وهو من المحبين الصلحاء الأفاضل. انتهى. وقال ابن طولون: كان يقرىء الأطفال، ثم ولي نصف إمامة الشافعية بالجامع الأموي. قلت: وكانت ولايته لنصف الإمامة المذكورة بتفرغ شيخ الإسلام الوالد له عنها في سنة خمس وأربعين وتسعمائة، وهي سنة وفاة شيخنا الشيخ تقي الدين القارىء المتولي لنصف الإمامة الثانية، ووجه النصف المذكور بعده للشيخ شهاب الدين الطيبي تلميذه في السنة المذكورة، ثم ولي نصف الإمامة بعد القيمري الشيخ شهاب الدين الفلوجي شريكاً للطيبي، وتصدر الشيخ علاء الدين القيمري آخرا للإقراء بمقصورة الجامع الأموي في تفسير البيضاوي، ثم في تفسير البغوي، ومات ولم يكمله، ثم درس في البقعه المذكورة بعد القيمري الشيخ علاء الدين بن عماد الدين، وكان القيمري يكتب المصاحف للسبعة وللعشرة من طريق تحبير التيسير، وحرز الأماني، والحرة، وكان خطه حسناً. قاسى علة البطن مدة، ثم مات بها شهيداً يوم السبت

علي بن شعبان الطرابلسي

حادي عشر جمادى الأولى سنة تسع - بتقديم التاء - وأربعين وتسعمئة، ودفن بوصية منه في تربة باب الصغير إلى جانب أخ له في الله صالح. علي بن شعبان الطرابلسي علي بن شعبان بن محمد، الشيخ علاء الدين الطرابلسي، الشافعي، الشهير بأبيه. قرأ على شيخ الإسلام الوالد في البهجة، وسمع عليه دروس غيره في الفقه والنحو، وترجمه بالفيض والبكاء، فكان اشتغاله عليه في سنة خمس وثلاثين وتسعمائة. علي بن عبد اللطيف القزويني علي بن عبد اللطيف بن قطب الدين بن عبد الله بن محمد بن محمد بن أحمد، الشهير بأبدكا الحسيني، القزويني، الشافعي، المعروف بقاضي علي. كان من بيت علم وقضاء، وولي قضاء قزوين، ثم تركه وكتب بها على الفتوى، ثم دخل بلاد الشام، وحج وأخذ شيئاً من الحديث على شيخ الإسلام تقي الدين القاء وعن غيره، ثم عاد إلى بلاده، فدخل حلب في طريقه، فاستجازه ابن الحنبلي فأجاز له، ثم توفي في بلده على ما قيل في سنة تسع - بتقديم التاء - وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. علي بن عطية بن علوان الحموي علي بن عطية بن الحسن بن محمد بن الحداد الشيخ الإمام العلامة، القرم الهمام الفهامة، شيخ الفقهاء والأصوليين، وأستاذ الأولياء والعارفين، الشيخ علوان الهيتي الشافعي، الحموي، الشافعي، الصوفي، الشاذلي، سمع على الشمس محمد بن داود البازلي كثيراً من البخاري، وقرأ عليه من أول مسلم إلى أثناء كتاب الصلاة، وسمع أيضاً بعض البخاري بحماة على الشيخ نور الدين علي بن زهرة الحنبلي الحمصي، وأخذ عن القطب الخيضري، وعن البرهان الناجي، والبدر حسن بن شهاب الدمشقيين وغيرهم من أهلها، وعن ابن السلامي الحلبي، وابن الناسخ الطرابلسي، والفخر عثمان الديمي المصري، وقرأ على محمود بن حسن بن علي البزوري الحموي، ثم الدمشقي، وأخذ طريقة التصوف على السيد الشريف أبي الحسن علي بن ميمون المغربي، حدثني شيخنا - فسح الله تعالى في مدته - مراراً عن والده الشيخ يونس أن الشيخ علوان حدثه في سنة أربع وعشرين وتسعمائة. كان واعظاً بحماة على عادة الوعاظ من الكراريس بأحاديث الرقائق،

ونوادر الحكم، ومحاسن الأخبار والاثار، فمر به السيد الحسيب النسيب سيدي علي بن ميمون، وهو يعظ بحماة، فوقف عليه، وقال يا علوان عظ من الرأس، ولا تعظ من الكراس، فلم يعبأ به الشيخ علوان، فأعاد عليه القول ثانياً وثالثاً. قال الشيخ علوان: فتنبهت عند ذلك، وعلمت أنه من أولياء الله تعالى. قال: فقلت له يا سيدي لا أحسن أن أعظ من الرأس - يعني غيباً - فقال: بل عظ من الرأس، فقلت: يا سيدي إذاً أمددتموني. قال: افعل، وتوكل على الله. قال: فلما أصبحت جئت إلى المجلس، ومعي الكراس في كمي احتياطاً. قال: فلما جلست فإذا بالسيد في قبالتي. قال: فابتدأت غيباً، وفتح الله تعالى علي، واستمر الفتح إلى الآن، وقرأت بخط الشيخ يونس هذه الحكاية بمعنى ما ذكرت، وقرأت بخطه أن اجتماعه به كان في نهار السبت ثامن عشر شوال سنة أربع وعشرين المذكورة عند توجهه إلى مكة المشرفة في مدرسة تنم بمحلة ميدان الحصا، وأنه قرأ عليه خاتمة التصوف للشيخ تاج الدين السبكي من جمع الجوامع، واستجازه وأجازه قال: واعتذر إلي في الفقه، وقال: لما صرت أطالع كتب الغزالي اشتغلت عنه. قال: وذكر لي أنه لما اجتمع بسيدي علي بن ميمون أمره بمطالعة الإحياء، وقال: كان من تلاميذ شيخنا الإمام تقي الدين البلاطنسي لما كان في حماة قال: وكان شيخنا يثني عليه. انتهى. وبالجملة فإن سيدي علوان ممن أجمع الناس على جلالته، وتقدمه وجمعه بين العلم والعمل، وانتفع به الناس وبتآليفه في الفقه والأصول والتصوف، وتآليفه مشهورة منها المنظومة الميمية المسماة بالجوهر المحبوك، في علم السلوك، وكتاب مصباح الهداية، ومفتاح الدراية، وفي الفقه وكتاب النصائح المهمة، للملوك والأئمة، وبيان المعاني، في شرح عقيدة الشيباني، وعقيدة مختصرة، وشرحها، ورسالة سماها فتح اللطيف، بأسرار التصريف، على نهج رسالة شيخه التي وضعها في إشارات الجرومية، وشرح تائية ابن الفارض كتبته من خطه، وشرح تائية الشيخ عبد القادر بن حبيب الصفدي، وهو أشهر كتبه، وكتاب مجلى الحزن في مناقبشيخه السيد الشريف أبي الحسن والنفحات القدسية، في شرح الأبيات الشبشترية وهي التي نقلها سيدي أحمد زروق في شرح الحكم العطائية من قوله: فلا يلتفت في الشيء غيرا فكلما ... سوى الله غير فاتخذ ذكره حصنا

وكل مقام لا يقم فيه إنه ... حجاب فجد السير فاستنجد العونا ومهما ترى كل المراتب تحتلى ... عليك فحل عنها فعن مثلها حلنا وقل ليس لي إلا مرادك مطلب ... ولا صورة تجلى ولا طرفة تجنى وهي رسالة لطيفة جمعها بين نظم ونثر التمسها منه ملتمس، فألفها، وقال في آخرها مخاطباً لذلك الملتمس: لقد حركت أشجان المشوق ... بما أرسلت تسأل يا صديقي فهاك جواب نظم ضمن نظم ... ونثر فاق في علم الطريق ومن نظم سيدي علوان في الرسالة المذكورة: القتل في الحب أسنى منية الرجل ... طوبى لمن مات بين السيف والأسل سيف اللحاظ ورمح القد كم قتلا ... من مستهام فقاداه إلى الأجل لو تعلم الروح فيمن أهدرت تلفاً ... أصخت ومقدارها في نيل ذاك علي إن الغرام وإن أشفى السقيم به ... على الهلاك لدرياق من العلل يا حبذا سقمي فيهم وسفك دمي ... به ارتفعت بلا شك على زحل أحباب قلبي بعيش قد مضى بكم ... جودوا بوصل فأنتم غاية الأمل أشكوا انقطاعي وهجري والصدود لكم ... إن تقطعوا بانصرام الود ما حيلي وحق معنى جمال يجتلى أبداً ... من حسن طلعتكم قدماً من الأزل ما حلت عنكم ولا أبغي بكم بدلاً ... فليس من شيمتي ميل إلى البدل هيهات أن أنثني يوما إلى أحد ... وليس غيركم في الكون يصلح لي ومن نظمه ما أنشده - رضي الله تعالى عنه - في شرحه لتائية ابن الفارض: سر سري لم يغب ... وتراني أطلب أن أراني حاضراً ... إذ به عيش يطب فتعجب يا فتى ... من بعيد مقترب

إن أغب عن طلبي ... فشهودي ما كذب ومما وجدته بخطه والغالب عندي أنه من نظمه أيضاً: من يكن في خلدي ... ليس شيء يحجبه دائماً عندي معي ... وفؤادي يطلبه ذا عجيب كل من ... خاله يستغربه شمسه إن طلعت ... كان سري مغربه ومنه ما أنشده في شرحه على تائية ابن حبيب: بجمع وفرق وفرق وجمع ... وشرع وحق وحق وشرع ينال الفتى كلما يرتجي ... بتنزيه طرف وإلقاء سمع وترك هوى باتباع الهدى ... وتقديس سر وتنزيه طبع عليك بها أيها إنها ... جماع لخير ومفتاح جمع وقد التمس مني بعض أفاضل الصلحاء أن أكتب لهذه الأبيات شرحاً لطيفاً، فكتبت عليه تأليفاً منيفاً، لم أر فيه ترتيباً وتصنيفاً، وسميته بالهمع الهتان، في شرح أبيات الجمع للشيخ علوان، وقرأت بخط الشيخ شمس الدين بن طولون في تاريخه وأخبرنا عنه شيخنا الزين ابن سلطان الحنفي وغيره. قال: وفي يوم الأربعاء ثالث عشري جمادى الآخرة يعني سنة خمس وثلاثين وتسعمائة، وصل إلي كتاب محدث حلب زين الدين بن الشماع الحلبي، وفيه وقد توجهت في العام الماضي سنة أربع وثلاثين إلى حماة في أول رمضان، وأقمت عند شيخ الوقت سيدي علوان الشافعي، فأكرمني وأنزلني في خلوته، وسمعت منه أشياء، وقد أذكرني حاله قول علي بن الفضل بن عياض لأبيه، كما في آخر جزء البطاقة يا أبه ما أحلى كلام أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال: يا بني وتدري لم حلي قال لا قال: لأنهم أرادوا به الله تعالى قال: وكذلك أقول: في سيدي علوان نفعني الله تعالى وإياكم، وسائر المسلمين ببركاته قال: ثم قرأ علي ولداه أبو الوفاء محمد وأبو الفتح محمد ثلاثيات البخاري وغيرها، وأنشدت في معنى بعض حديث الثلاثيات لو أقسم على الله لأبره من نظم الشهاب الحجازي. رب ذي طمرين نضو ... يأمن العالم شره لا يرى إلا غنياً ... وهو لا يملك ذره ثم لو أقسم في ش ... يء على الله أبره قال ابن طولون: قلت وقد أنشدني هذه الأبيات قاضي قضاة مصر الكمال الطويل

الشافعي للحافظ زين الدين العراقي، والأول أصوب والله أعلم قال ابن الشماع، وسمع ذلك من لفظي سيدي الشيخ علوان فنظم في معنى ذلك في يومه: رب ذي طمرين أشعث ... يعتريه وصف غيره ترك الدنيا اختياراً ... فهو لا يملك ذره خامل الذكر حقير ... مهمل يجهل قدره إن دنا يوماً علينا ... فهو مدوفوع بمره وله جاه وقدر ... عند مولانا وشهره فهو لو آلى على الل ... هـ يميناً لأبره هكذا قد صح نقلاً ... في قرون مستمره إن من كان كهذا ... يرتجي رزقاً ونصره قاله المختار حقاً ... ناصحاً صحباً وعتره فعليه الله صلى ... ضعف ألف ألف مره وكذا أضعاف هذا ... حيث لا يحصى لكثره وكان سيدي علوان قد سمع الحديث من الشيخ زين الدين بن الشماع انتهى. وأخذ ابن الشماع الطريق عن سيدي علوان، فكل واحد منهما شيخ للآخر، وتلميذ وذلك يدل على إنصاف كل واحد منهما وإتصافه بالإتضاع وحسن الخلق، وتحصيل الفائدة من كل شيء من أخلاق المؤمنين والصالحين، وقد قرأت في إجازة ابن الشماع للشيخ شهاب الدين الطيبي مقرىء دمشق، وأورعها حين ورد ابن الشماع دمشق في سنة اثنين وثلاثين وتسعمائة، وقد وقفت على الإجازة المذكورة بخط ابن الشماع أن الشيخ علوان أنشده لنفسه بعد سماع سيدي علوان للحديث المسلسل بالأولويه من لفظ ابن الشماع: استبق للخير تغنم ... وارحم الخلق لترحم قد روينا في حديث ... مسند ليس ليكتم إنما رب البرايا ... لأولي الرحمة يرحم نجل شماع رواه ... وروينا عنه فأفهم من طريق عن فريق ... سلسلوه فتقدم وحدثت أن سيدي الشيخ علوان، وسيدي محمد بن عراق حجا معاً، في سنه واحدة

وكان سيدي محمد بن عراق ماشياً، والشيخ علوان في محمل، فبلغ الشيخ علوان في أثناء الطريق أن سيدي محمد بن عراق مرض، ومنعه المرض من المشي، وطرحه إلى الأرض فقصده الشيخ علوان فقال له: يا أخي ما هذا قال: أمر الله قال: يا أخي تركب في محملي قال: لا إني عاهدت الله أن أمشي إلى بيته قال الشيخ علوان: هذا لا يكون كيف تمشي وأنت مريض، ونركب ونحن أصحاء قال: فكيف الحال قال: نحن نحمل عنك فما افترقا حتى قام سيدي محمد بن عراق صحيحاً، ليس به بأس، ولزم الشيخ علوان المحمل مريضاً، وكرامات الشيخ علوان كثيرة منها ما ذكره ولده سيدي محمد شمس الدين في كتابه المسمى بتحفة الحبيب، وقد وقفت عليه جملة منها أنه شكا إليه بعض أصحابه أنه لا يرزق ولداً، ولم يزل يعرض له بذلك، فبينما هو وإياه في الحمام ليلة من الليالي أو يوماً من الأيام إذ بالشيخ قد أخذته الحال، فناداني وقال: ادن مني، ثم ضرب بيده المباركة على صلبه، فعند ذلك رزق اعداداً من الذكور، ومنها أنه كان ليلة من الليالي يتكلم في طريق السلوك مع بعض فقرائه، بعد صلاة العشاء في بيت، وفي البيت سراج موقد ففرغ منه الزيت فقام بعض فقرائه يصب فيه زيتاً، فانطفأ فأراد أن يشعله فقال له الشيخ، اقعد فإن من عباد الله من إذا قال للسراج اتقد من غير زيت، ولا دهن، يتقد فما فرغ الشيخ من كلامه إلا والسراج قد اتقد من غير زيت، ولا شي من الأدهان إلى آخر الليل واستمر كذلك إلى قرب طلوع الشمس. قال: وأظن الراوي قال في هذه الرواية ولم ينطفىء حتى جاء الشيخ وأطفأه بنفسه قال: وأخبرني بعض أهل العلم وكان مسافراً في مصر أنه كان عند إيابه في أثناء الطريق، فحصل لدابته عي، وقد تركه الرفقاء وساروا وبقي وحيداً فريداً، فنادى الشيخ باسمه فلم يلبث يسيراً إلا وهو بالشيخ الوالد وافقاً عنده فقال له: ملاطفاً مؤنساً من الذي قطعك يا فلان عن القافلة، فتذر إليه بما حصل لدابته فما هو إلا أن أخذ بطرف من أطرافها وأقامها وحمل عليها أمتعته، ثم ركبه إياها، ثم أوصله إلى القافلة في أسرع مدة فتفقد ذلك الرجل، فلم يجده ولم يدر أين مضى قال: وأخبرني ثقات من أصحابه وكانوا تجاراً ببعض أطراف الهند في مركب من مراكب التجار، وإذا بالرياح اختلفت عليهم حتى أشرفوا على الهلاك فاستغاثوا باسم الوالد، فإذا به قد خرج على شكله المعهود من البحر، وعليه ثيابه التي يعتاد لبسها، فحمل المركب على عاتقه، ولم يزل حتى أوصل السفينة بمن فيها إلى ساحل السلامة، والناس ينظرون إلى ذلك حتى غاب عنهم قال وكم شوهد مناماً ويقظة في كثير من المحاضر والمجالس قال: ولما فتح السلطان رودس شوهد الشيخ الوالد راكباً على فرس شهباء أو بيضاء، وقبل فتحها بنحو ساعة شهد قوم الشيخ قد تقدم، وفتح باب المدينة فمشى ذلك الرجل المشاهد له، وأخبر بعض الوزراء، والخواص فابتدورا باب المدينة، فإذا به مفتوح، فدخلوا فلما جاءوا بعض الكنائس، وجدوا الشيخ ومعه

طائفة يصلون، ويهللون، ويكبرون، ويرفعون أصواتهم بكلمة الإسلام، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءه ذلك الرجل، وابتدر الشيخ بالسلام، فنظر الشيخ إليه مغضباً، وخفي عن بصره، فأخبر بعض الوزراء وحوله جماعة، فصدقه بعض الحاضرين وقال: أنا رأيت ذلك الرجل يعني على ذلك الوصف، فتعجب الوزير من ذلك، وزاد اعتقاده فيه، ثم لما رجع الرجل اجتمع بالشيخ بحماة، وبكى فقال لا تفش شيئاً مما رأيت تهلك فكأنه كلم بعض الناس خفية فأرسل خلفه، وزجره وقال له مالك وللوصول إلى ساحة هذا الكلام، أما علمت أن من حسن إسلام المرء تركة ما لا يعنيه قال:. ولقد أخبرني لصوص بعد توبتهم بأنهم جاءوا إلى زاوية الشيخ بقصد أذيته فوجدوه قائماً يصلي، والمحل ممتلىء عليه نوراً، وكانت الليلة مظلمة، ولم يكن ثم سراج، ولا قنديل قال: ومما حكي لي بعض من لا أستريب في صدقه أنه تغلب عليه بعض أعوان الظلمة، وأخذه من بلدته قهراً وسجن، وقيد ووضع الحديد في عنقه، وبقية أعضائه بالسلاسل، والأغلال فاستغاث ليلاً بسيدي الشيخ والوالد، فتساقطت عنه الأغلال والقيود، فقام واقفاً وإذا بباب مفتوح له وإذا بالسجانين رقود على باب السجن، ولم يزل في أمن منهم ومن غيرهم حتى وصل إلى بلدته سالماً قال: ولقد قال لبعض أصحابه سنة من السنين في رمضان إذا كنت غداً في مجلس الكلام، والوعظ يمر على باب المسجد ثلاثة من اليهود، فأما اثنان منهم، فينصرفان والواحد يقف على باب المسجد، ويسمع، ثم لا ينفصل المجلس إلا وقد دخل في الإسلام فإني خيرت بين أن يموت رجل في مجلسي وبين أن يسلم يهودي، فسألت الله تعالى إسلام اليهودي وحياة المسلم، فوجدت في قلبي ثبوت ذلك فلما أصبح الشيخ وجلس في جامعه على كرسيه، وأخذ في الكلام كان الأمر كما قال: ولما توجه سيدي الوالد إلى زيارة سيدي علي بن ميمون وهو ببروسا، فلما وصل إليه الشيخ فوض إليه أمر تربية الفقراء، فوقف الشيخ علي بن ميمون على باب المجلس، وكلما مر به ملأ من فقرائه من أولي العلم، والفضل والموالي وغيرهم يقول لهم: ادخلوا اسمعوا كلام الطريق، من أخلاق وعرفان وتحقيق، نعم هكذا وهكذا وهو واقف يسمع كلام الشيخ علوان ويضرب على ركبتيه فرحاً وسروراً وقال: بعض أهل الصلاح أشهد علي سيدي علي بن ميمون لست بشيخ وإنما أنا كرجل علم بكنز في بلدة فأراد أن يعم الإنتفاع به كل أحد فجاءنا فاستخرج ما فيه، ثم دل الناس عليه ومضى في حال سبيله فالكنز المعمى علوان، وقد أتى ابن ميمون فاستخرج ما فيه من العلوم والمعارف، ودل الناس على الإنتفاع به، والأخذ عنه قال: وأخبرني مرة أخرى عن ابن ميمون أنه قال في حق سيدي علوان: استمسكوا بهنا الرجل فوالله ليغرى له ملوك الأرض اعتقاداً وانتقادا وكأني أراهم على بابه زيارة وحياء واعتقاداً وتبركاً وليملأن الله تعالى ذكره في البلاد شرقاً وغرباً، وليسكنن الله القلوب حبه، وكان كما قال: انتهى ما نقله عن تحفة الحبيب لولده سيدي محمد رضي الله تعالى عنهما، وقد انتفع بالشيخ علوان جماعة حتى صار كل واحد منهم قدوة منهم ولداه سيدي محمد أبو الفتح، وسيدي محمد أبو الوفاء، ومنهم الشيخ العارف سيدي الشيخ عمر الحموي الاسكاف العقيبي نزيل دمشق، وكانت وفاة الشيخ علوان بحماة في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وتسعمائة قال ولده: سيدي محمد في تحفة الحبيب وقد أخبرني بموته قبل حلول مرضه، وعرف بأمور تصدر في بلدته وغيرها بعد موته من أصحابه وغيرهم، فجاءت مواعيده التي أشار بها كفلق الصبح قال: وفي يوم موته طلب أن يتيمم، ثم دخل في الصلاة فبينما هو عند قوله إياك نعبد وإياك نستعين إذ خرجت روحه أو وصلت إلى الغرغرة، وذكر ابن طولون أن خبر وفاة الشيخ علوان وصل إلى دمشق في يوم الثلاثاء حادي عشري جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وتسعمائة وأنه مات وقد قارب الثمانين قال وصلي عليه بعد يومين غائبة بعد صلاة الجمعة بالجامع الأموي، وعرض خطيبه الجلال البصروي لذكره في الخطبة فانتحب الناس بالبكاء عليه، وكان قد توفي يوم الخميس سادس هذا الشهر، ودفن بالمكان الذي كان يعظ به قال: وسافر عقيب هذه الخطبة الشيخ عمر الإسكاف تلميذه إلى تعزية ولديه ومعه الفقراء، وعاد بسرعة فإنه لم يلبث في حماة سوى ليلة وأسرى صبيحتها انتهى. ض أصحابه سنة من السنين في رمضان إذا كنت غداً في مجلس الكلام، والوعظ يمر على باب المسجد ثلاثة من اليهود، فأما اثنان منهم، فينصرفان والواحد يقف على باب المسجد، ويسمع، ثم لا ينفصل المجلس إلا وقد دخل في الإسلام فإني خيرت بين أن يموت رجل في مجلسي وبين أن يسلم يهودي، فسألت الله تعالى إسلام اليهودي وحياة المسلم، فوجدت في قلبي ثبوت ذلك فلما أصبح الشيخ وجلس في جامعه على كرسيه، وأخذ في الكلام كان الأمر كما قال: ولما توجه سيدي الوالد إلى زيارة سيدي علي بن ميمون وهو ببروسا، فلما وصل إليه الشيخ فوض إليه أمر تربية الفقراء، فوقف الشيخ علي بن ميمون على باب المجلس، وكلما مر به ملأ من فقرائه من أولي العلم، والفضل والموالي وغيرهم يقول لهم: ادخلوا اسمعوا كلام الطريق، من أخلاق وعرفان وتحقيق، نعم هكذا وهكذا وهو واقف يسمع كلام الشيخ علوان ويضرب على ركبتيه فرحاً وسروراً وقال: بعض أهل الصلاح أشهد علي سيدي علي بن ميمون لست بشيخ وإنما أنا كرجل علم بكنز في بلدة فأراد أن يعم الإنتفاع به كل أحد فجاءنا فاستخرج ما فيه، ثم دل الناس عليه ومضى في حال سبيله فالكنز المعمى علوان، وقد أتى ابن ميمون فاستخرج ما فيه من العلوم والمعارف، ودل الناس على الإنتفاع به، والأخذ عنه قال: وأخبرني مرة أخرى عن ابن ميمون أنه قال في حق سيدي علوان: استمسكوا بهنا الرجل فوالله ليغرى له ملوك الأرض اعتقاداً وانتقادا وكأني أراهم على بابه زيارة وحياء واعتقاداً وتبركاً وليملأن الله تعالى ذكره في البلاد شرقاً وغرباً، وليسكنن الله القلوب حبه، وكان كما قال: انتهى ما نقله عن تحفة

علي بن الكركية

الحبيب لولده سيدي محمد رضي الله تعالى عنهما، وقد انتفع بالشيخ علوان جماعة حتى صار كل واحد منهم قدوة منهم ولداه سيدي محمد أبو الفتح، وسيدي محمد أبو الوفاء، ومنهم الشيخ العارف سيدي الشيخ عمر الحموي الاسكاف العقيبي نزيل دمشق، وكانت وفاة الشيخ علوان بحماة في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وتسعمائة قال ولده: سيدي محمد في تحفة الحبيب وقد أخبرني بموته قبل حلول مرضه، وعرف بأمور تصدر في بلدته وغيرها بعد موته من أصحابه وغيرهم، فجاءت مواعيده التي أشار بها كفلق الصبح قال: وفي يوم موته طلب أن يتيمم، ثم دخل في الصلاة فبينما هو عند قوله إياك نعبد وإياك نستعين إذ خرجت روحه أو وصلت إلى الغرغرة، وذكر ابن طولون أن خبر وفاة الشيخ علوان وصل إلى دمشق في يوم الثلاثاء حادي عشري جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وتسعمائة وأنه مات وقد قارب الثمانين قال وصلي عليه بعد يومين غائبة بعد صلاة الجمعة بالجامع الأموي، وعرض خطيبه الجلال البصروي لذكره في الخطبة فانتحب الناس بالبكاء عليه، وكان قد توفي يوم الخميس سادس هذا الشهر، ودفن بالمكان الذي كان يعظ به قال: وسافر عقيب هذه الخطبة الشيخ عمر الإسكاف تلميذه إلى تعزية ولديه ومعه الفقراء، وعاد بسرعة فإنه لم يلبث في حماة سوى ليلة وأسرى صبيحتها انتهى. وقرأت بخط الشيخ موسى الكناوي أنه اجتمع بالشيخ علوان مرتين بدمشق في ذهابه إلى الحج سنة أربع وعشرين، وفي إيابه، وطلب منه الدعاء فدعا له، وإنه مات في التاريخ المذكور عن ثلاث وستين سنة، ولعل هذا أقرب مما ذكره ابن طولون ومن اللطائف أن الشيخ علوان بعث مكتوباً إلى دمشق أخبر فيه بموت صاحبه شيخه في الحديث، ومريده في الطريق المحدث زين الدين بن الشماع أنه مات بحلب، فوصل مكتوب الشيخ علوان إلى دمشق يوم الجمعة سابع ربيع الأول سنة ست وثلاثين المذكورة، ولم تتفق الصلاة الغائبة على ابن الشماع إلا في الجمعة الثالثة للجمعة التي صلي على الشيخ علوان، وذلك في يوم الجمعة حادي عشري جمادى الأولى سنة ست وثلاثين المذكورة، وكان ذلك على وفاق ما كان يعتقده ابن الشماع من فضل الشيخ علوان، وتقدمه عليه واعتارف ابن الشماع بالشيخية. علي بن الكركية علي بن عمر بن عبد الرحمن، الشيخ الأصيل علاء الدين الشهير بابن الكركية الحلبي الشافعي، خطيب جامع الطنبغا العلائي بحلب، توفي في رجب سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة قال ابن الحنبلي: واتفق له في آخر خطبة خطبها أن قال رزق مقسوم، وأجل معلوم، وعمر بالموت محتوم.

علي نور الدين الطرابلسي

علي نور الدين الطرابلسي علي بن ياسين، الشيخ الإسلام نور الدين الطرابلسي شيخ الحنفية بمصر، وقاضي قضاتها، اشتغل على قاضي القضاة شمس الدين الغزي، والشيخ صلاح الدين، وكان عنده ديانة، وتقشف، وتفنن في العلوم، ولي قضاء القضاة في الدولة السليمية، ثم في الدولة السليمانية إلى أن جاء قاض لمصر رومي من قبل السلطان سليمان، فعزله واستمر معزولاً يفتي ويدرس إلى أن مات، وهو ملازم على النسك والعبادة قال الشعراوي: وكان لا يأكل من معلوم محكمة شيئاً مع أنه ولي مكرهاً، وكان كثير الصدقة سراً وجهراً قال: وأنكر عليه قضاة الأروام بسبب إفتائه بمذهبه الراجح عنده وكاتبوا فيه السلطان، وجرحوه بما هو بريء منه، فأرسل السلطان يأمر بقتله أو بنفيه فوصل المرسوم يوم موته بعد أن دفناه، وكانت هذه كرامة له. انتهى. وكانت وفاته سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة، ولم يصل عليه قاضي مصر يومئذ لكونه كان أفتى عليه، فعرض فيه بما ذكر آنفاً، وصلي عليه غائبة بدمشق بالأموي يوم الجمعة سادس عشري ربيع الثاني منها. علي بن يوسف الوديني علي بن يوسف الرومي الوديني الحنفي الصوفي الخلواتي، والمعروف بكاتب أوقاف الحرمين الشريفين بحلب، ولد بودين بكسر الواو والدال المهملة من بلاد روم إيلي سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، وكان يعرف بها بابن مراد لكون من طائفة يعرفون بها ببني مراد، وفيها تسلك ولبس الخرقة، ودخل الخلوة على يدي والده وصار له ذوق بكلام القوم، وسلسلة في الطريق ينتهي إلى خوجه علي بن خوجه عمر روشني، دخل بلاد الشام ومصر حج وزار بيت المقدس، وتولى البيمارستان النوري بدمشق، ثم نظر حلب وتولى كتابة أوقاف الحرمين بها من سنة تسع - بتقديم التاء - وعشرين وتسعمائة وبقي فيها مدة حتى كانت سنة إحدى وستين، حين كان السلطان بحلب عزم على تركها، فأبرم عليه بعض أركان الدولة أن لا يتركها لرضى أهل الحرمين الشريفين به، فبقيت في يده إلى أن مات في ربيع الأول سنة خمس وستين وتسعمائة. علي بن شتي علي الشيخ الصالح علاء الدين العسقلاني الأصل، الخليلي المعروف بابن شتي بضم أوله وفي آخره ياء مشددة تحتانية، ذكر ابن طولون في تاريخه عن الشمس ابن القويض الطبيب أنه أخبره حين قدم دمشق مع قاضيها يوسف عاشر ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة أنه اجتمع في بلد الخليل بالشيخ علي المذكور قال ابن طولون: وكان

علي التبريزي

جده صالحاً، وكان الشيخ علي هذا قد ارتكبته ديون، فلازم ضريح سيدي إسحاق الغيور، ففي بعض الأيام قيل شاهد سيدي إسحاق وأنا شاهد نوراً طلع من عنده فادعى رؤيته يقظة، فأنكر عليه ذلك فصار كل من أنكر ذلك عليه يقع إلى الأرض مصروعاً، فامتنع الناس من الإنكار عليه وتلمذ له جماعة، وصار حالهم كحاله قال ابن طولون: وقد كان صنف العلامة الجلال السيوطي شيخنا في معنى ذلك كتابه المسمى بنور الحلك في جواز رؤية النبي والملك انتهى. قلت وقفت على هذا الكتاب، ولخصته في شرح ألفية جدي المسماة بالجوهر الفريد، في آداب الصوفي والمريد، والظاهر أن وفاة الشيخ علي المذكور تأخرت عن هذا العام أعني عام ثلاثة وثلاثين وتسعمائة فهو من هذه الطبقة رحمه الله تعالى. علي التبريزي علي المنلا علي العجمي التبريزي، ثم الصالحي الحنفي نزيل صالحية دمشق، كان شيخ التكية السليمية، وكان له خط حسن على طريقة العجم، وله سكون وصيانة توفي ليلة الجمعة تاسع عشر صفر سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة. علي المقدسي علي الشيخ العالم الورع علاء الدين المقدسي الشافعي، نزيل دمشق قال والد شيخنا: كان رفيقنا على الشيخ أبي الفضل بن أبي اللطف، ثم من بعده رافقنا على الشيخ الإمام تقي الدين البلاطنسي، إلى أن مات، وكان كتاب الإرشاد يفهمه فهماً جيداً، واشتغل في المنهاج قال: وكان يتعاطى البيع والشراء برأس مال يسير بورك له فيه، مع التعفف عن الوظائف على طريقة السلف، توفي نهار الخميس ثاني شهر ذي القعدة الحرام سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة ودفن بمقبرة باب الصغير. علي بن مكي علي الشيخ الزاهد العابد البقاعي، ثم الدمشقي الصالحي الشافعي المعروف بابن مكي، أصله من بيت روحا من أعمال البقاع، وسكن الصالحية، ولم يتزوج قط، وكان حائكاً، ثم ترك ذلك وانقطع للعبادة، وكان ملازماً لتلاوة القرآن وصيام يوه الاثنين والخميس من كل أسبوع، والأيام البيض والسود من كل شهر، والأشهر الثلاثة من كل عام، رجب وشعبان ورمضان، وكان للناس فيه اعتقاد توفي بالصالحية يوم الخميس حادي عشر صفر سنة أربعين وتسعمائة قال ابن طولون: وصليت عليه، ودفن في أعلى الروضة من جهة الشرق، أعني تربة ابن عبادة. علي بن عين الملك الصالحي علي الشيخ نور الدين بن عين الملك

علي البحيري

الصالحي الصوفي قال ابن طولون: كان رجلاً صالحاً محباً لطلبة العلم، ملازماً لعمل الوقت بزاوية جده عين الملك بسفح قاسيون، توفي يوم الجمعة سادس شهر شعبان سنة أربعين وتسعمائة بغتة، ودفن بحوش الزاوية. علي البحيري علي الشيخ الإمام العلامة نور الدين البحيري، الشافعي أحد علماء القاهرة بلغني أن المولى ابن كمال باشا كان بمصر يباحثه، وشهد له بالفضل العام، ويقول: لا تقولوا البحيري، فتصغروه، ولكنه البحري يشير إلى تبحره في العلم. توفي في سنة إحدى وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة خامس عشر رمضان منها، وترجمه ابن طولون بأنه آخر شيوخ المصريين. علي الشوني المحيوي علي الشيخ الصالح، المجمع على جلالته وصلاحه نور الدين الشوني الشافعي أول من عمل طريقة المحيا في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بمصر، وهو شيخ هذه الطريقة في مصر ونواحيها، ومكة والقدس، ودمشق وسائر البلاد ولد في قرية بالغربية، يقال: لها شون بناحية طندتا بلد سيدي أحمد البدوي، ونشأ في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صغير ببلده، وكان إذا سرح بالبهائم يعطي غداءه للصغار، ويقول: تعالوا صلوا معي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انتقل إلى مقام سيدي أحمد البدوي، فأقام فيه مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة ويومها، فكان يجلس في جماعة من العشاء إلى الصبح، ثم من صلاة الفجر حتى يخرج لصلاة الجمعة، ثم من صلاة الجمعة إلى صلاة العصر، ومن صلاة العصر إلى المغرب فأقام على ذلك عشرين سنة، ثم خرج - رضي الله تعالى عنه - يودع شخصاً من أصحابه في المركب أيام النيل كان مسافراً إلى مصر، ففات المركب بهم وما رضي الريس يرجع بالشيخ، فدخل الشيخ مصر فأقام بالتربة البرقوقية بالصحراء، وكان يتردد إلى الأزهر للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فاجتمع عليه خلق كثير، واعتقله مماليك السلطان قايتباي، فانحصر منه المجاورون بالأزهر، وسعوا في إبطال المجلس واستفتوا في ذلك البرهان بن أبي شريف، فمزق رقعة الفتيا، وانتقدوا عليه كثرة الشموع والقناديل التي توقد في المجلس، وقالوا: هذا فعل المجوس، وأفتى البرهان المذكور بأنه ما دام النور يزيد بزيادة الشموع والقناديل فهو جائز، ولا يحرم إلا إذا وصل إلى حد لا يزداد الضوء به، وممن انتصر له الشيخ شهاب الدين القسطلاني، وصنف كتاباً في الرد على من أنكر على مجلس الشوني، وحث

على حضور المجلس، وصار يحضره ولما كتب شرحه على البخاري كان يأتي قربه، فيضعه وسط الحلقة إلى الصباح رجاء القبول، وكان إنشاؤه لمجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الأزهر سنة سبع - بتقديم السين - وتسعين بتأخيرها وثمانمائة، ولم يتزوج - رحمه الله تعالى - حتى مضى من عمره تسعون سنة اشتغالاً بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعبادة. قال الشعراوي: إن ورده في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف مرة ليلاً، وعشرة آلاف نهاراً، وكان حسن المعاشرة، جبلي الخلق، كريم النفس، كثير التبسم، لا يكاد قط يسمع منه كلمة فيها رائحة دعوى لمعرفة شيء من الطريق، وكان من الصفاء لا يظن أن أحداً يكذب أبداً، وكان مجبولاً على الأخلاق المحمدية، وإذا نزل بالمسلمين هم لا يقر له قرار، ولا يضحك حتى ينجلي عنهم، وكان الناس يصفونه بكثرة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا ذكر شيء من ذلك في حضرته يسكت، وكان لا يذكر نفسه في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم، بل إذا ذكروا قصة يقول: رأى بعضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له: كذا كذا، وكان الناس يرونه بعرفات، وفي المطاف، ومشاهد الحج، فإذا رجعوا إلى مصر أخبروا بذلك عنه. فيقول: شبهوني حتى حلف شخص بالطلاق أنه رآه في عرفات. فقال الشيخ: أنا ما فارقت مصر. قلت: ولا شك ولا ريب أن هذا الرجل من مشاهير الأولياء والصالحين، ومجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الذي ابتكره من المجالس التي تلقاها العلماء الأعلام بالقبول في أقطار الأرض، وأقاليم البلاد، وهو المجلس المعروف الآن بدمشق، وما والاها بالمحيا لأنه إنما يعمل في الغالب ليلاً، فلما كان يجيء به الليل يسمى بالمحيا، وأصل إنشائه من الشوني - رحمه الله تعالى - ثم خلفه الشيخ شهاب الدين البلقيني، والشيخ عبد الوهاب الشعراوي بالقاهرة، وكان البلقيني خليفة الشيخ الذي جلس مكانه في الأزهر، وكان الشعرواي في جامع الغمري، وذكر الشعراوي عن نفسه أنه لازم الشيخ نور الدين في السهر معه في الجامع الأزهر نحو خمس سنين. قال: ثم قال لي: أولاً تجمع لك جماعة في جامع الغمري، وتسهر بهم، فلعل يحصل هناك أحد يوافقك. فقلت: نعم، وذلك في سنة تسع عشرة - بتقديم التاء - وتسعمائة. قال: ففعلت ذلك بإشارته. قال: فاجتمع عندنا في ثاني جمعة خلائق كثيرة، وأوقدوا شموعاً وقناديل، ففرح الشيخ بذلك، فانشرح صدره لقراءة " إنا أعطيناك الكوثر " سورة الكوثر: الآية الليلة الجمعة ألف مرة قبل قراءة قل هو الله أحد قال فرأى جماعة كثيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرت بذلك الشيخ، فقال: إن شاء الله نفعلها في مجلس جامع الأزهر. قال الشعراوي: ثم إن جماعتنا كرروا عند ختام القراءة. قوله تعالى: " واعف عنا واغفر لنا وارحمنا " سورة: البقرة الآية 286 ساعة طويلة فحصل لهم بذلك بسط عظيم قال: فأخبرت بها الشيخ، ففعلها في مجلسه وتوارثها عنه جماعة. قال: وهذا كان أصل قراءة إنا أعطيناك الكوثر، وتكرار هذه الآية قال: ثم إننا سهرنا العشر الأخير من رمضان متوالياً، وكان صلى الله عليه وسلم فأخبرت بذلك الشيخ، فقال: إن شاء الله نفعلها في مجلس جامع الأزهر. قال الشعراوي: ثم إن جماعتنا كرروا عند ختام القراءة. قوله تعالى: " واعف عنا واغفر لنا وارحمنا " سورة: البقرة الآية 286 ساعة طويلة فحصل لهم بذلك بسط عظيم قال: فأخبرت بها الشيخ، ففعلها في مجلسه وتوارثها عنه جماعة. قال: وهذا كان أصل قراءة إنا أعطيناك الكوثر، وتكرار هذه الآية قال: ثم إننا سهرنا العشر الأخير من رمضان متوالياً، وكان

الشيخ لا يسهر إلا ليالي الوتر فقط، فقلت له في ذلك فانشرح صدره لسهر العشر كله، وقال: إن ليلة القدر واحدة لا تتعدد وربما يكون مطلع الهلال مختلفاً، وربما جاءت في الإشفاع بالنظر لمطلع بلادنا، فهذا كان سبب سهر العشر كاملاً في الأزهر. انتهى كلام الشعراوي. قلت: ثم إن الشيخ عبد القادر بن سوار العاتكي - رحمه الله تعالى - كان يتردد إلى مصر في التجارة والطلب، فحضر مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالأزهر، والشيخ شهاب الدين البلقيني شيخ المجلس يومئذ بعد الشيخ نور الدين الشوني، فوقع في قلبه محبة المجلس، وأعجبته هذه الطريقة، فلازم الشيخ، ثم رجع إلى دمشق، فكان ربما عمل هذه الطريقة في جامع البزوري بمحلة قبر عاتكة خارج دمشق نهاراً، ويقعد هو وجماعة قليلة بعد العصر، وكان الأخ الشيخ الإمام شهاب الدين الغزي كثيراً ما يتحرى الخير ويقصده، وكان يطوف في أرجاء دمشق وضواحيها يتحرى المساجد المهجورة والمعمورة للصلاة فيها والذكر، فدخل يوماً جامع البزوري، فوجد الشيخ عبد القادر المشار إليه في جماعة يعملون هذه الطريقة، وكان يعرفها حين دخل القاهرة مع والده في سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة، فقعد معهم، وساعدهم، ثم دعا لهم، وأثنى عليهم، ثم تردد إليهم مراراً، ثم أشار على الشيخ عبد القادر أن يعمل المجلس ليلة الجمعة على طريقة الشوني والبلقيني، ففعل، ثم أشار عليه أن يعمله في الجامع الأموي بعد أن استأذن شيخ الإسلام الوالد في ذلك، فأذن له فيه، واستحسنه، كان إذا ما عمل مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبرني الشيخ عبد القادر من لفظه مراراً في سنة إحدى وسبعين وتسعمائة، وسمي إذ ذاك بالمحيا، واستقر الأمر آخراً على عمل المحيا ليلتين في الجمعة ليلة الجمعة في البزوري، وليلة الاثنين بالأموي إلى الآن، وحضر المجلس المشار إليه شيخ الإسلام الوالد مراراً، وقال للشيخ عبد القادر: لو زدتم في المحيا قراءة الإنشراح لتعلقها بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم كتعلق سورة الكوثر به. قال لي الشيخ عبد القادر فقلت لمولانا الشيخ: يا سيدي نفعل إذا امددتمونا قال: فقال لي الشيخ: افعلوا ذلك يا شيخ عبد القادر. قال: فقلت له: يا سيدى كم نقرأها مرة. قال فسكت الشيخ ساعة ثم قال: إحدى عشرة مرة عدد ضمائر الخطاب التي اشتملت عليها السورة فكان هذا أصل قراءة الإنشراح في المجلس، وكان شيخ الإسلام أخي الشهاب الغزي - رحمه الله تعالى - يلازم المحيا ليلاً، ويقرر كتاب الإحياء نهاراً كلاهما. فقال - رحمه الله تعالى - في ذلك: أمانة نفسي في مطالعة الأحيا ... واحياء روحي في مشاهدة المحيا فيا رب هذا دأب عبدك دائماً ... وذلك قدماً دام في هذه الدنيا توفي بهذا الإلتزام، حتى ألحقه بدار السلام، وكانت وفاة الشيخ نور الدين الشوني

علي التميمي

رحمه الله تعالى في سنة أربع وأربعين وتسعمائة، ودفن بزاوية الشيخ عبد الوهاب الشعراوي بخط بين السورين، قال الشعراوي: ولم يكن على بال الشيخ عندنا إلا في مرض موته، فكنت كلما أزوره يقول الفسقية التي فيها أولادك تسمع أحدا فأقول له: نعم. قال: فلما حضرته الوفاة طلب أكابر الدولة أن يدفنوه عندهم. فقال: إذا مت، فادفنوني عند عبد الوهاب. قال: ولما مرض مرض الموت مكث سبعة وخمسين يوماً على جنب واحد لم يلتفت حتى ذاب لحم ظهره، صار النمل يدخل جسده ويخرج، ولم يتأوه قط، فلما مات ما ضممنا لحم ظهره إلا بالقطن وورق الموز قال: ولما دفن رأيته في المنام، وهو يقول لي: قد جعلوني بواباً للبرزخ، فلا يدخل عمل أحد إلى البرزخ إلا وأعرفه، وما دخل على البرزخ عمل أحد ولا أنور إلا من أصحابنا لأنه تلاوة قران، وذكر وصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ورأيت قبره اتسع مد البصر، وهو مغطى بلحاف حرير أخضر مساحته نحو فدان من الأرض، ثم أني رأيته بعد سنتين وشيء وهو يقول لي: غطني بملاءتك، فإني عريان، فما عرفت ما المراد بذلك فمات ولدي محمد تلك الليلة، فنزلنا به، فدفنته عنده، فوجدنا الشيخ عرياناً على الرمل الأبيض ليس عليه من كفنه شيء، ووجدناه طرياً وظهره يخر دماً مثل ما دفناه سواء لم يتغير لحمه، فغطيته بملاءتي كما قال، وقلت: هذه وديعة عندك. قال: ثم إني أرسلت وراء البناء، فبنيت عليه حائطاً، وجعلت فيه طاقة عالية لا يستطيع أحد أن يدخل عليه ميتاً بعد ذلك قياماً بحرمته، فليس معه أحد مدفوناً سوى ولدي محمد الأول، وأخوه عبد الرحمن، فإنهما دفنا قبله بسنتين، ومكانهما تحت المسطبة التي في الدركات، والشيخ تحت الشباك لا تحت التابوت انتهى كلام الشيخ عبد الوهاب الشعراوي رحمهما الله تعالى. علي التميمي علي الشيخ العلامة، عالم بلاد الخليل علاء الدين التميمتي الشافعي أخو القاضي محمود التميمي نزيل دمشق. توفي ببلد الخليل في سنة خمس وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بدمشق يوم الجمعة سادس عشر جمادى الآخرة منها. علي الذويب علي، الشيخ الصالح المكاشف، المعروف بالذويب. أقام بمصر نحو عشرين، سنة، ثم نزل إلى الريف، وظهرت له كرامات وخوارق. أخذ عنه الشيخ

علي النجار

محمد العدل الطناخي وغيره، وكان ملامتياً يلبس تارة لباس الحمالين، وتارة لباس التراسين، ولما مات وجدوا في داره نحو ثمانين ألف دينار مع أنه كان متجرداً من الدنيا، فوضعها نائب مصر في بيت المال. قال الشعراوي: اجتمعت مرة واحدة عقيب منام رأيته، وذلك أني سمعت قائلاً يقول لي في المنام: الشيخ علي الذويب قطب الشرقية هو، ولم أكن أسمع به أبداً، فسألت الناس عنه فقالوا لي: هذا رجل من أولياء الله تعالى له وجود. قال: وكان يمشي كثيراً على الماء، فإذا أبصره أحد اختفى، وكان يرى كل سنة بعرفة، ويختفي من الناس إذا عرفوه، ومات سنة سبع وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. علي النجار علي النجار الشيخ المعمر، المقيم بباب الخلق من القاهرة قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: صحبته ساعة واحدة في سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة، وذلك أني كنت ماراً في الخليج الحاكمي أيام الصيف، فوجدته قائماً تحته قنطرة سنقر، وتحت رأسه حجر. فقلت له: السلام عليكم. فقال لي: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته. قال: فجلست عنده، فقبض على أصابع يدي، فكاد أن يلصق بعضها لبعض. فقال لي: ما تقول في هذه القوة. فقلت: شديدة. فقال: هذه من لقيمات الزمن الذي أدركناه حال الصبا من الكسب الحلال، وأما لقمة هذا الزمن فإنها تجعل الجسم مثل النخالة من حيث المكاسب ثم قال: يا ولدي عمري الآن بلغ مئة وخمساً وثلاثين سنة قد تغير حال الناس في هذه الثلاث سنين الأخيرة أكثر ما تغير في عمري كله، قد صار ولدك كأنه ما هو ولدك وأخوك كأنه ما هو أخوك، وجارك كأنه عدوك، وصار الإنسان إذا نزلت به مصيبة لا تجد أحداً من الخلق يشكون له لأن الناس قسمان لا ثالث لهما: أحدهما شامت، والآخر قلبه فارغ، وصار الموت تحفة لكل مسلم كما ورد في كلام آخر، ولم يؤرخ الشعرواي وفاته بل قال: ولم أدر الآن أهو حي أو ميت. علي البرلسي الخواص على البرلسي الخواص، أحد العارفين بالله تعالى، وأستاذ الشيخ عبد الوهاب الشعراوي الذي أكثر اعتماده في مؤلفاته على كلامه. وطريقه. كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، ومع ذلك كان يتكلم على الكتاب، والسنة، وأحوال

القوم، ومقاماتهم بكلام نفيس عال، ويتكلم على خواطر الناس ويكاشفهم، وكان يبيع الجميز وهو شاب عند الشيخ العارف بالله تعالى سيدي إبراهيم المتبولي في بركة الحاج خارج مصر، ثم أذن له الشيخ أن يفتح دكان زيات، فمكث فيها نحو أربعين سنة، ثم ترك ذلك، واشتغل بضفر الخوص إلى أن مات، وكان لا يمل من كسب أحد إلا أن علم ورعه وخوفه من الله تعالى، وكان يرد جميع ما يعطيه له القضاة والأمراء وأعوانهم، ثم قبل ذلك أواخر عمره، وكان يضعه عنده، ويفرقه على من مر بدكانه من العميان والشيوخ والعجائز الذين يسألون الناس، وكان يقول: ينبغي للفقير أن يكون كالبتاء يعرف موضع كل طوبة يضعها فيه، ورمدت عيناه رمداً شديداً، فدفع إليه شخص من معتقديه ثلاثة أنصاف وقال له: انفقها اليوم وأرح عينيك، فردها، وقال له: يا أخي أنا أضفر الخوص في هذا الحال ولا يعجبني أن آكل من كسبي، فكيف آكل من كسبك.! فقال: يا سيدي خاطري طيب بذلك. فقال: أنا خاطري ما هو طيب، وكان إذا وضع الحزمة من الخوص التي يدور عليها اليد يضفر ثلاثين قفة، فإن شعر به أحد قال له: أكتم علي الكل فعل الله تعالى، وكان له طب غريب يداوي به ذوي العاهات والأمراض المزمنة التي عجز عنها الأطباء، وكان يطوف على المساجد يوم الخميس والجمعة يكنسها وينظف أخليتها، ويحمل الكناسة إلى المزابل، وكان ينظف المقياس كل سنة صباح نزول النقطة، فيكشط سلمه من الطين، ثم ينزل يتوضأ ويصلي ركعتين، ثم يدعو ويبكي ويتضرع إلى الله تعالى في طلوع النيل يفعل ذلك كل سنة. قال الشعراوي: وكان يرسل وراءنا ذلك اليوم، ويقول: تعالوا زوروا محل نزول الرحمة لأهل مصر، ويأمرنا أن لا نخرج في الروضة ريحاً ولا نبول، ويقول: من كان له حاجة، فليفعل ذلك في ساحل مصر، ولا تطلبوا الروضة إلا على طهارة، وكان يأخذ معه ذلك النهار الأموال الجزيلة من ذهب وفضة وفلوس مخلوطة، فيفرق على كل من رآه من الفقراء حتى يرجع، وقد استوفى الشيخ عبد الوهاب أحواله في طبقاته، وأورد من كلامه في طريق الله تعالى جملة صالحة في الطبقات، وفي كتابيه المنن والأخلاق والجواهر والدرر وغيرها، وكان كلامه عالياً، وكان يذعن له ولكلامه جماعة من أجلاء علماء مصر كالشيخ ناصر الدين اللقاني، والشيخ شهاب الدين ابن السبكي، والشيخ شهاب الدين الرملي، وقاضي القضاة شهاب الدين الفتوحي، وكان يعجبه كلامه كثيراً. توفي - رحمه الله تعالى - في جمادى الآخرة سنة تسع - بتقديم التاء - وثلاثين وتسعمائة، ودفن

علي الهندي

بزاوية الشيخ بركات خارج باب الفتوح تجاه حوص الصارم بمصر - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة. علي الهندي علي الهندي، الشيخ العلامة، الزاهد أحد المجاورين بمكة المشرفة. له مصنفات منها مختصر النهاية لابن الأثير وترتيب جامع الصغير على ترتيب أبواب الفقه، وكان مقيما في حوض قريب من دار الشريف بركات سلطان مكة هو وجماعته، وكانوا نحو خمسين نفساً لهم حجر من خوص يتعبدون فيها، ولا يخرجون إلا للصلاة في الحرم، ثم يرجعون لا يخالط أحد منهم أحداً إلا لضرورة بإذن الشيخ. قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: اجتمعت به في سنة ست وأربعين بمكة المشرفة مدة إقامتي هناك، وانتفعت برؤيته وبخطه قال: فلما حججت سنة اثنتين وخمسين وجدته رجع إلى بلاد الهند. علي البحيري علي البحيري، الشيخ الإمام العالم العامل بقية السلف. أخذ عن جماعة منهم الشيخ شهاب الدين الإقيطع البرلسي، وسيدي علي النبتيني، وكان على قدم السلف في العلم والزهد والتقشف يغلب عليه الخوف، وذكر مواقف القيامة جامعاً بين الشريعة والحقيقة، وكان أكثر إقامته في الريف يدور البلاد، فيعلم الناس أحكام الدين، ويرشدهم إلى طريق التقوى، ولا تكاد تراه فارغاً من إقراء العلم، وكان يفتي في الوقائع الغريبة بالأجوبة الحسنة المقبولة، وكان يقول: والله ما نزل ببلادنا هذه قط بلاء إلا وظننت أنه بسبب ذنوبي، ولو أخرجوني من بلادهم لخف عليهم نزول البلاء، وتوفي في شوال سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، ودفن بزاوية سيدي محمد المنير خارج الخانقاه السرياقوسية. علي العياش المصري علي العياش المصري، الشيخ الصالح. الورع، المجد على العبادة ليلاً ونهاراً. كان من أجل أصحاب سيدي أبي العباس الغمري، وسيدي إبراهيم المتبولي. مكث نحو ستين سنة ما وضع جنبه على الأرض، وكان يقرأ القران، ويردده ويبكي إلى الصباح، ولا يزيد على خمسة أحزاب، وقراءة كل ليلة سورة طه من بعد صلاة العشاء، فما زال يرددها ويبكي إلى الصباح، وكان يصوم يوماً، ويفطر يوماً، وكان أمين الدين النجار إمام جامع الغمري يجله ويكرمه ويعتقده اعتقاداً زائداً، ويقول: ما رأيت أعبد منه، وكان يكاشف بأرواح الملائكة والأولياء كثيراً، وكان يرى إبليس كشفاً، فيضربه بالعصا،

علي الإثميدي

فيروغ عنه. وقال له مرة: يا علي أنا ما أخاف من العصا، وإنما أخاف من النور الذي في القلب. مرض مرضاً شديداً نحو أربعة أشهر بمصر، فلم ينقص من أوراده شيئاً، ثم حمل مريضاً إلى دمياط، وقال: أسافر إلى قبري، فمات هناك بعد وصوله في سنة ست وخمسين وتسعمائة، وقبره بها ظاهر يزار رحمه الله تعالى. علي الإثميدي علي الأثميدي، المصري، المالكي، الشيخ العالم، الصالح، المحدث. أخذ الطريق عن سيدي علي بن عنان، وكان يقرىء القرآن لمجاوري زاوية شيخه، واختصر شيئاً كثيراً من مؤلفات الشيخ جلال الدين السيوطي، ومؤلفاته حسنة، وكان يعظ الناس على الكرسي في المساجد، وكان مقبلاً على الله تعالى حتى توفي، ويده تتحرك بالسبحة، ولسانه مشغول بذكر الله تعالى كما اتفق لجماعة من أولياء الله تعالى. منهم شيخه سيدي محمد بن عنان، ونقل نحو ذلك عن الشيخ أبي القاسم الجنيد. توفي في سنة، ودفن بجوار الشيخ جلال الدين السيوطي خارج باب القرافة. علي البرلسي المحدث المصري كان نحيف البدن يكاد يحمله الإنسان الضعيف كالطفل الصغير، وكان يتردد بين مدينة قليوب ومصر لا بد له كل يوم من الدخول إلى قليوب، ورجوعه إلى مصر، وكان من أصحاب الخطوة، وكراً ما يمر عليه صاحب البغلة الناهضة، وهو نائم تحت الجيزة بقليوب، فيدخل مصر فيجده أمامه ماشياً، وكان كثيراً ما يغلقون عليه الباب، فيجدونه خارج الدار قالوا: وما رؤي قط في معدية إنما يرونه في ذلك البر، وربما رأوه في البرلس، وفي دموق، وفي طندتا، وفي مصر في ساعة واحدة، وهذه صفة الإبدال، وأما رؤيته بعرفة كل سنة. فكثير، وكان يلبس جبة، وقطعة لبادة على رأسه، ويمشي دائماً حافياً، ولا يكاد يرى في رجليه نجاسة أبداً، ومكث سنين على حالته هذه من صغره إلى كبره. توفي في ربيع الأول سنة إحدى وستين وتسعمائة، ودفن بزاويته المرتفعة داخل باب الشعرية. عمر بن محمد المرعشي عمر بن محمد بن أحمد أبي بكر، الشيخ زين

عمر بن سعد

الدين المرعشي أحد رؤوساء حلب، كان في أول أمره يتكسب بالشهادة بمكتب العدول المشهور قديماً بمكتب الصوفي بجوار جامع الزكي بحلب على فقر كان له. وقناعة، ثم انقادت إليه الدنيا. فرأس، ولم يستكثر أهل حلب رئاسته لأنه كان حفيداً للشيخ الإمام العالم المفنن شهاب الدين المرعشي المتوفى سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة الذي ترجمة السخاوي بالتقدم في الفقه وغيره وأنشد فيه: عن العلماء يسألني خليلي ... ألا قل لي فمن أهدى وأرشد؟ ومن أحمدهم قولاً وفعلاً ... فقلت: المرعشي الشيخ أحمد وكان الشيخ زين الدين يتجمل بمصاحبة شيخ الإسلام البدر بن السيوفي، وأحبه قاضي قضاة حلب زين العابدين بن الفناري، وكان يكتب على الفتاوي، وامتحن في واقعة قرا قاضي، وسيق فيمن سيق هو وأولاده إلى رودس، ثم أعيد إلى حلب باقياً على رئاسته وشهامته ومناصبه إلى أن مات، وهو يحث من حضره على الذكر، وتلاوة القرآن في سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة. عمر بن سعد عمر بن أحمد بن محمد، الشيخ زين الدين الداراني

الكلام، ثم قال الشيخ علوان للشيخ زين الدين: وأنت يا أخي قولك يعني في تخميس أبيات السهيلي: يا من إليه بذلتي أتخضع ... وبذكره أبداً لساني مولع إن كنت كذلك فبها، ونعمت أو فكن كما قلت: وكان الشيخ زين الدين ببركة الشيوخ الذين أخذ عنهم. وصحبهم، وتلقى منهم مسدداً موفقاً حتى كان يختار إنشاءات لم يرها منقولة، ثم يظهر أنها منقولة، وكان قد جعل في ورده الذي رتبه لنفسه من أدعية الكرب: الله الله ربي لا أشرك به شيئاً، ولم ير نصاً على عدد فيه، فوقع في قلبه أن يقوله سبع مرات، ففعل ذلك سنين، ثم وقف على جمع الجوامع في الحديث لشيخه السيوطي، فرآه نقل فيه عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أنه قال: إذا أصاب أحدكم هم أو حزن، فليقل سبع مرات: الله ربي لا أشرك به شيئاً، وكان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ولا يقبل هدايا أهل الدنيا، ولا يتولى شيئاً من الوظائف والمناصب، وينتفع بما يحصل له من ربح مال. كان يضارب به رجلاً من أصحابه. وله مؤلفات كثيرة منها مورد الظمآن في شعب الإيمان ومختصره تنبيه الوسنان، إلى شعب الإيمان، ومختصر شرح الروض سماه مغنى الراغب، في روض الطالب، وكتاب بلغة المقتنع، في آداب المستمع، والدر الملتقط من الرياض النضرة، في فضائل العشرة، والعذب الزلال، في فضائل الآل واللآلىء اللامعة، في ترجمة الأئمة الأربعة، والمنتخب من النظم الفائق، في الزهد والرقائق، وعرف الند، في منتخب مؤلفات ابن فهد، والفوائد الزاهرة، في السلالة الطاهرة، والمنتخب المرضي، من مسند الشافعي، ولقط المرجان، من مسند النعمان واتحاف العابد الناسك، بالمنتقى من موطأ مالك،

عمر بن أحمد الشهير بخليفة

والدر المنضد، من مسند أحمد، واليواقيت المكللة، في الأحاديث المسلسلة، والقبس الحاوي، لغرر ضوء السخاوي، والمواهب الملكية، وتحفة الأمجاد والتذكرة المسماة سفينة نوح والسيرة الموسومة بالجواهر والدرر، وكتاب محرك همم القاصرين، لذكر الأئمة المجتهدي المتعبدين، والنبذة الزاكية، فيما يتعلق بذكر أنطاكية، وعيون الأخبار، فيما وقع له في الإقامة والأسفار، ومن شعره ما قرأت بخطه في إجازته لشيخ الإسلام شهاب الدين أحمد بن أحمد بن بدر الطيبي حين قدم عليهم دمشق في معنى الحديث المسلسل بالأولية: كن راحما لجميع الخلق منبسطاً ... لهم وعالمهم بالبشر والبشر من يرحم الناس يرحمه الإله كذا ... جاء الحديث به عن سيد البشر توفي في حلب في أواسط صفر سنة ست وثلاثين وتسعمائة، ودفن تحت جبل الجوشن عند الجادة التي يرد عليها من يرد بأنطالية، وتأسف لفقده أهل حلب وغيرهم حتى صاحبه الشيخ علوان، فإن وفاته تأخرت عن وفاته كما سبق في ترجمة الشيخ علوان، ولما بلغته وفاته. قال: انتهت إليه رئاسة الحديث النبوي، ومعرفة طرقه، وكان محافظاً على السنة، واقتفاء أثر السلف الصالح. نقله ابن الحنبلي عن شيخه جار الله ابن فهد عمن أخبر عن الشيخ، وتقدم في ترجمة الشيخ علوان اتفاق غريب في الصلاة عليهما غائبة بدمشق، وذكر ابن طولون في تاريخه أنه وصل إليه الكتاب من حلب أن الشيخ زين الدين ابن الشماع رحمه الله تعالى توفي في صبح يوم الجمعة قبيل آذانه ثاني عشر صفر الخير من سنة لست وثلاثين وتسعمائة. قال: ودفن بالسبيل خارج باب أنطاكية، وبعده بسبعة عشر يوماً توفيت زوجته، ولم يعقبا. عمر بن أحمد الشهير بخليفة عمر بن أحمد بن محمد، الشيخ زين الدين الحلبي، الصوفي، الشهير بخليفة بن الزكي، ويابن خليفة شيخ طائفة السعدية بحلب. قال ابن الحنبلي: كان حسن الخط، كثير الكتابة بالأجرة، له شعر يلحن فيه، عمر زاوية بالقرمن حمام القواس خارج باب النصر بحلب، ووضع فيها أعلام الصوفية، ومن شعره: تكلم بالشهباء من كان أبكما ... لمال وجاه لا لعلم ولا أدب ومن أعجب العجاب أن غريبها ... يقدم على أبنائها من ذوي الحسب قلت: لو قال: ومن أعجب الأشياء أن غريبها ... يبدي على أبنائها من ذوي الحسب لأجاد ومن شعره لما قدم سيدي محمد ابن الشيخ علوان إلى حلب يمدحه:

عمر بن سامة العرضي

بشمس حماة نورت حلب الشهبا ... وقد ظفرت بالوصل منه ذوي القربى فاقتبسوا يا عاشقين ضياءه ... واغتنموا من صرف كاساته شربا قلت: لو قال: ألا اقتبسوا يا عاشقين ضياءه ... لتغتنموا من صرف كاساته شربا لأصاب، وخلص من قطع همزة الوصل. توفي سنة ست وأربعين وتسعمائة. عمر بن سامة العرضي عمر بن سامة بن فضل الله، الشيخ العلامة زين الدين العرضي الأصل، الحلبي، الشافعي، الصوفي، العلواني أحد خلفاء سيدي الشيخ علوان، والآخذين عن الزين بن الشماع المتقدم ذكره. قال ابن الحنبلي: كان شيخاً معمراً، مفيداً لبعض المتفقهين، له في الطريق بعض أتباع، ووصفه شيخ الإسلام الوالد في الرحلة، فقال: الشيخ الصالح، النير الدين، الخير، القدوة، العلامة الشيخ زين الدين عمر بن سامة. حضر إلي، وسلم علي، ودعا والتمس الخاطر والدعا، وحصل بيننا وبينه صحبة ومودة وأخوة ومحبة. انتهى. توفي سنة سبع وخمسين وتسعمائة. عمر بن معروف عمر بن معروف، الشيخ الفاضل العلامة زين الدين، المعروف بأبيه. معروف الجبرتي، ثم الدمشقي الشافعي إمام الصابونية خارج باب الجابية بدمشق. كان من نوادر الزمان في الحفظ، فإنه كان يقرأ القرآن من آخره إلى أوله كلما ختم آية افتتح الآية التي قبلها. قال ابن طولون: تردد إلي مرات، وفي كل مرة نستفيد منه في علم التفسير غرائب، وقال شيخ الإسلام: والدي. كان رجلاً صالحاً فاضلاً قال: وقلت فيه: كالكرخي معروف ... من قال: كمال معروف شيخ الورى ابن معروف ... جوزي بكل معروف توفي في أواخر شعبان سنة ست وأربعين وتسعمائة. رحمه الله تعالى. عمر بن نصر الله الصالحي عمر بن نصر الله، الشيخ العالم، الزاهد، العارف بالله تعالى زين الدين بن نصر الله الصالحي، الدمشقي، الحنفي قال والد شيخنا: كان من

عمر الحموي

أهل العلم والصلاح، طارحاً للتكلف، يلبس العبادة، قانعاً باليسير، يرجع إليه في مذهبه، وكان الشيخ زين الدين بن سلطان يستعين به في تأليف ألفه في فقه الحنفية. توفي في سادس شهر رجب سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، ودفن بسفح قاسيون بالصالحية. مات مقهوراً لما رآه من ظهور المنكرات، وحدوث المحرمات، وضرب اليسق على الأحكام. عمر الحموي عمر الحموي، الشيخ الصالح الحائك أحد مجاذيب دمشق. كان من جماعة الشيخ علي بن مكنا الحائك. قال ابن طولون: كان يقبل من الناس الصدقات، ولكن كان يؤثر بها، وربما حصل منه كشف، وكان يقول: قال لي القديم: كذا، ويرفع يديه إلى السماء، ويكاشف، وكان وفاته يوم السبت سادس ذي القعدة الحرام سنة ثلاثين وتسعمائة، وصلي عليه بالجامع المظفري بسفح قاسيون، ودفن بتربة العجمي التي كان مقيماً بها حال حياته، وحضر جنازته جماعة من الصلحاء منهم الشيخ عمر العقيبي الإسكاف. عمر الصعيدي عمر الصعيدي، الشيخ العلامة زين الدين الصعيدي، الحنفي إمام الصخرة المعظمة بالقدس الشريف. قال ابن طولون: كان من أهل العلم والعمل، وقرأ بمصر على جماعة منهم البرهان الطرابلسي. مات سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثالث عشر جمادى الآخرة منها. عمر الشروقي عمر الشروقي بفتح المعجمة، وضم الراء، وبالقاف قبل ياء النسبة - قرية من عمل البلقاء قرب بلد تسمى جيدوان أصل أهله منها، لكنه ولد ببلاد عجلون العبد الصالح الولي. كان مجذوباً لكن كان الغالب عليه الصحو، وكان يطوف في البلاد، فينتفع به من قسم له الانتفاع به من العباد، وكان يصافح الناس، فيحدث لمن يصافحه معهم حاله يصرخ منها، ويصيح ويمضي معه حيث طاف في البلاد. ذكر ذلك عنه الشيخ موسى الكناوي، وذكر أنه اجتمع به في بلدة اسمها هام من بلاد إربد. قال: ولازمته وترددت معه في البلاد، ورأيت له أحوالاً، ومكاشفات كثيرة، وكان مجذوباً صاحياً صافياً لا يكترث بالدنيا. قال: وأخذ هو عن شيخه سيدي أحمد العادة العجلوني، وهو عن سيدي محمد الديموني، وكان شيخه سيدي أحمد العادة هذا من الأولياء المتصرفين بالولاية. قرأ نصف القران، فمنعه شيخه من الزيادة، وقال: هذا الذي قسم لك. قال الشيخ موسى: وسمعت أهل ناحية يقولون: حج أحمد العادة فضل منه الجمل في عرفة ليلاً، فسمع صوت شيخه الديموني يا أحمد الجمل تجاهك، فمشى خطوات فرآه وأتى به، وكان الديموني ببلدته ديمون قال:

عمر التنائي

وكف أحمد العادة في آخر عمره، ومات قبل التسعمائة، وأما تلميذه الشيخ عمر الشروقي صاحب الترجمة فمات بقرية سوم من أعمال إربد في سنة أربعين وتسعمائة أو قبلها بسنة رحمهم الله تعالى. عمر التنائي عمر الشيخ العلامة زين الدين التنائي المالكي المصري، توفي في سنة سبع وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بدمشق بالجامع الأموي يوم الجمعة حادي عشر ربيع الثاني منها. عمر العبادي عمر الشيخ الإمام العلامة سراج الدين العبادي، الشافعي المصري المقيم بالبرقوقية من الصحراء، خارج باب القاهرة، كان على قدم عظيم في العبادة والزهد والورع والعلم وضبط النفس، وكان يقول مذهب الشافعي نصب عينه، وشرح قواعد الزركشي في مجلدين أخذ عن سميه وبلديه الشيخ سراج الدين العبادي الكبير، وعن العلامة شمس الدين الجوجري، وشيخ الإسلام يحيى المناوي، وغيرهم وأجازوه، وكان مجاب الدعوة، ولما حج وزار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتحت له الحجرة الشريفة والناس نيام من غير فاتح، فدخلها وزار، ثم خرج وعادت الأقفال كما كانت، ومات في نيف وأربعين وتسعمائة. عمر العقيبي عمر الشيخ العارف بالله تعالى، المربي المسلك زين الدين الحموي الأصل، ثم العقيبي الدمشقي الشافعي المعروف بالإسكاف، كان في بداءته إسكافاً يصنع النعال الحمر، ثم صحب الشيخ علوان الحموي، وبقي على حرفته غير أنه كان ملازماً للذكر أو الصمت، وكان يتقن صناعته فإذا جاء من يطلب نعلاً ناوله واحدة، وهو مشتغل بالذكر فإذا وجد الطالب صالحاً وساومه، ولم يرد عليه فيبادر بعض جيرانه، فيجيب عن الشيخ عمر ويقول بيعه بكذا وكذا، لا أزيد من ذلك، ولا أنقص، فإن كان قد أعجبك فضع ثمنه وإلا فدعه، ثم غلبت عليه الأحوال فترك الحرفة، وأقبل على المجاهدات، ولزم خدمة أستاذه الشيخ علوان حتى أمره أن يذهب إلى دمشق، ويرشد الناس، وكان كثير المجاهدات شديد التقشف ورعاً، وكان أمياً لكنه ببركة صدقه، فتح الله تعالى عليه في الكلام في طريق القوم والتكلم على الخواطر التي يشكوها إليه الفقراء، وكان مدة إقامته بدمشق يسافر لزيارة شيخه في كل سنة مرة، ويقيم فيها ثلاثة أيام بحماة، ثم يرجع ولما مات شيخه خرج لتعزية ولديه

وزيارته، ثم عاد إلى دمشق وبقي على عادته من زيارة شيخه كل سنة مرة بعد موت شيخه، حتى لحق به، وكان في بداءته ينظر بستاناً بحماة وفيه العنب والتين، وكثير من أنواع الفواكه، فيقطفون العنب وغيره، ويبيت في البستان فيصبح وعليه الندى فيكتسي بذلك حسناً فلا يلتفت إليه، ولا يعرج عليه ولا يأكل منه حبة واحدة وبقي على ذلك سنين، كما قرأت ذلك بخط الشيخ موسى الكناوي، وذكر أنه سمع ذلك من لفظ الشيخ عمر قال: وسمعته مرة يقول كنت مرة أنظر في بستان، وكان أيام الدراقن الخواجكي، وكنت أقطف من ذلك لصاحبه، ويبيت في الإناء فيصبح وعليه الندى فتتوق نفسي إليه فأمنعها، وكذلك كنت أفعل مع نفسي في جميع الفواكه انتهى. قلت: وكذلك كان يعامل أصحابه ومريديه بالمجاهدات الشاقة. على النفوس، وكان ربما أمر بعضهم فيركب على بعير ويعلق في عنقه بعض الأمتعة، ويأمر آخر أن يقود به البعير، وهما يجهران بذكر الله تعالى كما هو المشهور من طريقته، وبلغني أن أتى بعض أصدقائه ذات يوم إلى بستانه، فذهب وذهب معه الفقراء، فلما دخل من باب البستان وجد ساقية ماء، فشرب منها وأمر الفقراء أن يشربوا من الماء فشربوا، ثم قال: كل ما في البستان أصله من هذا فقد أخذنا كفايتنا منه، فارجعوا فرجع ورجعوا معه، ولم يتناولوا من فاكهة البستان شيئاً، وبلغني أن إنساناً جاء إليه يطلب الإرشاد، والتزمه فأمره أن يعترف بين يديه بظلامات الناس ليأمره بالتوبة منها، والتحلل، وكيف يتوب ويخرج من المظالم، فاعترف بين يديه بقتل إنسان عمداً فقال له: لا بد أن تعترف لأوليائه وتطلب منهم العفو، فإن عفوا كان طريقك مبيناً على أمر صحيح، وإن اقتص منك خرجت من عهدة الجناية في الدنيا باستيفائهم منك ما لهم عليك من القصاص والصبر على القصاص في الدنيا أهون من الصبر على عذاب الآخرة، ففعل واعترف عند أولياء القتيل، فامسكوه وضيقوا عليه، واستعدوا عليه عند الحاكم، ثم لما بلغهم قصته مع الشيخ عمر عفوا عنه، ووهبوه له، ومر بعض الأيام على أحد فقرائه، فاشرف عليه فوجد نظره طامحاً إلى غلام جميل الصورة فجاء الشيخ حتى حاذاه، وأوقع بصره عليه ففطن الرجل أن شيخه أشرف عليه، فخجل وقال يا سيدي: ما وقفت هنا إلا أتعجب من صانع هذه الخلقة الشريفة، ومصور هذه الصورة البديعة، يا سيدي ما أحسن تلويز عينيه، وحمرة خديه وبياض وجهه، وكذا وكذا فقال له الشيخ: رحمه الله تعالى انظر إلى زنجي أسود شديد السواد على رأسه طرطور، والناس يضحكون منه يا كذاب، وهلا تعجب من خلقة هذا الأسود، وتعجبت من شدة سواد بدنه، وشدة بياض أسنانه، وطالعت صنعة الله فيه من غير أن يكون للشرع عليك إنكار فيه بخلاف نظرك في هذا الأمرد الجميل، فإنك ممنوع منه شرعاً، وكيف يكون طريق الله فيما حرمه الله

تعالى، وصحب الشيخ عمر رجل رافضي، وطلب منه أن يكون من فقرائه، فقبله الشيخ على ما فيه من عوج، فلما طالت صحبته مع الشيخ توهم الشيخ فيه الصدق قال له الشيخ يوماً: يا فلان خطر لي أن أزور غداً جبل قاسيون، ولا يكون معي غيرك، فجئني في غد مبكراً، فلما أصبح غداً على الشيخ فخرج الشيخ عمر من زاويته، والرجل معه حتى كان في أثناء الجبل أظهر الشيخ عمر الإعياء والعجز عن المشي والحركة، حتى تحير الرجل في أمره، وقد قرعتهما الشمس فقال الرجل: غرقنا يا سيدي أنا أحملك على ظهري فقال له الشيخ: أكلفك وأخاف المشقة عليك لكن ما بقي لي مجال للمشي، ولا خطوة، ثم قعد الرجل، وحمل الشيخ على ظهره، فمشى به خطوات وأعيى ووقف فقال له الشيخ: ما بالك. قال: يا سيدي أعييت حتى أستريح، فلما تحقق ذلك الشيخ منه قال له: يا هذا اشتهر عند الناس أن الرافضة حمير اليهود، ويركبونهم يوم القيامة على الصراط، ويكبكبون جميعاً في النار وأنت الآن تدعي صحبتي، وعجزت عن حملي في هذا الطريق الواسع، فبالله عليك إن كان في قلبك شيء من البدعة، وبغض الشيخين، فارجع عنه وتب إلى الله تعالى، فبكى ذلك الرجل بكاء شديداً، واعترف ببدعته وأقلع إلى الله تعالى منها، وصار يثني على أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما بعد ذلك وصار من مريدي الشيخ حقيقة بعد ذلك ووقائع الشيخ عمر كثيرة، ولطائفه في سلوكه وتشكيته الخواطر شهيرة، ومن لطائف ما اتفق للشيخ محمد الزغبي المجذوب، وكان من جماعته الملازمين له مدة أن الزغبي كان يجلس في مجلس الشيخ عمر، والخواطر تشكى إليه، والزغبي ساكت لا يشكو إليه خاطراً، فقام في بعض الأيام رجل من الفقراء فقال للشيخ عمر: يا سيدي خاطر فقال له الشيخ: قل لي: قال: ما بال الشيخ محمد الزغبي لم يشك إليك خاطراً قط فقال الشيخ: والله ما أدري ولكن قولوا له، ثم قال له: الشيخ يا محمد يا زغبي لماذا لا تشكو إلينا كما تشكو الفقراء، فقام الزغبي فقال يا سيدي: خاطر فقال الشيخ عمر: قل لي فأنشد الزغبي: ويأبى علي الشكوى إليك مذلة ... واش تنفع الشكوى لمن لا يزيلها وكان للشيخ عمر ولدان، أحدهما علي والآخر محمد، فكناه بأحد ولديه فقال الشيخ عمر لذلك الرجل الذي شكى الخاطر في سكوت الزغبي، هذا جواب خاطرك، ولو سكت عنه كان خيراً لك، ولنا وكان عيسى باشا كافل المملكة الشامية، يعتقد الشيخ عمر اعتقاداً زائداً، وكان سبب اعتقاده فيه فيما بلغني أنه امتحنه فبعث إليه ثمانين ديناراً ذهباً، فردها عليه وقال: نحن في كفاية وغنية عنها، ولا يجوز لنا تناولها إلا مع الاضطرار، ولا إضطرار لنا، فكان ذلك سبب اعتقاده وكان يتردد إليه في كل جمعة مرة أو مرتين، ويشكو إليه الخواطر، وأخذ عنه

عيسى بن محمد الصفوي

الطريق، وشكى إليه مدة خاطراً فقال: يا سيلي يخطر لي أن طالما أوتي بالرجل سارقاً أو شارباً أو غير ذلك، فيقال لي: هو من جماعة الشيخ عمر وكنت أحب أن لو كانت جماعتك أخياراً. فقال له: يا عيسى، وكان هذا خطابه في الغالب لو أن إنساناً جاء إلى معلم نجار، ومعه ضبة منجورة محكمة الصناعة، لا تحتاج إلى شيء أصلاً فقال له: اعمل لي هذه الضبة أما كان يتعجب منه. ويقول له: وما أصنع فيها، وهي ضبة تامة الصناعة محكمة متقنة لا تحتاج إلى إصلاح ما هذا إلا عبث قال: نعم قال: فلو جاء بقطعة خشب غير مصنوعة فقال اعمل لي هذه ضبة محكمة ماذا كان يصنع بها. قال: كان يبادر، ويصنعها قال: ولذلك لو جاءني الكمل مثل فلان وفلان وعدد جماعة من كمل العلماء والصالحين، ما كانوا يحتاجون إلي وإنما يجيئني هؤلاء الذي تذكر لأنهم يحتاجون إلى إصلاحهم وتربيتهم، فأعجب عيسى باشا جوابه وقال. الشيخ موسى الكناوي: لما حضر الشيخ محمد ابن الشيخ علوان إلى دمشق، ونزل عند الشيخ عمر بمنزله عند جامع التوبة بمحلة العقيبة خارج دمشق، كنت أنا ممن حضره للسلام عليه، وسماع كلامه في التصوف: فتكلم بكلام سرده سرداً كالمحفوظ عنده، ونزل بعضه على أبيات من ألفية بن مالك في النحو فقال في قوله: " فالثاني أولى عند أهل البصرة " أي عند أهل البصيرة عند أهل البصائر، فثقل كلامه علي وعلى كثير من الحاضرين، وسبب ذلك قوة كلامه، وشدة فهمه على الحاضرين " فسكت الشيخ محمد ابن الشيخ علوان، وأتوا بالشيخ عمر فتكلم بكلام صادر عن عمل وفوق أفارتحت أنا وكثير ممن الحاضرين من أصحاب الشيخ عمر إلى كلام الشيخ عمر وكانوا فوق مائتي نفس، فرحمه الله ورضي عنه، وكان وفاة الشيخ عمر في سنة إحدى وخمسين وتسعمائة، ودفن بزاويته، وحدثني شيخنا مفتي السادة الشافعية بدمشق نفع الله تعالى به قال: ظهر في الشمس تغير، وظلمة تشبه الكسوف يوم موت الشيخ عمر العقيبي رحمه الله تعالى. عيسى بن محمد الصفوي عيسى بن محمد بن عبد الله بن محمد السيد الشريف العلامة المحقق المدقق الفهامة أبو الخير قطب الدين الحسيني الإيجي الشافعي الصوفي المعروف بالصفوي، نسبة إلى جده لأمه السيد صفي الدين والد الشيخ معين الدين الإيجي صاحب التفسير، كان مولده في سنة تسعمائة واشتغل في النحو والصرف على أبيه، وتفقه به في المحرر وأخذ عنه الرسالة الصغرى والكبرى للسيد الشريف الجرجاني في المنطق وهما اللتان عملهما مؤلفهما لولده محمد، وسماهما بالغرة والمرة، ثم لازم الشيخ أبا الفضل

الكازواني الصديقي القرشي، صاحب الحاشية على تفسير البيضاوي، والشرح على إرشاد القاضي شهاب الدين الهندي ست سنين بكجرات من بلاد الهند، فقرأ عليه المختصر والمطول مع حاشية الشريف إلى باب القصر، وشرح الطوالع والتجريد، مع حاشية الدواني وأجاز له، ثم فارقه وسمع بالهند أيضاً على أبي الفضل الاستراباذي، أشياء بقراءة غيره، ورحل إلى دلي، وحضر مجلس العلماء بها عند السلطان إبراهيم بن السلطان إسكندر شاه، وبحث معهم فظهر فضله وأكرمه السلطان وأدرك الجلال الدواني، وأجاز له، ثم حج وجاور بمكة المشرفة سنين، وزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وصحب بالمدينة الشيخ الصالح الزاهد المعمر أحمد بن موسى النبتيتي المجاور بها، فلقنه الذكر، وصافحه، وشابكه وأرخى له العذبة، وأذن له في ذلك وأخبره أنه تلقى ذلك من جماعة منهم جده لأمه السيد معين الدين الصفوي، تجاه وجه النبي صلى الله عليه وسلم سنة أربع وتسعمائة عن والده السيد صفي الدين، عن الشيخ زين الدين الخوافي، وذكر له أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، ثم دخل دمشق في حدود سنة تسع - بتقديم التاء - وثلاثين وتسعمائة فأخذ عنه جماعة من أهل دمشق وحلب، ودرس بدمشق في شرح الكافية، للعلامة الرضي وكان يعتمد على كلام الشيخ جمال الدين بن مالك، ولا يعتمد على كلام الشيخ جمال الدين بن هشام الأنصاري، وزار بدمشق مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام ببرزة، وضريح سعد بن عبادة وأبي مسلم الخولاني، وتميم الداري، والسيد مدرك، والسيدة زينب، والشيخ محيي الدين بن العربي، وغيرهم من الصالحين، وزار بيت المقدس، وسافر إلى الروم مرتين وأنعم عليه السلطان سليمان رحمه الله تعالى بخمسين عثمانياً في خزينة مصر، وأدخل في المرة الثانية على السلطان، وأوصي أن لا يجهر بالسلام كما هو المعروف، فلما دخل على السلطان جهر بالسلام عملاً بالسنة، فأكرمه السلطان، وزاد في جامكيته عشرين عثمانياً وأنعم على أولاده، وأولاد أولاده بأربعة وعشرين عثمانياً تجري عليهم إلى انقطاع النسل، ثم رجع إلى حلب، فقدمها الشيخ محمد الإيجي نزيل دمشق للقائه، وعادا جميعاً إلى دمشق وكان ممن أخذ عنه بحلب، وتلقن منه الذكر، ولبس الخرقة الشيخ رضي الدين بن الحنبلي مؤرخ حلب، ثم رحل السيد قطب الدين عيسى إلى مصر واستوطنها، ولما حج شيخ الإسلام والدي في سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة من طريق مصر، ودخل مصر يوم الخميس رابع جمادى الأولى، حضر السيد عيسى للسلام عليه، فيمن حضر من شيوخ مصر القاهرة وأعيانها إذ ذاك، وكان في صحبة الوالد ولده الأخ العلامة شهاب الدين، فكتب الأخ شرح الكافية، من تأليفات السيد المشار إليه، وقرأه عليه وأخذ عنه، وللسيد مؤلفات منها شرح الكافية المذكور، وهو شرح مختصر وشرح الغرة للسيد الشريف الجرجاني في المنطق وشرح الفوائد الغياثية في المعاني والبيان قال ابن الحنبلي: وهو مما لم يكمله

