الكليات

أَبُو البَقاء الكفوي

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم خير مَنْطُوق بِهِ أَمَام كل مقَال، وَأفضل مصدر بِهِ كل كتاب فِي كل حَال، مُقَدّمَة تَنْزِيل الْقُرْآن، وَآخر دَعْوَى سكان منَازِل الْجنان، لمن رسمت آيَات جبروته على صفحات الْأَنْفس والآفاق، ورقمت سطور عظموته فِي جباه السَّبع والطباق، ثمَّ أولى مَا قفي بِهِ ذَلِك، وَأَحْرَى مَا شفع بِهِ للسالك، هُوَ التحنن والاستغماد والاستجلاب، حَسْبَمَا سرد رب الأرباب، على أنفس جَوْهَرَة توجت بهَا هَامة تهَامَة، وأصوب سهم استخرج من كنَانَة كنَانَة، وأسنى أنوار السَّمَاوَات وَالْأَرْض، وأبهى أسرار ملكوته بالطول وَالْعرض، وَأحمد من حمد وَحمد، وأوفى من وعد وعهد، مُحَمَّد الَّذِي ابتهجت بيمن أخمصيه سرة الْبَطْحَاء، وباهت بترب نَعْلَيْه حظائر الْقُدس فَوق الْقبَّة الشماء، وعَلى حواريه الَّذين اجتهدوا فِي تأسيس قَوَاعِد الْكَلم، واستفرغوا فِي تشييد ضوابط الحكم. وَبعد: فمذ أميطت عني التمائم، ونيطت بِي العمائم، قدر الله لي أَن ألازم الْكتاب وأداوم الْفُنُون، وأكتحل بإثمد اللَّيَالِي لتنوير الْعُيُون، ملتقطا فرائدها، ومرتبطا بِالْكِتَابَةِ فوائدها، مَا رَأَيْت فَنًّا إِلَّا وَكنت فِيهِ خَطِيبًا، مَا ألفيت غصنا إِلَّا وصرت فِيهِ عندليبا. وَالْكتاب إِلَيّ أحب من كل حبيب، وأعجب لدي من كل عَجِيب. فَإِن الْعلم فَخر يبْقى على مُرُور الأحقاب، وَذكر يتوارثه الأعقاب بعد الأعقاب، وَأول الْمجد وَآخره، وباطن الشّرف وَظَاهره، بِهِ يترقى على كل الْمَرَاتِب، وَبِه يتَوَصَّل إِلَى المآرب والمطالب؛ وَهُوَ الأرتع مرعاه، وَهُوَ الأرفع مسعاه يمْلَأ الْعُيُون نورا، والقلوب سُرُورًا؛ وَيزِيد الصُّدُور انشراحا، ويفيد الْأُمُور انفساحا؛ وَهُوَ الْغنم الْأَكْبَر والحظ الأوفر والبغية الْعُظْمَى والمنية الْكُبْرَى، وتعريف الْمَعْرُوف من بَاب الْمَرْدُود، كَمَا أَن الزِّيَادَة على

الْحَد نُقْصَان من الْمَحْدُود، وَأَيْنَ هَذَا الشّرف؟ إِذْ لَا يدْرك بالأماني، وَلَا ينَال بالتهاون والتواني. وَقد يسر الله ذَلِك لأسلافنا الْكِرَام، صُدُور الْأَنَام وبدور الْأَيَّام، حَتَّى صرفُوا جهدهمْ واجتهادهم، وبذلوا أعمارهم وأعصارهم، فبلغوا قاصية الْمَقَاصِد، وملكوا نَاصِيَة المراصد، فألفوا وأجادوا، وصنفوا وأفادوا، فَبَقيَ لَهُم الذّكر الْبَهِي، على مر الدهور وَالْأَيَّام، وَالشُّكْر السّني على كرّ الشُّهُور والأعوام؛ نور الله ضريحهم، وَغفر كنايتهم وصريحهم. وَلما وفقني الله الْجَمِيل، لهَذَا الْمطلب الْجَلِيل، أدرت أَن أنخرط فِي سلكهم، وأعقد مَعَهم الخناصر، قبل أَن تبلى السرائر وتفنى العناصر، وأكون بِخِدْمَة الْعلم موسوعا، وَفِي حَملته منظوما، وَفِي رياضه راتعا، وَفِي أفقه طالعا، وأستنير فِي ظلم الزَّمَان بِهَذَا الْمِصْبَاح، وأطير فِي دَرك النجاح بِهَذَا الْجنَاح. لكني كنت فِي عصر عضت فِيهِ أَبنَاء الْعلم نَوَائِب الزَّمن، ونشبت فيهم مخالب المحن، وخصتني من بَينهم بأصعب أَمر وخيم، ذَلِك تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم. وَلَوْلَا أَن منّ الله سُبْحَانَهُ علينا فِي هَذَا الزَّمَان بِمن أعنه عنايته معطوفة على تربية أهل الْعرْفَان، وأزمة عاطفته مصروفة إِلَى إسعاف مطَالب الْعلمَاء، كُنَّا فِي زَاوِيَة الخمول وبادية الأفول هباء. وَهُوَ الْوَزير الأكرم والدستور الأفخم، الملكي النسم، الْقُدسِي الشيم، الأصدق الأحق الأوفر. الأعدل الأجمل الأوقر سمي النَّبِي الأوفى فِي عَالم الْإِنْشَاء، مصطفى باشا يسر الله لَهُ مَا يَشَاء، وَمَا زَالَت قُلُوب عنيده أكنة أسنة عبيده. وَهُوَ نظام المفاخر والمآثر. غوث الشاكي وغيث الشاكر؛ إِن لفظ فالإصابة تقدم لفظته. وَإِن لحظ فالإجابة تخْدم لحظته؛ تشْتَمل أردية عواطفه مناكب الْآفَاق. وتمتلي من أَوديَة عوارفه مطامح الأحداق. جلب الْقُلُوب فَصَارَ ظَاهرهَا فِي كل بَاطِن، وحنت إِلَيْهِ الْجَوَارِح فحركت كل سَاكن؛ بل ملك الدَّهْر فامتطى لياليه أداهم. وقلد بيض أَيَّامه صوارم؛ ووهب أقماره دَنَانِير ودراهم. وَجعل أوقاته ولائم؛ ينحني الْهلَال لتقبيل أقدامه، ويمتد كف الثريا لاستحداب صوب غمامه. ويتضاءل كل مِنْهُمَا فَيصير هَذَا غرَّة فرسه وَهَذَا حلية لجامه. وَلما تنبه الدَّهْر لمحاسنه وتيقظ. بَعْدَمَا تحرى وتحقد وَتحفظ. كَاد من الخجل يضيق صَدره وَلَا ينْطَلق لِسَانه. حَتَّى عرق بالندى جبين النسيم. والورد قد احمر مِنْهُ وَجهه الوسيم؛ وابتل جنَاح الْهَوَاء. واغرورقت مقلة

السَّمَاء فابتسمت ثغور الْآفَاق عَن شنب قطرها. وأشرقت الأَرْض بِنور رَبهَا. وأرضعت حوامل المزن أجنة الأزهار فِي أحشاء الْأَرَاضِي. فالخلق كلهم فِي التكافي والتصالح والتراضي. وَلِهَذَا صَار لِوَاء النَّصْر فِي كل جَانب مديد. وخاب كل جَبَّار عنيد. وَلما رَأَيْت فضلاء الأقطار وعلماء الْأَمْصَار يجلبون إِلَى حَضرته الرفيعة وساحته المنيعة مَا زَالَت ملْجأ للأفاضل، وملاذا للأواخر والأوائل، بضائع صنائع أفكارهم، وبدائع رسائلهم وأسفارهم [فصاروا مغمورين بذوارف عوارفه الَّتِي تصل إِلَيْهِم على الدَّوَام، ومنتظمين بهَا أَحْوَالهم غَايَة الانتظام، لَا سِيمَا الراحلين إِلَيْهِ القاطعين السباسب والفلوات عائذين بِهِ من مكاره الدهور والنكبات، فَلم أدر أَي شَيْء أجعله ذَرِيعَة للوصول إِلَى ذَلِك الجناب، وأتشرف بتقبيل أنامله الَّتِي تشاهد مِنْهَا آثَار الهطال من السَّحَاب] . فاستفضت من فياض ذوارف العوارف. واستعنت بالنُّون والقلم فِي تَبْيِين المعارف، [مَعَ مَا بِي من مقاساة الأحزان، ومعاداة الزَّمَان بِحَيْثُ أتجرع كؤوسا علق بهَا العلقم، بل أَشد سما من الأرقم، وأتطلب رضى الْأَيَّام، وَهِي عَليّ أضرّ حقدا من الْكبر، وأتلقى الخطوب عاديا من الْبَصَر فَامْتنعَ الرَّاحَة بِالْكِنَايَةِ بَكَيْت، كامتناع الْفَاء من خبر لَعَلَّ وليت، حَتَّى لقِيت يَوْمًا يَجْعَل الْولدَان شيبا، ووهن الْعظم مني واشتعل الرَّأْس شيبا] ؛ فَقَامَ الْقَلَم فِي محراب أَطْرَاف البنان، وَركع وَسجد، على مصلى القرطاس واضطرب وارتعد قَائِلا: (كَأَن فمي قَوس لساني لَهُ يَد ... كَلَامي لَهُ نزع بِهِ أملي نبل) (كَأَن دواتي مطفل حبشية ... بناني لَهَا بعل وَنَفْسِي لَهَا نسل) فَجرى مِنْهُ كتاب بديع الْمِثَال، منيع المنال، مُحِيط تنصب إِلَيْهِ الجداول وَلَا يزْدَاد، وتغترف من لجته السحب فَمَا لَهُ من نفاد، تزهى بِهِ الألسن، وترمق نَحوه الْأَعْين، ويحمله الحذاق على الأحداق. من سَافر فِيهِ نظر، وَكَانَ الذَّوْق السَّلِيم رَفِيقه، علم أَنه تأليف جليل، يضْرب بِهِ الْأَمْثَال على الْحَقِيقَة. نعم قد جمعت فِيهِ مَا فِي تصانيف الأسلاف من الْقَوَاعِد وَلَا كالروض للأمطار، وتسارعت لضبط مَا فِيهَا من الْفَوَائِد وَلَا كَالْمَاءِ إِلَى الْقَرار، منقولة بأقصر عبارَة وأتمها،

وأوجز إِشَارَة وأعمها، وترجمت هَذَا الْمَجْمُوع الْمَنْقُول، فِي المسموع والمعقول، ورتبتها على تَرْتِيب كتب اللُّغَات، وسميتها بالكليات، راجيا من الله محو السَّيِّئَات، وتخليد الذّكر الْجَمِيل على الْأَيَّام، والتعيش بعد مشارفة الْحمام. وَالْجَامِع الْفَقِير، إِلَى الله الْغَنِيّ الْخَبِير، أَبُو الْبَقَاء الْحُسَيْنِي الكفوي الْحَنَفِيّ، خص باللطف الْجَلِيّ والخفي، يسْأَل مِمَّن نظر فِيهِ أَن يصلح ببنانه مَا عثر عَلَيْهِ فِيهِ من زلل الْقَلَم الفاتر، وخلل الخاطر الضَّعِيف الخائر، أَو يستر بِعَين الْحبّ نقصي كَيفَ مَا كَانَ، فَإِن رقصي على مِقْدَار تنشيط الزَّمَان، وَمَا قل من زل فِي جرداء التَّأْلِيف، بل هُوَ مصايبه. (وَمن ذَا الَّذِي ترْضى سجاياه كلهَا ... كفى الْمَرْء نبْلًا أَن تعد معايبه) وَيَد الأفكار قَاصِرَة عَن تنَاول مَا يرام، والصباغة فِي الصِّنَاعَة على النصاعة أصعب مرام، وَالله يَقُول الْحق وَهُوَ يهدي السَّبِيل. نعم الْمولى وَنعم الْوَكِيل.

فصل الألف

(فصل الْألف) الْألف: بِكَسْر اللَّام، هِيَ أول حُرُوف المعجم، وَأول اسْم الله تَعَالَى، وَأول مَا خَاطب الله بِهِ عباده فِي الْوُجُود بقوله: {أَلَسْت بربكم} وَهِي من أقْصَى الْحلق وَهُوَ مبدأ المخارج و [الْألف] : بِالسُّكُونِ اسْم علم لكَمَال الْعدَد بِكَمَال ثَالِث رُتْبَة، مُذَكّر وَلَا يجوز تأنيثه بِدَلِيل {يمددكم ربكُم بِخَمْسَة آلَاف} ، وَقَوْلهمْ: (هَذِه ألف دِرْهَم) ، لِمَعْنى الدَّرَاهِم وآلفه يؤالفه إلافا، وآلفه يؤلفه إيلافا، والإيلاف فِي التَّنْزِيل لِمَعْنى الْعَهْد وَاللَّام فِيهِ للتعجب أَي: اعجبوا لِإِيلَافِ قُرَيْش، أَو مَوْصُولَة بِمَا قبلهَا أَي: لتألف قُرَيْش وألفه يألفه: أعطَاهُ ألفا وَألف بَينهمَا تأليفا: أَي أوقع الألفة والألفة: بِالضَّمِّ اسْم من الائتلاف والإلف: كالفسق الاليف ثمَّ الْألف وَسَائِر الْحُرُوف الَّتِي يتركب مِنْهَا الْكَلَام مسميات لأسماء تتهجى، واسميتها لدخولها فِي حد الِاسْم واتصافها بخواصه، وَبِه صرح الْخَلِيل، وَأَبُو عَليّ وَمَا رَوَاهُ ابْن مَسْعُود وَهُوَ: " لَا أَقُول ألف حرف " إِلَخ المُرَاد المسميات، أَي مُسَمّى هَذَا اللَّفْظ حرف من يشهده فَلهُ حَسَنَة، لِأَن النَّبِي - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام - بصدد بَيَان ثَوَاب مسميات الْأَلْفَاظ الَّتِي تتهجى بهَا لَا الْكَلِمَات وَلَا المركبات مِنْهَا، إِذْ اللَّائِق بمقام التَّرْغِيب تَكْثِير الْفَائِدَة، فالحسنة بِعَدَد الْحُرُوف مُطلقًا مَكْتُوبَة كَانَت أَو ملفوظة كالألفاظ فِي (الحواميم) و (الطواسين) و (كهيعص) و (طه) و (ص) و (ق) و (الر) وَكَذَا (الرَّحْمَن) و (إِبْرَاهِيم) و (إِسْحَق) و (إِسْمَعِيل) وَكَذَا ألف (هَذَا) و (هَؤُلَاءِ) و (أُولَئِكَ) و (لَكِن) و (لَكِن) و (ثلث) و (ثلثين) وَقد تقرر فِي فنه أَن المُرَاد من مَوْضُوع الْقَضِيَّة ذَاته لَا لَفظه إِلَّا أَن يَقْتَضِي الْمقَام ذَلِك، وَإِطْلَاق الْمُتَقَدِّمين على هَذِه الالفاظ بالحروف بعد الْبُرْهَان على اسميتها

يصرف إِلَى التسامح أَو يدْفع بِالْعرْفِ المتجدد [ألف الْقطع] : فَكل مَا ثَبت فِي الْوَصْل فَهُوَ ألف الْقطع، ك (أَحْمد) و (أحسن) [ألف الْوَصْل] : وَمَا لم يثبت فَهُوَ ألف الْوَصْل ك (استخرج) و (استوفى) : [الْألف المجهولة] : كل ألف لإشباع الفتحة فِي الِاسْم أَو الْفِعْل فَهِيَ الْألف المجهولة، كألف (فَاعل) و (فاعول) [الْألف المحولة] : كل ألف أَصْلهَا وَاو أَو يَاء، ك (بَاعَ) و (قَالَ) فَهِيَ المحولة وكل ألف التَّأْنِيث فَهِيَ على (فعلى) مُثَلّثَة الْفَاء، ك (طُوبَى) و (ذكرى) و (مرضى) كل كلمة فِي آخرهَا ألف، إِن كَانَت حروفا فَيكْتب الْجَمِيع بِالْألف إِلَّا (بلَى) و (على) و (حَتَّى) وَكَذَا إِذا كَانَت مَبْنِيَّة إِلَّا (أَنى) و (مَتى) و (لَدَى) وَإِن كَانَت أَسمَاء معربة زَائِدَة على الثَّلَاثَة فَصَاعِدا فَيكْتب جَمِيعهَا بِالْيَاءِ لَا غير، لِأَن الْوَاو تنْقَلب إِلَى الْيَاء فِيهَا إِلَّا فِيمَا إِذا كَانَ قبل الْألف يَاء نَحْو (الْعليا) و (الدُّنْيَا) كَرَاهَة الْجمع بَين الياءين، إِلَّا فِي نَحْو (يحيى) و (رَبِّي) علمين للْفرق وَإِن كَانَت الْأَسْمَاء المعربة ثلاثية فَحِينَئِذٍ ينظر إِلَى أَصْلهَا الَّذِي انْقَلب مِنْهُ الْألف، فَإِن كَانَ يَاء فَيكْتب بِالْيَاءِ تَنْبِيها على أَصْلهَا ويعدل عَن جَوَاز إمالتها، وَإِن كَانَ واوا فَيكْتب بِالْألف ك (عَصا) وَالْفِعْل الثلاثي ينظر إِلَى أَصله، فَمَا زَاد فبالياء لَا غير، وَقد نظم بعض الأدباء: (إِذا الْفِعْل يَوْمًا غم عَنْك هجاؤه ... فَألْحق بِهِ تَاء الْخطاب وَلَا تقف) (فَإِن تَرَ قبل التَّاء يَاء فَكَتبهُ ... بياء وَإِلَّا فَهُوَ يكْتب بِالْألف) (وَلَا تحسب الْفِعْل الثلاثي وَالَّذِي ... تعداه والمهموز فِي ذَاك يخْتَلف) وَإِن كَانَ منونا فالمختار أَنه يكْتب بِالْيَاءِ وَهُوَ قِيَاس الْمبرد وَقِيَاس الْمَازِني أَنه يكْتب بِالْألف، وَقِيَاس سِيبَوَيْهٍ أَن الْمَنْصُوب يكْتب بِالْألف وَمَا سواهُ بِالْيَاءِ وَإِن جهل كَون الْألف من الْوَاو وَالْيَاء بِأَن لم يكن شَيْء مِمَّا ذكر، فَإِن أملت فالياء نَحْو (مَتى) وَإِلَّا فالألف وَقد نظمت فِيهِ: (وَكتب ذَوَات الْيَاء بِالْألف جَائِز ... وَكتب ذَوَات الْوَاو بِالْيَاءِ بَاطِل) (وَقصر ذَوي مد يجوز بِلَا مرا ... وَمد ذَوي قصر خطاء وعاطل) (وتذكير تَأْنِيث من الْعَكْس أسهل ... فَلَا تنس واحفظ أَنْت فِي الْعَصْر كَامِل) كل همزَة بعْدهَا حرف مد: كصورتها فَإِنَّهَا تحذف، وَلذَلِك كتبُوا نَحْو (خطأ) فِي حَال النصب بِأَلف وَاحِدَة و (مستهزؤن) بواو وَاحِدَة و (مستهزئين) بياء وَاحِدَة، وَقد تقلب الْهمزَة فِي نَحْو (مستهزئين) فَيكْتب بياءين، وَلم يَفْعَلُوا فِي (مستهزؤن) كَذَلِك، فكأنهم لما استثقلوا الواوين لفظا استثقلوهما خطأ وَلَيْسَ الْيَاء فِي الاستثقال مثلهَا كل كلمة اجْتمع فِي أَولهَا همزتان وَكَانَت الْأُخْرَى

سَاكِنة فلك أَن تصيرها واوا إِن كَانَت الأولى مَضْمُومَة، أَو يَاء إِن كَانَت الأولى مَكْسُورَة، أَو ألفا إِن كَانَت الأولى مَفْتُوحَة كل اسْم مَمْدُود فَلَا تَخْلُو همزته إِمَّا أَن تكون أَصْلِيَّة فتتركها فِي التَّثْنِيَة على مَا هِيَ عَلَيْهِ، فَتَقول: (خطاآان) وَإِمَّا أَن تكون للتأنيث فتقلبها فِي التَّثْنِيَة واوا لَا غير فَتَقول: (صفراوان) و (سوداوان) وَإِمَّا أَن تكون منقلبة عَن وَاو أَو يَاء أَصْلِيَّة مثل (كسَاء) و (رِدَاء) أَو مُلْحقَة مثل (علْبَاء) و (حرباء) ب (سرداح) و (شملال) ، فَأَنت فِيهَا بِالْخِيَارِ إِن شِئْت تقلبها واوا مثل التَّأْنِيث، وَإِن شِئْت تتركها همزَة مثل الْأَصْلِيَّة وَهُوَ أَجود فَتَقول: (كساآن) و (رداآن) كل كلمة أَولهَا همزَة وصل مَفْتُوحَة دَخَلتهَا همزَة الِاسْتِفْهَام وَذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ: الأولى: لَام التَّعْرِيف وَالثَّانيَِة: (ايمن الله) و (ايم الله) فَإِن همزَة الْوَصْل لَا تكون مَفْتُوحَة إِلَّا فيهمَا [الْألف الفاصلة] : وَالْألف الفاصلة تثبت بعد وَاو الْجمع فِي الْخط ك (شكروا) لتفصل بَين الْوَاو وَمَا بعْدهَا والفاصلة: بَين عَلَامَات الْإِنَاث وَبَين النُّون الثَّقِيلَة ك (افعلنان) [ألف الْعِوَض] : وَألف الْعِوَض تبدل من التَّنْوِين ك (رَأَيْت زيدا) وَألف الصِّلَة: اجتلبت فِي أَوَاخِر الْأَسْمَاء وَألف الْوَصْل: فِي أَوَائِل الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال وَألف النُّون الْخَفِيفَة:: ك (نسفعا) وَألف الْجمع: ك (مَسَاجِد) و (جبال) وَألف التَّفْضِيل وَالتَّقْصِير: ك (هُوَ أكْرم مِنْك) و (أَجْهَل مِنْهُ) وَألف النداء: (أَزِيد) تُرِيدُ يَا زيد وَألف الندبة: (وازيداه) وَألف التَّأْنِيث: كمدة (حَمْرَاء) وَألف (سكرى) و (حُبْلَى) وَألف التَّثْنِيَة: كَمَا فِي (يذهبان) و (الزيدان) وَالْألف مُشْتَركَة: بَين الْعَام وَالْخَاص، وَقد راعوا فِي وضع الِاسْم التشابه حَيْثُ سموا الْهمزَة وَالْألف باسم وَاحِد، والتمييز بِوَضْع الِاسْم للألف، ونبهوا على كَثْرَة الْألف وَقلة الْهمزَة بذلك، حَيْثُ لم يسموا الْهمزَة باسم خَاص وَقد يُطلق الْألف على الْهمزَة إِمَّا لكَونهَا اسْما للساكنة والمتحركة جَمِيعًا كَمَا قيل، أَو على سَبِيل الْمجَاز، لكَونهَا تكْتب بِصُورَة الْألف إِذا كَانَت فِي أول الْكَلِمَة وَوضع الْخط: أَن يكْتب كل كلمة على صُورَة لَفظهَا بِتَقْدِير الِابْتِدَاء بهَا وَالْوَقْف عَلَيْهَا نَحْو (مَه أَنْت) إِلَّا إِذا اتَّصل (مَا) الاستفهامية بِحرف الْجَرّ، فَإِنَّهُ لَا يكْتب بِالْهَاءِ نَحْو: (حتام) و (إلام) و (علام) وَذَلِكَ لشدَّة الِاتِّصَال حَيْثُ صارتا كالشيء الْوَاحِد وللاتصال الْمَذْكُور أَيْضا كتب (مِم) و (عَم) بِغَيْر النُّون وَيكْتب (أَنا زيد) بِالْألف إِذْ الْوَقْف كَذَلِك؛ وَمِنْه: {لَكنا هُوَ الله رَبِّي} وتاء التَّأْنِيث: فِي نَحْو (رَحْمَة) بِالْهَاءِ إِذْ الْوَقْف بهَا

الألف اللينة والألف المتحركة

وَيكْتب الْمنون الْمَنْصُوب بِالْألف، وَغير الْمَنْصُوب بالحذف، إِذْ الْوَقْف كَذَلِك ( [الْألف اللينة وَالْألف المتحركة] ) وَالْألف على ضَرْبَيْنِ: لينَة ومتحركة فاللينة تسمى ألفا، والمتحركة تسمى همزَة قَالَ بَعضهم: الْألف إِذا تحركت صَارَت همزَة، والهمزة إِذا سكنت ومدت صَارَت ألفا، وَلِهَذَا شبهوهما بالهواء وَالرِّيح وَقد نظمت فِيهِ: (كألف يُرِيك الدَّهْر فِي أعين الورى ... وَلَو شَاءَ يبدى للعيون كهمزة) (فكم من سُكُون مد بِالرِّيحِ كالهوا ... إِلَيْك فكم فِي الْغَيْب عون بنصرة) وَذكر ابْن جني فِي " سر الصِّنَاعَة " أَن الْألف فِي الأَصْل اسْم الْهمزَة، واستعمالهم إِيَّاهَا فِي غَيرهَا توسع وَاتفقَ العارفون بِعلم الْحُرُوف على أَن الْألف لَيست بِحرف تَامّ، بل هِيَ مَادَّة جَمِيع الْحُرُوف، فَإِن الْحَرْف التَّام هُوَ الَّذِي يتَعَيَّن لَهُ صُورَة فِي النُّطْق وَالْكِتَابَة مَعًا، وَالْألف لَيست كَذَلِك، فَإِن صورتهَا تظهر فِي الْخط لَا فِي النُّطْق، عكس الْهمزَة، فَإِن الْهمزَة تظهر صورتهَا فِي النُّطْق لَا فِي الْخط فمجموع الْهمزَة وَالْألف عِنْدهم حرف وَاحِد وَالْألف إِن كَانَت حَاصِلَة من إشباع الحركات كَانَت مصوتة، وَإِلَّا فَهِيَ صامتة، سَوَاء كَانَت متحركة أَو سَاكِنة وَالْألف إِذا كَانَت صامتة تسمى همزَة والمصوتة، هِيَ الَّتِي تسمى فِي النَّحْو حُرُوف الْمَدّ واللين، وَلَا يُمكن الِابْتِدَاء بهَا، والصامتة مَا عَداهَا والمصوتة لَا شكّ أَنَّهَا من الهيئات الْعَارِضَة للصوت، والصوامت فِيهَا مَا لَا يُمكن تمديده كالباء وَالتَّاء وَالدَّال والطاء، وَهِي لَا تُوجد إِلَّا فِي الْآن الَّذِي هُوَ آخر زمَان حبس النَّفس وَأول زمَان إرْسَاله، وَهِي بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّوْت كالنقطة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخط والآن بِالنِّسْبَةِ إِلَى الزَّمَان وَهَذِه الْحُرُوف لَيست بِأَصْوَات وَلَا عوارض فِي أصوات، وَإِنَّمَا هِيَ أُمُور تحدث فِي مبدإ حُدُوث الْأَصْوَات وَإِذا عرفت هَذَا فَنَقُول: لَا خلاف فِي أَن السَّاكِن إِذا كَانَ حرفا مصوتا لم يُمكن الِابْتِدَاء بِهِ، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي الِابْتِدَاء بالساكن الصَّامِت، فقد منع إِمْكَان الِابْتِدَاء بِهِ قوم للتجرية، وَجوزهُ الْآخرُونَ قَالَ الْعَلامَة الكافيجي: " وَالْحق هَهُنَا هُوَ التَّفْصِيل بِأَن يُقَال: إِن كَانَ السّكُون للساكن لَازِما لذاته فَيمْتَنع كالألف، وَإِلَّا فَيمكن؛ لكنه لم يَقع فِي كَلَامهم لِسَلَامَةِ لغتهم من كل لَكِن وبشاعة وَحقّ ألف الْوَصْل الدُّخُول فِي الْأَفْعَال نَحْو: (انْطلق) و (اقتدر) ؛ وَأما الْأَسْمَاء الَّتِي لَيست بِجَارِيَة على أفعالها فألف الْوَصْل غير دَاخِلَة عَلَيْهَا، إِنَّمَا دخلت على أَسمَاء قَليلَة، وجعلوها فِي الْأَسْمَاء الْعشْرَة عوضا عَن اللَّام المحذوفة حَتَّى احتاجوا فِي (امْرِئ) إِلَى حمله على (ابْن) بِجَامِع أَن لامه همزَة ويلحقها الْحَذف فَيُقَال (مر) و (بن) فَجعل همزَة الْوَصْل فِي (اسْم) عوضا عَن الصَّدْر دون الْعَجز، خلاف مَا عهد فِي كَلَامهم من نَظَائِره وهمزة الْوَصْل مَا عدا الْأَسْمَاء الْعشْرَة: همزَة

الْمَاضِي، والمصدر، وَالْأَمر الخماسي والسداسي، وهمزة أَمر الْحَاضِر من الثلاثي، والهمزة الْمُتَّصِلَة بلام التَّعْرِيف وتقلب همزَة الْوَصْل ألفا كَمَا يفعل بِالَّتِي مَعَ لَام التَّعْرِيف نَحْو: {آللَّهُ أذن لكم} وهمزة الْقطع: بَاب الإفعال، وهمزة الْجمع، وَنَفس الْمُتَكَلّم من كل بَاب، وهمزة الِاسْتِفْهَام وَقطعت الْهمزَة فِي النداء ووصلت فِي غَيره لِأَن تَعْرِيف النداء أغْنى عَن تَعْرِيفهَا فجرت مجْرى الْهمزَة الْأَصْلِيَّة فَقطعت وَفِي غير النداء: لما لم ينخلع عَنهُ معنى التَّعْرِيف رَأْسا وصلوا الْهمزَة والهمزة فِي الصَّدْر: تكْتب على صُورَة الْألف فِي كل حَال وَفِي الْوسط: إِذا كَانَت سَاكِنة تكْتب على وفْق حَرَكَة مَا قبلهَا ك (رَأس) و (لؤم) و (ذِئْب) وَإِذا كَانَت متحركة وَسكن مَا قبلهَا تكْتب على وفْق حَرَكَة نَفسهَا نَحْو: (يسْأَل) و (يلؤم) و (يسئم) وَكثر حذف الْمَفْتُوحَة بعد الْألف ك (ساءل) وَقل بعد سَاكن تنقل إِلَيْهِ حركتها ك (مسئلة) وَإِذا كَانَت متحركة بعد متحرك فَهِيَ كتخفيفها ف (مُؤَجل) بِالْوَاو، و (فِئَة) بِالْيَاءِ، وَالْبَاقِي بِحرف حركتها وَفِي الأول الْمُتَّصِل بِهِ غَيره: لَا يكون كالوسط، فتكتب بِالْألف نَحْو: (بِأحد) و (لأحد) بِخِلَاف (لِئَلَّا) لِكَثْرَة اسْتِعْمَاله أَو لكَرَاهَة صورته، وَبِخِلَاف (لَئِن) لكثرته وَفِي الآخر: تكْتب بِحرف حَرَكَة مَا قبلهَا ك (قَرَأَ) و (قرئَ) و (ردؤ) فَإِن سكن مَا قبلهَا حذفت ك (خبء) و (ملْء) وهمزة ألف التَّأْنِيث الممدودة: ألف فِي الأَصْل بِخِلَاف الْمَقْصُورَة وَالْألف إِذا كَانَت لاما: وَجَهل أَصْلهَا حملت على الانقلاب عَن الْيَاء بِخِلَاف مَا إِذا كَانَت عينا فَإِنَّهَا تحمل على الانقلاب عَن الْوَاو وَألف التَّأْنِيث إِذا كَانَت رَابِعَة: تثبت فِي التكسير نَحْو (حُبْلَى) و (حبالى) و (سكرى) و (سكارى) ، وَلَيْسَت التَّاء كَذَلِك، بل قد تحذف فِي التكسير نَحْو (طَلْحَة وطلاح) وَلما كَانَت الْألف مختلطة بِالِاسْمِ كَانَ لَهَا مزية على التَّاء فَصَارَت مشاركتها فِي التَّأْنِيث عِلّة، ومزيتها عَلَيْهَا عِلّة أُخْرَى، فَكَأَنَّهُ تأنيثان، وَلذَلِك منعت الصّرْف وَحدهَا وَلم تمنع التَّاء إِلَّا مَعَ سَبَب آخر وَألف التَّأْنِيث تبنى مَعَ الِاسْم وَتصير كبعض حُرُوفه ويتغير الِاسْم مَعهَا عَن هَيْئَة التَّذْكِير فزادت على التَّأْنِيث قُوَّة، لَكِن دُخُول تَاء التَّأْنِيث فِي الْكَلَام أَكثر من دُخُولهَا لِأَنَّهَا قد تدخل فِي الْأَفْعَال الْمَاضِيَة للتأنيث وَتدْخل الْمُذكر للتَّأْكِيد وَالْمُبَالغَة نَحْو (عَلامَة) و (نسابة) وتحذف الْألف من الْأَسْمَاء الأعجمية الْكَثِيرَة الِاسْتِعْمَال ك (إِبْرَاهِيم) و (إسرئيل) كَمَا يحذف أحد الواوين من (دَاوُد) لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلَا تحذف الْألف مِمَّا لَا يكثر اسْتِعْمَاله ك (هاروت) و (ماروت) وَمَا كَانَ على (فَاعل) ك (صَالح) يجوز إِثْبَات أَلفه وحذفها إِن كثر اسْتِعْمَاله، وَإِلَّا فَلَا يحذف

ك (سَالم) وَمَا كثر اسْتِعْمَاله ودخله الْألف وَاللَّام يكْتب بِغَيْر الْألف، فَإِن حذفتهما أثبت الْألف تَقول: (قَالَ الْحَرْث) و (قَالَ حَارِث) وَلَا يحذف من (عمرَان) وَيجوز الْحَذف وَالْإِثْبَات فِي (عُثْمَان) و (مُعَاوِيَة) و (سُفْيَان) و (مَرْوَان) وتكتب الْألف: فِي نفس الْمُتَكَلّم مَعَ الْغَيْر إِذا كَانَ واويا كَمَا فِي (نرجوا) ، وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى: {أندعوا من دون الله} وَكتب الْألف فِي (ذووا) وَاقع من الثِّقَات وزيدت الْألف بعد الْوَاو آخر اسْم مَجْمُوع نَحْو: (بنوا إِسْرَائِيل) و (أولُوا الْأَلْبَاب) بِخِلَاف الْمُفْرد نَحْو: (لذُو علم) إِلَّا (الربوا) ، و {إِن امرؤا هلك} وَآخر فعل مُفْرد أَو جمع مَرْفُوع أَو مَنْصُوب إِلَّا (جاؤ) و (باؤ) {وعتوا عتوا} {وَالَّذين تبوؤ الدَّار} {فَإِن فاؤ} {عَسى الله أَن يعْفُو عَنْهُم} فِي النِّسَاء و {سعو فِي آيَاتنَا} فِي سبأ، كَذَا فِي " الاتقان " وتكتب ألف (الصلواة) و (الزكواة) بِمَعْنى (نما) أَو (طهر) ، و (الربوا) غير مضافات بِالْوَاو على لُغَة من يفخم، وزيدت الْألف بعْدهَا تَشْبِيها لَهَا بواو الْجمع وَيحْتَمل أَن يكون من هَذَا الْقَبِيل كتب الْألف بعد الْوَاو فِي الْأَفْعَال المضارعة المفردة، مَرْفُوعَة كَانَت أَو مَنْصُوبَة فِي كل الْقُرْآن وَالْحق أَن مثل ذَلِك يكْتب فِي الْمُصحف بِالْوَاو اقْتِدَاء بنقله عَن عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَفِي غَيره بِالْألف، وَقد اتّفقت فِي خطّ الْمُصحف أَشْيَاء خَارِجَة عَن القياسات الَّتِي بني عَلَيْهَا علم الْخط والهجاء قَالَ ابْن درسْتوَيْه: " خطان لَا يقاسان، خطّ الْعرُوض وَخط الْقُرْآن " وَتدْخل الْألف للْفرق بَين الضَّمِير الْمَرْفُوع وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِي نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا كالوهم أَو وزنوهم يخسرون} فتحذف إِذا أردْت: (كالوا لَهُم ووزنوا لَهُم) ، لِأَن الضَّمِير مَنْصُوب؛ وَإِذا أردْت: (كالوا) فِي أنفسهم و (وزنوا) فِي أنفسهم أثبت الْألف مثل: (قَامُوا هم) و (قعدوا هم) لِأَن الضَّمِير مَرْفُوع وزادوها فِي (مائَة) فرقا بَينه وَبَين (مِنْهُ) وألحقوا الْمثنى بهَا بِخِلَاف الْجمع وَالْألف دَائِما حرف مد ولين، وَالْيَاء بعد الفتحة حرف لين، وَبعد الضمة والكسرة حرف مد ولين وَإِذا نسبت الابْن: إِلَى لقب قد غلب على أَبِيه أَو صناعَة مَشْهُورَة قد عرف بهَا فَحِينَئِذٍ تحذف الْألف لِأَن ذَلِك يقوم مقَام اسْم الْأَب وَيكْتب: (هَذِه هِنْد ابْنة فلَان) بِالْألف وَالْهَاء، وَإِذا أسقطت الْألف تكْتب: (هَذِه هِنْد بنت فلَان) بِالتَّاءِ

فصل الألف والباء

والحرف الَّذِي عِنْد عد الْحُرُوف قبل (الْيَاء) يرى ابْن جني أَن اسْمه (لَا) ؛ وَقَول المتعلمين: (لَام ألف) خطأ لسبقهما، وَلَيْسَ الْغَرَض بَيَان كَيْفيَّة تركيب الْحُرُوف، بل سرد أَسمَاء الْحُرُوف البسائط قَالَ بَعضهم: لما احتاجوا إِلَى بَيَان مسميات الْحُرُوف جعلوها أَوَائِل أسمائها، ك (ألف) و (بَاء) و (تَاء) إِلَى آخِره، وَلم يَأْتِ هَذَا الطَّرِيق فِي الْألف الهوائية لسكونها فأضافوا اللَّام لذَلِك، وَلما جعل الْألف مظهر اللَّام ناسب أَن يكون اللَّام مظْهرا لَهَا أَيْضا وَقَالَ ابْن دُرَيْد: " الْحُرُوف الَّتِي استعملتها الْعَرَب فِي كَلَامهم فِي الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال والحركات والأصوات تِسْعَة وَعِشْرُونَ حرفا مرجعهن إِلَى ثَمَانِيَة وَعشْرين حرفا، وَأما الْحَرْف التَّاسِع وَالْعشْرُونَ فحرف بِلَا صرف - أَي بِلَا تصريف - وَهِي الْألف الساكنة " قَالَت الشَّافِعِيَّة: فَلَو جنى شخص على لِسَان أحد حَتَّى بَطل كَلَامه بِبَعْض الْحُرُوف توزع الدِّيَة على عدد الْحُرُوف (فصل الْألف وَالْبَاء) [أَبْلَج] : كل متضح أَبْلَج، وَهُوَ فِي الأَصْل خلاف الأقرن ثمَّ قَالُوا للرجل الطلق الْوَجْه ذِي الْكَرم وَالْمَعْرُوف أَبْلَج، وَإِن كَانَ أقرن ثمَّ استعير للواضح على الْإِطْلَاق، وَمِنْه: صباح أَبْلَج وابتلج الْفجْر وتبلج: إِذا أنار وأضاء والابليجاج: الوضوح الْأَب: هُوَ إِنْسَان تولد من نطفته إِنْسَان آخر وَلَا بُد من أَن يذكر الابْن فِي تَعْرِيف الْأَب فالأب من حَيْثُ هُوَ الْأَب لَا يُمكن تصَوره بِدُونِ تصور الابْن كَمَا يُقَال (الْعَمى عدم الْبَصَر عَمَّا من شَأْنه أَن يبصر) فَلَا بُد من ذكر الْبَصَر فِي تَعْرِيف الْعَمى مَعَ أَنه خَارج عَن ماهيته، كَمَا أَن الابْن خَارج عَن مَاهِيَّة الْأَب وَقد يُرَاد بِالْأَبِ مَا يتَنَاوَل الْأُم، إِذْ كل من نطفتي الْأَب وَالأُم تدخل فِي التولد وَكَذَلِكَ قد يُرَاد بالابن مَا يتَنَاوَل الْبِنْت عِنْد تَعْرِيفه بحيوان تولد من نُطْفَة شخص آخر من نَوعه من حَيْثُ هُوَ كَذَلِك وكل من كَانَ سَببا لإيجاد شَيْء أَو إِصْلَاحه أَو ظُهُوره فَهُوَ أَب لَهُ وأرباب الشَّرَائِع الْمُتَقَدّمَة كَانُوا يطلقون الْأَب على الله تَعَالَى، بِاعْتِبَار أَنه السَّبَب الأول، حَتَّى قَالُوا، " الْأَب هُوَ الرب الْأَصْغَر وَالله هُوَ الرب الْأَكْبَر " ثمَّ ظنت الجهلة مِنْهُم أَن المُرَاد بِهِ معنى الْولادَة فاعتقدوا ذَلِك تقليدا، وَلذَا كفر قَائِله وَمنع مِنْهُ مُطلقًا حسما لمادة الْفساد وَلَا يُرَاد بِالْأَبِ المربي أَو الْعم من غير قرينَة، وَلم يرد فِي الْقُرْآن وَلَا فِي السّنة مُفردا، وَإِنَّمَا ورد فِي ضمن الْجمع بطرِيق التغليب بِالْقَرِينَةِ الْوَاضِحَة قَالَ الله تَعَالَى حِكَايَة عَن بني يَعْقُوب: {نعْبد إلهك وإله آبَائِك إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق} وَكَانَ إِسْمَاعِيل عَم يَعْقُوب

وَالْعرب تجْعَل الْعم أَبَا وَالْخَالَة أما، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَرفع أَبَوَيْهِ على الْعَرْش} يَعْنِي أَبَاهُ وخالته وَكَانَت أمه قد مَاتَت وَقَالَ أَيْضا حِكَايَة عَن يُوسُف: {وَاتَّبَعت مِلَّة آبَائِي إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب} وَكَانَ إِسْحَق جده وَإِبْرَاهِيم جد أَبِيه وَالْمرَاد من قَوْله تَعَالَى: {كَمَا أخرج أبويكم من الْجنَّة} آدم وحواء وَورد أَيْضا: الْخَال أحد الْأَبَوَيْنِ إِلَّا أَنه تَسْمِيَة الْجد أَبَا بِمَعْنى التفرع مِنْهُ بِخِلَاف الْعم وَالْخَال، فَإِنَّهُمَا إِنَّمَا سميا أَبَا للازم آخر من لوازمه وَهِي التربية وَالْقِيَام بمصالح الْمَرْء؛ وَهَذَا الْمجَاز مَشْهُور فِي الشَّرَائِع السالفة على مَا رُوِيَ فِي الْإِنْجِيل أَن عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - قَالَ: " أَنطلق إِلَى أبي وأبيكم " وَأَرَادَ الرب سُبْحَانَهُ لِأَنَّهُ الْقَائِم بمصالح الْعباد وإتمام أُمُورهم وَالِابْن: أَصله (بني) بِالْيَاءِ لما قيل أَن مَعْنَاهُ أَنه يبْنى على مَا بني أَبوهُ والبنوة: لَا تدل على كَونه بِالْوَاو، كالفتوة، والفتى، شبه الْأَب بالأس وَالِابْن بِمَا يبْنى عَلَيْهِ {ونادى نوح ابْنه} أَي ابْن امْرَأَته بلغَة طَيئ وَقد قرئَ ابْنهَا ويستعار الابْن فِي كل شَيْء صَغِير فَيَقُول الشَّيْخ للشاب الْأَجْنَبِيّ: (يَا ابْني) ويسمي الْملك رَعيته بالأبناء، والأنبياء فِي بني إِسْرَائِيل كَانُوا يسمون أممهم أَبْنَاءَهُم والحكماء وَالْعُلَمَاء يسمون المتعلمين مِنْهُم أَبْنَاءَهُم وَقد يكنى بالابن فِي بعض الْأَشْيَاء لِمَعْنى الصاحب كَقَوْلِهِم (ابْن عرس) و (ابْن مَاء) و (بنت وردان) و (بَنَات نعش) على الِاسْتِعَارَة والتشبيه وَيُقَال أَيْضا لكل مَا يحصل من جِهَة شَيْء أَو تَرْبِيَته أَو كَثْرَة خدمته أَو قِيَامه بأَمْره أَو توجهه إِلَيْهِ أَو إِقَامَته عَلَيْهِ هُوَ ابْنه كَمَا يُقَال: (أَبنَاء الْعلم) و (أَبنَاء السَّبِيل) و (من أَبنَاء الدُّنْيَا) وَمن هُنَا سمي عِيسَى النَّبِي - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام - ابْنا، وَذَلِكَ لتوجهه فِي أَكثر أَحْوَاله شطر الْحق واستغراق أغلب أوقاته فِي جَانب الْقُدس قَالَ الإِمَام الْعَلامَة مُحَمَّد بن سعيد الشهير بالبوصيري - نور الله مرقده وَفِي أَعلَى غرف الْجنان أرقده -: " إِن بعض النَّصَارَى انتصر لدينِهِ وانتزع من الْبَسْمَلَة الشَّرِيفَة دَلِيلا على تَقْوِيَة اعْتِقَاده فِي الْمَسِيح وَصِحَّة يقينه بِهِ فَقلب حروفها، ونكر معروفها، وَفرق مألوفها وَقدم فِيهَا وَأخر وفكر وَقدر، ثمَّ عبس وَبسر، ثمَّ أدبر واستكبر فَقَالَ: قد انتظم من الْبَسْمَلَة: الْمَسِيح ابْن الله الْمُحَرر فَقلت لَهُ: فيحث رضيت الْبَسْمَلَة بَيْننَا وَبَيْنك حكما وجوزت مِنْهَا أحكاما وَحكما، فلتنصرن الْبَسْمَلَة الأخيار منا على الأشرار، ولتفضلن أَصْحَاب الْجنَّة على أَصْحَاب النَّار قَالَت لَك

الْبَسْمَلَة بِلِسَان حَالهَا: إِنَّمَا الله رب للمسيح رَاحِم النَّحْر لأمم لَهَا الْمَسِيح رب مَا برح الله رَاحِم الْمُسلمين سل ابْن مَرْيَم أحل لَهُ الْحَرَام لَا الْمَسِيح ابْن الله مُحَرر لَا مرحم للئام أَبنَاء السَّحَرَة رحم حر مُسلم أناب إِلَى الله لله نَبِي مُسلم حرم الراح الْحلم ربح رَأس مَاله الْإِيمَان فَإِن قلت: إِنَّه رَسُول، صدقتك وَقَالَت: إيل أرسل الرَّحْمَة من بِلَحْم وإيل: من أَسمَاء الله بِلِسَان كتبهمْ وترجمة (بِلَحْم) : بَيت اللَّحْم الَّذِي ولد فِيهِ الْمَسِيح إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يدل على إبِْطَال مَذْهَب النَّصَارَى ثمَّ انْظُر إِلَى الْبَسْمَلَة قد تخبر أَن من وَرَاء حولهَا خيولا وليوثا وَمن دون طلها سيولا وغيوثا وَلَا تحسبني استحسنت كلمتك الْبَارِدَة فَنسجَتْ على منوالها، وقابلت الْوَاحِدَة بِعشْرَة أَمْثَالهَا بل أَتَيْتُك بِمَا يبغتك فيبهتك، ويسمعك مَا يصمك عَن الْإِجَابَة ويصمتك، فتعلم بِهِ أَنه هَذِه الْبَسْمَلَة مُسْتَقر لسَائِر الْعُلُوم والفنون، ومستودع لجوهر سرها الْمكنون أَلا ترى أَن الْبَسْمَلَة إِذا حصلت جملها كَانَ عَددهَا سَبْعمِائة وَسِتَّة وَثَمَانِينَ، فَوَافَقَ جملها مثل عِيسَى كآدم لَيْسَ لله من شريك، بِحِسَاب الْألف الَّتِي بعد لامي الْجَلالَة {وَلَا أشرك بربي أحدا} {يهدي الله لنوره من يَشَاء} بِإِسْقَاط ألف الْجَلالَة فقد أجابتك الْبَسْمَلَة بِمَا لم تحط بِهِ خَبرا، وجاءتك بِمَا لم تستطع عَلَيْهِ صبرا " انْتهى مُلَخصا ثمَّ اعْلَم أَن الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ للِابْن: هُوَ الصلبي، كَذَا للْوَلَد مُنْفَردا وجمعا، لَكِن فِي الْعرف اسْم الْوَلَد حَقِيقَة فِي ولد الصلب وَاسْتِعْمَال الابْن وَالْولد فِي ابْن الابْن مجَاز، وَلِهَذَا صَحَّ أَن يُقَال: (إِنَّه لَيْسَ وَلَدي بل ولد ابْني) و (لَيْسَ ابْني بل ابْن ابْني) فَلَا بُد من قرينَة صارفة عَن إِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ إِذا استعملا فِي ابْن الابْن أَو فِي معنى شَامِل لَهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا بني آدم} فَإِن عدم كَون أحد من ولد آدم من صلبه مَوْجُودا عِنْد وُرُود الْخطاب قرينَة صارفة عَن الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ، فَيكون المُرَاد أَبنَاء الْأَبْنَاء فَقَط، لَا معنى شَامِلًا للِابْن الصلبي وَابْن الابْن، وَهَذَا لَا يدل على صِحَة اسْتِعْمَال لفظ الْوَلَد فِي الْمَعْنى الشَّامِل للأولاد الصلبية وَأَوْلَاد الْأَبْنَاء وَالْحق أَن إِطْلَاق الابْن على ابْن الابْن لَا يسْتَلْزم إِطْلَاق الْوَلَد على ابْن الابْن قطعا، فَإِن حكم لفظ الابْن مُغَاير لحكم لفظ الْوَلَد فِي أَكثر الْمَوَاضِع وَتَنَاول لفظ الابْن لِابْنِ الابْن إِنَّمَا يدل على تنَاول الْوَلَد لِابْنِ الابْن أَن لَو كَانَ لفظ الْوَلَد مرادفا للفظ الابْن أَو كَانَ الابْن أخص مُطلقًا من الْوَلَد، وَكِلَاهُمَا مَمْنُوع، لِأَن الْأَوْلَاد تطلق عرفا على أَوْلَاد الْأَبْنَاء، بِخِلَاف الْأَبْنَاء فَإِنَّهَا تطلق عَلَيْهَا بِدَلِيل دُخُول الحفدة فِي الْمُسْتَأْمن على أبنائه، فبينهما عُمُوم وخصوص وَجْهي فَلَا يلْزم من تنَاول لفظ الابْن لَهُ تنَاول لفظ الْوَلَد لَهُ أَيْضا وَلَا يُطلق الابْن إِلَّا على الذّكر بِخِلَاف الْوَلَد والبنون: جمع (ابْن) خَالف تَصْحِيح جمعه تثنيته لعِلَّة تصريفية أدَّت إِلَى حذف الْهمزَة، وَيَقَع على الذُّكُور وَالْإِنَاث كأبناء إِذا اجْتَمعُوا، وَقَوله تَعَالَى: {يذبحون أبناءكم} المُرَاد الذُّكُور خَاصَّة

الْأَب: بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد: مَا رعته الْأَنْعَام، وَيُقَال: الْأَب للبهائم كالفاكهة للنَّاس، أَو هُوَ فَاكِهَة يابسة تؤوب للشتاء: أَي تهَيَّأ لَهُ وَأب للسير: تهَيَّأ رُوِيَ أَن أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ لما سُئِلَ عَن قَوْله تَعَالَى: {وَفَاكِهَة وَأَبا} قَالَ: " أَي سَمَاء تُظِلنِي وَأي أَرض تُقِلني إِن أَنا قلت فِي كتاب الله تَعَالَى مَا لَا أعلم " وَأب أبه: قصد قَصده وإبان الشَّيْء: بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيد، حِينه وأوله يُقَال: (كل الْفَاكِهَة فِي إبانها) وإبانئذ: بِمَعْنى حِينَئِذٍ والأباب: بِالضَّمِّ، مُعظم السَّيْل والموج الإباء: هُوَ امْتنَاع بِاخْتِيَار وأبى الشَّيْء: لم يرضه، و [أَبى] عَلَيْهِ: امْتنع، وَهُوَ غير الاستكبار وكل إباء: امْتنَاع بِلَا عكس، فَإِن الإباء شدَّة الِامْتِنَاع وإباء الشكيمة: مثل فِيهِ؛ وَيُقَال: أَبى على فلَان وتأبى عَلَيْهِ: إِذا امْتنع والاستنكاف: تكبر فِي تَركه أَنَفَة، وَلَيْسَ فِي الاستكبار ذَلِك، وَإِنَّمَا يسْتَعْمل الاستكبار حَيْثُ لَا استخفاف، بِخِلَاف التكبر فَإِنَّهُ قد يكون باستخفاف والتكبر: هُوَ أَن يرى الْمَرْء نَفسه أكبر من غَيره، والاستكبار: طلب ذَلِك بالتشبع وَهُوَ التزين بِأَكْثَرَ مَا عِنْده والصفح: أَصله أَن تنحرف عَن الشَّيْء فتوليه صفحة وَجهك أَي ناحيته كَذَلِك الْإِعْرَاض: وَهُوَ أَن تولي الشَّيْء عرضك أَي جَانِبك وَلَا تقبل عَلَيْهِ والتولي: الاعراض مُطلقًا وَلَا يلْزمه الادبار، فَإِن تولي الرَّسُول عَن ابْن أم مَكْتُوم لم يكن بالإدبار والتولي بالإدبار قد يكون على حَقِيقَته كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {بعد أَن توَلّوا} وَقد يكون كِنَايَة عَن الانهزام كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ وليتم مُدبرين} والتولي: قد يكون لحَاجَة تَدْعُو إِلَى الِانْصِرَاف مَعَ ثُبُوت العقد والإعراض: الِانْصِرَاف عَن الشَّيْء بِالْقَلْبِ قَالَ بَعضهم: " المعرض وَالْمُتوَلِّيّ يَشْتَرِكَانِ فِي ترك السلوك، إِلَّا أَن المعرض أَسْوَأ حَالا، لِأَن الْمُتَوَلِي مَتى نَدم سهل عَلَيْهِ الرُّجُوع والمعرض يحْتَاج إِلَى طلب جَدِيد، وَغَايَة الذَّم الْجمع بَينهمَا " والتولي إِذا وصل بإلى: يكون بِمَعْنى الإقبال عَلَيْهِ: {ثمَّ تولى إِلَى الظل} وَإِذا وصل بعن لفظا أَو تَقْديرا اقْتضى معنى الاعراض وَترك الْقرب وَعَلِيهِ {فَإِن توَلّوا فَإِن الله عليم بالمفسدين} والصد: هُوَ الْعُدُول عَن الشَّيْء عَن قلى يسْتَعْمل لَازِما بِمَعْنى الِانْصِرَاف والامتناع {يصدون عَنْك} {الَّذين كفرُوا وصدوا عَن سَبِيل الله} ، ومتعديا بِمَعْنى الصّرْف وَالْمَنْع الَّذِي

يطاوعه الِانْصِرَاف والامتناع {وَلَا يصدنك عَن آيَات الله} {هم الَّذين كفرُوا وصدوكم عَن الْمَسْجِد الْحَرَام} وَنَظِير صد: صدف: حَيْثُ يسْتَعْمل لَازِما بِمَعْنى أعرض، ومتعديا بِمَعْنى صدف غَيره، {فَمن أظلم مِمَّن كذب بآيَات الله وصدف عَنْهَا} وَالْآيَة مُحْتَملَة لَهَا كآية {فَمنهمْ من آمن بِهِ وَمِنْهُم من صد عَنهُ} الإبداع: لُغَة، عبارَة عَن عدم النظير وَفِي الِاصْطِلَاح: هُوَ إِخْرَاج مَا فِي الْإِمْكَان والعدم إِلَى الْوُجُوب والوجود قيل: هُوَ أَعم من الْخلق، بِدَلِيل {بديع السَّمَاوَات وَالْأَرْض} و {خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وَلم يقل بديع الانسان وَقيل: الإبداع إِيجَاد الأيس عَن الليس والوجود عَن كتم الْعَدَم والإيجاد والاختراع: إفَاضَة الصُّور على الْموَاد الْقَابِلَة، وَمِنْه جعل الْمَوْجُود الذهْنِي خَارِجا وَقَالَ بَعضهم: الإبداع: إِيجَاد شَيْء غير مَسْبُوق بمادة وَلَا زمَان كالعقول، فيقابل التكوين لكَونه مَسْبُوقا بالمادة، والإحداث لكَونه مَسْبُوقا بِالزَّمَانِ والإبداع يُنَاسب الْحِكْمَة والاختراع يُنَاسب الْقُدْرَة والإنشاء: إِخْرَاج مَا فِي الشَّيْء بِالْقُوَّةِ إِلَى الْفِعْل، وَأكْثر مَا يُقَال ذَلِك فِي الْحَيَوَان قَالَ الله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي أنشأكم} {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} وَالْفطر: يشبه أَن يكون مَعْنَاهُ الإحداث دفْعَة كالإبداع فِي " الْجَوْهَرِي " الْفطر: الشق، يُقَال: فطرته فانفطر، فالفطر الِابْتِدَاء والاختراع والبرء: هُوَ إِحْدَاث الشَّيْء على الْوَجْه الْمُوَافق للْمصْلحَة وَقَالَ بَعضهم: الإبداع، والاختراع، والصنع، والخلق، والإيجاد، والإحداث وَالْفِعْل، والتكوين، والجعل: أَلْفَاظ مُتَقَارِبَة الْمعَانِي أما الإبداع: فَهُوَ اختراع الشَّيْء دفْعَة والاختراع: إِحْدَاث الشَّيْء لَا عَن شَيْء والصنع: إِيجَاد الصُّورَة فِي الْمَادَّة والخلق: تَقْدِير وإيجاد، وَقد يُقَال للتقدير من غير إِيجَاد والإيجاد: إِعْطَاء الْوُجُود مُطلقًا والإحداث: إِيجَاد الشَّيْء بعد الْعَدَم وَالْفِعْل: أَعم من سَائِر اخواته والتكوين: مَا يكون بتغيير وتدريج غَالِبا والجعل: إِذا تعدى إِلَى المفعولين يكون بِمَعْنى

التصيير، وَإِذا تعدى إِلَى مفعول وَاحِد يكون بِمَعْنى الْخلق والإيجاد، وَلَا فرق على عرف أهل الْحِكْمَة بَين الْجعل الإبداعي والجعل الاختراعي فِي اقتضائه المجعول وَهُوَ الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ والمجعول إِلَيْهِ وَهُوَ الْوُجُود، وَإِن كَانَ بَينهمَا فرق، من حَيْثُ إِن الأول إِيجَاد الأيس عَن مُطلق الليس، أَي أَعم من أَن يكون مُقَيّدا بِمَا ذكر أَو غير مُقَيّد بِهِ وَاعْلَم أَن الْحَقَائِق من حَيْثُ معلوميتها وعدميتها، وَتعين صورها فِي الْعلم الإلهي الذاتي الأزلي يَسْتَحِيل أَن تكون مجعولة لكَونه قادحا فِي صرافة وحدة ذَاته تَعَالَى أزلا، غير أَن فِيهِ تحصيلا للحاصل، فالتأثير إِنَّمَا يتَصَوَّر فِي اتصافها بالوجود، وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ من أهل الْكَشْف وَالنَّظَر والإبداع: من محسنات البديع، هُوَ أَن يشْتَمل الْكَلَام على عدَّة ضروب من البديع، كَقَوْلِه تَعَالَى: {يَا أَرض ابلعي ماءك} إِلَى آخِره، فَإِنَّهَا تشْتَمل على عشْرين ضربا من البديع، وَهِي سبع عشرَة لَفْظَة، كَذَا فِي " الإتقان " الِابْتِدَاء: هُوَ اهتمامك بِالِاسْمِ وجعلك إِيَّاه أَولا لثان يكون خَبرا عَنهُ، والأولية: معنى قَائِم بِهِ يكسبه قُوَّة إِذا كَانَ غَيره مُتَعَلقا بِهِ، وَكَانَت رتبته مُتَقَدّمَة على غَيره والبدء: من بَدَأَ الشَّيْء، أنشأه واخترعه قَالَ الله تَعَالَى: {أولم يرَوا كَيفَ يبدئ الله الْخلق} ثمَّ قَالَ: {كَيفَ بَدَأَ الْخلق} هَذَا فِيمَا يتَعَدَّى بِنَفسِهِ وبدأت بالشَّيْء، وبدأته، وابتدأت بِهِ وابتدأته: بِمَعْنى قَدمته على غَيره وَجَعَلته أَو الْأَشْيَاء، وَمِنْه (بدأت الْبَسْمَلَة) ، وَقَول الخطباء: " إِن الله أَمركُم بِأَمْر بَدَأَ فِيهِ بِنَفسِهِ " إِلَّا أَن فِي الِابْتِدَاء زِيَادَة كلفة كَمَا فِي مثل: (حملت) ، و (احتملت) وَإِذا شرعت فِي قِرَاءَة الْكتاب مثلا وَقلت: (بدأت الْكتاب، وابتدأت بِالْكتاب) فَلَا اسْتِحَالَة فِي أَن يكون مَعْنَاهُ: أنشأت قِرَاءَته وأحدثته، لَكِن الظَّاهِر الْمَعْقُول أَن هَذَا البدء والابتداء يستعملان فِيمَا لَهُ أَجزَاء أَو جزئيات، وَيكون حُدُوثه على التدريج كالقراءة وَالْكِتَابَة، فالبدء إضافي بِالْإِضَافَة إِلَى سَائِر أَجْزَائِهِ أَو جزئياته والابتداء: أَمر عَقْلِي وَمَفْهُوم كلي لَا وجود لَهُ فِي الْخَارِج إِلَّا فِي ضمن الْأَفْرَاد كَسَائِر الْأُمُور الْكُلية، وَلَا أَفْرَاد لَهُ فِي الْخَارِج حَقِيقَة، كالإنسان مثلا، وَإِنَّمَا أَفْرَاده حصص الْجِنْس الْحَاصِلَة بِالْإِضَافَة إِلَى الْأَزْمِنَة والأمكنة، وَهَكَذَا مفهومات المصادر كلهَا، فَإِنَّهَا لكَونهَا أمورا اعتبارية نسبية لَا وجود لَهَا إِلَّا فِي ضمن النّسَب الْمعينَة، والإضافات الخارجية فالابتداء الْحَقِيقِيّ: هُوَ الَّذِي لم يتقدمه شَيْء أصلا؛ والإضافي: هُوَ الَّذِي لم يتقدمه شَيْء من الْمَقْصُود بِالذَّاتِ، والعرفي: هُوَ الِابْتِدَاء الممتد من زمن الِابْتِدَاء إِلَى زمن الشُّرُوع فِي الْمَقْصُود، حَتَّى يكون كل مَا يصدر فِي ذَلِك الزَّمَان يعد مُبْتَدأ بِهِ قَالَ بَعضهم: الإضافي: يعْتَبر بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا بعده شَيْئا فَشَيْئًا إِلَى الْمَقْصُود بِالذَّاتِ

بِخِلَاف الْعرفِيّ: فَإِنَّهُ يعْتَبر شَيْئا وَاحِدًا ممتدا إِلَى الْمَقْصُود والابتداء بِالِاسْمِ الشريف أَعم من أَن يكون بِالذَّاتِ أَو بالواسطة، وَمَا ورد فِي حَدِيثي الِابْتِدَاء فَفِي صِحَّته مقَال، وَلِهَذَا لم يكْتب فِي " البُخَارِيّ " إِلَّا الْبَسْمَلَة، وَإِن صَحَّ فصورة التَّعَارُض فِي صُورَة ضم الدَّال فِي (الْحَمد) على الْحِكَايَة وَزِيَادَة الْبَاء على بَاء الْبَسْمَلَة وَالدَّفْع إِمَّا بِأَن يحمل الِابْتِدَاء على الشَّامِل للحقيقي كَمَا فِي الْبَسْمَلَة، وللإضافي كَمَا فِي الحمدلة، أَو على الْمُتَعَارف بَين الممتثلين للْحَدِيث فالتنزيل الْجَلِيل مبدؤه عرفا الْفَاتِحَة بكمالها كَمَا يشْعر بِهِ التَّسْمِيَة بهَا، والكتب الْمُدَوَّنَة مبدؤها الْخطْبَة الَّتِي تَضَمَّنت الْبَسْمَلَة وَالْحَمْد وَالصَّلَاة، أَو تجْعَل الْبَاء فيهمَا للاستعانة؛ وَيجوز الِاسْتِعَانَة بأَشْيَاء مُتعَدِّدَة كَيْفَمَا اتّفقت بِلَا تَرْتِيب لَازم بهَا، أَو للملابسة وَالشَّرْع يعْتَبر المتلبس فِي الأول متلبسا من الأول إِلَى الآخر، كالمتلبس بالبسملة فِي أول الْأكل أَو بِالنِّيَّةِ فِي أول كل عبَادَة، أَو بِأَن يكون أَحدهمَا بالجنان أَو بِاللِّسَانِ أَو بِالْكِتَابَةِ، وَالْآخر بِالْآخرِ مِنْهُمَا أَو كِلَاهُمَا بالجنان مَعًا، لجَوَاز إِحْضَار الشَّيْئَيْنِ بالبال إِذا كَانَ لَهُ حُضُور وَتوجه تَامّ، أَو المُرَاد مِنْهُمَا ذكره تَعَالَى سَوَاء وجد فِي ضمن الْبَسْمَلَة أَو الحمدلة، وَقد صَحَّ رِوَايَة بِذكر الله؛ وَقد تقرر فِي الْأُصُول أَن الْحكمَيْنِ إِذا تَعَارضا وَلم يعلم سبق حمل على التَّخْيِير، فِي " الْقُهسْتَانِيّ " قد ورد أَيْضا: " كل خطْبَة لَيْسَ فِيهَا تشهد فَهِيَ كَالْيَدِ الجذماء، وكل كَلَام لَا يبتدأ فِيهِ بِالصَّلَاةِ عَليّ فَهُوَ ممحوق مِنْهُ كل بركَة " وَلما كَانَ الِابْتِدَاء آخِذا فِي التحريك لم يكن المبدوء بِهِ إِلَّا متحركا، وَلما كَانَ الِانْتِهَاء آخِذا فِي السّكُون لم يكن الْمَوْقُوف عَلَيْهِ إِلَّا سَاكِنا كل ذَلِك للمناسبة الابدال: هُوَ رفع الشَّيْء وَوضع غَيره مَكَانَهُ والتبديل: قد يكون عبارَة عَن تَغْيِير الشَّيْء مَعَ بَقَاء عينه، يُقَال: (بدلت الْحلقَة خَاتمًا) : إِذا أدرتهما وسويتها وَمِنْه: {يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} {وَيَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض} وَقد يكون عبارَة عَن إفناء الذَّات الأولى واحداث ذَات أُخْرَى، كَمَا تَقول: (بدلت الدَّرَاهِم دَنَانِير) وَمِنْه: {بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا} والتبديل: يتَعَدَّى إِلَى المفعولين بِنَفسِهِ مثل: {فأردنا أَن يبدلهما ربهما خيرا} وَإِلَى المذهوب بِهِ الْمُبدل مِنْهُ بِالْبَاء أَو بِمن مثل: (بدله بخوفه أَو من خَوفه أمنا) وَمِنْه: {بَدَّلْنَاهُمْ بجنتيهم جنتين} وَيَتَعَدَّى إِلَى مفعول وَاحِد، تَقول: (بدلت الشَّيْء) إِذا غيرته، وَمِنْه: {فَمن بدله بعد مَا سَمعه} والإبدال والتبدل: إِذا استعملا بِالْبَاء نَحْو (أبدل الْخَبيث بالطيب) و (تبدل بِهِ) فَلَا تدخل الْبَاء حِينَئِذٍ إِلَّا على الْمَتْرُوك والتبديل: مثلهمَا والإبدال: يكون من حُرُوف الْعلَّة وَغَيرهَا، وَالْقلب لَا يكون من حُرُوف الْعلَّة والإبدال فِي البديع: إِقَامَة بعض الْحُرُوف مقَام

الْبَعْض وَجعل مِنْهُ ابْن فَارس {فانفلق} أَي الْبَحْر: أَي انفرق بِدَلِيل {كل فرق} الْأَبَد: الدَّهْر، والدائم، وَالْقَدِيم، والأزلي والأبد والأمد: متقاربان لَكِن الْأَبَد عبارَة عَن مُدَّة الزَّمَان ألتي لَيْسَ لَهَا حد مَحْدُود، وَلَا يتَقَيَّد فَلَا يُقَال: (أَبَد كَذَا) والأمد: مُدَّة لَهَا حد مَجْهُول إِذا أطلق، وَقد ينْحَصر فَيُقَال: (أمد كَذَا) كَمَا يُقَال: (زمَان كَذَا) وأبدا (مُنْكرا) يكون للتَّأْكِيد فِي الزَّمَان الْآتِي نفيا وإثباتا لَا لدوامه واستمراره فَصَارَ ك (قطّ) و (الْبَتَّةَ) فِي تَأْكِيد الزَّمَان الْمَاضِي يُقَال: (مَا فعلت كَذَا قطّ والبتة) و (لَا أَفعلهُ أبدا) و [الْأَبَد] الْمُعَرّف: للاستغراق، لِأَن اللَّام للتعريف وَهُوَ إِذا لم يكن معهودا يكون للاستغراق قيل: الْأَبَد: لَا يثنى وَلَا يجمع، والآباد مولد، وأبد الآبدين: مَعْنَاهُ دهر الداهرين، وعصر البَاقِينَ، أَي يبقي مَا بَقِي دهر وداهر وَآخر الْأَبَد: كِنَايَة عَن الْمُبَالغَة فِي التَّأْبِيد؛ وَالْمعْنَى: الْأَبَد الَّذِي هُوَ آخر الْأَوْقَات الْإِبَاحَة: أبحتك الشَّيْء: أحللته وأبحته: أظهرته، والمباح مِنْهُ وَالْإِبَاحَة شرعا: ضد الْحُرْمَة، فِي " النِّهَايَة " ضد الْكَرَاهَة وَفِي " الْمُضْمرَات " أَن الْحل يتَضَمَّن الْإِبَاحَة لِأَنَّهُ فَوْقهَا، وكل مُبَاح جَائِز، دون الْعَكْس، لِأَن الْجَوَاز ضد الْحُرْمَة وَالْإِبَاحَة ضد الْكَرَاهَة، فَإِذا انْتَفَى الْحل ثَبت ضِدّه، وَهُوَ الْحُرْمَة فتنتفي الْإِبَاحَة أَيْضا فَثَبت ضدها وَهُوَ الْكَرَاهَة، وَلَا يَنْتَفِي الْجَوَاز لجَوَاز اجْتِمَاع الْجَوَاز مَعَ الْكَرَاهَة، كَمَا فِي نِكَاح الْأمة الْمسلمَة عِنْد الْقُدْرَة على مهر الْحرَّة ونفقتها، وَكَذَا نِكَاح الْأمة الْكِتَابِيَّة، وَإِن لم يجز كلا النكاحين عِنْد الشَّافِعِي بِنَاء على مَفْهُوم الْوَصْف وَالشّرط اللَّذين ليسَا بِحجَّة عندنَا وَحكم الْمُبَاح عدم الثَّوَاب وَالْعِقَاب فعلا وتركا، بل عدم الْعقَاب وَالْإِبَاحَة: ترديد الْأَمر بَين شَيْئَيْنِ يجوز الْجمع بَينهمَا وَإِذا أُتِي بِوَاحِد مِنْهُمَا كَانَ امتثالا لِلْأَمْرِ كَقَوْلِك: (جَالس الْحسن أَو ابْن سِيرِين) فَلَا يكون إِلَّا بَين مباحين فِي الأَصْل، وَهِي تدفع توهم الْحُرْمَة، كَمَا أَن التَّسْوِيَة تدفع توهم الرجحان وَأما التَّخْيِير: فَهُوَ ترديد الْأَمر بَين شَيْئَيْنِ وَلَا يجوز الْجمع بَينهمَا، كَقَوْلِك: (تزوج زَيْنَب أَو أُخْتهَا) فَلَا يكون إِلَّا بَين ممنوعين فِي الأَصْل، وَمن ثمَّة يجوز بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ وَالْإِبَاحَة والتخيير: قد يضافان إِلَى صِيغَة الْأَمر، وَقد يضافان إِلَى كلمة " أَو " وَالتَّحْقِيق أَن كلمة " أَو " لأحد الْأَمريْنِ أَو الْأُمُور، وَأَن جَوَاز الْجمع وامتناعه إِنَّمَا هُوَ بِحَسب مَحل الْكَلَام وَدلَالَة الْقَرَائِن، وَلَيْسَ المُرَاد بِالْإِبَاحَةِ الْإِبَاحَة الشَّرْعِيَّة، لِأَن الْكَلَام فِي معنى كلمة أَو بِحَسب اللُّغَة قبل ظُهُور الشَّرْع، بل المُرَاد الْإِبَاحَة بِحَسب الْعقل أَو بِحَسب الْعرف فِي أَي وَقت كَانَ؛ وَعند أَي قوم كَانُوا الْإِبَاق: من أبق العَبْد كسمع، وَضرب، وَطلب، وَمنع: وَهُوَ هرب العَبْد من السَّيِّد خَاصَّة، وَلَا يُقَال للْعَبد آبق إِلَّا إِذا استخفى وَذهب من غير خوف وَلَا كد عمل؛ وَإِلَّا فَهُوَ هارب

والفرار من محلّة إِلَى محلّة أَو من قَرْيَة إِلَى بلد لَيْسَ بإباق شرعا، وَإِنَّمَا الْإِبَاق من بلد إِلَى خَارج، وَلَا يشْتَرط مسيرَة السّفر الْإِبْهَام: أبهم الْأَمر: اشْتبهَ، وَأبْهم الْبَاب: أغلقه وَهُوَ فِي الْيَد والقدم: أكبر الْأَصَابِع والأسماء المبهمة عِنْد النَّحْوِيين أَسمَاء الإشارات والإبهام البديعي: هُوَ أَن يَأْتِي الْمُتَكَلّم بِكَلَام مُبْهَم يحْتَمل مَعْنيين متضادين لَا يتَمَيَّز أَحدهمَا عَن الآخر، وسمى السكاكي وَمن تبعه هَذَا النَّوْع بالتورية، كَقَوْلِه فِي خياط أَعور اسْمه عَمْرو: (خاط لي عَمْرو قبَاء ... لَيْت عَيْنَيْهِ سَوَاء) وَمِنْه قَوْله: (تَفَرَّقت غنمي يَوْمًا فَقلت لَهَا ... يَا رب سلط عَلَيْهَا الذِّئْب والضبعا) الإباتة: من البيتوتة، يُقَال: (أباتك الله بِخَير) والإبتات: قطع الْعَمَل، وَالْحكم، والعزم الْإِبِل: فِي الْقَامُوس وَاحِد يَقع على الْجمع لَيْسَ بِجمع وَلَا اسْم جمع، وَقيل: اسْم جمع لَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا، مُؤَنّثَة، لِأَن أَسمَاء الجموع الَّتِي لَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا إِذا كَانَت لغير الْآدَمِيّين فالتأنيث لَهَا لَازم، وَيَجِيء بِمَعْنى اسْم الْجِنْس كالطير؛ دلّ على ذَلِك: {وَمن الْإِبِل اثْنَيْنِ} والإبالة: ككتابة، السياسة والأبلة: كالقرحة، الطّلبَة وَالْحَاجة والإبلة: بِالْكَسْرِ، الْعَدَاوَة، وبالضم، العاهة الإبلاغ: الإيصال، وَكَذَا التَّبْلِيغ إِلَّا أَن التَّبْلِيغ يُلَاحظ فِيهِ الْكَثْرَة فِي الْمبلغ، وَفِي أصل الْفِعْل أَيْضا على مَا يظْهر من قَوْله تَعَالَى: {وَمَا على الرَّسُول إِلَّا الْبَلَاغ الْمُبين} وَمن قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك} الإبرام: الإملال من " أبرمه " إِذا أمله وأضجره وأبرم الشَّيْء: أحكمه الابتهال: الِاجْتِهَاد فِي الدُّعَاء وإخلاصه، قيل فِي قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ نبتهل} أَي نخلص فِي الدُّعَاء الإبار: اسْم من (أبر نخله) إِذا لقحه وَأَصْلحهُ؛ وَمِنْه: سكَّة مأبورة الْإِبْرَاء: هبة الدّين لمن عَلَيْهِ الدّين، وكما يسْتَعْمل فِي الْإِسْقَاط يسْتَعْمل فِي الِاسْتِيفَاء يُقَال: أَبرَأَهُ بَرَاءَة قبض وَاسْتِيفَاء، وَلِهَذَا يكْتب فِي الصكوك: وأبرأه عَن الثّمن قبض وَاسْتِيفَاء وَالْإِبْرَاء عَن الْأَعْيَان لَا يجوز، وَعَن دَعْوَاهَا يجوز، فَلَو ادّعى دَارا فَصَالح عَن قِطْعَة مِنْهَا لم يَصح، وَكَذَا لَو أخرج أحد الْوَرَثَة عَن النَّقْد بِأَقَلّ من حِصَّته؛ وَأما لَو قَالَ: (بَرِئت من دعواي فِي هَذِه الدَّار) بِإِضَافَة الْبَرَاءَة إِلَى نَفسه، فَإِنَّهُ يَصح لمصادقة الْبَرَاءَة الدَّعْوَى، وَكَذَا لَو ادَّعَت مِيرَاث زَوجهَا جَازَ الْإِبْرَاء، لِأَن الْمَدْفُوع إِلَيْهَا لقطع الْمُنَازعَة الإبلاء: الإفناء الإبادة: الاهلاك

نوع في بيان لغات ألفاظ النظم الجليل

الْإِبِط: هُوَ مَا تَحت الْجنَاح، يذكر وَيُؤَنث الإبلاس: الانكسار، والحزن، وَالسُّكُوت، يُقَال: (ناظرته فَأبْلسَ) ، أَي سكت وأيس من أَن يحْتَج الابتهاج: السرُور الِابْتِلَاء: فِي الأَصْل، التَّكْلِيف بِالْأَمر الشاق من الْبلَاء لكنه لما استلزم الاختبار بِالنِّسْبَةِ إِلَى من يجهل العواقب ظن ترادفهما وَقَالَ بَعضهم: الِابْتِلَاء يكون فِي الْخَيْر وَالشَّر مَعًا، يُقَال فِي الْخَيْر: أبليته، وَفِي الشَّرّ: بلوته بلَاء الْأَبْطَال: إِفْسَاد الشَّيْء وإزالته، حَقًا كَانَ ذَلِك الشَّيْء أَو بَاطِلا الأبهة: العظمة، وَالْكبر، والنخوة، والبهجة وأبهته تأبيها: نبهته وفطنته، وبكذا: أزننته [أَي: اتهمته] (نوع فِي بَيَان لُغَات أَلْفَاظ النّظم الْجَلِيل) أبابيل: قيل: هُوَ جمع وَإِن لم يسْتَعْمل واحده وطير أبابيل: أَي مُتَفَرِّقَة أَو متتابعة مجتمعة، كَمَا فِي " الْمُفْردَات " و " الْقُرْطُبِيّ " آب: بِمَعْنى رَجَعَ وآبت الشَّمْس: لُغَة فِي: غَابَتْ فَلَنْ أَبْرَح: لن أُفَارِق وَابْن السَّبِيل: الضَّيْف الَّذِي نزل بِالْمُسْلِمين أَو الْمُسَافِر وابتلوا: واختبروا وابتغاء مرضاة الله: طلبا لرضاه وَمَا أبرئ نَفسِي: أَي مَا أنزهها ابلعي ماءك: ازدرديه أَو اشربيه هُوَ الأبتر: أَي الَّذِي لَا عقب لَهُ وَأبْصر: أَي انْتظر إِبْرَاهِيم: اسْم سرياني، مَعْنَاهُ، أَب رَحِيم، وَقَالَ فِي " الْقَامُوس ": اسْم أعجمي وعَلى هَذَا لَا يكون معربا وَقَالَ بعض الْمُحَقِّقين: إِن إِجْمَاع أهل الْعَرَبيَّة على أَن منع الصّرْف فِي (إِبْرَاهِيم) وَنَحْوه للعجمة والعلمية، فَتبين مِنْهُ وُقُوع المعرب فِي الْقُرْآن وَقَالَ الْوَاقِدِيّ؛ " ولد على رَأس ألفي سنة من خلق آدم وَعَن أبي هُرَيْرَة أَنه اختتن بعد عشْرين وَمِائَة سنة وَمَات ابْن مِائَتي سنة " (فصل الْألف وَالتَّاء) الْإِتْيَان: هُوَ عَام فِي الْمَجِيء والذهاب وَفِيمَا كَانَ طبيعيا وقهريا والذهاب: يُقَابل الْمَجِيء والمرور: يعمه وَفِي " الرَّاغِب ": الْمَجِيء: أَعم لِأَن الْإِتْيَان مَجِيء بسهولة وَيُقَال: جَاءَ: فِي الْأَعْيَان والمعاني ويما يكون مَجِيئه بِذَاتِهِ وبأمر وَلمن قصد مَكَانا وزمانا وَذكر " الزَّمَخْشَرِيّ " إِن أَتَى: يَجِيء بِمَعْنى (صَار) ك (جَاءَ) فِي قَوْلك: (جَاءَ الْبناء محكما) : أَي صَار {وَلَا يفلح السَّاحر حَيْثُ أَتَى} : أَي كَانَ أَتَى وَجَاء: يطلقان بِمَعْنى فعل فيتعديان تعديته؛ وَيُقَال: (أَتَى زيد أَتَيَا وإتيانا) إِذا كَانَ جائيا و (أَتَى بزيد وبمال) مثلا: إِذا أجاءه أَي جعله جائيا وأتى الْمَكَان: حَضَره

وأتى الْمَرْأَة إتيانا: جَامعهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} وأتى على الشَّيْء: أنفذه وَبلغ آخِره أَو مر بِهِ وأتى عَلَيْهِم الدَّهْر: أهلكهم وأفناهم {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول} أَي أَمركُم بِهِ وأتى الرجل الْقَوْم: انتسب إِلَيْهِم وَلَيْسَ مِنْهُم وَأَتَاهُ آتٍ: أَي ملك وأتيته على الْأَمر بِالْقصرِ: وافقته وَقد يتَعَدَّى إِلَى الثَّانِي بِالْبَاء مثل (أَتَيْته بالبلية) وَيذكر الْإِتْيَان وَيُرَاد بِهِ الزِّيَارَة وَفِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن إِبْلِيس {ثمَّ لآتينهم من بَين أَيْديهم} إِلَى آخِره: عدى الْفِعْل إِلَى الْأَوَّلين ب (من) وَإِلَى الآخرين ب (عَن) لِأَن الْآتِي من الْأَوَّلين مُتَوَجّه إِلَيْهِم، والآتي من الآخرين كالمنحرف عَنْهُم، الْمَار على عرضهمْ الإتباع: أتبع بِالتَّخْفِيفِ يتَعَدَّى إِلَى مفعولين، وبالتشديد إِلَى وَاحِد قيل: تبع وَاتبع بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ اللحوق فأتبعهم فِرْعَوْن: أَي لحقهم أَو كَاد وَاتبعهُ: بِالتَّشْدِيدِ بِمَعْنى سَار خَلفه وَقيل: اتبع: بِقطع الْألف بِمَعْنى اللحوق والإدراك؛ وبوصلها بِمَعْنى اتبع أَثَره، أدْركهُ أَو لم يُدْرِكهُ وَفِي " الْأَنْوَار " فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ} قَرَأَ نَافِع بِالتَّخْفِيفِ؛ وَقُرِئَ بِالتَّشْدِيدِ وتسكين الْعين تَشْبِيها لتَبعه بِقَصْدِهِ يَعْنِي تَشْبِيها بِمَا هُوَ أبلغ فِي ذَلِك الْمَعْنى وَنَظِير هَذَا التَّشْبِيه قَوْله تَعَالَى: {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم} والإتباع: هُوَ أَن تتبع الْكَلِمَة على وَزنهَا أَو رويها إشباعا وتوكيدا حَيْثُ لَا يكون الثَّانِي مُسْتَعْملا بِانْفِرَادِهِ فِي كَلَامهم، وَذَلِكَ يكون على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يكون للثَّانِي معنى كَمَا فِي (هَنِيئًا) مريئا) وَالثَّانِي: أَن لَا يكون لَهُ معنى، بل ضم إِلَى الأول لتزيين الْكَلَام لفظا وتقويته معنى نَحْو قَوْلك: (حسن بسن) وَعَلِيهِ {عبس وَبسر} وَمن أَنْوَاع الإتباع: إِدْخَال اللَّام على (يزِيد) للوليد وَمن أحد ضربيه: قسيم وسيم، كِلَاهُمَا بِمَعْنى الْجَمِيل، فَيُؤتى بِهِ للتَّأْكِيد، لِأَن لَفظه مُخَالف للْأولِ وَمن الآخر: (شَيْطَان ليطان) أَي: لصوق لَازم للشر، و (عطشان نطشان) أَي: قلق فَمَعْنَى الثَّانِي غير الأول، وَهُوَ لَا يكَاد يُوجد بِالْوَاو وَاتِّبَاع ضمير الْمُذكر بضمير الْمُؤَنَّث كَحَدِيث " وَرب الشَّيَاطِين وَمَا أضللن " وَاتِّبَاع كلمة فِي ابدال الْوَاو فِيهَا همزَة لهمزة فِي أُخْرَى كَحَدِيث: " ارْجِعْنَ مَأْزُورَات غير مَأْجُورَات " وَاتِّبَاع كلمة فِي ابدال واوها بِالْيَاءِ للياء فِي أُخْرَى كَحَدِيث: " لَا دَريت وَلَا تليت " وَاتِّبَاع كلمة فِي التَّنْوِين لكلمة أُخْرَى منونة صحبتهَا ك (سلاسلا وأغلالا) وَأما (حياك الله وبياك) فِي حَدِيث آدم حِين قتل ابْنه فَمَكثَ مائَة سنة لَا يضْحك، ثمَّ قيل لَهُ ذَلِك فَلَيْسَ بإتباع وَقد يُؤْتى بلفظين بعد المتبع كَمَا يُؤْتى بِلَفْظ

وَاحِد، فَيُقَال: (حسن بسن قسن) و (لَا بَارك الله فِيك وَلَا تَارِك وَلَا دَارك) الاتساع: هُوَ ضرب من الْحَذف إِلَّا أَنَّك لَا تقيم المتوسع فِيهِ مقَام الْمَحْذُوف وتعربه بإعرابه وتحذف الْعَامِل فِي الْحَذف وَتَدَع مَا عمل فِيهِ على حَاله فِي الْإِعْرَاب وَلَا يجْرِي الاتساع فِي الْمُتَعَدِّي إِلَى اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ يصير مُلْحقًا ببنات الثَّلَاثَة، وَهِي أَفعَال محصورة لَا يجوز الْقيَاس عَلَيْهَا والاتساع فِي الظّرْف: هُوَ أَن لَا يقدر مَعَه (فِي) توسعا؛ فينصب نصب الْمَفْعُول بِهِ نَحْو: (دخل بَيْتا) و (قَامَ لَيْلًا) و (صَاد يَوْمَيْنِ) و (صَامَ شهرا) و (سرق اللَّيْلَة) وَالْمعْنَى على ظَاهر التَّرْكِيب من غير تَقْدِير (فِي) وَإِن كَانَ أصل الْمَعْنى على الظَّرْفِيَّة وَمن ثمَّة يفهم مِنْهُ غَالِبا قيام اللَّيْلَة بِتَمَامِهَا، وَكَذَا فِي الْبَوَاقِي؛ وَلَو كَانَ بِتَقْدِير (فِي) لم يفهم التَّمام وَمعنى التَّوَسُّع فِي الظروف: هُوَ أَن كل حَادث فِي الدُّنْيَا فحدوثه يكون فِي زمَان وَفِي مَكَان، والانفكاك محَال؛ وَلما كَانَ الزَّمَان وَالْمَكَان من ضرورات الحادثات، وَكَانَ بَينهمَا شدَّة الِاتِّصَال وَقُوَّة الالتصاق كَانَ الزَّمَان وَالْمَكَان مَعَ كل شَيْء كجزئه وَبَعضه، لَا أَجْنَبِيّا مِنْهُ، فَهُوَ إِذن كالمحارم يدْخلُونَ حَيْثُ لَا يدْخل الْأَجْنَبِيّ وَلَيْسَ التَّوَسُّع مطردا فِي كل ظروف الْأَمْكِنَة كَمَا فِي الزَّمَان، بل التَّوَسُّع فِي الْأَمْكِنَة سَماع نَحْو (نحا نَحْوك) و (قصد قصدك) و (أقبل قبلك) وَلَا يجوز ذَلِك فِي (خلف) واخواتها، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك لِأَن ظرف الزَّمَان أَشد تمَكنا من ظرف الْمَكَان [وَإِذا توسع فِي فعل لَهُ مفعول وَاحِد يُقَال للظرف المتوسع فِيهِ مفعول ثَان، وَلَا يتوسع فِيمَا لَهُ ثَلَاثَة مفاعيل لِأَنَّهُ يكون حِينَئِذٍ مَفْعُولا رَابِعا، وَلم يجِئ فِي كَلَام الْعَرَب مَاله أَرْبَعَة مفاعيل] والاتساع البديعي: هُوَ أَن يَأْتِي الشَّاعِر بِبَيْت يَتَّسِع فِيهِ التَّأْوِيل على قدر قوى الناظرين فِيهِ بِحَسب مَا تحمله الْأَلْفَاظ كَمَا فِي فواتح السُّور وَقد اتَّسع النقاد فِي تَأْوِيل قَول الشَّاعِر: (إِذا قامتا تضوع الْمسك مِنْهُمَا ... نسيم الصِّبَا جَاءَت بريا القرنفل) فَمن قَائِل: تضوع مثل الْمسك مِنْهُمَا نسيم الصِّبَا وَمن قَائِل: تضوع نسيم الصِّبَا كالمسك مِنْهُمَا وَمن قَائِل: تضوع الْمسك مِنْهُمَا كتضوع نسيم الصِّبَا وَهَذَا أَجود الْوُجُوه وَمعنى قَوْلهم: هَذَا على الاتساع: أَي على التَّجَوُّز الِاتِّحَاد: هُوَ يُطلق بطرِيق الْمجَاز على صيرورة شَيْء شَيْئا آخر بطرِيق الاستحالة، أَعنِي التَّغْيِير والانتقال دفعيا كَانَ أَو تدريجيا، كَمَا يُقَال: (صَار المَاء هَوَاء وَالْأسود أَبيض) وَيُطلق أَيْضا بطرِيق الْمجَاز على صيرورة شَيْء شَيْئا آخر بطرِيق التَّرْكِيب، وَهُوَ أَن يَنْضَم شَيْء إِلَى شَيْء ثَان فَيحصل مِنْهُمَا شَيْء ثَالِث، كَمَا يُقَال: (صَار التُّرَاب طينا والخشب سريرا) وَلَا شكّ فِي وُقُوع الِاتِّحَاد بِهَذَيْنِ الْمَعْنيين، وَأما مَا هُوَ الْمُتَبَادر مِنْهُ عِنْد الْإِطْلَاق وَهُوَ الْمَفْهُوم الْحَقِيقِيّ لَهُ، وَهُوَ أَن يصير شَيْء بِعَيْنِه شَيْئا آخر من غير أَن يَزُول عَنهُ شَيْء أَو يَنْضَم إِلَيْهِ شَيْء؛ فَهَذَا الْمَعْنى بَاطِل بِالضَّرُورَةِ

قَالَ بَعضهم: الِاتِّحَاد شُهُود الْوُجُود الْحق الْوَاحِد الْمُطلق الَّذِي لكل مَوْجُود بِالْحَقِّ فيتحد بِهِ الْكل من حَيْثُ كَون كل شَيْء مَوْجُودا بِهِ مَعْدُوما بِنَفسِهِ، لَا من حَيْثُ أَنه لَهُ وجودا خَاصّا اتَّحد بِهِ فَإِنَّهُ محَال، واتحاد الشَّيْء بأَشْيَاء كَثِيرَة مُمْتَنع بِخِلَاف انطباق الصُّورَة الْوَاحِدَة على أَشْيَاء كَثِيرَة [وَاعْلَم أَن الْأُمَم قد اخْتلفُوا فِي أَنه هَل يجوز أَن يتحد موجودان بحث لَا تبقى الأثنينية بَينهمَا أم لَا؟ ، فَذهب الْمُحَقِّقُونَ أَن امْتِنَاعه وَمَال إِلَيْهِ طَائِفَة من متألهة الفلاسفة فَقَالَ بَعضهم باتحاد النَّفس مَعَ الْبدن، وَذهب بَعضهم إِلَى اتِّحَاد النَّفس مَعَ الْعقل الغول، وَزعم قوم من الْمَشَّائِينَ أَن النَّفس إِذا عقلت شَيْئا اتّحدت مَعَ الصُّورَة المعقولة، وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو عَليّ وَذهب قوم من متصوفة الْإِسْلَام إِلَى أَن الْمُنْقَطع عَن الدُّنْيَا المتوجه إِلَى الله تَعَالَى قد يتحد مَعَ الله تَعَالَى؛ وَزعم قوم من النَّصَارَى أَن الِاتِّحَاد هُوَ الممازجة بِحَيْثُ لَا يتَمَيَّز أَحدهمَا عَن الآخر كممازجة المَاء مَعَ اللَّبن، وَهَذَا غير متنازع فِيهِ، إِلَّا إِذا ادعوا ذَلِك فِي الله سُبْحَانَهُ وَالْمَشْهُور عِنْد الْعلمَاء فِي ابطال الِاتِّحَاد هُوَ أَنَّهُمَا بعد الِاتِّحَاد إِن بقيا موجودين فهما اثْنَان وَإِن عدما أَو أَحدهمَا فَلَا اتِّحَاد لِأَن الْمَعْدُوم لَا يتحد بالمعدوم وَلَا بالموجود وَفِيه أَن الاثنينية فِي صُورَة كَونهَا بوجودين وتعينين، وَلم لَا يجوز أَن يَكُونَا بعد الِاتِّحَاد موجودين بِوُجُود وَاحِد وَتعين وَاحِد كَمَا فِي الْجِنْس والفصل فَإِنَّهُمَا حقيقتا مغايرين موجودتان بِوُجُود وَاحِد وَتعين وَاحِد وَهَذَا مَا اتّفق عَلَيْهِ الْحُكَمَاء] وَفِيه مناظرة لبَعض الْفُضَلَاء جرت بِبَعْض النَّصَارَى فهاك ملخصه قَالَ: قلت لَهُ: هَل تسلم أَن عدم الدَّلِيل لَا يدل على عدم الْمَدْلُول؟ فَإِن انكرت لزمك أَنه لَا يكون الله قَائِما، لِأَن دَلِيل وجوده هُوَ الْعَالم، فَلَزِمَ من عدم الْعَالم، وَهُوَ الدَّلِيل، عدم الْمَدْلُول فَإِذا جوزت اتِّحَاد كلمة الله بِعِيسَى أَو حلولها فِيهِ، فَلم خصصت بِهِ؟ وَكَيف عرفت أَنَّهَا مَا حلت فِي سَائِر الْخلق؟ فَقَالَ: إِنَّمَا اثبتنا ذَلِك بِنَاء على مَا ظهر على يَد عِيسَى من إحْيَاء الْمَوْتَى وإبراء الأكمه والابرص وَلم نجد شَيْئا من ذَلِك فِي يَد غَيره فَقلت لَهُ: قد سلمت أَن عدم الدَّلِيل لَا يدل على عدم الْمَدْلُول، فَلَا يلْزم من عدم ظُهُور هَذِه الخوارق على يَد غَيره من الْمَخْلُوق عدم ذَلِك الْحُلُول، فَثَبت أَنَّك مهما جوزت القَوْل بالاتحاد والحلول لزمك تَجْوِيز حُصُول ذَلِك فِي سَائِر الْمَخْلُوق فَإِن قيل: الْمَعْنى بالإلهية أَنه حلت فِيهِ صفة الْإِلَه، فَالْجَوَاب: هَب أَنه كَانَ كَذَلِك، لَكِن الْحَال هُوَ صفة الْإِلَه، والمسيح هُوَ الْمحل مُحدث مَخْلُوق، فَكيف يُمكن وَصفه بالالهية؟ وَلَو كَانَ الله تَعَالَى ولد فَلَا بُد أَن يكون من جنسه، فَإِذن قد اشْتَركَا من بعض الْوُجُوه، فَإِن لم يتَمَيَّز فَمَا بِهِ الامتياز غير مَا بِهِ الِاشْتِرَاك، فَيلْزم التَّرْكِيب فِي ذَات الله تَعَالَى، وكل مركب مُمكن، فَالْوَاجِب مُمكن، وَهنا خلف هَذَا كُله على الِاتِّحَاد والحلول فَإِن قَالُوا: معنى كَونه إِلَهًا أَنه سُبْحَانَهُ خص نَفسه أَو بدنه بِالْقُدْرَةِ على خلق الْأَجْسَام وَالتَّصَرُّف فِي هَذَا الْعَالم، فَهَذَا أَيْضا بَاطِل، كَيفَ وَإِنَّهُم قد نقلوا عَنهُ الضعْف وَالْعجز، وَأَن الْيَهُود

قَتَلُوهُ، وَإِن قَالُوا: معنى كَونه إِلَهًا أَنه اتَّخذهُ لنَفسِهِ على سَبِيل التشريف وَهَذَا قد قَالَ بِهِ قوم من النَّصَارَى، وَلَيْسَ فِيهِ كثير خطأ إِلَّا فِي اللَّفْظ انْتهى، وَمِمَّا يقرب إِلَيْهِ مَا يحْكى أَن لهارون الرشيد غُلَاما نَصْرَانِيّا جَامعا لخصال الْأَدَب، فألح الرشيد عَلَيْهِ يَوْمًا بِالْإِسْلَامِ، فَقَالَ: ان فِي كتابكُمْ حجَّة لما أنتحله، قَوْله تَعَالَى: {وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ} حَتَّى أجَاب عَنهُ عَليّ بن الْحُسَيْن بن وَاقد بقوله تَعَالَى: {وسخر لكم مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مِنْهُ} فَأسلم النَّصْرَانِي [واتحاد الِاسْم والمسمى بَاطِل سَوَاء كَانَ الْمُسَمّى مُسَمّى بالمطابقة أَو التضمن لِأَن الْمُسَمّى مَدْلُول الِاسْم دَال، وَلَا بُد للدلالة من طرفين] والاتحاد فِي الْجِنْس: يُسمى مجانسة كاتفاق الانسان وَالْفرس فِي الحيوانية وَفِي النَّوْع: مماثلة كاتفاق زيد وَعَمْرو فِي الإنسانية وَفِي الْخَاصَّة: مشاكلة كاتفاق العناصر الْأَرْبَعَة فِي الكرية وَفِي الكيف: مشابهة كاتفاق الْإِنْسَان وَالْحجر فِي السوَاد وَفِي الْكمّ: مُسَاوَاة كاتفاق ذِرَاع من خشب وذراع من ثوب فِي الطول وَفِي الْأَطْرَاف: مُطَابقَة كاتفاق الأجانين فِي الْأَطْرَاف وَفِي الْإِضَافَة: مُنَاسبَة كاتفاق زيد وَعَمْرو فِي بنوة بكر وَفِي الْوَضع الْمَخْصُوص: موازنة وَهُوَ أَن لَا يخْتَلف الْبعد بَينهمَا كسطح كل وَاحِد من الافلاك الاتقاء: هُوَ افتعال من الْوِقَايَة، وَهِي فرط الصيانة وَشدَّة الاحتراس من الْمَكْرُوه [وَاصل الاتقاء الْحجر بَين شَيْئَيْنِ وَمِنْه يُقَال: (اتَّقى بترسه) وَفِي الحَدِيث " كُنَّا إِذا احمر الْبَأْس اتقينا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " قيل: الصَّحِيح أَنه لَا يعْتَبر فِي مَفْهُوم المتقي اجْتِنَاب الصَّغَائِر، فعلى هَذَا يُقَال، هُوَ من تجنب الْكَبَائِر وَمن الْمَعْلُوم لَا صَغِيرَة مَعَ الْإِصْرَار فيندرج فِي الاجتناب وَالْفرق بَينه وَبَين اسْم الْمُؤمن اظهر ان لم يشْتَرط دُخُول الْأَعْمَال فِي الايمان] والمتقي فِي عرف الشَّرْع اسْم لمن يقي نَفسه عَمَّا يضرّهُ فِي الْآخِرَة وَهُوَ الشّرك المفضي إِلَى الْعَذَاب المخلد، وَعَن كل مَا يؤثم من فعل أَو ترك، وَعَن كل مَا يشغل عَن الْحق والتبتل عَلَيْهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ التقي الْحَقِيقِيّ الْمشَار إِلَيْهِ بقوله تَعَالَى: {وَاتَّقوا الله حق تُقَاته} وَإِلَى الأول قَوْله تَعَالَى: {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} وَإِلَى الثَّانِي قَوْله: {وَلَو أَن أهل الْقرى آمنُوا وَاتَّقوا} وَاتَّقَى: يتَعَدَّى إِلَى [مفعول] وَاحِد، وَوقى، يتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ {ووقاهم عَذَاب الْجَحِيم} الاتكاء: هُوَ أَعم من الِاسْتِنَاد، وَهُوَ الِاعْتِمَاد على

فصل الألف والثاء

شَيْء بِأَيّ شَيْء كَانَ وَبِأَيِّ جَانب كَانَ والاستناد: اتكاء بِالظّهْرِ لَا غير، وَيَتَعَدَّى (اتكأ) ب (على) دون (إِلَى) الِاتِّصَال: هُوَ أَن يكون لأجزاء شَيْء حد مُشْتَرك تتلاقى عِنْده الإتراع: أترع الْإِنَاء: ملأَهُ، وَهُوَ مَقْصُور على الْحِيَاض، كَمَا أَن الإمراع مَخْصُوص بالرياض الاتهاب: هُوَ قبُول الْهِبَة والتقبل بعد التقبض والاستيهاب: سؤالها الإتقان: هُوَ معرفَة الْأَدِلَّة بعللها وَضبط الْقَوَاعِد الْكُلية بجزئياتها {آتت أكلهَا ضعفين} : أَعْطَتْ ثَمَرهَا ضعْفي غَيرهَا من الارضين {وَآتُوهُمْ من مَال الله} : ضَعُوا عَنْهُم من مكاتبتهم {اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا} : اصطفاه وخصصه بكرامة تشبه كَرَامَة الْخَلِيل عِنْد خَلِيله {أترفناهم} : نعمناهم المترف: المتقلب فِي لين الْمَعيشَة والعيش {أَتَيْنَا بهَا} : أحضرناها {أَتْرَابًا} : لدات كُلهنَّ بَنَات ثَلَاث وَثَلَاثِينَ كأزواجهن {أتقن كل شَيْء} : أحكم خلقه وسواه على مَا يَنْبَغِي {لآتوها} : لأعطوها {أتوكأ عَلَيْهَا} أعْتَمد عَلَيْهَا {فَاتبع قرآنه} : اعْمَلْ بِهِ {وَالْقَمَر إِذا اتسق} : اجْتمع وَتمّ بَدْرًا {رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا} : اجْعَل إيتاءنا ومنحتنا فِي الدُّنْيَا {فأتمهن} : فأداهن كملا وَقَامَ بِهن حق الْقيام {وَتلك حجتنا آتيناها إِبْرَاهِيم} : أرشدناه إِلَيْهَا وعملناه إِيَّاهَا {لأت} : لكائن لَا محَالة {اتل} : اقْرَأ (فصل الْألف والثاء) [أثبت] : كل من شدّ فقد أثبت لِأَنَّهُ لَا يقدر على الْحَرَكَة فِي الذّهاب والمجيء وَالْإِثْبَات: مصدر أثبت وأفعل يَصح للتعدية وَالنِّسْبَة أَي نِسْبَة ثُبُوت الشَّيْء وَالْإِثْبَات: هُوَ الحكم بِثُبُوت شَيْء لآخر، وَيُطلق على الإيجاد [وَهُوَ من الْوُجُوه المتعددة للْوَقْف عِنْد الْأَئِمَّة والقراء] وَقد يُطلق على الْعلم تجوزا يُقَال: الْعلم إِثْبَات الْمَعْلُوم على مَا هُوَ بِهِ الأثاث: هُوَ مَا يكتسبه الْمَرْء ويستعمله فِي الغطاء والوطاء وَالْمَتَاع: مَا يفرش فِي الْمنَازل ويزين بِهِ وَقيل: الأثاث: مَا جد من مَتَاع الْبَيْت والخرثي: مَا رث وَذكر بَعضهم أَن الْمَتَاع من متع النَّهَار: إِذا طَال

وَيسْتَعْمل فِي امتداد مشارف للزوال، وَلِهَذَا يسْتَعْمل فِي معرض التحقير، لَا سِيمَا فِي التَّنْزِيل وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الْمَتَاع لُغَة: كل مَا ينْتَفع بِهِ من عرُوض الدُّنْيَا، قليلها وكثيرها فَيكون مَا سوى الحجرين مَتَاعا وَعرفا كل مَا يلْبسهُ النَّاس ويبسط الْأَثر: فِي " الْقَامُوس ": أثر يفعل كَذَا، كفرح: طفق و [أثر] على الْأَمر: عزم و [أثر] لَهُ: تفرغ وآثر: اخْتَار و [أثر] كَذَا بِكَذَا: أتبعه إِيَّاه واستأثر بالشَّيْء: استبد بِهِ وَخص بِهِ نَفسه و [اسْتَأْثر] الله بفلان: إِذا مَاتَ ورجي لَهُ الغفران وَمَا بَقِي من رسم الشَّيْء فَهُوَ أثر بِالْكَسْرِ والسكون وَبِفَتْحِهَا أَيْضا وَأثر الْجرْح: بِالضَّمِّ والتسكين وَحَدِيث مأثور: من الْأَثر، بِالْفَتْح والسكون وآثر على نَفسه: بِالْمدِّ من الإيثار وَهُوَ الِاخْتِيَار أَو آثاره من علم: بِالْفَتْح أَي بَقِيَّة مِنْهُ وبالكسر أَي مناظرة وَعَن ابْن عَبَّاس أَن المُرَاد الْخط الْحسن والأثرة: بِمَعْنى التَّقَدُّم والاختصاص، من الإيثار والأثرة: بِالضَّمِّ المكرمة المتوارثة ويستعار (الاثر) للفضل، والإيثار للتفضيل وآثرت فلَانا عَلَيْك: بِالْمدِّ فَأَنا أوثره؛ وأثرت الحَدِيث فَأَنا آثره: أَي أرويه وأثرت التُّرَاب فَأَنا أثيره [والأثر فِي اصْطِلَاح أهل الشَّرْع قَول الصَّحَابِيّ أَو فعله وَهُوَ حجَّة فِي الشَّرْع] الْإِثْم: الذَّنب الَّذِي يسْتَحق الْعقُوبَة عَلَيْهِ، وَلَا يَصح أَن يُوصف بِهِ إِلَّا الْمحرم، سَوَاء أُرِيد بِهِ الْعقَاب أَو مَا يسْتَحق بِهِ من الذُّنُوب وَبَين الذَّنب وَالْإِثْم فرق من حَيْثُ أَن الذَّنب مُطلق الجرم عمدا كَانَ أَو سَهوا، بِخِلَاف الْإِثْم، فَإِنَّهُ مَا يسْتَحق فَاعله الْعقَاب فَيخْتَص بِمَا يكون عمدا وَيُسمى الذَّنب تبعة اعْتِبَارا بذنب الشَّيْء، كَمَا أَن الْعقُوبَة بِاعْتِبَار مَا يحصل من عاقبته والهمزة فِيهِ من الْوَاو، كَأَنَّهُ يثم الْأَعْمَال أَي يكسرها وَهُوَ أَيْضا عبارَة عَن الانسلاخ عَن صفاء الْعقل، وَمِنْه سمي الْخمر إِثْمًا، لِأَنَّهَا سَبَب الانسلاخ عَن الْعقل {قل فيهمَا إِثْم كَبِير} أَي فِي تناولهما إبطاء عَن الْخيرَات و {آثم قلبه} أَي ممسوخ والأثام: كسلام: الاثم وجزاؤه [يلق أثاما: أَي عقَابا] والأثيم: كثير الْإِثْم وَالْإِثْم والوزر: هما وَاحِد فِي الحكم الْعرفِيّ، وَإِن اخْتلفَا فِي الْوَضع، فَإِن وضع الْوزر للقوة لِأَنَّهُ من الْإِزَار، وَهُوَ مَا يُقَوي الْإِنْسَان، وَمِنْه الْوَزير لَكِن غلب اسْتِعْمَاله لعمل الشَّرّ لمَكَان أَن صَاحب الْوزر يتقوى وَلَا يلين للحق وَوضع الْإِثْم للذة، وَإِنَّمَا خص بِهِ فعل الشَّرّ، لِأَن الشرور لذيذة والذنب وَالْمَعْصِيَة: كِلَاهُمَا اسْم لفعل محرم يَقع الْمَرْء عَلَيْهِ عَن قصد فعل الْحَرَام بِخِلَاف الزلة، فَإِنَّهُ اسْم لفعل محرم يَقع الْمَرْء عَلَيْهِ عَن قصد فعل

الْحَلَال يُقَال: (زل الرجل فِي الطين) : إِذا لم يُوجد مِنْهُ الْقَصْد إِلَى الْوُقُوع وَلَا إِلَى الثَّبَات بعده، وَلَكِن وجد الْقَصْد إِلَى الْمَشْي فِي الطَّرِيق كَمَا وجد فِي الزلة قصد الْفِعْل لَا قصد الْعِصْيَان، وَإِنَّمَا يُعَاتب لتقصير مِنْهُ، كَمَا يُعَاتب من زل فِي الطين وَقد تسمى الزلة مَعْصِيّة مجَازًا، وَيسْتَعْمل الذَّنب فِيمَا يكون بَين العَبْد وربه، وَفِيمَا يكون بَين إِنْسَان وإنسان وَغَيره، بِخِلَاف الْجنَاح فَإِنَّهُ ميل يسْتَعْمل فِيمَا بَين إِنْسَان وإنسان فَقَط والحنث: أبلغ من الذَّنب، لِأَن الذَّنب يُطلق على الصَّغِيرَة والحنث يبلغ مبلغا يلْحقهُ فِيهِ الْكَبِيرَة والجرم بِالضَّمِّ: لَا يُطلق إِلَّا على الذَّنب الغليظ، والمجرمون: هم الْكَافِرُونَ والعصيان: بِحَسب اللُّغَة هُوَ الْمُخَالفَة لمُطلق الْأَمر لَا الْمُخَالفَة لِلْأَمْرِ التكليفي خَاصَّة، يرشدك إِلَيْهِ قَول عَمْرو بن الْعَاصِ لمعاوية: (أَمرتك أمرا جَازِمًا فعصيتني) والعاصي: من يفعل مَحْظُورًا لَا يَرْجُو الثَّوَاب بِفِعْلِهِ، بِخِلَاف المبتدع فَإِنَّهُ يَرْجُو بِهِ الثَّوَاب فِي الْآخِرَة والعاصي وَالْفَاسِق فِي الشَّرْع سَوَاء الاثابة: هِيَ مَا يرجع للْإنْسَان من ثَوَاب أَعماله وتستعمل فِي المحبوب نَحْو: {فأثابهم الله بِمَا قَالُوا جنَّات} وَفِي الْمَكْرُوه أَيْضا نَحْو: {فأثابكم غما} لكنه على الِاسْتِعَارَة الِاثْنَان: هُوَ ضعف الْوَاحِد، من ثنيت الشَّيْء: إِذا عطفته، حذف اللَّام وَهُوَ الْيَاء؛ والهمزة فِي أَوله كالعوض عَن الْمَحْذُوف والمؤنث (اثْنَتَانِ) بإلحاق التَّاء وَإِن شِئْت قلت: (ثِنْتَانِ) ، كَمَا تَقول (بنتان) فِي (ابنتان) ؛ وَالْجمع (اثانين) ، وَلَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا اكْتِفَاء عَنهُ بِالْوَاحِدِ، كَمَا لَا تَثْنِيَة للْوَاحِد والاثنان: الغيران عِنْد الْجُمْهُور، وَقَالَت الأشاعرة: لَيْسَ كل اثْنَيْنِ غيرين، بل الغيران موجودان جَازَ انفكاكهما فِي حيّز أَو عدم، فَخرج بِقَيْد الْوُجُود الاعدام وَالْأَحْوَال أَيْضا؛ إِذْ لَا يثبتونها فَلَا يتَصَوَّر اتصافها بِالْغَيْر؛ وَخرج بِقَيْد جَوَاز الانفكاك أَيْضا مَا لَا يجوز انفكاكه كالصفة مَعَ الْمَوْصُوف والجزء مَعَ الْكل، فَإِنَّهُ لَا هُوَ وَلَا غَيره الأثل: الطرفاء لَا ثَمَر لَهُ والأثال: كسحاب وغراب: الْمجد والشرف وأثل مأله تأثيلا: زَكَّاهُ وأثل الرجل: كثر مَاله الأثمد: بِفَتْح الْهمزَة وَضم الْمِيم: اسْم مَوضِع و [الإثمد] بكسرهما: حجر يكتحل بِهِ الأثافي: الصخرات الَّتِي يوضع عَلَيْهَا الْقدر ورماه بثالثة الأثافي: أَي بِالشَّرِّ كُله الاثنوي: هُوَ من يَصُوم الِاثْنَيْنِ دَائِما {اثاقلتم} : تباطأتم {وأخرجت الأَرْض أثقالها} : مَا فِي جوفها {يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْم} : أَي الْحَرَام أَو الْكَذِب الأثام: الْعقُوبَة والاثم أَيْضا أَو وَاد فِي جَهَنَّم {فأثرن بِهِ} : فهيجن بِهِ {أثخنتموهم} : أَكثرْتُم قَتلهمْ وأغلظتم

فصل الألف والجيم

{وأثاروا الأَرْض} : قلبوا وَجههَا {تحمل أثقالكم} : أحمالكم {مناع للخير مُعْتَد أثيم} : متجاوز فِي الظُّلم كثير الآثام {وَمَا يكذب بِهِ إِلَّا كل مُعْتَد أثيم} : متجاوز عَن التفكر فِي الظُّلم، منهمك فِي الشَّهَوَات (فصل الْألف وَالْجِيم) [أجم] : كل بَيت مربع مسطح فَهُوَ أجم وآجام الْأسد: غاباتها الْإِجْمَال: أجمل إِلَيْهِ: أحسن وأجمل الصَّنْعَة وَفِي الصَّنْعَة وأجمله: أَي: حسنه وكثره وزينه وأجمل الْأَمر: أبهم وَمِنْه: الْمُجْمل: وَهُوَ مَا لَا يُوقف على المُرَاد مِنْهُ إِلَّا بِبَيَان من جِهَة الْمُتَكَلّم وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وآتو حَقه يَوْم حَصَاده} وَنَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة} وَنَوع آخر شرعا لَا لُغَة كالعام الَّذِي خص مِنْهُ بعض مَجْهُول، فَيبقى الْمَخْصُوص مِنْهُ مَجْهُولا فَيصير مُجملا وَالْعَام الَّذِي اقترنت بِهِ صفة مَجْهُولَة مثل قَوْله تَعَالَى: {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم أَن تَبْتَغُوا بأموالكم} فَإِنَّهُ لما قَيده بِصفة مَجْهُولَة وَهُوَ قَوْله (محصنين) وَلَا يدرى مَا الْإِحْصَان صَار قَوْله (وَأحل لكم) مُجملا والمجمل يحمل على الْمُحكم، وَذَلِكَ فِيمَا إِذا أدعى الْمَدْيُون الْإِيفَاء فشهدا بِالْإِبْرَاءِ أَو التَّحْلِيل جَازَت شَهَادَتهمَا؛ فَإِن الْإِبْرَاء أَو التَّحْلِيل يحْتَمل الْبَرَاءَة بالإيفاء والإسقاط، فَيحمل على الْبَرَاءَة الْمقيدَة بالإيفاء، بِقَرِينَة الْقَصْد، فكأنهما شَهدا بالإيفاء بِدلَالَة الْحَال وَهِي تَحْسِين الظَّن بِالشَّاهِدِ، لما أَن ظَاهر حَاله أَنه يُرِيد الْجِهَة الْمُوَافقَة للدعوى فَينزل ذَلِك منزلَة الْبَيَان لمجمل كَلَام الْمُدَّعِي، فَتكون الدَّعْوَى هُنَا مفسرة فَلَا حَاجَة إِلَى السُّؤَال والإجمال: إِيرَاد الْكَلَام على وَجه يحْتَمل أمورا مُتعَدِّدَة وَالتَّفْصِيل: تعْيين تِلْكَ المحتملات الْإِجْمَاع: هُوَ فِي اللُّغَة يُطلق على مَعْنيين: أَحدهمَا الْعَزْم التَّام، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَأَجْمعُوا أَمركُم} وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " لَا صِيَام لمن لَا يجمع الصّيام من اللَّيْل " وَالْإِجْمَاع بِهَذَا الْمَعْنى يتَصَوَّر من الْوَاحِد وَثَانِيهمَا: الِاتِّفَاق يُقَال: (أجمع الْقَوْم على كَذَا) : إِذا اتَّفقُوا وَفِي الِاصْطِلَاح: يُطلق على اتِّفَاق الْمُجْتَهدين من أمة مُحَمَّد بعد زَمَانه فِي عصر على حكم شَرْعِي وَمن عمم اقْتصر على حكم وَالْإِجْمَاع: اتِّفَاق جَمِيع الْعلمَاء، والاتفاق: اتِّفَاق معظمهم وَأَكْثَرهم وَلَا خلاف فِي أَن جَمِيع أهل الِاجْتِهَاد وَلَو اجْتَمعُوا على قَول وَاحِد من الْحل وَالْحُرْمَة، أَو الْجَوَاز وَالْفساد، أَو على وَاحِد نَحْو أَن يَفْعَلُوا بأجمعهم فعلا وَاحِدًا وَوجد الرضى من الْكل بطرِيق التَّنْصِيص على حكم من أُمُور الدّين يكون

ذَلِك إِجْمَاعًا وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا نَص الْبَعْض وَسكت الْبَاقُونَ لَا عَن خوف وضرورة بعد اشتهار القَوْل وانتشار الْخَبَر ومضي مُدَّة التَّأَمُّل فَقَالَ عَامَّة أهل السّنة يكون ذَلِك إِجْمَاعًا، وَيكون حجَّة، فَإِن مَا هُوَ حجَّة فِي حَقنا إِن كَانَ من الله يُوحى بِالروحِ الْأمين، وَقد تَوَاتر نَقله فَهُوَ الْكتاب، وَإِلَّا فَإِن كَانَ من الرَّسُول فَهُوَ السّنة؛ وَإِن كَانَ من غَيره، فَإِن كَانَ آراء جَمِيع الْمُجْتَهدين فَهُوَ الْإِجْمَاع، أَو رَأْي بَعضهم فَهُوَ الْقيَاس وَأما رَأْي غير الْمُجْتَهد سَوَاء كَانَ الْحَاكِم وَهُوَ الإلهام، أَو رَأْي غَيره وَهُوَ التَّقْلِيد، فَلَا يثبت بهما الحكم الشَّرْعِيّ، لعدم كَونهمَا حجَّة وَالْجُمْهُور على أَنه لَا يجوز الْإِجْمَاع إِلَّا عَن سَنَد من دَلِيل أَو أَمارَة، لِأَن عدم السَّنَد يسْتَلْزم الْخَطَأ، إِذْ الحكم فِي الدّين بِلَا دَلِيل خطأ، وَيمْتَنع إِجْمَاع الْأمة على الْخَطَأ وَمُخَالفَة الْإِجْمَاع حرَام، بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى} إِلَى قَوْله: {وَسَاءَتْ مصيرا} وَكفر جَاحد الْإِجْمَاع لَيْسَ بكلي أَلا يرى أَن متروكة التَّسْمِيَة عمدا مُحرمَة عِنْد الْحَنَفِيَّة، ثَابِتَة بِالْإِجْمَاع؛ مَعَ أَن الشَّافِعِي قَائِل بحلها وَالْخلْوَة الصَّحِيحَة كَالْوَطْءِ عِنْد الْحَنَفِيَّة بِالْإِجْمَاع، وَلَيْسَ كَذَلِك عِنْد الشَّافِعِي، وترث زَوْجَة الفار عِنْد الْحَنَفِيَّة بِالْإِجْمَاع، وَلم تَرث عِنْد الشَّافِعِي، وَأَشْبَاه ذَلِك وَالِاسْتِدْلَال على حجية الْإِجْمَاع بقوله تَعَالَى: {كُنْتُم خير أمة} إِلَخ لَيْسَ بتام [والعامة تمسكوا فِي حجية الْإِجْمَاع بِالدَّلِيلِ النقلي، وَأَنه يَنْقَسِم إِلَى مُصَرح بِهِ وَإِلَى مُقَدّر أما الْمُصَرّح بِهِ فَقَوله تَعَالَى: {كُنْتُم خير أمة} إِلَى قَوْله: {وتنهون عَن الْمُنكر} فَلَو اتَّفقُوا على مُنكر لما نهوا عَنهُ وَكَانَ (لما) نَاقِصَة أَو تَامَّة أَو زَائِدَة فَلَا دلَالَة فِيهَا على عدم كَونهم كَذَلِك فِي الْحَال وَقَوله تَعَالَى: {وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ} وَالْحكم الْمجمع عَلَيْهِ سَبِيل الْمُؤمنِينَ مَا يخْتَار لنَفسِهِ قولا وفعلا فَيجب اتباعهم فِيهِ لِأَن الله تَعَالَى جعل مُخَالفَة سَبِيل الْمُؤمنِينَ أحد أَسبَاب اسْتِحْقَاق النَّار وَأما النقلي الْمُقدر فَهُوَ أَنا نستدل بِالْعَادَةِ المطردة أَن جمعا من الْعلمَاء الْمُتَّقِينَ الْبَالِغين عَددهمْ التَّوَاتُر لم يجز عَلَيْهِم الِاتِّفَاق على الْكَذِب، فَإِذا قطعُوا بتخطئة الْمُخَالف دلنا ذَلِك أَنه بَلغهُمْ نَص من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن لم ينْقل إِلَيْنَا لاحْتِمَال أَنهم استغنوا بِالْإِجْمَاع عَن الدَّلِيل أَو نقل ثمَّ اندرس والتمسك بِهَذَا أولى مِمَّا يحْتَمل وُجُوهًا، على أَن التَّمَسُّك بالظواهر إِنَّمَا بثبت بِالْإِجْمَاع فَلَزِمَ الدّور وَالِاخْتِلَاف على الْأَقْوَال الثَّلَاثَة إِجْمَاع مِنْهُم على بطلَان القَوْل الرَّابِع؛ وَهَذَا وَارِد فِي كل مَوضِع كاختلاف عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَة فِي حكم المَاء الْمُسْتَعْمل على الْأَقْوَال الثَّلَاثَة من كَونه نَجَاسَة غَلِيظَة وخفيفة وطاهر أَو غير طَاهِر فَقَوْل سيدنَا مَالك وَالْإِمَام الشَّافِعِي رَحِمهم الله بِأَنَّهُ طَاهِر ومطهر قَول رَابِع يُخَالف الْأَقْوَال الثَّلَاثَة فَهُوَ مَحْكُوم بِالْبُطْلَانِ عِنْد الثَّلَاثَة لوُقُوعه مُخَالفا لإِجْمَاع الثَّلَاثَة] ثمَّ الْإِجْمَاع على مَرَاتِب: إِجْمَاع الصَّحَابَة وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْآيَة وَالْخَبَر الْمُتَوَاتر يكفر جاحده ثمَّ

إِجْمَاع من بعدهمْ فِيمَا لم يرو فِيهِ الصَّحَابَة وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْخَبَر الْمَشْهُور يضلل جاحده ثمَّ إِجْمَاعهم فِيمَا رُوِيَ خلافهم لَا يضلل جاحده وَنقل الْإِجْمَاع إِلَيْنَا قد يكون بالتواتر فَيُفِيد الْقطع؛ وَقد يكون بالشهرة فَيقرب مِنْهُ وَقد يكون بِخَبَر الْوَاحِد فَيُفِيد الظَّن وَيُوجب الْعَمَل وَالِاخْتِلَاف فِي الْعَصْر الأول لَا يمْنَع انْعِقَاد الْإِجْمَاع فِي الْعَصْر الثَّانِي عندنَا وتخطئة الصَّحَابَة من حَيْثُ الْعَمَل دون الِاعْتِقَاد لَا يُسمى تضليلا، لِأَن التضليل يجْرِي فِي العقليات وَفِيمَا كَانَ من بَاب الِاعْتِقَاد دون الشرعيات، لِأَن الحكم الشَّرْعِيّ جَازَ أَن يكون على خلاف مَا شرع، وعَلى الْمُجْتَهد الْعَمَل فِي الشرعيات الِاجْتِهَاد: افتعال من جهد يجْهد: إِذا تَعب؛ والافتعال فِيهِ للتكلف لَا للطوع؛ وَهُوَ بذل المجهود فِي إِدْرَاك الْمَقْصُود ونيله وَفِي عرف الْفُقَهَاء: هُوَ استفراغ الْفَقِيه الوسع، بِحَيْثُ يحس من نَفسه الْعَجز عَن الْمَزِيد عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ لتَحْصِيل ظن بِحكم شَرْعِي، وَلَا يُكَلف الْمُجْتَهد بنيل الْحق وإصابته بِالْفِعْلِ، إِذْ لَيْسَ ذَلِك فِي وَسعه لغموضه وخفاء دَلِيله، بل ببذل الْجهد واستفراغ الطَّاقَة فِي طلبه، وَلَيْسَ فِيهِ تَكْلِيف بِمَا لَا يُطَاق أصلا، خلافًا لجمهور الْمُعْتَزلَة والأشاعرة فِي صُورَة عدم تعدد الْحق والتكليف بِالِاجْتِهَادِ فِي العمليات وأجمعت الْأمة على أَن الْمُجْتَهد قد يُخطئ ويصيب فِي العقليات، إِلَّا على قَول الْحسن الْعَنْبَري من الْمُعْتَزلَة وَاخْتلفُوا فِي الشرعيات؛ والمروي عَن أبي حنيفَة أَن كل مُجْتَهد مُصِيب، وَالْحق عِنْد الله وَاحِد، مَعْنَاهُ: أَنه مُصِيب فِي الطّلب وَإِن أَخطَأ الْمَطْلُوب [يحْكى أَن صَاحب " الْبَدَائِع " وَهُوَ أَبُو بكر الكاشاني نَاظر مَعَ فَقِيه فِي مَسْأَلَة وَهِي أَن الْمُجْتَهدين هَل هما مصيبان أم أَحدهمَا مُخطئ؟ فَقَالَ الْفَقِيه: الْمَنْقُول عَن أبي حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن كل مُجْتَهد مُصِيب؟ فَقَالَ: لَا بل الصَّحِيح عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله أَنَّهُمَا مُصِيب ومخطئ وَمَا تَقوله فِي مَذْهَب الْمُعْتَزلَة] وَالْإِجْمَاع على عدم الْعذر للمخطئ الْمُجْتَهد فِي طلب عقائد الْإِسْلَام وَالصَّحِيح عِنْد الشَّافِعِي وفَاقا لِلْجُمْهُورِ أَن الْمُصِيب فِي الشرعيات وَاحِد، وَللَّه تَعَالَى فِيهَا حكم قبل الِاجْتِهَاد، وَأَن عَلَيْهِ أَمارَة، وَأَن الْمُجْتَهد مُكَلّف بإصابته، وَأَن الْمُخطئ لَا يَأْثَم بل يُؤجر لبذله وَسعه فِي طلبه، كَمَا دلّ عَلَيْهِ حَدِيث الِاجْتِهَاد واتفقنا على أَن الْحق فِي العقليات وَاحِد، وَأَن الْمُجْتَهد فِيهَا يُخطئ ويصيب وَمَا ذهب إِلَيْهِ الْعَنْبَري من أَن الْحق فِيهَا حُقُوق، وَأَن كل مُجْتَهد فِيهَا مُصِيب بَاطِل لما فِيهِ من تصويب الدهري والثنوي وَالنَّصَارَى والمجسمة والمشبهة، وَجعل كل فريق على الْحق وَهُوَ محَال وَأما فِي الشرعيات فَمَا ثَبت بِدَلِيل مَقْطُوع بِهِ فَالْحق فِيهِ وَاحِد حَتَّى يكفر راده ويضلل جاحده وَمَا يسوغ فِيهِ الِاجْتِهَاد فقد اخْتلفُوا فِيهِ قَالَت الْمُعْتَزلَة: الْحق فِيهَا حُقُوق؛ وَقَالَ أهل السّنة: الْحق فِيهَا وَاحِد معِين، لِأَن الْجمع بَين النقيضين المتنافيين وَهُوَ الْحل وَالْحُرْمَة، وَالصِّحَّة وَالْفساد فِي حق شخص وَاحِد، فِي مَحل وَاحِد، فِي زمَان وَاحِد من بَاب التَّنَاقُض؛ وَنسبَة التَّنَاقُض إِلَى

الشَّرْع محَال وَلِهَذَا اتفقنا على أَن الْحق فِي العقليات وَاحِد؛ لِأَن القَوْل بِوُجُود الصَّانِع وَعَدَمه وحدوث الْعَالم وَقدمه تنَاقض بَين وَمن جملَة مقالتهم الْفَاسِدَة أَن اجْتِهَاد الْمُجْتَهد فِي الحكم كاجتهاد الْمُصَلِّي فِي أَمر الْقبْلَة عِنْد التباسها وَالْحق فِي أَمر الْقبْلَة مُتَعَدد اتِّفَاقًا، فَكَذَا هَهُنَا لعدم الْفرق وَالْجَوَاب: أَنا لَا نسلم تعدد الْحق فِي أَمر الْقبْلَة، إِذْ لَو تعدد لما فَسدتْ صَلَاة مُخَالف الإِمَام عَالما حَاله؛ إِذْ لَو كَانَ كل مُجْتَهد مصيبا لصَحَّ صَلَاة الْمُخَالف، لإصابتهما جَمِيعًا فِي جِهَة الْقبْلَة، نظرا إِلَى الْوَاقِع؛ وَفَسَاد الصَّلَاة يدل على حَقِيقَة مَذْهَبنَا وَاخْتلف فِي الِاجْتِهَاد للنَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ بَعضهم: يمْتَنع لَهُ الِاجْتِهَاد لقدرته على الْيَقِين فِي الحكم بالتلقي من الْوَحْي بِأَن ينتظره وَقَالَ بَعضهم بِالْجَوَازِ والوقوع فِي الآراء والحروب فَقَط، جمعا بَين الْأَدِلَّة المجوزة والمانعة وَأكْثر الْمُحَقِّقين على الْوَقْف، حَكَاهُ الإِمَام فِي " الْمَحْصُول " [وَقَالَ بَعضهم: لَهُ الْوَحْي الْخَاص وَإِنَّمَا الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد حَظّ أمته وَقد قَالَ تَعَالَى: {وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} وَقَالَ بَعضهم: كَانَ لَهُ الْعَمَل فِي أَحْكَام الشَّرْع بِالْوَحْي لَا الرَّأْي جَمِيعًا وَهُوَ مَنْقُول عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله وَهُوَ مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي - رَحمَه الله - وَعَامة أهل الحَدِيث، لِأَن الله تَعَالَى قَالَ: {فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار} وَالنَّبِيّ - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أعظم النَّاس بَصِيرَة وأصفاهم فطنة وَأَحْسَنهمْ استنباطا فَكَانَ أولى بِالدُّخُولِ تَحت هَذَا الْخطاب الْعَام، وَالصَّحِيح أَنه كَانَ مَأْمُورا بانتظار الْوَحْي فِي حَادِثَة لَيْسَ فِيهَا وَحي، ثمَّ إِذا انْقَطع طمعه عَن الْوَحْي فِي بَيَان حَال الْحَادِثَة الَّتِي ابْتُلِيَ بِهِ يعْمل بِالِاجْتِهَادِ كَمَا فِي انْتِظَار الْمُتَيَمم، ثمَّ اخْتلفُوا فِي جَوَاز خطئه فِي اجْتِهَاده] وَالصَّحِيح جَوَازه لَهُ فِيمَا لَا نَص فِيهِ، ووقوعه لقَوْله تَعَالَى: {عَفا الله عَنْك لم أَذِنت لَهُم} أَي: لمن ظهر نفاقهم فِي التَّخَلُّف عَن غَزْوَة تَبُوك، لَكِن لَا يجوز إِقْرَاره على الْخَطَأ، بل يُنَبه عَلَيْهِ فِي الْحَال، وَإِلَّا لَأَدَّى إِلَى أَمر الْأمة بِاتِّبَاع الْخَطَأ وَقيل: الصَّوَاب أَن اجْتِهَاده لَا يُخطئ تَنْزِيها لمنصب النُّبُوَّة عَن ذَلِك واجتهاد الصَّحَابِيّ أقرب من اجْتِهَاد التَّابِعِيّ لما لَهُم من الدرجَة الزَّائِدَة وَلَهُم زِيَادَة جهد وحرص فِي طلب الْحق وَالِاجْتِهَاد على مَرَاتِب: بَعْضهَا فَوق بعض فَيجب الْعَمَل بِمَا فِيهِ احْتِمَال الْغَلَط أقل، وَلِهَذَا قُلْنَا: خبر الْوَاحِد مقدم على الْقيَاس؛ وَالِاجْتِهَاد لَا ينْقض بِمثلِهِ، لِأَن الثَّانِي لَيْسَ بأقوى من الأول، وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَن لَا يسْتَقرّ حكم، وَفِيه مشقة، فَلَو حكم القَاضِي برد شَهَادَة الْفَاسِق ثمَّ تَابَ فَأَعَادَهَا لم تقبل، لِأَن قبُول شَهَادَته بعد التَّوْبَة يتَضَمَّن نقض الِاجْتِهَاد بِالِاجْتِهَادِ وَالِاجْتِهَاد قد يكون فِي مورد النَّص: كالاجتهاد فِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " الْمُتَبَايعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا وَالْقِيَاس شَرطه فقد النَّص فالاجتهاد يُوجد بِدُونِ

الْقيَاس، وَلَا يُوجد الْقيَاس بِدُونِ الِاجْتِهَاد؛ وتبدل رَأْي الْمُجْتَهد بِمَنْزِلَة انتساخ النَّص، يعْمل بِهِ فِي الْمُسْتَقْبل لَا فِيمَا مضى [وَلَا يرجح الِاجْتِهَاد بِكَثْرَة الْمُجْتَهدين بِخِلَاف الرِّوَايَة فَإِنَّهَا ترجح بِكَثْرَة الروَاة] الِاجْتِمَاع: هُوَ حُصُول المتحيزين فِي حيزين بِحَيْثُ يُمكن أَن يتوسطهما ثَالِث واجتماع المثلين فِي مَوضِع وَاحِد مُسْتَحِيل، وَأما عرُوض أَحدهمَا على الآخر فَلَا اسْتِحَالَة فِيهِ، كَمَا فِي قَوْلهم: (الْوُجُود مَوْجُود) وَأَيْضًا استحالته لَيْسَ مثل اسْتِحَالَة اجْتِمَاع النقيضين واجتماع الضدين محَال كالسواد وَالْبَيَاض، بِخِلَاف الخلافين فَإِنَّهُمَا أَعم من الضدين، فيجتمعان من حَيْثُ الأعمية كالسواد والحلاوة وَيجوز فِي كل من الضدين والخلافين والمثلين ارتفاعهما بضد آخر، أَو بِخِلَاف آخر، أَو بِمثل آخر؛ وَأما النقيضان فَلَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يرتفعان، وشرطهما أَن يكون أَحدهمَا وجوديا وَالْآخر عدميا كالقيام وَعَدَمه واجتماع النقيضين مَوْجُود فِي الذِّهْن مَعْنَاهُ أَن إِدْرَاك الذِّهْن النقيضين مَوْجُود فِي الْخَارِج، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَن اجْتِمَاع النقيضين لَهُ مَاهِيَّة أَو صُورَة مَوْجُودَة فِي الذِّهْن؛ فَإِن الممتنعات لَيست لَهَا ماهيات وحقائق مَوْجُودَة فِي الْعقل، فَإِن الْوُجُود عين الْمَاهِيّة، فَمَا لَا وجود لَهُ مَاهِيَّة لَهُ، لَا سِيمَا إِذا كَانَ مُمْتَنعا، فَإِنَّهُ لَا ثُبُوت لَهُ اتِّفَاقًا واجتماع الْأَمْثَال مَكْرُوه، وَلِهَذَا قلبت الْيَاء الثَّانِيَة من الْحَيَوَان واوا، وَإِن كَانَ الْوَاو أثقل مِنْهَا، كَذَا فِي (دِينَار) و (قِيرَاط) و (ديوَان) وَمن ذَلِك قَوْلهم فِي الْجمع: (أخون) و (أبون) حَيْثُ أجري الْجمع على حكم الْمُفْرد حذار اجْتِمَاع ضمات أَو كسرات وَلما كَانَ هَذَا الْمَانِع مفقودا فِي التَّثْنِيَة رد الْمَحْذُوف فَقيل: (أَخَوان) و (أَبَوَانِ) واجتماع العاملين على مَعْمُول وَاحِد غير جَائِز وَلِهَذَا رد قَول من قَالَ: إِن الْفِعْل وَالْفَاعِل مَعًا عاملان فِي الْمَفْعُول، والابتداء والمبتدأ مَعًا عاملان فِي الْخَبَر؛ والمتبوع وعامله مَعًا عاملان فِي التَّابِع وَإِذا اجْتمع العاملان فإعمال الْأَقْرَب جَائِز بالِاتِّفَاقِ، وَفِي الْأَبْعَد اخْتِلَاف مَنعه البصريون وَجوزهُ الْكُوفِيُّونَ وَإِذا اجْتمعت همزتان متفقتان فِي كَلِمَتَيْنِ نَحْو: (جَاءَ أَجلهم) جَازَ حذف إِحْدَاهمَا تَخْفِيفًا وَفِي الْمَحْذُوف اخْتِلَاف فَقيل: الْمَحْذُوف هُوَ الأولى لِأَنَّهَا وَقعت آخر الْكَلِمَة مَحل التَّغْيِير، وَقيل: الثَّانِيَة وَإِذا اجْتمعت همزَة الِاسْتِفْهَام مَعَ همزَة قطع نَحْو: {أأمنتم من فِي السَّمَاء} فَإِنَّهَا ترسم بِالْألف الْوَاحِدَة وتحذف الْأُخْرَى وَاخْتلف فِي المحذوفة فَقيل: الأولى، لِأَن الْأَصْلِيَّة أولى بالثبوت، وَقيل: الثَّانِيَة، لِأَن بهَا يحصل الاستثقال وَإِذا اجْتمع نون الْوِقَايَة وَنون (إِن) و (أَن) و (كَأَن) و (لَكِن) جَازَ حذف أَحدهمَا وَفِي الْمَحْذُوف قَولَانِ: أَحدهمَا، نون الْوِقَايَة، وَعَلِيهِ الْجُمْهُور، وَقيل: نون (إِن) [وَإِذا اجْتمعت الهمزتان فِي كلمة وَاحِدَة: فالمختار عِنْدهم أَن تحذف إِحْدَاهمَا أَو تخفف،

لِأَن حذف إِحْدَاهمَا أَو تخفيفها أخف من الْإِدْغَام إِلَّا فِي بَاب (فعال) بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد فَإِنَّهُ بَاب قيامي حوفظ عَلَيْهِ مَعَ وجود الْمدَّة بعْدهَا فَكَانَت مسهلة لأمرهما] وَإِذا اجْتمعت همزَة الِاسْتِفْهَام مَعَ حرف الْعَطف [نَحْو: (أَو من كَانَ مَيتا) ] فَحِينَئِذٍ تدخل همزَة الِاسْتِفْهَام فِي الْمُقدر لرعاية حَقّهَا وَإِذا اجْتمع اسمان من جنس وَاحِد، وَكَانَ أَحدهمَا أخف على أَفْوَاه الْقَائِلين غلبوه فسموا الآخر باسمه ك (العمرين) [وَإِذا اجْتمع سَبَب الإعلال وَسبب الْإِدْغَام قدم الإعلال، لِأَن سَببه مُوجب وَسبب الْإِدْغَام مجوز يدل عَلَيْهِ امْتنَاع الفتحة فِي (رَضِي) وَجَوَاز الفك فِي (حَيّ) ] وَإِذا اجْتمع فعلان متقاربان فِي الْمَعْنى، وَلكُل وَاحِد مُتَعَلق على حِدة، جَازَ ذكر أَحدهمَا وَعطف مُتَعَلق الآخر الْمَتْرُوك على [مُتَعَلق] الْمَذْكُور، كَقَوْلِه: (مُتَقَلِّدًا سَيْفا ورمحا) وَإِذا اجْتمع طالبان نَحْو الْقسم وَالشّرط فَالْجَوَاب للْأولِ وَإِذا اجْتمع ضميران: مُتَكَلم ومخاطب، روعي الْمُتَكَلّم نَحْو (قمنا) وَإِذا اجْتمع الْمُخَاطب وَالْغَائِب: روعي الْمُخَاطب نَحْو (قمتما) وَإِذا اجْتمع الْمُخَاطب وَالْغَائِب: روعي الْمُخَاطب نَحْو (قمتما) وَإِذا اجْتمع الْمعرفَة والنكرة: روعي الْمعرفَة تَقول: (هَذَا زيد وَرجل منطلقين) على الْحَال؛ وَلَا يجوز الرّفْع والأعدل فِيمَا إِذا اجْتمعَا أَن يكون الْمعرفَة اسْما والنكرة خَبرا، وَلَا يجوز الْعَكْس إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر واجتماع المعرفتين جَائِز إِذا كَانَ فِي أَحدهمَا مَا فِي الآخر وَزِيَادَة وَإِذا اجْتمع الْوَاو وَالْيَاء: روعي الْيَاء نَحْو (طويت طيا) وَالْأَصْل (طويا) وَإِذا اجْتمع فِي الضمائر مُرَاعَاة اللَّفْظ وَالْمعْنَى بُدِئَ بِاللَّفْظِ ثمَّ بِالْمَعْنَى هَذَا هُوَ الجادة فِي الْقُرْآن قَالَ الله تَعَالَى {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا} ثمَّ قَالَ: {وَمَا هم بمؤمنين} أفرد أَولا بِاعْتِبَار اللَّفْظ، ثمَّ جمع بِاعْتِبَار الْمَعْنى وَإِذا اجْتمع الْمُبَاشر والمتسبب: أضيف الحكم إِلَى الْمُبَاشر، فَلَا ضَمَان على حافر الْبِئْر تَعَديا بِمَا تلف بإلقاء غَيره، وَلَا من دلّ سَارِقا على مَال إِنْسَان فسرقه، إِلَّا إِذا تعذر الْوُقُوف على الْمُبَاشر، فَحِينَئِذٍ يعلق الحكم بِالسَّبَبِ الظَّاهِر، كَمَا إِذا اجْتمع الْقَوْم بِالسَّيْفِ وَتَفَرَّقُوا، فَظهر فِي مَوضِع الِاجْتِمَاع قَتِيل حَيْثُ تجب الدِّيَة والقامة على أهل الْمحلة وَإِذا اجْتمع الْحَلَال وَالْحرَام: غلب الْحَرَام وَعلله الأصوليون بتقليل النّسخ، لِأَنَّهُ لَو قدم الْمُبِيح لزم تكْرَار النّسخ، لِأَن الأَصْل فِي الْأَشْيَاء الْإِبَاحَة، فَإِذا جعل الْمُبِيح مُتَأَخِّرًا كَانَ الْمحرم نَاسِخا للْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة ثمَّ يصير مَنْسُوخا؛ وَلَو جعل الْمحرم مُتَأَخِّرًا لَكَانَ نَاسِخا للمبيح، وَهُوَ لم ينْسَخ شَيْئا لكَونه وفْق الأَصْل وَإِذا اجْتمع الحقان قدم حق العَبْد إِلَّا فِي صُورَة صيد الْمحرم قدم حق الله تَعَالَى

الْأجر: الْجَزَاء على الْعَمَل كَالْإِجَارَةِ، وَالذكر الْحسن وَأَجَارَهُ الله من الْعَذَاب: أنقذه وَنعم مَا قَالَ من قَالَ: (من أَجَارَ جَاره أَعَانَهُ الله وَأَجَارَهُ) وَقَالَ بَعضهم: الْأجر وَالْأُجْرَة يُقَال فِيمَا كَانَ عقدا وَمَا يجْرِي مجْرى العقد، وَلَا يُقَال إِلَّا فِي النَّفْع وَالْجَزَاء: يُقَال فِيمَا كَانَ عَن عقد وَعَن غير عقد، وَيُقَال فِي النافع والضار والأجير: هُوَ الْمُسْتَأْجر بِفَتْح الْجِيم، فعيل بِمَعْنى مفاعل بِفَتْح الْعين، أَو فَاعل وَمن الظَّن أَنه مفعول أَو مفاعل بِالْكَسْرِ فَإِنَّهُ سَمَاعي وَاخْتلف فِي قَوْلهم: (أجرت الدَّار أَو الدَّابَّة) بِمَعْنى أكريتها هَل هُوَ (أفعل) أَو (فَاعل) وَالْحق أَنه بِهَذَا الْمَعْنى مُشْتَرك بَينهمَا، لِأَنَّهُ جَاءَ فِيهِ لُغَتَانِ: إِحْدَاهمَا (فَاعل) ومضارعه (يُؤَاجر) وَالْأُخْرَى (أفعل) ومضارعه (يُؤجر) ، وَجَاء لَهُ مصدران: فالمؤاجرة مصدر (فَاعل) و (الْإِيجَار) مصدر (أفعل) ، وَالْمَفْهُوم من " الأساس " وَغَيره اخْتِصَاص (آجرت الدَّابَّة) بِبَاب: أفعل واختصاص: (آجرت الْأَجِير) بِبَاب: فَاعل وَاسم الْفَاعِل من الأول (مؤجر) وَاسم الْمَفْعُول (مؤجر) ، وَمن الثَّانِي اسْم الْفَاعِل (مؤاجر) وَاسم الْمَفْعُول (مؤاجر) وَقَالَ الْمبرد: " أجرت دَاري ومملوكي غير مَمْدُود، وآجرت فلَانا بِكَذَا: أَي أثْبته فَهُوَ مَمْدُود " وَقيل: (أجرته) بِالْقصرِ يُقَال إِذا اعْتبر فعل أَحدهمَا، و (آجرته) بِالْمدِّ، يُقَال إِذا اعْتبر فعلاهما، وَكِلَاهُمَا يرجعان إِلَى معنى [وَاحِد] وَالْإِجَارَة: شرعا: تمْلِيك الْمَنَافِع بعوض والإعارة: تمْلِيك الْمَنَافِع بِغَيْر عوض والأجير الْخَاص: هُوَ الَّذِي يسْتَحق الْأُجْرَة بِتَسْلِيم نَفسه فِي الْمدَّة، عمل أَو لم يعْمل، كراعي الْغنم والأجير الْمُشْتَرك: هُوَ من يعْمل لغير وَاحِد، كالصباغ الإجراء: مَعْنَاهُ ظَاهر إِجْرَاء اللَّازِم مجْرى غير اللَّازِم: كَقَوْلِه: الْحَمد لله الْعلي الأجلل وَبِالْعَكْسِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَكنا هُوَ الله رَبِّي} أَصله: (لَكِن أَنا) خففت الْهمزَة بحذفها وإبقاء حركتها على نون (لَكِن) فَصَارَت (لكننا) فَأجرى غير اللَّازِم مجْرى اللَّازِم فاستثقل إبْقَاء المثلين متحركين، فأسكن الأول وأدغم فِي الثَّانِي [وإجراء الظّرْف مجْرى الْمَفْعُول بِهِ: كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَذَلِكَ يَوْم مشهود} ] وإجراء الْمُتَعَدِّي مجْرى غير الْمُتَعَدِّي: حَيْثُ يكون الْمَفْعُول سَاقِطا عَن حيّز الِاعْتِبَار، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وتركهم فِي ظلمات لَا يبصرون} أَو يكون الْمُتَعَدِّي نقيضا لغير الْمُتَعَدِّي، فَإِن من دأبهم حمل النقيض على النقيض، كَفعل الْإِيمَان فَإِنَّهُ يعدى بِالْبَاء حَيْثُ قصد التَّصْدِيق الَّذِي هُوَ نقيض الْكفْر وإجراء غير الْمُتَعَدِّي مجْرى الْمُتَعَدِّي: هُوَ طَريقَة الْحَذف والإيصال، أَو اعْتِبَار مَا فِي اللَّازِم من معنى الْمُبَالغَة، فَإِن ذَلِك قد يصلح أَن يكون سَببا للتعدية من غير أَن ينْتَقل اللَّازِم من صيغته إِلَى صِيغَة الْمُتَعَدِّي ويتغير مَعْنَاهُ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي

قَوْله تَعَالَى: {مَاء طهُورا} أَي: بليغا فِي طَهَارَته، وبلاغته فِي طَهَارَته بِأَن كَانَ طَاهِرا فِي نَفسه ومطهرا لغيره، أَو بِاعْتِبَار مَا فِي غير الْمُتَعَدِّي من الاشتهار بِالْوَصْفِ الْمُتَعَدِّي أَو بِاعْتِبَار التَّضْمِين وإجراء الْأَكْثَر مجْرى الْكل: إِنَّمَا يجوز فِي الصُّورَة الَّتِي يكون الْخَارِج عَن الحكم حَقِيرًا قَلِيل الْقدر، فَيجْعَل وجوده كَعَدَمِهِ وَيحكم على الْبَوَاقِي بِحكم الْكل وإجراء الْأَصْلِيّ مجْرى الزَّائِد: كَقَوْلِهِم فِي النّسَب إِلَى (تَحِيَّة) (تحوي) وَبِالْعَكْسِ كَقَوْلِهِم فِي تَثْنِيَة مَا همزته منقلبة عَن حُرُوف الْإِلْحَاق نَحْو: (علْبَاء) و (حرباء) (عُلَبًا آن) و (حَربًا آن) بِالْإِقْرَارِ تَشْبِيها لَهَا بالمنقلبة عَن الْأَصْلِيّ وإجراء الْوَصْل مجْرى الْوَقْف: كَمَا فِي قِرَاءَة نَافِع {محياي} بِإِسْكَان الْيَاء وإجراء الِاسْم مجْرى الصّفة: كَقَوْلِه: (الطير أغربة عَلَيْهِ) أَي: باكية عَلَيْهِ بكاء الْغرْبَان وإجراء الْموَات وَمَا لَا يعقل مجْرى بني آدم: كَقَوْلِهِم فِي جمع (أَرض) (أرضون) وَفِي التَّنْزِيل: {كل فِي فلك يسبحون} وإجراء الضَّمِير مجْرى اسْم الْإِشَارَة: كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن أَخذ الله سمعكم وأبصاركم وَختم على قُلُوبكُمْ من إِلَه غير الله يأتيكم بِهِ} أَي بذلك ومجرى: فِي أَمْثَال هَذِه الْمَوَاضِع مفعول مُطلق، فَحِينَئِذٍ كَانَ الْأَظْهر جعله ك (مُوسَى) دون (مرضِي) الْإِجْزَاء: بِالْكَسْرِ هُوَ الْفِعْل الْكَافِي فِي سُقُوط مَا فِي الْعهْدَة، ومورده أخص من مورد الصِّحَّة، فَإِن الصِّحَّة يُوصف بهَا الْعِبَادَة وَالْعقد والإجزاء: لَا يُوصف بِهِ إِلَّا الْعِبَادَة؛ وَهل هُوَ يخْتَص بِالْوُجُوب أَو يعم الْمَنْدُوب فِيهِ قَولَانِ لأهل الْأُصُول والإجزاء: يُقَابله الْعَدَم، وَالصِّحَّة يقابلها الْبطلَان والاجتباء: هُوَ أَن تَأْخُذ الشَّيْء بِالْكُلِّيَّةِ، (افتعال) من (جبيت) أَصله: جمع المَاء فِي الْحَوْض والجباية: الْحَوْض {وجفان كالجواب} واجتباه: أَي اصطفاه وَاخْتَارَهُ والإجباء: بيع الزَّرْع قبل أَن يَبْدُو صَلَاحه وَفِي الحَدِيث: " من أجبى فقد أربى " الْإِجْبَار: فِي الأَصْل حمل الْغَيْر على الْأَمر، تعورف فِي الْإِكْرَاه الْمُجَرّد فَقيل: (أجْبرهُ على كَذَا) أَي: أكرهه فَهُوَ (مجبر) (وجبرت الْعظم وَالْفَقِير) : فَهُوَ (مجبور) والجبر: بِمَعْنى الْملك، سمي بذلك لِأَنَّهُ يجْبر بجوده الْأَجَل: الْوَقْت الَّذِي كتب الله فِي الْأَزَل انْتِهَاء الْحَيَاة فِيهِ بقتل أَو غَيره؛ وَقيل: يُطلق على مُدَّة

الْحَيَاة كلهَا وعَلى مُنْتَهَاهَا؛ يُقَال لعمر الْإِنْسَان أجل، وللموت الَّذِي يَنْتَهِي بِهِ أجل [قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ قضى أَََجَلًا وَأجل مُسَمّى عِنْده} : المُرَاد بالأجل الأول آجال الماضين، وَبِالثَّانِي آجال البَاقِينَ، أَو الأول أجل الْمَوْت وَالثَّانِي أجل الْقِيَامَة والبعث والنشور أَو مَا بَين أَن يخلق إِلَى أَن يَمُوت، وَالثَّانِي هُوَ النّوم؛ أَو مَا انْقَضى من عمر كل وَاحِد وَمَا بَقِي] وَفِي " الْأَنْوَار ": {ثمَّ قضى أَََجَلًا} أجل الْمَوْت {وَأجل مُسَمّى عِنْده} أجل الْقِيَامَة وَالْأول سماوي لكَونه من الزَّمَان الَّذِي هُوَ مِقْدَار أسْرع الحركات السماوية عِنْد الفلاسفة وَهَذَا بَاطِل على تَقْدِير تقدم خلق الأَرْض على قَول الْأَكْثَرين لتحَقّق الزَّمَان من قبل الأفلاك، وَهَذَا الْأَجَل قدر وَكتب فِي الجباه وَالثَّانِي وَهُوَ (أجل مُسَمّى) أَي معِين فِي حق الْكل، وَهُوَ عِنْده، لَا يُعلمهُ سواهُ، وَلم يكْتب فِي الجباه، بِدَلِيل ترك ذكر (قضى) لعدم اخْتِصَاصه بأربابها، ويكذب المتمسكين بِهَذِهِ الْآيَة من الْحُكَمَاء الإسلامية على أَن للْإنْسَان أجلين: اخترامي، وَهُوَ الَّذِي يحصل بالأسباب الخارجية وطبيعي وَهُوَ الَّذِي يحصل بِفنَاء الرُّطُوبَة وَعدم الْحَار الغريزي قَوْله تَعَالَى: {إِن أجل الله إِذا جَاءَ لَا يُؤَخر} الْآيَة وَقَوله تَعَالَى: {وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره} مَحْمُول على إِرَادَة النَّقْص عَن الْخَيْر وَالْبركَة، كَمَا فِي زِيَادَة الرزق ونقصه، أَو مؤول بإرجاع الضَّمِير إِلَى مُطلق المعمر لَا الشَّخْص المعمر بِعَيْنِه، أَي لَا ينقص عمر شخص من أَعمار أضرابه وَعَلِيهِ جُمْهُور الْمُفَسّرين [وَحَدِيث: " لَا يزِيد فِي الْعُمر إِلَّا الْبر " فَقيل إِنَّه خبر الْوَاحِد فَلَا يعْتَمد فِي هَذَا الْبَاب وَقد يُقَال: (زِيَادَة الْعُمر ونقصانه) إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا أثْبته الْمَلَائِكَة فِي صحيفتهم، إِذْ قد يثبت فِيهِ الشَّيْء مُطلقًا وَهُوَ فِي علم الله مُقَيّد، فيؤول إِلَى مُوجب علم الله على مَا أُشير إِلَيْهِ بقوله: {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} إِلَخ] وَقد نظمت فِي زِيَادَة الْأَجَل ونقصه: (لنا مَوَازِين عِنْد الدَّهْر قد نصبت ... بهَا مقادير أَعمار بِلَا ملل) (يضم إِن شَاءَ من بعث لنا أَََجَلًا ... وَلَو يَشَاء يزِيد الْبَعْث من أجل) وَالْأَجَل: حُلُول الدّين وفعلته من إجلك وإجلاك: بِالْكَسْرِ فيهمَا أَي: من جللك الْأَجَل فِي الأَصْل: مصدر أجل شرا: إِذا جناه؛ اسْتعْمل فِي تَعْلِيل الْجِنَايَات، ثمَّ اتَّسع فِيهِ فَاسْتعْمل فِي كل تَعْلِيل الْإِجَابَة: هِيَ مُوَافقَة الدعْوَة فِيمَا طلب بهَا لوقوعها على تِلْكَ الصِّحَّة والاستجابة: يتَعَدَّى إِلَى الدُّعَاء بِنَفسِهِ كَقَوْلِه:

فَلم يستجبه عِنْد ذَاك مُجيب وَإِلَى الدَّاعِي بِاللَّامِ نَحْو: {فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا لَك} ويحذف الدُّعَاء إِذا عدي إِلَى الدَّاعِي فِي الْغَالِب فَيُقَال: (اسْتَجَابَ الله دعاءه) و (اسْتَجَابَ لَهُ) وَلَا يكَاد يُقَال: (اسْتَجَابَ لَهُ دعاءه) ويستجيب: فِيهِ قبُول لما دعِي إِلَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِك يُجيب لِأَنَّهُ قد يُجيب بالمخالفة والإجابة: أَعم من الْقبُول، لِأَنَّهُ عبارَة عَن قطع سُؤال السَّائِل؛ وَالْقطع قد يكون بترتيب الْمَقْصُود بالسؤال، وَقد يكون بِمثل: (سَمِعت سؤالك وَأَنا أَقْْضِي حَاجَتك) وَقد نظمت فِيهِ: (تقبل سُؤَالِي، لَا تجبه فإنني ... لوعدك فِي ضمن الْإِجَابَة خَائِف) الْإِجَازَة: أجَاز لَهُ: سوغ لَهُ و [أجَاز] رَأْيه: أنفذ ك (جوزه) و [أجَاز] البيع: أَمْضَاهُ وَالْإِجَازَة: تعْمل فِي تَنْفِيذ الْمَوْقُوف لَا فِي تَصْحِيح الْفَاسِد؛ فَفِيمَا إِذا تزوج أمة بِغَيْر شُهُود وَبِغير إِذن مَوْلَاهَا، ثمَّ أجَازه الْمولى بِحَضْرَة الشُّهُود لَا يجوز النِّكَاح، لِأَن الْإِشْهَاد شَرط العقد، وَلم يُوجد، فَكَانَ بَاطِلا لَا مَوْقُوفا فَلَا تلْحقهُ الْإِجَازَة وَالْفَسْخ أقوى من الْإِجَازَة، فَإِن الْمجَاز يقبل الْفَسْخ، وَلَا ترد الْإِجَازَة على عقد قد انْفَسَخ؛ لِأَن الْإِجَازَة إِثْبَات صفة النَّفاذ، ويستحيل ذَلِك فِي الْمَعْدُوم وَالْإِجَازَة فِي الشّعْر: مُخَالفَة حركات الْحَرْف الَّذِي يَلِي حرف الروي؛ أَو أَن تتمّ مصراع غَيْرك والاستجازة: طلب الْإِجَازَة إِذا سقاك مَاء لماشيتك أَو أَرْضك؛ فَكَذَا الطَّالِب يستجيز الْعَالم علمه فيجيزه لَهُ وأجزت على الجريح: أجهزت، أَي أسرعت قَتله الأجيج: هُوَ تلهب النَّار وَمَاء أجاج: أَي ملح وَمر أجمع: لَا يُضَاف أجمع الْمَوْضُوع للتَّأْكِيد وَلَا يدْخل عَلَيْهِ الْجَار، بِخِلَاف مَا فِي قَوْلهم: (جَاءَ الْقَوْم بأجمعهم) بِضَم الْمِيم، فَإِنَّهُ مَجْمُوع جمع ك (أفرخ) و (أعبد) فيضاف وَيدخل عَلَيْهِ الْجَار وَجَمِيع وَأجْمع وأجمعون: يسْتَعْمل لتأكيد الِاجْتِمَاع على الْأَمر وأجمعون: يُوصف بِهِ الْمعرفَة، وَلَا يجوز نَصبه على الْحَال وجميعا: ينْتَصب على الْحَال نَحْو قَوْله: {اهبطوا مِنْهَا جَمِيعًا} أَجْدَر: أَي أليق وَأولى يؤنث ويثنى وَيجمع؛ من الْجِدَار، وَهُوَ الْحَائِط والجدير: الْمُنْتَهى لانْتِهَاء الْأَمر إِلَيْهِ انْتِهَاء الشَّيْء إِلَى الْجِدَار وَالَّذِي يظْهر أَنه من (الْجدر) وَهُوَ أصل الشَّجَرَة، فَكَأَنَّهُ ثَابت كثبوت الْجدر فِي قَوْلك: (جدير بِكَذَا) أجاء: هُوَ فِي الأَصْل [مَنْقُول] من (جَاءَ) لكنه خص بالإلجاء فِي الِاسْتِعْمَال ك (أَتَى) فِي (أعْطى) يُقَال: (أجأته إِلَى كَذَا) إِذا ألجأته إِلَيْهِ

فصل الألف والحاء

{فأجاءها الْمَخَاض} : فألجأها وجع الْولادَة [نوع قَوْله تَعَالَى] {لَوْلَا اجتبيتها} لَوْلَا أحدثتها، لَوْلَا تلقيتها {بلغن أَجلهنَّ} أَي آخر عدتهن {وبلغنا أجلنا الَّذِي أجلت لنا} أَي حد الْمَوْت وَقيل حد الْهَرم وهما وَاحِد فِي التَّحْقِيق {كل يجْرِي إِلَى أجل مُسَمّى} فِي مُدَّة دوره أَو منتهاه أَو يَوْم الْقِيَامَة {واجنبني} بعدني {اجترحوا} اكتسبوا {ملح أجاج} بليغ الملوحة، يحرق لملوحته {لأي يَوْم أجلت} أخرت {من الأجداث} من الْقُبُور {اجتباه} اصطفاه وقربه {فعلي إجرامي} : وباله {أُجُورهنَّ} : مهورهن {من أجل ذَلِك} : من جِنَايَة ذَلِك أَو من سَبَب ذَلِك {وأجلب عَلَيْهِم} : اجْمَعْ عَلَيْهِم أَو صَحَّ عَلَيْهِم {فَأَجْمعُوا كيدكم} فأزمعوه واجعلوه جمعا عَلَيْهِ، أَو أحكموه أَو اعزموا عَلَيْهِ {اجتثت} : استؤصلت وَأخذت جثة بِالْكُلِّيَّةِ (فصل الْألف والحاء) [أحدية] : كل مَا يتحد بِهِ فِي الْأُمُور المتكثرة فَهُوَ أحدية جمع جَمِيعهَا كلفظة الْجَلالَة، فَإِنَّهُ أحدية جمع جَمِيع الْأَسْمَاء الإلهية والحقيقة الإنسانية: فَإِنَّهَا أحدية جمع جَمِيع زيد وَعَمْرو وَبكر وَغَيرهم وَالْبَيْت: فَإِنَّهُ أحدية جمع جَمِيع السّقف والجدران الْأَحَد: هُوَ بِمَعْنى الْوَاحِد، وَيَوْم من الْأَيَّام، وَاسم لمن يصلح أَن يُخَاطب، مَوْضُوع للْعُمُوم فِي النَّفْي مُخْتَصّ بعد نفي مَحْض نَحْو: {وَلم يكن لَهُ كفوا أحد} أَو نهي نَحْو: (وَلَا يلْتَفت مِنْكُم

أحد} أَو اسْتِفْهَام يشبهها نَحْو: {هَل تحس مِنْهُم من اُحْدُ} يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِد والمثنى وَالْمَجْمُوع والمذكر والمؤنث، وَحَيْثُ أضيف " بَين " اليه أَو أُعِيد إِلَيْهِ ضمير الْجمع، أَو نَحْو ذَلِك يُرَاد بِهِ جمع من الْجِنْس الَّذِي يدل الْكَلَام عَلَيْهِ، فَمَعْنَى: {لَا نفرق بَين أحد من رسله} أَي بَين جمع من الرُّسُل وَمعنى: {فَمَا مِنْكُم من أحد} أَي من جمَاعَة وَمعنى: {لستن كَأحد من النِّسَاء} كجماعة من جمَاعَة النِّسَاء وَلَا يَقع فِي الْإِثْبَات إِلَّا مَعَ " كل " وَلَا يدْخل فِي الضَّرْب وَالْعدَد وَالْقِسْمَة وَلَا فِي شَيْء من الْحساب قَالَ الْأَزْهَرِي: " هُوَ صفة من صِفَات الله اسْتَأْثر بهَا فَلَا يشركهُ فِيهَا شَيْء " وَيَأْتِي فِي كَلَام الْعَرَب بِمَعْنى الأول ك (يَوْم الْأَحَد) وَمِنْه {هَل هُوَ الله أحد} فِي أحد الْقَوْلَيْنِ وَبِمَعْنى الْوَاحِد كَقَوْلِنَا: (مَا فِي الدَّار أحد) أَي من يصلح للخطاب والأحد: اسْم بني لنفي مَا يذكر مَعَه من الْعدَد وَالْوَاحد: اسْم بني لمفتتح الْعدَد وهمزته إِمَّا أَصْلِيَّة، وَإِمَّا منقلبة عَن الْوَاو على تَقْدِير أَن يكون أَصله (وحد) وعَلى كل من الْوَجْهَيْنِ يُرَاد بالأحد مَا يكون وَاحِدًا من جَمِيع الْوُجُوه، لِأَن الأحدية هِيَ البساطة الصرفة عَن جَمِيع أنحاء التَّعَدُّد عدديا أَو تركيبا أَو تحليليا، فاستهلاك الْكَثْرَة النسبية الوجودية فِي أحدية الذَّات، وَلِهَذَا رجح على الْوَاحِد فِي مقَام التَّنْزِيه، لِأَن الْوَاحِد مِنْهُ عبارَة عَن انْتِفَاء التَّعَدُّد العددي، فالكثرة العينية وَإِن كَانَت منتفية فِي الواحدية إِلَّا أَن الْكَثْرَة النسبية تتعقل فِيهَا وَلَا يسْتَعْمل أحد وَإِحْدَى إِلَّا فِي التنيف أَو مضافين نَحْو (أحدهم) و (إِحْدَاهُنَّ) . وَلَا يسْتَعْمل وَاحِد وَوَاحِدَة فِي التنيف إِلَّا قَلِيلا وأتى بِإِحْدَى الْأَحَد: أَي بِالْأَمر الْمُنكر الْعَظِيم؛ فَإِن الْأَمر المتفاقم (إِحْدَى الْأَحَد) وَيُقَال أَيْضا: (إِحْدَى من سبع) الْإِحْسَان: هُوَ فعل مَا ينفع غَيره بِحَيْثُ يصير الْغَيْر حسنا بِهِ، كإطعام الجائع أَو يصير الْفَاعِل بِهِ حسنا بِنَفسِهِ؛ فعلى الأول الْهمزَة فِي أحسن للتعدية، وعَلى الثَّانِي للصيرورة يُقَال: (أحسن الرجل) إِذا صَار حسنا أَو دخل فِي شَيْء حسن وَأحسن: يتَعَدَّى بإلى وباللام وَيَتَعَدَّى بِالْبَاء أَيْضا ولطف: لَا يتَعَدَّى إِلَّا بِاللَّامِ يُقَال: (لطف الله لَهُ) من بَاب نصر، أَي أوصل إِلَيْهِ مُرَاده بلطف، ولطف بِهِ: غير مُسلم وَالْإِحْسَان أَعم من الْأَنْعَام وَالرَّحْمَة أَعم من اللطف والإفضال أَعم من الإنعام والجود، وَقيل: هُوَ أخص مِنْهُمَا لِأَن الإفضال إِعْطَاء بعوض وهما عبارَة عَن مُطلق الْإِعْطَاء. وَالْكَرم: إِن كَانَ بِمَال فَهُوَ جود. وَإِن كَانَ بكف ضَرَر مَعَ الْقُدْرَة فَهُوَ عَفْو وَإِن كَانَ ببذل النَّفس فَهُوَ شجاعة

الإحساس: هُوَ إِدْرَاك الشَّيْء مكتنفا بالعوارض الغربية واللواحق المادية مَعَ حُضُور الْمَادَّة وَنسبَة خَاصَّة بَينهمَا وَبَين الْمدْرك والإحساس: للحواس الظَّاهِرَة، كَمَا أَن الْإِدْرَاك للحس الْمُشْتَرك أَو الْعقل وَالْفِعْل الْمَأْخُوذ من الْحَواس رباعي، كَقَوْلِه تَعَالَى {فَلَمَّا أحس عِيسَى} وحس الثلاثي: لَهُ معَان ثَلَاثَة حسه: قَتله، نَحْو: {إِذْ تحسونهم بِإِذْنِهِ} ، أَو مَسحه، أَو ألْقى عَلَيْهِ الْحِجَارَة المحماة لينضج، فَهَذِهِ الثَّلَاثَة يُقَال فِيهَا للْمَفْعُول محسوس، أما الْمَفْعُول من الْحَواس فمحس وَجَمعهَا محسات لَا محسوسات والإحساس: إِن كَانَ للحس الظَّاهِر فَهُوَ المشاهدات، وَإِن كَانَ للحس الْبَاطِن فَهُوَ الوجدانيات والمتكلمون أَنْكَرُوا الْحَواس الْبَاطِنَة [وَهِي الْحس الْمُشْتَرك والخيال والواهمة والحافظة والمتخيلة] لابتنائها على أصُول الفلاسفة فِي نفي الْفَاعِل على الْمُخْتَار، وَالْقَوْل بِأَن الْوَاحِد لَا يصدر عَنهُ إِلَّا الْوَاحِد وَقد صرح الْمُحَقِّقُونَ من متأخري الْحُكَمَاء بِأَن القوى الجسمانية آلَات للإحساس وَإِدْرَاك الجزئيات، والمدرك هُوَ النَّفس وأثبتها بعض الْمُتَكَلِّمين أَيْضا من الماتريدية والأشاعرة وَاسْتدلَّ بِأَنَّهُ يحصل عقيب صرفهَا الإدراكات، الحسية؛ وَلَو أَصَابَت وَاحِدَة مِنْهَا آفَة اخْتَلَّ ذَلِك الْفِعْل كالحواس الظَّاهِرَة وَقَالُوا: إِثْبَات ذَلِك إِنَّمَا يُخَالف الشَّرْع لَو جعلت مُؤثرَة فِي تِلْكَ الفعال وفاعلة لهاتيك الْآثَار وَلَو جعلت آلَات للإحساس وَإِدْرَاك الجزيئات، والمدرك هُوَ النَّفس كَمَا ذهب إِلَيْهِ متأخرو الفلاسفة فَلَا مُخَالفَة فِيهِ [وَمن النَّاس من يَقُول: للنَّفس حاسة سادسة تدْرك بهَا عوارض النَّفس كالجوع والعطش والشبع، وَالأَصَح مَا عَلَيْهِ الْعَامَّة وَهُوَ الْخمس، إِذْ لكل من الْخمس يحصل علم مَخْصُوص بِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ آلَة مَخْصُوصَة بِهِ، وَأما مَا يدْرك بِهِ عوارض النَّفس فبخلق الله فِي الْحَيَوَان بِدُونِ اخْتِيَاره إِذا وجد شَرطه] وَاعْلَم أَن مثبتي الْحَواس الْخمس الْبَاطِنَة لَا يسمون عقليا إِلَّا الْمعَانِي الْكُلية، وَلَا وهميا إِلَّا الْمعَانِي الْجُزْئِيَّة، وَلَا خياليا إِلَّا الصُّور المحسوسات، ومقالة أَرْبَاب البلاغة لَيست على وفْق مقالتهم، فَإِنَّهُم عدوا الِاتِّحَاد والتماثل والتضايف عقلية سَوَاء كَانَت كُلية أَو جزئية؛ وعدوا شبه التَّمَاثُل والتضاد وَشبهه وهمية، سَوَاء كَانَت كُلية أَو جزئية أَيْضا، وَسَوَاء كَانَت بَين المحسوسات أَو بَين الْمعَانِي؛ وعدوا تقارن الْأَمريْنِ مُطلقًا فِي أَي قُوَّة كَانَ بِسَبَب غير مَا ذكر خياليا كَمَا تقرر فِي فنه الْإِحْصَار: هُوَ شرعا أَن يعرض للرجل مَا يحول بَينه وَبَين الْحَج أَو الْعمرَة بعد الْإِحْرَام من مرض أَو أسر أَو عَدو، وَيُقَال: (أحْصر الرجل إحصارا فَهُوَ محصر) فَإِن حبس فِي سجن أَو دَار يُقَال: (حصر فَهُوَ مَحْصُور) وَقيل: الْإِحْصَار: الْمَنْع من أحصره وحصره

وَالْأول فِي الْمَرَض أشهر، وَالثَّانِي فِي الْعَدو أشهر وَآيَة الْإِحْصَار وَردت فِي الْإِحْصَار بِالْمرضِ بِإِجْمَاع أهل اللُّغَة، وَعَن جمَاعَة من الصَّحَابَة: من كسر أَو عرج فقد أحْصر، وَهُوَ مَذْهَب أَصْحَابنَا وَقَالَ الشَّافِعِي: " لَا يكون الْإِحْصَار إِلَّا عَن عَدو فَإِن إحصار النَّبِي كَانَ بالعدو لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {فَإِذا أمنتهم} وَذَلِكَ زَوَال الْخَوْف من الْعَدو " قُلْنَا: الْعبْرَة لعُمُوم اللَّفْظ لَا لخُصُوص السَّبَب والأمن يكون عَن الْعِلَل أَيْضا قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " الزَّكَاة أَمَان من الجذام " الْإِحْصَان: الْعِفَّة وتحصين النَّفس من الْوُقُوع فِي الْحَرَام {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات} وَالتَّزْوِيج: {فَإِذا أحصن} وَالْحريَّة: {نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} والإصابة فِي النِّكَاح: {محصنين غير مسافحين} والمحصن من الأحرف: الَّتِي جَاءَ الْفَاعِل مِنْهَا على (مفعل) بِفَتْح الْعين وَإِن كَانَ قِيَاس اسْم الْفَاعِل فِي بَاب الإفعال أَن يَجِيء بِالْكَسْرِ، وَاسم الْمَفْعُول بِالْفَتْح، إِلَّا مَا شَذَّ وَمِنْهَا المسهب: من (أسهب) أَي: أطنب وَأكْثر من الْكَلَام قيل لِابْنِ عمر: ادْع الله لنا فَقَالَ: " أكره أَن أكون من المسهبين " والمفلج: من (أفلج) أَي: أفلس والإحصان: عبارَة عَن اجْتِمَاع سَبْعَة أَشْيَاء: الْبلُوغ، وَالْعقل، وَالْحريَّة، وَالنِّكَاح الصَّحِيح، وَالدُّخُول، وَكَون كل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ مثل الآخر فِي صفة الْإِحْصَان وَالْإِسْلَام وَعند الشَّافِعِي: الْإِسْلَام لَيْسَ بِشَرْط للإحصان؛ وَكَذَا عِنْد أبي يُوسُف فِي رِوَايَة، كَمَا فِي " كِفَايَة الْمُنْتَهى " بِمَا رُوِيَ أَن رَسُول الله رجم يهوديين وَالْجَوَاب: كَانَ ذَلِك بِحكم التَّوْرَاة ثمَّ نسخ؛ يُؤَيّدهُ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " من أشرك بِاللَّه فَلَيْسَ بمحصن " وأحصنها زَوجهَا: أَي أعفها فَهِيَ مُحصنَة بِفَتْح الصَّاد وأحصنت فرجهَا: فَهِيَ مُحصنَة بِكَسْرِهَا {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} بعد قَوْله {حرمت} بِالْفَتْح لَا غير، وَفِي سَائِر الْمَوَاضِع بِالْفَتْح وَالْكَسْر، لِأَن الَّتِي حرم التَّزَوُّج بهَا المتزوجات دون العفيفات، وَفِي سَائِر الْمَوَاضِع يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ الاحتراس: هُوَ أَن يُؤْتى فِي كَلَام يُوهم خلاف الْمَقْصُود بِمَا يدْفع ذَلِك الْوَهم نَحْو {لَا يحطمنكم سُلَيْمَان وَجُنُوده وهم لَا يَشْعُرُونَ} (واسلك يدك فِي جيبك تخرج بَيْضَاء من غير سوء} وَنَحْوهمَا

وَهُوَ أَعم من الإيغال بِاعْتِبَار الْمحل، وأخص مِنْهُ بِاعْتِبَار النُّكْتَة ومباين للتذييل مفهوما، إِذْ التذييل تَأْكِيد والتأكيد يدْفع التَّوَهُّم والتكميل الَّذِي يُسمى احتراسا يدْفع الْإِيهَام، وَالْإِيهَام غير التَّوَهُّم الْإِحَاطَة هِيَ إِدْرَاك الشَّيْء بِكَمَالِهِ ظَاهرا وَبَاطنا، والاستدارة بالشَّيْء من جَمِيع جوانبه قيل: الْإِحَاطَة بالشَّيْء علما: أَن يعلم وجوده، وجنسه، وَقدره، وَصفته، وكيفيته، وغرضه الْمَقْصُود بِهِ، وَمَا يكون بِهِ مِنْهُ وَعَلِيهِ؛ وَذَلِكَ لَا يكون إِلَّا الله تَعَالَى وَقَوله تَعَالَى: {أحاطت بِهِ خطيئته} أبلغ اسْتِعَارَة؛ فَإِن الْإِنْسَان إِذا ارْتكب ذَنبا وَاسْتمرّ عَلَيْهِ استجره إِلَى معاودة مَا هُوَ أعظم مِنْهُ، فَلَا يزَال يرتقي حَتَّى يطبع على قلبه فَلَا يُمكنهُ أَن يخرج عَن تعاطيه؛ وَقد يتَعَدَّى بعلى لتضمنها معنى الاشتمال الِاحْتِيَاط: هُوَ فعل مَا يتَمَكَّن بِهِ من إِزَالَة الشَّك وَقيل: التحفظ والاحتراز من الْوُجُوه لِئَلَّا يَقع فِي مَكْرُوه وَقيل: اسْتِعْمَال مَا فِيهِ الحياطة أَي الْحِفْظ هُوَ الْأَخْذ بالأوثق من جَمِيع الْجِهَات وَمِنْه قَوْلهم: (افْعَل الْأَحْوَط) يَعْنِي افْعَل مَا هُوَ أجمع لأصول الْأَحْكَام وَأبْعد عَن شوائب التَّأْوِيل الإحباب: أحب الشَّيْء وحبه يمعنى: إِلَّا أَنهم اخْتَارُوا أَن بنوا الْفَاعِل من لفظ (أحب) وَالْمَفْعُول من لَفظه (حب) فَقَالُوا للْفَاعِل (محب) وللمفعول (مَحْبُوب) ليعادلوا بَين اللَّفْظَيْنِ فِي الِاشْتِقَاق؛ على أَنه قد سمع فِي الْمَفْعُول (محب) وأحببت عَلَيْهِ: بِمَعْنى آثرت عَلَيْهِ هَذَا هُوَ الأَصْل، لَكِن فِي قَوْله تَعَالَى: {أَحْبَبْت حب الْخَيْر عَن ذكر رَبِّي} لما أنيب مناب (أنبت) عدي تعديته وَالْحب: بِالضَّمِّ الْمُحب و [الْحبّ] بِالْكَسْرِ: المحبوب وَقد وضعُوا للمحبة حرفين مناسبين لَهَا غَايَة الْمُنَاسبَة بَين اللَّفْظ وَالْمعْنَى، حَتَّى اعتبروا تِلْكَ الْمُنَاسبَة فِي الحركات خفَّة وثقلة وَقد نظمت فِيهِ: (وأثقل يُعْطي للأخف كَعَكْسِهِ ... وَمَا هُوَ إِلَّا من عَدَالَة عَادل) (فَمَا وَجه ضم الْحَاء فِي الْحبّ عَاشِقًا ... وبالكسر فِي المحبوب عكس التعادل؟) وَإِذا كَانَ مَا تعلق ب (أحب) فَاعِلا من حَيْثُ الْمَعْنى عدي إِلَيْهِ ب (إِلَى) تَقول: (زيد أحب إِلَى عَمْرو من خَالِد) فَالضَّمِير فِي (أحب) مفعول من حَيْثُ الْمَعْنى، و (عَمْرو) هُوَ الْمُحب و (خَالِد) مَحْبُوب وَإِذا كَانَ مَا تعلق بِهِ معفولا عدي إِلَيْهِ ب (فِي) تَقول: (زيد أحب فِي عَمْرو من خَالِد) فَالضَّمِير فَاعل و (عَمْرو) هُوَ المحبوب و (خَالِد) محب و (أفعل من) لَا يفرق فِيهِ بَين الْوَاحِد وَمَا فَوْقه، وَالْمَذْكُور وَمَا يُقَابله بِخِلَاف أخواته، فَإِن الْفرق وَاجِب فِي الْمحلى جَائِز فِي الْمُضَاف الاحتقار: هُوَ كالتحقير، لِأَن الافتعال قد يَأْتِي

بِمَعْنى التفعيل، وَهُوَ نِسْبَة الحقارة إِلَى شَيْء بِالْقَلْبِ والقالب والحقارة: عبارَة عَن كَون الشَّيْء سَاقِطا عَن النَّفْع وَالِانْتِفَاع الاحتضار: هُوَ من احْتضرَ الرجل مَبْنِيا للْمَجْهُول إِذا جعل حَاضرا، فَكَأَن الرجل فِي حَال صِحَّته بدورانه إِلَى حَيْثُ شَاءَ، كالغائب، فَإِذا مرض وَعجز عَن الدوران حَيْثُ شَاءَ صَار كالحاضر عِنْد بواب السُّلْطَان، وَهُوَ ملك الْمَوْت فيمسكه ويدخله إِلَى السُّلْطَان والإحضار الْمُطلق: مَخْصُوص بِالشَّرِّ عرفا {وأحضرت الْأَنْفس الشُّح} أَي جعلت حَاضِرَة لَهُ مطبوعة عَلَيْهِ الاحتباك: هُوَ من الحبك الَّذِي مَعْنَاهُ الشد والإحكام وتحسين أثر الصَّنْعَة فِي الثَّوْب و [الاحتباك] : من ألطف أَنْوَاع البديع وأبدعها؛ وَقد يُسمى حذف الْمُقَابل: وَهُوَ أَن يحذف من الأول مَا أثبت نَظِيره فِي الثَّانِي، وَمن الثَّانِي مَا أثبت نَظِيره فِي الأول كَقَوْلِه تَعَالَى: {ويعذب الْمُنَافِقين إِن شَاءَ أَو يَتُوب عَلَيْهِم} فَلَا يعذبهم [وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {فِئَة تقَاتل فِي سَبِيل الله وَأُخْرَى كَافِرَة} الِاحْتِمَال: هُوَ يسْتَعْمل بِمَعْنى الْوَهم وَالْجَوَاز فَيكون لَازِما، وَيسْتَعْمل بِمَعْنى الِاقْتِضَاء والتضمين فَيكون مُتَعَدِّيا نَحْو: (يحْتَمل أَن يكون كَذَا) و (احْتمل الْحَال وُجُوهًا كَثِيرَة) الاحتساب: هُوَ طلب الْأجر من الله بِالصبرِ على الْبلَاء مطمئنة نَفسه غير كارهة لَهُ والحسبة: بِالْكَسْرِ، الْأجر وَاسم من الاحتساب وأحسب عيه: أنكر، وَمِنْه: الْمُحْتَسب الإحباط: هُوَ إبِْطَال الْحَسَنَات بالسيئات والتكفير: بِالْعَكْسِ الْإِحْرَاز: الصيانة والادخار لوقت الْحَاجة الإحالة: (أحَال الرجل فِي الْمَكَان) : قَامَ فِيهِ حولا و (أحَال الْمنزل إِحَالَة) أَي: حَال عَلَيْهِ حول وَحَال الشَّيْء بيني وَبَيْنك حولا؛ وَحَال الْحول، وَحَال عَن الْعَهْد حوالا وحالت النَّاقة والنخلة حيالا: إِذا لم تحمل وَأحلت زيدا بِكَذَا من المَال على رجل فاحتال زيد بِهِ عَلَيْهِ فَأَنا محيل وَفُلَان محَال ومحتال، وَالْمَال محَال بِهِ ومحتال بِهِ، وَالرجل محَال عَلَيْهِ ومحتال عَلَيْهِ الأحداد: أحددت السكين احدادا وَكَذَا أحددت إِلَيْك النّظر وحددت حُدُود الدَّار أَحدهَا حدا وحدت الْمَرْأَة على زَوجهَا تحد حدا وحدادا: إِذا تركت الزِّينَة وحددت الرجل أحده حدا، وحددت على الرجل أحده حِدة وحدا الاحمرار: احمر: يُقَال لما احمر وهلة نَحْو: احمر الثَّوْب

واحمار: لما يَبْدُو فِيهِ اللَّوْن شَيْئا بعد شَيْء على التدريج نَحْو: احمار الْبُسْر، وَكَذَا فِي نَظَائِره فرقا بَين اللَّوْن الثَّابِت والعارض الْإِحْرَام: الْمَنْع وَقيل: إِدْخَال الْإِنْسَان نَفسه فِي شَيْء حرم عَلَيْهِ بِهِ مَا كَانَ حَلَالا لَهُ وَيُقَال: أحرم الرجل: إِذا دخل فِي الْحرم، وَأحل: إِذا دخل فِي الْحل، أَو الْمَعْنى: صَار ذَا حل: أَي حَلَالا بتحليل الله؛ ومجيء (افْعَل) على كلا الْوَجْهَيْنِ كثير فِي لِسَان الْعَرَب الإحفاء: الْمُبَالغَة وبلوغ الْغَايَة يُقَال: أحفى شَاربه: إِذا استأصله الإجحاف: الإذهاب والتنقيص أَحْمد: هُوَ (أفعل) مُبَالغَة فِي صفة الْحَمد وَأحمد الرجل: أَي صَار ذَا حمد وأحمدته: وجدته مَحْمُودًا وَقَوْلهمْ: الْعود أَحْمد: أَي أَكثر حمدا وَهُوَ (أفعل) من الْمَحْمُود؛ لِأَن الِابْتِدَاء إِذا كَانَ مَحْمُودًا كَانَ الْعود أَحَق بِأَن يحمد مِنْهُ، أَو من الحامد، على حذف الْمُضَاف؛ كَأَنَّهُ قيل: ذُو الْعود أَحْمد على الْإِسْنَاد الْمجَازِي؛ لِأَن وصف الْفِعْل بِالْحَمْد وصف لصَاحبه بِهِ وَقد ألغز فِيهِ بعض الْفُضَلَاء: (واركعه فِي ظلّ غُصْن منوطة ... بلؤلوة نيطت بمنقار طَائِر) أَحْسَنت: هُوَ بِالْخِطَابِ لَا يُقَال إِلَّا لمن قل صَوَابه حُكيَ أَن مُحَمَّد [بن الْحسن] سَأَلَ فِي حَال صغره أَبَا حنيفَة عَمَّن قَالَ [وَالله] لَا أُكَلِّمك ثَلَاث مَرَّات متعاقبة فَقَالَ الإِمَام: ثمَّ مَاذَا؟ فَتَبَسَّمَ مُحَمَّد وَقَالَ: يَا شيخ انْظُر حسنا فَنَكس الإِمَام رَأسه ثمَّ رفع وَقَالَ: حنث مرَّتَيْنِ فَقَالَ مُحَمَّد: أَحْسَنت فَقَالَ الإِمَام: لَا أَدْرِي أَي قوليه أوجع لي قَوْله: انْظُر حسنا، أَو قَوْله: أَحْسَنت لِأَن (أَحْسَنت) إِنَّمَا يُقَال لمن قل صَوَابه [نوع قَوْله تَعَالَى] {أحصن} : تَزَوَّجن {لأحتنكن} : لأستولين {أحاطت بِهِ} : استولت عَلَيْهِ وشملت جملَة أَحْوَاله [ {فَإِن أحصرتم} : منعتم {أحسن عملا} : أصوبه وأخلصه {أحكمت آيَاته} : حفظت من فَسَاد الْمَعْنى وركاكة اللَّفْظ] {أحقابا} : دهورا متتابعة ب {الْأَحْقَاف} : الرمال {أحلامهم} : عُقُولهمْ

فصل الألف والخاء

{فَلَمَّا أحسوا بأسنا} : أدركوا شدَّة عذابنا إِدْرَاك الْمشَاهد المحسوس {أَحَادِيث} : حكايات {أحصى لما لَبِثُوا أمدا} ضبط أمد زمَان لبثهم {غثاء أحوى} : يَابسا أسود، فَإِن أُرِيد بِهِ الْأسود من الْجَفَاف واليبس فَهُوَ صفة ل (غثاء) أَو من شدَّة الخضرة فحال من (المرعى) {أَحْصَاهُ الله} : أحَاط بِهِ عددا لم يغيب مِنْهُ شَيْئا [وَفِي " تَاج المصادر ": الإحصاء أخص من الْعد لِأَنَّهُ الْعد على سَبِيل الِاسْتِقْصَاء، وَظَاهر كَلَام " الصِّحَاح " يدل على الترادف] (فصل الْألف وَالْخَاء) [اخشب] : كل شَيْء غليظ فَهُوَ اخشب وخشب [الِاخْتِصَاص] : كل مركب من خَاص وعام فَلهُ جهتان، قد يقْصد من جِهَة عُمُومه وَقد يقْصد من جِهَة خصوصه؛ فالقصد من جِهَة الْخُصُوص هُوَ الِاخْتِصَاص وَأما الْحصْر: فَمَعْنَاه نفي غير الْمَذْكُور وَإِثْبَات الْمَذْكُور فَإِذا قلت: (مَا ضربت إِلَّا زيدا) كنت نفيت الضَّرْب عَن غير زيد وأثبته لزيد؛ وَهَذَا الْمَعْنى زَائِد على الِاخْتِصَاص، لِأَن الِاخْتِصَاص إِعْطَاء الحكم للشَّيْء وَالسُّكُوت عَمَّا عداهُ؛ وَمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَر أَن الِاخْتِصَاص هُوَ الْحصْر نَفسه لِأَنَّهُ يُفِيد مفاده والاختصاص يَسْتَدْعِي الرَّد على مدعي الشّركَة، بِخِلَاف الاهتمام فَإِنَّهُ للتبرك لَا للرَّدّ واختصاص الناعت بالمنعوت: هُوَ أَن يصير الأول نعتا وَالثَّانِي منعوتا، سَوَاء كَانَ متحيزا كَمَا فِي سَواد الْجِسْم أَولا، كَمَا فِي صِفَات الْبَارِي والاختصاص النَّحْوِيّ: هُوَ النصب على الْمَدْح و [الِاخْتِصَاص] الْبَيَانِي: هُوَ النصب بإضمار فعل لَائِق، وَأكْثر الْأَسْمَاء دُخُولا فِي النصب على الِاخْتِصَاص (معشر) و (آل) و (أهل) و (بَنو) وَأما (أهل) فِي قَوْله تَعَالَى: {ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت} فَالصَّوَاب أَنه منادى، والمنصوب على الِاخْتِصَاص لَا يكون نكرَة وَلَا مُبْهما والاختصاص على ثَلَاثَة أوجه: أكمل: وَهُوَ فِي الْإِضَافَة بِمَعْنى اللَّام نَحْو: (غُلَام زيد) وكامل: وَهُوَ فِي الْإِضَافَة بِمَعْنى (من) أَو (فِي) نَحْو: (خَاتم فضَّة) و (ضرب الْيَوْم) وناقص: وَهُوَ فِي الْإِضَافَة لأدنى مُلَابسَة نَحْو: (كَوْكَب الخرقاء) وَالْأَصْل فِي لفظ الِاخْتِصَاص وَالْخُصُوص والتخصيص أَن يسْتَعْمل بِإِدْخَال البا على الْمَقْصُور عَلَيْهِ، أَعنِي مَا لَهُ الْخَاصَّة يُقَال: (اخْتصَّ الْجُود بزيد) أَي صَار مَقْصُورا عَلَيْهِ، إِلَّا أَن الْأَكْثَر فِي الِاسْتِعْمَال إِدْخَال الْبَاء على

الْمَقْصُور، أَعنِي الْخَاصَّة بِنَاء على تضمين معنى التَّمْيِيز والإفراد لِأَن تَخْصِيص شَيْء بآخر فِي قُوَّة تَمْيِيز الآخر بِهِ والاختصاص يتَعَدَّى وَيلْزم الِاخْتِصَار: اختصر فلَان أَي أَخذ المخصرة و [اختصر] الْكَلَام: أوجزه بِحَذْف طوله و [اختصر] السَّجْدَة: قَرَأَ سورتها وَترك آيتها كَيْلا يسْجد، أَو أفرد آيتها فَقَرَأَ بهَا ليسجد فِيهَا، وَقد نهي عَنْهُمَا وَهُوَ عرفا: تقليل المباني مَعَ إبْقَاء الْمعَانِي أَو حذف عرض الْكَلَام وَهُوَ جلّ مَقْصُود الْعَرَب وَعَلِيهِ مبْنى أَكثر كَلَامهم وَمن ثمَّة وضعُوا الضمائر لِأَنَّهَا أخصر من الظَّوَاهِر خُصُوصا ضمير الْغَيْبَة، فَإِنَّهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {أعد الله لَهُم مغْفرَة} قَامَ مقَام عشْرين ظَاهرا [كَمَا قَالَ بعض الْمُحَقِّقين] والاختصار أَمر نسبي، يعْتَبر تَارَة إِضَافَته إِلَى مُتَعَارَف الأوساط وَتارَة إِلَى كَون الْمقَام خليقا بِعِبَارَة أبسط من الْعبارَة الَّتِي ذكرت؛ وَقد أَكْثرُوا من الْحَذف، فَتَارَة لحرف من الْكَلِمَة، وَتارَة للكلمة بأسرها، وَتارَة للجملة كلهَا، وَتارَة لأكْثر من ذَلِك، وَلِهَذَا تَجِد الْحَذف كثيرا عِنْد الاستطالة كحذف عَائِد الْمَوْصُول فَإِنَّهُ كثير عِنْد طول الصِّلَة الِاخْتِلَاف: هُوَ لفظ مُشْتَرك بَين معَان، يُقَال: (هَذَا الْكَلَام مُخْتَلف) إِذا لم يشبه أَوله آخِره فِي الفصاحة أَو بعضه على أسلوب مَخْصُوص فِي الجزالة وَبَعضه على أسلوب يُخَالِفهُ وَالنّظم الْمُبين على منهاج وَاحِد فِي النّظم مُنَاسِب أَوله آخِره وعَلى دَرَجَة وَاحِدَة فِي غَايَة الفصاحة وَلذَلِك كَانَ أحسن الحَدِيث وأفصحه {وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا} وَمَا جَازَ من الِاخْتِلَاف فِي الْقُرْآن هُوَ اخْتِلَاف تلاؤم وَهُوَ مَا يُوَافق الْجَانِبَيْنِ، كاختلاف وُجُوه الْقُرْآن ومقادير السُّور والآيات، وَالْأَحْكَام، من

النَّاسِخ والمنسوخ، وَالْأَمر وَالنَّهْي، والوعد والوعيد، وَمَا يمْتَنع عَلَيْهِ هُوَ مَا يَدْعُو فِيهِ أحد الشَّيْئَيْنِ إِلَى خلاف الآخر وَمَا يُوهم الِاخْتِلَاف والتناقض وَلَيْسَ كَذَلِك كنفي الْمَسْأَلَة يَوْم الْقِيَامَة وإثباتها وكتمان الْمُشْركين حَالهم وإفشائها، وَخلق الأَرْض وَالسَّمَاء بِدَلِيل قَوْله: {الَّذِي خلق الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ} إِلَى قَوْله: {وَقدر فِيهَا أقواتها فِي أَرْبَعَة أَيَّام} وَلَوْلَا ذَلِك لكَانَتْ أَيَّام التخليق ثَمَانِيَة، مَعَ أَن خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام وَنَظِير هَذَا حَدِيث " من صلى على جَنَازَة فَلهُ قِيرَاط وَمن تبعها فَلهُ قيراطان " وَالْمرَاد بهما: الأول وَآخر مَعَه، بِدَلِيل {مثنى وَثَلَاث وَربَاع} وَنَظِير هَذَا: " من صلى الْعشَاء فِي جمَاعَة فَكَأَنَّمَا قَامَ نصف اللَّيْل، وَمن صلى الْفجْر بِجَمَاعَة فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْل كُله " وَقد جَاءَ مُصَرحًا بِهِ فِي " جَامع التِّرْمِذِيّ أَيهمَا تقدم " والإتيان بِحرف (كَانَ) الدَّالَّة على الْمُضِيّ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ الله} مَعَ أَن الصِّيغَة لَازِمَة، وَقد أجَاب عَنهُ ابْن عَبَّاس بِأَن نفي الْمَسْأَلَة فِيمَا قبل النفخة الثَّانِيَة وإثباتها فِيمَا بعد ذَلِك والكتمان بألسنتهم فَتَنْطِق جوارحهم وَبَدَأَ خلق الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ غير مدحوة، فخلق السَّمَاوَات فسواهن فِي يَوْمَيْنِ ثمَّ دحا الأَرْض وَجعل مَا فِيهَا فِي يَوْمَيْنِ، تِلْكَ أَرْبَعَة أَيَّام للْأَرْض، فتم خلقهَا فِي سِتَّة أَيَّام و (كَانَ) وَإِن كَانَت للماضي، لَكِنَّهَا لَا تَسْتَلْزِم الِانْقِطَاع، بل المُرَاد أَنه لم يزل كَذَلِك وَالِاخْتِلَاف فِي الْأُصُول ضلال، وَفِي الآراء والحروب حرَام وَالِاخْتِلَاف فِي الْفُرُوع هُوَ كالاختلاف فِي الْحَلَال وَالْحرَام وَنَحْوهمَا؛ والاتفاق فِيهِ خير قطعا وَلَكِن هَل يُقَال إِن الِاخْتِلَاف فِيهِ ظلال؟ كالأولين فِيهِ خلاف وَالِاخْتِلَاف: هُوَ أَن يكون الطَّرِيق مُخْتَلفا وَالْمَقْصُود وَاحِدًا وَالْخلاف: هُوَ أَن يكون كِلَاهُمَا مُخْتَلفا وَالِاخْتِلَاف: مَا يسْتَند إِلَى دَلِيل وَالْخلاف: مَا لَا يسْتَند إِلَى دَلِيل وَالِاخْتِلَاف من آثَار الرَّحْمَة، كَمَا فِي الحَدِيث الْمَشْهُور وَالْمرَاد فِيهِ الِاجْتِهَاد لَا اخْتِلَاف النَّاس فِي الهمم بِدَلِيل " أمتِي " وَالْخلاف من آثَار الْبِدْعَة [وَفسّر الشَّيْخ الإِمَام أَبُو بكر حَدِيث: " سَأَلت رَبِّي فِيمَا يخْتَلف فِيهِ أَصْحَابِي من بعدِي فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيّ أَن يَا مُحَمَّد إِن أَصْحَابك عِنْدِي بِمَنْزِلَة النُّجُوم بَعْضهَا أَضْوَأ من بعض فَمن أَخذ بِشَيْء مِمَّا هم عَلَيْهِ فَهُوَ عِنْدِي على الْهدى " رَوَاهُ سعيد بن الْمسيب عَن سيدنَا عمر بن الْخطاب رَضِي الله تعلى عَنْهُمَا بِأَن من تمسك بِطَاعَة الْأُمَرَاء إِلَّا فِي الْمعْصِيَة، وباتباع الْعلمَاء إِلَّا فِي الزلة والبدعة وَلُزُوم الْجَمَاعَة وَالْجمعَات إِلَّا عِنْد الضَّرُورَة، فَهُوَ فِي الْفُرُوع من أهل الْخلاف وَالرَّحْمَة، وَمن ترك شَيْئا مِنْهَا فَهُوَ من أهل الْخلاف والبدعة، فالاختلاف من آثَار الرَّحْمَة، وَالْخلاف من آثَار الْبِدْعَة] وَلَو حكم القَاضِي بِالْخِلَافِ وَرفع لغيره يجوز فَسخه، بِخِلَاف الِاخْتِلَاف، فَإِن الْخلاف هُوَ مَا وَقع فِي

مَحل لَا يجوز فِيهِ الِاجْتِهَاد، وَهُوَ مَا كَانَ مُخَالفا للْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع الْأَخْذ: التَّنَاوُل وَأخذ إخذهم: أَي سَار سيرتهم وتخلق بأخلاقهم وَأخذ يعدى بِالْبَاء نَحْو: {يُؤْخَذ بالنواصي} وبنفسه نَحْو: {خُذْهَا وَلَا تخف} وَإِن كَانَ الْمَقْصُود بِالْأَخْذِ غير الشَّيْء الْمَأْخُوذ حسا فيتعدى إِلَيْهِ بِحرف وَالْفِعْل مَعَ صلته قد يكون بِمَعْنى فعل آخر مَعَ صلَة أُخْرَى ك (أَخذ بِهِ) فَإِنَّهُ بِمَعْنى (حمل عَلَيْهِ) وَعَلِيهِ: {أَخَذته الْعِزَّة بالإثم} وك (تقدم إِلَيْهِ) فَإِنَّهُ بِمَعْنى (أَمر بِهِ) ودائرة الْأَخْذ أوسع من دَائِرَة الِاشْتِقَاق، وكل مَا مادته ثلاثية فلهَا تقاليب سِتَّة، أَرْبَعَة مِنْهَا مستعملة، وَاثْنَانِ مُهْملَة مِثَاله مَادَّة الْكَلَام، فَإِن تقاليب هَذِه الْحُرُوف الثَّلَاثَة تدل على التَّأْثِير بِشدَّة: (كلم) (ملك) (لكم) (كمل) هَذَا معنى الْأَخْذ وَلَيْسَ فِيهِ اشتقاق الِاخْتِيَار: هُوَ طلب مَا هُوَ خير وَفعله، وَقد يُقَال لما يرَاهُ الْإِنْسَان خيرا وَإِن لم يكن خيرا وَقَالَ بَعضهم: الِاخْتِيَار: الْإِرَادَة مَعَ مُلَاحظَة مَا للطرف الآخر، كَأَن الْمُخْتَار ينظر إِلَى الطَّرفَيْنِ ويميل إِلَى أَحدهمَا والمريد ينظر إِلَى الطّرف الَّذِي يُريدهُ وَالْمُخْتَار فِي عرف الْمُتَكَلِّمين: يُقَال لكل فعل يَفْعَله الْإِنْسَان لَا على سَبِيل الْإِكْرَاه فَقَوْلهم (هُوَ مُخْتَار فِي كَذَا) فَلَيْسَ يُرِيدُونَ بِهِ مَا يُرَاد بقَوْلهمْ: (فلَان لَهُ اخْتِيَار) فَإِن الِاخْتِيَار أَخذ مَا يرَاهُ خيرا وَالْمُخْتَار: قد يُقَال للْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَاعْلَم أَن الْبَارِي سُبْحَانَهُ فَاعل بِالِاخْتِيَارِ عِنْد الْمُتَكَلِّمين، وَاسْتَدَلُّوا بِهِ على إِثْبَات الصِّفَات الزَّائِدَة لَهُ تَعَالَى من الْعلم وَالْقُدْرَة والإرادة واشتمال أَفعاله على الحكم والمصالح لكَونهَا مبادئ الْأَفْعَال الاختيارية عَن الْفَاعِل الْمُخْتَار؛ وَلَا يلْزم قدم الْمَعْلُول من قدم الْفَاعِل الْمُخْتَار، لِأَن تعلق الْإِرَادَة بِوُجُود الْمَعْلُول عِنْد كَون الْفَاعِل مُخْتَارًا جُزْء من الْعلَّة؛ فَيجوز أَن يتَأَخَّر وجوده مَعَ تَمام استعداده فِي ذَاته، كَمَا فِي الكبريت مثلا بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّار، عَن وجود الْفَاعِل المستقل بالتأثير بِأَن تتَعَلَّق إِرَادَته بِوُجُودِهِ فِي وَقت معِين دون وَقت سَابق أَو لَاحق، لحكمة اقتضته، فَلَا يلْزم ذَلِك، بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ مُوجبا، فَإِنَّهُ يلْزم من قدم الْفَاعِل الْمُوجب قدم الْمَعْلُول، وَإِلَّا لزم التَّخَلُّف عَن الْعلَّة التَّامَّة وَلِهَذَا ذهب الفلاسفة إِلَى قدم الأفلاك الآخر: بِكَسْر الْخَاء مُقَابل للْأولِ وَهُوَ فِي حَقنا اسْم لفرد لَاحق لمن تقدمه وَلم يتعقبه مثله؛ يجمع على (آخَرين) بِالْكَسْرِ، وتأنيثه بِالتَّاءِ لَا غير وَرجل آخر: مَعْنَاهُ أَشد تأخرا فِي الذّكر هَذَا أَصله ثمَّ أجري مجْرى غَيره، ومدلول الآخر فِي اللُّغَة خَاص بِجِنْس مَا تقدمه فَلَو قلت: (جَاءَنِي زيد وَآخر مَعَه) لم يكن الآخر إِلَّا من جنس مَا قلته؛ بِخِلَاف غير فَإِنَّهَا تقع على الْمُغَايرَة مُطلقًا فِي جنس أَو صفة

وَأخر: كزفر جمع أُخْرَى ك (الْكبر) و (الْكُبْرَى) ؛ وَإِنَّمَا لم ينْصَرف لِأَنَّهُ وصف معدول عَن الآخر وَالْقِيَاس أَن يعرف وَلم يعرف، إِلَّا أَنه فِي معنى الْمُعَرّف وَلَيْسَ فِي الْقُرْآن من الْأَلْفَاظ المعدولة إِلَّا أَلْفَاظ الْعدَد (مثنى وَثَلَاث وَربَاع) وَمن غَيرهَا: {طوى} وَمن الصِّفَات: (أخر) فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأخر متشابهات} قَالَ الْكرْمَانِي: مَا فِي الْآيَة لَا يمْتَنع كَونهَا معدولة عَن الْألف وَاللَّام مَعَ كَونهَا وَصفا لنكرة، لِأَن ذَلِك مُقَدّر من وَجه وَغير مُقَدّر من وَجه وَأُخْرَى: مؤنث آخر، الَّذِي هُوَ اسْم التَّفْضِيل يجمع على آخَرين بِالْفَتْح وَقد نظمت فِيهِ: (مُقَابل الأول قل آخر ... كفاعل تأنيثه الْآخِرَة) (وَآخر أفعل تأنيثه ... أُخْرَى فهاك درة فاخرة) وَقَوْلهمْ: (جَاءَ فِي أخريات النَّاس) و (خرج فِي أوليات اللَّيْل) يعنون بهما الْأَوَاخِر والأوائل من غير نظر لِمَعْنى الصّفة وَالْآخِرَة وَكَذَا الدُّنْيَا: مَعَ كَونهمَا من الصِّفَات الْغَالِبَة قد جرتا مجْرى الْأَسْمَاء إِذْ قل مَا يذكر مَعَهُمَا موصوفهما، كَأَنَّهُمَا ليسَا من الصِّفَات والأخرة: كالثمرة بِمَعْنى الْأَخير (جَاءَنِي فلَان أخرة وبأخرة) و (عرفه بِأخرَة) أَي: أخيرا وَهُوَ فِي مَوضِع الْحَال، وَحقّ الْحَال أَن تكون نكرَة و (عَن آخِرهم) فِي قَوْلهم: (اتَّفقُوا عَن آخِرهم) مُتَعَلق بِصفة مصدر مَحْذُوف أَي اتِّفَاقًا صادرا عَن آخِرهم وَهُوَ عبارَة عَن الْإِحَاطَة التَّامَّة وَوَجهه أَن تَمام الشَّيْء وانتهاءه بِآخِرهِ، فَعبر عَن تَمَامه بِهِ فَيكون من بَاب ذكر الْجُزْء وَإِرَادَة الْكل، إِذْ آخر الشَّيْء هُوَ الْجُزْء الَّذِي يتم عِنْده الشَّيْء الْأَخ: هُوَ كل من جمعك وإياه صلب أَو بطن، ويستعار لكل مشارك لغيره فِي الْقَبِيلَة أَو فِي الدّين أَو فِي الصَّنْعَة أَو فِي مُعَاملَة أَو فِي مَوَدَّة أَو فِي غير ذَلِك من المناسبات وَالْأُخْت: كالأخ و {يَا أُخْت هَارُون} يَعْنِي أُخْته فِي الصّلاح لَا فِي النّسَب، وَالتَّاء لَيست للتأنيث وَالإِخْوَة: تسْتَعْمل فِي النّسَب والمشابهة والمشاركة فِي شَيْء، وتتناول الْمُخْتَلط من الذُّكُور وَالْإِنَاث، لِأَن الْجمع الْمُذكر يتَنَاوَل الذُّكُور وَالْإِنَاث تَغْلِيبًا، كَمَا يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كَانُوا إخْوَة رجَالًا وَنسَاء} قيل: الْإِخْوَة جمع الْأَخ من النّسَب والإخوان جمع أَخ من الصداقة وَلم يعن النّسَب فِي: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَة} وَأما {أَو بيُوت إخْوَانكُمْ} فَفِي النّسَب وَالإِخْوَة: إِذا كَانُوا من أَب وَاحِد وَمن أم وَاحِدَة، يُقَال: بَنو أَعْيَان؛ وَإِذا كَانُوا من رجال شَتَّى يُقَال: بَنو أخياف؛ وَإِذا كَانُوا من نسَاء شَتَّى يُقَال: بَنو علات واستعارة الْأُخْت للمثل اسْتِعَارَة غَرِيبَة غير مصنوعة للنحاة

{كلما دخلت أمة لعنت أُخْتهَا} : أَي مثلهَا {وَمَا نريهم من آيَة إِلَّا هِيَ أكبر من أُخْتهَا} أَي: من الْآيَة الَّتِي تقدمتها سَمَّاهَا أُخْتا لاشْتِرَاكهمَا فِي الصِّحَّة والإبانة والصدق الْإِخْبَار: هُوَ تكلم بِكَلَام يُسمى خَبرا، وَالْخَبَر: اسْم لكَلَام دَال على أَمر كَائِن أَو سَيكون والإخبار كَمَا يتَحَقَّق بِاللِّسَانِ يتَحَقَّق بِالْكِتَابَةِ والرسالة لِأَن الْكتاب من الْغَائِب كالخطاب، ولسان الرَّسُول كلسان الْمُرْسل وَصَحَّ أَن يُقَال: (أخبر الله بِكَذَا) وَإِن كَانَ ذَلِك بِالْكتاب، لكِنهمْ فرقوا بَين كتاب القَاضِي وَبَين رَسُوله من حَيْثُ أَن القَاضِي الْمَكْتُوب إِلَيْهِ يعْمل بِالْكتاب وَلَا يعْمل برسالة الرَّسُول، وَإِن كَانَ كل مِنْهُمَا بِمَنْزِلَة الْخطاب مشافهة، لِأَن الْكِتَابَة فِي مجْلِس حكمه فإخباره فِي مجْلِس ولَايَته يقوم مقَام شَاهِدين، لِأَنَّهُ نَائِب رَسُول الله وَقَول المنوب عَنهُ حجَّة على الِانْفِرَاد، فَكَذَا قَول نَائِبه، وَأما أَدَاء الرسَالَة من الرَّسُول فقد وجد فِي غير مَحل ولَايَة الْمُرْسل فَيكون قَوْله شَهَادَة وَلَو ذهب بِنَفسِهِ إِلَى بلد القَاضِي الْمَكْتُوب إِلَيْهِ فَلَا تقبل مَا لم يَنْضَم إِلَيْهِ شَاهد آخر، إِلَّا أَن يكون الذَّاهِب الْمخبر قَاضِي الْقُضَاة لِأَن إخْبَاره حجَّة ككتابه والإظهار والإفشاء والإعلام: يكون بِالْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَة وَالْكَلَام وَالْإِخْلَاص: هُوَ الْقَصْد بِالْعبَادَة إِلَى أَن يعبد المعبود بهَا وَحده وَقيل: تصفية السِّرّ وَالْقَوْل وَالْعَمَل؛ و {إِنَّه كَانَ مخلصا} بِفَتْح اللَّام أَي: اجتباه الله واستخلصه وبالكسر: أَي أخْلص لله فِي التَّوْحِيد وَالْعِبَادَة وَمَتى ورد الْقُرْآن بقراءتين فَكل مِنْهُمَا ثَابت مَقْطُوع بِهِ الاختفاء: الاستخراج وَمِنْه قيل للنباش مختف واستخفيت من فلَان: استترت مِنْهُ وأخفيت الشَّيْء: كتمته وأظهرته جَمِيعًا وَبلا ألف: أظهرته الْبَتَّةَ وَقد نظمت فِيهِ: (إِذا أخفيت شَيْئا فِيهِ ... كتمان وَإِظْهَار) (وَإِن أخفيت ألفا لَيْسَ ... فِيهِ غير إِظْهَار) {أكاد أخفيها} بِالضَّمِّ: أكتمها وبالفتح: أظهرها والخفاء: اسْم مصدر ل (أخفيته) لَا مصدر ل (خفيته) الاختيان: هُوَ أبلغ من الْخِيَانَة، لتَضَمّنه الْقَصْد وَالزِّيَادَة الإخراب: التعطيل أَو ترك الشَّيْء خرابا والتخريب: الْهدم الاختلاج: هُوَ حَرَكَة الْعين أَو عُضْو آخر بِسَبَب ريح خالط أجزاءها أخلف الله عَلَيْك هَذَا: يُقَال لمن مَاتَ لَهُ ابْن أَو ذهب لَو شَيْء يعتاض مِنْهُ وَأما لَو مَاتَ أَبوهُ أَو أَخُوهُ أَو ذهب لَهُ من لَا يستعيض مِنْهُ يُقَال لَهُ: خلف الله عَلَيْك أَي: كَانَ الله خَليفَة عَلَيْك من مصائبك

فصل الألف والدال

قَوْله تَعَالَى: {وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار} تعاقبهما وانتقاص أَحدهمَا وازدياد الآخر و {أخبتوا إِلَى رَبهم} : اطمأنوا إِلَيْهِ وخشعوا {أخزيته} : أهلكته [وَالْآيَة خَاصَّة لمن لَا يخرج من النَّار؛ فَمَعْنَى تدخل على الْقلب وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {يَوْم لَا يخزي الله النَّبِي وَالَّذين آمنُوا مَعَه} ] {اخسؤوا} : اسْكُتُوا سكُوت الهوان {الْأُخْدُود} : شقّ فِي الأَرْض {أخدان} : أخلاء فِي السِّرّ {أخلد إِلَى الأَرْض} : مَال إِلَى الدُّنْيَا أَو إِلَى السفالة {اخْتِلَاق} : كذب، وكل مَوضِع اسْتعْمل فِيهِ الْخلق فِي وصف الْكَلَام فَالْمُرَاد بِهِ الْكَذِب، وَمن هَذَا الْوَجْه امْتنع كثير من النَّاس عَن إِطْلَاق لفظ الْخلق على الْقُرْآن {لَوْلَا أخرتني} : أمهلتني {واخفض جناحك} : لين جَانِبك وتواضع لَهُم وارفق بهم {وَأَنا اخْتَرْتُك} : أَنا اصطفيتك للنبوة {أخرج ضحاها} : أبرز ضوء شمسها [ {أَخَذته الْعِزَّة بالإثم} : حَملته الْجَاهِلِيَّة على الْإِثْم الَّذِي يُؤمر باتقائه {بنعمته إخْوَانًا} : متحابين مُجْتَمعين على الْأُخوة فِي الله] (فصل الْألف وَالدَّال) [الإدلاء] : كل إِلْقَاء قَول أَو فعل فَهُوَ إدلاء يُقَال للمحتج: (أدلى بحجته) كَأَنَّهُ يرسلها ليصل إِلَى مُرَاده إدلاء المستسقي الدَّلْو وأدليت الدَّلْو: أرسلتها فِي الْبِئْر ودلوتها: أخرجتها [الْأَدَب] : كل رياضة محمودة يتَخَرَّج بهَا الْإِنْسَان فِي فَضِيلَة من الْفَضَائِل فَإِنَّهَا يَقع عَلَيْهَا الْأَدَب [الْإِدْغَام] : كل حرفين التقيا وأولهما سَاكن وَكَانَا مثلين أَو جِنْسَيْنِ وَجب إدغام الأول مِنْهُمَا لُغَة وَقِرَاءَة كل إدغام مضاعف: ك (مد) وكل مضاعف لَيْسَ بإدغام ك (مددت) كل مَا جَاءَ من الْأَفْعَال المضاعفة على وزن فعل وأفعل وفاعل وافتعل وتفاعل واستفعل فالإدغام فِيهِ لَازم إِلَّا أَن يتَّصل بِهِ ضمير الْمَرْفُوع، أَو يُؤمر فِيهِ جمَاعَة الْمُؤَنَّث فَيلْزم حِينَئِذٍ فك الْإِدْغَام وَقد جوز الْإِدْغَام والإظهار فِي الْأَمر الْوَاحِد ك (رد) و (ارْدُدْ) ؛ وَكَذَلِكَ فِي المجزوم كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {من يرْتَد مِنْكُم} (وَمن يرتدد

مِنْكُم} {وَمن يشاق الله} {وَمن يُشَاقق الله} وَفِيمَا عدا هَذِه المواطن الْمَذْكُورَة لَا يجوز إبراز التَّضْعِيف إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر؛ وحروف ضم شفوي يدغم فِيهَا مَا يجاورها دون الْعَكْس الْأَدَاء: هُوَ فِي عرف أهل الشَّرْع عبارَة عَن تَسْلِيم عين الْوَاجِب فِي الْوَقْت وَالْقَضَاء: عبارَة عَن تَسْلِيم مثل الْوَاجِب فِي غير وقته، كالحائض، نظر فَخر فَخر الْإِسْلَام إِلَى مَعْنَاهُمَا اللّغَوِيّ وَوجد معنى الْقَضَاء شَامِلًا لتسليم الْعين والمثل فَجعله حَقِيقَة فيهمَا، وَوجد معنى الْأَدَاء خَاصّا فِي تَسْلِيم الْعين فَجعله مجَازًا فِي غَيره وَنظر شمس الْأَئِمَّة إِلَى الْعرف وَالشَّرْع وَوجد كل وَاحِد مِنْهُمَا خَاصّا بِمَعْنى فَجعلَا مجَازًا فِي غير مَا اخْتصَّ كل وَاحِد بِهِ؛ ثمَّ الْمُؤَدى بعد فَوَاته عَن الْوَقْت الْمعِين يكون قَضَاء عندنَا، سَوَاء كَانَ الْوَاجِب ثَابتا فِي الْوَقْت أَو لم يكن وَقَالَ أَصْحَاب الحَدِيث: إِن كَانَ وَاجِبا فِي الْوَقْت يكون أَدَاء حَقِيقَة؛ وَهُوَ فرض ثَان، وَإِنَّمَا سمي قَضَاء مجَازًا الْإِدْرَاك: هُوَ عبارَة عَن الْوُصُول واللحوق يُقَال: أدْركْت الثَّمَرَة: إِذا بلغت النضج وَقَالَ أَصْحَاب مُوسَى: {إِنَّا لمدركون} : أَي ملحقون وَمن رأى شَيْئا وَرَأى جوانبه ونهاياته قيل إِنَّه أدْرك بِمَعْنى أَنه رأى وأحاط بِجَمِيعِ جوانبه وَيصِح: (رَأَيْت الحبيب وَمَا أدْركهُ بَصرِي) وَلَا يَصح: (أدْركهُ بَصرِي وَمَا رَأَيْته) فَيكون الْإِدْرَاك أخص من الرُّؤْيَة والإدراك: تمثل حَقِيقَة الشَّيْء عِنْد الْمدْرك يشاهدها مَا بِهِ يدْرك، وَإِدْرَاك الجزئي على وَجه جزئي ظَاهر؛ وَإِدْرَاك الجزئي على وَجه كلي هُوَ إِدْرَاك كُلية الَّذِي ينْحَصر فِي ذَلِك الجزئي والإدراك وَمُطلق التَّصَوُّر وَاحِد وَاعْلَم أَن الْإِدْرَاك هُوَ عبارَة عَن كَمَال يحصل بِهِ مزِيد كشف على مَا يحصل فِي النَّفس من الشَّيْء الْمَعْلُوم من جِهَة التعقل بالبرهان أَو الْخَبَر وَهَذَا الْكَمَال الزَّائِد على مَا حصل فِي النَّفس بِكُل وَاحِدَة من الْحَواس هُوَ الْمُسَمّى إدراكا ثمَّ هَذِه الإدراكات لَيست بِخُرُوج شَيْء من الْآلَة الداركة إِلَى الشَّيْء الْمدْرك وَلَا بانطباع صُورَة الْمدْرك فِيهَا، وَإِنَّمَا هِيَ معنى يخلقه الله تَعَالَى فِي تِلْكَ الحاسة، فَلَا محَالة أَن الْعقل يجوز أَن يخلق الله فِي الحاسة المبصرة، بل وَفِي غَيرهَا زِيَادَة كشف بِذَاتِهِ وبصفاته على مَا حصل مِنْهُ بِالْعلمِ الْقَائِم فِي النَّفس، من غير أَن يُوجب حدوثا وَلَا نقصا فعلى هَذَا لَا يستبعد أَن يتَعَلَّق الْإِدْرَاك بِمَا لَا يتَعَلَّق بِهِ الإدراكات فِي مجاري الْعَادَات؛ فَأَيْنَ استدعاء الرُّؤْيَة على فَاسد أصُول المنكرين الْمُقَابلَة المستدعية للجهة الْمُوجبَة كَونه جوهرا أَو عرضا وَقد تبين أَن الْإِدْرَاك نوع من الْعُلُوم بِخلق الله تَعَالَى، وَالْعلم لَا يُوجب فِي تعلقه بالمدرك مُقَابلَة وجهة؛ وَقد وَردت الْأَخْبَار وتواترت الْآثَار من أَن مُحَمَّدًا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ يرى جِبْرِيل وَيسمع كَلَامه عِنْد نُزُوله عَلَيْهِ، وَمن هُوَ حَاضر فِي مَجْلِسه لَا يدْرك شَيْئا من ذَلِك، مَعَ سَلامَة آلَة الْإِدْرَاك وَاعْلَم أَن أول مَرَاتِب وُصُول الْعلم إِلَى النَّفس

الشُّعُور، ثمَّ الْإِدْرَاك، ثمَّ الْحِفْظ: وَهُوَ استحكام الْمَعْقُول فِي الْعقل، ثمَّ التَّذَكُّر: وَهُوَ محاولة النَّفس استرجاع مَا زَالَ من المعلومات، ثمَّ الذّكر: وَهُوَ رُجُوع الصُّورَة الْمَطْلُوبَة إِلَى الذِّهْن، ثمَّ الْفَهم: وَهُوَ التَّعَلُّق غَالِبا بِلَفْظ من مخاطبك، ثمَّ الْفِقْه: وَهُوَ الْعلم بغرض الْمُخَاطب من خطابه، ثمَّ الدِّرَايَة: وَهُوَ الْمعرفَة الْحَاصِلَة بعد تردد مُقَدمَات، ثمَّ الْيَقِين: وَهُوَ أَن تعلم الشَّيْء وَلَا تتخيل خِلَافه، ثمَّ الذِّهْن: وَهُوَ قُوَّة استعدادها لكسب الْعُلُوم غير الْحَاصِلَة، ثمَّ الْفِكر: وَهُوَ الِانْتِقَال من المطالب إِلَى المبادئ ورجوعها من المبادئ إِلَى المطالب، ثمَّ الحدس: وَهُوَ الَّذِي يتَمَيَّز بِهِ عمل الْفِكر، ثمَّ الذكاء: وَهُوَ قُوَّة الحدس، ثمَّ الفطنة: وَهِي التنبه للشَّيْء الَّذِي يقْصد مَعْرفَته، ثمَّ الْكيس: وَهُوَ استنباط الأنفع، ثمَّ الرَّأْي: وَهُوَ استحضار الْمُقدمَات وإجالة الخاطر فِيهَا، ثمَّ التبين: وَهُوَ علم يحصل بعد الالتباسس، ثمَّ الاستبصار: وَهُوَ الْعلم بعد التَّأَمُّل، ثمَّ الْإِحَاطَة: وَهِي الْعلم بالشَّيْء من جَمِيع وجوهه، ثمَّ الظَّن: وَهُوَ أَخذ طرفِي الشَّك بِصفة الرجحان، ثمَّ الْعقل: وَهُوَ جَوْهَر تدْرك بِهِ الغائبات بالوسائط والمحسوسات بِالْمُشَاهَدَةِ والمدرك إِن كَانَ مُجَردا عَن الْمَادَّة كإمكان زيد فإدراكه تعقل أَيْضا، وحافظه مَا ذكر أَيْضا وَإِن كَانَ ماديا: فإمَّا أَن يكون صُورَة وَهِي مَا يدْرك بِإِحْدَى الْحَواس الْخمس الظَّاهِرَة، فَإِن كَانَ مَشْرُوطًا بِحُضُور الْمَادَّة فإدراكه تخيل وحافظها الخيال وَإِمَّا أَن يكون معنى وَهُوَ مَا لَا يدْرك بِإِحْدَى الْحَواس الظَّاهِرَة، فإدراكه توهم وحافظها الذاكرة، كإدراك صداقة زيد وعداوة عَمْرو، وَإِدْرَاك الْغنم عَدَاوَة الذِّئْب، وَلَا بُد من قُوَّة أُخْرَى متصرفة تسمى مفكرة ومتخيلة الإدماج: هُوَ فِي البديع أَن يدمج الْمُتَكَلّم غَرضا فِي غَرَض، أَو بديعا فِي بديع، بِحَيْثُ لَا يظْهر فِي الْكَلَام إِلَّا أَحدهمَا، كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَهُ الْحَمد فِي الأولى وَالْآخِرَة} فَإِن الْغَرَض تفرده سُبْحَانَهُ بِوَصْف الْحَمد، فأدمج فِيهِ الْإِشَارَة إِلَى الْبَعْث وَالْجَزَاء وَهُوَ أَعم من الاستتباع: لشُمُوله الْمَدْح وَغَيره، والاستتباع: يخْتَص بالمدح الإدلاج: بِالتَّخْفِيفِ سير أول اللَّيْل و [الادلاج] : بِالتَّشْدِيدِ سير آخر اللَّيْل الادعاء: هُوَ مصدر ادّعى افتعال من دَعَا وَادّعى كَذَا: زعم لَهُ حَقًا وباطلا وَالدَّعْوَى: على وزن (فعلى) اسْم مِنْهُ وألفها للتأنيث فَلَا تنون؛ يُقَال: (دَعْوَى بَاطِلَة أَو صَحِيحه) وَالْجمع بِفَتْح الْوَاو لَا غير، ك (فَتْوَى) و (فَتَاوَى) وَمَا يدعى: هُوَ الْمُدعى بِهِ، وَالْمُدَّعِي خطأ وَالدَّعْوَى: فِي الفغة قَول يقْصد بِهِ إِيجَاب حق على غَيره، وَفِي عرف الْفُقَهَاء: مُطَالبَة حق فِي مجْلِس من لَهُ الْخَلَاص عِنْد ثُبُوته؛ وسببها تعلق الْبَقَاء الْمُقدر بتعاطي الْمُعَامَلَات، وَشَرطهَا حُضُور الْخصم ومعلومية الْمُدَّعِي وَكَونه ملزما على

الْخصم، وَحكم الصِّحَّة مِنْهَا وجوب الْجَواب على الْخصم بِالنَّفْيِ أَو الْإِثْبَات؛ وشرعيتها لَيست لذاتها بل لانقطاعها دفعا للْفَسَاد المظنون ببقائها الْأَدَب: هُوَ علم يحْتَرز بِهِ عَن الْخلَل فِي كَلَام الْعَرَب لفظا أَو كِتَابَة، أُصُوله: اللُّغَة، وَالصرْف، والاشتقاق، والنحو، والمعاني، وَالْبَيَان، وَالْعرُوض، والقافية. وفروعه: الْخط، وقرض الشّعْر، والإنشاء، والمحاضرات وَمِنْهَا التواريخ، والبديع ذيل للمعاني وَالْبَيَان الأد: بِالْفَتْح وَالْكَسْر هُوَ الْعَظِيم الْمُنكر والإدة: الشدَّة وأدني وآدني: أثقلني وَعظم عَليّ الأدمة: هِيَ بَاطِن الْجلد والبشرة ظَاهره والآدمي: مَنْسُوب إِلَى آدم النَّبِي بِأَن يكون من أَوْلَاده وَلَو كَانَ كَافِرًا الإدام: هُوَ مَا يؤتدم بِهِ مَائِعا كَانَ أَو جَامِدا، وَمَعْنَاهُ: الَّذِي يطيب الْخبز ويصلحه ويلتذ بِهِ الْآكِل ومدار التَّرْكِيب على الْمُوَافقَة والملاءمة والصبغ: مُخْتَصّ بالمائع وَهُوَ مَا يغمس فِيهِ الْخبز ويلون إِدْرِيس: هُوَ نَبِي، وَلَيْسَ من الدراسة لِأَنَّهُ أعجمي، واسْمه خنوخ قَالَ الْقُرْطُبِيّ: " إِدْرِيس بعد نوح على الصَّحِيح، أعطي النُّبُوَّة والرسالة فَلَمَّا رأى الله من أهل الأَرْض مَا رأى من جَوْرهمْ واعتدائهم فِي أَمر الله تَعَالَى رَفعه إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة " رُوِيَ أَنه لم ينم وَلم يَأْكُل وَلم يشرب سِتّ عشرَة سنة، وَهُوَ أول من خطّ بالقلم [نوع قَوْله تَعَالَى] {أَو أدنى} : أَي أقرب منزلَة وأدون قدرا {فادارأتم} : اختصمتم {وَلَا أدراكم} : لَا أعلمكُم {ادارك علمهمْ} : غَابَ علمهمْ {أدنى الأَرْض} : طرف الشَّام {فأدلى دلوه} : فأرسلها {ادْعُونِي} : وحدوني {فَادع لنا} : سل لنا بدعائك] {وإدبار النُّجُوم} : وَإِذا أَدْبَرت النُّجُوم من آخر اللَّيْل {وأدبار السُّجُود} : أعقاب الصَّلَاة آدم: النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام سمي بِهِ لِأَنَّهُ خلق من أَدِيم الأَرْض قَالَ بَعضهم: هُوَ التُّرَاب بالعبرانية وَقَالَ بَعضهم: أعجمي مُعرب وَمَعْنَاهُ بالسُّرْيَانيَّة: السَّاكِن قَالَ بَعضهم: أَصله بهمزتين على (أفعل) ، لين الثَّانِيَة؛ وَإِذا احْتِيجَ إِلَى تحريكها جعلت واوا، فَيُقَال فِي الْجمع أوادم وَأقرب أمره أَن يكون على فَاعل لاتفاقهم على أَنه

فصل الألف والذال

لَو جمع ف (أوادم) بِالْوَاو، وَاعْتذر من قَالَ على (أفعل) بِأَنَّهُ لما لم يكن للهمزة أصل فِي الْيَاء مَعْرُوف جعلت الْغَالِب عَلَيْهَا الْوَاو وَأما الآدم: من الْإِنْسَان لِمَعْنى الأسمر ف (أفعل) جمعه (أدمان) وَكَونه اسْما أعجميا يمنعهُ كَون الِاشْتِقَاق من خَصَائِص اللَّفْظ الْعَرَبِيّ وَقيل: الْحق صِحَة الِاشْتِقَاق فِي الْأَلْفَاظ العجمية أَيْضا وَالْقَوْل بالاشتقاق قبل وجود الْعَرَب والعجم إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَار مَا يحدث (فصل الْألف والذال) كل مَا ورد فِي الْقُرْآن: وَإِذ، ف (اذكر) : فِيهِ مُضْمر أَي: اذكر لَهُم أَو فِي نَفسك كَيْفَمَا يَقْتَضِيهِ صدر الْكَلَام و [إِذْ مَنْصُوب بِهِ، وَعَلِيهِ اتِّفَاق أهل التَّفْسِير، مَعَ أَن القَوْل وَاقع فِيهِ، وَلم يَجْعَلُوهُ ظرفا لَهُ بل مَفْعُولا بِهِ على سَبِيل التَّجَوُّز، مَعَ أَنه لَازم الظَّرْفِيَّة فعدلوا عَن الْحَقِيقَة إِلَى الْمجَاز لعدم إِمْكَان اعْتِبَار مظروفية الْمُضَاف إِلَيْهِ] إِذْ: هَل هُوَ ظرف زمَان أَو مَكَان أَو حرف بِمَعْنى المفاجأة، أَو حرف مُؤَكد أَي زَائِد؟ فِيهِ أَقْوَال وَالْحق ان إِذْ وَكَذَا إِذا كِلَاهُمَا من الْأَسْمَاء اللَّازِمَة الظَّرْفِيَّة؛ بِمَعْنى أَنَّهُمَا يكونَانِ فِي أَكثر الْمَوَاضِع مَفْعُولا فِيهِ؛ وَأما كَونهمَا مَفْعُولا بِهِ وبدلا وخبرا لمبتدأ فقليل لَكِن الْفرق بَينهمَا ان إِذْ ظرف وضع لزمان نِسْبَة مَا ضية وَقع فِيهِ أُخْرَى، وَإِذا: ظرف وضع لزمان نِسْبَة مُسْتَقْبلَة يَقع فِيهِ أُخْرَى؛ وَلذَلِك تجب إضافتهما إِلَى الْجمل، ك (حَيْثُ) فِي الْمَكَان، وبنيا تَشْبِيها بالموصولات، واستعملتا للتَّعْلِيل والمجازاة؛ ومحلهما النصب أبدا على الظَّرْفِيَّة، فَإِنَّهُمَا من الظروف غير المتصرفة لبنائهما؛ وَقد تسْتَعْمل إِذا للماضي نَحْو: {إِذا بلغ بَين السدين} {إِذا سَاوَى بَين الصدفين} والاستمرار فِي الْمَاضِي دون الشَّرْط نَحْو: {وَإِذا لقوا الَّذين آمنُوا قَالُوا آمنا} وتستعمل للشّرط من غير سُقُوط الْوَقْت ك (مَتى) و (حَيْثُمَا) وَهُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين وَاسْتدلَّ لإِفَادَة الْوَقْت الْخَاص فِي أَمر مترقب، أَي منتظر لَا محَالة بقوله تَعَالَى {إِذا الشَّمْس كورت} ولإفادة الْوَقْت فِي أَمر كَائِن فِي الْحَال بقول الْقَائِل: (وَإِذا تكون كريهة أدعى لَهَا ... وَإِذا يحاس الحيس يدعى جُنْدُب) هَذَا عِنْد الْإِمَامَيْنِ؛ وَأما عِنْد أبي حنيفَة ف (إِذا) مُشْتَرك بَين الظّرْف وَالشّرط، يسْتَعْمل فيهمَا، وَهُوَ مَذْهَب الْكُوفِيّين؛ وَاسْتدلَّ على ذَلِك بقول الشَّاعِر فِي نصيحة ابْنه: (واستغن مَا أَغْنَاك رَبك بالغنى ... وَإِذا تصبك خصَاصَة فتجمل) وَوجه ذَلِك ان إِصَابَة الْخَصَاصَة من الْأُمُور المترددة، وَهِي لَيست مَوضِع (إِذا) فَكَانَت بِمَعْنى (إِن) ؛ وَلم يسْتَدلّ على جَانب الظَّرْفِيَّة اكْتِفَاء بدليلهما

[قَالَ الْمبرد: " وَإِذا جَاءَ (إِذْ) مَعَ الْمُسْتَقْبل كَانَ مَعْنَاهُ مَاضِيا كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِذ يمكر بك} (وَإِذ مكروا) وَإِذا جَاءَ (إِذا) مَعَ الْمَاضِي كَانَ مَعْنَاهُ مُسْتَقْبلا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَإِذا جَاءَت الطامة الْكُبْرَى} و {إِذا جَاءَ نصر الله} ] وَقد يَجِيء (إِذا) و (إِذا) لمحض الِاسْم، يَعْنِي أَنَّهُمَا يستعملان من غير أَن يكون فيهمَا معنى الظّرْف أَو الشَّرْط، نَحْو: (إِذا يقوم زيد) أَي: وَقت قِيَامه و (إِذْ) يدل على وَقت مَاض ظرفا نَحْو: (جئْتُك إِذْ طلع الْفجْر) ومفعولا بِهِ نَحْو: {واذْكُرُوا إِذْ كُنْتُم قَلِيلا} وَكَذَا الْمَذْكُورَة فِي أَوَائِل الْقَصَص، كلهَا مفعول بِهِ بِتَقْدِير (اذكر) وبدلا نَحْو: {وَاذْكُر فِي الْكتاب مَرْيَم إِذْ انتبذت} ومضافا إِلَيْهَا اسْم زمَان صَالح للحذف نَحْو: {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} وَهِي من إِضَافَة الْأَعَمّ إِلَى الْأَخَص، أَو غير صَالح لَهُ نَحْو {بعد إِذْ هديتنا} وللتعليل نَحْو: {وَلنْ ينفعكم الْيَوْم إِذْ ظلمتم} و (إِذْ) فِي قَوْله تَعَالَى: {فَسَوف يعلمُونَ إِذْ الأغلال فِي أَعْنَاقهم} للماضي على تَنْزِيل الْمُسْتَقْبل الْوَاجِب الْوُقُوع منزلَة مَا قد وَقع وَترد للمفاجأة بعد (بَينا) و (بَيْنَمَا) وتلزمها الْإِضَافَة إِلَى جملَة إِمَّا اسمية أَو فعلية فعلهَا مَاض لفظا وَمعنى، أَو معنى لَا لظفا وَقد اجْتمعت الثَّلَاثَة فِي قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا تنصروه فقد نَصره الله إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هما فِي الْغَار إِذْ يَقُول لصَاحبه} وَإِذا للأمور الْوَاجِبَة الْوُجُود وَمَا جرى ذَلِك المجرى مِمَّا علم انه كَائِن وَمَتى: لما لم يتَرَجَّح بَين أَن يكون وَبَين أَن لَا يكون تَقول: (إِذا طلعت الشَّمْس خرجت) وَلَا يَصح فِيهِ مَتى وَتقول: (مَتى تخرج اخْرُج) لمن لم يتَيَقَّن بِأَنَّهُ خَارج [وَفِي إِذا الْمُسْتَعْمل لمُجَرّد الظّرْف لَا بُد أَن يكون الْفِعْل فِي الْوَقْت الْمَذْكُور مُتَّصِلا بِهِ مثل: {وَاللَّيْل إِذا يغشى وَالنَّهَار إِذا تجلى} ] وَفِي إِذا الشّرطِيَّة لَا يلْزم ذَلِك، فَإنَّك إِذا قلت: (إِذا علمتني تثاب) يكون الثَّوَاب بعده زَمَانا؛ لَكِن اسْتِحْقَاقه يثبت فِي ذَلِك الْوَقْت مُتَّصِلا بِهِ؛ وَلَو قَالَ: (أَنْت طَالِق إِن دخلت الدَّار [أَو إِذا دخلت الدَّار] لم تطلق حَتَّى تدخل، فقد اسْتَوَت (إِن) و (إِذا) فِي هَذَا الْموضع وَلَو قَالَ: (إِذا لم

أطلقك) أَو (مَتى لم أطلقك فَأَنت طَالِق) وَقع على الْفَوْر بِمُضِيِّ زمَان يُمكن أَن يُطلق فِيهِ وَلم يُطلق وَلَو قَالَ: (إِن لم أطلقك فَأَنت طَالِق) كَانَ على التَّرَاخِي، فيمتد إِلَى حِين موت أَحدهمَا [وَاعْلَم أَن كلمة (إِذا) عِنْد نَحْويي الْكُوفَة مُشْتَرك بَين الْوَقْت وَالشّرط، وَإِذا اسْتعْملت للشّرط لم يبْق فِيهَا معنى الْوَقْت أصلا وَيصير بِمَعْنى (إِن) وَهُوَ قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله؛ وَعند الْبَصرِيين أَنَّهَا مَوْضُوعَة للْوَقْت وتستعمل فِي الشَّرْط مجَازًا من غير سُقُوط معنى الْوَقْت عَنْهَا مثل (مَتى) فَإِنَّهَا للْوَقْت لَا يسْقط ذَلِك عَنْهَا بِحَال وَهَذَا قَول صَاحِبيهِ رَحِمهم الله] وَإِذا: بِالنّظرِ إِلَى كَونهَا شرطا تدخل على الْمَشْكُوك وبالنظر إِلَى كَونهَا ظرفا تدخل على الْمُتَّقِينَ كَسَائِر الظروف وَإِذا: غير جازم فِي الْجَازِم، وَإِن: جازم فِي غير الْجَازِم وَقد نظمت فِيهِ: (ووعدتني فخلفته ... وَشَكَكْت فِيهِ جزمته) (بإذا كَأَنَّك عَالم ... وبإن كَأَنِّي جازم) وَإِذا: المفاجأة تخْتَص بالجمل الإسمية وَلَا تحْتَاج لجواب، وَلَا تقع فِي الِابْتِدَاء وَمَعْنَاهَا الْحَال لَا الِاسْتِقْبَال نَحْو: (خرجت فَإِذا زيد وَاقِف) وَهل الْفَاء الدَّاخِلَة فِيهَا زَائِدَة لَازِمَة أَو عاطفة لجملة المفاجأة على مَا قبلهَا أَو للسَّبَبِيَّة الْمَحْضَة كفاء الْجَواب؟ فِيهِ أَقْوَال إِذن: حرف جَزَاء ومكافأة، وفيهَا اتساعات انْفَرَدت بهَا دون غَيرهَا من نواصب الْأَفْعَال الأول: أَن تدل على انشاء السَّبَبِيَّة وَالشّرط بِحَيْثُ لَا يفهم الارتباط من غَيرهَا نَحْو: (أزورك) فَتَقول: (إِذن أكرمك) وَهِي حِينَئِذٍ عاملة تدخل على الْجُمْلَة الفعلية فتنصب الْمُضَارع الْمُسْتَقْبل الْمُتَّصِل إِذا صدرت وَالثَّانِي: أَن تكون مُؤَكدَة بِجَوَاب ارْتبط بِمقدم أَو منبهة على سَبَب حصل فِي الْحَال، فَهِيَ حِينَئِذٍ غير عاملة، لِأَن المؤكدات لَا يعْتَمد عَلَيْهَا وَالْعَامِل يعْتَمد عَلَيْهِ قَالَ سبويه: إِذن للجواب وَالْجَزَاء مَعًا، قيل دَائِما وَقيل غَالِبا، وَمعنى ذَلِك أَنه يَقْتَضِي جَوَابا أَو تَقْدِير جَوَاب، ويتضمن مَا يَصْحَبهُ من الْكَلَام جَزَاء وَمَتى صدر بِهِ الْكَلَام وَتعقبه فعل مضارع جَازَ رَفعه ونصبه، وَمَتى تَأَخّر عَن الْفِعْل أَو لم يكن مَعَه الْفِعْل الْمُضَارع لم يعْمل وَإِذا وَقع بعد الْوَاو وَالْفَاء لَا لتشريك مُفْرد جَازَ فِيهِ الإلغاء والإعمال وَاخْتلف فِي الْوَقْف على إِذن: قيل يكْتب بِالْألف إشعارا بِصُورَة الْوَقْف عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يُوقف عَلَيْهَا إِلَّا بِالْألف، وَهُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين، وَقيل بالنُّون، وَهُوَ مَذْهَب الْكُوفِيّين اعْتِبَارا بِاللَّفْظِ لِأَنَّهَا عوض عَن لفظ أُصَلِّي فَإِنَّهُ يُقَال (أقوم) فَتَقول: (إِذن أكرمك) ، فالنون عوض عَن مَحْذُوف، وَالْأَصْل: (إِذا تقوم أكرمك) أَو للْفرق بَينهمَا وَبَين إِذا فِي الصُّورَة وَقَالَ بَعضهم: إِذن إِن أعملت كتبت بالنُّون وَإِن أهملت كتبت بِالْألف

إِذا مَا: فِيهِ إِيهَام فِي الِاسْتِقْبَال لَيْسَ فِي (إِذا) بِمَعْنى أَنَّك إِذا قلت: (آتِيك إِذا طلع الشَّمْس) فَإِنَّهُ رُبمَا يكون لطلوع الْغَد حَتَّى يسْتَحق العتاب بترك الْإِتْيَان فِي الْغَد، بِخِلَاف (إِذا مَا طلعت) فَإِنَّهُ يخص ذَلِك وَلَا يسْتَحق العتاب وَأَيْضًا: إِذا مَا: يكون جَازِمًا فِي السعَة مثل: (إِذا مَا تخرج أخرج) بِخِلَاف (إِذا) فَإِنَّهُ لَا يجْزم إِلَّا فِي الضَّرُورَة والجزم فِي (إِذا مَا) من (مَا) لِأَن (إِذا) إِذا كَانَ اسْما يُضَاف إِلَى الْجمل غير عَامل فَجعلت (مَا) حرفا من حُرُوف المجازاة عَاملا كمتى، فسميت هَذِه ال (مَا) مسلطة لتسليطها على الْجَزْم وَقد نظمت فِيهِ: (إِذا جعلت مَا حرفا فسلطت ... على الْجَزْم لولاها لما كَانَ عَاملا) إِذْ مَا: هِيَ عِنْد النَّحْوِيين مسلوب الدّلَالَة على مَعْنَاهَا الْأَصْلِيّ، مَنْقُول إِلَى الدّلَالَة على الشَّرْط فِي الْمُسْتَقْبل، وَلم تقع فِي الْقُرْآن كمذ ومنذ الْإِذْن: أذن بالشَّيْء، كسمع: علم بِهِ، وَفعله باذني: بعلمي وَأذن لَهُ فِي الشَّيْء إِذْنا وأذينا: أَبَاحَهُ بِهِ لَهُ وَأذنه الْأَمر وَبِه: أعلمهُ وَأذن إِلَيْهِ وَله: اسْتمع معجبا أَو علم وَأذنه تأذينا: أَكثر من الْإِعْلَام وَالْأَذَان: الْإِعْلَام مُطلقًا قَالَ الله تَعَالَى: {وأذان من الله وَرَسُوله} وَفِي الشَّرْع: الْإِعْلَام على وَجه مَخْصُوص {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا ليطاع بِإِذن الله} : أَي بإرادته وَأمره أَو بِعِلْمِهِ؛ لَكِن الْإِذْن أخص من الْعلم وَلَا يكَاد يسْتَعْمل إِلَّا فِيمَا فِيهِ مَشِيئَة مَا ضامه الْأَمر أَو لم يضمه {وَمَا هم بضارين بِهِ من أحد إِلَّا بِإِذن الله} : فِيهِ مَشِيئَة من وَجه، إِذْ لَا خلاف أَن الله تَعَالَى أوجد فِي الْإِنْسَان قُوَّة بهَا إِمْكَان قبُول الضَّرَر من جِهَة من يظلم فيضره، وَلم يَجعله كالحجر الَّذِي لَا يوجعه الضَّرْب؛ فَمن هَذَا الْوَجْه يَصح أَن يُقَال: بِإِذن الله ومشيئته يلْحق الضَّرَر من جِهَة الظَّالِم وَالْأَذَان الْمُتَعَارف: من التأذين كالسلام من التَّسْلِيم؛ وَالدَّلِيل على مشروعيته للصَّلَاة قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاة اتَّخَذُوهَا هزوا وَلَعِبًا} وَلم يشرع إِلَّا بِالْمَدِينَةِ، وَقد سنّ فِي الهموم يَأْمر من يُؤذن فِي أُذُنه لِأَنَّهُ يزِيل الْهم، وَكَذَا لمن سَاءَ خلقه وَلَو بَهِيمَة قَالَه ابْن حجر وَالْأُذن: الضَّم، محبس جَمِيع الصَّوْت، قد خلقت غضروفية، لِأَنَّهَا لَو خلقت لحمية أَو غشائية لم يحفظ شكل التقعير والتعميق والتعريج الَّذِي فِيهَا [فسبحان من أسمع بِعظم كَمَا أبْصر بشحم وأنطق بِلَحْم] الإذعان: الخضوع والذل وَالْإِقْرَار والإسراع فِي الطَّاعَة والانقياد، لَا بِمَعْنى الْفَهم والإدراك وَقيل: هُوَ عزم الْقلب؛ والعزم جزم الْإِرَادَة بعد التَّرَدُّد

فصل الألف والراء

[نوع قَوْله تَعَالَى] {إِلَّا أَذَى} : ضَرَرا يَسِيرا كطعن وتهديد {أذن خير} : يُقَال: فلَان أذن خير أَي: يقبل كل مَا قيل لَهُ {أَذِنت لِرَبِّهَا وحقت} : سَمِعت لِرَبِّهَا وَحقّ لَهَا أَن تسمع {فضربنا على آذانهم} أَي: أنمناهم إنامة لَا تنبههم فِيهَا الْأَصْوَات [ {وداعيا إِلَى الله بِإِذْنِهِ} : بتيسيره أطلق لَهُ من حَيْثُ إِنَّه من أَسبَابه، وَلَيْسَ المُرَاد حَقِيقَة (الْإِذْن) لحصوله بقوله: " دَاعيا إِلَى الله "] {يتبعهَا أَذَى} أَي من وتعيير للسَّائِل {فأذنوا} بِكَسْر الذَّال ممدودا بِمَعْنى أعلمُوا غَيْركُمْ؛ أَصله من الاذن أَي: أوقعوا فِي الْأَذَان وبفتح الذَّال مَقْصُورا بِمَعْنى: أعلمُوا أَنْتُم وأيقنوا {قل هُوَ أَذَى} أَي: الْحيض مستقذر مؤذ، من يقربهُ نفر مِنْهُ {آذناك} : أعلمناك {إِذن} : رخص (فصل الْألف وَالرَّاء) [الأَرْض] : كل مَا اسْتَقر عَلَيْهِ قدماك، وكل مَا سفل فَهُوَ أَرض وَرب مُفْرد لم يَقع فِي الْقُرْآن جمعه لثقله وخفة الْمُفْرد كالأرض وَرب جمع لم يَقع فِي الْقُرْآن مفرده لثقله وخفة الْجمع كألباب [الأرملة] : كل امْرَأَة بَالِغَة فقيرة فَارقهَا زَوجهَا أَو مَاتَ عَنْهَا، دخل بهَا أَو لم يدْخل فَهِيَ أرملة والأرمل: يُطلق على الذّكر وَالْأُنْثَى قَالَ جرير: (هذي الأرامل قد قضيت حَاجَتهَا ... فَمن لحَاجَة هَذَا الأرمل الذّكر) وَالصَّحِيح مَا قَالَه مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ وَحكى الْهَاشِمِي عَن صَاحب " الْعين ": وَهُوَ أَنه لَا يُقَال رجل أرمل إِلَّا فِي تلميح الشّعْر وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: لَا يُقَال رجل أرمل إِلَّا فِي الشذوذ فِي " الْقَامُوس ": رجل أرمل وَامْرَأَة أرملة: محتاجة أَو مسكينة وَلَا يُقَال للعزبة الموسرة أرملة [الْإِرَادَة: هِيَ من (الرود) والرود يذكر وَيُرَاد بِهِ الطّلب، وَالْوَاو لما سكنت نقلت حركتها إِلَى مَا قبلهَا فَانْقَلَبت فِي الْمَاضِي ألفا وَفِي الْمُسْتَقْبل يَاء وَسَقَطت فِي الْمصدر لمجاورتها الْألف الساكنة، وَعوض مِنْهَا الْهَاء فِي آخرهَا وراودته على كَذَا: مراودة أَي: أَرَادَتْهُ]

والإرادة: هِيَ فِي الأَصْل قُوَّة مركبة من شَهْوَة وحاجة وخاطر وأمل، ثمَّ جعلت اسْما لنزوع النَّفس إِلَى شَيْء مَعَ الحكم فِيهِ أَنه يَنْبَغِي أَن يفعل أَو أَن لَا يفعل وَفِي " الْأَنْوَار ": هِيَ نزوع النَّفس وميلها إِلَى الْفِعْل بِحَيْثُ يحملهَا عَلَيْهِ؛ وَيُقَال للقوة الَّتِي هِيَ مبدأ النُّزُوع؛ وَالْأول مَعَ الْفِعْل وَالثَّانِي قبله وتعريفها بِأَنَّهَا اعْتِقَاد النَّفْع أَو ظَنّه أَو هِيَ ميل يتبع ذَلِك الِاعْتِقَاد أَو الظَّن كَمَا أَن الْكَرَاهَة نفرة تتبع اعْتِقَاد الضّر أَو ظَنّه، إِنَّمَا هُوَ على رَأْي الْمُعْتَزلَة والاتفاق على أَنَّهَا صفة مخصصة لأحد المقدورين بالوقوع وَقيل فِي حَدهَا: إِنَّهَا بِمَعْنى يُنَافِي الْكَرَاهَة والاضطرار فَيكون الْمَوْصُوف بهَا مُخْتَارًا فِيمَا يَفْعَله وَقيل: إِنَّهَا معنى يُوجب اخْتِصَاص الْمَفْعُول بِوَجْه دون وَجه لِأَنَّهُ لَوْلَا الْإِرَادَة لما كَانَ وَقت وجوده أولى من وَقت آخر، وَلَا كمية وَلَا كَيْفيَّة أولى مِمَّا سواهَا والإرادة إِذا اسْتعْملت فِي الله: يُرَاد بهَا الْمُنْتَهى، وَهُوَ الحكم دون المبدأ، فَإِنَّهُ تَعَالَى غَنِي عَن معنى النُّزُوع بِهِ وَاخْتلف فِي معنى ارادته تَعَالَى: وَالْحق أَنه تَرْجِيح أحد طرفِي الْمَقْدُور على الآخر وتخصيصه بِوَجْه دون وَجه، أَو معنى يُوجب هَذَا التَّرْجِيح وَهِي أَعم من الِاخْتِيَار فَإِنَّهُ ميل مَعَ تَفْضِيل ثمَّ إِن إِرَادَة الله تَعَالَى لَيست زَائِدَة على ذَاته كإرادتنا، بل هِيَ عين حكمته الَّتِي تخصص وُقُوع الْفِعْل على وَجه دون وَجه، وحكمته عين علمه الْمُقْتَضِي لنظام الْعَالم على الْوَجْه الْأَصْلَح وَالتَّرْتِيب الْأَكْمَل، وانضمامها مَعَ الْقُدْرَة هُوَ الِاخْتِيَار والإرادة حَقِيقَة وَاحِدَة قديمَة قَائِمَة بِذَاتِهِ كعلمه؛ إِذْ لَو تعدّدت إِرَادَة الْفَاعِل الْمُخْتَار أَو تعلقهَا لم يكن وَاحِدًا من جَمِيع الْجِهَات ومتعلقة بِزَمَان معِين، إِذْ لَو تعلّقت بِفعل من أَفعَال نَفسه لزم وجود ذَلِك الْفِعْل وَامْتنع تخلفه عَن إِرَادَته اتِّفَاقًا من أهل الْملَّة والحكماء وَأما إِذا تعلّقت بِفعل غَيره فَفِيهِ خلاف الْمُعْتَزلَة الْقَائِلين بِأَن معنى الْأَمر هُوَ الْإِرَادَة لَا يُوجب الْمَأْمُور بِهِ كَمَا فِي الْقَضَاء وَأما الْإِرَادَة الْحَادِثَة فَلَا توجبه اتِّفَاقًا، وَلَا يلْزم من ضَرُورَة وجود الْإِرَادَة وَالْقُدْرَة فِي الْقدَم قدم مَا يتخصص بهَا، والتعدد فِي متعلقاتها وتعلقها على نَحْو مُتَعَلق الشَّمْس بِمَا قابلها واستضاء بهَا وَهُوَ المعني بسلب النِّهَايَة عَن ذَات وَاجِب الْوُجُود؛ وَكَذَا فِي غير الْإِرَادَة من صِفَات الذَّات؛ وَأما سلب النِّهَايَة عَنْهَا بِالنّظرِ إِلَى المتعلقات فَمَا يَصح أَن يتَعَلَّق بِهِ الْإِرَادَة من الجائزات فَلَا نِهَايَة لَهُ بِالْقُوَّةِ لَا انه غير متناه بِالْفِعْلِ؛ وَهَذَا لَا مراء فِيهِ وَلَا دَلِيل يُنَافِيهِ وَاخْتلفُوا فِي كَونه تَعَالَى مرِيدا مَعَ اتِّفَاق الْمُسلمين على إِطْلَاق هَذَا اللَّفْظ على الله تَعَالَى، فَقَالَ النجار: إِنَّه معنى سَلبِي وَمَعْنَاهُ أَنه غير مغلوب وَلَا مستكره؛ وَمِنْهُم من قَالَ: إِنَّه أَمر ثبوتي، وَهَؤُلَاء اخْتلفُوا قَالَ بَعضهم: مَعْنَاهُ علم الله باشتمال الْفِعْل على الْمصلحَة أَو الْمفْسدَة، ويسمون هَذَا الْعلم بالداعي أَو الصَّارِف، وَقَالَ بَعضهم: إِنَّه صفة زَائِدَة على الْعلم تمّ اخْتلفُوا فِي تِلْكَ الصّفة قَالَ بَعضهم: ذاتية،

وَقَالَ بَعضهم: معنوية وَذَلِكَ الْمَعْنى قديم وَهُوَ قَول الأشعرية، وَقَالَ بَعضهم: مُحدث، وَذَلِكَ الْمُحدث إِمَّا قَائِم بِاللَّه وَهُوَ قَول الكرامية؛ وَقَالَ بَعضهم: مَوْجُود لَا فِي مَحل، وَهُوَ قَول أبي عَليّ وَأبي هَاشم وأتباعهما، وَلم يقل أحد إِنَّه قَائِم بجسم آخر؛ فَإِذا اسْتعْمل فِي الله فَإِنَّهُ يُرَاد بِهِ الْمُنْتَهى وَهُوَ الحكم دون الْمُبْتَدَأ، فَإِنَّهُ يتعالى عَن معنى النُّزُوع؛ فَمَتَى قيل: أَرَادَ كَذَا، فَمَعْنَاه حكم فِيهِ أَنه كَذَا وَلَيْسَ بِكَذَا وَلَفْظَة الْإِرَادَة: تطلق فِي الشَّاهِد وَالْغَائِب جَمِيعًا وَلَفْظَة الْقَصْد: لَا تطلق إِلَّا فِي الْإِرَادَة الْحَادِثَة والمشيئة فِي الأَصْل مَأْخُوذَة من الشَّيْء وَهُوَ اسْم للموجود وَهِي كالإرادة عِنْد أَكثر الْمُتَكَلِّمين، لِأَن الْإِرَادَة من ضرورتها الْوُجُود لَا محَالة، وَإِن كَانَتَا فِي أصل اللُّغَة مختلفتين فَإِن الْمَشِيئَة: لُغَة الايجاد والإرادة: طلب الشيئ؛ وَالْفرق بَينهمَا قَول للكرامية، فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: مَشِيئَة الله صفة أزلية وإرادته صفة حَادِثَة فِي ذَاته الْقَدِيم وَالْحق أَنَّهُمَا إِذا أضيفا إِلَيْهِ تَعَالَى يكونَانِ بِمَعْنى وَاحِد، لِأَن الْإِرَادَة لله تَعَالَى من ضرورتها الْوُجُود لَا محَالة وَالْفرق بَينهمَا فِي حق الْعباد، وَذَلِكَ فِيمَا لَو قَالَ: (شيئي طَلَاقك) فَشَاءَتْ يَقع؛ وَفِي: (أريدي) فَأَرَادَتْ لَا يَقع؛ وَفِي قَوْله تَعَالَى: {يفعل الله مَا يَشَاء} و {يحكم مَا يُرِيد} رِعَايَة لهَذَا الْفرق، حَيْثُ ذكر الْمَشِيئَة عِنْد ذكره الْفِعْل الْمَخْصُوص بالموجود، وَذكر الْإِرَادَة عِنْد ذكره الحكم الشَّامِل للمعدوم أَيْضا وَفِي " الزِّيَادَات " لمُحَمد فِي: (أَنْت طَالِق بِمَشِيئَة الله) لَا يَقع كَمَا فِي إِن شَاءَ الله؛ ولمشيئة الله بِاللَّامِ يَقع، كَذَا الْإِرَادَة؛ وَأما الْعلم فَإِنَّهُ يَقع من الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ بعض الْمُتَكَلِّمين: وَمن الْفرق بَينهمَا أَن إِرَادَة الانسان قد تحصل من غير أَن تتقدمها إِرَادَة الله تَعَالَى، فَإِن الانسان قد يُرِيد أَن لَا يَمُوت ويأبى الله ذَلِك، ومشيئته لَا تكون إِلَّا بعد مَشِيئَته لقَوْله تَعَالَى: {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله} وَقَالَ بَعضهم: لَو أَن الْأُمُور كلهَا مَوْقُوفَة على مَشِيئَة الله وَأَن أفعالنا مُتَعَلقَة بهَا وموقوفة عَلَيْهَا لما أجمع النَّاس على تَعْلِيق الِاسْتِثْنَاء بِهِ فِي جَمِيع أفعالنا والمشيئة: ترجح بعض الممكنات على بعض، مَأْمُورا كَانَ أَو مَنْهِيّا، حسنا كَانَ أَو غَيره والإرادة: قد يُرَاد بهَا معنى الْأَمر، إِلَّا أَن الْأَمر مفوض إِلَى الْمَأْمُور، إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ لم يفعل، والإرادة غير مفوض إِلَى أحد، بل يحصل كَمَا أَرَادَهُ المريد والشهوة: ميل جبلي غير مَقْدُور للبشر بِخِلَاف الْإِرَادَة وَكَذَلِكَ النفرة: فَإِنَّهَا حَالَة جبلية غير مقدورة بِخِلَاف الْكَرَاهَة؛ وَقد يَشْتَهِي الْإِنْسَان مَا لَا يُريدهُ بل يكرههُ، وَقد يُرِيد مَا لَا يَشْتَهِي بل ينفر عَنهُ، وَلِهَذَا قَالُوا: (إِرَادَة الْمعاصِي مِمَّا يُؤَاخذ عَلَيْهَا دون شهوتها) وَكَرَاهَة الطَّاعَات الشاقة يُؤَاخذ عَلَيْهَا دون النفرة مِنْهَا وَالْكَرَاهَة: طلب الْكَفّ عَن الْفِعْل طلبا غير جازم كَقِرَاءَة الْقُرْآن مثلا فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود؛ وَهَذِه

الْكَرَاهَة تصح أَن تَجْتَمِع مَعَ الايجاز فيوجد الله الْفِعْل مَعَ كَرَاهَته لَهُ أَي مَعَ نَهْيه عَنهُ أما الْكَرَاهَة: بِمَعْنى عدم إِرَادَة الله للْفِعْل فيستحيل أجتماعها مَعَ الايجاد إِذْ يَسْتَحِيل أَن يَقع فِي ملك الله مَا لَا يُرِيد وُقُوعه؛ وَأما رضى الله فَهُوَ ترك الِاعْتِرَاض لَا الْإِرَادَة كَمَا قَالَت الْمُعْتَزلَة، فَإِن الْكفْر مَعَ كَونه مرَادا لَهُ تعلى لَيْسَ بمرضي عِنْده تَعَالَى، لِأَنَّهُ يعْتَرض عَلَيْهِ ويؤاخذ بِهِ وَقد نظمت فِيهِ: (بِسَهْم الْحَظ معترض لحب ... رِضَاء الله ترك الِاعْتِرَاض) والمحبة والرضى: كل مِنْهُمَا أخص من الْمَشِيئَة؛ فَكل رضَا إِرَادَة وَلَا عكس؛ والأخص غير الْأَعَمّ؛ وَقَوله تَعَالَى: {يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر} إِرَادَة أَمر وتشريع تتَعَلَّق هِيَ بالطاعات لَا بالمعصية؛ وَقَوله تَعَالَى: {وَمن يرد أَن يضله يَجْعَل صَدره ضيقا حرجا} إِرَادَة قَضَاء وَتَقْدِير شَامِلَة لجَمِيع الكائنات والإرادة: قد تتَعَلَّق بالتكليف من الْأَمر وَالنَّهْي، وَقد تتَعَلَّق بالمكلف بِهِ أَي إيجاده أَو إعدامه؛ فَإِذا قيل إِن الشَّيْء مُرَاد، قد يُرَاد بِهِ أَن التَّكْلِيف بِهِ هُوَ المُرَاد لَا مَجِيئه وذاته، وَقد يُرَاد بِهِ أَنه فِي نَفسه هُوَ المُرَاد أَي إيجاده أَو عَدمه فعلى هَذَا مَا وصف بِكَوْنِهِ مرَادا بِلَا وُقُوع لَهُ، فَلَيْسَ المُرَاد بِهِ إِلَّا إِرَادَة التَّكْلِيف بِهِ فَقَط وَمَا قيل: إِنَّه غير مُرَاد وَهُوَ وَاقع فَلَيْسَ المُرَاد بِهِ إِلَّا أَنه لم يرد التَّكْلِيف بِهِ فَقَط، فَالْمُرَاد بقوله تَعَالَى: {وَمَا الله يُرِيد ظلما للعباد} نفي لإِرَادَة التَّكْلِيف بِهِ لَا من حَيْثُ حُدُوثه، وَلَيْسَ المُرَاد بقوله تَعَالَى: {وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون} وُقُوع الْعِبَادَة، بل الْأَمر بهَا وَاحْتج أَصْحَابنَا بقوله تَعَالَى: {قَالُوا ادْع لنا رَبك يبين لنا مَا هِيَ ... وَإِنَّا إِن شَاءَ الله لَمُهْتَدُونَ} على أَن الْحَوَادِث بِإِرَادَة الله تَعَالَى، وَأَن الْأَمر قد يَنْفَكّ عَن الْإِرَادَة، وَإِلَّا لم يكن للشّرط بعد الْأَمر معنى وَالْحق أَن دلَالَته على أَن مُرَاد الله تَعَالَى وَاقع لَا ان الْوَاقِع لَيْسَ إِلَّا مُرَاده، وَلَا أَن الْأَمر قد يَنْفَكّ عَن الْإِرَادَة، إِذْ مَحل الْخلاف الْأَمر التكليفي وَالْأَمر هَا هُنَا للارشاد بِدَلِيل {أتتخذنا هزوا} ثمَّ الدَّلِيل على أَن الْأَمر غير الْإِرَادَة قَوْله تَعَالَى: {وَالله يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام} ثمَّ قَوْله: {وَالله يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام} ثمَّ قَوْله: {وَيهْدِي من يَشَاء} دَلِيل على أَن الْمصر على الضَّلَالَة لم يرد الله رشده وَقَوله تَعَالَى: {وَلَا ينفعكم نصحي إِن أردْت أَن أنصح لكم إِن كَانَ الله يُرِيد أَن يغويكم} دَلِيل صِحَة تعلق الْإِرَادَة بالإغواء وَإِن خلاف مُرَاده محَال والإرادة قد تكون بِحَسب الْقُوَّة الاختيارية، وَلذَلِك تسْتَعْمل فِي الْجِدَار وَفِي الْحَيَوَانَات نَحْو:

{فوجدوا فِيهَا جدارا يُرِيد أَن ينْقض} وَيُقَال: (فرس يُرِيد التِّبْن) الْإِرْسَال: التسليط وَالْإِطْلَاق والإهمال والتوجيه؛ وَالِاسْم: الرسَالَة بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح وَقد يذكر وَيُرَاد بِهِ مُطلق الإيصال، كَمَا فِي: {يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا} وإرسال الْكَلَام: إِطْلَاقه بِغَيْر تَقْيِيد وإرسال الحَدِيث: عدم ذكر صحابيه وَفِي إرْسَال الرَّسُول تَكْلِيف دون بَعثه لِأَنَّهُ تكوين مَحْض؛ وَكَفاك شَاهدا قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " بعثت إِلَى النَّاس عَامَّة " لَا مُرْسلا إِلَيْهِم كَافَّة، لِأَن تَبْلِيغ الرسَالَة إِلَى أَطْرَاف الْعَالم من أَصْنَاف الْأُمَم كَانَ خَارِجا عَن الوسع قَالَ الله تَعَالَى: {وأرسلناك للنَّاس} وَلم يقل إِلَى النَّاس: وَأما قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي رَسُول الله إِلَيْكُم جَمِيعًا} فَهُوَ بِاعْتِبَار تضمين الْبَعْث؛ وَقد جَاءَ فِي الْقُرْآن: {وَمَا أرسلنَا فِي قَرْيَة} {كَذَلِك أَرْسَلْنَاك فِي أمة} لما أَن الْأمة أَو الْقرْيَة جعلت موضعا للإرسال، وعَلى هَذَا الْمَعْنى جَاءَ (بعث) فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَو شِئْنَا لبعثنا فِي كل قَرْيَة نذيرا} وَيُقَال فِيمَا يتَصَرَّف بِنَفسِهِ أَرْسلتهُ: كَقَوْلِه تَعَالَى: {ثمَّ أرسلنَا رسلنَا} وَفِيمَا يحمل: (بعثت بِهِ) و (أرْسلت بِهِ) كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِنِّي مُرْسلَة إِلَيْهِم بهدية} وإرسال الْمثل: هُوَ أَن يَأْتِي الْمُتَكَلّم فِي بعض كَلَامه بِمَا يجْرِي مجْرى الْمثل السائر من حِكْمَة أَو نعت أَو غير ذَلِك كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن أَحْسَنْتُم أَحْسَنْتُم لأنفسكم وَإِن أسأتم فلهَا} {كل حزب بِمَا لديهم فَرِحُونَ} و {مَا على الرَّسُول إِلَّا الْبَلَاغ} {وَقَلِيل من عبَادي الشكُور} {كل نفس بِمَا كسبت رهينة} {وكل يعْمل على شاكلته} {ضعف الطَّالِب وَالْمَطْلُوب} {الْآن حصحص الْحق} [إِلَى غير ذَلِك] الأَرْض: هِيَ اسْم جنس، لم يَقُولُوا بواحدها، وَالْجمع: أرضات، لأَنهم قد يجمعُونَ الْمُؤَنَّث ألتي لَيست فِيهَا تَاء التَّأْنِيث بِالتَّاءِ ك (فرسات) ثمَّ قَالُوا: (أرضون) بِالْوَاو وَالنُّون عوضا عَمَّا حذفوه وَتركُوا فَتْحة الرَّاء على حَالهَا وَأَرْض أريضة: أَي زكية وأرضت الأَرْض: بِالضَّمِّ زكتْ وَدَلِيل تعددها قَوْله تَعَالَى: وَمن الأَرْض

مِثْلهنَّ} وَقد تؤول بالأقاليم السَّبْعَة أَو بطبقات العناصر الْأَرْبَعَة حَيْثُ عدت سبعا بالصرفة والاختلاط؛ وَلَا دَلِيل فِي قَوْله تَعَالَى: {الَّذِي جعل لكم الأَرْض فراشا} على عدم كرية الأَرْض، لِأَن الكرة إِذا عظمت كَانَت الْقطعَة مِنْهَا كالسطح فِي إِمْكَان الِاسْتِقْرَار عَلَيْهِ وَالْأَرْض على مَذْهَب الْمُتَكَلِّمين: مركبة من الْجَوَاهِر المفردة، فلهَا أَجزَاء ومفاصل بِالْفِعْلِ مَوْجُودَة بوجودات مُغَايرَة لوُجُود الْكل، كَمَا هُوَ شَأْن المركبات الخارجية وعَلى مَذْهَب الْحُكَمَاء: أَن البسائط عِنْدهم، وَإِن لم تكن ذَات أَجزَاء ومفاصل بِالْفِعْلِ، بل مُتَّصِلا وَاحِدًا فِي نفس الْأَمر، إِلَّا أَن الأَرْض ألتي عندنَا لَيست أَرضًا صرفة، فَإِنَّهَا لَا ترى لكَونهَا شفافة، بل مخلوطة بِالْمَاءِ والهواء، فَهِيَ مركبة من أَجزَاء مَوْجُودَة بِالْفِعْلِ وَالتُّرَاب: جنس لَا يثنى وَلَا يجمع؛ وَعَن الْمبرد: أَنه جمع (ترابة) وَالنِّسْبَة (ترابي) الْأَرْش: هُوَ بدل الدَّم أَو بدل الْجِنَايَة مُقَابل بآدمية الْمَقْطُوع أَو الْمَقْتُول، لَا بماليته؛ وَلِهَذَا وَجَبت الْقسَامَة فِي النَّفس، وَالْكَفَّارَة فِي الْخَطَأ، ويتحمله الْعَاقِلَة فِي ثَلَاث سِنِين بِالْإِجْمَاع، مُخَالفا لضمان الاموال الأرب: هُوَ فرط الْحَاجة الْمُقْتَضِي للاحتيال فِي الدّفع وكل أرب حَاجَة بِلَا عكس، ثمَّ اسْتعْمل تَارَة فِي الْحَاجة المفردة وَأُخْرَى فِي الاحتيال وَإِن لم تكن حَاجَة الإرهاص: هُوَ إِحْدَاث أَمر خارق للْعَادَة دَال على بعثة نَبِي [قبل الْبَعْث] كتظليل الْغَمَام لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِرْث: الْمِيرَاث وَالْأَصْل وَالْأَمر الْقَدِيم توارثه الآخر عَن الأول، والبقية من الشَّيْء؛ [وَمعنى قَوْله تَعَالَى: {وَللَّه مِيرَاث السَّمَوَات وَالْأَرْض} أَنه الْبَاقِي بعد فنَاء خلقه وَزَوَال أملاكهم فيموتون ويرثهم، وَنَظِيره: {إِنَّا نَحن نرث الأَرْض} ] وَقيل: الْإِرْث فِي الْحسب والورث فِي المَال الأرذل: الدون الخسيس، أَو الرَّدِيء من كل شَيْء، وأرذل الْعُمر: أسوأه، وَجمعه أرذلون على الصِّحَّة؛ وَفِي قَوْله تَعَالَى: {هم أراذلنا} على التكسير الإرصاد: الترقب يُقَال: أرصدت لَهُ الشَّيْء: إِذا جعلته لَهُ عدَّة والإرصاد فِي الشَّرّ وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي رصدت وأرصدت: فِي الْخَيْر وَالشَّر جَمِيعًا والإرصاد فِي البديع: إِيرَاد مَا يدل على الْعَجز {وَمَا كَانَ الله ليظلمهم وَلَكِن كَانُوا أنفسهم يظْلمُونَ} الإرداف: هُوَ عبارَة عَن تَبْدِيل كلمة بردفها من غير

انْتِقَال من لَازم إِلَى ملزوم، كَقَوْلِه تَعَالَى: {واستوت على الجودي} وأردفته: أركبته خَلْفي وردفت الرجل: ركبت خَلفه، وَقيل: تَقول ردفت وأردفت: إِذا فعلت ذَلِك بِنَفْسِك وَأما إِذا فعلته بغيرك فأردفت لَا غير وَهُوَ من أَنْوَاع البديع كَقَوْلِه: (لَيْسَ التكحل فِي الْعَينَيْنِ كالكحل) الأرق: هُوَ مَا استدعاك والسهر: مَا استدعيته وَقيل: السهر فِي الشَّرّ وَالْخَيْر، والأرق لَا يكون إِلَّا فِي الْمَكْرُوه الارتياح: النشاط وَالرَّحْمَة وارتاح الله لَهُ برحمته: أنقذه من البلية الإرجاف: الْإِخْبَار الْكَاذِب الإرفاد: الْإِعَانَة والإعطاء الارتجال: ارتجل الْكَلَام: تكلم بِهِ من غير أَن يهيئه، وبرأيه: انْفَرد الارتحال: ارتحل: سَار وَمضى؛ وَالْقَوْم عَن الْمَكَان: انتقلوا، كترحلوا، وَالِاسْم الرحلة بِالضَّمِّ وَالْكَسْر، أَو بِالْكَسْرِ الارتحال، وبالضم: الْوَجْه الَّذِي تقصده والرحيل: اسْم ارتحال الْقَوْم أرأيتك: هَذِه الْكَلِمَة فِي الأَصْل على وَجْهَيْن أَحدهمَا: أَنَّهَا من رُؤْيَة الْعين، فالكاف إِمَّا مفعول وَالْمعْنَى: هَل أبصرتك، أَو تَأْكِيد للْفَاعِل وَالْمَفْعُول شَيْء آخر، فَالْمَعْنى: هَل أَبْصرت أَنْت فلَانا؟ وَالثَّانِي: أَنَّهَا من رُؤْيَة الْقلب، فالكاف إِمَّا مفعول أول وَالثَّانِي أَمر آخر وَالْمعْنَى: هَل علمتك فَاضلا؟ أَو تَأْكِيد ومفعولاه شَيْء آخر فَالْمَعْنى: هَل علمت أَنْت زيدا فَاضلا؟ وعَلى أَي وَجه كَانَ يجب مُطَابقَة الْكَاف للتاء فِي الْإِفْرَاد والتثنية والتذكير والتأنيث، ثمَّ نقلوه عَن أَصله إِلَى معنى أَخْبرنِي بعلاقة السَّبَبِيَّة والمسببية، لِأَن الْعلم بالشَّيْء سَبَب للإخبار عَنهُ، وَكَذَا مُشَاهدَة الشَّيْء من أبصاره سَبَب وَطَرِيق إِلَى الْإِحَاطَة بِهِ علما، وَهِي إِلَى صِحَة الْإِخْبَار عَنهُ، وَلما نقلت صِيغَة الِاسْتِفْهَام إِلَى معنى الْأَمر وَجب حِينَئِذٍ أَن تتْرك التَّاء مُوَحدَة على كل حَال ليَكُون بَقَاؤُهَا على حَالَة وَاحِدَة وعلامة للنَّقْل [نوع] أَرِنِي: بِكَسْر الرَّاء: بصرني، وبسكونها: أَعْطِنِي و {أَرِنِي أنظر إِلَيْك} : أَي أرنيك، وَفِيه بَيَان بعد الْإِبْهَام أرابه: أَي أوقعه فِي الرِّيبَة أراب الرجل: كَانَ ذَا رِيبَة {فارهبون} : خافوني، حذفت الْيَاء لِأَنَّهَا فِي رَأس آيَة، ورؤوس الْآي يُوقف عَلَيْهَا، وَالْوَقْف على الْيَاء يستثقل، فاستغنوا عَنْهَا بالكسرة {أروني} : أخبروني {أركسهم} : أوقفهم أَو حَبسهم أَو ردهم أَو نكسهم

فصل الألف والزاي

{اربي} : أَكثر وأزيد وَمِنْه الرِّبَا {وارحمنا} : تعطف بِنَا وتفضل علينا {قَالُوا أرجه} : أَي أخر أمره {وَإِرْصَادًا} : ترقبا {فَارْتَد بَصيرًا} عَاد بَصيرًا {على الأرائك} : أَي على السرر {أراذلنا} : اسافلنا {وَالْجِبَال أرساها} : أثبتها {وَإِلَى رَبك فارغب} : بالسؤال وَلَا تسْأَل غَيره {فَارْتَقِبْ} : فانتظر {أريناه آيَاتنَا} : بصرناه إِيَّاهَا أَو عَرفْنَاهُ {أرذل الْعُمر} : الْهَرم {غير أولي الإربة من الرِّجَال} أولي الْحَاجة إِلَى النِّسَاء وهم الشُّيُوخ الأهمام والممسوحون، وَفِي الْمَجْبُوب والخصي خلاف، وَقيل: البله الَّذين يتبعُون النِّسَاء لفضل طعامهم وَلَا يعْرفُونَ شَيْئا من أُمُور النِّسَاء {اركض} : اضْرِب أَو ادْفَعْ {سَأُرْهِقُهُ صعُودًا} : سأغشيه عقبَة شاقة المصعد {مَا أريكم إِلَّا مَا أرى} : مَا أُشير إِلَيْكُم إِلَّا مَا أرى وأستصوب {أرداكم} : أهلككم [ {إرم} : اسْم بَلْدَة بناها عَاد إِن صَحَّ {بِمَا أَرَاك الله} : عرفك وَأوحى إِلَيْك] (فصل الْألف وَالزَّاي) الْأَزَل: هُوَ اسْم لما يضيق الْقلب عَن تَقْدِير بدايته من الْأَزَل وَهُوَ الضّيق والأبد: اسْم لما ينفر الْقلب عَن تَقْدِير نهايته، عَن الأبود: وَهُوَ النفور فالأزل بِالتَّحْرِيكِ: هُوَ مَا لَا بداية لَهُ فِي أَوله كالقدم والأبد: مَا لَا نِهَايَة لَهُ فِي آخِره كالبقاء يجمعهما وَاجِب الْوُجُود كالاستمرار فَإِنَّهُ مَا لَا نِهَايَة لَهُ فِي أَوله وَآخره؛ وَلما كَانَ بَقَاء الزَّمَان بِسَبَب مُرُور أَجْزَائِهِ بَعْضهَا عقيب بعض لَا جرم أطْلقُوا المستمر فِي حق الزَّمَان، وَأما فِي حق الْبَارِي فَهُوَ محَال لِأَنَّهُ بَاقٍ بِحَسب ذَاته الْعلية والسرمد: من السرد وَهُوَ التوالي والتعاقب، سمي الزَّمَان بِهِ لذَلِك، وَزَادُوا عَلَيْهِ الْمِيم ليُفِيد الْمُبَالغَة فِي ذَلِك الْمَعْنى، وَلما كَانَ هَذَا الْمَعْنى فِي حق

الله تَعَالَى محالا كَانَ إِطْلَاق السرمد عَلَيْهِ محالا أَيْضا، فَإِن ورد فِي الْكتاب وَالسّنة أطلقناه وَإِلَّا فَلَا والأزلي: أَعم من الْقَدِيم، لِأَن اعدام الْحَوَادِث أزلية وَلَيْسَت بقديمة قَالَ ابْن فَارس: وَأرى كلمة - يَعْنِي الأزلي - لَيست بمشهورة وَأجِيب أَنهم قَالُوا للقديم: (لم يزل) ثمَّ نسب إِلَى هَذَا فَلم يسْتَقلّ إِلَّا بالاختصار فَقَالُوا: يزلي، ثمَّ أبدلت الْيَاء ألفا لِأَنَّهَا أخف فَقَالُوا أزلي: كَقَوْلِهِم فِي الرمْح الْمَنْسُوب إِلَى ذِي يزن: أزني وَقيل الأزلي: هُوَ الَّذِي لم يكن ليسَا، وَالَّذِي لم يكن ليسَا لَا عِلّة لَهُ فِي الْوُجُود والأزليات: تتَنَاوَل ذَات الْبَارِي وَصِفَاته الْحَقِيقَة الاعتبارية الأزلية، وتتناول أَيْضا المعدومات الأزلية مُمكنَة كَانَت أَو ممتنعة وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أزلي وأبدي وَلَا تَقول: كَانَ الله مَوْجُودا فِي الْأَزَل فَإِنَّهُ يَقْتَضِي كَونه تَعَالَى زمانيا وَهُوَ محَال، وَالْقَوْل بأزليته سُبْحَانَهُ لَا يُوجب الِاعْتِرَاف بِكَوْن الزَّمَان أزليا، وعالم الدُّنْيَا مَعَ مَا فِيهِ لَا هَذَا وَلَا ذَاك وَمَا هُوَ مُمْتَنع الْوُجُود أزلي لَا أبدي، لِأَن مَا ثَبت قدمه امْتنع عَدمه وَالْإِنْسَان وَالْملك أبدي لَا أزلي، والقدم بِحَق الْبَارِي بِمَعْنى الأزلية الَّتِي هِيَ كَون وجوده غير مستفتح، لَا بِمَعْنى تطاول الزَّمن، فَإِن ذَلِك وصف للمحدثات كالعرجون الْقَدِيم وَلَيْسَ الْقدَم معنى زَائِدا على الذَّات فيلزمك أَن تَقول: ذَلِك الْمَعْنى أَيْضا قديم بقدم زَائِد عَلَيْهِ، فيتسلسل إِلَى غير نِهَايَة؛ لَا يُقَال إِثْبَات مَوْجُود لَا أول لَهُ إِثْبَات أَوْقَات متعاقبة لَا نِهَايَة لَهَا، إِذْ لَا يعقل اسْتِمْرَار وجود إِلَّا فِي أَوْقَات، وَذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى أثبات حوادث لَا أول لَهَا وَهُوَ بَاطِل لأَنا نقُول: الْأَوْقَات يعبر بهَا عَن موجودات تقارن مَوْجُودا، وكل مَوْجُود أضيف إِلَى مُقَارنَة مَوْجُود فَهُوَ وقته، والمستمر فِي الْعَادَات هُوَ التَّعْبِير بالأوقات عَن حركات الْفلك وتعاقب الجديدين؛ فَإِذا تبين ذَلِك فِي معنى الْوَقْت فَلَيْسَ من شَرط وجود الشَّيْء أَن يقارنه مَوْجُود آخر إِذا لم يتَعَلَّق أَحدهمَا بِالثَّانِي فِي قَضِيَّة عقلية وَلَو افْتقر كل مَوْجُود إِلَى وَقت وَقدر الْأَوْقَات مَوْجُودَة لافتقرت إِلَى أَوْقَات، وَذَلِكَ يجر إِلَى جهالات لَا ينتحلها عَاقل وَالله سُبْحَانَهُ قبل حُدُوث الْحَوَادِث متفرد بِوُجُودِهِ وَصِفَاته لَا يقارنه حَادث وَلما كَانَ لفظ الأزلي يُفِيد الانتساب إِلَى الْأَزَل، وَكَانَ يُوهم أَن الْأَزَل شَيْء حصل ذَات الله فِيهِ - وَهُوَ بَاطِل - إِذْ لَو كَانَ الْأَمر كَذَلِك لكَانَتْ ذَات الله مفتقرة إِلَى ذَلِك الشَّيْء ومحتاجة إِلَيْهِ وَهُوَ محَال فَقُلْنَا: المُرَاد بِهِ وجود لَا أول لَهُ الْبَتَّةَ، فَلم يزل سُبْحَانَهُ أَي لم يكن زمَان مُحَقّق أَو مُقَدّر، وَلم يمض إِلَّا وَوُجُود الْبَارِي مُقَارن لَهُ، فَهَذَا معنى الأزلية والقدم وَلَا يزَال: أَي لَا يَأْتِي زمَان فِي الْمُسْتَقْبل إِلَّا ووجوده مُقَارن لَهُ، وَهَذَا معنى الأبدية والدوام الإزجاء: السُّوق، وَمِنْه: (البضاعة المزجاة) فَإِنَّهَا يزجيها كل أحد الأزر: الْإِحَاطَة، وَالْقُوَّة، والضعف، ضد والإزار: الملحفة وَيُؤَنث كالمئزر، والإزر، والإزار، بكسرهما، وائتزر بِهِ وتأزر: وَلَا تقل: اتزر وَقد جَاءَ فِي بعض الْأَحَادِيث وَلَعَلَّه من تَحْرِيف الروَاة وآزر: قيل: هُوَ اسْم عَم إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام،

فصل الألف والسين

وَأما أَبوهُ فَإِنَّهُ تارخ الإزدار: الإصدار، وَقُرِئَ: {يَوْمئِذٍ يزدر النَّاس أشتاتا} الازدواج: هُوَ فِي البديع تناسب المتجاورين، نَحْو: {من سبإ بنبإ} الْإِزَالَة: الإذهاب، وأزال، وأزال: يتقاربان فِي الْمَعْنى، غير أَن أزل يَقْتَضِي عَثْرَة مَعَ الزَّوَال، يُقَال: (أزللته فزل) و (أزلته فَزَالَ) الأزلام: هِيَ القداح الَّتِي على أَحدهَا: " أَمرنِي رَبِّي " وعَلى الآخر: " نهاني رَبِّي " وَالثَّالِث: غفل فَإِن خرج الْآمِر مضوا على ذَلِك، وَإِن خرج الناهي تجنبوا عَنهُ، وَإِن خرج الغفل أجالوها ثَانِيًا [نوع] {يَوْم الآزفة} : أَي الْقِيَامَة سميت بهَا لأزوفها أَي لقربها] {احشروا الَّذين ظلمُوا وأزواجهم} وأشباههم {أَزوَاج} : ألوان من الْعَذَاب {ازدجر} : من الزّجر وَهُوَ الِانْتِهَار {أزلفت الْجنَّة} : قربت من الْمُؤمنِينَ {فآزره} : فقواه {أزفت الآزفة} : دنت السَّاعَة {أزاغ} : صرف {أزكى طَعَاما} : أحل وَأطيب، أَو أَكثر وأرخص {اشْدُد بِهِ أزري} : قوتي [ {أزكى لكم} : أَنْفَع] (فصل الْألف وَالسِّين) [الأسف] : كل مَا فِي الْقُرْآن من ذكر الأسف فَمَعْنَاه الْحزن، إِلَّا {فَلَمَّا آسفونا} فَإِن مَعْنَاهُ أغضبونا [الإسكاف] : كل صانع عِنْد الْعَرَب فَهُوَ إسكاف، إِلَّا الْخفاف، فَإِنَّهُ الأسكف [الِاسْتِصْحَاب] : كل شَيْء لَازم شَيْئا ولاءمه فقد استصحبه كل حكم عرف وُجُوبه فِي الْمَاضِي ثمَّ وَقع الشَّك فِي زَوَاله فِي الْحَال الثَّانِي فَهُوَ معنى الِاسْتِصْحَاب، وَله معنى آخر، وَهُوَ كل حكم عرف وُجُوبه بدليله فِي الْحَال وَوَقع الشَّك فِي كَونه على الأول زائلا فِي الْمَاضِي فبعض الْفُرُوع مُفَرع على الأول وَالْبَعْض على الثَّانِي [الأسلوب] : كل شَيْء امْتَدَّ فَهُوَ أسلوب، وَكَأَنَّهُ

(أفعول) من السَّلب، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو من الْمَدّ، وَمِنْه شجر سلب: أَي طَوِيل، لِأَنَّهُ إِذا أَخذ ورقه وسعفه امْتَدَّ وَطَالَ وَهُوَ الْفَنّ والطريقة وَالْجمع أساليب [الاستخبار] : كل استخبار سُؤال بِلَا عكس، لِأَن الاستخبار استدعاء الْخَبَر، وَالسُّؤَال يُقَال فِي الاستعطاف فَتَقول: سَأَلته كَذَا، وَيُقَال فِي الاستخبار أَيْضا فَتَقول: سَأَلته عَن كَذَا [الِاسْتِفْهَام] : كل اسْتِفْهَام استخبار بِلَا عكس، لِأَن قَوْله تَعَالَى: {أَأَنْت قلت للنَّاس} إِلَى آخِره استخبار وَلَيْسَ باستفهام، وَقيل: الِاسْتِفْهَام فِي الْآيَة على حَقِيقَته لِأَن طلب الْفَهم كَانَ مصروفا إِلَى غَيره مِمَّن يطْلب فهمه فَلَا يَسْتَحِيل الاستعلام: كل استعلام اسْتِفْهَام بِلَا عكس، لِأَن الاستعلام طلب الْعلم وَهُوَ أخص من الِاسْتِفْهَام، إِذْ لَيْسَ كل مَا يفهم يعلم، بل قد يظنّ ويخمن كل اسْتِفْهَام دخل فِي جحد فَمَعْنَاه التَّقْرِير [الِاسْم] : كل كلمة تدل على معنى فِي نَفسهَا وَلَا تتعرض لزمان فَهِيَ الِاسْم، وَلَو تعرضت لَهُ فَهِيَ الْفِعْل، وَالِاسْم أَصله سمو كعلم ومصدره السمو وَهُوَ الْعُلُوّ، وَاحِد الْأَسْمَاء، أَو وسم ووسمه: أعلمهُ، والموسم: الْمعلم، وَالْأول أصح لعدم وُرُود الأوسام، وَكلما وَقع التَّعَارُض بَين المذهبين فمذهب الْبَصرِيين من حَيْثُ اللَّفْظ أصح وأفصح وَمذهب الْكُوفِيّين من حَيْثُ الْمَعْنى أقوى وَأصْلح وَالِاسْم مُسَمَّاهُ مَا سواهُ، أَو هُوَ مُسَمَّاهُ، أَو مُسَمَّاهُ لَا هُوَ وَلَا مَا سواهُ، [واستعماله فِي التَّسْمِيَة أَكثر من الْمُسَمّى] وَلكُل وَاحِد أصل، وَسَيَجِيءُ تَفْصِيله قَالَ بَعضهم: الِاسْم مَا انبأ عَن الْمُسَمّى وَالْفِعْل مَا أنبأ عَن حَرَكَة الْمُسَمّى، والحرف مَا أنبأ عَن معنى لَيْسَ باسم وَلَا فعل، وَالْمَشْهُور فِي تَعْرِيف الِاسْم: مَا دلّ على معنى فِي نَفسه دلَالَة مُجَرّدَة عَن الاقتران [بِأحد الْأَزْمَان] وَلَا يخفى أَن الضَّمِير فِي نَفسه سَوَاء عَاد إِلَى الدَّال أَو الْمَدْلُول لَا يَخْلُو عَن خلل، إِذْ لَا معنى لما دلّ على معنى حصل فِي نَفسه لكَون مَعْنَاهُ حِينَئِذٍ مَا دلّ على معنى هُوَ مَدْلُوله، وَهَذَا عَبث وَكَذَا مَا دلّ على معنى حَاصِل فِي نفس ذَلِك الْمَعْنى لِامْتِنَاع كَون الشَّيْء حَاصِلا فِي نَفسه، وَلَو أُرِيد بِكَوْنِهِ حَاصِلا فِي نَفسه أَنه لَيْسَ حَاصِلا فِي غَيره فينتقض الْحَد بأسماء الصِّفَات وَالنّسب والتعريف بِمَا يَصح الْإِخْبَار عَنهُ ينْتَقض بأين وَإِذا وَكَيف وَالْجَوَاب بِأَن المُرَاد مَا جَازَ الْأَخْبَار عَن مَعْنَاهُ بِدَلِيل صِحَة (طَابَ الْوَقْت) ، وَهُوَ معنى (إِذا) ضَعِيف، إِذْ لَيْسَ (إِذا عبارَة عَن الْوَقْت فَقَط، بل هُوَ يفِيدهُ حَال مَا جعل ظرفا لشَيْء آخر، وَالْوَقْت حَال مَا جعل ظرفا لحادث آخر لَا يُمكن الْإِخْبَار عَنهُ الْبَتَّةَ وَالِاسْم لُغَة: مَا وضع لشَيْء من الْأَشْيَاء وَدلّ على معنى من الْمعَانِي، جوهرا كَانَ أَو عرضا، فَيشْمَل الْفِعْل والحرف أَيْضا، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا} أَي: أَسمَاء الْجَوَاهِر والاعراض كلهَا