ومختصر النهاية لابن الأثير في نحو نصف حجمها وتفسير من سورة عم إلى آخر القرآن وكان مع ما كان عليه من العلم والتحقيق يحب الصالحين ويميل إلى بر الفقراء، وزيارة قبور الأولياء، حتى رحل من حلب إلى بغداد لزيارة أوليائها، وكان له مزيد اعتقاد في سيدي محمد بن عراق، وله قصة في تغسيله، وحمل سريره تقدمت في ترجمته في الطبقة الأولى، ومما اتفق أن تلميذ السيد قطب الدين عيسى المذكور، وهو الشيخ محمد الكيلاني الصوفي التروسي، رآه ذات ليلة في المنام، وحوله جماعة في مكان لطيف قال: فقيل لي إنه القطب ثم غاب عني ساعة فقلت في نفسي إن من شأن القطب أن يغيب عن العين، ويظهر تارة أخرى قال: فظهر لي قال: فجئته صبيحة الرؤيا، وكنت قد انقطعت عنه في يوم أرسل فيه ورائي لأتغدى عنده فلم يمكنني التوجه إليه، فبادر بقوله: إنك قد انقطعت عنا نهاراً أما ليلاً فلا، وكتب إليه ابن الحنبلي وهو بمكة: ك قد انقطعت عنا نهاراً أما ليلاً فلا، وكتب إليه ابن الحنبلي وهو بمكة: من محب مشتاق في كل آن ... لأناس مقرهم في الجنان ذكرهم في مجالس الأنس أغنى ... عن سماع الغنا وذكر الغواني هو بالتادفي غدا ذا اشتهار ... واقتداء بمذهب النعمان حلبي ولادة ومقاماً ... قد تسمى أبوه بالبرهان لشريف وسيد صفوي ... هو للقطب إذ أضاء مدان بل هو القطب في الوجود فحاول ... دعوة منه لاجتلاب التهاني نير الوجه صالح ذو علوم ... دونها في جلائها النيران سار نحو الشمال والروم قدماً ... فبدا القطب طائراً عن عنان بل بدت شمس فضله كنضار ... وبدت أنجم الهدى كالجمان ثم نحو الحجاز سار فقلنا ... من نواه فوات نيل الأمان ورأينا أمراً عجيباً غريباً ... ما رأيناه في قديم الزمان كان قطب الشمال حساً فأضحى ... إثر ذاك المسير قطب يمان جمع الله شملنا وأرانا ... وجهه في سلامة وأمان وغدا نجله السعيد سعيداً ... معرباً عن صلاحه الأصغران ما مضى للحجاز قوم وزاروا ... حجرة المصطفى الرفيع المكان صلوات عليه ثم سلام ... دائم ما تعاقب الملوان وعلى الآل والصحاب جميعاً ... وعن التابعين كل أوان

عيسى باشا الرومي

عيسى باشا الرومي عيسى باشا بن إبراهيم باشا الرومي الحنفي أمير أمراء دمشق، كان له أولاً اشتغال في العلم، وكان مدرساً بمدرسة الوزير داود باشا بالقسطنطينية، ثم صار مدرساً بإحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنة، ثم بإحدى الثماني، ثم صار موقعاً بالديوان السلطاني، ثم ولي الإمارة في بعض البلاد، ثم ولي إمارة حلب، فأحسن فيها السيرة، ثم إمارة دمشق وعزل منها، ثم أعيد إليها، ورسخ فيها، وكان عالماً بعدة من العلوم، ولم يترك المطالعة أيام الإمارة، وكان له حسن أدب، ولطف معاشرة إلا أنه كان إذا غضب اشتد غضبه حتى يخمش يديه ويدميهما، وهو لا يحس بذلك، وذكر والد شيخنا أنه أرسل حين كان بدمشق إلى أهل القرى مراسيم أن لا يطعموا الصوباشي، ولا القاضي، ولا صاحب التيمار شيئاً، ولا يعلقوا على دوابهم، ولا يعطوا شعير.... واستمر ذلك إلى آخر توليته، وعاشت أهل القرى في زمن ولايته عيشة طيبة، وكان في زمن إمارته بدمشق وغيرها، مكرماً لأهل العلم، ومشايخ الصوفية، ولبس الخرقة القادرية من الشيخ حسين الكيلاني حين قدم دمشق، وكان له مزيد اعتقاد في الشيخ عمر الإسكاف العقيبي خليفة الشيخ علوان، وكان يشكو إليه الخواطر، ويحضر إلى زاويته ليلاً، وكان يخاطبه الشيخ عمر: يا عيسى، وذكر لي بعض المعمرين أن سبب اعتقاده في الشيخ عمر أنه بعث إليه بمال فلم يقبله. ورده عليه، وقال: إني في غنية، فلما رجع إليه رسوله بالمال ضاعفه أضعافاً، ثم بعث به إلى الشيخ عمر، وسأل فضله في قبوله، وصرفه على الفقراء، فرده ثانياً عليه إشارة أنه إذا جاء الفقراء إليه أمرهم بالخروج من الدنيا، فكيف يدخلهم فيها. فكان هذا سبب اعتقاده في الشيخ عمر، وتردده إليه، وعرض خواطره عليه، وكان وفاته بدمشق في يوم الأحد تاسع صفر سنة خمسين وتسعمائة، وأوصى أن يلقن بعد موته، فلقنه الشيخ أبو الفتح المالكي، وأوصى أن يسحب على الأرض قبل الدفن إلى قبره تعزيراً لنفسه على عادة الفقراء العمرية في حال حياتهم في تعزير أنفسهم، فحمل سريره إلى الصالحية، فلما قرب من قبره سحب على الأرض قليلاً تنفيذا لوصيته. قال ابن طولون: ودفن في حوش الشيخ محيي الدين بن العربي عند شباكه الشرقي بوصية منه مع أن الشائع عنه عدم اعتقاده. عيسى المعروف بسعدي جليي عيسى بن أمير خان الأمير الفاضل، والهمام الكامل، المولى سعد الدين، المعروف بسعدي جلبي أحد صدور الروم ومواليها

المشهورين بالعلم والدين والرئاسة. كان أصله من ولاية قسطموني، ثم دخل القسطنطينية مع والده، ونشأ في طلب العلم، وقرأ على علماء ذلك العصر، ووصل إلى خدمة المولى الساميوني، ثم صار مدرساً بمدرسة الوزير محمود باشا بالقسطنطينية، ثم بسلطانية بروسا، ثم بإحدى الثماني، ثم صار قاضياً بالقسطنطينية، ثم عزل عن قضائها وأعيد إلى إحدى الثماني، ثم صار مفتياً مدة طويلة، ويحكى أنه نزلت به إضاقة الحاجة إلى طلب المنصب، فاجتهد في طلبه، فلم يحصل، وأعياه حتى هم أن يترك الطلب، فرأى في منامه قائلاً يقول له: ثق بالله مسبب الأسبابا ... الرزق إذا أتاك دق البابا فلما أصبح من ليلته إذا بطارق يطرق بابه، فأذن له، فلما دخل بشره بالمنصب. قال في الشقائق كان فائقاً على أقرانه في تدريسه، وفي قضائه، مرضي السيرة محمود الطريقة، وكان في إفتائه مقبول الجواب، مهتدياً إلى الصواب، وكان طاهر اللسان لا يذكر أحداً إلا بخير، وكان صحيح العقيدة، مراعياً للشريعة، محافظاً على الأدب، وكان من جملة الذين صرفوا جميع أوقاتهم في الاشتغال بالعلم الشريف، وقد ملك كتباً كثيرة، واطلع على عجائب منها، وكان ينظر فيها، ويحفظ فوائدها، وكان قوي الحفظ جداً. حفظ من المناقب والتواريخ شيئاً كثيراً، وله رسائل وتعليقات، وكتب حواشي مفيدة على تفسير البيضاوي، وهي متداولة بين العلماء، وله شرح مختصر مفيد للهداية، وبنى داراً للفقراء بقرب داره بمدينة قسطنطينية. انتهى. قلت: وكان السيد عبد الرحيم العباسي خليلاً لسعدي جلبي لكل منهما بالآخر مزيد اختصاص، وللسيد عبد الرحيم فيه مدائح نفيسة في عدة قصائد، ومقاطيع، ولما كان شيخ الإسلام والدي بالقسطنطينية في سنة سبع وثلاثين وتسعمائة اجتمع بالمذكور كثيراً، وكان إذ ذاك قاضي القسطنطينية، وذكره في المطالع البحرية فقال قاضي قضاة المسلمين، وأولى ولاة الموحدين، وينبوع العلم واليقين، العادل العمل في أحكامه، والحركة في إقدامه، والمراقب لله في فعله وكلامه، إنسان عين الزمان، وإنسان عين البيان، إلى أن قال: ما قرن به فاضل بالروم إلا رجحه، ولا ألقي إليه مقفل من العلم إلا كشفه وأوضحه، له صادقات عزائم، لا تأخذه في الله لومة لائم، إلى عفة ونزاهة، وإبانة وهمة علية وصيانة، في أوصاف آخر ومما قاله الشيخ الوالد فيه وأنشدنا إياه شيخنا القاضي محب الدين الحنفي، وأخبرنا أنه وجده مكتوباً في جدار مجلس المولى سعدي: أوصاف سعدي مثل شمس الضحى ... ظاهرة في القرب والبعد إذا عملت الشعر في مدحه ... فإنما أعمل، في سعدي

حرف الغين المعجمة خال

ذكر ابن طولون في وقائع سنة خمس وأربعين وتسعمائة أنه صلي على سعدي جلبي غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة رابع عشر ذي القعدة قال ابن طولون: واسمه أحمد والصواب إنه عيسى كما تقدم، لأنه هو الثابت في الشقائق النعمانية، ومؤلفها أخبر بأحوال أهل الروم من غيره. قال ابن طولون: وتوفي بعلة النقرس قال: وكانت وفاته عند صلاة الجمعة ثاني عيد الفطر من السنة المذكورة. قال: وأقيم مفتياً عوضه قاضي قضاة العسكر الأناظولي جوي زاده وولي قاضي قضاة العسكر الأسطنبولي ابن قطب الدين الرومي الحنفي. انتهى. قلت: وجوي زاده المذكور في كلام ابن طولون هو المولى محمد بن إلياس المتقدم والد محمد بن محمد بن إلياس قاضي دمشق الذي صار في آخر الأمر مفتياً بالروم، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في الطبقة الثالثة. حرف الغين المعجمة خال حرف الفاء من الطبقة الثانية فاطمة بنت قريمزان فاطمة بنت عبد القادر بن محمد بن عثمان، الشيخة الفاضلة الصالحة الحلبية الحنفية، الشهيرة ببنت قريمزان شيخة الخانقتين العادلية والدجاجية معاً. كان لها خط جيد، ونسخت كتباً كثيرة، وكان لها عبارة فصيحة، وتعفف، وتقشف وملازمة للصلاة حتى في زمن المرض. مولدها في رابع المحرم سنة ثمان وتسعين وثمانمائة، ثم كانت زوجاً للشيخ كمال الدين محمد بن مير جمال الدين بن قلي درويش الأردبيلي، الشافعي نزيل المدرسة الرواحية بحلب الذي قيل إن جده هفا هو أول من شرح المفتاح. قالت: وعن زوجي هذا أخذت العلم، وكان يقول: قد ملكني الله تعالى وثلاثين علماً، وكانت وفاتها في سنة ست وستين وتسعمائة، وأوصت أن تدفن معها سجادتها. قال ابن الحنبلي: وقد ظفرت بشهود جنازتها، وحملها فيمن حمل. فرج المصري المجذوب فرج المصري المجذوب قال: كان له كشف وكرامات، وكان يجمع الدراهم من الناس، ويفرقها على المحاويج، ثم يبيت لا يملك شيئاً ليله. قال الشيخ جمال الدين بن يوسف ابن قاضي القضاة زكريا: لقيني الشيخ فرج، وفي

فضلي بن علي الرومي

رأسي أربعون نصفاً، فأعطيته فلا زال يقول لي: أعطني نصفاً حتى بقي منها نصف، وهذا على اسم الحمام، فتبعني للحمام، وقال: أعطني النصف الآخر، وأنا أعطيك، وهذا على اسم شموال اليهودي بأربعين ديناراً. قال: فلم اعطه النصف، فلما خرجت من الحمام، ودخلت البيت إذا بشخص يستأذن في الدخول، فقلت له: من هذا. فقال: شموال اليهودي، فقلت: ما حاجتك؟ فقال: كنت اقترضت من والدك أربعين ديناراً، وليس بها شاهد إلا الله تعالى، وقد تحرك عندي الخاطر بقضائها هذا اليوم، وعجزت عن دينار واحد منها، وها هي فأعطاني تسعة وثلاثين ديناراً، فندمت إذ لم أعطه النصف الآخر قال ... ، وله وقائع كثيرة مع أهل مصر. انقطع آخر عمره في البيمارستان، وله كرامات، ودفن في زاوية الشيخ بهاء الدين المحدث بباب السويقة، وهو من هذه الطبقة. فضلي بن علي الرومي فضلي بن علي بن أحمد بن محمد قاضي القضاة ابن مفتي المملكة الرومية علاء الدين الأقصرائي، الجمالي، الحنفي. كان ينسب إلى الشيخ محمد الأقصرائي صاحب موجز الطب، وإيضاح البيان وغيرهما، وكان الشيخ جمال الدين هذا ينسب إلى الفخر الرازي الذي هو من ذرية أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - كذا قال ابن الحنبلي، وذكر أنه قدم حلب في ذي القعدة سنة ستين متولياً قضاء بغداد، فاجتمع به وأجازه، ثم ولي قضاء حلب، ثم في سنة إحدى وستين دخلها متولياً قضاء مكة، وزار ابن الحنبلي في منزله، ووهبه رسالة له سماها إعانة الفارض، في تصحيح واقعات الفرائض ولم يؤرخ وفاته، ولعله من هذه الطبقة. حرف القاف من الطبقة الثانية قاسم منلا زاده قاسم بن محمد، العالم الفاضل، المولى شاه قاسم، الشيخ شهاب الدين الحنفي، الشهير بمنلا زاده أصله من هراة، وكان هو وأبوه واعظين، وكان مستوطناً بتبريز، ولما دخلها السلطان سليم بن بايزيد أخذه معه إلى بلاد الرم، وعين له كل يوم خمسين درهماً، وكان عالماً فاضلاً، أديباً، بليغاً له حظ من علم التصوف، وخط حسن، ومهارة بالإنشاء أنشأ تواريخ آل عثمان، فمات قبل إكمالها سنة ثمان أو تسع وثلاثين وتسعمائة.

قاسم بن خليفة الحلبي

قاسم بن خليفة الحلبي قاسم بن خليفة بن أحمد بن محمد، الشيح شرف الدين أبو الوفاء، وأبو السعادات الحلبي، الشافعي، المعروف بابن خليفة. مولده بحلب ليلة عيد الأضحى سنة سبع وسبعين وثمانمائة، ونشأ بها، وحمله والده على طلب العلم، واشترى له نفائس الكتب، فلزم كثيراً من العلماء منهم البدر السيوفي، ومنلا عرب، والمظفر بن علي الشيرازي، والجلال النصيبي، والشمس بن بلال، والبرهان العمادي، وعبد الصمد الهندي، والمحيوي بن أبي سعيد، وباشر في أول أمره صنعة الشهادة، وجلس بمكتب العدول خارج باب النصر، وولي إعادة العصرونية، ومدرسها البرهان العمادي، ووظائف أخر، واستنيب في الدولة العثمانية كثيراً في فسوخ الأنكحة، وجلس لتعاطي الأحكام الشرعية برهة من الزمان، وكان يخدم العلماء، ويبذل المال في خدمتهم، وكان له تواضع، طارحاً للتكليف، وله شعر منه ما أنشده للمحيوي عبد القادر بن سعيد عند قدومه من القاهرة: لقد آخى المقام وساكنيه ... قدوم العالم المحيي الأجل حوى للعلم، والآداب جمعاً ... ولم لا وهو قد فاق المحلي قال ابن الحنبلي: وانتقد عليه بعضهم وصفه إياه بالمحيي لا بالمحيوي بقوله: كفرت بوصفك المحيي لعبد ... وشركك من لقبلته تصلي وقد اخطأت في التفضيل لما ... ضللت وما اهتديت إلى المحلي قلت وأنا أعجب من ابن الحنبلي، وهو عالم حلب كيف يستحسن إثبات مثل هذا الشعر الذي ليس لصاحبه شعور مع جرأته على تكفير مسلم بغير مكفر، وإطلاق المحيي على العبد صحيح على ضرب من المجاز، وهلا اعترض على قول الموحد: إحيى الربيع النبات، وأنبت الربيع البقل، وهو لا يعتقد أن المحيي والمميت حقيقة إلا الله تعالى على أنه أراد بالمحيي الإشارة إلى لقبه محيي الدين، ويجوز أن يقال إن فلان إحدى الدين، أو إحيى العلم، وقد قيل في حجة الإسلام الغزالي: أحيى علوم الدين بعد مماتها ... بكتابه إحيا علوم الدين توفي صاحب الترجمة في ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وتسعمائة، ودفن بمقبرة السيد علي بالهزازة وما زال يقول في نزعه الله الله حتى مات رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

قاسم بن زلزل

قاسم بن زلزل قاسم بن زلزل بن أبي بكر، القادري أحد أرباب الأحوال المشهورين بحلب، وقد اشتهر بابن زلزل - بلامين - كما ذكره ابن الحنبلي، وذكر الشيخ موسى الكناوي أنه كان يعرف بقاسم بن زنزل بالنون عوضاً عن اللام الأولى قال ابن الحنبلي: كان في بدء أمره ذا شجاعة حمى بها أهل محلته المشارقة بحلب من اللصوص، وكان يعارضهم ليلاً في الطرقات، ويقول لهم: ضعوا ما سرقتم، وفوزوا بأنفسكم أنا فلان، فلا يسعهم إلا وضعه، ثم كان مريداً للشيخ حسين بن أحمد الأطعاني كما كان أبوه مريداً لأبيه، ثم صار على يد الشيخ محمد الغزي الجلجولي مريداً لابن أرسلان الرملي، ثم المقدسي، وعلى يده حصلت له حال، وهو الذي حمله على سقاية الماء، فكان يسقي في الطرقات، وهو يذكر الله تعالى، ويحصل له الحال الصادقة، فيرفع رجله، ويبطش بها على الأرض. قيل: وكان أحياناً يذكر الله تعالى بالزاوية الاطعانية، فيحصل له الحال، فيبادر إلى جرن حمام موضوع هناك لمصالحها فيضعه على رأسه كأنه تاج ويدور به دورة، ثم يضعه ويصلي كثيراً وراء إمام كان حسن الصوت، فيحصل له الحال بحيث يغيب بها في نفسه فيصيح وهو في الصلاة صيحة عظيمة، ثم يفيق فيعيد الصلاة، وكان يحضر سماعات الشيخ محمد الخراساني النجمي، وينشد فيها كلام القوم قال: ولما قدم حلب الوزير الأعظم إبراهيم باشا في سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، رأى الشيخ على حالة اقتضت الفحص عنه، ثم إحضاره فأحضره إليه فإذا الذي رآه في المنام هو هو فجعل له علوفة في المملحة فأبي، فجعلها لأولاده قال: ومما حكي عنه بعد وفاته أنه خرج به قديماً الحب الفارسي، فطلبوا مداواته فأبى فعافاه الله تعالى منه بدون مداواة، وحكي أنه أراد زيارة الشيخ عبد القادر الكيلاني، فصرفه عنها الشيخ علي المصارع البيري الأردبيلي الطريقة، فلم يقبل منه فلما دخل إلى الرها كاشفه بها بعض الرجال، وصرفه عن الزيارة، فلم يقبل قال: فبينما أنا قاعد بالموضع الذي كان منجنيق نمرود إذا بامرأة أقبلت علي تسأل عن قاسم بن زلزل، فاعطتني رغيفين، وأخبرتني أنها رأت مناماً يقتضي أني لا أسافر إلى بغداد. قال: فما وسعني إلا العود إلى الشيخ علي البيري وكنت لما فارقته لم أصل إلى الرها إلا وفي ساقي وفخذي وجع شديد، فلما عدت إليه لم يبق منه شيء بإذن الله تعالى، ذكر ذلك ابن الحنبلي في تاريخه وقرأت بخط الشيخ موسى الكناوي، أنه اتفق للشيخ أبي العون محمد الغزي الجلجولي كرامة مع قاسم بن زلزل، ولعلها هي السبب في إهتمام أبي العون بأمره، وإعتقاد قاسم فيه، وهي أنه وقع بمدينة حلب أن امرأة خرجت من الحمام فحملها رجل جاهل من الجند، فعجز الناس عن خلاصها منه فجاء قاسم بن زلزل فضربه، فقتله وانفلتت المرأة،

قاسم بن عبد الكريم الفاسي

وذهبت في سبيلها، ومضى لوجهه هارباً، فدخل الحمام فكبسه الجند وهو في الحمام، فقال للحمامي: إئتني بلباسي وخنجري، فخرج عليهم وتفرقوا عنه وطاح إلى بستان هناك واستغاث بأبي العون الغزي، وكان قاسم قد اجتمع بأبي العون قبل ذلك وشاهد بركاته، فحماه الله تعالى منهم ببركته، واستمر على وجهه على طريق الساحل إلى جلجوليا، فدخل على الشيخ فكاشفه الشيخ بما وقع وقال له: كيف تقتل مملوك السلطان، فاعتذر بما فعله الجندي ودخل تحت ذيل الشيخ فقال له: الشيخ: لك الأمان وكتب له كتابا إلى نائب دمشق قانصوه اليحياوي، وكتاباً إلى نائب حلب. وقال له الشيخ: إسق الماء واترك الزعارة، فأكرمه قانصوه اليحياوي وأعطاه ألف درهم إكراماً للشيخ أبي العون، وكتب به كتاباً إلى نائب حلب يأمره فيه بإكرامه، وعدم التعرض له مما يؤذيه لأجل خاطر الشيخ أبي العون، وحذره من تكدير خاطر الشيخ عليه، فقدم قاسم على نائب حلب فأكرمه، وعفا عنه ببركة الشيخ واستمر قاسم في يومئذ يسقي الماء بيده في شربتين، ولزم طور الفقراء، وترك ما كان عليه من أطوار الشطار والزعار. قال ابن الحنبلي: توفي الشيخ قاسم في أواخر سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة. قاسم بن عبد الكريم الفاسي قاسم بن عبد الكريم المغربي الفاسي الأوراسي، كان أبوه بواباً بخان الليمون بدمشق، وكان هو من أتباع القاضي ولي الدين الفرفور، ثم قدم حلب فراش بها، وتزوج بها فاطمة بنت كاتب الأسرار المحب بن أجا بعد وفاة أبيها، واستولى على أموالها، وأوقاف أبيها وأبيه وجدها لأبيها الفخر عثمان بن غلبك فكثر ماله واتسعت دائرته، وقوي جأشه، وزاحم في المناصب الجليلة، وتولى نظر جامع حلب، وخالط أركان الدولة، ولم تسعه حلب فذهب إلى القاهرة، وتولى فيها نظر الأوقاف في سنة أربعين أو قبلها بمعونة الأمير جانم الحمزاوي ثم قيل أنه هو الذي دبر مع سليمان باشا تدبير قتل الأمير جانم، وولده الأمير يوسف، وشاع ظلمه بالقاهرة على ما ذكره ابن الحنبلي في تاريخه، وكان يرى السحر وقيل فيه: قاسم الأسود أفعى ... قاء سماً للعباد كل من قد ذاق منه ... عاد منه كالرماد ثم جاء عليه التفتيش في آخر عمره، وفتش عليه بالقاهرة، ثم شنق على باب زويله بعد أن رجمه الناس بما وجدوه من حجر أو مدر حين أخرج من الحبس، إلى موضع شنقه، وكان ذلك في سنة سبع وأربعين وتسعمائة.

قاسم العجمي

قاسم العجمي قاسم العجمي الملقب بعفاريت على عادة أهل حلب، في تنابزهم بالألقاب المهملة حتى بين خاصتهم، كما يشهد لذلك تعبير ابن الحنبلي للأعيان بالألقاب في تاريخه، فإنه مشحون بذلك كان صاحب الترجمة من مريدي الشيخ محمد الخرساني النجمي وهو الذي كان يوم دفن الشيخ قد خرج من جنازته دائراً على قدميه كأنه فلكة مغزل من منزل الشيخ إلى تربته قال ابن الحنبلي: ثم داخل أرباب الدولة بالباب العالي، فتولى نظر جامع حلب الكبير، ونظر مدرسة الجردكية. قال: وغير فيها هيئة الواقف التي رضي بها، وذكر ابن الحنبلي أنه كان إمامها فبالغ في كشف حاله حتى ألف رسالة سماها بالقول القاصم، للقاضي قاسم، ضمنها عدة مقاطيع منها: لا تركنن لقاسم ... إذ ليس فيه فائدة واعلم أخي فإنه ... قاس بميم زائدة وما كنت أذكر ذلك لولا تبجح فيه في تاريخه، وإلا فإن مثل هذه الغيبة مما لا يتعلق به غرض شرعي لا ينقطع حكمه بموت من يغتاب بجرح الرواة لا يجوز إثباته في الكتب الباقية على توالي الأزمان، لكن كان ابن الحنبلي عفا الله عنه، قد التزم أن لا يذكر في تاريخه أحداً حتى يذكر له شيئاً يحط من مقامه، وبلغني عن بعض العلماء الأخيار أنه قال: ليت ابن الحنبلي لم يؤلف هذا التاريخ، فإنه أفصح عن تجرئته على الناس فيما الورع خلافه، ولولا هذا التاريخ لحسب الناس أنه من أهل الورع، والكف عن الخوض فيما لا يعنيه، ومن طالع هذا التاريخ من أوله إلى آخره، وجد فيه العجب قال ابن الحنبلي: كان صاحب الترجمة في سنة أربع وثلاثين وتسعمائة في الأحياء، ثم مات بعدها برودس مسوقاً إليها. قاسم آشق قاسم قاسم الحنفي أحد الموالي الرومية، والشهير بآشق قاسم كان من إزنيق، واشتغل في العلم، وخدم المولى عبد الكريم، ثم درس بالحجرية بمدينة أدرنة، وتقاعد بثلاثين عثمانياً، قال في الشقائق: كان ذكياً، مقبول الكلام، صاحب لطائف ونوادر، متجرداً عن الأهل والولد، كثير الفكرة، مشتغلاً بذكر الله تعالى، خاشعاً في صلاته بلغ قريباً من المئة، وتوفي في سنة خمس وأربعين وتسعمائة بأدرنة.

قصير البخاري

قصير البخاري قصير مفتي بخارى الحنفي. دخل دمشق في أثناء جمادى الأولى سنة تسع - بتقديم التاء - وثلاثين وتسعمائة، ومعه جماعة، وزار بيت المقدس ثم عاد إلى دمشق، وحج منها، وكان عالماً بالعربية نزل بالشامية البرانية، وتردد إليه الشيخ أحمد الحنفي، د والشيخ تقي الدين القاري، وقرأ عليه الثاني في المصابيح. ذكرهه ابن طولون. حرف الكاف من الطبقة الثانية الكمال العجمي الكمال العجمي التريزي، الشيخ العالم الصالح، العارف بالله تعالى. المحقق الصوفي نزيل دمشق. قال شيخ الإسلام والدي: ذاكرته في علوم عديدة وقد غلب عليه التصوف والتأله، وهو من المحبين، وقال الشيخ يونس والد شيخنا: كان له مرتب من الجوالي نحو عشرين عثمانياً في كل يوم، وكان يأكل الطيب، ويلبس الحسن، ولا يخالط الناس إلا من يخدمه حكي أنه كان إذا ضعف وهب ثيابه ودراهمه لأصحابه، وإذا شفي جدد غيرها، ولا يرجع في هبته، وكان ساكناً بمدرسة العزيزية شمالي الكلاسة وغربي الأشرفية وبها توفي في سادس عشر ربيع الآخر سنة سبع - بتقديم السين وخمسين وتسعمائة،، بباب الفراديس. كريم خليفة الشيخ دمرداش كريم، الشيخ الصالح العارف بالله تعالى خلفة الشيخ دمرداش بالقاهرة، جلس بعد شيخه لأخذ العهد على المريدين، وانتفع به خلائق لا يحصون من طلبة العلم وغيرهم، وكان مشتملاً على شأنه، حافظاً للسانه، عارفاً بزمانه المريدين على طريقة الخلوة والرياضة بالأسماء انتهت إليه الرئاسة في ذلك بمصر. مات ثامن عشر جمادى الأولى. حرف اللام من الطبقة الثانية لطفي باشا الوزير لطفي باشا الوزير الأعظم، دخل إلى دمشق في ثالث شعبان سنة ثمان وأربعين وتسعمائة، ونزل بالمرجة خارج دمشق، وزار الصلحاء والأولياء، بدمشق الأحياء والأموات كالشيخ أرسلان، والشيخ محيي الدين بن العربي، وزار المقام

حرف الميم من الطبقة الثانية

ببرزة، وزار من الأحياء الشيخ عمر العقيبي، والشيخ محمد بن قيصر، ثم توجه لمصر ليحج منها قيل وكان هو السبب في إبطال الأوقات، ومنعهم من تسخير خيل الناس، وإبطال العوارض عنهم في ذلك العصر. حرف الميم من الطبقة الثانية مبارك عبد الله الحبشي مبارك عبد الله الحبشي، الدمشقي، ثم القابوني الشافعي، الشيخ الصالح المربي. ذكر ابن طولون في التمتع بالأقران أن ابن المبرد ذكره في رياضه فقال الشيخ مبارك: ظهر في سنة سبع وتسعين - بتقديم السين الأولى وتأخيرها في الثاني - وثمانمائة، وصار له مريدون، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر من إراقة الخمور وغيرها بعد ما أبطل ذلك، وقام على الأتراك، وقاموا عليه، وذكر ابن طولون في مفاكهة الإخوان أن الشيخ مبارك قرأ في غاية الإختصار على الشيخ شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون، وبنى له زاوية بالقرب من القابون التحتاني، وأقام هو وجماعته بها يرصدون الطريق على نقلة الخمر، فيقطعون ظروفها ويريقونها، فبلغ الحكام ذلك، فقبض النائب على بعض جماعة الشيخ، وحبسهم في سجن باب البريد، فنزل الشيخ مبارك ليشفع فيهم، فأمر النائب بوضعه في الحبس معهم، فبلغ الخبر إلى الشيخ تقي الدين ابن قاضي عجلون، فأرسل وشفع فيه، فأطلق، ثم هجم بقية جماعة الشيخ مبارك على السجن، وكسروا بابه، وأخرجوا من فيه من رفاقهم، فبلغ النائب، فأرسل جماعة من مماليكه، فقتل منهم نحو سبعين نفساً عند باب البريد والعنبرانية، وقرب الجامع الأموي، ثم ترك الشيخ مبارك ذلك، ولازم حضور الزوايا كزاوية الشيخ أبي بكر بن داود بالسفح، ووقت سيدي سعد بن عبادة بالمنيحة، وحكي أن الشيخ مبارك كان شديد السواد، عظيم الخلقة، له همة علية، وشدة بأس، وقوة وكان له معرفة تامة بالنغمة، والصيد يسرح إلى الصيد هو وفقراؤه ومريدوه، ومعهم قسي البندق إلى جهة المرج، وكان يصطاد الحمام والأوز والكراكي وغير ذلك، وحكي أنه كان كسر مرة بندقة نصفين، واصطاد في كل نصف طائراً عظيماً، وكان عارفاً بالسباحة، وكان يغوص في تيار الماء، ثم يخرج منه وبين أصابعه يديه وأصابع رجليه السمك، وروي أنه حج ومعه جماعة من أصحابه، فلما دخل مكة فرغت نفقتهم فقال الشيخ لبعض أصحابه: خذ بيدي إلى السوق، واقبض ثمني، وأصرفه على بقية الجماعة، ففعل ذلك، واشتراه بعض تجار العجم، ثم أعتقه

مجير الدين الرملي

قال ابن طولون، والشيخ مبارك: هو الذي أحدث اللهجة في الذكر قال: وحقيقتها أنهم يذكرون إلى أن يقتصروا من الجلالة على الهمزة والهاء لكنهم يبدلون الهاء حاء مهملة، فيقول: إح إح، وكانت وفاته يوم الخميس مستهل ربيع الأول سنة أربع وأربعين وتسعمائة، ودفن بتربة القابون التحتاني. مجير الدين الرملي مجير الدين الرملي، الشيخ الفاضل أحد العدول بدمشق، قال ابن طولون: كان صالحاً، وعنده فضيلة وبصره فيه تكسير، مات - رحمه الله تعالى - يوم الثلاثاء ثامن عشري ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وتسعمائة فجأة. محب الدين التبريزي محب الدين ويقال: محب الله التبريزي، الشافعي الصوفي المنلا، والمشهور نزيل دمشق. رحل من بلاده إلى بلاد الشام، وحج منها وجاور، ثم عاد إليها، ومكث بالتكية السليمية بسفح قاسيون لمزيد شغفه بالشيخ محيي الدين بن العربي، واعتقاده فيه، وكثرة تعلقه بكلامه، وحله وتشديده النكير على من ينكر عليه، وصار يقرأ عليه بها جماعة في التفسير وغيره، وكان يجمع إلى تفسير الآية تأويلها على طريقة القوم، ويورد على تأويلها ما يحضره من كلام المثنوي، وكانت وفاته بدمشق سنة ثمان وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى واسعة. محمد بن محمد بن فرفور محمد بن محمد القاضي بدر الدين ابن قاضي القضاة بدر الدين بن الفرفور الحنفي الدمشقي سبط القاضي كمال الدين بن خطيب جامع الورد، كان قاضياً على بلاد الكرك الذي يقال أن سيدي نوحاً عليه السلام مدفون به قال ابن طولون: قيل إنه كان كثير البلصة. توفي في أوائل سنة ست وثلاثين وتسعمائة، وهو راجع من الحج الشريف. محمود بن محمد البصروي محمود بن محمد بن علي القاضي نور الدين بن الخطيب العلامة علاء الدين البصروي الشافعي. كان لا بأس به، وكان يتردد إلى الناس توفي بغتة يوم الأحد تاسع عشري جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وتسعمائة، ودفن بتربة الحمرية خارج دمشق، وتألم والده لموته رحمه الله. محمود بن محمد بن الرضي محمود بن محمد بن عبد العزيز بن

محمود بن أحمد القرشي

محمد بن أحمد الأصيل محدث الدين أبو السعود بن الرضي، الحلبي، الشافعي الموقع والده بديوان الإنشاء في الدولة الجركسية. ولد بالقاهرة سنة اثنتين وتسعمائة، وحفظ كتباً، جود الخط بها، وعرض بها في سنة خمس عشرة مواضع من ألفية ابن مالك، والشاطبية، والمنهاج الفقهي على الشهاب الشبشيبي الحنبلي، والبرهان بن أبي شريف الشافعي، والشرفي محب الله سري المالكي، والبرهان الكركي، الحنفي وآخرين، وأجازوا له، ثم عرض منها، ومن جمع الجوامع لابن السكبي على القاضي زكريا الأنصاري سنة تسع عشرة، وأجاز له، وكان له شعر لا بأس به، وكان شهماً، حسن العمامة. توفي بحلب في ذي الحجة سنة ست وخمسين وتسعمائة. محمود بن أحمد القرشي محمود بن أحمد بن محمد بن أبي بكر بن حسن بن عبد الباقي، الشيخ الأصيل المعمر الجليل نور الدين القرشي، البكري، الحلبي، الشافعي خطيب المقام بقلعة حلب أخذ عنه الشيخ الحافظ أبي ذر بن الحافظ برهان الدين الحلبي، وأخذ عنه ابن الحنبلي، ووالده الحديث المسلسل بالأولية، واستجازاه، فأجاز لهما. توفي نهار الأحد حادي عشر ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين وتسعمائة، ودفن بمقابر الصالحين بحلب. محمود بن عثمان اللامعي محمود بن عثمان بن علي النقاض، المشهور باللامعي أحد موالي الروم. كان جده من بروسا، ولما دخلها تيمورلنك أخذه معه وهو صغير إلى ما وراء النهر، وتعلم صنعة النقش، وهو أول من أحدث السورج المنقوشة في بلاد الروم، وابنه عثمان، كان سالكاً مسلك الأمراء، وصار حافظاً للدفتر السلطاني بالديوان العالي، وأما ولده اللامعي صاحب الترجمة، فقرأ العلم على جماعة منهم المولى أخوين، والمولى محمد بن الحاج حسن، ثم تصوف وخدم السيد أحمد البخاري، ونال عنده المعارف والأحوال، ثم تقاعد بخمسة وثلاثين عثمانياً، وسكن بروسا، واشتغل بالعبادة والعلم، ونظم بالتركية أشياء كثيرة مشهورة مقبولة، فتوفي في سنة ثمان أو تسع وثلاثين وتسعمائة ببروسا. محمود بن عبيد الله أحد موالي الروم محمود بن عبيد الله المولى بدر الدين أحد موالي الروم، كان من عتقاء الوزير علي باشا، وقرأ على جماعة منهم ابن المؤيد، ثم درس في مدرسة جنديكن ببروسا، ثم بمدرسة السلطان بايزيد بها، ثم بمدرسة أستاذه علي

محمود الرومي

باشا بالقسطنطينية، ثم بإحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنة، ثم بإحدى الثماني، ثم صار قاضياً بأدرنة، ومات وهو قاضيها سنة سبع - بتقديم السين - وثلاثين وتسعمائة. محمود الرومي محمود المولى بدر الدين ابن الشيخ جلال الدين الرومي أحد الموالي الرومية. قرأ وحصل ودرس وترقى في التدريس حتى درس بإحدى الثماني، ومات مدرساً بها قال في الشقائق: كان عالماً فاضلاً، ذا كرم، ومروءة. اختلت عيناه في آخر عمره، ولم يؤرخه لكن ذكره في دولة السلطان سليمان، والظاهر أنه من هذه الطبقة. محمود بن مصطفى بن طليان محمود بن مصطفى بن موسى بن طليان القصيري الأصل، الحلبي المولد الحنفي، المشهور بابن طليان. ولي خطابة الجامع الكبير بحلب في أوائل الدولة العثمانية، وكان فقيهاً جيداً، وكان يصدع بالحق، ولا يخاف في الله لومة لائم لكن عنده حدة، وحج في آخر عمره، ثم توفي في رمضان سنة خمس وثلاثين وتسعمائة. محمود بدر الدين الأصغر محمود المولى بدر الدين أحد الموالي الرومية، الشهير ببدر الدين الأصغر. قرأ على المولى الفناري، والمولى لطفي، ثم وصل إلى خدمة المولى خسرو زاده، ثم درس بمدرسة بالي كبرى، وترقى في المدارس إلى إحدى الثماني، ثم درس بأيا صوفيا، ثم تقاعد بمئة عثماني، ومات على ذلك الغالب عليه العلوم العقلية، وله مشاركة في سائر العلوم، وله تعليقات لم يدونها، وكان يحب الصوفية. مات في سنة ست وأربعين وتسعمائة. محمود التميمي محمود القاضي بدر الدين ابن قاضي الخليل التميمي، الشافعي كان مدرساً بدار الحديث الأشرفية بدمشق، وكان موجوداً في سنة ست وأربعين وتسعمائة. محمود العجمي محمود العجمي، الشافعي السيد الشريف العلامة مدرس الأتابكية بصالحية دمشق كان مقيماً بالبادرائية داخل دمشق، وكان مقصداً للطلبة ينتفعون به، وكان له يد طولى في المعقولات. توفي يوم السبت ثالث عشر ربيع الآخر سنة

محمود الشيرازي

خمسين وتسعمائة، وصلي عليه بالأموي، ودفن بباب الصغير، وكانت جنازته حافلة. محمود الشيرازي محمود المنلا الشيرازي نزيل السليمية بصالحية دمشق حج في سنة أربعين وتسعمائة، وكان عنده فضيلة تامة، وفهم جيد، وكان عنده نسخة المصابيح بخطه نقل في هامشها من اثني عشر مصنفاً عليه، وهي المظهر، والمفاتيح، والبيضاوي، والخلخالي، والهروي، وزين العرب، والسلمي، الطيبي، والينابيع، والزعفراني، والتوربشتي، والأزهار وهذه المؤلفات كلها كانت حينئذ موجودة ببلاد الأكراد، ولم يوجد منها في بلاد العرب إلا القليل ذكره ابن طولون، ولم يؤرخ وفاته. محيسن البرلسي محيسن البرلسي، الشيخ الصالح المجذوب بمصر، كان من أرباب الكشف أقام أولاً بسلاف، ثم انتقل إلى الرميلة، وكان يوقد النار عنده كثيراً ليعرف أصحاب الجذب من الأولياء أنه لا بد من وقوع فتنة وكان إذ صب ماء عليها انقطعت الفتنة، وكتب الشيخ عبد الوهاب الشعراوي مكتوباً يتشفع به إلى أولياء الروم، والسلطان سليمان في جانم الحمزاوي، ودفعه إلى الأمير جانم، فبعد نحو خمس درج أرسل الشيخ محيسن إلى الشيخ عبد الوهاب يقول له: يا عبد الوهاب أنت الذي صرت ترى الناس في عينك كالتراب تكاتب أولياء الروم من غير مشورة أصحاب النوبة بمصر مات - رحمه الله تعالى - في سنة تسع وأربعين وتسعمائة، ودفن في تربة الأمير جانم المجاورة لقبة الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه. مخلص العابد مخلص الشيخ الصالح العبد محيي السنة في بلاد الغربية من بلاد مصر بعد موت شيخه الشيخ أبي الخير بن نصر بمحلة منوف. كان مقيماً بأبشية الملق، كان سيدي الشيخ محمد الشناوي يكرمه ويجله قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: صحبته نحو ثلاث سنين بعد موت شيخي الشيخ محمد الشناوي قال: وحصل لي منه دعوات صالحة، وجدت بركتها، وأوصاني بإيثار الخمول على الظهور، وبعدم التعرف بأركان الدولة إلا أن يعرفوك من غير تعرف منك. قال: ولم يزل على المجاهدة والتقشف على طريقة الفقراء الأول إلى أن توفي سنة أربعين وتسعمائة، ودفن بأبشية الملق، وقبره بها يزار. مدلج بن ظاهر الحياري مدلج بن ظاهر بن عساف بن عجلة بن نعير بن قرموش الحياري، البدوي، أمير عرب الشام من بني حيار الذين يقال: إنهم من ذرية جعفر

مروان المجذوب

البرمكي. كان ذا قوة وبطش بحيث يمسك الدرهم من الفضة بإصبعه، ويفركه فيذهب نقشه، ويفت الحنطة بين إصبعيه، ويضرب بأصابعه ... فيأخذ منها قطعة ... دخل عليه ولده قرموش وهو منه من ... دومة في حدوه.. وشرب شخص لبناً حليباً، وكان هذا إلى إمراة، فاشتكت إليه عليه، فاستخبره فأنكر وحلف بحياته أنه لم يشربه، فطعنه برمح كان بيده فإذا اللبن خارج من جوفه، فأمر المرأة بأخذ بعير من بعرانه عوض لبنها، وعجز عنه أمراء دمشق لتمنعه، ومات على فراشه سنة خمس وأربعين وتسعمائة بقرية أساور تابع حماة، وجعل عليه صندوق مزار بحيث يزار، ولم يكن من أهل ذاك. مروان المجذوب مروان المجذوب بمصر كان في أول أمره قاطع طريق ببلاد الشرقية، وكان مشهوراً بالفروسية، ثم لما جذب كان يدور في أسواق دمشق، ويظهر عليه للناس كرامات وخوارق، وكان إذا خطر لأحد ممن يصادفه معصية أو عمل معصية جعل مروان يصكه حتى يدعه من خاطره، ولا يتجرأ أحد على منعه منه، وربما منعه بعضهم فشلت يده، وكان الشيخ علي الحريص يقول: إن الشيخ مروان لا تفوته غزوة في الكفار، ولا يوما واحداً، وتلك الجروح التي كانت به إنما كانت من ذلك وحضر فتح رودس، وكان له صيت بين فقراء مصر فيما فعل في الغزو في أيام السلطان سليمان بن عثمان. توفي في سنة خمس وخمسين وتسعمائة، ودفن في جامع النبهاوي خارج باب الفتوح، وقبره ظاهر يزار. مرعي الحيري مرعي، الشيخ الصالح الورع في مأكله، وملبسه، ومنطقة الحيري المصري. أخذ الطريق عن سيدي محمد بن عنان، وخدمه خدمة طويلة، ولما مات توجه إلى دمشق، وأخذ الطريق عن سيدي محمد بن عراق، وانتفع به، وكان يتظاهر بمحبة الدنيا طلباً للستر، فيسأل الناس، ويجمع منهم، ثم يفرقه على الفقراء والمساكين، ويطوي الأيام والليالي، ويؤثر بغدائه وعشائه الفقراء، وكان له اعتقاد تام في الفقراء. رب جماعة من المريدين، وانتفعوا به، ومات في سابع عشر صفر الخير سنة إحدى وستين وتسعمائة. مسعود الشيرازي مسعود بن عبد الله المنلا العجمي الشيرازي، الواعظ نزيل حلب. كان له مطالعات في التفسير والحديث، وكان يتكلم فيها باللسان العربي لكن انتقد عليه ابن الحنبلي أنه كان يلحن فيه، ووعظ بجامع حلب الكبير، فنال من الناس قبولاً،

مصطفى بن خليل الرومي

وصارت له فيه يوم الجمعة المجالس الحافلة، توفي مطعوناً سنة تسع - بتقديم التاء - وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. مصطفى بن خليل الرومي مصطفى بن خليل، المولى مصلح الدين أحد موالي الروم والد صاحب الشقائق النعمانية. ولد ببلدة طاش كبري سنة فتح قسطنطينية، وهي سنة سبع وخمسين وثمانمائة، وقرأ على والده، ثم على خاله المولى التكشاوي، ثم على المولى درويش بن المولى خضر شاه المدرس بسلطانية بروسا، ثم على المولى بهاء الدين المدرس بإحدى الثماني، ثم على المولى ابن مغنيسا، ثم على المولى علاء الدين العربي، ثم على المولى خوجه زاده، ثم درس بالأسدية ببروسا، ثم بالمدرسة البيضاء بأنقره، ثم بالسيفية بها، ثم بإسحاقية أسكوب، ثم بحلبية أدرنة، ثم صار معلماً للسلطان سليم خان ابن بايزيد، ثم أعطي تدريس السلطانية ببروسا، ثم إحدى الثماني، ثم صار قاضياً بحلب، ثم استعفى من القضاء، وعرض وصية والده له في ذلك على السلطان، وكان زاهداً، عابداً، متأدباً، مشتغلاً بنفسه، معرضاً عن الدنيا، وله رسائل وحواش على نبذ من شرح المفتاح، ورسالة في الفرائض وغير ذلك. وتوفي في سنة خمس وثلاثين وتسعمائة. مصطفى الحائك مصطفى المولى، المشهور بحائك مصلح الدين أحد موالي الروم كان - رحمه الله تعالى - حائكاً، ولما بلغ سن الأربعين رغب في العلم، وبرع فيه، وصار مدرساً ببلدة تبرة، وصحبه العارف بالله تعالى محمد الجمال، والعارف بالله تعالى أمير البخاري، ثم انقطع عن الدريس، وتقاعد بثلاثين عثمانياً، وكان يكتب الفتوى، ويأخذ عليها أجرة، وكان يحيي كثر الليل، وربما غلب عليه الحال في الصلاة. توفي سنة أربع وثلاثين وتسعمائة. مصطفى الرومي مصطفى الرومي، الحنفي، الملقب مصلح الدين كاتب التكية السليمية بسفح جبل قاسيون. كان فاضلاً، ديناً، وكان يكتب الخط المنسوب، وينظم الشعر بالعربية والفارسية، وتزوج بنتاً من بيت زريق من أهل الصالحية، فبقيت عنده ثماني سنوات، ومات عنها وهي بكر، وكان أهلها يسيئون إليه، وهو يغفلهم وتوفي يوم السبت رابع ربيع الثاني سنة سبع - بتقديم السين - وتسعمائة، ودفن بالروضة في سفح قاسيون، وخلف كتباً عدتها سبعون مجلداً، وفيها من علم الصنعة عدة مجلدات ذكره ابن طولون.

مصطفى مصلح الدين

مصطفى مصلح الدين مصطفى الشيخ الصالح مصلاح الدين أحد خلفاء السيد أحمد البخاري. كان مستوطناً بالقسطنطينية في زاويته. المسماة بدار الأحجار، وكان نيراً عابداً، زاهداً، منقطعاً إلى الله تعالى، مشتغلاً بإصلاح أصحابه، توفي قريباً من ست وتسعمائة. منلا زاده الرومي منلا زاده، المولى صالح الرومي، الحنفي، ورد دمشق سنة ست وأربعين وتسعمائة، وصلى بجامعها صلاة عيد الفطر، وخطب بعدها خطبة العيد. مهيا المصري مهيا بن محمد المصري، ثم الرومي. قال شيخ الإسلام والدي: اجتمع بي في الروم، وأخذ عني - يعني في سنة سبع وثلاثين وتسعمائة - قال: بلغني أنه مشتغل بتأليف. قلت: والظاهر أن مهيا لم يكن بذلك لأني قرأت بخط الوالد في ديوانه أنه قال فيه: طلبت من القضاة فتىً سفيهاً ... يناضل دوننا قوماً بذيا فقالوا لي: انظروا رجلاً دنيا ... خسيس الأصل قلت لهم: مهيا موسى بن محمد العلماوي موسى بن محمد بن إسماعيل، الشيخ شرف الدين العلماوي، الشافعي الخطيب بجامع الحاجب بسوق صاروجا خارج دمشق، وكان أحد، الشهود القدماء بها، وتوفي بغتة يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الآخرة سنة أربعين وتسعمائة عن ولدين كان أحدهما. وأكبرهما، وهو الشيخ عبد الباسط رئيس المؤذنين بجامع دمشق وأحد وعاظه رحمه الله. موسى بن الحسين عوض موسى بن الحسين، الملقب بعوض بن مسافر الحسين بن محمود الكردي اللاني طائفة، السر مسوي ناحية وقرية، الشافعي نزيل حلب، أخذ العلم عن جماعة منهم المنلا محمد المعروف ببرقلعي، وعمرت في زمانه مدرسة بالعمادية، فجعل مدرسها، ثم تركها وأقبل على التصوف، فرحل إلى حماة، وأخذ عن سيدي علوان مع الإنتفاع بغيره، ثم قدم حلب لمداواة مرض عرض له، ونزل بالمدرسة الشرفية، فقرأ عليه غير واحد قال ابن الحنبلي وكنت ممن فاز بالقراءة عليه ثم ذهب إلى حماه

موسى الأدهمي التبريزي

فلما توفي الشيخ علوان. عاد إلى حلب واستقر في مشيخه الزينبية، وأخذ يربي فيها المريدين، ويتكلم فيها على الخواطر مع طيب الكلام، وإطعام الطعام، وإكرام الواردين إليه من الخواص والعوام، وحسن الصمت، ولين الكلمة، وفصاحة العبارة والتكلم في التفسير، والحديث، وكلام الصوفية. توفي مطعوناً في سنة تسع - بتقديم التاء - وثلاثين وتسعمائة، وصلى عليه ابن بلال في مشهد عظيم، ودفن في مقابر الصالحين بوصية منه رحمه الله تعالى. موسى الأدهمي التبريزي موسى الأدهمي التبريزي نزيل حلب، كان شيخاً معمراً منوراً، وكان من مريدي الحاج علي التبريزي الأدهمي، ثم قطن بحلب بزاوية الأدهمية شرقي السفاحية، ولم يزل يعبد الله تعالى فيها حتى توفي سنة أربعين وتسعمائة. قال ابن الحنبلي: ولم تر عيني مثل شيبته ونورانيته. موسى البيت لبدي الصالحي الحنبلي موسى، الشيخ شرف الدين البيت لبدي الصالحي، الحنبلي. مؤدب الأطفال بالشاذبكية بمحلة القنوات خارج دمشق. قال ابن طولون: كان يسمع معنا على الشيخ أبي الفتح المزي، والمحدث جمال الدين بن المبرد، ولبس خرقة التصوف من شيخنا أبي عراقية، وقرأ على محنة الإمام أحمد جمع ابن الجوزي، وأشياء آخر. توفي يوم الجمعة سلخ ربيع الثاني سنة ست وأربعين وتسعمائة. موسى الكردي العريان موسى الكردي، ثم الحلبي العريان، المجذوب. كان عارياً من الثياب صيفاً وشتاء، وكان يسمن إذا نزل الشتاء، ويهزل إذا كان الصيف، وكان ينام في الأسواق عند مواقد الطباخين، ولا يبالي بحر النار، وكان يأخذ قوته من أرباب البضائع، فلا يعارضونه، ويتبركون به، وكان الشيخ أحمد بن عبدو يعتقده، قال ابن الحنبلي: وحكي لي عنه أنه لما قدم البرهان العمادي من رودس إلى حلب. وصل لباب النيرب قى حماه فلما توفي الشيخ علوان. عاد إلى حلب واستقر في مشيخه الزينبية، وأخذ يربي فيها المريدين، ويتكلم فيها على الخواطر مع طيب الكلام، وإطعام الطعام، وإكرام الواردين إليه من الخواص والعوام، وحسن الصمت، ولين الكلمة، وفصاحة العبارة والتكلم في التفسير، والحديث، وكلام الصوفية. توفي مطعوناً في سنة تسع - بتقديم التاء - وثلاثين وتسعمائة، وصلى عليه ابن بلال في مشهد عظيم، ودفن في مقابر الصالحين بوصية منه رحمه الله تعالى. موسى الأدهمي التبريزي موسى الأدهمي التبريزي نزيل حلب، كان شيخاً معمراً منوراً، وكان من مريدي الحاج علي التبريزي الأدهمي، ثم قطن بحلب بزاوية الأدهمية شرقي السفاحية، ولم يزل يعبد الله تعالى فيها حتى توفي سنة أربعين وتسعمائة. قال ابن الحنبلي: ولم تر عيني مثل شيبته ونورانيته. موسى البيت لبدي الصالحي الحنبلي موسى، الشيخ شرف الدين البيت لبدي الصالحي، الحنبلي. مؤدب الأطفال بالشاذبكية بمحلة القنوات خارج دمشق. قال ابن طولون: كان يسمع معنا على الشيخ أبي الفتح المزي، والمحدث جمال الدين بن المبرد، ولبس خرقة التصوف من شيخنا أبي عراقية، وقرأ على محنة الإمام أحمد جمع ابن الجوزي، وأشياء آخر. توفي يوم الجمعة سلخ ربيع الثاني سنة ست وأربعين وتسعمائة. موسى الكردي العريان موسى الكردي، ثم الحلبي العريان، المجذوب. كان عارياً من الثياب صيفاً وشتاء، وكان يسمن إذا نزل الشتاء، ويهزل إذا كان الصيف، وكان ينام في الأسواق عند مواقد الطباخين، ولا يبالي بحر النار، وكان يأخذ قوته من أرباب البضائع، فلا يعارضونه، ويتبركون به، وكان الشيخ أحمد بن عبدو يعتقده، قال ابن الحنبلي: وحكي لي عنه أنه لما قدم البرهان العمادي من رودس إلى حلب. وصل لباب النيرب قبل أن يفتح وأنا معه، ولأني كنت توجهت للقائه، وصحبته إلى حلب، فإذا الشيخ موسى يحث على فتح الباب، ويقول وهو مردود الباب: إن العمادي، وابن عبدو قد وصلوا من غير أن يسمع صوت أحد منهم، توفي سنة ثلاث وستين وتسعمائة، وكان معمراً، ودفن خارج باب النيرب بحلب. حرف النون من الطبقة الثانية ناصر الدمشقي ناصر الأمير المولى ناصر الدين بن قنفار، الدمشقي،

ناصر الدين النحاس

الصالحي قال ابن طولون: أفادني عن بعض الصلحاء من أهل مصر أن من قرأ بعد العطاس فاتحة الكتاب، ثم قوله تعالى: " قال من يحيى العظام وهي رميم " الآية، ومر بلسانه على أسنانه جميعها، فإنه يأمن من الآفات ولا يصيبه منها سوء. توفي بحماة يوم السبت حادي عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى. ناصر الدين النحاس ناصر الدين النحاس، العبد صالح المصري. كان صانعاً عند الشيخ أبي النجا النحاس يأكل من عمل يده، ومهما فضل عن نفقته تصدق به، فسافر الشيخ أبو النجا إلى الروم في طلب الجوالي، فجهزه الشيخ ناصر الدين إلى أن مات، وكان يتملث، وحج مرة على التجريد من غير مال، ولا زاد، ولا قبول شيء من أحد، فطوى من مصر إلى مكة. قال الشعراوي: وأخبرني الشيخ ناصر الدين بيوم مات أخي أفضل الدين ببدر، وقال: مات أفضل الدين اليوم ببدر، ودفناه، فجاءت كتب الحاج بذلك كما قال قال: ووقع لنا معه عدة كرامات تركنا ذكرها لكونه كان يكره الشهرة. مات سنة خمس وأربعين وتسعمائة، ودفن عند سيدي علي الخواص خارج باب الفتوح رحمه الله تعالى. نصر الله الخلخالي نصر الله بن محمد العجمي، الخلخالي، الشافعي، الشيخ العالم ابن الفقيه. درس بالعصرونية بحلب، وكان ذكياً، فاضلاً، صالحاً، متواضعاً، ساكناً، ملازماً على الصلوات في الجماعة، حسن العبارة باللسان العربي. توفي مطعوناً سنة اثنتين وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. نعمة الصلتي نعمة الصلتي، الشيخ الصالح. توفي بالصلت سنة ست وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة رابع عشر ربيع الآخر من السنة المذكورة. قال ابن طولون: وكثر الثناء عليه. نور الدين بن عين الملك نور الدين بن عين الملك، الشيخ الصالح، الصالحي كان محباً لطلبة العلم، ملازماً لعمل الوقت بزاوية جده عين الملك بسفح قاسيون. توفي يوم الجمعة سادس شعبان سنة أربعين وتسعمائة.

حرف الهاء من الطبقة الثانية

حرف الهاء من الطبقة الثانية هاشم السروجي هاشم بن محمد، السيد هاشم بن السيد ناصر الدين السروجي الحسيني رئيس الأطباء بالمارستان النوري بحلب. كان حسن العلاج، كثير الملاطفة للعليل، سهل الانقياد. توفي سنة أربع وستين وتسعمائة. هاشم المنلا العجمي هاشم المنلا العجمي. قدم دمشق من مصر متوجهاً إلى الروم في سنة أربع وأربعين وتسعمائة، ونزل بمدرسة شيخ الإسلام أبي عمر بالسفح، وكان علامة في المعقول المعمى. هداية الله التبريزي هداية الله بن نار علي التبريزي الأصل، القسطنطيني الحنفي أحد موالي الروم. كان فصيحاً مقتدراً على التعبير بالعربية، يغلب عليه علم الكلام، ويميل إلى اقتناء الكتب النفيسة، وكان له معرفة بالأصلين والفقه، ومشاركة في غيرهما من العلوم. قرأ على المولى بير أحمد جلبي، والمولى محيي الدين الفناري، والمولى بن كمال باشا، والمولى طاش كبري. والد صاحب الشقائق وغيرهم، ثم صار مدرساً بمدرسة السلطان بايزيد، ثم بمدرسة بروسا، ثم بمدرسة مناستر بالمدينة المذكورة، ثم بإحدى المدرستين المتلاصقتين بأدرنة، ثم بإحدى الثماني، ثم صار قاضياً بمكة، وقدم حلب ودمشق ذاهباً إليها سنة ست وأربعين وتسعمائة. قال ابن الحنبلي: وقد أطلعني من نفائس كتبه على كتاب دمية القصر وأعارني إياه، وقد كان قرير العين به، كثير اللهجة بمدحه. قال: فأنشدته في مدحه من نظمي: بان لي أن دمية القصر ... كنز تبر القريض والنثر أو عروس تجملت بحلي ... وهي تزري بطلعة البدر ألبست من حلى البلاغة ما ... قد غلا فضله على الدر كم أديب بشعره نطقت ... هو في الشعر أوفر السعر

حرف الواو من الطبقة الثانية

ذات بث لمدحه ولما ... شذ من نتائج الفكر إن ترد أن تكون خاطبها ... أولها أنت غالي المهر واخلع التاج والشعار إذا ... رمت منها محاسن الثغر ثم إن صاحب الترجمة رحل من مكة إلى مصر، وترك القضاء لمرض ألم بعينيه، وأخذ في علاجه بمصر، ولم يبرأ منه، وبقي إلى أن مات سنة ثمان أو تسع وأربعين وتسعمائة. حرف الواو من الطبقة الثانية ولي بن محمد القسطنطيني ولي بن محمد، الفاضل العلامة ولي جلبي بن محمد جلبي القسطنطيني. قال شيخ الإسلام الوالد: لقيني بأزنكية يعني في رحلته إلى الروم، سمع مني جانباً من تفسير البيضاوي مع حل معناه له، وأفادته إياه، وقرأ علي في كتاب حديث يقال: إنه مختصر المصابيع لرجل رومي، وسمع شيئاً من شعري وأجزته. ولي بن الحسين الشرواني ولي بن الحسين، السيد الشريف، الحسني، العجمي الشرواني، الشافعي، المعروف بوالده. حج من بلاده، وعاد فدخل دمشق وحلب في طريقه في سنة تسع - بتقديم التاء - وعشرين وتسعمائة، وقرأ بحلب صحيح البخاري على برهان العمادي تماماً، وقرأ عليه بها جماعة منهم ابن الحنبلي: قال: قرأت عليه في متن الجغميني في الهيئة، وانتفعت به وهو أول اشتغالي في هذا الفن، ثم رحل إلى بلاده، وحدث بها واشتهر بالمحدث، وكان يعرف البيان والكلام في المطول، وحاشية التجريد على صدر شروان مولانا شمس الدين البراذعي، وتوفي ببلاده في سنة خمس أو ست وخمسين تسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. حرف الياء المثناة تحت من الطبقة الثانية يحيى بن محمد بن مزلق يحيى بن محمد، القاضي شرف الدين ابن

يحيى بن الكيال

قاضي القضاة بدر الدين بن المزلق، الدمشقي، الشافعي والد الشيخ بدر الدين المتقدم ذكره في حرف الحاء المهملة. توفي يوم الخميس ثالث عشري رمضان سنة خمسين وتسعمائة، ودفن في تربتهم عند مسجد الذبان، وكانت جنازته حافلة رحمه الله تعالى. يحيى بن الكيال يحيى بن إبراهيم بن قاسم، الشيخ الإمام، المحدث محيي الدين بن الكيال. سمع على والده في مسند الإمام أحمد، وباشر في الجامع الأموي، وكان له فيه قراءة حديث، وكان عنده حشمة، وذكره شيخ الإسلام والدي في تلاميذه. وقال: حضر بعض دروسي، وسمع علي جانباً كبيراً من البخاري نحو الثلث بقراءة الشيخ برهان الدين البقاعي، وأجزته. توفي الاثنين سلخ ذي القعدة سنة سبع وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. يحيى الخجندي يحيى بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن جلال الدين الخجندي المدني. قاضي الحنفية بالمدينة الشريفة، وإمامهم بها بالمحراب الشريف النبوي. كان عالماً عاملاً فاضلاً، عالي الإسناد، معمراً، ولي القضاء بغير سعي، ثم عزل عنه، فلم يطلبه، ثم عزل عن الإمامة، وكان معه ريعها، فصبر على لأواء المدينة مع كثرة أولاده وعياله، ثم توجه إلى القاهرة، فعظمه كافلها وعلماؤها، وأخرج له من جواليها شيئاً، وعرض له بحيث يستغني به عن القضاء، فقدم حلب، واجتمع بشيخ الإسلام الوالد وغيره، وكان اجتمع به حين حج بالمدينة سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، ثم قدم حلب في هذه المدة والسلطان سليمان بها سنة إحدى وستين وتسعمائة. قال ابن الحنبلي: كنت صحبته بالمدينة عابراً من الحج سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، وتبركت به، وأخبرني يومئذ أن جده الشيخ جلال الدين الخجندي الحنفي رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام. فقال له: أقم في المدينة فإنك تصلي علينا صلاة ما سمعنا أحداً يصليها علينا غيرك. أو كما قال فقال له الشيخ: ما هي. فقال: اللهم صل على سيدنا محمد صلاة أنت لها أهل، اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد صلاة هو لها أهل. يحيى بن علي الجعفري يحيى بن علي قال شيخ الإسلام: والدي

يحيى بن أبي جرادة

يحيى بن حسن، وهو سبط الشريف زين الدين عبد الرحمن بن إبراهيم الجعفري، الحنفي، الشيخ الفاضل العالم العامل أبو زكريا ابن قجا، المعروف بالخازندار الحلبي إمام الحنفية بالجامع الكبير بحلب، اجتمع بالشيخ الوالد في رحلته إلى الروم، وذكره الشيخ في المطالع البدرية. فقال بعد أن أحسن في ترجمته: سلم علينا بالجامع، وتودد وأسرع إلى تقبيل يدي وما تردد، فأجللت عن ذلك مقامه، وضاعفت حسن تلقيه وإكرامه انتهى. قال ابن الحنبلي: وكان ديناً، خيراً، قليل الكلام، كثير السكينة. أخذ الحديث رواية عن الزين بن الشماع، وعن التقي بن أبي بكر الحيشي. قال: وكانجده قجا فيما سمعت من مسلمي التتار الأحرار الذين لم يمسهم الرق، وكان خازندار عند يشبك اليوسفي الجركسي كافل حلب. قيل: وكان من خير جده هذا أنه فرق ذات يوم أشياء من الصدقات على الفقراء، فدخلت عليه امرأة، فدفع لها شيئاً، وطلب منها أن تدعو له بالحج، والموت بأرض الحجاز، ففعلت وكان دعاؤها مقبولاً، فحج ومات بمكة، ودفن عند قبر خديجة أم المؤمنين - رضي الله تعالى عنها - وتوفي صاحب الترجمة في سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة. يحيى بن أبي جرادة يحيى بن أبي بكر بن إبراهيم بن محمد الشيخ شرف الدين العقيلي، الحلبي، الحنفي، المعروف بابن أبي جرادة. نسبة إلى أبي جرادة حامل لواء أمير المؤمنين علي - رضي الله تعالى عنه - يوم النهروان، وكان اسم أبي جرادة عامراً، وكان الشيخ شرف الدين حسن الشكل، نير الشيبة، كثير الرفاهية، ولي نظارة الشاذبختية والمقدمية وغيرها بحلب. مولده سنة إحدى وسبعين وثمانمائة، ووفاته سنة أربع وخمسين وتسعمائة. يحيى بن موسى الأردبيلي يحيى بن موسى بن أحمد، الشيخ شرف الدين الأريحاوي، الحلبي المولد، الأردبيلي الخرقة، الشهير بابن الشيخ موسى. خالط الصوفية كالشيخ علوان، والكيزواني، والشيخ محمد الخراساني العجمي، ونال الحظوة عند أكابر الناس، وأمرائهم حتى تردد إلى منزله بعض قضاة حلب، ونوابهم في الدولة العثمانية، وصار له مريدون يترددن إليه بزاويته المجاورة لدار سكنه داخل باب قنسرين، وخلف خلقاً بالقرى، وكان قد طالع شيئاً من كتب الفقه، وكلام القوم، وداوم هو ومريدوه على الأوراد، وجعل من جملة أوراده أبيات السهيلي التي أولها:

يحيى بن يوسف التادفي الحنبلي

يا من يرى ما في الضمير ويسمع وسافر إلى الروم في رفع بعض المظالم: وعرض عليه بعض أركان الدولة شيئاً من المال فلم يقبله، وكانت وفاته سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة. يحيى بن يوسف التادفي الحنبلي يحيى بن يوسف بن عبد الرحمن قاضي القضاة نظام الدين أبو المكارم الحلبي التادفي الحنبلي القادري سبط الأثير بن الشحنة، وهو عم ابن الحنبلي شقيق والده. مولده في سنة إحدى وسبعين وثمانمائة، وتفقه على أبيه، وبعض المصريين، وأجاز له باستدعاء مع أبيه وأخيه جماعة من المصريين منهم المحب أبو الفضل بن الشحنة، والسري عبد البر بن الشحنة الحنفيان، والقاضي زكريا، والبرهان القلقشندي، والقطب الخيضري، والحافظ الديمي، والجمال يوسف بن شاهين الشافعيون وغيرهم، وقرأ بمصر على المحب بن الشحنة، والجمال بن شاهين سبط بن حجر جميع مجلس البطاقة سنة سبع وثمانين، وسمع على الأول بقراءة أبيه ثلاثيات البخاري، وعلى الثاني ثلاثيات الدارمي، ثم لما عاد والده إلى حلب متولياً قضاء الحنابلة ناب عنه فيه، وسنه دون العشرين، فلما توفي والده أوائل سنة تسعمائة اشتغل بالقضاء بعده، وبقي في الوظيفة إلى أن انصرمت دولة الجراكسة، وكان آخر قاض حنبلي بها بحلب، ثم ذهب بعد ذلك إلى دمشق، وبقي بها مدة، ثم استوطن مصر، وولي بها نيابة قضاء الحنابلة بالصالحية النجمية وغيرها، وحج منها وجاور، ثم عاد إلى حكمه، وكان لطيف المعاشرة، حسن الملتقى، حلو العبارة، جميل المذاكرة، يتلو القرآن العظيم بصوت حسن، ونغمة طيبة، توفي بمصر سنة تسع - بتقديم التاء - وخمسين وتسعمائة. يحيى المصري يحيى السيد الشريف محيي الدين المصري. موقع نائب الشام جان بردي الغزالي، وناظر الجامع الأموي بدمشق. ذهب إلى الروم، فأنعم عليه السلطان ابن عثمان بوظائف نحو خمسين عثمانياً، وتوفي بأدرنة. وهو راجع من الروم في سنة خمس وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -. يحيى الرهاوي يحيى، الشيخ العلامة شرف الدين الرهاوي، المصري الحنفي. كان نازلاً بدمشق، وسافر مع الشيخ حسن الضيروطي إلى مصر سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة، ولا أدري متى توفي.

يحيي محيي الدين

يحيي محيي الدين يحيى، الشيخ الصالح محيي الدين الذاكر بجامع ابن طولون بمصر، وهو أحد أصحاب الشيخ تاج الدين الذاكر، أذن لهم الشيخ في افتتاح الذكر. كان معتزلاً عن الناس، ذاكراً، خاشعاً، عابداً، صائماً، أقبل عليه الأمراء، وأكابر الدولة إقبالاً عظيماً، ونزل نائب مصر لزيارته مرات، ثم تظاهر بمحبة الدنيا فيها طلباً للستر، حتى أعتقد فيه غالب أهل الدنيا أنه يحب الدنيا مثلهم. قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: قال لي مرات: ما بقي الآن لظهور الفقراء فائدة بأحوال القوم. قال: وقد عوض الله تعالى بدل ذلك مجالسته في حال تلاوتي كلامه، ومجالسة نبيه صلى الله عليه وسلم في حال قرائتي لحديثه، فلا تكاد تراه إلا وهو يقرأ القرآن والحديث. قال: وأخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لي - يعني في المنام - أن يربي المريدين، ويلقن الذكر. مات في سنة ستين وتسعمائة. يوسف بن محمد الزرعي يوسف بن محمد بن علي، القاضي جمال الدين بن طولون الزرعي، الدمشقي، الصالحي، الحنفي ترجمه ابن أخيه الشيخ شمس الدين بالفضل والعلم، ونقل في وقائع سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة من تاريخه عن الشيخ تقي الدين القارىء أن مفتي الروم عبد الكريم أثنى على عمه المذكور ثناء جميلاً، وأنه لم ير في هذه المملكة أمثل منه في مذهب الإمام أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه - وذلك حين اجتمع القارىء بالمفتي المذكور بمكة، وكان القاضي جمال الدين بن طولون مجاوراً بها إذ ذاك، وقال النعيمي: إن ميلاده تقريباً سنة ستين وثمانمائة، وفوض إليه نيابة القضاء قاضي القضاة الحنفية تاج الدين بن عرب شاه في يوم الاثنين رابع جمادى الآخرة سنة خمس وثمانين وثمانمائة وانتهى. وذكر ابن طولون أن عمه توفي ليلة الأحد رابع محرم سنة سبع وثلاثين وتسعمائة بعلة الإسهال، ولم يوص، ودفن بتربته بالصالحية. يوسف بن محمد السعدي يوسف بن محمد بن أحمد بن عبد الواحد، الشيخ جمال الدين الأنصاري، السعدي، العبادي، الحلبي، الحنفي، كان فرضياً حيسوباً فقيها، ولي نيابة القضاء في الدولتين، وتوفي فقيراً بأنطاكية سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة.

يوسف بن إبراهيم الحلبي

يوسف بن إبراهيم الحلبي يوسف بن إبراهيم العرجلي الأصل، الحلبي الشافعي إمام الشرقية بالجامع الكبير بحلب كان متمولاً من أهل الخير، وكان يعمر الطرقات وغيرها بمال كثير من ماله. توفي في سنة إحدى وستين وتسعمائة. يوسف بن عبد الله الأرميوني يوسف بن عبد الله الشيخ الإمام العلامة السيد الشريف جمال الدين الحسيني، الأرميوني، الشافعي تلميذ الشيخ جلال الدين السيوطي وغيره ممن أخذ عنه العلامة منلا على السهروردي نزيل دمشق، وقرأت بخط صاحب الترجمة إجازة لبعض تلاميذه، وهو عبد السلام بن ناصر الدمياطي، الشافعي مؤرخة في سابع عشري شعبان سنة سبع وخمسين وتسعمائة. يوسف بن علي الرومي يوسف بن علي، المولى بن سنان الدين بن المولى علاء الدين اليكاني، الرومي، الحنفي أحد موالي الروم. قرأ على والده، وعلى غيره، وترقى في التدريس حتى درس في إحدى الثماني، وتقاعد عنه بتسعين عثمانياً، وبقي على ذلك إلى أن مات، وكان مشتغلاً بالعلم يحب الصوفية، وله كرم ولطف، وكان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، وله حواش على شرح المواقف للسيد، ورسائل كثيرة. توفي في سنة خمس وأربعين وتسعمائة. يوسف بن يحيى الجركسي يوسف بن يحيى، الشيخ الفاضل جمال الدين ابن الأمير محيي الدين ابن الأمير أزبك الجركسي، الحنفي. قرأ شرحي الشيخ خالد

يوسف بن المنقار

على الجرومية، والقواعد على ابن طولون، ثم أخذ في حل الألفية عليه، وكتب له إجازة، وشرع في حل الكنز في الفقه على الشيخ قطب الدين بن سلطان، ثم عرض له السفر إلى مصر لأجل استحقاقه في وقف جده، فتوفي بمصر غريقاً في سنة تسع - بتقديم التاء - وأربعين وتسعمائة، ودفن في تربة جده المنسوبة إليه الأزبكية خارج مصر. يوسف بن المنقار يوسف بن يونس بن يوسف القاضي جمال الدين بن المنقار الحلبي الأصل، الدمشقي، الصالحي. قطن الصالحية، وولي قضاء صفد، ثم خاربوط، ولم يذهب إليها، وولي نظر الماردانية، والعزية بالشرف الأعلى، وأثبت أنه من ذرية واقفيها، ثم لما توفي نازع ولديه في المعزية يحيى بن كريم الدين، وأثبت أنه من ذرية واقفها، قال ابن طولون: وقد ذكر الطرسوسي في أنفع الوسائل أن ذرية هذا الواقف انقرضت، وولي المذكور نظر البيمارستان القيمري وغيره، ثم أثبت أنه منسوب إلى الخلفاء العباسيين، ومدحه الشيخ أبو الفتح المالكي، وتعرض لذلك في أبياته، وأصله بيت قاضي القضاة ابن الكشك، وتوفي سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة. يوسف القراصوي أحد موالي الروم يوسف المولى حسام الدين القراصوي أحد موالي الروم. قرأ على علماء عصره، ثم خدم المولى عبد الكريم ابن المولى علاء الدين الغزي، ثم درس ببعض المدارس، ثم بمدرسة أسكوب، ثم بمدرسة بايزيد خان بطرابزون، ثم بإحدى الثماني، ثم صار قاضياً بأدرنة، ثم صار قاضياً بالقسطنطينية، ثم أعيد إلى إحدى الثماني ثانياً، وعين له مائة عثماني، واستمر إلى أن مات، وكان سخي النفس، حليماً، طارحاً للتكلف، منصفاً من نفسه - توفي - رحمه الله - في سنة سبع وخمسين وتسعمائة. يونس بن يوسف رئيس الأطباء يونس بن يوسف، الشيخ الفاضل الطبيب رئيس الأطباء بدمشق، وهو والد الشيخ شرف الدين الخطيب. قال والد شيخنا: كان فطناً. انتهت إليه رئاسة الطب بدمشق، وكان يرجع إليه في معالجة المرضى بدار الشفاء، وأقبلت عليه

الدنيا وممن أخذ عنه الطب ولده الشيخ شرف الدين والشيخ محمد الحجازي توفي في نهار الاثنين رابع عشر شعبان أو خامس عشره سنة ست وستين وتسعمائة.

الطبقة الثالثة

الطبقة الثالثة من الكواكب السائرة، في مناقب أعيان المائة العاشرة، فيمن وقعت وفاتهم من الأحقاء بالوصف من أول سنة سبع وستين إلى تمام سنة ألف المحمدون محمد بدر الدين الغزيري محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بدر بن عثمان بن جابر الشيخ الإمام، العالم العلامة، المحقق المدقق الهمام، شيخ الإسلام، والمسلمين، حجة الله على المتأخرين، المجمع على جلالته، وتقدمه، وفضله، الذي سبق من بعده، ولم يفته من تقدم من قبله، روح هذه الطبقة، وعين هذه الحلبة، بل البارع في الطبقة الأولى، والسابق في الثانية، شيخ أهل السنة، وإمام الفرقة الناجية، الجامع بين الشريعة والحقيقة، والقامع لمن حاد عن جادة الطريقة، الحائز قصبات السبق في تحقيق العلوم الشرعية، وتدقيق الفنون العقلية، والنقلية، الفقيه المفسر المحدث النحوي المقرىء الأصولي النظار، القانع الخاشع الأواه، ولي الله العارف بالله، الداعي إلى الله، أبو البركات بدر ابن القاضي، رضي الدين الغزي، العامري، القرشي، الشافعي والدي - رضي الله تعالى عنه

وأعاد علينا، وعلى المسلمين من بركاته، وجمع بيننا، وبينه في مقعد الصدق، ودرجاته. كان ميلاده في وقت العشاء ليلة الإثنين رابع عشر ذي القعدة الحرام سنة أربع وتسعمائة. وحمله والده إلى الشيخ العارف بالله تعالى القطب الكبير سيدي الشيخ أبي الفتح محمد بن محمد بن علي الإسكندري، ثم المزي العوفي، الشافعي، الصوفي فألبسه خرقة التصوف، ولقنه الذكر، وأجاز له بكل ما يجوز له، وعنه روايته، وهو دون السنتين، وأحسن والده تربيته، وهو أول من فتق لسانه بذكر الله تعالى، ثم قرأ القرآن العظيم على المشايخ الكمل الصالحين، الفضلاء النبلاء البارعين، الشموس محمد البغدادي ومحمد بن السبكي، ومحمد النشائي، ومحمد اليماني والشيخ سمعة القاري وجود عليه القرآن العظيم، وعلى الشيخ العلامة بدر الدين علي بن محمد السنهودي بروايات العشرة، وعلى الشيخ نور الدين علي الأشموني المقرىء، والشيخ شمس الدين محمد الدهشوري بحق أخذ هؤلاء الثلاثة عن العلامة ابن الجزري، ثم لزم في الفقه، والعربية، والمنطق، والده الشيخ العلامة رضي الدين، وقرأ في الفقه على شيخ الإسلام تقي الدين أبي بكر ابن قاضي عجلون وكان معجباً به يلقبه شيخ الإسلام، وأكثر انتقاعه بعد والده عليه، وسمع عليه في الحديث، ثم أخذ الحديث، والتصوف على الشيخ العارف بالله تعالى بدر الدين حسن ابن الشويخ المقدسي. ثم رحل مع والده إلى القاهرة، فأخذ عن شيخ الإسلام بها القاضي زكريا. وأكثر انتفاعه في مصر به والبرهان بن أبي شريف، والبرهان القلقشندي والقسطلاني صاحب المواهب اللدنية، وغيرهم، وبقي في الاشتغال بمصر مع والده نحو خمس سنوات، واستجاز له والده قبل ذلك من الحافظ جلال الدين الأسيوطي، وبرع، ودرس وأفتى، وألف وشيوخه أحياء فقرت أعينهم به وجمعه والده بجماعة من أولياء مصر وغيرها، والتمس له منهم الدعاء كالشيخ عبد القادر الدشطوطي، وسيدي محمد المنير الخانكي، وأخبرني الشيخ أحمد ابن الشيخ سليمان الصوفي القادري، وهو ممن أخذ عن الشيخ الوالد أن والده الشيخ رضي الدين، اجتمع بالقطب في بيت المقدس فسأله عن والده الشيخ بدر الدين، وهو صغير فقال له: عالم، ثم سأله عنهم مرة أخرى فقال له: عالم، ثم سأله عنه في المرة الثالثة فقال له: عالم ولي. قال الشيخ رضي الدين: فاطمأن قلبي عليه حين قال لي عالم ولي ثم لما رجع مع والده من القاهرة إلى دمشق، ودخلها في رجب سنة إحدى وعشرين وتسعمائة بعد ما برع بمصر ودرس، وألف ونظم الشعر كان أول شعر نظمه وهو ابن ست عشرة سنة قوله:

يارب يارحمان يا الله ... يامنقذ المسكين من بلواه أمنن علي وجد بما ترضاه ... بجزيل فضل منك يا الله تصدر بعد عوده من القاهرة للتدريس، والإفادة، واجتمعت عليه الطلبة، وهو ابن سبع عشرة سنة، واستمر على ذلك إلى الممات مشتغلاً في العلم تدريساً، وتصنيفاً، وإفناء ليلاً ونهاراً، مع الاشتغال بالعبادة، وقيام الليل، وملازمة الأوراد وتولى الوظائف الدينية كمشيخة القراء بالجامع الأموي، وإمامة المقصورة، ودرس بالعادلية، ثم بالفارسية، ثم الشامية البرانية، ثم المقدمية، ثم التقوية، ثم جمع له بينها، وبين الشامية الجوانية، ومات عنهما، وانتفع به الناس طبقةً بعد طبقة، ورحلوا إليه من الآفاق، ولزم العزلة عن الناس في أواسط عمره لا يأتي قاضياً، ولا حاكماً، ولا كبيراً، بل هم يقصدون منزله الكريم للعلم، والتبرك، وطلب الدعاء، إذا قصده قاضي قضاة البلدة، أو نائبها لا يجتمع به إلا بعد الاستئذان عليه والمراجعة في الإذن، وقصده نائب الشام مصطفى باشا فلم يجتمع به إلا بعد مرات، فلما دخل عليه قبل يده، والتمس منه الدعاء فقال له: ألهمك الله العدل، ولم يزده على ذلك فكرر طلب الدعاء، فلم يزده على قوله: ألهمك الله العدل، وكانت هذه دعوته لكل من قصده من الحكام. واستأذن عليه درويش باشا نائب الشام فلم يأذن له إلا في المرة الثالثة فقبل يده ورجله، وأشار إليه الشيخ أن يجلس معه على فراشه فأبى درويش باشا وجلس بين يديه، وطلب منه الدعاء فقال له: ألهمك الله العمل، وأوصاه بالرعية وقال له: الباشا يا سيدي ماذا تسمعون عني. فقال الظلم بلغني أن صوباشيك ضرب إنساناً في تعزير حتى مات، وضرب آخر فبالغ في ضربه فاستغاث بالله، واستجار برسوله صلى الله عليه وسلم فلم يخل عنه فقال له بحياة رأس درويش باشا فخلى عنه وهذا يدل على كفر كامن في قلبه، وعتو وتجبر، فأمر درويش باشا برفع صوباشيه في الحال وغضب عليه وجاء بعد ذلك الصوباشي إلى الشيخ فزجره، وطرده، وكان الشيخ، لا يأخذ على الفتوي شيئاً بل سد باب الهدية مطلقاً خشية أن يهدي إليه من يطلب منه إفادة، أو فتوى شفاعة، فلم يقبل هدية إلا من أخصائه، وأقربائه، وكان يكافىء على الهديه أضعافاً، وكان يعطي الطلبة كثيراً، ويكسوهم، ويجري على بعضهم، وإذا ختم كتاباً تدريساً، أو تصنيفاً، أولم وجعل ختماً حافلاً، ودعا أكابر الناس إليه، وفقراءهم، ثم أضافهم، وساوى في ضيافته بين الفقراء، والأمراء، وأحسن إلى الطلبة، وكان يحب الصوفية، ويكرمهم، وإذا سمع شيئاً مما ينكره الشرع بعث إليهم، ونصحهم، ودعاهم إلى الله تعالى، وكانوا يمتثلون أمره ويقتدون به، وكان إذا ورد إلى دمشق طالب علم أو فقير سأل الشيخ عنه، واستدعاه وأكرمه وأحسن إليه، وإن كان من أرباب الأحوال، ومظنات البركة سأله الدعاء له ولأولاده، وكان يضاعف نفقته في رمضان، ويدعو إلى سماطه كل ليلة منه جماعة من أهل العلم. وأهل

الصلاح، والفقراء، ويجلس معهم على السماط، وأما طلبته الذين حملوا عنه العلم، فقد جمعهم في فهرست، ثم لم يجمع إلا خيرة منهم، فذكرت منهم جماعة في الكتاب الذي أفردته لترجمته ممن ذكرهم في فهرسته، وممن لم يذكرهم، وهم كثيرون، وممن أخذ عنهم الحديث وغيره من قضاة دمشق، وغيرهم من الموالي قاضي القضاة محمد أفندي المعروف بجوي زاده، وقاضي القضاة محمد أفندي بن بستان، وكل منهم صار مفتياً بالتخت السلطاني العثماني والمفتيان بدمشق ابن العبد، وفوزي أفندي في جماعة آخرين، وهؤلاء كانوا يفتخرون بالشيخ، وأخذهم عنه، وأما من أخذ عنه من أجلاء مصر، والشام فكثيرون تضمن أكثرهم الكتاب المذكور، وأما تصانيف الشيخ في سائر العلوم فبلغت مائة وبضعة عشر مصنفاً ذكرتها في الكتاب المذكور، ومن أشهرها، التفاسير الثلاثة المنثور، والمنظومان، وأشهرها، المنظوم الكبير، في مائة ألف بيت، وثمانين ألف بيت وحاشيتان على شرح المنهاج للمحلي وشرحان على المنهاج كبير وصغير، ساير فيه المحلي، وزاد فيه أكثر من الثلث مع الإشارة فيه إلى نكت الحاشية، وهو في حجم المحلي أو دونه، وكتاب " فتح المغلق في تصحيح ما في الروضة من الخلاف المطلق "، وكتاب " التنقيب، على ابن النقيب "، وكتاب " البرهان الناهض، في نية استباحة الوطء للحائض " وشرح " خاتمة البهجة " وكتاب " الدر النضيد، في أدب المفيد والمستفيد، ودروس على طائفة من شرح الوجيز للرافعي والروضة والتذكرة الفقهية وشرحان على الرحبية وتفسير آية الكرسي وثلاثة شروح على الإلفية، في النحو منظومان، ومنثور، وكتاب شرح الصدور، بشرح الشذور وشرح على التوضيح لابن هشام، وشرح شواهد التلخيص في المعاني، والبيان، لخص فيه شرح السيد عبد الرحم العباسي، واللمحة، في اختصار الملحة ونظم الجرومية، وهو أول تأليفه وشرح الملحة مختصر وكتاب أسباب النجاح، في آداب النكاح، وكتاب فصل الخطاب، في وصل الأحباب، ومنظومة في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، ومنظومة في خصائص يوم الجمعة، وشرحها، ومنظومة في موافقات سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه للقرآن العظيم وشرحها، والعقد الجامع، في شرح الددر اللوامع نظم جمع الجوامع في الأصول لوالده وغير ذلك، وشعره في غاية الحسن، والقوة، وأكثره في الفوائد العلمية ومنه: ثة شروح على الإلفية، في النحو منظومان، ومنثور، وكتاب شرح الصدور، بشرح الشذور وشرح على التوضيح لابن هشام، وشرح شواهد التلخيص في المعاني، والبيان، لخص فيه شرح السيد عبد الرحم العباسي، واللمحة، في اختصار الملحة ونظم الجرومية، وهو أول تأليفه وشرح الملحة مختصر وكتاب أسباب النجاح، في آداب النكاح، وكتاب فصل الخطاب، في وصل الأحباب، ومنظومة في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، ومنظومة في خصائص يوم الجمعة، وشرحها، ومنظومة في موافقات سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه للقرآن العظيم وشرحها، والعقد الجامع، في شرح الددر اللوامع نظم جمع الجوامع في الأصول لوالده وغير ذلك، وشعره في غاية الحسن، والقوة، وأكثره في الفوائد العلمية ومنه: إله العالمين رضاك عني ... وتوفيقي لما ترضى مناي فحرماني عطائي إن ترده ... وفقري أن رضيت به غناي

وقال: بالحظ والجاه لا بفضل ... في دهرنا المال يستفاد كم من جواد بلا حمار ... وكم حمار له جواد وقال مقتبساً: من رام أن يبلغ أقضى المنى ... في الحشر مع تقصيره في القرب فليخلص الحب لمولى الورى ... والمصطفى فالمرء مع من أحب وللحافط العلامة جلال الدين السيوطي أحد شيوخ الوالد بالإجازة: أليس عجيباً أن شخصاً مسافراً ... إلى غير عصيان تباح له الرخص إذا ما توضا للصلاة أعادها ... وليس معيد للذي بالتراب خص فأجاب عنه شيخ الإسلام بقوله: جوابك ذا ناس جنابته لما ... توضأ فيه طهره عنه قد نقص وما جاء فيه بالتيمم سائغ ... ومن حكمة الأجزاء فيه عليه نص وقال رضي الله تعالى عنه: لو أبصروني راعياً وجه من ... أهوى ودمعي جارياً سيلا لشاهدوا المجنون إبن عامر ... يرعى صباحاً راجياً ليلى وقال مداعباً لشخص يقال له: يحيى الطويل، وكان في دمشق آخر يقال له: يحيى القصير: رأيت القصير أشر الورى ... وليس له في الأذى من مثيل فلو كنت خيرت لاخترت أن ... يموت القصير ويحيي الطويل وقال ضابطاً لنزول الشمس في برج الحمل في سنة ثمان وسبعين وتسعمائة في لفظ حمل وهو اتفاق لطيف: رابع عشر شهر شوال الحمل ... إليه نقل الشمس في عام حمل قلت ولنا اتفاق غريب هو أننا لما حججنا في سنة إحدى وألف، وهي أول حجة حججتها كنا نترجى أن تكون عرفة يوم الاثنين فرأينا هلال ذي الحجة الحرام ليلة السبت، وكان وقوفنا بعرفة يوم الأحد، وهو خلاف ما كان الناس يتوقعونه، فقلت لبعض إخواننا من أهل

مكة، وغيرهم ظهر لي اتفاق غريب، وهو أن الله تعالى قدر الوقوف في يوم الأحد في هذا العام لأنه عام أحد بعد الألف فاستحسنوا ذلك، وقلت مقيداً لهذا: لقد حججنا عام ألف واحد ... وكانت الوقفة في يوم الأحد اليوم والعام توافقا معاً ... فجل مولانا المهيمن الأحد وقال شيخ الأزارقة عمران بن حطان قبحه الله تعالى في قاتل علي رضي الله تعالى عنه وقبح الله تعالى قاتله، وهو عبد الرحمن بن ملجم أشقى الآخرين كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم يا ضربة من تقي ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا إني لأذكره يوماً فأحسبه ... أوفى البرية عند الله ميزانا لله در المرادي الذي سفكت ... كفاه مهجه شر الخلق إنسانا أمسى عشية غشاه بضربته، ... مما جناه من الآثام عريانا وقد عرض هذه الأبيات الخبيثة جماعة من العلماء، وقال شيخ الإسلام، وإمام أهل السنة والدي، وهو أحسن ما عورضت به: يا ضربة من شقي ما استفاد بها ... إلا اقتحاماً بيوم الحشر نيرانا إني لأذكره يوماً فأحسبه ... من أخسر الناس عند الله ميزانا أمسى عشية غشاه بضربته ... مما عليه ذوو الإسلام عريانا فلا عفا الله عنه ما تحمله، ... ولا سقى قبر عمران بن حطانا وشعر شيخ الإسلام الوالد مدون في كتاب مستقل، وقد أتينا على جملة صالحة في الكتاب الموضوع لترجمته. فلا معنى للإكثار منه هنا إلا أنا ذكرنا منه هذه النبذة للتبرك، ولقد كان - رضي الله تعالى عنه - ممن جمع بين العلم، والعمل، والسيادة، والرئاسة، وحسن السمت، وحسن الخلق، والسخاء، والحياء؛ عاش ثمانين سنة، إلا أياماً قليلة ما عهدت له فيها صبوة، ولا حفظت عليه كبوة؛ بل كان فيها موفر الحرمة، موقر الكلمة مقبول الشفاعة عند القضاة والحكام، معظماً معتقداً عند الخواص، والعوام. إن نزلت بالناس نازلة فزعوا إليه في كشفها، أو عرضت لهم معضلة هرعوا إليه في حلها، ووصفها، وإذا خرجت من بابه رقاع الفتاوي بادر الناس إلى تناولها من السائل، وتقبيلها والتبرك بها. رحلت الناس إليه من الأقطار، ووجهت إليه الفتاوي من سائر الأمصار. من ناله منه دعوة صالحة تمسك بها إلى آخر دهره، ومن ظفر بشيء من آثاره تمسك به سائر عمره. فما تعلق بشيء مما يشينه في عرضه، ولا في دينه، ولا تمسك في طلب رزقه بأمر يختلج به خالج في يقينه، بل كانت له الدنيا

محمد بن الحصكفي

خادمة، وإليه ساعية، من غير تجارة ولا سعي ولا تعرض لداعية. أخلاقه مرضية، وهمته علية، وعيشته هنية، مات ولم يقف على باب طالب لدين، ولا مطالب بعين، مع ما يسره الله تعالى من الرفاهية والنعمة، وهو مع ذلك مكب على العلم مشتغل بالعبادة صياماً، وقياماً، وذكراً، وتلاوةً وكان مواظباً على الأوراد ملازماً للطهارة، مختلياً عن الناس، مقبلاً على الله تعالى، وإذا بلغه منكر بعث إلى الحكام في إزالته، وأنكره بقدر طاقته، يصدع بالحق، ولا يخاف في الله لومة لائم، ولا يحابي، ولا يداهن في فتاويه، ولا في غيرها، وبالجملة فكان عين ذلك الوقت وإنسان ذلك الزمان: حلف الزمان ليأتين بمثله ... حنثت يمينك يا زمان فكفر تمرض أياماً، وكان ابتداء مرضه في ثاني شوال سنة أربع وثمانين وتسعمائة، واستمر مريضاً إلى يوم الأربعاء سادس عشري شوال المذكور، فتوفي إلى رحمة الله تعالى عقب آذان العصر، وهو يسمع الآذان جالساً، وصلى عليه الجمع الغفير من الغد يوم الخميس بعد صلاة الظهر في الجامع الأموي، وتقدم للصلاة عليه شيخنا شيخ الإسلام شهاب الدين العيثاوي، مفتي السادة الشافعية، بدمشق فسح الله تعالى في مدته، ودفن بتربة الشيخ أرسلان خارج باب توما من أبواب دمشق، وكانت جنازته حافلة جداً بحيث اتفق الشيوخ الطاعنون في السن، وغيرهم أنهم لم يشهدوا بدمشق مثلها إلا جنازة الأخ الشيخ شهاب الدين، فإنها تقرب منها مع القطع بأن جنازة أبيه أعظم بحيث أن المقبرة امتلأت من الناس، والطريق من الجامع إليها مع طوله، والجنازة لم تخرج بعد من الجامع، وقد خيمت بالجنازة وأظلتها طائفة من الطير خضر كان الناس يقولون إنها الملائكة، ولما وصلت الجنازة على الرؤوس إلى المقبرة أظلتهم سحابة لطيفة، وأمطرتهم مطراً مباركاً أرسله الله تعالى، وكان ذلك سبباً لزيادة عويل الناس، وضجيجهم، وتزاحم الأكابر على حمل الجنازة، ورثاه الشيخ العلامة شمس الدين الصالحي بقصيدة جليلة ذكرتها في الكتاب الذي أفردته لترجمته، وقال ماماي الشاعر مؤرخاً لوفاته: أبكى الجوامع والمساجد فقد من ... قد كان معارف التمكين وكذا المدارس أظلمت لما أتى ... تاريخه بخفاء بدر الدين محمد بن الحصكفي محمد بن محمد بن محمد بن علي الشيخ الإمام

العلامة ابن الشيخ الإمام العلامة شمس الدين ابن أبي اللطف الحصكفي، الأصل المقدسي، الشافعي عالم بلاد القدس الشريف، وابن عالمها، وأحد الخطباء بالمسجد الأقصى، كان - رحمه الله تعالى - كأبيه، وجده علامة فهامة، جليل القدر، رفيع المحل، شامل البر للخاصة، والعامة، كثير السخاء، وافر الحرمة، ديناً صالحاً ماهراً في الفقه، وغيره تفقه على والده ورحل إلى مصر وأخذ عن علمائها كشيخ الإسلام زكريا، والشيخ الإمام نور الدين المحلي، ودخل دمشق بعد موت عمه الشيخ أبي الفضل المتقدم ذكره في الطبقة الثانية. في سنة سبع أربع وثلاثين لاستيفاء ميراثه، وذكر ابن طولون في تاريخه أنه خطب بالجامع الأموي يوم الجمعة حادي عشر ربيع الآخر من السنة المذكورة، وشكر على خطبته توفي رحمه الله تعالى في بيت المقدس في شهر رجب الحرام سنة إحدى وسبعين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة في الجامع الأموي، وغيره من جوامع دمشق يوم الجمعة رابع شعبان من السنة المذكورة وتأسف الناس عليه، وهو والد الأئمة العلماء المشايخ أبي بكر، وعمر المترجمين في هذه الطبقة. 207 - ا - محمد بن محمد بن أبي اللطف: محمد بن محمد بن محمد، ابن الشيخ الإمام العلامة، الفاضل البارع الفهامة، شمس الدين ابن أبي اللطف المتقدم والده قبله. مولده في سنة أربعين أو إحدى وأربعين وتسعمائة، وبرع وهو شاب، وفضل، وتقدم على من هو أسن منه حتى على أخويه، وصار مفتي القدس الشريف على مذهب الإمام الشافعي، وكان له يد طولى في العربية، والمعقولات، وله شعر منه قوله مقيداً لأسماء النوم بالنهار، وما في كل نوع منها: النوم بعد صلاة الصبح غيلوله ... فقر وعند الضحى فالنوم فيلوله وهو الفتور وقيل: الميل قيل له: ... إذ زاد في العقل أي بالقاف قيلوله والنوم بعد زوال بين فاعله ... وبين فرض صلاة كان حيلوله وبعد عصر هلاكاً مورثاً وكذا ... كقلة العقل بالإهمال عيلوله وحكي أنه اجتمع في الخليل عليه الصلاة والسلام المشايخ الثلاثة الشيخ العارف بالله تعالى الشيخ أبو مسلم محمد الصمادي، والأستاذ العارف بالله تعالى سيدي محمد البكري، وصاحب الترجمة العلامة محمد بن أبي اللطف، فعمل الصمادي، وقتاً فقام الشيخ محمد بن

محمد بن محمد الإعزازي

أبي اللطف، وتواجد وأخذته حاله فاحتضنه الصمادي، فأفاق، فلما انتهى الوقت تصافح المشايخ، فقال ابن أبي اللطف البكري: يا مولانا مولانا الشيخ محمد الصمادي في غاية ما يكون إلا أنه بخيل فقال البكري: سبحان الله كيف يكون بخيلاً، وقد بلغني أن له سفرة ووراداً يردون عليه، فلا يخرج أحد منهم حتى يضيفه فقال: يا مولانا: ما أردت هذا أردت أنه بخيل بالحال قال: وكيف فقال: يا مولانا لما احتبك الذكر رأيت الخليل عليه الصلاة والسلام، وقد خرجت روحانيته من الضريح، ودخل في الحلقة فلما احتضنني الشيخ لم أره فقال له الشيخ البكري: لقد أصاب الشيخ خاف عليك أن تجنب فردك إلى الصحو توفي - رحمه الله تعالى - بالقدس الشريف في أواخر صفر سنة ثلاثة وتسعين - بتقديم الياء - وتسعمائة، وهي السنة التي توفي فيها الشيخ إسماعيل النابلسي فقيل: مات مفتي دمشق، ومفتي القدس في سنة واحدة. محمد بن محمد الإعزازي محمد بن محمد بن محمد القاضي، أبو الجود الإعزازي ناب في القضاء باعزاز مراراً، وبحلب مرة، وولي الخطابة بجامع إعزاز، وكتب بخطه لنفسه ولغيره من الكتب المبسوطة ما يكاد يخرج عن طوق البشر من ذلك خمس نسخ من القاموس وعدة من نسخ الأنوار، وعدة نسخ من شرح البهجة، وشرح الروض، وكتاب البخاري وشرحه لابن حجر في كتب أخرى لا تحصى كثرة، وكتب نحو خمسين مصحفاً كل ذلك مع اشتغاله بالقضاء، ووقف نسخة من البخاري على طلبة إعزاز قبل وفاته وتوفي في سنة ثمان وستين وتسعمائة - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة. محمد بن محمد أحد الموالي الرومية محمد بن محمد بن محمد أحد الموالي الرومية وابن مفتيها المنلا أبي السعود، كان فاضلاً، بارعاً ترقى في المناصب حتى أعطي قضاء القضاة بدمشق سنة خمس وستين وتسعمائة، وأثنى عليه والد شيخنا. وقال كان سخياً ما دخل من الروم أسخى منه، وكان ودوداً مر بسوق الأساكفة غربي باب البريد، فوقفوا وشكوا إليه ما هم فيه من هم العوارض. فقال لهم علي جميع ما عليكم منها، فوزن العوارض عن الصفين الغربي والشرقي، ولم يسأل عن غنيهم ولا فقيرهم. قال والد شيخنا وأخبرني بمنزله بملأ من الناس أنه وزن خمسمائة دينار عن الفقراء في العوارض. قال وغيره أخبرني بأكثر من ذلك، وكانت صدقته في الطريق كثيرة. قال واجتمعت الخصال المحمودة فيه، ولم ينكر عليه سوى تناول اليسق يعني المحصول.

محمد بن محمد الرملي محمد بن محمد بن أبي الفضل، الشيخ جلال الدين الرملي

محمد بن محمد الرملي محمد بن محمد بن أبي الفضل، الشيخ جلال الدين الرملي الحنفي رئيس المؤذنين بالجامع الأموي، وأحد الموقنين. كان يعرف الميقات والموسيقى وله جراءة كبقية بني الرملي، وكان يقتني الكتب، ويتاجر فيها. مات في سنة ألف. محمد بن محمد القاضي محب الدين محمد بن محمد بن أحمد بن يوسف بن أيوب القاضي محب الدين بن أيوب الشافعي. ناب في محكمة الباب بدمشق، ثم في الميدان، ثم في الكبري، ثم في قناة العوني، ثم في الصالحية، ومات وهو نائب بها رابع عشر ربيع الأول بعد العشاء سنة ثلاث وتسعين - بتقديم التاء - وتسعمائة، وحمل من الصالحية، ودفن تجاه المدرسة النحاسية شماليها بمقبرة الفراديس رحمه الله تعالى. محمد بن محمد البهنسي محمد بن محمد بن رجب، الشيخ الإمام، شيخ الإسلام الفقيه العلامة، النبيه الفهامة، شمس الدين، وقيل: نجم الدين البهنسي الأصل الدمشقي المولد والمنشأ أحد الرؤساء بدمشق، وخطيب خطبائها قرأت بخط الشيخ يحيى بن النعيمي أن ميلاده في صفر سنة سبع وعشرين وتسعمائة، وأخذ عن ابن فهد المكي، وغيره، وتفقه بالشيخ الإمام العلامة قطب الدين بن سلطان، وبه تخرج لأنه كان يكتب عنه على الفتوى لأن القطب كان ضريراً، ثم أفتى استقلالاً من سنة خمسين وتسعمائة، واشتغل في بقية العلوم على الشيخ أبي الفتح السبستري، والشيخ محمد الإيجي الصوفي نزيل الصالحية، وتخرج به أكثر من لقيناهم من الحنفية بدمشق منهم العلامة الشيخ عماد الدين المتوفي قبله، ورأس في دمشق بعد وفاة شيخ الإسلام الوالد، وكان إماماً بارعاً في الفقه مشاركاً في غيره، ولي خطابه الجامع الأموي بدمشق بعد خطيبه الشيخ أبي البقاء البقاعي بعد أن عرض في الخطابة للشيخ عبد الوهاب الحنفي إمام الجامع، فوجهت من الباب للبهنسي، واستناب في الخطابة شيخ الإسلام شهاب الدين الطيبي المقرىء مدة، ثم باشر الخطابة بنفسه ودرس في الجامع الأموي، والسيبائية، ثم بالمقدمية، ثم بالقصاعية، ومات عنها، وعلوفته في التدرس بها ثمانون عثمانياً؛ ولم يبلغ هذا المقدار في علوفة التدريس قبل شيخ الإسلام الوالد، وصاحب الترجمة أحد، ثم حدث بعد موتهما ترقية التدريس إلى مائة عثماني، وحج صاحب الترجمة مرتين مرة قبل سنه ست وستين وتسعمائة، ومرة في آخر عمره سنة خمس وثمانين وألف شرحاً على كتاب " منتهى

الإرادات " لم يكمله وكان رحمه الله تعالى حسن السمت ساكناً ساكتاً عما لا يعنيه خاشعاً، سريع الدمعة، لطيف الطباع، حسن المعاشرة وله مع ذلك شهامة، وكان طويل القامة، أبيض اللون، عليه عمامة كبيرة على عادة علماء ذلك العصر، ورأيته بعد موت والدي مرة، وأنا ابن ثماني سنوات داخل الجامع الأموي فتواجهت معه بين البئر، والحنفية فقال له بعض من معه: يا سيدي هذا ولد المرحوم شيخ الإسلام الشيخ بدر الدين الغزي فنظر إلي، وسألني عن اسمي فذكرت له، وسألني عما أقرأ فذكرت له فدعا لي، وترحم على والدي، وحدثني ولده الشيخ يحيى خطيب الجامع الأموي الآن نفع الله تعالى به أن والده كان له نخوة، وشهامة في أول أمره فدخل على شيخه الشيخ أبي الفتح السبستري، فقال له يا شيخ: أريد أن تذهب إلى السوق تشتري لي بهذه القطعة الفضية بطيختين، وتحملها بنفسك من السوق إلى خلوتي، وكان الشيخ أبو الفتح ساكناً بالخانقاه السميصاتية فذهب الشيخ محمد البهنسي، واشترى بطيختين كبيرتين، وأنف من حملهما، وأراد أن ينظر من يحملهما عنه فذكر كلام الشيخ، وخشي أن يكاشفه بما يفعله إذا حملهما لأحد، ولا يرضى بفعله فحملهما إلى منزل الشيخ أبي الفتح، وقد تصبب عرقاً، وانكد لمحل نظر الناس إليه فلما دخل على الشيخ قال له: عسى أن تصغر نفسك الآن قال: فمن حينئذ ذهبت عني الأنفة، والكبر وكان الشيخ البهنسي يجمع ما يتحصل له من الغلال في كل سنة، ويتربص به حتى يبيعه آخر السنة، ومثل ذلك لا يعد احتكاراً إذ الاحتكار شراء الطعام الذي تمس إليه حاجة العامة في زمن الغلاء ليبيعه بأغلى، وكان بعض حساد الشيخ ربما طعنوا عليه ذلك حتى وشي به إلى قاضي القضاة ابن المفتي، في بعض السنين فبعث إلى حاصل الشيخ البهنسي من فتحه، وباع ما فيه، ثم ارتفع السعر بعد ذلك وفات الشيخ منه جملة من المال فانكف البهنسي عن التردد إلى القاضي بسبب ذلك، ووقع بينهما فاتفق أن القاضي حصل له حمى شديدة، ومرض أياماً حتى أعياه المرض، فالتمس من الشيخ عمر الرائي، وكان يرى النبي صلى الله عليه وسلم، في منامه كثيراً أن يسأل من النبي صلى الله عليه وسلم إذا رآه في منامه أن يشفع إلى الله تعالى في شفائه، فرجع إليه الشيخ عمر الرائي وقال له: يا قاضي القضاة سألت لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قل له يلتمس الدعاء من الشيخ محمد البهنسي يحصل له الشفاء، ولم يعلم الشيخ عمر ما كان بينهما فبعث القاضي من تلطف بالشيخ البهنسي، وأتى به إليه فلما اجتمعا تعانقا، وتباكيا، ودعا الشيخ البهنسي له بالشفاء فشفاه الله تعالى بعد ذلك قريباً، وبالجملة فقد كان - رحمه الله تعالى - من أفراد الدهر وأعاجيب العصر، توفي - رحمه الله تعالى - بعد الظهر يوم الأربعاء أو خامس جمادى الآخرة سنة ست، وقرأت بخط منلا أسد سنة سبع ثمانين وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب الصغير بعد العصر عند قبر معاوية، ونصر المقدسي

محمد بن محمد المقدسي

رضي الله تعالى عنهما قال القاضي عز الدين بن أبي بكر بن الموقع في تاريخ موته: ما وجدت له شعراً أحسن من هذه الأبيات الثلاثة: لما لدار البقا مفتي الأنام مضى ... فالعين تبكي دماً من خشية الله لفقد مولى خطيب الشام سيدنا ... من لم يزل قائماً في نصرة الله وفاته قد أتت فيما أؤرخه ... البهنسي عليه رحمة الله محمد بن محمد المقدسي محمد بن محمد بن إبراهيم ابن الشيخ شمس الدين ابن الشيخ شمس الدين ابن الشيخ برهان الدين ابن الشيخ أحمد المقدسي المقرىء، كاتب المصاحف جده وأبو جده كان شاباً ذكياً فطناً حافظاً لكتاب الله تعالى ولي إمامة جامع منجك بمحلة الميدان بعد والده ووالده بعد والده، وانتفع بهم خلق كثير توفي رحمه الله تعالى بحمام شرف بعد أن اغتسل، وخرج ولبس ثيابه واستقبل القبلة، وهو على مسطبة الحمام، وأتى بالشهادتين وخرجت روحه، وحمل إلى بيته ميتاً وحمل بجنازته الأمير إبراهيم بن منجك ودفن إلى جانب والديه بمقبرة الجورة بالمحلة المذكورة رحمه الله تعالى. محمد بن محمد الصالحي محمد بن محمد بن أبي الفضل الصالحي، نجم الدين الشافعي كان تاجراً بسوق الدهشة، ثم تكسب بالشهادة بمحلة الصالحية، وصار رئيسها، ثم نقل إلى الكبرى، وصار رئيسها، وناب في القضاء في محكمة الميدان، ثم بالكبرى، ثم تركه وعاد إلى الشهادة، واستمر إلى أن توفي وكان قصير القامة كبير العمامة، وأخذ في فتنة القابجي وامتحن مع من امتحن به، وضعف بصره، وقلت حركته، وانقطع بمنزله نحو تسعة أشهر، ومات ودفن بالصالحية، وعملت صباحيته بمسجد هشام رحمه الله تعالى. محمد بن محمد بن بركات محمد بن محمد بن بركات الشيخ الفاضل، المعمر ولي الدين ابن الكيال، الشافعي حفيد الشيخ برهان الدين إبراهيم الناجي ... محمد بن محمد بن خطاب الحنبلي محمد بن محمد بن خطاب الشيخ شمس الدين بن خطاب الحنبلي، رئيس العدول بالمحكمة الكبرى، ثم بالباب أخذ صنعة التوريق عن الشيخ شمس الدين محمد بن محمد الجعفري، المعروف بابن قاضي نابلس، وكان خطهما متقارباً لا يكاد يفرق بينهما، واتسعت عليه الدنيا، وكان مسموع الكلمة وافر الحرمة خافه الناس حتى أكابرهم حتى مات رجل يقال له محمود الأعور عن بنت كان

محمد بن محمد الصمادي

يقال أنها تربت عنده فأثبت ابن خطاب هو وعلي الحلبي الترجمان أنها بنته، وأقام أحدهما وصياً عليها، وعلى مالها والآخر ناظراً بمعونة القاضي شمس الدين الرجيحي، ثم نبغ لهما كيخيا الإنكشارية المعروف بالسقا يوسف فشكى قصتهما إلى السلطنة، وعين على ابن خطاب ومن معه قابجي من الباب معه قاضي مستقل، وحبس ابن خطاب وولده القاضي كمال الدين والترجمان، وهرب الرجيحي وطلب منهم ثلاثين ألف دينار ذهباً بالإهانة والضرب، ثم حسن له بعض الأشقياء التطاول إلى أكابر البلد فحبس شيخ الإسلام الشيخ إسماعيل النابلسي والشيخ العلامة شمس الدين محمد الحجازي، والقاضي عبد الله الرملي، والقاضي شمس الدين الكنجي، والقاضي وفاء بن العقيبي في جماعة من التجار وغيرهم، وطال حبسهم عنده حتى ورد الأمر السلطاني بالإفراج عنهم، وقتل القابجي فشنق في سنة تسعين وتسعمائة. ثم خرج ابن خطاب وابنه القاضي كمال الدين فقيرين، قد استولى على كل ما كان بأيديهما، كان صاحب الترجمة يتردد إلى الجامع الأموي في أوقات الصلوات وغيرها، حتى توفي ثاني جمادى الأولى سنة اثنين وتسعين - بتقديم التاء - وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن محمد الصمادي محمد بن محمد بن خليل بن علي عيسى بن أحمد الشيخ الصالح الزاهد المرشد إلى الله تعالى، العارف بالله تعالى أبو مسلم شمس الدين الصمادي الدمشقي الشافعي القادري، كان ميلاده في سنة إحدى عشرة وتسعمائة كما أخبرني ولده الشيخ مسلم، وكان من أمثل الصوفية، في زمانه، وله شعر في طريقتهم إلا أنه لا يخلو من مؤاخذة في العربية، وكان شيخ الإسلام الوالد يجله، ويقدمه على أقرانه من الصوفية ويترجمه بالولاية، وكان يستدعيه إلى منزله بالخلوة الحلبية جوار الجامع الأموي كل سنة مرة، أو أكثر من مرة، ويقر به هو، وطائفته، ويعملون السماع عند الشيخ، وفي مجلسه عند باب الخلوة المذكورة في نفس الجامع ليلاً، ويضربون طبولهم، وأفتى الإسلام الوالد تبعاً لشيخي الإسلام شمس الدين بن حامد، والتقوي ابن قاضي عجلون بإباحة طبولهم في المسجد، وغيره قياساً على طبول الجهاد، والحجيج، لأنها محركة للقلوب إلى الرغبة في سلوك الطريق، وهي بعيدة الأسلوب عن طريقة أهل الفسق، والشرب، وكان الأستاذ الشيخ محمد البكري يجل صاحب الترجمة لأنهما اجتمعا في بيت المقدس وعرف كل منهما مقدار الآخر، وتقدم لصاحب الترجمة قصة لطيفة مع البكري، وابن أبي اللطف في ترجمة ابن أبي اللطف، وحدثني بعض أصحابنا قال: سافرت إلى القاهرة، وكان الشيخ محمد الصمادي دفع إلي مكتوباً، لأوصله لسيدي محمد البكري فلما دخلت عليه وذكرت له الشيخ

محمد الصمادي نهض قائماً إجلالاً لذكره فلما دفعت له المكتوب قبله ووضعه على عينيه، وأثنى عليه وقال: أخونا وسيدنا، وحدثني الشيخ الصالح علي اللؤلؤي، وكان ساكناً في جوار الشيخ الصمادي قال: حصل لي كائنة توسلت فيها إلى الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم، فرأيته في المنام، فقال: اذهب إلى جارك الشيخ أبي مسلم الصمادي وحمله هذه الحملة قال: فلما أصبحت غدوت على الشيخ الصمادي، لما دخلت عليه قال لي قبل أن أذكر له شيئاً: يا شيخ علي أنا ما أعلم الغيب، أما كنت تقول لي عن مصلحتك قال: ثم إن الله تعالى قضى حاجتي تلك على يد الشيخ الصمادي رضي الله عنه وبلغني أن رجلاً يقال له: محمد بن عرب خرج إلى المشرق في جلب الغنم، فلما عاد بات ليلة في مكان مخوف، وكانت ليلة شديدة الريح، كثيرة المطر، قال فأنا في أثناء الليل، وإذا بحركة ذعرت منها الأغنام، وتفرقت، وعجزت عن جمعها أنا والرعاة قال: فقلت: يا أبا مسلم هذا وقتك قال: فما أحسست إلا بضربة مقلاع جمعت لي الأغنام من سائر النواحي حتى انضمت، وكانت زوجة ابن عرب المذكور امرأة صالحة من أولياء الله تعالى تعتقد بالشيخ محمد الصمادي، وكانت تعتقد الشيخ الوالد، وتتردد إليه، وإلينا من بعده قالت: فدخلت علي أبي مسلم يوماً، وزوجي غائب في تلك السفرة فقال لي: يا أم فلان أقول لك عن شيء لا تحدثي به حتى أموت، إن زوجك الليلة البارحة شردت عنه أغنامه فناداني، واستغاث بي فتناولت حصاة، ورميت بها إليه، فاجتمعت إليه أغنامه، وسيقدم عليك سالماً لم يذهب له شيء، فلما قدم بعلها ذكر لها ما صار له في ليلة شرود الغنم عنه فقالت له: يا فلان أنا في الليلة الفلانية ذكر لي أبو مسلم أنه سمع استغاثتك، وأنه أخذ حصاة فرمى بها نحو الغنم، فاجتمعت، وكنت مرة مريضاً فاشتدت بي الحمى ذات ليلة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، وهو صدر حلقة فيها جماعة من الصمادية وغيرهم يذكرون الله تعالى عرفت منهم صاحب الترجمة، على يسار النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى يساره ولده الشيخ مسلم، ويليه بقية الصمادية فلما فرغوا من الذكر، وجلسوا سأل صاحب الترجمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الصمادية فقال: له النبي صلى الله عليه وسلم يا شيخ محمد ما فيهم غير ولدك مسلم، فلما استيقظت، وقد حصل لي عرق كثير وعوفيت، فبلغت رؤياي الشيخ محمد الصمادي، فبعث إلي، وقال لي: يا سيدي نجم الدين بلغتني رؤياك، ووالله أنها لحق، وأريد منك أن تقصها علي أنت، فلما قصصتها عليه قال والله صدقت رؤياك ما في جماعتنا غير مسلم، ثم توفي بعد هذه الرؤيا بيسير، وقام ولده الشيخ مسلم مقامه، وكان الشيخ محمد يحبني كثيراً، ويدعو لي كلما زرته، وحضرت في حلقته مراراً، وشهدت له أحوالاً شريفة، ورأيت في عمري أربعة ما رأيت أنور منهم إذا وقعت الأبصار عليهم شهدت البصائر بنظر الله إليهم أجلهم والدي، والشيخ محمد الصمادي والشيخ محمد اليتيم العاتكي، ورجل رأيته بمكة المشرفة داخلاً إلى حجرة تجاه الكعبة المعظمة له شيبة

نيرة، وعليه كسوة الصوفية حواليه الشباب في صور الترك يخدمونه، فلما وقع بصري عليه بادرت إلى يده فصافحته، وقبلت يده فقال لي: ما حاجتك. فقلت: الدعاء، فدعا بأدعية مأثورة بفصاحة، وبلاغة، وحسن توجه بعد أن استقبل الكعبة وأطال في الدعاء، بحيث كان كلما انتهى من دعاء طلبت منه في سري أن يدعو بدعاء آخر عين المقصود منه في نفسي فما يتم، الخاطر حتى يشرع في الدعاء بعينه، وهكذا ثم ختم دعائه، ومسح بيديه على وجهه فقلت له: يا سيدي لا تنسنى من الدعاء فقال لي: وأنت كذلك لا تنسني من الدعاء، ثم فارقته، وعزمت في نفسي، ألا أجالس أحداً بمكة في مدة إقامة الحاج بها غيره، وكان اجتماعي به قبل عرفة، فلما رجعنا من عرفة التمسته في تلك الحجرة، فلم أره وسألت عنه ساكن تلك الحجرة فقال لي: ما رأيت رجلاً قط بالصنعة التي ذكرت، ولا دخل هذا المذكور هذه الحجرة أصلاً، فعلمت أنه من رجال الله تعالى، بل المترجح عندي أنه قطب ذلك الوقت، وغوث ذلك الزمان، واجتمعت بجماعة من رجال الله تعالى ولله الحمد لكني ما رأيت أفضل من هؤلاء الأربعة، ولا أكثر بركة وإفاضة للخير على جلسائهم منهم، وكان مقدم اجتماعي بهذا الرجل الكامل في سابع ذي الحجة الحرام سنة إحدى بعد الألف من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وكان الشيخ محمد الصمادي رحمه الله تعالى معتقداً للخواص، والعوام خصوصاً حكام دمشق، والواردين إليها من الدولة، وكانوا يقصدونه في زاويته للتبرك به، وطلب الدعاء منه، وطلب منه مصطفى باشا أن يكتب له في محضره الذي شهدت فيه أهل دمشق باستقامته، فأبى أن يكتب له فيه، وكان في ذلك الوقت موافقاً لشيخ الإسلام الوالد، فإن مصطفى باشا قصد الوالد في بيته، وطلب أن يكتب له على محضره فقال له: ما علمت من حالك شيئاً، وأنا منزو في هذه الخلوة عن خلوته الحلبية ما أعرف من أحوالك شيئاً فقال له: يا سيدي ادع الله لي إذا لم تكتب لي فقال له: ألهمك الله العدل ألهمك الله العدل، لم يزده على هذه الدعوة شيئاً، فلما رجع مصطفى باشا إلى الروم قيل له: من وجدت في الشام. قال: ما وجدت فيها غير رجلين الشيخ بدر الدين الغزي، والشيخ محمد الصمادي، وذكره ابن الحنبلي في تاريخه، وقال: أنه قدم حلب مرتين ثانيتهما سنة أربع وستين، ونزل بزاوية ابن المحتسب بالقرب من سويقة الحجار قادماً من الباب العالي منعماً عليه قال: وزرناه فإذا هو ذو استحضار لمناقب أجداده، وما لهم من الكرامات حسن السمت، لطيف العشرة قال: وذكر لي أن مسلماً جده ينتسب إلى سعيد بن جبير وأخرج لي: طبلاً من نحاس أصفر، وأخبر أنه الذي كان مع مسلم في فتح عكا انتهى. قلت: وفي ذكره كذلك تلميح إلى خلاف ما استقر عليه الحال لأن من ثبوت نسب

الصمادية في سادات الأشراف على عادة ابن الحنبلي، في التنكيت في تاريخه، ويمكن الجمع بين ما ذكره وما ذكرناه فان نسبة الشيخ مسلم جد الصمادية إلى جبير من قبل الأم. وأما المرة الأولى التي قدم فيها أبو مسلم حلب، فهي لما كان في صحبة والده ذاهباً أو راجعاً من الروم أيضاً، وفي تلك القدمة الأولى أنعم السلطان سليمان على الصمادية بمرتب على قرية كناكر من قرى وادي العجم من أعمال دمشق قدره في كل سنة ثمانون غرارة من الحنطة منها أربعون لزاويتهم، وفقرائها، ووردها، ومنها أربعون لذرية الشيخ محمد والد أبي مسلم، وهي باقية بأيديهم إلى الآن. وذكر ابن الحنبلي أن أبا مسلم لوح لهم في قدمته الأخيرة إلى حلب أنه عوقب بالروم لسر أفشاه عند إنكار المنكرين بإسهال دموي أشرف منه على الهلاك، فأري في منامه إنساناً يشبه أن يكون من أجداده، فوضع يده على وجهه قائلاً بسم الله الكافي بسم الله الشافي بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء، فلما كانت صبيحة تلك الليلة شفي - بإذن الله تعالى، انتهى. قلت: حكى لي غير واحد، وفي ذكري أني سمعته من الشيخ محمد بنفسه أنه لما كان في الروم مع أبيه امتحنهم بعض الوزراء فأضافهم، ووضع لهم طعاماً فيه لحم ميت، أو سم، فلما وضع السماط هم والده أن يأكل منه، فأخذت أبا مسلم حالة ظهرت عليه في المجلس، وقال لأبيه لا تأكل فإن الطعام مشغول، ثم قام أبو مسلم، وجعل يهريق الطعام، ويتلفه، فاعترف الوزير بالامتحان وجعل يعتذر إلى الشيخ، ويتلطف بأبي مسلم، ثم أمر لهم بالسماط المعد لهم حقيقة فأكلوا منه، وطابت نفوسهم، فلعل هذا السر الذي أفشاه أبو مسلم، فعوقب عليه بالإسهال كما ذكره ابن الحنبلي، وبلغني أن الشيخ محمد قال: لوالده أبي مسلم بعد هذه الكائنة يا ولدي للشيخ أبي مسلم كرامات كثيرة، وكان يكتب للناس حجباً، وحروزاً ويتبرك الناس بخطه ويقصدونه لذلك، وللاستيفاء بخطه الكريم، وبالجملة كان من أفراد الدهر. توفي رضي الله تعالى عنه ليلة الجمعة عاشر صفر الخير سنة أربع وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة، ودفن بزاويتهم داخل باب الشاغور بعد أن صلوا عليه بالأموي، وحضر جنازته الأكابر والأصاغر، وتأسف الناس عليه كثيراً، وكانت دمشق قبل ذلك مزينة بثلاثة أيام لفتح تبريز وقيل في تاريخ وفاته رحمه الله تعالى: لهف قلبي على الصمادي دوما ... الحسيب النسيب أعني محمد

محمد بن محمد الحلبي

مذ توفي أهل النهى أرخوه ... مات قطب من الرجاء ممجد محمد بن محمد الحلبي محمد بن محمد بن صدقة، الشيخ الفاضل البارع الأوحد شمس الدين المقرىء، الحلبي إمام جامع النصر بحلب، وأحد أئمة جامعها الكبير، وشيخ ورد ابن داود بعد العلامة السرميني، المشهور بابن الجردون. ذكره ابن الحنبلي، وقال: كان شيخاً معمراً، قليل الكلام، سليم اللسان. كتب صحيح البخاري بخطه، وقرأ منه شيئاً على البدر السيوفي سنة أربع وعشرين، وأجاز له، وتوفي سنة تسع بتقديم التاء وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد أبو الفتح المالكي محمد بن محمد بن عبد السلام بن أحمد الشيخ الإمام العلامة، المفنن المدقق الفهامة، القاضي أبو الفتح الربعي التونسي الخروبي لإقامته بإقليم الخروب بدمشق المالكي، نزل دمشق قرأت بخط شيخ الإسلام والدي أن الشيخ أبا الفتح أخبره أن مولده كما وجد بخط أبيه مراراً، وقرأه مراراً ليلة الإثنين غرة شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعمائة، وذكر الشيخ إبراهيم بن كسبائي صاحبنا في بعض إجازاته لبعض من قرأ عليه أن مولد الشيخ أبي الفتح سنة سبع وتسعين وثمانمائة، وهو خطأ بلا شك، ولعله قربه تقريباً، والصواب ما تقدم. دخل دمشق قديماً وهو شاب، وكان يتردد كثيراً إلى ضريح الشيخ محيي الدين بن العربي، وبلغني عن شيخ الإسلام شهاب الدين الطيبي إنه لما دخل دمشق دخل في صورة متصوف متدين، ثم تغيرت أحواله، وصدق عليه قول القائل: أطعت الهوى عكس القضية ليتني ... خلقت كبيراً وانقلبت إلى الصغر وذكره شيخ الإسلام الوالد في فهرست طلبته، وقال: قرأ علي في منهاج البيضاوي وشرح الألفية لابن عقيل، ثم تلون، وتقلب، وظهرت منه أشياء منكرة. قال: وغلب عليه الحمق، والسخف، وقلة العقل، ولكن ثم من طيشه على غير طائل من علم، أودين قال: وامتدحني بقصيدة طويلة انتهى. قلت: وحقيقة الشيخ أبي الفتح كما تلقينا ممن لقيناه، واشتهر عنه أنه كان فقيهاً أصولياً يفتي الناس على مذهبه، وفتاويه مقبولة، وله حرمة باسطة، ووجاهة ظاهرة، وكان علامة في النحو والصرف، والمعاني، والبيان، والبديع والعروض، والمنطق، وأكثر العلوم العقليه والنقلية، وكان له الباع الطويل في الأدب، ونقد الشعر وشعره في غاية الحسن إلا أنه كان

متكيفاً يأكل البرش والأفيون كثيراً لا يكاد يصحو منه، وربما قرأ الناس عليه في علوم شتى، وهو يشرد، فإذا فرغ القارىء من قراءته المقالة فتح عينيه، وقرر العبارة أحسن تقرير، وكان على مذهب الشعراء من التظاهر بمحبة الأشكال، والصور الحسنة حتى رمي، واتهم، وكان لا يتحاشى عن مخالطة المراد الحسان، وكان هجاء تتفق له النكات في هجائه، وفي شعره، ولو على نفسه، وكان مغالياً في نصرة القهوة المتخذة من البن غير منكر له وله فيها مقاطيع مشهورة، ولطائف غير منكورة، وربما كان يراجع الطلقات الثلاث، وكان يقع في حق العلماء، والأكابر، وإذا وصل إليه نوال من أحدهم مدحه، أو أثنى عليه، وكانوا يخافون من لسانه، ولي نيابة القضاء بالمحكمة الكبرى زماناً طويلاً مع الوظائف الدينية، وحمل عنه الناس العلم وانتفعوا به وأنبل من تخرج به في الشعر، والعربية العلامة درويش بن طالوا مفتي الحنفية بدمشق ومدرس السليمانية بها، وسلك طريقته فيما هو فيه، وكان الشيخ أبو الفتح المالكي حجته في كل ما يأتيه، وذكره ابن الحنبلي في تاريخه، وقال: قدم حلب سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، واتفقت بيننا، وبينه جمعية بجامعها، وشهدنا له محاضرة جيدة في فنون شتى قال وكان قد سألني يومئذ سؤالاً نحوياً رمزت إلى جوابه في المجلس، ثم أوضحته في هذه الأبيات وبعثت بها إليه: أيا من له التحقيق في كل ما فن ... ومن شأنه الإتحاف من غير ما من جوابك لي قد مر رمز جوابه ... لديك، وقد شوهدت متقد الذهن سألت عن التنوين في جمع حاجة ... أليس لتمكين على القطع لا الظن وهل منع حاجات عن الصرف واقع ... ليمنع تمكيناً به صاحب الفن وقد مر في المغني لنا غير مرة ... جوابك منقولاً وناهيك بالمغني ومحصوله أنا وجدناه ثانياً ... وقد صير اسماً ذلك الجمع ياخدني ولكنني مولاي مستشكل له ... وما لي صريح من جواب ولا مكني أفقدك للتنوين من بعد موجب ... لمنعكه من قبل يا من له نعني وهل مانع من أن يكون مقابلاً ... وتنوين تمكين معاً عند ذي ذهن وهل مثبت التنكير في رجل له ... محيد عن التمكين كالسبب الحزن كما أنه لا منع من جمع ذاكذا ... فلا منع فيما نحن فيه فقس وابن وجد لي بشعر من قريضك ألقه ... عزيز عزيز المثل يا مقتدي معن

قلت: أنا أستحيي عن ابن الحنبلي في مقابلة الشيخ أبي الفتح المالكي، بمثل هذا الشعر وأبو الفتح يومئذ حائز قصبات السبق في الشعر الذي بلغ ببلاغته فيه النهايات، وزاحم فيه مثل، أبي تمام، والبحتري، والمتنبي، وأبي العلاء، وابن قلاقس، وأبن نباتة وغيرهم طبقة بعد طبقة، كيف؟ وقد أورد له ابن الحنبلي الأبيات الآتية، فسبحان من قسم الأذواق كما قسم الأرزاق. قال ابن الحنبلي: ثم قدم حلب سنة إحدى وستين، والمقام الشريف السلطاني بها، فتولى تدريس دار الحديث الأشرفية بدمشق، وعيب عليه ذلك لكونها شرط الواقف للشافعية قال: وهكذا عيب عليه ما انطوى عليه من شرب الخمر فما دونه، وتسليط الحشيشة على عقله والاختلاط بمنهي الغلمان جهراً من غير مبالاة بذلك نسأل الله تعالى العافية، وأورد له في مليح اسمه محمد بن حسام: كم باسم والده على عشاقه ... يسطو فيا حزناه من أحداقه ظبي ظبى ألحاظه قد جردت ... للفتك بالشاكين حول وطاقه رشأ كحيل الطرف معسول اللما ... عذب المراشف آخذ بعناقه يفتر. عن نظم الثريا ثغره ... وينوء بالجوزاء تحت نطاقه إلى أن قال: قسماً بصبح جبينه لو زار في ... جنح الدجى وسعى إلى مشتاقه لفرشت خذي في الطريق مقبلاً ... بفم الجفون مواطن استطراقه ووهبت ما ملكت يدي لمبشري ... بلقاء حضرة منعم بوفاقه وللشيخ أبي الفتح مؤرخاً عمارة الحمام الذي بناه مصطفى باشا تحت قلعة دمشق: لما كملت عمارة الحمام ... وأزداد به حسن دمشق الشام قالت طرباً وأرخت منشدة ... حمامك أصل راحة الأجسام وله موالياً موجهاً بأسماء الكواكب السبعة: لك صدغ عقرب على مريخ خدك دب وقوس حاجبك دايم مشتريه الصب وكم أسد شمس حسنك يا قمر قد حب والعاذل الثور في زهرة جمالك سب

وقال حاكياً للسان حال الجامع الأموي: يقول على ما قيل جامع جلق ... ألم يك قاضي الشام عني مسؤولاً تسلم للأعجام وقفي لأكله ... ويروى لهم عني كتاب ابن مأكولا أبعد فتى السبكي أعطى لسيبك ... وبعد الأمام الزنكلو لزنكولا أقاموه لي قرداً بشباك مشهد ... وضموا له قرداً على الرفض مجبولا يثمل كل أكل مالي بأسره ... فلا بلغ الله الأعاجم مأمولا وقال في جامع يلبغا وكان ملازماً للتردد إليه للتنزه: كم نزهة في يلبغا تبتغي ... ومدرج لم يخل من دارج يا حسنه من جامع جامع ... فاق على الزوراء من عالج يموج في بركته ماؤها ... تحت منار ليس بالمايج مأذنه قامت على بابه ... تشهد للداخل والخارج وقال فيه: إلى يلبغا فارق أعلى الدرج ... بشرقيه تلق باب الفرج وخذ يمنة منه نحو الشمال ... تصادف هنالك باب الفرج ومل مسرعاً نحو غربيه ... تجد باب عرف نسيم الأرج ومن حوله عصبة لم تزل ... لها تحت سرحته مفترج تقضي نفائس أوقاتها ... بأخبار من قد مضى أو درج فإن كنت عن حالهم سائلاً ... فليس على مثلهم من حرج ولما وقف الشيخ أبو الفتح على قول القائل: هذه القهوة هذي ... هذه المنهي عنها كيف تدعى بحرام ... وأنا أشرب منها فقال: أقول لقوم قهوة البن حرموا ... مقالة معلوم المقام فقيه فلو وصفت شرعاً بأدنى كراهة ... لما شربت في مجلس أنا فيه ومن لطائفه أنه سئل عن قائل هذا البيت: لا ضر أحبابي ولا روعوا ... غبنا فما زاروا ولا ودعوا

فأخبر بقائله ثم أنشد على الوزن والقافية ارتجالاً: يا من لصب بين أطلالهم ... يهيم لا يرقى له مدمع ترحلوا فالدار من بعدهم ... لبعدهم أطلالالها بلقع لا واخذ الرحمن من ضيعوا ... عهدي وإن خانوا وإن ضيعوا نذرت أن عادوا لهم مهجتي ... هيهات ما في عودهم مطمع وقال: ألا لعن الله الخصاصة والفقرا ... فإن سواد الوجه بينهما يطرا وما الذل إلا فيهما وعليهما ... وما العز إلا بالغنى وهو بي أحرى ومن يك في الدنيا فقيراً ومعدما ... يجد من بينها المقت والصد والهجرا فلا تك عن كسب الحطام بغافل ... لتبلغ في الدنيا السعادة والفخرا وقال سائلاً: يا أيها الفاضل أوضح لنا ... قضية صحت بلا مين في رجل فاه بقذف امرىء ... فرتب الحد على اثنين فأجاب عنه بقوله: هذا فتى أغرى سدي عبده ... بقذف شخص طاهر العين فالحد للسيد والعبد في ... قول صحيح عند عدلين وقال وقرأت بخط العلامة درويش بن طالوا أنه قال في مرض موته: مرحباً بالحمام ساعة يطرا ... ولو ابتز من مدى العمر شطرا حبذا الارتحال من دار سوء ... نحن فيها في قبضة القهر أسرى وإذا ما ارتحلت يا صاح عنها ... لا سقى الله بعدي الأرض قطرا مات رحمه الله تعالى في سنة خمس وسبعين وتسعمائة ودفن في الفراديس وقال ماماي مؤرخاً وفاته: مذ عالم الدنيا قضى نحبه ... منتقلاً نحو جوار الإله قد أغلق الفضل به بابه ... مؤرخاً مات أبو الفتح آه

محمد بن محمد بن علوان

وللشيخ ناصر الدين بن الكشك المعروف بابن أبي الحيل: مات أبو الفتح إمام الورى ... يا ويح أهل الشام من بعده ما زال قبل الموت يقري إلى ... أن ساقه الموت إلى لحده مشتغلاً في العلم مستغرقاً ... أوقاته فيه وفي سرده محمد بن محمد بن علوان محمد بن محمد بن علي الشيخ الفاضل شمس الدين ابن الشيخ المحقق العارف بالله تعالى شمس الدين ابن سيدي علوان الحموي الشافعي قام مقام عمه الشيخ أبي الوفاء في المشيخة نحو سنة ومات في سنة أربع وثمانين وتسعمائة بحماة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن محمد المشرقي محمد بن محمد علي الشيخ العلامة المعمر المسند الحافظ شمس الدين أبو عبد الله الغزي، الأزهري، الشافعي المعروف بابن المشرقي ميلاده بغزة في أوائل صفر سنة تسعمائة أخذ عن القاضي زكريا، والشيخ عبد الحق السنباطي وقاضي القضاة الكمال الطويل، والجمال الصالحي، والشمس الدلجي، والشيخ شمس الدين الطحان والشهاب أحمد بن شعبان بن علي بن شعبان الأنصاري، والسيد كمال الدين بن حمزة وغيرهم، وأخذ عنه جماعة منهم الشيخ محمد بن كسبائي الحديث، وغيره وتوفي سنة ثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن محمد بن الفرفور محمد بن محمد بن أحمد القاضي ولي الدين ابن القاضي ولي الدين بن الفرفور كان ديناً مطاوعاً لأخيه القاضي عبد الرحمن، الآتي توفي يوم السبت ثاني عشر ذي الحجة الحرام سنة أربع وثمانين وتسعمائة، ودفن بتربتهم جوار الشيخ أرسلان، وخلف ولدين أحدهما علي وكان أعلم مات صغيراً في بيت المقدس والثاني شهاب الدين أحمد الأطروش، وهو الآن من أفاضل دمشق قرأ علي شيئاً في النحو. محمد بن محمد جودي زاده محمد بن محمد بن الياس المولى الفاضل، والعلامة الكامل، قاضي القضاة محيي الدين. أحد موالي الروم المعروف بجوي زاده أحسن قضاة الدولة العثمانية، وأعفهم، وأصلحهم سيرة، وترقى في المدارس على عادة موالي الروم وولى قضاء دمشق، فدخلها في خامس عشر شهر صفر سنة سبع وسبعين وتسعمائة، وهي سنة

ميلادي، وانفصل في ختام السنة عن قضاء دمشق، وأعطي قضاء مصر، ثم صار قاضياً بالعساكر، وفي آخر أمره صار مفتياً بالتخت السلطاني، وكانت سيرته في قضائه في غاية الحسن بحيث يضرب بها المثل، وكان عالماً فاضلاً، بارعاً، ديناً خيراً عفيفاً، كان رسم الحجة في دمشق قبل ولايته أربع عشرة قطعة، فجعله عشراً، وكان رسم الصورة ثماني قطع فجعله ستاً، ودام على ذلك، وأخذ بعض نوابه في بعض الوقائع ما زاد على ذلك، فرده على مالكه، وقرأ على شيخ الإسلام الوالد في أوائل الكتب الستة، وغير ذلك، وحضر بعض دروسه في التفسير والفقه، واستجازه فأجازه، وكان يفتخر بقراءته على الشيخ وأجازته. وكتب الشيخ له إجازة بخطه حافلة في يوم الاثنين رابع شعبان المكرم عام ثمانية وسبعين وتسعمائة، وأثنى عليه الشيخ في هذه الإجازة كثيراً، وقال فيها: وقد اجتمع بي في الشام حين وليه قاضياً، وكان بحمد الله في قيام الحق، ونصرة الدين سيفا ماضياً، وصار كل من أهل الصلاح به راضيا. وهو والله عفيف نزه ... وله عرض مصون ما اتهم وخبير بمداراة الورى ... ومداراة الورى أمر مهم وكتب إليه شيخ الإسلام، وهو قاضي في دمشق في قضية من أبيات: يا مفرد العصر في علم ومعرفة ... وعفة ما عهدناها لمن سلفا ورفعة لمقام العلم مغترقا ... من نهلة ولأهل العلم معترفا قد عز مقداره أيام دولتكم ... وزداد مع شرف فيه لكم شرفا وكان - رحمه الله تعالى - حليماً إلى الغاية إلا في أمر الدين، ومصالح المسلمين، فإنه كان صلباً يغضب لله تعالى منع نائبه الجالس ببابه أن يسمع دعاوي حكام السياسة، بل كان هو يسمعها بنفسه، ويبالغ في ردعهم، ويتوعدهم، وربما ضرب بعضهم بحيث قل الظلم في زمانه، وانكف الظلمة عن أمور كثيرة، وكان إذا شفع عنده أحد من الأكابر أظهر له قبول الشفاعة فإن خالفت الحق، والأنصاف تناساها، وأعرض عن ذكرها ولم يقبل من أحد هدية في مدة قضائه. ولما انفصل عن دمشق أمر منادياً ينادي يوم الجمعة بالجامع الأموي أن قاضي القضاة عزل عن دمشق، فمن أعطاه شيئاً، أو أخذ منه، أحد من جماعته شيئاً، أو تعدى عليه أحد من جماعته، فليرفع قصته إليه حتى يرد إليه ما انتزع منه، فرفعت الناس أصواتهم بالبكاء، والدعاء، وأظهروا التأسف عليه لعزله، وتمنوا لو دامت ولايته عليهم ولما ولي قضاء العساكر الأناطولية بعد محمد أفندي ابن معلول، وكان قد حصل لابن معلول صرع في الديوان بعد أن ولي قضاء العساكر الأناطولية سبعة أيام، فأخرج تدريس التقوية عن شيخ الإسلام الوالد للشيخ

محمد بن محمد البروسوي محمد بن محمد بن عمر الشيخ، محيي الدين الأنطاكي

محمد الحجازي بسبب خنق كان عند ابن معلول، على شيخ الإسلام الوالد بسبب أن شيخ الإسلام لم يتردد إليه على عادة أهل دمشق، ولم يكن لشيخ الإسلام والدي عادة بذلك، فحقد عليه، فلما ولي قضاء العسكر أخرج في أول ولايته بمدرسة التقوية عنه فما بقي في قضاء العسكر سبعة أيام حتى جن في الديوان، فولى قاضي القضاة جوي زاده مكانه، وكان له مزيد اعتقاد في الوالد رحمه الله تعالى فلما ولي قضاء العسكر الأناطولي كان أول شيء عرضه على السلطان مراد رحمه الله تعالى تلخيص للوالد بثمانين عثمانياً، وكانت في يده قبل ذلك بسبعين عثمانياً وما بلغ أحد من موالي العرب في دولة بني عثمان ثمانين قبل المرحوم الوالد، وقال أبدأ بمدرسة شيخ الإسلام الشيخ بدر الدين تيمناً، وتبركاً، وكان حسن اعتقاده سبباً لرفعة مقامه حتى ولي قضاء العساكر الروم إيليه، وولي الإفتاء ودام في ولايته كلها على التعبد والتورع في طعامه، وشرابه، ولباسه، ومات وهو مفتي التخت العثماني ليلة الخميس سادس جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة. محمد بن محمد البروسوي محمد بن محمد بن عمر الشيخ، محيي الدين الأنطاكي الأصل البروسوي المولد الحنفي. أحد أولاد منلا عرب الواعظ ولد في سنة عشرين وتسعمائة وكان ذكياً فاضلاً، فصيح العبارة، بديع المحاورة، له إلمام جيد بالتاريخ، وأشعار الناس طارحاً للتكلف على جلالة فيه دخل حلب فأكرمه قاضيها عبد الباقي أفندي ابن منلا عرب المشارك أبوه لأبيه في اللقب، ثم ذهب إلى الروم فأمر بإغراقه هناك لأمر ما، ثم نالته شفاعة فخلى سبيله، ثم ولي بعد مدة مديدة قضاء مصر فتوجه إليها من طريق البحر، فغرق به سنة تسع بتقديم التاء وستين وتسعمائة ذكره ابن الحنبلي، ولنا بيت لطيف في معنى ما وقع لصاحب الترجمة وهو سبق القضاء بما أردت وقوعه ... لكنه في وقته سيكون محمد بن محمد بن معلول محمد بن محمد بن عبد القادر، أحد موالي الروم وابن أحد مواليها السيد الشريف قاضي القضاة ابن معلول. ولي قضاء الشام، وكلف الناس المبالغة في تعظيمه، وماتت له بنت، فصلى عليها شيخ الإسلام الوالد، وعزاه بالجامع الأموي، ولم يذهب معها لأنه حينئذ كان يؤثر العزلة، وعدم التردد إلى الحكام فحنق على الشيخ، ثم لما ولي مصر، ثم قضاء العسكر، وجه التقوية عن الوالد للشيخ محمد الحجازي المعروف بابن سماقة، ولم يكن حينئذ بذلك، وإنما راج على ابن معلول بالزايرجة وكان يقول

محمد بن محمد البصروي

له إن امرأتك حامل، وتلد ولداً اسمه محمد فإنه يكون المهدي فوضعت زوجته ولداً ذكراً وسماه محمداً، ثم سافر الحجازي إلى الروم، وبشره بأنه يتولى قضاء العسكر سبع عشر فتولاه سبعة عشر يوماً وكان في تلك المدة أخرج التقوية عن الشيخ للحجازي، فلما مضت تلك المدة جن ابن معلول، وأخذ من مجلس الديوان محمولاً وولي قضاء العسكر بعده جودي زاده، فأعاد التقوية إلى الشيخ، والقصة مشهورة، ثم ولي ابن معلول الإفتاء، ثم عزل عنه سريعاً، وأعطي نقابة الأشراف، ومات، وهو نقيب في سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة عن ثمان وخمسين سنة رحمه الله تعالى. محمد بن محمد البصروي محمد بن محمد بن علي القاضي شمس ابن الشيخ الإمام العلامة جلال الدين البصروي. أحد أعيان العدول بالمحكمة الكبرى، وكان مقدماً في علم التوريق، وخطه ضعيف مات في المحرم سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، عن تسعين سنة رحمه الله تعالى. محمد بن محمد العرة محمد بن محمد بن موسى ابن الشيخ علي العبد الصالح الزاهد، بل العارف المعروف بالعرة، الباقعي الحماري، الشافعي نزيل دمشق كان دسوقي الطريقة، وصحب سيدي محمد الأسدي الصفدي من أصحاب سيدي محمد بن عراق، وكان بينهما مصاهرة، أو قرابة، وكان الشيخ محمد العرة مواظباً على ذكر الله تعالى لا يفتر عنه طرفة عين، ووجهه مثل الورد يتهلل نوراً بحيث أن من رآه ذكر الله تعالى عند رؤيته، وعلم أنه من أولياء الله تعالى ويقال أنه رؤي بالموقف في جبل عرفات، وهو يومئذ بدمشق وكان في بدايته ذات يوم في بلدة حمارة من أعمال البقاع، فتحرك لحالة أخذته، وصاح فسمعه جماعة كانوا مجتمعين في مكان فقال: بعضهم ما هذا الصياح؟ فقال رجل منهم: هذا محمد العرة متحرك وكان في القوم رجل من الروم فقال الرومي والشيخ محمد العرة من أهل هذه البلدة قالوا نعم، فقال: حياه الله، فقالوا له من أين تعرفه، فقال: والله إني أعرفه من وقعة رودس، وأنا رأيته قدام السلطان سليمان بعيني رأسي، ثم قال لهم: أين يكون في هذا الوقت حتى نزوره، فقالوا له: في الجامع، فذهب الرومي إليه، وقبل يديه وأخذ خاطره، وذهب رجل يقال له عمر بن خضر من غزة البقاع إلى جبل لبنان في جماعة من البلد ليحتطبوا، والحال أن عمر بن خضر جنب، فبينا هم يقطعون الحطب إذا هاتف يهتف بهم يا أهل غزة جاءتكم العصاة، فهرب الجماعة، ورجعوا إلى غزه، فنظر عمر بن خضر فإذا الشيخ

محمد بن العرة واقف على مزبلة هناك، وهو متحرك لحال ورد عليه فقال له: يا عمر تذهب إلى جبل لبنان، وأنت جنب ما تخاف من العصاة، فأخذ عمر يقبل يد الشيخ، ويبكي، ويقول تبت إلى الله تعالى يا سيدي، وحكى صاحبه الشيخ تقي الدين القربي الصوفي قال كان للشيخ محمد بن العرة محب سمان في السويقة المحروقة، فجاء إليه الشيخ، وقد أخذه الحال، وقال له: أطلع من هذا السوق فإنه يقع فامتثل الرجل أمره، وطلع من السوق، وأخلى الدكان فنصب في تلك المحلة بهلوان، وربط حبله في جملون السوق، وكان فوق السوق، وتحته رجال، ونساء، وأولاد ينظرون إلى البهلوان وكان الشيخ محمد العرة تحت الجملون في جملة الناس، وهو في حال عظيم، فوقع السوق على من تحته، وسقط كل من كان عليه، ولم يتأذ منهم أحد ببركة الشيخ، وكان الشيخ قد أخبر السمان المذكور بسقوط السوق قبل ذلك لعشرة أيام، وكان من معتقدي الشيخ محمد رجل مسافر في بلاد الدروز، فنذر الله عليه أن رجع إلى دمشق سالماً أن يعطي الشيخ محمد العرة شاشاً، فرجع فأصبح الشيخ محمد يدق باب الرجل، ويقول هات النذر، فدفعه إليه، وله كرامات كثيرة يعرفها من كان يعاشره، وأنا رأيته - رضي الله تعالى عنه - مراراً وكنت كلما وقع نظري عليه سررت، وعددتها نعمة، ولما وقع الجراد بدمشق في سنة ست وتسعين وتسعمائة، وجيء بطائر السمرمر الذي يقال إنه إذا كان في بلد طرد منها الجراد، وأمر الحاكم بخروج الناس، والصوفية، والمشايخ إلى لقائه، فدخلوا به من على سطح قاسيون من ناحية القابون حتى، وضعوه على قبة التكية السليمانية بالمرجة، فمررت مع الناس فرأيت الشيخ محمد العرة جالساً في الشرف الشمالي، وهو يلهج بذكر الله تعالى على عادته بحيث لا تسكن حركة لسانه، فعرفت أنه حمل حملة الناس في اللجاء إلى الله تعالى في رفع الجراد، وهلك بإذن الله تعالى الجراد في تلك السنة، وكنت أقول في نفسي: إذا رأيت الشيخ محمد العرة لو اطلعت على حال هذا الرجل في تأدية الصلوات وهل يلازم الجمعة، والجماعة لأنه كان خفياً في ظهوره يغلب عليه الصمت، ولا يصاحب الناس، وكنت أقول: إن عرفت منه هذه الحالة جزمت بأنه من إبدال الشام، وخواص أوليائها، فصليت بعد ذلك بشيء يسير صلاة الجمعة، وكان منتصف شعبان سنة أربع وتسعين وتسعمائة، فلما كان قبل الأذان، وإذا بالشيخ محمد العرة واقف إلى جانبي يجيب المؤذن حتى فرغ، فصلى تحية المسجد كما ينبغي، ثم جلس فلما شرع الخطيب في الخطبة سكن لسانه عن الذكر على خلاف عادته فعلمت أنه آثر الصمت على الاشتغال بالذكر، وهو المطلوب، والخطيب يخطب، ثم لاحظته في صلاة الجمعة، وفى الأوراد بعدها وصلاة السنة، ثم بقى جالساً حتى خرج الإمام من

محمد بن محمد الزغبي

محرابه، فقام، وصافحني، وهو ينظر إلي مبتسماً كان يقول لي تحققت الحالة التي طلبت مني، فعظم حال هذا الرجل عندي، وهو ممن أرجو أن ألقى الله تعالى على محبته، واعتقاده - رضي الله تعالى عنه - وكانت وفاته في صبيحة يوم الثلاثاء تاسع عشر شهر ربيع الأول سنة تسع وتسعين بتقديم التاء المثناة في الثلاثة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. ى محبته، واعتقاده - رضي الله تعالى عنه - وكانت وفاته في صبيحة يوم الثلاثاء تاسع عشر شهر ربيع الأول سنة تسع وتسعين بتقديم التاء المثناة في الثلاثة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن محمد الزغبي محمد بن محمد بن عبد الرحيم بن عبد الله، الشيخ الصالح المجذوب الدمشقي، المعروف بالزغبي. كان سميناً طويل اللحية له شيبة بيضاء، وكان له ذوق ونكت، ولطائف على لسان القوم، وإشارات الصوفية، وكان قد صحب في طريق الله تعالى جماعة منهم الشيخ عمر العقيبي وكان لا يشكو إليه الخواطر على عادة الفقراء فشكى بعض الفقراء ذات يوم خاطراً إلى الشيخ عمر، وقال يا سيدي خاطر ما لنا نرى الشيخ محمد الزغبي لا يشكو إليك خاطراً فقال الشيخ عمر للزغبي يا شيخ محمد سمعت هذا الخاطر الذي شكاه هذا الفقير فيك. فقال: نعم، وأنا الآن أشكو إليك خاطراً خطر لي قول القائل: يا بو علي الشكوى إليك مذلة ... واش تنفع الشكوى لمن لا يزيلها فالتفت الشيخ عمر إلى الفقراء، وقال: تعرضوا بعد هذا بالزغبي. وحدثني بعض إخواننا الصالحين قال: كنت مرة مع الزغبي بقرية برزة بالمقام، فسألته بماذا أعطي ما أعطي؟ قال: فقال لي: ما لك بهذا السؤال؟ فقلت: لا بد أن تخبرني، فقال يا ولدي ما نلت هذه الرغبة حتى سحت في البرية أربع عشرة سنة، وحكى لي أنه في بدء أمره، وحال تجرده وقف على جبل الربوة خارج دمشق عند المحل المعروف بالمنشان، فوثب منه إلى جبل المزة، وأنا أنظر، وكان الزغبي يحب أن يشرب الماء عن الرماد، ويصفه لكل من شكى إليه مرضاً أي مرض كان. وكان يقول: هو الصفوة، وكان منزله بمحلة القيميرية، وكان كل من دخل إليه يريه الكنيف، ويقول له هذا بيت المال يشير إلى أنه مرجع الدنيا وأموالها غالباً، وكان ربما ظهر عليه أشياء يخالف ظاهرها للشرع تستراً، وربما أمسك عن اللحم أحياناً، ونظر مرة إلى جزار يذبح جدياً، ولم يتلطف في ذبحه فأحس منه بالقسوة والجدي يصيح فتناول الشيخ الجزار، ونكس رأسه إلى أسفل ورفع رجليه وأوهمه أنه يريد أن يدخل عرقوبه في الكلاب المعد لتعليق الغنم المذبوحة من عراقيبها. وقال له: هذا ما هو مخلوق مثلك كيف لا ترحمه. حدثني عنه بذلك شيخنا فسح الله تعالى في مدنه، وكان لا يصلي ظاهراً بين الناس، وأخبرني شيخنا، وغيره أنه

كان في أوقات الصلاة يصلي من حيث لا يرى، وأنه تغيب صورته لأنه كان من الأبدال، وقال له مرة: شيخ الإسلام شهاب الدين الطيبي إمام الجامع الأموي، وهو بالجامع يا شيخ محمد ما لك لا تصلي فقال: يا سيدي ما في الجامع موضع طاهر فقال له الشيخ الطيبي: كيف تقول ما في الجامع موضع طاهر قال: يا سيدي الشيخ لو كان في الجامع موضع طاهر ما كنت أنت إذا دخلت الجامع تلبس التاسومة، وإذا أردت الصلاة فرشت السجادة، وكان هذا عادة الشيخ تورعاً، فعرف الشيخ أنه أراد ممازحته، والتنكيت عليه فأعرض عنه ومر يوماً على كان الجزار بمحلة القيمرية وكانت تلك محلة الشيخ الطيبي أيضاً، فوجد الشيخ الطيبي واقفاً على الجزار. فقال الزغبي: للجزار يا معلم توص من هذا الشيخ فإنه يتصرف في الألوف من الناس، ويطاوعونه، ولا يتجرأ أحد منهم على مخالفته أن طأطأ رأسه طأطأوا معه، وأن رفع رأسه رفعوا معه، وحكي أنه دخل مرة على بعض القضاة بدمشق فقال: السلام عليك يا قاضي الشياطين، فغضب منه القاضي، فقال له: لا تغضب وأصبر حتى أتبين لك إذا كان لأحد عندي حق، فدفعته إليه، ولم أظلمه منه شيئا، أو كان لي عند أحد حق، فأعطاني حقي أترانا نجيء إليك حتى إذا أراد أحدنا أن يظلم الآخر، أو جحد شيئاً من حقه؟ أو استطال عليه جئنا إليك، فأنت لست بقاضي المحقين، وإنما أنت قاضي المبطلين، والشياطين، فسري عن القاضي، وانبسط معه، وحكى أن بعض القضاة حبسه بالبيمارستان، فابتلي القاضي بالقولنج تلك الليلة، فقيل له: هذا بسبب إساءتك إلى الزغبي، فبعث إلى البيمارستان ليلاً ليخرجه منه، فلما جاءوا إليه قال: لا أخرج أنا في ضيافة سيدي نور الدين الشهيد، والضيافة ثلاثة أيام فلم يخرج منه إلا بالجهد، فلما خرج زال العارض عن القاضي، فاعتقده بعد ذلك، واعتقدته بعض المخدرات، ورغبت في محبته فتزوجها، وسلكت على طريقته، وخرجت عن كل ما تملك، وغلب عليها الجذب، وكانت لا تحتجب، وتذهب معه حينما ذهب مسفرة، وكان هذا من جملة ما انتقد عليه، وحدثني السيد أبو الوفاء بن الحجار قال: دخلت على الزغبي مرة، فقلت لزوجته كيف حالك يا أمي؟ فقالت أعرف حالك أنت، ثم أسأل عن حالي قال: وسأله بعض الناس عن أسفار وجه زوجته فقرأ الآية " والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا " وكانت وفاة زوجته قبله في سنة سبع وسبعين وتسعمائة - بتقديم السين في الأوليين - بقرية حرستا، ودفنت هناك، وحدثني السيد وفاء قال: لما ماتت زوجة الزغبي سمعته يقول تقدمتنا الحاجة، واتسعنا لحزنها ولو تقدمناها ما وسعت حزننا، وحدثني صاحبنا العبد الصالح العارف بالله تعالى أبو بكر الديماسي، وكان أحسن جماعة الزغبي محافظاً على الصلوات في الجماعات، والجمعات، والأوراد والأذكار من البكائين من خشية الله تعالى أن الشيخ محمد الزغبي ما كان يترك الصلاة ولكنه كان يصلي في أماكن لا يطلع الناس عليه فيها، وكان هذا

محمد بن محمد المولى أبو السعود

الرجل هو السبب في حسن اعتقادي في الزغبي، فإنا نعتقد أن الشيخ أبا بكر المذكور كان من كبار الأولياء وحكي عن الشيخ علي بن عبد الرحيم الصالحي قال: كنت مع الشيخ محمد الزغبي قبل أن يموت بسنة في الصالحية حتى إذا وصلنا إلى الزقاق الذي يذهب منه ضريح الشيخ أبي بكر بن قوام غربي الصالحية فقال: لا إله إلا الله أن لنا هنا حبسة طويلة، وأشار إلى المقبرة التي بالسفح في الجهة المذكورة قال: فما زلت متفكراً في مقالته حتى توفي ودفن هناك، وكانت وفاته في سنة ثمان وسبعين بتقديم السين وتسعمائة أو قبلها بيسير أو بعد بيسير. وقيل إن يوم موته وافق يوم فتح قبرص رحمه الله تعالى رحمه واسعة. كان من كبار الأولياء وحكي عن الشيخ علي بن عبد الرحيم الصالحي قال: كنت مع الشيخ محمد الزغبي قبل أن يموت بسنة في الصالحية حتى إذا وصلنا إلى الزقاق الذي يذهب منه ضريح الشيخ أبي بكر بن قوام غربي الصالحية فقال: لا إله إلا الله أن لنا هنا حبسة طويلة، وأشار إلى المقبرة التي بالسفح في الجهة المذكورة قال: فما زلت متفكراً في مقالته حتى توفي ودفن هناك، وكانت وفاته في سنة ثمان وسبعين بتقديم السين وتسعمائة أو قبلها بيسير أو بعد بيسير. وقيل إن يوم موته وافق يوم فتح قبرص رحمه الله تعالى رحمه واسعة. محمد بن محمد المولى أبو السعود محمد بن محمد الإمام العلامة، المحقق المدقق الفهامة، العلم الراسخ، والطود الشامخ، المولى أبو السعود العمادي الحنفي مفتي التخت السلطاني وهو أعظم موالي الروم، وأفضلهم لم يكن له نظير في زمانه في العلم، والرئاسة، والديانة أخذ عن علماء عصره منهم العلامة المولى قادري جلبي، وترقى في التداريس، والمناصب حتى ولي الإفتاء الأعظم، وألف المؤلفات الحافلة منها التفسير المشهور المسمى بالإرشاد جمع فيه ما في تفسير البيضاوي، زاد فيه زيادات حسنة من تفسير القرطبي، والثعلبي والواحدي، والبغوي، وغيرها، وله كتاب جمع فيه بعض ملازميه جملة صالحة من فتاويه، وله القصيدة المشهورة التي أولها: أبعد سليمى مطلب ومرام ... ودون هواها لوعة وغرام وفوق حماها ملجأ ومثابة ... ودون ذراها موقف ومقام وهي مشهورة من محاسنها قوله فيه: فكم عشرة ما أورثت غير عسرة ... ورب كلام مقتضاه كلام

وقد خدمها الأفاضل، فمنهم من خمسها، ومنهم من شرحها، وقد اتفق لنا رواية هذه القصيدة، وغيرها من كلامه، ورواية تفسيره الحافل عن أحد تلاميذه العلامة السيد الشريف المولى محمد المعروف بالسعودي قاضي حلب، وآمد، وغيرها حين قدم علينا دمشق سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، وكان المولى أبو السعود عالماً عاملاً، وإماماً كاملاً شديد التحري في فتاويه حسن الكتابة عليها، وقدراً مهيباً حسن المجاورة، وافر الأنصاف ديناً خيراً سالماً مما ابتلي به كثير من موالي الروم من أكل المكيفات، سالم الفطنة جيد القريحة، لطيف العبارة، حلو النادرة، سئل عن شخص لا هو مريض، ولا صحيح ولا حي، ولا ميت، ولا عاقل، ولا مجنون، ولا نائم، ولا يقظان، فأجاب بقوله إن كان لهذا وجود فهو الترياقي وسئل عن شرب القهوة قبل أن يكمل اشتهارها بعدما قرر له اجتماع الفسقة على شربها، فأجاب بقوله ما أكب أهل الفجور على تعاطيه، فينبغي أن يجتنبه من يخشى الله، ويتقيه، وهذا ليس فيه تصريح بتحريمها، بل يقتضي أن الأولى تركها حذراً من التشبه بالفجار، والكلام في القهوة الآن قد انتهى الاتفاق على حلها في نفسها وأما اجتماع الفسقة على إدارتها على الملاهي، والملاعب، وعلى الغيبة، والنميمة فإنه حرام بلا شك وقد أجبت عن سؤال صورته. أيها الفاضل الذي جمع العلم ... وحاز التقى فأصبح قدوة أفتنا أنت هل تقول حلال أم ... حرام على الورى شرب قهوة فقلت: أيها السائل الذي جاء يرجو ... عندنا أن نبيحه شرب قهوه قهوة البن لا تكون حراماً ... إنها لا تفيد في النفس نشوه غير أن الذي يجيء بيوتاً ... هي فيها تدار عادم نخوه إذ يرى المرد والمعازف والنرد ... وكل يلهو فيبلغ لهوه ثم لم يقو أن يغير نكرأ ... خشية أن يعد ذلك هفوه أو يجيبوه بالإهانة والسوء ... ويجفونه بأعظم جفوه أويخلي شيطانه لهواه ... لهوه في تلك البيوت ولغوه معرضاً عن رشاده وتقاه ... سالياً عن صلاته أي سلوه كل هذا مخالف لطريق ... خطه المصطفى وعرج نحوه فأجتنبه ودع طوائف تدعوك ... إليه ولو باكد دعوه لا تطعهم ولو رضوا منك خطوة ... فتطيع الرجيم في كل خطوه وإذا شئت شرب قهوة بن ... حسوة قد أردت أو ألف حسوه

محمد بن محمد بن ولي الدين الفرفور

فليكن ذاك وسط بيتك مهما ... لم تشب صفوها بموجب صبوه واذكر الله أولاً وأخيراً ... وتوثق منه بأوثق عروة قاله ابن الغزي نجم ابن بدر ... يرتجي من رب البرية عفوه أخبرني شيخنا القاضي محب الدين الحنفي العلامة أن المفتي أبا السعود - رحمه الله تعالى - توفي بالقسطنطينية في الثلث الأخير من ليلة الأحد خامس جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة وكانت جنازته حافلة وصلي عليه في حرم جامع السلطان محمد الكبير في ملأ عظيم، وجمع كثير، وتقدم للصلاة عليه فخر الموالي سنان، ودفن بمقبرته التي أنشأها بالقرب من تربة سيدي أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه. محمد بن محمد بن ولي الدين الفرفور محمد بن محمد بن أحمد القاضي ولي الدين ابن قاضي القضاة، ولي الدين بن الفرفور والد الشيخ أحمد بن الفرفور الموجود الآن الأطروش مات يوم السبت ثالث عشر ذي الحجة سنة أربع وثمانين وتسعمائة ودفن عند رجلي أبيه - رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن القاصوني محمد بن محمد المولى بدر الدين القاصوني رئيس الأطبة بإسلام بول مات في سنة خمس وسبعين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. محمد بن محمد بن الدهان محمد بن محمد القاضي رضي الدين ابن الشيخ محب الدين بن الدهان. الحنفي قاضي الديوان بمصر اجتمع هو، وأبوه بشيخ الإسلام الوالد حين كان بمصر سنة اثنتين وخمسين، وأشار الشعراوي إلى أنهما كانا في سنة إحدى وستين في الأحياء. محمد بن محمد الأيجي محمد بن محمد الشيخ الإمام، العلامة، العارف بالله تعالى شمس الدين، أبو النعمان بن كريم الدين الأيجي العجمي، الشافعي، الصالحي نزيل صالحية دمشق قدم دمشق، وهو شاب في سنة عشرين وتسعمائة، وصحب سيدي محمد بن عراق سنين كثيرة، وتعانى عنده المجاهدات، واشتغل بالعلم قبل أن يدخل بلاد الشام، وبعده على الشيخ الصفوي الأيجي، وغيره، وكان له يد في المعقولات، وولي تدريس الشامية عن شيخ الإسلام الوالد بعدما كان بينهما من المودة، والصحبة ما لا يوصف،