واشتقاقا: هُوَ مَا يكون عَلامَة للشَّيْء ودليلا يرفعهُ إِلَى الذِّهْن من الالفاظ وَالصِّفَات وَالْأَفْعَال ووعرفا: هُوَ اللَّفْظ الْمَوْضُوع لِمَعْنى، سَوَاء كَانَ مركبا أَو مُفردا، مخبرا عَنهُ أَو خَبرا أَو رابطة بَينهمَا وَفِي عرف النُّحَاة: هُوَ اللَّفْظ الدَّال على الْمَعْنى الْمُفْرد الْمُقَابل للْفِعْل والحرف وَقد يُطلق الِاسْم وَيُرَاد بِهِ مَا يُقَابل الصّفة وَمَا يُقَابل الظّرْف، وَمَا يُقَابل الكنية واللقب وَالِاسْم: هُوَ اللَّفْظ الْمُفْرد الْمَوْضُوع للمعنى على مَا يعم أَنْوَاع الْكَلِمَة؛ وَأما تَقْيِيده بالاستقلال والتجرد عَن الزَّمَان ومقابلته بِالْفِعْلِ والحرف فاصطلاح النُّحَاة وَالِاسْم أَيْضا ذَات الشَّيْء قَالَ ابْن عَطِيَّة: يُقَال: ذَات، ومسمى، وَعين، وَاسم بِمَعْنى وَالِاسْم أَيْضا: الصّفة يُقَال: الْحق والخالق والعليم أَسمَاء الله تَعَالَى وَهُوَ رَأْي الاشعري والمسمى: هُوَ الْمَعْنى الَّذِي وضع الِاسْم بإزائه، وَالتَّسْمِيَة: هِيَ وضع الِاسْم للمعنى؛ وَقد يُرَاد بِالِاسْمِ نفس مَدْلُوله، وبالمسمى الذَّات من حَيْثُ هِيَ هِيَ، وبالتسمية نفس الاقوال، وَقد يُرَاد ذكر الشَّيْء باسمه، كَمَا يُقَال: سمي زيدا وَلم يسم عمرا وَالِاسْم لَا يدل بِالْوَضْعِ إِلَّا على الثُّبُوت والدوام والاسمتمرار معنى مجازي لَهُ، وَالْفِعْل يدل على التجدد والحدوث؛ وَلَا يحسن وضع أَحدهمَا مَوضِع الآخر؛ وَالِاسْم أَعلَى من صَاحِبيهِ إِذْ كَانَ يخبر بِهِ وَعنهُ، وَلَيْسَ كَذَلِك صَاحِبَاه وَالِاسْم إِن دلّ على معنى يقوم بِذَاتِهِ فَهُوَ اسْم عين كَالرّجلِ وَالْحجر، وَإِلَّا فاسم معنى، سَوَاء كَانَ مَعْنَاهُ وجوديا كَالْعلمِ أَو عدميا كالجهل وَمثل: زيد وَعَمْرو وَفَاطِمَة وَعَائِشَة وَدَار وَفرس هُوَ اسْم علم وَمثل: رجل وَامْرَأَة وشمس وقمر هُوَ اسْم لَازم، أَي لَا يَنْقَلِب وَلَا يُفَارق وَمثل: صَغِير وكبير وَقَلِيل وَكثير وطفل وكهل هُوَ اسْم مفارق وَمثل: كَاتب وخياط هُوَ اسْم مُشْتَقّ وَمثل: غُلَام جَعْفَر وثوب زيد هُوَ اسْم مُضَاف وَمثل: فلَان أَسد هُوَ اسْم مشبه. وَمثل: أَب وَأم وَأُخْت هُوَ اسْم مَنْسُوب يثبت بِنَفسِهِ وَيثبت غَيره وَمثل: حَيَوَان وناس اسْم جنس وَالِاسْم بِاعْتِبَار مَعْنَاهُ على سِتَّة أَقسَام: فنحو: (زيد) جزئي حَقِيقِيّ وَنَحْو: (الْإِنْسَان) كلي متواطئ وَنَحْو: (الْوُجُود) كلي مشكك وَنَحْو (الْعين) : مُشْتَرك وَنَحْو (الصَّلَاة) : مَنْقُول مَتْرُوك وَنَحْو (الْأسد) : حَقِيقِيّ ومجاز وَالِاسْم الْمُفْرد ك (زيد) و (عَمْرو) والمركب إِمَّا من فعل ك (تأبط شرا) وَإِمَّا من مُضَاف ومضاف إِلَيْهِ ك (عبد الله) أَو من اسْمَيْنِ قد ركبا وَجعلا بِمَنْزِلَة اسْم وَاحِد ك (سِيبَوَيْهٍ) وَقد يكون الْمُفْرد مرتجلا، وَهُوَ الَّذِي مَا اسْتعْمل فِي غير العلمية ك (مذْحج) و (أدد) وَقد يكون مَنْقُولًا إِمَّا من مصدر ك (سعد) و (فضل) أَو من اسْم فَاعل ك (عَامر) و (صَالح) أَو من اسْم مفعول ك (مَحْمُود) و (مَسْعُود) أَو من أفعل التَّفْضِيل ك (احْمَد) و (اِسْعَدْ) أَو من صفة ك (عَتيق) وَهُوَ الدارب بالأمور والظافر بالمطلوب و (سلول) وَهُوَ كثير السل

وَقد يكون مَنْقُولًا من اسْم عين ك (اسد) و (صقر) وَقد يكون مَنْقُولًا من فعل مَاض ك (ابان) و (شمر) أَو من فعل مضارع ك (يزِيد) و (يشْكر) وَوُقُوع الِاسْم على الشَّيْء بِاعْتِبَار ذَاته كالأعلام وَبِاعْتِبَار صفة حَقِيقَة قَائِمَة بِذَاتِهِ كالأسود والأبيض والحار والبارد وَاعْتِبَار جُزْء من أَجزَاء ذَاته كَقَوْلِنَا للحيوان إِنَّه جَوْهَر وجسم وَبِاعْتِبَار صفة إضافية فَقَط كَقَوْلِنَا للشَّيْء، إِنَّه مَعْلُوم وَمَفْهُوم ومذكور وَمَالك ومملوك. وَبِاعْتِبَار صفة سلبية كالأعمى وَالْفَقِير وَبِاعْتِبَار صفة حَقِيقِيَّة مَعَ صفة إضافية كَقَوْلِنَا للشَّيْء إِنَّه عَالم وقادر، فَإِن الْعلم عِنْد الْجُمْهُور صفة حَقِيقِيَّة وَلها إِضَافَة إِلَى المعلومات، وَكَذَا الْقُدْرَة صفة حَقِيقِيَّة وَلها إِضَافَة إِلَى المقدورات وَبِاعْتِبَار صفتين حَقِيقِيَّة وسلبية كشجاع وَهِي الملكة وَعدم الْبُخْل وَبِاعْتِبَار صفتين إضافية وسلبية كَالْأولِ لِأَنَّهُ سَابق لغيره وَلم يسْبقهُ غَيره، وقيوم لِأَنَّهُ غير مُحْتَاج إِلَى غَيره ومقوم لغيره وَبِاعْتِبَار الصِّفَات الثَّلَاث كالإله لِأَنَّهُ دَال على وُجُوبه لذاته وعَلى إيجاده لغيره وعَلى تنزيهه عَمَّا لَا يَلِيق بِهِ وَالِاسْم غير الصّفة: مَا كَانَ جِنْسا غير مَأْخُوذ من الْفِعْل نَحْو: رجل وَفرس وَعلم وَجَهل وَالصّفة مَا كَانَ مأخوذا من الْفِعْل نَحْو اسْم الْفَاعِل وَاسم الْمَفْعُول ك (ضَارب ومضروب) وَمَا أشبههما من الصِّفَات الفعلية، و (أَحْمَر) و (أصفر) وَمَا أشبههما من صِفَات الْحِلْية، و (مصري) و (مغربي) وَنَحْوهمَا من صِفَات النِّسْبَة؛ وَهَذَا من حَيْثُ اللَّفْظ، وَأما من حَيْثُ الْمَعْنى فالصفة تدل على ذَات وَصفَة نَحْو: (أسود) إِلَّا أَن دلالتها على الذَّات تَسْمِيَة، ودلالتها على السوَاد من جِهَة أَنه مُشْتَقّ من لَفظه فَهُوَ خَارج، وَغير الصّفة لَا يدل إِلَّا على شَيْء وَاحِد وَهُوَ ذَات الْمُسَمّى وَالِاسْم الْوَاقِع فِي الْكَلَام قد يُرَاد بِهِ نفس لَفظه كَمَا يُقَال: (زيد) : مُعرب و (ضرب) : فعل مَاض، و (من) : حرف جر وَقد يُرَاد بِهِ مَعْنَاهُ كَقَوْلِنَا: (زيد كَاتب) وَقد يُرَاد بِهِ نفس مَا هية الْمُسَمّى مثل (الْإِنْسَان نوع وَالْحَيَوَان جنس) وَقد يُرَاد بِهِ فَرد مِنْهُ نَحْو: (جَاءَنِي إِنْسَان) و (رَأَيْت حَيَوَانا) وَقد يُرَاد جزؤها كالناطق، أَو عَارض لَهَا كالضاحك، فَلَا يبعد أَن يَقع اخْتِلَاف واشتباه فِي أَن اسْم الشَّيْء نفس مُسَمَّاهُ أَو غَيره؛ وَفِي مثل: (كتبت زيدا) يُرَاد بِهِ اللَّفْظ، وَفِي مثل (كتب زيد) يُرَاد بِهِ الْمُسَمّى، وَإِذا أطلق بِلَا قرينَة ترجح اللَّفْظ أَو الْمُسَمّى كَمَا فِي قَوْلك: (زيد حسن) فَإِنَّهُ يحتملهما بِلَا رُجْحَان، فالقائل بالغيرية يحملهُ على اللَّفْظ، وبالعينية على الْمُسَمّى، فَعِنْدَ النَّحْوِيين غير الْمُسَمّى، إِذْ لَو كَانَ إِيَّاه لما جَازَ إِضَافَته إِلَيْهِ، إِذْ الشَّيْء لَا يُضَاف إِلَى نَفسه؛ فالاسم هُوَ اللَّفْظ الْمُطلق على الْحَقِيقَة عينا تِلْكَ الْحَقِيقَة أَو معنى، تمييزا لَهَا باللقب مِمَّن يشاركها فِي النَّوْع، والمسمى تِلْكَ الْحَقِيقَة وَهِي ذَات ذَلِك اللقب أَي صَاحبه، فَمن ذَلِك: (لَقيته ذَات مرّة) وَالْمرَاد الزَّمن الْمُسَمّى بِهَذَا الِاسْم الَّذِي هُوَ مرّة، وَالدَّلِيل على التغاير بَينهمَا أَيْضا ثُبُوت كل مِنْهُمَا حَال عدم الآخر، كالحقائق الَّتِي مَا وضعُوا لَهَا اسْما بِعَيْنِه، وكألفاظ الْمَعْدُوم والمنفي، وكالأسماء المترادفة والمشتركة فَإِن كَثْرَة المسميات ووحدة

الِاسْم فِي الْمُشْتَرك، وَبِالْعَكْسِ فِي المترادف يُوجب الْمُغَايرَة، لَا سِيمَا أَن الِاسْم أصوات مقطعَة وصنعت لتعريف المسميات، وَتلك الْأَصْوَات أغراض غير بَاقِيَة، والمسمى قد يكون بَاقِيا، بل يكون وَاجِب الْوُجُود لذاته قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ: " قد يكون الِاسْم عين الْمُسَمّى نَحْو (الله) فَإِنَّهُ علم للذات من غير اعْتِبَار معنى فِيهِ، وَقد يكون غَيره نَحْو: الْخَالِق والرازق مِمَّا يدل على نِسْبَة إِلَى غَيره، وَلَا شكّ أَنه غَيره، وَقد يكون لَا هُوَ وَلَا غَيره، كالعليم وَالْقَدِيم مِمَّا يدل على صفة حَقِيقِيَّة قَائِمَة بِذَاتِهِ " انْتهى لَكِن إِطْلَاق الِاسْم بِمَعْنى الصّفة على مَا مَدْلُوله مُجَرّد للذات بِلَا معنى زَائِد مَحل نظر؛ فَإِن قيل: لَو كَانَ الِاسْم هُوَ الْمُسَمّى لاستقام أَن يُقَال: إِن الله اسْم، كَمَا يَسْتَقِيم القَوْل بِأَن الله مُسَمّى، واستقام أَن يُقَال بِأَنَّهُ [عبد] اسْم الله، كَمَا يَسْتَقِيم القَوْل بِأَنَّهُ عبد الله قُلْنَا: السَّبِيل فِي مثله التَّوْقِيف وَلم يرد التَّوْقِيف بِأَن اسْم الله هُوَ الله، وَلَا بِأَن (عبد اسْم الله) عبد الله كَذَا فِي " الْكَافِي " والمحكي عَن الْمُعْتَزلَة أَن الِاسْم غير الْمُسَمّى، وَلَفظ الِاسْم فِي قَوْله تَعَالَى: {سبح اسْم رَبك} و {تبَارك اسْم رَبك} مقحم؛ وَلنَا أَن تِلْكَ الْآيَة دَلِيل على أَنَّهُمَا وَاحِد، إِذْ لَو كَانَ الِاسْم غير الْمُسَمّى لَكَانَ أمرا بالتسبيح لغير الله؛ وعَلى هَذَا إِذا قَالَ: (زَيْنَب طَالِق) وَاسم امْرَأَته زَيْنَب يَقع على ذَات الْمَرْأَة لَا على اسْمهَا، وَإِذا اسْتعْمل بِمَعْنى التَّسْمِيَة يكون غير الْمُسَمّى لَا محَالة؛ فجواب (مَا اسْمك) زيد لِأَن (مَا) لغير الْعُقَلَاء، وَجَوَاب (من زيد) ؟ أَنا، بِالْإِضَافَة إِلَى الذَّات؛ وَفِي الْجُمْلَة: الِاسْم هُوَ مَدْلُول اللَّفْظ لَا اللَّفْظ؛ يُقَال زيد هَذَا الشَّخْص، وَزيد جَاءَ؛ وَلَو كَانَ هُوَ اللَّفْظ لما صَحَّ الْإِسْنَاد، فَعلم أَنه عين الْمُسَمّى خَارِجا لَا مفهوما، وَأما اللَّفْظ الْحَاصِل بالتكلم وَهُوَ الْحُرُوف المركبة تركبا مَخْصُوصًا فيسمى بِالتَّسْمِيَةِ ثمَّ اعْلَم أَن الِاسْم إِمَّا أَن يوضع لذات مُعينَة من غير مُلَاحظَة معنى من الْمعَانِي مَعهَا مثل (الْإِبِل وَالْفرس) ، وَإِمَّا أَن يوضع لذات مُعينَة بِاعْتِبَار صدق معنى مَا عَلَيْهَا، فيلاحظ الْوَاضِع تِلْكَ الذَّات بِاعْتِبَار صدق ذَلِك الْمَعْنى عَلَيْهَا، ثمَّ يوضع الِاسْم بِإِزَاءِ تِلْكَ الذَّات فَقَط خَارِجا عَنْهَا ذَلِك الْمَعْنى، أَو بِإِزَاءِ الذَّات المتصفة بذلك الْمَعْنى دَاخِلا ذَلِك الْمَعْنى فِي الْمَوْضُوع لَهُ فَيكون الْمَعْنى سَببا باعثا للوضع فِي هَاتين الصُّورَتَيْنِ، مَعَ أَنه خَارج فِي الصُّورَة الأولى دَاخل فِي الثَّانِيَة وكل من هَذِه الْأَقْسَام الثَّلَاثَة اسْم يُوصف وَلَا يُوصف بِهِ، إِذْ مَدْلُوله الذَّات الْمعينَة الْقَائِمَة بِنَفسِهَا ممتنعة الْقيام بغَيْرهَا حَتَّى يُوصف بهَا الْغَيْر؛ وَإِمَّا أَن يوضع لذات مُبْهمَة يقوم بهَا معنى معِين على أَن يكون قيام ذَلِك الْمَعْنى بأية ذَات كَانَت من الذوات مصححا للاطلاق فَهَذَا الْقسم هُوَ الصّفة إِذْ مَدْلُوله قَائِم بِغَيْرِهِ لَا بِنَفسِهِ، لِأَنَّهُ مركب من مَفْهُوم الذَّات المبهمة وَالْمعْنَى، وَقيام الْمَعْنى بِغَيْرِهِ ظَاهر، وَكَذَا الذَّات المبهمة معنى من الْمعَانِي، إِذْ لَا اسْتِقْلَال

لَهُ بِنَفسِهِ فَيقوم بِغَيْرِهِ، وَالضَّابِط فِيهِ هُوَ أَن كل ذَات قَامَت بهَا صِفَات زَائِدَة عَلَيْهَا، فالذات غير الصِّفَات، وَكَذَا كل وَاحِد من الصِّفَات، غير الآخر ان اخْتلف بالذوات، بِمَعْنى أَن حَقِيقَة كل وَاحِد، وَالْمَفْهُوم مِنْهُ عِنْد انْفِرَاده غير مَفْهُوم الآخر لَا محَالة، وَإِن كَانَت الصِّفَات غير مَا قَامَت بِهِ من الذَّات، فَالْقَوْل بِأَنَّهَا غير مَدْلُول الِاسْم الْمُشْتَقّ مِنْهَا أَو مَا وضع لَهَا وللذات من غير اشتقاق، وَذَلِكَ مثل صفة الْعلم بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُسَمّى الْعَالم أَو مُسَمّى الاله؛ فعلى هَذَا، وَإِن صَحَّ القَوْل بِأَن علم الله غير مَا قَامَ بِهِ من الذَّات لَا يَصح أَن يُقَال: إِن علم الله غير مَدْلُول اسْم الله أَو عينه، إِذْ لَيْسَ هُوَ عين مَجْمُوع الذَّات مَعَ الصِّفَات، وَلَعَلَّ هَذَا مَا أَرَادَهُ بعض الحذاق من الْأَصْحَاب فِي أَن الصِّفَات النفسية لَا هِيَ هُوَ وَلَا هِيَ غَيره؛ إِذا عرفت هَذَا فَنَقُول: إِن الاله اسْم لَا وصف، مَعَ أَنه صَالح للوصفية أَيْضا، لاشتمال مَعْنَاهُ على الذَّات المبهمة الْقَائِمَة بهَا معنى وَعين وَالدَّلِيل على ذَلِك جَرَيَان الْأَوْصَاف عَلَيْهِ وَعدم جَرَيَانه على مَوْصُوف مَا، وَالسَّبَب فِي ذَلِك كَونه فِي أصل وَضعه لذات مُعينَة، بِاعْتِبَار وصف الألوهية؛ وَمَعْلُوم أَن الذَّات الْمعينَة قَائِمَة بِنَفسِهَا لَا يحْتَمل قِيَامهَا بغَيْرهَا حَتَّى يَصح إِجْرَاء اللَّفْظ الدَّال عَلَيْهَا على مَوْصُوف مَا؛ وَهَذَا هُوَ الْفرق بَين الِاسْم وَالصّفة اسْم الْجِنْس: هُوَ يُطلق على الْوَاحِد على سَبِيل الْبَدَل ك (رجل) ، وَلَا يُطلق على الْقَلِيل وَالْكثير، وَالْجِنْس يُطلق عَلَيْهِمَا ك (المَاء) وَاسم الْجِنْس: لَا يتَنَاوَل الْأَفْرَاد على سَبِيل الْعُمُوم والشمول فِي غير مَوضِع الِاسْتِغْرَاق، ويتناول مَا تَحْتَهُ من الْأَنْوَاع كالحيوان يتَنَاوَل الْإِنْسَان وَغَيره مِمَّا فِيهِ الحيوانية وَاسم النَّوْع: لَا يتَنَاوَل الْجِنْس كالإنسان فَإِنَّهُ لَا يتَنَاوَل الْحَيَوَان وَاسم الْجِنْس إِذا عرف بِاللَّامِ، فَإِن كَانَ هُنَاكَ حِصَّة من الْمَاهِيّة مَعْهُود حمل عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَإِن لم يكن هُنَاكَ مَا يدل على إِرَادَة الْحَقِيقَة من حَيْثُ وجودهَا فِي ضمن أفرادها حمل على الْحَقِيقَة؛ وَإِن دلّت قرينَة على إرادتها من حَيْثُ الْوُجُود فَإِن كَانَ الْمقَام مناسبا للاستغراق حمل عَلَيْهِ، وَإِلَّا حمل على غير معِين وشمول اسْم الْجِنْس لكل فَرد ومثنى ومجموع إِنَّمَا يتَصَوَّر على مَذْهَب من يَقُول ان اسْم الْجِنْس مَوْضُوع للماهية من حَيْثُ هِيَ المتحدة فِي الذِّهْن يُمكن فرض صدقهَا على كثيرين فِي الْخَارِج فَهِيَ متعينة فِي الذِّهْن بِالنِّسْبَةِ إِلَى سَائِر الْحَقَائِق، وَلَيْسَت بمشخصة حَيْثُ تُوجد فِي الْخَارِج فِي ضمن أَفْرَاد كَثِيرَة هَذَا مَا هُوَ مُخْتَار السَّيِّد الشريف وَالْقَاضِي الْعَضُد وَأما على مَذْهَب من يَقُول إِنَّه مَوْضُوع للماهية مَعَ وحدة شخصية أَو نوعية بِاعْتِبَار وجودهَا فِي الْخَارِج يُسمى فَردا منتشرا فَهُوَ لَيْسَ بمتعين وَلَا بشخص، وَهُوَ مَذْهَب الْأُصُولِيِّينَ ومختار ابْن الْحَاجِب والرضي والتفتازاني وَاسم الْجِنْس مَوْضُوع للفرد الْمُبْهم، وَعلم الْجِنْس مَوْضُوع للماهية، وَإِذا قَالَ الْوَاضِع: وضعت لَفْظَة (أُسَامَة) لإِفَادَة ذَات كل وَاحِد من أشخاص الْأسد بِعَينهَا من حَيْثُ هِيَ هِيَ على سَبِيل الِاشْتِرَاك اللَّفْظِيّ، فَإِن ذَلِك علم الْجِنْس وَإِذا قَالَ: وضعت لفظ (الْأسد) لإِفَادَة الْمَاهِيّة الَّتِي هِيَ الْقدر الْمُشْتَرك بَين هَذِه الْأَشْخَاص فَقَط من غير أَن يكون فِيهَا دلَالَة على الشَّخْص الْمعِين كَانَ اسْم الْجِنْس

الِاسْم المتمكن: أَي اسْم راسخ الْقدَم فِي الاسمية، وَهُوَ مَا يجْرِي عَلَيْهِ الاعراب، أَي مَا يقبل الحركات الثَّلَاث ك (زيد) وَغير المتمكن: مَا لَا يجْرِي عَلَيْهِ الْإِعْرَاب وَالِاسْم التَّام: مَا يَسْتَغْنِي عَن الْإِضَافَة والمقصور: مَا فِي آخِره ألف مُفْردَة والمنقوص: مَا فِي آخِره يَاء قبلهَا كسرة ك (القَاضِي) وَالِاسْم الْمُشْتَرك: مَا لَهُ وضعان أَو أَكثر بِإِزَاءِ مدلولية أَو مدلولاته، فَلِكُل مَدْلُول وضع وَالْعَام: مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا وضع وَاحِد يتَنَاوَل كل فَرد ويستغرق الْأَفْرَاد وَأَسْمَاء الْأَفْعَال: مَوْضُوعَة بِإِزَاءِ أَلْفَاظ الْأَفْعَال ك (استجب) و (أمْهل) و (أسْرع) و (أقبل) من حَيْثُ يُرَاد بهَا مَعَانِيهَا، لَا من حَيْثُ يُرَاد بهَا أَنْفسهَا، لِأَن مدلولاتها الَّتِي وضعت لَهَا هِيَ أَلْفَاظ لم يعْتَبر اقترانها بِزَمَان؛ وَأما الْمعَانِي المقترنة بِالزَّمَانِ فَهِيَ مدلولة لتِلْك الْأَلْفَاظ، فينقل من الْأَسْمَاء إِلَيْهَا بواسطتها وَحكم أَسمَاء الْأَفْعَال فِي التَّعَدِّي واللزوم حكم الْأَفْعَال الَّتِي هِيَ بمعناها، إِلَّا أَن الْبَاء تزاد فِي مفعولها كثيرا نَحْو (عَلَيْك بِهِ) لِضعْفِهَا فِي الْعَمَل، فَيعْمل بِحرف عَادَته إِيصَال اللَّازِم إِلَى الْمَفْعُول اسْم الْفَاعِل: هُوَ مَا اشتق لما حدث مِنْهُ الْفِعْل وَالْفَاعِل: مَا أسْند إِلَيْهِ الْمَعْرُوف أوشبهه ونائب الْفَاعِل: مَا أسْند إِلَيْهِ الْمَجْهُول أَو شبهه وَالْفَاعِل كاسم الْفَاعِل إِذا اعْتمد على الْهمزَة يُسَاوِي الْفِعْل فِي الْعَمَل نَحْو: (أقائم الزيدان) وَالْفَاعِل الَّذِي بِمَعْنى ذِي كَذَا لَا يؤنث لقَوْله تَعَالَى: {السَّمَاء منفطر بِهِ} أَي ذَات انفطار، بِخِلَاف اسْم الْفَاعِل وَاسم الْفَاعِل مجَاز فِي الْمَاضِي عِنْد الْأَكْثَرين وَحَقِيقَة فِي الْحَال عِنْد الْكل، ومجاز فِي الِاسْتِقْبَال اتِّفَاقًا، وَقيل: حَقِيقَة فِي الْمَاضِي؛ وَقيل: إِن كَانَ الْفِعْل مِمَّا لَا يُمكن بَقَاؤُهُ كالمتحرك والمتكلم وَنَحْو ذَلِك فحقيقة، وَإِلَّا فمجاز؛ وَهَكَذَا اسْم الْمَفْعُول وكل اسْم دلّ على الْمصدر فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي التّكْرَار كالسارق فِي آيَة السّرقَة فَإِن الْمصدر الثَّابِت بِلَفْظ السَّارِق لما لم يَجْعَل للعدد أُرِيد بهَا الْمرة، وبالمرة الْوَاحِدَة لَا يقطع إِلَّا يَد وَاحِدَة، واليمنى متعينة بِالْإِجْمَاع وبالسنة قولا وفعلا؛ وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: {فَاقْطَعُوا أيمانهما} يَقُول الشَّافِعِي: " الْآيَة تدل على قطع يسرى السَّارِق فِي الكرة الثَّانِيَة " وَهُوَ ضَعِيف؛ وَإِنَّمَا يحمل الشَّافِعِي الْمُطلق على الْمُقَيد هَهُنَا مَعَ الِاتِّفَاق عَلَيْهِ فِي صُورَة اتِّحَاد الحكم والحادثة، لِأَنَّهُ لَا يعْمل بِالْقِرَاءَةِ غير المتواترة وَيجوز تَعديَة اسْم الْفَاعِل بِحرف الْجَرّ وَامْتنع ذَلِك فِي فعله نَحْو: {فعال لما يُرِيد} وَاسم الْفَاعِل الْمُتَعَدِّي لَا يُضَاف إِلَى فَاعله لوُقُوع الالتباس، وَهُوَ مَعَ فَاعله يعد من الْمُفْردَات، بِخِلَاف الْفِعْل مَعَ فَاعله وَلَا يكون مُبْتَدأ حَتَّى يعْتَمد على الِاسْتِفْهَام أَو

النَّفْي أَو معنى النَّفْي لِأَنَّهُمَا يقربانه بِمَالِه صدر الْكَلَام؛ وَيدل فِي كثير من الْمَوَاضِع على ثُبُوت الْمصدر فِي الْفَاعِل ورسوخه فِيهِ، وَالْفِعْل الْمَاضِي لَا يدل عَلَيْهِ وَاسم الْفَاعِل مَعَ فَاعله لَيْسَ بجملة لشبهه بالخالي عَن الضَّمِير حَيْثُ لم يتفاوتا فِي الْحِكَايَة وَالْخطاب والغيبة تَقول: (أَنا قَائِم، أَنْت قَائِم، هُوَ قَائِم) كَمَا تَقول: (أَنا غُلَام، أَنْت غُلَام، هُوَ غُلَام) إِلَّا أَنه إِذا وَقع صلَة كَانَ مُقَدرا بِالْفِعْلِ فَيكون جملَة؛ وَإِنَّمَا عدل إِلَى صُورَة الِاسْم كَرَاهَة دُخُول مَا هُوَ فِي صُورَة لَام التَّعْرِيف على صَرِيح الْفِعْل وَالْفِعْل مَعَ فَاعله جملَة لأصالته ويبنى اسْم الْفَاعِل من اللَّازِم كَمَا يبْنى من الْمُتَعَدِّي وَاسم الْمَفْعُول إِنَّمَا يبْنى من فعل مُتَعَدٍّ وَاسم الْفَاعِل المُرَاد بِهِ الْمُضِيّ لَا يعْمل إِلَّا إِذا كَانَ فِيهِ اللَّام بِمَعْنى (الَّذِي) ويتعرف بِالْإِضَافَة، وَإِذا ثني أَو جمع لَا يجوز فِيهِ إِلَّا حذف النُّون والجر بِخِلَاف اسْم الْفَاعِل المُرَاد بِهِ الْحَال والاستقبال فَإِنَّهُ يعْمل مُطلقًا وَلَا يتعرف بِالْإِضَافَة، وَيجوز فِيهِ فِي صُورَة التَّثْنِيَة وَالْجمع حذف النُّون والجر وَبَقَاء النُّون وَالنّصب وَاسْتِعْمَال اسْم الْفَاعِل بِمَعْنى الْحَاضِر أقوى مِنْهُ بِمَعْنى الْمُسْتَقْبل وَاسم الْفَاعِل دون الصّفة المشبهة فِي الدّلَالَة على الثُّبُوت، وَلَا يكون اسْم الْفَاعِل إِلَّا مجاريا للمضارع فِي حركاته وسكناته، وَالصّفة المشبهة تكون مجارية لَهُ ك (منطلق اللِّسَان) و (مطمئن) الْقلب) ؛ وَغير مجارية لَهُ وَهُوَ الْغَالِب وَاسم الْفَاعِل لَا يُخَالف فعله فِي الْعَمَل وَالصّفة المشبهة تخَالفه فِيهِ، لِأَنَّهَا تنصب مَعَ قُصُور فعلهَا، وَيجوز حذف اسْم الْفَاعِل وإبقاء معموله، وَالصّفة المشبهة لَا تعْمل محذوفة وَاسم الْفَاعِل لما كَانَ جَارِيا على الْفِعْل جَازَ أَن يقْصد بِهِ الْحُدُوث بمعونة الْقَرَائِن كَمَا فِي (ضايق) وَيجوز أَن يقْصد بِهِ الدَّوَام كَمَا فِي الْمَدْح وَالْمُبَالغَة، وَكَذَا حكم اسْم الْمَفْعُول وَأما الصّفة المشبهة فَلَا يقْصد بهَا إِلَّا مُجَرّد الثُّبُوت وضعا، والدوام باقتضاء الْمقَام وَاسم الْفَاعِل يتَحَمَّل الضَّمِير، بِخِلَاف الْمصدر؛ وَالْألف وَاللَّام فِيهِ تفِيد التَّعْرِيف والموصولية؛ وَفِي الْمصدر تفِيد التَّعْرِيف فَقَط وَيجوز تَقْدِيم معموله عَلَيْهِ نَحْو: (هَذَا زيدا ضَارب) بِخِلَاف الْمصدر وَيعْمل بشبه الْفِعْل، والمصدر لَا يعْمل بشبه شَيْء لِأَنَّهُ الأَصْل وَلَا يعْمل إِلَّا فِي الْحَال والاستقبال، والمصدر يعْمل فِي الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة وَلَا يعْمل مُعْتَمدًا على مَوْصُوف أَو ذِي خبر أَو حَال، والمصدر يعْمل مُعْتَمدًا وَغير مُعْتَمد وَقد يُضَاف مَعَ الْألف وَاللَّام، والمصدر لَا يُضَاف كَذَلِك. وَلَا يُضَاف إِلَّا إِلَى الْمَفْعُول، والمصدر يُضَاف إِلَى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَالظَّاهِر من صِيغَة الْفَاعِل غير الْمُضَاف هُوَ الِاسْتِقْبَال، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي (ضَارب غلامك) حَيْثُ قَالُوا: هُوَ عدَّة إِن لم يضف وَإِقْرَار إِن أضَاف وَاسم الْفَاعِل من الْعدَد: إِذا أضيف إِلَى أنقص مِنْهُ يكون بِمَعْنى الْمصير نَحْو: (ثَالِث اثْنَيْنِ) أَي مصير الِاثْنَيْنِ ثَلَاثَة؛ وعَلى هَذَا قَول الرضي: الثَّالِث الْمَعْنيين أَي مصير الْمَعْنيين السَّابِقين

ثَلَاثَة؛ وَإِنَّمَا دخل (ال) على الْمُضَاف إِضَافَة لفظية لكَونهَا دَاخِلَة أَيْضا على الْمُضَاف إِلَيْهِ نَحْو: (الْجَعْد الشّعْر) [وَإِذا أضيف إِلَى أَزِيد مِنْهُ أَو إِلَى مُسَاوِيَة يكون بِمَعْنى الْحَال نَحْو: (ثَانِي اثْنَيْنِ) أَو (ثَانِي ثَلَاثَة) أَي أَحدهمَا] وَاسم الْفَاعِل والمصدر المتعديين إِلَى الْمَفْعُول بأنفسهما قد يقويان بِاللَّامِ، وَيُسمى لَام التقوية فِي غير نَحْو: (عل) و (عرف) و (درى) و (جهل) ؛ وَلَا يقوى الْفِعْل بِاللَّامِ إِذا قدم مَفْعُوله فَيُقَال (لزيدا ضربت) وَاسم الْفَاعِل يجوز عطفه على الْفِعْل وَبِالْعَكْسِ مثل: {صافات ويقبضن} وَعمل اسْم الْفَاعِل مَشْرُوط بِشَرْطَيْنِ: أَحدهمَا كَونه بِمَعْنى الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال وَثَانِيهمَا اعْتِمَاده على أحد الْأَشْيَاء السِّتَّة: حرف النَّفْي، وحرف الِاسْتِفْهَام ملفوظا أَو مُقَدرا، والمبتدأ صَرِيحًا أَو منويا؛ والموصوف؛ وَذُو الْحَال؛ والموصول، كَمَا أَن الظّرْف مَشْرُوط فِي عمله الِاعْتِمَاد على أحد مَا ذكر وَزَاد الْبَعْض فِي اسْم الْفَاعِل الِاعْتِمَاد على حرف النداء نَحْو: (يَا طالعا جبلا) وَبَعْضهمْ على (إِن) نَحْو: (إِن قَائِم الزيدان) وَاسم الْفَاعِل وَنَحْوه يدل على شخص متصف بِالْمَصْدَرِ الْمُشْتَقّ مِنْهُ، وَلَا دلَالَة لَهُ على الزَّمَان إِذا أُرِيد بِهِ الثُّبُوت، بل هُوَ كَلَفْظِ (أَسد) و (إِنْسَان) فِي الدّلَالَة على الزَّمَان؛ فَمَعْنَى (ضَارب) مرَادا بِهِ الثُّبُوت: شخص متصف بِالضَّرْبِ، صادر مِنْهُ، وَإِن أُرِيد بِهِ الْحُدُوث كَمَا يقْصد بالأفعال بِحَيْثُ يعْمل عمل الْفِعْل دلّ على الزَّمَان وَقد يُطلق اسْم الْفَاعِل بِاعْتِبَار مَا كَانَ عَلَيْهِ وَبِاعْتِبَار مَا يؤول إِلَيْهِ وَاسم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول والمصدر إِذا وصف بِشَيْء يمْنَع إعماله بعد ذَلِك فِي شَيْء؛ وَلِهَذَا قَالُوا: عَامل (يَوْم) فِي {يَوْم ينظر الْمَرْء} مَحْذُوف، وَهُوَ (اذكر) لَا (الْعَذَاب) وَاسم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول إِذا جرى على غير مَا هُوَ لَهُ كَانَ كالفعل يذكر وَيُؤَنث على حسب مَا عمل فِيهِ، كَمَا فِي قَوْله: {رَبنَا أخرجنَا من هَذِه الْقرْيَة الظَّالِم أَهلهَا} وَبِنَاء اسْم الْفَاعِل من (فعل) على (فَاعل) مُتَعَدِّيا كَانَ أَو لَازِما وَمن (فعل) إِذا كَانَ مُتَعَدِّيا على (فَاعل) أَيْضا؛ وَأما إِذا كَانَ لَازِما فَهُوَ على (أفعل) ك (أبخل) و (أَحول) وَاسم الْمَفْعُول: هُوَ مَا وَقع عَلَيْهِ الْفِعْل بِالْقُوَّةِ: وَالْمَفْعُول مَا وَقع عَلَيْهِ الْفِعْل بِالْفِعْلِ؛ وَالْفَاعِل لَا بُد لَهُ من فعل، وَهُوَ الْمصدر، وَلَا بُد لذَلِك الْفِعْل من زمَان وَمن غَرَض ثمَّ قد يَقع ذَلِك الْفِعْل فِي شَيْء آخر وَهُوَ الْمَفْعُول بِهِ، وَفِي مَكَان وَمَعَ شَيْء آخر هَذَا ضبط القَوْل فِي المفاعيل وَالْمَفْعُول إِذا كَانَ ضميرا مُنْفَصِلا وَالْفِعْل مُتَعَدٍّ لوَاحِد وَجب تَأْخِير الْفِعْل نَحْو: {إياك نعْبد} وَلَا يجوز أَن يتَقَدَّم إِلَّا فِي ضَرُورَة وَفِي بعض

الشُّرُوح: إِن كَانَ مفعول الْمَجْهُول جارا أَو مجرورا لَا يتَقَدَّم على الْفِعْل لِأَنَّهُ لَو تقدم اشْتغل الْفِعْل بضميره وَلَا يُمكن جعله مُبْتَدأ لأجل حرف الْجَرّ؛ وَمِنْهُم من أجَازه محتجا بقوله تَعَالَى: {كل أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مسؤولا} لِأَن مَا لم يسم فَاعله مفعول فِي الْمَعْنى وَالنّصب بعد حذف الْخَافِض عَلامَة الْمَفْعُول بِهِ، لِأَن حُرُوف الْجَرّ إِنَّمَا تدخل الْأَسْمَاء لإخفاء مَعَاني الْأَفْعَال إِلَيْهَا، فَتكون تِلْكَ الْأَسْمَاء مفاعيل لتِلْك الْأَفْعَال مَنْصُوبَة الْمحَال لعدم ظُهُور النصب فِيهَا لفظا لضَرُورَة وجود آثَار تِلْكَ الْحُرُوف؛ وَلما حذف مَانع ظُهُور النصب عَادَتْ منصوبات على المفعولية وَيجوز حذف أحد مفعولي أَفعَال الْقُلُوب فِيمَا إِذا كَانَ الْفَاعِل والمفعولان شَيْئا وَاحِدًا فِي الْمَعْنى، ذكره صَاحب " الكاشف " الِاسْتِثْنَاء: فِي اللُّغَة: الْمَنْع وَالصرْف، فينتظم الوضعي الَّذِي هُوَ مَا يكون بأداته، والعرفي الَّذِي هُوَ التَّعْلِيق بِمَشِيئَة الله تَعَالَى وَلَفظ الِاسْتِثْنَاء يُطلق على فعل الْمُتَكَلّم وعَلى الْمُسْتَثْنى وعَلى نفس الصِّيغَة، وَالْمرَاد من قَوْلهم: إِن الِاسْتِثْنَاء حَقِيقَة فِي الْمُتَّصِل مجَاز فِي الْمُنْقَطع صِيغ الِاسْتِثْنَاء، وَأما لفظ الِاسْتِثْنَاء فحقيقة اصطلاحية فِي الْقسمَيْنِ بِلَا نزاغ وَالِاسْتِثْنَاء إِيرَاد لفظ يَقْتَضِي رفع مَا يُوجِبهُ عُمُوم اللَّفْظ، أَو رفع مَا يُوجِبهُ اللَّفْظ فَمن الأول قَوْله تَعَالَى: {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما على طاعم يطعمهُ إِلَّا أَن يكون ميتَة} وَمن الثَّانِي قَوْله الْقَائِل: (وَالله لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إِن شَاءَ الله) و (عَبده عَتيق وَامْرَأَته طَالِق إِن شَاءَ الله تَعَالَى) والمخرج بِالِاسْتِثْنَاءِ عينه، وباستثناء الْمَشِيئَة خلاف الْمَذْكُور وَالِاسْتِثْنَاء من قبيل الْأَلْفَاظ، والتلفظ تكلم بالحاصل بعد الثنيا وَلِهَذَا دخل فِي الْعدَد وَلم يجز إضماره، وَالنِّيَّة لَيست كَذَلِك، لِأَنَّهَا لَيست من قبيل الْأَلْفَاظ وَالثَّابِت بهَا إِذن التَّخْصِيص لَا الِاسْتِثْنَاء، إِذْ التَّخْصِيص لَا يخْتَص بالألفاظ، فَإِنَّهُ يكون تَارَة بِاللَّفْظِ وَتارَة بِغَيْرِهِ، وَلِهَذَا جَاءَ التَّخْصِيص بِالْعقلِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {تدمر كل شَيْء} وَالِاسْتِثْنَاء يجْرِي حَقِيقَة فِي الْعَام وَالْخَاص، والتخصيص لَا يجْرِي حَقِيقَة إِلَّا فِي الْعَام وَالِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَات، كَقَوْلِك: (لَيْسَ لَهُ على شَيْء إِلَّا عشرَة) فَيلْزمهُ عشرَة؛ وَبِالْعَكْسِ كَقَوْلِك: (لَهُ عَليّ عشرَة إِلَّا خَمْسَة) فَيلْزمهُ خَمْسَة هَذَا عِنْد الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الِاسْتِثْنَاء تكلم بِالْبَاقِي بعد الثنيا، يَعْنِي أَنه اسْتِخْرَاج صوري وَبَيَان معنوي، إِذْ الْمُسْتَثْنى لم يرد أَولا نَحْو قَوْله تَعَالَى: {فَلبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما} وَالْمرَاد تسعمئة سنة قَالَ الْبرمَاوِيّ مَا قَالَه الشَّافِعِي وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور مُوَافق لقَوْل سِيبَوَيْهٍ والبصريين، وَمَا قَالَه أَبُو حنيفَة مُوَافق لقَوْل نحاة الْكُوفَة لِأَنَّهُ كُوفِي

وَأما الْإِجْمَاع المنعقد على أَن (لَا إِلَه إِلَّا الله) يُفِيد التَّوْحِيد وَلَو من الدهري وَذَلِكَ لَا يحصل إِلَّا بالإثبات بعد النَّفْي، فَالْجَوَاب أَن إِفَادَة كلمة التَّوْحِيد الْإِثْبَات بعد النَّفْي بِالْعرْفِ الشَّرْعِيّ، وكلامنا فِي الْوَضع اللّغَوِيّ، وَلِأَن مُرَاد أهل الْإِجْمَاع بالإثبات فِي قَوْلهم: الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَات عدم النَّفْي، ومرادهم بِالنَّفْيِ فِي قَوْلهم: الِاسْتِثْنَاء من الْإِثْبَات نفي عدم الْإِثْبَات إطلاقا للخاص على الْعَام [أَو نقُول: الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَات وَبِالْعَكْسِ لَكِن بطرِيق الْإِشَارَة على معنى أَن حكم الْإِثْبَات يَنْتَهِي بِهِ كَمَا يَنْتَهِي بالغاية، وَذَلِكَ لِأَن الِاسْتِثْنَاء فِي الْحَقِيقَة غَايَة للمستثنى مِنْهُ، فَمَتَى دخل على نفي يَنْتَهِي بالإثبات وَمَا دخل على إِثْبَات يَنْتَهِي بِالنَّفْيِ لِانْعِدَامِ عِلّة الْإِثْبَات، وَسمي هَذَا نفيا وإثباتا مجَازًا، وَالْمرَاد أَنه لم يحكم على الْمُسْتَثْنى بِحكم الصَّدْر إِلَّا أَنه حكم عَلَيْهِ بنقيض حكم الصَّدْر فَفِي قَوْله: (لَا إِلَه إِلَّا الله) لما انْتهى نفي الأولوهية عَمَّا سوى الله تَعَالَى بالألوهية ثَبت ألوهية الله تَعَالَى ضَرُورَة لَكِن بطرِيق الْإِشَارَة] وَالِاسْتِثْنَاء وضع للنَّفْي، لِأَنَّهُ لبَيَان أَن الْمُسْتَثْنى لم يدْخل فِي حكم الْمُسْتَثْنى مِنْهُ، لَكِن جَعَلْنَاهُ للنَّفْي إِذا كَانَ من الْإِثْبَات، وَالْعَكْس بِالْعَكْسِ ضَرُورَة المضادة بَين الْمُسْتَثْنى والمستثنى مِنْهُ، فَكَانَ النَّفْي ذاتيا؛ أما نفي الْإِثْبَات إِن كَانَ من الْإِثْبَات أَو نفي النَّفْي إِن كَانَ من النَّفْي وَالْإِثْبَات فلعارض المضادة، وَمَا بِالذَّاتِ أولى [مِمَّا بالعارض] وَجَمِيع كلم الِاسْتِثْنَاء إِذا أدخلت قبل النَّفْي أوجبت نفي الحكم عَمَّا عَداهَا، وَإِذا دخلت بعد النَّفْي أوجبت إِثْبَات الحكم بعْدهَا، وَقد يَجِيء بِلَفْظ يدل على معنى الِاسْتِثْنَاء وَلَيْسَ هُوَ إِيَّاه مثل: (هَذِه الدَّار لزيد وَهَذَا الْبَيْت مِنْهَا لي) لِأَنَّهُ إِخْرَاج مَا يتَنَاوَلهُ اللَّفْظ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيّ، فَكَانَ كالاستثناء وَدخُول الْمُسْتَثْنى فِي الْمُسْتَثْنى مِنْهُ ثمَّ إِخْرَاجه بإلا وَأَخَوَاتهَا إِنَّمَا كَانَ قبل إِسْنَاد الْفِعْل أَو شبهه إِلَيْهِ، فَلَا تنَاقض فِي مثل: (جَاءَنِي الْقَوْم إِلَّا زيدا) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة قَوْلك: (الْقَوْم الْمخْرج مِنْهُم زيد جاؤوني) ، وَذَلِكَ لِأَن الْمَنْسُوب إِلَيْهِ الْفِعْل وَإِن تَأَخّر عَنهُ لفظا، لَكِن لَا بُد لَهُ من التَّقْدِيم وجودا على النِّسْبَة الَّتِي يدل عَلَيْهَا الْفِعْل، إِذْ الْمَنْسُوب إِلَيْهِ والمنسوب سابقان على النِّسْبَة بَينهمَا ضَرُورَة، والمنسوب إِلَيْهِ فِي الِاسْتِثْنَاء هُوَ الْمُسْتَثْنى مِنْهُ مَعَ إِلَّا والمستثنى فَلَا بُد من وجود هَذِه الثَّلَاثَة قبل النِّسْبَة، فَلَا بُد إِذن من حُصُول الدُّخُول والإخراج قبل النِّسْبَة، فَلَا تنَاقض وَالِاسْتِثْنَاء معيار الْعُمُوم، أَي مَا يختبر بِهِ عُمُوم اللَّفْظ، فَكل مَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاء مِنْهُ مِمَّا لَا حصر فِيهِ فَهُوَ عَام، للُزُوم تنَاوله للمستثنى، وَأما مَا فِيهِ حصر كأسماء الْأَعْدَاد فَإِنَّهُ خَارج عَن مَفْهُوم الْعُمُوم، فَانْدفع مَا يُقَال إِن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ قد يكون اسْم عدد نَحْو: (عِنْدِي عشرَة إِلَّا وَاحِدًا) أَو اسْم علم نَحْو: (كسوت زيدا إِلَّا رَأسه) أَو مشاراً إِلَيْهِ نَحْو: (صمت هَذَا الشَّهْر إِلَّا يَوْم كَذَا) فَلَا يكون الِاسْتِثْنَاء دَلِيل الْعُمُوم، أَو تَقول: إِن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ فِي مثل هَذِه الصُّور وَإِن لم يكن عَاما، لكنه يتَضَمَّن صِيغَة

عُمُوم باعتبارها يَصح الِاسْتِثْنَاء، وَهُوَ جمع مُضَاف إِلَى الْمعرفَة أَي جَمِيع أَجزَاء الْعشْرَة وأعضاء زيد وَأَيَّام الشَّهْر وَالِاسْتِثْنَاء من أَعم عَام الْأَحْوَال نَحْو قَوْلك: (مَا رَأَيْت إِلَّا زيدا) وَهَذَا الِاسْتِثْنَاء يَقع فِي جَمِيع مقتضيات الْفِعْل؛ أَعنِي فَاعله وَمَا شبه بِهِ فقولك: (إِلَّا زيدا) مُسْتَثْنى من أَعم عَام الْمَفْعُول بِهِ، وَكَذَلِكَ (مَا لَقيته إِلَّا رَاكِبًا) فَإِنَّهُ اسْتثِْنَاء من أَعم عَام أعراضه وَالِاسْتِثْنَاء قصر للمستثنى مِنْهُ وَبَيَان لانْتِهَاء حكمه: كَمَا أَن الْغَايَة قصر لامتداد المغيا وَبَيَان لانتهائه واستثناء الشَّيْء اسْتثِْنَاء لَهُ وَلما دونه فِي الْغَرَض المسوق لَهُ الْكَلَام لَا لمثله وَلَا لما فَوْقه، لِأَن الشَّيْء لَا يستتبع إِلَّا لما دونه؛ أَلا يرى أَن من قَالَ: (مَا رَأَيْت الْيَوْم إِلَّا رجلا) يصدق مَعَ أَنه رأى ثِيَابه وسلاحه وفرسه واستثناء الْأَمر الْكُلِّي من الحكم السلبي لَا يدل على خُرُوج جَمِيع أَفْرَاده من ذَلِك الحكم، بل خُرُوج الْبَعْض كَاف واستثناء الشَّيْء من جنسه يَصح وَمن خلاف جنسه لَا يَصح، لِأَن الِاسْتِثْنَاء وضع لمنع دُخُول مَا لولاه لدخل تَحت اللَّفْظ؛ وَلَا يتَحَقَّق ذَلِك فِي خلاف الْجِنْس وَيجوز حذف الْمُسْتَثْنى مِنْهُ فِي النَّفْي لَا فِي الْإِثْبَات يُقَال: (مَا جَاءَنِي إِلَّا زيد) ، وَلَا يُقَال: (جَاءَنِي إِلَّا زيد) لِأَن النكرَة فِي النَّفْي تعم، وَفِي الْإِثْبَات تخص، فالحذف فِي النَّفْي يدل على أَن الْمَحْذُوف لَفْظَة (أحد) وَهُوَ عَام لوُقُوعه فِي سِيَاق النَّفْي، وَلَا يُمكن تَقْدِيره فِي الْإِثْبَات، لِأَنَّهُ خَاص، فَيلْزم اسْتثِْنَاء الْوَاحِد من الْوَاحِد وَهُوَ لَا يَصح [وَالِاسْتِثْنَاء إِن كَانَ من الْمُثبت يكون لقصر النَّفْي نَحْو: {كل شَيْء هَالك إِلَى وَجهه} أَي انْتِفَاء الْهَلَاك مَقْصُور على ذَات الله وَإِن كَانَ من الْمَنْفِيّ] يكون لقصر الْإِثْبَات نَحْو: (مَا زيد إِلَّا عَالم) فِي قصر الْمَوْصُوف، و (مَا الْعَالم إِلَّا زيد) [فِي قصر الصّفة] واستثناء الْكل من الْكل لَا يَصح إِذا كَانَ بِلَفْظ الْمُسْتَثْنى مِنْهُ بِأَن قَالَ: (نسَائِي طَوَالِق إِلَّا نسَائِي) وَبِغير ذَلِك اللَّفْظ يَصح مثل: (نسَائِي طَوَالِق إِلَّا زَيْنَب) وَكَذَا لَا يَصح (ثلث مَالِي لزيد إِلَّا ثلث مَالِي وَيصِح (ثلث مَالِي لزيد إِلَّا ألف) وَثلث مَاله ألف، لَكِن لَا يسْتَحق شَيْئا وَلَو أقرّ بِقَبض عشرَة دَرَاهِم جِيَاد وَقَالَ مُتَّصِلا: إِلَّا أَنَّهَا زيوف، لم يَصح الِاسْتِثْنَاء وَلَو قَالَ: (غلاماي حران سَالم ويزيغ إِلَّا يزيفا) صَحَّ الِاسْتِثْنَاء، لِأَنَّهُ فصل على سَبِيل التَّفْسِير فَانْصَرف إِلَى الْمُفَسّر، وَقد ذكرهمَا جملَة، بِخِلَاف مَا لَو قَالَ: (سَالم حر ويزيغ حر إِلَّا يزيغا) لِأَنَّهُ أفرد كلا مِنْهُمَا بِالذكر، فَكَانَ هَذَا الِاسْتِثْنَاء لجملة مَا تكلم بِهِ فَلَا يَصح وَيبْطل الِاسْتِثْنَاء بأَرْبعَة: بالكستة وبالزيادة على الْمُسْتَثْنى مِنْهُ مثل: (أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا أَرْبعا) ، وبالمساواة، وباستثناء بعض الطَّلَاق واتصال الِاسْتِثْنَاء بالمستثنى مِنْهُ لفظا أَو مَا هُوَ فِي حكم الِاتِّصَال لفظا، وَهُوَ أَن لَا يعد الْمُتَكَلّم بِهِ إثْبَاته بعد فَرَاغه من الْكَلَام قطعا عرفا، بل يعد الْكَلَام وَاحِدًا غير مُنْقَطع اسْتِدْلَالا بقوله تَعَالَى: (وَاذْكُر رَبك إِذا

نسيت} ، وَإِن تخَلّل بَينهمَا فاصل بِانْقِطَاع نفس أَو سعال أَو عطاس أَو نَحْوهَا شَرط عِنْد عَامَّة الْعلمَاء؛ وَمَا نقل عَن ابْن عَبَّاس من جَوَاز تَأْخِير الِاسْتِثْنَاء إِن صَحَّ فعله أَرَادَ بِهِ إِذا نوى الِاسْتِثْنَاء أَولا ثمَّ أظهر نِيَّته بعده فيدين فِيمَا بَينه وَبَين الله فِيمَا نَوَاه؛ وَأما تَجْوِيز التَّأْخِير لَو أصر عَلَيْهِ دون هَذَا التَّأْوِيل فَيردهُ عَلَيْهِ اتِّفَاق أهل اللُّغَة على خِلَافه لِأَنَّهُ جُزْء من الْكَلَام يحصل بِهِ الْإِتْمَام، وَإِذا انْفَصل لم يكن إتماما كالشرط وَخبر الْمُبْتَدَأ، [وَلَو جَازَ الِانْفِصَال لما اسْتَقر شَيْء من الطَّلَاق وَالْعتاق، وَكَذَا علم صدق صَدُوق وَكذب كَاذِب، وَلم يحصل الوثوق بِيَمِين وَلَا وعد ووعيد، وَهُوَ خلاف النَّقْل وَالْعقل وَفِيه حِكَايَة مَشْهُورَة لأبي حنيفَة مَعَ الرشيد] وَلِأَن الِاسْتِثْنَاء تَغْيِير صدر الْكَلَام من التَّنْجِيز إِلَى التَّعْلِيق أَو إِلَى الْإِبْطَال فَلَا يَصح إِلَّا مَوْصُولا، بِخِلَاف الْعَطف، فَإِنَّهُ تَقْرِير لصدر الْكَلَام وَلَيْسَ بتغيير فَيصح مَفْصُولًا مَا دَامَ الْمجْلس قَائِما دلّ عَلَيْهِ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (والمقصرين) فِي الْمرة الثَّالِثَة بعد السُّكُوت عطفا على (المحلقين) قَالَ عِكْرِمَة: معنى قَوْله تَعَالَى: {إِذا نسيت} إِذا ارتكبت ذَنبا مَعْنَاهُ: اذكر الله إِذا قصدت ارْتِكَاب ذَنْب يكن ذَلِك دافعا لَك وَالِاسْتِثْنَاء كَمَا يكون من الْمَنْطُوق يكون من الْمَفْهُوم أَيْضا؛ وَعَلِيهِ حَدِيث: " إِذا مَاتَ ابْن آدم انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاث " إِلَى آخِره وَقَوله تَعَالَى: {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} إِلَى آخِره، فَإِنَّهُ قد فهم من (لَا أجد) معنى (لَا يكون) وَالِاسْتِثْنَاء إِذا تعقب الْجمل المعطوفة ينْصَرف إِلَى الْأَخِيرَة عندنَا لِأَنَّهُ الْمُتَيَقن وَهُوَ أولى بِالِاعْتِبَارِ، وَهُوَ الْمَذْهَب عِنْد محققي الْبَصْرَة، وَيعود للْكُلّ عِنْد الشَّافِعِي لِأَن الْجمع بِحرف الْجمع كالجمع بِلَفْظ الْجمع مِثَاله آيَة الْقَذْف فَإِن قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا الَّذين تَابُوا} منصرف عِنْده إِلَى قَوْله: {وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا} حَتَّى إِن التائب تقبل شَهَادَته عِنْده، وَأما عِنْد الْحَنَفِيَّة فَهُوَ منصرف إِلَى قَوْله: {وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ} حَتَّى إِن فسقهم يرْتَفع بِالتَّوْبَةِ، وَلَا تفِيد التَّوْبَة شَهَادَتهم، بل ردهَا من تَمام الْحَد وَفِي الشَّرْط والمشيئة إِجْمَاع على أَنه ينْصَرف إِلَى الْكل، حَتَّى لَو قَالَ: (امْرَأَته طَالِق) و (عَبده حر) و (عَلَيْهِ حج إِن دخل الدَّار) وَقَالَ فِي آخِره: (إِن شَاءَ الله) ، ينْصَرف إِلَى مَا سبق وَالِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع: حسن فِيهِ دُخُول (إِن) فِي الْمُسْتَثْنى، وَلم يحسن ذَلِك فِي الْمُتَّصِل؛ وَالْعَامِل فِي المفرغ مَشْغُول بالمستثنى مِنْهُ، على أَنه منَاط الحكم ومقصود بِهِ، بِخِلَاف غير المفرغ، وَيقدر الْعُمُوم فِي المفرغ بِالنَّفْيِ فِيمَا تعذر فِيهِ الْإِثْبَات، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قل أَرَأَيْتكُم إِن أَتَاكُم عَذَاب الله بَغْتَة أَو جهرة هَل يهْلك إِلَّا الْقَوْم الظَّالِمُونَ} أَي: مَا يهْلك هَلَاك سخط وتعذيب إِلَّا الْقَوْم الظَّالِمُونَ، وَفِيمَا لم يتَعَذَّر جَازَ الْإِثْبَات

نَحْو قَوْلك: (قَرَأت إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة) إِذْ يَصح (قَرَأت كل الْأَيَّام إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة) وَالِاسْتِثْنَاء كَمَا يتَعَذَّر فِي المحصور نَحْو: (جَاءَنِي مئة رجل إِلَّا زيد) قد يتَعَذَّر فِي غير المحصور أَيْضا، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله} إِلَى آخِره، فيضطر هُنَاكَ إِلَى حمل (إِلَّا) على (غير) وَالِاسْتِثْنَاء يمْنَع بعض الْكَلَام وَالتَّعْلِيق يمْنَع كُله، وَلِهَذَا صَار التَّعْلِيق أقوى وَالِاسْتِثْنَاء الصناعي: هُوَ الَّذِي يُفِيد بعد إِخْرَاج الْقَلِيل من الْكثير معنى يزِيد على الِاسْتِثْنَاء ويكسوه بهجة وطلاوة كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيس} {فَلبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما} فَإِن مَعَاني هَذِه الْآيَات الشَّرِيفَة زَائِدَة على مِقْدَار الِاسْتِثْنَاء وَمن الِاسْتِثْنَاء نوع سَمَّاهُ بعض اسْتثِْنَاء الْحصْر؛ وَهُوَ غير الِاسْتِثْنَاء الَّذِي يخرج الْقَلِيل من الْكثير كَقَوْلِه: (إِلَيْك وَإِلَّا مَا تحث الركائب ... وعنك وَإِلَّا فالمحدث كَاذِب) أَي: لَا تحث الركائب إِلَّا إِلَيْك، وَلَا يصدق الْمُحدث إِلَّا عَنْك اسْم التَّفْضِيل: هُوَ مَا اشتق لما زَاد على غَيره فِي الْفِعْل؛ وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا مَعَ (من) أَو اللَّام أَو الْإِضَافَة؛ وَلَا بَأْس باجتماع الْإِضَافَة و (من) إِذا لم يكن الْمُضَاف إِلَيْهِ مفضلا عَلَيْهِ كَمَا يُقَال: (زيد أفضل الْبَصْرَة من كل فَاضل) وَلَا يُقَال: (هُوَ أفضل) بِدُونِ هَذِه الثَّلَاثَة إِلَّا أَن يكون الْمفضل عَلَيْهِ مَعْلُوما بِقَرِينَة؛ وَبِالْجُمْلَةِ شَرط حذف (من) أَن يكون (أفعل) خَبرا لَا صفة، فيكثر حذف (من) فِي الْخَبَر، لِأَن الْغَرَض مِنْهُ الْفَائِدَة، وَقد يَكْتَفِي فِي حُصُوله بِقَرِينَة ويقل فِي الصّفة لِأَن الْمَقْصُود من الصّفة إِمَّا التَّخْصِيص أَو الثَّنَاء وَكِلَاهُمَا من بَاب الإطناب والإسهاب لَا من مَوَاضِع الْمُبَالغَة والاختصار والمعرف ب (ال) يمْتَنع اتِّصَاله ب (من) ، وَالَّذِي مَعَ (من) ملفوظا بهَا أَو مقدرَة أَو مُضَافَة إِلَى نكرَة لَا يسْتَعْمل إِلَّا مُفردا مذكرا على كل حَال، سَوَاء كَانَ لمذكر أم لمؤنث مُفْرد أم مثنى أم مَجْمُوع، لِأَن (من) بِمَنْزِلَة جُزْء مِنْهُ، فَيمْتَنع تثنيته وَجمعه وتأنيثه، وَإِذا ثني أَو جمع أَو أنث طابق مَا هُوَ لَهُ وَلَزِمَه أحد أَمريْن، إِمَّا الْألف وَاللَّام وَإِمَّا الْإِضَافَة لمعْرِفَة وَالَّذِي بِاللَّامِ لَا يسْتَعْمل إِلَّا مطابقا لاسْتِحْقَاق الْمُطَابقَة وَعدم الْمَانِع؛ وَالَّذِي بِالْإِضَافَة يجوز فِيهِ الْمُطَابقَة، وَذَلِكَ إِذا أضيف وَقصد بِهِ التَّفْضِيل على كل مَا سواهُ مُطلقًا لَا على الْمُضَاف إِلَيْهِ فَقَط، وَالْإِضَافَة لمُجَرّد التَّوْضِيح والتخصيص كَقَوْلِنَا: (نَبينَا أفضل قُرَيْش) أَي: أفضل النَّاس من بَين قُرَيْش، وَيجوز عدم الْمُطَابقَة وَذَلِكَ فِيمَا إِذا أضيف وَالْمَقْصُود تفضيله على الْمُضَاف إِلَيْهِ فَقَط وأفعل التَّفْضِيل إِذا أضيف وَأُرِيد تَفْضِيل موصوفه فِي معنى الْمصدر الْمُشْتَقّ مِنْهُ على كل وَاحِد مِمَّا بَقِي بعده من أَجزَاء مَا أضيف إِلَيْهِ لم يجز إِفْرَاد

ذَلِك الْمُضَاف إِلَيْهِ إِذا كَانَ معرفَة ك (أفضل الرجل) إِلَّا إِذا كَانَ ذَلِك الْمُفْرد جِنْسا يُطلق على الْقَلِيل وَالْكثير نَحْو: (البرني أطيب التمرة) وَاسم التَّفْضِيل مَا كَانَ بعلامة، وَعكس هَذَا أفعل التَّفْضِيل، وَقيل: أفعل التَّفْضِيل هُوَ الَّذِي غلب عَلَيْهِ الفعلية وَاسم التَّفْضِيل هُوَ الَّذِي غلب عَلَيْهِ الإسمية ك (خير مِنْهُ) و (شَرّ مِنْهُ) ، وَذكر صَاحب " الْمغرب " وَغَيره أَن أفعل التَّفْضِيل إِذا وَقع خَبرا يحذف مِنْهُ أَدَاة التَّفْضِيل قِيَاسا وَمِنْه: (الله أكبر) وَقَول الشَّاعِر: (دعائمه أعز وأطول) وَإِذا قلت مثلا: (زيد أعلم الْقَوْم) فقد أردْت أَنه زَائِد فِي الْجُمْلَة على الْمُضَاف إِلَيْهِم فِي الْخصْلَة الَّتِي هُوَ وهم فِيهَا شُرَكَاء وَأما أَنه زَائِد على الْمُضَاف إِلَيْهِم فِي الْخصْلَة الْمَذْكُورَة بِالزِّيَادَةِ الْكَامِلَة فَلَا يتجاسر عَلَيْهِ عَاقل؛ كَيفَ وَفَوق كل ذِي علم عليم علام وَأما إِطْلَاق النُّحَاة الزِّيَادَة فِي قَوْلهم: أفعل التَّفْضِيل إِذا أضيف فَلهُ مَعْنيانِ: الأول: أَن يقْصد بِهِ الزِّيَادَة على جَمِيع مَا عداهُ مِمَّا أضيف إِلَيْهِ وَالثَّانِي: أَن يقْصد بِهِ الزِّيَادَة على جَمِيع مَا عداهُ مُطلقًا فَمن مساهلاتهم لظُهُور المُرَاد وأفعل يُضَاف إِلَى مَا هُوَ بعضه، وَإِذا كَانَ بِمَعْنى فَاعل جَازَت إِضَافَته إِلَى مَا لَيْسَ بعضه نَحْو: {أعلم بِمَا كَانُوا يكتمون} وأفعل إِنَّمَا يُضَاف إِلَى مَا بعده إِذا كَانَ من جنس مَا قبله كَقَوْلِك: (وَجهك أحسن وَجه) أَي أحسن الْوُجُوه، فَإِذا نصبت مَا بعده كَانَ غير الَّذِي قبله كَقَوْلِك: (زيد أنزه عبدا) فالنزاهة للْعَبد لَا لزيد وَقد يكون أفعل مَوْضُوعا لمشتركين فِي معنى وَاحِد أَحدهمَا يزِيد على الآخر فِي الْوَصْف بِهِ كَقَوْلِك: (زيد أفضل الرجلَيْن) فزيد وَالرجل المضموم إِلَيْهِ مشتركان فِي الْفضل، إِلَّا أَن فضل زيد يزِيد على فضل المقرون بِهِ وَقد يجْرِي مثل هَذَا اللَّفْظ من غير مُشَاركَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {خير مُسْتَقرًّا وَأحسن مقيلا} والمشاركة بَين الْمفضل والمفضل عَلَيْهِ قد تكون تَحْقِيقا وَقد تكون فرضيا نَحْو مَا يُقَال: (زيد أعلم من الْحمار وَعَمْرو أفْصح من الْأَشْجَار) أَي لَو كَانَ للحمار علم وللشجرة فصاحة وَقَوْلنَا: (هُوَ أَهْون عَلَيْهِ) أَي هَين عَلَيْهِ وَقد يسْتَعْمل أفعل لبَيَان الْكَمَال وَالزِّيَادَة فِي وَصفه الْخَاص وَإِن لم يكن الْوَصْف الَّذِي هُوَ الأَصْل مُشْتَركا وَعَلِيهِ قَوْلهم: (الصَّيف أبرد من الشتَاء) أَي الصَّيف أكمل فِي حرارته من الشتَاء فِي برودته وَقد يقْصد بِهِ تجَاوز صَاحبه وتباعده عَن الْغَيْر فِي الْفِعْل لَا بِمَعْنى تفضيله بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ بعد الْمُشَاركَة فِي أصل الْفِعْل بل بِمَعْنى أَن صَاحبه متباعد فِي أصل الْفِعْل متزايد إِلَى كَمَاله فِيهِ على وَجه الِاخْتِصَار فَيحصل كَمَال التَّفْضِيل وَهُوَ الْمَعْنى الأوضح فِي الأفاعل فِي صِفَاته تَعَالَى إِذْ لم

يُشَارِكهُ أحد فِي أَصْلهَا حَتَّى يقْصد التَّفْضِيل نَحْو: (الله أكبر) قَالُوا: أفعل قد يسْتَعْمل لغير الْمُبَالغَة كَمَا فِي صِفَات الله تَعَالَى، لِأَنَّهُ يُنبئ عَن التَّفَاوُت وَهُوَ لَا يَلِيق بصفاته تَعَالَى؛ وَفِيه نظر لِأَن أفعل قد يكون بِمَعْنى الْفَاعِل كَمَا فِي قَوْلهم: (النَّاقِص والأشج أعدلا بني مَرْوَان) أَي عادلاهم وكقولنا: (الله أكبر) أَي: كَبِير، وَقَوله تَعَالَى: {وبعولتهن أَحَق بردهن} وأفعل التَّفْضِيل إِنَّمَا ينصب النكرات على التَّمْيِيز خَاصَّة كَقَوْلِهِم: (هَذَا أكبر مِنْهُ سنا) وَإِذا نصب مَا بعده لم يكن من جنسه كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أَو أَشد خشيَة} وأفعل الَّذِي يلْزمه الْفضل لَا يثنى وَلَا يجمع وَلَا يؤنث، وَالَّذِي لَا يلْزمه الْفضل يثنى وَيجمع وَيُؤَنث وَيذكر قَالَ بَعضهم: صِيغَة (أفعل) إِذا لم يقْصد بهَا المفاضلة وَصَارَت بِمَعْنى اسْم الْفَاعِل للْعَرَب فِيهِ لحظان لحظ الأَصْل: فَيلْزم الْإِفْرَاد والتذكير كَيْفَمَا كَانَ قبله نَحْو قَوْله تَعَالَى: {نَحن أعلم بِمَا يَقُولُونَ} هَذَا هُوَ الْأَكْثَر وَالثَّانِي: لحظ عدم الأَصْل فَيلْزم الْمُطَابقَة إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا وأفعل التَّفْضِيل يجب أَن يكون من الْفَاعِل كَقَوْلِك: (زيد ضَارب وَعَمْرو أضْرب مِنْهُ) وَلَا يجوز أَن تَقول: (زيد مَضْرُوب وَعَمْرو أضْرب مِنْهُ) وَلَا يسْتَعْمل (أفعل من كَذَا) إِلَّا مِمَّا يسْتَعْمل مِنْهُ (مَا أَفعلهُ) والتعجب لَا يكون مِمَّا هُوَ على أَرْبَعَة أحرف الِاسْتِفْهَام: الاستخبار، وَقيل: الاستخبار مَا سبق أَولا وَلم يفهم حق الْفَهم، فَإذْ سُئِلَ عَنهُ ثَانِيًا كَانَ استفهاما قَالَ بَعضهم: حَقِيقَة الِاسْتِفْهَام طلب الْمُتَكَلّم من مُخَاطبَة أَن يحصل فِي ذهنه مَا لم يكن حَاصِلا عِنْده مِمَّا سَأَلَهُ عَنهُ وَقَالَ بعض الْفُضَلَاء: يَنْبَغِي أَن يكون الْمَطْلُوب تَحْصِيل ذَلِك فِي ذهن أَعم من الْمُتَكَلّم وَغَيره كحقيقة الاسْتِغْفَار وَفِيه أَن أعمية السّتْر لغيره أَيْضا عَادَة مُسلم، لَكِن طلب إفهام الْمَطْلُوب للْغَيْر مَعَ كَون الطَّالِب عَالما وَإِن كَانَ مُمكنا إِلَّا أَنه لم تَنْصَرِف إِرَادَة الْوَاضِع إِلَى ذَلِك الْقَصْد لعدم الْحَاجة إِلَيْهِ غَالِبا والاستفهام فِي الْمعرفَة عَن الصّفة وَفِي النكرَة عَن الْعين، وَلما اخْتلف الْمَعْنى خالفوا بَينهمَا فِي اللَّفْظ، حَيْثُ استفهموا مخاطبهم فِي النكرات بالحرف عِنْد الْوَقْف وأسقطوا الْحَرْف فِي المعارف عِنْد الْوَصْل وَمن دَقِيق بَاب الِاسْتِفْهَام أَن يوضع فِي الشَّرْط وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة للجزاء نَحْو: {أَفَإِن مت فهم الخالدون} أَي: أفهم الخالدون إِن مت؟ وَقد يكون استخبارا وَالْمعْنَى تبكيت نَحْو: {أَأَنْت قلت للنَّاس} إِلَى آخِره، فَإِنَّهُ تبكيت

لِلنَّصَارَى فِيمَا ادعوهُ وَذَلِكَ أَنه طلب بِهِ إِقْرَار عِيسَى فِي ذَلِك المشهد الْعَظِيم بِأَنَّهُ لم يقل ذَلِك ليحصل فهم النَّصَارَى ذَلِك فيقرر كذبهمْ فِيمَا ادعوهُ أَو استرشادا نَحْو: {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا} أَو نفيا نَحْو: {فَمن يهدي من أضلّ الله} أَو إِخْبَارًا وتحقيقا نَحْو: {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر} وَقد يكون استخبارا وَالْمرَاد بِهِ الافهام والايناس نَحْو: {وَمَا تِلْكَ بيمينك يَا مُوسَى} وَقَوله تَعَالَى: {فَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا} وَمَا أشبه ذَلِك من الْآيَات فالاستفهام فِيهَا للنَّفْي وَالْمعْنَى خبر، وبتخصيص كل مَوضِع بِالصَّلَاةِ يَزُول التَّنَاقُض، [بَين هَذِه الْآيَة وَبَين مَا أشبه ذَلِك من الْآيَات] وَلَا يلْزم من نفي التَّفْضِيل نفي الْمُسَاوَاة وَمن مَعَاني الِاسْتِفْهَام التَّقْرِير: أَي حمل الْمُخَاطب على الْإِقْرَار وَالِاعْتِرَاف بِأَمْر قد اسْتَقر عِنْده وَحَقِيقَة اسْتِفْهَام التَّقْرِير إِنْكَار، وَالْإِنْكَار نفي وَقد دخل على النَّفْي، وَنفي النَّفْي إِثْبَات وَمن أمثلته قَوْله تَعَالَى: {أَلَسْت بربكم} وَفِي قَوْله تَعَالَى: {أَلا تَأْكُلُونَ} يحْتَمل الْعرض والحث على الْأكل على طَرِيق الْأَدَب إِن قَالَه أول مَا وَضعه، وَيحْتَمل الْإِنْكَار إِن قَالَه حينما رأى إعراضهم وَمِنْهَا: التَّعَجُّب أَو التعجيب نَحْو: {كَيفَ تكفرون بِاللَّه} والتذكير نَحْو: {ألم أَعهد إِلَيْكُم} والافتخار نَحْو: {أَلَيْسَ لي ملك مصر} والتهويل والتخويف نَحْو: {القارعة مَا القارعة} وَبِالْعَكْسِ نَحْو: {مَاذَا عَلَيْهِم لَو آمنُوا} والتهديد والوعيد نَحْو {ألم نهلك الْأَوَّلين} وَالْأَمر نَحْو: {أَتَصْبِرُونَ} والتكثير نَحْو: {وَكم من قَرْيَة} والتنبيه وَهُوَ من أَقسَام الْأَمر نَحْو: {ألم تَرَ أَن الله أنزل من السَّمَاء مَاء} وَالتَّرْغِيب نَحْو: {هَل أدلكم على تِجَارَة تنجيكم} وَالنَّهْي نَحْو: {مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم}

وَالدُّعَاء نَحْو: {أتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء} أَي: لَا تُهْلِكنَا وَالتَّمَنِّي نَحْو: {فَهَل لنا من شُفَعَاء} والاستبطاء نَحْو: {مَتى نصر الله} والتعظيم نَحْو: {من ذَا الَّذِي يشفع عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ} والتحقير نَحْو: {أَهَذا الَّذِي بعث الله رَسُولا} والاكتفاء نَحْو: {أَلَيْسَ فِي جنهم مثوى للمتكبرين} والاستبعاد نَحْو: {أَنى لَهُم الذكرى} والتهكم والاستهزاء نَحْو {أصلاتك تأمرك} والتأكيد لما سبق من معنى إِرَادَة الِاسْتِفْهَام قبله نَحْو: {أَفَمَن حق عَلَيْهِ كلمة الْعَذَاب} والتسوية وَهُوَ بعد (سَوَاء) و (مَا أُبَالِي) و (مَا أَدْرِي) و (لَيْت شعري) وَالْإِنْكَار التوبيخي نَحْو: {أفعصيت أَمْرِي} والاستفهام الإنكاري: إِنَّمَا يكون فِي معنى النَّفْي إِذا كَانَ إبطاليا، وَأما إِذا كَانَ توبيخا فَلَا والاستفهام عقيب ذكر المعايب أبلغ من الْأَمر بِتَرْكِهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} وَيَقَع بعد كل فعل يُفِيد معنى الْعلم ك (علمت) و (دَريت) و (تبينت) وَبعد كل مَا يطْلب بِهِ الْعلم ك (تفكرت) ، و (امتحنت) ، و (بلوت) وَبعد جَمِيع أَفعَال الْحَواس ك (لمست) ، و (أَبْصرت) ، و (سَمِعت) و (ذقت) و (شممت) وأدوات الِاسْتِفْهَام: الْهمزَة، و (هَل) ، و (مَا) و (من) و (أَي) و (كم) و (كَيفَ) و (أَيْن) و (أَنى) و (مَتى) و (أَيَّانَ) وَمَا عدا الْهمزَة نَائِب عَنْهَا وَأما أدوات الِاسْتِفْهَام بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّصْدِيق والتصور فَثَلَاثَة أَقسَام: مُخْتَصّ بِطَلَب التَّصَوُّر: وَهُوَ (أم) الْمُتَّصِلَة وَجَمِيع أَسمَاء الِاسْتِفْهَام ومختص بِطَلَب التَّصْدِيق: وَهُوَ (أم) المنقطعة و (هَل) ومشترك بَينهمَا: وَهِي الْهمزَة الَّتِي لم تسْتَعْمل مَعَ (أم) الْمُتَّصِلَة لعراقتها فِي الِاسْتِفْهَام، وَلِهَذَا يجوز أَن تقع بعد (أم) سَائِر كَلِمَات الِاسْتِفْهَام سوى الْهمزَة وَمَتى قَامَت قرينَة ناصة على أَن السُّؤَال عَن الْمسند إِلَيْهِ تعيّنت الْجُمْلَة الإسمية، أَو عَن الْمسند تعيّنت الفعلية، وَإِلَّا فَالْأَمْر على الِاحْتِمَال والأرجح الفعلية، لِأَن طلب الْهمزَة للْفِعْل أقوى فَهِيَ بِهِ أولى وكل مَادَّة يمْتَنع فِيهَا حَقِيقَة الِاسْتِفْهَام يستعملون لفظ الِاسْتِفْهَام هُنَاكَ فِيمَا يُنَاسب الْمقَام ويحيلون دركها على ذوق السامعين، فَلَا تَنْحَصِر المتولدات وَلَا ينْحَصر أَيْضا شَيْء مِنْهَا فِي أَدَاة، فَعَلَيْك

بِالتَّصَرُّفِ وَاسْتِعْمَال الروية الْإِسْنَاد: هُوَ ضم كلمة حَقِيقَة أَو حكما أَو أَكثر إِلَى أُخْرَى مثلهَا أَو أَكثر يُفِيد السَّامع فَائِدَة تَامَّة وَقَالَ بَعضهم: الْإِسْنَاد قِسْمَانِ: عَام وخاص فالعام: هُوَ نِسْبَة إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى وَالْخَاص: هُوَ نِسْبَة إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى بِحَيْثُ يَصح السُّكُوت عَلَيْهَا والإسناد وبالبناء، والتفريغ، والشغل: أَلْفَاظ مترادفة، يدل على ذَلِك أَن سبيويه قَالَ: " الْفَاعِل مَا اشْتغل بِهِ الْفِعْل " وَفِي مَوضِع آخر: " فرغ لَهُ " وَفِي آخر: " بني لَهُ " و " أسْند لَهُ "، وَهُوَ وَالْحكم وَالنِّسْبَة التَّامَّة بِمَعْنى وَاحِد يعم الْإِخْبَار، والإنشاء، والوقوع، واللاوقوع وَأما الْإِيقَاع، والانتزاع، فيختصان بالإخبار دون الْإِنْشَاء وَالنِّسْبَة التقييدية أَعم من جَمِيع ذَلِك والإسناد يَقع على الِاسْتِفْهَام وَالْأَمر وَغَيرهمَا، وَلَيْسَ الْإِخْبَار كَذَلِك، بل هُوَ مَخْصُوص بِمَا صَحَّ أَن يُقَابل التَّصْدِيق والتكذيب، فَكل إِخْبَار إِسْنَاد، وَلَا عكس وَإِن كَانَ مرجع الْجَمِيع إِلَى الْخَبَر من جِهَة الْمَعْنى، أَلا ترى أَن معنى (قُم) أطلب قيامك، وَكَذَلِكَ الِاسْتِفْهَام وَالنَّهْي والإسناد إِذا أطلق على الحكم كَانَ الْمسند والمسند إِلَيْهِ من صِفَات الْمعَانِي، ويوصف بهما الْأَلْفَاظ تبعا، وَإِذا أطلق على الضَّم كَانَ الْأَمر بِالْعَكْسِ واعتبارات الْإِسْنَاد تجْرِي فِي كلا معنييه على سَوَاء؛ وَأما اعتبارات الْمسند والمسند إِلَيْهِ فَإِنَّمَا جريانها فِي الْأَلْفَاظ الِاسْتِعَارَة: هِيَ من (استعرت زيدا ثوبا لعَمْرو) لَكِنَّهَا فِي صُورَة إِطْلَاقهَا على لفظ الْمُشبه بِهِ مُسْتَعْملا فِي الْمُشبه نقلت من الْمصدر بِمَعْنى الْمَفْعُول إِلَى معنى لَا يَصح الِاشْتِقَاق مِنْهُ وَفِي صُورَة إِطْلَاقهَا على نفس اسْتِعْمَال لفظ الْمُشبه بِهِ فِي الْمُشبه نقلت من معنى مصدر إِلَى معنى يَصح الِاشْتِقَاق مِنْهُ والاستعارة: هِيَ اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِي غير مَا وضع لَهُ للمشابهة، وَبِهَذَا فَارَقت الْمجَاز الْمُرْسل والأصوليون يطلقون الِاسْتِعَارَة على كل مجَاز قَالَ الرَّازِيّ: الِاسْتِعَارَة هِيَ جعلك الشَّيْء للشَّيْء للْمُبَالَغَة فِي التَّشْبِيه، وَقيل: زوج الْمجَاز بالتشبيه فتولد بَينهمَا الِاسْتِعَارَة، وَالأَصَح أَنَّهَا مجَاز لغَوِيّ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَة للمشبه بِهِ لَا للمشبه وَلَا لأعم مِنْهُمَا وَقَالَ بَعضهم: حَقِيقَة الِاسْتِعَارَة أَن تستعار الْكَلِمَة من شَيْء مَعْرُوف بهَا إِلَى شَيْء لم يعرف بهَا إِظْهَارًا للخفي، وإيضاحا للظَّاهِر الَّذِي لَيْسَ بجلي، أَو لحُصُول الْمُبَالغَة، أَو لمجموع ذَلِك كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإنَّهُ فِي أم الْكتاب} {واخفض لَهما جنَاح الذل} {وفجرنا الأَرْض عيُونا} والاستعارة أخص من الْمجَاز، إِذْ قصد الْمُبَالغَة شَرط فِي الِاسْتِعَارَة دون الْمجَاز وَلَا يحسن الِاسْتِعَارَة إِلَّا حَيْثُ كَانَ التَّشْبِيه مقررا،

وَكلما زَاد التَّشْبِيه خَفَاء زَادَت الِاسْتِعَارَة حسنا وَاعْلَم أَن الِاسْتِعَارَة بِاعْتِبَار ذَاتهَا تَنْقَسِم: أَولا: إِلَى مُصَرح بهَا، ومكنى عَنْهَا والمصرح بهَا تَنْقَسِم إِلَى قطيعة واحتمالية والقطيعة تَنْقَسِم إِلَى تخييلية وتحقيقية ثَانِيًا: إِلَى أَصْلِيَّة وتبعية وثالثا: إِلَى مُجَرّدَة ومرشحة أما الِاسْتِعَارَة الْمُصَرّح بهَا التحقيقية مَعَ الْقطع: فَهِيَ أَن تذكر مشبها بِهِ فِي مَوضِع مشبه مُحَقّق مُدعيًا دُخُول الْمُشبه فِي جنس الْمُشبه بِهِ مَعَ سد طَرِيق التَّشْبِيه وَنصب قرينَة مَانِعَة من الْحمل على الظَّاهِر احْتِرَازًا عَن الْكَذِب، كَمَا إِذا أردْت أَن تلْحق شجاعا بالأسود فِي شدَّة الْبَطْش وَكَمَال الْإِقْدَام فَقلت: (رَأَيْت أسدا يتَكَلَّم) أَو ذَا وَجه جميل بالبدر فِي الوضوح وَالْإِشْرَاق وملاحة الاستدارة فَقلت: (لقِيت بَدْرًا يتبسم) وَمن الِاسْتِعَارَة اسْتِعَارَة اسْم أحد الضدين للْآخر بِوَاسِطَة تَنْزِيل التضاد منزلَة التناسب بطرِيق التهكم والتمليح، كَمَا إِذا قلت: (تَوَاتَرَتْ على فلَان البشارات بعزله وَنهب أَمْوَاله وَقتل أَوْلَاده) وَمِنْهَا اسْتِعَارَة وصف إِحْدَى صُورَتَيْنِ منتزعتين من عدَّة أُمُور لوصف الْأُخْرَى، أَن تَجِد من استفتي فِي مَسْأَلَة فيهم بِالْجَوَابِ تَارَة، ويمسك عَنهُ أُخْرَى، فَيُشبه تردده بتردد من قَامَ لأمر، فَتَارَة يُرِيد الذّهاب فَيقدم رجلا، وَتارَة لَا يُريدهُ فيؤخر أُخْرَى، ثمَّ تَدعِي دُخُول الْمُشبه فِي الْمُشبه بِهِ وتسد طَرِيق التَّشْبِيه قَائِلا: (أَرَاك تقدم رجلا وتؤخر أُخْرَى) وَتسَمى هَذَا التَّمْثِيل على سَبِيل الِاسْتِعَارَة قَائِلا ذَلِك وَقد صرح أهل الْبَيَان بِأَن التَّمْثِيل لَا يسْتَلْزم الِاسْتِعَارَة فِي شَيْء من أَجْزَائِهِ، بل لَا يجوز فِيهِ ذَلِك، حَتَّى بنى بعض الْمُحَقِّقين عدم اجْتِمَاع التمثيلية والتبعية على ذَلِك قَالَ القطب: فِي الْمثل شهرة بِحَيْثُ يصير علما للْحَال الأولى الَّتِي هِيَ المورد بِخِلَاف الِاسْتِعَارَة التمثيلية فَكل مثل اسْتِعَارَة تمثيلية، وَلَيْسَ كل اسْتِعَارَة تمثيلية مثلا [وَحَقِيقَة الِاسْتِعَارَة التمثيلية أَن تُؤْخَذ أُمُور مُتعَدِّدَة من الْمُشبه وَتجمع فِي الخاطر وَكَذَا من الْمُشبه بِهِ وَيجْعَل المجموعات متشاركين فِي مَجْمُوع منتزع يشملهما، وَمذهب السكاكي هُوَ أَن الِاسْتِعَارَة تَشْمَل التَّمْثِيل، وَيُقَال: التَّمْثِيل اسْتِعَارَة تمثيلية، وَأما على مَذْهَب عبد القاهر وجار الله فالاستعارة مُخْتَصَّة بالمجاز فِي الْمُفْرد الْمَبْنِيّ على التَّشْبِيه] وَأما الِاسْتِعَارَة الْمُصَرّح بهَا التخييلية مَعَ الْقطع: فَهِيَ أَن تذكر مشبها بِهِ فِي مَوضِع مشبه وهمي تقدر مشابهته للمذكور مَعَ الْإِفْرَاد فِي الذّكر والقرينة، كَمَا إِذا شبهت الْحَالة الدَّالَّة على أَمر بالإنسان الَّذِي يتَكَلَّم فيخترع الْوَهم للْحَال مَا قوام الْكَلَام بِهِ ثمَّ تطلق عَلَيْهِ اسْم اللِّسَان الْمُحَقق وتضيفه إِلَى الْحَال قَائِلا: (لِسَان الْحَال الشبيه بالمتكلم نَاطِق بِكَذَا وَأما الِاسْتِعَارَة الْمُصَرّح بهَا المحتملة للْقطع والتخييل فَكَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فأذاقها الله لِبَاس الْجُوع وَالْخَوْف} إِذْ الظَّاهِر من

اللبَاس الْحمل على التخييل، وَيحْتَمل الْحمل على التَّحْقِيق بِأَن يستعار لما يلْبسهُ الْإِنْسَان من امتقاع لون ورثاثة وَأما الِاسْتِعَارَة بِالْكِنَايَةِ: فَهِيَ أَن تذكر الْمُشبه وتريد الْمُشبه بِهِ دَالا على ذَلِك بِإِضَافَة شَيْء من لَوَازِم الْمُشبه بِهِ المساوية إِلَى الْمُشبه مثل أَن تشبه الْمنية بالسبع ثمَّ تفردها بِالذكر مضيفا إِلَيْهَا الأنياب والمخالب قَائِلا: (أَنْيَاب الْمنية أَو مخالب الْمنية قد نشبت بفلان) وَنَحْوه (لِسَان الْحَال نَاطِق بِكَذَا} وَهِي لَا تنفك عَن التخييلية وَأما الِاسْتِعَارَة الْأَصْلِيَّة فَهِيَ أَن يكون الْمُسْتَعَار اسْم جنس فَيكون الْمُسْتَعَار لَهُ كَذَلِك ك (أَسد) فِي الشجاع، و (حَاتِم) فِي الْجواد، و (قتل) فِي الإيلام الشَّديد وَأما الِاسْتِعَارَة التّبعِيَّة فَهِيَ مَا تقع فِي غير أَسمَاء الْأَجْنَاس من الْأَفْعَال وَالصِّفَات وَأَسْمَاء الزَّمَان وَالْمَكَان والآلة والحروف، لِأَن مفهومات الْأَشْيَاء مركبات، أما مَفْهُوم الْفِعْل فَمن الْحَدث وَالنِّسْبَة إِلَى ذَات مَا وَالزَّمَان وَأما مَفْهُوم الصّفة فَمن الْحَدث وَالنِّسْبَة إِلَى ذَات مَا وَأما مَفْهُوم أَسمَاء الزَّمَان وَالْمَكَان والآلة فَمن الْحَدث وَالنِّسْبَة إِلَى زمَان مَا أَو مَكَان مَا أَو آلَة مَا وَأما مَفْهُوم الْحَرْف فَمن النِّسْبَة وَالْإِضَافَة إِلَى شخص مَخْصُوص وَمَعْلُوم أَن مجازية الْجُزْء يسْتَلْزم مجازية الْكل، وَقد تقرر فِي قَوَاعِد الْمعَانِي وَالْبَيَان أَن الِاسْتِعَارَة فِي الصّفة وَالْفِعْل وَمَا يتَعَلَّق بِهِ وَفِي الْحَرْف تَبَعِيَّة، وَفِي الِاسْم أَصْلِيَّة، والاستعارة الْوَاقِعَة فِي الْحُرُوف إِنَّمَا هِيَ وَاقعَة فِي مُتَعَلق مَعْنَاهَا، فَيَقَع فِي المصادر ومتعلقات الْمعَانِي ثمَّ بتبعيتها تسري فِي الْأَفْعَال وَالصِّفَات والحروف فَمَعْنَى الِاسْتِعَارَة التّبعِيَّة أَن يكون الْمُسْتَعَار فعلا أَو صفة أَو حرفا، والمستعار لَهُ لفظ الْمُشبه لَا الْمُشبه بِهِ، إِذا تحققت هَذَا فَاعْلَم أَنَّك إِذا وجدت مثلا (قتل زيد عمرا) بِمَعْنى ضربه ضربا شَدِيدا، وفتشت جَمِيع أَجزَاء مَفْهُومه فَلَا تَجِد المجازية إِلَّا فِي جزئه الْحَدث وَهِي مجازية الْكل، وَلذَلِك تسمى الِاسْتِعَارَة فِي الْفِعْل تَبَعِيَّة وَقس عَلَيْهِ واستوضح مِنْهُ حَال الْمُشْتَقّ والحرف وأوضح من هَذَا أَنه إِذا أُرِيد اسْتِعَارَة (قتل) لمَفْهُوم (ضرب) لتشبيه (ضرب) بِمَفْهُوم (قتل) فِي شدَّة التَّأْثِير يشبه الضَّرْب بِالْقَتْلِ ويستعار لَهُ الْقَتْل ويشتق مِنْهُ (قتل) فيستعار (قتل) بتبعية اسْتِعَارَة الْقَتْل، وَهَكَذَا بَاقِي المشتقات وَبَيَان الِاسْتِعَارَة فِي الْحُرُوف هُوَ أَن مَعَاني الْحُرُوف لعدم استقلالها لَا يُمكن أَن يشبه بهَا، لِأَن الْمُشبه بِهِ هُوَ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ بمشاركة الْمُشبه لَهُ فِي أَمر فتجري التَّشْبِيه فِيمَا يعبر بِهِ عَنهُ، وَيلْزم بتبعية الِاسْتِعَارَة فِي التعبيرات الِاسْتِعَارَة فِي مَعَاني الْحُرُوف؛ وَقد يكون جَرَيَان التَّشْبِيه فِي مصدر الْفِعْل وَفِي مُتَعَلقَة على التَّسْوِيَة، فَيجوز اخْتِيَار كل من التّبعِيَّة والمكنية كَمَا فِي (نطقت الْحَال بِكَذَا) وَأما الْمُجَرَّدَة والمرشحة فالاستعارة إِذا عقبت بِمَا يلائم الْمُسْتَعَار لَهُ فَهِيَ مُجَرّدَة لتجردها عَن روادف الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ نَحْو: (رَأَيْت أسدا شاكي السِّلَاح) وَإِذا عقبت بِمَا يلائم الْمُسْتَعَار مِنْهُ فَهِيَ مرشحة لإتباعها بِمَا يرادف الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ نَحْو: (رَأَيْت أسدا لَهُ لبد) وَإِن لم تعقب بِشَيْء من الْمُسْتَعَار مِنْهُ والمستعار لَهُ فَهِيَ مُطلقَة نَحْو: (رَأَيْت أسدا) وَأما الِاسْتِعَارَة بِاعْتِبَار بنائها على التَّشْبِيه فَهِيَ خَمْسَة أَنْوَاع: فَإِن الْمُسْتَعَار مِنْهُ والمستعار لَهُ إِمَّا حسيان وَالْجَامِع

أَيْضا حسي نَحْو قَوْله تَعَالَى: {واشتعل الرَّأْس شيبا} أَو الطرفان حسيان وَالْجَامِع عَقْلِي نَحْو قَوْله تَعَالَى: {إِذْ أرسلنَا عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم} أَو كل مِنْهُمَا عقلية وَكَذَا الْجَامِع نَحْو قَوْله تَعَالَى: {من بعثنَا من مرقدنا} أَو الْمُسْتَعَار مِنْهُ حسي والمستعار لَهُ عَقْلِي نَحْو قَوْله تَعَالَى: {بل نقذف بِالْحَقِّ على الْبَاطِل فيدمغه فَإِذا هُوَ زاهق} وَمِثَال الْخَامِس نَحْو قَوْله تَعَالَى: {فنبذوه وَرَاء ظُهُورهمْ} فالمستعار مِنْهُ إِلْقَاء الشَّيْء وَرَاءه والمستعار لَهُ التَّعَرُّض للغفلة وَالْجَامِع الزَّوَال عَن الْمُشَاهدَة والاستعارة أبلغ من الْحَقِيقَة، لِأَن الِاسْتِعَارَة كدعوى الشَّيْء بَيِّنَة، وأبلغ من التَّشْبِيه أَيْضا وأبلغ أَنْوَاعهَا التمثيلية ويليها المكنية والترشيحية أبلغ من الْمُجَرَّدَة والمطلقة والترشيح عِنْدهم، ذكر مَا يلائم الْمُسْتَعَار مِنْهُ مَعَه فَهُوَ فِي التصريحية بِمَنْزِلَة التخييل فِي المكنية، كإثبات الْأَظْفَار للمنية فِي (أنشبت الْمنية أظفارها) والتخييلية أبلغ من التحقيقية، وَالْمرَاد من الأبلغية إِفَادَة زِيَادَة التَّأْكِيد وَالْمُبَالغَة فِي كَمَال التَّشْبِيه والاستعارة، وَإِن كَانَ فِيهَا التَّشْبِيه فتقدير حرف التَّشْبِيه لَا يجوز فِيهَا، والتشبيه الْمَحْذُوف الأداة على خلاف ذَلِك، لِأَن تَقْدِير حرف التَّشْبِيه وَاجِب فِيهِ فنحو: (زيد أَسد) يقْصد بِهِ التَّشْبِيه تَارَة، فالأداة مقدرَة ويقصد بِهِ الِاسْتِعَارَة أُخْرَى، فَلَا تكون مقدرَة، فالأسد مُسْتَعْمل فِي حَقِيقَته، والإخبار عَن زيد بِمَا لَا يصلح لَهُ حَقِيقَة قرينَة صارفة إِلَى الِاسْتِعَارَة، فَإِن قَامَت قرينَة على حذف الأداة صرنا إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَنحْن بَين إِضْمَار واستعارة والاستعارة أولى فيصار إِلَيْهَا الِاسْتِغْرَاق: هُوَ التَّنَاوُل على سَبِيل الشُّمُول لَا على سَبِيل الْبَدَل، وَإِلَّا يلْزم أَن تكون النكرَة فِي الْإِثْبَات كَمَا فِي النَّفْي مستغرقة وَهُوَ جنسي وفردي وعرفي: فالجنسي مثل: (لَا رجل فِي الدَّار) والفردي مثل: (لَا رجل فِي الدَّار) بِالتَّنْوِينِ؛ فَلَا يُنَافِي أَن يكون فِيهَا اثْنَان أَو ثَلَاثَة، والجنسي يُنَافِي ذَلِك والعرفي: هُوَ مَا يكون الْمرجع فِي شُمُوله وإحاطته إِلَى حكم الْعرف مثل: (جمع الْأَمِير الصاغة) ، وَإِن كَانَ بعض الْأَفْرَاد فِي الْحَقِيقَة وَغير الْعرفِيّ: مَا يكون الْمَدْلُول جَمِيع الْأَفْرَاد فِي نفس الْأَمر واستغراق الْجمع كاستغراق الْمُفْرد فِي الشُّمُول لِأَن [استغراق] الْمُفْرد أشمل على مَا الْمَشْهُور بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {فَمَا لنا من شافعين وَلَا صديق حميم} فَإِن " مَا لنا من شافعين " يُقيد مَا

أَفَادَهُ " مَا لنا من شَافِع " وَلَو قيل: (مَا لنا من أصدقاء) يُفِيد مَا أَفَادَهُ) (مَا لنا من صديق) الِاسْتِخْدَام: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالدَّال الْمُهْملَة وَهُوَ الْمَشْهُور من الْخدمَة؛ وَجوز أَن يكون بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَكِلَاهُمَا بِمَعْنى الْقطع سمي حَقِيقَة الِاسْتِخْدَام فِي البديع بِهِ فَكَأَنَّهُ على الْوَجْه الْمَشْهُور جعل الْمَعْنى الْمَذْكُور أَولا تَابعا وخادما للمعنى المُرَاد؛ وعَلى الْوَجْه غير الْمَشْهُور كَأَن الضَّمِير قطع عَمَّا هُوَ حَقه من الرُّجُوع إِلَى الْمَذْكُور فَإِن الِاسْتِخْدَام هُوَ أَن يُؤْتى بِلَفْظ لَهُ مَعْنيانِ فَأكْثر مرَادا بِهِ أحد مَعَانِيه ثمَّ يُؤْتى بضميره مرَادا بِهِ الْمَعْنى الآخر وَهَذِه طَريقَة السكاكي وَأَتْبَاعه؛ أَو يُرَاد بِأحد ضميريه أحد الْمَعْنيين ثمَّ يُرَاد بالضمير الآخر مَعْنَاهُ الآخر، وَهَذِه طَريقَة بدر الدّين بن مَالك فِي " الْمِصْبَاح " فَالْأولى كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَقَد خلقنَا الْإِنْسَان من سلالة من طين} فَإِن المُرَاد بِهِ آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، ثمَّ أعَاد الضَّمِير عَلَيْهِ مرَادا بِهِ وَلَده فَقَالَ: {ثمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة فِي قَرَار مكين} وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} استخدم سُبْحَانَهُ لَفْظَة (الصَّلَاة) لمعنيين: أَحدهمَا: إِقَامَة الصَّلَاة، بِقَرِينَة (حَتَّى تعلمُوا) وَالْآخر: مَوضِع الصَّلَاة، بِقَرِينَة (وَلَا جنبا) إِلَى آخِره وكقول الْقَائِل: (إِذا نزل السَّمَاء بِأَرْض قوم ... رعيناه وَإِن كَانُوا غضابا) وَالثَّانِي كَقَوْل البحتري: (فسقى الغضا والساكنية وَإِن هم ... شبوه بَين جوانحي وضلوعي) أَرَادَ بِأحد الضميرين الراجعين إِلَى الغضا وَهُوَ الْمَجْرُور فِي الساكنيه الْمَكَان وبالآخر الْمَنْصُوب فِي (شبوه) النَّار أَي أوقدوا بَين جوانحي نَار الْهوى الَّتِي تشبه نَار الغضا والاستخدام: اسْتِعْمَال معني اللَّفْظَة مَعًا، بِخِلَاف التورية، فَإِنَّهَا اسْتِعْمَال أحد معنيي اللَّفْظَة وإهمال الآخر الِاسْتِبْرَاء: هُوَ لُغَة: طلب الْبَرَاءَة؛ وَشرعا: التَّرَبُّص الْوَاجِب على كَامِلَة الرّقّ بِسَبَب تَجْدِيد ملك أَو زَوَال فرَاش مُقَدرا بِأَقَلّ مَا يدل على الْبَرَاءَة، فَلَو بَاعَ جَارِيَة ثمَّ اشْتَرَاهَا فِي الْمجْلس ثَبت الِاسْتِبْرَاء فِيهَا تَقْديرا عِنْد الْحَنَفِيَّة وَقَالَ غير الْحَنَفِيَّة: الِاسْتِبْرَاء فِي الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة تعبد، كَمَا فِي الْمُشْتَرَاة من امْرَأَة، لِأَن الْمُغَلب فِي الِاسْتِبْرَاء جَانب التَّعَبُّد وَقد نظمت فِيهِ: (وَقد يحصل الْمَقْصُود من شرع حكمنَا ... يَقِينا كَمَا فِي البيع إِذْ كنت مَالِكًا) (وظنا كَمَا فِي الْقَتْل يقْتَصّ قَاتل ... لينزجروا حَتَّى تحاشوا مهالكا) (ومحتملا فِي حد خمر مُسَاوِيا ... فكم منته كم مدمن قد تهالكا) (وَرجح الْقَصْد نَفسه من حُصُوله ... كآيسة لَو أنكح الدَّهْر ذلكا)

(وَيعْتَبر الْمَقْصُود فِي بعض صُورَة ... وَإِن ندرت فَالْحكم صَحَّ هنالكا) (كمن صَار بِالتَّوْكِيلِ زوج زينبا ... لَهَا الغرب مأوى وَهُوَ فِي الشرق سالكا) (فَلَو ولدا لما أَتَتْهُ فملحق ... لَهُ نسب ظن اللحوق سوالكا) (وَجَارِيَة لَو بَاعهَا ثمَّة اشْترى ... من المُشْتَرِي فِي مجْلِس قد تملكا) (فَيثبت الِاسْتِبْرَاء فِيهَا لجهلنا ... بَرَاءَة رحم مِنْهُ تَقْديرا اذلكا) (وَلم يعْتَبر تِلْكَ الْجَهَالَة غَيرنَا ... بل اعتبروا فِيهِ التَّعَبُّد مسلكا) وَيجوز التَّعْلِيل بِمَا لَا يطلع على حكمته وَإِن قطع بانتفائها فِي صُورَة من الصُّور كوجوب اسْتِبْرَاء الصَّغِيرَة لظن وجود الْحِكْمَة فِيهَا وَقَالَ الجدليون: لَا يثبت الحكم فِيهَا لانْتِفَاء الْحِكْمَة الَّتِي هِيَ روح الْعلَّة، وَلَا عِبْرَة للمظنة عِنْد تَحْقِيق المئنة الإسجال: هُوَ الْإِتْيَان بِأَلْفَاظ سجلت على الْمُخَاطب وُقُوع مَا خُوطِبَ بِهِ نَحْو: {رَبنَا وآتنا مَا وعدتنا على رسلك} {رَبنَا وأدخلهم جنَّات عدن الَّتِي وعدتهم} فَإِن فِي ذَلِك إسجالا بالإيتاء والإدخال، حَيْثُ وصف بالوعد من الله الَّذِي لَا يخلف الميعاد الاستتباع: هُوَ أَن يذكر النَّاظِم أَو الناثر معنى بمدح أَو ذمّ أَو غَرَض من الْأَغْرَاض فيستتبع معنى آخر من ذَلِك الْغَرَض يَقْتَضِي زِيَادَة وصف فِي ذَلِك الْفَنّ كَقَوْلِه: (نهبت من الْأَعْمَار مَا لَو حويته ... لهنئت الدُّنْيَا بأنك خَالِد) مدحه ببلوغ النِّهَايَة فِي الشجَاعَة إِذْ كثر قتلاه بِحَيْثُ لَو ورث أعمارهم لخلد فِي الدُّنْيَا على وَجه يستتبع مدحه بِكَوْنِهِ سَببا لصلاح الدُّنْيَا ونظامها، حَيْثُ جعل الدُّنْيَا مهنأة بخلوده الِاسْتِقْصَاء: هُوَ أَن يتَنَاوَل الْمُتَكَلّم معنى فيستقصيه فَيَأْتِي بِجَمِيعِ عوارضه ولوازمه بعد أَن يستقصي جَمِيع أَوْصَافه الذاتية، بِحَيْثُ لَا يتْرك لمن يتَنَاوَلهُ بعده فِيهِ مقَالا كَقَوْلِه تَعَالَى: {أيود أحدكُم أَن تكون لَهُ جنَّة من نخيل وأعناب} إِلَى آخِره وَالِاسْتِقْصَاء: يرد على الْمَعْنى التَّام الْكَامِل والتتميم: يرد على الْمَعْنى النَّاقِص والاستكانة: قيل هُوَ (افتعل) من (سكن) وَالْألف للإشباع، لِأَن مَعْنَاهُ خضع وتذلل، فَكَأَن الخاضع يسكن لصَاحبه ليفعل بِهِ مَا يُريدهُ وَقيل: هُوَ (استفعل) من (كَانَ) التَّامَّة، فَكَأَن الخاضع يطْلب من نَفسه أَن يكون وَيثبت على مَا يُرِيد بِهِ صَاحبه، وَالْأول أقوى من حَيْثُ الْمَعْنى، وَلَكِن لَا يساعده وُجُوه الِاشْتِقَاق والتصريف، وَالثَّانِي أصح لفظا أَو أَضْعَف معنى واستكان خَاص بالتغير عَن كَون مَخْصُوص، وَهُوَ خلاف الذل واستحال: عَام فِي كل حَال الاستقراء: هُوَ تتبع جزئيات الشَّيْء

فالتام مِنْهُ: هُوَ الاستقراء بالجزئي على الْكُلِّي نَحْو: (كل جسم متحيز) فَإِنَّهُ لَو استقريت جَمِيع جزئيات الْجِسْم من جماد وحيوان ونبات لوجدتها متحيزة؛ وَهَذَا الاستقراء دَلِيل يقيني فَيُفِيد الْيَقِين [لَكِن لَا دَائِما فِيمَا هُوَ الْمَشْهُور كَقَوْلِهِم: الْقيَاس يُفِيد الْيَقِين] والناقص: هُوَ الاستقراء بِأَكْثَرَ الجزئيات نَحْو: (كل حَيَوَان يُحَرك فكه الْأَسْفَل عِنْد المضغ) وَهَذَا الاستقراء دَلِيل ظَنِّي فَلَا يُفِيد إِلَّا الظَّن وَيُسمى النَّاقِص عِنْد الْفُقَهَاء إِلْحَاق الْفَرد بالأغلب والاستقراء بجزئي على جزئي هُوَ تَمْثِيل يُسَمِّيه الْفُقَهَاء قِيَاسا، وَهُوَ مُشَاركَة أَمر لأمر فِي عِلّة الحكم الِاسْتِئْنَاف: هُوَ من الْأنف، لِأَن الْجَواب ذُو شرف وارتفاع، أَو من أنف كل شَيْء، وَهُوَ أَوله، أَو من أنف الْبَاب وَهُوَ طرفه، لِأَن الْجَواب كَلَام مُبْتَدأ مُسْتَقل وطرف من سُؤال فالاستئناف: هُوَ أَن يكون الْكَلَام الْمُتَقَدّم بِحَسب الفحوى موردا للسؤال فَيجْعَل ذَلِك الْمُقدر كالمحقق، وَيُجَاب بالْكلَام الثَّانِي، فَالْكَلَام مُرْتَبِط بِمَا قبله من حَيْثُ الْمَعْنى وَإِن كَانَ مَقْطُوعًا لفظا وَالْقطع: كَون الْكَلَام مَقْطُوعًا عَمَّا قبله لفظا وَمعنى والاستئناف عِنْد أهل الْمعَانِي: ترك الْوَاو بَين جملتين نزلت أولاهما منزلَة السُّؤَال، وَتسَمى الثَّانِيَة استئنافا أَيْضا وَلَا يُصَار إِلَى الِاسْتِئْنَاف إِلَّا لجهات لَطِيفَة، إِمَّا لتنبيه السَّامع على موقعه، أَو لاعتنائه أَن يسْأَل أَو لِئَلَّا يسمع مِنْهُ شَيْء، أَو لِئَلَّا يَنْقَطِع كلامك بِكَلَامِهِ، أَو للقصد إِلَى تَكْثِير الْمَعْنى مَعَ قلَّة اللَّفْظ أَو ترك العاطف الِاسْتِصْحَاب: هُوَ الحكم بِبَقَاء أَمر كَانَ فِي الزَّمَان الأول وَلم يظنّ عَدمه واستصحاب الْحَال: هُوَ التَّمَسُّك بالحكم الثَّابِت فِي حَالَة الْبَقَاء، وَهُوَ حجَّة عندنَا حَتَّى يجب الْعَمَل فِي حق نَفسه، وَلَا يصلح حجَّة للإلزام على الْخصم، لِأَن مَا ثَبت فَالظَّاهِر فِيهِ الْبَقَاء، وَالظَّاهِر يَكْفِي لإبقاء مَا كَانَ، وَلَا يصلح أَيْضا حجَّة لإِثْبَات أَمر لم يكن، كحياة الْمَفْقُود، فَإِنَّهُ لما كَانَ الظَّاهِر بَقَاءَهُ منع الْإِرْث وَهُوَ لَا يَرث فَهُوَ إِثْبَات أَمر لم يكن وَأما عِنْد الشَّافِعِي فَهُوَ حجَّة فِي إِثْبَات كل حكم ثَبت بِدَلِيل ثمَّ شكّ فِي بَقَائِهِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: التَّمَسُّك بالاستصحاب على أَرْبَعَة أوجه: الأول: عِنْد الْقطع بِعَدَمِ المغير بحس أَو عقل أَو نقل، وَيصِح إِجْمَاعًا كَمَا نطقت بِهِ آيَة {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ} إِلَى آخِره وَالثَّانِي: عِنْد الْعلم بِعَدَمِ [دَلِيل مغير ثَابت بِالنّظرِ وبالاجتهاد بِقدر الوسع مَعَ احْتِمَال قيام المغير من حَيْثُ هُوَ لَا يشْعر وَهَذَا بِهِ يَصح إِجْمَاعًا لإبداء عذر لَا حجَّة على الْغَيْر إِلَّا عِنْد الشَّافِعِي وَالشَّيْخ أبي مَنْصُور الماتريدي وَبَعض مَشَايِخنَا رَحِمهم الله لِأَنَّهُ غَايَة وسع الْمُجْتَهد]

وَالثَّالِث: قيل هُوَ التَّأَمُّل فِي طلب المغير وَهُوَ بَاطِل بِالْإِجْمَاع، لِأَنَّهُ جهل مَحْض كَعَدم علم من أسلم فِي دَارنَا بالشرائع، وَصَلَاة من اشتبهت عَلَيْهِ الْقبْلَة بِلَا سُؤال وَلَا تحر وَالرَّابِع: إِثْبَات حكم مُبْتَدأ، وَهُوَ خطأ مَحْض، لِأَن مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ إبْقَاء مَا كَانَ، فَفِيهِ تَغْيِير [حَقِيقَة] الِاسْتِحْسَان: [هُوَ لُغَة عد الشَّيْء واعتقاده حسنا يُقَال: (استحسنت كَذَا) أَي اعتقدته حسنا وَقيل] : هُوَ طلب الْأَحْسَن من الْأُمُور وَقيل: هُوَ ترك الْقيَاس وَالْأَخْذ بِمَا هُوَ أرْفق للنَّاس، وَهُوَ اسْم لدَلِيل نصا كَانَ أَو إِجْمَاعًا أَو قِيَاسا خفِيا إِذا وَقع فِي مُقَابلَة قِيَاس جلي سبق إِلَيْهِ الْفَهم حَتَّى يُطلق على دَلِيل إِذا لم يقْصد فِيهِ تِلْكَ الْمُقَابلَة، وَإِذا كَانَ الدَّلِيل ظَاهرا جليا وأثره ضَعِيفا يُسمى قِيَاسا؛ وَإِذا كَانَ بَاطِنا خفِيا وأثره قَوِيا يُسمى اسْتِحْسَانًا؛ وَالتَّرْجِيح بالأثر لَا بالخفاء والظهور كالدنيا مَعَ العقبى وَقد يقوى أثر الْقيَاس فِي بعض الْفُصُول فَيُؤْخَذ بِهِ، وَقد يقوى أثر الِاسْتِحْسَان فيرجح بِهِ؛ وَهَذَا اللَّفْظ فِي اصْطِلَاح الْأُصُول فِي مُقَابلَة الْقيَاس الْجَلِيّ شَائِع [يعْمل بِهِ إِذا كَانَ أقوى مِنْهُ سموهُ بذلك لِأَنَّهُ فِي الْأَغْلَب يكون أقوى من الْقيَاس الْجَلِيّ فَيكون قِيَاسا مستحسنا قَالَ الله تَعَالَى: {فبشر عباد} {الَّذين يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه} الِاسْتِطَاعَة: استفعال من الطوع، وَهِي عِنْد

الْمُحَقِّقين اسْم للمعاني الَّتِي بهَا يتَمَكَّن الْإِنْسَان مِمَّا يُريدهُ من إِحْدَاث الْفِعْل، وَهِي أَرْبَعَة أَشْيَاء: نِيَّة مَخْصُوصَة للْفَاعِل وتصور للْفِعْل ومادة قَابِلَة للتأثير وَآلَة إِن كَانَ الْفِعْل آليا كالكتابة ويضاده الْعَجز، وَهُوَ أَلا يجد أحد هَذِه الْأَرْبَعَة فَصَاعِدا والاستطاعة: هِيَ التهيؤ لتنفيذ الْفِعْل بِإِرَادَة الْمُخْتَار من غير عائق قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: هِيَ اسْم للمعاني الَّتِي يتَمَكَّن الْمَرْء بهَا مِمَّا يُريدهُ من إِحْدَاث فعل؛ وَهِي أخص من الْقُدْرَة وَالْحق مَا صرح بِهِ الإِمَام أَبُو حنيفَة أَن الْقُدْرَة تصلح للضدين بِمَعْنى أَنَّهَا قُوَّة بهَا يتَمَكَّن الْحَيّ مَعَ الْفِعْل وَالتّرْك، وَصِحَّة الْأَمر وَالنَّهْي يعْتَمد عَلَيْهِ وَلَو قُلْنَا: إِن الْقُدْرَة هِيَ الْآلَات على مَذْهَب الاعتزال لسقط عَمَّن يُوجد لَا الْآلَات وَلَيْسَ بهَا قدرَة كاللسان مثلا حكم التَّكَلُّم وَالْقِرَاءَة وَقيل: الْقُدْرَة مَا يظْهر من الْقُوَّة بِقدر الْعَمَل لَا زَائِدا عَلَيْهِ وَلَا نَاقِصا مِنْهُ وَنفي الِاسْتِطَاعَة قد يُرَاد بِهِ نفي الْقُدْرَة والإمكان نَحْو: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ توصية} {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نقبا} وَقد يُرَاد بِهِ نفي الِامْتِنَاع نَحْو: {هَل يَسْتَطِيع رَبك} على الْقِرَاءَتَيْن أَي: هَل يفعل؟

وَقد يُرَاد بِهِ الْوُقُوع بِمَشَقَّة وكلفة نَحْو: {إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا} والاستطاعة: مِنْهَا مَا يصير بِهِ الْفِعْل طَائِعا لَهُ بسهولة وَفِي " التَّعْدِيل " وَغَيره: هِيَ جملَة مَا يتَمَكَّن بِهِ العَبْد من الْفِعْل إِذا انْضَمَّ إِلَيْهَا اخْتِيَاره الصَّالِحَة للضدين على الْبَدَل، وَهِي المرادة بِالنَّفْيِ بقوله: {مَا كَانُوا يتسطيعون السّمع} لَا الِاسْتِطَاعَة بِمَعْنى سَلامَة الْأَسْبَاب والآلات الْمُتَقَدّمَة على الْفِعْل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} لِأَنَّهَا كَانَت ثَابِتَة للْكفَّار والاستطاعة أخص من الْقُدْرَة والوسع من الِاسْتِطَاعَة: مَا يسع لَهُ فعله بِلَا مشقة والجهد مِنْهَا: مَا يتعاطى بِهِ الْفِعْل بِمَشَقَّة والطاقة مِنْهَا: بُلُوغ غَايَة الْمَشَقَّة يَقُولُونَ: (فلَان لَا يَسْتَطِيع أَن يرقى هَذَا الْجَبَل) و (هَذَا الْجمل يُطيق السّفر) و (هَذَا الْفرس صبور على مماطلة الْحَضَر) وَقد فسر رَسُول الله الِاسْتِطَاعَة بالزاد وَالرَّاحِلَة، وَمَا فسر استطاعة السَّبِيل إِلَى الْبَيْت فِي الْقُرْآن باستطاعة الْحَج فَإِنَّهَا لَا بُد فِيهَا من صِحَة الْبدن أَيْضا واستطاعة الْأَمْوَال وَالْأَفْعَال كِلَاهُمَا يُسمى بالتوفيقية واستطاعة الْأَحْوَال: وَهِي الْقُدْرَة على الْأَفْعَال تسمى بالتكليفية الاسْتوَاء: هُوَ إِذا لم يَتَعَدَّ بإلى يكون بِمَعْنى الِاعْتِدَال والاستقامة؛ وَإِذا عدي بهَا صَار بِمَعْنى قصد الاسْتوَاء فِيهِ، وَهُوَ مُخْتَصّ بالأجسام [ {واستوت على الجودي} : أَي اسْتَقَرَّتْ {وَلما بلغ أشده واستوى} : أَي تمّ {فَإِذا استويت أَنْت وَمن مَعَك على الْفلك} : أَي عَلَوْت وَارْتَفَعت] وَاخْتلف فِي معنى {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} فَقيل: بِمَعْنى اسْتَقر، وَهُوَ يشْعر بالتجسيم؛ وَقيل: بِمَعْنى استولى، وَلَا يخفى أَن ذَلِك بعد قهر وَغَلَبَة؛ وَقيل: بِمَعْنى صعد، وَالله منزه عَن ذَلِك أَيْضا؛ وَقَالَ الْفراء والأشعري وَجَمَاعَة من أهل الْمعَانِي: مَعْنَاهُ أقبل على خلق الْعَرْش وَعمد إِلَى خلقه؛ وَهَذَا معنى {ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} لَا على الْعَرْش وَقَالَ ابْن اللبان: الاسْتوَاء الْمَنْسُوب إِلَى الله تَعَالَى بِمَعْنى (اعتدل) أَي: قَامَ بِالْعَدْلِ كَقَوْلِه: {قَائِما بِالْقِسْطِ} فقيامه بِالْقِسْطِ وَالْعدْل هُوَ استواؤه تَعَالَى [وَاعْلَم أَن الله تَعَالَى أخبر بِأَنَّهُ على الْعَرْش اسْتَوَى، وَأخْبر رَسُوله بالنزول وَغير ذَلِك، فَكل مَا ورد من هَذَا الْقَبِيل دَلَائِل التَّوْحِيد فَلَا يتَصَرَّف فِيهَا بتشبيه وتعطيل، فلولا إِخْبَار الله تَعَالَى وإخبار رَسُوله مَا تجاسر عقل أَن يحوم حول ذَلِك الْحمى، وتلاشى دون ذَلِك عقل الْعُقَلَاء ولب الألباء، فَالله سُبْحَانَهُ وَفِي من عباده بِمَا أخبر وَدلّ على نَفسه بِمَا

أظهر وَرفع حِجَابا من الْحجب عَن وَجه الْكِبْرِيَاء وكشف شَيْئا من سبحات العظمة والْعَلَاء فَكل أَخْبَار الصِّفَات تجليات إلهية وكشوف جلية عقل من عقل وَجَهل من جهل، فَلَا تبعد عَن الله بالتشبيه وَقد قرب مِنْك، وَلَا تَفِر مِنْهُ بالتعطيل وَقد دنا إِلَيْك أطلق لِسَان الاسْتوَاء وَأعْرض عَن الْكَيْفِيَّة، وَهَكَذَا سَائِر الصِّفَات، فَهُوَ سُبْحَانَهُ بِمَا تجلى لِعِبَادِهِ بِهَذَا الْإِخْبَار ظَاهر، وَبِمَا قصرت الْعُقُول عَن إِدْرَاك كنهها وكيفيتها بَاطِن فَلَا ينْكَشف من عظم شَأْنه مَا بطن وَلَا يتشف من علو سُلْطَانه مَا انكمن] الاستطراد: هُوَ سوق الْكَلَام على وَجه يلْزم فِيهِ كَلَام آخر وَهُوَ غير مَقْصُود بِالذَّاتِ بل بِالْعرضِ، من (استطراد الْفَارِس فِي جريه فِي الْحَرْب) وَذَلِكَ أَن يفر من بَين يَدي الْخصم يُوهِمهُ الانهزام ثمَّ يعْطف عَلَيْهِ، وَهُوَ ضرب من المكيدة وَفِي الِاصْطِلَاح: أَن يكون فِي غَرَض من أغراض الشّعْر يُوهم أَنه يسْتَمر فِيهِ ثمَّ يخرج مِنْهُ إِلَى غَيره لمناسبة بَينهمَا وَلَا بُد من التَّصْرِيح باسم المستطرد بِهِ بِشَرْط أَن يكون قد تقدم لَهُ ذكر ثمَّ يرجع إِلَى الأول وَيقطع الْكَلَام فَيكون المستطرد بِهِ آخر كَلَامه وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ معدومان فِي التَّخَلُّص فَإِنَّهُ لَا يرجع إِلَى الأول وَلَا يقطع الْكَلَام بل يسْتَمر فِيمَا تخلص إِلَيْهِ كَقَوْلِه: (لَهَا برص بِأَسْفَل إسكتيها ... كعنفقة الفرزدق حِين شَابًّا) وَحسن التَّخَلُّص والاستطراد: من أساليب الْقُرْآن الْجَلِيل وَقد خرج على الاستطراد قَوْله تَعَالَى: {لن يستنكف الْمَسِيح أَن يكون عبدا لله وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون} فَإِن أول الْكَلَام رد على النَّصَارَى الزاعمين بنوة الْمَسِيح، ثمَّ استطرد الرَّد على الْعَرَب الزاعمين بنوة الْمَلَائِكَة وَمِنْه أَيْضا قَوْله تَعَالَى: {أَلا بعدا لمدين كَمَا بَعدت ثَمُود} وَمِنْه تَغْيِير الضَّمِير إِلَى الْجمع بعد التَّثْنِيَة وَلَو كَانَت الْقِصَّة وَاحِدَة، كَقَوْلِه تَعَالَى: {جعلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتاهما فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ} فَإِن مَا بعد قصَّة ابْني آدم كمخلص إِلَى قصَّة الْعَرَب وإشراكهم الْأَصْنَام فَيكون من الْمَوْصُول لفظا والمفصول معنى [وَمن هَذَا الْقَبِيل قَوْله: {فَمَاذَا تأمرون} فَإِنَّهُ قَول فِرْعَوْن {أَن يخرجكم من أَرْضكُم} قَول الْمَلأ و {أَنا راودته عَن نَفسه وَإنَّهُ لمن الصَّادِقين} قَول زليخا و {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} كَلَام يُوسُف و {إِن الْمُلُوك إِذا دخلُوا قَرْيَة أفسدوها وَجعلُوا أعزة أَهلهَا أَذِلَّة} كَلَام بلقيس

{وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} كَلَام الله و {من بعثنَا من مرقدنا} قَول الْكفَّار و {هَذَا مَا وعد الرَّحْمَن} قَول الْمَلَائِكَة إِلَى غير ذَلِك] أسلوب الْحَكِيم: هُوَ لُغَة كل كَلَام مُحكم وَاصْطِلَاحا: هُوَ إِمَّا تلقي الْمُخَاطب بِغَيْر مَا يترقب بِسَبَب حمل كَلَام الْمُخَاطب على خلاف مَا أَرَادَهُ تَنْبِيها على أَنه الأولى بِالْقَصْدِ والإرادة، وَهَذَا عين القَوْل بِالْمُوجبِ، لِأَن حَقِيقَته حمل لفظ وَقع فِي كَلَام الْغَيْر على خلاف مُرَاده مِمَّا يحْتَملهُ بِذكر مُتَعَلقَة؛ وَإِمَّا تلقي السَّائِل بِغَيْر مَا يتطلب تَنْبِيها على أَن الأولى لَهُ والأهم إِنَّمَا هُوَ السُّؤَال عَمَّا أُجِيب عَنهُ مِثَال الأول قَول القبعثري للحجاج حِين قَالَ متوعدا " لأحملنك على الأدهم ": " مثل الْأَمِير يحمل على الأدهم والأشهب " فَقَالَ الْحجَّاج: " إِنَّه الْحَدِيد " فَقَالَ: " لِأَن يكون حديدا خير من أَن يكون بليدا " وَمِثَال الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة قل هِيَ مَوَاقِيت للنَّاس وَالْحج} وَهَذَا على احْتِمَال أَن السَّائِل غير الصَّحَابَة وَقد رُوِيَ مَا يَقْتَضِي أَنهم لم يسْأَلُوا عَن سَبَب زِيَادَة الْهلَال ونقصانه، بل عَن سَبَب خلقه على مَا هُوَ الْأَلْيَق بحالهم روى أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَن الرّبيع عَن أبي عالية قَالَ: بلغنَا أَنهم قَالُوا: يَا رَسُول الله لم خلقت الْأَهِلّة؟ فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فعلى هَذَا لَيْسَ فِيهَا من اسلوب الْحَكِيم شَيْء بل يصير الْجَواب طبق السُّؤَال، فَصَارَت الْآيَة مُحْتَملَة للوجهين وَمن أسلوب الْحَكِيم أَيْضا: جَوَاب النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حِين سُئِلَ عَن قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} الْآيَة: بِأَن الله تَعَالَى خلق آدم ثمَّ مسح ظَهره بِيَمِينِهِ فاستخرج من ذُريَّته إِلَى آخر الحَدِيث، فَإِن هَذَا جَوَاب بِبَيَان الْمِيثَاق المقالي، وَالسُّؤَال عَن بَيَان الْمِيثَاق الحالي؛ وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى ميثاقين مَعَ بني آدم، أَحدهمَا: يَهْتَدِي إِلَيْهِ الْعقل من نصب الْأَدِلَّة الباعثة على الِاعْتِرَاف الحالي وَثَانِيهمَا: المقالي الَّذِي لَا يَهْتَدِي إِلَيْهِ الْعقل، بل يتَوَقَّف على أَخْبَار الْأَنْبِيَاء؛ فَأَرَادَ النَّبِي أَن يخبر الْأمة عَمَّا لَا تهتدي إِلَيْهِ عُقُولهمْ من مِيثَاق آخر أزلي فَقَالَ مَا قَالَ، ليعرف مِنْهُ أَن هَذَا النَّسْل الَّذِي يخرج فِيمَا لَا يزَال من أصلاب بني آدم هُوَ الذَّر الَّذِي أخرج فِي ابْتِدَاء خلق آدم من صلبه وَأخذ مِنْهُ الْمِيثَاق المقالي الأزلي كَمَا أَخذ مِنْهُم فِيمَا لَا يزَال بالتدريج حِين أخرجُوا الْمِيثَاق الحالي اللايزالي وَقَالَ بَعضهم: المخاطبون بقوله: {أَلَسْت بربكم} هم الصُّور العلمية الْقَدِيمَة ألتي هِيَ ماهيات الْأَشْيَاء وحقائقها ويسمونها بالأعيان الثَّابِتَة، وَلَيْسَت تِلْكَ الصُّور مَوْجُودَة فِي الْخَارِج، وجوابهم إِنَّمَا هُوَ بألسنة استعداداتهم الأزلية، فَالْمُرَاد بالذرية هُوَ الصُّور العلمية والأعيان الثَّابِتَة، وباستخراجها هُوَ تجلي الذَّات وظهوره فِيهَا وَنسبَة الْإِخْرَاج إِلَى ظُهُورهمْ بِاعْتِبَار أَن تِلْكَ الصُّور إِذا

وجدت فِي الْأَعْيَان كَانَت عينهم، وَإِن هَذِه المقاولة حَالية استعدادية أزلية لَا قالية لَا يزالية حَادِثَة وَذكر صَاحب " التَّلْخِيص " أَن القَوْل بِالْمُوجبِ ضَرْبَان: أَحدهمَا: مَا ذَكرْنَاهُ آنِفا وَهُوَ المتداول بَين النَّاس وَالثَّانِي: أَن يَقع صفة من كَلَام الْغَيْر كِنَايَة عَن شَيْء أثبت لَهُ حكم، فَتثبت فِي كلامك تِلْكَ الصّفة لغير ذَلِك الشَّيْء من غير تعرض لثُبُوت ذَلِك الحكم وانتفائه عَنهُ كَقَوْلِه تَعَالَى: {يَقُولُونَ لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل وَللَّه الْعِزَّة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمنِينَ} الاستئمان: هُوَ طلب الْأمان من الْعَدو، حَرْبِيّا كَانَ أَو مُسلما قَالَ الشَّافِعِي: صَحَّ أَمَان العَبْد للحربي كَالْحرِّ بِجَامِع الاسلام وَالْعقل فَإِنَّهُمَا مَظَنَّة لإِظْهَار مصلحَة بِالْإِيمَان من بذل الْأمان فيعترضه الْحَنَفِيّ بِاعْتِبَار الْحُرِّيَّة مَعَهُمَا، فَإِنَّهُمَا مَظَنَّة فرَاغ الْقلب للنَّظَر، بِخِلَاف الرّقية، فَإِنَّهَا لَيست مَظَنَّة الْفَرَاغ، لاشتغال الرَّقِيق بِخِدْمَة سَيّده، فيلغي الشَّافِعِي مَا اعْتَبرهُ الْحَنَفِيّ من كَون الْحُرِّيَّة جُزْء علته بِثُبُوت الْأمان بِدُونِهَا فِي الرَّقِيق الْمَأْذُون لَهُ فِي الْقِتَال اتِّفَاقًا، فيجيب الْحَنَفِيّ بِأَن الْإِذْن لَهُ خلف الْحُرِّيَّة، لِأَنَّهُ مَظَنَّة لبذل وَسعه فِي النّظر فِي مصلحَة الْقِتَال والأمان الاسلام: لُغَة: الانقياد الْمُتَعَلّق بالجوارح كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا} وَالدّين {إِن الدّين عِنْد الله الْإِسْلَام} وَالْإِيمَان: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فأخرجنا من كَانَ فِيهَا من الْمُؤمنِينَ} ثمَّ ذكر فَاء التَّعْلِيل فَقَالَ: {فَمَا وجدنَا فِيهَا غير بَيت من الْمُسلمين} فَالْمُنَاسِب أَن يُرَاد بِالْمُؤْمِنِينَ الْمُسلمُونَ وَشرعا: هُوَ على نَوْعَيْنِ دون الْإِيمَان وَهُوَ الِاعْتِرَاف بِاللِّسَانِ، وَإِن لم يكن لَهُ اعْتِقَاد، وَبِه يحقن الدَّم؛ وَفَوق الْإِيمَان؛ وَهُوَ الِاعْتِرَاف مَعَ الِاعْتِقَاد بِالْقَلْبِ وَالْوَفَاء بِالْفِعْلِ وَاعْلَم أَن مُخْتَار جُمْهُور الْحَنَفِيَّة والمعتزلة وَبَعض أهل الحَدِيث أَن الْإِيمَان وَالْإِسْلَام متحدان، وَعند أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ أَنَّهُمَا متباينان؛ وَغَايَة بهَا يُمكن فِي الْجَواب أَن التغاير بَين مفهومي الْإِيمَان وَالْإِسْلَام لَا مَا صدق عَلَيْهِ الْمُؤمن وَالْمُسلم إِذْ لَا يَصح فِي الشَّرْع أَن يحكم على وَاحِد بِأَنَّهُ مُؤمن وَلَيْسَ بِمُسلم وَلَا بِالْعَكْسِ وَالصَّحِيح مَا قَالَه أَبُو مَنْصُور الماتريدي أَن الْإِسْلَام معرفَة الله بِلَا كَيفَ وَلَا شُبْهَة وَمحله الصَّدْر، وَالْإِيمَان مَعْرفَته بالالهية وَمحله دَاخل الصَّدْر، وَهُوَ الْقلب والمعرفة معرفَة الله بصفاته، ومحلها دَاخل الْقلب، وَهُوَ الْفُؤَاد فَهَذِهِ عُقُود أَرْبَعَة لَيست بِوَاحِدَة وَلَا بمتغايرة، فَإِذا اجْتمعت صَارَت دينا وَهُوَ الثَّبَات على هَذِه الْخِصَال الْأَرْبَع إِلَى الْمَوْت

وَدين الله فِي السَّمَاء وَالْأَرْض وَاحِد وَهُوَ الْإِسْلَام لقَوْله تَعَالَى {إِن الدّين عِنْد الله الْإِسْلَام} ثمَّ اعْلَم أَنه ذكر فِي كتب أصُول الشَّافِعِيَّة أَن الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق القلبي، أَي بِمَا علم مَجِيء الرَّسُول بِهِ من عِنْد الله ضَرُورَة يَعْنِي الإذعان وَالْقَبُول لَهُ والتكليف بذلك، وَلَا يعْتَبر التَّصْدِيق الْمَذْكُور فِي الْخُرُوج بِهِ من عُهْدَة التَّكْلِيف بِالْإِيمَان إِلَّا مَعَ التَّلَفُّظ بِالشَّهَادَتَيْنِ من الْقَادِر عَلَيْهِ الَّذِي جعله الشَّارِع عَلامَة لنا على التَّصْدِيق الْخَفي عَنَّا حَتَّى يكون الْمُنَافِق مُؤمنا بَيْننَا، كَافِرًا عِنْد الله تَعَالَى وَهل التَّلَفُّظ الْمَذْكُور شَرط للْإيمَان أَو شطر مِنْهُ؟ فِيهِ خلاف للْعُلَمَاء وَالرَّاجِح الأول وَالْإِسْلَام أَعمال الْجَوَارِح من الطَّاعَات كالتلفظ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَغير ذَلِك، فَلَا تعْتَبر الْأَعْمَال الْمَذْكُورَة فِي الْخُرُوج بهَا من عُهْدَة التَّكْلِيف بالاسلام إِلَّا مَعَ الْإِيمَان أَي التَّصْدِيق الْمَذْكُور وَعَن بعض الْمَشَايِخ: الْإِيمَان تَصْدِيق الْإِسْلَام، وَالْإِسْلَام تَحْقِيق الْإِيمَان وَالْحَاصِل أَن بَينهمَا عُمُوما وخصوصا، فالعام هُوَ الْإِيمَان، وَالْخَاص هُوَ الْإِسْلَام الَّذِي هُوَ فعل الْجَوَارِح، فَإِن الْمُنَافِق مُسلم وَلَيْسَ بِمُؤْمِن الْإِسْرَاف: هُوَ صرف الشَّيْء فِيمَا لَا يَنْبَغِي زَائِدا على مَا يَنْبَغِي، بِخِلَاف التبذير فَإِنَّهُ صرف الشَّيْء فِيمَا لَا يَنْبَغِي والإسراف: تجَاوز فِي الكمية، فَهُوَ جهل بمقادير الْحُقُوق والتبذير: تجَاوز فِي مَوضِع الْحق، فَهُوَ جهل بمواقعها، يرشدك إِلَى هَذَا قَوْله تَعَالَى فِي تَعْلِيل الْإِسْرَاف: {إِنَّه لَا يحب المسرفين} وَفِي تَعْلِيل التبذير: {إِن المبذرين كَانُوا إخْوَان الشَّيَاطِين} فَإِن تَعْلِيل الثَّانِي فَوق الأول الاستدراج: هُوَ أَن يُعْطي الله العَبْد كل مَا يُريدهُ فِي الدُّنْيَا لِيَزْدَادَ غيه وضلاله وجهله وعناده فَيَزْدَاد كل يَوْم بعدا من الله تَعَالَى الاستعداد: استعداد الشَّيْء كَونه بِالْقُوَّةِ الْقَرِيبَة إِلَى الْفِعْل الْبعيد فَيمْتَنع أَن يُجَامع وجوده بِالْفِعْلِ الِاسْتِسْعَاء: هُوَ أَن يُكَلف العَبْد الِاكْتِسَاب حَتَّى يحصل قيمَة نصيب الشَّرِيك وَمعنى (استسعى) : اكْتسب بِلَا تَشْدِيد فِيهِ، أَو استخدم بِلَا تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق الإستقاء: هُوَ أبلغ من السَّقْي، لِأَن الإسقاء هُوَ أَن يَجْعَل لَهُ مَا يستقى مِنْهُ وَيشْرب، والسقي: هُوَ أَن تعطيه مَا يشرب وَقيل: سقى لما لَا كلفة فِيهِ؛ وَلِهَذَا ورد فِي شراب الْجنَّة: {وسقاهم رَبهم شرابًا طهُورا} وأسقي لما فِيهِ كلفة وَلِهَذَا ذكر فِي مَاء الدُّنْيَا {لأسقيناهم مَاء غدقا} وسقاه من العيمة: أَي من أجل عطشه، وَعَن العيمة: إِذا أرواه حَتَّى أبعده عَن الْعَطش وَهَكَذَا: قسا قلبه من ذكر الله وَعَن ذكر الله فَمَعْنَى الأول: قسا من أجل الشَّيْء وبسببه، وَالثَّانِي غلظ عَن قبُول الذّكر، وَالْأول أبلغ

الْأَسير: الْمَأْخُوذ قهرا، أَصله الشد، فَإِن من أَخذ قهرا شدّ غَالِبا، فَسُمي الْمَأْخُوذ أَسِيرًا وَإِن لم يشد فِي " الْقَامُوس ": الْأَسير: الأخيذ والمقيد والمسجون قَالَ أَبُو عَمْرو: الأسراء هم الَّذين جاؤوا مستأثرين؛ وَالْأسَارَى: هم الَّذين جاؤوا بِالْوَثَاقِ والسجن الاستغاثة: من الْغَوْث وَهُوَ النَّصْر والعون يُقَال: استغثته فأغاثني وَأما استغثته فغاثني فَهُوَ من الْغَيْث وَهُوَ الْمَطَر وَلم يجيئ (اسْتَغَاثَ) فِي الْقُرْآن إِلَّا مُتَعَدِّيا بِنَفسِهِ والاستغاثة: طلب الانخراط فِي سلك الْبَعْض والنجاة عَمَّا ابْتُلِيَ بِهِ الْبَعْض الآخر الإسباغ: يُقَال: أَسْبغ الله النِّعْمَة: إِذا أتمهَا، وَفُلَان الْوضُوء: إِذا أبلغه موَاضعه ووفي كل عُضْو حَقه الْإِسْعَاف: هُوَ قَضَاء الْحَاجة، يعدى إِلَى الْمَفْعُول الثَّانِي بِالْبَاء وَقد يتَضَمَّن معنى التَّوَجُّه فيعدى تعديته وَهُوَ (إِلَى) وساعفه: ساعده أَو وافاه فِي مصافاة ومعاونة الِاسْتِحْبَاب: هُوَ أَن يتحَرَّى الْإِنْسَان فِي الشَّيْء أَن يُحِبهُ وَفِي الشَّرِيعَة: هُوَ مثل التَّطَوُّع وَالنَّفْل وَالنَّدْب وَحكمه الثَّوَاب بِالْفِعْلِ الشَّامِل للترك وَعدم الْعقَاب بترك كل مِنْهَا الِاسْتِدْلَال: لُغَة: طلب الدَّلِيل وَيُطلق فِي الْعرف على إِقَامَة الدَّلِيل مُطلقًا من نَص أَو إِجْمَاع أَو غَيرهمَا، وعَلى نوع خَاص من الدَّلِيل وَقيل: هُوَ فِي عرف أهل الْعلم تَقْرِير الدَّلِيل لإِثْبَات الْمَدْلُول سَوَاء كَانَ ذَلِك من الْأَثر إِلَى الْمُؤثر أَو بِالْعَكْسِ الأسف: حزن مَعَ غضب لقَوْله تَعَالَى: {وَلما رَجَعَ مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا} سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الْحزن وَالْغَضَب فَقَالَ: مخرجهما وَاحِد وَاللَّفْظ مُخْتَلف، فَمن نَازع من يقوى عَلَيْهِ أظهر غيظا وغضبا، وَمن نَازع من لَا يقوى عَلَيْهِ أظهر حزنا وجزعا والأسى واللهف: حزن على الشَّيْء الَّذِي يفوت والكمد: حزن لَا يُسْتَطَاع إمضاؤه والبث: أَشد الْحزن وَالْكرب: الْغم الَّذِي يَأْخُذ بِالنَّفسِ والسدم: هم فِي نَدم الاستهلال: هُوَ أَن يكون من الْوَلَد مَا يدل على حَيَاته من رفع الصَّوْت أَو حَرَكَة عُضْو، كَذَا فِي " التَّبْيِين " الإستار: بِالْكَسْرِ فِي الْعدَد أَرْبَعَة، وَفِي الزنة أَرْبَعَة مَثَاقِيل وَنصف الاساءة: أساءه: أفْسدهُ، وَإِلَيْهِ: ضد أحسن؛ وَهِي دون الْكَرَاهَة وأسوت بَين الْقَوْم: أصلحت وَيُقَال: آسى أَخَاهُ بِنَفسِهِ وبماله والإساءة من هَذَا الْبَاب، وَإِنَّمَا هِيَ منقولة عَن " سَاءَ " الأسوة: الْحَالة الَّتِي يكون الْإِنْسَان عَلَيْهَا فِي اتِّبَاع

غَيره إِن حسنا وَإِن قبيحا، إِن سارا وَإِن ضارا الإسكان: هُوَ جعل الْغَيْر سَاكِنا، وَالْأَصْل أَن يعدى ب (فِي) لِأَن السُّكْنَى نوع من اللّّبْث والاستقرار، إِلَّا أَنهم لما نقلوه إِلَى سُكُون خَاص تصرفوا فِيهِ، فَقَالُوا: أسكن الدَّار الِاسْتِئْنَاس: هُوَ عبارَة عَن الآنس الْحَاصِل من جِهَة المجالسة وَهُوَ خلاف الاستيحاش وَقد يكون بِمَعْنى الاستعلام الِاسْتِدْرَاك: هُوَ دفع توهم يتَوَلَّد من الْكَلَام الْمُتَقَدّم دفعا شَبِيها بِالِاسْتِثْنَاءِ إِسْمَاعِيل: هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام، وَمَعْنَاهُ: مُطِيع الله، وَهُوَ الذَّبِيح على الصَّحِيح، وَهُوَ المُرَاد من قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " أَنا ابْن الذبيحين " أَحدهمَا جده اسماعيل وَالْآخر أَبوهُ عبد الله، فَإِن عبد الْمطلب نذر أَن يذبح ولدا إِن سهل الله لَهُ حفر زَمْزَم، أَو بلغ بنوه عشرَة؛ فَلَمَّا خرج السهْم على عبد الله فدَاه بمئة من الْإِبِل، وَلذَلِك سنت الدِّيَة [إِسْحَاق: ولد بعد إِسْمَاعِيل بِأَرْبَع عشرَة سنة وعاش مائَة وَثَمَانِينَ سنة، قيل مَعْنَاهُ بالعبرانية: الضَّحَّاك] اسرائيل: لقب يَعْقُوب قيل: مَعْنَاهُ عبد الله، لِأَن (إيل) اسْم من أَسمَاء الله بالسُّرْيَانيَّة؛ وَقيل صفوة الله، وَقيل سر الله؛ أَو لِأَنَّهُ انْطلق إِلَى حَاله خشيَة أَن يقْتله أَخُوهُ عيصو، فَكَانَ يسري بِاللَّيْلِ ويكمن بِالنَّهَارِ، وقصته مسطورة فِي بعض كتب الْأَحَادِيث قَالَ بَعضهم: لم يُخَاطب الْيَهُود فِي الْقُرْآن إِلَّا ب (يَا بني إِسْرَائِيل) دون (يَا بني يَعْقُوب) لنكتة هِيَ لأَنهم خوطبوا بِعبَادة الله وَذكروا بدين أسلافهم موعظة لَهُم وتنبيها من غفلتهم فسموا بِالِاسْمِ الَّذِي فِيهِ تذكرة بِاللَّه [نوع] {فَكيف آسى} : أَحْزَن {أسفا} : حَزينًا {فاستعصم} : امْتنع {وَمَا اسْتَكَانُوا} : وَمَا خضعوا لِلْعَدو [وَأَسْبَاب السَّمَاء: مراقيها ونواحيها أَو أَبْوَابهَا] {فليرتقوا فِي الْأَسْبَاب} : السَّمَاء {استيأسوا} : يئسوا {غير آسن} : أَي غير متغير {واستغشوا ثِيَابهمْ} : تغطوا بهَا {إِذا أَسْفر} : أَضَاء {استحوذ} : استولى

{فاستغلظ} : فَصَارَ من الرقة إِلَى الغلظ {فاستفتهم} : فاستخبرهم {أُسْوَة حَسَنَة} : خصْلَة حَسَنَة {استمسك} : تعلق {أساطير الْأَوَّلين} : أكاذيبهم الَّتِي كتبوها {اسْترق السّمع} : اختلسه {استجارك} : استأمنك وَطلب مِنْك جوارك {فاسلك فِيهَا} : فَأدْخل فِيهَا {من إستبرق} : من ديباج غليظ بلغَة الْعَجم، أَصله استبرك {فَاسْتَوَى على سوقه} : فاستقام على أَصله {من أسلم وَجهه} : أخْلص نَفسه {أسفارا} : هِيَ الْكتب بالسُّرْيَانيَّة، وَقَالَ بَعضهم بالنبطية {أسلنا} : أذبنا {وأسروا الندامة} : أظهروها وَهُوَ من الأضداد {واستفزز} : استخف {فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} : بَادرُوا بِالنِّيَّةِ وَالْجد، وَلم يرد الْعَدو والإسراع فِي الْمَشْي {وتقطعت بهم الْأَسْبَاب} : أَي الْوَصْل الَّتِي كَانَت بَينهم {استهوته الشَّيَاطِين} : ذهبت بِهِ مَرَدَة الْجِنّ فِي المهامه {فَمَا اسطاعوا} : فَمَا اسْتَطَاعُوا {وَمَا اسْتَكَانُوا} : فَمَا انتقلوا من حَالهم وَمَا خضعوا [ {وشددنا أسرهم} : وأحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب {استمتع بَعْضنَا بِبَعْض} : أَي انْتفع {وأسيرا} : يَعْنِي أُسَارَى الْكفَّار {بِمَا أسلفتم} : بِمَا قدمتهم من الْأَعْمَال الصَّالِحَة {أَسْفَل سافلين} : أهل النَّار أَو النَّار، أَو أرذل الْعُمر {فَمَا اسْتَيْسَرَ} : فَمَا تيَسّر {فاستبقوا الْخيرَات} : فابتدروها انتهازا للفرصة وحيازة لفضل السَّبق والتقديم]

فصل الألف والشين

(فصل الْألف والشين) [اشْترى] : كل من ترك شَيْئا وَتمسك بِغَيْرِهِ فقد اشْتَرَاهُ وَمِنْه: {اشْتَروا الضَّلَالَة بِالْهدى} الِاشْتِقَاق: هُوَ أَخذ شقّ الشَّيْء، وَالْأَخْذ فِي الْكَلَام وَفِي الْخُصُومَة يَمِينا وَشمَالًا وَفِي الِاصْطِلَاح: هُوَ اقتطاع فرع من أصل يَدُور فِي تصاريفه حُرُوف ذَلِك الأَصْل وَقيل: هُوَ أَخذ كلمة من أُخْرَى بتغيير مَا مَعَ التناسب فِي الْمَعْنى وَقيل: هُوَ رد كلمة إِلَى أُخْرَى لتناسبهما فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى وَهُوَ من أصل خَواص كَلَام الْعَرَب، فَإِنَّهُم أطبقوا على أَن التَّفْرِقَة بَين اللَّفْظ الْعَرَبِيّ والعجمي بِصِحَّة الِاشْتِقَاق قَالَ ابْن عُصْفُور: لَا يدْخل الِاشْتِقَاق فِي سِتَّة أَشْيَاء وَهِي: الْأَسْمَاء الأعجمية: ك (اسماعيل) والأصوات ك (غاق) والأسماء المتوغلة فِي الْإِبْهَام ك (من) و (مَا) والبارزة ك (طُوبَى) اسْم للنعمة (واللغات المتقابلة ك (الجون) للأبيض وَالْأسود (والأسماء الخماسية ك (سفرجل) وَجَاز الِاشْتِقَاق من الْحُرُوف وَقد قَالُوا: (أنعم لَهُ بِكَذَا) أَي قَالَ لَهُ: نعم وسوفت: الرجل: أَي قلت لَهُ: سَوف أفعل وَسَأَلْتُك الْحَاجة فلوليت لي أَي: قلت لي: لَوْلَا وَلَا لَيْت لي: أَي قلت لي: لالا، وَأَشْبَاه ذَلِك ومحال أَن يشتق الأعجمي من الْعَرَبِيّ أَو بِالْعَكْسِ، لِأَن اللُّغَات لَا تشتق الْوَاحِدَة مِنْهَا من الْأُخْرَى، مواضعة كَانَت فِي الأَصْل أَو إلهاما، وَإِنَّمَا يشتق فِي اللُّغَة الْوَاحِدَة بَعْضهَا من بعض، لِأَن الِاشْتِقَاق نتاج وتوليد، ومحال أَن تنْتج النوق إِلَّا حورانا، وتلد الْمَرْأَة إِلَّا إنْسَانا؛ وَمن اشتق الأعجمي من الْعَرَبِيّ كَانَ كمن ادّعى أَن الطير من الْحُوت والاشتقاق يعم الْحَقِيقَة وَالْمجَاز، ك (النَّاطِق) الْمَأْخُوذ من (النُّطْق) بِمَعْنى التَّكَلُّم حَقِيقَة، وَبِمَعْنى الدَّال مجَازًا؛ وَمن قَوْلهم: (الْحَال ناطقة بِكَذَا) أَي دَالَّة عَلَيْهِ، فَاسْتعْمل النُّطْق فِي الدّلَالَة مجَازًا ثمَّ اشتق مِنْهُ اسْم الْفَاعِل وَقد لَا يشتق من الْمجَاز، كالأمر [أَي لفظ الْأَمر] بِمَعْنى الْفِعْل مجَازًا لَا يشتق مِنْهُ اسْم فَاعل وَلَا اسْم مفعول، ويشتقان من الْأَمر بِمَعْنى القَوْل حَقِيقَة وأركانه أَرْبَعَة: الْمُشْتَقّ والمشتق مِنْهُ والمشاركة بَينهمَا فِي الْمَعْنى والحروف، والتغيير؛ فَإِن فَقدنَا التَّغْيِير لفظا حكمنَا بالتغيير تَقْديرا؛ وَلَيْسَ من شَرط الِاسْم الْمُشْتَقّ اتصاف الذَّات بالمشتق مِنْهُ، بِدَلِيل أَن الْمَعْلُوم مُشْتَقّ من الْعلم، وَالْعلم لَيْسَ قَائِما بالمعلوم، وَشرط صدق الْمُشْتَقّ حُصُول الْمُشْتَقّ مِنْهُ فِي الْحَال وَجَوَاز صدق الْمُشْتَقّ مَعَ انْتِفَاء مَأْخَذ الِاشْتِقَاق، كَمَا يذهب إِلَيْهِ الْمُعْتَزلَة القائلة بِأَن الله تَعَالَى عَالم لَا علم لَهُ فَلَيْسَ بمرضي عِنْد الْمُحَقِّقين، بِدَلِيل أَن من كَانَ كَافِرًا ثمَّ أسلم فَإِنَّهُ يصدق عَلَيْهِ أَنه لَيْسَ بِكَافِر، فَدلَّ على أَن بَقَاء الْمُشْتَقّ مِنْهُ شَرط فِي صدق الِاسْم الْمُشْتَقّ، وَوُجُود معنى الْمُشْتَقّ مِنْهُ

كالضارب لمباشرة الضَّرْب حَقِيقَة اتِّفَاقًا وَقيل: وجوده - أَعنِي فِي الِاسْتِقْبَال - كالضارب لمن لم يضْرب وسيضرب مجَاز اتِّفَاقًا، وَبعد وجوده مِنْهُ وانقضائه - أَعنِي فِي الْمَاضِي - كالضارب لمن قد ضرب قبل وَهُوَ الْآن لَا يضْرب، اخْتلف فِيهِ؛ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّة مجَاز، وَعند الشَّافِعِيَّة حَقِيقَة؛ وَثَمَرَة الْخلاف تظهر فِي نَحْو قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " الْمُتَبَايعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا " فَلم يثبت أَبُو حنيفَة خِيَار الْمجْلس بعد انْقِطَاع البيع، وَحمل التَّفَرُّق على التَّفَرُّق بالأقوال، واثبته الشَّافِعِي وَحمله [على التَّفَرُّق] بالابدان [الِاشْتِقَاق الصَّغِير] : ثمَّ الِاشْتِقَاق ان اعْتبر فِيهِ الْحُرُوف الْأُصُول مَعَ التَّرْتِيب وموافقة الْفَرْع الأَصْل فِي الْمَعْنى فَهُوَ الصَّغِير [الِاشْتِقَاق الْكَبِير] : وان اعْتبر فِيهِ الْحُرُوف الْأُصُول مَعَ عدم التَّرْتِيب فالكبير وَيشْتَرط فِي كل مِنْهُمَا الْمُنَاسبَة بَين الْمَعْنيين فِي الْجُمْلَة وَالْمَشْهُور فِي الْمُنَاسبَة المعنوية أَن يدْخل معنى الْمُشْتَقّ مِنْهُ فِي الْمُشْتَقّ، وَاخْتِلَاف الاسمين فِي الْمَعْنى بالخصوص والعموم لَا يمْنَع اشتقاق أَحدهمَا من الآخر، لِأَن ذَلِك مُنَاسبَة فِي الْمَعْنى، وَهُوَ شَرط فِي الِاشْتِقَاق وَقَالَ بَعضهم: يَكْفِي فِي الْأَكْبَر أَن يكون بَين الْكَلِمَتَيْنِ تناسب فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى، وَلَا يَكْفِي ذَلِك فِي الْكَبِير، بل لَا بُد من الِاشْتِرَاك فِي حُرُوف الْأُصُول بِلَا تَرْتِيب والاشتقاق عدل من اللَّفْظ وَالْمعْنَى، ك (ضَارب) من (الضَّرْب) وَالْعدْل: اشتقاق من اللَّفْظ دون الْمَعْنى وَجَاز اشتقاق الثلاثي من المتشعبة فِي الْكَبِير لَا فِي الصَّغِير وَقد جعل صَاحب " الْكَشَّاف " الرَّعْد من الارتعاد، لِأَنَّهُ أشهر فِي معنى الِاضْطِرَاب واشتقاق الثلاثي من الْمَزِيد فِيهِ شَائِع إِذا كَانَ الْمَزِيد فِيهِ أشهر فِي الْمَعْنى الَّذِي يَشْتَرِكَانِ فِيهِ، وَأقرب للفهم من الثلاثي لِكَثْرَة اسْتِعْمَاله، كَمَا فِي الدبر مَعَ التَّدْبِير والاشتقاق عِنْد أهل البديع أَن يشتق من الِاسْم الْعلم معنى فِي غَرَض قَصده الْمُتَكَلّم من مدح أَو هجاء أَو غير ذَلِك مِثَاله فِي التَّنْزِيل: {فأقم وَجهك للدّين الْقيم} {يمحق الله الرِّبَا ويربي الصَّدقَات} وَفِي الشّعْر: (عممت الْخلق بالنعماء حَتَّى ... غَدا الثَّقَلَان مِنْهَا مثقلين) الِاشْتِرَاك: هُوَ إِمَّا لَفْظِي أَو معنوي فاللفظي: عبارَة عَن الَّذِي وضع لمعان مُتعَدِّدَة كَالْعَيْنِ والمعنوي: عبارَة عَن الَّذِي كَانَ وجودا فِي محَال مُتعَدِّدَة كالحيوان وَالْحَاصِل ان الْمَعْنَوِيّ يَكْفِي فِيهِ الْوَضع الْوَاحِد دون اللَّفْظِيّ، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الأوضاع المتعددة وَاللَّفْظ الْمُشْتَرك بَين مَعْنيين قد يُطلق على أَحدهمَا؛ وَلَا نزاع فِي صِحَّته وَفِي كَونه بطرِيق

الْحَقِيقَة؛ وَقد يُطلق وَيُرَاد بِهِ أحد الْمَعْنيين لَا على التَّعْيِين، بِأَن يُرَاد بِهِ فِي اطلاق وَاحِد هَذَا أَو ذَاك وَقد أُشير فِي " الْمِفْتَاح " بِأَن ذَلِك حَقِيقَة الْمُشْتَرك عِنْد التجرد عَن الْقَرَائِن، وَقد يُطلق إطلاقا وَاحِدًا وَيُرَاد بِهِ كل وَاحِد من معنييه، بِحَيْثُ يُفِيد ان كلا مِنْهُمَا منَاط الحكم ومتعلق الْإِثْبَات وَالنَّفْي، وَهَذَا هُوَ مَحل الْخلاف وَقد يُطلق إطلاقاً وَاحِدًا وَيُرَاد بِهِ مَجْمُوع معنييه من حَيْثُ هُوَ الْمَجْمُوع الْمركب مِنْهُم، بِحَيْثُ لَا يُفِيد ان كلا مِنْهُمَا منَاط الحكم وَالْفرق بَينه وَبَين الثَّالِث هُوَ الْفرق بَين الْكل الإفرادي وَالْكل المجموعي: وَهُوَ مَشْهُور يُوضحهُ انه يَصح (كل الْأَفْرَاد يرفع هَذَا الْحجر) وَلَا يَصح (كل فَرد) وَهَذَا الرَّابِع لَيْسَ من مَحل النزاع فِي شَيْء، إِذْ لَا نزاع فِي امْتِنَاعه حقيقه، وَلَا فِي جَوَازه مجَازًا إِن وجدت علاقَة مصححة [قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: يجْرِي الْعُمُوم فِي الْمُشْتَرك الْمَعْنَوِيّ بِلَا خلاف، وَلَا يجْرِي فِي اللَّفْظ؛ فَإِن الِاشْتِرَاك الْمَعْنَوِيّ بِأَن يكون اللَّفْظ مَوْضُوعا لِمَعْنى يَشْمَل ذَلِك الْمَعْنى أَشْيَاء مُخْتَلفَة، كاسم الْحَيَوَان يتَنَاوَل الْإِنْسَان وَالْفرس وَغَيرهمَا بِالْمَعْنَى الْعَام وَهُوَ التحرك بالإرادة، وكاسم الشَّيْء يتَنَاوَل الْبيَاض والسواد وَغَيرهمَا بِمَعْنى اللونية والاشتراك اللَّفْظِيّ بِأَن يكون اللَّفْظ مَوْضُوعا بِإِزَاءِ كل وَاحِد من الْمعَانِي الدَّاخِلَة تَحْتَهُ قصدا كاسم الْقُرْء وَالْعين والمشترك فِي اصْطِلَاح الْفُقَهَاء اللَّفْظ فَإِنَّهُ مُشْتَرك فِيهِ وَالْمعْنَى مُشْتَرك أَو الْأَعْيَان والمشترك الْمَعْنَوِيّ: وَهُوَ أَن يكون الْمَعْنى مُشْتَركا فِيهِ فَلَيْسَ باصطلاح الْفُقَهَاء، وَلَا يشْتَرط فِي ثُبُوت الِاشْتِرَاك فِي لفظ نقل أهل اللُّغَة أَنه مُشْتَرك بل يشْتَرط نقلهم أَنه مُسْتَعْمل فِي مَعْنيين أَو أَكثر وَإِذا ثَبت ذَلِك بنقلهم فَنحْن نُسَمِّيه مُشْتَركا باصطلاحنا ورجحان بعض وُجُوه الْمُشْتَرك فقد يكون بِوَاسِطَة التَّأَمُّل فِي صيغته، وَقد يكون بِالتَّأَمُّلِ فِي سِيَاقه، وَقد يكون بِالتَّأَمُّلِ فِي غَيره] وَاعْلَم أَن الشَّافِعِي قَالَ: يجوز أَن يُرَاد من الْمُشْتَرك كلا معنييه عِنْد التجرد عَن الْقَرَائِن، وَلَا يحمل عِنْده على أَحدهمَا إِلَّا بِقَرِينَة؛ وَمحل النزاع إِرَادَة كل وَاحِد من معنييه على أَن يكون مرَادا ومناطا للْحكم، وَأما إِرَادَة كليهمَا فَغير جَائِز اتِّفَاقًا وَعند أبي حنيفَة لَا يسْتَعْمل الْمُشْتَرك فِي أَكثر من معنى وَاحِد، لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يسْتَعْمل فِي الْمَجْمُوع بطرِيق الْحَقِيقَة أَو بطرِيق الْمجَاز، وَالْأول غير جَائِز، لِأَنَّهُ غير مَوْضُوع للمجموع بِاتِّفَاق أَئِمَّة اللُّغَة وَكَذَا الثَّانِي، إِذْ لَا علاقَة بَين الْمَجْمُوع وَبَين كل وَاحِد من الْمَعْنيين؛ وَيمْنَع كَون الصَّلَاة فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} مُشْتَركَة بَين الرَّحْمَة وَالِاسْتِغْفَار، لِأَنَّهُ لم يثبت عَن أهل اللُّغَة، بل هِيَ حَقِيقَة فِي الدُّعَاء، وَلِأَن سِيَاق الْآيَة إِيجَاب اقْتِدَاء الْمُؤمنِينَ بِاللَّه وَمَلَائِكَته فِي الصَّلَاة على النَّبِي، فَلَا بُد من اتِّحَاد معنى الصَّلَاة فِي الْجَمِيع، سَوَاء كَانَ معنى حَقِيقِيًّا أَو معنى مجازيا أما الْحَقِيقِيّ فَهُوَ الدُّعَاء فَالْمُرَاد: الله يَدْعُو ذَاته بإيصال الْخَيْر إِلَى النَّبِي، ثمَّ من لَوَازِم الدُّعَاء

الرَّحْمَة، فَمن قَالَ إِن الصَّلَاة من الله رَحْمَة أَرَادَ هَذَا الْمَعْنى، لَا ان الصَّلَاة وضعت للرحمة وَأما الْمجَازِي فكإرادة الْخَيْر وَنَحْوه مِمَّا يَلِيق بِهَذَا الْمقَام والاشتراك لَا يكون إِلَّا باللفظة الْمُشْتَركَة؛ والتوهم يكون بهَا وبغيرها من تَحْرِيف أَو تَبْدِيل؛ والإيضاح يكون فِي الْمعَانِي خَاصَّة وَهَذَا نوع اشْتِرَاك اللَّفْظَة واشتراك النكرات مَقْصُود بِوَضْع الْوَاضِع فِي كل مُسَمّى غير معِين واشتراك المعارف فِي الاعلام اتفاقي غير مَقْصُود بِالْوَضْعِ والاشتراك فِي البديع ثَلَاثَة أَقسَام: قِسْمَانِ مِنْهَا من الْعُيُوب والسرقات وَقسم وَاحِد من المحاسن: وَهُوَ أَن يَأْتِي النَّاظِم فِي بَيته بِلَفْظَة مُشْتَركَة بَين مَعْنيين اشتراكا أَصْلِيًّا أَو فرعيا فَيَسْبق ذهن السَّامع إِلَى الْمَعْنى الَّذِي لم يردهُ النَّاظِم فَيَأْتِي فِي آخر الْبَيْت بِمَا يُؤَكد أَن الْمَقْصُود غير مَا توهمه السَّامع كَقَوْلِه: (شيب المفارق يروي الضَّرْب من دمهم ... ذوائب الْبيض بيض الْهِنْد لَا اللمم) فلولا (بيض الْهِنْد) لسبق ذهن السَّامع إِلَى أَنه أُرِيد بيض اللمم لقَوْله: " شيب المفارق " الاشارة: التَّلْوِيح بِشَيْء يفهم مِنْهُ النُّطْق؛ فَهِيَ ترادف النُّطْق فِي فهم الْمَعْنى وَالْإِشَارَة عِنْد إِطْلَاقهَا حَقِيقَة فِي الحسية، وَإِشَارَة ضمير الْغَائِب وأمثالها ذهنية لَا حسية وَالْإِشَارَة إِذا اسْتعْملت ب (على) يكون المُرَاد الْإِشَارَة بِالرَّأْيِ، وَإِذا اسْتعْملت ب (إِلَى) يكون المُرَاد الْإِيمَاء بِالْيَدِ واشار بِهِ: عرفه وَالْإِشَارَة الحسية: تطلق على مَعْنيين أَحدهمَا: أَن يقبل الْإِشَارَة بِأَنَّهُ هَهُنَا أَو هُنَاكَ وَثَانِيهمَا: أَن يكون مُنْتَهى الْإِشَارَة الحسية - أَعنِي الامتداد الخطي أَو السطحي الْآخِذ من المشير - منتهيا إِلَى الْمشَار إِلَيْهِ وَالْإِشَارَة عبارَة عَن أَن يُشِير الْمُتَكَلّم إِلَى معَان كَثِيرَة بِكَلَام قَلِيل يشبه الْإِشَارَة بِالْيَدِ، فَإِن المشير بِيَدِهِ يُشِير دفْعَة وَاحِدَة إِلَى أَشْيَاء لَو عبر عَنْهَا لاحتاج إِلَى أَلْفَاظ كَثِيرَة وَمن أمثلتها قَوْله تَعَالَى: {وغيض المَاء} فانه أَشَارَ بِهَاتَيْنِ اللفظتين إِلَى انْقِطَاع مَادَّة الْمَطَر وبلع الأَرْض وَذَهَاب مَا كَانَ حَاصِلا من المَاء على وَجههَا من قبل وَالْإِشَارَة إِلَى الشَّيْء تَارَة تكون بِحَسب شخص، وَأُخْرَى بِحَسب نَوعه، قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي يَوْم عَاشُورَاء: " هَذَا الْيَوْم الَّذِي أظهر الله فِيهِ مُوسَى على فِرْعَوْن " وَالْمرَاد: النَّوْع وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَخلق مِنْهَا زَوجهَا} أَي: من نوع الْإِنْسَان زوج آدم، وَالْمَقْصُود مِنْهُ التَّنْبِيه على أَنه تَعَالَى جعل زوج آدم إنْسَانا مثله؛ وَقد ورد التَّفْسِير بذلك عَن ابْن عَبَّاس وَهُوَ حبر الْأمة واشارة النَّص مَا عرف بِنَفس الْكَلَام لَكِن بِنَوْع تَأمل وَضرب تفكر، غير أَنه لَا يكون مرَادا بالانزال، نَظِيره فِي الحسيات أَن من نظر إِلَى شَيْء يُقَابله فَرَآهُ وَرَأى غَيره مَعَ أَطْرَاف عينه مِمَّا يُقَابله فَهُوَ مَقْصُود بِالنّظرِ، وَمَا وَقع عَلَيْهِ أَطْرَاف بصر فَهُوَ

مرئي لَكِن بطرِيق الْإِشَارَة تبعا لَا مَقْصُودا وَالِاسْتِدْلَال باشارة النَّص إِثْبَات الحكم بالنظم غير المسوق لَهُ، كَمَا أَن الِاسْتِدْلَال بِدلَالَة النَّص إِثْبَات الحكم بالنظم المسوق لَهُ، وَبِعِبَارَة النَّص إِثْبَات الحكم بِالْمَفْهُومِ اللّغَوِيّ غير النّظم، وباقتضاء النَّص اثبات الحكم بِالْمَفْهُومِ الشَّرْعِيّ، غير النّظم [وَدلَالَة النَّص وإشارته بِالنِّسْبَةِ إِلَى عبارَة النَّص من قبيل سوق الْكَلَام لغَرَض على وَجه يتَضَمَّن جَوَابا عَن شَيْء أَو فَائِدَة أُخْرَى وَقَالَ بَعضهم: الْمَعْنى الَّذِي اريد بِاللَّفْظِ إِن كَانَ نفس الْمَوْضُوع لَهُ أَو جزأه أَو لَازمه غير الْمُتَقَدّم عَلَيْهِ سمي عبارَة إِن سيق لَهُ وَإِشَارَة إِن لم يسق لَهُ، وَإِن كَانَ لَازمه الْمُتَقَدّم فاقتضاء وَإِن لم يكن شَيْء من ذَلِك فَإِن فهم مِنْهُ معنى يعلم اللّغَوِيّ أَن الحكم الْمَنْطُوق لأَجله فدلالة وَإِلَّا فَلَا دلَالَة] وَالْإِشَارَة تقوم مقَام الْعبارَة إِذا كَانَت معهودة، فَذَلِك فِي الْأَخْرَس دون معتقل اللِّسَان، حَتَّى لَو امْتَدَّ ذَلِك وَصَارَت لَهُ إِشَارَة معهودة كَانَ بِمَنْزِلَة الْأَخْرَس الاشراك: هُوَ إِثْبَات الشَّرِيك لله فِي الألوهية، سَوَاء كَانَ بِمَعْنى وجوب الْوُجُود أَو اسْتِحْقَاق الْعِبَادَة، لَكِن أَكثر الْمُشْركين لم يَقُولُوا بِالْأولِ، بِدَلِيل {ليَقُولن الله} وَقد يُطلق وَيُرَاد بِهِ مُطلق الْكفْر، بِنَاء على عدم خلق الْكفْر عَن شرك مَا الاشعار: هُوَ بِالنّظرِ إِلَى فهم الْمَقَاصِد لأصل المُرَاد، والتنصيص بِالنّظرِ إِلَى فهم البليغ الَّذِي يقْصد أَولا وبالذات المزايا، وَلَا ينظر إِلَى أصل الْمَعْنى إِلَّا باللمح الاشفاق: هُوَ عناية مختلطة بخوف، فَإِن عدي ب (من) فَمَعْنَى الْخَوْف فِيهِ أظهر كَمَا فِي {أشفقن مِنْهَا} وَإِن عدي ب (على) فَمَعْنَى الْعِنَايَة فِيهِ أظهر [نوع] {وأشربوا فِي قُلُوبهم الْعجل} : تداخلهم حبه ورسخ فِي قُلُوبهم صورته لفرط شغفهم بِهِ {وَلما بلغ أشده} : مُنْتَهى اشتداد جِسْمه وقوته، وَهُوَ سنّ الْوُقُوف مَا بَين الثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ، فَإِن الْعقل يكمل حِينَئِذٍ {اشمأزت} : انقبضت ونفرت {أشتاتا} : مُتَفَرّقين {وَأشْهدُوا} : أحضروا {أشحة} : بخلاء {اشْتَروا بِهِ أنفسهم} : باعوا نصِيبهم {اشْتَروا الضَّلَالَة بِالْهدى} : اختاروها عَلَيْهِ واستبدلوها بِهِ

فصل الألف والصاد

{كَذَّاب أشر} : بطر متكبر؛ والأشر لَا يكون إِلَّا فَرحا بِحَسب قَضِيَّة الْهوى؛ بِخِلَاف الْفَرح فَإِنَّهُ قد يكون من سرُور بِحَسب قَضِيَّة الْعقل (فصل الْألف وَالصَّاد) [أَصْحَاب النَّار:] كل مَا فِي الْقُرْآن من أَصْحَاب النَّار فَالْمُرَاد أَهلهَا إِلَّا {وَمَا جعلنَا أَصْحَاب النَّار إِلَّا مَلَائِكَة} فَالْمُرَاد خزنتها [الْإِصْرَار] : كل عزم شددت عَلَيْهِ فَهُوَ إِصْرَار [الإصر] : كل عقد وعهد فَهُوَ إصر {وأخذتم على ذَلِكُم إصري} أَي: عهدي وَقَالَ الْأَزْهَرِي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تحمل علينا إصرا} أَي: عُقُوبَة ذَنْب يشق علينا {وَيَضَع عَنْهُم إصرهم} أَي: مَا عقد من عقد ثقيل عَلَيْهِم مثل قتل أنفسهم وَمَا أشبه ذَلِك من قرص الْجلد إِذا أَصَابَته نَجَاسَة الأَصْل: هُوَ أَسْفَل الشَّيْء وَيُطلق على الرَّاجِح بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَرْجُوح وعَلى القانون وَالْقَاعِدَة الْمُنَاسبَة المنطبقة على الجزئيات وعَلى الدَّلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَدْلُول وعَلى مَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ غَيره وعَلى الْمُحْتَاج إِلَيْهِ كَمَا يُقَال: (الأَصْل فِي الْحَيَوَان الْغذَاء) وعَلى مَا هُوَ الأولى كَمَا يُقَال: (الأَصْل فِي الْإِنْسَان الْعلم) أَي: الْعلم أولى وَأَحْرَى من الْجَهْل وَالْأَصْل فِي الْمُبْتَدَأ التَّقْدِيم، أَي: مَا يَنْبَغِي أَن يكون الْمُبْتَدَأ عَلَيْهِ إِذا لم يمْنَع مَانع وعَلى المتفرع عَلَيْهِ كَالْأَبِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الابْن وعَلى الْحَالة الْقَدِيمَة كَمَا فِي قَوْلك: الأَصْل فِي الْأَشْيَاء الْإِبَاحَة وَالطَّهَارَة، وَالْأَصْل فِي الْأَشْيَاء الْعَدَم، أَي: الْعَدَم فِيهَا مقدم على الْوُجُود وَالْأَصْل فِي الْكَلَام هُوَ الْحَقِيقَة أَي: الْكثير الرَّاجِح وَالْأَصْل فِي الْمُعَرّف بِاللَّامِ هُوَ الْعَهْد الْخَارِجِي وتخلف الأَصْل فِي مَوضِع أَو موضِعين لَا يُنَافِي أصالته وَحمل الْمَفْهُوم الْكُلِّي على الْمَوْضُوع على وَجه كلي بِحَيْثُ ينْدَرج فِيهِ أَحْكَام جزئياته يُسمى أصلا وَقَاعِدَة وَحمل ذَلِك الْمَفْهُوم على جزئي معِين من جزئيات مَوْضُوعه يُسمى فرعا ومثالا وَالْأُصُول من حَيْثُ إِنَّهَا مبْنى وأساس لفرعها سميت قَوَاعِد وَمن حَيْثُ إِنَّهَا مسالك وَاضِحَة إِلَيْهَا سميت مناهج وَمن حَيْثُ إِنَّهَا عَلَامَات لَهَا سميت أعلاما وَالْأُصُول تتحمل مَا لَا تتحمله الْفُرُوع وَالْأُصُول تراعى ويحافظ عَلَيْهَا والملزوم أصل ومتبوع من حَيْثُ ان مِنْهُ الِانْتِقَال، وَاللَّازِم فرع وَتبع من جِهَة أَن إِلَيْهِ الِانْتِقَال وَالْكل أصل يَنْبَنِي عَلَيْهِ الْجُزْء فِي الْحُصُول من

اللَّفْظ، بِمَعْنى أَنه يفهم من اسْم الْكل بِوَاسِطَة أَن فهم الْكل مَوْقُوف على فهمه والجزء أصل بِاعْتِبَار احْتِيَاج جِهَة كَون الْقَصْد إِلَيْهِ؛ وَالسَّبَب أصل من جِهَة احْتِيَاج الْمُسَبّب إِلَيْهِ وابتنائه عَلَيْهِ وَالسَّبَب الْمَقْصُود أصل من جِهَة كَونه بِمَنْزِلَة الْعلَّة الغائية وَالْأَصْل فِي الدّين التَّوْحِيد [وَالْأَصْل فِي الِاعْتِقَاد هُوَ الْإِيمَان بالمبدأ والمعاد] وَالْأَصْل: بَقَاء الشَّيْء على مَا كَانَ وَالْأَصْل فِي الْأَشْيَاء التَّوَقُّف - عِنْد أَصْحَابنَا - لَا الْإِبَاحَة حَتَّى يرد الشَّرْع بالتقرير أَو بالغيير إِلَى غَيره، كَمَا قَالَ عَامَّة الْمُعْتَزلَة وَلَا الْحَظْر إِلَى أَن يرد الشَّرْع مقررا أَو مغيرا كَمَا قَالَ بعض أَصْحَاب الحَدِيث، لِأَن الْعقل لاحظ لَهُ فِي الحكم الشَّرْعِيَّة؛ وَإِلَيْهِ ذهب عَامَّة أَصْحَاب الحَدِيث وَبَعض الْمُعْتَزلَة، غير أَنهم يَقُولُونَ: لَا حكم لَهُ فِيهَا أصلا لعدم دَلِيل الثُّبُوت، وَهُوَ خبر أَصْحَاب الشَّرْع عَن الله تَعَالَى وأصحابنا قَالُوا: لَا بُد وَأَن يكون لَهُ حكم إِمَّا الْحُرْمَة بِالتَّحْرِيمِ الأزلي وَإِمَّا الْإِبَاحَة، لَكِن لَا يُمكن الْوُقُوف على ذَلِك بِالْعقلِ فَيتَوَقَّف فِي الْجَواب، فَوَقع الِاخْتِلَاف بَيْننَا وَبينهمْ فِي كَيْفيَّة التَّوَقُّف [وَالْأَصْل فِي الْعرف الشَّرْعِيّ أَن يكون على وفْق الْعرف العادي] وَالْأَصْل فِي الْكَلَام الْحَقِيقَة، وَإِنَّمَا يعدل إِلَى الْمجَاز لثقل الْحَقِيقَة أَو بشاعتها أَو جهلها للمتكلم أَو الْمُخَاطب، أَو شهرة الْمجَاز، أَو غير ذَلِك، كتعظيم الْمُخَاطب نَحْو: (سَلام على الْمجْلس العالي) وموافقة الروي والسجع والمطابقة والمقابلة والمجانسة إِذا لم يحصل ذَلِك بِالْحَقِيقَةِ وَالْأَصْل ان يكون لكل مجَاز حَقِيقَة بِدَلِيل الْغَلَبَة وَإِن لم يجب وَالْأَصْل فِي الْأَسْمَاء التنكير بِدَلِيل اندراج الْمعرفَة تَحت عمومها، كأصالة الْعَام بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخَاص، والتذكير وَالصرْف أَيْضا، وَلذَا لم يمْتَنع السَّبَب الْوَاحِد اتِّفَاقًا مَا لم يعتضد بآخر يجذبه عَن الْأَصَالَة إِلَى الفرعية، نَظِيره فِي الشرعيات أَن الأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة فَلم تصر مشتغلة إِلَّا بعدلين وَالْأَصْل فِي الْأَسْمَاء المختصة بالمؤنث أَن لَا تدْخلهَا الْهَاء نَحْو: (شيخ) و (عَجُوز) و (حمَار) وَغَيرهمَا؛ وَرُبمَا أدخلُوا الْهَاء تَأْكِيدًا للْفرق ك (نَاقَة) و (نعجة) وَالْأَصْل فِي الِاسْم، صفة كَانَ ك (عَالم) أَو غير صفة ك (غُلَام) الدّلَالَة على الثُّبُوت؛ وَأما الدّلَالَة على التجدد فَأمر عَارض فِي الصِّفَات [وَلَا يدل الِاسْم بِالْوَضْعِ إِلَّا على الثُّبُوت، والدوام والاستمرار معنى مجازي] وَالْأَصْل فِي اسْم الاشارة أَن يشار بِهِ إِلَى محسوس مشَاهد قريب أَو بعيد، وَإِن أُشير إِلَى مَا يَسْتَحِيل إحساسه نَحْو: {ذَلِكُم الله} أَو إِلَى محسوس غير مشَاهد نَحْو: {تِلْكَ الْجنَّة} لتصييره كالمشاهد وَالْأَصْل فِي الْأَفْعَال التَّصَرُّف، وَمن التَّصَرُّف تَقْدِيم الْمَنْصُوب بهَا على الْمَرْفُوع، واتصال الضمائر

الْمُخْتَلفَة بهَا؛ وَقد اسْتثْنى مِنْهَا (نعم) و (بئس) و (عَسى) وفعلا التَّعَجُّب وَالْأَصْل فِي الْأَسْمَاء الْعَارِية عَن العوامل الْوَقْف على السّكُون وَالْأَصْل فِي التَّعْرِيف الْعَهْد، وَلَا يعدل عَنهُ إِلَّا عِنْد التَّعَذُّر وَالْأَصْل فِي الْجُمْلَة ان تكون مقدرَة بالمفرد وَالْأَصْل فِي روابط الْجُمْلَة الضَّمِير وَالْأَصْل فِي حرف الْعَطف أَن لَا يحذف، لِأَنَّهُ جِيءَ بِهِ نَائِبا عَن الْعَامِل وَلَكِنَّك قد تتخير فِي حذفه، وَذَلِكَ فِي عطف الصِّفَات بَعْضهَا على بعض؛ وَفِي الْحَال قد يمْتَنع حذفه، وَذَلِكَ فِيمَا إِذا كَانَ بَين الجملتين مُشَاركَة وَلم يكن بَينهمَا تعلق ذاتي، مثل: (فلَان يَقُول وَيفْعل) و (زيد طَوِيل وَعَمْرو قصير) وَقد يجب حذفه، وَذَلِكَ فِيمَا إِذا لم يكن بَينهمَا مُشَاركَة وَالْأَصْل فِي الصّفة التَّوْضِيح والتخصيص، وَلَا يعدل عَنهُ مَا أمكن وَالْأَصْل فِي الْوَصْف التَّمْيِيز، لَكِن رُبمَا يقْصد بِهِ معنى آخر مَعَ كَون التَّمْيِيز حَاصِلا أَيْضا وَالْأَصْل فِي الرّفْع الْفَاعِل وَالْبَاقِي مشبه بِهِ، قَالَه الْخَلِيل، وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: الأَصْل هُوَ الْمُبْتَدَأ وَالْبَاقِي مشبه بِهِ وَالْأَصْل تَقْدِيم الْمَفْعُول بِهِ بِلَا وَاسِطَة ثمَّ ظرف الزَّمَان ثمَّ ظرف الْمَكَان ثمَّ الْمَفْعُول الْمُطلق ثمَّ الْمَفْعُول لَهُ وَقيل: الأَصْل تَقْدِيم الْمَفْعُول الْمُطلق لكَونه جُزْء مَدْلُول الْفِعْل، وَالْبَاقِي كَمَا ذكر وَالْأَصْل ذكر التَّابِع مَعَ الْمَتْبُوع لِأَنَّهُ مُتحد بِهِ من جِهَة كَونهمَا بإعراب وَاحِد من جِهَة وَاحِدَة، وَعند اجْتِمَاع التوابع الأَصْل تَقْدِيم النَّعْت ثمَّ التَّأْكِيد ثمَّ الْبَدَل أَو الْبَيَان وَالْأَصْل فِي كل من جملتي الشَّرْط وَالْجَزَاء أَن تكون فعلية استقبالية لَا اسمية وَلَا ماضوية وَالْأَصْل كَون الْحَال للأقرب؛ فَإِذا قلت: (ضربت زيدا رَاكِبًا) ف (رَاكِبًا) حَال من الْمَضْرُوب لَا من الضَّارِب وَالْأَصْل فِي تَعْرِيف الْجِنْس اللَّام، وَالْإِضَافَة فِي ذَلِك التَّعْرِيف مُلْحقَة بِاللَّامِ؛ وَاللَّام للاختصاص فِي أصل الْوَضع، ثمَّ إِنَّهَا قد تسْتَعْمل فِي الْوَقْت إِذا كَانَ للْحكم اخْتِصَاص بِهِ، وَقد تسْتَعْمل فِي التَّعْلِيل لاخْتِصَاص الحكم بِالْعِلَّةِ وَالْأَصْل أَن يكون الْأَمر كُله بِاللَّامِ نَحْو قَوْله تَعَالَى: {فبذلك فليفرحوا} وَفِي الحَدِيث: " لِتَأْخُذُوا مَصَافكُمْ " وإثباته بِغَيْر لَام كثير وَالْأَصْل فِي الِاشْتِقَاق أَن يكون من المصادر [عِنْد البصرية] وَالْأَصْل فِي اللَّفْظ الْخَالِي من عَلامَة التَّأْنِيث أَن يكون للمذكر. وَالْأَصْل وَالْقِيَاس أَن لَا يُضَاف اسْم إِلَى فعل وَلَا بِالْعَكْسِ؛ وَلَكِن الْعَرَب اتسعت فِي بعض ذَلِك، فخصت أَسمَاء الزَّمَان بِالْإِضَافَة إِلَى الْأَفْعَال، لِأَن الزَّمَان مضارع للْفِعْل، وَاخْتلفُوا أَي أَقسَام الْفِعْل أصل، فالاكثرون قَالُوا: هُوَ فعل الْحَال لَان الأَصْل فِي الْفِعْل أَن يكون خَبرا، وَالْأَصْل فِي الْخَبَر أَن يكون صدقا، وَفعل الْحَال يُمكن الْإِشَارَة إِلَيْهِ فَيتَحَقَّق وجوده فَيصدق الْخَبَر عَنهُ وَقَالَ قوم: الأَصْل هُوَ الْمُسْتَقْبل لانه يخبر بِهِ عَن الْمَعْدُوم ثمَّ

يخرج الْفِعْل إِلَى الْوُجُود فيخبر عَنهُ بعد وجدوه، وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الْمَاضِي لانه كمل وجوده فَاسْتحقَّ أَن يُسمى أصلا [وَبِه قَالَت الكوفية فِي الِاشْتِقَاق] وَالْأَصْل فِي الِاسْتِثْنَاء الِاتِّصَال وَالْأَصْل فِي الْحَال أَن تكون نكرَة وَفِي صَاحبهَا أَن يكون معرفَة وَالْأَصْل فِي المبهمات الْمَقَادِير وَالْأَصْل فِي بَيَان النّسَب والتعلقات هُوَ الْأَفْعَال وَالْأَصْل أَن يكون بِنَاء الْجمع بِنَاء مغايرا من مُفْرد ملفوظ مُسْتَعْمل [وَلَو تَقْديرا] وَالْأَصْل فِي كل معدول عَن شَيْء أَن لَا يخرج عَن النَّوْع الَّذِي ذَلِك الشَّيْء مِنْهُ وَالْأَصْل فِي اسْم التَّفْضِيل أَن يكون الْمفضل والمفضل عَلَيْهِ فِيهِ مُخْتَلفين بِالذَّاتِ؛ فَفِي صُورَة الِاتِّحَاد ضعف الْمَعْنى التفضيلي وَالْأَصْل فِي التوابع تبعيتها لمتبوعاتها فِي الْإِعْرَاب دون الْبناء وَالْأَصْل فِي الصِّفَات أَن يكون الْمُجَرّد من التَّاء مِنْهَا صفة الْمُذكر وَالْأَصْل فِي الْمُبْتَدَأ أَن يكون معرفَة، لِأَن الْمَطْلُوب الْمُبْهم الْكثير الْوُقُوع فِي الْكَلَام إِنَّمَا هُوَ الحكم على الْأُمُور الْمعينَة وَالْأَصْل فِي الْفَاعِل أَن يَلِي الْفِعْل لانه كالجزء مِنْهُ لشدَّة احْتِيَاج الْفِعْل إِلَيْهِ وَلَا كَذَلِك الْمَفْعُول وَالْأَصْل فِي الْخَبَر الْإِفْرَاد وَالْأَصْل فِي الْعَمَل الْفِعْل وَالْأَصْل فِي اسْتِحْقَاق الرّفْع الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، وَغَيرهمَا من المرفوعات مَحْمُول عَلَيْهِمَا وَالْأَصْل فِي الظروف التَّصَرُّف، وَهُوَ الصَّحِيح [وَالْأَصْل فِي التَّاء أَن يكون دُخُولهَا لتأنيث مدخولها كَمَا فِي (ضاربة) فَجعل دُخُولهَا فِي مثل (مَلَائِكَة) كَذَلِك يَجْعَل مدلولها مؤنثا لتأويل الْجَمَاعَة] وَالْأَصْل فِي كلمة (أَو) أَن تسْتَعْمل لأحد الْأَمريْنِ، والعموم مُسْتَفَاد من وُقُوع الْأَحَد الْمُبْهم فِي سِيَاق النَّفْي لَا من كلمة (أَو) وَالْأَصْل فِي كلمة (إِذا) الْقطع، أَي قطع الْمُتَكَلّم بِوُقُوع الشَّرْط، وَذَلِكَ لغَلَبَة اسْتِعْمَال (إِذا) فِي المقطوعات، كَمَا أَن غَلَبَة اسْتِعْمَال (إِن) فِي المشكوكات وَالْأَصْل فِي اسْتِعْمَال (إِذا) أَن يكون لزمان من أزمنة الْمُسْتَقْبل، مُخْتَصّ من بَينهَا بِوُقُوع حدث فِيهِ مَقْطُوع بِوُقُوعِهِ فِي اعْتِقَاد الْمُتَكَلّم وَالْأَصْل فِي كلمة (غير) أَن تكون صفة، كَمَا تَقول: (جَاءَنِي رجل غير زيد) واستعمالها على هَذَا الْوَجْه كثير فِي كَلَام الْعَرَب وَالْأَصْل فِي كلمة (من) ابْتِدَاء الْغَايَة، والبواقي متفرعة عَلَيْهِ قَالَه الْمبرد وَقَالَ الْآخرُونَ: الاصل فِيهِ هُوَ التَّبْعِيض والبواقي متفرعة عَلَيْهِ وَالْأَصْل فِي كلمة (إِن) الْخُلُو عَن الْجَزْم بِوُقُوع الشَّرْط أَو لَا وُقُوعه أَيْضا، فانه يسْتَعْمل فِيمَا يتَرَجَّح، أَي يتَرَدَّد بَين أَن يكون وَبَين أَن لَا يكون؛ واللاوقوع مُشْتَرك بَين (إِن) و (إِذا) وَالْأَصْل فِي فرض المحالات كلمة (لَو) دون (إِن) لِأَنَّهَا لما لَا جزم بِوُقُوعِهِ وَلَا وُقُوعه، والمحال

مَقْطُوع بِلَا وُقُوعه [وَالْأَصْل فِي (حَتَّى) أَن تكون جَارة لِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا وَالْأَصْل فِي (كَانَ) أَن تكون نَاقِصَة لكَونهَا حَقِيقَة فَلَا يُصَار إِلَى التَّامَّة إِلَّا لضَرُورَة دَاعِيَة] وَالْأَصْل فِي (إِلَّا) الِاسْتِثْنَاء، وَقد اسْتعْملت وَصفا؛ وَفِي (غير) أَن يكون صفة كَمَا مر، وَقد اسْتعْملت فِي الِاسْتِثْنَاء؛ وَفِي (سَوَاء) و (سوى) الظَّرْفِيَّة، وَقد استعملتا بِمَعْنى (غير) وَالْأَصْل فِي خبر (أَن) بِالْفَتْح الْإِفْرَاد وَالْأَصْل فِي الْبناء السّكُون؛ وأصل الْإِعْرَاب أَن يكون بالحركات؛ وَالْأَصْل فِيمَا حرك مِنْهُمَا الْكسر وَالْأَصْل تَحْرِيك السَّاكِن الْمُتَأَخر، لِأَن الثّقل يَنْتَهِي عِنْده، كَمَا كَانَ فِي صِيغَة الخماسي وتصغيره وَالْأَصْل فِي (مفعل) للمصدر وَالزَّمَان وَالْمَكَان أَن يكون بِالْفَتْح [وَالْأَصْل أَن يكون الِاسْتِثْنَاء من الْجِنْس وَلذَلِك كَانَ هُوَ الْغَالِب والمتبادر إِلَى الْفَهم من الِاسْتِثْنَاء] وَالْأَصْل فِي الْجَرّ حُرُوف الْجَرّ، لِأَن الْمُضَاف مَرْدُود فِي التَّأْوِيل إِلَيْهِ وَالْأَصْل فِي هَاء السكت أَن تكون سَاكِنة، لِأَنَّهَا إِنَّمَا زيدت لأجل الْوَقْف، وَالْوَقْف لَا يكون إِلَّا على سَاكن وَالْأَصْل فِي (إِن) المخففة الْمَكْسُورَة دُخُولهَا على فعل من الْأَفْعَال الَّتِي هِيَ من دواخل الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر لَا غير مثل (كَانَ) و (ظن) واخواتهما وَالْأَصْل فِي بَاب الْقصر (إِلَّا) لكَونه مَوْضُوعا لَهُ بالاصالة من غير اعْتِبَار تضمين شَيْء، أَو ابتناء على مُنَاسبَة، ومفيدا لَهُ من غير احْتِمَال وَاخْتِلَاف وَالْأَصْل فِي التَّشْبِيه الْمُشبه لِأَنَّهُ الْمَقْصُود فِي الْكَلَام ظَاهرا، وَإِلَيْهِ يعود الْغَرَض غَالِبا، والمشبه بِهِ هُوَ الْفَرْع، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي كَونه أصلا وَكَون الْمُشبه فرعا نظرا إِلَى وَجه الْمُشبه وَالْأَصْل فِي الْمُشبه بِهِ أَن يكون محسوسا سَوَاء كَانَ الْمُشبه محسوسا أَو معقولا وَالْأَصْل فِي وَجه الشّبَه أَن يكون محسوسا أَيْضا وَالْأَصْل دُخُول أَدَاة التَّشْبِيه على الْمُشبه بِهِ، وَقد تدخل على الْمُشبه إِمَّا لقصد الْمُبَالغَة مثل: {أَفَمَن يخلق كمن لَا يخلق} وَإِمَّا لوضوح الْحَال نَحْو: {وَلَيْسَ الذّكر كالأنثى} وَقد تدخل على غَيرهمَا اعْتِمَادًا على فهم الْمُخَاطب نَحْو: {كونُوا أنصار الله كَمَا قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم} أَي: كونُوا أنصار الله خالصين فِي الانقياد كشأن مخاطبي عِيسَى إِذْ قَالُوا. . إِلَخ وَالْأَصْل فِي الْجَواب أَن يشاكل السُّؤَال، فَإِن كَانَ جملَة اسمية فَيَنْبَغِي أَن يكون الْجَواب كَذَلِك وَيَجِيء كَذَلِك فِي الْجَواب الْمُقدر أَلا ترى إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَقيل للَّذين اتَّقوا مَاذَا أنزل ربكُم قَالُوا خيرا} حَيْثُ تطابق فِي الفعلية، وَإِنَّمَا لم يَقع التطابق فِي قَوْله: {مَاذَا أنزل ربكُم قَالُوا أساطير الْأَوَّلين} إِذْ لَو طابقوا لكانوا مقرين بالإنزال، وهم من الإذعان على مفاوز

وَالْأَصْل أَن يقدر الشَّيْء فِي مَكَانَهُ الْأَصْلِيّ لِئَلَّا يُخَالف الأَصْل من وَجْهَيْن: الْحَذف وَوضع الشَّيْء فِي غير مَحَله وَالِاسْم الْمُفْرد هُوَ الأَصْل وَالْجُمْلَة فرع عَلَيْهِ؛ نَظِير ذَلِك شَهَادَة الْمَرْأَتَيْنِ على شَهَادَة رجل وَالْأول من جزأي الْمركب هُوَ الأَصْل فِي التَّسْمِيَة ك (سِيبَوَيْهٍ) و (نفطويه) وَالْألف أصل فِي الْحُرُوف نَحْو: (مَا) و (لَا) وَفِي الْأَسْمَاء المتوغلة فِي شبه الْحَرْف نَحْو: (اذا) و (أَنى) لَا فِي الْأَسْمَاء المعربة وَلَا فِي الْأَفْعَال وأصل الِاسْم الْإِعْرَاب [وأصل الْإِعْرَاب أَن يكون بالحركات] وأصل الْفِعْل الْبناء وَالرُّجُوع إِلَى الأَصْل وَهُوَ الْبناء فِي الافعال أيسر من الِانْتِقَال عَن الأَصْل وأصل الْجمل الْجمل الفعلية وأصل الْمثنى أَن يكون معربا وأصل الْخَبَر أَن يتَأَخَّر عَن الْمُبْتَدَأ، وَيحْتَمل تَقْدِيره مقدما لمعارضة أصل آخر، وَهُوَ أَنه عَامل فِي الظّرْف وأصل الْعَامِل أَن يتَقَدَّم على الْمَعْمُول، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يقدر الْمُتَعَلّق فعلا، فَيجب التَّأْخِير، لِأَن الْخَبَر الْفعْلِيّ لَا يتَقَدَّم على الْمُبْتَدَأ فِي مثل هَذَا وأصل الْوَاو وَاو الْعَطف الَّتِي فِيهَا معنى الْجمع وَلِهَذَا وضعُوا الْوَاو مَوضِع (مَعَ) فِي الْمَفْعُول مَعَه [و (أَو) فِي الأَصْل للتساوي فِي الشَّك ثمَّ اتَّسع فَاسْتعْمل فِي التَّسَاوِي بِلَا شكّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {آثِما أَو كفورا} ] وَمَا لَا ينْصَرف أَصله الِانْصِرَاف و (لله دَرك) أَصله الْمصدر ثمَّ منع المصدرية و (وَالِد) و (صَاحب) و (عبد) أَصْلهَا الْوَصْف ثمَّ منعته وأصل حُرُوف الْعَطف الْوَاو وأصل حُرُوف النداء (يَا) وأصل أدوات الشَّرْط (إِن) لانها حرف وأصل أدوات الِاسْتِفْهَام الْألف وأصل الْمُضمر أَن يكون على صِيغَة وَاحِدَة فِي الرّفْع وَالنّصب والجر وأصل الضَّمِير والمنفصل الْمَرْفُوع وأصل الْفِعْل أَن لَا يدْخل عَلَيْهِ شَيْء من الْإِعْرَاب لعدم الْعلَّة الْمُقْتَضِيَة لَهُ فِي الْفِعْل وأصل الْخَبَر أَن يكون نكرَة وأصل حُرُوف الْقسم الْبَاء، وَلذَلِك خصت بِجَوَاز ذكر الْفِعْل مَعهَا نَحْو: (اقْسمْ بِاللَّه ليفعلن) ودخولها على الضَّمِير نَحْو: (بك لافعلن) واستعمالها فِي الْقسم الاستعطافي نَحْو: (بِاللَّه هَل قَائِم زيد؟) وأصل الْفِعْل التَّذْكِير، لِأَن مَدْلُوله الْمصدر وَهُوَ مُذَكّر، وَأَنه عبارَة عَن انتساب الْحَدث إِلَى فَاعله فِي الزَّمن الْمعِين وأصل الْأَسْمَاء أَن لَا تقصر على بَاب دون بَاب، وَلَا يجود هَذَا إِلَّا فِي الظروف والمصادر، وَإِلَّا فِي بَاب النداء لِأَنَّهَا أَبْوَاب وضعت على التَّغْيِير وأصل الْجُمْلَة أَن لَا يكون لَهَا مَوضِع من الْإِعْرَاب وأصل حذف حرف النداء فِي نِدَاء الْأَعْلَام، ثمَّ كل مَا أشبه الْعلم

وأصل النواصب للْفِعْل (أَن) وَهِي أم الْبَاب بالِاتِّفَاقِ وأصل الْحُرُوف أَن لَا تعْمل رفعا وَلَا نصبا لِأَنَّهُمَا من عمل الْأَفْعَال، فَإِذا عملهما الْحَرْف فَإِنَّمَا يعملهما بشبه الْفِعْل، وَلَا يعْمل عملا لَيْسَ لَهُ حق الشّبَه إِلَّا عمل الْجَرّ إِذا كَانَ مضيفا للْفِعْل أَو لما هُوَ فِي مَعْنَاهُ إِلَى الِاسْم وكل حرف اخْتصَّ باسم مُفْرد فَإِنَّهُ يعْمل فِيهِ الْجَرّ إِن اسْتحق الْعَمَل، وَلم يجِئ من الْحُرُوف المختصة باسم وَاحِد مَا يعْمل فِيهِ غير خفض إِلَّا (أَلا) الَّتِي لِلتَّمَنِّي، فَإِن الِاسْم الْمَبْنِيّ مَعهَا فِي مَوضِع نصب بهَا فِي مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْإِعْرَاب أصل فِي الْأَسْمَاء لِأَنَّهُ يفْتَقر إِلَيْهِ للتفرقة بَين الْمعَانِي نَحْو: (مَا أحسن زيدا) بِالنّصب فِي التَّعَجُّب، وبالرفع فِي النَّفْي، وبرفع (أحسن) وخفض (زيد) فِي الِاسْتِفْهَام عَن الْأَحْسَن والإيجاب أصل لغيره من النَّفْي وَالنَّهْي والاستفهام وَغَيرهَا، فَإِن الْإِيجَاب يتركب من مُسْند ومسند إِلَيْهِ من غير احْتِيَاج إِلَى الْغَيْر، وَلَيْسَ كَذَلِك غَيره والعطف على اللَّفْظ هُوَ الأَصْل نَحْو: (زيد لَيْسَ بقائم وَلَا قَاعد) بالخفض وَالْأُصُول تراعى تَارَة وتهمل أُخْرَى، فمما تراعى قَوْلهم: (صغت الْخَاتم وحكت الثَّوْب) وَنَحْو ذَلِك؛ فلولا أَن أصل هَذَا (فعلت) بِفَتْح الْعين لما جَازَ أَن تعْمل (فعلت) وَمِنْه؛ (ليبك يزِيد ... الْبَيْت) وَنَحْوه قَوْله تَعَالَى: {خلق الْإِنْسَان ضَعِيفا} و {خلق الْإِنْسَان من علق} وَقد يُرَاجع من الْأُصُول إِلَى الْفُرُوع عِنْد الْحَاجة: مِنْهُ الصّرْف الَّذِي يُفَارق الِاسْم لمشابهته للْفِعْل، فَمَتَى احتجت إِلَى صرفه جَازَ أَن تراجعه فتصرفه وَمِنْه إِجْرَاء المعتل مجْرى الصَّحِيح وَإِظْهَار الضَّعِيف وَمَا لَا يُرَاجع من الْأُصُول عِنْد الضَّرُورَة كالثلاثي المعتل الْعين نَحْو: (قَامَ) و (بَاعَ) وَكَذَلِكَ مضارعه وَبَاب (افتعل) إِذا كَانَت فاؤه صادا أَو ضادا أَو طاء أَو ظاء أَو دَالا أَو ذالا أَو زايا حَيْثُ لَا يجوز خُرُوج هَذِه التَّاء على أَصْلهَا بل تقلب وَالْأَصْل فِي (فعلى) أَن تسْتَعْمل فِي الْجمع بِالْألف وَاللَّام ك (كبرى) و (الْكبر) وَلَا يَنْبَغِي أَن يجذب الأَصْل إِلَى حيّز الْفَرْع إِلَّا بِسَبَب قوي، وَيَكْفِي فِي العودة إِلَى الأَصْل أدنى شُبْهَة لانه على وفْق الدَّلِيل، وَلذَلِك صرف (أَربع) فِي قَوْلك (مَرَرْت بنسوة أَربع) مَعَ أَن فِيهِ الْوَصْف وَالْوَزْن اعْتِبَارا لأصل وَضعه وَهُوَ الْعدَد وَالْأُصُول المرفوضة مِنْهَا مصدر (عَسى) لِأَنَّهُ لَا يسْتَعْمل، وَإِن كَانَ الأَصْل، لِأَنَّهُ أصل مرفوض؛ وَخبر (لَا) فَإِن بني تَمِيم لَا يجيزون ظُهُوره وَيَقُولُونَ: هُوَ من الْأُصُول المرفوضة؛ و (سُبْحَانَ الله) فَإِنَّهُ إِذا نظرت إِلَى مَعْنَاهُ وجدت الْإِخْبَار عَنهُ صَحِيحا لَكِن الْعَرَب رفضت ذَلِك وَالْأَصْل فِي الالفاظ أَن لَا تجْعَل خَارِجَة عَن مَعَانِيهَا الْأَصْلِيَّة بِالْكُلِّيَّةِ

[وَالْأَصْل عِنْد اخْتِلَاف الْأَلْفَاظ اخْتِلَاف مَعَانِيهَا] وَالْأَصْل فِي الْكَلَام التَّصْرِيح وَهُوَ اظهار، وَلَا شكّ أَن الْمَقْصُود من الْكَلَام إِظْهَار الْمعَانِي، فَإِذا ذكر لفظ التَّصْرِيح مِنْهُ فهم أَنه الأَصْل وَالْأَصْل فِي قيود التَّعْرِيف تَصْوِير مَاهِيَّة الْمُعَرّف، والاحتراز بهَا إِنَّمَا يحصل ضمنا [وَالْأَصْل فِي فن الْعرُوض قد يُطلق وَيُرَاد بِهِ عدم التَّغَيُّر عَن شَيْء، وَقد يُطلق وَيُرَاد بِهِ مَا يحصل بتكراره بَحر، وَقد يُطلق وَيُرَاد بِهِ مَا وضع فِي كل بَحر من أَجزَاء الافاعيل مُطلقًا بِدُونِ التَّغْيِير] وَالْأَصْل فِي مبَاحث الالفاظ هُوَ النَّقْل لَا الْعقل وَالْأَصْل فِي الْمسَائِل الاعتقادية أَن يُقَال مَا اعتقدته وَقلت بِهِ حق يَقِينا وَمَا قَالَه غَيْرِي بَاطِل يَقِينا وَالْأَصْل بَقَاء مَا كَانَ على مَا كَانَ، فَلَو كَانَ لرجل على آخر ألف مثلا فبرهن الْمُدعى عَلَيْهِ على الاداء أَو الْإِبْرَاء فبرهن الْمُدَّعِي على أَن لَهُ ألفا لم يقبل حَتَّى يبرهن على الْحُدُوث بعد الاداء أَو الْإِبْرَاء وَالْأَصْل الْعَدَم فِي الصِّفَات الْعَارِضَة، فَالْقَوْل للْمُضَارب أَنه لم يربح لِأَن الأَصْل فِيهِ عَدمه، وَكَذَا لَو اشْترى عبدا على أَنه خباز أَو كَاتب وانكر المُشْتَرِي وجود ذَلِك الْوَصْف فَالْقَوْل لَهُ، لِأَن الأَصْل عَدمه، لكَونه من الصِّفَات الْعَارِضَة وَالْأَصْل فِي الصِّفَات الْأَصْلِيَّة الْوُجُود، فَلَو اشْترى أمة على انها بكر وانكر المُشْتَرِي قيام الْبكارَة وادعاها البَائِع فَالْقَوْل للْبَائِع لِأَن الأَصْل وجودهَا لكَونهَا صفة أَصْلِيَّة وَالْأَصْل إِضَافَة الْحَادِث إِلَى أقرب اوقاته، فَلَو مَاتَ مُسلم وَتَحْته نَصْرَانِيَّة فَجَاءَت مسلمة بعد مَوته وَقَالَت: اسلمت قبل مَوته، وَقَالَت الْوَرَثَة: أسلمت بعد مَوته فَالْقَوْل للْوَرَثَة [وَالْأَصْل فِي المتعارضين الْعَمَل بهما بِقدر الْإِمْكَان] وَالْأَصْل فِي الْإِيمَان أَن تكون الشُّرُوط مُتَقَدّمَة، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي إِن أَرَادَ النَّبِي أَن يستنكحها} إِذْ الْمَعْنى: إِن أَرَادَ النَّبِي أَن يستنكحها أحللناها لَهُ إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي، لِأَن إِرَادَة الاستنكاح سَابِقَة على الْهِبَة قَالَ ثَعْلَب: قَوْلهم: (لَيْسَ لَهُ أصل وَلَا فصل) الأَصْل: الْوَالِد، والفصل: الْوَلَد، وَقيل: الأَصْل الْحسب والفصل اللِّسَان (وَمَا فعلته أصلا) أَي بِالْكُلِّيَّةِ، وانتصابه على الْمصدر أَو الْحَال أَي: (ذَا أصل) فَإِن الشَّيْء إِذا أَخذ مَعَ أَصله كَانَ الْكل، وَكَذَا (رَأْسا) والأصيل: المتمكن فِي أَصله و [الْأَصِيل] : مَا بعد الْعَصْر إِلَى الْغُرُوب الِاصْطِلَاح: هُوَ اتِّفَاق الْقَوْم على وضع الشَّيْء، وَقيل: إِخْرَاج الشَّيْء عَن الْمَعْنى اللّغَوِيّ إِلَى معنى آخر لبَيَان المُرَاد واصطلاح التخاطب هُوَ عرف اللُّغَة والاصطلاح: مُقَابل الشَّرْع فِي عرف الْفُقَهَاء، وَلَعَلَّ وَجه ذَلِك أَن الِاصْطِلَاح (افتعال) من (الصُّلْح) للمشاركة كالاقتسام، والأمور الشَّرْعِيَّة مَوْضُوعَات الشَّارِع وَحده لَا يتصالح عَلَيْهَا بَين

الأقوام، وتواضع مِنْهُم وَيسْتَعْمل الِاصْطِلَاح غَالِبا فِي الْعلم الَّذِي تحصل معلوماته بِالنّظرِ وَالِاسْتِدْلَال وَأما الصِّنَاعَة: فَإِنَّهَا تسْتَعْمل فِي الْعلم الَّذِي تحصل معلوماته بتتبع كَلَام الْعَرَب واللغات كلهَا اصطلاحية عِنْد عَامَّة الْمُعْتَزلَة وَبَعض الْفُقَهَاء، وَقَالَ عَامَّة الْمُتَكَلِّمين وَالْفُقَهَاء وَعَامة أهل التَّفْسِير إِنَّهَا توقيفية وَقَالَ بعض أهل التَّحْقِيق: لَا بُد وَأَن تكون لُغَة وَاحِدَة مِنْهَا توقيفية ثمَّ اللُّغَات الْأُخَر فِي حد الْجَوَاز بَين أَن تكون اصطلاحية أَو توقيفية، لِأَن الِاصْطِلَاح من الْعباد على أَن يُسمى هَذَا كَذَا، وَهَذَا لَا يتَحَقَّق بِالْإِشَارَةِ وَحدهَا بِدُونِ الْمُوَاضَعَة بالْقَوْل وَفِي " أنوار التَّنْزِيل " فِي قَوْله تَعَالَى: {وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا} أَن اللُّغَات توقيفية، فَإِن الْأَسْمَاء تدل على الْأَلْفَاظ بِخُصُوص أَو عُمُوم وَتَعْلِيمهَا ظَاهر فِي إلقائها على المتعلم مُبينًا لَهُ مَعَانِيهَا، وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي سَابِقَة وضع، وَالْأَصْل يَنْبَغِي أَن يكون ذَلِك الْوَضع مِمَّن كَانَ قبل آدم، فَيكون من الله تَعَالَى الْإِصَابَة: فِي الأَصْل هُوَ النّيل والوصول، وَفِي (إِن أصبتك فَكَذَا) مُضَافا إِلَى الْمَرْأَة يحْتَمل وُجُوهًا مُتعَدِّدَة: مِنْهَا إِصَابَة الذَّنب يُقَال: (أصبت من فلَان) وَيُرَاد بِهِ الْغَيْبَة وَالْمَال يُقَال: (أصَاب من امْرَأَته مَالا) وَالْوَطْء وَلِهَذَا يُقَال للثيب: مصابة، والقبلة، وَمِنْه حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: " كَانَ رَسُول الله يُصِيب من بعض نِسَائِهِ وَهُوَ صَائِم " أَرَادَت بهَا الْقبْلَة [وَفِي " التسديد " لفظ الْإِصَابَة يدل على مَا يَقع من غير اخْتِيَار العَبْد وَكَسبه، وَلَا يكون مَقْدُورًا لَهُ لَا على مَا يَفْعَله العَبْد بِقَصْدِهِ واختياره كَمَا يُقَال: (أَصَابَهُ مرض أَو هم أَو مشي أَو قعُود أَو قيام) بل يُقَال: كسب وَقَول وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَصَابَتْكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم} ] الإصغاء: مَعْنَاهُ (كوش داشتن) لَا السماع؛ وَقد يُرَاد بِهِ السماع للاستلزام بَينهمَا بِالنّظرِ إِلَيْنَا بِنَاء على الْغَالِب؛ وَصَحَّ فِي حق الله تَعَالَى بِالنّظرِ إِلَى أصل اللُّغَة بِمَعْنى الِاسْتِمَاع الاصطفاء: فِي الأَصْل تنَاول صفوة الشَّيْء، كَمَا أَن الِاخْتِيَار تنَاول خَيره والاجتباء: تنَاول جابته أَي وَسطه، وَهُوَ الْمُخْتَار [واصطفاء آدم النَّبِي على الْعَالم بِأَن رَجحه على جَمِيع الْمَلَائِكَة واصطفاه نوح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام على الْعَالم بِأَن أهلك قومه وَحفظ نوحًا وَأَتْبَاعه واصطفاء آل إِبْرَاهِيم على الْعَالم بِأَن جعل دينهم شَائِعا وذلل مخالفيهم واصطفاء مُوسَى وَهَارُون على الْعَالم بِأَن جعل فِرْعَوْن مَعَ عَظمته وَغَلَبَة جُنُوده مَغْلُوبًا واصطفاء مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على جَمِيع المكونات بِأَن جعله حبيبا {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} ]

الأصفاد: صفده: قَيده وَسمي بِهِ الْعَطاء لِأَنَّهُ ارتباط للمنعم عَلَيْهِ قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: " من برك فقد أسرك، وَمن جفاك فقد أطلقك " وكل من أَعْطيته عَطاء جزلا فقد أصفدته وكل من شددته شدا وثيقا فقد صفدته الاصباح: هُوَ مصدر (أصبح) وَالصُّبْح الِاسْم، يُقَال من نصف اللَّيْل إِلَى نصف النَّهَار: كَيفَ أَصبَحت؟ وَمِنْه إِلَى نصف اللَّيْل: كَيفَ أمسيت؟ وَيَجِيء (أصبح) بِمَعْنى استصبح بِالْمِصْبَاحِ الاصعاد: السّير فِي مستوى الأَرْض والانحدار: الْوَضع والصعود: الِارْتفَاع على الْجَبَل والسطح أصحت السَّمَاء: فَهِيَ مصحية وَكَذَلِكَ الْيَوْم وَاللَّيْل وصحا السَّكْرَان: فَهُوَ صَاح أَصْحَاب الرَّأْي: هم أَصْحَاب الْقيَاس، لأَنهم يَقُولُونَ برأيهم فِيمَا لم يَجدوا فِيهِ حَدِيثا أَو أثرا آصف: كهاجر كَاتب سُلَيْمَان النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام [نوع] {فِي الأصفاد} : فِي وثاق {إصرا} : عَبَثا ثقيلا يأصر صَاحبه أَي: يحْبسهُ فِي مَكَانَهُ، وَالْمرَاد التكاليف الشاقة {اصلوها} : ادخلوها أَو ذوقوا حرهَا أَو احترقوا بهَا {أصب إلَيْهِنَّ} : أمل إِلَى جانبهن أَو إِلَى أَنْفسهنَّ بطبعي وَمُقْتَضى شهوتي {أصبناهم بِذُنُوبِهِمْ} : أهلكناهم {فَمَا أصبرهم على النَّار} : مَا أجرأهم أَو ادعاهم إِلَيْهَا [أَو أَي شَيْء صبرهم على النَّار] {واصبروا} : واثبتوا {واصطبر} : داوم {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر} : فاجهر بِهِ أَو أمضه {أفأصفاكم} : افخصكم {أَصْحَاب النَّار} : ملازموها {وأصروا} : اكبوا {حَيْثُ أصَاب} : أَرَادَ: من قَوْلهم: أصَاب الصَّوَاب فَأَخْطَأَ فِي الْجَواب {فاصفح} : فَأَعْرض. [ {واصطنعتك لنَفْسي} : واخترتك لمحبتي]

فصل الألف والضاد

(فصل الْألف وَالضَّاد) [كل فعل الله تَعَالَى جَاءَ فِي الْقُرْآن فَإِنَّهُ يَصح اضمار الله تَعَالَى من غير سبق ذكره لتعينه فِي الْعُقُول، وَلَيْسَ فِي اضمار الْمُتَعَيّن المتفرد قبل ذكره اضمار قبل الذّكر] [الْإِضَافَة] : كل مَا لم يكن فِيهِ الْمُضَاف إِلَيْهِ جنس الْمُضَاف من الْإِضَافَة الْمَحْضَة فالإضافة بِمَعْنى اللَّام وكل إِضَافَة كَانَ الْمُضَاف إِلَيْهِ جنس الْمُضَاف فالإضافة بِتَقْدِير (من) وَلَا ثَالِث لَهما عِنْد الْأَكْثَر وَالْإِضَافَة فِي اللُّغَة: نِسْبَة الشَّيْء إِلَى الشَّيْء مُطلقًا وَفِي الِاصْطِلَاح: نِسْبَة اسْم إِلَى اسْم جر ذَلِك الثَّانِي بِالْأولِ نِيَابَة عَن حرف الْجَرّ أَو مشاكله، فالمضاف إِلَيْهِ إِذن اسْم مجرور باسم نَائِب مناب حرف الْجَرّ أَو بمشاكل لَهُ وَقيل: الْإِضَافَة ضم شَيْء إِلَى شَيْء وَمِنْه الْإِضَافَة فِي اصْطِلَاح النُّحَاة، لِأَن الأول منضم إِلَى الثَّانِي ليكتسب مِنْهُ التَّعْرِيف أَو التَّخْصِيص وَفِي الْإِضَافَة بِمَعْنى اللَّام لَا يَصح أَن يُوصف الأول بِالثَّانِي وَأَن يكون الثَّانِي خَبرا عَن الأول وَلَا يَصح انتصاب الْمُضَاف إِلَيْهِ فِيهَا على التَّمْيِيز وَالْكل صَحِيح فِي الْإِضَافَة بِمَعْنى (من) وَالْإِضَافَة بِمَعْنى (فِي) لم تثبت عِنْد جُمْهُور النُّحَاة، ذكر التَّفْتَازَانِيّ، بل ردهَا أَكثر النُّحَاة إِلَى الْإِضَافَة بِمَعْنى اللَّام وَصرح الرضي بِأَنَّهَا من مخترعات ابْن الْحَاجِب؛ وَالْقَوْل بِكَوْنِهَا بِمَعْنى (فِي) أَخذ بِالظَّاهِرِ الَّذِي عَلَيْهِ النُّحَاة دون التَّحْقِيق الَّذِي عَلَيْهِ عُلَمَاء الْبَيَان، وَقد نَص عَلَيْهَا صَاحب " الْكَشَّاف " فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {أَلد الْخِصَام} وَاللَّام أصل حُرُوف الْإِضَافَة لِأَن أخْلص الإضافات وأصحها إِضَافَة الْملك إِلَى الْمَالِك وَسَائِر الإضافات مضارعة لَهَا وَقد تكون للاختصاص وَلَا ملك ك (الْحَمد لله) لِأَن هَذَا مِمَّا لَا يتَمَلَّك وَالْمذهب الصَّحِيح من الْمذَاهب أَن الْعَامِل فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ هُوَ الْمُضَاف لَكِن بنيابته عَن حرف الْجَرّ وَكَونه قَائِما مقَامه ومكونه بَدَلا مِنْهُ وَإِضَافَة اسْم الْفَاعِل إِلَى مَفْعُوله أَو الْمَفْعُول إِلَى مَا يقوم مقَام الْفَاعِل إِذا أُرِيد بهما الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال فَهِيَ لفظية وَإِضَافَة اسْم الْفَاعِل الَّذِي أُرِيد بِهِ الْمَاضِي أَو الِاسْتِمْرَار معنوية مفيدة للتعريف نَحْو (مَرَرْت بزيد ضاربك أمس) أَو (مَالك عبيده) وَإِذا اعْتبر اسْم الْفَاعِل المستمر من جِهَة حُصُوله فِي الْمَاضِي فإضافته حَقِيقِيَّة وَتَقَع صفة للمعرفة وَإِذا اعْتبر من جِهَة حُصُوله فِي الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال تكون إِضَافَته غير حَقِيقِيَّة فَيعْمل فِيمَا أضيف إِلَيْهِ وكل مَا كَانَت الْمَاهِيّة كَامِلَة فِيهِ فإضافته للتعريف وكل مَا كَانَت الْمَاهِيّة نَاقِصَة فِيهِ فإضافته للتَّقْيِيد نَظِير الأول: (مَاء الْبَحْر) و (مَاء الْبِئْر) و (صَلَاة الْكُسُوف) ونظيرالثاني: (مَاء الباقلا) و (صَلَاة الْجِنَازَة) وَإِضَافَة الصّفة المشبهة إِلَى فاعلها معنوية مفيدة للتعريف أَو التَّخْصِيص إِذا كَانَ الْمُضَاف إِلَيْهِ معرفَة أَو نكرَة

وَإِضَافَة الْمَوْصُوف إِلَى الصّفة مَشْهُورَة وَإِن اتحدا كَقَوْلِه: (ولدار الْآخِرَة) و (حق الْيَقِين) و (صَلَاة الأولى) و (يَوْم الْجُمُعَة) و (عنقاء مغرب) لِأَن الصّفة تَضَمَّنت معنى (لَيْسَ) فِي الْمَوْصُوف فتغايرا وَالْعرب إِنَّمَا تفعل ذَلِك فِي الْوَصْف اللَّازِم للموصوف لُزُوم اللقب للاعلام، كَمَا قَالُوا: (زيد بطة) أَي صَاحب هَذَا اللقب وَأما الْوَصْف الَّذِي لَا يثبت كالقائم والقاعد وَنَحْو ذَلِك فَلَا يُضَاف الْمَوْصُوف إِلَيْهِ لعدم الْفَائِدَة المصححة الَّتِي لأَجلهَا أضيف الِاسْم إِلَى اللقب وَإِضَافَة الْمصدر كلهَا معنوية إِلَّا إِذا كَانَ بِمَعْنى الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول وَحكم الْإِضَافَة المعنوية تعرف الْمُضَاف، وَلِهَذَا لَا يجوز فِيهِ الْألف وَاللَّام، فَلَا يُقَال: (الْغُلَام زيد) وَأما اللفظية الَّتِي هِيَ إِضَافَة الصّفة إِلَى فاعلها أَو مفعولها فَحكمهَا التَّخْفِيف لَا التَّعْرِيف، وَلِهَذَا يجوز الْجمع بَينهَا وَبَين الْألف وَاللَّام نَحْو (الْحسن الْوَجْه) و (الضَّارِب الرجل) وَفِي التَّنْزِيل: {والمقيمي الصَّلَاة} وَالْإِضَافَة المعنوية عِنْد التَّحْلِيل تعود إِلَى تركيب وصفي؛ أَلا ترى أَن (غُلَام زيد) عِنْد التَّحْلِيل (غُلَام لزيد) بِمَعْنى (كَائِن لزيد) ؛ و (ضرب الْيَوْم) (ضرب فِي الْيَوْم) أَي (كَائِن فِيهِ) وَالْإِضَافَة بِأَدْنَى مُلَابسَة نَحْو قَوْلك: (لَقيته فِي طريقي) و (كَوْكَب الخرقاء) وَالْإِضَافَة فِي الْأَعْلَام أَكثر من تَعْرِيف اللَّام. وَإِضَافَة الْجُزْء إِلَى الْكل فِي جَمِيع الْمَوَاضِع بِمَعْنى اللَّام وَإِضَافَة الشَّيْء إِلَى جنسه بِمَعْنى (من) البيانية مثل: (خَاتم فضَّة) و (ثوب حَرِير) و (خبز شعير) وَإِضَافَة الْعَام إِلَى الْخَاص إِضَافَة إِلَى الْجِنْس، وَهِي أَن يكون الْمُضَاف إِلَيْهِ بعد الْإِضَافَة أَعم من الْمُضَاف مُطلقًا، كإضافة علم الْمعَانِي ذكره التَّفْتَازَانِيّ، كإضافة وَجه الِاخْتِصَار ذكره السَّيِّد الشريف، كإضافة الْبَهِيمَة المفسرة بِكُل ذَات قَوَائِم أَربع إِلَى الْأَنْعَام المفسرة بالأزواج الثَّمَانِية ذكره صَاحب " الْكَشَّاف " و " الْأَنْوَار " قَالَ ابْن الْكَمَال: وَالَّذِي تقرر عَلَيْهِ رَأْيِي أَن شَرط الْإِضَافَة بِمَعْنى (من) البيانية عُمُوم الْمُضَاف للمضاف إِلَيْهِ وَلغيره سَوَاء كَانَ مَعَ عُمُوم الْمُضَاف إِلَيْهِ أَيْضا أم لَا وَالْإِضَافَة للْملك ك (غُلَام زيد) والاختصاص ك (حَصِير الْمَسْجِد) و (سحبان الفصاحة) و (فِي دَار زيد) لمن يسكن بِالْأُجْرَةِ مجازية وَالْإِضَافَة كاللام للتعيين وَالْإِشَارَة إِلَى حِصَّة من الْجِنْس أَو إِلَى الْجِنْس نَفسه وَحِينَئِذٍ قد تدل الْقَرِينَة على البعضية فتصرف إِلَى الْبَعْض وَقد لَا تدل فتصرف إِلَى الْكل وَهُوَ معنى الِاسْتِغْرَاق، فَكَمَا أَن فِي جَانب الْقلَّة تَنْتَهِي البعضية فِي الْمُفْرد إِلَى الْوَاحِد وَفِي الْجمع إِلَى الْقلَّة كَذَلِك فِي جَانب الْكَثْرَة ترتقي إِلَى أَن لَا يخرج مِنْهُ فَرد فِي الْمُفْرد وَفِي الْجمع إِلَى أَن لَا يخرج مِنْهُ جمع وَالْإِضَافَة الْمَحْضَة على ضَرْبَيْنِ: إِضَافَة اسْم إِلَى اسْم هُوَ بعضه لبَيَان جنس الْمُضَاف لَا لتعريف شخصه وَيقدر لذَلِك بِمن نَحْو: (ثوب خَز) و (بَاب سَاج)

وَإِضَافَة اسْم إِلَى اسْم غَيره بِمَعْنى اللَّام لتعريف شخص الْمُضَاف وتخصيصه، فالتعريف نَحْو: (غُلَام زيد) والتخصيص نَحْو (رَاكب فرس) فَالْمُرَاد بِالْإِضَافَة الأولى التَّبْعِيض وَأَن الثَّانِي من الأول، وبالثانية الْملك أَو الِاخْتِصَاص والمضاف يكْتَسب من الْمُضَاف إِلَيْهِ التَّخْصِيص نَحْو: (غُلَام رجل) والتعريف نَحْو: (غُلَام زيد) وَالْجِنْس نَحْو: (غُلَام الرجل) والتذكير نَحْو: (إنارة الْعقل مكسوف بطوع هوى ... وعقل عاصي الْهوى يزْدَاد تنويرا) فَقَوله: (مكسوف) خبر (إنارة) وَهِي مؤنث اكْتسب التَّذْكِير من الْمُضَاف إِلَيْهِ وَلِهَذَا لم يقل: (مكسوفة) وعَلى هَذَا المنوال ورد قَوْله تَعَالَى: {إِن رَحْمَة الله قريب} فِي أحد الْوُجُوه والتأنيث نَحْو: {يلتقطه بعض السيارة} وكما فِي قَوْله: (لما أَتَى خبر الزبير تضعضعت ... سور الْمَدِينَة وَالْجِبَال الخضع) وَهَذَا إِذا كَانَ الْمُضَاف جُزْء الْمُضَاف إِلَيْهِ فَلَا يُقَال: (جَاءَتْنِي غُلَام هِنْد) وَقد صرح الرضي بِأَن الْمُضَاف يكْتَسب التَّأْنِيث من الْمُضَاف إِلَيْهِ إِذا صَحَّ حذف الْمُضَاف وَإسْنَاد الْفِعْل إِلَى الْمُضَاف إِلَيْهِ كَمَا فِي: (سَقَطت بعض أَصَابِعه) وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك على مَا ذكره صَاحب " الْكَشَّاف " فِي قَوْله تَعَالَى: {لَا تَنْفَع نفسا إيمَانهَا} فِي قِرَاءَة التَّأْنِيث أَنَّهَا لإضافة الْإِيمَان إِلَى ضمير الْمُؤَنَّث الَّذِي هُوَ بعضه أَي بِمَنْزِلَة بعضه لكَونه وَصفا لَهُ وَذكر فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا أَن مفاتحه لينوء بالعصبة} فِي قِرَاءَة التَّذْكِير أَنه على إِعْطَاء الْمُضَاف حكم الْمُضَاف إِلَيْهِ ويكتسب أَيْضا الِاشْتِقَاق فِي نَحْو: (مَرَرْت بِرَجُل أَي رجل) والمصدرية نَحْو: (ضَربته كل الضَّرْب) والظرفية نَحْو: (مَرَرْت أَي وَقت) والاستفهام نَحْو: (غُلَام من عنْدك) وَالشّرط نَحْو: (غُلَام من تضرب أضْرب) والتنكير نَحْو: (هَذَا زيد رجل) وَالتَّخْفِيف نَحْو: (ضَارب زيد) وَإِزَالَة الْقبْح نَحْو: (مَرَرْت بِالرجلِ الْحسن الْوَجْه) فَإِن الْوَجْه إِن رفع قبح الْكَلَام لخلو الصّفة لفظا من ضمير الْمَوْصُوف، وَإِن نصب حصل التَّجَوُّز بإجراء ذَلِك الْوَصْف الْقَاصِر مجْرى الْمُتَعَدِّي وَمَسْأَلَة إِضَافَة الْمَوْصُوف إِلَى صفته وَبِالْعَكْسِ مُخْتَلف فِيهَا، فالبصريون قَائِلُونَ بالامتناع والكوفيون قَائِلُونَ بِالْجَوَازِ وَحقّ الْمُضَاف إِلَيْهِ أَن لَا يَقع عَنهُ حَال لكَونه بِمَنْزِلَة التَّنْوِين من الْمنون من حَيْثُ تكميله للمضاف إِلَّا أَن يكون مُضَافا إِلَى معموله نَحْو: (عرفت قيام زيد مسرعا) أَو يكون الْمُضَاف جزأه نَحْو: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل إخْوَانًا} أَو كجزئه نَحْو: {وَاتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا} وَإِذا كَانَ الْمقَام مقَام الِاشْتِبَاه بِأَن يكون الْكَلَام متحملا لمعنيين على اعتباري رُجُوع الضَّمِير إِلَى

الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ فَحِينَئِذٍ لَا يجوز إرجاعه إِلَى الْمُضَاف إِلَيْهِ لِأَن الْمُتَبَادر إِلَى الْفَهم رُجُوعه إِلَى الْمُضَاف لأصالته فِي الْكَلَام وَالدَّلِيل على أَن لَا رُجْحَان وَلَا مزية لأَحَدهمَا على الآخر من جِهَة الْعَرَبيَّة أَو الفصاحة قَوْله تَعَالَى: {وَقيل لَهُم ذوقوا عَذَاب النَّار الَّذِي كُنْتُم بِهِ تكذبون} وَقَوله تَعَالَى: {ونقول للَّذين ظلمُوا ذوقوا عَذَاب النَّار الَّتِي كُنْتُم بهَا تكذبون} وَالْكَلَام وَاحِد [وَإِضَافَة كُلية الْأَشْيَاء إِلَى الله تَعَالَى نَحْو قَوْله تَعَالَى {لله ملك السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وإضافته إِلَى كُلية الْأَشْيَاء كَقَوْلِه تَعَالَى: {رب الْعَالمين} يخرج مخرج التَّعْظِيم لله والتحميد لَهُ وَإِضَافَة خَاصَّة الْأَشْيَاء إِلَيْهِ وَكَذَا إِضَافَته إِلَى خَاصَّة الْأَشْيَاء يخرج مخرج تَعْظِيم ذَلِك الْخَاص كَمَا يُقَال: (إِلَه مُحَمَّد) و (إِلَه مُوسَى) و (إِلَه هرون) و (عبد الله) و (نَاقَة الله) ] الْإِضْمَار: الْإِسْقَاط، والإخفاء، وَالِاسْتِقْصَاء، وَإِسْكَان التَّاء من (متفاعلن) فِي الْكَامِل والاضمار عِنْد النُّحَاة: أسهل من التَّضْمِين لِأَن التَّضْمِين زِيَادَة بتغيير الْوَضع، والإضمار زِيَادَة بِغَيْر تَغْيِيره والإضمار: أحسن من الِاشْتِرَاك وَلِهَذَا كَانَ قَول الْبَصرِيين: إِن النصب بعد (حَتَّى) بِأَن مضمرة أرجح من قَول الْكُوفِيّين: إِنَّه ب (حَتَّى) نَفسهَا وَأَنَّهَا حرف نصب مَعَ الْفِعْل وحرف جر مَعَ الِاسْم والإضمار والاقتضاء هما سَوَاء وأنهما من بَاب الْحَذف والاقتصار، لَكِن الْإِضْمَار كالمذكور لُغَة حَتَّى قُلْنَا إِن للمضمر عُمُوما، فَإِن من قَالَ لامْرَأَته: (طَلِّقِي نَفسك) وَنوى الثَّلَاث صَحَّ لِأَن الْمصدر مَحْذُوف فَهُوَ كالمذكور لُغَة فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: (طَلِّقِي نَفسك طَلَاقا) وَأما الْمُقْتَضِي فَلَيْسَ بمذكور لُغَة بل يَجْعَل ثَابتا ضَرُورَة صِحَة الْكَلَام شرعا، فَلَا يعم هَذَا عندنَا وعَلى قَول الشَّافِعِي: للمقتضي عُمُوم لِأَن الْمَذْكُور شرعا كالمذكور حَقِيقَة فَيعم والإضمار أولى من النَّقْل عِنْد أبي حنيفَة وَبِالْعَكْسِ عِنْد الشَّافِعِي: مِثَاله قَوْله تَعَالَى: {وَحرم الرِّبَا} أَي أَخذ الرِّبَا، وَهِي الزِّيَادَة كَبيع دِرْهَم بِدِرْهَمَيْنِ مثلا، فَيصح البيع إِذا سَقَطت الزِّيَادَة ويرتفع الْإِثْم، هَذَا عِنْد أبي حنيفَة والربا عِنْد الشَّافِعِيَّة تقل شرعا إِلَى العقد فَيفْسد وَيَأْثَم فَاعله وَمن الاضمار: وضع الْعَرَب (فعيلا) فِي مَوضِع (مفعل) نَحْو (أَمر حَكِيم) بِمَعْنى: (مُحكم) ؛ ومفعل نَحْو: (عَذَاب أَلِيم) بِمَعْنى: مؤلم قَالَ: (أَمن رَيْحَانَة الدَّاعِي السَّمِيع) بِمَعْنى: المسمع وَيجوز الْإِضْمَار قبل الذّكر لفظا وَمعنى عِنْد أَرْبَاب البلاغة إِذا قصد تفخيم شَأْن الْمُضمر وَجَاز عِنْد النَّحْوِيين أَيْضا فِي ضمير الشَّأْن نَحْو: (إِنَّه زيد قَائِم) وَفِي ضمير (رب) نَحْو: (ربه رجلا

لَقيته وَفِي ضمير (نعم) نَحْو: (نعمه رجلا زيد) وَفِي إِبْدَال الْمظهر من الضَّمِير نَحْو: (ضَربته زيدا) وَفِي بَاب التَّنَازُع على مَذْهَب الْبَصرِيين نَحْو: (ضَرَبَنِي وأكرمت زيدا) والإضمار قد يكون على مُقْتَضى الظَّاهِر وَقد يكون على خِلَافه؛ فَإِن كَانَ على مُقْتَضى الظَّاهِر فشرطه أَن يكون الْمُضمر حَاضرا فِي ذهن السَّامع بِدلَالَة سِيَاق الْكَلَام أَو مساقه عَلَيْهِ أَو قيام قرينَة فِي الْمقَام لإرادته، أَو أَن يكون حَقه أَن يحضر لما ذكر وَإِن لم يحضر لقُصُور من جَانب السَّامع؛ وَمن هَذَا الْقَبِيل قَوْله: (مِمَّن حملن بِهِ وَهن قَوَاعِد) وَقَوله تَعَالَى: {عبس وَتَوَلَّى} وَإِن كَانَ على خلاف مُقْتَضى الظَّاهِر فشرطه أَن يكون هُنَاكَ نُكْتَة تَدْعُو إِلَى تَنْزِيله منزلَة الأول، وَتلك النُّكْتَة قد تكون تفخيم شَأْن الْمُضمر، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {من كَانَ عدوا لجبريل فَإِنَّهُ نزله على قَلْبك} وَقَوله تَعَالَى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} فخم الْقُرْآن بالإضمار من غير ذكر لَهُ شَهَادَة لَهُ بالنباهة الْمُغنيَة عَن التَّصْرِيح وكما يكون الْإِضْمَار على خلاف مُقْتَضى الظَّاهِر كَذَلِك يكون الْإِظْهَار على خلاف مُقْتَضى الظَّاهِر، كَمَا إِذا أظهر وَالْمقَام مقَام الْإِضْمَار، وَذَلِكَ أَي كَون الْمقَام مقَام الْإِضْمَار عِنْد وجود أَمريْن أَحدهمَا كَونه حَاضرا أَو فِي شرف الْحُضُور فِي ذهن السَّامع لكَونه مَذْكُورا لفظا أَو معنى أَو فِي حكم الْمَذْكُور لأمر خطابي كَمَا فِي الاضمار قبل الذّكر، على خلاف مُقْتَضى الظَّاهِر، بل لقِيَام قرينَة حَالية أَو مقالية، وَثَانِيهمَا أَن يقْصد الْإِشَارَة إِلَيْهِ من حَيْثُ أَنه حَاضر فِيهِ، فَإِذا لم يقْصد الْإِشَارَة من هَذِه الْحَيْثِيَّة يكون حَقه الْإِظْهَار، كَمَا فِي قَوْلك (إِن جَاءَك زيد فقد جَاءَك فَاضل كَامِل) وَمن الْمَوَاضِع الَّتِي تظهر فِي مقَام الْإِضْمَار قَوْله تَعَالَى: {من كَانَ عدوا لله وَمَلَائِكَته وَرُسُله وَجِبْرِيل وميكال فَإِن الله عَدو للْكَافِرِينَ} كَانَ مُقْتَضى الظَّاهِر فَإِن الله عَدو لَهُم، فَعدل إِلَى الظَّاهِر للدلالة على أَن الله تَعَالَى عاداهم لكفرهم، وَأَن عَدَاوَة الْمَلَائِكَة وَالرسل كفر وإضمار شَيْء خَاص بِدُونِ قرينَة خَاصَّة لَا يجوز وإضمار الْجَار مَعَ بَقَاء عمله مَرْدُود غير جَائِز اتِّفَاقًا وَأما قَوْلهم (الله لَأَفْعَلَنَّ) شَاذ، وَالْكل مُصَرح بِهِ ومتفق عَلَيْهِ الِاضْطِرَار: الِاحْتِيَاج إِلَى الشَّيْء، واضطره إِلَيْهِ: ألجأ وأحوجه فاضطر بِضَم الطَّاء والاضطرار: بِمَعْنى حمل الْإِنْسَان على مَا يكره ضَرْبَان: اضطرار بِسَبَب خَارج، كمن يضْرب أَو يهدد لينقاد واضطرار بِسَبَب دَاخل، كمن اشْتَدَّ جوعه فاضطر إِلَى أكل ميتَة وَمِنْه: {فَمن اضْطر غير بَاغ} وَاصل الِاضْطِرَار عدم الِامْتِنَاع عَن الشَّيْء قهرا والاضطرار لَا يبطل حق الْغَيْر؛ وَلذَا ضمن قَاتل جمل صائل وَإِن كَانَ فِي قَتله مُضْطَرّا لدفع الضَّرَر عَن نَفسه

فصل الألف والطاء

الإضراب: الْإِبْطَال وَالرُّجُوع وَعند النُّحَاة لَهُ مَعْنيانِ: إبِْطَال الحكم الأول وَالرُّجُوع عَنهُ إِمَّا لغلط أَو لنسيان، كَقَوْلِك: (قَامَ زيد بل عَمْرو) و (مَا قَامَ زيد بل عَمْرو) وَالثَّانِي: إبِْطَال الأول لانْتِهَاء مُدَّة ذَلِك، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {أتأتون الذكران} ثمَّ قَالَ: {بل أَنْتُم قوم عادون} كَأَنَّهُ انْتَهَت مُدَّة الْقِصَّة الأولى فَأخذ فِي قصَّة أُخْرَى؛ وَلم يرد أَن الأولى لم تكن والإضراب يبطل بِهِ الحكم السَّابِق وَلَا يبطل بالاستدراك الِاضْطِرَاب: الاختلال يُقَال: (اضْطربَ أمره) إِذا اخْتَلَّ، و (اضْطَرَبَتْ أَقْوَالهم) إِذا اخْتلفت، من قَوْلهم: (اضْطربَ حَبل الْقَوْم) بِمَعْنى اخْتلفت كلماتهم الإضاءة: فرط الإنارة وأضاء: يرد لَازِما ومتعديا تَقول: (أَضَاء الْقَمَر الظلمَة) و (أَضَاء الْقَمَر) ؛ واللزوم هُوَ الْمُخْتَار الأضحوكة: مَا يضْحك مِنْهُ وضحكت الأرنب كفرحت: حَاضَت قيل: وَمِنْه: {فَضَحكت فبشرناها بِإسْحَاق} [نوع] {أضاعوا الصَّلَاة} : تركوها {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أضعافا مضاعفة} لَا تَزِيدُوا زيادات مكررة {أضغانهم} : أحقادهم {أضلّ سَبِيلا} : أبعد حجَّة {ثمَّ أضطره} : أَلْجَأَهُ {فَمن اضْطر} : دَعَتْهُ الضَّرُورَة (فصل الْألف والطاء) [أطلس] : كل مَا كَانَ على لَونه فَهُوَ أطلس [إطار] : كل شَيْء أحَاط بِشَيْء فَهُوَ إطار لَهُ الْإِطْلَاق: الْفَتْح وَرفع الْقَيْد وَأطلق الْأَسير: خلاه و [أطلق] عدوه: سقَاهُ سما وَإِطْلَاق اسْم الشَّيْء: ذكره وَإِطْلَاق الْفِعْل: اعْتِبَاره من حَيْثُ هُوَ، بِأَن لَا يعْتَبر عُمُومه بِأَن يُرَاد جَمِيع أَفْرَاده، وَلَا خصوصه بِأَن يُرَاد بعض أَفْرَاده، وَلَا تعلقه بِمن وَقع عَلَيْهِ، فضلا عَن عُمُومه وخصوصه وَالْإِطْلَاق: التَّلَفُّظ والاستعمال: ذكر اللَّفْظ الْمَوْضُوع ليفهم مَعْنَاهُ أَو مناسبه، فَهُوَ فرع الْوَضع إِطْلَاق اسْم الْكل على الْجُزْء كإطلاق اسْم الْقُرْآن على كل آيَة من آيَاته وَاسم الْعَالم على كل جُزْء من أَجْزَائِهِ، وَفِي التَّنْزِيل نَحْو: {يجْعَلُونَ أَصَابِعهم فِي آذانهم} وَبِالْعَكْسِ نَحْو: (وَيبقى وَجه

(رَبك} أَي: ذَاته. وَإِطْلَاق لفظ (بعض) مرَادا بِهِ الْكل، نَحْو: {ولأبين لكم بعض الَّذِي تختلفون فِيهِ} أَي: كُله {وَإِن يَك صَادِقا يصبكم بعض الَّذِي يَعدكُم} وَإِطْلَاق اسْم الْخَاص على الْعَام نَحْو: {وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا} أَي: رُفَقَاء {إِنَّا رَسُول رب الْعَالمين} أَي: رسله وَبِالْعَكْسِ نَحْو: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لمن فِي الأَرْض} أَي: الْمُؤمنِينَ بِدَلِيل {وَيَسْتَغْفِرُونَ للَّذين آمنُوا} وَإِطْلَاق اسْم الْمُسَبّب على السَّبَب نَحْو: {وَينزل لكم من السَّمَاء رزقا} وَبِالْعَكْسِ نَحْو: {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السّمع} أَي: القَوْل وَالْعَمَل بِهِ لِأَنَّهُ مسبب عَن السّمع وَإِطْلَاق اسْم الْحَال على الْمحل نَحْو: {فَفِي رَحْمَة الله هم فِيهَا خَالدُونَ} أَي: فِي الْجنَّة لِأَنَّهَا مَحل الرَّحْمَة وَبِالْعَكْسِ نَحْو: {فَليدع نَادِيه} أَي: أهل مَجْلِسه وَإِطْلَاق اسْم الْمَلْزُوم على اللَّازِم كَقَوْلِه تَعَالَى: {أم أنزلنَا عَلَيْهِم سُلْطَانا فَهُوَ يتَكَلَّم بِمَا كَانُوا بِهِ يشركُونَ} سميت الدّلَالَة كلَاما لِأَنَّهَا من لوازمه وَمِنْه قيل: كل صَامت نَاطِق أَي: أثر الْحُدُوث فِيهِ يدل على محدثه، فَكَأَنَّهُ ينْطق وَبِالْعَكْسِ كَقَوْل الشَّاعِر: (قوم إِذا حَاربُوا شدوا مآزرهم ... دون النِّسَاء وَلَو باتت بأطهار) أُرِيد بشد المئزر الاعتزال عَن النِّسَاء، لِأَن شدّ الْإِزَار من لوزام الاعتزال وَإِطْلَاق اسْم الشَّيْء على مَا يدانيه ويتصل بِهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {بَين يَدي نَجوَاكُمْ صَدَقَة} فَإِنَّهُ مستعار من بَين جهتي يَدي من لَهُ يدان وَهُوَ جِهَة الإِمَام وَإِطْلَاق الْفِعْل المُرَاد مقاربته وإرادته نَحْو: {فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} أَي: فَإِذا قرب مَجِيئه {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم} أَي: إِذا أردتم الْقيام وَإِطْلَاق الْمصدر على الْفَاعِل نَحْو: {فَإِنَّهُم عَدو لي} وعَلى الْمَفْعُول نَحْو: {صنع الله} وَإِطْلَاق الْفَاعِل على الْمصدر نَحْو: {لَيْسَ لوقعتها كَاذِبَة} أَي: تَكْذِيب

وَإِطْلَاق الْمَفْعُول على الْمصدر نَحْو: {بأيكم الْمفْتُون} أَي: الْفِتْنَة وَإِطْلَاق فَاعل على مفعول نَحْو: {جعلنَا حرما آمنا} أَي: مامونا فِيهِ وَبِالْعَكْسِ نَحْو: {وعده مأتيا} أَي: آتِيَا وَإِطْلَاق الْمُفْرد على الْمثنى نَحْو: {وَالله وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه} أَي: يرضوهما وعَلى الْجمع نَحْو: {إِن الْإِنْسَان لفي خسر} أَي: الأناسي، بِدَلِيل الِاسْتِثْنَاء مِنْهُ وَإِطْلَاق الْمثنى على الْمُفْرد نَحْو: {ألقيا فِي جَهَنَّم} أَي: ألق وعَلى الْجمع نَحْو: {ثمَّ ارْجع الْبَصَر كرتين} أَي: كرات، لِأَن الْبَصَر لَا يحسر إِلَّا بهَا وَإِطْلَاق الْجمع على الْمُفْرد نَحْو: {قَالَ رب ارْجِعُونِ} أَي: أرجعني وعَلى الْمثنى نَحْو: {فقد صغت قُلُوبكُمَا} أَي: قلباكما وَإِطْلَاق الْمَاضِي على الْمُسْتَقْبل لتحَقّق وُقُوعه نَحْو: {أَتَى أَمر الله} أَي: السَّاعَة وَبِالْعَكْسِ لإِفَادَة الدَّوَام والاستمرار نَحْو: {أتأمرون النَّاس بِالْبرِّ وتنسون أَنفسكُم} وَإِطْلَاق مَا بِالْفِعْلِ على مَا بِالْقُوَّةِ، كإطلاق الْمُسكر على الْخمر فِي الدن وَإِطْلَاق الْمُشْتَقّ على الشَّيْء من غير أَن يكون مَأْخَذ الِاشْتِقَاق وَصفا قَائِما بِهِ، كإطلاق الْخَالِق على الْبَارِي تَعَالَى قبل الْخلق وَهَذَا عِنْد الأشعرية من قبيل إِطْلَاق مَا بِالْقُوَّةِ على مَا بِالْفِعْلِ وَإِطْلَاق اسْم الْمُطلق على الْمُقَيد كَقَوْل الشَّاعِر: (وَيَا لَيْت كل اثْنَيْنِ بَينهمَا هوى ... من النَّاس قبل الْيَوْم يَلْتَقِيَانِ) أَي: قبل يَوْم الْقِيَامَة وَبِالْعَكْسِ كَقَوْل شُرَيْح: " أَصبَحت وَنصف النَّاس عَليّ غَضْبَان يُرِيد أَن النَّاس بَين مَحْكُوم عَلَيْهِ ومحكوم لَهُ، لَا نصف النَّاس على سَبِيل التعديد والتسوية وَإِطْلَاق اسْم آلَة الشَّيْء عَلَيْهِ كَقَوْلِه تَعَالَى حِكَايَة: {وَاجعَل لي لِسَان صدق فِي الآخرين} أَي: ذكرا حسنا أطلق اسْم اللِّسَان وَأُرِيد بِهِ الذّكر، هُوَ حَرَكَة اللِّسَان وَإِطْلَاق لفظ الْعَام وَإِرَادَة الْخَاص كإطلاق لفظ الْعلم وَإِرَادَة التَّصْدِيق وَإِطْلَاق الْكَلِمَة على أحد جزأي الْكَلِمَة الْمُضَاف مجَاز مُسْتَعْمل فِي عرف النُّحَاة وَأما إِطْلَاقهَا على الْكَلَام كَمَا يُقَال (كلمة الشَّهَادَة) فمجاز مهمل فِي عرفهم ومستعمل فِي اللُّغَة وَالْعرْف الْعَام وَإِطْلَاق أحد الْمَعْنيين المتجاورين على الآخر مجَاز مُرْسل كإطلاق النُّكْتَة على اللطيفة فَإِن من

تَأمل شَيْئا بفكره يَجْعَل الأَرْض خُطُوطًا ويؤثر فِيهَا بِنَحْوِ قصب وَإِطْلَاق الْأسد على الرجل الشجاع مجَاز فِي صفة ظَاهِرَة وَقد ينزل التقابل منزلَة التناسب بِوَاسِطَة تمليح أَو تهكم كَمَا فِي إِطْلَاق الشجاع على الجبان أَو تفاؤل كَمَا فِي إِطْلَاق الْبَصِير على الْأَعْمَى أَو مشاكلة كَمَا فِي إِطْلَاق السَّيئَة على جزائها وَمَا أشبه ذَلِك وَإِطْلَاق الْأسد على صورته المنقوشة فِي جِدَار مجَاز بالشكل وَإِطْلَاق اسْم الشَّيْء على بدله كَقَوْلِهِم: (فلَان آكل الدَّم) إِذا أكل الدِّيَة وَمِنْه قَوْله: ( [إِن بِنَا أحمرة عِجَافًا ... يأكلن كل لَيْلَة إكافا) أَي ثمن إكاف وَإِطْلَاق الْمُعَرّف بِاللَّامِ وَإِرَادَة وَاحِد مُنكر كَقَوْلِه تَعَالَى: {وادخلوا الْبَاب سجدا} أَي بَابا من الْأَبْوَاب وَإِطْلَاق الظّرْف على الْجَار وَالْمَجْرُور شَائِع حَتَّى إِذا ذكر الظّرْف وَأطلق فَهُوَ شَامِل للثَّلَاثَة بِلَا كلفة وَإِطْلَاق الْمُتَعَلّق بِالْكَسْرِ على الْمَعْمُول وبالفتح على الْعَامِل وَهُوَ الْمُتَعَارف مَعَ أَنه يجوز بِالْعَكْسِ، والسر فِيهِ أَن التَّعَلُّق هُوَ التشبث والمعمول لضَعْفه متشبث على عَامله، وَالْعَامِل لقُوته متشبث فِيهِ وَإِطْلَاق الْقَوْم على طَائِفَة فِيهَا امْرَأَة وَكَانَ بعلاقة البعضية والكلية فَهُوَ مجَاز مُرْسل، وَإِن كَانَ لادعاء أَنَّهَا مِنْهُم فَفِيهِ تَغْلِيب [وَلَا بُد فِي إِطْلَاق اللَّفْظ على ذَات الله تَعَالَى من الِاسْتِنَاد على الْإِذْن الشَّرْعِيّ لإِجْمَاع أهل السّنة على أَن أَسمَاء الله تَعَالَى مَأْخُوذَة من التَّوْقِيت الشَّرْعِيّ إِمَّا الْكتاب أَو السّنة المتواترة أَو الْمَشْهُورَة أَو الْإِجْمَاع، وَلَا يجوز بِدُونِ ذَلِك بِخِلَاف إِطْلَاق اللَّفْظ على مَفْهُوم صَادِق عَلَيْهِ كإطلاق الخادع الْمَفْهُوم من قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ خادعهم} فَإِنَّهُ لم يُطلق عَلَيْهِ على وَجه الْحَقِيقَة بل يُطلق على مَفْهُوم مجازي صَادِق عَلَيْهِ) وَأَجَازَ الْغَزالِيّ رَحمَه الله فِي الْوَصْف دون الِاسْم وَتوقف إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَأما الْمُعْتَزلَة فَإِنَّهُم يجوزون إِطْلَاق كل اسْم يدل على اتصافه تَعَالَى وجودية أَو سلبية أَو فعلية مِمَّا يدْرك سَوَاء ورد بذلك الْإِطْلَاق إِذن شَرْعِي أم لَا، وَجَاز إِطْلَاق الْمُضْمرَات عَلَيْهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات} و {إياك نبعد} وَكَذَا المبهمات: (مثل) و (مَا) و (من) و (أَيْن) و (حَيْثُ) وَإِطْلَاق البيع على الشِّرَاء وَبِالْعَكْسِ فِيمَا إِذا كَانَ اليدان غير نقدين] الاطراد: اطرد الْأَمر تبع بعضه بَعْضًا وَجرى واطرد الْحَد: تَتَابَعَت أَفْرَاده وَجَرت مجْرى وَاحِدًا كجري الْأَنْهَار والاطراد: هُوَ أَنه كلما وجد الْحَد وجد الْمَحْدُود، وَيلْزمهُ كَونه مَانِعا من دُخُول غير الْمَحْدُود فِيهِ والانعكاس: هُوَ أَنه كلما انْتَفَى الْحَد انْتَفَى الْمَحْدُود، أَو كلما وجد الْمَحْدُود وجد الْحَد، وَهَذَا معنى كَونه جَامعا

والاطراد فِي البديع: هُوَ أَن يذكر الْمُتَكَلّم اسْم الممدوح وَاسم من أمكن من آبَائِهِ فِي بَيت وَاحِد مرتبَة على حكم ترتبيها فِي الْولادَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن يُوسُف: {وَاتَّبَعت مِلَّة آبَائِي إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب} حَيْثُ لم يرد مُجَرّد ذكر الْآبَاء وَلِهَذَا لم يَأْتِ على التَّرْتِيب المألوف بل قصد ذكر ملتهم الَّتِي اتبعتها وَقَالَ الشَّيْخ صفي الدّين: الاطراد هُوَ أَن يذكر الشَّاعِر اسْم الممدوح ولقبه وكنيته وَصفته اللائقة بِهِ وَاسم من أمكن من أَبِيه وجده وقبيلته، وَشرط أَن يكون ذَلِك فِي بَيت وَاحِد من غير تعسف وَلَا تكلّف وَلَا انْقِطَاع بِأَلْفَاظ أَجْنَبِيَّة؛ وَأورد على ذَلِك قَول بَعضهم: (مؤيد الدّين أَبُو جَعْفَر ... مُحَمَّد بن العلقمي الْوَزير) الإطناب: هُوَ أَدَاء الْمَقْصُود بِأَكْثَرَ من الْعبارَة المتعارفة والإسهاب: تَطْوِيل لفائدة أَو لَا لفائدة والإطناب: كَمَا يكون فِي اللَّفْظ يكون فِي الْمَعْنى، وَكَذَا الإيجاز وَمن الإطناب الْمَعْنَوِيّ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا تِلْكَ بيمينك يَا مُوسَى} فَإِن مَا فِي الْيَمين من الْقَيْد الْخَارِج عَن مَفْهُوم الْيَد زَائِد إِلَّا أَنه مُنَاسِب لما سيق لأَجله الإطلاع: هُوَ بِالسُّكُونِ جعل الْغَيْر مطلعا [والاطلاع] : بِالتَّشْدِيدِ لَازم، طلع الْكَوْكَب وَالشَّمْس طلوعا أَي ظهر وتعدية اطلع ب (على) لما فِيهِ من معنى الإشراف وَحَدِيث: " أطلع فِي الْقُبُور " بِاعْتِبَار تضمنه معنى النّظر والتأمل وطلع فلَان علينا: أَتَانَا كأطلع، وطلع عَنْهُم: غَابَ، ضد وَرجل طلاع الثنايا: كشداد، مجرب الْأُمُور وطليعة الْجَيْش: من يبْعَث ليطلع طلع الْعَدو أَي مِقْدَاره وَلكُل حد مطلع: أَي مصعد يصعد إِلَيْهِ من معرفَة علمه، والمطلع فِي الأَصْل مصدر بِمَعْنى الِاطِّلَاع وَيجوز أَن يكون اسْما للزمان و (نَعُوذ بِاللَّه من هول المطلع) : أَي يَوْم الْقِيَامَة لِأَنَّهُ وَقت الِاطِّلَاع على الْحَقَائِق وطالعه طلاعا ومطالعة: اطلع عَلَيْهِ وتطلع إِلَى وُرُوده: استشرف واستطلع رَأْي فلَان: نظر مَا عِنْده وَمَا الَّذِي يبرز إِلَيْهِ من أمره الإطالة: أَصله إطوال، نقلت حَرَكَة الْوَاو إِلَى الطَّاء وقلبت ألفا ثمَّ حذفت إِحْدَى الْأَلفَيْنِ وأدخلت الْهَاء عوضا عَن الْمَحْذُوف وَمَعْنَاهُ: التَّطْوِيل الإطاقة: هِيَ الْقُدْرَة على الشَّيْء والطاقة: مصدر بِمَعْنى الإطاقة يُقَال: (أطقت الشَّيْء إطاقة وطاقة) وَمثلهَا: (أطَاع إطاعة) وَالِاسْم الطَّاعَة و (أغار إغارة) وَالِاسْم الْغَارة و (أجَاب إِجَابَة) وَالِاسْم الجابة الإطماع: هُوَ فِي البديع أَن يخبر عَن شَيْء لَا يُمكن بِشَيْء يُوهم أَنه يُمكن كَقَوْلِه:

فصل الألف والظاء

(وَإنَّك سَوف تحلم أَو تناهى ... إِذا مَا شبت أَو شَاب الْغُرَاب) الإطباق: هُوَ أَن يطبق على مخرج الْحَرْف من اللِّسَان مَا حاذاه من الحنك الْأَعْلَى أَي يلصقه الْإِطْعَام: هُوَ ظَاهر، وَيسْتَعْمل فِي معنى الشّرْب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمن لم يطعمهُ فَإِنَّهُ مني} أَي من لم يشربه [نوع] {أطوارا} : أصنافا فِي الألوان واللغات، وَالطور: الْحَال والتارة والمرة، وَفِي " الْأَنْوَار ": تارات: عناصر ثمَّ مركبات تغذي الانسان ثمَّ أخلاطا ثمَّ نطفا ثمَّ علقا ثمَّ مضغا ثمَّ عضاما ولحوما ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر {مَا أطغيته} : مَا أوقعته فِي الطغيان [ {فَإِذا اطمأننتم} : سكنت قُلُوبكُمْ من الْخَوْف] (فصل الْألف والظاء) [أظل] : كل مَا دنا مِنْك فقد اظلك أَي: ألْقى عَلَيْك ظلاله كل فعل من (اظتلم) على وزن (افتعل) كَانَ للْعَرَب فِيهِ ثَلَاث لُغَات: الأولى: قلب التَّاء طاء ثمَّ إظهارها مَعَ الظَّاء جَمِيعًا وَالثَّانيَِة: إدغام الْمُعْجَمَة فِي الْمُهْملَة وَالثَّالِثَة: قلب الْمُهْملَة مُعْجمَة ثمَّ ادغام الأولى فِيهَا وأظلم لنسبة الْفَاعِل إِلَى مَا اشتق مِنْهُ الْفِعْل أَو لدُخُوله فِيهِ تَقول: (أظلم اللَّيْل) : إِذا صَار ذَا ظلام وأظلم الْقَوْم: إِذا دخلُوا فِي الظلام وَمِنْه: {فَإِذا هم مظلمون} وأظلم الثغر: تلألأ وأظلم الرجل: أصَاب ظلما واظلم: بتَشْديد الظَّاء وَاللَّام لمجانبة الْفَاعِل أصل الْفِعْل، وَالْأَصْل (تظلم) أَي: جَانب الظُّلم وَأحب زَوَاله و [اظلم] : بتَشْديد الظَّاء فَقَط: الاتصاف بِأَصْلِهِ الاظلال: أظل يَوْمنَا: أَي صَار ذَا ظلّ وأظلني الشَّيْء: غشيني واستظل بالظل: مَال إِلَيْهِ وَقعد فِيهِ الأظفور: بِالضَّمِّ وَاحِد كالظفر، لأجمع، وَإِنَّمَا جمعه أظفار وأظافير والأظفر: الطَّوِيل الْأَظْفَار العريضها. والأظفار: كواكب قُدَّام النسْر وكبار القردان [نوع] {أَظْفَرَكُم} : أظْهركُم

فصل الألف والعين

(فصل الْألف وَالْعين) [الْأَعْجَم] : كل مَا لَا ينْطق فَهُوَ أعجم وكل نَاطِق فَهُوَ فصيح [أعيا] : كل من مَشى حَتَّى أعيا إِن كَانَ من التَّعَب يَقُول: (أعييت) ، وَإِن كَانَ من انْقِطَاع الْحِيلَة والتحير من الْأَمر يَقُول: (عييت) مخففا [الْأَعْرَاف] : كل مُرْتَفع عِنْد الْعَرَب فَهُوَ أعراف الْإِعْرَاب: لُغَة: الْبَيَان والتغيير والتحسين، يُقَال: (أعرب عَن حَاجته) : إِذا أبان عَنْهَا و (عربت معدة الفصيل) : إِذا تَغَيَّرت لفساد وَامْرَأَة عروب: أَي متحببة وَجَارِيَة عروب: أَي حسناء وَاصْطِلَاحا: على القَوْل بِأَنَّهُ لَفْظِي: هُوَ أثر ظَاهر أَو مُقَدّر يجلبه الْعَامِل فِي آخر الْكَلِمَة أَو مَا نزل مَنْزِلَته وعَلى القَوْل بِأَنَّهُ معنوي هُوَ تَغْيِير أَوَاخِر الْكَلم أَو مَا نزل منزلتها لاخْتِلَاف العوامل الدَّاخِلَة عَلَيْهَا لفظا أَو تَقْديرا، وَعَلِيهِ كثير من الْمُتَأَخِّرين وَالِاخْتِلَاف: عبارَة عَن موصوفية آخر تِلْكَ الْكَلِمَة بحركة أَو سُكُون بعد أَن كَانَ مَوْصُوفا بغَيْرهَا، وَلَا شكّ أَن تِلْكَ الموصوفية حَالَة معقولة لَا محسوسة وَلِهَذَا الْمَعْنى قَالَ عبد القاهر: الْإِعْرَاب حَالَة معقولة لَا محسوسة، وانما اخْتصَّ الاعراب بالحرف الْأَخير لِأَن العلامات الدَّالَّة على الْأَحْوَال الْمُخْتَلفَة المعنوية لَا تحصل إِلَّا بعد تَمام الْكَلِمَة، وَلِأَن الْإِعْرَاب دَلِيل والمعرب مَدْلُول عَلَيْهِ وَلَا يَصح إِقَامَة الدَّلِيل إِلَّا بعد إِقَامَة الْمَدْلُول عَلَيْهِ، وَلَو جعل أَولا والحرف الأول لَا يكون إِلَّا متحركا لم يعلم أإعراب هُوَ أم بِنَاء، وَمن جملَة الْإِعْرَاب الْجَزْم الَّذِي هُوَ السّكُون، وَهُوَ فِي آخر الْأَفْعَال؛ وَإِنَّمَا لم يَجْعَل وسطا لِأَن بالوسط يعرف وزن الْكَلِمَة مَعَ أَن من الْأَسْمَاء مَا هُوَ رباعي لَا وسط لَهُ فَإِن قيل: الْكَلَام الْمَنْطُوق بِهِ الَّذِي تعرف الْآن بَيْننَا، هَل الْعَرَب كَانَت نطقت بِهِ زَمَانا غير مُعرب ثمَّ أدخلت عَلَيْهِ الْإِعْرَاب، أم هَكَذَا نطقت بِهِ فِي أَو تبلبل ألسنتها؟ قُلْنَا: بل هَكَذَا نطقت بِهِ فِي أول وهلة، فَإِن للأشياء مَرَاتِب فِي التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير، إِمَّا بالتفاضل أَو بِالِاسْتِحْقَاقِ أَو بالطبع أَو على حسب مَا يُوجِبهُ الْمَعْقُول فتحكم لكل وَاحِد مِنْهَا بِمَا يسْتَحقّهُ وَإِن كَانَت لم تُوجد إِلَّا مجتمعة إِذا عرفت هَذَا فَنَقُول: الْإِعْرَاب فِي الِاسْتِحْقَاق دَاخل على الْكَلَام لما توجبه مرتبَة كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي الْمَعْقُول وَإِن كَانَ لم يوجدا مفترقين كالسواد والجسم، لأَنا قد نرى الْكَلَام فِي حَال غير مُعرب وَلَا يخْتل مَعْنَاهُ ونرى الْإِعْرَاب يدْخل عَلَيْهِ وَيخرج وَمَعْنَاهُ فِي ذَاته غير مَعْدُوم؛ فَالْكَلَام إِذن سَابِقَة فِي الرُّتْبَة وَالْإِعْرَاب الَّذِي لَا يعقل أَكثر الْمعَانِي إِلَّا بِهِ تَابع من توابعه؛ وَالْحَاصِل أَن المعرب لما كَانَ قَائِما بِنَفسِهِ من غير إِعْرَاب بِخِلَاف الْإِعْرَاب صَار المعرب كالمحل لَهُ وَالْإِعْرَاب كالعرض فِيهِ، فَكَمَا يلْزم تَقْدِيم الْمحل على الْحَال كَذَلِك يلْزم تَقْدِيم المعرب على الْإِعْرَاب قَالَ بَعضهم: وَالصَّحِيح أَن الْإِعْرَاب زَائِد على مَاهِيَّة الْكَلِمَة ومقارن للوضع وَالْمُخْتَار أَن الْإِعْرَاب نفس الحركات والحروف لَا الِاخْتِلَاف، لِأَنَّهُ عَلامَة من حَقّهَا الظُّهُور والإدراك فِي الْحس هَذَا مَذْهَب قوم من الْمُتَأَخِّرين؛ فالإعراب عِنْدهم لفظ لَا معنى وَعند من قَالَ: هُوَ اخْتِلَاف يكون معنى لِأَن

الِاخْتِلَاف معنى لَا محَالة، وَهَذَا أظهر لاتفاقهم على أَن قَالُوا: حركات الْإِعْرَاب وَلَو كَانَت نفس الحركات لَكَانَ من إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه، وَذَلِكَ مُمْتَنع وللإعراب مَعْنيانِ: عَام: وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ عرُوض معنى بتعلق الْعَامِل ليَكُون دَلِيلا عَلَيْهِ؛ فَإِن لم يمْنَع من ظُهُوره شَيْء فلفظي، وَإِن منع، فَإِن كَانَ فِي آخِره فتقديري، أَو فِي نَفسه فمحلى والمحلى إِنَّمَا يسْتَعْمل حَيْثُ لم تسْتَحقّ الْكَلِمَة الْإِعْرَاب لأجل بنائها على معنى أَنَّهَا وَقعت فِي مَحل لَو وَقع فِيهِ غَيرهَا لظهر فِيهِ الْإِعْرَاب، فالمانع من الْإِعْرَاب فِي الْمحلي مَجْمُوع الْكَلِمَة لبنائه، بِخِلَاف الْمَانِع فِي التقديري فَإِنَّهُ الْحَرْف الْأَخير ثمَّ الْمحلي فِي الْأَسْمَاء والمضمرات المبنية كالموصولات وَأَسْمَاء الإشارات وكالأفعال الْمَاضِيَة والجمل [والحروف] والتقديري: فِي الْأَسْمَاء الَّتِي فِي أواخرها ألف مَقْصُورَة وَفِيمَا أضيف إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم مُفردا أَو جمعا مَوْصُوفا وَفِيمَا فِيهِ إِعْرَاب محكي جملَة منقولة إِلَى العلمية وَفِي الْأَسْمَاء المنقوصة وَفِي الْجمع الْمُصَحح مُضَافا ملاقيا سَاكِنا وَفِي الْأَسْمَاء السِّتَّة ك (أَبوهُ) إِذا لاقاها سَاكن بعْدهَا وَفِي التَّثْنِيَة مُضَافا ولاقاها سَاكن بعْدهَا فِي حَالَة الرّفْع واللفظي: فِيمَا آخِره حرف صَحِيح أَو فِي حكم الصَّحِيح فِي تحمل الحركات الثَّلَاث وَفِي الْأَسْمَاء السِّتَّة المعتلة المضافة إِلَى غير يَاء الْمُتَكَلّم وَفِي التَّثْنِيَة وَفِي الْجمع الصَّحِيح، و (أولو) و (عشرُون) وَأَخَوَاتهَا، وَفِي (كلا) مُضَافا إِلَى مُضْمر وَالْإِعْرَاب مَا بِهِ الِاخْتِلَاف، وكل من الرّفْع وأخواته مِنْهُ وَالْبناء عبارَة عَن صفة فِي الْمَبْنِيّ لَا عَن الحركات والسكون، وكل من الضَّم وأخواته لَيْسَ نوعا مِنْهُ، بل اسْم لما فِي آخِره من الحركات والسكون وَالْإِعْرَاب كَمَا يكون بالحروف والحركات يكون أَيْضا بالصيغة والحركات لِأَن (أَنْت) فِي (أَنْت عَالم) ضمير مَنْصُوب يدل على النصب بالصيغة وَالْإِعْرَاب بالحركة أصل، وبالحرف فرع، واللفظي أصل، والتقديري فرع وإعراب الْجمع الْمُذكر بالحرف وتقديري وإعراب الْجمع الْمُؤَنَّث بالحركة ولفظي والمبنيات لَا تقبل الْإِعْرَاب بِسَبَب مُنَاسبَة بَينهَا وَبَين الْحُرُوف الِاعْتِرَاض: الْمَنْع، وَالْأَصْل فِيهِ أَن الطَّرِيق إِذا اعْترض فِيهِ بِنَاء أَو غَيره منع السابلة من سلوكه وَاعْترض الشَّيْء: صَار عارضا كالخشبة المعترضة فِي النَّهر وَاعْترض الشَّيْء دون الشَّيْء: حَال دونه وَاعْترض لَهُ بِسَهْم: أقبل بِهِ قبله فَرَمَاهُ فَقتله

وَاعْترض الشَّهْر: ابتدأه من غير أَوله وَاعْترض فلَان فلَانا: وَقع فِيهِ وعارضه: جَانِبه وَعدل عَنهُ والاعتراض: هُوَ أَن يُؤْتى فِي أثْنَاء الْكَلَام أَو بَين كلامين متصلين معنى بجملة أَو أَكثر لَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب وَجوز وُقُوع الِاعْتِرَاض فرقة فِي آخر الْكَلَام، لَكِن كلهم اتَّفقُوا على اشْتِرَاط أَن لَا يكون لَهَا مَحل من الْإِعْرَاب؛ والنكتة فِيهِ إِفَادَة التقوية أَو التَّشْدِيد أَو التحسين أَو التَّنْبِيه أَو الاهتمام أَو التَّنْزِيه أَو الدُّعَاء أَو الْمُطَابقَة أَو الاستعطاف أَو بَيَان السَّبَب لأمر فِيهِ غرابة أَو غير ذَلِك والاعتراض عِنْد أهل البديع: هُوَ أَن يَقع قبل تَمام الْكَلَام شَيْء يتم الْغَرَض بِدُونِهِ وَلَا يفوت بفواته، وَسَماهُ قوم الحشو واللطيف مِنْهُ هُوَ الَّذِي يُفِيد الْمَعْنى جمالا ويكسو اللَّفْظ كمالا وَيزِيد بِهِ النّظم فصاحة وَالْكَلَام بلاغة وَهُوَ الْمَقْصُود مِثَاله قَوْله تَعَالَى: {فَإِن لم تَفعلُوا وَلنْ تَفعلُوا فَاتَّقُوا النَّار} إِلَى آخِره فَإِن (وَلنْ تَفعلُوا) اعْتِرَاض حسن أَفَادَ معنى آخر وَهُوَ النَّفْي بِأَنَّهُم لن يَفْعَلُوا ذَلِك أبدا ومثاله من الشّعْر قَوْله: (وَلما تعامى الدَّهْر وَهُوَ أَبُو الورى ... عَن الرشد فِي أنحائه ومقاصده) (تعاميت حَتَّى قيل إِنِّي أَخُو الْعَمى ... وَلَا غرو إِذْ يحذو الْفَتى حَذْو وَالِده) والاعتراض فِي الأول (أَبُو الورى) وَفِي الثَّانِي (أَخُو الْعَمى) الْإِعَادَة: هِيَ ذكر الشَّيْء ثَانِيًا، وَقد يُرَاد ذكره مرّة أُخْرَى كَقَوْلِه: (أعد ذكر نعْمَان لنا ... إِلَى آخِره) وَمَا فعل فِي وَقت الْأَدَاء ثَانِيًا لخلل فِي الأول وَقيل لعذر فَهُوَ إِعَادَة أَيْضا [وإعادة الشَّيْء: وجود مُسْتَأْنف لَهُ فِي الزَّمَان الثَّانِي اخْتلف فِي جَوَاز إِعَادَة الْمَعْدُوم عقلا فَذَهَبت الفلاسفة والتناسخية وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَبَعض الكرامية إِلَى الْمَنْع من ذَلِك، وَذهب أَكثر الْمُتَكَلِّمين إِلَى جَوَازه ثمَّ اخْتلف المجوزون، فالأشاعرة وَمن تَابعهمْ ذَهَبُوا إِلَى جَوَاز إِعَادَة مَا عدم ذاتا ووجودا، وَاخْتلفُوا فِي إِعَادَة الْأَعْرَاض مُطلقًا، فَمنهمْ من منع ذَلِك، وَأَكْثَرهم ذاهبون إِلَى جَوَاز إِعَادَتهَا مُطلقًا ثمَّ اخْتلف أَصْحَابنَا الْقَائِلُونَ بِجَوَاز إِعَادَة الْأَعْرَاض فِي أَنه هَل يجوز إِعَادَتهَا فِي غير محالها أَو أَنَّهَا لَا تُعَاد إِلَّا فِي محالها وَالَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْهُم جَوَاز إِعَادَتهَا فِي غير محالها وَأما الْمُعْتَزلَة الْقَائِلُونَ بِكَوْن الْمَعْدُوم الْمُمكن ذاتا وَأَن وجوده زَائِد على ذَاته فَإِنَّهُم جوزوا إِعَادَة مَا عدم وجودا، وَمنعُوا من إِعَادَة الْمَعْدُوم ذاتا وَأما الْأَعْرَاض فقد اتَّفقُوا على جَوَاز إِعَادَة مَا كَانَ على أصولهم بَاقِيا غير متولد، وَاخْتلفُوا فِي جَوَاز إِعَادَة الْمُتَوَلد مِنْهَا، وَكَذَا فِي جَوَاز إِعَادَة مَا لَا يُعَاد كالحركات والأصوات؛ فَذهب الْأَكْثَرُونَ مِنْهُم إِلَى الْمَنْع من إِعَادَتهَا، وجوزها الأقلون كالبلخي رَحمَه الله وَغَيره

وتعليل منكري إِعَادَة الْمَعْدُوم بِعَيْنِه بِلُزُوم تخَلّل الْعَدَم بَين شَيْء وَاحِد بِعَيْنِه على تَقْدِير وُقُوعهَا وَهُوَ محَال، إِذْ لَا بُد للتخلل من طرفين متغايرين، فَحِينَئِذٍ لَا يكون الْمعَاد هُوَ الْمُبْتَدَأ بِعَيْنِه فَلَيْسَ بِشَيْء، إِذْ التخلل فِي الْحَقِيقَة إِنَّمَا هُوَ لزمان الْعَدَم بَين زماني الْوُجُود الْوَاحِد؛ وَإِذا اعْتبر نِسْبَة هَذَا التخلل إِلَى الْمَعْدُوم مجَازًا كَفاهُ اعْتِبَار التغاير فِي الْوُجُود الْوَاحِد بِحَسب زمانيه فِي " الاقتصاد ": معنى الْإِعَادَة أَن يُبدل الْوُجُود للعدم الَّذِي سبق لَهُ الْوُجُود وَمعنى الْمثل أَن يخترع الْوُجُود لعدم لم يسْبق لَهُ الْوُجُود وَاعْلَم أَن مُقْتَضى ذَات الشَّيْء أَو لَازمه الذاتي لَا يخْتَلف بِحَسب الْأَزْمِنَة، فَلَا يكون مُمْتَنعا فِي وَقت مُمكنا فِي وَقت وكما لَا يكون الْمَاهِيّة الموصوفة بالوجود بعد الْعَدَم وَاجِب الْوُجُود وممتنع الْوُجُود كَذَلِك لَا يكون الْمَاهِيّة الموصوفة بِالْعدمِ بعد الْوُجُود مُمْتَنع الْوُجُود وواجب الْعَدَم، بل هُوَ أقبل للوجود وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ} وَالْحكم بِصِحَّة عود الْمَعْدُوم لَا على الْمَعْدُوم الْمُطلق، بل على الْمَوْجُود فِي الذِّهْن، لِأَنَّهُ يَصح أَن يُعَاد فِي الْخَارِج ثمَّ القَوْل بِثُبُوت الْمعَاد الجسماني فَقَط هُوَ لأكْثر الْمُتَكَلِّمين النافين للنَّفس الناطقة؛ وبثبوت الْمعَاد الروحاني فَقَط للفلاسفة الإلهيين، وثبوتهما مَعًا لكثير من الْمُحَقِّقين، وبعدم ثُبُوت شَيْء مِنْهُمَا للفلاسفة الطبيعيين والتوقف فِي هَذِه الْأَقْسَام هُوَ الْمَنْقُول عَن جالينوس حَيْثُ قَالَ: " لم يتَبَيَّن لي أَن النَّفس هَل المزاج الَّذِي يَنْعَدِم عِنْد الْمَوْت فيستحيل إِعَادَتهَا أَو جَوْهَر بَاقٍ بعد فَسَاد البنية فَيمكن الْمعَاد " بَقِي احْتِمَال ثُبُوت الْمعَاد مُطلقًا مَعَ التَّوَقُّف فِي خُصُوصِيَّة كل من الجسماني والروحاني ثمَّ الْمعَاد الروحاني لَا يتَعَلَّق التَّكْلِيف باعتقاده، وَلَا يكفر منكره، وَلَا منع شَرْعِيًّا وَلَا عقليا من إثْبَاته وَأما الْمعَاد الجسماني فمما يجب الِاعْتِقَاد بِهِ وَيكفر منكره وَأما حشر الأجساد اللَّازِمَة على تَقْدِير وُقُوع الْمعَاد الجسماني فقد قَالَ بَعضهم: هُوَ حشر الْمُكَلّفين لَا غير الْمُكَلّفين، لِأَن الْأَخْبَار المنقولة فِيهِ لم تصل إِلَى حد التَّوَاتُر، وَلم ينْعَقد عَلَيْهِ الْإِجْمَاع، بل كَانَ مُخْتَلفا فِيهِ فِيمَا بَينهم، وَلم يكن الِاعْتِقَاد بِهِ من شَرَائِط الْإِسْلَام والمتفق عَلَيْهِ عِنْد أهل الْحق وُقُوع الْمعَاد الجسماني مُطلقًا، وَأما تعْيين أَنه بالإيجاد بعد الاعدام أَو بِالْجمعِ بعد التَّفْرِيق فمختلف فِيهِ فِيمَا بَينهم؛ والسمع لَا يعين وَاحِدًا مِنْهُمَا على الْقطع وَالْجُمْهُور على أَن المحشور الْأَجْزَاء الْأَصْلِيَّة الَّتِي سَمَّاهَا الْأَوَائِل الْجِسْم لَا الْأَجْزَاء الفضلية الَّتِي سَموهَا أَيْضا الجرم وَالْحكمَة المحمدية تَقْتَضِي حشرهما جَمِيعًا بِدَلِيل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصّى أَن يجْتَنب الْجنب عَن إِزَالَة

الشّعْر وَالظفر قبل الِاغْتِسَال لكَون أمثالهما معادا، بل جَاوز الحكم من الْبدن إِلَى اللبَاس، وَأمر بتحسين الأكفان؛ فالمعاد حَقِيقَة هُوَ الْبدن بالأجزاء الْأَصْلِيَّة والفضلية، وَلَكِن بِحَسب الْمَاهِيّة وَالِاسْم وَأما الْوُجُود فمختلف فِيهِ، وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {وننشئكم فِيمَا لَا تعلمُونَ} لعدم الإحساس بنظير ذَلِك الْوُجُود والشكل وَهُوَ أَيْضا غير الشكل الأول من عوارض الْوُجُود؛ وَلذَا وُرُود أَن ضرس الْكَافِر يصير مثل أحد، وَجلده أَرْبَعُونَ ذِرَاعا بِذِرَاع الْجَبَّار لما أَن الْغَالِب على الأشقياء خَواص التَّرْكِيب والكثافة لاستهلاك قَوْلهم وصفاتهم الروحانية فِي القوى الطبيعية وتلاشي جوهريتها فَصَارَت كثيفة كَمَا أَن أَصْحَاب الْجنان لما استهلكت نشآتهم الكثيفة فِي لطائف جواهرها وغلبت خَواص نُفُوسهم وقواهم الروحانية على قوى أمزجتهم الطبيعية صَارُوا يظهرون فِي الْوَقْت الْوَاحِد فِي الْأَمَاكِن الجنانية متنعمين فِي كل طَائِفَة من أَهَالِيهمْ متقلبين فِيمَا اشتهوا من الصُّور كالملائكة يحضر وَاحِد مِنْهُم فِي ألف مَكَان فَصَاعِدا كقابض الْأَرْوَاح ونافخها] الْإِعَارَة: أَعَارَهُ الشَّيْء، وأعاره مِنْهُ، وعاوره إِيَّاه، وتعور، واستعار: طلبه واعتور الشَّيْء وتعاوره: تداوله وعاره يعوره ويعيره: أَخذه وَذهب بِهِ أَو أتْلفه الِاعْتِبَار: هُوَ مَأْخُوذ من العبور والمجاوزة من شَيْء إِلَى شَيْء، وَلِهَذَا سميت الْعبْرَة عِبْرَة والمعبر معبرا وَاللَّفْظ عبارَة وَيُقَال: السعيد من اعْتبر بِغَيْرِهِ، والشقي من اعْتبر بِهِ غَيره وَلِهَذَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الِاعْتِبَار هُوَ النّظر فِي حقائق الْأَشْيَاء وجهات دلالتها ليعرف بِالنّظرِ فِيهَا شَيْء آخر من جِنْسهَا وَقيل: الِاعْتِبَار هُوَ التدبر وَقِيَاس مَا غَابَ على مَا ظهر وَيكون بِمَعْنى الاختبار والامتحان وَبِمَعْنى الِاعْتِدَاد بالشَّيْء فِي ترَتّب الحكم نَحْو قَول الْفُقَهَاء: الِاعْتِبَار بالعقب أَي الِاعْتِدَاد فِي التَّقَدُّم بِهِ وَالِاعْتِبَار عِنْد الْمُحدثين: أَن تَأتي إِلَى حَدِيث لبَعض الروَاة فتعتبره بروايات غَيره من الروَاة لسير الحَدِيث لتعرف هَل شَاركهُ فِيهِ غَيره وَالِاعْتِبَار يُطلق تَارَة وَيُرَاد بِهِ مُقَابل الْوَاقِع، وَهُوَ اعْتِبَار مَحْض يُقَال: هَذَا أَمر اعتباري: أَي لَيْسَ بِثَابِت فِي الْوَاقِع وَقد يُطلق وَيُرَاد مَا يُقَابل الْمَوْجُود الْخَارِجِي؛ فالاعتبار بِهَذَا الْمَعْنى اعْتِبَار الشَّيْء الثَّابِت فِي الْوَاقِع، لَا اعْتِبَار مَحْض وَالْوَاقِع هُوَ الثُّبُوت فِي نفس الْأَمر مَعَ قطع النّظر عَن وُقُوعه فِي الذِّهْن وَالْخَارِج [والاعتبارية الْحَقِيقِيَّة: هِيَ الَّتِي لَهَا نحقق فِي نفس الْأَمر كمراتب الْأَعْدَاد وَإِن كَانَت من الْأُمُور الْوَاهِيَة والاعتبارات الْعَقْلِيَّة: عِنْد الفلاسفة وَأما الاعتبارات الْفَرْضِيَّة: فَهِيَ الَّتِي لَا وجود لَهَا إِلَّا بِحَسب الْفَرْض] وَالِاعْتِبَار للمقاصد والمعاني لَا الصُّور والمباني،

وَمن فروعها الْكفَالَة بِشَرْط بَرَاءَة الْأَصِيل حِوَالَة، وَهِي بِشَرْط عدم بَرَاءَته كَفَالَة وَاعْتِبَار الْمَعْنيين من لفظ وَاحِد لَا يجوز بِلَا مُرَجّح فِي الْإِثْبَات وَيجوز فِي النَّفْي؛ وَلِهَذَا من أوصى لمواليه وَله مُعتق بِالْكَسْرِ ومعتق بِالْفَتْح بطلت لتعذر إِرَادَة أحد الْمَعْنيين بِلَا مُرَجّح فِي مَوْضُوع الْإِثْبَات، بِخِلَاف مَا إِذا حلف لَا يكلم موَالِي فلَان حَيْثُ يتَنَاوَل الْأَعْلَى والأسفل، لِأَنَّهُ مقَام النَّفْي وَلَا تنَافِي فِيهِ الْإِعْلَام: مصدر (أعلم) وَهُوَ عبارَة عَن تَحْصِيل الْعلم وإحداثه عِنْد الْمُخَاطب جَاهِلا بِالْعلمِ بِهِ ليتَحَقَّق إِحْدَاث الْعلم عِنْده وتحصيله لَدَيْهِ وَيشْتَرط الصدْق فِي الْإِعْلَام دون الْإِخْبَار، لِأَن الْإِخْبَار يَقع على الْكَذِب بِحكم التعارف، كَمَا يَقع على الصدْق قَالَ لله تَعَالَى: {إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} اخْتصَّ الْإِعْلَام بِمَا إِذا كَانَ بِإِخْبَار سريع والتعليم بِمَا يكون بتكرير وتكثير حَتَّى يحصل مِنْهُ أثر فِي نفس المتعلم والإلهام أخص من الْإِعْلَام، لِأَنَّهُ قد يكون بطرِيق الْكسْب، وَقد يكون بطرِيق التَّنْبِيه وَالْأَمر من (الْعلم) يسْتَعْمل فِي الْكَلَام الْآتِي، وَمن الْفَهم فِي الْكَلَام السَّابِق وَفِي الأول تَنْبِيه من إيقاظ لأهل الطّلب والترقي على التَّوَجُّه الْكَامِل والإقبال التَّام على إصغاء مَا يرد بعده بقلب حَاضر وإيماء إِلَى جلالة قدره فَحسن موقعه فِي مثل هَذَا الْموضع كَمَا حسن موقع {واستمع يَوْم يُنَادي الْمُنَادِي} الإعداد: هُوَ التهيئة والإرصاد وأعده: هيأه وعدده: جعله عدَّة للدهر واستعد لَهُ: تهَيَّأ لَهُ وعدة الْمَرْأَة: أَيَّام أقرائها وَأَيَّام إحدادها على الزَّوْج وعداد الشَّيْء: بِالْفَتْح وَالْكَسْر: زَمَانه وَعَهده وأفضله وَيَوْم عداد: أَي جُمُعَة أَو فطر أَو أضحى وعداده فِي بني فلَان: أَي يعد مِنْهُم فِي الدِّيوَان وَأكْثر اسْتِعْمَال الاعداد فِي الْمَوْجُود، وَقد يسْتَعْمل فِيمَا هُوَ فِي معنى الْمَوْجُود كَقَوْلِه تَعَالَى: {أعد الله لَهُم مغْفرَة وَأَجرا عَظِيما} والإعداد فِي البديع: إِيقَاع أَسمَاء مُفْردَة على سِيَاق وَاحِد، فَإِن روعي فِي ذَلِك ازدواج أَو مُطَابقَة أَو تجنيس أَو مُقَابلَة فَذَلِك الْغَايَة فِي الْحسن، كَقَوْلِه: (فالخيل وَاللَّيْل والبيداء تعرفنِي ... وَالضَّرْب والطعن والقرطاس والقلم) الإعجام: من الْعَجم، وَهُوَ النقط بِالسَّوَادِ، يُقَال: (أعجمت الْحَرْف) والتعجيم: مثله، وَلَا يُقَال عجمته، وَمِنْه حُرُوف المعجم، وَهِي الْحُرُوف الْمُقطعَة الَّتِي يخْتَص أَكْثَرهَا بالنقط من سَائِر حُرُوف الْأُمَم، وَمَعْنَاهُ: حُرُوف الْخط المعجم ك (مَسْجِد الْجَامِع) وَبَعْضهمْ يجْعَلُونَ المعجم بِمَعْنى الإعجام مثل: (الْمخْرج والمدخل) ؛ وَقد يُقَال: مَعْنَاهُ حُرُوف