وانتقد على الأيجي ذلك، وعوض الله تعالى على شيخ الإسلام الوالد بأحسن منها، وكان الشيخ محمد الأيجي ملازماً على الأوراد، والعبادات أماراً بالمعروف نهاء عن المنكر، وكان يتردد إلى الحكام، وغيرهم لقضاء حوائج الناس، والشفاعة فيمن يحتاج إليها عندهم، وسافر إلى الروم في قصة هي أن يهودياً سب الجناب الرفيع صلى الله عليه وسلم، فذهب إلى باب السلطان سليمان - رحمه الله تعالى - وذكر ثمة أنه هاجر من دياره إلى ديار العرب فراراً من سب الصحابة، فكيف؟ يقع في بلاد أهل السنة، والجماعة بسب جنابه صلى الله عليه وسلم من يهودي، فأحضر اليهودي، فأسلم اضطراراً قال فقلت لأركان الدولة إن إسلامه غير صحيح فقالوا ما لنا إلا الظاهر، والأثر كذلك، فما مضى زمان إلا، ومضى اليهودي إلى بلاد النصارى، وأظهر يهوديته، ثم سافر مرة أخرى في سنة أربع وستين إلى الروم بسبب فتنة أبي اليسر البغدادي الذي كان قاطناً بصالحية دمشق، وكان قد شهد عليه أهل محلته، بأنه مأوى اللصوص، وأخذ خط الأيجي بالحيلة بأنه كذلك فذهب أبو اليسر خفية إلى بلاد الروم، فبعث الباشا خلفه بما سجل عليه، ومعه خط الأيجي إلى الروم فلما شكى أبو اليسر بالديوان قصته، وذكر أنه مظلوم، وأنه من جماعة الأيجي فقيل له: أترضى ما يقوله الأيجي، فإذا هو قد قدح فيه باللصوصية، فصلب من ساعته وكان الباشا قد عرض في الأيجي بسبب ذلك، فلما بلغ الأيجي ذلك خرج من دمشق إلى بلد الروم، وعرض أمره هناك، وشهد فيه قاضيا دمشق سابقاً سنان جلبي، وعبد الكريم زاده، وأعطي تدريس الأسدية الجوانية بحلب، ثم عاد إلى دمشق، واستقر أمره بها ذكر ذلك ابن الحنبلي، وحط من مقام الأيجي كثيراً على عادته، وقد حدثني الشيخ محمد التليلي الحنبلي، فقيه التليل من البقاع، ونحن عند عين العابد في جبل لبنان، أن رجلاً من أعيان صفد قال: سافرت في شيبتي إلى دمشق في تجارة فقبضت مرة خمسين ديناراً ذهباً، ثم ذهبت إلى منزلي في آخر النهار، فعرض لي رجل كأنه رآني حين قبضت المال، فسلم علي سلام من يعرفني، ويعرف أبي، وعشيرتي، وادعى قدم المودة بين أبي وبينه، وحلف علي أن أذهب معه، وأكون في ضيافته تلك الليلة قال فما وسعني إلا أني ذهبت معه، فخرج بي من ناحية العمارة، فما شعرت إلا وأنا معه في مقبرة هناك يعني مقبرة الفراديس، فنظرت يميناً وشمالاً، فما رأيت هناك أحداً، ونظرت إلى الشمس فإذا هي قد غربت قال: فما وسعني أن أظهر له أني تريبت منه، وسألته عن بيته فقال: ههنا قريب قال: فمشينا حتى تجاوزنا المقبرة، والطواحين بالقرب منها، فرأيت نفسي بين البساتين، وقد دخل الليل، ولم يمكنني الفرار لأني لم أعرف كيف أذهب؟ قال: فما مشينا غير ساعة، فلقينا جماعة من اللصوص فأهلوني، ورحبوا بي، وتكلم هو معهم بكلام ما فهمته غير أني تريبت منهم، وسقط في يدي، وأيقنت بأني مقتول قال: فجعلت أتلطف بهم، وهم يقولون لي لا تخف تكون معنا الليلة على أكل

محمد بن محمد بن عماد الدين

وشرب قال: وذهبوا بي يريدون مكاناً يستقر فيه أمرهم على ما يصنعون بي، فبينما هم ماشون وأنا معهم في أسوأ حال إذا بجماعة صادفوهم، فتعارفوا، وتسالموا، وفي الجماعة التي لقيناهم شيخ موقر. التفت إلى الجماعة التي أنا معهم، فسماهم بأسمائهم. وقال: يا فاعلون من هذا الذي معكم؟ فقالوا: هذا ضيف معنا فقال الشيخ: نحن أحق بضيافته منكم، وشتمهم، واستخلصني منهم، ثم سار هذا الشيخ هو، وجماعته، وأنا معهم، والشيخ يسكن خاطري، ويقول كيف صار لك حتى وقعت في أيدي هؤلاء الفاعلين الصانعين ما أرادوا إلا قتلك، وأخذ أمتعتك فذكرت له قصتي وسرنا ساعة، واذا نحن صاعدون جبلاً فيه أشجار كثيرة، فانتهينا إلى عين ماء، وإذا جماعة هناك قاموا إلى لقائنا، وصافحوا ذلك الشيخ، وقبلوا يده، وسلموا على من معه، ثم جلس في أوسطهم، وقعدوا يذكرون الله تعالى، ويتذاكرون إلى الصباح، فتوضأوا، وصلى ذلك الشيخ الفجر بهم إماماً، ثم ودع بعضهم بعضاً، ورجع الشيخ بجماعته، ومشى بنا نحو ساعة فما تعارفت الوجوه إلا، ونحن بصالحية دمشق، فودعني الشيخ، وقال لي يا ولدي لا تعد إلى مثلها، ولا تطرف بنفسك بعد ذلك، وانصرف، وتفرقت عنه جماعته، فلما فارقنا الشيخ رافقني رجل منهم، فسألته عن الشيخ، وعن المكان الذي كنا نحن فيه فقال لي: هذا هو الشيخ الأيجي، وهذه الصالحية، وبيت الشيخ الأيجي بها، والمكان الذي كنا فيه مصلى الصالحين عند عين العابد من جبل لبنان، وهو عن دمشق مرحلتان، والجماعة التي أخذوك. اللصوص، والشيخ يعرفهم، واحداً واحداً، وقد أنقذك الله تعالى منهم ببركة الشيخ، وهذه القصة من لطائف القصص، وهي كافية في تعريف مقام الشيخ الأيجي، رحمه الله تعالى. وكانت وفاته يوم الجمعة بعد الصلاة عاشر جمادى الأولى سنة خمس وثمانين وتسعمائة، ووقف على غسله قاضي القضاة حسين جلبي ابن قرا قاضي قضاة دمشق وصلى عليه بجامع الحنابلة هو، ونائب الشام حسن باشا ابن الوزير محمد باشا، ودفن من الغد بمنزله بسفح قاسيون رحمه الله تعالى رحمة واسعة.. محمد بن محمد بن عماد الدين محمد بن محمد الشيخ الإمام العلامة، الأوحد المدقق، الفهامة، الشيخ عماد الدين الدمشقي الحنفي العنابي الصالحي الأصل مولده في سنة سبع بتقديم السين وثلاثين وتسعمائة. قرأ في النحو، والعروض، والتجويد على الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين الطيبي المقرئ، والمقولات على الشيخ الإمام العلامة أبي الفتح السبستري وعلى الشيخ الإمام العلامة علاء الدين بن عماد الدين رفيقاً

عليهما للشيخ إسماعيل النابلسي، والشيخ ابن المنقار والأسد والشيخ محمد الصالحي، وغيرهم وقرأ في الفقه على الشيخ العلامة الخطيب نجم الدين البهنسي، وتوفي قبله، وعلى غيره، وبرع في العربية، وغيرها، وتصدر للتدريس بالجامع الأموي، ودرس بالريحانية، والجوهرية والخاتونية، والناصرية، ومات عنها، وقصده للقراءة عليه الفضلاء وتردد إليه النواب وغيرهم، وكان حسن الأخلاق ودوداً، وكان في ابتداء أمره فقيراً، ثم حصل دنيا، ونال وجاهة، وثروة، ولم يتزوج حتى بلغ نحو أربعين سنة، وكان حسن الشكل، لطيف الذات جميل المعاشرة، خفيف الروح، وعنده عقل، وشرف نفس، وكان يدرس في التفسير، وغيره وانتفعت به الطلبة منهم الفاضل إبراهيم بن محمد بن مسعود بن محب الدين، والشيخ تاج الدين القطان، والشيخ الفاضل البارع العلامة بدر الدين حسن البوريني، والشيخ الفاضل الشمس محمد بن فواز وغيرهم وله شعر لطيف منه قوله في صدر مطالعة مضمناً: على ذاتكم مني سلام مؤبد ... وأزكى تحيات تضوع طيبها وإني لمشتاق لطلعة أنسكم ... هوى كل نفس أين حل حبيبها وله معمى في عمر: ولم أنس إذ زار منيتي ... عشية عنا الرقيب احتبس فمن فرحتي رحت أتلو الضحى ... وحاسدنا مر يتلو عبس وله معمى في علي: قد زارني من أحب ليلاً ... بطلعة البدر والكمال وبت منه بطيب عيش ... أوله بالهنا وفالي وله: لما رأى عاذلي حبيبي ... والشمس تهوى له وتسجد قال أهدني الوصل قد ضللنا ... يا رب حسن إياك نعبد وعندي في هذا الإقتباس نظر وأقول: سبحان من بجماله سبحانه ... أعنو ولست لغيره ما عشت أسجد توحيده ديني بإخلاص له ... لا لا أقول لغيره إياك نعبد

محمد بن محمد بن أبي الفضل القصير

وقرأت بخط العلامة الشيخ محمد بن داود المقدسي، الشافعي، قال أنشدني الشيخ عماد الدين من لفظه في مليح بملحه التعديل: إياك والتعديل لا تمرر به ... وحذار من ظبي هناك كحيل ما زال يجرح من رآه بطرفه ... فتوق شر الجرح والتعديل وله: وحق من بالجمال زينه ... وصانه عن شوائب الكدر ما بيننا ريبة نشان بها ... وليس غير الحديث والنظر وله في القهوة: هذه القهوة الحلال أتتكم ... تتهادى والطيب يعبق منها سودوها على الحرام بحل ... وأماطوا غوائل الغول عنها وقال: كن إلى الله راجعاً عن قريب ... وأفعل الخير واخش يوماً عسيرا وإلى كم تعصى الإله وهذا ... زمن الشيب قد أتاك نذيرا توفي ليلة الإثنين ثاني عشر شعبان سنة ست وثمانين وتسعمائة، وصلي عليه من الغد بجامع دمشق، ودفن في مقبرة باب توما جوار الشيخ أرسلان، وهو والد أخينا العلامة الفاضل البارع زين الدين عبد الرحمن الحنفي مدرس الشبلية الآن. محمد بن محمد بن أبي الفضل القصير محمد بن محمد بن أبي الفضل ابن الإمام القاضي، نجم الدين بن أبي الفضل الشافعي القصير أحد العدول بدمشق كان يتسبب بسوق الدهشة، ثم شهد بمحكمة الصالحية، وصار رئيسها، ثم بالمحكمة الكبرى وصار رئيسها أيضاً، وناب في القضاء بالميدان، وبالكبرى، ثم ترك النيابة، وعاد إلى الشهادة، واستمر إلى أن ضعف بصره، ورق جسده، وضعف عن الحركة، وانقطع بمنزله نحو تسعة أشهر، ثم مات في سنة تسع وتسعين وتسعمائة بتقديم المثناة في الثلاثة ودفن بالصالحية، وكانت صبيحته في مسجد هشام رحمه الله تعالى. محمد بن إبراهيم الشغري محمد بن إبراهيم بن محمد الشيخ العالم شمس الدين الشغري ثم الرومي، ثم اللادقي، ثم الحلبي الشافعي الحلواني أشغله والده، وهو خطيب جامع الروضة من معاملة الشغر في طلب العلم، فقرأ النحو على الشيخ، إبراهيم

محمد بن إبراهيم المعروف بابن الحنبلي

الخانوتي، والفقه على الشيخ داود القصيري، وتفقه بحلب على البرهان العماري، والشيخ عبد الرحمن بن القصاب، وكان له إفراط ذكاء، وقوة حفظ، وكان يستحضر شرح البهجة للقاضي زكريا طالعه مرة واحدة فعلق بذهنه، وأخذ الطريق عن الشيخ أحمد بن عبدو القصيري، ثم أشغل الطلبة باللاذقية، واعتقد أهلها لصلاحه، ونورانية شكله، ولعله مات في هذه الطبقة، وكان موجوداً في سنة أربع وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن إبراهيم المعروف بابن الحنبلي محمد بن إبراهيم بن يوسف بن عبد الرحمن، الشيخ الإمام العلامة، المحقق المدقق الفهامة، أبو عبد الله رضي الدين المعروف بابن الحنبلي الحنفي أخذ عن الحناجري، والبرهان، وعن أبيه، وآخرين، وقد استوفي مشايخه في تاريخه، وحج سنة أربع وخمسين وتسعمائة، ودخل دمشق، وكان بارعاً مفنناً انتفع عليه جماعة من الأفاضل كشيخنا شيخ الإسلام محمود البيلوني، وشيخ الإسلام بدمشق شمس الدين بن المنقار، والعلامة البارع، المحقق سيدي أحمد بن المنلا، واجتمع به شيخنا شيخ الإسلام القاضي محب الدين، وأخذ عنه، وأخبرني عنه أنه كان إذا عرض له آية يستشهد بها في تصانيفه جاء إلى تلميذه الشيخ محمود البيلوني، وقد فضل في حياته، وكان يحفظ القرآن العظيم، فيجيء ابن الحنبلي إلى محل درسه بمدرسته بحلب، ويسأله عن الآية فيكتبها من حفظه، وله مؤلفات في عدة فنون منها حاشية على شرح تصريف العزي للتفتازاني وشرح على النزهة في الحساب والكنز المظهر، في حل المضمر، ومخائل الملاحة في مسائل الفلاحة، وسرح المقلتين، في مسح القبلتين، وكنز من حاجى وعمى، في الأحاجي والمعمى، ودر الحبب في تاريخ حلب، ونظم الشعر، إلا أن شعره ليس بجيد لا يخفى ما فيه من التكليف على من له أدنى ذوق فمنه قوله مضمناً: بالله أن نشوات شمطاء الهوى ... نشأت فكن للناس أعظم ناس متغزلاً في هالك بجماله ... بل فاتك بقوامه المياس وأشرب مدامة حب حب وجهه ... كأس ودع نشوات خمر الطاس وإذا شربت من المدام وشربها ... فاجعل حديثك كله في الكاس

محمد بن إبراهيم ابن عم العيثاوي

وقال، وقد سمع عليه قوم منهم ابن المنلا كتاب الشمائل للترمذي: يا من لمضطرم الأوام ... حديثه المروي ري أروي شمائلك العظام ... لرفقة حضروا لدي علي أنال شفاعة ... تسدي لدى العقبى إلي إذا شفعت لذنبه ... ولأنت لم تنعت بلي حاشا شمائلك اللطيفة ... أن ترى عوناً علي توفي يوم الأربعاء خامس جمادى الأولى سنة إحدى وسبعين وتسعمائة، ودفن بمقابر الصالحين بالقرب من قبر الشيخ الزاهد محمد الخاتوني بين قبريهما نحو عشرة أذرع، وورد الخبر بموته إلى دمشق في آخر جمادى المذكور. محمد بن إبراهيم ابن عم العيثاوي محمد بن إبراهيم الشيخ الفاضل الصالح شمس الدين ابن عم شيخنا العيثاوي كان إماماً بعد والده بمدرسة تنبك الحسني بمحلة ميدان الحصا قال عمه: وكان ورعاً متقللاً من الدنيا توفي في صفر سنة سبعين وتسعمائة، ودفن بمقبرة الجورة على والده رحمه الله تعالى. محمد بن أحمد الصفدي بن الحمراوي محمد بن أحمد بن يوسف بن أبي بكر القاضي كمال الدين ابن القاضي شهاب الدين الزبيدي، الصفدي، ثم الدمشقي الحنفي الشهير بابن الحمراوي: قال والدي: حضر كثيراً من دروسي، وذكر أن مولده سنة تسع وتسعمائة انتهى. وتولى القاضي المذكور، وظائف متعددة كنظر النظار، ونظر الجامع الأموي والحرمين الشريفين، وكان الحرب بينه وبين السيد تاج الدين، وولده محمود قائمة، وكان هو المؤيد عليهما، وكان من رؤساء دمشق، وأعيانها المعدودين جواداً له في كل يوم أول النهار، وآخره مائدة توضع بألوان الأطعمة المفتخرة، وكان ذا مهابة، وحشمة، ووجاهة لا ترد شفاعته في قليل، ولا كثير، وكان ينفع الناس بجاهه، وكان يكرم القادمين إلى دمشق من أعيان أهل البلاد، ويقربهم، ويحتفل لضيافتهم، وكان يتردد إليه الفضلاء، والأعيان وكان باب الخضر الذي يمر منه إلى الطواقية أضيق منه الآن، فوسعه من ماله، وكان باب الخضرة، والحياكين،

محمد بن أحمد النهرواني

يقفلان من آذان المغرب، فلا يفتحان إلى طلوع الشمس من اليوم الثاني، وكان يتضرر بذلك أهل تلك المحلات إذا أرادوا الصلاة في الجامع ذهبوا في طريق بعيد، فاستأذن القاضي كمال الدين قاضي قضاة البلد في عمل قوس حجر، وباب يقفل على سوق الذراع من آخر سوق الحياكين، وأن يفتح باب الخضراء، والحياكين من وقت آذان الصبح، فلا يقفلان حتى يفرغ من الصلاة الثانية من صلاة العشاء، فأذن له ففعل، وصرف على ذلك من ماله، وللشعراء عنه مدائح كابن صدقة، وغيره، وتوفي كما قرأت بخط الطيبي نهار الإثنين رابع عشر ربيع الأول سنة ست وسبعين وتسعمائة وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن بباب الصغير ثاني يوم نهار الثلاثاء قرب الظهر رحمه الله تعالى. محمد بن أحمد النهرواني محمد بن أحمد علاء الدين بن محمد بن قاضي خان بن بهاء الدين بن يعقوب بن حسن بن علي النهرواني الشيخ الإمام العلامة، المحقق المدقق الفهامة، الشيخ قطب ابن الشيخ العلاء علاء الدين النهرواني الأصل الهندي، ثم المكي الحنفي، وما أوردته في نسبه هو ما قرأته بخطه في استدعائه لشيخ الإسلام الوالد، ووقع في تاريخ ابن الحنبلي أنه محمد بن علي بن محمد بن عبد الله، وهو غلط لأنه أمس بمعرفة نسبه، وكان ابن الحنبلي أخذ تسمية أبيه بعلي من لقبه علاء الدين، وذكر ابن الحنبلي أيضاً أنه مشهور بالشيخ قطب الدين الهندي، مولده سنة سبع عشرة وتسعمائة كما قرأته بخطه وأكبر من حدث عنه من المسندين الشيخ عبد الحق السنباطي، ومن أعظم مشايخه والده والشيخ محمد. التونسي، والشيخ ناصر الدين اللقاني، والشيخ أحمد بن يونس بن الشلبي، والشيخ جمال الدين الجرياني، واجتمع بشيخ الإسلام الوالد بمكة، وبالشام ثم كتب إليه استدعاء في سنة سبع وسبعين وتسعمائة ليجيزه، ويجيز أولاده، فكتب إليه بإجازة حافلة، وتقع لنا الرواية عنه من طريق شيخنا المرحوم الشيخ زين الدين ابن سلطان الحنفي فإنه اجتمع بمكة، وأخذ عنه، ولما دخل دمشق عازماً على السفر إلى الروم نزل بحارة القراماني تحت قلعة دمشق، وإضافة شيخ الإسلام الوالد، ثم العلامة الشيخ علاء الدين بن عماد الدين، ثم القاضي كمال الدين الحمراوي، وذكره ابن الحنبلي في تاريخه، وأثنى عليه قال: وألم باللغتين التركية والفارسية، ومن مؤلفاته طبقات الحنفية احترقت في جملة كتبه قلت ووقفت له على

تاريخ كتبه لمكة المشرفة، وكان بارعاً مفنناً في الفقه، والتفسير، والعربية، ونظم الشعر ونظمه في غاية الرقة منه الزائية المشهورة عنه: أقبل كالغصن حين يهتز ... في حلل دون لطفها الخز مهفهف القد ذو محيا ... بعارض الخد قد تطرز دار جديه واو صدغ ... والصاد من لحظه تلوز الخمر والجمر من الماء ... وخده ظاهر وملغز يشكو له الخصر جور ردف ... أثقله حمله وأعجز طلبت منه شفاء سقمي ... فقال لحظي لذاك أعوز قد غفر الله ذنب دهر ... لمثل هذا المليح أبرز حز فؤادي بسيف لحظ ... أواه لو دام ذلك الحز أفديه من أغيد مليح ... بالحسن في عصره تميز كان نديمي فمذ رآني ... أسيره في الهوى تعزز يا قطب لا تسل عن هواه ... وأثبت وكن في هواه مركز قال الحنبلي وقد نسجنا على منواله فقلنا: ما لفتى للجمال أبرز ... فقد فتن العالم المميز أوقعه في هوى هواه ... وكل عز عليه قد عز وصار من طرفه سقيما ... إذ صح منه الهوى المجوز وعاد من خصره نحيلا ... بلون أهل الهوى تطرز وصار تعروه هزة من ... ذكراه للقد حين يهتز وهو على الذل لا يبالي ... فتكأ من الحب إذ تعزز يا قوم لا تنكروا احتمالي ... من لخلال الجمال أحرز أن جزا فرع الوفاء يوماً ... فكم حبا وعده وأنجزه وإن جفاني فكم وفاني ... وفاء ذلك المنجز وإن يجز للملوك فتك ... حينا ففتك الحبيب أجوز ألا فصل سالماً وسالم ... وأن يكن قد رمحك أهتز لست بقال ولا بسال ... عنك وفي القلب أنت محرز

دائرة القلب أنت فيها ... وليس فيها سواك مركز لله قلب له امتياز ... إذ عاد فيه الحبيب يحرز مازحه وهو ذو امتياز ... ذو ذا وذا سائغ ومعزز وحبذا الحب حب حب ... عن لطف معناه ما تحرز مدحا حق فيه مدحي ... من مطنب صفته وموجز فيه امتداحي كؤوس راحي ... أطال في الصد أو تجوز قلت قد تحمل ابن الحنبلي في معارضته القطب مالا يطاق، وجاء فيه من التكليف بما لا يخفى على ذوي الأذواق، فسبحان من قسم العقول بين عباده، والأخلاق، والأرزاق، ولما وقفت على أبياته عن لي أن انتصر للقطب، وأعارض معارضه، ولعل الدهر دول تتداول بين الناس ومقارضه: سبحان من للوجود أبرز ... رشا بحكم الهوى تعزز زاد على الرئم في دلال ... وعن جميع المها تميز أحوى وللظرف ليس منه ... أحوى ولا للبهاء أحوز لقد كساه الجمال ثوباً ... بألطف اللطف قد تطرز رنا بطرف جآذري ... كأنه للوصال الغز وعداً ولكن بلا نهار ... يا حبذا الوعد لو تنجز بعثت باثنين من خضوعي ... وثالث بعد ذين عزز أرجو وصالاً منه بعز ... من عز من وصله فقد بز فما رثا لي وما وفا لي ... وقد قسا قلبه ولزز وعف إلا عن قتل مثلي ... فإنه عنه ما تحرز سطا بسهم اللحاظ فينا ... فكلم القلب ثم أجهز علمت قتل النفوس ظلماً ... فمن لقتل المحب جوز أعوزني حسنه إليه ... فليس مني إليه أعوز لذاك أوعزت في هواه ... تيسر الوصل منه أو عز أسكتته في ضمير قلبي ... فهو بخدر الفؤاد محرز أفردني حسنه لوحدي ... عن كل عشاقه وأفرز ما ارتاح قلبي إلى حديث ... سوى هواه كلا ولا أهتز إلا لمدح الشفيع طه ... محمد المصطفى المميز

من جاء بالنور في كتاب ... به لكل الفصاح أعجز تراه في أبلغ المثاني ... حقاً لكل العلوم أحرز رقا به الله فوق سبع ... فجل مقداره وقد عز ما شئت في مجده فعدد ... فمطنب المدح فيه موجز وحاصل القول فيه قطب ... لسائر المكرمات مركز عليه مني صلاة عبد ... قد فاق في حبه وبرز ومن شعر الشيخ قطب الدين معمى في اسم زين: وكوكب الصبح إذ تبدى ... بشرنا باللقا صباحا طوبى لنا إننا ظفرنا ... بغاية العز حين لاحا توفي الشيخ قطب الدين صاحب الترجمة رحمه الله تعالى بمكة المشرفة في سنة إحدى وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن أحمد البصروي: محمد بن أحمد بن محمد، القاضي أمين الدين ابن القاضي شهاب الدين البصروي، الشافعي، أحد الشهود بالقسمة، وكاتب الحرمات، والأوقاف والمرستان كانت والدته الشيخة الفاضلة السيدة زينب بنت الشيخ رضي الدين الغزي الجد توفي يوم السبت يوم عيد الأضحى سنة ثمان وسبعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن أحمد الحرستاني: محمد بن أحمد بن علي بن محمد الحرستاني الدمشقي الكاتب. الشيخ الصالح الزاهد، القانع، بل العارف بالله تعالى مولده بحرستا سنة ثلاثين وتسعمائة تقريباً، وأخذ عن الشيخ منصور السقيفة سكن بحجرة بمدرسة القيمرية الجوانية، وكان يكتب المصاحف، وغيرها بها ويقتات من أجرة كتابته كتب نحو سبعين مصحفاً، وكتب أشياء كثيرة من كتب الفقه والتصوف وكتب الفتوحات المكية وكان يحب العزلة، والانفراد عن الناس، وحاول قضاة القضاة أن يستكتبوه شيئاً من كتب الفقه، وغيره فلم يفعل، وأعرض عن الكتابة لهم وترك القيمرية والسكنى بها لذلك، وجاور بجامع السقيفة خارج باب توما في حجرة هناك راكبة على نهر بردا، وحج في سنة إحدى وتسعين وتسعمائة وجاور بالمدينة، ومات بها بعد أن ظهرت له مكاشفات، واعتقده أهل المدينة سنة اثتتين وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة رحمه الله تعالى ودفن بالقرب من سيدي عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه.

محمد بن أحمد الطرابلسي

محمد بن أحمد الطرابلسي محمد بن أحمد الشيخ الفاضل ناصر الدين الطرابلسي الحنفي إمام الجامع الأموي بدمشق، ووالد إمامه الشيخ علاء الدين مولده سنة سبع عشرة وتسعمائة، تفقه بالشيخ قطب الدين بن سلطان، وأخذ النحو، وغيره عن الشيخ شمس الدين بن طولون الحنفي، وقرأ القرآن للعشر على الشيخ تقي الدين القاري، والشيخ علاء الدين القيمري، وكان يحفظ كتاب الله تعالى توفي يوم السبت ثالث عشري رمضان سنة تسع بتقديم التاء وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. محمد أفندي المعروف بشيخ كمال محمد أفندي ابن أحمد كمال دفتر دار دمشق ابن ناظر النظار بها. المعروف بشيخ كمال حضر موت شيخ الإسلام الوالد، ورأيته يقرر كتب المرحوم فقال لي: وكنت ابن سبع سنين يا سيدي نجم الدين أنا ما رباني إلا شيخ الإسلام والدك لأنه أخذ بيتنا، وكانت أخته السيدة زينب عند أبي فوجدني أحذف الكتاب إلى أعلى ثم آخذه بفمي فقال لي يا محمد جلبي ما هذا إن هذا لا يليق بأمثالك إنما يليق بأولاد السفهاء قال: فآثر ذلك في قلبي ونفعني الله تعالى بتربيته حتى صرت إلى ما صرت إليه، وكان ذلك ببركته توفي في حدود التسعين وتسعمائة، وهو والد يحيى جلبي الدفتر دار أيضاً رحمه الله تعالى. محمد بن أحمد الداخل المنشد محمد بن أحمد بن فراج الصالحي الداخل المنشد،. صاحب النكت والنوادر، أحد جماعة الرئيس الجعيدي، كان يتردد إلى الأكابر ويبيت عندهم الليالي وفيه يقول شيخ الإسلام الوالد مخاطباً للسيد تاج الدين الصلتي: آيست من خيركم بعدما ... قد كنت كالطامع والراجي بسعيكم في قطع معلومنا ... ووصل معلوم ابن فراج لأنه في بيتكم دائماً ... أول ولاج وخراج فهو على منهاجكم سالك ... مخالفاً في ذاك منهاجي وأن منهاجي نفع الورى ... سائر يومي ثم أدلاجي وأنتم قد سرتم فيهم ... سيرة سفاح وحجاج وأنت والله إن لم تتب ... ما أنت بالناجي ولا التاج وقال الشيخ الوالد وكان اطلع على أن ابن فراج غير راض من السيد تاج الدين: قد آيس الطامع والراجي ... من خيركم حتى ابن فراج فإنه من كربة يرتجي ... إهلاككم من خير فراج

مات ابن فراج في سابع عشر شعبان سنة سبع وسبعين بتقديم السين فيهما وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن أحمد ماميه الشاعر: محمد بن أحمد بن عبد الله المعروف بماميه الشاعر. المشهور أصله من الروم، وقدم في حال صغره، فلما التحى صار ينكجرياً بخمسة عثمانية، وحج في زمرة الينكجرية سنة ستين وتسعمائة، وكان في تلك الحالة يميل إلى الأدب ونظم الشعر، ثم عزل عن الينكجرية، وصحب الشيخ أبا الفتح المالكي، وعليه في الأدب ثم قرأ على الشيخ شهاب الدين الأخ في الجرومية وكان قبل قراءته في النحو جمع لنفسه ديواناً كله ملحون، فلما ألم بالنحو أعرض عنه، وأصلح ما كان يمكنه إصلاحه ووقفت على نسخة من ديوانه، وعليها إصلاحات كثيرة بخط الأخ رحمه الله تعالى وتولى آخراً الترجمة بمحكمة الصالحية، ثم بالكبرى، وعزل منها، فلما تولى محمد أفندي جوي زاده مدحه بقصيدة دالية، فلما أنشدها بين يديه قال له: اجلس فجلس فقال له: ما بيدك من الجهات؟ فقال: الجهات الست، فتبسم القاضي، وقال له: ما عندك من الدواوين وكتب الأدب. فقال له: اذهبها الفقر فقال له: ما تطلب؟ فقال له: ما تطلب؟ قال ترجمة الكبرى فأمر لها بها، ثم عزل بعد مدة عنها، وكان يمدح الناس، ويأكل من جوائزهم، ثم تولى ترجمة القسمة فأثرى، وكان إليه. المنتهى في الزجل، والموال، والموشحات وقال فيه أستاذه أبو الفتح المالكي: ظهرة لماماي الأديب فضيلة ... في الشعر قد رجحت بكل علوم لا تعجبوا من حسن رونق نظمه ... هذا إمام الشعر ابن الرومي وجمع لنفسه ديواناً وجعل تاريخه جمعه قوله: وأتوا البيوت من أبوابها وذلك سنة إحدى وسبعين وتسعمائة، وله التواريخ التي لا نظير لها كقوله في تاريخ عرس: هنئتم بعرسكم ... والسعد قد خولكم وقد أتى تاريخه ... نسائكم حرث لكم وقال مؤرخاً للسبيل الذي أنشأه الشيخ أحمد بن سليمان جوار سيدي سيف الدين: هذا السبيل الأحمدي ... لله ما فيه خفا

محمد بن أحمد الغيطي

وقد أتى تاريخه ... اشرب هنيئاً بل شفا وله: لقد مرض الظلوم لنا فعدنا ... فنحن إذا أناس راحمونا فظن بأننا عدناه خوفا ... فأن عدنا فإنا ظالمونا ولقد أحسن في قوله: هل لقوم ضلوا عن الرشد لما ... أظهروا منهم اعتقاداً خبيثاً كيف تنبي عن القديم عقول ... لا يكادون يفقهون حديثاً مات في ذي الحجة سنة ست أو في المحرم سنة سبع وثمانين وتسعمائة، وصلي عليه بالأموي، ودفن في باب الفراديس بالقرب من قبري ابن مليك، وأبي الفتح المالكي رحمه الله تعالى. محمد بن أحمد الغيطي محمد بن أحمد بن علي بن أبي بكر الشيخ الإمام العلامة، المحدث المسند اللهامة صاحب كتاب المعراج، شيخ الإسلام نجم الدين الغيظي الإسكندري، ثم المصري الشافعي، ولد في أثناء العشر الأولى من القرن العاشر كان رفيقاً لوالدي على والده، وعلى القاضي زكريا قرأ عليه البخاري كاملاً، وسمع عليه جميع صحيح مسلم، وقرأ عليه سنن أبي داود إلا يسيراً من آخرها، ومات قبل إكماله، وقرأ عليه شيئاً من القرآن العظيم جمعاً للسبعة إلى قوله " وأولئك هم المفلحون " ولبس منه خرقة التصوف، وسمع على الشيخ عبد الحق السنباطي سنن ابن ماجة كاملاً، والموطأ وقرأ عليه مجالس عديدة من أوائل سنن أبي داود، والترمذي، وقرأ عليه من شرح المنهاج للمحلي، إلى باب شروط الصلاة بحق أخذه له عن مؤلفه سماعاً عليه لكتاب البغاة منه، وقرأ عليه من شرح التصوف للتفتازاني، وسمع عليه بحق أخذه له عن التقي الحصكفي عن عالم هراة منلا شمس الدين الحاجري عن مؤلفه، وسمع عليه دروساً من التفسير والشاطبية، وألفية ابن مالك، وأذن

له بالإفتاء والتدريس، وأخذ عنه النحو عن الشمني بسنده، وقرأ وسمع غالب المنهاج تقسيماً على السيد كمال الدين بن حمزة الشامي لما قدم عليهم مصر في سنة خمس وعشرين وتسعمائة، وقرأ على الكمال الطويل كثيراً منه جزء في فضائل ليلة القدر للؤلؤي العراقي قراءة عليه بسماعه له عن الشرف المناوي عن مؤلفه، وأخذ عنه ألفية العراقي، وأجازه بالتدريس، والإفادة والإفتاء، وسمع على الشيخ أمين الدين بن النجار جميع الموطأ رواية يحيى بن يحيى وأخذ عن البدر المشهدي كثيراً وسمع عليه الموطأ رواية أبي كاملاً، وقطعة من مسند الطيالسي وأخذ عنه شرح النخبة، ومجالس من ألفية الحديث، وقرأ جميع البخاري على أبي السعودي أحمد ابن العلامة عز الدين السنباطي، وأخذ عن الشمس الدلجي القرآن العظيم، وغيره، وأخذ التفسير والحديث، والفقه عن الشيخ أبي الحسن البكري، وذكر الشعراوي أنه أفتى ودرس في حياة مشايخه بإذنهم، وألقى الله محبته في قلوب الخلائق، فلا يكرهه إلا مجرم أو منافق، وانتهت إليه الرئاسة في علم الحديث، والتفسير، والتصوف، ولم يزل أماراً بالمعروف ناهياً عن المنكر يواجه بذلك الأمراء، والأكابر لا يخاف في الله لومة لائم ثم قال: ولما وقعت فتنة أخذ، وظائف الناس بغير حق من بعض المفتنين انتدب لها، وواجه الباشا والأمراء بكلام لا يقدر أحد من أقرانه أن يتلفظ به، وكان خمود الفتنة على يديه، ووصل خبره إلى الروم، والحجاز، والشام، وشكره المسلمون على ذلك قال: وتولى مشيخة الصلاحية بجواذالإمام الشافعي، ومشيخة الخانقاه، والسرياقوسة، وهما من أجل وظائف مشايخ الإسلام من غير سؤال منه وأجمع أهل مصر على جلالته. قال: وما رأيته قط يغتاب أحداً وآذاه بعض الناس أشد الأذى فلم يقابله بكلمة واحدة فازداد بذلك هيبة، ومحبة في قلوب الناس، وازداد عدوه مقتاً. قال: وما رأيت أحداً من أولياء الله تعالى من مصر إلا يحبه، ويجله، لا سيما الشيخ نور الدين الشوني لأن والده كان من أجل أصحاب الشيخ نور الدين، وذكره شيخنا القاضي محب الدين الحنفي في رحلته إلى مصر فقال: وإما حافظ العصر وحيد دهره، ومحدث مصره الرحلة الإمام، والعمدة الهمام، الشيخ نجم الدين الغيطي فإنه محدث هذه الديار على الإطلاق، جامع للكمالات الجميلة، ومحاسن الأخلاق، حاز أنواع الفضائل والعلوم، واحتوى على بدائع المنثور، والمنظوم، إذا تكلم في الحديث بلفظه الجاري، أقر كل مسلم بأنه البخاري، أجمعت على صدارته في علم الحديث علماء البلاد، واتفقت على ترجيحه بعلو

محمد بن أحمد بن أبي الجود

الإسناد، ووقفت له على مؤلف سماه القول القويم، في إقطاع تميم، توفي في سنة ثلاث أو أربع وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن أحمد بن أبي الجود محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عيسى بن شرف بن موسى بن حسين بن إبراهيم، الشيخ البارع ناصر الدين المعروف بابن أبي الجود، وبابن أبي الحيل قديماً، وبابن الكشك الشلاخ، أبوه قال الوالد: قرأ علي من الترمذي إلى كتاب الصلاة، والبردة، والمنفرجة، وسمع قصيدتي القافية، والخائية مرثيتي شيخ الإسلام، وقصيدتي الثائية المثلثة، في مجددي دين الأمة، وبعض كتابي الدر النضيد، وغير ذلك وأجزته مولده سنة تسع عشرة وتسعمائة. انتهى، وأخبرنا الشيخ أبو اليسر القواس أنه كان له ذكاء مفرط، وعرض له كل الأفيون، وهو لبن الخشخاش وغلب عليه، فكتبت إليه العمة خالة الشيخ أبي اليسر المذكور السيدة زينب بنت الشيخ رضي الدين تنصحه: يا ناصرالدين يا ابن الكشك يا ذا الجود ... اسمع أقول لك نصيحة تطرب الجلمود بسك تعاني اللبن فهمك هو المقصود ... يصير بالك وما لك والذكا مفقود وكان المذكور رئيس الكتبة بمحكمة القسمة، وماميه ترجماناً بها، وكان يصير بينهما لطائف، ووقائع، ولناصر الدين شعر منه قوله مخمساً لأبيات البكري في القهوة: كم قلت والصدق غدا مبهتاً ... أما تخاف الله حتى متى رغماً به فيما به قد أتى ... يا قهوة تذهب هم الفتى أنت لقاري العلم نعم المراد ويحك كم تذكرها بالجفا ... معانداً أهل الوفا والصفا ونفعها بين الورى ما خفا ... شراب أهل الله فيها الشفا لطالب الحكمة بين العباد يا طيبها فيها الهنا والمنى ... وتذهب البؤس وتنفي العنا

محمد بن أحمد بن مرحبا

ومن سنا ما تحتوي أننا ... نطبخها قشراً فتأتي لنا في نكهة المسك ولون المداد كم بلغت مغرى بها آمل ... مراتباً عزت على فاضل مستورة عن جاحد جاهل ... ما عرف المعنى سوى عاقل يشرب في وسط الزبادي زباد ما حازها غير فتى كامل ... محجوبة عن مهل سافل يضرب في الماء بلا طائل ... حرمها الله على جاهل يقول في حرمتها بالعناد يا حسنها وهي بفنجانها ... تزهر كالعين بإنسانها يقول كل الناس في شأنها ... فيها لنا برء وفي حانها صحبة أبناء الكرام الجياد خسا الذي قد قال في نقله ... بأنها تحرم من جهله ليست تحاكي الراح في فعله ... كاللبن الخالص في حلة ما خرجت عنه بغير السواد توفي يوم السبت رابع عشر ذي الحجة سنة اثتتين وثمانين وتسعمائة، ودفن بباب الفراديس رحمه الله تعالى. محمد بن أحمد بن مرحبا محمد بن أحمد بن مرحبا القاضي شمس الدين ابن الشيخ شهاب الدين بن مرحبا الطرابلسي الشافعي توفي في سنة إحدى وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن أمر الله التوقاني محمد بن أمر الله المولى محيي الدين التوقاني الحنفي أحد الموالي الرومية الشهير بأخي زاده خدم معلم السلطان المولى خير الدين،

محمد بن حسن الجنابي

وتولى المناصب وآخر ما تولى تدريس دار الحديث للسلطان سليمان، وتوفي يوم الخميس خامس عشر في ذي القعدة سنة تسع بتقديم التاء وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن حسن الجنابي محمد بن حسن السيد الشريف المولى العلامة قاضي قضاة حلب المعروف بالجنابي. كان حسن السيرة في قضائه توفي في عشر التسعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن حسن السعودي محمد بن حسن السيد الشريف العالم المحقق، والفاضل المدقق، أحد الموالي الرومية، والأئمة الحنفية المعروف بالسعودي أخو المتقدم ذكره أخذ هو وأخوه، عن المفتي أبي السعود صاحب التفسير، وتناولته منه عنه، وعن ابن عبد الكريم وغيرهما ترقى في المناصب حتى صار قاضي قضاة حلب، وعزل عنها فأعطي قضاء المدينة، وقدم علينا دمشق في شعبان سنة ثمان وتسعين وتسعمائة فأقام عندنا مريداً للسفر مع الحاج فلما كان أواخر رمضان ورد عليه أمر بأنه أعطي قضاء آمد مضافاً إليه إفتاؤها وقضاء البيرة، فسافر من دمشق إليها في شوال، واختصصت بصحبته في تلك المدة في تفسير أبي السعود، فأخذته عنه فناولني نسخة منه وأجازني بسائره، وبسائر ما يجوز له وعنه روايته، وذاكرته كثيراً، فإذا هو أعجوبة في اللهم، والذكاء وكان متصفاً في البحث علامة في الفنون ديناً فقيراً دخلت عليه يوماً فقال لي: رأيت البارحة في المنام كأني داخل إلى بستان قيل لي: أنه بستان جار الله العلامة الزمخشري قال: فقلت: أدخل واغتنم رؤيته، فدخلت فإذا هو جالس في قصر في ذلك البستان، وليس فيه فراش، ولا حصر إلا أنه جالس على قطعة حصير بقدر مجلسه، وبين يديه صندوق عليه كتب، فسلمت عليه فرد، فقلت له: يا أستاذ كيف حالكم؟ قال: إن أردت أن تعرف إقرأ سورة التغابن بلغنا خبر موته بآمد في أواخر السنة المذكورة أو في أوائل سنة تسع وتسعين وتسعمائة رحمه الله. محمد بن حسين الإسطواني الحنبلي محمد بن حسين بن سليمان الشيخ أبو الفتح الأسطواني الحنبلي، رئيس المؤذنين بالجامع الأموي، كان من خيار الناس، وأخبرني

محمد أبو الصفا الأسطواني الحنبلي

الشيخ عبد القادر بن سوار شيخ المحيا. قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: يا عبد القادر من تحب حتى أحبه قال: فقلت يا رسول الله الشيخ أبو الفتح الأسطواني، والشيخ عبد الباسط العامري. قال: ثم استيقظت وأنا أتعجب، وأقول في نفسي أنا أحب الشيخ بدر الدين بن رضي الدين، وولده الشيخ شهاب الدين أكثر فما بالي ذكرت غيرهما. قال: فقصصت هذه الرؤيا على الشيخ شهاب الدين. فقال لي: يا شيخ عبد القادر هذه الرؤيا تدل على أن مجلسك أوله فتح، وآخره بسط، وأخبرني الشيخ محمد الأزهري أن أباه أبا الفتح مات في سنة سبع وثمانين وتسعمائة في شعبان عن ثلاث وستين سنة، ودفن بالفراديس رحمه الله تعالى. محمد أبو الصفا الأسطواني الحنبلي محمد بن حسين الشيخ أبو الصفا الأسطواني الحنبلي، إمام محراب الحنابلة بجامع دمشق، أخو الشيخ أبي الفتح المتقدم قبله أخبرني ابن أخيه الشيخ محمد الأزهري أنه مات في سنة اثنتين أو ثلاث وثمانين وتسعمائة وكانت وفاته يوم الأحد تاسع عشر جمادى، ودفن بالفراديس رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد سعد الدين الجباوي محمد بن حسين بن حسن بن الشيخ الصالح المربي. سعد الدين الجباوي، شيخ الطائفة السعدية بدمشق، الشافعي أخذ الطريق عن أخيه الشيخ أحمد، وتولى المشيخة من بعده توفي يوم الجمعة سادس صفر سنة سبع وثمانين وتسعمائة وصلي عليه بعد صلاة الجمعة بجامع كريم الدين، وكانت جنازته حافلة، وخطب بالناس خطبة الجمعة يومئذ بالجامع المذكور الشيخ شهاب الدين أحمد بن أحمد الطيبي، وتعرض فيها للموت، ودفن الشيخ سعد الدين بتربة الحصني خارج باب الله، وتولى المشيخة من بعده والده الشيخ محمد، وليس بأكبر إخوته، بل أكبرهم أبو بكر، ثم محمد، ثم إبراهيم، ثم عبد القادر، ثم خليل، وهؤلاء أشقاء، ثم سعد الدين، وأمه من بيت عقور رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن درهم ونصف محمد بن حسين بن علي بن أبي بكر بن علي الشيخ العلامة شمس الدين الأسدي، الحلبي، الحنفي، المشهور بابن درهم ونصف. ولد في المحرم سنة ست ثلاثين وتسعمائة، وحفظ القرآن العظيم، وتخرج بعمه أخي أبيه لأمه الشيخ عبد الله الأطعاني في معرفة الخط، والقراءة، ثم لازم ابن الحنبلي أكثر من عشرين سنة في عدة

محمد بن خليل بن قنبر

فنون كالعربية والمنطق، وآداب البحث، والحكمة، والكلام، والأصول، والفرائض والحديث، والتفسير، وأجازه إجازة حافلة بخطه في سنة سبع وستين وتسعمائة، وحج وجاور سنة، فأخذ فيها عن السيد قطب الدين الصفوي المطول، وعاد إلى حلب، فلازم منلا أحمد القزويني في الكلام، والتفسير، وتولى مدرسة الشهابية تجاه جامع الناصري بحلب في سنة إحدى وسبعين، وهي من مدارس الحنفية، وطالع كتب القوم، وتواريخ الناس، ونظم الشعر ومن شعره قوله مقتبساً: يا غزالاً قد دهاني ... لم يكن لي منه علم لا تظنن ظن سوء ... إن بعض الظن إثم ومدح شيخه ابن الحنبلي بقصيدة حين قدم من الحج سنة أربع وخمسين: هنيئاً لقلب عاش وهو متيم ... بأهل التقا مذ فيه حلوا وخيموا هم عرب قد ضاء نور فنائهم ... وضاع شذاهم للحجيج فيمموا إلى أن قال: فيا عرباً سادوا وشادوا وخيموا ... بوادي الغضا وهو الفؤاد المتيم جررتم فؤادي مذ رفعتم حجابكم ... ونومي جفاني مذ هواكم نصبتم فرقوا لعبد رق في الحب جسمه ... وفي الرق أضحى مذ دماه أرقتم فأنتم كرام قد علوتم إلى العلى ... كما قد علاء ابن الحنبلي المكرم إمام رقا فوق الثريا بعلمه ... همام بحلم ساد فهو المعظم إلى أن قال: هو العالم الحبر المكمل في الورى ... هو العالم البحر الإمام المقدم غدا مجمع البحرين في الفقه صدره ... فلا عجب أن يلفظ الدر مبسم لم يؤرخ ابن الحنبلي وفاته في تاريخه رحمه الله تعالى. محمد بن خليل بن قنبر محمد بن خليل بن علي بن أحمد بن محمد بن ناصر الدين بن قنبر الشيخ شمس الدين الحلبي الشهير بابن قنبر، كان واعظاً وجيهاً في وعظه مهولاً محركاً للسامعين، وسمع الحديث، وقرأه على الشيوخ، وأجيز وشارك في العربية

محمد بن خليل قيصر الحنبلي

وكلف بجمع الكتب النفيسة، وتحسين جلودها، وترميمها، ولم يرغب في منصب سوى إمامة جامع الأمير حسن بن الميلاني، والتولية عليه، وكان له السعي التام في مصالحه، ومصالح أوقافه. وربما صرف عليها من ماله، ولم يزل يعظ بالجامع المذكور حتى توفي، ودخل إلى دمشق قديماً، واجتمع بشيخ الإسلام الوالد، وحضر دروسه، ثم اجتمع به حين دخل حلب قاصداً بلاد الروم فاهتم بقضاء أشغاله، وسمع منه مرثية والده القافية فيه وذكره في رحلته فقال الشيخ العالم الفاضل، والأوحد البارع الكامل، ذو القريحة الوقادة، والطبيعة المنقادة، الفائق في حسن الخبر، والمخبر شمس الدين محمد بن خليل ابن الحاج علي أحمد بن محمد بن قنبر انتهى. قال ابن الحنبلي: وكان لطيف المحاضرة، ظريف المعاشرة، مزاحاً عارفاً باللسانين الفارسي، والتركي، شديد النكير على شرب القهوة، قهوة البن بالشرط المخالف للشرع مطروح التكلف يرى تارة بلبس حسن، وأخرى بلباس خشن إلى أن قال: وهو الذي نصب راية الإنكار على العلاء الكيزواني من جملة المعترضين عليه في تعليق العظام، ونحوها على أعناقهم، وإطافتهم في الأسواق، والشوارع بتلك الهيئة، ونحوها مما يقتضي كسر النفس مع صدق الطوية، وسعى في إبطال ذلك إلى العلماء فلم يقدروا على إبطاله إلى أن رجع عن إنكاره، وسمع أن العلاء معتكف في جامع الصفى خارج حلب فعلق في عنقه أمتعته ودخل عليه متنصلاً مما صدر منه في شأن انتهى. ملخصاً، وكانت وفاته في ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين وتسعمائة وقد جاوز الستين رحمه الله تعالى. محمد بن خليل قيصر الحنبلي محمد بن خليل الشيخ، الزاهد العابد المعتقد المربي شمس الدين بن قيصر القبيباتي الحنبلي، الصوفي صحب سيدي علي بن ميمون وتلميذه سيدي محمد بن عراق، واجتمع بأكابر ذلك العصر، وعلمائه كالتقوي ابن قاضي عجلون، وتوجه إلى بلاد الروم، فاجتمع بحماة الشيخ علوان، وابن عبدو، وحصل له بالروم، غاية الإكرام، والتعظيم من إبراهيم باشا الوزير، وأعيان الدولة، وقضاة العساكر ثم رجع إلى دمشق، وانجمع عن الناس، وكان يقيم الذكر بعد صلاة الجمعة بالمشهد الشرقي داخل الجامع

محمد بن سنان أحد الموالي الرومية

الأموي تحت المنارة الشرقية بحيث عرف المشهد به، ثم يركب حماره ويذهب إلى منزله بالقبيات، فلا يخرج منه إلى يوم الجمعة، وكان نائب الشام عيسى باشا يحبه، ويتردد إلى زيارته، وكذلك الأمراء، والقضاة، وللناس فيه اعتقاد تام، وكان يعتكف العشر الأواخر من رمضان بالجامع الأموي بالمشهد المذكور، وكان يحضر ختم الشيخ الطييي كل سنة قال ابن طولون: وفي سنة سبع وثلاثين وتسعمائة سألني الشيخ محمد بن قيصر القبيباتي الحنبلي في عمل شرح على أبيات ثلاثة نظمها في عقيدته وهي: في الله أعتقد الذي قد قاله ... عن نفسه وكفا الذي قال الرسل عنه بغير تأول في ذاته ... وصفاته أو كل فعل قد فعل فهو الإله الفرد ليس كمثله ... شيء سواه وغير هذا لم أقل قلت ووقفت على شرح ابن طولون على هذه الأبيات في تعاليقه بخطه، والإيمان بما جاء في الكتاب، والأخبار من الصفات من غير تأويل مذهب السلف، وهو أسلم من مذهب التأويل، وهو مذهب الخلف، ورأيت بخط بعض العلماء الفضلاء لابن قيصر المذكور: قنعت من الدنيا بأيسر بلغة ... وثوب يواريني وزوجة واحدة وذلك يكفيني من الكون كله ... وما زاد عن هذا فما فيه فائدة وكانت وفاته سنة خمس وسبعين وتسعمائة، وقد جاوز المائة سنة رحمه الله تعالى. محمد بن سنان أحد الموالي الرومية محمد بن سنان المولى، محيي الدين أحد الموالي الرومية، وهو أخو علي أفندي ابن سنان. كان من العلماء الكبار المشهورين بالروم توفي بالقسطنطينية في أوائل سنة سبع وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن صلاح مصلح الدين اللاري محمد بن صلاح بن جلال بن كمال الملتوي الأنصاري السعدي العبادي الشافعي المشهور بمنلا مصلح الدين اللاري تلميذ أمير غياث الدين ابن أمير صدر الدين محمد الشيرازي عرفنا بمقامه صاحبنا منلا علي ابن أمير الشيرازي، وأنه كان من أكابر العلماء المحققين قال ابن الحنبلي: قدم حلب سنة أربع

وستين في تجارة فأسفر عن علوم شتى، وتآليف متنوعة منها شرح الشمائل، وشرح الأربعة النووية، وشرح الإرشاد في الفقه، وشرح السراجية، وحاشية على بعض البيضاوي وحاشية على مواضع من المطول، وأخرى على مواضع، من المواقف، وأخرى على شرح الكافية للجامي، انتصر فيها لمحشية منلا عبد الغفور اللاري على محشيه عصام الدين البخاري، وهي كثيرة الفوائد والزوائد، وغير ذلك قال: ولما دخل حلب دخلها في ملبس دني، وهو يستفسر عن أحوال علمائها، ثم لبس المعتاد، وطاف بها ومعه بعض العبيد، والخدم في أموال التجارة، ولكن من غير تعاظم في نفسه، ولا تكثر في حد ذاته، لما كان عنده من مشرب الصوفية، ولما شاع من فضله واشتغل عليه بعض الطلبة واستفتاه بعض الناس هل اجتماع الدف والشبابة في السماع مباح، أم لا؟ فأجاب إن كلا منهما مباح فاجتماعهما أيضاً مباح، واستند إلى قول الغزالي في الإحياء أن أفراد المباحات، ومجموعها على السواء إلا إذا تضمن المجموع محذوراً لا يتضمنه الآحاد. قال: وقد وقع المنع من قبل أهل زماننا، وأفتى جدي بالجواز وصحح فتواه أكابر العلماء من معاصريه ببلاد فارس، ثم نقل فتوى جدي بطولها، ونقل قوله البلقيني في تحريم النووي الشبابة لا يثبت تحريمها إلا بدليل معتبر، ولم يقم النووي دليلاً على ذلك، ونقل تصحيح الجلال الدواني لفتوى جده، ثم كلام الدواني في شرح الهياكل حيث قال: الإنسان يستعد بالحركات العبادية الوضعية الشرعية للشوارق القدسية بل المحققون من أهل التجريد قد يشاهدون في أنفسهم طرباً قدساً مزعجاً فيتحركون بالرقص، والتصفيق، والدوران، ويستعدون بتلك الحركة لشروق أنوار أخر إلى أن ينقص ذلك الحال عليهم بسبب من الأسباب كما يدل عليه تجارب السالكين، وذلك سر السماع، وأصل الباعث للمتألهين على وضعه، حتى قال: بعض أعيان هذه الطائفة أنه قد ينفتح للسالكين في مجلس السماع ما لا ينفتح لهم في الأربعينيات. قال ابن الحنبلي: وكان مصلح الدين قد حكم قبل هذا النقل بإباحة الرقص أيضاً بشرط عدم التثني والتكسر في كلام طويل قال: ثم إن مصلح الدين رحل في السنة المذكورة إلى مكة فحج، وجاور، ثم رجع من مكة إلى حلب فقطن بها واستفتى فيها على الشيخ عبد الوهاب العرضي إذ منع شاباً كان يقرأ في متن البخاري بجامع حلب من قراءته وقال له لست بأمير، ولا مأمور من قبله فحمله قوله صلى الله عليه وسلم: " ألا يقص إلا أمير أو مأمور أو محتال على أنه لا يحدث إلا هؤلاء خطأ منه في ذلك، فكتب في الجواب الصواب حمل الحديث على ما ظن في ذلك البعض من بعض الظن فإنه مخالف لما عليه أهل الفن، والعدول عما ذكره الشارحون إلى ما ذكره عدول عن طريق العدول، فإنه كلام يأباه أهل الفضل، ويعدونه من الفضول، قال:

محمد بن عبد الله بهاء الدين المصري

ثم توجه إلى الباب الشريف، ومعه عرض من قاضي مكة عتيق الوزير الأعظم، فخلع عليه المقام الشريف خلعة ذات وجهين وأهدى إليه مالاً، وأعطاه من جوالي مصر أربعين درهماً في كل يوم، فظهر لها مستحقون فلم يتصرف بها، ثم عاد إلى حلب، ثم رحل منها إلى آمد سنة سبع وستين وتسعمائة، رحمه الله تعالى. محمد بن عبد الله بهاء الدين المصري محمد بن عبد الله، الشيخ العالم الصالح أبو عبد الله بهاء الدين المصري، النحوي، الشافعي، ولد تقريباً سنة ثمان وثمانمائة وأخذ على السخاوي، والديمي، والسيوطي، القاضي زكريا، والبرهان بن أبي شريف، والسعد الذهبي وغيرهم، ودرس بجامع الأزهر، وغيره وله مؤلفات في الفرائض وكان يؤثر الخفاء لا يزاحم على شيء من الدنيا، ولا يتردد إلى أبنائها إلا عن ضرورة، وكان يقوم الليل تارة يصلي، وتارة يقرأ توفي في عشر التسعين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن عبد الرحمن العلقمي محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أبي بكر، الشيخ العلامة الإمام، شمس الدين أبو عبد الله العلقمي المصري، الشافعي مولده تقريباً سنة سبع وتسعين وثمانمائة خامس عشر صفر أخذ العلم عن الشيخ شهاب الدين، والشيخ ناصر الدين اللقاني، وغيرهما. وأجازوه بالإفتاء والتدريس، فأفتى، ودرس في جامع الأزهر، وانتفع به جماعة كثيرة في تحقيق العلوم الشرعية، والعقلية، وذكره الوالد في معجم تلاميذه وقال: اجتمع بي في رحلته إلى دمشق سنة أربع وثلاثين وتسعمائة، وحضر بعض دروسي وسمع بعض تأليفي المسمى بالدر النضيد، ثم لما رحل شيخ الإسلام الوالد إلى القاهرة يريد الحج الشريف منها سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة، اجتمع به المذكور، وكان يقوم بمصالحه كلها مدة إقامته بمصر، ومن تصانيفه الحاشية المشهورة على الجامع الصغير وكتاب ملتفى البحرين في الجمع بين كلام الشيخين وكان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر ويؤاخذ بذلك الأكابر، وكان له توجه عظيم في قضاء حوائج إخوانه، وإذا نزل بأحدهم بلاء لا يتهنى بنوم، ولا عيش حتى يزول عنه ذلك البلاء أنشدنا شيخنا أقضى القضاة العلامة محب الدين الحنفي قال: أنشدنا الأستاذ سيدي محمد البكري قال: أنشدنا شيخ

محمد بن عبد الرحمن بن الفرفور

الإسلام الشيخ بدر الدين الغزي، وكان عندنا في دعوة سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة وقال بديهة مستدعياً لحضور الشيخ العلامة شمس الدين العلقمي: يا سيداً أوصافه قد زكت ... في اللون والريح وفي المطعم والله ما يحلو لنا مجلس ... إلا إذ حل به العلقمي قلت: ووجدت ذلك موجوداً في مواضع من خط شيخ الإسلام الوالد رحمه الله تعالى ذكر الشعراوي أن العلقمي المذكور كان في سنة إحدى وستين في الأحياء. محمد بن عبد الرحمن بن الفرفور محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن الفرفور الحنفي كان شاباً فاضلاً نجيباً. مات في حياة أبيه فجأة، وسمعت أنه مات مسموماً في سنة تسع وثمانين أو سنة تسعين وتسعمائة عن ولدين أحدهما الفاضل محمد حلبي، والثاني الفاضل أبو بكر، ولما وضع في لحده وقف ولده محمد، وكان يومئذ صغيراً، وقال لجده القاضي عبد الرحمن يا سيدي: كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر فبكى القاضي عبد الرحمن بكاء شديداً، وبكى الناس لبكائه ثم قال يا ولدي: فكأنه برق تألق بالحمى ... ثم انقضى فكأنه لم يلمع محمد بن عبد الكريم الرومي محمد بن عبد الكريم، وقيل محمد بن عبد الوهاب بن عبد الكريم، المولى محيي الدين بن عبد الكريم. أحد الموالي الرومية المشهورين بالعلم والفضل، والديانة، ولي قضاء حلب، ثم الشام، ثم مصر، وذكر والد شيخنا أنه، ولي قضاء بروسه بعد الشام، ودخل الشام في غرة شوال سنة ثمان وخمسين وتسعمائة، وعزل عنها في ربيع الأول سنة تسع وخمسين. قال: والد شيخنا وما كان به بأس غير أنه لا حظ له من الناس لأنهم أطوع للظالم، وقال: في موضع آخر كان رجلاً عالماً ذكياً ينزل الناس منازلهم ذكوراً، وذكر أنه سأله عن حل اليسق يعني المحصول لما رأى منه من العلم، والحلم بمثل ما سأل القاضي أحمد بن يوسف المتقدم في الطبقة الثانية، فلم يجبه إلا بما أجاب يعني من اتباع الموالي، وزاد أنه قال: كنت جالساً عند مولانا فلان، وسمي اسمه، وهو أحد أشياخه، وجاء شخص، وسأله عن حل هذا اليسق فقال له: لم أقل بحله، وقال لي كان في الصدر الأول رزق القاضي من بيت المال، ولم يكن هذا اليسق بالكلية، ثم بعد سنين يقال أن رجلاً وسماه حيدر، أو غيره أشار يعني على بعض القضاة بأن يعطي القاضي من الأخصام ما هو كذا وكذا، وهذا سهل، وذكر في موضع آخر

محمد بن عبد الوهاب العاتكي الأبار

أنه قال: أربعة دراهم فسمع قوله، وصار يؤخذ منهم، فلما أخذ قطع عنه ما كان قد رتب له في بيت المال، واستمر الأمر على هذا الحال انتهى. توفي في رمضان سنة خمس وسبعين وتسعمائة، ودفن بباب أدرنة وورد الخبر بموته إلى دمشق في أواخر ذي القعدة منها وصلي عليه غائبة رحمه الله تعالى. محمد بن عبد الوهاب العاتكي الأبار محمد بن عبد الوهاب الشيخ العالم الصالح، شمس الدين الأبار الدمشقي العاتكي، الشافعي خطيب التبريزية، لم يكن أباراً، ولا أبوه. وإنما كان خاله أباراً، وكان اسمه محمد، فرباه، فنسب إليه وتفقه بالشيخ جلال الدين البصروي خطيب جامع الأموي، ولحق بالتقوي ابن قاضي عجلون، وكان مؤذناً بالتبريزية، ثم صار خطيباً بها، وكان يقرأ البخاري في البيوت، وكان متقشفاً يلبس الشبت من الصوف الأسود، وتحته جبة من القطن، وعلى رأسه المئزر، وكان قادرياً أخذ الطريق عن الشيخ عبد الهادي الصفوري العاتكي، وكانت وفاته في سنة سبع وسبعين بتقديم السين فيها وتسعمائة، وتولى الخطابة بعده ولده الشيخ تاج الدين، وعاش بعده عشرة أشهر، ثم ولي الخطابة بعده الشيخ شهاب الدين الطيبي رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن عبد الرحيم أبو خليل محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن خليل، الشيخ الصالح الزاهد الحسيب النسيب السيد، الشريف، ولي الدين أبو خليل الدمشقي الشافعي منقطعاً بمسجد شرقي في دمشق داخل باب توما، صحبة شيخ الإسلام الأخ شهاب الدين كثيراً، وكان يتردد إليه في المسجد المذكور أخبرني الشيخ عبد القادر بن سوار، أنه لما أراد عمل المحيا بالجامع الأموي قال: له السيد أبو خليل أنت مجنون تريد أن تتصدر بالجامع الأموي، والله تقتلك رجال الشام قال: فذكرت ذلك لشيخ الإسلام يعني الوالد فقال افعل ما عليك منه. قال: فلما كان أول ليلة عملنا فيها المحيا بالجامع قلت هاتوا لي السيد أبا خليل قال: فبعث إليه الشيخ شهاب الدين يعني أخي، فحضر تلك الليلة، وحصل له أنس، وكان ذلك ببركة شيخ الإسلام قال: وكان عندنا بمجلس المحيا ذات ليلة، وكنا نعمل المحيا تلك الليلة بالرواق. قال: فسمعنا وجبة في الصمن قال: فالتفت إلي أبو خليل وقال لي: ما بقيت أخاف عليك بعد هذه الليلة هذا رجل جاء يريدك، فدفعه الله تعالى عنك، فسقط. وحدثني الشيخ تاج الدين القرعوني عن الشيخ عبد القادر بن سوار أنه قال: كنت ذات يوم في البيت وحدي فسمعت إنساناً يناديني من فوق السطح، فخرجت إليه ونظرت فإذا هو السيد أبو خليل،

محمد بن عبد العال الحنفي

وكان يومئذ مريضاً، فقال لي: يا شيخ عبد القادر إني أموت في يوم كذا فأحضرني، وأفعل كذا وكذا، ثم مات في الوقت الذي ذكر. وكانت وفاته في سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة تقريباً رحمه الله تعالى. محمد بن عبد العال الحنفي محمد بن عبد العال الشيخ الإمام العلامة، الأوحد المحقق الفهامة، الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة، الشيخ أمين الدين ابن الشيخ الناسك زين الدين عبد العال الحنفي. المتقدم في الطبقة الثانية كانت أمه حبشية ونشأ في علم وخير، وفضل قبل موت أبيه، وأخذ العلوم عن جماعة منهم الشيخ برهان الدين الطرابلسي وأجازوه بالإفتاء، والتدريس، فدرس، وأفتى في حياتهم بإذنهم، ووقف الناس عند قوله وأجمعوا على ورعه، وزهده، وحفظ جوارحه من المخالفات، وكان مؤثراً للعزلة مشغول الفكر بالله. وبأحوال يوم القيامة يعرف ذلك من أحواله له قدم راسخة في فهم كلام القوم لا سيما كلام الشيخ محيي الدين بن العربي، وعرضت عليه عدة وظائف من تدريس وغيره فأبى، وكان لا يعتني بشيء من الملابس، ولا من المراكب يركب الحمار، وأكثر خروجه إلى السوق بلا رثاء ثيابه في بيته هي ثيابه في درسه طارحاً للتكليف في جميع أحواله، وكان ممن أخذ عنه الشيخ العلامة شمس الدين محمد العلمي القدسي نزيل دمشق فحدثني ببعض أوصافه، وأخبرني أنه مات في سنة ثمان وستين وتسع مائة، ورأيت بخط بعض المصريين أنه مات في سنة إحدى وسبعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن عبد القادر بن جماعة محمد بن عبد القادر بن عبد العزيز الشيخ الفاضل الحجة الكامل، عفيف الدين بن جماعة المقدسي الشافعي، والد الشيخ عبد النبي كان من أعيان بيت المقدس أخذ عنه الشيخ إبراهيم بن كسبائي، وغيره، وكانت وفاته في بيت المقدس، في إثنا عشر الثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن علي بن الطباخ محمد بن علي بن أحمد الشيخ شمس الدين الحلبي المعروف بابن الطباخ. ولد سنة اثنتين وتسعين وثمانمائة، وتعاطى التجارة، وعني بسماع الحديث، وأجاز له الشيخ كمال الدين الطويل، وغيره، وخدم شيخ الشيوخ ابن أبي ذر عشر سنين، وأخذ عنه الشفاء والشمائل، ومنظومة العراقي في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك، وكان يحفظ تواريخ من أدركه من المتقدمين، والمتأخرين لعلو سنة توفي سنة ثمان وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

محمد بن علي الشبشيري

محمد بن علي الشبشيري محمد بن علي بن سالم، الشيخ المعمر ولي الدين الشبشيري القاهري، الشافعي، أخذ عن السخاوي، والديمي، والسيوطي، والقاضي زكريا، وآخرين توفي في حدود التسعين بتقديم التاء وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن علي التروسي محمد بن علي بن الحسن بن تاج الدين الكيلاني التروسي الحلبي الشافعي، الصوفي، أحد مريدي الشيخ محمد الخرساني النجمي كان شيخاً صالحاً معمراً مكث بديار العرب مدة تزيد على نصف قرن، ولزم شيخه المذكور بحلب إلى أن توفي بها، وصحب الشيخ علوان، وشيخه سيدي علي بن ميمون، وصحب آخراً الشيخ عبد اللطيف الجامي، والشيخ قطب الدين عيسى الصفوري، وسافر معه إلى بغداد لزيارة من بها من الرجال، ولم يزل يتعاطى أمر التروس العجيبة الثمينة، ويعلم الأطفال أحياناً قراءة القرآن، والكتابة، وهو على سمت الصالحين، وكان يستحضر شيئاً من طب الأبدان كما يستحضر من طب القلوب، إلى أن علت سنه ونحف بدنه فترك تأديب الأطفال وغيره وكان يذكر أن شيخه الخراساني كان يقول له: ستموت في شعبان، وكان كلما دخل شعبان يرقب الموت فإذا انسلخ قال: أنا لا أموت حتى يدخل شعبان ثم اتفق أنه مات في شعبان سنة سبعين وتسعمائة، ودفن بمقبرة الخرساني خارج باب الفرج بحلب رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. محمد بن علي القابوني محمد بن علي الشيخ عفيف الدين بن علاء الدين القابوني الشافعي، خطيب جامع منجك خارج دمشق بمسجد الأقصاب تلا للسبع على الشيخ شهاب الدين الطيبي، وتوفي بعده بسنة سنة وسبعين، وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن علي الجوبري محمد بن علي خير الدين الجوبري الدمشقي، الشافعي، كان رئيس الشهود بقناة العوني، وبالميدان، وبالكبرى، وناب في القضاء نحو شهر في حدود ستة سبعين ولعله في الصالحية، وكان خصيصاً بشيخ الإسلام الوالد وكان يلف له عمامته توفي في سابع عشر ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة بتقديم السين، فيهما عن نحو ثمانين سنة. محمد بن علي البكري الصديقي محمد بن علي بن محمد الشيخ الإمام

شيخ الإسلام وابن شيخ الإسلام العارف بالله وابن العارف به الأستاذ ابن الشيخ شمس الدين ابن أبي الحسن البكري الصديقي، المصري الشافعي. مشهور الآفاق قال الشعراوي: حجبت معه مرتين، فما رأيت أوسع منه خلقاً، ولا أكرم نفساً، ولا أجل معاشرة، ولا أحلى منطقاً درس، وأفتى في علم الظاهر، والباطن، وأجمع أهل الأمصار على جلالته، ونشأ رضي الله تعالى عنه كما نشأ والده على التقوى، والورع، والزهد، وعز النفس حتى أتته الدنيا، وهي راغمة قال: وأعرف من مناقبه ما لا يقدر الأقران على سماعه انتهى. أخذ العلوم عن والده، وغيره، وأخبرني الدرويش محمد القدسي نزيل دمشق قال: حدثنا الأستاذ سيدي محمد البكري قال: كان أول فتوحي إني كنت يوماً جالساً أطالع في كتاب الفتوحات للشيخ محيي الدين بن العربي، فدخل علي الأستاذ والدي فقال لي: يا محمد ما هذا الكتاب؟ فقلت: يا سيدي فتوحات ابن العربي قال فقال: هذه فتوحات ابن العربي فأين فتوحاتك أنت؟ قال: ففتح لي من ذلك الوقت، وتركت الفتوحات، وغيره. ولما دخل شيخ الإسلام الوالد مصر حاجاً منها في سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة. كان الشيخ أبو الحسن قد توفي قريباً وكان حضوره مصر تقريراً لسيدي محمد البكري، وتثبيتاً له، وبلغني أنه حضر أول مجالسه، وكان سيدي محمد يعترف للشيخ بالأستاذية. كما كان أبوه يعترف لأبيه، ويعتقد أنه لولا الشيخ رضي الدين ما حصل لهم من الفتح، واللسان، والمعرفة ما فتح، وأضاف سيدي محمد البكري في التاريخ المذكور شيخ الإسلام الوالد، وحضر تلك الضيافة من أكابر مصر إذ ذاك جماعة، وحدثني الخوجا إبراهيم بن عثمان بن مكسب قال: كنت لا أقول أن في الدنيا مثل شيخ الإسلام الشيخ بدر الدين والدك، وقد دخلت مكة والمدينة واليمن، ومصر، وغيرها، وكنت يوماً ببعض أسواق مصر فمر الشيخ محمد البكري، فرأيت الناس أكبوا عليه وقبلوا يده فقلت مساكين أهل مصر كيف لو رأوا شيخ الإسلام بدر الدين؟ فلما حاذاني سيدي محمد البكري قبلت يده فأمسك على يدي، وقال لي: انظر الشيخ بدر الدين الغزي شيخنا. وأستاذنا، ولكن الاعتقاد مليح، فوقع كلام الشيخ في قلبي، ثم ترددت إليه، وكان هذا سبب اعتقادي فيه. وله رضي الله تعالى عنه تآليف، ورسائل في السلوك وغيره وقفت له على

كتاب هداية المريد، إلى الطريق الرشيد، وكتاب معاهد الجمع، في مشاهد السمع، وله ديوان شعر يدل على مشربه الرائق، ومقامه الفائق، ومن شعره ما أورده في كتابه معاهد الجمع: شربت من نغمات القدس كاساتي ... وقام يرقص ناسوتي بآلاتي وكنت في حان لاهوتي نشاهده ... وشاهدي اليوم ممحو بأثبات متى سمعت؟ وإني منه مستمع ... والآن فقد بأوصافي وحالاتي ولو نظرت وما عنه حجبت وبي ... عرائس الجمع يجلوها بمرآتي ومنه ما أورده في كتاب هداية المريد: شهدناك في مرآة كل حقيقة ... تليح لنا فيها الذي أنت تعلمه وتهدي لنا منها قلوباً توجهت ... لتعرف ما يخفي المحب ويكتمه وأعلمتنا منها بوحدتك التي ... بها طلعت من مشرق الحق أنجمه فلما عرفناها عرفنا توجهاً ... إليك فلا وهم علينا نحكمه فأظهرت وجه النور غير مبرقع ... فأذهب عنا ما الفؤاد توهمه فعدنا مفيضين المعارف فيالورى ... وأخمصنا الصيد الأماجد تلثمه على أننا في مهلة الشوق لم يرم ... وحر هوانا بالتذكر نضرمه ونرسل من آماقنا كل مدمع ... وحالتنا تقضي بأنا نحمحمه ومن شعره ما أنشده شيخنا شيخ الإسلام محب الدين الحموي قال: كتب إلي الأستاذ الإمام سيدي محمد البكري في صدر مكاتبة إلي، وأنا قاض بثرمنت: يا نسمة البان بل يا نسمة الشيح ... أن رحت يوماً إلى من عندهم روحي خذي لهم من ثنائي عنبراً عبقاً ... وأوقديه بنار من تباريحي حدثنا شيخنا المذكور قال: لما اجتمعت بسيدي محمد البكري قال لي: ما اسمكم قلت عبدكم محب الدين قال: بحم أقسم إني محب، ومحاسنه كثيرة، ولطائفه شهيرة ومن كراماته ما حدث عنه أحد جماعته الشيخ الفاضل عبد الرحيم الشعراوي قال: جاورت بمكة المشرفة مع الأستاذ سيدي محمد البكري الصديقي في بعض مجاوراته، وكنت كثير الملازمة له شديد الاتصال به، فبينما هو جالس يوماً بالحرم الشريف عند منزله باب إبراهيم، وأنا عنده إذ جاء الخادم من منزله، فطلب شيئاً من النفقة، ولم يكن معه إذ ذاك ما ينفق. فقال للخادم: نرسل الآن إن شاء الله فمضى الخادم، ثم عاد وألح في الطلب، فأجاب الشيخ بما

أجاب أولاً، وتكرر ذلك من الخادم فنهض الشيخ للطواف وأنا معه وهو يقول: صوح النبت فاسقه ... قطرة من سحائبك وأغثنا فإننا ... في ترجي مواهبك وما زال يكررها في الطواف، واذ بشخص هندي أقبل على الشخص، وقبل يده ودفع له من جيبه صرة من الدنانير، وقال: يا سيدي هذه هدية أرسلها لك معي ملك الهند، فسجد الشيخ شكراً لله تعالى، وانقلب إلى أهله مسروراً، وكان سيدي محمد البكري رضي الله تعالى عنه حسن العقيدة في الصالحين، من المجاذيب والسالكين، معترفاً بفضل ذي الفضل، شديد التأدب مع الحضرة المصطفوية، معظماً لذريته الأشراف لا يدخل عليه شريف إلا، ونهض له قائماً حتى سافر معه جمال شريف، وكان كلما دخل عليه يقوم له، واجتمع به الشيخ العارف بالله تعالى أبومسلم محمد بن محمد الصمادي شيخ الطائفة الصالحية بدمشق في بيض المقدس، فاعتقد كل منهما الآخر ولما دخل الشيخ محمد الصمادي إلى وطاقه مودعاً له أمر سيدي محمد البكري بتقديم فرس الصمادي إليه على بساطه، وأمسك له الركاب بنفسه وحدثني بعض أصحابنا قال: حملت مكتوباً من الشيخ محمد الصمادي إلى الشيخ البكري فلما دخلت على البكري سلمت عليه من قبل الشيخ الصمادي، فلما ذكرت اسمه له قام على حيله، ورد سلامه، ثم قعد فلما أعطيته المكتوب قبل عنوانه، ووضعه على عينيه، ثم فتحه بتعظيم قلت: ومن الاتفاقات العجيبة أنهما ماتا في سنة واحدة واجتمع به صاحبنا العارف بالله تعالى الشيخ محمد اليتيم العاتكي، واستمد منه، وحدثنا عن كراماته ومنها تسخير الطاغية سليمان باشا ابن قباد، وكان نائب القدس إذ ذاك، وكان عسوفاً له بحيث أنه كان يخدمه ويمشي بين يديه وهكذا كان اعتقاد أركان الدولة بمصر فيه، وأشراف مكة، وأعيانها، وبالجملة فإن ترجمته تحتمل مؤلفاً مستقلاً، وبلغني أن رجلاً ذكر سيدي محمد البكري مرة فقال: لا أدري كيف أمر الشيخ في سعة دنياه وتبسطه فيها إلى حد الإسراف في المطعم، والملبس؟ فمرعليه الشيخ، فلما قبل يده قال له: يا بني الدنيا بأيدينا، وليست في قلوبنا. وممن مدح الأستاذ بشعر الفاضل الأديب محمد بن الحسين الحارثي الشامي الأصل الخراساني المولد حج، ورجع إلى مصر، ثم زار القدس، ثم دخل دمشق، وأسرع الرحلة منها إلى العراق وكان في الآن مقيماً بقزوين عند ملك العجم شاه عباس، ولا أدري أهو حي الآن أو مات فقال: يا مصر سقياً لك من جنة ... قطوفها يانعة ودانيه ترابها كالتبر في لطفه ... وماؤها كالفضة الصافية قد أخجل المسك نسيم لها ... وزهرها قد أرخص الغاليه

دقيقة أصناف أوصافها ... وما لها في حسنها ثانيه منذ أنخت الركب في أرضها ... أنسيت أصحابي وأحبابيه فيا حماها الله من روضة ... بهجتها كافية شافيه فيها شفا القلب وأطيارها ... لنغمة القانون كالزارية تركت مذ حل ركابي بها ... الحساب والهيئة في ناحيه والطب والمنطق في جانب ... والنحو والتفسير في زاويه كذا معان وبيان له ... أسهرت عيني برهة وافيه وحكمة ثم كلاماً به ... فقت أهيل الأعصر الماضيه فذا زمان ليس يرجى به ... لصاحب الفضل سوى ناريه من شاء أن يحيي سعيداً به م ... منعماً في عيشة راضيه فليدع العلم وأصحابه ... وليجعل الجهل له غاشيه وليترك الدرس وتدريسه ... والمتن والشرح مع الحاشيه إلى م يا دهر وحتى متى ... تشقى بأيامك أياميه تحقق الآمال مستعطفاً ... وترفع النقص بآماليه وهكذا تفعل في كل ذي ... فضيلة وهمة عاليه فإن تكن تحسبني منهم ... فهي لعمري ظنة واهيه دع عنك تعذيبي وإلا فأشكو ... ك لدى ذي الحضرة العاليه سيدنا الأستاذ كهف الورى ... منقذهم من درك الهاويه ومرشد الخلق إلى الحق ذي المنا ... قب الظاهرة الساميه سرت مع الركبان في شرقها ... ومغرب أكرم بها ساريه إن كنت تبغي أن ترى جن ... ة الفردوس فأحضر ساعة ناديه والثم ثرى أعتابه خاضعاً ... وعفر الخد مع الناصيه وشنف الأذن بألفاظه ... إن كنت ممن أذنه واعيه فتنظر الفيض اللدني والأس ... رار مستكشفه باديه يا سيدي إني امرؤ لم أزل ... إلى العلا ذا قدم ساريه قد طفت في الأض بأكنافها ... من حضر فيها ومن باديه وأبصرت عيناي كل أمرىء ... في فنه ذا قدم راسيه وكل طود شامخ يهتدي ... بنوره في الظلمة الداجيه حتى توصلت إلى خدمة ... الأستاذ من مملكة نائيه

محمد بن عمر ابن الشيخ عمر العقيبي

أطوي الفيافي قاصداً ... نحوه ميمماً سدته العاليه فاستحقرت عيناي من كنت قد ... أبصرته في الأعصر الماضيه من أبصر البحر فمن شأنه ... أن يستقل النهر والساقيه مولاي عذراً إن فكري غدا ... مشتتا من سوء أحواليه صفاتكم أعلى منالاً من أن ... تخطر مولاي على باليه وهذه الأبيات كاللغو والأست ... اذ لا يستمع اللاغيه خلت من المعنى فكن قانعا ... مولاي بالوزن مع القافيه لا زال حسادك في ذلة ... ومقلة دامعة داميه ولا برحت الدهر ذا عزة ... ونعمة واسعة صافيه وكانت وفاة سيدي محمد البكري رحمه الله تعالى ليلة الجمعة رابع عشري صفر سنة أربع وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة، وتقدم أن وفاة سيدي الشيخ محمد الصمادي ليلة الجمعة عاشر صفر المذكور فبين وفاتيهما ثلاثة عشر يوماً في يوم واحد في شهر واحد في ليلة واحدة من الأسبوع رضي الله تعالى عنهما وقيل في تاريخ وفاته: مات من نسل أبي بكر فتى ... كان في مصر له قدر مكين قلت لما الدمع من عيني جرى ... ارحوه مات قطب العارفين محمد بن عمر ابن الشيخ عمر العقيبي محمد بن عمر، الشيخ شمس الدين ابن الشيخ عمر العقيبي، أخذ الطريق عن أبيه، وكان القاضي أكمل الدين مفلح يصحبه كثيراً ويتردد إليه توفي سنة ثمانين وتسعمائة، ودفن عند والده في زاويتهم، وقام بعده في المشيخة أخوه الشيخ علي رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن عمر القصير محمد بن عمر بن سالم أبو البقاء القصير الموصلي الأصل، ثم الدمشقي الشافعي جده لأمه قاضي القضاة محيي الدين النعيمي، وزوجة النعيمي جدة أبي البقاء هي أخت الشيخ شمس الدين الكفرسوسي. أخذ الحديث، والقراءات عن والده وعن ابن سالم، والشيخ حسن الصلتي، والطيبي، وغيرهم، وكان يحفظ القرآن العظيم وشهد في عدة محاكم، ثم صار لكشف السجلات، وكان صاحب الشيخ علاء الدين بن عماد الدين ثم اختص بشيخ الإسلام الوالد، وكان قائماً بمصالحه عند القضاة، والحكام، وكيلاً عنه فيما

محمد بن أبي الوفاء بن الموقع

يحتاج إليه من إجارة، أو طلب حق، أو غير ذلك ناصحاً في خدمته مخلصاً في محبته، وكان شيخ الإسلام يدعو له ويقول: اللهم كما كفاني أبو البقاء هم دنياي، فأكفه هم آخرته وكان الناس يغبطونه على صحبة الشيخ، وخدمته توفي في غرة جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن أبي الوفاء بن الموقع محمد بن أبي الوفاء، الشيخ الإمام العالم الصالح كمال الدين المصري الأصل، الحلبي المولد، الصوفي الشافعي، المعروف بابن الموقع. كان أبوه موقعاً عند خير بك كافل حلب، ولما انقصت دولة الجراكسة سافر الشيخ كمال الدين إلى القاهرة، وجد في طلب العلم النقل، والعقل عن جماعة منهم أبو السعود الجارحي وسيدي محمد بن عراق الدمشقي، ثم المكي، وابن مرزوق اليمني، والقاضي زكريا، والشيخ عبد الحق السنباطي، والسيد الشريف محمد بن أحمد كمال الدين إمام الجامع العمري وخطيبه بالقاهرة، والدلجي، والصابي، وصحب الشيخ أبا الحسن البكري قال الشعراوي، تبحر في علم الأصول، والتفسير، والقراءات، والنحو، والمعاني، وله عدة مؤلفات في هذه العلوم، وإجازة العلماء بالإفتاء، والتدريس، فدرس العلم مدة وانقطع في بيته للعبادة وما سمعته قط يذكر أحداً بسوء ولا رأيته يتردد إلى أحد من الولاة وأبناء الدنيا ولا يزاحم على شيء من مناصبها انتهى. وذكر ابن الحنبلي من مؤلفاته شرح تصحيح المنهاج لابن قاضي عجلون، والشمعة المضية في نشر قراءات السبعة المرضية والتلويح، بمعاني أسماء الله الحسنى الواردة في الصحيح، والفتح، لمغلق حزب الفتح، وهو شرح وضعه على ورد حزب أستاذه أبي الحسن البكري والهام المفتاح بحكمة إمداد الأرواح، من عالمها العلوي وبثها في الأشباح، والحكم اللدنية، والمنازلات الصديقية وله تائية منها:

محمد بن مبارك القابوني

أأنوار ليل يستضيء لمهجتي ... أم الحبب الثغري يبدو لمقلتي أم البرقع النوري أسفر عن حمى ... سعاد سحيراً ضاء في كل بقعة نعم، كل ذا قد كأن مذ رمقت لنا ... عيون عنايات بأحسن رمقة ورقت لنا كاست خمر الهنا بها ... بحان صفاء العيش في وقت خلوة وزفت لنا كوسات وصل حبائبي ... مبهرجة في حلة بعد حلة تجلت لنا الأكواب في خلع الهنا ... تسامرنا العين في حين غفلة لم يؤرخ ابن الحنبلي وفاته لتأخره عن وفاته، ووقفت له على إجازة في سنة ثلاثة وسبعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن مبارك القابوني محمد بن مبارك بن عبد الله، الرئيس شمس الدين ابن المبارك القابوني المتقدم ذكر أبيه في الطبقة الأولى كان رئيساً في عمل الموالد ندي الصوت حسنه، بعيد النفس، عارفاً بالموسيقى داخلاً إلا أنه كان عامياً يلحن، وكان أحد المؤذنين المشهورين، بالتقدم بالجامع الأموي، ورئيس المؤذنين بالدرويشية، والسيبائية توفي ليلة الثلاثاء عاشر ربيع الثاني سنة تسع وتسعين وتسعمائة بتقديم المثناة في التكية، ودفن بباب الفراديس رحمه الله تعالى. محمد بن محمود الطنيخي محمد بن محمود، الشيخ الصالح المجمع على جلالته ونفعه للعباد، الشيخ شمس الدين الطنيخي المصري، الشافعي إمام الجامع العمري أخذ العلم عن جماعة منهم الشيخ ناصر الدين اللقاني، والشيخ شهاب الدين الرملي، والشيخ شمس الدين الدواخلي، وأجازوه بالإفتاء، والتدريس، ولما كان شيخ الإسلام الوالد بمصر

محمد بن مسلم التونسي

سنة اثنتين وخمسين حضر بعض دروسه، وسمع عليه بعض شرحه المنظوم على الألفية قال شيخ الإسلام الوالد فيما قرأته بخطه، وهو رجل فاضل مستحضر لمسائل الفقه، وخلافها قال الشعراوي، ولم يزل من صغره إلى الآن يعني الوقت الذي ترجمه فيه في سنة إحدى وستين وتسعمائة حافظاً للسانه، مقبلاً على شأنه، معظماً لإخوانه، كريم النفس، كثير الحياء والأدب، زاهداً ورعاً خاشعاً خائفاً من الله تعالى يبكي إذا سمع بأحوال الصالحين إلى أن قال: درس وأفتى، وانتفع به خلائق. قال: وكان والده الشيخ محمود عبداً صالحاً من أهل القرآن، والخير ذرية بعضها من بعض قال: وله ولد صالح اسمه عبد الرحمن نشأ على خير، وتقوى وعلم، وعمل وقرأ على كتاب السنن الكبرى للبيهقي. محمد بن مسلم التونسي محمد بن مسلم بتشديد اللام المفتوحة، المغربي التونسي، الحصيني، نسبة إلى حصين مصغراً طائفة من عرب المغرب المالكي، ثم الحنفي نزيل حلب، اشتغل في بلاده، وحصل، ثم دخل حلب فقرأ في علم الفرائض وغيره على البرهان العمادي، وفي فقه الحنفية على ابن حلفا. وروى البخاري عن جماعة منهم قاضي الجماعة بتونس سيدي أحمد السليطي سماعاً له من لفظه ومنهم الشيخ أطعم القاضي بطرابلس الشام أبو عمرو عثمان الشهير بابن مسعود الحنبلي، قال ابن الحنبلي ولم يزل بحلب، وله الكلمة النافذة على المغاربة القاطنين بها يفتي، ويدرس، ويتجر، ويتعاطى صناعة الكيمياء، وجهد فيها إلى أن كفل حلب فرهات باشا، وكان يهوى الكيمياء فصحبه، وأتلف عليه مالاً جيداً. قال: ولما قدم الشيخ عبد الرحمن البتروني حلب، وتحنف أعطي إمامة الحنفية بالجامع الكبير، بعرض قاضيها فندب فرهات باشا في طلب عرض من القاضي، فأبى القاضي معتذراً بسبق عرضه للشيخ عبد الرحمن، فأخذ يعني ابن مسلم بعد مدة في القدح، فيه بأمور منها أنه ادعى حياة النبي صلى الله عليه وسلم في قبر انتهى. والظاهر أن ابن مسلم تأخرت وفاته عن ابن الحنبلي، لأنه لم يؤرخ وفاته، ثم أفادني تلميذه صاحب الشيخ العلامة، محمد بن محمد الكواكبي مفتي حلب أنه توفي سنة سبع وسبعين بتقديم السين فيهما، وتسعمائة، وهي سنة ميلادي رحمه الله تعالى. محمد بن يحيى الأيدوني محمد بن يحيى الشيخ نجم الدين الأيدوني.

محمد بن يوسف الشفري

الدمشقي الشافعي، وهو أخو شهاب الدين إمام الأموي كان خطب جامع يلبغا بمحلة تحت القلعة وإماماً بالتبريزية بمحلة قبر عاتكة توفي في ثامن عشر شوال سنة خمس وثمانين وتسعمائة وأخذ الخطابة عنه الشيخ أحمد المغربي المالكي رحمه الله تعالى. محمد بن يوسف الشفري محمد بن يوسف بن أحمد، الشيخ شمس الدين الشعري، بفتح المعجمة، والمهملة الشهير بالمخترفي، بالخاء المعجمة، أخذ الطريق عن الشيخ محمد بن الشيخ أبي العون المغربي، ولبس الخرقة بحلب من الكيزواني وتفقه بها على البرهان العمادي، وكان فيه مع صلاحه رعانة، وممازحة، ولطف محاورة، وخفة روح، ولطافة طبع، بحيث إذا حضر مجلساً لم يدع أحداً غير متبسم توفي مقتولاً في طريق الشعر سنة سبعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن يوسف الطبيب محمد بن يوسف بن علي الرئيس زين العابدين الطرابلسي الطبيب كان حاذقاً بارعاً في الطب، وله معرفة تامة بمعرفة النبض، ومعرفة العلاج. أخذ الطب عن صهره ابن مكي، وابن القريضي، وغيرهما، وكان ينسب إلى التشيع إلا أنه كان كان يتسبب بالتجارة، وكان خصيصاً بشيخ الإسلام الوالد، وكان يبالغ في خدمته وعلاجه، وعلاج من عنده إذا احتيج إليه، وكان الناس يقولون إن خدمته للوالد تقية وحج مراراً، ثم حج بعد موت شيخ الإسلام، وجاور بمكة أربع سنين، وحظي عند سلطان مكة، وأهلها، ثم عاد إلى دمشق سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة، ومات في رمضانها. محمد إمام جامع المسلوت محمد الشيخ الصالح، شمس الدين إمام جامع مسلوت قرأ صحيح البخاري على الشيخ يونس والد شيخنا، وتوفي في شوال سنة سبع وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد العاتكي محمد الشاب الفاضل الصالح، شمس الدين العاتكي، سمع على والد شيخنا ما قرأه رفيقه المذكور قبله من صحيح البخاري، ومسند الشافعي، وقرأ على ولده الشيخ تاج الدين في النحو، والمعاني، والبيان، والنحو على الشيخ شمس الدين بن طولون وفضل، وصار له يد في القراءات، وفنون من العلم مات في نهار الجمعة بعد العصر ثالث عشري ذي القعدة سنة سبع وسبعين وتسعمائة، وتأسف الناس عليه رحمه الله تعالى.

محمد بن الجعيدي

محمد بن الجعيدي محمد الشيخ شمس الدين بن الجعيدي الدمشقي شيخ المنشدين، ورئيس المولد بدمشق كان رئيساً في علم النغمة صالحاً ديناً عزيزاً له الدخول التام، والقبول من الخاص، والعام، قرأت بخط الشيخ عبد الله المعتمد أن الريس ابن الجعيدي تمرض يوم الأربعاء ثامن ربيع الأول المذكور وأنه توفي ليلة الأربعاء المذكور وأن متولي السليمية أرعبه أن بنيان العمارة السليمية، وقع منها حجر على الرصيف، فتأولها المتولي بأن يعزل أو يموت وأحد من المؤذنين بها، فكان تأويله موت الريس، ثم سقفه المتان بعد موته بنحو سنة، فجددوه في سنة سبعين وتسعمائة، توفي في شهر مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم نهار الأحد ثاني عشر ربيع الأول سنة ثمان وستين رحمه الله تعالى. محمد الأبار محمد الشيخ العلامة شمس الدين الأبار الشافعي، خطيب التبريزية مات ليلة الجمعة سابع عشر ربيع الآخر سنة سبعين بتقديم السين وتسعمائة، ودفن بتربة الدقاقين بمحلة قبر عاتكة رحمه الله تعالى. محمد بن المناديلي محمد كمال الدين بن المناديلي الدمشقي أحد الشهود بالمحكمة الكبرى توفي يوم الاثنين رابع عشر رمضان سنة تسع بتقديم المثناة وستين وتسعمائة ولم يبلغ أربعين سنة، وتولى مكانه أبو بكر بن المغربي رحمه الله تعالى. محمد التونسي الطبلني محمد الشيخ العلامة شمس الدين المغربي التونسي الطبلني بضم الطاء المهملة والباء الموحدة، وإسكان اللام. بعدها، ثم نون وياء النسبة نسبة إلى طبلنا قرية من قرى تونس، كما قرأته بخط أبي الفتح المالكي كان صاحب الترجمة نازلاً بطرابلس الشام، وكان مالكياً، وكان تلميذه الشيخ مغوش المتقدم في الطبقة الثانية، ولازمه مدة مديدة، وبرع في العربية، والمنطق وشرح مقامات الحريري، وحشى توضيح ابن هشام واشتغل عليه الطلبة بطرابلس، ولما قدم شيخه الشيخ مغوش دمشق من بلاد الروم قاصداً بلاد مصر في سنة أربع وأربعين وتسعمائة قدم معه صاحب الترجمة، ورحل معه إلى مصر، ثم عاد إلى طرابلس. وتوفي بها في خامس عشر صفر سنة أثنتين وسبعين بتقديم السين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد الأبري محمد الأبري تلميذ الشيخ محمد الغمري له كلام على لسان القوم وهو مدفون بتربة الشيخ أرسلان رضي الله تعالى عنه

محمد القابوني

محمد القابوني محمد الشيخ شمس الدين القابوني ابن أخت الشيخ علاء الدين القميري كان ذا مروءة وافية، وديانة، وهمة عالية وكان فاضلاً صالحاً له قراءة حسنة، وكان إمام المقصورة بالأموي توفي في يوم الثلاثاء ثاني شعبان سنة أربع وسبعين وتسعمائة عن نحو خمسين سنة، ودفن بمقبرة الشيخ أرسلان رضي الله تعالى عنه وصلى عليه جماعة من الصالحين رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد المناشيري محمد الشيخ شمس الدين المناشيري الصالحي كان حافظاً لكتاب الله تعالى، وكان شيخ السبع بالجامع الأموي بعد صلاة الجمعة بمحراب الحنابلة توفي في أواخر شوال سنة أربع وسبعين بتقديم السين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد العسكري محمد الشيخ شمس الدين العسكري الصالحي كان من حفظة كتاب الله تعالى، ومن ذرية قوم صالحين. توفي في أواخر شوال سنة أربع وسبعين بتقديم السين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد التلعفري محمد الشيخ أبو البقاء التلعفري كان شيخاً لا بأس به توفي بدمشق يوم السبت ثالث عشر جمادى الأولى سنة سبع بتقديم السين وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن الهمام محمد الشيخ محيي الدين بن الهمام توفي يوم الاثنين سابع جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد باشا الوزير محمد باشا الوزير وزير السلطان سليمان قيل، ولم يكن في وزرائه أحسن منه، ثم وزير السلطان سليم، ثم وزير السلطان مراد، وقف الطاحون خارج باب الفراديس، وغيرها على القراء بالجامع الأموي مات شهيداً بالقسطنطينية، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة تاسع رمضان سنة سبع بتقديم السين وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن الدهانة المنيني محمد الشيخ الصالح الإمام العلامة الشيخ محب الدين بن الدهانة المنيني البكري المصري الحنفي والد القاضي رضي الدين قاضي الديوان المتقدم صحب هو، وولده شيخ الإسلام الوالد حين كان بالقاهرة سنة اثنتين وخمسين وذكرهما الوالد بخير، وقال الشعراوي هو من بيت علم، وصلاح صحبته نحو أربعين سنة فما

محمد الخطيب الشربيني

رأيته حاد عن طريق الحق، ولا هاب أحد من الولاة، والأكابر بل يصدعهم بالحق لا يهاب أحداً منهم قال: وهذا الأمر قد انفرد به الآن، ولم يشاركه فيه أحد مع ما هو عليه من الورع، والزهد وعدم قبول هدية ممن لا يتورع في كسبه، وما ثارت فتنة في مصر إلا وكان خمودهاعلى يديه، ولم يزل يصلح بين العلماء والأكابر إذا وقع بينهم تنافر، وتدابر كلامه مقبول عند سائر الناس قال: ولما وقعت الفتنة في مسألة استبدال الأوقاف أقام قاضي العسكر محمد بن الياس، وعارضهم الشيخ نور الدين الطرابلسي كاتبوا فيه للسلطان، فأرسل مرسوماً بشنق الشيخ نور الدين، وكانت نجاته على يد الشيخ محب الدين المذكور، وقيل أن المرسوم، وصل إلى مصر لما مات الشيخ نور الدين وفرغوا من غسله قال الشعراوي: وبلغنا أنه لما صحب الشيخ الكامل محمد الشاذلي المغربي شيخ الجلال السيوطي في التصوف قال له يا محب الدين تكلم، وأمر بالمعروف، وأنه عن المنكر، ولا تخف من أحد، فذلك لم يكن في مصر أحد من العلماء يواجه الباشا، والأمراء والدفاتر بالكلام الجافي المر إلا هو قال: وكذلك صحب سيدي علي المرصفي والشيخ تاج الدين الذاكر، والشيخ أبا السعود الجارحي، وغيرهم، وكانوا كلهم يجلونه، ويعظمونه ويصفونه بالعلم، والصلاح، والورع، والدين انتهى. والظاهر أن وفاته تأخرت عن وفاة الشعراوي لأنه ذكره في الأحياء وهو من المعمرين رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. محمد الخطيب الشربيني محمد الشيخ الإمام العالم العلامة الهمام الخطيب شمس الدين الشربيني القاهري الشافعي. أخذ عن الشيخ أحمد البرلسي. الملقب عميرة، والشيخ نور الدين المحلي، والشيخ نور الدين الطهواني، والشمس محمد بن عبد الرحمن بن خليل النشلي الكردي، والبدر المشهدي، والشيخ شهاب الدين الرملي، والشيخ ناصر الدين الطبلاوي، وغيرهم، وأجازوه بالإفتاء، والتدريس، فدرس، وأفتى في حياة أشياخه، وانتفع به خلائق لا يحصون، وأجمع أهل مصر صلاحه ووصفوه بالعلم والعمل، والزهد والورع، وكثرة النسك والعبادة، وشرح كتاب المنهاج والتنبيه شرحين عظيمين جمع فيهما تحريرات أشياخه بعد القاضي زكريا، وأقبل الناس على قراءتهما، وكتابتهما في حياته وله على الغاية شرح مطول حافل، وكان من عادته أن يعتكف من أول رمضان فلا يخرج من الجامع إلا بعد صلاة العيد، وكان إذا حج لا يركب إلا بعد تعب شديد يمشي كثيراً عن الدابة، وكان إذا خرج من بركة الحاج لم يزل يعلم الناس المناسك، وآداب السفر، ويحثهم على الصلاة، ويعلمهم

محمد الزغبي

كيف القصر والجمع، وكان يكثر من تلاوة القرآن في الطريق، وغيره، وإذا كان بمكة أكثر من الطواف ومع ذلك كان يصوم بمكة والسفر أكثر أيامه، ويؤثر على نفسه كان يؤثر الخمول، ولا يكترث بأشغال الدنيا وبالجملة كان آية من آيات الله تعالى، وحجة من حججه على خلقه اثنى عليه الشعراوي كثيراً، ولم يؤرخ وفاته، وقرأت بخط الشيخ شمس الدين بن داود نزيل دمشق نقلاً عن بعض الثقات أنه توفي بعد العصر يوم الخميس ثامن شعبان سنة سبع وسبعين بتقديم السين فيهما وتسعمائة وهي سنة ميلادي رحمه الله تعالى. محمد الزغبي محمد الزغبي بضم الزاي وإسكان المعجمة بعدها موحدة كأنه نسبة إلى زغبة، وهي اسم موضع كما في القاموس، العبد الصالح المعتقد المجذوب المشهور بدمشق، كان للناس فيه مزيد اعتقاد، وكان يكاشفهم ويتبركون به، وكان يصف لأمراضهم الصفوة، ويوري لهم بالماء المصفى عن الرماد، فيستعملونها، فيحصل لهم الشفاء، وكان يرشدهم إلى تصفية النفوس، فإن أقواله كانت من هذا القبيل، يتكلم بالشيء، ويوري به عن معنى آخر، ودخل على بعض قضاة القضاة، فقال: السلام عليك يا قاضي الشياطين فغضب فقال: لا تغضب فإن من كان يأخذ الحق، ولا يتجاوز إلى غيره، ويعطي الحق كاملاً ولا يمتنع منه ولا يجيء إليك، وإنما يجيء إليك من يتجاوز غير حقه، أو يمنع حق غيره، وهؤلاء هم الشياطين، وهؤلاء لا يحتاجون إلى القضاء بينهم، ونظر يوماً إلى بعض أئمة بالجامع عند سوقي فقال: توص من الشيخ فإنه إن سكن سكن معه الناس، وإن تحرك تحرك معه الناس، ما أحد يخالفه، واعتقدته بعض مخدرات الأكابر فتزوجها، فأمرها ببيع أمتعتها، فلم تدع شيئاً، ثم كانت تدور معه مجذوبة حاسرة عن وجهها، ويقول للناس هي أمكم مات في حدود الثمانين وتسعمائة. محمد الصفدي محمد الشيخ الإمام العالم شمس الدين الصفدي القدسي الشافعي الواعظ بجامع الأزهر، كان يحب العزلة عن الناس من صغره، مقبلاً على طلب العلم والعبادة حتى تبحر في العلوم العقلية والشرعية، وطلب طريق القوم فاجتمع بسيدي محمد بن عراق، فأقبل عليه إقبالاً عظيماً، وفرح به أشد الفرح، وكان مجلس وعظه مجلس خير وبركة وخشوع وأدب، وكان له درس عظيم في جامع الأزهر وغيره، مات في حدود التسعين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

محمد الدمنهوري

محمد الدمنهوري محمد الشيخ العلامة ناصر الدين الدمنهوري الشافعي، هاجر من بلاده إلى القاهرة لطلب العلم، وهو وأولاده وعياله، وكان له حرص عظيم على اتباع السنة في قوله وفعله، وقام بهدم الكنيستين ببلده وبناحية لقانة، وكان بيته مورد الخاص والعام يقري الضيوف والواردين عليه أين ما حل، أفتى ودرس ببلاده، وانتفع به خلائق، ثم رحل إلى مصر ذكره الشعراوي في الإحياء والظاهر إن حياته تأخرت عن وفاته رحمه الله تعالى. محمد السنهودي محمد الشيخ العالم العلامة شمس الدين السنهودي الشافعي الفرضي، كان له اليد الطولى في الفرائض والحساب، أخذ العلم عن القاضي زكريا، والكمال الطويل وغيرهما، وأجيز بالإفتاء والتدريس، قال الشعراوي: وعليه المعول الآن بالغربية والجيزة في الفتوى. قال: وشرح التبريزي شرحاً في مجلدين، وله النظم الشائع، ولم يؤرخ وفاته. أيضاً رحمه الله تعالى. محمد الشيشيني محمد الشيخ الصالح الورع شمس الدين الشيشيني القاهري الشافعي قال الشعراوي: حضرت أنا وإياه على شيخ الإسلام زكريا فقرأنا شرح المنهج وشرح التحرير وغير ذلك، وأجازه الشيخ بالفتوى والتدريس، وأفتى بجامع الأزهر، وكان عفيفاً لطيفاً بارعاً زاهداً خائفاً من الله تعالى، جميل المعاشرة حسن الخلق قال: وكان شيخ الإسلام يحبه أشد المحبة. وله عدة مؤلفات، وكان عليه نورانية السلف، ولم يؤرخ الشعراوي وفاته كذلك رحمه الله تعالى. محمد المغربي محمد الشيخ العامل العالم شمس الدين المغربي الشافعي، المقيم بثغر رشيد، أخذ العلم عن جماعة، وأجازوه بالإفتاء والتدريس، فأفتى ودرس بعد الشيخ شمس الدين الترجمان، وانتفع به خلائق، وكان يقري الضيف ببلاده، ويحمل الكل كثير البكاء من خشية الله تعالى عليه سيماء الصالحين، لم يؤرخ الشعراوي وفاته رحمه الله. محمد المحلي محمد الشيخ العلامة شمس الدين المحلي الشافعي، أحد طلبة الشيخ شهاب الدين الرملي وغيره، درس وأفتى وانتفع به جماعة وكان له الاعتقاد التام في الصوفية وكان تقياً ورعاً، لم يؤرخ الشعراوي وفاته رحمه الله. محمد الإمام محمد الشيخ الصالح الورع صدر الدين الإمام بجامع القلعة مصر، الحنفي أثنى عليه الشعراوي، ولم يؤرخ وفاته قلت وقرأت بخطه، أن مولده ليلة الجمعة تاسع عشر صفر سنة ثمان وعشرين وتسعمائة وأنه أخذ عن قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز الفتوحي الحنبلي، وعن شيخ الإسلام نور الدين الطرابلسي الحنفي،

محمد البنوفري

والبرهمتوشي، والشيخ أبي الحسن البكري، والشيخ نجم الدين الغيطي قلت: كان موجوداً في سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد البنوفري محمد الشيخ الإمام العلامة شيخ الإسلام الورع الزاهد الخاشع الناسك العابد، الشيخ شمس الدين البنوفري المالكي شيخ المالكية بمصر، أخذ العلم عن جماعة، منهم الشيخ ناصر الدين اللقاني، والشيخ عبد الرحمن الأجهوري، وكان يحبه ويثني عليه كثيراً. ويصفه بالزهد ومنهم الشيخ فتح الله الدميري، والشيخ نور الدين الديلمي وأجازوه بالإفتاء والتدريس، وحدثنا جماعات عن كثرة صلاته بحيث بالغوا في شدة إسراعه في الركوع والسجود، وبلغني أنه سئل عن شدة سرعته فقال: يا بني اقرأ الفاتحة وسورة في كل ركعة، وعدوا ذلك من كراماته، وإن ذلك كان من طي الزمان، وكان مكباً على العلم والعمل غير ملتفت إلى شيء من الدنيا طارحاً للتكلف مؤثراً للخمول، وكان يقسم السنة ثلاثة أقسام أربعة أشهر يحج، وأربعة أشهر يرابط، وأربعة أشهر يقريء العلوم ويصلي، وكانت وفاته أواخر القرن العاشر رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن الرسام محمد بن الرسام الشاهد بالكبري بدمشق، مات يوم الجمعة رابع عشري صفر سنة أريع وتسعين وتسعمائة بتقديم المثناة فيهما رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد بن الخيوطي محمد القاضي شمس الدين الموصلي المالكي، عرف بابن الخيوطي نائب الباب بدمشق، توفي يوم الجمعة تاسع عشري شعبان سنة أربع وتسعين بتقديم المثناة وتسعمائة وجلس مكانه القاضي علاء الدين ابن المرحل مفتي المالكية رحمه الله تعالى رحمة واسعة. محمد إمام القلعة محمد الشيخ الفاضل الصالح، الشيخ نجم الدين الصفدي الحنفي، إمام وخطيب الجامع بقلعة دمشق، كان ممن لحق سيدي عبد القادر بن حبيب الصفدي، وأخذ عنه، وكان شيخ الإسلام الوالد يكرمه وكف بصره ففرغ عن الإمامة والخطابة للشيخ عبد الرحيم الزبداني، ثم زوجه بنته فأولدها ولده محمداً وتوفي في حدود أربع وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمد الفارضي الحنبلي محمد الشيخ العلامة شمس الدين القاهري الحنبلي، المعروف بالفارضي، الشاعر المشهور. أخذ عن جماعة من علماء مصر واجتمع

بشيخ الإسلام الوالد حين كان بالقاهرة سنة اثنتين وخمسين، وكان بديناً سميناً فقال الوالد يداعبه: الفارضي الحنبلي الرضى ... في النحو والشعر عظيم المثيل قيل ومع ذا فهو ذو خفة ... فقلت كلا بل رزين ثقيل واستشهد الشيخ شمس الدين العلقمي بكلامه، في شرح الجامع الصغير، فمن ذلك قوله في معنى ما رواه الدينوري في المجالسة، والسلفي في بعض تخاريجه عن سفيان الثوري قال: أوحى الله تعالى إلى موسى عليه الصلاة والسلام لأن تدخل يدك إلى المنكبين في فم التنين خير من أن ترفعها إلى ذي نعمة قد عالج الفقر: إدخالك اليد في التنين تدخلها ... لمرفق منك مستعد فيقضمها خير من المرء يرجى في الغنى وله ... خصاصة سبقت قد كان يسنمها ومن بدائع شعره: إذا ما رأيت الله للكل فاعلاً ... رأيت جميع الكائنات ملاحا وإن لا ترى إلا مضاهي صنعه ... حجبت فصيرت المساء صباحا ومن محاسنه أنه صلى شخص إلى جانبه ذات يوم، فخفف جداً فنهاه فقال: أنا حنفي فقال الفارضي: معاشر الناس جمعاً حسبماً رسمت ... أهل الهدى والحجى من كل من نبها ما حرم العلم النعمان في سند ... يوماً طمأنينة أصلاً ولا كرها وكونها عنده ليست بواجبة ... لا يوجب الترك فيما قرر الفقها فيا مصراً على تفويتها أبداً ... عد وانتبه رحم الله الذي انتبها واجتمع به شيخنا القاضي محب الدين الحموي الحنفي بالقاهرة، حين كان بها صحبة محمد أفندي ابن محمد الياس المعروف بجوي زاده، وذكره في رحلته أخبرنا أن الفارضي كتب إليه وهو قاض يفوه يوصيه بأناس من أهاليها يعرفون بأولاد السعد ما صورته مولانا حرسه الله وحماه، وألبسه قوة بفوه كما شرف به حمص وحماه، معروض الفقير أن أولاد السعد لهم خير مطول، وليس إلا على قصد مولانا فيه المعول، ملخصه أو مقتصره وقفيه ادعى شخص يبيعها، وأنه اجتمع بملك ريعها، والمسألة متعلقة بأيتام، ومولانا حسنة هذه الأيام، فمولانا لا يخليهم

من العناية، أدام الله تعالى له الرعاية، ولا يخفي الحث على إكرام اليتيم، وقد جاء ذلك في الذكر الحكيم، وبقيتم في عافية، وهمة كافية شافية. وأخبرنا شيخنا أيضاً أن بعض طلبة العلم سأل الشيخ الفارضي أن ينظم له ترتيب التوابع فنظمها في بيت جامع وهو: إذا اجتمعت فالنعت قدم به اعتلق ... بيان وتوكيد وجا بدل نسق قال شيخنا ونظمها الفقير في ذلك الحال في بيتين فقال: إذا اجتمعت يوماً لديك توابع ... ورمت لها الترتيب في ذلك النسق فنعت بيان ثم توكيد بعده ... إلى بدل ثم اختم الكل بالنسق وأنشدني الشيخ العلامة الفقيه شمس الدين محمد المقدسي العلمي مدرس القصاعية بدمشق. قال: أنشدنا شيخنا العلامة الشاعر المجيد محمد الفارضي، المصري الحنبلي، لنفسه وذكر أن القاضي البيضاوي خطأ من أدغم الراء في اللام ونسبه إلى أبي عمرو: أنكر بعض الورى على من ... يدغم في اللام عنه راء ولا يخطي أبا شعيب ... والحق يغفر لمن يشاء وأنشدني عنه أنه أنشده لنفسه: أجرر محلا وانصبن وارفعنا ... في ربنا مع أننا سمعنا وأنشدني شيخنا المحب الحنفي رحمه الله تعالى قال: أنشدنا الفارضي لنفسه: ألا خذ حكمة مني ... وخل القيل والقالا فساد الدين والدنيا ... قبول الحاكم المالا وأنشدني شيخنا المشار إليه أن الفارضي، قال: يرثي الشيخ مغوش التونسي المغربي حين مات بمصر: تقضى التونسي فقلت بيتا ... يروح كل ذي شخص ويونس أتوحشنا وتؤنس بطن لحد ... ولكن مثلما أوحشت تونس

محمد لطفي بيك

كان الفارضي في سنة ثمانين وتسعمائة في الأحياء. محمد المرعشي: محمد المولى العالم الفاضل مفتي الحنفية بدمشق، ومدرس السليمانية بها الشهير بابن المعيد المرعشي الحنفي. قال شيخ الإسلام. الوالد: كان من أهل الفضل زار بيت المقدس، وسافر إليه من دمشق في ثالث عشري جمادى الثانية سنة اثنتين وثمانين وعاد إلى دمشق في ختام شعبان، وكان وصل الخبر بموت السلطان سليم، وكان قاضيها إذ ذاك محمد أفندي ابن بستان، ثم عزل عن الفتوى بدمشق، وأعطي قضاء القضاة بالقدس الشريف ونابلس، والرملة والمجدل، وما يتبع ذلك من النواحي، وبقي بدمشق منقطعاً مريضاً مدة طويلة إلى أن توفي بها في نهار عيد الفطر سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، وصلي عليه بالأموي بعد الظهر، ودفن بالقلندرية من تربة باب الصغير، وكانت جنازته حافلة رحمه الله تعالى. محمد لطفي بيك محمد جلبي المولى الشهير بلطفي بيك زاده، دخل دمشق متولياً قضاء مكة نهار السبت تاسع عشري ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة، وتوجه إلى مصر يوم الأحد عاشر جمادى الآخرة رحمه الله تعالى. محمد بن طريف الحنبلي محمد القاضي شمس الدين بن طريف الحنبلي، كان فاضلاً في الفقه يفتي الناس، وله ديانة وسمت حسن، توفي يوم الثلاثاء غرة ذي القعدة سنة تسع بتقديم المثناة وثمانين وتسعمائة، ودفن بالصالحية رحمه الله تعالى.

حرف الهمزة من الطبقة الثالثة

حرف الهمزة من الطبقة الثالثة إبراهيم بن محمد التسلي إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، الشيخ العالم الصالح ولي الله تعالى العارف به برهان الدين التسلي بفتح المثناة فوق، والسين المهملة الصالحي الشافعي قال شيخ الإسلام الوالد: عرض علي المنهاج، وقرأ علي فيه، وعرض علي ألفية ابن مالك، وحفظ ألفية الوالد. نظم جمع الجوامع، ولزم درسي كثيراً، ثم حصل له جذب انتهى. حدثنا شيخنا مفتي الشافعية فسح الله تعالى في مدته قال: اجتمعت بالشيخ المشار إليه كثيراً، وكان من أرباب القلوب. أخذ الطريق عن الشيخ أبي بكر بن شعيب الصالحي، ثم انجذب على يدي الشيخ علي الزاهري الكردي الصالحي جذبة شريفة، وكان في العلوم أمة لا يناظره أحد في مذهبه من المذاهب الأربعة إلا حجة بمنقول مذهب ذلك المناظر. توفي في بضع وسبعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. إبراهيم بن محمد بن محب الدين إبراهيم بن محمد بن منصور الشاب الفاضل برهان الدين بن محمد بن محب الدين الحنفي، لازم قريبه الشيخ عماد الدين الحنفي، وبرع وفضل ولما توفي الشيخ عماد الدين كتب المذكور على تابوته: أتعلم يا عمادي أن ركني ... لفقدك قد وهى وانحل عزمي وأن سرور قلبي يا سروري ... ترحل مسرعاً وازداد همي وبعدك ما أردت بقاء روحي ... ولكن ليس ذلك تحت حكمي قال الشيخ إسماعيل النابلسي فيما قرأته بخطه العجب، أنه لم يلبث بعد المولى العمادي إلا اليسير يعني حتى مات، وسبق أن وفاة العمادي كانت في ثامن عشر شعبان سنة خمس وثمانين وتسعمائة رحمه الله.

إبراهيم بن محمد القدسي

إبراهيم بن محمد القدسي إبراهيم بن محمد القدسي الشافعي، إمام جامع منجك بميدان الحصا، وخطيبه من ذرية القدسي كاتب المصاحف. كان رجلاً ساكناً له فضيلة. قرأ على الشيخ حسن الصلتي سافر إلى الحج في سنة ألف، ومات بعرفة رحمه الله تعالى. إبراهيم بن جعفر الرومي إبراهيم بن جعفر الرومي، كان أبوه كتخذا، وكان هو في ابتداء أمره ينكجرياً، ثم ترقى حتى صار زعيماً، ثم سنجقاً، وكان في ابتداء أمره فقيراً، ثم ورث من أخيه مالاً فقلبه في التجارة والإجازة، فأثرى وكثر ماله، وتزوج بنت السيد تاج الدين الصلتي، وسكن بدار أبيها التي عند باب البريد، وعمرها وجددها، وكان يلازم الصلوات الخمس في الجامع الأموي، ويحب الناس ويتردد إليهم فرأس، وكان عفيفاً متواضعاً يحب العلماء والصلحاء، وينتفع الناس بجاهه توفي يوم الأربعاء مستهل رمضان المعظم سنة ثمان وتسعين وتسعمائة بتقديم المثناة فيهما ودفن بباب الصغير، وقبل وفاته بساعة واحدة توفي ولد له صغير اسمه أحمد جلبي فوضعوه على السرير في حضنه ودفنوه معه رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. إبراهيم بن عبد الرحمن العلقمي إبراهيم بن عبد الرحمن بن علي بن أبي بكر الشيخ العلامة المحقق الشيخ برهان الدين العلقمي القاهري الشافعي أخو الشيخ شمس الدين العلقمي، المتقدم. قرأت بخط أبيه أن مولده مستهل سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، وأنه من بلدة العلاقمة قرية من كورة بلبيس، ونشأ بها، ثم رحل إلى القاهرة وتفقه بأخيه والشيخ شهاب الدين البلقيني، وقرأ البخاري كاملاً، وثلث مسلم، وجميع الشفا على قاضي القضاة شهاب الدين الفتوحي، وسمع عليه الأكثر من بقية الكتب الستة بقراءة الشمس البرهمتوشي، وقرأ جميع السيرة لابن هشام على المحيوي يحيى الوفائي قاضي الحضرة، وجميع رياض الصالحين على الولي العارف بالله تعالى أحمد بن داود النسيمي، وجميع البخاري وسيرة ابن سيد الناس على السيد الشريف يوسف بن عبد الله الأرميوني، وأجازه بالفقه والنحو الشهاب البلقيني تلميذ القسطلاني، وقرأ الكثير من حلية أبي نعيم على الإمام المحدث الشهابي أحمد بن عبد الحق أيضاً. وكان في ابتداء أمره يلازم دروس شيخ

إبراهيم بن محمد العاتكي

الإسلام شهاب الدين الرملي، ويسمعه وله مشايخ غير هؤلاء لخصت ذلك من خطه في إجازة كتبها في خامس عشر شهر ربيع الأول سنة أربع وتسعين بتقديم المثناة وتسعمائة، توفي بعد ذلك بيسير رحمه الله تعالى. إبراهيم بن محمد العاتكي إبراهيم بن محمد العاتكي، المعروف بصلاح الدين المؤذن العبد الصالح، مؤدب الأطفال. قرأ على الوالد في المنهاج قطعة من الزكاة، توفي في سنة سبع وسبعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. إبراهيم بن عبد القادر بن منجك إبراهيم بن عبد القادر بن إبراهيم الأمير ابن الأمير الشهير بابن منجك. كان جواداً كريماً يضرب به المثل في الجود والعطاء، وكان سليم الفطرة مغفلاً، وكان يتكيف تولى النظر على أوقاف أجداده بعد أبيه، وكان يحب العلماء، ويتواضع لهم خصوصاً شيخ الإسلام الوالد، وكان إذا حضر مولداً أحسن إلى قارىء المولد، وربما خلع عليه من ثيابه، وبالجملة كان من أفراد الوقت، ورؤساء العصر وساعات الناس، وكانت أمراء الأمراء بالشام يعرضون عليه المناصب، فلا يقبل وربما أفضل عليهم وأضاقهم، واستغنى عنهم مدحه الشيخ أبو الفتح المالكي: إذا شئت أن تختار في الشام صاحباً ... تكون إذا صاحبته غير نادم فلا تصحبن غير الأمير ابن منجك ... حليف العلى رب العلى والمكارم رئيس دمشق الشام صاحب راي ... ة السخاء بها والجود بين العوالم وساترها الحامي عن الذم والهجا ... حماها لما يلقى به كل قادم أمير إذا أجرى الورى ذكر جوده ... تحتم أن تنسى مكارم حاتم وإن أمه ضيف تلقاه مسرعاً ... بوجه وثغر دائم البشر باسم يجود بأنواع القرى لنزيله ... ويحميه عند الخوف من كل ظالم وكم من خصال قد حواها جميلة ... يقصر عن إحصائها كل ناظم ولا عجب إذ كان من نسل سادة ... ملوك سمت في عصرها المتقادم لهم في الورى فخر ومجد مؤثل ... حموه بأطراف القنا والصوارم وبالعدل والإحسان في كل حالة ... ولم يختشوا في الله لومة لائم وكم وقفوا وقفا على البر جاريا ... وما وقفوا عن رفع تلك الدعائم وكم شيدوا من بنية مشمخرة ... لها الفلك الدوار ليس بهادم

فلا زال إبراهيم وارث مجدهم ... يسود ويرقى فوق هام الغمائم ولا زال مقبول المقالة مطلقا ... لدى كل محكوم عليه وحاكم ولا برحت أوقاته مشرئبة ... لتجديد أعياد مضت ومواسم مدى الدهر ما لاح الصباح وما شدت ... على عذابات البان ورق الحمائم وأجابه العلامة المنلا أسد وكان للأمير إبراهيم عليه الإحسان التام في قوله من الوزن والقافية: إليك انتساب المجد يا ابن الأكارم ... وعنك روى الراوي حديث المكارم فأنت الذي قد شاع جودك في الورى ... فانساهم جود ابن يحيى وحاتم إذا ما استهان الناس بالبذل في الندى ... ترى الجود والإحسان ضربة لازم علوت بأجداد مضت وتناولت ... يداك الثريا قاعداً غير قائم فتى جر ذيل الفخر فوق مجرة ... وأسس بيت العز فوق الدعائم محياه طلق للعفاة وكفه ... إذا هطلت أزرت بوكف الغمائم يفك من القتل الجناة ترحماً ... وكم خلص المظلوم من كف ظالم هو الليث إلا أنه البدر طلعة ... هو الغيث هطالاً ببذل الدراهم هو البحر لكن موجه التبر دائماً ... هو السيل يعطي بالعطا المتلاطم إذا ما أتاه سائل طالب الندى ... يقول له أهلاً وسهلاً بقادم حليف المعالي في صباه ويافعاً ... ومذ كان طفلاً قبل قطع التمائم موائده منصوبة طول دهره ... لكل غريب شاحط الدار هائم إليه يحج الطالبون نواله ... فيغنيهم بالأعطيات العظائم تساعده الأقدار فيما يرومه ... ويخدمه دهر عصى كل حاكم أمير له في المكرمات أصالة ... بآبائه الغر الكرام الأعاظم بدور تبدت في سماء سيادة ... وفي الحرب أزرت بالأسود الضراغم بدور منجك عند النوال كأنهم ... سحائب تهمي بالغنا والغنائم بنوا في سبيل الله آثار سؤدد ... وقامت به أعلام تلك المعالم فلا زلت في عز منيع ونعمة ... ورأي كسيف الهند ماضي العزائم ودم سالماً حلف الندى وافي العطا ... لك الناس ما بين الغلام وخادم وحكمك مسموع وأمرك نافذ ... وضدك في قهر وخزي ملازم

إبراهيم بن عمر بن مفلح الحنبلي

توفي إلى رحمة الله تعالى في ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وتسعمائة، ودفن بمقبرتهم لصيق جامع ميدان الحصا رحمه الله تعالى. إبراهيم بن عمر بن مفلح الحنبلي إبراهيم بن عمر بن إبراهيم العالم البارع القاضي برهان الدين ابن قاضي القضاة، نجم الدين ابن قاضي القضاة برهان الدين ابن مفلح الراميني الحنبلي. ميلاده رابع عشر ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعمائة، واشتغل وبرع واستحاز لنفسه ولإخوته ولأولاده جماعة منهم شيخ الإسلام الجد، وشيخ الإسلام الشيخ العلامة السيد كمال الدين بن حمزة، وشيخ الإسلام الوالد، وصورة ما كتبه تحت خط أبيه: أجزتهم ما جاز لي روايتي ... له عن الأئمة الأعلام وكل مالي من تآليف ومن ... نثر ونظم صاغه كلامي وهو عجيب الوضع والنظم وفي ... عذوبة اللفظ والانسجام أيضا وفتح المغلق العجيب قد ... أشرف تأليفاً على التمام أيضا وفي شرح على منظومة ... الوالد في الأصول والأحكام وغير ما ذكرته ومولدي ... رابع عشر القعدة الحرام سنة أربع وتسعمائة ... من هجرة المبعوث للأنام وزكريا الحبر شيخي أولاً ... كابن أبي شريف العلام ثم أبو الفتح السكندري في ... طريقة الصوفية الكرام وشيخ الإسلام الإمام وال ... دي وخطه ولفظه أمامي والتقوى الزرعي شيخنا ... وشيخ الإسلام بأرض الشام ثم أنا محمد وشهرتي ... الغزي ثم الشافعي إمامي والقرشي العامري نسبتي ... مؤمل الحسنى في الاختتام رقمته بسرعة في خامس ... العشر من المحرم الحرام سنة خمس وثلاثين وتسعمائة ... خلت من الأعوام من بعد حمد الله مع صلاته ... على شفيع الخلق والسلام وذكره شيخ الإسلام الوالد في فهرست تلاميذه. وقال: حضر كثيراً من دروسي في شرح منظومة الوالد شيخ الإسلام المسمى بالعقد الجامع، في شرح الدرر اللوامع، وفي التقاسيم

إبراهيم بن يحيى بن الدويك

للمنهاج وغيره، وأجزته وكتب لي شرحي المنظوم على ألفية ابن مالك انتهى. ودرس القاضي برهان الدين وأفتى وولي تدريس دار الحديث المخصوصة بالحنابلة بالصالحية، ونظرها وناب في القضاء مراراً، ولم تحمد سيرته وكان يسفه على الخصوم وانتهت إليه رئاسة الحنابلة بدمشق، وكان له شهامة وحشمة وحسن هيئة. وقال: والد شيخنا كان ذكياً مستحضراً لفروع مقاديرهم. وولي القضاء، ولحقه في آخر عمره قهر. وقال: إنه كان رئيساً يعرف الناس، ويرعى مقاديرهم. مات ليلة الإثنين ثالث أو رابع عشري شعبان سنة تسع بتقديم التاء وستين وتسعمائة وصلى عليه الوالد من الغد إماماً بالجامع الأموي ودفن بسفح قاسيون بالروضة عند والده رحمه الله تعالى. إبراهيم بن يحيى بن الدويك إبراهيم بن يحيى بن أحمد، الشيخ برهان الدين البدوي الأصل، الدمشقي، المعروف بابن الدويك الواعظ من سكان القبيبات خارج دمشق. قال والد شيخنا: كان رجلاً صالحاً وواعظاً حسناً يقرأ سيرة ابن هشام وغيرها من سير النبي صلى الله عليه وسلم في الجامع الأموي بعد صلاة الجمعة، وفي غيره من الجوامع حتى في مدينة حلب، كما اشتهر وقبل الناس وعظه. قال: واجتمع في أول أمره بالشيخ أبي الفضل بن أبي اللطف، واشتغل عليه مدة يسيرة، وذكر ابن الحنبلي أنه دخل حلب سنة خمسين وتسعمائة، وأقبل الناس عليه، ثم قدمها سنة إحدى وخمسين، وفيها دخل مجلس وعظه رجل نصراني، فأسلم،. ثم قدمها سنة اثنتين وخمسين بعد أن رابط بثغر بيروت وصادف خروج بعض الفرنج، وجاهدهم فيمن جاهدهم. توفي في آخر جمادى الأولى سنة سبع بتقديم السين وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. إبراهيم الصرخدي إبراهيم الشيخ برهان الدين الصرخدي الواعظ. قال والد شيخنا: كان رجلاً صالحاً يعظ الناس في الجامع الأموي. قال: ولعل موته في آخر رجب سنة تسع وستين وتسعمائة، وتردده في اليوم لا في السنة، لأنه ذكر في ترجمة البرهان بن مفلح المتقدم أن جاره الشيخ إبراهيم بن الصرخد الواعظ توفي قبله بيسير رحمه الله تعالى. إبراهيم الرومي: إبراهيم المولى العلامة الرومي الحنفي. أرسل من الروم إلى دمشق مفتياً بها، ومدرساً بسليمانيتها. قال: والد شيخنا: ودرس في الجامع الأموي وصار مرجعاً للناس، وكان متعبداً صالحاً توفي ليلة السبت ذي القعدة الحرام سنة أربع وسبعين بتقديم السين وتسعمائة. حمل بجنازته مصطفى باشا نائب الشام، وقاضيها ابن المؤيد ودفن، بالقلندرية بمقبرة باب الصغير إلى جانب قاضي القضاة قرط أفندي رحمه الله تعالى.

إبراهيم بن المبلط

إبراهيم بن المبلط إبراهيم الشيخ الفاضل الأديب الشاعر برهان الدين بن المبلط القاهري شاعر القاهرة من شعره في قهوة البن: يقول عذولي قهوة البن مرة ... وشربة حلو الماء ليس لها مثل فقلت على ما عبتها بمرارة ... قد اخترتها فاختر لنفسك ما يحلو وقال: أرى قهوة البن في عصرنا ... على شربها الناس قد أجمعوا وصارت لشرابها عادة ... فليست تضر ولا تنفع وقال وهو مشهور عنه: يا عائباً لشراب قهوتنا التي ... تشفي شفاء النفس من أمراضها أو ما تراها وهي في فنجانها ... تحكي سواد العين وسط بياضها ولبعضهم في هذا المعنى: اشرب هنيئاً قهوة البن التي ... تحلو مع الأخوان والخلان سوداء في المبيض من فنجانها ... تحكي سواد العين للإنسان قلت أحسن منه قولي: اشرب من القهوة صاعين ... ولو ببذل الورق العين سوداء في بيض فناجينها ... كأنها الإنسان من عين كان ابن المبلط موجداً في سنة إحدى وتسعين بتقديم المثناة وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. أبكر اليمني أبكر الشيخ الصالح المعتقد اليمني، نزيل مكة كان يعمل على الماصول، وللناس فيه اعتقاد وكانوا ينذرون له النذور، ويستغيثون به في البحور، وحدثنا عنه

أبو بكر بن الذباح الحنبلي

بعجائب، وكان عمله بالقصب تستراً أخبرنا الشيخ محمد ابن الشيخ سعد الدين أنه حج وبعض إخواته، فكان يوماً بمكة وقد فرغت نفقتهم وكان معهم بضائع شامية إلا أنها كاسدة إذ ذاك قال: فأصبحنا يوماً ونحن في فكر زائد وتردد في الاستدانة، ومن نقصد فدخل علينا الشيخ أبكر وقال: كيف حالكم يا أولاد أخي وقعد يعمل فلما فرغ قال: هاتوا أربعين مملقاً قال: ولم يكن معنا غيرها فدفعناها إليه فأخذ خواطرنا، ثم خرج فلم يكن بأسرع من أن جاءنا الدلال وبعنا ما كان معنا من البضائع، واتسعنا وأخبرني الشيخ محمد المذكور أن الشيخ أبكر لما قربت وفاته زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم مستعجلاً، ثم عاود إلى مكة وتوجه منها مستعجلاً إلى اليمن، فلما حضر إلى البحر لقي سفينة فركبها، فلما دخل إلى اليمن أمر بعض جماعته يحضر له جهازه، ثم مات عقب ذلك في سنة خمس وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أبو بكر بن الذباح الحنبلي أبو بكر بن إبراهيم، ابن الشيخ محمد المهلل الشيخ العالم الصالح تقي الدين المعروف بابن الذباح، وربما قيل ذباح الحمير، وشهرته أيضاً لا سيما ببلاد اليمن بابن الحكيم المقدسي الأصل، ثم الصالحي الدمشقي الحنبلي، مولده باليمن سنة تسع بتقديم المثناة وتسعمائة وقرأ على شيخ الإسلام الوالد جانباً من صحيح مسلم، وشيئاً من تفسير البيضاوي، وعرض عليه أماكن من الخرقى، وسمع كثيراً من دروسه وكتب من مناظيمه أشياء، وكان يكتب كتب الصوفية. كتب كفاية المعتقد لليافعي، والفتوحات وغيرها لابن العربي، وكان يعتني بكلامه كثيراً، وكان الناس يترددون إليه لكتابة الحروز وغيرها. توفي في تاسع عشر رمضان سنة خمس وثمانين وتسعمائة ودفن بتربة مسجد القدم رحمه الله تعالى. أبو بكر الأربلي أبو بكر بن أحمد القاضي تقي الدين الأربلي، ثم الحموي الشهير بابن البقا بالموحدة والقاف المشددة، خليفة الشيخ محمد ابن الشيخ علوان، أخذ عن شيخ الإسلام العلامة أحمد بن عميس الحموي، بحق إجازته عن ابن حجر العسقلاني، وأخذ عن البازلي بحماة، وعن الشيخ شمس الدين محمد ابن الشيخ شمس الدين بن محمد بن السقاء الحموي الشافعي، الإسلام شمس الدين محمد الرملي، والشيخ ناصر الدين الطبلاوي، والأستاذ سيدي محمد البكري، وقرأ عليه شيخنا القاضي محب الدين من أول البخاري إلى باب القراءة في المقبرة في أواخر رمضان سنة إحدى، وستين وتسعمائة وأجازه بباقيه، ثم قرأ عليه في أواخر رجب سنة اثنتين وستين وتسعمائة، وتوفي في حدود السبعين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

أبو بكر الفتوحي بن النجار الحنبلي

أبو بكر الفتوحي بن النجار الحنبلي أبو بكر بن أحمد الشيخ الإمام العلامة الشيخ تقي الدين ابن قاضي القضاة شهاب الدين الفتوحي، الشهير بابن النجار الحنبلي القاهري. أخذ عن والده وغيره وولي نيابة القضاء بسؤال معظم أهل مصر، وانتهت إليه رئاسة من مذهبه، وكان الشيخ شهاب الدين الرملي يقول: إذا مات مات مذهب الإمام أحمد كما نقله الشعراوي، ولم يؤرخ وفاته رحمه الله تعالى رحمة واسعة. أبو بكر بن محمد الصهيوني أبو بكر بن محمد الحمامي، والد الشيخ الفاضل العلامة تقي الدين الصهيوني الشافعي. قرأ على الشيخ شهاب الدين أحمد بن أحمد بن بدر الطيبي في القراآت وغيرها، وعلى الشيخ شهاب الدين أخي في الحساب وغيره، وكان يعتمد علم الحرف ويعمل الأوفاق، اعتقده الحكام بسبب ذلك وعاش فقيراً، ثم أثري في آخر عمره فقال لبعض أصحابه: حيث وسعت علينا دنيانا فالأجل قرب فمات بعد قريب ومن كلامه هذا، ومن محاسنه ليس في الترداد إلى من ليس فيه كبير فائدة كبير فائدة، وهذا يقال له: من البديع المتزايد، ومثله قول بعضهم ليس فيما ليس به بأس بأس فلا يضر المرء ما قال الناس، والمقدم في هذا الباب قوله تعالى: " حتى نؤتي مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالاته " وله نظم لطيف ومنه قوله: أضنى الجوانح بالهوى ولهيبه ... بدر تزايد في الهوى ولهي به وجوانحي جنحت إلى ذاك الذي ... شغل الفؤاد بحبه ولهى به وعلى هواه مقلتي سحت وما ... شحت بفيض مدامعي وصبي به فإذا أصبت أذى بأوصاف الهوى ... لا تنكروا وحياتكم وصبي به لله صب ما تذكر للهوى ... إلا وهام بذكره وصبى به ذكر الشيخ حسن البوريني أنه ذاكر الشيخ أبا بكر الصهيوني، فوجده فاضلاً في علوم. إلا أنه اشتهر بعلم النجوم، توفي سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. ورثاه الشيخ أحمد العناياتي بقوله: عز البقاء لغير الواحد الصمد ... وما سواه فمدفوع إلى أمد

أبو بكر بن أحمد الحلبي الجلومي

فأعجب لمن عيشه ظن وموتته ... حتم وتلقاه كالمسروب في البلد ما زلت في نكد من حين مر على ... سمعي بأن خلق الإنسان في كبد دنيا وإن لم تكن مثل البعوضة في ... التحقير يدمي قذاها مقلة الأسد والناس في هذه الدنيا مآربهم ... شتى وهم من سبيل الموت في جدد فعد من آدم باد من عدد ... لم تغنهم كثرة الأموال والعدد سقى المنون لبيداً كاس آبد ... وانتضى للقمان ما أمضاه في لبد ما دار تخليد هذي الدار في خلد ... سل دار مية بالعياء فالسند وكم قصور عوال لا قصور بها ... أقوت وطال عليها سالف الأمد ما رد عن ما رد كف الردى عمد ... بل رد غمدان سيف منه في غمد يا راصد النجم يرجو سعدها ويخاف ... النحس وعين الموت بالرصد لا بد أن يغمس المقدار مديته ... في لبهه الجدي أو في جبهة الأسد تخون كف ثرياها جوانحها ... ويسلم العقد جوزاها إلى البدد ويجمع القمران النيران فلا ... مساء ليل غدا يأتي بصبح غد لهفي عليك أبا بكر إذا احتجب اله ... لال للصوم واحتاجوا إلى العدد لهفي عليك لتقويم برعت به ... فأحتاج بعدك للتقويم من أود قد كنت قمت بعلم النجم منفرداً ... بطالع فيه بالإسعاد منفرد تبكيه بالنوء أحداق النجوم فللمر ... يخ عين قد احمرت من الرمد وفكها لك طرف جد منتكب ... وكل مالك قلب جد متقد لو كان للشمس حكم في تصرفها ... غابت وبعدك لم تطلع على أحد أبو بكر بن أحمد الحلبي الجلومي أبو بكر بن أحمد بن محمد بن سالم بن عبد الله الشيخ تقي الدين الحلبي الجلومي الشافعي العطار، خطيب الجامع المقابل لحمام الخواجا بحلب، كان شاعراً حسن الخط ملماً بشيء من العروض، وجمع له ديواناً، وسماه نسمة الصبا، من نظم الصبا ثم زاد عليه وسمى المجموع شراب الفتوح، وغذاء الروح، وجعل في طيه مقاطيع سماها عطر العروس، وحج وزار بيت المقدس ومن شعره وأنشده في أول ديوانه: يا ذا الذي أبصر ما ... أبرزته من فكرتي إذا وجدت خللاً ... بالله فاغفر زلتي وكن رحيماً منصفاً ... وادع لنا بتوبة

أبو بكر بن منجك

وله دو بيت: مولاي بحق خدك النعمان ... بالخال بما في فيك من عقيان باللحظ بقامة كغصن البان ... عطفاً بمتيم كئيب عاني وله ورأى في منامه أنه ينشد: إذا ما العبد أصبح في نعيم ... فيحمد ربه في كل حين ويسأله المعونة كل وقت ... ويحمده على مر السنين توفي بحلب سنة ثمان وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أبو بكر بن منجك أبو بكر بن عبد القادر ابن أبي بكر بن إبراهيم بن منجك، الأمير العريق تقي الدين بن منجك الدمشقي، الحنفي. اشتغل في الفقه على القطب ابن سلطان، والبرهان بن عون، وكان له فضيلة، وديانة، وحشمة، وكان يواظب على الصلوات في الجماعة بالجامع الأموي. تولى أوقاف أجداده بعد والده الأمير عبد القادر مدة ثم انتزعه منه أخوه إبراهيم المتقدم ذكره بمعونة الكمال الحمراوي، والشيخ علاء الدين بن عماد الدين، وتقاطعا نحو عشرين سنة، ثم لما حضرته الوفاة استحضر أخاه الأمير إبراهيم، وأبرأ ذمته، ومات في ثالث ذي القعدة سنة أربع وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، وصلى عليه الوالد بالأموي، ودفن بترتبهم بميدان الحصا عن ولدين أحدهما الأمير عبد اللطيف، والثاني منجك. أبو بكر بن محمد بن الموقع أبو بكر بن محمد بن محمد الشيخ تقي الدين ابن القاضي محب الدين ابن القاضي نجم الدين ابن الموقع الشافعي ناظر الجامع الأموي، وكان له معرفة بالحساب والضبط، ولي عدة أنظار منها نظر السيبائية خارج باب الجابية، وكان عاقلاً نبيلاً، وعنده تدين، وكان من فقراء الشيخ عمر العقيبي، ومريديه الذين امتحنهم، وباشر نيابة النظر في الجامع بعفة، وضبط أوقافه، وزاد في معالم المرتزقة، وأحدث فيه تراقي ووظائف منها ربعتان لولديه، وجزآن، ووسع باب السيورية خارج باب العنبرانية، وكان كباب سوق الحرير ضيقاً يزدحم الناس فيها عند الخروج من الصلوات خصوصاً يوم الجمعة، ومع الجنائز، وكانت نعوش الموتى تخرج من الباب بعسر، وصارت النعوش تخرج منه بيسر، ويقل زحام الناس فيه، ومات ولداه أحمد وعمر في شهر واحد قبل موته بنحو سنتين، وفرغ عن نيابة النظر بالجامع الأموي قبل موته لعبد اللطيف بن إبراهيم بن موسى، الشهير بابن فرعون صهر الشيخ شمس الدين ابن المنقار، ومات في ذي الحجة سنة ست وتسعين بتقديم المثناة وتسعمائة رحمه الله تعالى.

أبو بكر بن علي بن الحصين

أبو بكر بن علي بن الحصين أبو بكر بن علي الحجار، المعروف بابن الحصين إمام جامع سويقة الحجارين بحلب. وكان شيخاً معمراً منوراً محبوباً عند الأكابر والأصاغر. مولده بحلب سنة سبعين بتقديم السين وثمانمائة، ووفاته سنة سبع بتقديم السين وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. أبو بكر بن وفاء المجذوب الحلبي أبو بكر بن وفاء المجذوب الحلبي. كان أبوه مؤذناً صالحاً يؤذن بمنارة مسجد سويقة علي بحلب وكان قبل الجذب تابعاً لبعض الحكماء الروميين، وسافر معه إلى دمشق، فرأى بها واحداً من الأولياء، وقد بلغني أنه الشيخ محمد الزغبي، فأخذ يتردد إليه، ودعا الله تعالى أن يصرف عنه الدنيا، فلم يسعه إلا ترك ما معه من حطامها، وجذب وعاد إلى حلب مجذوباً، وصار يأوي إلى محلة مقابر الغرباء وما والاها، وكان لا يرى كثيراً إلا بين المقابر، وكان يكاشف الواردين عليه، فيقبض حيناً، ويبسط، وكثيراً ما يرى على رأسه طاقية، فيجيئه بعض الناس بطاقية أخرى، فيضعها له فوق الأولى، وهو لا يبالي فيجاء بثالثة، فتوضع فوقها، وهو لا يكترث بما صنع به، وكان يقد النار، ويضع فيها ما يأتيه من أموال الظلمة ونحوها، وكان تالله الكلاب، وكان يخطاب كل أحد بخطاب المؤنث، وكان يخاطب الباشا، فمن دونه بخطاب واحد، وكان يسهل ذلك عليهم ما يكاشفهم به من أحوالهم، وحلق لحيته، وقلع أسنانه، ثم كان يفعل ذلك بمن يأتيه مريداً، وبقي جماعته على هذه الطريقة، وظاهرها منكر في الحقيقة، والشرع لا يجيز ذلك في الاختيار، ولا يسع المرتبط بالشريعة إلا الإنكار، ذكره ابن الحنبلي في تاريخه، ولم يؤرخ وفاته لأنه توفي بعده في حدود التسعين وتسعمائة رحمه الله. أبو بكر البعلي الحنبلي أبو بكر، الشيخ العالم تقي الدين بن غالب البعلي الحنبلي، تردد إلى دمشق كثيراً أخذ عن شيخ الإسلام الوالد، وعن غيره، وولي نيابة القضاء بها في زمان قاضي القضاة ابن المفتي، وكان فقيهاً، وله صلابة في دينه.

أبو بكر الجبرتي

أبو بكر الجبرتي أبو بكر الجبرتي الشافعي نزيل القاهرة، الإمام العلامة الصموت، الوقور. أخذ عن شيخ الإسلام الوالد، وعن غيره، وولي القضاء بها في زمان قاضي القضاة العلامة شهاب الدين الرملي وغيره، بالإفتاء والتدريس، وانتفع به خلائق، وكان مجلسه مجلس علم وأدب وخشية، ولم يؤرخ الشعراوي وفاته، وذكره في الأحياء رحمه الله تعالى. أبو الصفاء ابن الإسطواني تقدم في المحمدين. أبو الفتح الأسطواني تقدم كذلك. أحمد بن محمد الأكرم أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن الأكرم الحنفي. كان من رؤساء دمشق، ووالده من جماعة الشيخ عمر العقيبي، وكان في زي العلماء، ولم يكن في العلم بذلك. ولي تدريس المقدمية الجوانية بدمشق، وانتسب إلى واقفها، وعمر فيها له سكناً، وأنكر عليه ذلك قاضي القضاة منلا أحمد الكردي الأنصاري، وكشف بنفسه عليها، فوجده قد غير فيها وبدل، وحصل لصاحب الترجمة منه تعزيز ومشقة بسبب ذلك، ثم تزهد وتعمم بالصوف، وربى شعر رأسه، وسكن الحجرة الحلبية لصيق الأموي بعد شيخ الإسلام الوالد، ومات يوم الأحد سنة ثلاث وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة، ودفن بمقبرة والده عند قبر والده شمالي المدرسة النحاسية رحمه الله تعالى. أحمد بن محمد بن شريح أحمد بن محمد بن رجب بن شريح بن سعيد العبد الصالح، الدمشقي المولد، السويدي المنشأ، المعروف بالحوراني والد الشيخ عثمان الحوراني الواعظ. كان من جماعة الشيخ أحمد بن سعد الدين، وسافر إلى الروم بإشارة شيخه وامتحن، ثم ظهرت عليه خوارق. توفي ليلة الجمعة ثامن شوال سنة إحدى وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب الصغير تجاه سيدي معاوية رضي الله تعالى عنه عند قبر الشيخ نصر المقدسي. أحمد بن محمد المستوفي أحمد بن محمد القاضي شهاب الدين المستوفي أحد العدول بدمشق. مولده يوم الأحد العصر ثالث عشر ذي القعدة سنة أربع وتسعمائة. قرأ على شيخ الإسلام الوالد في الجرومية إلا اليسير من أولها قراءة إتقان، ومقدمة في العروض، وأخذ عن غيره، وصار رئيس الشهود بدمشق، ومات في نيف وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، وجلس بعده أحمد بن كريم الدين رحمه الله تعالى. أحمد بن محمد الكفرسوسي أحمد بن محمد الشيخ شهاب الدين ابن شيخ

أحمد بن محمد الغزي

الإسلام شمس الدين الكفرسوسي، الشافعي، الواعظ. توفي يوم الجمعة خامس عشرة جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، ودفن عنده والده رحمه الله تعالى. أحمد بن محمد الغزي أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد، الشيخ الإمام العلامة المحقق شيخ الإسلام شهاب الدين الغزي الشافعي. ولد في شوال سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، وقرأ القرآن العظيم على شيخنا الشيخ يحيى العمادي المغربي، وتلاه للسبعة على والده، وعلى شيخنا المقرىء المجيد، الشيخ حسن الصلتي، واشتغل في العلم على والده، ولازمه في الأصول، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والتفسير، والقراءات، وقرأ بمصر على شيخ الإسلام بدر الدين ابن الطباخ المصري، وحمل عنه مصنفاته على الشيخ العلامة السيد الشريف قطب الدين عيسى الإيجي، وحمل عنه شرح الكافية تصنيفه، وقرأه عليه وكتبه بخطه، وعلى شيخ الإسلام شهاب الدين الرملي، وغيرهم حين دخل مصر في صحبة والده سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة، ولقي العارف بالله أحمد الجاني المقدسي، وأخذ عنه الطريق، وأجاز له شيخ الإسلام السيد عبد الرحيم العباسي الإسلام بولي بمصنفاته كشرح البخاري، وشرح شواهد التلخيص، ومروياته. وبرع وأفتى ودرس، في اليوم الذي قبل وفاته، وكان متضعفاً. لازم والده، وكان أبر الناس بأبيه، وقال: أريد أن أتودع من الشيخ، وكان الشيخ يمتحن صحبته بتوجيه الفتاوي إليه، وكان يوم جمعة، فكتب ذلك اليوم على بضع وعشرين رقعة كلما كتب على رقعة يأخذها والده ويتأملها، ويحمد الله، وكان أود أهل زمانه لهم، وأرأفهم عليهم يفيدهم العلم وينشره، ويضوع كل مجلس جلس فيه ويعطره جمالاً محضاً، وبهاء صرفاً، خاشعاً بكاء من خشية الله تعالى لطيف المحاضرة، حسن المجاورة، حلو المذاكرة، لطيف الذات والصفات، حسن الأخلاق، حليماً، حكيماً، جواداً كريماً، يؤثر إخوانه، ويوقر أقرانه، ويتودد إلى من يعاديه، كما يتودد إلى من يواليه، تنجذب إليه القلوب، وترتاح إليه الأرواح، وتنشرح لجمال طلعته الصدور، وأجمع الناس على محبته واعتقاده، وتقديمه واعتياده، ورجاء بركته وطلب الدعاء، لا يرى جنازة غريب أو فقير إلا مشى فيها، ولا يسمع بمسجد خراب إلا ذهب إليه، وتردد إليه، يعمره بالصلاة والذكر والتدريس كما قلت: إمام له في العلم باع وساعد ... وفي الحلم أخلاق طراف وتالد وفي الفضل والمجد الأثيل مصاعد ... وفي الملأ الأعلى الكريم مقاعد تعشق كل الكون معنى جماله ... فأضحى لأحوال الغرام يكابد كأن له ذات الوجود بأسرها ... بمعناه من فرط الهيام تواجد

وكان رحمه الله تعالى لا يمر بسوق ولا شارع ولا محلة إلا والناس يقبلون عليه ويقبلون يديه، ويلتمسون بركته، ويتبسم في وجه كل واحد منهم، ويلاطفهم، وكان له نظر خارق في رؤية الآثار، وسماع الأطيار، وملاحظة القدرة في الثمار والأزهار، وكانت مقاصده حسنة، ومشاهدة جميلة، وألف منظومة رائية في أسماء الكواكب الثابتة، ومنظومة أخرى لامية جمع فيها قراءة أبي جعفر سبط أبي الأصبهاني، واختصر المنهج في كتاب سماه النهج ولم يتم، ولم أقف عليه، ولم يكثر من التصنيف لاشتغاله بقراءة كتب والده، وكتابتها، ومقابلتها، ومساعدته في تحرير كثير منها حتى كان الشيخ يرجع إلى قوله في بعضها، وكان مشتغلاً أيضاً بالنفع والإفادة والإقراء، ودرس بالقيمرية البرانية وبالشامية الجوانية، وولي إمامة الشافعية الأولى بالجامع الأموي، وانتفع به أكثر الفضلاء كالشيخ تقي الدين بن الحكيم، والعلامة درويش بن طالوا، والشيخ حسن البوريني، والشيخ محمد الصالحي، والشيخ محيي الدين البكري، والشيخ تاج الدين القرعوني، والشيخ شمس الدين الميداني، والشيخ علاء الدين الدهيناتي والشيخ العلامة فخر الدين السيوفي، والشيخ بركات بن الجمل إمام المغيربية والشيخ موسى السيوري وآخرين، وصحب جماعة من العلماء الصالحين منهم الشيخ مسعود المغربي، والشيخ احمد بن سليمان، والشيخ عبد القادر بن سوار، وكان الناس لا ينكرون ولايته، بل كانوا جازمين بأنه من كمل العارفين. وحدثني الشيخ يوسف النوري، وكان من جماعته قال: كنا بين يدي الشيخ شهاب الدين في الجامع الأموي في بعض الليالي، فتذاكرنا في مناقب أولياء الله تعالى فقال: إن لله تعالى عباداً قطع الشوق أكبادهم، وملأ الحب فؤادهم وبكى وانتحب قال: فلما قام الجماعة، وخلوت بالشيخ قلت له: يا سيدي بالله الذي لا إله غيره أنت من هؤلاء الذين ذكرتهم، فقال: أي والله يا يوسف، وحدثني المذكور قال: كان سيدي الشيخ شهاب الدين كثيراً ما ينشد: ياخليلي عدّيا ... عن حديث المكارم منك فى الناس شره ... فهو في جود حاتم وكان له كرامات كثيرات، وخوارق عادات، وحدثني الشيخ محيي الدين البكري وكان ثقة فاضلاً. قال: كنا في مجلس الشيخ شهاب الدين، وهو يتكلم في الأخلاص، وعدم ملاحظة الخلق من كتاب الإحياء للغزالي، فمر على مجلسه قاضي قضاة الشام إذ ذاك، فسلم فرد عليه السلام، ولم يقم من مجلسه، ثم لما فرغ قال: أراد الله تعالى أن يمتحنا في هذه الساعة بمرور هذا الرجل علينا، فثبتنا بفضل الله تعالى، ولم نزده على رد السلام الواجب، وكان رحمه الله تعالى يقرأ في إحياء علوم الدين في آخر النهار في كثير من الأيام، وكان لا

ينقطع عن مجلس الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المسمى بالمحيا، وقال في ذلك: إماتة نفسي في مطالعة الأحيا ... وأحياء روحي في مشاهدة المحيا فيا رب هذا دأب عبدك دائماً ... وديدنه ما دام في هذه الدنيا وكان كذلك إلى أن توفي رحمه الله تعالى ومن محاسنه قوله: فطور التمر سنه ... رسول الله سنه ينال الأجر شخص ... يحلي منه سنه وقال رحمه الله تعالى: وروض جمال محبوب كريم ... نزلت به وما منه معارض وما منع العذار به نزولاً ... ولكن ما سلمت من العوارض وقال رحمه الله تعالى: من سم هذا البرد أشكو الأذى ... فابعد عن الشر ولا تقرب فقارس البرد غما قارصاً ... من حر قرص الشمس في العقرب وقال مخمساً لبيتين مرويين عن سيدي إبراهيم بن أدهم في قصة مشهورة: عن جناياتك نعفو ... ومن التكدير نصفو هات قل لي: كيف تجفو؟ كل شيء لك مغف ... ور سوى الإعراض عنا قد مضى العمر تلافاً ... هب فؤادي لك صافا وبما يرضيك وافا قد غفرنا لك ما ... فات بقي ما فات منا ولما وقف رضي الله تعالى عنه على قصة الشيخ العلامة إسماعيل بن المغربي اليمني صاحب الترجمة مع ولده لما قطعه ما كان يعتاده منه من البر والصلة لكونه يتعاطى ما لا يليق، فكتب إليه ولده: لا تقطعن عادة بر ولا ... تجعل عقاب المرء في رزقه فإن أمر الإفك من مسطح ... يحط قدر النجم من أفقه وقد جرى منه الذي قد جرى ... وعوقب الصديق في حقه

فأجاب والده بقوله: قد يمنع المضطر من ميتة ... إذا عصى بالسير في طرقه لقدرة منه على توبة ... توجب إيصالاً إلى رزقه لو لم يتب مسطح من ذنبه ... ما عوقب الصديق في حقه فلما وقف الأخ رحمه الله تعالى على ذلك قال كالمجيب عن ولد الشيخ إسماعيل لولده: تبنا إلى الرحمن لا للدنا ... وليس توب المرء من حذقه وإنما الله تعالى إذا ... أسعد ذا التوفيق من خلقه تاب إليه وهدى قلبه ... وأسند الفعل إلى صدقه وقال الأخ رحمه الله تعالى موالياً: شر الفتى الحر لا يكذب ولا يغتاب ... ولا يطل على جاره ولو من باب ولا يذم صديقه إن حضر أو غاب ... ولا يدمدم، وإن ضاقت به الأسباب وقال رحمه الله تعالى ذو بيت: يا مالك رقي رق مالي راقي ... أنعم عجلاً علي بالدرياق إن متّ جوىً على غرام راقي ... إني لكم من جملة العشاق وقال أيضاً: إن كان على البعاد من نهواه ... لا يذكرنا فنحن لا ننساه قد طال تشوقي إلى لقياه ... كم أصبر لا إله إلا الله وقال موالياً أيضاً: عوّذت حبي بطه والزمر مع قاف ... وهود والأنبياء والنمل والأحقاف والفجر والحجر مع حم عسق ... والطور والنور والأنعام والأعراف وقال رضي الله تعالى عنه: إذا ما أراد الله تقريب مبعد وساعده سعد، وسابقه الحسنى تكلم توفيقاً بخير لسانه ... يصيب به من حيث يخطىء في المعنى ومن لطائفه أنه كان يتردد إلى مسجد معمر على عادته، فرآه خراباً فقال لمتوليه: عمّره، وتكرر منه هذا القول، والمتولي يقول له: يا سيدي خنزرت الحائط فقال:

ومانع مسجد ذكرا ... عليه الفعل أنكرت إذا ما قلت: عمرت ... يقول الكلب: خنزرت وقال في والده: وقالوا: سما البدر فوق السماء ... سمواً وساماه في تمه أعين المسمى هو أو غيره ... فقلت: هو البدر عند اسمه وقال في الأمير عبد اللطيف بن منجك، وكان تلميذ الأخ وصديقه: الاسم عين المسمى ... دليل قول لمن شك لطف وظرف حواه ... عبد اللطيف بن منجك وهو مأخوذ من قول شيخ الإسلام أبي الفضل ابن حجر العسقلاني فيمن اسمه صالح، وهو بديع: الاسم عين المسمى ... والحق أبلج واضح وإن ترد صدق قولي ... فانظر لسيرة صالح وكتب مامامي الرومي إلى أستاذه الأخ رضي الله تعالى عنه سؤالاً وهو: ما قولكم سادتي في أهيف خطراً ... غصبته قبلة مذ صرت في خطر؟ فرام قتلي بلحظ للورى سحراً ... وصرت منه أراعي النجم في السحر هل جائز قتلتي أفتوا لمن حضرا ... ببابكم يا رئيس البدو والحضر؟ فأجابه رحمه الله تعالى بقوله: لم يفت بالقتل من بالشرع قد شعرا ... من أجل تقبيل خالي الخد من شعر أو من غدا بعذار قد غدا خضراً ... كان خضرته من لمسة الخضر يرد سائله من وصله نهراً ... ودمعه سائل يجري كما النهار وله موشح لطيف في الحبوش مشهور أنشدنيه شيخ الاسلام الزين عمر بن سلطان الحنفي عنه: لي من الحبش غزال ... لفؤادي قد سلب وانثنى عني قليلاً ... ولقتلي قد طلب ورمى نحوي بسهم ... من لحاظو ونشب

قلت: لو يا حب صلني ... فاصطباري قد ذهب يا حبوش أنتم حلاوه ... يا قناديل الذهب قال لي: ة بالله دعني ... ما وصالي لك مباح من يرم غالي وصالي ... ويريد عين الصلاح لا يعير سمعه لواش ... ولعذال ولاح قلت له: يا نور عيني ... في سواك ما لي أرب يا حبوش أنتم حلاوه ... يا قناديل الذهب قال: صف إن كنت تهوى ... مبسمي راعي الوشام قلت فيه: عقد جوهر ... يسبي من غالي وسام ما سلب عقلي ولبي ... غيركم يا ولاد حام ما لهم يأبوا وصالي ... يا ترى ماذا السبب؟ يا حبوش أنتم حلاوه ... يا قناديل الذهب ذا الغزيّل في شبيكه ... صادني شعرو الجعيد ذو ثغيّر من أقاح ... فيه من صافي البريد راعي الجسم المنعم ... إن سلواني بعيد أنعم أنعم لي بوصلي ... أو مدامه من شنب يا حبوش أنتم حلاوة ... يا قناديل الذهب ما يرى في الغيد مثله ... إن تبدي أو خطر في الأزيرق حين يخطر ... قد تركني في خطر شرطه يجرح فؤادي ... والحشا مني أسر قلت حسبي حبيبي يا حبوش أنتم حلاوة ... يا قناديل الذهب بعد ذا أنعم حبيبي ... وسمح لي بالوصال بعدما أكثر صدودي ... وأخذ قلبي وصال يا ليالي الوصل عودي ... يا هنا تلك الليال أنتم غاية مرادي ... ونهايات الأرب يا حبوش أنتم حلاوة ... يا قناديل الذهب

كان الأخ رضي الله تعالى عنه أبر ولد بوالده، وأشبه بأبيه في طريف الفضل وتالده، وكان يحترم والده بحق بنوته النسبية والعلمية، وكان يقبل أخمصيه، كلما دخل عليه، وكان كلما حضر مجلس ذكر أو علم أو خبر، وتوقع فيه الإجابة قرأ الفاتحة، ثم قال للحاضرين: قولوا آمين، فإذا قالوا: آمين قال: اللهم إجعل يومي قبل يوم أبي حدثنا بذلك جماعة منهم شيخنا الشيخ يحيى العمادي، ودخل على والده يوم الجمعة مستهل ذي الحجة الحرام سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، وكان متمرضاً، فأمر أن يفترش له فراش تجاه والده، وقال: أتودع منه، ولازم والده ذلك اليوم بطوله، وصلى معه في خلوته بالجامع الأموي الجمعة، ثم عاد إلى مجلسه والفتاوى ترد على شيخ الإسلام الوالد، فيقول كلما جاء رقعة: اكتب يا شهاب الدين فيكتب، ثم يأخذ الرقعة ويتأمل كتابته، ويدعو له حتى كتب له على بضع وعشرين رقعة، ثم أراد مفارقة أبيه آخر النهار، وقال له: يا سيدي أخرج لي رجليك، فقبلهما على عادته، وتبرك بهما، وبكى، وطلب الرضى من أبيه، وشيخ الإسلام يبكي، ويدعو له بالرضوان وغيره، ثم خرج من عنده إلى بيته، فقعد معظم ليلة يقرأ في صحيح بخاري وغيره على من عنده من الأهل، ثم أغفا إغفاءة، وقام على عادته قبل الأذان، فخرج إلى الحمام، وكان يحب دخول الحمام لأجل الطهارة، فإنه كان عنده تحرّز ووسوسة الظاهر، فلما دخل الحمام المعروف بحمام السلسلة بالقرب من داره حلّق له الحلاق رأسه، ثم نزل إلى المغطس، فأغمي عليه، فأخرج إلى مصاطب الحمام، فإذا هو قد مات، فأعلم أهله، فجاؤوا به وحملوه ميتاً إلى دار أبيه وأبوه رحمه الله تعالى في الخلوة لم يدر، ثم دخل عليه بعض أصدقائه، فأفهمه موته الإشارة، ثم أمر والده بتجهيزه، فجهز وصلى عليه إماماً بالجامع الأموي، وحملت جنازته على الرؤوس، ولم تحفل بدمشق جنازة فيما عهده أهل عصره أعظم مما حفلت جنازته إلا جنازة أبيه من بعده. ودفن بمقبرة الشيخ رسلان بالقرب من ضريح جده شيخ الإسلام رضي الدين، ثم دفن والده بعده في السنة الثانية للسنة المذكورة رجلاه عند رأس ولده المذكور كأنه يقفو أثره إلا أنه اتفق أن قبر الشيخ شهاب الدين كان متأخراً عن محاذاة قبر أبيه حتى كأنه أمامه، وكان ذلك موافقاً لحالة المرحومين في دار الدنيا، ثم اتفق دفن ولدنا الفاضل الصالح بدر الدين قدام عمه المذكور رأسه عند رجلي جده، وفي محاذاته بوصية منه في الوقت الذي ذهبت لحفر قبره فيه بعد أن استخرت الله تعالى له في الحفر، فاتفق في وضع المذكور، وعدت فرأيته قد أوصى جدته، ومن عنده أن يحفر له في بقعة خالية عند رجلي جده. وكانت وفاة الولد المذكور في شعبان سنة سبع عشرة بعد الألف، ووراء قبر الشيخ

أحمد بن محمد قاضي زاده. أحمد بن محمد المولى شمس الدين الألوسي، الحنفي

شهاب الدين قبر والده الشاب الفاضل العالم الصالح أحمد، وكانت وفاته شهيداً في طاعون سنة اثتتين بعد الألف ثاني عشر رمضان، وهذا وإن لم يكن من شروط كتابنا فهو من تتمة ترجمة الأخ المرحوم رضي الله تعالى عنه. أحمد بن محمد قاضي زاده. أحمد بن محمد المولى شمس الدين الألوسي، الحنفي الشهير بقاضي زاده أحد الموالي الرومية. اتصل بجده عبد القادر الحميدي المفتي، وولي قضاء حلب، ثم ترقى حتى صار مفتياً بإسلام بول بعد حامد أفندي، وله حاشية على الهداية، ومحاكمات بين صدر الشريعة، وابن كمال باشا في شرح الوقاية، ورسائل، وتوفي في خامس رييع الأول سنة ثمان وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن محمد القاري أحمد بن محمد بن عيسى بن محمد القاري الخواجا شهاب الدين الشافعي. كان له مشاركة في العلم، وكان يعتقد الطيبي، ويتكلف على مولده في كل سنة، وانقطع بعد موت الطيبي في بيته، ولزم تلاوة القرآن. توفي في سنة تسع وثمانين وتسعمائة، ودفن بباب الصغير رحمه الله تعالى. أحمد بن محمد الحصكفي ابن المنلا أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن يوسف بن حسين بن يوسف بن موسى، الشيخ العلامة، الفهامة شهاب الدين الحصكفي الأصل الحلبي المولد، والدار، الشافعي المعروف بابن المنلا جده لأبيه، كان قاضي قضاة تبريز شهرته منلا جامي شرح المحرر، وجده لأمه الشرفي يحيى آجا بن آجا. مولده سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، ونشأ في كنف أبيه، واشتغل بالعلم، وقرأ على ابن الحنبلي في مغني اللبيب فما دونه من كتب النحو، وفي شرح المفتاح، وفي المنطق

وفي القراءات، والحديث وفي مؤلفاته، وصحب سيدي محمد ابن الشيخ علوان، وهو بحلب سنة أربع وخمسين، وسمع منه نحو الثلث من البخاري، وحضر مواعيده، وسمع المسلسل بالأولية من البرهان العمادي، وأجاز له، وقرأ بالتجويد على الشيخ إبراهيم الضرير الدمشقي نزيل حلب كثيراً، وأجاز له وذلك في سنة خمس وستين، ورحل إلى دمشق رحلتين، وأخذ بها عن شيخ الإسلام الوالد، وحضر دروسه بالشامية، وبحث فيها بحوثاً حسنة مفيدة أبان فيها عن يد في الفنون طولى، وكلما انتقل من مسألة إلى غيرها تلا لسان حاله: " وللآخرة خير لك من الأولى " كما شهد بذلك الوالد في إجازته له، وقرأ على النور النسفي قطعة من البخاري، ومسلم، وحضر عنده دروساً من المحلي وشرح البهجة وأجاز له، وقرأ بها شرح منلا زاده على هداية الحكمة على محب الدين التبريزي مع سماعه عليه في التفسير، وقرأ قطعتين صالحتين من المطول والأصفهاني على الشيخ أبي الفتح السبستري ورحل سنة ثمان وخمسين إلى القسطنطينية، فأخذ رسالة الإسطرلاب عن نزيلها الشيخ غرس الدين الحلبي، واجتمع بالفاضل المحقق السيد عبد الرحيم العباسي، واستجاز منه رواية البخاري فأجاز له ومدحه بقوله: لك الشرف العالي على قادة الناس ... ولم لا؟ وأنت الصدر من آل عباس حويت علوماً أنت فيها مقدم ... وفي نشرها أضحيت ذا قدم رأس وقفت بني الأداب قدراً ورتبة ... وسدتهم الجود والفضل والباس فيا بدر أفق الفضل يا زاهر السنا ... ويا عالم الدنيا ويا أوحد الناس إلى بابك العالي أتاك ميمماً ... كليم بعضب عدت أنت له آسي فتى عاري الآداب يا ذا الحجى فما ... سواك لعار عن سنا الفضل من كأسي فاقبسه من مشكاة نورك جذوة ... وعلله من ورد الفضائل بالكاس وسامحه في تقصيره ومديحه ... فمدحك بحر فيه من كل أجناس فلا زلت محمود المآثر حاوي ... المفاخر مخصوصاً بأطيب أنفاس مدى الدهر ما احمرت خدود شقائق ... وما قام غصن الورد في خدمة الآس

الشيخ شهاب الدين الرملي

ودرس، وأفاد وصنف، وأجاد، وله شرح على المغني جمع فيه بين حاشيتي الدماميني والشمني، وشرح شواهد السيوطي، وكتب، ونظم الشعر الحسن، ومن شعره في مليح لابس أسود: ماس في أسود اللباس حبيبي ... ورمى القلب في ضرام بعاده لم يمس في السواد يوماً ولكن ... حل في الطرف فاكتسى من سواده وله مضمناً: ظبي كساني حلة وأدار لي ... كأس الرحيق على رياض الآسي وغدا يقول عذاره اشرب يا فتى ... واجعل حديثك كله في الكاس توفي في سنة ألف قتله اللصوص في بعض قراه رحمه الله تعالى - ثم تحرر لي من خط الشيخ العلامة عمر العقيبي أنه مات في سنة ثلاث وألف فترجمته في كتاب لطف السمر أيضاً وأبقيت الترجمتين للفائدة. الشيخ شهاب الدين الرملي أحمد بن أحمد بن حمزة، الشيخ الإمام العالم العلامة شيخ الإسلام الشيخ شهاب الدين الرملي الأنصاري. الشافعي. تلميذ القاضي زكريا. أخذ الفقه عنه وعن طبقته، وكان من رفقاء شيخ الإسلام الوالد في الاشتغال. قرأت بخط ولده أن من مؤلفاته شرح الزبد لابن أرسلان، وشرح منظومة البيضاوي في النكاح ورسالة في شروط الإمامة، وشرح في شروط الوضوء وأنه توفي في بضع وسبعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن الموقع أحمد بن أحمد الموقع، القاضي شهاب الدين ابن الموقع الكركي. توفي بالروم في حدود سنة أربع وتسعين بتقديم المثناة وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن حجر الهيثمي أحمد بن أحمد بن محمد ابن الشيخ الإمام