الإعجام أَي إِزَالَة العجمة وَذَلِكَ بالنقط [الإعجاز] : أعجزه الشَّيْء: فَاتَهُ، وَفُلَانًا: وجده عَاجِزا، أَو صيره عَاجِزا ومعجزة النَّبِي: مَا أعجز بِهِ الْخصم عِنْد التحدي، وَالْهَاء للْمُبَالَغَة والمعجز فِي وضع اللُّغَة: مَأْخُوذ من الْعَجز، وَفِي الْحَقِيقَة لَا يُطلق على غير الله أَنه معْجزَة، أَي خَالق الْعَجز؛ وَتَسْمِيَة غَيره معجزا ك (فلق الْبَحْر) و (إحْيَاء الْمَيِّت) فَإِنَّمَا هُوَ بطرِيق التَّجَوُّز والتوسع من حَيْثُ أَنه ظهر بِقدر الْمُعَارضَة والمقابلة من الْمَبْعُوث إِلَيْهِ عِنْد ظُهُوره، وَإِن لم يكن هُوَ الْمُوجب لذَلِك تَسْمِيَته للشَّيْء بِمَا بَدَأَ مِنْهُ وَمَا هُوَ مِنْهُ بِسَبَب فِي ذَلِك، كَمَا فِي تسيمة مخلوقات الله دَالَّة عَلَيْهِ لظُهُور الْمعرفَة بِاللَّه عِنْد ظُهُورهَا وَإِن لم تكن دَالَّة فِي الْحَقِيقَة، إِذْ الدَّال فِي الْحَقِيقَة هُوَ ناصب الدَّلِيل، وَهُوَ الله تَعَالَى، والمخلوقات إِنَّمَا هِيَ أَدِلَّة وَخلق المعجز لَيْسَ لغَرَض تَصْدِيق الْمُدَّعِي، بل يعرف قيام التَّصْدِيق بِذَات الله وكما أَن هَذِه الْكَلِمَات الْمَخْصُوصَة صَارَت دَالَّة بِسَبَب الْوَضع والاصطلاح على الْمعَانِي الْقَائِمَة بِذَات الْمُتَكَلّم فَكَذَا هَذِه الْأَفْعَال الخارقة للْعَادَة إِذا حصلت عقيب الدَّعْوَى دَالَّة على قيام التَّصْدِيق من فعل المعجز، فالمعجزة من أَفعاله تَعَالَى قطعا] والاعجاز: هُوَ فِي الْكَلَام أَن يُؤدى الْمَعْنى بطرِيق أبلغ من كل مَا عداهُ من الطّرق وإعجاز الْقُرْآن: ارتقاؤه فِي البلاغة إِلَى أَن يخرج عَن طوق الْبشر ويعجزهم عَن معارضته على مَا هُوَ الرَّأْي الصَّحِيح، لَا الْإِخْبَار عَن المغيبات، وَلَا [عدم التَّنَاقُض وَالِاخْتِلَاف، وَلَا] الأسلوب الْخَاص، وَلَا صرف الْعُقُول عَن الْمُعَارضَة، [وَلَا إيجاز اللَّفْظ أَو كَثْرَة الْمَعْنى وَلَيْسَ إعجازه لمعناه فَقَط، بل هُوَ فِي الْمَعْنى تَامّ كَمَا هُوَ فِي النّظم، وَلَو كَانَ حَاصِلا بِدُونِ النّظم لم يكن مُخْتَصًّا بِالْقُرْآنِ، بل يكون بعض الْأَحَادِيث معجزا أَيْضا، وَهَذَا خرق الْإِجْمَاع] وإفراد الْبشر بِالذكر لمُجَرّد التصدي للمعارضة وَإِلَّا فالمعجزة مَا يكون خَارِجا عَن طوق الْمَخْلُوق وَالْقُرْآن معجز من حَيْثُ إِنَّه كَلَام الله مُطلقًا، لَا من

حَيْثُ إِن بعضه كَلَام مُتَكَلم آخر حَكَاهُ الله بِلَفْظِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ يلْزم أَن يثبت لَهُ الاعجاز من هَذِه الْحَيْثِيَّة [والإعجاز ذاتي لِلْقُرْآنِ، فَلَا ينْتَقض بِالْآيَةِ القصيرة، لِأَن مَا كَانَ ذاتيا للمجموع لَا يلْزم أَن يُوجد فِي كل جُزْء، أَلا ترى أَن كَون الْقُرْآن كلَاما أَو عَرَبيا ذاتي لَهُ وَلَا يُوجد ذَلِك فِي كل جُزْء مِنْهُ مثل حرف أَو كلمة] وَاعْلَم أَن دلَالَة المعجزة على صدق الْمبلغ تتَوَقَّف على امْتنَاع تَأْثِير غير قدرَة الله الْقَدِيمَة فِيهَا، وَألا يخبر بِأَنَّهَا فعله فضلا عَن أَنَّهَا تَصْدِيقه، وَالْعلم بذلك الِامْتِنَاع يتَوَقَّف على قَاعِدَة خلق الْأَفْعَال، وَأَن لَا تَأْثِير لقدرة الْعباد، بل لَا مُؤثر فِي الْوُجُود إِلَّا الله، فالمعجزة من أَفعاله تَعَالَى قطعا، وَفِيه أَن من أثبت لغيره قدرَة مُؤثرَة مَعَ تفَاوت مراتبها وتباين آثارها فَهُوَ فِي دلَالَة المعجزة على ورطة الْحيرَة والمعجزة الحسية:: كإحياء الْمَوْتَى ونبع المَاء من الْأَصَابِع، وَهِي للعوام والعقلية: كَالْعلمِ بالمغيبات، وَهِي لأولي الْأَلْبَاب والذوقية الحدسية: كالقرآن، وَهِي لأرباب الْقُلُوب، وَفِي الظَّاهِر الأولى أقوى ثمَّ الثَّانِيَة ثمَّ الثَّالِثَة، وَفِي الْبَاطِن والشرف على الْعَكْس، وَالْإِيمَان بِسَبَب الأولى أقل ثَوابًا، وَتَركه أَشد عقَابا، ثمَّ الثَّانِيَة ثمَّ الثَّالِثَة، فَهُوَ أَكثر ثَوابًا وَتَركه أقل عقَابا، لِأَن الْإِيمَان بِالْغَيْبِ أقوى والمعجزة الظَّاهِرَة إِدْرَاكهَا أسهل فالإيمان بهَا أيسر، فَيكون أقل ثَوابًا، وَلَا عذر لتاركه فَتَركه أَشد عقَابا وَأما الْبَاطِنَة فإدراكها أشق، فثواب الْإِيمَان أعظم، لَكِن من لم يُدْرِكهَا فعذره أوضح من عذر تَارِك المعجزة الظَّاهِرَة، فعقابه أقل من عِقَاب تَارِك الْإِيمَان بالمعجزة الظَّاهِرَة الِاعْتِدَال: هُوَ توَسط حَال بَين حَالين فِي كم أَو كَيفَ وكل مَا تناسب فقد اعتدل وكل مَا أقمته فقد عدلته وَعدل فلَانا بفلان: سوى بَينهمَا وَعدل عَنهُ: رَجَعَ وعادل: اعوج الاعتداء: هُوَ مُجَاوزَة حد مَا، وَذَلِكَ قد لَا يكون مذموما، بِخِلَاف الظُّلم، فَإِنَّهُ وضع الشَّيْء فِي الْموضع الَّذِي لَا يحِق أَن يوضع فِيهِ وَقيل: هُوَ فِي أصل وَضعه تجَاوز الْحَد فِي كل شَيْء، وعرفه: فِي الظُّلم والمعاصي الْإِعْتَاق: هُوَ إِثْبَات الْقُوَّة الشَّرْعِيَّة للمملوك الاعتناق: اعتنقا فِي الْحَرْب وَنَحْوهَا وتعانقا وعانقا: فِي الْمحبَّة الاعلال: هُوَ تَخْفيف حرف الْعلَّة بالإسكان وَالْقلب والحذف الإعصار: الرّيح الَّتِي تنشر السَّحَاب، أَو الَّتِي فِيهَا نَار، أَو الَّتِي تهب فِي الأَرْض كالعمود نَحْو السَّمَاء، أَو الَّتِي فِيهَا العصار وَهُوَ الْغُبَار الشَّديد الاعتضاد: اعتضدته: أَي جعلته فِي عضدي وَبِه استعنت

الِاعْتِمَاد: قَالَ بعض الْفُضَلَاء: اعْتمد لَا يتَعَدَّى بِنَفسِهِ، بل بِوَاسِطَة حرف الْجَرّ، يُقَال: (اعْتمد عَلَيْهِ) لَكِن فِي " الأساس " وَغَيره: اعْتَمدهُ وَأما اعْتمد بِهِ فَمن قبيل التَّضْمِين أَو إِجْرَاء الشَّيْء مجْرى النظير، وَهُوَ الْقَصْد إِلَى الشَّيْء والاستناد إِلَيْهِ مَعَ حسن الركون الِاعْتِقَاد: فِي الْمَشْهُور هُوَ الحكم الْجَازِم الْمُقَابل للتشكيك، بِخِلَاف الْيَقِين وَقيل: هُوَ إِثْبَات الشَّيْء بِنَفسِهِ وَقيل: هُوَ التَّصَوُّر مَعَ الحكم الاعتذاب: هُوَ أَن تسبل للعمامة عذبتين من خلفهَا الاعتمال: الِاضْطِرَاب فِي الْعَمَل، وَهُوَ أبلغ من الْعَمَل الِاعْتِرَاف: اعْترف بِذَنبِهِ: أقرّ وَفُلَانًا: سَأَلَهُ عَن خبر ليعرفه، وَالشَّيْء: عرفه، وذل وانقاد، وإلي: أَخْبرنِي باسمه وبشأنه الاعوجاج: هُوَ فِي المحسوسات عدم الاسْتقَامَة الحسية، وَفِي غَيرهَا: عدم كَونهَا على مَا يَنْبَغِي والاعوجاج يعم الْأَعْضَاء كلهَا، والانحناء يخْتَص بالقامة، وَهُوَ تقوس الظّهْر، أَو هما مُتَرَادِفَانِ الاعتباط: هُوَ إِدْرَاك الْمَوْت شَابًّا صَحِيحا وَفِي بعض كتب النَّحْو: ذبح الشَّاة بِلَا عِلّة وَمِنْه: الْحَذف الاعتباطي الْأَعْيَان الثَّابِتَة: هِيَ حقائق الممكنات فِي علم الله، وَهِي صور حقائق الْأَسْمَاء الإلهية فِي الحضرة الْعلية، لَا تَأَخّر لَهَا عَن الْحق إِلَّا بِالذَّاتِ لَا بِالزَّمَانِ، فَهِيَ أزلية أبدية الْأَعْلَى: هِيَ من صِفَات الذكران، لِأَنَّهُ (أفعل) ك (الْأَكْبَر) و (الْأَصْغَر) وَعَلِيهِ: الفردوس الْأَعْلَى والعليا والكبرى وَالصُّغْرَى من صِفَات الْإِنَاث وَيجمع الْأَعْلَى بِالْوَاو وَالنُّون وعَلى (أفَاعِل) ، وتأنيثه على (فعلى) ، وَيسْتَعْمل ب (من) وَيلْزمهُ أحد الثَّلَاثَة: التَّعْرِيف، أَو الْإِضَافَة، أَو (من) وَلَا يجْرِي ذَلِك فِي (الْأَحْمَر) وبابه ك (الْأَصْفَر) و (الْأَخْضَر) [الْأَعْشَى: هُوَ من لَا يبصر بِاللَّيْلِ ويبصر بِالنَّهَارِ، ومصدره العشا، والأجهر: ضِدّه، فَإِن البخار يكدر نور الباصرة لَيْلًا ويذوب بِالنَّهَارِ بِسَبَب حرارة الشَّمْس، وَسبب الضِّدّ ضد ذَلِك] أعجبني كَذَا: يُقَال ذَلِك فِي الِاسْتِحْسَان وَعَجِبت من كَذَا: فِي الذَّم وَالْإِنْكَار أعجلته: أَي استعجلته وعجلته: أَي سبقته [نوع] {أعدت} : هيئت {أُعِيذهَا بك} : أجيرها بحفظك {واعف عَنَّا} : وامح ذنوبنا {لأعنتكم} : لأحرجكم وضيق عَلَيْكُم {أعجاز نخل} : أصُول نخل

فصل الألف والغين

{وَأَنْتُم الأعلون} : الأغلبون {اعتدوا مِنْكُم فِي السبت} : تجاوزا الْحَد الَّذِي حد لَهُم من ترك الصَّيْد يَوْم السبت {إعصار} : ريح عَاصِفَة تنعكس من الأَرْض إِلَى السَّمَاء ملتفة فِي الْهَوَاء، حاملة للتراب، مستديرة كالعمود {فاعتلوه} : فجروه {بأعيننا} : بحفظنا {فظلت أَعْنَاقهم} : رقابهم أَو رؤساؤهم أَو جماعاتهم {أعثرنا عَلَيْهِم} : أطْلعنَا على حَالهم {اعْتَمر} : زار الْبَيْت {أعصر خمرًا} : استخرج خمرًا من الْعِنَب {اعتراك} : أَصَابَك {كالأعلام} : كالجبال (فصل الْألف والغين) [الأغلف] : كل شَيْء فِي غلاف فَهُوَ أغلف، يُقَال: (سيف أغلف) ، وقوس أغلف، وَرجل أغلف: إِذا لم يختتن [الإغريض] : كل أَبيض طري فَهُوَ إغريض قَالَ: (وثنايا كَأَنَّهَا إغريض) الْإِغْمَاء: هُوَ غَلَبَة دَاء يزِيل الْقُوَّة [لَا الْعقل فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَار مغمى عَلَيْهِ فِي الْمَرَض الَّذِي توفّي فِيهِ، وَلَا يجوز أَن يكون عديم الْعقل، قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا صَاحبكُم بمجنون} ] {وَمَا بصاحبكم من جنَّة} ] وَالْجُنُون يزِيل الْعقل والغشي: بِالضَّمِّ والسكون دَاخل فِي الْإِغْمَاء وَكَذَا السكر الإغلاق: هُوَ يعم الْإِكْرَاه وَالْغَضَب وَالْجُنُون، وكل أَمر يغلق على صَاحبه علمه وقصده مَأْخُوذ من غلق الْبَاب الإغلال: الْخِيَانَة فِي كل شَيْء، والغلول من الْمغنم خَاصَّة {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} أَي: يخون فِي الْمغنم الإغراق: هُوَ إفراط وصف الشَّيْء بالممكن الْقَرِيب وُقُوعه عَادَة، وَهُوَ فَوق الْمُبَالغَة ربتة، والغلو فَوْقهمَا، لِأَنَّهُ إفراط فِي وصف الشَّيْء بالمستحيل وُقُوعه عقلا وَعَادَة، كَقَوْلِه: (وأخفت أهل الشّرك حَتَّى إِنَّه ... لتخافك النطف الَّتِي لم تخلق) وَفِي اصْطِلَاح عُلَمَاء البديع: هُوَ وصف الشَّيْء بالممكن الْبعيد وُقُوعه عَادَة، وكل من الإغراق والغلو لَا يعد من المحاسن إِلَّا إِذا اقْترن بِمَا يقربهُ من الْقبُول، مثل: (كَاد) و (لَو) وَمَا يجْرِي مجراهما

فصل الألف والفاء

من أَنْوَاع التَّقْرِيب، كَقَوْلِه تَعَالَى: {يكَاد سنا برقه يذهب بالأبصار} إِذْ لَا يَسْتَحِيل فِي الْعقل أَن الْبَرْق يخطف الْأَبْصَار لكنه يمْتَنع عَادَة وَمن شَوَاهِد تقريب نوع الإغراق قَوْله: (لَو كَانَ يقْعد فَوق الشَّمْس من كرم ... قوم بأولهم أَو مجدهم قعدوا) فاقتران هَذِه الْجُمْلَة بامتناع (لَو) من قعُود الْقَوْم فَوق الشَّمْس هُوَ الَّذِي أظهر بهجة شمسها فِي بَاب الإغراق الإغراء: من (أغريت الْكَلْب بالصيد) : إِذا حرضته عَلَيْهِ و [الإغراء] : وضع الظّرْف أَو الْجَار وَالْمَجْرُور مَوضِع فعل الْأَمر، وَلَا يجوز إِلَّا فِيمَا سمع من الْعَرَب نَحْو: (عَلَيْك) و (عنْدك) و (دُونك) و (أمامك) و (وَرَاءَك) و (مَكَانك) و (إِلَيْك) و (لديك) {فأغرينا بَينهم الْعَدَاوَة} فألزمنا من (غري بالشَّيْء) : إِذا لصق بِهِ، وَالْيَاء من وَاو، واشتقاقه من الغراء، وَهُوَ الَّذِي يلصق بِهِ، يُقَال: (سهم مغرو) الأغلوطة: بِالضَّمِّ الْكَلَام الَّذِي يغلط فِيهِ ويغالط بِهِ [نوع] {وَاغْلُظْ عَلَيْهِم} : أذهب الرِّفْق عَنْهُم {أغويتني} : أضللتني {واغفر لنا} : واستر عيوبنا اغتفر: استتر [ {أَن اغدوا} : ان أخرجُوا غدْوَة] {أغطش لَيْلهَا} : أظلم {واغضض} : وأنقص أَو أقصر (فصل الْألف وَالْفَاء) [الْإِفْك] : كل شَيْء فِي الْقُرْآن إفْك فَهُوَ كذب [الأف] : كل مستقذر بَين وسخ وقلامة ظفر وَمَا يجْرِي مجراهما فَهُوَ الأف وَعَن ابْن مَالك: هُوَ الردئ من الْكَلَام وَيسْتَعْمل عِنْد الضجر، وَعَن مُجَاهِد: {فَلَا تقل لَهما أُفٍّ} : لَا تقذرهما [الْإِفَاضَة] : كل دفْعَة إفَاضَة وأفاض النَّاس من عَرَفَات: دفعُوا وَرَجَعُوا وَتَفَرَّقُوا وأسرعوا مِنْهَا إِلَى مَكَان آخر وأفاض عَلَيْهِ نعمه: وسعهَا الإفادة: هِيَ صُدُور الشَّيْء عَن نَفسه إِلَى غَيره والاستفادة: صُدُور الشَّيْء عَن غَيره إِلَى نَفسه والإفادة: إِنَّمَا تسْتَعْمل فِي الْمعَانِي المفهومة بِالدّلَالَةِ الْعَقْلِيَّة، أَعنِي الْمعَانِي الثواني، وَهِي الْخَواص والمزايا وَالدّلَالَة تسْتَعْمل فِيمَا يفهم بِالدّلَالَةِ الوضعية، أَعنِي الْمعَانِي الأول الَّتِي هِيَ الْوَسَائِل إِلَى الْمعَانِي الثواني؛ والملحوظ فِي الإفادة إِنَّمَا هُوَ جَانب السَّائِل، وَفِي الدّلَالَة جَانب اللَّفْظ أَو الْمُتَكَلّم

الْأُفق: النَّاحِيَة، وَيجمع على آفَاق بِالْمدِّ وَعَن سِيبَوَيْهٍ أَن الْأَفْعَال للْوَاحِد، فعلى هَذَا الْيَاء فِي (الآفاقي) للْوَاحِد، كَمَا قَالُوا فِي (رومي) وعَلى تَقْدِير الْجمع لَا يجب رده فِي النِّسْبَة إِلَى الْوَاحِد فَإِنَّهُم أَرَادوا بالآفاق الخارجين، وبالآفاقي الْخَارِجِي فَصَارَ كالأنصاري الْإِفْسَاد: هُوَ جعل الشَّيْء فَاسِدا خَارِجا عَمَّا يَنْبَغِي أَن يكون عَلَيْهِ وَعَن كَونه مُنْتَفعا بِهِ وَفِي الْحَقِيقَة هُوَ إِخْرَاج الشَّيْء عَن حَالَة محمودة لَا لغَرَض صَحِيح؛ وَلَا يُوجد ذَلِك فِي فعل الله؛ وَمَا ترَاهُ فِي فعله تَعَالَى فَسَادًا فَهُوَ بِالْإِضَافَة إِلَيْنَا، وَأما بِالنّظرِ إِلَيْهِ فكله صَلَاح وَلِهَذَا قَالَ بعض الْحُكَمَاء: يَا من إفساده صَلَاح الْإِفْضَاء: أَصله: الْوُصُول إِلَى الشَّيْء بسعة، من الفضاء وأفضى إِلَى امْرَأَة: فِي بَاب الْكِنَايَة أبلغ وَأقرب إِلَى التَّصْرِيح من قَوْلهم: خلا بهَا والمفضاة: الْمَرْأَة الَّتِي اتَّحد سبيلاها (وَفِي المفضاة مَسْأَلَة عَجِيبَة ... لَدَى من لَيْسَ يعرفهَا غَرِيبه) (إِذا حرمت على زوج وحلت ... لثان نَالَ من وَطْء نصِيبه) (فَطلقهَا وَلم تحبل فَلَيْسَتْ ... حَلَالا للقديم وَلَا خَطِيبه) (لشك أَن ذَاك الْوَطْء مِنْهَا ... بفرج أَو شكيلته القريبه) (فَإِن حبلت فقد وطِئت بفرج ... وَلم تبْق الشكوك وَلَا مريبه) الافتراء: هُوَ الْعَظِيم من الْكَذِب، يُقَال لمن عمل عملا فَبَالغ فِيهِ: إِنَّه ليفري الفرى وَمعنى افترى: افتعل واختلق مَالا يَصح أَن يكون؛ ومالا يَصح أَن يكون أَعم مِمَّا لَا يجوز أَن يُقَال وَمَا لَا يجوز أَن يفعل. . [وَهل الْإِطْلَاق على القَوْل وَالْفِعْل بالاشتراك الْمَعْنَوِيّ أَو اللَّفْظِيّ، أَو حَقِيقَة فِي الأول مجَاز فِي الثَّانِي؟ رجح التَّفْتَازَانِيّ القَوْل الثَّالِث على الْقَوْلَيْنِ] والبهتان: هُوَ الْكَذِب الَّذِي يبهت سامعه، أَي: يدهش ويتحير، وَهُوَ أفحش الْكَذِب، لِأَنَّهُ إِذا كَانَ عَن قصد يكون إفكأ والإفك: إِذا كَانَ على الْغَيْر يكون افتراء والافتراء: إِذا كَانَ بِحَضْرَة الْمَقُول فِيهِ يكون بهتانا الافتنان: هُوَ أَن يَأْتِي الْمُتَكَلّم بفنين من فنون الْكَلَام وأغراضه فِي بَيت وَاحِد مثل النسيب والحماسة وَالْفَخْر والمدح كَقَوْلِه: (وَلَقَد ذكرتك والرماح نواهل ... مني وبيض الْهِنْد تقطر من دمي) وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {كل من عَلَيْهَا فان} الْآيَة: فَإِنَّهُ عزى جَمِيع الْمَخْلُوقَات وتمدح بِالْبَقَاءِ بعد فنَاء الموجودات مَعَ وصف ذَاته بعد الِانْفِرَاد بِالْبَقَاءِ بالجلال وَالْإِكْرَام والافتنان فِي ضروب الفصاحة أَعلَى من الِاسْتِمْرَار

فصل الألف والقاف

على ضرب وَاحِد وَلِهَذَا ورد بعض آي الْقُرْآن متماثل المقاطع وَبَعضهَا غير متماثل الإفلاس: أفلس الرجل: أَي صَار ذَا فلس بعد أَن كَانَ ذَا دِرْهَم ودينار، فَاسْتعْمل مَكَان افْتقر وفلسه القَاضِي أَي قضى بإفلاسه حِين ظهر لَهُ حَاله الْإِفَاقَة: أَفَاق من مَرضه: رجعت الصِّحَّة إِلَيْهِ أَو رَجَعَ إِلَى الصِّحَّة، كاستفاق الإفخام: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة: التَّعْظِيم؛ وبالمهملة هُوَ أَن يعجز الْمُعَلل السَّائِل، أَو بِالْعَكْسِ وَهُوَ الْإِلْزَام الآفة: هِيَ العاهة وَقد أيف الزَّرْع: على مَا لم يسم فَاعله: إِذا أَصَابَته آفَة الإفراط: التجاوز عَن الْحَد ويقابله التَّفْرِيط الْإِفْتَاء: هُوَ تَبْيِين الْمُبْهم أفْصح الأعجمي وفصح اللِّسَان [نوع] {افْتَحْ} : اقْضِ {قد أَفْلح} : فَازَ وَسعد {أفلت} : زَالَت الشَّمْس عَن كبد السَّمَاء {أَفَضْتُم من عَرَفَات} : دفعتم مِنْهَا بِكَثْرَة {فِي مَا أَفَضْتُم} : خضتم {أفرغ علينا} : أفض علينا أَو صب علينا {أفيضوا} : انفروا {أَفْوَاجًا} : جماعات {الْأُفق الْمُبين} : مطلع الشَّمْس {بالأفق الْأَعْلَى} : أفق الشَّمْس {أفاك} : شرير كَذَّاب {أفتوني} : أجيبوني {أُفٍّ لكم} : تضجر على إصرارهم بِالْبَاطِلِ الْبَين وَمَعْنَاهُ: قبحا ونتنا {أفْضى بَعْضكُم إِلَى بعض} : [أَي خلا] الافضاء هُوَ الْخلْوَة، من الفضاء وَهُوَ الْمَفَازَة الخالية {وَمَا أَفَاء} : وَمَا أعَاد {من إفْك} : من صرف (فصل الْألف وَالْقَاف) الاقتباس: هُوَ طلب القبس وَهُوَ الشعلة من النَّار،

ثمَّ يستعار لطلب الْعلم يُقَال: اقتبست مِنْهُ علما وَفِي الِاصْطِلَاح: هُوَ أَن يضم الْمُتَكَلّم إِلَى كَلَامه كلمة أَو آيَة من آيَات الْكتاب الْعَزِيز خَاصَّة، بِأَن لَا يَقُول فِيهِ: (قَالَ الله) وَنَحْوه، فَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْخطب والمواعظ ومدحة الرَّسُول والآل وَالْأَصْحَاب، وَلَو فِي النّظم، فَهُوَ مَقْبُول؛ وَمَا كَانَ فِي الْغَزل والرسائل والقصص فَهُوَ مُبَاح ونعوذ بِاللَّه مِمَّن ينْقل مَا نسب إِلَى الله تَعَالَى إِلَى نَفسه، أَو يضمن الْآي فِي معرض الْهزْل والتلميح قريب من الاقتباس، إِلَّا أَن الاقتباس بجملة الْأَلْفَاظ أَو بِبَعْضِهَا والتلميح يكون بلفظات يسيرَة وَلَا يكون الاقتباس إِلَّا من الْقُرْآن والْحَدِيث والتلميح قد يكون مِنْهُمَا وَمن سَائِر كَلِمَات النَّاس من شعر ورسالة وخطبة وَغير ذَلِك كَقَوْلِه: (لعَمْرو مَعَ الرمضاء وَالنَّار تلتظي ... أرق وأحنى مِنْهُ فِي سَاعَة الكرب) فقد ضمن كَلَامه كَلِمَات من الْبَيْت الْمَشْهُور وَهُوَ: (والمستجير بِعَمْرو عِنْد كربته ... كالمستجير من الرمضاء بالنَّار) وَإِن ترك اللَّفْظ وَأَشَارَ إِلَيْهِ جَازَ [وَاعْلَم أَن الظَّاهِر من كَلَامهم أَن الاقتباس مَقْصُور على الْقُرْآن والْحَدِيث وَقد وسع بَعضهم المجال فِي ذَلِك بِذكر أَن الاقتباس يكون فِي مسَائِل الْفِقْه، وَإِذا قُلْنَا بذلك فَلَا معنى للاقتصار على مسَائِل الْفِقْه، بل يكون فِي غَيره من الْعُلُوم أما الاقتباس من مسَائِل الْفِقْه فكقول بَعضهم: (أَقُول لشادن فِي الْحسن أضحى ... يصيد بلحظه قلب الكمي) (ملكت الْحسن أجمع فِي نِصَاب ... فأد زَكَاة منظرك الْبَهِي) (فَقَالَ: أَبُو حنيفَة لي إِمَام ... يرى أَن لَا زَكَاة على الصَّبِي) (فَإِن تَكُ مالكي الرَّأْي أَو من ... يرى رَأْي الإِمَام الشَّافِعِي) (فَلَا تَكُ طَالبا مني زَكَاة ... فإخراج الزَّكَاة على الْوَلِيّ) وَمِنْه قَوْله: (طلبت زَكَاة الْحسن مِنْهَا فجاوبت ... إِلَيْك فَهَذَا لَيْسَ تُدْرِكهُ مني) (عَليّ دُيُون للعيون فَلَا ترم ... زَكَاة فَإِن الدّين يسْقطهُ عني) وَأما الاقتباس من مسَائِل الحَدِيث فَمِنْهُ: (قَالَت: أعندك من أهل الْهوى خبر؟) فَقلت: إِنِّي بِذَاكَ الْعلم مَعْرُوف) (مسلسل الدمع من عَيْني ومرسلة ... على مذبح ذَاك الخد مَوْقُوف) (قَالَت: حَدِيثك مَرْدُود لِأَنَّك مَا ... بَين الْأَنَام بِجرح الْحبّ مَوْصُوف) وَمِنْه: (فضائله صِحَاح فاعتمدها ... فصحة نقلهَا ذَات اتضاح)

(فَمن طرق المسامع عَن جميل ... وَمن طرق الأنامل عَن ريَاح) وَأما الاقتباس من علم الْأُصُول فَمِنْهُ قَوْله: (لَا تعجبوا من عُمُوم الْحبّ فِي رشأ ... كل الْجمال لَهُ فِي النَّاس مَخْصُوص) (بدر وَلَكِن إِلَى الغزلان منتسب ... قد نَص ذَلِك جيد مِنْهُ مَنْصُوص) وَمِنْه قَوْله: (جِئْتهَا طَالبا لسالف وعد ... فأجابت لقد جهلت الطريقه) (إِنَّمَا موعدي مجَاز فَقلت الأَصْل ... يَا هِنْد فِي الْكَلَام الْحَقِيقَة) وَأما الاقتباس من علم أصُول الدّين فَمِنْهُ قَوْله: (عرض الصَّبْر دون جَوْهَر ذَاك الثغر ... من أكبر الْمحَال فجودي) (أجمع الناظرون فِي ذَاك أَن لَا ... عرض دون جَوْهَر فِي الْوُجُود) وَأما الاقتباس من علم الْمنطق فَمِنْهُ قَوْله: (مُقَدمَات الرَّقِيب كَيفَ غَدَتْ ... عِنْد لِقَاء الحبيب متصله) (تَمْنَعنَا الْجمع والخلو مَعًا ... وَإِنَّمَا ذَاك حكم منفصله) وَمِنْه: (قِيَاس غرامي صَادِق مَعَ أَنه ... تركب من تِلْكَ الْعُيُون السوالب) (وَقد حكمُوا أَن السوالب كل مَا ... تركب مِنْهَا لَا يرى غير كَاذِب) وَأما الاقتباس من علم النَّحْو فَقَوله: (أيا قمرا من حسن وجنته لنا ... وظل عذاريه الضُّحَى والأصائل) (جعلت بالتمييز نصبا لناظري ... فَهَلا رفعت الهجر والهجر فَاعل) وَمِنْه: (انْظُر إِلَيّ بِعَين مولى لم يزل ... يولي الندا وتلاف قبل تلافي) (أَنا كَالَّذي احْتَاجَ مَا تحتاجه ... فاغنم دعائي وَالثنَاء الوافي) وَأما الاقتباس من علم الْعرُوض فَمِنْهُ: (وبقلبي من الْجفَاء مديد ... وبسيط ووافر وطويل) (لم أكن عَالما بِذَاكَ إِلَى أَيْن ... قطع الْقلب بالفراق الْخَلِيل) وَأما الاقتباس من علم الموسيقا فَمِنْهُ قَوْله: (صَوت يشابه ضرب سَوط ... وعود مثل عود النسديان) (فَقلت لَهُ وَقد غنى حجازا: ... وَدِدْنَا أَن تكون بأصبهان) وَقد نظمت فِيهِ أَيْضا: (ثقيل علينا كَانَ فِي مجْلِس الْغِنَا ... يَقُول لعذال لآتي من الهوا) (فَقلت: أيا ضد الْحُسَيْنِي انْصَرف ... حجازا عراقا والخفيف لنا النَّوَى) وَأما الاقتباس من علم النُّجُوم فَمِنْهُ: (يَا حسن ليلتنا الَّتِي قد زارني ... فِيهَا وأنجز مَا مضى من وعده) (قومت شمس جماله فَوَجَدتهَا ... فِي عقرب الصدع الَّذِي فِي خَدّه) وَأما الاقتباس من علم الْحساب فَمِنْهُ قَوْله: (وَلَقِيت كل الفاضلين كَأَنَّمَا ... رد الْإِلَه نُفُوسهم والأعصرا)

(فسقوا لناسق الْحساب مقدما ... وأتى فَذَاك إِذا أتيت مُؤَخرا) وَأما الاقتباس من علم ضرب الرمل فَمِنْهُ قَوْله: (تعلمت ضرب الرمل لما هجرتم ... لعَلي أرى شكلا يدل على الْوَصْل) (فَقَالُوا: طَرِيق، قلت: يَا رب للقا ... وَقَالُوا: اجْتِمَاع، قلت: يَا رب للشمل) وَأما الاقتباس من علم الْخط وَمَا يتَعَلَّق بذلك من حُرُوف الهجاء وَغَيرهَا فَمِنْهُ قَوْله: (يَا أَيهَا الْقَمَر الَّذِي بذلك لَهُ ... عشاقه الْأَمْوَال والأرواحا) (ريحَان خدك فِي حَوَاشِي صُدْغه ... سر بِهِ دمعي غَدا فضاحا) وَمِنْه: (لله يَوْم فِي دمشق قطعته ... حلف الزَّمَان بِمثلِهِ لَا يغلط) (الطير تقْرَأ والغدير صحيفَة ... وَالرِّيح تكْتب والسحاب ينقط) وَمِنْه: (كَأَن عذراء فِي الخد لَام ... ومبسمه الشهي العذب صَاد) (وطرة شعره ليل بهيم ... فَلَا عجب إِذا سرق الرقاد] ... الاقتصاد: هُوَ من الْقَصْد، وَالْقَصْد: استقامة الطَّرِيق والاقتصاد فِيمَا لَهُ طرفان إفراط وتفريط مَحْمُود على الْإِطْلَاق وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {واقصد فِي مشيك} ، و {إِذا أَنْفقُوا لم يُسْرِفُوا وَلم يقترُوا} وَقد يكنى بِهِ عَمَّا تردد بَين الْمَحْمُود والمذموم، كالواقع بَين الْجور وَالْعدْل، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات بِإِذن الله} الِاقْتِصَار: هُوَ من أحد الطّرق الْأَرْبَعَة لثُبُوت الْأَحْكَام كثبوتها بالتصرفات الإنشائية بِلَا تخَلّل مَانع ثَانِيهَا: التبين، وَهُوَ أَن يتَبَيَّن فِي ثَانِي الْحَال أَن الحكم كَانَ ثَابتا من قبل كثبوت حكم الْحيض بعد تَمام ثَلَاثَة أَيَّام ثَالِثهَا: الِاسْتِنَاد، وَهُوَ أَن يثبت الحكم بعد زَوَال الْمَانِع، مُضَافا إِلَى السَّبَب السَّابِق كثبوت الْملك للْغَاصِب بعد الضَّمَان مُسْتَندا إِلَى الْغَصْب السَّابِق رَابِعهَا: الانقلاب وَهُوَ تبدل الحكم إِلَى آخر، كتبدل حكم الْبر فِي الْيَمين بعد الْحِنْث إِلَى الْكَفَّارَة وَقد نظمته: (إِذا كنت لَا تَدْرِي لشرع رَسُولنَا ... بكم طرق تهدى لأحكامه طرا) (فَخذ من عُلُوم الْأَوَّلين مُصَرحًا ... بأَرْبعَة مِنْهَا عَلَيْك بهَا درا) (وَكَانَ حكم بِالتَّصَرُّفِ ثَابتا ... بِلَا مَانع فالاقتصار لَهُ أمرا) (وَبعد ضَمَان الْغَاصِب الْملك ثَابت ... لَهُ باستناد غصب سَابِقَة جرا) (وَلَو أَن حكما كَانَ من قبل ثَابتا ... تبين فِي ثَان من الْحَال مَا مرا)

(كبعد تَمام الْحيض يثبت حكمه ... يُسَمِّيه شرع بالتبين كن جَهرا) (وَكم لَك فِي التَّعْلِيق حكم مبدل ... إِلَى مَا غَدا قد كنت تَاركه عذرا) (تبدل حكم الْبر بعد إِلَى الجزا ... يُسمى انقلابا ذَاك مَا كَانَ لي جبرا) والاقتصار أَيْضا: الْحَذف لغير دَلِيل والاختصار: هُوَ الْحَذف لدَلِيل الِاقْتِضَاء: هُوَ أَضْعَف من الْإِيجَاب، لِأَن الحكم إِذا كَانَ ثَابتا بالاقتضاء لَا يُقَال يُوجب، بل يُقَال يَقْتَضِي والإيجاب يسْتَعْمل فِيمَا إِذا كَانَ الحكم ثَابتا بالعبارة أَو بِالْإِشَارَةِ أَو بِالدّلَالَةِ فَيُقَال: النَّصْر يُوجب ذَلِك؛ وَأما الاستلزام فَهُوَ عبارَة عَن امْتنَاع الانفكاك فَيمْتَنع فِيهِ وجود الْمَلْزُوم بِدُونِ اللَّازِم، بِخِلَاف الِاقْتِضَاء، فَإِنَّهُ يُمكن وجود الْمُقْتَضى بِدُونِ مُقْتَضَاهُ الاقتصاص: هُوَ أَن يكون الْكَلَام فِي مَوضِع مقتصا من كَلَام فِي مَوضِع آخر، أَو فِي ذَلِك الْموضع، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَآتَيْنَاهُ أجره فِي الدُّنْيَا وَإنَّهُ فِي الْآخِرَة لمن الصَّالِحين} وَالْآخِرَة دَار الثَّوَاب لَا عمل فِيهَا، فَهَذَا يقْتَصّ من قَوْله تَعَالَى: {وَمن يَأْته مُؤمنا قد عمل الصَّالِحَات فَأُولَئِك لَهُم الدَّرَجَات العلى} الاقتضاب، اقتضب كلَاما أَو خطْبَة أَو رِسَالَة: ارتجلها، أَصله من قضب الْغُصْن، وَهُوَ اقتطاعه؛ وَمِنْه الاقتضاب فِي اصْطِلَاح أهل البديع: وَهُوَ انْتِقَال من كَلَام إِلَى كَلَام من غير رِعَايَة مُنَاسبَة بَينهمَا، فَإِذا بَدَأَ كَاتب أَو شَاعِر بِكَلَام قبل مَقْصُوده يُسمى هَذَا الْكَلَام تشبيبا، ثمَّ انْتِقَاله مِنْهُ إِلَى مَقْصُوده إِن كَانَ بملاءمة بَينهمَا يُسمى تخلصا، وَإِلَّا يُسمى اقتضابا وَمن الاقتضاب مَا هُوَ قريب من التَّخَلُّص وَمَا هُوَ بعيد مِنْهُ، وَجَمِيع الْعبارَات الْوَاقِعَة فِي عناوين المباحث من الْأَبْوَاب والفصول وَنَحْوهَا من بَاب الاقتضاب الْقَرِيب من التَّخَلُّص الْإِقَالَة: هِيَ رفع العقد بعد وُقُوعه، وألفه إِمَّا من الْوَاو فاشتقاقه من (القَوْل) لِأَن الْفَسْخ لَا بُد فِيهِ من قيل وَقَالَ، أَو من الْيَاء فاشتقاقه من لفظ القيلولة، لِأَن النّوم سَبَب الْفَسْخ والانفساخ وأقلت الرجل فِي البيع إِقَالَة وَقلت من القائلة قيلولة وَأَقل رجل: أَي لم يكن مَاله إِلَّا قَلِيلا، والهمزة فِيهِ للصيرورة ك (أحصد الزَّرْع) ؛ وَأما فِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " وَلَا تخش من ذِي الْعَرْش إقلالا " فهمزته للتعدية الاقتراح: الاستدعاء والطلب يُقَال: (اقترحت عَلَيْهِ شَيْئا) إِذا سَأَلته إِيَّاه وطلبته على سَبِيل التَّكْلِيف والتحكم واقترح الشَّيْء: ابتدعه وَمِنْه: اقترح الْكَلَام لارتجاله الْإِقْدَام: الشجَاعَة والجراءة على الْأَمر والإحجام: كف النَّفس عَنهُ يُقَال: (أقدم الرجل) إِذا صَار إِلَى قُدَّام [والشجاعة على مَا فَسرهَا

الْحُكَمَاء مُخْتَصَّة بذوات الْأَنْفس، كوجوب كَونهَا صادرة عَن ذويه؛ بِخِلَاف الجراءة فَإِنَّهَا أَعم] الإقحام: هُوَ إِيقَاع النَّفس فِي الشدَّة والاقتحام: هُوَ أَن تَجِد الْعين الشَّيْء حَقِيرًا كريها الإقبال: الذّهاب إِلَى جِهَة القدام، والدولة، والعزة والإدبار: هُوَ الذّهاب إِلَى جِهَة الْخلف، وَقد نظمت فِيهِ: (وَلَو أَقبلت دنياك جَازَ بِمِثْلِهَا ... وجزها لَهَا الإدبار لَا تَكُ مُدبرا) والإقبال: التَّوَجُّه نَحْو الْقبْلَة، وَكَذَا الِاسْتِقْبَال، وَالسِّين للتَّأْكِيد لَا للطلب الاقتفاء: هُوَ اتِّبَاع الْقَفَا، كَمَا أَن الارتداف اتِّبَاع الردف الإقتار: النَّقْص من الْقدر الْكَافِي والاقتصاد: هُوَ التَّوَسُّط بَين الْإِسْرَاف والتقتير الاقتناص: هُوَ أَخذ الصَّيْد، وَيُشبه بِهِ أَخذ كل شَيْء بِسُرْعَة الْإِقْرَار: هُوَ إِثْبَات الشَّيْء بِاللِّسَانِ أَو بِالْقَلْبِ أَو بهما، وإبقاء الْأَمر على حَاله وَالْإِقْرَار بِالتَّوْحِيدِ وَمَا يجْرِي مجْرَاه لَا يُغني بِاللِّسَانِ مَا لم يضامه الْإِقْرَار بِالْقَلْبِ، ويضاده الْإِنْكَار وَأما الْجُحُود فَإِنَّمَا يُقَال فِيمَا يُنكر بِاللِّسَانِ دون الْقلب وَالْإِقْرَار الَّذِي هُوَ ضد الْجحْد يتَعَدَّى بِالْبَاء الاقتدار: هُوَ أَن يبرز الْمُتَكَلّم الْمَعْنى الْوَاحِد فِي عدَّة صور اقتدارا مِنْهُ على نظم الْكَلَام وتركيبه على صياغة قوالب الْمعَانِي والأغراض، فَتَارَة يَأْتِي بِهِ فِي لفظ الِاسْتِعَارَة، وَتارَة فِي صروة الإرداف، وحينا فِي مخرج الإيجاز، وَمرَّة فِي قالب الْحَقِيقَة وعَلى هَذَا أَتَت جَمِيع قصَص الْقُرْآن الْإِقَامَة: من أَقَامَ الشَّيْء إِذا قومه وسواه، أَو من أَقَامَهُ إِذا أدامه وَاسْتمرّ عَلَيْهِ، أَو من قَامَ بِالْأَمر وأقامه: إِذا جد فِيهِ وتجلد وأقمت ببلدة: يُفِيد أَنه كَانَ مخالطا بِالْبَلَدِ، وأقمت فِيهَا: يدل على إحاطتها بِهِ، فَالْأول أَعم، لِأَن الْقَائِم فِيهَا قَائِم بهَا بِلَا عكس وإقام الصَّلَاة: عوض فِيهِ الْإِضَافَة من التَّاء المعوضة عَن الساقطة بالإعلال الإقواء: فِي الْقَامُوس: أقوى الشّعْر: خَالف قوافيه، وَهُوَ عيب إِن كثر [نوع] {أقلعي} : اسكني أَو أمسكي {اقتت} : جمعت أَو عين لَهَا وَقتهَا، أَو بلغت ميقاتها الَّذِي كَانَت منتظرة {وأقوم قيلا} : أَسد مقَالا أَو أثبت قِرَاءَة بِحُضُور الْقلب وهدو الْأَصْوَات {إِذْ يلقون أقلامهم} : قداحهم للاقتراع {من أقطارها} : من جوانبها {وأقنى} : وَأعْطى الْقنية [أَو أفقر]

فصل الألف والكاف

{فأقيموا الصَّلَاة} : فعدلوا واحفظوا أَرْكَانهَا وشرائطها وائتوا بهَا تَامَّة و {إِذا أقلت} : أَي حملت {فاقذفيه فِي اليم} : أَي ألقيه وضعيه فِيهِ (فصل الْألف وَالْكَاف) [الْأكل] : كل مَا يُؤْكَل فَهُوَ أكل؛ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {أكلهَا دَائِم} وَيُقَال: (أكلت الْيَوْم أَكلَة وَاحِدَة وَمَا أكلت عِنْده إِلَّا أَكلَة) بِالضَّمِّ أَي شَيْئا قَلِيلا كاللقمة، والمستعمل فِي الْغَيْبَة الْأكلَة بِالضَّمِّ وَالْكَسْر وَالْأكل: هُوَ البلع عَن مضغ، ويعبر بِالْأَكْلِ عَن إِنْفَاق المَال، نَحْو: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ} لما أَن الْأكل أعظم مَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى المَال؛ وَأكل المَال بِالْبَاطِلِ صرفه إِلَى مَا يُنَافِيهِ الْحق الِاكْتِسَاب: هُوَ وَالْكَسْب بِمَعْنى عِنْد أهل اللُّغَة؛ وَالْقُرْآن نَاطِق بذلك نَحْو {كل نفس بِمَا كسبت رهينة} {وَلَا تكسب كل نفس إِلَّا عَلَيْهَا} وَمن فرق بَينهمَا قَالَ: الْكسْب يَنْقَسِم إِلَى كَسبه بِنَفسِهِ وَلغيره، وَلِهَذَا قد يتَعَدَّى إِلَى مفعوليه فَيُقَال: (كسبت فلَانا كَذَا) ؛ والاكتساب خَاص بِنَفسِهِ، فَكل اكْتِسَاب كسب بِدُونِ الْعَكْس وَقيل: الِاكْتِسَاب يَسْتَدْعِي التعمل والمحاولة والمعاناة، فَلم يَجْعَل على العَبْد إِلَّا مَا كَانَ من الْقَبِيل الْحَاصِل بسعيه ومعاناته وبعمله وَأما الْكسْب فَيحصل بِأَدْنَى مُلَابسَة حَتَّى بالهم بِالْحَسَنَة وَنَحْو ذَلِك، فَخص الشَّرّ بالاكتساب وَالْخَيْر بأعم مِنْهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت} وَفِيه تَنْبِيه على لطفه تَعَالَى بخلقه حَيْثُ أثبت لَهُم ثَوَاب الْفِعْل على أَي وَجه كَانَ، وَلم يثبت عَلَيْهِم عِقَاب الْفِعْل الْأَعْلَى وَجه الْمُبَالغَة والاعتمال فِيهِ، [فَإِن النَّفس من شَأْنهَا الْمُبَالغَة فِي تَحْصِيل مَا يَضرهَا من الآثام] : وَاعْلَم أَن الْكسْب يخْتَص بِالْعَبدِ، والخلق بِاللَّه، هَذَا إِذا كَانَ الْخلق بِمَعْنى الإيجاد، فَأَما إِذا كَانَ بِمَعْنى التَّقْدِير فَيجوز من العَبْد أَيْضا، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِذ تخلق من الطين كَهَيئَةِ الطير} أَي تقدر، وَهُوَ المُرَاد بقوله تَعَالَى: {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} أَي المقدرين (وَقد اخْتلفُوا فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {تِلْكَ أمة قد خلت لَهَا مَا كسبت وَلكم مَا كسبتم وَلَا تسْأَلُون عَمَّا كَانُوا يعْملُونَ} فالأشعري على أَنه لَا تَأْثِير بقدرة الْبعد فِي مقدوره أصلا، بل الْمَقْدُور وَالْقُدْرَة كِلَاهُمَا وَاقع بقدرة الله، لَكِن الشَّيْء الَّذِي حصل بِخلق الله وَكَونه مُتَعَلق

الْقُدْرَة الْحَادِثَة هُوَ الْكسْب، فالأفعال مُسندَة إِلَى الله تَعَالَى خلقا وَإِلَى العَبْد كسبا لإِثْبَات قدرَة مُقَارنَة للْفِعْل) والماتريدية يسندون إِلَيْهِ كسبا بِإِثْبَات قدرَة مرجحة وَكَذَلِكَ الصُّوفِيَّة، لَكِن قدرته مستعارة عِنْدهم كوجوده، ومستفادة عِنْد الماتريدية وَقَول الْأَشْعَرِيّ أقرب إِلَى الْأَدَب وَذهب إِمَام الْحَرَمَيْنِ إِلَى أَن الْقُدْرَة الْحَادِثَة مَعَ الدَّوَاعِي توجب الْفِعْل، فَالله تَعَالَى هُوَ الْخَالِق للْكُلّ، بِمَعْنى أَنه تَعَالَى هُوَ الَّذِي وضع الْأَسْبَاب المؤدية إِلَى دُخُول هَذِه الْأَفْعَال فِي الْوُجُود، وَالْعَبْد هُوَ المكتسب، بِمَعْنى أَن الْمُؤثر فِي وُقُوع فعله هُوَ الْقُدْرَة والداعية القائمتان بِهِ، وَهَذَا مُنَاسِب لقَوْل الفلاسفة وَهُوَ أقرب إِلَى التَّحْقِيق، لِأَن نِسْبَة الْأَثر إِلَى الْمُؤثر الْقَرِيب لَا تنَافِي كَون ذَلِك الْأَثر مَنْسُوبا إِلَى مُؤثر آخر بعيد ثمَّ إِلَى أبعد إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى مسبب الْأَسْبَاب وفاعل الْكل وَزعم جُمْهُور الْمُعْتَزلَة أَن الْقُدْرَة مَعَ الدَّاعِي لَا توجب الْفِعْل، بل الْقُدْرَة على الْفِعْل وَالتّرْك مُتَمَكنًا مِنْهُمَا إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ ترك، وَمِنْه الْفِعْل وَالْكَسْب وَعَن القَاضِي أَن ذَات الْفِعْل وَاقعَة بقدرة الله، ثمَّ يحصل ذَلِك الْفِعْل صفة طَاعَة الله أَو صفة مَعْصِيَته، فَهَذِهِ الصّفة تقع بقدرة العَبْد وَهَذَا القَوْل مُخْتَار محققي الْحَنَفِيَّة، كَمَا فِي " شرح المسايرة " و " التسديد " و " تَعْدِيل " صدر الشَّرِيعَة [وَالْحَاصِل أَن منَاط التَّكْلِيف بعد خلق الِاخْتِيَار للْعَبد هُوَ قصد الْفِعْل، وَتَعْلِيق قدرته بِهِ بِأَن يَقْصِدهُ قصدا مصمما، طَاعَة كَانَ أَو مَعْصِيّة، وَإِن لم تُؤثر قدرته فِي وجود الْفِعْل الْمَانِع، وقدرة الله لَا يقاومها شَيْء فَلَا اسْتِقْلَال للْعَبد وَلَا اضطرار مَعَ الإقدار على الْعَزْم على كل من الْفِعْل وَالتّرْك؛ وَلَيْسَ لعلم الله السَّابِق بِظُهُور الْمُخَالفَة من الْمُكَلف لأَمره أَو الطَّاعَة لَهُ خاصية التَّأْثِير فِي إِيجَاد الْأَعْمَال، بل تعلق الْعلم تعلق كشف، فَكَانَ أَحَق بِأَن لَا يسلب ذَلِك الْعَزْم وَالْكَسْب الَّذِي هُوَ مَحل قدرَة العَبْد فَلَا جبر]

فصل الألف واللام

الْإِكْرَاه: لُغَة حمل الْإِنْسَان على أَمر لَا يُريدهُ طبعا أَو شرعا وَشرعا: فِي " الْمَبْسُوط " أَنه إسم لفعل من يفعل الْأَمر لغيره فَيَنْتَفِي بِهِ اخْتِيَاره، وَفِي " الوافي ": هُوَ عبارَة عَن تهديد الْقَادِر على مَا هدد غَيره بمكروه على أَمر بِحَيْثُ يَنْتَفِي بِهِ الرِّضَا وَفِي " الْقُهسْتَانِيّ ": هُوَ فعل سوء يوقعه بِغَيْرِهِ فَيفوت رِضَاهُ أَو يفْسد اخْتِيَاره مَعَ بَقَاء أَهْلِيَّته والتسخير: هُوَ الْقَهْر على الْفِعْل، وَهُوَ أبلغ من الْإِكْرَاه، فَإِنَّهُ حمل الْغَيْر على الْفِعْل بِلَا إِرَادَة مِنْهُ، كحمل الرَّحَى على الطَّحْن الْإِكْمَال: هُوَ بُلُوغ الشَّيْء إِلَى غَايَة حُدُود فِي قدر أَو عد حسا أَو معنى أكننت الشَّيْء: أضمرته؛ وَيسْتَعْمل فِي الشَّيْء الَّذِي يخفيه الْإِنْسَان ويستره عَن غَيره، وَهُوَ ضد أعلنت وأظهرت وكننت الشَّيْء: صنته حَتَّى لَا تصيبه آفَة، وَإِن لم يكن مَسْتُورا؛ يُقَال: (در مَكْنُون) و (جَارِيَة مكنونة) أكبرته: أعظمته؛ وَأنكر الزّجاج تَفْسِير {أكبرنه} بِالْحيضِ، لِأَنَّهُ عداهُ إِلَى الضَّمِير [نوع] {أكاد أخفيها} لَا أظهر عَلَيْهَا أحدا غَيْرِي {أكرمي مثواه} : اجعلي مقَامه عندنَا كَرِيمًا حسنا وَالْمعْنَى: أحسني تعهده {وأكدى} : كدره بمنه أَو قِطْعَة {أكواب} : أَبَارِيق بِلَا عُرْوَة {أكفلنيها} : ملكنيها، وَحَقِيقَته: اجْعَلنِي أكفلها {من الْجبَال أكنانا} : مَوَاضِع تستكنون بهَا من الكهوف والبيوت المنحوتة فِيهَا، من (الْكن) وَهُوَ الستْرَة {الأكمام} : أوعية الثَّمر {أكله} : ثمره وَمَا يُؤْكَل مِنْهُ. [اكنة: أغطيه {رَبِّي أكرمن} : فضلني بِمَا أَعْطَانِي] (فصل الْألف وَاللَّام) [الم] : كل سُورَة استفتحت ب (الم) فَهِيَ مُشْتَمِلَة على مبدأ الْخلق ونهايته والتوسط بَينهمَا من التشريع بالأوامر والنواهي، وَهَذَا وَسَائِر حُرُوف الهجاء فِي أَوَائِل السُّور إِمَّا أَسمَاء للسور أَو أَقسَام أَو حُرُوف مَأْخُوذَة من صِفَات الله تَعَالَى وَلَا يجوز إِعْرَاب فواتح السُّور إِذا قُلْنَا بِأَنَّهَا من الْمُتَشَابه الَّذِي اسْتَأْثر الله بِعِلْمِهِ وَفِي " التَّيْسِير " أَن كل حرف من المقطعات فِي الْقُرْآن إِشَارَة إِلَى أَمر جليل الْخطر

عَظِيم الْقدر من بَيَان مُنْتَهى ملك تِلْكَ الْأمة وَظُهُور الْحق فيهم وَعدد أئمتهم وخلفائهم، وَعدد الْبِقَاع الَّتِي يبلغ دولة الْإِسْلَام بهَا [الْأَلِيم] : كل شَيْء فِي الْقُرْآن أَلِيم فَهُوَ الموجع [الَّذِي وَالَّذين] : كل مَا فِي الْقُرْآن من الَّذِي وَالَّذين يجوز فِيهِ الْوَصْل بِمَا قبله نعتا وَالْقطع على أَنه خبر إِلَّا فِي سَبْعَة مَوَاضِع، فَإِنَّهُ تعين فِيهَا الِابْتِدَاء بهما، كَمَا تقرر فِي علمه [الْأَدِلَّة] : كل اسْم اشتق من فعل إسماً لِأَن يستعان بِهِ فِي ذَلِك الْفِعْل فَهُوَ الْأَدِلَّة. [الْآل] : كل من يؤول إِلَى الرئيس فِي خَيرهمْ وشرهم، أَو يؤولون إِلَى خَيره وشره فَهُوَ الْآل، وَالْقَوْم أَعم مِنْهُ، لِأَن كل من يقوم الرئيس بأمرهم أَو يقومُونَ بِأُمِّهِ فَهُوَ الْقَوْم [ال التَّعْرِيف ودخولها على مَا أَوله لَام] : كل اسْم كَانَ أَوله لاما ثمَّ أدخلت عَلَيْهِ لَام التَّعْرِيف فَإِنَّهُ يكْتب بلامين نَحْو: (اللَّحْم وَاللَّبن واللجام) إِلَّا (الَّذِي وَالَّتِي) لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَإِذا ثنيت (الَّذِي) تكتبه بلامين، وَإِذا جمعته فبلام وَاحِدَة وَأما (التان والاتي والائي) فكله يكْتب بلام وَاحِدَة، وَإِنَّمَا كتبُوا (الَّذِي) بلام وَاحِدَة وَلَفْظَة (الله) بلامين مَعَ استوائهما فِي لُزُوم التَّعْرِيف وَغَيره، لِأَن قَوْلنَا (الله) معرف متصرف تصرف الْأَسْمَاء فأبقوا كتباته على الأَصْل، و (الَّذِي) مَبْنِيّ لأجل أَنه نَاقص، إِذْ لايفيد إِلَّا مَعَ صلته فَهُوَ كبعض الْكَلِمَة، وَبَعض الْكَلِمَة يكون مُبينًا؛ وَإِنَّمَا كتبوها فِي التَّثْنِيَة لِأَن التَّثْنِيَة أخرجته عَن مشابهة الْحَرْف فَإِن الْحَرْف لَا يثنى، وَلَا التباس فِي ترك اللَّام الْوَاحِدَة فِي (الَّذِي) وَلَا تفخيم لَهُ فِي الْمَعْنى، بِخِلَاف لَفْظَة (الله) ، فَترك تفخيمه فِي الْخط وَأَسْمَاء الله تَعَالَى التِّسْعَة وَالتِّسْعُونَ تذكر بِالْألف والام وَإِن لم يَكُونَا من نفس الْكَلِمَة وَقد أنكر بعض الْمَشَايِخ على من يكْتب أَو يذكر اسْما من أَسمَاء الله مُنْكرا، وحاشا الله أَن يكون اسْمه نكرَة وَاخْتلفُوا فِي (اللَّيْل) و (اللَّيْلَة) فَكتب بَعضهم بلام وَاحِدَة اتبَاعا للمصحف وكل شَيْء مِنْهَا إِذا دخلت عَلَيْهِ لَام الْإِضَافَة يكْتب بلامين وتحذف وَاحِدَة استثقالا لِاجْتِمَاع ثَلَاث لامات و (الَّذِي) يَصح للعاقل وَغَيره، وَكَذَا الْمثنى؛ و (الَّذين) لَا يسْتَعْمل إِلَّا للعقلاء خَاصَّة وَيجوز التَّعْبِير بِلَفْظ (الَّذِي) عَن الْجمع لأَنهم جوزوا فِي الموصولات وَأَسْمَاء الإشارات مَا لم يجوزوا فِي أَسمَاء الْأَجْنَاس، فيراد بالمفرد مِنْهَا مَا يُرَاد بالتثنية وَالْجمع، وبالمذكر مَا يُرَاد بالمؤنث، وَإِنَّمَا لم يعرب (الَّذِي) لِأَنَّهُ مَوْصُول لَا يتم إِلَّا بصلته، وَلَا إِعْرَاب إِلَّا لتَمام الْكَلِمَة فِي آخِره وأعرب التَّثْنِيَة لتحَقّق معنى الِاسْم فِيهِ وَلَيْسَ (اللَّذَان) و (التان) تَثْنِيَة (الَّذِي) و (الَّتِي) على حد لَفْظهمَا، إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك لقالوا: (اللذيان) و (التيان) وَإِنَّمَا هما صيغتان مرتجلتان للتثنية وَلَيْسَ (الَّذين) جمع (الَّذِي) الْمُصَحح بل ذُو زِيَادَة زيدت لزِيَادَة الْمَعْنى وَلذَلِك جَاءَ بِالْيَاءِ أبدا فِي اللُّغَة الفصيحة الَّتِي عَلَيْهَا التَّنْزِيل و (الَّذِي) تدخل على الْجُمْلَة الاسمية والفعلية و (ال) لَا تدخل إِلَّا على الْجُمْلَة المصدرة بِفعل

متصرف مُثبت و (أولاء) كلمة مَعْنَاهَا الْكِنَايَة عَن جمَاعَة نَحْو (هم) جمع لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه بني على الْكسر وَالْكَاف الْمُتَّصِل بِهِ للخطاب و (اللائي) : وَاحِدهَا (الَّتِي) و (الَّذِي) جَمِيعًا، و (اللَّاتِي) : وَاحِدهَا (الَّتِي) وَقيل هِيَ جمع (الَّتِي) بِحَسب الْمَعْنى دون اللَّفْظ، وَقيل جمع على غير قِيَاس فِي " أدب الْكَاتِب " وَغَيره: (أولي) بِمَعْنى (الَّذين) واحده (الَّذِي) و (أولو) بِمَعْنى أَصْحَاب واحده (ذُو) و (أولات) وَاحِدهَا (ذَات) وَقَالَ الْكسَائي: من قَالَ فِي الْإِشَارَة: (أولاك) فواحده (ذَاك) وَمن قَالَ: (أُولَئِكَ) فواحده (ذَلِك) و (بعد التيا وَالَّتِي) : مَعْنَاهُ بعد الخطة الَّتِي من فظاعة شَأْنهَا كَيْت وَكَيْت، وَإِنَّمَا حذفوا ليوهم أَنَّهَا بلغت من الشدَّة مبلغا تقاصرت الْعبارَة عَن كنهه الْألف وَاللَّام: هِيَ مَتى أطلقت إِنَّمَا يُرَاد بهَا الَّتِي للتعريف، وَإِذا أُرِيد غَيرهَا قيد بالموصولية والزائدة وَكَذَلِكَ التَّنْوِين فَإِنَّهُ مَتى أطلق إِنَّمَا يُرَاد بِهِ الصّرْف وَإِذا أُرِيد بِهِ غَيره قيد بتنوين التنكير والمقابلة والعوض وَإِذا دخل الْألف وَاللَّام فِي إسم فَردا كَانَ أَو جمعا وَكَانَ ثمَّة مَعْهُود يصرف إِلَيْهِ إِجْمَاعًا، وَإِن لم يكن ثمَّة مَعْهُود يحمل على الِاسْتِغْرَاق عِنْد الْمُتَقَدِّمين وعَلى الْجِنْس عِنْد الْمُتَأَخِّرين، إِلَّا أَن الْمقَام إِذا كَانَ خطابيا يحمل على كل الْجِنْس وَهُوَ الِاسْتِغْرَاق، وَإِذا كَانَ الْمقَام استدلاليا أَو لم يُمكن حمله على الِاسْتِغْرَاق يحمل على أدنى الْجِنْس حَتَّى يبطل الجمعية وَيصير مجَازًا عَن الْجِنْس، فَلَو لم نصرفه إِلَى الْجِنْس وأبقيناه على الجمعية يلْزم إِلْغَاء حرف التَّعْرِيف من كل وَجه، إِذْ لَا يُمكن حمله على بعض أَفْرَاد الْجمع لعدم الْأَوْلَوِيَّة، إِذْ التَّقْدِير (أَن لَا عهد) فَتعين أَن يكون للْجِنْس، فَحِينَئِذٍ لَا يُمكن القَوْل بتعريف الْجِنْس مَعَ بَقَاء الجمعية، لِأَن الْجمع وضع لأفراد الْمَاهِيّة لَا للماهية من حَيْثُ هِيَ، فَيحمل على الْجِنْس بطرِيق الْمجَاز وَاعْلَم أَن (أل) التَّعْرِيف إِمَّا عهدية وَإِمَّا جنسية فالعهدية: إِمَّا أَن يكون مصحوبها معهودا ذكريا نَحْو: {فِيهَا مِصْبَاح الْمِصْبَاح فِي زجاجة الزجاجة كَأَنَّهَا كوب} أَو ذهنيا نَحْو: {إِذْ هما فِي الْغَار} أَو حضوريا نَحْو {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} والجنسية: إِمَّا الِاسْتِغْرَاق الْأَفْرَاد، وَهِي الَّتِي تخلفها (كل) حَقِيقَة نَحْو: {وَخلق الْإِنْسَان ضَعِيفا} وَمن دلائلها صِحَة الإستثناء من مدخولها نَحْو: {إِن الْإِنْسَان لفي خسر إِلَّا الَّذين آمنُوا} وَوَصفه بِالْجمعِ نَحْو: (أَو الطِّفْل

الَّذين لم يظهروا} وَإِمَّا لاستغراق خَصَائِص الْأَفْرَاد وَهِي الَّتِي تخلفها (كل) مجَازًا نَحْو: {ذَلِك الْكتاب} أَي الْكتاب الْكَامِل فِي الْهِدَايَة الْجَامِع لصفات جَمِيع الْكتب الْمنزلَة وخصائصها. وَأما لتعريف الْمَاهِيّة والحقيقة وَالْجِنْس، وَهِي الَّتِي لَا تخلفها (كل) لَا حَقِيقَة وَلَا مجَازًا نَحْو: {وَجَعَلنَا من المَاء كل شَيْء حَيّ} وَقد تَجِيء الْألف وَاللَّام فِي كَلَام الْعَرَب على معَان غير الْمعَانِي الْأَرْبَعَة الْمَشْهُورَة كالتعظيم نَحْو: (الْحسن) ، والتزيين والتحسين نَحْو: (الَّذِي وَالَّتِي) وَقد يُرَاد من مدخولها مُجَرّد شهرته بَين النَّاس، وَذَلِكَ إِذا كَانَ خَبرا لمبتدأ نَحْو: (ووالدك العَبْد) أَي ظَاهر أَنه على هَذِه الصّفة مَعْرُوف بِهِ وَالْألف وَاللَّام تلْحق الْآحَاد بِالْجمعِ وَالْجمع بالآحاد ذكره النَّيْسَابُورِي [رَحمَه الله وَغَيره] وَكَون الْألف وَاللَّام عوضا من الْمُضَاف إِلَيْهِ مَذْهَب الْكُوفِيّين، وَالصَّوَاب أَن اللَّام تغني عَن الْإِضَافَة فِي الْإِشَارَة إِلَى الْمَعْهُود، وَإِذا دخلت على اسْم الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول كَانَت بِمَعْنى (الَّذِي وَالَّتِي) لَا للْعهد وَتدْخل الْألف وَاللَّام فِي الْعدَد الْمركب على الأول نَحْو: (الثَّالِث عشر) ، وَفِي الْعدَد الْمُضَاف على الثَّانِي نَحْو: (خَمْسمِائَة الْألف) ، وَعَلَيْهِمَا فِي الْعدَد الْمَعْطُوف نَحْو قَوْله: (إِذا الْخمس وَالْخمسين جَاوَزت فَارْتَقِبْ) وَإِنَّمَا تدخل على الأول فِي الْعدَد الْمركب لِأَن الاسمين إِذا ركبا نزلا منزلَة الِاسْم الْوَاحِد، وَالِاسْم الْوَاحِد يلْحق لَام التَّعْرِيف بأوله إِلَّا: مشدودة حرف مَحْض و (غير) و (سوى) و (سَوَاء) اسْم مَحْض و (لَيْسَ) و (لَا يكون) و (مَا خلا) و (مَا عدا) فعل مَحْض وَمعنى الْمُغَايرَة فِي: (غير) و (سوى) و (لَا سِيمَا) وَمعنى النَّفْي فِي: (لَيْسَ) وَفِي (لَا يكون) وَمعنى الْمُجَاوزَة فِي: (خلا) و (عدا) وَمعنى التَّنْزِيه فِي: (حاشى) وَمعنى التّرْك فِي: (بله) و (غير) : يسوغ إِقَامَتهَا مقَام (إِلَّا) والإسم الْوَاقِع بعد (غير) لَا يَقع أبدا إِلَّا مجرورا بِالْإِضَافَة، وَضمير الْمَجْرُور لَا يكون إِلَّا مُتَّصِلا، وَلِهَذَا امْتنع أَن يفصل بَينهمَا، وَلَيْسَ كَذَلِك الِاسْم الْوَاقِع بعد (إِلَّا) لِأَنَّهُ يَقع إِمَّا مَنْصُوبًا أَو مَرْفُوعا، وَكِلَاهُمَا يجوز أَن يفصل بَينه وَبَين الْعَامِل نَحْو: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلا} نصب مَا بعْدهَا بهَا و {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل} رفع مَا بعْدهَا على أَنه بدل بعض نقل عَن الْآمِدِيّ أَنَّك إِذا قلت: (لَا رجل فِي الدَّار إِلَّا عمرا) كَانَ نصب (عَمْرو) على الِاسْتِثْنَاء أحسن من رَفعه على الْبَدَل، وَقد قَالُوا: إِذا لم تحصل الْمُشَاركَة فِي الِاتِّبَاع كَانَ النصب على الِاسْتِثْنَاء أولى فِي " الْمِيزَان ": الْمُسْتَثْنى بإلا على ثَلَاثَة أضْرب: مَنْصُوب أبدا وَهُوَ مَا اسْتثْنى من كَلَام مُوجب نَحْو: (جَاءَنِي الْقَوْم إِلَّا زيدا) وَمَا قدم على الْمُسْتَثْنى مِنْهُ

نَحْو: (مَا جَاءَنِي إِلَّا زيدا أحد) ، وَمَا كَانَ اسْتِثْنَاؤُهُ مُنْقَطِعًا نَحْو: (مَا جَاءَنِي أحد إِلَّا حمارا) وَالثَّانِي: جَازَ فِيهِ الْبَدَل وَالنّصب، وَهُوَ الْمُسْتَثْنى من كَلَام غير مُوجب نَحْو: (مَا جَاءَنِي أحد إِلَّا زيد وَإِلَّا زيدا) وَالثَّالِث: جَار على إعرابه قبل دُخُول (إِلَّا) [وَالْمُخْتَار مَعَ الْفَصْل الْكثير بَين الْمُسْتَثْنى والمستثنى مِنْهُ النصب على الِاسْتِثْنَاء صرح بِهِ فِي " التسهيل " وَوَافَقَهُ الرضي] و (إِلَّا) يخرج مَا بعْدهَا مِمَّا أَفَادَهُ الْكَلَام الَّذِي قبلهَا فِي الْكَلَام التَّام الْمُوجب، وَكَذَا فِي غير الْمُوجب، وَمن ثمَّة كَانَ تركيب مثل: (مَا قَامَ الْقَوْم إِلَّا زيدا) مُفِيدا للحصر مَعَ أَنَّهَا للاستثناء أَيْضا لِأَن الْمَذْكُور بعد (إِلَّا) لَا بُد أَن يكون مخرجا من شَيْء قبلهَا، فَإِن كَانَ مَا قبلهَا تَاما لم يحْتَج إِلَى تَقْدِير، وَإِلَّا فَيتَعَيَّن تَقْدِير شَيْء قبل (إِلَّا) ليحصل الْإِخْرَاج مِنْهُ، لَكِن إِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى هَذَا التَّقْدِير لتصحيح الْمَعْنى، فَعلم مِنْهُ أَن الْمَقْصُود فِي الْكَلَام الَّذِي لَيْسَ بتام إِنَّمَا هُوَ إِثْبَات الحكم الْمَنْفِيّ قبل (إِلَّا) لما بعْدهَا، وَأَن الِاسْتِثْنَاء لَيْسَ بمقصود، وَلِهَذَا اتّفق النُّحَاة على أَن الْمَذْكُور بعد (إِلَّا) فِي نَحْو: (مَا قَامَ إِلَّا زيد) مَعْمُول لِلْعَامِلِ الَّذِي قبلهَا وَإِلَّا: تنقل الْكَلَام من الْعُمُوم إِلَى الْخُصُوص ويكتفى بهَا من ذكر الْمُسْتَثْنى مِنْهُ إِذا قلت: (مَا قَامَ إِلَّا زيد) فَكَانَت هِيَ الأَصْل فِي الِاسْتِثْنَاء والا الاستثنائية: قد تكون عاطفة بِمَنْزِلَة الْوَاو فِي التَّشْرِيك كَقَوْلِه تَعَالَى: {لِئَلَّا يكون للنَّاس عَلَيْكُم حجَّة إِلَّا الَّذين ظلمُوا} أَي: وَلَا الَّذين ظلمُوا وَتَكون بِمَعْنى (بل) نَحْو: {إِلَّا تذكرة لمن يخْشَى} وَبِمَعْنى (لَكِن) نَحْو {لست عَلَيْهِم بمسيطر إِلَّا من تولى وَكفر} وَنَحْو: {إِلَّا مَا اضطررتم} وَتَكون صفة بِمَعْنى (غير) فيوصف بهَا أَو بتاليها جَمِيعًا جمع مُنكر أَو شبه نَحْو: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} أَو شَبيهَة وَالْمرَاد بشبه الْجمع الْمُنكر الْجمع الْمُعَرّف بلام الْجِنْس والمفرد غير الْمُخْتَص بِوَاحِد وَكَون (إِلَّا) فِي هَذِه الْآيَة للاستثناء غير صَحِيح من جِهَة اللَّفْظ وَالْمعْنَى، إِذْ الْمَعْنى حِينَئِذٍ (لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة لَيْسَ فيهم الله لفسدتا) وَهُوَ بَاطِل بِاعْتِبَار مَفْهُومه، وَأما اللَّفْظ فَلِأَن (آلِهَة) جمع مُنكر فِي الْإِثْبَات فَلَا عُمُوم لَهُ فَلَا يَصح الِاسْتِثْنَاء مِنْهُ، [وَحكم ابْن الْحَاجِب بِضعْف (إِلَّا) بِمَعْنى (غير) غير مَا إِذا كَانَت تَابِعَة بِجمع منكور غير محصورة] وَقد يَجِيء بِمَعْنى (بدل) وَعَلِيهِ خرج ابْن الصَّائِغ أَي (بدل الله) أَو (عوضه) فَلَا إِشْكَال حِينَئِذٍ وَقد يذكر (إِلَّا) وَيُرَاد بِهِ تَأْكِيد الأول بتعليق الثَّانِي بِعَدَمِ الأول، كَقَوْل الإِمَام للمرتد: (تب وَإِلَّا قتلناك) وَيذكر وَيُرَاد بِهِ التَّخْيِير، كَمَا يُقَال: (اركب هَذِه الدَّابَّة وَإِلَّا هَذِه الدَّابَّة) وَيَجِيء بِمَعْنى (إِمَّا) كَمَا فِي قَوْلهم: (إِمَّا أَن

تكلمني وَإِلَّا فَاذْهَبْ) أَي وَإِمَّا أَن تذْهب وَقد تكون زَائِدَة [و (إِلَّا) فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبك} قيل بِمَعْنى (سوى) كَقَوْلِه: (عَليّ ألف إِلَّا الألفان القديمان) وَالْمعْنَى سوى مَا شَاءَ رَبك من الزِّيَادَة الَّتِي لَا آخر لَهَا على مُدَّة بَقَاء السَّمَاوَات وَالْأَرْض] و (إِلَّا) و (الْوَاو) الَّتِي بِمَعْنى (مَعَ) كل وَاحِدَة مِنْهَا يعدى الْفِعْل الَّذِي قبلهَا إِلَى الِاسْم الَّذِي بعْدهَا مَعَ ظُهُور النصب فِيهِ [وَقد يكون للشّرط كَمَا فِي قَوْله: (وكل أَخ مفارقه أَخُوهُ ... لعمر أَبِيك إِلَّا الفرقدان) أَي: إِن لم يُوجد الفرقدان لَكَانَ كل أَخ مفارق أَخِيه، فَلَا شذوذ فِي الْبَيْت على هَذَا الْوَجْه] أَلا بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد: حرف تحضيض مُخْتَصّ بِالْجُمْلَةِ الفعلية الخبرية وبالكسر وَالتَّشْدِيد مَعَ التَّنْوِين: بِمَعْنى الْعَهْد، وَالْحلف، والقرابة، وَالْأَصْل، والجيد، وَالْجَار، والمعدن، والحقد، والعداوة، والربوبية، وَالْوَحي، والأمان أَلا أَن: هِيَ مَتى دخلت على مَا يقبل التَّوْقِيت تجْعَل غَايَة نَحْو: {لَا يزَال بنيانهم الَّذِي بنوا رِيبَة فِي قُلُوبهم إِلَّا أَن تقطع قُلُوبهم} أَي: حَتَّى، دلّ عَلَيْهِ قِرَاءَة (إِلَى أَن تقطع) وَمَتى دخلت على مَا لَا يقبل التَّوْقِيت، وَهُوَ أَن يكون فعلا لَا يَمْتَد ك (إِلَّا أَن يقدم فلَان) تجْعَل شرطا بِمَنْزِلَة (إِن) لما بَين الْغَايَة وَالشّرط من الْمُنَاسبَة، وَهِي أَن حكم مَا بعد كل مِنْهُمَا يُخَالف حكم مَا قبله أَلا: تَأتي حرف استفتاح ك (أما) لَكِن يتَعَيَّن كسر (إِن) بعد (أَلا) ، وَيجوز الْفَتْح وَالْكَسْر بعد (أما) كالواقعة بعد (إِذْ) وَتَأْتِي للتّنْبِيه، وتفيد التَّحْقِيق لتركبها من همزَة الِاسْتِفْهَام الَّتِي هِيَ الْإِنْكَار وحرف النَّفْي الَّذِي لإِفَادَة التَّنْبِيه على تَحْقِيق مَا بعده، فَإِن إِنْكَار الشَّيْء تَحْقِيق للإثبات لكنهما بعد التَّرْكِيب صارتا كلمتي تَنْبِيه يدخلَانِ على مَا لَا يجوز أَن يدْخل عَلَيْهِ حرف النَّفْي وَذهب الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَن لَا تركيب فيهمَا، نظيرهما الْهمزَة الدَّاخِلَة على (لَيْسَ) فِي كَونهَا لتحقيق مَا بعْدهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر} وَتَكون للتوبيخ وَالْإِنْكَار والاستفهام عَن النَّفْي وللعرض والتحضيض وَتَكون اسْما بِمَعْنى (النِّعْمَة) وَالْجمع (آلَاء) ، وفعلا مَاضِيا بِمَعْنى (قصر) أَو اسْتَطَاعَ) إِلَى: هِيَ نقيضة (من) لِأَنَّهَا بِإِزَاءِ طرف (من) فِي " الْمُفْردَات ": حرف لتحديد النِّهَايَة من الجوانب السِّتَّة وَلكنهَا لَا تخْتَص بِالْمَكَانِ كَمَا اخْتصّت (من) وَفِي التَّنْزِيل: {وَالْأَمر إِلَيْك} {وَإِلَى الله الْمصير}

وَإِلَى الزمانية، نَحْو: {أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} والمكانية، {من الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى} وَتَكون بِمَعْنى (مَعَ) وَهُوَ قَلِيل وَعَلِيهِ {وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق} {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم إِلَى أَمْوَالكُم} وَالتَّحْقِيق أَنه يحمل على التَّضْمِين أَي: (مُضَافَة إِلَى الْمرَافِق) و (ضامين إِلَى أَمْوَالكُم وَتَكون بِمَعْنى الظّرْف ك (فِي) نَحْو: {ليجمعنكم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة} وَإِذا دخلت على ظَاهر أبقيت ألفها إِذْ الأَصْل فِي الْحُرُوف أَلا يتَصَرَّف فِيهَا وَإِذا دخلت على مُضْمر قلبت ألفها يَاء حملا على (على) و (لَدَى) فَإِنَّهُمَا لَا تنفكان عَن الْإِضَافَة وَإِلَى بِمَعْنى على كَمَا فِي حَدِيث: " من ترك كلا وعيالا فَإِلَيَّ " وَإِلَى وَاللَّام يتعاقبان نَحْو: {وأوحي إِلَى نوح} {أوحى لَهَا} و (إِلَيْك كَذَا) : أَي خُذْهُ و (اذْهَبْ إِلَيْك) : أَي اشْتغل بِنَفْسِك و (إِلَيْك عني) : أَي أمسك عني وكف وأصل (إِلَيْك) (إلاك) قلبت الْألف يَاء فرقا بَين الْإِضَافَة إِلَى المكنى وَغَيره الِالْتِفَات: هُوَ نقل الْكَلَام من أسلوب إِلَى آخر، أَعنِي من التَّكَلُّم أَو الْخطاب أَو الْغَيْبَة إِلَى آخر مِنْهَا بعد التَّعْبِير الأول، هَذَا هُوَ الْمَشْهُور مِثَاله من التَّكَلُّم إِلَى الْخطاب قَوْله: {وأمرنا لنسلم لرب الْعَالمين وَأَن أقِيمُوا الصَّلَاة} وَمن التَّكَلُّم إِلَى الْغَيْبَة نَحْو: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله} وَمن الْخطاب إِلَى الْغَيْبَة نَحْو: {ادخُلُوا الْجنَّة أَنْتُم وأزواجكم تحبرون يُطَاف عَلَيْهِم} وَمن الْغَيْبَة إِلَى التَّكَلُّم نَحْو: {وَأوحى فِي كل سَمَاء أمرهَا وزينا} وَمن الْغَيْبَة إِلَى الْخطاب نَحْو: {وسقاهم رَبهم شرابًا طهُورا} وَقَوله تَعَالَى: (إِن الْإِنْسَان لرَبه لكنود، وَإنَّهُ على ذَلِك لشهيد، وَإنَّهُ لحب

الْخَيْر لشديد} يحسن أَن يُسمى الْتِفَات الضمائر، قَالَه ابْن أبي الْأصْبع، وَلم يَقع فِي الْقُرْآن مِثَال من الْخطاب إِلَى التَّكَلُّم، [وَفِي قَوْله تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى} إِلَى قَوْله: {إِنَّه هُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} أَربع: الْتِفَات من الْغَيْبَة إِلَى التَّكَلُّم إِلَى قَوْله (باركنا) ، وَفِي قِرَاءَة (ليريه) بالغيبة من التَّكَلُّم إِلَى الْغَيْبَة وَفِي (آيَاتنَا) بِالْعَكْسِ، وَفِي (إِنَّه) كالمعكوس وَمن شَرط الِالْتِفَات أَن يكون الضَّمِير فِي الْمُنْتَقل إِلَيْهِ عَائِدًا فِي نفس الْأَمر إِلَى الْمُنْتَقل عَنهُ، وَأَن يكون فِي جملتين] وَلَا الْتِفَات فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} من الْخطاب إِلَى الْغَيْبَة كَمَا ظن، لِأَن الْمَوْصُول مَعَ صلته كاسم وَاحِد فَلَا يجْرِي عَلَيْهِ حكم الْخطاب بِإِدْخَال (يَا) عَلَيْهِ، إِلَّا بعد ارتباط الصِّلَة بِهِ وعود ضمير الصِّلَة إِلَيْهِ، وَهُوَ فِي هَذِه الْحَالة غَائِب، إِذْ الِاسْم الظَّاهِر من قبيل الْغَيْب مَا لم يدْخل عَلَيْهِ مَا يُوجب الْخطاب، فَمُقْتَضى الظَّاهِر أَن يكون الضَّمِير الْعَائِد إِلَيْهِ من الصِّلَة ضمير غيبَة، فلاحقه مُوَافق لسابقه؛ والالتفات لَا بُد فِيهِ من الْمُخَالفَة بَينهمَا، وَكَذَا الِالْتِفَات بَين (الَّذين آمنُوا) وَبَين (إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة) لِأَن الْمَوْصُول مَعَ صلته لما صَار بورود حرف الْخطاب عَلَيْهِ معنى مُخَاطبا اقْتضى الظَّاهِر أَن يكون الْعَائِد إِلَيْهِ فِي هَذِه الْحَالة ضمير خطاب ليُوَافق سابقه فِي الْخطاب والتجريد، بِجَامِع الْكِنَايَة، دون الِالْتِفَات، لِأَن الِالْتِفَات يَقْتَضِي اتِّحَاد الْمَعْنيين، والتجريد يغايرهما؛ وَلِأَن التَّجْرِيد مِمَّا يتَعَلَّق بِمَفْهُوم اللَّفْظ والالتفات: نقل الْكَلَام من أسلوب إِلَى أسلوب وَهُوَ نقل معنوي لَا لَفْظِي فَقَط فبينهما عُمُوم وخصوص وَجْهي، وَكَذَا وضع الظَّاهِر مَوضِع الْمُضمر وَبِالْعَكْسِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الِالْتِفَات والعدول من أسلوب إِلَى آخر أَعم من الِالْتِفَات، كَمَا فِي الرّفْع وَالنّصب المعدول إِلَيْهِ مِمَّا يَقْتَضِيهِ عَامل المنعوت، وسنشبعك من الْبَيَان فِي بحث " التَّجْرِيد " إِن شَاءَ الله تَعَالَى [وَمن الِالْتِفَات نقل الْكَلَام من خطاب الْوَاحِد إِلَى الِاثْنَيْنِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {قَالُوا أجئتنا لتلفتنا} إِلَى قَوْله: {وَتَكون لَكمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْض} وَإِلَى الْجمع، نَحْو: {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء} وَمن الِاثْنَيْنِ إِلَى الْوَاحِد، نَحْو: {فَمن رَبكُمَا يَا مُوسَى} وَإِلَى الْجمع، نَحْو: {وأوحينا إِلَى مُوسَى وأخيه أَن تبوأا} وَمن الْجمع إِلَى الْوَاحِد، نَحْو: {أقِيمُوا الصَّلَاة وَبشر الْمُؤمنِينَ} وَإِلَى الِاثْنَيْنِ نَحْو: (يَا معشر الْجِنّ

وَالْإِنْس} إِلَى قَوْله: {تُكَذِّبَانِ} ] الْآل: هُوَ جمع فِي الْمَعْنى فَرد فِي اللَّفْظ يُطلق بالاشتراك اللَّفْظِيّ على ثَلَاثَة معَان: أَحدهَا: الْجند والأتباع نَحْو (آل فِرْعَوْن) وَالثَّانِي: النَّفس نَحْو (آل مُوسَى) و (آل هرون) و (آل نوح) وَالثَّالِث: أهل الْبَيْت خَاصَّة نَحْو: (آل مُحَمَّد) وَرُوِيَ أَن الْحسن كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ صل على ألى مُحَمَّد، أَي على شخصه، وَآل إِبْرَاهِيم: اسماعيل واسحاق وأولادهما، وَقد دخل فيهم الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَآل عمرَان: مُوسَى وَهَارُون ابْنا عمرَان بن يصهر ابْن يافث بن لاوي بن يَعْقُوب أَو عِيسَى وَأمه مَرْيَم بنت عمرَان إِلَى سُلَيْمَان بن دَاوُد إِلَى يهودا ابْن يَعْقُوب وَاصل آل: أهل، كَمَا اقْتصر عَلَيْهِ صَاحب " الْكَشَّاف " أَو من (آل يؤول) إِذا رَجَعَ إِلَيْهِ بِقرَابَة أَو رَأْي أَو نَحْوهمَا كَمَا هُوَ رَأْي الْكسَائي، وَرجحه بعض الْمُتَأَخِّرين وعَلى كل من التَّقْدِيرَيْنِ قد دلّت الْأَحَادِيث على أَن آل مُحَمَّد مَخْصُوص بمستحقي خمس الْخمس الَّذين حرمت عَلَيْهِم الصَّدَقَة، وهم بَنو هَاشم فَقَط، هَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَأهل بَيت النَّبِي: فَاطِمَة، وَعلي، وَالْحسن وَالْحُسَيْن رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ، لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لف عَلَيْهِ كسَاء وَقَالَ: هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي والمتبادر إِلَى الذِّهْن عِنْد الْإِطْلَاق هم مَعَ أَزوَاجه وَقد نظمت فِيهِ: (حَقًا بَنو هَاشم آل الرَّسُول فَقَط ... عِنْد الإِمَام فَكُن فِي أَمرهم عسا) (أما عَليّ وإبناه وَفَاطِمَة ... من أهل بَيت عَلَيْهِم كَانَ لف كسا) (لَا منع من دَاخل فِي حق خَارِجَة ... وَالنَّص لَا يَقْتَضِي أَن لَيْسَ مِنْهُ نسا) والآل عرفا: هم الْمُؤْمِنُونَ من هَذِه الْأمة، أَو الْفُقَهَاء الْعَامِلُونَ مِنْهُم، فَلَا يُقَال (الْآل) على المقلدين كَمَا فِي " الْمُفْردَات " وَآل النَّبِي من جِهَة النّسَب: أَوْلَاد عَليّ وَعقيل وجعفر وَالْعَبَّاس وَمن جِهَة الدّين: كل مُؤمن تَقِيّ، كَذَا أجَاب رَسُول الله حِين سُئِلَ عَن الْآل قَالَ بَعضهم: الْآل هم المختصون بِالْقربِ مِنْهُ قرَابَة أَو صُحْبَة أَو خلَافَة عَنهُ فِي مواريثه العلمية والعملية والحالية، وهم ثَلَاثَة أَصْنَاف: صنف مِنْهُم آله صُورَة وَمعنى، وَهُوَ خَلِيفَته وَالْإِمَام الْقَائِم مقَامه حَقِيقَة وصنف مِنْهُم آله معنى لَا صُورَة، كَسَائِر الْأَوْلِيَاء الَّذين هم أهل الْكَشْف وَالشُّهُود وصنف مِنْهُم آله صُورَة طينية لَا معنى، كمن صحت نسبته الطينية والعنصرية إِلَيْهِ، وَهَذَا الصِّنْف هم السادات والشرفاء، وَقد نظمت فِيهِ: (من خص بِالْقربِ مِمَّن قد علا نسبا ... قرب الْقَرَابَة كالسادات والشرفا) (قرب الْخلَافَة أَو قرب مصاحبة ... كالأولياء وَمن فِي الْعدْل كالخلفا) قيل لجَعْفَر الصَّادِق: إِن النَّاس يَقُولُونَ: إِن الْمُسلمين كلهم آل النَّبِي فَقَالَ: صدقُوا وكذبوا

فَقيل لَهُ: مَا معنى ذَلِك؟ فَقَالَ: كذبُوا فِي أَن الْأمة كَافَّة هم آله، وَصَدقُوا إِذا قَامُوا بشرائط شَرِيعَته هم آله وَبَين الْآل والصحب عُمُوم وخصوص من وَجه، فَمن اجْتمع بِالنَّبِيِّ من أَقَاربه الْمُؤمنِينَ فَهُوَ من الْآل والصحب، وَمن لم يجْتَمع بِهِ مِنْهُم فَهُوَ من الْآل فَقَط، وَمن اجْتمع بِهِ من غير الْقَرَابَة بِشَرْط كَونه مُؤمنا بِهِ فَهُوَ من الصحب فَقَط قَالَ بَعضهم: إِضَافَة الْآل إِلَى الضَّمِير قَليلَة أَو غير جَائِزَة، وَالصَّحِيح جَوَاز ذَلِك وَلَا يسْتَعْمل مُفردا غير مُضَاف إِلَّا نَادرا وَيخْتَص بالأشراف دنيويا كَانَ أَو أخرويا من الْعُقَلَاء الذُّكُور، فَلَا يُقَال: (آل الإسكاف) وَلَا (آل فَاطِمَة) وَلَا (آل مَكَّة) ، وَعَن الْأَخْفَش أَنهم قَالُوا: (آل الْمَدِينَة) و (آل الْبَصْرَة) اللَّهُمَّ: كلمة تسْتَعْمل فِيمَا إِذا قصد اسْتثِْنَاء أَمر نَادِر مستبعد، كَأَنَّهُ يستعان بِاللَّه تَعَالَى فِي تَحْصِيله حذف حرف النداء وَأخر مَا عوض عَنهُ من الْمِيم الْمُشَدّدَة تبركا بِالِابْتِدَاءِ باسمه سُبْحَانَهُ، وَهُوَ الْأَكْثَر فِي الِاسْتِعْمَال من كلمة (يَا) الْمَوْضُوعَة للبعيد، مَعَ أَنه أقرب قرب علم أَلا إِنَّه بِكُل شَيْء مُحِيط وأصل اللَّهُمَّ: يَا الله، وَهُوَ قَول أهل الْبَصْرَة فتمحض ذكرا، و (يَا الله أمنا بِخَير) ، أَي: اقصدنا بِخَير، وَهُوَ قَول أهل الْكُوفَة فَلم يَك تَعْظِيمًا خَالِصا وَاخْتلف فِي لَفْظَة الْجَلالَة على عشْرين قولا، أَصَحهَا أَنه علم [لذاته الْمَخْصُوص جزئي الْمَفْهُوم، فَلَيْسَ لَهُ مَاهِيَّة كُلية، لِئَلَّا يلْزم أَن يكون وجود الْبَارِي مُمْتَنعا إِذا كَانَ وجود بَاقِي الْأَفْرَاد أنفس الْمَاهِيّة، وَأَن يكون وجود الْأَفْرَاد الْبَاقِيَة مُمكنا بِالذَّاتِ، مُمْتَنعا بِالْغَيْر إِذا كَانَ لغير الْمَاهِيّة فَإِنَّهُمَا محَال، و] غير مُشْتَقّ، على مَا هُوَ اخْتِيَار الْمُحَقِّقين، لاستلزام الِاشْتِقَاق أَن يكون الذَّات بِلَا مَوْصُوف، لِأَن سَائِر الْأَسَامِي الْحَقِيقِيَّة صِفَات، وَهَذَا إِذا كَانَ مشتقا يلْزم أَن يكون صفة وَلَيْسَ مَفْهُومه المعبود بِالْحَقِّ كالإله ليَكُون كليا بل هُوَ اسْم للذات الْمَخْصُوص المعبود بِالْحَقِّ الدَّال على كَونه مَوْجُودا أوعليكيفيات ذَلِك الْوُجُود أَعنِي كَونه أزليا أبديا وَاجِب الْوُجُود لذاته، وعَلى الصِّفَات السلبية الدَّالَّة على التَّنْزِيه، وعَلى الصِّفَات الإضافية الدَّالَّة على الْإِيجَاب والتكوين، [وَمن قَالَ أَنه مُشْتَقّ غير علم علل بِأَن الْعلم قَائِم مقَام الْإِشَارَة وَهِي محَال فِي حَقه تَعَالَى] وَإِنَّمَا الْكَلَام فِي أَنه من الْأَعْلَام الْخَاصَّة أَو الْغَالِبَة، وَقد صَرَّحُوا بِأَن لفظ إِلَه مُنْكرا بِمَعْنى المعبود مُطلقًا بِحَق كَانَ أَو بباطل، إِلَّا أَنه يحمل فِي كلمة التَّوْحِيد على المعبود بِالْحَقِّ بِقَرِينَة أَن المراء والجدال إِنَّمَا هُوَ فِي المعبود بِحَق وَهُوَ الْمَقْصُود بِإِثْبَات الْوُجُود وحصره وَيكون مجَازًا مُسْتَعْملا فِي معنى أخص من مَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ وَالْحَاصِل أَن الْإِلَه اسْم لمَفْهُوم كلي هُوَ المعبود بِحَق، وَالله علم لذات معِين هُوَ المعبود بِالْحَقِّ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَار كَانَ قَوْلنَا: (لَا إِلَه إِلَّا الله كلمة تَوْحِيد) أَي: لَا معبود بِحَق إِلَّا ذَلِك الْوَاحِد الْحق وَاتَّفَقُوا على أَن لفظ الله مُخْتَصّ بِاللَّه، وأصل اسْم الله الَّذِي هُوَ الله (إِلَه) ثمَّ دخلت عَلَيْهِ الْألف والام فَصَارَ (الْإِلَه) ثمَّ تخفف الْهمزَة التَّخْفِيف الصناعي بِأَن تلين وتلقى حركتها على السَّاكِن قبلهَا وَهُوَ لَام التَّعْرِيف فَصَارَ (اللاه) بِكَسْر اللَّام الأولى وَفتح

الثَّانِيَة، فأدغموا الأولى فِي الثَّانِيَة بعد إسكانها وفخموها تَعْظِيمًا قَالَ بَعضهم: وَكَذَا الْإِلَه مُخْتَصّ بِهِ تَعَالَى وَقَالَ بَعضهم: اسْم الْإِلَه يُطلق على غَيره تَعَالَى كَانَ مُضَافا أَو نكرَة {وَانْظُر إِلَى إلهك} {وَاجعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة} وأصل لَفْظَة الْجَلالَة الْهَاء الَّتِي هِيَ ضمير الْغَائِب، لأَنهم لما أثبتوا الْحق سُبْحَانَهُ فِي عُقُولهمْ أشاروا إِلَيْهِ بِالْهَاءِ؛ وَلما علمُوا أَنه تَعَالَى خَالق الْأَشْيَاء ومالكها زادوا عَلَيْهَا لَام الْملك فَصَارَ (الله) وَحَاصِل مَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ هُوَ أَنه كَانَ وَصفا لذات الْحق بالألوهية الجامعة لجَمِيع الْأَسْمَاء الْحسنى وَالصِّفَات العلى والحيطة بِجَمِيعِ مَعَاني اشتقاقاته الْعُظْمَى، فَصَارَ بِغَلَبَة اسْتِعْمَاله فِيهِ لعدم إِمْكَان تحقق تِلْكَ الجمعيات فِي غَيره علما لَهُ، فَجرى سَائِر أَوْصَافه عَلَيْهِ بِلَا عكس؛ وَتعين كلمة التَّوْحِيد عَلامَة للْإيمَان، وَلم يعلم لَهُ مُسَمّى فِي اللِّسَان لِأَن الله سُبْحَانَهُ قبض الألسن عَن أَن يدعى بِهِ أحد سواهُ وكما تاهوا فِي ذَاته وَصِفَاته لاحتجابها بأنوار العظمة وأستار الجبروت، كَذَلِك تحيروا فِي اللَّفْظ الدَّال عَلَيْهِ أَنه اسْم أَو صفة مُشْتَقّ أَو غير مُشْتَقّ، علم أَو غير علم، إِلَى غير ذَلِك، كَأَنَّهُ انعكس إِلَيْهِ من مُسَمَّاهُ أشعة من تِلْكَ الْأَنْوَار فقصرت أعين المستبصرين عَن إِدْرَاكه الإلهام: هُوَ إِيقَاع الشَّيْء فِي الْقلب من علم يَدْعُو إِلَى الْعَمَل بِهِ من غير اسْتِدْلَال تَامّ وَلَا نظر فِي حجَّة شَرْعِيَّة وَقد يكون بطرِيق الْكَشْف، وَقد يحصل من الْحق من غير وَاسِطَة الْملك بِالْوَجْهِ الْخَاص الَّذِي لَهُ مَعَ كل مَوْجُود وَالْوَحي يحصل بِوَاسِطَة الْملك، وَلذَلِك لَا تسمى الْأَحَادِيث القدسية بِالْوَحْي وَإِن كَانَت كَلَام الله وَقد يُرَاد بالإلهام التَّعْلِيم كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فألهمها فجورها وتقواها} وَلَا يُرَاد بِهِ إلهام الْخَواص لِأَنَّهُ لَا يكون مَعَ القدسية، وَأَيْضًا إلهام الْخَواص للروح لَا للنَّفس والتعليم من جِهَة الله تَارَة يكون بِخلق الْعُلُوم الضرورية فِي الْمُكَلف، وَتارَة بِنصب الْأَدِلَّة السمعية أَو الْعَقْلِيَّة وَأما الإلهام فَلَا يجب إِسْنَاده وَلَا استناده إِلَى الْمعرفَة بِالنّظرِ فِي الْأَدِلَّة، وَإِنَّمَا هُوَ اسْم لما يهجس فِي الْقلب من الخواطر بِخلق الله فِي قلب الْعَاقِل فيتنبه بذلك ويتفطن فيفهم الْمَعْنى بأسرع مَا يُمكن، وَلِهَذَا يُقَال: (فلَان ملهم) إِذا كَانَ يعرف بمزيد فطنته وذكائه مَا لَا يُشَاهِدهُ، وَلذَلِك يُفَسر وَحي النَّحْل بالإلهام دون التَّعْلِيم والإلهام: من الْكَشْف الْمَعْنَوِيّ، وَالْوَحي: من الشهودي المتضمن لكشف الْمَعْنَوِيّ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يحصل بِشُهُود الْملك وَسَمَاع كَلَامه وَالْوَحي من خَواص النُّبُوَّة والإلهام أَعم وَالْوَحي مَشْرُوط بالتبليغ دون الإلهام الِالْتِزَام: هُوَ فِي اصْطِلَاح البديعيين أَن يلْتَزم الناثر فِي نثره والناظم فِي نظمه بِحرف قبل حرف الروي أَو بِأَكْثَرَ من حرف بِالنِّسْبَةِ إِلَى قدرته مَعَ عدم التَّكَلُّف وَفِي التَّنْزِيل كَقَوْلِه: (فَلَا أقسم

بالخنس؛ الْجوَار الكنس} {وَاللَّيْل وَمَا وسق؛ وَالْقَمَر إِذا اتسق} وَفِي الحَدِيث: " اللَّهُمَّ بك أحاول وَبِك أوصاول " و " زر غبا تَزْدَدْ حبا " الإلغاء: هُوَ حَقِيقَة ترك الْعَمَل مَعَ التسليط نَحْو: (زيد قَائِم ظَنَنْت) وَلَا يُنكر إِلْغَاء مَعَاني الْأَلْفَاظ كَمَا يتَأَوَّل فِي الشَّيْء مَا لَا يكون فِي أَصله وَأما إِلْغَاء الْعَمَل: فَلَا يكون إِلَّا فِيمَا لَا يكون أَصله الْعَمَل، وَهُوَ ثَلَاثَة أَقسَام: إِلْغَاء فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى: مثل (لَا) فِي: {لِئَلَّا يعلم أهل الْكتاب} وإلغاء فِي اللَّفْظ دون الْمَعْنى مثل: (كَانَ فِيمَا كَانَ أحسن زيدا) وَبِالْعَكْسِ: نَحْو: {كفى بِاللَّه شَهِيدا} نقل ابْن يعِيش عَن ابْن السراج أَنه قَالَ: حق الملغى عِنْدِي أَن لَا يكون عَاملا وَلَا مَعْمُولا فِيهِ حَتَّى يلغى من الْجمع، وَيكون دُخُوله كخروجه لَا يحدث معنى غير التَّأْكِيد، واستغرب زِيَادَة حُرُوف الْجَرّ لِأَنَّهَا عاملة، قَالَ: وَدخلت لمعان غير التَّأْكِيد الْآلَة: هِيَ مَا يعالج بهَا الْفَاعِل الْمَفْعُول كالمفتاح وَنَحْوه، وَلَيْسَ الْمِنْبَر بِآلَة، وَإِنَّمَا هُوَ مَوضِع الْعُلُوّ والارتفاع، وَالصَّحِيح أَن هَذَا وَنَحْوه من الْأَسْمَاء الْمَوْضُوعَة على هَذِه الصِّيغَة لَيست على الْقيَاس الْأَلَم: الوجع، [والأليم: المؤلم من الْعَذَاب الَّذِي يبلغ إيجاعه غَايَة الْبلُوغ] وَهُوَ مصدر ألم يألم كعلم يعلم: إِذا أَصَابَهُ الوجع والألم: إِدْرَاك الْمنَافِي من حَيْثُ هُوَ منَاف كَمَا أَن اللَّذَّة إِدْرَاك الملائم من حَيْثُ هُوَ ملائم وَهَذَا لَا يُنَاسب فن البديع، لِأَن اللَّذَّة حَالَة تدركها عِنْد عرُوض الْمنَافِي لإدراكها، وَيدل عَلَيْهِ قَوْلهم: (فلَان يدْرك اللَّذَّة والألم) وَالْمُنَاسِب لفن البديع أَن يُقَال: الْأَلَم: الوجع، واللذة ضِدّه وَسبب الْأَلَم عِنْد الْحُكَمَاء تفرق الِاتِّصَال ورده الْفَخر بِأَن قطع الْعُضْو بسكين حادة بِسُرْعَة لَا يحس مَعَه الْأَلَم إِلَّا بعد حِين، بل تفرق الِاتِّصَال سَبَب المزاج الْمُوجب للألم الْإِلْحَاق: لحق بِهِ كسمع، ولحقه لَحقا ولحاقا بِالْفَتْح: أدْركهُ، كألحقه وَألْحق بِهِ غَيره، وَمِنْه: (ان عذابك بالكفار مُلْحق) أَي: لَاحق فِي الْقَامُوس: الْفَتْح أحسن أَو الصَّوَاب والإلحاق: جعل مِثَال على مِثَال أَزِيد مِنْهُ بِزِيَادَة حرف أَو أَكثر موازنا لَهُ فِي عدد الْحُرُوف وَفِي الحركات والسكنات والملحق يجب أَن يكون فِيهِ مَا يزِيد للإلحاق دون الملحق بِهِ، وَزِيَادَة الْحُرُوف فِي المنشعبة لقصد زِيَادَة معنى وَفِي الملحق لقصد مُوَافقَة لفظ للفظ آخر ليعامل مُعَامَلَته لَا لزِيَادَة معنى [والإلحاق بِمَا هُوَ الأَصْل فِي نَوعه أظهر من الْإِلْحَاق فِيمَا هُوَ الأَصْل فِي جنسه]

فصل الألف والميم

ألم تَرَ: كلمة تسْتَعْمل لقصد التعجيب، وَكَذَا (أَو كَالَّذي) ، وَفِي زِيَادَة حرف التَّشْبِيه ترق فِي التَّعَجُّب وَلَا يخفى أَن قَوْلك: (هَل رَأَيْت مثل هَذَا) أبلغ من قَوْلك: (هَل رَأَيْت هَذَا) وك (ألم تَرَ) (أَرَأَيْت) ، إِلَّا أَن (ألم تَرَ) تتَعَلَّق بالمتعجب مِنْهُ فَيُقَال: (ألم تَرَ إِلَى الَّذِي صنع كَذَا) بِمَعْنى أَنه من الغرابة عَجِيب لَا يرى لَهُ مثل، وَكَذَا يُقَال: (أما ترى إِلَى فلَان كَيفَ صنع) أَي: هَذَا الْحَال مِمَّا يستغرب ويتعجب مِنْهُ فَانْظُر وتعجب مِنْهُ، وَلَا يَصح: (أَرَأَيْت الَّذِي مثله) إِذْ يكون الْمَعْنى: انْظُر إِلَى الْمثل وتعجب من الَّذِي صنع وَقد يُخَاطب ب (ألم تَرَ) من لم يسمع وَلم ير فَإِنَّهُ صَار مثلا فِي التَّعَجُّب وتعدية (ألم تَرَ) بإلى إِذا كَانَ من رُؤْيَة الْقلب فلتضمن معنى الِانْتِهَاء [نوع] {ألفينا} : وجدنَا {أَلْهَاكُم} : أشغلكم {إلحافا} : هُوَ أَن يلازم المسؤول حَتَّى يُعْطِيهِ {ألْقى السّمع} : أصغى لاستماعه {بإلحاد} : عدُول عَن الْقَصْد {أَلد الْخِصَام} : شَدِيد الْخُصُومَة {إِلَّا وَلَا ذمَّة} : الإل: الْقَرَابَة، والذمة: الْعَهْد {فألهمها فجورها وتقواها} : بَين الْخَيْر وَالشَّر {والغوا فِيهِ} : وعارضوا بالخرافات [أَو ارْفَعُوا أَصْوَاتكُم لتشوشوا على الْقَارئ] {وَمَا ألتناهم} : وَمَا نقصناهم {ألفافا} : ملتفة بَعْضهَا بِبَعْض {فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا} : بِأَيّ نعْمَة الله [ {وَألقى الألواح} : طرحها من شدَّة الْغَضَب حمية للدّين] {إلْيَاس} : بِهَمْزَة قطع، اسْم عبراني حُكيَ أَنه من سبط يُوشَع وَفِي " أنوار التَّنْزِيل " هُوَ إلْيَاس بن ياسين سبط هرون أخي مُوسَى بعث بعده قَالَ وهب: إِنَّه عمر كَمَا عمر الْخضر وَأَنه يبْقى إِلَى آخر الدُّنْيَا [وَعَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه هُوَ إِدْرِيس جد نوح] (فصل الْألف وَالْمِيم) كل مَوضِع فِي الْقُرْآن وَقع فِيهِ لَفْظَة امْرَأَة إِذا قرنت باسم زَوجهَا طولت تاؤها وَإِلَّا قصرت، كَقَوْلِه

تَعَالَى: {إِذْ قَالَت امرأت عمرَان} و {امرأت الْعَزِيز} كل آيَة فِي الْقُرْآن فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ فَهُوَ الْإِسْلَام، وَالنَّهْي عَن الْمُنكر هُوَ عبَادَة الْأَوْثَان [الإِمَام] : كل من ائتم بِهِ قوم فَهُوَ إِمَام لَهُم [الْأمة] : كل جمَاعَة يجمعها أَمر أَو دين أَو زمَان أَو مَكَان وَاحِد، سَوَاء كَانَ الْأَمر الْجَامِع تسخيرا أم اخْتِيَارا فَهِيَ أمة كل من آمن بِنَبِي فَهُوَ أمة الْإِجَابَة وكل من بلغه دَعْوَة النَّبِي فَهُوَ أمة الدعْوَة وَأم كل شَيْء: أَصله قَالَ الْخَلِيل: كل شَيْء، ضم إِلَيْهِ مَا يَلِيهِ يُسمى أما قَالَ ابْن عَرَفَة: وَلِهَذَا سميت أم الْقُرْآن وَأم الْكتاب وَقَالَ الْأَخْفَش: كل شَيْء انْضَمَّ إِلَيْهِ أَشْيَاء فَهُوَ أم لَهَا، وَلذَلِك سمي رَئِيس الْقَوْم أما لَهُم وَأم الدِّمَاغ: مجتمعه وَأم النُّجُوم: المجرة، هَكَذَا جَاءَ فِي شعر ذِي الرمة، لِأَنَّهَا مُجْتَمع النُّجُوم وَأم الْكتاب: أَصله أَو اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَو سُورَة الْحَمد لِأَنَّهُ يبتدأ بهَا فِي الْمَصَاحِف وَفِي كل صَلَاة، أَو الْقُرْآن جَمِيعه وَأم الْقرى: علم لمَكَّة [شرفها الله تَعَالَى وَهِي مأثرة إِبْرَاهِيم، ومنشأة إِسْمَاعِيل، ومفخر الْعَرَب، وسرة جزيرتها، وقبلة جماعتها، ومأمن خائفها، وملاذ هَارِبهَا، وَحرم الله فِي أرضه، وَأم قرى عباده، وَأول بَيت وضع للنَّاس] لِأَنَّهَا توسطت الأَرْض فِيمَا زَعَمُوا، أَو لِأَنَّهَا قبْلَة النَّاس يؤمونها، أَو لِأَنَّهَا أعظم الْقرى شَأْنًا أَو لتقدمها على سَائِر الْقرى وَأم الدُّنْيَا: علم لمصر لِكَثْرَة أَهلهَا، وَيُقَال لَهَا الْقَاهِرَة، لوُقُوع الْقَهْر على أَهلهَا بِالْقَحْطِ وَالْغَرق، أَو لغلبتها على سَائِر الْبِلَاد [الْأَمَانَة] كل مَا يؤتمن عَلَيْهِ كأموال وَحرم وأسرار فَهُوَ أَمَانَة [أمحض] : كل شَيْء أخلصته فقد أمحضته الْأَمر: هُوَ فِي اللُّغَة اسْتِعْمَال صِيغَة دَالَّة على طلب من الْمُخَاطب على طَرِيق الاستعلاء وَفِي عرف النُّحَاة: صِيغَة (افْعَل) خَاصَّة بِلَا قيد الاستعلاء والعلو، على مَا هُوَ الظَّاهِر من عبارَة السَّيِّد الشريف قَالَ الشَّيْخ سعد الدّين: الْأَمر فِي عرف النُّحَاة مَا هُوَ المقرون بِاللَّامِ والصيغة الْمَخْصُوصَة وَصرح صَاحب " الْمِفْتَاح " بِأَن الْأَمر فِي اللُّغَة عبارَة عَن اسْتِعْمَال نَحْو (لينزل) و (انْزِلْ) و (نزال) على سَبِيل الاستعلاء وَفِي اصْطِلَاح الشَّافِعِيَّة: هُوَ الصِّيغَة الطالبة للْفِعْل مُطلقًا من الْمُخَاطب وَفِي اصْطِلَاح الْأُصُول: هُوَ الصِّيغَة الطالبة لَهُ على طَرِيق الاستعلاء، لَكِن بِشَرْط أَن لَا يُرَاد بهَا التهديد أَو التَّعْجِيز أَو نَحْوهمَا وَقد يُطلق على الْمَقْصد والشأن تَسْمِيَة للْمَفْعُول بِالْمَصْدَرِ وَصِيغَة الْأَمر وَهُوَ قَوْله: (افْعَل) على سَبِيل

الاستعلاء دون التضرع ذَاتهَا لَيْسَ بِأَمْر عِنْد أهل السّنة وَإِنَّمَا هِيَ دلَالَة على الْأَمر وَعند الْمُعْتَزلَة: نفس هَذِه الصِّيغَة أَمر وَأمر: يسْتَعْمل تَارَة مُجَردا من الْحُرُوف فيتعدى إِلَى مَفْعُوله الثَّانِي بِنَفسِهِ فَيُقَال: (أَمرتك أَن تفعل) وَأُخْرَى مَوْصُولا بِالْبَاء يُقَال: (أَمرتك بِأَن تفعل) ، وَقد يسْتَعْمل بِاللَّامِ، لَكِن التَّعْلِيل وُقُوعه على مفعوليه لَا لتعديته إِلَيْهِمَا أَو إِلَى أَحدهمَا فَيُقَال: (أَمرتك لِأَن تفعل) وَالْأَمر فِي الْحَقِيقَة: هُوَ الْمَعْنى الْقَائِم فِي النَّفس فَيكون قَوْله: (افْعَل) عبارَة عَن الْأَمر الْمجَازِي تَسْمِيَة للدال باسم الْمَدْلُول وَالْأَمر: التَّقَدُّم بالشَّيْء سَوَاء كَانَ ذَلِك بقول (افْعَل) و (ليفعل) ، أَو بِلَفْظ خبر نَحْو: {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ} ، أَو بِإِشَارَة، أَو غير ذَلِك، أَلا ترى أَنه قد سمي مَا رأى فِي الْمَنَام إِبْرَاهِيم من ذبح ابْنه أمرا حَيْثُ قَالَ: {إِنِّي أرى فِي الْمَنَام أَنِّي أذبحك، قَالَ يَا أَبَت أفعل مَا تُؤمر} وَالْأَمر حَقِيقَة فِي نَحْو: {وَأمر أهلك بِالصَّلَاةِ} أَي: قل لَهُم صلوا [وَهُوَ [مجَاز فِي الْفِعْل اللّغَوِيّ نَحْو: {أَتَعْجَبِينَ من أَمر الله} {وشاورهم فِي الْأَمر} أَي فِي الْفِعْل الَّذِي تعزم عَلَيْهِ وَالْأَمر فِي الشَّأْن نَحْو: {وَمَا أَمر فِرْعَوْن} وَهُوَ عَام فِي أَقْوَاله وأفعاله وَفِي الصّفة نَحْو: (لأمر مَا يسود) أَي: لأي صفة من صِفَات الْكَمَال وَالْأَمر فِي الشَّيْء نَحْو: (لأمر مَا كَانَ كَذَا) أَي لشَيْء مَا وَيذكر الْأَمر وَيُرَاد بِهِ الدّين نَحْو: {حَتَّى جَاءَ الْحق وَظهر أَمر الله} يَعْنِي دين الله، وَالْقُرْآن، وَمُحَمّد وَالْقَوْل نَحْو: {فَلَمَّا جَاءَ أمرنَا} وَالْعَذَاب نَحْو: {وَقَالَ الشَّيْطَان لما قضي الْأَمر} وَعِيسَى النَّبِي نَحْو: {إِذا قضى أمرا} أَي: إِذا أَرَادَ أَن يخلق ولدا بِلَا أَب كعيسى بن مَرْيَم وَفتح مَكَّة نَحْو: {فتربصوا حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره} وَالْحكم وَالْقَضَاء نَحْو: {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر} وَالْوَحي نَحْو: {يدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض} وَالْملك الْمبلغ للوحي نَحْو: {يلقِي الرّوح من أمره}

والنصرة نَحْو: {هَل لنا من الْأَمر شَيْء} والذنب نَحْو: {فذاقت وبال أمرهَا} يَعْنِي عُقُوبَة ذنبها و {أَتَى أَمر الله} أَي: السَّاعَة، عبر بالماضي تَنْبِيها لقربها وضيق وَقتهَا وأقسام صِيغَة الْأَمر ثَلَاثَة: الأول: المقترنة بِاللَّامِ الْجَازِم وَيخْتَص بِمَا لَيْسَ للْفَاعِل الْمُخَاطب وَالثَّانِي: مَا يَصح أَن يطْلب بهَا الْفِعْل من الْفَاعِل الْمُخَاطب بِحَذْف حرف المضارعة وَالثَّالِث: اسْم دَال على طلب الْفِعْل وَهُوَ عِنْد النُّحَاة من أَسمَاء الْأَفْعَال والأولان لغَلَبَة استعمالهما فِي حَقِيقَة الْأَمر، أَعنِي طلب الْفِعْل على سَبِيل الاستعلاء سماهما النحويون أمرا، سَوَاء اسْتعْمل فِي حَقِيقَة الْأَمر أَو فِي غَيرهَا، حَتَّى إِن لفظ (اغْفِر) فِي (اللَّهُمَّ اغْفِر لنا) أَمر عِنْدهم وَأما الثَّالِث فَلَمَّا كَانَ اسْما لم يسموه أمرا تمييزا بَين الْبَابَيْنِ وَاشْترط الاستعلاء فِي الطّلب بِالْأَمر أَي، عد الطَّالِب نَفسه عَالِيا وَإِن لم يكن فِي الْوَاقِع كَذَلِك ليخرج بِهِ الدُّعَاء والالتماس مِمَّا هُوَ بطرِيق الخضوع والتساوي وَلم يشْتَرط الْعُلُوّ ليدْخل فِي قَول الْأَدْنَى للأعلى على سَبِيل الاستعلاء (افْعَل) وَلِهَذَا نسب إِلَى سوء الْأَدَب، وَقَول فِرْعَوْن لِقَوْمِهِ: {فَمَاذَا تأمرون} مجَاز بِمَعْنى (تشيرون) أَو (تشاورون) أَو إِظْهَار التَّوَاضُع لَهُم لغاية دهشته من مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَالْأَمر الملطق للْوُجُوب وَلَا يَنْقَسِم إِلَى أَمر النّدب وَغَيره فَلَا يكون موردا للتقسيم وَمُطلق الْأَمر يَنْقَسِم إِلَى أَمر إِيجَاب وَأمر ندب وَالْأَمر الْمُطلق فَرد من أَفْرَاد مُطلق الْأَمر بِلَا عكس وَنفي مُطلق الْأَمر يسْتَلْزم نفي الْأَمر الْمُطلق بِلَا عكس وَثُبُوت مُطلق الْأَمر جنس لِلْأَمْرِ الْمُطلق وَالْأَمر الْمُطلق مُقَيّد باطلاق لفظا مُجَرّد عَن التَّقْيِيد معنى، وَمُطلق الْأَمر مُجَرّد عَن التَّقْيِيد لفظا مُسْتَعْمل فِي الْمُقَيد وَغَيره معنى وَالْأَمر الْمُطلق هُوَ الْمُقَيد بِقَيْد الْإِطْلَاق، فَهُوَ مُتَضَمّن للإطلاق وَالتَّقْيِيد، وَمُطلق الْأَمر يصلح للمطلق والمقيد، وَهُوَ عبارَة عَمَّا صدق عَلَيْهِ الْأَمر وَالْأَمر الْمُطلق عبارَة عَن الْأَمر الْخَارِجِي عَن الْقَرِينَة وَإِذا قلت (الْأَمر الْمُطلق) فقد أدخلت الْألف وَاللَّام على الْأَمر وَهِي تفِيد الْعُمُوم والشمول ثمَّ وَصفته بِالْإِطْلَاقِ بِمَعْنى أَنه لم يُقيد بِقَيْد يُوجب تَخْصِيصه من شَرط أَو صفة أَو غَيرهمَا، فَهُوَ عَام فِي كل فَرد من الْأَفْرَاد الَّتِي هاذ شَأْنهَا وَأما (مُطلق الْأَمر) فالإضافة فِيهِ لَيست للْعُمُوم، بل للتمييز، بل هُوَ قدر مُشْتَرك مُطلق لَا عَام فَيصدق على فَرد من أَفْرَاده وَالْأَمر مُطلقًا لَا يسْتَلْزم الْإِرَادَة، وَلَو قُلْنَا بالاستلزام لزم ذَلِك فِي جَمِيع الصُّور وَمن جُمْلَتهَا أَمر الله

تَعَالَى؛ والمعتزلة لما لم يفرقُوا بَين إِرَادَة الرب وَإِرَادَة العَبْد فِي جَوَاز تخلف المُرَاد اتجه لَهُم الْقَوْم بالاستلزام وَنقل الزَّرْكَشِيّ فِي " الْبَحْر " عَن بعض الْمُتَأَخِّرين أَن الْحق أَن الْأَمر يسْتَلْزم الْإِرَادَة الدِّينِيَّة وَلَا يسْتَلْزم الْإِرَادَة الكونية، فَإِنَّهُ لَا يَأْمر إِلَّا بِمَا يُريدهُ شرعا ودينا، وَقد يَأْمر بِمَا لَا يُريدهُ كونا وَقدرا، كَإِيمَانِ أبي لَهب، وكأمره خَلِيله بِالذبْحِ وَلم يذبح، وَأمره رَسُوله مُحَمَّدًا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِخَمْسِينَ صَلَاة وَلم يصلها، وَفَائِدَته الْعَزْم على الِامْتِثَال وتوطين النَّفس عَلَيْهِ وَصِيغَة (افْعَل) ترد للْوُجُوب وَالنَّدْب نَحْو: {فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا وَآتُوهُمْ من مَال الله} ، فالإيتاء وَاجِب وَالْكِتَابَة مَنْدُوبَة وَالْإِبَاحَة نَحْو: {وَإِذا حللتم فاصطادوا} وَهِي أدنى دَرَجَات الْأَمر، وَهُوَ الْمُخْتَار والتهديد نَحْو: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُم} أَي من حرَام أَو مَكْرُوه والإرشاد نَحْو: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} وَالْإِذْن كَقَوْلِك لمن طرق الْبَاب: ادخل والتأديب كَقَوْلِك لصبي تجول يَده فِي الْقَصعَة: كل مِمَّا يليك والإنذار نَحْو: {قل تمَتَّعُوا فَإِن مصيركم إِلَى النَّار} وَيُفَارق التهديد بِذكر الْوَعيد والامتنان نَحْو: {كلوا مِمَّا رزقكم الله} وَيُفَارق الْإِبَاحَة بِذكر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَالْإِكْرَام للْمَأْمُور نَحْو: {ادخلوها بِسَلام آمِنين} والتسخير نَحْو: {كونُوا قردة خَاسِئِينَ} والتكوين نَحْو: {كن فَيكون} والتعجيز نَحْو: {فَأتوا بِسُورَة من مثله} والإهانة نَحْو: {ذُقْ إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْكَرِيم} والتسوية نَحْو: {فَاصْبِرُوا أَو لَا تصبروا} وَالدُّعَاء نَحْو: {رَبنَا أنزل علينا مائدة} وَالتَّمَنِّي نَحْو: (أَلا أَيهَا اللَّيْل الطَّوِيل أَلا انجلي) تمناه لكَونه مستحيلا بِحَسب ظَنّه واعتقاده وَإِن كَانَ مرجوا والاحتقار نَحْو: {ألقوا مَا أَنْتُم ملقون} فَإِنَّهُ حقير بِالنِّسْبَةِ إِلَى معْجزَة مُوسَى والتفويض نَحْو: {فَاقْض مَا أَنْت قَاض}

وَيُسمى أَيْضا التَّحْكِيم والتعجب للمخاطب نَحْو: {انْظُر كَيفَ ضربوا لَك الْأَمْثَال} وَالِاعْتِبَار نَحْو: {انْظُرُوا إِلَى ثمره إِذا أثمر} [وَلما اخْتلفت وُجُوه استعمالات الْأَمر قَالَ بعض الشَّافِعِيَّة: لَيْسَ لَهُ مُوجب خَاص، بل هُوَ مُجمل فِي حق الحكم، فَيتَوَقَّف حَتَّى يتَبَيَّن المُرَاد بِالدَّلِيلِ وَيُسمى الواقفية وَقَالَ بعض الْمَالِكِيَّة: إِنَّه حَقِيقَة فِي جَوَاز الْفِعْل، وَالْأَصْل عدم الْوُجُوب وَالنَّدْب فَتثبت الْإِبَاحَة وَقَالَ بعض الأشاعرة: إِنَّه لترجيح الْفِعْل وَالْأَصْل عدم الْوُجُوب بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّة فَيحمل على النّدب، وَهُوَ مَذْهَب أبي هَاشم وَقيل: مُشْتَرك بَين الْوُجُوب وَالنَّدْب وَقيل: يُطلق عَلَيْهِمَا وَقَالَ أَكثر الْفُقَهَاء والمتكلمين: إِنَّه حَقِيقَة فِي الْوُجُوب مجَاز فِي الْبَاقِي وَهُوَ الْمُخْتَار] وَقد يكون الْكَلَام أمرا وَالْمعْنَى وَعِيد نَحْو: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُم} أَو تَسْلِيم نَحْو: {فَاقْض مَا أَنْت قَاض} أَو تحسير نَحْو: {موتوا بغيظكم} أَو تعجب نَحْو: {أسمع بهم} أَو تمن كَمَا تَقول لشخص ترَاهُ: (كن فلَانا) أَو خبر نَحْو: {فليضحكوا قَلِيلا وليبكوا كثيرا} وَاسْتِعْمَال صِيغَة الْأَمر فِي مَوضِع الالتماس سَائِغ شَائِع بِدَلِيل: {وَاجعَل لي وزيرا} وَعَلِيهِ: {وَمن ذريتي} أَي: وَاجعَل بعض ذريتي! وَعطف التَّلْقِين لَا يَخْلُو عَن سوء أدب وَصِيغَة الْأَمر لَا تدل على فعل الْمَأْمُور بِهِ متكررا، وَهُوَ قَول عَامَّة الْعلمَاء ومختار إِمَام الْحَرَمَيْنِ قَالَ أَبُو اسحاق الاسفرائيني: هُوَ للتكرار مُدَّة الْعُمر إِن أمكن، وَلنَا أَن الائتمار يحصل بالإتيان بالمأمور بِهِ مرّة وَاحِدَة، فَلَا يُصَار إِلَى التّكْرَار، وَإِنَّمَا تَكَرَّرت الْعِبَادَات بِتَكَرُّر أَسبَابهَا، كالشهر للصَّوْم وَالْوَقْت للصَّلَاة وَلَا يَأْمر بالفحشاء فِي الْأَمر الشَّرْعِيّ و {أمرنَا مُتْرَفِيهَا ففسقوا} فِي الْأَمر الكوني بِمَعْنى الْقَضَاء وَالتَّقْدِير وَالْأَمر التعبدي: هُوَ أَمر تعبدنا بِهِ، أَي كلفنا الله بِهِ من غير معنى يعقل، وَالْيَاء للنسبة أَو للْمُبَالَغَة وَالْأَمر الاعتباري: هُوَ مَا يعتبره الْعقل من غير تحقق فِي الْخَارِج، والحكماء يسمون الْأُمُور الاعتبارية معقولات ثَانِيَة وَهِي مَا لَا يكون لَهَا فِي الْخَارِج مَا يطابقها ويحاذي بهَا نَحْو الذاتية والعرضية والكلية والجزئية الْعَارِضَة للأشياء الْمَوْجُودَة فِي الذِّهْن وَلَيْسَ فِي الْخَارِج مَا يطابقها وَأما المعقولات الأولى فَهِيَ المفهومات الْمَقْصُورَة من حَيْثُ هِيَ عارضة لموجود فِي الذِّهْن والأمور الْعَامَّة هِيَ مَا لَا يخْتَص بقسم من أَقسَام

الموجودات الَّتِي هِيَ الْوَاجِب والجوهر وَالْعرض قَالَ الدواني: الْأُمُور الْعَامَّة مشتقات وَهِي لَيست بأحوال وَالْمَشْهُور عِنْد الْجُمْهُور أَنَّهَا أَحْوَال كالوجود والماهية الْمُطلقَة والشخص الملطق، وَلَيْسَ مِنْهَا الْحَال عِنْد من يَنْفِيه، وَالْوَاجِب لذاته والقدم ليسَا مِنْهَا أَيْضا، كَمَا هُوَ رَأْي الفلاسفة الْقَائِلين بقدم المجردات وَالْحَرَكَة وَالزَّمَان وَالْأَمر يسْتَعْمل فِي الْأَفْعَال، والأمور فِي الْأَقْوَال، وَيجمع الْأَمر بِمَعْنى الْفِعْل على أُمُور لَا غير، وَبِمَعْنى القَوْل على أوَامِر لَا غير [وَاخْتِلَاف الجمعين بِحَيْثُ إِن كل وَاحِد مِنْهُمَا بِمَعْنى يدل على اخْتِلَاف الْمَعْنيين، وَحِينَئِذٍ لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون لفظ الْأَمر حَقِيقَة فيهمَا بالاشتراك اللَّفْظِيّ أَو مجَازًا فيهمَا أَو حَقِيقَة فِي الْفِعْل مجَازًا فِي الْأَمر أَو بِالْعَكْسِ، لَا سَبِيل إِلَى الأول، لِأَن الِاشْتِرَاك خلاف الأَصْل، وَلَا إِلَى الثَّانِي وَالثَّالِث لانعقاد الْإِجْمَاع على خِلَافه فَتعين الرَّابِع، فالمتوقف على الصِّيغَة حَقِيقَة عندنَا، فَإِن لكل مَقْصُود صِيغَة تدل عَلَيْهِ كالماضي وَالْحَال والاستقبال وَإِلَّا يلْزم قُصُور الْعبارَات عَن الْمَقَاصِد فيختل الْغَرَض الْمَفْرُوض من وضع الْكَلَام، فَيكون المُرَاد بِالْأَمر صِيغَة تدل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ معنى مَقْصُود، وَذَلِكَ الْمَعْنى الْمَقْصُود مُخْتَصّ بِتِلْكَ الصِّيغَة الْمَوْضُوعَة] وَالْأَمر لَا يحْتَمل الصدْق وَالْكذب، بِخِلَاف الْخَبَر وَالْأَمر صِيغَة مرتجلة لَا مقتطع من الْمُضَارع، وَالنَّهْي لَيْسَ بِصِيغَة مرتجلة، وَإِنَّمَا يُسْتَفَاد من الْمُضَارع المجزوم الَّذِي دخلت عَلَيْهِ (لَا) للطلب، لِأَن النَّهْي يتنزل من الْأَمر منزلَة النَّفْي من الْإِيجَاب، فَكَمَا احْتِيجَ فِي النَّفْي إِلَى أَدَاة، كَذَلِك فِي النَّهْي احْتِيجَ إِلَى ذَلِك، وَلذَلِك كَانَ ب (لَا) الَّتِي هِيَ مُشَاركَة فِي اللَّفْظ (لَا) الَّتِي للنَّفْي وَالْأَمر وجودي، وَالنَّهْي عدمي وَالْأَمر استدعاء الْفِعْل بالْقَوْل، وَالنَّهْي استدعاء ترك الْفِعْل بالْقَوْل وَالْأَمر بالشَّيْء يكون نهيا عَن ضِدّه إِذا كَانَ لَهُ ضد وَاحِد، كالأمر بِالْإِيمَان وَالْأَمر بالحركة وَالنَّهْي عَن الْفِعْل أَمر بضده بِإِجْمَاع أهل السّنة وَالْجَمَاعَة إِذا كَانَ لَهُ ضد وَاحِد أَيْضا، كالنهي عَن الْكفْر فَإِنَّهُ يكون أمرا بِالْإِيمَان، وَالنَّهْي عَن الْحَرَكَة فَإِنَّهُ يكون أمرا بِالسُّكُونِ وَإِن كَانَ لَهُ أضداد يكون أمرا بِوَاحِد مِنْهَا غير عين عِنْد الْعَامَّة من أَصْحَابنَا وَأَصْحَاب الحَدِيث وأولو الْأَمر: أَصْحَاب النَّبِي وَمن اتبعهم من أهل الْعلم وَمن الْأُمَرَاء إِذا كَانُوا أولي علم وَدين الْأمة: بِالضَّمِّ، فِي الأَصْل: الْمَقْصُود، الْعُمْدَة وَالْعدة فِي كَونهمَا معمودا ومعدا، وَتسَمى بهَا الْجَمَاعَة من حَيْثُ تؤمها الْفرق كَقَوْلِه: {أمة من النَّاس يسقون} وَأَتْبَاع الْأَنْبِيَاء أمتهم وَتطلق على الرجل الْجَامِع لخصال محمودة {إِن إِبْرَاهِيم كَانَ أمة قَانِتًا لله} [وَمن هُنَا قيل: لَو لم يبْق من الْمُجْتَهدين إِلَّا وَاحِد يكون قَوْله إِجْمَاعًا، لِأَنَّهُ عِنْد الِانْفِرَاد يصدق عَلَيْهِ أَنه أمة]

وعَلى الرجل الْمُنْفَرد بدين لَا يشركهُ فِيهِ غَيره " وَيبْعَث زيد بن عَمْرو بن نفَيْل يَوْم الْقِيَامَة أمة وَحده "، الحَدِيث وعَلى الدّين وَالْملَّة والطريقة الَّتِي تؤم {قَالُوا إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة} وعَلى الْحِين وَالزَّمَان {إِلَى أمة مَعْدُودَة} {وادكر بعد أمة} وعَلى الْقَامَة، يُقَال: (فلَان حسن الْأمة) وعَلى الْأُم، يُقَال: (هَذِه أمة فلَان) يَعْنِي أمه وعَلى جنس من أَجنَاس الْكَلْب: " لَوْلَا أَن الْكلاب أمة من الْأُمَم لأمرت بقتلها "، الحَدِيث وَقَالَ ابْن عَبَّاس: خلق الله ألف أمة، ستمئة فِي الْبَحْر وأربعمئة فِي الْبر وَفِي حُدُود الْمُتَكَلِّمين: الْأمة هم المصدقون بالرسول دون الْمَبْعُوث إِلَيْهِم فِي " المصفي ": الْكفَّار أمة دَعْوَة لَا أمة إِجَابَة والأمية: الصّفة الَّتِي هِيَ على أصل ولادَة أمة لم يتَعَلَّم الْكِتَابَة وَلَا قرَاءَتهَا، [وَقيل: هُوَ من لَا يحسن الْكِتَابَة لِأَنَّهُ لَا يقدر عَلَيْهَا] وَنَبِينَا مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ يقْرَأ من الْكتاب وَإِن كَانَ لَا يكْتب، على مَا رَوَاهُ جَعْفَر الصَّادِق، وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ من معجزاته وَجمع أم: أُمَّهَات، والأمات: للبهائم، لِأَن الْهَاء تخْتَص بالعقلاء، وَقد سمع فِيهَا الْأَمْرَانِ جَمِيعًا والإمة، بِالْكَسْرِ: النِّعْمَة وَالْحَالة الَّتِي يكون عَلَيْهَا الآم أَي: القاصد و [الْأمة] بِالْفَتْح: الشَّجَّة أم: كلمة تفِيد الِاسْتِفْهَام، وَهِي مَعَ الْهمزَة المعادلة تقدر ب (أَي) ، و (أَو) مَعَ الْهمزَة تقدر ب (أحد) ، وَجَوَاب الِاسْتِفْهَام مَعَ (أم) المعادلة بِالتَّعْيِينِ وَمَعَ (أَو) ب (لَا) أَو (نعم) وَيَقَع (أم) موقع (بل) {أم يَقُولُونَ شَاعِر} و (أم) الْمُتَّصِلَة لطلب التَّصَوُّر، والمنقطعة لطلب التَّصْدِيق؛ والمتصلة تفِيد معنى وَاحِدًا، والمنقطعة تفِيد مَعْنيين غَالِبا، وهما الإضراب والاستفهام والمتصلة مُلَازمَة لإِفَادَة الِاسْتِفْهَام أَو لَازِمَة وَهُوَ التَّسْوِيَة والمنقطعة قد تنسلخ عَنهُ رَأْسا لما عرفت أَنَّهَا تفِيد مَعْنيين؛ فَإِذا تجردت عَن أَحدهمَا بَقِي عَلَيْهَا الْمَعْنى الآخر؛ والمتصلة لَا تفِيد إِلَّا الِاسْتِفْهَام، فَلَو تجردت عَنهُ صَارَت مُهْملَة وَمَا قبل الْمُتَّصِلَة لَا يكون إِلَّا استفهاما، وَمَا قبل المنقطعة يكون استفهاما وَغَيره وَمَا بعد الْمُتَّصِلَة يكون مُفردا وَجُمْلَة، وَمَا بعد المنقطعة لَا يكون إِلَّا جملَة والمتصلة قد تحْتَاج لجواب وَقد لَا يحْتَاج؛ والمنقطعة تحْتَاج للجواب والمتصلة إِذا احْتَاجَت إِلَى جَوَاب فَإِن جوابها يكون بِالتَّعْيِينِ، والمنقطعة إِنَّمَا تجاب ب (نعم) أَو ب (لَا) وَنقل أَبُو حَيَّان عَن جَمِيع الْبَصرِيين وَهُوَ رَأْي ابْن مَالك أَن (أم) المنقطعة لَا يتَعَيَّن تقديرها ب (بل) والهمزة، ونظيرها قَوْله تَعَالَى: (أم جعلُوا لله

شُرَكَاء} {أم هَل تستوي الظُّلُمَات والنور} ، وَذهب الْكسَائي إِلَى أَن (أم) المنقطعة لَا يتَعَيَّن تقديرها ب (بل) فَقَط، ونظيرها قَوْله تَعَالَى: {أم لَهُ الْبَنَات وَلكم البنون} تَقْدِيره: بل أَله الْبَنَات وَلكم البنون وَذهب أَبُو زيد الْأنْصَارِيّ إِلَى أَن (أم) فِي قَوْله تَعَالَى: {أم أَنا خير من هَذَا} زَائِدَة أما: وضعت لمزيد تَقْرِير لَا يفهم هُوَ لَوْلَا هِيَ، أَلا ترى إِلَى قَوْلك: (زيد منطلق) حَيْثُ يفهم مِنْهُ خبر الانطلاق ساذجا، وَإِذا زِدْت فِي أَوله (أما) يفهم مِنْهُ الانطلاق لَا محَالة، فَعَن هَذَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي تَقْرِيره: مهما يكن من شَيْء فزيد منطلق، وَهِي حرف وضع لتفصيل الْجمع، وَقطع مَا قبله عَمَّا بعده عَن الْعَمَل وأنيب عَن جملَة الشَّرْط وحرفه فَاسْتحقَّ بذلك جَوَابا، وَجَوَابه جملَة يلْزمهَا الْفَاء، وَلَا بُد أَن يفصل بَين (أما) وَبَين الْفَاء فاصل، مُبْتَدأ أَو مفعول أَو جَار ومجرور؛ فالمبتدأ كَقَوْلِك: أما زيد فكريم وَأما بكر فلئيم؛ وَالْمَفْعُول كَقَوْلِك: أما زيدا فأكرمت وَأما عمرا فأهنت؛ وَالْجَار وَالْمَجْرُور كَقَوْلِك: أما فِي زيد فرغبت وَأما على بكر فَنزلت، وَهِي على نَوْعَيْنِ فِي الِاسْتِعْمَال: الأول أَنَّهَا مركبة من (أَن) المصدرية و (مَا) كَمَا فِي قَوْلك: أما أَنْت مُنْطَلقًا انْطَلَقت، أَي: لِأَن كنت مُنْطَلقًا انْطَلَقت، فَحذف اللَّام، كَمَا فِي {أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى} ثمَّ حذف (كَانَ) للاختصار وَزيد (مَا) عوضا عَنهُ وَالثَّانِي أَنَّهَا متضمنة معنى الشَّرْط وَهِي على نَوْعَيْنِ: إِمَّا للاستئناف من غير أَن يتقدمها إِجْمَال، كَمَا فِي أَوَائِل الْكتب وَهُوَ: (أما بعد) ، وَإِمَّا للتفصيل، وَهُوَ غَالب أَحْوَاله كَقَوْلِك بعد ذكر زيد وَعَمْرو وَبكر: أما زيد فاكسه وَأما عَمْرو فأطعمه وَأما بكر فَأَحبهُ، وَمِنْه: {أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين} {وَأما الْغُلَام} {وَأما الْجِدَار} الْآيَة وللتوكيد، كَقَوْلِك: أما زيد فذاهب، إِذا أردْت أَنه ذَاهِب لَا محَالة وَأَنه مِنْهُ عَزِيمَة وَالْمَشْهُور أَنَّهَا فِي (أما بعد) لتفصيل الْمُجْمل مَعَ التَّأْكِيد وَفِي " الرضي " أَنَّهَا لمُجَرّد التَّأْكِيد، وَمَتى كَانَت لتفصيل الْمُجْمل وَجب تكرارها، ولتضمنها معنى الِابْتِدَاء لم يَأْتِ عقيبها إِلَّا الِاسْم لاختصاصه بِهِ، ولتضمنها معنى الشَّرْط لزم الْفَاء فِي جوابها نَحْو: (أما زيد فمنطلق) ، أَي: مهما يكن من شَيْء فزيد منطلق، بِمَعْنى إِن يَقع فِي الدُّنْيَا شَيْء يَقع ثُبُوت انطلاق زيد، وَمَا دَامَت الدُّنْيَا لَا بُد من وُقُوع شَيْء، فَيدل على انطلاق زيد على جَمِيع التقادير، وَقد تدخل الْفَاء على الْجَزَاء كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَأَما الَّذين آمنُوا فيعلمون} وَأَن كَانَ الأَصْل دُخُول الْفَاء على الْجُمْلَة، لِأَنَّهَا الْجَزَاء كَرَاهَة إِيلَاء حرف الشَّرْط، والمبتدأ عوض عَن الشَّرْط لفظا، وَلَا تدخل (أما) على الْفِعْل لِأَنَّهَا قَائِمَة مقَام كلمة الشَّرْط وَفعله، وَلَا يدْخل فعل على فعل

وَأما: فِيمَا يُرَاد تَفْصِيل الْمُجْمل كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَأَما الَّذين شَقوا فَفِي النَّار} {وَأما الَّذين سعدوا فَفِي الْجنَّة} وتركيب (إِمَّا) العاطفة على قَول سِيبَوَيْهٍ من (إِن) الشّرطِيَّة و (مَا) النافية و (إِمَّا) بِالْكَسْرِ فِي الْجَزَاء مركبة من (إِن) و (مَا) وَقد تبدل ميمها الأولى يَاء كَمَا فِي (أما) بِالْفَتْح، استثقالا لَا للتضعيف كَقَوْلِه: (يَا ليتما أمنا شالت نعامتها ... إيما إِلَى جنَّة إيما إِلَى النَّار) وَقد تحذف (مَا) كَقَوْلِه: (سقته الرواعد من صيف ... وَإِن من خريف فَلَنْ يعدما) أَي: إِمَّا من صيف وَإِمَّا من خريف و (إِمَّا) بِالْكَسْرِ فِيمَا يُرَاد التَّخْيِير أَو الشَّك نَحْو: {فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء} ؛ وَتقول فِي الشَّك: (لقِيت إِمَّا زيدا وَإِمَّا عمرا) وتجيء للتفصيل ك (أما) بِالْفَتْح نَحْو: {إِمَّا شاكرا وَإِمَّا كفورا} وللإبهام نَحْو: {إِمَّا يعذبهم وَإِمَّا يَتُوب عَلَيْهِم} وَالْإِبَاحَة نَحْو: (تعلم إِمَّا فقها وَإِمَّا نَحوا) وَنَازع فِي هَذَا جمَاعَة وَإِذا ذكرت مُتَأَخِّرَة يجب أَن يتقدمها (إِمَّا) أُخْرَى وَإِذا ذكرت سَابِقَة فقد تذكر فِي اللَّاحِق (إِمَّا) أَو كلمة (أَو) ويبنى الْكَلَام مَعَ (إِمَّا) من أول الْأَمر على مَا جِيءَ بهَا من أَجله، وَلذَلِك وَجب تكرارها، وَقد جَاءَت غير مكررة بقوله تَعَالَى: {فَأَما الَّذين آمنُوا بِاللَّه واعتصموا بِهِ فسيدخلهم فِي رَحْمَة مِنْهُ وَفضل} ويقبح الْكَلَام مَعَ (أَو) على الْجَزْم ثمَّ يطْرَأ الْإِبْهَام أَو غَيره، وَلِهَذَا لَا يتَكَرَّر وَاعْلَم أَن كلمتي (إِمَّا) و (أَو) لَهما ثَلَاثَة معَان فِي الْخَبَر: الشَّك والإبهام وَالتَّفْصِيل وَفِي الْأَمر لَهما معينان: التَّخْيِير وَالْإِبَاحَة، فالشك إِذا أخْبرت عَن أحد الشَّيْئَيْنِ وَلَا تعرفه بِعَيْنِه، والإبهام: إِذا عَرفته بِعَيْنِه وقصدت أَن يبهم الْأَمر على الْمُخَاطب، فَإِذا قلت: (جَاءَنِي إِمَّا زيد وَإِمَّا عَمْرو) ، و (جَاءَنِي زيد أَو عَمْرو) وَلم تعرف الجائي مِنْهُمَا بِعَيْنِه ف (إِمَّا) و (أَو) للشَّكّ؛ وَإِذا عَرفته وقصدت الْإِبْهَام على السَّامع فهما للإبهام؛ وَإِذا لم تشك وَلم تقصد الْإِبْهَام على السَّامع فهما للتفصيل و (مَا) فِي (أما وَالله) بِالتَّخْفِيفِ مزيدة للتوكيد رَكبُوهَا مَعَ همزَة الِاسْتِفْهَام واستعملوا مجموعهما على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يُرَاد بِهِ معنى حَقًا فِي قَوْله: (أما وَالله لَأَفْعَلَنَّ) وَالْآخر: أَن يكون افتتاحا للْكَلَام بِمَنْزِلَة (أَلا) كَقَوْلِك: (أما زيد منطلق) وَأكْثر مَا يحذف ألفها إِذا وَقع بعْدهَا الْقسم ليدل على شدَّة اتِّصَال الثَّانِي بِالْأولِ، لِأَن الْكَلِمَة إِذا

بقيت على حرف وَاحِد لم تقم بِنَفسِهَا، فَعلم بِحَذْف ألف (مَا) افتقارها إِلَى الْهمزَة الْإِمْكَان: هُوَ أَعم من الوسع، لِأَن الْمُمكن قد يكون مَقْدُورًا للبشر، وَقد يكون غير مَقْدُور لَهُ، والوسع رَاجع إِلَى الْفَاعِل والإمكان إِلَى الْمحل، وَقد يكونَانِ مترادفين بِحَسب مُقْتَضى الْمقَام والإمكان إِمَّا عبارَة عَن كَون الْمَاهِيّة بِحَيْثُ يتساوى نِسْبَة الْوُجُود والعدم إِلَيْهِ، أَو عبارَة عَن نفس التَّسَاوِي على اخْتِلَاف العبارتين، فَيكون صفة للماهية حَقِيقَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ، والاحتياج صفة الْمَاهِيّة بِاعْتِبَار الْوُجُود والعدم، لَا من حَيْثُ هِيَ هِيَ، لِأَن الْمُمكن فِي ترجح أحد طَرفَيْهِ على الآخر يحْتَاج إِلَى الْفَاعِل إيجادا أَو إحداثا لَا فِي نفس التَّسَاوِي، فَإِنَّهُ مَحْض اعْتِبَار عَقْلِي وللمكن أَحْوَال ثَلَاث: تَسَاوِي الطَّرفَيْنِ، ورجحان الْعَدَم بِحَيْثُ لَا يُوجب الِامْتِنَاع، ورجحان الْوُجُود بِحَيْثُ لَا يُوجب الْوُجُود [ويستحيل أَن يخرج كل مُمكن إِلَى الْوُجُود بِحَيْثُ لَا يبْقى من الممكنات شَيْء فِي الْعَدَم، بل يجوز أَن يكون مُمكن لَا يُوجد أصلا، وَلم تتَعَلَّق الْإِرَادَة بِوُجُودِهِ، بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {وَلَو شِئْنَا لآتينا كل نفس هداها} ونظائره كَثِيرَة وَهل يُمكن وجود مُمكن لَيْسَ متحيزا أَو لَا قَائِما بالمتحيز كَمَا يَقُول الفلاسفة فِي الْعُقُول والنفوس الفلكية والإنسانية؟ قَالَت الْمُعْتَزلَة وَكثير من أَصْحَاب الأشاعرة: هَذَا مِمَّا لَا يدل عَلَيْهِ دَلِيل من عقل وَلَا نقل، فَلَا يكون ثَابتا فِي نَفسه؛ وَحَاصِله يرجع إِلَى نفي الْمَدْلُول لانتفاه دَلِيله وَالْأَقْرَب فِي هَذَا الْبَاب أَن يُقَال: وجود مُمكن مثل هَذَا شَأْنه لَا سَبِيل إِلَى إثْبَاته، وَسَوَاء كَانَ ثَابتا فِي نفس الْأَمر أَو لم يكن ثَابتا وَقَالَ بَعضهم: مَا الْمَانِع من وجود مَا لَيْسَ متحيزا وَلَا قَائِما بالمتحيز، وَيمْتَنع اختراعه بِحَيْثُ المتحيز؛ كَمَا أَنه يمْتَنع اختراع عرض غير قَائِم بالمتحيز، وَمَا الْمَانِع أَيْضا من جَوَاز قِيَامه بالمتحيز إِذا خلق فِي حيثه، وَيكون قَائِما بِنَفسِهِ إِذا لم يخلق فِي حَيْثُ المتحيز وَبِه وينفصل عَن الْعرض، حَيْثُ لَا تصور لوُجُوده إِلَّا فِي حَيْثُ المتحيز] والإمكان الْعَام: هُوَ سلب الضَّرُورَة عَن أحد الطَّرفَيْنِ والإمكان الْخَاص: سلب الضَّرُورَة عَن الطَّرفَيْنِ والإمكان الذاتي: بِمَعْنى التجويز الْعقلِيّ الَّذِي لَا يلْزم من فرض وُقُوعه محَال، وَهَذَا النَّوْع من الْمُمكن قد لَا يكون الْبَتَّةَ وَاقعا كمنارة من مَاء، وتمييز ماءين صبا فِي إِنَاء وَقد يعد محالا عَادَة فتبتنى على امْتِنَاعه أَدِلَّة بعض المطالب الْعَالِيَة، كبرهان الوحدانية المبتنى على التمانع عِنْد وُقُوع التَّعَدُّد، وَلَا يكون احْتِمَال وُقُوعه قادحا فِي كَون إِدْرَاك نقيضه علما، كالجزم بِأَن هَذَا حجر لَا يقْدَح فِي كَونه علما لاحْتِمَال انقلابه حَيَوَانا، مَعَ اشتراطهم فِي الْعلم عدم احْتِمَال النقيض، والخلاء عِنْد الْمُتَكَلِّمين من هَذَا الْقَبِيل والإمكان الذاتي أَمر اعتباري يعقل الشَّيْء عِنْد انتساب ماهيته إِلَى الْوُجُود، وَهُوَ لَازم لماهية الْمُمكن، قَائِم بهَا، يَسْتَحِيل انفكاكه عَنْهَا، وَبِه يسْتَدلّ على جَوَاز إِعَادَة الْمَعْدُوم، خلافًا

للفلاسفة، وَلَا يتَصَوَّر فِيهِ تفَاوت بِالْقُوَّةِ والضعف والقرب والبعد والإمكان الاستعدادي أَمر مَوْجُود من مقولة الكيف، قَائِم بِمحل الشَّيْء الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ الْإِمْكَان لَا بِهِ، وَغير لَازم وقابل للتفاوت وَالْمَفْهُوم الْمُمكن الْعَام يصدق على الْوَاجِب والممتنع والممكن الْخَاص، فَالْوَاجِب من أَفْرَاده الضَّرُورِيّ الْوُجُود والممتنع من أَفْرَاده الضَّرُورِيّ الْعَدَم والممكن الْخَاص من أَفْرَاد اللاضروري الْوُجُود واللاضروري الْعَدَم، [والممتنع من أَفْرَاده الضَّرُورِيّ الْعَدَم] وَلَا يكون الْمَفْهُوم الْمُمكن الْعَام جِنْسا لشَيْء من الْأَشْيَاء لتباين المقولات الَّتِي هُوَ الْجَوَاهِر والأعراض الصَّادِق على جَمِيعهَا الْمُمكن الْعَام الإِمَام: جمع بِلَفْظ الْوَاحِد، وَلَيْسَ على حد عدل، لأَنهم قَالُوا: إمامان، بل جمع مكسر، وأيمة وآمة: شَاذ، كَذَا فِي " الْقَامُوس " قَالَ بَعضهم: وَالْجمع (أَئِمَّة) بِهَمْزَة بعْدهَا همزَة بَين بَين، أَي: بَين مخرج الْهمزَة وَالْيَاء، وَتَخْفِيف الهمزتين قِرَاءَة مَشْهُورَة وَإِن لم تكن مَقْبُولَة عِنْد الْبَصرِيين وَلَا يجوز التَّصْرِيح بِالْيَاءِ والإمامة: مصدر (أممت الرجل) أَي: جعلته أَمَامِي، أَي: قدامي؛ ثمَّ جعلت عبارَة عَن رياسة عَامَّة تَتَضَمَّن حفظ مصَالح الْعباد فِي الدَّاريْنِ، يُقَال: (هَذَا أيم مِنْهُ وأوم) أَي: أحسن إِمَامَة، كَمَا فِي " الراموز " وَقَالَ بَعضهم: الإِمَام من يؤتم بِهِ: أَي يقْتَدى، سَوَاء كَانَ إنْسَانا يقْتَدى بقوله وَفعله، ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى، أَو كَاتبا، أَو غَيرهمَا وَالصَّوَاب ترك الْهَاء مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصفة، بل هُوَ اسْم مَوْضُوع لذات وَمعنى مُعينين كاسم الزَّمَان وَالْمَكَان، بِخِلَاف نَحْو (الْمُقْتَدِي) فَإِن الذَّات فِيهِ مُبْهمَة [قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله: هُوَ (فعال) من صِيغ الْآلَة كالإزار والرداء وَغير ذَلِك] وَالْإِمَام: الْكتاب نَحْو: {أحصيناه فِي إِمَام مُبين} أَي: فِي لوح مَحْفُوظ سمي بِهِ لكَونه أصل كل مَا كتب [من كتب] وصحف، كَمَا سمي مصحف عُثْمَان إِمَامًا لذَلِك وَأما {يَوْم نَدْعُو كل أنَاس بإمامهم} فقد قَالُوا: الإِمَام هُنَاكَ جمع (أم) أَي: يدعونَ يَوْم الْقِيَامَة بأمهاتهم، رِعَايَة لحق عِيسَى النَّبِي، أَو إِظْهَارًا لشرف الْحسن وَالْحُسَيْن، أَو أَن لَا يفتضح أَوْلَاد الزنية قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَهَذَا غلط، لِأَن أما لَا يجمع على إِمَام {وإنهما لبإمام مُبين} أَي: لبطريق وَاضِحَة والأمام بِالْفَتْح: نقيض الوراء كقدام، يكون اسْما وظرفا، وَقد يذكر وأمامك: كلمة تحذير وَالْإِمَام: إِذا ذكر فِي كتب الْمَعْقُول يُرَاد بِهِ الْفَخر الرَّازِيّ؛ وَفِي كتب الْأُصُول: إِمَام الْحَرَمَيْنِ الْأَمَانَة: مصدر (أَمن) بِالضَّمِّ: إِذا صَار أَمينا، ثمَّ

يُسمى بهَا مَا يُؤمن عَلَيْهِ وَهِي أهم من الْوَدِيعَة لاشْتِرَاط قصد الْحِفْظ فِيهَا بِخِلَاف الْأَمَانَة وَالْأَمَانَة عين والوديعة معنى، فيكونان متابنين وكل مَا افْترض على الْعباد فَهُوَ أَمَانَة كَصَلَاة وَزَكَاة وَصِيَام وَأَدَاء دين، وأوكدها الودائع، وأوكد الودائع كتم الْأَسْرَار والأمن: فِي مُقَابلَة الْخَوْف مُطلقًا، لَا فِي مُقَابلَة خوف الْعَدو بِخُصُوصِهِ، وَلَا يتَعَدَّى إِلَّا ب (من) ، وَأما {أفأمنوا مكر الله} فَإِنَّمَا هُوَ بتضمين معنى الْفِعْل الْمُتَعَدِّي الامتلاء: هُوَ مُطَاوع (مَلأ) الَّذِي يتَعَدَّى إِلَى أحد مفعوليه بِنَفسِهِ وَإِلَى الآخر بِحرف الْجَرّ؛ و (مَلَأت الْإِنَاء مَاء) نصب (مَاء) على التَّمْيِيز؛ وَفِي (امْتَلَأَ الْإِنَاء مَاء) الأَصْل (من مَاء) وَإِذا جعل تمييزا فَالْأولى أَن يحمل على أَنه مُمَيّز جملَة جرى مجْرى مُمَيّز الْمُفْرد، فَإِن (من) لَا تدخل على مُمَيّز الْجُمْلَة الْإِمْدَاد: هُوَ تَأْخِير الْأَجَل، وَأَن تنصر الأجناد بِجَمَاعَة غَيْرك، والإعطاء، والإغاثة [قيل: مَا كَانَ على جِهَة الْقُوَّة والإعانة يُقَال فِيهِ: أمده إمدادا، وَمَا كَانَ على جِهَة الزِّيَادَة يُقَال فِيهِ: مده مدا، وَمِنْه: {وَالْبَحْر يمده} ] وَأكْثر مَا جَاءَ فِي الْقُرْآن الْإِمْدَاد فِي الْخَيْر نَحْو: {وأمددناكم بأموال وبنين} وَالْمدّ: فِي الشَّرّ نَحْو: {ونمد لَهُ من الْعَذَاب} {ويمدهم فِي طغيانهم} بِخِلَاف أمطر، فَإِنَّهُ فِي الْخَيْر وَالشَّر، ومطر فِي الْخَيْر فَقَط، وَفِي أمطر معنى الْإِرْسَال حَتَّى يعدى إِلَى مَا أَصَابَهُ ب (على) وَإِلَى من أرسل وَأُصِيب بِنَفسِهِ ومطر يعدى إِلَى مَا أَصَابَهُ بِنَفسِهِ [الإملال والإملاء: لُغَتَانِ فصيحتان مَعْنَاهُمَا وَاحِد جَاءَ بهما الْقُرْآن: {فَهِيَ تملى عَلَيْهِ بكرَة وَأَصِيلا} من الْإِمْلَاء، {وليملل الَّذِي عَلَيْهِ الْحق} من الإملال وَلما قلبت اللَّام يَاء فِي (أمللت) تبعه الْمصدر فِي ذَلِك فَصَارَ (إملايا) فَقلب حرف الْعلَّة الْوَاقِع بعد الْألف الزَّائِدَة همزَة] الْأُم: الوالدة حَقِيقَة: وَفِي مَعْنَاهَا: كل امْرَأَة رَجَعَ نسبك إِلَيْهَا بِالْولادَةِ من جِهَة أَبِيك أَو من جِهَة أمك الأمل: هُوَ مَا تقيد بالأسباب والأمنية: مَا تجردت عَنْهَا؛ {ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته} أَي: فِي تِلَاوَته وَالْجمع أماني؛ والأماني أَيْضا مَا يتمناه الْإِنْسَان ويشتهيه، والأكاذيب أَيْضا الْإِمَارَة: بِالْكَسْرِ، الْولَايَة، وبالفتح: الْعَلامَة

أمس: إِذا أُرِيد بِهِ قبل يَوْمك فَهُوَ مَبْنِيّ لتَضَمّنه معنى لَام التَّعْرِيف، فَإِنَّهُ معرفَة بِدَلِيل (الدابر) ، وَلَوْلَا أَنه معرفَة بِتَقْدِير اللَّام لما وصف بالمعرفة، وَهَذَا مِمَّا وَقعت مَعْرفَته قبل نكرته وَالَّذِي يُرَاد بِهِ الزَّمَان الْمَاضِي فَهُوَ مُعرب يدْخل عَلَيْهِ الْألف وَاللَّام {كَأَن لم تغن بالْأَمْس} وَلَا يُضَاف [نوع] {إِلَّا أماني} : أَحَادِيث آمين: استجب أَو كَذَلِك افْعَل هَذَا الْفِعْل {وأملي لَهُم} : أطيل لَهُم الْمدَّة وأتركهم ملاوة من الدَّهْر، أَي: حينا من الدَّهْر وأمرنا وآمرنا: بِمَعْنى وَاحِد أَي: كَثرْنَا وأمرناهم: مشددا جعلناهم أُمَرَاء وَيُقَال: أمرنَا من الْأَمر أَي: أمرناهم بِالطَّاعَةِ {خشيَة إملاق} : الْفقر أَو الْجُوع {أمرنَا مُتْرَفِيهَا} : سلطنا شِرَارهَا {عرضنَا الْأَمَانَة} : الْفَرَائِض، أَو كلمة التَّوْحِيد، وَقيل: الْعَدَالَة، وَقيل: حُرُوف التهجي، وَقيل: الْعقل وَهُوَ الصَّحِيح كَمَا فِي " الْمُفْردَات " {نُطْفَة أمشاج} : مُخْتَلفَة الألوان؛ عَن ابْن عَبَّاس: اخْتِلَاط مَاء الرجل وَمَاء الْمَرْأَة {وأملي لَهُم} : وأمهلهم {فِي إِمَام مُبين} : يَعْنِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ {أمتعكن} : أعطكن الْمُتْعَة {لكل أمة} : أهل دين {بعد أمة} : بعد حِين {امتكم} : دينكُمْ {شَيْئا} : أمرا عَظِيما {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا آمنُوا} : دوموا على الْإِيمَان {كل أنَاس بإمامهم} : كتاب رَبهم. {أمتكُم أمة وَاحِدَة} : ملتكم مِلَّة وَاحِدَة، أَي: متحدة فِي العقائد وأصول الشَّرَائِع، أَو جماعتكم جمَاعَة وَاحِدَة، أَي: متفقة على الْإِيمَان والتوحيد فِي الْعِبَادَة {أمثلهم طَريقَة} : أعدلهم رَأيا أَو عملا {عوجا وَلَا أمتا} : نتوءا أَو ارتفاعا وهبوطا {أمدا} : غَايَة {وَمِنْهُم أُمِّيُّونَ} : جهلة {لَا يعلمُونَ الْكتاب إِلَّا أماني} : أَي إِلَّا كذبا

فصل الألف والنون

أَو تِلَاوَة مُجَرّدَة عَن الْمعرفَة من حَيْثُ التِّلَاوَة بِلَا معرفَة الْمَعْنى تجْرِي عِنْد صَاحبهَا مجْرى أُمْنِية يمنيه على التخمين {فأمه هاوية} : أَي: مثواه النَّار {امكثوا} : أقِيمُوا مَكَانكُمْ {أَو أمضي حقبا} : أَو أَسِير زَمَانا طَويلا {آمين الْبَيْت} : قَاصِدين لزيارته (فصل الْألف وَالنُّون) [الْإِنْكَار] : عَن مُجَاهِد: كل شَيْء فِي الْقُرْآن (أَن) فَهُوَ إِنْكَار [الْإِنْفَاق] : قَالَ بَعضهم: كل إِنْفَاق فِي الْقُرْآن فَهُوَ الصَّدَقَة، إِلَّا {فآتوا الَّذين ذهبت أَزوَاجهم مثل مَا أَنْفقُوا} فَإِن المُرَاد الْمهْر [انْتهى] : كل شَيْء بلغ الْحَد فقد انْتهى [أنسي] : كل مَا يؤنس بِهِ فَهُوَ أنسي [انتحى] : كل من جد فِي أَمر فقد انتحى فِيهِ، وَمِنْه: (انتحى الْفرس فِي عدوه) [إِنَّمَا، أَنما] كل مَا أوجب (إِنَّمَا) بِالْكَسْرِ للحصر أوجب (أَنما) بِالْفَتْح للحصر أَيْضا، لِأَنَّهَا فرع عَنْهَا، وَمَا ثَبت للْأَصْل ثَبت للفرع، مَا لم يثبت مَانع مِنْهُ وَالْأَصْل عَدمه، وَمُوجب الْحصْر مَوْجُود فيهمَا، وَهُوَ تضمن معنى (مَا) و (إِلَّا) أَو اجْتِمَاع حرفي التَّأْكِيد؛ وَقد اجْتمع الحصران فِي قَوْله تَعَالَى: {قل إِنَّمَا يُوحى إِلَيّ أَنما إِلَهكُم إِلَه وَاحِد} وَفَائِدَة الِاجْتِمَاع الدّلَالَة على أَن الْوَحْي مَقْصُور على استئثار الله بالوحدانية؛ والحصر مُقَيّد لِأَن الْخطاب مَعَ الْمُشْركين، لَا مُطلق، لاقْتِضَائه أَنه لم يُوح إِلَيْهِ سوى التَّوْحِيد وَلَيْسَ كَذَلِك هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيّ والبيضاوي [وَقَالَ الْفَخر الرَّازِيّ: (إِنَّمَا) لحصر الشَّيْء فِي الحكم أَو لحصر الحكم فِي الشَّيْء، لِأَن (إِن) للإثبات و (مَا) للنَّفْي، وَيَقْتَضِي إِثْبَات الْمَذْكُور وَنفي مَا عداهُ، وَاعْترض عَلَيْهِ بِأَن (مَا) فِي (إِنَّمَا) كَافَّة عِنْد النُّحَاة وَلَيْسَت بنافية، لِأَنَّهَا قسيمه، وقسيم الشَّيْء لَا يكون عينه وَلَا قسمه، وَبِأَن دُخُول (إِن) على (مَا) النافية لَا يَسْتَقِيم، لِأَن كلا مِنْهُمَا لَهُ صدر الْكَلَام فَلَا يجمع بَينهمَا] وَذهب جمَاعَة من الْفُقَهَاء وَالْغَزالِيّ وَغَيرهم إِلَى أَن (إِنَّمَا) بِالْكَسْرِ ظَاهر فِي الْحصْر إِن احْتمل التَّأْكِيد، لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " إِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق " و " إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ " قُلْنَا: الْحصْر لم ينشأ إِلَّا من عُمُوم الْوَلَاء والأعمال، إِذْ الْمَعْنى: كل وَلَاء للْمُعْتق، وكل عمل بنية، وَهُوَ كلي مُوجب فَيَنْتَفِي مُقَابِله الجزئي السالب قَالَ الْآمِدِيّ وَأَبُو حَيَّان: (إِنَّمَا) لَا تفِيد الْحصْر وَإِنَّمَا تفِيد تَأْكِيد الْإِثْبَات فَقَط، لِأَنَّهَا مركبة من (إِن) الْمُؤَكّدَة و (مَا) الزَّائِدَة الكافة، وَلَا تعرض لَهَا للنَّفْي الْمُشْتَمل عَلَيْهِ الْحصْر، بِدَلِيل حَدِيث: " إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَة " فَإِن الرِّبَا فِي غير النَّسِيئَة كربا الْفضل ثَابت بِالْإِجْمَاع وَقَوله تَعَالَى: (إِنَّمَا

حرم رَبِّي الْفَوَاحِش} إِذْ لَيْسَ (إِنَّمَا) فِيهِ للحصر، والحصر فِي {إِنَّمَا إِلَهكُم الله} من أَمر خَارج، وَذَلِكَ أَنه سيق للرَّدّ على المخاطبين فِي اعْتِقَادهم إلهية غير الله وَالْجُمْهُور على أَن (أَنما) بِالْفَتْح لَا يُفِيد الْحصْر؛ وَالْفرع لَا يجب أَن يجْرِي على وتيرة الأَصْل فِي جَمِيع أَحْكَامه وَقيل: الْمَفْتُوحَة أصل الْمَكْسُورَة؛ وَقيل: كل مِنْهُمَا أصل بِرَأْسِهِ، وَأحسن مَا يسْتَعْمل (إِنَّمَا) فِي مَوَاضِع التَّعْرِيض نَحْو: {إِنَّمَا يتَذَكَّر أولو الْأَلْبَاب} إِن: بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيد هِيَ فِي لُغَة الْعَرَب تفِيد التَّأْكِيد وَالْقُوَّة فِي الْوُجُود، وَلِهَذَا أطلقت الفلاسفة لفظ الإنية على وَاجِب الْوُجُود لذاته، لكَونه أكمل الموجودات فِي تَأْكِيد الْوُجُود وَفِي قُوَّة الْوُجُود، وَهَذَا لفظ مُحدث لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب (وَإِن) من الْحُرُوف الَّتِي شابهت الْفِعْل فِي عدد الْحُرُوف وَالْبناء على الْفَتْح وَلُزُوم الْأَسْمَاء وَإِعْطَاء مَعَانِيهَا والتعدي خَاصَّة فِي دُخُولهَا على اسْمَيْنِ، وَلذَلِك عملت عمله الفرعي، وَهُوَ نصب الْجُزْء الأول وَرفع الثَّانِي إِيذَانًا بِأَنَّهُ فرع فِي الْعَمَل دخيل فِيهِ وَهِي مَعَ (مَا) فِي حيزها جملَة وَلَا تعْمل فِي موضعهَا عوامل الْأَسْمَاء والمفتوحة مَعَ (مَا) فِي حيزها مُفْرد وتعمل فِي موضعهَا عوامل الْأَسْمَاء، وَإِنَّمَا اخْتصّت الْمَفْتُوحَة فِي مَوضِع الْمُفْرد لِأَنَّهَا مَصْدَرِيَّة فَجرى مجْرى (أَن) الْخَفِيفَة وَقد تنصب الْمَكْسُورَة الِاسْم وَالْخَبَر كَمَا فِي حَدِيث: " إِن قَعْر جَهَنَّم سبعين خَرِيفًا " وَقد يرْتَفع بعْدهَا الْمُبْتَدَأ فَيكون اسْمهَا ضمير شَأْن محذوفا نَحْو: " إِن من أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة المصورون " وَالْأَصْل إِنَّه و (إِن) و (أَن) كِلَاهُمَا حرفا تَحْقِيق، فَلَا يجوز الْجمع بَينهمَا، لأَنا إِذا منعنَا الْجمع بَين (ان) وَاللَّام لاتِّفَاقهمَا فِي الْمَعْنى، مَعَ أَنَّهُمَا مفترقان فِي اللَّفْظ، فَلِأَن نمْنَع الْجمع بَين (إِن) و (أَن) مَعَ اتِّفَاقهمَا لفظا وَمعنى أولى وَقَالَ بَعضهم: (إِن) الشَّدِيدَة الْمَكْسُورَة إِنَّمَا لَا تدخل على الْمَفْتُوحَة إِذا لم يكن بَينهمَا فصل، وَأما إِذا كَانَ فصل فَلَا منع، للاطباق على جَوَاز (إِن عِنْدِي أَن زيدا منطلق) و (إِن) الْمَكْسُورَة لَا تغير معنى الْجُمْلَة بل تؤكدها، والمفتوحة تغير معنى الْجُمْلَة، لِأَنَّهَا مَعَ الْجُمْلَة الَّتِي بعْدهَا فِي حكم الْمُفْرد؛ وَلِهَذَا وَجب الْكسر فِي كل مَوضِع تبقى الْجُمْلَة بِحَالِهَا، وَوَجَب الْفَتْح فِي كل مَوضِع يكون مَا بعْدهَا فِي حكم الْمُفْرد وَكسرت همزَة (إِن) بعد القَوْل نَحْو: {قَالَ إِنَّه يَقُول إِنَّهَا} لِأَن مقول القَوْل جملَة وَبعد الدُّعَاء نَحْو: {رَبنَا إِنَّك} وَبعد النَّهْي نَحْو: {لَا تحزن إِن الله مَعنا} وَبعد النداء نَحْو: {يَا لوط إِنَّا رسل رَبك} وَبعد (كلا) نَحْو: {كلا إِنَّهُم}

وَبعد الْأَمر نَحْو: {ذُقْ إِنَّك} وَبعد (ثمَّ) نَحْو: {ثمَّ إِن علينا} وَبعد الإسم الْمَوْصُول، لِأَن صلَة الْمَوْصُول لَا تكون إِلَّا جملَة نَحْو: {آتيناه من الْكُنُوز مَا إِن مفاتحه} وتكسر أَيْضا إِذا دخل اللَّام على خَبَرهَا نَحْو: {إِنَّك لرَسُوله} وَكَذَا إِذا وَقعت جَوَاب الْقسم نَحْو: {وَالْعصر إِن الْإِنْسَان} لِأَن جَوَاب الْقسم لَا يكون إِلَّا جملَة وَكَذَا إِذا كَانَت مبدوءا بهَا لفظا أَو معنى نَحْو: (إِن زيدا قَائِم) وَكَذَا بعد (أَلا) التنبيهية، وَبعد وَاو الْحَال، وَبعد حَيْثُ قَالَ بَعضهم: وَالْأَوْجه جَوَاز الْوَجْهَيْنِ بعد (حَيْثُ) : الْكسر بِاعْتِبَار كَون الْمُضَاف إِلَيْهِ جملَة، وَالْفَتْح بِاعْتِبَار كَونه فِي معنى الْمصدر وَلُزُوم إضافتها إِلَى الْجُمْلَة لَا يَقْتَضِي وجوب الْكسر، لِأَن الأَصْل فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ أَن يكون مُفردا، وَامْتِنَاع إضافتها إِلَى الْمُفْرد إِنَّمَا هُوَ فِي اللَّفْظ لَا فِي الْمَعْنى؛ على أَن الْكسَائي جوز إضافتها إِلَيْهِ وَإِن: فعل أَمر للمؤنث مُؤَكد بالنُّون الثَّقِيلَة أَن وَأَن الْمَفْتُوحَة الشَّدِيدَة للْحَال، والخفيفة تصلح للماضي والاستقبال وَأَن الشَّدِيدَة تفِيد التَّأْكِيد، وَأَن الناصبة لَا تفيده، وَلذَلِك وَجب أَن تقرن الشَّدِيدَة بِمَا يُفِيد التَّحْقِيق، والمخففة الناصبة بِمَا يدل على الشَّك والتردد فِيهِ وَلَا تعْمل الْخَفِيفَة فِي الضَّمِير إِلَّا لضَرُورَة، بِخِلَاف الشَّدِيدَة؛ وَفِي غير هَذَا من الْأَحْكَام حَالهَا كَحال الشَّدِيدَة إِذا عملت والمفتوحة الشَّدِيدَة تصير مَكْسُورَة بقطعها عَمَّا تتَعَلَّق بِهِ، وَلَا تصير الْمَكْسُورَة مَفْتُوحَة إِلَّا بوصلها بِمَا تتَعَلَّق بِهِ وَالْجُمْلَة مَعَ الْمَكْسُورَة بَاقِيَة على استقلالها بعائدها، وَمَعَ الْمَفْتُوحَة منقبلة إِلَى حكم الْمُفْرد، وهما سيان فِي إِفَادَة التَّأْكِيد وتفتح (أَن) وجوبا بِأَن كَانَت مَعَ مَا بعْدهَا فاعلة نَحْو: (بَلغنِي أَن زيدا قَائِم) لوُجُوب كَون الْفَاعِل مُفردا، وَكَذَا إِذا كَانَت مَعَ مَا بعْدهَا مُبْتَدأ نَحْو: (عِنْدِي أَنَّك عَالم) لوُجُوب كَون الْمُبْتَدَأ مُفردا. وَكَذَا إِذا كَانَت مَعَ مَا بعْدهَا مَفْعُولا نَحْو: (علمت أَنَّك كريم) لوُجُوب كَون الْمَفْعُول مُفردا وَكَذَا إِذا كَانَت مَعَ مَا بعْدهَا مُضَافا إِلَيْهِ نَحْو: (أعجبني اشتهار أَنَّك فَاضل) لوُجُوب كَون الْمُضَاف إِلَيْهِ مُفردا وَكَذَا بعد (لَوْلَا) الابتدائية نَحْو: (لَوْلَا أَنَّك منطلق) لِأَن مَا بعد (لَوْلَا) مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف وَكَذَا بعد (لَو) التحضيضية نَحْو: (لَوْلَا أَن زيدا قَائِم) بِمَعْنى (هلا) ، لِأَن (لَوْلَا) هَذِه يجب دُخُولهَا على الْفِعْل لفظا أَو تَقْديرا وَكَذَا بعد (لَو) نَحْو: (لَو أَنَّك قَائِم) لوُقُوعه موقع الْمُفْرد، لكَونه فَاعِلا لفعل مَحْذُوف، أَي: لَو وَقع قيامك

وَجَاز الْكسر وَالْفَتْح فِي مَوضِع جَازَ فِيهِ تَقْدِير الْمُفْرد وَالْجُمْلَة نَحْو: (من يكرمني فَإِنِّي أكْرمه) فَإِن جعلت تَقْدِيره (فَأَنا أكْرمه) وَجب الْكسر لكَونهَا وَاقعَة ابْتِدَاء، وَإِن جعلت تَقْدِيره (فَجَزَاؤُهُ الْإِكْرَام مني) وَجب الْفَتْح لوقوعها خَبرا لمبتدأ وَهُوَ وَاحِد نَحْو: (أول قولي إِنِّي أَحْمد الله) وَكَذَا إِذا وَقعت بعد (إِذا) الفجائية أَو فَاء الْجَزَاء أَو (أما) أَو (لَا جرم) أَو وَقعت فِي مَوضِع التَّعْلِيل وَقد تخفف الْمُشَدّدَة فَيبْطل عَملهَا عِنْد النُّحَاة كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَن لعنة الله على الظَّالِمين} (أَن) : بِالْفَتْح مُخَفّفَة تدل على ثبات الْأَمر واستقراره لِأَنَّهَا للتوكيد كالمشددة، فَمَتَى وَقعت بعد علم وَجب أَن تكون المخففة نَحْو: {علم أَن سَيكون} وَإِذا وَقعت بعد مَا لَيْسَ بِعلم وَلَا شكّ وَجب أَن تكون الناصبة، وَإِذا وَقعت بعد فعل يحْتَمل الْيَقِين وَالشَّكّ جَازَ فِيهَا وَجْهَان باعتبارين: إِن جَعَلْنَاهُ يَقِينا جعلناها المخففة ورفعنا مَا بعْدهَا، وَإِن جَعَلْنَاهُ شكا جعلناها الناصبة ونصبنا مَا بعْدهَا نَحْو: {وَحَسبُوا أَن لَا تكون} قرئَ بِالرَّفْع إِجْرَاء للظن مجْرى الْعلم، وَبِالنَّصبِ إِجْرَاء لَهُ على أَصله من غير تَأْوِيل، وَهُوَ أرجح وَلِهَذَا أَجمعُوا عَلَيْهِ فِي {الم أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا} وَالَّذِي لَا يدل على ثبات واستقرار تقع بعده الناصبة نَحْو: {وَالَّذِي أطمع أَن يغْفر لي} والمحتمل للأمرين تقع بعده تَارَة المخففة وَتارَة الناصبة لما تقدم من الإعتبارين وتزاد مَعَ (لما) كثيرا نَحْو: {فَلَمَّا أَن جَاءَ البشير} ، وَبعد وَاو الْقسم الْمُتَقَدّم عَلَيْهِ نَحْو: (وَالله أَن لَو قَامَ زيد قُمْت) ، وَبعد الْكَاف قَلِيلا كَقَوْلِه: كَأَن ظَبْيَة تعطو إِلَى ناضر السّلم والفارق بَين (أَن) المخففة والمصدرية: أما من حَيْثُ الْمَعْنى لِأَنَّهُ إِن عني بِهِ الِاسْتِقْبَال فَهِيَ الْخَفِيفَة، وَإِلَّا فَهِيَ المصدرية، وَأما من حَيْثُ اللَّفْظ لِأَنَّهُ إِن كَانَ الْفِعْل الْمَنْفِيّ مَنْصُوبًا فَهِيَ المصدرية، وَإِلَّا فَهِيَ المخففة وَأَن المصدرية يجوز أَن تتقدم على الْفِعْل لِأَنَّهَا معمولة، وَإِذا كَانَت مفسرة لم يجز ذَلِك لِأَن الْمُفَسّر لَا يتَقَدَّم على الْمُفَسّر وَأَن الموصولة المصدرية إِذا وصلت بالماضي يؤول بِالْمَصْدَرِ الْمَاضِي، وَإِذا وصلت بالمضارع يؤول بِالْمَصْدَرِ الْمُسْتَقْبل، وَإِذا وليت الْمُضَارع تنصبه وَكَانَ مَعْنَاهَا الِاسْتِقْبَال، وَإِذا وليت الْمَاضِي خلع عَنْهَا الدّلَالَة على الْمُسْتَقْبل، وَلِهَذَا يَقع بعْدهَا الْمَاضِي الصَّرِيح، تَقول: (سرني أَن قُمْت أمس) وَلَا تدخل (أَن) المصدرية على الْأَفْعَال غير المتصرفة الَّتِي لَا مصَادر لَهَا و (أَن) المخففة: تكون شَرْطِيَّة وَتَكون للنَّفْي كالمكسورة، وَتَكون بِمَعْنى (إِذْ) ، قيل: وَمِنْه: (بل

عجبوا أَن جَاءَهُم مُنْذر} ؛ وَبِمَعْنى (لِئَلَّا) قيل: وَمِنْه: {يبين الله لكم أَن تضلوا} صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالصَّوَاب أَنَّهَا هَهُنَا مَصْدَرِيَّة، وَالْأَصْل: كَرَاهَة أَن تضلوا وَتَقَع بِمَعْنى (الَّذِي) كَقَوْلِهِم: (زيد أَعقل من أَن يكذب) أَي: من الَّذِي يكذب وَتَكون مفسرة بِمَنْزِلَة (أَي) نَحْو: {فأوحينا إِلَيْهِ أَن أصنع الْفلك} و (أَن) المفسرة لَا تكون إِلَّا بعد فعل يتَضَمَّن معنى القَوْل أَعم من أَن يكون ذَلِك بِحَسب دلَالَة اللَّفْظ بِنَفسِهِ، كَمَا فِي: (لبيت) و (ناديت) ، أَو دلَالَة الْحَال كَمَا فِي: {وَانْطَلق الْمَلأ مِنْهُم أَن امشوا} : أَي امشوا [وَقدر (أَن) بعد لَام (كي) وَلَام الْجُحُود فِي " الرضى ": يقدر فِي أَمْثَاله مَعَ كَونهَا زَائِدَة وَفِي " التسهيل ": تظهر (أَن) وتضمر بعد لَام الْجَرّ غير الجحودية] وَيجوز إِظْهَار (أَن) مَعَ لَام (كي) ، وَلَا يجوز مَعَ لَام النَّفْي، لِأَن (لم يكن ليقوم) إِيجَابه (كَانَ سيقوم) فَجعلت اللَّام فِي مُقَابلَة السِّين، فَكَمَا لَا يجوز أَن يجمع بَين (أَن) الناصبة وَبَين السِّين وسوف، كَذَلِك لَا يجمع بَين (أَن) وَاللَّام الَّتِي هِيَ مُقَابلَة لَهَا وَأَن: مُخْتَصَّة بِالْفِعْلِ، وَلذَلِك كَانَت عاملة فِيهِ؛ و (مَا) تدخل على الْفِعْل وَالْفَاعِل والمبتدأ وَالْخَبَر، وَلعدم اخْتِصَاص (مَا) لم تعْمل شَيْئا و (أَن) فِي (أَن الْحَمد وَالنعْمَة لَك) كَمَا فِي أَرْكَان الْحَج بِالْفَتْح على التَّعْلِيل كَمَا قَالَه الشَّافِعِي، كَأَنَّهُ يَقُول: أجيبك لهَذَا السَّبَب، وبالكسر عِنْد أبي حنيفَة وَهُوَ أصح وَأشهر على مَا قَالَه النَّوَوِيّ وأحوط عِنْد الْجُمْهُور كَمَا قَالَه ابْن حجر، وَوجه ذَلِك أَنه يَقْتَضِي أَن تكون الْإِجَابَة مُطلقَة غير مُقَيّدَة وَقد تَجِيء (أَن) بِالْفَتْح بِمَعْنى (لَعَلَّ) حَكَاهُ الْخَلِيل عَن الْعَرَب (إِن) بِالْكَسْرِ مُخَفّفَة: للشَّكّ مثل: {وَإِن كُنْتُم جنبا} و (إِذا) للجزم مثل: {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} لِأَن الْقيام إِلَى الصَّلَاة فِي حق الْمُسلم قَطْعِيّ الْوُقُوع غَالِبا، وَأما الْجَنَابَة فَإِنَّهَا من الْأُمُور الْعَارِضَة غير المجزوم بوقوعها، حَيْثُ يجوز أَن يَنْقَضِي عمر شخص وَلَا يحصل لَهُ الْجَنَابَة بعد أَن صَار مُخَاطبا بالتكاليف الشَّرْعِيَّة [وَاسْتشْكل بقوله تَعَالَى: {وَلَئِن متم} {} (أَفَإِن مَاتَ} ، بقوله {وَإِذا مس الْإِنْسَان ضرّ} وَأجِيب بِأَن الْمَوْت لما كَانَ مَجْهُول الْوَقْت أجري المجزوم مجْرى غير المجزوم وَلما قصد التوبيخ والتقريع أَتَى ب (إِذا) تخويفا لَهُم وإخبارا بِأَنَّهُم لَا بُد أَن يمسهم شَيْء من الْعَذَاب، والتقليل مُسْتَفَاد من لفظ (الْمس) وتنكير (الضّر) قَالَ الْجُوَيْنِيّ: الَّذِي أَظُنهُ أَن (إِذا) يجوز دُخُولهَا على الْمُتَيَقن والمشكوك، لِأَنَّهَا ظرف وَشرط، فبالنظر إِلَى الشَّرْط يدْخل على الْمَشْكُوك، وبالنظر

إِلَى الظّرْف يدْخل على الْمُتَيَقن كَسَائِر الظروف] وَإِن: تكون بِمَعْنى (إِذْ) نَحْو: {وَأَنْتُم الأعلون إِن كُنْتُم مُؤمنين} وَبِمَعْنى (لقد) نَحْو: {إِن كُنَّا عَن عبادتكم لغافلين} وَتَكون شَرْطِيَّة نَحْو: {إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف} وَكَذَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قل إِن كَانَ للرحمن ولد فَأَنا أول العابدين} فَإِنَّهَا لمُجَرّد الشّرطِيَّة فَلَا تشعر بِانْتِفَاء الطَّرفَيْنِ وَلَا بنقيضه، بل بِانْتِفَاء مَعْلُول اللَّازِم الدَّال على انْتِفَاء ملزومه وَقد تقترن ب (لَا) فيظن أَنَّهَا (إِلَّا) الاستثنائية نَحْو: {إِلَّا تنصروه فقد نَصره الله} وَتَكون نَافِيَة وَتدْخل على الْجُمْلَة الاسمية نَحْو: {إِن الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غرور} و {إِن الحكم إِلَّا لله} والفعلية نَحْو: {إِن أردنَا إِلَّا الْحسنى} {وَإِن أَدْرِي أَقَرِيب} وتزاد مَعَ (مَا) النافية نَحْو: (مَا إِن رَأَيْت زيدا) وَحَيْثُ وجدت (إِن) وَبعدهَا لَام مَفْتُوحَة فاحكم بِأَن أَصْلهَا التَّشْدِيد وَقد تكون بِمَعْنى (قد) ، قيل مِنْهُ: {إِن نَفَعت الذكرى} {لتدخلن الْمَسْجِد الْحَرَام إِن شَاءَ الله آمِنين} وَنَحْو ذَلِك مِمَّا كَانَ الْفِعْل فِيهِ محققا [وَقد تَجِيء للتَّأْكِيد كَمَا فِي حَدِيث: " وَإِن زنى وَإِن سرق] وَإِذا دخلت (إِن) على (لم) فالجزم ب (لم) وَإِذا دخلت على (لَا) فالجزم ب (إِن) لَا ب (لَا) ؛ وَذَلِكَ أَن (لم) عَامل يلْزمه معموله، وَلَا يفصل بَينهمَا بِشَيْء؛ و (إِن) يجوز الْفَصْل بَينهَا وَبَين معمولها بمعموله، و (لِئَلَّا) تعْمل الْجَزْم إِذا كَانَت نَافِيَة فأضيف الْعَمَل إِلَى (إِن) وَقد أجروا كلمة (إِن) مَكَان (لَو) وَعَلِيهِ قَوْلنَا: (وَإِلَّا لما فعلته) ، (وَإِلَّا لَكَانَ كَذَا) إِن الوصلية: مُوجبهَا ثُبُوت الحكم بِالطَّرِيقِ الأولى عِنْد نقيض شَرطهَا وَإِن للاستقبال سَوَاء دخلت على الْمُضَارع أَو الْمَاضِي، كَمَا أَن (لَو) للمضي على أَيهمَا دخلت؛ وَقد تسْتَعْمل ك (إِن) فِي الْمُسْتَقْبل فِي نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَلأمة مُؤمنَة خير من مُشركَة وَلَو أَعجبتكُم} ؛ و (إِن) لكَونه لتعليق أَمر بِغَيْرِهِ فِي الِاسْتِقْبَال لَا يكون كل من جملتيه إِلَّا فعلية استقبالية، وَقد يُخَالف ذَلِك لفظا لنكتة، كإبراز غير الْحَاصِل فِي معرض الْحَاصِل لقُوَّة الْأَسْبَاب أَو لكَون مَا هُوَ للوقوع كالواقع، أَو للتفاؤل، أَو لإِظْهَار الرَّغْبَة فِي وُقُوعه نَحْو: (إِن ظَفرت بِحسن الْعَاقِبَة) وَإِن جعلت تِلْكَ الجملتين أَو إِحْدَاهمَا

اسمية أَو فعلية ماضوية فَالْمَعْنى على الاستقبالية وَلَكِن قد يسْتَعْمل (إِن) فِي غير الِاسْتِقْبَال قِيَاسا إِذا كَانَ الشَّرْط لفظ (كَانَ) ، إِذْ قد نَص الْمبرد والزجاج على أَن (إِن) لَا تقلب (كَانَ) إِلَى معنى الِاسْتِقْبَال ومجيء (إِن) للشّرط فِي الْمُضِيّ مطرد مَعَ (كَانَ) نَحْو: {إِن كُنْتُم فِي ريب} ، وَمَعَ الْوَصْل نَحْو: (زيد بخيل وَإِن كثر مَاله) ، وَمَعَ غَيرهمَا قَلِيل كَقَوْلِه: (فيا وطني إِن فَاتَنِي بك سَابق) وَقد يُؤْتى بِالشّرطِ مَعَ الْجَزْم بِعَدَمِ وُقُوعه إِقَامَة للحجة بِقِيَاس بَين، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قل بئْسَمَا يَأْمُركُمْ بِهِ إيمَانكُمْ إِن كُنْتُم مُؤمنين} أَي: إِن كُنْتُم مُؤمنين بِالتَّوْرَاةِ فبئس مَا يَأْمُركُمْ بِهِ إيمَانكُمْ، لِأَن الْمُؤمن يَنْبَغِي أَن لَا يتعامل إِلَّا بِمَا يَقْتَضِيهِ إيمَانه، لَكِن الْإِيمَان بِالتَّوْرَاةِ لَا يَأْمر بِهِ فَإِذن لَسْتُم بمؤمنين وَقَول النَّحْوِيين إِن (إِن) إِذا دخل على الْمَاضِي يصيره مُسْتَقْبلا عكس (لَو) ينْتَقض بقوله تَعَالَى: {إِن كنت قلته فقد عَلمته} [قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِن قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كَانَت لكبيرة} تَأْكِيد يشبه الْيَمين، أَي: وَقد كَانَت، وَلذَلِك دخلت اللَّام فِي الْجَواب] و (إِن) لَا تسْتَعْمل فِي خطر، بِخِلَاف (كلما) فَإِنَّهَا قد تسْتَعْمل فِي الْأُمُور الكائنة، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ} إِلَى آخِره ونضج الْجُلُود كَائِن لَا محَالة، وَلما كَانَت (إِن) لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي خطر وَالشّرط هُوَ مَا يكون فِي خطر ف (إِن) لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الشَّرْط قَالَ بَعضهم: وَقع فِي الْقُرْآن (إِن) بِصِيغَة الشَّرْط وَهُوَ غير مُرَاد فِي سِتَّة مَوَاضِع: {إِن أردن تَحَصُّنًا} ، {إِن كُنْتُم إِيَّاه تَعْبدُونَ} {وَإِن كُنْتُم على سفر} ، {إِن ارتبتم فعدتهن} {إِن خِفْتُمْ} {وبعولتهن أَحَق بردهن فِي ذَلِك إِن أَرَادوا إصلاحا} أَنى ك (حَتَّى) : استفهامية بِمَعْنى (كَيفَ) نَحْو: {أَنى يحيي هَذِه الله بعد مَوتهَا} أَو بِمَعْنى (أَيْن) نَحْو: {أَنى لَك هَذَا} وَترد أَيْضا بِمَعْنى (مَتى) و (حَيْثُ) وَيحْتَمل الْكل قَوْله تَعَالَى: {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} لَكِن لما كَانَت كلمة (أَنى) مُشْتَركَة فِي معنيي (كَيفَ) و (أَيْن) وأشكل الْإِتْيَان فِي الْآيَة تأملنا فِيهِ فَظهر أَنه بِمَعْنى (كَيفَ) لقَرِينَة الْحَرْث، وَالَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان وَغَيره أَنَّهَا فِي هَذِه الْآيَة شَرْطِيَّة حذف جوابها لدلَالَة مَا قبلهَا عَلَيْهِ

الْإِنْزَال: هُوَ نقل الشَّيْء من أَعلَى إِلَى أَسْفَل، وَهُوَ إِنَّمَا يلْحق الْمعَانِي بتوسط لُحُوقه الذوات الحاملة لَهَا وَيسْتَعْمل فِي الدفعي لِأَن (أفعلته) يكون لإيقاع الْفِعْل دفْعَة وَاحِدَة والتنزيل: يسْتَعْمل فِي التدريجي، لِأَن (فعلته) يكون لإيقاع الْفِعْل شَيْئا فَشَيْئًا [وَقَوله تَعَالَى: {لَوْلَا نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة} بِمَعْنى أنزل ك (خبر) بِمَعْنى (أخبر) فَلَا تدافع] قَالَ ابْن كَمَال: تَضْعِيف (نزلنَا) بِمَنْزِلَة همزَة الْفِعْل، وَلَا دلَالَة فِي (نزل) مشددا على النُّزُول منجما فِي أَوْقَات مُخْتَلفَة، لِأَن مبناه على أَن يكون التَّضْعِيف للتكثير، وَذَلِكَ فِي الْمُتَعَدِّي نَحْو: (قطعت) وَلَا يكون فِي اللَّازِم إِلَّا نَادرا نَحْو: (مَاتَ الْإِبِل) و (موت) إِذا كثر ذَلِك فِيهِ وَقيل: الْإِنْزَال بِوَاسِطَة جِبْرِيل، والتنزيل بِلَا وَاسِطَة والتنزيل: النُّزُول على مهل لِأَنَّهُ مُطَاوع (نزل) ، وَقد يُطلق بِمَعْنى النُّزُول مُطلقًا كَمَا يُطلق (نزل) بِمَعْنى (أنزل) وَالنُّزُول بِاعْتِبَار أَنه من فَوق يعدى ب (على) ، وَبِاعْتِبَار أَنه يَنْتَهِي إِلَى الْمُرْسل إِلَيْهِ يعدى ب (إِلَى) قَالَ الله تَعَالَى فِي خطاب الْمُسلمين: {قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا} و (إِلَى) يَنْتَهِي بهَا من كل جِهَة يَأْتِي مبلغه إيَّاهُم مِنْهَا، وَقَالَ مُخَاطبا للنَّبِي: {قل آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل علينا} لِأَن النَّبِي إِنَّمَا أُتِي لَهُ من جِهَة الْعُلُوّ خَاصَّة وَنسبَة التَّنْزِيل إِلَى النَّبِي أَولا وبالذات وَإِلَى الْأمة ثَانِيًا وبالعرض، كالحركة بِالنِّسْبَةِ إِلَى السَّفِينَة، فَيكون مجَازًا فيهم، لَكِن قَوْله تَعَالَى: {لقد أنزلنَا إِلَيْكُم كتابا فِيهِ ذكركُمْ} يُفِيد الْحَقِيقَة وَيُؤَيِّدهُ عمومات الْخطاب، وَلَا يُنَافِيهِ نزُول جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام واختصاص الْوَحْي بِهِ وَهُوَ الْفَرد الْكَامِل الْعُمْدَة مِمَّن أنزل عَلَيْهِ الْقُرْآن الْوَاسِطَة فِي التَّبْلِيغ؛ نَظِيره أَن الْمُسَافِر إِذا نزل بداره وَنزل بِبَلَدِهِ حَقِيقَة الانسجام: هُوَ أَن يكون الْكَلَام لخلوه من العقادة متحدرا كتحدر المَاء المنسجم لسهولته وعذوبة أَلْفَاظه وَعدم تكلفه ليَكُون لَهُ فِي الْقُلُوب موقع وَفِي النُّفُوس تَأْثِير؛ من ذَلِك مَا وَقع فِي أثْنَاء آيَات التَّنْزِيل مَوْزُونا بِغَيْر قصد فَمن الطَّوِيل {فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر} وَمن المديد: {واصنع الْفلك بأعيننا} وَمن الْبَسِيط: {فَأَصْبحُوا لَا يرى إِلَّا مساكنهم} وَمن الوافر: {ويخزهم وينصركم عَلَيْهِم ويشف صُدُور قوم مُؤمنين} وَمن الْكَامِل: {وَالله يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} وَمن الهزج: (فألقوه على وَجه أبي يَأْتِ

بَصيرًا} وَمن الرجز: {ودانية عَلَيْهِم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا} وَمن الرمل: {وجفان كالجواب وقدور راسيات} وَمن السَّرِيع: {أَو كَالَّذي مر على قَرْيَة} وَمن المنسرح: {إِنَّا خلقنَا الْإِنْسَان من نُطْفَة} وَمن الْخَفِيف: {لَا يكادون يفقهُونَ حَدِيثا} وَمن الْمُضَارع: {تولون مُدبرين} وَمن المقتضب: {فِي قُلُوبهم مرض} وَمن المجتث: {نبىء عبَادي أَنِّي أَنا الغفور الرَّحِيم} وَمن المتقارب: {وأملي لَهُم إِن كيدي متين} وَمن أَمْثِلَة الانسجام الْجَارِي من أشعار الفصحاء قَول أبي تَمام: (نقل فُؤَادك حَيْثُ شِئْت من الْهوى ... مَا الْحبّ إِلَّا للحبيب الأول) الْإِنْشَاء: الإيجاد والإحداث وَأَنْشَأَ يَحْكِي: جعل وابتدأ و [أنشأ] الله السَّحَاب: رَفعه و [أنشأ] الحَدِيث: وَضعه والنشيئة: مَا غض من كل نَبَات وَلم يغلظ بعد كالنشاءة والإنشاء: إِخْرَاج مَا فِي الشَّيْء بِالْقُوَّةِ إِلَى الْفِعْل وَهُوَ كَمَا يُطلق على الْكَلَام الَّذِي لَيْسَ لنسبته خَارج تطابقه أول، كَذَلِك يُطلق على فعل الْمُتَكَلّم، أَعنِي إِلْقَاء الْكَلَام الإنشائي كالإخبار، [والإنشاء والإخبار ليسَا بممتنعي الِاجْتِمَاع فِي كَلَام الْفُقَهَاء، كَمَا فِي المنقولات الشَّرْعِيَّة، فَإِنَّهَا من جِهَة أَن مضمونها لَا يثبت إِلَّا بهَا إنْشَاء، وَمن جِهَة أَن الشَّرْع قد اعْتبر إِيقَاع مضمونها من الْمُتَكَلّم لتصحيح الْكَلَام خبر، وَالْفرق بَينهمَا إِنَّمَا هُوَ بَين الْإِنْشَاء والإخبار عَمَّا فِي الْخَارِج تَحْقِيقا، كَمَا فِي الإخبارات الْمَحْضَة، وَأما الْفرق بَين الْإِنْشَاء والإخبار عَن خَارج ضَرُورِيّ لم يُثبتهُ الشَّرْع اقْتِضَاء لتصحيح الْكَلَام فأدق من الْفرق بَين الْإِنْشَاء والإخبار عَمَّا فِي النَّفس] ثمَّ الْإِنْشَاء على نَوْعَيْنِ: إيقاعي: أَي مَوْضُوع لطلب الْمُتَكَلّم شَيْئا لم يكن بعد وطلبي: أَي مَوْضُوع لطلب الْمُتَكَلّم شَيْئا من غَيره ثمَّ الإيقاعي مِنْهُ على أنحاء، مِنْهَا أَفعَال متصرفة مَاضِيَة، أَو مضارعة حَالية بعد نقلهَا عَن مَعَانِيهَا الْأَصْلِيَّة الإخبارية أما الْمَاضِي فكألفاظ الْعُقُود والفسوخ الصادرة عَن الْمُتَكَلّم حَال مُبَاشَرَته العقد وَالْفَسْخ وَأما الْمُضَارع فنحو: (أشهد بِاللَّه) و (أقسم بِاللَّه)

و (أعوذ بِاللَّه) الصادرة عَنهُ حِين أَدَاء الشَّهَادَة وَالْقسم والاستعاذة وَمِنْهَا أَفعَال غير متصرفة منقولة أَيْضا عَن مَعَانِيهَا الْأَصْلِيَّة الإخبارية بِلَا اسْتِعْمَال فِيهَا بعد النَّقْل كأفعال الْمَدْح والذم والمقاربة والتعجب وَمِنْهَا حُرُوف كواو الْقسم وبائه وتائه و (رب) و (كم) الخبرية و (لَعَلَّ) وَمِنْهَا جمل اسمية إخبارية بعد النَّقْل أَيْضا كَقَوْل الْقَائِل: (أَنْت حر) و (أَنْت طَالِق) و (الْحَمد لله) على قَول، أَي حَال إِعْتَاقه وتطليقه وحمده وَكَذَا الطلبي على أنحاء: أَمر، وَنهي، واستفهام وتمن، ونداء وَقد يسْتَعْمل مقَام الْأَمر صِيغ الْإِخْبَار من الْمَاضِي والمضارع وَاسم الْمَفْعُول وَالْجُمْلَة الاسمية، وَذَلِكَ لاعتبارات خطابية لَطِيفَة يقتضيها الْمقَام، مثل إِظْهَار الْحِرْص فِي وُقُوع الْأَمر الْمَطْلُوب، والاحتراز عَن صُورَة الْأَمر رِعَايَة لحسن الْأَدَب، بِنَاء على أَن ظَاهر الْأَمر يُوهم علو دَرَجَة الْآمِر على دَرَجَة الْمَأْمُور، وَالْقَصْد إِلَى الْمُبَالغَة فِي الطّلب ليَكُون الْمَأْمُور مسارعا فِي إِتْيَانه بالمطلوب، وَغير ذَلِك من الاعتبارات الْمَذْكُورَة فِي كتب الْمعَانِي [الْإِنْسَان: هُوَ عَام بِالنّظرِ إِلَى الْأَفْرَاد، خَاص بِالنّظرِ إِلَى نفس الْمَعْنى وَقطع النّظر عَن الْأَفْرَاد] وَاعْلَم أَن الْإِنْسَان هُوَ الْمَعْنى الْقَائِم بِهَذَا الْبدن وَلَا مدْخل للبدن فِي مُسَمَّاهُ، وَلَيْسَ الْمشَار إِلَيْهِ ب (أَنا) الهيكل المحسوس، بل الإنسانية [الَّتِي هِيَ صورتهَا النوعية الْحَالة فِي مادتها المحصلة لنَوْع الْبدن الإنساني، الَّتِي هِيَ كالآلة للنَّفس الناطقة فِي التَّصَرُّف فِي الْبدن فِي أَجْزَائِهِ وَأما النَّفس الناطقة فَهِيَ وَإِن كَانَت كمالا أَولا ومبدءا للآثار والخواص الإنسانية، لَكِنَّهَا لَيست حَالَة فِي الْمَادَّة، بل هِيَ مُتَعَلقَة بهَا، فَلَا يُسمى صُورَة إِلَّا مجَازًا، وَتلك الإنسانية] المقومة لهَذَا الهيكل هَذَا على مَا ذهب إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّة وَالْغَزالِيّ، وَهِي لَطِيفَة ربانية نورانية روحانية سلطانية خلقت فِي عَالم اللاهوت فِي أحسن تَقْوِيم، ثمَّ ردَّتْ إِلَى عَالم الْأَبدَان الَّذِي هُوَ أَسْفَل فِي نظام سلسلة الْوُجُود؛ وَتلك اللطيفة هِيَ الْمُكَلف والمطيع والعاصي والمثاب والمعاقب وَقَالَ جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين: إِن الْمشَار إِلَيْهِ هُوَ الهيكل المحسوس، وَيَعْنِي بِهِ هَذَا الْبدن الْمُتَقَوم بِالروحِ وَعبارَة الْأَشْعَرِيّ فِي " الابحار " أَن الْإِنْسَان هُوَ هَذِه الْجُمْلَة المصورة ذَات الأبعاض والصور، وَلَا خلاف لأحد من الْعُقَلَاء فِي أَن مَا عبر عَنهُ ب (أَنا) فِي (أَنا أكلت وشربت وَأمرت ومرضت وَخرجت وَدخلت) وأمثالها لَيْسَ إِلَّا الْبدن، وَالروح الْمُخْتَلف فِيهِ شَيْء آخر غير هَذَا؛ وَأما فِي مثل (أَنا رَأَيْت الْمَنَام) فيراد بِهِ الرّوح، وَذَلِكَ لشدَّة الملابسة بَينهمَا وعَلى هَذَا الأَصْل اخْتلف الْفُقَهَاء فِي مسَائِل مِنْهَا: أَن مورد الْحل فِي النِّكَاح هَل هُوَ هَذَا الهيكل بأجزائه الْمُتَّصِلَة اتِّصَال خلقه، أَو إنسانية الْمَرْأَة دون الْأَجْزَاء والأعضاء؟ فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّة: هُوَ الْبدن بِدَلِيل: {فانكحوهن بِإِذن أهلهن} حَيْثُ أضَاف النِّكَاح إِلَى ذواتهن، والمعني بِالذَّاتِ جَمِيع الْأَجْزَاء والأعضاء الْمَوْجُودَة لَدَى العقد وَعند

الْحَنَفِيَّة: الإنسانية، لِأَن الْأَجْزَاء الْمَوْجُودَة عِنْد العقد تتحلل وتتجدد فَيلْزم تجدّد النِّكَاح كل يَوْم، وَفِيه أَن النِّكَاح عرض فَلَا يبْقى زمانين، فَلَزِمَ التجدد أَيْضا فِي صُورَة كَون الْمَعْقُود عَلَيْهِ إنسانيتها، وَإِنَّمَا لم يضف الْحل إِلَى الْبضْع لِأَن الْبضْع مَوضِع بدل الْعِوَض، مَعَ عدم قطع النّظر عَن الإنسانية؛ وَالْمعْنَى هَهُنَا أَن الإنسانية مورد الْحل؛ وَأَن وُرُود العقد على جسم مُتَقَوّم وَمِنْهَا: مَسْأَلَة غسل الزَّوْج زَوجته الْميتَة، فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّة جَائِز بِدَلِيل غسل عَليّ فَاطِمَة لبَقَاء الْمَعْقُود عَلَيْهِ وَهُوَ الْبدن، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِك عِنْد الْحَنَفِيَّة بِنَاء على أَن مورد العقد الْمَعْنى الزائل بِالْمَوْتِ، فَتبْطل أَهْلِيَّة المملوكية، مَعَ أَن لَهَا غسل زَوجهَا الْمَيِّت فِي الْعدة أَلْبَتَّة، إِذْ الزَّوْجِيَّة مَمْلُوكَة لَهُ فَبَقيَ مالكيتها لَهُ إِلَى انْقِضَاء الْعدة وَمِنْهَا: لَو طلق روحها وَقع على الْمَذْهَب، وَفِيه خلاف مَبْنِيّ على أَن الرّوح جسم أَو عرض وَمِنْهَا: لَو علق طَلاقهَا على رُؤْيَة زيد فرأته حَيا أَو مَيتا وَقع، وَلم يُخرجهُ الْمَوْت عَن كَونه زيدا وَمِنْهَا: إِذا وجد بعض الْمَيِّت هَل يَنْوِي الصَّلَاة على جملَة الْمَيِّت أَو على مَا وجد مِنْهُ؟ كالاختلاف بَين الْمُتَكَلِّمين فِي أَن الْعُضْو المبان هَل يحضر مَعَه وَيدخل الْجنَّة إِن كَانَ من أَهلهَا؟ ثمَّ الْإِنْسَان عِنْد عُلَمَاء الشَّرِيعَة جنس وَالْمَرْأَة كَالرّجلِ نوع وَعند المناطقة: الْإِنْسَان نوع وَالْحَيَوَان جنس [ثمَّ اعْلَم أَن الشَّيْء هُوَ إِنْسَان فِي الْحَقِيقَة أَجزَاء لَطِيفَة سَارِيَة فِي هَذَا الْبدن، بَاقِيَة من أول الْعُمر إِلَى آخِره، إِمَّا لأجل أَن تِلْكَ الْأَجْسَام أجسام مُخَالفَة للماهية لهَذِهِ الْأَجْسَام العنصرية الكائنة الْفَاسِدَة المتحللة، وَتلك الْأَجْسَام حَيَّة لذاتها، مضيئة شفافة، فَلَا جرم كَانَت مصونة عَن التبدل والتحلل، وَإِمَّا لِأَنَّهَا كَانَت مُتَسَاوِيَة لهَذِهِ الْأَجْسَام العنصرية إِلَّا أَن الْفَاعِل الْمُخْتَار صانها عَن التَّغَيُّر والانحلال بقدرته، وَجعلهَا بَاقِيَة دائمة من أول الْعُمر إِلَى آخِره، فَعِنْدَ الْمَوْت تنفصل تِلْكَ الْأَجْزَاء الجسمانية الَّتِي هِيَ الْإِنْسَان، وَتبقى على حَالهَا حَيَّة مدركة عَاقِلَة فاهمة، وتتخلص إِمَّا إِلَى منَازِل السُّعَدَاء، وَإِمَّا إِلَى منَازِل الأشقياء ثمَّ إِن الله تَعَالَى يضم يَوْم الْقِيَامَة إِلَى هَذِه الْأَجْزَاء الْأَصْلِيَّة أَجزَاء آخر زَائِدَة كَمَا فعل ذَلِك فِي الدُّنْيَا، ويوصل الثَّوَاب وَالْعِقَاب على مَا كَانَ مُطيعًا أَو عَاصِيا فِي الدُّنْيَا هَذَا على القَوْل بِأَن الْإِنْسَان جسم محسوس سَار فِي هَذَا الْبدن، وَكَذَا على قَول من يَقُول: إِن الْإِنْسَان عبارَة عَن جَوْهَر مُجَرّد عَن الحجمية والمقدار وَسَيَجِيءُ التَّفْصِيل فِي بحث الرّوح وَالنَّفس إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَمِمَّا يَنْبَغِي أَن يعلم أَيْضا أَن] من عادات الْقُرْآن أَنه إِذا كَانَ الْمقَام مقَام التَّعْبِير عَن الْمُفْرد يذكر الْإِنْسَان نَحْو: {وكل إِنْسَان ألزمناه} وَإِذا كَانَ مقَام التَّعْبِير عَن الْجمع يذكر النَّاس نَحْو: {إِن الله لذُو فضل على النَّاس} وَلذَلِك لَا يذكر الْإِنْسَان إِلَّا وَالضَّمِير الرَّاجِع إِلَيْهِ مُفْرد، وَلَا يذكر النَّاس إِلَّا وَالضَّمِير الرَّاجِع إِلَيْهِ ضمير جمع

وَإِذا كَانَ الْمقَام مقَام التَّعْبِير عَن طَائِفَة مِنْهُ يذكر الأناس نَحْو: {يَوْم نَدْعُو كل أنَاس بإمامهم} وَأكْثر مَا أَتَى الْقُرْآن باسم الْإِنْسَان عِنْد ذمّ وَشر نَحْو: {قتل الْإِنْسَان مَا أكفره} {وَكَانَ الْإِنْسَان عجولا} {يَا أَيهَا الْإِنْسَان مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم} والأناسي: جمع إِنْسَان الْعين، وَهُوَ الْمِثَال الَّذِي بِهِ يرى فِي السوَاد فَيكون الْيَاء عوضا من النُّون، وَقد يعبر بهَا عَن فنون اللطائف وخيارها الإنباء: هُوَ إِذا كَانَ بِمَعْنى الْإِعْلَام يتَعَدَّى إِلَى ثَلَاثَة مفاعيل، يجوز الِاكْتِفَاء بِوَاحِد وَلَا يجوز الإكتفاء بإثنين دون الثَّالِث وَفِي جَوَاب {من أَنْبَأَك} {نَبَّأَنِي الْعَلِيم الْخَبِير} فضلا عَن كَونه أبلغ تَنْبِيه على تَحْقِيقه وَكَونه من قبل الله وَإِذا كَانَ بِمَعْنى الْإِخْبَار يتَعَدَّى إِلَى مفعولين، يجوز الِاكْتِفَاء بِوَاحِد دون الثَّانِي، (وأنبأته كَذَا) : اعلمته كَذَا؛ و (أنبأته بِكَذَا) كَقَوْلِك: (اخبرته بِكَذَا) وَلَا يُقَال: (نبأ) إِلَّا لخَبر فِيهِ خطر قَالَ المحدثون: أَنبأَنَا أحط دَرَجَة من دَرَجَة أخبرنَا الْإِنَابَة: أناب فِي الأَصْل بِمَعْنى أَقَامَ غَيره مقَام شَيْء وناب يَنُوب: بِمَعْنى قَامَ الشَّيْء مقَام غَيره وَقيل: الْإِنَابَة بِمَعْنى الرُّجُوع، وَلم يُوجد فِي الْكتب المتداولة مَجِيئه بِمَعْنى جعل الْغَيْر نَائِبا عَن نَفسه، وَقد استعملها صَاحب الْكَشَّاف فِي ذَلِك الْمَعْنى وَفِي " الأساس ": أَنْبَتَهُ منابي واستنبته الْإِنْكَار: ثلاثيه فِيمَا يرى بالبصر، ورباعية فِيمَا لَا يرى من الْمعَانِي؛ وإنكار الشَّيْء قطعا أَو ظنا إِنَّمَا يتَّجه إِذا ظهر امْتِنَاعه بِحَسب النَّوْع أَو الشَّخْص أَو بحث عَمَّا يدل عَلَيْهِ أقْصَى مَا يُمكن فَلم يُوجد وَالْإِنْكَار التوبيخي: يَقْتَضِي أَن مَا بعده وَاقع، وَأَن فَاعله ملوم على ذَلِك، والإبطالي: يَقْتَضِي أَنه غير وَاقع، وَأَن مدعيه كَاذِب نَحْو: {أفأصفاكم ربكُم بالبنين} [وَالْإِنْكَار من الله تَعَالَى إِمَّا بِمَعْنى أَنه لَا يَنْبَغِي أَن يعقل أَو بِمَعْنى (لَا يُمكن) ] الانحصار: الانضباط والتعين؛ وَالْقَوْم بانحصار التَّقْسِيم سَهْو، إِذْ التَّقْسِيم حاصر، إِلَّا أَن يُوَجه بِأَنَّهُ مجَاز من بَاب الْإِسْنَاد إِلَى السَّبَب الانبجاس: أَكثر مَا يُقَال [ذَلِك] فِيمَا يخرج من شَيْء ضيق والانفجار: يسْتَعْمل فِيهِ وَفِيمَا يخرج من شَيْء وَاسع وَمَا فِي سُورَة " الْبَقَرَة " لَعَلَّه انبجس أَولا ثمَّ انفجر ثَانِيًا الانطواء: انطوى عَلَيْهِ: اشْتَمَل؛ وانطوى فِيهِ: اندرج؛ ومنطو تَحت ذَاك: أَي مندرج الِانْعِقَاد: هُوَ تعلق كَلَام أحد الْعَاقِدين بِالْآخرِ

شرعا على وَجه يظْهر أَثَره فِي الْمحل والإيجاب: مَا يذكر أَولا من كَلَام الْعَاقِدين، وَبِه يثبت خِيَار الْقبُول للْآخر الْإِنْذَار: هُوَ إبلاغ الْمخوف مِنْهُ، والتهديد، والتخويف وَذكر الْوَعيد مَعَ الْإِنْذَار وَاجِب لَا مَعَ التهديد الإنجاء: قيل: معنى أَنْجَاهُ: أخلصه قبل وُقُوعه فِي الْمهْلكَة؛ ونجاه: أخلصه بعد الْوُقُوع الإنجاح: أنجح فلَان: بلغ مُرَاده وأنجح الْحَاجة: قَضَاهَا وأنجح عمل فلَان: بلغ الْعَمَل إِلَى مَا أُرِيد من النجاح وَالثَّوَاب الإنارة: جعل الشَّيْء منيرا، وَيَجِيء لَازِما أَيْضا كأضاء الْإِنَاء: بِالْكَسْرِ مَقْصُور وبالفتح مَمْدُود وأناه: وقته؛ وَبلغ هَذَا أناءه، وبكسر: غَايَته أَو نضجه إِدْرَاكه كَذَا فِي " الْقَامُوس " وآناء اللَّيْل: ساعاته والانفصال: أَعم من الانفكاك آنِفا: أَي قَرِيبا أَو هَذِه السَّاعَة، أَو أول وَقت كُنَّا فِيهِ، من قَوْلهم: (أنف الشَّيْء) لما تقدم مِنْهُ، مستعار من الْجَارِحَة؛ وَمِنْه: اسْتَأْنف، وَهُوَ ظرف بِمَعْنى وقتا مؤتنفا، أَو حَال، وَالْمدّ أشهر أنعم صباحا: كلمة تَحِيَّة من (نعم) : طَابَ عَنهُ، وَخص الصَّباح لِأَنَّهُ وَقت الغارات والمكاره أَنْت: كلمة (أَن) فِي (أَنْت) مَوْضُوع للمخاطب، وَمَا لحقه لخصوصية التَّذَكُّر والتأنيث والإفراد والتثنية وَالْجمع، وَالْخطاب أبلغ فِي الْإِعْلَام والإفهام من النداء، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يكون بِالتَّاءِ أَو الْكَاف، وَهُوَ يقطع شركَة الْغَيْر، والنداء يكون بِالِاسْمِ أَو بِالصّفةِ، وَذَلِكَ لَا يقطع الِاشْتِرَاك وَأعرف المعارف (أَنا) وأوسطها (أَنْت) وَأَدْنَاهَا (هُوَ) ؛ وَكلمَة التَّوْحِيد قد وَردت بِكُل وَاحِدَة من هَذِه الْأَلْفَاظ، وَلما قَالَ فِرْعَوْن {آمَنت أَنه لَا إِلَه إِلَّا الَّذِي آمَنت بِهِ بنوا إِسْرَائِيل} لم يقبل الله مِنْهُ ذَلِك، وَقد نظمت فِيهِ: (شَأْن الضمائر أَعلَى إِذْ بهَا وَردت ... مفاتح الْخلد فِي الْآيَات تَفْصِيلًا) (لما خلا اللَّفْظ عَن شَأْن الضَّمِير إِذن ... لم يقبل الله من فِرْعَوْن مَوْصُولا) [نوع] {أناسي} : جمع إنسي، وَهُوَ وَاحِد الْإِنْس، جمعه على لَفظه مثل: كرْسِي وكراسي، أَو جمع إِنْسَان، فالياء بدل من النُّون، لِأَن الأَصْل (أناسين) مثل: سراحين، جمع سرحان، وَالنَّاس قد يكون من الْإِنْس وَمن الْجِنّ {أنكاثا} : [النكث هُوَ مَا نقض من غزل الشّعْر وَغَيره] {أنقض ظهرك} : أَي: كَسره حَتَّى صَار لَهُ

نقيض أَي: صَوت، لِأَن نقيض المفاصل صَوتهَا {آنستم} : عَرَفْتُمْ {فانبجست} : انفجرت {فانفروا ثبات} : فاخرجوا إِلَى الْجِهَاد جماعات مُتَفَرِّقَة {آنَاء اللَّيْل} : ساعاته {فَإِذا انسلح} : انْقَضى {فانبذ إِلَيْهِم} : فاطرح إِلَيْهِم عَهدهم {فانهار} : فانهدم {أنكر الْأَصْوَات} : أقبحها وأوحشها {انكدرت} : انْقَضتْ أَو تَغَيَّرت {انفطرت} : انشقت {فانصب} : فاتعب فِي الْعِبَادَة أَو فِي الدُّعَاء {فانتصر} : فانتقم {أَنْصتُوا} : اسْكُتُوا {وأناسي كثيرا} : يَعْنِي أهل الْبَوَادِي الَّذين يعيشون بالحيا {إِذا انتبذت} : اعتزلت {فأنظرني} : فأخرني {لانفضوا من حولك} : لتفرقوا عَنْك وَلم يسكنوا إِلَيْك {أَنْفقُوا} : تصدقوا {وأنشأنا} : وأحدثنا {فَانْتهى} : فاتعظ وَاتبع النهى {كره الله انبعاثهم} : أَي نهوضهم لِلْخُرُوجِ {وَقُولُوا انظرنا} : من: نظره: إِذا انتظره، وَأما (انْظُر إِلَيْنَا) فَلَا يُنَاسب الْمقَام {من عين آنِية} : جَارِيَة {حميم آن} : هُوَ الَّذِي انْتهى حره {غير ناظرين إناه} : غير منتظرين وقته أَو إِدْرَاكه {فَانْتَشرُوا} : تفَرقُوا وَلَا تمكثوا {انتثرت} : تساقطت مُتَفَرِّقَة {وأناب} : وَرجع إِلَى الله بِالتَّوْبَةِ

فصل الألف والواو

{انفروا} : اغزوا {أندادا} : أشباها [ {أنبتكم من الأَرْض} : أنشأكم مِنْهَا {إِذْ انْبَعَثَ} : حِين قَامَ رَسُولا {من أنفسهم} : من نسبهم أَو جنسهم عَرَبيا، أَو من أَشْرَفهم، على قِرَاءَة فَتْحة الْفَاء والأنصاب: أَي الْأَصْنَام الَّتِي نصبت لِلْعِبَادَةِ وَالْأَنْصَار: أهل بيعَة الْعقبَة الأولى وَأهل الْعقبَة الثَّانِيَة، وَالَّذين آمنُوا حِين قدم عَلَيْهِم أَبُو زُرَارَة وَمصْعَب بن عُمَيْر] (فصل الْألف وَالْوَاو) [أَو] : أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن جريج أَنه قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن (أَو) فللتخيير إِلَّا قَوْله: {أَن يقتلُوا أَو يصلبوا} قَالَ الشَّافِعِي: وَبِهَذَا أَقُول [الأواه] : كل كَلَام يدل على حزن يُقَال لَهُ التأوه ويعبر بالأواه [الْأُوقِيَّة] : كل أُوقِيَّة اثْنَان وَأَرْبَعُونَ مِثْقَالا، ومثقال الشَّيْء: مِيزَانه من عينه كَمَا فِي " الْعباب " والمثقال فِي الْفِقْه من الذَّهَب عبارَة عَن اثْنَتَيْنِ وَسبعين شعيرَة، قَالَه الْكرْمَانِي أَو: كلمة (أَو) إِذا كَانَت للشَّكّ أَو التَّقْسِيم أَو الْإِبْهَام أَو التَّسْوِيَة أَو التَّخْيِير أَبُو بِمَعْنى (بل) أَو (إِلَى) أَو (حَتَّى) أَو (كَيفَ) كَانَت عاطفة سَاكِنة وَإِذا كَانَت للتقرير أَو التَّوْضِيح أَو الرَّد أَو الْإِنْكَار أَو الِاسْتِفْهَام كَانَت مَفْتُوحَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَو لَو كَانَ آباؤهم لَا يعلمُونَ} قَالَ ابْن عَطِيَّة: هِيَ عاطفة، والزمخشري جعلهَا وَاو الْحَال [لَو] : و (لَو) الَّتِي تَجِيء هَذَا الْمَجِيء شَرْطِيَّة وَكلمَة (أَو) إِذا وَقعت فِي سِيَاق النَّفْي تحْتَمل مَعْنيين: أَحدهمَا نفي أحد الْأَمريْنِ، وَذَلِكَ إِذا دخلت قبل تسليط النَّفْي عَلَيْهِ، وَالْآخر: نفي أحد النفيين، وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون إِذا دخلت بعد تسليط النَّفْي على الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، لِأَن النَّفْي لَا يتَصَوَّر إِلَّا بعد تصور الْإِثْبَات فَإِذا قيل: (مَا جَاءَنِي زيد أَو عَمْرو) فَرُبمَا يتَصَوَّر مَجِيء أَحدهمَا، وَلَا يكون إِلَّا بعد مجيئهما؛ وَرُبمَا يتَصَوَّر مَجِيء زيد وينفى ثمَّ يعْطف عَلَيْهِ عَمْرو، فَيجب النَّفْي فِيهِ أَيْضا، فَيكون الْمَعْنى أحد النفيين وَإِذا وَقعت فِي الْإِثْبَات ذكر بَعضهم أَنَّهَا تخص فِي الْإِثْبَات كَمَا فِي آيَة التَّكْفِير، وَفِي النَّفْي وَالْإِبَاحَة تعم كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا لبعولتهن أَو آبائهن} وَمن قَالَ إِنَّهَا للتشكيك فَهُوَ مُخطئ، لِأَن التشكيك لَيْسَ بمقصود ليوضع لَهُ حرف، بل

مُوجبه إِثْبَات أحد الْأَمريْنِ ثمَّ القَوْل بِأَنَّهَا تخص فِي الْإِثْبَات ينْتَقض بِالْإِبَاحَةِ، لِأَنَّهَا إِثْبَات، و (أَو) فِيهَا تفِيد الْعُمُوم كَقَوْلِهِم: (جَالس الْفُقَهَاء أَو الْمُحدثين) وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {إِلَّا مَا حملت ظهورهما أَو الحوايا أَو مَا اخْتَلَط بِعظم} وَالِاسْتِثْنَاء من التَّحْرِيم إِبَاحَة فَتثبت فِي جَمِيع هَذِه الْأَشْيَاء وَإِذا وَقعت بَين نفي وَإِثْبَات ينظر إِلَى الْمَذْكُور آخرا، فَإِن صلح غَايَة للْأولِ حمل على غَايَة لما بَين الْغَايَة والتخيير من الْمُنَاسبَة، و (أَو) تسْتَعْمل فِي الْغَايَة بِمَعْنى (حَتَّى) نَحْو: {تقاتلونهم أَو يسلمُونَ} {لأذبحنه أَو ليأتيني بسُلْطَان مُبين} وَإِن لم يصلح للغاية كَانَت للتَّخْيِير عملا بِالْحَقِيقَةِ عِنْد عدم الْمَانِع، وَإِذا دخلت بَين المستثنيات كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ} إِلَى آخِره، وَقَوله: {وَلَا يبدين زنينتهن} إِلَى آخِره وَكَذَا بَين نفيين كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُطِع مِنْهُم آثِما أَو كفورا} فَإِن (أَو) فِيهَا بِمَعْنى (وَلَا) وَكَذَا بَين إباحتين كَمَا فِي (جَالس الْحسن أَو ابْن سِيرِين} فَفِي هَذِه الصُّور أفادت الْجمع كالواو، وَالِاسْتِثْنَاء فِي الْحَقِيقَة من التَّحْرِيم إِبَاحَة، كَمَا عرفت آنِفا، فَتثبت فِي جَمِيع مَا عَداهَا وَهَذَا لَيْسَ بِاعْتِبَار أصل الْوَضع، بل بِاعْتِبَار الِاسْتِعَارَة، فَإِنَّهَا تستعار لعُمُوم الْأَفْرَاد فِي مَوضِع النَّفْي بِاعْتِبَار أَنَّهَا إِذا تناولت أَحدهَا غير عين صَار ذَلِك المتناول نكرَة فِي مَوضِع النَّفْي فتعم وتستعار أَيْضا لعُمُوم الِاجْتِمَاع فِي مَوضِع الْإِبَاحَة بِقَرِينَة طارئة على الْوَضع، وَهِي أَن الْمُسْتَفَاد من الْإِبَاحَة رفع الْقَيْد فَيثبت الْإِطْلَاق على الْعُمُوم وَالْحَاصِل أَن الْعُمُوم بنوعية طارئة عَلَيْهِ، وَتَنَاول أحد الْمَذْكُورين بِالْوَضْعِ لقَوْله تَعَالَى: {من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم أَو كسوتهم} فَفِيمَا إِذا قَالَ: (لَا أَدخل هَذِه الدَّار أَو لَا أَدخل هَذِه) فَأَيّهمَا دخل حنث، لما أَن دُخُول (أَو) بَين نفيين يَقْتَضِي انتفاءهما وَفِي (لأدخلن هَذِه الدَّار الْيَوْم أَو هَذِه الدَّار الْأُخْرَى) بر بِدُخُول وَاحِدَة مِنْهُمَا، لما أَن دُخُول (أَو) بَين إثباتين يَقْتَضِي ثُبُوت أَحدهمَا وَأما إِذا دخل بَين نفي وَإِثْبَات ك (لَا أَدخل هَذِه الدَّار أبدا أَو لأدخلن هَذِه الْأُخْرَى الْيَوْم) بر بِدُخُول الثَّانِيَة فِي الْيَوْم، وَحنث بفوت الدُّخُول أصلا، أَو دُخُول الأولى، لِأَنَّهُ ادخل كلمة (أَو) بَين نفي مؤبد وَإِثْبَات مُؤَقّت، والمؤقت لَا يصلح غَايَة للمؤيد، فأفادت مُوجبهَا الْأَصْلِيّ وَهُوَ التَّخْيِير فِي الْتِزَام أَي الشَّرْطَيْنِ شَاءَ، وَإِنَّمَا جعلت هَهُنَا للتَّخْيِير مَعَ أَن الأَصْل أَن (أَو) إِذا دخلت بَين نفي وَإِثْبَات تجْعَل بِمَعْنى (حَتَّى) كَقَوْلِه تَعَالَى: {تقاتلونهم أَو يسلمُونَ} (لأذبحنه أَو

ليأتيني بسُلْطَان مُبين} وَهَكَذَا اسْتِعْمَال الفصحاء وَالْعرْف لِأَنَّهُ امكن فِي الْآيَة جعلهَا بِمَعْنى (حَتَّى) وَتعذر هُنَاكَ فَجعلت للتَّخْيِير، وَكَذَا تجْعَل بِمَعْنى الْغَايَة فِيمَا إِذا دخلت بَين نفي وإثباتين، كَمَا إِذا قَالَ: (وَالله لَا أَدخل هَذِه الدَّار أَو أَدخل هَذِه الْأُخْرَى أَو أَدخل هَذِه الْأُخْرَى) فَاقْتضى الْخُصُوص فِي الْإِثْبَات وَيجْعَل الْمُثبت فِي حكم الْغَايَة للنَّفْي، فَإِذا دخل الأولى قبل أَن يدْخل إِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ حنث، وَإِن دخل بعده بر لانْتِهَاء الْحَظْر بِوُجُود الْغَايَة ثمَّ اعْلَم أَن كلمة (أَو) على مَا بَين فِي الْكتب تَجِيء لسِتَّة معَان: أَحدهَا: التَّسْوِيَة ن فَإِن الْمخبر إِذا جزم بتعلق الحكم بكلا الشَّيْئَيْنِ بطرِيق اسْتِقْلَال كل مِنْهُمَا فِي الثُّبُوت لَهُ مَعَ تساويهما فِي جنس الثُّبُوت ف (أَو) هَذِه للتسوية، وَكَونهَا للإضراب ك (بل) قد أجَازه سِيبَوَيْهٍ بِشَرْطَيْنِ: تقدم نفي أَو نهي، وإعادة عَامل، فَهَذَا الْمَعْنى رَاجع إِلَى معنى التَّسْوِيَة فِي النَّفْي، لِأَن الْجُمْلَة المنفية إِذا ذكرت بعد جملَة أُخْرَى مثلهَا وَحكم بتساويهما يتَوَلَّد مِنْهُ معنى الإضراب أَيْضا، وَكَذَا كَونهَا شَرْطِيَّة نَحْو: (لأضربنه عَاشَ أَو مَاتَ) أَي: إِن عَاشَ بعد الضَّرْب وَإِن مَاتَ، فَإِنَّهُ رَاجع أَيْضا إِلَى معنى التَّسْوِيَة، لِأَن التَّسْوِيَة بَين أَمريْن يَتَرَتَّب عَلَيْهِمَا الْإِتْيَان يُفِيد معنى الشّرطِيَّة وَالثَّانِي: لنفي الشُّمُول، فَإِن الْمخبر إِذا شكّ فِي تعلق الحكم بِكُل من الشَّيْئَيْنِ على التَّعْيِين مَعَ جزمه بِأَصْل الثُّبُوت فَلَا يَسعهُ إِلَّا الْإِخْبَار عَن تعلقه بِوَاحِد مِنْهُمَا لَا على التَّعْيِين؛ ف (أَو) هَذِه لنفي الشُّمُول، وَكَونهَا للتقريب نَحْو: (لَا أَدْرِي أسلم أَو ودع) رَاجع إِلَى معنى نفي شُمُول الْعَدَم، وَلما اسلتزم هَذِه الشَّك لزم مِنْهُ معنى التَّقْرِيب، لِأَن اشْتِبَاه السَّلَام بالوداع لَا يكون إِلَّا من قربهما وَالثَّالِث: للتشكيك فَإِن الْمُخَاطب إِذا حزم بتعلق الحكم بِوَاحِد من الشَّيْئَيْنِ على التَّعْيِين يُورد الْمخبر كلمة أَو تشكيكا للمخاطب إِمَّا لرد خطئه إِلَى الشَّك إِن أَخطَأ، وَهَذَا جَائِز، وَإِمَّا لرد إِصَابَته إِلَى الشَّك إِن أصَاب، وَهَذَا غير جَائِز ف (أَو) هَذِه تسمى تشكيكية وَالرَّابِع: للإبهام: فَإِن الْمُخَاطب إِن كَانَ خَالِي الذِّهْن يُورد الْمخبر كلمة (أَو) إبهاما لِلْأَمْرِ عَلَيْهِ صونا عَن الْخَطَأ، وَهَذَا جَائِز، أَو عَن الْإِصَابَة، وَهَذَا غير جَائِز، ف (أَو) هَذِه تسمى إبهامية أَو يُورد إِظْهَار النصفة بَينه وَبَين الْمُخَاطب مثل: (أَنا أَو أَنْت رجل عَالم) هَذَا كُله إِذا وَردت كلمة (أَو) فِي الْخَبَر، وَأما إِذا وَردت فِي الْإِنْشَاء فلهَا مَعْنيانِ: التَّخْيِير، كَمَا إِذا قَالَ لَك الْأَمِير: (أطلق هَذَا الْأَسير أَو استعبده) وَالْإِبَاحَة، كَمَا إِذا قَالَ صديقك: (خُذ من مَالِي درهما أَو دِينَارا) فَفِي التَّخْيِير يتَحَقَّق نفي شُمُول الْوُجُود والعدم مَعًا، وَفِي الْإِبَاحَة يتَحَقَّق نفي شُمُول الْعَدَم دون الْوُجُود ثمَّ إِن كلمة (أَو) لمُطلق الْجمع كالواو وَذَلِكَ من لَوَازِم التَّقْسِيم، مثلا إِذا قلت: (الْكَلِمَة اسْم أَو فعل أَو حرف) بِاعْتِبَار أَنْوَاع متباينة، يجوز لَك جمعهَا فِي جنس الْكَلِمَة بِدُونِ اعْتِبَار توَسط تِلْكَ الْأَنْوَاع وَكَذَا كَونهَا بِمَعْنى (إِلَّا) للاستثناء رَاجع إِلَى معنى

التَّقْسِيم، لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ ينصب الْمُضَارع بعْدهَا بإضمار (أَن) كَقَوْلِه: (لأقتلنه أويسلم) مَعْنَاهُ: حَاله منقسم إِلَى الْقَتْل وَالْإِسْلَام؛ وَلما كَانَ الْقَتْل فِي غير زمَان الْإِسْلَام تولد مِنْهُ معنى (إِلَّا) وَكَذَا كَونهَا بِمَعْنى (إِلَى) رَاجع إِلَى معنى التَّقْسِيم أَيْضا، إِذْ هِيَ كَالَّتِي قبلهَا فِي انتصاب الْمُضَارع بعْدهَا ب (أَن) مضمرة نَحْو: (لألزمنك أَو تقضيني حَقي) أَي: حَالي مَعَك منقسم إِلَى الْإِلْزَام عِنْد قَضَاء الْحق تولد مِنْهُ معنى (إِلَى) وَكَذَا كَونهَا للتَّبْعِيض نَحْو: {وَقَالُوا كونُوا هودا أَو نَصَارَى} من لَوَازِم معنى التَّقْسِيم أَيْضا، لِأَن هَذَا الْمَعْنى تَقْسِيم بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمقسم، وتبعيض بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَقْسَام وَلَا ترد فِي كَلَام الله للشَّكّ وَلَا للتشكيك وَلَا للإبهام إِلَى على سَبِيل الْحِكَايَة عَن الْغَيْر، وَإِنَّمَا ترد فِي أَخْبَار الله إِمَّا لتسوية المستقلين زَمَانا فِي الحكم، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أَن تَأْكُلُوا من بُيُوتكُمْ أَو بيُوت آبائكم} أَو لتسوية المستقلين علما فِي الحكم أَيْضا، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أَو كصيب من السَّمَاء} أَو للتقسيم سَوَاء كَانَت كلمة (أَو) بَين المفردين أَو بَين الجملتين، وَالَّتِي تقع بَين الجملتين لَا تكون إِلَّا للتسوية وَلَا تكون لنفي الشُّمُول وَلَا للتشكيك لنبو الْجمل عَنْهَا ثمَّ إِن التَّخْيِير وَالْإِبَاحَة كل مِنْهُمَا معنى مجازي ل (أَو) ؛ وَأما مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيّ فالشك وتستعمل فِي غير الْخَبَر بِالْمَعْنَى الْمجَازِي فَقَط، وَفِي الْخَبَر بِكُل من معنييها الْحَقِيقِيَّة وَالْمجَاز والمتكلم فِي الشَّك لَا يعرف التَّعْيِين بل هُوَ مُتَرَدّد فِي الَّذِي أخبرهُ، مثل: {لبثنا يَوْمًا أَبُو بعض يَوْم} وَمن ثمَّة يمْتَنع وُرُود كلمة (أَو) للشَّكّ فِي كَلَام الله، إِلَّا أَن يصرف إِلَى تردد الْمُخَاطب، وَعَلِيهِ {فأرسلناه إِلَى مائَة ألف أَو يزِيدُونَ} وَأما الْمُتَكَلّم فِي الْإِبْهَام فَإِنَّهُ يعرف التَّعْيِين لكنه أبهمه على السَّامع لغَرَض الإيجاز أَو غَيره، نَحْو: {وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ لعلى هدى أَو فِي ضلال مُبين} وَتَكون (أَو) لمُطلق الْجمع كالواو، نَحْو: {لَعَلَّه يتَذَكَّر أَو يخْشَى} وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لما كثر اسْتِعْمَال (أَو) فِي الْإِبَاحَة الَّتِي مَعْنَاهَا جَوَاز الْجمع اسْتعْملت فِي معنى الْجمع كالواو، وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {أَو تكون لَك جنَّة} الْآيَة، فَإِن الْكفَّار طلبُوا تعنتا جَمِيع مَا ذكر فِي الْآيَة، لَا وَاحِدًا مِنْهَا غير معِين وَقد تَجِيء للنَّقْل، تَقول لآخر: (افْعَل كَذَا إِلَى الشَّهْر) ثمَّ تَقول: (أَو أسْرع مِنْهُ) ، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {فاذكروا الله كذكركم آبَاءَكُم أَو أَشد ذكرا} و (أَو) فِي مثل قَوْلنَا: (الْجِسْم مَا يتركب من جوهرين أَو أَكثر) لتقسيم الْمَحْدُود؛ وَفِي قَوْلنَا:

(من جوهرين أَو مَاله طول وَعرض وعمق) لتقسيم الْحَد قَالَ الْمُحَقِّقُونَ من النُّحَاة: كَون (أَو) للْإِبَاحَة اسْتِحْسَان وُقُوع الْوَاو موقعها مثل: (جَالس الْحسن أَبُو ابْن سِرين) الأول: أول الشَّيْء جزؤه [الأسبق] وَهُوَ (أفعل) ومؤنثه (أولى) وَأَصلهَا (وَولى) قلبت الْوَاو همزَة ففاؤها وعينها واوان عِنْد سِيبَوَيْهٍ، وَلم يتَصَرَّف مِنْهَا فعل لاعتلال فائها وعينها، وَعند الْكُوفِيّين وَزنه (افْعَل) أَيْضا، وَأَصله (أَو أل) من (وأل) فأبدلت همزته الثَّانِيَة واوا تَخْفِيفًا أَو (أعفل) وَأَصله (أأول) بهمزتين من (آل) ففصل بَينهمَا بِالْوَاو بعد سكونها وَفتحت الْهمزَة بعْدهَا، ثمَّ قلبت واوا وأدغمت فِيهَا الْوَاو وَفِي " الجمهرة ": هُوَ (فوعل) لَيْسَ لَهُ فعل، وَالْأَصْل (ووول) قلبت الْوَاو الأولى همزَة وأدغمت إِحْدَى الواوين فِي الْأُخْرَى وَقَالَ ابْن خالويه: الصَّوَاب أَنه (أفعل) بِدَلِيل صُحْبَة من إِيَّاه تَقول (أول من كَذَا) وَيجمع على (أَوَائِل) و (أوالي) وَهُوَ حَقِيقَة ظرف للزمان، وَلذَلِك يَصح ترك (فِي) فِيهِ، وَإِنَّمَا يُوصف بِهِ الْعين وَالْفِعْل بِاعْتِبَار اشتماله على الْأَزْمِنَة وَله استعمالان: أَحدهمَا: أَن يكون اسْما فَيَنْصَرِف، وَمِنْه قَوْلهم: (مَا لَهُ أول وَلَا آخر) قَالَ أَبُو حَيَّان: فِي محفوظي أَن هَذَا يؤنث بِالتَّاءِ وَيصرف فَتَقول: (أولة وآخرة) بِالتَّنْوِينِ وَالثَّانِي: أَن يكون صفة أَي: (أفعل) تَفْضِيل، بِمَعْنى الأسبق، فَيعْطى لَهُ حكم غَيره من صِيغ (أفعل) التَّفْضِيل من دُخُول (من) عَلَيْهِ وَمنع الصّرْف وَعَدَمه، فَأتيت بِالتَّاءِ، فعلى هَذَا يكون من (آل يؤول) إِذا رَجَعَ وَفِي قَوْلنَا: (أول النَّاس) و (أول الْغَرَض) معنى الرُّجُوع، لِأَن الْجُزْء السَّابِق من الْوَقْت وَغَيره يرجع من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود الْخَارِجِي، كَمَا أَن الْوُجُود الْخَارِجِي، يرجع إِلَى الْعَدَم فَيكون الْجُزْء الثَّانِي آيلا أَي رَاجعا من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود، لَكِن الْجُزْء السَّابِق أول مِنْهُ أَي أرجع مِنْهُ، فالتفضيل بِاعْتِبَار السَّبق إِلَى الرُّجُوع وَنَظِير (أول) فِي المبنيات على الضَّم (فَوق) وَغَيره تَقول: (انحدر من فَوق) و (أَتَاهُ من قُدَّام) و (استردفته من وَرَاء) و (أَخذه من تَحت) فتبنى هَذِه الْأَسْمَاء على الضَّم وَإِن كَانَت ظروف أمكنه لانقطاعها عَن الْإِضَافَة و (الأول) فِي حق الله تَعَالَى بِاعْتِبَار ذَاته هُوَ الَّذِي لَا تركيب فِيهِ، وَأَنه المنزه عَن الْعِلَل، وَأَنه لم يسْبقهُ فِي الْوُجُود شَيْء، وَإِلَى هَذَا يرجع من قَالَ: هُوَ الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى غَيره، وَمن قَالَ: هُوَ المستغني بِنَفسِهِ وبإضافته إِلَى الموجودات هُوَ الَّذِي يصدر عَنهُ الْأَشْيَاء قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: الله أول الْأَشْيَاء، وَلَا أول كل شَيْء، لِأَنَّهُ لَا يُوَافِقهَا وَلَا هُوَ مثلهَا، و (أفعل) يُضَاف إِلَى مَا هُوَ مثله وَقَالَ الْفَخر: هُوَ أول لكل مَا سواهُ وَآخر لكل مَا سواهُ فَيمْتَنع أَن يكون لَهُ أول وَآخر لِامْتِنَاع كَونه أَولا لأوّل نَفسه وآخرا لآخر نَفسه، بل هُوَ أزلي لَا

أول لَهُ وأبدي لَا آخر لَهُ، بل هُوَ الآخر الَّذِي يرجع إِلَيْهِ الموجودات فِي سلسلة الترقي أَو فِي سلوك السالكين [وَقَالَ بعض الْمُحَقِّقين: لَا معنى لكَونه تَعَالَى قبل الْعَالم إِلَّا أَنه كَانَ وَلَا شَيْء سواهُ، وَلَا معنى لكَون الْعَالم بعده إِلَّا أَنه لم يكن مَعَه تَعَالَى ثمَّ كَانَ، وَإِلَّا فَلَو كَانَ الرب قبل الْعَالم بِالزَّمَانِ، وَالزَّمَان من الْعَالم، يلْزم أَن يكون مُتَقَدما على الزَّمَان بِالزَّمَانِ وَهُوَ محَال وَأَيْضًا لَيْسَ وجود الْبَارِي وجودا زمانيا، فَلَا يكون قبل الزَّمَان، كَمَا أَنه لما لم يكن وجوده وجودا مكانيا لم يكن قبل الْمَكَان، فسبحان من لَا تحد أزليته بمتى، وَلَا تقيد أبديته بحتى، وَهُوَ قيوم أزلي ديوم سرمدي إِن قلت أَيْن فقد سبق الْمَكَان، وَإِن قلت مَتى فقد تقدم الزَّمَان، وَإِن قلت كَيفَ فقد جَاوز الْأَشْبَاه والأمثال والأقران، وَإِن طلبت الدَّلِيل فقد غلب الْخَبَر العيان، وَإِن رمت الْبَيَان فذرات الكائنات لَهُ بَيَان وبرهان] وَالْأول فِي حَقنا: هُوَ الْفَرد السَّابِق، وَالْأول إِنَّمَا يتَوَقَّف على آخر إِذا صَحَّ اجْتِمَاع الآخر مَعَ الأول، فَإِذا قَالَ لغير الْمَدْخُول بهَا: (هَذِه طَالِق وَطَالِق) وَقع الأول ولغا الثَّانِي لعدم الْمحل، وَإِن كَانَ قد جمع بَينهمَا بِحرف الْجمع لعدم تغير أَوله بِآخِرهِ فَلم يتَوَقَّف على الآخر وَكَذَا قَوْله لشَرِيكه فِي صَغِير: (هُوَ ابْني وابنك) فَإِنَّهُ يكون ابْنا للْأولِ وَلم يتَوَقَّف أَوله على آخِره، لِأَن النّسَب لَا يحْتَمل الشّركَة فَلَا يتَغَيَّر بِهِ الْكَلَام، وَلِأَنَّهُ إِقْرَار على الْغَيْر، وَإِنَّمَا يُضَاف إِلَيْهِمَا إِذا ادّعَيَا مَعًا لعدم الْأَوْلَوِيَّة وَالنّسب حَقِيقَة من أَحدهمَا وَنصب (أَولا) فِي قَوْلنَا: (أَولا وبالذات) على الظَّرْفِيَّة بِمَعْنى (قبل) وَهُوَ منصرف حِينَئِذٍ لعدم الوصفية مَعَ أَنه (أفعل) تَفْضِيل فِي الأَصْل بِدَلِيل (الأولى) و (الْأَوَائِل) ، و (بِالذَّاتِ) عطف على (أَولا) وَالْبَاء بِمَعْنى (فِي) أَي فِي ذَات الْمَعْنى بِلَا وَاسِطَة الأولى: بِالْفَتْح وَاحِد الأوليان، وَالْجمع الْأَولونَ، وَالْأُنْثَى الوليا، وَالْجمع الوليات وَالْأولَى: يسْتَعْمل فِي مُقَابلَة الْجَوَاز، كَمَا أَن الصَّوَاب فِي مُقَابلَة الْخَطَأ وَمعنى قَوْله تَعَالَى: {فَأولى لَهُم} : فويل لَهُم، دُعَاء عَلَيْهِم بِأَن يليهم الْمَكْرُوه، أَو يؤول إِلَيْهِ أَمرهم، فَإِنَّهُ (أفعل) من (الولى) أَو (فعلى) من (آل) الأوب: لَا يُقَال هَذَا إِلَّا فِي الْحَيَوَان الَّذِي لَهُ إِرَادَة وَالرُّجُوع أَعم وَتَابَ إِلَى الله: رَجَعَ إِلَيْهِ وَتَابَ الله عَلَيْهِ: وَفقه للتَّوْبَة، أَو رَجَعَ بِهِ من التَّشْدِيد إِلَى التَّخْفِيف، أَو رَجَعَ عَلَيْهِ بفضله وقبوله، وَهُوَ التواب على عباده

أَوَى: هُوَ بِالْقصرِ إِذا كَانَ فعلا لَازِما، وَهُوَ أفْصح وآوى غَيره: بِالْمدِّ، وَهُوَ أفْصح وَأكْثر أوهمت فِي الشَّيْء أوهم إيهاما ووهمت فِي الْحساب وَغَيره أوهم وهما: إِذا غَلطت فِيهِ ووهمت إِلَى الشَّيْء أهم وهما: إِذا ذهب قَلْبك إِلَيْهِ وَأَنت تُرِيدُ غَيره أولويته إِيَّاه: أذنيته مِنْهُ. وَوليت إِلَيْهِ وليا: دَنَوْت مِنْهُ وأوليت بِمَعْنى أَعْطَيْت أَوَان: هُوَ مُفْرد بِمَعْنى الْحِين، وَجمعه آونة كزمان وأزمنة الأوابد: الوحوش، سميت بهَا لِأَنَّهَا لم تمت حتف أنفها؛ وَيُقَال للْفرس: قيد الأوابد لِأَنَّهُ يلْحق الوحوش بِسُرْعَة [نوع] {آوي إِلَى ركن شَدِيد} : أنضم إِلَى عشيرة منيعة {وَأوحى رَبك إِلَى النَّحْل} : ألهمها {أوسطهم} : أعدلهم {أَوْفوا} : الْوَفَاء الْقيام بِمُقْتَضى الْعَهْد، وَكَذَا الْإِيفَاء {آوى إِلَيْهِ} : ضم إِلَيْهِ {أواب:} : رجاع {أوبي مَعَه} : رَجْعِيّ مَعَه {أوزعني أَن أشكر نِعْمَتك} : اجْعَلنِي أزع شكر نِعْمَتك عِنْدِي: أَي أكفه وأرتبطه لَا يَنْقَلِب عني بِحَيْثُ لَا أَنْفك عَنهُ {أوزعني} : ألهمني، وَأَصله أولعني {فأوجس مِنْهُم خيفة} : وَأدْركَ {وأوصاني} : وَأَمرَنِي {فأوجس فِي نَفسه} : فأضمر فِيهَا {فَأوحى إِلَيْهِم} : فَأَوْمأ إِلَيْهِم {أَو جفتم} : أجريتم، من الوجيف، وَهُوَ سرعَة السّير {أَوْفوا الْكَيْل} : أتموه {لأواه} : هُوَ الْمُؤمن التواب، أَو الرَّحِيم، أَو المسبح، أَو دُعَاء بالعبرانية [ {فآوعى} : فَجعله فِي وعَاء وكنز حرصا {أورثتموها} أَي: أعطيتموها]

فصل الألف والهاء

(فصل الْألف وَالْهَاء) [الإهالة: كل مَا يؤتدم بِهِ من زَيْت أَو دهن أَو سمن أَو ودك شَحم فَهُوَ إهالة [أهل وَأَهلي] : كل دَابَّة ألف مَكَانا يُقَال لَهُ أهل وَأَهلي وَأهل الرجل: من يجمعه وإياهم مسكن وَاحِد، ثمَّ سميت بِهِ من يجمعه وإياهم نسب أَو دين أَو صَنْعَة أَو نَحْو ذَلِك وَعند أبي حنيفَة، أهل الرجل: زَوجته خَاصَّة، لِأَنَّهَا المُرَاد فِي عرف اللِّسَان يُقَال: فلَان تأهل، وَبنى على أَهله: تزوج وَعِنْدَهُمَا: كل من يعولهم ويضمهم نَفَقَته بِاعْتِبَار الْعرف؛ وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {فأنجيناه وَأَهله إِلَّا امْرَأَته} ؛ وَقَوله تَعَالَى فِي جَوَاب قَول نوح: {إِن ابْني من أَهلِي} {إِنَّه لَيْسَ من أهلك} يدل على أَن من لم يدن بدين امْرِئ لَا يكون من أَهله، وَكَذَا قَوْله فِي امْرَأَة لوط: {إِنَّا منجوك وَأهْلك إِلَّا امْرَأَتك} لاستثناء الامرأة الْكَافِرَة من الْأَهْل، وَلَيْسَ الِاسْتِثْنَاء مُنْقَطِعًا فِي " الْمُفْردَات " لما كَانَت الشَّرِيعَة حكمت بِرَفْع حكم النّسَب فِي كثير من الْأَحْكَام بَين الْمُسلم وَالْكَافِر قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّه لَيْسَ من أهلك إِنَّه عمل غير صَالح} وَأهل النَّبِي: أَزوَاجه وَبنَاته وصهره عَليّ، أَو نساؤه، وَالرِّجَال الَّذين هم آله وَأهل كل نَبِي: أمته وَآل الله وَرَسُوله: أولياؤه، وَأَصله: أهل وَقيل: الْأَهْل: الْقَرَابَة، كَانَ لَهَا تَابع أَو لم يكن والآل: الْقَرَابَة يتابعها وَأهل الْأَمر: ولاته و [أهل] الْبَيْت: سكانه أَو من كَانَ من قوم الْأَب، وَالْبَيْت بَيت النِّسْبَة، وَبَيت النِّسْبَة للْأَب، أَلا ترى أَن ابراهيم بن مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من أهل بَيت النُّبُوَّة وَلم يكن من القبط وأنسابه وَأهل الْمَذْهَب: من يدين بِهِ وَأهل الْحق: هم الَّذين يعترفون بِالْأَحْكَامِ الْمُطَابقَة للْوَاقِع، والأقوال الصادقة، والعقائد السليمة والأديان الصَّحِيحَة والمذاهب المتينة وَالْمَشْهُور من أهل السّنة فِي ديار خُرَاسَان وَالْعراق وَالشَّام وَأكْثر الأقطار هم الاشاعرة أَصْحَاب أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ من نسل أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ من أَصْحَاب الرَّسُول وَفِي ديار مَا وَرَاء النَّهر وَالروم أَصْحَاب أبي مَنْصُور الماتريدي [وَأهل الْقبْلَة: من صدق بضروريات الدّين كلهَا عِنْد التَّفْصِيل] وَأهل الْأَهْوَاء من أهل الْقبْلَة: الَّذين معتقدهم غير مُعْتَقد أهل السّنة، وهم: الجبرية، والقدرية، وَالرَّوَافِض، والخوارج، والمعطلة، والمشبهة، فَكل مِنْهُم إثنتا عشرَة فرقة كلهم فِي الهاوية على مَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " افترق الْيَهُود على إِحْدَى وَسبعين

فرقة كلهَا فِي الهاوية إِلَّا وَاحِدَة، وافترق النَّصَارَى على ثِنْتَيْنِ وَسبعين فرقة كلهَا فِي الهاوية إِلَّا وَاحِدَة، وَسَتَفْتَرِقُ أمتِي على ثَلَاث وَسبعين فرقة كلهَا فِي الهاوية إِلَّا وَاحِدَة " وَأهل الْوَبر: سكان الْخيام وَأهل الْمدر: سكان الْأَبْنِيَة وَهُوَ أهل لكذا: أَي مستوجب للْوَاحِد والجميع واستأهله: استوجبه، لُغَة جَيِّدَة الإهانة: أهانه: استخفه، أَصله: هان يهون: إِذا لَان وَسكن و " الْمُؤْمِنُونَ هَينُونَ ": أَي ساكنون لَا يتحركون بِمَا يضر، " لَينُونَ ": أَي يتعطفون للحق وَلَا يتكبرون، فعلى هَذَا يكون الْهمزَة فِي (أهان) لسلب هَذِه الصّفة الجميلة الإهداء: أهديت إِلَى الْبَيْت هَديا، وَأهْديت الْهَدِيَّة إهداء، وهديت الْعَرُوس إِلَى زَوجهَا هداء، وهديت الْقَوْم الطَّرِيق هِدَايَة، وَفِي الدّين: هدى، والاهتداء مُقَابل الإضلال، كَمَا أَن الْهدى مُقَابل للضلال الإهتاف: هُوَ بريق السراب، والدوي فِي المسامع الإهمال: أهمله: خلى بَينه وَبَين نَفسه، أَو تَركه وَلم يَسْتَعْمِلهُ أهيا شراهيا: هُوَ بِكَسْر الْهمزَة وَفتحهَا وبفتح الشين كلمة يونانية مَعْنَاهَا الأزلي الَّذِي لم يزل آه: كلمة توجع، أَي: وجعي عَظِيم وتندمي زَائِد دَائِم، وَقد نظمت فِيهِ: (رميت بلحظ قد أصبت بمهجتي ... فآهي وَمَا من شَاهد لي سوى آهي) [نوع] {أهل بِهِ لغير الله} : رفع بِهِ الصَّوْت عِنْد ذبحه للطواغيت {اهبطوا مصرا} : انحدروا إِلَيْهِ {واهجرني} : اجتنبني. {اهون} : أيسر أَو أسهل {أهواءكم} : آراءكم الزائفة {هُوَ أهل التَّقْوَى} : حقيق بِأَن يتقى عِقَابه {وَأهل الْمَغْفِرَة} : حقيق بِأَن يغْفر لِعِبَادِهِ لَا سِيمَا الْمُؤمنِينَ مِنْهُم {اهتزت وربت} : تزخرفت وَانْتَفَخَتْ بالنبات {فاهدوهم} : وجهوهم {أَحَق بهَا وَأَهْلهَا} : والمستأهل لَهَا {وأهش بهَا} : أخبط الْوَرق بهَا على رُؤُوس غنمي، أَو بِالسِّين، بِمَعْنى أنحي عَلَيْهَا زاجرا لَهَا من (الهس) وَهُوَ زجر الْغنم {ثمَّ اهْتَدَى} : ثمَّ استقام على الْهدى الْمَذْكُور

فصل الألف والياء

{بأهوائهم} : بتشهيهم [ {قد أهمتهم أنفسهم} : أوقعتهم فِي الهموم، أَو مَا يهمهم إِلَّا أنفسهم وَطلب خلاصها] (فصل الْألف وَالْيَاء) [الإيتاء] : كل مَوضِع ذكر فِي وصف الْكتاب (آتَيْنَا) فَهُوَ أبلغ من كل مَوضِع ذكر فِيهِ (أُوتُوا) ، لِأَن (أُوتُوا) قد يُقَال إِذا أُوتِيَ من لم يكن مِنْهُ قبُول، و (آتَيْنَا) يُقَال فِيمَن كَانَ مِنْهُ قبُول والإيتاء: أقوى من الْإِعْطَاء، إِذْ لَا مُطَاوع لَهُ [يُقَال: آتَانِي فَأَخَذته، وَفِي الْإِعْطَاء يُقَال: أَعْطَانِي فعطوت؛ وَمَا لَهُ مُطَاوع أَضْعَف فِي إِثْبَات مَفْعُوله مِمَّا لَا مُطَاوع لَهُ] وَلِأَن الإيتاء فِي أَكثر مَوَاضِع الْقُرْآن فِيمَا لَهُ ثبات وقرار، كالحكمة والسبع المثاني، وَالْملك الَّذِي لَا يُؤْتى إِلَّا لذِي قُوَّة والإعطاء: فِيمَا ينْتَقل مِنْهُ بعد قَضَاء الْحَاجة مِنْهُ كإعطاء كل شَيْء خلقه لتكرر حُدُوث ذَلِك بِاعْتِبَار الموجودات وَإِعْطَاء الْكَوْثَر للانتقال مِنْهُ إِلَى مَا هُوَ أعظم مِنْهُ، وَكَذَا {يعطيك رَبك فترضى} للتكرر إِلَى أَن يرضى كل الرِّضَا الإيلية: كل اسْم إلهي مُضَاف إِلَيّ ملك أَو روحاني فَهُوَ الإيلية وَفِي " الْمُفْردَات ": قيل فِي (جِبْرَائِيل) إِن (إيل) اسْم الله، وَهَذَا لَا يَصح بِحَسب كَلَام الْعَرَب الْإِيمَان: الثِّقَة، وَإِظْهَار الخضوع، وَقبُول الشَّرِيعَة (إفعال) من الْأَمْن ضد الْخَوْف، [ثلاثية] يتَعَدَّى إِلَى مفعول وَاحِد، [نَحْو: أمنته: أَي كنت أَمينا] وَإِذا عدي بِالْهَمْزَةِ يعدى إِلَى مفعولين تَقول: (آمَنت زيدا عمرا) بِمَعْنى جعلته آمنا مِنْهُ؛ [وَقد يكون بِمَعْنى صَار ذَا أَمن] ثمَّ اسْتعْمل فِي التَّصْدِيق إِمَّا مجَازًا لغويا لاستلزامه مَا هُوَ مَعْنَاهُ، فَإنَّك إِذا صدقت أحد آمنته من التَّكْذِيب فِي ذَلِك التَّصْدِيق؛ وَإِمَّا حَقِيقَة لغوية وَالْإِيمَان المعدى إِلَى الله: مَعْنَاهُ التَّصْدِيق الَّذِي هُوَ نقيض الْكفْر، فيعدى بِالْبَاء، لِأَن من دأبهم حمل النقيض على النقيض، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمَا أَنْت بِمُؤْمِن لنا} أَي بمصدق، وَفِي (مُؤمن) مَعَ التَّصْدِيق إِعْطَاء الْأَمْن، لَا فِي مُصدق، وَاللَّام مَعَ الْإِيمَان فِي الْقُرْآن لغير الله، وَذَلِكَ لتضمين معنى الِاتِّبَاع وَالتَّسْلِيم وَهُوَ عرفا: الِاعْتِقَاد الزَّائِد على الْعلم، كَمَا فِي (التَّقْوَى) قَالَ الرَّازِيّ: التَّصْدِيق هُوَ الحكم الذهْنِي المغاير للْعلم، فَإِن الْجَاهِل بالشَّيْء قد يحكم بِهِ فقد أشكل مَا قَالَ التَّفْتَازَانِيّ: أَن الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق الَّذِي قسم الْعلم إِلَيْهِ فِي الْمنطق، ثمَّ التَّصْدِيق مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ هُوَ أَن

ينْسب الصدْق إِلَى الْمخبر اخْتِيَارا، إِذْ لَو وَقع صدقه فِي الْقلب ضَرُورَة، كَمَا إِذا ادّعى النُّبُوَّة وَأظْهر المعجزة من غير أَن ينْسب الصدْق إِلَيْهِ اخْتِيَارا، لَا يُقَال فِي اللُّغَة إِنَّه صدقه؛ وَأَيْضًا التَّصْدِيق مَأْمُور بِهِ، فَيكون فعلا اختياريا والتصديق وانقياد الْبَاطِن متلازما، فَلهَذَا يُقَال: أسلم فلَان، وَيُرَاد بِهِ آمن والتصديق يكون فِي الإخبارات، والانقياد يكون فِي الْأَوَامِر والنواهي، فتبليغ الشَّرَائِع إِن كَانَ بِلَفْظ الْإِخْبَار فالإيمان يكون بالتصديق، وَإِن كَانَ بِالْأَمر وَالنَّهْي فالإيمان بانقياد الْبَاطِن وَالْفرق بَين التَّصْدِيق والإيقان أَن التَّصْدِيق قد يكون مُؤَخرا عَن الإيقان، وَلَا يكون الإيقان مستلزما للتصديق، كَالَّذي شَاهد المعجزة فَيحصل لَهُ الْعلم اليقيني بِأَنَّهُ نَبِي، وَمَعَ ذَلِك لَا يصدقهُ؛ فاليقين الضَّرُورِيّ رُبمَا يحصل وَمَعَ ذَلِك لَا يحصل التَّصْدِيق الِاخْتِيَارِيّ وَقد يكون التَّصْدِيق مقدما على الْيَقِين، كَمَا فِي أَحْوَال الْآخِرَة، فَإِنَّهُ لَا يحصل الْيَقِين بهَا إِلَّا بِأَن يصدق النَّبِي، فَعلم مِنْهُ أَن الْيَقِين لَيْسَ بِإِيمَان [والتصديق والمعرفة ليسَا بمتحدين، فَإِن التَّصْدِيق عبارَة عَن ربط الْقلب بِأَنَّهُ على مَا علمه من إِخْبَار الْمخبر بِأَنَّهُ كَذَا، فَهَذَا الرَّبْط أَمر كسبي يثبت بِاخْتِيَار الْمُصدق وَأما الْمعرفَة فَلَيْسَتْ كَذَلِك، لحصولها بِدُونِ الِاخْتِيَار، كَمَا فِي وُقُوع بصر الْإِنْسَان على شَيْء بِدُونِ اخْتِيَاره، فَإِنَّهُ يحصل لَهُ معرفَة المبصر بِأَنَّهُ حجر أَو مدر أَو غير ذَلِك بِدُونِ ربط قلبه عَلَيْهِ بالاشتغال بِأَنَّهُ هُوَ، فالمعرفة لَيست بِإِيمَان، بِخِلَاف التَّصْدِيق، فَإِنَّهُ إِيمَان] وَالْإِيمَان شرعا: هُوَ إِمَّا فعل الْقلب فَقَط، أَو اللِّسَان فَقَط، أَو فعلهمَا جَمِيعًا، أَو هما مَعَ سَائِر الْجَوَارِح فعلي الأول: هُوَ إِمَّا التَّصْدِيق فَقَط، وَالْإِقْرَار لَيْسَ ركنا، بل شَرط لإجراء الْأَحْكَام الدُّنْيَوِيَّة، وَهُوَ مُخْتَار الماتريدي، وَقَالَ الإِمَام الرضي وفخر الْإِسْلَام: إِنَّه ركن أحط، فَإِنَّهُ قد يسْقط، [بِمَا فِيهِ شَائِبَة العرضية والتبعية] أَو التَّصْدِيق بِشَرْط الْإِقْرَار، وَهُوَ مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ وَأَتْبَاعه وَلَا دلَالَة فِي قَوْله تَعَالَى: {كَيفَ يهدي الله قوما كفرُوا بعد إِيمَانهم وشهدوا} على أَن الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ خَارج عَن حَقِيقَة الْإِيمَان المصطلح عِنْد أهل الشَّرْع، إِنَّمَا دلالتها على أَنه خَارج عَن الْإِيمَان بِمَعْنى التَّصْدِيق بِاللَّه وبرسوله، وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يقبل النزاع وَالرَّابِع: مَذْهَب الْمُحدثين، وَبَعض السّلف، والمعتزلة، والخوارج، وَفِيه إِشْكَال ظَاهر، وَجَوَابه أَن الْإِيمَان يُطلق على مَا هُوَ الأَصْل والأساس فِي دُخُول الْجنَّة، وَهُوَ التَّصْدِيق مَعَ الْإِقْرَار وعَلى مَا هُوَ الْكَامِل المنجي بِلَا خلاف، وَهُوَ التَّصْدِيق وَالْإِقْرَار وَالْعَمَل وَفِي التَّصْدِيق الْمُجَرّد خلاف، فَعِنْدَ بعض مَشَايِخنَا منج، وَعند الْبَعْض لَا وَالْمذهب عندنَا أَن الْإِيمَان فعل عبد بهداية الرب وتوفيقه، وَهُوَ الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ والتصديق بِالْقَلْبِ، والتصديق بِالْقَلْبِ هُوَ الرُّكْن الْأَعْظَم، وَالْإِقْرَار كالدليل عَلَيْهِ

وَقَوله تَعَالَى: {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه وباليوم الآخر وَمَا هم بمؤمنين} يدل على أَن الْإِقْرَار بِغَيْر تَصْدِيق لَيْسَ بِإِيمَان، بِإِشَارَة النَّص واقتضائه، فينتهض حجَّة على الكرامية وَلَيْسَ لَهُم دَلِيل بِعِبَارَة النَّص على خِلَافه حَتَّى يرجح وَلَيْسَ الْإِيمَان هُوَ الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ فَقَط، كَمَا زعمت الكرامية، وَلَا إِظْهَار الْعِبَادَات وَالشُّكْر بالطاعات كَمَا زعمت الْخَوَارِج، فَإنَّا نعلم من حَال الرَّسُول عِنْد إِظْهَار الدعْوَة أَنه لم يكتف من النَّاس بِمُجَرَّد الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ وَلَا الْعَمَل بالأركان مَعَ تَكْذِيب الْجنان، بل كَانَ يُسَمِّي من كَانَت حَاله كَذَلِك كَاذِبًا ومنافقا؛ قَالَ الله تَعَالَى تَكْذِيبًا لِلْمُنَافِقين عِنْد قَوْلهم: نشْهد أَنَّك لرَسُول الله {وَالله يشْهد إِن الْمُنَافِقين لَكَاذِبُونَ} وَمَا ورد فِي الْكتاب وَالسّنة وأقوال الْأَئِمَّة فِي ذَلِك أَكثر من أَن يُحْصى، وَلَا يخفى قبح القَوْل بِأَن الْإِيمَان مُجَرّد الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ لإفضائه إِلَى تَكْفِير من لم يظْهر مَا أبطنه من التَّصْدِيق وَالطَّاعَة، وَالْحكم بنقيضه لمن أظهر خلاف مَا أبطن من الْكفْر بِاللَّه وَرَسُوله، وَأَشد قبحا مِنْهُ جعل الْإِيمَان مُجَرّد الْإِتْيَان بالطاعات لإفضائه إِلَى إبِْطَال مَا ورد فِي الْكتاب وَالسّنة من جَوَاز خطاب العَاصِي بِمَا دون الشّرك قبل التَّوْبَة بالعبادات الْبَدَنِيَّة وَسَائِر الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة، وبصحتها مِنْهُ إِن لَو أَتَاهَا، وبإدخاله فِي زمرة الْمُؤمنِينَ، وَبِهَذَا تبين قبح قَول الحشوية أَن الْأَيْمَان هُوَ التَّصْدِيق بالجنان وَالْإِقْرَار بِاللِّسَانِ وَالْعَمَل بالأركان نعم لَا يُنكر جَوَاز إِطْلَاق اسْم الْإِيمَان على هَذِه الْأَفْعَال، وعَلى الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ} أَي: صَلَاتكُمْ وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " الْإِيمَان بضع وَسَبْعُونَ بَابا، أَوله شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَآخره إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق " لَكِن من جِهَة أَنَّهَا دَالَّة على التَّصْدِيق بالجنان ظَاهرا، فعلى هَذَا مهما كَانَ مُصدقا بالجنان وَإِن أخل بِشَيْء من الْأَركان فَهُوَ مُؤمن حَقًا، وَإِن صَحَّ تَسْمِيَته فَاسِقًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا أخل بِهِ، وَلذَلِك صَحَّ إدراجه فِي خطاب الْمُؤمنِينَ، وإدخاله فِي جملَة تكاليف الْمُسلمين [وَاخْتلف فِي زِيَادَة الْإِيمَان ونقصه قَالَ بَعضهم:] إِن الْإِيمَان الْكَامِل هُوَ الْإِيمَان الْمُطلق لَا يقبل الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَمُطلق الْإِيمَان يُطلق على النَّاقِص والكامل، وَلِهَذَا نفى رَسُول الله الْإِيمَان الْمُطلق عَن الزَّانِي وشارب الْخمر وَالسَّارِق، وَلم ينف عَنْهُم مُطلق الْإِيمَان، فَلَا يدْخلُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالله ولي الْمُؤمنِينَ} ، وَلَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ} ، ويدخلون فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمن يقتل مُؤمنا} وَفِي قَوْله تَعَالَى: (فَتَحْرِير رَقَبَة

مُؤمنَة} وَالْإِيمَان الْمُطلق يمْنَع دُخُول النَّار، وَمُطلق الْإِيمَان يمْنَع الخلود [وَقَالَ بَعضهم: إِيمَان الله الَّذِي أوجب اتصافه بِكَوْنِهِ مُؤمنا لَا يزِيد وَلَا ينقص، إِذْ لَيْسَ محلا للحوادث، وإيمان الإنبياء وَالْمَلَائِكَة يزِيد وَلَا ينقص، وإيمان من عداهم يزِيد وَينْقص إِن فسر الْإِيمَان بِالطَّاعَةِ، وَإِن فسر بخصلة وَاحِدَة من تَصْدِيق أَو غَيره فَلَا يقبل الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان من هَذِه الْحَيْثِيَّة اللَّهُمَّ إِلَّا أَن ينظر إِلَى كَثْرَة أعداد أشخاص تِلْكَ الْخصْلَة وقلتها فِي آحَاد النَّاس، فَحِينَئِذٍ يكون قَابلا للزِّيَادَة وَالنُّقْصَان] وَأما الْعَمَل فَلَيْسَ بِجُزْء إِلَّا من مُطلق الْإِيمَان، بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {لَا تَجِد قوما يُؤمنُونَ بِاللَّه} إِلَى قَوْله: {كتب فِي قُلُوبهم الْإِيمَان} فَإِن جُزْء الثَّابِت فِي الْقلب يكون ثَابتا فِيهِ، وأعمال الْجَوَارِح لَا تثبت فِيهِ، وَفِي الْمُقَارنَة بِالْإِيمَان فِي أَكثر الْقُرْآن إيذان بِأَنَّهُمَا كالمتلازمين فِي توقف مَجْمُوع النجَاة وَالثَّوَاب عَلَيْهِمَا، وَهَذَا لَا يُنَافِي كَون الْإِيمَان الْمُجَرّد عَن الْعَمَل الصَّالح منجيا وَحجَّة الشَّافِعِي فِي أَن الْأَعْمَال الصَّالِحَة من الْإِيمَان قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ} أَي: صَلَاتكُمْ؛ وَعِنْدنَا مَعْنَاهُ ثباتكم على الْإِيمَان، وَلِأَن الْمَعْطُوف غير الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} بِخِلَاف الْعَطف فِي: {من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر} فَإِنَّهُ عطف تَفْسِير، وَحجَّتنَا فِي أَن الْعَمَل لَيْسَ من الْإِيمَان قَوْله تَعَالَى: {قل لعبادي الَّذين آمنُوا يقيموا الصَّلَاة} سماهم مُؤمنين قبل إِقَامَة الصَّلَاة وَالْإِجْمَاع على أَن أَصْحَاب الْكَهْف وَكَذَا سحرة فِرْعَوْن من أهل الْجنَّة، وَإِن لم يُوجد مِنْهُم الْعَمَل، وَكَذَا من آمن مثلا قبل الضحوة فَمَاتَ قبل الزَّوَال وَلَيْسَ فِي قَوْله تَعَالَى: {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} دَلِيل على نُقْصَان إِيمَان قبل الْيَوْم، وَإِلَّا يلْزم موت الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار كلهم على دين نَاقص، بل المُرَاد من الْيَوْم عصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذْ كَانَت قبل ذَلِك فَتْرَة، أَو الْمَعْنى: أظهرت لكم دينكُمْ حَتَّى قدرتهم على إِظْهَاره، أَو التَّكْمِيل لإرعاب الْعَدو وَأما قَوْله تَعَالَى: {ليزدادوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانهم} وَقَوله: {وَإِذا تليت عَلَيْهِم آيَاته زادتهم إِيمَانًا} ، وَمَا رُوِيَ " إِن إِيمَان أبي بكر لَو وزن مَعَ إِيمَان أمتِي لترجح إِيمَان أبي بكر "، فَنَقُول: الْإِيمَان الْمُطلق عبارَة عَن التَّصْدِيق، والتصديق لَا يقبل الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان، فَقَوله تَعَالَى: {ليزدادوا} إِلَى آخِره فِي حق الصَّحَابَة، لِأَن الْقُرْآن كَانَ ينزل فِي كل وَقت

فيؤمنون بِهِ، فتصديقهم للثَّانِي زِيَادَة على الأول؛ أما فِي حَقنا فقد انْقَطع الْوَحْي وَمَا زَاد بالإلف وَكَثْرَة التَّأَمُّل وتناصر الْحجَج فثمراته لَا أَصله وَقَوله: {زادتهم إِيمَانًا} المُرَاد بِهِ الْمَجْمُوع الْمركب من التَّصْدِيق وَالْإِقْرَار وَالْعَمَل، لَا التَّصْدِيق وَحَدِيث أبي بكر كَانَ تَرْجِيحا فِي الثَّوَاب، لِأَنَّهُ سَابق فِي الْإِيمَان وَعدم صِحَة الِاسْتِثْنَاء فِي الْإِيمَان هُوَ قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَقوم من الْمُتَكَلِّمين [وَقد روى ترك الِاسْتِثْنَاء فِي الْإِيمَان وَالْإِسْلَام خَمْسَة من الصَّحَابَة الْأَعْلَام] وَالَّذين قَالُوا: الطَّاعَة دَاخله فِي الْإِيمَان، فَمنهمْ من جوز مُطلقًا وَهُوَ ابْن مَسْعُود وَقوم من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالشَّافِعِيّ، وَمِنْهُم من جوز فِي الاسقبال دون الْحَال، وَهُوَ جُمْهُور الْمُعْتَزلَة والخوارج والكرامية قَالَ التَّفْتَازَانِيّ: لَا خلاف فِي الْمَعْنى بَين الْفَرِيقَيْنِ، يَعْنِي الأشاعرة والماتريدية لِأَنَّهُ إِن أُرِيد بِالْإِيمَان مُجَرّد حُصُول الْمَعْنى فَهُوَ حَاصِل فِي الْحَال، وَإِن أُرِيد مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ من النجَاة والثمرات فَهُوَ فِي مَشِيئَة الله تَعَالَى، وَلَا قطع فِي حُصُوله فَمن قطع بالحصول أَرَادَ الأول، وَمن فوض إِلَى الْمَشِيئَة أَرَادَ الثَّانِي لنا أَن مثل هَذَا الْكَلَام صَرِيح فِي الشَّك فِي الْحَال، وَلَا يسْتَعْمل فِي الْمُحَقق فَفِي الْحَال، مثل: (أَنا شَاب إِن شَاءَ الله) ؛ والصريح لَا يحْتَاج إِلَى النِّيَّة، وَمَا رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود من جَوَاز الِاسْتِثْنَاء فِي الْإِيمَان فَمَحْمُول على الخاتمة، أَو كَانَ زلَّة مِنْهُ فَرجع؛ كَيفَ يسْتَثْنى وَالْإِيمَان عقد فَهُوَ يُبطلهُ كَمَا فِي الْعُقُود، قَالَ الله تَعَالَى: {أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا} بعد وجود حَقِيقَة الْإِيمَان مِنْهُم [وَلِأَن التَّصْدِيق أَمر مَعْلُوم لَا تردد فِيهِ عِنْد تحَققه، بل فِي التَّرَدُّد فِي الْحَال مفْسدَة جر الِاعْتِبَار بِهِ آخر الْحَيَاة وَأما الِاسْتِثْنَاء فِي أَخْبَار الله تَعَالَى فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ ثَابتا فِي نَفسه كَائِن لَا محَالة، وَلكنه مُسْتَقْبل فَكَانَ ذَلِك من الله تَعَالَى تَعْلِيما لِعِبَادِهِ أَن يَقُولُوا فِي عداتهم مثل ذَلِك متأدبين بآداب الله تَعَالَى ومقتدين بسننه] وَقَالَ بعض الْفُضَلَاء: إِن للْإيمَان وجودا عينيا أَصْلِيًّا، ووجودا قلبيا ذهنيا، ووجودا فِي الْعبارَة فالوجود الْعَيْنِيّ للْإيمَان: هُوَ حُصُول المعارف الإلهية بِنَفسِهَا لَا بتصورها فِي الْقلب، فَإِن من تصور الْإِيمَان لَا يصير مُؤمنا، كَمَا أَن من تصور الْكفْر لَا يصير كَافِرًا وَلَا شكّ أَن الصُّور العلمية أنوار فائضة من المبدأ الْفَيَّاض، فَإِذن حَقِيقَة الْإِيمَان نور حَاصِل للقلب بِسَبَب ارْتِفَاع الْحجاب بَينه وَبَين الْحق؛ وَهَذَا النُّور قَابل للزِّيَادَة وَالنَّقْص وَالْقُوَّة والضعف وَأما الْوُجُود الذهْنِي للْإيمَان فملاحظة الْمُؤمن بِهِ وتصوره للتصديق القلبي وَمَا يتبعهُ من المعارف والأنوار وَأما الْوُجُود اللَّفْظِيّ: فشهادة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله وَلَا يخفي أَن مُجَرّد الْوُجُود الذهْنِي وَكَذَا مُجَرّد التَّلَفُّظ بِكَلِمَة الشَّهَادَة من غير أَن يحصل عين

الْإِيمَان والنور الْمَذْكُور لَا يُفِيد، كَمَا لَا يُفِيد العطشان تصور المَاء الْبَارِد وَلَا التَّلَفُّظ بِهِ وَيَنْبَغِي أَن يعلم أَيْضا أَن كثيرا من الْآيَات وَالْأَحَادِيث يدل على أَن الْإِيمَان مُجَرّد الْعلم، مثل قَوْله تَعَالَى: {فَاعْلَم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله} وَقَول رَسُوله: " من مَاتَ وَهُوَ يعلم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة " وَالْإِيمَان الْمُجْمل: يتم بِشَهَادَة وَاحِدَة عِنْد أبي حنيفَة، ثمَّ يجب عَلَيْهِ الثَّبَات والتقرر بأوصاف الْإِيمَان، وَعند الشَّافِعِي: يتم بشهادتين ثمَّ يجب عَلَيْهِ سَائِر أَوْصَاف الْإِيمَان وشرائطه [وَلم يثبت التَّعَبُّد من الشَّارِع بِلَفْظ (أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله) بل يَصح بِكُل لفظ دَال على الْإِقْرَار والتصديق وَلَو بِغَيْر الْعَرَبيَّة مَعَ إحسانها، وَكَذَا يَصح بترك القَوْل وَالْإِيمَان الإجمالي كَافِي فِي الْخُرُوج عَن عُهْدَة التَّكْلِيف فِيمَا لَو خطّ إِجْمَالا، وَيشْتَرط التَّفْصِيل فِيمَا لَو خطّ تَفْصِيلًا، فَيَكْفِي فِي الْإِجْمَال التَّصْدِيق بِجَمِيعِ مَا علم بِالضَّرُورَةِ مَجِيء الرَّسُول بِهِ، أَي بِعلم كل أحد كَونه من الدّين من غير افتقار إِلَى الِاسْتِدْلَال، كوحدة الصَّانِع وَعلمه وَوُجُوب الصَّلَاة وَحُرْمَة الْخمر، وَلَو لم يصدق مِنْهَا عِنْد التَّفْصِيل كَانَ كَافِرًا بالِاتِّفَاقِ، كَمَا فِي شرح " الْمَقَاصِد " وَغَيره] (وَاخْتلف فِي أَن الْإِيمَان مَخْلُوق أم لَا) فَمن قَالَ إِنَّه مَخْلُوق أَرَادَ بِهِ فعل العَبْد وَلَفظه؛ وَمن قَالَ غير مَخْلُوق - كَمَا هُوَ عندنَا - أَرَادَ بِهِ كلمة الشَّهَادَة، لِأَن الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق أَي الحكم بِالصّدقِ، وَهُوَ إِيقَاع نِسْبَة الصدْق إِلَى النَّبِي بِالِاخْتِيَارِ وَأما الاهتداء فَهُوَ مَخْلُوق، لِأَنَّهُ الْحَالة الْحَاصِلَة بالتصديق، فالإيمان مصدر والاهتداء هُوَ الْهَيْئَة الْحَاصِلَة بِالْمَصْدَرِ، فَيكون بخلقه تَعَالَى، لِأَن الْقُدْرَة مُقَارنَة بخلقه، فبمعنى الْهِدَايَة غير مَخْلُوق، وَبِمَعْنى الْإِقْرَار وَالْأَخْذ فِي الْأَسْبَاب مَخْلُوق، وَالْخلاف لَفْظِي وَأما الْإِسْلَام: فَهُوَ من الاستسلام لُغَة وَفِي الشَّرْع: الخضوع وَقبُول قَول الرَّسُول؛ فَإِن وجد مَعَه اعْتِقَاد وتصديق بِالْقَلْبِ فَهُوَ الْإِيمَان وَالْإِيمَان بعد الدَّلِيل أَكثر من الْإِيمَان قبل الدَّلِيل، وَلِهَذَا قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَكِن أَكثر النَّاس} وَفِي مَوضِع آخر: {كثير من النَّاس} وإيمان الْمَلَائِكَة مطبوع، والأنبياء مَعْصُوم، وَالْمُؤمنِينَ مَقْبُول، والمبتدعين مَوْقُوف، وَالْمُنَافِقِينَ مَرْدُود وَمثل إِيمَان الْيَأْس كشجر غرس فِي وَقت لَا يُمكن فِيهِ النَّمَاء وَمثل تَوْبَة الْيَأْس كشجر نابت الثَّمر فِي الشتَاء عِنْد ملائمة الْهَوَاء؛ وَالْحق أَن إِيمَان الْيَأْس مَقْبُول، كَمَا فِي قوم يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام

الإيجاد: هُوَ إِعْطَاء الْوُجُود مُطلقًا والإحداث: إِيجَاد الشَّيْء بعد الْعَدَم ومتعلق الإيجاد لَا يكون إِلَّا أمرا مُمكنا، فَلَا يَسْتَقِيم فِي أعدام الملكات، بِخِلَاف الإحداث، فَإِنَّهُ أهم من الإيجاد، كَمَا بَين فِي مَحَله [وإيجاد الشَّيْء مُتَوَقف على الْقُدْرَة، المتوقف على الْإِرَادَة، المتوقف على الْعلم، المتوقف وجود الْجَمِيع على الْحَيَاة؛ وَالْمرَاد بالتوقف توقف معية نظرا إِلَى صِفَات الْبَارِي، إِذْ كلهَا أزلية يَسْتَحِيل تقدم بَعْضهَا على بعض بالوجود] وإيجاد شَيْء لَا عَن شَيْء محَال، بل لَا بُد من سنخ للمعلول قَابل لِأَن يتطور بأطوار مُخْتَلفَة؛ لَا يُقَال: هَذَا لَا يتمشى فِي الْجعل الإبداعي الَّذِي هُوَ إِيجَاد الأيس عَن الليس، لأَنا نقُول ذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخَارِج، وَإِلَّا فالصور العلمية الَّتِي يسمونها أعيانا ثَابِتَة سنخ لَهَا وَأَصلهَا، وَهِي قديمَة صادرة عَنهُ تعاني بالفيض الأقدس، والإبداعيات بالفيض الْمُقَدّس والإيجاد إِذا لم يكن مَسْبُوقا بِمثلِهِ يُسمى إبداء، وَإِذا كَانَ مَسْبُوقا بِمثلِهِ يُسمى إِعَادَة والإيجاد بطرِيق الْعلَّة لَا يتَوَقَّف على وجود شَرط وَلَا انْتِفَاء مَانع والإيجاد بطرِيق الطَّبْع يتَوَقَّف على ذَلِك وَإِن كَانَا مشتركين فِي عدم الِاخْتِيَار؛ وَلِهَذَا يلْزم اقتران الْعلَّة بمعلولها، كتحرك الإصبع مَعَ الْخَاتم الَّتِي هِيَ فِيهِ؛ وَلَا يلْزم اقتران الطبيعة بمطبوعها، كاحتراق النَّار مَعَ الْحَطب، لِأَنَّهُ قد لَا يَحْتَرِق لوُجُود مَانع أَو تخلف شَرط، وَهَذَا فِي حق الْحَوَادِث والإيجاد بِالِاخْتِيَارِ خَاص بالفاعل الْمُخْتَار وَهُوَ الله تَعَالَى، وَلم يُوجد عِنْد الْمُؤمنِينَ إِلَّا هُوَ ثمَّ الإيجاد لَو كَانَ حَال الْعَدَم يلْزم الْجمع بَين النقيضين، وَلَو كَانَ حَال الْوُجُود لزم تَحْصِيل الْحَاصِل وَالْجَوَاب أَن الإيجاد بِهَذَا الْوُجُود لَا بِوُجُود مُتَقَدم، كمن قتل قَتِيلا، أَي بِهَذَا الْقَتْل، لَا بقتل سَابق فَيكون حَقِيقَة وَاعْلَم أَن التَّأْثِير وَهُوَ إِعْطَاء الْوُجُود لَيْسَ إِلَّا فِي حَالَة الْحُدُوث، هَذَا مَذْهَب الْمُتَكَلِّمين وَلُزُوم تَحْصِيل الْحَاصِل إِنَّمَا يلْزم أَن لَو كَانَ التَّأْثِير حَال بَقَاء الْوُجُود، كَمَا هُوَ عِنْد الفلاسفة المجوزين ذَلِك فِي حَال الْبَقَاء فَحسب، كالتأثير فِيمَا هُوَ قديم قدما زمانيا والمتكلمون لَا يَقُولُونَ إِن الْبَقَاء لَا يحْتَاج إِلَى سَبَب فَإِن الْبَقَاء أَمر مُمكن، وكل مُمكن مُحْتَاج إِلَى السَّبَب، لَكِن الإيجاد السَّابِق بطرِيق الْأَحْكَام سَبَب للبقاء، وَيُمكن أَن يُقَال: إِن التَّأْثِير فِي حَال الْعَدَم؛ [لَا يلْزم الْجمع بَين النقيضين] وَإِنَّمَا يلْزم تخلف الْمَعْلُول عَن الْعلَّة لَو لم يتَّصل الْوُجُود بِتمَام التَّأْثِير، كَمَا فِي قطع حَبل الْقنْدِيل، فَإِن التَّأْثِير من أول الْقطع إِلَى تَمَامه، وَحَال تَمَامه هُوَ حَال ابْتِدَاء الْوُقُوع الْإِيجَاب: لُغَة الْإِثْبَات وَاصْطِلَاحا: عِنْد أهل الْكَلَام: صرف مُمكن من الْإِمْكَان إِلَى الْوُجُوب والإيجاب صفة كَمَال بِالنِّسْبَةِ إِلَى صِفَات الله

وَاعْلَم أَن أَرْبَاب الْحِكْمَة متطابقون وَأَصْحَاب الفلسفة متوافقون على أَن مبدأ الْعَالم مُوجب بِالذَّاتِ، وَالظَّاهِر أَن مُرَادهم من الْإِيجَاب أَنه قَادر على أَن يفعل وَيصِح مِنْهُ التّرْك، إِلَّا أَنه لَا يتْرك الْبَتَّةَ، وَلَا يَنْفَكّ عَن ذَاته الْفِعْل، لَا لاقْتِضَاء ذَاته إِيَّاه، بل لاقْتِضَاء الْحِكْمَة إيجاده، فَكَانَ فَاعِلا بِالْمَشِيئَةِ وَالِاخْتِيَار، [كَمَا هُوَ الْحق] وَيشْهد لَهُ أَنهم يدعونَ الْكَمَال فِي الْإِيجَاب، وَلَا كَمَال فِيهِ على معنى الِاضْطِرَار، بِحَيْثُ لَا يقدر على التّرْك، فَلَا يَقُولُونَ بِالْإِيجَابِ على الْمَعْنى الْمَشْهُور فِيمَا بَين خصمائهم من فرق الْمُتَكَلِّمين والمعتزلة مَعَ إيجابهم على الله مَا أوجبوه قَائِلُونَ بِكَوْنِهِ مُخْتَارًا بِلَا خوف مِنْهُم؛ وَعَامة النَّاس كَانُوا معتقدين فِي زمَان دَعْوَى النُّبُوَّة بِأَنَّهُ تَعَالَى قَادر مُخْتَار وَالْقَوْل بِالْإِيجَابِ الْمَشْهُور إِنَّمَا حدث بَين الْملَّة الإسلامية بعد نقل الفلسفة إِلَى اللُّغَة والإيجاب فِي عرف الْفُقَهَاء: عبارَة عَن مَا صدر على أحد الْمُتَعَاقدين أَولا وَإِيجَاب العَبْد مُعْتَبر بِإِيجَاب الله، وَقد صَحَّ النّذر بقوله: (لله عَليّ أَن أعتكف شهرا) وَنَفس اللّّبْث فِي الْمَسْجِد لَيْسَ بقربى، إِذْ لَيْسَ لله من جنسه وَاجِب، فَكَانَ يَنْبَغِي أَن لَا يَصح هَذَا النّذر لِأَن إِيجَاب العَبْد مُعْتَبر بِإِيجَاب الله تَعَالَى، وَإِنَّمَا صَحَّ إِلْحَاقًا للنذر بِالصَّلَاةِ بِاعْتِبَار الْفَرْض أَو الشَّرْط، وَكَذَا إِذا قَالَ: (مَا لي أَو مَا أملك صَدَقَة) يَقع على مَال الزَّكَاة، وَالْقِيَاس أَن يَقع على كل المَال، لَكِن ترك الْقيَاس بذلك الأَصْل، فَإِن مَا أوجبه الله بقوله: {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة} انْصَرف إِلَى الفضول، لَا إِلَى كل المَال؛ فَكَذَا مَا يُوجِبهُ العَبْد إِلَى نَفسه والإيجاب: يَسْتَدْعِي وجود الْمَوْضُوع وَالسَّلب: لَا يستدعيه، بِمَعْنى أَن الْمُوجبَة إِن كَانَت خارجية وَجب وجود موضوعها محققا، وَإِن كَانَت حَقِيقِيَّة وَجب وجود موضوعها مُقَدرا والسالبة لَا يجب فِيهَا وجود الْمَوْضُوع على ذَلِك التَّفْصِيل الْآيَة: هِيَ فِي الأَصْل الْعَلامَة الظَّاهِرَة واشتقاقها من (أَي) لِأَنَّهَا تبين (أيا) عَن (أَي) وتستعمل فِي المحسوسات والمعقولات، يُقَال لكل مَا يتَفَاوَت بِهِ الْمعرفَة بِحَسب التفكر والتأمل فِيهِ، وبحسب منَازِل النَّاس فِي الْعلم آيَة وَيُقَال على مَا دلّ على حكم من أَحْكَام الله سَوَاء كَانَت آيَة أَو سُورَة أَو جملَة مِنْهَا وَالْآيَة أَيْضا: طَائِفَة حُرُوف من الْقُرْآن علم بالتوقيف انْقِطَاع مَعْنَاهَا عَن الْكَلَام الَّذِي بعْدهَا فِي أول الْقُرْآن، وَعَن الْكَلَام الَّذِي قبلهَا فِي آخِره، وَعَن الَّذِي قبلهَا وَالَّذِي بعْدهَا فِي غَيرهمَا غير

مُشْتَمل على مثل ذَلِك وَالْآيَة تعم الأمارة وَالدَّلِيل الْقَاطِع، وَالسُّلْطَان يخص الْقَاطِع {وَجَعَلنَا ابْن مَرْيَم وَأمه آيَة} لم يقل آيَتَيْنِ، لِأَن كل وَاحِد آيَة بِالْآخرِ. [وَقَوْلهمْ: الْآيَة: هُوَ بإعراب ثَلَاثَة تَأْوِيلهَا: اقْرَأ الْآيَة، أَو أتمهَا، أَو الْآيَة إِلَى آخرهَا، وَإِلَى آخر الْآيَة] الإيجاز: هُوَ الِاخْتِصَار متحدان، إِذْ يعرف حَال أَحدهمَا من الآخر وَقيل بَينهمَا عُمُوم من وَجه، لِأَن مرجع الإيجاز إِلَى مُتَعَارَف الأوساط، والاختصار قد يرجع تَارَة إِلَى الْمُتَعَارف، وَأُخْرَى إِلَى كَون الْمقَام خليقا بأبسط مِمَّا ذكر فِيهِ وَبِهَذَا الِاعْتِبَار كَانَ الإختصار أَعم من الإيجاز، وَلِأَنَّهُ لَا يُطلق الِاخْتِصَار إِلَّا إِذا كَانَ فِي الْكَلَام حذف بِهَذَا الِاعْتِبَار كَانَ الإيجاز أَعم، لِأَنَّهُ قد يكون بِالْقصرِ دون الْحَذف وإيجاز الْقصر: هُوَ أَن يقصر اللَّفْظ على مَعْنَاهُ كَقَوْلِه {إِنَّه من سُلَيْمَان} إِلَى قَوْله: {وأتوني مُسلمين} جَمِيع فِي أحرف العنوان وَالْكتاب وَالْحَاجة وإيجاز التَّقْدِير: هُوَ أَن يقدر معنى زَائِد على الْمَنْطُوق وَيُسمى بالتضييق أَيْضا نَحْو: {فَمن جَاءَهُ موعظة من ربه فَانْتهى فَلهُ مَا سلف} أَي: خطاياه غفرت فَهُوَ لَهُ لَا عَلَيْهِ وَالْجَامِع هُوَ أَن يحتوي اللَّفْظ على معَان مُتعَدِّدَة نَحْو: {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} إِلَى آخِره وَمن بديع الإيجاز سُورَة الْإِخْلَاص؛ فَإِنَّهَا نِهَايَة التَّنْزِيه، وَقد تَضَمَّنت الرَّد على نَحْو أَرْبَعِينَ فرقة وَقد جمع فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّمْل ادخُلُوا مَسَاكِنكُمْ} إِلَى آخِره أحد عشر جِنْسا من الْكَلَام: نادت، كنت، نبهت، سمت، أمرت، قصت، حذرت، خصت، عَمت، أشارت، عذرت وَأَدت خَمْسَة حُقُوق: حق الله، وَحقّ رَسُوله، وحقها، وَحقّ رعيتها، وَحقّ جنود سُلَيْمَان النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَقد جمع الله الْحِكْمَة فِي شطر آيَة: {كلوا وَاشْرَبُوا وَلَا تسرفوا} وَأما تَكْرِير الْقَصَص فقد ذكرُوا فِيهِ فَوَائِد مِنْهَا: أَن فِي إبراز الْكَلَام الْوَاحِد فِي فنون كَثِيرَة وأساليب مُخْتَلفَة مَا لَا يخفى من الفصاحة وَعدم تكْرَار قصَّة يُوسُف الَّتِي فِيهَا نسيب النسْوَة بِهِ وَحَال امْرَأَة ونسوة افْتتن بأبدع النَّاس جمالا لما فِيهِ من الإغضاء والستر وَقد صحّح الْحَاكِم فِي " مُسْتَدْركه " حَدِيث النَّهْي عَن تَعْلِيم النِّسَاء سُورَة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام أَي: بِالتَّشْدِيدِ جُزْء من جملَة مُعينَة بعده مجتمعة مِنْهُ وَمن أَمْثَاله وَهُوَ اسْم ظَاهر وَلَا مُضْمر، بل هُوَ مُبْهَم، لم يسْتَعْمل إِلَّا بصلَة (إِلَّا) فِي الِاسْتِفْهَام والجزء الَّذِي كني بِهِ عَن الْمَنْصُوب

وملحقاته من الْكَاف وَالْيَاء وَالْهَاء حُرُوف زيدت لبَيَان التَّكَلُّم وَالْخطاب والغيبة، وَلَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب مثل الْكَاف فِي (أرأيتك) وَيسْأل ب (أَي) عَمَّا يُمَيّز أحد المتشاركين فِي أَمر يعمهما نَحْو: {أَي الْفَرِيقَيْنِ خير مقَاما} أَي: أَنَحْنُ أم أَصْحَاب مُحَمَّد وَأي: اسْم للشّرط نَحْو: {أيا مَا تدعوا فَلهُ الْأَسْمَاء الْحسنى} وَهِي من جِهَة كَونهَا متضمنة معنى الشَّرْط عَامل فِي (تَدْعُو) ، وَمن جِهَة كَونهَا اسْما مُتَعَلقا ب (تدعوا) مَعْمُول لَهُ والاستفهام، نَحْو: {أَيّكُم يأتيني بِعَرْشِهَا} وموصولة، نَحْو: (فَسلم على أَيهمْ أفضل) أَي الَّذِي هُوَ أفضل ودالة على معنى الْكَمَال، فَتكون صفة للنكرة وَحَالا من الْمعرفَة، وَلَا تسْتَعْمل إِلَى مُضَافَة، فَإِن أضيفت لجامد فَهِيَ للمدح بِكُل صفة، وَإِن أضيفت لمشتق فَهِيَ للمدح بالمشتق مِنْهُ فَقَط فَالْأول نَحْو: (مَرَرْت بِرَجُل أَي رجل) أَي: كَامِل فِي الرجولية وَالثَّانِي نَحْو: (جَاءَنِي زيد أَي رجل) أَي: كَامِل فِي صِفَات الرجولية وَتَكون وصلَة لنداء مَا فِيهِ (ال) نَحْو: (يَا أَيهَا الرَّسُول) و (يَا أيتها النَّفس) و (أَي) بِمَنْزِلَة (كل) مَعَ النكرَة، وبمنزلة (بعض) مَعَ الْمعرفَة وَالْفِعْل فِي قَوْلك: (أَي عَبِيدِي ضربك فَهُوَ حر) عَام حَتَّى لَو ضربه الْجَمِيع عتقوا لِأَن الْفِعْل مُسْند إِلَى عَام، وَهُوَ ضمير (أَي) وَفِي (أَي عَبِيدِي ضَربته فَهُوَ حر) خَاص، حَتَّى لَو ضرب الْجَمِيع لم يعْتق إِلَّا الأول، لِأَن الْفِعْل مُسْند إِلَى ضمير الْمُخَاطب وَهُوَ خَاص؛ إِذا الرَّاجِع إِلَى (أَي) ضمير الْمَفْعُول، وَالْفِعْل يعم بِعُمُوم فَاعله لكَونه كالجزء من الْفِعْل وَقد تؤنث (أَي) إِذا أضيفت إِلَى مؤنث، وَترك التَّأْنِيث أَكثر فِيهَا وَيُقَال: (أَي الرِّجَال أَتَاك) وَلَا يُقَال: (أَتَوا) إيا: بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيد، حرف لِأَنَّهُ لم يوضع لِمَعْنى حَتَّى يكون كلمة محرفة، بل هُوَ لفظ ذكر وَسِيلَة إِلَى التَّلَفُّظ بالضمير وَالْجُمْهُور على أَن (إيا) ضمير وَمَا بعده اسْم مُضَاف لَهُ يُفَسر مَا يُرَاد بِهِ من تكلم نَحْو: {وإياي فارهبون} ، وغيبة نَحْو: {بل إِيَّاه تدعون} ، وخطاب نَحْو: {إياك نعْبد} ، أَو وَحده ضمير وَمَا بعده حرف يُفَسر المُرَاد، أَو عماد وَمَا بعده هُوَ الضَّمِير وأيا: بِالْفَتْح مُخَفّفَة حرف نِدَاء ك (هيا) و (إياك) فِي (رَأَيْتُك إياك) بدل و (أَنْت) فِي (رَأَيْتُك أَنْت) تَأْكِيد (وَإِيَّاك) فِي (إياك والأسد) مَنْصُوب بإضمار فعل تَقْدِيره اتَّقِ أَو باعد، واستغني عَن إِظْهَار هَذَا الْفِعْل لما تضمن هَذَا الْكَلَام من معنى التحذير، وَهَذَا الْفِعْل إِنَّمَا يتَعَدَّى إِلَى مفعول وَاحِد، وَإِذا كَانَ قد استوفى عمله ونطق بعده باسم آخر لزم إِدْخَال حرف الْعَطف عَلَيْهِ تَقول: (اتَّقِ الشَّرّ والأسد) وَقد جوز إِلْغَاء الْوَاو عِنْد تَكْرِير (إياك) كَمَا استغني

عَن إِظْهَار الْفِعْل مَعَ تَكْرِير الِاسْم فِي مثل (الطَّرِيق الطَّرِيق) أَي: بِالتَّخْفِيفِ، يُسمى حرف تَفْسِير، وحرف تَعْبِير، لِأَنَّهُ تَفْسِير لما قبله وَعبارَة مِنْهُ وَشَرطه أَن يَقع بَين جملتين مستقلتين تكون الثَّانِيَة هِيَ الأولى وَأي: يُفَسر بهَا للإيضاح وَالْبَيَان، و (أَعنِي) لدفع السُّؤَال وَإِزَالَة الْإِبْهَام وَقيل: (أَي) تَفْسِير إِلَى الْمَذْكُور، و (أَعنِي) تَفْسِير إِلَى الْمَفْهُوم، و (أَي) تَفْسِير كل مُبْهَم من الْمُفْرد نَحْو: (جَاءَنِي زيد أَي أَبُو عبد الله) ؛ وَالْجُمْلَة كَقَوْلِك: (فلَان قطع رزقه أَي مَاتَ) ؛ و (أَن) مُخْتَصَّة بِمَا فِي معنى القَوْل، لَا نفس القَوْل نَحْو: (كتبت إِلَيْهِ أَن قُم) ، ف (أَي) أَعم اسْتِعْمَالا من (أَن) لجَوَاز أَن يُفَسر بهَا مَا لَيْسَ فِي معنى القَوْل وَمَا هُوَ فِي معنى القَوْل صَرِيح وَغير صَرِيح، وَلَا يُفَسر ب (أَن) إِلَّا مَا فِي معنى القَوْل غير الصَّرِيح، وَلَا يُفَسر بِهِ فِي الْأَكْثَر إِلَّا مفعول مُقَدّر نَحْو: {وناديناه أَن يَا إِبْرَاهِيم} أَي: ناديناه بقول هُوَ قَوْلنَا يَا إِبْرَاهِيم وَقد يُفَسر بِهِ الْمَفْعُول بِهِ الظَّاهِر كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِذْ أَوْحَينَا إِلَى أمك مَا يُوحى أَن اقذفيه} ف (أَن اقذفيه) تَفْسِير لما يُوحى الَّذِي هُوَ الْمَفْعُول الظَّاهِر ل (أَوْحَينَا) وَإِذا فسرت جملَة فعلية مُضَافَة إِلَى ضمير الْمُتَكَلّم ب (أَي) يجب أَن يُطَابق فِي الْإِسْنَاد إِلَى الْمُتَكَلّم، فَتَقول: (استكتمته سري أَي سَأَلته كِتْمَانه) بِضَم تَاء (سَأَلته) لِأَنَّك تحكي كَلَام الْمعبر عَن نَفسه، وَجَاز حِينَئِذٍ فِي صدر الْكَلَام (تَقول) على الْخطاب و (يُقَال) على الْبناء للْمَفْعُول؛ وَإِذا فتسرتها ب (إِذا) فتحت الضَّمِير فَتَقول (إِذا سَأَلته كِتْمَانه) لِأَنَّك تخاطبه، أَي أَنَّك تَقول ذَلِك إِذا فعلت ذَلِك الْفِعْل؛ وَلَا يَصح حِينَئِذٍ أَن يُقَال فِي الصَّدْر (يُقَال) وَأي: بِالْفَتْح والسكون لنداء الْقَرِيب، قَالَه الْمبرد، والبعيد، قَالَه سِيبَوَيْهٍ، والمتوسط قَالَه ابْن برهَان وإي: بِالْكَسْرِ بِمَعْنى (نعم) نَحْو: {إِي وربي} وَهُوَ من لَوَازِم الْقسم، وَلذَلِك وصل بواوه فِي التَّصْدِيق فَيُقَال: (إِي وَالله) وَلَا يُقَال: (إِي) وَحده، وَمن هَذَا قَالُوا: كَون (إِي) بِمَعْنى (نعم) مَشْرُوط بِوُقُوعِهِ فِي الْقسم أَيْن: يبْحَث بِهِ عَن الْمَكَان بطرِيق الشّرطِيَّة نَحْو: (أَيْن تجْلِس أَجْلِس) و (مَتى) يبْحَث بِهِ عَن الزَّمَان وَأَيْنَ: سُؤال عَن الْمَكَان الَّذِي حل فِيهِ الشَّيْء وَمن أَيْن: سُؤال عَن الْمَكَان الَّذِي برز مِنْهُ الشَّيْء و (مَا) فِي (أَيْنَمَا) مَوْصُولَة وصلت ب (أَيْن) فِي خطّ الْمُصحف، وحقها الْفَصْل أَيَّانَ: يسْأَل بِهِ عَن الزَّمَان الْمُسْتَقْبل، وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا فِيمَا يُرَاد تفخيم أمره وتعظيم شَأْنه، نَحْو: {أَيَّانَ يَوْم الْقِيَامَة} وَيكون بِمَعْنى (مَتى) نَحْو: {وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يبعثون} أيا مَا: (مَا) : زَائِدَة للتَّأْكِيد، أَو شَرْطِيَّة جمع بَينهمَا تَأْكِيدًا كَمَا جمع بَين حرفي الْجَرّ للتَّأْكِيد،

وَحسنه اخْتِلَاف اللَّفْظ الأيم: ك (كيس) ، من لَا زوج لَهَا، بكرا أَو ثَيِّبًا، وَمن لَا امْرَأَة لَهُ أَيْضا، جمع الأول (أيايم) و (أيامى) كَمَا فِي الْقَامُوس وَفِي " أنوار التَّنْزِيل ": هُوَ العزب، ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى، بكرا كَانَ أَو ثَيِّبًا، وَقَالَ بَعضهم: هِيَ الْمَرْأَة الَّتِي وطِئت وَلَا زوج لَهَا، سَوَاء وطِئت بحلال أَو بِحرَام، دلّ عَلَيْهِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَابل الأيم بالبكر فِي حَدِيث الْإِذْن حَيْثُ قَالَ: " الأيم أَحَق بِنَفسِهَا من وَليهَا، وَالْبكْر تستأمر فِي نَفسهَا، وإذنها صماتها " عطف إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى وَفصل بَينهمَا فِي الحكم، وكل من الْعَطف والفصل دَلِيل على الْمُغَايرَة بَينهمَا قَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي مَسْأَلَة النِّكَاح بِغَيْر ولي خلاف بَين أبي حنيفَة وَبَين رَسُول الله، فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ: " أَيّمَا امْرَأَة نكحت نَفسهَا بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل " وَقَالَ أَبُو حنيفَة: نِكَاحهَا صَحِيح وَإِنَّمَا قَالَ كَذَلِك لِأَن الْمَرْأَة مالكة لبعضها، فَيصح نِكَاحهَا بِغَيْر إِذن وَليهَا قِيَاسا على بيع سلعتها، فَحمل بعض الْحَنَفِيَّة الْمَرْأَة فِي الحَدِيث على الصَّغِيرَة، فَاعْترضَ لِأَن الصَّغِيرَة لَيست امْرَأَة فِي لِسَان الْعَرَب، كَمَا أَن الصَّغِير لَيْسَ رجلا فحملها بعض آخر مِنْهُم على الْأمة، فَاعْترضَ بِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " فَإِن أَصَابَهَا فلهَا مهر مثلهَا " فَإِن مهر مثلهَا لسَيِّدهَا لَا لَهَا فحملها بعض آخر من متأخريهم على الْمُكَاتبَة فَإِن الْمهْر لَهَا وَهَذِه التأويلات بعيدَة عِنْد الشَّافِعِيَّة لما أَنه على كل من التأويلات قصر للعام على صُورَة نادرة مُنَافِيَة لما قَصده الشَّارِع من عُمُوم منع اسْتِقْلَال الْمَرْأَة بِالنِّكَاحِ فَحَضَرَ أَبُو الْمَعَالِي يَوْمًا مَعَ الصندلي وَسَأَلَ عَن التَّسْمِيَة على الذَّبِيحَة هَل هِيَ وَاجِبَة أم لَا؟ فَقَالَ الصندلي: فِي هَذِه الْمَسْأَلَة خلاف بَين الشَّافِعِي وَبَين الله تَعَالَى فَإِن الله تَعَالَى يَقُول: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ} وَالشَّافِعِيّ قَالَ: كلوا وَإِنَّمَا قَالَ الشَّافِعِي كَذَلِك لِأَنَّهُ ذبح صدر من أَهله فِي مَحَله فَيحل كذبح ناسي التَّسْمِيَة وَالنَّص عِنْده مؤول بِحمْلِهِ على تَحْرِيم مَذْبُوح عَبدة الْأَوْثَان، فَإِن عدم ذكر الله غَالب عَلَيْهِم، فَإِذا انقدح هَذَا التَّأْوِيل عمل بِهِ، لما صَحَّ فِي الحَدِيث من أَن قوما قَالُوا: يَا رَسُول الله إِن قوما يأْتونَ بِاللَّحْمِ مَا نَدْرِي أذكر اسْم الله عَلَيْهِ أم لَا؟ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " سموا عَلَيْهِ وكلوا " وَقد فصلناه فِي بحث الذَّبِيحَة تَفْصِيلًا وافيا حَتَّى ظهر الْحق من قُوَّة التَّحْقِيق الْإِيلَاء: الْإِعْطَاء، والتقريب و [الْإِيلَاء] : مصدر (آلَيْت على كَذَا) إِذا حَلَفت عَلَيْهِ بِاللَّه أَو بِغَيْرِهِ من الطَّلَاق، أَو الْعتاق، أَو الْحَج، أَو نَحْو ذَلِك وَالْأَمر مِنْهُ (أول) وتعديته ب (من) فِي الْقسم على قرْبَان الْمَرْأَة بِاعْتِبَار مَا فِيهِ من الِامْتِنَاع من الْوَطْء، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {للَّذين يؤلون من نِسَائِهِم} أَي: وللمؤلين من نِسَائِهِم تربص أَرْبَعَة أشهر، فَلَا يلْزم شَيْء فِي هَذِه الْمدَّة؛ وَهَذَا لَا يُنَافِي وُقُوع الطَّلَاق الْبَائِن عِنْد مضيها، كَمَا قَالَه أَبُو حنيفَة؛ وَلَا يَقْتَضِي أَن تكون

الْمدَّة أَكثر مِمَّا ذكر بِدلَالَة الْفَاء فِي قَوْله: {فَإِن فاؤوا} كَمَا قَالَه الشَّافِعِي، لِأَنَّهَا للتعقيب وَالْعَبْد وَالْحر فِي مُدَّة الْإِيلَاء سَوَاء عِنْد الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة يعْتَبر رق الْمَرْأَة، وَمَالك يعْتَبر رق الزَّوْج الْإِيقَاع: هُوَ الْعلَّة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن والوقوع: هُوَ الْمَعْلُول سَوَاء كَانَ فِي الذِّهْن أَو فِي الْخَارِج الإيغال: هُوَ ختم الْكَلَام بِمَا يُفِيد نُكْتَة يتم الْمَعْنى بِدُونِهَا وَمن أمثلته فِي الْقُرْآن: {يَا قوم اتبعُوا الْمُرْسلين} إِلَى قَوْله {مهتدون} فَإِن الْمَعْنى قد تمّ بِدُونِ (وهم مهتدون) إِذْ الرَّسُول مهتد لَا محَالة، لَكِن فِيهِ زِيَادَة مُبَالغَة فِي الْحَث على اتِّبَاع الرَّسُول وَالتَّرْغِيب فِيهِ وَفِي الشّعْر كَقَوْلِه: (كَأَن عُيُون الْوَحْش حول خبائنا ... وأرحلنا الْجزع الَّذِي لم يثقب) الْإِيَاس: مصدر الآيسة عَن الْحيض فِي الأَصْل (إئياس) على (إفعال) حذفت الْهمزَة من عين الْكَلِمَة تَخْفِيفًا الْإِيهَام: هُوَ إِيقَاع الشَّيْء فِي الْقُوَّة الوهمية قيل: هُوَ كالتخييل الَّذِي هُوَ إِيقَاع الشَّيْء فِي الْقُوَّة الخيالية، لِأَن ذَلِك من الصُّور الوهمية، وَهَذَا من الْأُمُور المتخيلة، بل كِلَاهُمَا موهومان لَا تحقق لَهما؛ لَكِن الأول أَن يُوجد لكل مِنْهُمَا وَجه علمي يرجحه فِي مَوْضِعه، وَلَا يحمل على التَّعْيِين وإيهام التناسب فِي البديع، كَون اللَّفْظ مناسبا لشَيْء بِأحد معنييه لَا بِالْآخرِ الإيعاء: هُوَ حفظ الْأَمْتِعَة فِي الْوِعَاء والوعي: لفظ الحَدِيث وَنَحْوه إيه: تَقول (إيه حَدثنَا) إِذا استزدته، و (إيها كف عَنَّا) إِذا أَمرته أَن يقطعهُ، و (وَبهَا) : إِذا زجرته عَن الشَّيْء أَو أغريته، و (واها لَهُ) : إِذا تعجبت مِنْهُ أَيْضا: مصدر (آض) ، وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا مَعَ شَيْئَيْنِ بَينهمَا توَافق وَيُمكن اسْتغْنَاء كل مِنْهُمَا عَن الآخر، فَخرج نَحْو: (جَاءَنِي زيد أَيْضا) و (جَاءَ فلَان وَمَات أَيْضا) و (اخْتصم زيد وَعَمْرو أَيْضا) فَلَا يُقَال شَيْء من ذَلِك وَهُوَ مفعول مُطلق حذف عَامله وجوبا سَمَاعا كَمَا نقل، وَمَعْنَاهُ: عَاد هَذَا عودا على الْحَيْثِيَّة الْمَذْكُورَة أَو حَال من ضمير الْمُتَكَلّم حذف عاملها وصاحبها، أَي: (أخبر أَيْضا) أَو (أحكي أَيْضا) أَي: رَاجعا؛ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يسْتَمر فِي جَمِيع الْمَوَاضِع [نوع] {من جَانب الطّور الْأَيْمن} : من ناحيته الْيُمْنَى

فصل الباء

من (الْيَمين) ، أَو من جَانِبه الميمون، من (الْيمن) {بأيام الله} : بوقائعه الَّتِي وَقعت على الْأُمَم {إيابهم} : مرجعهم {أَيَّانَ مرْسَاها} : مَتى إرساؤها، أَي: إِقَامَتهَا وإثباتها أَو مُنْتَهَاهَا ومستقرها [ {لِإِيلَافِ قُرَيْش} : أَي اعجبوا عهد قُرَيْش، أَو لئلاف قُرَيْش] {إيلافهم} : لزومهم {أَصْحَاب الأيكة} : الغيضة [وهم قوم شُعَيْب] [ {أيدتك} : قويتك] أَيُّوب [فِي " الْأَنْوَار ": هُوَ ابْن عيص بن اسحاق] : وَالصَّحِيح أَنه كَانَ من بني إِسْرَائِيل، وَلم يَصح فِي نسبه شَيْء، إِلَّا أَن اسْم أَبِيه " أَبيض "، وَأَنه مِمَّن آمن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وعَلى هَذَا كَانَ قبل مُوسَى، وَقيل: بعد شُعَيْب، وَقيل: بعد سيلمان، ابْتُلِيَ وَهُوَ ابْن سبعين، وَاخْتلف فِي مُدَّة بلائه [وَمَا حُكيَ فِيهِ من الجذام فَغير صَحِيح] وَمُدَّة عمره كَانَت ثَلَاثًا وَتِسْعين سنة (فصل الْبَاء) [البروج] : كل مَا فِي الْقُرْآن من ذكر البروج فَهُوَ الْكَوَاكِب إِلَّا {وَلَو كُنْتُم فِي بروج مشيدة} فَإِن المُرَاد بهَا الْقُصُور الطوَال الحصينة، وَفِي " الْأَنْوَار " فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد جعلنَا فِي السَّمَاء بروجا} اثْنَي عشر مُخْتَلفَة الهيئات والخواص على مَا دلّ عَلَيْهِ الرصد والتجربة مَعَ بساطة السَّمَاء [الْبر وَالْبَحْر] : كل مَا فِي الْقُرْآن من ذكر الْبر وَالْبَحْر فَالْمُرَاد بِالْبرِّ التُّرَاب واليابس، وبالبحر المَاء إِلَّا {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} فَإِن المُرَاد من الْبر الْعمرَان، وَقيل: المُرَاد بِالْبرِّ ثمَّة الْبَوَادِي والمفاوز، وبالبحر الْمَدَائِن والقرى الَّتِي هِيَ على الْمِيَاه الْجَارِيَة قَالَ عِكْرِمَة: الْعَرَب تسمي الْمصر بحرا تَقول: أجدب الْبر، وانقطعت مَادَّة الْبَحْر [البخس] : كل مَا فِي الْقُرْآن من بخس فَهُوَ النَّقْص، إِلَّا {بِثمن بخس} مَعْنَاهُ حرَام، لكَونه ثمن الْحر؛ [وَهُوَ سيدنَا يُوسُف النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام] [البعل] : كل مَا فِي الْقُرْآن من بعل فَهُوَ زوج، إِلَّا {أَتَدعُونَ بعلا} فَإِن المُرَاد الصم الْبكم: كل مَا فِي الْقُرْآن من ذكر الْبكم فَالْمُرَاد الخرس عَن الْكَلَام بِالْإِيمَان، إِلَّا (بكما

وصما} فِي " الْإِسْرَاء " {أَحدهمَا أبكم} فِي " النَّحْل " فَإِن المُرَاد عدم الْقُدْرَة على الْكَلَام مُطلقًا [برع] : كل شَيْء تناهى فِي جمال أَو نضارة فقد برع، [يُقَال: برع الرجل إِذا فاق أَصْحَابه] [البثنية] : كل حِنْطَة تنْبت فِي الأَرْض السهلة فَهِيَ بثنية، بِخِلَاف الجبلية [الْبغاء] : كل طلبة فَهُوَ بغاء، بِالضَّمِّ وَالْمدّ [البخار] : كل دُخان يسطع من مَاء حَار فَهُوَ بخار، وَكَذَلِكَ من الندى [أَبتر] : كل أَمر مُنْقَطع عَن الْخَيْر فَهُوَ أَبتر [البخر] : كل رَائِحَة ساطعة فَهُوَ بخر والبخور، كصبور، مَا يتبخر بِهِ؛ والبخر، بِالتَّحْرِيكِ: النتن فِي الْفَم وَغَيره [البهار] : كل حسن مُنِير فَهُوَ بهار، وَنبت طيب الرَّائِحَة [البرزخ] : كل حاجز بَين شَيْئَيْنِ فَهُوَ برزخ وموبق البغاث: كل طَائِر لَيْسَ من الْجَوَارِح يصاد فَهُوَ بغاث [الْبَهِيمَة] : كل حَيّ لَا عقل لَهُ، وكل مَا لَا نطق لَهُ فَهُوَ بَهِيمَة، لما فِي صَوته من الْإِبْهَام، ثمَّ اخْتصَّ هَذَا الِاسْم بذوات الْأَرْبَع وَلَو من دَوَاب الْبَحْر، مَا عدا السبَاع [الْبكر] : كل امْرَأَة لم يبتكرها رجل فَهِيَ بكر هَذَا عِنْد الْإِمَامَيْنِ وَأما عِنْد أبي حنيفَة إِذا زَالَت بَكَارَتهَا بِالزِّنَا فَهِيَ بكر أَيْضا وَلَيْسَت بثيب وَالثَّيِّب: كل امْرَأَة جومعت بِنِكَاح أَو شُبْهَة وَعِنْدَهُمَا: الثّيّب: كل أمْرَأَة زَالَت بَكَارَتهَا بجماع [الْبِدْعَة] : كل عمل عمل على غير مِثَال سبق فَهُوَ بِدعَة [الْبرة] : كل حَلقَة من سوار وقرط وخلخال وأشباهها فَهِيَ برة [الْبَلَد] : كل مَوضِع من الأَرْض غامر أَو عَامر، مسكون أَو خَال فَهُوَ بلد، والقطعة مِنْهُ بَلْدَة [البيات] : كل مَا كَانَ بلَيْل فَهُوَ بيات [البقل] : كل مَا ينْبت الرّبيع مِمَّا يَأْكُلهُ النَّاس، وكل نَبَات اخضرت بِهِ الأَرْض، وكل مَا ينْبت أَصله وفرعه فِي الشتَاء فَهُوَ بقل [البلاط] : كل شَيْء فرشت بِهِ الدَّار من حجر وَغَيره فَهُوَ بلاط [الْبُهْتَان] : كل مَا يبهت لَهُ الْإِنْسَان من ذَنْب وَغَيره فَهُوَ بهتان [الْبذر] : كل حب يبذر فَهُوَ بذر [الْبَدْر] : كل شَيْء تمّ فَهُوَ بدر، وَسميت البدرة بدرة وَهِي عشرَة آلَاف دِرْهَم لتَمام عَددهَا [الْبَحْر] : كل مَكَان وَاسع جَامع للْمَاء الْكثير فَهُوَ بَحر، ثمَّ سموا كل متوسع فِي شَيْء بحرا، وَفِي

تقاليبه معنى السعَة [الْبُسْتَان] : كل أَرض يحوطها حَائِط وفيهَا نخيل مُتَفَرِّقَة وأشجار، يُمكن الزِّرَاعَة فِي وسط الْأَشْجَار فَهِيَ بُسْتَان، مُعرب (بوستان) ؛ وَإِن كَانَت الْأَشْجَار ملتفة لَا يُمكن زراعة أرْضهَا فَهِيَ كرم [الْبيض] : كل بيض يكْتب بالضاد إِلَّا بيظ النَّمْل فَإِنَّهُ بالظاء كل مَا كَانَ من حُرُوف الهجاء على حرفين، الثَّانِي مِنْهُمَا ألف فَإِنَّهَا تمد وتقصر، من ذَلِك الْبَاء وَالتَّاء والثاء واشباهها الْبَاء: هُوَ أول حرف نطق بِهِ الْإِنْسَان وَفتح بِهِ فَمه، وَمن مَعَانِيهَا: الْوَصْل والإلصاق [أَي: تَعْلِيق أحد معنييها بِالْآخرِ] وَقد رفع الله قدرهَا وَأَعْلَى شَأْنهَا وَأظْهر برهانها بجعلها مفتتح كِتَابه ومبتدأ كَلَامه وخطابه وَهِي من الْحُرُوف الجارة الْمَوْضُوعَة لإفضاء مَعَاني الْأَفْعَال إِلَى الْأَسْمَاء وَإِذا اسْتعْملت فِي كَلَام لَيْسَ فِيهِ فعل تتَعَلَّق هِيَ بِهِ يقدر فعل عَام إِذا لم يُوجد قرينَة الْخُصُوص؛ وَإِلَّا فَلَا بُد من تَقْدِير الْخَاص، لِأَنَّهُ أتم فَائِدَة وأعم عَائِدَة نَحْو: (زيد على الْفرس) و (من الْعلمَاء) و (فِي الْبَصْرَة) أَي: هُوَ رَاكب ومعدود ومقيم وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ إِن كَانَ تعلقهَا بِهِ بِوَاسِطَة مُتَعَلق عَام أَو خَاص حذف نسيا ومنسيا؛ وَله مَحل من الْإِعْرَاب يُسمى الْجَار وَالْمَجْرُور ظرفا مُسْتَقرًّا، كَمَا فِي صُورَة انْتِفَاء الْفِعْل الأول عَن أَصله: نَحْو: (زيد فِي الدَّار) لاستقرار معنى عَامله فِيهِ وانفهامه مِنْهُ، وَلِهَذَا قَامَ مقَامه وانتقل إِلَيْهِ ضَمِيره؛ وَإِن كَانَ بِالذَّاتِ وَلم يكن لَهُ مَحل من الْإِعْرَاب فلغو؛ كَمَا إِذا ذكر الْفِعْل مُطلقًا وَالْبَاء الدَّاخِلَة على الِاسْم الَّذِي لوُجُوده أثر فِي وجود متعلقها ثَلَاثَة أَقسَام: لِأَنَّهَا إِن صَحَّ نِسْبَة الْعَامِل إِلَى مصحوبها فَهِيَ بَاء الِاسْتِعَانَة نَحْو (كتبت بالقلم) وتعرف أَيْضا بِأَنَّهَا الدَّاخِلَة على أَسمَاء الْآلَات، وَإِلَّا فَإِن كَانَ التَّعَلُّق إِنَّمَا وجد لأجل وجود مجرورها فَهِيَ بَاء الْعلَّة وتعرف أَيْضا بِأَنَّهَا الصَّالِحَة غَالِبا لحلول اللَّام محلهَا، وَإِلَّا [يكن الْمُتَعَلّق كل ذَلِك] فَهِيَ بَاء السَّبَبِيَّة نَحْو: {فَأخْرج بِهِ من الثمرات رزقا لكم} [وَالْبَاء فِي قَوْله تَعَالَى: {تنْبت بالدهن} للمصاحبة أَي: تنْبت ودهنها فِيهَا؛ وَكَذَا فِي قَوْله: {فانتبذت بِهِ} أَي: اعتزلت وَهُوَ فِي بَطنهَا] وباء المصاحبة والملابسة أَكثر اسْتِعْمَالا من الِاسْتِعَانَة لاسيما فِي الْمعَانِي وَمَا يجْرِي مجْراهَا من الْأَقْوَال وَحَقِيقَة بَاء الِاسْتِعَانَة التوسل بعد دُخُولهَا إِلَى تشريف الْمَشْرُوع فِيهِ والاعتداد بِشَأْنِهِ

وَاخْتلف فِي بَاء الْبَسْمَلَة فَعِنْدَ صَاحب الْكَشَّاف للملابسة، كَمَا فِي (دخلت عَلَيْهِ بِثِيَاب السّفر) وَلها مَعْنيانِ: الْمُقَارنَة والاتصال وَعند الْبَيْضَاوِيّ للاستعانة كَمَا فِي (كتبت بالقلم) فعلى الأول الظّرْف مُسْتَقر، وَالتَّقْدِير: (ابتدئ ملابسا باسم الله ومقارنا بِهِ ومصاحبا إِيَّاه) وعَلى الثَّانِي لَغْو، وَالتَّقْدِير: (اتبدئ باسم الله أَي أستعين فِي الِابْتِدَاء باسم الله) وَالْأول لسلامته من الْإِخْلَال بالأدب، لما فِي الِاسْتِعَانَة من جعل اسْم الله آلَة للْفِعْل والآلة غير مَقْصُودَة لذاتها بل لغَيْرهَا وَقيل: الِاسْتِعَانَة أولى، لِأَن الْفِعْل لَا يُوجد إِلَّا بهَا وَالْبَاء للإلصاق: أَي لتعليق أحد الْمَعْنيين بِالْآخرِ، إِمَّا حَقِيقَة نَحْو: {وامسحوا برؤوسكم} أَو مجَازًا نَحْو: {إِذا مروا بهم} والإلصاق أصل مَعَاني الْبَاء، بِحَيْثُ لَا يكون معنى إِلَّا وَفِيه شمة مِنْهُ، فَلهَذَا اقْتصر عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ فِي " الْكتاب ": [وَفِي شرح " الْمُغنِي ": الْبَاء للإلصاق وَهُوَ مَعْنَاهَا بِدلَالَة الْعرف، وَهُوَ أقوى دَلِيل فِي اللُّغَة، كالنص فِي أَحْكَام الشَّرْع] وَالْبَاء تكون للتعدية كالهمزة نَحْو: {ذهب الله بنورهم} أَي: أذهبه؛ وَهِي للتعدية، وَهِي الدَّاخِلَة على الْفَاعِل فَيصير مَفْعُولا كَمَا فِي الْآيَة وللسببية: وَهِي الَّتِي تدخل على سَبَب الْفِعْل ويعبر عَنْهَا بِالتَّعْلِيلِ وَنَحْو: {ظلمتم أَنفسكُم باتخاذكم الْعجل} وللظرفية ك (فِي) زَمَانا ومكانا نَحْو: {وَلَقَد نصركم الله ببدر} {وَمَا كنت بِجَانِب الغربي} وللاستعلاء ك (على) نَحْو: {من إِن تأمنه بقنطار} {فَإِنَّمَا يسرناه بلسانك} وللمجاورة ك (عَن) نَحْو: {فاسأل بِهِ خَبِيرا} [وَلَا يَجِيء بِهَذَا الْمَعْنى أصلا عِنْد الْبَصرِيين، وَقَوله: {فاسأل بِهِ خَبِيرا} مؤول عِنْدهم بِجعْل الْبَاء سَبَبِيَّة أَو تجريدية وَفِي " الْأَنْوَار ": تعديته بهَا لتَضَمّنه معنى الاعتناء، والتجوز فِي الْفِعْل أولى مِنْهُ فِي الْحَرْف، لقُوته على مَا قيل وَمَا فِي " الْقَامُوس ": (سَأَلَهُ كَذَا) و (عَن كَذَا) و (بِكَذَا) بِمَعْنى (عَنهُ) لَا يُوَافقهُ كَلَام الثِّقَات] وللتبعيض: ك (من) نَحْو: (عينا يشرب بهَا

عباد الله} وللغاية ك (إِلَى) نَحْو: {وَقد أحسن بِي} أَي: إِلَيّ وللمقابلة، وَهِي تدخل تَارَة على الثّمن نَحْو: {وشروه بِثمن بخس} وَتارَة على الْمُثمن نَحْو: {فَلَا تشتروا بآياتي ثمنا قَلِيلا} وللحالية: نَحْو: (خرج زيد بثيابه) قَالَه ابْن اياز وللتجريد نَحْو: (لقِيت زيدا بِخَير) وللتوكيد، وَهِي الزَّائِدَة، فتزداد فِي الْفَاعِل وجوبا نَحْو: {أسمع بهم وَأبْصر} وجوازا غَالِبا نَحْو: {وَكفى بِاللَّه شَهِيدا} وَفِي الْمَفْعُول نَحْو: {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} وَفِي الْمُبْتَدَأ نَحْو: {بأيكم الْمفْتُون} ، وَفِي اسْم (لَيْسَ) فِي قِرَاءَة بَعضهم نَحْو: {لَيْسَ الْبر بِأَن توَلّوا وُجُوهكُم} وَفِي الْخَبَر الْمَنْفِيّ نَحْو: {وَمَا الله بغافل} وَالْبَاء الزَّائِدَة لَا تمنع من عمل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا وتجيء بِمَعْنى (حَيْثُ) نَحْو: {فَلَا تحسبنهم بمفازة من الْعَذَاب} أَي: بِحَيْثُ يفوزون وباء التَّعْدِيَة بَابهَا الْفِعْل اللَّازِم نَحْو: {ذهب الله بنورهم} الزَّمَخْشَرِيّ يُسَمِّي بَاء التَّعْدِيَة صلَة، وَالَّذِي يَسْتَعْمِلهُ أَكثر المصنفين فِي مثل هَذَا هُوَ أَن الصِّلَة بِمَعْنى الزِّيَادَة، وندرت التَّعْدِيَة بِالْبَاء فِي المعتدي نَحْو: (صككت الْحجر بِالْحجرِ) أَي جعلت أَحدهمَا يصك بِالْآخرِ وَالْبَاء القسمية: يخْتَص دُخُولهَا الْمعرفَة، ولأصالتها فِي إِفَادَة معنى الْقسم تستبد عَن أختيها بِجَوَاز إِظْهَار الْفِعْل مَعهَا وبدخولها على الْمظهر والمضمر نَحْو: (بِهِ لأعبدنه) وَالْحلف على سَبِيل الاستعطاف نَحْو: (بحياتك أَخْبرنِي) وَالْوَاو لكَونهَا فرعا لَا تدخل إِلَى على الْمظهر وَكَذَا التَّاء، لكَونهَا فرعا عَن الْوَاو لم تدخل إِلَّا على الْمظهر الْوَاحِد وَمن عَجِيب مَا قيل فِي بَاء الْبَسْمَلَة أَنَّهَا قسم فِي أول كل سُورَة، ذكره صَاحب " الغرائب والعجائب " وَالْبَاء ابدا تقع فِي الطي نَحْو: (مَا زيد بقائم) بِخِلَاف اللَّام، فَإِنَّهَا تقع فِي الصَّدْر نَحْو: (لزيد منطلق) و {لَأَنْتُم أَشد رهبة} وَالْبَاء مَتى دخلت فِي الْمحل تعدى الْفِعْل إِلَى الْآلَة، فَيلْزم استيعابها دون الْمحل، كَمَا فِي: {وأمسحوا برؤوسكم} فَيكون بعض الرَّأْس ممسوحا وَهُوَ الْمحل أما إِذا دخلت فِي وَسَائِل غير مَقْصُودَة مثل: (مسحت رَأس الْيَتِيم بِالْيَدِ) فَإِن الْبَاء مَتى دخلت فِي الْوَسِيلَة، وَهِي آلَة الْمسْح

تعدى الْفِعْل إِلَى الْمحل، فَيلْزم استيعابه دون الْآلَة، فَيكون الْمسْح بِبَعْض الْيَد الْبَيَان: فِي الأَصْل مصدر (بَان الشَّيْء) بِمَعْنى تبين وَظهر، أَو اسْم من (بَين) كالسلام وَالْكَلَام، من (كلم) و (سلم) ثمَّ نَقله الْعرف إِلَى مَا يتَبَيَّن بِهِ من الدّلَالَة وَغَيرهَا؛ وَنَقله الِاصْطِلَاح إِلَى الفصاحة وَإِلَى ملكة أَو أصُول يعرف بهَا إِيرَاد الْمَعْنى الْوَاحِد فِي صور مُخْتَلفَة وَقيل: الْبَيَان ينْطَلق على تَبْيِين، وعَلى دَلِيل يحصل بِهِ الْإِعْلَام على علم يحصل مِنْهُ الدَّلِيل وَالْبَيَان أَيْضا: هُوَ التَّعْبِير عَمَّا فِي الضَّمِير، وإفهام الْغَيْر وَقيل: هُوَ الْكَشْف عَن شَيْء وَهُوَ أَعم من النُّطْق؛ وَقد يُطلق على نفس التَّبْلِيغ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا بِلِسَان قومه ليبين لَهُم} [وَالْبَيَان قد يكون بالمفعل كَمَا يكون بالْقَوْل، وَهُوَ على خَمْسَة أوجه عرف ذَلِك بالاستقراء وَوجه الْحصْر هُوَ أَن الْبَيَان لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون بالمنطوق أَو غَيره الثَّانِي: بَيَان الضَّرُورَة، وَالْأول إِمَّا أَن يكون الْمُبين مَفْهُوم الْمَعْنى بِدُونِ الْبَيَان أَولا. الثَّانِي: بَيَان التَّقْرِير، وَالْأول لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون بَيَانا لِمَعْنى الْكَلَام أَو للازم لَهُ كالمدة. الثَّانِي: بَيَان التبديل؛ وَالْأول إِمَّا أَن يكون بِلَا تَغْيِير أَو مَعَه الثَّانِي: بَيَان التَّغْيِير وَالْأول بَيَان التَّفْسِير أما بَيَان التَّقْرِير: فَهُوَ توكيد الْكَلَام بِمَا يقطع احْتِمَال الْمجَاز والتخصيص، كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ} قرر معنى الْعُمُوم من الْمَلَائِكَة بِذكر الْكل حَتَّى صَارَت بِحَيْثُ لَا يحْتَمل التَّخْصِيص وَكَقَوْلِه: {وَلَا طَائِر يطير بجناحيه} فَإِن قَوْله: (يطير بجناحيه) تَقْرِير لموجب الْكَلَام وَحَقِيقَته قطعا، لاحْتِمَال الْمجَاز، إِذْ يُقَال: الْمَرْء يطير بهمته، وَيُقَال للبريد طَائِر لإسراعه فِي مَشْيه وَأما بَيَان التَّفْسِير: فَهُوَ بَيَان مَا فِيهِ خَفَاء من الْمُشْتَرك أَو الْمُشكل أَو الْمُجْمل أَو الْخَفي وَأما بَيَان التَّغْيِير: فَهُوَ تَغْيِير مُوجب الْكَلَام نَحْو التَّعْلِيق وَالِاسْتِثْنَاء والتخصيص وَأما بَيَان التبديل: فَهُوَ النّسخ، والنسخ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الله تَعَالَى بَيَان لمُدَّة الحكم الأول، لَا رفع وتبديل؛ وبالنسبة إِلَيْنَا بتبديل كَالْقَتْلِ، فَإِنَّهُ بَيَان مَحْض للأجل فِي حَقه تَعَالَى؛ لِأَن الْمَقْتُول ميت بأجله، وَفِي حَقنا تَبْدِيل للحياة بِالْمَوْتِ، لِأَن ظَاهره الْحَيَاة لَوْلَا مُبَاشرَة قَتله وَأما بَيَان الضَّرُورَة: فَهُوَ نوع بَيَان يَقع بِغَيْر مَا يوضع لَهُ لضَرُورَة مَا، إِذْ الْمَوْضُوع لَهُ النُّطْق، وَهَذَا يَقع بِالسُّكُوتِ، فَهِيَ على أَرْبَعَة أوجه عرف ذَلِك بالاستقراء: الأول: مَا يعلم بمعونة الْمَنْطُوق لَا بِمُجَرَّد السُّكُوت كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَإِن لم يكن لَهُ ولد وَورثه أَبَوَاهُ فلأمه الثُّلُث} أضيف الْإِرْث إِلَيْهِمَا ثمَّ خص الْأُم بِالثُّلثِ فَكَانَ بَيَانا أَن للْأَب مَا بَقِي، وَهَذَا الْبَيَان لم يحصل بمحض السُّكُوت عَن نصيب الْأَب، بل بصدر الْكَلَام الْمُوجب للشَّرِكَة،

إِذْ لَو بَين نصيب الْأُم من غير إِثْبَات الشّركَة بصدر الْكَلَام لَا يعرف نصيب الْأَب بِالسُّكُوتِ بِوَجْه وَالثَّانِي: مَا يثبت بِدلَالَة حَال الْمُتَكَلّم؛ وَالْمرَاد بالمتكلم الْقَادِر على التَّكَلُّم لَا النَّاطِق، وَاحْترز بِهِ عَمَّن لَا يقدر على التَّكَلُّم كالأخرس وَالثَّالِث: مَا يثبت ضَرُورَة رفع الضَّرَر، مثل سكُوت الشَّفِيع بعد الْعلم بِالْبيعِ، فَجعل إِسْقَاط الشُّفْعَة ضَرُورَة دفع الضَّرَر عَن المُشْتَرِي وَالرَّابِع: مَا يثبت بِدلَالَة الْكَلَام، كَمَا قَالَ: (لَهُ عَليّ مئة وَثَلَاثَة دَرَاهِم أَو ثَلَاثَة أَثوَاب أَو أَفْرَاس) فالمعطوف بَيَان للمعطوف عَلَيْهِ] وَالْبَيَان مَا يتَعَلَّق بِاللَّفْظِ، والتبيان مَا يتَعَلَّق بِالْمَعْنَى الْبر، بِالْكَسْرِ: الصِّلَة، وَالْجنَّة، وَالْخَيْر، الاتساع فِي الْإِحْسَان، وَالْحج، وَالصَّدَََقَة، وَالطَّاعَة، وضد العقوق وكل فعل مرضِي بر [وَالْبر] ؛ بِالْفَتْح: من الْأَسْمَاء الْحسنى، والصادق، وضد الْبَحْر والبار: حَيْثُ ورد فِي الْقُرْآن مجموعا فِي صفة الْآدَمِيّين قيل: أبرار، وَفِي صفة الْمَلَائِكَة قيل: بررة والبرية؛ بتَشْديد الرَّاء: الصَّحرَاء، وَالْجمع براري؛ وبالتخفيف (فعيلة) من برأَ الله الْخلق: أَي خلقهمْ، وَالْجمع: البرايا والبريات وبر الله الْحَج يبره برورا: قبله وَيُقَال (برحجك) ، بِالْفَتْح وَالضَّم وبر خالقه: أطاعه وبررت، بِالْكَسْرِ [كعلمت] : خلاف العقوق وبررت فِي القَوْل وَالْيَمِين أبر فيهمَا برورا أَيْضا: إِذا صدقت فيهمَا؛ وَيَتَعَدَّى بِنَفسِهِ فِي الْحَج، وبالحرف فيهمَا؛ وَفِي لُغَة يتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ فَيُقَال: أبر الله الْحَج، وأبرت الْيَمين، وَأبر القَوْل وبرئت من الْمَرَض وبرأت أَيْضا برءا وبرءا، وَمن الدّين وَالرجل بَرَاءَة وأصل الْبُرْء خلوص الشَّيْء عَن غَيره إِمَّا على سَبِيل التَّقَصِّي كَقَوْلِهِم: (برِئ الْمَرِيض من مَرضه، وَالْبَائِع من عُيُوب مبيعه، وَصَاحب الدّين من دينه) ؛ وَمِنْه اسْتِبْرَاء الْجَارِيَة أَو على سَبِيل الْإِنْشَاء كَقَوْلِهِم: (برأَ الله الْخلق) ، و (بريت الْقَلَم وَغَيره) بِفَتْح الرَّاء غير مَهْمُوز، أبريه بريا الْبَدَل: هُوَ لُغَة: الْعِوَض ويفترقان فِي الِاصْطِلَاح؛ فالبدل أحد التوابع، يجْتَمع مَعَ الْمُبدل مِنْهُ، وَبدل الْحَرْف من غَيره لَا يَجْتَمِعَانِ أصلا، وَلَا يكون إِلَّا فِي مَوضِع الْمُبدل مِنْهُ والعوض لَا يكون فِي مَوضِع المعوض عَنهُ أَلا ترى أَن الْعِوَض فِي (اللَّهُمَّ) فِي آخر الِاسْم، والمعوض عَنهُ فِي أَوله، لِأَن طَريقَة الْعَرَب أَنهم إِذا حذفوا من الأول عوضوا آخرا: مثل (عدَّة) و (زنة) ؛ وَإِذا حذفوا من الآخر عوضوا أَولا مثل: (ابْن) فِي (بَنو) ؛ وَرُبمَا اجْتمعَا ضَرُورَة، وَرُبمَا استعملوا الْعِوَض مرادفا للبدل فِي الِاصْطِلَاح وَقد نظمت فِي جَوَاز جمع الْبَدَل والمبدل مِنْهُ:

(جمعت بوصل بَين جسمي وروحه ... وَهَذَا كَلَام لم يجوزه سامعي) (أبقت كَأَنِّي من يَد الْغَصْب غَارِم ... فعدت وَمِنْه الْإِرْث قد صَار جامعي) وَالْبدل على ضَرْبَيْنِ: بدل: هُوَ إِقَامَة حرف مقَام حرف غَيره وَبدل: هُوَ قلب الْحَرْف نَفسه إِلَى لفظ غَيره على معنى إحالته إِلَيْهِ هَذَا إِنَّمَا يكون فِي حُرُوف الْعلَّة وَفِي الْهمزَة أَيْضا لمقاربتها إِيَّاهَا وَكَثْرَة تغيرها، وَذَلِكَ فِي نَحْو: (قَامَ) و (مُوسر) و (رَأس) و (آدم) ، فَكل قلب بدل، وَلَيْسَ كل بدل قلبا وَالْبدل والمبدل مِنْهُ إِن اتحدا فِي الْمَفْهُوم يُسمى بدل الْكل من الْكل وَبدل الْعين من الْعين أَيْضا؛ وَإِن لم يتحدا فِيهِ، فَإِن كَانَ الثَّانِي جُزْءا من الأول فَهُوَ بدل الْبَعْض من الْكل، وَإِن لم يكن جُزْءا، فَإِن صَحَّ الِاسْتِغْنَاء بِالْأولِ عَن الثَّانِي فَهُوَ بدل الاشتمال نَحْو: (نظرت إِلَى الْقَمَر فلكه) وَبدل الْكل من الْكل يُوَافق الْمَتْبُوع فِي الْإِفْرَاد والتثنية وَالْجمع والتذكير والتأنيث، لَا فِي التَّعْرِيف وَسَائِر الأبدال لَا يلْزم موافقتها للمبدل مِنْهُ فِي الْإِفْرَاد والتذكير وفروعهما وَالْبدل على الْمَعْنى لَا على اللَّفْظ كَقَوْلِه تَعَالَى: {كم أهلكنا قبلهم من الْقُرُون أَنهم إِلَيْهِم لَا يرجعُونَ} وَبدل الْغَلَط ثَلَاثَة أَقسَام: ندامة كَقَوْلِك: (محبوبي بدر شمس) وَغلط صَرِيح: كَقَوْلِك: (هَذَا زيد جَار) ونسيان والأخيران لَا يقعان فِي كَلَام الفصحاء أصلا، بِخِلَاف الأول، فَإِنَّهُ يَقع فِي كَلَام الشُّعَرَاء مُبَالغَة وتفننا فِي الفصاحة وَبدل الْمعرفَة من الْمعرفَة نَحْو قَوْله تَعَالَى: {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم} والنكرة من الْمعرفَة نَحْو قَوْله تَعَالَى: {لنسفعا بالناصية نَاصِيَة كَاذِبَة خاطئة} وَلَا يحسن ذَلِك حَتَّى يُوصف نَحْو الْآيَة، لِأَن الْبَيَان مُرْتَبِط بهما جَمِيعًا والنكرة من النكرَة نَحْو قَوْله تَعَالَى: {إِن لِلْمُتقين مفازا حدائق وأعنابا} والمعرفة من النكرَة، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَإنَّك لتهدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم صِرَاط الله} فَإِن الثَّانِي معرفَة بِالْإِضَافَة وَلَا يجوز إِبْدَال النكرَة غير الموصوفة من الْمعرفَة، كَمَا لَا يجوز وصف الْمعرفَة بالنكرة هَذَا إِذا لم يفد الْبَدَل مَا زَاد على الْمُبدل مِنْهُ وَأما إِذا أَفَادَ فَجَائِز نَحْو: (مَرَرْت بأبيك خير مِنْك) وَالْأَكْثَر على أَن ضمير الْمُخَاطب لَا يُبدل مِنْهُ وَالْبدل فِي الِاسْتِثْنَاء من الأبدال الَّتِي تثبت فِي

غير الِاسْتِثْنَاء، بل هُوَ قسم على حِدة، كَمَا فِي قَوْلك: (مَا قَامَ أحد إِلَّا زيد) ف (إِلَّا زيد) هُوَ الْبَدَل، وَهُوَ الَّذِي يَقع فِي مَوضِع (أحد) ، فَلَيْسَ (زيد) وَحده بَدَلا من (أحد) ، وَإِنَّمَا (زيد) هُوَ الْأَحَد الَّذِي نفيت عَنهُ الْقيام، و (إِلَّا زيد) بَيَان للأحد الَّذِي عينته وَالْبدل مَشْرُوع فِي الأَصْل كالمسح على الْخُف وَالْخلف لَيْسَ بمشروع فِي الأَصْل كالتيمم وَالْبدل التفصيلي لَا يعْطف إِلَّا بِالْوَاو كَقَوْلِه: (وَكنت كذي رجلَيْنِ رجل صَحِيحَة ... وَرجل رمى فِيهَا الزَّمَان فشلت) بَين: كلمة تنصيف وتشريك، حَقّهَا أَن تُضَاف إِلَى أَكثر من وَاحِد، وَإِذا أضيفت إِلَى الْوَاحِد وَجب أَن يعْطف عَلَيْهِ بِالْوَاو، لِأَن الْوَاو للْجمع تَقول: (المَال بَين زيد وَعَمْرو) و (بَين عَمْرو) قَبِيح؛ وَأما (بيني وَبَيْنك) ف (بَين) مُضَاف إِلَى مُضْمر مجرور، وَذَلِكَ لَا يعْطف عَلَيْهِ إِلَّا بِإِعَادَة الْجَار؛ وَقد جَاءَ التكرير مَعَ الْمظهر وَإِذا أضيف إِلَى الزَّمَان كَانَ ظرفا زمَان، تَقول: (آتِيك بَين الظّهْر وَالْعصر) وَإِذا أضيف إِلَى الْمَكَان كَانَ ظرف مَكَان، تَقول: (دَاري بَين دَارك وَالْمَسْجِد) وَلَا يُضَاف إِلَى مَا يَقْتَضِي معنى الْوحدَة إِلَّا إِذا كرر نَحْو: {فَاجْعَلْ بَيْننَا وَبَيْنك موعدا} {وَلَا بِالَّذِي بَين يَدَيْهِ} أَي: مُتَقَدما لَهُ من الْإِنْجِيل وَنَحْو: {وَجَعَلنَا من بَين أَيْديهم سدا} أَي: قرينا مِنْهُ وَلَا يدْخل الضَّم على (بَين) بِحَال، إِلَّا إِذا عني بالبين الْوَصْل، وَتقول: (بَينا أَنا جَالس جَاءَ عَمْرو) وَلَيْسَ لدُخُول (إِذْ) هَهُنَا معنى وَمَا وَقع فِي الْأَحَادِيث فَمَحْمُول على زِيَادَة الروَاة، وأجازوا

ذَلِك فِي (بَيْنَمَا) وَاعْتَذَرُوا بِأَن (مَا) ضمت إِلَى (بَين) فغيرت حكمهَا؛ كَمَا أَن (رب) لَا يَليهَا إِلَّا الِاسْم، وَإِذا زيدت فِيهَا (مَا) وَليهَا الْفِعْل و (بَيْنَمَا) : ظرف لمتوسط فِي زمَان أَو مَكَان بِحَسب الْمُضَاف إِلَيْهِ، وَإِذا قصد إِضَافَة (بَين) إِلَى (أَوْقَات) مُضَافَة إِلَى جملَة حذفت الْأَوْقَات وَعوض عَنْهَا الْألف أَو (مَا) مَنْصُوب الْمحل، وَالْعَامِل فِيهِ معنى المفاجأة الَّذِي تضمنته (إِذْ) وَيُقَال فِي التباعد الجسماني: (بَينهمَا بَين) ، وَفِي التباعد الشرفي: (بَينهمَا بون) والبين: من الأضداد، يسْتَعْمل للوصل والفصل والبينونة الْخَفِيفَة: تفِيد انْقِطَاع الْملك فَقَط كَمَا يحصل بِوَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ؛ والغليظة تفِيد انْقِطَاع الْحل بِالْكُلِّيَّةِ، كَمَا يحصل بِالثلَاثِ بل: هُوَ مَوْضُوع لإِثْبَات مَا بعده، وللإعراض عَمَّا قبله بِأَن يَجْعَل مَا قبله فِي حكم الْمَسْكُوت عَنهُ بِلَا تعرض لنفيه وَلَا إثْبَاته، وَإِذا انْضَمَّ إِلَيْهِ (لَا) صَار نصا فِي نَفْيه وَفِي كل مَوضِع يُمكن الْإِعْرَاض عَن الأول يثبت الثَّانِي فَقَط وَفِي كل مَوضِع لَا يُمكن الْإِعْرَاض عَن الأول يثبت الأول وَالثَّانِي و (بل) فِي الْجُمْلَة مثلهَا فِي الْمُفْردَات، إِلَّا أَنَّهَا قد تكون لَا لتدارك الْغَلَط، بل لمُجَرّد الِانْتِقَال إِلَى آخر أهم من الأول بِلَا فضل، إِلَى إهدار الأول وَجعله فِي حكم الْمَسْكُوت عَنهُ كَقَوْلِه تَعَالَى: {بل هم فِي شكّ مِنْهَا بل هم مِنْهَا عمون} وَاعْلَم أَن كلمة (بل) إِذا تَلَاهَا جملَة كَانَ معنى الإضراب إِمَّا الْإِبْطَال كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن ولدا سُبْحَانَهُ بل عباد مكرمون} ، وَقَوله تَعَالَى: {أم يَقُولُونَ بِهِ جنَّة بل جَاءَهُم بِالْحَقِّ} وَإِمَّا الِانْتِقَال من غَرَض إِلَى آخر: نَحْو قَوْله: {قد أَفْلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى بل تؤثرون الْحَيَاة الدُّنْيَا} وَقَوله: {ولدينا كتاب ينْطق بِالْحَقِّ وهم لَا يظْلمُونَ بل قُلُوبهم فِي غمرة} وَهِي فِي ذَلِك كُله حرف ابْتِدَاء لَا عاطفة على الصَّحِيح؛ وَإِن تَلَاهَا مُفْرد كَانَت عاطفة؛ فَإِن كَانَت بعد إِثْبَات فَهِيَ لإِزَالَة الحكم عَن الأول وإثباته للثَّانِي إِن كَانَت فِي الإخبارات، لِأَنَّهَا الْمُحْتَمل للغلظ دون الإنشاءات تَقول: (جَاءَنِي زيد بل عَمْرو) لَا (خُذ هَذَا بل هَذَا) ؛ وَإِن كَانَت بعد نفي أَو نهي فَهِيَ لتقرير الحكم لما قبلهَا وَإِثْبَات ضِدّه لما بعْدهَا، تَقول: (مَا قَامَ زيد بل عَمْرو) و (لَا تضرب زيدا بل عمرا) تقرر نفي الْقيام عَن زيد وتنهي عَن الضَّرْب لَهُ وتثبته لعَمْرو وتأمر بضربه قَالَ بَعضهم: (بل) الإضرابية لَا تقع فِي التَّنْزِيل إِلَّا للانتقال وَقَوله تَعَالَى: (وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن

ولدا سُبْحَانَهُ بل عباد مكرمون} لَا يتَعَيَّن كَون (بل) فِيهَا للإبطال، لاحْتِمَال كَون الإضراب فِيهَا عَن جملَة القَوْل لَا عَن الْجُمْلَة المحكية بالْقَوْل، وَجُمْلَة القَوْل إِخْبَار من الله تَعَالَى عَن مقالتهم، صَادِقَة غير بَاطِلَة، فَلم يُبْطِلهَا الإضراب، وَإِنَّمَا أَفَادَ الإضراب الِانْتِقَال من الْإِخْبَار عَن الْكفَّار إِلَى الْإِخْبَار عَن وصف مَا وَقع الْكَلَام فِيهِ من النَّبِي وَالْمَلَائِكَة وَقَالَ ابْن عُصْفُور: (بل) و (لَا بل) وَإِن وَقع بعدهمَا جملَة كَانَا حرفي ابْتِدَاء ومعناهما الإضراب عَمَّا قبلهمَا واستئناف الْكَلَام الَّذِي بعدهمَا ثمَّ قَالَ: و (لَا) المصاحبة لَهَا لتأكيد معنى الإضراب؛ وَإِن وَقع بعدهمَا مُفْرد كَانَا حرفي عطف ومعناهما الإضراب عَن جعل الحكم للْأولِ وإثباته للثَّانِي وَقد يكون (بل) بِمَعْنى (إِن) كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {بل الَّذين كفرُوا فِي عزة وشقاق} ، لِأَن الْقسم لَا بُد لَهُ من جَوَاب وَقد تكون بِمَعْنى (هَل) كَقَوْلِه تَعَالَى: {بل ادارك علمهمْ فِي الْآخِرَة} و (بل) لَا يصلح أَن يصدر بهَا الْكَلَام؛ وَلِهَذَا يقدر فِي قَوْله: {بل فعله كَبِيرهمْ} مَا فعلته بل فعله بلَى: هُوَ من حُرُوف التَّصْدِيق مثل (نعم) ، إِلَّا أَن (نعم) يَقع تَصْدِيقًا للْإِيجَاب وَالنَّفْي فِي الْخَبَر والاستفهام جَمِيعًا و (بلَى) يخْتَص بالمنفي، خَبرا أَو استفهاما على معنى أَنَّهَا إِنَّمَا تقع تَصْدِيقًا للمنفي على سَبِيل الْإِيجَاب، وَلَا تقع تَصْدِيقًا للمثبت أصلا؛ وَلِهَذَا قيل: قَائِل (بلَى) فِي جَوَاب {آلست بربكم} من الْأَرْوَاح مُؤمن، لِأَنَّهُ فِي قُوَّة (بلَى أَنْت رَبنَا) ، وَقَائِل (نعم) مِنْهَا كَافِر، لِأَنَّهُ فِي قُوَّة (نعم لست بربنا) وَاسْتشْكل بعض الْمُحَقِّقين بِأَن (بلَى) إِذا كَانَت لإِيجَاب مَا بعد النَّفْي لم تكن تَصْدِيقًا لما سبقها، بل تَكْذِيبًا لَهُ وَالْجَوَاب أَنَّهَا وَإِن كَانَت تَكْذِيبًا للنَّفْي، لَكِنَّهَا تَصْدِيق للمنفي و (بلَى) لَا يَأْتِي إِلَّا بعد نفي؛ و (لَا) لَا يَأْتِي إِلَّا بعد إِيجَاب؛ و (نعم) يَأْتِي بعدهمَا وَقد نظمت فِيهِ: (بعد نفي قل نعم لَا بعد إِيجَاب كَذَا ... بعد إِيجَاب نعم لَا بعد إِيجَاب بلَى) بعد: هُوَ من الظروف الزمانية أَو المكانية أَو الْمُشْتَركَة بَينهمَا وَله حالتان: إِمَّا الْإِضَافَة إِلَى اسْم عين، فَحِينَئِذٍ ظرف زمَان، أَو إِلَى اسْم معنى فظرف مَكَان وَإِمَّا الْقطع فَإِن كَانَ مُضَافا فَهُوَ مُعرب على حسب اقْتِضَاء العوامل من النصب أَو الْجَرّ وَلَا يكون مَرْفُوعا، إِلَّا أَن يخرج عَن الظَّرْفِيَّة، أَو يُرَاد مِنْهُ اللَّفْظ؛ وَإِن كَانَ مَقْطُوعًا عَن الْإِضَافَة فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون الْمُضَاف إِلَيْهِ منويا أَو منسيا؛ فَإِن كَانَ منسيا فَهُوَ مُعرب على حسب اقْتِضَاء العوامل أَيْضا، وَإِن كَانَ منويا فيبنى على الضَّم وَبِهِمَا قرئَ قَوْله تَعَالَى: {لله الْأَمر من قبل وَمن بعد} وَقَوْلهمْ بعد الْخطْبَة: (وَبعد) بِالضَّمِّ أَو الرّفْع مَعَ التَّنْوِين أَو الْفَتْح على تَقْدِير لفظ

الْمُضَاف إِلَيْهِ أَي: (واحضر بعد الْخطْبَة مَا سَيَأْتِي) وَالْوَاو للاستئناف، أَو لعطف الْإِنْشَاء على مثله، أَو على الْخَبَر نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَبشر الَّذين آمنُوا} وتجيء (بعد) بِمَعْنى (قبل) نَحْو: {وكتبنا فِي الزبُور من بعد الذّكر} وَمعنى (مَعَ) يُقَال: (فلَان كريم وَهُوَ بعد هَذَا أديب) وَعَلِيهِ يتَأَوَّل: {عتل بعد ذَلِك زنيم} {وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها} وَبعد يبعد كعلم يعلم بعدا بِفَتْح الْبَاء وَالْعين: هلك وكحسن يحسن بعدا بِالضَّمِّ: ضد الْقرب وَهُوَ عبارَة عَن امتداد قَائِم بالجسم أَو بِنَفسِهِ، عِنْد الْقَائِلين بِوُجُود الْخَلَاء وَالْعَبْد الَّذِي هُوَ بَين الْأَعْلَى والأسفل يُسمى عمقا إِن اعْتبر النُّزُول؛ وسمكا إِن اعْتبر الصعُود والأبعاد الَّتِي بَين غايات الْأَجْسَام هِيَ ثَلَاثَة: بعد الطول: وَهُوَ الامتداد الْمَفْرُوض أَولا وَبعد الْعرض: وَهُوَ الْمَفْرُوض ثَانِيًا مقاطعا للْأولِ على زَوَايَا قَائِمَة وَبعد العمق: وَهُوَ الْمَفْرُوض ثَالِثا مقاطعا لَهما عَلَيْهَا، فَلَا يُوجد جسم إِلَّا على هَذِه الأبعاد، فَمَا كَانَ ذَا بعد وَاحِد فَخط، وَذَا بعدين فسطح، وَذَا ثَلَاثَة فجسم تعليمي و (بعد) فِي (أَفعلهُ بعد) لزمان الْحَال أَي: بَعْدَمَا مضى وَفِي (لَا أَفعلهُ بعد) للاستقبال أَي: بَعْدَمَا نَحن فِيهِ البلاغة: مصدر (بلغ الرجل) الضَّم: إِذا صَار بليغا [وَأسد عِبَارَات الأدباء فِي حد البلاغة وأوفاها بالغرض قَوْلهم: البلاغة هِيَ التَّعْبِير عَن الْمَعْنى الصَّحِيح لما طابقه من اللَّفْظ الرَّائِق من غير مزِيد على الْمَقْصد وَلَا انتقاص عَنهُ فِي الْبَيَان فعلى هَذَا فَكلما ازْدَادَ الْكَلَام فِي الْمُطَابقَة للمعنى وَشرف الْأَلْفَاظ ورونق الْمعَانِي والتجنب عَن الركيك المستغث كَانَ بلاغته أَزِيد] فِي " الْجَوْهَرِي ": البلاغة: الفصاحة وَعند أهل الْمعَانِي: البلاغة أخص من الفصاحة قَالَ بعض محققيهم: وَلم أر مَا يصلح لتعريفهما، لَكِن الْفرق بَينهمَا أَن الفصاحة يُوصف بهَا الْمُفْرد وَالْكَلَام والمتكلم، والبلاغة يُوصف بهَا الأخيران فَقَط يُقَال: كلمة فصيحة، وَلَا يُقَال بليغة أما فصاحة الْمُفْرد فخلوصه من تنافر الْحُرُوف ك (مستشزرات) ، وَمن الغرابة: وَهِي كَون الْكَلِمَة لَا يعرف مَعْنَاهَا إِلَّا بعد الْبَحْث الْكثير عَلَيْهِ فِي كتب اللُّغَة، وَمن مُخَالفَة الْقيَاس ك (الأجلل) بفك الْإِدْغَام، وَلم يرتض بَعضهم زِيَادَة أَن لَا تكون الْكَلِمَة مستكرهة فِي السّمع نَحْو (الجرشى) أَي النَّفس وَأما فصاحة الْكَلَام فخلوصه من ضعف التَّأْلِيف نَحْو أَن يتَّصل بالفاعل ضمير يعود على الْمَفْعُول الْمُتَأَخر، وَمثله مِمَّا لَا يجوز فِي الْعَرَبيَّة إِلَّا بِضعْف، وَمن التنافر بِأَن يعسر النُّطْق بكلماته لعسرها على اللِّسَان، وَمن التعقيد بِأَن يكون الْكَلَام غير ظَاهر الدّلَالَة على المُرَاد مِنْهُ، وَذَلِكَ إِمَّا لتعقيد فِي اللَّفْظ أَو الْمَعْنى؛ ورد بَعضهم زِيَادَة

خلوصه من كَثْرَة التّكْرَار وتتابع الإضافات وَأما فصاحة الْمُتَكَلّم فملكة يقتدر بهَا على التَّعْبِير عَن الْمَقْصُود بِلَفْظ فصيح وَأما بلاغة الْكَلَام فمطابقته لمقْتَضى الْحَال مَعَ فَصَاحَته، وَمُقْتَضى الْحَال أَن يعبر بالتنكير فِي مَحَله وبالتعريف فِي مَحَله وَمَا أشبه ذَلِك وَبِالْجُمْلَةِ أَن يُطَابق الْغَرَض الْمَقْصُود وارتفاع شَأْن الْكَلَام إِنَّمَا يكون بِهَذِهِ الْمُطَابقَة، وانحطاطه بعدمها وَأما بلاغة الْمُتَكَلّم فملكة يقتدر بهَا على تأليف كَلَام بليغ [وَاخْتلف فِي رتب البلاغة هَل هِيَ متناهية أم لَا؟ وَالْحق أَنَّهَا إِن نظر إِلَى اللُّغَات الْوَاقِعَة المتناهية فمراتب البلاغة فِيهَا لَا بُد وَأَن تكون متناهية؛ لِأَن البلاغة على مَا ذكرنَا عَائِدَة إِلَى مُطَابقَة الشريف من الْأَلْفَاظ للصحيح من الْمعَانِي من غير زِيَادَة فِي الْمَقْصد وَلَا نُقْصَان عَنهُ فِي الْبَيَان وَلَا يخفى أَن الْأَلْفَاظ الشَّرِيفَة بالاصطلاح الْمُطَابقَة للمعاني متناهية، فَكَانَت مَرَاتِب البلاغة المترتبة على الْأَلْفَاظ الْوَاقِعَة متناهية وَأما إِذا نظر إِلَى مَا يُمكن وُقُوعه من اللُّغَات بعد اللُّغَات الْوَاقِعَة الْمَفْرُوضَة فَلَا يبعد فِي علم الله وجود أَلْفَاظ هِيَ أشرف من الْأَلْفَاظ الْوَاقِعَة، وَتَكون مطابقتها لمعانيها أَعلَى رُتْبَة فِي البلاغة من الْأَلْفَاظ الْوَاقِعَة وهلم جرا إِلَى مَا لَا يتناهى] وَتَمام مبَاحث هَذِه النبذ فِي علم الْمعَانِي. ورجحان بلاغة النّظم الْجَلِيل إِنَّمَا هُوَ بإبلاغ الْمَعْنى الْجَلِيل المتسوعب إِلَى النَّفس بِاللَّفْظِ الْوَجِيز؛ وَإِنَّمَا يكون الإسهاب أبلغ فِي كَلَام الْبشر الَّذين لَا يتناولون تِلْكَ الرُّتْبَة الْعَالِيَة من البلاغة [الْبكر] : الْبكر من الْإِبِل: هِيَ الَّتِي وضعت بَطنا وَاحِدًا وَمن بني آدم: هِيَ الَّتِي لم تُوطأ بِنِكَاح، سَوَاء كَانَ لَهَا زوج أم لم يكن، بَالِغَة كَانَت أم لَا، ذَاهِبَة الْعذرَة بوثبة أَو حيض [أَو وضوء] وَهِي بكر إِلَّا فِي حق الشِّرَاء وَفِي " الْمغرب " أَنه يَقع على الذّكر الَّذِي لم يدْخل بِامْرَأَة؛ وَشرط مُحَمَّد ابْن الْحسن الْأُنُوثَة فِي هَذَا الِاسْم، وَهُوَ إِمَام مقلد؛ وَإِطْلَاق الثّيّب على الذّكر كَمَا فِي حَدِيث " الثّيّب بِالثَّيِّبِ " إِلَى آخِره إِنَّمَا هُوَ بطرِيق الْمُقَابلَة مجَازًا ك {ومكروا ومكر الله} وَقد حكى الصغاني عَن اللَّيْث أَنه لَا يُقَال للرجل ثيب، وَإِنَّمَا يُقَال: ولد الثيبين تَغْلِيبًا وَلم يسمع من الْبكر فعل، إِلَّا أَن فِي تركيبها الأولية وَمِنْه: البكرة والباكورة وَأما الباكرة فَلَيْسَتْ من كَلَام الْعَرَب، وَالصَّحِيح: الْبكر، والبكارة بِالْفَتْح فِي " الْقَامُوس ": كل من بَادر إِلَى شَيْء فقد أبكر إِلَيْهِ فِي أَي وَقت كَانَ وَبكر وأبكر وتبكر: تقدم، وَعَلِيهِ: " فبكروا " فِي الحَدِيث، بِمَعْنى تقدمُوا، لَا بَادرُوا وَبكر تبكيرا: أَتَى الصَّلَاة لأوّل وَقتهَا وابتكر أول الْخطْبَة الْبَقَاء: هُوَ سلب الْعَدَم اللَّاحِق للوجود، أَو اسْتِمْرَار الْوُجُود فِي الْمُسْتَقْبل إِلَى غير نِهَايَة وهما بِمَعْنى، كَمَا فِي شرح " الْإِرْشَاد " وَهُوَ أَعم من الدَّوَام والدائم الْبَاقِي هُوَ الله تَعَالَى بافتقار الموجودات

إِلَى مديم كافتقار المعدومات إِلَى موجد، وَأما المتغيرات المحسوسة فَهِيَ فِي الماديات دون الإبداعيات: [وَلَو فرض انْقِطَاع فيضان نور الْوُجُود من الله تَعَالَى على الْعَالم فِي آن لم يبْق فِي الْخَارِج] والأشعري جعل الْبَقَاء من الصِّفَات، وَالصَّحِيح [أَنه لَيْسَ صفة وجودية زَائِدَة بل هُوَ نفس] الْوُجُود المستمر [أَي الْمَوْجُود فِي الزَّمَان الثَّانِي، فَيكون أخص من مُطلق الْوُجُود، كَمَا أَن الفناء أخص من مُطلق الْعَدَم لِأَنَّهُ الْعَدَم الطَّارِئ] وتفصيل ذَلِك هُوَ أَن الْبَارِي تَعَالَى بَاقٍ لذاته، خلافًا للأشعري، فَإِن عِنْده هُوَ بَاقٍ بِبَقَاء قَائِم بِذَاتِهِ، فَيكون صفة وجودية زَائِدَة على الْوُجُود، إِذْ الْوُجُود مُتَحَقق دون الْبَقَاء، وتتجدد بعده صفة هِيَ الْبَقَاء؛ والنافون للبقاء قَالُوا: الْبَقَاء هُوَ نفس الْوُجُود فِي الزَّمَان الثَّانِي لَا أَمر زَائِد عَلَيْهِ، إِذْ لَو كَانَ مَوْجُودا لَكَانَ بَاقِيا بِالضَّرُورَةِ، فَإِن كَانَ بَاقِيا بِبَقَاء آخر لزم التسلسل، أَو بِبَقَاء الذَّات لزم الدّور، أَو بِنَفسِهِ والذات بَاقِيَة بِبَقَاء الْبَقَاء فتنقلب الذَّات صفة وَالصّفة ذاتا وَهُوَ محَال، أَو بِبَقَاء قَائِم لَهُ تَعَالَى، فَيكون وَاجِب الْوُجُود لذاته وَاجِبا لغيره، وَهُوَ محَال أَيْضا وَالتَّحْقِيق أَن الْمَعْقُول من بَقَاء الْبَارِي امْتنَاع عَدمه، [ومقارنة مَعَ الْأَزْمِنَة من غير أَن يتَعَلَّق بهَا كتعلق الزمانيات] ، كَمَا أَن الْمَعْقُول من بَقَاء الْحَوَادِث مُقَارنَة وجودهَا لأكْثر من زمَان وَاحِد بعد زمَان أول، وَذَلِكَ لَا يعقل فِيمَا لَيْسَ بِزَمَان، وَامْتِنَاع الْعَدَم ومقارنة الزَّمَان من الْأُمُور الاعتبارية الَّتِي لَا وجود لَهَا فِي الْخَارِج، ولفضل الْبَقَاء على الْعُمر وصف الله بِهِ، وقلما يُوصف بالعمر وَالْبَاقِي بِنَفسِهِ لَا إِلَى مُدَّة هُوَ الْبَارِي، وَمَا عداهُ بَاقٍ بِغَيْرِهِ وباق بشخصه إِلَى أَن يَشَاء الله أَن يفنيه كالأجرام السماوية، وَالْبَاقِي بنوعه وجنسه دون شخصه وجزئه كالإنسان والحيوانات، وَالْبَاقِي بشخصه فَهِيَ الْآخِرَة كَأَهل الْجنَّة، وبنوعه وجنسه هُوَ ثمار أهل الْجنَّة، كَمَا فِي الحَدِيث؛ وكل عبَادَة يقْصد بهَا وَجه الله فِيهِ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات والبقية: مثل فِي الْجَوْدَة وَالْفضل، يُقَال: (فلَان بَقِيَّة الْقَوْم) أَي: خيارهم، وَمِنْه قَوْلهم: (فِي الزوايا خبايا وَفِي الرِّجَال بقايا) وَبَقِيَّة الشَّيْء من جنسه، وَلَا يُقَال للأخر بَقِيَّة الْأَب وَالْبَاقِي يسْتَعْمل فِيمَا يكون الْبَاقِي أقل، بِخِلَاف السائر، فَإِنَّهُ يسْتَعْمل فِيمَا يكون الْبَاقِي أَكثر؛ وَالصَّحِيح أَن كل بَاقٍ قل أَو كثر فالسائر يسْتَعْمل فِيهِ وَقيل: السائر بِالْهَمْزَةِ الْأَصْلِيَّة بِمَعْنى الْبَاقِي، وبالمبدلة من الْيَاء بِمَعْنى الْجَمِيع؛ وَالْأول أشهر فِي الِاسْتِعْمَال وَأثبت عِنْد أَئِمَّة اللُّغَة وَأظْهر فِي الِاشْتِقَاق وَفِي " الْقَامُوس ": السائر: الْبَاقِي لَا الْجَمِيع والبقاء أسهل من الِابْتِدَاء كبقاء النِّكَاح بِلَا شُهُود وامتناعه بِدُونِهَا ابْتِدَاء؛ وَجَوَاز الشُّيُوع فِي الْهِبَة بَقَاء لَا ابْتِدَاء، كَمَا إِذا وهب دَارا وَرجع فِي نصفهَا وشاع بَينهمَا فالشيوع الطَّارِئ لَا يمْنَع بَقَاء الْهِبَة؛ وَبَقَاء الشَّيْء الْوَاحِد فِي محلين فِي زمَان وَاحِد محَال، وَلذَا إِذا تمت الْحِوَالَة برِئ الْمُحِيل من الدّين بِقبُول الْمُحْتَال والمحال عَلَيْهِ، لِأَن معنى الْحِوَالَة النَّقْل، وَهُوَ يَقْتَضِي فرَاغ ذمَّة الْأَصِيل لِئَلَّا يلْزم بَقَاء الشَّيْء فِي محلين فِي زمَان وَاحِد

الْبشر: هُوَ علم لنَفس الْحَقِيقَة من غير اعْتِبَار كَونهَا مُقَيّدَة بالتشخصات والصور وَالرجل: اسْم لحقيقة مُعْتَبرَة مَعهَا تعينات وصور حَقِيقِيَّة؛ فالمتبادر فِي الأول نفس الْحَقِيقَة، وَفِي الثَّانِي الصُّورَة وَفِي " الْقَامُوس " الْبشر محركة: الْإِنْسَان، ذكرا أَو أُنْثَى، وَاحِدًا أَو جمعا نَحْو: {بشرا سويا} {فإمَّا تَرين من الْبشر أحدا} وَقد يثنى نَحْو: {لبشرين} ؛ وَيجمع على (أبشار) وباشر الْأَمر: وليه بِنَفسِهِ [وباشر] الْمَرْأَة: جَامعهَا الْبشَارَة: اسْم لخَبر يُغير بشرة الْوَجْه مُطلقًا، سارا كَانَ أَو محزنا، إِلَّا أَنه غلب اسْتِعْمَالهَا فِي الأول وَصَارَ اللَّفْظ حَقِيقَة لَهُ بِحكم الْعرف حَتَّى لَا يفهم مِنْهُ غَيره، وَاعْتبر فِيهِ الصدْق على مَا نَص عَلَيْهِ فِي الْكتب الْفِقْهِيَّة؛ فَالْمَعْنى الْعرفِيّ للبشارة هُوَ الْخَبَر الصدْق السار الَّذِي لَيْسَ عِنْد الْمخبر بِهِ علمه، وَوُجُود المبشر بِهِ وَقت الْبشَارَة لَيْسَ بِلَازِم، بِدَلِيل {وبشرناه بِإسْحَاق نَبيا} قَالَ بَعضهم: الْبشَارَة الْمُطلقَة فِي الْخَيْر، وَلَا تكون فِي الشَّرّ إِلَّا بالتقييد؛ كَمَا أَن النذارة تكون على إِطْلَاق لَفظهَا فِي الشَّرّ والبشارة بِالْفَتْح: الْجمال والبشر، بِالْكَسْرِ: الطلاقة والبشير: المبشر وأبشر: فَرح، وَمِنْه: أبشر بِخَير الْبَيْت: هُوَ اسْم لمسقف وَاحِد لَهُ دهليز والمنزل: اسْم لما يشْتَمل على بيُوت وصحن مسقف ومطبخ يسكنهُ الرجل بعياله وَالدَّار: اسْم لما اشْتَمَل على بيُوت ومنازل وصحن غير مسقف (وَالدَّار دَار وَإِن زَالَت حوائطها ... وَالْبَيْت لَيْسَ بِبَيْت بَعْدَمَا انهدما) وَالْبَيْت يجمع على أَبْيَات وبيوت، لَكِن الْبيُوت بالمسكن أخص والأبيات بالشعر وَالْبَيْت: علم اتفاقي لهَذَا الْمَكَان الشريف وكل مَا كَانَ من مدر فَهُوَ بَيت، وَإِن كَانَ من كُرْسُف فَهُوَ سرداق، وَمن صوف أَو وبر فَهُوَ خباء، وَمن عيدَان فَهُوَ خيمة، وَمن جُلُود فَهُوَ طراف، وَمن حِجَارَة فَهُوَ أقبية والفسطاط: الْخَيْمَة الْعَظِيمَة فَكَانَ من الخباء والخانة: اسْم لكل مسكن، صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا أَعم من الدَّار والمنزل الَّذِي يشْتَمل على صحن مسقف وبيتين أَو ثَلَاثَة والحجرة: نَظِير الْبَيْت فَإِنَّهَا اسْم للقطعة من الأَرْض المحجورة بحائط، وَلذَلِك يُقَال لحظيرة الْإِبِل حجرَة والخان: مَكَان مبيت الْمُسَافِرين والحانة: بِالْمُهْمَلَةِ مَكَان التسوق فِي الْخمر، وَالنِّسْبَة حاني وحانوي والحانوت: مَكَان البيع وَالشِّرَاء والدكان: فَارسي مُعرب، كَمَا فِي " الصِّحَاح "، أَو عَرَبِيّ من: دكنت الْمَتَاع: إِذا نضدت بعضه فَوق

بعض، كَمَا فِي " المقاييس " والدير: خَان النَّصَارَى وَالْجمع أديار وَصَاحبه: ديار وديراني وَاسم الدَّار يتَنَاوَل الْعَرَصَة وَالْبناء جَمِيعًا، غير أَن الْعَرَصَة أصل وَالْبناء تبع فَصَارَ الْبناء صفة الْكَمَال، دلّ عَلَيْهِ أَن مرافق السُّكْنَى قد تحصل بالعرصة وَحدهَا بِدُونِ الْبناء، وَلَا ينعكس، وَكَذَا الْعَرَصَة مُمكن الْوُجُود بِدُونِ الْبناء وَالْبناء بِدُونِ الْعَرَصَة غير مُمكن الْوُجُود وَالْعَقار: بِالْفَتْح فِي الشَّرِيعَة هِيَ الْعَرَصَة، مَبْنِيَّة كَانَت أَو لَا، لِأَن الْبناء لَيْسَ من الْعقار فِي شَيْء؛ وَقيل: هُوَ مَا لَهُ أصل وقرار من دَار وضيعة وَفِي " الْعمادِيَّة ": الْعقار اسْم للعرصة المبنية، والضيعة: اسْم للعرصة لَا غير، وَيجوز إِطْلَاق اسْم الضَّيْعَة على الْعقار البيع: هُوَ رَغْبَة الْمَالِك عَمَّا فِي يَده إِلَى مَا فِي يَد غَيره وَفِي " الْمِصْبَاح ": أَصله مُبَادلَة مَال بِمَال يَقُولُونَ: (بيع رابح وَبيع خاسر) ؛ وَذَلِكَ حَقِيقَة فِي وصف الْأَعْيَان، لكنه أطلق على العقد مجَازًا لِأَنَّهُ سَبَب التَّمْلِيك والتملك وَقَوْلهمْ: (صَحَّ البيع) أَو (بَطل) وَنَحْو ذَلِك أَي: صِيغَة البيع، لَكِن لما حذف الْمُضَاف وأقيم الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وَهُوَ مُذَكّر أسْند الْفِعْل إِلَيْهِ بِلَفْظ التَّذْكِير وَبَاعَ: يتَعَدَّى إِلَى مفعولين، وَقد تدخل (من) على الْمَفْعُول الأول على وَجه التَّأْكِيد يُقَال: (بِعْت من زيد الدَّار) وَرُبمَا دخلت اللَّام مَكَان (من) فَيُقَال: (بِعْت لَك) وَهِي زَائِدَة وبعت الشَّيْء: إِذا بِعته من غَيْرك وبعته: اشْتَرَيْته وَيُقَال: بِعْتُك الشَّيْء وَبَاعَ عَلَيْهِ القَاضِي أَي من غير رضَا وابتاع زيد الدَّار: بِمَعْنى اشْتَرَاهَا وأبعته: عرضته للْبيع والباعة: جمع (بَائِع) كالحاكة والقافة وباعة الدَّار: ساحتها والباع: قدر مد الْيَدَيْنِ، والشرف، وَالْكَرم والبوع: مد الباع بالشَّيْء، وَبسط الْيَد بِالْمَالِ وَبيع الْعين بالاثمان الْمُطلقَة يُسمى باتا؛ وَالْعين بِالْعينِ مقايضة وَالدّين بِالْعينِ يُسمى سلما وَالدّين بِالدّينِ صرفا وبالنقصان من الثّمن الأول وضيعة وبالثمن الأول تَوْلِيَة وَنقد مَا ملكه بِالْعقدِ الأول بِالثّمن الأول مَعَ زِيَادَة ربح مُرَابحَة وَإِن لم يلْتَفت إِلَى الثّمن السَّابِق مساومة وَبيع الثَّمر على رَأس النّخل بِتَمْر مجذوذ مثل كيلة خرصا مزابنة وَبيع الْحِنْطَة فِي سنبلها بحنطة مثل كيلها خرصا محاقلة وَبيع الثِّمَار قبل أَن تَنْتَهِي مخاصرة وَالصَّحِيح من البيع مَا كَانَ مَشْرُوعا بِأَصْلِهِ وَوَصفه وَالْبَاطِل مَا لَا يكون كَذَلِك وَالْفَاسِد مَا كَانَ مَشْرُوعا بِأَصْلِهِ لَا بوصفه وَالْمَكْرُوه مَا كَانَ مَشْرُوعا بِأَصْلِهِ وَوَصفه، لَكِن جاوره شَيْء مَنْهِيّ عَنهُ وَالْمَوْقُوف: مَا يَصح بِأَصْلِهِ وَوَصفه، لَكِن يُفِيد الْملك على سَبِيل التَّوَقُّف، وَلَا يُفِيد تَمَامه لتَعلق حق الغيرية قَالُوا: الْعَمَل صَحِيح إِن وجد فِيهِ

الْأَركان والشروط وَالْوَصْف المرغوب فِيهِ؛ وَغير صَحِيح إِن وجد فِيهِ قبح؛ فَإِن كَانَ بِاعْتِبَار الأَصْل فَبَاطِل فِي الْعِبَادَات، كَالصَّلَاةِ بِدُونِ ركن أَو شَرط؛ وَفِي الْمُعَامَلَات كَبيع الْخمر؛ وَإِن كَانَ بِاعْتِبَار الْوَصْف ففاسد، كَتَرْكِ الْوَاجِب وكالربا؛ وَإِن كَانَ بِاعْتِبَار أَمر مجاور فمكروه، كَالصَّلَاةِ فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة وَالْبيع وَقت النداء وَالْبَاطِل وَالْفَاسِد عندنَا مُتَرَادِفَانِ فِي الْعِبَادَات؛ وَأما فِي نِكَاح الْمَحَارِم فَقيل بَاطِل، وَسقط الْحَد لشُبْهَة الِاشْتِبَاه؛ وَقيل فَاسد، وَسقط الْحَد لشُبْهَة العقد وَفِي البيع متباينان؛ وَكَذَا فِي الْإِجَازَة وَالصُّلْح وَالْكِتَابَة وَغَيرهَا فَليرْجع إِلَى مَحَله وَعند الشَّافِعِيَّة: هما مُتَرَادِفَانِ إِلَّا فِي الْكِتَابَة وَالْخلْع وَالْعَارِية وَالْوكَالَة وَالشَّرِكَة وَالْقَرْض؛ وَفِي الْعِبَادَات فِي الْحَج، ذكره السُّيُوطِيّ الْبناء، لُغَة: وضع شَيْء على شَيْء على صفة يُرَاد بهَا الثُّبُوت وَبنى يبْنى بِنَاء: فِي الْعمرَان وبنا يبنو بنيا: فِي الشّرف وَبنى فلَان على أَهله: زفها، فَإِنَّهُم إِذا تزوجوا ضربوا عَلَيْهَا خباء جَدِيدا وَبنى الدَّار وابتناها: بِمَعْنى وَهُوَ مبتني على كَذَا، على بِنَاء الْمَفْعُول: كالمرتبط يُقَال: (فلَان مُرْتَبِط بِكَذَا) على بِنَاء الْمَفْعُول، لِأَن (ارْتبط) ك (رابط) اتّفقت عَلَيْهِ أَئِمَّة اللُّغَة وَالْبناء فِي الِاصْطِلَاح على القَوْل بِأَنَّهُ لَفْظِي: مَا جِيءَ بِهِ لَا لبَيَان مُقْتَضى الْعَامِل من شبه الْإِعْرَاب، وَلَيْسَ حِكَايَة أَو اتبَاعا أَو نقلا أَو تخلصا من ساكنين؛ وعَلى القَوْل بِأَنَّهُ معنوي: هُوَ لُزُوم آخر الْكَلِمَة حَالَة وَاحِدَة من سُكُون أَو حَرَكَة لغير عَامل وَلَا اعتلال والأسباب الْمُوجبَة لبِنَاء الِاسْم: تضمن معنى الْحَرْف، ومشابهة الْحَرْف، والوقوع موقع الْفِعْل الْمَبْنِيّ فَكل شَيْء من الْأَسْمَاء فَإِنَّمَا سَبَب بنائِهِ مَا ذكر أَو رَاجع إِلَيْهِ وتنحصر المبنيات فِي سَبْعَة: اسْم كني بِهِ عَن اسْم وَهُوَ الْمُضمر وَاسم أُشير بِهِ إِلَى مُسَمّى وَفِيه معنى فعل، نَحْو: هَذَا وَهَذَانِ وَهَؤُلَاء وَاسم قَامَ مقَام حرف وَهُوَ الْمَوْصُول وَاسم سمي بِهِ فعل نَحْو: (صه) و (مَه) وشبههما والأصوات المحكية وظرف لم يتَمَكَّن وَاسم ركب مَعَ اسْم مثله والبنية بِالضَّمِّ عِنْد الْحُكَمَاء: عبارَة عَن الْجِسْم الْمركب من العناصر الْأَرْبَعَة على وَجه يحصل من تركبيها مزاج، وَهُوَ شَرط للحياة وَعند جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين: هِيَ عبارَة عَن مَجْمُوع جَوَاهِر فردة يقوم بهَا تأليف خَاص لَا يتَصَوَّر قيام الْحَيَاة بِأَقَلّ مِنْهَا والأشاعرة نفوا البنية بل جوزوا قيام الْحَيَاة بجوهر وَاحِد وَتجمع البنية على (بنى) بِالْكَسْرِ وَالضَّم وَقَوْلهمْ (بِنَاء على كَذَا) : نصب على أَنه مفعول لَهُ، أَو حَال، أَو مصدر لفعل مَحْذُوف فِي مَوضِع الْحَال، أَي: لأجل الْبناء: أَو بانيا، أَو يبْنى بِنَاء الْبَسِيط: هُوَ مَا لَا جُزْء لَهُ أصلا، أَو مَا لَيْسَ لَهُ أَجزَاء متخالفة الْمَاهِيّة، سَوَاء لم يكن لَهُ جُزْء أصلا، أَو كَانَ لَهُ أَجزَاء متفقة الْحَقِيقَة والبسيط إِمَّا عَقْلِي لَا يلتئم فِي الْعقل من أُمُور عدَّة

تَجْتَمِع فِيهِ، كالأجناس الْعَالِيَة والفصول البسيطة، وَإِمَّا خارجي لَا يلتئم من أُمُور كَذَلِك فِي الْخَارِج، كالمفارقات من الْعُقُول والنفوس والمركب أَيْضا إِمَّا عَقْلِي يلتئم من أُمُور تتمايز فِي الْعقل فَقَط كحيوان نَاطِق، وَإِمَّا خارجي يلتئم من أَجزَاء متمايزة فِي الْخَارِج كالبيت والبسيط الْحَقِيقِيّ: مَا لَا جُزْء لَهُ أصلا؛ والبسيط الإضافي: مَا هُوَ أقل جُزْءا والبسيط الْقَائِم بِنَفسِهِ: هُوَ الْبَارِي سُبْحَانَهُ، والبسيط الْقَائِم بِغَيْرِهِ كالنقطة؛ والمركب الْقَائِم بِغَيْرِهِ كالسواد والبسط: الزِّيَادَة فِي عدد حُرُوف الِاسْم وَالْفِعْل؛ وَلَعَلَّ أَكثر ذَلِك لإِقَامَة الْوَزْن وتسوية القوافي وَالْقَبْض: هُوَ النُّقْصَان من عدد الْحُرُوف كباب التَّرْخِيم فِي النداء وَغَيره والبسطة: الْفَضِيلَة؛ وَفِي الْعلم: التَّوَسُّع؛ وَفِي الْجِسْم: الطول والكمال؛ وَيضم فِي الْكل وَبسط يَده عَلَيْهِ: سلط {وَلَو بسط الله الرزق لِعِبَادِهِ} أَي: وَسعه و {كباسط كفيه إِلَى المَاء} أَي: للطلب {وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم} أَي: للأخذ {ويبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم} أَي: للصولة وَالضَّرْب وبسيط الْوَجْه: متهلل؛ وَالْيَدَيْنِ: سماح والبسيطة: هِيَ الأَرْض الْبُخْل: هُوَ نفس الْمَنْع وَالشح: الْحَالة النفسية الَّتِي تَقْتَضِي ذَلِك الْمَنْع و (بخل) : يعدى ب (عَن) وب (على) أَيْضا، لتَضَمّنه معنى الْإِمْسَاك والتعدي: فَإِنَّهُ إمْسَاك عَن مُسْتَحقّ وَالْبخل والحسد مشتركان فِي أَن صَاحبهمَا يُرِيد منع النِّعْمَة عَن الْغَيْر، ثمَّ يتَمَيَّز الْبَخِيل بِعَدَمِ دفع ذِي النِّعْمَة شَيْئا، والحاسد يتَمَنَّى أَن لَا يعْطى لأحد سواهُ شَيْئا وَالْبخل شُعْبَة من الْجُبْن، لِأَن الْجُبْن تألم الْقلب بتوقع مؤلم عَاجلا على وَجه يمنعهُ من إِقَامَة الْوَاجِب عقلا، وَهُوَ الْبُخْل فِي النَّفس والبخيل يَأْكُل وَلَا يُعْطي، واللئيم لَا يَأْكُل وَلَا يُعْطي البدء: بَدَأَ الشَّيْء وأبدأه: أنشأه واخترعه والبداءة: بِالْهَمْزَةِ، وَهُوَ الصَّوَاب [وبادي بدا: بِالْيَاءِ وَالْألف، مَعْنَاهُ مبتدئا بِهِ، فهما اسمان ركبا وَجعلا كاسم وَاحِد، وَأَصله بهمز الأول وَمد الثَّانِي، فقلبت الْهمزَة يَاء ثمَّ اسكنت كَمَا فِي (معد يكرب) وَحذف ألف (بداء) للتَّخْفِيف فقلبت الْهمزَة ألفا لانفتاح مَا قبلهَا؛ وَقيل معنى (بَادِي بدا) أَي: ظَاهرا، وَالْوَجْه هُوَ الأول لِأَنَّهُ جَاءَ مهموزا] وبدا لي فِي الْأَمر: أَي تغير رَأْيِي فِيهِ عَمَّا كَانَ، قَالَه التبريزي وَنَقله الزَّرْكَشِيّ عَن صَاحب " الْمُحكم " عَن سِيبَوَيْهٍ وبيد: ك (كَيفَ) : اسْم ملازم بِمَعْنى (على)

و (غير) ؛ وَعَلِيهِ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ بيد أَنهم أُوتُوا الْكتاب من قبلنَا " وَبِمَعْنى (من أجل) ؛ وَعَلِيهِ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " أَنا أفْصح من نطق بالضاد، بيد أَنِّي من قُرَيْش " وبيداء، بِالْمدِّ: فِي الأَصْل كَانَت صفة، من (باديبيد) بِمَعْنى هلك، ثمَّ غلب عَلَيْهَا الِاسْتِعْمَال فَصَارَت اسْما لنَفس الفلاة من غير مُلَاحظَة وصف، لَكِن روعي فِيهَا الأَصْل فَجمعت على (فعل) ؛ وَمِمَّا يدل على ذَلِك مَا ذكر بعض أهل اللُّغَة من أَن الْمَفَازَة هِيَ اسْم للبيداء، وَسميت بذلك تَسْمِيَة للشَّيْء باسم ضِدّه تفاؤلا، كَمَا سمي اللديغ سليما؛ (وَالْعرب تَقول: (افْعَل هَذَا بَادِي بدا) بياء وَألف، مَعْنَاهُ: أول كل شَيْء فهما اسمان ركبا ك (خَمْسَة عشر) وَأَصله بهمز الأول وَمد الثَّانِي، وَمَعْنَاهُ ظَاهرا من (بدا يَبْدُو) وَالْوَجْه هُوَ الأول، لِأَنَّهُ جَاءَ مهموزا وَالْمعْنَى مبتدئا بِهِ قبل كل شَيْء) والبدا فِي وصف الْبَارِي تَعَالَى محَال، لِأَن منشأه الْجَهْل بعواقب الْأُمُور، وَلَا يَبْدُو لَهُ تَعَالَى شَيْء كَانَ عَنهُ غَائِبا وَيَجِيء (بدا) بِمَعْنى أَرَادَ، كَمَا فِي حَدِيث الْأَقْرَع وَالْأَعْمَى والأبرص بدا الله، أَي: أَرَادَ والبذا، بِالْمُعْجَمَةِ: هُوَ التَّعْبِير عَن الْأُمُور المستقبحة بالعبارات الصَّرِيحَة، وَيجْرِي أَكثر ذَلِك فِي الوقاع والبدوية: بِالْجَزْمِ، مَنْسُوب إِلَى البدا بِمَعْنى البدو والبدو: الْبَسِيط من الأَرْض، يظْهر فِيهِ الشَّخْص من بعيد، وَالنِّسْبَة إِلَى الْبَادِيَة بَادِي الْبِدْعَة: هِيَ عمل عمل على غير مِثَال سبق وَفِي " الْقَامُوس ": هِيَ الْحَدث فِي الدّين بعد الْإِكْمَال أَو مَا استحدث بعد النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام من الْأَهْوَاء والأعمال قيل: هِيَ أَصْغَر من الْكفْر وأكبر من الْفسق وَفِي " الْمُحِيط الرضوي ": إِن كل بِدعَة تخَالف دَلِيلا يُوجب الْعلم وَالْعَمَل بِهِ فَهِيَ كفر؛ وكل بِدعَة تخَالف دَلِيلا يُوجب الْعَمَل ظَاهرا فَهِيَ ضَلَالَة وَلَيْسَت بِكفْر وَقد اعْتمد عَلَيْهِ عَامَّة أهل السّنة وَالْجَمَاعَة ومختار جُمْهُور أهل السّنة من الْفُقَهَاء والمتكلمين عدم إكفار أهل الْقبْلَة من المبتدعة والمؤولة فِي غير الضرورية، لكَون التَّأْوِيل شُبْهَة والواجبة من الْبِدْعَة: نظم أَدِلَّة الْمُتَكَلِّمين للرَّدّ على الْمَلَاحِدَة والمبتدعين والمندوبة مِنْهَا: كتب الْعلم وَبِنَاء الْمدَارِس وَنَحْو ذَلِك والمباحة مِنْهَا: الْبسط فِي ألوان الْأَطْعِمَة وَغير ذَلِك

والمبتدع فِي الشَّرْع: من خَالف أهل السّنة اعتقادا، كالشيعة قيل: حكمه فِي الدُّنْيَا الإهانة باللعن وَغَيره؛ وَفِي الْآخِرَة على مَا فِي الْكَلَام حكم الْفَاسِق، وعَلى مَا فِي الْفِقْه حكم بَعضهم حكم الْكَافِر، كمنكر الرُّؤْيَة وَالْمسح على الْخُفَّيْنِ وَغير ذَلِك والبدع، بِالْكَسْرِ والسكون بِمَعْنى البديع؛ نَظِيره: الْخُف بِمَعْنى الْخَفِيف الْبَاطِل: هُوَ أَن يفعل فعل يُرَاد بِهِ أَمر مَا، وَذَلِكَ الْأَمر لَا يكون من ذَلِك الْفِعْل وَهُوَ أَيْضا مَا أبطل الشَّرْع حسنه، كتزوج الْأَخَوَات وَالْمُنكر: مَا عرف قبحه عقلا، كالكفر وعقوق الْوَالِدين وَالْبَاطِل من الْأَعْيَان: مَا فَاتَ مَعْنَاهُ الْمَخْلُوق لَهُ من كل وَجه بِحَيْثُ لم يبْق إِلَّا صورته وَالْبَاطِل من الْكَلَام: مَا يلغى وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ لعدم الْفَائِدَة فِي سَمَاعه وخلوه من معنى يعْتد بِهِ، وَإِن لم يكن كذبا وَلَا فحشا البراعة: هِيَ كَمَال الْفضل، وَالسُّرُور وَحسن الفصاحة الْخَارِجَة عَن نظائرها وبرع الرجل: فاق أَصْحَابه وبراعة المطلع: أَن يكون الْبَيْت صَحِيح السبك، وَاضح الْمَعْنى، غير مُتَعَلق بِمَا بعده، سالما من الحشو وتعقيد الْكَلَام، سهل اللَّفْظ، متناسب الْقسمَيْنِ، بِحَيْثُ لَا يكون شطره الأول أَجْنَبِيّا من شطره الثَّانِي، مناسبا لمقْتَضى الْمقَام وَسَماهُ ابْن المعتز حسن الِابْتِدَاء؛ وفرعوا مِنْهُ براعة الاستهلال وَمَعْنَاهَا عِنْد أهل البلاغة أَن يذكر الْمُؤلف فِي طالعة كِتَابه مَا يشْعر بمقصوده، وَيُسمى بالإلماع وَأما براعة الْمطلب: فَهِيَ أَن يلوح الطَّالِب الطّلب بِأَلْفَاظ عذبة مهذبة منقحه مقترنة بتعظيم الممدوح، خَالِيَة من الإلحاح وَالتَّصْرِيح، بل تشعر بِمَا فِي النَّفس دون كشفه كَقَوْلِه: (وَفِي النَّفس حاجات وفيك فطانة ... سكوتي بَيَان عِنْدهَا وخطاب) الْبَعْث: الإثارة والإيقاظ من النّوم {من بعثنَا من مرقدنا} وإيجاد الْأَعْيَان والأجناس والأنواع عَن لَيْسَ يخْتَص بِهِ الْبَارِي والإحياء والنشر من الْقُبُور وإرسال الرُّسُل و (بعث فيهم) : جعله بَين أظهرهم وَبعث إِلَيْهِم: أرسل لدعوتهم، سَوَاء كَانَ فيهم أم لَا وَقد يسْتَعْمل كل مِنْهُمَا بِمَعْنى الآخر وَوصف الْبعْثَة لَا يَنْتَظِم فِي الْأَنْبِيَاء كلهم، بل هِيَ مَخْصُوصَة بالرسل) الْبَعْض: هُوَ طَائِفَة من الشَّيْء وَقيل: جُزْء مِنْهُ [كَمَا فِي قَوْلك: ضربت رَأس زيد] وَيجوز كَونه أعظم من بَقِيَّته، كالثمانية من الْعشْرَة وَالْبَعْض يتَجَزَّأ، والجزء لَا يتَجَزَّأ وَالْكل اسْم لجملة تركبت من أَجزَاء محصورة، وَالْبَعْض اسْم لكل جُزْء تركب الْكل مِنْهُ وَمن غَيره، لَيْسَ عينه وَلَا غَيره

واستحال هَذَا الْمَعْنى فِي صفة الله مَعَ ذَاته لِاسْتِحَالَة التركب، فَلم تكن بَعْضًا لَهُ لِاسْتِحَالَة حد البعضية، وَلَا غَيره لِاسْتِحَالَة حد الغيرية، وَلَا عينه لِاسْتِحَالَة حد العينية وَبِهَذَا تنْدَفع شُبْهَة الْخُصُوم فِي مَسْأَلَة الرُّؤْيَة، وَقد يزِيد الْبَعْض على الْكل فِي صُورَة (أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي) فَإِنَّهُ صَرِيح، بِخِلَاف (كأمي) فَإِنَّهُ كِنَايَة وَقيل: لَيْسَ ذَلِك من بَاب زِيَادَة الْبَعْض على الْكل، بل من زِيَادَة الْقَلِيل على الْكثير، كالقطرة من الْخمر إِذا وَقعت فِي دن خل لَا يجوز شربه فِي الْحَال، بِخِلَاف مَا إِذا وَقع كوز من الْخمر فِي دن خل حَيْثُ يجوز شربه، وَمن بَاب زِيَادَة الْبَعْض على الْكل مَسْأَلَة الْمِيزَاب؛ فَإِن الْخَارِج مِنْهُ إِذا وَقع على شخص فَقتله وَجَبت الدِّيَة بِتَمَامِهَا؛ وَإِن وَقع الْجَمِيع لم يجب إِلَّا النّصْف على الصَّحِيح (وَذكر بعض مَا لَا يتَجَزَّأ كذكر كُله، كَمَا فِي الطَّلَاق وَالْعَفو عَن الْقصاص، بِخِلَاف الْعتْق، لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يتَجَزَّأ عِنْد الإِمَام؛ وَأما عدم تجزؤ الْإِعْتَاق فَهُوَ بالِاتِّفَاقِ) وَقد يُطلق الْبَعْض على مَا هُوَ فَرد من الشَّيْء، كَمَا يُقَال: (زيد بعض الْإِنْسَان) وَقد يَجِيء الْبَعْض بالتعظيم، وَاسم الْجُزْء يُطلق على النّصْف؛ لَا يُقَال: الثُّلُثَانِ جُزْء من ثَلَاثَة، وَإِنَّمَا يُقَال: جزءان من ثَلَاثَة، فأقصى مَا يَقع عَلَيْهِ هَذَا الإسم النّصْف، وَلَا غَايَة لأَقل مَا يَقع عَلَيْهِ هَذَا الإسم وَلَفظ البعوض من الْبَعْض لصِغَر جِسْمه بِالْإِضَافَة إِلَى سَائِر الْحَيَوَانَات الْبَصْرَة: بِالْكَسْرِ: حِجَارَة رخوة فِيهَا بَيَاض؛ وَهُوَ مُعرب (بس رَاه) أَي: كثر الطّرق والبصري، بِالْكَسْرِ: مَنْسُوب إِلَى الْبَصْرَة، وبالفتح إِلَى الْبَصَر والبصريون: هم الْخَلِيل، وسيبويه، وَيُونُس، والأخفش وأتباعهم والكوفيون: هم الْمبرد، وَالْكسَائِيّ، وَالْفراء، وثعلب وأتباعهم (الْبَحْث: هُوَ طلب الشَّيْء تَحت التُّرَاب وَغَيره والفحص: طلب فِي بحث؛ وَكَذَا التفتيش والمحاولة: طلب الشَّيْء بالحيل والمزاولة: طلب الشَّيْء بالمعالجة وَبحث عَن الشَّيْء بحثا: استقصى طلبه. و [بحث] فِي الأَرْض: حفرهَا وَمِنْه: {فَبعث الله غرابا يبْحَث فِي الأَرْض} والبحث عرفا: إِثْبَات النِّسْبَة الإيجابية أَو السلبية من الْمُعَلل بالدلائل، وَطلب إِثْبَاتهَا من السَّائِل إِظْهَارًا للحق ونفيا للباطل وللبحث أَجزَاء ثَلَاثَة مرتبَة بَعْضهَا على بعض وَهِي: المبادئ والأواسط والمقاطع، وَهِي الْمُقدمَات الَّتِي تَنْتَهِي الْأَدِلَّة والحجج إِلَيْهَا من الضروريات وَالْمُسلمَات مثل الدّور والتسلسل) الْبَتّ: الْقطع يُقَال فِي قطع الْحَبل والوصل؛ ويقابله البتر؛ لكنه اسْتعْمل فِي قطع الذَّنب والبتك: يُقَارب الْبَتّ، لكنه اسْتعْمل فِي قطع الْأَعْضَاء وَالشعر [والبتل: الِانْقِطَاع]

وتبتل إِلَى الله وبتل: انْقَطع وأخلص {قل الله ثمَّ دِرْهَم} أَو ترك النِّكَاح وزهد فِيهِ، وَهَذَا مَحْظُور، لَا رَهْبَانِيَّة وَلَا تبتل فِي الْإِسْلَام والبتول: هِيَ المنقطعة عَن الرِّجَال وَمَرْيَم الْعَذْرَاء كبالتيل، وَفَاطِمَة بنت سيد الْمُرْسلين لانقطاعها عَن نسَاء زمانها وَنسَاء الْأمة فضلا ودينا وحسبا، وانقطاعها إِلَى الله تَعَالَى وَقَوْلهمْ أَلْبَتَّة: أَي أَبَت هَذَا القَوْل قِطْعَة وَاحِدَة لَيْسَ فِيهَا تردد، بِحَيْثُ أَجْزم مرّة وأرجع أُخْرَى ثمَّ أَجْزم فَيكون قطعتين أَو أَكثر، بل لَا يثنى فِيهِ النّظر وَهُوَ مصدر مَنْصُوب على المصدرية بِفعل مُقَدّر، أَي: (بت) بِمَعْنى (قطع) ثمَّ أَدخل الْألف وَاللَّام للْجِنْس، وَالتَّاء للْمُبَالَغَة، والمسموع قطع همزته على غير الْقيَاس، وَقل تنكيرها؛ وَحكم سِيبَوَيْهٍ فِي " كِتَابه " بِأَن اللَّام فِيهَا لَازِمَة البضاعة: هِيَ قِطْعَة وافرة من المَال تقتطع للتِّجَارَة وتدفع إِلَى آخر ليعْمَل فِيهَا بِشَرْط أَن يكون الرِّبْح للْمَالِك على وَجه التَّبَرُّع والبضع، بِالضَّمِّ: الْجِمَاع، أَو الْفرج نَفسه، وَالْمهْر، وَالطَّلَاق، وَعقد النِّكَاح، ضد وَبِمَعْنى المبضوع كَالْأَكْلِ نَحْو: {أكلهَا دَائِم} أَي: مأكولها وَهُوَ جملَة من اللَّحْم تبضع: أَي تقطع والبضع، بِالْفَتْح: مصدر (بضعت الشَّيْء) : إِذا قطعته وشققته؛ وَسمي فرج الْمَرْأَة بضعا لشق فِيهِ والبضع، بِالْكَسْرِ: المتقطع عَن الْعشْرَة، أَو مَا بَين الثَّلَاثَة وَالْعشرَة؛ وَإِذا جَاوَزت الْعشْرَة ذهب الْبضْع؛ فَلَا يُقَال: بعض وَعِشْرُونَ، لَكِن فِي " الْمغرب ": " فِي الْعدَد المنيف بضعَة عشر بِالْهَاءِ للمذكر، وبحذفها فِي الْمُؤَنَّث، كَمَا تَقول: ثَلَاثَة عشر رجلا وَثَلَاث عشرَة امْرَأَة؛ وَكَذَا بضعَة وَعِشْرُونَ رجلا وبضع وَعِشْرُونَ امْرَأَة الْبدن: بدن الرجل بدنا وبدانة: إِذا ضخم، وَأما إِذا أسن واسترخى فَيُقَال: بدن تبدينا والجسد يُقَال اعْتِبَارا باللون الْبَدنَة: مَا جعل فِي الْأَضْحَى للنحر وللنذر وَأَشْبَاه ذَلِك؛ وَإِذا كَانَت للنحر فعلى كل حَال هِيَ الْجَزُور الْبَرْق: هُوَ وَاحِد بروق السَّحَاب وبرق الْبَصَر: بِكَسْر الرَّاء: أَي شقّ؛ وَبِفَتْحِهَا: شخص؛ من البريق وَحَقِيقَة الْبَرْق نَار تحدث عِنْد اصطكاك أجرام الْهَوَاء، وَذَلِكَ أَكثر مَا يكون عِنْد انْتِقَال الزَّمَان من الْبرد إِلَى الْحر وَبِالْعَكْسِ فيصادف الْهَوَاء حارا وَبِالْعَكْسِ فَتحدث أصوات الرَّعْد من تِلْكَ الْأَصْوَات وَتَكون النيرَان لشدَّة الاصطكاك هَذَا على أصُول الْحُكَمَاء من أهل الْهَيْئَة وَأما السنيون فيسندون جَمِيع مَا ظهر من الْآثَار العلوية والسفلية إِلَى إِرَادَة الْفَاعِل الْمُخْتَار، وَيَقُولُونَ: الرَّعْد ملك أَو صَوت ملك يزْجر السَّحَاب إِلَى الْجِهَات الَّتِي يُرِيد الله سُبْحَانَهُ، والبرق سَوْطه وَاخْتلفُوا فِي مِقْدَار جرم ذَلِك الْملك بِمَا يتَوَقَّف نَقله على خبر صَحِيح البث: هُوَ إِظْهَار مَا كَانَ خفِيا عَن الحاسة، حَدِيثا كَانَ أَو هما أَو غَيرهمَا؛ والإيجاد والخلق، وَمِنْه:

{وَبث فِيهَا من كل دَابَّة} والفراش المبثوث: أَي المهيج بعد سكونه وَبث السُّلْطَان الْجند: نشرهم الْبَغي: طلب تجَاوز الاقتصاد فِيمَا يتحَرَّى؛ تَارَة يعْتَبر فِي الْقدر الَّذِي هُوَ الكمية، وَتارَة يعْتَبر فِي الْوَصْف الَّذِي هُوَ الْكَيْفِيَّة وَقَالَ بَعضهم: الْبَغي: الْحَسَد، وَقصد الاستعلاء، والترقي فِي الْفساد وبغى: بِمَعْنى طلب، مصدره: بغاء الضَّم [وبغت: بِمَعْنى فجرت، مصدره بغاء بِالْكَسْرِ {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء} ] [الْبَصَر: هُوَ إِدْرَاك الْعين، وَقد يُطلق مجَازًا على الْقُوَّة الباصرة، وَكَذَا فِي السّمع] وَالْبَصَر: قُوَّة مرتبَة فِي العصبتين المجوفتين اللَّتَيْنِ تتلاقيان فتفترقان إِلَى الْعَينَيْنِ من شَأْنهَا أَن تدْرك مَا ينطبع فِي الرُّطُوبَة الجامدية من أشباح صور الْأَجْسَام بتوسط المشف وَنَحْو: (كلمح الْبَصَر) : أَي الْجَارِحَة الناظرة {وَإِذا زاغت الْأَبْصَار} : أَي الْقُوَّة الَّتِي فِيهَا البصيرة: هِيَ قُوَّة فِي الْقلب تدْرك بهَا المعقولات وَقُوَّة الْقلب المدركة بَصِيرَة وبصر بِكَذَا: علم، وَعَلِيهِ: {فبصرك الْيَوْم حَدِيد} : أَي: علمك ومعرفتك بهَا قَوِيَّة البهيم: الْأسود الْخَالِص الَّذِي لم يشبه غَيره و" يحْشر النَّاس بهما "؛ بِالضَّمِّ، أَي لَيْسَ بهم شَيْء مِمَّا كَانَ فِي الدُّنْيَا نَحْو البرص وَالْعَرج، أَو عُرَاة الْبُسْتَان: الْجنَّة إِن كَانَ فِيهِ نخل والفردوس: إِن كَانَ فِيهِ كرم البخر: بِفتْحَتَيْنِ: نَتن الْفَم وَغَيره وَالْأول مُرَاد الْفُقَهَاء والذفر: كالبخر: شدَّة الرّيح، طيبَة أَو خبيثة، ومرادهم نَتن الْإِبِط الْبكاء: هُوَ يمد إِذا كَانَ الصَّوْت أغلب، وَيقصر إِذا كَانَ الْحزن أغلب وَقيل: هُوَ بِالْقصرِ خُرُوج الدمع فَقَط، وبالمد خُرُوج الدمع مَعَ الصَّوْت والمرء إِن تهَيَّأ للبكاء قيل أجهش، فَإِن امْتَلَأت عينه دموعا قيل: اغرورقت، فَإِن سَالَتْ قيل: دَمَعَتْ وهمعت، وَإِذا حكت دموعها الْمَطَر قيل: هَمت، وَإِن بَكَى بالصوت قيل: نحب، وَإِذا صَاح قيل: أعول الْبلُوغ: هُوَ مُنْتَهى الْمُرُور، وَمثله الْوُصُول، غير أَن فِي الْوُصُول معنى الإتصال، وَلَيْسَ كَذَلِك الْبلُوغ وَالْبُلُوغ بالحلم: قدر الشَّارِع الِاطِّلَاع بِهِ، إِذْ عِنْده يتم التجارب بتكامل القوى الجسمانية الَّتِي هِيَ مراكب القوى الْعَقْلِيَّة وَالْأَحْكَام علقت بِالْبُلُوغِ عَام الخَنْدَق، وَأما قبل ذَلِك فَكَانَت منوطة بالتمييز، بِدَلِيل إِسْلَام عَليّ رَضِي الله عَنهُ البطالة: بِالْكَسْرِ، الكسالة المؤدية إِلَى إهمال الْمُهِمَّات، جِيءَ على هَذَا الْوَزْن الْمُخْتَص بِمَا

يحْتَاج إِلَى المعالجة من الْأَفْعَال، بِحمْل النقيض على النقيض و [البطالة] : بِالْفَتْح: الشجَاعَة و [البطال] : بَين البطالة و [البطل] : بَين البطولة البرَاز: الْفَتْح، اسْم للفضاء الْوَاسِع، يكنى بِهِ عَن قَضَاء الْغَائِط، كَمَا يكنى عَنهُ بالخلاء و [البرَاز] : بِالْكَسْرِ، مصدر من المبارزة فِي الْحَرْب الْبَراء: بِالْفَتْح: أول لَيْلَة من الشَّهْر، وَسميت بذلك لتبري الْقَمَر من الشَّمْس البال: الْحَال والشأن وَالْقلب وَأمر ذُو بَال: أَي شرف يهتم بِهِ كَأَن الْأَمر لشرفه وعظمه قد ملك قلب صَاحبه لاشتغاله بِهِ البداهة: هِيَ الْمعرفَة الْحَاصِلَة ابْتِدَاء فِي النَّفس، لَا بسب الْفِكر كعلمك بِأَن الْوَاحِد نصف الِاثْنَيْنِ والبداهة فِي الْمعرفَة كالبديع فِي الْعقل والبديهي أخص من الضَّرُورِيّ، لِأَنَّهُ مَا لَا يتَوَقَّف حُصُوله على نظر وَكسب، سَوَاء احْتَاجَ لشَيْء آخر من نَحْو حدس أَو تجربة أَو لَا، كتصور الْحَرَارَة والبرودة، والتصديق بِأَن النَّفْي وَالْإِثْبَات لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يرتفعان والأوليات: هِيَ البديهيات بِعَينهَا، سميت بهَا لِأَن الذِّهْن يلْحق مَحْمُول الْقَضِيَّة بموضوعها أَولا، لَا بتوسط شَيْء آخر، وَأما الَّذِي يكون بتوسط شَيْء آخر فَذَاك الْمُتَوَسّط هُوَ الْمَحْمُول أَولا الْبركَة: النَّمَاء وَالزِّيَادَة، حسية كَانَت أَو معنوية، وَثُبُوت الْخَيْر الإلهي فِي الشَّيْء وداومه، ونسبتها إِلَى الله تَعَالَى على الْمَعْنى الثَّانِي وَقَالَ الله تَعَالَى: {لفتحنا عَلَيْهِم بَرَكَات من السَّمَاء وَالْأَرْض} سمي بذلك لثُبُوت الْخَيْر فِيهِ ثُبُوت المَاء فِي اليم وبركة المَاء، بِكَسْر أَوله وَسُكُون ثَانِيه، سميت بِهِ لإِقَامَة المَاء فِيهَا وَالْمبَارك: مَا فِيهِ ذَلِك الْخَيْر وعَلى ذَلِك: {وَهَذَا ذكر مبارك أَنزَلْنَاهُ} تَنْبِيها على مَا يفِيض عَنهُ من الْخيرَات الإلهية وَالْبركَة فِي حَدِيث: " تسحرُوا فَإِن فِي السّحُور بركَة " بِمَعْنى زِيَادَة الْقُوَّة على الصَّوْم؛ أَو الرُّخْصَة، لِأَنَّهُ لم يكن مُبَاحا فِي أول الْإِسْلَام، وَقيل: الزِّيَادَة فِي الْعُمر {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا} : أَي: نَفَّاعًا والتبريك: الدُّعَاء بهَا وَبَارك الله لَك وفيك وَعَلَيْك وباركك وَبَارك على مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: أَي أَدَم لَهُ مَا أَعْطيته من الشّرف والكرامة وَالْعرب تَقول للسَّائِل: بورك فِيك، يقصدون بذلك الرَّد عَلَيْهِ، لَا الدُّعَاء لَهُ الْبُرْهَان: الْحجَّة وَالدّلَالَة وَبرهن عَلَيْهِ: أَقَامَ الْبُرْهَان وأبره: أَتَى بالبرهان والعجائب وَغلب النَّاس

والبرهان هُوَ الَّذِي يَقْتَضِي الصدْق أبدا لَا محَالة وَفِي عرف الْأُصُولِيِّينَ: مَا فصل الْحق عَن الْبَاطِل وميز الصَّحِيح من الْفَاسِد بِالْبَيَانِ الَّذِي فِيهِ وَعند أهل الْمِيزَان: هُوَ قِيَاس مؤلف من مُقَدمَات قَطْعِيَّة منتج لنتيجة قَطْعِيَّة وَالْحَد الْأَوْسَط فِيهِ لَا بُد أَن يكون عِلّة لنسبة الْأَكْبَر إِلَى الْأَصْغَر، فَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك عِلّة لوُجُود النِّسْبَة فِي الْخَارِج فَهُوَ برهَان لمي، لِأَنَّهُ يُفِيد اللمية فِي الذِّهْن، وَهُوَ معنى إِعْطَاء السَّبَب فِي التَّصْدِيق، وَفِي الْخَارِج أَيْضا، وَهُوَ معنى إِعْطَاء الحكم فِي الْوُجُود الْخَارِجِي وَإِن لم يكن كَذَلِك بِأَن لَا يكون عِلّة للنسبة إِلَّا فِي الذِّهْن فَهُوَ برهَان إِنِّي، لِأَنَّهُ يُفِيد إنية الحكم فِي الْخَارِج دون لميته، وَإِن أَفَادَ لمية التَّصْدِيق فبرهان الموازاة يسْتَعْمل فِي إِثْبَات تناهي الأبعاد؛ وبرهان السَّلب مَشْهُور فِي منع عدم تناهي الْأَجْسَام الْبَاب: هُوَ فِي الأَصْل مدْخل، ثمَّ سمي بِهِ مَا يتَوَصَّل إِلَى شَيْء وَفِي الْعرف: طَائِفَة من الْأَلْفَاظ الدَّالَّة على مسَائِل من جنس وَاحِد وَقد يُسمى بِهِ مَا دلّ على مسَائِل من صنف وَاحِد البادرة: هِيَ النُّكْتَة الَّتِي يُبَادر بهَا الْإِنْسَان لحسنها؛ وَمِنْه سمي الْقَمَر لَيْلَة كَمَاله بَدْرًا لمبادرته والنادرة: هِيَ النُّكْتَة الغريبة الَّتِي لَا يَأْتِي بهَا الْأَولونَ والبادرة أَيْضا: مَا يَبْدُو من حدتك فِي الْغَضَب من قَول أَو فعل الْبُؤْس: هُوَ والبأس الشدَّة، وَالْقُوَّة، وَالضَّرَر، والمكروب، لَكِن الْبُؤْس فِي الْفقر وَالْحَرب أَكثر، والبأس والبأساء فِي الشكاية والتنكيل أَكثر والبأساء وَالضَّرَّاء: صيغتا تَأْنِيث لَا مُذَكّر لَهما البزاق: هُوَ للْإنْسَان، واللعاب للصَّبِيّ، واللغام للبعير، والرؤال للدابة والبصاق والبساق أَيْضا: مَاء الْفَم كبالزاق إِذا خرج مِنْهُ، وَمَا دَامَ فِيهِ فَهُوَ ريق الْبعد: هُوَ أقصر الخطوط الْوَاصِلَة بَين الشَّيْئَيْنِ البرهة: بِالْفَتْح وَالضَّم: الزَّمَان الطَّوِيل، أَو أَعم؛ وَأكْثر اسْتِعْمَالهَا فِي الزَّمَان الطَّوِيل الْبَز: هُوَ الثِّيَاب أَو مَتَاع الْبَيْت من الثِّيَاب وَنَحْوهَا، بَائِعه: الْبَزَّاز، وحرفته: البزازة وَالْبزَّة: بِالْكَسْرِ: الْهَيْئَة البصم، بِالضَّمِّ: اسْم فُرْجَة بَين الْخِنْصر والبنصر والعتب: اسْم فُرْجَة بَين البنصر وَالْوُسْطَى والرتب: اسْم فُرْجَة بَين الْوُسْطَى والسبابة والفتر: اسْم مَا بَين السبابَة والإبهام والشبر: يجمعها والفوت: اسْم فُرْجَة مَا بَين كل اصبعين طولا البرزخ: الْحَائِل بَين شَيْئَيْنِ، ويعبر بِهِ عَن عَالم الْمِثَال، أَعنِي الحاجز بَين الأجساد الكثيفة وعالم الْأَرْوَاح الْمُجَرَّدَة، أَعنِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة البعل: النّخل الَّذِي يشرب بعروقه من الأَرْض، وَلَا يُسمى الرجل بعلا حَتَّى يدْخل بِامْرَأَة، وَهُوَ زوج على كل حَال الْبلَاء: أَصله الاختبار {وَفِي ذَلِكُم بلَاء} : أَي محنة إِن أُشير إِلَى

صنيعهم، أَو نعْمَة إِن أُشير إِلَى الإنجاء وَفعل الْبلوى: يتَعَدَّى إِلَى مفعول وَاحِد بِنَفسِهِ، وَإِنَّمَا يتَعَدَّى إِلَى الثَّانِي بِوَاسِطَة الْبَاء والبلية: النَّاقة الَّتِي تحبس عِنْد قبر صَاحبهَا لَا تسقى وَلَا تعلف إِلَى أَن تَمُوت، كَمَا هِيَ عَادَة الْجَاهِلِيَّة، زعما مِنْهُم أَن صَاحبهَا يحْشر عَلَيْهَا البطريق: ككبريت: الْقَائِد من قواد الرّوم تَحت يَده عشرَة آلَاف رجل، ثمَّ الطرخان: وَهُوَ على خَمْسَة آلَاف ثمَّ القومس: على مئتين وجاثليق، بِفَتْح الْمُثَلَّثَة: هُوَ رَئِيس لِلنَّصَارَى فِي بِلَاد الْإِسْلَام، وَيكون تَحت يَد بطرِيق أنطاكية ثمَّ المطران: وَهُوَ تَحت يَده ثمَّ الأسقف: يكون فِي كل بلد من تَحت يَد المطران ثمَّ القسيس ثمَّ الشماس البلادة: هِيَ فتور الطَّبْع، من الابتهاج إِلَى المحاسن الْعَقْلِيَّة الْبرد: النّوم وَمِنْه: {لَا يذوقون فِيهَا بردا} ؛ [أَي نوما] و [الْبرد] ، بِالتَّحْرِيكِ: حب الْغَمَام و [الْبرد] ، بِالضَّمِّ: جمع بردة، وَهِي من الصُّوف كسَاء أسود يلْبسهُ الْأَعْرَاب [وَالْبرد: بِالضَّمِّ والتسكين جمع بريد، والبريد: ميلان] وَأَقل سفر يقصر فِيهِ سِتَّة برد عِنْد أبي حنيفَة وَهُوَ أثنا عشر ميلًا الْبِنْت: مَعْرُوف: وَفِي مَعْنَاهَا: كل انثى رَجَعَ نَسَبهَا إِلَيْك بِالْولادَةِ بِدَرَجَة أَو دَرَجَات بإناث أَو ذُكُور؛ وَيجمع على (بَنَات) ، خلاف (أُخْت) ، لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يرد محذوفة البارحة: هِيَ أقرب لَيْلَة مَضَت وبرحى: كلمة تقال عِنْد الْخَطَأ فِي الرَّمْي ومرحى: عِنْد الْإِصَابَة البدال: الْبَقَّال [البلبل] : طير مَعْرُوف] والبلبلة: هِيَ الإبريق مَا دَامَ فِيهِ الْخمر بَات: بِمَعْنى (عرس) لقَوْل عمر رَضِي الله عَنهُ: " أما رَسُول الله فقد بَات بمنى " أَي: عرس بهَا وَقد يكون بِمَعْنى (نزل) يُقَال: (بَات بالقوم) : إِذا نزل بهم لَيْلًا؛ وَيُقَال: (باتت الْعَرُوس بليلة حرَّة) : إِذا لم يقتضها و (باتت بليلة شيباء) : إِذا افتضها بَاء: انْصَرف؛ وَلَا يُقَال إِلَّا بشر وَقَالَ الْكسَائي: " لَا يكون (بَاء) إِلَّا بِشَيْء إِمَّا بِخَير وَإِمَّا بشر " وَلَا يكون لمُطلق الِانْصِرَاف و {باؤوا بغضب من الله} : استوجبوا وَيُقَال: (بَاء بِكَذَا) : إِذا أقرّ بِهِ بِأبي أَنْت وَأمي: الْبَاء فِيهِ مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف؛ أَي:

أَنْت مفدى بِأبي، أَو فديتك بِأبي بدل كَذَا: نصب على الْحَال، أَي: مبدلا مِنْهُ بِهِ بِهِ: كلمة تقال عِنْد استعظام الشَّيْء؛ وَمَعْنَاهُ: بخ بخ بله؛ ك (كَيفَ) : اسْم ل (دع) ؛ ومصدر بِمَعْنى التّرْك؛ وَاسم مرادف ل (كَيفَ) ؛ وَمَا بعْدهَا مَنْصُوب على الأول، مخفوض على الثَّانِي، مَرْفُوع على الثَّالِث؛ وَفتحهَا بِنَاء على الأول وَالثَّالِث، إِعْرَاب على الثَّانِي و (من بله مَا اطلعتم عَلَيْهِ) : اسْتعْملت فِيهِ معربة مجرورة ب (من) ، خَارِجَة عَن الْمعَانِي الثَّلَاثَة، وفسرت ب (غير) ، وَهُوَ مُوَافق لقَوْل من يعدها من أَلْفَاظ الِاسْتِثْنَاء [نوع] {بديع السَّمَاوَات وَالْأَرْض} : عديم النظير فيهمَا البث: النشر والتفريق {أَدْعُو إِلَى الله على بَصِيرَة} : أَي على يَقِين و {على نَفسه بَصِيرَة} : أَي جوارحه تشهد عَلَيْهِ بِعَمَلِهِ {بطانة من دونكم} : أَي دخلاء من غَيْركُمْ؛ وبطانة الرجل: دخلاؤه؛ ودخلاؤه: أهل سره مِمَّن يسكن إِلَيْهِ ويثق بمودته {بَرَاءَة} : خُرُوج من الشَّيْء ومفارقة لَهُ {بوأكم} : أنزلكم بؤس: فقر وَسُوء حَال {جَاءَ بكم من البدو} : خلاف الْحَضَر {بغي} : ترفع وَعلا وَجَاوَزَ الْمِقْدَار {وبعولتهن} : أَي أَزوَاج المطلقات {مَا كنت بدعا من الرُّسُل} : أَي مبتدعا لم يتقدمني رَسُول، أَو مبدعا فِيمَا أقوله {غير بَاغ} : أَي غير طَالب مَا لَيْسَ لَهُ طلبه، أَو غير متناول للذة، أَو غير بَاغ على إِمَام {وَلَا عَاد} : وَلَا متجاوز فِيمَا رسم لَهُ، أَو سد الجوعة، أَو فِي الْمعْصِيَة. {وَبيع} : بيع النَّصَارَى {باسطو أَيْديهم} : الْبسط: الضَّرْب {بنان} : أَطْرَاف الْأَصَابِع {بازغا} : مبتدئا فِي الطُّلُوع {الْبَاقِيَات الصَّالِحَات} : ذكر الله

{بهيج} : حسن عَجِيب {بورك} : قدس {بدارا} : مبادرة، وَهِي المسارعة {باسقات} : طوال {برزخ} : حاجز {بسطة} : شدَّة {بست} : فتتت {بورا} : هلكى {بصائر للنَّاس} : عِبْرَة لَهُم {ببدنك} : بدرعك {باءوا} : استوجبوا {بئيس} : شَدِيد {بغيا} : حسدا، بلغَة تَمِيم {الْبر} : مَا أمرت بِهِ {وَالتَّقوى} : مَا نيهت عَنهُ {على مَرْيَم بهتانا} : يَعْنِي الزِّنَا {باخع} : قَاتل {على الْبغاء} : الزِّنَا {بيض مَكْنُون} : رقتهن كرقة الْجلْدَة الَّتِي فِي دَاخل الْبَيْضَة الَّتِي تلِي القشرة {بأسنا} : عذابنا {فباءوا} : رجعُوا {بَيت طَائِفَة مِنْهُم} : زورت خلاف مَا قلت لَهَا، أَو قَالَت لَك {لبلاغا} : لكفاية {بوأنا لإِبْرَاهِيم مَكَان الْبَيْت} : عَيناهُ وَجَعَلنَا لَهُ مباءة {بَغْتَة} : فَجْأَة {بَارك فِيهَا} : أَكثر خَيرهَا {بطشا} : قُوَّة {بياتا} : وَقت بيات واشتغال بِالنَّوْمِ {بررة} : أتقياء {بعثرت} : قلب ترابها وَأخرج موتاها {وُجُوه يَوْمئِذٍ باسرة} : شَدِيدَة العبوس

فصل التاء

{برق الْبَصَر} : تحير فَزعًا {برزت الْجَحِيم} : أظهرت {بحيرة} : هِيَ النَّاقة الَّتِي إِذا انتجت خَمْسَة أبطن، نظرُوا إِلَى الْخَامِس، فَإِن كَانَ ذكرا ذبحوه فَأَكله الرِّجَال دون النِّسَاء، وَإِن كَانَت إنثى جدعوا آذانها هَكَذَا فِي الْجَاهِلِيَّة {الباد} : من أهل البدو {بلَاء} : نعْمَة وَاخْتِيَار ومكروه {باشروهن} : جامعوهن {بَيْنكُم} : وصلكم {شَرّ الْبَريَّة} : أَي الْخَلِيفَة {وَلما برزوا} : أَي ظَهَرُوا ودنوا {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} : عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسلم أَو يرى لَهُ فَهِيَ بشراه فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا، وبشراه فِي الْآخِرَة الْجنَّة {بَالِغَة} : متناهية {من بَاقِيَة} : من بَقِيَّة، أَو نفس بَاقِيَة، أَو بَقَاء {لمن دخل بَيْتِي} : منزلي أَو مَسْجِدي أَو سفينتي {حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة} : الرَّسُول أَو الْقُرْآن {والبلد الطّيب} : الأَرْض الْكَرِيمَة التربة {فَمَا بلغت رسَالَته} : فَمَا أدّيت شَيْئا مِنْهَا أَن لم تبلغ جَمِيع مَا أمرت بِهِ مِمَّا يتَعَلَّق بِهِ مصَالح الْعباد وَقصد اطلاعهم عَلَيْهِ {بِبَابِل} : هُوَ بلد من سَواد الْكُوفَة {على أَن نسوي بنانه} : نجمع سلامياته ونضم بَعْضهَا إِلَى بعض {بكة} : مَكَان الْبَيْت الشريف؛ وَمَكَّة: سَائِر الْبَلَد، سميت بطن مَكَّة بكة لأَنهم يتبكون فِيهَا أَي يزدحمون؛ وَسميت مَكَّة لاجتذابها النَّاس من كل أفق، من (أمتك الفصيل مَا فِي ضرع النَّاقة) : أَي استقصى فَلم يدع مِنْهُ شَيْئا) (فصل التَّاء) [التَّسْبِيح] : كل تَسْبِيح فِي الْقُرْآن فَهُوَ الصَّلَاة والتزكي: الْإِسْلَام [التَّهْلُكَة] : كل شَيْء تصير عاقبته إِلَى الْهَلَاك فَهُوَ تهلكة [تُسنم] : كل شَيْء علا فقد تُسنم

[التباشير] : تباشير كل شَيْء أَوَائِله [التفعال] : كل مَا ورد عَن الْعَرَب من المصادر على (تفعال) فَهُوَ بِالْفَتْح ك (التّكْرَار) و (الترداد) ، إِلَّا لفظين هما (تبيان) و (تِلْقَاء) [بِالْكَسْرِ شَاذ] وَمَا عدا ذَلِك من أَسمَاء الْأَجْنَاس نَحْو: (بتمثال) و (تمساح) و (تقصار) [فَهُوَ بِالْكَسْرِ] التَّاء: هِيَ تَجِيء لمعان كلهَا رَاجع إِلَى التَّأْنِيث وتاء الْجمع، وَإِن لم تكن لمحض التَّأْنِيث على مَا هُوَ الْمُعْتَبر فِي منع الصّرْف، لَكِنَّهَا للتأنيث فِي الْجُمْلَة وَدخُول التَّاء التَّأْنِيث فِي الْجمع إِمَّا للدلالة على النِّسْبَة ك (مهالبة) أَو على العجمة ك (جواربه) و (موازجة) وَتَكون عوضا عَن حرف مَحْذُوف كَمَا فِي (العبادلة) و (الزَّنَادِقَة) وَإِذا كَانَت علما للمذكر الْعَاقِل فَلَا يعْتَبر تأنيثه فِي غير منع الصّرْف فَيرجع إِلَيْهِ ضمير الْمُذكر تَقول: (طَلْحَة قَائِم أَبوهُ) وَأما إِذا كَانَت علما لغيره فَيعْتَبر تأنيثه وَتَكون للنَّقْل من الوصيفة إِلَى الإسمية، كَمَا فِي (الْحَقِيقَة) ؛ فَإِن اللَّفْظ إِذا صَار اسْما لغَلَبَة الِاسْتِعْمَال بعد مَا كَانَ وَصفا، كَانَ اسميته فرعا لوصفيته، فَيُشبه الْمُؤَنَّث لِأَن الْمُؤَنَّث فرع الْمُذكر، فتجعل التَّاء عَلامَة للفرعية وَتَكون لتمييز الْوَاحِد من الْجِنْس نَحْو: (التمرة) ؛ وَمن الْجمع نَحْو: (التُّخمَة) ولتأكيد الصّفة وَالْمُبَالغَة نَحْو: (عَلامَة) ولتأكيد الْجمع نَحْو: (مَلَائِكَة) وَتَكون فِي أول الْكَلِمَة للقسم، وَهِي للمخاطب فِي الْفِعْل الْمُسْتَقْبل، وللتأنيث أَيْضا؛ وَفِي آخر الْكَلِمَة إِمَّا زَائِدَة للتأنيث فَتَصِير فِي الْوَقْف هَاء نَحْو: (قَائِمَة) أَو ثَابِتَة فِي الْوَقْف والوصل نَحْو: (أُخْت) و (بنت) أَو تكون للْجمع مَعَ الْألف نَحْو: (مسلمات) وَتَكون فِي آخر الْفِعْل الْمَاضِي لضمير الْمخبر مَضْمُومَة، وللمخاطب مَفْتُوحَة، ولضمير المخاطبة مَكْسُورَة وتاء الْوحدَة: إِذا دخلت على ذَات الْأَفْرَاد يُرَاد فَرد مِنْهَا؛ وَإِذا دخلت على ذَات الْأَجْزَاء يُرَاد بعض مِنْهَا وتاء التَّأْنِيث إِنَّمَا تكون فِي الْعَرَبِيّ لَا فِي اسْم اعجمي ك (التَّوْرَاة) وتحذف التَّاء فِي الخماسي على (فعائل) ك (عناكب) وَالتَّاء فِي مثل: (الْمعرفَة) و (النكرَة) و (الصّفة) و (الرسَالَة) و (الْمُقدمَة) من نفس الْكَلِمَة وَالْوَقْف عَلَيْهَا، وَكَونهَا صفة للمؤنث بِاعْتِبَار وجود التَّاء وَقد يعبر عَن التَّاء فِي مثل (الْخَلِيفَة) بِالْهَاءِ لكَونهَا فِي صُورَة الْهَاء خطا، وَتصير فِي الْوَقْف هَاء وتاء التَّأْنِيث المتحركة مُخْتَصَّة بِالِاسْمِ، والساكنة تلْحق الْفِعْل الْمَاضِي قَالَ سِيبَوَيْهٍ: تَاء التَّأْنِيث تدخل على المصادر الْمُجَرَّدَة وَذَوَات الزَّوَائِد دُخُولا مضطردا فَهِيَ تدل على الْمرة الْوَاحِدَة وَيكون مَا قبل تَاء التَّأْنِيث مَفْتُوحًا كالميم فِي

(فَاطِمَة) وَالرَّاء فِي (شَجَرَة) ، إِلَّا أَن يكون ألفا ك (قطاة) و (قناة) ؛ وَلما كَانَ مَا قبل التَّاء فِي (بنت) و (أُخْت) سَاكِنا وَلَيْسَ بِأَلف دلّ على أَن التَّاء فيهمَا أَصْلِيَّة وَالتَّاء تكْتب طَويلا فِي الجموع وقصيرا فِي الْمُفْردَات؛ هَذَا فِي الْأَسْمَاء، وَأما فِي الْأَفْعَال فَلَا تكْتب إِلَّا طَويلا التَّعْلِيق: هُوَ مَأْخُوذ من قَوْلهم: (امْرَأَة معلقَة) أَي: مفقودة الزَّوْج، فَتكون كالشيء الْمُعَلق، لَا مَعَ الزَّوْج لفقدانه، وَلَا بِلَا زوج لتجويزها وجوده فَلَا تقدر على التَّزَوُّج وَالتَّعْلِيق: ربط حُصُول مَضْمُون جملَة بِحُصُول مَضْمُون جملَة أُخْرَى وَالشّرط: تَعْلِيق حُصُول مَضْمُون جملَة بِحُصُول مَضْمُون جملَة أُخْرَى وَشرط صِحَة التَّعْلِيق كَون الشَّرْط مَعْدُوما على خطر الْوُجُود؛ فالتعليق بكائن تَنْجِيز، وبالمستحيل بَاطِل [ووظيفة التَّعْلِيق هِيَ أَن يكون الشَّيْء الَّذِي سيوجد بَدَلا عَن ضِدّه، لَا أَن يكون المُرَاد حَال اجتماعه مَعَ ضِدّه، كَقَوْلِك: (إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق) مَعْنَاهُ: إِن باشرت الدُّخُول بَدَلا عَن الْخُرُوج، كَقَوْلِك: إِن باشرت الدُّخُول حَالَة الْخُرُوج، وَكَذَا فِي كل تَعْلِيق] وَالتَّعْلِيق النَّحْوِيّ: هُوَ أَن تقع الْجُمْلَة موقع المفعولين مَعًا وَأما التَّعْلِيق عَن أحد المفعولين فَفِيهِ خلاف؛ وَفِي الرضي: إِذا صدر الْمَفْعُول الثَّانِي بِكَلِمَة الِاسْتِفْهَام فَالْأولى أَن يعلق فعل الْقلب عَنهُ دون الْمَفْعُول الأول نَحْو: (علمت زيدا من هُوَ) وَجوز بَعضهم تَعْلِيقه عَن المفعولين، لِأَن معنى الِاسْتِفْهَام يعم الْجُمْلَة الَّتِي بعد (علمت) كَأَنَّهُ قيل: (علمت من زيد) وَلَيْسَ بِقَوي وَالتَّعْلِيق: إبِْطَال عمل الْعَامِل لفظا لَا تَقْديرا على سَبِيل الْوُجُوب والإلغاء: إبِْطَال ذَلِك لفظا وتقديرا على سَبِيل الْجَوَاز؛ وإلغاء الْعَمَل بِالتَّعْلِيقِ لَا يكون إِلَّا فِي أَفعَال الْقُلُوب وَأما قَوْله تَعَالَى: {ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا} فَالْقِيَاس: (أَيّكُم) بِفَتْح الْيَاء، وَإِنَّمَا علق فعل الْبلوى لما فِيهِ من معنى الْعلم من حَيْثُ إِنَّه طَرِيق إِلَيْهِ، كالنظر وَالِاسْتِمَاع، فَإِنَّهُمَا طَرِيقَانِ إِلَى الْعلم فتقدير الْكَلَام: (ليَبْلُوكُمْ فَيعلم أَيّكُم أحسن عملا) فَوجدَ شَرط التَّعْلِيق، وَهُوَ عدم ذكر شَيْء من مفعوليه قبل الْجُمْلَة والإلغاء لَا يجوز إِلَّا بِشَرْط التَّوَسُّط وَالتَّأْخِير وَأَن لَا يتَعَدَّى إِلَى مصدره، وَأَن يكون قلبيا، وَالتَّعْلِيق يكون فِي ذَلِك وَفِي أشباهه وَالتَّعْلِيق يكون مَعَ لَام الِابْتِدَاء نَحْو: (علمت لزيد قَائِم) وَمَعَ (مَا) النافية نَحْو (علمت مَا زيد ذَاهِب) وَمَعَ الِاسْتِفْهَام سَوَاء كَانَ مَعَ الْهمزَة أَو أَسمَاء الِاسْتِفْهَام نَحْو: (علمت أَزِيد أفضل أم عَمْرو) والإلغاء فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى مثل (لَا) فِي {لِئَلَّا يعلم أهل الْكتاب} ؛ وَفِي اللَّفْظ دون الْمَعْنى نَحْو: (كَانَ) فِي (مَا كَانَ أحسن زيدا) ؛ وَفِي الْمَعْنى دون اللَّفْظ، وَذَلِكَ حُرُوف الْجَرّ الزَّوَائِد نَحْو: {كفى بِاللَّه شَهِيدا}

وَالْفِعْل الْمُعَلق مَمْنُوع من الْعَمَل لفظا عَامل معنى وتقديرا، لِأَن معنى (علمت لزيد قَائِم) علمت قيام زيد، كَمَا كَانَ كَذَلِك عِنْد انتصاب الجزأين التكوين: هُوَ صفة يَتَأَتَّى بهَا إِيجَاد كل مُمكن وإعدامه على وفْق الْإِرَادَة وَالْقُدْرَة: صفة يَتَأَتَّى بهَا كَون الْجَائِز مُمكن الْوُجُود من الْفَاعِل والتكوين: من صِفَات الْمعَانِي، لِأَن الله تَعَالَى وصف ذَاته فِي كَلَامه الأزلي بِأَنَّهُ خَالق، فَلَو لم يكن فِي الْأَزَل خَالِقًا لزم الْكَذِب أَو الْعُدُول إِلَى الْمجَاز من غير تعذر الْحَقِيقَة هَذَا عِنْد الماتريدية فعلى هَذَا: المكون مفعول، وَأَنه حَادث بإحداث الله لوقت وجوده [وَلَا يلْزم الْعَبَث فِي أزلية الْإِخْبَار لِأَن إِخْبَار الله وَاجِب الْبَقَاء فَيبقى إِلَى وجود المخاطبين، بِخِلَاف كَلَام الْعباد فانه عرض لَا بَقَاء لَهُ] وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ من الْمُتَكَلِّمين: إِن الصّفة الْمُسَمَّاة بالتكوين والتخليق لَو كَانَت مُؤثرَة فِي وُقُوع الْمَخْلُوق فَذَلِك التَّأْثِير فِيهِ إِمَّا على سَبِيل الصِّحَّة، وَهُوَ الْمُسَمّى عندنَا بِالْقُدْرَةِ، فَالْخِلَاف لَفْظِي، أَو على سَبِيل اللُّزُوم وَالْوُجُوب، وَهُوَ قَول الفلاسفة، ونقيض القَوْل لكَونه قَادِرًا، بل التكوين من الإضافات والاعتبارات الْعَقْلِيَّة، مثل كَونه تَعَالَى قبل كل شَيْء وَمَعَهُ وَبعده ومذكورا بألسنتنا ومعبودا لنا ومحييا ومميتا وَنَحْو ذَلِك وَالْحَاصِل فِي الْأَزَل هُوَ مبدأ التخليق والترزيق والإحياء والإماتة وَنَحْوهَا فالتكوين عِنْدهم عين المكون، فَيكون الْإِيجَاب عين الْوَاجِب، وَالْحكم عين الْمَحْكُوم، والإحداث عين الْمُحدث، وَلَا دَلِيل على كَونه صفة أُخْرَى سوى الْقُدْرَة والإرادة [وَهَذَا الْخلاف بَين الأشاعرة والماتريدية مَبْنِيّ على الْخلاف فِي أَن الِاسْم هَل هُوَ مُشْتَرك بَين الدَّال والمدلول كَمَا هُوَ عِنْد جُمْهُور الماتريدية أم لَا كَمَا هُوَ عِنْد الْأَشْعَرِيّ وَجُمْهُور أَصْحَابه وَثَمَرَة الْخلاف تظهر فِي أَن مَدْلُول جَمِيع الْأَسْمَاء الإلهية من الصِّفَات السلبيات والإضافيات وَالصِّفَات الثبوتيات والمتشابهات ثَابت الاتصاف فِي الْأَزَل وَفِيمَا لَا يزَال عندنَا، فَيكون من قبيل إِطْلَاق الْمُشْتَقّ على الشَّيْء من غير أَن يكون مَأْخَذ الِاشْتِقَاق وصف قَائِما بِذَاتِهِ تَعَالَى وَأما عِنْد جُمْهُور الأشاعرة فمدلول الِاسْم الْمُشْتَقّ من صفة أزلية كالقادر والعالم أزلي، ومدلول الِاسْم الْمُشْتَقّ من الْفِعْل لَيْسَ بأزلي، سَوَاء كَانَ مشتقا من فعله تَعَالَى كالخالق والرازق لعدم أزلية صِفَات الْأَفْعَال عِنْدهم، أَو كَانَ مشتقا من فعل غَيره كالمعبود والمشكور، فالقسمان ليسَا بأزليين عِنْدهم فعلى هَذَا يكون من قبيل إِطْلَاق مَا بِالْقُوَّةِ على مَا بِالْفِعْلِ وَفِي " التَّعْدِيل " صِفَات الْأَفْعَال لَيست نفس الْأَفْعَال بل منشؤها، فالصفات قديمَة وَالْأَفْعَال حَادِثَة] والماتريدية لما أثبتوا التكوين سوى الْقُدْرَة غايروا بَين أثريهما، فأثر الْقُدْرَة صِحَة وجود الْمَقْدُور من الْقَادِر، وَأثر التكوين هُوَ الْوُجُود بِالْفِعْلِ [وَالدَّلِيل على أَن التكوين غير المكون قَوْله تَعَالَى: {كن فَيكون} حَيْثُ أخبر عَن تكوينه

بقوله: {كن} وَعَن المكون بقوله: {فَيكون} وَلِأَن الله تَعَالَى قَالَ فِي الْأَزَل {كن} أَي: ليكن كل مَا يكون فِي وقته، وَلم يَنْعَدِم قَوْله لِأَنَّهُ مُتَكَلم قَائِل لم يزل وَلَا يزَال بِلَا كَيْفيَّة، حَتَّى إِذا كَانَ فِي وقته كَانَ بِنَاء على قَوْله: ليكن، أَي: ليوجد كل مَا من شَأْنه أَن يُوجد فِي وقته الْمَخْصُوص وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا يَصح خطاب الْمَوْجُود ب (كن) إِذْ لَا يُوجد الْمَوْجُود ثَانِيًا، وَكَذَا الْمَعْدُوم إِذْ هُوَ لَيْسَ بِشَيْء فيخاطب، وَلَا يجوز أَن يحدث الله فعل أَو قَول لتعالي الذَّات عَن الْحَوَادِث فَوَجَبَ القَوْل بِأَنَّهُ قَالَ فِي الْأَزَل: ليكن كل مَا يكون فِي وقته، فَلَا يلْزم قدم الْمَفْعُول والمخلوق والمكون، فَكَانَ {كن فَيكون} عبارَة عَن سرعَة الإيجاد بِلَا كلفة وَالْقَوْل بِأَن المُرَاد بقوله تَعَالَى: {كن} حَقِيقَة التَّكَلُّم لَا أَنه مجَاز عَن الْإِيجَاب وموافق لمَذْهَب الْأَشْعَرِيّ فَإِن عِنْده وجود الْأَشْيَاء مُتَعَلق بِكَلَامِهِ الأزلي، وَهَذِه الْكَلِمَة دَالَّة عَلَيْهِ لَا إِن كَانَت من حُرُوف وَصَوت، أَو كَانَ لكَلَامه وَقت، تَعَالَى الله عَن ذَلِك كَذَا فِي " شرح التأويلات " وَهَذَا مُخَالف لعامة أهل السّنة لِأَن أهل السّنة يرَوْنَ تعلق وجود الْأَشْيَاء بِخلق الله وإيجاده وَهَذَا الْكَلَام عبارَة عَن سرعَة حُصُول الْمَخْلُوق بإيجاده] وَاعْلَم أَن الصّفة الإضافية هِيَ صفة قَائِمَة بِذَاتِهِ تَعَالَى ينشأ مِنْهَا الْإِضَافَة، كالتكوين، فَإِنَّهُ فِي الْأَزَل لم يكن ليَكُون الْعَالم كَائِنا بِهِ فِي الْأَزَل، بل ليَكُون كَائِنا بِهِ وَقت وجوده وتكوينه بَاقٍ إِلَى الْأَبَد، فَيتَعَلَّق وجود كل مَوْجُود بتكوينه الأزلي، وَهَذَا كمن علق طَلَاق امْرَأَته فِي شعْبَان بِدُخُول رَمَضَان، فَإِن التَّطْلِيق يبْقى حكما إِلَى رَمَضَان ليتعلق الطَّلَاق وَقت وجوده بذلك التَّطْلِيق، وَلَا امْتنَاع فِي الِاحْتِيَاج إِلَى الْغَيْر فِي نفس الإضافات فَإِن مَحْض الإضافات كالقبلية والمعية لَا يُسمى صِفَات لعدم قِيَامهَا بِالذَّاتِ، وَإِنَّمَا الِامْتِنَاع فِي الصِّفَات الإضافية لِئَلَّا يكون الْبَارِي تَعَالَى مستكملا بِالْغَيْر، فالكمال هُوَ الاتصاف بِالصّفةِ الْكُلية، لَا وجود جزئياتها وآثارها، وَإِلَّا لَكَانَ إِيجَاد الشَّيْء استكمالا بِهِ [نعم نفي الاستكمال بِالْغَيْر عَنهُ تَعَالَى إِنَّمَا هُوَ بِالنّظرِ إِلَى كَمَاله الذاتي الَّذِي لَهُ مرتبَة الْغنى عَن الْعَالمين، لَا بِالنّظرِ إِلَى كَمَاله الأسمائي الَّذِي لَا بُد لكمالها من ظُهُور آثارها وترتب أَحْكَامهَا عَلَيْهَا كَمَا هُوَ عِنْد الْمُحَقِّقين من الصُّوفِيَّة] التَّقْدِيم: هُوَ من (قدم) و (قدمت كَذَا فلَانا) : تقدمته و (قدمت بِكَذَا إِلَى فلَان) : أعلمته قبل وَقت الْحَاجة إِلَى فعله وَقبل أَن دهمه الْأَمر {وَقد قدمت إِلَيْكُم بالوعيد} وَاعْلَم أَن أَسبَاب التَّقْدِيم وأسراره كَثِيرَة مِنْهَا: التَّبَرُّك: كتقديم اسْم الله فِي الْأُمُور ذَوَات الشَّأْن وَمِنْه {شهد الله} إِلَى آخِره والتعظيم: نَحْو: {وَمن يطع الله وَالرَّسُول} والتشريف: كتقديم الذّكر على الْأُنْثَى، وَالْحر على العَبْد، والحي على الْمَيِّت، وَالْخَيْل على غَيرهَا، والسمع على الْبَصَر، وَالرَّسُول على النَّبِي، وَالْإِنْس على الْجِنّ، وَالْمُؤمن على الْكَافِر،

والعاقل على غَيره، وَالسَّمَاء على الأَرْض، وَالشَّمْس على الْقَمَر، والغيب على الشَّهَادَة، وَأَشْبَاه ذَلِك وَمِنْهَا: السَّبق، كتقديم اللَّيْل على النَّهَار، والظلمات على النُّور، وآدَم على نوح عَلَيْهِمَا السَّلَام، وَهُوَ على إِبْرَاهِيم، وَهُوَ على مُوسَى، وَهُوَ على عِيسَى عَلَيْهِم السَّلَام هَذَا بِاعْتِبَار الإيجاد، وَأما بِاعْتِبَار الْإِنْزَال، فكقوله تَعَالَى: {صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى} {وَأنزل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل من قبل هدى للنَّاس وَأنزل الْفرْقَان} وَأما بِاعْتِبَار الْوُجُوب والتكليف فكتقديم الرُّكُوع على السُّجُود، وَغسل الْوُجُوه على الْأَيْدِي، والصفا على الْمَرْوَة، وَكَذَا جَمِيع الْأَعْدَاد، كل مرتبَة مِنْهَا مُتَقَدّمَة على مَا فَوْقهَا بِالذَّاتِ، وَأما مثنى وفرادى فللحث على الْجَمَاعَة وَمِنْهَا: الْكَثْرَة كتقديم الْكَافِر على الْمُؤمن، وَالسَّارِق على السارقة، وَالزَّانِي على الزَّانِيَة، وَالرَّحْمَة على الْعَذَاب، والموتى على الْقَتْلَى بِاعْتِبَار كَثْرَة المحشور الْمَيِّت من الْمَقْتُول، وَبِالْعَكْسِ بِاعْتِبَار كَون الْمَقْتُول أَحَق بالمغفرة وَمِنْهَا: الترقي من الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى كَقَوْلِه تَعَالَى: {ألهم أرجل يَمْشُونَ بهَا أم لَهُم أيد يبطشون بهَا} وَمن هَذَا النَّوْع تَأْخِير الأبلغ كتقديم الرَّحْمَن على الرَّحِيم، والرؤوف على الرَّحِيم، وَالرَّسُول على النَّبِي وَمِنْهَا: التدلي من الْأَعْلَى إِلَى الْأَدْنَى كتقديم السّنة على النّوم، وَالصَّغِير على الْكَبِير وَنَحْو ذَلِك وَمن الْأَسْبَاب كَون التَّقْدِيم أدل على الْقُدْرَة وأعجب كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَمنهمْ من يمشي على بَطْنه} وَقَوله: {وسخرنا مَعَ دَاوُد الْجبَال يسبحْنَ وَالطير} وَمِنْهَا: الْمُنَاسبَة لسياق الْكَلَام وَمِنْهَا: رِعَايَة الفواصل، وإفادة الْحصْر والاختصاص، وَتَقْدِيم الْمَعْمُول على الْعَامِل نَحْو: {أَهَؤُلَاءِ إيَّاكُمْ كَانُوا يعْبدُونَ} وَتَقْدِيم مَا هُوَ مُتَأَخّر فِي الزَّمَان نَحْو: {فَللَّه الْآخِرَة وَالْأولَى} والفاضل على الْأَفْضَل نَحْو: {بِرَبّ هَارُون ومُوسَى} وَالضَّمِير على مَا يفسره نَحْو: {فأوجس فِي نَفسه خيفة مُوسَى} وَالصّفة الْجُمْلَة على الصّفة الْمُفْرد نَحْو: {وَنخرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كتابا يلقاه منشورا} وَتَقْدِيم بعض المعمولات على الْبَعْض لَا يكون إِلَّا بِكَوْن ذَلِك الْبَعْض أهم، لَكِن يَنْبَغِي أَن يُفَسر وَجه الْعِنَايَة بِشَأْنِهِ وَيعرف لَهُ معنى وَلَا يَكْفِي أَن يُقَال: قدم للعناية والاهتمام من غير أَن يذكر من أَيْن كَانَت تِلْكَ الْعِنَايَة، وَبِمَ كَانَ أهم فَفِي تَقْدِيم الْفَاعِل يُقَال: قدم لكَون ذكره أهم إِمَّا لِأَنَّهُ فِي

نَفسه نصب عَيْنك، وَإِمَّا لنَحْو ذَلِك من الْأَغْرَاض بِحَسب اقْتِضَاء الْمقَام وَكَذَا فِي تَقْدِيم الْجَار وَالْمَجْرُور على الْفَاعِل، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {اقْترب للنَّاس حسابهم} لِأَن الْمَقْصُود الأهم الاقتراب إِلَى الْمُشْركين ليورثهم رهبة وانزعاجا من أول الْأَمر وَكَذَلِكَ فِي تَقْدِيم الْجَار وَالْمَجْرُور على الْمَفْعُول الصَّرِيح كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خلق لكم مَا فِي الأَرْض} لِأَن الْمَقْصُود الأهم الْخلق لأجل المخاطبين ليسرهم من أول الْأَمر، والمسرة والمساءة تنشآن تَارَة من التَّقْدِيم وَأُخْرَى من مَجْمُوع الْكَلَام [وَقد يقدم الْمَعْمُول حَيْثُ لَا مجَال لتقديم الْعَامِل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَأَما الْيَتِيم فَلَا تقهر وَأما السَّائِل فَلَا تنهر} فَإِن المنصوبين بالفعلين المجزومين قد يقدمان على (لَا) الناهية مَعَ امْتنَاع تقدم الْفِعْلَيْنِ عَلَيْهَا] والتقديم فِي الذّكر لَا يسْتَلْزم التَّقْدِيم فِي الحكم قيل لِابْنِ عَبَّاس: إِنَّك تَأمر بِالْعُمْرَةِ قبل الْحَج، وَقد بَدَأَ الله بِالْحَجِّ فَقَالَ: {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة} فَقَالَ: كَيفَ تقرؤون آيَة الدّين؟ فَقَالُوا: {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} فَقَالَ: فبماذا تبدؤون؟ قَالُوا: بِالدّينِ قَالَ: هُوَ كَذَلِك وَتَقْدِيم الْفَاعِل على الْمَفْعُول من جِهَة كَون الْمُؤثر أشرف من الْقَابِل وَيجوز تَقْدِيم أَحدهمَا على الآخر من جِهَة أُخْرَى، وَهِي افتقار الْفِعْل المعتدي إِلَى الْمُؤثر والقابل مَعًا وَالْفِعْل لما وَجب كَونه مقدما على الْفَاعِل فِي الذِّهْن وَوَجَب تَقْدِيمه عَلَيْهِ فِي الذّكر أَيْضا وَالْفرق ظَاهر بَين (ضرب زيد) و (زيد ضرب) إِذْ الذِّهْن فِي صُورَة تَقْدِيم الْفِعْل يحكم بِإِسْنَاد مَفْهُومه إِلَى شَيْء مَا، ثمَّ يحكم بِأَنَّهُ هُوَ زيد الَّذِي كَانَ تقدم ذكره؛ فَحِينَئِذٍ قد أخبر عَن زيد بِأَن ذَلِك الشَّيْء الْمسند إِلَيْهِ هُوَ هُوَ، فزيد مخبر عَنهُ و (ضرب) جملَة من فعل وفاعل وَقعت خَبرا عَن ذَلِك الْمُبْتَدَأ وَفِي صُورَة تَقْدِيم الْفَاعِل لَا يلْزم من وقُوف الذِّهْن على معنى هَذَا اللَّفْظ أَن يحكم بِإِسْنَاد معنى آخر إِلَيْهِ، وَلَا يرد بِاحْتِمَال صِيغَة الْفِعْل وَحدهَا للصدق وَالْكذب وَلَا بِوُجُوب امْتنَاع الْإِسْنَاد إِلَى شَيْء معِين فِي صُورَة الدّلَالَة على الضَّرْب إِلَى شَيْء مُبْهَم للتناقض، إِذا الصِّيغَة إِنَّمَا وضعت لإسناده إِلَى شَيْء معِين يذكرهُ الْقَائِل، فَقبل الذّكر لَا يتم الْكَلَام وَلَا يحتملهما، وَالْفَاعِل إِذا اشْتَمَل على ضمير يعود إِلَى الْمَفْعُول يمْتَنع تَقْدِيمه على الْمَفْعُول عِنْد الْأَكْثَر وَإِن كَانَ مُتَقَدما فِي النِّيَّة، وَالِاسْم يقدم على الْفِعْل لِأَن الِاسْم لفظ دَال على الْمَاهِيّة، وَالْفِعْل لفظ دَال على حُصُول الْمَاهِيّة لشَيْء من الْأَشْيَاء فِي زمَان معِين، فالمفرد سَابق على الْمركب بِالذَّاتِ والرتبة فَوَجَبَ السَّبق عَلَيْهِ فِي الذّكر وَاللَّفْظ وَتَقْدِيم الْجَزَاء أولى عِنْد أهل الْبَصْرَة لعدم الِاحْتِيَاج حِينَئِذٍ إِلَى حرف الْجَزَاء، خلاف التَّأْخِير

وصيانة الْكَلَام عَن الزَّوَائِد أولى وَعند أهل الْكُوفَة تَقْدِيم الشَّرْط أولى لِأَنَّهُ سَابق فِي الْوُجُود، فَالْأولى أَن يكون سَابِقًا فِي الذّكر والتقديم على نِيَّة التَّأْخِير تَقْدِيم معنوي، وَلَا على نِيَّة التَّأْخِير تَقْدِيم لَفْظِي، قِيَاس الْإِضَافَة المعنوية واللفظية؛ وَلَا بُد فِي تَقْدِيم الشَّيْء على الشَّيْء من تقدمه على جَمِيع أَجْزَائِهِ وَأما فِي التَّأْخِير فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ تَأْخِير جُزْء وَاحِد عَنهُ وَلَا يجوز تَقْدِيم الصِّلَة على الْمَوْصُول، والمضمر على الظَّاهِر فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى إِلَّا مَا جَازَ مِنْهُ على شريطة التَّفْسِير وَلَا يجوز تَقْدِيم الصّفة وَمَا اتَّصل بهَا على الْمَوْصُوف، وَجَمِيع تَوَابِع الْأَسْمَاء والمضاف إِلَيْهِ وَمَا اتَّصل بِهِ على الْمُضَاف وَمَا عمل فِيهِ حرف أَو اتَّصل بِهِ لَا يقدم على الْحَرْف وَمَا أشبه من هَذِه الْحُرُوف بِالْفِعْلِ فنصب وَرفع لَا يقدم مرفوعها على منصوبها وَالْأَفْعَال الَّتِي لَا تتصرف لَا يقدم عَلَيْهَا مَا بعْدهَا وَالصِّفَات المشبهة بأسماء الفاعلين، وَالصِّفَات الَّتِي لَا تشبه بهَا لَا يقدم عَلَيْهَا مَا عملت فِيهِ والحروف الَّتِي لَهَا صدر الْكَلَام لَا يقدم مَا بعْدهَا على مَا قبلهَا وَمَا عمل فِيهِ معنى الْفِعْل لَا يقدم الْمَنْصُوب عَلَيْهِ وَمن سنَن الْعَرَب تَقْدِيم الْكَلَام وَهُوَ فِي الْمَعْنى مُؤخر، وتأخيره وَهُوَ فِي الْمَعْنى مقدم، كَقَوْلِه: مَا بَال عَيْنك مِنْهَا المَاء ينسكب وَقَوله تَعَالَى: {وَلَوْلَا كلمة سبقت من رَبك لَكَانَ لزاما وَأجل مُسَمّى} [قَالَ الْعَلامَة فِي " فرائده " مَا قدم لفظا لأمر النّظم قد يعْتَبر مُؤَخرا فِي الْمَعْنى إِلَى آخر مَا قَالَ، فَلَمَّا جوز اعْتِبَار الْمُقدم لفظا مُؤَخرا معنى إِذا اتَّصل الْمُقدم مُؤَخرا فَيجوز بِالْعَكْسِ إِذا اتَّصل الْمُؤخر مقدمه معنى] التَّفْسِير: الاستبانة والكشف والعبارة عَن الشَّيْء بِلَفْظ أسهل وأيسر من لفظ الأَصْل وَهُوَ اصْطِلَاحا: علم يبْحَث فِيهِ عَن كَيْفيَّة النُّطْق بِأَلْفَاظ الْقُرْآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبة ومعانيها التركيبية وَتَفْسِير الشَّيْء لَاحق بِهِ ومتمم لَهُ وجار مجْرى بعض أَجْزَائِهِ قَالَ أهل الْبَيَان: التَّفْسِير هُوَ أَن يكون فِي الْكَلَام لبس وخفاء فَيُؤتى بِمَا يُزِيلهُ ويفسره وَالتَّفْسِير الاسمي: يكون للماهية الاعتبارية وَالتَّفْسِير الْحَقِيقِيّ: للماهية الْحَقِيقِيَّة، وَلَا يشْتَرط فِيهِ الطَّرْد، وَالْعَكْس بقسميه وَيفهم مِنْهُ قطعا جَوَاز التَّفْسِير بالأعم والأخص، وكما لَا يجوز تَفْسِير الشَّيْء بِنَفسِهِ، كَذَلِك لَا يكون بِمَعْنَاهُ إِلَّا إِذا كَانَ لفظا مرادفا أجلى وَتَفْسِير الْإِعْرَاب من مُلَاحظَة الصِّنَاعَة النحوية

وَتَفْسِير الْمَعْنى لَا يضرّهُ مُخَالفَة ذَلِك مثلا إِذا سئلنا عَن إِعْرَاب قَوْله تَعَالَى: {وَكَانُوا فِيهِ من الزاهدين} قُلْنَا: تَقْدِيره: (وَكَانُوا أَعنِي فِيهِ من الزاهدين) ونقول فِي تَفْسِيره (وَكَانُوا من الزاهدين فِيهِ) وَتَفْسِير قَوْلنَا: (أهلك وَاللَّيْل) الْحق أهلك قبل اللَّيْل، وَتَقْدِيره: الْحق أهلك وسابق اللَّيْل وَتَفْسِير نَحْو قَوْلهم: (ضربت زيدا سَوْطًا) : ضربت ضَرْبَة بِسَوْط، فَهُوَ لَا شكّ كَذَلِك وَلَكِن طَرِيق إعرابه أَنه على حذف الْمُضَاف أَي ضَربته ضَرْبَة سَوط فحذفت وَالتَّفْسِير والتأويل وَاحِد؛ وَهُوَ كشف المُرَاد عَن الْمُشكل والتأويل فِي اللُّغَة من (الأول) وَهُوَ الِانْصِرَاف، والتضعيف للتعدية، أَو من الأيل وَهُوَ الصّرْف، والتضعيف للتكثير وَقيل: التَّأْوِيل: بَيَان أحد محتملات اللَّفْظ، وَالتَّفْسِير: بَيَان مُرَاد الْمُتَكَلّم وَلذَلِك قيل: التَّأْوِيل مَا يتَعَلَّق بالدراية، وَالتَّفْسِير مَا يتَعَلَّق بالرواية وَفِي " الرَّاغِب ": التَّفْسِير أَعم من التَّأْوِيل وَأكْثر اسْتِعْمَال التَّفْسِير فِي الْأَلْفَاظ ومفرداتها؛ وَأكْثر اسْتِعْمَال التَّأْوِيل فِي الْمعَانِي والجمل؛ وَأكْثر مَا يسْتَعْمل التَّأْوِيل فِي الْكتب الإلهية، وَالتَّفْسِير يسْتَعْمل فِيهَا وَفِي غَيرهَا وَقَالَ أَبُو مَنْصُور الماتريدي: التَّفْسِير: الْقطع، على أَن المُرَاد من اللَّفْظ هَذَا وَالشَّهَادَة على الله أَنه عَنى بِاللَّفْظِ هَذَا، فَإِن قَامَ دَلِيل مَقْطُوع بِهِ فَصَحِيح وَإِلَّا فتفسير بِالرَّأْيِ، وَهُوَ الْمنْهِي عَنهُ، والتأويل تَرْجِيح أحد المحتملات بِدُونِ الْقطع، وَالشَّهَادَة على الله وَكَلَام الصُّوفِيَّة فِي الْقُرْآن لَيْسَ بتفسير وَفِي " عقائد النَّسَفِيّ ": النُّصُوص على ظواهرها والعدول عَنْهَا إِلَى معَان يدعيها أهل الْبَاطِن إلحاد وَفِي معنى الظّهْر والبطن وُجُوه أشبههَا بِالصَّوَابِ مَا قَالَه أَبُو عبيد، وَهُوَ أَن الْقَصَص الَّتِي قصها الله عَن الْأُمَم الْمَاضِيَة وَمَا عاقبهم بِهِ ظَاهرهَا الْإِخْبَار بِهَلَاك الْأَوَّلين، إِنَّمَا هُوَ حَدِيث حدث بِهِ عَن قوم، وباطنها وعظ الآخرين وتحذير أَن يَفْعَلُوا كفعلهم فَيحل بهم مثل مَا حل بهم وَفِي تَفْسِير أبي حَيَّان: كتاب الله جَاءَ بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين لَا رمز فِيهِ وَلَا لغز وَلَا بَاطِن وَلَا إِيمَاء بِشَيْء مِمَّا يَنْتَحِلهُ الفلاسفة وَأهل الطبائع إِلَى آخر مَا قَالَ [كَمَا فِي " الإتقان "] وَأما مَا يذهب إِلَيْهِ بعض الْمُحَقِّقين من أَن النُّصُوص على ظواهرها وَمَعَ ذَلِك فِيهَا إشارات خُفْيَة إِلَى دقائق تنكشف على أَرْبَاب السلوك يُمكن التطبيق بَينهَا وَبَين الظَّوَاهِر المرادة فَهُوَ من كَمَال الايمان ومحض الْعرْفَان

وَتَفْسِير الْقُرْآن مَا هُوَ الْمَنْقُول عَن الصَّحَابَة، وتأويله مَا يسْتَخْرج بِحَسب الْقَوَاعِد الْعَرَبيَّة وَلَو قُلْنَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت} أُرِيد بِهِ إِخْرَاج الطير من الْبَيْضَة كَانَ تَفْسِيرا، أَو إِخْرَاج الْمُؤمن من الْكَافِر، والعالم من الْجَاهِل كَانَ تَأْوِيلا وَتَفْسِير الْقُرْآن بِالرَّأْيِ الْمُسْتَفَاد من النّظر وَالِاسْتِدْلَال وَالْأُصُول جَائِز بِالْإِجْمَاع وَالْمرَاد بِالرَّأْيِ فِي الحَدِيث هُوَ الرَّأْي الَّذِي لَا برهَان فِيهِ [وَلَا يَصح تَفْسِير الْقُرْآن باصطلاح الْمُتَكَلِّمين وَتَفْسِير الْحَيّ بِالْبَاقِي الَّذِي لَا سَبِيل للفناء فِيهِ تَحْقِيق للغة بعد أَن أطلق الْحَيّ على الله تَعَالَى وَتَأْويل الظَّوَاهِر أولى من مُخَالفَة الأوضاع اللُّغَوِيَّة لوَجْهَيْنِ: الأول: أَن تَأْوِيل الظَّوَاهِر مُتَّفق عَلَيْهِ بِخِلَاف مُخَالفَة الأوضاع، وَمُخَالفَة مَا اتّفق على جَوَاز مُخَالفَته أولى من مُخَالفَة مَا لم يتَّفق على مُخَالفَته وَالثَّانِي: أَن مُخَالفَة الظَّوَاهِر فِي الشَّرْع أَكثر من مُخَالفَة الأوضاع اللُّغَوِيَّة عِنْد الْقَائِلين بمخالفة الأوضاع، وَإِن أَكثر الظَّوَاهِر مُخَالفَة، وَأكْثر الأوضاع مقررة، وَذَلِكَ يدل على أَن الْمَحْذُور فِي مُخَالفَة الأوضاع أعظم مِنْهُ فِي مُخَالفَة الظَّوَاهِر فَكَانَ مُخَالفَة الظَّوَاهِر أولى وعَلى هَذَا يجب حمل حَدِيث " من مَاتَ وَلم يحجّ فليمت إِن شَاءَ يَهُودِيّا وَإِن شَاءَ نَصْرَانِيّا " وَحَدِيث: " من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد كفر " على حَالَة الاستحلال وإنكار الْوُجُوب، وَعَلِيهِ أَيْضا {وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين} وَالتَّفْسِير البديعي: هُوَ أَن يَأْتِي الْمُتَكَلّم فِي أول كَلَامه بِمَعْنى لَا يسْتَقلّ الْفَهم بمعرفته دون أَن يفسره وَمن معْجزَة التَّفْسِير مَا جَاءَ فِي الْكتاب الْجَلِيل، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَالله خلق كل دَابَّة من مَاء فَمنهمْ من يمشي على بَطْنه} إِلَى آخِره و {لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم} تَفْسِير للقيوم و {لم يلد} إِلَى آخِره تَفْسِير للصمد و (خلقه من تُرَاب} تَفْسِير للمثل وَنَحْو ذَلِك فِي الْقُرْآن كثير [مِمَّا يفسره بعضه بَعْضًا] وَفِي الشّعْر نَحْو قَوْله: (آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم ... للحادثات إِذا دجون نُجُوم) (مِنْهَا معالم للهدى ومصابح ... تجلو الدجى والأخريات رجوم) وَالْفرق بَينه وَبَين الْإِيضَاح أَن التَّفْسِير تَفْصِيل الْإِجْمَال، والإيضاح رفع الْإِشْكَال التَّعْرِيف: هُوَ أَن يشار إِلَى الْمَعْلُوم من حَيْثُ إِنَّه مَعْلُوم [والتعريف: بِاعْتِبَار الْمَفْهُوم لَا بِاعْتِبَار الذَّات،

والتقسيم بِاعْتِبَار الذَّات لَا الْمَفْهُوم] وكل تَعْرِيف للوصفية الْأَصْلِيَّة فَهُوَ للْعهد الْخَارِجِي والتعريف الْحَقِيقِيّ: هُوَ الَّذِي يقْصد بِهِ تَحْصِيل مَا لَيْسَ بحاصل من التصورات، وَيكون بِالْإِضَافَة وَالْإِشَارَة الشخصية لَا بِالنِّسْبَةِ والتعريف اللَّفْظِيّ: أَن لَا يكون اللَّفْظ وَاضح الدّلَالَة على معنى، فيفسر بِلَفْظ وَاضح دلَالَته على ذَلِك الْمَعْنى كَقَوْلِك: الغضنفر: الْأسد وكل تَعْرِيف معنوي فالمساواة شَرط فِيهِ دون التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ، لِأَن الْمَقْصُود من التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ التَّصْدِيق بِأَن هَذَا اللَّفْظ مَوْضُوع لذَلِك الْمَعْنى، فَلَا يكون الْمَقْصُود مِنْهُ حصر ذَلِك على ذَلِك اللَّفْظ، لجَوَاز أَن يكون لفظ آخر مَوْضُوعا لذَلِك الْمَعْنى، والمتأخرون لم يفرقُوا بَين التَّعْرِيف وَالتَّفْسِير فِي لُزُوم الْمُسَاوَاة، والمتقدمون لم يفرقُوا بَينهمَا فِي عدم اللُّزُوم وتعريف المعدومات لَا يكون إِلَّا اسميا، إِذْ لَا حقائق لَهَا، بل هِيَ مفهومات وتعريف الموجودات قد يكون حَقِيقِيًّا، إِذْ لَهَا مَعْلُومَات وحقائق وتعريف الْإِشَارَة إِيمَاء وَقصد إِلَى حَاضر ليعرفه الْمُخَاطب بحاسته النظرية وتعريف النداء خطاب لحاضر وَقصد لوَاحِد بِعَيْنِه وتعريف الْخَبَر بلام الْجِنْس لإِفَادَة قصره على الْمُبْتَدَأ، وَإِن لم يكن هُنَاكَ ضمير فصل مثل: (زيد الْأَمِير) وتعريف الْمُبْتَدَأ بلام الْجِنْس لإِفَادَة قصره على الْخَبَر، وَإِن كَانَ مَعَ ضمير الْفَصْل، مثل: (الْكَرم هُوَ التَّقْوَى وَالدّين هُوَ النَّصِيحَة) وَأما (الْحَمد لله) فَكَلَام صَاحب " الْكَشَّاف " أَن كلا من لَام الْجِنْس وَاللَّام الجارة للحصر، وَفِيه نظر؛ لِأَنَّهُ إِن أُرِيد بهَا الْجِنْس من حَيْثُ مَا هُوَ كَمَا هُوَ الْمُخْتَار فكونه لَهُ تَعَالَى لَا يُنَافِي كَونه لغيره أَيْضا؛ وَعند إِرَادَة الِاسْتِغْرَاق بهَا لَا تفيده أَيْضا فِي مثل (الْحَمد لله) إِذْ غَايَته أَن يكون الله تَعَالَى مَحْمُودًا بِكُل حمد ومستحقا لَهُ، وَهُوَ لَا يسْتَلْزم أَن لَا يحمده غَيره بِبَعْض مِنْهُ، وَيكون مُسْتَحقّا لَهُ بِمَا فِيهِ من الْجَمِيل وَأما اللَّام الجارة فَكَلَام صَاحب " الْكَشَّاف " والعلامتين فِي كثير من الْمَوَاضِع يدل على الإفادة، وَفِي كثير مِنْهَا يدل على عدم الإفادة وَالَّذِي يظْهر أَنَّهَا مَوْضُوعَة للاختصاص الْمُطلق، وَإِرَادَة الِاخْتِصَاص الحصري مِنْهَا بمعاونة قَرَائِن المقامات كَيفَ، وَفِي كثير من الْمَوَاضِع لَا يُمكن إِرَادَة الْحصْر مِنْهَا كَمَا فِي اللَّام الْمقدرَة فِي إِضَافَة الْعَام إِلَى الْخَاص وَفِي الْجُمْلَة) مؤدى الحصرين وَاحِد، وَسبق أَحدهمَا على الآخر لَا يَسْتَدْعِي إِلَّا كَون الثَّانِي مؤكدا للْأولِ والتعريف الَّذِي لَا يسْتَدلّ عَلَيْهِ: هُوَ مَا كَانَ لبَيَان الْمَاهِيّة، وَالَّذِي لبَيَان الْمَفْهُوم لُغَة أَو عرفا فيستدل عَلَيْهِ صرح بِهِ ابْن الْحَاجِب فِي " أُصُوله " والتعريف باسم الْعلم: أولى من التَّعْرِيف بِالْإِضَافَة ك (بَيت الله) و (الْكَعْبَة) و (رَسُول الله) و (مُحَمَّد) إِذا لَا تفِيد الْإِضَافَة مَا يفِيدهُ الْعلم والتعريف بِحَسب الْمَاهِيّة: إِنَّمَا يكون بالأجزاء

المحمولة والتعريف بِحَسب الْوُجُود: قد يكون بالأجزاء غير المحمولة والتعريف الدوري: عبارَة عَن توقف الْمُعَرّف اَوْ بعض أَجْزَائِهِ على الْمُعَرّف والتعريف الْمُشْتَمل على الدّور: هُوَ عبارَة عَن توقف أَجزَاء الْمُعَرّف على الْبَعْض الآخر من تِلْكَ الْأَجْزَاء وَفِي تَعْرِيف الشَّيْء نَفسه يلْزم تقدمه على نَفسه بمرتبة وَاحِدَة وَفِي الدوري يلْزم تقدمه عَلَيْهِ بمرتبتين إِن كَانَ صَرِيحًا وَفِي تَعْرِيف الإضافيات لَا بُد من قيد الْحَيْثِيَّة، إِلَّا إِنَّه كثيرا مَا يحذف من اللَّفْظ لشهرة أمره، وَالْحُدُود للتصور؛ والحيثية تكون فِي الحكم، وَهُوَ لَا يعْتَبر فِي التصورات، بل هُوَ من أَحْوَال التصديقات والتعريف بالمفرد لَا يَصح، لِأَن الشَّيْء الْمَطْلُوب تصَوره بِالنّظرِ يجب أَن يكون متصورا بِوَجْه مَا، وَإِلَّا امْتنع طلبه وَلَا بُد من تصور يُسْتَفَاد مِنْهُ التَّصَوُّر الْمَطْلُوب، وَذَلِكَ التَّصَوُّر غير التَّصَوُّر بِوَجْه، وللتصور بِوَجْه مدْخل فِي التَّصَوُّر الْمَطْلُوب، فَوَجَبَ تحقق تصورين فِي وُقُوع التَّصَوُّر الْمَطْلُوب، فَلَا يَقع تصور الْمَطْلُوب بفرد التَّقْسِيم: هُوَ على قسمَيْنِ: تقسم الْكُلِّي إِلَى جزيئاته وتقسيم الْكل إِلَى أَجْزَائِهِ فَالْأول: هُوَ أَن يضم إِلَى مَفْهُوم كلي قيود مخصصة تجامعه إِمَّا متقابلة أَو غير متقالبة ليحصل بانضمام كل قيد إِلَيْهِ قسيم مِنْهُ، فَيكون الْمقسم صَادِقا على أقسامه وتقسيم الْكل إِلَى أَجْزَائِهِ تَفْصِيله وتحليله إِلَيْهَا، فعلا يصدق الْمقسم على أقسامه وَصرح عماد الدّين بِأَن التَّقْسِيم نوع وَاحِد لِأَن تَقْسِيم الْكُلِّي إِلَى جزئياته يرجع إِلَى تَقْسِيم الْكل إِلَى الْأَجْزَاء فقولنا: (الْحَيَوَان إِمَّا حَيَوَان أسود وَإِمَّا حَيَوَان أَبيض) مَعْنَاهُ مَجْمُوع أَفْرَاد الْحَيَوَان بَعْضهَا حَيَوَان أسود وَبَعضهَا حَيَوَان أَبيض، والترديد لَا يسْتَلْزم اشتراكا بَين أقسامه، خلاف تَقْسِيم الْكُلِّي إِلَى أَجْزَائِهِ، كَمَا فِي المنفصلات وَقد يجْرِي فِي الجزئيات الْحَقِيقِيَّة كَمَا فِي الحمليات الشبيهة بهَا، كَقَوْلِك: (زيد إِمَّا أَن يكون قَائِما أَو قَاعِدا) والترديد الانفصالي يشبه بالترديد الحملي إِذا تعلق بكلي غير مسبور أَلا يرى الْعدَد إِمَّا زوج وَإِمَّا فَرد يحْتَمل التَّقْسِيم وَالْحمل وَالْفرق بِاعْتِبَار الْمَقَاصِد؛ وَلَا يشْتَبه بالتقسيم لِأَنَّهُ وَارِد بَين القضايا بِحَسب صدقهَا وتحققها فِي نفس الْأَمر؛ وَكَذَا لَا يشْتَبه بالترديد الحملي إِذا كَانَ مُتَعَلقا بجزئي حَقِيقِيّ أَو بكلي مسور ثمَّ الترديد لَا يكون إِلَّا بَين الْمعَانِي المحتملة، فَلَا يُقَال: المُرَاد بالإنسان إِمَّا الْحَيَوَان النَّاطِق أَو الحجرء والتقسيم للذات، والتعريف للمفهوم والتحديد: وضع لمعْرِفَة الجزئيات بِوَاسِطَة الكليات، والتقسيم بِالْعَكْسِ وتقسيم الْكُلِّي إِلَى جزئياته حَقِيقِيّ نَحْو: (الْكَلِمَة اسْم أَو فعل أَو حرف)

وتقسيم الْكُلِّي إِلَى أَجْزَائِهِ مجازي كَقَوْلِه: (فَقَالُوا: لنا ثِنْتَانِ لَا بُد مِنْهُمَا ... صُدُور رماح أشرعت أَو سلاسل) وتقسيم الْكُلِّي إِلَى الجزئيات كتقسيم الْجِنْس إِلَى الْأَنْوَاع، والأنواع إِلَى الْأَصْنَاف، والأصناف إِلَى الْأَشْخَاص وتقسيم الذاتي إِلَى العرضي كتقسيم الْإِنْسَان إِلَى الْأَبْيَض وَالْأسود، وَبِالْعَكْسِ كتقسيم الْأَبْيَض إِلَى الْإِنْسَان، وَالْفرس، وتقسيم العرضي إِلَى العرضي، كتقسيم الْأَبْيَض إِلَى الطَّوِيل والقصير والتقسيم التَّام فِي الطول أَن يكون بِلَا طفرة وَلَا وَقفه والتقسيم التَّام فِي الطول وَالْعرض أَن يكون بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَات متقابلا، وَهُوَ التَّقْسِيم الحاصر، لكَونه مرددا بَين النَّفْي وَالْإِثْبَات، وَالْغَرَض من القسيم تَكْثِير الوسائط فِي الْبَرَاهِين وأجزاء الْحُدُود وَحَقِيقَة التَّقْسِيم الاستقرائي ضم الْقُيُود المتحققة فِي الْوَاقِع إِلَى مَفْهُوم كلي وَحَقِيقَة التَّقْسِيم الْعقلِيّ ضم الْقُيُود الممكنة الانضمام بِحَسب الْعقل إِلَى مَفْهُوم كلي، سَوَاء طابق الْوَاقِع أَو لَا والسبر والتقسيم: هُوَ حصر الْأَوْصَاف فِي الأَصْل وإلغاء الْبَعْض الْبَاقِي للعلية، كَمَا يُقَال: عِلّة الْخمر إِمَّا الْإِسْكَار أَو كَونه مَاء الْعِنَب إو الْمَجْمُوع أَو غير ذَلِك والتقسيم يَقْتَضِي انْتِفَاء مُشَاركَة كل وَاحِد مِنْهُمَا على قسم صَاحبه، كَمَا فِي تَقْسِيم الْبَيِّنَة وَالْيَمِين بَين الْمُدَّعِي وَالْمُنكر، حَيْثُ لَا يشْتَرك أحد مِنْهُمَا فِي قسم صَاحبه بِمُقْتَضى الحَدِيث الْمَشْهُور حَتَّى صَار فِي حيّز التَّوَاتُر فعلى هَذَا لَو عجز الْمُدَّعِي عَن إِقَامَة شَاهد آخر يسْتَحْلف الْمُدعى عَلَيْهِ فَقَط، وَيقْضى عَلَيْهِ بِالنّكُولِ لَا برد الْيَمين عَلَيْهِ، فَيقْضى لَهُ لَو حلف كَمَا هُوَ عِنْد الشَّافِعِي اسْتِدْلَالا بِقَضَاء رَسُول الله بِشَاهِد وَيَمِين، فَإِن هَذَا الحَدِيث غَرِيب والتقسيم: التكثير من الْأَعْلَى إِلَى الْأَسْفَل والتحليل: هُوَ تَكْثِير الوسايط وإعادة الْمُقدمَات من الْأَسْفَل إِلَى الْأَعْلَى، وَإِنَّمَا يذكر للانتفاء والتحديد: تَصْوِير وَنقش لصورة الْمَحْدُود فِي الذِّهْن، وَلَا حكم فِيهِ أصلا فالحاد إِنَّمَا ذكر الْمَحْدُود ليتوجه الذِّهْن إِلَى مَا هُوَ مَعْلُوم من وَجه مَا، ثمَّ يرسم فِيهِ صُورَة أُخْرَى أتم من الأولى، لَا ليحكم بِالْحَدِّ عَلَيْهِ، إِذْ لَيْسَ هُوَ يصور التَّصْدِيق بِثُبُوتِهِ لَهُ، فَمَا مثله إِلَّا كَمثل النقاش، إِلَّا أَن الحاد ينقش فِي الذِّهْن صُورَة معقولة وَهَذَا ينقش فِي اللَّوْح صُورَة محسوسة والتحديد: هُوَ فعل الْحَد وَذكر الْأَشْيَاء بحدودها الدَّالَّة على حقائقها دلَالَة تفصيلية والتقسيم البديعي: هُوَ ذكر مُتَعَدد ثمَّ إِضَافَة مَا لكل إِلَيْهِ على التَّبْعِيض ليخرج اللف والنشر نَحْو قَوْله: (وَلَا يُقيم على ضيم يُرَاد بِهِ ... إِلَّا الأذلان غير الْحَيّ والوتد) (هَذَا على الْخَسْف مربوط برمتِهِ ... وَذَا يشج فَلَا يرثي لَهُ أحد)

قَالَ السكاكي: هُوَ أَن يُرِيد الْمُتَكَلّم شَيْئا ذَا جزأين أَو أَكثر، ثمَّ يضيف إِلَى كل وَاحِد من أَجْزَائِهِ مَا هُوَ لَهُ، وَقيل: هُوَ أَن يُرِيد الْمُتَكَلّم معتددا أَو مَا هُوَ فِي حكم المتعدد، ثمَّ يذكر لكل وَاحِد من المعتددات حكمه على التَّعْيِين، وَالْكل رَاجع إِلَى مَقْصُود وَاحِد التَّضْمِين: هُوَ إشراب معنى فعل لفعل ليعامل مُعَامَلَته وَبِعِبَارَة أُخْرَى: هُوَ أَن يحمل اللَّفْظ معنى غير الَّذِي يسْتَحقّهُ بِغَيْر آلَة ظَاهِرَة وَالْعدْل: هُوَ أَن تُرِيدُ لفظا فتعدل عَنهُ إِلَى غَيره ك (عمر) من (عَامر) والمعدول عَن اللَّام يجوز إظهارها مَعَه، وَلذَلِك أعرب، والمتضمن لَهَا لَا يجوز إظهارها مَعَه كأسماء الِاسْتِفْهَام وَالشّرط المتضمنة معنى الْحَرْف وَلذَلِك بني التَّضْمِين ثمَّ الْأَسْمَاء المتضمنة للحرف على ثَلَاثَة أضْرب: ضرب: لَا يجوز إِظْهَار الْحَرْف مَعَه نَحْو (من) و (كم) فِي الِاسْتِفْهَام فَلَا يُقَال: (أَمن) وَلَا (أكم) حذار التّكْرَار فيبنى لَا محَالة وَضرب: يكون الْحَرْف المتضمن مرَادا كالمنطوق بِهِ، لَكِن عدل عَن النُّطْق بِهِ إِلَى النُّطْق بِدُونِهِ، فَكَأَنَّهُ ملفوظ بِهِ، وَلَو كَانَ ملفوظا بِهِ لما يبْنى الِاسْم، وَكَذَلِكَ إِذا عدل عَن النُّطْق بِهِ وَضرب: وَهُوَ الْإِضَافَة والظرف إِن شِئْت أظهرت الْحَرْف، وَإِن شِئْت لم تظهر، نَحْو: (قُمْت الْيَوْم) و (قُمْت فِي الْيَوْم) فَلَمَّا جَازَ إِظْهَاره لم يبن قَالَ بَعضهم: التَّضْمِين: هُوَ أَن يسْتَعْمل اللَّفْظ فِي مَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ، وَهُوَ الْمَقْصُود أَصَالَة، لَكِن قصد تبعيته معنى آخر يُنَاسِبه من غير أَن يسْتَعْمل فِيهِ ذَلِك اللَّفْظ أَو يقدر لَهُ لفظ آخر، فَلَا يكون التَّضْمِين من بَاب الْكِنَايَة، وَلَا من بَاب الْإِضْمَار بل من قبيل الْحَقِيقَة الَّتِي قصد بِمَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ معنى آخر يُنَاسِبه ويبتعه فِي الْإِرَادَة وَقَالَ بَعضهم: التَّضْمِين: إِيقَاع لفظ موقع غَيره لتَضَمّنه مَعْنَاهُ، وَهُوَ نوع من الْمجَاز، وَلَا اخْتِصَاص للتضمين بِالْفِعْلِ، بل يجْرِي فِي الِاسْم أَيْضا قَالَ التَّفْتَازَانِيّ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الله فِي السَّمَاوَات وَفِي الأَرْض} لَا يجوز تعلقه بِلَفْظَة (الله) لكَونه اسْما لَا صفة، بل هُوَ مُتَعَلق بِالْمَعْنَى الوصفي الَّذِي ضمنه اسْم (الله) كَمَا فِي قَوْلك: (هُوَ حَاتِم من طي) على تضمين معنى الْجواد وجريانه فِي الْحَرْف ظَاهر فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا ننسخ من آيَة} فَإِن (مَا) تضمن معنى (إِن) الشّرطِيَّة وَلذَلِك لزم جزم الْفِعْل وكل من الْمَعْنيين مَقْصُود لذاته فِي التَّضْمِين، إِلَّا أَن الْقَصْد إِلَى أَحدهمَا وَهُوَ الْمَذْكُور بِذكر مُتَعَلقَة يكون تبعا للْآخر وَهُوَ الْمَذْكُور بِلَفْظِهِ وَهَذِه التّبعِيَّة فِي الْإِرَادَة من الْكَلَام فَلَا يُنَافِي كَونه مَقْصُودا لذاته فِي الْمقَام؛ وَبِه يُفَارق التَّضْمِين الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز، فَإِن كلا من الْمَعْنيين فِي صُورَة الْجمع مُرَاد من الْكَلَام لذاته، مَقْصُود فِي الْمقَام أَصَالَة، وَلذَلِك اخْتلف فِي صِحَّته مَعَ الِاتِّفَاق فِي صِحَة التَّضْمِين والتضمين سَمَاعي لَا قياسي، وَإِنَّمَا يذهب إِلَيْهِ

عِنْد الضَّرُورَة أما إِذا أمكن إِجْرَاء اللَّفْظ على مَدْلُوله فَإِنَّهُ يكون أولى وَكَذَا الْحَذف والإيصال، لَكِن لشيوعهما صَار كالقياس حَتَّى كثر للْعُلَمَاء التَّصَرُّف وَالْقَوْل بهما فِيمَا لَا سماح فِيهِ وَنَظِيره مَا ذكره الْفُقَهَاء من أَن مَا ثَبت على خلاف الْقيَاس إِذا كَانَ مَشْهُورا يكون كالثبات بِالْقِيَاسِ فِي جَوَاز الْقيَاس عَلَيْهِ وَجَاز تضمين اللَّازِم الْمُتَعَدِّي مثل: {سفه نَفسه} فَإِنَّهُ مُتَضَمّن ل (أهلك) وَفَائِدَة التَّضْمِين هِيَ أَن تُؤدِّي كلمة مؤدى كَلِمَتَيْنِ، فالكلمتان معقودتان مَعًا قصدا وتبعا؛ فَتَارَة يَجْعَل الْمَذْكُور أصلا والمحذوف حَالا، كَمَا قيل فِي قَوْله تَعَالَى: {ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} كَأَنَّهُ قيل: ولتكبروا الله حامدين على مَا هدَاكُمْ وَتارَة بِالْعَكْسِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين يُؤمنُونَ بِمَا أنزل إِلَيْك} أَي: يعترفون بِهِ مُؤمنين وَمن تضمين لفظ معنى لفظ آخر قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تعد عَيْنَاك عَنْهُم} أَي: لَا تفتهم عَيْنَاك مجاوزين إِلَى غَيرهم {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم إِلَى أَمْوَالكُم} أَي وَلَا تضموها آكلين و {من أَنْصَارِي إِلَى الله} أَي: من ينضاف فِي نصرتي إِلَى الله و {هَل لَك إِلَى أَن تزكّى} أَي أَدْعُوك وأرشدك إِلَى أَن تزكّى و {وَمَا يَفْعَلُوا من خير فَلَنْ يكفروه} أَي: فَلَنْ يحرموه، فعدي إِلَى اثْنَيْنِ و {وَلَا تعزموا عقدَة النِّكَاح} أَي: لَا تنووه، فعدي بِنَفسِهِ لَا بعلى {وَلَا يسمعُونَ إِلَى الْمَلأ الْأَعْلَى} أَي: لَا يصغون فعدي بإلى، وَأَصله أَن يتَعَدَّى بِنَفسِهِ وَنَحْو (سمع الله لمن حَمده) أَي: اسْتَجَابَ فعدي بِاللَّامِ {وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح} أَي: يُمَيّز: وَمن هَذَا الْفَنّ فِي اللُّغَة شَيْء كثير لَا يكَاد يحاط بِهِ وَمن تضمين لفظ لفظا آخر قَوْله تَعَالَى: {هَل أنبئكم على من تنزل الشَّيَاطِين} إِذْ الأَصْل (أَمن) حذف حرف الِاسْتِفْهَام وَاسْتمرّ الِاسْتِعْمَال على حذفه كَمَا فِي (هَل) فَإِن الأَصْل (أهل) ، فَإِذا أدخلت حرف الْجَرّ فَقدر الْهمزَة قبل حرف الْجَرّ فِي ضميرك، كَأَنَّك تَقول: (أَعلَى من تنزل الشَّيَاطِين) كَقَوْلِك: (أَعلَى زيد مَرَرْت؟) وَهَذَا تضمين لفظ لفظا آخر والتضمين يُطلق أَيْضا على إدراج كَلَام الْغَيْر فِي أثْنَاء الْكَلَام لقصد تَأْكِيد الْمَعْنى أَو تَرْتِيب النّظم؛ وَهَذَا هُوَ النَّوْع البديعي كإبداع حكايات المخلوقين فِي الْقُرْآن التَّأْكِيد: هُوَ أَن يكون اللَّفْظ لتقرير الْمَعْنى الْحَاصِل قبله وتقويته والتأسيس: هُوَ أَن يكون لإِفَادَة معنى آخر لم يكن حَاصِلا قبله وَيُسمى الأول إِعَادَة وَالثَّانِي إِفَادَة؛

والإفادة أولى وَإِذا دَار اللَّفْظ بَينهمَا تعين الْحمل على التأسيس وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابنَا: لَو قَالَ لزوجته (أَنْت طَالِق طَالِق طَالِق) طلقت ثَلَاثًا، وَإِن قَالَ: عنيت التَّأْكِيد صدق ديانَة لَا قَضَاء والتأكيد إِذا كَانَ ضميرا لَا يُؤَكد بِهِ إِلَّا مُضْمر، والفصل لَيْسَ كَذَلِك، بل يَقع بعد الظَّاهِر والمضمر والتأكيد يُفِيد مَعَ التقوية نفي احْتِمَال الْمجَاز وَلَيْسَ كَذَلِك التَّابِع وَالْحق أَن التَّابِع لَا يُفِيد التقوية اسْتِقْلَالا، بِخِلَافِهِ تَابعا وَلَعَلَّ مُرَاد الْبَيْضَاوِيّ هَذَا من قَوْله، إِذْ التَّابِع لَا يُفِيد وَالتَّابِع من شَرطه أَن يكون على زنة الْمَتْبُوع، والتأكيد لَا يكون كَذَلِك والتأكيد: يرفع الْإِبْهَام عَن نفس الْمَتْبُوع فِي النِّسْبَة، وَيرْفَع أَيْضا إِبْهَام مَا عَسى يتَوَهَّم فِي النِّسْبَة والتأكيد بِذكر مَا هُوَ كالعلة أقوى من التَّأْكِيد بالتكرار الْمُجَرّد والتكرار إِعَادَة الشَّيْء، فعلا كَانَ أَو قولا، وَتَفْسِيره بِذكر الشَّيْء مرّة بعد أُخْرَى اصْطِلَاح والتأكيد كَمَا يكون لإِزَالَة الشَّك وَنفي الْإِنْكَار مَعَ السَّامع كَذَلِك يكون لصدق الرَّغْبَة ووفور النشاط من الْمُتَكَلّم ونيل الرواج وَالْقَبُول من السَّامع، وَكَون الْخَبَر على خلاف مَا يترقب نَحْو: {رب إِن قومِي كذبون} و {رب إِنِّي وَضَعتهَا أُنْثَى} ، وتحسين إتْيَان ضمير الشَّأْن نَحْو: {إِنَّه لَا يفلح الْكَافِرُونَ} وَكَذَلِكَ ترك التَّأْكِيد فَإِنَّهُ كَمَا يكون لعدم الْإِنْكَار يكون أَيْضا لعدم الْبَاعِث والمحرك من جِهَة الْمُتَكَلّم، وَلعدم الرواج وَالْقَبُول من جِهَة السَّامع وَقد يكون التَّأْكِيد لرد ظن الْمُتَكَلّم كَقَوْلِك: (أَحْسَنت إِلَيْهِ ثمَّ أَسَاءَ إِلَيّ) أَو لإِظْهَار كَمَال الْعِنَايَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنَّك لمن الْمُرْسلين} أَو كَمَال التضرع والابتهال نَحْو: {إننا آمنا} أَو كَمَال الْخَوْف نَحْو: {إِنَّك من تدخل النَّار فقد أخزيته} إِلَى غير ذَلِك من الْمعَانِي الَّتِي تناسب التَّأْكِيد بِوَجْه خطابي وَالشَّيْء إِمَّا أَن يُؤَكد بِنَفسِهِ وَيُسمى التَّأْكِيد اللَّفْظِيّ كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " لأغزون قُريْشًا " ثَلَاثًا، أَو يُؤَكد بِغَيْرِهِ وَيُسمى التَّأْكِيد الْمَعْنَوِيّ، وَحِينَئِذٍ إِمَّا أَن يكون تَأْكِيدًا للمفرد، وَهُوَ الْمُقَابل للجملة، سَوَاء كَانَ تَأْكِيدًا للْوَاحِد مذكرا أَو مؤنثا، كَلَفْظِ النَّفس وَالْعين، أَو تَأْكِيدًا لتثنية الْمُذكر أَو الْمُؤَنَّث، كلفظة (كل) و (أَجْمَعِينَ) وأخواته؛ وَإِمَّا أَن يكون تَأْكِيدًا للجملة كلفظة (إِن) وَأَخَوَاتهَا والفصل بَين المعطوفين يقوم مقَام التَّأْكِيد، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لقد كُنْتُم أَنْتُم وآباؤكم فِي ضلال مُبين} و {مكروا مَكْرهمْ} ك {سعى لَهَا سعيها} يحْتَمل التَّأْكِيد وَالنَّوْع و (جَلَست

جُلُوسًا) للتَّأْكِيد و (جلْسَة) بِالْكَسْرِ للنوع وبالفتح فِي الْعدَد لبَيَان الْمرة وأدوات التَّأْكِيد: (إِن) و (أَن) الْمَفْتُوحَة على مَذْهَب التنوخي الْقَائِل بِأَنَّهَا لتأكيد النِّسْبَة، وَلَام الِابْتِدَاء، وَالْقسم، و (أَلا) الاستفتاحية، و (أما) و (هَا) التَّنْبِيه، و (كَأَن) و (لَكِن) و (لَيْت) و (لَعَلَّ) ، وَضمير الشَّأْن، وَضمير الْفَصْل، و (أما) فِي تَأْكِيد الشَّرْط، و (قد) و (السِّين) ، و (سَوف) ، والنونات فِي تَأْكِيد الفعلية، و (لَا) التبرئة، و (لن) و (لما) فِي تَأْكِيد النَّفْي ويتفاوت التَّأْكِيد بِحَسب قُوَّة الْإِنْكَار وَضَعفه، وَإِذا اجْتمعت (إِن) وَاللَّام كَانَ بِمَنْزِلَة تَكْرِير الْجُمْلَة ثَلَاث مَرَّات، اثْنَتَانِ ل (إِن) وَوَاحِدَة للام، وَكَذَلِكَ نون التوكيد الشَّدِيدَة بِمَنْزِلَة تَكْرِير الْفِعْل ثَلَاثًا، والخفيفة بِمَنْزِلَة تكريره مرَّتَيْنِ والتأكيد الْمَعْنَوِيّ ب (كل) و (أجمع) و (كلا) و (كلتا) وَفَائِدَته رفع توهم الْمجَاز فِي الْمسند إِلَيْهِ وَعدم الشُّمُول والإحاطة بِجَمِيعِ الْأَفْرَاد وَيمْتَنع التَّأْكِيد ب (كل) إِذا أضيفت إِلَى ظَاهر، أَو إِلَى ضمير مَحْذُوف وَلَا يُؤَكد ب (كل) و (أجمع) إِلَّا ذُو أَجزَاء يَصح افتراقها حسا وَحكما، [قَالَ الزّجاج والمبرد فِي قَوْله تَعَالَى: {فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ} إِن (كلهم) دلّ على الْإِحَاطَة و (أَجْمَعُونَ) على أَن السُّجُود مِنْهُم فِي حَالَة وَاحِدَة حملا على الإفادة دون الْإِعَادَة] وَفَائِدَة (أَجْمَعِينَ) فِي قَوْله: {لأملأن جَهَنَّم من الْجنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ} إِمَّا استغراق أَفْرَاد العصاة وشمولها بِتَقْدِير الْمُضَاف، وَإِمَّا بَيَان أَن الداخلين فِي جَهَنَّم لَيْسُوا مقصورين على أحد الْفَرِيقَيْنِ؛ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي شُمُول أَفْرَاد كلا الْفَرِيقَيْنِ، لَكِن الْأَخير يدل على جَوَاز وُقُوع (أَجْمَعِينَ) تَأْكِيدًا للمثنى وَهُوَ مَحل بحث وَلَعَلَّ المُرَاد من الْجنَّة وَالنَّاس التابعون لأبليس، وَقد ورد {لأملأن جَهَنَّم مِنْك وَمِمَّنْ تبعك مِنْهُم أَجْمَعِينَ} فَلَا مَحْذُور والتأكيد اللَّفْظِيّ: هُوَ تكْرَار اللَّفْظ إِمَّا بمرادف نَحْو: {ضيقا حرجا} بِكَسْر الرَّاء، وَالْعرب تقدم الْأَشْهر ثمَّ تؤكده تَقول (أسود غربيب) فاستشكل بقوله تَعَالَى: {غرابيب سود} [وَالْجَوَاب أَن (سود) بدله لِأَن توكيد الألوان لَا يتَقَدَّم] فَتَأمل، وَإِمَّا بِلَفْظِهِ وَيكون فِي الِاسْم نَحْو: {دكا دكا} ، وَفِي الْفِعْل نَحْو: {فمهل الْكَافرين أمهلهم رويدا} وَفِي اسْم الْفِعْل نَحْو: {هَيْهَات هَيْهَات لما توعدون} وَفِي الْحَرْف نَحْو: {فَفِي الْجنَّة خَالِدين فِيهَا} ، وَفِي الْجُمْلَة نَحْو: {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا وَإِن مَعَ الْعسر يسرا} وَمن هَذَا النَّوْع تَأْكِيد الضَّمِير الْمُتَّصِل بالمنفصل نَحْو: {فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك} والمنفصل بِمثلِهِ نَحْو: (وهم بِالآخِرَة هم

كافرون} وتأكيد الْفِعْل بمصدره وَهُوَ عوض عَن تكْرَار الْفِعْل مرَّتَيْنِ وَفَائِدَته دفع توهم الْمجَاز فِي الْفِعْل نَحْو: {وسلموا تَسْلِيمًا} {} (وتسير الْجبَال سيرا} وَالْأَصْل فِي هَذَا النَّوْع أَن ينعَت الْوَصْف المُرَاد كَقَوْلِه تَعَالَى: {اذْكروا الله ذكرا كثيرا} {} (وسرحوهن سراحا جميلا} وَقد يُضَاف وَصفه إِلَيْهِ نَحْو: {اتَّقوا الله حق تُقَاته} وَقد يُؤَكد بمصدر فعل آخر نَحْو: {وتبتل إِلَيْهِ تبتيلا} والتبتل مصدر (بتل) أَو اسْم عين نِيَابَة الْمصدر نَحْو: {أنبتكم من الأَرْض نباتا} أَي: إنباتا، إِذْ النَّبَات اسْم عين وَالْحَال الْمُؤَكّدَة نَحْو: {وَيَوْم أبْعث حَيا} . والتكرير أبلغ من التَّأْكِيد، وَله فَوَائِد مِنْهَا: التَّقْرِير وَقد قيل: الْكَلَام إِذا تكَرر تقرر وَمِنْهَا زِيَادَة التَّنْبِيه على مَا يَنْفِي التُّهْمَة ليكمل تلقي الْكَلَام بِالْقبُولِ، وَهُوَ مَعَ التَّأْكِيد يجامعه ويفارقه وَيزِيد عَلَيْهِ وَينْقص عَنهُ، فَإِن التَّأْكِيد قد يكون تَكْرَارا وَقد لَا يكون، وَقد يكون التكرير غير تَأْكِيد صناعَة وَإِن كَانَ مُفِيدا للتَّأْكِيد معنى وَمِنْه مَا وَقع فِيهِ الْفَصْل بَين المكررين كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نسَاء الْعَالمين} والتأكيد لَا يفصل بَينه وَبَين مؤكده وَالْكَلَام الابتدائي الْمُجَرّد، والطلبي الْمُؤَكّد اسْتِحْسَانًا، والإنكاري الْمَذْكُور وجوبا، فَهَذِهِ الْأَقْسَام الثَّلَاثَة ظَاهِرَة الجريان بأسرها فِي إِفَادَة الحكم دون إِفَادَة لَازمه، لِأَن الْمُؤَكّد إِذا ذكر كَانَ التَّأْكِيد رَاجعا بِحَسب الظَّاهِر إِلَى الْفَائِدَة لَا إِلَى اللَّازِم وتأكيد الْمَدْح بِمَا يشبه الذَّم وَعَكسه نَحْو قَوْله: (وَلَا عيب فيهم غير أَن ضيوفهم ... تلام بنسيان الْأَحِبَّة والوطن) أكدت: أَجود فِي عقد الْإِيمَان، ووكدت: أَجود فِي القَوْل وَفِي " الدِّيوَان ": وكده أفْصح من أكده التَّشْبِيه: فِي اللُّغَة التَّمْثِيل مُطلقًا؛ وَفِي الِاصْطِلَاح: هُوَ الدّلَالَة على اشْتِرَاك شَيْئَيْنِ فِي وصف من أَوْصَاف الشَّيْء الْوَاحِد فِي نَفسه [والتشبيه الاصطلاحي الَّذِي يبتنى عَلَيْهِ الِاسْتِعَارَة: هُوَ أخص من مُطلق التَّشْبِيه اللّغَوِيّ فَإِنَّهُ أَعم من أَن يكون على وَجه الِاسْتِعَارَة أَو على وَجه يبتنى عَلَيْهِ الِاسْتِعَارَة أَو غير ذَلِك] والتشبيه، على مَا قَالَه الشَّيْخ عز الدّين إِن كَانَ بِحرف فَهُوَ حَقِيقَة، وَإِلَّا فمجاز بِنَاء على أَن الْحَذف من بَاب الْمجَاز، وَالصَّحِيح، أَنه حَقِيقَة، وَله أَلْفَاظ تدل عَلَيْهِ وضعا، وَلَيْسَ فِيهِ نقل اللَّفْظ

عَن مَوْضُوعه، وَإِنَّمَا هُوَ تَوْطِئَة لمن يسْلك سَبِيل الِاسْتِعَارَة والتمثيل لِأَنَّهُ كالأصل لَهما، وَالَّذِي يَقع مِنْهُ فِي حيّز الْمجَاز عِنْد أهل البديع هُوَ الَّذِي يَجِيء على حد الِاسْتِعَارَة كَقَوْلِك لمن يتَرَدَّد فِي أَمر بَين أَن يَفْعَله أَو يتْركهُ: (إِنِّي أَرَاك تقدم رجلا وتؤخر أُخْرَى) وَالْأَصْل: (أَرَاك فِي ترددك كمن يقدم رجلا وَيُؤَخر أُخْرَى) وَمن الشُّرُوط اللَّازِمَة فِي التَّشْبِيه أَن يشبه البليغ الأدون بالأعلى إِذا أَرَادَ الْمَدْح، والبلاغة فِي الهجو بِالْعَكْسِ وأداته الْكَاف {كرماد} و (كَأَن) {كَأَنَّهُ رُؤُوس الشَّيَاطِين} و (شبه) و (مثل) {مثل مَا يُنْفقُونَ} وَلَا يسْتَعْمل (مثل) إِلَّا فِي حَال أَو صفة لَهَا شَأْن، وفيهَا غرابة، والمصدر الْمُقدر بِتَقْدِير الأداة كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَهِي تمر مر السَّحَاب} وَرُبمَا يذكر فعل يُنبئ عَن حَال التَّشْبِيه فِي الْقرب والبعد والأداة محذوفة مقدرَة لعدم استقامة الْمَعْنى بِدُونِهَا نَحْو: {يحسبه الظمآن مَاء} {يخيل إِلَيْهِ من سحرهم أَنَّهَا تسْعَى} وَالْأَصْل دُخُول أَدَاة التَّشْبِيه على الْمُشبه بِهِ، وَقد تدخل على الْمُشبه، إِمَّا لقصد الْمُبَالغَة نَحْو: {قَالُوا إِنَّمَا البيع مثل الرِّبَا} {أَفَمَن يخلق كمن لَا يخلق} وَإِمَّا لوضوح الْحَال نَحْو: {وَلَيْسَ الذّكر كالأنثى} وَقد تدخل على غَيرهمَا ثِقَة بفهم الْمُخَاطب نَحْو: {كونُوا أنصار الله كَمَا قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم} وَالْمرَاد: كونُوا أنصار الله خالصين فِي الانقياد كشأن مخاطبي عِيسَى إِذْ قَالُوا والتشبيه المقلوب كَقَوْلِه: (وبدا الْمِصْبَاح كَأَن غرته ... وَجه الْخَلِيفَة حِين يمتدح) وَقد نظمت فِيهِ: (لَا تقلب الشّبَه كلا فِيهِ مَا فِيهِ ... حق التشابيه تَشْبِيه بِمَا فِيهِ) (فالسهم فِي هدف كاللحظ فِي جَسَدِي ... والدر فِي صدف كالثغر فِي فِيهِ) (والبدر جَبهته والقوس حَاجِبه ... والجوهر الْفَرد فوه لَا يُنَافِيهِ) (وَلَا قِيَاس على تَشْبِيه خالقنا ... لنوره الْعِزّ فِيمَا لَا يوافيه) والتشبيه الْمُطلق: هُوَ أَن يشبه شَيْء بِشَيْء من غير عكس وَلَا تَبْدِيل كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَله الْجوَار الْمُنْشَآت فِي الْبَحْر كالأعلام} والتشبيه الْمَشْرُوط: هُوَ أَن يشبه شَيْء بِشَيْء لَو

ركناه وضعا وَاخْتلفَا فِي النقط مثل: (يسقين) و (يشفين) ، وَكَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لعَلي: كَانَ بِصفتِهِ كَذَا، أَو لَوْلَا أَنه بِصفتِهِ كَذَا كَقَوْلِه: (قد كَاد يحكيه صوب الْغَيْث منسكبا ... لَو كَانَ طلق الْمحيا يمطر الذهبا) (والدهر لَو لم يخن وَالشَّمْس لَو نطقت ... وَاللَّيْث لَو لم يصد وَالْبَحْر لَو عذبا) وتشبيه الْكِنَايَة: هُوَ أَن يشبه شَيْء بِشَيْء من غير أَدَاة التَّشْبِيه كَقَوْلِه: (وأستمطرت لؤلؤا من نرجس فسقت ... وردا وعضت على الْعنَّاب بالبرد) وتشبيه التَّسْوِيَة: هُوَ أَن يَأْخُذ صفة من صِفَات نَفسه وَصفَة من الصِّفَات الْمَقْصُودَة ويشبههما بِشَيْء وَاحِد كَقَوْلِه: (صدغ الحبيب وحالي ... كِلَاهُمَا كالليالي) (وثغره فِي صفاء ... وأدمعي كاللآلي) والتشبيه المعكوس: هُوَ أَن يشبه شَيْئَيْنِ كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالْآخرِ كَقَوْلِه: (رق الزّجاج وراقت الْخمر ... فتشابها فتشاكل الْأَمر) (فَكَأَنَّهُ خمر وَلَا قدح ... وَكَأَنَّهُ قدح وَلَا خمر) وتشبيه الْإِضْمَار: هُوَ أَن يكون مَقْصُوده التَّشْبِيه بِشَيْء، وَيدل ظَاهر لقطه على أَن مَقْصُوده غَيره كَقَوْلِه: (إِن كَانَ وَجهك شمعا ... فَمَا لجسمي يذوب) وتشبيه التَّفْضِيل: هُوَ أَن يشبه شَيْئا بِشَيْء ثمَّ يرجع فَيرجع الْمُشبه على الْمُشبه بِهِ كَقَوْلِه: (من قَاس جدواك بالغمام فَمَا ... أنصف فِي الحكم بَين شَيْئَيْنِ) (أَنْت إِذا جدت ضَاحِك أبدا ... وَهُوَ إِذا جاد دامع الْعين) وتشبيه محسوس بمحسوس: كتشبيه الخد بالورد واللين الناعم بالخز، ورائحة بعض الزهر بالمسك هَذَا فِي المحسوسات الأولى وَأما فِي المحسوسات الثَّانِيَة وَهِي الأشكال المستقيمة والمستديرة والمقادير والحركات كتشبيه المنتصب بِالرُّمْحِ، وَالْقد اللَّطِيف بالغصن، وَقد نظمت فِيهِ: (وقدك غُصْن البان خدك ورده ... وَذَلِكَ أَمر الْحق قد بَان مزهرا) وَالشَّيْء المستدير بالكرة وَالْحَلقَة، وعظيم الجثة بِالْجَبَلِ، والذاهب على الاسْتقَامَة بنفوذ السهْم

وَفِي الكيفيات الجسمانية، كالصلابة والرخاوة وَفِي الكيفيات النفسانية كالغرائز والأخلاق وَفِي حَالَة إضافية، كَمَا تَقول: (أَلْفَاظه كَالْمَاءِ فِي السلالة، وكالنسيم فِي الرقة، وكالعسل فِي الْحَلَاوَة) وتشبيه الْمَعْقُول بالمعقول كتشبيه الْوُجُود العاري عَن الْفَوَائِد بِالْعدمِ، وتشبيه الْفَوَائِد الَّتِي تبقى بعد عدم الشَّيْء بالوجود وتشبيه المقعول بالمحسوس، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب بقيعة} وَفِي مَوضِع آخر {كرماد اشتدت بِهِ الرّيح فِي يَوْم عاصف} وتشبيه المحسوس بالمعقول غير جَائِز، لِأَن الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة مستفادة من الْحَواس ومنتهية إِلَيْهَا، فَلَا يجوز جعل الْفَرْع أصلا وَالْأَصْل فرعا وَأما مَا جَاءَ فِي الْأَشْعَار فوجهه أَن يقدر الْمَعْقُول محسوسا على طَرِيق الْمُبَالغَة فرعا، فَيصح التَّشْبِيه حِينَئِذٍ، وَيقرب من هَذَا تَشْبِيه الْمَوْجُود بالمتخيل الَّذِي لَا وجود لَهُ فِي الْأَعْيَان، كتشبيه الْجَمْر بَين الرماد ببحر من الْمسك موجه الذَّهَب؛ وَذَلِكَ إِنَّمَا يتم أَن لَو فرض المتخيل من أُمُور كل وَاحِد مِنْهَا مَوْجُود فِي الْأَعْيَان فَحِينَئِذٍ يكون التَّشْبِيه حسنا [وَقد يذكر مَعَ التَّشْبِيه وَجه الشّبَه كَقَوْلِك: (فلَان كالأسد فِي الشجَاعَة أَو نَتن الْفَم) إِلَى غير ذَلِك وَقد يذكر مَعَه لأحد الطَّرفَيْنِ صفة تكون هِيَ منَاط وَجه التَّشْبِيه فِي ذَلِك الطّرف لينتقل مِنْهَا إِلَيْهِ كتشبيه الحبيب بالغزال الثني، وَذكر طيب النكهة مَقْرُونا بسواد الْخَال] وتوافق الطَّرفَيْنِ فِي الْإِفْرَاد والتعدد غير لَازم فَإِنَّهُ قد يَتَعَدَّد الْمُشبه بِهِ ويتحد الْمُشبه وَيُسمى تَشْبِيه التَّسْوِيَة؛ وَقد ينعكس الْأَمر وَيُسمى تشيبه الْجمع والتشبيه الْمُؤَكّد الَّذِي أجري فِيهِ الْمُشبه بِهِ على الْمُشبه نَحْو: (زيد أَسد) فَهُوَ اسْتِعَارَة عِنْد الْبَعْض وَأما التَّجْرِيد مثل: (لقِيت مِنْهُ أسدا) فَهُوَ تَشْبِيه عِنْد بعض؛ وَالِاخْتِلَاف فيهمَا رَاجع إِلَى الِاخْتِلَاف فِي تَفْسِير الِاسْتِعَارَة والتشبيه وَأما علو التَّشْبِيه فَهُوَ إِمَّا بإيهام اشْتِرَاك الْمُشبه مَعَ الْمُشبه بِهِ فِي جَمِيع أَوْصَافه، وَهُوَ بِحَذْف الْوَجْه، وَإِمَّا بإبهام الِاتِّحَاد بَينهمَا، وَهُوَ بِحَذْف الأداة، فَمَا لم يُوجد فِيهِ شَيْء من الْأَمريْنِ فَلَا علو فِيهِ من هَذِه الْحَيْثِيَّة، وَإِن كَانَ كلَاما بليغا فِي نَفسه، وَمَا وجد فِيهِ أَحدهمَا فَهُوَ عَال، وَمَا وجد فِيهِ كِلَاهُمَا فَهُوَ أَعلَى التَّجْرِيد: هُوَ أَن ينتزع من أَمر ذِي صفة أَمر آخر مماثل لَهُ فِي تِلْكَ الصّفة مُبَالغَة فِي كمالها فِيهِ حَتَّى كَأَنَّهُ بلغ من الاتصاف بِتِلْكَ الصّفة إِلَى حَيْثُ يَصح أَن ينتزع مِنْهُ مَوْصُوف آخر بِتِلْكَ الصّفة، وَيكون ب (من) التجريدية، كَقَوْلِه: (لي من فلَان صديق حميم) وبالباء التجريدية الدَّاخِلَة على المنتزع مِنْهُ نَحْو قَوْلهم: (لَئِن سَأَلت فلَانا لتسألن بِهِ الْبَحْر) وَيُمكن بِدُخُول بَاء الْمَعِيَّة والمصاحبة فِي المنتزع نَحْو قَوْله:

(وشوهاء تعدو بِي إِلَى صارخ الوغى ... بمستلئم مثل الفنيق المرحل) وَيكون بِدُخُول (فِي) فِي المنتزع نَحْو قَوْله تَعَالَى: {لَهُم فِيهَا دَار الْخلد} وَيكون بِدُونِ توَسط حرف نَحْو قَوْله: (وَلَئِن بقيت لأرحلن بغزوة ... تحوي الْغَنَائِم أَو يَمُوت كريم) يَعْنِي نَفسه وَيكون بطرِيق الْكِنَايَة نَحْو قَوْله: (يَا خير من يركب الْمطِي وَلَا ... يشرب كأسا بكف من بخلا) أَي: يشرب الكأس بكف الْجواد، فقد انتزع من الممدوح جوادا يشرب هُوَ الكأس بكفه على طَرِيق الْكِنَايَة، لِأَنَّهُ إِذا انْتَفَى عَنهُ الشّرْب بكف الْبَخِيل فقد أثبت لَهُ الشّرْب بكف كريم، وَمَعْلُوم أَنه يشرب بكف نَفسه، فالكريم نَفسه وَمن التَّجْرِيد مُخَاطبَة الْإِنْسَان نَفسه ثمَّ اعْلَم أَن التَّجْرِيد هُوَ حذف بعض مَعَاني اللَّفْظ وَإِرَادَة الْبَعْض وَيتَعَلَّق بِمَفْهُوم اللَّفْظ والالتفات على ماقالوا: هُوَ نقل معنوي لَا لَفْظِي فَقَط، فبينهما عُمُوم وخصوص من وَجه، كَمَا مر ذكره فِيمَا تقدم وَشَرطه أَن يكون الضَّمِير فِي الْمُنْتَقل إِلَيْهِ عَائِدًا فِي نفس الْأَمر إِلَى الْمُنْتَقل عَنهُ، فَمثل (أكْرم زيدا وَأحسن إِلَيْهِ) لَيْسَ التفاتا، فَإِن ضمير فَاعل (أكْرم) غير الضَّمِير فِي (إِلَيْهِ) وَمثل (إِنِّي أخاطبك فأجب الْمُخَاطب) تَجْرِيد، لِأَن ضمير النِّسْبَة وَاقع مَوْضِعه، وَلَيْسَ ذَلِك وضعا لضمير الْغَائِب مَوضِع ضمير الْمُتَكَلّم؛ وَكَذَلِكَ {وَمَالِي لَا أعبد الَّذِي فطرني وَإِلَيْهِ ترجعون} لِأَن الضَّمِير وَاقع فِي مَحَله فَهُوَ الْتِفَات وَتَجْرِيد على رَأْي السكاكي، وعَلى رَأْي غَيره هُوَ تَجْرِيد فَقَط وَمثل قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى إِذا تكلم فِي الْفلك وجرين بهم} تَجْرِيد والتفات؛ إِذْ الضميران فِي نفس الْأَمر لشَيْء وَاحِد، وبالادعاء لشيئين وَفِي قَوْله تَعَالَى: {وَالله الَّذِي أرسل الرِّيَاح} إِلَى آخِره فِي لفظ الْجَلالَة على رَأْي السكاكي الْتِفَات وَتَجْرِيد، وعَلى رَأْي غَيره تَجْرِيد فَقَط، وَقَوله: (فسقناه) الْتِفَات على رأيهما وَقَوله: (الْحَمد لله) الْتِفَات على رَأْي السكاكي وَتَجْرِيد أَيْضا، و {وَإِيَّاك نعْبد} الْتِفَات لَا تَجْرِيد وَمثل: (رَأَيْت مِنْهُ أسدا} تَجْرِيد؛ وَمثل: (تطاول ليلك) و (يكلفني ليلِي) ؛ و (فسقناه) الْتِفَات دون تَجْرِيد على رَأْي الْجُمْهُور وَمثل: {فصل لِرَبِّك وانحر} الْتِفَات وَتَجْرِيد وَلَا وَاحِد مِنْهُمَا كغالب الْقُرْآن وَوضع الظَّاهِر مَوضِع الْمُضمر قد يجمتع مَعَ الِالْتِفَات، كَمَا فِي مثل قَوْله تَعَالَى: {وَالله الَّذِي أرسل الرِّيَاح} و (أَمِير الْمُؤمنِينَ يَأْمُرك بِكَذَا) وينفرد الِالْتِفَات فِي نَحْو: (تطاول ليلك)

وَقد ينْفَرد وضع الظَّاهِر عَن الِالْتِفَات كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن أَبَانَا لفي ضلال مُبين} وينفرد وضع الْمُضمر مَوضِع الظَّاهِر عَن الِالْتِفَات فِي نَحْو: (نعم رجلا زيد) ، لِأَن الضَّمِير وَالظَّاهِر كِلَاهُمَا على أسلوب الْغَيْبَة وينفرد الِالْتِفَات عَنهُ كثيرا نَحْو: وَبَات وباتت لَهُ لَيْلَة ويجتمعان فِي قَول (الْخَلِيفَة نعم الرجل أَمِير الْمُؤمنِينَ) وَأما على رَأْي غير السكاكي فَوضع الظَّاهِر مَوضِع الْمُضمر والالتفات قد يَجْتَمِعَانِ مثل: {فصل لِرَبِّك} وَقد ينْفَرد الِالْتِفَات وَهُوَ الْغَالِب مثل: {إياك نعْبد} وَقد ينْفَرد وضع الظَّاهِر مثل: (الْحَمد لله) وَوضع الْمُضمر مَوضِع الظَّاهِر لَا يجْتَمع مَعَ الِالْتِفَات التَّجْنِيس: تفعيل من الْجِنْس، وَمِنْهُم من يَقُول من الجناس، وَمِنْهُم من يَقُول من المجانسة، لِأَن إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ إِذا شابهت الْأُخْرَى وَقع بَينهمَا مفاعلة الجنسية والمجانسة والجناس: مصدر (جانس) وَمِنْهُم من يَقُول من (التجانس) وَهُوَ التفاعل من الْجِنْس أَيْضا وَلما انقسم أقساما كَثِيرَة وتنوع أنواعا عديدة تنزل منزلَة الْجِنْس الَّذِي يصدق على كل وَاحِد من أَنْوَاعه، فَهُوَ حِينَئِذٍ جنس وَمن أَنْوَاعه التلفيق: وَهُوَ مَا تماثل ركناه وَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا مركبا من كَلِمَتَيْنِ فَصَاعِدا كَقَوْلِه: (إِلَى حتفي مَشى قدمي ... أرى قدمي أراق دمي) والمركب: وَهُوَ مَا كَانَ أحد ركنيه مركبا من كَلِمَتَيْنِ وَالْآخر لَيْسَ بمركب مثل: (سلعا) و (سل عَن) ؛ و (سل سَبِيلا) و (سلسبيلا) والمذيل: وَهُوَ مَا زَاد أحد ركنيه على الآخر إِمَّا حرفا وَاحِدًا فِي آخِره أَو حرفين، فَصَارَ لَهُ كالذيل نَحْو: (هُوَ حام حَامِل لأعباء الْأُمُور) و (كَاف كافل بمصالح الْجُمْهُور) واللاحق: وَهُوَ مَا أبدل من أحد ركنيه حرف من غير مخرجه وَلَا قريب مِنْهُ، فَإِن كَانَ من مخرجه سمي مضارعا وَالْمرَاد بالمضارع هَهُنَا المشابه نَحْو: {وهم ينهون عَنهُ وينأون عَنهُ} واللاحق ك (الْيَمين) و (الثمين) والتام وَهُوَ مَا تماثل ركناه واتفقا لفظا وَاخْتلفَا معنى من غير تفَاوت فِي تَصْحِيح تركيبهما وَلَا اخْتِلَاف فِي حركاتهما كَقَوْلِهِم: (زائر السُّلْطَان الجائر كزائر اللَّيْث الزائر) وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {يكَاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقلب الله اللَّيْل وَالنَّهَار إِن فِي ذَلِك لعبرة لأولي الْأَبْصَار} والمطرف: وَهُوَ مَا زَاد أحد ركنيه على الآخر حرفا فِي طرفه الأول، وَهُوَ عكس المذيل ك (السَّاق) و (المساق) والمصحف: وَيُسمى جناس الْخط، وَهُوَ مَا تماثل

" قصر ثَوْبك فَإِنَّهُ أتقى وأنقى وَأبقى " والمحرف: وَهُوَ مَا اتّفق ركناه فِي أعداد الْحُرُوف وترتيبها وَاخْتلفَا فِي الحركات، سَوَاء كَانَا من اسْمَيْنِ أَو من فعلين أَو من اسْم وَفعل، أَو من غير ذَلِك، فَإِن الْقَصْد فِيهِ اخْتِلَاف الحركات ك (الشدَّة) و (الشدَّة) وَفِي قَوْله وَتَعَالَى: {وَلَقَد أرسلنَا فيهم منذرين فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُنْذرين} وكقول الْقَائِل (وَلما أَرَانِي الشّعْر وَهُوَ مذيل ... وجانب ذَاك الصدغ وَهُوَ مطرف) (بدا بخمار من خمار بريقه ... فَقلت لَهُ هَذَا الجناس المحرف) واللفظي: هُوَ الَّذِي إِذا تماثل ركناه وتجانسا خطا خَالف أَحدهمَا الآخر بإبدال حرف فِيهِ مُنَاسبَة لفظية ك (ناضرة) و (ناظرة) ؛ وَسَماهُ قوم بجناس الْعَكْس وَهُوَ الَّذِي يشْتَمل كل وَاحِد من ركنيه على حرف آخر من غير زِيَادَة وَلَا نقص وَيُخَالف أَحدهمَا فِي التَّرْتِيب كَقَوْلِه تَعَالَى: {بَين بني إِسْرَائِيل} وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لصَاحب الْقُرْآن " اقْرَأ وارقأ " وَالْمُطلق: هُوَ الَّذِي كل ركن مِنْهُ يباين الآخر فِي الْمَعْنى نَحْو: {وَأسْلمت مَعَ سُلَيْمَان} ؛ {ليريه كَيفَ يواري} ؛ {وَإِن يردك بِخَير فَلَا راد لفضله} وَالْمعْنَى فِي الِاشْتِقَاق رَاجع إِلَى أصل وَاحِد كَقَوْلِه: فِي خَادِم أسود مَشْهُور بالظلم: (فعلك من لونك مستخرج ... وَالظُّلم مُشْتَقّ من الظُّلم) وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {إِذا وَقعت الْوَاقِعَة} وَقَوله: {أزفت الآزفة} وَالْقلب مِنْهُ كلا نَحْو: (حسامه فتح لأوليائه وحتف لأعدائه) ؛ وبعضا نَحْو: (اللَّهُمَّ اسْتُرْ عوراتنا وآمن روعاتنا) وَإِن وَقع أَحدهمَا فِي الأول وَالْآخر فِي الآخر يُسمى مجنحا ك (مرض) و (ضرم) وَإِن كَانَ التَّرْكِيب بِحَيْثُ لَو عكس حصل عينه فمستويا نَحْو: {كل فِي فلك} ، (كَبرت آيَات رَبك) ، (كن كَمَا أمكنك) ، (دَامَ علا الْعِمَاد) (سر فَلَا كبا بك الْفرس) ، (سور حماة بربها محروس) (آس أرملا إِذا عرا ... وآرع إِذا الْمَرْء أسا) وَالْإِشَارَة: وَيُسمى تجنيس الْكِنَايَة، وَهُوَ أَن لَا يظْهر بل يُشِير بِهِ، وَسبب وُرُود هَذَا النَّوْع فِي النّظم هُوَ أَن الشَّاعِر يقْصد المجانسة فِي بَيته بَين الرُّكْنَيْنِ من الجناس فَلَا يساعده الْوَزْن على إبرازهما فيضمر الْوَاحِد ويعدل بقوته إِلَى مرادف فِيهِ كِنَايَة تدل على الرُّكْن الْمُضمر فَإِن لم يتَّفق لَهُ مرادف الرُّكْن الْمُضمر يَأْتِي بِلَفْظَة فِيهَا كِنَايَة لفظية تدل عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يتَّفق فِي الْكَلَام المنثور، كَقَوْلِه:

(حلقت لحية مُوسَى باسمه ... وبهارون إِذا مَا قلبا) والإضمار: هُوَ أَن يضمر النَّاظِم ركني التَّجْنِيس، وَيَأْتِي فِي الظَّاهِر بِمَا يرادف الْمُضمر للدلالة عَلَيْهِ، فَإِن تعذر المرادف يَأْتِي بِلَفْظ فِيهِ كِنَايَة لَطِيفَة تدل على الْمُضمر بِالْمَعْنَى كَقَوْلِه: (جمع الصِّفَات الصَّالِحَات مليكنا ... فغدا بنصر الْحق مِنْهُ مؤيدا) (كَأبي الْأمين برايه وكجده ... أَنى توجه وَابْن يحيى فِي الندى) فَأَبُو الْأمين الرشيد وجده الْمَنْصُور وَابْن يحيى الْفضل فقد قصد الشَّاعِر أَن الممدوح رشيد فِي رَأْيه مَنْصُور أَنى توجه وَهُوَ الْفضل فِي الندى والطباق: هُوَ أَن تجمع بَين متضادين مَعَ مُرَاعَاة التقابل فَلَا يَجِيء باسم مَعَ فعل وَلَا بِفعل مَعَ اسْم، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وتحسبهم أيقاظا وهم رقود} التورية: وَتسَمى أَيْضا بالإيهام والتوجيه والتخييل، والتورية أولى بِالتَّسْمِيَةِ لقربها من مُطَابقَة الْمُسَمّى لِأَنَّهَا مصدر (وريت الْخَبَر تورية) إِذا سترته وأظهرت غَيره فَكَأَن الْمُتَكَلّم يَجعله وَرَاءه بِحَيْثُ لَا يظْهر وَهِي فِي الِاصْطِلَاح أَن يذكر الْمُتَكَلّم لفظا مُفردا لَهُ حقيقتان، أَو حَقِيقَة ومجاز أَحدهمَا قريب وَدلَالَة اللَّفْظ عَلَيْهِ ظَاهِرَة وَالْآخر بعيد وَدلَالَة اللَّفْظ عَلَيْهِ خُفْيَة، وَيُرِيد الْمُتَكَلّم الْمَعْنى الْبعيد، ويوري عَنهُ بالقريب فيوهم السَّامع أول وهلة أَنه يُرِيد الْمَعْنى الْقَرِيب وَلَيْسَ كَذَلِك؛ وَلِهَذَا سمي هَذَا النَّوْع إيهاما وَمثل ذَلِك قَوْله: (وحرف كنون تَحت رَاء وَلم يكن ... بدال يؤم الرَّسْم غَيره النقط) فَإِن المُرَاد الْمَعْنى الْبعيد المورى عَنهُ بالقريب هُوَ النَّاقة المهزولة المنحنية تَحت شخص يضْرب رئتها وَلم يرفق بهَا ويؤم بهَا دَارا غير الْمَطَر رسمها وَالْمعْنَى المتقارب الْمُتَبَادر أَولا إِلَى ذهن السَّامع حُرُوف الهجاء والتورية أَنْوَاع: مُجَرّدَة ومرشحة ومبينة ومهيأة فالمجردة: هِيَ الَّتِي لم يذكر فِيهَا لَازم من لَوَازِم المورى بِهِ، وَهُوَ الْمَعْنى الْقَرِيب وَلَا من لَوَازِم المورى عَنهُ، وَهُوَ الْمَعْنى الْبعيد، وَأعظم أَمْثِلَة هَذَا النَّوْع قَوْله تَعَالَى: {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} إِذْ للاستواء مَعْنيانِ: قريب وَهُوَ الِاسْتِقْرَار، وبعيد وَهُوَ الِاسْتِيلَاء وَأَنت تعلم أَن الْآيَة إِذا حملت على التَّمْثِيل فَلَا تورية فِيهَا والمرشحة: هِيَ الَّتِي يذكر فِيهَا لَوَازِم المورى بِهِ

قبل لفظ التورية أَو بعده فَمن أعظم شَوَاهِد مَا ذكر لَازمه قبل ذكره التورية قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّمَاء بنيناها بأيد} فَإِن قَوْله (بأيد) يحْتَمل الْجَارِحَة وَهُوَ الْمَعْنى الْقَرِيب المورى بِهِ، وَقد ذكر من لوزامه على جِهَة الترشيح (الْبناء) ، وَالْمعْنَى الْبعيد المورى عَنهُ هُوَ الْقُوَّة وعظمة الْخَالِق وَهُوَ المُرَاد وَالْآيَة أَيْضا إِذا حملت على التَّمْثِيل والتصوير على مَا هُوَ التَّحْقِيق فَلَا تورية فِيهَا وَمن أَمْثِلَة مَا ذكر لَازمه بعد لفظ التورية قَوْله: (مذ هَمت من وجدي فِي خالها ... وَلم أصل مِنْهُ إِلَى اللثم) (قَالَت قفوا وَاسْتَمعُوا مَا جرى ... خَالِي قد هام بِهِ عمي) فان الْمَعْنى الْقَرِيب المورى بِهِ خَال النّسَب، وَقد ذكر لَازمه بعد لفظ التورية على جِهَة الترشيح وَهُوَ الْعم والمبينة: هِيَ الَّتِي ذكر فِيهَا لَازم المورى عَنهُ قبل لفظ التورية أَو بعده وَمن أحسن الشواهد على مَا ذكر لَازم المورى عَنهُ قبل التورية قَوْله: (قَالُوا أما فِي جلق نزهة ... تنسيك من أَنْت بِهِ مغرى) (يَا عاذلي دُونك من لحظه ... سَهْما وَمن عَارضه سطرا) فَإِن السهْم والسطر موضعان بِدِمَشْق، وَذكر النزهة قبله هُوَ الْمُبين لَهما، وَالْمعْنَى الْقَرِيب سهم اللحظ وسطر الْعَارِض وَمن أَمْثِلَة مَا ذكر فِي المبنية لَازم المورى عَنهُ بعد لفظ التورية قَوْله: (أرى ذَنْب السرحان فِي الْأُفق ساطعا ... فَهَل مُمكن أَن الغزالة تطلع) وَقد نظمت فِيهِ أَيْضا: (أتطلع سلمى والرقيب أمامها ... وَمن ذَنْب السرحان بطء الغزالة) أَرَادَ بذنب السرحان ضوء الْفجْر وَهُوَ الْمَعْنى الْبعيد، وَقد بَينه بِذكر لَازمه بعده بقوله (ساطعا) ، وَكَذَا أَرَادَ بالغزالة الشَّمْس، وَهُوَ الْمَعْنى الْبعيد، وَقد بَينه بِذكر لَازمه وَهُوَ (تطلع) ، وَالْمعْنَى الْقَرِيب فِي كلا الْمَوْضِعَيْنِ الْحَيَوَان الْمَعْرُوف والمهيأة: هِيَ الَّتِي لَا تقع فِي التورية وَلَا تتهيأ إِلَّا بِاللَّفْظِ الَّذِي قبلهَا نَحْو قَوْله: (وسيرك فِينَا سيرة عمرية ... فروحت عَن قلب وفرجت عَن كرب) (وأظهرت فِينَا من سميك سنة ... فأظهرت ذَاك الْفَرْض من ذَلِك النّدب) فَإِن المُرَاد من الْفَرْض وَالنَّدْب مَعْنَاهُمَا الْبعيد وَهُوَ الْعَطاء بِالْفَرْضِ، وَالرجل السَّرِيع فِي الْحَوَائِج بالندب، وَلَوْلَا ذكر السّنة قبلهمَا لما تهيأت التورية فيهمَا، وَلم يفهم مِنْهُمَا الحكمان الشرعيان اللَّذَان صحت بهما التورية، أَو لَا تتهيأ إِلَّا بِاللَّفْظِ الَّذِي بعْدهَا نَحْو قَوْله: (لَوْلَا التطير بِالْخِلَافِ وَأَنَّهُمْ ... قَالُوا مَرِيض لَا يعود مَرِيضا) (لقضيت نحبا فِي جنابك خدمَة ... لأَكُون مَنْدُوبًا قضى مَفْرُوضًا) فَإِن المُرَاد بالمندوب هَهُنَا الْمَيِّت الَّذِي يبكي

عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْنى الْبعيد، وَالْمعْنَى الْقَرِيب أحد الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة، وَلَوْلَا ذكر الْمَفْرُوض بعده لم يتَنَبَّه السَّامع لِمَعْنى الْمَنْدُوب، وَلَكِن لما ذكره تهيأت التورية بِذكرِهِ أَو تكون التورية فِي لفظين لَوْلَا كل مِنْهُمَا لما تهيأت التورية فِي الآخر نَحْو قَوْله: (أَيهَا المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كَيفَ يَلْتَقِيَانِ) فَإِن المُرَاد من الثريا عَليّ بن عبد الله بن الْحَارِث، وَمن سُهَيْل رجل مَشْهُور من المين، وَكِلَاهُمَا معنى بعيد، وَلَوْلَا ذكر الثريا الَّتِي هِيَ النَّجْم لم يتَنَبَّه السَّامع لسهيل الَّذِي هُوَ النَّجْم أَيْضا، وَلَوْلَا ذكر سُهَيْل لما فهمت الثريا الَّتِي هِيَ النَّجْم، فَكل وَاحِد مِنْهُمَا هيأ صَاحبه للتورية التَّأْثِير: أثر فِيهِ تَأْثِيرا: ترك فِيهِ أثرا، فالأثر مَا ينشأ عَن تَأْثِير الْمُؤثر، وتأثير الْمُؤثر فِي الْأَثر لَا بعد وجود الْأَثر، بل زمَان وجوده، لَا يمْتَنع ذَلِك كَمَا فِي الْعلَّة مَعَ معلولها، وَإِنَّمَا الْمُمْتَنع معيتهما بِالذَّاتِ كَمَا فِي الْعلَّة مَعَ معلولها أَيْضا لتأخر الْمَعْلُول بِالذَّاتِ عَن الْعلَّة، وَكَذَا عدم الْمَعْلُول فَإِنَّهُ يتَأَخَّر عَن عدم الْعلَّة لتأخر الْمَعْلُول عَن الْعلَّة بِالذَّاتِ فالمؤثر إِنَّمَا يُؤثر فِي الْأَثر لَا من حَيْثُ هُوَ مَوْجُود وَلَا مَعْدُوم ثمَّ اعْلَم أَن الْمُؤثر إِمَّا الشَّيْء النفساني فِي مثله، أَو الجسماني فِي مثله، أَو فِي النفساني، أَو بِالْعَكْسِ الأول: كتأثير المبادئ الْعَالِيَة فِي النُّفُوس الناطقة الإنسانية بإفاضة الْعُلُوم والمعارف، وَيدخل تَحت هَذَا النَّوْع الْوَحْي والكرامات لانهما إفَاضَة الْمعَانِي الْحَقِيقِيَّة على النُّفُوس البشرية المستعدة لذَلِك، وَيدخل تَحت هَذَا أَيْضا صنفان من الْآيَات والمعجزات: أَحدهمَا مَا يتَعَلَّق بِالْعلمِ الْحَقِيقِيّ، وَهُوَ أَن يُؤْتى النَّفس المستعد لذَلِك كَمَال الْعلم من غير تَعْلِيم وَتعلم حَتَّى يُحِيط بِمَعْرِِفَة حقائق الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي نفس الْأَمر بِقدر الطَّاقَة البشرية، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " أُوتيت جَوَامِع الْكَلم " وَقد أُوتِيَ علم الْأَوَّلين والآخرين مَعَ كَونه أُمِّيا وَثَانِيهمَا: مَا يتَعَلَّق بالتخيل الْقوي بِأَن يلقى إِلَى من يكون مستعدا للتخيل الْقوي مَا يُقَوي على تخيلات الْأُمُور الْمَاضِيَة والاطلاع على المغيبات الْمُسْتَقْبلَة، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {تِلْكَ من أنباء الْغَيْب نوحيها إِلَيْك مَا كنت تعلمهَا} وَقَالَ تَعَالَى: {الم غلبت الرّوم فِي أدنى الأَرْض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فِي بضع سِنِين} وَيدخل تَحت هَذَا النَّوْع أَيْضا: [أَولا] المنامات والإلهامات لِأَنَّهَا تلقي للنَّفس مَا فِي المبادئ الْعَالِيَة من صور الْحَوَادِث، وَكَذَا يدْخل تَحت هَذَا النَّوْع صنف من السحر، وَهُوَ تَأْثِير النُّفُوس البشرية القوية فِيهَا قوتا التخيل وَالوهم فِي نفوس بشرية أُخْرَى ضَعِيفَة فهيا هَاتَانِ القوتان كنفوس البله وَالصبيان وَالنِّسَاء والعوام الَّذين لم تقو قوتهم الْعَقْلِيَّة على قمع التخيل وَترك عَادَة الانقياد، فتتخيل مَا لَيْسَ بموجود فِي الْخَارِج مَوْجُودا فِيهِ، وَمَا هُوَ مَوْجُود فِيهِ تتخيله على ضد الْحَال الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا وَمن هَذَا الْقَبِيل مَا فعله

سحرة فِرْعَوْن وَالثَّانِي: كتأثير السمُوم والأدوية فِي الْأَبدَان، وَيدخل فِيهِ أَجنَاس النيرنجات والطلسمات، فَإِنَّهَا بتأثير بعض المركبات الطبيعية فِي بعض بخواص تخص كل وَاحِد مِنْهُمَا، كجذب المغناطيس، وكهرب باغض الْخلّ من الْخلّ، واختطاف الكهرباء بالتبن، وتأثير الْحجر الْمَعْرُوف فِيمَا بَين الأتراك فِي تَغْيِير الْهَوَاء ونزول الثَّلج والمطر إِلَى غير ذَلِك وَقد يستعان فِي ذَلِك بتمزيج القوى السماوية الفعالة بالقوى الأرضية المنفعلة بتحصيل المناسبات بالأجرام العلوية المؤثرة فِي عَالم الْكَوْن وَالْفساد وَالثَّالِث: كتأثير الصُّور المستحسنة والمستقبحة فِي النُّفُوس الإنسانية؛ ويندرج فِي هَذَا النَّوْع صنف من السحر، كتأثير المعشوق فِي العاشق، وكتأثير الْحَيَوَانَات المستحسنة والأمتعة النفسية، وكتأثير أَصْنَاف الأغاني والملاهي، وكتأثير الْكَلَام فِي نفس السامعين، كَمَا ورد فِي الحَدِيث النَّبَوِيّ: " إِن من الْبَيَان لسحرا " وَالرَّابِع: كتأثير النُّفُوس الإنسانية فِي الْأَبدَان، من تغذيتها وإنمائها، وقيامها وقعودها، إِلَى غير ذَلِك وَمن هَذَا الْقَبِيل صنف من المعجزة، وَهُوَ مَا يتَعَلَّق بِالْقُوَّةِ المحركة للنَّفس، بِأَن يبلغ قوتها إِلَى حَيْثُ تتمكن من التَّصَرُّف فِي أجسام الْعَالم تصرفها فِي بدنهَا، كتدمير قوم برِيح عَاصِفَة أَو صَاعِقَة أَو زَلْزَلَة أَو طوفان، وَرُبمَا يستعان فِيهِ بالتضرع والابتهال إِلَى الْبَارِي تَعَالَى كَأَن يَسْتَقِي للنَّاس فيسقوا وَيَدْعُو عَلَيْهِم فيخسف بهم، وَيَدْعُو لَهُم فينجوا من المهالك ويندرج فِي هَذَا النَّوْع صنف من السحر أَيْضا، كَمَا فِي بعض النُّفُوس الخبيثة الَّتِي تقوى فِيهَا الْقُوَّة الوهمية بالرياضة والمجاهدة تسلطها على التَّأْثِير فِي إِنْسَان آخر بتوجه تَامّ وعزيمة صَادِقَة إِلَى أَن يحصل الْمَطْلُوب، كإمراض شخص بل إفنائه وَرُبمَا يستعان فِي تَقْوِيَة هَذِه الْقُوَّة الوهمية بِضَم بعض الْأَجْسَام إِلَى بعض، وبشد بعض إِلَى بعض، وغرز الإبر فِي الْأَشْيَاء، وَدفن بعض الْأَشْيَاء فِي مَوَاضِع مَخْصُوصَة، كالعتبة والمقابر وَتَحْت النَّار قَالَ الشَّيْخ سعد الدّين: غرائب الْأَحْوَال وَالْأَفْعَال الَّتِي تظهر من النُّفُوس الإنسانية فِيمَا يتَعَلَّق بأفعالها مثل المعجزات والكرامات والإصابة بِالْعينِ وَمَا يتَعَلَّق بإدراكاتها حَالَة النّوم واليقظة نَحْو مُشَاهدَة مَا لَا حُضُور لَهُ بمحض خلق الله تَعَالَى عندنَا من غير تَأْثِير للنفوس خلافًا للفلاسفة وَالْحق أَن تَأْثِير قدرَة الله تَعَالَى لَيْسَ مُنْقَطِعًا فِي كل حَال عَن تَأْثِير المؤثرات، فصدور مَا صدر عَنْهَا أَيْضا يلْزم أَن يكون بقدرة الله، فَيكون الْأَثر الصَّادِر عَنْهَا صادرا عَن قدرَة الله تَعَالَى وإرادته، صُدُور الْأَثر عَن سَبَب السَّبَب

التغليب: هُوَ لُغَة إِيرَاد اللَّفْظ الْغَالِب وَعرفا: هُوَ أَن يغلب على الشَّيْء مَا لغيره لتناسب بَينهمَا أَو اخْتِلَاط، كالأبوين فِي الْأَب وَالأُم، والمشرقين والمغربين والخافقين فِي الْمشرق وَالْمغْرب، والقمرين فِي الشَّمْس وَالْقَمَر، والعمرين فِي أبي بكر وَعمر، والمروتين فِي الصَّفَا والمروة وَلأَجل الِاخْتِلَاط أطلقت كلمة (من) على مَا لَا يعقل فِي نَحْو: {فَمنهمْ من يمشي على بَطْنه} ؛ وَأطلق اسْم المخاطبين على الغائبين فِي نَحْو: {اعبدوا ربكُم الَّذِي خَلقكُم وَالَّذين من قبلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} لِأَن (لَعَلَّ) مُتَعَلقَة ب (خَلقكُم) والمذكرين على الْمُؤَنَّث حَتَّى عدت مِنْهُم نَحْو: {وَكَانَت من القانتين} ؛ وَالْمَلَائِكَة على إِبْلِيس حَتَّى اسْتثْنِي فِي {فسجدوا إِلَّا إِبْلِيس} والمخاطبين والعقلاء على الغائبين والأنعام فِي قَوْله تَعَالَى: {يذرؤكم فِيهِ} وَمن التغليب قَوْله: {أَو لتعودن فِي ملتنا} لِأَن شعيبا لم يكن فِي ملتهم قطّ، بِخِلَاف الَّذين آمنُوا مَعَه وَالْعرب تغلب الْأَقْرَب على الْأَبْعَد بِدَلِيل تَغْلِيب الْمُتَكَلّم على الْمُخَاطب، وهما على الْغَائِب فِي الْأَسْمَاء نَحْو: (أَنا وَأَنت قمنا) و (أَنْت وَزيد قمتما) وَاسْتدلَّ بذلك على أَن الْمُضَارع يسْتَعْمل للْحَال بِلَا قرينَة، لِأَن الْحَال أقرب، وللمستقبل بِقَرِينَة السِّين أَو سَوف، وَإِنَّمَا الْآن والساعة قرينَة لنفي الْمجَاز لَا لتحققه، كَقَوْلِك: (رَأَيْت أسدا يفترس) ، وَكَذَا يغلب الأعرف على غَيره، وَلَو اعْترض على هَذَا بِلُزُوم كَون اسْم الْإِشَارَة أعرف من اسْم الْعلم، مَعَ أَن أَكثر النُّحَاة على عَكسه، وَلِهَذَا جَازَ نعت الْعلم باسم الْإِشَارَة دون الْعَكْس فَلَا يُقَال: (جَاءَ هَذَا زيد) فيجاب عَنهُ بِأَن الْعلم وَإِن كَانَ أعرف مِنْهُ من حَيْثُ إِن تَعْرِيف العلمية لَا يُفَارق الْمُعَرّف حَاضرا كَانَ أَو غَائِبا، حَيا كَانَ أَو مَيتا بِخِلَاف اسْم الْإِشَارَة، لكنه فِي قطع الِاشْتِرَاك دون اسْم الْإِشَارَة، لِأَن تَعْرِيفه حظا من الْعين وَالْقلب؛ وَالْعلم حَظه من الْقلب خَاصَّة وَقد يُرَاد بالتغليب تَعْمِيم اللَّفْظ الْعَام بِحَسب الْوَضع على مَا هُوَ غير المصطلح قَالَ التِّرْمِذِيّ: " قد يكون التغليب لقُوَّة مَا يغلب وفضله كَمَا فِي (أَبَوَانِ) ؛ وَقد يكون لمُجَرّد كَونه مذكرا كَمَا فِي (القمرين) ؛ وَقد يكون لقلَّة حُرُوفه بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُغَلب عَلَيْهِ كَمَا فِي (العمرين) ، وَقد يكون لكثرته كَمَا فِي قصَّة شُعَيْب وقصة لوط وقصة مَرْيَم وقصة آدم عَلَيْهِم السَّلَام " ومدار التغليب على جعل بعض المفهومات تَابعا لبَعض، دَاخِلا تَحت حكمه فِي التَّعْبِير عَنْهُمَا

بِعِبَارَة مَخْصُوصَة للمغلب بِحَسب الْوَضع الشخصي أَو النوعي، وَلَا عِبْرَة فِي الْوحدَة والتعدد لَا فِي جَانب الْغَالِب وَلَا فِي جَانب المغلوب والمشاكلة وَإِن كَانَ فِيهَا أَيْضا جعل بعض المفهومات تَابعا لبَعض دَاخِلا تَحت حكمه فِي التَّعْبِير عَنهُ بِعِبَارَة الْمَتْبُوع إِلَّا أَنه يعبر فِيهَا عَن كل من المشاكلين بِعِبَارَة مُسْتَقلَّة وشبهة الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي بَاب التغليب إِنَّمَا وَردت إِذا أُرِيد كل من الْمَعْنيين بِاللَّفْظِ، وَفِيه أُرِيد بِهِ معنى وَاحِد مركب من الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ والمجازي، وَلم يسْتَعْمل اللَّفْظ فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا بل فِي الْمَجْمُوع مجَازًا نعم إِنَّمَا يتمشى هَذَا فِي مثل (العمرين) و {مَا تَعْبدُونَ من دون الله} وَأما فِي نَحْو {أَو لتعودن} فَلَا يتمشى، لِأَن الْعود إِن أخرج عَن مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ إِلَى الْمَعْنى الْمجَازِي فَلَا تَغْلِيب؛ وَإِن أُبْقِي على مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ يلْزم الْمَحْذُور الْمَذْكُور وَلَا مجَاز للتركيب بَينهمَا وَقد يكون التغليب كِنَايَة، فَإِن قَوْله تَعَالَى: {بل أَنْتُم قوم تجهلون} من قبيل الِالْتِفَات الْمَعْدُود من الْكِنَايَة وَاعْلَم أَن التغليب أَمر قياسي يجْرِي فِي كل متناسبين ومختلطين بِحَسب المقامات، لَكِن غَالب أمره دائر على الخفة والشرف التلفيف: هُوَ لُغَة لف الشَّيْء فِي الشَّيْء قَالَ ابْن أبي الإصبع فِي " بَدَائِع الْقُرْآن ": هُوَ عبارَة عَن إِخْرَاج الْكَلَام مخرج التَّعْلِيم بِحكم أَو أدب لم يرد الْمُتَكَلّم ذكره، وَإِنَّمَا قصد ذكر حكم خَاص دَاخل فِي عُمُوم الحكم الْمَذْكُور الَّذِي خرج بتعليمه وَبَيَان هَذَا التَّعْرِيف أَن يسْأَل السَّائِل عَن حكم هُوَ نوع من أَنْوَاع جنس تَدْعُو الْحَاجة إِلَى بَيَانهَا، كلهَا أَو أَكْثَرهَا، فيعدل المسؤول عَن الْجَواب الْخَاص عَمَّا سُئِلَ عَنهُ من تَبْيِين ذَلِك النَّوْع، ويجيب بِجَوَاب عَام بتضمين الْإِبَانَة عَن الحكم المسؤول عَنهُ وَعَن غَيره لدعاء الْحَاجة إِلَى بَيَانه مِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفقُونَ} إِلَى آخِره على مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَن عَمْرو بن الجموح الانصاري قَالَ: يَا رَسُول الله مَاذَا ينْفق من ينْفق من أَمْوَاله وَأَيْنَ يَضَعهَا؟ فَنزلت نقلهَا الزَّمَخْشَرِيّ فَكَانَ من قبيل تلقي السَّائِل بِمَا يتطلب وَزِيَادَة، كَمَا هِيَ طَريقَة التَّعْلِيم فِي جَوَاب الاسترشاد، إِذْ حق الْمعلم أَن يكون كطبيب يتحَرَّى شِفَاء سقيم فيبين المعالجة على مَا يَقْتَضِيهِ الْمَرَض، لَا على مَا يحكيه الْمَرِيض وَحُصُول الْجَواب ضمنا مَعَ التَّصْرِيح بِغَيْرِهِ قرينَة على عدم الاهتمام بِهِ وَمَعَ هَذَا الْكل مجمعون على أَن المسؤول عَنهُ مَذْكُور وَإِذا كَانَ كَذَلِك فقد أُجِيب عَن السُّؤَال بأزيد من جَوَابه، كَقَوْلِه تَعَالَى: {مَا كَانَ مُحَمَّدًا أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين} فَإِنَّهُ جَوَاب سُؤال مُقَدّر

قيل: أَتَرَى مُحَمَّدًا أَبَا زيدا؟ فَأتى بِالْجَوَابِ الْعَام ليُفِيد هَذَا الترشيح التَّمْهِيد للمعنى المُرَاد، وَهُوَ الْإِخْبَار بِأَن مُحَمَّدًا خَاتم النَّبِيين، فالتف معنى الْخَاص فِي الْمَعْنى الْعَام فَأفَاد نفي الْأُبُوَّة بِالْكُلِّيَّةِ لأحد من الرِّجَال، وَفِي ذَلِك نفي الْأُبُوَّة لزيد التَّقْدِير: هُوَ تَحْدِيد كل مَخْلُوق بحده الَّذِي يُوجد من حسن وقبح ونفع وضر وَغير ذَلِك [وَالْقدر: هُوَ مَا يقدره الله من الْقَضَاء وَيُقَال: قدرت الشَّيْء أقدره، وأقدره قدرا، وَقدرته تَقْديرا فَهُوَ قدر أَي مَقْدُور، كَمَا يُقَال: هدمت الْبناء فَهُوَ هدم أَي مهدوم، وَلَك أَن تسكن الدَّال مِنْهُ وَهُوَ فِي الأَصْل مصدر يُرَاد بِهِ الْمُقدر تَارَة وَالتَّقْدِير أُخْرَى فِي " الأساس ": الْأُمُور تجْرِي بِقدر الله ومقداره وَتَقْدِيره وإقداره ومقاديره، فالقدر وَالتَّقْدِير كِلَاهُمَا تبين كمية الْأَشْيَاء وَيَجِيء التَّقْدِير بِمَعْنى التَّخْصِيص الَّذِي هُوَ نتيجة الْإِرَادَة التابعة للْعلم، أَو نتيجة الْحِكْمَة التابعة لَهُ كَمَا فِي " التَّعْدِيل " وَغَيره وَإِذا كَانَ التَّقْدِير تَابعا للْعلم التَّابِع للمعلوم فِي الْمَاهِيّة كَمَا هُوَ الحَدِيث الْمَشْهُور الَّذِي رَوَاهُ ثَمَانِيَة من الصَّحَابَة فتقدير السَّعَادَة قبل أَن يُولد لَا يدْخلهُ فِي حيّز ضَرُورَة السَّعَادَة وَكَذَا تَقْدِير الشقاوة قبل أَن يُولد لَا يُخرجهُ عَن قابلية السَّعَادَة، وَلَيْسَ التَّقْدِير أَنه إِن فعل كَذَا كَانَ كَذَا وَإِلَّا لَا، لِأَن الْوَاقِع بخلقه تَعَالَى أَحدهمَا معينا ثمَّ التَّقْدِير إِمَّا بالحكم مِنْهُ تَعَالَى أَن يكون كَذَا أَو أَن لَا يكون كَذَا، إِمَّا على سَبِيل الْوُجُوب وَإِمَّا على سَبِيل الْإِمْكَان وعَلى ذَلِك قَوْله تَعَالَى: {قد جعل الله لكل شَيْء قدرا} وَإِمَّا بِإِعْطَاء الْقُدْرَة عَلَيْهِ وَقَوله تَعَالَى: {وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا} أَي قَضَاء مبتوتا وَقَالَ بَعضهم: (قدرا) إِشَارَة إِلَى مَا سبق بِهِ الْقَضَاء وَالْكِتَابَة فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ، وَهُوَ الْمشَار إِلَيْهِ بقوله: " فرغ رَبك من الْخلق وَالْأَجَل والرزق " و (مَقْدُورًا) إِشَارَة إِلَى مَا يحدث حَالا فحال، وَهُوَ الْمشَار إِلَيْهِ بقوله: {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} يَعْنِي شؤونا يبديها لَا شؤونا يبتديها، وَلَا يُنَافِيهِ قَضِيَّة " رفعت الأقلام وجفت الصُّحُف " لِأَن الْجُود الإلهي لما كَانَ مقتضيا لتكميل الموجودات قدر بلطف حكمته زَمَانا يخرج تِلْكَ الْأُمُور من الْقُوَّة إِلَى الْفِعْل قَالَ الْفَخر الرَّازِيّ رَحمَه الله فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا} : الْقَضَاء مَا يكون مَقْصُودا فِي الأَصْل وَالْقدر مَا يكون تَابعا، فالخير كُله بِقَضَاء، وَمَا فِي الْعَالم من الضَّرَر فبقدر] (وَتَقْدِير الله الْأَشْيَاء على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: بِإِعْطَاء الْقُدْرَة وَالثَّانِي: بِأَن يجعلهما على مِقْدَار مَخْصُوص وَوجه مَخْصُوص حَسْبَمَا اقتضته الْحِكْمَة؛ وَمَا أوجده بِالْفِعْلِ بِأَن أبدعه كَامِلا دفْعَة لَا يَعْتَرِيه الْكَوْن وَالْفساد إِلَى أَن يَشَاء أَن يفنيه أَو يُبدلهُ، كالسماوات بِمَا فِيهَا؛ وَمَا جعل أُصُوله مَوْجُودَة بِالْفِعْلِ وأجراه بِالْقُوَّةِ وَقدره على وَجه لَا يَتَأَتَّى فِيهِ غير مَا قدر فِيهِ، كتقدير مني الْآدَمِيّ أَن يكون مِنْهُ إِنْسَان لَا حَيَوَان)

وَالتَّقْدِير فِي الْكَلَام: لتصحيح اللَّفْظ وَالْمعْنَى، وَقد يكون لتوضيح الْمَعْنى كَمَا قَالَ عبد القاهر فِي تَقْدِير اللَّام بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ وَيَنْبَغِي تقليل الْمُقدر مَا أمكن لثقل مُخَالفَة الأَصْل، فالتقدير فِي (أَنْت مني فرسخان) (بعْدك مني فرسخان) أولى من (أَنْت مني ذُو مَسَافَة فرسخين) وَالتَّقْدِير فِي {أشربوا فِي قُلُوبهم الْعجل} (الْحبّ أولى من حب عبَادَة الْعجل) وَإِذا استدعى الْكَلَام تَقْدِير أَسمَاء متضايقة أَو مَوْصُوف وَصفَة مُضَافَة أَو جَار ومجرور مُضْمر عَائِد على مَا يحْتَاج الرابط إِلَيْهِ فَلَا يقدر أَن ذَلِك حذف دفْعَة وَاحِدَة بل على التدريج، فَيقدر فِي نَحْو (كَالَّذي يغشى عَلَيْهِ) (كدوران عين الَّذِي يغشى عَلَيْهِ) وَفِي نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَاتَّقوا يَوْمًا لَا تجزي نفس عَن نفس شَيْئا} (لَا تجزي فِيهِ) ثمَّ حذف الضَّمِير مَنْصُوبًا لَا مخفوضا قَالَه الْأَخْفَش وَيَنْبَغِي أَن يكون الْمُقدر من لفظ الْمَذْكُور مهما أمكن، فَيقدر فِي (ضربي زيدا قَائِما) ضربه قَائِما، فَإِنَّهُ من لفظ الْمُبْتَدَأ دون (إِذْ كَانَ) إِن أُرِيد الْمُضِيّ و (إِذْ كَانَ) إِن أُرِيد الْمُسْتَقْبل، وَيقدر فِي (زيدا أضربه) (اضْرِب) دون (أهن) فَإِن منع من تَقْدِير الْمَذْكُور مَانع معنوي نَحْو: (زيدا اضْرِب أَخَاهُ) أَو صناعي نَحْو: (زيدا امرر بِهِ) قدر مَا لَا مَانع لَهُ؛ فَيقدر فِي الأولى (أهن) دون (اضْرِب) وَفِي الثَّانِيَة (جَاوز) دون (امرر) ، لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّ بِنَفسِهِ نعم إِن كَانَ الْعَامِل مِمَّا يتَعَدَّى تَارَة بِنَفسِهِ وَتارَة بِحرف الْجَرّ نَحْو: (نصح) فِي قَوْلك: (زيدا نصحت لَهُ) جَازَ أَن يقدر (نصحت زيدا) بل هُوَ أولى من تَقْدِير غير الملفوظ بِهِ التَّخْصِيص: هُوَ الحكم بِثُبُوت الْمُخَصّص لشَيْء ونفيه عَمَّا سواهُ [وَكِلَاهُمَا عبارتان عَن معنى وَاحِد] وَيُقَال أَيْضا: تَمْيِيز أَفْرَاد بعض الْجُمْلَة بِحكم اخْتصَّ بِهِ وخصصت فلَانا بِالذكر: أَي ذكرته دون غَيره و {الله يخْتَص برحمته من يَشَاء} أَي يَجعله مُنْفَردا بِالرَّحْمَةِ لَا يرحم سواهُ، وَتَخْصِيص تَقْدِيم مَا هُوَ أولى بالتقديم يُنَاسب فِيمَا يعْتَبر فِيهِ حَال مَا هُوَ أَعلَى حَالا وَهُوَ السَّائِل وَتَخْصِيص تَأْخِير مَا هُوَ أولى بالتقديم يُنَاسب فِيمَا يعْتَبر فِيهِ حَال مَا هُوَ أَعلَى حَالا أَيْضا، وَهُوَ الْمُنكر وَتَخْصِيص الْعَام بِالنِّيَّةِ مَقْبُول ديانَة لَا قَضَاء؛ وَعند الْخصاف: يَصح قَضَاء أَيْضا والتخصيص: قصر الْعَام على بعض مَا يتَنَاوَلهُ عِنْد الشَّافِعِيَّة؛ وَأما عِنْد الحنيفة فَهُوَ الْقصر عَلَيْهِ بِدَلِيل مُسْتَقل لَفْظِي مُقَارن احْتَرز بمستقبل عَن الصّفة وَالِاسْتِثْنَاء وَالشّرط والغاية، وبلفظي عَن الْمُقْتَضى كَقَوْلِه تَعَالَى: {خَالق كل شَيْء} فَالله تَعَالَى مَخْصُوص مِنْهُ وَتَخْصِيص الْعَام بِدَلِيل الْعقل جَائِز عِنْد عَامَّة الْفُقَهَاء، وَجَاز ذَلِك عِنْد الْعَامَّة إِلَى أَن يبْقى مِنْهُ وَاحِد كاستثناء مَا زَاد على الْوَاحِد من لَفْظَة الْعُمُوم وَجَاز ذَلِك أَيْضا فِي مَوضِع الْخَبَر، بِدَلِيل

{وَأُوتِيت من كل شَيْء} وَتَخْصِيص السمعي بالسمعي إِذا كَانَا مثلين جَائِز، كتخصيص الْكتاب بِالْكتاب، والمتواتر بِالْكتاب، وَالْكتاب بالمتواتر وَكَذَا التَّخْصِيص بِفعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَذَا بِالْإِجْمَاع وَفِي تَخْصِيص الْكتاب والمتواتر بِالْقِيَاسِ وَخبر الْوَاحِد اخْتِلَاف وَمن أَصْحَاب الشَّافِعِي من أبي تَخْصِيص السّنة بِالْكتاب وَالْخلاف فِي تَخْصِيص الْعِلَل إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَوْصَاف المؤثرة فِي الْأَحْكَام لَا فِي الْعِلَل الَّتِي هِيَ أَحْكَام شَرْعِيَّة، كالعقود والفسوخ وَلَا يجوز تَخْصِيص الْعلَّة على قَول مَشَايِخ سَمَرْقَنْد؛ وَإِلَيْهِ ذهب كَبِيرهمْ أَبُو مَنْصُور الماتردي، وَهُوَ أظهر أَقْوَال الشَّافِعِي، وَجوزهُ مَشَايِخ الْعرَاق وَالْقَاضِي أَبُو زيد مِمَّا وَرَاء النَّهر، وَبِه قَالَت الْمُعْتَزلَة، وَيُسمى تَخْصِيص الْقيَاس وَلَا يخفى أَن فِي القَوْل بتخصيص الْعلَّة نِسْبَة التَّنَاقُض إِلَى الله، تَعَالَى عَن ذَلِك بَيَانه: أَن من قَالَ: إِن الْمُؤثر فِي استدعاء الحكم فِي مَوضِع النَّص هَذَا الْوَصْف فقد قَالَ: إِن الشَّرْع جعله عِلّة ودليلا وأمارة على الحكم أَيْنَمَا وجد أبدا حَتَّى يُمكنهُ التَّعْدِيَة؛ فَمَتَى وجد ذَات الْمَوْصُوف وَلَا حكم لَهُ لم يكن أَمارَة ودليلا على الحكم شرعا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: هُوَ دَلِيل الحكم شرعا فَلَيْسَ بِدَلِيل وأمارة وَهَذَا تنَاقض ظَاهر، وَدلَالَة مَا خص فِي التَّخْصِيص فِي الْأَعْيَان بَاقِيَة [وَفِي التَّخْصِيص فِي الْأَزْمَان زائلة بالنسخ،

والتخصيص فِي الرِّوَايَات وَفِي متفاهم النَّاس وَفِي الْعُقُوبَات يدل على نفي الحكم عَمَّا عداهُ، كَذَا فِي أَكثر الْمُعْتَبرَات، وَقَالَ صَاحب " النِّهَايَة ": ذَلِك أغلبي لَا كلي وَقَالَ بَعضهم: التَّخْصِيص فِي الرِّوَايَات يُوجب نفي الحكم عَمَّا عدا الْمَذْكُور، وَهَذَا إِذا لم يدْرك للتخصيص فَائِدَة سوى نفي الحكم عَمَّا عداهُ، فَأَما إِذا وجد فيكتفي بِهَذِهِ الْفَائِدَة، وَلَا يحكم بِنَفْي الحكم عَمَّا عداهُ بِسَبَب التَّخْصِيص وَلَو فِي الرِّوَايَات، وَهَذَا الْقَيْد يُسْتَفَاد من عبارَة الْعَلامَة النَّسَفِيّ حَيْثُ قَالَ: إِن التَّخْصِيص بالشَّيْء لَا يدل على نفي مَا عداهُ عندنَا، وَحَيْثُ دلّ إِنَّمَا دلّ لأمر خَارج لَا من التَّخْصِيص، فالاستدلال بقوله تَعَالَى: {كلا إِنَّهُم عَن رَبهم يَوْمئِذٍ لمحجوبون} من حَيْثُ كَون الْكفَّار محجوبين عُقُوبَة لَهُم، فَيكون أهل الْجنَّة بخلافهم، وَإِلَّا لَا يكون الْحجب فِي حق الْكفَّار عُقُوبَة لِاسْتِوَاء الْفَرِيقَيْنِ فِي الْحجب حِينَئِذٍ وَقَالَ بَعضهم: تَخْصِيص الشَّيْء بِالذكر لَا يدل على نفي الحكم عَن الْمَسْكُوت عَنهُ فَإِن قَوْلنَا: مُحَمَّد رَسُول الله، لَا يدل على نفي الرسَالَة عَن غَيره وَفَائِدَته تَعْظِيم الْمَذْكُور وتفضيله على غَيره، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {مِنْهَا أَرْبَعَة حرم ذَلِك الدّين الْقيم} إِذْ الْمنْهِي حرَام فِي غَيره من الشُّهُور وَفِي " حقائق الْمَنْظُومَة ": التَّخْصِيص بِالصّفةِ لَا يدل على نفي الحكم عَمَّا عداهُ، وَقَالَ ابْن كَمَال: تَخْصِيص الشَّيْء بِالذكر وَإِن لم يدل على النَّفْي عَمَّا عداهُ لكنه فِي النُّصُوص سلمنَا الْإِطْلَاق لكنه لَا يرفع الْإِيهَام والتخصيص فِي الرِّوَايَات مثل قَوْله: " وَلَيْسَ على الْمَرْأَة أَن تنقض ضفائرها فِي الْغسْل " فَدلَّ على أَن الرجل ينْقض وَفِي الْمُعَامَلَات مثلا إِذا أَمر بِأَن يَشْتَرِي لَهُ عبدا فَإِنَّهُ لَا يجوز أَن يَشْتَرِي لَهُ عَبْدَيْنِ وَفِي الْعُقُوبَات مثل قَوْله تَعَالَى: {كلا إِنَّهُم عَن رَبهم يَوْمئِذٍ لمحجوبون} فَدلَّ على أَن الْمُؤمنِينَ غير محجوبين والتخصيص: تقليل الِاشْتِرَاك فِي النكرات والتوضيح: رفع الِاحْتِمَال فِي المعارف] التَّيَمُّم: فِي اللُّغَة: الْقَصْد على الْإِطْلَاق وَفِي الشَّرْع: الْقَصْد إِلَى الصَّعِيد لإِزَالَة الْحَدث وَالتَّيَمُّم: خلف عَن الْكل، وَالْمسح عَن الْبَعْض، والصعيد إِن جعل خلفا عَن المَاء فِي التَّيَمُّم، فَحكم الأَصْل إِفَادَة الطَّهَارَة وَإِزَالَة الْحَدث فَكَذَا حكم الْخلف، وَإِن جعل خلفا عَن التَّوَضُّؤ فِي إِبَاحَة الدُّخُول فِي الصَّلَاة بِوَاسِطَة رفع الْحَدث لطهارة حصلت بِهِ لَا مَعَ الْحَدث فَكَذَا التَّيَمُّم، إِذْ لَو كَانَ خلفا فِي حق الْإِبَاحَة مَعَ الْحَدث لم يكن خلفا، وَقَالَ الشَّافِعِي: هُوَ خلف ضَرُورِيّ، بِمَعْنى أَنه تثبت خلفيته ضَرُورَة الْحَاجة إِلَى إِسْقَاط الْفَرْض عَن الذِّمَّة مَعَ قيام الْحَدث، كطهارة الْمُسْتَحَاضَة فَلَا يجوز تَقْدِيمه على الْوَقْت، وَلَا أَدَاء فرضين بِتَيَمُّم وَاحِد، أما قبل الْوَقْت فلانتفاء الضَّرُورَة المبيحة، وَأما بعد أَدَاء فرض وَاحِد فلزوال الضَّرُورَة؛ وَعِنْدنَا جَازَ قبل الْوَقْت وَأَدَاء الْفَرَائِض أَيْضا بِتَيَمُّم وَاحِد، ثمَّ إِن النِّيَّة فِي التَّيَمُّم مُتَّفق عَلَيْهَا، بِخِلَاف النِّيَّة فِي الْوضُوء وَالْغسْل قَالَ