أحمد بن أحمد المكفناتي

العلامة شيخ الإسلام شهاب الدين ابن حجر الهيثمي قرية بالصعيد المصري، ثم المكي الشافعي مفتي مكة أخبرني عنه تلميذه شيخ الإسلام محمد بن عبد العزيز الزمزمي مفتي مكة أن مولده سنة إحدى عشرة وتسعمائة، وأجازه القاضي زكريا، والشيخ عبد الحق وغيرهما وأخذ الفقه عن شيخ الإسلام شهاب الدين الرملي وغيره، واجتمع بالوالد سنة اثتنين وخمسين بمكة، وتذاكر معه، والوالد أسن منه، وأخذ منه من أهل الشام جماعة منهم الشهب الثلاثة أخي والأيدوني، وابن الشيخ الطيبي، وأجاز أخي بالإفتاء والتدريس وله من المؤلفات شرح المنهاج، وشرح الإرشاد، شرح العباب وشرح الهمزية للبوصيري والزواجر في الكبائر والصغائر، والصواعق المحرقة، في الرد على أهل البدع والزندقة، وشرح الأربعين النووية،، ومؤلف في زيارة النبي صلى الله عليه وسلم، وآخر في الصلاة والسلام عليه، وآخر في الألفاظ المكفرة، ورأيت بخط بعض الفضلاء منسوباً إليه، وهو نظم ركيك في ضبط المفصّ مفصل حجرات، وقيل: قتالها ... وصف وملك، ثم جاثية فتح وقاف ضحى سبح وعاشر هذه ... فمن قال: يس إن تم لنا الفتح وكانت وفاته بمكة سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة، ومما اتفق أنه أشيع موته بدمشق في سنة إحدى وسبعين، فصلي عليه بها غائبة، وعلى محمد أفندي ابن المفتي أبي السعود المتوفى بحلب في يوم الجمعة خامس عشري شعبان منها، ثم بين بعد ذلك أن ابن حجر حي، ثم ورد الخبر إلى دمشق بموته، وموت السيد عبد الرحيم العباسي البيروتي في ثاني عشري شوال سنة أربع وسبعين، فصلي عليهما معاً غائبة في يوم الجمعة سادس شوال بالأموي رحمه الله تعالى. أحمد بن أحمد المكفناتي أحمد بن أحمد بن محمد، الشيخ الصالح شهاب الدين المكفناتي الدمشقي. كان له ذوق في كلام الصوفية. وكان صاحب نكتة ونادرة ربما قال لبعض إخوانه: كيف حال من رأس ماله أشرفي ذهب وأصبح على الأرض البيضاء يوري؟ بقوله: ذهب. وكان الأخ الشهاب الغزي يعتقده، ويتكلم معه في طريق القوم، وكان الشيخ علاء الدين بن عماد الدين يعتقده، ويحسن إليه كثيراً، ويتحمل عنه أجرة بيته، ولما مرض مرض الموت دخل عليه أخي، فجلس عنده، وهو يجود بنفسه ثم أفاق، وقال يخاطب الأخ: إذا كان هذا فعله بمحبه ... فيا ليت شعري بالعدا كيف يصنع؟

أحمد بن أحمد الطيبي

ثم إنه استغفر ورفع رأسه وقال: نفس المحب على الآلام صابرة ... لعل متلفها يوماً يداويها فبكى الأخ، والحاضرون، وخرجوا من عنده، ثم مات بعد يومين أو ثلاثة سنة ثلاث وسبعين بتقديم السين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن أحمد الطيبي أحمد بن أحمد بن أحمد بن بدر، الشيخ العلامة المقرىء شهاب الدين، ابن الشيخ العلامة المقرىء شهاب الدين الطييي المتقدم ذكر جده في الطبقة الأولى الشافعي، مولده كما قرأته من خط والده نهار الاثنين بعد العصر مستهل جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين وتسعمائة. اشتغل على والده، وغيره، وبرع في الفقه والأصول، والنحو والمعاني، والبيان، والتجويد، والقراءات، والتفسير، وحضر دورس شيخ الإسلام الوالد وسمع منه، وأجازه بالإفتاء، والتدريس، وممن انتفع به الشيخ العلامة حسن البوريني، والفاضل الشيخ محمد الحمامي في آخرين وحج كما رأيته بخط والده سنة ثمان وسبعين وتسعمائة. وكان يوم عرفة يوم الجمعة، ودخل إلى دمشق يوم الأحد الثاني والعشرين من صفر سنة تسع وسبعين، وفرغ له والده سنة حج عن تدريس العادلية وقراءة المواعيد، والوعظ بالجامع الأموي، وسائر وظائفه، وولي إمامة الجامع بالمقصورة شركة شيخنا بعد أبيه، وخطابة التبريزية بمحلة قبر عاتكة خارج دمشق، وكان يعظ أولاً من الكراس على طريقة أبيه، ثم وعظ غيباً في التفسير. من أول سورة الكهف إلى أثناء سورة طه، واخترمته المنية بعد أن مرض نحو سنتين، فتوفي في رابع عشر رمضان سنة أربع وتسعين بتقديم المثناة ودفن عند قبر والده بالفراديس، ومن شعره: وخير عباد الله أنفعهم لهم ... رواه عن الألباب كل فقيه وإن إله العرش جل جلاله ... يعين الفتى ما دام عون أخيه أنشدني لنفسه في مستكبر: رأيته مستكبراً ... يجر ذيل السرف قلت له محذراً ... من كبره: أليس في؟ أحمد بن أحمد الطييي أحمد بن أحمد بن بدر، الشيخ الإمام العلامة

شيخ الإسلام، شهاب الدين الطيبي الشافعي المقري الفقيه النحوي العابد الناسك، صاحب المصنفات النافعة والد المذكور قبله. مولده كما قرأته بخطه ضحى نهار الأحد سابع ذي الحجة، ختام سنة عشر وتسعمائة، وأخذ عن الشيخ شمس الدين الكفرسوسي، والسيد كمال الدين بن حمزة، والشيخ تقي الدين البلاطنسي، ولازم الشيخ تقي الدين القاري، وبه انتفع وقرأ على شيخ الإسلام الوالد في الجرومية، وحضر درسه، وأخذ الحديث ومصنفات ابن الجزري، عن الشيخ كريم الدين بن عمر محمد بن علي بن إبراهيم الجعبري صاحب الشرح، والمصنفات المعهودة، حين قدم دمشق سنة اثنتين وثلاثين، وأخذ عن الشيخ العلامة المفنن مغوش المغربي، حين قدم دمشق سنة أربعين وتسعمائة، وأخذ عنه جماعة من الأفاضل كالأبدوني والقابوني، وولده وشيخنا الشيخ أحمد العيثاوي مفتي الشافعية بدمشق، والشيخ أحمد الوفائي مفتي الحنابلة بها، وغيرهم ودرس بالأموي بضعاً وثلاثين سنة وولي الإمامة عن شيخه الشيخ تقي الدين القاري، وكان يقرأ الميعاد بالجامع المذكور مدة طويلة في الثلاثة أشهر في كل يوم جمعة، واثنين، ودرس بدار الحديث الأشرفية، ثم بالرباط الناصري، ثم بالعادلية الصغرى، وخطب بالجامع مدة يسيرة، وألف الخطب النافعة وأكثر خطباء دمشق الآن يخطبون بخطبه لسلاستها، وبركة مؤلفها، وله من المؤلفات مناسك عدة منها مختصر مناسك ابن جماعة في المذاهب الأربعة ومنها تفسير كفاية المحتاج للدماء الواجبة على المعتمر والحاج ومنها الزوائد السنية، على الألفية والمفيد في التجويد، والإيضاح التام، وفي تكبيرة الإحرام والسلام وبلوغ الأماني، في قراءة ورش من طريق الأصبهاني، ورفع الأسكال، في أول الأشكال، في المنطق وصحيفة، فيما يحتاج إليه الشافعي في تقليد أبي حنيفة والسكر المرشوش، في تاريخ شيخه الشيخ مغوش وغير ذلك، ومن شعره قوله عاقداً لما أخرجه أبو مظفر بن السمعاني، عن الجنيد رحمه الله تعالى قال: إنما تطلب الدنيا لثلاثة أشياء الغنى والعز والراحة، فمن زهد فيها عز، ومن قنع فيها استغنى، ومن قل سعيه فيها استراح. لثلاث يطلب الدنيا الفتى ... للغنى والعز أو أن يستريح عزه في الزهد والقنع غنى ... وقليل السعي فيها مستريح وقال: عاقداً لكلام الشيخ عبد القادر الكيلاني رحمه الله تعالى عنه حيث قال:

أحمد بن حسن المعروف بحسن بك

كن مع الله كأن لا خلق، وكن مع الخلق كأن لا نفس، فإذا كنت مع الله فلا خلق وجدت، وعن الكل فنيت، وإذا كنت مع الخلق بلا نفس عدلت، وأتقيت، ومن المتعبات سلمت: إن كنت تبغي أن تنال الرضى ... وراحة القلب مع الأنس فكن مع الله بلا خلقة ... وكن مع الخلق بلا نفس وقلت في معنى كلام الشيخ عبد القادر رضي الله تعالى عنه: بغير نفس كن مع الخلق ... وكن بلا خلق مع الحق تعدل ولا تتعب وتذهب ع ... ن الكل بوجد خالص الصدق وقال الشيخ الطيبي أيضاً: إن رمت خيراً مستداماً وأن ... تكون ممن في غد يقبل فأخلص الله في كل ما ... تفعل وأرض بالذي يفعل ومات رجل يقال له: ذكرى عن ابنه القاصر، وله أخ شقيق، فولى القاضي على القاصر قيماً، فأقرض المال لعمه المذكور، فطالبه به عند استحقاقه، وألح عليه، وأراد حبسه فبات مهموماً، فطعن اليتيم في تلك الليلة، ومات ولا وارث له سوى عمه المذكور، فطالب القيم ببقية مال ابن أخيه فقال الشيخ الطيبي: عجبت لمديون تزايد عسره ... وأعياه وامتدت عليه مذاهبه لقد بات مديوناً فأصبح دائناً ... يطالب من بالأمس كان يطالبه وكانت وفاته يوم الأربعاء ثامن عشر ذي القعدة الحرام سنة تسع وسبعين وتسعمائة بتأخير السين في الأول، وتقديمها في الثاني، وتقدم للصلاة عليه شيخ الإسلام الوالد كما أفادنا إياه المنلا أسد، ودفن بباب الفراديس رحمه الله تعالى ورضي عنه. أحمد بن حسن المعروف بحسن بك أحمد بن حسن بن عبد المحسن قاضي قضاة دمشق، وابن قاضي قضاة الشام المعروف والده بحسن بك. كان من الموالي البارعين والأفاضل المعدودين. له باع طويل في العربية والأدب، صاحب صمت وسكينة، وعفة وصيانة. ولي قضاء دمشق في أواخر سنة أربع وتسعين بتقديم المثناة وتسعمائة

أحمد بن أحمد بن عبد الحق

ومات بها في ثامن عشر رمضان سنة خمس وتسعين وتسعمائة بتقديم المثناة فيهما ودفن شمالي تربة نور الدين الشهيد داخل دمشق رحمه الله تعالى. أحمد بن أحمد بن عبد الحق أحمد بن أحمد بن عبد الحق، الشيخ الإمام العلامة المحقق، المحرر، الشيخ شهاب الدين عبد الحق الشافعي، ثم المصري شيخنا بالمكاتبة. توفي في سنة سبع أو ثمان وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن تمراز الطرابلسي أحمد بن تمراز بن عبد الله، الشيخ العلامة شهاب الدين سبط زين الدين ابن الجاموس الطرابلسي صحح على شيخ الإسلام الوالد جانباً من البهجة، وحضر كثيراً من دروسه، وكانت وفاته رابع عشر أو خامس ذي الحجة. سنة سبع وثمانين وتسعمائة. أخبرني بذلك ولده. أحمد المعروف بنوري أفندي أحمد بن عبد الله، الشيخ الإمام، فخر الموالي الرومية الكرام، مفتي الحنفية بدمشق الشام، المعروف بنوري أفندي. كان من العلماء البارعين، والفضلاء المحققين، ولي تدريس السليمانية بدمشق. والإفتاء بها، وعمل درساً عاماً استدعى له العلماء، وكتب إلى شيخ الإسلام الوالد يستدعيه إليه، وكان الشيخ مريضاً مدة طويلة، فكتب إليه يعتذر إليه: حضوري عند مولاي مناي ... ولكن الضرورة لا تساعد الضعف ليس يمكنني ركوب ... ولا مشي يقارب أو يباعد وأشهر علتي لا شك عشر ... تعذر أن أرى فيهن قاعد وأحسن حالتي ذا الدين مشي ... يكون به المعاون والمساعد ولولا ذاك مولانا قعدنا ... لسمع دروسك العليا مقاعد بقيت مدى الزمان فريد عصر ... إلى أعلى المراتب أنت صاعد وكان قد اتصل بالمسامع السلطانية أن النصارى قد جددوا شيئاً في الكنيسة الكائنة ببيت المقدس، فورد أمر سلطاني لقاضي قضاة الشام، ثم القاهرة محمد أفندي جوي زاده، ومفتي

أحمد بن بهاء الدين القابوني

دمشق المشار إليه أن يتوجها إلى بيت المقدس للتفتيش على الكنيسة المذكور، والكشف عليها، فخرجا من دمشق يوم الإثنين ثامن عشر شعبان سنة ثمان وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، وزار بيت المقدس، والخليل، الكليم عليهما السلام، وكشفا على الكنيسة، فوجدا النصارى، وقد أحدثوا أوضاعاً منكرة، ووجدوا إلى جانب الكنيسة مسجداً قديماً هدم الكفار حيطانه، وحولوا وضعه القديم، وجددوا بنيانه، فأمر قاضي القضاة المذكور بمحضر من المفتي المذكور، وعلماء بيت المقدس بهدم ما جدده الكفار من البنيان، وإعادة القديم كما كان، فهدم المسلمون بنيان النصارى، وأعلنوا التكبير، وأقيمت صلاة الجماعة في عصر ذلك اليوم في المسجد المذكور، وصلى قاضي القضاة المشار إليه إماماً بالناس حينئذ، ثم لما أتما ما كان بصدده من الهدم والعمارة توجها إلى قضاء ما هو مندوب إليه من الزيارة، وعاد المفتي المذكور إلى دمشق لمحل إفتائه، وذهب قاضي القضاة إلى مصر محل قضائه، وكانت وفاة المفتي المذكور بعد عودته إلى دمشق في ختام شوال يوم الثلاثاء سنة ثمان وسبعين وتسعمائة، ودفن بتربة باب الصغير بالقلندرية رحمه الله تعالى. أحمد بن بهاء الدين القابوني أحمد بن بهاء الدين، الشيخ عفيف الدين القابوني الشافعي خطيب جامع منجك بمسجد الأقصاب خارج دمشق. تلا بالسبع على الشيخ شهاب الدين الطيبي، وتوفي بعده بسنة في سنة ثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن حسن البقاعي أحمد بن حسن البقاعي، العميقي، الذهبي، الشافعي، مؤدب الأطفال، وخطيب التابتية بمحلة باب السريجة خارج دمشق. أخذ عن الوالد والأخ الشيخ شهاب الدين، وتوفي في سنة خمس وتسعين وتسعمائة بتقديم التاء فيهما رحمه الله تعالى. أحمد بن صلاح الدين الباعوني أحمد بن صلاح الدين القاضي شهاب الدين الباعوني. توفي في المحرم سنة أربع وسبعين بتقديم السين وتسعمائة رحمه الله تعلى رحمة واسعة. أحمد بن عبد القادر بن التينة أحمد بن عبد القادر، الشيخ الإمام شهاب الدين بن التينة الدمشقي، الشافعي مؤدب الأطفال بمسجد المجاهدية داخل باب الفراديس. كان عالماً فاضلاً عابداً زاهداً. قرأ الفقه على الشيخ تقي الدين القارىء، والنحو والقراآت على الشيخ علاء الدين القيمري، وكان له فراسة فيمن يقرأ عنده من الأطفال، وصدقت فراسته في كثير منهم، وممن أقرأه القرآن، وانتفع بإقرائه شيخنا الشيخ أحمد العيثاوي

أحمد النعيمي

مفتي دمشق يومئذ فسح الله تعالى في مدته وكان يختم القرآن في كل جمعة ويقوم الليل. مات في سنة تسع بتأخير السين وسبعين بتقديمها. وتسعمائة، وحضر تغسيله الشيخ شهاب الدين الطيبي، وقبله، وصلى عليه، ولقنه، وترحم عليه، ودفن بمقبرة الشيخ أرسلان رحمه الله. أحمد النعيمي أحمد بن عبد القادر النعيمي، الشافعي، ثم الحنفي، الدمشقي، ثم الإسلام بولي بهاء الدين العلامة خطيب السليمانية، وإمام بايا صوفية بالقسطنطينية. حضر دروس الوالد كثيراً تقلبت به الأحوال بدمشق، ثم سافر إلى الروم، فصار له بها قبول في زمن السلطان سليم بن سليمان، ثم في زمن والده السلطان مراد آلف خطبة خطب بها في أول توليته. التزم فيها لفظة مراد في أواخر السجعات اسمعني إياها من لفظه. قدم علينا دمشق في سنة أربع وتسعين وتسعمائة حاجاً، ثم عاد إليها في سنة خمس وتسعين، ثم رجع إلى الروم في أثنائها، ورأيناه يثنى على شيخ الإسلام الوالد كثيراً، وتغالى في ذلك، وإذا ذكره يقول: قال سيدي، ورأيت سيدي. مولده كما قرأته بخط والده طلوع الفجر ليلة الاثنين سابع عشر ذي الحجة الحرام سنة أربع وعشرين وتسعمائة. ووفاته بالروم في ربيع الأول سنة ثمانين وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. أحمد القصيري أحمد بن عبده بن سليمان الكردي، القصيري، الشافعي، الفقيه الصوفي تلميذ الشيخ البازلي الحموي، تفقه في المنهاج، والإرشاد على الرمادي تلميذ الشيخ البازلي الحموي، وأخذ الطريق عن أبيه، ولبس الخرقة، وصار خليفة عن أبيه في حال حياته بعد أن لم يرض بما كان أبوه عليه، ثم اهتدى، فقدم عليه، وتاب مما فرط منه، ثم صار بعد ذلك يشغل الطلبة في علوم الشرع الظاهرة مع قلة بضاعته في العربية، ويلبس الخرقة والتاج، ويستخلف من يختار، ويبرز فوائده للقاصدين، ويبسط موائده للواردين، وكثرت الواردون عليه بمنزله بجبل الأقرع حتى لم يخل منزله من نحو خمسين وارداً غريباً، وكانت الفتوحات والوصايا واردة إليه بمزيد اعتقاد أهل القصير فيه بحيث نال منهم فوق الكفاية مع أخذه فيهم بالمواعظ، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واشتهر صلاحه، وبعد صيته، وكثرت خلفاؤه ومريدوه، وتوفي في سنة ثمان وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أحمد الدجاني أحمد بن علي بن ياسين، الشيخ الإمام العالم العامل العارف بالله تعالى، شهاب الدين الدجاني الشافعي أحد أصحاب سيدي علي بن ميمون،

أحمد الشلاح

وصاحب سيدي محمد بن عراق. كان يحفظ القرآن العظيم، والمنهاج للنووي. وحدثني تلميذه الشيخ الصالح العارف بالله تعالى يوسف الدجاني الأربدي أن الشيخ أحمد الدجاني كان لا يعرف النحو، فبينما هو في خلوته بالأقصى إذ كوشف بروحانية النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: يا أحمد تعلم النحو. قال: فقلت له: يا رسول الله علمني، فألقى علي شيئاً من أصول العربية، ثم انصرف قال: فلما ولى لحقته إلى بيت الخلوة، فقلت: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، وضممت اللام من رسول. قال: فعاد إلي. وقال لي: أما علمتك النحو أن لا تلحن قل: رسول الله بفتح اللام. قال: فاشتغلت في النحو، ففتح علي فيه. دخل إلى دمشق في أوائل رجب سنة إحدى وخمسين وتسعمائة بسبب قضاء حوائج للناس عند نائب الشام، وكاتب الولايات، وخطب بجامع دمشق يوم الجمعة منتصف رجب، وشكره الناس على خطبته، وزار الشيخ محيي الدين بن العربي، وأقام الذكر عنده. قال ابن طولون: وحذوه فيه حذو شيخه الشيخ محمد بن عراق، وسألته عن سنه وقت موت الشيخ محمد الجلجولي رضي الله تعالى عنه. فقال: نحو ثمان سنين قلت: وتقدم أن وفاته كانت سنة عشر وتسعمائة، وسافر راجعاً إلى القدس الشريف مستهل شعبان صحبه الشيخ عيسى الصفوري، وكان الشيخ عيسى ذاهباً إلى مصر في قافلة. قلت: وحدثني الشيخ أحمد بن سليمان أنه لما اجتمع بصاحب الترجمة في القدس، وهو في صحبة الشيخ شهاب الدين أخي حدثهم أنهم كانوا في حضرة الشيخ علي بن ميمون، فشكوا إليه خاطراً، فطردهم، فكانوا على باب الخلوة أياماً، ثم شكوا إليه فقال: تتوبون قالوا: نعم. فقال: قولوا: يا إلهي تب علينا، واعف عنا أجمعين يا رحمان يا رحيم وكرروها، ففعلوا، فردهم، ثم استحسن الشيخ أن يلازموا على ذلك في مجالس الذكر عند الختام، فصار ذلك من طريقتهم، وقال لي والد شيخنا: ورد الخبر بموت الشيخ الصالح العابد أحمد الدجاني ببيت المقدس. وأنه توفي في جمادى الأولى سنة تسع بتقديم التاء وستين وتسعمائة. قال: وصليت عليه في جامع الجديد في جمادى الآخرة رحمه الله تعالى. أحمد الشلاح أحمد بن عمر الشلاح، الشيخ الفاضل المقرىء المجود، الحافظ لكتاب الله تعالى شهاب الدين أحمد الضرير. كان يحضر دروس الشيخ الوالد في التقوية وغيرها، ويقرأ القرآن العظيم في المجلس. قرأ القرآن العظيم على الشيخ أحمد بن عبد القادر ابن التينة مؤدب الأطفال، وأقرأه إياها للعشر، ثم قرأ في القراءات على الشيخ شهاب الدين الطيبي، وكان الوالد، والشيخ الطيبي يقول كل منهما: من أراد أن يسمع القرآن كما أنزل، فليسمعه من الشيخ أحمد الضرير، وكان يقرأ في الجامع على الكرسي بعد صلاة المغرب دون الربع من الحزب في كل ليلة يبدأ من أول القرآن إلى ختمه حالاً مرتجلاً ما كان

أحمد بن مفلح

يسمع القرآن سامع في حال حياته من أحسن منه قراءة ولا تجويداً كأنه خلق للتلاوة، وكان أحد المؤذنين بالجامع الأموي، وكان له معرفة تامة بالموسيقى، وكان بصيراً في إضراره. يمشي في أسواق دمشق وأزقتها أحسن من البصراء من غير قائد. توفي في سابع عشر المحرم الحرام سنة تسع وتسعين وتسعمائة بتقديم التاء في الثلاثة، ودفن بمقبرة الشيخ أرسلان، ورئي في المنام كأنه هو، والموتى أحياء عليهم محاسن الثياب، فقيل له: كيف حالكم؟ فقال: بخير بسبب مجاورتنا للشيخ بدر الدين الغزي، وولده الشيخ شهاب الدين، ورأيته في المنام بعد موته بسنين، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بعد شدة. قلت له: كيف ترون حالي عندكم؟ قال: أنت بخير غير أن بينك وبين فلان شحناء. توقفت بسببها، فلما أصبحت صافيت ذلك المشار إليه، وكان الأمر كذلك رحمه الله تعالى. أحمد بن مفلح أحمد بن عمر بن محمد بن عمر بن إبراهيم بن مفلح القاضي شهاب الدين المالكي: كان أحد العدول بالصالحية، ثم بالكبرى، ثم بقناة العوني رئيساً بها، وكان خطه ضعيفاً بحيث يظن أنه كوفي، ثم ولي نيابة الحكم بالميدان، وكان يتكيف ويتخيل أموراً فاسدة إلا أنه كان لا بأس به، وميلاده سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة، وتوفي في حدود الألف رحمه الله تعالى. أحمد الفلوجي أحمد بن علي، الشيخ العلامة شهاب الدين الفلوجي الحموي، الشافعي، المقرىء، المجود، الواعظ المذكر أحد المفتين بدمشق ولد سنة ثماني عشرة وتسعمائة، وأخذ عن الجد رضي الدين الغزي، وولده الوالد، وعن السيد كمال الدين: والتقوى البلاطنسي، والشمس الكفرسوسي، والميلي الدمشقيين، وجمال الدين عبد الله بن رسلان البويضي خطيب البويضاء، وعن ابن النجار، والبحيري، والنسائي، والسعد الذهبي، وناصر الدين محمد بن سالم الطبلاوي، وابن عبد الحق، والضيروطي المصريين، ومما قرأه على الوالد المنهاج، وعرض عليه الجزرية، والشاطبية، والرائية، والألفية، وحضر عنده دروساً كثيرة بقراءة أخيه الشيخ محمد المتقدم في الطبقة الثانية، ورحل إلى مصر غير مرة، وفي آخرها وعظ على كرسي بالأزهر فأزري بأهل مصر، فرمي عن الكرسي، وكان له تبجح ودعوى إلا أنه كان سليم الفطرة لا يخلو من تغفل، وكان يحط في وعظه على الولاة والحكام، وبلغ بعضهم عند ذلك، فسخط منه، وكتب مكتوباً إلى الروم يشكو من القضاء، ويرميه بالجهل، وكان في تفسير غير جاهل، فوصل المكتوب إليه، فجزع الشيخ منه، واستغاث بوالد شيخنا، وذهب معه إليه حتى استرضاه، وكان يدعي أنه أعلم من بالشام ومصر. قيل: وهذه الدعوى كانت بسبب رميه من كرسي الوعظ بمصر، ودرس بالشامية البرانية، وكان يقول: هي

أحمد بن قاسم العبادي

مشروطة لأعلم علماء الشافعية، وأنا مدرسها، فأنا أعلمهم. قيل: وكان مسرحاً. وكان يحلف بالطلاق كثيراً، ويخالف إلى ما يحلف عنه. وحدثني غير واحد أنه كان يقول: عليّ التلاق بالتاء وهذا وإن كان صحيح التأويل إلا أنه لا يليق بمثله، فإنه يتابعه العوام، ويترتب عليه عبثهم بحلف الطلاق، وعلم اعتباره، وكن شريكاً للشيخ شهاب الدين الذيبي في إمامة المقصورة بالأموي، وكان يصلي في رمضان العشاء والتراويح بالمقصورة الشافعي ليلة، والحنفي ليلة، وكان الفلوجي يطيل في نوبته، فتضجر منه بعض الحكام، ومنع الشافعية من صلاة التراويح بالمقصورة، ثم عزل عن الإمامة بسبب طعنه في بعض القضاة، ووجهت للشيخ شهاب الدين الأيدوني، ثم استكتب جماعة من العلماء محضراً بأنه أحق من الأيدوني، فأعيدت إليه إمامة المقصورة بعد أن أعطي إمامة الأولى، وجمع له بينهما، وكان والده سمساراً في القماش، وفتح عليه وعلى أخيه بالعلم، وأعقب ولدين ذكرين لم يشتغلا في العلم، بل كانا من السباهية مكبين على الجهل، وعدم الاستقامة، وكانت وفاته يوم الخميس رابع صفر سنة إحدى وثمانين وتسعمائة، ودفن من الغد بعد صلاة الجمعة بباب الصغير، وأوصى أن تحمل جنازته إلى زاوية الشيخ الوالد بالأموي ليصلي عليه، فحملت وخرج الشيخ ليدركه، فتلاقى والجنازة في صحن الجامع، فصلى عليه، واقتدى الناس به، وأنا مدرك ذلك إدراكاً واضحاً، وأنا ابن أربع سنوات. وحدثني خالي الزيني عمر بن سبت. قال: سمعت الشيخ بدر الدين يقول حين بلغه موت المذكور: لا إله إلا الله. لقد انطوى بموت الشيخ أحمد الفلوجي علوم كثيرة رحمه الله. أحمد بن قاسم العبادي أحمد بن قاسم، الشيخ العلامة شهاب الدين العبادي، القاهري الشافعي أحد الشافعيين بمصر. كان بارعاً في العربية والبلاغة والتفسير والكلام. له المصنفات الشهيرة كالحاشية المسماة الآيات البينات، على شرح جمع الجوامع وحاشية على شرح الورقات، وحاشية على شرح المنهج. أخذ العلم عن الشيخ ناصر الدين اللقاني، وعن محقق عصره بمصر الشيخ شهاب الدين البرلسي المعروف بعميرة، وعن العلامة قطب الدين عيسى الإيجي الصفوي نزيل الحرم الشريف المكي، وأخذ عنه الشيخ محمد بن داود المقدسي، وغيره. توفي في سنة أربع وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة عائداً من الحج ودفن بالمدينة المنورة كما قرأ بخط تلميذه ابن داود رحمه الله تعالى.

أحمد بن حامد

أحمد بن حامد أحمد بن محمود بن عبد الله العلامة أحد موالي الروم، المعروف بابن حامد الدين، فضل في العلم، وتميز حتى حشى على هداية الفقه، وشرح المفتاح للسيد الجرجاني، وتولى مدارس الروم، ثم ولي قضاء حلب، فتعفف عن الرشوة، وكانت سيرته لا بأس بها إلا أنه كان عنده حدة، ومبادرة إلى التعزير حتى مر فقير على سجادته يوم الجمعة، فأوجعه ضرباً، وغضب على نائبه، فباشر ضربه، وعلى كاتبه فعض أذنه، وعزل عن قضاء حلب سنة سبع وستين وتسعمائة. أحمد القابوني أحمد بن مخزوم، الشيخ العلامة شهاب الدين القابوني الشافعي، كان طويل القامة، عظيم الجثة، جهوري الصوت، وهو مع ذلك ذكي فاضل له جرأة في البحث، وقعقعة في التقرير، وحضر دروس والدي شيخ الإسلام كثيراً، ولازمه في الجامع الأموي والتقوية وغيرهما. واشتغل على الشيخ علاء الدين بن عماد الدين، وقرأ على الشيخ نور الدين الطيبي السنفي، وعلى الشيخ العلامة الورع شهاب الدين كثيراً، وأجازه بإجازة عظيمة يقول فيها: ومن جملة الطاعات، بل من أهمها ... وأعظمها أيضاً لمن كان يشعر تعلم علم الفقه في دين ربنا ... وتحريره وهو الصحيح المحرر لقد كان ممن رامه، وسعى له ... بجد وإخلاص شهاب منور إمام لبيت ظاهر الفضل بارع ... عفيف شريف النفس عدل منضر أديب نجيب المعي مهذب ... تقي، نقي، ناسك، متبرر وذاك شهاب الدين نجل من ح ... وى الفضل زين الدين بالفضل يذكر خطيب حمى القابون الأعلى بجلق ... بمخزوم أي بالخاء، والزاي يشهر درس بالكلاسة، وكان لا بأس به في التقرير، وانتفع به الطلبة، وتوفي سنة إحدى وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة في ثامن شوال، ودفن بمقبرة باب الفراديس رحمه الله تعالى رحمة واسعة. أحمد البعلي النحلي أحمد بن نجم الدين البعلي، النحلي، الحنفي،

أحمد بن يحيى بن كريم الدين

الصوفي، القصيري الطريقة. كان معتقداً يخالط الروم وغيرهم، وله طلاقة لسان يتظاهر بزي أهل الخير، وكان للدولة فيه اعتقاد، وعين له من الجوالي، وكان جسيماً أبيض اللون، كحيل العينين، مات في شوال سنة خمس وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة عن نحو سبعين سنة، ودفن بالصوفية من السفح رحمه الله تعالى رحمة واسعة. أحمد بن يحيى بن كريم الدين أحمد بن يحيى بن كريم الدين الدمشقي أحد العدول بدمشق، ورئيس الشهود بها. أخذ صناعة التوريق عن القاضي شهاب الدين قاضي نابلس، وكتب في عدة محاكم آخرها بالباب، ولما مات رئيس الشهود بها أحمد ابن المستوفي جلس مكانه، وصار رئيس الشهود بدمشق، وكان عارفاً بصناعة التوريق، وعلى خطه القبول، مات في ربيع الأول سنة اثتنين وسبعين وتسعمائة بتقديم السين أعقب ولدين القاضي محمود، والقاضي يوسف رحمه الله تعالى رحمة واسعة. أحمد الأيدوني أحمد بن يحيى محيي الدين بن أمين الدين بن محيي الدين الأيدوني الشافعي، الشيخ الإمام المقرىء المجود، الشيخ شهاب الدين إمام المقصورة بالأموي أحد المنعم عليهم بحسن الصوت، وجودة القراءة، وحسن التأدية. كان يمد الذهب مدة، ثم تلا القرآن العظيم على الشيخ تقي الدين القارىء، ثم على تلميذه الشيخ شهاب الدين الطيبي، وقرأ الفقه والتفسير على الوالد ثم لزم الشيخ محمد الإيجي، وتعلم منه الفارسية، ودرس بالأموي، وولي إمامته شريكاً لشيخه الطيبي. كان حسن القراءة. يأخذ بمجامع القلوب أعطي الإمامة عن الفلوجي لتطويله، ثم أعيدت إلى الفلوجي بعد سنين بمحضر كتب للفلوجي أنه أحق بالإمامة، ولم يجمع على ذلك أهل دمشق، وكان له بستان بقرية عربا، وكان يتعاهده بالسقي وغيره بنفسه، وكان شجاعاً، وله فضيلة في العلم، ويد طولى في القراءات، وكان من أخص الناس بالشيخ الوالد، وأحفظهم لصحبته، شارك الشيخ الطيبي في مشايخه، وتوفي كما وجدته بخط الشيخ الطيبي ليلة الخميس رابع عشر ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، ودفن صبيحة اليوم المذكور بتربة الحمرية بعد أن صلي عليه بجامع بني أمية، ورثاه محمد ابن أخت الشيخ أحمد الإيجي بقصيدة. أرخ فيها وفاته في نصف بيت وهو: قاري الزمان إلى الجنان لقد رحل. بحذف الهمزة من قاري على اللفظ، وحكاه الطيبي في بيتين فقال: الشيخ الأيدوني عاماً قد رحل ... لرحمة الله الذي عز وجل فقال في تاريخه من قد وصل: ... قاري الزمان إلى الجنان لقد رحل

أحمد المستوفي

أحمد المستوفي أحمد بن يوسف القاضي شمس الدين المستوفي. كان يتكسب بالشهادة زماناً، ثم ولي قضاء الشافعية نيابة بالعوني، ثم بالكبرى. توفي سنة ألف، دفن بمقبرة الفراديس رحمه الله تعالى. أحمد الكردي أحمد الكردي منلا أحمد، نزيل دمشق كان يسكن العادلية تجاه الظاهرية شافعي المذهب معتقداً عند الحكام، وغيرهم، وعليه سمت الصالحين. توفي يوم الخميس رابع شعبان سنة ثلاث وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة، ودفن بمرج الدحداح رحمه الله تعالى رحمة واسعة. أحمد الزهيري أحمد القاضي شهاب الدين الزهيري، الشافعي، توفي بحلب في نهار الأحد عيد الأضحى بعد الظهر سنة ثلاث وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة، ودفن على والدته بتربة بني القاشاني قريب تربة الصالحين رحمه الله تعالى. أحمد الموصلي أحمد القاضي شهاب الدين الموصلي. ناب في محكمة قناة العوني عن قالي زاده، وفي محكمة الميدان عن ابن معلول، ثم بقي معزولاً إلى أن توفي يوم الأربعاء سادس عشري رجب سنة أربع وثمانين وتسعمائة، ودفن بالميدان بتربتهم قريب الزاوية، وكان عنده شهامة زائدة رحمه الله تعالى. أحمد العميقي أحمد الشيخ الصالح العميقي كان من الصلحاء الكبار. توفي الأحد سابع ربيع الآخر سنة خمس وثمانين وتسعمائة، ودفن بباب الصغير جوار سيدي نصر الدين المقدسي، وحضر جنازته الشيخ البهنسي، وجماعة من العلماء وغيرهم رحمه الله تعالى رحمة واسعة. أحمد بن المعمار أحمد بن المعمار، الشيخ الفاضل شهاب الدين الشاغوري، الشافعي، وهو والد محمد بن المعمار الخشاب. كان ممن أدرك الدولة الجركشية، وكان عبداً صالحاً. قرأ على الشيخ تقي الدين البلاطنسي، والشيخ أبي الفاضل بن اللطف المقدسي. توفي في تاسع عشر رمضان سنة أربع وثمانين وتسعمائة، ودفن بباب الصغير رحمه الله تعالى. أحمد بن مرحبا أحمد بن مرحبا، الشيخ شهاب الدين الطرابلسي، الشافعي. كان أصله من اللاذقية. توفي بعد الثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أسد بن أميرهم أسد بن علي بن إبراهيم، الشيخ الفاضل القدوة البقاعي،

أسد الشيرازي

الحماري ثم الصفدي الشافعي عرف بابن أميرهم. أخذ عن سيدي محمد بن عراق طريقته، وكان من أشهر الصحابة. توفي في سنة ست وسبعين بتقديم السين وتسعمائة رحمه الله تعالى. أسد الشيرازي أسد بن معين الدين، الشيخ الإمام العلامة المحقق المدقق منلا أسد الشيرازي الشافعي نزيل دمشق أكثر انتفاعه بالشيخ علاء الدين بن عماد الدين، قرأ عليه الإرشاد في الفقه لابن المقرىء، وقرأ عليه في شرح المفتاح في المعاني، والبيان، وشرح الطوالع للأصبهاني، والعضد كلاهما في الأصول، وفي الكشاف، والقاضي، وكان رفيقاً في الاشتغال عليه، وعلى الشيخ أبي الفتح السبستري للشيخ إسماعيل، والشيخ عماد الدين والشمس بن المنقار، وكان يكثر المنافرة مع المنلا أسد، والأسد أمثل منه، وكان الأسد متبحراً في العربية، وعلوم البلاغة، والمنطق، والأصلين، وله يد طولى في الفقه وغيره. أخذ عن شيخ الإسلام والدي، وحضر دروسه في الشامية وغيرها، وكتب بخطه المطول ديوان أبي تمام والمتنبي، وشرح ابن المصنف على الألفية وغير ذلك، ودرس بالناصرية البرانية، ثم بالشامية، وجمع له بينهما، وأفتى بعد موت الشيخ إسماعيل النابلسي، وعنه أخذ أكثر فضلاء الوقت كالشيخ حسن البوريني، والشهابي أحمد بن محمد بن المنقار، والشيخ محمد بن حسين الحمامي وغيرهم، وقرأت عليه في شرح الشذور لابن هشام، ودروساً من شرح الجار بردي على الشافيه، وكان فقيراً، وكان يمدح الأمير إبراهيم بن منجك، وكان الأمير إبراهيم يحسن إليه كثيراً، ووقف عليه بيتاً، وكان يغلب عليه في آخر عمره الوعك، ومرضه سوداوي إلا أنه أثر في جسده وأمور عيناه، ووفر عليه، فكره، وله شعر رائق بليغ كأنه لم يكن أعجمياً ومن شعره مضمناً: قال لي صاحبي غداة التقينا ... إذ رآني بمدمع مهراق لم تبكي؟ فقلت: قد أنشدوني ... مفرداً فائقاً لطيف المذاق كل من كان فاضلاً كان مثلي ... فاضلاً عند قسمة الأرزاق وكتب إليه في أيام التشريق سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة: ماذا يقول أديب العجم والعرب ... العالم العامل الراقي على الرتب في اسم تركب مع حرف، فتم به ... الإسناد عند إمام من ذوي الحسب والحرف ليس نداء تبتغيه به ... كلا وليس إلا في معرض الطلب

إسلام

حل السؤال تحل يا من اكتنزت ... ألفاظه، وبدت صرفاً من الضرب يا أشجع الناس في وصف وفي سمة ... ما كان هذا امتحاناً دع من العتب لا زلت بالفضل والإنعام معتمراً ... ما حل معتمر إحرامه وحبي فكتب لي في الجواب. وكنت إذ ذاك ابن خمس عشرة سنة، ولم أكن تظاهرت بين أماثل العلماء إذ ذاك، ولا كنت أخالط من العلماء غير شيخي الشيخ زين الدين بن سلطان الحنفي، والشيخ الفقيه شهاب الدين العيثاوي، ولا أعرف المنلا أسد حينئذ حدثاً في الفضيلة، فله بما يشير إلى ذلك فقال: يا فاضلاً فاق في أصل وفي نسب ... وعالماً حاز فضل العلم والحسب ويا إماما مباديه نهاية من ... قد أتعب النفس في التحصيل والدأب لا بعد في ذاك إذ أصبحت مقتدياً ... بمن مضى لك من آبائك النجب من كل فذ عظيم القدر ذي منن ... على الخلائق من عجم ومن عرب أضحت تصانيفهم كالشمس في شرف ... والتبر في قيمة والنجم في رتب ومن يخاطبك حقاً فليقل أبداً ... يا نجم بدر الهدى يا نجل خير أب أما وإن ومعمولان يا أملي ... أضحت لدى ابن خروف بالجنان حبي اسماً تركب مع حرف، فتم به الكلا ... م يا منتهى قصدي ويا أربي النجم من دأبه إيضاح سبل هدى ... ما بال ذا النجم يخفي العلم في الحجب لا زلت ترقى مكان النجم معتلياً ... فالاسم عين المسمى عند ذي الأدب ويخلف البدر في علم وفي عظم ... وفي التصانيف والتدريس والأدب ما رنحت في ذرى الأدواح صادحة ... تقارب الألف من وجد ومن طرب توفي في جمادى الثانية سنة ثمان وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة، ودفن بسفح قاسيون رحمه الله تعالى. إسلام إسلام متولي الجامع الأموي. مات في حدود سبعين بتقديم السين وتسعمائة رحمه الله تعالى. إسماعيل الجلجولي إسماعيل بن إبراهيم القاضي برهان الدين الجلجولي أبوه، وهو كان أحد الموقعين بالكبرى. مات يوم الأربعاء ثالث رجب سنة اثتنين وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة رحمه الله تعالى

إسماعيل النابلسي

إسماعيل النابلسي إسماعيل بن أحمد ابن الحاج إبراهيم النابلسي، الشيخ العالم العلامة، الإمام الأوحد الفهامة، الهمام، شيخ الإسلام، ومفتي الأنام، كاشف المعضلات من المسائل العلمية، محقق الدلائل العقلية والنقلية، أستاذ العصر، ومفرد الوقت، تصدر للإفتاء والتدريس، وصار إليه المرجع بعد شيخ الإسلام الوالد. مولده كما وجدته بخط المنلا أسد سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، واشتغل في صباه على جماعة من أهل العلم في النحو والصرف، وحفظ القرآن العظيم، وألفية ابن مالك، ثم لازم الشيخ أبا الفتح السبستري هو وصاحبه الشيخ عماد الدين الحنفي، ثم رافقهما الشمس بن المنقار، والمنلا أسد، والشمس الصالحي وغيرهم، وبالشيخ أبي الفتح تخرج في المنطق، والنحو، والمعاني، والبيان، والأصول، والتفسير وغير ذلك، ثم لزم العلامة الشيخ علاء الدين بن عماد الدين في المعقولات وغيرها، وحضر دروس شيخ الإسلام الوالد كثيراً، وأخذ إسماعيل عن شيخ الإقراء الشيخ شهاب الدين الطييي، وقرأ المنهاج على العلامة الفقيه القاضي نور الدين السنفي، وحضر تقسيم المحلي عليه رفيقاً للشيخ محمد الحجازي، وشيخنا الشيخ أحمد العيثاوي، والشيخ أحمد القابوني، وأجازه بالإفتاء والتدريس، وكان يبحث معه في مجلس درسه كثيراً، ودرس بالجامع الأموي، ثم بدار الحديث الأشرفية، وبالشامية البرانية عن الشيخ شهاب الدين الفلوجي، وكان قاضي دمشق حينئذ عرض فيها للشيخ الحجازي، وأرسل الشيخ إسماعيل ساعياً في طلبها من إسلام بول، فسبق ساعيه، ووجهت المدرسة إليه، فوليها إلى أن مات، ودرس بالدرويشية بشرط واقفها، وضم له إليها تدريس العادلية الكبرى. وكانت دروسه حافلة لصفاء ذهنه، وطلاقة لسانه، وحسن تقريره، وله شعر منه قوله أحجية في عاقر قرحا: مولاي يا خير مولى ... ويا سليم القريحه ما مثل قول المحاجي ... يوماً عجوز قريحه وكتب له العلامة شمس الدين محمد بن نجم الدين الصالحي الهلالي: أمولاي إسماعيل يا خير مرتجى ... ويا فاتحاً باباً من العلم مرتجا ويا روض علم أينعت ثمراته ... ويا بحر علم فاض لما تموجا بتحرير تحقيق هديت لمطلب ... عزيز فأضحى للأفاضل منهجا

سألتك عن شخص تحرر نصفه ... ونصف رقيق لم يجد منه مخرجا جنى واعتدى عمداً على يد نفسه ... فأفضل عضو بالدماء مضرجا فماذا عليه للذي حاز نصفه ... وما نص حكم بالشريعة انتجا فأجابه صاحب الترجمة بقوله: أكامل هذا العصر في العلم والحجى ... وموضح ما من غيهب الشك قد دجا ويا شمس دين الله يا فاضلاً غداً ... من الشمس شمس الكون أبهى وأبهج لك الله من حبر له فضل فطنة ... تضوع منك المسك لما تأرجا لقد جاءني من بحر علمك جدول ... ففرح قلبي حين همي فرجا على حين أوقات تفاقم أمرها ... وطاعونها قد قل منه الذي نجا فقلت وقلبي بالهموم مشتت ... وعيني تنشي بحر دمع تموجا لقد أهدر الجاني بذلك عضوه ... وإن كان عضواً بالدماء مضرجا وقد فقد المولى يدي عبده فما ... لها بدل بل خاب من دونه وارتجى أو الثمن ممن قابل الذات لازم ... أو الربع يعطيه المبعض مزعجا كما في فتاوي المروزي ذاك كله ... وأوسطها رجح سلمت من الشجا فهاك جواباً لا برحت مسدداً ... مجيداً مفيداً للفروع مخرجا ودم أبداً في نعمة وسعادة ... معيناً مغيثاً كل خطب مفرجاً ولبعضهم: يا أيها النحوي ما اسم قد حوى ... من مانعات الصرف خمس موانع ويزول من تلك الموانع علة ... فيعود مصروفاً بغير منازع أجاب عنه الشيخ إسماعيل: يا أكمل الفضلاء يا من قد غدا ... في فضله فرداً بغير مدافع في أذربيجان لقد ألغزت إذ ... شنفت باللغز البديع مسامعي وعظم أمره، ورزق الحظ من المال، والخدم، والكتب، والجاه، ونفوذ الكلمة، وصار بعد موت الوالد مرجع أهل دمشق، وله الصدارة فيها، وكان سريع الكتابة على الفتوى، وكان يفتي معه الشيخ محمد الحجازي، والشيخ أحمد ابن الشيخ شهاب الدين الطيبي، وشيخنا،

وكان شيخنا الشيخ أحمد العيثاوي أمثلهم، والمرجع في مذهب الشافعي إذ اختلفوا، وكان الشيخ إسماعيل أوجههم، وأنفذها كلمة، وكان الشيخ إسماعيل محسناً في حق الطلبة في المال، وبالشفاعة في الوظائف والمناصب له الحظ الوافر في الكتب. جمع كتباً كثيرة نفيسة، وكان يكثر من إعارة الكتب، وصار عين الشافعية بدمشق، بل عين علمائها، ورأس عظمائها، وكان يستأجر القرى والمزارع كثيراً، ورزق الحظ فيها، ولم يرغب في الأملاك والعقارات إلا شيئاً قليلاً. وملك داراً بالقرب من الأموي لصيق سوق العنبرانيين وعمرها، وكان ملازماً لصلاة الجماعة في الصلوات الخمس بالجامع الأموي مع الأولى، وكان له أفضال على القضاة والنواب والكتاب، وأكثر النواب والكتاب هو الذي قدمهم ورتبهم، وهم في نعمته وأفضاله، وكلهم يرجع إلى مشاورته، ويصدر عن رأيه، وكان موقراً موفر الحرمة، سابغ النعمة، لم يجر عليه من نوائب الدهر، ومحن الزمان إلا قصة القابجي الذي عين في فتنة ميراث محمود الأعور بوشاية السقا يوسف، وكان أصل الفتنة مداخلة رئيس الكتاب محمد بن خطاب والد القاضي كمال الدين، وأكثر جماعة القاضي للميراث، فاعتقل القاضي محمد بن خطاب وولده وأهانهما، واعتقل جماعة آخرين منهم صاحب الترجمة، والشيخ محمد الحجازي، ثم كانت النصرة للشيخ إسماعيل من جانب مفتي الروم يومئذ محمد أفندي جوي زاده سبباً لاستخلاص الباقين، والانتقام من القابجي بشنقه في أمور يطول شرحها، ثم عادت دولة الشيخ إسماعيل له، وتوفرت حرمته، وبقي على نفع المسلمين بالإفتاء والتدريس والتعليم إلى أن توفي إلى رحمة الله تعالى يوم السبت ثالث عشر ذي القعدة الحرام سنة ثلاث وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة، ودفن بمقبرته التي اشتراها شمالي مقبرة باب الصغير بالقرب من جامع جراح. ورثاه الفضلاء بمراث منها هذه القصيدة للعلامة المنلا أسد رحمه الله تعالى: مصيبة قد أذابت مني الكبدا ... وأسهرت لي طرفاً طالما رقدا وأفنت الصبر عن قلبي، وقد وضعت ... مكانة الوجد والتبريح والكيدا إلى متى نحن في ذا الدهر في حرج ... وحقنا أن نديم الحزن والكمدا إلى متى نحن فيها غافلون وقد ... تدير كأس المنايا بيننا أبدا ونحن كالشرب بعض مال ساعته ... والبعض منتظر حتى يميل غدا ألا ترى كيف إسماعيل سيدنا ... كهف الأنام ومنيتهم إمام هدى ثوى وخلفنا رهن الأسى أبداً ... وسار نحو جنان الخلد منفردا من للفتاوى إذا أضحت مشتتة ... من للدروس إذا ما طالب قصدا من للتصانيف من للمشكلات وقد ... أضحى رهيناً بقبر لا يجيب ندا

يا لهف نفسي عليه كيف غيب في ... بطن الثرى، وهو بحر العلم قد زبدا يا حسرتي، وهو طود الفضل شامخه ... فكيف وارته تحت الأرض كف ردى يا من غدا طالباً للعلم مجتهداً ... خفض عليك، فسوق الفضل قد كسدا أبكيه ما دمت حياً بالدموع وقد ... قل البكاء له مني، وإن نفذا أبكيه ما دمت في الدنيا رهين أسى ... ولا أرى بعده لي عيشة رغدا إن كان قد فارق الدنيا فلا أسف ... فإنه بنعيم الخلد قد سعدا فإنه قال مولانا وسيدنا ... نبينا من إلى السبع العلى صعدا قولاً عظيماً عجيباً فيه منقبة ... أتى به المصطفى الهادي الشفيع غدا بأن عالمنا مثل النبي غدا ... في سالف الدهر فأفهمه تحز رشدا وقال الشيخ أحمد العناياتي النابلسي شاعر دمشق: ألم تر عقد الفضل كيف تبددا ... وعطل منه إذ تحلى به الردى فنوء المعاني كيف تهوى نجومها ... فما للندى نوء ولا نور للهدى أرى الدهر يرمي نفسه بمصائب ... ويهدم ما من شامخ العز شيدا تحلى بصداء العلوم، فكيف قد ... تحلأ عنها ظامياً يشتكي الصدى لذاك تراه شائب اليوم لابساً ... على فقد مولاه من الليل أسودا وليس الشتا والصيف إلا مدامعاً ... لمقلته أو حر قلب توقدا لقد أسعدت عيناي عينيه بالبكا ... وناوحت بالشجو الحمام المغردا على كامل لم ألف من حر فقده ... على الأرض يطفي الحزن ماء مبردا لو أني أعطى في المنايا لي المنى ... فدا ألف عين فاضلاً كيف أوحدا فكيف بمن في نابلوس ومهجتي ... فديت أبا المجد الهمام أبا الفدا لقد ثكلتك الشام واحد عصره ... عقمن الليالي مثله أن تولدا وقد فقدت منه المدارس بدرها ... إذا قال أبصرت الفصيح تبلدا إمام إذا قال الكلام تزال لا ... يزال بسيف من ذكاه مؤيدا يشوقك وجهاً يملأ العين بهجة ... وصدراً بعقد الاجتهاد مقلدا فيا عمدة الطلاب كيف تركتهم ... حيارى وكل منشد فيك مرشدا وحزت المعاني والبيان مطول ... عليك يبكي عبدها منك سيدا

إسماعيل شاه سلطان العجم

لقد حزت فضل السبق في كل حلبة ... من الفضل حتى حزت في شأوك المدى تصول بسيف من أصولك قاطع ... فلا ملحد إلا وملقيه ملحدا فتى بالفتاوى والفتوة يملأ الطروس ... سطوراً للهدى منه والجدى ولم يختلف في فضله اثنان أنه ... المبرز في جمع العلوم تفردا وما روضة أسدى إليها الندى يداً ... فراحت فأنفاس الشذا تشكر السدى بأبهى وأزهى من بيان بنانه ... إذا نظم الدر الفريد ونضدا على حين أعطاه الزمان زمامة ... ووطا له حتى علاه ولحدا وصرفه طوعاً له في صروفه ... فمن شاء أدناه، ومن شاء أبعدا وأخدمه زهر الليالي جوارياً وأمضى له أيامه العز أعيدا وجاد بنعماه على أوليائه ... وعاد ببؤس من سطاه على العدى وأظهره كالشمس صيتاً ورفعةً ... فيا ليت شعري ما عدا في الذي بدا فأصبح من سهم الحوادث مقصدا ... وقد كان في ربع الحوادث مقصدا أرب العلى إن غبت عنا برغمنا ... فذكرك فينا لا يزال مجددا وإن سرت من دار الفناء مفوضاً فقد صرت في دار البقاء مخلداً عليك سلام من الله من بلديك ... الفقير العناياتي عبدك أحمدا ولا زال للأمطار قبرك مسجداً ... تظل عليه ركعاً فيه سجدا وأشهد الرحمان في الخلد وجهه ... وحسبك أن تلقى الحبيب وتشهدا إسماعيل شاه سلطان العجم إسماعيل شاه بن طهماز بن عباس بن إسماعيل شاه ابن حيدر بن جنيد ابن الشيخ صفي الدين الأردبيلي، الشهير بالصوفي سلطان العجم المعروفين بقزل باش، وإنما سمي سلطانهم بالصوفي نسبة إلى جبل الصوف المزاحم لأنطاكية لكون جدهم حيدر كان مقيماً بها، ولما ظهرت بدعته قام عليه عالم أنطاكية العلامة شمس الدين العجمي، واستنصر عليه بكافل حلب جانم المكحل في حدود سنة ثمان وخمسين وثمانمائة، ثم تغلب بعده ولده حيدر، وجمع عساكر، والتقى هو وعساكر أهل السنة، فقتل هو، وكسر عسكره، ثم نشأ بعد ولده إسماعيل، وتغلب على العراق والعجم وسار إليه السلطان سليم بن بايزيد بن عثمان، والتقى هو وعساكره معه، وهو في عساكره فكسره السلطان سليم، ثم نشأ بعده ولده عباس شاه ابن إسماعيل، فسافر إليه السلطان

حرف الباء الموحدة من الطبقة الثالثة

سليمان بن سليم، ففر منه إلى ملك خراسان، فاستولى على العراقيين، ثم ترك له عراق العجم وعمر ببغداد قلعة، ثم لما هلك عباس شاه نشأ بعده ولده طهماز، ثم هلك، وولي بعده إسماعيل شاه صاحب الترجمة، وكان إسماعيل هنا يظهر التسنن، ويجمع بين علماء السنة، وعلماء الشيعة، فينصر علماء السنة على علماء الشيعة، فسمته أخته بري خان خانم، فقتل هو ومحبويه بسبب أكل البرش المسموم سنة ست وثمانين وتسعمائة. حرف الباء الموحدة من الطبقة الثالثة بركات بن محمد الباقاني بركات بن محمد الشيخ زين الدين الأنصاري القادري والد الشيخ نور الدين الباقاني. أخذ الحديث عن الجمال بن طولون، وابن أخيه لحافظ شمس الدين، وعن جار الله بن فهد الحنفي بمكة المشرفة، وعن التقوى أبي بكر الجراعي، وعن الشمس الضيروطي، أخبر عن نفسه أنه بلغ من العمر مائة وعشرين سنة، وأنه أدرك ابن حجر العسقلاني، وبعض مشايخه، ولم يسلم له ذلك العقلاء، ومات في سنة أربع وسبعين بتقديم السين وتسعمائة رحمه الله تعالى. بركات سبط الموصلي: بركات بن محمد الشيخ الصالح المعمر، المربي زين الدين سبط الشيخ أبي بكر الموصلي جده الميداني الشافعي، القادري. كان على طريقة، آبائه من الكرم والسخاء والتصدر لتردد الناس إليه، وإقامة الذكر، وإكرام الزائرين. يتردد إليه أكابر الناس وعلمائهم وقضاتهم، وكان له وجاهة، وكلمة نافذة عند الحكام، وبلغ من العمر نحو مائة سنة وثلاث سنين كما قرأته بخط والد شيخنا الشيخ يونس، وكان حسن المنظر، وافر الهيبة. ولد له أولاد كثيرة منهم الشيخ أبو الفضل، وأمه من بني شبل، والشيخ تقي الدين، وشهاب الدين وأمهما بنت الشيخ شهاب الدين المحوجب. توفي إلى رحمة الله تعالى ليلة الأربعاء العشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، وصلي عليه إماماً الوالد، ودفن بتربتهم لصيق مسجد النارنج بالقرب من مقبرة باب الصغير رحمه الله تعالى. بركات شقير المؤقت بركات الشيخ زين الصالحي، المعروف بشقير المؤقت والمؤذن بالجامع الأموي، وصار رئيس المؤذنين به، ولما انتهى ترصيص التقيسية للدعاء بمنارة العروس بالجامع الأموي مع المشاهد الأربعة حواليه في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وتسعمائة، وعين الشيخ بركات المذكور في وظيفة الدعاء بالتقيسية. أنشد الشيخ

برويز بن عبد الله

شهاب الدين الغزي أخي لنفسه في الشهر المذكور كما ذكره ابن طولون في تاريخه: أرى الحسن مجموعاً بجامع جلق ... وتجديده من أسعد البركات وتاريخ ترصيص به لفضائل ... وتسقيفه من أحسن القربات تقيسية قد حاز كل طريقة ... وتيميم سعد فيه مع بركات توفي الشيخ بركات المذكور في يوم الجمعة سادس رمضان سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى وهو جد أبي الصفا جلبي الإسطواني لأمه. برويز بن عبد الله المولى مظفر الدين أحد الموالي الرومية. اشتغل في العلم، وخدم المولى شمس الدين أحمد بن كمال باشا صاحب التفسير، وتولى قضاء حلب، وفي يوم دخوله إليها بشر بقضاء الشام، ودخل دمشق في شوال سنة إحدى وستين وتسعمائة، وبقي بها مدة قضائها بعد حسن بيك أفندي، وتولى حسن بيك بعده ثانياً، ثم تولى مصر، ثم المدينة، ثم القسطنطينية، ثم قضاء العسكر الأناطولي. وله حاشية على تفسير البيضاوي، وحاشية على الهداية، ورسائل في فنون. مات في سنة ست وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. حرف التاء المثناة خال حرف الثاء المثلثة خال حرف الجيم من الطبقة الثالثة جعفر باشا جعفر باشا ابن عبد الله أمير الأمراء بكلربكي دمشق. كان لالا السلطان مراد، وكان أهل الشام يكنونه أبا عيشة، وكان يقول أهل الشام أولياء مكاشفون فإن لي بنتاً اسمها عيشة. مات بدمشق، وهو أمير أمرائها يوم الأحد خامس عشر ربيع الأول سنة خمس وثمانين وتسعمائة، ودفن بتربة لصيق المصلى من جهة الشمال رحمه الله تعالى.

جان بلاط

جان بلاط جان بلاط ابن الأمير قاسم الكردي، القصيري، المشهور بابن عربو أمير لواء الأكراد بحلب، وولي سنجقية المعرة وكلز وإعزاز وتوابعها، وولي لواء أمراء الأكراد بحلب، فقتل جماعة من الأكراد واليزيدية، وقطاع الطريق، واللصوص، وكان يحبسهم في بئر عميقة، وأشبعهم بلاء حتى حسم مادة المفسدين، وتمكن من منصب الأمير عز الدين ابن الشيخ مند الذي كان عدو الله، وسعى في قتله، ومن شيعته، ودوره التي بناها بحلب، وكلز، ومن زوجته التي تزوجها، وولدت له بنين، ثم اشتهر أمره، وبعد صيته، وصار إليه بحيث يفوض إليه التفاتيش العظام، وأنشأ داراً عظيمة بحلب قيل: إنه صرف عليها ما ينوف على عشرين ألف دينار، وتوجه سنة سبع وستين إلى الباب بالخزائن الحلبية، وعاد فيها مكرماً من قبل صاحب السلطنة، وأحضر حكماً بهدم الكنيسة التي أحدثها فرنج اليهود بحلب، فحضر هو وقاضي حلب، فهدموها وتأخرت وفاته عن وفاة ابن الحنبلي رحمه الله تعالى. جلال السيد الشريف المعروف بالجلال المصري، والجلال الركاب لأنه كان يركب الخيل يذللها ويطبعها، وكان مقرباً عند نواب الشام وأمرائها لذلك، وله عشرة عثمانية في الجوالي، وقراءة في الأموي، وكان رجلاً صالحاً كما قال والد شيخنا، وكان معتزلاً عن الناس، وله رجولية وفروسية. مات شهيداً مهدوماً عليه سقف بيته بمحلة سوق العبي هو ومعه ثلاث بنات له في ليلة الجمعة سابع عشري جمادى الأولى سنة سبعين بتقديم السين وتسعمائة رحمه الله تعالى. حرف الحاء المهملة من الطبقة الثالثة حامد بن داود حامد بن داود المولى العلامة، المحقق الفهامة، أحد الموالي الرومية. خدم المفتي عبد القادر الحميدي، وولي التدريس بطريقها، ثم صار قاضياً بحلب، ثم بدمشق، ودخلها في ذي الحجة سنة خمس وخمسين وتسعمائة، وبقي قاضياً بها

حسن السعدي

نحو سنتين، وكان عالماً فاضلاً ديناً متورعاً، وكانت سيرته محمودة، وترددت إليه علماء دمشق، وأحبوه، ثم تولى قضاء مصر، ثم ترقى حتى صار مفتياً بالقسطنطينية، ومات وهو مفتيها سنة أربع وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. حسن السعدي حسن بن محمد بن محمد بن سعيد السعدي، وقيل: ينتهي نسبه إلى الشيخ سعد الدين الجباوي، الشيخ الصالح المربي المزازي الشاغوري، الشافعي المذهب. مات في سنة ثمان وثمانين وتسعمائة، ودفن بمسجد الذبان لصيق مقبرة باب الصغير رحمه الله تعالى رحمة واسعة. حسن الصفدي حسن بن محمد بن الشيخ العالم المسند المعمر بدر الدين ابن الشيخ الصالح العلامة شمس الدين حامد الصفدي الشافعي. ولد بصفد صبيحة يوم الخميس ثاني جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وثمانمائة. أخذ عن والده، ورحل إلى مصر في سنة خمس وعشرين وتسعمائة، فأخذ عن القاضي زكريا، والبرهان بن أبي شريف والقلقشندي، والسنباطي، والكمال الطويل، والشهاب ابن النجار، والنور المحلي، والشبلي وشهاب الدين أحمد بن محمد بن الطحان القادري، وعاد إلى دمشق، فأخذ عن التقوي ابن قاضي عجلون، والسيد كمال الدين بن حمزة، وعاد إلى صفد، وتوفي في حدود التسعين بتقديم المثناة فوق وتسعمائة رحمه الله تعالى. حسن بن نصير حسن بن محمد بن نصير أو نصر بفتح النون فيهما الشيخ الإمام المقرىء، المجود المتقن بدر الدين الصلتي الأصل، الدمشقي الدار والمنشأ، الشافعي. مولده أواخر القرن التاسع، وكتابه الإرشاد أخذ القراءات عن الشمس إمام الباشورة وغيره، ولقي شيخ الإسلام التقوي ابن قاضي عجلون، وأخذ عن صالح اليمني، وأبي الفضل بن أبي اللطف، والبلاطنسي، والقاري، ولقي أبا العون الغزي، وسيدي علي بن ميمون، ولازم شيخ الإسلام الجد، وكان يحفظ القرآن العظيم مجوداً للعشر، وقصد للأخذ عنه من سائر الآفاق، وألحق الأولاد بالأجداد والأحفاد، وكان ملازماً لجامع كريم الدين بالقبيات يقرىء الناس فيه، وله بيت لصيق الجامع من جهة الشمال، وكان يأكل من كسب يمينه بنسج القطن، وكانت عليه نضرة القراء، وأبهة العلماء، ونورانية الأولياء رضي الله تعالى عنه وممن أخذ عنه القراءات الشيخ شهاب الدين الأخ، وقرأت عليه لعاصم البقرة، وأدركته المنية، فتوفي يوم الخميس تاسع عشري المحرم سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

حسن أحد الموالي الرومية

حسن أحد الموالي الرومية حسن بن عبد الله، أحد الموالي الرومية العالم العلامة، الأوحد الفهامة، اشتراه الوزير الأعظم رستم باشا، وعمره تسع سنين، فأعتقه وعلمه القرآن العظيم، واشتغل في العلم على فضلاء الروم، وبرع في فقه الحنفية، وولي المدارس السنية حتى صار مدرساً بإحدى الثمان. وتولى قضاء الشام سنة تسع وخمسين وتسعمائة ودخلها في ربيع الأول. وولي بعده برويز أفندي. ثم عاد إليها ثانيا، واستمر بها مدة، ثم أعطي قضاء مصر، فخرج من دمشق إليها في شعبان سنة ثلاث وستين وتسعمائة، ثم توجه إلى الحج في سنة إحدى وستين، وبعد توجهه لعشرين يوماً ورد أولاق بعزله عن قضاء الشام، وتوليته قضاء مكة المشرفة، فأرسل نائب الشام نجاباً معه الأمر بتوليته مكة، فلحقه بتبوك، فاستمر بمكة قاضيها مدة، ثم عزل عنها، وعاد إلى الإسلام بول، ثم أعيد إلى الشام قاضياً في سنة ثلاث وستين وتسعمائة عن برويز أفندي المتولي قضاء الشام بعده، ثم أعطي مصر، فخرج من دمشق إليها في شعبان سنة أربع وستين وتسعمائة، ثم ولي القسطنطينية، ثم قضاء العسكر، وكان أشقر اللحية، أزرق العينين، عليه وقار وهيبة، وله حرمة وافرة، هابه في قضائه النظار والناس حتى نائب الشام، وردع أهل الظلم، وهو الذي عمر مجلس الحكم بباب القاضي، وكان نواب الباب أولاً يجلسون بإيوان القاعة الشرقي، فبنى هذا المجلس خارج القاعة، وكان يعظم العلماء والفضلاء، وكان يميل إلى شيخ الإسلام الوالد ويعتقده، ويقبل يده، ويحبه محبة شديدة، ويزوره في خلوته بالجامع الأموي، ويتبرك به ويسأله الدعاء، ولما ولي الشام ثانياً، ودخل دمشق دخل عليه الوالد للسلام عليه، فمشى إلى ملاقاته حافياً إلى البحرة التي في القاعة، وعانقه وقبل يده وأجلسه عن يمينه، ثم دخل في أثره الشيخ علاء الدين بن عماد الدين للسلام على القاضي، فلم يجلس تحت الشيخ بل جلس تجاه الأفندي خلف الصندوق على طرف الإيوان، وكان الأفندي يفهم ما بينهما، فقال له: ما لك لا تجلس تحت مولانا شيخ الإسلام وهو أكبر منك سناً وأكثر منك علماً؟ فقال الشيخ: يا مولانا هؤلاء أولادنا منهم من عق، ومنهم من بر، ثم قام الشيخ علاء الدين، ولم يتكلم بشيء، فتعجب الحاضرون من سكوته لما يعلمون من جرأته، وعدوها كرامة للشيخ من حيث أسكت عنه الشيخ علاء الدين وأفحم، أو سكت لما يعلم من اعتقاد الأفندي في الشيخ، وكتب إلى الشيخ من مصر وهو قاض بها في صدر مطالعة، ولعله استعاره من ألحان السواجع: يا برق هل ترثي لصب ساهر ... أو هل ترى لكسره من جابر وهل لما قد ناله من راحم ... أو لم يكن فهل له من عاذر أبيت لا أنيس لي إلا الذي ... يدور من شكواي في ضمائري

حسن بن يوسف

وأضلعي تحني على جمر الغضا ... وما الشرار غير قلبي الطائر ومقلتي تعثرت دموعها ... لأنها تجري على محاجري والنوم لا أعرف منه سنة ... في سنة إلا بحكم النادر فكتب إليه الشيخ في صدر مطالعة ما جوابه: وافى كتاب من حبيب حاضر ... في وسط قلبي غائب عن ناظري فغدا فؤادي راقصاً بقدومه ... وبكت عيوني فرحة بالزائر ونهضت إجلالاً له ووضعته ... حملاً على رأسي وفوق ضمائري ورفعته فوق الخدود وصنته ... عن حر دمع قد جرى بمحاجري وفضضت مسك ختامه عن روضة ... غناء ذات خمائل وأزاهر وجنيت من ألفاظه تبراً ومن ... رياه طيب أريج زهر ناضر ولقطت من منثوره دراً ومن ... منظومه عقداً بديع جواهر لم لا ومنشيه مليك بلاغه ... فنسبه من بيت سعد طاهر مولى يكاتب عبده والعبد في ... رق الولاء بباطن وبظاهر ما أن يرى لوداده من أول ... كلا ولا لولائه من آخر كان صاحب الترجمة يتلطف، فيكتب في إمضائه حسن بن عبد المحسن، ويقال له عند أهل البديع: الإشتقاق، ويقال: جناس الإشتقاق. توفي بالقسطنطينية سنة أربع وسبعين بتقديم السين وتسعمائة رحمه الله تعالى. حسن بن يوسف أحد مولى الروم الموالى الزاهد الصمداني، أحد موالي الروم. اشتغل بالعلم، وخدم المفتي أبا السعود، ومات في أدرنه عاشر ذي الحجة في سنة خمس وسبعين بتقديم السين وتسعمائة بالرعاف رحمه الله تعالى. حسن السهاوي حسن الشيخ العلامة الورع، الشيخ صدر الدين السهاوي بضم المهملة المصري. وكان فقيهاً صوفياً مؤثراً للعزلة لا يخرج إلا للتدريس، أو لصلاة الجماعة صواماً، قواماً، متحملاً. أخذ الفقه عن الشيخ نور الدين الطرابلسي، والشيخ شهاب الدين الشلبي، وزوجه بنته، وأجازه بالإفتاء والتدريس، وأخذ عن الشيخ شرف الدين المالكي المقيم بزاوية الخطاب بالقاهرة، وأخد التصوف عن سيدي أبي السعود الجارحي، وأثنى عليه الشعراوي في طبقاته، وتأخرت وفاته عن وفاته رحمه الله تعالى.

حسن بن محمد بن حمزة

حسن بن محمد بن حمزة حسن بن محمد بن حمزة، الشيخ العالم الفاضل بدر الدين ابن شيخ الإسلام كمال الدين بن حمزة، السيد الشريف الحسيب النسيب. كان من العلماء الفارعين، والفضلاء البارعين. ولد سنة ست وعشرين وتسعمائة كما قرأته من خط الشيخ عبد القادر بن النعيمي حضر دروس والدي، وكان من أخص الناس به، وقال والد شيخنا: كان من أجمل الناس علماً، وأدباً، وديناً، وكان مدرساً في الشامية الجوانية، والجامع الأموي، وله مناصب جليلة يستحقها دون غيره علماً ووراثةً، وكانت وفاته فيما قرأته من خط المشار إليه في يوم الجمعة بعد الصلاة سابع عشر ذي القعدة الحرام سنة إحدى وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، وصلي عليه بعد صلاة العصر بالجامع الأموي، ودفن بتربة باب الصغير، وبها قبر والده، وهو السيد زين العابدين، والسيد محمد، وكل منهما ولي نقابة الأشراف بدمشق رحمه الله تعالى رحمة واسعة. حسن القطناني حسن القطناني، ووالد شيخ الطائفة القطنانيين، نسبة إلى قطنا تابع وادي العجم. يتصل طريقهم بجدهم الشيخ حسن الراعي الآخذ عن سيدي أحمد الرفاعي، كان عبداً صالحاً، نيراً، طارحاً للتكلف يشهد من يراه بولايته. مات سبع بتقديم السين وسبعين وتسعمائة، وهو والد الشيخ علي رحمه الله تعالى. حسين بن الحصكفي حسين بن علي، الشيخ البارع الفاضل شمس الدين الحصكفي، الشافعي، مولده سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، واشتغل في العلم صغيراً على شيخ الإسلام الوالد، وعلى الشيخ شهاب الدين الطيبي المقرىء وغيرهما، وبرع في العربية وغيرها، ونظم تصريف الغزي، وهو ابن أربع عشرة سنة، وكان من قوله فيه: وبعد ذا فإنني بعجزي ... ناظم تصريف الإمام العزي وعمري أربع عشرة سنة ... وكل الأعمار كأنها سنة وعرضه على شيخ الإسلام الوالد، فقرظ عليه بقوله كما نقلته من خطه: أحمد ربي العلي المنعما ... معلم الإنسان ما لن يعلما كرمه على جميع الخلق ... مفضلاً أبعاضه في الرزق وخص بالحفظ وبالتعليم ... من عمه بفضله العميم

حسين أحد الموالي الرومية

ثم أصلي مثل ما أسلم ... على نبي قدره المعظم وآله وصحبه والتبع ... على الهدى لنهجه المتبع وبعد فالطفل الأديب البارع ... الفاضل الندب الأديب الفارع وهو الحسين بن علي الحصكفي ... عامله الله بلطفه الخفي أطلعني على انتظام رصف ... في علم تصريف له قد ألف نظم تصريف الإمام العزي ... فيه، ولم يبد به من عجز فقد أصاب الوزن والرويا ... وصحة المعنى الذي تهيا ولم يحد عن مقصد الكتاب ... ولا تخطى طرق الصواب وسوف يرتقي إلى مقام ... في العلم شامخ الذرى وسامي فإنه ذو همة علية ... وفطنة في العلم المعية وقد أجزته بهذا الفن ... وكلما يجوز لي وعني وكان ما ذكرته في عاشر ... يوم تقضي من ربيع الآخر من عام ستة وأربعينا ... من بعد تسعمائة سنينا كتبه معترفاً بالعجز ... العامري محمد بن الغزي والحمد لله على إنعامه ... ثم صلاة الله مع سلامه على النبي وآله أهل الوفا ... وحسبنا الله تعالى وكفى ونسأل الله الكريم المنعما ... بالخير والحسنى لنا أن يختما وكان صاحب الترجمة حسن الخط. كتب للوالد كثيراً من الكتب من مؤلفاته وغيرها. توفي سنة إحدى وسبعين بتقديم السين وتسعمائة. قيل: إنه كان له وعظ بالجامع الأموي ختمه يوم سبعة وعشرين من رمضان، وقال يخاطب الحاضرين: هذا آخر العهد منكم، وانتقل، غداً، ثم لما انصرف من وعظه حم ومات في اليوم الثاني رحمه الله تعالى. حسين أحد الموالي الرومية حسين بن محمد بن حسام الدين أحد الموالي الرومية، المعروف بقرا جلبي زاده. ترقى في التدريس حتى صار قاضياً بدمشق، ودخلها في صفر سنة أربع وثمانين وتسعمائة، وهي سنة وفاة شيخ الإسلام الوالد، وحضر جنازته، وحمل بأحد جوانبها، وسلك في قضائه مسلك جوي زاده، وناظر زاده في العفة والصيانة، وكذلك ولده أحمد أفندي قاضي العساكر حين ولي قضاء دمشق وغيرها، وهو حي الآن، ووصل خبر عزله في سادس عشر ذي الحجة سنة ست وثمانين وتسعمائة.

حسين بن النصيبي

حسين بن النصيبي حسين بن عمر بن محمد، الشيخ العلامة بدر الدين، أقضى القضاة، زين الدين ابن قاضي القضاة جلال الدين الحلبي، الشافعي، عرف بابن النصيبي أخذ النحو، والصرف عن العلاء الموصلي، والفقه عن البرهان اليشبكي، والبرهان العمادي، والشمس الخناجري، والنحو، وغيره عن الشهاب الهندي، وعن منلا موسى بن عوض الكردي والشيخ محمد المغربي الشهير بابن المرقي، وارتحل إلى حماة فدخل في مريدي الشيخ علوان وزوجه الشيخ ابنته، وولدت له ولده جلال الدين، وغيره، وعاد إلى حلب، وكان الواردون إليها من الحجاز، وغيره إلى الروم، ومن الروم، وغيره إلى الحجاز يفدون إليه، وينزلون عليه، وكان يتلقاهم بالتأهيل، والترحيب، والقرى، ويستفيد منهم، ويستفيدون منه، ومن شعره ما تساجل به، والعلامة سيدي أحمد بن المنلا فقال ابن المنلا: ضرب من السحر أو ضرب من الكحل ... ما كان من طرفك إلا مضى من الأجل وقدك المائس العسال منتسباً ... غصن من البان أم لدن من الأسل فقال صاحب الترجمة: والورد خدك أم لون العقيق به ... أم لون كأسك أم ذا حمرة الخجل والشهد ريقك أم برد الرضاب ... حلاوة أين منها نكهة العسل؟ فقال ابن المنلا: يا بدر تم إذا ما حل دارته ... لام العذار كساه أفخر الحلل أيقظ نواظرك السكرى فقد ظهرت ... عقارب الصدغ تبغي دارة الحمل فقال صاحب الترجمة: وارحم فؤاداً كواه الحب من شغف ... ولا تمل نحو من يصغي إلى العذل وجد بتقبيل ثغر راق مبسمة ... يشفي مريض الهوى من شدة العلل

حسين المكي

فقال ابن المنلا: واستبق روحي وخذها في رضاك ... وقل هذا محب عن الأعتاب لم يحل فقال صاحب الترجمة: وارفق بدمع من الأجفان منهمل ... على خدود علتها صفرة الوجل فقال ابن المنلا: واحفظ عهود الوفا واجف الجفا كرماً ... واقصد إلى ما عسى يدني من الأمل فقال صاحب الترجمة: فالصبر مرتحل والجسم منتحل ... والدمع منهطل والقلب في علل مهلاً فإن يك دمعي سال ممتزجاً ... دماً فمن ذا الذي يخلو من الزلل؟ حسين المكي حسين ابن القاضي حسين المكي المالكي، المشهور بالكرم بمكة المشرفة قيل: كان سماطه في الأعياد ألف صحن صيني. مات في تاسع صفر سنة تسعين بتقديم التاء وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بالجامع الأموي يوم الجمعة عاشر جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. حمدان القدسي حمدان القدسي الحنفي. كان له مشاركة في العلم إلا كان جريئاً بذيء اللسان. سل لسانه سليمان باشا ابن قباد في سنة تسع بتقديم التاء وتسعمائة وشنقة في الدلبة التي في المرجة، وذكره بإطلاق لسانه فيه وفي غيره، وقوله فيه: إنه الأعور الدجال. حمزة الترجمان حمزة الترجمان. كان يترجم للقضاة بدمشق، ثم ترقى إلى أنظار المدارس حتى نظر الأموي، ومات عنه قال والد شيخنا: وكان لا بأس به لكونه أصلح من غيره، وكان أمياً لا يقرأ ولا يكتب من آحاد التركمان. مات ليلة الإثنين ثامن عشر صفر سنة اثنتين وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، وتأسف الناس عليه رحمه الله تعالى.

حرف الخاء المعجمة من الطبقة الثالثة

حرف الخاء المعجمة من الطبقة الثالثة خالد بن أبي بكر خالد بن أبي بكر بن محمد بن محمد بن عيسى، وعيسى جده هذا هو بالعلم المشهور بالولاية، الأريحاوي، السرجي، نسبة إلى سرجة بفتح فسكون قرية من قرى حلب، جاور بالقدس الشريف مدة، ثم ورد على سيدي علوان، ولازمه ثم سكن حلب، وأذن له شيخه بأن يتكلم على الخواطر، وتأخرت وفاته عن ابن الحنبلي رحمه الله تعالى. خضر خطيب دمشق خضر بن أحمد بن خضر، المشهور بالشيخ خير الدين الأماسي، الحنفي، خطيب دمشق، وهو أول حنفي خطب بالجامع الأموي، كان شيخاً، معمراً منوراً، متصلباً في دينه صوفياً، أنشأ له بعض الأكابر بالقسطنطينية زاوية فأقام بها، ثم ولي خطابه جامع دمشق فخطب به، والناس، به راضون، ثم تقاعد بخمسين عثمانياً، وشيء من الحنطة وتنقل في البلاد، ولم يزل في مجالسه الوعظية يقدح في الظلمة من القضاة والوزراء والأمراء، وربما واجههم بذلك حتى في دار السلطنة ولا يقدر له أحد على سوء قدم حلب ثلاث مرات آخرهن في سنة أربع وستين وتسعمائة، بعد أن جاور بالقدس خمسة أشهر فعاد منها، شاكياً من قاضيها، وواليها وأهلها، إلى بلدة أماسية، وأقام بها حتى توفي بعد سنين رحمه الله تعالى. خطاب الضرير خطاب، الشيخ الصالح العابد الزاهد، شيخ الإقراء بمدرسة الشيخ أبي عمر بصالحية دمشق. كان ضريراً حافظاً لكتاب الله تعالى. نافعاً للمجاورين بالمدرسة المذكورة، وكان إذا حصل له شيء من الدراهم اشترى به مصحفاً. ووقفه، وكان يؤذن إذا جاء وقت الصلاة حتى في مرض موته، واستغراقه حتى مات يوم السبت ثامن عشر شعبان سنة ثمان وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. خضر أفندي خضر أفندي نائب الباب لقاضي القضاة مصطفى جلبي ابن بستان، مات يوم الأحد رابع عشري جمادى الثانية سنة ثلاث وتسعين بتقديم المثناة وتسعمائة رحمه الله تعالى.