الْحَنَفِيّ: كل من الْوضُوء وَالْغسْل طَهَارَة بالمائع فَلَا تجب فيهمَا النِّيَّة، كإزالة النَّجَاسَة، فَإِنَّهَا لَا تجب النِّيَّة فِي الطَّهَارَة لَهَا، بِخِلَاف التَّيَمُّم لِأَنَّهُ بالجامد، فيعترضه الشَّافِعِي بِأَن كلا مِنْهُمَا طَهَارَة، فيستوي جامدها ومائعها كالنجاسة، يَسْتَوِي جامدها ومائعها فِي حكمهَا، وَقد وَجَبت النِّيَّة فِي التَّيَمُّم فلتجب أَيْضا فِي الْوضُوء وَالْغسْل، فَيَقُول الْحَنَفِيّ بِالْفرقِ بإبداء خُصُوصِيَّة فِي الأَصْل وَهِي أَن الْعلَّة فِي الأَصْل كَون الطَّهَارَة بِالتُّرَابِ، لَا مُطلق الطَّهَارَة، أَو لِأَن الأَصْل فِي الشُّرُوط الْمَأْمُور بهَا أَن يُلَاحظ فِيهَا جِهَة الشّرطِيَّة، فيكتفى بِمُجَرَّد وجوده بِلَا اشْتِرَاط النِّيَّة فِيهَا، وَالْقَصْد فِي إيجادها والضوء من هَذَا الْقَبِيل، وَقد يُلَاحظ فِيهَا جِهَة كَونهَا مَأْمُورا بهَا، إِذا دلّت عَلَيْهِ قرينَة فَيشْتَرط فِيهَا النِّيَّة، وَالتَّيَمُّم من هَذَا الْقَبِيل فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ شرطا أَيْضا لَكِن لما وَقع التَّيَمُّم جَزَاء للشّرط فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كُنْتُم مرضى} إِلَى آخِره علم أَنه لَيْسَ من الشُّرُوط الَّتِي لَا يعْتَبر فِيهَا الْقَصْد فترجح جَانب كَونه مَأْمُورا بِهِ بِالضَّرُورَةِ، فَاشْترط فِيهِ النِّيَّة لهَذِهِ الْقَرِينَة ضَرُورَة وَلما كَانَ الْوضُوء شرطا للصَّلَاة وَلم تدل قرينَة على جِهَة كَونه مَأْمُورا بِهِ لم يشْتَرط فِيهِ النِّيَّة، فَاكْتفى بِمُجَرَّد وجوده بِلَا اشْتِرَاط النِّيَّة فِيهِ، فَإِن قيل: بِمَ اشْترط النِّيَّة فِي التَّيَمُّم مَعَ أَن النَّص سَاكِت عَنهُ؟ قُلْنَا: الْأَمر بِقصد الصَّعِيد يُوجب الائتمار بِهِ، وَقصد الائتمار عين النِّيَّة، فَإِن اتّفق مسح الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ بالصعيد من غير قصد الائتمار لَا يجوز، لِأَن الصَّعِيد طهُور حكما لَا طبعا، وَفِي الْوضُوء المَاء يزِيل النَّجَاسَة الْحَقِيقِيَّة بالطبع، فيزيل النَّجَاسَة الْحكمِيَّة بالتبع، فَلَو اتّفق غسل أَعْضَاء الْوضُوء بِغَيْر قصد إِبَاحَة الصَّلَاة تُوجد الطَّهَارَة الصَّالِحَة لإباحتها، فَتجوز الصَّلَاة بهَا التَّأَمُّل: هُوَ اسْتِعْمَال الْفِكر والتدبر: تصرف الْقلب بِالنّظرِ فِي الدَّلَائِل وَالْأَمر بالتدبر بِغَيْر فَاء للسؤال فِي الْمقَام، وبالفاء يكون بِمَعْنى التَّقْرِير وَالتَّحْقِيق لما بعده، كَذَلِك (تَأمل) و (فَلْيتَأَمَّل) قَالَ بعض الأفاضل: (تَأمل) بِلَا فَاء إِشَارَة إِلَى الْجَواب الْقوي، وبالفاء إِلَى الْجَواب الضَّعِيف و (فَلْيتَأَمَّل) إِلَى الْجَواب الأضعف وَمعنى (تَأمل) أَن فِي هَذَا الْمحل دقة وَمعنى، (فَتَأمل) فِي هَذَا الْمحل أَمر زَائِد على الدقة بتفصيل وَمعنى (فَلْيتَأَمَّل) هَكَذَا مَعَ زِيَادَة بِنَاء على أَن كَثْرَة الْحُرُوف تدل على كَثْرَة الْمَعْنى و (فِيهِ بحث) : مَعْنَاهُ أَعم من أَن يكون فِي هَذَا الْمقَام تَحْقِيق أَو فَسَاد، فَيحمل على الْمُنَاسب للمحل و (فِيهِ نظر) يسْتَعْمل فِي لُزُوم الْفساد وَإِذا كَانَ السُّؤَال أقوى يُقَال: (وَلقَائِل) ، فَجَوَابه: (أَقُول) أَو (نقُول) أَي: أَقُول أَنا بإعانة سَائِر الْعلمَاء وَإِذا كَانَ ضَعِيفا يُقَال: (فَإِن قيل) وَجَوَابه: (أُجِيب) أَو (يُقَال)

وَإِذا كَانَ أَضْعَف يُقَال: (لَا يُقَال) وَجَوَابه (لأَنا نقُول) وَإِذا كَانَ قَوِيا يُقَال: (فَإِن قلت) ، وَجَوَابه: (قُلْنَا) أَو (قلت) وَقيل: (فَإِن قلت) بِالْفَاءِ: سُؤال عَن الْقَرِيب، وبالواو سُؤال عَن الْبعيد و (قيل) : فِيمَا فِيهِ اخْتِلَاف؛ وَفِي بعض شُرُوح الْكَشَّاف: فِيهِ إِشَارَة إِلَى ضعف مَا قَالُوا و (اسْتدلَّ) : فِيمَا ثَبت الدَّلِيل لَا الدَّعْوَى و (لنا) : فِي الدَّلِيل مَعَ الدعْوَة الثَّابِتَة [وَعبارَة (لنا) شائعة عِنْد ذكر دَلِيل على الْمُدَّعِي، ويجعلونها خَبرا لما يذكر بعْدهَا من الدَّلِيل] و (الْأَظْهر) : فِيمَا إِذا قوي الْخلاف ك (الْأَصَح) ؛ وَإِلَّا ف (الْمَشْهُور) كَالصَّحِيحِ و (فِي الْجُمْلَة) : يسْتَعْمل فِي الْإِجْمَال و (بِالْجُمْلَةِ) : فِي نتيجة التَّفْصِيل و (مُحَصل الْكَلَام) : إِجْمَال بعد تَفْصِيل و (حَاصِل الْكَلَام) : تَفْصِيل بعد الْإِجْمَال و (فِيهِ مَا فِيهِ) : أَي تَأمل فِيهِ حَتَّى يحصل مَا فِيهِ أَو مَا ثَبت فِيهِ من الْخلَل والضعف حَاصِل فِيهِ والتنبيه: هُوَ إِعْلَام مَا فِي ضمير الْمُتَكَلّم للمخاطب من (نبهته) بِمَعْنى رفعته من الخمول: أَو من (نبهته من نَومه) بِمَعْنى أيقظته من نوم الْغَفْلَة أَو من (نبهته على الشَّيْء) بِمَعْنى وقفته عَلَيْهِ وَمَا ذكر فِي حيّز التَّنْبِيه بِحَيْثُ لَو تَأمل المتأمل فِي المباحث الْمُتَقَدّمَة فهمه مِنْهَا بِخِلَاف التذنيب وَيسْتَعْمل التنبه أَيْضا فِيمَا يكون الحكم الْمَذْكُور بعده بديهيا والتمهيد لُغَة: جعل الْمَكَان على صفة يُمكن أَن يبْنى عَلَيْهِ وَفِي " الْقَامُوس " تمهيد الْأَمر: تسويته وإصلاحه، وَذَلِكَ الْمَكَان المتصف بِتِلْكَ الصّفة يُسمى بِالْأَصْلِ وَعرفا: هُوَ كَلَام يُوطأ بِهِ فهم كَلَام دَقِيق بِأَيّ وَجه كَانَ التَّأْلِيف: هُوَ جمع الْأَشْيَاء المتناسبة، من الألفة، وَهُوَ حَقِيقَة فِي الْأَجْسَام، ومجاز فِي الْحُرُوف والتنظيم: من نظم الْجَوَاهِر، وَفِيه جودة التركب والتأليف بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحُرُوف لتصير كَلِمَات، والتنظيم بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكَلِمَات لتصير جملا والتركيب: ضم الْأَشْيَاء مؤتلفة كَانَت أَولا، مرتبَة الْوَضع أَولا، فالمركب أَعم من الْمُؤلف والمرتب مُطلقًا وَالتَّرْتِيب: أَعم مُطلقًا من التنضيد، لِأَن التَّرْتِيب عبارَة عَن وُقُوع بعض الْأَجْسَام فَوق بعض والتنضيد: عبارَة عَن وُقُوع بَعْضهَا فَوق بعض على سَبِيل التمَاس اللَّازِم لعدم الْخَلَاء ومراتب تأليف الْكَلَام خمس: الأولى: ضم الْحُرُوف المبسوطة بَعْضهَا إِلَى بعض لتَحْصِيل الْكَلِمَات الثَّلَاث: الِاسْم وَالْفِعْل والحرف وَالثَّانيَِة: تأليف هَذِه الْكَلِمَات بَعْضهَا إِلَى بعض لتَحْصِيل الْجمل المفيدة، وَيُقَال لَهُ: المنثور من الْكَلَام وَالثَّالِثَة: ضم بعض ذَلِك إِلَى بعض ضما لَهُ مباد ومقاطع ومداخل ومخارج، وَيُقَال لَهُ: المنظوم

وَالرَّابِعَة: أَن يعْتَبر فِي أَوَاخِر الْكَلَام مَعَ ذَلِك تسجيع، وَيُقَال لَهُ: المسجع وَالْخَامِسَة: أَن يَجْعَل لَهُ مَعَ ذَلِك وزن، وَيُقَال لَهُ: الشّعْر والمنظوم: إِمَّا محاورة وَيُقَال لَهُ الخطابة؛ وَإِمَّا مُكَاتبَة وَيُقَال لَهُ: الرسَالَة فأنواع الْكَلَام لَا تخرج عَن هَذِه الْأَقْسَام وَأما أَجنَاس الْكَلَام فَهِيَ مُخْتَلفَة ومراتبها فِي دَرَجَات الْبَيَان مُتَفَاوِتَة، فَمِنْهَا البليغ الرصين الجزل، وَمِنْهَا الفصيح الْقَرِيب السهل؛ وَمِنْهَا الْجَائِز الطلق الرُّسُل، وَالْأول أَعْلَاهَا، وَالثَّانِي أوسطها وَالثَّالِث أدناها وأقربها (وَقد حازت بلاغات الْقُرْآن من كل قسم من هَذِه الْأَقْسَام حِصَّة، وَأخذت من كل نوع شُعْبَة) وَقد تُوجد الْفَضَائِل الثَّلَاث على التَّفَرُّق فِي أَنْوَاع الْكَلَام فَأَما أَن تُوجد مَجْمُوعَة فِي نوع وَاحِد مِنْهُ فَلم تُوجد إِلَّا فِي كَلَام الْعَلِيم العلام التَّمْيِيز: مصدر بِمَعْنى الْمُمَيز بِفَتْح الْيَاء، على معنى أَن الْمُتَكَلّم يُمَيّز هَذَا الْجِنْس من سَائِر الْأَجْنَاس الَّتِي توقع الْإِبْهَام، أَو بِكَسْر الْيَاء، على معنى أَن هَذَا الِاسْم يُمَيّز مُرَاد الْمُتَكَلّم من غير مُرَاده والتمييز فِي المشتبهات نَحْو {ليميز الله الْخَبيث من الطّيب} وَفِي المختلطات نَحْو: {وامتازوا الْيَوْم أَيهَا المجرمون} و [التَّمْيِيز] قد يُقَال للقوة الَّتِي فِي الدِّمَاغ وَبهَا تستنبط الْمعَانِي وَمِنْه: (فلَان لَا تَمْيِيز لَهُ) وَسن التَّمْيِيز عِنْد الْفُقَهَاء: وَقت عرفان المضار من الْمَنَافِع والتمييز: مَا يرفع الْإِبْهَام من الْمُفْرد، والمفرد هُوَ الْمُبْهم الطَّالِب للتمييز لإبهامه الناصب لَهُ، تَمَامه بِالتَّنْوِينِ مثل: (رَطْل زيتا) ؛ أَو بنُون التَّشْبِيه مثل: (منوان سمنا) ؛ أَو بنُون الْجمع مثل: (عشرُون درهما) ، أَو بِالْإِضَافَة مثل: (مَا فِي السَّمَاء قدر رَاحَة سحابا) وَأما نَحْو: (طَابَ زيد نفسا) فَهُوَ تَمْيِيز عَن نِسْبَة فِي جملَة، فَإِن الْإِبْهَام إِن كَانَ فِي الْإِسْنَاد فالتمييز الرافع لَهُ تَارَة يُسمى تمييزا عَن الْجُمْلَة، وَأُخْرَى عَن ذَات مقدرَة وَإِن كَانَ الْإِبْهَام فِي أحد طرفِي الْإِسْنَاد فالتمييز الرافع لَهُ يُسمى تمييزا عَن الْمُفْرد تَارَة، وَعَن ذَات مَذْكُورَة أُخْرَى والتمييز عَن النِّسْبَة: إِذا كَانَ اسْما يُطَابق مَا قصد فِي جَانب الْمُمَيز، من الْإِفْرَاد والتثنية وَالْجمع، إِلَّا أَن يكون جِنْسا يُطلق مُجَردا عَن التَّاء على الْقَلِيل، وَالْكثير فَإِنَّهُ يفرد حِينَئِذٍ، إِلَّا أَن يقْصد الْأَنْوَاع والتمييز يجوز أَن يكون للتَّأْكِيد مثله فِي: (نعم الرجل رجلا) قَالَ الله تَعَالَى: {ذرعها سَبْعُونَ ذِرَاعا} وَيجب أَن يكون التَّمْيِيز فَاعِلا؛ إِمَّا لنَفس الْفِعْل الْمَذْكُور نَحْو: (طَابَ زيد نفسا) وَإِمَّا لمتعديه نَحْو: (امْتَلَأَ الْإِنَاء مَاء) فَإِن المَاء لَا يصلح فَاعِلا للامتلاء بل لمتعديه وَهُوَ الملء لِأَنَّهُ مالىء؛ وَإِمَّا للازمه نَحْو: {وفجرنا الأَرْض عيُونا} فَإِن

الأَرْض متفجرة لَا منفجرة وَشرط التَّمْيِيز الْمَنْصُوب بعد (أفعل) كَونه فَاعِلا فِي الْمَعْنى و {أحصى لما لَبِثُوا أمدا} (أحصى) : فِيهِ فعل و (أمدا) مفعول مثل: و {أحصى كل شَيْء عددا} وَيجوز حذف التَّمْيِيز إِذا دلّ عَلَيْهِ دَلِيل نَحْو: {إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ} أَي: رجلا والمتميز فِي التَّمْيِيز لَا يلْزم أَن يكون مُبْهما قبل التَّمْيِيز وَأما التَّعْيِين فَإِنَّهُ يلْزم فِيهِ أَن يكون الْمُتَعَيّن مُبْهما قبل التَّعْيِين التَّصَوُّر: هُوَ بِحَسب الِاسْم تصور مَفْهُوم الشَّيْء الَّذِي لَا يُوجد وجوده فِي الْأَعْيَان، وَهُوَ جَار فِي الموجودات والمعدومات وَأما التَّصَوُّر بِحَسب الْحَقِيقَة أَي تصور الْمَاهِيّة الْمَعْلُومَة الْوُجُود، فَهُوَ مُخْتَصّ بالموجودات نقل عَن الشَّيْخ أَن كل مَا يحصل فِي الذِّهْن لَا يَخْلُو من أَن يكون إِمَّا صور الماهيات أَو الإذعان أَو الِاعْتِرَاف أَو الِاعْتِقَاد بمطابقة تِلْكَ الصُّور فَالْأول: هُوَ التَّصَوُّر، وَالثَّانِي: هُوَ التَّصْدِيق والإذعان بِاعْتِبَار حُصُوله فِي الذِّهْن أَيْضا تصور لَكِن بخصوصية كَونه إذعانا لغيره تَصْدِيق وَحُصُول تصور الْإِنْسَان فِي الذِّهْن مَعَ تصور الْفرس لَيْسَ تصورا وَلَا تَصْدِيقًا والتصور الَّذِي فِيهِ نِسْبَة كالمركب التقييدي لَا فرق بَينه وَبَين التَّصْدِيق، إِلَّا أَنه إِن عبر بالْكلَام التَّام يُسمى تَصْدِيقًا، وَإِن عبر بِغَيْر التَّام يُسمى تصورا فَإِن كَانَت النِّسْبَة فِي الذِّهْن ناشئة عَمَّا فِي الْأَعْيَان كَانَت صَادِقَة، وَإِلَّا كَانَت كَاذِبَة، سَوَاء عبرت بِكَلَام تَامّ أَو غير تَامّ وَقد يكون التَّصَوُّر بِلَا نِسْبَة أصلا، فَهُوَ لَا يحْتَمل الصدْق وَالْكذب فحصول الماهيات الْكُلية وَصُورَة الْمُمْتَنع وَنَحْو ذَلِك فِي الذِّهْن، فَإِن تِلْكَ الْأُمُور لَو لم يكن لَهَا صُورَة خَارج الذِّهْن كَانَت كَاذِبَة، بل لَا تكون صَادِقَة وَلَا كَاذِبَة لَا يُقَال: الْمُمْتَنع حَاصِل فِي الذِّهْن، وَالْحَاصِل فِي الذِّهْن مَوْجُود فِي الْأَعْيَان، فالممتنع مَوْجُود فِي الْأَعْيَان، لأَنا نقُول: الْحَاصِل فِي الذِّهْن هُوَ الْمِثَال، والمثال الْقَائِم بالذهن غير مُمْتَنع والتصور قد يكون علما وَقد لَا يكون كالتصور الْكَاذِب وَالْعلم قد لَا يكون تصورا كالتصديق والتصديق أَيْضا قد يكون علما وَقد لَا يكون كالتصديق الْكَاذِب وَالْعلم قد لَا يكون تَصْدِيقًا بل تصورا، فالعلم أَعم من وَجه من التَّصَوُّر وَكَذَا من التَّصْدِيق والتصور الضَّرُورِيّ كتصور الْوُجُود، والنظري كتصور الْملك والتصديق الضَّرُورِيّ كتصديق أَن الْكل أعظم من جزئه والنظري كتصديق أَن زَوَايَا المثلث تَسَاوِي قائمتين

والتصديق أَمر كسبي، والمعرفة قد تحصل بِدُونِ الْكسْب، حَتَّى إِن بصر إِنْسَان لَو وَقع على شَيْء بِدُونِ اخْتِيَاره يحصل لَهُ معرفَة المبصر بِأَنَّهُ حجر أَو مدر بِدُونِ ربط قلبه عَلَيْهِ بالاشتغال بِأَنَّهُ هُوَ أَو غير ذَلِك وَأما التَّصْدِيق فعبارة عَن ربط قلبه على شَيْء بِأَنَّهُ على مَا علمه من إِخْبَار الْمخبر بِأَنَّهُ كَذَا، فَربط قلبه على مَعْلُوم من خبر الْمخبر بِأَنَّهُ كَذَا كسبي يثبت بِاخْتِيَار الْمُصدق والتصديق المنطقي الَّذِي قسم الْعلم إِلَيْهِ وَإِلَى التَّصَوُّر هُوَ بِعَيْنِه اللّغَوِيّ الْمعبر عَنهُ فِي الفارسية ب (كرديدن) الْمُقَابل للتكذيب، إِلَّا أَن التَّصْدِيق مَأْمُور بِهِ فَيكون فعلا اختياريا، بِخِلَاف التَّصْدِيق المنطقي فَإِنَّهُ قد يَخْلُو عَن الِاعْتِبَار كمن وَقع فِي قلبه تَصْدِيق النَّبِي ضَرُورَة عِنْد إِظْهَار المعجزة من غير أَن ينْسب إِلَيْهِ اخْتِيَار، فَإِنَّهُ لَا يُقَال فِي اللُّغَة إِنَّه صدقه والتصديق إِدْرَاك الكليات، والتصور إِدْرَاك الجزئيات والتصديق إِدْرَاك مَعَه حكم، والتصور إِدْرَاك لَا حكم مَعَه [والتصديق يَنْقَسِم إِلَى الْعلم وَالْجهل بِخِلَاف التَّصَوُّر إِذْ لَا جهل مِنْهُ أصلا، وكل تصور مقدم على التَّصْدِيق بِدُونِ الْعَكْس، وكل تَصْدِيق مَوْقُوف على تصور بِدُونِ الْعَكْس؛ وَإِن كَانَ بعض التصورات متوقفة على بعض التصديقات كتصور الْحَقِيقَة فَإِنَّهُ يتَوَقَّف على التَّصْدِيق بالهيئة] وَذهب الإِمَام إِلَى أَن التَّصْدِيق إِدْرَاك الْمَاهِيّة مَعَ الحكم عَلَيْهَا بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَات وَذهب الْحُكَمَاء إِلَى أَنه مُجَرّد إِدْرَاك النِّسْبَة خَاصَّة والتصورات الثَّلَاثَة عِنْدهم شُرُوط لَهُ وَهَذَا معنى قَوْلهم: التَّصْدِيق بسيط على مَذْهَب الْحُكَمَاء، ومركب على مَذْهَب الإِمَام فمذهب الْحُكَمَاء أَن التَّصْدِيق من قَوْلك: (الْعَالم حَادث) مُجَرّد إِدْرَاك نِسْبَة الْحُدُوث إِلَى الْعَالم وَمذهب الإِمَام أَنه الْمَجْمُوع من إِدْرَاك وُقُوع النِّسْبَة، وتصور الْعَالم والحدوث وَالنِّسْبَة وَمَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى التَّصَوُّر يدعى بالْقَوْل الشَّارِح كالحد والرسم، والمثال كالقياس والاستقراء، والتمثيل وَمَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى التَّصْدِيق يُسمى حجَّة والتصور الْعَام: هُوَ حُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل والتصور الْخَاص: هُوَ الِاعْتِقَاد الْجَازِم الثَّابِت المطابق للْوَاقِع وَبِهَذَا الِاعْتِبَار يعتري الإنشاءات التصريع: هُوَ أَن يخترع الشَّاعِر معنى لم يسْبق إِلَيْهِ وَلم يتبعهُ أحد فِيهِ وَهُوَ على ضَرْبَيْنِ: عروضي وبديعي، فالعروضي: عبارَة عَن كل بَيت اسْتَوَت عروضه وضربه فِي الْوَزْن وَالْإِعْرَاب والتقفية، إِلَّا أَن عروضه غيرت لتلحق ضربه والبديعي: كل بَيت يتساوى الْجُزْء الْأَخير من صَدره والجزء الْأَخير من عَجزه فِي الْوَزْن وَالْإِعْرَاب والتقفية؛ وَلَا يعْتَبر بعد ذَلِك شَيْء آخر وَهُوَ فِي الْأَشْعَار، لَا سِيمَا فِي أول القصائد، وَقد

يَقع فِي أَثْنَائِهَا والتصريع الْكَامِل: هُوَ أَن يكون كل مصراع مُسْتقِلّا بِنَفسِهِ فِي فهم مَعْنَاهُ، وَأَن يكون الأول غير مُحْتَاج إِلَى الثَّانِي؛ فَإِذا جَاءَ جَاءَ مرتبطا بِهِ، وَأَن يكون المصراعان بِحَيْثُ يَصح وضع كل مِنْهُمَا مَوضِع الآخر والناقص: هُوَ أَن لَا يفهم معنى الأول إِلَّا بِالثَّانِي والمكرر: هُوَ أَن يكون بِلَفْظَة وَاحِدَة فِي المصراعين وَإِن كَانَ فِي المصراع الأول مُعَلّقا على صفة يَأْتِي ذكرهَا فِي أول الثَّانِي يُسمى تَعْلِيقا، وَهُوَ معيب جدا والمشطور: هُوَ أَن يكون التصريع فِي الْبَيْت مُخَالفا لقافيته والتشطير: هُوَ أَن يقسم الشَّاعِر بَيته قسمَيْنِ ثمَّ يصرع كل شطر مِنْهُمَا، لكنه يَأْتِي بِكُل شطر من بَيته مُخَالفا لقافيته الْأُخْرَى ليتميز كل شطر عَن أَخِيه الترصيع: [بِتَقْدِيم الرَّاء] هُوَ نوع من الطباق يُسمى ترصيع الْكَلَام، وَهُوَ اقتران الشَّيْء بِمَا يجْتَمع مَعَه فِي قدر مُشْتَرك، كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن لَك أَن لَا تجوع فِيهَا وَلَا تعرى وَأَنَّك لَا تظمأ فِيهَا وَلَا تضحى} جَاءَ بِالْجُوعِ مَعَ العري، وَالضُّحَى مَعَ الظمأ وَبَاب الْجُوع مَعَ الظمأ، وَالضُّحَى مَعَ العري، لَكِن الْجُوع خلو الْبَاطِن، والعري خلو الظَّاهِر، فاشتركا فِي الْخُلُو، والظمأ احتراق الْبَاطِن، وَالضُّحَى احتراق الظَّاهِر، فاشتركا أَيْضا فِي الاحتراق التَّنْوِين: هُوَ حرف ذُو مخرج يثبت لفظا لَا خطا؛ وَإِنَّمَا سيم تنوينا لِأَنَّهُ حَادث بِفعل الْمُتَكَلّم، والتفعيل من أبنية الْأَحْدَاث وَله قُوَّة لَيست للنون، لِأَن التَّنْوِين لَا يُفَارق الِاسْم عِنْد عدم الْمَانِع، بِخِلَاف النُّون، وَلِأَن التَّنْوِين مُخْتَصّ بِالِاسْمِ وَهُوَ قوي وَالنُّون، وَلِأَن التَّنْوِين مُخْتَصّ بِالِاسْمِ وَهُوَ قوي وَالنُّون مُخْتَصَّة بِالْفِعْلِ وَهُوَ ضَعِيف والتنوين زِيَادَة على الْكَلِمَة كالنقل فَإِنَّهُ زِيَادَة على الْفَرْض وَإِذا وَقع بعد التَّنْوِين سَاكن يكسر لالتقاء الساكنين نَحْو: {قل هُوَ الله أحد الله} وَإِذا انْفَتح مَا قبل التَّنْوِين يقلب فِي الْوَقْف ألفا وَإِذا انْضَمَّ أَو أنكسر يحذف وَمَتى أطلق التَّنْوِين فَإِنَّمَا يُرَاد بِهِ تَنْوِين الصّرْف وَإِذا أُرِيد غَيره قيد، كالألف وَاللَّام، فَإِنَّهَا مَتى أطلقت فَإِنَّمَا يُرَاد الَّتِي للتعريف، وَإِذا أُرِيد غَيرهَا قيد بالموصولة والزائدة نظم بعض الأدباء أَقسَام التَّنْوِين: (أَقسَام تنوينهم عشر عَلَيْك بهَا ... فَإِن تَحْصِيلهَا من خير مَا حرْزا) (مكن وَعوض وقابل وَالْمُنكر زد ... رنم أَو احك اضطرر غال وَمَا همزا) وتنوين التَّمَكُّن: وَهُوَ اللَّاحِق للأسماء المعربة، نَحْو: {هدى وَرَحْمَة} والتنكير: وَهُوَ اللَّاحِق لأسماء الْأَفْعَال فرقا بَين مَعْرفَتهَا ونكرتها والمقابلة: وَهُوَ اللَّاحِق لجمع الْمُؤَنَّث السَّالِم نَحْو: (مسلمات) و (مؤمنات) والعوض: وَهُوَ إِمَّا عوض عَن حرف آخر لفاعل

المعتل نَحْو {وَمن فَوْقهم غواش} ، أَو عَن اسْم مُضَاف إِلَيْهِ فِي (كل) و (بعض) و (أَي) نَحْو: {كل فِي فلك} ، {تِلْكَ الرُّسُل فضلنَا بَعضهم على بعض} ، و {أيا مَا تدعوا} وَعَن الْجُمْلَة الْمُضَاف إِلَيْهَا (إِذْ) نَحْو: (يَوْمئِذٍ) أَي: يَوْم إِذْ كَانَ كَذَا، أَو (إِذْ) نَحْو: {وَإِنَّكُمْ إِذا لمن المقربين} أَي: إِذا غلبتم وتنوين الفواصل: وَهُوَ الَّذِي يُسمى فِي غير الْقُرْآن الترنم بَدَلا من حُرُوف الْإِطْلَاق نَحْو {قواريرا} {وَاللَّيْل إِذا يسر} {كلا سيكفرون} بتنوين فِي الثَّلَاثَة وَيكون فِي الِاسْم وَالْفِعْل والحرف، وَلَيْسَ الترنم مَوْضُوعا بِإِزَاءِ معنى من الْمعَانِي، بل هُوَ مَوْضُوع لغَرَض الترنم، كَمَا أَن حُرُوف التهجي مَوْضُوعَة لغَرَض التَّرْكِيب، لَا بِإِزَاءِ معنى من الْمعَانِي وتنوين الْجمع: هُوَ تَنْوِين الْمُقَابلَة، لَا تَنْوِين التَّمَكُّن، وَلذَلِك يجمع مَعَ اللَّام والتنوين الغالي: من الغلو وَهُوَ التجاوز عَن الْحَد كَمَا فِي قَوْله: (وقاتم الأعماق خاوي المخترقن) وَقد تجَاوز الْبَيْت بلحوق هَذَا التَّنْوِين عَن حد الْوَزْن، وَلِهَذَا يسْقط عَن حد التقطيع، وَمَا بَقِي من التنوينات يطْلب من المفصلات التسلسل: هُوَ إِمَّا أَن يكون فِي الْآحَاد المجتمعة فِي الْوُجُود أَو لم يكن الثَّانِي: كالتسلسل فِي الْحَوَادِث وَالْأول: إِمَّا أَن يكون فِيهَا ترَتّب أَو لَا الثَّانِي: التسلسل فِي النُّفُوس الناطقة وَالْأول: إِمَّا أَن يكون ذَلِك التَّرْتِيب طبعيا كالتسلسل فِي الْعِلَل والمعلولات وَالصِّفَات والموصوفات؛ أَو وضعيا كالتسلسل فِي الْأَجْسَام والتسلسل فِي جَانب الْعِلَل بَاطِل بالِاتِّفَاقِ، وَفِي المعلولات بِأَن لَا تقف، بل يكون بعد كل مَعْلُول مَعْلُول آخر فِيهِ خلاف فَعِنْدَ الْمُتَكَلِّمين لَا يجوز، وَعند الْحُكَمَاء يجوز والتسلسل فِي الْأُمُور الاعتبارية غير مُمْتَنع بل وَاقع [بِمَعْنى أَن الِاعْتِبَار فِي تِلْكَ الْأُمُور لَا يصل إِلَى حد قد يجب وُقُوعه عِنْده وَلَا يُمكن أَن يتجاوزه، لَا بِمَعْنى أَنَّهَا تترتب فِي الِاعْتِبَار بِالْعقلِ إِلَى غير النِّهَايَة، لِأَن الْعقل لَا يقوى على اعْتِبَار مَا لَا يتناهى فَصله] التعويض: هُوَ إِقَامَة اللَّفْظ مقَام اللَّفْظ، وَقد جرت الْعَادة على أَنهم يستعملون لفظا مقَام لفظ آخر، ثمَّ يعكسون الْقَضِيَّة فيستعملون ذَلِك الْغَيْر مقَام الأول فَمن ذَلِك لفظ (غير) فَإِنَّهُم يقيمونها مقَام (إِلَّا) فِي بَاب الِاسْتِثْنَاء، ويعكسون الْأَمر فِي بَاب الصّفة ويقيمون لفظ الْمُضَارع مقَام اسْم الْفَاعِل فيعربونه، ثمَّ يعكسون الْأَمر فيعلمونه ويقيمون

لفظ الْحَال، أَعنِي لفظ الْمُشْتَقّ مقَام الْمصدر فَيَقُولُونَ: (قُم قَائِما) ثمَّ يعكسون الْأَمر نَحْو: (أَتَيْته ركضا) فَفِي هَذِه الطَّرِيقَة إِشْعَار بِمَا بَين اللَّفْظَيْنِ من التشابه والتشابك التَّعْلِيل: هُوَ أَن يُرِيد الْمُتَكَلّم ذكر حكم وَاقع أَو متوقع فَيقدم قبل ذكره عِلّة وُقُوعه، لكَون رُتْبَة الْعلَّة مُتَقَدّمَة على الْمَعْلُول كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم} فَسبق الْكتاب من الله عِلّة النجَاة من الْعَذَاب وَمن أحسن أَمْثِلَة التَّعْلِيل قَوْله: (سَأَلت الأَرْض لم جعلت مصلى ... وَلم كَانَت لنا طهرا وطيبا) (فَقَالَت غير ناطقة فَإِنِّي ... حويت لكل إِنْسَان حبيبا) [وَالتَّعْلِيل: تَقْرِير ثُبُوت الْمُؤثر لإِثْبَات الْأَثر كَمَا أَن الِاسْتِدْلَال هُوَ تَقْرِير ثُبُوت الْأَثر لإِثْبَات الْمُؤثر وَالِاسْتِدْلَال فِي عرف أهل الْعلم: هُوَ تَقْرِير الدَّلِيل لإِثْبَات الْمَدْلُول سَوَاء كَانَ ذَلِك من الْأَثر إِلَى الْمُؤثر أَو بِالْعَكْسِ أَو من أحد الْأَمريْنِ إِلَى الآخر] التَّحْوِيل: هُوَ عبارَة عَن تَبْدِيل ذَات إِلَى ذَات أُخْرَى مثل تَحْويل التُّرَاب إِلَى الطين والتغيير: عبارَة عَن تَبْدِيل صفة إِلَى صفة أُخْرَى مثل تَغْيِير الْأَحْمَر إِلَى الْأَبْيَض والتغيير إِمَّا فِي ذَات الشَّيْء أَو جزئه أَو الْخَارِج عَنهُ وَمن الأول: تَغْيِير اللَّيْل وَالنَّهَار وَمن الثَّانِي: تَغْيِير العناصر بتبديل صورها وَمن الثَّالِث: تَغْيِير الأفلاك بتبديل أوضاعها والتحويل يتَعَدَّى وَيلْزم، والتغيير لَا يكون إِلَّا مُتَعَدِّيا والتحريف: تَغْيِير اللَّفْظ دون الْمَعْنى والتصحيف: تَغْيِير اللَّفْظ وَالْمعْنَى التعديد: هُوَ إِيقَاع أَسمَاء مُفْردَة على سِيَاق وَاحِد؛ فَإِن روعي فِي ذَلِك ازدواج أَو مُطَابقَة أَو تجنيس أَو مُقَابلَة فَذَلِك الْغَايَة فِي الْحسن مِثَاله قَوْله تَعَالَى: {ولنبلونكم بِشَيْء من الْخَوْف والجوع وَنقص من الْأَمْوَال والأنفس والثمرات وَبشر الصابرين} وكقول الشَّاعِر: (الْخَيل وَاللَّيْل والبيداء تعرفنِي ... والطعن وَالضَّرْب والقرطاس والقلم) التعسف: هُوَ ارْتِكَاب مَا لَا يجوز عَن الْمُحَقِّقين، وَإِن جوزه الْبَعْض، وَيُطلق على ارْتِكَاب مَا لَا ضَرُورَة فِيهِ وَالْأَصْل عَدمه وَقيل: هُوَ حمل الْكَلَام على معنى لَا تكون دلَالَته عَلَيْهِ ظَاهِرَة، وَهُوَ أخف من الْبطلَان والتساهل: يسْتَعْمل فِي كَلَام لَا خطأ فِيهِ، وَلَكِن يحْتَاج إِلَى نوع تَوْجِيه تحتمله الْعبارَة والتسامح: اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي غير مَوْضِعه الْأَصْلِيّ، كالمجاز بِلَا قصد علاقَة مَقْبُولَة، وَلَا نصب قرينَة دَالَّة عَلَيْهِ اعْتِمَادًا على ظُهُور الْفَهم من ذَلِك الْمقَام والتمحل: الاحتيال، وَهُوَ الطّلب بحيلة والتخيير: هُوَ أَن يَأْتِي الشَّاعِر بِبَيْت يسوغ فِيهِ أَن يقفى بقواف شَتَّى، فَيتَخَيَّر مِنْهَا قافية مرجحة على سائرها يسْتَدلّ بهَا بتخييره على حسن اخْتِيَاره

كَقَوْلِه: (إِن الْغَرِيب الطَّوِيل الذيل ممتهن ... فَكيف حَال غَرِيب مَا لَهُ قوت) فَإِن (مَا لَهُ قوت) أبلغ من (مَا لَهُ مَال) و (مَا لَهُ أحد) وَأبين للضَّرُورَة وأشجى للقلوب وأدعى للاستعطاف التَّسْلِيم: تَسْلِيم كل شَيْء مَا يُنَاسِبه، فتسليم الْوَاجِبَات إخْرَاجهَا من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود وَقد يثبت فِي قَوَاعِد الشَّرْع أَن الْوَاجِبَات لَهَا حكم الْجَوَاهِر، فَيجْرِي التَّسْلِيم فِيهَا كَمَا يجْرِي فِي الْأَعْيَان وَالتَّسْلِيم: أَن يفْرض الْمُتَكَلّم أَو الشَّاعِر فرضا محالا إِمَّا منفيا أَو مَشْرُوطًا بِحرف الِامْتِنَاع ليَكُون مَا ذكره مُمْتَنع الْوُقُوع بِشَرْطِهِ ثمَّ يسلم وُقُوع ذَلِك تَسْلِيمًا جدليا يدل على عدم الْفَائِدَة فِي وُقُوعه، كَقَوْلِه تَعَالَى: {مَا اتخذ الله من ولد وَمَا كَانَ مَعَه من إِلَه إِذا لذهب كل إِلَه بِمَا خلق ولعلا بَعضهم على بعض} مَعْنَاهُ وَالله أعلم: أَنه لَيْسَ مَعَه من إِلَه، وَلَو سلمنَا أَن مَعَه إِلَهًا لزم من ذَلِك أَن كل إِلَه يذهب بِمَا خلق، وَالله خَالق كل شَيْء، وَأَن بَعضهم يَعْلُو على بعض، فَلَا يتم فِي الْعَالم أَمر وَلَا ينفذ فيهم حكم، وَالْوَاقِع خلاف ذَلِك، فَفرض إِلَهَيْنِ فَصَاعِدا محَال التَّمْثِيل: هُوَ أَن تثبت الْقَاعِدَة سَوَاء كَانَ مطابقا للْوَاقِع أم لَا، بِخِلَاف الاستشهاد والتمثيل أَيْضا: أَن يُرِيد الْمُتَكَلّم معنى فَلَا يدل عَلَيْهِ بِلَفْظِهِ الْمَوْضُوع لَهُ وَلَا بِلَفْظ قريب مِنْهُ، وَإِنَّمَا يَأْتِي بِلَفْظ هُوَ أبعد من لفظ الإرداف يَصح أَن يكون مِثَالا للفظ الْمَعْنى المرادف، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَقضي الْأَمر} وَبَاب التَّمْثِيل وَاسع فِي كَلَام الله تَعَالَى وَرَسُوله وَفِي كَلَام الْعَرَب وَيُطلق التَّمْثِيل على التَّشْبِيه مُطلقًا وَكتب التفاسير مشحونة بِهَذَا الْإِطْلَاق وَلَا سِيمَا " الْكَشَّاف " وَيُطلق أَيْضا على مَا كَانَ وَجه التَّشْبِيه مركبا غير مُحَقّق حسا وَهُوَ مَذْهَب الشَّيْخ، وعَلى مَا كَانَ وَجهه مركبا غير مُحَقّق لَا حسا وَلَا عقلا وَهُوَ مَذْهَب السكاكي؛ وعَلى مَا وَجهه مركبا محققا أَو لَا وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور، فَلِكُل أَن يُطلق على مَا اشتهاه [وَاعْلَم أَن الْخلاف الْمَشْهُور بَين العلامتين فِي مجْلِس أَمِير تيمور قد نَشأ من كَلَام جَار الله الْعَلامَة فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ على هدى من رَبهم وَأُولَئِكَ هم المفلحون} حَيْثُ قَالَ: فِيهِ اسْتِعَارَة تَبَعِيَّة على طَرِيق التَّمْثِيل لِأَن الِاسْتِعَارَة التّبعِيَّة مُفْردَة ولتمثيلية مركبة فَلَا وَجه لكَون الْمُفْرد على طَرِيق الْمركب فَقَالَ التَّفْتَازَانِيّ عَلَيْهِ الرَّحْمَة: طرفا التَّمْثِيل مفردان لِأَن كل تَشْبِيه تمثيلي إِذا ترك فِيهِ التَّشْبِيه وَكَانَ اسْتِعَارَة تصير اسْتِعَارَة تمثلية، فَإِذا كَانَ الطرفان هُنَاكَ مفردين كَانَا هُنَا أَيْضا كَذَلِك وَقَالَ السَّيِّد الشريف: إِن طَرفَيْهِ مركبان كَمَا هُوَ مَشْهُور من الانتزاع مَعَ أَنه صرح فِي " الْمِفْتَاح " من أَن انحصار الِاسْتِعَارَة التمثيلية فِيمَا هُوَ مركب من الطَّرفَيْنِ ثمَّ لَا يخفى أَن نزاعهما لَفْظِي كَمَا حَقَّقَهُ بعض الْمُفَسّرين]

والتمثيل أَكثر من التَّشْبِيه، إِذْ كل تَمْثِيل تَشْبِيه، وَلَيْسَ كل تَشْبِيه تمثيلا والتمثيل الملحق بِالْقِيَاسِ: هُوَ إِثْبَات حكم فِي جزئي لوُجُوده فِي جزئي لِمَعْنى مُشْتَرك بَينهمَا وَهُوَ ضَعِيف لِأَن الدَّلِيل إِذا قَامَ فِي الْمُسْتَدلّ عَلَيْهِ أغْنى عَن النّظر فِي جُزْء غَيره، لَكِن يصلح لتطييب النَّفس وَتَحْصِيل الِاعْتِقَاد [وَإِذا لم يكن التَّشْبِيه عقليا يُقَال: إِنَّه يتَضَمَّن التَّشْبِيه وَلَا يُقَال: إِن فِيهِ تمثيلا وَضرب الْمثل وَإِن كَانَ عقليا جَازَ إِطْلَاق اسْم التَّمْثِيل عَلَيْهِ وَأَن يُقَال ضرب الِاسْم مثلا لكذا، يُقَال: ضرب النُّور مثلا لِلْقُرْآنِ والحياة للْعلم] التتميم: هُوَ عبارَة عَن الْإِتْيَان فِي النّظم أَو النثر بِكَلِمَة إِذا طرحتها من الْكَلَام نقص حسن مَعْنَاهُ، وَهُوَ على ضَرْبَيْنِ: ضرب فِي الْمعَانِي وَضرب فِي الْأَلْفَاظ وَالَّذِي فِي الْمعَانِي هُوَ تتميم الْمَعْنى، وَالَّذِي فِي الْأَلْفَاظ هُوَ تتميم الْوَزْن، وَيَجِيء للْمُبَالَغَة وَالِاحْتِيَاط والتتميم يرد على النَّاقِص فيتممه والتكميل يرد على الْمَعْنى التَّام فيكمله، إِذْ الْكَمَال أَمر زَائِد على التَّمام، والتمام يُقَابل نُقْصَان الأَصْل، والكمال يُطَابق نُقْصَان الْوَصْف بعد تَمام الأَصْل، وَلِهَذَا كَانَ قَوْله تَعَالَى: {تِلْكَ عشرَة كَامِلَة} أحسن من (تَامَّة) ، لِأَن التَّمام من الْعدَد قد علم، وَإِنَّمَا احْتِمَال النَّقْص فِي صفاتها وَقيل: الْكَمَال: اسْم لِاجْتِمَاع أبعاض الْمَوْصُوف، والتمام: اسْم للجزء الَّذِي يتم بِهِ الْمَوْصُوف وَتمّ على أمره: أَمْضَاهُ وأتمه وَتمّ على أَمرك: أَي أمضه وَمِنْه حَدِيث " تمّ على صومك " بِكَسْر التَّاء وَفتح الْمِيم الْمُشَدّدَة على صِيغَة الْأَمر التَّحْقِيق: تفعيل من (حق) بِمَعْنى (ثَبت) ؛ وَقَالَ بَعضهم: التَّحْقِيق لُغَة: رَجَعَ الشَّيْء إِلَى حَقِيقَته بِحَيْثُ لَا يشوبه شُبْهَة وَهُوَ الْمُبَالغَة فِي إِثْبَات حَقِيقَة الشَّيْء بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ والتحقق: مَأْخُوذ من الْحَقِيقَة، وَهُوَ كَون الْمَفْهُوم حَقِيقَة مَخْصُوصَة فِي الْخَارِج والتحقق والوجود والحصول والثبوت والكون: كلهَا أَلْفَاظ مترادفة عندنَا وَتَفْسِير الْوُجُود بالتحقق لدفع توهم أَن الْوُجُود مَا بِهِ التحقق والتحقق أَعم من الْوُجُود، فَإِن عدم الْمُمْتَنع مُتَحَقق، وَلما كَانَ التحقق مرادفا للوجود لَا يُقَال عدم شريك الْبَارِي مُتَحَقق، كَمَا لَا يُقَال مَوْجُود وَالتَّحْقِيق يسْتَعْمل فِي الْمَعْنى، والتهذيب فِي اللَّفْظ وَالتَّحْقِيق: إِثْبَات دَلِيل الْمَسْأَلَة مُطلقًا أَو بدليلها والتدقيق: إِثْبَات دَلِيل الْمَسْأَلَة على وَجه فِيهِ دقة، سَوَاء كَانَت الدقة لإِثْبَات دَلِيل الْمَسْأَلَة بِدَلِيل آخر أَو لغير ذَلِك مِمَّا فِيهِ دقة فَهُوَ أخص بِالْمَعْنَى الأول وَقد يُفَسر بِأَنَّهُ إِثْبَات دَلِيل الْمَسْأَلَة بِدَلِيل آخر، فَيكون مباينا للتحقيق بِالْمَعْنَى الثَّانِي وَالتَّحْقِيق فِي الْقِرَاءَة: يكون للرياضة والتعليم والتمرين وَأما الترتيل فَإِنَّهُ للتدبر والتفكر والاستنباط، فَكل تَحْقِيق ترتيل وَلَا عكس وَقد نظمت فِيهِ:

(وَاحْذَرْ من اللّحن فِي الترتيل غَايَته ... قَالُوا من الْبدع مَا سموهُ ترعيدا) (تحزينه وَكَذَا الترقيص بدعته ... كَذَاك تطريبه بِالْمدِّ تمديدا) التّكْرَار: هُوَ مصدر ثلاثي يُفِيد الْمُبَالغَة ك (الترداد) مصدر (رد) عِنْد سِيبَوَيْهٍ، أَو مصدر مزِيد أَصله (التكرير) قلب الْيَاء ألفا عِنْد الكوفية، وَيجوز كسر التَّاء فَإِنَّهُ اسْم من (التكرر) وَفسّر بَعضهم التكرير بِذكر الشَّيْء مرَّتَيْنِ وَبَعْضهمْ بِذكرِهِ مرّة بعد أُخْرَى، فَهُوَ على الأول: مَجْمُوع الذكرين؛ وعَلى الثَّانِي: الذّكر الْأَخير وأيا مَا كَانَ لَا يكون التَّفْصِيل بعد الْإِجْمَال تكريرا، بل هُوَ بَيَان وتوضيح بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِجْمَال لَا ذكر لَهُ ثَانِيًا فالتفصيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِجْمَال إِفَادَة، والتكرير إِعَادَة [وَقَالَ بَعضهم: التّكْرَار إِنَّمَا يحصل بِذكر الشَّيْء مرَّتَيْنِ مُطَابقَة بعد ذكره مُطَابقَة أَو تضمنا لَا بِذكرِهِ مُطَابقَة بعد ذكره التزاما وَلَا بِالْعَكْسِ؛ وَأما إِذا ذكر تضمنا مرَّتَيْنِ أَو ذكر تضمنا بعد ذكره مُطَابقَة فَهُوَ تكْرَار وَلَا فِيهِ تردد] وتكرير اللَّفْظ الْوَاحِد فِي الْكَلَام الْوَاحِد حقيق بالاجتناب فِي البلاغة، إِلَّا إِذا وَقع ذَلِك لأجل غَرَض ينتحيه الْمُتَكَلّم من تفخيم أَو تهويل أَو تنويه أَو نَحْو ذَلِك فعلى هَذَا مَا معنى قَوْله تَعَالَى: {أَن تضل إِحْدَاهمَا فَتذكر إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى} ؛ وَمَا الْفَائِدَة فِي ترك مَا هُوَ أوجز وأشبه بِالْمذهبِ الْأَشْرَف فِي البلاغة وَهُوَ (فتذكرها) الْأُخْرَى، [لمراعاة الترصيع وتوازن الْأَلْفَاظ فِي التَّرْكِيب] فليتدبر والتكرار فِي البديع: هُوَ أَن يُكَرر الْمُتَكَلّم اللَّفْظَة الْوَاحِدَة بِاللَّفْظِ وَالْمعْنَى؛ وَالْمرَاد بذلك التهويل والوعيد، كَقَوْلِه تَعَالَى: {القارعة مَا القارعة وَمَا أَدْرَاك مَا القارعة} ، أَو الْإِنْكَار والتوبيخ كتكرار قَوْله تَعَالَى: {فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ} أَو الاستبعاد كَقَوْلِه تَعَالَى: {هَيْهَات هَيْهَات لما توعدون} أَو لغَرَض من الْأَغْرَاض [وَلَا بُد للمتكلم أَن يُلَاحظ التَّحَرُّز عَن التكرير فِي الْمَعْنى أَولا ثمَّ فِي اللَّفْظ، فيلاحظ التَّحَرُّز عَن انفكاك النّظم أَو التَّرْتِيب وتشويشه أَولا ثمَّ فِي الْمَعْنى والتكرار إِذا ورد جَوَابا لكَلَام خَاص لم يكن لَهُ مَفْهُوم كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا رَبك بظلام للعبيد} فَإِنَّهُ ورد جَوَابا لمن قَالَ (ظلام) التَّسْبِيح: إِذا أُرِيد بِهِ التَّنْزِيه وَالذكر الْمُجَرّد لَا يتَعَدَّى بِحرف الْجَرّ، فَلَا تَقول: (سبحت بِاللَّه) وَإِذا أُرِيد بِهِ المقرون بِالْفِعْلِ، وَهُوَ الصَّلَاة فيتعدى بِحرف الْجَرّ تَنْبِيها على ذَلِك المُرَاد وَالتَّسْبِيح: بالطاعات والعبادات وَالتَّقْدِيس: بالمعارف والاعتقادات وَالتَّسْبِيح: نفي مَا لَا يَلِيق وَالتَّقْدِيس: إِثْبَات مَا يَلِيق وَالتَّسْبِيح حَيْثُ جَاءَ فِي الْقُرْآن يقدم على التَّحْمِيد

نَحْو: {سبح بِحَمْد رَبك} {وَسبح بِحَمْدِهِ} وَقد جَاءَ التَّسْبِيح بِمَعْنى التَّنْزِيه فِي الْقُرْآن على وُجُوه {سُبْحَانَهُ هُوَ الله الْوَاحِد القهار} أَي: أَنا المنزه عَن النظير وَالشَّرِيك {سُبْحَانَ رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض} أَي: أَنا الْمُدبر لَهما {سُبْحَانَ الله رب الْعَالمين} أَي: أَنا الْمُدبر لكل الْعَالمين {سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ} أَي: أَنا المنزه عَن قَول الظَّالِمين {سُبْحَانَهُ أَن يكون لَهُ ولد} أَي: أَن المنزه عَن الصاحبة وَالْولد وَأما تَسْبِيح التَّعَجُّب: فكقوله تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا} {سُبْحَانَ إِذا قضى أمرا فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كن فَيكون} {سُبْحَانَكَ لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا} التَّفْرِيق: هُوَ أَن يَأْتِي الْمُتَكَلّم أَو النَّاظِم بشيئين من نوع وَاحِد فيوقع بَينهمَا تباينا وَتَفْرِيقًا يُفِيد زِيَادَة ترشيح فِيمَا هُوَ بصدده من مدح أَو ذمّ أَو نسيب أَو غَيره من الْأَغْرَاض كَقَوْلِه: (مَا نوال الْغَمَام وَقت ربيع ... كنوال الْأَمِير يَوْم سخاء) (فنوال الْأَمِير بدرة عين ... ونوال الْغَمَام قَطْرَة مَاء) وَالْجمع مَعَ التَّفْرِيق: هُوَ أَن يدْخل شَيْئَيْنِ من معنى وَاحِد وَيفرق بَين جهتي الإدخال، كَقَوْلِه تَعَالَى: {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا} إِلَى آخِره جمع النفسين فِي حكم التوفي، ثمَّ فرق بَين جهتي التوفي بالحكم بالإمساك والإرسال التّرْك: هُوَ إِمَّا مُفَارقَة مَا يكون الْإِنْسَان فِيهِ، أَو تَركه الشَّيْء رَغْبَة عَنهُ من غير دُخُول فِيهِ، وَمَتى علق بمفعول وَاحِد يكون بِمَعْنى الطرح أَو التَّخْلِيَة والدعة؛ وَإِذا علق بمفعولين كَانَ متضمنا معنى التصيير فَيجْرِي مجْرى أَفعَال الْقُلُوب مِنْهُ: {وتركهم فِي ظلمات لَا يبصرون} ؛ {وَتَركنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين} أَي: أبقينا وَترك الشَّيْء: رفضه قصدا واختيارا أَو قهرا واضطرارا فَمن الأول: {واترك الْبَحْر رهوا} ؛ وَمن الثَّانِي: {كم تركُوا من جنَّات وعيون} وَالتّرْك: عدم فعل الْمَقْدُور، سَوَاء كَانَ هُنَاكَ قصد من التارك أَو لَا، كَمَا فِي حَالَة النّوم والغفلة، وَسَوَاء تعرض لضده أَو لم يتَعَرَّض، وَأما عدم فعل

مَا لَا قدرَة فِيهِ، فَلَا يُسمى تركا وَلذَلِك لَا يُقَال (ترك فلَان خلق الْأَجْسَام) وَقيل: يعْتَبر فِي عدم فعل الْمَقْدُور؛ وَالْقَصْد لولاه لما تعلق بِالتّرْكِ الذَّم والمدح وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب وَقيل: التّرْك: فعل الضِّدّ، لِأَنَّهُ مَقْدُور، وَعدم الْفِعْل مُسْتَمر من الْأَزَل، فَلَا يَصح أثرا للقدرة الْحَادِثَة وَقد يُقَال: دوَام استمراره مَقْدُور، لِأَنَّهُ قَادر على أَن يفعل ذَلِك الْفِعْل، فيزول اسْتِمْرَار عَدمه وَعند الْجُمْهُور: هُوَ من مَا صدقَات الْفِعْل، لِأَنَّهُ كف النَّفس عَن الْإِيقَاع لَا عَدمه والتركة: بِكَسْر الرَّاء بِمَعْنى المتروكة لُغَة وَفِي الِاصْطِلَاح: مَا يتْركهُ الْمَيِّت خَالِيا من تعلق حق الْغَيْر و [تريكة] : كسفينة، امْرَأَة تتْرك بِلَا تزوج والتركة: الْمَرْأَة الربعة وَفِي الحَدِيث: " جَاءَ الْخَلِيل إِلَى مَكَّة يطالع تركته " وَهُوَ بِفَتْح الرَّاء: فعل بِمَعْنى مفعول أَي: مَا تَركه أَي: هَاجر وَوَلدهَا إِسْمَاعِيل قَالَ ابْن الْأَثِير: وَلَو رُوِيَ بِالْكَسْرِ فِي الرَّاء لَكَانَ وَجها بِمَعْنى الشَّيْء الْمَتْرُوك التَّقْوَى: هُوَ على مَا قَالَه عَليّ رَضِي الله عَنهُ ترك الْإِصْرَار على الْمعْصِيَة وَترك الاغترار بِالطَّاعَةِ، وَهِي الَّتِي يحصل بهَا الْوِقَايَة من النَّار والفوز بدار الْقَرار وَغَايَة التقى الْبَرَاءَة من كل شَيْء سوى الله؛ ومبدؤه اتقاء الشّرك، وأوسطه اتقاء الْحَرَام؛ وَالتَّقوى مُنْتَهى الطَّاعَات، والرهبة من مبادئ التَّقْوَى، وَقد تسمى التَّقْوَى خوفًا وخشية، وَيُسمى الْخَوْف تقوى والتقي أخص من النقي بالنُّون، لَان كل متق منقى لجَوَاز أَن يكون نقيا بِالتَّوْبَةِ؛ وَأما المنقى فَهُوَ الَّذِي قَامَ بِهِ هَذَا الْوَصْف، وَالْوَاو مبدلة من الْيَاء، وَالتَّاء مبدلة من الْوَاو، أَصله (وقيا) ، وَإِنَّمَا لم يُبدل فِي نَحْو: (ريا) لِأَنَّهَا صفة، فتركوها على أَصْلهَا؛ وَإِنَّمَا يبدلون فِي (فعلى) إِذا كَانَ اسْما، وَالْيَاء مَوضِع اللَّام ك (ثروى) من (ثريت) التَّكْلِيف: مصدر (كلفت الرجل) إِذا ألزمته مَا يشق عَلَيْهِ، مَأْخُوذ من الكلف الَّذِي يكون فِي الْوَجْه، وَهُوَ نوع مرض يسود بِهِ الْوَجْه؛ وَإِنَّمَا سمي الْأَمر تكليفا لِأَنَّهُ يُؤثر فِي الْمَأْمُور تَغْيِير الْوَجْه إِلَى العبوسة، وَهُوَ الانقباض لكَرَاهَة الْمَشَقَّة وَهُوَ فِي الِاصْطِلَاح، كَمَا قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ: إِلْزَام مَا فِيهِ كلفة؛ فالمندوب عِنْده لَيْسَ مُكَلّفا بِهِ لعدم الْإِلْزَام فِيهِ أَو طلب مَا فِيهِ كلفة، كَمَا قَالَ القَاضِي أَبُو بكر الباقلاني، فالمندوب عِنْده مُكَلّف بِهِ لوُجُود الطّلب والتكليف مُتَعَلق بالأفراد دون المفهومات الْكُلية الَّتِي هِيَ أُمُور عقلية وَاخْتلفُوا فِي منَاط التَّكْلِيف فِي وجوب الْإِيمَان بِاللَّه تَعَالَى، فَذهب الْأَشْعَرِيّ وَمن تَابعه، وَعَلِيهِ الإِمَام الشَّافِعِي إِلَى أَنه مَنُوط ببلوغ دَعْوَة الرُّسُل وَذهب أَبُو حنيفَة وَمن تَابعه على مَا هُوَ الصَّحِيح الْمُوَافق الظَّاهِر الرِّوَايَة، وَمَشى عَلَيْهِ صَاحب " التَّقْوِيم "، وفخر الْإِسْلَام أَنه مَنُوط إِمَّا ببلوغ دَعْوَة الرُّسُل أَو مُضِيّ مُدَّة يتَمَكَّن الْعَاقِل فِيهَا أَن يسْتَدلّ بالمصنوعات على وجود صانعها، فَمن لَا يفهم الْخطاب أصلا كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُون وَمن لم يقل لَهُ أَنه مُكَلّف كَالَّذي لم يبلغهُ دَعْوَة نَبِي قطعا، كِلَاهُمَا غافلان عَن تصور التَّكْلِيف بالتنبيه عَلَيْهِ، فَلَا

تَكْلِيف على الأول اتِّفَاقًا، وَلَا على الثَّانِي عندنَا؛ وَأما من لَا يعلم أَنه مُكَلّف مَعَ أَنه خُوطِبَ بِكَوْنِهِ مُكَلّفا حَال مَا كَانَ فاهما فَإِنَّهُ غافل عَن التَّصْدِيق بالتكليف لَا عَن تصَوره، وَذَلِكَ لَا يمْنَع من تَكْلِيفه وَإِلَّا لم تكن الْكفَّار مكلفين، إِذْ لَيْسُوا مُصدقين بالتكليف وَاتفقَ الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة على أَن لَا أَمر للْكفَّار بِالْعبَادَة حَال كفرهم كَمَا اتَّفقُوا على أَن لَا قَضَاء عَلَيْهِم بعد الْإِيمَان وعَلى أَنهم يؤاخذون بترك الِاعْتِقَاد للْوُجُوب فِي الْعِبَادَات، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي أَنهم هَل يُعَذبُونَ بترك الْعِبَادَات كَمَا يُعَذبُونَ بترك الْأُصُول أم لَا؟ فالشافعية تخْتَار الأول وَالْحَنَفِيَّة تخْتَار الثَّانِي والتكليف بِمَا يمْتَنع لذاته كجمع الضدين وقلب الْحَقَائِق غير جَائِز فضلا عَن الْوُقُوع عِنْد الْجُمْهُور، وَبِمَا يمْتَنع الْفِعْل لتَعلق الْإِرَادَة بِعَدَمِ وُقُوعه جَائِز، بل وَاقع إِجْمَاعًا؛ وَالَّذِي وَقع النزاع فِي جَوَازه هُوَ التَّكْلِيف بِمَا لَا يتَعَلَّق بِهِ الْقُدْرَة عَادَة كالطيران إِلَى السَّمَاء [وَالْجمع بَين النقيضين لاستحالته عقلا وَعَادَة] والأشاعرة، وَإِن قَالُوا بِإِمْكَان تَكْلِيف الْعَاجِز، لَا يَقُولُونَ بِوُقُوعِهِ بِالْفِعْلِ والتكليف بِحَسب الوسع، وَلِهَذَا يجب اسْتِقْبَال عين الْكَعْبَة لمكي وجهتها للآفاقي فَإِذا تبين خَطؤُهُ فِي التَّحَرِّي لَا يُعِيدهَا، وَكَذَا كل من فَاتَهُ شطر من شَرَائِط الصَّلَاة عِنْد الضَّرُورَة لَا يُعِيدهَا، كمن صلاهَا مَعَ نجس عِنْد عدم مزيل النَّجَاسَة وَمَعَ التَّيَمُّم عِنْد عدم القردة على الْوضُوء وَغير ذَلِك [وَأعلم أَن أَكثر الْمُحَقِّقين على أَن التَّكْلِيف بِمَا لَا يُطَاق غير جَائِز عقلا وسمعا لِأَنَّهُ عَبث، كتكليف الْأَعْمَى بالإبصار وَهُوَ مِمَّا لَا يجوز على الْحَكِيم وَلقَوْله تَعَالَى: {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَى وسعهَا} {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} وَاحْتج المجوزون بِأَنَّهُ تَعَالَى كلف أَبَا لَهب بِالْإِيمَان مَعَ أَن الْإِيمَان مِنْهُ محَال لعلمه تَعَالَى بِعَدَمِ إيمَانه أصلا، وَمَا علم الله يمْتَنع خِلَافه وَقد تحير الأصوليون فِي جَوَابه وَوَضَعُوا لَهُ قَاعِدَة لدفع هَذِه الشهبة وَهِي أَن هَذَا النَّوْع من الْمُمْتَنع الَّذِي امْتنع لغيره جَازَ أَن يُكَلف بِهِ، وَإِنَّمَا النزاع فِي الْمُمْتَنع لذاته كالجمع بَين الضدين، وَلَا خَفَاء فِي كَونه عَبَثا كالممتنع لذاته لِأَنَّهُمَا فِي عدم الوسع والحرجية والعبثية سَوَاء، بل جَوَابه أَن الله تَعَالَى يعلم أَنه لَا يُؤمن بِاخْتِيَارِهِ وَقدرته فَيعلم أَن لَهُ اخْتِيَارا وقدرة فِي الْإِيمَان وَعَدَمه فَلَا يكون إيمَانه مُمْتَنعا وَإِلَّا لزم الْجَهْل على الله، تَعَالَى عَن ذَلِك، نعم لَكِن لَا نسلم كَون التَّكْلِيف بالممتنع لغيره عَبَثا لِأَنَّهُ لما كَانَ فِي ذَاته مُمكنا دخل تَحت الوسع وَالِاخْتِيَار نظرا إِلَى الذَّات، إِذْ الِامْتِنَاع بِالْغَيْر لَا يعْدم الِاخْتِيَار وَالْقُدْرَة فَيصح التَّكْلِيف بِهِ، بِخِلَاف

الْمُمْتَنع لذاته فَإِنَّهُ خَارج عَن الْقُدْرَة وَالِاخْتِيَار أصلا، هَكَذَا ذكره السّلف] التَّوْجِيه: قسْمَة البديعيون على قسمَيْنِ: أَحدهمَا: هُوَ أَن يبهم الْمُتَكَلّم الْمَعْنيين بِحَيْثُ لَا يرشح أَحدهمَا على الآخر بِقَرِينَة، كَمَا فِي الْبَيْت المنظوم فِي الْخياط وَهَذَا عِنْد الْمُتَقَدِّمين فَإِنَّهُم نزلوه منزلَة الْإِبْهَام وسموه توجيها وَأما التَّوْجِيه عِنْد الْمُتَأَخِّرين: فَهُوَ أَن يؤلف الْمُتَكَلّم مُفْرَدَات بعض الْكَلَام أَو جملياته ويوجهها إِلَى أَسمَاء متلائمات صفاتها اصْطِلَاحا من أَسمَاء أَعْلَام أَو قَوَاعِد عُلُوم أَو غير ذَلِك مِمَّا يتشعب لَهُ من الْفُنُون توجيها مطابقا لِمَعْنى اللَّفْظ الثَّانِي من غير اشْتِرَاك حَقِيقِيّ، بِخِلَاف التورية وَالْفرق بَينهمَا من وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَن التورية تكون باللفظة الْمُشْتَركَة والتوجيه بِاللَّفْظِ المصطلح؛ وَالثَّانِي: أَن التورية تكون باللفظة الْوَاحِدَة؛ والتوجيه لَا يَصح إِلَّا بعدة أَلْفَاظ متلائمة التسهيم: هُوَ أَن يتَقَدَّم من الْكَلَام مَا يدل على أَن الْمُتَأَخر مِنْهُ تَارَة بِالْمَعْنَى وطورا بِاللَّفْظِ ثمَّ إِذا كَانَت دلَالَته معنوية، فَمرَّة يدل بِمَعْنى وَاحِد وَمرَّة يدل بمعنيين وَالْفرق بَينه وَبَين التوشيح هُوَ أَن التسهيم يعرف من أول الْكَلَام آخِره، وَيعلم مقطعه من حشوه من غير أَن يتَقَدَّم سجعه أَو قافيته إِلَّا بعد مَعْرفَتهَا والتوشيح: لَا يدل أَوله على القافية فَحسب والتسهيم: يدل تَارَة على عجز الْبَيْت، وَتارَة على مَا دون الْعَجز بِشَرْط الزِّيَادَة على القافية؛ وَيدل تَارَة أَوله على آخِره وَتارَة بِالْعَكْسِ، بِخِلَاف التوشيح وَمن التوشيح فِي الشّعْر قَوْله: (لم يبْق غير خَفِي الرّوح فِي جَسَدِي ... فدى لَك الباقيان الرّوح والجسد) [التلميح: بِتَقْدِيم الْمِيم هُوَ إتْيَان بِمَا فِيهِ ملاحة وظرافة، يُقَال: ملح الشَّاعِر، إِذا أَتَى بِشعر مليح وَالْفرق بَينه وَبَين التهكم بِحَسب الْمقَام فَإِن كَانَ الْغَرَض مُجَرّد الملاحة والظرافة من غير قصد إِلَى استهزاء فتمليح وَإِلَّا فتهكم وَأما] التلميح: [بِتَقْدِيم اللَّام] هُوَ أَن يضمن الْمُتَكَلّم كَلَامه بِكَلِمَة أَو كَلِمَات من آيَة أَو قصَّة أَو بَيت من الشّعْر أَو مثل سَائِر أَو معنى مُجَرّد من كَلَام أَو حِكْمَة نَحْو قَوْله: (فوَاللَّه مَا أَدْرِي أأحلام نَائِم ... ألمت بِنَا أم كَانَ فِي الركب يُوشَع) أَشَارَ إِلَى قصَّة يُوشَع النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام واستيقافه الشَّمْس وَفِي النّظم الْجَلِيل: {أَلا بعدا لمدين كَمَا بَعدت ثَمُود}

[وَسَماهُ ابْن المعتز مخترعه الأول: حسن التَّضْمِين، وَوَافَقَهُ قدامَة وَغَيره، وَسَماهُ المطرزي وَصَاحب " التَّلْخِيص ": التلميح بِتَقْدِيم الْمِيم، وَسَماهُ الْفَخر الرَّازِيّ فِي " نِهَايَة الإيجاز " التَّلْوِيح، وَقَالُوا جَمِيعًا: هُوَ أَن يشار فِي فحوى الْكَلَام إِلَى مثل سَائِر أَو شعر نَادِر أَو قصَّة مَشْهُورَة من غير أَن يذكر جَمِيعهَا من غير أَن يَخْتَلِفُوا فِي الشواهد] التَّمْكِين، هُوَ أَن يمهد الناثر بسجعه فقرة أَو النَّاظِم لبيته قافية حَتَّى تَأتي متمكنة فِي مَكَانهَا مطمئنة فِيهِ مُسْتَقِرَّة فِي قَرَارهَا، غير نافرة وَلَا قلقة وَلَا مستدعاة بِمَا لَيْسَ لَهُ تعلق بِلَفْظ الْبَيْت وَمَعْنَاهُ بِحَيْثُ لَو طرحت من الْبَيْت نقص مَعْنَاهُ واضطرب مَفْهُومه، بل يكون بِحَيْثُ إِن منشد الْبَيْت إِذا سكت دون القافية كملها السَّامع بطباعه بِدلَالَة من اللَّفْظ عَلَيْهَا وَقد جَاءَ من ذَلِك فِي فواصل الْقُرْآن كل عَجِيبَة باهرة الترشيح: هُوَ أَن يذكر شَيْء يلائم الْمُشبه بِهِ إِن كَانَ فِي الْكَلَام تَشْبِيه؛ أَو الْمُسْتَعَار مِنْهُ إِن كَانَ فِيهِ اسْتِعَارَة، أَو الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ إِن كَانَ فِيهِ مجَاز مُرْسل كَمَا فِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " أَسْرَعكُنَّ لُحُوقا بِي أَطْوَلكُنَّ يدا " فَإِن (أَطْوَلكُنَّ) ترشيح لليد وَهُوَ مجَاز عَن النِّعْمَة وَمن ترشيح الِاسْتِعَارَة قَوْله: (إِذا مَا رَأَيْت النسْر عز ابْن داية ... وعشش فِي وكريه طارت لَهُ نَفسِي) شبه الشيب بالنسر، وَالشعر الْأسود بالغراب، واستعار التعشش من الطَّائِر للشيب، والوكرين للرأس واللحية، وَرشح بِهِ إِلَى ذكر الطيران الَّذِي استعاره لنَفسِهِ من الطَّائِر والترشيح يعم الطباق أَلا ترى إِلَى قَوْله: (وخفوق قلب لَو رَأَيْت لهيبه ... يَا جنتي لظَنَنْت فِيهِ جهنما) فَإِن (يَا جنتي) رشحت لَفظه (جَهَنَّم) للمطابقة التوهيم: هُوَ عبارَة عَن إتْيَان الْمُتَكَلّم بِكَلِمَة يُوهم بَاقِي الْكَلَام قبلهَا أَو بعْدهَا أَن الْمُتَكَلّم أَرَادَ تصحيفها أَو تحريفها باخْتلَاف بعض إعرابها، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يولوكم الأدبار ثمَّ لَا ينْصرُونَ} فَإِن الْقيَاس (ثمَّ لَا ينصرُوا) مَجْزُومًا، لِأَنَّهُ عطف على (يولوكم) ، وَلَكِن لما كَانَ الِاخْتِيَار أَنهم لَا ينْصرُونَ أبدا نفى الْعَطف وَأبقى صِيغَة الْفِعْل على حَالهَا لتدل على الْحَال والاستقبال أَو باخْتلَاف مَعْنَاهَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمن يكرههن فَإِن الله من بعد إكراههن غَفُور رَحِيم} فَإِنَّهُ يُوهم السَّامع أَنه غَفُور رَحِيم للمكروه، وَإِنَّمَا هُوَ لَهُنَّ أَو باشتراك نعتها بِأُخْرَى، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {الشَّمْس وَالْقَمَر بحسبان والنجم وَالشَّجر يسجدان} فَإِن ذكر الشَّمْس وَالْقَمَر يُوهم أَن النَّجْم أحد نُجُوم السَّمَاء، وَإِنَّمَا المُرَاد النبت الَّذِي لَا سَاق لَهُ التصغير: هُوَ يَجِيء لمعان: تَصْغِير التحقير ك (رجيل)

والتقليل ك (دريهم) والتقريب كَقَوْلِك: (دَاري قبيل الْمَسْجِد) والتحزن: ك (يَا بني) والتكريم والتلطيف: ك (أخي) و (بني) ، عَلَيْهِ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي عَائِشَة (حميراء) وَقد يَجِيء للتعظيم ك (قُرَيْش) ويصغر من الْكَلِمَة الِاسْم؛ وَمن الْأَفْعَال فعل التَّعَجُّب كَمَا قَالُوا: (مَا أميلح زيدا) وتصغير أَسمَاء الْإِشَارَة بِإِقْرَار فَتْحة أوائلها على صيغتها، وَبِأَن زَادَت الْألف فِي آخرهَا عوضا عَن ضم أَولهَا، فتصغير (الَّذِي) (اللذيا) و (الَّتِي) (اللتيا) ؛ وتصغير (ذَلِك) و (ذَاك) (ذياك) و (ذيالك) وتصغير الْأَسْمَاء المعظمة مَنْهِيّ شرعا يحْكى أَن مُحَمَّد بن الْحسن سَأَلَ الْكسَائي عَمَّن سَهَا فِي سُجُود السَّهْو، هَل يسْجد مرّة أُخْرَى؟ فَقَالَ: لَا قَالَ: لماذا؟ قَالَ: لِأَن النُّحَاة قَالُوا: المصغر لَا يصغر؛ ثمَّ سَأَلَ مُحَمَّد عَمَّن علق الطَّلَاق بِالْملكِ، فَقَالَ: لَا يَصح قَالَ: لماذا؟ قَالَ: لِأَن السَّيْل لَا يسْبق الْمَطَر التهكم: هُوَ مَا كَانَ ظَاهره جدا وباطنه هزلا، والهزل الَّذِي يُرَاد بِهِ الْجد بِالْعَكْسِ وَلَا تَخْلُو أَلْفَاظ التهكم من لَفْظَة من اللَّفْظ الدَّال على نوع من أَنْوَاع الذَّم، أَو لَفْظَة من مَعْنَاهَا الهجو وألفاظ الهجاء فِي معرض الْمَدْح لَا يَقع فِيهَا شَيْء من ذَلِك، وَلَا تزَال تدل على ظَاهر الْمَدْح حَتَّى يقْتَرن بهَا مَا يصرفهَا عَنهُ والتهكم والسخرية كِلَاهُمَا لَا يُنَاسب كَلَام الله وَأما قَوْله تَعَالَى: {فبشرهم بِعَذَاب أَلِيم} فَمن قبيل تَنْزِيل غير المتحمل منزلَة الْمُحْتَمل؛ وَذَلِكَ قد يكون فِي مقَام الْمَدْح، وَقد يكون فِي مقَام الإقناط الْكُلِّي، وَقد يكون فِي الْوَعيد التَّسْمِيَة: هِيَ مصدر بِمَعْنى الذّكر وَوضع الِاسْم للمسمى: أَي جعل اللَّفْظ دَالا على الْمَعْنى الْمَخْصُوص، بِحَيْثُ لَا يتَنَاوَل غَيره وَسمي زيد إنْسَانا: أَي يُطلق عَلَيْهِ لفظ الْإِنْسَان وَسميت فلَانا باسمه: أَي ذكرته بِهِ (وَالِاسْم الجامد عِنْد الْأَشْعَرِيّ وَغَيره هُوَ الْمُسَمّى، فَلَا يفهم من اسْم الله مثلا سواهُ والمشتق غير الْمُسَمّى عِنْده إِن كَانَ صفة فعل كالخالق والرازق، وَلَا عينه وَلَا غَيره إِن كَانَ صفة ذَات كالعالم والمريد وَعند غَيره هُوَ الْمُسَمّى، لخلاف فِي مَادَّة (اس م) لِأَن تمسكات الْفَرِيقَيْنِ تشعر بذلك لَا فِي مَدْلُول اسْم نَحْو: الْإِنْسَان وَالْفرس وَالِاسْم وَالْفِعْل) وَتَسْمِيَة الشَّيْء باسم مَكَانَهُ: كتسمية الْحَدث بالغائط وَتَسْمِيَة الْمُشْتَقّ بالمشتق مِنْهُ: كتسمية الْمَعْلُوم علما وَتَسْمِيَة الشَّيْء باسم مشابهه كتسمية البليد حمارا وَتَسْمِيَة الشَّيْء باسم ضِدّه: كتسمية الْأسود كافوار وَتَسْمِيَة الشَّيْء بِمَا يؤول إِلَيْهِ: كتسمية الْعِنَب خمرًا وَيُقَال لَهُ مجَاز الأول التَّوَقُّف: هُوَ فِي الشَّيْء كالتلوم، وعَلى الشَّيْء التثبت

وَتوقف الشَّيْء على الشَّيْء: إِن كَانَ من جِهَة الشُّرُوع يُسمى مُقَدّمَة، وَمن جِهَة الشُّعُور يُسمى مُعَرفا؛ وَمن جِهَة الْوُجُود: إِن كَانَ دَاخِلا فِيهِ يُسمى ركنا، كالقيام بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّلَاة، وَإِلَّا فَإِن كَانَ مؤثرا فِيهِ يُسمى عِلّة فاعلية، كالمصلى بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّلَاة؛ وَإِلَّا يُسمى شرطا فِيهِ وجوديا أَو عدميا والتوقف العادي الوضعي: هُوَ الَّذِي يُمكن الشُّرُوع بِدُونِهِ والتوقف الْعقلِيّ بِالْعَكْسِ والتوقف الشَّرْعِيّ: هُوَ الَّذِي يَأْثَم تَاركه والتوقف فِيمَا يفترض اعْتِقَاده كالإنكار سَوَاء، لِأَن التَّوَقُّف مُوجب الشَّك والتوقف فِي الحَدِيث تبيينه؛ وَفِي الشَّرْع كالنص؛ وَفِي الْحَج: وقُوف النَّاس فِي المواقف؛ وَفِي الْجَيْش: أَن يقف وَاحِد بعد وَاحِد [والتوقف عِنْد تعَارض الْأَدِلَّة وَترك التَّرْجِيح من غير دَلِيل دَال على كَمَال الْعلم وَغَايَة الْوَرع وَلِهَذَا] وَتوقف أَبُو حنيفَة فِي فضل الْأَنْبِيَاء على الْمَلَائِكَة، والدهر مُنكر، وَالْجَلالَة، وَالْخُنْثَى الْمُشكل، وسؤر الْحمال، وَوقت الْخِتَان، وَتعلم الْكَلْب، وثواب الْجِنّ، ودخولهم الْجنَّة؛ وَمحل أَطْفَال الْمُشْركين، وسؤالهم فِي قُبُورهم، وَجَوَاز نقش جِدَار الْمَسْجِد للمتولي من مَاله هَذَا مَا ظَفرت بِهِ وَقد نظم بعض الأدباء جملَة مَا توقف فِيهِ الإِمَام من الْمسَائِل: (ثَمَان توقف فِيهَا الإِمَام ... وَقد عد ذَلِك دينا مُبينًا) (أَوَان الْخِتَان وسؤر الْحمار ... وَفضل الملائك والمرسلينا) (ودهر وَخُنْثَى وجلالة ... وكلب وطفل من المشركينا) التخلخل الْحَقِيقِيّ: هُوَ أَن يزْدَاد حجم الشَّيْء من غير انضمام شَيْء آخر إِلَيْهِ، وَمن غير أَن يَقع بَين أَجْزَائِهِ خلاء، كَالْمَاءِ إِذا سخن تسخينا شَدِيدا والتكاثف الْحَقِيقِيّ: هُوَ أَن ينقص حجم الشَّيْء من غير أَن يَزُول عَنهُ شَيْء من أَجْزَائِهِ، أَو يَزُول عَنهُ ذَلِك، أَو يَزُول خلاء كَانَ بَينهَا وهما غير الانتفاش: وَهُوَ أَن تتباعد الْأَجْزَاء (ويدخلها الْهَوَاء أَو جسم غَرِيب، كالقطن المنفوش، وَغير الاندماج أَيْضا: وَهُوَ ضِدّه، وَهُوَ أَن تتقارب الْأَجْزَاء) الوحدانية الطَّبْع بِحَيْثُ يخرج عَنْهَا مَا بَينهَا من الْجِسْم الْغَرِيب كالقطن الملفوف بعد نفشه، وَإِن كَانَ يُطلق عَلَيْهَا بالاشتراك التحضيض: هُوَ وَالْعرض والاستفهام وَالنَّفْي وَالشّرط وَالتَّمَنِّي معَان تلِيق بِالْفِعْلِ وَكَانَ الْقيَاس اخْتِصَاص الْحُرُوف الدَّالَّة عَلَيْهَا بالأفعال، إِلَّا أَن بَعْضهَا بقيت على ذَلِك الأَصْل من الِاخْتِصَاص كحروف التحضيض؛ وَبَعضهَا اخْتصّت بالاسمية ك (لَيْت) و (لَعَلَّ) ؛ وَبَعضهَا اسْتعْملت فِي القبيلين مَعَ أولويتها بالأفعال كهمزة الِاسْتِفْهَام و (مَا) و (لَا) للنَّفْي؛ وَبَعضهَا اخْتلف فِي اختصاصها بالأفعال ك (أَلا) للعرض وَكَذَا (إِن) الشّرطِيَّة فَإِن الْمَرْفُوع فِي نَحْو {إِن امْرُؤ هلك} يجوز عِنْد الْأَخْفَش وَالْفراء أَن يكون مُبْتَدأ، وَالْمَشْهُور وجوب النصب

فِي (إِن زيدا ضَربته) و (أَلا زيدا تضربه) فِي الْعرض التناسخ: هُوَ وُصُول روح إِذا فَارق الْبدن إِلَى جَنِين قَابل للروح والبروز: هُوَ أَن يفِيض الرّوح من أَرْوَاح الكمل على كَامِل، كَمَا يفِيض عَلَيْهِ التجليات، وَهُوَ يصير مظهره وَيَقُول أَنا هُوَ والتناسخ الْمحَال: تعلق بدن ببدن آخر لَا يكون مخلوقا من أَجزَاء بدنه وَلَا يكون عين الْبدن الأول شرعا وَعرفا؛ وتبدل الشكل غير مُسْتَلْزم لكَون الثَّانِي غير الأول عرفا، فَإِن زيدا من أول عمره إِلَى آخِره يتوارد عَلَيْهِ الأشكال مَعَ بَقَاء وحدته الشخصية عرفا، وَتعلق بعض النُّفُوس بأبدان أُخْرَى فِي الدُّنْيَا محكي عَن كثير من الفلاسفة والنصوص القاطعة من الْكتاب وَالسّنة ناطقة بِخِلَافِهَا، وَالْعقل لَا يدل على امْتنَاع التناسخ، لَكِن يحكم بِأَنَّهُ لَو كَانَ وَاقعا لتذكرت نفس مَا أحوالا مَضَت عَلَيْهَا فِي الْبدن السَّابِق، وَالْقَوْل بالمعاد يَنْفِيه والتناسخية يسمون تعلق روح الْإِنْسَان ببدن إِنْسَان نسخا، أَو ببدن حَيَوَان آخر مسخا، وبجسم نباتي فسخا، وبجسم جمادي رسخا، بِنَاء على أَن الْأَرْوَاح الْمُفَارقَة عَن الْأَبدَان بَاقِيَة ومتناهية، والدورات الْمَاضِيَة غير متناهية بِنَاء على قدم الْعَالم، والأبدان الْمَاضِيَة أَيْضا غير متناهية، لِأَنَّهَا نتائجها، فَإِذا قسمت على الْأَبدَان يصل بِكُل مِنْهَا نفس وَاحِدَة التَّقْلِيد: هُوَ قبُول قَول الْغَيْر بِلَا دَلِيل فعلى هَذَا قبُول قَول الْعَاميّ مثله، وَقبُول قَول الْمُجْتَهد مثله يكون تقليدا وَلَا يكون قبُول قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقبُول قَول الْإِجْمَاع، وَقبُول القَاضِي قَول الْمُفْتِي وَقَول الْعدْل تقليدا لقِيَام الدَّلِيل من المعجزة، وتصديق قَول النَّبِي وَرُجُوع النَّاس إِلَى قَول الْمُفْتِي يُوجب الظَّن بصدقه، وَالْعلم وَالْعَدَالَة كَذَلِك وَقيل: التَّقْلِيد قبُول قَول الْغَيْر للاعتقاد فِيهِ فعلى هَذَا يكون الْكل تقليدا وتقليد كل متدين بَاطِل، لِأَن الْأَدْيَان متضادة، وَاخْتِيَار كل وَاحِد مِنْهَا بِلَا دَلِيل تَرْجِيح بِلَا مُرَجّح فَيكون مُعَارضا بِمثلِهِ وَاخْتلف فِي إِيمَان الْمُقَلّد؛ وَالأَصَح أَنه يكْتَفى بالتقليد الْجَازِم فِي الْإِيمَان وَغَيره عِنْد الْأَشْعَرِيّ وَغَيره، خلافًا لأبي هَاشم من الْمُعْتَزلَة حَيْثُ قَالَ: لَا بُد لصِحَّة الْإِيمَان من الِاسْتِدْلَال التَّنَاقُض: هُوَ اخْتِلَاف الجملتين بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَات اخْتِلَافا يلْزم مِنْهُ لذاته كَون إِحْدَاهمَا صَادِقَة وَالْأُخْرَى كَاذِبَة فَإِن كَانَت الْقَضِيَّة شخصية أَو مُهْملَة فتناقضها بِحَسب الكيف وَهُوَ الْإِيجَاب وَالسَّلب بِأَن تبدله سلبا، وَبِالْعَكْسِ كالإنسان حَيَوَان، لَيْسَ الْإِنْسَان بحيوان، وَإِن كَانَت الْقَضِيَّة محصورة بِأَن تقدمها سور فتناقضها بِذكر نقيض سورها والسور أَرْبَعَة أَقسَام: سور إيجابي كلي ك (كل إِنْسَان حَيَوَان) وسور إيجابي جزئي، ك (بعض الْإِنْسَان حَيَوَان)

وسور سلب كلي، ك (لَا شَيْء من الْإِنْسَان بِحجر) وسور سلب جزئي، ك (لَيْسَ بعض الْإِنْسَان بِحجر) فالمحصورات أَربع: مُوجبَة كُلية ك (كل إِنْسَان حَيَوَان) ، فنقيضها سالبة جزئية ك (لَيْسَ بعض الْإِنْسَان بحيوان) وسالبة كُلية ك (لَا شَيْء من الْإِنْسَان بِحجر) فنقيضها مُوجبَة جزئية نَحْو: (بعض الْإِنْسَان حجر) والتناقض يمْنَع صِحَة الدَّعْوَى، وَلِهَذَا قَالُوا: إِقْرَار مَال لغيره، كَمَا يمْنَع الدَّعْوَى لنَفسِهِ يمْنَعهَا لغيره بوكالة أَو وصاية، لِأَن فِيهِ تناقضا وَالْمرَاد من التَّنَاقُض أَن يتَضَمَّن دَعْوَى الْمُدَّعِي الْإِنْكَار بعد الْإِقْرَار وكل مَا كَانَ مبناه على الخفاء فالتناقض فِيهِ مَعْفُو، فَلَا يمْنَع صِحَة الدَّعْوَى، كَمَا إِذا ادّعى بعد الْإِقْرَار بِالرّقِّ الْعتْق وَنَحْو ذَلِك وَلَا يمْنَع التَّنَاقُض صِحَة الْإِقْرَار على نَفسه فَإِن من أنكر شَيْئا ثمَّ أقرّ يَصح إِقْرَاره، لِأَنَّهُ غير مُتَّهم فِيهِ، بِخِلَاف الدَّعْوَى، وَهَذَا إِذا لم يتَضَمَّن الْإِقْرَار إبِْطَال حق أحد وَأما إِذا تضمن يمْنَع صِحَّته، فَمن بَاعَ دَار غَيره بِلَا أمره وَأقر بِالْغَضَبِ وَأنكر المُشْتَرِي لم يَصح إِقْرَاره، لِأَن إِقْرَاره هَهُنَا يتَضَمَّن إبِْطَال حق المُشْتَرِي فَلَا يَصح ومكنة التَّوْفِيق تَنْفِي التَّنَاقُض، وَعدمهَا يُثبتهُ التَّوْزِيع: هُوَ أَن يوزع الْمُتَكَلّم حرفا من حُرُوف الهجاء فِي كل لَفْظَة من كَلَامه بِشَرْط عدم التَّكَلُّف، وَقد جَاءَ فِي التَّنْزِيل مثل ذَلِك بِغَيْر قصد، كَقَوْلِه تَعَالَى: {نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إِنَّك كنت بِنَا بَصيرًا} التَّكْمِيل: هُوَ تعقيب جملَة بِمَا يدْفع مَا توهمه من خلاف الْمَقْصُود نَحْو: {أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين} وَلَو اقْتصر على (أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ) لَكَانَ مدحا تَاما بالرياضة والانقياد لإخوانهم، وَلكنه زَاده تكميلا وَمِنْه قَوْله: (حَلِيم إِذا مَا الْحلم زين أَهله ... مَعَ الْحلم فِي عين الْعَدو مهيب) التصدير: وَيُسمى أَيْضا رد الْعَجز على الصَّدْر وَهُوَ أَن يُوَافق آخر الفاصلة آخر كلمة فِي الصَّدْر، نَحْو: {وَالْمَلَائِكَة يشْهدُونَ وَكفى بِاللَّه شَهِيدا} أَو يُوَافق أول كلمة مِنْهُ نَحْو: {وهب لنا من لَدُنْك رَحْمَة إِنَّك أَنْت الْوَهَّاب} أَو يُوَافق بعض كَلِمَاته نَحْو: {وَلَقَد استهزئ} إِلَى قَوْله: {مَا كَانُوا بِهِ يستهزئون} الطّرق بَينه وَبَين التوشيح الَّذِي هُوَ أَن يكون فِي أول الْكَلَام مَا يسْتَلْزم القافية أَن التصدير دلَالَة لفظية والتوشيح دلَالَة معنوية فَإِن (اصْطفى) فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الله اصْطفى آدم} يدل على الفاصلة وَهِي الْعَالمين لَا بِاللَّفْظِ بل بِالْمَعْنَى، لِأَنَّهُ يعلم أَن من لَوَازِم اصطفاه شَيْء أَن يكون مُخْتَارًا

على جنسه، وجنس هَؤُلَاءِ المصطفين الْعَالمُونَ والتصدير فِي المنظوم على أَرْبَعَة أَنْوَاع: الأول: أَن يقعا طرفين إِمَّا متفقين صُورَة وَمعنى كَقَوْلِه: (سريع إِلَى ابْن الْعم يلطم وَجهه ... وَلَيْسَ إِلَى دَاعِي الندى بسريع) أَو صُورَة لَا معنى كَقَوْلِه: (ذوائب سود كالعناقيد أرْسلت ... فَمن أجلهَا منا النُّفُوس ذوائب) أَو معنى لَا صُورَة كَقَوْلِه: (تمنيت أَن ألقِي سليما وعامرا ... على سَاعَة تنسي الْحَلِيم الأمانيا) أَو لَا صُورَة وَلَا معنى وَلَكِن بَينهمَا مشابهة اشتقاق كَقَوْلِه: (ولاح يلحى على جري الْعَنَان إِلَى ... ملحى فسحقا لَهُ من لائح لاحا) الثَّانِي: أَن يقعا فِي حَشْو المصراع الأول وَعجز الثَّانِي إِمَّا متفقين صُورَة وَمعنى كَقَوْلِه: (تمتّع من شميم عرار نجد ... فَمَا بعد العشية من عرار) أَو صُورَة لَا معنى كَقَوْلِه: (وَإِذا البلابل أفصحت بلغاتها ... فآنف البلابل باحتساء بلابل) أَو معنى لَا صُورَة كَقَوْلِه: (إِذا الْمَرْء لم يخزن عَلَيْهِ لِسَانه ... فَلَيْسَ على شَيْء سواهُ بخزان) أَو فِي الِاشْتِقَاق فَقَط كَقَوْلِه: (لَو آختصرتم من الْإِحْسَان زرتكمو ... والعذب يهجر للإفراط فِي الخصر) الثَّالِث: أَن يقعا فِي آخر المصراع الأول وَعجز الثَّانِي، إِمَّا متفقين صُورَة وَمعنى كَقَوْلِه: (وَمن كَانَ بالبيض الكواعب مغرما ... فَمَا زلت بالبيض القواضب مغرما) أَو صُورَة لَا معنى كَقَوْلِه: (فمشغوف بآيَات المثاني ... ومفتون برنات المثاني) أَو معنى لَا صُورَة كَقَوْلِه: (ففعلك إِن سَأَلت لنا مُطِيع ... وقولك إِن سَأَلت لنا مُطَاع) وَالرَّابِع: أَن يقعا فِي أول المصراع الثَّانِي وَالْعجز إِمَّا متفقين صُورَة وَمعنى كَقَوْلِه: (فإلا يكن إِلَّا مُعَلل سَاعَة ... قَلِيلا فَإِنِّي نَافِع لي قليلها) أَو صُورَة لَا معنى كَقَوْلِه:

(أملتهم ثمَّ تأملتهم ... فلاح لي أَن لَيْسَ فيهم فلاح) أَو معنى لَا صُورَة كَقَوْلِه: (ثوى فِي الثرى من كَانَ يحيا بِهِ الورى ... ويغمر صرف الدَّهْر نائله الْغمر) (وَقد كَانَت الْبيض البواتر فِي الوغى ... بواتر فَهِيَ الْآن من بعده بتر) التَّعْظِيم: هُوَ يكون بِاعْتِبَار الْوَصْف والكيفية، ويقابله التحقير فيهمَا بِحَسب الْمنزلَة والرتبة والتكثير: يكون بِاعْتِبَار الْعدَد والكمية ويقابله التقليل، والتكثير يسْتَعْمل فِي الذوات، والإكثار فِي الصِّفَات والتفخيم: ضد التَّوْفِيق، وَهُوَ التَّغْلِيظ وَترك الإمالة، وإمالة الْألف إِلَى مخرج الْوَاو كَمَا فِي اسْم (الصَّلَاة) وَإِخْرَاج اللَّام من أَسْفَل اللِّسَان كَمَا فِي اسْم الله تَعَالَى التَّتَابُع: هُوَ يكون فِي الصّلاح وَالْخَيْر، وبالياء [المثناه التَّحْتِيَّة] بدل الْبَاء يخْتَص بالمنكر وَالشَّر كالتهافت فَإِنَّهَا لَا تسْتَعْمل إِلَى فِي الْمَكْرُوه والحزن وَيُقَال: جَاءَت الْخَيل متتابعة: إِذا جَاءَ بَعْضهَا فِي إِثْر بعض بِلَا فصل وَجَاءَت متواترة: إِذا تلاحقت وفيهَا فصل وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ أرسلنَا رسلنَا تترى} التِّلَاوَة: هِيَ قِرَاءَة الْقُرْآن متتابعة، كالدراسة والأوراد الموظفة وَالْأَدَاء: هُوَ الْأَخْذ عَن الشُّيُوخ وَالْقِرَاءَة: أَعم مِنْهُمَا وَالْحق أَن الْأَدَاء هُوَ الْقِرَاءَة بِحَضْرَة الشُّيُوخ عقيب الْأَخْذ من أَفْوَاههم لَا الْأَخْذ نَفسه التَّوْبَة: النَّدَم على الذَّنب، تقر بِأَن لَا عذر لَك فِي إِتْيَانه والاعتذار: إِظْهَار نَدم على ذَنْب تقر بِأَن لَك فِي إِتْيَانه عذرا، فَكل تَوْبَة نَدم وَلَا عكس وَالتَّوْبَة: الرُّجُوع عَن الْمعْصِيَة إِلَى الله تَعَالَى والإنابة: الرُّجُوع عَن كل شَيْء إِلَى الله والأوب: الرُّجُوع عَن الطَّاعَات إِلَى الله وَالتَّوْبَة: النَّدَم ك (الْحَج عَرَفَة) وَالتَّوْبَة: إِذا اسْتعْملت ب (على) دلّت على معنى الْقبُول، وَاسم الْفَاعِل مِنْهُ (تواب) يسْتَعْمل فِي الله لِكَثْرَة قبُول التَّوْبَة من الْعباد وَإِذا اسْتعْملت ب (عَن) كَانَ اسْم الْفَاعِل (تَائِبًا) وَتَابَ إِلَيْهِ: أناب التَّهْذِيب: هُوَ عبارَة عَن ترداد النّظر فِي الْكَلَام بعد عمله والشروع فِي تنقيحه نظما كَانَ أَو نثرا، وتغيير مَا يجب تَغْيِيره، وَحذف مَا يَنْبَغِي حذفه، وَإِصْلَاح مَا يتَعَيَّن إِصْلَاحه، وكشف مَا يشكل من غَرِيبه، وَإِعْرَابه، وتحرير مَا يدق من مَعَانِيه، وإطراح مَا

تجافى عَن مضاجع الرقة من غليظ أَلْفَاظه لتشرق شموس الْهدى فِي سَمَاء البلاغة [التَّوَاتُر: هُوَ إِمَّا لَفْظِي أَو معنوي] التَّوَاتُر اللَّفْظِيّ: هُوَ خبر جمع يمْتَنع عَادَة توافقهم على الْكَذِب عَن محسوس والمعنوي: هُوَ نقل رُوَاة الْخَبَر قضايا مُتعَدِّدَة بَينهَا قدر مُشْتَرك، كنقل بَعضهم عَن حَاتِم مثلا أَنه أعْطى دِينَارا وَآخر قوسا وَآخر جملا وَهَكَذَا، فَهَذِهِ القضايا الْمُخْتَلفَة متفقة على معنى كلي مُشْتَرك بَينهَا، وَهُوَ الْإِعْطَاء الدَّال على جود حَاتِم [والتواتر من حَيْثُ الرِّوَايَة: هُوَ أَن يرويهِ جمَاعَة لَا يتَصَوَّر تواطؤهم على الْكَذِب فيكفر جاحده وَأما التَّوَاتُر من حَيْثُ ظُهُور الْعَمَل بِهِ قرنا فقرنا من غير ظُهُور الْمَنْع والنكير عَلَيْهِم فِي الْعَمَل بِهِ غير أَنهم مَا رَوَوْهُ على التوتر، لِأَن ظُهُور الْعَمَل بِهِ أغناهم عَن رِوَايَته، فجاحد هَذَا الْمُتَوَاتر لَا يكفر لِمَعْنى عرف فِي أصُول الْفِقْه] التولي: تولاه: اتَّخذهُ وليا {لَا تَتَوَلَّوْا قوما غضب الله عَلَيْهِم} وَتَوَلَّى إِلَيْهِ: أقبل {ثمَّ تولى إِلَى الظل} و [تولى] عَنهُ: أعرض {وَإِن توَلّوا فَإِنَّمَا هم فِي شقَاق} وَفِي التَّعَدِّي بِنَفسِهِ يَقْتَضِي معنى الْولَايَة وحصوله فِي أقرب الْمَوَاضِع يُقَال: وليت سَمْعِي كَذَا وعيني كَذَا وَفِي التَّعَدِّي ب (عَن) يَقْتَضِي معنى الْإِعْرَاض وَترك الْقرب وَقد يجب حمل التولي فِيمَا لَا يُمكن الْحمل على معنى الْإِعْرَاض، إِمَّا على لَازم مَعْنَاهُ، وَهُوَ عدم الِانْتِفَاع، لِأَنَّهُ يلْزم الْإِعْرَاض؛ أَو على ملزومه، وَهُوَ الارتداد لِأَنَّهُ يلْزمه الْإِعْرَاض التدوين: فِي اللُّغَة: جمع الصُّحُف والكتب، وَمِنْهَا الدِّيوَان، وَهُوَ مجمع الصُّحُف والكتب وَكَانَ يُطلق فِي الأول على كتاب يجمع فِيهِ أسامي الْجَيْش وَأهل الْعَطِيَّة من بَيت المَال وَأول من وَضعه عمر، ثمَّ نقل عَنهُ إِلَى جمع الْمسَائِل فِي الصُّحُف والكراريس التدبيج: هُوَ أَن يذكر النَّاظِم أَو الناثر ألوانا يقْصد الْكِنَايَة بهَا أَو التورية بذكرها عَن أَشْيَاء من وصف أَو مدح أَو نسيب أَو هجاء أَو غير ذَلِك من الْفُنُون، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمن الْجبَال جدد بيض وحمر مُخْتَلف ألوانها وغرابيب سود} التَّابِع: هُوَ إِن كَانَ بِوَاسِطَة فَهُوَ الْعَطف بالحرف، وَإِن كَانَ بِغَيْر وَاسِطَة، فَإِن كَانَ هُوَ الْمُعْتَمد بِالْحَدَثِ فَهُوَ الْبَدَل، وَإِلَّا فَإِن كَانَ مَشْرُوط الِاشْتِقَاق فَهُوَ الصّفة، وَإِلَّا فَإِن اشْترطت فِيهِ الشُّهْرَة دون الأول فَهُوَ عطف الْبَيَان، وَإِلَّا فَهُوَ التَّأْكِيد وَالتَّابِع لَا يفرد بالحكم، وَمن فروعها الْحمل

يدْخل فِي بيع الْأُم تبعا، وَلَا يفرد بِالْهبةِ وَالْبيع، بِخِلَاف الْعتْق فَإِنَّهُ لَا يشْتَرط فِيهِ مَا يشْتَرط فيهمَا وَالتَّابِع يسْقط بِسُقُوط الْمَتْبُوع، وَلِهَذَا إِذا مَاتَ الْفَارِس سقط سهم الْفرس لَا عَكسه وَمِمَّا خرج عَن هَذِه الْقَاعِدَة إِجْرَاء الموسى على رَأس الْأَقْرَع، وَعدم سُقُوط حق من هُوَ فِي ديوَان الْخراج حَيْثُ يفْرض لأولادهم، وَلَا يسْقط بِمَوْت الْأَصِيل [التَّحْرِير: الْإِفْرَاد، يُقَال: حَرَّره بِأَمْر كَذَا أَي: أفرده لَهُ وتحرير المبحث تَعْيِينه وتعريفه] وتحرير الْكتاب وَغَيره: تقويمه و [تَحْرِير الرَّقَبَة] : إعْتَاقهَا والتحرير: بَيَان الْمَعْنى بِالْكِتَابَةِ والتقرير: بَيَان الْمَعْنى بالعبارة والتقرير بِمَعْنى التَّحْقِيق والتثبيت وَقد يُقَال بِمَعْنى حمل الْمُخَاطب على الْإِقْرَار بِمَا يعرفهُ وإلجائه إِلَيْهِ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {ألم نشرح لَك صدرك} التَّقْصِير: هُوَ ترك الشَّيْء أَو بعضه عَن عجز والإقصار: ترك ذَلِك عَن قدرَة التَّلْوِيح: هُوَ نوع خَاص من الْإِشَارَة والإيماء: نوع خَاص من الْكِنَايَة وَقيل: التَّلْوِيح إِشَارَة إِلَى الْقَرِيب، والإيماء إِلَى الْبعيد التعمية: يُقَال: عميت الْبَيْت تعمية: إِذا أخفيته وَمِنْه المعمى وألغز فِي كَلَامه: إِذا عمى مُرَاده وَالِاسْم اللغز [التَّوْفِيق: هُوَ التسهيل وكشف حسن الشَّيْء على الْقلب، لَا خلق قدرَة الطَّاعَة كَمَا ذهب إِلَيْهِ المحدثون وَوَافَقَهُمْ الْأَشْعَرِيّ، وَلَا خلق الطَّاعَة كَمَا ذهب إِلَيْهِ إِمَام الْحَرَمَيْنِ رَحمَه الله وَمن تبعه، لِأَن الْقُدْرَة صَالِحَة للضدين وَالطَّاعَة متوقفة على التَّوْفِيق فَهُوَ سَببهَا والتوفيق: هُوَ النُّصْرَة والتيسير، والخذلان: هُوَ عدم النُّصْرَة، فبينهما تقَابل الْعَدَم والملكة دون التضاد، وَقَالَ الرستغفني وَمن تبعه منا وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَمن تبعه من الأشاعرة: الخذلان خلق قدرَة على الْمعْصِيَة وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن الْقُدْرَة صَالِحَة للضدين على الْبَدَل، بل هُوَ بِمَعْنى عدم التَّوْفِيق والإعانة على الطَّاعَة وَترك العَبْد مَعَ نَفسه كَمَا فِي " المسايرة "، والخذلان والإضلال مُتَرَادِفَانِ عِنْد الْمُعْتَزلَة كَمَا فِي " التَّبْصِرَة " وَغَيره، وَمعنى قَوْله تَعَالَى: {وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه} لَيْسَ كل فَرد فَرد من توفيقاتي (إِلَّا بِاللَّه) إِذْ الْمصدر الْمُضَاف من صِيغ الْعُمُوم] التشعب: هُوَ أَن يمتاز بعض الْأَجْزَاء عَن بعض مَعَ

اتِّصَال الْكل بِأَصْل وَاحِد، كأغصان الشّجر والتجزؤ: هُوَ أَن يتفرق أبعاض الشَّيْء بَعْضهَا عَن بعض بِالْكُلِّيَّةِ التجويد: هُوَ إِعْطَاء الْحُرُوف حُقُوقهَا وترتيلها، ورد الْحَرْف إِلَى مخرجه وَأَصله، وتلطيف النُّطْق بِهِ على كَمَال هَيئته من غير إِسْرَاف وَلَا تعسف وَلَا إفراط وَلَا تكلّف وَهُوَ حلية الْقُرْآن التَّصْرِيح: هُوَ الْإِتْيَان بِلَفْظ خَالص للمعنى عَار عَن تعلقات غَيره، لَا يحْتَمل الْمجَاز وَلَا التَّأْوِيل التأسف: هُوَ على الْفَائِت من فعلك وَمن فعل غَيْرك والندم: يتَعَلَّق بِفعل النادم دون غَيره والتحسر: أَشد التلهف على الشَّيْء الْفَائِت التطرية: هُوَ بِدُونِ الْهمزَة التَّجْدِيد والإحداث؛ وَمن (طريت الثَّوْب) : إِذا عملت بِهِ مَا يَجعله جَدِيدا و [التطرئة] بِالْهَمْزَةِ بِمَعْنى الْإِيرَاد والإحداث من (طَرَأَ عَلَيْهِ) : إِذا ورد وَحدث التَّنَافِي: هُوَ يكون بِاعْتِبَار اتِّحَاد الْمحل مَعَ اخْتِلَاف الْحَال، سَوَاء كَانَ بطرِيق المضادة، كالحركة مَعَ السّكُون، أَو بطرِيق الْمُخَالفَة، كالقيام مَعَ الْقعُود والتباين: أَعم من التَّنَافِي فَكل متنافيين متباينان بِلَا عكس وَالشعر وَالْكِتَابَة متباينان، وَكَذَا الزِّنَا والإحصان والتماثل: هُوَ اشْتِرَاك الْمَوْجُودين فِي جَمِيع صِفَات النَّفس على الْأَصَح والتماثل الْبَيَانِي: هُوَ تشارك الْأَمريْنِ فِي أَمر مُطلقًا، حَتَّى إِذا أَرَادوا الدّلَالَة على هَذَا التشارك بالتشبيه يجْعَلُونَ الْأَمر الْمُشْتَرك فِيهِ وَجه الشّبَه، والمتشاركين طرفِي التَّشْبِيه وَشبه التَّمَاثُل: هُوَ كَون النَّوْعَيْنِ المتخالفين فِي قلَّة التَّفَاوُت، بِحَيْثُ يسْبق إِلَى الْوَهم أَنَّهُمَا نوع وَاحِد كالصفرة وَالْبَيَاض، والخضرة والسواد [والتنافي عِنْد أهل الْحِكْمَة أَرْبَعَة أَقسَام: التضاد، والتضايف، والعدم والملكة، والتناقض وَعند الْمُتَكَلِّمين قِسْمَانِ: التضاد والتناقض فَإِن المتنافيين إِن جَازَ انتفاؤهما فهما الضدان، وَإِلَّا فالنقيضان والتضايف والعدم والملكة من قبيل التضاد عِنْدهم] والتضاد: هُوَ تمانع العرضين لذاتهما فِي مَحل وَاحِد من جِهَة وَاحِدَة وَشبه التضاد: هُوَ أَن يَتَّصِف أحد الْأَمريْنِ بِأحد الضدين، وَالْآخر بِالْآخرِ كالأسود والأبيض، وَالسَّمَاء وَالْأَرْض، وَالْأَعْمَى والبصير، وَالْمَوْجُود والمعدوم والتضايف: هُوَ أَن لَا يدْرك كل من الْأَمريْنِ إِلَّا بِالْقِيَاسِ إِلَى الآخر كالأبوة والبنوة التَّعْدِيَة: هِيَ عِنْد الصرفيين تَغْيِير الْفِعْل، وإحداث معنى الْجعل والتصيير، نَحْو: (ذهبت بزيد) فَإِن مَعْنَاهُ: جعلته ذَا ذهَاب، أَو صيرته ذَا ذهَاب وَعند النُّحَاة: هِيَ إِيصَال مَعَاني الْأَفْعَال إِلَى الْأَسْمَاء والتعدي: مُجَاوزَة الشَّيْء إِلَى غَيره يُقَال: (عديته فتعدى) : إِذا تجَاوز

التجاذب: هُوَ أَن يُوجد فِي الْكَلَام معنى يَدْعُو إِلَى أَمر وَالْإِعْرَاب يمْنَع مِنْهُ كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنَّه على رجعه لقادر يَوْم تبلى السرائر} فَالْمَعْنى يتقضي أَن الظّرْف، وَهُوَ (يَوْم) يتَعَلَّق بالرجع الَّذِي هُوَ مصدر، لَكِن الْإِعْرَاب يمْنَع مِنْهُ لعدم جَوَاز الْفَصْل بَين الْمصدر ومعموله، فيؤول لصِحَّة الْإِعْرَاب بِأَن يَجْعَل الْعَامِل فِي الظّرْف فعلا مُقَدرا دلّ عَلَيْهِ الْمصدر وَكَذَا قَوْله: {أكبر من مقتكم إِذْ تدعون} إِذْ الْإِعْرَاب يمْنَع عَمَّا يَقْتَضِيهِ الْمَعْنى، وَهُوَ تعلق (إِذْ) بالمقت للْفِعْل الْمَذْكُور، فَيقدر لَهُ فعل يدل عَلَيْهِ التَّحْرِيمَة: هِيَ من (التَّحْرِيم) بِمَعْنى الْمحرم، بِالْكَسْرِ، فَإِنَّهُ منع مَا يحل خَارج الصَّلَاة، وَالتَّاء للنَّقْل أَو للْمُبَالَغَة والتعاطي: هُوَ إِعْطَاء البَائِع الْمَبِيع للْمُشْتَرِي على وَجه البيع وَالتَّمْلِيك، وَالْمُشْتَرِي الثّمن للْبَائِع كَذَلِك بِلَا إِيجَاب وَلَا قبُول التَّذْكِرَة: هِيَ مَا يتَذَكَّر بِهِ الشَّيْء، أَعم من الدّلَالَة والأمارة والتذكر: مصدر مَبْنِيّ للْمَفْعُول فيؤول إِلَى معنى التَّذْكِير الترصيع: هُوَ توازن الْأَلْفَاظ مَعَ توَافق الأعجاز أَو تقاربها نَحْو {إِن الْأَبْرَار لفي نعيم وَإِن الْفجار لفي جحيم} وَكَقَوْلِه: (فحريق جَمْرَة سَيْفه للمعتدي ... ورحيق خمرة سيبه للمعتفي) التعس: هُوَ أَن يخر على وَجهه والنكس: أَن يخر على رَأسه وَإِذا خاطبت تَقول: تعست، ك (منعت) ، وَإِذا حكيت تَقول: (تعس) ، ك (سمع) التبري: التَّعَرُّض والتبرؤ: الْبَرَاءَة: تبرأنا إِلَيْك التوليد: التربية، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام: " أَنْت نبيي وَأَنا وَلدتك " أَي: ربيتك، فَقَالَت النَّصَارَى " أَنْت نبيي وَأَنا وَلدتك " بِالتَّخْفِيفِ تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا التأبين: الثَّنَاء على الشَّخْص بعد مَوته؛ واقتفاء أثر الشَّيْء كالتأبن؛ وترقب الشَّيْء أَيْضا التسريح: هُوَ إِطْلَاق الشَّيْء على وَجه لَا يتهيأ للعود، فَمن أرسل الْبَازِي ليسترده فَهُوَ مُطلق؛ وَمن أرْسلهُ لَا ليَرُدهُ فَهُوَ مسرح التَّعْبِير: هُوَ مُخْتَصّ بتعبير الرُّؤْيَا، وَهُوَ العبور من ظواهرها إِلَى بواطنها وَهُوَ أخص من التَّأْوِيل؛ فَإِن التَّأْوِيل يُقَال فِيهِ وَفِي غَيره التَّوْقِيت: مَعْنَاهُ أَن يكون الشَّيْء ثَابتا فِي الْحَال (وَيَنْتَهِي فِي الْوَقْت الْمَذْكُور) وألفاظ التَّأْقِيت: (مَا دَامَ) ، و (مَا لم) و (حَتَّى) و (إِلَى) والتأجيل: مَعْنَاهُ أَن لَا يكون ثَابتا (فِي الْحَال) كتأجيل مُطَالبَة الثّمن إِلَى مُضِيّ الشَّهْر مثلا

التناصر: التعاون والتنصر: هُوَ الدُّخُول فِي دين النَّصْرَانِيَّة والتهجد: يُقَال: تهجد الرجل: إِذا سهر لِلْعِبَادَةِ وأرق: إِذا سهر لعِلَّة التلقي: هُوَ يَقْتَضِي اسْتِقْبَال الْكَلَام وتصوره والتلقن: يَقْتَضِي الحذق فِي تنَاوله والتلقف: يُقَارِبه، لكنه يتقضي الاحتيال فِي التَّنَاوُل التَّعَجُّب: هُوَ بِالنّظرِ إِلَى الْمُتَكَلّم والتعجيب: بِالنّظرِ إِلَى الْمُخَاطب التَّحَرِّي: أَصله التحرر كالتحدي والتفعل بِمَعْنى الاستفعال، لِأَنَّهُ طلب الأحرى أَو الْحر، أَي: الأخلص أَو الْخَالِص فَكَانَ بِمَعْنى (استحرى) التجلي: هُوَ قد يكون بِالذَّاتِ نَحْو: {وَالنَّهَار إِذا تجلى} وَقد يكون بِالْأَمر وَالْفِعْل نَحْو: {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل} التوفي: الإماتة وَقبض الرّوح، وَعَلِيهِ اسْتِعْمَال الْعَامَّة أَو الِاسْتِيفَاء وَأخذ الْحق، وَعَلِيهِ اسْتِعْمَال البلغاء وَالْفِعْل من الْوَفَاة (توفّي) على مَا لم يسم فَاعله، لِأَن الْإِنْسَان لَا يتوفى نَفسه فالمتوفى هُوَ الله تَعَالَى أَو أحد من الْمَلَائِكَة وَزيد هُوَ (الْمُتَوفَّى) بِالْفَتْح التشخص: هُوَ الْمَعْنى الَّذِي يصير بِهِ الشَّيْء ممتازا عَن الْغَيْر، بِحَيْثُ لَا يُشَارِكهُ شَيْء آخر أصلا وَهُوَ والجزئية متلازمان، فَكل شخص جزئي وكل جزئي شخص التعقل: هُوَ إِدْرَاك الشَّيْء مُجَردا عَن الْعَوَارِض الغريبة واللواحق المادية والتبعية: هُوَ كَون التَّابِع بِحَيْثُ لَا يُمكن انفكاكه عَن الْمَتْبُوع، بِأَن يكون وجوده فِي نَفسه هُوَ وجوده فِي متبوعه وَلَا تُوجد هَذِه التّبعِيَّة إِلَّا فِي الْأَعْرَاض وَهَذَا تَامّ وَغير التَّام بِخِلَافِهِ، كتبعية الْفَرْع للْأَصْل التَّقْرِيب: هُوَ تطبيق الدَّلِيل على الْمُدَّعِي وَبِعِبَارَة أُخْرَى: هُوَ سوق الدَّلِيل على وَجه يُفِيد الْمَطْلُوب التَّنْقِيح: هُوَ اخْتِصَار اللَّفْظ مَعَ وضوح الْمَعْنى من (نقح الْعظم) : إِذا استخرج مخه وتنقيح الشّعْر وإنقاحه: تهذيبه وتنقيح المناط: إِسْقَاط مَا لَا مدْخل لَهُ فِي الْعلية. وَتَخْرِيج المناط: تعْيين الْعلَّة بِمُجَرَّد إبداء الْمُنَاسبَة التطبيق: تطبيق الشَّيْء على الشَّيْء: جعله مطابقا لَهُ، بِحَيْثُ يصدق هُوَ عَلَيْهِ التَّرْجَمَة: بِفَتْح التَّاء وَالْجِيم: هُوَ إِبْدَال لَفْظَة بِلَفْظَة تقوم مقَامهَا، بِخِلَاف التَّفْسِير التقليل: هُوَ رد الْجِنْس إِلَى فَرد من أَفْرَاده، لَا تنقيص فَرد إِلَى جُزْء من أجازئه التَّجَسُّس: بِالْجِيم، هُوَ السُّؤَال عَن العورات من غَيره و [التحسس] ، بِالْحَاء المغفلة: استكشاف ذَلِك بِنَفسِهِ

التَّوَهُّم: هُوَ إِدْرَاك الْمَعْنى الجزئي الْمُتَعَلّق بالمحسوس التَّمْر: هُوَ اسْم المجذود من النخيل، وَمَا على رؤوسه يُسمى رطبا وَتَمْرًا أَيْضا، إِذْ هُوَ اسْم جنس يتَنَاوَل ثمار النّخل من حِين الِانْعِقَاد إِلَى حِين الْإِدْرَاك، وَمَا يترادف عَلَيْهِ من الْأَوْصَاف بِاعْتِبَار الْأَحْوَال لَا يُوجب تبدل اسْم الْعين، كالآدمي يكون صَبيا ثمَّ شَابًّا ثمَّ كهلا ثمَّ شَيخا؛ وَإِنَّمَا يُوجب فَوت اسْم الصّفة عَنهُ، وَهُوَ الرطب، وَذَلِكَ بعد الْجَفَاف، وَبَقِي اسْم الْعين وَهُوَ التَّمْر وَالْحَيَوَان لَا يتَغَيَّر بِتَغَيُّر الْوَصْف جنسه، ويتغير جنس سَائِر الْأَشْيَاء فالفائت من الصَّبِي بعد الْكبر صفة الصِّبَا، لَا جُزْء من ذَاته، بِخِلَاف غير الْحَيَوَان، فَإِن الرطب مثلا بعد مَا صَار تَمرا فَاتَ جُزْء من ذَاته، فَلَا تكون ذَاته بِعَينهَا مَوْجُودَة بعد التمرية، فَلَا تَقول: تمر رطب، كَمَا تَقول: رجل شَاب التَّدْلِيس: هُوَ كتمان عيب السّلْعَة عَن المُشْتَرِي وَمِنْه التَّدْلِيس فِي الْإِسْنَاد: وَهُوَ أَن يحدث عَن الشَّيْخ الْأَكْبَر، وَلَعَلَّه مَا رَآهُ وَإِنَّمَا سَمعه مِمَّن هُوَ دونه، أَو مِمَّن سَمعه مِنْهُ وَنَقله جمَاعَة من الثِّقَات التمويه: هُوَ إلباس صُورَة حَسَنَة لشَيْء قَبِيح، كإلباس الذَّهَب للنحاس وَغَيره التَّقْرِيب: هُوَ سوق الدَّلِيل على وَجه يسْتَلْزم الْمَطْلُوب التعزيز: هُوَ تَأْدِيب دون الْحَد، أَصله التَّطْهِير والتعظيم {وتعزروه وتوقروه} [وكل مَا لَيْسَ فِيهِ حد مُقَرر شرعا فموجبه التَّعْزِير] التيقظ: هُوَ كَمَال التنبه والتحرز عَمَّا لَا يَنْبَغِي التَّحِيَّة: هِيَ: سَلام عَلَيْك وَسَلام الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أبلغ من سَلام الْمَلَائِكَة حَيْثُ {قَالُوا سَلاما قَالَ سَلام} فَإِن نصب (سَلاما) إِنَّمَا يكون على إِرَادَة الْفِعْل، أَي سلمنَا سَلاما وَهَذِه الْعبارَة مؤذنة بحدوث التَّسْلِيم مِنْهُم، إِذْ الْفِعْل مُتَأَخّر عَن وجود الْفَاعِل، بِخِلَاف سَلام إِبْرَاهِيم، فَإِنَّهُ مُرْتَفع بِالِابْتِدَاءِ، فَاقْتضى الثُّبُوت على الْإِطْلَاق، وَهُوَ أولى مِمَّا يعرض لَهُ الثُّبُوت، فَكَأَنَّهُ قصد أَن يحييهم بِأَحْسَن مَا حيوه بِهِ وتحية الْعَرَب: حياك الله والانحناء تَحِيَّة الْمَجُوس وتحية الْكَافِر وضع الْيَد على الْفَم قَالَ يَعْقُوب: التَّحِيَّات لله: أَي: الْملك لله وَالتَّشَهُّد فِي التعارف: اسْم للتحيات المقروءة فِي الصَّلَاة، وللركن الَّذِي يقْرَأ فِيهِ ذَلِك التربية: هِيَ تَبْلِيغ الشَّيْء إِلَى كَمَاله شَيْئا فَشَيْئًا التحديث: عَام؛ والسمر: خَاص بِاللَّيْلِ التفل: هُوَ مَا صَحبه شَيْء من الرِّيق والنفث: النفخ بِلَا ريق التهاتر: الشَّهَادَة الَّتِي يكذب بَعْضهَا بَعْضًا وتهاترا: أَي ادّعى كل على صَاحبه بَاطِلا التَّمَنِّي: هُوَ الْكَلَام المتمنى بِهِ أَو التَّلَفُّظ بِهِ قَالَ صَاحب " الْكَشَّاف " لَيْسَ التَّمَنِّي من أَعمال

الْقُلُوب، إِنَّمَا هُوَ قَول الْإِنْسَان بِلِسَانِهِ (لَيْت لي كَذَا) والمتمنى إِمَّا مَا لم يقدر أَو قدر بكسب أَو بِغَيْر كسب وَالْأول: مُعَارضَة لحكمة الْقدر وَالثَّانِي: بطالة وتضييع حَظّ وَالثَّالِث: ضائع ومحال التَّكَلُّم: هُوَ اسْتِخْرَاج اللَّفْظ من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود، ويعدى بِنَفسِهِ وبالباء أَيْضا وَبَين الْمُتَكَلّم وحروف كَلَامه علاقَة مصححة للإضافة لَيست تِلْكَ العلاقة بَين شخص وَالصَّوْت الَّذِي أوجده فِي غَيره، فَيُقَال لَهُ: مصوت، لَا مُتَكَلم التصيير: تصيير الشَّيْء شَيْئا، إِمَّا بِحَسب الذَّات، كتصيير المَاء حجرا، وَبِالْعَكْسِ وَحَقِيقَته إِزَالَة الصُّورَة الأولى عَن الْمَادَّة وإفاضة صُورَة أُخْرَى عَلَيْهَا وَإِمَّا بِحَسب الْوَصْف، كتصيير الْجِسْم أسود بَعْدَمَا كَانَ أَبيض، وَحَقِيقَته إفَاضَة الْأَعْرَاض على الْمحل الْقَابِل لَهَا التَّطَوُّع: فِي الأَصْل: تكلّف الطَّاعَة وَفِي التعارف: تبرع بِمَا لَا يلْزم كالنقل وَفِي الشَّرِيعَة: الْمُسْتَحبّ التَّرْجِيح: هُوَ بَيَان الْقُوَّة لأحد المتعارضين على الآخر التَّنَزُّه: التباعد، وَالِاسْم: النزهة، بِالضَّمِّ، وَاسْتِعْمَال التَّنَزُّه فِي الْخُرُوج إِلَى الْبَسَاتِين والرياض غلط قَبِيح التمثال: هُوَ مَا يصنع ويصور مشبها بِخلق الله من ذَوَات الرّوح وَالصُّورَة، عَام والصنم: مَا كَانَ من حجر والوثن: عَام وَحُرْمَة التصاوير شرع مُجَدد التبر، بِالْكَسْرِ: الحجران قبل الضَّرْب، وَيُسمى بِالْعينِ بعده، وَقد يُطلق على غَيرهمَا من المعدنيات، إِلَّا أَنه بِالذَّهَب أَكثر اختصاصا الترادف: الِاتِّحَاد فِي الْمَفْهُوم، لَا الِاتِّحَاد فِي الذَّات، كالإنسان والبشر وَحقّ المترادفين صِحَة حُلُول كل مِنْهُمَا مَحل الآخر هَذَا مُخْتَار ابْن الْحَاجِب فِي " أُصُوله " وَهُوَ أَنه يجب ذَلِك مُطلقًا ومختار الْبَيْضَاوِيّ: إِن كَانَا من لُغَة وَاحِدَة ومختار الإِمَام أَنه غير وَاجِب والمترادفان يفيدان فَائِدَة وَاحِدَة من غير تفَاوت، وَالتَّابِع لَا يُفِيد وَحده شَيْئا، بل بِشَرْط كَونه مُقَيّدا بتقدم الأول عَلَيْهِ قَالَه فَخر الدّين والمترادفان مثل: {بثي وحزني} {سرهم ونجواهم} ، {شرعة ومنهاجا} ، {لَا تبقي وَلَا تذر} {إِلَّا دُعَاء ونداء} {أَطعْنَا سادتنا وكبراءنا} ، {صلوَات من رَبهم وَرَحْمَة} ، {عذرا أَو نذرا} والمخلص فِي هَذَا أَن يعْتَقد أَن مَجْمُوع المترادفين

يحصل معنى لَا يُوجد عِنْد انفرادهما؛ فَإِن التَّرْكِيب يحدث معنى زَائِدا وَإِذا كَانَت كَثْرَة الْحُرُوف تفِيد زِيَادَة الْمَعْنى فَكَذَلِك كَثْرَة الْأَلْفَاظ والمترادفان قد يكونَانِ مفردين كالليث والأسد، وَقد يكونَانِ مركبين كجلوس اللَّيْث وقعود الْأسد وَقد يكون أَحدهمَا مُفردا وَالْآخر مركبا، كالمز والحلو الحامض التمجيد: هُوَ أَن تَقول: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه التارة: الْحِين والمرة وأتاره: أَعَادَهُ مرّة بعد مرّة وَيجمع على (تير) و (تارات) وألفها تحْتَمل أَن تكون عَن وَاو أَو يَاء، قيل: هُوَ من (تار الْجرْح) : إِذا التأم وَتارَة، مَنْصُوب: إِمَّا ظرف، أَو مصدر على قِيَاس مَا قيل فِي (مرّة) فِي (ضَربته مرّة) التحت: هُوَ مُقَابل للفوق، وَيسْتَعْمل فِي الْمُنْفَصِل، كَمَا أَن الْأَسْفَل فِي الْمُتَّصِل وَفِي الحَدِيث: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يظْهر التحوت " أَي الدون من النَّاس تحقق اللّبْس: هُوَ عِنْد تَسَاوِي الِاحْتِمَالَات، وَرَفعه وَاجِب وتوهم اللّبْس: يكون عِنْد رُجْحَان الْبَعْض، وَرَفعه مُخْتَار تعال، بِفَتْح اللَّام: أَمر أَي: جئ، وَأَصله أَن يَقُوله من فِي الْمَكَان الْمُرْتَفع لمن فِي الْمَكَان المستوطي، ثمَّ كثر حَتَّى اسْتَوَى اسْتِعْمَاله فِي الْأَمْكِنَة، عالية كَانَت أَو سافله، فَيكون من الْخَاص الَّذِي جعل عَاما، وَاسْتعْمل فِي مَوضِع الْعَام وَمن هَذَا الْقَبِيل قَوْلهم: (أَقمت بَين ظهرانيهم) أَي: بَين ظهر فِي وَجْهي وَظهر فِي ظَهْري؛ ثمَّ اسْتعْمل فِي مُطلق الْإِقَامَة وَمِنْه (الحصان) للْفرس الذّكر، خلاف الْحجر وَهِي الْأُنْثَى مِنْهُ وَالْأَصْل فِيهِ أَن الْفَحْل الْكَرِيم الَّذِي يضن بمائه لَا ينزى إِلَّا على فرس كريم، كَأَنَّهُ حصن من الإنزاء، ثمَّ كثر اسْتِعْمَاله حَتَّى أطلق على الْفَحْل الْكَرِيم وَغَيره، وَأَشْبَاه ذَلِك وَلم يجِئ من (تعال) أَمر غَائِب وَلَا نهي وَهُوَ مُخْتَصّ بالجلالة ك (تبَارك) مَعْنَاهُ تجَاوز عَن صِفَات المخلوقين، وَإِنَّمَا خص لفظ التفاعل لمبالغة ذَلِك مِنْهُ، لَا على سَبِيل التَّكَلُّف كَمَا يكون من الْبشر [قَالَ الْحسن بن فُضَيْل: تبار الله فِي ذَاته وَبَارك فِيمَن شَاءَ من خلقه] تشابه الْأَطْرَاف: هُوَ ختم الْكَلَام بِمَا يُنَاسب صَدره نَحْو: {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير} [التحيز: هُوَ عبارَة عَن نِسْبَة الْجَوْهَر إِلَى الحيز بِأَنَّهُ فِيهِ، والحيز: هُوَ الْمَكَان أَو تَقْدِير الْمَكَان، وَالْمرَاد بِتَقْدِير الْمَكَان كَونه فِي الْمَكَان، وَلم نقل هُوَ الْمَكَان، لِأَن المتحيز عندنَا هُوَ الْجَوْهَر والحيز من لَوَازِم نفس الْجَوْهَر لَا انفكاك لَهُ عَنهُ]

[نوع] {تقطعت بهم} : تصرمت عَنْهُم {تألمون} : توجعون {تبسل} : تفضح {ترهقهم} : تغشاهم {تسيمون} : ترعون {تشاقون} : تخالفون {يتفيأوا} : يتميلوا {وتصف ألسنتهم} : أَي: وَتقول {وتدلوا بهَا إِلَى الْحُكَّام} : أَي وَلَا تلقوا حُكُومَة أَمْوَالكُم إِلَى الْحُكَّام {يَوْم يَأْتِي تَأْوِيله} : أَي بَيَانه الَّذِي هُوَ غَايَته الْمَقْصُودَة مِنْهُ {وَأحسن تَأْوِيلا} : أَي معنى وترجمة أَو ثَوابًا فِي الْآخِرَة {فَلَمَّا ترَاءى الْجَمْعَانِ} : أَي تقاربا وتقابلا حَتَّى يرى كل مِنْهُمَا الآخر {تعاسرتم} : تضايقتم {تغيض} : تنقص {فتهجد} : فاترك الهجود أَي: النّوم للصَّلَاة {لتشقى} : لتتعب {بِمَا تسْعَى} : بعملها من خير وَشر {ولتصنع على عَيْني} : ولتربى وَيحسن إِلَيْك فأراعيك وأراقبك {الْيَوْم تنسى} : تتْرك {جَزَاء من تزكّى} : تطهر من أدناس الْكفْر والمعاصي {تؤزهم أزا} : تغويهم إغواء {تستأنسوا} : تستأذنوا {تخلقون} : تَصْنَعُونَ {ترجي} : تُؤخر {تحبرون} : تكرمون {تلبسوا} : تخلطوا {أتحاجوننا} : أتخاصموننا

{تتبيب} : هَلَاك وتخسير {الترائب} : مَوضِع القلادة من الْمَرْأَة {تركنوا} : تميلوا {تبيعا} : نَصِيرًا {تباب} : خسران {تعولُوا} : تميلوا {تَارَة} : مرّة {فناداها من تحتهَا} : من بَطنهَا بالنبطية {تله للجبين} : صرعه [على شقَّه فَوَقع جَبينه على الأَرْض] {تَذْرُوهُ} : تفرقه {إِذْ تحسونهم} : تقتلونهم {ترهقهم} : تلحقهم {تؤويه} تضمه {تَدْعُو} : تجذب {تبارا} : هَلَاكًا {التكاثر} : التباهي بِالْكَثْرَةِ {تبت} : هَلَكت، أَو خسرت {التراقي} : أَعلَى الصَّدْر {تصدي} : تتعرض بالإقبال عَلَيْهِ {تلهي} : تتشاغل {ترهقها قترة} : يَغْشَاهَا سَواد وظلمة التطفيف: البخس فِي الْكَيْل وَالْوَزْن {تسنيم} : علم لعين بِعَينهَا، سميت بِهِ لارْتِفَاع مَكَانهَا أَو رفْعَة شرابها ترائب الْمَرْأَة: عِظَام صدرها {التراث} : الْمِيرَاث {تلظى} : تتلهب {تَوَارَتْ بالحجاب} : غربت الشَّمْس {أحسن تَقْوِيم} : تَعْدِيل {تَفُور} : تغلي {تمور} : تضطرب، والمور: التَّرَدُّد فِي

الْمَجِيء والذهاب {تقشعر} : تشمئز اقشعرار الْجلد: تقبضه {تمرحون} : تتوسعون فِي الْفَرح {ترجمون} : تؤذونني تعسا: عثورا وانحطاطا ونقيضه لعسا أَي: ثباتا {تفيء} : ترجع {تحيد} : تميل وتنفر عَنهُ {فَتَدَلَّى} : تعلق {من نُطْفَة إِذا تمنى} : تدفق فِي الرَّحِم، أَو تخلق {تؤفكون} : تصرفون {تلقف} : تلقم وتأكل {تصدية} : تصفيقا {تثقفنهم} : تصادفنهم وتظفرن بهم {ترهبون} : تخوفون {تسر الناظرين} : تعجبهم {حق تُقَاته} : حق تقواه {أَن تَفْشَلَا} : أَي تجبنا وتضعفا {تحروا} : توخوا {فتشقى} : فتتعب فِي طلب المعاش {تميد} : تميل وتضطرب {فتبهتهم} : فتغلبهم أَو تحيرهم {تنكصون} : تعرضون مُدبرين {تبَارك} : تكاثر خَيره أَو تزايد على كل شَيْء وَتَعَالَى عَنهُ فِي صِفَاته وأفعاله {تبرنا تتبيرا} : فتتنا تفتيتا {تِلْقَاء مَدين} : قبالة مَدين، قَرْيَة شُعَيْب {تعتدونها} : تستوفون عدتهَا {تطلع على الأفئدة} : تعلو أوساط الْقُلُوب ويشتمل عَلَيْهَا. {تشخص فِيهِ الْأَبْصَار} : فَلَا تقر فِي أمكانها من هول مَا ترى {كَأَن لم تغن} : كَأَن لم تنْبت زَرعهَا {وَإِذ تَأذن ربكُم} : بِمَعْنى أذن {أَن تطؤوهم} : أَن توقعوا بهم وتبيدوهم

{أفتمارونه} : أفتجادلونه {تتمارى} : تتشكك {تزاور عَن كهفهم} : تميل عَنهُ. {حِين تريحون} : تردونها من مراعيها إِلَى مراحها بالْعَشي {وَحين تسرحون} : تخرجونها بِالْغَدَاةِ إِلَى المراعي {تأفكنا} : تصرفنا {تعزروه} : تقووه {توقروه} : تعظموه {تفيضون} : تخوضون {تَتَجَافَى} : ترْتَفع وتتنحى {فظلتم تفكهون} : تعْجبُونَ أَو تَنْدمُونَ {تَفَسَّحُوا} : توسعوا {فَتَوَلّى بركنه} : كنأى بجانبه، أَو أعرض بِمَا يتقوى بِهِ من جُنُوده {تزيلوا} : تفَرقُوا {تحاوركما} : تراجعكما {تهجرون} : تعرضون أَو تهذون {تفلح} : تحرق {تراءت الفئتان} : تلاقى الْفَرِيقَانِ {إِلَّا إِذا تمنى} : زور فِي نَفسه مَا يهواه، أَو قَرَأَ وَتكلم كَقَوْلِه: (تمنى كتاب الله أول لَيْلَة ... تمني دَاوُد الزبُور على رسل) أَي: على سكينَة ووقار {هَل ينظرُونَ إِلَّا تَأْوِيله} : أَي عاقبته التَّرَبُّص: التمكث {التَّوْرَاة} : مَعْنَاهَا الضياء والنور {تجلى} : ظهر {تَأذن رَبك} : أعلم {تغشاها} : علاها بِالنِّكَاحِ {تنوء بالعصبة} : تنهض بهَا، وَهُوَ من المقلوب، مَعْنَاهُ مَا إِن الْعصبَة لتنوء بمفاتحه أَي ينهضون بهَا يُقَال: ناء بِحمْلِهِ إِذا نَهَضَ بِهِ متثاقلا {تَجْعَلُونَ رزقكم أَنكُمْ تكذبون} : أَي تَجْعَلُونَ شكركم التَّكْذِيب، أَو تَجْعَلُونَ شكر رزقكم

التَّكْذِيب على طَريقَة {واسأل الْقرْيَة} {تبوؤا الدَّار} : لزموها اتَّخَذُوهَا مسكنا {وَالْإِيمَان} : أَي تمكنوا فِي الْإِيمَان وَاسْتقر فِي قُلُوبهم {من تفَاوت} : اضْطِرَاب وَاخْتِلَاف واختلال {تميز من الغيظ} : تَنْشَق غيظا على الْكفَّار {تبوئ الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ} : تتَّخذ لَهُم مصافا ومعسكرا {تذودان} : تكفان، وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فِي الْإِبِل وَالْغنم، وَرُبمَا اسْتعْمل فِي غَيرهمَا فَيُقَال: سنذودكم عَن الْجَهْل علينا: أَي نكفكم ونمنعكم {أَن تتقوا مِنْهُم تقاة} : إِن كَانَت بِمَعْنى الاتقاء، فَهِيَ مصدر، أَو بِمَعْنى متقى: أَي أمرا يجب اتقاؤه، فمفعول بِهِ، أَو جمعا ك (رُمَاة) فحال {من تولاه} : تبعه {يَوْم ترجف الراجفة} : تشتد حَرَكَة الأجرام السفلية {تهتز} : تتحرك بِالِاضْطِرَابِ {أَنى لَهُم التناوش} : من أَيْن لَهُم أَن يتناولوا الْإِيمَان تناولا سهلا {تَقوله} : اختلقه {من تِلْقَاء نَفسِي} : أَي من عِنْد نَفسِي {تورون} : تقدحون {وَإِذ تخلق من الطين} : تصور، أَو تقدر يُقَال لمن قدر شَيْئا وَأَصله قد خلقه والخلق بِمَعْنى الإحداث لله وَحده {تسوروا} : نزلُوا من ارْتِفَاع وَلَا يكون التسور إِلَّا من فَوق {تزدري أعينكُم} : استرذلتموهم لفقرهم {وَكَانَ تقيا} : مُطيعًا متجنبا عَن الْمعاصِي {وتتلقاهم} : وتستقبلهم {أَو تهوي بِهِ الرّيح} : أَو تسقطه {فَأنى تسحرون} : فَمن أَيْن تخدعون فتنصرفون عَن الرشد {أَن تشيع} : أَن تَنْتَشِر [ {تفندون} : تنسبونني إِلَى الفند وَهُوَ نُقْصَان عقل يحدث من هرم

{تذكرة} : عِبْرَة وَدلَالَة {تفثهم} : وسخهم {تتقوا مِنْهُم} : تحذروا أَو تخافوا {فتخبت لَهُ قُلُوبهم} : تطمئِن وتسكن {فَتَبَيَّنُوا} : فَاطْلُبُوا بَيَان الْأَمر وثباته {فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات} : اسْتَقْبلهَا بِالْأَخْذِ وَالْقَبُول وَالْعَمَل بهَا حِين علمهَا {وَأَشد تنكيلا} : تعذيبا {تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة} : أَي تمكنهم من اسْتِيفَاء أنفسهم فيستوفونها {ثمَّ توفى كل نفس مَا كسبت} : تُعْطى جَزَاء مَا كسبت وافيا {أَن تبسل نفس} : أَن تسلم إِلَى الْهَلَاك وترهن لسوء عَملهَا {لَعَلَّكُمْ تعقلون} : ترشدون {ثمَّ آيتنا مُوسَى الْكتاب تَمامًا} : أَي أتممناه إتماما {تختانون أَنفسكُم} : تظلمونها {قل تَعَالَوْا} : هلموا {لتبلون} : لتختبرن {هَل تَنْقِمُونَ منا} : هَل تنكرون منا وتعيبون {وتمت كلمت رَبك} : أَي استمرت كل كلمة {وَأَن تصدقوا خير لكم} : أَي وَإِن تسقطوا حقكم من الْقصاص بِالْعَفو، وَفِي الحَدِيث: " من تصدق بِهِ فَهُوَ خير لَهُ " أَي عَفا {لتلقنا} : أَي لتصرفنا. {تستخفونها} : تجدونها خَفِيفَة {كُنْتُم بِهِ تدعون} : تطلبون وتستعجلون، من الدُّعَاء، أَو تدعون أَن لَا بعث، من الدَّعْوَى {لَوْلَا تسبحون} : تذكرونه وتتوبون إِلَيْهِ، أَو لَوْلَا تستثنون {وتبتل إِلَيْهِ تبتيلا} : وَانْقطع إِلَيْهِ بِالْعبَادَة وجرد نَفسك عَمَّا سواهُ {عَلَيْهَا تِسْعَة عشر} ملكا أَو صنفا من الْمَلَائِكَة يلون أمرهَا {إِن أردن تَحَصُّنًا} : تعففا {تتقلب} : تضطرب وتتغير

فصل الثاء

{تَدْعُو من أدبر} : تجذب وتحضر؛ وَقيل تهْلك {إِلَّا أَن تغمضوا فِيهِ} : إِلَّا بِأَن تتسامحوا فِيهِ {تولج اللَّيْل فِي النَّهَار وتولج النَّهَار فِي اللَّيْل} : أَي تدخل أَحدهمَا فِي الآخر إِمَّا بالتعقيب أَو الزِّيَادَة وَالنَّقْص {يأتيكم التابوت} : وَهُوَ صندوق فِيهِ التَّوْرَاة وَكَانَ من خشب الشمشاو مموها بِالذَّهَب نَحوا من ثَلَاثَة أَذْرع فِي ذراعين، وَكَانَ سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِذا قَاتل قدمه فتحمله الْمَلَائِكَة فيسكن بَنو اسرائيل وَلَا يفرون {ثمَّ لَا تَجدوا لكم علينا تبيعا} : أَي تَأْثِيرا وَلَا طَالبا] (فصل الثَّاء) [الثَّمر] : كل مَا يستطعم من أحمال الشّجر فَهُوَ ثَمَر؛ ويكنى بِهِ عَن المَال الْمُسْتَفَاد وَيُقَال لكل نفع يصدر عَن شَيْء ثَمَرَة كَقَوْلِه (ثَمَرَة الْعلم الْعَمَل الصَّالح) [الثميلة] : كل بَقِيَّة فَهِيَ ثميلة [والثقل] : كل شَيْء لَهُ قدر وَوزن ينافس فِيهِ فَهُوَ ثقل ك (فتل) ؛ من (ثقل الشَّيْء) ك (نصر) : إِذا وَزنه والثقل، كالعنب: ضد الخفة، مصدر (ثقل) ك (كرم) و [الثّقل] ، بتسكين الْعين: ك (الْفسق) هُوَ الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ و [الثّقل] ، بِالتَّحْرِيكِ: هُوَ مَتَاع الْمُسَافِر وحشمه، وكل شَيْء نَفِيس مصون والثقل: قُوَّة يحس من محلهَا بواسطتها مدافعة هابطة، كالحجر والمدر والخفة: قُوَّة يحس من محلهَا بواسطتها مدافعة صاعدة، كالنار وَالدُّخَان وَهُوَ أصل فِي الْأَجْسَام، ثمَّ يُقَال فِي الْمعَانِي والثقلان: الْإِنْس وَالْجِنّ سميا بذلك لِكَوْنِهِمَا ثقيلين على وَجه الأَرْض، وَهِي كالحمولة لَهما، أَو لِأَنَّهُمَا مثقلان بالتكليف، أَو لرزانة آرائهم وأقدارهم، أَو الثقيل أَحدهمَا لَا غير، وَسمي الآخر تَغْلِيبًا [وَاخْتلف أَصْحَابنَا فِي تَحْقِيق معنى الثّقل والخفة، فَمنهمْ من قَالَ: الثّقل لَيْسَ عرضا زَائِدا على الْجَوْهَر بِنَفسِهِ وذاته، وَمَا نجده من التَّفَاوُت فِي الثّقل بَين الْأَجْسَام المركبة فَهُوَ عَائِد إِلَى كَثْرَة الْأَجْزَاء فِي الثقيل وقلتها فِي الْخَفِيف، وَمِنْهُم من قَالَ: إنَّهُمَا من الْأَعْرَاض الزَّائِدَة على نفس الْجَوْهَر، وَهُوَ الْأَظْهر كالزئبق وَالْمَاء وَإِن تَسَاوَت أجزاؤهما عددا فِي الْحصْر المتحد لَهما] والأثقال: كنوز الأَرْض، وموتاها، والذنُوب، والأحمال الثَّقِيلَة و {ثقلت فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} يَعْنِي السَّاعَة، أَي: خَفِي علمهَا على أَهلهَا، وَإِذا خَفِي الشَّيْء فقد ثقل

والخفيف: يُقَال تَارَة بِاعْتِبَار المضايقة بِالْوَزْنِ، وَتارَة بِاعْتِبَار مضايقة الزَّمَان نَحْو (فرس خَفِيف) ، و (فرس ثقيل) : إِذا عدا أَحدهمَا أَكثر من الآخر فِي زمَان وَاحِد وَقد يكون الْخَفِيف ذما، والثقيل مدحا، كمن فِيهِ طيش يُقَال فِيهِ: خَفِيف وَمن فِيهِ وقار يُقَال فِيهِ: ثقيل [وَكَمن ثقل مِيزَانه نظرا إِلَى الْمُؤمنِينَ وَمن خف مِيزَانه نظرا إِلَى الْكفَّار، لكنه مَحْمُول على لَازم الخفة وَهُوَ عدم الِاعْتِدَاد جمعا بَين الْأَدِلَّة، وَمَا ورد فِي بعض الْأَخْبَار من ميزَان الْكفَّار يحمل على تمييزهم لتفاوتهم فِي الْعَذَاب {وَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا} أَي نَافِعًا؛ أَو فِي حق منكري الْحَشْر] والثقيل من الْكَلِمَات: مَا كثرت مدلولاته ولوزامه، كالفعل، فَإِن مدلولاته الْحَدث وَالزَّمَان، ولوازمه الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَالتَّصَرُّف وَغير ذَلِك والخفيف من الْكَلِمَات: مَا قل فِيهِ ذَلِك، كالاسم، فَإِنَّهُ يدل على مُسَمّى وَاحِد، وَلَا يلْزمه غَيره فِي تحقق مَعْنَاهُ وَلِهَذَا خصت تَاء التَّأْنِيث الساكنة بِالْفِعْلِ والمتحركة بِالِاسْمِ، لِأَن السّكُون أخف من الْحَرَكَة وَخص الضَّم بمضارع الرباعي، وَالْفَتْح بمضارع الثلاثي، لِأَن الرباعي أقل وَالضَّم أثقل، فَجعل الأثقل للأقل والأخف للْأَكْثَر وألحقت التَّاء عدد الْمُذكر، وأسقطت من عدد الْمُؤَنَّث لثقل الْمُؤَنَّث وخفة الْمُذكر وحذفت الْيَاء وَالتَّاء فِي بَاب (فعيلة) فِي النّسَب نَحْو: (حنيفَة) و (حَنَفِيّ) بِخِلَاف الْمُذكر، كل ذَلِك للتعادل وَقد كَانَ النّظم الْجَلِيل مُشْتَمِلًا على الفصيح والأفصح والمليح والأملح ف (تتلو) أحسن من (تقْرَأ) لثقل الْهمزَة؛ و (لَا ريب) من (لَا شكّ) لثقل الْإِدْغَام؛ و (وَهن) من (ضعف) لثقلة الضمة؛ و (آمن) أخف من (صدق) ؛ و (أنذر) أخف من (خوف) ؛ و (نكح) أخف من (تزوج) إِلَى غير ذَلِك فَكل مَا كَانَ أخف كَانَ ذكره أَكثر الثَّنَاء: هُوَ مَأْخُوذ من الثني، وَهُوَ الْعَطف ورد الشَّيْء بعضه على بعض وَمِنْه ثنيت الثَّوْب: إِذا جعلته اثْنَيْنِ بالتكرار وبالإمالة والعطف؛ فَذكر الشَّيْء مرَّتَيْنِ يتَنَاوَل أَحدهمَا مَا لم يتَنَاوَلهُ الآخر وهلم جرا بِمَنْزِلَة جعله اثْنَيْنِ؛ فَأطلق اسْم الثَّنَاء على تكْرَار ذكر الشَّيْء لشيئين وَمِنْه التَّثْنِيَة فِي الِاسْم؛ فالمثنى مُكَرر لمحاسن من يثني عَلَيْهِ مرّة بعد أُخْرَى وَهُوَ الْكَلَام الْجَمِيل وَقيل: هُوَ الذّكر بِالْخَيرِ، وَقيل: يسْتَعْمل فِي الْخَيْر وَالشَّر على سَبِيل الْحَقِيقَة وَعند الجهور حَقِيقَة فِي الْخَيْر ومجاز فِي الشَّرّ على ضرب من التَّأْوِيل والمشاكلة والاستعارة التهكمية [الثنا] : وَقيل بِتَقْدِيم النُّون وَالْقصر هُوَ الذّكر بِالشَّرِّ وَقيل: الثَّنَاء هُوَ الْإِتْيَان بِمَا يشْعر التَّعْظِيم مُطلقًا، سَوَاء كَانَ بِاللِّسَانِ أَو بالجنان أَو بالأركان؛ وَسَوَاء كَانَ فِي مُقَابلَة شَيْء أَو لَا، فَيشْمَل الْحَمد وَالشُّكْر والمدح، وَهُوَ الْمَشْهُور بَين الجهور وَالْمَفْهُوم من " الْكَشَّاف " وَغَيره فعلى هَذَا قيد بِاللِّسَانِ لدفع احْتِمَال التَّجَوُّز، أَعنِي إِطْلَاق الثَّنَاء على مَا لَيْسَ

بِاللِّسَانِ مجَازًا وَقَوله تَعَالَى {الَّذين إِن مكناهم فِي الأَرْض أَقَامُوا الصَّلَاة} إِلَى آخِره هُوَ ثَنَاء وَقيل بلَاء (وَالثنَاء عِنْد الْمُحَقِّقين تَعْرِيف من المثني للمثنى عَلَيْهِ من حَيْثُ هُوَ مثنى عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ للمثني أَي مثن كَانَ، وَأي مثنى عَلَيْهِ كَانَ وَحَقِيقَة الذّكر التَّام التَّصْرِيح بِمَا يدل على الْمَذْكُور دلَالَة تَامَّة ويعرب عَن ذَاته، واستحضار الذاكر الْمَذْكُور فِي نَفسه أَو حُضُوره مَعَه والحضور والاستحضار عبارَة عَن استجلاء الْمَعْلُوم فحاصله أَيْضا رَاجع إِلَى الْعلم؛ فَهُوَ من وَجه غير مُغَاير للثناء، لَكِن بِالنِّسْبَةِ لمن يذكر الْحق ذكر معرفَة وتعريف) ثمَّ: للْعَطْف مُطلقًا، سَوَاء كَانَ مُفردا أَو جملَة وَإِذا ألحق التَّاء تكون مَخْصُوصَة بعطف الْجمل وَلَا يجوز فِي (ثمَّ) العاطفة مَا جَازَ فِي (شدّ) و (مد) من اللُّغَات الثَّلَاث وَفِي (ثمَّ) تراخ، وَهُوَ أَن يكون بَين المعطوفين مهلة دون الْفَاء والتراخي فِي (ثمَّ) عِنْد أبي حنيفَة فِي التَّكَلُّم؛ وَعند صَاحِبيهِ فِي الحكم؛ وَوُجُوب دلَالَة (ثمَّ) على التَّرْتِيب مَعَ التَّرَاخِي مَخْصُوص بعطف الْمُفْرد والتراخي الرتبي لَيْسَ معنى (ثمَّ) فِي اللُّغَة وَغَيرهَا، بل يُطلق عَلَيْهِ (ثمَّ) مجَازًا وَقد يَجْعَل تغاير البحثين والكلامين بِمَنْزِلَة التَّرَاخِي فِي الزَّمَان، فيستعمل لَهُ (ثمَّ) ؛ وَهُوَ أصل فِي الزَّمَان فَمَا أمكن لَا يصرف عَنهُ إِلَى غَيره وَلَفْظَة (ثمَّ) أبلغ من الْوَاو فِي التقريع كَمَا فِي: {ثمَّ اتخذتم الْعجل} وَقد يكون ظرفا؛ بِمَعْنى (هُنَاكَ) ، كَمَا فِي مثل قَوْلك: (الشَّخْص سَواد الْإِنْسَان ترَاهُ من بعد ثمَّ اسْتعْمل فِي ذَاته) وَقد يَجِيء لمُجَرّد الاستبعاد، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يعْرفُونَ نعْمَة الله ثمَّ يُنْكِرُونَهَا} وَقد يَجِيء بِمَعْنى التَّعَجُّب نَحْو: {الْحَمد لله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَجعل الظُّلُمَات والنور ثمَّ الَّذين كفرُوا برَبهمْ يعدلُونَ} وَبِمَعْنى الِابْتِدَاء نَحْو: {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا} وَبِمَعْنى الْعَطف وَالتَّرْتِيب نَحْو: {إِن الَّذين آمنُوا ثمَّ كفرُوا ثمَّ آمنُوا} وَبِمَعْنى (قبل) نَحْو: {إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش} أَي: فعل ذَلِك قبل استوائه على الْعَرْش و (ثمَّ) فِي قَوْله تَعَالَى: (ثمَّ كلا سَوف

تعلمُونَ} للتدرج، كَمَا فِي: (وَالله ثمَّ وَالله) وَقد يَجِيء لمُجَرّد الترقي نَحْو: (إِن من سَاد ثمَّ سَاد أَبوهُ ... ثمَّ قد سَاد قبل ذَلِك جده) وَقد تَجِيء للتَّرْتِيب فِي الْأَخْبَار، كَمَا يُقَال: (بَلغنِي مَا صنعت الْيَوْم ثمَّ مَا صنعت أمس أعجب) أَي: ثمَّ أخْبرك أَن الَّذِي صنعت أمس أعجب [وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ كَانَ من الَّذين آمنُوا} أَي: ثمَّ أخْبركُم أَن هَذَا لمن كَانَ مُؤمنا كَمَا فِي " التَّيْسِير " وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى: ثمَّ دَامَ على الْإِيمَان، إِذْ الْأُمُور بخواتيمها كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِنِّي لغفار لمن تَابَ وآمن وَعمل صَالحا ثمَّ اهْتَدَى} أَي دَامَ على الاهتداء] وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى الْوَاو الَّتِي بِمَعْنى (مَعَ) أَي مَعَ ذَلِك كَانَ من الَّذين آمنُوا [وَمثل قَوْله تَعَالَى: {وَإِمَّا نرينك بعض الَّذِي نعدهم أَو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثمَّ الله شَهِيد على مَا يَفْعَلُونَ} أَي: وَالله، لأَنا لَو حملنَا على حَقِيقَته لَأَدَّى أَن يكون الله شَهِيدا بعد أَن لم يكن وَهُوَ مُمْتَنع] وَقد تَجِيء للتّنْبِيه على أَنه يَنْبَغِي أَن يستبد السَّامع فِي تَحْقِيق مَا تقدم حَتَّى يصير على ثِقَة وطمأنينة وَقد تَجِيء فصيحة لمُجَرّد استفتاح الْكَلَام وَقد تَجِيء زَائِدَة كَمَا فِي: {أَن لَا ملْجأ من الله إِلَّا إِلَيْهِ ثمَّ تَابَ عَلَيْهِم} وثمة: اسْتِعَارَة من الْإِشَارَة إِلَى الْمَكَان، وَهِي بِفَتْح الثَّاء وَالْمِيم الْمُشَدّدَة وهاء السكت الَّتِي هِيَ هَاء زَائِدَة فِي آخر الْكَلِمَة، محركة بحركة غير إعرابية مَوْقُوفا عَلَيْهَا لبَيَان تِلْكَ الْحَرَكَة؛ تدرج فِي الْوَصْل إِلَّا إِذا أجري مجْرى الْوَقْف قَالَ بَعضهم: (ثمَّ) إِشَارَة إِلَى الْمَكَان الْبعيد نَحْو: {وأزلفنا ثمَّ الآخرين} وَيجوز أَن يُوقف عَلَيْهَا بهاء السكت وَقَول الْعَامَّة: (ثمت) بِالتَّاءِ من قَبِيح اللّحن وَفِي " شرح مُسلم ": بِلَا هَاء يدل على الْمَكَان الْبعيد، وبهاء على الْقَرِيب قَالَ الطَّبَرِيّ: فِي قَوْله: {أَثم إِذا مَا وَقع آمنتهم بِهِ} مَعْنَاهُ: هُنَالك، وَلَيْسَت (ثمَّ) العاطفة وَهَذَا وهم اشْتبهَ عَلَيْهِ المضمومة بالمفتوحة وَقيل: (ثمت) بِالتَّاءِ لُغَة فِي (ثمَّ) العاطفة للجمل خَاصَّة، وَالتَّاء عَلامَة تَأْنِيث الْجُمْلَة وكما تتصل هَذِه الْعَلامَة بِالِاسْمِ نَحْو: (امْرَأَة) ، وبالصفة نَحْو: (قَائِمَة) كَذَلِك تتصل بِالْفِعْلِ؛ إِلَّا أَنَّهَا تبدل فِي الِاسْم مِنْهَا الْهَاء فِي الْوَقْف، وينتقل الْإِعْرَاب عَن آخر الِاسْم إِلَيْهَا، وَفِي الْفِعْل تسكن إِلَّا أَن يلاقيها سَاكن، وَتَكون التَّاء فِي الْوَقْف والوصل جَمِيعًا؛ وَإِذا حرك بِالْفَتْح بَقِي تَاء فِي كل حَال، لِأَن دُخُول تَاء التَّأْنِيث على الْحَرْف قَلِيل، فَإِذا دخل حرك بِالْفَتْح كَمَا فِي (ربت) الثلاثي: بِضَم الثَّاء الأولى، وَكَذَا (الرباعي) وهما شَاذان، لِأَنَّهُمَا منسوبان إِلَى (ثَلَاثَة) و (أَرْبَعَة)

وَالْقِيَاس الْفَتْح، وَهَكَذَا نظائرهما الثماني: تأنيثه (الثَّمَانِية) ؛ وَالْيَاء فِيهِ كهي فِي الرباعي فِي أَنَّهَا للنسبة، كَمَا فِي (الْيَمَانِيّ) قَالَ أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: تَقول ثَمَانِيَة رجال وثماني نسْوَة، وَلَا يُقَال ثَمَان نسْوَة بِلَا يَاء لِأَن الْيَاء المنقوصة ثَابِتَة فِي حَالَة الْإِضَافَة وَالنّصب، ك (القَاضِي) وَالثَّمَانِيَة فِي الأَصْل مَنْسُوب إِلَى الثّمن بِالضَّمِّ، لِأَنَّهُ الْجُزْء الَّذِي صير السَّبْعَة ثَمَانِيَة فَفتح أَولهَا للتغيير فِي النِّسْبَة، وَحذف إِحْدَى ياءي النِّسْبَة وَعوض عَنْهَا الْألف كَمَا فِي الْمَنْسُوب إِلَى الْيمن وَالْأَصْل فِي (ثَمَانِي عشرَة) فتح الْيَاء لبَقَاء صُدُور الْأَعْدَاد المركبة على الْفَتْح ك (ثَلَاثَة عشر) ، وَجَاز إسكانها، وشذ حذفهَا بِفَتْح النُّون الثَّالِث عشر: هُوَ بِفَتْح الثَّالِث على أَنه مركب مَعَ عشر، وَكَذَا الرَّابِع عشر وَنَحْوه، وَلَا يجوز فِيهِ الضَّم على الْإِعْرَاب، وَذَلِكَ أَنه إِذا صِيغ موازن (فَاعل) من التِّسْعَة فَمَا دونهَا، وَركب مَعَ الْعشْرَة فلك فِيهِ أوجه: إِمَّا أَن تضيفه إِلَى الْمركب المطابق لَهُ، أَو أَن تقتصر عَلَيْهِ مَعَ الْبناء على الْفَتْح، أَو أَن تقتصر عَلَيْهِ وتعرب الأول مُضَافا إِلَى الثَّانِي مَبْنِيا، وَهَذَا الْأَخير إِنَّمَا يكون مَعَ فقد حرف التَّعْرِيف أما إِذا وجد فَحِينَئِذٍ تعين الْبناء وامتنعت الْإِضَافَة الثَّانِي: هُوَ بِاعْتِبَار التصيير، واثنين بِاعْتِبَار حَاله [وَقد يُرَاد بِالثَّانِي كل مَا هُوَ ثَان بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا قبله لَا الْفَرد اللَّاحِق من الِاثْنَيْنِ، وَهَذَا كَمَا يُقَال: (فعلت كَذَا مرّة بعد أُخْرَى) أَي فعلته مرَارًا كَثِيرَة غير مقتصرة على الْمرة] وَالثَّانيَِة: هِيَ جُزْء من سِتِّينَ جُزْءا من الدقيقة، والدقيقة جُزْء من سِتِّينَ جُزْءا من الدرجَة؛ والدرجة جُزْء من خَمْسَة عشر جُزْءا من السَّاعَة وَيُقَال: ثَانِي اثْنَيْنِ، وثالث ثَلَاثَة، ورابع أَرْبَعَة؛ وَلَا يُقَال: اثْنَيْنِ ثَان، وَلَا ثَلَاثَة ثَالِث، وَلَا أَرْبَعَة رَابِع وَقَول أبي تَمام: (ثَانِيه فِي كبد السَّمَاء وَلم يكن ... كاثنين ثَان إِذْ هما فِي الْغَار) فَفِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير وتقليب للتركيب وتغيير، وَهُوَ: وَلم يكن كاثنين إِذْ هما فِي الْغَار؛ وَالْمرَاد أَنه لم يكن كهذه الْقَضِيَّة قَضِيَّة أُخْرَى لم يكن كهذه الْقَضِيَّة قَضِيَّة أُخْرَى واثنين ثَان: تركيب جملَة وَثَانِي اثْنَيْنِ: تركيب إِضَافَة الثُّلُث: بِضَمَّتَيْنِ سهم من ثَلَاثَة وَيَوْم الثُّلَاثَاء، بِالْمدِّ وَيضم، وَثَلَاث إِن أفرد، كَمَا فِي قَوْلك: (بِعْت من النوق ثَلَاثًا) يكْتب بِالْألف لاتقاء اللّبْس بِثلث؛ وَإِن أضيف أَو وصف كَمَا فِي قَوْلك: (حلبت ثلث نُوق) و (مَا حلبت النوق الثُّلُث) يكْتب بِحَذْف الْألف لارْتِفَاع اللّبْس، وَكَذَلِكَ (ثلثة وَثَلَاثُونَ) بِحَذْف الْألف لِأَن عَلامَة التَّأْنِيث وَالْجمع الملتحقة بآخرهما منعت من إِيقَاع اللّبْس الثَّوَاب: هُوَ عبارَة عَن الْمَنْفَعَة الْخَالِصَة المقرونة بالتعظيم وَقيل: الْجَزَاء كَيفَ مَا كَانَ من الْخَيْر

وَالشَّر، إِلَّا أَن اسْتِعْمَاله فِي الْخَيْر أَكثر، وَفِي الشَّرّ على طَريقَة {فبشرهم بِعَذَاب أَلِيم} [وَالثَّوَاب يتَعَلَّق بِصِحَّة الْعَزِيمَة وَالْجَزَاء يتَعَلَّق بالركن وَالشّرط] وَالثَّوَاب الَّذِي يعْطى أجرا لَا يتَصَوَّر بِدُونِ الْعَمَل، بِخِلَاف مُطلق الثَّوَاب، والإثابة: إِعْطَاؤُهُ وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب على اسْتِعْمَال الْفِعْل الْمَخْلُوق، لَا على أصل الْخلق، ويعاقب عَلَيْهِ بِصَرْف الِاسْتِطَاعَة الَّتِي تصلح للطاعة إِلَى الْمعْصِيَة، لَا على إِحْدَاث الطَّاعَة الثَّوْب: لُغَة مَا يلبس من الْقطن أَو الصُّوف أَو الْخَزّ أَو غير ذَلِك، وَلَا يُطلق عَادَة على الْبسَاط وَالْمسح والستر والعمامة والقلنسوة، [يُقَال: تعمم، وتقلنس، وَلَا يُقَال: لبس] ، وَلِهَذَا لَا يدْخل تَحت الْوَصِيَّة وَأَصله الرُّجُوع إِلَى الْحَالة الأولى أَو الْمقدرَة {وثيابك فطهر} : قيل قَلْبك وَالْمَيِّت يبْعَث فِي ثِيَابه: أَي فِي أَعماله وَللَّه ثوباه: أَي لله دره الثَّنية: هِيَ تجمع على [ثنايا] وَهِي الْأَسْنَان الْمُتَقَدّمَة، اثْنَان فَوق وَاثْنَانِ تَحت، وَخَلفهَا الرباعيات بِالْفَتْح وَتَخْفِيف الْيَاء والأنياب: هِيَ الْأَرْبَع خلف الرباعيات الْأَرْبَع ثمَّ الأضراس وَهِي عشرُون، من كل جَانب عشرَة، مِنْهَا الضواحك أَرْبَعَة، ثمَّ الطواحن، ثمَّ النواجذ، من كل جَانب اثْنَان، وَاحِد من أَعلَى وَآخر من أَسْفَل، وَهِي أقْصَى الأضراس وَهِي لَا تنْبت لبَعض النَّاس، وَقد ينْبت لبَعض بَعْضهَا، ولبعض كلهَا يُقَال لَهَا أَسْنَان الْحلم والثنايا: الْجبَال أَيْضا وَيُقَال (فلَان طلاع الثنايا) أَي: يقْصد عظائم الْأُمُور كَقَوْلِه: (أَنا ابْن جلا وطلاع الثنايا ... مَتى أَضَع الْعِمَامَة تعرفوني) والثني عرفه بعض الأدباء بالنظم: (الثني ابْن لحول وَابْن ضعف ... وَابْن خمس من ذَوي ظلف وخف) الثغر: السن، وَمَا يَلِي دَار الْحَرْب من الْبِلَاد، وَمَوْضِع المخافة من فروج الْبلدَانِ، وَهُوَ كالثلمة بِالضَّمِّ للحائط يخَاف هجوم السَّارِق مِنْهَا وَيُقَال (ثغر شتيث) إِذا كَانَ بَين الْأَسْنَان كلهَا تَفْرِيق يسير، وَإِن كَانَ التَّفْرِيق بَين الثنايا خَاصَّة فالثغر أفلج قَالَ ابْن دُرَيْد: لَا تَقول رجل أفلج إِلَّا إِذا ذكرت مَعَه الْأَسْنَان الثَّمر: هُوَ فروع النَّبَات، يَقع فِي الْأَغْلَب على مَا يحصل على الْأَشْجَار، وَيَقَع أَيْضا على الزَّرْع والنبات كَقَوْلِه تَعَالَى: {كلوا من ثمره إِذا أثمر وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} وثمر الرجل: تمول وَالثِّمَار: جمع ثَمَر جمع ثَمَرَة [وَالثَّمَرَة أَعم من المطعوم، كَمَا أَن الرزق أَعم من الْمَأْكُول والمشروب]

الثّمن: مَا ثَبت دينا فِي الذِّمَّة، وَقِيمَة الشَّيْء عبارَة عَن قدر مَالِيَّته بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِير بتقويم المقومين، وَهِي مُسَاوِيَة لَهُ بِخِلَاف الثّمن، فَإِنَّهُ يكون نَاقِصا وزائدا وَمن الْأَمْوَال: مَا هُوَ ثمن بِكُل حَال كالنقدين، صَحبه الْبَاء أَو لَا، قويل بِجِنْسِهِ أَو غَيره ومبيع بِكُل حَال، كالثياب وَالدَّوَاب والمماليك وَثمن بِوَجْه: مَبِيع بِوَجْه كالمكيل وَالْمَوْزُون، فَإِذا كَانَ معينا فِي العقد كَانَ مَبِيعًا؛ وَإِن لم يكن معينا وصحبة الْبَاء وقابله مَبِيع فَهُوَ ثمنه وَثمن فِي الِاصْطِلَاح: وَهُوَ سلْعَة فِي الأَصْل إِن كَانَ رائجا كَانَ ثمنا، وَإِن كَانَ كاسدا كَانَ سلْعَة والثقبة: بِالضَّمِّ، الْخرق النَّافِذ الصَّغِير ونقب الْحَائِط: بالنُّون، وَهُوَ الْخرق الْعَظِيم النَّافِذ الَّذِي لَهُ عمق الثرى: بِالْقصرِ، الندى، وَالتُّرَاب الندي، أَو الَّذِي إِذا بل لم يصر طينا وَيسْتَعْمل فِي انْقِطَاع الْمَوَدَّة والثروة كَثْرَة الْعدَد من النَّاس وَالْمَال وَتَحْت الثرى: هِيَ الطَّبَقَة الترابية من الأَرْض وَهِي آخر طبقاتها الثمام: بِالضَّمِّ، نبت ضَعِيف لَهُ خوص أَو شَيْء يُشبههُ، يُقَال إِنَّه نبت على قدر قامة الْمَرْء وَقَوْلهمْ، على طرف الثمام: مثل يضْرب فِي سهولة الْحَاجة وَقرب المُرَاد الثمال: ككتاب، الغياث الَّذِي يقوم بِأَمْر قومه [الثِّقَة: لفظ الثِّقَة مُتَرَدّد بَين الْأَمَانَة والفهم إِلَّا إِذا اقترنت بالمعلوم فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ تعيّنت فِيهِ جِهَة الْفَهم] الثواء: النُّزُول للإقامة يُقَال ثوى بالمنزل، وأثوى غَيره الثَّعْلَب: بِالْفَتْح، حَيَوَان مَعْرُوف وَهِي الْأُنْثَى وَالذكر ثعلبان، بِالضَّمِّ وَفِي الْبَيْت الْمَشْهُور بِالْفَتْح لِأَنَّهُ مثنى الثلَّة: بِالضَّمِّ، الْقطعَة من النَّاس، وبالفتح: قِطْعَة من الْغنم الثلب: ثلبه: صرح بِالْعَيْبِ فِيهِ وتنقص، وبابه (ضرب) والمثالب: الْعُيُوب، وأحدها مثلبة الثبور: الْهَلَاك الثج: هُوَ إسالة الدِّمَاء من الذّبْح والنحر ثل الله عَرْشه: أَي أَمَاتَهُ وأذهب ملكه ثكلتك أمك، وَكَذَا هبلته الهبول ونظائرهما كَلِمَات يستعملونها عِنْد التَّعَجُّب والحث على التيقظ فِي الْأُمُور وَلَا يُرِيدُونَ بهَا الْوُقُوع وَلَا الدُّعَاء على الْمُخَاطب بهَا، لكِنهمْ أخرجوها عَن أَصْلهَا إِلَى التَّأْكِيد مرّة، وَإِلَى التَّعَجُّب

فصل الجيم

وَالِاسْتِحْسَان تَارَة، وَإِلَى الْإِنْكَار والتعظيم تَارَة أُخْرَى [نوع] {فانفروا ثبات} : أَي جماعات مُتَفَرِّقَة {ثجاجا} : منصبا بِكَثْرَة {ثقفتموهم} : وَجَدْتُمُوهُمْ {ثبورا} : بلَاء ويلا {ثَانِي عطفه} : مستكبرا فِي نَفسه {النَّجْم الثاقب} : المضيء كَأَنَّهُ يثقب الظلام بضوئه فَينفذ فِيهِ {وَمَا كنت ثاويا} : مُقيما {ثلة من الْأَوَّلين} : أَي هم كثير من الْأَوَّلين {هَل ثوب الْكفَّار} : أَي: هَل أثيبوا {فثبتطهم} : فحبسهم بالجبن والكسل [ {قولا ثقيلا} : يَعْنِي الْقُرْآن فَإِنَّهُ لما فِيهِ من التكاليف الشاقة ثقيل على الْمُكَلّفين لَا سِيمَا على الرَّسُول {يَوْمًا ثقيلا} : شَدِيدا {يَوْمئِذٍ ثَمَانِيَة} : ثَمَانِيَة أَمْلَاك {ثعبان} : حَيَّة عَظِيمَة الْجِسْم {ثَمُود} : من الثمد وَهُوَ المَاء الْقَلِيل، وَمن جعله اسْم حَيّ أَو أَب صرفه لِأَنَّهُ مُذَكّر، وَمن جعله اسْم قَبيلَة أَو أَرض لم يصرفهُ] (فصل الْجِيم) [جثيا] : كل مَا فِي الْقُرْآن جثيا فَمَعْنَاه جَمِيعًا، إِلَّا {وَترى كل أمة جاثية} فَإِن مَعْنَاهُ تجثو على ركبهَا [جعل] : كل شَيْء فِي الْقُرْآن جعل فَهُوَ بِمَعْنى خلق [الْجلد] : وَفِي " الْقَامُوس " قَوْله تَعَالَى: {وَقَالُوا لجلودهم لم شهدتم علينا} أَي: لفروجهم [الْجَبَل] : كل وتد فِي الأَرْض عظم وَطَالَ فَهُوَ جبل، فَإِن انْفَرد فأكمة أَو قنة [الْجَوْهَر] : كل حجر يسْتَخْرج مِنْهُ شَيْء ينْتَفع بِهِ فَهُوَ جَوْهَر [جرد] : كل شَيْء قشرته عَن شَيْء فقد جردته عَنهُ [الْجَارِحَة] : كل مَا يصيد من السبَاع وَالطير فَهُوَ جارحة [الْجُحر] : كل شَيْء تحتفره الْهَوَام وَالسِّبَاع لأنفسها فَهُوَ جُحر بِالضَّمِّ

[الْجِنَايَة] : كل فعل مَحْظُور يتَضَمَّن ضَرَرا فَهُوَ جِنَايَة [الجم] : وَالْكثير من كل شَيْء جم الجرثومة] : أصل كل شَيْء ومجتمعه جرثومة، وَمِنْه: جرثومة الْعَرَب [الجهور] : ومعظم كل شَيْء جُمْهُور [الجرو] : ولد كل سبع جرو؛ ووحشية: طلا؛ وطائر: فرخ؛ وإنسان طِفْل كل جَار ومجرور إِذا وَقع حَالا أَو خَبرا أَو صلَة أَو صفة فَإِنَّهُ يتَعَلَّق بِمَحْذُوف كل جَار ومجرورو إِذا جَاءَ بعد النكرَة يكون صفة، وَبعد الْمعرفَة يكون حَالا مِنْهَا. كل مَوضِع حمل فِيهِ الْجَرّ على الْجوَار فَهُوَ خلاف الأَصْل إِجْمَاعًا للْحَاجة وَالَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَن خفض الْجوَار يكون فِي النَّعْت قَلِيلا، وَفِي التَّأْكِيد نَادرا، وَلَا يكون فِي النسق، أَي فِي الْعَطف بِالْوَاو، لِأَن العاطف يمْنَع التجاور، وَمن شَرط الْخَفْض على الْجوَار أَن لَا يَقع فِي مَحل الِاشْتِبَاه كل جمع يفرق بَينه وَبَين واحده بِالتَّاءِ يجوز فِي وَصفه التَّذْكِير والتأنيث نَحْو: {أعجاز نخل خاوية} و {أعجاز نخل منقعر} ؛ والأغلب على أهل الْحجاز التَّأْنِيث، وعَلى أهل نجد التَّذْكِير، وَقيل: التَّذْكِير فِيهِ بِاعْتِبَار اللَّفْظ، والتأنيث بِاعْتِبَار الْمَعْنى كل جمع حُرُوفه أقل من حُرُوف واحده فَإِنَّهُ جَازَ تذكيره مثل: (بقر) و (نخل) و (سَحَاب) كل جمع إِذا كَانَ عين فعل مفرده يَاء فَإِنَّهُ لَا يقْرَأ جمعه بِالْهَمْزَةِ ك (معايش) و (فوايد) وَنَحْوهمَا، وَإِلَّا فبالهمزة ك (نَظَائِر) و (فَضَائِل) و (قلائد) وَأما فِي اسْم الْفَاعِل فبالياء مُطلقًا و (الْمَدَائِن) بِالْهَمْزَةِ أفْصح، وَعَلِيهِ (قَرَائِن) قَالَ الْجَوْهَرِي: سَأَلت أَبَا عَليّ النسوي عَن همزَة (مَدَائِن) فَقَالَ: من جعله (فعيلة) من الْإِقَامَة همزه، وَمن جعله (مفعلة) لم يهمز كل جمع كسر على غير واحده وَهُوَ من أبنية الْجمع فَإِنَّهُ يرد فِي تصغيره إِلَى واحده كل جمع ثالثه ألف فَإِنَّهُ بِكَسْر الْحَرْف الَّذِي بعْدهَا نَحْو (مَسَاجِد) و (جعافر) كل جمع مؤنث وتأنيثه لَفْظِي، لِأَن تأنيثه بِسَبَب أَنه بِمَعْنى الْجَمَاعَة، وتأنيث الْجَمَاعَة لَفْظِي كل مَا كَانَ مفرده مشددا ك (كرْسِي) و (عَارِية) و (سَرِيَّة) فَإِنَّهُ جَازَ فِي جمعه التَّشْدِيد وَالتَّخْفِيف (كل مَا كَانَ يجمع بِغَيْر الْوَاو وَالنُّون نَحْو (حسن) و (حسان) فالأجود فِيهِ أَن تَقول: (مَرَرْت بِرَجُل حسان قومه) من قبل، لِأَن هَذَا الْجمع المكسر هُوَ اسْم وَاحِد صِيغ للْجمع أَلا ترى أَنه يعرب كإعراب الْوَاحِد الْمُفْرد وكل مَا كَانَ يجمع بِالْوَاو وَالنُّون نَحْو (منطلقين) فالأجود فِيهِ أَن تَجْعَلهُ بِمَنْزِلَة الْفِعْل الْمُقدم فَتَقول: (مَرَرْت بِرَجُل منطلق قومه) كل اسْم غير إِلَى نَحْو (رجال) و (مُسلمين) و (مسلمات) فَهُوَ للْجَمِيع من مسميات ذَلِك الِاسْم وكل جمع عرف بِاللَّامِ فَهُوَ لجَمِيع تِلْكَ المسميات

كل جمع مصحح مذكرا كَانَ أَو مؤنثا فَهُوَ أوزان الْقلَّة و (أفعل) و (أَفعَال) و (أفعلة) من المكسر، وَالْكَثْرَة مَا عَداهَا كل جمع تغير فِيهِ نظم الْوَاحِدَة فَهُوَ جمع التكسير كل جمع مكسر ك (الْأسد) و (الأبيات) فَهُوَ نَظِير الْفَرد فِي الْإِعْرَاب كل جمع بعد ثَانِيَة ألف فَهُوَ خماسي، فَلَا يتَصَرَّف، وَكَذَا السداسي نَحْو: (دَنَانِير) كل جمع فِيهِ تَاء زَائِدَة فرفعه بِالضَّمِّ ونصبه وجره بِالْكَسْرِ كل مَا كَانَ على (فعلة) من الْأَسْمَاء مَفْتُوح الأول سَاكن الثَّانِي، وَالثَّانِي حرف صَحِيح فَإِنَّهُ حرك فِي جمع التَّصْحِيح نَحْو: (سَجدَات) ؛ وَإِن كَانَ الثَّانِي واوا نَحْو (حومات) ، أَو يَاء نَحْو: (بيضات) فَلَا يُحَرك لِئَلَّا يَنْقَلِب ألفا وَهَكَذَا إِذا كَانَ صفة نَحْو (صعبة) و (صعبات) ؛ و (ضخمة) و (ضخمات) كل جمع من غير الْإِنْس وَالْجِنّ وَالْمَلَائِكَة وَالشَّيَاطِين فَإِنَّهُ يُقَال فِيهِ (بَنَات) ك (بَنَات عرس) و (بَنَات دأبة) و (بَنَات نعش) كل اسْم على (فعل) ثَانِيه وَاو فَإِنَّهُ جَازَ أَن يجمع على ثَلَاثَة أوجه ك (نون) و (نينات) و (أنوان) و (نونات) كل اسْم جنس جمعي فَإِن واحده بِالتَّاءِ وَجمعه بِدُونِهَا ك (سدر) و (سِدْرَة) ، و (نبق) و (نبقة) ، إِلَّا لفظين وَهِي (الكمأة) جمع (كمء) ، و (الفقعة) جمع (فقع) ، وَهُوَ ضرب من الكمأة، وَهَذَا من النَّوَادِر كل مَا كَانَ على (أَفعَال) فَهُوَ جمع إِلَّا فِي مَوَاضِع نَحْو: (أَرض أحصاب) : إِذا كَانَت ذَات حَصْبَاء، و (بلد أمحال) أَي: قحط و (مَاء أسدام) أَي: متغير من طول الْقدَم، كَمَا أَن (إفعالا) بِالْكَسْرِ مصدر، إِلَّا (إستارا) وَهُوَ فِي الْعدَد أَرْبَعَة من جنس وَاحِد، و (إعصارا) و (إسكافا) و (إمخاضا) وَهُوَ السقاء الَّذِي يمخض فِيهِ اللَّبن، و (إنشاطا) يُقَال (بِئْر إنشاط) وَهِي الَّتِي يخرج مِنْهَا الدَّلْو بجذبة وَاحِدَة كل مَا هُوَ على (أفعل) فَهُوَ جمع، إِلَّا (أبلم) و (أجرب) و (أذرح) و (أسلم) و (أَسْقُف) و (أصبح) و (أصوع) و (أعصر) و (أقرن) كل مَا يجمع من أَسمَاء الْأَجْنَاس ثمَّ يعرف تَعْرِيف الْجِنْس فَإِنَّهُ يُفِيد أَمريْن: أَحدهمَا أَن ذَلِك الْجِنْس تَحْتَهُ أَنْوَاع مُخْتَلفَة، وَالْآخر أَنه مُسْتَغْرق لجَمِيع مَا تَحْتَهُ مِنْهَا وَالْمَعْرُوف بِاللَّامِ من الجموع وأسمائها للْعُمُوم فِي الْأَفْرَاد قلت أَو كثرت وَالْجمع الْمُعَرّف تَعْرِيف الْجِنْس مَعْنَاهُ جمَاعَة الْآحَاد وَهِي أَعم من أَن يكون جَمِيع الْآحَاد أَو بَعْضهَا، فَهُوَ إِذا أطلق احْتمل الْعُمُوم والاستغراق، وَاحْتمل الْخُصُوص أَيْضا، وَالْحمل على وَاحِد مِنْهُمَا يتَوَقَّف على الْقَرِينَة، كَمَا فِي الْمُشْتَرك هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيّ وَصَاحب " الْمِفْتَاح " وَمن تبعهما، وَهُوَ خلاف مَا ذهب إِلَيْهِ أَئِمَّة الْأُصُول الْجمع: فِي اللُّغَة ضم الشَّيْء إِلَى الشَّيْء، وَذَلِكَ حَاصِل فِي الِاثْنَيْنِ بِلَا نزاع، وَإِنَّمَا النزاع فِي صِيغ الْجمع وضمائره، وَالأَصَح أَن أقل مُسَمّى الْجمع ك (رجال) و (زيدين) ثَلَاثَة بِإِجْمَاع أهل اللُّغَة وَالْمرَاد من قَوْله تَعَالَى: {هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا} أَي: طَائِفَتَانِ خصمان وَحَدِيث:

" الِاثْنَان وَمَا فَوْقهمَا جمَاعَة " مَحْمُول على الْمَوَارِيث والوصايا وعَلى سنية تقدم الإِمَام وَإِنَّمَا حمل على مَا ذكر لِأَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بعث لتعليم الْأَحْكَام لَا لبَيَان اللُّغَات بَقِي أَن هَذَا فِي جمع الْقلَّة وَاضح، وَأما فِي جمع الْكَثْرَة فمشكل، لِأَن النُّحَاة أطبقوا على أَن أَقَله أحد عشر وَالْجَوَاب بشيوع الْعرف فِي إِطْلَاق الدَّرَاهِم على ثَلَاثَة، وَيجْرِي الْخلاف فِي ضمير الْجمع أَيْضا وَالْجمع الْمُنكر يتَنَاوَل الثَّلَاثَة وَأكْثر سَوَاء كَانَ جمع الْقلَّة أَو الْكَثْرَة، لِأَنَّهَا أقل الْجمع مُطلقًا عرفا لَا الْأَدْنَى من الثَّلَاثَة، لِأَنَّهُ غير مَا وضع لَهُ أصلا وَالْجمع تَصْحِيحا وتكسيرا يصدق على الْوَاحِد مجَازًا لاستعماله فِيهِ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات} فَإِن المُرَاد عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وجموع السَّلامَة للقلة بِاتِّفَاق النُّحَاة، وَعند الْأُصُولِيِّينَ أَن صِيغَة (الْمُؤمنِينَ) و (الْمُشْركين) وَنَحْوهمَا للْعُمُوم وَلَعَلَّ التَّوْفِيق بَين الْكَلَامَيْنِ هُوَ أَنه لَا مَانع من أَن يكون أصل وَضعهَا للقلة، وَغلب اسْتِعْمَالهَا فِي الْعُمُوم لعرف أَو لشرع، فَنظر النُّحَاة إِلَى أصل الْوَضع والأصوليون إِلَى غَلَبَة الِاسْتِعْمَال؛ أَو تَقول: كَلَام النُّحَاة فِي الْجمع الْمُنكر، وَكَلَام الْأُصُولِيِّينَ فِي الْجمع الْمُعَرّف، وَقد نظم بعض الأدباء: (جمع السَّلامَة منكورا يُرَاد بِهِ ... من الثَّلَاث إِلَى عشر فَلَا تزد) (وأفعل ثمَّ أَفعَال وأفعلة ... وفعلة مثله فِي ذَلِك الْعدَد) (كأنفس وكأثواب وأرغفة ... وغلمة فاحفظنها حفظ مُجْتَهد) وأبنية الْقلَّة أقرب إِلَى الْوَاحِد من أبنية الْكَثْرَة، وَلذَلِك يجْرِي عَلَيْهِ كثير من أَحْكَام الْمُفْرد من ذَلِك جَوَاز تصغيره على لَفظه خلافًا للْجمع الْكثير، وَجَوَاز وصف الْمُفْرد بهَا نَحْو: (ثوب أسمال) وَجَوَاز عود الضَّمِير إِلَيْهِ بِلَفْظ الْإِفْرَاد، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَإِن لكم فِي الْأَنْعَام لعبرة نسقيكم مِمَّا فِي بطونه} وَمن جمع الْقلَّة مَا جمع بِالْوَاو وَالنُّون، وَالْألف وَالتَّاء جمع التكسير كالتصغير يرد الشَّيْء على أَصله؛ وَالْجمع المكسر إِذا صغر فإمَّا أَن يكون من جمع الْقلَّة، وَهِي أَربع على الصَّحِيح، فيصغر على لَفظه، وَإِن كَانَ من جمع الْكَثْرَة فَلَا يصغر على لَفظه على الصَّحِيح أَيْضا؛ وَإِن ورد مِنْهُ شَيْء عد شاذا، بل يرد إِلَى واحده، فَإِن كَانَ من غير الْعُقَلَاء صغر وَجمع بِالْألف وَالتَّاء ك (حميرات) فِي تَصْغِير (حمر) جمع (حمَار) ؛ وَإِن كَانَ من الْعُقَلَاء صغر وَجمع بِالْوَاو وَالنُّون ك (رجيلون) فِي تَصْغِير (رجال) ؛ وَإِن كَانَ اسْم جمع ك (قوم) و (رَهْط) أَو اسْم جنس ك (تمر) و (شجر) صغر على لَفظه كَسَائِر الْمُفْردَات وَالْجمع المكسر عقلاؤه وَغير عقلائه سَوَاء فِي حكم التَّأْنِيث وَالْجمع المكسر لغير الْعَاقِل يجوز أَن يُوصف بِمَا يُوصف بِهِ الْمُؤَنَّث نَحْو: {مآرب أُخْرَى} وَهُوَ قَلِيل

وَالْجمع المكسر سوى مَا على صِيغَة مُنْتَهى الجموع يَصح تثنيته بِتَأْوِيل فرْقَتَيْن وَجمع التكسير يجْرِي مجْرى الْمُفْرد وَالْجمع لَا ينْسب إِلَّا فِيمَا لَا يكون لَهُ مُفْرد أصلا ك (الْأَعرَابِي) ، أَو من لَفظه ك (الركباني) فَإِن مفردها (رَاحِلَة) ، أَو يكون علما الْآن، وَإِن كَانَ جمعا ك (أنبار) وَهُوَ اسْم بلد بالعراق، وَكَانَ جمع (نبر) ، أَو يكون جَارِيا مجْرى الْعلم ك (الْأَنْصَار) فَإِنَّهُ فِي الأَصْل جمع (نَاصِر) لنصرتهم الْإِسْلَام وَالْجمع يُوصف بالمفرد الْمُؤَنَّث بِالتَّاءِ وَهُوَ الشَّائِع، وَقد يُوصف بالمفرد الْمُؤَنَّث بالصيغة، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {من آيَات ربه الْكُبْرَى} وَالْجمع مَا يكون مَوْضُوعا للآحاد المتكثرة بِاعْتِبَار كَونهَا كَثْرَة لوَاحِد مَفْهُوم من لفظ يَصح أَن يكون مُفردا لَهُ وَاسم الْجمع وَإِن كَانَ لَهُ مُفْرد من لَفظه إِلَّا أَن وَضعه للآحاد من حَيْثُ هِيَ آحَاد بِلَا مُلَاحظَة كَونهَا كَثْرَة لوَاحِد مَفْهُوم من لَفظه يَصح أَن يكون مُفردا لَهُ وَلِهَذَا لَا تكون أَسمَاء الجموع على صِيغ الْجمع، وَمَا لَا يكون لَهُ مُفْرد مُنَاسِب من لَفظه وَيكون فِيهِ كَثْرَة كالقوم والرهط فَهُوَ اسْم بِمَعْنى الْجمع والنحويون نصوا على أَنه إِذا كَانَ اللَّفْظ على صِيغَة تخْتَص بالجموع لم يسموه اسْم جمع، بل يَقُولُونَ: هُوَ جمع وَإِن لم يسْتَعْمل واحده وَاسم الْجمع مُفْرد اللَّفْظ مَجْمُوع الْمَعْنى ك (ركب) و (سفر) و (حجب) بِدَلِيل جَوَاز تصغيره على صيغته، وَالْجمع الْحَقِيقِيّ لَا يجوز تصغيره إِذا كَانَ جمع كَثْرَة، بل يرد إِلَى واحده، أَو إِلَى جمع قلَّة إِن وجد، لجَوَاز تَصْغِير جمع الْقلَّة وَأَسْمَاء الجموع سماعية، صرح بِهِ الْمُحَقِّقُونَ. وَجمع الْعَاقِل لَا يعود عَلَيْهِ الضَّمِير غَالِبا إِلَّا بِصِيغَة الْجمع، سَوَاء كَانَ للقلة أَو للكثرة؛ وَأما غير الْعَاقِل فالغالب فِي الْكَثْرَة الْإِفْرَاد، وَفِي الْقلَّة الْجمع وَالْعرب تَقول: (الْجُذُوع انْكَسَرت) لِأَنَّهُ جمع كَثْرَة، و (الأجذاع انكسرن) لِأَنَّهُ جمع قلَّة، كَمَا فِي قَوْله: (وأسيافنا يقطرن من نجدة دَمًا) [يحْكى عَن النَّابِغَة وَهُوَ نقاد الْجَاهِلِيَّة أَنه عرض عَلَيْهِ حسان بن ثَابت ميميته فَمَا نبس ثمَّ نقد عَلَيْهِ قَوْله: (لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى ... وأسيافنا يقطرن من جدة دَمًا) فَأخذ عَلَيْهِ (الجفنات) ، و (الأسياف) لِأَنَّهُمَا جمع قَلِيل وَالشعر فِي معنى الافتخار فعلية أَن يكثر وَهَذَا مِمَّا يبعد من مثل النَّابِغَة الذبياني وَحسان ابْن ثَابت، وَلَعَلَّ الْإِشْكَال جَاءَ من النقال] جمع الْقلَّة: هُوَ الَّذِي يُطلق على الْعشْرَة وَمَا فَوْقهَا بِقَرِينَة، وَمَا دونهَا بِغَيْر قرينَة وَجمع الْكَثْرَة عكس هَذَا والقلة وَالْكَثْرَة إِنَّمَا يعتبران فِي نكرات الجموع، لَا فِي معارفها وَقد يستعار أَحدهمَا للْآخر من اسْتِعْمَال الْقَلِيل فِي الْكثير وَبِالْعَكْسِ وَمِمَّا وَقع فِيهِ جمع الْقلَّة موقع جمع الْكَثْرَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {كم تركُوا من جنَّات} لِأَن (كم) للتكثير، وَمِمَّا

وَقع فِيهِ بِالْعَكْسِ مثل: {ثَلَاثَة قُرُوء} فَإِن تَمْيِيز الثَّلَاثَة لَا يكون إِلَّا جمع قلَّة وَالتَّحْقِيق أَن الْجمع الصَّحِيح إِنَّمَا هُوَ للقلة إِذا لم يعرف بِاللَّامِ وَقد يسْتَغْنى بِبَعْض الجموع عَن بعض أَلا يرى أَنهم قَالُوا فِي (رسن) (أرسان) وَفِي (قلم) (أَقْلَام) فاستغنوا بهَا عَن جمع الْكَثْرَة؛ وَقُولُوا فِي (رجل) (رجال) وَفِي (سبع) (سِبَاع) وَلم يأتو لَهما بِبِنَاء الْقلَّة؛ وَإِذا لم يَأْتِ للاسم إِلَّا بِنَاء الْقلَّة ك (أرجل) فِي (الرجل) ، أَو بِنَاء الْكَثْرَة ك (رجال) فِي (رجل) فَهُوَ مُشْتَرك بَين الْقلَّة وَالْكَثْرَة وَالْجمع الْمُضَاف قد يكون للْجِنْس فَيشْمَل الْقَلِيل وَالْكثير والعهد لِأَن الْإِضَافَة كاللام فِي أَنَّهَا للْجِنْس والعهد والاستغراق وَجمع الْجمع لَيْسَ بِقِيَاس، بل مُتَوَقف على السماع، لِأَن الْغَرَض من الْجمع الدّلَالَة على الْكَثْرَة، وَذَلِكَ يحصل من لفظ الْجمع فَلَا حَاجَة إِلَى جمعه ثَانِيًا، بِخِلَاف جمع الْقلَّة، فَإِنَّهُ تستفاد الْكَثْرَة من الْجمع ثَانِيًا لدلالته على الْقلَّة وَجمع الْجمع قِسْمَانِ: جمع التَّصْحِيح وَجمع التكسير وَإِذا أَرَادوا أَن يجمعوه جمع التكسير يقدرونه مُفردا فجمعوه مثل جمع الْوَاحِد الَّذِي على زنته ك (جمال) جمع (جمل) على (جمائل) ، و (شمال) وَهُوَ الرّيح على (شمائل) وَإِذا أَرَادوا جمع التَّصْحِيح ألْحقُوا بأخره الْألف وَالتَّاء نَحْو: (جمالات) فِي جمع (جمال) جمع (جمل) وَجمع التَّصْحِيح إِنَّمَا يكون للقلة إِذا لم يعرف بِاللَّامِ؛ وَجمع الْجمع لَا يُطلق على أقل من تِسْعَة؛ وَجمع الْمُفْرد لَا يُطلق على أقل من ثَلَاثَة إِلَّا مجَازًا؛ وَبِنَاء الْوَاحِد إِن كَانَ سالما فِيهِ فمصحح وَإِلَّا فمكسر؛ (وَالْجمع على (المفعولات) فِي غير الْعُقَلَاء، إِذْ قد تقرر أَن) الْجمع بِالْألف وَالتَّاء مطرد فِي صِيغَة الْمُذكر الَّذِي لَا يعقل، سَوَاء كَانَ مذكرا حَقِيقِيًّا ك (الصافنات) للذكور من الْخَيل، أَو غير حَقِيقِيّ ك (الْجبَال الراسيات) ، و (الْأَيَّام الخاليات) فرقا بَين الْعَاقِل وَغير الْعَاقِل، وَإِن كَانَ غير الْعَاقِل فرعا على الْعَاقِل، كَمَا أَن الْمُؤَنَّث فرع على الْمُذكر، فَألْحق غير الْعَاقِل بالمؤنث وَجمع جمعه وَالْجمع على (أفعل) مَخْصُوص للإناث، ك (أَذْرع) فِي جمع (ذِرَاع) وَالْجمع الْمُذكر بعلامة الذُّكُور نَحْو: (مُسلمين) ، و (فعلوا) يخْتَص بالذكور إِلَّا عِنْد الِاخْتِلَاط بالإناث، فَحِينَئِذٍ يتَنَاوَل الذُّكُور أَصَالَة وَالْإِنَاث تبعا بطرِيق الْحَقِيقَة عرفا؛ وَقد كَانَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَتْلُو الْخطاب على الْكل، وَكَانَ يعْتَقد الرِّجَال وَالنِّسَاء جَمِيعًا دُخُولهمْ تَحت الْخطاب، وَكَانَ حكم الْخطاب يلْزم الْكل؛ وَلم يكن ثمَّة دَلِيل زَائِدَة على ظَاهر الْخطاب، إِذْ لَو كَانَ ذَلِك لنقل إِلَيْنَا وَالْجمع الْمُذكر بعلامة الْإِنَاث نَحْو: (مسلمات) و (فعلن) يخْتَص بِهن، وَلَا يتَنَاوَل الذُّكُور أصلا، إِذْ لَا وَجه للتبعية هَهُنَا وَسبب نزُول آيَة {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات} هُوَ أَن النِّسَاء شكون إِلَى رَسُول الله فَقُلْنَ: مَا بالنا لم نذْكر فِي الْقُرْآن؟

مَعَ عرفانهن الدُّخُول فِي جمع الذُّكُور، فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة لتطييب قلوبهن وَلَا خلاف فِي دخولهن فِي الْجمع المكسر، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِي جمع الْمُذكر السَّالِم وَالْجمع فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى ك (رجال) و (زيدين) وَفِي اللَّفْظ دون الْمَعْنى، كَمَا فِي {فقد صغت قُلُوبكُمَا} وَفِي الْمَعْنى دون اللَّفْظ ك (رَهْط) و (نفر) و (قوم) و (بشر) و (كل) فِي التَّأْكِيد وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَيْسَ لَهُ وَاحِد من لَفظه من أَسمَاء الجموع، وَكَذَا (تمر) و (عسل) وَنَحْو ذَلِك من أَسمَاء الْأَجْنَاس وَالْعَام من الْجمع جمع التكسير لعمومه للمذكر والمؤنث مُطلقًا؛ وَالْخَاص مِنْهُ الْمُذكر السَّالِم؛ والمتوسط: الْجمع الْمُؤَنَّث السَّالِم، لِأَنَّهُ إِن لم يسلم فِيهِ نظم الْوَاحِد وبناؤه فَهُوَ مكسر، وَإِن سلم فَهُوَ إِمَّا مُذَكّر أَو مؤنث وَوزن صِيغَة مُنْتَهى الجموع سَبْعَة ك (أقَارِب) و (أقاويل) و (مَسَاجِد) و (مصابيح) و (ضواريب) و (جداول) و (براهين) وَاسم الْجمع يُطلق على الْقَلِيل وَالْكثير ك (المَاء) وَاسم الْجِنْس لَا يُطلق عَلَيْهِمَا، بل يُطلق على كل مِنْهُمَا على سَبِيل الْبَدَل ك (رجل) فعلى هَذَا كل جنس هُوَ اسْم الْجِنْس لَا الْعَكْس، ومقابلة الْجمع بِالْجمعِ تَارَة تَقْتَضِي مُقَابلَة كل فَرد من هَذَا كل فَرد من هَذَا، خُصُوصا إِذا تعذر مُقَابلَة الْجمع بالمفرد، وَتارَة تَقْتَضِي ثُبُوت الْجمع لكل فَرد من أَفْرَاد الْمَحْكُوم عَلَيْهِ، وَتارَة يحْتَمل الْأَمريْنِ فَيحْتَاج إِلَى دَلِيل يعين أَحدهمَا وَأما مُقَابلَة الْجمع بالمفرد فالغالب أَنه لَا تَقْتَضِي تَعْمِيم الْفَرد، وَقد تَقْتَضِيه وَالِاسْم إِذا كَانَ جمعا وَلَا يكون مفرده من ذَوي الْعُقُول وَدخل عَلَيْهِ الْألف وَاللَّام فَلَا يُرَاد حِينَئِذٍ الْجمع، بل يُرَاد بِهِ الْمُفْرد وَالْجمع الْمُعَرّف بِاللَّامِ يسْتَغْرق جَمِيع الْأَفْرَاد بِلَا تَفْصِيل، بِخِلَاف لفظ (الْكل) مُضَافا إِلَى نكرَة، فَإِنَّهُ يُفِيد الِاسْتِغْرَاق التفصيلي، وَلِهَذَا لَو قَالَ: (للرِّجَال عِنْدِي دِرْهَم) لزمَه دِرْهَم وَاحِد، وَلَو قَالَ: (لكل رجل عِنْدِي دِرْهَم) لزمَه دَرَاهِم بعددهم وَالْجمع الْمُعَرّف بِحرف التَّعْرِيف أَو الْإِضَافَة أَو اسْم الْجمع، وَهُوَ مَا لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه ك (النِّسَاء) أصل تَعْرِيفهَا الْعَهْد، إِذْ بِهِ كَمَال التَّمْيِيز الشخصي، فَعِنْدَ عدم الْعَهْد جنس حكما، فَحكمه حكم الْجِنْس وضعا، لِأَن بَين حَقِيقِيّ التَّعْرِيف والجمصة مُنَافَاة، إِذْ مؤدى الْجمع عِنْد عدم الْعَهْد أَفْرَاد مُتعَدِّدَة مُبْهمَة، فالملحوظ فِيهِ التَّعَدُّد والإبهام وَفِي التَّعْرِيف رفع تردد التَّعَدُّد وَرفع الْإِبْهَام فَحمل على معنى الْجِنْس الَّذِي فِيهِ الْعَمَل بالتعريف والجمعية من وَجه لِأَن الْعَمَل بالدليلين وَلَو من وَجه أولى من إهمال أَحدهمَا، لِأَن الْجِنْس هُوَ الْمُعَرّف من بَين الْأَجْنَاس الْجَامِع لأفراده وتوابع الْجمع إِذا لم تكن من الْأَعْدَاد يلْزم أَن تكون مُؤَنّثَة، وَإِذا كَانَت من الْأَعْدَاد فتذكيرها وتأنيثها تابعان لتذكير وَاحِد ذَلِك الْجمع وتأنيثه لَا لنَفس ذَلِك الْجمع وَالْقَوْل بِأَن الْألف وَاللَّام إِذا دخلا فِي الْجمع يكون معنى الْجمع مضمحلا ومنسلخا قَول مَخْصُوص بموقع النَّفْي، أَو بِمَا

إِذا كَانَ اللَّام للْجِنْس وَأما إِذا كَانَ للتعريف والاستغراق وَغير ذَلِك فَلَا يكون كَذَلِك وَاللَّام يرد الْجمع إِلَى الْجِنْس وَإِذا دخل على الْجمع لَام التَّعْرِيف يكون نَعته مذكرا كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب} وَأدنى الْجمع لُغَة يتَصَوَّر فِي الِاثْنَيْنِ لِأَن فِيهِ جمع وَاحِد مَعَ وَاحِد وَأدنى كَمَال الْجمع ثَلَاثَة، لِأَن فِيهِ معنى الْجمع لُغَة واصطلحا وَشرعا وَالْجمع الْمُعَرّف إِذا انْصَرف إِلَى الْجِنْس جَازَ أَن يُرَاد بِهِ الْفَرد وَالْكل لَا الْمثنى، بِخِلَاف الْمُنكر مِنْهُ، فَإِن إِرَادَة الْمثنى مِنْهُ جَائِزَة، لِأَنَّهُ كالجمع فِي بعض اللُّغَات وَحكم الْجمع الْمُعَرّف غير الْمَعْهُود حكم الْمُفْرد الْمُعَرّف غير الْمَعْهُود فِي أَن المنصرف إِلَيْهِ الْوَاحِد أَو الْكل وَلَفظ الْجمع فِي مقَام الْإِفْرَاد يدل على التَّعْظِيم كَقَوْلِه: أَلا فارحموني يَا إِلَه مُحَمَّد وَكَذَا لفظ الْإِفْرَاد فِي مقَام الْجمع قد يدل عَلَيْهِ كَمَا فِي حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ: " إِذا مرت بك جَنَازَة يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ أَو مُسلم فَقومُوا لَهَا " وَمَا ورد بِلَفْظ الْجمع فِي حَقه تَعَالَى مرَادا بِهِ التَّعْظِيم ك {نَحن الْوَارِثين} فَهُوَ مَقْصُور على مَحل وُرُوده، فَلَا يتَعَدَّى فَلَا يُقَال: (الله رحيمون) قِيَاسا على ماورد قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: مَا يسْندهُ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى نَفسه بِصِيغَة ضمير الْجمع يُرِيد بِهِ مَلَائكَته، كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَإِذا قرأناه فَاتبع قرآنه} و {نَحن نقص عَلَيْك} ونظائرهما وَالْجمع أَخُو التَّثْنِيَة فَلذَلِك نَاب منابها كَقَوْلِه تَعَالَى: {فقد صغت قُلُوبكُمَا} وَاشْترط النحويون فِي وُقُوع الْجمع موقع التَّثْنِيَة شُرُوطًا، من جُمْلَتهَا أَن يكون الْجُزْء الْمُضَاف مُفردا من صَاحبه نَحْو (قُلُوبكُمَا) و (رُؤُوس الكبشين) لأمن الإلباس، بِخِلَاف الْعَينَيْنِ وَالْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ للبس، وَمن الْجمع الَّذِي يُرَاد بِهِ الِاثْنَان قَوْلهم: (امْرَأَة ذَات أوراك) وَقد تذكر جمَاعَة وَجَمَاعَة، أَو جمَاعَة وَوَاحِد ثمَّ يخبر عَنْهُمَا بِلَفْظ الِاثْنَيْنِ نَحْو قَوْله تَعَالَى: {إِن السَّمَوَات وَالْأَرْض كَانَت رتقا ففتقناهما} ، وَقَوْلهمْ: الْجمع الْمُضَاف من قبيل الْفَرد حكما منقوض بِمَا إِذا حلف لَا يكلم إخْوَة فلَان، فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث مَا لم يكلم جَمِيعهم، والمخلص مِنْهُ بِحَدِيث الْعَهْد، وَكَذَا بِمَا إِذا حلف لَا يكلم عبيد فلَان هَذِه فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث مَا لم يكلم ثَلَاثَة مِنْهُم، وَإِن كَانَ لَهُ غلْمَان، والمخلص مِنْهُ أَيْضا بِأَن يُقَال الْإِضَافَة عدم عِنْد الْإِشَارَة فَبَقيَ مُجَرّد الْجمع الْمُنكر، وَلَا يكون الْجمع للْوَاحِد إِلَّا فِي مسَائِل، مِنْهَا أَنه وقف على أَوْلَاده وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا وَاحِد، بِخِلَاف بنيه، أَو على أَقَاربه المقيمين فِي بلد كَذَا، وَلم يبْق مِنْهُم إِلَّا وَاحِد، أَو حلف لَا

يكلم إخْوَة فلَان، وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا وَاحِد؛ أَو لَا يَأْكُل ثَلَاثَة أرغفة من هَذَا الْحبّ، وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا وَاحِد أَو لَا يكلم الْفُقَرَاء أَو الْمَسَاكِين أَو الرِّجَال، حنث بِوَاحِد فِي تِلْكَ الصُّورَة وَلَا فرق عِنْد الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاء بَين جمع الْقلَّة وَالْكَثْرَة فِي الأقارير وَغَيرهَا، على خلاف طَريقَة النَّحْوِيين، كَمَا فِي " التَّمْهِيد " والجميع قد يكون بِمَعْنى الْكل الإفرادي، وَقد يكون بِمَعْنى الْمَجْمُوع، وَلَيْسَ فِي اللُّغَة جمع ومثنى بِصِيغَة وَاحِدَة إِلَّا (قنوان) جمع (قنو) ، و (صنْوَان) جمع (صنو) وَلم يَقع فِي الْقُرْآن لفظ ثَالِث [وَالْجمع فِي أَلْسِنَة المتصوفين: هُوَ اتِّصَال لَا يُشَاهد صَاحبه إِلَّا الْحق جلّ شَأْنه، فَمَتَى شَاهد غَيره فَمَا جمع، والتفرقة شُهُود لمن شَاهد بالمباينة فَقَوله: {آمنا بِاللَّه} جمع {وَمَا أنزل علينا} تَفْرِقَة وكل جمع بِلَا تَفْرِقَة زندقة، وكل تَفْرِقَة بِلَا جمع تَعْطِيل قَالَ الْجُنَيْد: الْقرب بالوجد جمع وغيبته فِي البشرية تَفْرِقَة] وَالْجمع البديعي: هُوَ أَن يجمع بَين شَيْئَيْنِ أَو أَشْيَاء مُتعَدِّدَة فِي حكم، كَقَوْلِه تَعَالَى: {المَال والبنون زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا} وَكَذَا قَوْله: {الشَّمْس وَالْقَمَر بحسبان والنجم وَالشَّجر يسجدان} وَالْجمع والتفريق: هُوَ أَن يدْخل شَيْئَيْنِ فِي معنى، وَيفرق بَين جهتي الإدخال، وَجعل الطَّيِّبِيّ قَوْله تَعَالَى: {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا} إِلَى آخِره وَمِنْه قَوْله: (تشابه دمعانا غَدَاة فراقنا ... مشابهة فِي قصَّة دون قصَّة) (فوجنتها تكسو المدامع حمرَة ... ودمعي يكسو حمرَة اللَّوْن وجنتي) وَالْجمع والتقسيم: هُوَ جمع مُتَعَدد تَحت حكم ثمَّ تقسيمه، كَقَوْلِه تَعَالَى: {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا} إِلَى آخِره وَالْجمع مَعَ التَّفْرِيق والتقسيم، كَقَوْلِه تَعَالَى: {يَوْم لَا تكلّف نفس} إِلَى قَوْله: {وَأما الَّذين سعدوا} وَجمع المؤتلف والمختلف: هُوَ أَن يُرِيد الشَّاعِر التَّسْوِيَة بَين ممدوحين فَيَأْتِي بمعان مؤتلفة فِي مدحهما ويروم بعد ذَلِك تَرْجِيح أَحدهمَا على الآخر بِزِيَادَة فضل لَا ينقص بهَا مدح الآخر، فَيَأْتِي لأجل التَّرْجِيح بمعان تخَالف معنى التَّسْوِيَة، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَدَاوُد وَسليمَان إِذْ يحكمان فِي الْحَرْث} إِلَى قَوْله: {وكلا آتَيْنَا حكما وعلما} الْجِنْس: هُوَ عبارَة عَن لفظ يتَنَاوَل كثيرا؛ وَلَا تتمّ ماهيته بفرد من هَذَا الْكثير، كالجسم

وَإِن تنَاول اللَّفْظ كثيرا على وَجه تتمّ ماهيته بفرد مِنْهُ يُسمى نوعا كالإنسان ثمَّ هَذَا الْفَرد الَّذِي تتمّ بِهِ مَاهِيَّة النَّوْع يُسمى فصلا، وَهَذَا عِنْد الْمُتَكَلِّمين والمناطقة الْجِنْس من الطبيعات الْكُلية، وَهِي موجودات خارجية كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْبَعْض، وَرجحه الْبَيْضَاوِيّ حَيْثُ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى {إِن مَعَ الْعسر يسرا} بقوله: سَوَاء كَانَ اللَّام للْعهد أَو الْجِنْس وَالْجِنْس الْخَاص: مَا يشْتَمل على كثيرين متفاوتين فِي أَحْكَام الشَّرْع، كالإنسان وَالنَّوْع الْخَاص: هُوَ مَا يشْتَمل على كثيرين متفقين فِي الحكم، كَالرّجلِ. وَالْعين الْخَاص: هُوَ مَا لَهُ معنى وَاحِد حَقِيقَة ك (زيد) وَالْجِنْس العالي: هُوَ الَّذِي تَحْتَهُ جنس وَلَيْسَ فَوْقه جنس، كالجوهر على القَوْل بجنسيته وَالْجِنْس السافل: هُوَ الَّذِي فَوْقه جنس وَلَيْسَ تَحْتَهُ جنس، كالحيوان، لِأَنَّهُ الَّذِي تَحْتَهُ أَنْوَاع الْأَجْنَاس وَالْجِنْس الْمُتَوَسّط: هُوَ الَّذِي فَوْقه جنس وَتَحْته جنس كالجسم النامي وَالْجِنْس الْمُنْفَرد: هُوَ الَّذِي لَيْسَ فَوْقه جنس وَلَا تَحْتَهُ جنس، قَالُوا: لم يُوجد لَهُ مِثَال والأجناس الْعَالِيَة بسيطة لَا يتَصَوَّر لَهَا حد حَقِيقِيّ بل ترسم وَالْجِنْس يدل على الْكَثْرَة تضمنا، بِمَعْنى أَنه مَفْهُوم كلي لَا يمْنَع شركَة الْكثير فِيهِ، لَا بِمَعْنى أَن الْكَثْرَة جُزْء مَفْهُومه وَالْجِنْس يدل على جَوْهَر الْمَحْدُود دلَالَة عَامَّة، والقريب مِنْهُ أدل على حَقِيقَة الْمَحْدُود، لِأَنَّهُ يتَضَمَّن مَا فَوْقه من الذاتيات الْعَامَّة والفصل يدل على جَوْهَر الْمَحْدُود دلَالَة خَاصَّة وَالْجِنْس ضرب من الشَّيْء وَالنَّوْع أخص مِنْهُ يُقَال (تنوع الشَّيْء أنواعا) فالإبل جنس من الْبَهَائِم وَعند الأصولي: الْجِنْس أخص من النَّوْع وَالنَّوْع فِي عرف الشَّرْع قد يكون نوعا منطقيا، كالفرس، وَقد لَا يكون، كَالرّجلِ، فَإِن الشَّرْع يَجْعَل الرجل وَالْمَرْأَة نَوْعَيْنِ مُخْتَلفين نظرا إِلَى اخْتِصَاص الرجل بِالْأَحْكَامِ وَالْجِنْس عِنْد النَّحْوِيين وَالْفُقَهَاء هُوَ اللَّفْظ الْعَام، فَكل لفظ عَم شَيْئَيْنِ فَصَاعِدا فَهُوَ جنس لما تَحْتَهُ، سَوَاء اخْتلف نَوعه أَو لم يخْتَلف وَعند آخَرين: لَا يكون جِنْسا حَتَّى يخْتَلف بالنوع نَحْو: الْحَيَوَان، فَإِنَّهُ جنس للْإنْسَان وَالْفرس والطائر وَنَحْو ذَلِك فالعام جنس وَمَا تَحْتَهُ نوع، وَقد يكون جِنْسا لأنواع، ونوعا لجنس كالحيوان، فَإِنَّهُ نوع بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجِسْم، وجنس بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِنْسَان وَالْفرس والجزء الْمَحْمُول إِن كَانَ تَمام الْمُشْتَرك لحقيقتين فَهُوَ الْجِنْس، وَإِلَّا فَهُوَ الْفَصْل، والفصل قد يكون خَاصّا بِالْجِنْسِ كالحساس للنامي مثلا، فَإِنَّهُ لَا يُوجد لغيره، وَقد لَا يكون، كالناطق للحيوان عِنْد من يَجعله مقولا على غير الْحَيَوَان، كبعض الْمَلَائِكَة مثلا

وَالْجِنْس فِيهِ معنى الْجمع، لكَونه معروض الْكَثْرَة ذهنا أَو خَارِجا، وَكَذَا الْجمع فِيهِ معنى الْجِنْس لِأَن كل فَرد مِنْهُ يتضمنه، لَكِن الْجِنْس مَا يُمكن أَن يكون معروض الْوحدَة وَالْكَثْرَة، وَأما فِي الْجمع لَيْسَ كَذَلِك وَالْجِنْس الجمعي إِذا زيد عَلَيْهِ التَّاء نقص مَعْنَاهُ ك (تمر) و (تَمْرَة) وكل جمع جنس، وَلَيْسَ كل جنس جمعا الْجَار: الْجَار وَالْمَجْرُور إِذا كَانَ ب (فِي) يكون مَفْعُولا فِي غير صَرِيح؛ وَإِذا كَانَ بِاللَّامِ يكون مَفْعُولا لَهُ غير صَرِيح؛ وَإِذا كَانَ بِغَيْرِهِمَا يكون مَفْعُولا بِهِ، وَيعْمل إِذا لم يكن صلَة، وَإِن كَانَ زَائِدا لم يحْتَج إِلَى مُتَعَلق لِأَنَّهُ لَا يكون ظرفا، وَأما إِذا كَانَ ظرفا فَلَا بُد من مُتَعَلق مَذْكُور أَو مُقَدّر وَالْجَار وَالْمَجْرُور إِنَّمَا يقومان مقَام الْفَاعِل إِذا تأخرا عَن الْفِعْل، وَأما إِذا تقدما فَلَا يقومان مقَامه قِيَاسا على الِاسْم لِأَن الِاسْم إِذا تَأَخّر عَن الْفِعْل أَو مَا قَامَ مقَامه كَانَ فَاعِلا وَإِذا تقدم عَلَيْهِ صَار مُبْتَدأ وحر الْجَرّ إِذا تقدم لم يصر مُبْتَدأ، بل ينْتَصب بِالْفِعْلِ ومتعلق الْجَار وَالْمَجْرُور إِنَّمَا يكون محذوفا إِذا وَقع خَبرا أَو صفة أَو صلَة أَو حَالا وَالْجَار وَالْمَجْرُور مُطلقًا يُسمى ظرفا، لِأَن كثيرا من المجرورات ظروف زمانية أَو مكانية، فَأطلق اسْم الْأَخَص عل الْأَعَمّ، وَقيل: سمي بذلك لِأَن معنى الِاسْتِقْرَار يعرض لَهُ، وكل مَا يسْتَقرّ فِيهِ غَيره فَهُوَ ظرف وَالْجَار وَالْمَجْرُور إِذا وَقعا بعد نكرَة مَحْضَة كَانَا صفتين نَحْو: (رَأَيْت طائرا فَوق غُصْن، أَو على غُصْن) ؛ وَإِذا وَقعا بعد معرفَة مَحْضَة كَانَا حَالين نَحْو: (رَأَيْت الْهلَال بَين السَّحَاب، أَو فِي السَّحَاب) ؛ ومحتملان نَحْو: (يُعجبنِي الزهر فِي أكمامه وَالثَّمَر على أغصانه) لِأَن الْمُعَرّف الجنسي كالنكرة فِي نَحْو: (هَذَا ثَمَر يَانِع على قضبانه) لِأَن النكرَة الموصوفة كالمعرفة الْجَائِز: هُوَ الْمَار على جِهَة الصَّوَاب، وَهُوَ مَأْخُوذ من الْمُجَاوزَة، وَكَذَلِكَ النَّافِذ، يُقَال: جَازَ السهْم إِلَى الصَّيْد: إِذا نفذ إِلَى غير الْمَقْصد؛ وَعَن الصَّيْد: إِذا أَصَابَهُ وَنفذ مِنْهُ وَرَاءه والجائز فِي الشَّرْع: هُوَ المحسوس الْمُعْتَبر الَّذِي ظهر نفاذه فِي حق الحكم الْمَوْضُوع لَهُ مَعَ الْأَمْن عَن الذَّم وَالْإِثْم شرعا وَقد يُطلق على خَمْسَة معَان بالاشتراك: الْمُبَاح، وَمَا لَا يمْتَنع شرعا مُبَاحا كَانَ أَو وَاجِبا أَو مَنْدُوبًا أَو مَكْرُوها وَمَا لَا يمْتَنع عقلا وَاجِبا أَو راجحا أَو متساوي الطَّرفَيْنِ أَو مرجوحا وَمَا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فِيهِ شرعا كالمباح، أَو عقلا، كَفعل الصَّبِي وَمَا يشك فِيهِ شرعا أَو عقلا والمشكوك إِمَّا بِمَعْنى اسْتِوَاء الطَّرفَيْنِ، أَو بِمَعْنى عدم الِامْتِنَاع وَالْجَوَاز الشَّرْعِيّ من هَذِه الْمعَانِي هُوَ الْإِبَاحَة وَيُطلق الْجَائِز أَيْضا على الْجَائِز الَّذِي هُوَ أحد أَقسَام الْعقلِيّ، أَعنِي الْمُمكن؛ فالممكن والجائز الْعقلِيّ فِي اصْطِلَاح الْمُتَكَلِّمين مُتَرَادِفَانِ، والممكن الْخَاص عِنْد المناطقة هُوَ المرادف للجائز الْعقلِيّ وَأما الْمُمكن الْعَام فَهُوَ عِنْدهم مَا لَا يمْتَنع وُقُوعه، فَيدْخل فِيهِ الْوَاجِب والجائز العقليان، وَلَا يخرج مِنْهُ إِلَّا المستحيل الْعقلِيّ فَعَلَيْك بالتمييز بَينهمَا وَقد يسْتَعْمل الْجَوَاز فِي مَوضِع الْكَرَاهَة بِلَا اشْتِبَاه فِي " الْمُهِمَّات ": لجَوَاز يشْعر بِعَدَمِ الْكَرَاهَة، وَفِي

" الصُّغْرَى وَغَيره: قد يُطلق عدم الْجَوَاز على الْكَرَاهَة والجائز: مَا يُمكن تَقْدِير وجوده فِي الْعقلِيّ، بِخِلَاف الْمحَال، وَتَقْدِير وجود الشَّيْء وَعَدَمه بِالنّظرِ إِلَى ذَاته، لَا بِالنّظرِ إِلَى علم الله وإرادته، إِذْ لَو صَار مَا علم وجوده وَاجِبا وَمَا علم أَن لَا يُوجد وجوده مستحيلا لم يكن جَائِز الْوُجُود لتحَقّق كَون الْإِرَادَة لتمييز الْوَاجِب من المجال لَا لتخصيص أحد الجائزين من الآخر، وَأَنه خلاف قَول الْعُقَلَاء (والجائز الْمَقْطُوع بِوُجُودِهِ كأنصاف الجرم بِخُصُوص الْبيَاض أَو خُصُوص الْحَرَكَة وَنَحْوهمَا، وكالبعث وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب) والجائز الْمَقْطُوع بِعَدَمِهِ كَإِيمَانِ أبي لَهب وَأبي جهل، وَدخُول الْكَافِر الْجنَّة، وَنَحْو ذَلِك (والجائز الْمُحْتَمل للوجود والعدم كقبول الطَّاعَات منا، وفوزنا بِحسن الخاتمة إِن شَاءَ الله، وسلامتنا من عَذَاب الْآخِرَة وَنَحْو ذَلِك) الْجُمْلَة: هِيَ أَعم من الْكَلَام على االاصطلاح الْمَشْهُور، لِأَن الْكَلَام مَا تضمن الْإِسْنَاد الْأَصْلِيّ، سَوَاء كَانَ مَقْصُودا لذاته أَو لَا فالمصدر وَالصِّفَات المسندة إِلَى فاعلها لَيست كلَاما وَلَا جملَة لِأَن إسنادها لَيْسَ أصلا وَالْجُمْلَة الْوَاقِعَة خَبرا أَو وَصفا أَو حَالا أَو شرطا أَو صلَة أَو نَحْو ذَلِك هِيَ جملَة وَلَيْسَت بِكَلَام، لِأَن إسنادها لَيْسَ مَقْصُودا لذاته وكل جملَة خبرية فضلَة بعد نكرَة مَحْضَة فَهِيَ صفة، وَبعد معرفَة مَحْضَة حَال، وَبعد غير مَحْضَة مِنْهُمَا تحتملهما، إِلَّا إِذا تعين أَحدهمَا أَو غَيرهمَا بِدَلِيل وَالْجُمْلَة الاسمية إِذا وَقعت حَالا وَلم يكن فِيهَا ضمير عَائِد إِلَى ذِي الْحَال جرت مجْرى الظّرْف، وَلَا تكون مبينَة لهيئة الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول، بل تكون مبينَة لهيئة زمَان صُدُور الْفِعْل عَن الْفَاعِل ووقوعه على الْمَفْعُول نَحْو: (لقيتك والجيش قادم) وَالْجُمْلَة الاسمية مَوْضُوعَة للإخبار بِثُبُوت الْمسند للمسند إِلَيْهِ بِلَا دلَالَة على تجدّد أَو اسْتِمْرَار، وَإِذا كَانَ خَبَرهَا اسْما فقد يقْصد بِهِ الدَّوَام والاستمرار الثبوتي بمعونة الْقَرَائِن، وَإِذا كَانَ خَبَرهَا مضارعا فقد يُفِيد استمرارا تجدديا إِذا لم يُوجد دَاع إِلَى الدَّوَام فَلَيْسَ كل جملَة اسمية مفيدة للدوام فَإِن (زيد قَائِم) يُفِيد تجدّد الْقيام لَا دَوَامه وَالْجُمْلَة الظَّرْفِيَّة تحتملهما وَالْجُمْلَة الفعلية مَوْضُوعَة لإحداث الْحَدث فِي الْمَاضِي أَو الْحَال فتدل على تجدّد سَابق أَو حَاضر وَقد يسْتَعْمل الْمُضَارع للاستمرار بِلَا مُلَاحظَة التجدد فِي مقَام خطابي يُنَاسِبه وَالْجُمْلَة الْوَاقِعَة حَالا لَهَا إِعْرَاب بِالْأَصَالَةِ محلي قطعا وَالْجُمْلَة من حَيْثُ هِيَ جملَة مُسْتَقلَّة بإفادة فَائِدَة هِيَ النِّسْبَة التَّامَّة بَين طرفيها، وَإِن كَانَت غير مُسْتَقلَّة بِاعْتِبَار مَا عرض لَهَا من وُقُوعهَا موقع الْمُفْرد وقيدا للْفِعْل مثلا [وَالْجُمْلَة إِذا وَقعت حَالا لَا بُد أَن تشْتَمل على فعل أَو مَا يشتق مِنْهُ سَوَاء كَانَ اسْم فَاعل أَو غَيره ليَكُون مُبينًا لهيئة الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول، وَاخْتِلَاف الجملتين طلبا وخبرا أَمارَة الحالية]

والجلمة إِذا وَقعت حَالا فَحكمهَا فِي دُخُول الْوَاو على قِيَاس الْأَحْكَام الْخَمْسَة، فقد يمْتَنع وَقد يجب وَقد يجوز، إِمَّا مَعَ التَّسَاوِي، وَإِمَّا مَعَ رُجْحَان أحد طَرفَيْهِ وَالْجُمْلَة تسْتَعْمل اسْتِعْمَال الْمُفْردَات، وَلَا يعكس والجمل الَّتِي لَهَا مَحل من الْإِعْرَاب وَاقعَة موقع الْمُفْردَات، وَلَيْسَت النّسَب الَّتِي بَين أَجْزَائِهَا مَقْصُودَة بِالذَّاتِ، فَلَا الْتِفَات إِلَى إختلاف تِلْكَ النّسَب بالخبرية والطلبية، خُصُوصا فِي الْجمل المحكية بعد القَوْل، بل الْجمل حنيئذ فِي حكم الْمُفْردَات الَّتِي وَقعت موقعها لظُهُور فَائِدَة الْعَطف بَينهمَا بِالْوَاو، بِخِلَاف مَا لَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب، فَإِن نسبتها مَقْصُودَة بذواتها فَتعْتَبر صفاتها الْعَارِضَة لَهَا، فَلَيْسَ تظهر فَائِدَة الْعَطف بَينهمَا بِالْوَاو إِلَّا بِتَأْوِيل وَالْجُمْلَة لَا تقع مفعولة إِلَّا فِي الْأَفْعَال الدَّاخِلَة على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، نَحْو (كَانَ) و (ظَنَنْت) وأخواتهما وَلَا تقع صفة إِلَّا للنكرة، لِأَن الْجُمْلَة نكرَة لكَونهَا خَبرا شَائِعا كالفعل، فَلَا بُد من التطابق بَين الصّفة والموصوف تعريفا وتنكيرا وَوُقُوع الْجُمْلَة الإنشائية خَبرا لضمير الشَّأْن مِمَّا يناقش فِيهِ والزمخشري مُسْتَمر عَلَيْهِ وَالْجُمْلَة لَيست معرفَة وَلَا نكرَة، لِأَنَّهُمَا من عوارض الذَّات، وَهِي لم تكن ذاتا وَقَوْلهمْ: " النَّعْت يُوَافق المنعوت فِي التَّعْرِيف والتنكير " يخص بالنعت الْمُفْرد، وَإِنَّمَا جَازَ نعت النكرَة بهَا دون الْمعرفَة مَعَ أَنَّهَا لم تكن معرفَة وَلَا نكرَة لمناسبتها للنكرة من حَيْثُ يَصح تَأْوِيلهَا بالنكرة كَمَا تَقول: (مَرَرْت بِرَجُل أَبوهُ زيد) بِمَعْنى كَائِن زيدا وَالْجُمْلَة مَتى كَانَت وَارِدَة على أصل الْحَال، فَإِن كَانَت فعلية، فَمَتَى كَانَت وَارِدَة على نهجها بِأَن كَانَت مصدرة بمضارع مُثبت وَجب ترك الْوَاو، نَحْو: (جَاءَ زيد يعدو فرسه) وَقَوله: نجوت وأرهنهم مَالِكًا مَحْمُول على إِظْهَار مُبْتَدأ وَمَتى كَانَت غير وَارِدَة على نهج الْحَال، كَمَا إِذا صدرت بمضارع منفي جَازَ ترك الْوَاو وَذكرهَا واتفاق الجملتين يرتقي إِلَى ثَمَان صور، لِأَنَّهُمَا إِمَّا خبران لفظا وَمعنى، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {إِن الْأَبْرَار لفي نعيم وَإِن الْفجار لفي جحيم} أَو إنْشَاء كَذَلِك نَحْو قَوْله: {وكلوا وَاشْرَبُوا وَلَا تسرفوا} وَإِمَّا خبران معنى وإنشاءان لفظا نَحْو قَوْلك للفخور: (ألم تكن نُطْفَة، وَألا تكون جيفة؟) أَو مُخْتَلِفَانِ لفظا بِأَن يكون لفظ الأولى إنْشَاء وَالثَّانيَِة خَبرا، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {ألم يُؤْخَذ عَلَيْهِم مِيثَاق الْكتاب أَن لَا يَقُولُوا على الله إِلَّا الْحق ودرسوا مَا فِيهِ} أَي: أَخذ عَلَيْهِم أَو بِالْعَكْسِ نَحْو قَوْله تَعَالَى: {قَالَ إِنِّي أشهد الله واشهدوا أَنِّي بَرِيء مِمَّا تشركون} أَي: وأشهدكم

وَأما إنشاءان معنى وخبران لفظا، أَو مُخْتَلِفَانِ كَذَلِك نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ أَخذنَا مِيثَاق بني إِسْرَائِيل لَا تَعْبدُونَ إِلَّا الله وبالوالدين إحسانا} على اخْتِلَاف الْقِرَاءَة وَالتَّقْدِير والجمل الَّتِي لَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب حصروها فِي سبع: الابتدائية، والمعترضة، والتفسيرية، والمجاب بهَا الْقسم، والواقعة جَوَابا لشرط غير جازم مُطلقًا ك (لَو) و (لَوْلَا) و (لما) و (كَيفَ) ؛ أَو جازم وَلم يقرن بِالْفَاءِ وَلَا بإذا الفجائية، والواقعة صلَة اسْم أَو حرف، والتابعة لما لَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب والجمل الَّتِي لَهَا مَحل من الْإِعْرَاب حصروها فِي سبع أَيْضا: الخبرية، والحالية، والمحكية، والمضاف إِلَيْهَا، وَالْمُعَلّق عَنْهَا، والتابعة لما هُوَ مُعرب أَو ذُو مَحل، وَجَزَاء شَرط جازم بِالْفَاءِ وبإذا الفجائية وَالْجُمْلَة الَّتِي تكون صفة لما لَهَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب بِحَسب إِعْرَاب موصوفها وَالْجُمْلَة الَّتِي تكون صلَة لَهَا لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وَالْجُمْلَة المعترضة على مَا تقرر فِي علم الْمعَانِي يُؤْتى بهَا فِي أثْنَاء كَلَام أَو بَين كلامين متصلين معنى عِنْد الْأَكْثَرين وَجوز وُقُوعهَا فرقة فِي آخر الْكَلَام، لَكِن اتَّفقُوا على اشْتِرَاط أَن لَا يكون لَهَا مَحل من الْإِعْرَاب؛ وَتَقَع بَين الْفِعْل ومرفوعه، وَبَين الْفِعْل ومفعوله، والمبتدأ وَالْخَبَر، وَمَا أَصلهمَا الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، وَالشّرط وَجَوَابه، والموصوف وَصفته، والموصول وصلته، وَبَين أَجزَاء الصِّلَة، والمتضايفين وَالْجَار وَالْمَجْرُور، والحرف النَّاسِخ وَمَا دخل عَلَيْهِ، وحرف التَّنْفِيس وَالْفِعْل، و (قد) وَالْفِعْل، وحرف النَّفْي ومنفيه، وَبَين جملتين مستقلتين، وبأكثر من جملتين وَكَثِيرًا مَا تَلْتَبِس بالحالية، ويميزها امْتنَاع قيام الْمُفْرد مقَامهَا، وَجَوَاز اقترانها بِالْفَاءِ أَو بِالْوَاو مَعَ تصديرها بالمضارع الْمُثبت، و (إِن) الشّرطِيَّة، و (لن) وَالسِّين و (سَوف) ، وَكَونهَا طلبية والحالية قيد لعامل الْحَال وَوصف لَهُ فِي الْمَعْنى، بِخِلَاف الاعتراضية، فَإِن لَهَا تعلقا بِمَا قبلهَا لَكِن لَيست بِهَذِهِ الْمرتبَة والاعتراض أبلغ من الْحَال، لِأَن فِيهِ عُمُوم الْحَال بِخِلَاف الْحَال وَالْوَاو الدَّاخِلَة عَلَيْهَا تسمى اعتراضية وَالْجُمْلَة القسمية لَا يُؤْتى بهَا إِلَّا لتأكيد الْجُمْلَة الْمقسم عَلَيْهَا الَّتِي هِيَ جوابها، وَالْجَوَاب متوقع للمخاطب عِنْد سَماع الْقسم، وَلِهَذَا كثر دُخُول لَام الْقسم على (قد) لما فِيهَا من التوقع وَالْجُمْلَة قد تقع صفة للمعارف بتوسط (الَّذِي) نَحْو: (جَاءَنِي زيد الَّذِي أَبوهُ قَائِم) وَالْجُمْلَة الشّرطِيَّة إِذا وَقعت حَالا استغني عَن الْجَزَاء لتجردها عَن معنى الشَّرْط وَالْجُمْلَة المصدرة بأداة السُّور تسمى كُلية وجزئية ومسورة وَإِن كَانَ الْمَوْضُوع معينا تسمى محصورة، وَإِلَّا تسمى مُهْملَة: وَالْجُمْلَة المستأنفة المقرونة بالعاطفة لَا تكون إِلَّا مُعْتَرضَة أَو مذيلة وَالْجُمْلَة إِذا وَقعت صفة للنكرة جَازَ أَن يدخلهَا الْوَاو وَهُوَ الصَّحِيح فِي إِدْخَال الْوَاو فِي قَوْله تَعَالَى: {وثامنهم كلبهم}

وَالْجُمْلَة اعْتبر فِيهَا الْهَيْئَة الاجتماعية دون الْجمع فَإِنَّهُ لم يعْتَبر فِيهِ ذَلِك [الْجِسْم: هُوَ فِي اللُّغَة مَبْنِيّ عَن التَّرْكِيب والتأليف بِدَلِيل أَنهم إِذا راموا تَفْضِيل الشَّخْص على شخص فِي التَّأْلِيف وَكَثْرَة الْأَجْزَاء يَقُولُونَ: فلَان أجسم من فلَان، إِذا كَانَ أَكثر مِنْهُ ضخامة وتأليف أَجزَاء وَاخْتلف النَّاس فِي تَحْدِيد الْجِسْم وَمَعْنَاهُ فَقيل: الْجِسْم هُوَ الْقَائِم بِنَفسِهِ، ورد بالجوهر الْفَرد وبالباري تَعَالَى، فَإِنَّهُ قَائِم بِنَفسِهِ وَلَيْسَ بجسم مَعَ أَنه مُخَالف لوضع اللُّغَة لما تحقق من أَن مَدْلُول الْجِسْم هُوَ التَّأْلِيف، وَلَا تأليف فِي الْجَوْهَر الْفَرد وَلَا فِي الْبَارِي تَعَالَى وَقيل: الْجِسْم هُوَ الْمَوْجُود، ورد بالجوهر الْفَرد وبالعرض فَإِنَّهُمَا شَيْء وليسا بجسم {وكل شَيْء فَعَلُوهُ فِي الزبر} وَالْمرَاد تحريفهم وتبدليهم، وأفعال الْعباد أَعْرَاض وَالله سُبْحَانَهُ شَيْء بالِاتِّفَاقِ وَلَيْسَ جسما والجسم: هُوَ جمَاعَة الْبدن والأعضاء من النَّاس وَغَيرهم وَسَائِر الْأَنْوَاع الْعَظِيمَة الْخلق، ك (الجسمان) ، بِالضَّمِّ، و (الجسماني) خطأ، يعنون بذلك مَا يكون حَالا فِي الْجِسْم، وَهُوَ خطأ لِأَن الشاذ لَا يُقَاس عَلَيْهِ والذات تطلق على الْجِسْم وَغَيره والشخص: لَا يُطلق إِلَّا على الْجِسْم والجسد: جسم ذُو لون كالإنسان وَالْملك وَالْجِنّ، وَمِنْه الجساد للزعفران، وَلذَلِك لَا يُطلق الْجَسَد على المَاء والهواء والجرم، بِالْكَسْرِ: الْجَسَد، كالجرمان والجسم: لطيف بَاطِن، والجرم كثيف دائر والأوائل ذكرُوا الْجِسْم والجرم؛ والمتكلمون ذكرُوا الْأَجْزَاء الْأَصْلِيَّة والفضيلة والجسم فِي بادئ النّظر هُوَ هَذَا الْجَوْهَر الممتد فِي الْجِهَات، أَعنِي الصُّورَة الجسمية وَأما أَن هَذَا الْجَوْهَر قَائِم بجوهر آخر فمما لَا يثبت إِلَّا بأنظار دقيقة فِي أَحْوَال الْجَوْهَر الممتد والجسم لَا تخرج أجزاؤه عَن كَونهَا أجساما وَإِن قطع وجزئ، بِخِلَاف الشَّخْص فَإِنَّهُ يخرج بالتجزؤ عَن كَونه شخصا وأطراف الرَّأْس دَاخل فِي الْجَسَد دون الْبدن لِأَن الْبدن مَا سوى الْأَطْرَاف من الْمنْكب إِلَى الألية، فالرأس والعنق وَالْيَد وَالرجل يدْخل فِي حكم الطَّهَارَة تَغْلِيبًا والرقبة: اسْم للبنية مُطلقًا والجثمان: بالثاء الْمُثَلَّثَة: شخص الْإِنْسَان قَاعِدا والجسم: إِمَّا بسيط وَهُوَ الَّذِي لم يتألف من اجسام مُخْتَلفَة الطبائع، أَو مركب إِن تألف والبسيط إِن كَانَ جزؤه كالكل فِي الرَّسْم وَالْحَد فَهُوَ الْبَسِيط العنصري، وَإِلَّا فالفلكي والمركب إِن لم يكن لَهُ النمو فَهُوَ الجماد، وَإِلَّا فَإِن لم يكن لَهُ الْحس فَهُوَ النَّبَات، وَإِن كَانَ فَإِن

لم يكن مَعَ ذَلِك نطق فَهُوَ الْحَيَوَان غير الْإِنْسَان، وَإِن كَانَ فَهُوَ الْإِنْسَان والنزاع بَين الأشاعرة والمعتزلة فِي أَن لفظ الْجِسْم فِي اللُّغَة هَل يُطلق على الْمُؤلف المنقسم وَلَو فِي جِهَة وَاحِدَة؟ أَو على الْمُؤلف المنقسم فِي الْجِهَات الثَّلَاث؟ فَحَيْثُ وَقع فِي " الْمَقَاصِد " من أَن النزاع معنوي يُرَاد بِهِ الأول، وَحَيْثُ وَقع فِي " المواقف " من أَن النزاع لَفْظِي يُرَاد بِهِ الثَّانِي فالنزاع لَفْظِي والجسم النَّاطِق هُوَ تَمام الْمُشْتَرك بَين الْإِنْسَان وَالْملك عِنْد الْمُتَكَلِّمين، وَبَين الْإِنْسَان والفلك عِنْد الْحُكَمَاء، مَعَ أَن تَمام الْمُشْتَرك بَين الْحَيَوَان وَالْملك هُوَ الْجِسْم عِنْد الْمُتَكَلِّمين والجوهر عِنْد الْحُكَمَاء؛ وَبَين الْحَيَوَان والفلك هُوَ الْجِسْم اتِّفَاقًا والجسم والجوهر فِي اللُّغَة بِمَعْنى، وَإِن كَانَ الْجِسْم أخص من الْجَوْهَر اصْطِلَاحا، لِأَنَّهُ الْمُؤلف من جوهرين أَو أَكثر، على الْخلاف فِي أقل مَا يتركب مِنْهُ الْجِسْم على مَا بَين فِي المطولات والجوهر يصدق بِغَيْر الْمُؤلف وبالمؤلف والفلاسفة يطلقون الْجِسْم على مَاله مَادَّة، والجوهر على مَا لَا مَادَّة لَهُ ويطلقون الْجَوْهَر أَيْضا على كل متحيز، فَيكون أَعم من الْجِسْم على الْوَجْه الثَّانِي، وبالمعنى الأول يطلقون اسْم الْجَوْهَر على الْبَارِي تَعَالَى والجسم جَوْهَر بسيط لَا تركيب فِيهِ بِحَسب الْخَارِج أصلا، وَهَذَا عِنْد أفلاطون فَإِنَّهُ لم يقل إِلَّا بالصورة الجسمية وَأما عِنْد أرسطو فالجسم مركب من حَال وَمحل؛ فالحال هُوَ الصُّورَة، وَالْمحل هُوَ الهيولى وَأما عِنْد جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين وَبَعض الْحُكَمَاء الْمُتَقَدِّمين فَهُوَ مركب من أَجزَاء متناهية لَا تتجزأ بِالْفِعْلِ وَلَا بالوهم، وَتسَمى تِلْكَ الْأَجْزَاء جَوَاهِر فردة [تتألف مِنْهَا الْأَجْسَام متماثلة لَا تتمايز إِلَّا بالأعراض] ، إِذْ لَو لم يتناه الْجُزْء كَانَ الْعَالم أبديا مشاركا لأحد وصفي قديم، وَهُوَ عدم الِانْتِهَاء، كَمَا أَن الْعَالم مشارك الْقَدِيم عِنْد الدهري فِي الِابْتِدَاء لعدم الدُّخُول فِي وجوده تَحت الْقُدْرَة فالتناهي يُؤَدِّي إِلَى حُدُوث الْعَالم كَمَسْأَلَة الْحَوْض الْكَبِير إِذا وَقعت نَجَاسَة فِيهِ، فعلى تناهي الْجُزْء طَاهِر، وعَلى عدم التناهي غير طَاهِر، وَلَو قلت: كَانَ فِي كل قطرات المَاء نَجَاسَة فعلى تَقْدِير ثُبُوت الْجَوْهَر الْفَرد لَا صُورَة وَلَا هيولى وَلَا مَا يتركب مِنْهُمَا، بل هُنَاكَ جسم مركب من جَوَاهِر فردة، فاستحال خلوه عَن الأكوان الَّتِي هِيَ عبارَة عَن الْحَرَكَة والسكون والاجتماع والافتراق وَهِي معَان حَادِثَة، فيترتب عَلَيْهَا أَن مَا لَا يَخْلُو عَن الأكوان الْحَادِثَة لَا يسبقها، وَمَا لَا يسْبق الْحَوَادِث فَهُوَ حَادث، أَو يُؤَدِّي إِلَى مَا لَا أول لَهُ من الْحَوَادِث، وَهُوَ محَال وَاعْلَم أَن عُظَمَاء قدماء الْحُكَمَاء لما وقفُوا على حجَّة تدل على نفي الْجُزْء أذعنوا لَهَا، وحكموا بِأَن الْجِسْم يَنْقَسِم انقسامات لَا تتناهى؛ وَلما وقفُوا أَيْضا على حجَّة تدل على عدم الِاتِّصَال، وَهِي أَنه لَو كَانَ الْجِسْم مُتَّصِلا يلْزم انعدامه بكليته

عِنْد انْفِصَال شَيْء قَلِيل مِنْهُ، وأذعنوا لَهَا وأنكروه وَقَالُوا صَرِيحًا بِأَن جَمِيع أَجزَاء الْجِسْم مَوْجُودَة بِالْفِعْلِ فلزمهم بِحكم هَذِه الْمُقدمَات القَوْل بِوُجُود الْجُزْء وتركب الْجِسْم مِنْهُ، إِلَّا أَنهم رَأَوْا أَن فِي عدم تناهي الانقسام مخلصا عَنهُ، إِذْ حِينَئِذٍ يكون كل جُزْء منقسما، وَإِلَّا يلْزم تناهي الْقِسْمَة عِنْده، وَهُوَ خلاف الْمَفْرُوض، فَلم يلتزموا بِوُجُود الْجُزْء، فالخلل فِي مَذْهَبهم من جِهَة أَنهم جمعُوا بَين مقدمتين، مُوجب إِحْدَاهمَا وجود الْجُزْء، وَمُوجب الْأُخْرَى عَدمه، وَلَا يخفى أَن مُنَافَاة الموجبين مستلزمة لمنافاة الموجبين، هَكَذَا قَرَّرَهُ بعض الْفُضَلَاء، وَذهب من كَانَ قبل أرسطو مثل سقراط وفيثاغورث إِلَى قدم الْأَجْسَام بذواتها، سَوَاء كَانَت فلكية أَو عنصرية؛ وحدوث صورها وصفاتها وَبَاقِي أحوالها والجسم الطبيعي: هُوَ الَّذِي يفْرض فِيهِ أبعاد ثَلَاثَة متقاطعة على زَوَايَا قَائِمَة والجسم التعليمي: هُوَ عرض لَا وجود لَهُ على الِاسْتِقْلَال الْجَوْهَر: هُوَ والذات والماهية والحقيقة كلهَا أَلْفَاظ مترادفة [وَالْمَشْهُور فِيمَا بَين الفلاسفة اسْتِعْمَال الْجَوْهَر بِمَعْنى الْمَوْجُود الْقَائِم بِنَفسِهِ وَبِمَعْنى الذَّات والحقيقة، وَبَين الْمُتَكَلِّمين هُوَ بِمَعْنى المتحيز بِالذَّاتِ، وَمعنى الْقيام بِنَفسِهِ أَن يَصح وجوده من غير مَحل يقوم بِهِ، لَا مَا يَسْتَغْنِي وجوده عَن غَيره كَمَا قَالَه الْأَشْعَرِيّ حَتَّى قَالَ: لَا قَائِم بِالنَّفسِ إِلَّا الله، فَأنْكر قيام الْجَوَاهِر بِنَفسِهَا وَكَون الْجَوَاهِر أصلا للمركبات حدا لَهُ أَو عِلّة أقوى من كَون الْقيام بِالذَّاتِ حدا لَهُ أَو عِلّة، لما أَن فِي لفظ الْجَوْهَر مَا يُنبئ عَن كَونه أصلا، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُنبئ عَن الْقيام بِالذَّاتِ وَاسم الْجَوْهَر لَيْسَ باسم لمُطلق الْوُجُود، بل هُوَ اسْم لموجود يتركب مِنْهُ وَمن غَيره الْجِسْم، أَو لما هُوَ قَابل للأعراض، حَتَّى إِنَّه لَا يتَنَاوَل مَوْجُودا لَيْسَ يتركب مِنْهُ الْأَجْسَام، وَلَا مَوْجُودا لَا يقبل الْعرض، وَكَذَلِكَ الْعرض لَيْسَ باسم لمُطلق الْمَوْجُود، إِذْ موجودات كَثِيرَة لَيست بأعراض، بل هُوَ اسْم لما يعرض فِي الْجَوْهَر مِمَّا يَسْتَحِيل بَقَاؤُهُ، فَمَا لم يُوجد فِيهِ هَذَا الْمَعْنى لم يكن عرضا، وَكَذَا كل اسْم جنس كالحيوان والنبات وَغير ذَلِك] ثمَّ الْجَوْهَر مُمكن الْوُجُود لَا فِي مَوْضُوع عِنْد الْحُكَمَاء؛ وحادث متحيز عِنْد الْمُتَكَلِّمين والمتحيز: الشاغل للحيز الَّذِي هُوَ عِنْد الْمُتَكَلِّمين الْفَرَاغ المتوهم المشغول بالشَّيْء الَّذِي لَو لم يشْغلهُ لَكَانَ ذَا خلاء كداخل الْكوز للْمَاء وَقد يذكر وَيُرَاد بِهِ أحد أُمُور أَرْبَعَة: الأول: المتحيز الَّذِي لَا يقبل الْقِسْمَة هَذَا على قَول من يثبت الْجَوْهَر الْفَرد الْمُسَمّى بالجزء الَّذِي لَا يتَجَزَّأ لَا كسرا لصغره، وَلَا قطعا لصلابته، وَلَا وهما لِامْتِنَاع تميزه، وَلَا فرضا لاستلزام

انقسام مَالا يَنْقَسِم فِي نفس الْأَمر، إِذْ لَيْسَ الْجُزْء الَّذِي لَا يتَجَزَّأ جسما على مَا ذكره المتكلمون، بل لَا يُمكن أَن يكون جسما والجسم عِنْد الْحُكَمَاء مَأْخُوذ مِنْهُ فِي الْوَاقِع، وَقد يطلع الله بعض أوليائه عَلَيْهِ وَالثَّانِي: هُوَ الذَّات الْقَابِلَة لتوارد الصِّفَات المتضادة عَلَيْهَا وَالثَّالِث: أَنه الْمَاهِيّة الَّتِي إِذا وجدت فِي الْأَعْيَان كَانَت فِي مَوْضُوع أَي ذَات، وَيخرج عَنهُ الْوَاجِب لذاته، إِذْ لَيْسَ لَهُ مَاهِيَّة وَرَاء الْوُجُود وَالرَّابِع: أَنه الْمَوْجُود الْغَنِيّ عَن مَحل يحل فِيهِ فالجوهر بِهَذَا الْمَعْنى يجوز إِطْلَاقه على الْبَارِي تَعَالَى من حَيْثُ الْمَعْنى، لوُجُود الْمَعْنى الْمُصَحح لَهُ فِيهِ، لَا من حَيْثُ اللَّفْظ أما سمعا فلعدم وُرُود الْإِذْن من الشَّارِع بِصَرِيح إِطْلَاقه على الْوَاجِب فِي الْكتاب وَالسّنة، أَو بِمَا يرادفه، أَو بِمَا كَانَ مَوْصُوفا بِمَعْنَاهُ وَلَا يَكْفِي فِي صِحَة الْأَجْزَاء على الْإِطْلَاق مُجَرّد وُقُوع مَا لَا يَصح إِطْلَاقه على الْوَاجِب فِي الْكتاب وَالسّنة بِحَسب اقْتِضَاء الْمقَام وَسِيَاق الْكَلَام، بل يجب أَن لَا يَخْلُو عَن نوع وتعظيم ورعاية أدب وَأما عقلا فلإيهامه لما يُنَافِي الألوهية من تبادر الْفَهم إِلَى المتحيز الْمحَال إِطْلَاقه على الْوَاجِب تَعَالَى وَاعْلَم أَن الْقَائِم بِالنَّفسِ الَّذِي يكون متحيزا وقابلا للْقِسْمَة هُوَ الْجِسْم؛ والقائم بِالنَّفسِ الَّذِي يكون متحيزا لَا قَابلا للْقِسْمَة هُوَ الْجَوْهَر الْفَرد، والقائم بِالنَّفسِ الَّذِي لَا يكون متحيزا هُوَ الْجَوْهَر الروحاني، وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون مثلا للباري تَعَالَى، إِذْ الِاشْتِرَاك فِي السلوب لَا يُوجب الِاشْتِرَاك فِي الْمَاهِيّة وَاتفقَ الْحُكَمَاء على أَن كل جَوْهَر عَاقل فَهُوَ لَيْسَ بجسم وَلَا بجسماني (والجوهر عبارَة عَن الأَصْل فِي اللُّغَة أَي أصل المركبات، لَا عَن الْقَائِم بِالذَّاتِ) والجواهر الْعَقْلِيَّة هِيَ الْعُقُول الْعشْرَة، والجسمية هِيَ الهيولى وَالصُّورَة والنفسانية هِيَ نفس الْحَيَوَان وَالْمرَاد بالجواهر فِي عرف النَّحْوِيين الْأَجْسَام المتشخصة والجوهر والكم كِلَاهُمَا جنس عِنْد الْحُكَمَاء؛ وَعند غَيرهم: الْكمّ جنس والجوهر كالجنس وللجوهر تحققان: تحقق فِي نَفسه وَهُوَ الْوُجُود الْمُقَابل لعدمه، وَتحقّق فِي مَكَانَهُ وَهُوَ حُصُوله فِيهِ، بِخِلَاف الْعرض، فَإِنَّهُ لما لم يقم بِنَفسِهِ كَانَ تحَققه حصولي فِي مَوْضُوعه بِحَيْثُ لَا يتمايزان فِي الْإِشَارَة الحسية كاللون مَعَ المتلون، بِخِلَاف الْجِسْم فِي الْمَكَان وخلو الْجَوْهَر عَن أعراضه مُمْتَنع عِنْد أهل الْحق مُفردا كَانَ الْجَوْهَر أَو مركبا مَعَ جَوْهَر آخر، وَهُوَ الْجِسْم، إِذْ لَا يُوجد جَوْهَر بِدُونِ تشخصه، وتشخصه إِنَّمَا هُوَ بأعراضه، فَيجب أَن يقوم بِهِ عِنْد تشخصه بِشَيْء من الْأَعْرَاض والجوهر جنس للأنواع المندرجة تَحْتَهُ عرض عَام لفصولها، بل كل جنس بِالْقِيَاسِ إِلَى الْفَصْل الَّذِي يقسمهُ عرض عَام لَهُ الْجعل: (جعل) أَعم من (فعل) و (صنع)

وَسَائِر أخواتها، وَهُوَ يجْرِي مجْرى (صَار) و (طفق) فَلَا يتَعَدَّى نَحْو (جعل زيد يفعل كَذَا) أَي: أقبل وَأخذ وَشرع وتلبس وَمعنى {مَا جعل الله} : مَا شرع وَمَا وضع وَلذَلِك تعدى إِلَى مفعول وَاحِد وَهُوَ الْبحيرَة وَيجْرِي مجْرى (أوجد) فيتعدى إِلَى وَاحِد أَيْضا نَحْو: {وَجعل الظُّلُمَات والنور} وَيكون بِمَعْنى إِيجَاد شَيْء من شَيْء وتكوينه مِنْهُ نَحْو: {جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا} وَبِمَعْنى تصيير الشَّيْء على حَالَة دون حَالَة، فيتعدى إِلَى اثْنَيْنِ نَحْو: {جعل لكم الأَرْض فراشا} والتصيير يكون بِالْفِعْلِ نَحْو: (جعلت الْفضة خَاتمًا) وبالقول غير مُسْتَند إِلَى وثوقه نَحْو: (جعلت زيدا أَمِيرا) ؛ وبالعقد نَحْو: (جعلت زيدا قَائِما) وَهُوَ اعْتِقَاد كَون الشَّيْء على صفة اعتقادا غير مُطَابق للْوَاقِع وَيكون الْجعل بِمَعْنى الحكم بالشَّيْء على الشَّيْء حَقًا كَانَ نَحْو: {جاعلوه من الْمُرْسلين} أَو بَاطِلا نَحْو: {الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين} وَبِمَعْنى بعث نَحْو: {وَجَعَلنَا مَعَه أَخَاهُ هَارُون وزيرا} وَبِمَعْنى قَالَ نَحْو: {وَجعلُوا لله أندادا} وَبِمَعْنى تبين نَحْو: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا} و {جعلنَا لكل نَبِي عدوا} وَقَالَ الشَّاعِر: (جعلنَا لَهُم نهج الطَّرِيق فَأَصْبحُوا ... على ثَبت من أَمرهم حَيْثُ يمموا) وَبِمَعْنى التَّسْمِيَة نَحْو: {وَجعلُوا الْمَلَائِكَة الَّذين هم عباد الرَّحْمَن إِنَاثًا} و (جعلت زيدا أَخَاك) : نسبته إِلَيْك و (جعل لَهُ كَذَا على كَذَا) : شارطه بِهِ عَلَيْهِ وَلَا يُقَال: (جعل كَذَا إِلَيْهِ) إِلَّا بتضمين معنى الضَّم وَجعل الشَّيْء جعلا: وَضعه و [جعل] بعضه فَوق بعض: أَلْقَاهُ والجعل: بِالضَّمِّ: أَعم من الْأجر وَالثَّوَاب والجعل لَا يسْتَعْمل لابتداء الْفِعْل وإنشائه، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَجَعَلنَا اللَّيْل وَالنَّهَار} وَلِهَذَا قَالُوا: إِذا قَالَت الْمَرْأَة: (جعلت نَفسِي لَك بِكَذَا) وَقبل كَانَ نِكَاحا إِذا كَانَ بِحَضْرَة الشُّهُود، بِخِلَاف الْإِجَازَة، فَإِنَّهَا تسْتَعْمل لتنفيذ مَا تقدم الْجِهَة: هِيَ والحيز متلازمان فِي الْوُجُود، لِأَن كلا مِنْهُمَا مقصد للمتحرك الأيني، إِلَّا أَن الحيز مقصد للمتحرك بالحصول فِيهِ، والجهة مقصد لَهُ بالوصول إِلَيْهَا والقرب مِنْهَا فالجهة مُنْتَهى الْحَرَكَة، لَا مَا يَصح فِيهِ الْحَرَكَة، وَلِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا مقصد الْإِشَارَة الحسية، فَمَا يكون مُخْتَصًّا بِجِهَة يكون مُخْتَصًّا بحيز والجهة قِسْمَانِ:

حَقِيقَة لَا تتبدل أصلا، وَهِي الفوق والتحت وَإِنَّمَا يتبدلان بتبدل جِهَة الرَّأْس وَالرجل فِي الْحَيَوَانَات، كَمَا فِي النملة والذباب وأشباههما، حَيْثُ تدب منتكسة تَحت السّقف وعَلى مقعرها وَغير حَقِيقِيَّة وَهِي تتبدل بِالْعرضِ، وَهِي الْأَرْبَعَة الْبَاقِيَة والأولان جهتان وَاقِعَتَانِ بالطبع لَا يتغيران بِالْعرضِ والجهات المتبدلة بِالْعرضِ غير متناهية لِأَن الْجِهَة طرف الامتداد، وَيُمكن أَن يفْرض فِي كل جسم امتدادات غير متناهية فَيكون كل طرف مِنْهَا جِهَة فَالْحكم بِأَن الْجِهَات سِتّ مَشْهُور عَامي، وَلَيْسَ بِحَق عِنْد الْخَاص، فَإِن الْجِسْم يُمكن أَن يفْرض فِيهِ أبعاد ثَلَاثَة متقاطعة على زَوَايَا قَوَائِم، وَلكُل بعد مِنْهَا طرفان، فَلِكُل جسم جِهَات سِتّ فَهَذَا الِاعْتِبَار يشْتَمل على الِاعْتِبَار الْمَشْهُور مَعَ زِيَادَة هِيَ تقاطع الأبعاد على زَوَايَا قَوَائِم وَلَا شكّ أَن قيام بعض الامتدادات على بعض مِمَّا لَا يجب فِي اعْتِبَار الْجِهَات فَتكون غير متناهية، لِإِمْكَان أَن يفْرض فِي جسم وَاحِد امتدادات غير متناهية هَكَذَا حَقَّقَهُ بعض الْفُضَلَاء الْجُنُون: هُوَ اخْتِلَاف الْقُوَّة المميزة بَين الْأُمُور الْحَسَنَة والقبيحة، المدركة للعواقب بِأَن لَا يظْهر أَثَرهَا ويتعطل أفعالها إِمَّا بِالنُّقْصَانِ الَّذِي جبل عَلَيْهِ دماغه فِي أصل الْخلقَة، وَإِمَّا بِخُرُوج مزاج الدِّمَاغ عَن الِاعْتِدَال بِسَبَب خلط أَو آفَة، وَإِمَّا لاستيلاء الشَّيْطَان عَلَيْهِ وإلقاء الخيالات الْفَاسِدَة إِلَيْهِ، بِحَيْثُ يفزع من غير مَا يصلح سَببا والسفه: الخفة، والحلم يُقَابله وَفِي اصْطِلَاح الْفُقَهَاء: عبارَة عَن التَّصَرُّف فِي المَال بِخِلَاف مُقْتَضى الشَّرْع وَالْعقل بالتبذير فِيهِ والإسراف مَعَ قيام خفَّة الْعقل فَلَا يدْفع إِلَيْهِ مَاله قبل الْبلُوغ بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} إِلَى آخِره وَأما عدم الدّفع إِلَيْهِ بعد الْبلُوغ قبل الإيناس فَلَا دلَالَة عَلَيْهِ فِي هَذِه الْآيَة أما منطوقا فَظَاهر، وَأما مفهوما فَلِأَن مَفْهُوم قَوْله: {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} عدم الدّفع على الْفَوْر، لَا عدم الدّفع مُطلقًا قَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا زَادَت على سنّ الْبلُوغ سبع سِنِين وَهِي مُدَّة مُعْتَبرَة فِي تغير الْأَحْوَال، إِذْ الطِّفْل يُمَيّز بعْدهَا وَيُؤمر بِالْعبَادَة تدفع إِلَيْهِ المَال، وَإِن لم يؤنس مِنْهُ الرشد فسن الرشد عِنْد الإِمَام هُوَ أَن يبلغ سنّ الجدية، وَهُوَ خمس وَعِشْرُونَ سنة، فَإِن أقل مُدَّة الْبلُوغ اثْنَتَا عشرَة سنة، وَأَقل مُدَّة الْحمل نصف سنة، فَأَقل مَا يُمكن أَن يصير الْمَرْء فِيهِ جدا ذَلِك وَعند الْإِمَامَيْنِ إِلَى الرشد، وَهُوَ الصّلاح فِي الْعقل وَالْحِفْظ وَالْمَال والعته: آفَة توجب خللا فِي الْعقل، فَيصير صَاحبه مختلط الْكَلَام يشبه بعض كَلَامه بِكَلَام الْعُقَلَاء وَبَعضه بِكَلَام المجانين وَكَذَا سَائِر أُمُوره؛ فَكَمَا أَن الْجُنُون يشبه أول أَحْوَال الصَّبِي فِي عدم الْعقل يشبه العته أَحْوَال اصبي فِي وجود أصل الْعقل مَعَ تمكن خلل فِيهِ وَقيل: الْعَاقِل من يَسْتَقِيم حَاله وَكَلَامه غَالِبا وَلَا يكون غَيره إِلَّا نَادرا، وَالْمَجْنُون ضِدّه وَالْمَعْتُوه: من يخْتَلط حَاله وَكَلَامه فَيكون هَذَا غَالِبا

وَذَاكَ غَالِبا وَقَالَ بَعضهم: الْمَجْنُون من يفعل مَا يَفْعَله الْعُقَلَاء لَا عَن قصد؛ والعاقل من يفعل مَا يَفْعَله المجانين فِي الْأَحَايِين لَكِن عَن قصد؛ وَالْمَعْتُوه من يفعل مَا يَفْعَله المجانين فِي الْأَحَايِين لَكِن عَن قصد وَتَفْسِير الْقَصْد: هُوَ أَن الْعَاقِل يفعل على ظن الصّلاح، وَالْمَعْتُوه يفعل مَعَ ظُهُور وَجه الْفساد والمغفل: اسْم مفعول من التغفل، وَهُوَ الَّذِي لَا فطنة لَهُ وجنون مطبق: بِالْكَسْرِ ومجنونة مطبق عَلَيْهَا، بِالْفَتْح [وَمعنى مطبق: الممتد، والامتداد عبارَة عَن تعاقب الْأَزْمِنَة وَلَيْسَ لَهُ حد معِين فقدروه بالأدنى، وَهُوَ أَن يستوعب الْجُنُون وَظِيفَة الْوَقْت وَهُوَ الْيَوْم وَاللَّيْلَة فِي الصَّلَاة وَجَمِيع الشَّهْر فِي حق سُقُوط الصَّوْم] الْجَهْل: يُقَال للبسيط، وَهُوَ عدم الْعلم عَمَّا من شَأْنه أَن يكون عَالما، وَيُقَال أَيْضا للمركب، وَهُوَ عبارَة عَن اعْتِقَاد جازم غير مُطَابق، سمي بِهِ لِأَنَّهُ يعْتَقد الشَّيْء على خلاف مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَهَذَا جهل آخر قد تركبا مَعًا وَيقرب من الْبَسِيط السَّهْو وَسَببه عدم استثبات التَّصَوُّر، فَيثبت مرّة وَيَزُول أُخْرَى، وَيثبت بدله تصور آخر، فيشتبه أَحدهمَا بِالْآخرِ اشتباها غير مُسْتَقر، حَتَّى إِذا نبه بِأَدْنَى تنبه وَعَاد إِلَى التَّصَوُّر الأول وَيقرب من الْجَهْل أَيْضا الْغَفْلَة، وَيفهم مِنْهَا عدم التَّصَوُّر مَعَ وجود مَا يَقْتَضِيهِ كَذَلِك يقرب مِنْهُ الذهول، وَسَببه عدم استثبات التَّصَوُّر حيرة ودهشا وَالْجهل يُقَال اعْتِبَارا بالاعتقاد؛ والغي يُقَال اعْتِبَارا بالأفعال وَلِهَذَا قيل: زَوَال الْجَهْل بِالْعلمِ، وَزَوَال الغي بِالرشد، وَيُقَال لمن أصَاب: رشد؛ وَلمن أَخطَأ: غوى وَالْجهل أَنْوَاع: بَاطِل لَا يصلح عذرا، وَهُوَ جهل الْكَافِر بِصِفَات الله وَأَحْكَامه، وَكَذَا جهل الْبَاغِي وَجَهل من خَالف فِي اجْتِهَاده الْكتاب وَالسّنة، كالفتوى بِبيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد، بِخِلَاف الْجَهْل فِي مَوضِع الِاجْتِهَاد فَإِنَّهُ يصلح عذرا وَهُوَ الصَّحِيح وَكَذَا الْجَهْل فِي مَوضِع الشُّبْهَة وَأما جهل ذَوي الْهوى بِالْأَحْكَامِ الْمُتَعَلّقَة بِالآخِرَة كعذاب الْقَبْر والرؤية والشفاعة لأهل الْكَبَائِر، وعفو مَا دون الْكفْر، وَعدم خُلُود الْفُسَّاق فِي النَّار فَلم يكن هَذَا الْجَهْل عذرا لكَونه مُخَالفا للدليل الْوَاضِح فِي الْكتاب وَالسّنة والمعقول، لكنه لما نَشأ من التَّأْوِيل للأدلة كَانَ دون جهل الْكَافِر وَجَهل مُسلم فِي دَار الْحَرْب لم يُهَاجر إِلَيْنَا بالشرائع كلهَا يكون عذرا حَتَّى لَو مكث ثمَّة مُدَّة وَلم يصل وَلم يصم وَلم يعلم أَنَّهُمَا واجبان عَلَيْهِ لَا يجب الْقَضَاء بعد الْعلم بِالْوُجُوب، خلافًا لزفَر، لِأَن الْخطاب النَّازِل خَفِي فِي حَقه، فَيصير الْجَهْل بِهِ عذرا، لِأَنَّهُ غير مقصر، وَإِنَّمَا جَاءَ الْجَهْل من قبل خَفَاء الدَّلِيل وَيلْحق بِهَذَا الْجَهْل جهل الشَّفِيع بِالْبيعِ، وَالْأمة بِالْإِعْتَاقِ، وَالْبكْر بِنِكَاح الْوَلِيّ، وَالْوَكِيل والمأذون بِالْإِطْلَاقِ وضده الْجِنّ: حَده أَبُو عَليّ بن سينا بِأَنَّهُ حَيَوَان هوائي

يتشكل بأشكال مُخْتَلفَة ثمَّ قَالَ: وَهَذَا شرح الِاسْم أَي بَيَان لمدلول هَذَا اللَّفْظ مَعَ قطع النّظر عَن انطباقه على حَقِيقَة خارجية، سَوَاء كَانَ مَعْدُوما فِي الْخَارِج أَو مَوْجُودا وَلم يعلم وجوده فِيهِ، فَإِن التَّعْرِيف الاسمي لَا يكون إِلَّا كَذَلِك، بِخِلَاف التَّعْرِيف الْحَقِيقِيّ، فَإِنَّهُ عبارَة عَن تصور مَا لَهُ حَقِيقَة خارجية فِي الذِّهْن [وَقد دلّ الْكتاب وأخبار الْأَنْبِيَاء على وجود الْجِنّ] ، وَجُمْهُور ارباب الْملَل المصدقين بالأنبياء قد اعْتَرَفُوا بِوُجُودِهِ، واعترف بِهِ جمع عَظِيم من قدماء الفلاسفة أَيْضا [وَمن أحَاط معرفَة بعجائب المقدورات وَمَا خلق الله من السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا من الْعَجَائِب والغرائب علم أَن خلق الْجِنّ مِمَّا لَيْسَ بمحال بِنَفسِهِ، وَلَا الْقُدْرَة الأزلية قَاصِرَة عَنهُ، وَلَا أَنه مِمَّا يلْزم عَنهُ إبِْطَال قَاعِدَة من الْقَوَاعِد الْعَقْلِيَّة وَلَا هدم أصل من الْأُصُول الدِّينِيَّة فَلم يستدع وجود الْجِنّ وَالْعَمَل بظواهر الْأَدِلَّة السمعية من غير تَأْوِيل، وَغَايَة مَا فِيهِ وجود أشخاص بَيْننَا لَا نراهم، وَلَيْسَ ذَلِك مِمَّا يمْنَع من وجودهم وَإِلَّا لزم مِنْهُ امْتنَاع وجود الْمَلَائِكَة والحفظة الْكَاتِبين، وَهُوَ خلاف مَذْهَب الْمُسلمين وأرباب الشَّرَائِع ثمَّ نقُول: خُرُوج الشَّيْء عَن الْوَهم الَّذِي هُوَ نتيجة الْحس مِمَّا لَا يُوجب اسْتِحَالَة ثُبُوته عِنْد قيام الدَّلِيل على ثُبُوته، فَإِن الْعلم مُحِيط بِثُبُوت الرّوح فِي الْبدن وَثُبُوت الْعقل فِيهِ وَوُجُود الْجِنّ وَالْمَلَائِكَة لثبوتهم بِالدَّلِيلِ وَإِن كُنَّا لم نعاينهم وَمن يتبع الْوَهم فَأول مَا يلْزمه إِنْكَار ثُبُوت صانع لَيْسَ بجوهر وَلَا جسم وَلَا عرض وَلَا قَائِم بِنَاؤُه بِجِهَة من الْجِهَات منا وَلَا اتِّصَال لَهُ بِنَا، وَلَا انْفِصَال لَهُ عَنَّا، وَيلْزمهُ أَن يخرج ثُبُوت الصَّانِع عَن الْعقل لِخُرُوجِهِ عَن الْوَهم، وَيَقُول: إِن ثُبُوته لَيْسَ بمعقول لَا إِنَّه لَيْسَ بموهوم، فَمن أقرّ بِثُبُوت الصَّانِع اتبَاعا للدليل وَإِن لم يَتَقَرَّر ذَلِك فِي الْوَهم يلْزمه الْإِقْرَار بذلك اتبَاعا لما أَقَمْنَا من الدَّلِيل وَإِن لم يتَصَوَّر ذَلِك فِي الْوَهم] وَالْجِنّ يُقَال على وَجْهَيْن: أَحدهمَا للروحانيين المستترة عَن الْحَواس كلهَا بِإِزَاءِ الْإِنْس فعلى هَذَا يدْخل فِيهِ الْمَلَائِكَة وَالشَّيَاطِين وعَلى هَذَا قَالَ أَبُو صَالح: الْمَلَائِكَة كلهَا جن نعم إِلَّا أَن يُقَال بِأَن هَذَا من بَاب تَقْيِيد الْمُطلق بِسَبَب الْعرف وَالثَّانِي أَن الْجِنّ بعض الروحانيين، وَذَلِكَ أَن الروحانيين ثَلَاثَة: أخيار: وهم الْمَلَائِكَة وأشرار: وهم الشَّيَاطِين وأخيار وأشرار: وهم الْجِنّ وَظَاهر الْكَلَام الفلاسفة أَن الْجِنّ وَالشَّيَاطِين هم النُّفُوس البشرية الْمُفَارقَة عَن الْأَبدَان بِحَسب الْخَيْر وَالشَّر وَمِمَّا توقف فِيهِ أَبُو حنيفَة ثَوَاب الْجِنّ بِنَاء على أَن الإثابة لَا تجب على الله فَلَا يسْتَحق العَبْد الثَّوَاب على الله تَعَالَى بِالطَّاعَةِ، وَالْمَغْفِرَة لَا تَسْتَلْزِم الإثابة لِأَنَّهُ ستر؛ والإثابة بالوعد فضل هَذَا هُوَ الْقيَاس إِلَّا أَن الْأَثر ورد فِي بني آدم فَصَارَ معدولا عَنهُ، وَلم يرد فِي حق من آمن من الْجِنّ إِلَّا سُقُوط عُقُوبَة الْكفْر عَنْهُم فهم يبعثون ويحاسبون ويعذب من كفر مِنْهُم فِي جَهَنَّم وَيجْعَل من آمن مِنْهُم تُرَابا

وَمن قَالَ بالْحسنِ والقبح العقليين وبوجوب ثَوَاب الْمُطِيع لله تَعَالَى فَإِنَّهُ يقطع بِأَن مؤمني الْجِنّ يدْخلُونَ الْجنَّة ويثابون فِيهَا وَمن لَا يَقُول بهما وَذهب إِلَى إثابتهم بِالْجنَّةِ والحور الْعين من الجنيات فَإِنَّمَا يذهب إِلَيْهَا اسْتِدْلَالا بقوله تَعَالَى {حور مقصورات فِي الْخيام} وبكونهن {لم يطمثهن إنس قبلهم وَلَا جَان فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ} حَيْثُ فهم مِنْهُ أَن كل فريق مِنْهُم يدْخلُونَ الْجنَّة ويثابون بنعيمها ويطمثون مَا أعد لَهُم من الْحور الْعين وَالصَّحِيح أَن المُرَاد بالتوقف التَّوَقُّف فِي المآكل والمشارب لَا الدُّخُول فِي الْجنَّة كدخول الْمَلَائِكَة للسلام والزيارة والخدمة ذكر أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ أَن أهل السّنة يَقُولُونَ: إِن الْجِنّ تدخل فِي بدن المصروع وَفِي " المواقف تقدر على أَن تلج فِي بواطن الْحَيَوَانَات وتنفذ فِي منافذها الضيقة نُفُوذ الْهَوَاء المستنشق [وَفِي حَاشِيَة عِصَام على " الْأَنْوَار " كَون المصروع ممسوس الشَّيْطَان بَاطِل، بل هُوَ مرض] وَذكر وهب أَن من الْجِنّ من يُولد لَهُم ويأكلون وَيَشْرَبُونَ بِمَنْزِلَة الْآدَمِيّين، وَمِنْهُم بِمَنْزِلَة الرّيح وَالْجِنّ يَمُوت، والشيطان يَمُوت إِذا مَاتَ إِبْلِيس وَالْجنَّة، بِالْكَسْرِ: الْجِنّ وَالْجُنُون أَيْضا وبالفتح: الْبُسْتَان، وبالضم نوع من السِّلَاح والجنان: بِالْفَتْح: الْقلب والجنين: الْوَلَد مَا دَامَ فِي بطن أمه، وَيجمع على (أجنة) وجن عَلَيْهِ اللَّيْل وأجنه: فالثلاثي لَازم و (أفعل) مُتَعَدٍّ، وَهُوَ الأجود فِي الِاسْتِعْمَال فمادة الْجِيم وَالنُّون للاستتار والاختفاء وَلم ير رَسُول الله الْجِنّ بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ} وَذهب الْحَارِث المحاسبي إِلَى أَن الْجِنّ فِي الْآخِرَة يكونُونَ عكس مَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا بِحَيْثُ نراهم وَلَا يروننا والجان: اسْم جمع للجن، وَقيل هُوَ أَبُو الْجِنّ وإبليس: أَبُو الشَّيَاطِين والجني: نِسْبَة إِلَى الْجِنّ أَو إِلَى الْجنَّة الْجَواب: هُوَ مُشْتَقّ من (جاب الفلاة) إِذا قطعهَا، سمي الْجَواب جَوَابا لِأَنَّهُ يَنْقَطِع بِهِ كَلَام الْخصم وَهُوَ يكون تَارَة ب (نعم) وَتارَة ب (لَا) وَيسْتَعْمل فِيمَا يتَحَقَّق ويجزم وُقُوعه وَالْجَزَاء يسْتَعْمل فِيمَا لَا يجْزم وُقُوعه وَعدم وُقُوعه قَالَ سِيبَوَيْهٍ: الْجَواب لَا يجمع وَقَوْلهمْ: (جوابات كتبي) و (أجوبة كتبي) مولد، وَإِنَّمَا يُقَال: (جَوَاب كتبي) والجوابي: جمع (جابية) من (الجباية) وَهِي الْحَوْض الْكَبِير الْجَامِع الْعقلِيّ: هُوَ أَمر بِسَبَبِهِ يَقْتَضِي الْعقل اجْتِمَاع الجملتين فِي المفكرة وَالْجَامِع الوهمي: هُوَ أَمر بِسَبَبِهِ يَقْتَضِي الْوَهم اجْتِمَاعهمَا فِي المفكرة أَيْضا وَالْجَامِع الخيالي: أَمر بِسَبَبِهِ يَقْتَضِي الخيال

اجْتِمَاعهمَا أَيْضا فِي المفكرة، وَإِن كَانَ الْعقل من حَيْثُ الذَّات غير مُقْتَض لذَلِك الْجُود: هُوَ صفة ذاتية للجواد وَلَا يسْتَحق بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلَا بالسؤال وَالْكَرم: مَسْبُوق بِاسْتِحْقَاق السَّائِل وَالسُّؤَال مِنْهُ والجواد: يُطلق على الله تَعَالَى دون السخي والجود لَا يتَعَدَّى إِلَّا بِالْبَاء أَو اللَّام، وينتظم بِهِ الْإِعْطَاء فيتعدى إِلَى مَفْعُوله الأول بِاللَّامِ وَإِلَى الثَّانِي بِالْبَاء الجدل: هُوَ عبارَة عَن دفع الْمَرْء خَصمه عَن فَسَاد قَوْله بِحجَّة أَو شُبْهَة، وَهُوَ لَا يكون إِلَّا بمنازعة غَيره وَالنَّظَر قد يتم بِهِ وَحده الجامد: هُوَ الَّذِي لَا يَنْمُو كالحجر والنامي: مَا يزِيد كالشجر، وَيدخل فِيهِ الْبَهَائِم والهوام كالبرغوث وَالْقمل وَنَحْوهمَا [وَالِاسْم الجامد عِنْد الْأَشْعَرِيّ وَغَيره هُوَ الْمُسَمّى، فَلَا يفهم من اسْم الله مثلا سواهُ والمشتق غير الْمُسَمّى عِنْده إِن كَانَ صفة فعل كالخالق والرازق، وَلَا عينه وَلَا غَيره إِن كَانَ صفة ذَات كالعالم والمريد وَعند غَيره هُوَ الْمُسَمّى، وَالْخلاف فِي مَادَّة (اس م) لِأَن تمسكات الْفَرِيقَيْنِ تشعر بذلك، لَا فِي مَدْلُول (اسْم) نَحْو: الْإِنْسَان، وَالْفرس، وَالِاسْم، وَالْفِعْل] الْجَبْر: هُوَ ربط المنكسر ليلتئم ويكمل، وَمِنْه اسْم الْجَبَّار والجبار أَيْضا: المتكبر المتعالي عَن قبُول الْحق نَحْو: {وَلم يَجْعَلنِي جبارا} والمتسلط نَحْو: {وَمَا أَنْت عَلَيْهِم بجبار} والقتال نَحْو: {إِذا بطشتم بطشتم جبارين} وَيُقَال: أجبرت فلَانا على كَذَا، وَلَا يُقَال: (جبرت) إِلَّا فِي الْعظم والفقر (والجبيرة: مَا يرْبط من الْعود وَنَحْوه على الْعُضْو حَال الْكسر وَنَحْوه والجبرية: بِالتَّحْرِيكِ: خلاف الْقَدَرِيَّة، والتسكين لحن أَو صَوَاب والتحريك للازدواج وَهُوَ اصْطِلَاح الْمُتَقَدِّمين، وَفِي تعارف الْمُتَكَلِّمين يسمون الْمُجبرَة، وَفِي التعارف الشَّرْعِيّ المرجئة والجبار، بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيف: الهدر وَالْبَاطِل [وَفِي الحَدِيث: " جرح العجماء جَبَّار "] الجزالة: هِيَ إِذا أطلقت على اللَّفْظ يُرَاد بهَا نقيض الرقة، وَإِذا أطلقت على غَيره يُرَاد بهَا نقيض الْقلَّة الْجَرّ: هُوَ اصْطِلَاح أهل الْبَصْرَة؛ والخفض اصْطِلَاح أهل الْكُوفَة والجر لم يجِئ فِي الْقُرْآن مُجَردا من الْبَاء إِلَّا وَهُوَ مَنْصُوب وَلِهَذَا قُلْنَا: إِن الْمَجْرُور فِي نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَمَا رَبك بغافل} فِي مَوضِع نصب وَهُوَ الصَّوَاب الْجمل: هُوَ بِمَنْزِلَة الرجل، والناقة بِمَنْزِلَة الْإِنْسَان، يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى، وَالْبكْر بِمَنْزِلَة الْفَتى، والقلوص بِمَنْزِلَة الفتاة والجمل، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيد: تعداد الْحُرُوف

الأبجدية، وَأكْثر مَا يَسْتَعْمِلهُ المشارقة هُوَ الْجمل الْكَبِير ومشايخ المغاربة يعتنون بشأن الْجمل الصَّغِير الجري: هُوَ المر السَّرِيع، وَأَصله ممر المَاء، وَهُوَ فِي كَلَامهم يسْتَعْمل فِي أَشْيَاء يُقَال: هَذَا الْمصدر جَار على هَذَا الْفِعْل: أَي أصل لَهُ ومأخذ اشتق مِنْهُ، فَيُقَال فِي (حمدت حمدا) أَن الْمصدر جَار على فعله، وَفِي {وتبتل إِلَيْهِ تبتيلا} إِنَّه لَا يجْرِي عَلَيْهِ وَيُقَال اسْم الْفَاعِل جَار على الْمُضَارع: أَي يوازيه فِي الحركات والسكنات وَالصّفة جَارِيَة على شَيْء: أَي ذَلِك الشَّيْء صَاحبهَا إِمَّا مُبْتَدأ لَهَا أَو مَوْصُولَة أَو مَوْصُوفَة والجريان أتم فِي الْمُبَالغَة من السيلان الجرموق، بِالضَّمِّ: مَا يلبس فَوق الْخُف لحفظه من الطين وَغَيره على الْمَشْهُور، لَكِن فِي الْمَجْمُوع أَنه الْخُف الصَّغِير الْجِدَار: هُوَ كالحائط، لَكِن الْحَائِط يُقَال اعْتِبَارا بالإحاطة للمكان، والجدار اعْتِبَارا بالنتوء والارتفاع والجدر، بِضَمَّتَيْنِ: جمع (جِدَار) وبفتحتين وَاحِدَة الجدران الْجزع، بِفتْحَتَيْنِ: حزن يصرف الْإِنْسَان عَمَّا هُوَ بصدده ويقطعه عَنهُ؛ وَهُوَ أبلغ من الْحزن لِأَن الْحزن عَام الْجِمَاع: الْمُوَافقَة والمساعدة فِي أَي شَيْء كَانَ وجامعناكم على كَذَا: وافقناكم، لكنه لما كثر اسْتِعْمَاله فِي الِاجْتِمَاع الْخَاص عِنْد الْإِضَافَة إِلَى النِّسَاء صَار صَرِيحًا لَا يفهم غَيره وينصرف إِلَيْهِ بِلَا نِيَّة، وَفِيه حِكَايَة الإِمَام الطَّحَاوِيّ مَعَ ابْنَته على مَا نَقله صَاحب " النِّهَايَة " عَن " الْفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة " وَمَا جمع عددا فَهُوَ جماع أَيْضا يُقَال: الْخمر جماع الْإِثْم وَيُقَال: جمعت شركائي، وأجمعت أَمْرِي وَقَوله تَعَالَى: {فَأَجْمعُوا أَمركُم وشركاءكم} للمجاورة وَيُقَال: جمع المَال، وجبى الْخراج، وَكتب الكتبية، وقرى المَاء فِي الْحَوْض، وصرى اللَّبن فِي الضَّرع، وعقص الشّعْر على الرَّأْس الْجِهَاد: الدُّعَاء إِلَى الدّين الْحق، والقتال مَعَ من لَا يقبله والجهد، بِالضَّمِّ وَالْفَتْح: الطَّاقَة وبالفتح فَقَط: الْمَشَقَّة وبفتح الْهَاء: من أَسمَاء الْجِمَاع وَجهد الْبلَاء: هِيَ الْحَالة الَّتِي يخْتَار عَلَيْهَا الْمَوْت، أَو كَثْرَة الْقِتَال والفقر الجاسوس: هُوَ صَاحب سر الشَّرّ، كَمَا أَن الناموس صَاحب سر الْخَيْر الْجب: هُوَ اسْم ركية لم تطو، وَإِذا طويت فَهِيَ بِئْر الْجور: هُوَ خلاف الاسْتقَامَة فِي الحكم وَالظُّلم: قيل، هُوَ ضَرَر من حَاكم أَو غَيره الْجُمُعَة: بِسُكُون الْمِيم: اسْم من الِاجْتِمَاع، أَو بِمَعْنى الْمَفْعُول أَي: الفوج الْمَجْمُوع و [الْجُمُعَة] بتحريكها: بِمَعْنى الْفَاعِل أَي: الْوَقْت الْجَامِع فحركوا الْفَاعِل لقُوته وَسَكنُوا الْمَفْعُول لضَعْفه وَهَذِه قَاعِدَة كُلية فِي (فعلة)

ك (ضحكة) و (همزَة) و (لُمزَة) وَالْجُمْهُور على أَنه يضم الْمِيم وَهُوَ الأَصْل والإسكان تَخْفيف، وَكِلَاهُمَا مصدر بِمَعْنى الِاجْتِمَاع الْجنب، كالنصر: هُوَ والجانب أَيْضا شقّ الْإِنْسَان وَغَيره وَيُقَال: جناب الْبَارِي: وَالْمرَاد الذَّات، وَفِيه تَعْظِيم ورعاية للأدب وَمِنْه قَوْله: حَضْرَة فلَان، ومجلس فلَان، وأرسلته إِلَى جنابه الْعَزِيز وَفِي جنب الله أَي: فِي أمره وَحده الَّذِي حَده لنا وَالْجَار الْجنب: أَي الْبعيد [الَّذِي لَا قرَابَة لَهُ، كَمَا أَن الْجَار ذَا الْقُرْبَى هُوَ الَّذِي قرب جواره، أَو لَهُ مَعَ الْجوَار قرب اتِّصَال بِنسَب أَو دين] والصاحب بالجنب: أَي الْقَرِيب وَصَاحِبك فِي السّفر وَالْجَار الْجنب: بِضَمَّتَيْنِ: وَهُوَ جَارك من غير قَوْمك والجنابة: [خُرُوج] الْمَنِيّ [وَالْجنب: يَسْتَوِي فِيهِ الذّكر وَالْأُنْثَى وَالْوَاحد والتثنية وَالْجمع لِأَنَّهُ على صِيغَة الْمصدر كالنكر وَالنّذر بِمَعْنى الْإِنْكَار والإنذار] الْجَرَاد: هُوَ مَعْرُوف، كَانَ بحري الأَصْل بري المعاش، كَمَا قيل إِن بيض السّمك إِذا انحسر عَنهُ المَاء يصير جَرَادًا، كَمَا فِي " الْمَبْسُوط " الجميلة: هِيَ الَّتِي تَأْخُذ ببصرك على الْبعد والمليحة: هِيَ الَّتِي تَأْخُذ بقلبك على الْقرب الْجَزْم: الْقطع وَالْأَخْذ فِي الشَّيْء بالثقة وَجزم الْأَمر: قطعه لَا عودة فِيهِ و [جزم] الْحَرْف: أسْكنهُ و [جزم] عَلَيْهِ: سكت و [جزم] عَنهُ: جبن وَعجز (الْجَبْهَة: هِيَ الَّتِي يسْجد الْإِنْسَان عَلَيْهَا) الجسر: هُوَ اسْم لما يوضع وَيرْفَع مِمَّا يكون متخذا من الْخشب والألواح، والقنطرة من الْحجر والآجر الْجد: بِالْفَتْح: أَبُو الْأَب وَأَبُو الْأُم وَالْجدّة: أم الْأُم وَأم الْأَب وَالْجد أَيْضا: الْقطع وَمِنْه جد فِي سيره، وَفِي أمره والفيض الإلهي: وَمِنْه: {تَعَالَى جد رَبنَا} أَي: فيضه، أَو تجَاوز عَظمته عَن دَرك أفهامنا وَالْعَظَمَة وَمِنْه حَدِيث عمر: كَانَ الرجل منا إِذا قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان جد فِينَا أَي: جلّ قدره وَعظم وَالْجد أَيْضا: الْغنى، وَمَا يَجعله الله للْعَبد من الحظوظ الدُّنْيَوِيَّة، وَهُوَ البخت " وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد " أَي: لَا يتَوَصَّل إِلَى ثَوَاب الله فِي الْآخِرَة بالجد، وَإِنَّمَا ذَلِك بالجد فِي الطَّاعَة وَالْجد فِي الْأَمر: الِاجْتِهَاد وَهُوَ مصدر، وَالِاسْم بِالْكَسْرِ، وَمِنْه: فلَان محسن جدا: أَي نِهَايَة ومبالغة

وضد الْهزْل بِالْكَسْرِ أَيْضا وَمِنْه حَدِيث: " ثَلَاث جدهن جد وهزلهن جد " الجمة: الشّعْر الْكثير وَهِي أَكثر من اللمة وَالْجمع الجم الجثوم: هُوَ للنَّاس وَالطير بِمَنْزِلَة البروك للبعير الْجوف: المطمئن من الأَرْض وجوف اللَّيْل: هُوَ الْخَامِس من أسداسه والأجوفان: الْبَطن والفرج الجرو: هُوَ ولد السَّبع، وَهُوَ أَيْضا الصغار من القثاء وَالرُّمَّان الْجِنَازَة؛ بِالْفَتْح: الْمَيِّت، وَقيل: بِالْفَتْح السرير وبالكسر الْمَيِّت أَو بِالْعَكْسِ أَو بِالْكَسْرِ السرير مَعَ الْمَيِّت، قَالَ بَعضهم: الْأَعْلَى للأعلى والأسفل للأسفل الْجِنَايَة؛ بِالْكَسْرِ [كالكناية] : فِي الأَصْل أَخذ الثَّمر من الشّجر، نقلت إِلَى إِحْدَاث الشَّرّ، ثمَّ إِلَى الشَّرّ، ثمَّ إِلَى فعل محرم [الجزرة: اسْم لما أعد لجزر وَذبح وَهُوَ الشَّاة لَا الْبَعِير وَالْبَقر فَإِنَّهُمَا يصلحان لعمل آخر، وَالْجمع يتَنَاوَل الْبَعِير، يركب أَو لَا، وَلَا يتَنَاوَل بقرًا وشَاة] الْجحْد: هُوَ نفي مَا فِي الْقلب ثباته وَإِثْبَات مَا فِي الْقلب نَفْيه، وَلَيْسَ بمرادف للنَّفْي من كل وَجه الْجَزَاء: الْمُكَافَأَة على الشَّيْء وَقد ورد فِي الْقُرْآن (جزى) دون (جازى) وَذَلِكَ أَن المجازاة هِيَ الْمُكَافَأَة، والمكافأة مُقَابلَة نعْمَة بِنِعْمَة هِيَ كفؤها، ونعمة الله لَا كُفْء لَهَا وَلِهَذَا لَا يسْتَعْمل لفظ الْمُكَافَأَة فِي حق الله تَعَالَى (فِي " الْقَامُوس ": الْحَمد لله كُفْء الْوَاجِب: أَي مَا يكون مكافئا لَهُ) [وَالْجَزَاء إِذا أطلق فِي معرض الْعُقُوبَات يُرَاد بِهِ مَا يجب حَقًا لله تَعَالَى بِمُقَابلَة فعل العَبْد لِأَنَّهُ الْمجَازِي على الْإِطْلَاق، وَلِهَذَا سميت دَار الْآخِرَة دَار الْجَزَاء] الجنف: الْخَطَأ وَالْإِثْم الْعمد وجنف: ك (فَرح) فِي مُطلق الْميل عَن الْحق وأجنف: مُخْتَصّ بِالْوَصِيَّةِ جَاءَ: هُوَ لَازم ومتعد بِنَفسِهِ، وبالباء أَيْضا تَقول: جِئْت شَيْئا حسنا: إِذا فعلته وَجئْت زيدا: إِذا أتيت إِلَيْهِ وَقد يُقَال: جِئْت إِلَيْهِ، على معنى ذهبت وَجَاء الْغَيْث: نزل و [جَاءَ] أَمر السُّلْطَان: بلغ وَجَاء: بِمَعْنى تَقْرِير الشَّيْء على صفة نَحْو: (مَا جَاءَت حَاجَتك) : أَي مَا صَارَت وَبِمَعْنى ظهر نَحْو: {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} جهرة: أَي عيَانًا فِي الأَصْل مصدر (جهرت بِالْقُرْآنِ) استعيرت للمعاينة، لما بَينهمَا من الِاتِّحَاد فِي الوضوح والانكشاف، إِلَّا أَن الأول فِي المسموعات وَالثَّانِي فِي المبصرات