خليل الحلبي

خليل الحلبي خليل بن أحمد بن خليل بن أحمد بن شجاع، الشيخ العلامة عز الدين، ابن الشيخ شهاب الدين الحمصي الأصل، الحلبي المولد، والمنشأ القسطنطيني، الشافعي المشهور بابن النقيب، ولد في يوم الجمعة عاشر المحرم، سنة تسعمائة، قرأ القرآن على عدة وحفظ ألفية ابن مالك، وكافية ابن الحاجب، وفرائض الرجبي، والياسمينية في الجبر، والمقابلة واشتغل في الميقات على الشيخ محمد الحباك، ثم على البدر السيوفي في العربية فقرأ الجرومية، وتصريف الغزي، ومتن الجغميني، ثم قرأ على الشيخ علي السرميني، في الفرائض والحساب، ثم فتر عن الطلب قليلاً، ثم تحركت همته للطلب، فسافر إلى القاهرة ماشياً من غير زاد في سنة أربع وعشرين وتسعمائة، فاشتغل بها في الفرائض، والحساب، والميقات والهندسة، والموسيقى، والطب، على الشيخ أحمد بن عبد الغفار، وعلى الشيخ شمس الدين محمد الهنيدي، المصري الفلكي في الفلك، ثم عاد إلى حلب بعد سنتين فقرأ على ابن السفيري الشافية لابن الحاجب، وعلي بن سعيد الشمسية، في المنطق وشرحها للقطب، وسمع عليه الطوالع، وعلي منلا موسى، وعلي منلا زاده في الحكمة، وقدم دمشق سنة ثمان وعشرين فتصدر بالجامع الأموي انتفع الناس به، ثم سافر إلى الروم، ودخل دمشق ثانياً سنة أربع وخمسين، ثم سافر منها إلى مصر، ثم رجع إلى إسلام بول سنة خمس وستين، وتقرب من بعض كتاب الديوان، فأثرى منه، وعرض عليه أن يكون له علوفة، مراراً فأبى فقوي فيه الاعتقاد، وممن أخذ عنه البرهان بن مفلح، وولده القاضي أكمل، واجتمع به بالقسطنطينية في سنة خمس وستين، وكان له يد طولى في الحكمة، والهندس، والطب اشتهر به، وعالج بعض الأكابر، فبرأ من مرضه، فاشتهر، وصارت معيشته منه ونظم ونثر، وألف رسالة على الحمدلة ورسالة في الحساب، ورسالة في الهيئة، وجمع في خواص الحروف شيئاً، وادعى حل الزيراجة السبتية وشرح قصيدة أبي السعود التي أولها: أبعد سليمي مطلب ومرام. وله يمدح القصيدة المذكورة، والتزم حرف السين المهملة في كلماتها: سطور حسن عن الشمس أسفرت ... سباني سن باسم وسلام فعن يوسف سارت وفي الحسن أسندت سقتني سلافاً والكؤوس حسام

حرف الدال المهملة من الطبقة الثالثة

فسهل لها سفك النفوس وقد سعى ... يساعد فيه سالف وسهام واستمر المذكور بإسلام بول، موفر الجاه، حتى توفي بها سنة تسع وستين أو سنة سبعين وتسعمائة، وقال ابن الحنبلي: في سنة إحدى وسبعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. حرف الدال المهملة من الطبقة الثالثة داود بن علي اليماني داود بن علي بن شعبان اليماني، الوصابي، الشافعي. كان من أهل العلم، والصلاح، والديانة، والعفة فقيهاً. الإرشاد وشروحه نصب عينيه تردد في البلاد، ودخل مكة والمدينة ومصر والشام، وأخذ عن علمائها، وكان من أكبر المحبين لشيخ الإسلام الوالد. وفد إليه بدمشق في سنة اثنتين وستين، ثم في سنة خمس وستين، وفي سنة ست وستين، وكتب عنه فوائد، وأخذ عنه أشياء غير واحدة، وأجاز الشيخ بإجازتين حافلتين منظومتين واحدة من بحر الرجز بالتصوف، وأخرى من بحر البسيط بالإفتاء والتدريس. ثم أقام بمصر، ومات في حدود الألف رحمه الله تعالى. داود الضرير الطبيب داود الضرير الطبيب. حكيم القاهرة، وكان يحكى عنه عجائب في تشخيص العلة وعلاجاتها. مات في حدود التسعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. درويش باشا ابن رستم باشا درويش باشا ابن رستم باشا الرومي، وهو ابن أخت محمد باشا الوزير. ولي نيابة طرابلس، وتوجه منها أميراً للركب الشامي في سنة أربع وسبعين، وكان حيتئذ مراد باشا مستحفظاً بدمشق، ونيابتها يومئذ على مصطفى باشا، وكان يومئذ بمصر متوجهاً إلى اليمن، وقتل درويش باشا في تلك السنة بطريق مكة معصوم بيك وزير الشاه ومن معه، ثم رجع درويش باشا إلى محل نيابته بطرابلس، ثم ولي نيابة دمشق، وكانت سيرته مستحسنة، وله مقاصد جميلة، ووقع في سنة إحدى وثمانين بدمشق طاعون عظيم، وكان الرجل يموت ولده، وهو محبوس على دينه، فصالح أرباب الديون عن المتدينين،

وأخرجهم من السجن، وأمر أن لا يحبس أحد بتلك الأيام، فلما رأى الناس ذلك منه كفوا عن المخاطبة، وأحبه أهل دمشق، وعمر الجامع خارج باب الجابية لصيق المغيربية بين السيبائية، وبين دار السعادة، وعمر الحمام داخل المدينة بالقرب من الجامع الأموي من جهة باب البريد، وعمر القاسارية، والسوق بالقرب منه سوق الجوخ والقهوة، ووقف ذلك فيما وقفه على جامعه، وشرط تدريسه للشيخ إسماعيل النابلسي، وكان خصيصاً به، وكان له اعتقاد في شيخ الإسلام الوالد، وكان يتردد إليه في خلوته غربي الجامع الأموي يقبل يديه، وبلغ الوالد أن جماعته يخرجون لطلب التراب والأحجار من الصحراء، فيسخرون دواب أهل القرى لذلك. فأرسل إليه رقعة ينهاه فيها عن ذلك، فمنع جماعته من ذلك، وتبرأ من صنيعهم، وعمر الجسر على نهر بردا عند عين القصارين من أخشاب، وجعل له مرافس، وكان عمره قبله مصطفى باشا بالأحجار، فلما جاءت الزيادة وخرب، فأراد درويش باشا أن يعمره بالأحجار والمون، فقيل له: إنه عمر على هذه الصورة مراراً، ويخرب، فعمره من خشب، وجعل له تلك المرافس، ويعرف هذا الجسر قديماً بجسر طوغان، ومما وقع له أن رجلين اختصما إليه في لقطة ادعى مدعيها أنها كانت خمسمائة، فقال لملتقطها: ما تقول؟ فقال: أنا والله لم ألق إلا هذه الصرة، فإذا هي دون ذلك. فقال درويش باشا للمدعي: هذه ليست لك هذه تبقى لصاحبها حتى يطلبها، وأنت فالتمس ضالتك. وأنشأ بدمشق السبيل جوار مدفن الشيخ خليل بالقرب من دار السعادة، وأجرى إليه الماء بدولاب من نهر بانياس، وأنشأ سبيلاً آخر في حائط جامعه. وقال ما فيه في تاريخ السبيل الأول: هذا سبيل بل سلسبيل ... يشفي غليلاً يشفي عليلا وزمزم الماء فيه يجري ... لدى مقام حوى خليلا أجزاه أجراً فأرجوه ... درويش باشا بنى سبيلا وقال في الثاني: أحيي دمشق وأهلها بسبيله ... درويش باشا دام فعل جميله قبل الكريم ثوابه لما أتى ... تاريخه لله خير سبيله وفي سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة عزل عن دمشق بجعفر باشا، ثم تولى نيابة مرعش مدة، ثم قرامان، ثم ديار بكر، فمات بها سنة خمس وثمانين، فصبر وحمل تابوته بعد مدة إلى دمشق فدخلوا به في تاسع رمضان سنة ست وثمانين وتسعمائة كذا قيل، والذي تحرر أنه

حرف الراء من الطبقة الثالثة

توفي في بلاد قراآمد في تاسع عشر صفر سنة سبع وثمانين وتسعمائة، ونقل إلى دمشق فدخلوا به يوم السبت ثامن عشر ربيع الآخر منها، ودخل بين يديه الصوفية وغيرهم معلنين بالذكر والتوحيد والعلماء، ووجوه الناس، ودفن بالقرب من جامعه خارج دمشق رحمه الله تعالى. حرف الراء من الطبقة الثالثة رحمة الله السندي رحمة الله ابن قاضي عبد الله السندي، الحنفي نزيل مكة، كان عالماً فاضلاً له رسالة سماها غاية التحقيق، ونهاية التدقيق، في مسائل ابتلي بها أهل الحرمين الشريفين، كان موجوداً في سنة سبع وسبعين بتقديم السين فيهما وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. رشيد بن محمد التونسي رشيد بن محمد بن الحسن بن مسعود بن عثمان الحفصي الفاروقي التونسي المالكي ابن سلطان تونس كان له حشمة زائدة، وسخاء زائد، على خلاف ما هو مشهور عن المغاربة، وكان له محاضرة حسنة ومعرفة بتواريخ الناس، واستحضار لمسائل علمية كثيرة، وكان يذكر أنه استفاد ذلك من مجالسته العلماء، وكان لهجاً بشعر أبي العباس ابن مخلوف، مادح أجداده كقوله في مطلع قصيدة قالها في جده عثمان، وكان ينسب إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. هزوا القدود وارهبوا الأجفانا ... أو ما رأيت البان والغزلانا؟ استبدلوا بدل السهام لواحظاً ... لما انتضوا عوض الظبا أجفانا ومنها قوله: أفضت إليه خلافة الفاروق إذ ... سمته السنة الورى عثمانا حج وعاد إلى إسلام بول، ومكث، ثم في رفاهية من العيش، إلى أن مات سنة تسع

رمضان أفندي ناظر زاده

بتقديم التاء المثناة وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. رمضان أفندي ناظر زاده رمضان أفندي أحد الموالي الرومي، والمفتي بالمملكة العثمانية، الشهير بناظر زاده. ولي قضاء دمشق في سنة ثمان وسبعين وتسعمائة في رجب. عزل عنها في أوائل شوال سنة تسع وسبعين، ثم ولي قضاء بروسيا في سنة إحدى إحدى وثماني وتسعمائة. حرف الزاي من الطبقة الثالثة زكريا بن بيرام زكريا بن بيرام أحد الموالي الرومية، والمفتي بالمملكة العثمانية. قرأ على ابن كمال باشا وغيره، وبرع في الفقه والتفسير، وولي المناصب، وترقى بها حتى ولي قضاء العساكر، وانتفع به الناس، ودخل دمشق سنة أربع وتسعين وتسعمائة متوجهاً! منها إلى الحج، وصحبته ولده يحيى أفندي الذي صار شيخ الإسلام في ولاية السلطان مصطفى شاه الثانية، وكان إذ ذاك قاضي الركب الشامي، وكان قاضي دمشق حينئذ عبد الغني أفندي ابن أمير شاه في توليته الثانية، وحج صاحب الترجمة، ثم عاد إلى الروم، فولى قضاء. العسكر الروملي بها، ووقع بينه وبين سنان في شعبان سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، ثم ولي شيخية الإسلام، ومات في مجلس السلطان مراد، وقد دخل للسلام عليه في سنة. زين بن نجيم زين بن نجيم الشيخ العلامة، المحقق المدقق الفهامة، زين العابدين الحنفي أخذ العلوم عن جماعة منها الشيخ شرف الدين البلقيني، والشيخ

زين العابدين الطبيب

شهاب الدين بن الشلبي، والشيخ أمين الدين بن عبد العال، وأبي الفيض السلمي وأجازوه بالإفتاء، والتدريس، فأفتى، ودرس في حياة أشياخه، وانتفع به خلائق، وله عدة مصنفات منها شرح الكنز والأشباه والنظائر سلك فيها مسلك الشيخ تاج الدين بن السبكي، الشافعي، في كتابه الأشباه والنظائر، وصار كتابه عمدة الحنفية، ومرجعهم، وأخذ الطريق عن الشيخ العارف بالله تعالى سليمان الخضيري، وكان له ذوق في حل مشكلات القوم قال الشعراوي: صحبته عشر سنين، فما رأيت عليه شيئاً يشينه، وحججت معه في سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، فرأيته على خلق عظيم مع جيرانه، وغلمانه ذهاباً، وإياباً مع أن السفر يسفر عن أخلاق الرجال، أخذ عنه جماعة منهم الشيخ محمد العلمي سبط ابن أبي شريف المقدسي الأصل، ثم الشامي، ولازمه بمصر، وكانت وفاته سنة تسع بتقديم التاء المثناة وستين وتسعمائة كما أخبرني بذلك تلميذه الشيخ محمد العلي رحمه الله تعالى. زين العابدين الطبيب زين العابدين ابن الغرابيلي الطبيب الحاذق. كان له معرفة تامة بإحكام النبض، وتشخيص العلل، وكان في العلاج غاية، وكان يحب خدمة العلماء، والتردد إليهم، وله مال يتاجر فيه، وكان يعمل الأدوية النفيسة، ويقدمها للأكابر عند الحاجة إليها، وكان قد قصر نفسه آخراً على خدمة شيخ الإسلام الوالد، حتى صار من أخص جماعته، وكان ينسب إلى التشيع، وكان الشيخ ينفي ذلك عنه وحج وجاور بعد وفاة الشيخ، ثم عاد إلى دمشق في حدود التسعين وتسعمائة، ومات سنة إحدى وتسعين بتقديم التاء المثناة فوق وتسعمائة. زينب الغزية زينب بنت محمد بن محمد بن أحمد الغزي، الشافعية كانت من أفاضل النساء، من أهل العلم، والدين، والصلاح مولدها في ذي القعدة سنة عشر وتسعمائة وقرأت على والدها، وقرأت على أخيها شقيقها الشيخ الوالد كثيراً، قرأت عليه تنقيح اللباب، وفي المنهج جانباً وكتبت له كتباً بخطها، ومدحته بقصيدة تقول فيها: إنما العالم الذي ... جمع العلم واكتمل قام فيه بحقه ... يتبع العلم بالعمل سهر الليل كله ... بنشاط بلا كسل فهو في الله دأبه ... أبد الدهر لم يزل

حرف السين المهملة من الطبقة الثالثة

حاز علماً بخشية ... وبدنياه ما اشتغل حاسديه تعجبوا ... ليس ذا الفضل بالحيل ذاك مولاه خصه ... بكمال من الأزل من يرم مشبهاً له ... في الورى عقله أختبل أو بلوغاً لفضله ... فله قط ما وصل فهو شيخي وسيدي ... وبه النفع لي حصل ولقد أجادت فيما شادت. وشعرها في المواعظ، وغيرها في غاية الرقة، والمتانة وكانت من أعاجيب العصر، وأفاريد الدهر، اتصلت بمنلا كمال المتقدم ذكره في الطبقة الأولى وبعده بالقاضي شهاب الدين البصروي المتقدم في هذه الطبقة الأولى وماتت في سنة ثمانين وتسعمائة رحمة الله عليها. حرف السين المهملة من الطبقة الثالثة السلطان سليم سليم بن سليمان، ابن خادم الحرمين الشريفين، سلطان الإسلام وملك القسطنطينية العظمى، ابن بايزيد بن محمد السلطان بن السلطان بن عثمان، تولى السلطنة بعد أبيه الآتي بعده، وكانت مدة سلطنته نحو ثمان سنين، وورد الخبر بموته إلى دمشق يوم الأربعاء ثامن عشري رمضان سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة، وارتجت دمشق لموته، وكان نائبها إذ ذاك درويش باشا، وقاضيها محمد أفندي ابن سنان، ومفتيها ابن المعيد وحضروا هم والناس إلى المرجة، وصلوا عليه غائبة وكان الإمام الشيخ محمد الأيجي، وتولى بعده ولده السلطان مراد رحمه الله تعالى. السلطان بن سليم سليمان بن سليم بن بايزيد عين الملوك العثمانية،

ورأس السلاطين الإسلامية، حامي حماها الأحمى، ملك القسطنطينية العظمى، تولى السلطنة بعد موت أبيه السلطان سليم في أواخر سنة ست وعشرين وتسعمائة. خرج الغزالي بدمشق في زمنه، فأرسل إليه عساكره فقتلوه خارجها، ووزر للسلطان سليمان رحمه الله تعالى إبراهيم باشا مدة طويلة، ثم قتله، ثم رستم باشا، ثم علي باشا، ثم محمد باشا، وكان أحسن وزرائه، وبقي وزيراً في زمن ولده السلطان سليم، ثم في زمن ولده السلطان مراد، وكان السلطان سليمان ملكاً مطاعاً مجاهداً يحب العلم والعلماء، ويقف عند الشرع الشريف، وكان يترجم بالولاية عمر السليمانية بالقسطنطينية، وهي أعظم مساجدها وأنورها حكى أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في بستانه في المنام، فأشار إليه بتعمير مسجد جامع به، وأراه مكاناً فلما استيقظ من منامه اقتطع جانباً من سراياه منه البستان المذكور، وعمره مسجداً عظيماً شيد بناءه، ووسع فضاءه قيل ووضع محرابه في الموضع الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه، وعمر إلى جانبها المدارس العظيمة أعظمها دار الحديث السليمانية، وكان مصرف ذلك من غنائم رودس، وأمر بتعمير التكية السليمانية بدمشق فعمرت في موضع القصر الأبلق بالوادي الأخضر، وعمر إليها مسجداً جامعاً ومدرسة عظيم شرطها للمفتي بدمشق، وكان ابتداء عمارة التكية، والمسجد في سنة اثنتين وستين وتسعمائة، وكملت هذه العمارة في أوائل صفر سنة سبع وستين وتسعمائة. وولي الإمامة بالمسجد المذكور شيخنا الشيخ زين الدين بن سلطان، والخطابة العلامة عبد الرحمن ابن قاصي القضاة ابن الفرفور، وخطب أول خطبة في يوم الجمعة رابع عشر شعبان سنة سبع وستين وتسعمائة، وحضر الخطبة قاضي القضاة بدمشق حينئذ شمس الدين محمد ابن شيخ الإسلام أبي السعود المفتي، فأعجبته خطبته، وكانت خطبة بليغة فيما يقال: وكان ممن حضر من أعيان الشام محمد بن قيصر، والشيخ سعد الدين الجباوي، وفي ذي القعدة الحرام منها وصل أمر شريف من قبل المرحوم السلطان سليمان صاحب الترجمة إلى دمشق بتعمير قلاع بطريق الحاج الشامي، وتعيين صنجق لكل قلعة، وفي صحبته سباهية ومعلمون وفعول، ومعهم ما يكفيهم من الزاد. واحدة بالقطرانة، وثانية بمعان، وثالثة بذات حج، ورابعة بتبوك، فعمرت كما أمر، وبقي الانتفاع بها إلى الآن، وله المدارس العظيمة بمكة المشرفة وغيرها. ومات في بعض غزواته سنة أربع وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، ولما وصل الخبر

سليمان باشا ابن قباد

بموته إلى دمشق ركب قاضي قضاتها علي جلبي قنالي زاده، وشيخ الإسلام الوالد للصلاة عليه إلى التكية السليمانية، ووضع القاضي على رأسه مئزراً أصفر، وكذلك الشيخ الطيبي، وبعض الفقهاء، ولم يفعل ذلك الوالد، وأنكره عليهم لما فيها من إظهار الحداد سليمان باشا ابن قباد سليمان ابن قباد باشا ابن رمضان باشا يتصل نسبة إلى الملوك السلجوقية، ولي نيابة القدس الشريف مدة طويلة، وضبط نواحيها وقطع العصاة والمفسدين وقطاع الطريق، وخافته الأعراب، وأشتهر اسمه وبعد صيته، ثم تولى نيابة جرجة من معاملة مصر ثم نيابة بغداد، ثم نيابة قرامان وهي البلاد التي نشأ بها هو وأبوه وأجداده بنو رمضان، ثم أنفصل منها، وقدم دمشق سنة تسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة محافظاً بها عوض نائبها أويس باشا حين كان في سفر السلطان، فنزل بالمرجة وكان يصحبه مدة إقامته بدمشق القاضي أكمل بن مفلح، والقاضي شمس الدين سبط الرجيحي، والشيخ تقي الدين بن بركات الموصلي. وكان سفاكاً شديد البطش طائش السيف ينوع أنواع العذاب للسراق والقطاع والزناة والمعرسين والمزورين، حتى هرب منه من بقي من المتهمين وجلوا عن دمشق. وقتل محمد بن جلال الدين العامل في التزوير، وقتل حمدان قبل أن يدخل دمشق وهو بالمرجة وسل لسانه من تحت حنكنه، ثم شنقه في شجرة خارج باب جامع يلبغا الغربي، وشنق ابن المعلم البعلي نقيب الشيخ أحمد بن سليمان في الدلبة بالمرجة، وشنق كتخداية بن الأصفر بالقرب من سوق القاضي داخل دمشق بالقرب من داره التي أنشأها بالقرب من بيت ابن القاري، وتملك بساتين بدمشق، وكان من الجبارين إلا أنه قطع المناحيس قتله عبيده بداره ليلة الخميس عاشر رجب سنة سبع بتقديم السين وتسعين وتسعمائة، ودفن بسفح قاسيون، بالقرب من سيدي أبي بكر بن قوام بعد أن كشف عليه في داره بأمر نائب الشام حسن باشا ابن محمد باشا، وقاضيها مصطفى أفندي ابن سنان، وكانت أمه قد ماتت قبله بنحو أشهر فدفنها بالقرب من سيدي أبي بكر بن قوام بالسفح القاسيوني، وعمل صبيحتها بالجامع الأموي عند باب الصنجق، فلما مات دفن إلى جانب أمه وعملت صبيحته حيث عملت صبيحتها، ثم جرت الناس على ذلك وصاروا يعملون أكثرهم صبح موتاهم بالجامع، واستهلوا ذلك وكانوا قبل ذلك يعملونها بالترب. سنان آغا ابن عبد الله سنان آغا ابن عبد الله آغاة الينكجرية بدمشق. عمر

حرف الشين المعجمة من الطبقة الثالثة

الجسر على نهر بردا غربي التكية السليمانية، وأنشأ الجامع اللطيف خارج باب الفرج بينه وبين نهر بردا، وأحكم بناءه في سنة سبعين وتسعمائة، وتوفي في سنة ثمانين وتسعمائة، ودفن في جانب جامعه بين البابين. حرف الشين المعجمة من الطبقة الثالثة شمس باشا شمس باشا أحد من ولي نيابة دمشق،. مات بالروم أواخر المحرم سنة ثمان وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. شيخي جلبي شيخي جلبي قاضي بعلبك، ثم قاضي صيدا. مات بدمشق فجأة من غير مرض يوم الأربعاء رابع عشري ذي الحجة سنة سبع وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. شيخ زاده شيخ زاده بن جمال الدين بن أحمد بن نعمة الله بن جنيد بن جمال الدين بن محمد بن أحمد بن مسعود بن عبد الله بن جابر بن منصور بن محمد بن جابر بن عبد الله الأنصاري، الشهير جده الأعلى شيخ الإسلام الهروي، صاحب منازل السائرين، نزيل حلب، كان الشافعي المذهب، وولي بها تدريس العصرونية، وكان متكيفاً أثر في سحنته الكيف، وكان أبوه من شيوخ العلم من بيت علم ورئاسة. توفي بحلب سنة سبع بتقديم السين وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. حرف الصاد المهملة من الطبقة الثالثة صالح بن أحمد اليماني صالح بن أحمد، الشيخ الإمام، الفقيه النبيه المحقق الصالح الورع صالح اليماني الأصابي بلداً، ثم الخولاني، دخل دمشق فقرأ على الشيخ شهاب الدين الطيبي سورة الفاتحة، والبقرة برواية قالون عن نافع بوجه قصر الميم المنفصل، وإسكان ميم الجمع من طريق التيسير، والشاطبية، وقرأ عليه من أوائل الشاطبية، وأوائل الأذكار للنووي إلى أذكار المسافر، وتصريف العزي تماماً، وسمع عليه من صحيح البخاري، والموطأ، والسيرة، ورياض الصالحين، والمنهاج، والورقات لإمام الحرمين في الأصول، والنزهة في الحساب، وكتب له إجازة مؤرخة بنهار الأربعاء تاسع عشري شهر ربيع الآخر من شهور سنة سبع بتقديم السين وتسعمائة، وقرأ على ابن عماد الدين من أول البخاري،

صالح القاضي

وسمع عليه قطعة من مسلم، والشفا، والأذكار، والسيرة، ومن أول شرح العقيدة الشيبانية لابن قاضي عجلون، وألفية الحديث، والنخبة، والبيضاوي، وغير ذلك، وكتب له إجازة في التاريخ المذكور، ثم سافر من دمشق بعده بقريب صالح القاضي صالح القاضي، الحنفي الكردي كان نائب الباب عن قاضي القضاة محمد أفندي ابن المفتي أبي السعود، وولي قضاء صنعاء اليمن، وقضاء صفد، وقضاء حمص، وقضاء حماة، وكان من جماعة الشيخ أحمد بن عبدو القصيري ومات في. صلاح الدين الكتبي صلاح الدين الكتبي، مؤدب الأطفال بالغزالية من الجامع الأموي، وكان له صلاح وتهجد، واتفق له أنه لقي بالجامع الأموي ليلاً رجلاً من أولياء الله تعالى فقال له: يا شيخ صلاح الدين هل لك في الصلاة بمكة. قال: فقلت له: يا سيدي وأولادي فقال لي: اقعد وذهب عني، فالتمسته فلم أقدر عليه. مات في حدود الثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. صلاح الدين الحلبي صلاح الدين الحلبي الكيالي أحد المجاذيب، والصلحاء بدمشق. توفي في سادس عشري شعبان سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة مقهوراً لأنه ضرب ينكجرياً، فحبسه الباشا عند جاويش أياماً، ثم أطلقه وانقطع في بيته أياماً ثم مات ودفن بتربة الحصني، وحضر جنازته بعض الأكابر رحمه الله تعالى. حرف الضاد المعجمة من الطبقة الثالثة خال حرف الطاء المهملة من الطبقة الثالثة خال حرف الظاء المعجمة من الطبقة الثالثة خال حرف العين المهملة من الطبقة الثالثة عبد الله الشنشوري عبد الله بن محمد الشيخ العلامة جمال الدين ابن الشيخ العلامة بهاء الدين الشنشوري المصري الشافعي. كتب في إجازة لبعضهم مؤرخة بخطه في ثاني عشري جمادى الأولى سنة أربع وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة أخذ عن القاضي زكريا والديمي والسيوطي.

عبد الله الرملي

عبد الله الرملي عبد الله بن أحمد بن أحمد الرملي المالكي، باشر وظيفتي الأذان والميقات بالجامع الأموي مدة، ثم ولي إمامية المالكية به بعد وفاة القاضي محيي الدين المالكي، ثم ولي رئاسة المؤذنين بعد الشيخ بركات. كان صيتاً، حسن الصوت، عارفاً بالموسيقى، معرفة تامة، وصوته ما على حسنه في المؤذنين الموجودين في عصره مزيد، ولما مات أبوه خلف له مالاً كثيراً، ودنيا واسعة فسعى في نيابة القضاء على مذهب الإمام مالك رضي الله تعالى عنه فولي النيابة في الصالحية، ثم بالكبرى، ثم امتحن في قصة القانجي، وحبسه عنده فيمن حبسهم، وكان يحلف بالطلاق كثيراً، وربما حلف في مجلس الحكم به حتى عاتبه بعض قضاة القضاة فقال له: بلغني أنك تحلف بالطلاق كثيراً وهنا لا يليق فقال: لا علي الطلاق يا أفندي. مات يوم الثلاثاء ثاني جمادى الأولى سنة أربع وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة رحمه الله تعالى. عبد الله ابن الأطعاني عبد الله بن حسين بن أحمد الحلبي، الشافعي، المعروف بابن الأطعاني، كان له مشاركة في العربية، وقرأ في العقائد، وعني بوضع الأوقاف، ولبس الخرقة البسطامية بعد موت أبيه من الشرف أبي بكر الأطعاني، وتأخرت وفاته عن ابن الحنبلي رحمه الله. عبد الله بن المصطاكي عبد الله بن أحمد الشيخ العلامة المسند أبو محمد جمال الدين المصري، الخانكي، الشافعي، عرف بابن المصطاكي. مولده بالخانكة سنة سبع أو ثمان وتسعمائة. أخذ عن الشهاب أحمد بن عبد الحق السنباطي، وعن العلامة عبد العظيم بن يحيى الخانكي، وعن النور بن فستاق، والزين قريش، والنور علي بن محمد بن أحمد بن شمس الغزي الحنفي، ومات بالخانكة ليلة سبع وعشرين من رمضان سنة ست وسبعين بتقديم السين وتسعمائة رحمه الله تعالى. عبد الله بن الفرفور عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن جمال الدين بن أحمد بن الفرفور الدمشقي الحنفي. كان من الأفاضل، ومات شاباً بذات الجنب بالقسطنطينية سنة خمس وتسعين بتقديم المثناة وتسعمائة ودفن في جوار سيدي أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه. عبد الله بن الدرة عبد الله بن الدرة الحمصي الشافعي، العبد الصالح الولي

عبد الباسط العلماوي

الملازم للمحيا كان من أخص جماعة الوالد، وبلغني أنه كان من الأبدال، وكان من أصحاب الأخ الشيخ شهاب الدين. مات في حدود الثمانين وتسعمائة، وكان له ولد صالح اسمه الشيخ محمد، وكان للناس فيه اعتقاد، ويحبون الإحسان إليه. صحبناه، ومات قبل الألف رحمه الله تعالى. عبد الباسط العلماوي عبد الباسط بن موسى بن محمد بن إسماعيل العلماوي الشافعي رئيس المؤذنين بجامع دمشق الأموي. مولده. خامس عشر رجب سنة سبع بتقديم السين وتسعمائة. تولى بعد أبيه خطابة جامع برسباي بسوق صاروجا، ورئاسة المؤذنين بعد أبي البقاء ابن عقلقون في سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة، وكان له فضل، في علم الميقات، وعلم النغمة، والتلحين، وله إنشاءات وعظية يستعملها رؤساء المولد، وكان يعظ الناس يوم الخميس في رجب وشعبان ورمضان في الأموي، وقرأ على الوالد والوفائي، واحترقت داره، وفيها أسبابه، وكتبه سنة ستين وتسعمائة، وتوفي سنة إحدى وثمانين، وأخرجت عنه رئاسة المؤذنين للجلال الرملي قبل موته بمدة قريبة، وصلى عليه شيخ الإسلام الوالد إماماً، ودفن بباب الفراديس رحمه الله تعالى. عبد الرحمن البتروني عبد الرحمن بن محمد بن عبد السلام بن أحمد الشيخ العلامة، زين الدين، ابن الشيخ الفقيه نجم الدين، ابن الشيخ المقرىء عبد السلام البتروني ثم الطرابلسي، ثم الحلبي الشافعي، ثم الحنفي الصوفي، واعظ حلب، ووالد مفتيها الشيخ أبي الجود، والشيخ أبي اليمن الحيين، الآن، قرأ على سيدي علوان الحموي، في غاية الاختصار والجرومية، واستفاد منه، ثم حفظ الألفية، وحلها على بعض النحاة، واشتغل في التجويد، والقراءات، والأصول، وطالع كتب التفسير، والحديث، والوعظ، ثم نظم، تصريف الزنجاني في أرجوزة، وشرح الجزرية، وكتب على تائية ابن حبيب تعليقه استمد فيها من شرح شيخه الشيخ علوان، وقدم حلب سنة أربع وستين وتسعمائة بدين عظيم ركبه، فتلقاه بعض أهل الخير، وهو بدر الدين الخليصي، حفيد الشيخ أبي بكر الزاهد الخليصي، وكان كثيراً الإحسان إلى المذكور، حسن الاعتقاد فيه، ونزله بزاوية الشيخ عبد الكريم، واجتمع بالشيخ الزيني فيها لكونه من أهل الطريق، فلم يكرم نزله بل وبخه بأنه لم يتهجد

عبد الرحمن بن الفرفور

بالليل، فأجابه إن لم يكن ذلك، فقد ختمت ختمة كاملة من حفظي في هذه الليلة ويومها، ثم نزل بالكيزوانية، وعزم، وهو بها على أن يعمل مجالس وعظية بالجامع الكبير ففعل، وهرع الناس إليه، وشاع ذكره، وبعد صيته، وحضر مجالسه الرجال والنساء ذكر في بعض مجالسه أن النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره فاعترضه ابن مسلم وكان الظفر له عليه. ثم لما توفي الشيخ عبد الكريم إمام الحنفية بالجامع الكبير بحلب تحنف بعد أن كان شافعياً، وولي هذه الإمامة، وتأخرت وفاته عن ابن الحنبلي، فكانت ليلة عيد الأضحى سنة سبع وسبعين بتقديم السين فيهما وتسعمائة، وهي سنة ميلادي رحمه الله تعالى. عبد الرحمن بن الفرفور عبد الرحمن بن محمد بن أحمد أقضى القضاة زين الدين الحنفي ابن قاضي قضاتها شهاب الدين بن الفرفور. قرأ الفقه على الشيخ نجم الدين البهنسي، والشيخ عبد الوهاب الإمام، والنحو، والمعاني، والبيان على الشيخ أبي الفتح السبستري، وعلى الشيخ علاء الدين بن عماد الدين، وفي العروض على الشيخ شهاب الدين الغزي أخي، وتولى خطابة السليمانية أول ما عمرت، ثم أعرض عنها، وسافر إلى الروم، فولي قضاء حوران، ثم انفصل عنه، ولزم بيته لا يخرج إلا لصلاة الجمعة والجماعة ملازماً على الصلوات الخمس في الجامع الأموي، وربما خرج لتهنئة أقرانه، وفي الجنائز، وكان فيه كرم وسخاء وحشمة زائدة، ولطف في العشرة له تواضع وتودد غير أنه كان مغرماً بالتعمير في بيت أبيه، وربما غير ما يحسنه منه مراراً لأدنى شيء ينتقده بعض الداخلين إليه، أو يستحسنه بعض الواردين عليه، وكان له معرفة تامة بالتاريخ والأدب ومن شعره: ناهزت خمسين ولم أتعظ ... وشاب فودي مؤذناً بالرحيل ولم أقدم عملاً صالحاً ... فحسبنا الله، ونعم الوكيل ومنه: أترك الدنيا لناس زعموا ... إن فيها مرهم القلب الجريح ذاك طن منهم بل غلط ... آه منها ما عليها مستريح وأهدى سفينة لبعض أصحابه وكتب إليه: سفينة وافتك يا سيدي ... مشحونة بالنظم والنثر قد ملئت بالدر أرجاؤها ... من أجل ذا جاءت إلى البحر

عبد الرحمن الصيداوي

وكتب إليه الشيخ محمد بن هلال: بلغت العلى بالأصل في الأب والجد ... ونلت المنى بالفضل في الجود والجد وقفت على الأقران فضلاً وسؤدداً ... وحزت جميل الذكر بالفخر والمجد ولا سيما من آل فرفور التي ... فضائلهم في الكون جلت عن الحد فوالدك المولى الذي شاع ذكره ... وفي عصره قد كان كالعلم الفرد وقاضي قضاة الدولتين وبابه ... ولا فخر لكن ليس في ذاك من رد وأنت الذي أحييت ذكراه في الورى ... لهمتك العلياء في الزمن الجعد أخذت نصيباً من تراث فضائل ... يقصر عن تعريفها القول بالحد فضائل شتى للفواضل جانست ... لذلك شعري جانس المدح بالحمد ولكنني قصرت فاعف تكرماً ... وقدرة مثلي لا تعيد ولا تبدي وإن سمحت بالفضل منك شمائل ... فمختصر التلخيص عارية عندي فضائل شتى للفواضل جانست ... لذلك شعري جانس المدح بالحمد ولكنني قصرت فاعف تكرماً ... وقدرة مثلي لا تعيد ولا تبدي وإن سمحت بالفضل منك شمائل ... فمختصر التلخيص عارية عندي دعت لي الحاجة فلك البقا ... فهذا مرادي ليس إلا وذا قصدي فلا زلت في عز ورفعة منزل ... وترقى لأعلى منزل العز والسعد فأرسل إليه الكتاب، وأرسل معه هذين البيتين: بعثت لك التلخيص في شرحه على ... يدي صالح قد فاق بالفضل والزهد فلا زلت شمس الدين تبدي فضائلاً ... تفوق الورى بالفضل والمجد والجد توفي القاضي عبد الرحمن في يوم الإثنين سادس عشري رجب سنة أثنتين وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة، ودفن بتربة والده وجده جوار ضريح سيدي الشيخ أرسلان عن ولدين نجيبين محمد جلبي، وجمال الدين جلبي لم يعمرا بعده إلا قليلاً، وتقدمت ترجماتهما. عبد الرحمن الصيداوي عبد الرحمن بن إبراهيم، الشيخ العلامة الأصيل زين الدين أبو اللطف الصيداوي، الشافعي، الشهير بابن صارم الدين نزيل الصالحية بدمشق. كان فقيهاً، محدثاً، صوفياً، أشعري العقيدة. ولد سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وأخذ عن شيخ الإمام العلامة شمس الدين محمد ابن شيخ الإسلام شهاب الدين الشبلي، وعن علامة الأنام عمر ابن الشيخ علي بن تقي الدين القرشي المقدسي، وعن ابن طولون، والشيخ موسى الحجازي وأجازه ابن كسباي سنة ثلاث وسبعين، وأشار أنه مات شهيداً، وتوفي بطريق مكة سنة سبع وسبعين بتقديم السين فيهما وتسعمائة تقريباً رحمه الله.

عبد الرحمن الأماسي

عبد الرحمن الأماسي عبد الرحمن بن علي قاضي القضاة محيي الدين الأماسي أحد الموالي الرومية. ولي قضاء حلب في أواخر سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، وكان في أحكامه سيفاً قاطعاً، ولأهل العناد والتزوير والتلبيس قاطعاً، أمر متولي جامع حلب بتبليط شرقيته بعد دثوره، وتبرع فيه بشيء من ماله، ثم عزل عن قضاء حلب، ثم ترقى في المناصب حتى صار قاضي قضاة العسكر الروم إيلي، وقدم حلب وهو متوليه مع السلطان سليمان خان في سنة إحدى وستين وتسعمائة، وساعد الحلبيين فيما جدد على أوقافهم من الخراج والزيادة فيه، فقبل قوله، ثم عزل عن قضاء العسكر في سنة خمس وستين، ومات في صفر سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. عبد الرحمن الدمشقي عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن عبد الله، الشيخ زين الدين ابن تاج الدين الدمشقي، الحنفي، قرأ الفقه على الشيخ قطب الدين بن سلطان، والشيخ عبد الصمد العكاري، والشيخ نجم الدين البهنسي، وتولى نظارة وقف جده تاج الدين صاحب ديوان القلعة، وتولى خطابة جامع التكية السليمانية بفراغ القاضي عبد الرحمن بن الفرفور له عنها، وتفرغ هو عنها قبل موته للشيخ أحمد ابن الشيخ يحيى ابن شيخه البهنسي، وتولى عدة وظائف، وكان له مروءة ومكارم أخلاق. مات في جمادى الأولى في سنة سبع وتسعين بتقديم السين في الأول، وتأخيرها في الثاني وتسعمائة، ودفن بتربتهم خارج باب النصر رحمه الله تعالى عبد الرحمن البيروتي عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان السيد الشريف العباسي البيروتي، ثم الدمشقي، الصوفي، الشافعي. أخذ عن سيدي محمد بن عراق، وحفظ القرآن حفظاً متقناً، واشتغل في العلم على الشيخ شمس الدين الكفرسوسي وغيره، وقدم دمشق مرات، وقدم من مصر إليها في سنة سبع وثلاثين، ونزل بالقرب من باب جيرون، وأقام بها مدة، وأقبل الناس عليه، وكان حينئذ صغيرالسن، كبير القدر، لا يقبل من أحد شيئاً غير أنه كان يلزم بعض التجار بإعطاء شيء لبعض الفقراء للكسوة، وسد الخلة، وكان متقللاً من الدنيا، قانعاً، يصوم غالب أيامه، وتاب على يديه جماعة من شبان دمشق. وظهرت عليه كرامات لبعضهم، ولزم بيته يصلي فيه الجماعة، ولم يحضر الجامع إلا الصلاة الجمعة، وصارت له وجاهة عند أرباب الدولة حتى كانوا يقبلون شفاعته في الأمور المهمة، وعرض عليه الزواج، فلم يتزوج، وحج بوالدته في سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، وكان موجوداً بدمشق

عبد الصمد بن إبراهيم

في سنة إحدى وأربعين وتسعمائة، وحج أخيراً في سنة إحدى وخمسين، وجاور بمكة نحو عشرين سنة، وكان يعتمر كل يوم مرة أو مرتين مع كبر سنه، وربما اعتمر في اليوم والليلة خمس مرات قبل، وكان يطوف في اليوم والليلة مثله أسبوع مع الصوم والعبادة إلى أن توفي في سنة اثنتين أو ثلاث وسبعين بتقديم السين وتسعمائة ودفن بالمعلاة رحمه الله. عبد الصمد بن إبراهيم عبد الصمد بن إبراهيم بن عبد الصمد. كان من أهل العلم، ووالده من أهل الصلاح والاعتقاد، وجده مفتي دمشق. صاهره الشيخ إسماعيل النابلسي على بنته، ومات عنها في ثاني عشر ذي الحجة الحرام سنة ثمان وثمانين وتسعمائة، ودفن بباب الصغير على جده الشيخ عبد الصمد عند ضريح سيدي نصر المقدسي رحمه الله تعالى. عبد العزيز الزمزمي عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن علي بن عبد العزيز بن عبد السلام بن موسى بن أبي بكر بن أكبر علي بن أحمد بن علي بن محمد بن داود البيضاوي، الشيرازي الأصل، ثم المكي، الزمزمي، الشافعي نسبة لبئر زمزم لأن جده علي بن محمد، قدم مكة في سنة ثلاثين وسبعمائة، عام قدمها الفيل من العراق في قصة ذكرها المؤرخون الزمزمي، المكي الشافعي. مولده كما أخبر هو به ابن الحنبلي وكما أخبرني، به ولده شيخنا سنة تسعمائة، وأخبرني شيخنا أن مولده، ومولد أبيه، وأجداده بمكة المشرفة دخل دمشق، ثم حلب ذاهباً إلى إسلام بول في سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة وله تأليف في فتح مكة، وتأليف على حديث شيبتني هود، وأخبرني، ولده أن أباه أخذ عن شيء الإسلام القاضي زكريا، وغيره قال ابن الحنبلي: ومن شعره وفيه تورية من ثلاثة أوجه: وقال الغواني: ما بقي فيه فضله ... لشيء وفي ساقيه لم يبق من مخ وفي ظل دوح المرخ مرخي عضوه ... فحيث انتهى أعرضن عن ذلك المرخي قلت: وما أشبه هذا الشعر بشعر ابن الحنبلي رحمهما الله تعالى أخبرني شيخنا الشيخ

عبد العزيز اليمني

محمد الزمزمي، وكتبت عنه بخطه في مستهل المحرم الحرام سنة ثمان وألف أن والده الشيخ عبد العزيز، مات في ليلة في تاسع ذي القعدة الحرام سنة ست وسبعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. عبد العزيز اليمني عبد العزيز بن إبراهيم اليمني، الشهير والده بخضير، نزيل حلب قيل: وهو ابن بنت ولي الله تعالى سيدي أحمد بن خماش اليمني، كان عبداً صالحاً مجذوباً، يفيق أحياناً، وربما يغيب عن نفسه ويتجرد عن أثوابه، أثنى عليه ابن الحنبلي وافتخر بصحبته، وتوفي سنة سبع بتقديم السين وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. عبد العزيز الحنفي عبد العزيز بن عبد الوهاب، ابن تاج الدين الفاضل البارع، زين الدين ابن القاضي ناصر الدين الحنفي، كان من الفضلاء أخذ عن البهنسي وغيره، وصار مدرساً بالجمقمقية بدمشق بأربعين عثمانياً. مات يوم الخميس رابع رجب سنة إثنتين وثمانين وتسعمائة، وكانت جنازته حافلة، ودفق بتربتهم عند الصابونية، ولم يخلف ولداً وأوصى بتفسير البيضاوي، للشيخ البهنسي شيخه، وبثلث ماله للصدقة، وفوض أمر ذلك إلى البهنسي رحمه الله تعالى رحمة واسعة. عبد الغني بن مير شاه عبد الغني بن مير شاه أحد موالي الروم، وصل إلى تدريس السليمانية، ثم أعطي منها قضاء دمشق عوضاً عن محمد أفندي ابن بستان في سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة. دخل دمشق يوم الجمعة ثامن عشر شوال منها، وعزل عنها بتولية قضاء مصر في سنة أربع وثمانين، وخرج من دمشق قاصداً مصر يوم الخميس سادس شوال منهما، ثم ولي دمشق بعد قضاء العسكرين في سنة أربع وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة، ودخل في رمضانها وبقي مدة، ثم عزل عنها وعاد إلى الروم، ومات بها قبل الألف رحمه الله تعالى. عبد الفتاح أفندي عبد الفتاح أفندي. ورد دمشق مفتيها: ومدرس السليمانية بها في عاشر شعبان سنة أربع وثمانين وتسعمائة، وتوفي بها في يوم الجمعة شوال من السنة المذكورة رحمه الله تعالى. عبد القادر الفاكهي عبد القادر بن أحمد الفاكهي، المكي، كتب إلى

عبد القادر المرشدي

شيخ الإسلام الوالد بخطه استدعاء يتضمن طلب الإجازة منه فأجازه الشيخ، وكان من أعيان العلماء بمكة، وكان موجوداً في سنة ست وسبعين بتقديم السين وتسعمائة وله شعر منه: قصدت إلى الوجازة في كلامي ... لعلمي بالصواب في الاختصار ولم أر من فهوم دون فهمي ... ولكن خفت إزراء الكبار فشأن فحولة العلماء شأني ... وشأن البسط تعليم الصغار عبد القادر المرشدي عبد القادر بن أحمد المرشدي، المالكي، الشيخ الإمام العلامة. أخذ العلم عن القاضي زكريا، والشهاب الرملي، والشهاب النجار، والفقه عن الشيخ ناصر الدين اللقاني، وبرع في زمانه، وكان الشيخ ناصر الدين يرسل إليه الأسئلة فيجيب عنها أحسن جواب، ثم كان يرجع الناس إلى قوله. أثنى عليه الشعراوي كثيراً، ووصفه بالقناعة، والزهد، والورع، وقيام الليل، وحسن الخلق، واحتمال الأذى، وهضم النفس، وحفظ الجوارح، وحلاوة المنطق، وحسن المعاشرة، والكف عن الغيبة، والحسد. تأخرت وفاته عن الشعراوي رحمه الله تعالى. عبد القادر الطرابلسي عبد القادر بن أحمد، الشيخ الفقيه، الورع، القانع، المتقشف، الشيخ زين الدين الطرابلسي، الشافعي، كان يحفظ الإرشاد، ويستحضر مسائله. أخذ الفقه عن شيخنا، وغيره، وكان يستنيبه في إمامة الأموي كثيراً، وجاءني يوماً شيخنا وهو معه فقال: إن الشيخ عبد القادر رأى رؤيا فأعجبتني، فأسمعها منه فقال: رأيت البارحة شيخ الإسلام والدك في النوم، فسألته عن مسألة فقال: سل عنها ولدي يجيبك. فقلت له: الشيخ شهاب الدين فقال: لا ولدي الشيخ نجم الدين مات رحمه الله تعالى في أواسط صفر سنة ألف. عبد القادر النعيمي عبد القادر بن عبد القادر بن محمد الشيخ محيي الدين النعيمي الشافعي، الفقيه المحدث، ولد في سنة اثنتين وتسعمائة، ودرس بالكوجانية والكلاسة، وتوفي في سنة سبع وسبعين بتقديم السين فيهما وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. عبد القادر بن النجار عبد القادر بن النجار، من سكان محلة مسجد القصب

عبد القادر بن العنبري

خارج دمشق. قال والد شيخنا: كان ملازماً للصلحاء، صحب الشيخ بركات بن الكيال: والشيخ شمس الدين بن يعقوب، سبط ابن حامد الصفدي، ولازمه، وكان يحفظ أوراداً، وله مطالعة في كتب فضائل الأعمال. توفي في سلخ جمادى الأولى سنة سبع بتقديم السين وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. عبد القادر بن العنبري عبد القادر بن محمد العاتكي، الخواجا المعروف بابن العنبري، كان من رؤساء دمشق، وله قوة بأس، وله اختلاط بالحكام، وغيرهم، وكان إبراهيم بن البيطار الخبيث صبياً له، ثم كان سبباً في ضرر ابنه محمد حين سعى في تجريسه بعد دمغه وتغريمه على يد كيوان الطاغية، وكان يومئذ سرداراً عند صوباشي المدينة، وكان الخواجا عبد القادر قد اختل مزاجه في آخر عمره، وحجر عليه ابنه محمد بأمر قاضي القضاة مصطفى أفندي ابن بستان، ومات في سنة ثمان وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة رحمه الله تعالى. عبد الكريم بن المنلا عبد الكريم بن محمد قاضي قضاة دمشق، عبد الكريم جلبي المنلا قطب الدين أفندي، ولي دمشق فدخلها يوم السبت ثاني رجب سنة ثمانين وتسعمائة، وعزل عنها في تاسع عشري المحرم سنة إحدى وثمانين بمحمد أفندي ابن بستان، وورد الخبر بعزله إلى دمشق في ثاني عشر صفر منها. عبد الكريم الوارداري عبد الكريم الوارداري. مفتي الشام، ومدرس السليمانية بدمشق، ثم السليمية بإسلام بول. كان فاضلاً عالماً عابداً متعبداً على مذهب الشافعي، مع التمسك بمذهبه، وكان معتقداً لسنان باشا الوزير، ومات بالقسطنطينية في حدود سنة سبع وتسعين بتقديم السين، في الأولى وتأخيرها في الثانية وتسعمائة رحمه الله تعالى. عبد اللطيف بن منجك عبد اللطيف بن أبي بكر بن عبد القادر بن أبي بكر بن إبراهيم بن منجك، الأمير زين الدين الفاضل الكامل الذكي المحصل البارع، سمع من الشيخ الوالد كثيراً، وحضر دروسه، وقرأ في الفقه وغيره، على الأخ شهاب الدين، وكان يحب العلماء، والصالحين، ويزورهم، ويزور قبورهم، وكان يحب مطالعة الكتب، والتواريخ شافعي المذهب، حسن الاعتقاد، وله حظ حسن على طريقة نسخ العجم، وكان حلو المحاورة، ظريف الشمائل، وللشيخ شهاب الدين الأخ رحمه الله تعالى فيه: الاسم عين المسمى ... دليل قولي لمن شك

عبد اللطيف ابن الباشا

لطف وظرف حواه ... عبد اللطيف بن منجك استكتب نسخة من الحكم لابن عطاء الله، وبالغ في تحسينها، وجدولها باللازورد والذهب فكتب له عليها الأخ: أكرم بها نسخة بالسعد طالعها ... يا فوز من قد غدا يوماً يطالعها إن المنازل قد حلت مطالعها ... يا حسنها نسخة تزكو مطالعها لها لما قد حوت من رائق الكلم نديمة لم تزل حيث النديم سكت ... وكم حوت حكماً بين الورى ونكت عبد اللطيف حوت لطفاً به فزكت ... صحت وقد لطفت أجزائها فحكت لطف النسيم وحاشاها من السقم وكان الأمير عبد اللطيف جواداً سخياً له تواضع، وتودد، وحشمة، ومروءة. حدثني من أثق به أنه لما كان بطرابلس، كان ممن يعاشره الشيخ محمد بن عبد الحق الشافعي، أحد فضلاء طرابلس، وكان رجلاً فقيراً متقللاً، فخرج إلى حاجته، وتحملها إلى السوق، فاشترى الأمير عبد اللطيف عبداً اسود صغيراً، وقال لابن عبد الحق، خذ هذا الفتى عندك يخدمك حتى تسافر إلى دمشق، فلما أراد الرجوع إلى دمشق كتب رقعة بأن الشيخ محمد بن عبد الحق أوصله ثمن العبد، وسافر الأمير عبد اللطيف إلى الروم، وأخذ أنظار أوقافهم عن عمه الأمير إبراهيم، ولم يتم له التصرف حتى مات عمه، فاشتغل بالنظر والتصرف دون شهر، ثم مرض وطالت مرضته حتى توفي ثاني عشر شوال سنة إحدى وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة، ولما وقع في النزاع أخذ يقرأ سورة الإخلاص، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات وتولى النظارة بعده الأمير محمد بن منجك رحمه الله تعالى. عبد اللطيف ابن الباشا عبد اللطيف بن عبد الرزاق الأنطاكي الأصل الحلبي المولد، الحنفي المذهب، المعروف بأنطاكية بابن الباشا سبط الحاج محمد ابن الشيخ المحدث أقضى القضاة برهان الدين إبراهيم الرهاوي الشافعي. قرأ النحو، والكلام على الشيخ المعمر منلا جمال القصيري. الحنفي تلميذ الشهاب أحمد بن كلف الأنطاكي، والفقه علي محمد جلبي ابن رمضان خطيب الجامع الكبير بأنطاكية، ثم رحل إلى حلب، فأخذ عن ابن الحنبلي أصول الفقه، ثم عاد إلى بلده، وتزوج بابنه الشيخ محمد بن عبدو القصيري، وأخذ عنه الطريق، وصار يعظ الناس بأنطاكية، ويدرس بجامعها، وتأخرت وفاته عن شيخه الحنبلي رحمه الله تعالى.

عبد اللطيف بن الكيال

عبد اللطيف بن الكيال عبد اللطيف ابن الشيخ زين الدين الكيال، الشافعي. كان يؤدب الأطفال، وصار واعظاً بالجامع الأموي بدمشق، وكانت له شيبة نيرة. توفي سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. عبد اللطيف بن المزلق عبد اللطيف بن يحيى بن محمد بن حسن بن المزلق. كان رجلاً شهماً. عالي الهمة، وله مروءة تامة، ورئاسة وسخاء غير أن بضاعته في العلم كانت مزجاة، وربما رجعت إليه الناس في بعض أمورها وقضاياها، فيصلح بينهم، وكان له منزلة عند الناس، وله حرمة وافرة على سكان وقفه. وأهل محلته، وربما رمي بهوى الغلمان تولى قضاء الكرك سنة تسعين وتسعمائة، وباشر الحكم بها، ثم انفصل عنه، ولازم رئاسته، وكان ما يأتيه من أوقافه، ومن هدايا الناس يكفيه، وكان يتودد إلى الناس على عجب فيه، وآثار الحشمة لائحة عليه، وأخبرني شيخنا الشيخ العيثاوي رحمه الله تعالى أنه أول ما جاء للطلب إلى الشيخ نور الدين السنفي، وجده مقسماً للمنهاج بين أربعة أحدهم صاحب الترجمة، وكان درسه في الجراح، وكان الشيخ يستشعر منه العجب والخيلاء، فأخذ الشيخ يقرر له ما لو تعددت الجنايات، فإنه تكمل الدية في عضو عضو، وتتعدد بتعدد الأعضاء، فلو قتل رجل الجريح كان فيه دية، فجعل يقول له: فلو جاء فقلع عينيك كان فيه دية، ثم قطع أذنيك كان فيها دية، ثم سل لسانك كان فيها دية حتى قال له: ثم سل خصييك، ثم قتلك لم يكن في النفس إلا دية واحدة. قال: فجعل صاحب الترجمة يحمار وجهه، ثم قام من المجلس، فلم يعد إليه، فلما انقطع قال الشيخ نور الدين لشيخنا: يا شيخ أحمد إقرأ أنت قسم الجراح، وكانت وفاة صاحب الترجمة ليلة السبت ثالث رمضان سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة، ودفن بتربتهم عند مسجد الذبان خارج باب الصغير رحمه الله تعالى. عبد المجيد بن الكيال عبد المجيد بن يحيى بن إبراهيم بن قاسم بن الكيال العالم الفاضل في علم الميقات وغيره، وهو والد الشيخ محيي الدين الآتي ذكره. مولده سنة أربع عشرة وتسعمائة. قرأ على الوالد البخاري رواية، والمنهاج تصحيحاً، وسمع دروسه، وأجاز له، وكانت وفاته في صفر سنة تسع وسبعين بتأخير السين في الأول، وتقديمها في الثاني وتسعمائة رحمه الله تعالى. عبد النافع الدمشقي عبد النافع بن محمد بن علي بن عبد الله بن عراق

القاضي سري الدين بن حمزة الدمشقي الأصل، الحجازي، الحنبلي، أولاً، ثم الحنفي ورد الشام ثم حلب مع أخيه الشيخ علي في سنة ثلاث وخمسين وارداً إلى الروم، وأخذ هو وأخوه عن الشيخ الوالد كان فاضلاً لبيياً، ديناً، حسن المحاضرة، مأنوس المعاشرة، صاحب فصاحة وشعر، لطيفاً قال ابن الحنبلي: استنشدته من شعره فأنشدني مورياً: إن الغرام حديثه لي سنة ... مذ صح أني فيه غير مدافع يا حائزاً لمنافعي ومملكاً ... رقي، تهن، برق عبد النافع قال: وألف تأليفاً قيماً: المحصل، في جواب أي المسجدين أفضل، أهو القائم بالعبادة المعمور، أو الدائر العادلي المهجور، قال: وعاد ثانياً إلى حلب سنة ثمان وخمسين وتسعمائة انتهى. ومن شعره في تقريظ منظومة الأخ الشيخ شهاب الدين نزهة المطالع، في رياض المطالع، ومن وزنها وقافيتها: أتى نظم الكواكب بالدراري ... من المولى الشهاب المستنير فتم له مطالع نجم سعد ... مطالعها غني عن كثير إمام كامل فطن بهي ... أتى بالدرمن بحر البحور كواكب فهمه ذات اتقاد ... بها لقد اهتدى كم من بصير فناظمها سنا زان الدراري ... ولم لا وهو من بدر منير وذاك هو الإمام ومن ضياه ... بأفق العلم فاق على البدور أجل شيوخنا فرع الرضي ... الإمام الماجد الحبر الكبير أدام له إله العرش جمع ... الولاية والعلوم وكل نور وعبد النافع ابن عراق عبد ... تهجم راجيا عفو الغفور بأحرفها كمن أهدى تميرا ... إلى هجر على طبق صغير ولكن عادة الأخيار جبر ... لكل كسير قلب أو فقير توفي رحمه الله تعالى في سنة اثنتين وستين وتسعمائة.

عبد النبي المقدسي

عبد النبي المقدسي عبد النبي بن محمد بن عبد القادر بن عبد العزيز بن جماعة المقدسي، الشافعي، الشهير بالكرم والسخاء. أخذ عن والده الشيخ محيي الدين، وعمه أجاز لابن كيسان في ذي القعدة سنة أربع وسبعين وتسعمائة، وبقي حتى مات بعد التسعين وتسعمائة فيما أظن رحمه الله تعالى. عبد الوهاب بن محمد عبد الوهاب بن محمد، الشيخ العلامة تاج الدين إمام الجامع الأموي، الحنفي. كان مئذناً في مسجد أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه داخل قلعة دمشق، ثم اشتغل في الفقه على الشيخ عبد الصمد العكاري، وعلى الشيخ شمس الدين بن طولون، وتصدر للتدريس بالجامع الأموي، فأفتى وتولى خطابة السليمية، وإمامة الحنفية بمقصورة الأموي، ثم ضم إليه الشيخ ناصر الدين الطرابلسي والد الشيخ علاء الدين. ولما توفي الشيخ أبو البقاء البقاعي خطيب الأموي قرر مكانه في الخطابة في سنة ست وستين وتسعمائة، ثم وجهت الخطابة بعد أربعة أشهر إلى الشيخ نجم الدين البهنسي، فرجع الشيخ عبد الوهاب إلى خطابة السليمية، وأخذ وظيفة الوعظ بالجامع الأموي يوم الأربعاء في الأشهر الثلاثة عن الشيخ علاء الدين بن صدقة، وكان له قراءة حسنة، ومعرفة بالموسيقى، وكان قليل الإختلاط بالناس، وكان له اعتقاد في شيخ الإسلام الوالد، ومحبة له لا يذكره إلا مشيداً له معظماً لشأنه، وكان إذا اجتمع به يقبل يديه، ويعد ذلك قربة، وكان كوسجاً جهوري الصوت له نهزات في القراءة، وربما انقطع نفسه، فوقف في غير حد الوقف حتى مر به الشيخ شهاب الدين الطيبي الشافعي إمام الشافعية رفيقاً للشيخ عبد الوهاب، فسمعه يقرأ في سورة النمل، فوقف على أنا من قوله تعالى: " قال عفريت من الجن: أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك " فأنشد الشيخ الطيبي: قد رأينا عجباً إذا الزمنا ... إمام قوم جنسه من جنسنا سمعته وكان يقرأ معلناً ... قال عفريت من الجن أنا توفي سنة ثمانين وتسعمائة، وأرخ وفاته ماماي الشاعر، فقال ما كتبه على قبره: ذا قبر أعلم الورى ... بحر العلوم الواضحة بعبد وهاب سمي ... والنفس منه صالحة كان إمام الأموي ... حاز المعاني الراجحة ياقارئاً تاريخه ... هلا هديت الفاتحة

عبد الوهاب العاتكي

عبد الوهاب العاتكي عبد الوهاب بن محمد الشيخ الفاضل العلامة تاج الدين الأبار الدمشقي العاتكي خطيب جامع التوريزية، وابن خطيبه. كان فاضلا، بار مقرئاً، مجيداً حسن الخط يميل إلى الأدب. توفي في حدود سنة إحدى وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، ودفن عند والده بتربة الدقاقين بالقرب من مسجد الطالع بحارة قبر عاتكة خارج دمشق رحمه الله تعالى. عبد الوهاب العسكري الحنبلي عبد الوهاب بن محمد العسكري الحنبلي. كان له مشاركة في العلم، وكان له قراءة حديث بالجامع الأموي، وكان يقرأ في صحيح البخاري في الثلاثة الأشهر بين الصلاتين عند باب العنبرانية قراءة حسنة مجردة عن الدراية والتقرير، وكان له جزء بالأموي، ولما مات السيد حسين ابن السيد كمال الدين بن حمزة تزوج زوجته، وأحسن تربية ولديه السيد زين العابدين، والسيد محمد، وأقرأهما في بدايات العلم وكان قريباً منه في الفضيلة. ولما ولي تولية الجامع الأموي حسن جاويش، المعروف بشويريزي حسن. أخذ يحرض الناس على المباشرة، فجاء الشيخ عبد الوهاب يوماً لقبض علوفته منه في المصرف، فقال له: أنا لا أعطيك العلوفة لأنك لم تباشر، فقام الشيخ عبد الوهاب المجلس مغتاظاً، ومرض ومات في حدود الألف عن نحو سبعين سنة رحمه الله تعالى. عبد الوهاب الحلبي عبد الوهاب الحلبي ابن إبراهيم بن محمود بن علي محمد بن محمد بن ممد بن الحسين الشيخ الإمام العلامة تاج الدين العرضي الأصل، الحلبي الشافعي شقيق قاضي القضاة شمس الدين تفقه على البرهان العمادي وغيره، وسمع من الزين عمر بن الشماع محدث حلب جميع ثلاثيات البخاري، وجزء أبي الحمد العلاء بن موسى بن عطية، وأجاز له وأفتى، ودرس بجامع حلب الأعظم، وأئم به، ولما دخل الوالد حلب للسلام عليه، وهو يومئذ مفتي حلب، ووصفه الشيخ في رحلته بالعالم البارع في فنون العلوم ومات بحلب في أواخر شعبان، أو أوائل رمضان سنة سبع وستين وتسعمائة. قيل: إن أهل حلب أغلقت أسواقها يوم موته رحمه الله تعالى. عبد الوهاب بن ذوقا الشعراني عبد الوهاب بن أحمد بن علي

عبد الوهاب بن الصلتي

أحمد بن محمد بن ذوقا بن موسى بن أحمد السلطان بمدينة تونس. في عصر الشيخ أبي مدين بن السلطان سعيد بن السلطان قاشين بن السلطان يحيى بن السلطان ذوقا ينتهي نسبه إلى محمد بن الحنفية رضي الله تعالى عنه الشيخ العالم العارف الشعراني نسبة إلى قرية أبي شعرة المصري الشافعي الصوفي قرأ على زين الدين المحلي شرح المحلي على جمع الجوامع، وحاشيته وشرح العقائد للتفتازاني، وحاشية ابن أبي شريف عليه، وشرح المقاصد، وشرح الفصول لأبي طاهر القزويني، وعلى الشيخ نور الدين الجارحي المدرس بجامع الغمري شرح ألفية العراقي للمصنف وشرح الشاطبية، وغيره، وعلى النور السنهوري الضرير الإمام بجامع الأقمر عدة كتب منها شرح نظمه للجرومية، وشرح شذور الذهب، وشرح الألفية للمكودي، وعلى المحقق منلا علي العجمي بباب القرافة قطعة من المطول، والعضد وقطعة من البيضاوي، وعلى الصافي، وعيسى الأخنائي، والشرف الدمياطي الواعظ بالأزهر كل منهم قطعة من المنهاج، وعلى القسطلاني كل المواهب، وغالب شرحه للبخاري، وعلى مجلى قطعة من شرح المنهاج للمحلي هو، الشيخ أبو الحسن البكري، وعلي النور ابن ناصر من شرح المنهاج حلي أيضاً إلى أثناء الحج، والنور الأشموني قطعة من شرحه على المنهاج الذي نظمه، وشرح نظمه لجمع الجوامع، وعلى القاضي زكريا شرحه على الروض إلى باب الجهاد، وشرحه للرسالة، ومختصرة لآداب القضاء، وشرح التحرير، وغير ذلك وعلى الشمس الحنبلي قطعة من تفسير البغوي، وعلى البرهان القلقشندي قطعة من شرح المنهاج، وأجاز له، وعلى الشيخ شهاب الدين الرملي الروضة إلى أثناء الخيار، والأعفاف وطالع الكتب مطالعة كثيرة، وكان رحمه الله تعالى من آيات الله تعالى في العلم، والتصوف والتأليف، له طبقات الأولياء ثلاث، والعهود والسنن، وغير ذلك وكتبه كلها نافعة، وقد ثلت كتبه على أنه أجتمع بكثير من العلماء والأولياء والصالحين توفي رحمه الله تعالى في حدود السبعين وتسعمائة. عبد الوهاب بن الصلتي عبد الوهاب بن عبد الوهاب السيد تاج الدين الصلتي، ثم الدمشقي نقيب الأشراف بدمشق. مولده سنة خمس وثمانين وثمانمائة تقريباً، واجتمع بسيدي علي بن ميمون، وسيدي محمد بن عراق، وكان وكيل قاضي القضاة ولي الدين بن الفرفور، وخدم الشيخ تقي الدين أبن قاضي عجلون، وقرأ على الشيخ تقي الدين

عبيد بن عمر العيثاوي

القارىء ربع العبادات من المنهاج، ولم يكن له فضيلة في شيء من العلوم غير أنه كان ب الحكام، فتولى نظر القيمرية، ثم ترقى، فصار ناظر الأموي، وحج سنة ستين وتسعمائة، ثم تولى نظر النظار، وحصلت له ولولده السيد محمد محنة وشدة، وسافرا إلى الروم، وصرفا أموالاً كثيرة بسبب مضاهاتهما للقاضي كمال الدين الحمراوي، وولي نظارة السليمية، وعدة أنظار ووظائف، وكان هو وولده يمطلون الناس في معاليمهم حتى قال شيخ الإسلام الوالد له: أكلت معاليمنا جهرة ... فإما حراماً وإما حلالاً فان قلت حلاً فاذا ردة ... وإن قلت حراماً أتيت ضلالاً وهي قصيدة طويلة. وله فيه وفي ولده عدة مقاطيع، وكان السيد تاج الدين يلثغ بالراء، ووقعت لولده محنة اتهم فيها بقتل، فشكا حاله، وبث حزنه للشيخ الوالد، فكان يقول: ظلموا ولدي، واتهموه، ووالله أنه لبغيء مما اتهموه يريد أنه بريء فقال الولد وتلطف: قد جاءني التاج يوماً ... يقول: أنت غضي وإن نجلي ندب ... مثل السحاب غوي قد اتهموه بقتل ... إنه لبغي يريد رضي، وروي، وبري. فخرج من لثغته خلاف بغيته. مات في سنة تسع التاء المثناة وسبعين بتقديم السين وتسعمائة. كنا علقته من خط بعض العصريين رأيت في بعض تعاليقي بخطي أنة مات يوم السبت ثاني عشري ذي القعدة سنة اثنتين ووتسعمائة، وأنه كان قد انقطع سبع سنين، وبقي في بيته، وأنه دفن في تربة الشيخ أرسلان لصيق ولده السيد محمود رحمه الله تعالى. عبيد بن عمر العيثاوي عبيد بن عمر الشيخ الفاضل الصالح زين الدين العيثاوي الشافعي. كان ديناً، متقللاً من الدنيا، محافظاً على الأوراد في الصباح، وفي وله قيام في الليل، وغير ذلك من الكتب والإقراء والفوائد، وكان إماماً ثانياً بجامع الميدان الحصا خارج دمشق. ولما قربت وفاته بني له قبراً بتربة الجورة بميدان الحصا، ثم نزل فيه، وتمدد فيه، ثم قام ومضى إلى منزله، وصار يتكلم مع تقي الدين البزه فبينما هو حصلت له حالة شخص فيها ومات، كما قرأته من خط والد شيخنا ليلة الجمعة تاسع عشري صفر سنة ست وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، ودفن في القبر الذي حفره لنفسه قبل صلاة الجمعة رحمه الله تعالى. عثمان بن أحمد الحوراني عثمان بن أحمد الحوراني الشاغوري الواعظ يوم

عثمان باشا الوزير

السبت في الثلاثة أشهر بجامع دمشق الأموي باشر الوعظ نيابة عن الشيخ شرف الدين الحكيم خطيب الجامع سنين، ثم فرغ له عنه، وكان يعظ من الكراريس بعبارة فصيحة، وصوت جهوري مقبول التأدية، حسن الطريقة، وكان يعظ النساء في البيوت، فيقبلن عليه، ويفهمن وعظه، وكان له خط حسن كتب كتباً كثيرة، وألف في الوعظ وغيره مؤلفات منها: الإرشاد إلى الطريق الرشاد وبلوغ المنى في أسباب الغنى، والإشارات إلى أماكن الزيارات وإرشاد الطلاب إلى معاشرة الأحباب. مات ليلة السبت سابع ذي القعدة الحرام سنة ألف رحمه الله تعالى. عثمان باشا الوزير عثمان باشا الوزير الأعظم مات ببلاد العجم بعد أن فتح أوائل صفر سنة أربع وتسعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. علي بن محمد بن حمزة علي بن محمد بن حمزة السيد الشريف نقيب الأشراف بدمشق القاضي علاء الدين بن السيد كمال الدين مفتي دار العدل ابن حمزة الحسيني، الشافعي. مولده يوم الخميس سادس ربيع الأول سنة ثمان وتسعمائة أخذ عن والده وغيره، وكان يلازم دروس شيخ الإسلام والدي، ويجلس عن يمينه في الدرس، وكان يتردد إليه كثيراً، ويتودد له، وكان من أذكياء الناس، وكان يبدل القاف همزة. له قبول تام، ومباسطة في الكلام صاحب نكتة ونادرة، لطيف المعاشرة، حلو المحاضرة، ولي عدة أنظار وتداريس، وكان نائباً شافعياً بباب القاضي بعد أن تنقل في النيابة عن القضاء من قناة العوني إلى الكبرى، ومن الدهيناتية إلى الباب، وكان يحكي أن فلاحاً أهدى إليه مرة من سطل لبن، وقال له: يا مولاي القاضي، أنا رجل لم أدرك الأمور الشرعية، ولي عند رجل دين، وهو يجحده، فأحضره في غد، وأنا أطلب منك أن تساعدني عليه، فإني ما دخلت المحكمة قط، وما وقفت بين يدي ظالم. فضحك القاضي حتى استلقى على قفاه، وكان يحكي هذه القصة. وله نوادر ونكت ولطائف من هذا القبيل، وكان يقول: ثلاثة تجلب السرور غسل البلاط الرخام، والأكل في آنية الصيني، والاستصباح بالشمع العسلي. وكان يقول: إن الناس يقولون أن القاضي يأكل. سبحان الله، وإذا لم يأكل يموت يتلطف بالإبهام، فإن معنى قوله: القاضي يأكل الكناية عن الرشوة، وهو يحوله إلى الأكل الحقيقي أي إذا لم يأكل الطعام بالكلية ينتهي أمره إلى الموت، وربما قال: وإذا لم يأكل فكيف يعيش. وتوفي يوم الأحد سابع عشري ذي القعدة الحرام سنة تسع بتقديم التاء المثناة وثمانين وتسعمائة، وقد جاوز الثمانين.

علي بن محمد العسيلي

علي بن محمد العسيلي علي بن محمد، الشيخ العلامة، الأديب نور الدين العسيلي المصري، الشافعي، المفنن في العلوم النقلية، والعقلية، له حاشية على كتاب المغني في النحو وله يد طولى في الكلام، والعقائد، وذكره الشعراوي فأثنى عليه بالخشية، والبكاء عند سماع القرآن، والتهجد فإن الغالب عليه أحوال الملامتية، وأن غالب أعماله قلبية، وذكره ابن الحنبلي في تاريخ حلب، وذلك أنه سافر إلى بلاد الروم في حدود سنة أربع وثلاثين، فدخل بلاد الشام واجتمع به ابن الحنبلي، إذ ذاك، وأورد له من نظمه نبذة منها قوله محاجياً في صباح: أيا مولى له عن ... مقام الفضل غيبة أبن قول المحاجي ... يقول بئراً بطيبة. وأنشد له مطلع قصيدة: رعى الله ليلة وصل خلت ... خلوت بها وضجيعي القمر صفت عن رقيب وعن عاذل ... فلم تك إلا كلمح البصر وقد قصرت بعد طول النوى ... وما قصرت مع ذاك القصر ومن محاسن قوله في عبد له اسمه فرج: لكل ضيق إذا استبطأته فرج ... وكل ضيق أراه فهو من فرج وكان الشيخ نور الدين من أخص الناس، بالشيخ محمد بن أبي الحسن البكري، ولما ورد شيخ الإسلام الوالد القاهرة، سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة ذاهباً منها إلى الحج أضافه تلميذه الأستاذ محمد البكري، فاتفق للشيخ، الوالد أنه اجتمع به في الضيافة الشيخ نور الدين العسيلي فجرى في المجلس ذكر الخادم للزركشي. فقال: الشيخ نور الدين اختصر بعضهم في كتاب سماه تحرير الخادم فأخذ يطنب في استحسان هذه التسمية قال شيخ الإسلام: وهي في الحقيقة تسمية حسنة، لكن عن على اللسان ما نظمته بديهة فقلت:

علي بن أحمد البغدادي الحنبلي

تعجب نور الدين من صنع بعضهم ... يلقب تصنيفاً بتحرير خادم فقلت له لا حسن فيه لأنه ... بتحريره لا نفع فيه لعالم فمع رقه استخدامه متحتم ... ومع عتقه استخدامه غير لازم تأخرت وفاته عن وفاة الشيخ عبد الوهاب الشعراني رحمهما الله تعالى. علي بن أحمد البغدادي الحنبلي علي بن أحمد بن علي بن البهاء، الشيخ علاء الدين ابن الشيخ شهاب الدين البغدادي الحنبلي. قرأت بخط شيخنا شيخ الإسلام شهاب الدين أحمد العيثاوي أنه كان صالحاً، عابداً، زاهداً، يتقي الشبهات، ويتجنب الشهوات، قابضاً على دينه، ملازماً للطاعات والقربات، وكان ممن لزم قدوة العارفين سيدي محمد بن عراق، وكان واعظاً يعظ الناس بمواعظ حسنة لها موقع في قلوب المؤمنين، وكان ممن أخذ عن أبيه، وعن الشيخ سراج الدين عمر بن علي بن عثمان بن صالح الصيرفي، التقوى ابن قاضي عجلون، والسيد كمال الدين، والشيخ رضي الدين الجد، وعن شيخ الإسلام والدي، فقرأ جانباً من البخاري، وشيئاً من الجرومية، وشرحها للشيخ علاء الدين البصروي، ومن شرح الألفية للمكودي، وقليلاً من المغني، وقرأ عليه مؤلفه المسمى بالدر النضيد، في آداب المفيد والمستفيد، وكتب منه عدة نسخ، واشتغل بكتابة مؤلفات الشيخ الوالد، وترجمة الشيخ بأنه من الفضلاء الصلحاء المباركين. قال شيخ الإسلام الوالد: وأخبرني أنه رأى بخط والده أن مولده أوائل الساعة الثالثة من نهار الثلاثاء خامس المحرم سنة اثنتين وتسعمائة انتهى. وقرأت بخط شيخنا أنه توفي يوم السبت ثامن عشري رمضان المعظم سنة خمس وسبعين، بتقديم السين وتسعمائة، وصلي عليه بالأموي قبل الظهر، ودفن بمقبرة باب الفراديس، ولقنه الشيخ شهاب الدين رحمه الله تعالى. علي بن أحمد القرافي علي بن أحمد بن علي بن عبد المهيمن بن حسن بن الشيخ نور الدين القاهري، الشافعي، الشهير بالقرافي. أخذ عن الديمي، والقاضي زكريا، والبرهان بن أبي شريف، والصابي، واللقاني، والشبلي، والنور المحلي، ولعله مات قبل الثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. علي بن إسماعيل بن عماد الدين الشافعي علي بن إسماعيل بن

موسى بن علي بن حسن بن محمد الشيخ الإمام العلامة، اللوذعي، والألمعي الفهامة، الشيخ علاء الدين الدمشقي، الشافعي الشهير بابن عماد الدين، وابن الوس بكسر الواو، وتشديد السين المهملة. كان أبوه سمساراً في القماش بسوق جقمق. مولده كما رأيت بخط الشيخ يحيى بن النعيمي ليلة السبت خامس عشري رجب سنة سبع عشرة وتسعمائة. لازم في الفقه الشيخ تقي الدين القاري وغيره، وأخذ الحديث عن جماعات منهم الشيخ شهاب الدين الحمصي، ثم الدمشقي الخطيب، وعن الحافظ برهان الدين البقاعي وأخذ القراءات السبع بمضمون التيسير، والشاطبية، عن الشيخ تقي الدين القاري، عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن ابن الجزري والتفسير والعربية عنه أيضاً، وعن الشيخ شمس الدين بن طولون الحنفي، وعن الشيخ كمال الدين بن شقير، وفي الأصول على المولى أمير جان الكبائي التبريزي حين قدم دمشق حاجاً، وفي الكلام والحكمة على منلا حبيب الله الأصفهاني، وأخذ العربية أيضاً، والتفسير عن الشيخ مغوش المغربي، عن سيدي محمد السنوسي البوني الأصل، والكلام عن الشمس أحمد الشيرازي عن سيدي غياث الدين منصور، وقرأ المعاني، والبيان، والكلام على الشيخ أبي الفتح السبستري، وحج وقرأ بمكة على قاضيها ابن أبي كثير، واشتهر بدمشق أنه قرأ على شيخ الإسلام الوالد، ثم انحرف هو عن الشيخ، وصار بينهما ما هو مشهور، ثم رأيت شيخ الاسلام عدة في فهرست تلاميذه، ووصفه فيها بالشاب الفاضل، وذكر أنه قرأ عليه في الأذكار، وألفية ابن مالك وحضر دروسه كثيراً، وطالما كنت أريد أن أعرف السبب الداعي إلى نفرة الشيخ علاء الدين، عن أستاذه الوالد، فلا أرى من يخبرني به حتى حدثني الشيخ الصالح ولي الله تعالى يوسف الجيرامي، أحد جماعة الشيخ أحمد الدجاني المقدسي، أنه كان عند الشيخ الوالد، فذكر في المجلس الشيخ علاء الدين، وقلة أدبه معه مع أنه قرأ عليه، فقيل للشيخ الوالد: ما سبب الجفاء الحاصل من الشيخ علاء الدين لكم؟ فقال: سببه أنه كان مرة في مجلس درسي فضحك في المجلس، واستغرب في الضحك، فزجرته فقام، ولم يعد إلى الدرس ثم إن الشيخ علاء الدين بعد ذلك كان يؤذي الشيخ، والله يدفع عنه أذيته حتى حملته حميته، وكان جاراً للشيخ على أن تعرض لماء يجري إلى دارنا، وإلى سبيل بالقرب منها فقطعه، وأجراه إلى سكنه فقيل للشيخ: ألا تتصدى يا مولانا للانتصاف منه؟ قال: بل الله ينصفنا منه، ويكفينا إياه، فلم تمض سنة حتى مات الشيخ علاء الدين، فما خرجت جنازته حتى عاد الماء إلى مجاريه وقال الشيخ أبو الفتح المالكي في ذلك: قطعوا السبيل فعوقبوا ... قطعاً بمتصل الظما ونما السرور لهم به ... فرحاً وكان المأتما

قامت نوايح بل صوايح ... حول سافرة الدمى وتشتتوا بعد التفرق ... مزعجين عن الحما ما ضرهم لو أنهم ... سلكوا الطريق الأقوما لكنهم حسبوا الوقا ... حة والقباحة مغنما وتعرضوا بمساءة البدر ... المنير توهما وتناولوا من ماء ... ساحته الشريفة أسهما سروا بذلك برهة ... حتى إذا فرحوا بما والله يغفر للجميع ... تفضلاً وتكرما ولي الشيخ علاء الدين نيابة القضاء بمحكمة الميدان خارج دمشق، ثم نيابة الباب مدة طويلة، وأقامه بعض قضاة القضاة مقامه، وقد زار القاضي بيت المقدس، وكان أول توليته بمحكمة الميدان عوضاً عن الكمال الخضيري في يوم الجمعة، يوم دخول محمل الحاج إلى دمشق رابع عشر صفر سنة خمس وأربعين وتسعمائة، كما نقلته من تاريخ شيخه ابن طولون، ثم سافر الشيخ علاء الدين إلى الروم سنة ست وأربعين وتسعمائة، فعجب منه علماء الروم من فطانته، وفضيلته مع قصر قامته، وصغر جثته، وسموه كجك علاء الدين، ثم كانوا يضربون المثل به، وأعطي، ثم تدريس دار الحديث الأشرفية بثلاثين عثمانياً قال ابن طولون: وهو درس متجدد لم يكن بالدار المذكورة سوى مشيخة الحديث، ودخل دمشق يوم الأحد ثامن صفر سنة سبع وأربعين وتسعمائة، ودرس بدار الحديث المذكورة في قوله تعالى: " الله نور السموات والأرض " وحضره شيخه ابن طولون، والشيخ عبد الرحمن الشويكي مفتي الحنابلة، والشيخ علاء الدين بن صدقة، ثم أعرض عن نيابة القضاء، وأقبل على التدريس، وغلبت عليه المعقولات، وبلغني أنه ألف حواشي على شرح الألفية لابن المصنف وكان يقرىء، ويدرس، ويفتي ويدرس بالجامع الأموي، وبالأشرفية وبالعادلية الصغرى، وبالتقوية قال والد شيخنا: كان له سطوة، وكلمة نافذة، وسخاء للطلبة وولي تدريس المدرسة التقوية، ومشيخة الشامية البرانية، وغيرها، وأسكن فيها طلبة علم وصار يمدهم بالإكرام، والإطعام، ونبل قدره انتهى. وبلغني أنه كان يحفظ القرآن العظيم ويكثر تلاوته، وحفظ كثيراً من الكتب، وكان الناس يهابونه قاضي القضاة فمن دونه وكان له جرأة، وعشيرة باسطاً لحرمة، مقبول الشفاعة، يؤاسي الطلبة، ويحسن إليهم، وانتفع به كثيرون، وممن برع عليه الشيخ إسماعيل النابلسي، والشيخ عماد الدين، والشمس بن المنقار، والمنلا أسد، والشمس الصالحي، والشمس بن هلال،

والشيخ علاء الدين القباني، وممن أخذ عنه شيخنا، الشيخ شهاب الدين العيثاوي، وكان يحضر دروسه في المعقولات قال وأشار عليه: والدي بالأشتغال في الفقه فأقرأ في شرح الروض وقال لي: يوم ابتدائه فيه سلم على الشيخ، وقل له قبلنا أشارته، وأقرأنا في الفقه، وكان له شعر متوسط من أحسنه قوله: لولا ثلاث هن لي بغية ... ما كنت أرضى أنني أذكر عز رفيع وتقى زائد ... والعلم عني في الملا ينشر ولما كانت سنة إحدى وستين وتسعمائة منع الحكام، من شرب القهوة فقال الشيخ علاء الدين بن عماد، متعرضاً للشيخ أبي الفتح المالكي: قل لأبي الفتح إذا جئته ... قول عجول غير مستاني أدرك بني البرش على برشهم ... قد منعوا من قهوة البن وقال: اشرب من البن قهوة الندما ... وأدركن منها المباح فما أحلى من أين للفاضل الذي حكما؟ ... بماذا البن أنه حرما نقلا؟ واستفت في حلها لمن علما ... وأترك مقال الجهول والخصما ألا فلا تشبه لشربها الحرما ... قد نص أهل العقول والعلما أن لا ولما أمر قاضي القضاة ابن إسرافيل، أن يجعل لمأذنة العروس خمسة أهلة أوسطها أكبر، وكانت بهلال واحد، ففعل ذلك جلال الدين العامل، المتكلم، يومئذ على الجامع فوضعت أهلتها يوم السبت تاسع عشري شعبان سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة. قال الشيخ علاء الدين بن عماد الدين في ذلك: عروسة قد تردت ... من المحاسن حلة نقول ميقات وصل ... قران هذي الأهلة وعليه مؤاخذة في استعمال عروس بالتاء، وهو غير مسموع وإنما يقال عروس للذكر والأنثى كما في القاموس، وغيره فلو قال هذي عروس تردت لسلم من ذلك، وكانت وفاته بعد الظهر يوم الثلاثاء ثالث عشر شهر ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، وصلى عليه الوالد إماماً، وحضر الصلاة عليه علي أفندي قنالي زاده، وغيره من

الأكابر، ودفن بتربة باب الصغير، وقال ماماي مؤرخاً وفاته: قضى الإمام العلائي ... من كان بالحق يفتي وهاتف الحق نادى ... تاريخه مات مفتي وقال الطيبي تاريخه أعظ، وقال غيره تاريخ ظالم، وجمع الطيبي بين التواريخ الثلاثة في هذا البيت: أرخ موت ابن العماد العالم ... بمات مفتي واعظ وظالم واعظ مضارع، ولا يصح أن يكون أمراً، لأن الأمر عظ، وإنما سكنه في البيت لضرورة الوزن وقال الشيخ شمس الدين بن هلال يرثيه: على ابن عماد الدين تبكي الفضائل ... وتندبه في العالمين الفواضل به كان عقد الدهر من قبل حالياً ... ولكنه من بعده الآن عاطل عليه وألا لا تفيض مدامع ... عليه وألا لا يحدث ناقل وما كان ظني أن يوسد في الثذي ... وليس له إلا القلوب منازل فحسبك يا ريب المنون جناية ... وعلى الخلق أني من فعالك ذاهل ولكنني من بعده لست جازعاً ... ولا حذراً مما له الدهر فاعل دفعنا بك المحذور يا غاية المنى ... ولم أستطع دفع الذي بك نازل وإن أقفرت منك المنازل في المدى ... فإن فؤادي من خيالك آهل ففي حلب قد جاءني ما أساءني ... وكنت مقيماً وهو عني راحل فبينا أنا في السوق أبصرت ساعياً ... فقلت: غراب البين ما أنت قائل؟ عسى أنت لا تدري وليتك لم تكن ... فحسبك قل لي علك الآن ذاهل أجاب إمام العصر وسد في الثرى ... فسألت دموعي الهاطلات الهوامل؟ تأكذت من حزني ومن فيض عبرتي ... أكفكف دمعاً وهو كالسحب هاطل ولكنني أعددت للنوح والبكا ... بحارع دموع ما لهن سواحل ولو كنت أقضي بعض بعض حقوقه ... وما هو من إحسانه لي واصل ملأت جميع الأرض فيه قوافيا ... يرددها في الخافقين القبائل على أنني أستغفر الله فضله ... يقصر عن إدراكه المتطاول عليه من الرضوان ما يستحقه ... ورب البرايا بالزيادة كافل ولا زال منهلاً على قبره الحيا ... وبرد مثواه مسح وهاطل