و {أرنا الله جهرة} : نصب على المصدرية لِأَنَّهَا نوع من الرُّؤْيَة، أَو حَال جُمَادَى: جَاءَت على بنية (فعالى) ك (حبارى) وَهِي لَا تكون إِلَّا للمؤنث فَإِن سمع (جُمَادَى) مذكرا فِي شعر فَإِنَّمَا يذهب بِهِ إِلَى الشَّهْر وَأَسْمَاء الشُّهُور كلهَا مذكرة إِلَّا (جُمَادَى) فِي " الْقَامُوس ": " وجمادى خَمْسَة الأولى، وجمادى سِتَّة الْآخِرَة " وهما معرفتان فإدخال اللَّام فيهمَا غير صَحِيح جَمِيعًا: حَال فِي اللَّفْظ وتأكيد فِي الْمَعْنى، أَي: أَجْمَعُونَ كَقَوْلِهِم: (جاؤوا جَمِيعًا) ، وَلَا يَسْتَدْعِي الِاجْتِمَاع فِي زمَان [نوع] {فَلَا جنَاح} : فَلَا حرج {جنفا} : ميلًا عَن الْحق {جاسوا} : ترددوا للطلب {جذاذا} : قطاعا {جسدا} : شَيْطَانا {جد رَبنَا} : فعله وَأمره وَقدرته {جما} : شَدِيدا {رطبا جنيا} : طريا {كالجواب} : كالحياض الواسعة {حبا جما} : كثيرا مَعَ حرص وشره {جابوا الصخر} : نقبوا الْحِجَارَة {جثيا} : على ركبهمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْقيام {جاثية} : باركة على الركب وَتلك جلْسَة المخاصم والمجادل {الْجَوَارِي الكنس} : السيارات الَّتِي تختفي تَحت ضوء الشَّمْس {جنود رَبك} : جموع خلقه {وَلكم فِيهَا جمال} : زِينَة {جاثمين} : جامدين ميتين {وَمن آيَاته الْجوَار} : السفن {الجبت} : الشَّيْطَان أَو السَّاحر [وَهُوَ فِي الأَصْل اسْم صنم فَاسْتعْمل فِي كل مَا عبد من دون الله] {الْجَوَارِح} : الْكلاب والفهود والصقور وأشباهها

{الجبلة} : الْخلق {جهولا} : غرا بِأَمْر الله {فِي جيبك} : فِي قَمِيصك {جنيا} : غضا {إِلَى جناحك} : إِلَى جَنْبك تَحت الْعَضُد {فَصَبر جميل} : لَا جزع فِيهِ {فِي جيدها} : فِي عُنُقهَا {بصرت بِهِ عَن جنب} : عَن بعد الأَرْض {جذوة} : مُثَلّثَة الْفَاء، قِطْعَة غَلِيظَة من الْحَطب فِيهَا نَار لَا لَهب لَهَا {وأضعف جندا} : فِئَة وأنصارا {جزوعا} : كثير الْجزع {وَجَبت جنوبها} : سَقَطت على الأَرْض {جنَّة} : بِالْكَسْرِ: جُنُون {تحسبها جامدة} : ثَابِتَة مَكَانهَا {الجرز: الأَرْض الَّتِي جرز نباتها أَي قطع وأزيل (جفان} : صحاف {من الْجبَال جدد} : أَي ذُو خطط وطرائق {فِي جنب الله} : فِي حَقه {الْجلاء} : بِالْفَتْح: الْخُرُوج من الوطن {الصافنات الْجِيَاد} : جمع جواد وَهُوَ الَّذِي يسْرع فِي جريه {أرنا الله جهرة} : عيَانًا {جنحوا} : مالوا {جفَاء} ؛ بِالضَّمِّ: بَاطِلا {فِي جو السَّمَاء} : فِي الْهَوَاء المتباعد من الأَرْض {كَأَنَّهَا جَان} : حَيَّة خَفِيفَة سريعة {جَهَنَّم} : قيل عجمية وَقيل فارسية وَقيل عبرانية أَصْلهَا (كهنام) وَالله أعلم [ {أَكثر شَيْء جدلا} : خُصُومَة بِالْبَاطِلِ {كَمَا بلونا أَصْحَاب الْجنَّة} : يُرِيد الْبُسْتَان، كَانَ دون صنعاء بفرسخين {حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَة} : فِي سفينة نوح

فصل الحاء

{نفر من الْجِنّ} : هم أجسام عَاقِلَة خُفْيَة تغلب عَلَيْهِم النارية أَو الهوائية {واهجرهم هجرا جميلا} : بِأَن تجانبهم وتداريهم لَا تكافئهم وتكلهم إِلَى الله {ثمَّ الْجَحِيم صلوه} : وَهِي النَّار الْعُظْمَى {وَجعل الظُّلُمَات والنور} : أنشأهما {جعلنَا فِي كل قَرْيَة} : صيرنا فِيهَا] (فصل الْحَاء) [الحسبان] : كل مَا فِي الْقُرْآن من حسبان فَهُوَ من الْعدَد، إِلَّا {حسبانا من السَّمَاء} فِي " الْكَهْف " فَإِنَّهُ الْعَذَاب [الْحَسْرَة] : كل مَا فِي الْقُرْآن من حسرة فَهِيَ الندامة، إِلَّا {ليجعل الله ذَلِك حسرة فِي قُلُوبهم} فَإِن مَعْنَاهُ الْحزن [الْحَمد] : كل مَا ورد فِي الْقُرْآن من (الْحَمد لله) فَهُوَ إِخْبَار بِمَعْنى الْأَمر، لِأَن مثل هَذَا تَعْلِيم للعباد وَتقول على ألسنتهم [الْحَرَام] : كل مَوضِع ذكر الله فِيهِ الْمَسْجِد الْحَرَام فَالْمُرَاد بِهِ الْحرم إِلَّا فِي قَوْله تَعَالَى: {فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام} فَإِن المُرَاد بِهِ الْكَعْبَة [الْحِفْظ] : كل آيَة ذكر فِيهَا حفظ الْفروج فَهُوَ من الزِّنَا إِلَّا {قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم ويحفظوا فروجهم} فَإِن المُرَاد الاستتار [الْحُضُور] : كل مَا فِي الْقُرْآن من الْحُضُور فَهُوَ بالضاد من الْمُشَاهدَة إِلَّا قَوْله: {كهشيم المحتظر} فَإِنَّهُ بالضاء من الاحتظار، وَهُوَ الْمَنْع [الْحَظ] : كل حَظّ فِي الْقُرْآن فَهُوَ بالظاء إِلَّا فِي " الْفجْر " و " الماعون " و " الحاقة " فَإِنَّهُ بالضاد فِيهَا [الحنيف] : كل مَوضِع فِي الْقُرْآن ذكر الحنيف مَعَ الْمُسلم فَهُوَ الْحَاج {وَلَكِن كَانَ حَنِيفا مُسلما} وَفِي كل مَوضِع ذكر وَحده فَهُوَ الْمُسلم نَحْو: {لله حَنِيفا} وكل من أسلم لله وَلم ينحرف عَنهُ فِي شَيْء فَهُوَ حنيف و {مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا} أَي: مُخَالفا للْيَهُود وَالنَّصَارَى منصرفا عَنْهُمَا [الْحَادِث] : كل مَا كَانَ وجوده طارئا على عَدمه أَو عَدمه طارئا على وجوده فَهُوَ حَادث [الحم] : كل من كَانَ من قبل الزَّوْج مثل الْأَخ وَالْأَب فَهُوَ حم [الحيد] : كل نتو فِي الْقرن والجبل وَغَيرهمَا فَهُوَ حيد

[الحصب] : كل مَا هيجت بِهِ النَّار إِذا أوقدتها فَهُوَ حصب، وَلَا يكون الْحَطب حَصْبًا حَتَّى يسجر بِهِ أَي يحمى بِهِ التَّنور، [قَالَ بَعضهم: لحصب جَهَنَّم اعتباران فَمن حَيْثُ تتقد بِهِ النَّار بِلَا مهلة وقود، وَمن حَيْثُ زَمَانا بقدرة الله حصب] [الحديقة] : كل بُسْتَان عَلَيْهِ حَائِط فَهُوَ حديقة [الْحمام] : كل طَائِر لَهُ طوق فَهُوَ حمام [الحم والحمة] : كل مَا أذيب من الألية فَهُوَ حم وحمة، كَمَا أَن كل مَا أذيب من الشَّحْم فَهُوَ صهارة [الْحلِيّ] : كل مَا حليت بِهِ امْرَأَة أَو سَيْفا فَهُوَ حلي [الْحصْر] : كل من امْتنع من شَيْء لم يقدر عَلَيْهِ فقد حصر عَنهُ، وَلِهَذَا قيل: حصر فِي الْقِرَاءَة، وَحصر عَن أَهله [الحيز] : كل نَاحيَة فَهِيَ حيّز [الْحجاب] : كل مَا يستر الْمَطْلُوب وَيمْنَع من الْوُصُول إِلَيْهِ فَهُوَ حجاب، كالستر والبواب والجسم وَالْعجز وَالْمَعْصِيَة [الحنش] : كل مَا يصاد من الطير والهوام فَهُوَ حَنش بِفتْحَتَيْنِ [الْحمل] : كل مُتَّصِل فَهُوَ حمل بِالْفَتْح وكل مُنْفَصِل فَهُوَ حمل بِالْكَسْرِ [الحمولة] : كل مَا احْتمل عَلَيْهِ الْحَيّ من حمَار أَو غَيره سَوَاء كَانَت عَلَيْهِ الْأَحْمَال أَو لم تكن فَهُوَ حمولة، بِالْفَتْح والحمولة، بِالضَّمِّ: الْأَحْمَال و (فعولة) تدخله الْهَاء إِذا كَانَ بِمَعْنى الْمَفْعُول والحمول، بِلَا هَاء: الْإِبِل الَّتِي عَلَيْهَا الهوادج، كَانَ فِيهَا نسَاء أَو لم يكن [حَال واستحال] : كل مَا تحرّك أَو تغير من الاسْتوَاء إِلَى العوج فقد حَال واستحال [حل] : كل جامد أذيب فقد حل وحبل الحبلة: نتاج النِّتَاج [حَال] : كل مَا حجز بَين شَيْئَيْنِ فقد حَال بَينهمَا [الْحيرَة] : كل محلّة دنت مِنْك مَنَازِلهمْ فَهِيَ الْحيرَة [حلا يحلو] : كل طَعَام وشراب يحدث فِيهِ حلاوة ومرارة فَإِنَّهُ يُقَال فِيهِ: حلا يحلو، وَمر يمر وكل مَا كَانَ من دبير أَو أَمر يشْتَد ويلين وَلَا طعم لَهُ فَإِنَّهُ يُقَال فِيهِ: أحلى يحلى، وَأمر يمر [حج] : كل من قصد شَيْئا فقد حجَّة [حَرْب] : كل من عصاك فَهُوَ حَرْب لَك [الحريد] : كل قَلِيل من كثير فَهُوَ حريد، يُقَال رجل حرد: إِذا ترك أَهله وحول [الْحرَّة] : كل أَرض ذَات حِجَارَة سود فَهِيَ حرَّة كَأَنَّهَا محترقة من الْحر [حَاز] : كل من ضم إِلَى نَفسه شَيْئا فقد حازه حوزا وحيازا وحيازة، واحتازه أَيْضا وبيضة كل شَيْء حوزته

[الحَدِيث] : كل كَلَام يبلغ الْإِنْسَان من جِهَة السّمع أَو الْوَحْي فِي يقظة أَو مَنَام يُقَال لَهُ حَدِيث قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذا أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} {وعلمتني من تَأْوِيل الْأَحَادِيث} أَي مَا يحدث بِهِ الْإِنْسَان من نَومه [الْحَال] : كل اسْم نكرَة منتصب بعد تَمام الْكَلَام فَهُوَ الْحَال [الْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة] : كل لفظ وضع لِمَعْنى فِي اللُّغَة ثمَّ اسْتعْمل فِي الشَّرْع لِمَعْنى آخر مَعَ هجران الِاسْم اللّغَوِيّ عَن الْمُسَمّى بِحَيْثُ لَا يسْبق إِلَى أفهام السامعين الْوَضع الأول فَهُوَ حَقِيقَة شَرْعِيَّة لَا يقبل النَّفْي أصلا كَالصَّلَاةِ فَإِنَّهَا وضعت للدُّعَاء ثمَّ صَارَت فِي الشَّرْع عبارَة عَن الْأَركان الْمَعْلُومَة والحقيقة الْعُرْفِيَّة: هِيَ اللَّفْظ الَّذِي نقل عَن مَوْضُوعه الْأَصْلِيّ إِلَى غَيره لغَلَبَة الِاسْتِعْمَال وَصَارَ الْوَضع الْأَصْلِيّ مَهْجُورًا، كاسم الْعدْل فَإِنَّهُ فِي صنع اللُّغَة مصدر كالعدالة، ثمَّ فِي عرف الِاسْتِعْمَال صَار عبارَة عَن الْعَادِل، فَصَارَ حَقِيقَة عرفية حَتَّى لَا يَسْتَقِيم نَفْيه فِي الشَّاهِد وَالْغَائِب جَمِيعًا [الْحَقِيقَة الْكَامِلَة] : كل لفظ إِذا اسْتعْمل فِيمَا هُوَ مَوْضُوع لَهُ فَهُوَ حَقِيقَة كَامِلَة وَفِيمَا هُوَ جُزْء من مَوْضُوعه فَهُوَ حَقِيقَة قَاصِرَة وَفِيمَا هُوَ خَارج عَن مَوْضُوعه فَهُوَ مجَاز [الْحَقِيقَة البلاغية] : كل كلمة أُرِيد بهَا مَا وضعت لَهُ فَهِيَ حَقِيقَة، كالأسد للحيوان المفترس وَالْيَد للجارحة وَنَحْو ذَلِك وَإِن أُرِيد بهَا غير مَا وضعت لَهُ لمناسبة بَينهمَا فَهِيَ مجَاز، كالأسد للرجل الشجاع، وَالْيَد للنعمة أَو للقوة، فَإِن النِّعْمَة تُعْطى بِالْيَدِ وَالْقُوَّة تظهر بكمالها فِي الْيَد، هَذَا حدهما فِي الْمُفْرد، وَأما حدهما فِي الْجُمْلَة: فَهُوَ أَن كل جملَة كَانَ الحكم الَّذِي دلّت عَلَيْهِ كَمَا هُوَ فِي الْعقل فَهِيَ حَقِيقَة، كَقَوْلِنَا (خلق الله الْخلق) [الْمجَاز] : وكل جملَة أخرجت الحكم المفاد بهَا عَن مَوْضُوعه فِي الْعقل لضرب من التَّأْوِيل فَهِيَ مجَاز، كَمَا إِذا أضيف الْفِعْل إِلَى شَيْء يضاهي الْفَاعِل كالمفعول بِهِ فِي {عيشة راضية} و {مَاء دافق} ، أَو الْمصدر ك (شعر شَاعِر) ، أَو الزَّمَان ك (نَهَاره صَائِم) ، أَو الْمَكَان ك (طَرِيق سَائِر) ، أَو الْمُسَبّب ك (بنى الْأَمِير الْمَدِينَة) ، أَو السَّبَب كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِذا تليت عَلَيْهِم آيَاته زادتهم إِيمَانًا} فمجاز لمفرد لغَوِيّ وَيُسمى مجَازًا فِي الْمُثبت، ومجاز الْجُمْلَة عَقْلِي وَيُسمى مجَازًا فِي الْإِثْبَات، فَكل نِسْبَة وضعت فِي غير موضعهَا بعلامة فَهِيَ مجَاز عَقْلِي، تَامَّة كَانَت أَو نَاقِصَة وعلامة الْحَقِيقَة أَن لَا يجوز نَفيهَا عَن الْمُسَمّى بِحَال بِخِلَاف الْمجَاز [فَإِن عَلامَة كَونه مجَازًا أَن يَصح نَفْيه عَن الْمُسَمّى، قَالَ بَعضهم: صِحَة النَّفْي يتَوَقَّف على معرفَة الْمجَاز، فَلَو عَرفْنَاهُ بِصِحَّة النَّفْي لزم الدّور، نعم لَكِن معرفَة كَونه مجَازًا للْحَال تتَوَقَّف على صِحَة النَّفْي فِي مجَال استعمالاته، وَذَلِكَ لَا يتَوَقَّف على معرفَة كَونه

مجَازًا] ، وعلامة أُخْرَى لَهَا هِيَ أَن الْحَقِيقَة مَا يفهم السَّامع مَعْنَاهَا من غير قرينَة الْحَقِيقَة: [هِيَ إِمَّا (فعيل) بِمَعْنى فَاعل من (حق الشَّيْء) إِذا ثَبت، وَمِنْه (الحاقة) لِأَنَّهَا ثَابِتَة كائنة لَا محَالة وَإِمَّا بِمَعْنى (مفعول) من (حققت الشَّيْء) إِذا أثْبته فَيكون مَعْنَاهَا الثَّابِتَة والمثبتة فِي موضعهَا الْأَصْلِيّ، وَالتَّاء للتأنيث فِي الْوَجْه الأول، ولنقل اللَّفْظ من الوصفية إِلَى الاسمية فِي الثَّانِي كَمَا فِي (نطيحة) و (أكيلة) لِأَن (فعيلا) بِمَعْنى الْمَفْعُول يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَقَالَ صَاحب " الْمِفْتَاح ": إِنَّهَا للتأنيث فِي الْوَجْهَيْنِ: لِأَنَّهُ صفة غير جَارِيَة على موصوفها وَالتَّقْدِير كلمة حَقِيقِيَّة، وَإِنَّمَا يَسْتَوِي الْمُذكر والمؤنث فِي (فعيل) بِمَعْنى مفعول إِذا كَانَ جَارِيا على موصوفه نَحْو: (رجل) قَتِيل) و (امْرَأَة قَتِيل) وَإِلَّا فالتأنيث وَاجِب دفعا للالتباس نَحْو: (مَرَرْت بقتيل بني فلَان) و (قتيلة بني فلَان) ، و (فعيل) بِمَعْنى فَاعل يذكر وَيُؤَنث سَوَاء أجري على موصوفه أَو لَا نَحْو: (رجل ظريف) و (امْرَأَة ظريفة) و] حَقِيقَة الشَّيْء: كَمَاله الْخَاص بِهِ يُقَال: حَقِيقَة الله وَلَا يُقَال: مَاهِيَّة الله لإيهامها معنى التجانس وَفِي اصْطِلَاح الميزانيين: حَقِيقَة الشَّيْء المحمولة ب (هُوَ) ذَات الشَّيْء كالحيوان النَّاطِق للْإنْسَان وَأما ذاتيته وَهِي الحيوانية، والناطقية فتسمى مَاهِيَّة فَاعْتبر مثل هَذَا فِي الْوُجُود فَإِنَّهُ نفس الْمَاهِيّة، وَوُجُود الْإِنْسَان هُوَ نفس كَونه حَيَوَانا ناطقا فِي الْخَارِج وَقد تطلق الْحَقِيقَة وَيُرَاد بهَا مَا يُقَال فِي جَوَاب السُّؤَال بِمَا هُوَ، وَهُوَ حَقِيقَة نوعية إِن كَانَ السُّؤَال عَن جزئيات النَّوْع بالاشتراك فَقَط، وَحَقِيقَة شخصية إِن كَانَ السُّؤَال بالخصوصية، كالحيوان النَّاطِق مَعَ التشخص فِي الثَّانِي، وبدونه فِي الأول، فَلَا يَصح أَن تقع الْحَقِيقَة النوعية جَوَابا عَن السُّؤَال ب (مَا هُوَ) إِذا أفرد بعض الجزئيات بِالذكر، لعدم الْمُطَابقَة بَينهمَا وَقد تطلق الْحَقِيقَة وَيُرَاد بهَا مَا يكون مَعْرفَتهَا غنية عَن الِاكْتِسَاب، وَهِي الَّتِي يكون مَعْرفَتهَا حَاصِلَة عِنْد الْإِنْسَان من غير كسب وَطلب مِنْهُ، فَلَا يُمكن تَعْرِيفهَا، لِأَنَّهُ لَو أمكن لَكَانَ بِأُمُور هِيَ أظهر وَأعرف مِنْهَا، وَلَا يُوجد شَيْء أعرف وَأظْهر من المحسوسات والحقيقة الَّتِي يبْحَث عَنْهَا أهل الْحِكْمَة هِيَ الْأَحْوَال الثَّابِتَة للأشياء فِي نَفسهَا، مَعَ قطع النّظر عَن جعل جَاعل وَاعْتِبَار مُعْتَبر وَهَذِه الْحَقِيقَة لَا يتَوَصَّل إِلَيْهَا إِلَّا بِالْعلمِ وَالْيَقِين، بِخِلَاف الاعتبارية الَّتِي هِيَ المباحث المنوطة بالجعل وَالِاعْتِبَار، كالمباحث الشَّرْعِيَّة والعرفية، فَإِن الظَّن يعْتَبر فِيهَا عدم الْوُصُول إِلَى الْيَقِين وَلَفْظَة الْحَقِيقَة مجَاز فِي مَعْنَاهَا، فَإِنَّهَا (فعلية) مَأْخُوذَة من الْحق، وَالْحق بِحَسب اللُّغَة: الثَّابِت، لِأَنَّهُ نقيض الْبَاطِل الْمَعْدُوم، و (الفعيل) الْمُشْتَقّ من الْحق إِن كَانَ بِمَعْنى الْفَاعِل كَانَ مَعْنَاهُ الثَّابِت، وَإِن كَانَ بِمَعْنى الْمَفْعُول كَانَ مَعْنَاهُ الْمُثبت، نقل من الْأَمر الَّذِي لَهُ ثبات إِلَى العقد المطابق للْوَاقِع، لِأَنَّهُ أولى بالوجود من العقد غير المطابق، ثمَّ نقل

من العقد إِلَى القَوْل المطابق لهَذِهِ الْعلَّة بِعَينهَا، ثمَّ نقل إِلَى الْمَعْنى المصطلح، وَهُوَ اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِيمَا وضع لَهُ فِي اصْطِلَاح التخاطب، (وَالتَّاء الدَّاخِلَة على الْفِعْل الْمُشْتَقّ من الْحق لنقل اللَّفْظ من الوصفية إِلَى الاسمية الصرفة) وَكَذَا الْمجَاز مجَاز فِي مَعْنَاهُ، فَإِنَّهُ (مفعل) من الْجَوَاز بِمَعْنى العبور، وَهُوَ حَقِيقَة فِي الْأَجْسَام، وَاللَّفْظ عرض يمْتَنع عَلَيْهِ الِانْتِقَال من مَحل إِلَى آخر، وَبِنَاء (مفعل) مُشْتَرك بَين الْمصدر وَالْمَكَان لكَونه حَقِيقَة فيهمَا، ثمَّ نقل من الْمصدر أَو الْمَكَان إِلَى الْفَاعِل الَّذِي هُوَ الْجَائِز، ثمَّ من الْفَاعِل إِلَى الْمَعْنى المصطلح، وَهُوَ اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِي غير مَا وضع لَهُ يُنَاسب الْمَعْنى المصطلح بِحَسب التخاطب والحقيقة: عبارَة عَن الِاسْتِعْمَال فِي الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ والحقيقي: عبارَة عَن الْوَضع وَالْمجَاز يتَوَقَّف على الثَّانِي لَا على الأول وَالْمجَاز لَا يفهم مَعْنَاهُ إِلَّا بِقَرِينَة من حَيْثُ اللَّفْظ أَو دلَالَة الْحَال وَاعْتِبَار العلاقة مَعَ الْقَرِينَة كَاف فِي الْمجَاز هَذَا عِنْد الْجُمْهُور، وَلَيْسَ كَذَلِك عِنْد الْبَعْض، بل السماع عَن الْعَرَب شَرط لَهُ كَأَن يُقَال: إِن هَذِه العلاقة السَّبَبِيَّة مثلا مسموع من الْعَرَب فِي مثل هَذَا الْمجَاز وَالْمُعْتَبر نوع العلاقة المضبوطة فِي استعمالات البلغاء الخلص، لَا علاقَة جزئية حَتَّى يلْزم نقل عينهَا عَن أَرْبَاب البلاغة السليقية، لاتفاقهم على ارْتِفَاع الْكَلَام الْمُشْتَمل على الِاسْتِعَارَة البديعية الَّتِي صدرت عَن أَصْحَاب البلاغة المكتسبة، (وَيدل على عدم شَرط السماع عدم بيانهم الْمعَانِي الْجُزْئِيَّة فِي كتب اللُّغَة كبيانهم الْحَقِيقَة فِيهَا) [وَلَا ينْقل الِاسْم عَن مَحل الْحَقِيقَة إِلَى غَيره بطرِيق الْمجَاز إِلَّا لمشابهة قَوِيَّة بَينهمَا حَتَّى قَالَ أهل اللُّغَة: إِن الْمجَاز تَشْبِيه بِدُونِ كَاف التَّشْبِيه، وَذَلِكَ بِدلَالَة تَأَكد المشابهة بَينهمَا فَكَانَت المشابهة لَازِمَة بَين مَحل الْمجَاز وَمحل الْحَقِيقَة] وأنواع العلاقات قيل خَمْسَة وَعِشْرُونَ كَمَا ذكره الْقَوْم؛ وَضبط صَاحب " التَّوْضِيح " فِي تِسْعَة؛ وَابْن الْحَاجِب فِي خَمْسَة؛ (وَمَا ذكره الْقَوْم بالاستقراء، وَإِن كَانَ بعض مِنْهَا متداخلا، وَهُوَ اسْتِعْمَال اسْم السَّبَب للمسبب نَحْو: (بلوا أَرْحَامكُم) أَي: صلوا؛ وَبِالْعَكْسِ كالإثم للخمر، وَاسْتِعْمَال الْكل للجزء كالأصابع للأنامل وَبِالْعَكْسِ كالوجه للذات؛ وَاسْتِعْمَال الملزم للازم كالنطق للدلالة، وَبِالْعَكْسِ كشد الْإِزَار للاعتزال عَن النِّسَاء فِي قَوْله: (قوم إِذا حَاربُوا شدوا مآزرهم ... دون النِّسَاء وَلَو باتت بأطهار) وَاسْتِعْمَال أحد المتشابهين فِي صفة شكلا أَو غَيره للْآخر كالأسد للشجاع وَاسْتِعْمَال الْمُطلق للمقيد كَالْيَوْمِ ليَوْم الْقِيَامَة، وَبِالْعَكْسِ كالمشفر للشفة وَاسْتِعْمَال الْخَاص للعام نَحْو: {وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا} أَي: رُفَقَاء

وَبِالْعَكْسِ، كالعام الْمَخْصُوص وَحذف الْمُضَاف نَحْو: {واسأل الْقرْيَة} وَيُسمى مجَازًا بِالنُّقْصَانِ؛ وَبِالْعَكْسِ نَحْو: أَن ابْن جلا ... والمجاورة كالميزاب للْمَاء وَالْأول وَاعْتِبَار مَا كَانَ وَالْمحل للْحَال وَبِالْعَكْسِ نَحْو: {فَفِي رَحْمَة الله} أَي: الْجنَّة وَآلَة الشَّيْء لَهُ، كاللسان للذّكر وَأحد الْبَدَلَيْنِ للْآخر نَحْو: الدَّم للدية والنكرة فِي الْإِثْبَات للْعُمُوم نَحْو: {علمت نفس مَا أحضرت} والضد للضد والمعرف للْمُنكر، كَقَوْلِه: {وادخلوا الْبَاب} أَي: بَابا من أَبْوَابهَا والحذف نَحْو {يبين الله لكم أَن تضلوا} أَي: لِئَلَّا تضلوا وَالزِّيَادَة نَحْو {لَيْسَ كمثله شَيْء} [وَاعْلَم أَن اللَّفْظ إِذا تجرد عَن الْقَرِينَة فإمَّا أَن يحمل على حَقِيقَته أَو مجازه أَو عَلَيْهِمَا أَو لَا على وَاحِد مِنْهُمَا، وَالثَّلَاثَة الْأَخِيرَة بَاطِلَة لِأَن شَرط الْحمل على الْمجَاز حُصُول الْقَرِينَة الْمَانِعَة اتِّفَاقًا، وَالْمَجْمُوع من حَيْثُ لَيْسَ حَقِيقَة لَهُ إِذْ الْمُقدر خِلَافه فَيكون مَعْنَاهُ الْمجَازِي وَقد فَاتَ شَرط الْحمل عَلَيْهِ، وعَلى التَّقْدِير الْأَخير يكون مهملا أَو مُجملا وَذَلِكَ خلاف الْإِجْمَاع فَتعين الْوَجْه الأول ثمَّ اعْلَم أَن الْحَقِيقَة إِمَّا متعذرة وَإِمَّا مهجورة] فالحقيقة المتعذرة هِيَ مَا لَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ إِلَّا بِمَشَقَّة ك (أكل النَّخْلَة) والمهجورة: مَا يتْركهُ النَّاس وَإِن تيَسّر الْوُصُول إِلَيْهِ، ك (وضع الْقدَم) وَقيل: المتعذرة مَا لَا يتَعَلَّق بِهِ حكم وَإِن تحقق والمهجورة قد يثبت بهَا الحكم إِذا صَار فَردا من أَفْرَاد الْمجَاز عَادَة أَو شرعا وَقيل: المهجورة كِنَايَة كالمجاز غير الْغَالِب الِاسْتِعْمَال (والحقيقة إِذا تَعَذَّرَتْ يُصَار إِلَى الْمجَاز، والمهجور شرعا أَو عرفا كالمتعذر) وَإِذا تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَة وَالْمجَاز، أَو كَانَ اللَّفْظ مُشْتَركا بِلَا مرجع أهمل لعدم الْإِمْكَان والحقيقة إِذا كَانَت مستعملة وَالْمجَاز أَكثر مِنْهَا اسْتِعْمَالا فَالْعَمَل بالمجاز على وَجه يصير الْحَقِيقَة فَردا مِنْهُ أولى هَذَا عِنْد أبي يُوسُف وَمُحَمّد تَرْجِيحا بِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال، إِذْ الْحَقِيقَة مَتى قل اسْتِعْمَالهَا لَا تتسارع الأفهام إِلَيْهَا، فَالْعِبْرَة للمجاز تَحْقِيقا لغَرَض الإفهام بأبلغ الْوُجُوه وَأما عِنْد أبي حنيفَة فَالْعَمَل بِالْحَقِيقَةِ أولى لِأَنَّهَا الأَصْل وَإِذا اسْتَويَا فِي الِاسْتِعْمَال فَالْعَمَل بِالْحَقِيقَةِ أولى بالِاتِّفَاقِ، لِأَنَّهُ بالتعارض يسْقط اعْتِبَار الْعرف سَوَاء كَانَ بالتعامل، وَهُوَ قَوْلهمَا وَعَلِيهِ مَشَايِخ بَلخ، أَو بالتفاهم والأقوال وَهُوَ قَول الإِمَام وَعَلِيهِ مَشَايِخ الْعرَاق

[وَجُمْلَة مَا تتْرك بِهِ الْحَقِيقَة خَمْسَة أَنْوَاع عرف ذَلِك بطرِيق الاستقراء: تتْرك بِدلَالَة الْعدة أَي الْعرف وَالشَّرْع، وبدلالة مَحل الْكَلَام، لِأَن مَحل الْحَقِيقَة مَا لم يقبل حكمهَا للتعذر تعين إِرَادَة الْمجَاز؛ وبدلالة معنى يرجع إِلَى الْمُتَكَلّم أَي صفة من صِفَاته، كَمَا لَو وكل بشرَاء اللَّحْم فَإِنَّهُ ينفذ بالنيء إِن كَانَ مُقيما وبالمطبوخ والمشوي إِن كَانَ مُسَافِرًا بِدلَالَة حَالهمَا على ذَلِك وبقرينة لفظية التحقت بِهِ سَابِقَة أَو مُتَأَخِّرَة، إِلَّا أَن السِّيَاق أَكثر اسْتِعْمَاله فِي الْمُتَأَخِّرَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر إِنَّا أَعْتَدْنَا للظالمين نَارا} لِأَن حَقِيقَة الْأَمر الْإِيجَاب عِنْد الْجُمْهُور، وَعند الْبَعْض للنَّدْب وَالْإِبَاحَة وَالْكفْر غير وَاجِب وَلَا مَنْدُوب وَلَا مُبَاح، إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك لما اسْتوْجبَ الْعقُوبَة بسياق الْآيَة وتترك أَيْضا بِدلَالَة اللَّفْظ فِي نَفسه بِأَن يكون الِاسْم منبئا عَن كَمَال فِي مُسَمَّاهُ لُغَة، وَفِي أَفْرَاد ذَلِك الْمُسَمّى نوع قُصُور، فَعِنْدَ الْإِطْلَاق لَا يتَنَاوَل اللَّفْظ ذَلِك الْفَرد الْقَاصِر، كَلَفْظِ الصَّلَاة فَإِنَّهُ لما كَانَ عبارَة عَن الْأَركان الْمَخْصُوصَة لَا يتَنَاوَل عِنْد الْإِطْلَاق صَلَاة الْجِنَازَة لقُصُور فِيهَا، أَلا يرى أَنَّهَا لَا تذكر إِلَّا بِقَرِينَة] والحقيقة المقدسة: هِيَ الْمَاهِيّة الْكُلية المفاضة للوجود والتشخص عِنْد الْمُتَكَلِّمين، والوجود الْخَاص الْحَقِيقِيّ الْقَائِم بِذَاتِهِ عِنْد الْحُكَمَاء وعَلى كلا التَّقْدِيرَيْنِ يمْتَنع تعقلها بخصوصها، وَلَا تتعقل إِلَّا بمفهومات كُلية اعتبارية فَقَط عِنْد الْحَكِيم والمعتزلة، أَو بهَا وبصفات حَقِيقِيَّة عِنْد الماتريدية والأشاعرة الْحَمد: هُوَ الشُّكْر، والرضى، وَالْجَزَاء وَقَضَاء الْحق وَأحمد (فلَان) : صَار أمره إِلَى الْحَمد، أَو فعل مَا يحمد عَلَيْهِ و [أَحْمد] فلَانا: رَضِي فعله ومذهبه وَلم ينشره للنَّاس و [أَحْمد] أمره: صَار عِنْده مَحْمُودًا [وحمدت الله على كَذَا، أَي حمدته بإلقاء ذَلِك الْحَمد على كَذَا، إِذْ لَا يتَعَدَّى بعلى] والحميد: فعيل من الْحَمد بِمَعْنى الْمَحْمُود وأبلغ مِنْهُ، وَهُوَ من حصل لَهُ من صِفَات الْحَمد أكملها، أَو بِمَعْنى الحامد أَي: يحمد أَفعَال عباده والتحميد: حمد الله مرّة بعد مرّة وَإنَّهُ لحماد الله وَمِنْه: مُحَمَّد كَأَنَّهُ يحمد مرّة بعد مرّة وَأحمد إِلَيْك الله: أشكره وَالْعود أَحْمد: أَي أَكثر حمدا، لِأَنَّك لَا تعود إِلَى شَيْء غَالِبا إِلَّا بعد خيريته أَو مَعْنَاهُ أَنه إِذا ابْتَدَأَ الْمَعْرُوف جلب الْحَمد لنَفسِهِ، فَإِذا عَاد كَانَ أحمل أَي: أكسب للحمد لَهُ (أَو هُوَ (أفعل) من الْمَفْعُول. أَي: الِابْتِدَاء مَحْمُود وَالْعود أَحَق بِأَن يحمدوه كَذَا فِي " الْقَامُوس ") وَاخْتلف فِي الْحَمد وَالثنَاء وَالشُّكْر والمدح هَل هِيَ أَلْفَاظ متباينة، أَو مترادفة أَو بَينهَا عُمُوم وخصوص مُطلق، أَو من وَجه؟ فَمن قَالَ بالتباين نظر إِلَى مَا انْفَرد بِهِ كل وَاحِد مِنْهُمَا من الْجِهَة وَمن قَالَ

بالترادف نظر إِلَى جِهَة اتحادها وَاسْتِعْمَال كل وَاحِد مِنْهَا فِي مَكَان الآخر وَلِهَذَا ترى أهل اللُّغَة يفسرون هَذِه الْأَلْفَاظ بَعْضهَا بِبَعْض وَمن قَالَ بالاجتماع والافتراق فقد نظر إِلَى الْجِهَتَيْنِ مَعًا، وَهُوَ قَول بعض أهل اللُّغَة، وَعَلِيهِ جُمْهُور الأدباء وَالْأَصْل فِي الْأَلْفَاظ الدَّالَّة على الْمعَانِي التباين، والاتحاد والاشتراك خلاف الأَصْل فِي " الْفَائِق ": الْحَمد والمدح أَخَوان، حمله السَّيِّد على الترادف بَينهمَا، إِمَّا بعد قيد الِاخْتِيَار فِي الْحَمد، أَو بِاعْتِبَارِهِ فيهمَا والتفتازاني حمله على الِاشْتِقَاق كَبِيرا كَانَ أَو أكبر، مَعَ اتِّحَاد فِي الْمَعْنى، أَو تناسب فَلَا ترادف قَالُوا: الْحَمد هُوَ الثَّنَاء مَعَ الرضى بِشَهَادَة موارد اسْتِعْمَاله والمدح مُطلقًا هُوَ الثَّنَاء، وَيشْتَرط فِي الْحَمد صدوره عَن علم لَا عَن ظن، وَكَون الصِّفَات المحمودة صِفَات الْكَمَال والمدح قد يكون عَن ظن وبصفة مستحسنة، وَإِن كَانَ فِيهِ نقص مَا وَالْحَمْد مَأْمُور بِهِ: {قل الْحَمد لله} والمدح مَنْهِيّ عَنهُ: " احثوا التُّرَاب على المداحين " وَالْحَمْد وضع بعد النِّعْمَة، وَفِيه دلَالَة على أَنه فَاعل بِاخْتِيَارِهِ وقائله مقرّ بِهِ، والمدح لَيْسَ كَذَلِك [وَفِي الْحَمد اعْتِرَاف بدوام النِّعْمَة واقتضاء سَابِقَة الْإِحْسَان بِخِلَاف الْمَدْح فَإِنَّهُ عَام] وَتعلق الْحَمد فِي قَوْلك (حمدته) بمفعوله منبئ عَن معنى الإنهاء، فَصَارَ كبعض الْأَفْعَال فِي استدعاء أدنى الملابسة ك (أعنته إِلَيْهِ) و (استعنته مِنْهُ) ، وَلَيْسَ كَذَلِك الْمَدْح، لِأَن تعلقه بمفعوله فِي قَوْلك: (مدحته) على منهاج عَامَّة الْأَفْعَال بمفعولاتها فِي الملابسة التَّامَّة المؤثرة فِيهِ، وَمن ثمَّة صَار التَّعَلُّق فِيهِ بالمفعول الْحَقِيقِيّ، وَفِي الْحَمد بِوَاسِطَة الْجَار الْمُنَاسب، وَمَا هَذَا إِلَّا لاختلافهما فِي الْمَعْنى قطعا وَلَا بُد فِي الْحَمد أَن يكون الْمَحْمُود مُخْتَارًا، وَفِي الْمَدْح غير لَازم، وَلِهَذَا يكون وصف اللؤلؤة بصفائها مدحا لَا حمدا، وَأما {مقَاما مَحْمُودًا} فَمَعْنَاه مَحْمُودًا فِيهِ النَّبِي لشفاعته، أَو الله تَعَالَى لتفضله عَلَيْهِ بِالْإِذْنِ فِي الشَّفَاعَة وَلَا يلْزم النَّقْض بِالْوَصْفِ الْجَمِيل فِي مُقَابلَة الصِّفَات الذاتية كالقدرة والإرادة غير الاختيارية بِنَاء على أَن كل اخْتِيَاري حَادث، لِأَن الِاخْتِيَارِيّ يَقْتَضِي أَن يكون مَسْبُوقا بالإرادة، والإرادة مسبوقة بِالْعلمِ وَالْقُدْرَة، وَذَلِكَ يسْتَلْزم الْحُدُوث على مَا تقرر فِي مَحَله، إِذْ الصِّفَات الذاتية أَمر اخْتِيَاري أَي أَمر مَنْسُوب إِلَى الِاخْتِيَار نِسْبَة المصاحب إِلَى المصاحب الآخر، لَا نِسْبَة الْمَعْلُول إِلَى علته حَتَّى يكون مَعْنَاهُ أمرا أَو مَنْسُوبا إِلَى الِاخْتِيَار الَّذِي هُوَ منشأ ذَلِك الْأَمر، أَو هِيَ بِمَنْزِلَة أَفعَال اختيارية، لكَونهَا مبدأ لَهَا، وَالْحَمْد عَلَيْهَا بِاعْتِبَار تِلْكَ الْأَفْعَال، فَيكون الْمَحْمُود عَلَيْهِ اختياريا فِي الْمَآل، أَو لكَون الذَّات مُسْتقِلّا وكافيا فِيهَا غير مُحْتَاج فِيهَا إِلَى أَمر خَارج كَمَا هُوَ شَأْن بعض الْأَفْعَال الاختيارية، وَفِيه أَن بعض الصِّفَات لَيْسَ الذَّات مُسْتقِلّا فِيهَا، بل يحْتَاج إِلَى صفة أُخْرَى، إِلَّا أَن يُقَال: المُرَاد من الْخَارِج الْخَارِج من الذَّات وَالصِّفَات، وَيُمكن أَن

يُجَاب بِأَن الِاخْتِيَارِيّ كَمَا يَجِيء بِمَعْنى مَا صدر بِالِاخْتِيَارِ يَجِيء بِمَعْنى مَا صدر من الْمُخْتَار، أَو المُرَاد من الِاخْتِيَارِيّ هَهُنَا الْمَعْنى الْأَعَمّ الْمُشْتَرك بَين الْقَادِر والموجب، وَهُوَ إِن شَاءَ الله فعل وَإِن لم يَشَأْ لم يفعل وَلَا شكّ أَن صِفَاته تَعَالَى عِنْد الأشاعرة صادرة عَن الْفَاعِل الْمُخْتَار الَّذِي هُوَ ذَاته تَعَالَى، وَإِن لم يصدر عَنهُ بِالِاخْتِيَارِ، (وَأَيْضًا هِيَ صادرة بِالِاخْتِيَارِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمّ وَأجَاب الْبَعْض بِأَنا لَا نسلم عدم كَون الصِّفَات الْمَذْكُورَة صادرة بِالِاخْتِيَارِ بِالْمَعْنَى الْأَخَص أَيْضا لجَوَاز أَن يكون سبق الِاخْتِيَار عَلَيْهِ سبقا ذاتيا، كسبق الْوُجُوب على الْوُجُود، لَا سبقا زمانيا حَتَّى يلْزم حدوثها، وَفِيه أَنهم قَالُوا بِأَن أثر الْفَاعِل الْمُخْتَار حَادث قطعا بِلَا خلاف، وَإِن اعْترض عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يجوز أَن يكون سبق الِاخْتِيَار عَلَيْهِ ذاتيا لَا زمانيا حَتَّى يلْزم الْحُدُوث وَيَكْفِي فِي الْجَمِيل أَن كَون طَرِيقه وَسبب تَحْصِيله اختياريا كَمَا فِي الْعلم، وَأَن يكون ثمراته وآثاره اختيارية كَمَا فِي الْكَرم والشجاعة) ثمَّ الْحَمد لَا يخْتَص بِهَذِهِ الْمَادَّة والصيغة، بل قد يكون بغَيْرهَا مِمَّا يشْعر بالتعظيم نَحْو: (العظمة لله) و (الْأَمر بيد الله) حَتَّى قيل: قَول الْقَائِل (زيد حسن الْوَجْه) وصف لزيد وَحمد لباريه، إِذْ كل حسن صَنِيع جمال فطرته، أَو كل محسن رَضِيع لبان نعْمَته، وَمَا من خير إِلَّا هُوَ موليه بوسط [على مَذْهَب من يَقُول بمؤثر سوى الله] أَو بِغَيْر وسط [على مَذْهَب من لَا يرى مؤثرا سواهُ] ، فَكل حمد وثناء رَاجع إِلَيْهِ عِنْد التَّحْقِيق، لِأَنَّهُ الْمُنعم الْحَقِيقِيّ الْمُبْدع المخترع الْمُوفق المقتدر، وَمَا سواهُ شَرَائِط ووسائط وَأَسْبَاب وآلات لوصول نعمائه إِلَى الْخلق، وَهُوَ الْمُسْتَحق للحمد ذاتا وَصفَة وَلَا شَيْء مِنْهُ لغيره فِي الْحَقِيقَة فاستحقاق الذَّات الْعلية للحمد إِنَّمَا هُوَ بصفاته الذاتية الَّتِي لَا يحمد عَلَيْهَا إِلَّا الذَّات فَقَط فِي قَول الحامدين لله: (الْحَمد لله) وَاسْتِحْقَاق الصِّفَات الذاتية أَيْضا للحمد إِنَّمَا هُوَ بِكَمَال صفاتها أَيْضا، كَمَا هُوَ الْمَفْهُوم من صِفَات الْأَفْعَال، فَإِنَّهَا وَسِيلَة لإنعام صِفَات الذَّات الْعلية الَّتِي هِيَ منشأ تِلْكَ الصِّفَات المتفجرة من الإنعام وَالْإِحْسَان على جَمِيع الأكوان فاستحقاق الذَّات أَولا من حَيْثُ هُوَ بصفاته الذاتية السَّبع أَو الثماني على اخْتِلَاف الرائين ثمَّ اسْتِحْقَاق الصِّفَات الْمَذْكُورَة ثَانِيًا إِنَّمَا هُوَ بِوَاسِطَة الْفِعْل كالإنعام مثلا وَلما كَانَت الذَّات الْعلية منشأ الْحَمد، وَالْوَصْف آلَة لملاحظتها، لَا أَنه مَقْصُود أَصَالَة فَهِيَ محمودة بِاعْتِبَار أَنَّهَا نصب عين الحامد، ومحمود عَلَيْهَا بِاعْتِبَار أَن الْحَمد لأَجلهَا، ومحمود بهَا بِاعْتِبَار أَن الْحَمد كَانَ بهَا بَقِي الْكَلَام فِيهِ من جِهَة التَّقْسِيم وَالْإِعْرَاب فَنَقُول: إِن الْحَمد اللّغَوِيّ هُوَ الْوَصْف الْجَمِيل على جِهَة التَّعْظِيم والتبجيل بِاللِّسَانِ وَحده والعرفي: هُوَ فعل يُنبئ عَن تَعْظِيم الْمُنعم لكَونه منعما أَعم من أَن يكون فعل اللِّسَان والجنان والأركان والقولي: هُوَ حمد اللِّسَان وثناؤه على الْحق بِمَا

أثنى بِهِ على نَفسه على أَلْسِنَة الْأَوْلِيَاء والأنبياء وَالرسل والفعلي: هُوَ الْإِتْيَان بِالْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّة ابْتِغَاء لوجه الله والحالي: هُوَ مَا يكون بِحَسب الرّوح وَالْقلب كالاتصاف بالكمالات العلمية والعملية والتخلق بالأخلاق الإلهية والنبوية فَحَمدَ الله عبارَة عَن تَعْرِيفه وتوصيفه بنعوت جَلَاله وصفات جماله وسمات كَمَاله الْجَامِع لَهَا، سَوَاء كَانَ بِالْحَال أَو بالمقال، وَهُوَ معنى يعم الثَّنَاء بأسمائه فِيهِ جليلة، وَالشُّكْر على نعمائه فَهِيَ جزيلة، والرضى بأقضيته فَهِيَ حميدة، والمدح بأفعاله فَهِيَ جميلَة وَذَلِكَ لِأَن صِفَات الْكَمَال أَعم من صِفَات الذَّات وَالْأَفْعَال، والتعريف بهَا أَعم مِنْهُ بِاللِّسَانِ أَو بالجنان أَو بالأركان وَأما الْحَمد الذاتي: فَهُوَ على أَلْسِنَة المكملين ظُهُور الذَّات فِي ذَاته لذاته وَالْحَمْد الحالي: اتصافه بِصِفَات الْكَمَال (وَالْحَمْد الْفعْلِيّ: إِيجَاد الأكوان بصفاتها حَسْبَمَا يقتضيها فِي كل زمَان وَمَكَان وَنَفس الأكوان أَيْضا محامد دَالَّة على صِفَات مبدعها) سوابقها ولواحقها مثل الْأَقْوَال وَالله سُبْحَانَهُ يثني بِنَفسِهِ على نَفسه {نعم الْمولى وَنعم النصير} وَقيل: كل مَا أثنى الله بِهِ على نَفسه فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة إِظْهَاره بِفِعْلِهِ فحمده لنَفسِهِ بَث آيَاته وَإِظْهَار نعمائه بمحكمات أَفعاله، وعَلى ذَلِك {شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} فَإِن شَهَادَته لنَفسِهِ إِحْدَاث الكائنات دَالَّة على وحدانيته، ناطقة بِالشَّهَادَةِ لَهُ، ويثني بِنَفسِهِ على فعله: {نعم العَبْد إِنَّه أواب} ويثني بِفِعْلِهِ على نَفسه كَقَوْل العَبْد: (الْحَمد لله) ، ويثني بِفِعْلِهِ على فعله كَقَوْل العَبْد: (نعم الرجل زيد) فَكل حمد إِذن مُضَاف إِلَيْهِ وَإِن اخْتلفت جِهَة الْإِضَافَة وَالْحَمْد لله تَعَالَى وَاجِب فِي الدُّنْيَا لِأَنَّهُ على نعْمَة متفضل بهَا وَهُوَ الطَّرِيق إِلَى تَحْصِيل نعم الْآخِرَة وَالْحَمْد لَهُ فِي الْآخِرَة لَيْسَ بِوَاجِب لِأَنَّهُ على نعْمَة وَاجِبَة الإيصال إِلَى مستحقها، وَإِنَّمَا هُوَ تَتِمَّة سرُور الْمُؤمنِينَ، يتلذذون بِهِ كَمَا يتلذذ من بِهِ الْعَطش بِالْمَاءِ الْبَارِد والحامد فِي بَدْء تصنيفه إِن لم يُقَابل حَمده بِنِعْمَة فَهُوَ حَامِد لُغَة فَقَط، وَإِن قابله بهَا فَهُوَ حَامِد لُغَة وَعرفا، وشاكر لُغَة؛ وَإِن جعله جُزْءا من شكر عرفي بِأَن صرف سَائِر مَا أنعم عَلَيْهِ إِلَى مَا أنعم لَهُ كَمَا صرف لِسَانه فَهُوَ حَامِد لُغَة وَعرفا وشاكر كَذَلِك وَذَلِكَ أَعلَى مَرَاتِب الحامدين وَأما إِعْرَاب (الْحَمد لله) فَهُوَ فِي الأَصْل من المصادر المنصوبة بالأفعال الْمقدرَة السَّادة مسدها، كَمَا فِي (شكرا) و (سقيا) و (رعيا) وَنَحْوهَا، فَحذف فعله لدلَالَة الْمصدر عَلَيْهِ، ثمَّ عدل إِلَى الرّفْع لقصد الدَّوَام والثبات، وَأدْخل عَلَيْهِ الْألف وَاللَّام فَصَارَ (الْحَمد لله) وَلما كَانَت نعم الله على كثرتها قسمَيْنِ دائمة ثَابِتَة وحادثة متجددة اخْتلف من هَهُنَا اخْتِيَار الْعلمَاء، مِنْهُم من يخْتَار الْجُمْلَة الاسمية وَمِنْهُم من يخْتَار

الفعلية جَريا على قَضِيَّة التناسب، لَكِن (الْحَمد لله) أبلغ من (أَحْمد الله) و (الله أَحْمد) أما من الأول فَلِأَنَّهُ يحْتَمل الِاسْتِقْبَال فَيكون وَعدا لَا تنجيزا؛ وَكَونه حَقِيقَة فِي الْحَال عِنْد الْفُقَهَاء لَا يدْفع الِاحْتِمَال؛ على أَن إِرَادَة الْحَال تفِيد انْقِطَاعه من الْجَانِبَيْنِ لعدم مَا يدل على الِاسْتِمْرَار، إِلَّا أَن يُرَاد معنى قَوْلهم: (مَا مضى فَاتَ والمؤمل غيب وَلَك السَّاعَة الَّتِي أَنْت فِيهَا) وَأما من الثَّانِي فَلِأَن الْحصْر إِنَّمَا يعْتَبر فِي مقَام يكون فِيهِ خطأ يرد إِلَى الصَّوَاب ومقام الْحَمد من الْمُسلم يَأْبَى أَن يعْتَقد أَن غير الله مَحْمُود اعتقادا خطأ فَيرد إِلَى الصَّوَاب، وَيَقْتَضِي أَن يكون على أسلوب دَال على الثُّبُوت لَهُ دَائِما وَهُوَ (الْحَمد لله) وَصِيغَة الْمُتَكَلّم مَعَ الْغَيْر وَإِن دلّت على وجود مشارك فِي صفة الحامدين من بني صنفه أَو نَوعه أَو جنسه أَو كل الْعَالمين أَو مِمَّا يخْتَص بِهِ من الْجَوَارِح والموارد مَعَ مَا فِي التَّشْرِيك من الِاسْتِعَانَة والإشفاق وَدفع توهم الِاخْتِصَاص وَغير ذَلِك، لكنه لَا يُفِيد أَيْضا مَا يفِيدهُ (الْحَمد لله) من كَونه تَعَالَى مَحْمُودًا أزلا وأبدا بِحَمْدِهِ الْقَدِيم سَوَاء حمد أَو لم يحمد، وَأَن الْحَمد حَقه وَملكه بِسَبَب كَثْرَة أياديه وأنواع آلائه على الْعباد، وَلَيْسَ فِيهِ ادِّعَاء أَن العَبْد آتٍ بِالْحَمْد، بل تَقول: من أَنا حَتَّى أَحْمَده، لكنه مَحْمُود بِجَمِيعِ حمد الحامدين، وَلِأَن فِيهِ دخل حَمده وَحمد غَيره من أول الْعَالم إِلَى آخِره، بل إِلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ، إِلَى غير ذَلِك من الْفَوَائِد وَفِي (الْحَمد لله) تَصْرِيح بِأَن الْمُؤثر فِي وجود الْعَالم فَاعل مُخْتَار، لَا مُوجب، كَمَا تَقول بِهِ الفلاسفة، وَلَيْسَ فِي الْمَدْح لله هَذِه الْفَائِدَة، وَفِيه أَيْضا دلَالَة على أَن الْحَمد لأجل كَونه مُسْتَحقّا لَهُ لَا لخُصُوص أَنه أوصل النِّعْمَة إِلَيْهِ فَيكون الْإِخْلَاص أكمل والانقطاع عَمَّا سواهُ أقوى وَأثبت وَلَيْسَ من الشُّكْر لله ذَلِك، بل فِيهِ إِشْعَار بِأَن ذكر تَعْظِيمه إِنَّمَا هُوَ بِسَبَب مَا وصل إِلَيْهِ من النِّعْمَة وَهِي الْمَطْلُوب الْأَصْلِيّ، وَهَذِه دَرَجَة صَغِيرَة وَإِذا عرفت هَذَا فَنَقُول: إِن فِي الْإِتْيَان بِالْجُمْلَةِ الاسمية الإخبارية لفظا كَمَا هُوَ الأَصْل، والإنشائية معنى كَمَا فِي أَلْفَاظ الْعُقُود وَغَيرهَا على معنى أَنه منشئ للْأَخْبَار أَن كل حمد ثَابت لَهُ لَا أَنه منشئ لكل حمد، محلاة جزؤها الأول بلام لَا يقْصد الْمصدر الْمُؤَكّد إِلَّا بهَا، وَهُوَ لَام الْجِنْس الصَّالح بِحَسب الْمقَام للاستغراق بتنزيل الْأَفْرَاد الثَّابِتَة للْغَيْر فِي الْمقَام الْخطابِيّ منزلَة الْعَدَم كَمَا وكيفا، وجزؤها الثَّانِي بلام الِاخْتِصَاص الَّذِي يُقَال لَهُ لَام التَّمْلِيك والاستحقاق [لَا سِيمَا فِيهِ] التأسي بمفتتح التَّنْزِيل الْجَلِيل والتنبيه على استغنائه عَن حمد الحامدين [مَعَ مَا فِيهِ من الْإِيمَاء إِلَى أَنه لَا يَلِيق بِذَاتِهِ الْقَدِيم إِلَّا حَمده الْقَدِيم الصَّادِر عَن ذَاته الْقَدِيمَة، وَهَذَا الْمَعْنى على الْعَهْد الرَّاجِح عِنْد بعض الْمُحَقِّقين وَإِمَّا على الْجِنْس والاستغراق] وَالْمعْنَى أَن مَا يعرفهُ كل أحد من الْمَعْنى الَّذِي يُطلق عَلَيْهِ هَذَا اللَّفْظ أَو جَمِيع أَفْرَاده ثَابت لذاته تَعَالَى بِالْحَقِيقَةِ على وَجه الِاخْتِصَاص، وَأَنه الْحقيق بِهِ بِالِاخْتِيَارِ الْحَقِيقِيّ المنحصر فِيهِ حمد أَو

لم يحمد وَتَقْدِيم الْحَمد لمزيد الاهتمام لَا لعدم صَلَاحِية التَّخْصِيص فِي التَّأْخِير لَا يلْزم من ثُبُوت الْحَمد لَهُ تَعَالَى قيام الصّفة الْوَاحِدَة بشيئين متغايرين بِالذَّاتِ وَالِاعْتِبَار، إِذْ من الْقَاعِدَة المقررة أَن كل مصدر مُتَعَدٍّ كَمَا يَقْتَضِي الْقيام بالفاعل اقْتِضَاء الْمصدر اللَّازِم إِيَّاه، كَذَلِك يَقْتَضِي التَّعَلُّق بالمفعول، وَهَذَا التَّعَلُّق كالتعلق الْكَائِن فِي قَوْلنَا: (أكرمت زيدا) فَإِن الْإِكْرَام مُتَعَلق بزيد، بِمَعْنى أَنه حينما صدر عَن الْمُتَكَلّم وَقَامَ بِهِ قد تعلق بزيد وَتوجه إِلَيْهِ، لَا أَنه قَامَ بِهِ قِيَامه بفاعله، فَالْمَعْنى حِينَئِذٍ أَن الْحَمد الَّذِي صدر عني وَقَامَ بِي قد تعلق فِي هَذَا الْحِين بجنابة الأقدس وَتوجه إِلَيْهِ لَا إِلَى غَيره، إِذْ لَا حقيق بِهِ غَيره، فَكَمَا أَن الْحَمد حقيق بِهِ فَهُوَ حقيق بِالْحَمْد أَيْضا الحَدِيث: هُوَ اسْم من التحديث، وَهُوَ الْإِخْبَار، ثمَّ سمي بِهِ قَول أَو فعل أَو تَقْرِير نسب إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَيجمع على (أَحَادِيث) على خلاف الْقيَاس قَالَ الْفراء: وَاحِد الْأَحَادِيث أحدوثة ثمَّ جَعَلُوهُ جمعا للْحَدِيث، وَفِيه أَنهم لم يَقُولُوا أحدوثة النَّبِي وَفِي " الْكَشَّاف " الْأَحَادِيث اسْم جمع، وَمِنْه حَدِيث النَّبِي وَفِي " الْبَحْر ": لَيْسَ الْأَحَادِيث باسم جمع، بل هُوَ جمع تكسير ل (حَدِيث) على غير الْقيَاس ك (أباطيل) ، وَاسم الْجمع لم يَأْتِ على هَذَا الْوَزْن، وَإِنَّمَا سميت هَذِه الْكَلِمَات والعبارات أَحَادِيث، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {فليأتوا بِحَدِيث مثله} لِأَن الْكَلِمَات إِنَّمَا تتركب من الْحُرُوف المتعاقبة المتوالية، وكل وَاحِد من تِلْكَ الْحُرُوف يحدث عقيب صَاحبه، أَو لِأَن سماعهَا يحدث فِي الْقُلُوب من الْعُلُوم والمعاني والْحَدِيث نقيض الْقَدِيم كَأَنَّهُ لوحظ فِيهِ مُقَابلَة الْقُرْآن وَحدث أَمر: وَقع والحادثة وَالْحَدَث والحدثان: بِمَعْنى والْحَدِيث: مَا جَاءَ عَن النَّبِي وَالْخَبَر: مَا جَاءَ عَن غَيره، وَقيل: بَينهمَا عُمُوم وخصوص مُطلق، فَكل حَدِيث خبر من غير عكس والأثر: مَا رُوِيَ عَن الصَّحَابَة، وَيجوز إِطْلَاقه على كَلَام النَّبِي أَيْضا وَعلم الحَدِيث رِوَايَة: هُوَ علم يشْتَمل على نقل مَا أضيف إِلَى النَّبِي قولا أَو فعلا أَو تقريرا أَو صفة، وموضوعه ذَات النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من حَيْثُ إِنَّه نَبِي وغايته الْفَوْز بسعادة الدَّاريْنِ وَعلم الحَدِيث دراية، وَهُوَ المُرَاد عِنْد الْإِطْلَاق: هُوَ علم يعرف بِهِ حَال الرَّاوِي والمروي من حَيْثُ ذَلِك، وغايته معرفَة مَا يقبل وَمَا يرد من ذَلِك؛ ومسائلة مَا يذكر فِي كتبه من الْمَقَاصِد والمحدثون يطلقون الأسناد، والسند بِمَعْنى الْإِخْبَار عَن رفع الحَدِيث إِلَى قَائِله فَالْمُسْنَدُ: مَا رفع إِلَى النَّبِي خَاصَّة والمتصل: مَا اتَّصل إِسْنَاده إِلَى النَّبِي أَو إِلَى وَاحِد من الصاحبة وَكَذَا الْمَوْصُول

وَالْمَوْقُوف: هُوَ الَّذِي رَوَاهُ الصَّحَابِيّ وَلم يسند إِلَى النَّبِي وَالْمَرْفُوع: هُوَ الَّذِي رَوَاهُ الصَّحَابِيّ وَأسْندَ إِلَى النَّبِي والمرسل: هُوَ الَّذِي رَوَاهُ التَّابِعِيّ عَن رَسُول الله وَلم يسم الصَّحَابِيّ الَّذِي رَوَاهُ عَنهُ وَالصَّحِيح: هُوَ الَّذِي اتَّصل إِسْنَاده بِنَقْل الْعدْل فينقل الضَّابِط إِلَى منتهاه. وَالْحسن: هُوَ الَّذِي يكون رَاوِيه مَشْهُورا بِالصّدقِ وَالْأَمَانَة، غير أَنه لم يبلغ دَرَجَة رجال الصَّحِيح فِي الْحِفْظ والإتقان وَالَّذِي يرْوى بِإِسْنَادَيْنِ يُقَال لَهُ: حَدِيث حسن صَحِيح والمقطوع من الحَدِيث: قَول التَّابِعِيّ وَفعله والمنقطع: مَا سقط من رُوَاته راو وَاحِد غير الصَّحَابِيّ والشاذ: مَا لَهُ إِسْنَاد وَاحِد، شَذَّ بذلك، فَمَا كَانَ من ثِقَة يتَوَقَّف فِيهِ وَلَا يحْتَج وَمَا كَانَ من غير ثِقَة فمتروك والغريب: قد يكون من حَدِيث تفرد الرَّاوِي بروايته وَهُوَ مَعَ ذَلِك صَحِيح لكَون كل من نقلته صحابيا، وَقد يكون بمخالفة وَاحِد من الثِّقَات أَصْحَابه والضعيف: مَا كَانَ أدنى مرتبَة من الْحسن وَقَالَ بَعضهم: هُوَ مَا لم يجمع صِفَات الصَّحِيح وَلَا صِفَات الْحسن، وَهُوَ حجَّة اتِّفَاقًا فِي الْفَضَائِل والمناقب وَمعنى قَوْلهم: لَا يثبت بِالْحَدِيثِ الضَّعِيف الْأَحْكَام أَنه لَا يجوز أَن يتَمَسَّك بِهِ الْمُجْتَهد فِي إِثْبَات الْأَحْكَام الاجتهادية، ويجعله مبْنى مذْهبه ومناط اجْتِهَاده فِي مَسْأَلَة وَهَذَا لَا يُنَافِي أَن يسْتَحبّ الْعَمَل بِالْحَدِيثِ الضَّعِيف الْوَارِد فِي الْفَضِيلَة والمتواتر: مَا لَيْسَ بمعرفته حَاجَة والآحاد: مَا يسند إِلَى آحَاد والمحكم: مَا لَيْسَ بمحتاج إِلَى التَّأْوِيل والمتشابه: مَا يحْتَاج إِلَى التَّأْوِيل وَالْقَوِي: مَا قَالَه وَقَرَأَ بعده آيَة من كتاب الله والناسخ: مَا قَالَه فِي آخر عمره والمنسوخ: مَا قَالَه فِي أول عمره وَالْعَام: مَا أَرَادَ بِهِ جَمِيع الْخلق وَالْخَاص: مَا قضى بِهِ لوَاحِد من الْخلق والمردود: لَهُ ظَاهر وَلَيْسَ لَهُ معنى وَرِوَايَة كَاف والمفترى: مَا قَالَه أَبُو مُسَيْلمَة والمضطرب: مَا اخْتلف رَاوِيه فِيهِ فَرَوَاهُ مرّة على وَجه، وَمرَّة على وَجه آخر مُخَالف لَهُ والمستفيض: مَا زَاد نقلته على ثَلَاثَة والْحَدِيث الْمَشْهُور: فِي حق الْعَمَل بِمَنْزِلَة الْمُتَوَاتر والدلائل القطعية، وبمثله يُزَاد على الْكتاب [الحَدِيث الْمَوْضُوع] : وكل خبر نقل عَن رَسُول الله وأوهم أمرا بَاطِلا وَلم يقبل التَّأْوِيل لمعارضته للدليل الْعقلِيّ فَهُوَ مَكْذُوب على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ الْمُسَمّى بالموضوع وَسبب الْوَضع نِسْيَان من الرواي لمرويه لطول عَهده بِهِ فيذكر غير مرويه ظَانّا أَنه مرويه، وَهُوَ وضع أَو افتراء أَي كذب عمد على النَّبِي، كوضع

الزَّنَادِقَة أَرْبَعَة عشر ألف حَدِيث يُخَالف الْمَعْقُول تنفيرا للعقلاء عَن شَرِيعَته، أَو غلط من الرَّاوِي كَأَن يُرِيد النُّطْق بِكَلِمَة فَيَسْبق لِسَانه إِلَى النُّطْق بغَيْرهَا أَو غير ذَلِك، كوضع الخطابية أَحَادِيث نصْرَة لآرائهم، وكوضع الكرامية أَحَادِيث فِي التَّرْغِيب فِي الطَّاعَة والترهيب عَن الْمعْصِيَة، وَكِلَاهُمَا رَاجع إِلَى الافتراء وَعدم شهرة الحَدِيث فِيمَا فِيهِ [عُمُوم] بلوى دَلِيل الافتراء بِهِ أَو دَلِيل النّسخ والْحَدِيث المتعبد بِلَفْظِهِ، كالأذان وَالتَّشَهُّد وَالتَّكْبِير وَالتَّسْلِيم، وَكَذَا الحَدِيث الْمُتَشَابه وَالَّذِي هُوَ من جَوَامِع الْكَلم الَّتِي أوتيها نَحْو: " الْخراج بِالضَّمَانِ " و " العجماء جَبَّار " لَا يجوز نقلهَا بِغَيْر ألفاظها إِجْمَاعًا وَاخْتلف فِيمَا سوى ذَلِك وَالْأَكْثَر من الْعلمَاء وَمِنْهُم الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة على جَوَاز نقل الحَدِيث بِالْمَعْنَى للعارف بمدلولات الْأَلْفَاظ ومواقع الْكَلَام من الْخَبَر والإنشاء فَيَأْتِي بِلَفْظ بدل لفظ النَّبِي مسَاوٍ لَهُ فِي الْمَعْنى جلاء وخفاء من غير زِيَادَة فِي الْمَعْنى وَلَا نقص، لِأَن الْمَقْصُود هُوَ الْمَعْنى وَاللَّفْظ آلَة لَهُ وَمن أقوى حجتهم الْإِجْمَاع على جَوَاز شرح الشَّرِيعَة للعجم بلسانهم للعارف بِهِ وَقَالَ الْبرمَاوِيّ: إِن نسي اللَّفْظ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا وَقيل بِجَوَازِهِ بِلَفْظ مرادف، وَقيل بِجَوَازِهِ وَإِن كَانَ مُوجبه عَاما، وَقيل يمْنَع مُطلقًا (وَقَالَ بَعضهم: جَوَاز النَّقْل بِالْمَعْنَى فِيمَا إِذا كَانَ اللَّفْظ ظَاهرا مُفَسرًا، فَأَما إِذا كَانَ اللَّفْظ مُشْتَركا أَو مُجملا أَو مُشكلا فَلَا يجوز إِقَامَة لفظ آخر مقَامه بِالْإِجْمَاع، لِأَن فِيهِ احْتِمَال الِاخْتِلَاف بِالْمَعْنَى) وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: يَنْبَغِي سد بَاب الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى لِئَلَّا يتسلط من لَا يحسن مِمَّن يظنّ أَنه يحسن، كَمَا وَقع لكثير من الروَاة قَدِيما وحديثا ويحتج بقول الصَّحَابِيّ: " قَالَ النَّبِي كَذَا "، وَهُوَ الصَّحِيح وَكَذَا بقوله: " عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ كَذَا "، على الْأَصَح وَكَذَا بقوله: " إِن النَّبِي قَالَ كَذَا " [وَقَول الصَّحَابِيّ فِيمَا لَا طَرِيق إِلَى مَعْرفَته إِلَّا خبر النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي قُوَّة الرّفْع إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام] وَاخْتلفُوا فِي (إِن) بِالنِّسْبَةِ إِلَى غير الصَّحَابِيّ، وَالْجُمْهُور على أَن (عَن) و (إِن) سَوَاء إِذا ثَبت السماع واللقاء وإيراد الحَدِيث بِلَفْظ (عَن) من غير تَصْرِيح بِالسَّمَاعِ يُسمى عِنْد الْمُحدثين العنعنة وَاشْترط فِي نقل الحَدِيث الْقِرَاءَة على الشَّيْخ لخوف أَن يدْخل فِي الحَدِيث مَا لَيْسَ مِنْهُ، أَو يَقُول على النَّبِي مَا لم يقلهُ، بِخِلَاف الْقُرْآن فَإِنَّهُ مَحْفُوظ متلقى متداول ميسر فَكل من يسمع من لفظ مُحدث يحدثه يَقُول: حَدثنِي فلَان؛ وَإِن كَانَ مَعَه أحد يَقُول: حَدثنَا فلَان؛ وَلَو قَرَأَ على الْمُحدث بِنَفسِهِ يَقُول: أَخْبرنِي؛ وَإِن قرئَ على الْمُحدث وَهُوَ حَاضر يَقُول: أخبرنَا وَلَو عرض المستفيد كتابا أَو جُزْءا على الْمُحدث وروى الْمُحدث عَنهُ أَنه سَمَاعه أَو قِرَاءَته أَو تصنيفه فَيَقُول للمستفيد: أجزت لَك أَن تروي عني مَا فِي هَذَا الْكتاب فَإِذا روى المستفيد ذَلِك الْكتاب

يَقُول: أنبأني فلَان؛ وَإِن لم يقل للمستفيد ارو عني هَذَا الْكتاب، بل كتب من مَدِينَة إِلَى مَدِينَة أَنِّي أجزت لفُلَان أَن يروي عني كتابي الْفُلَانِيّ، أَو كتب إِلَيْهِ: يَا فلَان ارو عني الْكتاب الْفُلَانِيّ فَيَقُول إِذا روى ذَلِك الْكتاب: كتب إِلَيّ فلَان وَأَجَازَ لي أَن أروي هَذَا الْكتاب وَلَو قَالَ الْمُحدث مشافهة: أجزت لَك أَن تروي عني الْكتاب الْفُلَانِيّ من غير أَن يدْفع ذَلِك الْكتاب إِلَيْهِ بِيَدِهِ يَقُول المستفيد: أجازني فلَان، وَلَو قَالَ: أنبأني جَازَ أَيْضا وَيُقَال للنوع الأول: السماع، وَللثَّانِي: الْإِخْبَار، وللثالث: الْعرض والمناولة، وللرابع: الْكِتَابَة، وللخامس: الْإِجَازَة وَالْأول أقوى ثمَّ الثَّانِي ثمَّ الثَّالِث ثمَّ الرَّابِع ثمَّ الْخَامِس وَفِي " ثمار اليوانع " أَلْفَاظ الرَّاوِي فِي عرض المناولة أَن يَقُول: ناولني فلَان كَذَا، أَو أجازني مَا فِيهِ أَو يَقُول: أَخْبرنِي أَو حَدثنِي مناولة، وَهَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ فَإِن اقْتصر على (حَدثنِي) أَو (أَخْبرنِي) امْتنع فِي الْأَصَح وَالْمُكَاتبَة: هِيَ أَن يكْتب الشَّيْخ شَيْئا من حَدِيثه، أَو يَأْمر غَيره بكتابته عَنهُ إِمَّا لحاضر عِنْده أَو لغَائِب عَنهُ اقتران بهَا إجَازَة فَهِيَ كالمناولة المقرونة بِالْإِجَازَةِ فِي الصِّحَّة وَالْقُوَّة، وَإِن تجردت عَن الْإِجَازَة صحت أَيْضا وَكَانَت أقوى الْإِجَازَة، وَجزم بذلك فِي " الْمَحْصُول " وَتجوز الْإِجَازَة لمعدوم كَقَوْلِه: أجزت لفُلَان وَلمن يُولد لَهُ مَا تَنَاسَلُوا وانعقد الْإِجْمَاع على منع إجَازَة من يُوجد مُطلقًا من غير تَقْيِيد بِنَسْل فلَان، لِأَنَّهَا فِي حكم إجَازَة مَعْدُوم لمعدوم والشائع عِنْد الْمُحدثين تَخْصِيص التحديث بِالسَّمَاعِ، والإخبار بِمَا يقْرَأ على الشَّيْخ، لَكِن الإِمَام البُخَارِيّ والمغاربة على عدم الْفرق، وَهُوَ الْمَذْهَب عِنْد فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة، بل جَازَ جَمِيع الصِّيَغ فِي صُورَة الْإِجَازَة أَيْضا على مَا يُسْتَفَاد من تَقْرِير الشَّيْخ فِي " شرح البُخَارِيّ " لَكِن الْجَزرِي جعل هَذَا التجويز ضَعِيفا، إِلَّا أَنه لَا يَصح تَغْيِير (حَدثنَا) أَو (أخبرنَا) بِالآخِرَة فِي الْكتب الْمُؤَلّفَة وَلَو قَالَ مُحدث: لَا ترو هَذَا عني، فَإِنَّهُ يروي يروي عَنهُ، لِأَنَّهُ روى مَا سمع، كالمشهور عَلَيْهِ إِذا قَالَ: لَا تشهد عَليّ بِهَذَا الْإِقْرَار وَلَو قَالَ: لَيْسَ هَذَا حَدِيثي، لَا يروي عَنهُ، لِأَنَّهُ أنكر الرِّوَايَة وَلَو قَالَ بعد ذَلِك، اروه عني جَازَ لَهُ أَن يروي عَنهُ وَالْأَعْمَى إِذا سمع الحَدِيث فَلهُ أَن يروي فَإِن قَتَادَة ولد أعمى وَقد روى أَحَادِيث كَثِيرَة عَن أنس ابْن مَالك وَعَن غَيره وهم قبلوا رِوَايَته، وَلَو قَرَأَ الْأَحَادِيث على عَالم وَهُوَ يسمع ذَلِك إِلَّا أَنه ذهب عَن سَمعه من الْوسط كَلِمَات فَلَمَّا فرغ مِنْهُ قَالَ لَهُ الْقَارئ ارو عني مَا قَرَأت عَلَيْهِ حل لَهُ أَن يروي عَنهُ تِلْكَ الْأَحَادِيث كالشاهد إِذا قرئَ عَلَيْهِ الصَّك فَسمع بعضه وَذهب عَنهُ بعضه جَازَ لَهُ أَن يشْهد بِمَا فِي الصَّك لِأَنَّهُ قرئَ عَلَيْهِ وَأقر الْمقر بذلك فَشهد على ذَلِك وَيُقَال: أخرج فلَان فِي مُسْنده عَن فلَان بن فلَان، قَالَ: (كَانَ يَقُول) وَلَفظ (كَانَ يَقُول) حكمه الرّفْع، فَإِن صدر من صَحَابِيّ كَانَ مَرْفُوعا، أَو من تَابِعِيّ فمرفوع مُرْسل وَإِذا قَالَ الصَّحَابِيّ: من السّنة كَذَا فَهُوَ كَقَوْلِه (قَالَ رَسُول الله) هَذَا هُوَ الْمَذْهَب الصَّحِيح الْمُخْتَار

الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور من الْفُقَهَاء والمحدثين والأصوليين قَالُوا: وَيَنْبَغِي لمن أَرَادَ رِوَايَة حَدِيث أَو ذكره أَن ينظر، فَإِن كَانَ صَحِيحا أَو حسنا يَقُول قَالَ رَسُول الله كَذَا، أَو فعل كَذَا، أَو نَحْو ذَلِك من صِيغ الْجَزْم، وَإِن كَانَ ضَعِيفا فَلَا يُقَال بصيغ الْجَزْم، بل يُقَال رُوِيَ عَنهُ كَذَا، أَو يرْوى عَنهُ كَذَا، أَو جَاءَ عَنهُ كَذَا، أَو يذكر، أَو يحْكى، أَو يُقَال، أَو بلغنَا، أَو مَا أشبه ذَلِك الْحَال: لفظ الْحَال كَلَفْظِ (التَّمْر) وَالْحَالة ك (التمرة) ، وَالْأول يُنبئ عَن الْإِبْهَام فيناسب الْإِجْمَال، وَالثَّانِي يدل على الْإِفْرَاد فيناسب التَّفْصِيل وَالْحَال: مَا كَانَ الْإِنْسَان عَلَيْهِ من خير أَو شَرّ، يذكر وَيُؤَنث وَالْحَال يُطلق على الزَّمَان الْحَاضِر وعَلى الْمعَانِي الَّتِي لَهَا وجود فِي الذِّهْن لَا فِي الْخَارِج كعرضية الْعرض، وجسمية الْجِسْم، وإنسانية الرجل وَالْمَرْأَة فَإِنَّهَا مقومة لَا قَائِمَة؛ وعَلى الْمعَانِي الَّتِي لَهَا وجود فِي الْخَارِج، كالعدد من الثلاثية والأربعية والعشرية؛ وعَلى الْمعَانِي الخارجية الَّتِي يصدر عَنْهَا الْفِعْل والانفعال كَالْحلمِ والشجاعة وأضدادهما وَالْحَال يخْتَص بِهِ الْإِنْسَان وَغَيره من أُمُوره المتغيرة فِي نَفسه وجسمه وَصِفَاته والحول: مَا لَهُ من الْقُوَّة فِي أحد هَذِه الْأُصُول الثَّلَاثَة وَفِي تعارف أهل الْمنطق هِيَ كَيْفيَّة سريعة الزَّوَال نَحْو: حرارة وبرودة ويبوسة ورطوبة عارضة والهيئة النفسانية أول حدوثها قيل أَن ترسخ تسمى حَالا، وَبعد أَن ترتسخ تسمى ملكة وَالْأَمر الدَّاعِي إِلَى إِيرَاد الْكَلَام على وَجه مَخْصُوص وَكَيْفِيَّة مُعينَة من حَيْثُ إِنَّه بِمَنْزِلَة زمَان يقارنه ذَلِك الْوَجْه الْمَخْصُوص يُسمى حَالا وَمن حَيْثُ إِنَّه بِمَنْزِلَة مَكَان حل فِيهِ ذَلِك الْوَجْه يُسمى مقَاما وَالْحَالة: عبارَة عَن الْمعَانِي الراسخة أَي الثَّابِتَة الدائمة؛ وَالصّفة أَعم مِنْهَا، لِأَنَّهَا تطلق على مَا هُوَ فِي حكم الحركات كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاة وَالْحَال أَعم من الصُّورَة لصدق الْحَال على الْعرض أَيْضا وَالْمحل: أَعم من الْمَادَّة، لصدق الْمحل على الْمَوْضُوع أَيْضا، والموضوع والمادة متباينان مندرجان تَحت الْحَال وَأثبت بعض الْمُتَكَلِّمين وَاسِطَة بَين الْمَوْجُود والمعدوم وسماها الْحَال، وَعرف بِأَنَّهَا صفة لَا مَوْجُودَة وَلَا مَعْدُومَة، لَكِنَّهَا قَائِمَة بموجود كالعالمية، وَهِي النِّسْبَة بَين الْعَالم والمعلوم والأمور النسبية لَا وجود لَهَا فِي الْخَارِج وأسبق الْأَفْعَال فِي الرُّتْبَة الْمُسْتَقْبل ثمَّ فعل الْحَال ثمَّ الْمَاضِي والمتقدم إِن اعْتبر فِيمَا بَين أَجزَاء الْمَاضِي فَكل مَا كَانَ أبعد من الْآن الْحَاضِر فَهُوَ الْمُتَقَدّم، وَإِن اعْتبر فِيمَا بَين أَجزَاء الْمُسْتَقْبل فَكل مَا هُوَ أقرب إِلَى الْآن الْحَاضِر فَهُوَ الْمُتَقَدّم، وَإِن اعْتبر فِيمَا بَين الْمَاضِي والمستقبل فقد قيل: الْمَاضِي مقدم وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد الْجُمْهُور وَتَعْيِين مِقْدَار الْحَال مفوض إِلَى الْعرف بِحَسب الْأَفْعَال، فَلَا يتَعَيَّن لَهُ مِقْدَار مَخْصُوص هَذَا على مَذْهَب الْمُتَكَلِّمين الْقَائِلين بِأَن الزَّمَان موهوم مَحْض مركب من آنات موهومة لَا من أَجزَاء

مَوْجُودَة فَالْآن عِنْدهم جُزْء موهوم لموهوم آخر هُوَ الزَّمَان وَأما عِنْد الْحُكَمَاء الْقَائِلين بِأَن الزَّمَان مَوْجُود مُتَّصِل فالحال عِنْدهم وَهُوَ الْآن عرض حَال فِي الزَّمَان لَا جُزْء مِنْهُ وَالْحَال: بَيَان الْهَيْئَة الَّتِي عَلَيْهَا صَاحب الْحَال عِنْد مُلَابسَة الْفِعْل لَهُ وَاقعا مِنْهُ أَو عَلَيْهِ نَحْو: (ضربت زيدا قَائِما) و (جَاءَنِي زيد رَاكِبًا) وَالْحَال ترفع الْإِبْهَام عَن الصِّفَات، والتمييز يرفع الْإِبْهَام عَن الذَّات وَالْحَال تكون مُؤَكدَة على عاملها إِذا كَانَ فعلا متصرفا أَو وَصفا يُشبههُ، وَلَا يجوز ذَلِك فِي التَّمْيِيز على الصَّحِيح وتزاد (من) فِي التَّمْيِيز ك (عز من قَائِل) لَا فِي الْحَال وَالْحَال هِيَ الْفَاعِل فِي الْمَعْنى، وَالْمَفْعُول لَا يكون إِلَّا غير الْفَاعِل أَو فِي حكمه وَيعْمل فِي الْحَال الْفِعْل اللَّازِم، وَلَيْسَ كَذَلِك الْمَفْعُول وَلَا يكون الْحَال إِلَّا نكرَة، وَالْمَفْعُول يكون نكرَة وَمَعْرِفَة وَالْحَال مَتى امْتنع كَونهَا صفة جَازَ مجيئها من النكرَة، وَلِهَذَا جَاءَت مِنْهَا عِنْد تقدمها نَحْو: (فِي الدَّار قَائِما رجل) وَعند جمودها نَحْو: (هَذَا خَاتم حديدا) وَفِيه أَن (خَاتم حديدا) تَمْيِيز لَا حَال، كَمَا صرح بِهِ ابْن الْحَاجِب وعامل الْحَال لَا يجب أَن يكون فعلا أَو شبهه، بل يجوز أَن يعْمل فِيهِ معنى الْفِعْل، أَي يستنبط مِنْهُ معنى الْفِعْل من غير أَن يكون من صِيغَة الْفِعْل وتركيبه كالظرف وَالْجَار وَالْمَجْرُور وحرف التَّنْبِيه وَاسم الْإِشَارَة وحرف النداء وَالتَّمَنِّي والترجي وحرف الِاسْتِفْهَام، لِأَن فِيهَا معنى الْفِعْل وَيمْتَنع حذف عَامل الْحَال إِذا كَانَ معنويا وَالْحَال لَا يتَقَدَّم على الْعَامِل الْمَعْنَوِيّ وَلَا على الْفِعْل غير الْمُتَصَرف وَلَا على الْفِعْل الْمصدر بِمَا لَهُ صدر الْكَلَام وَلَا على الْمصدر بالحروف المصدرية وَلَا الْمصدر بِاللَّامِ الموصولة وَلَا على (أفعل) التَّفْضِيل فِيمَا عدا (هَذَا بسرا أطيب مِنْهُ رطبا) وَلَا على صَاحبه الْمَجْرُور على الْأَصَح نَحْو: (مَرَرْت جالسة بهند) إِلَّا أَن يكون الْحَال ظرفا، فَإِن الْحَال إِذا كَانَت ظرفا أَو حرف جر كَانَ تَقْدِيمهَا على الْعَامِل الْمَعْنَوِيّ أحسن مِنْهُ إِذا لم يكن كَذَلِك وَالْحَال وصاحبها يشبهان الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَلذَلِك يجوز أَن يكون صَاحب الْحَال متحدا، ويتعدد حَاله نَحْو: (جَاءَ زيد رَاكِبًا وضاحكا) ، كَمَا أَن الْمُبْتَدَأ يكون وَاحِدًا ويتعدد خَبره، وَكَذَلِكَ يجوز أَن يَتَعَدَّد خبر مَا دخل عَلَيْهِ نواسخ الِابْتِدَاء وَيجوز أَن يكون الْحَال وَصَاحبه كِلَاهُمَا مُتَعَددًا أَو متحدا، وَيشْتَرط وجود الرابط لكل من الصاحبين كَمَا يشْتَرط وجود الرابط لكل من المبتدأين وَالْحَال الْمقدرَة: هِيَ أَن تكون غير مَوْجُودَة حِين وَقع الْفِعْل نَحْو: {فادخلوها خَالِدين} وَهِي الْمُسْتَقْبلَة والمتداخلة: وَهِي الَّتِي تكون حَالا من الضَّمِير فِي مثل: (جَاءَنِي زيد رَاكِبًا كَاتبا) فَإِن (كَاتبا) حَال من الضَّمِير فِي (رَاكِبًا)

[وَقَالَ بَعضهم: إِذا عملت الْحَال الأولى فِي الثَّانِيَة وكانتا بشيئين مُخْتَلفين فَهُوَ التَّدَاخُل، وَإِن كَانَتَا بِشَيْء وَاحِد فَهُوَ الترادف] والموطئة: هِيَ أَن تَجِيء بالموصوف مَعَ الصّفة نَحْو: {فتمثل لَهَا بشرا سويا} وَإِنَّمَا ذكر (بشرا) تَوْطِئَة لذكر (سويا) والمثقلة: هِيَ أَن تكون صفة غير لَازِمَة للشَّيْء فِي وجوده عَادَة لَا وضعا وَهِي الجامدة غير المؤولة بالمشتق نَحْو: (هَذَا مَالك ذَهَبا) وَقَالَ بَعضهم: المتنقلة هِيَ الَّتِي ينْتَقل ذُو الْحَال عَنْهَا مثل: (جَاءَنِي زيد رَاكِبًا) فَإِن (زيدا) ينْتَقل عَن الْحَال إِذا كَانَ مَاشِيا والمؤكدة: هِيَ أَن تكون صفة لَازِمَة لصَاحب الْحَال حَتَّى لَو أمسك عَنْهَا لفهمت من فحوى الْكَلَام وَقَالَ بَعضهم: الْمُؤَكّدَة هِيَ الَّتِي لَا ينْتَقل ذُو الْحَال عَنْهَا مَا دَامَ مَوْجُودا غَالِبا مثل: (زيد أَبوك عطوفا) فَإِن الْأَب لَا ينْتَقل عَنهُ الْعَطف مَا دَامَ مَوْجُودا والمؤكدة لعاملها نَحْو: {ولى مُدبرا} ولصاحبها نَحْو: {وَخلق الْإِنْسَان ضَعِيفا} وَلَا تقع الْحَال من الْمُضَاف إِلَيْهِ لكَونه بِمَنْزِلَة التَّنْوِين من الْمنون من حَيْثُ تكميله للمضاف، إِلَّا أَن يكون مُضَافا إِلَى معموله نَحْو: (عرفت قيام زيد مسرعا) أَو يكون الْمُضَاف جزأه كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل إخْوَانًا} أَو كجزئه كَقَوْلِه تَعَالَى: {اتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا} وَالْحَال، وَإِن كَانَت لَا تتبع صَاحبهَا إعرابا وتعريفا لَكِن تتبعه إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا إِلَّا إِذا جرت على غير مَا هِيَ لَهُ، فَحِينَئِذٍ لَا يلْزم الِاتِّبَاع فِي ذَلِك أَيْضا تَقول: (مَرَرْت بِرَجُل قاعدات نساؤه وقائمات جواريه) وَفعل التَّعَجُّب لَا يَقع حَالا لِأَنَّهُ لَا يَجِيء إِلَّا خَبرا ل (مَا) ، وَإِنَّمَا لم يكن لفعل الْحَال لفظ يتفرد بِهِ عَن الْمُسْتَقْبل ليعرف بِلَفْظِهِ أَنه للْحَال كَمَا كَانَ للماضي، لِأَن الْفِعْل الْمُسْتَقْبل لما ضارع الْأَسْمَاء بِوُقُوعِهِ موقعها وبسائر الْوُجُوه المضارعة الْمَشْهُورَة قوي فأعرب وَجعل بِلَفْظ وَاحِد يَقع لمعينين ليَكُون مُلْحقًا بالأسماء حِين ضارعها والماضي لما لم يضارع الْأَسْمَاء بَقِي على حَاله وَالْحَال يجْرِي الشَّرْط حَتَّى لَو قَالَ: (أَنْت طَالِق فِي حَال دخولك الدَّار) يصير تَعْلِيقا والحل الَّذِي تقربه (قد) هُوَ حَال الزَّمَان وَمَا يبين الْهَيْئَة هُوَ حَال الصِّفَات هَكَذَا قَالَه السَّيِّد وَتَبعهُ الكافيجي وَالْحق أَنَّهُمَا، وَإِن تغايرا، لكنهما متقاربان كَمَا هُوَ شَأْن الْحَال وعاملها، وَحِينَئِذٍ لزم من تقريب الأولى تقريب الثَّانِيَة الْمُقَارنَة لَهَا فِي الزَّمَان [وَالْمرَاد من قَوْلهم: " حَال من أَعم الْأَحْوَال " الْأَوْقَات لَا الْحَال المصطلح] الْحَرَكَة: هِيَ عبارَة عَن كَون الْجِسْم فِي مَكَان عقيب كَونه فِي مَكَان آخر والسكون: عبارَة عَن كَون الْجِسْم فِي مَكَان أَزِيد من آن وَاحِد

وَقيل: الْحَرَكَة كونان فِي آنين فِي مكانين، والسكون كونان فِي آنين فِي مَكَان وَاحِد (وَتطلق الْحَرَكَة تَارَة بِمَعْنى الْقطع وَهُوَ الْأَمر الْمُتَّصِل الَّذِي يعقل للتحرك فِيمَا بَين الْمُبْتَدَأ والمتهى وَتطلق أُخْرَى بِمَعْنى الْحُصُول فِي الْوسط، وَهُوَ حَالَة مُنَافِيَة للاستقرار يكون بهَا الْجِسْم أبدا متوسطا بَين الْمُبْتَدَأ والمنتهى وَالْأولَى مَعْدُومَة اتِّفَاقًا، وَالثَّانيَِة مَوْجُودَة اتِّفَاقًا) وَالْحَرَكَة مِنْك إِلَى مَوضِع: ذهَاب، وَمن مَوضِع إِلَيْك: مَجِيء والمتكلمون إِذا أطْلقُوا الْحَرَكَة أَرَادوا بهَا الْحَرَكَة الأينية الْمُسَمَّاة بالنقلة وَهِي المتبادرة فِي اسْتِعْمَال اللُّغَة وَقد تطلق عِنْدهم على الوضعية دون الكمية والكيفية وَالْحَرَكَة لَا تقع وَصفا بِالذَّاتِ إِلَّا للمتحيز بِالذَّاتِ والأعراض سَوَاء كَانَت قارة أَو سيالة إِنَّمَا تُوصَف بهَا بتبعية محلهَا كالمتحيز، وَلكنهَا لَا تَقْتَضِي التَّجَوُّز إِذْ لَا اسْتِحَالَة فِي حَرَكَة الْعرض بتبعية حَرَكَة مَحَله وَالْحَرَكَة أَعم من النقلَة لوُجُود الْحَرَكَة بِدُونِهَا فِيمَن يَدُور فِي مَكَانَهُ والنقلة أَعم من الْمَشْي لتحققها بِدُونِهِ فِيمَن زحف ودب وَسمي الزَّحْف مشيا فِي قَوْله تَعَالَى: {مِنْهُم من يمشي على بَطْنه} على الِاسْتِعَارَة أَو المشاكلة وَالْمَشْي جنس الْحَرَكَة الْمَخْصُوصَة وَإِذا اشْتَدَّ فَهُوَ سعي وَإِذا زَاد فَهُوَ عَدو {وَالَّذين يسعون فِي آيَاتنَا معاجزين} أَي: مجتهدين فِي إِظْهَار الْعَجز والسكون مُقَابل الْحَرَكَة والثبات مُقَابل النقلَة، فَهُوَ أَعم من السّكُون؛ فَإِن الْغُصْن المتمايل ثَابت غير سَاكن والسكون أَعم من الثَّبَات لِأَنَّهُ سُكُون خَاص وَالْحَرَكَة الكمية كحكرة النمو، وَهُوَ أَن يزْدَاد مِقْدَار الْجِسْم فِي الطول وَالْعرض والعمق وَذهب الرَّازِيّ إِلَى أَن النمو والذبول ليسَا من الْحَرَكَة الكمية، وَكَلَام الشريف يمِيل إِلَيْهِ وَالْحَرَكَة الْكَيْفِيَّة المحسوسة كحركة المَاء من الْبُرُودَة إِلَى السخونة. وَالْحَرَكَة الْكَيْفِيَّة النفسانية كحركة النَّفس فِي المعقولات فتسمى فكرا، كَمَا أَنَّهَا فِي المحسوسات تسمى تخيلا وَالْحَرَكَة الوضعية كحركة الْجِسْم من وضع إِلَى وضع آخر، ككون الْقَاعِدَة قَائِما، وكحركة الْفلك فِي مَكَانَهُ على الاستدارة وَالْحَرَكَة الأينية كحركة الْجِسْم من مَكَان إِلَى مَكَان آخر

وَالْقُوَّة المحركة إِن كَانَت خَارِجَة عَن المتحرك فالحركة قسرية، وَإِلَّا، فإمَّا أَن تكون الْحَرَكَة بسيطة أَي على نهج وَاحِد، وَإِمَّا مركبة أَي لَا على نهج وَاحِد والبسيطة إِمَّا بِإِرَادَة وَهِي الْحَرَكَة الفلكية، أَو لَا، وَهِي الْحَرَكَة الطبيعية والمركبة إِمَّا أَن يكون مصدرها الْقُوَّة الحيوانية أَو لَا الثَّانِيَة الْحَرَكَة النباتية، وَالْأولَى إِمَّا أَن تكون مَعَ شُعُور بهَا وَهِي الْحَرَكَة الإرادية الحيوانية أَو لَا مَعَ شُعُور وَهِي الْحَرَكَة التسخينية كحركة النبض وَالْحَرَكَة الإعرابية مَعَ كَونهَا طارئة أقوى من النباتية الدائمة، لِأَن الإعرابية علم لمعان مَقْصُودَة، متميز بَعْضهَا عَن بعض فالإخلال بهَا يُفْضِي إِلَى التباس الْمعَانِي وفوات مَا هُوَ الْغَرَض الْأَصْلِيّ من وضع الْأَلْفَاظ وهيئاتها، أَعنِي الْإِبَانَة عَمَّا فِي الضَّمِير وَيُقَال فِي حَرَكَة الْإِعْرَاب رفع وَنصب وجر وخفض وَجزم وَفِي حركات الْبناء: ضم وَفتح وَكسر ووقف وَمَا بَقِي من أَنْوَاع هَذِه الحركات حَرَكَة تخلص عَن التقاء الساكنين، وحركة حِكَايَة، وحركة نقل، وحركة إتباع، وحركة مُنَاسبَة ثمَّ الحري بِهَذِهِ الْخَواص هُوَ المعرب، لِأَن وجودهَا فِي الْمَبْنِيّ فِي الْجُمْلَة وَقَوْلهمْ: حرف متحرك، وتحركت الْوَاو، وَنَحْو ذَلِك لَيْسَ بتساهل مِنْهُم، لِأَن الْحَرْف وَإِن كَانَ عرضا فقد يُوصف بالحركة تبعا لحركة مَحَله وَاخْتلف النَّاس فِي الْحَرَكَة هَل تحدث بعد الْحَرْف أَو مَعَه أَو قبله؟ وَمذهب سِيبَوَيْهٍ أَنَّهَا حَادِثَة بعد حرفها المحرك بهَا، وَهُوَ الصَّحِيح وَقد ثَبت أَن الْحَرَكَة بعض الْحَرْف، فالفتحة بعض الْألف، والكسرة بعض الْيَاء، والضمة بعض الْوَاو فَكَمَا أَن الْحَرْف لَا يُجَامع حرفا آخر فينشآن مَعًا فِي وَقت وَاحِد، فَكَذَا بعض الْحَرْف لَا يجوز أَن ينشأ مَعَ حرف آخر فِي وَقت وَاحِد، لِأَن حكم الْبَعْض فِي هَذَا جَار مجْرى حكم الْكل وَلَا يجوز أَن يتَصَوَّر أَن حرفا من الْحُرُوف حدث بعضه مُضَافا لحرف وبقيته حدث من بعده فِي غير ذَلِك الْحَرْف لَا فِي زمَان وَاحِد وَلَا فِي زمانين وَاخْتلفُوا أَيْضا فِي حركات الْإِعْرَاب هَل هِيَ سَابِقَة على حركات الْبناء، أَو بِالْعَكْسِ، أَو كل مِنْهُمَا أصل فِي مَوْضِعه؟ قَالَ فِي " التَّبْيِين ": والأقوى هُوَ الأول الْحمل: حمله على الْأَمر يحملهُ فانحمل: أغراه بِهِ وَحمله الْأَمر تحميلا فتحمله تحملا وَحمل عَنهُ: حلم فَهُوَ حمول أَي: ذُو حلم وحملت الْمَرْأَة تحمل: علقت وَحمل بِهِ يحمل حمالَة: كفل وَالْحمل، بِالْكَسْرِ: مَا كَانَ على رَأس أَو ظهر و [الْحمل] ، بِالْفَتْح: مَا كَانَ فِي بطن أَو على شَجَرَة وَيجمع غَالِبا فِي الْقلَّة على (أحمال) ، وَفِي الْكَثْرَة على (حمول) وَاخْتلفُوا فِي تَفْسِير الْحمل فَقيل: هُوَ اتِّحَاد المتغايرين فِي الْمَفْهُوم بِحَسب الهوية، وَنقض بالأمور العدمية المحمولة على الموجودات الخارجية، كَمَا فِي (زيد أعمى) إِذْ لَا هوية للمعدومات وَقيل: هُوَ اتِّحَاد المتغايرين فِي الْمَفْهُوم بِحَسب الذَّات، أَعنِي مَا صدق عَلَيْهِ وَيجوز حمل المفهومات العدمية على الموجودات

وَحمل المواطأة: هُوَ أَن يكون الشَّيْء مَحْمُولا على الْمَوْضُوع بِالْحَقِيقَةِ بِلَا وَاسِطَة كَقَوْلِنَا: (الْإِنْسَان حَيَوَان) وَحمل الِاشْتِقَاق: هُوَ أَن لَا يكون مَحْمُولا عَلَيْهِ بِالْحَقِيقَةِ، بل ينْسب إِلَيْهِ كالبياض بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِنْسَان وَقيل: حمل هُوَ هُوَ حمل المواطأة نَحْو: (زيد نَاطِق) وَحمل ذُو حمل الِاشْتِقَاق نَحْو: (زيد ذُو نطق) وَحمل الْمُطلق على الْمُقَيد يجب عندنَا إِذا كَانَا فِي حكم وَاحِد فِي حَادِثَة وَاحِدَة، لِأَن الْعَمَل بهما غير مُمكن، فَيجب الْحمل ضَرُورَة مثل صَوْم كَفَّارَة الْيَمين وَقد حمل الْأُصُول على الْفُرُوع من ذَلِك أَن لَا يُضَاف (ضَارب) إِلَى فَاعله، لِأَنَّك لَا تضيفه إِلَيْهِ مضمرا، فَكَذَلِك مظْهرا لِأَن الْمُضمر أقوى حكما فِي بَاب الْإِضَافَة من الْمظهر لمشابهته للتنوين والمضمر يحمل على الْمظهر فِي الْإِعْرَاب لكَون الْمظهر أصلا فِيهِ، وَالْحمل على مَا لَهُ نَظِير أولى من الْحمل على مَا لَا نَظِير لَهُ مثلا (مَرْوَان) يحْتَمل (فعلان) و (مفعال) و (فعولًا) وَالْأول لَهُ نَظِير فَيحمل عَلَيْهِ وَصفَة اسْم (لَا) الْمَبْنِيّ يجوز فَتحه نَحْو: (لَا رجل ظريف فِي الدَّار) وَهِي فَتْحة بِنَاء، لِأَن الْمَوْصُوف وَالصّفة جعلا كالشيء الْوَاحِد، ثمَّ دخلت (لَا) عَلَيْهِمَا بعد التَّرْكِيب ولايجوز دُخُولهَا عَلَيْهِمَا وهما معربان فبنيا مَعهَا، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى جعل ثَلَاثَة أَشْيَاء كشيء وَاحِد وَلَا نَظِير لَهُ وَالْحمل على أحسن القبيحين كحمل (قَائِما فِي نَحْو: (فِيهَا قَائِما رجل) على الْحَال، لِأَن الْحَال من النكرَة قَبِيح، وَتَقْدِيم الصّفة على الْمَوْصُوف بِأَن ترفع (قَائِما) وَهُوَ أقبح، فَحمل على أحْسنهَا وَحمل الشَّيْء على الشَّيْء كحذف التَّنْوِين من الِاسْم لمشابهته لما لَا حِصَّة لَهُ فِي التَّنْوِين وَهُوَ الْفِعْل وَالْحمل على الْأَكْثَر أولى من الْحمل على الْأَقَل، وَمن ثمَّة قَالَ الْأَكْثَرُونَ: (رحمان) غير منصرف، وَإِن لم يكن لَهُ فعل، لِأَن مَا لَا ينْصَرف من (فعلان) أَكثر، فالحمل عَلَيْهِ أولى وَقَول سِيبَوَيْهٍ أَن الْمَرْفُوع بعد (لَوْلَا) مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر أولى من قَول الْكسَائي أَنه فَاعل بإضمار فعله، لِأَن إِضْمَار الْخَبَر أَكثر من إِضْمَار الْفِعْل وَالْحمل أَولا على الْمَعْنى ثمَّ على اللَّفْظ غير مَمْنُوع، وَله نَظِير فِي الْقُرْآن؛ وَإِن كَانَ الْكثير بِالْعَكْسِ وَالْحمل على الْمَعْنى كتأنيث الْمُذكر وَبِالْعَكْسِ، وتصور معنى الْوَاحِد فِي الْجَمَاعَة وَبِالْعَكْسِ، وَغير ذَلِك كَقَوْلِه تَعَالَى: {تلتقطه بعض السيارة} على قِرَاءَة التَّاء و (ذهبت بعض أَصَابِعه) لِأَن بعض السيارة سيارة فِي الْمَعْنى، وَكَذَا بعض الْأَصَابِع إِصْبَع وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {فَلَمَّا رأى الشَّمْس بازغة قَالَ هَذَا رَبِّي} أَي: هَذَا الشَّخْص أَو الجرم {وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله} : أَرَادَ امْرَأَة، فَحمل فِي الْكل على الْمَعْنى

وَالشَّيْء إِذا حمل على اللَّفْظ جَازَ الْحمل بعده على الْمَعْنى، وَإِذا حمل على الْمَعْنى ضعف الْحمل بعده على اللَّفْظ، لِأَن الْمَعْنى أقوى فَلَا يبعد الرُّجُوع إِلَيْهِ بعد اعْتِبَار اللَّفْظ، ويضعف بعد اعْتِبَار الْمَعْنى الْقوي الرُّجُوع إِلَى الأضعف وَحمل الشي على نقيضه مثل: {سبع عجاف} حمل على (سمان) وعدي (رَضِي) ب (على) حملا على (سخط) و (فضل) ب (عَن) حملا على (نقص) وعلقوا (نسي) حملا على (علم) وحملوا (جيعان) و (عطشان) على (شبعان) و (رَيَّان) و (ملآن) ، لِأَن بَاب (فعلان) للامتلاء وحملوا (دخل) معتديا على (خرج) فجاؤوا بمصدره، كمصدر لَكِن هَذَا غير مضطرد لِأَن (ذهب) لَازم، وَمَا يُقَابله جَاءَ مُتَعَدِّيا نَحْو: {أَو جاؤوكم} وعدي (شكر) بِالْبَاء حملا على (كفر) ، وحملوا (كم) الخبرية على (رب) فِي لُزُوم الصَّدْر لِأَنَّهَا نقيضها وحملوا (مَاتَ مَوتَانا) على (حَيّ حَيَوَانا) ؛ لِأَن بَاب (فعلان) للتقلب التحرك و (عدوة) على (صديقَة) وَلَا يثنى (بعض) وَلَا يجمع حملا على (كل) الحكم، فِي اللُّغَة: الصّرْف وَالْمَنْع للإصلاح، وَمِنْه (حِكْمَة الْفرس) وَهِي الحديدة الَّتِي تمنع عَن الجموح وَمِنْه: الْحَكِيم، لِأَنَّهُ يمْنَع نَفسه ويصرفها عَن هَواهَا؛ والإحكام والإتقان أَيْضا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {أحكمت آيَاته} أَي: منعت وحفظت عَن الغلظ وَالْكذب وَالْبَاطِل وَالْخَطَأ والتناقض وَمِنْه اسْم الْحَكِيم أَي: الْعَالم صَاحب الْحِكْمَة والمتقن للأمور وَمعنى الْحَكِيم فِي الله بِخِلَاف مَعْنَاهُ إِذا وصف بِهِ غَيره وَمن هَذَا الْوَجْه قَالَ تَعَالَى: {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين} وَالْحكم أَيْضا: الْفَصْل والبت وَالْقطع على الْإِطْلَاق و {آيَات محكمات} مَعْنَاهُ أحكمت عباراتها بِأَن حفظت من الِاحْتِمَال أَو (محكمات) مُشَدّدَة أَي: ذَوَات حِكْمَة، لاشتمالها على الحكم؛ أَو (حاكمات) أَي: منقاد لأحكامها، أَو متقنات لتحكيم نظمها وبلوغ بلاغتها الْغَايَة القصوى؛ أَو ممنوعات من التحريف، أَو موضحات لوضوح مَعَاني الْآيَات كلهَا وَلَا يشْتَرط الوضوح لكل وَاحِد، وَإِلَّا لَكَانَ الْمُحكم غير مُحكم بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأعجمي ومتشابه الْقُرْآن [مِمَّا يعلم] على مَا هُوَ مُخْتَار الْمُحَقِّقين عَن ابْن عَبَّاس: " وَأَنا مِمَّن يعلم الْمُتَشَابه " وَحكم بَينهم وَله وَعَلِيهِ: أَي قضى وَالْحكم أَعم من الْحِكْمَة، وكل حِكْمَة حكم، وَلَيْسَ كل حكم حِكْمَة وَالْحكم فِي الْعرف إِسْنَاد أَمر إِلَى آخر إِيجَابا أَو سلبا، و [فِي اصْطِلَاح أهل الْمِيزَان] : إِدْرَاك

وُقُوع النِّسْبَة أَو لَا وُقُوعهَا، وَهُوَ الحكم المنطقي وَفِي اصْطِلَاح أَصْحَاب الْأُصُول: خطاب الله الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال الْمُكَلّفين بالاقتضاء أَو التَّخْيِير، وَيُقَال لَهُ الْكَلَام النَّفْسِيّ ومدلول الْأَمر وَالنَّهْي والإيجاب وَالتَّحْرِيم، وَيُسمى هَذَا بالاختصاصات الشَّرْعِيَّة، وَأثر الْخطاب الْمُتَرَتب على الْأَفْعَال الشَّرْعِيَّة، وَهَذَا يُسمى بالتصرفات الْمَشْرُوعَة، وَهُوَ نَوْعَانِ: دُنْيَوِيّ كالصحة فِي الصَّلَاة وَالْملك فِي البيع وأخروي كالثواب وَالْعِقَاب وَجَمِيع المسببات الشَّرْعِيَّة عَن الْأَسْبَاب الشَّرْعِيَّة، كل ذَلِك مَحْكُوم لله تَعَالَى ثَبت بِحكمِهِ وإيجاده وتكوينه وَإِنَّمَا سمي حكم الله على لِسَان الْفُقَهَاء بطرِيق الْمجَاز عندنَا، خلافًا للمعتزلة والأشعرية، فَإِن عِنْدهم التكوين عين المكون كَمَا عرفت فِيمَا تقدم وَحكم الشَّرْع مَا ثَبت جبرا لَا اخْتِيَارا للْعَبد فِيهِ، وَمَا ثَبت جبرا هِيَ الصّفة الثَّابِتَة للْفِعْل شرعا، لَا نفس الْفِعْل الَّذِي اتّصف بِالْوُجُوب وَالْحسن والقبح وَالصِّحَّة وَالْفساد، لِأَن نفس الْفِعْل يحصل بِاخْتِيَار العَبْد وَكَسبه وَإِن كَانَ خالقه هُوَ الله تَعَالَى وَالْحكم الشَّرْعِيّ: مَا لَا يدْرك لَوْلَا خطاب الشَّارِع: سَوَاء ورد الْخطاب فِي عين هَذَا الحكم أَو فِي صُورَة يحْتَاج إِلَيْهَا هَذَا الحكم كالمسائل القياسية، إِذْ لَوْلَا خطاب الشَّارِع فِي الْمَقِيس عَلَيْهِ لَا يدْرك الحكم فِي الْمَقِيس وَالْحكم الْعقلِيّ: إِثْبَات أَمر لآخر أَو نَفْيه عَنهُ من غير توقف على تكَرر وَلَا وضع وَاضع، وينحصر فِي الْوُجُوب والاستحالة وَالْجَوَاز وَالْحكم العادي: إِثْبَات ربط بَين أَمر وَآخر وجودا أَو عدما بِوَاسِطَة تكَرر الْقُرْآن بَينهمَا على الْحس مَعَ صِحَة التَّخَلُّف وَعدم تَأْثِير أَحدهمَا فِي الآخر الْبَتَّةَ وَالْحكم العادي القولي: كرفع الْفَاعِل وَنصب الْمَفْعُول وَنَحْو ذَلِك من الْأَحْكَام النحوية واللغوية وَالْحكم العادي الْعقلِيّ: كَقَوْلِنَا فِي الْإِثْبَات: (شراب السكنجين مسكن للصفراء) وَفِي النَّفْي: (الفطير من الْخبز لَيْسَ بسريع الانهضام) وَقد يُطلق العادي على مَا يسْتَند إِلَى شَيْء من الْعقل وَالنَّقْل، وَيُطلق أَيْضا على مَا اسْتَقر فِي النُّفُوس من الْأُمُور المتكررة المقبولة عِنْد الطباع السليمة، وعَلى مَا اسْتمرّ الزَّمَان على حكمه وَعَاد إِلَيْهِ مرّة بعد أُخْرَى، وعَلى مَا وَقع فِي الْخَارِج على صفة اتِّفَاقًا وَالْحكم عِنْد أهل الْمَعْقُول يُطلق وَيُرَاد بِهِ الْقَضِيَّة، إطلاقا لاسم الْجُزْء على الْكل وَقد يُطلق على التَّصْدِيق وَهُوَ الْإِيقَاع والانتزاع، وعَلى مُتَعَلّقه، وَهُوَ الْوُقُوع واللاوقوع، وعَلى النِّسْبَة الْحكمِيَّة، وعَلى الْمَحْمُول، فَإِذا أطلق الحكم على وُقُوع النِّسْبَة أَو لَا وُقُوعهَا فَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنى من قبيل الْمَعْلُوم وَمن أَجزَاء الْقَضِيَّة وَإِذا أطلق على إِيقَاع النِّسْبَة أَو انتزاعها فَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنى من قبيل الْعلم والتصديق عِنْد الحكم فَاخْتَارَ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ فِي عبارَة مرجع صدق الْخَبَر أَو كذبه عِنْد الْجُمْهُور إِلَى مُطَابقَة حكمه

للْوَاقِع أَو عدم مطابقته الْمَعْنى الأول، وَأَن التغاير بَين المطابق والمطابق بِالِاعْتِبَارِ إِلَى آخر مَا قَالَ وَذهب الْعَلامَة الشريف إِلَى أَن المُرَاد بِهِ هَهُنَا الْمَعْنى الثَّانِي، وَأَن الْمُغَايرَة بَينهمَا ذاتية إِلَى آخر مَا قَالَ أَيْضا، فَمَا اخْتَارَهُ السعد أوفق لكَلَام أهل الْعَرَبيَّة، وَمَا اخْتَارَهُ السَّيِّد إِنَّمَا يلائم رَأْي أَرْبَاب الْمَعْقُول الْحِكْمَة: هِيَ الْعدْل وَالْعلم وَالْحكم والنبوة وَالْقُرْآن وَالْإِنْجِيل: وَوضع الشَّيْء فِي مَوْضِعه، وصواب الْأَمر وسداده وأفعال الله كَذَلِك، لِأَنَّهُ يتَصَرَّف بِمُقْتَضى الْملك فيفعل مَا يَشَاء، وَافق غَرَض الْعباد أم لَا وَفِي عرف الْعلمَاء: هِيَ اسْتِعْمَال النَّفس الإنسانية باقتباس الْعُلُوم النظرية واكتساب الملكة التَّامَّة على الْأَفْعَال الفاضلة قدر طاقتها وَقَالَ بَعضهم: الْحِكْمَة هِيَ معرفَة الْحَقَائِق على مَا هِيَ بِقدر الِاسْتِطَاعَة، وَهِي الْعلم النافع الْمعبر عَنهُ بِمَعْرِِفَة مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا الْمشَار إِلَيْهِ بقوله تَعَالَى: {وَمن يُؤْت الْحِكْمَة فقد أُوتِيَ خيرا كثيرا} وإفراطها: الجربزة: وَهِي اسْتِعْمَال الْفِكر فِيمَا لَا يَنْبَغِي كالمتشابهات، وعَلى وَجه لَا يَنْبَغِي كمخالفة الشَّرَائِع وتفريطها: الغباوة الَّتِي هِيَ تَعْطِيل الْقُوَّة الفكرية وَالْوُقُوف عَن اكْتِسَاب الْعلم وَهَذِه الْحِكْمَة غير الْحِكْمَة الَّتِي هِيَ الْعلم بالأمور الَّتِي وجودهَا من أفعالنا، بل هِيَ ملكة تصدر مِنْهَا أَفعَال متوسطة بَين أَفعَال الجربزة والبلاهة {وَيُعلمهُم الْكتاب وَالْحكمَة} أَي: السّنة، ذكره قَتَادَة وَوجه الْمُنَاسبَة أَن الْحِكْمَة تنتظم الْعلم وَالْعَمَل، كَمَا أَن السّنة تنتظم القَوْل وَالْفِعْل {وَمَا أنزل عَلَيْكُم من الْكتاب وَالْحكمَة} يَعْنِي: مواعظ الْقُرْآن {وَلَقَد آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة} يَعْنِي الْفَهم وَالْعلم {فقد آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم الْكتاب وَالْحكمَة} يَعْنِي النُّبُوَّة {ادْع إِلَى سَبِيل رَبك بالحكمة} يَعْنِي بِالْقُرْآنِ وَجَمِيع هَذِه الْوُجُوه عِنْد التَّحْقِيق يرجع إِلَى الْعلم [وَأكْثر أهل الْعلم على أَن الْحِكْمَة لَيست للْعلم الْمُجَرّد بل للْعلم مَعَ زِيَادَة مُبَالغَة فِيهِ، أَو للْعلم مَعَ الْعَمَل، وَأمر التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير بَينهمَا إِنَّمَا يكون بِحَسب اقْتِضَاء الْمقَام، فَفِي سُورَة الْبَقَرَة فِي قَوْله جلّ شَأْنه: {سُبْحَانَكَ لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا} إِلَى آخِره قد وَقع الْكَلَام فِي الْعلم، وَكَذَا فِي الانفال فِي قَوْله جلّ شَأْنه: {وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتك} إِلَى آخِره فَإِن الْكَلَام سبق فِي علم الله خِيَانَة الخائنين، وَكَذَلِكَ فِي سُورَة يُوسُف فِي قَوْله تَعَالَى: {ويعلمك من تَأَول الْأَحَادِيث} وَأما فِي سُورَة الذريات فَإِن الْآيَة سيقت لإِظْهَار الْحِكْمَة فَإِن إيتَاء الْوَلَد للشَّيْخ الْهَرم وَالْمَرْأَة الْعَقِيم على مَا قَالَ فِي سُورَة هود من بَاب

الْحِكْمَة فتقديمها فِي نَحره ومقطعه] وَالْحكمَة تراعي فِي الْجِنْس لَا فِي الْأَفْرَاد فالحكمة فِي فَسَاد البيع بِشَرْط لَا يَقْتَضِيهِ العقد، ولأحد الْعَاقِدين نفع لاحْتِمَال النزاع، فَلَا يَنْقَلِب صَحِيحا فِيمَا إِذا لم يُوجد النزاع فِي بعض الْأَفْرَاد، فَحق الْفَسْخ ثَابت لمن لَهُ النَّفْع وَالْحكمَة فِي حُرْمَة الْخمر الْبغضَاء والصدود عَن الصَّلَاة، فَلَا عِبْرَة بِعَدَمِ وُقُوعهَا فِي بعض الْأَفْرَاد وَالْحُرْمَة ثَابِتَة لكل أحد الْحصْر: هُوَ إِثْبَات الحكم ونفيه عَمَّا عداهُ يحصل بِتَصَرُّف فِي التَّرْكِيب، كتقديم مَا حَقه التَّأْخِير من متعلقات الْفِعْل وَالْفَاعِل الْمَعْنَوِيّ وَالْخَبَر وتعريف الْمسند والمسند إِلَيْهِ والأصولي يعْتَبر بعض أَنْوَاع الْحصْر وَهُوَ أَن يعرف الْمُبْتَدَأ بِحَيْثُ يكون ظَاهرا فِي الْعُمُوم، سَوَاء كَانَ صفة أَو اسْم جنس، وَيجْعَل الْخَبَر مَا هُوَ أخص مِنْهُ بِحَسب الْمَفْهُوم، سَوَاء كَانَ علما أَو غَيره مثل: (الْعَالم زيد) و (الرجل بكر) و (صديقي خَالِد) وَلَا خلاف فِي ذَلِك بَين عُلَمَاء الْمعَانِي متمسكا بِاسْتِعْمَال الفصحاء، وَلَا فِي عَكسه أَيْضا مثل: (زيد الْعَالم المنطلق) حَتَّى قَالَ صَاحب " الْمِفْتَاح ": (المنطلق زيد) و (زيد المنطلق) كِلَاهُمَا يُفِيد حصر الانطلاق على زيد، والحصر رَاجع إِلَى التَّقْسِيم وَالسير إِلَى الأشكال والحصر الْعقلِيّ: هُوَ الدائر بَين النَّفْي وَالْإِثْبَات لَا يجوز الْعقل فِيمَا وَرَاءه شَيْئا آخر نَحْو قَوْلنَا: (الْعدَد إِمَّا زوج وَإِمَّا فَرد) والحقيقي كَذَلِك والوقوعي: هُوَ مَا يكون وُقُوعه بِحَسب الاستقراء والتتبع بِكَلَام الْعَرَب كانحصار الدّلَالَة اللفظية فِي الْعَقْلِيَّة والطبعية والوضعية وكانحصار الْكَلِمَة فِي الْأَقْسَام الثَّلَاثَة، إِذْ الْمعَانِي ثَلَاثَة: ذَات، وَحدث، ورابطة وَيجوز أَن يكون فِيمَا وَرَاءه شَيْء آخر كمخالفة وَبَين بَين وَقَالَ ابْن الخباز: وَلَا يخْتَص انحصار الْكَلِمَة فِي الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة بلغَة الْعَرَب، لِأَن الدَّلِيل الدَّال على الانحصار فِي الثَّلَاثَة عَقْلِي، والأمور الْعَقْلِيَّة لَا تخْتَلف باخْتلَاف اللُّغَات والحصر الجعلي: هُوَ مَا يكون بِحَسب جعل الْجَاعِل، كانحصار الْكتب فِي الْفُصُول والأبواب المعدودة والوضعي كَذَلِك وَحصر الْكل فِي أَجْزَائِهِ: هُوَ الَّذِي لَا يَصح إِطْلَاق اسْم الْكل على أَجْزَائِهِ، كانحصار الْعشْرَة فِي أَجْزَائِهَا وطرق الْحصْر: النَّفْي ب (لَا) وب (مَا) وَغَيرهمَا، وَالِاسْتِثْنَاء ب (إِلَّا) وَغَيرهمَا، (وَإِنَّمَا) بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح عِنْد الْبَعْض، والعطف ب (لَا) وب (بل) ، وَتَقْدِيم الْمَعْمُول، وَضمير الْفَصْل، وَتَقْدِيم الْمسند إِلَيْهِ، وَتَقْدِيم الْمسند، وتعريف الجزأين نَحْو: الْحَمد لله، (والمنطلق زيد) ، وقلب بعض حُرُوف الْكَلِمَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين اجتنبوا الطاغوت} لِأَن وَزنه (فعلوت) من (الطغيان) قلب بِتَقْدِيم اللَّام، فوزنه (فعلوت) ، وَالْقلب للاختصاص، إِذْ لَا يُطلق على غير الشَّيْطَان،

وَنَحْو: (جَاءَ زيد نَفسه) و (إِن زيدا الْقَائِم) ، وَنَحْو (قَائِم) فِي جَوَاب (زيد إِمَّا قَائِم أَو قَاعد) [وَفِي كل من أَدَاة الْحصْر نُكْتَة بِحَسب الْمقَام] وَحصر الجزئي وإلحاقه بالكلي: هُوَ أَن يَأْتِي الْمُتَكَلّم إِلَى نوع فَيَجْعَلهُ بالتعظيم بِهِ جِنْسا بعد حصر أَقسَام الْأَنْوَاع فِيهِ والأجناس كَقَوْلِه تَعَالَى: (وَعِنْده مفاتح الْغَيْب لَا يعلمهَا إِلَّا هُوَ وَيعلم مَا فِي الْبر وَالْبَحْر} فَإِنَّهُ حصر الجزيئات المتولدات فَرَأى الِاقْتِصَار على ذَلِك لَا يكمل بِهِ التمدح لاحْتِمَال أَن يظنّ أَنه يعلم الكليات دون الجزيئات فَإِن المتولدات، وَإِن كَانَت جزئيات بِالنِّسْبَةِ إِلَى جملَة الْعَالم، فَكل وَاحِد مِنْهَا كلي بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا تَحْتَهُ من الْأَجْنَاس والأنواع والأصناف، فَقَالَ لكَمَال التمدح: {وَمَا تسْقط من ورقة إِلَّا يعلمهَا} وَلما علم سُبْحَانَهُ أَن علم ذَلِك يُشَارِكهُ فِيهِ كل ذِي إِدْرَاك تمدح بِمَا لَا يُشَارِكهُ فِيهِ أحد فَقَالَ: {وَلَا حَبَّة فِي ظلمات الأَرْض وَلَا رطب وَلَا يَابِس إِلَّا فِي فِي كتاب مُبين} الْحَذف: حذفه: أسْقطه و [حذفه] من شعره: أَخذه و [حذفه] بالعصا: رَمَاه بهَا و [حذف] فلَانا بجائزة: وَصله بهَا و [حذف] السَّلَام: خففه وَلم يطلّ القَوْل بِهِ والحذف: إِسْقَاط الشَّيْء لفظا وَمعنى والإضمار: إِسْقَاط الشَّيْء لفظا لَا معنى والحذف: مَا ترك ذكره فِي اللَّفْظ وَالنِّيَّة كَقَوْلِك (أَعْطَيْت زيدا) والإضمار: مَا ترك ذكره من اللَّفْظ وَهُوَ مُرَاد بِالنِّيَّةِ وَالتَّقْدِير كَقَوْلِه تَعَالَى: {وأسال الْقرْيَة} [وعلماء الْمعَانِي يعبرون عَن إِسْقَاط الْمسند إِلَيْهِ عَن اللَّفْظ بالحذف عَن إِسْقَاط الْمسند بِالتّرْكِ] والحذف مقدم على الْإِتْيَان لتأخير وجود الْحَادِث عَن عَدمه وأصالة الْحَذف بِمَعْنى السَّابِق والقدم وأصالة الذّكر بِمَعْنى الشّرف وَالْكَرم؛ وَهَذِه لَا تَقْتَضِي نُكْتَة زَائِدَة عَلَيْهِ، وَتلك تستدعي نُكْتَة باعثة دَاعِيَة إِلَيْهِ والحذف فِي الذَّات، وَالسَّلب فِي الصِّفَات والحذف والتضمين وَإِن اشْتَركَا فِي أَنَّهُمَا خلاف الأَصْل، لَكِن فِي التَّضْمِين تَغْيِير معنى الأَصْل، وَلَا كَذَلِك الْحَذف وَشرط الْحَذف والإضمار هُوَ أَن يكون ثمَّة مُقَدّر نَحْو: {وأسأل الْقرْيَة} بِخِلَاف الإيجاز فَإِنَّهُ عبارَة عَن اللَّفْظ الْقَلِيل الْجَامِع للمعاني بِنَفسِهِ وَمن جملَة فَوَائِد الْحَذف التفخيم والإعظام لما فِيهِ من الْإِبْهَام لذهاب الذِّهْن كل مَذْهَب فَرجع قاصرا عَن إِدْرَاكه فَيُفِيد ذَلِك تَعْظِيم شَأْنه وَيزِيد فِي النَّفس مكانة وَزِيَادَة لَذَّة استنباط الذِّهْن الْمَحْذُوف، وَكلما كَانَ الشُّعُور بالمحذوف أعْسر كَانَ الالتذاذ بِهِ أَشد، وَزِيَادَة الْأجر بِسَبَب الِاجْتِهَاد فِي ذَلِك وَمن جملَة أَسبَابه مُجَرّد (الِاخْتِصَار والاحتراز عَن

الْعَبَث بِنَاء على الظَّاهِر، والتنبيه على تقاصر الزَّمَان عَن إتْيَان الْمَحْذُوف، وَأَن الِاشْتِغَال بِهِ يُفْضِي إِلَى) فَوت المهم، والتفخيم والإعظام وَالتَّخْفِيف لِكَثْرَة دورانه فِي كَلَامهم، ورعاية الفواصل وصيانة الْمَحْذُوف تَشْرِيفًا لَهُ، وصيانة اللِّسَان عَنهُ تحقيرا لَهُ، وَغير ذَلِك وَمن جملَة أدلته أَنه يدل عَلَيْهِ الْعقل حَتَّى يَسْتَحِيل صِحَّته بِلَا تَقْدِير، كَمَا فِي {واسأل الْقرْيَة} وَالْعَادَة الشَّرْعِيَّة كَمَا فِي {إِنَّمَا حرم عَلَيْكُم الْميتَة} أَي: التَّنَاوُل وَيدل الْعقل على الْحَذف وَالْعَادَة على التَّعْيِين كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فذالكن الَّذِي لمتنني فِيهِ} ، فَإِن يُوسُف النَّبِي لَيْسَ مَحل اللوم، فَتعين أَن يكون غَيره عقلا، وَعين الْعَادة مراودتها للوم، إِذْ الْحبّ لَا يلام عَلَيْهِ صَاحبه لكَونه اضطراريا وتدل الْعَادة على تعْيين الْمَحْذُوف كَقَوْلِه تَعَالَى: {بِسم الله} فَإِن اللَّفْظ يدل على أَن فِيهِ حذفا، وَدلّ الشَّرْع على تَعْيِينه من قِرَاءَة أَو أكل أَو شرب أَو غير ذَلِك وَمن جملَة الْأَدِلَّة اللُّغَة ك (ضربت) فَإِن اللُّغَة شاهدة على أَن الْفِعْل الْمُتَعَدِّي لَا بُد لَهُ من مفعول، لَكِن لَا على التَّعْيِين وَتقدم مَا يدل على الْحَذف إِمَّا فِي سِيَاقه أَو فِي مَوضِع آخر. وَمن جملَة شُرُوط الْحَذف أَن يكون فِي الْمَذْكُور دلَالَة على الْمَحْذُوف إِمَّا من لَفظه أَو من سِيَاقه، وَهَذَا من قَوْلهم: لَا بُد أَن يكون فِيمَا أبقى دَلِيل على مَا ألْقى وَإِلَّا يصير اللَّفْظ مخلا بالفهم، وَتلك الدّلَالَة مقالية وحالية فالمقالية: قد تحصل من إِعْرَاب اللَّفْظ، وَذَلِكَ كَمَا إِذا كَانَ مَنْصُوبًا فَيعلم أَن لَهُ ناصبا، وَإِذا لم يكن ظَاهرا لم يكن بُد من التَّقْدِير نَحْو: {أَهلا وسهلا ومرحبا} والحالية: قد تحصل من النّظر إِلَى الْمَعْنى، وَالْعلم لَا يتم إِلَّا بِمَحْذُوف كَمَا فِي قَوْلنَا: (فلَان يحل ويربط) أَي: يحل الْأُمُور ويربطها، وَقد تدل الصِّنَاعَة النحوية على التَّقْدِير كَقَوْلِهِم فِي (لَا أقسم) لَا أَنا أقسم، لِأَن الْفِعْل الحالي لَا يقسم عَلَيْهِ، وَقد تَتَعَدَّد الْأَدِلَّة وَالتَّقْدِير بحسبها وَهَذَا الشَّرْط مُحْتَاج إِلَيْهِ إِذا كَانَ الْمَحْذُوف جملَة بأسرها نَحْو: {قَالُوا سَلاما} أَي: سلمنَا سَلاما أَو ركنا نَحْو: {قَالَ سَلام قوم منكرون} أَي: سَلام عَلَيْكُم أَنْتُم قوم منكرون وأقسام الْحَذف: الاقتطاع: وَهُوَ ذكر حرف من الْكَلِمَة وَإِسْقَاط الْبَاقِي وَقد جعل مِنْهُ بَعضهم فواتح السُّور، لِأَن كل حرف يدل على اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى، وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى: {وأمسحوا برؤوسكم} إِن الْبَاء هَهُنَا أول كلمة بعض وَفِي الحَدِيث: " كن بِالسَّيْفِ شاه " أَي: شَاهدا والاكتفاء: وَهُوَ أَن يَقْتَضِي الْمقَام ذكر شَيْئَيْنِ بَينهمَا تلازم وارتباط فيكتفى بِأَحَدِهِمَا عَن الآخر، وَيخْتَص بالارتباط العطفي غَالِبا كَقَوْلِه تَعَالَى:

{الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ} أَي: وَالشَّهَادَة، آثر الْغَيْب لكَونه أمدح ولكونه مستلزما للْإيمَان بِالشَّهَادَةِ من غير عكس، وَلَيْسَ من هَذَا الْقَبِيل {سرابيل تقيكم الْحر} فَإِن الْآيَة مسوقة لامتنان وقاية الْحر، فَلَا حَاجَة إِلَى اعْتِبَار الْبرد والتضمين وَهُوَ أَن يضمر فِي الْكَلَام جُزْءا كَقَوْل الْفَقِيه: النَّبِيذ مُسكر فَهُوَ حرَام، فَإِنَّهُ أضمر وكل مُسكر حرَام وَيكون فِي الْقيَاس الاستثنائي كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} وَأَن يسند الْفِعْل لشيئين وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة لأَحَدهمَا فَيقدر للْآخر فعل يُنَاسِبه، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَالَّذين تبوؤا الدَّار وَالْإِيمَان} أَي: واعتقدوا الْإِيمَان وَأَن يَقْتَضِي الْأَمر شَيْئَيْنِ فَيقْتَصر على أَحدهمَا لِأَنَّهُ الْمَقْصُود كَقَوْلِه تَعَالَى حِكَايَة عَن فِرْعَوْن: {فَمن رَبكُمَا يَا مُوسَى} وَلم يقل (وَهَارُون) ، لِأَن الْمَقْصُود هُوَ المتحمل لأعباء الرسَالَة وَأَن يذكر شَيْئَانِ وَيعود الضَّمِير إِلَى أَحدهمَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقتتلو} وَقد يحذف من الْكَلَام الأول لدلَالَة الثَّانِي عَلَيْهِ، وَقد يعكس وَقد يحْتَمل اللَّفْظ لأمرين والاختزال: وَهُوَ حذف كلمة أَو أَكثر، وَهِي إِمَّا اسْم أَو فعل أَو حرف فَمن الأول حذف الْمُبْتَدَأ كَقَوْلِه تَعَالَى: {سيقولون ثَلَاثَة} أَي: هم وَحذف الْخَبَر نَحْو: {أكلهَا دَائِم وظلها} أَي: دَائِم وَقد يحذفان جملَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {والائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم} وَحذف الْفَاعِل مَشْهُور امْتِنَاعه إِلَّا فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع فِيمَا إِذا بني الْفِعْل للْمَفْعُول وَفِي الْمصدر إِذا لم يذكر مَعَه الْفَاعِل مظْهرا يكون محذوفا وَلَا يكون مضمرا، وَفِيمَا إِذا لَاقَى الْفَاعِل سَاكِنا من كلمة أُخْرَى كَقَوْلِك للْجَمَاعَة: (اضربوا الْقَوْم) وَجوزهُ الْكسَائي مُطلقًا إِذا وجد مَا يدل عَلَيْهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {كلا إِذا بلغت التراقي} أَي: الرّوح وَالْحق أَن الْفَاعِل هَهُنَا مُضْمر وَالْفرق بَينهمَا وَاضح وَحذف الْمَفْعُول نَحْو: {فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى} ، {وَمَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} وَهَذَا كثير فِي مفعول الْمَشِيئَة والإرادة وَحذف الْفَاعِل ونيابة الْمَفْعُول نَحْو: {وَمَا لأحد عِنْده من نعْمَة تجزى} وَحذف الْمُضَاف نَحْو: {إِن مَعَ الْعسر يسرا} وَهُوَ الِانْقِضَاء

وَحذف الْمُضَاف إِلَيْهِ يكثر فِي يَاء الْمُتَكَلّم نَحْو: {رب اغْفِر لي} وَفِي الغايات نَحْو: {لله الْأَمر من قبل وَمن بعد} أَي: من قبل الغلب وَمن بعده وَفِي (كل) و (أَي) و (بعض) و (قد سمع) (سَلام عَلَيْك) مَرْفُوعا بِلَا تَنْوِين، أَي: سَلام الله عَلَيْك وَحذف جَوَاب (لَو) كثير إِذا كَانَ فِي اللَّفْظ مَا يدل عَلَيْهِ وَتقول (لَو كَانَ لي مَال) وتسكت، تُرِيدُ (لفَعَلت كَذَا) وَحذف الْمَوْصُوف نَحْو: {وَعِنْدهم قاصرات الطّرف} أَي: حور، وَنَحْو: (أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ) أَي: الْقَوْم الْمُؤْمِنُونَ وَحذف الصّفة نَحْو: {يَأْخُذ كل سفينة غصبا} أَي: صَالِحَة وَحذف الْمَعْطُوف عَلَيْهِ نَحْو: {اضْرِب بعصاك الْبَحْر فانفلق} أَي: فَضرب فانفلق وَحذف الْمُسْتَثْنى قَلِيل، وَلَيْسَ ذَلِك إِلَّا بعد (إِلَّا) و (غير) الكائنتين بعد (لَيْسَ) ، تَقول: (جَاءَنِي زيد، لَيْسَ إِلَّا، وَلَيْسَ غير) أَي: لَيْسَ الجائي إِلَّا زيدا، وَلَيْسَ الجائي غَيره و (غير) هُنَا يضم تَشْبِيها لَهَا بالغايات فِي الْقطع عَن الْإِضَافَة وَحذف الْمَعْطُوف مَعَ العاطف نَحْو: {بِيَدِك الْخَيْر} أَي: وَالشَّر أَيْضا وَحذف الْحَال كثير إِذا كَانَ قولا نَحْو: {وَالْمَلَائِكَة يدْخلُونَ عَلَيْهِم من كل بَاب. سَلام} أَي: قائلين وَحذف المنادى نَحْو: (أَلا يَا اسجدوا) وَحذف الْعَائِد فِي الصِّلَة نَحْو: {أَهَذا الَّذِي بعث الله رَسُولا} أَي: بَعثه، والعائد إِذا كَانَ مَفْعُولا يحذف كثيرا وَحذف الصِّلَة نَحْو: {وَاتَّقوا يَوْمًا لَا تجزي نفس} أَي: فِيهِ وَحذف الْمَوْصُول نَحْو: {آمنا بِالَّذِي أنزل إِلَيْنَا وَأنزل إِلَيْكُم} أَي: وَالَّذِي أنزل إِلَيْكُم وَحذف مُتَعَلق (أفعل) التَّفْضِيل نَحْو: {يعلم السِّرّ وأخفى} ، {خير وَأبقى} وَحذف الْفِعْل تطرد إِذا كَانَ مُفَسرًا نَحْو: {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك} وَحذف القَوْل نَحْو: {وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت وَإِسْمَاعِيل رَبنَا} أَي: يَقُولَانِ وَحذف همزَة الِاسْتِفْهَام نَحْو: {هَذَا رَبِّي} وَحذف الْجَار يطرد من (أَن) و (أَن) نَحْو: {أطمع أَن يغْفر لي} ، {أيعدكم أَنكُمْ} وَجَاء من غَيرهمَا نَحْو: {قدرناه منَازِل} ، (ويبغونها

عوجا} وَحذف العاطف نَحْو: {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناعمة} وَحذف حرف النداء نَحْو: {فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض} [وَلَا يجوز حذف حرف النداء فِي الندبة، وَقَوله جلّ شَأْنه {ونادى نوح ابْنه} حِكَايَة الندبة نَفسهَا] وَحذف (قد) فِي الْمَاضِي إِذا وَقع حَالا نَحْو: {أنؤمن لَك واتبعك الأرذلون} وَحذف (لَا) النافية يطرد فِي جَوَاب الْقسم إِذا كَانَ الْمَنْفِيّ مضارعا نَحْو: {تالله تفتأ} وَفِي غَيره نَحْو: {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة} {و} (يبين الله لكم أَن تضلوا} أَي: كَرَاهَة أَن تضلوا] وَحذف لَام الْأَمر نَحْو: {قل لعبادي الَّذين آمنُوا يقيموا} أَي: ليقيموا وَحذف لَام (لقد) نَحْو: {قد أَفْلح من زكاها} وَحذف نون التَّأْكِيد نَحْو: {ألم نشرح لَك صدرك} على قِرَاءَة النصب وَحذف التَّنْوِين نَحْو: {وَلَا اللَّيْل سَابق النَّهَار} على قِرَاءَة النصب أَيْضا وَحذف نون الْجمع نَحْو: {وَمَا هم بضاري بِهِ من أحد} وَحذف الشَّرْط وَفعله يطرد بعد الطّلب نَحْو: {فَاتبعُوني يحببكم الله} أَي: إِن تتبعوني وَحذف جَوَاب الشَّرْط نَحْو: {وَإِذا قيل لَهُم اتَّقوا مَا بَين أَيْدِيكُم وَمَا خلفكم لَعَلَّكُمْ ترحمون} أَي: أَعرضُوا وَحذف جملَة الْقسم نَحْو: {لأعذبنه عذَابا شَدِيدا} أَي: وَالله وَحذف جَوَابه نَحْو: {ص وَالْقُرْآن ذِي الذّكر} أَي: إِنَّه لمعجز وَأما حذف الصِّلَة من صِيغَة الْفَاعِل فَلم يُوجد قِيَاسا وَيجوز حذف جَمِيع المنصوبات سوى خبر (كَانَ) وَاسم (إِن) وَلَا يجوز الِاقْتِصَار على أحد مفعولي أَفعَال الْقُلُوب، لِأَن وَضعهَا أَن تعرف الشَّيْء بِصفتِهِ وَأما المفعولان مَعًا فقد جَاءَ حذفهما، وَمِنْه قَوْلهم: (من يسمع يخل) أَي: يظنّ المسموع صَحِيحا وَقد تحذف جملَة الشَّرْط، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن أرضي وَاسِعَة فإياي فاعبدون} أَي فَإِن

لم يَأْتِ إخلاص الْعِبَادَة فِي هَذِه الْبَلدة فاعبدوني فِي غَيرهَا، وَحَيْثُ قيل: (لَأَفْعَلَنَّ) أَو (لقد فعل) أَو (لَئِن فعل) وَلم تتقدم جملَة قسم فثمة جملَة قسم مقدرَة نَحْو: {لأعذبنه} ، {وَلَقَد صدقكُم الله وعده} ، و {لَئِن أخرجُوا} وَحذف لَام التوطئة نَحْو: {وَإِن لم تغْفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} وَحذف (أَن) الناصبة قِيَاسا بعد الْأَشْيَاء السِّتَّة وشذوذا فِي غَيرهَا نَحْو: (خُذ اللص قبل يأخذك) وَحذف الإيصال مثل: (جَاءَنِي) إِذْ أَصله (جَاءَ إِلَيّ) وَقد يحذف فِي الْكَلَام أَكثر من جملَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِك يحيي الله الْمَوْتَى} قيل: تَقْدِيره،: فضربوه فحي فَقُلْنَا كَذَلِك وَقَوله تَعَالَى: {اذْهَبَا إِلَى الْقَوْم الَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا فدمرناهم تدميرا} قيل: تَقْدِيره فأتياهم فأبلغا الرسَالَة فكذبوهما فدمرناهم تدميرا وَحذف يَاء المنقوص الْمُعَرّف نَحْو: {الْكَبِير المتعال} و {يَوْم التناد} وَحذف يَاء الْفِعْل غير المجزوم نَحْو: {وَاللَّيْل إِذا يسر} وَحذف يَاء الْإِضَافَة نَحْو: {فَكيف كَانَ عَذَابي وَنذر} ، {فَكيف كَانَ عِقَاب} وَحذف الْوَاو من {ويدع الْإِنْسَان} و {يمح الله} ، {وَيَوْم يدع الداع} ، {سَنَدع الزَّبَانِيَة} والسر فِيهِ التَّنْبِيه على سرعَة وُقُوع الْفِعْل وسهولته على الْفَاعِل وَشدَّة قبُول المنفعل المتأثر بِهِ فِي الْوُجُود الْحُلُول: حل بِمَعْنى نزل، فِي مضارعه الضَّم، فَيجوز فِي اسْم الْمَكَان مِنْهُ الْكسر وَالْفَتْح وَحل بِمَعْنى وَجب، فِي مضارعه الْكسر، وَقُرِئَ بهما {فَيحل عَلَيْكُم غَضَبي} وَأما: {أَو تحل قَرِيبا} فبالضم بِمَعْنى تنزل وَحل بِمَعْنى بلغ، مضارعه بِالْكَسْرِ فَقَط، كَذَا اسْم الْمَكَان مِنْهُ والحل: بِالْكَسْرِ: مصدر حل يحل بِالْكَسْرِ فِي الْمُضَارع، وَكَذَا الْحَلَال والحل: بِالْفَتْح: مصدر (حل) بِالْمَكَانِ (تحل) بِالضَّمِّ، وَكَذَا الْحُلُول وَمِنْه: حل الْعقْدَة وَمن الأول: حل الْمحرم حلا، بِالْكَسْرِ: أَي خرج عَن إِحْرَامه وَأحل: مثله فَهُوَ مَحل وَحل أَيْضا: تَسْمِيَة بِالْمَصْدَرِ وحلال أَيْضا

وَمحل الدّين، بِكَسْر الْحَاء: وَقت وجوب أَدَائِهِ كَمَا فِي " الْكَشَّاف " وحللته تحليلا وتحلة: قَالَ الله تَعَالَى: {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم} أَي شرع لكم تحليلها بِالْكَفَّارَةِ فالتحلة: مَا تنْحَل بِهِ عقدَة الْيَمين: وَالْأَشْهر أَن المُرَاد من تَحِلَّة الْقسم الزَّمَان الْيَسِير الَّذِي يُمكن فِيهِ تَحِلَّة الْقسم بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِل بِهِ هَذَا هُوَ الأَصْل فِيهِ، ثمَّ جعل ذَلِك مثلا لكل شَيْء يقل وقته وَالْعرب تَقول: فعلته تَحِلَّة الْقسم: أَي لم أفعل إِلَّا بِقدر مَا حللت بِهِ يَمِيني؛ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه الْأَشْهر لِأَن تَحِلَّة الْقسم مَذْكُور فِي كَلَامهم قبل أَن جَاءَ الله بِالْإِسْلَامِ؛ وَكَذَا إِذا أَرَادوا تقليل مُدَّة فعل أَو ظُهُور شَيْء خَفِي قَالُوا: فعله كلا، وَرُبمَا كرروا فَقَالُوا: كلا وَلَا؛ وَنزل الْقَوْم كلا وَلَا: أَي كَانَ مكثهم زَمَانا يَسِيرا كالتفوه بِكَلِمَة (لَا) والحلول: هُوَ أَن يكون الشَّيْء حَاصِلا فِي الشَّيْء ومختصا بِهِ بِحَيْثُ تكون الْإِشَارَة إِلَى أَحدهمَا إِشَارَة إِلَى الآخر تَحْقِيقا أَو تَقْديرا والحلول أَعم من الْقيام، لِأَن الْعرض مَا يحل فِي الْجِسْم، والحلول اخْتِصَاص الناعت بالمنعوت [وَأما علمنَا بذاتنا وَبِمَا حصل من الكيفيات والصور فَهُوَ حضوري بحت، وَعلمنَا بِمَا هُوَ الْغَائِب عَنَّا انطباعي صرف، وَبِمَا ترتسم صورته فِي قوانا يشبه الأول من وَجه وَالثَّانِي من وَجه] والحلول الحيزي: كحلول الْأَجْسَام فِي الأحياز والحلول الوضعي: كحلول السوَاد فِي الْجِسْم والحلول السرياني: قد يكون فِي الْجَوَاهِر كحلول الصُّورَة فِي الهيولى وَقد يكون فِي الْأَعْرَاض كحلول الْأَعْرَاض النفسانية والحلول الْجَوَارِي: هُوَ أَن يتَعَلَّق الْحَال بِالْمحل كحلول النقطة فِي الْخط، وحلول الْخط فِي السَّطْح وَفِي الْحُلُول السرياني يسْتَلْزم كل وَاحِد من الْمحل وَالْحَال انقسام الآخر، ويستلزم عدم انقسام كل مِنْهُمَا عدم انقسام الآخر وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك فِي الْحُلُول الْجَوَارِي [وَمعنى الْحُلُول فِي المتحيز أَن يخْتَص بِهِ بِحَيْثُ تكون الْإِشَارَة الحسية وَاحِدَة كاللون مَعَ المتلون لَا كَالْمَاءِ مَعَ الْكوز فَإِنَّهُ لَيْسَ حَالا فِي الْكوز اصْطِلَاحا] الْحق: حق الشَّيْء: وَجب وَثَبت وحققت الشَّيْء: أثْبته وَمعنى {لقد حق القَوْل} : ثَبت الحكم وَسبق الْعلم وتحققته: تيقنته وَجَعَلته ثَابتا لَازِما وَكَلَام مُحَقّق: أَي رصين وثوب مُحَقّق: أَي مُحكم النسج وحقت الْقِيَامَة: أحاطت و [حقت] الْحَاجة: نزلت واشتدت وَزيد حقيق بِكَذَا: أَي خليق بِهِ وَهُوَ أَحَق بِمَالِه: أَي لَا حق لغيره فِيهِ، بل هُوَ

مُخْتَصّ بِهِ بِغَيْر شريك والأيم أَحَق بِنَفسِهَا من وَليهَا: أَي هما مشتركان، لَكِن حَقّهَا آكِد والحقة، بِالْكَسْرِ: الْحق الْوَاجِب هَذِه حقتي، وَهَذَا حَقي؛ تكسر مَعَ التَّاء وتفتح بِدُونِهَا وَالْحق: الْقُرْآن، وضد الْبَاطِل، وَمن أَسْمَائِهِ تَعَالَى، أَو من صِفَاته بِمَعْنى الثَّابِت فِي ذَاته وَصِفَاته، أَو فِي ملكوته يسْتَحقّهُ لذاته وَالْحق: من لَا يقبح مِنْهُ فعل، وَهُوَ صفة سلبية، وَقيل: من لَا يفْتَقر فِي وجوده إِلَى غَيره، وَقيل: الصَّادِق فِي القَوْل وَالْحق، مصدرا: يُطلق على الْوُجُود فِي الْأَعْيَان مُطلقًا، وعَلى الْوُجُود الدَّائِم، وعَلى مُطَابقَة الحكم وَمَا يشْتَمل على الحكم للْوَاقِع ومطابقة الْوَاقِع لَهُ وَالْحق، اسْم فَاعل وَصفَة مشبهة: يُطلق على الْوَاجِب الْوُجُود لذاته، وعَلى كل مَوْجُود خارجي، وعَلى الحكم المطابق للْوَاقِع، وعَلى الْأَقْوَال والأديان والمذاهب بِاعْتِبَار اشتمالها على الحكم الْمَذْكُور؛ وعَلى الْوَجْهَيْنِ الْأَخيرينِ يُقَابله الْبَاطِل؛ وعَلى الْوَجْه الأول يُقَابله الْبطلَان فَوَاجِب الْوُجُود هُوَ الْحق الْمُطلق، كَمَا أَن مُمْتَنع الْوُجُود هُوَ الْبَاطِل الْمُطلق، والممكن الْوُجُود هُوَ بِاعْتِبَار نَفسه بَاطِل، وبالنظر إِلَى مُوجبه وَاجِب، وَإِلَى رفع سَببه مُمْتَنع، وَإِلَى عدم الِالْتِفَات إِلَى السَّبَب وَعدم السَّبَب مُمكن وَالْحق: مَا غلبت حججه وَأظْهر التمويه فِي غَيره وَالصَّوَاب: مَا أُصِيب بِهِ الْمَقْصُود بِحكم الشَّرْع وَحقّ الْمُنكر: أَي الْمُنَاسب لَهُ اللَّائِق بِحَالهِ وَحقّ زيد عرف الْحمل على التقوي، وَرجل عرف على التَّخْصِيص {وَيقْتلُونَ النَّبِيين بِغَيْر الْحق} مُعَرفا: أَي بِغَيْر الْحق الَّذِي حَده الله تَعَالَى وَأذن فِيهِ ومنكرا كَمَا فِي " الْأَعْرَاف ": أَي بِغَيْر حق من حُقُوق الْقَتْل وَحقّ الله: امْتِثَال أمره وابتغاء مرضاته وَحقّ الْإِنْسَان: كَونه نَافِعًا لَهُ ورافعا للضر عَنهُ الْحَد، فِي اللُّغَة: الْمَنْع والحاجز بَين شَيْئَيْنِ، وتأديب المذنب، وَالنِّهَايَة الَّتِي يَنْتَهِي إِلَيْهَا تَمام الْمَعْنى، وَمَا يُوصل إِلَى التَّصَوُّر الْمَطْلُوب، وَهُوَ الْحَد المرادف للمعرف عِنْد الْأُصُولِيِّينَ وحد الشَّيْء: هُوَ الْوَصْف الْمُحِيط بِمَعْنَاهُ، الْمُمَيز لَهُ من غَيره وحد الْخمر: سمي بِهِ لكَونه مَانِعا لمتعاطيه عَن معاودة مثله، ومانعا لغيره أَن يسْلك مسلكه وحد الْحَد: الْجَامِع الْمَانِع الَّذِي يجمع الْمَحْدُود وَيمْنَع غَيره من الدُّخُول فِيهِ وَمن شَرطه أَن يكون مطردا ومنعكسا وَمعنى الاطراد أَنه مَتى وجد الْحَد وجد الْمَحْدُود، وَمعنى الانعكاس أَنه إِذا عدم الْحَد عدم الْمَحْدُود وَلَو لم يكن مطردا لما كَانَ مَانِعا لكَونه أَعم من الْمَحْدُود، وَلَو لم يكن

منعكسا لما كَانَ جَامعا لكَونه أخص من الْمَحْدُود وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يحصل التَّعْرِيف وعلامة استقامته دُخُول كلمة " كل " فِي الطَّرفَيْنِ جَمِيعًا، كَمَا يُقَال فِي تَحْدِيد النَّار: كل نَار فَهُوَ جَوْهَر محرق، وكل جَوْهَر محرق فَهُوَ نَار وَالْحَد: تَعْرِيف الشَّيْء بِالذَّاتِ، كتعريف الْإِنْسَان بِالْحَيَوَانِ النَّاطِق. والرسم: تَعْرِيف الشَّيْء بالخارج، كتعريف الْإِنْسَان الضاحك [وَلما كَانَ منع خُرُوج الشَّيْء من أَفْرَاد الْمُعَرّف وَدخُول شَيْء من أغياره فِي الْحَد بِاعْتِبَار الذَّات والحقيقة، كَانَ أولى باسم الْحَد الَّذِي هُوَ الْمَنْع فَلذَلِك سمي بِهِ، وَلما كَانَ ذَلِك فِي الرَّسْم بِاعْتِبَار الْعَارِض كَانَ حَقِيقا بِأَن يُسمى بالرسم لكَونه بِمَنْزِلَة الْأَثر يسْتَدلّ بِهِ على الطَّرِيق] والتحديد: هُوَ إِعْلَام مَاهِيَّة الشَّيْء والتعريف: هُوَ إِعْلَام مَاهِيَّة الشَّيْء أَو مَا يميزه عَن الْغَيْر وَالْحَد فِي اصْطِلَاح الْأُصُولِيِّينَ: هُوَ الْجَامِع الْمَانِع، وَذَلِكَ يَشْمَل الرَّسْم وَعند أهل الْمِيزَان: قَول دَال على مَاهِيَّة الشَّيْء وَالْحَد الاسمي: هُوَ الْحَد المحصل لصور المفهومات وَالْحَد اللَّفْظِيّ: مَا أنبأ عَن الشَّيْء بِلَفْظ أظهر عِنْد السَّائِل من اللَّفْظ المسؤول عَنهُ مرادف لَهُ كَقَوْلِنَا: الغضنفر: الْأسد، لمن يكون عِنْده الْأسد أظهر من الغضنفر وَالْحَد الرسمي: مَا أنبأ عَن الشَّيْء بِلَازِم لَهُ مُخْتَصّ بِهِ كَقَوْلِك: الْإِنْسَان ضَاحِك، منتصب الْقَامَة، عريض الْأَظْفَار، بَادِي الْبشرَة وَالْحَد الْحَقِيقِيّ: مَا أنبأ عَن تَمام مَاهِيَّة الشَّيْء وَحَقِيقَته كَقَوْلِك فِي حد الْإِنْسَان: هُوَ جسم نَام حساس متحرك بالإرادة، نَاطِق وَمن شَرَائِط الْحَقِيقِيّ أَن يذكر جَمِيع أَجزَاء الْحَد من الْجِنْس والفصل، وَأَن يذكر جَمِيع ذاتياته بِحَيْثُ لَا يشذ وَاحِد، وَأَن يقدم الْأَعَمّ على الْأَخَص، وَأَن لَا يذكر الْجِنْس الْبعيد مَعَ وجود الْجِنْس الْقَرِيب، وَأَن يحْتَرز عَن الْأَلْفَاظ الوحشية الغريبة والمجازية الْبَعِيدَة والمشتركة المترددة، وَأَن يجْتَهد فِي الإيجاز وَالْحَد للكليات المرتسمة فِي الْعقل دون الجزئيات المنطبعة فِي الْآلَات على مَا هُوَ الْمَشْهُور وَالْحَد لَا يركب من الْأَشْخَاص، فَإِن الْأَشْخَاص لَا تحد، بل طَرِيق إِدْرَاكهَا الْحَواس الظَّاهِرَة أَو الْبَاطِنَة وَالْحَد الْمُشْتَرك: هُوَ ذُو وضع بَين مقدارين يكون بِعَيْنِه نِهَايَة لأَحَدهمَا وبداية للْآخر، أَو نِهَايَة لَهما، أَو بداية لَهما على اخْتِلَاف الْعبارَات باخْتلَاف الاعتبرات، فَإِذا قسم خطّ إِلَى جزأين كَانَ الْحَد الْمُشْتَرك بَينهمَا نقطة وَإِذا قسم السَّطْح إِلَيْهِمَا فالحد الْمُشْتَرك هُوَ الْخط وَإِذا قسم الْجِسْم فالحد الْمُشْتَرك هُوَ السَّطْح وَلَا يجوز دُخُول (أَو) فِي الْحَقِيقِيّ لِئَلَّا يلْزم أَن يكون للنوع الْوَاحِد فصلان على الْبَدَل، وَذَلِكَ

محَال وَأما فِي الرسوم فَهُوَ جَائِز، وَلَا بُد أَن يجْتَنب فِي الْحُدُود من دُخُول الحمن لِأَن التَّصْدِيق فرع التَّصَوُّر، والتصور فرع الْحَد، فَيلْزم الدّور والرسم التَّام: هُوَ مَا تركب من الْجِنْس الْقَرِيب والخاصة كتعريف الْإِنْسَان بِالْحَيَوَانِ الضاحك والرسم النَّاقِص: مَا يكون بالخاصه وَحدهَا، أَو بهَا وبالجنس الْبعيد كتعريف الْإِنْسَان بالضاحك، وبالجسم الضاحك وَبَاقِي الحيثيات تخْتَص جُمْلَتهَا بحيقته وَأحسن الْحُدُود الرسمية مَا وضع فِيهِ الْجِنْس الْأَقْرَب وَأتم باللوازم الْمَشْهُورَة وَالْحَد يشْتَرط فِيهِ الاضطراد والانعكاس نَحْو قَوْلنَا: كل مَا دلّ على معنى مُفْرد فَهُوَ اسْم، وَمَا لم يدل على ذَلِك فَلَيْسَ باسم والعلامة: يشْتَرط فِيهَا الاضطراد دون الانعكاس نَحْو قَوْلك: كل مَا دخل عَلَيْهِ الْألف وَاللَّام فَهُوَ اسْم، فَهَذَا مضطرد فِي كل مَا تدخله هَذِه الأداة وَلَا ينعكس فَلَا يُقَال: كل مَا لم يدْخلهُ الْألف وَاللَّام فَلَيْسَ باسم، لِأَن الْمُضْمرَات أَسمَاء وَلَا يدخلهَا الْألف وَاللَّام، وَكَذَا غَالب الْأَعْلَام والمبهمات وَكثير من الْأَسْمَاء وَلَا يذكر فِي الْحَد لفظ الْكل لِأَن الْحَد للماهية من حَيْثُ هِيَ هِيَ، وَلَا يدْخل فِي الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ مَا يُفِيد الْعُمُوم والاستغراق وَلِأَن الْحَد يجب صدقه وَحمله على كل فَرد من أَفْرَاد الْمَحْدُود من حَيْثُ هُوَ فَرد لَهُ، وَلَا يصدق الْحَد بِصفة الْعُمُوم على كل فَرد قيل: أَرْبَعَة لَا يُقَام عَلَيْهَا برهَان وَلَا تطلب بِدَلِيل وَهِي: الْحُدُود والفوائد وَالْإِجْمَاع والاعتقادات الكائنة فِي النَّفس فَلَا يُقَال: مَا الدَّلِيل على صِحَّتهَا فِي نفس الْأَمر؟ وَلَا يُقَال على صِحَة هَذَا الْحَد؟ وَإِنَّمَا يرد بِالنَّقْضِ والمعارضة الْحَرْف: هُوَ من كل شَيْء طرفه وشفيره وَحده، وَوَاحِد من حُرُوف الهجاء، سميت حُرُوف التهجي بذلك لِأَنَّهَا أَطْرَاف الْكَلِمَة، وَيسْتَعْمل فِي معنى الْكَلِمَة يُقَال: (إِذا) مثلا حرف أَي: كلمة النَّاقة الضامرة والمهزولة حرف أَيْضا [وَيَجِيء بِمَعْنى الأَصْل وَالْقَاعِدَة] {وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف} أَي: على وَجه وَاحِد وَفِي " الْمُفْردَات " قد فسر ذَلِك بقوله بعده: {فَإِن أَصَابَهُ خير} وَفِي مَعْنَاهُ: {مذبذبين بَين ذَلِك} وَنزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف أَي: لُغَات من لُغَات الْعَرَب مفرقة فِي الْقُرْآن، وأصوب محمل يحمل عَلَيْهِ هُوَ أَن المُرَاد سَبْعَة أنحاء من الِاعْتِبَار مُتَفَرِّقَة فِي الْقُرْآن، رَاجِعَة إِلَى اللَّفْظ وَالْمعْنَى دون صُورَة الْكِتَابَة وَلَا صُورَة الْكَلم لما أَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ أُمِّيا، وَلَا قِرَاءَة السَّبْعَة فَلَا يُنَافِي اخْتِلَاف الْقرَاءَات على عشرَة وحرف لِعِيَالِهِ: كسب وحرف وَجهه: صرف والحرفة، بِالْكَسْرِ: الصِّنَاعَة يرتزق مِنْهَا والحرف عِنْد الْأَوَائِل: مَا يتركب مِنْهُ الْكَلم من الْحُرُوف المبسوطة، وَرُبمَا يُطلق على الْكَلِمَة أَيْضا تجوزا، وَإِطْلَاق الْحَرْف على مَا يُقَابل الِاسْم

وَالْفِعْل عرف جَدِيد والحرف عِنْد النُّحَاة: مَا جَاءَ بِمَعْنى لَيْسَ باسم وَلَا فعل، وَلَو قيل: الْحَرْف مَا جَاءَ لِمَعْنى فِي غَيره فَهَذَا مُبْهَم، فَإِن أُرِيد أَن الْحَرْف مَا دلّ على معنى يكون ذَلِك الْمَعْنى حَاصِلا فِي غَيره أَو حَالا فِي غَيره لزم أَن يكون اسْم الْأَعْرَاض وَالصِّفَات كلهَا حروفا، وَإِن أُرِيد معنى ثَالِث فَلَا بُد من بَيَانه وَالصَّوَاب أَن الْمَعْنى الَّذِي وضع لَهُ الْحَرْف سَوَاء كَانَ نِسْبَة أَو مستلزما لَهَا هُوَ الْمعِين بِتَعْيِين لَا يحصل فِي الذِّهْن إِلَّا بِذكر الْمُتَعَلّق مثلا: (لَيْت) مَوْضُوع لكل فَرد معِين من التمنيات الَّتِي تتَعَيَّن بالمتعلقات مثل: (زيد قَائِم) فَلَا بُد من ذكره، وَهَذَا معنى مَا قيل: إِن الْحَرْف وضع بِاعْتِبَار معنى عَام هُوَ نوع من النِّسْبَة، وَالنِّسْبَة لَا تتَعَيَّن إِلَّا بالمنسوب إِلَيْهِ، فَمَا لم يذكر مُتَعَلق الْحَرْف لَا يتَحَصَّل فَرد من ذَلِك النَّوْع، وَهُوَ مَدْلُول الْحَرْف لَا فِي الْعقل وَلَا فِي الْخَارِج، وَإِنَّمَا يتَحَصَّل بتعلقه فيتعقل بتعلقه، فقد ظهر أَن ذكر مُتَعَلق الْحَرْف إِنَّمَا هُوَ لقُصُور فِي مَعْنَاهُ لِامْتِنَاع حُصُوله فِي الذِّهْن بِدُونِ مُتَعَلّقه، وَاعْتبر مثل هَذَا فِي الِابْتِدَاء وَلَفْظَة (من) ، وَأما نَحْو: (ذُو) و (فَوق) فَهُوَ مَوْضُوع لذات مَا بِاعْتِبَار نِسْبَة مُطلقَة كالصحبة والفوقية لَهَا نِسْبَة تقييدية إِلَيْهَا فَلَيْسَ فِي مَفْهُومه مَا لَا يتَحَصَّل إِلَّا بِذكر مُتَعَلقَة بل هُوَ مُسْتَقل بالتعقل، والحرف من حَيْثُ هُوَ حرف مَاهِيَّة مَعْلُومَة متميزة عَمَّا عَداهَا، فَكل مَا كَانَ كَذَلِك صَحَّ الْإِخْبَار عَنهُ بِكَوْنِهِ ممتازا عَن غَيره والحرف كَيْفيَّة تعرض للصوت، بهَا يمتاز الصَّوْت عَن صَوت آخر مثله فِي الحدة والثقل تميزا فِي المسموع، لَا يُقَال عرُوض الْكَيْفِيَّة للصوت يسْتَلْزم قيام الْعرض بِالْعرضِ، لأَنا نقُول: اللَّام فِي الصَّوْت لأجل التّبعِيَّة، فَالْمَعْنى أَن الْحَرْف كَيْفيَّة تعرض للجسم بتبعية الصَّوْت فَلَا يلْزم مَا ذكر [مَعَ أَن الإِمَام رَحمَه الله جوز ذَلِك حَيْثُ قَالَ فِي " الْمَحْصُول ": إِن السرعة والبطء عرضان قائمان بالحركة لَا بالجسم، إِذْ يُقَال: جسم بطيء فِي حركته وَلَا يُقَال: جسم بطيء فِي جسميته وَأجَاب المانعون عَنهُ بِأَن السرعة والبطء قائمان بالمتحرك بِوَاسِطَة الْحَرَكَة لَا بِنَفس الْحَرَكَة، وَالْأَشْبَه بِالْحَقِّ الْجَوَاز إِذْ الْمَعْنى من الْقيام أَن يَتَّصِف عرض بِعرْض يُقَال: هَذِه رَائِحَة طيبَة وَتلك مُنْتِنَة، وَهَذَا الْفِعْل حسن وَذَاكَ قَبِيح] والحرف سِتَّة أَنْوَاع: مَا لَا يخْتَص بالأسماء وَلَا بالأفعال، بل يدْخل على كل مِنْهُمَا وَلَا يعْمل ك (هَل) وَمَا لَا يخْتَص بهما وَلكنه يعْمل، كالأحرف المشبهة ب (لَيْسَ) وَمَا يخْتَص بالأسماء وَيعْمل فِيهَا الْجَرّ، ك (فِي) وَالنّصب وَالرَّفْع ك (إِن) وَأَخَوَاتهَا وَمَا يخْتَص بالأسماء وَلَا يعْمل فِيهَا، كَلَام التَّعْرِيف وَمَا يخْتَص بالأفعال وَيعْمل فِيهَا الْجَزْم ك (لم) أَو النصب ك (لن) وَمَا يخْتَص بالأفعال وَلَا يعْمل فِيهَا ك (قد) وَالسِّين و (سَوف) وحروف الْمعَانِي: هِيَ الَّتِي تفِيد معنى كسين

الِاسْتِقْبَال وَغَيرهَا، سميت بهَا للمعنى الْمُخْتَص بهَا [أَو لِأَنَّهَا توصل مَعَاني الْأَفْعَال إِلَى الْأَسْمَاء، إِذْ لَو لم يكن (من) و (إِلَى) فِي قَوْلك: (خرجت من الْبَصْرَة إِلَى الْكُوفَة) لم يفهم ابْتِدَاء خُرُوجك وانتهاؤه، أَو لِأَن لَهَا مَعَاني كالباء فِي (بزيد) بِخِلَاف الْبَاء فِي (بكر) ] وحروف المباني: هِيَ الَّتِي تبنى مِنْهَا الْكَلِمَات كزاي (زيد) وحرف الْإِطْلَاق: هُوَ حرف مد يتَوَلَّد من إشباع حَرَكَة الروي فَلَا وجود لَهُ إِلَّا بعد تَحْرِيك الروي فَلَا يلتقي سَاكِنا وحروف الْجَرّ تسمى حُرُوف الصِّفَات لِأَنَّهَا تقع صِفَات للنكرة وحروف الزِّيَادَة قد جمعهَا بعض الأدباء فِي بَيت مرَّتَيْنِ: (أَتَى من سُهَيْل وَمن سُهَيْل أَتَى) وَثَلَاث مَرَّات فِي قَوْله: (يَا أَوْس هَل نمت وَلم يأتنا ... سَهْو فَقَالَ الْيَوْم تنساه) وَأَرْبع مَرَّات فِي قَوْله: (هناء وَتَسْلِيم تَلا يَوْم أنسه ... نِهَايَة مسؤول أَمَان وتسهيل) حَتَّى: هِيَ مُخْتَصَّة بغاية الشَّيْء فِي نَفسه، وَلذَلِك تَقول: (أكلت السَّمَكَة حَتَّى رَأسهَا) ، وَلَا تَقول (حَتَّى نصفهَا) ، بِخِلَاف (إِلَى) فَإِنَّهَا عَامَّة وتخفض وترفع وتنصب وَلِهَذَا قَالَ الْفراء: " أَمُوت وَفِي نَفسِي شَيْء من حَتَّى "، وخالفت (إِلَى) أَيْضا فِي أَنَّهَا لَا تدخل على مُضْمر، وَأَن فِيهَا معنى الِاسْتِثْنَاء، وَلَا تقع خَبرا للمبتدأ، وَالْمَجْرُور بهَا يجب أَن يكون آخر جُزْء مِمَّا قبلهَا أَو ملاقي الآخر، وَأَن مَا بعْدهَا لَا يكون إِلَّا من جنس مَا قبلهَا، ووافقتها إِذا كَانَت جَارة نَحْو {حَتَّى مطلع الْفجْر} و (إِلَى) مَعَ مجرورها تقوم مقَام الْفَاعِل بِخِلَاف (حَتَّى) والغاية تدخل فِي حكم مَا قبلهَا مَعَ (حَتَّى) دون (إِلَى) حملا على الْغَالِب لِأَن الْأَكْثَر مَعَ الْقَرِينَة عدم الدُّخُول فِي (إِلَى) وَالدُّخُول فِي (حَتَّى) ، فَإِن كَانَت عاطفة دخلت اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة الْوَاو وَالشَّيْء إِذا مد إِلَى جنسه تدخل فِيهِ الْغَايَة، وَإِذا مد إِلَى غير جنسه لَا تدخل الْغَايَة فِيهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} وَقيل: الْغَايَة إِن كَانَت قَائِمَة بِنَفسِهَا لَا تدخل وَإِلَّا فَإِن كَانَ أصل الْكَلَام متناولا لَهَا تدخل وَإِلَّا أَو كَانَ فِي تنَاوله شكّ لَا تدخل وَفِيه وَجه آخر وَهُوَ أَن الْغَايَة إِن كَانَت قَائِمَة بِنَفسِهَا لَا تدخل إِلَّا أَن يكون صدر الْكَلَام يَقع على الْجُمْلَة وَإِذا وَقعت (حَتَّى) فِي الْيَمين فَشرط الْبر فِي صُورَة كَونهَا لإِفَادَة الْغَايَة وجود الْغَايَة، إِذْ لَا انْتِهَاء بِدُونِهَا وَشرط الْبر فِي صُورَة السَّبَبِيَّة وجود مَا يصلح سَببا سَوَاء ترَتّب عَلَيْهِ الْمُسَبّب أم لَا وَشرط الْبر فِي صُورَة الْعَطف وجود الْفِعْلَيْنِ الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ والغاية بِكَلِمَة (إِلَى) فِي مَسْأَلَة الْحَائِط وَالصَّوْم والسمكة وتأجيل الدني وَقَوله تَعَالَى: {فنظرة إِلَى مسيرَة} لم تدخل فِي المغيا وفَاقا وَفِي (قرأته من أَوله إِلَى آخِره) و (خُذ من مَالِي من دِرْهَم إِلَى مئة) وَفِي (اشْتَرِ لي هَذَا من مئة إِلَى ألف) تدخل

فِي المغيا وفَاقا أَيْضا [و (حَتَّى) فِيمَا لَا يصلح للغاية وَالْمجَاز يحمل على معنى يُنَاسب الْحَقِيقَة بِوَجْه من الْوُجُوه لَكِن بِشَرْط الْقَرَائِن الدَّالَّة على إِرَادَة الْمُتَكَلّم للمجاز] واستعارة (حَتَّى) للْعَطْف الْمَحْض أَي للتشريك من غير اعْتِبَار غَايَته وسببيته لم تُوجد فِي كَلَامهم، بل هِيَ من مخترعات الْفُقَهَاء و (حَتَّى) الدَّاخِلَة على الْفِعْل الْمُضَارع بِتَقْدِير (أَن) جَارة لَا عاطفة وَلَا ابتدائية وَإِذا دخلت على الْفِعْل الْمُضَارع فتنصب وترفع، وَفِي كل وَاحِد وَجْهَان فأحد وَجْهي النصب (إِلَى أَن) وَالثَّانِي (كي) ، والفاصل أَنه ينظر إِلَى الْفِعْل الَّذِي بعد (حَتَّى) فَإِن كَانَ مسببا عَن الْفِعْل الَّذِي قبلهَا فَهِيَ بِمَعْنى (كي) ، نَحْو (جَلَست ببابك حَتَّى تكرمني) فالإكرام مسبب عَن الْجُلُوس وَإِن كَانَ غَايَة للْفِعْل الَّذِي قبلهَا فَهِيَ بِمَعْنى (إِلَى أَن) نَحْو: (جَلَست حَتَّى تطلع الشَّمْس) وَأحد وَجْهي الرّفْع أَن يكون الْفِعْل قبلهَا مَاضِيا نَحْو (مشيت حَتَّى دخلت) وَالثَّانِي أَن يكون مَا بعْدهَا حَالا نَحْو (مرض حَتَّى لَا يرجونه) وأفيد مِنْهُ أَن (حَتَّى) لَا تنصب إِلَّا فعلا مُسْتَقْبلا، وَلَا تنصبه إِذا كَانَ حَالا، وَالَّتِي يرفع بعْدهَا الْفِعْل لَيست الجارة وَلَا العاطفة وَإِنَّمَا هِيَ الدَّاخِلَة على الْجمل وَالَّتِي تنصب الْأَفْعَال بِمَعْنى (إِلَى أَن) هِيَ الجارة وَهِي للغاية وَالْفِعْل بعْدهَا مَاض معنى مُسْتَقْبل لفظا وَالَّتِي تنصب بِمَعْنى (كي) هِيَ العاطفة وَالْفِعْل بعْدهَا مُسْتَقْبل لفظا وَمعنى نَحْو (أسلمت حَتَّى أَدخل الْجنَّة) وَالْإِسْلَام قد وجد وَالدُّخُول لم يُوجد وَالْغَالِب ل (حَتَّى) أَن تكون لانْتِهَاء الْغَايَة، وَمن غير الْغَالِب أَن تكون للابتداء نَحْو: حَتَّى مَاء دجلة أشكل و (حَتَّى) الابتدائية وَإِن لم تكن عاملة إِلَّا أَنَّهَا تفِيد معنى الْغَايَة فَيكون مَضْمُون الْجُمْلَة الَّتِي بعْدهَا غَايَة للْحكم الْمَذْكُور قبلهَا وَتَكون (حَتَّى) للتَّعْلِيل نَحْو: (أسلم حَتَّى تدخل الْجنَّة) أَي: لتدخلها ونندر مجيئها للاستثناء كَقَوْلِه: (لَيْسَ الْعَطاء من الفضول سماحة ... حَتَّى تجود وَمَا لديك قَلِيل) أَي: إِلَّا أَن تجود، وَهُوَ اسْتثِْنَاء مُنْقَطع وَفرقُوا بَين (حَتَّى) و (إِلَّا) فِيمَا لَو قَالَ البَائِع: (وَالله لَا أبيعه بِعشْرَة حَتَّى تزيد) وَزَاد شَيْئا أَو نقص ثمَّ بَاعه، أَو لَا يَبِيعهُ بِعشْرَة إِلَّا بِالزِّيَادَةِ أَو بِأَكْثَرَ، فَإِنَّهُ لم يَحْنَث فِي صُورَة (حَتَّى) لوُجُود غَايَة بره فِي الصُّورَة الأولى، وَهُوَ الزِّيَادَة الْمُطلقَة، وفقد شَرط الْحِنْث، وَهُوَ البيع بِعشْرَة فِي الصُّورَة الثَّانِيَة، وَفِي صُورَة (إِلَّا) الاستثنائية يَحْنَث بِالْبيعِ بِعشْرَة وبأقل مِنْهَا، وَلَا يَحْنَث بِالْبيعِ بِزِيَادَة لِأَنَّهُ شَرط الْبر فَقَط، وَإِنَّمَا حنث فِي البيع بِعشْرَة وبأقل مِنْهَا فِي هَذِه الصُّورَة، لِأَن الشَّائِع فِي الِاسْتِعْمَال اسْتثِْنَاء الْقَلِيل من الْكثير، وَفِي هَذِه الصُّورَة يلْزم اسْتثِْنَاء الْأَنْوَاع من نوع وَاحِد، فَإِن الزِّيَادَة على الْعشْرَة تتَنَاوَل أنواعا من البيع، وَالْبيع بِعشْرَة نوع وَاحِد، فيحول

لفظ الْعشْرَة من صدر الْكَلَام إِلَى مَا بعد الِاسْتِثْنَاء حذرا مِمَّا ذكر حَتَّى يصير التَّقْدِير (لَا أبيعه إِلَّا بِالزِّيَادَةِ على الْعشْرَة) فَيصح الْكَلَام و (حَتَّى) مثل (ثمَّ) فِي التَّرْتِيب بمهلة، غير أَن المهلة فِي (حَتَّى) أقل مِنْهَا فِي (ثمَّ) فَهِيَ متوسطة بَين الْفَاء الَّتِي لَا مهلة فِيهَا وَبَين (ثمَّ) المفيدة للمهلة، وَيشْتَرط كَون الْمَعْطُوف ب (حَتَّى) جُزْءا من متبوعه، وَلَا يشْتَرط ذَلِك فِي (ثمَّ) ، والمهلة الْمُعْتَبرَة فِي (ثمَّ) إِنَّمَا هِيَ بِحَسب الْخَارِج نَحْو: (جَاءَنِي زيد ثمَّ عَمْرو) ، وَفِي (حَتَّى) بِحَسب الذِّهْن، وَفِي اعْتِبَار الْمُتَكَلّم بِأَن يَجْعَل الْمَعْطُوف هُوَ الْأَدْنَى أَو الْأَعْلَى أَو الأقدم أَو نَحْو ذَلِك لَا بِحَسب الْوُجُود، إِذْ رُبمَا يكون الْمَعْطُوف سَابِقًا كَمَا فِي (مَاتَ كل أَب لي حَتَّى الْأَنْبِيَاء) أَو مختلطا من غير سبق أَو تَأْخِير، بل غَايَة فِي الْقُوَّة والشرف مثل (مَاتَ النَّاس حَتَّى الْأَنْبِيَاء) ، أَو فِي الضعْف وَالنَّقْص مثل: (قدم الْحجَّاج حَتَّى المشاة) الحسبان؛ بِالضَّمِّ: مصدر (حسب) بِفَتْح السِّين، وبالكسر: مصدر (حسب) بِكَسْرِهَا، وَالْكَسْر وَالْفَتْح فِي مضارعه لُغَتَانِ بِمَعْنى وَاحِد، وَمَا كَانَ فِي الْقُرْآن من الحسبان قرئَ باللغتين جَمِيعًا، وَالْفَتْح عِنْد أهل اللُّغَة أَقيس، لِأَن الْمَاضِي إِذا كَانَ على (فعل) ك (شرب) و (خرب) كَانَ الْمُضَارع على (يفعل) ، وَالْكَسْر حسن لمجيء السّمع بِهِ وَإِن كَانَ شاذا عَن الْقيَاس وَحذف مفعولي بَاب (حسب) أسوغ من حذف أَحدهمَا قَالَه السفناقي قلت: إِنَّمَا يجوز حذف أحد مفعوليه إِذا كَانَ فَاعل (حسب) ومفعوله شَيْئا وَاحِدًا فِي الْمَعْنى كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَا تحسبن اللَّذين قتلوا} على الْقِرَاءَة بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّة، وَإِنَّمَا حذفت لقُوَّة الدّلَالَة وَقد يَأْتِي (حسب) لليقين كَقَوْلِه: (حسبت التقى والجود خير تِجَارَة) و (حسب) بِالسُّكُونِ: أجري مجْرى الْجِهَات السِّت فِي حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ وَالْبناء على الضَّم وَإِن لم يكن من الظروف، وَشبه ب (غير) فِي عدم التَّعْرِيف بِالْإِضَافَة، وَقد تدخل الْفَاء لتحسين اللَّفْظ، وقولك: (اعْمَلْ على حسب مَا أَمرتك) مثقل، و (حَسبك مَا أَعطيتك) مخفف، و (حَسْبَمَا ذكر) أَي: قدره وعَلى وَفقه، وَهُوَ بِفَتْح السِّين، وَرُبمَا يسكن فِي ضَرُورَة الشّعْر، وَفِي كل مَوضِع لَا يكون فِيهِ مَعَ حرف الْجَرّ وَأما (حَسبك) بِمَعْنى (كَفاك) فشيء آخر وَاخْتلف فِي أَن النصب فِي قَوْلهم: (حَسبك وزيدا دِرْهَم) بِمَاذَا فَذهب الزّجاج والزمخشري وَابْن عَطِيَّة إِلَى أَن (حسب) اسْم فعل بِمَعْنى (يَكْفِي) ، فالضمة بنائية، وَالْكَاف مفعول بِهِ، و (دِرْهَم) فَاعل و (زيدا) مفعول مَعَه وَغَيرهم إِلَى أَن (حسب) بِمَعْنى (كَاف) فالضمة إعرابية، وَهُوَ مُبْتَدأ و (دِرْهَم) خَبره، و (زيدا) مفعول بِهِ بِتَقْدِير (يحْسب) وَالْوَاو لعطف جملَة على جملَة، وفاعل (يحْسب) مُضْمر عَائِد إِلَى (دِرْهَم) لتقدمه، وَهَذَا مُرَجّح لِأَن الْمَفْعُول مَعَه لَا يعْمل فِيهِ إِلَّا فعل أَو مَا

يجْرِي مجْرَاه، وَلَيْسَ (حَسبك) مِمَّا يجْرِي مجْرى الْفِعْل و {حَسبنَا الله} أَي: محسبنا وكافينا، وَالدَّلِيل على أَنه بِمَعْنى المحسب قَوْلهم: (هَذَا رجل حَسبك) على أَنه صفة للنكرة، لكَون الْإِضَافَة غير حَقِيقِيَّة، وَهِي إِضَافَة اسْم الْفَاعِل إِلَى معموله و {كفى بِاللَّه حسيبا} أَي: محاسبا وكافيا [و {حَسبنَا الله} : كِنَايَة عَن قَوْلهم أعتمدنا، كَمَا أَن {نعم الْوَكِيل} كِنَايَة عَن وكلنَا أمورنا إِلَى الله تَعَالَى] الْحبّ: هُوَ عبارَة عَن ميل الطَّبْع فِي الشَّيْء الملذ، فَإِن تَأْكِيد الْميل وَقَوي يُسمى عشقا والبغض: عبارَة عَن نفرة الطَّبْع عَن المؤلم المتعب، فَإِذا قوي يُسمى مقتا والعشق: مقرون بالشهوة، وَالْحب مُجَرّد عَنْهَا وَأول مَرَاتِب الْحبّ: الْهوى، وَهُوَ ميل النَّفس، وَقد يُطلق وَيُرَاد بِهِ نفس المحبوب ثمَّ العلاقة: وَهِي الْحبّ اللَّازِم للقلب، وَسميت علاقَة لتَعلق الْقلب بالمحبوب ثمَّ الكلف [كالكرم] : وَهُوَ شدَّة الْحبّ، وَأَصله من الكلفة، وَهِي الْمَشَقَّة ثمَّ الْعِشْق: فِي " الصِّحَاح ": هُوَ فرط الْحبّ؛ وَعند الْأَطِبَّاء: نوع من الماليخوليا ثمَّ الشغف: شغفة الْحبّ: أَي أحرق قلبه مَعَ لَذَّة يجدهَا واللوعة واللاعج مثل الشغف، فاللاعج: هُوَ الْهوى المحرق، واللوعة: حرقة الْهوى ثمَّ الجوى: وَهُوَ الْهوى الْبَاطِن وَشدَّة الوجد من عشق أَو حزن ثمَّ التتيم: وَهُوَ أَن يستعبده الْحبّ، وَمِنْه قيل: (رجل متيم) ثمَّ التبل: وَهُوَ أَن يسقمه الْهوى، وَمِنْه: (رجل متبول) ثمَّ الوله: وَهُوَ ذهَاب الْعقل من الْهوى، يُقَال ولهة الْحبّ: إِذا حيره ثمَّ الهيام: وَهُوَ أَن يذهب على وَجهه لغَلَبَة الْهوى عَلَيْهِ، يُقَال: (رجل هائم) ، و (قوم هيام) : أَي عطاش والصبابة: رقة الشوق وحرارته والمقة: الْمحبَّة، والوامق: الْمُحب والوجد: الْحبّ الَّذِي يتبعهُ الْحزن، وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فِي الْحزن والشجن: حب يتبعهُ هم وحزن والشوق: سفر إِلَى المحبوب، فِي " الصِّحَاح ": الشوق والاشتياق: نزع النَّفس إِلَى الشَّيْء والوصب: ألم الْحبّ ومرضه والكمد: الْحزن المكتوم والأرق: السهر، وَهُوَ من لَوَازِم الْمحبَّة والشوق والخلة: تَوْحِيد الْمحبَّة وَهِي رُتْبَة لَا تقبل الْمُشَاركَة، وَلِهَذَا اخْتصَّ بهَا الخليلان إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد عَلَيْهِمَا السَّلَام، وَقد صَحَّ أَن الله تَعَالَى قد اتخذ نَبينَا مُحَمَّدًا خَلِيلًا والود: خَالص الْمحبَّة، وَهُوَ من الْحبّ بِمَنْزِلَة الرأفة من الرَّحْمَة

والغرام: الْحبّ اللَّازِم، يُقَال: رجل مغرم بالحب، وَقد لزمَه الْحبّ، فِي " الصِّحَاح ": الغرام: الولوع، والغريم: هُوَ الَّذِي يكون عَلَيْهِ الدّين، وَقد يكون هُوَ الَّذِي لَهُ الدّين، والمحبة أم هَذِه الْأَسْمَاء كلهَا وَالْحب، بِالْفَتْح: جنس من الْحِنْطَة وَالشعِير والأرز وَغَيرهَا من أَجنَاس الحبوبات، وَهُوَ الأَصْل فِي الأرزاق، وسائرها تَابِعَة لَهُ، أَلا يرى أَنه إِذا قل الْحبّ حدث الْقَحْط، بِخِلَاف سَائِر الثمرات وَلذَلِك قيل: {فَمِنْهُ يَأْكُلُون} وَفِي غَيره: {ليأكلوا من ثمره} وَالْحيض: هُوَ فِي اللُّغَة السيلان وَفِي الِاصْطِلَاح: دم ينفضه رحم امْرَأَة بَالِغَة سَالِمَة عَن دَاء، وَيكون للأرنب والضبع والخفاش والمحيض: وَإِن كَانَ للموضع كالمبيت والمقيل والمعيب فقد يَجِيء أَيْضا بِمَعْنى الْمصدر يُقَال: (حَاضَت محيضا) وَاخْتلف فِي مُدَّة الْحيض، فَذهب الشَّافِعِي إِلَى أَن أَكثر مُدَّة الْحيض خَمْسَة عشر يَوْمًا بِدَلِيل قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي حق النِّسَاء: " تقعد إِحْدَاهُنَّ فِي قَعْر بَيتهَا شطر دهرها " أَي: نصف عمرها وَلَا تصلي، بعد قَوْله: " إنَّهُنَّ ناقصات الْعقل وَالدّين " وَهُوَ معَارض بِمَا روى أَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: " أقل الْحيض ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها وَأَكْثَره عشرَة أَيَّام " وَهَذَا دَال بعبارته فرجح، وَاعْترض بِأَن المُرَاد بالشطر الْبَعْض لَا النّصْف على السوا، وَلَو سلم فَأكْثر أَعمار الْأمة سِتُّونَ، ربعهَا أَيَّام الصِّبَا، وربعها أَيَّام الْحيض فِي الْأَغْلَب، فَاسْتَوَى النصفان فِي الصَّوْم وَالصَّلَاة وتركهما، وَأجِيب بِأَن الشّطْر حَقِيقَة فِي النّصْف، وَأكْثر أَعمار الْأمة بَين سِتِّينَ إِلَى سبعين على مَا ورد فِي الحَدِيث، وَترك الصَّلَاة وَالصَّوْم مُدَّة الصِّبَا مُشْتَرك بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء فَلَا يصلح سَببا لنَقص دينهن، وَلَا تحيض الْحَامِل، وَأكْثر مُدَّة الْحمل سنتَانِ، وَقَالَ الشَّافِعِي: تحيض الْحَامِل وَأكْثر مُدَّة الْحمل أَربع سِنِين، فعلى هَذَا يلْزم أَن ذَات الْأَقْرَاء إِذا طلقت لَا تَنْقَضِي عدتهَا إِلَى أَربع سِنِين لجَوَاز أَن تكون حَامِلا على أَنه مُخَالف لقَوْله تَعَالَى: {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ} إِلَى آخِره وَحُرْمَة وَطْء حُبْلَى من الزِّنَا حَتَّى تضع كي لَا يسْقِي مَاؤُهُ زرع الْغَيْر، إِذْ الرَّحِم يتشرب من مَاء الْغَيْر بطرِيق المسام فالحمل يسقى مِنْهُ، لَكِن هَذَا التشرب لَا يُفْضِي إِلَى الْعلُوق حَيْثُ: هِيَ للزمان وَالْمَكَان، وَالْغَالِب كَونهَا للمكان كَمَا فِي حَدِيث " أخروا النِّسَاء حَيْثُ أخرهن الله " والظرفية لَهَا غالبة لَيست بلازمة قَالَ: (أما ترى حَيْثُ سُهَيْل طالعا) وَكَذَا {الله أعلم حَيْثُ يَجْعَل رسَالَته} ويثلث آخرهَا، وتضاف إِلَى الْجُمْلَة فَيكون مَا بعد (حَيْثُ) من مظان الْجُمْلَة فتكسر (إِن) بعْدهَا قَالَه ابْن هِشَام وَقَالَ السَّيِّد: تفتح (أَن) بعد (حَيْثُ)

لِأَن الأَصْل الْإِفْرَاد، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: يجوز الْفَتْح فِي الْإِضَافَة إِلَى الْمُفْرد وَالْحق جَوَاز الْأَمريْنِ وَإِن كَانَ الْكسر أَكثر وَقد يُرَاد بهَا الْإِطْلَاق، وَذَلِكَ فِي مثل قَوْلنَا: (الْإِنْسَان من حَيْثُ هُوَ إِنْسَان) ، أَي نفس مَفْهُومه الْمَوْجُود من غير اعْتِبَار أَمر آخر مَعَه وَقد يُرَاد بهَا التَّقْيِيد وَذَلِكَ فِي مثل: (الْإِنْسَان من حَيْثُ إِنَّه يَصح وتزول عَنهُ الصِّحَّة مَوْضُوع الطِّبّ) وَقد يُرَاد بهَا التَّعْلِيل مثل: (النَّار من حَيْثُ إِنَّهَا حارة تسخن المَاء) أَي: حرارة النَّار عِلّة تسخنه و (حَيْثُمَا) : ك (أَيْنَمَا) لتعميم الْأَمْكِنَة وتعمل الْجَزْم الْحَلَال: هُوَ أَعم من الْمُبَاح، لِأَنَّهُ يُطلق على الْفَرْض دون الْمُبَاح، فَإِن الْمُبَاح مَا لَا يكون تَاركه آثِما وَلَا فَاعله مثابا بِخِلَاف الْحَلَال وَالظَّاهِر من كَلَام الْفُقَهَاء أَن الْمُبَاح مَا أذن الشَّارِع فِي فعله لَا مَا اسْتَوَى فعله وَتَركه كَمَا هُوَ فِي الْأُصُول، وَالْخلاف لَفْظِي والحلال: مَا أَفْتَاك الْمُفْتِي أَنه حَلَال وَالطّيب: مَا أَفْتَاك قَلْبك أَن لَيْسَ فِيهِ جنَاح، وَقيل: الطّيب مَا يستلذ من الْمُبَاح وَقيل: الْحَلَال: الصافي القوام، فالحلال مَا لَا يعْصى الله فِيهِ، والصافي: مَا لَا ينسى الله فِيهِ، والقوام: مَا يمسك النَّفس ويحفظ الْعقل وَفِي " الزَّاهدِيّ ": الْحَلَال مَا يُفْتى بِهِ، وَالطّيب مَا لَا يعْصى الله فِي كَسبه وَلَا يتَأَذَّى حَيَوَان بِفِعْلِهِ وَبَين الطّيب والطاهر عُمُوم من وَجه لتصادقهما فِي الزَّعْفَرَان وتفارقهما فِي الْمسك وَالتُّرَاب والحلال: هُوَ الْمُطلق بِالْإِذْنِ من جِهَة الشَّرْع وَالْحرَام: مَا اسْتحق الذَّم على فعله، وَقيل: مَا يُثَاب على تَركه بنية التَّقَرُّب إِلَى الله تَعَالَى وَالْمَكْرُوه: مَا يكون تَركه أولى من إِتْيَانه وتحصيله وَالْمُنكر: مَا هُوَ الْمَجْهُول عقلا، بِمَعْنى أَن الْعقل لَا يعرفهُ حسنا. والمحظور: مَا هُوَ الْمَمْنُوع شرعا وَالْحرَام: عَام فِيمَا كَانَ مَمْنُوعًا عَنهُ بالقهر وَالْحكم والبسل: مَا هُوَ الْمَمْنُوع عَنهُ بالقهر والحل وَالْحُرْمَة: هما من صِفَات الْأَفْعَال الاختيارية حَتَّى إِن الْحرم يكون وَاجِب التّرْك بِخِلَاف حُرْمَة الْكفْر وَوُجُوب الْإِيمَان فَإِنَّهُمَا من الكيفيات النفسانية دون الْأَفْعَال الاختيارية الْحُدُوث: الْخُرُوج من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود، أَو كَون الْوُجُود مَسْبُوقا بِالْعدمِ اللَّازِم للوجود، أَو كَون الْوُجُود خَارِجا من الْعَدَم اللَّازِم للموجود والإمكان: كَون الشَّيْء فِي نَفسه بِحَيْثُ لَا يمْتَنع وجوده وَلَا عَدمه امتناعا وَاجِبا ذاتيا [وَأظْهر التعريفات للحدوث هُوَ أَنه حُصُول الشَّيْء بعد مَا لم يكن وَقَول الْمُتَكَلِّمين: هُوَ الْخُرُوج من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود فَهُوَ تَعْرِيف مجازي، إِذْ الْعَدَم

لَيْسَ بظرف للمعدوم، وَلَا حَقِيقَة فِيهِ] والحدوث الذاتي عِنْد الْحُكَمَاء: هُوَ مَا يحْتَاج وجوده إِلَى الْغَيْر، فالعالم بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ مُحدث بالحدوث الذاتي عِنْدهم [كَمَا أَن الْقدَم الذاتي هُوَ أَن لَا يكون وجود الشَّيْء من الْغَيْر، وَهُوَ الْبَارِي جلّ شَأْنه، والقدم الْمُطلق: هُوَ أَن لَا يكون وجوده مَسْبُوقا بِالْعدمِ] وَأما الْحُدُوث الزماني: فَهُوَ مَا سبق الْعَدَم على وجوده سبقا زمانيا، فَيجوز قدم بعض أَجزَاء الْعَالم بِمَعْنى الْقدَم الَّذِي بِإِزَاءِ الْمُحدث بالحدوث الزماني عِنْدهم، وَلَا مُنَافَاة بَينهمَا، وَيكون جَمِيع الْحَوَادِث بالحدوث الزماني عِنْدهم مَا لَا أول لَهَا، فَإِنَّهُ لَا يو [د لَهَا سبق الْعَدَم على وجودهَا سبقا زمانيا والحدوث الإضافي: هُوَ الَّذِي مضى من وجود شَيْء أقل مِمَّا مضى من وجود شَيْء آخر [كوجود الابْن مَعَ وجود الْأَب، كَمَا أَن الْقدَم الإضافي هُوَ كَون مَا مضى من وجود شَيْء أَكثر مِمَّا مضى من وجود غَيره، كوجود الْأَب بِالْقِيَاسِ إِلَى وجود الابْن] ، وَاتَّفَقُوا على أَن الْحَادِث الْقَائِم بِذَاتِهِ يُسمى حَادِثا، وَمَا لَا يقوم بِذَاتِهِ من الْحَوَادِث يُسمى مُحدثا لَا حَادِثا والممكن: إِمَّا أَن يكون مُحدث الذَّات وَالصِّفَات بحدوث زماني، وَإِلَيْهِ ذهب أَرْبَاب الْملَل من الْمُسلمين إِلَّا قَلِيلا؛ وَإِمَّا أَن يكون قديم الذَّات وَالصِّفَات بالقدم الزماني، وَإِلَيْهِ ذهب أرسطو ومتابعوه، وَالْمرَاد بِالصِّفَاتِ هَهُنَا مَا يعم الصُّور والأعراض وَإِمَّا أَن يكون قديم الذَّات بالقدم الزماني مُحدث الصِّفَات بالحدوث الزماني؛ وَإِلَيْهِ ذهب قدماء الفلاسفة وَأما كَونه مُحدث الذَّات قديم الصِّفَات فَمَا لم يذهب إِلَيْهِ أحد وَفِي الْجُمْلَة أَن الْكل اتَّفقُوا على أَن جَمِيع الموجودات غير الْوَاجِب سُبْحَانَهُ، مُحدث الذَّات من غير نَكِير مِمَّن ينسلك فِي سلك ذَوي الْأَلْبَاب وتحير الْبَعْض فِي الْبَاقِي وَلم يجد إِلَيْهِ سَبِيلا [وَاخْتلف فِي أَن افتقار الموجودات إِلَى الْمُؤثر هَل هُوَ من حَيْثُ الْحُدُوث، أَو من حَيْثُ الْإِمْكَان والحدوث جَمِيعًا؟ فَإلَى الأول ذهب المتكلمون، وَالثَّانِي مُخْتَار محققي الْمُتَكَلِّمين على خلاف فِي كَون الْحُدُوث شرطا أَو شطرا فِي الْعلية قَالَ بَعضهم: مَسْلَك الْحُكَمَاء فِي إِثْبَات الصَّانِع الْإِمْكَان، ومسلك الْمُتَكَلِّمين فِيهِ الْحُدُوث وَقَالَ بَعضهم: كلا المسلكين للمتكلمين، والفلاسفة وافقتهم فِي مَسْلَك الْإِمْكَان، وَفِي " تَلْخِيص المحصل ": الْقَائِلُونَ بِكَوْن الْإِمْكَان عِلّة الْحَاجة هم الفلاسفة والمتأخرون من الْمُتَكَلِّمين، والقائلون بِكَوْن الْحُدُوث عِلّة هم الأقدمون مِنْهُم قيل: الِاسْتِدْلَال بحدوث الْجَوَاهِر طَريقَة الْخَلِيل حَيْثُ قَالَ: {لَا أحب الآفلين} ، وَالِاسْتِدْلَال بِإِمْكَان الْأَعْرَاض مقيسة إِلَى محالها طَريقَة سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حَيْثُ قَالَ: {رَبنَا الَّذِي أعْطى كل شَيْء خلقه ثمَّ هدى} ] وحدثان الْأَمر، بِالْكَسْرِ: أَوله وابتداؤه كحداثته، وَمن الدَّهْر نوبه كحوادثه وأحداثه

والأحدوثة: مَا يتحدث بِهِ الْحسن، بِالضَّمِّ: عبارَة عَن تناسب الْأَعْضَاء، يجمع على (محَاسِن) على غير قِيَاس، وَأكْثر مَا يُقَال فِي تعارف الْعَامَّة فِي المستحسن بالبصر؛ وَأكْثر مَا جَاءَ فِي الْقُرْآن من (الْحسن) فَهُوَ للمستحسن من جِهَة البصيرة. [قيل] : كَمَال الْحسن فِي الشّعْر، والصباحة فِي الْوَجْه، والوضاءة فِي الْبشرَة، وَالْجمال فِي الْأنف، والملاحة فِي الْفَم، والحلاوة فِي الْعَينَيْنِ، والظرف فِي اللِّسَان، والرشاقة فِي الْقد، واللباقة فِي الشَّمَائِل [قَالَ بَعضهم] : الْحسن: هُوَ الْكَائِن على وَجه يمِيل إِلَيْهِ الطَّبْع وتقبله النَّفس، غير أَن مَا يمِيل الْمَرْء إِلَيْهِ طبعا يكون حسنا طبعا، وَمَا يمِيل إِلَيْهِ عقلا وَشرعا هُوَ كالإيمان بِاللَّه وَالْعدْل وَالْإِحْسَان وأصل الْعِبَادَات ومقاديرها وهيئاتها يمِيل إِلَيْهِ الْمَرْء لدعاء الشَّرْع إيانا إِلَيْهِ فَهُوَ حسن شرعا لَا عقلا وَلَا طبعا وَقيل: الْحسن مَا لَو فعله الْعلم بِهِ اخْتِيَارا لم يسْتَحق ذما على فعله والقبيح: مَا لَو فعله الْعَالم بِهِ اخْتِيَارا يسْتَحق الذَّم عَلَيْهِ [وَمَا كَانَ حسنه لعَينه وَهُوَ الْحسن الْعقلِيّ كمحاسن الشَّرَائِع فَهُوَ غير قَابل للتغيير، بِخِلَاف حسن الْأَجْسَام والأعراض الضرورية فَإِنَّهَا مخلوقات الله تَعَالَى، وحسنها بِسَبَب أَن الله تَعَالَى طبعها كَذَلِك، وَذَلِكَ الْحسن قَابل للتغيير من الْحسن إِلَى الْقبْح] . وَمَسْأَلَة الْحسن والقبح مُشْتَركَة بَين الْعُلُوم الثَّلَاثَة: كلامية من جِهَة الْبَحْث عَن أَفعَال الْبَارِي تَعَالَى أَنَّهَا هَل تتصف بالْحسنِ؟ وَهل تدخل القبائح تَحت إِرَادَته؟ وَهل تكون بخلقه ومشيئته؟ وَالْحق عِنْد أهل الْحق أَن الْقبْح هُوَ الاتصاف وَالْقِيَام لَا الإيجاد والتمكين. وأصولية من جِهَة أَنَّهَا تبحث عَن أَن الحكم الثَّابِت بِالْأَمر يكون حسنا، وَمَا يتَعَلَّق بِهِ النَّهْي يكون قبيحا وفقهية من حَيْثُ إِن جَمِيع محمولات الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة يرفع إِلَيْهِمَا ويثبتان بِالْأَمر وَالنَّهْي. ثمَّ إِن كلا من الْحسن والقبح يُطلق على معَان ثَلَاثَة: الأول: صفة الْكَمَال وَصفَة النَّقْص كَمَا يُقَال: (الْعلم حسن وَالْجهل قَبِيح) وَالثَّانِي: ملاءمة الْغَرَض ومنافرته، وَقد يعبر عَنْهُمَا بِالْمَصْلَحَةِ والمفسدة وَالثَّالِث: تعلق الْمَدْح والذم عَاجلا وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب آجلا فالحسن والقبح بالمعنيين الْأَوَّلين ثبتا بِالْعقلِ اتِّفَاقًا، أما بِالْمَعْنَى الثَّالِث فقد اخْتلفُوا فِيهِ [قَالَت الأشاعرة: إنَّهُمَا بِحكم الشَّرْع، وَقَالَت السّنيَّة والمعتزلة والكرامية إنَّهُمَا قد يعرفان بِالْعقلِ أَيْضا، وَهُوَ اخْتِيَار الْفُقَهَاء أَيْضا، فَإِنَّهُم ذَهَبُوا إِلَى تَعْلِيل أَحْكَام الله برعاية مصَالح الْعباد فَكَانَت أولى بهم فِي الْوَاقِع، وَإِلَّا لما كَانَت مصلحَة لَهُم، وَأَيْضًا لَو لم يَقُولُوا بالْحسنِ والقبح العقليين لما استقام تقسيمهم الْمَأْمُور بِهِ إِلَى حسن بِعَيْنِه وَغَيره

وَإِلَى قَبِيح كَذَلِك، وَلما صَحَّ قَوْلهم: إِن مِنْهُ مَا لَا يحْتَمل السُّقُوط والنسخ أصلا كالإيمان بِاللَّه وَصِفَاته] وَبَاقِي التَّفْصِيل فليطلب فِي مَحَله، وَأول من قَالَ بالْحسنِ والقبح العقليين إِبْلِيس اللعين وَالْحسن يُقَال فِي الْأَعْيَان والأحداث، وَكَذَلِكَ الْحَسَنَة إِذا كَانَت وَصفا، وَأما إِذا كَانَت اسْما فمتعارف فِي الْأَحْدَاث والحسناء، بِالْفَتْح وَالْمدّ: صفة الْمُؤَنَّث، وَهُوَ اسْم أُنْثَى من غير تذكير، إِذْ لم يَقُولُوا (الرجل أحسن) ، وَقَالُوا فِي ضِدّه (رجل أَمْرَد) وَلَو يَقُولُوا (جَارِيَة مرداء) ، ويضبط أَيْضا بِالضَّمِّ وَالْقصر وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا بِالْألف وَاللَّام وَالْجمع المكسر لغير الْعَاقِل يجوز أَن يُوصف بِمَا يُوصف بِهِ الْمُؤَنَّث نَحْو: {مآرب أُخْرَى} كَمَا تقدم فِي بحث الْجمع حبذا: هِيَ لَيست باسم وَلَا فعل وَلَا حرف، بل هِيَ مركبة من فعل وَاسم، أما الْفِعْل فَهُوَ (حب) يسْتَعْمل مُتَعَدِّيا بِمَعْنى (أحب) وَمِنْه (المحبوب) ، وَيسْتَعْمل لَازِما أَيْضا وَهُوَ الَّذِي ركب مَعَ (ذَا) ، وَأَصله (حبب) بِالضَّمِّ، لقَولهم فِي اسْم الْفَاعِل (حبيب) وحبذا مَعَ كَونهَا للْمُبَالَغَة فِي الْمَدْح تَتَضَمَّن قرب الممدوح من الْقلب، وَكَذَلِكَ تَتَضَمَّن بعد المذموم من الْقلب، وَلَيْسَ فِي (نعم) و (بئس) يعرض شَيْء من ذَلِك حاشا: حرف جر عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَفِيه معنى الِاسْتِثْنَاء، كَمَا أَن (حَتَّى) تجر مَا بعْدهَا وَفِيه معنى الِانْتِهَاء وَفِي " الْإِيضَاح ": هِيَ كلمة اسْتعْملت للاستثناء فِيمَا ينزه عَن الْمُسْتَثْنى فِيهِ كَقَوْلِك (ضربت الْقَوْم حاشا زيدا) وَلذَلِك لم يحسن (صلى النَّاس حاشا زيدا) لفَوَات معنى التَّنْزِيه وَقَالَ الْمبرد: وَيكون فعلا مَاضِيا بِمَعْنى (أستثنى) يُقَال: حاشا يحاشي. قَالَ النَّابِغَة: ... وَلَا أحاشي من الأقوام من أحد ... ) وَالدَّلِيل على كَونه فعلا أَنه يتَصَرَّف وَالتَّصَرُّف عَن خَصَائِص الْأَفْعَال، وَيدخل على لَام الْجَرّ، ويدخله الْحَذف، والحرف لَا يدْخل على مثله، والحذف إِنَّمَا يكون فِي الْأَسْمَاء نَحْو: (أَخ) و (يَد) وَفِي الْأَفْعَال نَحْو: (لم يَك) (وَلم أدر) . وحاش الله: بِمَعْنى معَاذ الله، مَنْصُوب بِأَن يكون قَائِما مقَام الْمصدر، وَيجوز أَن يكون مصدرا مَعْنَاهُ (أبرئ تبرئة) . [وَرِوَايَة الْأَصْمَعِي عَن نَافِع بِإِثْبَات الْألف بعد الشين وَهِي الأَصْل لِأَنَّهَا من المحاشاة وَهِي التَّخْلِيَة والتبعيد، وَالْبَاقُونَ بِحَذْف الْألف للتَّخْفِيف وَاتِّبَاع الْمُصحف] . الْحَلَاوَة: حلا الشَّيْء فِي فمي يحلو، وحلى الشَّيْء بعيني يحلى حلاوة فيهمَا جَمِيعًا والحلو: اسْم مُشْتَقّ من الْحَلَاوَة وَهُوَ فِي الْعرف: أسم لكل حُلْو لَا يكون من جنسه غير حُلْو فعلى هَذَا: الْبِطِّيخ مثلا لَيْسَ بحلو، لِأَن من جنسه حامض غير حُلْو

وتزيد فِي حُرُوف الْفِعْل مُبَالغَة تَقول (حلا الشَّيْء، فَإِذا انْتهى تَقول) : احلولي. الْحمام، كشداد: الديماس، مُذَكّر، وَلَا يُقَال: طَابَ حمامك، إِنَّمَا يُقَال: طابت حمتك بِالْكَسْرِ، وحميمك: أَي طَابَ عرقك وَلَا يُقَال (حواميم) فِي السُّور المفتتحة بهَا، إِنَّمَا يُقَال: (آل حَامِيم) و (ذَوَات حَامِيم) . وَهُوَ اسْم الله الْأَعْظَم، أَو حُرُوف الرَّحْمَن مقطعَة، وَتَمَامه (الر) و (ن) وَالْحمام، كالهوان: الدواجن فَقَط عِنْد الْعَامَّة. وَعند الْعَرَب: هِيَ ذَوَات الأطواق من نَحْو القماري والفواخت والوراشين وَأَشْبَاه ذَلِك قَالَ الْكسَائي: الْحمام: هُوَ الْبري، واليمام: هُوَ الَّذِي يألف الْبيُوت. وَالْحمام، بِالْكَسْرِ: الْمَوْت الْحلم، بِالضَّمِّ: فِي الأَصْل اسْم لما يتلذذ بِهِ الْمَرْء فِي حَال النّوم، ثمَّ اسْتعْمل لما يتألم بِهِ، ثمَّ اسْتعْمل لبلوغ الْمَرْء حد الرِّجَال، ثمَّ اسْتعْمل لِلْعَقْلِ لكَون الْبلُوغ وَكَمَال الْعقل يلازم حَال تلذذ الشَّخْص فِي نَومه على نَحْو تلذذ الذّكر بِالْأُنْثَى. وَغلب الْحلم على مَا يرَاهُ من الشَّرّ والقبيح، كَمَا غلب اسْم الرُّؤْيَا على مَا يرَاهُ من الْخَيْر وَالشَّيْء الْحسن وَقد يسْتَعْمل كل مِنْهُمَا مَوضِع الآخر. وحلمت فِي النّوم أحلم حلما، وَأَنا حالم، وبابه (دخل) ومصدره الْحلم والحلم، بِضَم الْحَاء مَعَ ضم اللَّام وسكونها. وحلمت عَن الرجل أحلم حلما وَأَنا حَلِيم، وبابه (كرم) ومصدره الْحلم بِالْكَسْرِ وَهُوَ الأناة والسكون مَعَ الْقُدْرَة وَالْقُوَّة. وَأما حلم الْأَدِيم أَي: فسد وتنقب فبابه (فَرح) ومصدره الْحلم بِفَتْح اللَّام الْحسب: هُوَ مَا تعده من مفاخر آبَائِك، أَو المَال، أَو الدّين، أَو الْكَرم، أَو الشّرف فِي الْعقل، أَو الْفِعْل الصَّالح، أَو الشّرف الثَّابِت فِي الْآبَاء وَيُقَال: الْحسب من طرف الْأُم وَالنّسب من طرف الْأَب والحسب وَالْكَرم قد يكونَانِ لمن لَا آبَاء لَهُ شرفا والشرف وَالْمجد لَا يكونَانِ إِلَّا بِالْآبَاءِ الْحيَاء، بِالْمدِّ: الحشمة، وبالقصر: الْمَطَر الْخَيْر وَالْحيَاء أَيْضا: انقباض النَّفس عَن الْقَبِيح مَخَافَة اللوم، وَهُوَ الْوسط بَين الوقاحة الَّتِي هِيَ الجرأة على القبائح وَعدم المبالاة بهَا، والخجل الَّذِي هُوَ انحصار النَّفس عَن الْفِعْل مُطلقًا وَإِذا وصف بِهِ الْبَارِي تَعَالَى فَالْمُرَاد بِهِ التّرْك اللَّازِم للانقباض، كَمَا أَن المُرَاد من رَحمته وغضبه إِصَابَة الْمَعْرُوف وَالْمَكْرُوه اللازمين لمعنييهما الْحرم، بِالْكَسْرِ والسكون: الحرمان، وكالقتل: الْمَمْنُوع يُقَال: فعل حرَام: أَي منع عَنَّا تحصيلا واكتسابا وَعين حرَام: أَي منع عَنَّا التَّصَرُّف فِيهَا وَيُقَال: (فلَان لَا يعرف حل الشَّيْء وحرمته) وَهُوَ الْمَشْهُور، لَكِن الصَّوَاب: وَحرمه، لِأَنَّهُ لَا يُقَال: حل وحلال، وَحرم وَحرَام وَالْحرَام: الْمَمْنُوع مِنْهُ إِمَّا بتسخير إلهي كَقَوْلِه

تَعَالَى: {من يُشْرك بِاللَّه فقد حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة} ، {وَحرَام على قَرْيَة أهلكناها} ، وَقَوله: {فَإِنَّهَا مُحرمَة عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ سنة} وَإِمَّا بِمَنْع بشري كَقَوْلِه تَعَالَى: {وحرمنا عَلَيْهِ المراضع} وَأما بِمَنْع من جِهَة الْعقل كَقَوْلِه: {وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث} أَو من جِهَة الشَّرْع كتحريم بيع الطَّعَام مُتَفَاضلا وَالْحرَام: مَا ثَبت الْمَنْع عَنهُ بِلَا أَمر معَارض لَهُ، وَحكمه الْعقَاب بِالْفِعْلِ وَالثَّوَاب بِالتّرْكِ لله تَعَالَى، لَا بِمُجَرَّد التّرْك، وَإِلَّا لزم أَن يكون لكل أحد فِي كل لَحْظَة مثوبات كَثِيرَة بِحَسب كل حرَام لم يصدر عَنهُ والأعيان تُوصَف بِالْحلِّ وَالْحُرْمَة وَنَحْوهمَا حَقِيقَة كالأفعال لَا فرق بَينهمَا هَذَا عِنْد مَشَايِخنَا فَمَتَى جَازَ وصف الْأَعْيَان بِالْحلِّ وَالْحرم أمكن الْعَمَل فِي حَقِيقَة الْإِضَافَة فِي قَوْله تَعَالَى: {حرمت عَلَيْكُم اليمتة} و {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم} فَلَا ضَرُورَة فِي إِضْمَار الْفِعْل وَهُوَ الْأكل وَالنِّكَاح وَالْوَطْء، وَأما عِنْد الأشاعرة فالمعاني الشَّرْعِيَّة لَيست من صِفَات الْأَعْيَان، بل هِيَ من صِفَات التَّعَلُّق، وَصفَة التَّعَلُّق لَا تعود إِلَى وصف فِي الذَّات، فَلَيْسَ معنى قَوْلنَا (الْخمر حرَام) ذَاتهَا، وَإِنَّمَا التَّحْرِيم رَاجع إِلَى قَول الشَّرْع فِي النَّهْي عَن شربهَا وذاتها لم تَتَغَيَّر، كمن علم زيدا قَاعِدا بَين يَدَيْهِ، فَإِن علمه وَإِن تعلق بزيد لَكِن لم يُغير من صِفَات زيد شَيْئا، وَلَا أحدث لزيد صفة ذَات وَالْحرَام: المأمن {وَمن دخله كَانَ آمنا} وَحُرْمَة الرجل: حرمه وَأَهله الْحِين: الدَّهْر أَو وَقت مِنْهُ يصلح لجَمِيع الْأَزْمَان طَال أَو قصر، وَيكون سنة أَو أَكثر، أَو يخْتَص بِأَرْبَعِينَ سنة، أَو سنتَيْن، أَو سِتَّة أشهر، أَو شَهْرَيْن، أَو كل غدْوَة وَعَشِيَّة، أَو يَوْم الْقِيَامَة {وتول عَنْهُم حَتَّى حِين} أَي: حَتَّى تَنْقَضِي الْمدَّة الَّتِي أمهلوها وَإِذا باعدوا بَين الْوَقْتَيْنِ باعدوا ب (إِذا) فَقَالُوا: حِينَئِذٍ والحين، أَيْضا: الْهَلَاك والمحنة، وكل مَا لم يوفق للرشاد فقد حَان والحائن: الأحمق الحليلة: الزَّوْجَة، لِأَن الزَّوْج يحل عَلَيْهَا، أَو تحل هِيَ لَهُ، تصدق على الْمَنْكُوحَة وعَلى السّريَّة وَلَا فرق بَينهمَا إِلَّا فِي قَوْله تَعَالَى: {وحلائل أَبْنَائِكُم} فَإِنَّهُ إِن فسر بِمن حلت لَهُ لم يثبت بِالْآيَةِ حُرْمَة من زنى بهَا الابْن على الْأَب، وَإِن فسر بِمن حل عَلَيْهَا أَي نزل: ثَبت حُرْمَة من زنى بهَا الابْن على الْأَب الْحَج: مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ الْقَصْد على جِهَة التَّعْظِيم، وَهُوَ كأخواته من المنقولات الشَّرْعِيَّة وَمَعْنَاهُ الشَّرْعِيّ: الْقَصْد إِلَى بَيت الله الْحَرَام

بأعمال مَخْصُوصَة وَالْفَتْح وَالْكَسْر لُغَة فِيهِ، وَقيل: بِالْفَتْح الِاسْم، وبالكسر الْمصدر، وَقيل بِالْعَكْسِ وَهُوَ نَوْعَانِ: فالأكبر: حج الْإِسْلَام، والأصغر: الْعمرَة وَالْحجّة، بِالضَّمِّ: الْبُرْهَان وَعند النظار أَعم مِنْهُ لاختصاصه عِنْدهم بِيَقِين الْمُقدمَات وَمَا ثَبت بِهِ الدَّعْوَى من حَيْثُ إفادته للْبَيَان يُسمى بَيِّنَة وَمن حَيْثُ الْغَلَبَة بِهِ على الْخصم يُسمى حجَّة والمجادلة الْبَاطِلَة قد تسمى حجَّة كَقَوْلِه تَعَالَى: {حجتهم داحضة عِنْد رَبهم} [إِمَّا على حسبانهم ومساقهم أَو على أسلوب قَوْلهم تَحِيَّة بَينهم ضرب وَجمع] وَالْحجّة الإقناعية: هِيَ الَّتِي تفِيد القانعين القاصرين عَن تَحْصِيل المطالب بالبراهين القطعية الْعَقْلِيَّة، وَرُبمَا تُفْضِي إِلَى الْيَقِين بالاستكثار وَلَيْسَ آيَة {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} حجَّة إقناعية، بل هِيَ برهانية تحقيقية، إِذْ لَا تكَاد النَّفس تخطر للمتأمل نقيض الْإِلَه بعد مَا تحقق عِنْده اسْتِحَالَة الْخلف فِي خَبره تَعَالَى واستمرار الْعَادة بَين ذِي قدرتين على تطلب الِانْفِرَاد والقهر فِي كل جليل وحقير، فَكيف بِمن اتّصف بأقصى غايات التكبر فضلا عَن أخطار فرض النقيض مَعَ الْجَزْم بِأَن الْوَاقِع هُوَ الطّرف الآخر نعم تفِيد الْأَدِلَّة الخطابية فِي حق الْأَكْثَرين تَصْدِيقًا ببادي الرَّأْي وسابق الْفَهم إِذا لم يكن الْبَاطِل مشحونا بتعصب ورسوخ اعْتِقَاد على خلاف مُقْتَضى الدَّلِيل، إِلَّا إِذا شوش مجادل بنكات المماراة والتشكيك، فاستماع هَذَا الْقدر يشوش عَلَيْهِ تَصْدِيقه، ثمَّ رُبمَا يعسر الْحل وَالدَّفْع فِي حق بعض الأفهام القاصرة، يُؤَيّدهُ قَوْله تَعَالَى: {وجادلهم بِالَّتِي هِيَ أحسن} أَي: بالرهان كالخطابة والجدل وَحجَّة الْحق على الْخلق هُوَ الْإِنْسَان الْكَامِل كآدم عَلَيْهِ السَّلَام، فَإِنَّهُ كَانَ حجَّة على الْمَلَائِكَة فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا آدم أنبئهم بِأَسْمَائِهِمْ} [وَقد يعبر عَن نفي المعذرة بِنَفْي الْحجَّة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لِئَلَّا يكون للنَّاس على الله حجَّة بعد الرُّسُل} فَفِيهِ تَنْبِيه على أَن المعذرة فِي الْقبُول عِنْده تَعَالَى بِمُقْتَضى كرمه بِمَنْزِلَة الْحجَّة القاطعة الَّتِي لَا مرد لَهَا] وَالْحجّة، بِالْكَسْرِ: السّنة، فِي التَّنْزِيل: {ثَمَانِي حجج} وَهُوَ المسموع من الْعَرَب، وَإِن كَانَ الْقيَاس فتح الْحَاء لكَونهَا اسْما للكرة الْوَاحِدَة، وَلَيْسَت عبارَة عَن الْهَيْئَة حَتَّى تكسر الْحَيَاة: هِيَ بِحَسب اللُّغَة عبارَة عَن قُوَّة مزاجية

تَقْتَضِي الْحس وَالْحَرَكَة، وَفِي حق الله تَعَالَى لَا بُد من الْمصير إِلَى الْمَعْنى الْمجَازِي الْمُنَاسب لَهُ وَهُوَ الْبَقَاء وَأما الَّذِي ذكره المتكلمون بقَوْلهمْ: (الْحَيّ هُوَ الَّذِي يَصح أَن يعلم وَيقدر) فَمَعْنَاه الاصطلاحي الْحَادِث، وَلَيْسَت صفة حَقِيقِيَّة عَارِية عَن النِّسْبَة وَالْإِضَافَة فِي حق الله تَعَالَى إِلَّا صفة الْحَيَاة وَغَيرهَا من الصِّفَات وَإِن كَانَت حَقِيقِيَّة كَالْعلمِ وَالْقُدْرَة إِلَّا أَنَّهَا يلْزمهَا لَوَازِم من بَاب النّسَب والإضافات كتعلق الْعلم بالمعلوم وَالْقُدْرَة بإيجاد الْمَقْدُور والحياة تسْتَعْمل على أوجه: للقوة النامية الْمَوْجُودَة فِي النَّبَات وَالْحَيَوَان وَالْقُوَّة الحساسة بِهِ سمي الْحَيَوَان حَيَوَانا وَالْقُوَّة العاملة الْعَاقِلَة وَتَكون عبارَة عَن ارْتِفَاع الْغم، وَبِهَذَا النّظر قَالَ: (لَيْسَ من مَاتَ فاستراح بميت ... إِنَّمَا الْمَيِّت ميت الْأَحْيَاء) وعَلى هَذَا: {بل أَحيَاء عِنْد رَبهم} أَي: هم يتلذذون والحياة الأخروية الأبدية يتَوَصَّل إِلَيْهَا بِالْحَيَاةِ الَّتِي هِيَ الْعقل وَالْعلم، والبنية الْمَخْصُوصَة لَيست شرطا للحياة، بل يجوز أَن يَجْعَلهَا الله فِي جُزْء لَا يتَجَزَّأ، خلافًا للمعتزلة والفلاسفة وَالْحَيَوَان أبلغ من الْحَيَاة، لما فِي بِنَاء (فعلان) من الْحَرَكَة وَالِاضْطِرَاب اللَّازِم للحياة وَالْحَيَوَان: فِي الْجنَّة والحياة: فِي الدُّنْيَا الحفا، بِالْقصرِ: دَاء الرجل، وبالمد: الْمَشْي بِلَا نعل والحفي: البليغ فِي الْبر والإلطاف وحفا الْبَرْق يحفو حفوا وحفي يحفى حفيا: إِذا لمع ضَعِيفا مُعْتَرضًا فِي نواحي الْغَيْم وَإِذا لمع قَلِيلا ثمَّ سكن وَلَيْسَ لَهُ اعْتِرَاض فَهُوَ وميض وَإِن شقّ الْغَيْم واستطال فِي وسط السَّمَاء من غير أَن يَأْخُذ يَمِينا وَلَا شمالا فَهُوَ عقيقة الحنين [بِالْفَتْح] : الشوق، وَشدَّة الْبكاء، والطرب، [وبالتصغير: وَاد مَعْرُوف] والحنان: كسحاب: الرَّحْمَة والرزق وَالْبركَة والهيبة وَالْوَقار ورقة الْقلب وَالشَّر الطَّوِيل وحنان الله، معَاذ الله والحنان، مشددا: من أَسمَاء الله تَعَالَى، مَعْنَاهُ الرَّحِيم، أَو الَّذِي يقبل على من أعرض عَنهُ والحن، بِالْكَسْرِ: حَيّ من الْجِنّ من الْكلاب السود البهم، أَو سفلَة الْجِنّ وضعفاؤهم أَو كلابهم، أَو خلق بَين الْجِنّ والأنس كَذَا فِي " الْقَامُوس " الحوج: السَّلامَة، حوجا لَك: أَي سَلامَة لَك وبالضم: الْفقر وَالْحَاجة والحوائج على غير قِيَاس، أَو مولد، فكأنهم جمعُوا (حائجة) الحيز، كالسيد،: الْفَرَاغ المتحقق كَمَا هُوَ عِنْد أفلاطون، أَو المتوهم كَمَا هُوَ عِنْد الْمُتَكَلِّمين، لَا السَّطْح الْبَاطِن من الْحَاوِي والحيز الطبيعي،: هُوَ الْمَكَان الْأَصْلِيّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى

طبيعة الشَّيْء الحقد: هُوَ سوء الظَّن فِي الْقلب على الْخلق لأجل الْعَدَاوَة والحسد: اخْتِلَاف الْقلب على النَّاس لِكَثْرَة الْأَمْوَال والأملاك الحرق، بِالسُّكُونِ: أثر النَّار فِي الثَّوْب وَغَيره وبفتح الرَّاء: هُوَ النَّار نَفسهَا و {عَذَاب الْحَرِيق} : النَّار الحلأ: هُوَ مُخْتَصّ بالنبات الْيَابِس، وبالمعجمة: يخْتَص بالرطب والكلأ، بِهَمْزَة مَقْصُورا يَقع على كليهمَا، وَقيل: مُخْتَصّ بالرطب أَيْضا، إِلَّا أَنه يتَأَخَّر نَبَاته ويقل والعشب: مَا يتَقَدَّم نَبَاته وَيكثر الْحلَّة: هِيَ الثَّوْب السَّاتِر لجَمِيع الْبدن، وَلَا يُقَال للثوب حلَّة إِلَّا إِذا كَانَ من جنس وَاحِد، وَالْجمع حلل والحلي [بِالضَّمِّ وَكسر اللَّام وَتَشْديد الْيَاء جمع (حلي) بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون اللَّام وَهُوَ] مَا يخْتَص بعضو دون عُضْو كالخاتم والخلخال والحالي: هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحلِيّ، ضد العاطل الْحُلْقُوم: أَصله الْحلق زيد الْوَاو وَالْمِيم وَهُوَ مجْرى النَّفس لَا غير وَفِي " الطّلبَة ": هُوَ مجْرى الطَّعَام، والمريء مَهْمُوز اللَّام: مجْرى الشَّرَاب وَفِي " الْعين ": الْحُلْقُوم مجراهما، وَمَا فِي " المبسوطين " أَنَّهُمَا عكس مَا ذكر مُوَافق لما فِي " النِّهَايَة " الحض، كالحث: التحريك، إِلَّا أَن الْحَث يكون بسير وسوق، والحض لَا يكون بذلك الحبر: الْعَالم وَفِي " ديوَان الْأَدَب " بِالْكَسْرِ أفْصح لِأَنَّهُ يجمع على (أَفعَال) وَكَانَ أَبُو اللَّيْث وَابْن السّكيت يَقُولَانِ بِالْفَتْح وَالْكَسْر للْعَالم ذِمِّيا كَانَ أَو مُسلما بعد أَن يكون من أهل الْكتاب وَقَالَ أهل الْمعَانِي: الحبر الْعَالم الَّذِي صناعته تحبير الْمعَانِي بِحسن الْبَيَان عَنْهَا وإتقانها والأحبار: مُخْتَصّ بعلماء الْيَهُود من ولد هَارُون، وَكَعب الحبر وَيكسر وَلَا تقل كَعْب الْأَحْبَار والحبورة: الْإِمَامَة الْحصَّة: هِيَ لَا تطلق فِي الْمُتَعَارف إِلَّا على الْفَرد الاعتباري الَّذِي يحصل من أَخذ الْمَفْهُوم الْكُلِّي مَعَ الْإِضَافَة إِلَى معِين وَلَا تطلق على الْفَرد الْحَقِيقِيّ الْحَظ: النَّصِيب وَالْجد، أَو خَاص بالنصيب من الْخَيْر وَالْفضل الْحَظْر، بالظاء الْمُعْجَمَة: الْمَنْع، واستعماله بالضاد فِي معنى الْمَنْع لَيْسَ بمعهود وحظيرة الْقُدس: الْجنَّة والمحظور: الْمحرم {وَمَا كَانَ عَطاء رَبك مَحْظُورًا} : أَي مَقْصُورا على طَائِفَة دون أُخْرَى الحيال، بِالْكَسْرِ: الْحذاء يُقَال: قعد على حياله وبحياله: أَي بإزائه وَأعْطى كل وَاحِد على حياله: أَي على انْفِرَاده

الْحِرْز: يسْتَعْمل فِي النَّاظر أَكثر والحرس: فِي الْأَمْتِعَة أَكثر الحمية، مُشَدّدَة كالدنية: الأنفة وَالْغَضَب وَأَرْض حمئة؛ مهموزا: أَي ذَات حمأة وحمية وحامية، بِلَا همز: أَي حارة وَالْحمية، كالقنية: الاحتماء والحفيف: هُوَ صَوت يسمع من جلد الأفعى والفحيح: صَوت يسمع من فِيهَا الْحول: تأليفه للدوران والإطافة، وَقيل للعام حول لِأَنَّهُ يَدُور وحوال الدَّهْر، كسحاب: تغيره وصروفه والحويل: الشَّاهِد وَالْكَفِيل الْحِكَايَة: هِيَ إِيرَاد اللَّفْظ على اسْتِيفَاء صورته الأولى وَقيل: الْإِتْيَان بِمثل الشَّيْء، [وحكايات الْقُرْآن عَن الْغَيْر إِنَّمَا هُوَ مُعرب عَن معانيهم وَلَيْسَ بِحَقِيقَة ألفاظهم] ، فَلَا يُقَال كَلَام الله محكي، وَلَا يُقَال أَيْضا: حكى الله كَذَا، إِذْ لَيْسَ لكَلَامه مثل وتساهل قوم فِي إِطْلَاق لفظ الْحِكَايَة بِمَعْنى الْإِخْبَار، [وَلَا يجوز أَن يُقَال: أخبرنَا الله ونبأنا وأنبأنا وَلَا يجوز حَدثنَا وَلَا كلمنا وَإِنَّمَا ذَلِك خَاص بسيدنا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام] الحذر: هُوَ اجْتِنَاب الشَّيْء خوفًا مِنْهُ، قيل: الحذر، بِكَسْر الذَّال: المتيقظ، والحاذر: المستعد، وَقيل: الحاذر من يحذرك والحذر: الْمخوف الْحيرَة: من حَار يحار ويحير واستحار: نظر إِلَى الشَّيْء فَغشيَ وَلم يهتد لسبيله، فَهُوَ حيران وحائر، وَهِي حيرى، وهم حيارى، وَيضم وحير دهر: كعنب: مُدَّة الدَّهْر وحير مَا أرى: بِمَعْنى رُبمَا الْحَبْس: الْمَنْع وَحبس الرجل عَن حَاجته فَهُوَ مَحْبُوس وأحبست فرسا فِي سَبِيل الله فَهُوَ محبس وحبيس [وكل شَيْء وَقفه صَاحبه من نخل أَو كرم وَغَيرهَا فَهُوَ محبس أَصله ويسبل غَلَّته] الْحمالَة: بِالْفَتْح: مَا لزم من غرم ودية وحمالة السَّيْف: بِالْكَسْرِ الْحلقَة: [بِفَتْح الْحَاء وَكسرهَا، وَرُوِيَ عَن الزَّمَخْشَرِيّ أَنَّهَا بِفَتْح الْحَاء فِي الدرْع وبكسرها فِي النَّاس وَقيل] حَلقَة الدرْع، كغلبة، وَيجوز الْجَزْم وَحل ة الْبَاب وَالْقَوْم تفتح وتكسر وَقيل: لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب (حَلقَة) متحركة إِلَّا جمع (حالق) الحيزوم: هُوَ فرس جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام حيهل: اسْم لفعل أَمر وحبهل الثَّرِيد: أَي ائْتِ الثَّرِيد و [حيهل] بزيد وَعَلِيهِ: أقبل و [حيهل] إِلَيْهِ: تعال حُصَيْن: فِي الْبناء حصان، كسحاب: فِي الْمَرْأَة حنف: يسْتَعْمل فِي الْميل إِلَى الْخَبَر و [جنف] بِالْجِيم: فِي الْميل إِلَى الْجور [حوى، بِالْقصرِ: جمع، وبالمد ميل نفساني]

حذاء وحذو: كِلَاهُمَا صَحِيح وَفُلَان يحذو حَذْو وَالِده، بِمَعْنى أَنه يسير بسيرته وَيجْرِي على طَرِيق هـ حسن التَّعْلِيل: هُوَ أَن يدعى لوصف عِلّة مُنَاسبَة نَحْو قَوْله: (لَو لم تكن نِيَّة الجوزاء خدمته ... لما رَأَيْت عَلَيْهَا عقد منتطق) حسن النسق: هُوَ أَن يَأْتِي الْمُتَكَلّم بِكَلِمَات متتالية معطوفات تلاحما تلاحما سليما مستحسنا بِحَيْثُ إِذا أفردت كل جملَة مِنْهُ قَامَت بِنَفسِهَا واستقل مَعْنَاهَا بلفظها وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَقيل يَا أَرض ابلعي ماءك} إِلَى آخِره وَمن الشواهد الشعرية قَوْله: (جاور عليا وَلَا تحفل بحادثة ... إِذا ادرعت فَلَا تسْأَل عَن الأسل) (سل عَنهُ وانطق بِهِ وَانْظُر إِلَيْهِ تَجِد ... ملْء المسامع والأفواه والمقل) [نوع] {حَنِيفا} : حَاجا أَو مائلا عَن الْبَاطِل إِلَى الْحق {حُدُود الله} : طَاعَة الله {حوبا كَبِيرا} : إِثْمًا عَظِيما {حصرت} : ضَاقَتْ {حجر} : حرَام {كَأَنَّك حفي} : يُقَال تحفيت بفلان فِي الْمَسْأَلَة: إِذْ سَأَلت عَنهُ سؤالا أظهرت فِيهِ الْعِنَايَة والمحبة وَالْبر , مِنْهُ {إِنَّه كَانَ بِي حفيا} أَي بارا معينا، وَقيل: كَأَنَّك أَكثر السُّؤَال عَنْهَا حَتَّى علمتها والحفي: السؤول باستقصاء {وحففناهما بِنَخْل} : جعلنَا النّخل مُحِيطَة بهما {بعجل حنيذ} : النضيج مِمَّا يشوى بِالْحِجَارَةِ {حصحص} : تبين {حَاضِرَة الْبَحْر} : قريبَة مِنْهُ {حفدة} : أصهارا، وَعَن ابْن عَبَّاس: ولد الْوَلَد {حَصِيرا} سجينا [محبسا لَا يقدرُونَ الْخُرُوج أَبَد الآباد] {حقبا} : دهرا {عين حمئة} : حارة {حصب جَهَنَّم} : عَن ابْن عَبَّاس: حطب

جَهَنَّم بالزنجية {وَقُولُوا حطة} : أَي قُولُوا هَذَا الْأَمر حق كَمَا قيل لكم أَو قُولُوا صَوَابا بلغَة الزنجية {من كل حدب} : شرف {حَبل الوريد} : عرق الْعُنُق {حقت} : سبقت {الْحِنْث الْعَظِيم} : الشّرك {حسير} : كليل ضَعِيف {حنانا} : رَحْمَة {من حمإ مسنون} : الحمأ: السوَاد، والمسنون: المصور {حسبانا من السَّمَاء} : مرامي أَو نَارا من السَّمَاء أَو بردا {حسبانا} : عدد الْأَيَّام والشهور والسنين {ذَات الحبك} : ذَات الطرائق والخلق الْحسن. {حرض} : حض {فَلَا يكن فِي صدرك حرج} : ضيق {بألسنة حداد} : الطعْن بِاللِّسَانِ {حولا} : تحولا {حصورا} : مبالغا فِي حبس النَّفس عَن الشَّهَوَات والملاهي {وحاجه قومه} : خاصموه {عَطاء حسابا} : تفضلا كَافِيا {حَسِيسهَا} : الحسيس: صَوت يحس بِهِ {فحسبه جَهَنَّم} : كفته جَزَاء وَعَذَابًا {وَالشَّمْس وَالْقَمَر بحسبان} : أَي على أدوار مُخْتَلفَة يحْسب بهَا الْأَوْقَات {يَطْلُبهُ حثيثا} : يعقبه سَرِيعا كالطالب لَهُ {حَسبنَا الله} : كفانا فضلا {حاق بهم} : أحَاط بهم {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَة} : النُّبُوَّة وَكَمَال الْعلم وإتقان الْعَمَل {فَالْحق وَالْحق أَقُول} : أَي فأحق الْحق وأقوله {حميم} : مَاء حَار

{حطاما} : هشيما {حاصبا} : ريحًا عاصفا فِيهِ حَصْبَاء {حشر} : جمع [وَإِذا اسْتعْمل بإلى يشْعر بالأضطرار والسوق] {أَو أمضي حقبا} : أَسِير زَمَانا طَويلا {خلاف مهين} : حقير الرَّأْي [كثير الْحلف بِالْحَقِّ وَالْبَاطِل] {الحاقة} : السَّاعَة {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْم هَاهُنَا حميم} : قريب يحميه {حاجزين} : دافعين {حِين من الدَّهْر} : طَائِفَة محدودة من الزَّمن الممتد غير الْمَحْدُود {حبا} : مَا يقتات بِهِ {فِي الحافرة} : فِي الْحَالة الأولى يعنون الْحَيَاة بعد الْمَوْت {حنفَاء} : ماثلين عَن العقائد الزائغة {فِي الحطمة} : فِي النَّار من شَأْنهَا أَن تحطم كل مَا يطْرَح فِيهَا {حافين} : محدقين {صِرَاط الحميد} : الْمَحْمُود نَفسه أَو عاقبته {وَالله يَقُول الْحق} : مَا لَهُ حَقِيقَة عَيْنِيَّة مُطَابقَة لَهُ {وحقت} : جعلت حَقِيقَة بالاستماع والانقياد {لذِي حجر} : عقل {وَجعل بَينهمَا برزخا وحجرا مَحْجُورا} : أَي منعا لَا سَبِيل إِلَى دَفعه وَرَفعه كَمَا فِي " الْمُفْردَات " {حجرا مَحْجُورا} : حَرَامًا محرما {حملت الأَرْض وَالْجِبَال} : رفعت من أماكنها {ملئت حرسا} : حراسا {إِحْدَى الحسنيين} : العاقبتين اللَّتَيْنِ كل مِنْهُمَا حسن النُّصْرَة وَالشَّهَادَة {حرث الْآخِرَة} : ثَوَابهَا {فبصرك الْيَوْم حَدِيد} : نَافِذ

فصل الخاء

{من كل حدب} : نشز من الأَرْض {كَأَنَّك حفي عَنْهَا} : عَالم بهَا {يعبد الله على حرف} : على طرف من الدّين لَا ثبات لَهُ {حسرة} : ندامة واغتمام على مَا فَاتَ {حبطت} : بطلت {حسيبا} : كَافِيا وعالما ومقتدرا ومحاسبا {الْحَشْر} : الْجمع بكره {حميم حميما} : قريب قَرِيبا {حتما مقضيا} : وَاجِبا أوجبه الله على نَفسه وَقضى بِأَن وعد بِهِ وَعدا لَا يُمكن خَلفه {حرضا} : مَرِيضا مشفيا على الْهَلَاك {حسوما} : مُتَتَابِعَات أَو نحسات أَو قاطعات قطعت جمعهم {وَكَانَ وعد رَبِّي حَقًا} : كَائِنا لَا محَال {حرمات الله} : أَحْكَامه وَسَائِر مَا لَا يحل هتكه {بِغَيْر حق} : بِغَيْر مُوجب {على حرد} : على نكد من حاردت السّنة: إِذا لم يكن فِيهَا مطر، وحاردت الْإِبِل: إِذا منعت درها {حوبا كَبِيرا} : الْحُوب مُطلق الْإِثْم والحام: الْفَحْل من الْإِبِل إِذا ولد لوَلَده قَالُوا: حمى هَذَا ظَهره فَلَا يحملون عَلَيْهِ شَيْئا، وَلَا يجزون لَهُ وَبرا، وَلَا يمنعونه من حمى رعي وَلَا من حَوْض يشرب مِنْهُ {أَو الحوايا} : أَو مَا اشْتَمَل على الأمعاء {مَا حملت ظهورهما} : مَا علق بهَا من الشَّحْم {حمولة} : الْإِبِل وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير [ {وَحصل مَا فِي الصُّدُور} : جمع محصلا فِي الصُّحُف أَو ميز {قَالَ الحواريون} : أصفياء سيدنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من (الْحور) وَهُوَ الْبيَاض، وهم أول من آمن بِهِ وَكَانُوا اثْنَي عشر رجلا] (فصل الْخَاء) [الختن] : كل من كَانَ من قبل الْمَرْأَة كَالْأَبِ وَالْأَخ فَهُوَ ختن بِالتَّحْرِيكِ، أَو الختن الصهر، وَهُوَ

زوج بنت الرجل وَزوج أُخْته، فالأختان أَصْهَار أَيْضا [الخلود] : كل شَيْء فِي الْقُرْآن خُلُود فَإِنَّهُ لَا تَوْبَة لَهُ [خدم] : كل شَيْء أسرعت فِيهِ فقد خدمته [الخزف] : كل مَا عمل من طين وشوي بالنَّار حَتَّى يكون فخارا فَهُوَ خزف محركة [الْخلف] : كل شَيْء يَجِيء بعد شَيْء فَهُوَ خَلفه [الْخَالِص] : كل شَيْء يتَصَوَّر أَن يشوبه غَيره وَإِذا صفا عَن شبوه فخلص مِنْهُ يُسمى خَالِصا، وَيُسمى الْفِعْل المخلص إخلاصا [الخمط] : كل نبت أَخذ طعما من مرَارَة فَهُوَ خمط [الْخط والخطة] : كل مَكَان يخطه الْإِنْسَان لنَفسِهِ يُقَال لَهُ خطّ وخطة [الخلود] : كل مَا يتباطأ عَنهُ التَّغَيُّر وَالْفساد تصفه الْعَرَب بالخلود كَقَوْلِهِم للأيام خوالد، وَذَلِكَ لطول مكثها لَا للدوام [الْخمر] : كل شراب مغط لِلْعَقْلِ سَوَاء كَانَ عصيرا أَو نقيعا، مطبوخا كَانَ أَو نيئا فَهُوَ خمر وكل شَيْء غطيته فقد خمرته وكل مَا يستر شَيْئا فَهُوَ خماره وخمر، كفرح: توارى، وأخمرته الأَرْض عني ومني وَعلي: وارته [الخيتعور] : كل شَيْء لَا يَدُوم على حَالَة وَاحِدَة ويضمحل كالسراب وَالَّذِي ينزل من الْهَوَاء كنسج العنكبوت فَهُوَ الخيتعور [الْخَاص] : كل لفظ وضع لِمَعْنى مَعْلُوم على الِانْفِرَاد فَهُوَ الْخَاص [الخفق] : كل ضرب بِشَيْء عريض فَهُوَ الخفق [الْخلق] : كل فعل وجد من فَاعله مُقَدرا لَا على سَهْو وغفلة فَهُوَ الْخلق خَاتِمَة كل شَيْء آخِره [الْخَبَر الْمُتَوَاتر] : كل كَلَام سمع من فِي رَسُول الله أَي من فَمه جمَاعَة وَمن الْجَمَاعَة الأولى الْجَمَاعَة الثَّانِيَة وَمِنْهَا الثَّالِثَة إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى المتمسك فَهُوَ الْخَبَر الْمُتَوَاتر [خبر الْوَاحِد] : كل كَلَام سمع من فِي رَسُول الله وَاحِد وَسمع من ذَلِك الْوَاحِد وَاحِد آخر وَمن الْوَاحِد الآخر آخر إِلَى أَن يَنْتَهِي من وَاحِد إِلَى وَاحِد إِلَى المتمسك فَهُوَ خبر الْوَاحِد الْخَبَر: لُغَة بِمَعْنى الْعلم، والخبير فِي أَسمَاء الله تَعَالَى بِمَعْنى الْعَلِيم، وَلِهَذَا سمي الامتحان الْموصل بِهِ إِلَى الْعلم اختبارا بِمُقْتَضى مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ أَن يَقع على الصدْق خَاصَّة ليحصل بِهِ مَعْنَاهُ وَهُوَ الْعلم إِلَّا أَنه كثر فِي الْعرف للْكَلَام الدَّال على وجود الْمخبر بِهِ صَادِقا كَانَ أَو كَاذِبًا، عَالما كَانَ أَو لم يكن، وَلِهَذَا يُقَال: أَخْبرنِي فلَان كَاذِبًا والحقيقة الْعُرْفِيَّة قاضية على اللُّغَوِيَّة، وَيُؤَيّد هَذَا الْعرف بقوله تَعَالَى: {إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} إِذْ لَو كَانَ للصدق خَاصَّة لم يكن للتبين معنى، والنبأ وَالْخَبَر الْوَاحِد، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {نَبَّأَنِي الْعَلِيم الْخَبِير} أَي أَخْبرنِي

وَاخْتلف فِي حد الْخَبَر، قيل: لَا يحد لعسره، وَقيل: لِأَنَّهُ ضَرُورِيّ، وَيحد عِنْد الْأَكْثَر فَقَالَ بَعضهم: الْخَبَر هُوَ الْكَلَام الَّذِي يدْخلهُ الصدْق وَالْكذب ورد بِخَبَر الله [وَخبر الرَّسُول] فَأُجِيب بِأَنَّهُ يَصح دُخُوله لُغَة، وَقَالَ بَعضهم: الْخَبَر كَلَام يُفِيد بِنَفسِهِ نِسْبَة فأورد عَلَيْهِ نَحْو (قُم) فَإِنَّهُ يدْخل فِي الْحَد، لِأَن الْقيام والطلب كِلَاهُمَا مَنْسُوب قيل: الْخَبَر مَا يحْتَمل التَّصْدِيق والتكذيب وَهَذَا يُوجب تَعْرِيف الشَّيْء بِنَفسِهِ، لِأَن التَّصْدِيق هُوَ الْإِخْبَار عَن كَونه صَادِقا، والتكذيب هُوَ الْإِخْبَار عَن كَونه كَاذِبًا فَصَارَ قَوْله جَارِيا مجْرى مَا إِذا قيل: الْخَبَر مَا يصلح للإخبار عَنهُ بِأَنَّهُ صدق أَو كذب، فَهَذَا يُوجب تَعْرِيف الْخَبَر بالْخبر، وَيُوجب الدّور أَيْضا، لِأَن الصدْق هُوَ الْخَبَر الْمُوَافق، وَالْكذب هُوَ الْخَبَر الْمُخَالف، فَلَمَّا عرفنَا الْخَبَر بِالصّدقِ وَالْكذب وعرفناهما بالْخبر لزم الدّور وَقَالَ بَعضهم: الْخَبَر كل كَلَام لَهُ خَارج صدق أَو كذب نَحْو: (قُم زيد) ، فَإِن مَدْلُوله وَهُوَ قيام زيد حَاصِل قبل التَّكَلُّم بالْخبر، فَإِن وَافق الْخَارِج فَالْكَلَام صدق، وَإِلَّا فَهُوَ كذب، وَلَا وَاسِطَة بَينهمَا وَقَالَ الرَّاغِب: الصدْق هُوَ الْمُطَابقَة الخارجية مَعَ الِاعْتِقَاد لَهَا فَإِن فقدا مَعًا أَو على الْبَدَل (فَمَا فقد فِيهِ كل مِنْهُمَا فَهُوَ كذب، سَوَاء فقد اعْتِقَاد الْمُطَابقَة باعتقاد عدمهَا، أم بِعَدَمِ اعْتِقَاد شَيْء) ، وَمَا فقد فِيهِ وَاحِد مِنْهُمَا فَهُوَ مَوْصُوف بِالصّدقِ من جِهَة مطابقته للاعتقاد أَو للْخَارِج وبالكذب [أَيْضا] من جِهَة أَنه انْتَفَى فِيهِ الْمُطَابقَة للْخَارِج أَو اعتقادها فَهُوَ وَاسِطَة بَين الصدْق وَالْكذب (وَاعْلَم أَن أهل الْعَرَبيَّة اتَّفقُوا على أَن الْخَبَر مُحْتَمل للصدق وَالْكذب وَهَذَا الْكَلَام يحْتَمل الصدْق وَالْكذب أَيْضا، وَلَا تقصي عَنهُ إِلَّا بِأَن يُقَال: إِن هَذَا القَوْل) فَرد من أَفْرَاد مُطلق الْخَبَر فَلهُ اعتباران: أَحدهمَا من حَيْثُ ذَاته مَعَ قطع النّظر عَن خُصُوصِيَّة كَونه خَبرا جزئيا وَالثَّانِي من حَيْثُ عرُوض هَذَا الْمَفْهُوم لَهُ فثبوت الِاحْتِمَال لَهُ بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي لَا يُنَافِي عدم الِاحْتِمَال بِالِاعْتِبَارِ الأول كاللاممكن التَّصَوُّر إِذا عرفت هَذَا فَنَقُول: الْخَبَر هُوَ الْكَلَام الَّذِي يقبل الصدْق وَالْكذب لأجل ذَاته، أَي لأجل حَقِيقَته من غير نظر إِلَى الْمخبر والمادة الَّتِي تعلق بهَا الْكَلَام، كَأَن يكون من الْأُمُور الضرورية الَّتِي لَا يقبل إِثْبَاتهَا إِلَّا الصدْق وَلَا يقبل نَفيهَا إِلَّا الْكَذِب، فَقَوْل غير مَعْصُوم: فلَان من أهل الْجنَّة وَفُلَان من أهل النَّار يحْتَمل الصدْق وَالْكذب مُطلقًا، سَوَاء نَظرنَا إِلَى صُورَة نسبته أَو إِلَى مادته وَمَعْنَاهُ، أَو إِلَى الْمُتَكَلّم بِهِ وأخبار الله وَرَسُوله إِذا نَظرنَا إِلَى حقائقها اللُّغَوِيَّة وقطعنا النّظر عَمَّا زَاد على ذَلِك نجدها لمُجَرّد صورتهَا تقبل الِاحْتِمَال، أما إِذا نَظرنَا إِلَى زَائِد على ذَلِك وَهُوَ كَون الْمخبر بهَا هُوَ الله المنزه وَرَسُوله الْمَعْصُوم من الْكَذِب عقلا فَحِينَئِذٍ يتحتم لَهَا الصدْق لَا غير، وَمثله الْإِخْبَار عَن الْأُمُور الضرورية ابْتِدَاء كَقَوْلِك: الِاثْنَان أَكثر من الْوَاحِد، وانتهاء كَقَوْل أهل الْحق: الله قديم قَائِم بِنَفسِهِ وَاحِد فِي

ذَاته وَفِي صِفَاته وَفِي أَفعاله وَنَحْو ذَلِك، فَإِنَّهُ يحتملهما من غير نظر إِلَى زَائِد على ذَلِك أما إِذا نَظرنَا إِلَى براهينها القطعية فَحِينَئِذٍ يجب لَهَا الصدْق لَا غير وَمن الْخَبَر مَا يحْتَمل الصدْق وَالْكذب بِالنّظرِ إِلَى ذَاته وَصورته فَقَط وَإِذا نَظرنَا إِلَى زَائِد على ذَلِك تحتم كذبه كَقَوْل الْمُعْتَزلَة: " الْإِرَادَة الأزلية لَا تتَعَلَّق بالْكفْر وَلَا بالمعصية " وَنَحْو ذَلِك من عقائدهم الْفَاسِدَة، فَإِنَّهُ إِذا قصر النّظر على مُجَرّد حقائقها اللُّغَوِيَّة تحتملهما، أما إِذا نظر إِلَى براهين عُمُوم إِرَادَة الله ارْتَفع الِاحْتِمَال وَتعين الْكَذِب، وَمثله الْإِخْبَار، بِخِلَاف الْمَعْلُوم ضَرُورَة نَحْو: الْأَرْبَعَة أقل من الثَّلَاثَة ثمَّ إِن الْخَبَر بِالنّظرِ إِلَى مَا يعرض لَهُ إِمَّا مَقْطُوع بصدقه كالمعلوم ضَرُورَة كالواحد نصف الِاثْنَيْنِ، أَو اسْتِدْلَالا كَقَوْل أهل السّنة: الْعَالم حَادث، وَمن الْمَقْطُوع بصدقه خبر الصَّادِق وَهُوَ الله تَعَالَى وَرَسُوله وَبَعض الْخَبَر الْمَنْسُوب إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن جهلنا عينه، والمتواتر معنى فَقَط أَو لفظا وَمعنى، وَإِمَّا مَقْطُوع بكذبه كالمعلوم خِلَافه ضَرُورَة (كَقَوْلِك: السَّمَاء أَسْفَل وَالْأَرْض فَوق، أَو اسْتِدْلَالا كَقَوْل الفلاسفة: الْعَالم قديم) وكل خبر سمي فِي اصْطِلَاح الْمُحدثين بالموضوع فَمن ذَلِك مَا رُوِيَ أَنه تَعَالَى خلق نَفسه وَمن الْمَقْطُوع خبر مدعي الرسَالَة بِلَا معْجزَة (أَو بِلَا تَصْدِيق الصَّادِق) وَمَا فتش عَنهُ فِي الحَدِيث وَلم يُوجد عِنْد رُوَاة الحَدِيث وَأَصْحَابه، وَالْمَنْقُول آحادا فِيمَا تتوفر الدَّوَاعِي على نَقله تواترا كالنص على إِمَامَة عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " أَنْت الْخَلِيفَة من بعدِي "، فَعدم تَوَاتر ذَلِك دَلِيل على الْقطع بكذبه وَقد ذكرُوا لقبُول خبر الْوَاحِد شُرُوطًا مِنْهَا: أَن يكون مُوَافقا للدليل الْقطعِي وَمِنْهَا أَن لَا يُخَالف الْكتاب والمتواتر وَالْإِجْمَاع وَمِنْهَا أَن لَا يكون واردا فِي حَادِثَة تعم بهَا الْبلوى بِأَن يحْتَاج النَّاس كلهم إِلَيْهِ حَاجَة متأكدة مَعَ كَثْرَة تكرره، وَلِهَذَا أنكر الْحَنَفِيَّة خبر نقض الْوضُوء من مس الذّكر، لِأَن مَا تعم بِهِ الْبلوى يكثر السُّؤَال عَنهُ فتقضي الْعَادة بنقله تواترا، وَإِن أُجِيب من طرف الشَّافِعِيَّة بِمَنْع اقْتِضَاء الْعَادة لذَلِك، [وَلِأَنَّهُ يُخَالف قَوْله تَعَالَى: {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا} فَإِنَّهَا نزلت فِي قوم يستنجون بِالْمَاءِ بعد الْحجر فقد مدحهم الله بذلك وسمى فعلهم تَطْهِيرا والاستنجاء بِالْمَاءِ لَا يكون إِلَّا بِمَسّ الذّكر] وَحكم الْخَبَر الْوَاحِد أَنه يُوجب الْعَمَل دون الْعلم، وَلِهَذَا لَا يكون حجَّة فِي الْمسَائِل الاعتقادية، لِأَنَّهَا تتبنى على الِاعْتِقَاد، وَهُوَ الْعلم الْقطعِي وَخبر الْوَاحِد يُوجب علم غَالب الرَّأْي

وأكبر الظَّن لَا علما قَطْعِيا، وَخبر الْوَاحِد إِذا لحق بَيَانا للمجمل كَانَ الحكم بعده مُضَافا إِلَى الْمُجْمل دون الْبَيَان، وَإِذا تأيد بِالْحجَّةِ القطعية صَحَّ إِضَافَة حكم الْفَرْضِيَّة إِلَيْهِ وَالْخَبَر للصدق وَغَيره كَمَا عرفت، إِلَّا أَن يصله بِالْبَاء فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يحمل على الصدْق خَاصَّة، كَمَا فِي (إِن اخبرتني بقدوم فلَان) لِأَن الْبَاء للإلصاق وَهُوَ لَا يتَحَقَّق إِلَّا بِالصّدقِ، كَذَا الْكِتَابَة وَالْعلم والبشارة، لَا يُقَال: إِن كل فَرد من أَفْرَاد الْخَبَر إِنَّمَا يَتَّصِف بِأَحَدِهِمَا لَا بهما، لأَنا نقُول: الْوَاو للْجمع الْمُطلق الْأَعَمّ من الْمُقَارنَة والمعية، وَقد يكون مَعْنَاهَا الْجمع فِي مُطلق الثُّبُوت فِي الْأَمر، كالواو الدَّاخِلَة على الْجُمْلَة لعطفها على جملَة أُخْرَى، كَقَوْلِك: (ضربت زيدا وأكرمت عمرا) وَالْخَبَر مَا أسْند إِلَى الْمُبْتَدَأ وَهُوَ عَامله فِي الْأَصَح، وَخبر بَاب (إِن) مَا أسْند إِلَى اسْمه وَهُوَ كالخبر، لَكِن لَا يقدم إِلَّا ظرفا وَخبر (لَا) لنفي الْجِنْس مَا أسْند إِلَى اسْمهَا وَلَا يقدم وَكثر حذفه، وَيجب فِي تَمِيم وَخبر (كَانَ) مَا أسْند إِلَى اسْمه وَهُوَ كالخبر، وَقد يحذف (كَانَ) فِي (إِن خيرا فَخير) وَمَتى كَانَ الْخَبَر مشبها بِهِ الْمُبْتَدَأ لَا يجوز تَقْدِيمه مثل: (زيد زهر) وَخبر (كَانَ) لَا يجوز أَن يكون مَاضِيا لدلَالَة (كَانَ) على الْمَاضِي، إِلَّا أَن يكون الْمَاضِي مَعَ (قد) فَإِنَّهُ يجوز لتقريبه إِيَّاه من الْحَال، أَو وَقع الْفِعْل الْمَاضِي شرطا وَتَقْدِيم أَخْبَار الْأَفْعَال النَّاقِصَة على أَنْفسهَا يجوز على الِاتِّفَاق، وَذَلِكَ فِيمَا لم يكن فِي أَوله (مَا) لِأَنَّهَا أَفعَال صَرِيحَة، وَأما فِيمَا كَانَ فِي أَوله (مَا) فَلَا يجوز اتِّفَاقًا، لِأَن (مَا) إِمَّا نَافِيَة فلهَا صدر الْكَلَام، وَإِمَّا مَصْدَرِيَّة فَلَا يتَقَدَّم معموله عَلَيْهِ وَلَيْسَ مُخْتَلفا فِيهِ وَالصَّحِيح الْجَوَاز وَنَصّ النُّحَاة على أَن خبر (كَانَ) لَا يجوز حذفه وَإِن دلّ عَلَيْهِ دَلِيل إِلَّا ضَرُورَة، وَقَوله تَعَالَى: {لم يكن الله ليغفر لَهُم} خبر (كَانَ) فِي أَمْثَال ذَلِك مَحْذُوف تعلق بِهِ اللَّام مثل (مرِيدا) وَقد تدخل الْفَاء فِي خبر (كل) مُضَاف إِلَى نكرَة وَخبر مَوْصُول بِفعل أَو ظرف، وَخبر نكرَة مَوْصُوفَة بهما

والتوافق بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فِي التَّذْكِير والتأنيث إِنَّمَا يجب بِثَلَاثَة شُرُوط أَحدهَا: أَن يكون الْخَبَر مشتقا أَو فِي حكمه، وَلَا يشْتَرط فِيمَا إِذا كَانَ مشتقا مِنْهُ وَثَانِيها: أَن لَا يكون مِمَّا يتحد فِيهِ الْمُذكر والمؤنث ك (جريح) وَثَالِثهَا: أَن لَا يكون فِي الْخَبَر ضمير الْمُبْتَدَأ، فَلَا يؤنث (هِنْد حسن وَجههَا) بِخِلَاف (هِنْد حسن الْوَجْه) وَالْخَبَر الْمُعَرّف بلام الْجِنْس قد يقْصد تَارَة حصره فِي الْمُبْتَدَأ إِمَّا حَقِيقَة أَو ادِّعَاء نَحْو: (زيد الْأَمِير) إِذا انحصرت الْإِمَارَة فِيهِ وَكَانَ كَامِلا فِيهَا كَأَن قيل: (زيد كل الْأَمِير وَجَمِيع أَفْرَاده) فَيظْهر الْوَجْه فِي إِفَادَة الْجِنْس الْحصْر، ويقصد أُخْرَى أَن الْمُبْتَدَأ هُوَ عين ذَلِك الْجِنْس ومتحد بِهِ، لَا أَن ذَلِك الْجِنْس مَفْهُوم مُغَاير للمبتدأ منحصر فِيهِ على أحد الْوَجْهَيْنِ فَهَذَا معنى آخر للْخَبَر الْمُعَرّف بلام الْجِنْس غير الْحصْر وَإِدْخَال الْبَاء على خبر (أَن) لَا يجوز إِلَّا إِذا دخل حرف النَّفْي، فَلَا يجوز (ظَنَنْت أَن زيدا بقائم) ، وَإِنَّمَا جَازَ (مَا ظَنَنْت أَن زيدا بقائم) وَالْفَاء فِي خبر الْمُبْتَدَأ المقرون ب (إِن) الوصلية شَائِع فِي عِبَارَات المصنفين مثل: (زيد وَإِن كَانَ غَنِيا فَهُوَ بخيل) وَوَجهه أَن يَجْعَل الشَّرْط عطفا على مَحْذُوف وَالْفَاء جَوَابه والشرطية خبر الْمُبْتَدَأ وَإِن جعل الْوَاو للْحَال على مَا يرَاهُ الزَّمَخْشَرِيّ وَالشّرط غير مُحْتَاج إِلَى الْجَزَاء فَأشبه الْخَبَر بالجزاء حَيْثُ قرن بالمبتدأ الشَّرْط وَالْخَبَر قد يكون مَعَ الْوَاو وَإِن كَانَ حَقه أَن لَا يكون بهَا كَخَبَر الْمُبْتَدَأ وَإِن كَانَ قَلِيلا وَخبر بَاب (كَانَ) نَحْو: فأمسى وَهُوَ عُرْيَان وَخبر (مَا) الْوَاقِعَة بعْدهَا (إِلَّا) نَحْو: (مَا من أحد إِلَّا وَله نفس أَمارَة) وَخبر (لَا) الْوَاقِعَة بعْدهَا (بُد) نَحْو: (لابد وَأَن يكون) قَالُوا: هَذِه الْوَاو لتأكيد لصوق الْخَبَر بِالِاسْمِ كالواو الَّتِي لتأكيد لصوق الصّفة بالموصوف فِي {وثامنهم كلبهم} وَغير ذَلِك مِمَّا ورد على خلاف الأَصْل، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك تَشْبِيها بِالْحَال فِي كَون كل مِنْهُمَا حَاصِلا لصَاحبه وَالْكَلَام الخبري إِذا دَار بَين الْإِنْشَاء والإخبار فالحمل على الْإِخْبَار أولى، لِأَن وَضعه لَهُ وَالْخَبَر بِمَعْنى الدُّعَاء نَحْو: {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} أَي: أعنا وَمِنْه: {تبت يدا أبي لَهب وَتب} فَإِنَّهُ دُعَاء لَهُ وَأما الْخَبَر فِي مثل: {والوالدات يرضعن} ، {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ} فَمَعْنَاه مَشْرُوعا لَا محسوسا كَمَا فِي مثل: {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} و {فَلَا رفث} إِلَى آخِره، فَإِن مَعْنَاهُ لَا يمسهُ أحد مِنْهُم شرعا، وَلَا يرْفث فِيهِ أحد شرعا، وَإِن وجد فعلى خلاف الشَّرْع فالنفي عَائِد إِلَى الحكم الشَّرْعِيّ لَا إِلَى الْوُجُود الْحسي وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: المُرَاد بالْخبر فِي تِلْكَ الْآيَات وَغَيرهَا الْأَمر وَالنَّهْي وَهَذَا أبلغ من الصَّرِيح كَأَنَّهُ

تورع فِيهِ إِلَى الِامْتِثَال فَأخْبر عَنهُ الْخطاب: خاطبه: وَهَذَا الْخطاب لَهُ، لَا خَاطب مَعَه وَالْخطاب مَعَه إِلَّا بِاعْتِبَار تضمين معنى المكالمة وَهُوَ الْكَلَام الَّذِي يقْصد بِهِ الإفهام وَلَفظ (الْمُخَاطب) لم يوضع لمخاطب يتَوَجَّه إِلَيْهِ الْخطاب بِلَفْظ الْمُخَاطب، بِخِلَاف (أَنْت) بل هُوَ، وَكَذَا لفظ (الْمُتَكَلّم) موضوعان لمفهومهما لَا لذاتهما فِي الْأَحْكَام الْخطاب: اللَّفْظ المتواضع عَلَيْهِ الْمَقْصُود بِهِ إفهام من هُوَ متهيئ لفهمه احْتَرز " بِاللَّفْظِ " عَن الحركات والإشارات المفهمة بالمواضعة و " بالتواضع عَلَيْهِ " عَن الْأَلْفَاظ الْمُهْملَة، و " بِالْمَقْصُودِ بِهِ الإفهام " عَن كَلَام لم يقْصد بِهِ إفهام المستمع فَإِنَّهُ لَا يُسمى خطابا، وَبِقَوْلِهِ: " لمن هُوَ متهيئ لفهمه " عَن الْكَلَام لمن لَا يفهم كالنائم وَالْكَلَام يُطلق على الْعبارَة الدَّالَّة بِالْوَضْعِ وعَلى مدلولها الْقَائِم بِالنَّفسِ، فالخطاب إِمَّا الْكَلَام اللَّفْظِيّ أَو الْكَلَام النَّفْسِيّ الموجه نَحْو الْغَيْر للإفهام وَقد جرى الْخلاف فِي كَلَام الله هَل يُسمى بالأزل خطابا قبل وجود المخاطبين تَنْزِيلا لما سيوجد منزلَة الْمَوْجُود أَو لَا؟ فَمن قَالَ: الْخطاب هُوَ الْكَلَام الَّذِي يقْصد بِهِ الإفهام سمي الْكَلَام فِي الْأَزَل خطابا، لِأَنَّهُ يقْصد بِهِ الإفهام فِي الْجُمْلَة وَمن قَالَ: هُوَ الْكَلَام الَّذِي يقْصد بِهِ إفهام من هُوَ أهل للفهم على مَا هُوَ الأَصْل لَا يُسَمِّيه فِي الْأَزَل خطابا وَالْأَكْثَر مِمَّن أثبت الله تَعَالَى الْكَلَام النَّفْسِيّ من أهل السّنة على أَنه كَانَ فِي الْأَزَل أَمر وَنهي وَخبر، وَزَاد بَعضهم الاستخبار والنداء أَيْضا والأشعرية على أَنه تَعَالَى تكلم بِكَلَام وَاحِد وَهُوَ الْخَبَر، وَيرجع الْجَمِيع إِلَيْهِ لينتظم لَهُ القَوْل بالوحدة، وَلَيْسَ كَذَلِك، إِذْ مَدْلُول اللَّفْظ مَا وضع لَهُ اللَّفْظ لَا مَا يَقْتَضِي مَدْلُوله على تَقْدِير، وَإِلَّا لجَاز اعْتِبَاره فِي الْخَبَر فَحِينَئِذٍ يرْتَفع الوثوق عَن الْوَعْد والوعيد بِاحْتِمَال معنى آخر غير مَا يفهم وَمن يُرِيد أَن يَأْمر أَو يُنْهِي أَو يخبر أَو يستخبر أَو يُنَادي يجد فِي نَفسه قبل التَّلَفُّظ مَعْنَاهَا ثمَّ يعبر عَنهُ بِلَفْظ أَو كِتَابَة أَو إِشَارَة، وَذَلِكَ الْمَعْنى هُوَ الْكَلَام النَّفْسِيّ، وَمَا يعبر بِهِ هُوَ الْكَلَام الْحسي، ومغايرتهما بَيِّنَة، إِذْ الْمعبر بِهِ هُوَ الْكَلَام الْحسي، ومغايرتهما بَيِّنَة، إِذْ قد يخْتَلف دون الْمَعْنى، وفرقه من الْعلم هُوَ أَن مَا خَاطب بِهِ مَعَ نَفسه أَو مَعَ غَيره فَهُوَ كَلَام، وَإِلَّا فَهُوَ علم، وَنسبَة علمه تَعَالَى إِلَى جَمِيع الْأَزْمِنَة على السوية، فَيكون جَمِيع الْأَزْمِنَة من الْأَزَل إِلَى الْأَبَد بِالْقِيَاسِ إِلَيْهِ تَعَالَى كالحاضر فِي زَمَانه فيخاطب بالْكلَام النَّفْسِيّ مَعَ مُخَاطب نَفسِي، وَإِلَّا يجب فِيهِ حُضُور الْمُخَاطب الْحسي، كَمَا فِي الْحسي فيخاطب الله كل قوم بِحَسب زَمَانه وتقدمه وتأخره، مثلا إِذا أرْسلت زيدا إِلَى عَمْرو تكْتب فِي مكتوبك إِلَيْهِ: إِنِّي أرْسلت إِلَيْك زيدا، مَعَ أَنه حينما تكتبه لم يتَحَقَّق الْإِرْسَال فتلاحظ حَال الْمُخَاطب، وكما تقدر فِي نَفسك مُخَاطبَة وَتقول لَهُ: تفعل الْآن كَذَا، وستفعل بعده كَذَا، وَكَانَ قبل ذَلِك كَذَا، وَلَا شكّ أَن هَذَا الْمُضِيّ والحضور والاستقبال إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى زمَان الْوُجُود الْمُقدر من هَذَا الْمُخَاطب لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى زمَان الْمُتَكَلّم وَمن أَرَادَ أَن يفهم حَقِيقَة هَذَا الْمَعْنى فليجرد نَفسه عَن الزَّمَان، ولينتظر نسبته إِلَى الْأَزْمِنَة يجد هَذَا

الْمَعْنى مُعَاينَة، وَهَذَا سر هَذَا الْموضع وَالْخطاب نَوْعَانِ: تكليفي: وَهُوَ الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال الْمُكَلّفين بالاقتضاء أَو التَّخْيِير ووضعي: وَهُوَ الْخطاب بِأَن هَذَا سَبَب ذَلِك أَو شَرطه كالدلوك سَبَب للصَّلَاة وَالْوُضُوء شَرط لَهَا وَالْخطاب الْمُتَعَلّق بِفعل الْمُكَلف لَا بالاقتضاء أَو التَّخْيِير أَو الْوَضع نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} فَإِنَّهُ مُتَعَلق بِفعل الْمُكَلف من حَيْثُ الْإِخْبَار بِأَنَّهُ مَخْلُوق لله تَعَالَى وخطاب الله الْمُتَعَلّق بِذَاتِهِ الْعلية نَحْو: {لَا إِلَه إِلَّا الله} وبفعله نَحْو: {الله خَالق كل شَيْء} ، وبالجمادات نَحْو: {وَيَوْم تسير الْجبَال وَترى الأَرْض بارزة} ، وبذوات الْمُكَلّفين نَحْو: {وَلَقَد خَلَقْنَاكُمْ} وَمذهب جُمْهُور الْأُصُولِيِّينَ أَن الْأَحْكَام التكليفية، وَهِي الَّتِي يُخَاطب بهَا المكلفون خَمْسَة: أَرْبَعَة تدخل فِي الطّلب: الْإِيجَاب وَالنَّدْب وَالتَّحْرِيم وَالْكَرَاهَة، وَالْخَامِس: الْإِبَاحَة وَأما خلاف الأولى فمما أحدثه الْمُتَأَخّرُونَ وكل خطاب فِي الْقُرْآن ب (قل) فَهُوَ خطاب التشريف وخطاب الْعَام وَالْمرَاد بِهِ الْعُمُوم نَحْو: {وَالله الَّذِي خَلقكُم} وخطاب الْخَاص وَالْمرَاد بِهِ الْخُصُوص: نَحْو: {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ} وخطاب الْعَام وَالْمرَاد بِهِ الْخُصُوص نَحْو: {يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم} لم يدْخل فِيهِ غير الْمُكَلّفين وخطاب الْخَاص وَالْمرَاد بِهِ الْعُمُوم نَحْو: {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء} وخطاب الْمَدْح نَحْو: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} وخطاب الذَّم نَحْو: {يَا أَيهَا الَّذين كفرُوا} وخطاب الْكَرَامَة نَحْو: {يَا أَيهَا النَّبِي} وَقد يعبر فِي مقَام التشريع الْعَام ب {يَا أَيهَا النَّاس} ، وَفِي مقَام الْخَاص ب {يَا أَيهَا النَّبِي} وخطاب الإهانة نَحْو: {فَإنَّك رجيم} وخطاب الْجمع بِلَفْظ الْوَاحِد نَحْو: {يَا أَيهَا الْإِنْسَان مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم} وَبِالْعَكْسِ نَحْو: {يَا أَيهَا الرُّسُل كلوا من الطَّيِّبَات} وَقيل: خطاب الْمُرْسلين، أَي قُلْنَا لكل مِنْهُم ذَلِك لتتبعهم الْأُمَم وخطاب الْوَاحِد بِلَفْظ الِاثْنَيْنِ نَحْو: {ألقيا فِي جَهَنَّم} وَبِالْعَكْسِ نَحْو: (فَمن رَبكُمَا يَا

مُوسَى} أَي: وَيَا هَارُون وخطاب الِاثْنَيْنِ بِلَفْظ الْجمع نَحْو: {أَن تتبواً لقومكما بِمصْر بُيُوتًا} {وَاجْعَلُوا بُيُوتكُمْ قبْلَة} وَبِالْعَكْسِ نَحْو: {ألقيا فِي جَهَنَّم} وخطاب الْجمع بعد الْوَاحِد نَحْو: {وَمَا تكون فِي شَأْن وَمَا تتلو مِنْهُ من قُرْآن وَلَا تَعْمَلُونَ} وَبِالْعَكْسِ نَحْو: {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَبشر الْمُؤمنِينَ} وخطاب الْعين وَالْمرَاد بِهِ الْغَيْر نَحْو: {يَا أَيهَا النَّبِي اتَّقِ الله} وَبِالْعَكْسِ نَحْو {لقد أنزلنَا إِلَيْكُم كتابا فِيهِ ذكركُمْ} وخطاب عَام لم يقْصد بِهِ معِين نَحْو: {وَلَو ترى إِذْ المجرمون} وخطاب الشَّخْص ثمَّ الْعُدُول إِلَى غَيره نَحْو: {فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا لكم} خُوطِبَ بِهِ النَّبِي ثمَّ قيل للْكفَّار {فاعلموا} بِدَلِيل: {فَهَل أَنْتُم مُسلمُونَ} وخطاب التلوين وَهُوَ الِالْتِفَات وخطاب التهييج نَحْو: {وعَلى الله فتوكلوا إِن كُنْتُم مُؤمنين} وخطاب الاستعطاف نَحْو: {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا} وخطاب التجنب نَحْو: {يَا أَبَت لَا تعبد الشَّيْطَان} وخطاب التَّعْجِيز نَحْو: {فَأتوا بِسُورَة} وخطاب الْمَعْدُوم، وَيصِح ذَلِك تبعا لموجود نَحْو: {يَا بني آدم} وخطاب المشافهة لَيْسَ بخطاب لمن بعده، وَإِنَّمَا يثبت لَهُم الحكم بِدَلِيل آخر من نَص أَو إِجْمَاع أَو قِيَاس، فَإِن الصَّبِي وَالْمَجْنُون لما لم يصلحا لمثل هَذَا الْخطاب فالمعدوم أولى بِهِ وخطاب الِاثْنَيْنِ فِي كَلَام وَاحِد غير جَائِز إِلَّا إِذا عطف إحدهما على الآخر، وَعَلِيهِ التَّلْبِيَة وَهِي: (لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك) بِحَذْف العاطف [وَمن البلاغة القرآنية أَن الْخطاب فِي الْأَمر بِأَفْعَال الْخَيْر جَاءَ موحدا موجها إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الظَّاهِر، وَإِن كَانَ الْمَأْمُور بِهِ من حَيْثُ الْمَعْنى عَاما وَفِي النَّهْي عَن الْمَحْظُورَات موجها إِلَى غير الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مُخَاطبا بِهِ أمته] وَاخْتلف فِي الْخطاب ب (يَا أهل الْكتاب) هَل يَشْمَل الْمُؤمنِينَ؟ فَالْأَصَحّ لَا وَقيل: إِن شركوهم فِي الْمَعْنى يشملهم، وَإِلَّا فَلَا وَاخْتلف فِي {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} هَل يَشْمَل أهل الْكتاب؟ فَقيل: لَا، بِنَاء على أَنهم غير مخاطبين بالفروع وَقيل: هَذَا خطاب تشريف لَا تَخْصِيص

[وَاخْتلف أَيْضا فِي الْخطاب بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام نَحْو: {يَا أَيهَا النَّبِي} وَكَذَا {يَا أَيهَا الرَّسُول} هَل يَشْمَل الْأمة؟ قَالَت الْحَنَفِيَّة والحنابلة: نعم، لِأَن أَمر الْقدْوَة أَمر لأتباعه مَعَه عرفا إِلَّا مَا دلّ الدَّلِيل على الْفرق، وَفِي " الإتقان ": الْأَصَح فِي الْأُصُول بِالْمَنْعِ لاخْتِصَاص الصِّيغَة بِهِ وَاخْتلف أَيْضا فِي الْخطاب ب {يَا أَيهَا النَّاس} هَل يَشْمَل الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام على مَذَاهِب فِي " الإتقان " أَصَحهَا وَعَلِيهِ الْأَكْثَرُونَ أَنه يعم لعُمُوم الصِّيغَة، قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: {يَا أَيهَا النَّاس} خطاب لأهل مَكَّة و {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} خطاب لأهل الْمَدِينَة، وَقَوله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّاس اعبدوا ربكُم} عَام للمكلفين] الْخَاص: هُوَ لُغَة: الْمُنْفَرد يُقَال: (فلَان خَاص لفُلَان) أَي: مُنْفَرد لَهُ واختص بفلان بِكَذَا: أَي انْفَرد بِهِ والتخصيص: تَمْيِيز أَفْرَاد الْبَعْض من الْجُمْلَة بِحكم اخْتصَّ بِهِ وخاصة الشَّيْء: مَا اخْتصَّ بِهِ وَلَا يُوجد فِي غَيره كلا أَو بَعْضًا والخاصية، بإلحاق الْيَاء تسْتَعْمل فِي الْموضع الَّذِي يكون السَّبَب مخفيا فِيهِ، كَقَوْل الْأَطِبَّاء: هَذَا الدَّوَاء يعْمل بالخاصية، فقد عبروا بهَا عَن السَّبَب الْمَجْهُول للأثر الْمَعْلُوم، بِخِلَاف الْخَاصَّة فَإِنَّهُ فِي الْعرف يُطلق على الْأَثر أَعم من أَن يكون سَبَب وجوده مَعْلُوما أم لَا يُقَال: مَا خَاصَّة ذَلِك الشَّيْء؟ أَي: مَا أَثَره النَّاشِئ مِنْهُ؟ والخواص: اسْم جمع (الخاصية) ، لَا جمع (الخاصية) ، لِأَن جمعهَا (الخاصيات) ، وَمُطلق الخاصية إِمَّا أَن يكون لَهَا تعلق بالاستدلال أَو لَا يكون، وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ إِمَّا أَن تكون هِيَ لَازِمَة لذَلِك التَّرْكِيب لما هُوَ هُوَ، أَو تكون كاللازمة لَهُ، وَالْأول هُوَ الْخَواص الاستدلالية اللَّازِمَة لما هُوَ هُوَ، كعكوس القضايا ونتائج الأقيسة، وَالثَّانِي: هُوَ الْخَواص الاستدلالية الْجَارِيَة مجْرى اللَّازِم كلوازم التمثيلات والاستقراءات من التراكيب، لَا بِمُجَرَّد الْوَضع والمزايا والكيفيات عبارَة عَن الخصوصيات المفيدة لتِلْك الْخَواص وأرباب البلاغة يعبرون عَن لطائف علم الْمعَانِي بالخاصة الجامعة لَهَا، وَعَن لطائف علم الْبَيَان بالمزية وخواص بعض التراكيب كالخواص الَّتِي يفيدها الْخَبَر الْمُسْتَعْمل فِي معنى الْإِنْشَاء، وَبِالْعَكْسِ مجَازًا، فَإِنَّهُ لَا بُد فِي بَيَانهَا من بَيَان الْمعَانِي المجازية الَّتِي يَتَرَتَّب عَلَيْهَا تِلْكَ الْخَواص وَأما المتولدات من أَبْوَاب الطّلب فَلَيْسَتْ من جنس الْخَواص، بل هِيَ معَان جزئية والخواص وَرَاءَهَا، وَذَلِكَ أَن الِاسْتِفْهَام يتَوَلَّد مِنْهُ الاستبطاء، وَهُوَ معنى مجازي لَهُ وَيلْزمهُ الطّلب، وَهُوَ خاصية يقصدها البليغ فِي مقَام يَقْتَضِيهِ، وَقس على هَذَا سَائِر المتولدات وَحَقِيقَة المزية الْمَذْكُورَة فِي كتب البلاغة هِيَ خُصُوصِيَّة لَهَا فضل على سَائِر الخصوصيات من جِنْسهَا سَوَاء كَانَت تِلْكَ الخصوصية فِي تَرْتِيب

مَعَاني النَّحْو الْمعبر عَنهُ بالنظم أَو فِي دلَالَة الْمعَانِي الأول على الْمعَانِي الثواني، فَهِيَ متنوعة إِلَى نَوْعَيْنِ: أَحدهمَا: مَا فِي النّظم حَقه أَن يبْحَث عَنهُ فِي علم الْمعَانِي، وَثَانِيهمَا: مَا فِي الدّلَالَة حَقه أَن يبْحَث عَنهُ فِي علم الْبَيَان وَالْفرق بَين الْخَواص والمزايا الَّتِي تتَعَلَّق بِعلم الْمعَانِي هُوَ أَن تِلْكَ المزايا تثبت فِي نظم التراكيب فيترتب عَلَيْهَا خواصها الْمُعْتَبرَة عِنْد البلغاء فالمزايا الْمَذْكُورَة منشأ لتِلْك الْخَواص، وَكَذَا المزايا الَّتِي تتَعَلَّق بِعلم الْبَيَان، فَإِنَّهَا تثبت بِدلَالَة الْمعَانِي الثواني فيترتب عَلَيْهَا الْخَواص الْمَقْصُودَة بِتِلْكَ الدّلَالَة، وَهِي الْأَغْرَاض المترتبة على الْمجَاز الْمُرْسل والاستعارة وَالْكِنَايَة والخصوصية: بِالْفَتْح أفْصح، وَحِينَئِذٍ تكون صفة، وإلحاق الْيَاء المصدرية بِكَوْن الْمَعْنى على المصدرية وَالتَّاء للْمُبَالَغَة، وَإِذا ضم يحْتَاج إِلَى أَن يَجْعَل الْمصدر بِمَعْنى الصّفة، أَو الْيَاء للنسبة، كَمَا فِي (أحمري) وَالتَّاء للْمُبَالَغَة كَمَا فِي (عَلامَة) الْخَيْر، مخففا: اسْم تَفْضِيل أَصله (أخبر) حذفت همزته على خلاف الْقيَاس لِكَثْرَة اسْتِعْمَاله، أَو مصدر من (خار) (يُخَيّر) ، أَو صفة مشبهة تَخْفيف (خير) مثل (سيد) والمشدد وَاحِد الأخيار، وَلَا يُغير بالتثنية وَالْجمع والتأنيث و (خير) بِمَعْنى (أخير) لَا يجمع و (خير) فِي {خير مُسْتَقرًّا} للتفضيل لَا للأفضلية كَقَوْلِنَا: (الثَّرِيد خير من النعم) و (الْجِهَاد خير من الْقعُود) أَي: خير فِي نَفسه وَالْخَيْر، بِالْفَتْح مُخَفّفَة فِي الْجمال والميسم و [الْخَيْر] مُشَدّدَة فِي الدّين وَالصَّلَاح و [الْخَيْر] ، بِالْكَسْرِ: الْكَرم والشرف وَالْأَصْل والهيئة وخار الله لَك فِي الْأَمر: جعل لَك فِيهِ الْخَيْر وَهُوَ أخير مِنْك: كخير وَإِذا أردْت التَّفْضِيل قلت: (فلَان خيرة النَّاس) بِالْهَاءِ، و (فلَان خَيرهمْ) بِتَرْكِهَا، أَو (فُلَانَة خيرة من الْمَرْأَتَيْنِ) وَالْخَيْر: وجدان كل شَيْء كمالاته اللائقة، وَالشَّر مَا بِهِ فقدان ذَلِك وَالْخَيْر يعم الدُّعَاء إِلَى مَا فِيهِ صَلَاح ديني أَو دُنْيَوِيّ، فينتظم الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَالْخَيْر: الْقُرْآن نَفسه: {أَن ينزل عَلَيْكُم من خير من ربكُم} وَبِمَعْنى الأنفع: {نأت بِخَير مِنْهَا} وَالْمَال: {إِن ترك خيرا} وضد الشَّرّ: {بِيَدِك الْخَيْر} والإصلاح: {يدعونَ إِلَى الْخَيْر} وَالْولد: {وَيجْعَل الله فِيهِ خيرا كثيرا} والعافية: {وَإِن يمسسك بِخَير} وَالْإِيمَان: {وَلَو علم الله فيهم خيرا}

وَرخّص الأسعار: {إِنِّي أَرَاكُم بِخَير} والنوافل: {وأوحينا إِلَيْهِم فعل الْخيرَات} وَالْأَجْر: {لكم فِيهَا خير} وَالْأَفْضَل: {وَأَنت خير الرَّاحِمِينَ} والعفة: {ظن الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات بِأَنْفسِهِم خيرا} وَالصَّلَاح: {إِن علمْتُم فيهم خيرا} وَالطَّعَام: {إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير} وَالظفر: {لم ينالوا خيرا} وَالْخَيْل: {إِنِّي أَحْبَبْت حب الْخَيْر عَن ذكر رَبِّي} وَالْقُوَّة: {أهم خير} وَالدُّنْيَا: {وَإنَّهُ لحب الْخَيْر لشديد} ومشاهدة الْجمال كَمَا هُوَ المُرَاد من: {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ خير مِنْهَا} و {لَا يسأم الْإِنْسَان من دُعَاء الْخَيْر} أَي: من طلب السعَة فِي النِّعْمَة وَالْخَيْر الْمُطلق: هُوَ أَن يكون مرغوبا لكل أحد كالجنة و [الْخَيْر] الْمُقَيد: هُوَ أَن يكون خيرا لوَاحِد وشرا لآخر، كَالْمَالِ قيل: لَا يُقَال لِلْمَالِ (خير) حَتَّى يكون كثيرا، وَقيل: الْخَيْر حُصُول الشَّيْء لما من شَأْنه أَن يكون حَاصِلا لَهُ أَي يُنَاسِبه ويليق بِهِ فَالْحَاصِل الْمُنَاسب من حَيْثُ إِنَّه خَارج من الْقُوَّة إِلَى الْفِعْل كَمَال، وَمن حَيْثُ إِنَّه مُؤثر فَهُوَ خير وَأَنت بِالْخِيَارِ وبالمختار: أَي اختر مَا شِئْت الْخَطَأ: هُوَ ثُبُوت الصُّورَة المضادة للحق بِحَيْثُ لَا يَزُول بِسُرْعَة وَقيل: هُوَ الْعُدُول عَن الْجِهَة، وَذَلِكَ أضْرب أَحدهَا: أَن تُرِيدُ غير مَا يحسن إِرَادَته فتفعله، وَهَذَا هُوَ الْخَطَأ التَّام الْمَأْخُوذ بِهِ الْإِنْسَان، يُقَال فِيهِ: خطأ يخطأ خطأ وخطاء بِالْمدِّ وَالثَّانِي: أَن تُرِيدُ مَا يحسن فعله وَلَكِن يَقع عَنهُ بِخِلَاف مَا تريده، فَيُقَال فِيهِ أَخطَأ يُخطئ خطأ فَهُوَ مُخطئ، وَهَذَا قد أصَاب فِي الْإِرَادَة وَأَخْطَأ فِي الْفِعْل هَذَا هُوَ الْمَعْنى لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " رفع عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان " وَبِقَوْلِهِ: " من اجْتهد وَأَخْطَأ فَلهُ أجر " وَالثَّالِث: أَن تُرِيدُ مَا لَا يحسن فعله ويتفق مِنْهُ خِلَافه، فَهَذَا مُخطئ فِي الْإِرَادَة مُصِيب فِي الْفِعْل، وَهُوَ مَذْمُوم بِقَصْدِهِ غير مَحْمُود على فعله وَجُمْلَة الْأَمر أَن من أَرَادَ شَيْئا وَاتفقَ مِنْهُ غَيره يُقَال

فِيهِ: أَخطَأ وَإِن وَقع مِنْهُ كَمَا أَرَادَهُ يُقَال: أصَاب والخطاء، بِالْكَسْرِ ممدودا: مصدر (خاطأ) ك (قَاتل) و [الْخَطَأ] بِالْفَتْح، غير مَمْدُود: مصدر (خطئَ) و [الخطء] بِالْكَسْرِ وَسُكُون الطَّاء بِغَيْر مد مصدر (خطئَ) ك (أَثم إِثْمًا) وزنا وَمعنى وَالْخَطَأ فِي الْقَصْد: هُوَ أَن ترمي شخصا تظنه صيدا أَو حَرْبِيّا فَإِذا هُوَ مُسلم وَالْخَطَأ فِي الْفِعْل: هُوَ أَن ترمي غَرضا فَأصَاب آدَمِيًّا وَالْخَطَأ تَارَة يكون بخطأ مَادَّة، وَتارَة بخطأ صُورَة فَالْأول من جِهَة اللَّفْظ أَو الْمَعْنى، أما اللَّفْظ فكاستعمال المتباينة كالمترادفة نَحْو: السَّيْف والصارم وَأما الْمَعْنى فكالحكم على الْجِنْس بِحكم النَّوْع المندرج تَحْتَهُ نَحْو: (هَذَا لون، واللون سَواد فَهَذَا سَواد) وكإجراء غير الْقطعِي كالوهميات وَغَيرهَا مِمَّا لَيْسَ قَطْعِيا مجْرى الْقطعِي كجعل العرضي كالذاتي نَحْو: (هَذَا إِنْسَان وَالْإِنْسَان كَاتب) وكجعل النتيجة إِحْدَى مقدمتي الْبُرْهَان لتغيرها، وَيُسمى مصادرة على الْمَطْلُوب ك (هَذِه نقلة وكل نقلة حَرَكَة فَهَذِهِ حَرَكَة) وَالثَّانِي: وَهُوَ مَا يكون خطأ صُورَة كالخروج عَن الأشكال الْأَرْبَعَة بِمَا لَا يكون على تأليفها لَا فعلا وَلَا قُوَّة كانتفاء شَرط من شُرُوط الإنتاج والخطيئة تقع على الصَّغِيرَة: {وَالَّذِي أطمع أَن يغْفر لي خطيئتي} وَتَقَع على الْكَبِيرَة: {بلَى من كسب سَيِّئَة وأحاطت بِهِ خطيئته} والخطيئة: تغلب فِيمَا يقْصد بِالْعرضِ والسيئة: قد تقال فِيمَا يقْصد بِالذَّاتِ والخطيئة قد تكون من غير تعمد، وَالْإِثْم لَا يكون إِلَّا بالتعمد قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: خطئَ وَأَخْطَأ وَاحِد وَقَالَ غَيره: (خطئَ) فِي الدّين، و (أَخطَأ) فِي كل شَيْء وَيُقَال: (خطئَ) إِذا أَثم، و (أَخطَأ) إِذا فَاتَهُ الصَّوَاب والخطايا: جمع كَثْرَة والخطيئات: جمع سَلامَة وَهِي للقلة وَمن هَذَا أَن الله تَعَالَى لما ذكر الْفَاعِل فِي " الْبَقَرَة " وَهُوَ قَوْله: {وَإِذ قُلْنَا} قرن بِهِ مَا يَلِيق بجوده وَكَرمه وَهُوَ غفران الْخَطَايَا الْكَثِيرَة، وَلما لم يسم الْفَاعِل فِي " الْأَعْرَاف " لَا جرم ذكر اللَّفْظ الدَّال على الْقلَّة وَالْخَطَأ عذر فِيمَا هُوَ صلَة لم يُقَابل مَالا ومبنى الصِّلَة على التَّخْفِيف، وَلِهَذَا وَجَبت الدِّيَة على الْعَاقِلَة فِي ثَلَاث سِنِين والخلل أَعم من الْخَطَأ، لِأَن الْخَطَأ خلاف الصَّوَاب وواقع فِي الحكم، والخلل يَقع فِيهِ وَفِي غَيره والخلل فِي الْمَادَّة إِمَّا فِي نَفسهَا وَيُسمى خطأ، وَإِمَّا فِي الدّلَالَة عَلَيْهَا وَيُسمى نقصا الْخَلَاء، بِالْمدِّ: هُوَ أَن يكون الجسمان بِحَيْثُ لَا

يتماسان وَلَيْسَ بَينهمَا مَا يماسهما ليَكُون مَا بَينهمَا بعدا موهوما ممتدا فِي الْجِهَات، صَالحا لِأَن يشْغلهُ جسم ثَالِث، لكنه الْآن خَال عَن الشواغل وَاحْتج الْحُكَمَاء على امْتنَاع الْخَلَاء بعلامات حسية والمتكلمون أجابوا عَن تِلْكَ العلامات بِأَن شَيْئا مِنْهَا لَا يُفِيد الْقطع بامتناع الْخَلَاء لجَوَاز أَن تكون تِلْكَ الْأُمُور الَّتِي ذكروها بِسَبَب آخر لَكِن لَا معرفَة بِخُصُوصِهِ وَاسْتَدَلُّوا على جَوَاز الْخَلَاء بالصفحة الملساء وَالْخلاف بَينهمَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْخَلَاء دَاخل الْعَالم لَا فِي خَارج الْعَالم، والنزاع فِيمَا وَرَاء كرة الْعَالم إِنَّمَا هُوَ فِي التَّسْمِيَة بالبعد فَإِنَّهُ عِنْد الْحُكَمَاء عدم مَحْض وَنفي صرف يُثبتهُ الْوَهم ويقدره من عِنْد نَفسه، وَلَا عِبْرَة بتقديره الَّذِي لَا يُطَابق الْوَاقِع فِي نفس الْأَمر، لجَوَاز أَن لَا يُسمى بعدا وَلَا خلاء وَعند الْمُتَكَلِّمين هُوَ بعد موهوم كالمفروض فِيمَا بَين الْأَجْسَام على رَأْيهمْ [وَقَالَ بَعضهم: الْخَلَاء بِمَعْنى عدم الملاء عدم صرف كوراء الْعَالم، وَهُوَ بِهَذَا الِاعْتِبَار لَا يكون مَكَانا للجسم إِذْ الْمَكَان مِمَّا يُمكن الْإِشَارَة إِلَيْهِ وَيصِح أَن يُوصف الْجِسْم بِأَنَّهُ فِيهِ وَأَنه منتقل عَنهُ وَإِلَيْهِ، وَذَلِكَ غير مُتَصَوّر فِي الْعَدَم وَقد يُطلق الْخَلَاء وَيُرَاد بِهِ الْبعد الْقَائِم لَا فِي مَحل من شَأْنه أَن تتعاقب عَلَيْهِ الْأَجْسَام ويملأ، وَهُوَ بِهَذَا الِاعْتِبَار مُخْتَلف فِي إثْبَاته وَفِي كَونه مَكَانا] وَالْجُمْهُور على أَن لَيْسَ فِي الْخَلَاء قُوَّة جاذبة وَلَا دافعة، وَهُوَ الْحق والخلو بِمَعْنى الْفَرَاغ وَعدم الشاغل وخلا الزَّمَان من الْأَهْل وخلت الدَّار من الأنيس وَالزَّمَان الْخَالِي وَالْمَكَان الْخَالِي: أَي الْفَرَاغ من الشَّيْء والتخلية: حَال الْفَاعِل وَفعله كَمَا هُوَ الْمَفْهُوم من كتب اللُّغَة وخلا الزَّمَان: مضى وَذهب وخلا الْإِنْسَان: أَي صَار خَالِيا وخلا بِهِ وَإِلَيْهِ وَمَعَهُ خلوا وخلاء وخلوة: سَأَلَهُ أَن يجْتَمع بِهِ فِي خلْوَة فَفعل وبالباء أَكثر اسْتِعْمَالا وخلا مَكَانَهُ: مَاتَ و [خلا] عَن الْأَمر وَمِنْه: تَبرأ والخلا، بِالْقصرِ: الْحَشِيش وخلا: فعل لَازم فِي أَصله لَا يتَعَدَّى إِلَّا فِي الِاسْتِثْنَاء خَاصَّة ول (خلا) معَان ثَلَاثَة: الِانْفِرَاد والمضي والسخرية، وصلته على الْمَعْنيين الْأَوَّلين (إِلَى) وَأما إِذا كَانَ بِمَعْنى السخرية فَيحْتَاج إِلَى تضمين معنى الإنهاء، كَمَا فِي (أَحْمد إِلَيْك فلَانا) الْخلاف: خَالف إِلَيْهِ: مَال و [خَالف] عَنهُ: بعد يُقَال: (خالفني زيد إِلَى كَذَا) : إِذا قَصده وَأَنت مول عَنهُ وخالفني عَنهُ: إِذا كَانَ الْأَمر بِالْعَكْسِ، وَلَعَلَّ هذَيْن الاستعمالين بِاعْتِبَار التَّضْمِين وَالْخلاف بِمَعْنى الْمُخَالفَة أَعم من الضِّدّ، لِأَن كل ضدين مُخْتَلِفَانِ وَشَجر الْخلاف: مَعْرُوف وَالْخلاف: كم الْقَمِيص

وَاخْتلف: ضد اتّفق وَفُلَان كَانَ خَليفَة وَخلف فلَان فلَانا: قَامَ بِالْأَمر إِمَّا بعده وَإِمَّا مَعَه والخلافة: النِّيَابَة عَن الْغَيْر، إِمَّا لغيبة المنوب عَنهُ، وَإِمَّا لمَوْته، وَإِمَّا لعَجزه، وَإِمَّا لتشريف الْمُسْتَخْلف وعَلى هَذَا اسْتخْلف الله عباده فِي الأَرْض والخليفة: السُّلْطَان الْأَعْظَم، وَالَّذِي يحكم بَين الْخُصُوم وَمن هُنَا انتقد الْمَلَائِكَة بالإفساد وَقيل: الْخَلِيفَة من يخلف غَيره وَيقوم مقَامه وَفِي (الْخَلِيفَة) فِي قَوْله: {إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة} قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنه آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَالْمرَاد من قَوْله: {أَتجْعَلُ فِيهَا} إِلَى آخِره: ذُريَّته وَالثَّانِي: أَنه ولد أَدَم لقَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي جعلكُمْ خلائف} وَالْخُلَفَاء: جمعهَا أَو جمع (الخليف) و (الخلائف) جمع (خَليفَة) ولكونه مُذَكّر الْمَعْنى جمع على (خلفاء) وَإِلَّا فقياسه (خلائف) ك (كرائم) إِذا (الفعيلة) بِالتَّاءِ لاتجمع على (فعلاء) [وَفِي ثمار اليوانع، كَانَ سيدنَا أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ تَعَالَى عَنهُ يدعى خَليفَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وكل من الثَّلَاثَة يدعى بأمير الْمُؤمنِينَ، وَفِي " الْجَوْهَرَة " لما وجد فِي خلَافَة سيدنَا أبي بكر وَسَيِّدنَا عمر قَوْله تَعَالَى: {كُنْتُم خير أمة} وَقَوله جلت عَظمته: {وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ} ، وَوجد أَيْضا إِجْمَاع الْجَمِيع فِي خِلَافَتهمَا كَانَ وجوب طاعتهما كوجوب طَاعَة الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَيكون جحود خِلَافَتهمَا كفرا وَأما خلَافَة سيدنَا عُثْمَان وَسَيِّدنَا عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا فَلم يُوجد فيهمَا مَا وجد فيهمَا لمَوْت سيدنَا أبي بكر وَسَيِّدنَا عمر رضوَان الله عَنْهُمَا قبل العقد لَهما فَصَارَ شُبْهَة فَسقط إكفار جَاحد خِلَافَتهمَا وَمن بعدهمَا بِالطَّرِيقِ الأولى، قَالَ تَاج الدّين السُّبْكِيّ: " الْأَنْبِيَاء أَحيَاء فِي قُبُورهم يصلونَ " وَذَلِكَ سر تَسْمِيَة الصَّحَابَة سيدنَا أَبَا بكر خَليفَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دون مَا عداهُ لِأَن خَليفَة الشَّخْص هُوَ الَّذِي يَنُوب عَنهُ فِي غيبته كَمَا قَالَ سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لِأَخِيهِ سيدنَا هَارُون: {اخلفني فِي قومِي} فسيدنا أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نَائِب عَن سيدنَا ومولانا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ الْمدَّة الَّتِي ولي فِيهَا] وَخَلِيفَة الله: كل نَبِي، استخلفهم الله فِي عمَارَة الأَرْض وسياسة النَّاس وتكميل نُفُوسهم وتنفيذ أمره فيهم، لَا لحَاجَة بِهِ تَعَالَى إِلَى من ينوبه، بل لقُصُور الْمُسْتَخْلف عَلَيْهِ عَن قبُول فيضه وتلقي أمره بِغَيْر وسط، وَلذَلِك لم يستنبئ ملكا وَالْخلف، بِفَتْح اللَّام وسكونها هَل يُطلق كل مِنْهُمَا على الْقرن الَّذِي يخلف غَيره صَالحا كَانَ أَو طالحا، أَو أَن سَاكن اللَّام فِي الطالح والمفتوح فِي

الصَّالح؟ خلاف مَشْهُور بَين اللغويين وَأكْثر مَجِيء (الْخلف) كالطلب فِي الْمَدْح، وكالقتل فِي الذَّم وَالْخلف، كالكفر: اسْم وَهُوَ فِي الْمُسْتَقْبل كالكذب فِي الْمَاضِي وَهُوَ أَن تعد عدَّة وَلَا تَنَجزهَا وَالْخلف، كالسلف: يجمع على (أخلاف) [وَالْخلف] ، كالعدل: على (خلوف) ، وَقيل بِالضَّمِّ من (الْمُخَالفَة) و [الْخلف] ، بِالْفَتْح: بِمَعْنى الالتباس {جعل اللَّيْل وَالنَّهَار خلفة} : أَي إِذا ذهب هَذَا يَجِيء هَذَا كَأَنَّهُ يخلفه، أَو يُخَالف أَحدهمَا صَاحبه وقتا ولونا وَسكت ألفا ونطق خلفا: أَي رديئا وَهُوَ خلف صدق من أَبِيه: أَي قَامَ مقَامه فِي الْآثَار وَالْأَحْكَام والتخلف: التَّأَخُّر والخوالف: النِّسَاء {رَضوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِف} ] الْخَوْف: خَافَ: يلْزم وَيَتَعَدَّى إِلَى وَاحِد وَإِلَى اثْنَيْنِ بِنَفسِهِ، وبوسط (على) نَحْو: {فَإِذا خفت عَلَيْهِ} ويتضمن معنى الظَّن فِي حَقِيقَته ومجازه وهوغم يلْحق لتوقع الْمَكْرُوه، وَكَذَا الْهم وَأما الْحزن فَهُوَ غم يلْحق من فَوَات نَافِع أَو حُصُول ضار وَفِي " أنوار التَّنْزِيل ": الْخَوْف عِلّة المتوقع والحزن عِلّة الْوَاقِع وَمعنى قَوْله تَعَالَى: {ليحزنني أَن تذْهبُوا بِهِ} قصد أَن تذْهبُوا بِهِ وَالْقَصْد حَاصِل فِي الْحَال. (وَقد نظمت فِيهِ: (عَلَيْك بِأَن تسْعَى لإحراز رُتْبَة ... لأَنْت بهَا للشدتين مدافع) (وَذَلِكَ بِالنَّصِّ الْجَلِيل مُقَرر ... هما عِلَّتَانِ الْوَاقِع المتوقع) والخشية: أَشد من الْخَوْف، لِأَنَّهَا مَأْخُوذَة من قَوْلهم: شَجَرَة خاشية: أَي يابسة، وَهُوَ فَوَات بِالْكُلِّيَّةِ، وَالْخَوْف: النَّقْص من نَاقَة خوفاء: أَي بهَا دَاء وَلَيْسَ بِفَوَات، وَلذَلِك خصت الخشية بِاللَّه فِي قَوْله: {ويخشون رَبهم} والخشية تكون من عظم المخشي وَإِن كَانَ الخاشي قَوِيا وَالْخَوْف يكون من ضعف الْخَائِف وَإِن كَانَ الْمخوف أمرا يَسِيرا وأصل الخشية خوف من تَعْظِيم، وَلذَلِك خص بهَا الْعلمَاء فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء} على قِرَاءَة نصب الْجَلالَة وَقد نظمت فِيهِ: (من قلب شيخ للقلب تَسْلِيَة ... فِي الْعلم من خشيَة الرَّحْمَن تبشير) وَإِذا قلت: الشَّيْء مخوف، كَانَ إِخْبَارًا عَمَّا حصل مِنْهُ الْخَوْف كَقَوْلِك، الطَّرِيق مخوف، وَإِذا قلت:

الشَّيْء مخيف كَانَ إِخْبَارًا عَمَّا يتَوَلَّد مِنْهُ الْخَوْف كَقَوْلِك مَرِيض مخيف: أَي يتَوَلَّد الْخَوْف لمن شَاهده، وَقد نظمت فِيهِ: (وَلَا تَسْقِنِي كأس الْمَلَامَة إِنَّنِي ... مَرِيض مخيف وَالطَّرِيق مخوف) وَالْخَوْف: الْقَتْل، قيل: وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {ولنبلونكم بِشَيْء من الْخَوْف} والقتال أَيْضا، وَمِنْه: {فَإِذا جَاءَ الْخَوْف} ، والتوقع وَالْعلم وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {فَمن خَافَ من موص جنفا} وأخاف فلَان: أَي أَتَى خيف منى فنزله ك (أمنى فلَان) : أَي نزل منى والخيفة: من الْخَوْف وَفِي تَخْصِيصه بِالْمَلَائِكَةِ فِي قَوْله: {وَالْمَلَائِكَة من خيفته} تَنْبِيه على أَن الْخَوْف مِنْهُم حَالَة لَازِمَة لَا تفارقهم والحذر: شدَّة الْخَوْف، وَكَذَا الجذار، والرهبة خوف مَعَه تحير ورهبوت خير من رحموت: أَي لَئِن ترهب خير من أَن ترحم وَالْفرق: كالرهب {وَلَكنهُمْ قوم يفرقون} : يخَافُونَ والرعب: الْفَزع الْخبث: هُوَ مَا يكره رداءة وخسة، محسوسا كَانَ أَو معقولا، وَذَلِكَ يتَنَاوَل الْبَاطِل فِي الِاعْتِقَاد، وَالْكذب فِي الْمقَال، والقبح فِي الفعال الْخلق: خلق، ككرم: صَار خليقا أَي جَدِيرًا والخليقة: الطبيعة وخليق، كزبير: صغروه بِلَا هَاء، لِأَن الْهَاء لَا تلْحق تَصْغِير الصِّفَات والخلق، بِالضَّمِّ وبضمتين: السجية والطبع والمروءة وَالدّين والخلقة بِالْكَسْرِ: الْفطْرَة والخلق، بِالْفَتْح: مصدر مُخَالف لسَائِر المصادر فَإِن معنى كلهَا التَّأْثِير الْقَائِم بالفاعل المغاير لَهُ وللمفعول وَأما الْخلق فَهُوَ نفس الْمَخْلُوق [وَخص المفتوح بالهيئة والأشكال والصور المدركة بالبصر، والمضموم بالقوى والسجيات المدركة بالبصيرة] والخلق، فِي اللُّغَة [بِالْفَتْح] : التَّقْدِير بِمَعْنى الْمُسَاوَاة بَين شَيْئَيْنِ يُقَال: خلقت النَّعْل إِذا قدرته فَأطلق على إِيجَاد شَيْء: أَي على مِقْدَار شَيْء سبق لَهُ الْوُجُود والخلق: الْجمع أَيْضا، وَمِنْه الخليقة لجَماعَة الْمَخْلُوقَات، وَالْقطع أَيْضا يُقَال: خلقت هَذَا على ذَاك: إِذا قطعته على مِقْدَاره وَمِنْه: {أَفَمَن يخلق كمن لَا يخلق} ، لِأَن الموجد سُبْحَانَهُ يجمع بَين الْوُجُود والماهية وَيقطع من أشعة مُطلق نور الْوُجُود قدرا معينا ويضيفه إِلَى الْحَقِيقَة الكونية بِقطع نسبته

من إِطْلَاقه و {أحسن الْخَالِقِينَ} أَي: المقدرين أَو جمع بطرِيق عُمُوم الْمجَاز، إِذْ لَا مُؤثر فِي الْحَقِيقَة إِلَّا الله تَعَالَى والخلق: إِحْدَاث أَمر يُرَاعِي فِيهِ التَّقْدِير حسب إِرَادَته [وَفِي " الْأَنْوَار " الْخلق: إِيجَاد الشَّيْء على تَقْدِير، أَي مُشْتَمِلًا على تعْيين قدر كَانَ ذَلِك التَّعْيِين قبل ذَلِك الإيجاد ومشتملا على اسْتِوَاء الْمُوجب للمعين فِي الْقدر، فَكَمَا يَجْعَل الْفِعْل مُسَاوِيا للمقياس يَجْعَل الْخَالِق مُسَاوِيا لما قدره فِي علمه وَلَا يُخَالف الْمُوجب الْمُقدر فِي الْعلم] كخلق الْإِنْسَان من مواد مَخْصُوصَة وصور وأشكال مُعينَة، وَقد يُطلق لمُجَرّد الإيجاد من غير نظر إِلَى وَجه الِاشْتِقَاق [وَلَيْسَ المُرَاد بالخلق فِي قَوْله تَعَالَى: {خَلقكُم من تُرَاب} {وَبَدَأَ خلق الْإِنْسَان من طين} غير الْإِحْيَاء وتأليف الْأَجْزَاء] وَلَيْسَ الْخلق الَّذِي هُوَ الإبداع إِلَّا لله تَعَالَى وَأما الَّذِي يكون بالاستحالة فقد جعله الله لغيره فِي بعض الْأَحْوَال كعيسى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَقد يُرَاد بالخلق الْهم بالشَّيْء والعزم على فعله وَقد يُطلق بِمَعْنى الْكَذِب والافتراء، وَعَلِيهِ: {وتخلقون إفكا} أَي: تكذبون كذبا وَالْفرق بَين الْخلق والجعل الْمُتَعَدِّي إِلَى وَاحِد هُوَ أَن الْخلق فِيهِ معنى التَّقْدِير والتسوية، والجعل فِيهِ معنى التَّعَلُّق والارتباط بِالْغَيْر بِأَن يكون فِيهِ أَو مِنْهُ أَو إِلَيْهِ، لَا بِأَن يصير إِيَّاه، لِأَنَّهُ معنى آخر للجعل، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يتَعَدَّى إِلَى مفعولين وَفِي " أنوار التَّنْزِيل ": الْخلق فِيهِ معنى التَّقْدِير، والجعل الَّذِي لَهُ مفعول وَاحِد فِيهِ معنى التَّضْمِين، يَعْنِي اعْتِبَار شَيْئَيْنِ وارتباط بَينهمَا قَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين: التَّضْمِين وَاجِب فِي الثَّانِي دون الأول وتضمين النَّقْل مَخْصُوص بِهِ، والإنشاء مُشْتَرك، والتصيير فِي {خَلَقْنَاكُمْ} مُحْتَمل وَهَذَا التَّحْقِيق لَا سِيمَا قَوْله والإنشاء مُشْتَرك يدل على أَن التَّضْمِين حَقِيقَة فيهمَا لكنه وَاجِب فِي أَحدهمَا دون الآخر وَهَذَا مُوَافق لما فِي " الْكَشْف " من أَن التَّضْمِين فِي (جعل) مطرد، وَفِي (خلق) غير مضطرد على مَا اقْتَضَاهُ طَريقَة صَاحب " الْكَشَّاف " والخلق إِن جعل بِمَعْنى الإيجاد لم يستقم فِي أعدام الملكات، إِذْ شَائِبَة التَّحْقِيق لَا تَكْفِي فِي حَقِيقَة الإيجاد، وَإِن جعل بِمَعْنى الإحداث استقام فِيهَا لِأَنَّهُ أَعم من الإيجاد فيتصور فِي تِلْكَ الأعدام والخلاق، كَالطَّلَاقِ: نصيب الْإِنْسَان من أَفعاله المحمودة الَّتِي تكون خلقا لَهُ وَقد يُرَاد النَّصِيب من الْخَيْر على وَجه الِاسْتِحْقَاق، لِأَنَّهُ لما اسْتَحَقَّه فَكَأَنَّهُ خلق لَهُ، أَو لِأَن صَاحبه خليق بنيله وجدير بِهِ، وَهُوَ المُرَاد بقوله تَعَالَى: {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق} الخضوع: هُوَ ضراعة فِي الْقلب

والخشوع: بالجوارح، وَلذَلِك إِذا تواضع الْقلب خَشَعت الْجَوَارِح والخنوع: ضراعة لمن هُوَ دونه طَمَعا لغَرَض فِي يَده الخيال: الظَّن والتوهم وَكسَاء أسود ينصب على عود يخيل بِهِ للبهائم وَالطير فتظنه إنْسَانا والخيال مرتع الأفكار كَمَا أَن الْمِثَال مرتع الْأَبْصَار والخيال قد يُقَال للصورة الْبَاقِيَة عَن المحسوس بعد غيبته فِي الْمَنَام وَفِي الْيَقَظَة والطيف لَا يُقَال إِلَّا فِيمَا كَانَ حَال النّوم، وَقد ألغزت فِيهِ: (وَمَا بَاطِل قد يشبه الْحق بدؤه ... يُعَذِّبنِي جَهرا وينعمني سرا) وَالْخَيْل: فِي الأَصْل اسْم للأفراس والفرسان جَمِيعًا، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَمن رِبَاط الْخَيل} وَيسْتَعْمل فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا مُنْفَردا، فَمَا رُوِيَ: " يَا خيل الله ارْكَبِي " للفرسان و " عَفَوْت لكم عَن صَدَقَة الْخَيل " يَعْنِي الأفراس الخدع: يُقَال: خَادع إِذا لم يبلغ مُرَاده، وخدع: إِذا بلغ مُرَاده وَلَا بُد للمشترك فِيهِ من اثْنَيْنِ مغايرين بِالذَّاتِ، بِخِلَاف الخدع فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الْمُغَايرَة بَين الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِالِاعْتِبَارِ، كَمَا فِي معالجة الطَّبِيب نَفسه، وَعلم الشَّخْص بِنَفسِهِ، وَالْمَذْكُور صَرِيحًا فِي بَاب المفاعلة فعل الْفَاعِل فَقَط، وَأما فعل الْمَفْعُول فَهُوَ مَدْلُول الْكَلَام الْخَتْم: هُوَ يسْتَعْمل تَارَة مُتَعَدِّيا بِنَفسِهِ وَأُخْرَى ب (على) وَهُوَ قريب من الكتم لفظا لتوافقهما فِي الْعين وَاللَّام، وَكَذَا معنى لِأَن الْخَتْم على الشَّيْء يسْتَلْزم كتم مَا فِيهِ وَختم الله على قلبه: جعله بِحَيْثُ لَا يفهم شَيْئا وَلَا يخرج عَنهُ شَيْء وَختم الشَّيْء: بلغ آخِره والخاتم، بِكَسْر التَّاء: فَاعل الْخَتْم وَهُوَ الْإِتْمَام وَالْبُلُوغ، وَبِفَتْحِهَا: بِمَعْنى الطابع، وَتَسْمِيَة نَبينَا خَاتم الْأَنْبِيَاء لِأَن الْخَاتم آخر الْقَوْم قَالَ الله تَعَالَى: {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين} وَنفي الْأَعَمّ يسْتَلْزم نفي الْأَخَص والاستدراك شبه الْعلَّة لما نَفَاهُ من أبوته للكبار الَّذين يُطلق عَلَيْهِم اسْم الرِّجَال وَالْأَحْسَن أَنه من الكتم، لِأَنَّهُ سَاتِر الْأَنْبِيَاء بِنور شَرِيعَته كَالشَّمْسِ تستتر بنورها الْكَوَاكِب، كَمَا أَنَّهَا تستضيء بهَا [وَالدَّلِيل الْعقلِيّ بِكَوْنِهِ خَاتم الْأَنْبِيَاء جمعه بَين الظَّاهِر وَالْبَاطِن] والخزي، بِالْكَسْرِ: من خزي الرجل ك (علم) إِذا لحقه انكسار إِمَّا من نَفسه أَو من غَيره، وَالْأول هُوَ

الْحيَاء المفرط ومصدره (الخزاية) بِالْفَتْح، وَالثَّانِي: ضرب من الاستخفاف، ومصدره (الخزي) وَقَوله تَعَالَى: {رَبنَا إِنَّك من تدخل النَّار فقد أخزيته} يحتملهما و {يَوْم لَا يخزي الله النَّبِي وَالَّذين آمنُوا مَعَه} من الخزاية وَهِي النكال والفضيحة، وَلَيْسَ كل من يدْخل النَّار يزل وينكل بِهِ ويفضح، أَو المُرَاد من الإخزاء الْإِقَامَة وَالْخُلُود، لَا إِدْخَال تَحِلَّة الْقسم الدَّال عَلَيْهَا {وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها} وَإِدْخَال التَّطْهِير الَّذِي يكون لبَعض الْمُؤمنِينَ بِقدر ذنوبهم الْخُرُوج: قد يسْتَعْمل فِي معنى الظُّهُور، يُقَال: (خرجت الشَّمْس من السَّحَاب) أَي: انكشفت وَقد يسْتَعْمل فِي معنى الِانْتِقَال يُقَال: (خرجت من الْبَصْرَة إِلَى الْكُوفَة) وَهُوَ متنوع فِي نَفسه لُغَة، لِأَنَّهُ عبارَة عَن الِانْفِصَال من مَكَانَهُ الَّذِي هُوَ فِيهِ إِلَى مَكَان قَصده، وَذَلِكَ الْمَكَان تَارَة يكون قَرِيبا، وَتارَة يكون بَعيدا، فعلى هَذَا السّفر أحد نَوْعي الْخُرُوج وضعا ولغة يُقَال: (سَافر فلَان) من غير ذكر الْخُرُوج، فيجعلون الْخُرُوج عين السّفر وَيُقَال: خرج الرجل من دَاره وبرز الشجاع من مكمنه ودلق السَّيْف من غمده وَنور النبت: أَي خرج زهره وصبأ فلَان: أَي خرج من دين إِلَى دين وَيُقَال: خرجت لعشر بَقينَ، وبالليل، وَفِي شهر كَذَا، وَلم يحسن (خرجت بِيَوْم الْجُمُعَة) أَو (بليلة الْجُمُعَة) وَحسن (خرجت بِيَوْم سعد وبيوم نحس) فَإِن النَّهَار وَاللَّيْل مِمَّا لم يكن فيهمَا خُصُوص وَتَقْيِيد فَجَاز اسْتِعْمَال الْبَاء فيهمَا وَإِذا قيدتهما وخصصتهما زَالَ الْجَوَاز، وَلما كَانَ فِي يَوْم الْجُمُعَة خصوصيات وتقييدات زَائِدَة على الزَّمَان لم يجز اسْتِعْمَال الْبَاء فِيهِ الخرس: هُوَ آفَة فِي اللِّسَان لَا يُمكن مَعهَا أَن يعْتَمد مَوَاضِع الْحُرُوف، وَهُوَ أَعم من الْبكم لانتظامه الْعَارِض والأصلي، والبكم مَخْصُوص بالأصلي والأخرس: هُوَ الَّذِي خلق وَلَا نطق لَهُ والأبكم: هُوَ الَّذِي لَهُ نطق وَلَا يعقل الْجَواب واللكنة: عدم جَرَيَان اللِّسَان وَقد تزداد الحبسة فِي اللِّسَان بانقباض الرّوح إِلَى بَاطِن الْقلب عِنْد ضيقه بِحَيْثُ لَا ينْطَلق الخرج: هُوَ أخص من الْخراج يُقَال: (أد خرج رَأسك وخراج مدينتك) وَحَدِيث " وَالْخَرَاج بِالضَّمَانِ) أَي غلَّة العَبْد للْمُشْتَرِي بِسَبَب أَنه من ضَمَانه، وَذَلِكَ بِأَن يَشْتَرِي عبدا ويستغله زَمَانا ثمَّ يعثر مِنْهُ على عيب دسه البَائِع فَلهُ رده وَالرُّجُوع بِالثّمن، وَأما الْغلَّة الَّتِي استغلها فَهِيَ لَهُ طيبَة، لِأَنَّهُ كَانَ فِي ضَمَانه، وَلَو هلك هلك من مَاله الخشن، ككتف: من خشن الشَّيْء ك (كرم) فَهُوَ خشن ضد (لِأَن) والخشين: بِالْيَاءِ: من خشونة الطَّبْع والخشونة: عدم اسْتِوَاء وضع الْأَجْزَاء، بِأَن يكون بَعْضهَا أرفع وَبَعضهَا أَخفض

الْخطْبَة: هِيَ كَلِمَات تَتَضَمَّن طلب شَيْء لَكِنَّهَا فِي طلب النِّسَاء بِالْكَسْرِ، وَفِي غَيرهَا بِالضَّمِّ، وَالْفِعْل فِي الْكل من حد (طلب) الْخلطَة: بِالضَّمِّ: الشّركَة، وَلَا فرق إِذن بَين الخليط وَالشَّرِيك، وَالِاخْتِلَاف بَينهمَا إِنَّمَا يَقع بِسَبَب اخْتِلَاف الْمحل، فَتَارَة يذكر الشَّرِيك فِي نفس الْمَبِيع، والخليط فِي حق البيع، وَتارَة بِالْعَكْسِ والخلط: الْجمع بَين أَجزَاء شَيْئَيْنِ فَأكْثر، مائعين أَو جامدين أَو متخالفين، وَهُوَ أَعم من المزج الخاطر،: هُوَ اسْم لما يَتَحَرَّك فِي الْقلب من رَأْي أَو معنى، سمي مَحَله باسم ذَلِك، وَهُوَ من الصِّفَات الْغَالِبَة، يُقَال مِنْهُ: خطر ببالي أَمر، وعَلى بالي أَيْضا وأصل تركيبه يدل على الِاضْطِرَاب وَالْحَرَكَة والخطر: الإشراف على الْهَلَاك وَهَذَا أَمر خطر: أَي مُتَرَدّد بَين أَن يُوجد وَبَين أَن لَا يُوجد والختر، بِالتَّاءِ: أَشد الْغدر الْخلْع، بِالْفَتْح: الْقلع والإزالة، واختص فِي إِزَالَة الزَّوْجِيَّة بِالضَّمِّ، وَفِي إِزَالَة غَيرهَا بِالْفَتْح، كَمَا أَن التسريح عَن قيد النِّكَاح اخْتصَّ بِالطَّلَاق، وَعَن غَيره بِالْإِطْلَاقِ الْخرق: خرقه: جابه ومزقه وخرق بالشَّيْء ك (كرم) : جَهله، ومحركة: الدهش من خوف أَو حَيَاء والخارق: معْجزَة إِن قَارن التحدي، وَإِن سبقه فإرهاص، وَإِن تَأَخّر عَنهُ بِمَا يُخرجهُ عَن الْمُقَارنَة الْعُرْفِيَّة فكرامة فِيمَا يظْهر، وَإِن ظهر بِلَا تحد على يَد ولي فكرامة لَهُ، أَو على يَد غَيره فسحر أَو مَعُونَة أَو اسْتِدْرَاج أَو شعبذة أَو إهانة كَمَا وَقع لمُسَيْلمَة الْكذَّاب وَالْحق أَن السحر لَيْسَ من الخوارق، لِأَن مَا يَتَرَتَّب على الْأَسْبَاب كلما بَاشَرَهَا أحد يخلق عقيبها الْبَتَّةَ، فَصَارَ كالإسهال بعد شرب السقمونيا، وشفاء الْمَرِيض بِالدُّعَاءِ خارق لَا بالأدوية الطبية [وكل خارق ظهر على يَد النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِعَيْنِه فَهُوَ من بَاب الكرامات، والأنبياء قبل الْبعْثَة لَا يخرجُون عَن دَرَجَة الْأَوْلِيَاء، وَظُهُور الكرامات على يَد الْأَوْلِيَاء جَائِز عندنَا] ومعجزة النَّبِي يَرَاهَا الْمُسلم وَالْكَافِر، والمطيع والعاصي وَأما كَرَامَة الْوَلِيّ فَلَا يَرَاهَا إِلَّا مثله، وَلَا يَرَاهَا الْفَاسِق الْخلّ، بِالْكَسْرِ: المصادقة والإخاء، وَكَذَا الْخلَّة، بِالْكَسْرِ والخلة تَدْعُو إِلَى السلَّة: أَي الْفقر، وَالْحَاجة تَدْعُو إِلَى السّرقَة والخلة، بِالضَّمِّ،: الْمَوَدَّة، وَمَا كَانَ حلوا من المرعى و [الْخلَّة] ، بِالْفَتْح: الِاخْتِلَاف الْعَارِض للنَّفس إِمَّا لشهوتها لشَيْء أَو حَاجَتهَا إِلَيْهِ الْخيف: هُوَ اخْتِلَاف فِي الْعَينَيْنِ يُقَال (فرس أخيف) إِذا كَانَت إِحْدَى عَيْنَيْهِ زرقاء وَالْأُخْرَى كحلاء، فينتمي بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ إِلَى شَيْء وبالأخرى إِلَى شَيْء آخر وَمِنْه سميت الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات لأم

ببني الأخياف الْخَفْض: ضد الرّفْع، وَبِمَعْنى الْجَرّ فِي الْإِعْرَاب {واخفض لَهما جنَاح الذل من الرَّحْمَة} : تواضع لَهما، أَو من الْقلب أَي جنَاح الرَّحْمَة من الذل وخفض القَوْل: لينه و [خفض] الْأَمر: هونه الْخَالِص: هُوَ مَا زَالَ عَنهُ شوبه بعد مَا كَانَ فِيهِ والصافي: يُقَال لما لَا شوب فِيهِ الْخِيَانَة: تقال اعْتِبَارا بالعهد وَالْأَمَانَة والنفاق: يُقَال اعْتِبَارا بِالدّينِ وخيانة الْأَعْين: مَا تسارق من النّظر إِلَى مَا لَا يحل الْخَيط الْأَبْيَض: هُوَ أول مَا يَبْدُو من الْفجْر الْمُعْتَرض من الْأُفق وَالْخَيْط الْأسود: هُوَ مَا يَمْتَد مَعَه من غلس اللَّيْل الخبال: الْفساد الَّذِي يعتري الْحَيَوَان فيورثه اضطرابا كالجنون والمخبل: الْفَاسِد الْعقل الْخَالَة: هِيَ كل من جمع أمك وَإِيَّاهَا صلب أَو بطن وَفِي مَعْنَاهَا: من جمع جدتك قريبَة كَانَت أَو بعيدَة وَإِيَّاهَا صلب أَو بطن وَيُقَال: هما ابْنا خَالَة، وَلَا يُقَال ابْنا عمَّة كَذَا فِي " الْقَامُوس " الخمود: خمدت النَّار: سكن لهبها وَلم يطفأ جمرها وهمدت النَّار: طفأ جمرها وَلم يبْق شَيْء وخبت النَّار: كخمدت الخفاء: خَفِي عَلَيْهِ الْأَمر: استتر و [خَفِي] لَهُ: ظهر وَإِنَّمَا يُقَال ذَلِك فِيمَا يظْهر عَن خَفَاء أَو عَن جِهَة خُفْيَة الخدن، بِالْكَسْرِ: بِمَعْنى الحبيب والرفيق، وَالْجمع أخدان الخزانة: هِيَ وَاحِدَة الخزائن وخزن المَال واختزنه: جعله فِي الخزانة، وبابها (نصر) والمخزن: مَا يخزن فِيهِ شَيْء الْخلد، بِالضَّمِّ: الْبَقَاء والدوام كالخلود، وَفِي الأَصْل: الثَّبَات المديد دَامَ أم لم يدم [وَلِهَذَا قَالُوا: (أبدا) فِي قَوْله جلّ شَأْنه {خَالِدين فِيهَا أبدا} للتمييز لَا للتَّأْكِيد] والمكث: ثبات مَعَ انتظام واللبث بِالْمَكَانِ: الْإِقَامَة بِهِ ملازما لَهُ والدوام عِنْد الْجُمْهُور بالنصوص والأبدان فِي الْجنان لَا تعتورها الاستحالة كَمَا فِي بعض الْمَعَادِن والخلد أَيْضا: الْجنَّة و {ولدان مخلدون} : أَي مقرطون أَو مسورون أَو لَا يهرمون أبدا الخسر: النَّقْص، كالإخسار والخسران

والخسرواني: شراب وَنَوع من الثِّيَاب و {كرة خاسرة} : أَي غير نافعة الخزازة: هِيَ وجع فِي الْقلب من غيظ وَنَحْوه الْخُف: مَعْرُوف وَيجمع على (خفاف) وَأما خف الْبَعِير فَإِنَّهُ يجمع على (أَخْفَاف) الْخدمَة: هِيَ عَامَّة والسدانة: خَاصَّة للكعبة [وَالْخَادِم: يُطلق على الْغُلَام وَالْجَارِيَة قَالَه التَّفْتَازَانِيّ عَلَيْهِ الرَّحْمَة، وَفِي " الْكَشَّاف ": دخلت خادمة] الخرطوم: هُوَ لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي الْفِيل وَالْخِنْزِير الخيدع: هُوَ من لَا يوثق بمودته الخفاش؛ ك (رمان) : الوطواط، وَكَذَا الخطاف، بِالضَّمِّ خير مقدم: أَي قدمت قدومًا خير مقدم، بِحَذْف عَامل الْمصدر وَإِقَامَة الْمصدر مقَامه، ثمَّ إِقَامَة صفة الْمصدر مقَام الْمصدر، ومصدريته بِاعْتِبَار الْمَوْصُوف، أَو بالمضاف إِلَيْهِ، لِأَن اسْم التَّفْضِيل لَهُ حكم مَا أضيف إِلَيْهِ الْخَال: هُوَ أَخ الْأُم، وسحاب لَا يخلف مطره، أَو لَا مطر فِيهِ، وشامة فِي الْبدن وَأَنا خَال هَذَا الْفرس: أَي صَاحبه وبيني وَبينهمْ خؤولة، وَيُقَال خَال أَيْضا بَين الخؤولة وخال الشَّيْء خيلولة: ظَنّه، وَتقول فِي مستقبله إخال بِكَسْر الْألف وَهُوَ الْأَفْصَح خداي: فارسية، مَعْنَاهُ أَنه بِنَفسِهِ جَاءَ، (خود) مَعْنَاهُ ذَات الشَّيْء وَنَفسه و (أَي) مَعْنَاهُ (جَاءَ) أَي أَنه لذاته كَانَ مَوْجُودا، وَهَذَا معنى وَاجِب الْوُجُود لذاته خجته: اسْم نسَاء أصفهانيات من رُوَاة الحَدِيث، أَعْجَمِيَّة مَعْنَاهَا الْمُبَارَكَة خشنام، بِالضَّمِّ: علم مُعرب (خوش نَام) أَي الطّيب الِاسْم خلون: يُقَال: لأَرْبَع مضين من الشَّهْر وخلت: لإحدى عشرَة من الشَّهْر، لِأَن الْعَرَب تجْعَل النُّون للقليل وَالتَّاء للكثير وخلوت بفلان وَإِلَيْهِ: انْفَرَدت مَعَه وخلاك ذمّ: عداك وَمضى عَنْك وَمِنْه: الْقُرُون الخالية خُصُوصا: حَال بِمَعْنى (خَاصّا) ، أَو نصب على المصدرية أَي: يخص هَذَا خُصُوصا وخاصة: مصدر كعاقبة كَاذِبَة، وَهِي ضد (عَامَّة) ، وَالتَّاء للتأنيث أَو للْمُبَالَغَة، وانتصابها على الْمَفْعُول الْمُطلق؛ وَيجوز أَن يكون حَالا بِمَعْنى (مَخْصُوصًا) نَحْو: (أَخَذته سمعا) خلافًا: هُوَ إِمَّا مصدر مثل (اتِّفَاقًا) و (إِجْمَاعًا) بِتَقْدِير (اتّفق عَلَيْهِ اتِّفَاقًا) و (أَجمعُوا على ذَلِك إِجْمَاعًا) لكنه لَو قدر فِيهِ (اخْتلفُوا) يشكل بِأَن مصدره (اخْتِلَاف) ويأبى [مَا يَأْتِي بعده]

لفُلَان؛ وَإِن قدر (خَالف) أَو (خَالَفت) يشكل أَيْضا بِأَن (خَالف) مِمَّا يتَعَدَّى بِنَفسِهِ لَا بِاللَّامِ، وَقد يُجَاب بِأَن اللَّام مُتَعَلق بِمَحْذُوف، وَهُوَ (أَعنِي لَهُ) كَمَا فِي (سقيا لَهُم) بِأَن (سقى) يتَعَدَّى بِنَفسِهِ فَيكون (خلافًا) مَفْعُولا مُطلقًا، وَيحْتَمل أَن يكون حَالا، وَالتَّقْدِير: (أَقُول ذَلِك خلافًا لفُلَان) : أَي مُخَالفا لَهُ أَو ذَا خلاف وَحذف القَوْل كثير جدا، فَإِن كل حكم ذكره المصنفون فهم قَائِلُونَ بِهِ، فَالْقَوْل مُقَدّر قبل كل مَسْأَلَة، وَالْوَجْه المرضي الْجَارِي فِي جَمِيع موارد هَذِه الْكَلِمَة أَن يَجْعَل الظّرْف بعده مُسْتَقرًّا على أَنه صفة لَهُ وَخِلَافًا: نصب على إِضْمَار فعل بِأَنَّهُ مفعول مُطلق، أَي: خَالف خلافًا، إِلَّا أَنه لما حذف الْفِعْل وَالْفَاعِل مَعًا أبرز عَن نِسْبَة الْفَاعِل المطوي الْفِعْل بقوله (لفُلَان) فَاللَّام تَأْكِيد لتِلْك النِّسْبَة، وَفِيه أَن فِي مثل (خلافًا) للشَّافِعِيّ على هَذَا الْوَجْه إِحْدَاث الْخلاف مَنْسُوبا إِلَى أَصْحَابنَا وَهُوَ مِنْهُ خدجت النَّاقة: أَلْقَت وَلَدهَا قبل أَوَان النِّتَاج وأخدجت النَّاقة: إِذا وَلدته نَاقِصا وَإِن كَانَت أَيَّامه تَامَّة خر السّقف: طاح الْجِدَار: انقض النَّجْم: هوى [نوع] {خبالا} : فَسَادًا أَو شرا {خضتم} : دَخَلْتُم فِي الْبَاطِل {مَا خطبكن} : مَا شأنكن {خلصوا} : انفردوا واعتزلوا {ختم الله على قُلُوبهم} : طبع عَلَيْهَا {وَإِذا خلوا} : إِذا انفردوا {خسروا أنفسهم} : غبنوها {إِلَّا من خطف الْخَطفَة} : الخطف: الاختلاس وَالْمرَاد اختلاس كَلَام الْمَلَائِكَة مسارقة {وَمن خفت مَوَازِينه} : وَمن لم يكن لَهُ مَا يكون لَهُ وزن وهم الْكفَّار {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} : هُوَ صُورَة الْبدن أَو الرّوح أَو القوى {خَالدُونَ} : دائمون أَو لَا بثون لبثا طَويلا {فخلف من بعدهمْ خلف} : فعقبهم وَجَاء بعدهمْ عقيب سوء {خَالِصَة} : خَاصَّة {خَافت من بَعْلهَا} : توقعت مِنْهُ {وخر مُوسَى صعقا} : أَي سقط مغشيا عَلَيْهِ

{إِلَّا خلق الْأَوَّلين} : أَي كذب الْأَوَّلين، أَو إِعَادَة الْأَوَّلين على قِرَاءَة (خلق) بِضَمَّتَيْنِ {فَخلوا سبيلهم} : فدعوهم وَلَا تتعرضوا لَهُ {خوله} : أعطَاهُ {فِي الْخِصَام} : فِي المجادلة {خزي} : ذل وفضيحة {فَإِذا هم خامدون} : ميتون {فِي صلَاتهم خاشعون} : خائفون من الله، متذللون لَهُ، ملزمون أَبْصَارهم مَسَاجِدهمْ {خوار} : صَوت الْعجل {خَشَعت} : خضعت {لَا يلبثُونَ خِلافك} : بعْدك {أحسن الْخَالِقِينَ} : أَي المقدرين تَقْديرا {مَعَ الْخَوَالِف} : جمع (الخالفة) ، وَقد يُقَال (الخالفة) للَّذي لَا خير فِيهِ {بخيلك ورجلك} : بأعوانك من رَاكب وراجل {خاسئا} : بَعيدا عَن إِصَابَة الْمَطْلُوب {خرجا} : أجرا {فخراج رَبك} : رزقه فِي الدُّنْيَا وثوابه فِي الْآخِرَة {وَكَانَ الشَّيْطَان للْإنْسَان خذولا} : يواليه حَتَّى يُؤَدِّيه إِلَى الْهَلَاك ثمَّ يتْركهُ وَلَا يَنْفَعهُ {الخناس} : الَّذِي عَادَته أَن يخنس، أَي يتَأَخَّر إِذا ذكر الْإِنْسَان ربه {أعجاز نخل خاوية} : متأكلة الأجواف {وَخسف الْقَمَر} : ذهب ضوؤه {الخنس} : الْكَوَاكِب الرواجع {خلال الديار} : وَسطهَا {كلما خبت} : سكن لهبها {خوان} : مبالغ فِي الْخِيَانَة بالإصرار عَلَيْهَا {فَرح الْمُخَلفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خلاف رَسُول الله} : أَي بعد خُرُوجه {تعْمل الْخَبَائِث} : يَعْنِي اللواط {خاوية على عروشها} : سَاقِطَة حيطانها على

فصل الدال

سقوفها {خطوَات الشَّيْطَان} : عمله {إِن عَلَّمْتهمْ فيهم خيرا} : أَي حِيلَة {أكل خمط} : الخمط: الْأَرَاك {الخراصون} : الكذابون أَو المرتابون {بخلاقهم} : بدينهم {خَاسِئِينَ} : صاغرين ذليلين {خصَاصَة} : حَاجَة وفقر {وَمَا أَنْتُم لَهُ بخازنين} : قَادِرين متمكنين من إِخْرَاجه {أعْطى كل شَيْء خلقه} : أَي صورته وشكله الَّذِي يُطَابق كَمَاله الْمُمكن لَهُ، أَو أعْطى كل مَخْلُوق مَا يصلحه، أَو أعْطى كل حَيَوَان نَظِيره فِي الْخلق أَو الصُّورَة زوجا {يخرج الخبء} : أَي يظْهر مَا خَفِي [ {ذَلِك الخزي الْعَظِيم} : يَعْنِي الْهَلَاك الدَّائِم {فَإِن خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُود الله} : أَي علمْتُم كَقَوْلِه جلّ شَأْنه: {فَمن خَافَ من موص} : أَي علم {فاسأل بِهِ خَبِيرا} : عَالما يُخْبِرك بِحَقِيقَة وَهُوَ الله تَعَالَى {مَا كَانَ لَهُم الْخيرَة} : أَي التخير وَظَاهره نفي الِاخْتِيَار من الْعباد رَأْسا {خائبين} : منقطعي الآمال {وخرقوا لَهُ} : فنقلوا وافتروا لَهُ {خَشَعت الْأَصْوَات} : سكنت الختار: الغدار الظلوم الغشوم] (فصل الدَّال) [الدحض] : كل مَا فِي الْقُرْآن من الدحض فَهُوَ الْبَاطِل إِلَّا {فَكَانَ من المدحضين} فَإِن مَعْنَاهُ من المقروعين [الدّين] : كل مَا فِي الْقُرْآن من الدّين فَهُوَ الْحساب [الدَّابَّة] : كل شَيْء دب على وَجه الأَرْض فَهُوَ دَابَّة وَفِي الْعرف يُطلق على الْخَيل وَالْحمار والبغل [دبل ودمل] : كل شَيْء أصلحته فقد دبلته

ودملته [الدهمقة] : كل شَيْء لين فَهُوَ الدهمقة [الدخيل] : كل كلمة أدخلت فِي كَلَام الْعَرَب وَلَيْسَت مِنْهُ فَهُوَ الدخيل، وَكَذَا الْحَرْف الَّذِي بَين حرف الروي وَألف التأسيس الدَّلِيل: المرشد إِلَى الْمَطْلُوب، يذكر وَيُرَاد بِهِ الدَّال، وَمِنْه: (يَا دَلِيل المتحيرين) أَي: هاديهم إِلَى مَا تَزُول بِهِ حيرتهم وَيذكر وَيُرَاد بِهِ الْعَلامَة المنصوبة لمعْرِفَة الْمَدْلُول، وَمِنْه سمي الدُّخان دَلِيلا على النَّار ثمَّ اسْم الدَّلِيل يَقع على كل مَا يعرف بِهِ الْمَدْلُول، حسيا كَانَ أَو شَرْعِيًّا، قَطْعِيا كَانَ أَو غير قَطْعِيّ، حَتَّى سمي الْحس وَالْعقل وَالنَّص وَالْقِيَاس وَخبر الْوَاحِد وظواهر النُّصُوص كلهَا أَدِلَّة وَالدّلَالَة: كَون الشَّيْء بِحَيْثُ يُفِيد الْغَيْر علما إِذا لم يكن فِي الْغَيْر مَانع، كمزاحمة الْوَهم والغفلة بِسَبَب الشواغل الجسمانية وأصل الدّلَالَة مصدر كالكتابة والإمارة وَالدَّال: مَا حصل مِنْهُ ذَلِك وَالدَّلِيل: فِي الْمُبَالغَة ك (عَالم) و (عليم) و (قَادر) و (قدير) ثمَّ سمي وَالدَّلِيل دلَالَة لتسمية الشَّيْء بمصدره وَالدّلَالَة أَعم من الْإِرْشَاد وَالْهِدَايَة والاتصال بِالْفِعْلِ مُعْتَبر فِي الْإِرْشَاد لُغَة دون الدّلَالَة وَيجمع (الدَّلِيل) على (أَدِلَّة) لَا على (دَلَائِل) إِلَّا نَادرا ك (سليل) على (سلائل) ، على مَا حَكَاهُ أَبُو حَيَّان، إِذا لم يَأْتِ (فعائل) جمعا لاسم جنس على (فعيل) ، صرح بِهِ ابْن مَالك، وَقَالَ بَعضهم: شَرط اطراد جمع (فعيل) على (فعائل) أَن يكون مؤنثا ك (سعيد) علما لامْرَأَة، وَيجوز أَن يكون جمع (دلَالَة) ك (رسائل) و (رِسَالَة) ، وَإِن كَانَ الْمَشْهُور أَن جمع (دَلِيل) (أَدِلَّة) وَالدَّلِيل عِنْد الأصولي: هُوَ مَا يُمكن التَّوَصُّل بِهِ بِصَحِيح النّظر فِيهِ إِلَى مَطْلُوب خبري وَعند الميزاني: هُوَ الْمُقدمَات الْمَخْصُوصَة نَحْو: الْعَالم متغير وكل متغير فَهُوَ حَادث وَالدّلَالَة تَتَضَمَّن الِاطِّلَاع، وَلِهَذَا عوملت مُعَامَلَته حَتَّى تتعدى ب (على) ، وَلم تعامل فِي الْهِدَايَة الَّتِي بمعناها بذلك، بل عوملت مَعهَا مُعَاملَة سَائِر مضامينها وَفرق بَين الدّلَالَة والاستعمال تَقول: هَذَا اللَّفْظ يدل على الْعُمُوم، ثمَّ قد يسْتَعْمل حَيْثُ لَا يُرَاد الْعُمُوم، بل يُرَاد الْخُصُوص وَمَا كَانَ للْإنْسَان اخْتِيَار فِي معنى الدّلَالَة فَهُوَ بِفَتْح الدَّال، وَمَا لم يكن لَهُ اخْتِيَار فِي ذَلِك فبكسرها، مِثَاله إِذا قلت: (دلَالَة الْخَيْر لزيد) فَهُوَ بِالْفَتْح، أَي: لَهُ اخْتِيَار فِي الدّلَالَة على الْخَيْر، وَإِذا كسرتها فَمَعْنَاه حِينَئِذٍ صَار الْخَيْر سجية لزيد فيصدر مِنْهُ كَيفَ مَا كَانَ [وَالِاسْتِدْلَال: هُوَ تَقْرِير ثُبُوت الْأَثر لإِثْبَات الْمُؤثر وَالتَّعْلِيل: هُوَ تَقْرِير ثُبُوت الْمُؤثر لإِثْبَات الْأَثر وَالِاسْتِدْلَال فِي عرف أهل الْعلم تَقْرِير الدَّلِيل لإِثْبَات الْمَدْلُول سَوَاء كَانَ ذَلِك من الْأَثر إِلَى الْمُؤثر

أَو بِالْعَكْسِ أَو من أحد الْأَمريْنِ إِلَى الآخر والتعريف الْمَشْهُور للدليل: هُوَ الَّذِي يلْزم من الْعلم بِهِ الْعلم بِوُجُود الْمَدْلُول، وَلَا يخفى أَن الدَّلِيل والمدلول متضايفان كَالْأَبِ وَالِابْن فيكونان متساويين فِي الْمعرفَة والجهالة فَلَا يجوز أَخذ أَحدهمَا فِي تَعْرِيف الآخر لِأَن الْمُعَرّف يَنْبَغِي أَن يكون أجلى والتعريف الْحسن الْجَامِع: أَنه هُوَ الَّذِي يلْزم من الْعلم أَو الظَّن بِهِ الْعلم أَو الظَّن بتحقق شَيْء آخر و (أَو) هَاهُنَا للتبيين أَي كل وَاحِد دَلِيل كَمَا يُقَال: الْإِنْسَان إِمَّا عَالم أَو جَاهِل، لَا للتشكيك كَمَا فِي: (علمت أَنه سمع أَو لَا) والتعريف بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يلْزم من الْعلم بِهِ الْعلم بتحقق شَيْء آخر هُوَ تَعْرِيف الدَّلِيل الْقطعِي لَا مُطلق الدَّلِيل الَّذِي هُوَ أَعم من أَن يكون قَطْعِيا أَو ظنيا ثمَّ الدَّلِيل إِمَّا عَقْلِي مَحْض كَمَا فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة، أَو مركب من الْعقلِيّ والنقلي، لِأَن النقلي الْمَحْض لَا يُفِيد، إِذْ لَا بُد من صدق الْقَائِل، وَذَلِكَ لَا يعلم إِلَّا بِالْعقلِ وَإِلَّا لدار وتسلسل وَدَلَائِل الشَّرْع خَمْسَة: الْكتاب، وَالسّنة، وَالْإِجْمَاع، وَالْقِيَاس، والعقليات الْمَحْضَة كالتلازم والتفاني والدوران، وَالثَّلَاثَة الأول نقلية والباقيان عقليان وَالدَّلِيل الْقطعِي قد يكون عقليا وَقد يكون نقليا كالمتواتر، وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مشافهة من النقليات مِمَّا ينْقل مشافهة] وَالدَّلِيل الْمُرَجح إِن كَانَ قَطْعِيا كَانَ تَفْسِيرا، وَإِن كَانَ ظنيا كَانَ تَأْوِيلا [وَالدَّلِيل إِن كَانَ مركبا من القطعيات كَانَ تحقق الْمَدْلُول أَيْضا قَطْعِيا وَيُسمى برهانا، وَإِن كَانَ مركبا من الظنيات أَو اليقينيات والظنيات كَانَ ثُبُوت الْمَدْلُول ظنيا، لِأَن ثُبُوت الْمَدْلُول فرع ثُبُوت الدَّلِيل وَالْفرع لَا يكون أقوى من الأَصْل وَيُسمى دَلِيلا إقناعيا وأمارة] وَلَا يَخْلُو الدَّلِيل من أَن يكون على طَرِيق الِانْتِقَال من الْكُلِّي إِلَى الْكُلِّي فيسمى برهانا، أَو من الْكُلِّي إِلَى الْبَعْض فيسمى استقراء، أَو من الْبَعْض إِلَى الْبَعْض فيسمى تمثيلا وَاسم الدَّلِيل يَقع على كل مَا يعرف بِهِ الْمَدْلُول، وَالْحجّة مستعملة فِي جَمِيع مَا ذكر، والبرهان نَظِير الْحجَّة، وَالْحجّة الإقناعية: هِيَ الَّتِي تقبل الزَّوَال بتشكيك المشكك، وَإِن كَانَ الْمَطْلُوب تصورا يُسمى طَرِيقه مُعَرفا، وَإِن كَانَ تَصْدِيقًا يُسمى طَرِيقه دَلِيلا وَالدَّلِيل يَشْمَل الظني والقطعي، وَقد يخص بالقطعي وَيُسمى الظني أَمارَة، وَقد يخص بِمَا يكون الِاسْتِدْلَال فِيهِ من الْمَعْلُول إِلَى الْعلَّة وَيُسمى هَذَا برهانا آنيا، وَعَكسه يُسمى برهانا لميا، واللمي أولى وأفيد يحْكى أَن الشَّيْخ أَبَا الْقَاسِم الْأنْصَارِيّ قَالَ: حضر الشَّيْخ أَبُو سعيد ابْن أبي الْخَيْر مَعَ الْأُسْتَاذ أبي الْقَاسِم الْقشيرِي فَقَالَ الْأُسْتَاذ: الْمُحَقِّقُونَ قَالُوا: مَا رَأينَا شَيْئا إِلَّا ورأينا الله بعده، فَقَالَ أَبُو سعيد: ذَلِك مقَام المريدين أم الْمُحَقِّقُونَ فَإِنَّهُم مَا رَأَوْا شَيْئا إِلَّا وَكَانُوا قد رَأَوْا الله قبله

قَالَ الْفَخر الرَّازِيّ: قلت: تَحْقِيق الْكَلَام أَن الِانْتِقَال من الْمَخْلُوق إِلَى الْخَالِق إِشَارَة إِلَى برهَان الْآن، وَالنُّزُول من الْخَالِق إِلَى الْمَخْلُوق هُوَ برهَان اللم وَمَعْلُوم أَن برهَان اللم أشرف وَقد نظمت فِيهِ: (وَمَا رَأَيْت شَيْئا ... إِلَّا وَقَبله الْحق) (فَمن يَقُول بعده ... يسيح فِي الْإِرَادَة) (وَلَيْسَ الِانْتِقَال ... معادل النُّزُول) (لَدَى الْمُحَقِّقين ... عَلَيْك بالإفادة) وَيقرب مِنْهُ مَا رُوِيَ عَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ: (عرفت مُحَمَّدًا بِاللَّه، وَلم أعرف الله بِمُحَمد) [وَإِذا عرفت مَا يتَعَلَّق بِالدَّلِيلِ على وَجه التَّفْصِيل فاستمع مَا يتَعَلَّق بِالدّلَالَةِ وتقسيمها على مَا لخصته من كتب الْقَوْم وَهُوَ] أَن الدّلَالَة إِمَّا لفظية وَإِمَّا غير لفظية، وكل مِنْهُمَا إِمَّا وضعية وعقلية وطبيعية فاللفظية الوضعية مثل دلَالَة الْأَلْفَاظ الْمَوْضُوعَة على مدلولاتها واللفظية الْعَقْلِيَّة كدلالة اللَّفْظ على وجود اللافظ، سَوَاء كَانَ مهملا أَو مُسْتَعْملا واللفظية الطبعية كدلالة (أح) بِالْفَتْح وَالضَّم على وجع الصَّدْر وَهُوَ السعال، وكدلالة (أَخ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْفَتْح أَيْضا على الوجع مُطلقًا وَغير اللفظية الوضعية كدلالة الدوال الْأَرْبَع على مدلولاتها وَغير اللفظية الْعَقْلِيَّة كدلالة المصنوعات على الصَّانِع وَغير اللفظية الطبعية كدلالة الْحمرَة على الخجل، والصفرة على الوجل ثمَّ الإفادة والاستفادة من بَين هَذِه الْأَقْسَام السِّتَّة باللفظية والوضعية دون غَيرهَا، وَهِي مطابقية وتضمنية والتزامية، وانحصار الدّلَالَة فِي اللفظية وَغَيرهَا أَمر مُحَقّق لَا شُبْهَة فِيهِ، وَأما انحصارها فِي الوضعية والعقلية والطبعية فبالاستقراء لَا بالحصر الْعقلِيّ الدائر بَين النَّفْي وَالْإِثْبَات، وَأما انحصار اللفظية فِي الْأَقْسَام الثَّلَاثَة فبالحصر الْعقلِيّ، لِأَن الدّلَالَة إِمَّا أَن تكون على نفس الْمَعْنى الْمَوْضُوع لَهُ، فدلالة الْمُطَابقَة سميت بذلك لمطابقة الدَّال الْمَدْلُول كدلالة الْإِنْسَان على الْحَيَوَان النَّاطِق، إِذْ هُوَ مَوْضُوع لذَلِك، أَو على جُزْء مَعْنَاهُ، فدلالة التضمن سميت بذلك لتضمن الْمَعْنى لجزء الْمَدْلُول، كدلالة الْإِنْسَان على الْحَيَوَان أَو على لَازم مَعْنَاهُ الذهْنِي لزم مَعَ ذَلِك فِي الْخَارِج أم لَا فدلالة الْتِزَام سميت بذلك لاستلزام الْمَعْنى للمدلول، كدلالة الْإِنْسَان على قَابل الْعلم، هَذَا على رَأْي المناطقة فِي جعل الْكل أقساما للفظية الوضعية، وَإِلَّا فدلالة الِالْتِزَام عقلية والمطابقة والتضمن لفظيتان، وَدلَالَة اللَّفْظ على الْمَعْنى وضعية للفظي، أَي متوقفة على الِاصْطِلَاح، وَدلَالَة النصبية وضعية لغير اللَّفْظ، وَدلَالَة اللَّفْظ على اللافظ غير وضعية، وَهِي للفظ، وَدلَالَة الدُّخان على النَّار غير وضعية، وَهِي لغير اللَّفْظ وَأما الدّلَالَة الَّتِي يتَعَلَّق بهَا غَرَض الْبَيَان فَهِيَ تَنْقَسِم تَارَة إِلَى وضعية شخصية كَانَت، كوضع مواد الْمُفْردَات، أَو نوعية كوضع صنفها وَوضع الهيئات التركيبية، وعقلية كدلالة الْكُلِّي على جزئه، والملزوم على لَازمه الْعقلِيّ، مُتَقَدما كَانَ

عَلَيْهِ كَالثَّابِتِ اقْتِضَاء، أَو مُتَأَخِّرًا عَنهُ كموجب النَّص، وعادية كدلالة طول النجاد على طول الْقَامَة، وَدلَالَة كَثْرَة الرماد على كَثْرَة الْقرى وخطابية كدلالة التَّأْكِيد على دفع الشَّك أَو رد الْإِنْكَار وَتارَة تَنْقَسِم إِلَى قولية، وضعية كَانَت أَو عقلية، أَو عَادِية، أَو خطابية، وَإِلَى فعلية، عقلية كَانَت كدلالة التَّشْبِيه على الْمجَاز، أَو عَادِية، كدلالة {وقدور راسيات} على عظم الْقُدُور، أَو خطابية كدلالة تَغْيِير النّظم على نُكْتَة تناسب فِي عرف البلغاء، وَإِلَى حَالية، عقلية كَانَت كدلالة الْحَذف على الإيجاز أَو عَادِية كدلالة الْحَذف أَيْضا على ظُهُور المُرَاد وتعيينه، أَو خطابية، كدلالة الْحَذف أَيْضا على التَّعْظِيم والتحقير؛ وَهَذِه الدّلَالَة الَّتِي عَلَيْهَا مدَار اعْتِبَار البلغاء أوسع دَائِرَة من الدلالات الثَّلَاث الْمُعْتَبرَة فِي سَائِر الْعُلُوم، فَصَارَت هَذِه الدّلَالَة رَابِعَة، كَمَا أَن الْعَادة طبيعة حامسة - بِالْمُهْمَلَةِ - أَي: محكمَة ثَابِتَة وَدلَالَة الْمُقدمَات على النتيجة فِيهَا خلاف: عقلية وَهُوَ مَذْهَب إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيح فَلَا يُمكن التَّخَلُّف، وعادية وَهُوَ مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ فالتخلف مُمكن، ومولد وَهُوَ للمعتزلة حَيْثُ قَالُوا بالتوليد بِمَعْنى أَن الْقُدْرَة الْحَادِثَة أثرت فِي وجود النتيجة بِوَاسِطَة تأثيرها فِي النّظر، وواجب وَهُوَ للحكماء [ثمَّ الدَّلِيل السمعي فِي الْعرف: هُوَ الدَّلِيل اللَّفْظِيّ المسموع، وَفِي عرف الْفُقَهَاء هُوَ الدَّلِيل الشَّرْعِيّ] وَأما الْأَدِلَّة السمعية فَهِيَ أَرْبَعَة: قَطْعِيّ الثُّبُوت وَالدّلَالَة: كالنصوص المتواترة فَيثبت بهَا الْفَرْض وَالْحرَام الْقطعِي بِلَا خلاف وقطعي الثُّبُوت ظَنِّي الدّلَالَة: كالآيات المؤولة وظني الثُّبُوت قَطْعِيّ الدّلَالَة: كأخبار الْآحَاد الَّتِي مفهوماتها قَطْعِيَّة، فَيثبت بِكُل مِنْهُمَا الْفَرْض الظني وَالْوَاجِب وَكَرَاهَة التَّحْرِيم، وَالْحرَام على الْخلاف وظني الثُّبُوت وَالدّلَالَة: كأخبار الْآحَاد مفهومها ظَنِّي، فَتثبت بهَا السّنة والاستحباب وَكَرَاهَة التَّنْزِيه، وَالتَّحْرِيم على الْخلاف وَالدَّلِيل الْقطعِي لَهُ مَعْنيانِ: أَحدهمَا: مَا يقطع الِاحْتِمَال أصلا كَحكم الْكتاب ومتواتر السّنة وَالْإِجْمَاع، وَبِه يثبت الْفَرْض الْقطعِي، وَيُقَال لَهُ الْوَاجِب وَثَانِيهمَا: مَا يقطع الِاحْتِمَال النَّاشِئ عَن دَلِيل هُوَ تعدد الْوَضع، كالقياس وَالظَّاهِر وَالْمَشْهُور، وَيُسمى بالظني اللَّازِم الْعَمَل فِي اعْتِقَاد الْمُجْتَهد، وَهُوَ نَوْعَانِ: مَا يبطل بِتَرْكِهِ الْعَمَل، وَهُوَ دون الْقطعِي، وَيُسمى بِالْفَرْضِ الظني، كمقدار الْمسْح، وَهُوَ مَا يفْسد بِهِ، وَهُوَ دون الْفَرْض وَفَوق السّنة، وَيُسمى بِالْوَاجِبِ وَالْفَرْض العملي كدعاء الْوتر [وَاخْتلف الْعُقَلَاء فِي أَن التَّمَسُّك بالدلائل النقلية هَل يُفِيد الْيَقِين أم لَا، فَقَالَ قوم: لَا يُفِيد الْيَقِين الْبَتَّةَ لاحْتِمَال النقليات للنَّقْل وَالْمجَاز والاشتراك والحذف والإضمار والتخصيص والنسخ وَخطأ الروَاة فِي نقل مَعَاني

الْمُفْردَات والتصريف وَالْإِعْرَاب والتقديم وَالتَّأْخِير، وكل وَاحِدَة مِنْهَا ظنية، فَمَا توقف عَلَيْهَا فَهُوَ ظَنِّي بِخِلَاف العقليات نعم رُبمَا اقترنت بالدلائل النقلية أُمُور يعرف وجودهَا بالأخبار المتواترة، وَتلك الْأُمُور تَنْفِي هَذِه الِاحْتِمَالَات فَحِينَئِذٍ تفِيد الْيَقِين، فَالْكَلَام على الْإِطْلَاق لَيْسَ بِصَحِيح] وَلَا يثبت بِالدَّلِيلِ النقلي مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ، كوجود الصَّانِع وَعلمه وَقدرته، ونبوة الرَّسُول حذار الدّور كَمَا لَا يثبت بِالدَّلِيلِ الْقطعِي مَا لَا يمْتَنع إثْبَاته ونفيه عقلا، كأكثر التكليفات ومقادير الثَّوَاب وَالْعِقَاب وأحوال الْجنَّة وَالنَّار، وَيثبت بهما مَا عدا هذَيْن الْقسمَيْنِ، كوحدانية الصَّانِع وحدوث الْعَالم، وَإِذا تعَارض الْعقلِيّ والنقلي يؤول النقلي [وَلَو رجح الْعقل وقدح فِي النَّقْل يلْزم الْقدح فِيمَا يتَوَقَّف على الْعقل وَهُوَ النَّقْل فَيلْزم الْقدح فِي النَّقْل ويكتفي فِي الْمقَام الْخطابِيّ بِالظَّنِّ ويقنع بِظَنّ أَنه أَفَادَهُ وَأما الْمقَام الاستدلالي فَهُوَ مَا يطْلب فِيهِ مَا أَفَادَهُ الْمُخَاطب سَوَاء كَانَ الْمقَام مِمَّا يُمكن أَن يُقَام عَلَيْهِ الْبُرْهَان أَو يكون من الظنون] وَالدَّلِيل الَّذِي يكون دَلِيلا على إِثْبَات الْمَطْلُوب وَمَعَ ذَلِك يكون دافعا للدليل الَّذِي عَلَيْهِ تعويل الْخصم هُوَ النِّهَايَة فِي الْحسن والكمال، وَلَيْسَ كَذَلِك الدَّلِيل الَّذِي يكون مثبتا للْحكم، إِلَّا أَنه لَا يكون دافعا لمعارضة الْخصم الدّين، بِالْكَسْرِ، فِي اللُّغَة: الْعَادة مُطلقًا، وَهُوَ أوسع مجالا، يُطلق على الْحق وَالْبَاطِل أَيْضا ويشمل أصُول الشَّرَائِع وفروعها، لِأَنَّهُ عبارَة عَن وضع آلهي سائق لِذَوي الْعُقُول باختيارهم الْمَحْمُود إِلَى الْخَيْر بِالذَّاتِ، قلبيا كَانَ أَو قالبيا، كالاعتقاد وَالْعلم وَالصَّلَاة وَقد يتجوز فِيهِ فيطلق على الْأُصُول خَاصَّة فَيكون بِمَعْنى الْملَّة، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {دينا قيمًا مِلَّة إِبْرَاهِيم} وَقد يتجوز فِيهِ أَيْضا فيطلق على الْفُرُوع خَاصَّة، وَعَلِيهِ {ذَلِك دين الْقيمَة} أَي: الْملَّة الْقيمَة يَعْنِي فروع هَذِه الْأُصُول وَالدّين مَنْسُوب إِلَى الله تَعَالَى، وَالْملَّة إِلَى الرَّسُول، وَالْمذهب إِلَى الْمُجْتَهد وَالْملَّة: اسْم مَا شَرعه الله لِعِبَادِهِ على لِسَان نبيه ليتوصلوا بِهِ إِلَى آجل ثَوَابه وَالدّين مثلهَا، لَكِن الْملَّة تقال بِاعْتِبَار الدُّعَاء إِلَيْهِ، وَالدّين بِاعْتِبَار الطَّاعَة والانقياد لَهُ وَالْملَّة: الطَّرِيقَة أَيْضا، ثمَّ نقلت على أصُول الشَّرَائِع، من حَيْثُ إِن الْأَنْبِيَاء يعلمونها ويسلكونها ويسلكون من أمروا بإرشادهم بِالنّظرِ إِلَى الأَصْل، وَبِهَذَا الِاعْتِبَار لَا تُضَاف إِلَّا إِلَى النَّبِي الَّذِي تستند إِلَيْهِ، وَلَا تكَاد تُوجد مُضَافَة إِلَى الله تَعَالَى، وَلَا إِلَى آحَاد أمة النَّبِي، وَلَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي جملَة الشَّرَائِع دون آحادها، فَلَا يُقَال: مِلَّة الله، وَلَا ملتي، وَلَا مِلَّة زيد، كَمَا يُقَال: دين الله، وديني، وَدين زيد وَلَا يُقَال: الصَّلَاة مِلَّة الله والشريعة تُضَاف إِلَى الله وَالنَّبِيّ وَالْأمة، وَهِي من حَيْثُ إِنَّهَا يطاع بهَا تسمى دينا، وَمن حَيْثُ إِنَّهَا

يجْتَمع عَلَيْهَا تسمى مِلَّة، وَكَثِيرًا مَا تسْتَعْمل هَذِه الْأَلْفَاظ بَعْضهَا مَكَان بعض، وَلِهَذَا قيل: إِنَّهَا متحدة بِالذَّاتِ ومتغايرة بِالِاعْتِبَارِ، إِذْ الطَّرِيقَة الْمَخْصُوصَة الثَّابِتَة عَن النَّبِي تسمى بِالْإِيمَان، من حَيْثُ إِنَّه وَاجِب الإذعان، وَبِالْإِسْلَامِ من حَيْثُ إِنَّه وَاجِب التَّسْلِيم، وبالدين من حَيْثُ إِنَّه يجزى بِهِ، وبالملة من حَيْثُ إِنَّه مِمَّا يملى وَيكْتب ويجتمع عَلَيْهِ، وبالشريعة من حَيْثُ إِنَّه يرد على زلال كَمَاله المتعطشون، وبالناموس من حَيْثُ إِنَّه أَتَى بِهِ الْملك الَّذِي هُوَ الناموس، وَهُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَالدّين: الْجَزَاء، وَمن الأول فِي: ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... دناهم كَمَا دانوا وَالثَّانِي فِي: ... ... ... ... ... ... ... ... ... . . كَمَا تدين تدان ودان لَهُ: أطَاع {وَمن أحسن دينا} ودانه: أجزاه أَو ملكه أَو أقْرضهُ ودانه دينا: أذله واستعبده وَفِي الحَدِيث: " الْكيس من دَان نَفسه وَعمل لما بعد الْمَوْت " وَيكون بِمَعْنى الْقَضَاء نَحْو: {وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله} أَي: فِي قَضَائِهِ وَحكمه وشريعته وَبِمَعْنى الْحَال: سُئِلَ بعض الْأَعْرَاب فَقَالَ: لَو كنت على دين غَيره لأجبتك أَي: على حَال غَيره وَالدّين، بِالْفَتْح: عبارَة عَن مَال حكمي يحدث فِي الذِّمَّة بِبيع أَو اسْتِهْلَاك أَو غَيرهمَا، وإيفاؤه واستيفاؤه لَا يكون إِلَّا بطرِيق الْمُقَاصَّة عِنْد أبي حنيفَة وَالدّين: مَا لَهُ أجل وَالْقَرْض: مَا لَا أجل لَهُ وَفِي " الْمغرب ": الْقَرْض: مَا لَا يقتطعه الرجل من أَمْوَاله فيعطيه عينا، وَأما الْحق الَّذِي يثبت عَلَيْهِ دين فَلَيْسَ بقرض، وَهُوَ الْمعول عَلَيْهِ وَدين الصِّحَّة: مَا كَانَ ثَابتا بِالْبَيِّنَةِ أَو بِالْإِقْرَارِ فِي زمَان صِحَة الْمَدْيُون وَدين الْمَرَض: مَا كَانَ ثَابتا فِي مَرضه والديون تقضي بأمثالها لَا بِأَعْيَانِهَا وَآخر الدينَيْنِ قَضَاء للْأولِ، وَقد نظمت فِيهِ: (ومستقرض بَاعَ الْمَتَاع مُؤَجّلا ... لمقرضه فالموت حل بِلَا أدا) (سوى ثمن المشري لَا حبه لَهُ ... فشارك أَرْبَاب الدُّيُون بِلَا رضَا) (وَلَو كَانَ بيع سَابِقًا قرض لَاحق ... فرجح إِذن ذَا الْقَرْض من غير مَا قضا) (لآخر دينين يَقُولُونَ لَا جرم ... لأوّل دينين قَضَاء بِلَا مرا) الدَّهْر: هُوَ فِي الأَصْل اسْم لمُدَّة الْعَالم من مبدإ وجوده إِلَى انقضائه، ويستعار للْعَادَة الْبَاقِيَة وَمُدَّة الْحَيَاة، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة لَا وجود لَهُ فِي الْخَارِج عِنْد الْمُتَكَلِّمين، لِأَنَّهُ عِنْدهم عبارَة عَن مُقَارنَة حَادث لحادث، والمقارنة أصل اعتباري عدمي، وَلذَا يَنْبَغِي فِي التَّحْقِيق أَن لَا يكون عِنْد من حَده من الْحُكَمَاء بِمِقْدَار حَرَكَة الْفلك وَأما عِنْد من عرفه مِنْهُم بِأَنَّهُ حَرَكَة الْفلك فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ وجوديا إِلَّا أَنه لَا يصلح للتأثير [وَمَا اسْتمرّ وجوده مُقَارنًا لكل سَاعَة بعد سَاعَة

على الِاتِّصَال إِذا أضيف استمراره إِلَى الزَّمَان يُسَمِّي تِلْكَ الْإِضَافَة والمقارنة دهرا محيطا بِالزَّمَانِ لحصولها مَعَ كل من الْأَوْقَات المتجددة والمتصرمة، وَقد يَجْعَل ظرفا لذَلِك الْوُجُود فَيُقَال إِنَّه مَوْجُود فِي الدَّهْر وَهَذَا معنى قَول الرئيس: الدَّهْر دُعَاء زَمَانه وَنسبَة مدعاته إِلَى اخْتِلَاف أحيانه] والدهر، مُعَرفا: الْأَبَد، بِلَا خلاف وَأما مُنْكرا فقد قَالَ أَبُو حنيفَة: لَا أَدْرِي كَيفَ هُوَ فِي حكم التَّقْدِير، لِأَن مقادير الْأَسْمَاء واللغات لَا تثبت إِلَّا توقيفا لعدم الْموقف، لِأَن الْخَوْض فِي المقايسة فِيمَا طَرِيقه التَّوْقِيف بَاطِل، وَقد تعَارض الِاسْتِعْمَال الْعرفِيّ وفقد التَّنْصِيص الوضعي على تَقْدِيره والتوقف عِنْد تعَارض الْأَدِلَّة وَترك التَّرْجِيح من غير دَلِيل دَال على كَمَال الْعلم وَغَايَة الْوَرع قيل: إِن أَبَا حنيفَة حمل الدهور فِي (لَا ُأكَلِّمهُ الدهور) على الْعشْرَة، وَقد توقف فِي مفرده، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ قِيَاس قَوْله أَن لَو كَانَ يُفَسر دهر أَولا يتَوَقَّف فِيهِ كَمَا فرعوا مسَائِل الْمُزَارعَة على قِيَاس قَوْله: أَن لَو كَانَ يَقُول بجوازها هَذَا إِن كَانَ الدهور جمع دهر مُنْكرا، وَأما إِن جَعَلْنَاهُ جمع الْمُعَرّف فَلَا يحْتَاج إِلَى هَذَا الْجَواب، لكنه يُضعفهُ عدم تَضْعِيفه، لِأَن الْمُعَرّف عبارَة عَن الْعُمر بالِاتِّفَاقِ والعمر لَا يتضاعف، فَلَا يحْتَاج إِلَى جمعه وتعديده وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد: هُوَ يسْتَعْمل بِمَعْنى الْحِين ويناوبه فَيكون لَهُ حكمه والحين يَقع على سِتَّة أشهر مُعَرفا ومنكرا، إِلَّا أَن هَذِه الْمدَّة أعدل محامله لكَونه وسطا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {تؤتي أكلهَا كل حِين} قَالَ ابْن عَبَّاس: المُرَاد سِتَّة أشهر وَقد يذكر وَيُرَاد بِهِ مُدَّة قَصِيرَة كوقت الصَّلَاة كَقَوْلِه تَعَالَى: {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ} وَيذكر وَيُرَاد بِهِ أَرْبَعُونَ سنة كَقَوْلِه تَعَالَى: {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر} على قَول بعض الْمُفَسّرين، فَألْحق بالموضوع لهَذِهِ الْمدَّة، وَهُوَ لَفْظَة (سِتَّة أشهر) حَتَّى لم يَزْدَدْ قدره بالتعريف، بل هُوَ وَالْمُنكر سيان، لِأَن مَا كَانَ مُعَرفا وضعا أَو عرفا يَسْتَوِي فِيهِ لَام التَّعْرِيف وَعدمهَا، لِأَن فَائِدَة اللَّام التَّعْرِيف، وَهُوَ معرف فِي نَفسه عرفا فَكَانَ كالمعرف وضعا وَالزَّمَان فِي الِاسْتِعْمَال يناوب الْحِين مُعَرفا ومنكرا، حَتَّى أُرِيد بِالزَّمَانِ مَا أُرِيد بالحين، وَقد أجمع أهل اللُّغَة على أَن الزَّمَان الطَّوِيل من شَهْرَيْن إِلَى سِتَّة أشهر، والأزمنة تَنْصَرِف إِلَى الْكل عرفا، وَهُوَ الْعُمر، وَكَذَا الدهور والسنين هَذَا عِنْدهمَا، لِأَن الْألف وَاللَّام فِيهَا للْجِنْس، إِذْ لَا مَعْهُود لَهَا وَالْأَيَّام تَنْصَرِف إِلَى الْأُسْبُوع، والشهور إِلَى السّنة، تَقْدِيمًا للْعهد على الْجِنْس، لِئَلَّا يَلْغُو احرف الْألف غير مُؤَكدَة مَعَ الْكَلِمَة التَّعْرِيف بِغَيْر ضَرُورَة، والمعهود فِي الْأَيَّام هُوَ السَّبْعَة وَفِي الشُّهُور اثْنَا عشر شهرا، لِأَن حِسَاب الْأَيَّام يَنْتَهِي بالأسبوع، والشهور بِالسنةِ وَعند الإِمَام ينْصَرف إِلَى عشرَة آحَاد كل صنف من الْأَزْمِنَة وَالْأَيَّام والشهور، لِأَن الْجِنْس من حَيْثُ التَّسْمِيَة أقل، والأقل مُتَيَقن بِهِ، فالحمل عَلَيْهِ أولى، وَلَا عهد هُنَا كَمَا قَالَا، إِذْ لَا عود فِي الجموع الْمَذْكُورَة، لِأَن الْأَيَّام لَا تعود أبدا، وَإِنَّمَا

الِاسْم عَائِد على السَّبْعَة الْأُخْرَى، وَكَذَا الْأَزْمِنَة والشهور وَالْمُنكر ينْصَرف إِلَى ثَلَاثَة من آحَاد كل صنف بالِاتِّفَاقِ، لِأَنَّهُ أدنى مَا ينْطَلق عَلَيْهِ اسْم الْجمع فَيحمل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُتَيَقن وَاللَّيْل وَالنَّهَار مقرونة بِالْألف وَاللَّام لَا يصلح أَن يُرَاد بهَا غير التَّعْمِيم كالأبد والدهر إِلَّا فِي قصد الْمُبَالغَة مجَازًا وَأَسْمَاء الشُّهُور كرمضان وشوال إِذا لم يضف إِلَيْهَا اسْم شهر يلْزم التَّعْمِيم، وَإِن أضيف احْتمل التَّعْمِيم والتبعيض، كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " من صَامَ رَمَضَان " وَقَوله تَعَالَى: {شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن} وَأَسْمَاء الْأَيَّام كجمعة وسبت كأسماء الشُّهُور إِذا أضيف إِلَيْهَا (يَوْم) احْتمل التَّبْعِيض والتعميم والدهري، بِالْفَتْح: هُوَ الَّذِي يَقُول: الْعَالم مَوْجُود أزلا وأبدا لَا صانع لَهُ {مَا هِيَ إِلَّا حياتنا الدُّنْيَا نموت ونحيا وَمَا يُهْلِكنَا إِلَّا الدَّهْر} و [الدهري] ، بِالضَّمِّ: هُوَ الَّذِي قد أَتَى عَلَيْهِ الدَّهْر وَطَالَ عمره وَمعنى حَدِيث: " لَا تسبوا الدَّهْر فَإِن الدَّهْر هُوَ الله " أَن الله تَعَالَى هُوَ الْفَاعِل لما فِي الدَّهْر، فَإِذا سببتموه وَقع السب على الله لِأَنَّهُ الفعال لما يُرِيد، وَلَو فرض أَن الدَّهْر فَاعل لهَذِهِ الْأَشْيَاء لَكِن لَا خَفَاء فِي أَن ذَلِك بِتَقْدِير الله وإرادته ومشيئته، وَهُوَ الَّذِي أعْطى الدَّهْر الْقُوَّة على الْفِعْل، وَحَقِيقَة الْفِعْل من عِنْد الله وَالْمَشْهُور أَن الْكَلَام على حصر الْمسند أَي الْخَالِق هُوَ الله لَا غَيره، وَلَو قُلْنَا: إِن الله هُوَ الْخَالِق لَكَانَ لحصر الْمسند إِلَيْهِ، وَهَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ صَاحب " الْكَشَّاف " والدهر قد يعد فِي الْأَسْمَاء الْحسنى الدُّعَاء: دَعَاهُ: سَاقه دَعَاهُ بزيد: سَمَّاهُ بِهِ ودعا لَهُ: فِي الْخَيْر، وَعَلِيهِ: فِي الشَّرّ ودعا إِلَيْهِ: طلب إِلَيْهِ وَيَتَعَدَّى إِلَى النَّفْع الْمَطْلُوب بِالْبَاء يُقَال: (دَعَوْت الله بالفلاح) وَالدُّعَاء بِمَعْنى النداء، يتَعَدَّى لوَاحِد؛ وَبِمَعْنى التَّسْمِيَة يتَعَدَّى لاثْنَيْنِ، الأول بِنَفسِهِ، وَالثَّانِي بِحرف الْجَرّ، ثمَّ يَتَّسِع فِي الْجَار فيحذف كَمَا فِي قَوْله: دعتني أخاها أم عَمْرو وَالدُّعَاء لَا يُقَال إِلَّا إِذا كَانَ مَعَه الِاسْم نَحْو: (يَا فلَان) بِخِلَاف النداء، فَإِنَّهُ يُقَال فِيهِ: (يَا) و (أيا) من غير أَن يضم إِلَيْهِ الِاسْم وَقد يسْتَعْمل كل وَاحِد مِنْهُمَا مَوضِع الآخر الدَّعْوَى، فِي اللُّغَة: قَول يقْصد بِهِ إِيجَاب حق على غَيره وَفِي عرف الْفُقَهَاء: مُطَالبَة حق فِي مجْلِس من لَهُ الْخَلَاص عِنْد ثُبُوته وسببها تعلق الْبَقَاء الْمُقدر بتعاطي الْمُعَامَلَات وَشَرطهَا حُضُور الْخصم، ومعلومية الْمُدعى، وَكَونه ملزما على الْخصم وَحكم الصَّحِيحَة مِنْهُ وجوب الْجَواب على الْخصم فِي النَّفْي أَو الْإِثْبَات

وشرعيتها لَيست لذاتها، بل لانقطاعها دفعا للْفَسَاد المظنون ببقائها وَالدَّعْوَى: الدُّعَاء: {وَآخر دَعوَاهُم أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين} والدعوة إِلَى الطَّعَام بِالْفَتْح [كالرحمة] ، وَفِي النّسَب بِالْكَسْرِ [كالنشدة] هَذَا أَكثر كَلَام الْعَرَب وَالدُّعَاء: الرَّغْبَة إِلَى الله وَالْعِبَادَة نَحْو: {وَلَا تدع من دون الله مَا لَا ينفعك وَلَا يَضرك} والاستعانة نَحْو: {وَادعوا شهداءكم} وَالسُّؤَال نَحْو: {ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم} وَالْقَوْل نَحْو: {دَعوَاهُم فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} والنداء نَحْو: {يَوْم يدعوكم} وَالتَّسْمِيَة نَحْو: {لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا} وَالدُّعَاء للقريب، والنداء للبعيد، وَلذَلِك قَالَ الْأَعرَابِي: (أَقَرِيب رَبنَا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟) والداعي: الْمُضْطَر فَلهُ الْإِجَابَة والسائل: الْمُخْتَار فَلهُ المثوبة الدّور: هُوَ توقف كل وَاحِد من الشَّيْئَيْنِ على الآخر فالدور العلمي: هُوَ توقف الْعلم بِكُل من المعلومين على الْعلم بِالْآخرِ والإضافي المعي: هُوَ تلازم الشَّيْئَيْنِ فِي الْوُجُود بِحَيْثُ لَا يكون أَحدهمَا إِلَّا مَعَ الآخر والحكمي: الْحَاصِل بِالْإِقْرَارِ، كأخ أقرّ بِابْن للْمَيت ثَبت نِسْبَة وَلَا يَرث فَإِن توريثه يُؤَدِّي لعدم تَوْرِيث الْأَخ والدور الْمسَاوِي كتوقف كل من المتضايفين على الآخر وَهَذَا لَيْسَ بمحال، إِنَّمَا الْمحَال الدّور التقدمي، وَهُوَ توقف الشَّيْء بمرتبة أَو مَرَاتِب على مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ بمرتبة أَو مَرَاتِب، فَإِذا كَانَ التَّوَقُّف فِي كل وَاحِدَة من الصُّورَتَيْنِ بمرتبة وَاحِدَة كَانَ الدّور مُصَرحًا، وَإِن كَانَ أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا بمراتب كَانَ مضمرا مِثَال التَّوَقُّف بمرتبة كتعريف الشَّمْس بِأَنَّهُ كَوْكَب نهاري، ثمَّ تَعْرِيف النَّهَار بِأَنَّهُ زمَان طُلُوع الشَّمْس فَوق الْأُفق وَمِثَال التَّوَقُّف بمراتب كتعريف الِاثْنَيْنِ بِأَنَّهُ زوج أول، ثمَّ تَعْرِيف الشَّيْئَيْنِ بالاثنين، وَقَالَ بَعضهم: الدّور بمرتبة وَاحِدَة، دور صَرِيح يسْتَلْزم تقدم الشَّيْء على نَفسه بِثَلَاث مَرَاتِب أَو أَكثر (فَيكون أقبح وَأَشد اسْتِحَالَة) ، كَمَا فِي قَوْلك: فهم الْمَعْنى يتَوَقَّف على دلَالَة اللَّفْظ، وَدلَالَة اللَّفْظ يتَوَقَّف على الْعلم بِالْوَضْعِ، وَالْعلم بِالْوَضْعِ يتَوَقَّف بِوَاسِطَة دلَالَة اللَّفْظ على فهم الْمَعْنى، وَهُوَ الدّور الْمُضمر [وَاعْلَم أَن الْأُمُور الْأَرْبَعَة الَّتِي هِيَ التَّعْرِيف بالأخفى والتعريف بِالنَّفسِ والتعريف الدوري والدوري الْمُضمر بَعْضهَا أَشد رداءة من الْبَعْض،

فالتعريف بالأخفى أقوى رداءة من التَّعْرِيف بِالْمثلِ، والتعريف بِالنَّفسِ أقوى رداءة من التَّعْرِيف بالأخفى الَّذِي لَا يتَوَقَّف تصَوره على تصور الْمُعَرّف إِذْ الأخفى يُمكن أَن يصير أجلى بِالنِّسْبَةِ إِلَى شخص أَو إِلَى وَقت، بِخِلَاف نفس الشَّيْء بِالْقِيَاسِ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يعقل فِيهِ ذَلِك والتعريف الدوري أَشد اسْتِحَالَة من التَّعْرِيف بِالنَّفسِ، إِذْ يلْزم فِيهِ تقدم الشَّيْء على نَفسه وتأخره عَنْهَا بمرتبتين، وَفِي التَّعْرِيف بِالنَّفسِ يلْزم ذَلِك بمرتبة والدوري الْمُضمر أَشد اسْتِحَالَة من الدوري الْمُصَرّح، إِذْ يلْزم فِيهِ ذَلِك التَّقْدِيم بمراتب بِخِلَاف الدوري الْمُصَرّح] والدور قرينَة التسلسل غَالِبا، وَقيل: كل مِنْهُمَا بِحَيْثُ إِذا ذكر الآخر مَعَه غَالِبا يدل أَحدهمَا على الآخر والدور يكون فِي التصورات والتصديقات، والمصادرة مَخْصُوصَة بالتصديقات والمصادرة: كَون الْمُدعى عَن الدَّلِيل، أَو عين مُقَدّمَة الدَّلِيل، أَو عين مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ مُقَدّمَة الدَّلِيل، أَو جُزْء مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ مُقَدّمَة الدَّلِيل، والأولان فاسدان بِلَا خلاف، والآخران مَعَ الْخلاف، وَيُقَال لكل مَا لم يَتَحَرَّك وَلم يدر: دوارة وفوارة، بفتحهما، فَإِذا تحرّك أَو دَار فبضمهما والدائرة فِي الأَصْل مصدر أَو اسْم فَاعل من (دَار، بدور) سمي بهَا عقبَة الزَّمَان [الدوران، لُغَة: الطّواف حول الشَّيْء؛ وَاصْطِلَاحا: هُوَ ترَتّب الشَّيْء على الشَّيْء الَّذِي لَهُ صَلَاح الْعلية كترتب الإسهال على شرب السقمونيا، وَالشَّيْء الأول الْمُرَتّب دائر وَالثَّانِي الْمُتَرَتب عَلَيْهِ مدَار، وَهُوَ على ثَلَاثَة أَقسَام: الأول: أَن يكون الْمدَار مدارا للدائرة وجودا لَا عدما، كشرب السقمونيا للإسهال فَإِنَّهُ إِذا وجد وجد الإسهال، وَأما إِذا عدم فَلَا يلْزم عدم الإسهال لجَوَاز حُصُوله بِأَمْر آخر وَالثَّانِي: أَن يكون الْمدَار مدارا للدائرة عدما لَا وجودا كالحياة للْعلم فِي أَنَّهَا إِذا لم تُوجد لم يُوجد الْعلم، وَأما إِذا وجدت فَلَا يلْزم أَن يُوجد الْعلم وَالثَّالِث: أَن يكون الْمدَار مدارا للدائرة وجودا وعدما كَالزِّنَا الصَّادِر عَن الْمُحصن لوُجُوب الرَّجْم عَلَيْهِ فَإِنَّهُ وجد وَجب الرَّجْم، وَكلما لم يُوجد لم يجب] الدَّابَّة: هِيَ تقع على كل ماش فِي الأَرْض عَامَّة، وعَلى الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير خَاصَّة، فَمَا عدا الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة مَخْصُوص من هَذَا الِاسْم بِحكم الِاسْتِعْمَال أَلا يرى أَن هَذَا الِاسْم لَا ينْطَلق على الْآدَمِيّ مَعَ أَنه يدب على وَجه الأَرْض؟ لِأَنَّهُ يُرَاد بِهَذَا الِاسْم فِي عرف الِاسْتِعْمَال الْآدَمِيّ فَصَارَ الْآدَمِيّ مَخْصُوصًا بِحكم عرف الِاسْتِعْمَال، فَكَذَا ماعدا الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة وَالنعَم أَكثر مَا يَقع على الْإِبِل والماشية تقع على الْبَقر والضأن والعوامل تقع على الثيران وَالْإِبِل وَالْبَعِير والجمل وَالْخَيْل والبغل وَالْبَقر وَالْغنم والدجاج كل مِنْهَا ينْطَلق بِحَسب الْوَضع على جنس مَخْصُوص من

الْحَيَوَانَات، فينتظم الذّكر وَالْأُنْثَى كاسم الْآدَمِيّ وَالْإِنْسَان، وَكَذَا البغلة وَالْبَقَرَة وَالشَّاة فَإِنَّهَا أَسمَاء أَجنَاس تتَنَاوَل الذّكر وَالْأُنْثَى، وَالْهَاء فِيهَا للإفراد، كَمَا فِي الْحبَّة والحمامة، والثور والكبش والديك للذّكر، وَكَذَا التيس والناقة والحمارة والنعجة والدجاجة للْأُنْثَى، وَالْهَاء فِي هَذِه الْأَلْفَاظ للتأنيث، وَالْفرس اسْم لنَوْع من الْخَيل، وَهُوَ الْعَرَبِيّ ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى، والبرذون اسْم لغير الْعَرَبِيّ، وَقيل يعم اسْم الْفرس الْعَرَبِيّ وَغَيره عرفا، وَلِهَذَا يُسمى رَاكب الْكل فَارِسًا، كَمَا تخص الدَّابَّة فِي الْعرف اسْتِحْسَانًا بِمَا يركب غَالِبا فِي الْأَمْصَار لقَضَاء الْحَاجة كالفرس والبغل وَالْحمار والرمكة: اسْم للْفرس الْأُنْثَى من الْعَرَبِيّ وَغَيره والكودن: اسْم للْفرس التركي، ذكورها وإناثها والأتان للْأُنْثَى من الْحمار كالحمارة الدُّخُول: هُوَ الِانْفِصَال من خَارج إِلَى دَاخل، كَمَا أَن الْخُرُوج هُوَ الِانْفِصَال من الْمُحِيط إِلَى الْخَارِج وَالدُّخُول إِمَّا للحوق بِالْآخرِ أَو بِالْأولِ، وَذَا لَا يتَصَوَّر فِي الْأُمُور المعنوية وَالدُّخُول مَتى ذكر مَقْرُونا بِكَلِمَة (على) يُرَاد بِهِ الدُّخُول للزيارة: {فَلَمَّا دخلُوا على يُوسُف} وَالْمرَاد الزِّيَارَة قَالَ أَبُو حنيفَة: دخل مُضَافا إِلَى النِّسَاء بِحرف الْبَاء يُرَاد بِهِ الْجِمَاع، وَالِاسْم مُشْتَرك بِدُونِ صلَة، وَهُوَ كاسم الْوَطْء قد يُرَاد بِهِ الْوَطْء بالقدم، فَإِذا قَالُوا وَطئهَا كَانَ كَافِيا لثُبُوت الْإِحْصَان وَلَكِن يَقُول مُحَمَّد بن الْحسن: قد يُقَال (دخل بهَا) وَالْمرَاد (مر بهَا) أَو (خلا بهَا) ، إِلَّا أَن ذَلِك نوع مجَاز، وَالْمجَاز لَا يُعَارض الْحَقِيقَة قيل: اسْتِعْمَال (دخل) مَعَ (فِي) صَحِيح، لَكِن الْأَصَح أَن يسْتَعْمل بِدُونِ (فِي) وَنقل عَن سِيبَوَيْهٍ أَن اسْتِعْمَاله ب (فِي) شَاذ، وَمذهب سِيبَوَيْهٍ فِي (دخلت الْبَيْت) أَنه على حذف حرف الْجَرّ، تَقْدِيره: (دخلت فِي الْبَيْت) أَو (إِلَى الْبَيْت) والدخل، بِسُكُون الْمُعْجَمَة وَفتحهَا: الْعَيْب والريبة وَقَوله تَعَالَى: {لَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانكُم دخلا} أَي: مكرا وخديعة وداخلة الْإِزَار: طرفه الَّذِي يَلِي الْجَسَد وداخلة الرجل: بَاطِن أمره (وَكَذَا الدخل (بِالضَّمِّ) يُقَال: عَالم بدخلته ودخيله وداخلته: الَّذِي يداخله وَيخْتَص بِهِ) والدخيل فِي الصِّنَاعَة: الْمُبْتَدِئ فِيهَا يُقَال: هَذَا دخيل فِي بني فلَان: إِذا انتسب إِلَيْهِم وَلم يكن مِنْهُم وكل كلمة أدخلت فِي كَلَام الْعَرَب وَلَيْسَت مِنْهُ فَهِيَ دخيل، (وَكَذَا الْحَرْف الَّذِي بَين حرف الروي وَألف التأسيس) الدُّنْيَا: اسْم لما تَحت فلك الْقَمَر، وَهِي مؤنث

(أفعل) التَّفْضِيل، فَكَانَ حَقّهَا أَن تسْتَعْمل بِاللَّامِ كالحسنى والكبرى، وَقد تسْتَعْمل مُنكرَة بِأَن خلعت عَنْهَا الوصفية رَأْسا وأجريت مجْرى مَا لم يكن وَصفا، وَإِنَّمَا كَانَ الْقيَاس فِيهَا قلب الْوَاو يَاء، لِأَنَّهَا وَإِن كَانَت صفة إِلَّا أَنَّهَا ألحقت بِسَبَب الِاسْتِقْلَال بالأسماء، وَإِلَّا فقد تقرر فِي مَوْضِعه أَن هَذَا الْقيَاس إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَسْمَاء دون الصِّفَات الدّفع: هُوَ صرف الشَّيْء قبل الْوُرُود، كَمَا أَن الرّفْع صرف الشَّيْء بعد وُرُوده، وَإِذا عدي (دفع) ب (إِلَى) فَمَعْنَاه الإنالة نَحْو: {فادفعوا إِلَيْهِم أَمْوَالهم} وَإِذا عدي ب (عَن) فَمَعْنَاه الحماية قَالَ الله تَعَالَى: {إِن الله يدافع عَن الَّذين آمنُوا} الدَّاء: هُوَ مَا يكون فِي الْجوف والكبد والرثة وَالْمَرَض: هُوَ مَا يكون فِي سَائِر الْبدن، والأطباء جعلُوا الْأَلَم من الْأَعْرَاض دون الْأَمْرَاض والدواء: اسْم لما اسْتعْمل لقصد إِزَالَة الْمَرَض والألم، بِخِلَاف الْغذَاء، فَإِنَّهُ اسْم لقصد تربية الْبدن وإبقائه الدَّار: اسْم للعرصة عِنْد الْعَرَب والعجم، وَهِي تشْتَمل مَا هُوَ فِي معنى الْأَجْنَاس، لِأَنَّهَا تخْتَلف اخْتِلَافا فَاحِشا باخْتلَاف الْأَغْرَاض وَالْجِيرَان والمرافق والمحال والبلدان وَالْبناء: وصف فِيهَا، وَالْمرَاد بِالْوَصْفِ لَيْسَ صفة عرضية قَائِمَة بجوهر، كالشباب والشيخوخة وَنَحْوهمَا، بل يَتَنَاوَلهَا ويتناول أَيْضا جوهرا قَائِما بجوهر آخر يزِيد قِيَامَة بِهِ حسنا وكمالا وَيُورث انتقاصه عَنهُ قبحا ونقصانا الدولة؛ بِالضَّمِّ: يُقَال فِي غَلَبَة المَال و [الدولة] بِالْفَتْح فِي الْحَرْب، أَو هما سَوَاء، أَو بِالضَّمِّ فِي الْآخِرَة، وبالفتح فِي الدُّنْيَا ودالت الْأَيَّام: دارت وَالله يداولها بَين النَّاس والدول: انقلاب الدَّهْر من حَال إِلَى حَال والدولة فِي الْحَرْب: هِيَ أَن تداول إِحْدَى الفئتين على الْأُخْرَى وَمعنى دواليك أَي: إدالة بعد إدالة، وَلم يسْتَعْمل لَهُ مُفْرد فَكَأَنَّهُ تَثْنِيَة (دوال) ، كَمَا أَن (حواليك) تَثْنِيَة (حوال) الدرجَة: هِيَ نَحْو الْمنزلَة، إِلَّا أَنَّهَا تقال إِذا اعْتبرت بالصعود كَمَا فِي الْجنان دون الامتداد والبسط والدرك للسافل كَمَا فِي النيرَان وَقَوله تَعَالَى: {وَلكُل دَرَجَات مِمَّا عمِلُوا} فَمن بَاب التغليب، أَو المُرَاد الرتب المتزايدة، إِلَّا أَن زِيَادَة أهل الْجنَّة فِي الْخيرَات والطاعات، وَزِيَادَة أهل الشَّرّ فِي الْمعاصِي والسيئات الديَّان: القهار وَالْقَاضِي وَالْحَاكِم والسائس والحاسب والمجازي الَّذِي لَا يضيع عملا بل يَجْزِي بِالْخَيرِ وَالشَّر والديموم والديمومة: الفلاة الواسعة

الدستور (بِالضَّمِّ) : مُعرب، وَهُوَ الْوَزير الْكَبِير الَّذِي يرجع فِي أَحْوَال النَّاس إِلَى مَا رسمه وَفِي الأَصْل: الدفتر الْمجمع فِيهِ قوانين المملكة والتفتر: لُغَة فِيهِ. والمنشور: هُوَ مَا كَانَ غير مختوم من كتب السُّلْطَان والطومار: الصَّحِيفَة. الدابر: التَّابِع، وَآخر كل شَيْء والدبر، محركة: رَأْي يسنح أخيرا عِنْد فَوت الْحَاجة، وَالصَّلَاة فِي آخر وَقتهَا، وتسكن الْبَاء وَلَا تقل بِضَمَّتَيْنِ، فَإِنَّهُ من لحن الْمُحدثين الدرْع: عَن الْحلْوانِي: هُوَ مَا كَانَ جيبه على الصَّدْر والقميص: مَا كَانَ شقَّه على الْكَتف قَالَ صَاحب " الْمغرب ": وَلم أَجِدهُ أَنا فِي كتب اللُّغَة وَدرع الْحَدِيد: مؤنث وَدرع الْمَرْأَة: قميصها وَهُوَ مُذَكّر الدَّرْب، هُوَ بَاب السِّكَّة الواسعة، وَالْبَاب الْأَكْبَر، وكل مدْخل إِلَى الرّوم، أَو النَّافِذ، بِالتَّحْرِيكِ وَغَيره بِالسُّكُونِ الدولاب: هُوَ مَا يديره الْحَيَوَان والناعورة: مَا يديره المَاء الداهية: هِيَ مَا يُصِيب الشَّخْص من نوب الدَّهْر الْعَظِيمَة الدِّرَايَة: مَعْنَاهَا الْعلم المقتبس من قَوَاعِد النَّحْو وقواعد الْعقل دَار الْإِسْلَام: هُوَ مَا يجْرِي فِيهِ حكم إِمَام الْمُسلمين وَدَار الْحَرْب: مَا يجْرِي فِيهِ أَمر رَئِيس الْكَافرين وَفِي " الزَّاهدِيّ ": دَار الْإِسْلَام مَا غلب فِيهِ الْمُسلمُونَ وَكَانُوا فِيهِ آمِنين، وَدَار الْحَرْب: مَا خَافُوا فِيهِ من الْكَافرين دون: ظرف مَكَان مثل (عِنْد) ، لكنه يُنبئ عَن دنو أَي: قرب كثير وانحطاط قَلِيل، يُوجد كِلَاهُمَا فِي قَوْله (أدنى مَكَان من الشَّيْء) ثمَّ اتَّسع فِيهِ وَاسْتعْمل فِي انحطاط المحسوس، لَا يكون فِي الْمَكَان كقصر الْقَامَة مثلا، ثمَّ استعير مِنْهُ بتفاوت فِي الْمَرَاتِب المعنوية تَشْبِيها لَهَا بالمراتب المحسوسة، وشاع اسْتِعْمَاله فِيهَا أَكثر من اسْتِعْمَاله فِي الأَصْل، فَقيل: (زيد دون عَمْرو فِي الشّرف) ثمَّ اتَّسع فِي هَذَا الْمُسْتَعَار فَاسْتعْمل فِي كل تجَاوز حد وتخطي حكم إِلَى حكم وَإِن لم يكن هُنَاكَ تفَاوت وانحطاط، وَهُوَ فِي هَذَا الْمَعْنى مجَاز فِي الْمرتبَة الثَّالِثَة، وَفِي هَذَا الْمَعْنى قريب من أَن يكون بِمَعْنى (غير) كَأَنَّهُ أَدَاة الِاسْتِثْنَاء نَحْو: {وَالَّذين اتَّخذُوا من دونه أَوْلِيَاء} وَيسْتَعْمل للاختصاص وَقطع الشّركَة تَقول: (هَذَا لي دُونك، أَو من دُونك) أَي: لَا حق لَك فِيهِ وَلَا نصيب، وَفِي غير هَذَا الِاسْتِعْمَال يَأْتِي بِمَعْنى الانتقاص فِي الْمنزلَة أَو الْمَكَان أَو الْمِقْدَار والتدلي: هُوَ الامتداد من علو إِلَى سفل هَذَا أَصله، ثمَّ اسْتعْمل فِي الْقرب من الْعُيُوب، وَيكون حسا أَو معنى كالدنو، فالقرب الْمُسْتَفَاد من التدلي أخص من الْقرب الْمُسْتَفَاد من الدنو والتدلي: تكلّف الْقرب، وتطلبه فَيكون قبل

الْقرب، أَو بِمَعْنى التَّعَلُّق فِي الْهَوَاء بعد الدنو، أَو بِمَعْنى التدلل أَي التلطف والأدنى: يعبر بِهِ تَارَة عَن الْأَصْغَر، فيقابل بالأكبر: {وَلَا أدنى من ذَلِك وَلَا أَكثر} وَتارَة عَن الأرذل فيقابل بِالْخَيرِ: {أتستبدلون الَّذِي هُوَ أدنى بِالَّذِي هُوَ خير} وَتارَة عَن الأول فيقابل الآخر: {خسر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} وَتارَة عَن الْأَقْرَب فيقابل بالأقصى: {ذَلِك أدنى أَن يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ} أَي: أقرب لنفوسهم ودونك: اسْم من أَسمَاء الْأَفْعَال، وَضعه الأول - وَهُوَ الْوَضع الظرفي - لَغْو فِي اعْتِبَار اسميتها وَإِلَّا لم تكن كلمة، ومعتبر فِيهَا، لِأَن عدم الاقتران إِنَّمَا يتَحَقَّق بِهِ وَوَضعه الثَّانِي مُعْتَبر لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِهِ يكون كلمة، ولغو، لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِهِ لَا يكون غير مقترن وَدون الْكتب (مشددا) : جمعهَا، لِأَن جمع الْأَشْيَاء إدناء بَعْضهَا من بعض دون النَّهر أَسد أَي: قبل وُصُوله وَدون قدمك أَي: تحتهَا وَفُلَان شرِيف يجب أَخذه دون ذَلِك: أَي فَوق مَا كَانَ وَيُقَال فِي الإغراء بالشَّيْء دونكه أَي: خُذْهُ ودونك زيدا: الزمه [والدنيء: مَهْمُوز لَيْسَ من تركيب (دون) بِوَجْه] [نوع] {ذَلِك الدّين} : الْقَضَاء {دَاب} : حَال {كدأب} : كصنيع {وكأسا دهاقا} : ملآن {دحورا} : طردا {دلوك الشَّمْس} : زَوَالهَا {دمرنا} : أهلكنا {دري} : مضيء، بالحبشية {دينهم} : حسابهم {دراستهم} : تلاوتهم {فِيهَا دفء} : أَي مَا يدفأ بِهِ فيقي من الْبرد {لَوْلَا دعاؤكم} : أَيْمَانكُم {بِدِينَار} : فَارسي ذكره الجواليقي {دائبين} : دائمين مُطِيعِينَ {أَيْمَانكُم دخلا} : أَي مكرا وخديعة

فصل الذال

{مَاء دافق} : بِمَعْنى ذِي دفق وَهُوَ صب فِيهِ دفع {خَابَ من دساها} : نَقصهَا وأخفاها بالجهالة والفسوق [لِأَن الْبَخِيل يخفي منزله وَمَاله، أَو دس نَفسه مَعَ الصَّالِحين وَلَيْسَ مِنْهُم، أَو خابت نفس دساها الله] {فدمدم} : فأطبق. {فدكتا دكة وَاحِدَة} : فَضربت الحملتان بَعْضهَا بِبَعْض ضَرْبَة وَاحِدَة فَتَصِير الْكل هباء {دانية} : مسترخية {لَا تخَاف دركا} : أَي إدراكا، أَي آمنا من أَن يدرككم الْعَدو {ديارًا} : أحدا {جعله دكاء} : مدكوكا مَبْسُوطا مسوى بِالْأَرْضِ {داحضة} : زائلة بَاطِلَة {دسر} : مسامير {كالدهان} : كعصير الزَّيْت {داخرين} : صاغرين {وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها} : بسطها ومهدها دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: هُوَ ابْن إيشا، بِالْكَسْرِ وَسُكُون التَّحْتِيَّة والشين الْمُعْجَمَة ابْن عُوَيْد، كجعفر، بِمُهْملَة وموحدة جمع لَهُ النُّبُوَّة وَالْملك، وعاش مئة سنة، مُدَّة ملكه مِنْهَا أَرْبَعُونَ سنة [ {أَن دعوا للرحمن ولدا} : أَي سموا أَو من (دَعَا) بِمَعْنى نسب الَّذِي مطاوعه ادّعى إِلَى فلَان إِذا انتسب إِلَيْهِ {مَا ترك على ظهرهَا من دَابَّة} : من نسمَة تدب عَلَيْهَا، أَو الْإِنْس وَحده {دابر الْقَوْم} : آخِرهم {عَلَيْهِم دَائِرَة السوء} : أَي عَلَيْهِم يَدُور من الدَّهْر مَا يسوؤهم {دَعوَاهُم فِيهَا} : أَي قَوْلهم وَكَلَامهم. {دأبا} : جدا فِي الزِّرَاعَة والمتابعة {بِدُخَان مُبين} : أَي جَدب حَتَّى يرى الجائع فِيهِ بَينه وَبَين السَّمَاء دخانا من شدَّة الْجُوع {كَيْلا يكون دولة بَين الْأَغْنِيَاء} : كي لَا يتداوله الْأَغْنِيَاء بَينهم] (فصل الذَّال) [الذِّمَّة] : كل حَرَكَة يلزمك من تضييعها الذَّم يُقَام لَهَا ذمَّة، وَتجمع على (ذمّ) و (ذمام) و (ذمم)

[وَهِي لُغَة: الْعَهْد لِأَن نقضه يُوجب الذَّم، وَمِنْه يُقَال: أهل الذِّمَّة للمعاهدين من الْكفَّار وَشرعا: مُخْتَلف فِيهَا فَمنهمْ من جعلهَا وَصفا وَعرفهَا بِأَنَّهَا وصف يصير الشَّخْص بِهِ أَهلا للْإِيجَاب لَهُ وَعَلِيهِ، وَظَاهر كَلَام أبي زيد فِي " التَّقْوِيم " يُشِير إِلَى أَن المُرَاد بِالذِّمةِ الْعقل وَمِنْهُم من جعلهَا ذاتا وَهُوَ اخْتِيَار فَخر الْإِسْلَام عَلَيْهِ الرَّحْمَة، وَلِهَذَا عرفهَا بِأَنَّهَا نفس لَهَا عهد فَإِن الْإِنْسَان يُولد وَله ذمَّة صَالِحَة للْوُجُوب لَهُ وَعَلِيهِ بِإِجْمَاع الْفُقَهَاء حَتَّى يثبت لَهُ ملك الرَّقَبَة وَملك النِّكَاح وَيلْزمهُ عشر أرضه وخراجها بِالْإِجْمَاع وَغير ذَلِك من الْأَحْكَام، وَهَذِه الذِّمَّة الصَّالِحَة للْوُجُوب لَهُ وَعَلِيهِ إِنَّمَا تثبت لَهُ بِنَاء على الْعَهْد السَّابِق الَّذِي جرى بَين العَبْد وَبَين ربه جلّ وَعلا يَوْم الْمِيثَاق كَمَا أخبر الله تَعَالَى بقوله: {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} حَتَّى الْتزم بِهَذَا الْعَهْد جَمِيع مَا يُمكن أَن يجب عَلَيْهِ من الْحُقُوق عِنْد تحقق أَسبَابهَا، فَإِذا وجد سَبَب حق وَلزِمَ ذَلِك عَلَيْهِ قيل: وَجب فِي ذمَّته، أَي هَذَا الْوَاجِب مِمَّا دخل فِي عَهده الْمَاضِي وَلزِمَ عَلَيْهِ بِحكم ذَلِك الْعَهْد غير أَن الْوُجُوب غير مَقْصُود بِنَفسِهِ بل بحكمة وَهِي الْأَدَاء على اخْتِيَار حَتَّى يظْهر الْمُطِيع بِهِ عَن العَاصِي فَيتَحَقَّق الِابْتِلَاء الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى: {ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا} فَجَاز أَن يَنْعَدِم الْوُجُوب لِانْعِدَامِ حكمه كَمَا يَنْعَدِم بانعدام سَببه وَمحله] . (قَالَ أَبُو زيد: (مذمة) ، بِكَسْر الذَّال من (الذمام) وبالفتح من (الذَّم) والذم لَا يسْتَعْمل إِلَّا لإِظْهَار سوء بِقصد التعييب والذم قد يعبر بِهِ عَمَّا يقدم عَلَيْهِ بِقصد النصح) الذَّات: هُوَ مَا يصلح أَن يعلم ويخبر عَنهُ، مَنْقُول عَن مؤنث (ذُو) بِمَعْنى الصاحب، لِأَن الْمَعْنى الْقَائِم بِنَفسِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يقوم بِهِ يسْتَحق الصاحبية والمالكية ولمكان النَّقْل لم يعبروا أَن التَّاء للتأنيث عوضا عَن اللَّام المحذوفة فأجروها مجْرى الْأَسْمَاء المستقلة فَقَالُوا: ذَات قديم وَذَات مُحدث، وَقيل: التَّاء فِيهِ كالتاء فِي الْوَقْت وَالْمَوْت، فَلَا معنى لتوهم التَّأْنِيث، وَقد يُطلق الذَّات وَيُرَاد بِهِ الْحَقِيقَة، وَقد يُطلق وَيُرَاد بِهِ مَا قَامَ بِذَاتِهِ، وَقد يُطلق وَيُرَاد بِهِ المستقل بالمفهومية، ويقابله الصّفة بِمَعْنى غير مُسْتَقل بالمفهوميه، وَقد يسْتَعْمل اسْتِعْمَال النَّفس وَالشَّيْء فَيجوز تأنيثه وتذكيره، وَقد يُطلق الذَّات وَيُرَاد بِهِ الرِّضَا، وَعَلِيهِ حَدِيث: " إِن من أعظم النَّاس أجرا الْوَزير الصَّالح من أَمِير يتبعهُ فِي ذَات الله " المُرَاد مِنْهُ طلب رضوَان الله وَكَذَا حَدِيث: " إِن إِبْرَاهِيم لم يكذب إِلَّا فِي ثَلَاث، ثِنْتَيْنِ فِي ذَات الله " أَي فِي طلب مرضاته وَقد يُرَاد بِالذَّاتِ مَفْهُوم الشَّيْء كَمَا فِي قَوْله: الضاحك اللَّاحِق بالكاتب فَإِنَّهُ يُرَاد مَفْهُوم الْكَاتِب دون الذَّات الَّذِي يصدق عَلَيْهِ الْكَاتِب وَلَفظ الذَّات وَإِن لم يرد بِهِ التَّوْقِيف، لكنه بِمَعْنى مَا ورد بِهِ التَّوْقِيف، وَهُوَ الشَّيْء وَالنَّفس إِذْ معنى النَّفس فِي حَقه تَعَالَى الْمَوْجُود الَّذِي تقوم بِهِ الصِّفَات

فَكَذَا الذَّات، مَعَ أَنَّهُمَا يصدقان فِي اللُّغَة على مَا يقوم بِنَفسِهِ، فَتكون الْإِضَافَة فِي ذَات الله من بَاب إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه: بدن الرجل وَكَذَا نفس الله، فَلَا حَاجَة إِلَى اعْتِبَار المشاكلة فِي قَوْله تَعَالَى: {تعلم مَا فِي نَفسِي وَلَا أعلم مَا فِي نَفسك} بعد وُرُود الشَّرْع وَالْكَلَام فِي إِطْلَاق الْأَسَامِي الَّتِي لم ترد فِي الشَّرْع لَا فِي تَعْبِير الصِّفَات بهَا وَهُوَ ضَرُورِيّ ثمَّ إِنَّه يجوز إِطْلَاق اسْم الشَّيْء وَالْمَوْجُود والذات بِالْعَرَبِيَّةِ والفارسية للحق تَعَالَى، وَلَا يجوز إِطْلَاق اسْم النُّور وَالْوَجْه وَالْيَد وَالْعين وَالْجنب وَالنَّفس بِالْفَارِسِيَّةِ من غير التَّأْوِيل لِأَنَّهَا من المتشابهات بِخِلَاف الأولى وَيجوز إِطْلَاق بعض الْأَلْفَاظ مُضَافَة، وَلَا يجوز بِدُونِ الْإِضَافَة كَقَوْلِه: رفيع الدَّرَجَات وقاضي الْحَاجَات وَلَا يُضَاف الشَّيْء إِلَى الله، فَلَا يُقَال شَيْء الله، لِأَنَّهُ بِمَعْنى الشائي فِي حَقه تَعَالَى، وَاسم الْفَاعِل الْمُتَعَدِّي لَا يُضَاف إِلَى موصوفه، بِخِلَاف قَوْلنَا: صفة الله، فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَة علم الله، فَهُوَ من بَاب إِضَافَة التَّخْصِيص، وَالْمُخْتَار فِي ذَات الله عدم انحلاله إِلَى الْمَاهِيّة الْكُلية وَالتَّعْيِين، بل هُوَ مُتَعَيّن بِذَاتِهِ، وَالْمَوْجُود حَقِيقَة هُوَ الذَّات المتصفة بِالْقُدْرَةِ والإرادة وَالْعلم والحياة، فَجَمِيع الصِّفَات الْمُتَعَلّقَة مصححة بِحُصُول الْآثَار من الذَّات كل بِحَسبِهِ. قَالَ الْمَنَاوِيّ: الذَّات الْعلية هِيَ الْحَقِيقَة الْعُظْمَى وَالْعين القيومية المستلزمة لكل سبوحية قدوسية فِي كل جلال وجمال استلزاما لَا يقبل الانفكاك الْبَتَّةَ [فسبحان من جلّ ذَاته المقدسة عَمَّا يحول بِهِ الوسواس، وَعظم عَمَّا تتكيفه الْحَواس، وَكبر عَمَّا يحكم بِهِ الْقيَاس، لَا يصوره خيال وَلَا يشاكله مِثَال وَلَا ينوبه زَوَال وَلَا يشوبه انْتِقَال وَلَا يلْحقهُ فكر وَلَا يحصره ذكر] وَذَات يَوْم: من قبيل إِضَافَة الْمُسَمّى إِلَى اسْمه، أَي مُدَّة مصاحبة هَذَا الِاسْم وَنَظِيره: خرجت ذَات مرّة وَذَات لَيْلَة يُقَال: لاقيته ذَات يَوْم وَذَات لَيْلَة وَذَات مرّة وَذَات غَدَاة، وَلم يَقُولُوا ذَات شهر وَلَا ذَات سنة، وَيُقَال: ذَا غبوق وَذَا صبوح بِغَيْر تَاء فِي هذَيْن الحرفين وَفِي حَوَاشِي " الْمِفْتَاح ": ذَات مرّة مَنْصُوب على الظَّرْفِيَّة، صفة لزمان مَحْذُوف تَقْدِيره: زمَان ذَات مرّة وَقد يُضَاف إِلَى مُذَكّر ومؤنث، وَفِي " الْكَشَّاف ": الذَّات مقحمة تزيينا للْكَلَام وَالْحق أَنه من إِضَافَة الْعَام إِلَى الْخَاص كَمَا فِي بعض حَوَاشِي " الْمِفْتَاح " وكلمته فَمَا رد عَليّ ذَات شفة: أَي كلمة {عليم بِذَات الصُّدُور} : أَي بواطنها وخفاياها {وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم} : أَي حَقِيقَة وصلكم أَو الْحَالة الَّتِي بَيْنكُم {وَذَات الْيَمين وَذَات الشمَال} : أَي جِهَته وَيُقَال: قلت ذَات يَده: أَي مَا ملكت يَدَاهُ وعرفه من ذَات نَفسه: يَعْنِي سَرِيرَته المضمرة الذِّهْن: القابلية والفهم والإدراك

وَقد يُطلق الذِّهْن وَيُرَاد بِهِ قوتنا المدركة، وَهُوَ الشَّائِع، وَقد يُطلق وَيُرَاد بِهِ الْقُوَّة المدركة مُطلقًا، سَوَاء كَانَت النَّفس الناطقة الإنسانية أَو آلَة من آلَات إِدْرَاكهَا، أَو مُجَرّد آخر، وَهَذَا الْمَعْنى هُوَ المُرَاد فِي الْوُجُود الذهْنِي، وَكَذَا الْخَارِج يُطلق على مَعْنيين: أَحدهمَا الْخَارِج عَن الذِّهْن مُطلقًا، وَهُوَ الْمَشْهُور الْمَذْكُور غَائِبا، وَثَانِيهمَا: الْخَارِج عَن النَّحْو الفرضي من الذِّهْن، لَا من الذِّهْن مُطلقًا، وَالْخَارِج بِهَذَا الْمَعْنى أَعم من الْخَارِج بِالْمَعْنَى الأول، لتنَاوله لَهُ، وللنحو غير الفرضي من الذِّهْن، وَهُوَ المُرَاد من الْخَارِج فِي قَوْلهم: صِحَة الحكم مطابقته لما فِي الْخَارِج، فالموجود والخارجي على نحوين: أَحدهمَا الْحُصُول بِالذَّاتِ لَا بالصورة، وَذَلِكَ الْحُصُول أَعم من الْوُجُود فِي نفس الْأَمر من وَجه لتحقيق الأول دون الثَّانِي فِي المخترعات الذهنية، وَبِدُون الأول فِي الموجودات الخارجية. [وَاعْلَم أَن الْمُتَكَلِّمين والحكماء نازعوا فِي الْوُجُود الذهْنِي، وَاخْتلف فِي تعْيين مَحل النزاع، وَالَّذِي يظْهر فِي تعْيين الْمحل هُوَ أَن للنار مثلا وجودا بِهِ يظْهر عَنْهَا أَحْكَامهَا وتصدر عَنْهَا آثارها من الإضاءة والإحراق وَغَيرهمَا وَهَذَا الْوُجُود يُسمى عينيا وخارجيا وَأَصِيلا، وَهَذَا مِمَّا لَا نزاع فِيهِ بَين أَرْبَاب النّظر إِنَّمَا النزاع فِي أَن لَهَا سوى الْوُجُود الْمَذْكُور وجودا آخر لَا يَتَرَتَّب بِهِ عَلَيْهَا تِلْكَ الْأَحْكَام والْآثَار، فالحكماء أثبتوه وَعَامة الْمُتَكَلِّمين أنكروه] ثمَّ الْمَوْجُود فِي الذِّهْن عِنْد المثبتين الْوُجُود الذهْنِي هُوَ نفس الْمَاهِيّة الَّتِي تُوصَف بالوجود الْخَارِجِي، وَالِاخْتِلَاف بَينهمَا بالوجود دون الْمَاهِيّة، وَلذَا قَالَ صَاحب " المحاكمات ": الْأَشْيَاء فِي الْخَارِج أَعْيَان، وَفِي الذِّهْن صور وَذكر الإِمَام فِي شرح " الإشارات أَن استعداد النَّفس لِاكْتِسَابِ الْعُلُوم يُسمى ذهنا، وجودة ذَلِك الاستعداد يُسمى فطنة وَقد تسْتَعْمل الفطنة كثيرا فِي الرموز والإشارات الذكاء: شدَّة قُوَّة النَّفس معدة لِاكْتِسَابِ الآراء بِحَسب اللُّغَة وَفِي الِاصْطِلَاح: قد يسْتَعْمل فِي الفطانة يُقَال (رجل ذكي) و (فلَان من الأذكياء) يُرِيدُونَ بِهِ الْمُبَالغَة فِي فطانته كَقَوْلِهِم: (فلَان شعلة نَار) وذكاء: اسْم الشَّمْس وَابْن ذكاء: اسْم للصبح وَذَاكَ أَنه يتَصَوَّر الصُّبْح ابْنا للشمس الذّكر؛ بِالْكَسْرِ لَهُ مَعْنيانِ: أَحدهمَا: التَّلَفُّظ بالشَّيْء وَالثَّانِي: إِحْضَاره فِي الذِّهْن بِحَيْثُ لَا يغيب عَنهُ، وَهُوَ ضد النسْيَان و [الذّكر] ، بِالضَّمِّ: للمعنى الثَّانِي لَا غير وَإِذا أُرِيد بِالذكر الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ يجمع على (أذكار) وَهُوَ الْإِتْيَان بِأَلْفَاظ ورد التَّرْغِيب فِيهَا، وَيُطلق وَيُرَاد بِهِ الْمُوَاظبَة على الْعَمَل بِمَا أوجبه أَو ندب إِلَيْهِ كالتلاوة وَقِرَاءَة الْأَحَادِيث ودرس الْعلم، وَالنَّفْل بِالصَّلَاةِ. وَفعل الذّكر يتَعَدَّى إِلَى مَفْعُوله الثَّانِي مرّة ب (على) وَمرَّة بِاللَّامِ. نَحْو: (ذكرته لَهُ) ، {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ} وَفِي " الْمُحِيط ": إِذا اسْتعْمل بعلى يُرَاد الذّكر

بِاللِّسَانِ، وَإِذا ذكر بِقَلْبِه غير مقرون بعلى وَقَالَ بَعضهم: يُقَال (ذكرته) إِذا كَانَ ذكر الْقلب، لِأَنَّهُ غير علاج، وَأما ذكر اللِّسَان فَهُوَ علاج كالقول لِأَن الْقَائِل يعْمل بتحريك لِسَانه وَذكر اللِّسَان نَحْو: {فاذكروا الله كذكركم آبَاءَكُم أَو أَشد ذكرا} وَذكر الْقلب نَحْو: {ذكرُوا الله فاستغفروا لذنوبهم} فَيكون بِمَعْنى الْحِفْظ نَحْو {واذْكُرُوا مَا فِيهِ} وَالطَّاعَة وَالْجَزَاء نَحْو: {فاذكروني أذكركم} والصلوات الْخمس نَحْو: {فَإِذا أمنتم فاذكروا الله} وَالْبَيَان: {أَو عجبتم أَن جَاءَكُم ذكر من ربكُم} والْحَدِيث: {اذْكُرْنِي عِنْد رَبك} وَالْقُرْآن: {وَمن أعرض عَن ذكري} والتوراة: {فاسألوا أهل الذّكر} والشرف: {وَإنَّهُ لذكر لَك} {ص وَالْقُرْآن ذِي الذّكر} وَالْعَيْب: {أَهَذا الَّذِي يذكر آلِهَتكُم} واللوح الْمَحْفُوظ: {من بعد الذّكر} وَالثنَاء: {واذْكُرُوا الله كثيرا} وَالْوَحي: {فالتاليات ذكرا} وَالرَّسُول: {ذكرا رَسُولا} وَالصَّلَاة: {وَلذكر الله أكبر} وَصَلَاة الْجُمُعَة: {فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} وَصَلَاة الْعَصْر: {عَن ذكر رَبِّي} وذكرى: مصدر بِمَعْنى الذّكر، وَلم يجِئ مصدر على (فعلى) غير هَذَا. {وذكرى للْمُؤْمِنين} : اسْم للتذكير {وذكرى لأولي الْأَلْبَاب} : عِبْرَة لَهُم {وأنى لَهُ الذكرى} : من أَيْن لَهُ التَّوْبَة {وذكرى الدَّار} : أَي: يذكرُونَ الدَّار الْآخِرَة ويزهدون فِي الدُّنْيَا {فَأنى لَهُم إِذا جَاءَتْهُم ذكراهم} : أَي: فَكيف لَهُم إِذا أَتَتْهُم السَّاعَة بذكراهم وَمَا زَالَ مني على ذكر، وَيكسر: أَي تذكر والتذكرة: مَا تستذكر بِهِ الْحَال وَالْقُرْآن ذكر فذكروه: أَي جليل نبيه خطير فأجلوه واعرفوا لَهُ ذَلِك وصفوه بِهِ، أَو إِذا اختلفتم فِي الْيَاء وَالتَّاء فاكتبوه بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّة

[وَذكروا الْقُرْآن] صرح بِهِ ابْن مَسْعُود [رَضِي الله عَنْهُمَا] ، وَالْمرَاد أَنه إِذا احْتمل اللَّفْظ التَّذْكِير والتأنيث وَلم يحْتَج فِي التَّذْكِير إِلَى مُخَالفَة الْمُصحف فَذكره نَحْو: {وَلَا يقبل مِنْهَا شَفَاعَة} ] والذكور: جمع الذّكر الَّذِي هُوَ خلاف الْأُنْثَى والمذاكير: جمع الذّكر الَّذِي هُوَ الْعُضْو الْمَخْصُوص وَهُوَ جمع على غير قِيَاس والمذكر: الْمَرْأَة الَّتِي ولدت مذكراً. الذَّبِيحَة: هُوَ مَا سيذبح من النعم، فَإِنَّهُ نقل عَن الوصفية إِلَى الاسمية، إِذْ الذَّبِيح مَا ذبح، كَمَا فِي " الرضي " وَغَيره، فَلَيْسَ الذَّبِيحَة المذكاة كَمَا ظن، وَمن الظَّن أَيْضا أَن أُرِيد بالذبيحة مَقْطُوع الرَّأْس، وبالتذكية مَقْطُوع الْأَوْدَاج، بل التذكية الذّبْح لُغَة، وَالِاسْم: الذَّكَاة وتسييل الدَّم النَّجس شرعا وَالْمرَاد بالذبيحة ذبح الذباح، بِالْفَتْح، فَإِنَّهُ لُغَة الشق، وَشَرِيعَة: قطع الْحُلْقُوم من بَاطِن عِنْد الفصيل، وَهُوَ مفصل مَا بَين الْعُنُق وَالرَّأْس، ثمَّ إِن الذّبْح لَو صدر من أَهله فِي مَحَله تحل ذَبِيحَته وَلَو كَانَ نَاسِيا للتسيمة عندنَا، [إِذْ النَّاسِي لَيْسَ بتارك، بل هُوَ ذَاكر شرعا، إِذْ الشَّرْع فِي هَذِه الْحَالة أَقَامَ الْملَّة مقَام الذّكر تَخْفِيفًا عَلَيْهِ كَمَا أَقَامَ الْأكل نَاسِيا مقَام الْإِمْسَاك فِي الصَّوْم] وَقَالَ عَطاء رَضِي الله عَنهُ: كل مَا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ من طَعَام وشراب فَهُوَ حرَام متمسكا بِعُمُوم مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَإنَّهُ لفسق} وَلما احْتمل أَن يكون مجَازًا عَن الذّبْح خصها غَيره بالذبيحة ليساق الْآيَة، فَقَالَ مَالك: مَتْرُوك التَّسْمِيَة من الذَّبَائِح عمدا أَو سَهوا حرَام، وَقَالَ الشَّافِعِي: مَتْرُوك التَّسْمِيَة حَلَال عمدا أَو سَهوا، وَلما احْتمل أَيْضا أَن يكون المُرَاد التَّلَفُّظ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْد الذّبْح حمل عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّة، وَخص مِنْهُم النَّاسِي لَهَا فَتحل ذَبِيحَته، لِأَن الْكَلَام إِذا احْتمل أَن يكون فِيهِ تَخْصِيص ومجاز فَحَمله على التَّخْصِيص أولى، لِأَن دلَالَة الْعَام على أَفْرَاده بعد التَّخْصِيص يحْتَمل أَن تكون حَقِيقَة، وَدلَالَة الْمجَاز على مَعْنَاهُ الْمجَازِي لَا تحْتَمل ذَلِك لكَونه خلاف الْإِجْمَاع، والحقيقة راجحة على الْمجَاز، والمحتمل للراجح رَاجِح وَاسْتدلَّ الشَّافِعِي بِوُجُوه مِنْهَا: أَن الْوَاو فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإنَّهُ لفسق} للْحَال، فَتكون جملَة الْحَال مفيدة للنَّهْي، وَالْمعْنَى: لَا تَأْكُلُوا فِي حَالَة كَونه فسقا، وَمَفْهُومه جَوَاز الْأكل إِذا لم يكن فسقا، وَالْفِسْق قد فسره الله تَعَالَى بقوله: {أَو فسقا أهل لغير الله بِهِ} إِذْ الْمَعْنى: وَلَا تَأْكُلُوا مِنْهُ إِذا سمي عَلَيْهِ غير الله، وَمن هُنَا خص الْآيَة بالميتة وذبيحة الْمُشْركين، فَإِن المجادلة إِنَّمَا كَانَت فِي الْميتَة، فَإِن الْمُشْركين قَالُوا: كَيفَ يَأْكُلُون مَا قَتله الصَّقْر والبازي وَلَا يَأْكُلُون مَا قَتله الله؟ وَقد أنكر أَبُو حنيفَة المفاهيم الْمُخَالفَة لمنطوقاتها كلهَا فَلم يحْتَج بِشَيْء مِنْهَا فِي كَلَام الشَّارِع فَقَط كَمَا نَقله ابْن الْهمام فِي تحريره، فَإِن مَفْهُوم

الْمُخَالفَة لَو ثَبت فإمَّا أَن يثبت بِلَا دَلِيل وَهُوَ بَاطِل بالِاتِّفَاقِ، أَو بِدَلِيل عَقْلِي وَلَا مجَال لَهُ فِي اللُّغَة، فَتعين أَنه لَو ثَبت ثَبت بِنَقْل، وَذَلِكَ النَّقْل لَا يجوز أَن يكون بطرِيق الْآحَاد، إِذْ الْآحَاد متعارضة فَلَا تفِيد الظَّن، لِأَنَّهَا إِنَّمَا تفيده إِذا سلمت عَن الْمُعَارضَة بِمِثْلِهَا، وَلما اخْتلفت أَئِمَّة اللُّغَة فِي كل نوع من أَنْوَاع الْمَفْهُوم لم يفد إِلَّا الشَّك، واللغة لَا تثبت بِالشَّكِّ، ثمَّ نقُول: إِن التَّأْكِيد بإن وَاللَّام يَنْفِي كَون الْجُمْلَة حَالية، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يحسن فِيمَا قصد الْإِعْلَام بتحققه الْبَتَّةَ، وَالرَّدّ على منكره تَحْقِيقا أَو تَقْديرا، وَالْحَال الْوَاقِع من الْأَمر وَالنَّهْي مَعْنَاهُ على التَّقْدِير، كَأَنَّهُ قيل: لَا تَأْكُلُوا مِنْهُ إِن كَانَ فسقا فَلَا يحسن (وَإنَّهُ لفسق) بل (وَهُوَ فسق) فَرده الشَّافِعِي بِأَنَّهُ يحسن تأكيده للرَّدّ على الْمُشْركين المنكرين، فَقَالَ الْحَنَفِيّ: سلمنَا كَونهَا للْحَال، لَكِن لَا نسلم أَنَّهَا قيد للنَّهْي بِمَعْنى أَنه يكون النَّهْي عَن أكله فِي هَذِه الْحَالة دون غَيرهَا، بل يكون إِشَارَة إِلَى الْمَعْنى الْمُوجب للنَّهْي عَنهُ، ك (لَا تشرب الْخمر وَهُوَ حرَام عَلَيْك) وَنَحْوه وَحين أَن يكون قيدا للنَّهْي لَا يكون لَهُ فَائِدَة، لِأَن كَونه مَنْهِيّا عَنهُ حَال كَونه فسقا مَعْلُوم لَا حَاجَة إِلَى بَيَانه وَمِنْه أَن الْفسق مُجمل فَإِن المُرَاد من كَونه فسقا غير مَذْكُور فَاحْتَاجَ إِلَى الْبَيَان، إِلَّا أَنه حصل بَيَانه بقوله: {فسقا أهل لغير الله} فأبطله الْحَنَفِيّ بِمَنْع إجماله، لِأَن معنى الْفسق مَشْهُور فِي الشَّرْع يفهمهُ الْكل، وَهُوَ الْخُرُوج عَن الطَّاعَات، وَإِن سلم فَلَا نسلم أَن بَيَانه بِهِ فَلَا بُد لذَلِك من دَلِيل يدل على أَنَّهَا فِي الْميتَة، فَقَالَ الْحَنَفِيّ: الْوَاو للْعَطْف فأبطله الشَّافِعِي بِلُزُوم عطف الْجُمْلَة الاسمية على الفعلية وَهُوَ قَبِيح قُلْنَا: إِلَّا لضَرُورَة، وَلم يَقع الِاتِّفَاق على منع الْجَوَاز، وَقد رَجحه ابْن هِشَام من بَين الْأَقْوَال؛ فَقَالَ الشَّافِعِي: أبْطلهُ للُزُوم عطف الخبرية على الإنشائية، وَهُوَ غير صَحِيح، ورده الْحَنَفِيّ بِأَن فِي الْجَوَاز اخْتِلَافا قَالَ الشَّافِعِي: إِنَّك إِذا أطلقت الْفسق لزم أَن يكون آكل مَتْرُوك التَّسْمِيَة عمدا فَاسِقًا، وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع، وَهُوَ أَن من أكل من مَتْرُوك التَّسْمِيَة عمدا لَا يحكم بِفِسْقِهِ شرعا، ذكره الْفَخر الرَّازِيّ، ورده الْحَنَفِيّ بِأَن الضَّمِير وَإِن جَازَ عوده إِلَى الْأكل الْمُسْتَفَاد من الْفِعْل وَلَكِن أجعله عَائِدًا إِلَى (مَا) فَكَأَنَّهُ جعل مَا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ فسقا مُبَالغَة ذُو: عينه وَاو ولامه يَاء أما الأول فَلِأَن مؤنثه (ذَات) ، وَأَصلهَا (ذَوَات) بِدَلِيل أَن مثناها (ذواتا) حذفت عينهَا لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال، وَأما الثَّانِي فَلِأَن بَاب الطي أَكثر من بَاب الْقُوَّة، وَالْحمل على الْأَغْلَب أولى وَهِي وصلَة إِلَى الْوَصْف بأسماء الْأَجْنَاس، كَمَا أَن (الَّذِي) وصلَة إِلَى وصف المعارف بالجمل، و (ذُو) إِذا نظر إِلَى جِهَة مَعْنَاهُ يَقْتَضِي أَن يكون حرفا لِأَنَّهُ مُتَعَلق بِالْغَيْر، وَإِذا نظر إِلَى جِهَة اللَّفْظ يَقْتَضِي أَن يكون اسْما لوُجُود شَيْء من خَواص الِاسْم فِيهِ، وَهَكَذَا الْأَفْعَال النَّاقِصَة، لِأَنَّهُ إِذا نظر إِلَى جِهَة مَعْنَاهُ يَقْتَضِي أَن يكون حرفا لَا فعلا لفقدان دلَالَته على الْحَدث، وَإِذا نظر إِلَى جِهَة لَفظه يَقْتَضِي أَن بِكَوْن فعلا لوُجُود عَلامَة الْفِعْل من التَّأْنِيث والضمائر البارزة فغلبوا جِهَة اللَّفْظ على جِهَة الْمَعْنى فَسَماهُ بَعضهم اسْما وَبَعْضهمْ فعلا، لأَنهم يبحثون عَن أَحْوَال الْأَلْفَاظ

والمنطقيون سموا الْأَفْعَال النَّاقِصَة أَدَاة، لِأَن بحثهم عَن الْمعَانِي وَذُو: بِمَعْنى الَّذِي على لُغَة طَيئ، توصل بِالْفِعْلِ وَلَا يجوز ذَلِك فِي (ذُو) بِمَعْنى (صَاحب) ، وَلَا يُوصف بهَا إِلَّا الْمعرفَة، بِخِلَاف (ذُو) بِمَعْنى (صَاحب) فَإِنَّهُ يُوصف بهَا الْمعرفَة والنكرة، وَلَا يجوز فِيهَا (ذِي) وَلَا (ذَا) وَلَا يكون إِلَّا بِالْوَاو، وَلَيْسَ كَذَلِك (ذُو) بِمَعْنى (صَاحب) ، وَاشْترط فِي (ذُو) أَن يكون الْمُضَاف أشرف من الْمُضَاف إِلَيْهِ، بِخِلَاف (صَاحب) يُقَال: (ذُو الْعَرْش) وَلَا يُقَال: (صَاحب الْعَرْش) ، وَيُقَال: (صَاحب الشَّيْء) وَلَا يُقَال: (ذُو الشَّيْء) ، وعَلى هَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَذَا النُّون} فأضافه إِلَى النُّون وَهُوَ الْحُوت وَقَالَ: {وَلَا تكن تصاحب الْحُوت} وَالْمعْنَى وَاحِد، لَكِن بَين اللَّفْظَيْنِ تفَاوت كثير فِي حسن الْإِشَارَة إِلَى الْحَالَتَيْنِ، فَإِنَّهُ حِين ذكره فِي معرض الثَّنَاء عَلَيْهِ أُتِي ب (ذِي) ، لِأَن الْإِضَافَة بهَا أشرف، وبالنون لِأَن لَفظه أشرف من لفظ الْحُوت: {ن والقلم وَمَا يسطرون} وَحين ذكره فِي معرض النَّهْي من أَتْبَاعه أَتَى بِلَفْظ الْحُوت والصاحب، إِذْ لَيْسَ فِي لفظ الْحُوت مَا يشرفه كَذَلِك ذَا: هِيَ لَا تَجِيء مَوْصُولَة وَلَا زَائِدَة إِلَّا بعد (مَا) و (من) الاستفهامية وَالْأولَى فِي (مَاذَا هُوَ) و (من ذَا هُوَ خير مِنْك) الزِّيَادَة وَيجوز على بعد أَن يكون بِمَعْنى (الَّذِي) و (ذَا) فِي (من ذَا قَائِما) اسْم إِشَارَة لاغير، وَيحْتَمل فِي (من ذَا الَّذِي) أَن تكون زَائِدَة وَأَن تكون اسْم إِشَارَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أَمن هَذ الَّذِي} فَإِن هَاء التَّنْبِيه لَا تدخل إِلَّا على اسْم الْإِشَارَة و (ذَا) لَا تثنى وَلَا تجمع وَلَا تؤنث وَلَا تتبع بتابع لَا نعت وَلَا عطف وَلَا تَأْكِيد وَلَا بدل، يشار بهَا إِلَى غير مَذْكُور لفظا، بل هُوَ مَذْكُور معنى زادوا فِيهَا كَاف الْخطاب فَقَالُوا: (ذَاك) ، وَإِذا زَاد بعد الْمشَار إِلَيْهِ أَتَوا بِاللَّامِ مَعَ الْكَاف، واستفيد باجتماعهما زِيَادَة فِي التباعد، لِأَن قُوَّة اللَّفْظ مشعرة بِقُوَّة الْمَعْنى، وَلَا يلْزم أَن يكون ذَلِك فِي الْكَلَام للبعد الْحَاصِل بِسَبَب طول الْكَلَام، بل يجوز أَن يكون للبعد الْمَعْنَوِيّ أَيْضا وَالدّلَالَة على الْبعد فِي (ذَلِك) بِحَسب الْعرف الطارىء، لَا فِي أصل وضع ذَلِك، وَقد يسْتَعْمل (ذَلِك) فِي مَوضِع (ذَلِكُم) كَقَوْلِه تَعَالَى: {ذَلِك لمن خشِي الْعَنَت مِنْكُم} {ذَلِك أدنى أَلا تعولُوا} كَمَا قد يشار بهَا للْوَاحِد إِلَى الِاثْنَيْنِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {عوان بَين ذَلِك} ، وَإِلَى الْجمع نَحْو: {كل ذَلِك كَانَ سيئه} بِتَأْوِيل الْمثنى وَالْمَجْمُوع بالمذكور وَقد يُطلق (ذَلِك) للفصل بَين الْكَلَامَيْنِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق ذَلِك} أَي: الْأَمر ذَلِك أَو افعلوا ذَلِك

وَمَا لَا يحس بِالْبَصْرَةِ فالإشارة إِلَيْهِ بِلَفْظ (ذَلِك) و (هَذَا) سَوَاء و (ذَلِك) فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} إِشَارَة إِلَى مصدر الْفِعْل الْمَذْكُور بعده أَي: جعل ذَلِك الْجعل العجيب، لَا إِلَى جعل آخر، بِقصد تَشْبِيه هَذَا الْجعل بِهِ [وَكَذَا {وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيم} فَإِنَّهُ إِشَارَة إِلَى هَذِه الإراءة لَا إِلَى شَيْء آخر يشبه بِهِ] فالكاف مقحم إقحاما لَازِما لَا يكادون يتركونه فِي لُغَة الْعَرَب وَغَيرهم، وَجعل ابْن عُصْفُور للْإِشَارَة ثَلَاث مَرَاتِب: دنيا ووسطى وقصوى، فللأولى: (ذَا) و (تي) ، وللثانية: (ذَاك) و (تيك) ، وللثالثة (ذَلِك) و (تِلْكَ) ذُو الرَّحِم الْمحرم: هُوَ قريب حرم نِكَاحه أبدا وَالرحم: منبت الْوَلَد ووعاؤه فِي الْبَطن، ثمَّ سميت بِهِ الْقَرَابَة من جِهَة الولاد وَالْمحرم: عبارَة عَن حُرْمَة التناكح، فالمحرم بِلَا رحم نَحْو زَوْجَة الابْن وَالْأَب وَبنت الْأَخ وَالْأُخْت رضَاعًا، وَالرحم بِلَا محرم كبني الْأَعْمَام والأخوال، وَذُو الرَّحِم الْمحرم نَحْو أَوْلَاد الرجل وَأَوْلَاد أَبَوَيْهِ وهم الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات وَأَوْلَاد الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات وَإِن سفلوا، وآباؤه وأجداده وجداته وَإِن علوا، وَأول بطن من بطُون الأجداد والجدات يَعْنِي الْأَعْمَام والعمات والأخوال والخالات دون أَوْلَادهم وَذُو النُّون: يُونُس النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَذُو النَّخْلَة: عِيسَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَذُو الكفل: نَبِي الله أَيْضا [قيل: هُوَ نَبِي، وَفِي " الْمُسْتَدْرك " عَن وهب رَضِي الله عَنهُ أَن الله تَعَالَى بعث بعد سيدنَا أَيُّوب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ابْنه بشرا نَبيا وَسَماهُ ذَا الكفل، وَأمره بِالدُّعَاءِ إِلَى توحيده، وَكَانَ مُقيما بِالشَّام عمره حَتَّى مَاتَ وعمره خمس وَسَبْعُونَ سنة وَقيل: هُوَ لقب زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام {وكفلها زَكَرِيَّا} ] وَذُو القرنين: اسكندر وَعلي بن أبي طَالب أَيْضا لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " إِن لَك فِي الْجنَّة بَيْتا ويروى " كنزا " وَإنَّك لذُو قرنيها " أَي: لذُو طرفِي الْجنَّة وملكها الْأَعْظَم تسلك ملك جَمِيع الْجنَّة كَمَا سلك ذُو القرنين جَمِيع الأَرْض، أَو (ذُو قَرْني الْأمة " فأضمر وَإِن لم يتَقَدَّم ذكره، أَو " ذُو جبليها الْحسن وَالْحُسَيْن " أَو " ذُو شجتين فِي قَرْني رَأسه إِحْدَاهمَا من عَمْرو بن ود، وَالثَّانيَِة من ابْن ملجم، وَهَذَا أصح، كَذَا فِي " الْقَامُوس " وَذُو خلال: أَبُو بكر وَذُو النورين: عُثْمَان بن عَفَّان وَذُو الشَّهَادَتَيْنِ: خُزَيْمَة بن ثَابت وَذُو الْيَدَيْنِ: صَاحب الحَدِيث فِي السَّهْو وَذُو الْأُذُنَيْنِ: أنس بن مَالك وَذُو الْعَينَيْنِ: مُعَاوِيَة بن مَالك شَاعِر وَذُو الْعين: قَتَادَة بن النُّعْمَان. رد رَسُول الله عينه السائلة على وَجهه وَذُو الهلالين: زيد بن عمر بن الْخطاب، أمه أم كُلْثُوم بنت عَليّ بن أبي طَالب، لقب بجديه وَذُو الجناحين: جَعْفَر بن أبي طَالب قَاتل يَوْم مُؤْتَة حَتَّى قطعت يَدَاهُ فَقتل فَقَالَ رَسُول الله: " إِن الله قد

أبدله بيدَيْهِ جناحين يطير بهما فِي الْجنَّة حَيْثُ يَشَاء " وَذُو المخصرة: عبد الله بن أنس، لِأَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أعطَاهُ مخصرة: وَقَالَ: " تَلقانِي بهَا فِي الْجنَّة " وَذُو مرّة: جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام [أَي: منظر حسن أَو حصافة فِي عقله ورأيه] الذَّوْق: هُوَ عبارَة عَن قُوَّة مرتبَة فِي الْعصبَة البسيطة على السَّطْح الظَّاهِر من اللِّسَان، من شَأْنهَا إِدْرَاك مَا يرد عَلَيْهِ من خَارج الكيفيات الملموسة، وَهِي الْحَرَارَة والرطوبة والبرودة واليبوسة والذوق فِي الأَصْل: تعرف الطّعْم، ثمَّ كثر حَتَّى جعل عبارَة عَن كل تجربة يُقَال (ذقت فلَانا) و (ذقت مَا عِنْده) وَقد اسْتعْمل الإذاقة فِي الرَّحْمَة والإصابة فِي مقابلتها قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذا أذقنا النَّاس رَحْمَة} وَقَالَ: {وَإِن تصبهم} تَنْبِيها على أَن الْإِنْسَان بِأَدْنَى مَا يعْطى من النِّعْمَة يبطر ويأشر والذوق والطبع قد يطلقان على الْقُوَّة المهيئة للعلوم من حَيْثُ كمالها فِي الْإِدْرَاك بِمَنْزِلَة الإحساس من حَيْثُ كَونهَا بِحَسب الْفطْرَة وَقد يخص الذَّوْق بِمَا يتَعَلَّق بلطائف الْكَلَام، لكَونه بِمَنْزِلَة الطَّعَام اللذيذ الشهي لروح الْإِنْسَان الْمَعْنَوِيّ والطبع بِمَا يتَعَلَّق بأوزان الشّعْر لكَونهَا بمحض الجبلة، بِحَيْثُ لَا ينفع فِيهَا أَعمال الجبلة إِلَّا قَلِيلا [والذوق بالفم فِيمَا يقل، فَإِن كثر قيل فِيهِ: أكل وَشرب] الذُّرِّيَّة: هِيَ إِمَّا (فعلية) من الذَّر أَو (فعولة) من الذرء، أبدلت همزته يَاء ثمَّ قلبت الْوَاو يَاء، وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء، وَمَعْنَاهَا لُغَة: قيل نسل الثقلَيْن، وَقيل: ولد الرجل، وَقيل: من الأضداد، تَجِيء تَارَة بِمَعْنى الْأَبْنَاء، وَتارَة بِمَعْنى الْآبَاء [ويتناول أَوْلَاد الْبَنَات قَالَ الإِمَام حميد الدّين رَحمَه الله: سَأَلت أستاذي شمس الْأَئِمَّة الأكدري رَحمَه الله عَمَّن لَهُ أم سيدة وَأَبوهُ لَيْسَ بِسَيِّد فَقَالَ: هُوَ سيد، وَاسْتدلَّ بِأَن الله تَعَالَى جعل سيدنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من ذُرِّيَّة سيدنَا نوح وَسَيِّدنَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام بِجِهَة الْأُم، وَمن قَالَ: الْأَنْسَاب تَنْعَقِد بالأبناء والآباء لَا بالبنات والأمهات كَمَا قَالَ الشَّاعِر: (بنونا بَنو أَبْنَائِنَا وبناتنا ... بنوهن أَبنَاء الرِّجَال الأباعد) فقد خَالف قَوْله تَعَالَى: {وَمن ذُريَّته دَاوُد وَسليمَان} إِلَى قَوْله: {وَيحيى وَعِيسَى} حَيْثُ جعل عِيسَى من أَوْلَاده وَذريته مَعَ أَنه لم يكن لعيسى أَب] والنسل: عبارَة عَن خُرُوج شَيْء من شَيْء مُطلقًا، فَيكون أَعم من الْوَلَد الذل، بِالْكَسْرِ: فِي الدَّابَّة ضد الصعوبة وبالضم فِي الْإِنْسَان ضد الْعِزّ لِأَن مَا يلْحق الْإِنْسَان أَكثر قدرا مِمَّا يلْحق الدَّابَّة، فَاخْتَارُوا الضمة لقوتها للْإنْسَان، والكسرة لِضعْفِهَا للدابة وَقيل: بِالضَّمِّ مَا كَانَ عَن قهر وبالكسر: مَا كَانَ عَن تعصب

والذلول: فِي الدَّوَابّ والذليل: فِي النَّاس، وَهُوَ الْفَقِير الخاضع المهان وأصل الذل أَن يتَعَدَّى بِاللَّامِ وَقد يعدى ب (على) لتضمين معنى الحنو والعطف وَهَذَا يجمع على (أَذِلَّة) [وزلة الْقدَم: خُرُوجهَا غَلَبَة من الْموضع الَّذِي يَنْبَغِي ثباتها فِيهِ] الذَّنب، بِالسُّكُونِ: وَاحِد الذُّنُوب وبالتحريك: وَاحِد الأذناب، وَلَا يجمع (فعل) على (أَفعَال) فِي غير الأجوف إِلَّا فِي أَفعَال مَعْدُودَة ك (شكل) و (سمع) و (سجع) و (فرخ) والذنُوب: بِالْفَتْح: الدَّلْو الْعَظِيمَة وَلَا يُقَال لَهَا ذنُوب إِلَّا وفيهَا مَاء الذرع: الطَّاقَة وضاق بِهِ ذرعا: ضعفت طاقته وَلم يجد من الْمَكْرُوه فِيهِ مخلصا والذراع، بِالْكَسْرِ: من طرف الْمرْفق إِلَى طرف الإصبع الْوُسْطَى والساعد وذراع المساحة: سبع مشتات فَوق كل مشت إِصْبَع قَائِمَة وذراع الكرباس: سبع مشتات لَيْسَ فَوق كل مشت أصْبع قَائِمَة الذّهاب: ذهب بِهِ: استصحبه وَمضى مَعَه، وَعَلِيهِ: نَسيَه. وَعنهُ: تَركه وَإِلَيْهِ: توجه وأذهبه: أزاله وَجعله ذَاهِبًا قَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين: لم أر فِيمَا عِنْدِي من كتب اللُّغَة تعدِي (ذهب) ب (على) ، لَكِن الشَّائِع فِي الْمُعْتَبرَات عبارَة (لَا يذهب عَلَيْك) حَتَّى قَالَ الشريف: يُقَال: ذهب عَلَيْك كَذَا: إِذا فَاتَهُ بِسَبَب الْغَفْلَة عَنهُ وَاخْتلف فِي الْفرق بَين (ذهب بِهِ) و (أذهبه) قيل: لَا فرق بَينهمَا من حَيْثُ الْمَعْنى، فَإِن مَعْنَاهُمَا جعله ذَاهِبًا استصحبه أَو لَا، وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَأكْثر النُّحَاة. وَفِي " الْقَامُوس ": ذهب، كمنع: سَار وَمر، وَبِه: أزاله كأذهبه ورد ابْن هِشَام القَوْل بِالْفرقِ بَينهمَا بقوله تَعَالَى: {ذهب الله بنورهم} وَالْحق أَن بَينهمَا فرقا كَمَا ذهب إِلَيْهِ صَاحب " الْكَشَّاف " حَيْثُ قَالَ: معنى (أذهبه) : أزاله وَجعله ذَاهِبًا وَمعنى (ذهب بِهِ) استصحبه وَمضى بِهِ مَعَه وناهيك دَلِيلا على الْفرق قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تعضلوهن لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} لِأَن غرضهم من العضل لَيْسَ مُجَرّد إِزَالَة بعض مَا أَتَوا بل إِزَالَته بطرِيق الْأَخْذ، وَحَيْثُ يتَعَذَّر الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ كَمَا فِي {ذهب الله بنورهم} {وَلَو شَاءَ الله لذهب بسمعهم} إِذْ لَا ذهَاب فِيهِ وَلَا أَخذ وَلَا اسْتِصْحَاب وَجب الْمصير إِلَى الْحمل على التَّجَوُّز، كَمَا هُوَ الشَّأْن فِي أَمْثَاله [نوع] {ذرهم} : دعهم {الأَرْض ذلولا} : لينَة {والذاريات} : يَعْنِي الرِّيَاح تذرو التربة

فصل الراء

وَغَيره أَو النِّسَاء الْوَلُود، أَو الْأَسْبَاب الَّتِي تذر الْخَلَائق من الْمَلَائِكَة وَغَيرهم {وَلَا ذلة} : هوان {وَضربت عَلَيْهِم الذلة} : هدر النَّفس وَالْمَال والأهل، أَو ذل التَّمَسُّك بِالْبَاطِلِ، والجزية {ذُو الْعَرْش} : خالقه {ذكرى} : تذكرة {ذرأكم فِي الأَرْض} : خَلقكُم وبثكم فِيهَا بالتناسل {على ذهَاب بِهِ} : على إِزَالَته الذّرة: النملة الصَّغِيرَة {من بعد الذّكر} : أَي التَّوْرَاة {وَإنَّهُ لذكر} : شرف {للَّذين ظلمُوا ذنوبا} : نَصِيبا من الْعَذَاب {وضاق بهم ذرعا} : وضاق بشأنهم وتدبير أَمرهم ذرعه: أَي طاقته {وَذكر اسْم ربه} : وحد الله {إِلَّا مَا ذكيتم} : ذبحتم وَبِه روح [ {أَو يحدث لَهُم ذكرا} : عظة واعتبارا {فَإِن ذللتم} : أَي ملتم عَن الدُّخُول فِي السّلم {ذمَّة} : عهد {بِذبح عَظِيم} : كَبْش سيدنَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام {ذرأنا لِجَهَنَّم} : أَي خلقنَا لَهَا {ذرعها سَبْعُونَ ذِرَاعا} : أَي طولهَا إِذا ذرعت {سبل رَبك ذللا} منقادة بالتسخير {ذَا الكفل} : قيل لم يكن نَبيا وَلَكِن كَانَ عبدا صَالحا تكفل بِعَمَل رجل صَالح عِنْد مَوته، وَيُقَال: تكفل لبني قومه أَن يقْضِي بَينهم بِالْحَقِّ فَفعل فَسُمي ذَا الكفل] (فصل الرَّاء) [الرجز] : كل مَا فِي الْقُرْآن من الرجز فَهُوَ الْعَذَاب وَأما {وَالرجز فاهجر} ، بِالضَّمِّ، فَالْمُرَاد الصَّنَم [الريب] : كل مَا فِي الْقُرْآن من ريب فَهُوَ شكّ، إِلَّا {ريب الْمنون} فَإِن المُرَاد حوادث الدَّهْر

[الرَّجْم] : كل مَا فِي الْقُرْآن من الرَّجْم فَهُوَ الْقَتْل إِلَّا {لنرجمنكم} فَإِن مَعْنَاهُ لأشتمنكم و {رجما بِالْغَيْبِ} أَي ظنا [الرِّيَاح] : كل مَا فِي الْقُرْآن من الرِّيَاح فَهُوَ الرَّحْمَة، وكل مَا فِيهِ من الرّيح فَهُوَ الْعَذَاب وَأما و {برِيح طيبَة} فباعتبار مَا تشتهيه السفن [الرّيح] : وكل ريح فِي الْقُرْآن لَيْسَ فِيهِ ألف وَلَام اتَّفقُوا على توحيده، وَمَا فِيهِ ألف وَلَام فالقراءة فِيهِ جمعا وتوحيدا إِلَّا الرّيح الْعَقِيم فِي " الذاريات " فالقراءة بتوحيدها وَفِي " الرّوم " {الرِّيَاح مُبَشِّرَات} الْقِرَاءَة بجمعه (وقرىء جَمِيع الرِّيَاح جمعا وتأنيث الرّيح لَيْسَ بِحَقِيقَة وَلها أَصْنَاف، وَالْغَالِب فِيهَا التَّذْكِير كالإعصار، وَالسَّبَب الأكثري فِي تكون الرّيح إِن صَحَّ هُوَ معاودة الأدخنة الصاعدة من الطَّبَقَة الْبَارِدَة لانكسار حرهَا وتمويجها للهواء حِينَئِذٍ، وَقد تكون كِنَايَة عَن الدولة، يُقَال للْقَوْم إِذا زَالَت دولتهم وَأخذت شؤونهم تتراجع: (ركدت ريحهم وَذَهَبت) ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَتذهب ريحكم} ، وَإِذا نفذت أُمُورهم: (هبت رياحهم) وَقد يستعار الرّيح للغلبة وَنَحْو: {وَتذهب ريحكم} . [الرجس] : كل مَا استقذر من الْعَمَل، وَالْعَمَل الْمُؤَدِّي إِلَى الْعَذَاب وَالْعِقَاب وَالْغَضَب فَهُوَ رِجْس {فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان} أَي اجتنبوا قَول الزُّور [الرجفة] : كل مَا فِي الْقُرْآن من الرجفة فَهُوَ مقرون بِذكر (دَار) ، وكل مَا فِي الْقُرْآن من الصَّيْحَة فَهُوَ مقرون بِذكر (ديار) ، فالرجفة فِي دَارهم، والصيحة فِي دِيَارهمْ [الرس] : كل ركية لم تطو بِالْحِجَارَةِ والآجر فَهِيَ رس [لروضة] : كل أَرض ذَات نَبَات وَمَاء فَهِيَ رَوْضَة عِنْد الْعَرَب [ركب] : كل شَيْء علا شَيْئا فقد رَكبه وَيُقَال: (رَكبه دين) . [الراسخ] : كل ثَابت فَهُوَ راسخ. [الرقراق] : كل شَيْء لَهُ تلألؤ فَهُوَ رقراق [الرطانة] : كل كَلَام لَا تفهمه الْعَرَب فَهُوَ رطانة [الردف] : كل شَيْء تبع شَيْئا فَهُوَ ردفه؟ [ران] : كل مَا غلبك فقد ران بك ورانك وران عَلَيْك [رَكِيك] : كل شَيْء رَقِيق قَلِيل من مَاء أَو نبت أَو علم فَهُوَ رَكِيك [الرب] : كل من ملك شَيْئا فَهُوَ ربه يُقَال: (هُوَ رب الدَّار، وَرب المَال) [الراكد] : كل ثَابت فِي الْمَكَان فَهُوَ راكد [الرفات] : كل مَا تكسر وبلي فَهُوَ الرفات

[رفد] : كل شَيْء جعلته عونا لشَيْء فقد رفدته [الرقة] : كل أَرض إِلَى جنب وَاد وَعَلَيْهَا المَاء أَيَّام الْمَدّ ثمَّ ينضب فَيكون مكرمَة للنبات فَهِيَ الرقة [الريحان] : كل مَا ينْبت من بذره مِمَّا لَهُ شجر ولعينه رَائِحَة مستلذة فَهُوَ ريحَان، وَمَا ينْبت من الشّجر ولورقه رَائِحَة مستلذة فَهُوَ ورد [الرزق] : وَعَن ابْن عَبَّاس: كل ريحَان فِي الْقُرْآن فَهُوَ رزق [الرفرف] : كل ثوب عريض عِنْد الْعَرَب فَهُوَ رَفْرَف] [الريعان] : ريعان كل شَيْء أَوَائِله الَّتِي تبدو أَولا مِنْهُ [الرذال] : رذال كل شَيْء رديئه [الرحب] : الْوَاسِع من كل شَيْء رحب بِالضَّمِّ [الروي] : كل حرف يَقع رويا إِلَّا هَاء التَّأْنِيث والإضمار والحروف اللاحقة للضمير فِي (بِهِ) و (لَهُ) والتنوين وَالْألف المبدلة مِنْهُ فِي الْوَقْف وَالنُّون الْخَفِيفَة فِي (اضربن) و (قولن) ، وَسمي رويا لِأَنَّهُ يجمع الأبيات، من (رويت الْحَبل) إِذا فتلته، أَو من الرّيّ، لِأَن الْبَيْت يرتوي عِنْده فَيَنْقَطِع الرب: الْمَالِك والمصلح وَالسَّيِّد والمعبود، فَإِن حمل على الْمَالِك عَم الموجودات، وَإِن حمل على المصلح خرجت الْأَعْرَاض لِأَنَّهَا لَا تقبل الْإِصْلَاح، بل يصلح بهَا، وَإِن حمل على السَّيِّد اخْتصَّ بالعقلاء، وَإِن حمل على المعبود اخْتصَّ بالمكلفين وَهَذَا أخص المحامل، وَالْأول أعمها، وَقد وَقع فِي بعض التفاسير أَن الرب صفة من (ربه) بِمَعْنى رباه تربية، ثمَّ سمي بِهِ الْملك المربي وانسلخ عَن الوصفية وَصَارَ كالاسم الشبيه بِالصّفةِ كالكتاب والإله والعالم والخاتم، وَالدَّلِيل على كَونه صفة لُحُوق التَّاء بِهِ فِي الْمُؤَنَّث كَمَا فِي حَدِيث: " من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تَلد الْأمة ربتها، وَهُوَ حَقِيقَة مُخْتَصّ بالباري تَعَالَى وَلَا يُطلق على غَيره إِلَّا مجَازًا أَو مُقَيّدا، وَالْحق أَنه بِاللَّامِ لَا يُطلق لغيره تَعَالَى مُقَيّدا أَيْضا لوُرُود النَّهْي عَنهُ فِي حَدِيث صَحِيح وَمن حق الرب أَن يجمع إِذا أطلق على الله تَعَالَى على (أربة) و (ربوب) لَا على (أَرْبَاب) وَأما {أَرْبَابًا من دون الله} فَذَلِك بِحَسب اعْتِقَادهم لَا مَا عَلَيْهِ ذَات الشَّيْء فِي نَفسه، وَفِي " الْعَجَائِب " للكرماني: كثر حذف (يَا) فِي الْقُرْآن من الرب تَنْزِيها وتعظيما لِأَن فِي النداء طرفا من الْأَمر [والرباني هُوَ فِي الأَصْل (رَبِّي) أدخلت الْألف للتفخيم ثمَّ أدخلت النُّون لسكون الْألف، كَمَا قيل فِي (صنعاني) و (نَصْرَانِيّ) وواحدهما (ربان) كَمَا يُقَال (رَيَّان) و (عطشان) ثمَّ ضمت إِلَيْهِ يَاء النِّسْبَة كَمَا قَالُوا: الحياني ورقباني، قيل: الربانيون الْوُلَاة، والربيون: الرّعية]

الرَّحْمَن: اخْتلف فِيهِ قَالَ بَعضهم: هُوَ علم اتفاقي كالجلالة، إِذْ لم يسْتَعْمل صفة وَلَا مُجَردا عَن اللَّام إِلَّا إِذا كَانَ مُضَافا، وَفِي حَاشِيَة " الْكَشَّاف " للشَّيْخ سعد الدّين: فَإِن قيل من أَيْن علم أَن الرَّحْمَن لَيْسَ بِعلم؟ قُلْنَا: من جِهَة أَنه يَقع صفة فَإِن مَعْنَاهُ المبالغ فِي الرَّحْمَة والإنعام، لَا الذَّات الْمَخْصُوص مرادفا لاسم الله تَعَالَى، وَهَذَا فِي غَايَة الظُّهُور، فالرحمن كَانَ صفة بِمَعْنى كثير الرَّحْمَة، ثمَّ غلب على الْمُنعم بجلائل النعم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَبِالْجُمْلَةِ بِحَيْثُ لَا يَقع على الْمَخْلُوق، إِذْ المغلوب قد يكون مرجحا كَمَا فِي الْإِلَه، إِذْ قل اسْتِعْمَاله فِي الْبَاطِل، وَقد يكون مَهْجُورًا كَمَا فِي الرَّحْمَن حَيْثُ لَا يُطلق على الْغَيْر أصلا، (وَإِن تعرى عَن لَام التَّعْرِيف تثبت الْألف وَإِلَّا تحذف) وَقد صرح السَّيِّد الشريف بِأَنَّهُ مشارك لاسم الذَّات مُعَرفا ومنكرا، و [من هُنَا] لَا إِلَه إِلَّا الرَّحْمَن) يُفِيد التَّوْحِيد بِحَسب عرف الشَّرْع وَإِن لم يفد بِحَسب عرف اللُّغَة، وَعدم الِانْصِرَاف أظهر وَإِن أوجب اخْتِصَاصه بِاللَّه تَعَالَى الِانْصِرَاف على مَذْهَب من شَرط وجود (فعلى) ، وَعدم الِانْصِرَاف عِنْد من شَرط انْتِفَاء (فعلان) وَجعله مستوي النِّسْبَة بالانصراف وَعَدَمه نظرا إِلَى المذهبين اللَّذين لَا يتَرَجَّح أَحدهمَا على الآخر إِلْحَاقًا لَهُ بِمَا هُوَ الْغَالِب فِي بَابه وَهُوَ (فعلان) من (فعل) من حد (علم) فَإِن أَكْثَره غير منصرف أَو أَكْثَره على (فعلى) فَنزل منزلَة مَا مؤنثه (فعلى) وَيحكم بِأَنَّهُ لَو لم يطرأه الِاخْتِصَاص لجاء مِنْهُ (فعلى) فَمَعْنَى الرَّحْمَن الْمُنعم الْحَقِيقِيّ الْبَالِغ فِي الرَّحْمَة غايتها الَّتِي يقصر عَنْهَا كل من سواهُ، والعاطف على جَمِيع خلقه بالرزق لَهُم لَا يزِيد فِي رزق التقي بتقواه، وَلَا ينقص من رزق الْفَاجِر بِفُجُورِهِ والرحيم: هُوَ الرفيق للْمُؤْمِنين خَاصَّة يستر عَلَيْهِم ذنوبهم فِي العاجل، ويرحمهم فِي الآجل، فمتعلق الرَّحْمَن أثر مُنْقَطع، ومتعلق الرَّحِيم أثر غيرمنقطع، فعلى هَذَا الرَّحِيم أبلغ من الرَّحْمَن، وَالْقَوْل بِأَن الرَّحِيم أبلغ لِأَن (فعيلا) للصفات الغريزة ك (كريم) و (شرِيف) ، و (فعلان) للعارض كه (سَكرَان) و (غَضْبَان) ضَعِيف، لِأَن ذَلِك لَيْسَ من صِيغَة (فعيل) بل من بَاب (فعل) بِالضَّمِّ، وَقيل: الرَّحْمَن اسْم خَاص صفة عَامَّة والرحيم اسْم عَام صفة خَاصَّة، فَإِنَّهُ يُقَال: (فلَان رَحِيم) وَلَا يُقَال (رَحْمَن) ، وَأما (رَحْمَن الْيَمَامَة) لمُسَيْلمَة الْكذَّاب فَمن بَاب تعنتهم وَقيل: الرَّحْمَن أمدح والرحيم ألطف، وَقَالَ بَعضهم: كل وَاحِد مِنْهُمَا أرق من الآخر من وَجه، (والرحيم لَا يُكَلف عباده جَمِيع مَا يطيقُونَهُ، فَكل ملك يُكَلف عبيده جَمِيع مَا يُطِيقُونَ فَلَيْسَ برحيم) ، وَلَيْسَ هَذَا من بَاب الترقي، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يتَعَيَّن إِذا كَانَ الأبلغ مُشْتَمِلًا على مَا دونه، إِذْ لَو قدم الأبلغ حِينَئِذٍ كَانَ ذكر الآخر لَغوا كَمَا فِي: (فياض جواد) ، و (باسل شُجَاع) وَأما إِذا لم يشْتَمل عَلَيْهِ كَمَا هَهُنَا فَيجوز سلوك كل وَاحِد من طريقي التتميم والترقي نظرا إِلَى مُقْتَضى الْحَال، وَهَهُنَا يحمل على الأول، لِأَن الْمَطْلُوب بِالْقَصْدِ الأول فِي مقَام العظمة والكبرياء وجلائل

النعم، وَقدم الرَّحْمَن وَأَرْدَفَ بالرحيم كالتتمة تَنْبِيها على أَن الْكل مِنْهُ لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن محقرات النعم لَا تلِيق بجنابه، فَلَا تطلب من بَابه، وَفِي " الْجَوْهَرِي ": هما بِمَعْنى وَيجوز تَكْرِير الاسمين إِذا اخْتلف اشتقاقهما تَأْكِيدًا، قيل: جَمِيع أَسمَاء الله ثَلَاثَة أَسمَاء: الذَّات، وَأَسْمَاء الْأَفْعَال، وَأَسْمَاء الصِّفَات، فالتسمية مُشْتَمِلَة على أفضل كل مِنْهَا، وَقيل: كِلَاهُمَا من الصِّفَات الفعلية، وَقيل: من الصِّفَات الذاتية، وَقد أَشَارَ الله تَعَالَى إِلَى الرَّحْمَة الفعلية بقوله: {وهب لنا من لَدُنْك رَحْمَة} لِأَن الصّفة الذاتية لَا توهب، وَأحسن مَا يُقَال فِي جمع الوصفين فِي الْبَسْمَلَة أَن (فعلان) مُبَالغَة فِي كَثْرَة الشَّيْء، وَلَا يلْزم مِنْهُ الدَّوَام ك (غَضْبَان) ، و (فعيل) لدوام الْوَصْف ك (ظريف) فَكَأَنَّهُ قَالَ: الْكثير الرَّحْمَة الدائمها، وَقَالَ بَعضهم: مدلولهما وَاسع الرَّحِيم: رَاحِم الْكل، أحَاط الصُّور والاسرار مراحمه، وَعم الألواح والأرواح مكارمه وَالْأول أَعم مدلولا صَدره لما صَار كَالْعلمِ لله الرَّجَاء: بِالْمدِّ: الطمع فِيمَا يُمكن حُصُوله، ويرادفه الأمل، وَيسْتَعْمل فِي الْإِيجَاب وَالنَّفْي قَالَ الله تَعَالَى: {وترجون من الله مَا لَا يرجون} و [الرجا] ، بِالْقصرِ: جَانب الْبشر قَالَ: (كم من حقير فِي رجا ... بِئْر لمنقطع الرجا) والرجاء بِمَعْنى الْخَوْف يسْتَعْمل فِي النَّفْي فَقَط نَحْو: {مالكم لَا ترجون لله وقارا} لكنه يرد {وارجوا الْيَوْم الآخر} والترجي: ارتقاب شَيْء لَا وثوق بحصوله وَالتَّمَنِّي: محبَّة حُصُول الشَّيْء سَوَاء كَانَ ينتظره ويترقب حُصُوله أَولا، (فيستوي فِي حيزه (إِن) و (لَو) والترجي فِي الْقَرِيب وَالتَّمَنِّي فِي الْبعيد وَالتَّمَنِّي فِي المعشوق للنَّفس والترجي فِي غَيره وَالْفرق بَين التَّمَنِّي وَالْعرض هُوَ الْفرق بَينه وَبَين الترجي وَالتَّمَنِّي نوع من الطّلب إِلَّا أَن الطّلب يكون بِاللِّسَانِ، وَالتَّمَنِّي شَيْء يهجس فِي الْقلب يقدره المتمني وَالتَّمَنِّي مُغَاير للقصد والتصديق، فَإِن الْقَصْد نوع من الْإِرَادَة، والتصديق نوع من الْعلم، بل الوجدان كَاف فِي الْفرق والتوقع أقوى من الطمع، والطمع ارتقاب

المحبوب والإشفاق ارتقاب الْمَكْرُوه، وَيسْتَعْمل فِي المتوقع فِيهِ (لَعَلَّ) ، وَفِي المطموع فِيهِ (عَسى) ، وَكِلَاهُمَا حرف الترجي، وَقد يرد مجَازًا لتوقع مَحْذُور، وَيُسمى الإشفاق، نَحْو {لَعَلَّ السَّاعَة قريب} وَقد يَقُول الراجي إِذا قوي رجاؤه: سأفعل كَذَا، وسيكون كَذَا، وَعَلِيهِ: {سآتيكم مِنْهَا} الرّوح، بِالضَّمِّ: هُوَ الرّيح المتردد فِي مُخَارق الْإِنْسَان ومنافذه، وَاسم للنَّفس لكَون النَّفس بعض الرّوح، فَهُوَ كتسمية النَّوْع باسم الْجِنْس، نَحْو تَسْمِيَة الْإِنْسَان بِالْحَيَوَانِ، وَاسم أَيْضا للجزء الَّذِي بِهِ تحصل الْحَيَاة، واستجلاب الْمَنَافِع واستدفاع المضار وَالروح الحيواني: جسم لطيف منبعه تجويف الْقلب الجسماني، وينتشر بِوَاسِطَة الْعُرُوق الضوارب إِلَى سَائِر أَجزَاء الْبدن وَالروح الإنساني: لَا يعلم كنهها إِلَّا الله تَعَالَى وَمذهب أهل السّنة أَن الرّوح وَالْعقل من الْأَعْيَان وليسا بعرضين (كَمَا ظنته الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم وإنهما يقبلان الزِّيَادَة من الصِّفَات الْحَسَنَة والقبيحة كَمَا تقبل الْعين الناظرة غشاوة ورمدا وَالشَّمْس انكسافا؛ وَلِهَذَا وصف الرّوح بالأمارة بالسوء مرّة، وبالمطمئنة أُخْرَى) وَمُلَخَّص مَا قَالَه الْغَزالِيّ أَن الرّوح لَيْسَ بجسم يحل الْبدن حُلُول المَاء فِي الْإِنَاء، وَلَا هُوَ عرض يحل الْقلب والدماغ حُلُول الْعلم فِي الْعَالم، بل هُوَ جَوْهَر لِأَنَّهُ يعرف نَفسه وخالقه وَيدْرك المعقولات، وَهُوَ بِاتِّفَاق الْعُقَلَاء جُزْء لَا يتَجَزَّأ وَشَيْء لَا يَنْقَسِم إِلَّا أَن لفظ الْجُزْء غير لَائِق بِهِ، لِأَن الْجُزْء إِضَافَة إِلَى الْكل وَلَا كل هَهُنَا، فَلَا جُزْء إِلَّا أَن يُرَاد بِهِ مَا يُرِيد الْقَائِل بقوله: الْوَاحِد جُزْء من الْعشْرَة، فَإِذا أخذت جَمِيع الموجودات أَو جَمِيع مَا بِهِ قوام الْإِنْسَان فِي كَونه إنْسَانا كَانَ الرّوح وَاحِدًا من جُمْلَتهَا، لَا هُوَ دَاخل وَلَا هُوَ خَارج وَلَا هُوَ مُنْفَصِل وَلَا هُوَ مُتَّصِل، بل هُوَ منزه عَن الْحُلُول فِي الْمحَال والاتصال بالأجسام والاختصاص بالجهات، مقدس عَن هَذِه الْعَوَارِض، وَلَيْسَ هَذَا تَشْبِيها وإثباتا لأخص وصف الله تَعَالَى فِي حق الرّوح، بل أخص وَصفه تَعَالَى أَنه قيوم أَي: قَائِم بِذَاتِهِ، وكل مَا سواهُ قَائِم بِهِ، فالقيومية لَيست إِلَّا لله تَعَالَى، وَمن قَالَ إِن الرّوح مَخْلُوق أَرَادَ أَنه حَادث وَلَيْسَ بقديم، وَمن قَالَ إِنَّه غير مَخْلُوق أَرَادَ أَنه غير مُقَدّر بكمية فَلَا يدْخل تَحت المساحة وَالتَّقْدِير ثمَّ اعْلَم أَن الرّوح هُوَ الْجَوْهَر الْعلوِي الَّذِي قيل فِي شَأْنه: {قل الرّوح من أَمر رَبِّي} يَعْنِي أَنه مَوْجُود بِالْأَمر وَهُوَ الَّذِي يسْتَعْمل فِيمَا لَيْسَ لَهُ مَادَّة فَيكون وجوده زمانيا لَا بالخلق، وَهُوَ الَّذِي يسْتَعْمل فِي ماديات، فَيكون وجوده آنيا، فبالأمر تُوجد الْأَرْوَاح، وبالخلق تُوجد الْأَجْسَام المادية قَالَ الله تَعَالَى: {وَمن آيَاته أَن تقوم السَّمَاء وَالْأَرْض بأَمْره} وَقَالَ: {وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم مسخرات بأَمْره} والأرواح عندنَا أجسام لَطِيفَة غير مادية، خلافًا للفلاسفة، فَإِذا كَانَ الرّوح غير مادي كَانَ لطيفا نورانيا غير قَابل للانحلال، ساريا

فِي الْأَعْضَاء للطافته، وَكَانَ حَيا بِالذَّاتِ، لِأَنَّهُ عَالم قَادر على تَحْرِيك الْبدن، وَقد ألف الله بَين الرّوح وَالنَّفس الحيوانية، فالروح بِمَنْزِلَة الزَّوْج، وَالنَّفس الحيوانية كَالزَّوْجَةِ، وَجعل بَينهمَا تعاشقا، فَمَا دَامَ الرّوح فِي الْبدن كَانَ الْبدن بِسَبَبِهِ حَيا يقظان، وَإِن فَارقه لَا بِالْكُلِّيَّةِ، بل كَانَ تعلقه بَاقِيا بِبَقَاء النَّفس الحيوانية فِيهِ كَانَ الْبدن نَائِما، وَإِن فَارقه بِالْكُلِّيَّةِ بِأَن لم تبْق النَّفس الحيوانية فِيهِ فالبدن ميت، ثمَّ الْأَرْوَاح الْمَخْصُوصَة متحدة فِي الْمَاهِيّة لتصير أشخاص الْإِنْسَان مَاهِيَّة وَاحِدَة، ثمَّ هِيَ أَصْنَاف، بَعْضهَا فِي غَايَة الصفاء، وَبَعضهَا فِي غَايَة الكدورة، (وَهِي حَادِثَة أما عندنَا فَلِأَن كل مُمكن حَادث، لَكِن قبل حُدُوث النَّفس) لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " خلق الله الْأَرْوَاح قبل الأجساد بألفي عَام " وَعند أرسطو: حَادِثَة مَعَ الْبدن، وَعند الْبَعْض: قديمَة لِأَن كل حَادث مَسْبُوق بمادة وَلَا مَادَّة لَهُ، وَهَذَا ضَعِيف. والأرواح لَا تفنى أما عِنْد الفلاسفة فَلِأَن المجردات لَو قبلت خلع صُورَة وَأخذ أُخْرَى كَانَت بَاقِيَة مَعَ الْأُخْرَى فَلَا تكون فانية، وَأَيْضًا لَو قبلت الفناء لوَجَبَ بَقَاء الْقَابِل مَعَ المقبول فنكون بَاقِيَة مَعَ الفناء هَذَا خلف وَالْحق أَن الْجَوْهَر الفائض عَن الله المشرف بالاختصاص بقوله: {ونفخت فِيهِ من روحي} (الَّذِي من شَأْنه أَن يحيا بِهِ مَا يتَّصل بِهِ) لَا يكون من شَأْنه أَن يفنى مَعَ إِمْكَان هَذَا، وَالْأَخْبَار الدَّالَّة على بَقَائِهِ بعد الْمَوْت وإعادته إِلَى الْبدن وخلوده دَالَّة على أبديته وَاتفقَ الْعُقَلَاء على أَن الْأَرْوَاح بعد الْمُفَارقَة عَن الْأَبدَان تنْتَقل إِلَى جسم آخر بِحَدِيث: " إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِي أَجْوَاف طير خضر " إِلَى آخِره لَكِن اخْتلفُوا هَل تكون مُدبرَة لذَلِك الْجِسْم أَو لَا؟ فَذهب عُلَمَاؤُنَا إِلَى صِحَة ذَلِك بِدَلِيل آخر الحَدِيث، وَقَالَت الْحُكَمَاء: لَا يَصح أَن تكون مُدبرَة لتِلْك الْأَبدَان، وَإِلَّا لَكَانَ تناسخا، وَهُوَ بَاطِل، وَوَافَقَ محققو الصُّوفِيَّة الْعلمَاء وَمنعُوا لُزُوم التناسخ، لِأَن لُزُومه على تَقْدِير عدم عودهَا إِلَى جسم نَفسهَا الَّذِي كَانَت فِيهِ، وَالْعود حَاصِل فِي النشأة الجنانية وَإِنَّمَا هَذَا التَّعَلُّق فِي النشأة البرزخية، وَإِنَّمَا سمي الرّوح روحا لكَونه فِي روح، أَي فِي نعيم وسرور وراحة لعلمه بربه ومشاهدته إِيَّاه، أَو لِأَنَّهُ رَاح فِي فسحات أفلاك معرفَة خالقه بِقُوَّة مَا، وَرَاح أَيْضا فِي معرفَة نَفسه بِمَا هُوَ فَقير إِلَى ربه وموجده، فَكَأَنَّهُ أَمر من (رَاح، يروح) فَلَمَّا نقل من الْأَمر إِلَى الِاسْم ردَّتْ الْوَاو كَمَا دخل عَلَيْهِ التَّعْرِيف فَإِن حذف الْوَاو إِنَّمَا كَانَ لالتقاء الساكنين فَكَأَنَّهُ إِذا طلب من جِهَة قيل: رَاح إِلَى جِهَة أُخْرَى وَالروح بِمَا بِهِ حَيَاة الْبدن نَحْو: {ويسألونك عَن الرّوح} وَالْأَمر نَحْو: {وروح مِنْهُ}

وَالْوَحي نَحْو: {ينزل الْمَلَائِكَة بِالروحِ} و {يلقِي الرّوح من أمره} وَالْقُرْآن نَحْو: {أَوْحَينَا إِلَيْك روحا من أمرنَا} وَالرَّحْمَة نَحْو: {وأيدهم بِروح مِنْهُ} والحياة نَحْو: {فَروح وَرَيْحَان} وَجِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام نَحْو: {فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا} وَملك عَظِيم نَحْو: {يَوْم يقوم الرّوح} وجنس من الْمَلَائِكَة نَحْو: {تنزل الْمَلَائِكَة وَالروح} (وَجهه كوجه الْإِنْسَان، وَجَسَده كالملائكة) وَعِيسَى النَّبِي أَيْضا وَالروح الْكُلِّي فِي مرتبَة كَمَال الْقُوَّة النظرية والعملية يُسمى عقلا، وَفِي مرتبَة الانشراح بِنور الْإِسْلَام يُسمى صَدرا، وَفِي مرتبَة المراقبة والمحبة يُسمى قلبا، وَفِي مرتبَة الْمُشَاهدَة يُسمى سرا، وَفِي مرتبَة التجلي يُسمى روحا وَالروح مؤنث إِذا كَانَ بِمَعْنى النَّفس، ومذكر إِذا كَانَ بِمَعْنى المهجة الرَّحْمَة: هِيَ حَالَة وجدانية تعرض غَالِبا لمن بِهِ رقة الْقلب، وَتَكون مبدأ للانعطاف النفساني الَّذِي هُوَ مبدأ الْإِحْسَان، وَلما لم يَصح وَصفه تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ لكَونهَا من الكيفيات، وَهِي أَجنَاس تحتهَا أَنْوَاع، فإمَّا أَن يَتَّصِف الْبَارِي بِكُل مِنْهَا وَهُوَ محَال، أَو بِبَعْضِهَا الْمُخَصّص فَيلْزم الِاحْتِيَاج، أَو بمخصص فَيلْزم التَّرْجِيح، أَو لَا يَتَّصِف بِشَيْء وَهُوَ الْمَطْلُوب لَا جرم حمل على الْمجَاز وَهُوَ الإنعام على عباده، فرحمة الله مجَاز عَن نفس الإنعام، كَمَا أَن غَضَبه مجَاز عَن إِرَادَة الانتقام، وَأَنت خَبِير بِأَن الْمجَاز من عَلامَة صِحَّته النَّفْي عَنهُ فِي نفس الْأَمر، كَقَوْلِك للرجل الشجاع لَيْسَ بأسد، وَنفي الرَّحْمَة عَنهُ تَعَالَى لَيْسَ بِصَحِيح، وَلَك أَن تحمله على الِاسْتِعَارَة التمثيلية وَالرَّحْمَة هِيَ أَن يُوصل إِلَيْك المسار والرأفة هِيَ أَن يدْفع عَنْك المضار والرأفة إِنَّمَا تكون بِاعْتِبَار إفَاضَة الكمالات والسعادات الَّتِي بهَا يسْتَحق الثَّوَاب، فالرحمة من بَاب التَّزْكِيَة، والرأفة من بَاب التَّخْلِيَة والرأفة مُبَالغَة فِي رَحْمَة مَخْصُوصَة هِيَ رفع الْمَكْرُوه وَإِزَالَة الضّر، فَذكر الرَّحْمَة بعْدهَا فِي الْقُرْآن مطردا لتَكون أَعم وأشمل، وَاسْتشْكل قَوْله تَعَالَى: {أَو يَأْخُذهُمْ على تخوف فَإِن ربكُم لرؤوف رَحِيم} تَأمل وَرَحْمَة الله عَامَّة وسعت كل شَيْء، وَصلَاته خَاصَّة بخواص عباده وَالرَّحْمَة: الْإِسْلَام نَحْو: {يخْتَص برحمته من يَشَاء} وَالْإِيمَان نَحْو: {وآتاني رَحْمَة من عِنْده} وَالْجنَّة نَحْو: (فَفِي رَحْمَة الله هم فِيهَا

خَالدُونَ} والمطر نَحْو: {بشرا بَين يَدي رَحمته} وَالنعْمَة نَحْو: {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته} والنبوة نَحْو: {أهم يقسمون رَحْمَة رَبك} وَالْقُرْآن نَحْو: {قل بِفضل الله وبرحمته} والرزق نَحْو: {خَزَائِن رَحْمَة رَبِّي} والنصر وَالْفَتْح نَحْو: {أَو أَرَادَ بكم رَحْمَة} والعافية نَحْو: {أَو أرادني برحمة} والمودة نَحْو: {رحماء بَينهم} وَالسعَة نَحْو: {تَخْفيف من ربكُم وَرَحْمَة} وَالْمَغْفِرَة نَحْو: {كتب على نَفسه الرَّحْمَة} والعصمة نَحْو: {لَا عَاصِم الْيَوْم من أَمر الله إِلَّا من رحم} الرُّخْصَة: هِيَ لُغَة عبارَة عَن التَّوسعَة واليسر والسهو وَشَرِيعَة: اسْم لما يُغير من الْأَمر الْأَصْلِيّ لعَارض أَمر إِلَى يسر وَتَخْفِيف، كَصَلَاة السّفر ترفها وتوسعة على أَصْحَاب الْأَعْذَار، [لقَوْله تَعَالَى: {وَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو على سفر} وَقَوله تَعَالَى: {إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا} فَلَا يجوز تَخْصِيص هَذَا الْعَام بِمَا قَالَ الإِمَام الشَّافِعِي رَحمَه الله أَن الرُّخْصَة شرعت ترفها فَلَا يناط بالمعصية] ثمَّ الرُّخْصَة حَقِيقِيَّة ومجازية فالحقيقية على ضَرْبَيْنِ: مَا يظْهر التغاير فِي حكمه مَعَ بَقَاء وصف الْفِعْل وَهُوَ الْحُرْمَة أَي: يرْتَفع الحكم وَهُوَ الْمُؤَاخَذَة مَعَ بَقَاء الْفِعْل محرما كإجراء كلمة الْكفْر على اللِّسَان فِي حَالَة الْإِكْرَاه مَعَ اطمئنان الْقلب بِالْإِيمَان، وَإِتْلَاف مَال الْغَيْر بِغَيْر إِذْنه فِي حَالَة الْإِكْرَاه والمخصمة، وكإفطار صَوْم رَمَضَان بِالْإِكْرَاهِ يرخص لَهُ الْإِقْدَام فِي هَذِه الْمَوَاضِع مَعَ بَقَاء حُرْمَة الْفِعْل، حَتَّى لَو امْتنع وبذل نَفسه تَعْظِيمًا لنهي الله فَقتل أَو مَاتَ جوعا يُثَاب على ذَلِك بِبَقَاء الْوَصْف وصف الْفِعْل وَمَا يظْهر التَّغْيِير فِي الحكم وَفِي وصف الْفِعْل أَيْضا، وَهُوَ أَن لَا يبْقى الْفِعْل محرما كشرب الْخمر وَتَنَاول الْميتَة فِي حَال الْإِكْرَاه أَو المخمصة، فَفِي هَذَا النَّوْع ارْتَفَعت الْحُرْمَة والمؤاخذة جَمِيعًا حَتَّى لَو امْتنع فَقتل أَو مَاتَ جوعا يُؤَاخذ بِهِ وَأما الرُّخْصَة المجازية فكوضع الإصر والأغلال الَّتِي كَانَت مَشْرُوعَة على الْأُمَم السالفة والرخص لَا يُقَاس عَلَيْهَا، وَإِذا شاعت قد يُقَاس عَلَيْهَا كَمَا تقرر فِي الْأُصُول الرزق: هُوَ يُقَال للعطاء الْجَارِي دنيويا كَانَ أَو دينيا، وللنصيب، وَلما يصل إِلَى الْجوف ويتغذى بِهِ وَفِي " الْجَوْهَرِي ": هُوَ مَا ينْتَفع بِهِ وَلَا يلْزمه أَن

يكون مَأْكُولا [وَفِي " التَّبْصِرَة ": يَقع عندنَا على الْغذَاء وَالْملك جَمِيعًا، وَفِي " الْكِفَايَة ": يَقع عندنَا على الْملك والمدد الَّذِي يصل إِلَى العَبْد بِوَاسِطَة، وَيدل على أَن الرزق لَا يخْتَص بالمتربي بِهِ أَنه مَأْمُور بِالْإِنْفَاقِ من الرزق، وَلَيْسَ كَذَلِك المتربي بِهِ والرزق] وَلَا يتَنَاوَل الْحَرَام عِنْد الْمُعْتَزلَة، بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} فَإِن إِنْفَاق الْحَرَام بمعزل عَن إِيجَاب الْمَدْح وَتمسك أَصْحَابنَا بشمول الرزق للْحَلَال وَالْحرَام بِحَدِيث: " وَالله لقد رزقك الله حَلَالا طيبا فاخترت مَا حرم الله عَلَيْك من رزقه مَكَان مَا أحل لَك من حَلَاله، [وَاسْتِحْقَاق الْعقَاب على سَوَاء الِاخْتِيَار وَمُخَالفَة الْأَمر فِي الطّلب من وُجُوه الْحل بالأسباب الَّتِي جعلت فِي أَيدي الْعباد] وَبِأَنَّهُ لَو لم يكن رزقا لم يكن المتغذي بِهِ طول عمره مرزوقا وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها} وَلما كَانَ فَائِدَة زَائِدَة لذكر الْحَلَال فِي قَوْله تَعَالَى: {وكلوا مِمَّا رزقكم الله حَلَالا طيبا} والرزق الْحَاصِل للعباد باختيارهم كحصوله بالتجارات وَقبُول الهبات وَالصَّدقَات والغصوب والسرقات وَغير ذَلِك، أَو بِغَيْر اختيارهم كحصوله بالأرث، فَهَذِهِ الْأَفْعَال كلهَا مخلوقة لله تَعَالَى، فَكَانَ الْحَاصِل بهَا أَيْضا مخلوقا لله تَعَالَى والرزاق لَا يُقَال إِلَّا لله تَعَالَى، والرزاق يُقَال لخالق الرزق ومعطيه والمسبب لَهُ، وَهُوَ الله تَعَالَى وَيُقَال للْإنْسَان الَّذِي يصير سَببا فِي وُصُول الرزق، رَازِق لَهُ [وَاعْلَم: المقدورات المختصة بالكليات محصورة فِي أَرْبَعَة أَشْيَاء وَهِي: الْعُمر والرزق وَالْأَجَل والسعادة والشقاوة، لَيْسَ للْإنْسَان وَغَيره فِي ذَلِك قصد وَلَا عمل وَلَا سعي، بل ذَلِك نتيجة قَضَاء الله وَقدره بِمُوجب علمه السَّابِق الثَّابِت الحكم أزلا وأبدا، الْمُقْتَضِي تعلقه بالمعلوم، وَلِهَذَا نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم حَبِيبَة عَن الدُّعَاء فِيهِ، بِخِلَاف المقدورات المختصة بالجزئيات التفصيلية فَإِن حُصُول بَعْضهَا للْإنْسَان قد يتَوَقَّف على أَسبَاب وشروط، وَرُبمَا كَانَ الدُّعَاء وَالْكَسْب وَالسَّعْي والتعمل من جُمْلَتهَا، بِمَعْنى أَنه لم يقدر حُصُوله بِدُونِ ذَلِك الشَّرْط أَو الشُّرُوط، وَلِهَذَا بعد مَا نهاها حرضها على طلب الْإِجَارَة من عَذَاب الْقَبْر وَالنَّار ثمَّ الرزق وَالْأَجَل مخصصان من عُمُوم قَوْله تَعَالَى: {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} وَالْمرَاد بِالزِّيَادَةِ والحرمان فيهمَا لازمهما من الْخَيْر وَالْبركَة والراحة وَعدمهَا، فالكسب يزِيد المَال وَلَا يزِيد الرزق، وَترك الْكسْب ينقص المَال وَلَا ينقص الرزق، وَكَذَلِكَ الطَّاعَات تزيد الدَّرَجَات وَلَا تزيد الْإِيمَان، وَترك الطَّاعَات ينقص الدَّرَجَات وَلَا ينقص الْإِيمَان، وَيَقُول الْبَعْض: لَو لم أكتسب لما وجدت الرزق، وَبَعْضهمْ يَقُول: لَو تركت الْكسْب لوجدت مَا وجدت بالرزق، وَبَعْضهمْ يَقُول: هَذَا من الله وَمن كسبي، فَالْأول مشْعر بالاعتزال، وَلَا

يدل على الاتكال بِالْكَسْبِ، وَالثَّانِي مشْعر بالجبر وإنكار السَّبَب، وَالثَّالِث هُوَ الصَّوَاب، لِأَنَّهُ لم يُنكر السَّبَب وَلم يُنكر تَأْثِير الله تَعَالَى فِي الْأَسْبَاب، فَمن ترك الْكسْب فَلَيْسَ بمتوكل، وَمن اتكل بِالْكَسْبِ دون الله تَعَالَى فَلَيْسَ بموحد] الرُّؤْيَة: حَقِيقَة الرُّؤْيَة إِذا أضيفت إِلَى الْأَعْيَان كَانَت بالبصر، وَقد يُرَاد بهَا الْعلم مجَازًا بِالْقَرِينَةِ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {ألم تَرَ إِلَى رَبك} وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " صُومُوا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته ". وَكَذَا يُرَاد بهَا الكينونة عِنْد الْإِضَافَة إِلَى مَكَان لتعارف النَّاس، وَمِنْه قَول الْأَعْمَى: (رَأينَا الْهلَال بِالْكُوفَةِ) والرؤية مَعَ الْإِحَاطَة تسمى إدراكا وَهِي المُرَاد فِي قَوْله تَعَالَى: {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} حَيْثُ نفى مَا يتَبَادَر من الْإِدْرَاك من الْإِحَاطَة بالغايات والتحديد بالنهايات فَلَا تتوهم أَنه يرى لصورة أَو شكل مَخْصُوص، وَلَا يلْزم من النَّفْي على هَذَا الْوَجْه نفي الرُّؤْيَة عَنهُ تَعَالَى، والمدح فِي الشق الْأَخير، إِذْ من الموجودات مَا لَا يدْرك بالأبصار، والامتداح بِمَا وَقع بِهِ الِاشْتِرَاك بَينه وَبَين مَا لَيْسَ بممدوح محَال كَمَا إِذا قَالَ: (أَنا مَوْجُود وَذَات) . وَقَوله تَعَالَى لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: {لن تراني} يَعْنِي فِي الدُّنْيَا، إِذْ لم يسْأَل الرُّؤْيَة فِي غَيرهَا، وَالْمرَاد ب (لن) التَّأْكِيد لَا التَّأْبِيد، أَو التَّأْبِيد فِي حق السَّائِل. الدُّنْيَا. وَقَوله: {تبت إِلَيْك} أَرَادَ بِهِ أَن لَا يرجع إِلَى مثل تِلْكَ الْمَسْأَلَة، لما رأى من الْأَهْوَال، لَا لكَونه غير جَائِز فِي نَفسه، أَو حينما رأى تِلْكَ الْأَهْوَال تذكر لَهُ ذَنبا فأقلع عَنهُ بِالتَّوْبَةِ فِي " التَّمْهِيد ": من ظن أَن سيدنَا مُوسَى سَأَلَ الرُّؤْيَة من غير إِذن من الله تبَارك وَتَعَالَى فقد سوى بَينه وَبَين المجازفين فِي أَقْوَالهم وأفعالهم، كَيفَ وَالظَّاهِر من أَحْوَال الْأَنْبِيَاء انْتِظَار الْوَحْي خُصُوصا فِي هَذَا السُّؤَال. قَالَ الشَّيْخ أَبُو مَنْصُور الماتريدي رَحمَه الله: إِنَّا لَا نثبت صِحَة رُؤْيَة الْبَارِي جلّ شَأْنه بالدلائل الْعَقْلِيَّة بل نتمسك بظواهر الْقُرْآن وَالْأَحَادِيث، فَإِن أَرَادَ الْخصم تَأْوِيل هَذِه الدَّلَائِل صرفهَا عَن جواهرها بِوُجُوه عقلية يتَمَسَّك بهَا فِي نفي الرُّؤْيَة اعترضنا على دلائلهم وَبينا ضعفها ومنعناهم عَن تَأْوِيل هَذِه الدَّلَائِل، واستحال الإِمَام أَبُو مَنْصُور رَحمَه الله رُؤْيَة الله تَعَالَى فِي الْمَنَام، وَاخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَإِن جوزه بعض الْأَئِمَّة بِلَا مِثَال وَلَا كَيْفيَّة، وَأما الرُّؤْيَة فِي الْآخِرَة فقد ثَبت ذَلِك بالنصوص القطعية قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: إِن الْعين والحدقة يَوْم الْقِيَامَة لَا تبقى على هَذِه الطبيعة، بل تنحرف الْقُدْرَة إِلَى الْحِكْمَة وَبِالْعَكْسِ، وَالْقلب إِلَى الْعين وَبِالْعَكْسِ، وَيكون الْهَوَاء غير مَا عَلمته، والشعاع غير مَا فهمته والأكوان والألوان على غير مألوفك ومعهودك، فَلَمَّا كَانَ الْعين فِي الْآخِرَة بِمَنْزِلَة الْقلب فِي الدُّنْيَا، وَالْقلب فِيهَا يعلم وَيرى، وَالْبَصَر لَا يدْرك، إِذْ الْإِدْرَاك غير، والرؤية غير فَهُوَ سُبْحَانَهُ مرئي الْقلب معلومه، غير مدرك للبصرية، وَهَكَذَا فِي الْآخِرَة مرئي الْعين غير مدرك لَهَا، إِذا جلّ أمره عَن الْإِدْرَاك، بل الْإِدْرَاك يُؤذن بالاشتراك]

فَلَا ينتهض شُبْهَة فِي خطئه وجهله بذلك وَلما كَانَت الرُّؤْيَة مَحْض كَرَامَة اخْتصّت بدار الْآخِرَة، بِخِلَاف الْكَلَام، فَإِنَّهُ يَلِيق بِحَال الِابْتِلَاء، إِذْ فِيهِ الْأَمر وَالنَّهْي وَقَوله: {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} ، حمله كثير من الْمُتَكَلِّمين على الْجَارِحَة. وَقيل: ذَلِك إِشَارَة إِلَى ذَلِك وَإِلَى الأوهام والأفهام كَمَا قَالَ أَمِير الْمُؤمنِينَ: التَّوْحِيد أَن لَا تتوهمه وكل مَا أَدْرَكته فَهُوَ غَيره والرؤية من الزّجاج رُؤْيَة حَقِيقِيَّة، وَلِهَذَا حرم أصل المنظور إِلَى فرجهَا الدَّاخِل من الزّجاج وفرعها، وَعدم سُقُوط خِيَار المُشْتَرِي بِرُؤْيَة الدّهن فِي الزّجاج، لَا لعدم كَون تِلْكَ الرُّؤْيَة حَقِيقَة لوُجُود الْحَائِل، بل الْعلَّة التَّامَّة أَن الدّهن مِمَّا يطعم فَلَا تَكْفِي الرُّؤْيَة فِي الْخَارِج، فَإِن المُرَاد من الرُّؤْيَة الْعلم بِالْمَقْصُودِ على مَا صَرَّحُوا بِهِ، فَيشْتَرط فِيهِ الذَّوْق، كَمَا يشْتَرط فِي المشمومات الشم والرؤية بالحاسة نَحْو: {لترون الْجَحِيم} وَبِمَا يجْرِي مجْرى الرُّؤْيَة نَحْو: {إِنَّه يراكم هُوَ وقبيله من حَيْثُ لَا ترونهم} وبالوهم والتخييل نَحْو: {إِذْ يتوفى الَّذين كفرُوا الْمَلَائِكَة} وبالتفكر نَحْو: {إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ} وبالفعل وَعَلِيهِ: {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} ، {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} والرؤية إِن كَانَت بِمَعْنى الْعلم فمعلقة بالاستفهام كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتُم المَاء الَّذِي تشربون} والرؤيا كالرؤية، غير أَنَّهَا مُخْتَصَّة بِمَا يكون فِي النّوم فرقا بَينهمَا كالقرية والقربى، وَهِي انطباع الصُّورَة المنحدرة من أفق المخيلة إِلَى الْحس الْمُشْتَرك وَرَأى رُؤْيا: اخْتصَّ بالمنام ورؤية: بِالْعينِ ورؤيا: بِالْقَلْبِ وَرَأى بِمَعْنى (ظن) يتَعَدَّى إِلَى مفعولين وَأرى يتَعَدَّى إِلَى ثَلَاثَة مفاعيل (وَمعنى أريت زيدا عمرا فَاضلا: جعلت زيدا ظَانّا أَن عمرا فَاضلا) وَمعنى أرِي زيد عمرا فَاضلا: على بِنَاء الْمَفْعُول: جعل زيد ظَانّا أَن عمرا فَاضل وَلم يسمع (أرِي) بِمَعْنى الظَّن إِلَّا مَبْنِيا للْمَفْعُول وَهُوَ غَرِيب لَا يسْتَعْمل إِلَّا هَكَذَا [الرّقّ؛ فِي اللُّغَة: الضعْف، وَمِنْه رقة الْقلب، وَالْعِتْق ضِدّه، لِأَنَّهُ قُوَّة حكمِيَّة] الرَّقِيق: هُوَ الْمَمْلُوك كلا أَو بَعْضًا والقن: هُوَ الْمَمْلُوك كلا، وَالرّق: ضعف حكمي يصير الشَّخْص بِهِ عرضة للتَّمَلُّك والابتذال؛ شرع جَزَاء للكفر الْأَصْلِيّ [لِأَن الْكَفَرَة لما استنكفوا أَن يَكُونُوا عبادا لله جازاهم الله بِأَن جعلهم عبيد عبيده، لَكِن الرّقّ فِي حَالَة الْبَقَاء لَا يكون بطرِيق الْجَزَاء بل بالحكم الثَّابِت من الله تَعَالَى بِلَا جِنَايَة من العَبْد، أَلا يرى أَن الْمَوْلُود من الْمُسلم رَقِيق وَإِن لم يُوجد مِنْهُ مَا يسْتَحق بِهِ الرّقّ، وَالرّق وصف

لَا يحْتَمل التجزيء كَالْعِتْقِ] وَالْملك عبارَة عَن الْمُطلق الحاجر أَي الْمُطلق للتَّصَرُّف لمن قَامَ بِهِ الْملك الحاجر عَن التَّصَرُّف لغير من قَامَ بِهِ، وَقد يُوجد الرّقّ وَلَا ملك ثمَّة كَمَا فِي الْكَافِر الْحَرْبِيّ فِي دَار الْحَرْب، والمستأمن فِي دَار الْإِسْلَام، لأَنهم خلقُوا أرقاء جَزَاء للكفر، وَلَكِن لَا ملك لأحد عَلَيْهِم وَقد يُوجد الْملك وَلَا رق كَمَا فِي الْعرُوض والبهائم، لِأَن الرّقّ مُخْتَصّ ببني آدم، وَقد يَجْتَمِعَانِ كَالْعَبْدِ المُشْتَرِي الرسَالَة؛ فِي اللُّغَة: تحميل جملَة من الْكَلَام إِلَى الْمَقْصُود بِالدّلَالَةِ، وَهُوَ حد صَحِيح، لما أَن كل رِسَالَة فِيمَا بَين الْخلق هِيَ الوساطة بَين الْمُرْسل والمرسل إِلَيْهِ فِي إِيصَال الْأَخْبَار، وَالْأَحْكَام دَاخِلَة فِي هَذَا الْحَد، فَإِذا قَالَ لرَسُوله: " بِعْت هَذَا من فلَان الْغَائِب بِكَذَا فَاذْهَبْ وَأخْبرهُ " وَجَاء الرَّسُول وَأخْبر الْمُرْسل إِلَيْهِ فَقَالَ الْمُرْسل إِلَيْهِ فِي مجْلِس الْبلُوغ: اشْتَرَيْته أَو قبلته تمّ البيع بِهِ، لِأَن الرَّسُول معبر وسفير، فَكَلَامه ككلام الْمُرْسل ثمَّ أطلقت الرسَالَة على الْعبارَات الْمُؤَلّفَة والمعاني الْمُدَوَّنَة لما فِيهَا من إِيصَال كَلَام الْمُؤلف وَمرَاده إِلَى الْمُؤلف لَهُ، وَأَصلهَا الْمجلة أَي: الصَّحِيفَة الْمُشْتَملَة على كتب الْمسَائِل من فن وَاحِد وَالْكتاب: هُوَ الَّذِي يشْتَمل على الْمسَائِل سَوَاء كَانَت قَليلَة أَو كَثِيرَة من فن أَو فنون، وَالرَّسُول مصدر وصف بِهِ فَإِنَّهُ مُشْتَرك بَين الْمُرْسل والرسالة، وَلذَلِك ثني تَارَة وافرد أُخْرَى، وَهُوَ من يبلغ أَخْبَار بَعثه لمقصوده، سمي بِهِ النَّبِي الْمُرْسل لتتابع الْوَحْي إِلَيْهِ، إِذْ هُوَ (فعول) بِمَعْنى (مفعول) ، ورسل الله تَارَة يُرَاد بهَا الْأَنْبِيَاء وَتارَة الْمَلَائِكَة، فَمن الْملك: {والمرسلات عرفا} و {إِنَّا رَسُولا رَبك} وَهُوَ بِاعْتِبَار الْمَلَائِكَة أَعم من النَّبِي، وَبِاعْتِبَار الْبشر أخص مِنْهُ، وَسَيَجِيءُ تَفْصِيله إِن شَاءَ الله [فِي بحث النَّبِي] وَأول رَسُول أرْسلهُ الله إِلَى أهل الأَرْض نوح عَلَيْهِ السَّلَام أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {كَانَ النَّاس أمة وَاحِدَة} أَنه قَالَ: ذكر لنا أَنه كَانَ بَين آدم ونوح عشرَة قُرُون، كلهم على الْهدى وعَلى شَرِيعَة من الْحق، ثمَّ اخْتلفُوا بعد ذَلِك فَبعث الله نوحًا الرشد: الاسْتقَامَة على طَرِيق الْحق مَعَ تصلب فِيهِ، وغالب اسْتِعْمَاله للاستقامة بطرِيق الْعقل، وَيسْتَعْمل للاستقامة فِي الشرعيات أَيْضا، وَيسْتَعْمل اسْتِعْمَال الْهِدَايَة والرشيد من صِفَات الله بِمَعْنى الْهَادِي إِلَى سَوَاء الصِّرَاط وَالَّذِي حسن تَقْدِيره فِيمَا قدر، قيل الرشد أخص من الرشد فَإِنَّهُ يُقَال فِي الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة والأخروية والرشد، محركة: فِي الْأُمُور الأخروية لَا غير والراشد والرشيد يُقَال فيهمَا أَيْضا والإرشاد أَعم من التَّوْفِيق، لِأَن الله أرشد الْكَافرين بِالْكتاب وَالرَّسُول وَلم يوفقهم والرشاد: هُوَ الْعَمَل بِمُوجب الْعقل الرَّد: رده عَن وَجهه: صرفه ورد عَلَيْهِ الشَّيْء: لم يقبله أَو خطأه

ورد إِلَيْهِ جَوَابا: رَجَعَ (فَمن الأول قَوْله تَعَالَى: {يردوكم على أعقابكم} وَمن الثَّانِي: {فرددناه إِلَى أمه} ورددت الحكم إِلَى فلَان: فوضته إِلَيْهِ وَعَلِيهِ: {فَردُّوهُ إِلَى الله وَرَسُوله} [وَالرَّدّ: اسْم لنَوْع من التَّسْلِيم، فَإِنَّهُ التَّسْلِيم الَّذِي يُعِيد مَا كَانَ ثَابتا وَقد فَاتَ، كَذَا الْأَدَاء وَالتَّسْلِيم يُقَال: سلم الْمَغْصُوب إِلَى الْمَالِك، وَسلم الْمَبِيع إِلَى المُشْتَرِي وَأَدَّاهُ اليه، وَقد سمى الله تَسْلِيم مِفْتَاح الْكَعْبَة أَدَاء وَهُوَ عين، فَإِن قيل: رد عين الْمَغْصُوب يُقَال لَهُ الْأَدَاء، ولرد قِيمَته الْقَضَاء قُلْنَا: لَا، بل الْمُسْتَعْمل فِي كل مِنْهُمَا الرَّد وَالْأَدَاء، وَالْقَضَاء إِنَّمَا هُوَ فِي حُقُوق الله المؤقتة، فَإِن أُتِي بهَا فِي أَوْقَاتهَا أَولا يُسمى أَدَاء، وَثَانِيا يُسمى إِعَادَة، وَإِن أُتِي بهَا فِي غير أَوْقَاتهَا عوضا لما فَاتَ يُسمى قَضَاء، وَأما إِطْلَاق لفظ الْأَدَاء وَالْقَضَاء على الدّين فَلَيْسَ لِاتِّحَاد مَعْنَاهُمَا بل بِاعْتِبَار أَن لَهُ شبها بِتَسْلِيم الْعين وشبها بِتَسْلِيم الْمثل] وَالرِّدَّة: الرُّجُوع فِي الطَّرِيق الَّذِي جَاءَ مِنْهُ، وَكَذَا الارتداد، لَكِن الرِّدَّة تخْتَص بالْكفْر وَهُوَ أَعم قَالَ الله تَعَالَى: {إِن الَّذين ارْتَدُّوا على أدبارهم} وَقَالَ: {فَارْتَد بَصيرًا} وَقَوْلهمْ: ردا مَنْصُوب بِكَوْنِهِ مَفْعُولا لَهُ، وَيجوز أَن يَجْعَل حَالا، لِأَن الْمصدر قد يُقَام مقَام اسْم الْفَاعِل الرّفْع.: هُوَ ضد الْوَضع، والتبليغ، وَالْحمل، وتقريبك الشَّيْء، وَمن ذَلِك: رفعته إِلَى الْأَمِير وَالرَّفْع أَعم من الضَّم لوُقُوعه على الضَّم وَالْألف والبواقي، وأخص مِنْهُ أَيْضا، لِأَن الضَّم قد يكون علم على الْعُمْدَة كَمَا فِي (جَاءَنِي الرجل) وَقد لَا يكون كَمَا فِي (حَيْثُ) وَكَذَا الْكَلَام فِي النصب والجر والكوفيون يطلقون الرّفْع وَالضَّم على حَرَكَة الْمَبْنِيّ والمعرب، وَالْمَرْفُوع والمضموم على المعرب والمبني وَالرَّفْع والخفض مستعملان عِنْد الْعَرَب فِي الْمَكَان والمكانة والعز والإهانة وَرفع الْأَجْسَام الْمَوْضُوعَة إعلاؤها، وَالْبناء تطويله، وَالذكر تنويهه، والمنزلة تشريفها الركب: هُوَ من ركب الدَّوَابّ، وَكَذَا الركْبَان والركاب: من ركب السَّفِينَة وَفعل الرّكُوب إِذا تعلق بالدواب يتَعَدَّى بِنَفسِهِ، وَإِذا تعلق بالفلك يتَعَدَّى بِكَلِمَة (فِي) وَقَوله تَعَالَى: {وَجعل لكم من الْفلك والأنعام مَا تَرْكَبُونَ} على التغليب وَالْعرب لَا يطلقون لفظ الركب إِلَّا على رَاكب الْبَعِير، وتسمي رَاكب الْفرس فَارِسًا فِي " الْقَامُوس ": وَيُقَال مر فَارس على بغل، وَكَذَا كل ذِي حافر والمركب: (كمعظم) اخْتصَّ بِمن يركب فرس غَيره مستعيرا وبمن يضعف عَن الرّكُوب

وَالرُّكُوب والارتكاب: قريبان فِي الْمَعْنى، إِلَّا أَن فِي الارتكاب نوع تكلّف وَشدَّة وَقيل: الرّكُوب فِي الْفرس، والارتكاب فِي الرَّاحِلَة الرّيع: بنقتطين من تَحت: الزِّيَادَة يُقَال: طَعَام كثير الرّيع، وَمِنْه: نَاقَة ريعانة: إِذا كثر ريعها أَي: درها وَالرّبع، بِنُقْطَة وَاحِدَة من تَحت: هُوَ الدَّار حَيْثُ كَانَت، وَقيل: هُوَ المربع: الْمنزل فِي الرّبيع خَاصَّة وَالْعَقار: الْمنزل فِي الْبِلَاد والضياع: الْمنزل فِي طلب الْكلأ، وَكَذَا المنجع) والرحل: الْمنزل بِدَلِيل: " إِذا ابتلت النِّعَال فَالصَّلَاة فِي الرّحال " وَلَيْسَ فِي أَجنَاس الْآلَات مَا يُسمى رحلا إِلَّا سرج الْبَعِير والرحلة، بالسكر: الارتحال و [الرحلة] ، بِالضَّمِّ: الْوَجْه الَّذِي تريده الراهب: هُوَ وَاحِد رُهْبَان النَّصَارَى والقسيس: رَئِيس النَّصَارَى فِي الْعلم والرهبانية: هِيَ الْمُبَالغَة فِي الْعِبَادَة والرياضة والانقطاع عَن النَّاس والربانيون: عُلَمَاء أهل الْإِنْجِيل والأحبار: عُلَمَاء أهل التَّوْرَاة وَقيل: الربانيون هم الَّذين فِي الْعَمَل أَكثر وَفِي الْعلم أقل، والأحبار هم الَّذين كَانُوا أَكثر فِي الْعلم وَالْعَمَل وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: هما وَاحِد وهم الْعلمَاء الرضى: قَالَ أَبُو عَليّ الْجِرْجَانِيّ: وزن (رَضِي) (فعل) ولامه معتل بِمَنْزِلَة لَام (حجي) وَهِي كلمة وضعت على هَذِه الْخلقَة وَفِي " الْقَامُوس ": الرضاء: المراضاة، وبالقصر المرضاة وَرَضي بِهِ وَعَلِيهِ وَعنهُ بِمَعْنى، وَهُوَ كَمَال إِرَادَة وجود شَيْء والمحبة: إفراطه والرضى: أخص من الْإِرَادَة، لِأَن رضى الله ترك الِاعْتِرَاض لَا الْإِرَادَة كَمَا قَالَت الْمُعْتَزلَة (فَإِن الْكفْر مَعَ كَونه مرَادا لَهُ تَعَالَى لَيْسَ مضريا عِنْده، لِأَنَّهُ يعْتَرض عَلَيْهِ ويؤاخذ بِهِ) والرضى قِسْمَانِ: قسم يكون لكل مُكَلّف، وَهُوَ مَا لَا بُد مِنْهُ فِي الْإِيمَان، وَحَقِيقَته قبُول مَا يرد من قبل الله من غير اعْتِرَاض على حكمه وَتَقْدِيره وَقسم لَا يكون إِلَّا لأرباب المقامات، وَحَقِيقَته ابتهاج الْقلب وسروره بالمقضي والرضى فَوق التَّوَكُّل، لِأَن الْمحبَّة فِي الْجُمْلَة والرضوان، بِالْكَسْرِ وَالضَّم بِمَعْنى الرضى والمرضاة مثله قَالَ الطَّيِّبِيّ: " الرضْوَان هُوَ الرضى الْكثير، وَلما كَانَ أعظم الرضى رضى الرَّحْمَن خص لفظ الرضْوَان فِي الْقُرْآن بِمَا كَانَ من الله تَعَالَى " الرجع: هُوَ حَرَكَة ثَانِيَة فِي سمت وَاحِد، لَكِن لَا على مَسَافَة الأولى بِعَينهَا، بِخِلَاف الانعطاف وَالرُّجُوع: الْعود إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مَكَانا أَو صفة أَو حَالا يُقَال: رَجَعَ إِلَى مَكَانَهُ وَإِلَى حَالَة الْفقر أَو الْغنى، وَرجع إِلَى الصِّحَّة أَو الْمَرَض أَو غَيره من الصِّفَات

[و {بِمَ يرجع المُرْسَلُونَ} من (الرُّجُوع) أَو من (رَجَعَ الْجَواب) وَقَوله تَعَالَى {فَانْظُر مَاذَا يرجعُونَ} من رَجَعَ الْجَواب لَا غير] وَرجع عوده على بدئه: أَي رَجَعَ فِي الطَّرِيق الَّذِي جَاءَ مِنْهُ، على أَن البدء مصدر بِمَعْنى الْمَفْعُول وَالرَّجْعَة: الْإِعَادَة يُقَال: رَجَعَ بِنَفسِهِ ورجعته أَنا، والفعلة فِيهِ عبارَة عَن الْمرة و (رَجَعَ) يسْتَعْمل لَازِما نَحْو: {أَنهم إِلَيْهِم لَا يرجعُونَ} ومصدره الرُّجُوع ومتعديا نَحْو: {فَإِن رجعك الله إِلَى طَائِفَة مِنْهُم} ومصدره الرجع وَرجع عَن الشَّيْء: تَركه و [رَجَعَ] إِلَيْهِ: أقبل ورجعة الْمَرْأَة الْمُطلقَة بِالْفَتْح وَالْكَسْر وَالرُّجُوع البديعي: هُوَ نقض الْكَلَام السَّابِق لنكتة نَحْو: (أُفٍّ لهَذَا الدَّهْر ... لَا بل لأَهله) الريث: هُوَ فِي الأَصْل مصدر (راث) بِمَعْنى أَبْطَأَ، إِلَّا أَنهم أجروه ظرفا كَمَا أجروا مقدم الْحَاج وخفوق النَّجْم، وَهَذَا الْمصدر خَاص لما أضيف إِلَيْهِ الْفِعْل فِي كَلَامهم ك (ريثما خلع) و (ريثما فتح) أَي: قدر خلع وَفتح أَو سَاعَته و (مَا) زَائِدَة، وَأكْثر مَا يسْتَعْمل مُسْتَثْنى فِي كَلَام منفي، وَحقّ (مَا) أَن تكْتب مَوْصُولَة لِضعْفِهَا من حَيْثُ الزِّيَادَة وَقَوْلهمْ: مَا وقفت عِنْده إِلَّا ريث مَا قَالَ ذَاك، مَتْرُوك على الأَصْل و (مَا) فِيهِ مَصْدَرِيَّة الرَّفْض: التّرْك وَالرَّوَافِض: كل جند تركُوا قائدهم والرافضة: الْفرْقَة مِنْهُم وَفرْقَة من شيعَة الْكُوفَة بَايعُوا زيد بن عَليّ، وَهُوَ مِمَّن يَقُول بِجَوَاز إِمَامَة الْمَفْضُول مَعَ قيام الْفَاضِل، ثمَّ قَالُوا لَهُ: تَبرأ من الشَّيْخَيْنِ فَأبى وَقَالَ: كَانَا وزيري جدي، فَتَرَكُوهُ ورفضوه وارفضوا عَنهُ، وَالنِّسْبَة رَافِضِي الروية: هِيَ فِي الأَصْل مَهْمُوزَة من (روأ) فِي الْأَمر: إِذا تَأمل وتفكر، وَهِي تكون قبل الْعَزِيمَة وَبعد البديهة، وَقد أحسن من قَالَ: (بديهة تحل عرى الْمعَانِي ... إِذا انغلقت فتكفيه الروية) وَالرِّوَايَة: يعم حكمهَا الرَّاوِي وَغَيره على ممر الْأَزْمَان [بِخِلَاف الشَّهَادَة فَإِنَّهَا] تخص الْمَشْهُود عَلَيْهِ وَله وَلَا تتعداهما إِلَّا بطرِيق التّبعِيَّة الْمَحْضَة الرعاف، بِالضَّمِّ: دم خَارج من الْأنف، وقاس الْحَنَفِيّ الرعاف والقيء على الْخَارِج من السَّبِيلَيْنِ، فَقيل: لَا حَاجَة للحنفي إِلَى هَذَا الْقيَاس للاستغناء عَنهُ بِخُصُوص النَّص، وَهُوَ حَدِيث: " من قاء أَو رعف فَليَتَوَضَّأ " وَلم يقل الشَّافِعِي بِنَقْض الْوضُوء بالقيء والرعاف لضعف هَذَا الحَدِيث عِنْده الرجس: الشَّرّ والمستقذر أَيْضا والركس: الْعذرَة وَالنَّتن والرجس وَالنَّجس متقاربان، لَكِن الرجس أَكثر مَا يُقَال فِي المستقذر طبعا، وَالنَّجس أَكثر مَا يُقَال فِي المستقذر عقلا وَشرعا

الربض: هُوَ إِذا أضيف إِلَى مَدِينَة يُرَاد بِهِ حواليها، وَإِذا أضيف إِلَى الْغنم يُرَاد مأواها، وَإِذا أضيف إِلَى رجل يُرَاد بِهِ امْرَأَته وكل مَا يأوي إِلَيْهِ الرتق: هُوَ اتِّحَاد الشَّيْء واجتماعه والفتق: افتراقه والرتق، بِالسُّكُونِ: مَا يمْنَع من دُخُول الذّكر فِي الْفرج من غُدَّة غَلِيظَة أَو لحم أَو عظم والفتق، بِالتَّحْرِيكِ: ضيق الْفرج خلقَة بِحَيْثُ لَا يدْخل الذّكر فِيهِ الركز: الصَّوْت الْخَفي، وأصل التَّرْكِيب هُوَ الخفاء والركاز: هُوَ اسْم لما تَحت الأَرْض خلقَة، أَو بدفن الْعباد، غير أَنه حَقِيقَة فِي الْمَعْدن، ومجاز فِي الْكَنْز عِنْد التَّقْيِيد يُقَال: عِنْده كنز الْعلم والمعدن: اسْم لما يكون فِيهَا خلقَة والكنز: اسْم لمدفون الْعباد والسيوب: دَفِين أَمْوَال الْجَاهِلِيَّة الرطب: اسْم لثمر النَّخْلَة فِي الْمرتبَة الْخَامِسَة مركبا من القشر وَاللَّحم وَالْمَاء وَيُسمى التَّمْر أَيْضا، وَإِن كَانَ (التَّمْر) اسْما لتمرها فِي الْمرتبَة السَّادِسَة فصارا كاسمين لما فِي الْمرتبَة الْخَامِسَة. وَإِذا زَالَ عَنهُ جُزْء وَهُوَ المَاء، وَاسم وَهُوَ الرطب فِي الْمرتبَة السَّادِسَة بالجفاف بَقِي اسْم آخر وَهُوَ التَّمْر، وجزءان آخرَانِ وهما القشر وَاللَّحم الرَّأْي: اعْتِقَاد النَّفس أحد النقيضين عَن غَلَبَة الظَّن، وَعَلِيهِ: {يرونهم مثليهم رَأْي الْعين} أَي: يظنونهم بِحَسب مُقْتَض مُشَاهدَة الْعين مثليهم وَقَالَ بَعضهم: الرَّأْي: هُوَ إجالة الخاطر فِي الْمُقدمَات الَّتِي يُرْجَى مِنْهَا إنتاج الْمَطْلُوب وَقد يُقَال للقضية المستنتجة من الرَّأْي رَأْي، وَيُقَال لكل قَضِيَّة فَرضهَا فارض رَأْي أَيْضا الرجل: مَعْرُوف، وَإِنَّمَا هُوَ إِذا احْتَلَمَ وشب، أَو هُوَ رجل سَاعَة يُولد وَفِي " الْقَامُوس ": إِذا بلغ خَمْسَة أشبار فَهُوَ رجل وَاسم الرجل شرعا مَوْضُوع للذات من صنف الذُّكُور من غير اعْتِبَار وصف مُجَاوزَة حد الصغر، أَو الْقُدْرَة على المجامعة، أَو غير ذَلِك، فَيتَنَاوَل كل ذكر من بني آدم حَتَّى دخل الْخصي وَالصَّبِيّ فِي آيَة الْمَوَارِيث الْوَارِدَة باسم الرجل وَالذكر كَقَوْلِه تَعَالَى: {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} وَقَوله تَعَالَى: {وَإِن كَانَ رجل يُورث كَلَالَة} وَدخل الصَّبِي فِي (وَالله لَا أكلم رجلا) حَتَّى يَحْنَث لَو كلم صَبيا وَخَصِيًّا الرغد: هُوَ أَن يَأْكُل مَا شَاءَ إِذا شَاءَ حَيْثُ شَاءَ الروع، بِالْفَتْح: الْفَزع و [الروع] بِالضَّمِّ: الْقلب وَالْعقل الرَّهْن: هُوَ مَا يرْهن والرهان فِي الْخَيل أَكثر الرَّسْم: الْأَثر والرقم: أقوى مِنْهُ

الرَّفَث: هُوَ بالفرج: الْجِمَاع و [الرَّفَث] بِاللِّسَانِ: المواعدة و [الرَّفَث: بِالْعينِ: الغمز الرّقّ، بِالْفَتْح: مَا يكْتب فِيهِ و [الرّقّ] بِالْكَسْرِ: الْملك الرِّبَاط: هُوَ اسْم للمربوطات، إِلَّا أَنه لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي الْخَيل الرَّمْي: الْإِلْقَاء فَوق الْوَضع والطرح والنبذ، بِالذَّالِ: الطرح لَكِن يغلب فِيمَا ينسى و [النبز] بالزاي: يخْتَص بلقب السوء عرفا وَالْقَذْف يُقَال للإلقاء والوضع (وَكَذَلِكَ الرَّمْي كَقَوْلِه: غُلَام رَمَاه الله بالْحسنِ يافعا) ويستعار الْقَذْف للشتم وَالْعَيْب كَمَا استعير للرمي الْبعيد وَالْإِلْقَاء: طرح الشَّيْء حَيْثُ تَلقاهُ، أَي: ترَاهُ، ثمَّ صَار اسْما لكل طرح وَفِي قَوْله: {فألقي السَّحَرَة سجدا} تَنْبِيه على أَنه دهمهم مَا جعلهم فِي حكم غير المختارين و (رميت فأخطأت) خطأ، وَإِنَّمَا يَصح (رميت إِلَى فلَان فأخطأت) لِأَن الرَّمْي المقرون ب (إِلَى) لَا يَقْتَضِي الْإِصَابَة، وبدونها يَقْتَضِي الْإِصَابَة و (رميت بِالسَّهْمِ رماية ورميا) ، و (رميت عَن الْقوس وَعَلَيْهَا) وَلَا تقل بهَا الرواح: النُّزُول من السّير فِي آخر النَّهَار للروح، وَيُقَال (رَاح) إِذا دخل فِي وَقت الْعشَاء الرَّضَاع: كالرضاعة، بِفَتْح الرَّاء، وبكسرها: شرب اللَّبن من الضَّرع أَو الثدي، وَيُقَال: أرضعت الْمَرْأَة الطِّفْل واسترضعتها إِيَّاه: يتَعَدَّى إِلَى مفعولين، (قَالُوا: وَهَكَذَا حكم كل مفعولين لم يكن أَحدهمَا عبارَة عَن الأول) الروث: هُوَ السرجين للْفرس وَالْحمار، وَمَا دَامَ فِي الكرش والخثي، بِالْكَسْرِ للبقر والبعرة لِلْإِبِلِ والخرء للطيور الرَّعْي، بِالْفَتْح مصدر، وبالكسر: الْكلأ والراعي: بَقِيَّة اللَّبن فِي الضَّرع الرُّكْن. ركن الشَّيْء: [جَانِبه الْأَقْوَى لُغَة. قَالَ تَعَالَى: {أَو آوى إِلَى ركن شَدِيد} وَفِي الِاصْطِلَاح: ركن الشَّيْء] : مَا لَا جود لذَلِك الشَّيْء إِلَّا بِهِ [من (التقوم) إِذْ قوام الشَّيْء بركنه لَا من (الْقيام) وَإِلَّا يلْزم أَن يكون الْفَاعِل ركنا للْفِعْل، والجسم للعرض، والموصوف للصفة، وَهَذَا بَاطِل بالانفاق] وَيُطلق على جُزْء من الْمَاهِيّة كَقَوْلِنَا: (الْقيام ركن الصَّلَاة) ، وَيُطلق على جَمِيعهَا الرواء، بِالْفَتْح: المَاء الْعَذَاب و [الرواء] ، بِالضَّمِّ: المنظر الْحسن و [الرواء] بِالْكَسْرِ: جمع (رَيَّان)

الرقد: النّوم كالرقاد والرقود بضَمهَا، أَو الرقاد خَاص بِاللَّيْلِ الرابط: هُوَ اللَّفْظ الدَّال على معنى الِاجْتِمَاع بَين الْمَوْضُوع والمحمول الرمص، بِالتَّحْرِيكِ: وسخ يجْتَمع فِي موق الْعين جَامِدا، فَإِن سَالَ فَهُوَ عمص الرِّفْق: التَّوَسُّط واللطافة فِي الْأَمر والرفقة: يُقَال للْقَوْم مَا داموا منضمين فِي مجْلِس وَاحِد ومسير وَاحِد، وَإِذا تفَرقُوا ذهب عَنْهُم اسْم الرّفْقَة، وَلم يذهب عَنْهُم اسْم الرفيق الرم: هُوَ الشَّيْء الْبَالِي والرمة: تخْتَص بالعظم الرَّقَبَة: هِيَ ذَات مرقوق مَمْلُوك سَوَاء كَانَ مُؤمنا أَو كَافِرًا، ذكرا أَو أُنْثَى، كَبِيرا أَو صَغِيرا الرَّغْبَة: رغب فِيهِ: أرداه بالحرص عَلَيْهِ و [رغب] عَنهُ: [أعرض] تزهدا، وَلم يشْتَهر تعديتها بإلى، إِلَّا أَن تضمن معنى الرُّجُوع، أَو يكون معنى الرَّغْبَة الرَّجَاء والطلب الرَّكية: هِيَ للبئر ذَات المَاء والراوية: هِيَ لِلْإِبِلِ حاملات المَاء الرواق: هُوَ ستر يمد دون السّقف يُقَال: بَيت مروق الراهون: هُوَ جبل بِالْهِنْدِ هَبَط عَلَيْهِ آدم عَلَيْهِ السَّلَام الرَّوْض: أَرض مخضرة بأنواع النَّبَات وَالرَّوْضَة: بَقِيَّة مَاء الْحَوْض رب: كلمة تقليل وتكثير، الأول مجَاز، وَالثَّانِي حَقِيقَة مرغوبة، والتقليل أبدا، والتكثير دَائِما، أَو لَهما على السوَاء، أَو للتقليل غَالِبا والتكثير نَادرا، أَو بِالْعَكْسِ، أَو للتكثير فِي مَوضِع المباهاة، والتقليل فِيمَا عداهُ، أَو لم تُوضَع لَهما بل يستفادان من سِيَاق الْكَلَام، ولمبهم الْعدَد تكون تقليلا وتكثيرا وَلها صدر الْكَلَام ك (كم) لكَونهَا لإنشاء التقليل وتختص بنكرة مَوْصُوفَة بمفرد أَو جملَة اسمية كَانَت أَو فعلية وَقد تدخل فِيهَا التَّاء دلَالَة على تأنيثها وَقد تدخل على مُضْمر فيميز ذَلِك الْمُضمر بنكرة مَنْصُوبَة نَحْو: (ربه رجلا) وَلَا يَليهَا إِلَّا الِاسْم، فَإِذا اتَّصَلت بهَا (مَا) الكافة غيرت حكمهَا ووليها الْفِعْل نَحْو: (رُبمَا جَاءَنِي رجل) لِأَن التَّرْكِيب يزِيل الْأَشْيَاء عَن أُصُولهَا ويخيلها عَن أوضاعها ورسومها، وَهَكَذَا (قل) و (طَال) رويدا: أَي [صبرا وانتظارا وتأنيا، وَهُوَ تَصْغِير (رَود) ] ورويدك عمرا: أمهله، وَإِنَّمَا تدخله الْكَاف إِذا كَانَ بِمَعْنى (افْعَل) وَيكون بِوُجُوه أَرْبَعَة: اسْم فعل نَحْو: (رويدا عمرا) وَصفَة نَحْو: (سَار سيرا رويدا) أَو حَالا نَحْو: (سَار الْقَوْم رويدا) اتَّصل بالمعرفة فَصَارَ حَالا لَهَا ومصدرا نَحْو: (رويد عمر) بِالْإِضَافَة

[نوع] {رب الْعَالمين} : إِلَه الْخلق كلهم {رشدا} : إصلاحا أَو خيرا {رِجْس} : سخط {ريبه} : شكّ {رفاتا} : غبارا {فرَاغ إِلَى آلِهَتهم} : فَذهب إِلَيْهَا فِي خُفْيَة {راودوه عَن ضَيفه} : قصدُوا الْفُجُور بهم {من راق} : من يرقيه مِمَّا بِهِ، من (الرّقية) ، أَو من يرقى بِرُوحِهِ أملائكة الرَّحْمَة، أم مَلَائِكَة الْعَذَاب من (الرقي) {ردء} : أَي معينا {وَالسَّمَاء ذَات الرجع} : أَي الْمَطَر {يأتوك رجَالًا} : مشَاة {رزق كريم} : هِيَ الْجنَّة وَكَذَا {رزقا حسنا} [ {الرقيم} : لوح كتب فِيهِ خبر أَصْحَاب الْكَهْف] الرقيم: الْكتاب [أَو اسْم الْوَادي الَّذِي فِيهِ الْكَهْف] {رواكد} : وقوفا {وربطنا على قُلُوبهم} : وقويناها بِالصبرِ {رهقا} : زِيَادَة فِي سيئاتهم (أَو كبرا أَو عتوا، وأصل الرهق غشيان الشَّيْء) {رَقِيب عتيد} : ملك معد حَاضر يرقب عَمَلهم {من رِبَاط الْخَيل} : اسْم للخيل الَّتِي ترْبط فِي سَبِيل الله {ورئيا} : فعل من (الرُّؤْيَة) ، أَو من (الرّيّ) الَّذِي هُوَ النِّعْمَة {الرادفة} : النفخة الثَّانِيَة {بِروح الْقُدس} : الِاسْم [الْأَعْظَم] الَّذِي كَانَ عِيسَى يحيى بِهِ الْمَوْتَى {الربانيون} : عُلَمَاء فُقَهَاء {بئس الرفد المرفود} : بئس اللَّعْنَة بعد اللَّعْنَة، أَو بئس العون المعان، أَو الْعَطاء الْمُعْطى {وَأقرب رحما} : رَحْمَة وعطفا

{لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدهمْ رَاعُونَ} قائمون بحفظها وإصلاحها {إِلَى ربوة} : أَرض بَيت الْمُقَدّس {ربيون} : رجال {رابية} : زَائِدَة فِي الشدَّة {ركزا} : صَوتا خفِيا {رجيم} : مَلْعُون {رَاعنا} : أَي ليكن مِنْك رعي لنا، وَمنا رعي لَك والرعي: حفظ الْغَيْر لمصْلحَة {رغدا} : سَعَة الْمَعيشَة {ردما} : حاجزا حصينا وَهُوَ أكبر من السد {بركنه} : بجمعه وَجُنُوده {واترك الْبَحْر رهوا} : مَفْتُوحًا ذَا فجوة وَاسِعَة، أَو سَاكِنا على هَيئته {رجت الأَرْض} : حركت {على رَفْرَف} : وسائد أَو نمارق {فَروح} : فاستراحة {وَرَيْحَان} : ورزق طيب {فَمِنْهَا ركبوهم} : ركوبهم {وخر رَاكِعا} : سَاجِدا {لرجمناك} : لقتلناك برمي الْحِجَارَة أَو بأصعب وَجه {من روح الله} : من فرجه وتنفيسه {قل نزله روح الْقُدس} : يَعْنِي جِبْرِيل من حَيْثُ إِنَّه ينزل بالقدس، أَي بِمَا يطهر بِهِ نفوسنا من الْقُرْآن وَالْحكمَة والفيض الإلهي {زبدا رابيا} : عَالِيا {إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيبا} : حَافِظًا مطلعا {فَأَخَذتهم الرجفة} : الزلزلة الشَّدِيدَة {بِكُل ريع} : بِكُل مَكَان مُرْتَفع {تِسْعَة رَهْط} : تِسْعَة أنفس {ردف لكم} : تبعكم ولحقكم {رواسي} : جبالا شوامخ {من رَبًّا} : زِيَادَة مُحرمَة {قدور راسيات} : ثابتات على الأثافي {كَانَتَا رتقا} : شَيْئا وَاحِدًا وَحَقِيقَة متحدة

فصل الزاي

{رشده} : الاهتداء لوجوه الصّلاح {وربت} : وَانْتَفَخَتْ {من رحيق} : شراب خَالص {إِلَى الرشد} : إِلَى الْحق وَالصَّوَاب {رتل الْقُرْآن} : اقرأه على تؤدة وتبيين حُرُوف بِحَيْثُ يتَمَكَّن السَّامع من عدهَا {مَا شَاءَ ركبك} : سلكك ( {رشدا} : خيرا) {رضيت لكم الْإِسْلَام} : اخترته {الَّذِي حَاج إِبْرَاهِيم فِي ربه} : أَي نمروذ [ {بِمَا رَحبَتْ} : أَي مَعَ سعتها {وَتذهب ريحكم} : أَي دولتكم، أَو المُرَاد الْحَقِيقَة فَإِن النُّصْرَة لَا تكون إِلَّا برِيح يبعثها الله {ربائبكم} : بَنَات نِسَائِكُم من غَيْركُمْ {فَردُّوا أَيْديهم فِي أَفْوَاههم} : عضوا أناملهم مِمَّا أَتَاهُم بِهِ الرُّسُل {الرس} : مَعْدن وكل ركية لم تطو {رق منشور} : الصحائف الَّتِي تخرج يَوْم الْقِيَامَة إِلَى بني آدم {رَفْرَف خضر} : يُقَال لرياض الْجنَّة، وَيُقَال للفرش، وَيُقَال للبسط أَيْضا رفارف {بل ران على قُلُوبهم} : غلب على قُلُوبهم {ركاما} : بعضه فَوق بعض {رخاء حَيْثُ أصَاب} : أَي رخوة لينَة لَا تزعزع أَو تخَالف إِرَادَته حَيْثُ أَرَادَ {الرجعى} : مرجع وَرُجُوع {ريشا} : مَا ظهر من اللبَاس الفاخر كالرياش وَالْخصب والمعاش {الرعاء} : جمع رَاع] (فصل الزَّاي) [الزُّور] : كل مَا فِي الْقُرْآن من الزُّور فَهُوَ الْكَذِب مَعَ الشّرك إِلَّا {مُنْكرا من القَوْل وزورا} فَإِنَّهُ كذب بِلَا شرك [الزَّكَاة] : كل مَا فِي الْقُرْآن من زَكَاة فَهُوَ المَال، إِلَّا {وَحَنَانًا من لدنا وَزَكَاة} فَإِن المُرَاد الطهرة

[الزيغ] : كل مَا فِي الْقُرْآن من الزيغ فَهُوَ الْميل، إِلَّا {وَإِذ زاغت الْأَبْصَار} فَإِن مَعْنَاهَا شخصت [الزبُور] : كل كتاب غليظ الْكِتَابَة يُقَال لَهُ زبور [الزَّوْج] : كل مَا يقْتَرن بآخر مماثلا لَهُ أَو مضادا يُقَال لَهُ زوج، وَتقول: (عِنْدِي زوجان من الْحمام) تَعْنِي ذكرا وَأُنْثَى، وَكَذَلِكَ كل اثْنَيْنِ لَا يَسْتَغْنِي أَحدهمَا عَن صَاحبه وَزَوجته امْرَأَة وبامرأة، وَكَذَا تزوجت امْرَأَة وبامرأة وَقيل: لَا يتَعَدَّى بِوَاسِطَة حرف الْجَرّ إِلَّا بِاعْتِبَار مَا فِي ضمنه من معنى الإيصال والإلصاق، وَلَا يتَعَدَّى ب (من) وَإِن كثر ذَلِك فِي كَلَامهم، وَلَعَلَّ ذَلِك من إِقَامَة حرف مقَام حرف كَمَا قَالَه الكوفية، وَذَا غير عَزِيز عِنْد البصرية، وَالْقُرْآن كُله على ترك الْهَاء فِي الزَّوْجَة نَحْو: {اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة} قَالَ الرَّاغِب: وَلم يجِئ فِي الْقُرْآن (وزوجناه حورا) كَمَا يُقَال: (زَوجته امْرَأَة) تَنْبِيها على أَن ذَلِك لَا يكون على حسب الْمُتَعَارف فِيمَا بَيْننَا بالمناكحة [الزكاء، بِالْهَمْز: بِمَعْنى النَّمَاء] [الزَّكَاة] : كل شَيْء يزْدَاد فَهُوَ يزكو زَكَاة، وَيُسمى مَا يخرج من المَال للْمَسَاكِين بِإِيجَاب الشَّرْع زَكَاة لِأَنَّهَا تزيد فِي المَال الَّذِي تخرج مِنْهُ وتوفره وتقيه من الْآفَات وَالثَّابِت بِدَلِيل قَطْعِيّ أَصله، والمقدار بأخبار الْآحَاد، وَلذَلِك أطلق عَلَيْهَا لفظ الْوَاجِب [الزائل] : كل شَيْء تحرّك وَزَالَ عَن مَكَانَهُ فَهُوَ الزائل الزَّمَان: هُوَ عبارَة عَن امتداد موهوم غير قار الذَّات مُتَّصِل الْأَجْزَاء يَعْنِي أَي جُزْء يفْرض فِي ذَلِك الامتداد لَا يكون نِهَايَة لطرف أَو بداية لطرف آخر أَو نِهَايَة لَهما على اخْتِلَاف الاعتبارات كالنقطة الْمَفْرُوضَة فِي الْخط الْمُتَّصِل فَيكون كل آن مَفْرُوض فِي الامتداد الزماني نِهَايَة وبداية لكل من الطَّرفَيْنِ قَائِمَة بهما [وكما أَن النقطة أَمر مَعْقُول غير مشهود مَعَ أَنَّهَا أصل الْجَمِيع من الخطوط والسطوح والدوائر وَظُهُور الْجَمِيع مِنْهَا وَبهَا بل فِيهَا، كَذَلِك الْآن الزماني الحالي هُوَ أَمر مَعْقُول غير مشهود مَعَ أَنه أصل الامتدادات من الْأَيَّام والشهور وَغير ذَلِك، وَيظْهر بِهِ جَمِيعهَا] وَالزَّمَان عِنْد أرسطو ومتابعيه من الْمَشَّائِينَ هُوَ مِقْدَار حَرَكَة الْفلك الْأَعْظَم الملقب بالفلك الأطلس لخلوه عَن النقوش كالثواب الأطلس إِن صَحَّ؛ والآن الَّذِي هُوَ حد الزمانين: الْمَاضِي والمستقبل نِهَايَة الزَّمَان، وَنِهَايَة الشَّيْء خَارِجَة عَنهُ وَالزَّمَان من أَقسَام الْأَعْرَاض وَلَيْسَ من المشخص، فَإِنَّهُ غير قار وَالْحَال فِيهِ قار، والبداهة حاكمة بِأَن غير القار لَا يكون مشخصا للقار، وَكَذَا الْمَكَان لَيْسَ من المشخصات، لِأَن المتمكن ينْتَقل إِلَيْهِ وينفك مِنْهُ، والمشخص لَا يَنْفَكّ عَن الشَّخْص، وَمعنى كَون الزَّمَان غير قار تقدم جُزْء على جُزْء إِلَى غير نِهَايَة، إِلَّا أَنه كَانَ فِي الْمَاضِي وَلم يبْق فِي الْحَال، وَالزَّمَان لَيْسَ شَيْئا معينا يحصل فِيهِ الموجودات بل كل شَيْء وجد وَبَقِي، أَو عدم وامتد عَدمه، أَو تحرّك وَبَقِي جزئيات حركاته، أَو

سكن وامتد سكونه، وَحصل كل وَاحِد من الامتداد هُوَ الزَّمَان قَالَ أفلاطون: إِن فِي عَالم الْأَمر جوهرا أزليا يتبدل ويتغير ويتجدد وينصرم بِحَسب النّسَب والإضافات إِلَى المتغيرات لَا بِحَسب الْحَقِيقَة والذات، وَمِنْه الْمَاضِي والمستقبل وَالْحَال، وَبِه التَّقَدُّم والتأخر، وَذَلِكَ الْجَوْهَر بِاعْتِبَار نِسْبَة ذَاته إِلَى الْأُمُور الثَّابِتَة يُسمى سرمدا وَإِلَى مَا قبل المتغيرات يُسمى دهرا وَإِلَى مقارنتها يُسمى زَمَانا وَلَا اسْتِحَالَة فِي أَن يكون للزمان زمَان عِنْد الْمُتَكَلِّمين الَّذين يعْرفُونَ الزَّمَان بالمتجدد الَّذِي يقدر بِهِ متجدد آخر، كَمَا بَين فِي مَحَله وَالزَّمَان الْمُدعى قدمه عِنْد الفلاسفة هُوَ الْآن السيال، وَهُوَ أَمر بسيط لَا تركب فِيهِ خلق الله الزَّمَان لَيْلًا مظلما، ثمَّ جعل بعضه نَهَارا بإحداث الْإِشْرَاق لإبقاء بعض الزَّمَان على ظلامه وَبَعضه مضيئا وَالْعبْرَة فِي مَجِيء الزَّمَان بِوُجُود أَوله وَفِي مضيه بِوُجُود آخِره، وانتهاء آخر أَجْزَائِهِ الزِّيَادَة: هِيَ أَن يَنْضَم إِلَى مَا عَلَيْهِ الشَّيْء فِي نَفسه شَيْء آخر، وَهِي بِمَعْنى الازدياد، إِلَّا أَن الازدياد لَا يسْتَعْمل مُتَعَدِّيا إِلَى مفعولين، بل يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد لِأَنَّهُ مضارع (زَاد) نقُول: (زادنا لله النعم فازددناها) وَهُوَ أبلغ من الزِّيَادَة كالاكتساب وَالْكَسْب وَالزِّيَادَة تلْزم، وَقد تتعدى ب (عَن) كَمَا تتعدى ب (على) ، لِأَن النَّقْص يتَعَدَّى بِهِ وَهُوَ نقيضها، وَالْمَفْعُول الثَّانِي من بَاب (زَاد) يجب أَن يكون بِحَيْثُ تصح إِضَافَته إِلَى الْمَنْصُوب الأول وَتَكون إِضَافَته حَقِيقَة على نمط قَوْله تَعَالَى: {فَزَادَهُم الله مَرضا} وزاده خيرا وزاده مَالا: أَي مرضهم وخيره وَمَاله وَالشَّيْء لَا يُوصف بِالزِّيَادَةِ إِلَّا إِذا كَانَ لزائد مُقَدرا بِمِقْدَار معِين من جنس الْمَزِيد عَلَيْهِ مثل قَوْلك: (أُعْطِيك عشرَة أُمَنَاء من الْحِنْطَة وَزِيَادَة) وَكَذَا النُّقْصَان وَالْكَثْرَة والقلة، وَهَذَا هُوَ الْقيَاس، وَقد تتَحَقَّق الزِّيَادَة من غير جنسه أَيْضا اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} فَإِن الْحسنى الْجنَّة، وَالزِّيَادَة عَلَيْهَا شَيْء يغاير لكل مَا فِي الْجنَّة، وَهُوَ الرُّؤْيَة قَالَ الله تَعَالَى: {فَمن زحزح عَن النَّار وَأدْخل الْجنَّة فقد فَازَ} وَمن قَالَ هُنَاكَ أَي فوز أعظم من دُخُول الْجنَّة؟ فقد بنى على مَذْهَب الاعتزال وَالزِّيَادَة كَمَا تسْتَعْمل بِمَعْنى الزَّائِد الْمُسْتَدْرك وَهُوَ الْمَعْنى الْمَشْهُور كَذَلِك تسْتَعْمل فِيمَا بِهِ الشَّيْء ويكمل بِهِ فِي عين الْكَمَال وَالزَّائِد فِي كَلَامهم لَا بُد أَن يُفِيد فَائِدَة معنوية أَو لفظية وَإِلَّا كَانَ عَبَثا ولغوا فالمعنوية تَأْكِيد للمعنى كَمَا فِي (من) الاستغراقية، وَالْبَاء فِي خبر (مَا) و (لَيْسَ) واللفظية تَزْيِين اللَّفْظ وَكَونه بزيادتها أفْصح، أَو مُهَيَّأ لِاسْتِقَامَةِ وزن أَو لحسن سجع أَو غير ذَلِك وَقد تَجْتَمِع الفائدتان فِي حرف، وَقد تنفرد إِحْدَاهمَا

عَن الْأُخْرَى وَلَا يَصح فِي الْكَلَام المعجز معنى الزِّيَادَة الَّتِي تكون لَغوا، بل المُرَاد بهَا أَن لَا تكون مَوْضُوعَة لِمَعْنى هُوَ جُزْء التَّرْكِيب، وَإِنَّمَا تفِيد وثاقة وَقُوَّة للتركيب كَمَا قَالَه بَعضهم فِي قَوْله تَعَالَى: {أفأمن أهل الْقرى} إِن هَذِه الْهمزَة مقحمة مزيدة لتقرير معنى الْإِنْكَار أَو التَّقْرِير، أَرَادَ أَنَّهَا مقحمة على الْمَعْطُوف، مزيدة بعد اعْتِبَار عطفه، لَا أَنَّهَا مزيدة بِمَنْزِلَة حرف الصِّلَة غير مَذْكُورَة لإِفَادَة مَعْنَاهَا وَالزِّيَادَة والإلغاء عَن عِبَارَات الْكُوفِيّين، والقلة والحشو من عِبَارَات الْبَصرِيين وَالزَّائِد يُوجد فِي كل عَارض، وَلَا يلْزم فِي كل زَائِد عَارض وَالْعرب تزيد فِي كَلَامهم أَسمَاء وأفعالا فالاسم فِي قَوْلنَا (بِسم الله) فَإِنَّهُ إِنَّمَا أردنَا (باسم معنى الله) و (اسْم) مَعْنَاهُ الله فَكَأَنَّهُ قَالَ: (بِاللَّه) ، لكنه لما أشبه الْقسم زيد فِيهِ الِاسْم، وَكَذَا الْمثل فِي قَوْله تَعَالَى: {فَأتوا بِسُورَة من مثله} وَشهد شَاهد على مثله: أَي عَلَيْهِ [وَيجوز أَن يكون فِي الْكَلَام زِيَادَة يجب حذفهَا ليحصل الْمَعْنى الْمَقْصُود نَحْو قَوْله: {وَحرَام على قَرْيَة أهلكناها أَنهم لَا يرجعُونَ} وَقَوله تَعَالَى: {لَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة} فَإِن كلمة (لَا) فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاجِبَة بالحذف] وَمِمَّا يُزَاد من الْأَفْعَال قَوْله تَعَالَى: {أم تنبئونه بِمَا لَا يعلم فِي الأَرْض} أَرَادَ - وَالله أعلم -: بِمَا لَيْسَ فِي الأَرْض وَقَوله: {كَيفَ نُكَلِّم من كَانَ فِي المهد صَبيا} وَقَوله: {فَأَصْبحُوا خاسرين} لأَنهم يرجون فِيهِ الْفرج من عِلّة تزاد بِاللَّيْلِ وَمن سنتهمْ النَّقْص أَيْضا من عدد الْحُرُوف، يَقُولُونَ: درس المنا يُرِيدُونَ (الْمنَازل) وَلَيْسَ شَيْء على الْمنون بخال أَي بِخَالِد الزَّعْم، بِالضَّمِّ: اعْتِقَاد الْبَاطِل بِلَا تَقول و [الزَّعْم] بِالْفَتْح: اعْتِقَاد الْبَاطِل بتقول وَقيل: بِالْفَتْح قَول مَعَ الظَّن، وبالضم ظن بِلَا قَول وَمن عَادَة الْعَرَب أَن من قَالَ كلَاما وَكَانَ عِنْدهم كَاذِبًا قَالُوا: زعم فلَان، وَقَالَ شُرَيْح: لكل شَيْء كنية، وكنية الْكَذِب زعم وَفِي " الْأَنْوَار ": الزَّعْم ادِّعَاء الْعلم بالشَّيْء، وَلِهَذَا يتَعَدَّى إِلَى مفعولين كَقَوْلِه تَعَالَى: {زعم الَّذين كفرُوا أَن لن يبعثوا} وَقد جَاءَ فِي الْقُرْآن فِي كل مَوضِع ذمّ لِلْقَائِلين، وَقد يسْتَعْمل بِمَعْنى (قَالَ) مُجَردا من

الْكَذِب، كَقَوْل أم هانىء للنَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَوْم فتح مَكَّة: زعم ابْن أُمِّي، تَعْنِي عليا رَضِي الله عَنهُ [وَفِي قَوْله تَعَالَى: {هَذَا لله بزعمهم} هُوَ الظَّن الْخَطَأ، وَقد جَاءَ فِيهِ الْكسر كالفتح وَالضَّم] الزِّمَام: هُوَ لِلْإِبِلِ مَا تشد بِهِ رؤوسها من حَبل وَنَحْوه يُقَاد بِهِ والخطام، بِالْكَسْرِ: هُوَ الَّذِي يخطم بِهِ الْبَعِير، وَهُوَ أَن يُؤْخَذ حَبل من لِيف أَو شعر أَو كتَّان فَيجْعَل فِي أحد طَرفَيْهِ حَلقَة يسْلك فِيهَا الطّرف الآخر حَتَّى يصير كالحلقة، ثمَّ يُقَاد الْبَعِير بِهِ الزق: اسْم عَام فِي الظّرْف، فَإِن كَانَ فِيهِ لبن فَهُوَ وطب، وَإِن كَانَ فِيهِ سمن فيهو نحي، وَإِن كَانَ فِيهِ عسل فَهُوَ عكة، وَإِن كَانَ فِيهِ مَاء فَهُوَ شكوة، وَإِن كَانَ فِيهِ زَيْت فَهُوَ حميت الزند، كَالْقَتْلِ: الْحَدِيد وَالْحجر، يُطلق عَلَيْهِمَا وهما آلتان يستعملان لخُرُوج النَّار لَدَى الْحَاجة، وَالْجمع زناد الزيف: هُوَ الدِّرْهَم الَّذِي خلط بِهِ نُحَاس أَو غَيره ففات صفة الْجَوْدَة فَيردهُ بَيت المَال لَا التُّجَّار والنبهرجة: هُوَ مَا يردهُ التُّجَّار أَيْضا الزِّنَا، بِالْقصرِ لُغَة حجازية، وبالمد لُغَة نجدية والزان، بِغَيْر بَاء بعد النُّون لُغَة فصيحة، وَالْأَشْهر فِي اللُّغَة بِإِثْبَات الْبَاء والزنية: بِخِلَاف الرشدة [وَالزِّنَا: اسْم لفعل مَعْلُوم، وإيلاج فرج فِي مَحل محرم مشتهى يُسمى قبلا وَمَعْنَاهُ قَضَاء شَهْوَة الْفرج بسفح المَاء فِي مَحل محرم مشتهى من غير دَاعِيَة للوأد حَتَّى يُسمى الزَّانِي سِفَاحًا، وَلما كَانَ هَذَا الْمَعْنى مَوْجُودا فِي اللواط بل فِيهِ فَوْقه لِأَنَّهُ مستنكر شرعا وعقلا حَتَّى قيل: إِنَّه كاشف لهَذِهِ الْحُرْمَة تعدى الحكم إِلَيْهَا بطرِيق الدّلَالَة فَيجب حد الزِّنَا باللواط عِنْد أبي يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله، وَعند الإِمَام أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فَإِنَّمَا يحد الزَّانِي لِأَن الْكَامِل فِي سفح المَاء مَا يهْلك الْبشر حكما وَهُوَ الزِّنَا، لِأَن ولد الزَّانِي هَالك حكما لعدم من يقوم بتربيته دينا وَدُنْيا وَلَيْسَ فِي اللواط هَذَا الْمَعْنى بل فِيهَا مُجَرّد تَضْييع المَاء وَذَلِكَ قَاصِر فِي الْجَنَابَة، لِأَن تَضْييع المَاء قد يحل كَمَا فِي الْعَزْل بِرِضَاهَا وَفِي الْأمة بِغَيْر رِضَاهَا، وتضييع النَّسْل غير مَشْرُوع أصلا، وَفِي الزِّنَا فَسَاد فرَاش الزَّوْج لاشتباه النّسَب، وَلَيْسَ فِي اللواط ذَلِك فَلم تساويه جِنَايَة لَا يلْزم الْعَجُوز والعقيم وَكَذَا الْخصي، لِأَن حِكْمَة الحكم تراعى فِي الْجِنْس لَا فِي كل فَرد، على أَن قصَّة سيدنَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مَنْصُوص عَلَيْهَا بالتنزيل وَيثبت النّسَب من الْخصي وَلَو انْعَدم المَاء مِنْهُ أصلا كَمَا فِي الصَّبِي وَاعْلَم أَن بعض الْمُحَقِّقين أورد نَظِير الْقيَاس المستنبط من الْكتاب قِيَاس حُرْمَة اللواط على حُرْمَة الْوَطْء فِي حَالَة الْحيض الثَّابِتَة بقوله تَعَالَى: {قل هُوَ أَذَى فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} وَالْعلَّة هِيَ الْأَذَى، وَلَا يخفى أَن حكم الأَصْل

- أَعنِي حُرْمَة جماع الْحَائِض - معدول بِهِ عَن سنَن الْقيَاس فَإِن الْقيَاس يَقْتَضِي اسْتِبَاحَة الْفروج بِالنِّكَاحِ أَو الْملك مُطلقًا - أَعنِي فِي حالتي الْحيض وَالطُّهْر - وَإِنَّمَا شرعت الْحُرْمَة بِالنَّصِّ المستدعي ترك الْقيَاس، فعلى تَقْدِير وجود الْعلَّة - أَعنِي المؤذي فِي الْفَرْع - لَا يتَعَدَّى الحكم فَلَا يَصح الْقيَاس، وَلِأَن الْمَذْهَب حل وَطْء الْمُنْقَطع حَيْضهَا لأكْثر مُدَّة قبل التَّطْهِير، وَعلة الْأَذَى مَوْجُودَة فِيهَا، وَيحل أَيْضا وَطْء الْمُسْتَحَاضَة وَذَات السلس مَعَ أَن مشغولية الْمحل بِنَجس مستقذر مستنكف مِنْهُ ثَابِتَة فِي كل من صورتيهما] الزحير، بِالْحَاء المغفلة: استطلاق الْبَطن [والتنفس] بِشدَّة [كَمَا فِي " الْمُلْتَقط "] الزيغ: الْميل عَن الصَّوَاب فِي الْفَهم والإلحاد: هُوَ الْميل عَن الْحق الزّهْد: ضد الرَّغْبَة وزهد فِيهِ، ك (منع) و (شيع) و (كبر) زهدا وزهادة أَو هِيَ فِي الدُّنْيَا والزهد فِي الدّين [الزَّاهِد: هُوَ المعرض عَن مَتَاع الدُّنْيَا ولذاتها وَالْعَابِد: هُوَ المواظب لِلْعِبَادَةِ مثل قيام وَصِيَام النَّهَار والعارف: هُوَ الْمُسْتَغْرق فِي معرفَة الله ومحبته، وَهَذَا مَا قيل: إِن للسعداء أحوالا: الرُّجُوع عَمَّا سوى الله وَهُوَ الزّهْد، أَو الذّهاب إِلَى الله وَهُوَ الْعِبَادَة، والوصول إِلَى الله وَهُوَ الْمعرفَة، وَجَمعهَا وَهُوَ الْولَايَة] الزَّفِير: هُوَ إِخْرَاج النَّفس والشيهق: رده الزِّيَارَة: مصدر (زرت فلَانا) أَي: لَقيته بزوري (بِالْفَتْح) أَو قصدت زوره، وَهُوَ أَعلَى الصَّدْر الزاكية: هِيَ النَّفس الَّتِي لم تذنب قطّ والزكية: هِيَ الَّتِي أذنبت ثمَّ غفر لَهَا وَقَوله تَعَالَى: {قد أَفْلح من تزكّى} أَي بِالْفِعْلِ، وَهُوَ مَحْمُود وَقَوله: {فَلَا تزكوا أَنفسكُم هُوَ أعلم بِمن اتَّقى} : بالْقَوْل وَهُوَ مَذْمُوم، نهى عَنهُ تأديبا لقبح مدح الْإِنْسَان نَفسه عقلا وَشرعا، وَلِهَذَا قيل مَا الَّذِي لَا يحسن وَإِن كَانَ حَقًا، فَقَالَ. مدح الرجل نَفسه [قلت: مدح الْمَرْء نَفسه إِنَّمَا يكون مذموما إِذا قصد بِهِ التفاخر والتوصل إِلَى مَا لَا يحل، وَقد قَالَ سيدنَا يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: {اجْعَلنِي على خَزَائِن الأَرْض إِنِّي حفيظ عليم} ، وَالْمرَاد بقوله تَعَالَى جلت كبرياؤه: {فَلَا تزكوا أَنفسكُم} تَزْكِيَة حَال مَا لم يعلم كَونهَا متزكية] زَالَ: هِيَ وَأَخَوَاتهَا الثَّلَاث كلهَا نَافِيَة لحكم، فَإِذا دخل عَلَيْهَا حرف النَّفْي زَالَ نَفيهَا وارتفع فَبَقيَ إِثْبَاتهَا و (زَالَ) ماضي (يزَال)

لَا يزِيل وَلَا يَزُول فَإِنَّهُمَا تامان، الأول مِنْهُمَا مُتَعَدٍّ إِلَى وَاحِد ومصدره (الزيل) وَالثَّانِي قَاصِر ومصدره (الزَّوَال) وترفع الْمُبْتَدَأ وتنصب الْخَبَر بِشَرْط تقدم نفي أَو نهي أَو دُعَاء مِثَال النَّفْي: {وَلَا يزالون مُخْتَلفين} {لن نَبْرَح عَلَيْهِ عاكفين} وَمِنْه: {تالله تفتأ تذكر} إِذْ الأَصْل (لَا تفتأ) و (لَا أَبْرَح) ، وَمِثَال النَّهْي كَقَوْلِه: (صَاح شمر وَلَا تزل ذَاكر الْمَوْت ... فنسيانه ضلال مُبين) وَمِثَال الدُّعَاء كَقَوْلِه: (وَلَا زَالَ منهلا بجرعائك الْقطر ... ) وَيعْمل هَذَا الْعَمَل (دَامَ) لَا غير، بِشَرْط تقدم (مَا) المصدرية الظَّرْفِيَّة نَحْو: (اعط مَا دمت مصيبا) أَي مُدَّة دوامك مصيبا وَلَو لم يتقدمها (مَا) ، أَو كَانَت مَصْدَرِيَّة غير ظرفية لم تعْمل، وَلَا يلْزم من وجود المصدرية الظَّرْفِيَّة وجود الْعَمَل الْمَذْكُور بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض} إِذْ لَا يلْزم من وجود الشَّرْط وجود الْمَشْرُوط، وَلَا تُوجد الظَّرْفِيَّة بِدُونِ المصدرية وَأما (كَانَ) وَبَاقِي أخواتها السَّبع فَإِنَّهَا تعْمل هَذَا الْعَمَل بِغَيْر شَرط زيد: هُوَ لفظ مَوْضُوع للفرد المشخص الْمحل لأعراض كَثِيرَة مُخْتَلفَة هَذَا هُوَ الأوفق لأذهان الْعَوام، الواضعين أعلاما مَخْصُوصَة لأبنائهم، وَقيل: إِنَّه مَوْضُوع للماهية مَعَ تشخصه وتعينه الَّذِي اخْتلف عُلَمَاء الْكَلَام فِي كَونه مَوْجُودا لَا للفرد المشخص بالعوارض، إِذْ لَو كَانَ مَوْضُوعا لَهُ لما صَحَّ وَضعه لما لم يعلم بشخصه، والوضع لما لم يعلم بشخصه كثير، أَلا ترى الْآبَاء يسمون أَبْنَاءَهُم المتولدة فِي غيبتهم بأعلام [وَلَيْسَ مَفْهُوم (زيد) مَفْهُوم إِنْسَان وَحده قطعا، وَإِلَّا لصدق على (عَمْرو أَنه زيد، كَمَا يصدق عَلَيْهِ أَنه إِنْسَان، فَإِذن هُوَ الْإِنْسَان مَعَ شَيْء آخر تَسْمِيَة التشخص فَهُوَ جُزْء زيد زه، بِالْكَسْرِ والسكون: كلمة تَقُولهَا الأعجام عِنْد اسْتِحْسَان شَيْء، وَقد تسْتَعْمل فِي التهكم كَمَا يُقَال لمن أَسَاءَ أَحْسَنت زَكَرِيَّاء، وَيقصر، وك (عَرَبِيّ) ويخفف: علم، فَإِن مددت أَو قصرت لم تصرف، وَإِن شددت صرفت وتثنية المدود (زكرياوان) وَالْجمع (زكرياوون) ، وَفِي الْخَفْض وَالنّصب (زكرياوين) وَفِي الْجمع (زكرياوين) وتثنية الْمَقْصُور (زكريان) و (رَأَيْت ذكريين) و (هم زكريون) [وَالنِّسْبَة (زكرياوي) ، وَإِذا أضفت قلت (زكريايي) بِلَا وَاو، وَفِي التَّثْنِيَة (زكرياواي) ، وَفِي الْجمع (زكرياوي) وتثنية الْمَقْصُور (زكرييان) وَرَأَيْت (زكريين) ، وَهُوَ (زكريون)

كَانَ من ذُرِّيَّة سيدنَا سُلَيْمَان ابْن سيدنَا دَاوُد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَقتل بعد قتل وَالِده] الزَّرْع: هُوَ طرح الزرعة، بِالضَّمِّ، وَهِي الْبذر بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، وَهُوَ مَا عزل بالزراعة من الْحُبُوب فموضعه المزرعة، مُثَلّثَة الرَّاء، إِلَّا أَنَّهَا مجَاز حقيقتة الْإِثْبَات، وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " لَا يَقُولَن أحدكُم زرعت بل حرثت " أَي: طرحت الْبذر {فَإِن زللتم} : أَي ملتم عَن الدُّخُول فِي السّلم. {فتزل قدم} : زلَّة الْقدَم خُرُوجهَا من الْموضع الَّذِي يَنْبَغِي ثُبُوتهَا فِيهِ {زفير} : أَنِين وتنفس شَدِيد [والزفير من الصَّدْر، والشهيق من الْحلق] {زهوقا} : ذَاهِبًا أَو مضمحلا غير ثَابت {زبر الْحَدِيد} : قطع الْحَدِيد {مَا زكا} : مَا اهْتَدَى {زنيم} : ظلوم وَعَن ابْن عَبَّاس: هُوَ ولد الزِّنَا {زيلنا} : ميزنا بلغَة حمير {زخرفا} : ذَهَبا {زحزح عَن النَّار} : بعد عَنْهَا {الزقوم} : شَجَرَة نزل أهل النَّار {وزورا} : منحرفا عَن الْحق {إِذا النُّفُوس زوجت} : قرنت بالأبدان {زكيا} : طَاهِرا من الذُّنُوب {زبدا} : هُوَ وضر الغليان {وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} : أَي قرناء ثَلَاثَة {وزوجناهم بحور عين} : أَي قرناهم بِهن {احشروا الَّذين ظلمُوا وأزواجهم} : أَي أقرانهم المقتدين بهم فِي أفعالهم، أَو الْأَرْوَاح بأجسادها على مَا نبه عَلَيْهِ فِي قَوْله: {ارجعي إِلَى رَبك} أَي: صَاحبك فِي أحد التفسيرين، أَو النُّفُوس بأعمالها حَسْبَمَا نبه عَلَيْهِ فِي قَوْله: {يَوْم تَجِد كل نفس مَا عملت} {زمرا} : أَفْوَاجًا مُتَفَرِّقَة، بَعْضهَا فِي إِثْر بعض {من زخرف} : من ذهب {أخذت الأَرْض زخرفها} : تزينت بأصناف

فصل السين

النَّبَات وأشكالها وألوانها الْمُخْتَلفَة {وَزلفًا من اللَّيْل} : وساعات مِنْهُ قريبَة من النَّهَار {وَأَنا بِهِ زعيم} : كَفِيل {فِي قُلُوبهم زيغ} : عدُول عَن الْحق {زاغت الْأَبْصَار} : مَالَتْ عَن مستوى نظرها حيرة وشخوصا {وَزَكَاة} : طَهَارَة {زاهق} : هَالك {من كل زوج كريم} : من كل صنف كثير الْمَنْفَعَة {زَجْرَة وَاحِدَة} : صَيْحَة وَاحِدَة {وزرابي} : وَبسط فاخرة. {وَقد أَفْلح من زكاها} : أَنما بِالْعلمِ وَالْعَمَل. {وزلزلوا زلزالا} : وأزعجوا إزعاجا شَدِيدا و {زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا} : اضطرابها [ {صَعِيدا زلقا} : أَرضًا ملساء باستئصال مَا فِيهَا من النَّبَات وَالْأَشْجَار بِحَيْثُ لَا يثبت فِيهَا الْقدَم {زهرَة الْحَيَاة الدُّنْيَا} : أَي زينتها، ومحركة: نور النَّبَات وك (لُمزَة) : النَّجْم {الزَّبَانِيَة} : واحدهم زبني، مَأْخُوذ من الزَّبْن وَهُوَ الدّفع {زخرف القَوْل} : يَعْنِي الْبَاطِل المزين المحسن {الزبر} : كتب، جمع زبور {زلفى} : قربى {زينه} : مَا يتزين بِهِ الْإِنْسَان من لبس وحلي وَأَشْبَاه ذَلِك {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} : أَي لباسكم عِنْد كل صَلَاة و {مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة} : يَعْنِي يَوْم الْعِيد] (فصل السِّين) [السُّلْطَان] : كل سُلْطَان فِي الْقُرْآن فَهُوَ حجَّة [وأصل السلطنة الْقُوَّة، وَمِنْه السليط لقُوَّة اشتعاله والسلاطة لحدة اللِّسَان] [السُّور] : كل منزلَة رفيعة فَهِيَ سُورَة وَسورَة الْقُرْآن تهمز وَلَا تهمز فَمن همزها جعلهَا من السؤر، وَهُوَ مَا بَقِي من الشَّرَاب فِي الْإِنَاء فَكَأَنَّهَا

قِطْعَة من الْقُرْآن، وَمن لم يهمزها جعلهَا من الْمَعْنى الْمُتَقَدّم وَسَهل همزها وَقيل: من سور الْبناء، أَي: الْقطعَة مِنْهُ، أَي: منزلَة بعد منزلَة وَقيل: من سور الْمَدِينَة لإحاطتها بآياتها، وَمِنْه: السوار وَقيل: بارتفاعها، لِأَنَّهَا كَلَام الله وَالسورَة: الْمنزلَة الرفيعة قَالَ: (ألم تَرَ أَن الله أَعْطَاك سُورَة ... ترى كل ملك دونهَا يتذبذب) فَكل سُورَة من الْقُرْآن بِمَنْزِلَة دَرَجَة رفيعة ومنزل عَال يرْتَفع الْقَارئ مِنْهَا إِلَى دَرَجَة أُخْرَى ومنزل آخر إِلَى أَن يستكمل الْقُرْآن [وَثُبُوت السؤرة بِالْهَمْزَةِ بِمَعْنى السُّورَة كَمَا فِي " الْقَامُوس " يُؤَيّد كَون السُّورَة منقلبة الْوَاو عَن الْهمزَة، وَبِه يشْعر كَلَام الْأَزْهَرِي: " أَكثر الْقُرَّاء على ترك الْهمزَة فِي لفظ (السُّورَة) "] وَحدهَا: قُرْآن يشْتَمل على آي ذِي فَاتِحَة وخاتمة وسور الْبناء: يجمع على (سور) بِكَسْر الْوَاو وَسورَة الْقُرْآن تجمع على (سور) بِفَتْح الْوَاو [السُّور المدنية] : كل سُورَة فِيهَا (يَا أَيهَا النَّاس) وَلَيْسَ فِيهَا (كلا) فَهِيَ مَدَنِيَّة [السُّورَة المكية] : وكل سُورَة فِي أَولهَا حُرُوف المعجم فَهِيَ مَكِّيَّة إِلَّا الْبَقَرَة وَآل عمرَان، وَفِي (الرَّعْد) اخْتِلَاف وكل سُورَة فِيهَا قصَّة آدم فَهِيَ مَكِّيَّة سوى الْبَقَرَة وكل سُورَة فِيهَا ذكر الْمُنَافِقين فَهِيَ مَدَنِيَّة سوى سُورَة العنكبوت وَقَالَ ابْن هِشَام عَن أَبِيه أَن كل سُورَة ذكر فِيهَا الْحُدُود والفرائض فَهِيَ مَدَنِيَّة وكل مَا كَانَ فِيهِ من ذكر الْقُرُون الْمَاضِيَة من الْأَزْمِنَة الخالية فَهِيَ مَكِّيَّة وَعَن ابْن عَبَّاس: " الحواميم كلهَا مَكِّيَّة " وَقَالَ بَعضهم: كل مَا نزل فِي أَي مَوضِع نزل حِين كَانَ متوطنا فِي الْمَدِينَة فَهُوَ مدنِي إِلَّا أَن يكون نُزُوله بِمَكَّة والاصطلاح على أَن كل مَا نزل قبل الْهِجْرَة فَهُوَ مكي، وَمَا نزل بعد الْهِجْرَة فَهُوَ مدنِي، سَوَاء نزل فِي الْبَلَد حَال الْإِقَامَة أَو فِي غَيرهَا حَال السّفر [السخر] : كل مَا فِي الْقُرْآن من سخر فَهُوَ الِاسْتِهْزَاء إِلَّا {سخريا} فِي " الزخرف "، فان المُرَاد التسخير والاستخدام [السكينَة] : كل سكينَة فِي الْقُرْآن فَهِيَ طمأنينة إِلَّا الَّتِي فِي قصَّة طالوت فَإِنَّهَا شَيْء كرأس الْهِرَّة لَهُ جَنَاحَانِ [السعير] : كل سعير فِي الْقُرْآن فَهُوَ النَّار والوقود إِلَّا {فِي ضلال وسعر} فَإِن المُرَاد العناء [السُّحت] : كل حرَام قَبِيح الذّكر يلْزم مِنْهُ الْعَار كَثمن الْكَلْب وَالْخِنْزِير فَهُوَ سحت، وَقيل: السُّحت مُبَالغَة فِي صفة الْحَرَام، يُقَال: هُوَ حرَام لَا سحت وَقيل: السُّحت الْحَرَام الظَّاهِر [السَّبِيل] : كل مأتي إِلَى الشَّيْء فَهُوَ سَبيله [السّلف] : كل عمل صَالح قَدمته فَهُوَ فرط

لَك، وكل من تقدمك من آبَائِك وقرابتك فَهُوَ سلف [السبت] : كل جلد مدبوغ فَهُوَ سبت [السَّبع] : كل مَا لَهُ نَاب ويعدو على النَّاس وَالدَّوَاب فيفترسها فَهُوَ سبع، بِضَم الْبَاء [السليط] : كل دهن عصر من حب فَهُوَ سليط [السفوف] : كل دَوَاء يُؤْخَذ غير معجون فَهُوَ سفوف، بِالْفَتْح [السِّلَاح] : كل مَا يُقَاتل بِهِ فَهُوَ سلَاح [السماع] : كل مَا يستلذه الْإِنْسَان من صَوت طيب فَهُوَ سَماع [السحر] : كل مَا لطف مأخذه ودق فَهُوَ سحر، بِالْكَسْرِ [السكن] : كل مَا يسكن إِلَيْهِ وَفِيه ويستأنس بِهِ فَهُوَ سكن [السَّمَاء] : كل أفق من الْآفَاق فَهُوَ سَمَاء، كَمَا أَن كل طبقَة من الطباق سَمَاء [السَّقِيفَة] : كل لوح من السَّفِينَة فَهُوَ سَقِيفَة، وَهِي الصّفة [السامد] : كل رَافع رَأسه فَهُوَ سامد [السَّبَب] : كل شَيْء وصلت بِهِ إِلَى مَوضِع أَو حَاجَة تريدها فَهُوَ سَبَب، وَيُقَال للطريق: سَبَب، لِأَنَّك بِسَبَبِهِ تصل إِلَى الْموضع الَّذِي تريده [السكتة] : كل شَيْء أسكت بِهِ صَبيا أَو غَيره فَهُوَ سكتة، بِالضَّمِّ، وَأما السكتة، بِالْفَتْح فَهُوَ نوع من الدَّاء [السَّاعِي] : كل من ولي شَيْئا على قوم فَهُوَ ساع عَلَيْهِم [السبط] : كل وَاحِد من ولد يَعْقُوب فَهُوَ سبط، وكل وَاحِد من ولد إِسْمَاعِيل فَهُوَ قَبيلَة والسبط: الزِّيَادَة فِي كل شَيْء، وَهُوَ أَيْضا شَجَرَة وَاحِدَة لَهَا أَغْصَان كَثِيرَة، وَهُوَ أَيْضا ولد الْوَلَد، وَالْجمع أَسْبَاط {وقطعناهم اثْنَتَيْ عشرَة أسباطا} أَي: أمما وَجَمَاعَة، وَإِنَّمَا فسر بِالْجمعِ، وَلَا يُفَسر الْعدَد بعد الْعشْرَة إِلَى مئة إِلَّا بِوَاحِد يدل على الْجِنْس، كَمَا تَقول: رَأَيْت اثْنَتَيْ عشرَة امْرَأَة، وَلَا تَقول نسَاء لِأَنَّهُ لما قصد الْأُمَم وَلم يقْصد السبط نَفسه لم يجز أَن يفسره بالسبط نَفسه، وَلكنه جعل الأسباط بَدَلا من (اثْنَتَيْ عشرَة) ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيه الْكُوفِيُّونَ المترجم، فَهُوَ مَنْصُوب على الْبَدَل لَا على التَّمْيِيز السّمع، بِالْفَتْح والسكون: حس الْأذن، وَالْأُذن أَيْضا، وَمَا وقر فِيهَا من شَيْء تسمعه، وَهُوَ قُوَّة مرتبَة فِي الْعصبَة المنبسطة فِي السَّطْح الْبَاطِن من صماخ الْأذن، من شَأْنهَا أَن تدْرك الصَّوْت المحرك للهواء الراكد فِي مقعر صماخ الْأذن عِنْد وُصُوله إِلَيْهِ بِسَبَب مَا والسمع قُوَّة وَاحِدَة وَلها فعل وَاحِد، وَلِهَذَا لَا يضْبط الْإِنْسَان فِي زمَان وَاحِد كلامين وَالْأُذن مَحَله، وَلَا اخْتِيَار لَهَا فِيهِ، فَإِن الصَّوْت من أَي

جَانب كَانَ يصل إِلَيْهَا، وَلَا قدرَة لَهَا على تَخْصِيص الْقُوَّة بِإِدْرَاك الْبَعْض دون الْبَعْض، بِخِلَاف قُوَّة الْبَصَر، إِذْ لَهَا فِيهِ شبه اخْتِيَار، فَإِنَّهَا تتحرك إِلَى جَانب دون آخر، وَبِخِلَاف الْفُؤَاد أَيْضا فَإِن لَهُ نوع اخْتِيَار يلْتَفت إِلَى مَا يُرِيد دون غَيره [وَالله سُبْحَانَهُ سميع لكنه بِلَا صمخة وَلَا آذان، كَمَا أَنه بَصِير بِلَا حدقة وَلَا أجفان، فَيسمع حفيف الطُّيُور، ونداء الديدان فِي بطُون الصخور، ودوي الْحيتَان فِي قعور البحور، ويبصر دَبِيب النملة السَّوْدَاء فِي حنادس الديجور، وَيرى فِي لَيْلَة الظلماء تقلبات الْهَوَام وَهِي تمور] والسمع قد يعبر بِهِ تَارَة عَن الْأذن نَحْو {ختم الله على قُلُوبهم وعَلى سمعهم} وَتارَة عَن فعله كالسماع نَحْو: {إِنَّهُم عَن السّمع لمعزولون} وَتارَة عَن الْفَهم نَحْو: {سمعنَا وعصينا} ، وكل مَوضِع أثبت السّمع للْمُؤْمِنين، أَو نفى عَن الْكَافرين، أَو حث على تحريه فالقصد بِهِ إِلَى تصور الْمَعْنى والتفكر فِيهِ نَحْو: {وَفِي آذانهم وقرا} السمعة بِالضَّمِّ والسكون: السماع، وك (الْحِكْمَة) : هَيْئَة والسمع بِالْكَسْرِ.: الذّكر الْجَمِيل وَمَا فعله رِيَاء وَلَا سمعة؛ يضم ويحرك: وَهِي مَا نوه بِذكرِهِ ليرى وَيسمع وَسمع الْإِدْرَاك مُتَعَلّقه الْأَصْوَات نَحْو: {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} ، وَأما قَول الشَّاعِر: (وَقد سَمِعت بِقوم يحْمَدُونَ فَلم ... أسمع بمثلك لَا علما وَلَا جودا) ف (يحْمَدُونَ) لَيْسَ صفة ل (قوم) ، بل هُوَ بِمَنْزِلَة يَقُول فِيهِ (سمعته يَقُول.) لِأَن ذَوَات الْقَوْم لَيست بمسموعة، بل المسموع هَهُنَا الْحَمد وَسمع الْفَهم وَالْعقل مُتَعَلّقه الْمعَانِي، وَيَتَعَدَّى بِنَفسِهِ لِأَن مضمونه يتَعَدَّى بِنَفسِهِ كَقَوْلِه {وَقُولُوا انظرنا واسمعوا} وَسمع الْإِجَابَة يتَعَدَّى بِاللَّامِ نَحْو: {سمع الله لمن حَمده} وَسمع الْقبُول والانقياد يتَعَدَّى ب (من) كَمَا يتَعَدَّى بِاللَّامِ. نَحْو: {سماعون للكذب} وَهَذَا بِحَسب الْمَعْنى، وَإِذا كَانَ السِّيَاق يَقْتَضِي الْقبُول يتَعَدَّى ب (من) ، وَإِذا اقْتضى الانقياد يتَعَدَّى بِاللَّامِ وَالصَّحِيح أَن (سمع) لَا يتَعَدَّى إِلَّا الى مفعول وَاحِد، وَالْفِعْل الْوَاقِع بعد الْمَفْعُول فِي مَوضِع الْحَال، فَمَعْنَى (سمعته يَقُول) أَي: سمعته حَال قَوْله كَذَا، و (سَمِعت حَدِيث فلَان) يُفِيد الإصغاء مَعَ الْإِدْرَاك وسمعك إِلَيّ: أَي اسْمَع مني كَذَا سَماع ك (قطام) وَالسَّامِع أَعم لُغَة من الْمُخَاطب، إِذْ الْحَاضِر هُوَ الْمُخَاطب الَّذِي يُوَجه إِلَيْهِ الْكَلَام، وَالسَّامِع يعم لَهُ ولسائر الْحَاضِرين فِي الْمجْلس