علي بن إسرافيل قنالي زاده

علي بن إسرافيل قنالي زاده علي بن إسرافيل الإمام العلامة الأوحد المفنن الفهامة، علي جلبي قنالي زاده أحد الموالي الرومية المشهورين بالعلم والفضيلة. اشتغل في العلم على جماعة، واتصل آخراً بخدمة ابن كمال باشا، ودرس بإحدى الثماني، وولي قضاء دمشق، فدخلها في غرة ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، ولم يتأخر عن السلام عليه أحد إلا شيخ الإسلام الوالد لأنه انقطع عن التردد إلى القضاة وغيرهم، والشيخ علاء الدين بن عماد الدين المذكور قبله، فإنه كان مريضاً مرض الموت، فبادر القاضي إلى زيارة الشيخ الوالد في بيته، وعيادة الشيخ علاء الدين، ومات الشيخ علاء الدين بعد أيام، فحضر جنازته، وترحم عليه، ثم قرأ على الشيخ الوالد في الحديث، وأخذ عنه، وكان بينهما مطارحات، وكان عالماً متبحراً يميل إلى الأدب والشعر، ولعله أحسن علماء الروم شعراً، وكان يعتقد الشيخ شهاب الدين الطيبي، وأخذ عنه، واستكتب بعض مؤلفاته، وبقي بدمشق قاضياً نحو أربع سنوات، ثم عزل عنها، وأعطي قضاء مصر في ذي القعدة سنة أربع وسبعين وتسعمائة، ثم أعطي قضاء أدرنة، ثم إسلام بول، ثم قضاء العسكريين، ثم تقاعد عنه مقبلاً على مطالعة الكتب، والنظر في العلوم، وألف حاشية على حاشية حسن جلبي على شرح المواقف، وحاشية على حاشية شرح التحرير للسيد الشريف، وحاشية على شرح الدرر، ومن شعره ما أنشده الشيخ الإسلام الوالد: أرى من صدغك المعوج دالاً ... ولكن نقطت من مسك خالك فأصبح داله بالنقط ذالاً ... فها أنا هالك من أجل ذلك فأنشده شيخ الإسلام الوالد: ذا أصبحت مهتماً بمالك ... وحالك من صروف الدهر حالك فلا يحظر سوى خير ببالك ... لعل الله يحدث بعد ذلك ومن شعر علي أفندي: يا من يقيل عثار العبد بالكرم ... إذا أتاه من الزلات في ندم

أرشد بنور الهدى نفسي فقد بقيت ... من المظالم في ليل من الظلم بقيت من كرب الحرمان في كرب ... هب لي نسيم الرضى يا باري النسم ومنه: أنفق فإن الله كافل عبده ... فالرزق في اليوم الجديد جديد المال يكثر كلما أنفقته ... كالبئر ينزح ماؤها فيزيد وصار بينه وبين شيخ الإسلام مفاوضة في أبي حيان، وتلميذه السمين أيهما أمثل؟ فمال الشيخ إلى أبي حيان، وقال: إن كلامه أحسن وأجود، ومال الأفندي إلى ضد ذلك، ثم كتب بعد ذلك رقعة إلى الشيخ يتلطف فيها، وذكر فيها ترجمة السمين من كلام شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة، وفيها قوله: إنه ناقش أبا حيان في إعرابه مناقشات غالبها جيد، وصدر الأفندي رقعته بقوله: يا سيداً قدره في العلم مشتهر ... وهل رأى الناس قدراً غير مشتهر؟ يفوق فضلاً على أهل العلوم كما ... يفوق بدر جميع الأنجم الزهر بعثت قول إمام كان صنعته ... تبيان كعبة فضل رافع الحجر في ذكر ترجمة الشيخ السمين شها ... ب الدين أوردها كالنثر في الدرر إن شئتم فانظروا لا زال حضرتكم ... مؤيداً من إله الناس بالنظر فأجاب الشيخ الوالد رحمه الله تعالى بقوله: يا سيداً فاق أهل العصر قاطبة ... في كل فن على المقدار مشتهر ويا إماماً سما فوق الرؤوس علىً ... قد وافق الخبر من عليائه الخبر بعثت قول شهاب في الشهاب له ... نعت به طابت الأخبار والسير جاءت مناقشة منه لسيده ... إذ لاح من فكره من لفظه درر إن الأثير أبا حيان عمدتها ... به الأئمة في الآفاق تفتخر والكل مغترف من بحره نهلاً ... فالبعض معترف والبعض متنكر ثم السمين سمين من معارفه ... ليس التغير يعروه ولا الغير وليس ضائر كل من يناقشه ... والبحر صاف وقد يبدو به كدر والشمس والبدر قد يعروهما فتر ... والضوء والنور من هذين منتشر يكفيهما شرفاً منك الثناء ومن ... مولاه يوماً علي فهو منتصر واخترت رفع روي حيث ناسبه ... علاك يا شمس فضل زانها خفر

فارفع من جانبي حتماً لجانبكم ... وخفض عيشي من جدواك منتظر فكتب إليه الأفندي مجيباً وملتمساً: نظم من السيد الشيخ الإمام أتى ... كالنجم ملتمعاً والدر منتشراً علومه لجة لا غرو إن قذفت ... من خطة عنبراً من لفظه دررا كماله غير محصور، وليس يرى ... من يبتغي المدح إلا العي والحصرا أفاد حتماً بتفضيل الإمام أبي ... حيان أحياه من أحيا الورى وبرى إن الشهاب دخان مظلم فإذا ... دانى الأثير غداً نجماً يضي ويرى يرى الشهاب إذا أهدى مناقشة ... على الأثير وفي إعرابه سطرا كقيم الباغ قد يهدي لسيده ... برسم خدمته من باغه الثمرا لكن على الحضرة العليا يعرض إذ ... أمر على خاطر المملوك قد خطرا إن تخرج الشمس من أبحاثه وعلى ... الإنصاف يلقى عليه البحث والنظرا عسى يحصل من تحقيق سيدنا ... فوائد تحتوي الأوضاع والغررا ثم الروي تفاءلنا بفتحته ... منا لنا، ولكم والفتح والظفرا فكتب كل منهما رسالة اختار فيها عشرة أبحاث بين الشيخين، وسمى الوالد رسالته العقد الثمين، في المناقشة بين أبي حيان والسمين، وكتب فيها اثنى عشر بحثاً، ثم أرسلها إلى الأفندي، وكتب إليه معها: بحر طما وحلا واستخرج الدررا ... عقداً يرصف منظوماً ومنتثرا وامتد جعفر فضل للسوي به ... يحيى ربيع رباع أو خصيب برا وفاح عرف جنان أمطرت سحراً ... منه فأنعش قلباً كان مستعرا بنفحة منه أولى مثل ثانية ... من نفحة الصور يحيى خاطر فترا والعبد يفخر إن مولاه كاتبه ... أدى الأمانة عنه واقتفى أثرا ثم الولا أثره مستلزم وكفى ... ومن علي يواليه فقد نصرا والعبد ممتثل مرسوم سيده ... في جمع عشرة أبحاث له سطرا مما أثارته أفكار الأثير وقد ... بث الشهاب من قدحه شررا وأنت حاكمها الترضي حكومته ... وإنما العدل والإنصاف منه يرى وأنت حاكم هذا العصر سيده ... فاحكم بفكرك في العصر الذي غبرا فبحر فضلك لا تحصى عجائبه ... وروض فكرك يؤتي الزهر والثمرا لا زلت قدرك مرفوعة وقولك ... متبوعاً وحلمك مسموعاً على الكبرا

علي ابن أمير الشيرازي

ودمت في دولة دروية أبداً ... ما غاب كوكب أفق أو بدا سحرا مات بعلة النقرس في سنة تسع وسبعين بتأخير السين في الأول، وتقديمها في الثاني وتسعمائة رحمه الله تعالى. علي ابن أمير الشيرازي علي ابن الفاضل الصالح الورع علي ابن شيخ أمير الشيرازي صاحب الخط المنسوب. كتب مصاحف كثيرة، وكان يبيعها بأثمان غالية، وكتب تفسير ابن كمال باشا مرات، وتفسير أبي السعود وغير ذلك، ودخل دمشق فأخذ الحديث عن الوالد وغيره، ثم قطنها، وصاهره شيخنا الشيخ شهاب الدين العيثاوي مر بمجلس الشيخ الداوودي، فسمعه يذكر أن الموت بالطاعون شهادة، فحم من ليلته أو التي بعدها وطعن، ثم مات بعد يومين يوم الجمعة شعبان سنة ست وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة، وصلى عليه شيخنا بجامع الجوزة خارج الفراديس، ودفن بمرج الدحداح رحمه الله تعالى. علي بن بيوم النقطجي علي بن بيوم بن علي الرومي الأصل، الدمشقي الشيخ الصالح المسلك منلا علاء الدين المجذوب، المعروف بالنقطجي لأنه كان كاتب غيبة أصحاب الأجزاء بالجامع الأموي لينقط على كل من تأخر منهم عن الحضور للقراءة، فأطلقت عليه هذه النسبة التركية. أخذ عن الشيخ يونس الزبال، ولما مات تصدر صاحب الترجمة في مكانه الذي كان يقيم فيه الذكر بعد صلاة الجمعة بالجامع الأموي تجاه ضريح سيدي يحيي بن زكريا عليهما السلام من جهة القبلة، وسكن بزاويته بسويقة صاروجا، وعمر المغارة التي على كتف بانياس المعروفة بالنقطجية، ولما تولى نظارة الجامع منلا إسلام العجمي تسلط على النقطجي بلسانه، ولامه على مسامحة القراءة، وإغفال التنقيط، وكانت تفرش لمنلا إسلام طنفسة لطيفة عند باب الصنجق من قبل الظهر إلى العصر، ويجمع إليه ثمة الكتاب والجباة وغيرهم، فدخل يوماً الشيخ على النقطجي قبل حضوره، فرأى الطنفسة فأخذته حالة مزعجة، فجاء متحركاً حتى أخذ الطنفسة، ورفعها إلى أعلى قامته، وقلبها ورمى بها، ثم أخذ في الذكر والتهليل، وخرج من الجامع، فما مضى على الناظر ثلاثة أيام حتى مات. وكانت وفاة النقطجي سنة أربع وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

علي بن صدقة

علي بن صدقة علي بن صدقة، وقيل: اسم أبيه عبد الله، ولقبه صدقة بن علي بن صدقة الحلبي، البانقوسي، الشافعي، الصوفي، الشيخ علاء الدين العارف بالله تعالى الواعظ بالجامع الأموي صاحب الشعر الرائق، والكلام الفائق، على طريقة الصوفية. قرأ الفقه وغيره على الشيخ تقي الدين القاري، وفي العربية على ابن طولون، وذكره الوالد في تذكرة من أخذ عنه فقال: قرأ علي في الألفية، وحضر دروسي، وعنده جذب قال: ويغلب عليه الصلاح. واشتغل بالوعظ انتهى. وكان من العارفين المستترين على طريقة الشيخ عبد القادر بن حبيب الصفدي، وله شرح على رسالة الشيخ أرسلان رضي الله تعالى عنه كتبها شيخه ابن طولون بخطه في تعليقاته وهي تفصح عن مقام عال في الطريق، وحال شريف من أحوال أهل التحقيق، وكان يقرأ البخاري في بيوت الأكابر، وكان يخشع الناس من وعظه، فصيح اللسان لم يضبط عليه لحن في وعظه، وكان رفيقاً للشيخ علاء الدين بن عماد الدين، بل له عليه شيخية، وكان ابن عماد الدين يعاتبه على معاشرة العوام، ودخول القهوات، وكان يقول: مسكين يجالس المساكين، وكان يحب مجالسة الفقراء والضعفاء قيل: وكان يأكل الحشيشة، ويكثر من اللعب بالطاب والبرك، ويجالس أهل البطالات واللهو، وهذا وإن كان كذلك، فهو ملاميته فإن الملامية يخربون ظواهرهم، ويعمرون بواطنهم، وكان خشن العيش، قانعاً لا يبالي باللبس، وكتب إلى الشيخ علاء الدين بن عماد الدين: أضحى الإمام علاء الدين منفرداً ... بالعلمه والحلم والإيفاء بالعدة فإن وفا لي زماناً من مكارمه ... فإن لي ذمة منه بتسميتي وحدثني الشيخ أبو بكر ابن العدوي الكاتب، وكان تلميذ ابن صدقة أن الشيخ علاء الدين بن صدقة دخل يوماً على القاضي كمال الدين الحمراوي، فقال له القاضي كمال الدين: يا مولانا الشيخ علاء الدين ما الذي بينك وبين الشيخ علاء الدين بن عماد الدين حتى بلغنا أنه هجاك؟ فقال: يا مولانا نظماً أم نثراً؟ قال: نظماً، فأنشده ابن صدقة بديهة: أمولانا كمال الدين إني ... سأخبركم بمن قد قال عني أيهجوني بنظم ثم ينسى ... زماناً يستفيد النثر مني. ومن شعره:

علي بن النبك

رأيت في المرآة وجه الذي ... أضحى من الدنيا منى النفس فقلت للنفس انظري واشهدي ... بدر الدجى في دارة الشمس ومنه قصيدة: لما رأيت البيض قد جردت ... ناديت فيهم يا لسود العيون الخالبات الجالبات الهوى ... الفاتكات الفاترات الجفون فيا ظبا البان كفا بالظبا ... جرحتم قلبي فلا تقتلون ويا وشاة الحب ذي ادمعي ... ما قد جرى يملي فلا تكتبون أتعذلوني لو عرفتم لما ... كنتم، وحق الله لي تعذلون أهلة في الخمر لما بدت ... قالت بدور التم: منها استرون ما في سواد العين إلا هم ... وغيرهم ما في السويدا يكون يهون بذل الروح في حبهم ... وكل صعب في هواهم يهون وله ديوان شعر، وكل شعره مطبوع مقبول. مات بعلة الاستسقاء في رجب سنة خمس وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، وصلي عليه بجامع الجوزة خارج باب الفراديس بدمشق، ودفن بتربة الفراديس رحمه الله تعالى. علي بن النبك علي بن عبد الرحيم بن النبك أحد مريدي الشيخ يونس الهمداني والقيم ابن القيم ابن القيم بالجامع الأموي بحلب، والمبلغ بالحجازية. كان شيخاً معمراً بقي في القيامة والتبليغ ستين سنة، وسرقت له من داره أمتعة، فلم يتفحص عليها ولا تغير لسرقتها، فما مضت مدة يسيرة حتى أعيدت إليه. ذكره ابن الحنبلي، وقال: توفي في رمضان سنة ثمان وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. علي المقشاتي علي بن عبد الرحمن بن أبي بكر، الشيخ علاء الدين الحلبي المقشاتي، الصوفي، القادري، الأردبيلي حفيد الشيخ أبي بكر الدليواتي، صاحب المزار المشهور بحلب أدرك جده هذا، ولازم حلقة الذكر مع أتباعه، ولم يزل على ديانته ونورانيته يتعاطى أمر المقشات بحانوته، والناس سالمون من لسانه، ويده قال ابن الحنبلي: وربما صحبناه تبركاً به كما قال جدنا الجمالي: وصحب جده توفي سنة ثمان وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

علي الصالحي

علي الصالحي علي بن عبد الرحيم، الشيخ الصالحي، الشافعي تلميذ الشيخ العارف بالله سيدي إبراهيم التسيلي. كان له فضيلة، ومعرفة بالصالحين والأولياء، ويحدث عنهم، وكان شيخنا رحمه الله تعالى يعتقده، ويصطحب معه، وكان يحدثنا عنه كثيراً، وكان للشيخ علي صحبة مع الأخ الشيخ شهاب الدين رحمه الله تعالى وكان جاراً لنا بالمدرسة الملاصقة للجقمقية، والطبقة، والغرفة علوها، وهي التي كانت سكناً للشيخ علاء الدين بن عماد الدين، وتعرف بالخانقاه الأندلسية وكانت وفاته يوم الثلاثلاء سادس جمادى الآخرة سنة خمس وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. علي السنفي علي بن علي الشيخ الإمام العلامة، الفقيه النبيه الفهامة، نور الدين السنفي، المصري، ثم الدمشقي الشافعي. ولد بمصر سنة إحدى وتسعمائة، وأخذ الفقه وغيره عن القاضي زكريا، والبرهان بن أبي شريف، والبرهان القلقشندي، والكمال الطويل محمد بن علي بن محمد القاري، والجمال يوسف السلامي الشهير بالجمل النقيب بالأزهر، والعلامة شمس الدين محمد بن محمد الدلجي العثماني، والجمال الصافي، ويحيى الدميري، وناصر الدين اللقاني المالكي، والشمس محمد بن محمد النشيلي، والشمس الضيروطي، والبدر محمد بن أحمد بن محمد المشهدي، ونور الدين علي الكتامي بفتح الكاف، وبالمثناة فوق وبالميم وعطية الضرير، وخضر المالكي، والشهاب الرملي وغيرهم، وأخذ العربية عن الشيخ نور الدين اللقاني، وعن الشيخ عطية الضرير، والشيخ خضر المالكي، والثلاثة أخذوا عن الشيخ خالد الأزهري شارح التوضيح. ورد الشام وقطنها، وانتفع به الفضلاء كالشيخ إسماعيل النابلسي، والشيخ شمس الدين الحجازي، وشيخنا شيخ الإسلام شهاب الدين أحمد العيثاوي، والشيخ أحمد القابوني، والشيخ محيي الدين البكري، وتزوج بأمه، وولي نيابة القضاء بالكبرى، وتنزه عن المحصول برهة، ثم تناوله، وكانت وفاته بدمشق ليلة الأحد رابع شعبان سنة ثمان وسبعين - بتقديم السين وتسعمائة رحمه الله تعالى. علي دفتر دار الشام علي بن مراد دفتر دار الشام. كان له تودد إلى الناس، وكان إذا مر بالأسواق يسلم على الكبير والصغير، والغني والفقير، وهو الذي بنى الدار بالقيمرية، والجنينة بالقرب من جامع يلبغا من جهة الغرب. وأرضها وقف الحرمين، والآن

علي بن سنين

احتكرها فضل الله الرومي في حدود سنة ثلاثين وألف. وأحكرها بيوتاً، ومات علي جلبي الدفتر دار فجأة في سنة ثمانين وتسعمائة. علي بن سنين علي بن منصور، الشيخ العلامة علاء الدين بن سنين بالتصغير الطرابلسي مفتي طرابلس، الحنفي. أخذ عن علماء مصر، واجتمع بالوالد سنة اثنتين وخمسين بالقاهرة، وقرأ عليه غالب شرحه المنظوم على الألفية، وكتب له إجازة به وبغيره، وسافر إلى الروم، وكانت وفاته في بضع وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة عن دنيا عريضة قيل ترك اثني عشر ألف أصل من الزيتون غير التوت والأموال رحمه الله تعالى. علي بن موسى الحرفوشي علي بن موسى الأمير ابن الأمير ابن الحرفوش أمير بعلبك. دخل دمشق في يوم الجمعة ثامن عشر ذي القعدة سنة ثمان وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة صحبة يانظ إبراهيم، وجماعة من الينكجرية، فاجتمع بمحمد باشا ابن سنان باشا، وهو يومئذ نائب الشام، فأكرمه وهرعت إليه الناس للسلام عليه، ونزل في بيت يانظ إبراهيم، ثم قبض عليه بعد عشرة أيام، وحبس وعرض الباشا فيه إلى أبيه، وهو الوزير الأعظم يومئذ، وكان أبوه حين كان بالشام نائباً في سنة خمس وتسعين أراد القبض عليه، فهرب منه، فلما علم بإمساكه أنهى إلى حضرة السلطان أنه من العصاة، فأمر بقتله، فضربت عنقه داخل قلعة دمشق بعد صلاة العشاء ليلة السبت ثاني عشر المحرم سنة تسع وتسعين وتسعمائة، وأرسل رأسه إلى التخت السلطاني، ودفن جسده بباب الفراديس. علي الجيزي علي ابن الشيخ العلامة زين العابدين الجيزي المالكي. اشتغل على الشيخ ناصر الدين اللقاني حتى تبحر في علوم الشريعة. أجازه بالإفتاء والتدريس، وكان يرد شيخه إليه الأسئلة المشكلة، وكان مقتنعاً بالدون من الطعام، واللباس، حسن الأخلاق. ذكره الشعراوي، ولم يؤرخ وفاته رحمه الله تعالى. علي بن يوسف الرومي علي بن يوسف قاضي قضاة الشام أحد الموالي الرومية المعروف بابن حسام الدين. كان له طمع، ولما كانت قصة القابجي الذي أمسك بني خطاب، ومن كان معهم، وورد الحكم بقتله كان مساعداً فيها، وحكم بقتله، وحث محمد شاه ابن حسن بيك لربكي الشاه يومئذ على قتله، فقتل في سنة تسع وثمانين وتسعمائة، ثم انفصل.

علي الطحلاوي

علي الطحلاوي علي الشيخ الإمام العلامة الزاهد نور الدين الطحلاوي، المالكي. أخذ عن الشيخ ناصر الدين اللقاني، والشيخ فتح الدين الدميري، وأجيز بالإفتاء والتدريس، فدرس وأفتى وانتفع به خلائق. ذكره الشعراوي أيضاً، ولم يؤرخ وفاته رحمه الله تعالى. علي الطندتاي علي الشيخ العالم، الراسخ، المحقق الشيخ نور الدين الطندتاي الشافعي. أخذ الفقه عن الشيخ شهاب الدين الرملي، وقرأ على الشيخ ناصر الدين اللقاني وغيرهما، وأخذ الطريق عن الشيخ محمد الشناوي، والشيخ علي المرصفي، وكان يأمر إخوانه بالمعروف وينهاهم عن المنكر، وأجيز بالإفتاء والتدريس، فأفتى ودرس في حياة شيوخه، وكان شيخه الرملي يقول تحقيق المسائل في درس الشيخ نور الدين الطندتاي، وجمع فتاوي للخطيب الشربيني. ذكره الشعراوي في معاصريه، وذكر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، والشيخ نور الدين الشوني، إلى جانبه، والشيخ نور الدين الطندتاي إلى جانب الشوني، ورأى الشيخ شهاب الدين البلقيني، وجماعة المجلس جلوساً بعيداً عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: فقال شخص: يا رسول الله ما سبب قرب هذا منك، ولم يكن أكثرهم صلاة عليك. فقال: سبب ذلك كثرة تواضعه، وهضم نفسه، ولم يؤرخ الشعراوي وفاته رحمه الله تعالى. علي جلبي الحمصي علي جلبي بن هلال أخو الشيخ محمد بن هلال الحمصي من شعره: أقول لأصحابي عن القهوة انتهوا ... ولا تجلسوا في مجلس هي فيه وما كان تركي شربها لكراهة ... ولكن غدت مشروب كل سفيه وهذا قريب من قول أبي السعود مفتي الروم، وقد سئل عن القهوة. ما أكب أهل الفجور على تعاطيه، لا يحسن ممن يخشى الله ويتقيه، انتهى. عمر سلطان عمر بن محمد بن أبي اليمن محمد بن قطب الدين، الشيخ العلامة زين الدين بن سلطان الصالحي. الحنفي. أخذ الفقه عن عمه القطب ابن سلطان، وعن الشيخ شمس الدين بن طولون، وعن الشيخ عبد الصمد العكاري، والعربية عن الشيخ تقي الدين القاري، ودرس بعده في مدارس آخرها الجوهرية، ومات عنها، وكان يكتب على الفتاوى كتابة حسنة، ويقرر دروسه تقريراً حسناً، وكان يعرف العربية، ولزمته فيها، وهو أول مشايخي في العلم، وانتفعت به، ورأيت والدي رحمه الله تعالى في المنام، فأشار إلي بملازمته، وعرفني بأني أنتفع به، وكان بارعاً في العربية خلاف ما كان يظن فيه كثير، وكان

عمر بن محمد الكفرسوسي

كثير من الناس ينسبونه إلى التغفل، ولم يكن كذلك، بل كان فطناً ذكياً، وإنما كان على خلاف ما عليه الناس من التطرف، وكان طويل القامة، عريض الجسد، يلبس الأثواب السابغة، والعمامة الكبيرة الحسنة، وكان البطالون ممن يدعي العلم يلقبونه بالجمل، وربما قيل: جمل المحمل، وكان منجمعاً عن الناس، ملازماً دار الحديث الظاهرية. يتردد الناس إليه في الفتاوي وغيرها، وكان مسموع الكلمة موقراً عند الحكام وغيرهم، وكان يتردد إليه الناس للإصلاح بينهم، وكان طاهر العرض، عفيف النفس، يكرم زائريه، ويضيفهم، ويكف نفسه عما بأيديهم، وكان يستأجر قرية الإصطبل بالبقاع لقربها من وقف الجوهرية هناك، وسافر إلى البقاع مدة لأجل الإستغلال، فكان إذا ذكره حساد معاصريه. وقيل: أين الجمل؟ يقال: في الإصطبل حسداً وغيبة، وهو كان سالماً من مثل ذلك، وكان ينتفع المترددون إليه بكتبه مطالعة عنده، وعارية، واستكتب عدة كتب، ووقف كتبه آخراً، وحج في أواخر عمره، وصحب القطب الهندي وغيره بمكة، وصحب منها كتباً نفيسة، وكانت تبري له الأقلام، ولا يحسن بريها، وكان يكب على المطالعة ليلاً ونهاراً ما لم يكن عنده وارد. وبالجملة كان من أفراد عصره ديناً، وورعاً، وعلماً. توفي في غرة ربيع الثاني سنة سبع بتقديم السين. وتسعين بتأخيرها وتسعمائة، وصلي عليه بالجامع الأموي، وكانت جنازته حافلة رحمه الله تعالى. عمر بن محمد الكفرسوسي عمر بن محمد الصالح الواعظ زين الدين ابن شيخ الإسلام شمس الدين الكفرسوسي. أخذ عن والده، وكان له استحضار حسن للأحاديث النبوية والمواعظ. توفي يوم الخميس ثالث عشر ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. عمر بن الموقع عمر بن أبي بكر بن الموقع، القاضي زين الدين الشافعي. أخذ عن الشيخ يوسف العيثاوي، وولده شيخنا، وعن الشيخ إسماعيل النابلسي، وكان يقلده في الهيئة والعمامة واللباس إلا أنه كان قليل البضاعة من العلم. ناب في القضاء بمحكمة الصالحية، ثم بقناة العوني، ثم الكبرى، ثم الباب، ومات يوم الثلاثاء خامس عشري رمضان سنة أربع وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة بدمشق، ومات أخوه القاضي شهاب الدين بالروم في هذا اليوم، وهو من الإتفاق الغريب رحمه الله تعالى. عمر بن يوسف الحيسوب الحسني عمر بن يوسف، الشيخ الإمام العلامة زين الدين ابن الشيخ العارف بالله تعالى صلاح الدين البعلي، الحنبلي، عرف بابن أبي الحسن الحيسوب الفرضي الفقيه العالم مفتي بعلبك. حضر دروس الوالد، وسمع منه كثيراً، وأجاز

عمر السرايري

وكان من أخص الناس بالأخ شهاب الدين، توفي سنة خمس وسبعين بتقديم السين وتسعمائة رحمه الله تعالى. عمر السرايري عمر السرايري أحد أفراد دمشق في الموسيقى والتلحين والدخول. كان من جماعة الشيخ محمد الجعيدي. مات في حدود التسعين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. عمر المرعشي عمر المرعشي، الحلبي الحنفي القاضي زين الدين. دخل دمشق في سنة تسع وتسعين وتسعمائة قادماً من الحج، وكان له شهامة. نزل عند شيخنا القاضي محب الدين، ومات بحلب في سنة ألف في المحرم رحمه الله تعالى. عمر الرسام عمر الشيخ زين الدين الرسام المكي، الدمشقي. من حفاظ القرآن، وله همة وجرأة. وكان سبب موته أنه طالب أحمد الخليلي الجابي بعلوفته في وقف الحرمين الشريفين، فأجابه بالمجون والسخرية على عادته، فصفعه الشيخ زين الدين، فترافعا إلى نائب الباب إبراهيم بن بيرام الحنفي، فاعترف بصفعه، واستطال عليه في المجلس، فعزره النائب، فرجع إلى بيته محموماً نحو عشرة أيام، ثم مات في خامس عشر رمضان سنة ثمان وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة بدمشق رحمه الله تعالى. حرف الغين المعجمة من الطبقة الثالثة غنيم المالكي غنيم الشيخ الصالح العابد الزاهد. المالكي شيخ قبة السلطان الغوري بالقاهرة. نشأ على علم، وعمل، وديانة، وسلامة صدر ذكره الشعراوي، ولم يؤرخ وفاته رحمه الله تعالى. حرف الفاء من الطبقة الثالثة فرهات باشا فرهات باشا كان نائب حلب وليها في سنة أربع وستين، ثم كان نائب بغداد، كان لا يسفك دماً، وإن وجب، ويقول بنية خلقها الله تعالى فلا نخربها ولا

حرف القاف من الطبقة الثالثة

يقطع يد سارق، ولا يقيم حداً، وإنما يجزي بأنعام على المجرم بما سامحه من العقوبة وكان يتكلم بالعربية، ويحفظ تواريخ، ويخوض في دقائق الصوفية ذكره ابن الحنبلي وذكر أنه أمر خطيب الجامع الأعظم بحلب، وهو الزين الأرمنازي أن يذكر السبطين قبل ذكر الستة الباقين من العشرة قال ابن الحنبلي: وقد كان كما هو الحق لا يذكر بعد الأربعة إلا الستة، ولا بعد الستة إلا العمين حمزة، والعباس، ثم السبطين قال: وأغلظ على الشيخ زين الدين القول في تأخير السبطين، فاضطرب الناس لما أحدثه، وذكر أنه ألف رسالة سماها تأهيل من خطب في ترتيب الصحابة في الخطب ومات صاحب الترجمة ببغداد سنة ثمان وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. حرف القاف من الطبقة الثالثة قاسم الجبرتي قاسم بن محمد الحلبي الشافعي، المعروف بابن الجبرتي لأن أباه كان يعتقد الشيخ علي الجبرتي المصري نزيل حلب، فنسب إليه. ولد بحلب في سنة اثنتين وتسعمائة، وحفظ القرآن العظيم، وقرأ الغاية على البرهان العمادي، ونصف المنهاج على الشمس الخناجري، وشارك في التجويد، وصار خطيباً، وإماماً بجامع السيد المجاور لدار العدل بحلب، وكان ديناً صالحاً، قوي الاستحضار لبعض عبارات الفقه، وكان يحفظ تواريخ من أدركهم، ونوادر عمن لم يدركهم، وكان يغسل الموتى ذكره ابن الحنبلي ولم يؤرخ وفاته فهو من هذه الطبقة رحمه الله تعالى. قاسم القواس قاسم بن محمد الدمشقي الأستاذ القواس قرأ على الشيخ الوالد في الغاية وكان يحضر دروسه ويصحب الأخ الشيخ شهاب الدين توفي في حدود سنة ألف عن سن عالية حتى قيل أنه جاوز المائة رحمه الله تعالى. قاسم القادري قاسم بن أبي الفضل، الحلبي الشافعي، الصوفي القادري كان زموطياً، ثم فتح الله تعالى عليه، وصار شيخ الشيوخ بحلب بعد الشيخ صالح المشهور بابن المعلم، وتولى إمامة الحلاوية، الحنفية، مع أنه شافعي، وكتب الوثائق بمحكمة

قاسم المغربي

بعض القضاة الروميين بحلب، وشرح عنقاء مغرب، لابن العربي على حسب حاله، والحكم لابن عطا الله، وقرظ له شرح الحكم ابن الحنبلي بقوله: ذا كتاب فيه معارف تجلى ... ونكات على ذوي الذوق تملى قد أتتنا على لسان مفيد ... ذي بيان من عالم الفضل فضلا وتراءت من صرح ذا الشرح تجلى ... كعروس من لمحها لن تملا وعلى كل حالة فهو شرح ... ليس يخلو عن الفوائد أصلا ولئن كان قابلاً لتلاف ... وتجاف عن بعض ما فيه حلا فلبدر السماء محق تراه ... فاذكر المحقق فيه حيث تجلى قاسم المغربي قاسم المغربي الأقصرائي ذكره الشعراوي في طبقاته الوسطى: توفي في سنة سبعين بتقديم السين وتسعمائة بمدينة فاس رحمه الله تعالى. قاسم بن كلستان قاسم بن علي بن أحمد بن عبد الله الحلبي الشافعي الشهير بابن كلستان، قال ابن الحنبلي: لازم الشمس بن بلال في النحو، وحضر الزين بن الشماع في الحديث، وكان يتقيد بالكلام النحوي وتفقه على منلا موسى الكردي، وأم بالمدرسة المقدمية، ودرس في بقعة بالجامع الكبير، ولم يؤرخ وفاته. قانصوه الجركسي قانصوه بن عبد الله الجركسي عتيق القاضي ولي الدين بن الفرفور كان شيخاً جركسياً مغفلاً، وكان يظن أنه ينظم الشعر، ولا يتقيد بوزن ولا قافية، ويزعم أنه أشعر الناس كقوله: انظر إلى الصوابية ... في سفح قاسوني كأنها شامة ... في رأس حرذون وهجا ماماي فقال:

قانصوه الغزاوي

وقد سبق طبعك ... إلى أكل لحم الخنزير فما فيك إلا ضرر للناس ... في الباطن والظاهر كالتوت الشامي ... سواد في سواد في سواد فلما وقف ماماي على خطه فقال: وقانصوه فجعل ... منعنع الصفات ما عنده رشاد ... يستأهل الكرات وكان يزعم المدح، والهجاء، ويضحك الناس منه، ومما يقول، وهو لا يدري شيئاً. مدح شيخ الإسلام الوالد فقال: ألف ألف سلام وأذكى تحيه ... على الشيخ بدر الدين بن الرضي الغزي يتفجر العلم من حلقه ولسانه ... كما يتفجر الماء من الحجر المزي فما أنت متكبر ولا متجبر ولا أحمق ... يا ابن الرضي الغزي يا غزي فلما أنشدها للشيخ الوالد، ضحك الشيخ الوالد حتى استغرب، ثم أجازه، وذكره ابن الحنبلي في تاريخه، وقال: إنه معتوق المحب بن أجا، وقال إنه صالح له نوع تعبد واشتغال بالعلم قطن دمشق، وتولى النظر على تربة الست في حلب الجاري وقفها بسوق الصابون، ثم عزل عنه مات قانصوه سنة سبع وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، ودفن بمقبرة الشيخ أرسلان رحمه الله تعالى. قانصوه الغزاوي قانصوه بن مساعد بن مسلم الغزاوي أمير عجلون، والكرك، وأمير الحاج الشامي نحو خمس عشرة سنة. كان من أحسن الأمراء سيرة، وكان من يحج في زمانه يستريح في سفره، وكانت العرب تطيعه وتخافه، فيحصل للحجاج الأمن والراحة، وهو في نفسه كان حسن النية، وكان يبخل لكنه عمر مسجد هشام جوار سوق جقمق، وتبرع من ماله للجامع الأموي وغيره، وصاهر من أكابر التجار بعضهم، وكان الناس يبتهجون به أيام حركة الحج بدمشق ذهاباً وإياباً، ولما دخل إبراهيم باشا الوزير بلاد الشام من جهة مصر، وغزا الدروز، وظهرت منه تلك الحركة لم يحضر عليه قانصوه، فلما دخل إسلام بول سود عليه، وعرض على السلطان مراد خان أنه عصى، فورد أمر سلطاني إلى علي باشا ابن علوان نائب الشام بالقبض عليه، فقبض عليه في طريق الحاج عائداً من الحج، ثم أحضر إلى دمشق مع الركب، واستودع القلعة مدة، وذلك في سنة أربع وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة، ثم توجه علي باشا بنفسه، ومعه قانصوه مقيداً في تخت روان، ومعه الأمير

قباد باشا أمير حلب

منصور بن الفريخ، والأمير علي بن الخرفوش، والأمير عساف، وآخرون من الأمراء، فلما دخل بهم إسلام بول رأى السلطان مراد قانصوه، وهيئته، وشيبته، ونورانيته، فأطلقه مكرماً، وأبقى عليه إمارة الحاج، فرجع إلى الشام، وباشر إمارة الحاج، ثم أعطى صنجق عجلون لرجل من الترك يقال له: أبو سيفين، فلما توجه إلى عجلون عين معه الوزير سنان باشا، وكان يومئذ نائب الشام ماية ينكجري، وأمرهم بالقبض على قانصوه أو قتله، فصار بينهم وبين جماعة قانصوه حرب، فقتل أبو سيفين، وقتل معه نحو خمسة عشر ينكجرياً سوى غيرهم من جماعة أبي سيفين، ورجع الباقون إلى دمشق، وهرب قانصوه وأولاده، وأعيان جماعته، ثم لما عزل سنان باشا من الوزارة العظمى ثانياً في عاشر شوال سنة تسع وتسعين بتقديم التاء المثناة فيهما. ووصل خبر عزله إلى بلاد الشام توجه الأمير قانصوه، ومعه ولده الأمير أحمد على البرية إلى الروم، فدخل إلى إسلام بول في خامس عشر ذي الحجة، فحصل له من السلطان مراد خان الرعاية التامة، وخلع عليه واستمر ثمة إلى أن توفي سنة ألف في غرة المحرم، ثم أعطى ولده أحمد نيابة عجلون، ووصل الخبر إلى دمشق رابع عشري المحرم المذكور رحمه الله تعالى. قباد باشا أمير حلب قباد باشا ابن رمضان أمير أمراء حلب والد سليمان باشا كان له شهامة زائدة، وحرمة وافرة على مماليكه، وخدمه. أرسل شخصاً أعجمياً إلى ما وراء أصفهان لإحضار طائر السمرمر بسبب جراد مهول حصل بالبلاد الحلبية، وخيف عوده، فذهب وأتى بالطائر في سنة أربع وستين وتسعمائة، فخرج إلى لقائه أهل حلب، ودخلوا به بالتهليل والتكبير كما وقع مثل هذا في سنة تسع وخمسين وثمانمائة كما ذكره أبو ذر في تاريخه، وأمر قباد باشا بجمع الجراد، فجمع الناس منه بضبط قاضي حلب إذ ذاك مائة ألف كيل، ثم فاجأهم عزله، وصار عند عزله فتنبه بسبب حكم أظهره بعض أهل حلب بالتفتيش على صوباشيه بسبب الجراد إلا أن الله تعالى كفى شرها، ولم يؤرخ ابن الحنبلي وفاته. قودر أفندي قودر أفندي قاضي قضاة دمشق، أحد موالي الروم. تولى قضاء الشام بعد ابن أبي السعود المفتي في صفر سنة تسع بتقديم التاء المثناة وستين وتسعمائة، وكان قليل العلم إلا أنه كان وافر الحرمة، عفيف اليد عن أخذ ما سوى المحصول من أموال الناس، واستمر إلى أن مات بها في صفر سنة إحدى وسبعين بتقديم السين وتسعمائة وصلى عليه شيخ الإسلام الوالد إماماً، ودفن بباب الصغير رحمه الله تعالى.

حرف الكاف من الطبقة الثالثة خال

حرف الكاف من الطبقة الثالثة خال كمال الدين الحمراوي تقدم في المحمدين رحمه الله تعالى. حرف اللام من الطبقة الثالثة خال حرف الميم من الطبقة الثالثة محمود بن محمد الطرابلسي محمود بن محمد بن أحمد، الشيخ الفاضل نور الدين ابن الشيخ ناصر الدين الطرابلسي الحنفي إمام المرادية خارج دمشق وخطيبها، وهو أخو الشيخ علاء الدين إمام الجامع الأموي. مولده سنة اثنتين وستين وتسعمائة. أخذ القرآن عن الشيخ شهاب الدين أحمد الفلوجي، الشافعي، وتفقه بالشيخ شمس الدين المنقار وغيره، ومات سنة ثمان وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمود الجالقي محمود بن عبد القادر القاضي نور الدين الجالقي القسام العسكري. كان قريباً للشيخ نجم الدين البهنسي، وكان يشكو منه لمنعه إياه من استحقاق له في وقف أهل بيتهما، فآل أمره إلى أن سافر إلى القسطنطينية لشكاية عليه، وجرت بينهما أمور انتهت آخراً إلى الصلح، وأقام القاضي محمود آخراً بإسلام بول، وتبع طريق الملازمة، وكان له معرفة بتصفية الحديد حين يصير فولاذاً، وأكثر معيشته منه، ثم ورد دمشق آخراً قساماً عسكرياً، وسلك في قضائه طريقة العفة والديانة حتى وقعت في توليته ماجرية إبراهيم بيك طالوا، وتزوجه لبنت إبراهيم بيك ابن جعفر بعد موت أبيها وقد طالت أيامها بكراً، ثم بعد دخوله بها أراد أن يثبت وصايته على أيتام أبيها من قبل أبيها، وهذا أمر بعيد جداً في عقول الناس إذ ذاك لأن إبراهيم بن طالوا كان باتفاقهم أسفه الناس في مال له، أو لغيره إذا وقع في يده، وتكرر منه إتلاف أموال، وكان إبراهيم بن جعفر من أمسك الناس على ماله، وأحرصه عليه، وكان أعرف الناس بسفه إبراهيم بيك ابن طالوا، فأراد أن يثبت أنه وصى إليه على أيتامه عند القاضي محمود الجالقي، ويبذل له ألف دينار ذهباً، وسببه أن المال ينوف على عشرين ألفاً، فأبى الجالقي إما خوفاً على عرضه، واستدراك الناس عليه، ولعله الأرجح، وإما ديانة وتورعاً، وهو الذي أظهره لنا ولغيرها، فلما أبى بذل ابن طالوا المال لمصطفى أفندي ابن سنان، وكان قاضي قضاة دمشق إذ ذاك، وأثبت الوصاية عنده بمعونة الشيخ محمد بن

محمود الصلتي

سعد الدين، فحصل للجالقي قهر عظيم مرض بسببه برمي الدم، ومات في شوال سنة سبع بتقديم السين وتسعين بتأخيرها وتسعمائة رحمه الله تعالى. محمود الصلتي محمود بن عبد الوهاب، السيد الشريف نور الدين ابن السيد تاج الدين الصلتي. مولده كما قرأت بخط والد شيخنا نقلاً عن أبيه سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، ونشأ في حجر أبيه في دنيا عريضة وخيلاء، وولي تولية جامع تنكز وغيره بدمشق، وآخر نظرا النظار، وسار إلى الروم مرتين للمفاوضة مع القاضي كمال الدين الحمراوي في الأنظار، وأصلح بينهما آخراً قاضي القضاة ابن أبي السعود بحلب، وكان الناس غير راضين منه، ولا من أبيه في ولايتهم، ومات قبل أبيه في صبيحة يوم سادس عشري رمضان سنة إحدى وسبعين بتقديم السين وتسعمائة عن خمسين سنة، وصلي عليه قبل الظهر بالأموي، ودفن في تربة الشيخ أرسلان رضي الله تعالى عنه. محمود التركماني محمود بن علي بن مصطفى التركماني الأصل الحموي، الحنفي. زوج بنت سيدي الشيخ علوان الحموي. مولده سنة تسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة، وأخذ العلم عن الشيخ علاء الدين الأطاسي الحموي، ثم ناب في القضاء بحماة، ثم صحب الشيخ علوان، فترك النيابة، وترك حماة، فسأل الشيخ علوان من الأصلح بها للنيابة، فقال له الشيخ محمود، فحمله القاضي على النيابة، فأبى وأتى الشيخ. فقال: يا سيدي كيف قلت ما قلت. قال له الشيخ: إني لم أزده على جواب سؤاله بأنك الأصلح، وأنا أنهاك عن ترك النيابة. قال ابن الحنبلي: وقد ورد حلب مرتين ثانيتهما سنة أربع وستين وتسعمائة، وفيها آخاني وعاهدني على أن يشفع كل منا لصاحبه لدى الحاجة يوم القيامة قال: وأخبرني وهو صدوق أنه حسيني وموسوي، وأن جده مصطفى هذا هو صاحب الكرامات، والمزار الذي يزار بسيجر، ولم يؤرخ وفاته رحمه الله تعالى رحمة واسعة. مراد باشا نائب مراد باشا نائب الشام باني المرادية خارج بابي الجابية والشاعور بالسويقة المحروقة، وكان مكانهما حوشاً جامعاً، وربما كان به جماعة من بنات الخطا، فلما بنى بيت القهوة في جواره، وكان الشيخ محمد اليتيم يعمل القهوة، ثم سعى في استئجار ذلك الحوش، وضمه إلى بيت القهوة، وجعله ساحة مجلس الناس بها، واتخذ مكاناً منها مسجداً، فإذا حضر وقت الصلاة أقام الصلاة، وصلى هو ومن حضر جماعة، فلما ولي مراد باشا الشام في سنة ست وسبعين وتسعمائة أراد أن يبني مسجداً، فاختير له هذا المكان، فبناه قيل: ووضع المحراب في الموضع الذي اتخذه الشيخ اليتيم للصلاة، ورتب له مراد باشا خطيباً، وإماماً ومؤذنين، وبنى بها حجراً، ورتب لمن يسكن بها طعاماً،

مسعود المغربي

ورتب قراء يقرأون بالجامع الكبير غربي المقصورة عند باب الخطابة، وبقي ذلك إلى الآن. مسعود المغربي مسعود بن عبد الله الشيخ الصالح العارف بالله تعالى المعتقد سيدي مسعود المغربي. صحب بدمشق الشيخ شهاب الدين الأخ، وكان يجلس عنده في درسه عن يمينه، فيقول له الأخ: يا سيدي مسعود احفظ لي قلبي، فإن جدي الشيخ رضي الدين كان يجلس إلى جانبه سيدي علي بن ميمون في درسه، فيقول له: يا سيدي علي أمسك لي قلبي، ولما دخل سيدي مسعود دمشق كان يقتات من كسب يمينه، فكان يضرب الأبواب المغربية جدراناً لبساتين دمشق، وكان يبقي ما يعمله خمسين سنة وأكثرها لا يتهدم من اتقانه لها، وأخبرت أنه عرض له جندي، والشيخ في لباس الشغل فقال له: خذ هذه الجرة واحملها، وكان بها خمر، فحملها الشيخ معه، فلما وضعها وجدها الجندي دبساً، فجاء إلى الشيخ، واعتذر إليه، وتاب على يديه، وكان لأهل دمشق فيه كبير اعتقاد يتبركون به، ويقبلون يديه، وكان صاحب شيخنا الشيخ يحيى العمادي الآتي ذكره في هذه الطبقة، فكان يزوره في مكتبه بالمدرسة العزيزية، فيأمر الشيخ الصبيان، فيقومون لتقبيل يد الشيخ مسعود، فإذا جلس دعاني شيخنا بابنه على الخصوص، واستعرضني درسي، ثم يقول لي: قبل يد سيدي مسعود، ثم يقول له: يا سيدي مسعود هنا أخو سيدي شهاب الدين خاطرك عليه ادع له، فيمسح الشيخ مسعود على رأسي، ويقول لي: بارك الله فيك يا ولدي، ويدعو لي وأنا أجد بركة دعائه الآن. توفي رحمه الله تعالى يوم الخميس رابع عشري رمضان المعظم سنة خمس وثمانين وتسعمائة، وحضرت جنازته، وصليت عليه مع الناس خارج باب الزاوية، وقد أكبت على جنازته الناس، وازدحموا وحضرها العلماء، ومشايخ الصوفية، ودفن بالزاوية رحمه الله تعالى وأعاد علينا، وعلى المسلمين من بركاته آمين. مصطفى العجمي مصطفى بن محمد العجمي الحلبي، ثم الدمشقي الشافعي كان أبوه من تجار دمشق، وأهل الخير، وكان لصاحب الترجمة معرفة بالفرائض، والحساب ومشاركة في عدة فنون، وله شعر لطيف. توفي في حدود سنة خمس وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة، ودفن بباب الفراديس فيما أحسب رحمه الله تعالى. مصطفى باشا والي الشام مصطفى باشا تولى دمشق الشام، وكان غشوما سفاكاً للدماء، ومع ذلك كان يحترم العلماء، ويعظمهم، وصلى الجمعة مرة بجامع يزديك المعروف بالجامع الجديد خلف والد شيخنا الشيخ يونس العيثاوي، ومعه الدفتر دار،

معروف الصهيوني

والأغوات فتعرض في خطبته للظلم، وتحريم القهوة فغضب لذلك، وعقد عليه مجلساً فيه الشيخ أبو الفتح المالكي والشيخ نجم الدين البهنسي، وحصل للشيخ يونس فيه نوع أنصاف من القاضي لم يكن راضياً عن الشيخ بسبب تشديده في الظلم، وتعرضه له وللباشا، وعمر مصطفى باشا الخان، والحمام في سنة إحدى وسبعين وتسعمائة، وقال الشيخ أبو الفتح المالكي مؤرخاً لعمارة حمامه: لما كملت عمارة الحمام ... وازداد به حسن دمشق الشام نادت طرباً وأرخت منشدة ... حمامك أصل راحة الأجسام معروف الصهيوني معروف القاضي نور الدين، الصهيوني، الشافعي. قال الشيخ يحيى بن النعيمي كما قرأت بخطه: ميلاده كما أخبرني بلفظه في ذي الحجة سنة خمس وتسعين بتقديم التاء المثناة وثمانمائة، وكان من الفضلاء البارعين، والعلماء الفارغين. أعطي تدريس الشامية البرانية عوضاً عن البرهان ابن جماعة في سنة أربعين وتسعمائة، ومن شعره مؤرخاً لترصيص الجامع الأموي في سنة أربع أو خمس وأربعين وتسعمائة، ومادحاً لمن كان على يديه، وهو الدفتر دار بدمشق إذ ذاك: سموت أوج المطلع البارع ... فنلت منه أسعد الطالع وجئت ديوان العلا كاملا ... وكنت دفتر دار النافع يا مالكاً قال لسان النهى ... عنه حديثاً أعجب السامع حسبي من الفخر إذا أنصفوا ... وأرخوا ترصيصي الجامع مولاي دامت بالهنا والمنى ... أوقاتكم ونورها ساطع وقال أيضاً: دفتردار عصرنا ... سر الكمال خصصه أرخت بيتاً مفرداً ... له بخير أخلصه الجامع الأموي الذي ... سعدي أفندي رصصه ومن شعره: كم قد ملأت من الدنيا وزخرفها ... يدي وأنفقته، والله يخلفه المال ما كان لي إحراز لذته ... وأجره ولغيري ما أخلفه ومن الطف ما وقع لشيخ الإسلام الوالد أنه خرج إلى منتزه بالنيرب من صالحية دمشق

يسمى بالدهشة، فاستدعى إليه جماعة من الفضلاء منهم الشيخ العلامة زين الدين عبد اللطيف بن كثير، والعلامة زين الدين معروف الصهيوني صاحب الترجمة، والعلامة بدر الدين بن شعبان، فكتب مستدعياً للشيخ عبد اللطيف: عسى الأقدام تنعم بالتمشي ... إلى روض خلا عن كل فحش به إخوان صدق قد تنقوا ... عن الإدناس من غل وغش وما فيهم سوى حبر فقيه ... وصوفي ونحوي ومنشي وشاد معرب باللحن يشدو ... بضرب قاعد، والحال يمشي ومجلسنا صفا ذاتاً ووصفاً ... ورق وراق في كنس ورش مضاعف نبته، وفي بفرش ... يفوق على بدائع كل نقش وقانا وقدة الرمضاء فيه ... نسيم رائق في ظل عرش ينم على أزاهره فيبدي ... لنا أسرارها طيباً ويفشي سناء طاهر حساً ومعنى ... لناظره على الحالين يعشي غني عن سوى خل وفي ... لطيف ذاته هش وبش فضائله على الألباب تملي ... فتدهشها وتطربها وتنشي وقصدي أنت يا أملي مجيراً ... لأنظم شمل لذاتي وأنشي ونضحي باجتماعك كالثريا ... فنحن الآن عند بنات نعش بقيت مسلماً ما انهل وبل ... معقب حالتي نعش وطش وغنى العندليب ضحى بروض ... ونغم سربه ليلاً بعش وقال مستدعياً للقاضي زين الدين معروف لذلك المنتزه، وكتب إليه: رياض الأنس للألباب تدهش ... وروح نسيمه للروح ينعش ومجلسنا حوى غرس التهاني ... وأطيار المنى فيه تعشش قطوف الفضل فيه دانيات ... وكرمات الفنون به تعرش حوى إخوان صدق قد تنقوا ... عن الأدناس من غل ومن غش خلا عن منكر والقصد فيه ... هو المعروف فأت ولا تشوش وقال مستدعياً للبدر بن شعبان لذلك المكان، وكتب إليه: مجالس أنسنا للب تدهش ... بروض ريحه للروح تنعش بها توت وتفاح وخوخ ... وإنجاص وأعناب ومشمش

مفتاح الحبشي

وثلج ثم مشروب وماء ... فإن اللحم إذ يشوى يعطش حوى لطفاً ومعروفاً، ولكن ... على البدر المنير به نفتش توفي القاضي معروف كما قرأته بخط الشيخ يحيى بن النعيمي بأسكودار إسلام بول ثامن عشري ذي الحجة سنة إحدى وسبعين بتقديم السين وتسعمائة رحمه الله تعالى. مفتاح الحبشي مفتاح بن عبد الله الحبشي، ثم الهندي نزيل دمشق، الشيخ العلامة، الفاضل، المعتقد ذكره الشيخ الوالد في تلاميذه، وأثنى عليه، وقال: حضر مجلسي كثيراً، وقرأ علي في المنهاج انتهى. وكان من أخص الناس بالشيخ الوالد، وبالشيخ شهاب الدين الأخ، وكان يقول: حط الفقه رواقة في بيت الشيخ رضي الدين الغزي، وحط علم القراءات ركابه في بيت الطيبي. توفي نهار الأربعاء ثالث عشر شعبان سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، ودفن بباب الفراديس بالقرب من الشيخ شهاب الدين الطيبي رحمه الله تعالى. منجك بن أبي بكر منجك بن أبي بكر بن عبد القادر بن منجك الأمير الكبير الدمشقي والد الأمير محمد أخبرني ولده الأمير محمد أن أباه قرأ على الشيخ الوالد في الحديث وغيره، وسمع دروسه كثيراً، وكانت وفاته سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة، وصلى عليه الشيخ الوالد إماماً رحمه الله تعالى. منصور بن محب الدين منصور بن إبراهيم بن سلامة محب الدين الدمشقي، الشيخ المسند نور الدين أبو السرور. ولد بدمشق ليلة الثلاثاء خامس عشر شوال سنة اثنتين وتسعمائة. أخذ عن القاضي زكريا، والبرهان القلقشندي، والحافظ عبد الحق السنباطي المصريين، والتقوي ابن قاضي عجلون، والسيد كمال الدين الدمشقيين، وكان من حفاظ كتاب الله تعالى. أخذ عنه ولده الشيخ محمد، والشيخ إبراهيم بن كسبائي وغيرهم. توفي يوم الإثنين سادس عشري جمادى الآخرة سنة سبع وسبعين بتقديم السين فيهما وتسعمائة وهي سنة ميلادي رحمه الله تعالى. منصور الشراباتي منصور بن أحمد بن منصور الشراباتي، الشافعي كاتب المصاحف. قرأ على الشيخ الوالد في الغاية وغيرها، وحضر دروسه. توفي في حدود الثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

منصور خطيب السقيفة

منصور خطيب السقيفة منصور بن عبد الرحمن، الشيخ العلامة الصالح الأديب زين الدين الدمشقي، الحريري، الشافعي، الشهير بخطيب السقيفة لأنه كان خطيباً بجامع السقيفة خارج باب توما سنين كثيرة، وكان خادم ضريح الشيخ أرسلان مدة طويلة. كان له يد طولى في علوم كثيرة كالتفسير والعربية، وكان صوفي المشرب أرسلاني الطريقة. أخذ عن جماعة منهم شيخ الإسلام الوالد، وله أرجوزة في حفظ الصحة، ورسالة سماها برسالة النصيحة، في الطريقة الصحيحة، وذكر ابن الحنبلي في تاريخه، وقال: تعانى الأدب، ونظم ونثر، وألف مقامه حسنة غزلية سماها لوعة الشاكي، ودمعة الباكي. وشاع ذكره بحل الزايرجة للسبتي، واتصل بسبب ذلك بالسلطان أبي يزيد خان ابن السلطان سليمان، فأكرم مثواه، وبلغه مناه، ثم عاد إلى وطنه ومأواه. ثم رحل منه إلى حلب سنة خمس وستين وتسعمائة، فجاور بالمدرسة الشرقية، وأسفر عن تأليف في التصريف أتهم فيه أنه لغيره، أو منقول فيه كلام غيره فحسنه. قال: وهرع إليه أفراد من أوباش عوام الصوفية من صوفية العوام، وأضافه من الناس أقوام. ثم شاع عنه أكل الكيف والتهاون في بعض الأمور الدينية. ثم ذكر كلاماً يقتضي الطعن عليه، وإضافة أمور غير مرضية إليه. وكذلك عادة ابن الحنبلي في هذا التاريخ بأدبي شبهة يهتك من المترجم ستراً، ولا يكاد يقيم لمن يحتمل حاله التأويل عذراً. والذي عرفناه من أخبار أخيار الدمشقيين أن الشيخ منصور كان من عباد الله الصالحين. ومن كراماته ما حدثنا به شيخنا الشيخ محمد بن أبي بكر اليتيم العارف بالله تعالى. قال: كنت يوماً عند الشيخ منصور، وكان الشيخ جالساً على إحدى الصفتين اللتين في باب جامع السقيفة، وهي القبلية، فجلست في مقابلته على الصفة الأخرى الشمالية، فجاءته بنت صغيرة بعثها إليه أهل بيته، فقالت: يا سيدي يريدون بطيخاً أصفر. قال: وكان البطيخ الأصفر يومئذ قد فرغ من دمشق. فقال: نرسل الساعة إن شاء الله تعالى، فتعجبت من كلام الشيخ، وقلت: كيف؟ قال: نرسل ولا بطيخ بهذا البلد. قال: ثم أقبل على كلامه، فبينا نحن كذلك إذا بإنسان أقبل من الغوطة، فسلم على الشيخ، ومعه دابة عليها خرج، فأخرج من كل عين منه بطيخة من أحسن البطيخ، وأكبره، فقال الشيخ: هذه نرسلها إلى البيت، وهذه نأكلها هنا. ومن شعر الشيخ منصور: يا صاحبي اهجرا جنح الدجى الوسنا ... لتخبرا في الورى عن بهجة وسنا خذا من الشرع ميزاناً لفعلكما ... ولا تميلا إلى مستقبح وزنا

ومنه: يا خليلي خلتي هجرتني ... وإذا بالهجر منها وجدي بلغاها بعد السلام سقامي ... ثم قولا حني عليه وجودي ومنه مقتبساً: عاذلي ظن قبيحاً ... مذ رأى عشقي ينم ظن بي ما هو فيه ... إن بعض الظن إثم وله أيضاً: ظن بالناس جميلاً ... واتبع الخيرات تسم واجتنب ظناً قبيحاً ... إن بعض الظن إثم وله أيضاً: إن عزت الصهباء يا سيدي ... وكان في الحضرة عذب اللما جعلت سكري ماء ريق له ... لا واخذ الله السكارى بما وله: ناديته في سكره ... بنظر أو ما إليّ إني لأفهم ما تقول ... وإنما غلبت علي ويحكى عنه أنه رأى في منامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عزم على لاشتغال بالزايرجة فقال له: اكتب ألفاً، اكتب سيناً، كتب كذا حتى سمى له حروف هذين البيتين: استقم أنت أول الأمر ماء ... ثم من بعد جيفة مأكولا إن ذا شأن كل حر وعبد ... سنة الله فاجتنب تبديلا فأصبح، وقد أعرض عن ذلك الخاطر. أنشدني صاحبه الشيخ بركات الكيال قال: أنشدنا الشيخ منصور خطيب السقيفة لنفسه: لي من الله عناية ... أنا منها في رعاية لطفه بي من قديم ... كان في أصل البداية

لم يزل عندي مقيماً ... بسرور للنهاية خصني الله بعلم ... هو من سر الدراية وهو وهمي، وفيه ... حكم فيها الهداية والذي ينكر حالي ... وهو من أهل السعاية حلت مولاي عليه ... إن في الله كفاية وحسودي إن رماني ... لا أبالي بالرماية ودروعي محكمات ... وهي من ربي وقاية كنف الله كفاني ... وهو لي نعم الحماية لم يزل قدري علياً ... عند أرباب الولاية واقتدائي بالتهامي ... شرفي في كل غاية وعلى الله اعتمادي ... وكفاني بالعناية ومن غرر قصائد الشيخ منصور ما امتدح به شيخ الإسلام الوالد، ونقلته من خطه رحمة الله تعالى عليهما: إلام أنا الولهان بالرشأ الألمي ... وحتام لم أبرح أرى حبه حتما وكم ضن باللقيا فأورثني ضناً ... ويمنعني ظلماً، فيمنحني ظلما ومن وسن الأجفان كم رمت أنه ... يفوض لي سهماً، ففوق لي سهما نظرت إلى سقم الجفون، فأثرت ... بقلبي، وزادتني على سقمي سقما فيا صاحبي داعي الهوى اليوم صاح بي ... فسل ما بنا في الحي قد فعلت سلمى أباحت حمى جسمي سيوف لحاظها ... فألحاظها تدمي، ووجناتها تدمى وكل كلام العاذلات، فلم أكن ... أحس به إلا وأحسبه كلما ألائمتي كفي الملام، واقصري ... فعند سماع اللوم لي أذن صما جفاني الكرى حتى يئست من الكرى ... فكم بت في الظلماء أرتقب النجما وطال علي الليل حتى إذا بدا ... سنا وجه بدر الدين انجلت الظلما هو الفاضل ابن الفاضل البحر في الندى ... هو الحبر في علم هو الغاية العظمى له منطق من نحوه الدر يجتلي ... ولفظ معانيه بها أنطق البكما وليس له في فعله من مضارع ... وفي كل حال أمره ماضياً حتما يطابق لفظي فيه معنى وصورة ... فلا غرو إن أبدعت نثراً، وإن نظما عليم زهت أيامه بوجوده ... فكان لها روحاً، وكانت له جسما

ولو عرضت للعلم شرح غوامض ... عليه، لما زادته يوماً بها علما أعز الورى جاراً وأحماهم حمى ... وأغزرهم جوداً وأعظمهم حلما كريم إذا أولى، وغيث إذا همى ... وليث إذا أوما همام إذا هما إمام به أهل الفضائل تقتدي ... فكل به في العلم أصبح مؤتما وفي الجود والإعطاء أمسى مبالغاً ... وكاد نداه اليوم يستغرق اليما تجمع فيه كل فضل وسؤدد ... وقد ساد في أيامنا العرب والعجما وما بلغت أهل الفصاحة في الورى ... بلاغته، إلا وصيرهم بكما أيا شيخ الإسلام السليم فؤاده ... ويا من سواه في الورى قط لا يسمى أيا ديك قد فاضت على سائر الورى ... وكم لك من أيد، وكم لك من نعما فيا ويح من لم يعط قدرك حقه ... ويا فوز من قد نال من كفك اللثما أبثك ما يلقاه قلبي من الأسى ... وهذي الليالي كم تجرعني السما ولم يكفها ما مر بي من صروفها ... إلى أن غدت قهراً تحملني الهما وصاحبت هذا الناس براً وفاجراً ... فحرت، ولم أصحب يقيناً ولا وهما وأشغلت فكري في المدائح في الورى ... فضاعت ولا حمداً أفادت ولا ذما ولم أر في الأيام مثلك سيداً ... كريماً هماماً ماجداً أروعاً شهما وما ضاع فيك المدح بل ضاع نشره ... ولكن له الحساد لم تستطع شما فباسمكم هذي القوافي وسمتها ... فيا حبذا اسماً ويا حبذا وسما وما أنا نظام لعمري وإنما ... مدائحكم أمست تعلمني النظما فأنت الذي أدبني، وأنا الذي ... إلى أدبي بين الورى نظر الأعمى فإن أر يوماً منك بعض عناية ... كفاني، فلا بؤساً أخاف ولا غما بكم صرت منصوراً على كل حاسد ... وكم من ضعيف الحال أوليته عزما إذا المرء لم يعلق رجاء ببابكم ... فمن ذا الذي ترجى أياديه للرحمى فدونكها غراء مسك ختامها ... ودمت قرير العين لا تختشي هما ولا زلت بحراً بالعطا متداركاً ... بسيط الأيادي وافر الجود والنعما توفي الشيخ منصور في رابع رجب سنة سبع بتقديم السين وستين وتسعمائة، ودفن بمقبرة الشيخ أرسلان. قال والد شيخنا: كما قرأته بخطه، وكان رجلاً صالحاً، ومات ميتة صالحة فيما بلغني انتهى. وترك ولدين أحدهما الشيخ أحمد المجذوب. بلغني أنه لما أتى أمه في بعض الأحوال.

منصور المنشد

قال لها: أحسب أنك قد حملت برجل صالح، فجاء الشيخ محمد مجذوباً مباركاً، والثاني الشيخ أبو الفتح، وبقي حياً إلى الآن له معرفة بالأوفاق. وكان كاتباً بسوق الخيل، ثم ترك ذلك بعد سفر ولده الشيخ يوسف إلى إسلام بول وعودة. منصور المنشد منصور بن خوشكلدي المنشد الداخل أحد مشاهير أهل الدخول والموسيقى بدمشق. أخذ عنه مصطفى بن دنكز الداخل المشهور. توفي ابن خوشكلدي في أوائل حدود هذه الطبقة رحمه الله تعالى. موسى بن القيصر موسى بن محمد، الشيخ الصالح ابن الشيخ العارف بالله تعالى المعروف بابن قيصر القبيباتي الشافعي. توفي يوم الاثنين ثالث ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وتسعمائة، ودفن عند أبيه بتربة الحصني خارج باب الله. موسى الحجاوي الحنبلي موسى بن أحمد، الشيخ الإمام العلامة شرف الدين موسى الحجاوي، الصالحي، الحنبلي مفتي الحنابلة. قال والد شيخنا: كان رجلاً عالماً عاملاً متقشفاً. انتهت إليه مشيخة السادة الحنابلة والفتوى، وكان بيده تدريس الحنابلة بمدرسة المرحوم الشيخ أبي عمر، وتدريس في الجامع الأموي انتهى. ومن انتفع به القاضي شمس الدين بن طريف، والقاضي شمس الدين الرجيحي، والقاضي شهاب الدين الشويكي والقاضي أحمد الوفائي المفلحي مفتي الحنابلة الآن بدمشق. وألف كتاب الإقناع جمع فيه المذهب، وهو عمدة الحنابلة الآن بدمشق، وكانت وفاته ليلة الجمعة عشر سابع عشر ربيع الأول سنة ثمان وستين وتسعمائة، ودفن بسفح قاسيون. وكانت جنازته حافلة حضرها الأكابر والأعيان. تأسف عليه الناس رحمه الله تعالى. موسى القابوني موسى بن أحمد بن علي، الشيخ شرف الدين ابن الشيخ عفيف الدين القابوني، ثم الدمشقي، الشافعي، الخطيب بجامع منجك بمسجد الأقصاب. كان عالماً، صالحاً، مقرئاً، مجوداً، مجيداً، وكان يؤدب الأطفال، وكان ختناً للشيخ شهاب الدين

موسى القبيباتي

الطيبي، وأخذ عنه وعن غيره، وحضر دروس الشيخ الوالد كثيراً، وأجاز له. توفي ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وتسعمائة عن ثلاث وستين رحمه الله تعالى. موسى القبيباتي موسى بن خير القبيباتي، المعروف بالزبدة. كان شافعي المذهب، وكان يكثر الفحص والسؤال عن أحكام دينه حتى يضجر العلماء، وكان رجلاً صالحاً مباركاً. مات شهيداً قتلته لصوص قصدوا بيت تبل بالقبيبات، فخرج إليهم مع الناس، فجاءه سهم غرز في مشعره، فمات بعد يومين في سنة. موسى المغربي موسى بن عبد الله المغربي، العمادي، المالكي. أخذ عن الشيخ الوالد، وحضره كثيراً، وكان عبداً صالحاً، فقيهاً. قطن قرية كفريا من البقاع العزيز من أعمال دمشق، ومات بها سنة سبع بتقديم السين وستين وتسعمائة، ودفن عند سيدي عبد الرحمن الرمثاني بجبل لبنان رحمه الله تعالى. موسى الكناوي موسى بن الكناوي، الدمشقي، الشافعي، الصوفي الشيخ العالم العارف بالله. أخذ العلم عن الشيخ جمال الدين بن عبد الله بن رسلان البويضي. رأى جماعة من العلماء والمشايخ والصالحين، وأخذ عنهم، وممن أخذ عنه الشيخ عبد القادر شيخ المحيا ابن سوار، والشيخ العارف بالله محمد اليتيم، والشيخ تقي الدين المقرىء، وكان يذكره كثيراً، ويأثر عنه، والحاج حيدر الأجدف الرومي، وحدثني عنه أنه سئل. هل وقع لكم من الكرامات والخوارق شيء؟ فقال: ليست هناك كرامات، ولكن مرة كنت زائراً في ميدان الحصى، فجئت إلى محلتي في أثناء الليل، وليس معي أحد، فنبحني كلب عند باب المصلى فأذعرني. فقلت: لا إله إلا الله، فوقع الكلب ميتاً، وكان ممن أخذ عنه الشيخ محمد الحجازي لكن أعرض عنه آخراً، وحدثني الحاج حيدر أن سبب إعراضه عنه أن الشيخ موسى ذكر حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه رخصته فقال الحجازي: إن النبي صلى الله عليه وسلم عجرف في ذلك. فغضب الشيخ موسى وقال له: لا تعد إلينا بعدها، ولم يعد حتى سافر إلى مصر، ثم جاء بعد مدة ومعه من الهدية أشياء إلى الشيخ، فلم يقبلها منه، وقال: يا رجل خرجنا عنك، فلا نعود، وكان الشيخ موسى ممن جمع بين العلم والعمل، وله مجاميع عدة، وتعليقات نافعة، ونظم قصيدة لامية في أسماء جماعة من أولياء الله تعالى، وشرحها شرحين، ونظمه يقرب من نظم

موسى بن يوسف

سيدي عبد القادر بن حبيب من حيث التركيب لكن عليه نورانية الصدق والنصيحة. وحدثني الشيخ محمد اليتيم قال: سمعنا من الشيخ موسى أثراً: لئن احفظ قلب أخ لي في الله خير من أن أصلي سبعين ركعة، فسألت عنه والدي شيخ الإسلام فقال: ما وقفت عليه لكن الشيخ موسى ثقة، وله مطالعة لكلام العلماء، فلعله وقف عليه، وكانت وفاته يوم الأربعاء رابع المحرم سنة ست وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، ودفن في تربة باب الصغير رحمه الله تعالى. موسى بن يوسف موسى بن يوسف بن أيوب القاضي شرف الدين ابن القاضي جمال الدين. مولده بعد الأربعين وتسعمائة، وكانت له فضيلة على قدر حاله، وكان خفيف الروح، ظريف العشرة، يتقصد النكات اللطيفة، وله هجو لطيف، وكان عشيراً للفاضل أمين الدين الصالحي، وكانا يتساجلان النكت. كان شاهداً بقناة العوني وغيرها، ثم صار قاضياً شافعياً نيابة بها، ثم بالدهيناتية، وله تاريخ على حسب حاله، وربما نقل فيه ما لم يتثبت منه. مات في بضع وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة رحمه الله تعالى. موسى المصري الحنبلي موسى المصري الحنبلي. كان له فضيلة ما، وله شعر على حسب حاله، ومدح شيخ الإسلام الوالد بعدة قصائد، وكان الشيخ يحسن إليه، ويجيزه إلا أنه بلغني كان يعتقد اعتقاد حمقى الحنابلة، وقال لي مرة: أعرني ألفية الشيخ رضي الدين في الطب لأكتب منها نسخة، فاعتذرت إليه، فغضب وقال: أنا أستغني عنها بأن أجمع فوائد طبية، وأنظمها وهذا يدل على حماقة فيه، وخفة عقل، وهو كان زري الهيئة، وكان فقيراً جداً. ولم يكن فقره أبيض إلا أنه لم يكن عنده حقد عفا الله عنه. مات في حدود التسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة. رحمه الله تعالى. حرف النون من الطبقة الثالثة نصوح الواعظ نصوح قلفة المنلا الواعظ، كان يعظ بجامع دمشق الأموي، ويفسر القرآن العظيم بالتركية. توفي يوم الأربعاء رابع عشر رمضان سنة سبع بتقديم السين وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. نوح بن محمد الأماسي أحد الموالي الرومية. توفي في رجب سنة ست وسبعين بتقديم السين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

حرف الهاء من الطبقة الثالثة خال

حرف الهاء من الطبقة الثالثة خال حرف الواو من الطبقة الثالثة خال حرف اللام ألف من الطبقة الثالثة خال حرف الياء من الطبقة الثالثة يحيى بن محمد الصفدي يحيى بن محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن أحمد بن محمد الشيخ العلامة شرف الدين شيخ الإسلام شمس الدين، الشهير بابن حامد الصفدي الشافعي. ولد بصفد في سنة خمس وتسعمائة، وأخذ العلم عن والده، وعن الشيخ تقي الدين البلاطنسي، والسيد كمال الدين، ودخل دمشق مراراً في أيام الطلب وبعدها، وبالجامع الأموي يوم الجمعة رابع صفر سنة ست وأربعون وتسعمائة كما ذكره ابن طولون في تاريخه، وقال: كان جهوري الصوت، وأخذ عنه ابن كيسان وغيره، ومن شعره ما أنشدنا له مصطفى ابن النعيم البقاعي: سلم لمولاك ما قضاه ... واصبر على الحال أن تمادي لا تخشى ناراً ذكت بليل ... كم جمرة أصبحت رمادا وله أيضاً: سلم لمولاك ما قضاه ... واصبر تر المر فيه شهدا قد أججت للخيل نار ... فأصبحت بالسلام بردا ولمؤلفه: سلم لمولاك ما قضاه ... واصبر وإن عضت النوائب يوسف من بعد طول حبس ... متع بالملك والمطالب وكانت وفاته بصفد تاسع عشر صفر سنة خمس وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى يحيى بن عبد القادر النعيمي يحيى بن عبد القادر بن محمد الشيخ الفاضل الصالح محيي الدين ابن القاضي محيي الدين النعيمي الشافعي مولده منتصف ذي

يحيى بن المقرىء

القعدة سنة اثنتين وتسعمائة، وأخذ عن غير واحد، وقرأ على شيخ الإسلام الوالد في تقسيم التنبيه والمنهاج، وحضر دروسه كثيراً، وتوفي كما نقلته من خط الشيخ شهاب الدين الطيبي في نهار الأربعاء تاسع ربيع الأول سنة سبع وسبعين بتقديم السين فيهما وتسعمائة، ودفن بالحمرية وهو والد الشيخ أحمد خطيب أياصوفيا بالقسطنطينية، وعبد القادر الأطروش، ومات في غيبته، وقد ذهب إلى زيارة أخيه بالروم رحمه الله تعالى. يحيى بن المقرىء يحيى بن العمادي، الشيخ الصالح المقرىء المجود شيخنا في تعليم القرآن العظيم معلم الأطفال بالعزيزية وغيرها. كان من عباد الله الصالحين لا يقعد في مجلس التعليم إلا على وضوء أبداً، وكان يصوم رجب وشعبان مع رمضان دائماً، وكان يزور مقابر الصالحين يوم الخميس بعد صلاة الظهر، ويصلي الجمعة في الأموي، ويبقى معتكفاً إلى العصر دائماً، وفي اعتكافه يقرأ القرآن ويقرئه، وكان وجهه يتوقد نوراً، وكان يحفظ القرآن العظيم، والشاطبية، والرائية، وكان التيسير في القراءات، ورسالة ابن أبي زيد في فقه المالكية نصب عينيه، وكان من أولياء الله تعالى ممن تطوى له الأرض كما شاهدته منه وأخبرني قبل موته أنه بقي من أجله شهران، وكان في غاية الصحة، فمرض بعد ذلك ومات لتمامهما، وحدثني قريب موته أن من أولياء الله تعالى من كرامته أن يخبر بوقت موته قبل موته ليتأهب للقاء الله تعالى قال: وهي أفضل الكرامات، وكانت وفاته في حدود سنة تسع وثمانين أو تسعين وتسعمائة، ودفن بباب الصغير رحمه الله تعالى. يحيى السايس يحيى القدسي، الشهير بالسايس. سمعت من كثير أنه كان صالحاً قطعت رأسه بسبب أنه سب شريفاً، وسب جده، وأثبت ذلك عليه بالتعصب، وضربه الجلاد بالسيف مرتين أو ثلاثاً، فلم ينقطع عنقه، فذبحه ذبحاً، فثار الينكجرية بالجلاد وقطعوه بالسكاكين، وذلك يوم الخميس ثامن عشر ذي الحجة سنة سبع بتقديم السين وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. يحيى بن الطرابزوني يحيى بن الطرابزوني أحد الموالي الرومية. وصل إلى التدريس بإحدى الثمان، ثم تزهد ومات في سنة ثمان وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة عن نيف وسبعين سنة رحمه الله تعالى. يوسف الأسعردي يوسف بن محمد، الشيخ العارف بالله تعالى جمال الدين بن شمس الدين الشيباني الإسعردي نزيل المدرسة المقدمية بحلب، المشهور في بلاده بابن الوزير. كان من بيت كبير بإسعرد غير أنه ترك الدنيا، ورحل إلى سيدي محمد بن

يوسف السنبكي

عراق، وأخذ عنه الطريق، ولزمه نحو عشرين سنة حتى صار من أهل المعرفة، وصار ينظم المنظومات في المعارف، وينشدها في مجالس السماع عنده، ثم دخل مصر فاجتمع بالشيخ شاهين الجركسي، ولقي جماعة من الصوفية نحو المائة. قال ابن الحنبلي: وقد صحبناه بحلب سنة أربع وستين، ثم كان سفره إلى بلاده، ثم توفي بحصن كيفا سنة تسع بتقديم التاء المثناة وستين وتسعمائة رحمه الله تعالى. يوسف السنبكي يوسف بن زكريا، الشيخ العلامة الصالح جمال الدين ابن شيخ الإسلام القاضي زين الدين زكريا الأنصاري، السنبكي أجاز ابن كسبائي في أواخر سنة تسع وسبعين بتأخير السين في الأول، وتقديمها في الثاني وكان ممن أخذ عنه صاحبنا الشيخ شمس الدين محمد ابن الجوخي الشافعي، وقال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي أنه ربي في نزهة وطاعة، وعدم الخروج عن دار والده قال: وقد اجتمعت به بعد أن دارت لحيته، فقال: طول عمري ما خرجت من الدار، ومقصودي أنظر بين القصرين، وباب زويله، فقلت له: إن شاء الله تعالى يشرب الشيخ يعني والده دواء وأمشي معك إلى ما ذكرت، فإن الشيخ كان لا ينفك عن مطالعة العلم، والتأليف يوماً واحداً من حين كف بصره، قال: فمرض الشيخ، وشرب دواء، وخرجت معه إلى ما طلب، فرأى الكنافة، فصار يتعجب ويقول: ما كنت أظن أن الكنافة تعمل إلا في رمضان. ثم قال: مقصودي أرى البحر، فإني ما رأيته في عمري ولا المراكب قال: فخرجت معه لما مرض الشيخ ثاني مرة، فصار يتعجب قال: ثم بعد موت والده لازم خلوة والده في النهار، فلا يركب إلا لزيارة والده، وللبيت، ولا يتردد لأحد مطلقاً، وهو ممن جبله الله تعالى على الأخلاق الحميدة، وضبط الجوارح. درس في المدرسة الصالحية بجوار الإمام الشافعي، ثم ذكر إنه حضر معه على والده في شرح رسالة القشيري له، وشرح آداب القضاء، وآداب البحث، وشرح التحرير وغير ذلك، وتوفي كما أخبرني صاحبنا الشيخ محمد الجوخي في سنة سبع وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى. يوسف بن حسن الشيخ الإمام العلامة جمال الدين زين الدين الحلبي، المعروف بابن حسن ليه الحلبي الشافعي، مولده كما قرأته بخطه في إجازة شيخنا الشيخ محمود البيلوني سنة إحدى وتسعمائة، ودخل دمشق، وأخذ عنه علماؤها، وأخذ عن الشيخ شمس الدين محمد بن شعبان الديروطي، المصري في سنة أربع وتسعمائة، وتفقه بالبرهان العمادي، وشيخ الإسلام شهاب الدين أحمد البرلسي الشافعي نزيل جامع منكل بغا بحلب، وكانت وفاته كما قرأته بخط شيخنا البيلوني بعيد الظهر يوم الأحد

يونس بن العيثاوي

عاشر شهر جمادى الأولى سنة تسع وسبعين بتأخير السين في الأول، وتقديمها في الثاني وتسعمائة رحمه الله تعالى. يونس بن العيثاوي يونس بن عبد الوهاب بن أحمد بن أبي بكر العيثاوي الشافعي، الشيخ الفقيه العلامة شرف الدين مفيد الطالبين خطيب المسلمين والد شيخنا شيخ الإسلام، الشيخ أحمد. مولده سنة ثمان وتسعين بتقديم التاء وثمانمائة. قرأ على شيخ الإسلام تقي الدين البلاطنسي، وشيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون، ومفتي دار العدل السيد كمال الدين بن حمزة، والشيخ العلامة الأوحد علي بن أبي اللطف المقدسي نزيل دمشق، والشيخ تقي الدين القاري، وأخذ عن الوالد، وحضر دروسه، وسمع عليه بعض تآليفه، وكان يتعاطى صناعة الشهادة، وكان مركزه على العادة في أيام الجراكسة عند باب الفرج، ثم ترك ذلك، وقام بخطابه الجامع الجديد خارج باب الفرج والفراديس، وهو جامع بردسك، وسمي بالجديد لتجديده. ويقال له: الجامع المعلق لكونه مبيناً على نهر بردا، وكان إمامه أيضاً، وكانت إقامته به ينفع الناس، وكان ممن ينكر القهوة البنية، وصمم على إنكارها، وألف فيها رسالة، وكان يعلن بالإنكار على شربها على المنبر، وكان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ولما كانت الدولة التركية، وكان قضاة قضاة دمشق لا يكونون إلا من الروم كان كثير منهم ينهي عن كتابة عقود الأنكحة في غير المحاكم، فقال له الشيخ يونس: يا مولانا لو صعد الموجبان والشاهدان إلى أعلى شاهق، وعقد النكاح هناك أكان يصح؟ قال: نعم كان يصح. قال له: يا مولانا لو نزلوا إلى أعمق واد، فعقد النكاح أكان يصح؟ قال: نعم كان يصح. قال: يا مولانا فما هذا التحريج على الناس أن لا يكتب نكاح إلا في المحاكم؟ قال: يا شيخ ينقص من محصولنا. قال: يا مولانا ما نقص من ذلك خير مما زاد، ووافقه على إنكار القهوة بعض قضاة قضاة زمانه، وانتفع به من الطلبة ولده شيخنا، وأخوه من قبله الشيخ تاج الدين المتقدم في الطبقة الوسطى، ثم قرأ شيخنا على أخيه، وانتفع به قبل أبيه، وانتفع به جماعات، وممن أخذ عنه الفقه القاضيان الأخوان أحمد، وعمر ابنا أبي بكر ابن الموقع. وله تآليف منها شرح الغاية وشرح الورقات وشرح تصحيح المنهاج المسمى بالمغني وتصحيح الغاية وديوان خطب وعبارته لا تخلو عن ضعف في العربية، والغالب عليها الصحة، ومن شعره ما قرأته بخطه:

يونس الزبال

ملاذي غياثي عمدتي، ووسيلتي ... معيني مغيثي سيد الخلق أحمد شفيعي مجيري ملجأي وذخيرتي ... حبيبي بشيري خير خلق محمد حديثي شيخنا أن والده كان إذا قعد يقرأ القرآن يأتي ديك كان عندهم، فيقف بين يدي الشيخ يرفع رجلاً ويضع أخرى، فلا يبرح حتى يفرغ الشيخ من قراءته، وحدثني أنه كان في مرضه الذي مات فيه لا يجري على لسانه غير السؤال عن الأذان، ثم يشرع في الصلاة حتى مات رحمه الله تعالى توفي سنة ست أو سبع وسبعين بتقديم السين فيهما وتسعمائة، ودفن عند والده الشيخ تاج الدين في مرج الدحداح خارج باب الفراديس بالقرب من قبر الشيخ الطيبي والكفرسوسي رحمهم الله تعالى. يونس الزبال يونس الزبال، العبد الصالح، بل الولي المرشد الداعي إلى الله تعالى كان في أول الأمر زبالاً يجمع السرجين للحمامات بدمشق، ثم فتح الله تعالى عليه، فلزم السلوك حتى صار من أعيان المرشدين بدمشق، وصار له مجلس وحلقة ذكر عند قبر سيدي يحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام بين القبر الشريف، والجدار القبلي، وأخذ عنه الشيخ علي النقطجي وغيره. بلغني أنه مات في سنة سبع وسبعين بتقديم السين فيهما وتسعمائة، وهي سنة ميلادي، ودفن بالقرب من زاويته بسوق صاروجا رحمه الله تعالى. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

§1/1