وَفِي الْعرف: يُطلق السَّامع على الْمُخَاطب بِحَيْثُ ينزل منزلَة المرادف لَهُ، وَقد يَجْعَل السَّامع الَّذِي لَا يُخَاطب غَائِبا، وَالْغَائِب الَّذِي أرسل اليه الْكتاب مُخَاطبا (وَالسَّمَاع قد يُطلق وَيُرَاد بِهِ الْإِدْرَاك، كَمَا فِي الْإِدْرَاك بحاسة الْأذن وَقد يُطلق وَيُرَاد بِهِ الانقياد وَالطَّاعَة) وَقد يُطلق بِمَعْنى الْفَهم والإحاطة، وَمِنْه: (سَمِعت كَلَام فلَان) وَإِن كَانَ ذَلِك مبلغا على لِسَان غَيره، وَلَا يكون المُرَاد بِهِ غير الْفَهم لما هُوَ قَائِم بِنَفسِهِ، بل الَّذِي هُوَ مَدْلُول عبارَة ذَلِك الْمبلغ، وَإِذا عرف ذَلِك فَمن الْجَائِز أَن يسمع مُوسَى كَلَام الله الْقَدِيم، بِمَعْنى أَنه خلق لَهُ فهمه والإحاطة بِهِ، إِمَّا بِوَاسِطَة أَو بِغَيْر وَاسِطَة، وَالسَّمَاع بِهَذَا الِاعْتِبَار لَا يَسْتَدْعِي صَوتا وَلَا حرفا. وَالسَّمَاع فِي أهل الحَدِيث إِذا عدي ب (عَن) يكون قَارِئ الحَدِيث الشَّيْخ، وَإِذا قَرَأَ أحد على الشَّيْخ وَسمع غَيره عدي ب (على) فَيَقُول الشَّيْخ: (سمع فلَان عَليّ) وسمعا وَطَاعَة: على إِضْمَار الْفِعْل، وَيرْفَع أَي: أَمْرِي ذَلِك وَالْمرَاد بالسماعي مَا لَا قَاعِدَة لَهُ يعرف بهَا، كَمَا أَن الْقيَاس مَا لَهُ ضَابِط كلي يعلم بِهِ السّنة: بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيد: الطَّرِيقَة وَلَو غير مرضية وَشرعا: اسْم للطريقة المرضية المسلوكة فِي الدّين من غير افتراض وَلَا وجوب وَالْمرَاد بالمسلوكة فِي الدّين مَا سلكها رَسُول الله أَو غَيره مِمَّن هُوَ علم فِي الدّين كالصحابة رَضِي الله عَنْهُم لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين من بعدى " (وَفِي " غَايَة الْبَيَان ": السّنة هِيَ مَا فِي فعله ثَوَاب وَفِي تَركه عتاب لَا عِقَاب، وَهَذَا التَّعْرِيف أبدعه خاطري، وَمَا قيل: هِيَ الطَّرِيقَة المسلوكة فِي الدّين فَفِيهِ نظر انْتهى) وَعرفا، بِلَا خلاف: هِيَ مَا واظب عَلَيْهِ مقتدى نَبيا كَانَ أَو وليا، وَهِي أَعم من الحَدِيث لتناولها للْفِعْل وَالْقَوْل والتقرير والْحَدِيث لَا يتَنَاوَل إِلَّا القَوْل، وَالْقَوْل أقوى فِي الدّلَالَة على التشريع من الْفِعْل، لاحْتِمَال اخْتِصَاصه بِهِ، وَالْفِعْل أقوى من التَّقْرِير، لِأَن التَّقْرِير يطرقه من الِاحْتِمَال مَا لَا يطْرق الْفِعْل الوجودي، وَلذَلِك كَانَ فِي دلَالَة التَّقْرِير على التشريع خلاف وَمُطلق السّنة لَا يَقْتَضِي الِاخْتِصَاص بِسنة رَسُول الله فَإِن المُرَاد بِهِ فِي عرف المتشرعة طَريقَة الدّين، إِمَّا للرسول بقوله وَفعله، أَو للصحابة وَعند الشَّافِعِي مُخْتَصَّة بِسنة رَسُول الله، وَهَذَا بِنَاء على أَنه لَا يرى تَقْلِيد الصَّحَابَة وَالسّنة: الطَّرِيقَة المسلوكة المتبعة، فَلَا يُطلق اسْم السّنة على طريقتهم إِلَّا بالمجاز، فتتعين الْحَقِيقَة عِنْد الْإِطْلَاق، وَعِنْدنَا: لما وَجب تَقْلِيد الصَّحَابَة كَانَت طريقتهم متعبة لطريق الرَّسُول فَلم

يدل إِطْلَاق السّنة على أَنَّهَا طَريقَة النَّبِي وَقد تطلق السّنة على الثَّابِت بهَا كَمَا رُوِيَ عَن أبي حنيفَة أَن الْوتر سنة، وَعَلِيهِ يحمل قَوْله " عيدَان اجْتمعَا، احدهما فرض وَالْآخر سنة " أَي: وَاجِب بِالسنةِ وَالسّنة بِمَعْنى الطَّرِيقَة المسلوكة فِي الدّين، تنتظم الْمُسْتَحبّ والمباح، بل الْوَاجِب وَالْفَرْض أَيْضا وَالسّنة المصطلحة بِخِلَافِهَا، فَإِنَّهَا مُقَابلَة للأربعة الْمَذْكُورَة وَالسّنة مُؤَقَّتَة، ويلام بِتَرْكِهَا، ومحتاج إِلَى النِّيَّة بِلَفْظ السّنة، بِخِلَاف النَّفْل فِي ذَلِك كُله وَسنة الْهدى: أَي مكمل الدّين وَيُقَال لَهَا السّنة الْمُؤَكّدَة كالأذان وَالْإِقَامَة، وَالسّنَن الرَّوَاتِب حكمهَا كالواجب الْمُطَالبَة فِي الدُّنْيَا، إِلَّا أَن تَارِك الْوَاجِب يُعَاقب وتاركها يُعَاتب، وَهُوَ الْمَشْهُور، لَكِن فِي " المسعودية ": من اعْتقد وَلم يعْمل فَهُوَ مُؤمن عَاص وَفِي " التَّلْوِيح ": ترك السّنة الْمُؤَكّدَة قريب من الْحَرَام فَيسْتَحق حرمَان الشَّفَاعَة، إِذْ معنى الْقرب إِلَى الْحُرْمَة أَنه يتَعَلَّق بِهِ مَحْذُور دون اسْتِحْقَاق الْعقُوبَة بالنَّار وَالسّنَن الزَّائِدَة على الْهدى كأذان الْقَاعِد الْمُنْفَرد والسواك وَصَلَاة اللَّيْل والنوافل الْمعينَة وَالْأَفْعَال الْمَعْهُودَة فِي الصَّلَاة وخارجها لَا يُعَاقب تاركها كالندب والتطوع وَسنة الْعين كالرواتب وَالِاعْتِكَاف وَسنة الْكِفَايَة كسلام وَاحِد من جمع وَسنة عبَادَة وَاتِّبَاع كَالطَّلَاقِ فِي طهر بِلَا وضوء وَسنة الْمَشَايِخ كالعدد التسع فِي الاستياك وَأما النَّفْل فَهُوَ مَا فعله النَّبِي مرّة وَتَركه أُخْرَى وَالْمُسْتَحب دون السّنَن الزَّوَائِد، لاشْتِرَاط الْمُوَاظبَة وَالْأَدب كالنفل وَسنة النَّبِي أقوى من سنة الصَّحَابَة، أَلا ترى أَن التَّرَاوِيح فِي رَمَضَان سنة الصَّحَابَة، فَإِنَّهُ لم يواظب عَلَيْهَا رَسُول الله، بل واظب عَلَيْهَا الصَّحَابَة، وَهَذَا مِمَّا ينْدب إِلَى تَحْصِيله ويلام على تَركه، وَلكنه دون مَا واظب عَلَيْهِ الرَّسُول، والمواظبة لم تثبت الْوُجُوب بِدُونِ الْأَمر بِالْفِعْلِ أَو الْإِنْكَار على التارك كَمَا قَالَه (الْمَبْسُوط الْبكْرِيّ) والسني: مَنْسُوب إِلَى السّنة، حذف التَّاء للنسبة {إِلَّا أَن تأتيهم سنة الْأَوَّلين} أَي: مُعَاينَة الْعَذَاب [و {قد خلت من قبلكُمْ سنَن} أَي: مَضَت لكل أمة سنة ومنهاج، وَقيل: أُمَم وَالسّنة: الْأمة قَالَ الشَّاعِر: (مَا عاين النَّاس من فضل كفضلكم ... وَلَا رَأَوْا مثلكُمْ فِي سالف السّنَن) وَالسّنة: بِالْفَتْح وَالتَّخْفِيف غَالب اسْتِعْمَالهَا فِي الْحول الَّذِي فِيهِ الشدَّة والجدب، بِخِلَاف الْعَام: فَإِن اسْتِعْمَاله فِي الْحول الَّذِي فِيهِ الرخَاء وَالسّنة: مِقْدَار طُلُوع الشَّمْس البروج الاثْنَي عشر

وَفِي عرف الشَّرْع: كل يَوْم إِلَى مثله من الْقَابِل بالشهور الْهِلَالِيَّة وَالْعَام: من أول الْمحرم إِلَى آخر ذِي الْحجَّة والشهر: مِقْدَار حُلُول الْقَمَر الْمنَازل الثماني وَالْعِشْرين وَقد يَجِيء بِمَعْنى الْهلَال، لِأَنَّهُ يكون فِي أول الشَّهْر وَالسّنة، بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيف: ابْتِدَاء النعاس فِي الرَّأْس، فاذا خالط الْقلب صَار نوما وَفِي قَوْله تَعَالَى: {لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم} الْمَنْفِيّ أَولا إِنَّمَا هُوَ الْخَاص، وَثَانِيا الْعَام، وَيعرف ذَلِك من قَوْله: (لَا تَأْخُذهُ) أَي: لَا تغلبه، فَلَا يلْزم من عدم أَخذ السّنة الَّتِي هِيَ قَلِيل من نوم أَو نُعَاس عدم أَخذ النّوم، وَلِهَذَا قَالَ: (وَلَا نوم) بتوسط كلمة (لَا) تنصيصا على شُمُول النَّفْي لكل مِنْهُمَا، لَكِن بَقِي الْكَلَام فِي عدم الِاكْتِفَاء بِنَفْي أَخذ النّوم قَالَ بَعضهم: هُوَ من قبيل التدلي من الْأَعْلَى إِلَى الْأَدْنَى كَقَوْلِه تَعَالَى: {لن يستنكف الْمَسِيح أَن يكون عبدا لله وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون} وَقيل: هُوَ من قبيل الترقي، فالقائل بالتدلي نظر إِلَى سلب السّنة، لِأَنَّهُ أبلغ من سلب النّوم وَالْقَائِل بالترقي نظر إِلَى سلب أَخذهَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ بأبلغ من سلب من أَخذه لما فِيهِ من الْقُوَّة وَالْحق أَن المُرَاد بَيَان انْتِفَاء عرُوض شَيْء مِنْهُمَا لَهُ تَعَالَى، لَا لِأَنَّهُمَا قاصران بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقُوَّة الإلهية فَإِنَّهُ بمعزل عَن مقَام التَّنْزِيه وَتَقْدِيم السّنة للمحافظة على تَرْتِيب الْوُجُود الْخَارِجِي السِّين: هِيَ إِذا دخلت على الْفِعْل الْمُسْتَقْبل وصلت بَينه وَبَين (أَن) الَّتِي كَانَت قبل دُخُولهَا من أدوات النصب فيرتفع حِينَئِذٍ الْفِعْل، وينتقل عَن (ان) كَونهَا الناصبة للْفِعْل إِلَى أَن تصير مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة، وَذَلِكَ كَقَوْلِه تَعَالَى: {علم أَن سَيكون مِنْكُم مرضى} أَي: علم أَنه سَيكون وَيُقَال لَهَا حرف تَنْفِيس، لِأَنَّهَا تنقل الْمُضَارع من الزَّمن الضّيق: وَهُوَ الْحَال، إِلَى الْوَاسِع أَي: الِاسْتِقْبَال وتجيء لمعان كالطلب والتحويل والإصابة على صفة، والاعتقاد وَالسُّؤَال وَالتَّسْلِيم وَالْوَقْف بعد كَاف الْمُؤَنَّث نَحْو (اكرمتكس) وَتسَمى سين الكسكسة وتجيء للتلطيف: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فسنيسره لليسرى} وَالْمرَاد بالتلطيف ترقيق الْكَلَام، بِمَعْنى أَن لَا يكون نصبا فِي الْمَقْصُود، بل يكون مُحْتملا لغيره فَهُوَ كالشيء الرَّقِيق الَّذِي يُمكن تَغْيِيره وبسهل، ويقابله الكثيف، بِمَعْنى أَن يكون نصا فِي الْمَقْصُود، لِأَنَّهُ لَا يُمكن تَغْيِيره فَهُوَ كالكثيف الَّذِي لَا يُمكن فِيهِ ذَلِك، فالمقصود هَهُنَا أَن التَّيْسِير حَاصِل فِي الْحَال، لَكِن أُتِي بِالسِّين الدَّالَّة على الِاسْتِقْبَال وَالتَّأْخِير لتلطيف الْكَلَام وترقيقه لاحْتِمَال أَن لَا يكون التَّيْسِير حَاصِلا فِي الْحَال لنكات تَقْتَضِي ذَلِك وَالسِّين للاستقبال الْقَرِيب مَعَ التَّأْكِيد، كَمَا أَن (سَوف) للاستقبال الْبعيد و (سَوف) فِي قَوْله تَعَالَى: (فَسَوف

يبصرون} للوعيد لَا للتبعيد وَالسِّين فِي الْإِثْبَات مُقَابلَة ل (لن) فِي النَّفْي وَلِهَذَا قد تتمحض للتَّأْكِيد من غير قصد إِلَى معنى الِاسْتِقْبَال سَوف: حرف مَعْنَاهَا الِاسْتِئْنَاف، أَو كلمة تسويف فِيمَا لم يكن بعد، وتستعمل فِي التهديد والوعد والوعيد، وَإِذا شِئْت أَن تجعلها اسْما نونتها و (سَوف) كالسين وأوسع زَمَانا مِنْهَا عِنْد الْبَصرِيين، ومرادفة لَهَا عِنْد غَيرهم وتنفرد عَن السِّين بِدُخُول اللَّام فِيهَا نَحْو {ولسوف يعطيك} وَالْغَالِب على السِّين اسْتِعْمَالهَا فِي الْوَعْد، وَقد تسْتَعْمل فِي الْوَعيد. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: " سَوف، كلمة تذكر للتهديد والوعيد، وينوب عَنْهَا السِّين وَقد يُزَاد (أَن) فِي الْوَعْد أَيْضا السوَاء: اسْم بِمَعْنى الاسْتوَاء، يُوصف بِهِ كَمَا يُوصف بالمصادر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم} وَسَوَاء الشَّيْء: وَسطه وَمِنْه: {فِي سَوَاء الْجَحِيم} وَإِذا كَانَ بِمَعْنى (غير) أَو بِمَعْنى الْعدْل يكون فِيهِ ثَلَاث لُغَات: إِن ضممت السِّين أَو كَسرته قصرت فيهمَا جَمِيعًا، وان فتحت مددت و (سَوَاء) مِمَّا يفرد وَيجمع وَلَا يثنى ك (ضبعان) للمذكر، يجمع وَلَا يثنى وَالصَّحِيح أَنه لَا يثنى وَلَا يجمع لِأَنَّهُ جرى عِنْدهم مجْرى الْمصدر وَهَذَا يحفظ وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ وَالْعرب قد تَسْتَغْنِي عَن الشَّيْء بالشَّيْء حَتَّى يصير المستغنى عَنهُ سَاقِطا من كَلَامهم الْبَتَّةَ، فَمن ذَلِك استغناؤهم ب (ترك) عَن (وذر) و (ودع) وب (سيان) عَن تَثْنِيَة (سَوَاء) ، وَيجمع الْقلَّة عَن الْكَثْرَة وَغير ذَلِك وَإِذا كَانَ بعد (سَوَاء) ألف الِاسْتِفْهَام فَلَا بُد من (أم) مَعَ الْكَلِمَتَيْنِ، اسْمَيْنِ كَانَتَا أَو فعلين تَقول: (سَوَاء عَليّ أَزِيد أم عَمْرو) و (سَوَاء عَليّ أَقمت أم قعدت) وَإِذا كَانَ بعْدهَا فعلان بِغَيْر ألف الِاسْتِفْهَام عطف الثَّانِي ب (أَو) ، وَإِن كَانَ بعْدهَا مصدران كَانَ الثَّانِي بِالْوَاو أَوب (أَو) حملا عَلَيْهَا، وَكَذَا لَفْظَة (أُبَالِي) فَإِنَّهُ إِذا وَقع بعد (أُبَالِي) همزَة الِاسْتِفْهَام كَانَ الْعَطف ب (أم) وَإِلَّا فالعطف ب (أَو) ، وَالضَّابِط الْكُلِّي أَنه إِن حسن السُّكُوت على مَا قبل (أَو) فَهُوَ من مَوَاضِع (أَو) ، وَإِن لم يحسن فَهُوَ من مَوَاضِع (أم) ، وَفِي (أفعل) التَّفْضِيل لَا يعْطف إِلَّا ب (أم) فَلَا يُقَال: (زيد أفضل أَو عَمْرو) وَفِي (سَوَاء) أَمر آخر اخْتصَّ بِهِ، وَهُوَ أَنه لَا يرفع الظَّاهِر إِلَّا أَن يكون مَعْطُوفًا على الْمُضمر نَحْو: (مَرَرْت بِرَجُل سَوَاء هُوَ والعدم) فَإِنَّهُ إِن خفضت كَانَ نعتا وَفِي (سَوَاء) ضمير، وَكَانَ الْعَدَم مَعْطُوفًا على الضَّمِير، وَهُوَ تَأْكِيد، وَإِن رفعت (سَوَاء) كَانَ خَبرا مقدما، وَهُوَ مُبْتَدأ، والعدم مَعْطُوف عَلَيْهِ و (سوى) ، بِالْكَسْرِ وَالْقصر، ظرف من ظروف

الْأَمْكِنَة، وَمَعْنَاهَا إِذا أضيفت [إِلَى نكرَة] كمعنى (مَكَانك) ، وَمَا بعد (سوى) مجرور وَلَيْسَ دَاخِلا فِيمَا قبلهَا، وَإِذا أضيفت إِلَى معرفَة صَارَت معرفَة، لِأَن إضافتها كإضافة (خلقك) و (قدامك) ، بِخِلَاف (غير) فَإِنَّهَا تبقى على تنكرهَا السُّؤَال: ألف (سَأَلَ يسْأَل) منقلبة عَن الْوَاو، فعلى هَذَا همزَة (سَائل) كهمزة (خَائِف) ، وَأما السَّائِل بِمَعْنى السيلان فهمزته منقلبة عَن الْبَاء، وَكَذَا ألف (سَالَ) مِنْهُ كَمَا فِي (بَاعَ) و (بَائِع) وَالسُّؤَال: هُوَ استدعاء معرفَة أَو مَا يُؤَدِّي إِلَى الْمعرفَة، أَو مَا يُؤَدِّي إِلَى المَال، فاستدعاء الْمعرفَة جَوَابه على اللِّسَان، وَالْيَد خَليفَة لَهُ بِالْكِتَابَةِ أَو الْإِشَارَة، واستدعاء المَال جَوَابه على الْيَد، وَاللِّسَان خَليفَة لَهَا، إِمَّا بوعد أَو برد (وَالسُّؤَال يُقَارب الأمنية، لَكِن الأمنية تقال فِيمَا قدر، وَالسُّؤَال فِيمَا طلب فَيكون بعد الأمنية) وَالسُّؤَال إِذا كَانَ بِمَعْنى الطّلب والالتماس يتَعَدَّى إِلَى مفعولين بِنَفسِهِ، وَإِذا كَانَ بِمَعْنى الاستفسار يتَعَدَّى إِلَى الأول بِنَفسِهِ، وَإِلَى الثَّانِي ب (عَن) تَقول: (سَأَلته كَذَا) و (سَأَلته عَنهُ سؤالا وَمَسْأَلَة) و (سَأَلته بِهِ) أَي: عَنهُ فِي " الْقَامُوس ": سَأَلَهُ كَذَا وَعَن كَذَا وبكذا وَقد يتَعَدَّى إِلَى مفعول آخر ب (إِلَى) لتضمين معنى الْإِضَافَة وَالسُّؤَال: مَا يسْأَل، وَمِنْه {سؤلك يَا مُوسَى} وَالسُّؤَال للمعرفة قد يكون للاستعلام، وَتارَة للتبكيت، وَتارَة لتعريف المسؤول وتبيينه، وَالسُّؤَال إِذا كَانَ للتعريف تعدى إِلَى الْمَفْعُول الثَّانِي تَارَة بِنَفسِهِ وَتارَة ب (عَن) وَهُوَ أَكثر نَحْو: {ويسألونك عَن الرّوح} ، وَإِذا كَانَ لاستدعاء مَال فيعدى بِنَفسِهِ نَحْو: {واسألوا مَا أنفقتم} أَو ب (من) نَحْو: {واسألوا الله من فَضله} وَالسُّؤَال كَمَا تعدى ب (عَن) لتَضَمّنه معنى التفتيش تعدى بِالْبَاء أَيْضا لتَضَمّنه معنى الاعتناء، كَذَا فِي " أنوار التَّنْزِيل " وسؤال الجدل حَقه أَن يُطَابق جَوَابه بِلَا زِيَادَة وَلَا نقص وَأما سُؤال التَّعَلُّم والاسترشاد فَحق الْمعلم أَن يكون فِيهِ كطبيب يتحَرَّى شِفَاء سقيم فيبين المعالجة على مَا يَقْتَضِيهِ الْمَرَض، لَا على مَا يحكيه الْمَرِيض وَقد يعدل فِي الْجَواب عَمَّا يَقْتَضِيهِ السُّؤَال تَنْبِيها على أَنه كَانَ من حق السُّؤَال أَن يكون كَذَلِك، ويسميه السكاكي أسلوب الْحَكِيم وَقد يَجِيء الْجَواب أَعم من السُّؤَال للْحَاجة إِلَيْهِ مثل الاستلذاذ بِالْخِطَابِ كَمَا فِي جَوَاب {وَمَا تِلْكَ بيمينك يَا مُوسَى} وَإِظْهَار الابتهاج بِالْعبَادَة والاستمرار على مواظبتها لِيَزْدَادَ غيظ السَّائِل، كَمَا

فِي قَول قوم إِبْرَاهِيم: {نعْبد أصناما فنظل لَهَا عاكفين} فِي جَوَاب: مَا تَعْبدُونَ فَعلم من هَذَا أَن مُطَابقَة الْجَواب للسؤال إِنَّمَا هُوَ الْكَشْف عَن السُّؤَال لبَيَان حكمه، وَقد حصل مَعَ الزِّيَادَة، وَلَا نسلم وجوب الْمُطَابقَة بِمَعْنى الْمُسَاوَاة فِي الْعُمُوم وَالْخُصُوص، وَقد تكون الزِّيَادَة على الْجَواب للتحريض، كَقَوْلِه تَعَالَى: {قَالَ نعم وَإِنَّكُمْ لمن المقربين} وَقد يَجِيء أنقص لاقْتِضَاء الْحَال ذَلِك كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قل مَا يكون لي أَن أبدله} فِي جَوَاب {ائْتِ بقرآن غير هَذَا أَو بدله} وَإِنَّمَا طوى ذكر الاختراع للتّنْبِيه على أَنه سُؤال محَال، والتبديل فِي إِمْكَان الْبشر وَقد يعدل عَن الْجَواب أصلا إِذا كَانَ قصد السَّائِل التعنت نَحْو قَوْله تَعَالَى: {ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي} وَقيل: الأَصْل فِي الْجَواب أَن يُعَاد فِيهِ نفس السُّؤَال ليَكُون وَفقه نَحْو: {أئنك لأَنْت يُوسُف قَالَ أَنا يُوسُف} وَكَذَا: {أأقررتم وأخذتم على ذَلِكُم إصري قَالُوا أقررنا} هَذَا أَصله، ثمَّ إِنَّهُم أَتَوا عوض ذَلِك بِحرف الْجَواب اختصاراً وتركا للتكرار، وَالسُّؤَال معاد فِي الْجَواب، فَلَو قَالَ: (امْرَأَة زيد طَالِق وَعَبده حر وَعَلِيهِ الْمَشْي إِلَى بَيت الله إِن دخل هَذَا الدَّار) فَقَالَ زيد: نعم، كَانَ حَالفا، لِأَن الْجَواب يتَضَمَّن إِعَادَة مَا فِي السُّؤَال [قَالَ الله تَعَالَى: {فَهَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا قَالُوا نعم} أَي: وجدنَا وعد رَبنَا حَقًا، وَمَوْضِع الْخلاف بَينهمَا وَبَين الإِمَام الشَّافِعِي رَحمَه الله فِيمَا إِذا كَانَ الْجَواب زَائِدا على قدر السُّؤَال زِيَادَة غير مُحْتَاج إِلَيْهَا، فعندنا يصير مبتدئا، وَهَذَا معنى قَول الْفُقَهَاء: " الْعبْرَة لعُمُوم اللَّفْظ لَا لخُصُوص السَّبَبِيَّة "، وَلَو لم يكن مبتدئا يلْزم إِلْغَاء الزِّيَادَة، وَكَلَام الْعَاقِل يصان عَن الإلغاء، وَعند الإِمَام الشَّافِعِي رَحمَه الله يَقع الْجَواب عَادَة مَعَ الزِّيَادَة كَمَا فِي قصَّة سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَفِي قصَّة سيدنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَيْضا {قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يكون لي أَن أَقُول} إِلَى آخِره، فَقُلْنَا: سلمنَا أَن الزِّيَادَة على الْجَواب جَائِزَة لغَرَض وَرَاء الْجَواب، لَكِن لَا يكون ذَلِك من الْجَواب] وَمن عَادَة الْقُرْآن أَن السُّؤَال (إِذا كَانَ وَاقعا يُقَال فِي الْجَواب: (قل) بِلَا فَاء مثل: {ويسألونك عَن الرّوح} ، {ويسألونك عَن السَّاعَة} ، {ويسألونك عَن الْمَحِيض} ونظائرها، فصيغة الْمُضَارع للاستحضار بِخِلَاف: {ويسألونك عَن الْجبَال} فان الصِّيغَة فِيهَا للاستقبال، لِأَنَّهُ سُؤال علم الله تَعَالَى وُقُوعه وَأخْبر عَنهُ قبله، وَلذَلِك أَتَى بِالْفَاءِ الفصيحة فِي

الْجَواب، حَيْثُ قَالَ: {فَقل ينسفها رَبِّي} أَي: إِذا سألوك فَقل السوء، بِالْفَتْح: غلب فِي أَن يُضَاف إِلَيْهِ مَا يُرَاد ذمه و [السوء] ، بِالضَّمِّ: جرى مجْرى الشَّرّ، وَكِلَاهُمَا فِي الأَصْل مصدر وَالسوء: الشدَّة، نَحْو: {يسومونكم سوء الْعَذَاب} والعقر: نَحْو: {وَلَا تمسوها بِسوء} وَالزِّنَا نَحْو: {مَا كَانَ أَبوك امْرأ سوء} والبرص نَحْو: {بَيْضَاء من غير سوء} والشرك نَحْو: {مَا كُنَّا نعمل من سوء} . والشتم نَحْو: {لَا يحب الله الْجَهْر بالسوء} والذنب نَحْو: {يعلمُونَ السوء بِجَهَالَة} والضر نَحْو: {ويكشف السوء} وَالْقَتْل والهزيمة نَحْو: {لم يمسسهم سوء} وَبِمَعْنى (بئس) نَحْو: {وَلَهُم سوء الدَّار} ومقدمات الْفَاحِشَة من الْقبْلَة وَالنَّظَر بالشهوة السوأى: تَأْنِيث الاسوأ، كالحسنى، أَو مصدر كالبشرى السَّبَب [لُغَة] : الْحَبل، وَمَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى غَيره، واعتلاق قرَابَة، (وَالْجمع أَسبَاب) [وَقيل: هُوَ مَا يكون طَرِيقا ومفضيا إِلَى الشَّيْء مُطلقًا، وَهَذَا الْمَعْنى يَشْمَل الْعلَّة وَالسَّبَب وَفِي الشَّرِيعَة: عبارَة عَمَّا يكون طَرِيقا للوصول إِلَى الحكم غير مُؤثر فِيهِ، وَقيل: مَا يكون طَرِيقا إِلَى الشَّيْء من غير أَن يُضَاف إِلَيْهِ وجود وَلَا وجود، ثمَّ مَا يُضَاف عَلَيْهِ اسْم السَّبَب سَوَاء كَانَ بطرِيق الْحَقِيقَة أَو الْمجَاز أَرْبَعَة أَقسَام: سَبَب حَقِيقِيّ وَيُسمى سَببا مهيئا نَحْو مَا يكون طَرِيقا للوصول إِلَى الحكم من غير أَن يُضَاف إِلَيْهِ وجوب الحكم أَو وجوده، أَي لَا يكون ثُبُوته بِهِ وَلَا وجوده عِنْده، بل يَتَخَلَّل بَينه وَبَين الحكم عِلّة لَا تصاف وجودهَا إِلَى ذَلِك الطَّرِيق، كحل قيد عبد الْغَيْر فأبق، وَفتح بَاب القفص فطار الطير، وَدلَالَة السَّارِق على مَال إِنْسَان فَسرق، وَأخذ صبي حر من يَد وليه فَمَاتَ فِي يَده لمَرض وَسبب هُوَ فِي معنى الْعلَّة: كَقطع حَبل الْقنْدِيل الْمُعَلق، وشق الزق الَّذِي فِيهِ مَائِع وَسبب لَهُ شُبْهَة الْعلَّة: كحفر الْبِئْر فِي الطَّرِيق، وإرضاع الْكَبِيرَة ضَرَّتهَا الصَّغِيرَة وَسبب مجازي: كاليمين بِاللَّه فَإِنَّهَا سميت سَببا لِلْكَفَّارَةِ بِاعْتِبَار الصُّورَة، وَتَعْلِيق الطَّلَاق وَالْعتاق

بِالشّرطِ، لِأَن دَرَجَات السَّبَب أَن يكون طَرِيقا للوصول إِلَى الحكم] وَأَسْبَاب السَّمَاء: مراقيها: أَو نَوَاحِيهَا، أَو أَبْوَابهَا وَالسَّبَب: مَا يكون وجود الشَّيْء مَوْقُوفا عَلَيْهِ، كالوقت للصَّلَاة وَالشّرط: مَا يتَوَقَّف وجود الشَّيْء عَلَيْهِ، كَالْوضُوءِ للصَّلَاة وَقيل: السَّبَب مَا يلْزم من عَدمه الْعَدَم، وَمن وجوده (الْوُجُود بِالنّظرِ إِلَى ذَاته، كالزوال مثلا، فَإِن الشَّرْع وَضعه سَببا لوُجُود الظّهْر، وَالشّرط مَا يلْزم من عَدمه الْعَدَم، وَلَا يلْزم من وجوده) وجود وَلَا عدم لذاته، مِثَاله: تَمام الْحول بِالنِّسْبَةِ إِلَى وجوب الزَّكَاة فِي الْعين والماشية وَالسَّبَب التَّام: هُوَ الَّذِي يُوجد الْمُسَبّب بِوُجُودِهِ والنحويون لَا يفرقون بَين السَّبَب وَالشّرط، وَكَذَا بَين السَّبَب وَالْعلَّة، فَإِنَّهُم ذكرُوا أَن اللَّام للتَّعْلِيل، وَلم يَقُولُوا للسَّبَبِيَّة، وَقَالَ أَكْثَرهم: الْبَاء للسَّبَبِيَّة، وَلم يَقُولُوا للتَّعْلِيل، وَعند أهل الشَّرْع يَشْتَرِكَانِ فِي تَرْتِيب الْمُسَبّب والمعلول عَلَيْهِمَا، ويفترقان من وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَن السَّبَب مَا يحصل الشَّيْء عِنْده لَا بِهِ، وَالْعلَّة مَا يحصل بِهِ، وَالثَّانِي أَن الْمَعْلُول يتأثر عَن علته بِلَا وَاسِطَة بَينهمَا وَلَا شَرط يتَوَقَّف الحكم على وجوده، وَالسَّبَب إِنَّمَا يُفْضِي إِلَى الحكم بِوَاسِطَة أَو بوسائط، وَلذَلِك يتراخى الحكم عَنهُ حَتَّى تُوجد الشَّرَائِط وتنتفي الْمَوَانِع، وَأما الْعلَّة فَلَا يتراخى الحكم عَنْهَا، إِذْ لَا شَرط لَهَا، بل مَتى وجدت أوجبت معلولها بالِاتِّفَاقِ، وَمَا يُفْضِي إِلَى شَيْء، إِن كَانَ إفضاؤه دَاعيا سمي عِلّة، وَإِلَّا سمي سَببا مَحْضا [وَقد يُرَاد بِالسَّبَبِ الْعلَّة كَمَا يُقَال: النِّكَاح سَبَب الْحل، وَالطَّلَاق سَبَب لوُجُوب الْعدة شرعا كَمَا ذهب إِلَيْهِ بعض الْفُقَهَاء] وَالْعلَّة الشَّرْعِيَّة تحاكي الْعلَّة الْعَقْلِيَّة أبدا لَا تفترقان، إِلَّا أَن الْعلَّة الْعَقْلِيَّة مُوجبَة وَاعْلَم أَن الوسائط بَين الْأَسْبَاب وَالْأَحْكَام تَنْقَسِم إِلَى مُسْتَقلَّة وَغير مُسْتَقلَّة فالمستقبلة يُضَاف الحكم إِلَيْهَا وَلَا يتَخَلَّف عَنْهَا، وَهِي الْعلَّة وَغير المستقلة مِنْهَا مَا لَهُ مدْخل فِي التَّأْثِير ومناسبة إِن كَانَ فِي قِيَاس المناسبات، وَهُوَ السَّبَب، وَمِنْهَا مَا لَا مدْخل لَهُ، وَلَكِن إِذا انْعَدم يَنْعَدِم الحكم وَهُوَ الشَّرْط، وَبِهَذَا تبين ترقي رُتْبَة الْعلَّة عَن رُتْبَة السَّبَب وَمن ثمَّة يَقُولُونَ: إِن الْمُبَاشرَة تتقدم على السَّبَب، ووجهة أَن الْمُبَاشرَة عِلّة وَالْعلَّة أقوى من السَّبَب وَلَا تحسب أَن الشَّرْط أَضْعَف حَالا وَأنزل رُتْبَة من السَّبَب، بل الشَّرْط يلْزم من عَدمه الْعَدَم، وَهُوَ من هَذِه الْجِهَة أقوى من السَّبَب، إِذْ السَّبَب لَا مُلَازمَة بَينه وَبَين الْمُسَبّب انْتِفَاء وثبوتا، بِخِلَاف الشَّرْط وَالسَّبَب وَالْعلَّة يطلقان على معنى وَاحِد عِنْد الْحُكَمَاء، وَهُوَ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ شَيْء آخر، وَكَذَا الْمُسَبّب والمعلول فَإِنَّهُمَا يطلقان عِنْدهمَا على مَا يحْتَاج إِلَى شَيْء آخر، لَكِن أَصْحَاب علم

الْمعَانِي يطلقون الْعلَّة على مَا يُوجد شَيْئا، وَالسَّبَب على مَا يبْعَث الْفَاعِل على الْفِعْل والحكماء يَقُولُونَ للْأولِ الْعلَّة الفاعلية، وَللثَّانِي الْعلَّة الغائية وَالسَّبَب يستعار للمسبب دون الْعَكْس، لاستغناء السَّبَب عَن الْمُسَبّب، وافتقار الْمُسَبّب إِلَى السَّبَب إِلَّا إِذا كَانَ الْمُسَبّب مُخْتَصًّا بِهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} استعير اسْم الْمُسَبّب فِيهَا وَهُوَ الْخمر للسبب وَهُوَ الْعِنَب، لاخْتِصَاص الْخمر بالعنب، وَهَذَا لِأَنَّهُ إِذا كَانَ مُخْتَصًّا يصير فِي معنى الْمَعْلُول مَعَ الْعلَّة من حَيْثُ إِنَّه لم يحصل إِلَّا بِهِ، والمعلول يستعار لِلْعِلَّةِ وَبِالْعَكْسِ وَقد يكنى بِالسَّبَبِ عَن الْفِعْل الَّذِي يحصل السَّبَب على سَبِيل الْمجَاز، وَإِن لم يكن الْفِعْل الْمُسْتَفَاد على صُورَة الْفِعْل الْمُسْتَفَاد مِنْهُ، أَو عين الْفِعْل الْمُسْتَفَاد مِنْهُ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {غضب الله عَلَيْهِم} {فانتقمنا مِنْهُم} وَالْغَضَب عبارَة عَن نوع متغير فِي الغضبان يتَأَذَّى بِهِ، ونتيجته إهلاك المغضوب عَلَيْهِ، فَعبر عَن نتيجة الْغَضَب بِالْغَضَبِ، وَعَن نتيجة الانتقام بالانتقام السرى، كالهدى: سير عَامَّة اللَّيْل، كَقَوْلِه: نشأنا على حرف بَرى متنها السرى [والصق مِنْهَا لابتيها القماحد] وسرى، وَأسرى: بِمَعْنى؛ أَعنِي أَنَّهُمَا لَا زمَان، والهمزة لَيست للتعدية، وَلِهَذَا عدي بِالْبَاء، وهما بِمَعْنى سَار عَامَّة اللَّيْل وَقيل: سرى لأوّل اللَّيْل، وَأسرى آخر اللَّيْل وَسَار: مُخْتَصّ بِالنَّهَارِ والتأويب: سير النَّهَار كُله والإساد: سير النَّهَار وَاللَّيْل كُله، وَلم يَجِيء فِي الْقُرْآن (سرته) ، وَإِنَّمَا جَاءَ فِيهِ (سرت فِيهِ) نَحْو: {أفلم يَسِيرُوا فِي الأَرْض} وسرت بفلان، نَحْو: سَار بأَهْله وَسيرَته: على التكثير نَحْو: {وسيرت الْجبَال} و (سرى) الْمُتَعَدِّي بِالْبَاء يفهم مِنْهُ شَيْئَانِ: أَحدهمَا: صُدُور الْفِعْل من فَاعله، وَالثَّانِي: مصاحبته لما دخلت فِيهِ الْبَاء فاذا قلت: سريت بزيد، أَو سَافَرت بِهِ كنت قد وجد مِنْك السّير وَالسّفر مصاحبا لزيد فِيهِ وَأما الْمُتَعَدِّي بِالْهَمْزَةِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي إِيقَاع الْفِعْل بالمفعول فَقَط، فَإِذا قرن هَذَا الْمُتَعَدِّي بِالْهَمْزَةِ أَفَادَ إِيقَاع الْفِعْل على الْمَفْعُول مَعَ المصاحبة المفهومة من الْبَاء، وَلَو أُتِي فِيهِ بالثلاثي فهم مِنْهُ معنى الْمُشَاركَة فِي مصدره وَهُوَ مُمْتَنع، وأجازوا (سرت حَتَّى وَقت الْعشَاء) ، وَلم يجيزوا (سرت حَتَّى بَغْدَاد) لِأَن الْأَزْمِنَة تحدث على التَّرْتِيب والتدريج كَمَا هُوَ مُقْتَضى (حَتَّى) ، بِخِلَاف الْأَمْكِنَة فَإِنَّهَا أُمُور ثَابِتَة، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {سَلام هِيَ حَتَّى مطلع الْفجْر} وَيُقَال، من لدن الصُّبْح إِلَى أَن تَزُول الشَّمْس: سرنا اللَّيْلَة وَفِيمَا بعد الزَّوَال إِلَى آخر النَّهَار:

سرنا البارحة، وَيتَفَرَّع على هَذَا أَنهم يَقُولُونَ مذ انتصاف اللَّيْل إِلَى وَقت الزَّوَال (صبحت بِخَير) و (كَيفَ أَصبَحت) ، وَيَقُولُونَ إِذا زَالَت الشَّمْس إِلَى أَن ينتصف اللَّيْل: (مسيت بِخَير) و (كَيفَ أمسيت) السعد: سعد، كعلم، من السَّعَادَة، وَهِي معاونة الْأُمُور الإلهية للْإنْسَان على نيل الْخَيْر، ويضاد الشقاوة و [السعد] ، بِفَتْح الْعين، من السعد بِمَعْنى الْيمن وَيجوز ضم السِّين وَكسر الْعين، من السعد بِمَعْنى الإسعاد، وَمِنْه: المسعود، وَالشَّيْء يَأْتِي مرّة بِلَفْظ الْمَفْعُول، وَمرَّة بِلَفْظ الْفَاعِل وَالْمعْنَى وَاحِد نَحْو: (عبد مكَاتب ومكاتب) و (مَكَان عَامر ومعمور) و (منزل آهل ومأهول) ونفست الْمَرْأَة ونفست، وَلَا يَنْبَغِي لَك، وَلَا يَنْبَغِي لَك، وعنيت بِهِ وعنيت، وسعدوا وسعدوا، وزها علينا وزهي، وَغير ذَلِك السلك: هُوَ أخص من الْخَيط، وأعم من السمط، لِأَن الْخَيط كَمَا يُطلق على مَا ينظم فِيهِ اللُّؤْلُؤ وَغَيره، كَذَلِك يُطلق على مَا يخاط بِهِ الثَّوْب، والسلك مَخْصُوص بِالْأولِ، والسمط خيط مَا دَامَ فِيهِ الْجَوْهَر، وَتقول للخيط من الْقطن سلك، وَإِذا كَانَ من صوف فَهُوَ نصاح وسلك، بِمَعْنى (دخل) لَازم، وَبِمَعْنى (أَدخل) مُتَعَدٍّ، نَحْو: {اسألك يدك فِي جيبك} {فاسلك فِيهَا من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} السَّهْو: هُوَ غَفلَة الْقلب عَن الشَّيْء بِحَيْثُ يتَنَبَّه بِأَدْنَى تَنْبِيه وَالنِّسْيَان: غيبَة الشَّيْء عَن الْقلب بِحَيْثُ يحْتَاج إِلَى تَحْصِيل جَدِيد قَالَ بَعضهم: النسْيَان: زَوَال الصُّورَة عَن الْقُوَّة المدركة مَعَ بَقَائِهَا فِي الحافظة والسهو زَوَالهَا عَنْهُمَا مَعًا وَقيل: غفلتك عَمَّا أَنْت عَلَيْهِ لتفقده سَهْو وغفلتك عَمَّا أَنْت عَلَيْهِ لتفقد غَيره نِسْيَان وَقيل: السَّهْو يكون لما علمه الْإِنْسَان، وَلما لَا يُعلمهُ وَالنِّسْيَان لما غرب بعد حُضُوره وَالْمُعْتَمد أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ [وَالدَّلِيل على أَن النسْيَان فعل الله تَعَالَى لَا من الشَّيْطَان أَنه لَا يُؤَاخذ بِهِ فِي الْآخِرَة، وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان} فَالْمُرَاد أَنه إِنَّمَا يوسوس فَتكون وسوسته سَببا للغفلة الَّتِي يخلق الله عِنْد النسْيَان] وَأما الذهول فَهُوَ عدم استثبات الْإِدْرَاك حيرة ودهشة، وَفِي " الْمُفْردَات ": شغل يُورث حزنا ونسيانا والغفلة: عدم إِدْرَاك الشَّيْء مَعَ وجود مَا يَقْتَضِيهِ وَقَوله تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا عَن الْخلق غافلين} أَي: مهملين أَمرهم وَقد يَجِيء النسْيَان بِمَعْنى التّرْك، وَمِنْه النسيء،

وَهُوَ مَا يسْقط فِي منَازِل المرتحلين من رذال امتعتهم [وَالأَصَح جَوَاز السَّهْو للنَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الْأَفْعَال، كسلامه على رَكْعَتَيْنِ فِي حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ، وَصَلَاة الظّهْر خمْسا فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا، وَترك التَّشَهُّد الأول فِي الظّهْر فِي حَدِيث أبي نجيلة، وَذَلِكَ كُله ليعرف كَيْفيَّة أَدَاء الصَّلَاة فِي الْحَالَات كلهَا من فعله، وَلَوْلَا نزُول تِلْكَ الْأَعْرَاض لما علم ذَلِك قَالَ بَعضهم: السَّهْو فِي حق النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى حَتَّى أَتَى بسجدتين شكرا لَهُ، وَكَذَا يجوز عرُوض النسْيَان لَهُ، لكنه بعد التَّبْلِيغ، أَو فِيمَا لم يُؤمر بتبليغه] وَيكرهُ أَن يُقَال: نسيت آيَة كَذَا، بل أنسيتها، لحَدِيث الصَّحِيحَيْنِ فِي النَّهْي عَن ذَلِك السّلم: بِالْكَسْرِ والسكون: ضد الْحَرْب، وَهُوَ من الْأَلْفَاظ الَّتِي أوائلها مَكْسُورَة وأوائل أضدادها مَفْتُوحَة، كالخصب والجدب، وَالْعلم وَالْجهل، والغنى والفقر، وَأَشْبَاه ذَلِك وَهُوَ أَيْضا الْإِسْلَام، وَهُوَ التَّسْلِيم لله بِلَا مُنَازعَة، وَهُوَ جعل كل شَيْء عين وَعرض، مخلوقا لله تَعَالَى، واعتقاد أَنه تَعَالَى مَوْجُود لَا بداية وَلَا نِهَايَة، مَوْصُوف بِالصِّفَاتِ الْحَسَنَة وَيُطلق على الْمَذْهَب وَالسّلم، بِمَعْنى الصُّلْح، يفتح وَيكسر، وَيذكر وَيُؤَنث و [السّلم] محركة: السّلف، وَهُوَ أَخذ عَاجل بآجل، وَهُوَ أَيْضا اسْم شجر السَّمَاء: هِيَ سقف كل شَيْء وكل بَيت، ورواق الْبَيْت، والسحاب، والمطر، وَيُطلق على السَّبع، والفلك على التسع بالعرش والكرسي، وَلَا يتناولهما السَّمَاء، وَيجْرِي التَّغْيِير والطي والانشقاق على السَّمَوَات السَّبع دون الْعَرْش والكرسي، فَإِن الْجنَّة بَينهمَا وَالسَّمَاوَات هن مطبقة مَوْضُوعَة بَعْضهَا فَوق بعض بِلَا علاقَة وَلَا عماد وَلَا مماسة، وَفِيمَا ذكره أَصْحَاب الأرصاد شكوك لكَونهَا احتمالات مَحْضَة صادرة عَن الظَّن والتخمين، غير بَالِغَة رُتْبَة التَّحْقِيق وَالْيَقِين وَفِي دُخُول الْعَرْش والكرسي خلاف إِجْمَاع الْمُفَسّرين وَأكْثر المليين من الْمُسلمين وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى ذَهَبُوا إِلَى حُدُوث السَّمَاوَات بذواتها وصفاتها وأشكالها وَأما برقليس والاسكندر الافردوسي وَبَعض الْحُكَمَاء الإسلاميين كَأبي عَليّ وَأبي نصر فانهم ذَهَبُوا إِلَى قدم السَّمَاوَات وَالسَّمَاء بِمَعْنى الْمَطَر يذكر وَيُؤَنث والأغلب عَلَيْهَا التَّأْنِيث، وَالْجمع فِي الْقلَّة على اسمية وَفِي الْكَثْرَة على سمي: ك (فعول) وَأما السَّمَاء المظلة فَهِيَ مُؤَنّثَة لَا غير وَلِهَذَا وجهوا {منفطر} بِوُجُوه مِنْهَا، أَنه بِمَعْنى ذَات انفطار وَلَيْسَ بِمَعْنى اسْم فَاعل، وَجَمعهَا

(سماوات) لَا غير وَالسَّمَاوَات وَاحِدَة بالنوع، وَالْأَرْض وَاحِدَة بالشخص السرُور: هُوَ لَذَّة فِي الْقلب عِنْد حُصُول نفع أَو توقعه أَو اندفاع ضَرَر وَهُوَ والفرح والحبور أُمُور مُتَقَارِبَة، لَكِن السرُور هُوَ الْخَالِص المنكتم، والحبور: هُوَ مَا يرى حبره أَي: أَثَره فِي ظَاهر الْبشرَة، وهما مستعملان فِي الْمَحْمُود وَأما الْفَرح فَهُوَ مَا يُورث أشرا أَو بطرا؛ وَلذَلِك كثيرا مَا يذم، كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن الله لَا يحب الفرحين} فالأولان مَا يكونَانِ عَن الْقُوَّة الفكرية، والفرح مَا يكون عَن الْقُوَّة الشهوية والشماتة: السرُور بمكاره الْأَعْدَاء السَّبق: التَّقَدُّم وَسبق زيد عمرا: جَازَ وَخلف، وَلَيْسَ كَذَلِك سبق عَام كَذَا، وَحَيْثُ كَانَ السَّابِق ضارا جِيءَ ب (على) نَحْو: {إِلَّا من سبق عَلَيْهِ القَوْل} وَيُقَال: سبقته على كَذَا: إِذا غلبته وَحَيْثُ كَانَ نَافِعًا جِيءَ بِاللَّامِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {سبقت لَهُم منا الْحسنى} {والسابقات سبقا} الْمَلَائِكَة تسبق الْجِنّ باستماع الْوَحْي والسباق، بِالْمُوَحَّدَةِ: مَا قبل الشَّيْء و [السِّيَاق] ، بالمثناه: أَعم والسبق والتقدم على رَأْي الْحُكَمَاء خَمْسَة، وعَلى رَأْي الْمُتَكَلِّمين سِتَّة السَّبق بالعلية: وَهُوَ السَّبق الْمُؤثر الْمُوجب على أَثَره ومعلوله، كسبق حَرَكَة الإصبع على حَرَكَة الْخَاتم والسبق بالطبع: وَهُوَ كَون الشَّيْء بِحَيْثُ يحْتَاج إِلَيْهِ شَيْء آخر وَلَا يكون مؤثرا فِيهِ، كسبق الْوَاحِد على الِاثْنَيْنِ، [والجزء على الْكل، وَالشّرط على الْمَشْرُوط] والسبق بِالزَّمَانِ: وَهُوَ أَن يكون السَّابِق قبل اللَّاحِق قبلية لَا يُجَامع الْقبل فِيهَا مَعَ الْبعد، كسبق الْأَب على الابْن والسبق بالرتبة: [وَهُوَ أَن يكون التَّرْتِيب] مُعْتَبرا فِيهِ، والرتبة إِمَّا حسية كسبق الإِمَام على الْمَأْمُوم [إِذا ابتدئ من الإِمَام، أَو سبق الْمَأْمُوم إِذا ابتدئ مِنْهُ] أَو عقلية كسبق الْجِنْس على الْفَصْل [إِذا ابتدئ من الْجِنْس، أَو سبق النَّوْع على الْجِنْس إِذا ابتدئ من النَّوْع] فِي تركيب النَّوْع والسبق بالشرف: كسبق الْعَالم على المتعلم، [وَهَذَا الْحصْر فِي هَذِه الْخَمْسَة مسطورة فِي كتب الْحُكَمَاء] [وَالَّذِي زَاده المتكلمون هُوَ سبق بعض أَجزَاء الزَّمَان على الْبَعْض، كتقدم الأمس على الْغَد، وَهَذَا لَيْسَ بوارد، وَإِذ المُرَاد بالتقدم الزماني أَن يكون الْمُتَقَدّم قبل الْمُتَأَخر قبلية لَا تجامع مَعَ الْمُتَأَخر فِيهَا فِي حَالَة وَاحِدَة، وَهَذَا أَعم من أَن يَكُونَا زمانيين أَو غير زمانيين، أَو أَحدهمَا زَمَانا وَالْآخر غير زمَان

وَاعْلَم أَن تقدم الْبَارِي على الْعَالم لَيْسَ تقدما زمانيا عِنْد الْمُتَكَلِّمين الْقَائِلين بِأَن الْعَالم حَادث حدوثا زمانيا، وَعند الفلاسفة الْقَائِلين بِأَن الْعَالم حَادث حدوثا ذاتيا، بل هُوَ تقدم ذاتي عِنْدهم، والباري يجوز انفكاكه عَن الْعَالم فِي الْوُجُود، والعالم يجوز انفكاكه عَن الْبَارِي فِي الحيز، والحيز مُسْتَحِيل على الْبَارِي] السُّكُوت: هُوَ ترك التَّكَلُّم مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ، وَبِهَذَا الْقَيْد الْأَخير يُفَارق الصمت، فَإِن الْقُدْرَة على التَّكَلُّم غير مُعْتَبرَة فِيهِ وَمن ضم شَفَتَيْه آنا يكون ساكتا، وَلَا يكون صامتا إِلَّا إِذا طَالَتْ مُدَّة الضَّم وَالسُّكُوت إمْسَاك عَن قَوْله الْحق وَالْبَاطِل والصمت: إمْسَاك عَن قَوْله الْبَاطِل دون الْحق السَّعْي: الْإِسْرَاع فِي الْمَشْي إِذا انْصَرف عَنْك وَذهب مسرعا وسعى، ك (رعى) : قصد وَعمل وَمَشى وَعدا ونم وَالسَّعْي إِذا كَانَ بِمَعْنى الْمُضِيّ والجري يتَعَدَّى ب (إِلَى) نَحْو: {فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} ، وَإِذا كَانَ بِمَعْنى الْعَمَل يتَعَدَّى بِاللَّامِ كَقَوْلِه: {وسعى لَهَا سعيها} وسعى سِعَايَة: إِذا أَخذ الصَّدقَات وَهُوَ عاملها وساعي الرجل الْأمة: فجر بهَا، وَلَا يُقَال ذَلِك فِي الْحرَّة {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} أَي نوى، وَهَذَا أحد التوجيهات الدافعة لتعارض قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ} أَو هِيَ مَنْسُوخَة بهَا، أَو خَاصَّة بِقوم إِبْرَاهِيم ومُوسَى، أَو لَيْسَ لَهُ إِلَّا سَعْيه، غير أَن الْأَسْبَاب مُخْتَلفَة، فَتَارَة تكون بسعيه فِي تَحْصِيل الشَّيْء بِنَفسِهِ، وَتارَة تكون بسعيه فِي تَحْصِيل سَببه وَلَفظ السّعَايَة لَا يخْتَص بالعبيد، بل مُسْتَعْمل فِي الْحر أَيْضا إِذا لم يكن لَهُ مَال فِي الْحَال السجع: الْكَلَام المقفى، أَو مُوالَاة الْكَلَام على رُوِيَ والسجع يقْصد فِي نَفسه ثمَّ يُحَال الْمَعْنى عَلَيْهِ والفواصل تتبع الْمعَانِي وَلَا تكون مَقْصُودَة فِي نَفسهَا والسجع يكون فِي الْقُرْآن وَغَيره، بِخِلَاف الفاصلة وَمِنْهُم من منع السجع فِي الْقُرْآن متمسكا بقوله تَعَالَى: {كتاب فصلت آيَاته} وَقد سَمَّاهُ الله تَعَالَى فواصل فَلَيْسَ لنا أَن نتجاوز ذَلِك وكلمات الأسجاع مَوْضُوعَة على أَن تكون سَاكِنة الأعجاز وموقوفا عَلَيْهَا وَقصر الفقرات يدل على قُوَّة المنشئ، وَأَقل مَا يكون من كَلِمَتَيْنِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {يَا أَيهَا المدثر قُم فَأَنْذر وَرَبك فَكبر} وَغير ذَلِك وَأما الفقرات الْمُخْتَلفَة فَالْأَحْسَن أَن تكون الثَّانِيَة أَزِيد من الأولى بِقدر غير كثير، وَقَول أهل

البديع: " أحسن الأسجاع مَا تَسَاوَت قرائنه ثمَّ طَالَتْ قرينته الثَّانِيَة " قد عَكسه صَاحب " الْكَشَّاف " فِي ديباجته وَإِن زَادَت الفقرات على ثِنْتَيْنِ فَلَا يضر تَسَاوِي الْأَوليين وَزِيَادَة الثَّالِثَة عَلَيْهِمَا، وَإِن زَادَت الثَّانِيَة على الأولى يَسِيرا وَالثَّالِثَة على الثَّانِيَة فَلَا بَأْس، لَكِن لَا يكون أَكثر من الْمثل، وَلَا بُد من الزِّيَادَة فِي آخر الفقرات قيل لبَعض الأدباء: مَا أحسن السجع؟ قَالَ: مَا خف على السّمع قيل: مثل مَاذَا؟ قَالَ: مثل هَذَا والفقرة فِي النثر كالبيت فِي النّظم اسْتِعْمَالا السهولة: هِيَ فِي البديع خلو اللَّفْظ من التَّكْلِيف والتعقيد والتعسف فِي السبك وَمن أحسن أمثله؛ قَوْله: (أَلَيْسَ وَعَدتنِي يَا قلب أَنِّي ... إِذا مَا تبت من ليلى تتوب) (فها أَنا تائب من حب ليلى ... فَمَا لَك كلما ذكرت تذوب) السياسة: هِيَ استصلاح الْخلق بإرشادهم إِلَى الطَّرِيق المنجي فِي العاجل والآجل، وَهِي من الْأَنْبِيَاء على الْخَاصَّة والعامة فِي ظَاهِرهمْ وَبَاطِنهمْ، وَمن السلاطين والملوك على كل مِنْهُم فِي ظَاهِرهمْ لَا غير، وَمن الْعلمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء على الْخَاصَّة فِي باطنهم لَا غير والسياسة الْبَدَنِيَّة: تَدْبِير المعاش مَعَ الْعُمُوم على سنّ الْعدْل والاستقامة السَّفه: [السَّرف والتبذير] سفه بِكَسْر الْفَاء مُتَعَدٍّ، وَبِضَمِّهَا قَاصِر، ومصدر الْمُتَعَدِّي (سفاها) والقاصر (سفها) ، وَهُوَ ضد الْحلم وَالسَّفِيه: من ينْفق مَاله فِيمَا لَا يَنْبَغِي من وُجُوه التبذير وَلَا يُمكن إِصْلَاحه بالتمييز وَالتَّصَرُّف فِيهِ بِالتَّدْبِيرِ، وَحَاصِل تَفْسِير السَّفِيه فِي صفة الْمُنَافِقين على مَجْمُوع اللُّغَات أَنه ظَاهر الْجَهْل، عديم الْعقل، خَفِيف اللب، ضَعِيف الرَّأْي، ردئ الْفَهم، مستخف الْقدر، سريع الذَّنب، حقير النَّفس، مخدوع الشَّيْطَان، أَسِير الطغيان، دَائِم الْعِصْيَان، ملازم الكفران، لَا يُبَالِي بِمَا كَانَ السّفل: هُوَ ضد الْعُلُوّ، من (سفل) من حد (نصر) و [السّفل] بِالضَّمِّ: من السفالة الَّتِي هِيَ الدياثة، من حد (شرف) والسفلة: الْكَافِر، وَالَّذِي لَا يُبَالِي بِمَا قَالَ وَمَا قيل لَهُ، وَالَّذِي يلْعَب بالحمام ويقامر، وَالَّذِي إِذا دعِي إِلَى طَعَام فَيحمل من هُنَاكَ شَيْئا السحر، بِالْكَسْرِ والسكون: مزاولة النُّفُوس الخبيثة لأفعال وأحوال يَتَرَتَّب عَلَيْهَا أُمُور خارقة للْعَادَة لَا يتَعَذَّر معارضته. وَهُوَ فِي أصل اللُّغَة الصّرْف، حَكَاهُ الْأَزْهَرِي عَن الْفراء وَغَيره وإطلاقه على مَا يَفْعَله صَاحب الْحِيَل بمعونة الْآلَات والأدوية وَمَا يتْرك صَاحب خفَّة الْيَد بِاعْتِبَار مَا فِيهِ صرف الشَّيْء عَن جِهَته حَقِيقَة لغوية وَالسحر الكلامي: غرابته ولطافته المؤثرة فِي الْقُلُوب، المحولة إِيَّاهَا من حَال إِلَى حَال كالسحر

و " إِن من الْبَيَان لسحرا ": مَعْنَاهُ - وَالله أعلم - أَن يمدح الْإِنْسَان فَيصدق فِيهِ حَتَّى يصرف قُلُوب السامعين إِلَيْهِ، ويذمه فَيصدق فِيهِ أَيْضا حَتَّى يصرف قُلُوبهم إِلَيْهِ وَالصَّحِيح من مَذْهَب أَصْحَابنَا أَن تعلمه حرَام مُطلقًا، لِأَنَّهُ توسل إِلَى مَحْظُور عَنهُ غنى وتوقيه بالتجنب أصلح وأحوط والسحور، بِالْفَتْح: مَا يُؤْكَل فِي السحر، محركة، وَهُوَ السُّدس الْأَخير من اللَّيْل و [السّحُور] بِالضَّمِّ: جمعه [السّفر، محركة: قطع الْمسَافَة لُغَة، وَشَرِيعَة: هُوَ الْخُرُوج عَن قصد مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها فَمَا فَوْقهَا سير الْإِبِل ومشي الْأَقْدَام وَهُوَ من أَسبَاب التَّخْفِيف لكَونه من أَسبَاب الْمَشَقَّة فيؤثر فِي قصر ذَوَات الْأَرْبَع من الصَّلَاة إِجْمَاعًا، لكنه على سَبِيل الْإِسْقَاط عندنَا، والرقبة عِنْد الإِمَام الشَّافِعِي رَحمَه الله حَتَّى لَو فَاتَتْهُ يلْزم قَضَاء الْأَرْبَع عِنْده] السّفر، بِالسُّكُونِ: كشف الظَّاهِر، وَمِنْه: السفير، لِأَنَّهُ يكْشف مُرَاد المتخاصمين وسافر الرجل: انْكَشَفَ عَن الْبُنيان، وَمِنْه: السّفر، محركة، لِأَنَّهُ يكْشف عَن أَخْلَاق الْمَرْء وأحواله وَقيل: السّفر كشف الظَّاهِر والفسر: كشف الْبَاطِن وَمِنْه: التفسرة: للقارورة الَّتِي يُؤْتى بهَا عِنْد الطَّبِيب، لِأَنَّهَا تكشف عَن بَاطِن العليل وسفرت الْمَرْأَة: أَي أَلْقَت خمارها عَن وَجههَا وأسفر وَجههَا: أَضَاء وأسفر الصُّبْح: ظهر السّلف، محركة: السّلم اسْم من الإسلاف، وَالْقَرْض الَّذِي لَا مَنْفَعَة فِيهِ للقرض، وعَلى الْمُقْتَرض رده كَمَا أَخذ، وكل عمل صَالح قَدمته أَو فرط لَك، وكل من تقدمك من آبَائِك وقرابتك فَهُوَ سلف وَالسَّلَف من أبي حنيفَة إِلَى مُحَمَّد بن الْحسن، وَالْخلف: من مُحَمَّد بن الْحسن إِلَى شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي، والمتأخرون: من شمس الْأَئِمَّة إِلَى حَافظ الْملَّة وَالدّين البُخَارِيّ والمتقدمون فِي لساننا أَبُو حنيفَة وتلامذته بِلَا وَاسِطَة. والمتأخرون هم الَّذين بعدهمْ من الْمُجْتَهدين فِي الْمَذْهَب وَقد يُطلق المتقدمون على الْمُتَأَخِّرين وأصحابنا: يُطلق على مَجْمُوع الطَّائِفَتَيْنِ كَمَا فِي " التَّبْصِرَة " وَقَالَ بَعضهم: السّلف شرعا كل من يُقَلّد ويقتفى أَثَره فِي الدّين كَأبي حنيفَة وَأَصْحَابه، فَإِنَّهُم سلفنا، وَالصَّحَابَة فَإِنَّهُم سلفهم وَفِيه أَن أَبَا حنيفَة من أجلاء التَّابِعين (والسالفة: الْمَاضِيَة أَمَام الغائرة) السُّكْنَى: مصدر بِمَعْنى الْإِقَامَة، أَو اسْم بِمَعْنى الإسكان وَالْمرَاد من (اسكن) فِي قَوْله تَعَالَى: {اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة} الْإِقَامَة

وَفِي " الْأَعْرَاف " أُرِيد اتِّخَاذ المسكنة، وَلِهَذَا أَتَى بِالْفَاءِ الدَّالَّة على تَرْتِيب الْأكل على السُّكْنَى الْمَأْمُور باتخاذها، لِأَن الْأكل بعد الاتخاذ من حَيْثُ لَا يُعْطي عُمُوم معنى (حَيْثُ شئتما) وَلما نسب القَوْل إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ فِي سُورَة " الْبَقَرَة " ناسب زِيَادَة الْإِكْرَام بِالْوَاو الدَّالَّة على الْجمع بَين السُّكْنَى وَالْأكل، بِدَلِيل (رغدا حَيْثُ شئتما) لِأَنَّهُ أَعم السَّلب والإيجاب: هُوَ فِي البديع أَن يبْنى الْكَلَام على نفي شَيْء من جِهَة وإثباته من جِهَة أُخْرَى، وَالْأَمر من جِهَة وَالنَّهْي من جِهَة أُخْرَى وَمَا أشبه ذَلِك، كَقَوْلِه تَعَالَى، {فَلَا تخشوا النَّاس واخشون} وَقَوله: {وَلَا تنهرهما وَقل لَهما قولا كَرِيمًا} وَفِي الشّعْر نَحْو قَوْله: (وننكر إِن شِئْنَا على النَّاس قَوْلهم ... وَلَا يُنكرُونَ القَوْل حِين نقُول) وَالسَّلب لَا يُقَابل النِّسْبَة الْحكمِيَّة، وَإِنَّمَا يُقَابل الْإِيجَاب بِمَعْنى الايقاع وَالسَّلب: رفع النِّسْبَة الإيجابية المتصورة بَين بَين، فَحَيْثُ لَا يتَصَوَّر ثمَّة نِسْبَة لم يتَصَوَّر هُنَاكَ إِيجَاب وَلَا سلب [وَالسَّلب الْكُلِّي هُوَ رفع الْإِيجَاب الجزئي لَا الْإِيجَاب الْكُلِّي، فالسلب الْكُلِّي مَعَ الْإِيجَاب الْكُلِّي متقابلان لَيْسَ أَحدهمَا عدما للْآخر، وَيُمكن تعقل أَحدهمَا مَعَ قطع النّظر عَن الآخر فهما متضادان، وَلَا تقَابل بَين الْكُلِّي السالب والكلي الْمُوجب على مَا اخْتَارَهُ بعض الْمُحَقِّقين من وجوب اتِّحَاد مَوْضُوع المتقابلين بالشخصي فَإِن مَوْضُوع السَّلب الْكُلِّي النِّسْبَة الَّتِي بَين الْمَحْمُول وَجَمِيع أَفْرَاد الْمَوْضُوع] (وَالسَّلب إِمَّا عَائِد إِلَى الذَّات أَو إِلَى الصِّفَات، أَو إِلَى الْأَفْعَال) فالسلوب العائدة إِلَى الذَّات كَقَوْلِنَا: (الله تَعَالَى لَيْسَ كَذَا وَكَذَا) ، والسلوب العائدة إِلَى الصِّفَات تَنْزِيه الصِّفَات عَن النقائص والسلوب العائدة إِلَى الْأَفْعَال كَقَوْلِنَا: (الله تَعَالَى لَا يفعل كَذَا وَكَذَا) (وَالْقُرْآن مَمْلُوء مِنْهُ) ، وبحسب هَذِه السلوب غير المتناهية تحصل الْأَسْمَاء غير المتناهية والسالب أَعم من السلبي، إِذْ الْمعَانِي سالبة وَلَيْسَت بسلبية، وَدلَالَة السلبية على السَّلب مُطَابقَة، وَدلَالَة السالب عَلَيْهِ الْتِزَام، كدلالة الْقدَم على انْتِفَاء الْعَدَم السَّابِق، وَدلَالَة الْبَقَاء على انْتِفَاء الْعَدَم اللَّاحِق، وَدلَالَة الوحدانية على انْتِفَاء التَّعَدُّد، فالدلالة فِي الْجَمِيع مُطَابقَة وَدلَالَة السَّلب عَلَيْهِ الْتِزَام، كدلالة الْقُدْرَة على نفي الْعَجز، وَأما دلالتها على الْمَعْنى الْقَائِم بِالذَّاتِ فَإِنَّهَا مُطَابقَة وسلب الْعُمُوم هُوَ نفي الشَّيْء عَن جملَة الْأَفْرَاد، لَا عَن كل فَرد، وَعُمُوم السَّلب بِالْعَكْسِ السَّبِيل: هُوَ أغلب وقوعا فِي الْخَيْر، وَلَا يكَاد اسْم الطَّرِيق يُرَاد إِلَّا مقترنا بِوَصْف أَو إِضَافَة تخلصه لذَلِك (والسبيل وَالطَّرِيق يذكران ويؤنثان، والصراط

كَذَلِك، إِلَّا أَن الطَّرِيق هُوَ كل مَا يطرقه طَارق، مُعْتَادا كَانَ أَو غير مُعْتَاد) ، والسبيل من الطّرق مَا هُوَ مُعْتَاد السلوك، والصراط من السَّبِيل مَا لَا التواء فِيهِ وَلَا اعوجاج، بل يكون على سَبِيل الْقَصْد فَهُوَ أخص مِنْهَا و (السَّبِيل) فِي {وعَلى الله قصد السَّبِيل} اسْم جنس لقَوْله: {وَمِنْهَا جَائِر} {وأنفقوا فِي سَبِيل الله} أَي: الْجِهَاد وكل مَا أَمر الله بِهِ من الْخَيْر، واستعماله فِي الْجِهَاد أَكثر والسبيل أَيْضا: الْحجَّة: {وَلنْ يَجْعَل الله للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا} وَلَا متمسك فِيهِ لأَصْحَاب الشَّافِعِي على فَسَاد شِرَاء الْكَافِر الْمُسلم وَلَا للحنفية على حُصُول بينونة بِنَفس الارتداد والمحجة: الطَّرِيقَة الْوَاضِحَة، وَهِي الجادة، لكَونهَا غالبة على السابلة، وَلِهَذَا سميت سراطا ولقما، لِأَنَّهَا تسرط السابلة وتلتقمها والسابلة: أَبنَاء السَّبِيل الْمُخْتَلفَة فِي الطرقات [السُّجُود: الخضوع والتذلل والانقياد، وَهُوَ هَذَا الْمَعْنى فِي كل الْحَيَوَانَات والنباتات والجمادات، وَإِطْلَاق السُّجُود على الخضوع قيل حَقِيقَة لِأَنَّهُ مُشْتَرك، وَقيل مجَاز، فَيكون اسْتِعَارَة وَسُجُود الْمَلَائِكَة كَانَ سُجُود تَعْظِيم وتحية كسجود إخْوَة يُوسُف لَهُ، وَلم يكن فِيهِ وضع الْجَبْهَة على الأَرْض، وَإِنَّمَا كَانَ الانحناء فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام بَطل ذَلِك فِي الْإِسْلَام] (السُّجُود: هُوَ عِنْد كَونه مصدرا حركته أصيلة إِذا قُلْنَا إِن الْفِعْل مُشْتَقّ من الْمصدر، وَعند كَونه جمعا حركته حَرَكَة مُغيرَة من حَيْثُ إِن الْجمع يشتق من الْوَاحِد، وَيَنْبَغِي أَن يلْحق الْمُشْتَقّ تَغْيِير فِي حرف أَو حَرَكَة أَو فِي مجموعهما، ف (ساجد) لما أردنَا أَن نشتق مِنْهُ لفظ الْجمع غيرناه وَجِئْنَا بِلَفْظ (السُّجُود) فَإِذن للمصدر، وَالْجمع لَيْسَ من قبيل الْأَلْفَاظ الْمُشْتَركَة الَّتِي وضعت بحركة وَاحِدَة لمعنيين وَالسُّجُود: التطامن من خفض الرَّأْس، وَبِه يُفَارق الرُّكُوع، وَأما التذلل فاعتباره فِي مَفْهُومه الْعرفِيّ دون اللّغَوِيّ وَفِي الشَّرْع: وضع الْجَبْهَة على الأَرْض، وَلَا يلْزم أَن يكون على قصد الْعِبَادَة) السلخ: وَيسْتَعْمل تَارَة بِمَعْنى النزع والكشط كَقَوْلِك: (سلخت الإهاب عَن الشَّاة) أَي: نَزَعته مِنْهَا وَأُخْرَى بِمَعْنى الْإِخْرَاج والإظهار كَقَوْلِك: (سلخت الشَّاة من الإهاب) أَي: أخرجتها مِنْهُ، فآية: {نسلخ مِنْهُ النَّهَار} على الْمَعْنى الثَّانِي عِنْد الشَّيْخ عبد القاهر والسكاكي، لِأَن كلمة المفاجأة، أَعنِي (إِذا) ، إِنَّمَا يحسن موقعها على هَذَا الْمَعْنى، وَأما الْفَاء فَإِنَّهُ يسْتَعْمل للتعقيب الْعرفِيّ، وَذَلِكَ مِمَّا يخْتَلف بِحَسب الْأُمُور والعادات، فَرُبمَا يطول الزَّمَان الْمُتَوَسّط بَين شَيْئَيْنِ وَلَا يعد ذَلِك فِي الْعَادة مهلة كَمَا فِي هَذِه الْآيَة، فَإِن مِقْدَار النَّهَار وَإِن توَسط

بَين إِخْرَاجه من اللَّيْل وَبَين دُخُول الظلمَة، لَكِن لما كَانَ دُخُول الظلام الشَّامِل بعد زَوَاله بِالْكُلِّيَّةِ أمرا غَرِيبا عَظِيما يَنْبَغِي أَن لَا يحصل إِلَّا بعد إضعاف ذَلِك الْمِقْدَار فَلم يعْتد بِهِ وَلم يعد مهلة، بل جعل مفاجئا لإِخْرَاج النَّهَار بِلَا تراخ السِّرّ: هُوَ مَا يكتم كالسريرة وَالْجِمَاع وَالذكر وَالنِّكَاح والإفصاح بِهِ، وَالزِّنَا، وَفرج الْمَرْأَة، ومستهل الشَّهْر أَو آخِره أَو وَسطه، وجوف كل شَيْء ولبه وَالْجمع: أسرار وسرائر وَمَا يسره الْمَرْء فِي نَفسه من الْأُمُور الَّتِي عزم عَلَيْهَا هُوَ السِّرّ وَأما الْإخْفَاء فَهُوَ الَّذِي لم يبلغ حد الْعَزِيمَة والأسرار من الأضداد، إِذْ الْهمزَة تصلح للاثبات وَالسَّلب، كَمَا فِي (أشكيته) والأسارير: محَاسِن الْوَجْه جمع (أسرار) جمع (سر) وَهِي خطوط الْجَبْهَة السِّيرَة: (فعلة) من السّير، تجوز بهَا للطريقة والهيئة السّريَّة، بِالضَّمِّ: الْأمة الَّتِي بوأتها بَيْتا، مَنْسُوب إِلَى السِّرّ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ من تَغْيِير النّسَب، وَهِي عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد من أعدت للْوَطْء، مُشْتَقّ من السِّرّ، وَهُوَ الْجِمَاع، حَتَّى لَو وجد التحصين، وَهُوَ الْمَنْع من الْخُرُوج والبروز بِدُونِ الْجِمَاع، أَو وجد الْجِمَاع بِدُونِ التحصين لَا يكون تسريا، وَرَأى أَبُو يُوسُف أَن التَّسَرِّي عبارَة عَن التحصين وَالْجِمَاع مَعَ ترك المَاء فِي الْوَطْء طلبا للْوَلَد، وَهُوَ مُشْتَقّ من السِّرّ، وَهُوَ الشّرف، وَإِنَّمَا تصير شريفة إِذا جعلهَا فراشا لتلحق بالمنكوحات السطع: سَطَعَ الْغُبَار والبرق والشعاع وَالصُّبْح والرائحة: ارْتَفع وَسمعت لِوَقْعِهِ سطعا شَدِيدا، محركة: أَي صَوت ضَرْبَة ورمية، وَإِنَّمَا حرك لِأَنَّهُ حِكَايَة لَا نعت وَلَا مصدر، والحكايات يُخَالف بَينهَا وَبَين النعوت أَحْيَانًا السّرقَة: أَخذ مَال مُعْتَبر من حرز اجنبي لَا شُبْهَة فِيهِ خُفْيَة وَهُوَ قَاصد للْحِفْظ، فِي نَومه أَو غيبته والطر: أَخذ مَال الْغَيْر وَهُوَ حَاضر يقظان قَاصد حفظه وَفعل كل وَاحِد مِنْهُمَا وَإِن كَانَ شبه فعل الآخر، لَكِن اخْتِلَاف الِاسْم يدل على اخْتِلَاف الْمُسَمّى ظَاهرا فَاشْتَبَهَ الْأَمر فِي أَنه دخل تَحت لفظ السَّارِق حَتَّى يقطع كالسارق أم لَا، فَنَظَرْنَا فِي السّرقَة فَوَجَدْنَاهَا جِنَايَة، لَكِن جِنَايَة الطر أقوى لزِيَادَة فعله على فعل السَّارِق، فَيثبت وجوب الْقطع فِيهِ بِالطَّرِيقِ الأولى، كثبوت حُرْمَة الضَّرْب فِي حق الْأَب بِحرْمَة التأفيف، بِخِلَاف النباش فَإِنَّهُ يَأْخُذ مَالا لَا حَافظ لَهُ من حرز نَاقص خُفْيَة فَيكون فعله أدنى من فعل السَّارِق فَلَا يلْحق بِهِ وَلَا يقطع عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد، خلافًا لأبي يُوسُف رَحمَه الله السروال، تعريب (شلوار) والتبان، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيد: سَرَاوِيل صَغِيرَة مِقْدَار شبر سَاتِر للعورة الغليظة للملاحين السراب: هُوَ مَا يرى فِي نصف النَّهَار من اشتداد الْحر كَالْمَاءِ فِي المفاوز يلصق بِالْأَرْضِ، وَهُوَ غير الْآل الَّذِي يرى فِي طرفِي النَّهَار ويرتفع عَن الأَرْض حَتَّى يصير كَأَنَّهُ بَين الأَرْض وَالسَّمَاء والسراب فِيمَا لَا حَقِيقَة لَهُ كالشراب فِيمَا لَهُ حَقِيقَة

السَّنَد: هُوَ عِنْد أهل الْمِيزَان مَا يكون الْمَنْع مُبينًا عَلَيْهِ، أَي مَا يكون مصححا لوُرُود الْمَنْع فِي نفس الْأَمر أَو فِي زعم السَّائِل كَأَن يُقَال: (لَا نسلم كَذَا لما لَا يجوز أَن يكون كَذَا) أَو (لَا نسلم لُزُوم ذَلِك وَإِنَّمَا يلْزم لَو كَانَ كَذَا) أَو (لَا نسلم هَذَا وَكَيف يكون هَذَا أَو هَذَا وَالْحَال أَنه كَذَا) السُّورَة، بِالْفَتْح: هِيَ من الْحر حِدته، وَمن الْمجد أَثَره وعلامته وارتفاعه، وَمن الْبرد شدته، وَمن السُّلْطَان سطوته السخط: هُوَ لَا يكون إِلَّا من الكبراء والعظماء دون الْأَكفاء والنظراء وَالْغَضَب يسْتَعْمل فِي النَّوْعَيْنِ السد، بِالْفَتْح وَالضَّم: التوثيق، وَقيل: بِالضَّمِّ مَا كَانَ خلقَة، وبالفتح مَا كَانَ صَنْعَة السُّقُوط: سقط: وَقع و [سقط] الْوَلَد من بطن أمه: خرج والسقط، مُثَلّثَة [الْفَاء] : الْوَلَد بِغَيْر تَمام وَسقط الزند، بِالْكَسْرِ: ناره السدى: هُوَ مَا كَانَ فِي أول اللَّيْل والندى: هُوَ مَا كَانَ فِي آخر اللَّيْل قيل: هُوَ من نفس دَابَّة فِي الْبَحْر [كَمَا فِي " الِاخْتِيَار "] (وسديت الأَرْض: نديتها) السّمن: هُوَ مَا يكون من الْحَيَوَان والدهن: مَا يكون من غَيره السناء: بِالْمدِّ: الْعُلُوّ والارتفاع، وبالقصر: ضوء الْبَرْق السقم: تَأْثِيره فِي الْبدن وَالْمَرَض: قد يكون فِي الْبدن وَالنَّفس السوار: هُوَ مَا كَانَ من ذهب، وَأما مَا كَانَ من فضَّة فَهُوَ قلب، وَمَا كَانَ من ذبل أَو عاج فَهُوَ وقف السَّبي: هُوَ مَا يسبي، وَالنِّسَاء لانهن تسبين الْقُلُوب، أَو تسبين فتملكن، وَلَا يُقَال ذَلِك للرِّجَال والسبيئة، بِالْهَمْزَةِ: الْخمر المشتراه للشُّرْب، وَأما المحمولة من بلد إِلَى بلد فَهِيَ بِالْيَاءِ من غير همزَة السياع: الطين بالتبن، وَإِلَّا فَهُوَ طين السكتة: بِالضَّمِّ، مصدر (سكت الْغَضَب) وَالسُّكُوت: مصدر (سكت الرجل) السهْم: الْخط، يجمع على (سهمات) و (سهمة) بضمهما والقدح يقارع بِهِ يجمع على (سِهَام) السبح: المر السَّرِيع فِي المَاء والهواء يُقَال: سبح سبحا، بِالْفَتْح، وسباحة، بِالْكَسْرِ، ويستعار لمر النُّجُوم: {كل فِي فلك يسبحون} ولجري الْفرس: {والسابحات سبحا} ولسرعة الذّهاب فِي الْعَمَل: {إِن لَك فِي النَّهَار سبحا طَويلا}

سُبْحَانَ الله، بِمَعْنى التَّسْبِيح، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِيهِ تَنْزِيه الله نَفسه عَن السوء، وَالأَصَح أَنه اسْم مصدر، (لَا مصدر مَأْخُوذ من التَّسْبِيح وَهُوَ التَّنْزِيه) ، وَكَونه مصدرا لفعل غير مُسْتَعْمل ضَعِيف، لِأَن أَكثر المصادر يكون لَهُ فعل، وَلَا يكَاد يسْتَعْمل إِلَّا مُضَافا إِلَى مُفْرد ظَاهر أَو مُضْمر إِضَافَة الْمصدر إِلَى الْفَاعِل، وَقد يَنْقَطِع عَن الْإِضَافَة وَيمْتَنع عَن الصّرْف للزيادتين، وَحِينَئِذٍ يحكم عَلَيْهِ بِأَنَّهُ علم التَّسْبِيح، إِذا الاعلام لَا تُضَاف وَقَول الْعَلامَة فِي " الْكَشَّاف " وَغَيره يدل على أَنه علم سَوَاء أضيف أم لَا، (وَأما نَحْو: (حَاتِم طيىء) فباعتبار اشتهاره بِوَصْف السخاوة) قَالَ الْقُرْطُبِيّ: " سُبْحَانَ الله: مَوْضُوع مَوضِع الْمصدر لِأَنَّهُ لَا يجْرِي بِوُجُوه الْإِعْرَاب، وَلَا يدْخل فِيهِ الْألف وَاللَّام، وَلم يجر مِنْهُ فعل " فِي " الإتقان ": مِمَّا أميت فعله وَإِذا صدر بِهِ كَلَام فكثيرا مَا يقْصد بِهِ تَنْزِيه الْحق عَن منقصه ينبىء الْكَلَام عَنْهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيره كنفي الْعلم فِي قَول الْمَلَائِكَة: {سُبْحَانَكَ لَا علم لنا} ، وكنسبة الظُّلم فِي قَول يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام: {سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين} ، وكالمخلوقية فِي قَوْله تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي خلق الْأزْوَاج كلهَا} وَفِي مَجِيء هَذَا بِلَفْظ الْمَاضِي والمضارع إِشْعَار بِأَن من شَأْن مَا اسْتندَ إِلَيْهِ تَعَالَى أَن يسبحه فِي جَمِيع أوقاته وَأما مجىء الْمصدر مُطلقًا فَهُوَ أبلغ من حَيْثُ إِنَّه يشْعر بِإِطْلَاقِهِ على اسْتِحْقَاق التَّسْبِيح من كل شَيْء وَفِي كل حَال (وانتصاب (سُبْحَانَهُ) بِفعل مُضْمر مَتْرُوك إِظْهَاره، وَالتَّقْدِير: (اسبح سُبْحَانَ الله) ثمَّ نزل منزلَة الْفِعْل أَو سد مسده، وَدلّ على التَّنْزِيه البليغ من جَمِيع مَا لَا يَلِيق بجنابه الأقدس وَقد استوعب النّظم الْجَلِيل جَمِيع جِهَات هَذِه الْكَلِمَة إعلاما بِأَن المكونات من لدن إخْرَاجهَا من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود إِلَى الْأَبَد مسبحة لذاته تَعَالَى قولا وفعلا، طَوْعًا وَكرها وَقد يسْتَعْمل عِنْد التَّعَجُّب، فَتَارَة يقْصد بِهِ التَّنْزِيه البليغ أَصَالَة والتعجب تبعا، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ} وَتارَة يقْصد بِهِ التَّعَجُّب وَيجْعَل التَّنْزِيه ذَرِيعَة لَهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم} إِذْ الْمَقْصُود التَّعَجُّب من عظم أَمر الْإِفْك وَفِي " الانوار " فِي قَوْله: {فسبح بِحَمْد رَبك} فتعجب ظَاهره أَن التَّسْبِيح مجَاز عَن التَّعَجُّب بعلاقة السبيبة، فَإِن من رأى أمرا عجيبا يَقُول: (سُبْحَانَ الله) ، وَلَا يخفى أَن التَّعَجُّب كَيْفيَّة غير اختيارية لَا يَصح الْأَمر بِهِ سَوَاء كَانَ تعجب متأمل أَو تعجب غافل، لَكِن تعجب المتأمل تكون مباديه

اختيارية فيسند إِلَيْهِ الْأَمر على طَريقَة التَّجَوُّز؛ وَإِنَّمَا جعل التَّسْبِيح أصلا، وَالْحَمْد حَالا فِي قَوْله تَعَالَى: {يسبحون بِحَمْد رَبهم} لِأَن الْحَمد مُقْتَضى حَالهم دون التَّسْبِيح، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يحْتَاج إِلَيْهِ لعَارض (و (سبح) لَا يتَعَدَّى بِحرف الْجَرّ، لَا تَقول: (سبحت بِاللَّه) ، وَإِنَّمَا تَقول: (سبحت الله) أَي: نزهته، لقَوْله تَعَالَى: {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} إِلَّا إِذا أُرِيد التَّسْبِيح المقرون بِالْفِعْلِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فسبح باسم رَبك الْعَظِيم} أَي: صل مفتتحا أَو ناطقا باسم رَبك) وَأَنت أعلم بِمَا فِي سُبْحَانَكَ أَي: نَفسك والسبحات، بِضَمَّتَيْنِ: مواقع السُّجُود وسبحات وَجه الله: أنواره وسبحة الله: جَلَاله {كَانَ من المسبحين} أَي: من الْمُصَلِّين سوق الْمَعْلُوم مساق غَيره: هُوَ عبارَة عَن سُؤال الْمُتَكَلّم عَمَّا يُعلمهُ سُؤال من لَا يُعلمهُ ليوهم أَن شدَّة الشّبَه الْوَاقِع بَين المتناسبين احدثت عِنْده التباس الْمُشبه بالمشبه بِهِ وَفَائِدَته: الْمُبَالغَة فِي الْمَعْنى نَحْو قَوْلك: (أوجهك هَذَا أم بدر) ؟ فَإِن كَانَ السُّؤَال عَن الشَّيْء الَّذِي يعرفهُ الْمُتَكَلّم خَالِيا من التَّشْبِيه لم يكن من هَذَا الْبَاب كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمَا تِلْكَ بيمينك يَا مُوسَى} فَإِن الْقَصْد الإيناس لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، أَو إِظْهَار المعجز الَّذِي لم يكن مُوسَى يُعلمهُ وَابْن المعتز سمى هَذَا الْبَاب تجاهل الْعَارِف، وَمن النَّاس من يَجعله من تجاهل الْعَارِف مُطلقًا سَوَاء كَانَ على طَرِيق التَّشْبِيه أَو على غَيره، [وَلَا يخفى مَا فِي التَّعْبِير بِهِ فِي النّظم الْجَلِيل من سوء الْأَدَب] (وَمن نُكْتَة التجاهل الْمُبَالغَة فِي الْمَدْح أَو الذَّم أَو التَّعْظِيم أَو التحقير أَو التوبيخ أَو التقريع أَو التدله بالحب مثل: (ليلاي مِنْكُن أم ليلى من الْبشر) سُلَيْمَان: عَلَيْهِ السَّلَام: هُوَ ابْن دَاوُد، نَبِي، وَملك وَهُوَ ابْن ثَلَاث عشرَة سنة، وَمَات وَله ثَلَاث وَخَمْسُونَ سنة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ملك الأَرْض مُؤْمِنَانِ: سُلَيْمَان وَذُو القرنين، وَكَافِرَانِ: نمروذ وَبُخْتنَصَّرَ [وَقد سخر الله لَهُ الرّيح جريها بِالْغَدَاةِ مسيرَة شهر وبالعشي كَذَلِك يحْكى أَن بَعضهم رأى مَكْتُوبًا فِي منزل بِنَاحِيَة دجلة كتب بعض أَصْحَاب سُلَيْمَان: نَحن نزلناه وَمَا بنيناه، ومبنيا وَجَدْنَاهُ، غدونا من إصطخر فقلناه، وَنحن رائحون مِنْهُ فبانون بِالشَّام إِن شَاءَ الله تَعَالَى واصطخر: من

بِلَاد فَارس، وَبَينه وَبَين الشَّام مسيرَة شهر وَقيل: إِنَّه كَانَ يتغدى بأريحا ويتعشى بسمرقند] [نوع] {سَاكِنا} : دَائِما {سَوَاء الْجَحِيم} : وسط الْجَحِيم {السلوى} : طَائِر يشبه السماني {سرمدا} : دَائِما {رفع سمكها} : أَي جعل مِقْدَار ارتفاعها من الأَرْض أَو ثخنها الذَّاهِب فِي الْعُلُوّ رفيعا {السّلم} : الطَّاعَة {هَذِه سبيلي} : دعواي {فسحقا} : فبعدا [من رَحْمَة الله] {سنفرغ لكم} : وَعِيد، وَلَيْسَ لله شغل {الْتفت السَّاق بالساق} : آخر يَوْم من أَيَّام الدُّنْيَا، وَأول يَوْم من أَيَّام الْآخِرَة فتلتقي الشدَّة بالشدة {السُّفَهَاء} : الْجُهَّال بلغَة كنَانَة {سفه نَفسه} : خسرها بلغَة طيىء [أَو أهلكها، أَو سفهت نَفسه فَنقل الْفِعْل عَن النَّفس إِلَى ضمير مِنْهُ ونصبت النَّفس على التَّشْبِيه بِالنَّفسِ، أَو سفه فِي نَفسه] {سيء بهم} : سَاءَ ظنا بقَوْمه {وَفِيكُمْ سماعون} : ضعفة [قَائِلُونَ للكذب، أَو يسمعُونَ مِنْك ليكذبوا عَلَيْك، أَو سماعون لقوم آخَرين لم يأتوك، أَي هم عُيُون لأولئك الْغَيْب] {ثمَّ السَّبِيل يسره} : ثمَّ سهل مخرجه من بطن أمه {يَوْم يكْشف عَن سَاق} : وَهُوَ الْأَمر الشَّديد المفظع من الهول، [أَو يظْهر حقائق الْأَشْيَاء وأصولها، أَو سَاق جَهَنَّم، أَو سَاق الْعَرْش، أَو سَاق ملك عَظِيم، وَقيل: السَّاق النَّفس، أَي يَوْم يكْشف عَن] نفس الرَّحْمَن وذاته {سريا} : هُوَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، أَو النَّهر الصَّغِير {سكرت} : سدت {السمُوم} : الْحر الشَّديد النَّافِذ فِي المسام {سرادقها} : فسطاطها {فِي الْبَحْر سربا} : مسلكا

{أتبع سَببا} : طَرِيقا {سندس} : نمارق من الْحَرِير {سَوَّلَ لَهُم} : سهل لَهُم {بِسِيمَاهُمْ} : بعلاماتهم {سكرة الْمَوْت} : شدته الذاهبة بِالْعقلِ {بِسَاحَتِهِمْ} : بفنائهم {فساهم} : قارع {فَإِذا سويته} : عدلت خلقته {سامدون} : لَا هون أَو مستكبرون {سكت عَن مُوسَى الْغَضَب} : سكن {سكينَة} : آمِنَة تسكن عِنْدهَا الْقُلُوب {وَجَاءَت سيارة} : رفْقَة يَسِيرُونَ {بل سَوَّلت} : زينت وسهلت {سارب} : بارز {سيدا} : يسود قومه ويفوقهم {سارعوا} : بَادرُوا وَأَقْبلُوا {من غير سوء} : عيب أَو آفَة {سواهُ} : قومه {سلقوكم} : ضربوكم {سراحا جميلا} : طَلَاقا من غير ضرار وبدعة {قولا سديدا} : قَاصِدا إِلَى الْحق {وَقدر فِي السرد} : فِي نسجها {من سدر} : شجر النبق ينْتَفع بورقه {لَبَنًا خَالِصا} : سائغا السائغ: هُوَ الَّذِي يسهل انحداره {ثَلَاث لَيَال سويا} : سوي الْخلق {وَسَلام عَلَيْهِ} : من أَن يَنَالهُ الشَّيْطَان بِمَا ينَال بني آدم {سوء الْعَذَاب} : أفظعه {سؤلك} : مسؤولك {سيرتها الأولى} : هيئاتها وحالاتها {أَخذنَا آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ} : بالجدوب {من سلالة} : من خُلَاصَة سلت من بَين

الكدر {من سجيل} : من طين متحجر: مُعرب (سنك كل) {سبحا طَويلا} : تقلبا فِي الْمُهِمَّات واشتغالا بهَا {سدي} : مهملا لَا يُكَلف وَلَا يجازي {سلاسل} : بهَا يقادون {وأغلالا} : بهَا يقيدون {سباتا} : قطعا عَن الإحساس وَالْحَرَكَة، أَو موتا لِأَنَّهُ أحد التوفيين {بالساهرة} : هِيَ الأَرْض الْبَيْضَاء المستوية [وَقيل اسْم جَهَنَّم] {بأيدي سفرة} : كتبة الْمَلَائِكَة أَو الْأَنْبِيَاء {الْجَحِيم سعرت} : أوقدت إيقادا شَدِيدا {سطحت} : بسطت {سَوط عَذَاب} : أنوع عَذَاب مُخْتَلفَة {سابغات} : دروع واسعات {مَكَان سحيق} : بعيد {سريع الْحساب} : لَا يُمْهل فِي جَزَائِهِ وَلَا يهمل {من كل شَيْء سَببا} : علما {إِلَّا بسُلْطَان} : بِقُوَّة وقهر وأنى لكم ذَلِك {أَو سلما فِي السَّمَاء} : أَو مصعدا {سبحوا} : صلوا {لفي سكرتهم} : غوايتهم {يَوْم سبتهم شرعا} : يَوْم استراحتهم شوارع فِي المَاء {من سعته} : من غناهُ وَقدرته {إِذا سجى} : سكن أَهله، أَو ركد ظلامه، أَو ذهب {سِجِّين} : كتاب جَامع لأعمال الفجرة من الثقلَيْن {مَكَانا سوى} : منتصفا تستوي مسافته إِلَيْنَا وَإِلَيْك {وسلطان مُبين} : حجَّة وَاضِحَة ملزمة للخصم

{سامرا} : السمر: الحَدِيث بِاللَّيْلِ {سخريا} : (هزاء) ، وَعند الْكُوفِيّين المكسور بِمَعْنى الهزء، والمضموم من التسخير والخدمة {سائحات} : صائمات، سمي بِهِ لانه يسير بِالنَّهَارِ بِلَا زَاد، أَو مهاجرات {سخرها عَلَيْهِم} : سلطها عَلَيْهِم {فجعلناهم سلفا} : قدوة لمن بعدهمْ {وَقل سَلام} : تسلم مِنْهُم ومتاركة {وَمن قبلكُمْ سنَن} : وقائع [سنّهَا الله تَعَالَى فِي الْأُمَم المكذبة] {جعل السِّقَايَة} : الْمشْربَة [مكيال يُكَال بِهِ وَيشْرب فِيهِ] {وساء لَهُم} : وَبئسَ لَهُم [ {لسبإ} : لأَوْلَاد سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان {ادْع إِلَى سَبِيل رَبك} : إِلَى الْإِسْلَام {كَانَ سيئه} : يَعْنِي الْمنْهِي عَنهُ {كَانَ يَقُول سفيهنا} : إِبْلِيس أَو مَرَدَة الْجِنّ {وهم سَالِمُونَ} : متمكنون {سَأَلَ سَائل} : دَعَا دَاع {هلك عني سلطانيه} : ملكي وتسلطي على النَّاس {سينين وسيناء} : إسمان للموضع الَّذِي فِيهِ طور سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام {عَن صلَاتهم ساهون} : أَي غافلون غير مبالين {لَيْسُوا سَوَاء} : لَيْسَ أهل الْكتاب مستوين؛ مِنْهُم مُؤمنُونَ وَمِنْهُم مُنَافِقُونَ {سعيرا} : نَارا مسعورة {وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة} : من بلية {ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام} : حياكم بِتَحِيَّة الْإِسْلَام {من سوآتهما} : من عوراتهما وَكَانَ لَا يريانهما، أَو أَحدهمَا من الآخر {وَلما سقط فِي أَيْديهم} : كِنَايَة عَن اشتداد النَّدَم المتحسر يعَض يَده غما فَتَصِير يَده مسقوطا فِيهَا

{سوأة أَخِيه} : يَعْنِي جسده الْمَيِّت {نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ} : نغفر لكم صغائركم ونمحها عَنْكُم {وَلَا تتبعوا السبل} : أَي الْأَدْيَان الْمُخْتَلفَة والطرق التابعة للهوى {وَسبح بِحَمْد رَبك} : وصل وَأَنت حَامِد لِرَبِّك {بسور} : بحائط، يُقَال هُوَ السُّور الَّذِي يُسمى الْأَعْرَاف {سم الْخياط} : ثقب الإبرة {وَجعل فِيهَا سِرَاجًا} : يَعْنِي الشَّمْس {لجعله سَاكِنا} : ثَابتا، من السُّكْنَى، أَو غير متقلص، من (السّكُون) {أكالون للسحت} : أَي الْحَرَام {وَلَا سائبة} : هِيَ النَّاقة الَّتِي كَانَ رجل من الْجَاهِلِيَّة يَقُول: إِن سقيت فناقتي سائبة ويجعلها كالبحيرة فِي تَحْرِيم الِانْتِفَاع {يَوْم تبلى السرائر} : يَوْم تحْشر سرائر الْقلب، وَهِي مَا أسره من العقيدة وَالنِّيَّة {سيئت وُجُوه الَّذين كفرُوا} : بَانَتْ عَلَيْهَا الكآبة وساءتها رُؤْيَة الْعَذَاب {بَين السدين} : بَين الجبلين، هما أرمينية وأذربيجان وَقيل جبلان فِي آخر الشمَال فِي مُنْقَطع أَرض التّرْك، من ورائهما يَأْجُوج وَمَأْجُوج {سَيِّدهَا لَدَى الْبَاب} : يَعْنِي زَوجهَا {سرابيل تقيكم الْحر} : يَعْنِي القمص {وسرابيل تقيكم بأسكم} : يَعْنِي الدروع {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكرا} : أَي خمرًا، نزل قبل التَّحْرِيم {سنسمه} : سنجعل لَهُ سمة أَي: عَلامَة {سلككم فِي سقر} : أدخلكم فِيهَا {سقط فِي أَيْديهم} : يُقَال لكل من نَدم وَعجز عَن شَيْء وَنَحْو ذَلِك قد سقط فِي يَده، وَأسْقط أَيْضا كَمَا مر {فِي ضلال وسعر} : أَي جُنُون، أَو جمع سعير؛ وَهُوَ اسْم من اسماء جَهَنَّم {سواعا} : اسْم صنم كَانَ يعبد فِي زمن سيدنَا نوح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَو صنم لهمدان {سجرت} : ملئت وَنفذ بَعْضهَا إِلَى بعض

فصل الشين

فَصَارَ بحرا وَاحِدًا مملوءا، أَو أَنه يقذف بالكواكب فِيهَا ثمَّ تضرم فَتَصِير نيرانا {فسيحوا فِي الأَرْض} : سِيرُوا فِيهَا {سيء بهم} : فعل بهم السوء (فصل الشين) [الشَّيْطَان] : كل شَيْطَان ذكر فِي الْقُرْآن فَالْمُرَاد إِبْلِيس وَجُنُوده، إِلَّا {وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم} [فَإِن المُرَاد المجاهرين بالْكفْر أَو كبار الْمُنَافِقين] [الشَّهِيد] : كل شَهِيد فِي الْقُرْآن فَهُوَ غير الْقَتْلَى مِمَّن يشْهد فِي أُمُور النَّاس، إِلَّا {وَادعوا شهداءكم} فَإِن الْمَعْنى شركاءكم [شيئة] : كل شَيْء بشيئة الله أَي: بمشئية قبل [الشُّكْر] : كل مَا هُوَ جَزَاء للنعمة عرفا فَإِنَّهُ يُطلق عَلَيْهِ الشُّكْر لُغَة، وَهَذَا أَعم، وَقد قَالَ الطَّيِّبِيّ: " كَون الشُّكْر صادرا من هَذِه الثَّلَاث - يُرِيد النّظم الْمَشْهُور فِيهِ - إِنَّمَا هُوَ عرف الْأُصُولِيِّينَ، وَإِلَّا فالشكر اللّغَوِيّ لَيْسَ إِلَّا بِاللِّسَانِ وَحده " [الشّجر] : وَقيل: كل مَا تنْبت الأَرْض فَهُوَ شجر، فعلى هَذَا الْكلأ والعشب شجر، وَقَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى: {والنجم وَالشَّجر يسجدان} أَن النَّجْم مَا ينجم من الأَرْض مِمَّا لَيْسَ لَهُ سَاق، وَالشَّجر مَا لَهُ سَاق، كَمَا هُوَ الْمُسْتَفَاد من الْعَطف نعم عطف الْجِنْس على النَّوْع وبالضد مَشْهُور، وَمَا يشعره الشّجر من الِاخْتِلَاط حَاصِل فِي العشب والكلأ أَيْضا [الشّجر] : كل مَا كَانَ على سَاق من نَبَات الأَرْض فَهُوَ شجر [الشهَاب] : كل متوقد مضيء فَهُوَ شهَاب [كل شَيْء] : (كل شَيْء) فَهُوَ مُذَكّر صُورَة وَفِي الْمَعْنى مؤنث لكَونه بِمَعْنى الْأَشْيَاء [الشعار] : كل مَا يَلِي الْجَسَد من الثِّيَاب فَهُوَ شعار، وكل مَا يَلِي الشعار فَهُوَ دثار [الشقاوة] : كل شقاوة فَهِيَ تَعب، بِلَا عكس [الشية] : كل لون يُخَالف مُعظم لون الْفرس وَغَيره فَهُوَ شية [الشعيرة] : كل مَا جعل علما على طَاعَة فَهُوَ شعيرَة وَالْجمع (شَعَائِر) [الشِّيعَة] : كل قوم أَمرهم وَاحِد يتبع بَعضهم رَأْي بعض فهم شيع، وغالب مَا يسْتَعْمل فِي الذَّم [الشرعة] : كل مَا أشرعت فِيهِ فَهُوَ شرعة وَشَرِيعَة [الشَّيْطَان] : كل عَاتٍ متمرد من الْجِنّ وَالْإِنْس وَالدَّوَاب فَهُوَ شَيْطَان قَالَ الجاحظ: " الجني إِذا كفر وظلم وتعدى وأفسد فَهُوَ شَيْطَان، فَإِن قوي على حمل الْبُنيان وَالشَّيْء الثقيل وعَلى استراق

السّمع فَهُوَ مارد، فَإِن زَاد على ذَلِك فَهُوَ عفريت، فَإِن طهر ونظف وَصَارَ خيرا كُله فَهُوَ ملك " [الشعفة] : شعفة كل شَيْء أَعْلَاهُ [الشكل] : شكل كل شَيْء زوجه [الشّعب] : كل جمَاعَة كَثِيرَة من النَّاس يرجعُونَ إِلَى أَب مَشْهُور، بِأَمْر زَائِد فَهُوَ شعب كعدنان ودونه الْقَبِيلَة، وَهِي مَا انقسمت فِيهَا أَنْسَاب الشّعب، كربيعة وَمُضر ثمَّ الْعِمَارَة: وَهِي مَا انقسمت فِيهَا أَنْسَاب الْقَبِيلَة كقريش وكنانة ثمَّ الْبَطن: وَهِي مَا انقسمت فِيهَا أَنْسَاب الْعِمَارَة كبني عبد منَاف، وَبني مَخْزُوم ثمَّ الْفَخْذ: وَهِي مَا انقسمت فِيهَا أَنْسَاب الْبَطن كبني هَاشم وَبني أُميَّة ثمَّ الْعَشِيرَة: وَهِي مَا انقسمت فِيهَا أَنْسَاب الْفَخْذ كبني الْعَبَّاس وَبني أبي طَالب والحي يصدق على الْكل، لِأَنَّهُ للْجَمَاعَة المتنازلين بمربع مِنْهُم، وَكلما تَبَاعَدت الْأَنْسَاب ارْتَفَعت الْمَرَاتِب الشَّرْع: الْبَيَان والإظهار، وَالْمرَاد بِالشَّرْعِ الْمَذْكُور على لِسَان الْفُقَهَاء بَيَان الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة والشريعة: هِيَ مورد الْإِبِل إِلَى المَاء الْجَارِي، ثمَّ استعير لكل طَريقَة مَوْضُوعَة بِوَضْع إلهي ثَابت من نَبِي من الْأَنْبِيَاء وشرعت لكم فِي الدّين شَرِيعَة وأشرعت بَابا إِلَى الطَّرِيق إشراعا وشرعت الدَّوَابّ فِي المَاء تشرع شروعا والشريعة: اسْم للْأَحْكَام الْجُزْئِيَّة الَّتِي يتهذب بهَا الْمُكَلف معاشا ومعادا، سَوَاء كَانَت منصوصة من الشَّارِع أَو رَاجِعَة إِلَيْهِ وَالشَّرْع كالشريعة: كل فعل أَو ترك مَخْصُوص من نَبِي من الْأَنْبِيَاء صَرِيحًا أَو دلَالَة فإطلاقة على الْأُصُول الْكُلية مجَاز، وَإِن كَانَ شَائِعا، بِخِلَاف الْملَّة فَإِن إِطْلَاقهَا على الْفُرُوع مجَاز، وَتطلق على الْأُصُول حَقِيقَة كالإيمان بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَغير ذَلِك، وَلِهَذَا لَا تتبدل بالنسخ، وَلَا يخْتَلف فِيهَا الْأَنْبِيَاء، وَلَا تطلق على آحَاد الْأُصُول وَالشَّرْع عِنْد السّني ورد كاسمه شَارِعا للْأَحْكَام أَي منشئا لَهَا، وَعند الْمُعْتَزلَة ورد مجيزا لحكم العلق ومقررا لَهُ لَا منشئا، والشرعي مَا لَا يسْتَند وضع الِاسْم لَهُ إِلَّا من الشَّرْع كَالصَّلَاةِ ذَات الرُّكُوع وَالسُّجُود وَقد يُطلق على الْمَنْدُوب والمباح يُقَال: شرع الله الشَّيْء: أَي أَبَاحَهُ، وشرعه: أَي طلبه وجوبا أَو ندبا والشروع فِي الشَّيْء: التَّلَبُّس بِجُزْء من أَجْزَائِهِ والشرعة: ابْتِدَاء الطَّرِيق والمنهاج: الطَّرِيق الْوَاضِح، أَو الأول الدّين وَالثَّانِي الدَّلِيل، وَعَن ابْن عَبَّاس: " الشرعة مَا ورد بِهِ الْقُرْآن، والمنهاج مَا ورد بِهِ السّنة " قَالَ مَشَايِخنَا وَرَئِيسهمْ الإِمَام أَبُو مَنْصُور الماتريدي مَا ثَبت بَقَاؤُهُ من شَرِيعَة من قبلنَا بكتابنا أَو بقول رَسُولنَا صَار شَرِيعَة لرسولنا فَيلْزمهُ ويلزمنا على شَرِيعَته لَا على شَرِيعَة من قبلنَا، لِأَن الرسَالَة سفارة العَبْد بَين الله وَبَين ذَوي الالباب من عباده (ليبين مَا قصرت عَنهُ عُقُولهمْ فِي مصَالح دارت بهم) فَلَو لزمنا شَرِيعَة من قبلنَا كَانَ

رَسُولنَا رَسُول من قبلنَا سفيرا بَينه وَبَين أمته [كواحد من عُلَمَاء عصرنا] لَا رَسُول الله تَعَالَى، وَهَذَا فَاسد الشَّيْء: هُوَ لُغَة مَا يَصح أَن يعلم ويخبر عَنهُ فَيشْمَل الْمَوْجُود والمعدوم، مُمكنا أَو محالا وَاصْطِلَاحا: خَاص بالموجود، خارجيا كَانَ أَو ذهنيا، {وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلَّا أَن يَشَاء الله} [وَفِي " أصُول التَّوْحِيد " للآمدي: إِطْلَاق لفظ الشَّيْء بِإِزَاءِ الْوُجُود وفْق اللُّغَة واصطلاح أهل اللِّسَان، وَسَوَاء كَانَ الْمَوْجُود قَدِيما أَو حَادِثا، فَمن اطلق اسْم الشَّيْء على الْمَعْدُوم حَقِيقَة أَو تجوزا فَلَا بُد لَهُ من مُسْتَند، والمستند فِي ذَلِك إِنَّمَا هُوَ النَّقْل دون الْفِعْل وَالْأَصْل عَدمه، فَمن ادَّعَاهُ يحْتَاج إِلَى بَيَانه، كَيفَ وَأَنه خلاف المألوف الْمَعْرُوف من أهل اللُّغَة فِي قَوْلهم: " الْمَعْلُوم يَنْقَسِم إِلَى شَيْء وَإِلَى مَا لَيْسَ بِشَيْء] الشَّيْء أَعم الْعَام: كَمَا أَن الله أخص الْخَاص، [وَلم يَجْعَل اسْما من أَسْمَائِهِ تَعَالَى لِئَلَّا يتَوَهَّم الدُّخُول فِي جملَة الْأَشْيَاء المخلوقة] وَهُوَ مُذَكّر يُطلق على الْمُذكر والمؤنث، وَيَقَع على الْوَاجِب والممكن والممتنع، نَص على ذَلِك سِيبَوَيْهٍ حَيْثُ قَالَ فِي " كِتَابه ": " الشَّيْء يَقع على كل مَا أخبر عَنهُ " وَمن جعل الشَّيْء مرادفا للموجود حصر الْمَاهِيّة بالموجود، وَمن جعله أَعم عمم الْمَوْجُود والمعدوم، وَهُوَ فِي الأَصْل مصدر (شَاءَ) اطلق تَارَة بِمَعْنى (شائي) [اسْم فَاعل] وَحِينَئِذٍ يتَنَاوَل الْبَارِي كَقَوْلِه تَعَالَى: {قل أَي شَيْء أكبر شَهَادَة قل الله} وَبِمَعْنى اسْم مفعول تَارَة أُخْرَى أَي: مشيء وجوده، وَلَا شكّ أَن مَا شَاءَ الله وجوده فَهُوَ مَوْجُود فِي الْجُمْلَة: {إِنَّمَا أمره إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ كن فَيكون} وعَلى الْمَعْنى الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الله على كل شَيْء قدير} و {الله خَالق كل شَيْء} فالشيء فِي حق الله بِمَعْنى الشائي، وَفِي حق الْمَخْلُوق بِمَعْنى المشيء وَأعلم أَن الشيئية على نَوْعَيْنِ: شيئية ثبوتية: وَهِي ثُبُوت المعلومات فِي علم الله، متميزا بَعْضهَا عَن بعض، وَهِي على أَقسَام: أَحدهَا: مَا يجب وجوده فِي الْعين كذات الْوَاجِب سُبْحَانَهُ وَثَانِيها: مَا يُمكن بروزه من الْعلم إِلَى الْعين وَهُوَ الممكنات وَثَالِثهَا: مَا لَا يُمكن، وَهُوَ الممتنعات ومتعلق إِرَادَته وَقدرته هُوَ الْقسم الثَّانِي دون الأول وَالثَّالِث، وَمن هُنَا يُقَال: مقدورات الله أقل من معلوماته لشمُول الْعلم الممتنعات مَعَ عدم تناهي المقدورات وانقطاعها، [وَلَا يخفى أَن مَا وجد من مَعْلُومَات الله ومقدوراته فَهِيَ متناهية، وَمَا لم يُوجد مِنْهُمَا فَلَا نِهَايَة لَهما فَلَا يُقَال: إِن أَحدهمَا

أَكثر من الآخر، إِذْ لَا يَنْتَهِي إِلَى حد لَا يُوجد فَوْقه حد آخر، وَلَا يلْزم من القَوْل بتعلق الْقُدْرَة على كل الممكنات وجوب وجود جَمِيعهَا لِأَن تعلقهَا غير كَاف فِي الْوُجُود، بل يجب تعلق الْإِرَادَة حَتَّى يُوجد الْمُمكن بِالْقُدْرَةِ، فَيكون تعلق الْإِرَادَة حَتَّى يُوجد الْمُمكن بِالْقُدْرَةِ، فَيكون تعلق الْإِرَادَة هُوَ الْمُخَصّص لبَعض الممكنات بالحدوث فِي بعض الْأَوْقَات، وَهَذَا مَبْنِيّ على أَن تعلق الْقُدْرَة بِالْجَمِيعِ بِالْقُوَّةِ على معنى أَن تعلق الْقُدْرَة بالشَّيْء تأثيرها فِيهِ وفْق الْإِرَادَة، فَلَا تَنْتَهِي قدرته عِنْد المُرَاد، وَإِن كَانَ تعلقهَا بالممكنات متناهية بِالْفِعْلِ على معنى ضمير إِن الْقَادِر من يَصح مِنْهُ إِيجَاد الْفِعْل وَتَركه، أَو على هَذَا يكون الْمَقْدُور مَا يَصح من الْقَادِر إيجاده وَتَركه] وَإِنَّمَا لم يتعلقا بالقسم الأول وَالثَّالِث لِأَنَّهُمَا لما كَانَتَا صفتين مؤثرتين، وَمن لَازم الْأَثر أَن يكون مَوْجُودا بعد عدم لزم أَن مَا لَا يقبل الْعَدَم أصلا كالواجب لَا يقبل أَن يكون أثرا لَهما، وَإِلَّا لزم تَحْصِيل الْحَاصِل وَمَا لَا يقبل الْوُجُود أصلا كالمستحيل لَا يقبل أَيْضا أَن يكون أثرا لَهَا، وَإِلَّا لزم قلب الْحَقَائِق بِرُجُوع المستحيل عين الْجَائِز فَلَا قُصُور فيهمَا، [كَمَا لَا نقص بِعَدَمِ تعلق الرُّؤْيَا بالمعدومات والسمع بالألوان] بل لَو تعلقتا بهما لزم حِينَئِذٍ الْقُصُور فِي ترك إعدام أَنفسهمَا بل فِي إعدام الذَّات الْعلية وَإِثْبَات الألوهية لمن لَا يقبلهَا من الْحَوَادِث ثمَّ الْمُمْتَنع إِمَّا مُمْتَنع الْكَوْن لنَفسِهِ فِي علم الله تَعَالَى، كاجتماع الضدين، وَكَون الشَّيْء الْوَاحِد فِي آن وَاحِد فِي مكانين وَنَحْوه. وَإِمَّا مُمْتَنع الْكَوْن لَا بِاعْتِبَار ذَاته، بل بِاعْتِبَار تعلق الْعلم بِأَنَّهُ لَا يُوجد، أَو غير ذَلِك، كوجود عَالم آخر وَرَاء هَذَا الْعَالم أَو قبله، فَمَا كَانَ من الْقسم الأول فَهُوَ لَا محَالة غير مَقْدُور من غير خلاف، وَمَا كَانَ من الْقسم الثَّانِي فَنَقُول فِيهِ إِن الْمُمكن من حَيْثُ هُوَ مُمكن لَا ينبو عَن تعلق الْقُدْرَة بِهِ، وَالْقُدْرَة من حَيْثُ هِيَ قدرَة لَا يَسْتَحِيل تعلقهَا بِمَا هُوَ فِي ذَاته مُمكن إِذا قطع النّظر عَن غَيره، وَلَا معنى لكَونه مَقْدُورًا غير هَذَا وَإِطْلَاق اسْم الْمَقْدُور عَلَيْهِ بِالنّظرِ إِلَى الْعرف وَإِلَى الْوَضع بِاعْتِبَار هَذَا الْمَعْنى غير مستبعد وَإِن كَانَ وجوده مُمْتَنعا بِاعْتِبَار غَيره وَالنَّوْع الثَّانِي شيئية وجودية: وَهِي وجودهَا خَارج الْعلم والموجودات الخارجية من حَيْثُ تعلق الْقُدْرَة بإخراجها من الْعلم إِلَى الْعين لَا يتَعَلَّق بهَا قدرَة اخرى، لِاسْتِحَالَة تَحْصِيل الْحَاصِل، فَإِن تعلق قدرَة وارادة بهَا بِاعْتِبَار إعدامها وإيجادها بعد الإعدام فِي كل آن على القَوْل بالخلق الْجَدِيد مَعَ الأنفاس، كَمَا هُوَ مَذْهَب الْمُحَقِّقين من الصُّوفِيَّة ثمَّ إِن الشَّيْء وَالثَّابِت وَالْمَوْجُود أَلْفَاظ مترادفة فَلَا يُطلق على الْمَعْدُوم وَلَو مُمكنا خلافًا للمعتزلة، فَإِن الثُّبُوت أَعم من الْمَوْجُود، والمعدوم الْمُمكن كإنسان سيوجد، بِخِلَاف المستحيل، كاجتماع الضدين، والمتخيل، كجبل من ياقوت فالمعدوم الْمُمكن شَيْء عِنْدهم دون المستحيل، وَلَفظ الشَّيْء عَام معنوي عِنْد فَخر الْإِسْلَام، لَا لَفْظِي كَمَا ظَنّه صَاحب " التَّقْوِيم " وَإنَّهُ عَام لَا

مُشْتَرك كَمَا ذهب إِلَيْهِ بعض الْمُتَكَلِّمين من أهل السّنة وَلم يحفظ من الْعَرَب تَعديَة (شَاءَ) بِالْبَاء وَإِن كَانَ فِي معنى (أَرَادَ) وَقد تكاثر حذف الْمَفْعُول من (شَاءَ) و (أَرَادَ) ومتصرفاتهما إِذا وَقعت فِي حيّز الشَّرْط، بِدلَالَة الْجَواب على ذَلِك الْمَحْذُوف معنى مَعَ وُقُوعه فِي مَحَله لفظا، وَلِأَن فِي ذَلِك نوعا من التَّفْسِير بعد الْإِبْهَام، إِلَّا فِي الشَّيْء المستغرب، فَإِنَّهُ لَا يكْتَفى فِيهِ بِدلَالَة الْجَواب عَلَيْهِ بل مُصَرح بِهِ اعتناء بتعيينه ودفعا لذهاب الْوَهم إِلَى غَيره بِنَاء على استبعاد تعلق الْفِعْل بِهِ واستغرابه كَقَوْلِه: (وَلَو شِئْت أَن أبْكِي دَمًا لبكيته ... عَلَيْهِ وَلَكِن ساحة الصَّبْر أوسع) وَاخْتلفُوا فِي جمع (شَيْء) ، فالأخفش يرى أَنَّهَا (فعلاء) وَهِي جمع على غير واحده الْمُسْتَعْمل ك (شَاعِر) و (شعراء) فَإِنَّهُ جمع على غير واحده، لِأَن (فَاعِلا) لَا يجمع على (فعلاء) ، والخليل يرى أَنَّهَا (أفعلاء) نائبة عَن (أَفعَال) وَبدل مِنْهُ، وَجمع لواحدها الْمُسْتَعْمل وَهُوَ (شَيْء) ، وَالْكسَائِيّ يرى أَنَّهَا (أَفعَال) ك (فرخ) و (أفراخ) ترك صرفهَا لِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا لِأَنَّهَا شبهت ب (فعلاء) فِي كَونهَا جمعت على (أشياوات) فَصَارَ ك (صحراء) و (صحراوات) الشَّهِيد: الشَّاهِد، والأمين فِي شَهَادَته، وَالَّذِي لَا يغيب عَن علمه شَيْء، والقتيل فِي سَبِيل الله لِأَن مَلَائِكَة الرَّحْمَة، تشهده، أَو لِأَن الله وَمَلَائِكَته شُهُود لَهُ بِالْجنَّةِ، أَو لانه مِمَّن يستشهد يَوْم الْقِيَامَة عَن الْأُمَم الخالية، أَو لسقوطه على الشَّهَادَة وَهِي الأَرْض، أَو لِأَنَّهُ حَيّ عِنْد ربه حَاضر، أَو لِأَنَّهُ يشْهد ملكوت الله وَملكه قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: شهد بِمَعْنى (بَين) فِي حق الله، وَبِمَعْنى (أقرّ) فِي حق الْمَلَائِكَة، وَبِمَعْنى (أقرّ وَاحْتج) فِي حق أولي الْعلم من الثقلَيْن و (أشهد) ، مَجْهُولا: أَي قتل فِي سَبِيل الله ك (اسْتشْهد) والمشهد والمشهدة: محْضر النَّاس والمشهود: يَوْم الْجُمُعَة، أَو يَوْم الْقِيَامَة، أَو يَوْم عَرَفَة وَالشَّاهِد أَيْضا: يَوْم الْجُمُعَة وَصَلَاة الشَّاهِد: صَلَاة الْمغرب، سميت بِهِ لِأَنَّهَا تصلى عِنْد طُلُوع نجم اسْمه شَاهد {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} : أَي حضر وَشهد عِنْد الْحَاكِم: أخبر {وَالله على كل شَيْء شَهِيد} : أَي عليم و {شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} يحْتَمل الْإِخْبَار وَالْعلم وَالشَّهَادَة: بَيَان الْحق، سَوَاء كَانَ عَلَيْهِ أَو على غَيره، وَخبر قَاطع يخْتَص بِمَعْنى يتَضَمَّن ضَرَر غير الْمخبر فَيخرج الْإِقْرَار وَقيل: إِقْرَار مَعَ الْعلم وثبات الْيَقِين وَالْإِقْرَار قد يَنْفَكّ عَن ذَلِك، وَلذَلِك أكذب الله

الْكفَّار فِي قَوْلهم: {نشْهد إِنَّك لرَسُول الله} وَلما كَانَ الْخَبَر الْخَاص مُبينًا للحق من الْبَاطِل سمي شَهَادَة، وَسمي الْمخبر بِهِ شَاهدا، فَلهَذَا شبه الدّلَالَة فِي كَمَال وضوحها بِالشَّهَادَةِ وَشهد الرجل على كَذَا يشْهد عَلَيْهِ شَهَادَة: إِذا أخبر بِهِ قطعا وَشهد لَهُ بِكَذَا يشْهد بِهِ شَهَادَة: إِذا أدّى مَا عِنْده من الشَّهَادَة وَالشَّهَادَة تُقَام بِلَفْظ الشَّهَادَة، أَعنِي: اشْهَدْ بِاللَّه، وَتَكون قسما، وَمِنْهُم من يَقُول: إِن قَالَ (أشهد) يكون قسما وَإِن لم يقل بِاللَّه وَالشُّهُود جمع شَاهد والأشهاد: جمع شُهُود، أَو جمع (شهد) بِالسُّكُونِ اسْم جمع ك (ركب) و (صحب) ، أَو بِالْكَسْرِ تَخْفيف شَاهد ك (وتد) و (أوتاد) الشَّك: هُوَ اعْتِدَال النقيضين عِنْد الْإِنْسَان وتساويهما، وَذَلِكَ قد يكون لوُجُود أمارتين متساويتين عِنْده فِي النقيضين، أَو لعدم الأمارة فيهمَا، وَالشَّكّ ضرب من الْجَهْل وأخص مِنْهُ، لِأَن الْجَهْل قد يكون عدم الْعلم بالنقيضين رَأْسا، فَكل شكّ جهل وَلَا عكس (وَإِن كَانَ طرف الْوُقُوع واللاوقوع على السوية فَهُوَ الشَّك) وَإِن كَانَ أحد الطَّرفَيْنِ راجحا وَالْآخر مرجوحا فالمرجوح يُسمى وهما وَالرَّاجِح إِن قَارن إِمْكَان الْمَرْجُوح يُسمى ظنا وَإِن لم يُطَابق يُسمى جهلا مركبا وَالشَّكّ كَمَا يُطلق على مَا لَا يتَرَجَّح أحد طَرفَيْهِ يُطلق أَيْضا على مُطلق التَّرَدُّد، كَقَوْلِه تَعَالَى: {لفي شكّ مِنْهُ} (وعَلى مَا يُقَابل الْعلم) قَالَ الْجُوَيْنِيّ: الشَّك مَا اسْتَوَى فَهِيَ اعتقادان أَو لم يستويا، وَلَكِن لم ينتبه أَحدهمَا إِلَى دَرَجَة الظُّهُور الَّذِي يَبْنِي عَلَيْهِ الْعَاقِل الْأُمُور الْمُعْتَبرَة والريب: مَا لم يبلغ دَرَجَة الْيَقِين وَإِن ظهر نوع ظُهُور وَيُقَال: شكّ مريب وَلَا يُقَال: ريب مشكك وَيُقَال أَيْضا: رَابَنِي أَمر كَذَا، وَلَا يُقَال: شكني وَالشَّكّ سَبَب الريب كَأَنَّهُ شكّ أَو لَا فيوقعه شكه فِي الريب، فالشك مبدأ الريب، كَمَا أَن الْعلم مبدأ الْيَقِين والريب قد يَجِيء بِمَعْنى القلق وَالِاضْطِرَاب، والْحَدِيث: " دع مَا يريبك إِلَى مَا لَا يريبك " فَإِن الصدْق طمأنينة وَالْكذب رِيبَة، وَمِنْه (ريب الدَّهْر) لنوائبه، فيوصف بِهِ الشَّك كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّهُم لفي شكّ مِنْهُ مريب} والمرية: التَّرَدُّد فِي المتقابلين، وَطلب الأمارة من (مرى الضَّرع) إِذا مَسحه للدر الشاذ: هُوَ الَّذِي يكون وجوده قَلِيلا، لَكِن لَا يَجِيء على الْقيَاس

والضعيف: هُوَ الَّذِي يصل حكمه إِلَى الثُّبُوت والشاذ المقبول: هُوَ الَّذِي يَجِيء على خلاف الْقيَاس وَيقبل عِنْد الفصاحة والبلغاء والشاذ الْمَرْدُود: هُوَ الَّذِي يَجِيء على خلاف الْقيَاس وَلَا يقبل عِنْد الفصحاء والبلغاء وَمَا كَانَ مطردا فِي الْقيَاس والاستعمال جَمِيعًا نَحْو: (قَامَ زيد) و (ضربت عمرا) و (مَرَرْت بِسَعِيد) ، ومطردا فِي الْقيَاس شاذا فِي الِاسْتِعْمَال كالماضي من (يذر) و (يدع) ، وَبِالْعَكْسِ كَقَوْلِهِم: (استنوق الْجمل) ، وشاذا فِي الْقيَاس والاستعمال جَمِيعًا ك (مسك مدووف) و (فرس مقوود) وَدخُول (ال) فِي الْمُضَارع شَاذ فِي الْقيَاس وَاسْتِعْمَال مفعول (عَسى) اسْما صَرِيحًا قوي فِي الْقيَاس وَضَعِيف فِي الِاسْتِعْمَال وَالْمرَاد بالشاذ فِي استعمالهم مَا يكون بِخِلَاف الْقيَاس من غير نظر إِلَى قلَّة وجوده وكثرته كالقعود والنادر: مَا قل وجوده وَإِن لم يكن بِخِلَاف الْقيَاس ك (خزعال) والضعيف: مَا يكون فِي ثُبُوته كَلَام ك (قرطاس) بِالضَّمِّ والمطرد: لَا يتَخَلَّف وَالْغَالِب: أَكثر الْأَشْيَاء وَلكنه يتَخَلَّف وَالْكثير: دونه والقليل: دون الكيثر والنادر: أقل من الْقَلِيل الشَّرْط: الْعَلامَة، وَمِنْه (أَشْرَاط السَّاعَة) [والشروط للصكوك لِأَنَّهَا عَلَامَات دَالَّة على التَّوَثُّق، وَسمي مَا علق بِهِ الْجَزَاء شرطا لِأَنَّهُ عَلامَة لنزوله] فِي " الْقَامُوس ": إِلْزَام الشَّيْء والتزامه فِي البيع وَنَحْوه كالشريطة، وَفِي " مِعْرَاج الدِّرَايَة ": الشُّرُوط: جمع شَرط، بِسُكُون الرَّاء، والأشراط: جمع شَرط، بِفَتْح الرَّاء، وهما: الْعَلامَة، والمستعمل على لِسَان الْفُقَهَاء الشُّرُوط لَا الأشراط وَقَالَ بَعضهم: وَالَّذِي بِمَعْنى الْعَلامَة الشَّرْط، بِالْفَتْح دون الشَّرْط، بِالسُّكُونِ (والشرائط: جمع شريطة والشريطة وَالشّرط وَاحِد وَالتَّاء للنَّقْل) والشرطة: بِالضَّمِّ مَا اشترطته يُقَال: خُذ شرطتك وَالشّرط على مَا اصطلحه المتكلمون: مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الشَّيْء فَلَا يكون دَاخِلا فِيهِ وَلَا مؤثرا قَالَ الْغَزالِيّ: هُوَ مَا لَا يُوجد الشَّيْء بِدُونِهِ، وَلَا يلْزم أَن يُوجد عِنْده وَقَالَ الرَّازِيّ: هُوَ مَا يتَوَقَّف تَأْثِير الْمُؤثر عَلَيْهِ لَا وجوده وَالْمُخْتَار أَنه مَا يسْتَلْزم نَفْيه نفي أَمر لَا على وجهة السَّبَبِيَّة كَمَا فِي " الْكرْمَانِي " وَقَالَ بَعضهم: الشَّرْط على مُعينين: أَحدهمَا: مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ وجود الشَّيْء فَيمْتَنع بِدُونِهِ وَالثَّانِي: مَا يَتَرَتَّب وجوده عَلَيْهِ فَيحصل عَقِيبه وَلَا يمْتَنع وجوده بِدُونِهِ، وَهُوَ الَّذِي يدْخل عَلَيْهِ حرف الشَّرْط

قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: مَا يُسَمِّيه النُّحَاة شرطا هُوَ فِي الْمَعْنى سَبَب لوُجُود الْجَزَاء، وَهُوَ الَّذِي تسميه الْفُقَهَاء عِلّة ومقتضيا وموجبا وَنَحْو ذَلِك، فَالشَّرْط اللَّفْظِيّ سَبَب معنوي (فتفطن لهَذَا فَإِنَّهُ مَوضِع غلط فِيهِ كثير) وَالشّرط عندنَا مَا يَقْتَضِي وجوده وجود الْمَشْرُوط، وَلَا يَقْتَضِي عَدمه عَدمه، وَهَذَا مُقْتَضى الشَّرْط الجعلي النَّحْوِيّ وَأما الْمَشْهُور وَهُوَ مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ وجود الْمَشْرُوط وَلَا يلْزم من وجوده وجوده فَهُوَ الشَّرْط الْحَقِيقِيّ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي عَدمه عَدمه، وَلَا يَقْتَضِي وجوده وجوده وَشرط وجود الشَّيْء لَا يجب أَن يكون بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ شرطا لبَقَاء ذَلِك الشَّيْء، وَلَيْسَ ثُبُوته ثُبُوت رُجُوع أحد المحكمين قبل الحكم من فروع هَذَا الأَصْل، لِأَن شَرط صِحَة التَّحْكِيم اتِّفَاق المحكمين فِي التَّقْلِيد، فَإِذا لم يكن هَذَا الشَّرْط بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ شرطا لبَقَائه يلْزم بَقَاء صِحَة التَّحْكِيم بِأحد شطري الشَّرْط، وَهُوَ بَقَاء رضى اُحْدُ المحكمين فِي " الْعِنَايَة الأكملية "، كل وَاحِد من المحكمين أَن يرجع قبل أَن يحكم عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ مقلد من جهتهما لاتِّفَاقهمَا على ذَلِك، فَلَا يحكم إِلَّا برضاهما جَمِيعًا، لِأَن مَا كَانَ وجوده من شَيْئَيْنِ لَا بُد من وجودهما، وَأما عَدمه فَلَا يحْتَاج إِلَى عدمهما، بل بِعَدَمِ أَحدهمَا " انْتهى وَقد تقرر فِي مَحَله أَنه إِذا وجد للشَّيْء جَمِيع مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ من الْأُمُور الخارجية فَحِينَئِذٍ يجب أَن يُوجد جَمِيع أَجزَاء الشَّيْء، وَكَذَا إِذا وجد بعض مَا يجب بِهِ بَاقِي الْأُمُور الخارجية فَلَا يكون مَعْدُوما لعدم بعض أَجْزَائِهِ وَالشّرط عِنْد المناطقة جُزْء الْكَلَام، فَإِن الْكَلَام عِنْدهم مَجْمُوع الشَّرْط وَالْجَزَاء وَعند أهل الْعَرَبيَّة الْجَزَاء كَلَام تَامّ، وَالشّرط قيد لَهُ وَأَبُو حنيفَة أَخذ كَلَام الْقَوْم، وَالشَّافِعِيّ أَخذ كَلَام أهل الْعَرَبيَّة، فالمعلق بِالشّرطِ عندنَا هُوَ الْإِيقَاع، فَلَا يتَصَوَّر قبل وجود الشَّرْط الْمُعَلق بِهِ، فَلَا ينْعَقد اللَّفْظ عِلّة؛ وَعند الشَّافِعِي: الْمُعَلق هُوَ الْوُقُوع، فَلَا مَانع من انْعِقَاد اللَّفْظ عِلّة، وَالْحق لنا، فَإِن من حلف أَن لَا يعْتق يَحْنَث التَّعْلِيق قبل وجود الشَّرْط اتِّفَاقًا وَإِجْمَاع أهل الْعَرَبيَّة وَغَيرهم على أَن الْجَزَاء وَحده لَا يُفِيد الحكم، وَإِنَّمَا الحكم بَين مَجْمُوع الشَّرْط وَالْجَزَاء [وَالْفرق بَين الشَّرْط وَالْعلَّة أَن الْعلَّة لَا بُد وَأَن تكون مطردَة ومنعكسة بِخِلَاف الشَّرْط، وَالْعلَّة لَا بُد وَأَن تكون ثبوتية بِخِلَاف الشَّرْط فَإِنَّهُ قد يكون وجوديا كالحياة مَعَ الْعلم لِلْعِلَّةِ؛ وَالْعلَّة لَا تكون إِلَّا وَاحِدَة، بِخِلَاف الشَّرْط، فَإِنَّهُ لَا مَانع من تعدده وَالْعلَّة الْوَاحِدَة لَا تكون عِلّة لحكمين، وَالشّرط الْوَاحِد قد يكون شرطا لأمور كالحياة، وَالْعلَّة لَا بُد وَأَن تكون صفة قَائِمَة بِمحل الحكم بِخِلَاف الشَّرْط، فَإِنَّهُ قد لَا يكون صفة، وَذَلِكَ كمحل الصّفة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصّفة، فَإِنَّهُ شَرط لَهَا وَلَيْسَ صفة لمحلها، وَالْعلَّة مُوجبَة للمعلول أَو مُؤثرَة فِيهِ كَالْعلمِ مَعَ العالمية بِخِلَاف الشَّرْط مَعَ

الْمَشْرُوط كالحياة مَعَ الْعلم، وَالْعلَّة مُلَازمَة للْحكم ابْتِدَاء ودواما بِخِلَاف الشَّرْط فَإِنَّهُ يتَوَقَّف عَلَيْهِ ابْتِدَاء لَا دواما وَالْعلَّة مصححة للمعلول بالِاتِّفَاقِ، وَأما الشَّرْط فقد اخْتلف فِي كَونه مصححا للمشروط وَعلة فِي تصححيه إِلَى غير ذَلِك] وَالشّرط الْعقلِيّ: كالحياة للْعلم والشرعي: كَالْوضُوءِ للصَّلَاة والعادي: كالنطفة فِي الرَّحِم للولادة واللغوي: هُوَ الَّذِي دخل فِيهِ حرف الشَّرْط كالتعليقات والنحوي: مَا دخله شَيْء من الأدوات الْمَخْصُوصَة الدَّالَّة على سَبَبِيَّة الأول للثَّانِي والعرفي: مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ وجود الشَّيْء، سَوَاء كَانَ دَاخِلا أَو خَارِجا وَمعنى الشَّرْط فِي مُتَعَارَف اللُّغَة هُوَ الحكم بالاتصال بَين الشَّرْط وَالْجَزَاء، فَإِن طابق الْوَاقِع فالشرطية صَادِقَة، وَإِلَّا فكاذبة، وَالِاعْتِبَار فِي صدقهَا وكذوبها بِوُقُوع شَيْء من مضموني طرفها كَمَا حقق فِي مَوْضِعه وَمن الشُّرُوط مَا يعرف اشْتِرَاطه بِالْعرْفِ، وَمِنْهَا مَا يعرف اشْتِرَاطه باللغة، كَمَا يعرف أَن شَرط الْمَفْعُول وجود فَاعله وَإِن لم يكن شَرط الْفَاعِل وجود مَفْعُوله، فَيلْزم من وجود الْمَفْعُول وجود الْفَاعِل لَا الْعَكْس (بل يلْزم من وجود اسْم مَنْصُوب أَو مخفوض وجود مَرْفُوع، وَلَا يلْزم من وجود الْمَرْفُوع لَا مَنْصُوب وَلَا مخفوض، إِذْ الِاسْم الْمَرْفُوع مظْهرا أَو مضمرا لَا بُد مِنْهُ فِي كل الْكَلَام عَرَبِيّ، سَوَاء كَانَت الْجُمْلَة اسمية أَو فعلية) ، وَالشّرط لَيْسَ كَسَائِر الْقُيُود، لِأَن الشَّرْط الصَّرِيح يعير حَال الْمُقَيد بِهِ فِي صدقه وَكذبه، وَكَذَا مَا فِي معنى الشَّرْط، بِخِلَاف الظّرْف وَالْحَال الباقيين على مَعْنَاهُمَا الْمُتَبَادر، وَمَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم الشَّرْط خَمْسَة بالاستقراء شَرط مَحْض: وَهُوَ الَّذِي يتَوَقَّف انْعِقَاد الْعلَّة للعلية على وجوده، كَمَا فِي (إِن دخلت الدَّار فَأَنت حر) وَشرط فِي حكم الْعِلَل فِي إِضَافَة الحكم إِلَيْهِ: كشق الزق الَّذِي فِيهِ مَائِع وَشرط لَهُ حكم الْأَسْبَاب: وَهُوَ الَّذِي تخَلّل بَينه وَبَين الْمَشْرُوط فعل فَاعل مُخْتَار لَا يكون ذَلِك الْفِعْل مَنْسُوبا إِلَى ذَلِك الشَّرْط، وَيكون سَابِقًا على ذَلِك الْفِعْل الِاخْتِيَارِيّ، كَمَا إِذا حل قيد عبد حَتَّى أبق وَشرط اسْما لَا حكما: وَهُوَ مَا يقْتَصر الحكم إِلَى وجوده وَلَا يُوجد عِنْد وجوده، كأول الشَّرْطَيْنِ فِي (إِن فعلت هَذَا وَهَذَا فَكَذَا) وَشرط كالعلامة الْخَالِصَة: كالإحصان فِي الزِّنَا ولصحة الْأَدَاء والانعقاد شُرُوط: شَرط شَرط وجوده فِي ابْتِدَاء الصَّلَاة من غير اعْتِبَار بَقَائِهِ، وَهِي النِّيَّة والتحريمة وَشرط شَرط بَقَاؤُهُ ودوامه كالطاهرة وَستر الْعَوْرَة وَشرط شَرط وجوده فِي خلالها كالقراءة وَالشّرط أبدا يقصر عَن الْعِلَل والأسباب، لِأَنَّهَا مصححة وَلَيْسَت مُوجبَة، وَلِهَذَا اكْتفى فِي الْإِحْصَان بِاثْنَيْنِ، وَيطْلب فِي الزِّنَا بأَرْبعَة، لكَون

الزِّنَا سَببا وَعلة [وَقيل: يحْتَمل أَن يكون ذَلِك بِجِنَايَة الطَّرفَيْنِ] وَالشّرط لَا يدْخل فِي حَقِيقَة الشَّيْء مثل الْوضُوء للصَّلَاة، بِخِلَاف الرُّكْن فَإِنَّهُ دَاخل فِيهِ مثل الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة وَالشّرط إِذا دخل على شَرط لَيْسَ بَينهمَا جَزَاء وَلَيْسَ فِي الأول مَا يصلح للجزائية يُمكن جعل كل شَرط فِي مَكَانَهُ بِتَقْدِير جَزَاء للْأولِ، وَإِن كَانَ بعد الثَّانِي جَزَاء يُمكن جعل الثَّانِي مَعَ جَزَائِهِ جَزَاء للشّرط الأول، فَحِينَئِذٍ لَا بُد من الْفَاء فِي أَدَاة الشَّرْط الثَّانِي تَقول: " إِن دخلت فَإِن سلمت فلك كَذَا) وَإِن كَانَ أَكثر من شرطين فَلَا يكون حِينَئِذٍ فِي أَدَاة الشَّرْط الثَّانِي فَاء، فَالشَّرْط الْأَخير مَعَ الْجَزَاء جَوَاب الْمُتَوَسّط، وَهُوَ مَعَ جَوَابه جَوَاب الْمُقدم، وَفِي صُورَة الشَّرْطَيْنِ بِلَا جَزَاء يُمكن أَيْضا تَقْدِير حرف عاطف ليَكُون الثَّانِي مَعْطُوفًا على الأول، وَيُمكن القَوْل فِي صُورَة تَأْخِير الْجَزَاء عَن الشَّرْطَيْنِ بِتَأْخِير الشَّرْط الثَّانِي عَن الْجَزَاء حَتَّى يكون الْمَذْكُور جَزَاء للْأولِ وَجَزَاء الثَّانِي محذوفا، وَيُمكن تَأْخِير الشَّرْط الأول عَن الثَّانِي لِأَن الأول يسْتَحق الْجَواب فاعترضه الثَّانِي فعوقه عَن الْجَواب فاستحقه لسبقه إِلَيْهِ فَوَجَبَ تَأْخِير الْمُقدم وَتَقْدِيم الْمُؤخر، فَلَا تطلق فِي (إِن أكلت إِن شربت فَأَنت طَالِق) حَتَّى يقدم الْمُؤخر وَيُؤَخر الْمُقدم، إِلَّا إِذا نوى إبْقَاء التَّرْتِيب، فَتَصِح نِيَّته وَعَن أبي يُوسُف: إِن ذَلِك إِذا لم يكن التَّرْتِيب نَحْو (إِن كلمت إِن دخلت فَعَبْدي حر) و (إِن شربت إِن أكلت فَأَنت طَالِق) لِأَن الْكَلَام فِي الْعرف بعد الدُّخُول، وَالشرب بعد الْأكل وَأما فِي صُورَة (إِن أكلت إِن شربت فَأَنت طَالِق) لَيْسَ فِيهَا مَا يصلح للجواب إِلَّا شَيْء وَاحِد، فَإِن جعل جَوَابا لَهما مَعًا يلْزم اجْتِمَاع عاملين على مَعْمُول وَاحِد وَهُوَ بَاطِل، وَإِن جعل جَوَابا مُبْهما يلْزم إتْيَان مَا لَا دخل لَهُ فِي الْكَلَام وَترك مَا لَهُ فِيهِ دخل، وَهُوَ عيب، وَإِن جعل جَوَابا للثَّانِي دون الأول يلْزم حِينَئِذٍ أَن يكون الثَّانِي وَجَوَابه جَوَابا للْأولِ، فَيجب الْإِتْيَان بِالْفَاءِ والرابطة مثل: (إِن شربت فَإِن أكلت) فَتعين أَن يكون جَوَابا للْأولِ دون الثَّانِي، وَيكون الأول وَجَوَابه دَلِيل جَوَاب الثَّانِي، فَالْأَصْل (إِن أكلت فَإِن شربت فَأَنت طَالِق) فَلَا تطلق حِينَئِذٍ حَتَّى تَأْكُل ثمَّ تشرب وَلَيْسَ من هَذَا النَّوْع قَوْله تَعَالَى: {وَلَا ينفعكم نصحي إِن أردْت أَن أنصح لكم إِن كَانَ الله يُرِيد أَن يغويكم} إِذْ لم يذكر فِيهَا جَوَاب، وَإِنَّمَا تقدم على الشَّرْطَيْنِ مَا هُوَ جَوَاب فِي الْمَعْنى الأول، فَيَنْبَغِي أَن يقدر إِلَى جَانِبه وَيكون الأَصْل: (إِن كَانَ الله يُرِيد أَن يغويكم لَا نفعكم نصحي إِن أردْت أَن أنصح لكم) لِأَن إِرَادَة الإغواء من الله مقدم على إِرَادَة نصحه، وَلِأَن النصح إِنَّمَا لَا ينفع بعد إِرَادَة الإغواء، وَهَذَا يُسمى فِي علم البلاغة الْقلب، وَهُوَ نوع مِنْهَا هَكَذَا عِنْد فقهائنا الْحَنَفِيَّة، وَأما عِنْد محققي طَائِفَة الشَّافِعِيَّة فَالْحكم فِيمَا إِذا قَالَ: (إِن شربت إِن أكلت فَأَنت طَالِق) أَنَّهَا لَا تطلق حَتَّى تَأْكُل ثمَّ تشرب، وَجعلُوا مِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا ينفعكم نصحي} الْآيَة،

وَقد عرفت أَن الْآيَة لَيست من توالي شرطين وَعِنْدَهُمَا جَوَاب، بل من تواليهما وقبلهما جَوَاب وَالشّرط الْوَاقِع حَالا لَا يحْتَاج إِلَى الْجَزَاء كَقَوْلِه: (فَإنَّك كالليل الَّذِي هُوَ مدركي ... وَإِن خلت أَن المنتأى عَنْك وَاسع) وَقد يكون بعض الشُّرُوط مجَازًا مثل قَوْله تَعَالَى: {فَذكر إِن نَفَعت الذكرى} ل أَن الْأَمر بالتذكير وَاقع فِي كل وَقت، والتذكير وَاجِب نفع أَو لم ينفع، فَالشَّرْط هَهُنَا كالمجاز غير المحتوم الشَّرْط: هُوَ بِالْكَسْرِ والسكون و [الشَّرِيك] ك (أَمِير) : المشارك وَشركَة فِي البيع وَالْمِيرَاث ك (علمه) شركَة بِالْكَسْرِ واشرك بِاللَّه: كفر فَهُوَ مُشْرك ومشركي، وَالِاسْم (الشّرك) فيهمَا {وَلَا يُشْرك بعباده ربه أحدا} : مَحْمُول على الْمُشْركين كَقَوْلِه: {وأقتلوا الْمُشْركين} . وَأكْثر الْفُقَهَاء يحملون على الْكَافرين جَمِيعًا كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَقَالَت الْيَهُود عُزَيْر ابْن الله وَقَالَت النَّصَارَى الْمَسِيح ابْن الله} قيل: هم من عدا أهل الْكتاب لقَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا والصائبين وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَالَّذين اشركوا} فأفرد الْمُشْركين عَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى والشرك أَنْوَاع شرك الِاسْتِقْلَال: وَهُوَ إِثْبَات إِلَهَيْنِ مستقلين كشرك الْمَجُوس وشرك التَّبْعِيض: وَهُوَ تركيب الْإِلَه من آلِهَة كشرك النَّصَارَى وشرك التَّقْرِيب: وَهُوَ عبَادَة غير الله ليقرب إِلَى الله زلفى، كشرك مُتَقَدِّمي الْجَاهِلِيَّة وشرك التَّقْلِيد: وَهُوَ عبَادَة غير الله تبعا للْغَيْر، كشرك متأخري الْجَاهِلِيَّة وشرك الْأَسْبَاب: وَهُوَ إِسْنَاد التَّأْثِير للأسباب العادية، كشرك الفلاسفة والطبائعيين وَمن تَبِعَهُمْ على ذَلِك وشرك الْأَغْرَاض: وَهُوَ الْعَمَل لغير الله فَحكم الْأَرْبَعَة الأولى الْكفْر بِإِجْمَاع، وَحكم السَّادِس الْمعْصِيَة من غير كفر بِإِجْمَاع، وَحكم الْخَامِس التَّفْصِيل، فَمن قَالَ فِي الْأَسْبَاب العادية إِنَّهَا تُؤثر بطبعها فقد حُكيَ الْإِجْمَاع على كفره، وَمن قَالَ إِنَّهَا تُؤثر بِقُوَّة أودعها الله فِيهَا فَهُوَ فَاسق، وَالْقَوْل بِأَن لَا تَأْثِير لشَيْء فِي شَيْء أصلا وَمَا يرى من تَرْتِيب الْآثَار على الْأَشْيَاء إِنَّمَا هُوَ بطرِيق إِجْرَاء الْعَادة بِأَن يخلق الله الْأَثر عقيب مَا يظنّ بِهِ سَببا مَبْنِيّ على أصل الْأَشْعَرِيّ (قَالَ التَّفْتَازَانِيّ فِي " التَّلْوِيح ": فعل العَبْد عِنْد الأشاعرة اضطراري لَا اخْتِيَار لَهُ فِيهِ، وَالْعقل لَا يحكم بِاسْتِحْقَاق الثَّوَاب على مَا لَا اخْتِيَار للْفَاعِل فِيهِ) ، وَلَا

يخفى أَنه يتَضَمَّن كثيرا من الفسادات مثل الْجَبْر وَالظُّلم وخلو بعثة الْأَنْبِيَاء من الْفَائِدَة وَقد ورد فِي الْكتب الْمنزلَة وأخبار الْأَنْبِيَاء ذكر الْأَسْبَاب وتفويض مصَالح الْعباد إِلَى مدبرات الْأَمر، وَفِي خلق السَّبَب زِيَادَة قدرَة وَحِكْمَة خلق نَفسه وَخلق قُوَّة تَأْثِيره ونظام الْولَايَة حِينَئِذٍ بترتيب الْأَشْيَاء، وَيتَعَلَّق بَعْضهَا بِبَعْض وإفاضة الْجُود، وَهِي إِعْطَاء الْخَواص للقوى، والْآثَار للاشياء وتقرر أَيْضا أَن مَا سوى الله مُحْتَاج إِلَيْهِ تَعَالَى فِي جَمِيع مَا لَهُ من القوى وَغَيرهَا فِي الْحُصُول والبقاء فَلَا يكون تَأْثِير قدرَة الله مُنْقَطِعًا فِي كل حَال عَن تَأْثِير المؤثرات، فصدور مَا صدر عَنْهَا أَيْضا يلْزم أَن يكون بقدرة الله فَيكون الْأَثر الصَّادِر عَنْهَا صادرا عَن قدرَة الله وإرادته صُدُور الْأَثر من سَبَب السَّبَب، والواسطة الَّتِي هِيَ بَين الْجَبْر وَالْقدر على مَا يَقُوله أهل السّنة يسميها أَبُو حنيفَة بِالِاخْتِيَارِ، وَأَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ بِالْكَسْبِ وَفِي بعض الْمُعْتَبرَات قَالَ بعض أَتبَاع الاشعري: الْمُؤثر فِي فعل العَبْد قدرتان، وَمذهب الْمُعْتَزلَة فِيهِ، قدرَة العَبْد فَقَط بِلَا إِيجَاب بل بِاخْتِيَار، وَمذهب الْحُكَمَاء: بِإِيجَاب وَامْتِنَاع تخلف، وَالْمرَاد بِأَفْعَال الْعباد الْمُخْتَلف فِي كَونهَا بِخلق العَبْد أَو بِخلق الرب هُوَ مَا يَقع بكسب العَبْد ويستند إِلَيْهِ مثل الصَّلَاة وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يُسمى بالحاصل بِالْمَصْدَرِ لَا الْمصدر والمشرك يُطلق على الْمرَائِي كَمَا وَقع فِي الحَدِيث، وَصرح بِهِ فِي " الْمغرب " الشُّكْر، بِالضَّمِّ: عرفان الْإِحْسَان، وَمن الله: المجازاة وَالثنَاء الْجَمِيل وأصل الشُّكْر تصور النِّعْمَة وإظهارها وَحَقِيقَته الْعَجز عَن الشُّكْر [وَأحسن الثَّنَاء الْعَجز عَن إحصاء الثَّنَاء قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك " أَي: لَا أحيط بمحامدك وصفات ألوهيتك وَإِنَّمَا أَنْت الْمُحِيط بهَا وَحدك، لَا أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِرَادَته أَنه عرف مِنْهُ مَا لَا يطاوعه لِسَانه فِي الْعبارَة]

وشكر الله وَبِاللَّهِ وَللَّه ونعمة الله وَبهَا شكرا وشكرانا والشكور: الْكثير الشُّكْر وَالشُّكْر اللّغَوِيّ كالحمد اللّغَوِيّ فِي أَنَّهُمَا وصف بِاللِّسَانِ بِإِزَاءِ النِّعْمَة، إِلَّا أَن الْحَمد يكون بِاللِّسَانِ بِإِزَاءِ الشجَاعَة، بِخِلَاف الشُّكْر وَالنعْمَة مُقَيّدَة فِي الشُّكْر بوصولها إِلَى الشاكر، بِخِلَافِهَا فِي الْحَمد (وَيخْتَص الشُّكْر بِاللَّه تَعَالَى، بِخِلَاف الْحَمد) قَالَ بَعضهم: مَا يرجع إِلَى الجناب الْمُقَدّس الإلهي من ثَنَاء الثقلَيْن إِمَّا أَن يكون بِالنّظرِ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، أَو بِالنّظرِ إِلَى مَا هُوَ مِنْهُ، وَالثَّانِي يُسمى شكرا وَالْأول إِن كَانَ ثبوتيا يُسمى حمدا، وَإِن كَانَ سلبيا يُسمى تسبيحا وَالشُّكْر مُطلقًا: الثَّنَاء على المحسن بِذكر إحسانه، فَالْعَبْد يشْكر الله أَي يثنى عَلَيْهِ بِذكر أحسانه الَّذِي هُوَ النِّعْمَة وَالله تَعَالَى يشْكر العَبْد أَي يثني عَلَيْهِ بِقبُول إحسانه الَّذِي هُوَ الطَّاعَة وَهَذَا الْمَفْهُوم يَنْقَسِم إِلَى الشُّكْر اللّغَوِيّ، وَهُوَ الْوَصْف بالجميل على جِهَة التَّعْظِيم والتبجيل بِاللِّسَانِ والجنان والأركان، وَإِلَى الشُّكْر الْعرفِيّ: وَهُوَ صرف العَبْد جَمِيع مَا أنعم الله بِهِ عَلَيْهِ من السّمع وَالْبَصَر وَالْكَلَام وَغَيرهَا إِلَى مَا خلق لَهُ وَأَعْطَاهُ لأَجله، كصرف النّظر إِلَى مصنوعاته والسمع إِلَى تلقي إنذاراته، والذهن إِلَى فهم مَعَانِيهَا، وعَلى هَذَا الْقيَاس وَقَلِيل مَا هم، وَهَذَا الشُّكْر هُوَ المُرَاد بِعَدَمِ وجوب شكر الْمُنعم عقلا إِذْ لَو وَجب عقلا لوَجَبَ قبل الْبعْثَة، وَلَو وَجب قبلهَا لعذب تَاركه وَلَا تَعْذِيب قبل الشَّرْع، لقَوْله تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} هَذَا عِنْد الأشاعرة الْقَائِلين بِعَدَمِ وجوب الْإِيمَان قبل الْبعْثَة، إِذْ لَا يعرف حكم من أَحْكَام الله تَعَالَى إِلَّا بعد بَعثه نَبِي، فَمن مَاتَ وَلم تبلغه دَعْوَة رَسُول فَهُوَ لَيْسَ من أهل النَّار عِنْدهم، وَأما أَبُو مَنْصُور الماتريدي وَأَتْبَاعه وَعَامة مَشَايِخ سَمَرْقَنْد فَإِنَّهُم قَائِلُونَ بِأَن بعض الْأَحْكَام قد يعرف قبل الْبعْثَة بِخلق الله تَعَالَى الْعلم بِهِ، إِمَّا بِلَا سَبَب كوجوب تَصْدِيق النَّبِي وَحُرْمَة الْكَذِب الضار، وَإِمَّا مَعَ سَبَب بِالنّظرِ وترتيب الْمُقدمَات وَقد لَا يعرف إِلَّا بِالْكتاب كأكثر الْأَحْكَام، فَيجب الْإِيمَان بِاللَّه تَعَالَى قبل الْبعْثَة عقلا حَتَّى قَالَ أَبُو حنيفَة: لَو لم يبْعَث الله رَسُولا لوَجَبَ على الْخلق مَعْرفَته بعقولهم لما يرى فِي الْآفَاق والأنفس، وَلَا مَانع من إِرَادَة التعذيب الدنيوي بطرِيق الِاسْتِقْبَال، وَلَو سلم أَن المُرَاد التعذيب الأخروي فنفيه لَا يُنَافِي اسْتِحْقَاقه الْمُعْتَبر فِي مَفْهُوم الْوَاجِب، فَإِن مَفْهُومه مَا يسْتَحق تَاركه التعذيب، لَا مَا يعذب تَاركه، لجَوَاز الْعَفو هَذَا وتوفية شكر الله صَعب، وَلذَلِك لم يثن الله بالشكر من أوليائه إِلَّا على إِبْرَاهِيم {شاكرا لأنعمه} وعَلى نوح: {إِنَّه كَانَ عبدا شكُورًا}

قَالَ الوَاسِطِيّ: الشُّكْر شرك بِمَعْنى أَن من اعْتقد أَن حَمده وشكره يُسَاوِي نعم الله فقد أشرك، وَلِهَذَا يؤثرون فِي الْحَمد مَا يدل على الْعُمُوم دون التجدد والحدوث، وَإِنَّمَا جعل الْحَمد رَأس الشُّكْر لِأَن ذكر النِّعْمَة بِاللِّسَانِ وَالثنَاء على موليها أشيع من الِاعْتِقَاد، وآداب الْجَوَارِح لما فِي عمل الْقلب والجوارح من الخفاء وَالِاحْتِمَال، والنطق يفصح عَن كل خَفِي وَعَن كل مشبته، وَفِيه أَن دلَالَة الْأَفْعَال على مدلولاتها قَطْعِيَّة لَا يتَصَوَّر فِيهَا تخلف، بِخِلَاف الْأَقْوَال، فَإِن دلالتها وضعية، وَقد يتَخَلَّف عَنْهَا مدلولها وشكر الْمُنعم عَلَيْهِ الْمُنعم على إحسانه خير لَهُ لِأَنَّهُ تمسك بقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " من أدّيت إِلَيْهِ نعْمَة فليشكرها " وَشر للمنعم، لِأَنَّهُ يصل إِلَيْهِ بعض الْجَزَاء فِي الدُّنْيَا، وَرُبمَا يُؤَدِّي إِلَى خلل فِي إخلاصه وغرور نَفسه فينتقص بِقَدرِهِ من ثَوَاب الْآخِرَة، وكفره خير للمنعم لانه يبقي ثَوَاب الْعَمَل كُله لَهُ فِي الْآخِرَة، وَشر لَهُ لِأَن كفران النِّعْمَة مَذْمُوم، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " من لم يشْكر النَّاس لم يشْكر الله " الشَّفَاعَة: هِيَ سُؤال فعل الْخَيْر وَترك الضّر عَن الْغَيْر لأجل الْغَيْر على سَبِيل الضراعة، وَلَا تسْتَعْمل لُغَة إِلَّا بِضَم النَّاجِي إِلَى نَفسه من هُوَ خَائِف من سطوة الْغَيْر و {من يشفع شَفَاعَة حَسَنَة} أَي: من يزدْ عملا إِلَى عمل {وَلَا تنفعها شَفَاعَة} : أَي: مَا لَهَا شَافِع فتنفعها شَفَاعَته وَمعنى (شافعا) و (مشفعا) : يطْلب الشَّفَاعَة لصَاحبه، وَيُعْطِي لَهُ الشَّفَاعَة [وَالْخلاف بَيْننَا وَبَين الْمُعْتَزلَة فِي الشَّفَاعَة فِي موضِعين: أَحدهمَا فِي معنى الشَّفَاعَة، وَالثَّانِي: فِي أَن الْمَشْفُوع لَهُ من هُوَ، فَمَعْنَى الشَّفَاعَة عندنَا طلب الْعَفو من الَّذِي وَقع لجناية فِي حَقه، وَعِنْدهم: طلب زِيَادَة الدَّرَجَات للمشفوع لَهُ، وَأما الْمَشْفُوع لَهُ فَصَاحب الْكَبِيرَة عندنَا، وَعِنْدهم هُوَ مُؤمن لم يجر عَلَيْهِ كَبِيرَة، أَو جرت وَتَابَ عَنْهَا] قيل فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالشَّفْع وَالْوتر} هُوَ الْخلق، لقَوْله: {وَمن كل شَيْء خلقنَا زَوْجَيْنِ} أَو هُوَ الله تَعَالَى لقَوْله تَعَالَى {مَا يكون من نجوى ثَلَاثَة إِلَّا هُوَ رابعهم} وَالشَّفِيع: صَاحب الشَّفَاعَة أَو صَاحب الشُّفْعَة [وبالشفاعة يمحو الله أثر الْعِصْيَان ويكفره بِالْإِحْسَانِ، وَيسْتر بهَا مَا لَيْسَ ظُهُوره من العَبْد مَحْمُودًا مِمَّن شَاءَ أَن يشفع من نَبِي أَو ولي، أَو لَا بشفاعة بل برحمته إِلَّا الْكفْر فَإِن أَهله مخلدون فِي النَّار وَاسْتِحْقَاق حرمَان الشَّفَاعَة لبَعض العصاة لَا يسْتَلْزم الْوُقُوع لجَوَاز أَن يشفعه بِسَبَب كَمَال شفعته لأمته العصاة، وَلَو استحقوا الحرمان بِسَبَب

التَّقْصِير أَو المُرَاد حرمَان الشفيعة، أَو لرفع الدرجَة، أَو لعدم الدُّخُول، أَو فِي بعض مَوَاقِف الْحَشْر، على أَن الِاسْتِحْقَاق لَا يسْتَلْزم الْوُقُوع كَمَا ذكرنَا] الشّركَة: هِيَ عبارَة عَن اخْتِلَاط النَّصِيبَيْنِ فَصَاعِدا بِحَيْثُ لَا يعرف أحد النَّصِيبَيْنِ من الآخر وَشركَة العقد: هُوَ أَن يَقُول أَحدهمَا: شاركتك فِي كَذَا وَيقبل الآخر وَشركَة المَال: هُوَ أَن يملك اثْنَان عينا إِرْثا أَو شِرَاء أَو اسْتِيلَاء أَو اتهابا أَو وَصِيَّة وَشركَة الْعَنَان: نوع من شركَة العقد، وَهُوَ أَن يشْتَرك الرّجلَانِ فِي نوع بز أَو مَتَاع، أَو فِي عُمُوم التِّجَارَة، وَلم يذكر الْكفَالَة وَشركَة الْمُفَاوضَة: نوع من شركَة العقد أَيْضا تَضَمَّنت وكَالَة وكفالة والتساوي تَصرفا، ومالا ودينا الشّعْر: شعر بِهِ، ك (نصر) و (كرم) : علم اشعر والشعور إِدْرَاك من غير إِثْبَات فَكَأَنَّهُ إِدْرَاك متزلزل وَتارَة يعبر بِهِ عَن اللَّمْس وَمِنْه اسْتعْمل (المشاعر) وَلما كَانَ حس اللَّمْس أَعم من حس السّمع وَالْبَصَر قيل: (فلَان لَا يشْعر) أبلغ فِي الذَّم من (لَا يسمع وَلَا يبصر) [وَالْقُوَّة الناطقة لَا تدخل تَحت المشاعر إِلَّا بِضَرْب من التَّكَلُّف] وشعرت، بِفَتْح الْعين: بِمَعْنى علمت و [شَعرت] ، بضَمهَا: بِمَعْنى صرت شَاعِرًا والشاعر المفلق: الصنديد وَمن دونه: شَاعِر، ثمَّ شويعر، ثمَّ شعرور، ثمَّ متشاعر وَشعر شَاعِر: أَي جيد وَالشعر، بِالْكَسْرِ: غلب على منظوم القَوْل لشرفه بِالْوَزْنِ والقافية، وَإِن كَانَ كل علم شعرًا، وَفِي الحَدِيث: " إِن من الشّعْر لحكمة " وَقد صَحَّ أَن امْرأ الْقَيْس حَامِل لِوَاء الشُّعَرَاء الحَدِيث والشاعر فِي الْقُرْآن عبارَة عَن الْكَاذِب بالطبع، وَلكَون الشّعْر مقرّ الْكَذِب قيل: أحسن الشّعْر أكذبه، وَقَالَ بعض الْحُكَمَاء: لم ير متدين صَادِق اللهجة، مفلقا فِي شعره، وَإِنَّمَا رَمَوْهُ بالشعر حَتَّى قَالُوا: بل هُوَ شَاعِر، يعنون أَنه كَاذِب، لَا أَنه أَتَى بِشعر منظوم مقفى، إِذْ لَا يخفى على الأغبياء من الْعَجم فضلا عَن بلغاء الْعَرَب أَن الْقُرْآن لَيْسَ على أساليب الشّعْر وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (أَنا النَّبِي لَا كذب ... أَنا ابْن عبد الْمطلب) وَقَوله: (هَل أَنْت إِلَّا إِصْبَع دميت ... وَفِي سَبِيل الله مَا لقِيت) اتفاقي من غير تَكْلِيف وَقصد مِنْهُ إِلَى ذَلِك وَقد يَقع مثله كثيرا فِي تضاعيف المنشورات، على أَن

الْخَلِيل مَا عد المشطور من الرجز شعرًا كَذَا فِي " الْأَنْوَار "] وَالشعر: بِالْفَتْح: للْإنْسَان وَغَيره وَالصُّوف: للغنم والمرعزاء: للمعز والوبر: لِلْإِبِلِ وَالسِّبَاع والعفاء: للحمير والهلب: للخنزير والزغب: للفرخ والريش: للطائر والزف: للنعام وَشعر سبط: أَي مسترسل وَشعر جعد: أَي منقبض وَرجل شعراني: أَي طَوِيل شعر الرَّأْس وأشعر: أَي كثير شعر الْبدن. وتعليل حَيَاة الشّعْر عِنْد من جعله حَيا بحرمته بِالطَّلَاق، وبحله بِالنِّكَاحِ، كَالْيَدِ فِي حرمتهَا بِالطَّلَاق، وحلها بِالنِّكَاحِ والعظم لَا تحله الْحَيَاة عِنْد الْحَنَفِيَّة، وَلَا دلَالَة فِي قَوْله تَعَالَى: {من يحيي الْعِظَام وَهِي رَمِيم} على أَن الْعظم ذُو حَيَاة فيؤثر فِيهِ الْمَوْت كَسَائِر الْأَجْزَاء، بل إحياؤه الرَّد إِلَى بدن حَيّ والشعار: يُقَال لما ولي الْجَسَد من الثِّيَاب، وَهُوَ أَيْضا مَا تناوب بِهِ التَّقَدُّم فِي الْحَرْب قَالَ سَمُرَة ابْن جُنْدُب: شعار الْمُهَاجِرين عبد الله، وشعار الْأَنْصَار عبد الرَّحْمَن الشَّرْح: هُوَ حَقِيقَة فِي الْأَعْيَان، واستعارة فِي الْمعَانِي وَشرح الله صَدره: وَسعه بِالْبَيَانِ وشرحت الْأَمر: بَينته وأوضحته وَكَانَت قُرَيْش تشرح النِّسَاء شرحا، وَهُوَ وَطْء الْمَرْأَة مستلقية على قفاها، وَفِيه توسعة وَبسط، وَمِنْه تشريح اللَّحْم الشّبَه: بِالْكَسْرِ والتحريك: وك (أَمِير) : الْمثل وَشبهه إِيَّاه وَبِه تَشْبِيها: مثله وَلَا يسْتَعْمل الثلاثي من الشّبَه كالسفه محركة كَمَا لَا يسْتَعْمل الْمصدر من (أشبه) تَقول أشبه يشبه شبها والشبهة، بِالضَّمِّ: الالتباس وَشبه عَلَيْهِ الْأَمر: أَي لبس والشكل: الشّبَه والمثل: مَا يوافقك وَيصْلح لَك وَوَاحِد الْأُمُور الْإِشْكَال: للأمور الْمُخْتَلفَة المشكلة، وَصُورَة الشَّيْء الْمَخْصُوصَة والمتوهمة وأشكل الْأَمر: الْتبس وأشكل الْكتاب: أعجمه، كَأَنَّهُ أَزَال عَنهُ الْإِشْكَال وأشكل الدَّابَّة: شدّ قَوَائِمهَا بِحَبل وَهَذَا أشكل بِهِ: أَي أشبه (وَقَول الْفُقَهَاء: وَهُوَ الْأَشْبَه: مَعْنَاهُ الْأَشْبَه بالمنصوص رِوَايَة وَالرَّاجِح دراية، فَتكون الْفَتْوَى

عَلَيْهِ كَمَا فِي " الْبَزَّازِيَّة ") [والشبهة: مَا يشبه بالثابت وَلَيْسَ بِثَابِت] والشبهة فِي الْفِعْل: مَا ثَبت بِظَنّ غير الدَّلِيل كظن حل الْوَطْء لأمة أَبَوَيْهِ وزوجه وَفِي الْمحل: مَا يحصل بِقِيَام دَلِيل ناف للْحُرْمَة ذاتا كَوَطْء أمة أَبِيه والمشتركة وَفِي الْفَاعِل: أَن يظنّ الْمَوْطُوءَة زَوجته أَو جَارِيَته وَفِي الطَّرِيق: كَالْوَطْءِ بِبيع أَو نِكَاح فَاسد الشّرف، محركة: الْعُلُوّ وَالْمَكَان العالي وَالْمجد: لَا يكون إِلَّا بِالْآبَاءِ أَو علو الْحسب وشرفه، ك (نَصره) غَلبه شرفا أَو طاله فِي الْحسب وَشرف، ك (كرم) فَهُوَ شرِيف الْيَوْم وشارف: عَن قريب: أَي سيصير شريفا وشارفه وَعَلِيهِ: اطلع من فَوق وَذَلِكَ الْموضع مشرف ك (مكرم) الشّطْر: شطر عَنهُ: أبعد و [شطر] إِلَيْهِ: أقبل وَهُوَ فِي الأَصْل لما انْفَصل عَن الشَّيْء، ثمَّ اسْتعْمل لجانبه وَإِن لم ينْفَصل كالقطر فِي " الْقَامُوس ": الشّطْر نصف الشَّيْء وجزؤه، وَمِنْه حَدِيث الْإِسْرَاء " فَوضع شطرها: أَي بَعْضهَا الشَّأْن: الْحَال وَالْأَمر الَّذِي يتَّفق وَيصْلح، وَلَا يُقَال إِلَّا فِيمَا يعظم من الْأَحْوَال والأمور والشأن أَيْضا: الطّلب وَالْقَصْد يُقَال: (شأنت شَأْنه) أَي قصدت قَصده الشين: كالعيب لفظا وَمعنى الشّجر: هُوَ مَا لَهُ سَاق، وَمَا لَا سَاق لَهُ فَهُوَ نجم وحشيش {والنجم وَالشَّجر يسجدان} الشُّفْعَة، محركة: الْحمرَة فِي الْأُفق من الْغُرُوب إِلَى الْعشَاء الاخيرة أَو إِلَى قريبها أَو إِلَى قريب الْعَتَمَة [وَيَقُولُونَ: عَلَيْهِ ثوب كَأَنَّهُ الشَّفق، كَمَا يُقَال على الْبيَاض الرَّقِيق، وَمِنْه شَفَقَة الْقلب لرقته كَذَا فِي " ابْن الْهمام "] قَالَ ابْن سِيرِين: إِن الْحمرَة الَّتِي مَعَ الشَّفق لم تكن حَتَّى قتل الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ الشّرْب، مثلث الْفَاء: إِيصَال مَا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ المضغ إِلَى جَوْفه بِفِيهِ، وَهُوَ أَعم من الشّفة مُطلقًا لِأَن الشّفة مَخْصُوصَة بالحيوانات وشفة الشَّيْء وشفاه: جَانِبه، لامه فِي الْمُؤَنَّث محذوفة، وَفِي الْمُذكر تَامَّة منقلبة عَن وَاو {لَهَا شرب} : أَي نصيب من المَاء كالسقي والقيت: للحظ من السَّقْي والقوت، وَالِاعْتِبَار فِي الشُّفْعَة إِلَى الرؤوس دون الْأَنْصِبَاء الشم: [بِالْفَتْح] هُوَ عبارَة عَن قُوَّة مرتبَة فِي زائدتي مقدم الدِّمَاغ من شَأْنهَا إِدْرَاك مَا يتَأَدَّى إِلَيْهَا بتوسط الْهَوَاء من الروائح

[وبالضم: جمع أَشمّ وَهُوَ الأرفع] الشدَّة، بِالْكَسْرِ: اسْم من الاشتداد و [الشدَّة] بِالْفَتْح: الحملة فِي الْحَرْب و {حَتَّى يبلغ أشده} وَيضم أَوله: أَي قوته، وَهُوَ مَا بَين ثَمَانِي عشرَة سنة إِلَى ثَلَاثِينَ وَهُوَ وَاحِد جَاءَ على بِنَاء الْجمع، أَو جمع لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، أَو واحده شدَّة بِالْكَسْرِ، مَعَ أَن (فعلة) لَا تجمع على (أفعل) الشِّيعَة: شيعَة الرجل، بِالْكَسْرِ: أَتْبَاعه وأنصاره والفرقة على حَده وَتَقَع على الْوَاحِد والاثنين وَالْجمع والمذكر والمؤنث وَقد غلب هَذَا الِاسْم على كل من يتَوَلَّى عليا وَأهل بَيته حَتَّى صَار اسْما لَهُم خَاصَّة الشَّيْطَان: هُوَ إِمَّا من (شاط) بِمَعْنى (هلك) أَو من (شطن) بِمَعْنى (بعد) ، وَهُوَ المحرق فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة والعصي الآبي الممتلئ شرا ومكرا، أَو المتمادي فِي الطغيان الممتد إِلَى الْعِصْيَان وَله فِي الْقُرْآن صِفَات مذمومة وَأَسْمَاء مشؤومة، خلق من قُوَّة النَّار، وَلذَلِك اخْتصَّ بفرط الْقُوَّة الغضبية وَالْحمية الذميمة فَامْتنعَ من السُّجُود لآدَم عَلَيْهِ السَّلَام، وإغواؤه إِنَّمَا يُؤثر فِي من كَانَ مختل الرَّأْي مائلا إِلَى الْفُجُور، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لي عَلَيْكُم من سُلْطَان إِلَّا أَن دعوتكم فاستجبتم} وَقَوله: {ثمَّ لآتينهم من بَين أَيْديهم} إِلَى آخِره، كالدلالة على بطلَان مَا يُقَال إِنَّه يدْخل فِي بدن ابْن آدم وَحَدِيث: " الشَّيْطَان يجْرِي من ابْن آدم مجْرى الدَّم " تَمْثِيل وتصوير. وَله نسل وذرية، صَار لَهُ ذَلِك بَعْدَمَا مسخ لإنظاره إِلَى قيام السَّاعَة، وَدَلِيل كَون الشَّيَاطِين أجساما كائنة آيَة {خلقتني من نَار وخلقته من طين} . الشمل: من الأضداد، وَهُوَ التَّفَرُّق والاجتماع وَشَمل، من بَاب (علم) فِي اللُّغَة الْمَشْهُورَة و [شَمل] ، بِفَتْح الْمِيم: على اللُّغَة الفصيحة وَحكي عَن ابْن الْأَعرَابِي: شَمل يَشْمَل، ك (نصر ينصر) ، وَيجوز الضَّم فِي لُغَة والشمول: لتناول الْكُلِّي لجزئياته والاشتمال: فِي تنَاول الْكل لأجزائه وَمعنى التَّنَاوُل الشمولي أَن يتَعَلَّق الحكم بِكُل وَاحِد مجتمعا مَعَ غَيره، أَو مُنْفَردا عَنهُ مثل: (من دخل الْحصن فَلهُ دِرْهَم) فَلَو دخله وَاحِد اسْتحق درهما، وَلَو دخله جمَاعَة مَعًا أَو متعاقبين اسْتحق كل وَاحِد درهما وَمعنى التَّنَاوُل البدلي هُوَ أَن يتَعَلَّق الحكم بِكُل وَاحِد بِشَرْط الِانْفِرَاد، وَعدم التَّعَلُّق بِوَاحِد آخر مثل: (من دخل بِهَذَا الْحصن أَولا فَلهُ دِرْهَم) فَكل وَاحِد دخل أَولا مُنْفَردا اسْتحق الدِّرْهَم، وَلَو دخله جمَاعَة مَعًا لم يستحقوا شَيْئا، وَلَو دخلُوا متعاقبين لم يسْتَحق إِلَّا الْوَاحِد السَّابِق الشَّخْص: هُوَ الْجِسْم الَّذِي لَهُ مشخص وحجمية، وَقد يُرَاد بِهِ الذَّات الْمَخْصُوصَة والحقيقة الْمعينَة فِي نَفسهَا تعينا يمتاز عَن غَيره

والشخص أَمر عدمي عِنْد الْمُتَكَلِّمين شحثيا: فِي " الْقَامُوس ": كلمة سريانية تنفتح بهَا الأغاليق من غير مَفَاتِيح، وَلَا يبعد أَن يكون معنى (ستشحثك خصفة) ستفتح مغاليقك بِلَا مِفْتَاح، وخصفة: اسْم امْرَأَة، أَي: ستنكحك الشورى: مصدر كالفتيا، بِمَعْنى التشاور [نوع] {شنآن قوم} : شدَّة بغضبهم وعداوتهم [ومسكنة: بغيض قوم، هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: هما مصدران] {شيعًا} : أهواء مُخْتَلفَة [عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هم أَصْحَاب الْبدع والاهواء] {كل يعْمل على شاكلته} : أَي على سجيته الَّتِي قيدته {شقيا} : عصيا {شواظ} : هُوَ اللهب الَّذِي لَا دُخان لَهُ {شانئك} : عَدوك {شهَاب} : قبس، شعلة نَار مقبوسة {شطره} : تلقاءه، بِلِسَان الْحَبَش {شروه} : باعوه {شقَاق} : ضلال {شرذمة} : عِصَابَة {أخرج شطأه} : فِرَاخه {شوبا من حميم} : شرابًا من غساق أَو صديد مشوبا بِالْمَاءِ الْحَمِيم يقطع أمعاءهم {شقَاق} : خلاف {وشددنا ملكه} : قويناه بالهيبة والنصرة وَكَثْرَة الْجنُود. {على شفا جرف هار} : على قَاعِدَة هِيَ أَضْعَف الْقَوَاعِد وأرخاها {قد شغفها حبا} : شقّ شغَاف قَلبهَا، وَهُوَ حجابه حَتَّى وصل إِلَى فؤادها حبا {شَعَائِر الله} : دين الله أَو فَرَائض الْحَج ومواضع نُسكه، أَو الْهَدَايَا {لشديد} : لبخيل، أَو لغَوِيّ مبالغ فِيهِ {شططا} : هُوَ الْبعد ومجاوزة الْحَد {سبعا شدادا} : أقوياء محكمات لَا يُؤثر فِيهَا مُرُور الدهور

{قُلُوبهم شَتَّى} : مُتَفَرِّقَة {هم فِي شقَاق} : أَي فِي شقَاق الْحق وَهُوَ الْمُنَافَاة والمخالفة {بشق الْأَنْفس} : بكلفة ومشقة {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} : كل وَقت يحدث أشخاصا ويجدد أحوالا على مَا سبق قَضَاؤُهُ [فَالْمُرَاد شؤون يبديها لَا شؤون يبتديها، أُشير إِلَى الأول بقوله: {وَالَّذين كفرُوا إِلَى جَهَنَّم يحشرون} وَإِلَى الثَّانِي بقوله: {وَإِن جنهم لمحيطة بالكافرين} {شِقْوَتنَا} : ملكتنا {شامخات} : ثوابت طوَالًا {نزاعة للشوى} : للأطراف، أَو جمع شواة، وَهِي جلدَة الرَّأْس {سعيكم لشتى} : مساعيكم لأسباب مُخْتَلفَة {فشرد بهم} : فَفرق عَن مناصبتك، وَنكل عَنْهَا بِقَتْلِهِم والنكاية فيهم {الشقة} : الْمسَافَة الَّتِي تقطع بِمَشَقَّة [وَالسّفر الْبعيد] {من كل شيعَة} : من كل أمة شاعت دينا {من شَعَائِر الله} : من أَعْلَام دينه الَّتِي شرعها الله {شَدِيد القوى} : شَدِيد قواه، وَهُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام [ {شكور} : مثيب عباده على أَعْمَالهم {شاورهم فِي الْأَمر} : أَي استخرج آراءهم وَاعْلَم مَا عِنْدهم {شجر بَينهم} : اخْتَلَط بَينهم {الشَّوْكَة} : حِدة وَسلَاح {شاقوا الله} : حَاربُوا الله وجانبوا دينه وطاعته {والشجرة الملعونة فِي الْقُرْآن} : شَجَرَة الزقوم {شاخصة أبصار الَّذين كفرُوا} : مُرْتَفعَة الأجفان لَا تكَاد تطرف من هول مَا هم فِيهِ {شكله} : مثله وضربه

فصل الصاد

{شرع لكم} : فتح لكم وعرفكم {شرعا} : أَي ظَاهِرَة، وَاحِدهَا شَارِع {لبَعض شَأْنهمْ} : لبَعض حوائجهم {شقَاق بَينهمَا} : أَي فِرَاق بَينهمَا فِي الِاخْتِلَاف حَتَّى شقّ أَمر احدهما على الآخر. {وَلم يَجْعَلنِي جبارا شقيا} : أَي عِنْد الله، من فرط تكبره {شية} : أَصْلهَا (وشية) فلحقها من النَّقْص مَا لحق (زنة) و (عدَّة) و {لَا شية فِيهَا} : لَا لون فِيهَا سوى لون جَمِيع جلدهَا {شيبا} : جمع أشيب وَهُوَ الْأَبْيَض الرَّأْس {الشعرى} : كَوْكَب مَعْرُوف كَانَ نَاس بالجاهلية يعبدونها] شُعَيْب: عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ ابْن ميكيل بن يشجر بن مَدين بن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل، كَانَ يَقُول لَهُ خطيب الْأَنْبِيَاء، بعث رَسُولا إِلَى أمتين: مَدين وَأَصْحَاب الأيكة (فصل الصَّاد) [الصَّلَاة] : كل صَلَاة فِي الْقُرْآن فَهِيَ عبَادَة وَرَحْمَة إِلَّا {وصلوات ومساجد} : فَإِن المُرَاد الْأَمَاكِن [الصمم] : كل صمم فِي الْقُرْآن فَهُوَ عَن سَماع الْإِيمَان وَالْقُرْآن خَاصَّة إِلَّا الَّذِي فِي " الْإِسْرَاء " [الصَّوْم] : كل صَوْم فِي الْقُرْآن فَهُوَ من الْعِبَادَة إِلَّا {نذرت للرحمن صوما} أَي: صمتا [الصَّبْر] : كل صَبر فِي الْقُرْآن فَهُوَ مَحْمُود إِلَّا {لَوْلَا أَن صَبرنَا عَلَيْهَا} ، {واصبروا على آلِهَتكُم} [الصَّائِم] : كل مُمْسك عَن طَعَام أَو كَلَام أَو سير فَهُوَ صَائِم [الصَّعِيد] : كل أَرض مستوية فَهِيَ صَعِيد [الصدْق] : كل خبر مخبره على مَا أخبر بِهِ فَهُوَ صدق [الصرح] : كل بِنَاء عَال من قصر أَو غَيره فَهُوَ صرح [الصّباغ] : كل شَيْء اصطبغت بِهِ من أَدَم فَهُوَ صباغ بالصَّاد وَكَذَا بِالسِّين [الصَّقْر] : كل طَائِر يصيد تسميه الْعَرَب صقرا مَا خلا النسْر وَالْعِقَاب [الصافر] : كل مَا لَا يصيد من طير فَهُوَ صافر [الصاعقة] : كل عَذَاب مهلك فَهُوَ صَاعِقَة، وَيُقَال: كل هائل مميت أَو مزيل لِلْعَقْلِ والفهم غَالِبا

[الصب] : كل مَا نزل من علو إِلَى سفل فَهُوَ صب [الصيصية] : كل مَا يتحصن بِهِ يُقَال لَهُ صيصة، وَهِي الْقرن [الصلب] : كل شَيْء من الظّهْر فِيهِ فقار فَهُوَ صلب [الصنديد] : كل عَظِيم غَالب فَهُوَ صنديد، يُقَال: برد صنديد، وريح صنديد، وَالْجمع صَنَادِيد [الصّديق] : قَالَ مُجَاهِد: كل من آمن بِاللَّه وَرَسُوله فَهُوَ صديق [الصدع] : الشق فِي كل شَيْء صدع [الصفحة] : صفحة كل شَيْء جَانِبه [الصَّدْر] : صدر كل شَيْء أَوله [الصفحة] : وَجه كل شَيْء عريض صفحته كل كلمة فِيهَا صَاد وجيم فَهِيَ فَارسي مُعرب كالصولجان كل صَاد وَقع قبل الدَّال فَإِنَّهُ يجوز أَن تشمها رَائِحَة الزَّاي إِذا تحركت، وَأَن تقلبها زايا إِذا سكنت، مثل (قصد) [الصَّاع] : كل صَاع فَهُوَ مدان، وكل مد منوان، وكل من رطلان، وكل رَطْل عشرُون إستارا، وكل إستار سِتَّة دَرَاهِم وَنصف، فَيكون كل صَاع ألفا وَأَرْبَعين درهما [الصُّلْح] : كل مَا صلح فِيهِ بَين فَهُوَ بِالسُّكُونِ وَإِن لم يصلح فِيهِ بَين فَهُوَ بِالتَّحْرِيكِ [الصِّنَاعَة] : كل علم مارسه الرجل سَوَاء كَانَ استدلاليا أَو غَيره حَتَّى صَار كالحرفة لَهُ فَإِنَّهُ يُسمى صناعَة وَقيل: كل عمل لَا يُسمى صناعَة حَتَّى يتَمَكَّن فِيهِ ويتدرب وينسب إِلَيْهِ وَقيل: الصَّنْعَة (بِالْفَتْح) الْعَمَل، والصناعة قد تطلق على ملكة يقتدر بهَا على اسْتِعْمَال المصنوعات على وَجه البصيرة لتَحْصِيل غَرَض من الْأَغْرَاض بِحَسب الْإِمْكَان والصناعة (بِالْفَتْح) : تسْتَعْمل فِي المحسوسات، وبالكسر فِي الْمعَانِي، وَقيل: بِالْكَسْرِ حِرْفَة الصَّانِع وَقيل: هِيَ أخص من الحرفة، لِأَنَّهَا تحْتَاج فِي حُصُولهَا إِلَى المزاولة، والصنع أخص من الْفِعْل كَذَا الْعَمَل أخص من الْفِعْل فَإِنَّهُ فعل قصدي لم ينْسب إِلَى الْحَيَوَان والجماد [الصّفة] : كل صفة كثر ذكر موصوفها مَعهَا ضعف تكثيرها لقُوَّة شبهها للْفِعْل وكل صفة كثر اسْتِعْمَالهَا من غير مَوْصُوف قوي تكثيرها لالتحاقها بالأسماء كَعبد، وَشَيخ،

وكهل، وضيف كل صفة جَاءَت للمذكر على (أفعل) فَهِيَ للمؤنث على (فعلاء) كل صفة على (فعل) ، جمعت على (فعال) فَإِنَّهَا تجمع مؤنثا عَلَيْهِ أَيْضا كل مَا هُوَ على (فعلة) من الْأَوْصَاف فَإِنَّهَا تكسر على (فعال) كل صفة تتبع موصوفها تذكيرا وتأنيثا، وتعريفا وتنكيرا وإفرادا وتثنية وجمعا وإعرابا إِذا كَانَت فعلا لَهُ، وَأما إِذا كَانَ وصف الشَّيْء بِفعل سَببه كَقَوْلِه (رجل حسن وَجهه، وكريم آباؤه، ومؤدب خُدَّامه) ، فَحِينَئِذٍ تتبعه فِي الْإِعْرَاب والتعريف والتنكير لَا غير وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {رَبنَا أخرجنَا من هَذِه الْقرْيَة الظَّالِم أَهلهَا} وَقد تقطع عَن التّبعِيَّة للموصوف بِأَن تخَالفه فِي الْإِعْرَاب إِذا كَانَ الْمَوْصُوف مَعْلُوما بِدُونِ صفة، غير مُحْتَاج لَهَا، وَكَانَت الصّفة دَالَّة على الْمَدْح أَو الذَّم أَو الترحم وَقد تتبعه فِي الْإِعْرَاب، وعَلى تَقْدِير كَونهَا مَقْطُوعَة جَازَ الْأَمْرَانِ: النصب بإضمار فعل لَائِق، وَالرَّفْع على أَنَّهَا خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف الصّفة: كل صفة نكرَة قدمت على الْمَوْصُوف انقلبت حَالا لِاسْتِحَالَة كَونهَا صفة تَابِعَة مَعَ تقدمها فَجعلت حَالا ففارقها لفظ الصّفة لَا مَعْنَاهَا لِأَن الْحَال صفة فِي الْمَعْنى وكل صفة علم قدمت عَلَيْهِ انْقَلب الْمَوْصُوف عطف بَيَان، نَحْو (مَرَرْت بالكريم زيد) وَكَذَلِكَ غير الْعلم كَقَوْلِك: (مَرَرْت بالكريم أَخِيك) لِأَن الثَّانِي تَابع للْأولِ مُبين لَهُ وَالصّفة إِذا أسندت إِلَى ضمير الْجمع كَانَت فِي حكم الْفِعْل فِي جَوَاز الْوَجْهَيْنِ: الْإِفْرَاد وَالْجمع، كَمَا أَن الْفِعْل فِي قَوْلك: (النِّسَاء جَاءَت أَو جئن) على لفظ الْوَاحِد وَالْجمع وَالصِّفَات المتعددة يجوز عطف بَعْضهَا على بعض بِخِلَاف التوكيد المتعدد والتأكيد يكون بالضمائر دون الصِّفَات والتأكيد إِن كَانَ معنويا فألفاظه محصورة، وألفاظ الصِّفَات لَيست كَذَلِك وَالصّفة تتبع النكرَة والمعرفة والتأكيد لَا يتبع إِلَّا المعارف، أَعنِي التَّأْكِيد الْمَعْنَوِيّ، وَلَا يجوز الْفَصْل بَين الصّفة والموصوف لِأَنَّهُمَا كشيء وَاحِد، بِخِلَاف الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ وَصفَة الْمعرفَة للتوضيح وَالْبَيَان، وَصفَة النكرَة للتخصيص وَهُوَ إِخْرَاج الِاسْم من نوع إِلَى نوع أخص مِنْهُ وَالصّفة على أَرْبَعَة أوجه: فَإِن الْمَوْصُوف إِمَّا أَن لَا يعلم فيراد تَمْيِيزه من سَائِر الْأَجْنَاس بِمَا يكشفه فَهِيَ الصّفة الكاشفة وَإِمَّا أَن لَا يعلم أَيْضا لَكِن الْتبس من بعض الْوُجُوه فَيُؤتى بِمَا يرفعهُ فَهِيَ الصّفة المخصصة وَإِمَّا أَنه لم يلتبس وَلَكِن يُوهم الالتباس فَيُؤتى بِمَا يقرره فَهِيَ الصّفة الْمُؤَكّدَة وَإِلَّا فَهِيَ الصّفة المادحة والذامة وَالصّفة الكاشفة خبر عَن الْمَوْصُوف عِنْد التَّحْقِيق وَالصّفة تقوم بالموصوف وَالْوَصْف يقوم

بالواصف فَنَقُول الْقَائِل: (زيد عَالم) وصف لزيد لَا صفة لَهُ، وَعلمه الْقَائِم بِهِ صفته لَا وَصفه وَقد يُطلق الْوَصْف وَيُرَاد بِهِ الصّفة وَبِهَذَا لَا يلْزم الِاتِّحَاد لُغَة إِذْ لَا شكّ أَن الْوَصْف مصدر (وَصفه) إِذا ذكر مَا فِيهِ وَأما مُعْتَقد أهل الْحق فالصفة هِيَ مَا وَقع الْوَصْف مشتقا مِنْهَا وَهُوَ دَال عَلَيْهَا، وَذَلِكَ مثل الْعلم وَالْقُدْرَة وَنَحْوه، فالمعني بِالصّفةِ لَيْسَ إِلَّا هَذَا الْمَعْنى، والمعني بِالْوَصْفِ لَيْسَ إِلَّا مَا هُوَ دَال على هَذَا الْمَعْنى بطرِيق الِاشْتِقَاق، وَلَا يخفى مَا بَينهمَا من التغاير فِي الْحَقِيقَة والتنافي فِي الْمَاهِيّة وَالصّفة إِذا وَقعت بَين متضايفين أَولهمَا عدد جَازَ إجراؤها على كل مِنْهُمَا ك (سبع بقرات سمان} و {سبع سموات طباقا} وَالصّفة المشبهة تَجِيء أبدا من اللَّازِم، فَإِذا أُرِيد اشتقاقها من الْمُتَعَدِّي يَجْعَل لَازِما بِمَنْزِلَة فعل الغريزة، وَذَلِكَ بِالنَّقْلِ إِلَى فعل [ككرم] بِالضَّمِّ ثمَّ يشتق مِنْهُ كَمَا فِي (رَحِيم) و (فَقير) و (رفيع) وصفات الذَّم إِذا نفيت على سَبِيل الْمُبَالغَة لم ينف أَصْلهَا، وَلِهَذَا يُقَال: إِن صِيغَة (فعال) فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا رَبك بظلام للعبيد} للنسب أَي: لَيْسَ بِذِي ظلم، وَالِاسْم قد يوضع للشَّيْء بِاعْتِبَار بعض مَعَانِيه وأوصافه من غير مُلَاحظَة لخصوصية الذَّات حَتَّى إِن اعْتِبَار الذَّات عِنْد ملاحظته لَا يكون إِلَّا لضَرُورَة أَن الْمَعْنى لَا يقوم إِلَّا بِالذَّاتِ وَذَلِكَ [الِاسْم] صفة كالمعبود وَقد يوضع للشَّيْء بِدُونِ مُلَاحظَة مَا فِيهِ من الْمعَانِي كَرجل وَفرس أَو مَعَ مُلَاحظَة بعض الْأَوْصَاف والمعاني كالكتاب للشَّيْء الْمَكْتُوب، والنبات للجسم النَّابِت، وكجميع أَسمَاء الزَّمَان وَالْمَكَان والآلة وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا يُحْصى فَذَلِك اسْم للصفة وَاسْتِعْمَال مَا غلب من الصِّفَات فِي مَوْصُوف معِين سَبَب صَيْرُورَته من الصِّفَات الْغَالِبَة وَاسْتِعْمَال مَا يجْرِي مجْرى الْأَسْمَاء يحذف الْمَوْصُوف سَبَب جَرَيَانه مجْرى الْأَسْمَاء وَالصّفة فِي الأَصْل مصدر (وصفت الشَّيْء) إِذا ذكرته بمعان فِيهِ لَكِن جعل فِي الِاصْطِلَاح عبارَة عَن كل أَمر زَائِد على الذَّات يفهم فِي ضمن فهم الذَّات ثبوتيا كَانَ أَو سلبيا فَيدْخل فِيهِ الألوان والأكوان والأصوات والإدراكات وَغير ذَلِك والعلاقة بَين الصّفة والموصوف هِيَ النِّسْبَة الثبوتية، وَتلك النِّسْبَة إِذا اعْتبرت من جَانب الْمَوْصُوف يعبر عَنْهَا بالاتصاف، وَإِذا اعْتبرت من جَانب الصّفة يعبر عَنْهَا بِالْقيامِ (وَصفَة الصَّلَاة أوصافها النفسية لَهَا وَهِي الْأَجْزَاء الْعَقْلِيَّة الصادقة على الخارجية الَّتِي هِيَ أَجزَاء الهوية من الْقيام الجزئي وَالرُّكُوع وَالسُّجُود) وَلَا يلْزم من كَون الشَّيْء صفة لشَيْء وثابتا لَهُ كَونه

مَوْجُودا أَو ثَابتا فِي نَفسه [أَي مُسْتقِلّا] مُطلقًا، وَإِلَّا يلْزم أَن يكون للْوَاجِب [تَعَالَى] صِفَات موجودات أزلية مَعَ أَنه لَيْسَ كَذَلِك عقلا ونقلا (وكل صفة مَوْجُودَة فِي نَفسهَا سَوَاء كَانَت حَادِثَة كبياض الجرم مثلا أَو سوَاده، أَو قديمَة كعلمه تَعَالَى وَقدرته فَإِنَّهَا تسمى فِي الِاصْطِلَاح صفة معنى وَإِن كَانَت الصّفة غير مَوْجُودَة فِي نَفسهَا فَإِن كَانَت وَاجِبَة للذات مَا دَامَت الذَّات غير معللة بعلة سميت صفة نفسية أَو حَالا نفسية مثالها التحيز للجرم وَكَونه قَابلا للأعراض وَإِن كَانَت الصّفة غير مَوْجُودَة فِي نَفسهَا إِلَّا أَنَّهَا معللة إِنَّمَا تجب للذات مَا دَامَت علتها قَائِمَة بِالذَّاتِ سميت صفة معنوية أَو حَالا معنوية مثالها كَون الذَّات عَالِمَة وقادرة ومريده مثلا فَإِنَّهَا معللة لقِيَام الْعلم وَالْقُدْرَة والإرادة بِالذَّاتِ) وَالصّفة النفسية هِيَ الَّتِي لَا يحْتَاج وصف الذَّات بهَا إِلَى تعقل أَمر زَائِد عَلَيْهَا كالإنسانية والحقية والوجود والشيئية للانسان ويقابلها الصّفة المعنوية الَّتِي يحْتَاج وصف الذَّات بهَا إِلَى تعقل أَمر زَائِد على ذَات الْمَوْصُوف كالتحيز والحدوث وَبِعِبَارَة أُخْرَى إِن الصّفة النفسية هِيَ الَّتِي تدل على الذَّات دون معنى زَائِد عَلَيْهَا، والمعنوية مَا يدل على معنى زَائِد على الذَّات وَالصّفة الثبوتية هِيَ أَن يشتق للموصوف مِنْهَا اسْم وَالصّفة السلبية هِيَ أَن يمْتَنع الِاشْتِقَاق لَا لغيره [وَبِعِبَارَة أُخْرَى: الصّفة السلبية هِيَ الَّتِي تُوصَف بهَا الذَّات من غير قيام معنى بِهِ مثل الأول وَالْآخر، والقابض والباسط وَالصّفة الثبوتية هِيَ الَّتِي اتّصف بهَا الذَّات لقِيَام معنى بِهِ كَالْعلمِ وَالْقُدْرَة والإرادة وَالْكَلَام] وَاخْتلفت عِبَارَات الْأَصْحَاب فِي الصّفة النفسية بِنَاء على اخْتلَافهمْ فِي الْأَحْوَال فَمن مَال إِلَى نفي الْأَحْوَال وهم الْأَكْثَرُونَ وَهُوَ الْأَصَح قَالُوا: الصّفة النفسية عبارَة عَن كل صفة ثبوتية رَاجِعَة إِلَى نفس الذَّات لَا إِلَى معنى زَائِد عَلَيْهَا، وَمِنْهُم من قَالَ: صفة النَّفس كل صفة دلّ الْوَصْف بهَا على الذَّات دون معنى زَائِد عَلَيْهَا، والمآل وَاحِد وَمن مَال إِلَى القَوْل بالأحوال فَعنده صِفَات النَّفس أَحْوَال زَائِدَة على وجود النَّفس مُلَازمَة لَهَا وَأولى الْعبارَة بِهَذَا الْمَذْهَب مَا ذكره بعض الْأَصْحَاب من أَن الصّفة النفسية عبارَة عَن كل صفة ثبوتية زَائِدَة على الذَّات لَا يَصح توهم انتفائها مَعَ بَقَاء الذَّات الموصوفة بهَا وَأما الصّفة المعنوية فعبارة عَن كل صفة ثبوتية دلّ الْوَصْف بهَا على معنى زَائِد على الذَّات ثمَّ اخْتلف أَصْحَابنَا، فَمن قَالَ بالأحوال قسم الصّفة المعنوية إِلَى معللة كالعالمية والقادرية وَنَحْوهمَا، وَإِلَى غير معللة كَالْعلمِ وَالْقُدْرَة وَنَحْوهمَا، وَمن أنكر الْأَحْوَال أنكر الصِّفَات والمعللة، وَلم يَجْعَل كَون الْعَالم عَالما والقادر قَادِرًا زَائِدا على قيام الْعلم وَالْقُدْرَة بِذَاتِهِ]

وَصِفَاته تَعَالَى ترجع إِلَى سلب أَو إِضَافَة أَو مركب مِنْهُمَا، فالسلب كالقديم فَإِنَّهُ يرجع إِلَى سلب الْعَدَم عَنهُ أَولا أَو إِلَى نفي الشبيه وَنفي الأولية عَنهُ، وكالواحد فَإِنَّهُ عبارَة عَمَّا لَا يَنْقَسِم بِوَجْه من الْوُجُوه لَا قولا وَلَا فعلا، وَالْإِضَافَة كجميع صِفَات الْأَفْعَال، والمركب مِنْهَا كالمريد والقادر، فَإِنَّهُمَا مركبان من الْعلم وَالْإِضَافَة إِلَى الْخلق صِفَات الذَّات هِيَ مَا لَا يجوز أَن يُوصف [الذَّات] بضدها كالقدرة والعزة وصفات الْفِعْل هِيَ مَا يجوز أَن يُوصف الذَّات بضدها كالرحمة وَالْغَضَب [وَعند الْمُعْتَزلَة إِن مَا يثبت وَلَا يجوز نَفْيه فَهُوَ من صِفَات الذَّات كَالْعلمِ، وَكَذَا فِي سَائِر صِفَات الذَّات، وَمَا يثبت وينفى فَهُوَ من صِفَات الْفِعْل كالخلق والإرادة والرزق وَالْكَلَام مِمَّا يجْرِي فِيهِ النَّفْي واثبات وَعند الأشعرية مَا يلْزم من نَفْيه نقيصة فَهُوَ من صِفَات الذَّات كَمَا فِي نفي الْحَيَاة وَالْعلم، وَمَا لَا يلْزم من نَفْيه نقيصه فَهُوَ من صِفَات الْفِعْل كإحياء والإماتة والخلق والرزق فعلى هَذَا الْحَد الْإِرَادَة وَالْكَلَام من صِفَات الذَّات استلزام نفي الْإِرَادَة الْجَبْر والاضطرار، وَنفي الْكَلَام الخرس وَالسُّكُوت وَلَا حَاجَة على أصلنَا إِلَى الْفرق لِأَن جَمِيع صِفَاته أزلية قَائِمَة بِذَات الله] وصفات الْأَفْعَال عِنْد الْبَعْض نفس الْأَفْعَال، وَعِنْدنَا لَا بل منشؤها، وَالْحلف بِصِفَات الذَّات دون صِفَات الْفِعْل، فعلى هَذَا الْقيَاس يكون و (وَعلم الله) يَمِينا لكنه ترك لمجيئه بِمَعْنى الْمَعْلُوم، ومشايخ مَا وَرَاء النَّهر على أَن الْحلف بِكُل صفة تعارف النَّاس الْحلف بهَا يَمِين وَإِلَّا فَلَا وَمن الصِّفَات مَا حصل لله وَلِلْعَبْدِ أَيْضا حَقِيقَة وَمِنْهَا مَا يُقَال لله بطرِيق الْحَقِيقَة وَلِلْعَبْدِ بطرِيق الْمجَاز (وَمِنْه {خير الرازقين} ) . وَمِنْهَا مَا يُقَال لله بطرِيق الْحَقِيقَة وَلَا يُقَال للْعَبد لَا بطرِيق الْحَقِيقَة وَلَا بطرِيق الْمجَاز لعدم حُصُوله للْعَبد حَقِيقَة وَصُورَة وَقد يُطلق بعض الْأَشْيَاء على العَبْد حَقِيقَة وعَلى الْبَارِي تَعَالَى مجَازًا كالاستواء وَالنُّزُول وَمَا أشبههما [فَاعْلَم أَن الظاهريين من الْمُتَكَلِّمين لما حصروا طرق كَمَال الْمعرفَة للمكلفين بِمَعْرِِفَة جَمِيع صِفَات الْبَارِي بالاستدلال بالأفعال والتنزيه عَن النقائص إِذْ لَا يَتَيَسَّر ذَلِك إِلَّا بذلك مَعَ أَن السّمع طَرِيق آخر فِي إِثْبَاتهَا، حصروا أَيْضا الصِّفَات بالسبعة أَو الثَّمَانِية مَعَ الْبَقَاء عِنْد الأشعرية وَمَعَ التكوين عِنْد الماتريدية والسلبيات كالقدوسية والعزة إِلَى خَمْسَة عشر على الْمُخْتَار، والإضافات كالعلو والأولية والآخرية إِلَى عشْرين على الْمُخْتَار أَيْضا وَأول الظَّوَاهِر الْوَارِدَة بذكرها الَّتِي أثبتها الْأَشْعَرِيّ] فَكل صفة تستحيل حَقِيقَتهَا على الله تَعَالَى فَإِنَّهَا تفسر بلازمها ف {على الْعَرْش اسْتَوَى}

بِمَعْنى اعتدل أَي: قَامَ بِالْعَدْلِ: {وَلَا أعلم مَا فِي نَفسك} أَي مَا فِي غيبك وسرك، و {ابْتِغَاء وَجه ربه} أَي إخلاص النِّيَّة، {وَيبقى وَجه رَبك} يَعْنِي الذَّات ومجموع الصِّفَات، إِذْ الْبَقَاء لَا يخْتَص بِصفة دون صفة، {فثم وَجه الله} أَي الْجِهَة الَّتِي أمرنَا بالتوجه إِلَيْهَا، {تجْرِي بأعيننا} أَي بحفظنا ورعايتنا، وَالْعرب تَقول (فلَان بمرأى فلَان ومسمع) إِذا كَانَ مِمَّن يُحِيط بِهِ حفظه ورعايته، أَو المُرَاد بالأعين هَهُنَا على الْحصْر مَا انفجر من الأَرْض من الْمِيَاه وَالْإِضَافَة للتَّمْلِيك، و {الْفضل بيد الله} أَي: بقدرته وَالْيَدَيْنِ اسْتِعَارَة لنُور قدرته الْقَائِم بِصفة فَضله، ولنورها الْقَائِم بِصفة عدله، وَيُقَال: (فلَان فِي يَدي فلَان) إِذا كَانَ مُتَعَلق قدرته وَتَحْت حكمه وقبضته (وَإِن لم يكن فِي يَدَيْهِ بِمَعْنى الجارحتين أصلا) وعَلى هَذَا يحمل حَدِيث " قلب الْمُؤمنِينَ بَين إِصْبَعَيْنِ من أَصَابِع الرَّحْمَن " وَفَائِدَة التَّخْصِيص بِذكر خلق آدم النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مَعَ أَن سَائِر الْمَخْلُوقَات مخلوقة بِالْقُدْرَةِ الْقَدِيمَة أَيْضا هِيَ التشريف وَالْإِكْرَام كَمَا خصص الْمُؤمنِينَ بالعباد وَالْإِضَافَة بالعبودية إِلَى نَفسه كعيسى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام والكعبة المشرفة وَقَوله تَعَالَى: {لَا تقدمُوا بَين يَدي الله} فَهُوَ مجَاز عَن مظهر حكمه ومجازيته (لِامْتِنَاع الْحمل على مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ الَّذِي هُوَ الْمَكَان) وكشف السَّاق كِنَايَة عَن الشدَّة والهول و {فِي جنب الله} أَي فِي طَاعَته وَحقه و {نَحن أقرب} أَي بِالْعلمِ والفوقية: الْعُلُوّ من غير جِهَة {وَجَاء رَبك} أَي أمره. {فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك} أَي اذْهَبْ بِرَبِّك أَي بتوفيقه وقوته [ {وَالله نور السَّمَوَات وَالْأَرْض} أَي: منورهما نعم إِلَّا أَن استرسال التَّأْوِيل على التَّفْصِيل كجمهور الأشاعرة غير ظَاهر فِي جَمِيع تِلْكَ الصِّفَات بل هُوَ مؤد إِلَى إبِْطَال الأَصْل المعجز عَن إِدْرَاكهَا بِلَا كيفيات وَخلاف لما عَلَيْهِ السّلف من التَّوَقُّف فِي المتشابهات] وَجَمِيع الْأَغْرَاض النفسانية لَهَا أَوَائِل وَلها غايات، فاتصاف الْبَارِي بهَا إِمَّا بِاعْتِبَار الْغَايَة كالترك فِي الاستحياء أَو السَّبَب كإرادة الانتقام فِي الْغَضَب أَو الْمُسَبّب عَنهُ كالإنعام فِي الرَّحْمَة وَفِي {من عِنْده} إِشَارَة إِلَى التَّمْكِين والزلفى والرفعة {وَهُوَ الله فِي السَّمَاوَات وَفِي الأَرْض} أَي:

المعبود فيهمَا أَو الْعَالم بِمَا فيهمَا قَالَ الإِمَام فِي (الْفِقْه الْأَكْبَر) : " وَلَا يُوصف الله تَعَالَى بِصِفَات المخلوقين وَلَا يُقَال: إِن يَده قدرته أَو نعْمَته لِأَن فِيهِ إبِْطَال الصّفة، وَلَكِن يَده صفة بِلَا كَيفَ " انْتهى وَفِيه إِشَارَة إِلَى وجوب التَّأْوِيل الإجمالي فِي الظَّوَاهِر الموهمة، وَإِلَى منع التَّأْوِيل التفصيلي فِيهَا بالإرجاع إِلَى مَا ذكره وَإِلَى التعويض بعد الْحمل على الْمَعْنى الْمجَازِي على الْإِجْمَال فِي التَّأْوِيل وَتَعَالَى الله عَمَّا يُقَال، هُوَ جسم لَا كالأجسام وَله حيّز لَا كالأحياز ونسبته إِلَى حيزه لَيْسَ كنسبة الْأَجْسَام إِلَى حيزها كَمَا هُوَ مَذْهَب الهيصمية من المشبهة المستترين بالبلكفة، وَقد اتّفق الْأَئِمَّة على إكفار المجسمة المصرحين بِكَوْنِهِ جسما وتضليل المستترين بالبلكفة وَقَالَ ابْن الْهمام رَحمَه الله: وَقيل يكفر بِمُجَرَّد إِطْلَاق لفظ الْجِسْم عَلَيْهِ تَعَالَى، وهوحسن، بل أولى بالتكفير، وَمهما ثَبت من الكمالات شَاهدا فَلَا مَانع من القَوْل بإثباتها غَائِبا، لَكِن بِشَرْط انْتِفَاء الْأَسْبَاب المقترنة بهَا فِي الشَّاهِد الْمُوجبَة للْحَدَث والتجسم وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا يجوز على الله تبَارك وَتَعَالَى وَلَا يَتَّصِف مَوْجُود مثل اتصافه تَعَالَى وَإِن كَانَ بعض الموجودات مظْهرا كَامِلا بِحَيْثُ يَتَّصِف بِبَعْض صِفَاته لَكِن يغيب تَحت سرادقات كَمَاله بِحَيْثُ لَا يبْقى لَهُ أثر من الهوية (وَإِن كَانَ هَذَا عين الهوية) وَمَا زَعَمُوا أَن العَبْد يعير بَاقِيا الْحق سمعيا بسمعه بَصيرًا ببصره فخروج عَن الدّين، وَمَا رُوِيَ فِي الْخَبَر " فَإِذا أحببته كنت لَهُ سمعا وبصرا فَبِي يسمع وَبِي يبصر " فَلَا احتجاج لَهُم فِي ظَاهره، إِذْ لَيْسَ فِيهِ أَنه يسمع بسمعي ويبصر ببصري بل الْمحمل لهَذَا الحَدِيث هُوَ أَن كَمَال الْإِعْرَاض عَمَّا سوى الله وَتَمام التَّوَجُّه إِلَى حَضرته بِأَن لَا يكون فِي لِسَانه وَقَلبه ووهمه وسره غَيره ينزل منزلَة الْمُشَاهدَة، فَإِنَّهُ إِذا ترسخت هَذِه الْحَالة تسمى مُشَاهدَة تَشْبِيها لَهَا بمشاهدة الْبَصَر إِيَّاه، وَاسْتِعْمَال الْقلب والقالب فِيهِ بِاعْتِبَار ذَلِك، [فَلَا يسمع وَلَا يبصر إِلَّا مَا يسْتَدلّ بِهِ على الصَّانِع وَقدرته وعظمته وكبريائه] وَمهما ثَبت من الكمالات شَاهدا فَلَا مَانع عَن القَوْل بإثباتها غَائِبا لَكِن بِشَرْط انْتِفَاء الْأَسْبَاب المقترنة بهَا فِي الشَّاهِد الْمُوجبَة للحدوث والتجسم وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا يجوز على الله تَعَالَى وَاعْلَم أَن الْمُحَقِّقين من أهل السّنة قَالُوا إِن صِفَات الله زَائِدَة على الذَّات [وَأَن بَعْضهَا لَيست عين الْبَعْض الآخر من الصِّفَات بل الصِّفَات بَعْضهَا مَعَ بعض مُتَغَايِرَة بِحَسب الِاعْتِبَار، وَإِن كَانَت متحدة

بِحَسب الْوُجُود] والأشعري وَأَتْبَاعه على أَنَّهَا دون الْوُجُود لَا عين الذَّات وَلَا غَيرهَا وَأما وجود الْوَاجِب قبل وجود كل شَيْء فَهُوَ عين ذَاته ذهنا وخارجا على مَا هُوَ الظَّاهِر من مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ من الْمُعْتَزلَة، وَأما الفلاسفة والمعتزلة والنجارية فَلَا يثبتون لله تَعَالَى صفة أصلا، أَي صفة كَانَت من صِفَات الذَّات أَو الْفِعْل وَيَقُولُونَ: إِنَّه تَعَالَى وَاحِد من جَمِيع الْوُجُوه، وَفعله وَقدرته وحياته هُوَ حَقِيقَته وعينه وذاته [والقائلون بانفكاكها عَن الذَّات كصفات المخلوقين هم كالمشبهة عَن الكرامية والحشوية] وَعند الأشعرية: صِفَات الذَّات قديمَة قَائِمَة بِذَات الله كَالْعلمِ وَالْقُدْرَة والإرادة وَأما صِفَات الْفِعْل كالتكوين والإحياء والإماتة فَلَيْسَتْ قَائِمَة بِذَات الله تَعَالَى وَقَالَ بعض الْفُضَلَاء: كل ذَات قَامَت بهَا صِفَات زَائِدَة عَلَيْهَا فالذات غير الصِّفَات وَكَذَا كل وَاحِد من الصِّفَات غير الْأُخْرَى إِن اخْتلفَا بالذوات بِمَعْنى أَن حَقِيقَة كل وَاحِد وَالْمَفْهُوم مِنْهُ عِنْد انْفِرَاده غير مَفْهُوم الآخر لَا محَالة، وَإِن كَانَت الصِّفَات غير مَا قَامَت بِهِ من الذَّات فَالْقَوْل بِأَنَّهَا غير مَدْلُول الِاسْم الْمُشْتَقّ مِنْهَا أَو مَا وضع لَهَا وللذات من غير اشتقاق، وَذَلِكَ مثل صفة الْعلم بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُسَمّى الْعَالم أَو مُسَمّى الْإِلَه، فعلى هَذَا وَإِن صَحَّ القَوْل بِأَن علم الله غير مَا قَامَ بِهِ من الذَّات لَا يَصح أَن يُقَال إِن علم الله غير مَدْلُول اسْم الله أَو عينه، إِذْ لَيْسَ عين مَجْمُوع الذَّات مَعَ الصِّفَات، وَلَعَلَّ هَذَا مَا أَرَادَهُ بعض الحذاق من الْأَصْحَاب من أَن الصِّفَات، النفسية لَا هِيَ هوولا هِيَ غَيره ثمَّ اعْلَم أَن صِفَات الله تَعَالَى قديمَة وَلَا شَيْء من الْقَدِيم يحْتَاج إِلَى الموجد لِأَن الموجد من يُعْطي وجودا مُسْتقِلّا، واحتياج صِفَات الله إِلَى الموجد مَعَ قدمهَا بِمَعْنى أَنَّهَا تحْتَاج إِلَى الذَّات لتقوم بِهِ لَا بِمَعْنى أَن الذَّات يُعْطِيهَا وجودا مُسْتقِلّا، إِذْ لَيْسَ لَهَا وجود مُسْتَقل أما عندنَا فَلِأَن الصِّفَات لَيست غير الذَّات وَلَا عينهَا، فاحتياجها إِلَى الذَّات فِي قِيَامهَا بهَا لكَونهَا لَيست عين الذَّات فِي الْعقل لَا فِي وجودهَا الْخَارِجِي لكَونهَا فِي الْوُجُود الْخَارِجِي لَيست غَيرهَا وَأما عِنْد الفلاسفة والمعتزلة فَلِأَن الصِّفَات عين الذَّات، وَأما عِنْد من يَقُول إِن الصِّفَات مُغَايرَة للذات فَمَعْنَى الْمَوْجُود المستقل الْوُجُود الْمُنْفَصِل عَن الذَّات، فوجود الصّفة يكون غير وجود الْمَوْصُوف لَكِن الصّفة تحْتَاج إِلَى الْمَوْصُوف دَائِما وَقَالَ بعض المحققبن: إِن صِفَات الله مُمكنَة مَعَ قدمهَا لَكِن كَونهَا مقدورات فِي غَايَة الْإِشْكَال، لما تقرر أَن أثر الْمُخْتَار لَا يكون حَادِثا، وَلِهَذَا اضطروا إِلَى القَوْل بِكَوْنِهِ تَعَالَى مُوجبا بِالذَّاتِ فِي حق صِفَاته، كَمَا ذكر فِي الْكتب الكلامية (وَيُمكن حل الْإِشْكَال بِأَن يُقَال: إِن) إِيجَاب

الصِّفَات مرجعه إِلَى اسْتِحَالَة خلوه تَعَالَى عَن صِفَات الْكَمَال وَإِيجَاب المصنوعات مرجعه إِلَى اسْتِحَالَة انفكاكه عَنهُ تَعَالَى واضطراره فِي النَّفْع للْغَيْر فَذَاك كَمَال ينجبر بِهِ مَا فِي عدم الْقُدْرَة على التّرْك من مَظَنَّة النُّقْصَان ويربو عَلَيْهِ، وَهَذَا نُقْصَان من حَيْثُ إِنَّه يقدر على التّرْك ويضطر فِي الْفِعْل غير متجبر بِهِ [وَفِي " شرح الطوالع " للقاسم اللَّيْثِيّ السَّمرقَنْدِي رَحمَه الله: وجوب الصِّفَات بِذَاتِهِ تَعَالَى مَفْهُوم من قِيَامهَا بِذَاتِهِ تَعَالَى، إِذْ لَو كَانَت وَاجِبَة بذاتها امْتنع قِيَامهَا بِذَاتِهِ تَعَالَى، وَكَذَا لَو كَانَت صادرة عَنهُ بِالِاخْتِيَارِ لوَجَبَ كَونهَا حَادِثَة، وَقيام الْحَوَادِث بِذَاتِهِ مُمْتَنع، وَمعنى كَون الصِّفَات وَاجِبَة بِذَاتِهِ تَعَالَى كَونهَا لَازِمَة لَهُ غير مفتقرة إِلَى غَيره، وَبِالْجُمْلَةِ: صِفَات الله غير مقدورة فَلَا بُد من تَخْصِيص الممكنات بِمَا سواهَا، وَيُمكن أَن يُقَال] أَيْضا: حُصُول مَا هُوَ مبدأ الْكَمَال لشَيْء بِالْإِيجَابِ من غير التَّوَقُّف بِالْمَشِيئَةِ لَيْسَ بِنَقص بل هُوَ كَمَال، مثلا وُقُوع مقتضيات اعْتِدَال المزاج كحسن الْخلق من كمالات ذاتية، وَعدم الِاخْتِيَار فِيهِ كَمَال لَا نُقْصَان وَلَيْسَ فِي القَوْل بالإمكان كَثْرَة صعوبة سوى مُخَالفَة الْأَدَب وَالْقَوْل بِأَن كل مُمكن حَادث، وَلَا يخفى أَن كل مَا احْتَاجَ لسواه حَاجَة تَامَّة بِحَيْثُ لَا يُوجد بِدُونِهِ سَوَاء كَانَ عِلّة أَو شرطا لوُجُوده كالجوهر للعرض مثلا لَا يُمكن وجوده بِدُونِهِ، فَيلْزم إِمْكَان عَدمه بِالذَّاتِ وَإِن لم يكن حَادِثا، وَهَذَا لَا مَحْذُور فِيهِ فِي صِفَات الله الْقَدِيمَة: (هَكَذَا حَقَّقَهُ بعض الْمُحَقِّقين) ؛ قَالَ بعض الأفاضل: القَوْل بِتَعَدُّد الْوَاجِب لذاته فِي الصِّفَات فِي غَايَة الصعوبة نعم لَكِن المُرَاد بِالْوَاجِبِ لذاته فِي الصِّفَات كَونهَا وَاجِبَة الْوُجُود لأجل موصوفها الَّذِي هُوَ الذَّات الْوَاجِب الْوُجُود، لَا أَنَّهَا وَاجِبَة بِالذَّاتِ مقتضية لوجودها كالذات حَتَّى تستقل وتتعدد، بل هِيَ مستندة إِلَى الذَّات، والذات كالمبدأ لَهَا، واستنادها إِلَيْهِ لَا بطرِيق الِاخْتِيَار الَّذِي يَقْتَضِي مسبوقية التَّصَوُّر والتصديق بفائدة الإيجاد بل بطرِيق الإيجاد بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا، فَكَمَا أَن اقْتِضَاء ذَاته وجوده جعل وجوده وَاجِبا، كَذَا اقتضاؤه الْعلم مثلا يَقْتَضِي كَون الْعلم وَاجِبا وكما أَن اقْتِضَاء الْوَاجِب وجوده يَقْتَضِي غناهُ عَن كل مَوْجُود سواهُ، كَذَلِك اقْتِضَاء الذَّات علمه يَقْتَضِي غنى الْعلم عَن غَيره لعدم التغاير بَين الذَّات وَالصِّفَات، فإيجاب مَا لَيْسَ بِغَيْر الصِّفَات لَيْسَ بِنَقص بل كَمَال وَإِنَّمَا النَّقْص فِي إِيجَاد الْغَيْر بِالْإِيجَابِ كَمَا قَررنَا لَك آنِفا الصَّلَاة: هِيَ اسْم لمصدر وَهُوَ التصلية أَي: الثَّنَاء الْكَامِل، وَكِلَاهُمَا مستعملان بِخِلَاف الصَّلَاة بِمَعْنى أَدَاء الْأَركان. فَإِن مصدرها لم يسْتَعْمل، وَالْمَشْهُور فِي أصُول الْفِقْه أَن مَذْهَب الْمُعْتَزلَة أَن الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَغَيرهمَا حقائق مخترعة شَرْعِيَّة لَا أَنَّهَا منقولة عَن معَان لغوية وَعند الْجُمْهُور من الْأَصْحَاب أَنَّهَا حقائق شَرْعِيَّة منقولات عَن معَان لغوية والباقلاني على أَنَّهَا مجازات لغوية مَشْهُورَة لم تصرن حقائق إِذا عرفت هَذَا فَنَقُول: الصَّلَاة فِي الأَصْل من

الصلا وَهُوَ الْعظم الَّذِي عَلَيْهِ الأليتان فِي " الْقَامُوس ": الصلا وسط الظّهْر منا أَو من كل ذِي أَربع أَو مَا انحدر من الْوَرِكَيْنِ، أَو الدُّعَاء [والتبريك والتمجيد كَمَا هُوَ عِنْد كثير من أهل اللُّغَة يُقَال: صليت عَلَيْهِ: أَي دَعَوْت لَهُ وزكيت] كَمَا فِي توله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " إِذا دعِي أحدكُم إِلَى طَعَام فليجب فَإِن كَانَ صَائِما فَليصل " أَي: فَليدع لأَهله، فعلى الأول هِيَ من الْأَسْمَاء الْمُغيرَة المندرسة الْمَعْنى بِالْكُلِّيَّةِ وعَلى الثَّانِي من المنقولة الزائلة كَمَا فِي " الْكرْمَانِي " وَغَيره إِلَّا أَنه يَنْبَغِي أَن تكون من المنقولة بِلَا خلاف على مَا فِي الْأُصُول أَنه مِمَّا غلب فِي غير الْمَوْضُوع لَهُ لعلاقة وَالْمَشْهُور أَن الصَّلَاة حَقِيقَة شَرْعِيَّة فِي الْأَركان، وَحَقِيقَة لغوية فِي الدُّعَاء، أَو مجَاز لغَوِيّ فِي الْأَركان، ومجاز شَرْعِي فِي الدُّعَاء قَالَ بَعضهم: لفظ الصَّلَاة فِي الشَّرْع مجَاز فِي الدُّعَاء مَعَ أَنه مُسْتَعْمل فِي الْمَوْضُوع لَهُ فِي الْجُمْلَة وَحَقِيقَة فِي الْأَركان الْمَخْصُوصَة، مَعَ أَنه مُسْتَعْمل فِي غير الْمَوْضُوع لَهُ فِي الْجُمْلَة وَقَالَ الشَّيْخ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ: وُرُود الصَّلَاة فِي كَلَام الْعَرَب بِمَعْنى الدُّعَاء قبل شَرْعِيَّة الصَّلَاة الْمُشْتَملَة على الرُّكُوع وَالسُّجُود المشتملين على التخشع وَفِي كَلَام من لَا يعرف الصَّلَاة بالهيئة الْمَخْصُوصَة دَلِيل الْمَشْهُور، وَأَيْضًا الِاشْتِقَاق من غير الْحَدث قَلِيل " [وَلِأَن اشتهار الْمَنْقُول عَن الشَّرْعِيّ فِي اللُّغَة أرجح من أَن يكون مشتهرا] انْتهى وتتنوع الصَّلَاة بِالْإِضَافَة الى محلهَا على ثَلَاثَة أَنْوَاع تنوع الْأَجْنَاس بالفصول، وَمِنْه قيل: الصَّلَاة من الله الرَّحْمَة، وَمن الْمَلَائِكَة الاسْتِغْفَار، وَمن الْمُؤمنِينَ الدُّعَاء، وَهُوَ: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد ثمَّ نقلت فِي عرف الشَّرْع من أحد الْمَعْنيين إِلَى الْعِبَادَة الْمَخْصُوصَة لتضمنها إِيَّاه وَقَالَ ابْن حجر: الصَّلَاة من الله للنَّبِي زِيَادَة الرَّحْمَة، وَلغيره الرَّحْمَة وَهَذَا يشكل بقوله تَعَالَى: {عَلَيْهِم صلوَات من رَبهم وَرَحْمَة} حَيْثُ غاير بَينهمَا، وَلِأَن سُؤال الرَّحْمَة يشرع لكل مُسلم، وَالصَّلَاة تخص النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَكَذَا يشكل القَوْل) وَمن الْعباد بِمَعْنى الدُّعَاء بِأَن الدُّعَاء يكون بِالْخَيرِ وَالشَّر وَالصَّلَاة لَا تكون إِلَّا فِي الْخَيْر وَبِأَن (دَعَوْت) يتَعَدَّى بِاللَّامِ وَالَّذِي يتَعَدَّى بعلى لَيْسَ بِمَعْنى صلى، وَيُقَال: صليت صَلَاة، وَلَا يُقَال: صليت تصلية (وَالْجُمْهُور على أَنَّهَا فِي الأَصْل بِمَعْنى الدُّعَاء اسْتعْمل مجَازًا فِي غَيره) وَصَلَاة الله للْمُسلمين هِيَ فِي التَّحْقِيق تَزْكِيَة، وَهِي من الْمَلَائِكَة الدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار كَمَا هُوَ من النَّاس وَالصَّلَاة الَّتِي هِيَ الْعِبَادَة الْمَخْصُوصَة أَصْلهَا الدُّعَاء. وَسميت هَذِه الْعِبَادَة بهَا كتسمية الشَّيْء باسم بعض مَا يتضمنه

وَالْحق أَن الصَّلَاة كلهَا وَإِن توهم اخْتِلَاف مَعَانِيهَا رَاجِعَة إِلَى أصل وَاحِد فَلَا تظنها لَفْظَة اشْتِرَاك وَلَا اسْتِعَارَة إِنَّمَا مَعْنَاهَا الْعَطف وَيكون محسوسا ومعقولا فَإِن الصَّلَاة فِي الأَصْل انعطاف جسماني لِأَنَّهَا من تَحْرِيك الصلوين، ثمَّ اسْتعْمل فِي الرَّحْمَة وَالدُّعَاء لما فيهمَا من الْعَطف الْمَعْنَوِيّ، وَلذَا عدي بعلى، وَلَا يلْزم من التساوق فِي الْمَعْنى التوافق فِي التَّعْدِيَة كَمَا فِي (نظر) و (رأى) وَقيل: (على) مُجَرّدَة عَن الْمضرَّة كَمَا فِي: {فتوكل على الله} قَالَ بَعضهم: أصل الصَّلَاة من الصلاء وَمعنى صلى الرجل أَي: أَزَال عَن نَفسه بِهَذِهِ الْعِبَادَة الصلاء الَّذِي هُوَ نَار الله الموقدة وَقَالَ مُجَاهِد: الصَّلَاة من الله التَّوْفِيق والعصمة، وَمن الْمَلَائِكَة العون والنصرة، وَمن الْأمة الِاتِّبَاع وَقَالَ بَعضهم: صَلَاة الرب على النَّبِي تَعْظِيم الْحُرْمَة، وَصَلَاة الْمَلَائِكَة إِظْهَار الْكَرَامَة، وَصَلَاة الْأمة طلب الشَّفَاعَة، وَلما لم يُمكن أَن تحمل على الدُّعَاء فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} حمل على الْعِنَايَة بشأن النَّبِي إِظْهَارًا لشرفه مجَازًا، إطلاقا للملزوم على اللَّازِم إِذْ الاسْتِغْفَار وَالرَّحْمَة تَسْتَلْزِم الِاعْتِبَار [وَقَالَ بَعضهم: إِن الله يَدْعُو ذَاته الْعلية بإيصال الْخَيْر إِلَيْهِ، وَمن لَوَازِم الرَّحْمَة، وَالْمَلَائِكَة يستغفرونه، وَهُوَ نوع من الدُّعَاء وَيجوز على تَقْدِير كَون الصَّلَاة مُشْتَركَة بَين الثَّلَاثَة: إِرَادَة الرَّحْمَة وَالِاسْتِغْفَار مِمَّن يصلونَ على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي رَحمَه الله إِن الله يرحم النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ويوصل إِلَيْهِ من الْخَيْر، وَالْمَلَائِكَة يعظمونه بِمَا فِي وسعهم فائتوا بهَا أَيهَا الْمُؤمنِينَ بِمَا يَلِيق بحالكم وَهُوَ الدُّعَاء لَهُ وَالثنَاء عَلَيْهِ] وَالْحَاصِل أَن معنى الصَّلَاة من الله على نبيه هُوَ أَن ينعم عَلَيْهِ بنعم يصحبها تكريم وتعظيم على مَا يَلِيق بِمَنْزِلَة النَّبِي عِنْده بِأَن يسمعهُ من كَلَامه الَّذِي لَا مثل لَهُ مَا تقر بِهِ عينه وتنبهج بِهِ نَفسه ويتسع بِهِ جاهه؛ وَمعنى السَّلَام عَلَيْهِ هُوَ أَن يُسلمهُ من كل آفَة مُنَافِيَة لغاية الْكَمَال، والمخلوق لَا يَسْتَغْنِي عَن زِيَادَة الدرجَة وَإِن كَانَ رفيع الْمنزلَة، على القَوْل بِعَدَمِ تناهي كَمَال الْإِنْسَان الْكَامِل، وَكَرَاهَة إِفْرَاد الصَّلَاة عَن السَّلَام إِنَّمَا هِيَ لفظا لَا خطا، أَو مَحْمُول على من جعله عَادَة، وَإِلَّا فقد وَقع الْإِفْرَاد فِي كَلَام جمَاعَة من أَئِمَّة الْهدى وَالصَّلَاة على مُحَمَّد صَلَاة على سَائِر الْأَنْبِيَاء أَيْضا لأَنهم كَانُوا منسلكين تَحت المناطق المحمدية ومظهرين صِفَات كَمَاله وَكِتَابَة الصَّلَاة فِي أَوَائِل الْكتب قد حدثت فِي أثْنَاء الدولة العباسية، وَلِهَذَا وَقع كتاب البُخَارِيّ وَغَيره من القدماء عَارِيا عَنْهَا، وَالظَّاهِر أَنهم يكتفون بالتلفظ قيل: الصَّلَاة جمع كَثْرَة بِدَلِيل {أقِيمُوا الصَّلَاة} والصلوات: جمع قلَّة تَقول: خمس صلوَات وَهَذَا غلط لِأَن بِنَاء صلوَات لَيْسَ للقلة لِأَن الله

تَعَالَى لم يرد الْقَلِيل بقوله: {مَا نفذت كَلِمَات الله} وَفِي التَّشْبِيه فِي الصَّلَاة الخليلية أَقْوَال: أقواها أَنه بِحَسب الْجِنْس لَا بِحَسب الشَّخْص كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} فَيكون لمُجَرّد الْجمع بَينهمَا فِي المشابهة [لَا من بَاب إِلْحَاق النَّاقِص بالكامل] أَو مَدْخُول الأداة مشبه بِهِ الْآل لَا مُحَمَّد، وَالْوَاو تَجِيء للاستئناف عِنْد الْكُوفِيّين كالفاء [وَالدُّعَاء بالترحم على مَا زَاده ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ وَأَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَإِن أوهم تقصيرا للمدعو لَهُ لكنه يكون من قبيل ارْحَمْ هَذَا الشَّيْخ بالرحم على ابْنه الْجَانِي، فَالْمَعْنى ارْحَمْ مُحَمَّدًا إِذْ الرَّحِم على أمته كَمَا فِي " الْمَبْسُوط "] وَالصَّلَاة فِي التَّنْزِيل تَأتي على أوجه: الصَّلَوَات الْخمس: {ويقيمون الصَّلَاة} وَصَلَاة الْعَصْر: {تحبسونهما فِي بعد الصَّلَاة} وَصَلَاة الْجُمُعَة: {إِذا نُودي للصَّلَاة} وَصَلَاة الْجِنَازَة: {وَلَا تصل على أحد مِنْهُم} وَالدّين: {أصلاتك تأمرك} وَالْقِرَاءَة: {وَلَا تجهربصلاتك} وَالدُّعَاء قيل مِنْهُ: {وصل عَلَيْهِم إِن صَلَاتك سكن لَهُم} وَلَا يخفى أَنه بِاعْتِبَار تضمين معنى الْعَطف ومواضع الصَّلَاة: {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} وأصل الصَّلَاة (صلوة) بِالتَّحْرِيكِ قلبت واوها ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا فَصَارَت صَلَاة تلفظ بِالْألف وتكتب بِالْوَاو إِشَارَة إِلَى الأَصْل الْمَذْكُور واتباعا للرسم العثماني مثل (الزكوة) و (الحيوة) و (الربوا) غير أَن المتطرفة يكْتب بعْدهَا الْألف دون المتوسطة إِلَّا إِذا أضيفت أَو ثنيت فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تكْتب بِالْألف نَحْو: (صَلَاتك) و (صلاتان) وَقَالَ ابْن درسْتوَيْه: لم تثبت بِالْوَاو فِي غير الْقُرْآن وَفِي " الْكَافِي " (الرِّبَا) قد يكْتب بِالْوَاو، وَهَذَا أقبح من كِتَابَة الصَّلَاة، لِأَنَّهُ متعرض للْوَقْف، وأقبح مِنْهُ أَنهم زادوا بعْدهَا ألفا تَشْبِيها بواو الْجمع، وَخط الْقُرْآن لَا يُقَاس عَلَيْهِ [وَقَالَ عِصَام الدّين رَحمَه الله: الْكِتَابَة بِالْوَاو وَالْألف فِي (الربوا) لِأَن للفظ نَصِيبا مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا لم تكْتب الصَّلَاة وَالزَّكَاة بهما لِئَلَّا يكون فِي مَظَنَّة الالتباس بِالْجمعِ]

الصدْق، بِالْكَسْرِ: هُوَ إِخْبَار عَن الْمخبر بِهِ على مَا هُوَ بِهِ مَعَ الْعلم بِأَنَّهُ كَذَلِك وَالْكذب: إِخْبَار عَن الْمخبر بِهِ على خلاف مَا هُوَ بِهِ مَعَ الْعلم بِأَنَّهُ كَذَلِك وَفِي " الْأَنْوَار " فِي قَوْله تَعَالَى: {ويحلفون على الْكَذِب وهم يعلمُونَ} فِي هَذَا التَّقْيِيد دَلِيل على أَن الْكَذِب يعم مَا يعلم الْمخبر عدم مطابقته وَمَا لَا يعلم وَلَا وَاسِطَة بَينهمَا، وَهُوَ كل خبر لَا يكون عَن بَصِيرَة بالمخبر عَنهُ، وَهَذَا افتراء والافتراء أخص من الْكَذِب وَقيل: الْكَذِب عدم الْمُطَابقَة لما فِي نفس الْأَمر مُطلقًا، وَلَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ عدم الْمُطَابقَة عَمَّا من شَأْنه أَن يُطَابق لما فِي نفس الْأَمر والصدق التَّام: هُوَ الْمُطَابقَة للْخَارِج والاعتقاد مَعًا، فَإِن انْعَدم وَاحِد مِنْهُمَا لم يكن صدقا تَاما بل إِمَّا أَن لَا يُوصف بِصدق وَلَا كذب كَقَوْل المبرسم الَّذِي لَا قصد لَهُ: (زيد فِي الدَّار) وَإِمَّا أَن يُقَال لَهُ صدق وَكذب باعتبارين، وَذَلِكَ إِن كَانَ مطابقا للْخَارِج غير مُطَابق للاعتقاد أَو بِالْعَكْسِ كَقَوْلِه النافقين: {نشْهد إِنَّك لرَسُول الله} فَيصح أَن يُقَال لهَذَا صدق اعْتِبَارا بالمطابقة لما فِي الْخَارِج، وَكذب لمُخَالفَة ضمير الْقَائِل، وَلِهَذَا أكذبهم الله تَعَالَى [وَفِي كَون الْكَلَام صَادِقا وكاذبا مَعًا مغالطة مَشْهُورَة، وَهِي فِيمَا] لَو قَالَ: (كل كَلَام أَتكَلّم بِهِ الْيَوْم فَهُوَ كَاذِب) ، وَلم يتَكَلَّم الْيَوْم بِمَا سوى هَذَا الْكَلَام أصلا فَإِن كَانَ هَذَا الْكَلَام كَاذِبًا يلْزم أَن يكون صَادِقا وَبِالْعَكْسِ [حَتَّى أجَاب عَنهُ الْعَلامَة الدواني رَحمَه الله بِأَن الْقَائِل لَو قَالَ هَذَا مُشِيرا إِلَى نفس هَذَا الْكَلَام لم يَصح اتصافه بِالصّدقِ وَالْكذب لانْتِفَاء الْحِكَايَة عَن النِّسْبَة الْوَاقِعَة، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُوصف بهما الْكَلَام الَّذِي هُوَ إِخْبَار وحكاية عَن نِسْبَة وَاقعَة وَهِي مفقودة فِيهِ، بل لَا حِكَايَة حَقِيقَة فَيكون كلَاما خَالِيا عَن التَّحْصِيل لَا يكون خَبرا حَقِيقَة] والصدق وَالْحق يتشاركان فِي المورد ويتفارقان بِحَسب الِاعْتِبَار، فَإِن الْمُطَابقَة بَين الشَّيْئَيْنِ تَقْتَضِي نِسْبَة كل مِنْهُمَا إِلَى الآخر بالمطابقة فَإِذا تطابقا فَإِن نسبنا الْوَاقِع إِلَى الِاعْتِقَاد كَانَ الْوَاقِع مطابقا (بِكَسْر الْبَاء) والاعتقاد مطابقا (بِفَتْح الْبَاء) فتسمى هَذِه الْمُطَابقَة الْقَائِمَة بالاعتقاد حَقًا، وَإِن عكسنا النِّسْبَة كَانَ الْأَمر على الْعَكْس فتسمى هَذِه الْمُطَابقَة الْقَائِمَة بالاعتقاد صدقا، وَإِنَّمَا اعْتبر هَكَذَا لِأَن الْحق والصدق لَا حَال القَوْل والاعتقاد لَا حَال الْوَاقِع. والصدق: هُوَ أَن يكون الحكم لشَيْء على شَيْء إِثْبَاتًا أَو نفيا مطابقا لما فِي نفس الْأَمر والتصديق: هُوَ الِاعْتِرَاف بالمطابقة لَكِن الِاعْتِرَاف بالمطابقة فِي حكم لَا يُوجب أَن يكون ذَلِك الحكم مطابقا والمطابقة الَّتِي أخذت فِي تَفْسِير التَّصْدِيق غير الْمُطَابقَة الَّتِي هِيَ وَاقعَة فِي

نفس الْأَمر، فَإِن الأولى دَاخِلَة فِي التَّصْدِيق على وَجه التضمن، وَالثَّانيَِة خَارِجَة عَنهُ لَازِمَة لَهُ فِي بعض الْمَوَاضِع والصدق وَالْكذب: يُوصف بهما الْكَلَام تَارَة والمتكلم أُخْرَى، والمأخوذ فِي تَعْرِيف الْخَبَر صفة الْكَلَام، وَمَا يذكر الْخَبَر فِي تَعْرِيفه هُوَ صفة الْمُتَكَلّم والصدق فِي القَوْل: مجانبة الْكَذِب وَفِي الْفِعْل: الْإِتْيَان بِهِ وَترك الِانْصِرَاف عَنهُ قبل تَمَامه وَفِي النِّيَّة: الْعَزْم وَالْإِقَامَة عَلَيْهِ حَتَّى يبلغ الْفِعْل وَصدق فِي الْحَرْب: ثَبت، كَمَا أَن كذب فِي الْحَرْب: بِمَعْنى هرب وَصدق الله أَي: قَالَ مطابقا لما فِي نفس الْأَمر وَالْكَاتِب صَادِق على الْإِنْسَان أَي: مَحْمُول عَلَيْهِ وصدقت هَذِه الْقَضِيَّة فِي الْوَاقِع: أَي تحققت وَيُقَال: هَذَا الرجل الصدْق بِفَتْح الصَّاد، وَإِذا أضفت إِلَيْهِ كسرتها الصداقة: صدق الِاعْتِقَاد فِي الْمَوَدَّة، وَذَلِكَ مُخْتَصّ بالإنسان دون غَيره وَرجل صدق: أَي ذُو صَلَاح لَا صدق اللِّسَان، أَلا ترى أَنَّك تَقول: (ثوب صدق) و (خمار صدق) أَي ذُو جودة [وَمعنى قَوْله تَعَالَى: {قد صدقت الرُّؤْيَا} لَيْسَ حققت مَا أمرت بِهِ بل صدقت الرُّؤْيَا، وَحمله على ظَاهره وَإِن كَانَ مَوَاطِن الرُّؤْيَا تَقْتَضِي التَّعْبِير عَنهُ، إِذْ لَو كَانَ المُرَاد تَحْقِيقه وامتثاله لما كَانَ لوُجُوب الْفِدَاء بعده فَائِدَة] الصَّدَقَة: مَا أَعْطيته فِي ذَات الله تَعَالَى وَفعله غب صَادِقَة: أَي بَعْدَمَا تبين لَهُ الْأَمر والصادق: نعت النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام للمدح لَا للتخصيص وَلَا للتوضيح، لِأَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يكون إِلَّا صَادِقا، والتفعيل فِي التَّصْدِيق للنسبة لَا للتعدية، وَكَذَا فِي التَّكْذِيب، فتصديق النَّبِي نِسْبَة الصدْق إِلَيْهِ فِيمَا يخبر بِهِ وَقَوله تَعَالَى: {لَوْلَا أخرتني إِلَى أجل قريب فَأَصدق} فَمن الصدْق أَو من الصَّدَقَة: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ وَصدق بِهِ} أَي: حقق مَا أوردهُ قولا بِمَا تحراه فعلا والصديقية: دَرَجَة أَعلَى من دَرَجَات الْولَايَة، وَأدنى من دَرَجَات النُّبُوَّة، وَلَا وَاسِطَة بَينهَا وَبَين النُّبُوَّة، فَمن جاوزها وَقع فِي النُّبُوَّة بِفضل الله تَعَالَى فِي الزَّمَان الأول وصديقات: تَصْغِير (أصدقاء) وَإِن كَانَ لمؤنث وصديقون: للمذكر وصدقت الرجل فِي الحَدِيث تَصْدِيقًا وأصدق الْمَرْأَة صَدَاقا {وَلَقَد بوأنا بني إِسْرَائِيل مبوأ صدق} أنزلناهم منزلا صَالحا الصاحب: الملازم إنْسَانا كَانَ أَو حَيَوَانا أَو مَكَانا أَو زَمَانا، وَلَا يفرق بَين أَن تكون مصاحبته بِالْبدنِ وَهُوَ الأَصْل وَالْأَكْثَر، أَو بالعناية والهمة

(وَلَا يُقَال فِي الْعرف إِلَّا لمن كثرت ملازمته) وَيُقَال للْمَالِك للشَّيْء هُوَ صَاحبه، وَكَذَلِكَ لمن يملك التَّصَرُّف وَقد يُضَاف الصاحب إِلَى مسوسه نَحْو: صَاحب الْجَيْش، وَإِلَى سائسه نَحْو: صَاحب الْأَمِير وَالصَّحَابَة: فِي الأَصْل مصدر أطلق على أَصْحَاب الرَّسُول، لَكِنَّهَا أخص من الْأَصْحَاب لكَونهَا بِغَلَبَة الِاسْتِعْمَال فِي أَصْحَاب الرَّسُول كَالْعلمِ لَهُم، وَلِهَذَا نسب الصَّحَابِيّ إِلَيْهَا بِخِلَاف الْأَصْحَاب والصاحب مُشْتَقّ من الصُّحْبَة، وَهِي وَإِن كَانَت تعم الْقَلِيل وَالْكثير لَكِن الْعرف خصصها [لمن كثرت ملازمته وطالت صحبته] ثمَّ الصَّحَابِيّ هُوَ من لَقِي النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بعد النُّبُوَّة فِي حَال حَيَاته يقظة مُؤمنا بِهِ وَمَات على ذَلِك وَلَو أعمى كَابْن أم مَكْتُوم وَغَيره مِمَّن حنكه النَّبِي أَو مسح وَجهه من الْأَطْفَال أَو من غير جنس الْبشر كوفد [جن] نَصِيبين وَاسْتشْكل ابْن الْأَثِير فِي كِتَابه " أَسد الغابة " دُخُوله فِي اسْم الصُّحْبَة، وَكَمن لقِيه من الْمَلَائِكَة لَيْلَة الْإِسْرَاء وَغَيرهَا بِنَاء على أَنه مُرْسل إِلَيْهِم أَيْضا، وَعَلِيهِ الْمُحَقِّقُونَ وَقد عبر بَعضهم بالاجتماع دون اللِّقَاء إشعارا بِاشْتِرَاط الاتصاف بالتمييز فَلَا يدْخل فِي الصُّحْبَة من حنكه من الْأَطْفَال أَو مسح على وَجهه، إِذْ لَهُم رُؤْيَة وَلَيْسَ لَهُم صُحْبَة، وَخرج بِهِ أَيْضا الْأَنْبِيَاء الَّذين اجْتَمعُوا بِهِ لَيْلَة الْإِسْرَاء وَغَيرهَا، وَمن اجْتمع بِهِ من الْمَلَائِكَة لِأَن المُرَاد الِاجْتِمَاع الْمُتَعَارف لَا مَا وَقع على وَجه خرق الْعَادة ومقامهم أجل من رُتْبَة الصُّحْبَة وَالتَّابِع: هُوَ الَّذِي رأى الصَّحَابِيّ ولقيه وروى عَنهُ أَو لَا، وَلَا يشْتَرط فِيهِ وِلَادَته فِي زمن النَّبِي وَالتَّابِع الَّذِي هُوَ من بني هَاشم وَبني الْمطلب هُوَ من الْآل لَا من الصَّحَابَة وَصَاحب: يسْتَعْمل مُتَعَدِّيا بِنَفسِهِ إِلَى مفعول وَاحِد نَحْو: (صَاحب زيد عمرا) وَيُقَال (صَاحب زيد مَعَ عَمْرو) وَيُقَال للأدون إِنَّه صَاحب الْأَعْلَى لَا الْعَكْس الصَّحِيح: هُوَ فِي الْعِبَادَات والمعاملات مَا استجمعت أَرْكَانه وشرائطه بِحَيْثُ يكون مُعْتَبرا فِي حق الحكم على حسب مَا اسْتعْمل فِي الحسيات وَالصَّحِيح فِي الْحَيَوَان: مَا اعتدلت طَبِيعَته واستكملت قوته وَالصَّحِيح من الْأَفْعَال: مَا سلمت أُصُوله من حُرُوف الْعلَّة وَإِن وجد الْهمزَة والتضعيف فِي أَحدهَا والسالم: مَا سلم أُصُوله مِنْهُمَا أَيْضا وَالصَّحِيح من البيع: مَا يكون مَشْرُوعا بِأَصْلِهِ وَوَصفه، وَهُوَ المُرَاد بِالصَّحِيحِ عِنْد الْإِطْلَاق وَالصِّحَّة فِي الْأُصُول إِذا أطلقت يُرَاد بهَا الصِّحَّة الشَّرْعِيَّة الصَّوَاب: هُوَ الْأَمر الثَّابِت فِي نفس الْأَمر لَا يسوغ إِنْكَاره

والصدق: هُوَ الَّذِي يكون مَا فِي الذِّهْن مُوَافقا للْخَارِج وَالْحق: هُوَ الَّذِي يكون مَا فِي الْخَارِج مُوَافقا لما فِي الذِّهْن [والسداد: هُوَ الصَّوَاب من القَوْل وَالْعَمَل] وَالصَّوَاب وَالْخَطَأ: يستعملان فِي الْفُرُوع والمجتهدات وَالْحق وَالْبَاطِل: يستعملان فِي الْأُصُول. المعتقدات، وَإِذا وجد الثَّوَاب وجد الصَّوَاب وَيُوجد بِدُونِهِ أَيْضا وَالصَّوَاب يسْتَعْمل فِي مُقَابلَة الْخَطَأ الصُّورَة، بِالضَّمِّ: الشكل، وتستعمل بِمَعْنى النَّوْع وَالصّفة وَهِي جَوْهَر بسيط لَا وجود لمحله دونه، إِذْ لَو وجد فَعرض على طَريقَة الْمُتَكَلِّمين لكَونهَا قَائِمَة بِالْغَيْر، وجوهر على طَريقَة الفلاسفة لِأَنَّهَا مَوْجُودَة لَا فِي مَوْضُوع لِأَنَّهَا لَيست فِي مَحل مقوم للْحَال بل هِيَ مقومة للمحل، وَكَذَا الصُّورَة الذهنية للجواهر وَالصُّورَة: مَا تنتقش بِهِ الْأَعْيَان وتميزها عَن غَيرهَا وَقد تطلق الصُّورَة على تَرْتِيب الأشكال وَوضع بَعْضهَا من بعض وَاخْتِلَاف تركيبها وَهِي الصُّورَة الْمَخْصُوصَة وَقد تطلق على تركيب الْمعَانِي الَّتِي لَيست محسوسة فَإِن للمعاني ترتيبا أَيْضا وتركيبا وتناسبا، وَيُسمى ذَلِك صُورَة فَيُقَال صُورَة الْمَسْأَلَة، وَصُورَة الْوَاقِعَة، وَصُورَة الْعُلُوم الحسابية والعقلية كَذَا وَكَذَا وَالْمرَاد التَّسْوِيَة فِي هَذِه الصُّورَة المعنوية وَالصُّورَة النوعية: هِيَ الْجَوْهَر الَّتِي تخْتَلف بهَا الْأَجْسَام أنواعا وَالصُّورَة الذهنية: قَائِمَة بالذهن قيام الْعرض بِالْمحل وَالصُّورَة الخارجية: هِيَ إِمَّا قَائِمَة بذاتها إِن كَانَت الصُّورَة جوهرية، أَو بِمحل غير الذِّهْن إِن كَانَت الصُّورَة عرضية، كالصورة الَّتِي ترَاهَا مرتسمة فِي الْمرْآة من الصُّورَة الخارجية وَقد يُرَاد بالصورة الصّفة كَمَا فِي حَدِيث [" رَأَيْت رَبِّي فِي مَنَامِي فِي أحسن صُورَة " أَي: صفة يَعْنِي فِي أحسن إكرام ولطف وَقَالُوا فِي حَدِيث] " إِن الله خلق آدم على صورته " فَإِن أصل الصِّفَات مُشْتَركَة، والتفاوت فِيهَا إِنَّمَا نَشأ من الانتساب الى الْمَوْصُوف لما تقرر عِنْد أَئِمَّة الْكَشْف وَالتَّحْقِيق أَن للصفات أحكاما فِي

الْمَوْصُوف، فَإِن الْعلم وَالْقُدْرَة يصير بهما الْمَوْصُوف عَالما وقادرا كَذَلِك للموصوفات أَحْكَام فِي الصِّفَات، فَإِن الْعلم وَالْقُدْرَة بانتسابهما إِلَى الْقَدِيم يصيران قديمين، وبالانتساب إِلَى الْحَادِث يصيران حادثين، فوجوده تَعَالَى وَسَائِر صِفَاته مُقْتَضى ذَاته بل عين ذَاته، بِخِلَاف وجود الْإِنْسَان وَصِفَاته [وَفِي هَذَا الحَدِيث أَقْوَال غير هَذَا مِنْهَا: أَن الضَّمِير عَائِد إِلَى آدم أَي خلق الله آدم على صورته الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي أول الْخلقَة، وَمَا كَانَ فِيهِ اسْتِحَالَة صُورَة وتبديل هَيْئَة من النُّطْفَة إِلَى الْعلقَة وَمِنْهَا إِلَى غَيرهَا كَمَا فِي أَوْلَاده، وَيُؤَيّد هَذَا الْوَجْه قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " فَكل من يدْخل الْجنَّة على صُورَة آدم وَطوله سِتُّونَ ذِرَاعا " وَالرِّوَايَة بِالْفَاءِ فِي " البُخَارِيّ " رَضِي الله عَنهُ وَجَمِيع نسخ " المصابيح "، وَقَالَ بَعضهم: هَذَا الحَدِيث ورد فِي رجل لطم وَجه رجل فزجره النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَقَالَ ذَلِك، فَالضَّمِير عَائِد إِلَى الملطوم] الصَّيْحَة: [رفع الصَّوْت] قد يُرَاد بهَا الْمصدر بِمَعْنى الصياح فَيحسن فِيهَا التَّذْكِير، وَقد يُرَاد بهَا الْوحدَة من الْمصدر فَيحسن فِيهَا التَّأْنِيث [والأصوات الحيوانية من حَيْثُ إِنَّهَا تَابِعَة للتخيلات منزلَة منزلَة الْعبارَات] الصَّبْر: الْحَبْس صَبر عَنهُ يصبره: حَبسه وَالصَّبْر فِي الْمُصِيبَة: وَأما فِي الْمُحَاربَة فَهُوَ شجاعة، وَفِي إمْسَاك النَّفس عَن الفضول قناعة وعفة، وَفِي إمْسَاك كَلَام الضَّمِير كتمان فاختلاف الْأَسَامِي باخْتلَاف المواقع والصبرة بِالضَّمِّ: مَا جمع من الطَّعَام بِلَا كيل وَلَا وزن والصبور: هُوَ الَّذِي لَا يُعَاقب الْمُسِيء مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ، وَكَذَا الْحَلِيم. وَشهر الصَّبْر: شهر الصَّوْم {فَمَا أصبرهم على النَّار} : أَي: مَا أجرأهم أَو مَا أعملهم بِعَمَل أَهلهَا واصطبر لِلْعِبَادَةِ: كَقَوْلِك للمحارب اصطبر لقرنك أعظم الخطية صَبر البلية [كَمَا هُوَ الْمُسْتَعْمل فِي الْجَاهِلِيَّة] . الصِّيغَة: هِيَ الْهَيْئَة الْعَارِضَة للفظ بِاعْتِبَار الحركات والسكنات وَتَقْدِيم بعض الْحُرُوف على بعض، وَهِي صُورَة الْكَلِمَة والحروف مادتها والأنبية: هِيَ الْحُرُوف مَعَ الحركات والسكنات الْمَخْصُوصَة. الصُّلْح، بِالضَّمِّ: السّلم، وَيُؤَنث وَالصَّلَاح: ضد الْفساد، وَصلح (كمنع وكرم) وَأَصْلحهُ ضد أفْسدهُ وَأصْلح إِلَيْهِ: أحسن حكى الْفراء الضَّم فِيمَا مضى، وَهُوَ بِالضَّمِّ اتِّفَاقًا إِذا صَار الصّلاح هَيْئَة لَازِمَة كالشرف وَنَحْوه، وَلَا يسْتَعْمل الصّلاح فِي النعوت فَلَا يُقَال: قَول صَلَاح، وَإِنَّمَا يُقَال: قَول صَالح، وَعمل صَالح

وَالصَّلَاح: هُوَ سلوك طَرِيق الْهدى وَقيل: هُوَ استقامة الْحَال على مَا يَدْعُو إِلَيْهِ الْعقل والصالح: الْمُسْتَقيم الْحَال فِي نَفسه وَقَالَ بَعضهم: الْقَائِم بِمَا عَلَيْهِ من حُقُوق الله وَحُقُوق الْعباد والكمال فِي الصّلاح مُنْتَهى دَرَجَات الْمُؤمنِينَ ومتمنى الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ [وسبيل رَجَاء الصّلاح من سيدنَا يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام هُوَ سَبِيل الاسْتِغْفَار من سيدنَا مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمَا ذَاك وَأَمْثَاله إِلَّا لهضم النَّفس] وَفِي " وقف الْخصاف ": من كَانَ مَسْتُورا لَيْسَ بمهتوك وَلَا صَاحب رِيبَة وَكَانَ مُسْتَقِيم الطَّرِيقَة سليم النَّاحِيَة من الْأَذَى، قَلِيل السوء، لَيْسَ يعاقر النَّبِيذ وَلَا ينادم عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بقذاف للمحصنات وَلَا مَعْرُوفا بكذب، فَهَذَا عندنَا من أهل الصّلاح) الصعُود: صعد فِي السّلم (كسمع) صعُودًا وَفِي الْجَبَل وَعَلِيهِ تصعيدا وأصعد فِي الأَرْض: وَهُوَ أَن يتَوَجَّه مُسْتَقْبل أَرض أرفع من الْأُخْرَى وَعَن أبي عَمْرو: ذهب أَيْنَمَا توجه وَقد يعدى بإلى لتَضَمّنه معنى الْقَصْد والتوجه واستعير الصعُود لما يصل من العَبْد إِلَى الله: [ {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب} ] كَمَا أستعير النُّزُول لما يصل من الله [إِلَى العَبْد (والصعود (بِالْفَتْح) : ضد الهبوط) وَبلغ كَذَا فَصَاعِدا أَي: فَمَا فَوق ذَلِك الصدع: صدعه (كمنعه) : شقَّه أَو شقَّه نِصْفَيْنِ، أَو شقَّه وَلم يفْتَرق وَفُلَانًا: قَصده لكرمه وبالحق: تكلم بِهِ جهارا وبالأمر: أصَاب بِهِ مَوْضِعه وجاهر بِهِ وَإِلَيْهِ صدوعا: مَال وَعنهُ: انْصَرف. والفلاة: قطعهَا وَقَوله تَعَالَى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر} أَي: شقّ جَمَاعَتهمْ بِالتَّوْحِيدِ، أَو اجهر بِالْقُرْآنِ، أَو أظهر، أَو احكم بِالْحَقِّ، وافصل بِالْأَمر، أَو اقصد بِمَا تُؤمر، أَو فرق بَين الْحق وَالْبَاطِل [الصَّعق (محركة) : شدَّة الصَّوْت، وك (كتف) : الشَّديد الصَّوْت] الصاعقة: فِي " الْقَامُوس ": الْمَوْت وكل عَذَاب مهلك، وَالنَّار فالموت كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَصعِقَ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض} وَالْعَذَاب كَقَوْلِه: {فَأَخَذتهم صَاعِقَة} وَالنَّار كَقَوْلِه: {يُرْسل الصَّوَاعِق فَيُصِيب بهَا من يَشَاء} [قَوْله تَعَالَى: {وخر مُوسَى صعقا} أَي:

مغشيا عَلَيْهِ] وصيحة الْعَذَاب والمخراق الَّذِي بيد الْملك سائق السَّحَاب، وَهُوَ جرم ثقيل مذاب مفرغ فِي الْأَجْزَاء اللطيفة الأرضية الصاعدة الْمُسَمَّاة دخانا والمائية الْمُسَمَّاة بخارا، وَهُوَ حاد فِي غَايَة الحدة والحرارة، لَا يَقع على شَيْء إِلَّا تفتت وأحرق وَنفذ فِي الأَرْض حَتَّى يبلغ المَاء فينطفئ وَيقف وَمِنْه الخارصيني الصَّرِيح: هُوَ مَا ظهر المُرَاد مِنْهُ لِكَثْرَة اسْتِعْمَاله فِيهِ وَالْكِنَايَة: خَفِي اسْتِعْمَاله فِيهِ وَفِي غَيره وَحكم الأول ثُبُوت مَدْلُوله مُطلقًا، وَحكم الثَّانِي ثُبُوته بنية الصّرْف: هُوَ أخص من الْمَنْع لِأَن الْمَنْع لَا يلْزمه اندفاع الْمَمْنُوع عَن جِهَة بِخِلَاف الصّرْف وَفِي الشَّرِيعَة: بيع الثّمن بِالثّمن أَي: أحد الحجرين بِالْآخرِ وَصرف الحَدِيث: أَن يُزَاد فِيهِ وَيحسن من الصّرْف فِي الدَّرَاهِم، وَهُوَ فضل بَعْضهَا على بعض فِي الْقيمَة والصيرفي: الْمُحْتَال فِي الْأُمُور، كالصريف وصراف الدَّرَاهِم وتصريف الْآيَات: تبيينها وَفِي الدَّرَاهِم: إنفاقها وَفِي الْكَلَام: اشتقاق بعضه من بعض وَفِي الرِّيَاح: تحويلها من وَجه إِلَى وَجه وَفِي الْخمر: شربهَا صرفا الصَّوْت: هُوَ من صات يصوت ويصات: إِذا نَادَى والصيت: الذّكر الْحسن الصدى: هُوَ مَا يجيبك من الْوَادي قَالُوا فِي تَعْرِيف الصَّوْت: هُوَ كَيْفيَّة قَائِمَة بالهواء تحدث بِسَبَب تموجه بالقرع أَو الْقلع فتصل إِلَى الصماخ بِسَبَب وُصُول محلهَا وَهُوَ الْهَوَاء وَلَيْسَ كَذَلِك، إِذْ لَو كَانَ قَائِما بالهواء لما سمع من قَعْر المَاء وَكَذَا من وَرَاء جِدَار دق، وَلَا يشْتَرط لإدراكه وُصُول الْهَوَاء المقروع لهذين، وَلِأَنَّهُ يسمع من الْمَكَان العالي، والهواء لَا ينزل طبعا وَلَا قسرا وَالصَّوْت أَعم من النُّطْق وَالْكَلَام. وَمَا لم يسمع من الْمُتَكَلّم من كَانَ يقرب مِنْهُ فَهُوَ دندنة لَا كَلَام] (والأصوات الحيوانية من حَيْثُ إِنَّهَا تَابِعَة للتخيلات منزلَة منزلَة الْعِبَادَات) وَمَا خرج من الْفَم إِن لم يشْتَمل على حرف فَهُوَ صَوت، وَإِن اشْتَمَل وَلم يفد معنى فَهُوَ لفظ، وَإِن أَفَادَ معنى فَقَوْل، فَإِن كَانَ مُفردا فكلمة، أَو مركبا من اثْنَيْنِ وَلم يفد نِسْبَة مَقْصُودَة فجملة، أَو أَفَادَ ذَلِك فَكَلَام، أَو من ثَلَاثَة فَكلم الصفح: هُوَ ترك التثريب، وَهُوَ أبلغ من الْعَفو، وَقد يفعو الْإِنْسَان وَلَا يصفح والصفح مِنْك: جَنْبك وَمن الْوَجْه وَالسيف: عرضه، وَيضم الصَّلِيب: المربع الْمَشْهُور لِلنَّصَارَى من

الْخشب. يدعونَ أَن عِيسَى النَّبِي صلب على خَشَبَة على تِلْكَ الصُّورَة الصقع (بِالْقَافِ) : الضَّرْب بالراحة على مقدم الرَّأْس و [الصفع] ، بِالْفَاءِ: هُوَ الضَّرْب على الْقَفَا، وَيُقَال: ذُو الْقَاف فِي الْأَجْسَام الأرضية والصعق: بِتَقْدِيم الْعين فِي الْأَجْسَام العلوية والصفقة: ضرب الْيَد على الْيَد فِي البيع والبيعة، ثمَّ جعلت عبارَة عَن العقد نَفسه الصَّبْغ (بِالْفَتْح) : التلوين وبالكسر: مَا يصْبغ بِهِ والصبغة (بِالْكَسْرِ والسكون) : الدّين وَالْملَّة وصبغة الله: فطرته أَو الَّتِي أَمر بهَا مُحَمَّدًا فِي الختانة والصباغ: من يلون الثِّيَاب الصنع: هُوَ تركيب الصُّورَة فِي الْمَادَّة وصنع إِلَيْهِ مَعْرُوفا، وصنع بِهِ صنعا قبيحا: أَي فعل الصِّلَة: [هِيَ فِي الِاصْطِلَاح مَا هُوَ فِي موقع الْمَفْعُول بِهِ] تقال [بالاشتراك] عِنْدهم على ثَلَاثَة: صلَة الْمَوْصُول: وَهِي الَّتِي يسميها سِيبَوَيْهٍ حَشْوًا، أَي: لَيست أصلا وَإِنَّمَا هِيَ زِيَادَة يتم بهَا الِاسْم ويوضح مَعْنَاهُ وَهَذَا الْحَرْف صلَة: أَي زَائِدَة وحرف جر صلَة بِمَعْنى وصلَة كَقَوْلِه: (مَرَرْت بزيد) الصراحية: هِيَ آنِية للخمر و [الصراحية] بِالتَّخْفِيفِ: الْخمر الْخَالِصَة الصدف: هُوَ حَيَوَان من جنس السّمك يخلق الله اللُّؤْلُؤ فِيهِ من مطر الرّبيع، وَيخرج من ملتقى الْبَحْرين العذب والمالح. وَقد نظمت فِيهِ: (ولؤلؤة قد جردت صدفيها ... وتأزرت لون السما زرقيها) (فَسُئِلت من وَجه تلونها لما ... فأجبته إِن ذَاك من بحريها) الصَّقْر: هُوَ كل طير يصيد من البزاة والشواهين، وَاللَّبن الْخَالِص، والدبس، وَعسل الرطب وَالزَّبِيب الصَّوْم: هُوَ فِي الأَصْل الْإِمْسَاك عَن الْفِعْل، مطعما كَانَ أَو كلَاما أَو مشيا وَفِي الشَّرْع: إمْسَاك الْمُكَلف بِالنِّيَّةِ من الْخَيط الْأَبْيَض إِلَى الْخَيط الْأسود عَن تنَاول الأطيبين والاستمناء والاستقاء والصائم للْوَاحِد والجميع وَالصَّوْم مركب من أَجزَاء متفقة، فَينْطَلق على بعضه اسْم الْكل كاسم المَاء ينْطَلق على مَاء الْبَحْر وعَلى القطرة، وَلِهَذَا لَو حلف أَن لَا يَصُوم حنث [بالامساك] سَاعَة نَاوِيا إِلَّا أَن يذكر الْمصدر فَحِينَئِذٍ لَا يَحْنَث بِمَا دون يَوْم، كَذَا فِي (لَا يُصَلِّي) ، فَإِنَّهُ يَحْنَث بِدُونِ ذكر الْمصدر بِرَكْعَة صَحِيحَة، وبذكره لَا يَحْنَث بِمَا دون رَكْعَتَيْنِ إِذْ الْمصدر للكمال [لَكِن فرق بَين الصَّوْم وَالصَّلَاة من حَيْثُ إِن

الصَّلَاة مَاهِيَّة مركبة من الْقيام وَالْقعُود وَالرُّكُوع وَالسُّجُود، إِلَّا أَنَّهَا لَا ينْطَلق على بعض جزئها اسْم الْكل كَمَا فِي الصَّوْم وَاعْلَم أَن الصَّلَاة لما اشْتَمَلت على حركات وسكنات، وَالْحَرَكَة عبارَة عَن شغل حيّز بعد أَن كَانَ فِي حيّز آخر والسكون عبارَة عَن شغل حيّز وَاحِد فِي زمانين، فشغل الحيز جُزْء مَاهِيَّة الْحَرَكَة والسكون، وهما جُزْء مَاهِيَّة الصَّلَاة، وجزء الْجُزْء جزئي، اسْتدلَّ بِهِ أَحْمد والإمامية والزيدية وَبَعض الْمُتَكَلِّمين كَالْإِمَامِ الرَّازِيّ على عدم صِحَة الصَّلَاة فِي الأَرْض الْمَغْصُوبَة، فَإِن شغل الحيز فِي هَذِه الصُّورَة مَنْهِيّ عَنهُ، لِأَنَّهُ كَون فِي الأَرْض الْمَغْصُوبَة، وَهِي مَنْهِيّ عَنهُ فَكَانَ جُزْء مَاهِيَّة هَذِه الصَّلَاة مَنْهِيّا عَنهُ، وعَلى هَذَا التَّقْرِير فالغصب وَالْمحرم هَهُنَا جُزْء من مَاهِيَّة الصَّلَاة فاستحال تعلق الْأَمر بِهَذِهِ الصَّلَاة فَلم تكن هَذِه الصَّلَاة مَأْمُورا بهَا، إِذْ الْأَمر بِالْكُلِّ التركيبي أَمر بالجزئي، فَلَا يكون آتِيَا بالمأمور بِهِ، وَالْجَوَاب عَنهُ أَن الصَّلَاة فِي الأَرْض الْمَغْصُوبَة لَيست مَأْمُورا بهَا من حَيْثُ إِنَّهَا صَلَاة مُقَيّدَة بِكَوْنِهَا فِي تِلْكَ الأَرْض، بل من حَيْثُ هِيَ صَلَاة مُطلقًا، وَحِينَئِذٍ كَون جُزْء الصَّلَاة الْمُطلقَة مَنْهِيّا عِنْدهم، والهيئة الْحَاصِلَة بهَا بعد الْجمع، وَإِن كَانَت مَنْهِيّا عَنْهَا، لَكِن لَا تكون مُوجبَة لنهي الصَّلَاة الْمُطلقَة، ضَرُورَة كَونهَا غير لَازِمَة لَهَا، إِذْ الْمُطلقَة قد تتَحَقَّق بِدُونِهَا، وَإِذا كَانَت الْمُطلقَة غير مَنْهِيّ عَنْهَا أُتِي بهَا لِأَنَّهُ قد أُتِي بِالصَّلَاةِ الْمقيدَة، والمقيد يسْتَلْزم الْمُطلق فَيكون قد أُتِي بالمأمور بهَا نَظِيره مَا قَالَ السَّيِّد لعَبْدِهِ: افْعَل هَذَا، أَو لَا تدخل هَذِه الدَّار، فَإِنَّهُ إِذا فعل الْمَأْمُور فِي الدَّار الْمنْهِي عَنْهَا يقطع بِطَاعَتِهِ من حَيْثُ إِنَّه أَتَى بالمأمور بِهِ، وَيقطع بعصيانه نصا من حَيْثُ إِنَّه دخل الدَّار الْمنْهِي عَن دُخُولهَا، كَذَلِك فِيمَا نَحن فِيهِ، فَلَا يلْزم توارد الْأَمر وَالنَّهْي على الشَّيْء الْوَاحِد بِاعْتِبَار الْوَاحِد، وَقد أجَاب الإِمَام الْغَزالِيّ عَلَيْهِ الرَّحْمَة عَنهُ بِأَن " جِهَة كَونهَا صَلَاة مُغَايرَة لجِهَة كَونهَا غصبا، وَلما تغايرت الجهتان لم يبعد أَن يتَفَرَّع على كل وَاحِد من هَاتين الْجِهَتَيْنِ مَا يَلِيق بِهِ انْتهى وَقد ضعفه الرَّازِيّ بِمَا نَقَلْنَاهُ] صه: هُوَ صَوت أوقع موقع حُرُوف الْفِعْل،: وَيُقَال للْوَاحِد والاثنين وَالْجمع والمؤنث، بِخِلَاف (اسْكُتْ) وصه بِالتَّنْوِينِ: بِمَعْنى اسْكُتْ سكُوتًا تَاما فِي وَقت مَا، وَبلا تَنْوِين: اسْكُتْ سكوتك، ثمَّ أقيم (صه) مقَامه، وَلما كَانَ هُوَ سَادًّا مسد الْفِعْل اعْتبر النحويون بِأَنَّهُ اسْم الْفِعْل قصرا للمسافة، وَإِلَّا فَهُوَ اسْم للمصدر فِي الْحَقِيقَة صَار: هِيَ تَامَّة قد تكون لَازِمَة بِمَعْنى رَجَعَ وتتعدى بإلى: {وَإِلَى الله الْمصير} وَقد تكون متعدية بِمَعْنى (آمال) نَحْو {فصرهن إِلَيْك} وَيلْحق بصار مثل: آل وَرجع واستحال وتحول وارتد: {فَارْتَد بَصيرًا} الصمم: هُوَ أَن يكون الصماخ قد خلق بَاطِنه

أَصمّ لَيْسَ فِيهِ التجويف الْبَاطِن الْمُشْتَمل على الْهَوَاء الراكد الَّذِي يسمع الصَّوْت بتموجه والطرش والوقر: هُوَ أَن تمنع الآفة عَن الْحس وصمم الْأَمر: مُضِيّ على رَأْيه فِيهِ وصممت عزيمتي: بِالتَّخْفِيفِ لَا بِالتَّشْدِيدِ صدر عَن الْمَكَان: رَجَعَ [وَمِنْه طواف الصَّدْر] وَإِلَيْهِ: جَاءَ واغلوارد: الجائي. والصادر: المنصرف) الصِّبَا: صبا، من اللَّهْو يصبو صبوة وَصبي، من فعل الصبى، يصبي صبى بِالْكَسْرِ وَالْقصر، وصباء بِالْفَتْح وَالْمدّ الصَّحرَاء: هُوَ فضاء وَاسع لَا نَبَات فِيهِ، والأتان الَّتِي يمازج بياضها غبرة، وَقد نظمت فِيهِ: (تعيش بِلَا أَمن من الدَّهْر لَحْظَة ... كصحراء فِي وَادي السبَاع تعيش) [الصَّغِير] : قَالَ سِيبَوَيْهٍ، لَا يُقَال صَغِير وأصاغر إِلَّا بِالْألف وَاللَّام، كَذَا سمعنَا الْعَرَب (تَقول: الأصاغر) وَإِن شِئْت قلت: الأصغرون وَصغر: ككرم صغرا وصغارة بِالْفَتْح خلاف الْعظم، أَو الأول فِي الجرم وَالثَّانِي فِي الْقدر صَالح: (النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) وَهُوَ ابْن عبيد [بن سيف بن ناشخ بن عبيد بن حاذر بن ثَمُود بن عَاد بن عوس بن إرم بن سَام بن سيدنَا نوح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام] بَعثه الله إِلَى قومه وَهُوَ شَاب، وَكَانُوا عربا مَنَازِلهمْ بَين الْحجاز وَالشَّام، فَأَقَامَ فيهم عشْرين سنة، وَمَات بِمَكَّة وَهُوَ ابْن ثَمَان وَخمسين سنة [نوع] {الصَّمد} : السَّيِّد المصمود إِلَيْهِ فِي الْحَوَائِج، من (صَمد) إِذا قصد {الصاخة} : النفخة {صرعى} : موتى {كالصريم} : كالبستان الَّذِي صرمت ثماره أَي: ذهبت {من مَاء صديد} : هُوَ مَاء يسيل من جُلُود أهل النَّار {إِلَّا من هُوَ صال الْجَحِيم} : إِلَّا من سبق فِي علمه أَنه من أهل النَّار فيصلاها لَا محَالة {فَصعِقَ} : خر مَيتا أَو مغشيا عَلَيْهِ {فصكت وَجههَا} : فلطمت بأطراف

الْأَصَابِع جبهتها فعل المتعجب {كَانَ صديقا} : ملازما للصدق، كثير التَّصْدِيق {صواف} : قائمات قد صففن أَيْدِيهنَّ وَأَرْجُلهنَّ {أَو كصيب من السَّمَاء} : من الصوب، وَهُوَ النُّزُول، يُقَال للمطر والسحاب {صبغة الله} : فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا فَإِنَّهَا حلية الْإِنْسَان {صد} : صرف وَمنع {كَمثل صَفْوَان} : كَمثل حجر صلد أملس نقي من التُّرَاب {صاغرون} : عاجزون أذلاء {صفراء فَاقِع} : يُقَال أصفر فَاقِع، وأحمر قان، وأخضر ناضر، وأسود حالك، فَهَذِهِ التوابع تدل على شدَّة الْوَصْف وخلوصه {فِيهَا صر} : برد شَدِيد، والشائع إِطْلَاقه للريح الْبَارِدَة {صدف} : أعرض {صره} : صَيْحَة {صدقاتهن} : مهورهن {صِرَاط مُسْتَقِيم} : طَرِيق النَّار {وَقَالَ صَوَابا} : لَا إِلَه إِلَّا الله. {من صياصيهم} : من حصونهم {الصُّور} : الْقرن بلغَة عك {فَلَا صريخ لَهُم} : فَلَا مغيث لَهُم يحرسهم من الْغَرق، أَو فَلَا إغاثة لَهُم {صغَار} : ذل وحقارة {عذَابا صعدا} : شاقا يَعْلُو المعذب ويغلبه {صفصفا} : مستويا {وصبغ للآكلين} : أَي: الدّهن إدام يصْبغ بِهِ الْخبز أَي: يغمس فِيهِ للائتدام {وصلوات} : كنائس الْيَهُود {صوامع} : صوامع الرهابنة {الصافنات} : الصَّافِن من الْخَيل: الَّذِي يقوم على طرف سنبك يَد أَو رجل {صرفنَا إِلَيْك} : أملنا إِلَيْك

فصل الضاد

{صَعِيدا زلقا} : أَرضًا ملساء يزلق عَلَيْهَا باستئصال مَا فِيهَا من النَّبَات {صارمين} : قاطعين {برِيح صَرْصَر} : أَي: شَدِيدَة الصَّوْت أَو الْبرد من الصر أَو الصر {صرعى} : موتى {فقد صغت قُلُوبكُمَا} : فقد مَالَتْ (قُلُوبكُمَا عَن الْوَاجِب من مخالصة الرَّسُول) {صواع الْملك} : أَي: صاعه {وَلَقَد صرفنَا} : كررنا وَبينا {الصلصال} : الطين الْيَابِس الَّذِي لَهُ صلصلة أَي صَوت {فصرهن} : فأملهن واضممهن {صنْوَان} : مُجْتَمع {الصدفين} : الجبلين. [أَو ناحيتي الْجَبَل أَو ناحيتين من الجبلين {لَوْلَا أَن صَبرنَا عَلَيْهَا} : ثبتنا عَلَيْهَا واستمسكنا بعبادتها {وصهرا} : وإناثا يصاهر بِهن {صابئين} : خَارِجين من دين إِلَى دين وَقيل: هم الَّذين يعْبدُونَ الْمَلَائِكَة وَيصلونَ إِلَى الْقبْلَة ويقرأون الْقُرْآن، وَقيل: هم قوم بَين النَّصَارَى وَالْمَجُوس {من الصاغرين} : مِمَّن أهانه الله بكبره. {الصَّيْد} : هُوَ مَا كَانَ مُمْتَنعا وَلم يكن لَهُ مَالك وَكَانَ حَلَالا أكله صرفا {وَلَا نصرا} : أَي حِيلَة وَلَا نصْرَة {صرح} : قصر {صريم} : ليل وصبح أَيْضا، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا ينْصَرف عَن صَاحبه صهر: قرَابَة من النِّكَاح {صِرَاط مُسْتَقِيم} : طَرِيق وَاضح وَهُوَ الْإِسْلَام (فصل الضَّاد) [الضلال] : كل عدُول عَن النهج عمدا أَو سَهوا قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا، فَهُوَ ضلال

[الضمار] : كل مَا لَا تكون مِنْهُ على ثِقَة فَهُوَ ضمار [الضَّمَان] : كل شَيْء جعلته فِي وعَاء فقد ضمنته [الضَّمِير] : كل ضمير وَقع بَين اثْنَيْنِ مُذَكّر ومؤنث هما عبارتان عَن مَدْلُول وَاحِد جَازَ فِيهِ التَّذْكِير والتأنيث كَقَوْلِهِم: (الْكَلَام يُسمى جملَة) وَتَقْدِيم الضَّمِير على الْمَذْكُور لفظا وَمعنى غير جَائِز عِنْد النَّحْوِيين، وَقَالَ ابْن جني بِجَوَازِهِ وَإِن كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنهُ لفظا وَمعنى فَلَا نزاع فِي صِحَّته، وَإِن كَانَ مُتَقَدما لفظا ومتأخرا معنى كَمَا فِي قَوْلك: (ضرب غُلَامه زيد) لِأَن الْمَنْصُوب مُتَأَخّر عَن الْمَرْفُوع فِي التَّقْدِير فَلَا جرم كَانَ جَائِزا، وَإِن كَانَ بِالْعَكْسِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ ابتلى إِبْرَاهِيم ربه} فَلَا جرم كَانَ جَائِزا حسنا وإلحاق ضمير الْمُؤَنَّث قبل ذكر الْفَاعِل يجوز بالِاتِّفَاقِ وَيحسن وإلحاق ضمير الْجمع قبله قَبِيح عِنْد الْأَكْثَرين وَإِذا اجْتمع فِي الضمائر مُرَاعَاة اللَّفْظ وَالْمعْنَى بُدِئَ بِاللَّفْظِ ثمَّ بِالْمَعْنَى هَذَا هُوَ الجادة فِي الْقُرْآن: [كَقَوْلِه] {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه وباليوم الآخر وَمَا هم بمؤمنين} والعائد يَنْبَغِي أَن يُسَاوِي عدته المعود عَلَيْهِ فِي الْإِفْرَاد والتثنية وَالْجمع، وَيُوَافِقهُ فِي حَاله من التَّذْكِير والتأنيث، وَلَا يعود الضَّمِير غَالِبا على جمع العاقلات إِلَّا بِصِيغَة الْجمع سَوَاء كَانَ للقلة أَو للكثرة نَحْو: {والوالدات يرضعن} وَورد الْإِفْرَاد فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَزْوَاج مطهرة} وَأما غير الْعَاقِل فالغالب فِي جمع الْكَثْرَة الْإِفْرَاد، وَفِي جمع الْقلَّة الْجمع وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا} إِلَى أَن قَالَ {مِنْهَا أَرْبَعَة حرم} فَأَعَادَ مِنْهَا بِصِيغَة الْإِفْرَاد على الشُّهُور وَهِي للكثرة {فَلَا تظلموا فِيهِنَّ} فَأَعَادَهُ جمعا على {أَرْبَعَة حرم} وَهِي للقلة وَلَا بُد للضمير من مرجع يعود إِلَيْهِ وَيكون ملفوظا بِهِ سَابِقًا مطابقا نَحْو: {وَعصى آدم ربه} أَو متضمنا لَهُ نَحْو: {اعدلوا هُوَ أقرب} أَو دَالا عَلَيْهِ بالالتزام نَحْو: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} أَو مُتَأَخِّرًا لفظا لَا رُتْبَة مطابقا نَحْو: {وَلَا يسْأَل عَن ذنوبهم المجرمون} أَو رُتْبَة أَيْضا، وَذَلِكَ فِي بَاب ضمير الشَّأْن والقصة وَنعم وَبئسَ والتنازع أَو مُتَأَخِّرًا دَالا بالالتزام نَحْو: {حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب} وَقد يدل عَلَيْهِ السِّيَاق فيضمر ثِقَة بفهم السَّامع نَحْو: {كل من عَلَيْهَا فان} وَقد يعود على لفظ الْمَذْكُور دون مَعْنَاهُ نَحْو: {وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره}

وَقد يعود على الْمَعْنى نَحْو: {فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ} فَإِن الْمَعْنى وَإِن كَانَ من يَرث اثْنَيْنِ فَمن يَرث مُفْرد (ثنى) نظرا إِلَى الْخَبَر وَقد يعود على لفظ شَيْء وَالْمرَاد بِهِ الْجِنْس من ذَلِك الشَّيْء نَحْو: {إِن يكن غَنِيا أَو فَقِيرا فَالله أولى بهما} وَقد يذكر شَيْئَانِ ويعاد الضَّمِير إِلَى أَحدهمَا وَالْغَالِب كَونه للثَّانِي نَحْو: {اسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة وَإِنَّهَا لكبيرة} وَقد يثنى الضَّمِير وَيعود على أحد الْمَذْكُورين نَحْو: {يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان} وَقد يعود الضَّمِير على ملابس مَا هُوَ لَهُ نَحْو: {إِلَّا غشية أوضحاها} أَي: ضحى يَوْمهَا وَمن سنَن الْعَرَب أَن تذكر جمَاعَة وَجَمَاعَة أَو جمَاعَة وواحدا ثمَّ تخبر عَنْهُمَا بِلَفْظ الِاثْنَيْنِ نَحْو قَوْله: {أَن السَّمَوَات وَالْأَرْض كَانَتَا رتقا ففتقمناهما} وَالْأَصْل فِي الضَّمِير عوده إِلَى أقرب مَذْكُور إِلَّا أَن يكون مُضَافا ومضافا إِلَيْهِ فَحِينَئِذٍ الأَصْل عوده إِلَى الْمُضَاف لِأَنَّهُ الْمُحدث عَنهُ وَقد يعود على الْمُضَاف إِلَيْهِ نَحْو: {كَمثل الْحمار يحمل أسفارا} وَقد يبهم الضَّمِير بِحَيْثُ لَا يعلم مَا معنى بِهِ إِلَّا بِمَا يتلوه من بَيَانه كَقَوْلِهِم: (هِيَ الْعَرَب تَقول مَا شَاءَت) هِيَ النَّفس مَا حملتها تتحمل وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن هِيَ إِلَّا حياتنا الدُّنْيَا} وضع الْمُضمر مَوضِع الْمظهر حذرا من التّكْرَار وَالْأَصْل توَافق الضمائر فِي الْمرجع حذر التشتت وَقد يُخَالف بَين الضمائر حذرا من التنافر، وتفكيك الضمائر إِنَّمَا يكون مخلا بِحسن النظام إِذا كَانَ كل مِنْهَا رَاجعا إِلَى غير مَا يرجع إِلَيْهِ الْبَاقِي أَو يرجع مَا فِي الْوسط مِنْهَا إِلَى غير مَا يرجع إِلَيْهِ مَا فِي الطَّرفَيْنِ فَلَا بُد من صون الْكَلَام الفصيح عَنهُ وَأما التفكيك الَّذِي لَا يُفْضِي إِلَيْهِ كَمَا إِذا رَجَعَ الأول أَو الآخر مِنْهَا إِلَى غير مَا يرجع إِلَيْهِ الْبَاقِي كَالَّذي وَقع فِي آيَة الْوَصِيَّة وَهِي قَوْله تَعَالَى: {فَمن بدله بعد مَا سَمعه فَإِنَّمَا إثمه على الَّذين يبدلونه} فَلَا يكون فِيهِ شَيْء من الْإِخْلَال وَقد نظمت فِيهِ: (إِذا كَانَ تفكيك الضمائر مفضيا ... إِلَى مَا يخل النّظم فاحذر من الْخلَل) (بِأَن خَالف الْأَطْرَاف وسط بمرجع ... كَذَا سَابِقًا مِنْهَا بباق فقد أخل) (وَأما إِذا كَانَ الْخلاف لأوّل ... بباق كَذَا للْآخر اسْمَع فَلَا تخل) (دليلك فِي حسن النظام وَصِيَّة ... ألم تَرَ أَن الله قد بَين الْعَمَل)

وَقد تقع الضمائر بَعْضهَا موقع بعض كَمَا تَقول: (مَا أَنا كَأَنْت) فَأَنت فِي هَذَا الْمقَام مَعَ أَنه ضمير مَرْفُوع وَقع موقع الْمَجْرُور وَيجوز عدم الْمُطَابقَة بَين الضَّمِير والمرجوع إِلَيْهِ عِنْد الْأَمْن من اللّبْس كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِن لكم فِي الْأَنْعَام لعبرة نسقيكم مِمَّا فِي بطونه} فَإِن الضَّمِير فِي (بطونه) رَاجع إِلَى الْأَنْعَام وَقد وضعُوا مَكَان ضمير الْوَاحِد ضمير الْجمع إِمَّا رفعا لمكانة الْمُخَاطب وإظهارا لأبهته كَمَا فِي مخاطبات الْمُلُوك والعظماء، أَو تفخيما لما أولى من النعم أَو نَحْو ذَلِك وَانْظُر إِلَى اخْتِلَاف الضمائر فِي كَلِمَات الْخضر: (أردْت) و (أردنَا) و (أَرَادَ رَبك) فَإِنَّهُ لما ذكر الْعَيْب أَضَافَهُ إِلَى نَفسه وَالرَّحْمَة إِلَى الله وَعند الْقَتْل عظم نَفسه تَنْبِيها على أَنه من العظماء فِي عُلُوم الْحِكْمَة وَإِذا وَقع قبل الْجُمْلَة ضمير غَائِب إِن كَانَ مذكرا يُسمى ضمير الشَّأْن نَحْو: (هُوَ زيد منطلق) وَإِن كَانَ مؤنثا يُسمى ضمير الْقِصَّة، وَيعود إِلَى مَا فِي الذِّهْن من شَأْن أَو قصَّة أَي: الشَّأْن أَو الْقِصَّة (مَضْمُون الْجُمْلَة الَّتِي بعده وَلَا يخفى أَن الشَّأْن أَو الْقِصَّة) أَمر مُبْهَم لَا يتَعَيَّن إِلَّا لخصوصية يعْتَبر هُوَ فِيهَا ويتحد هُوَ مَعَ مضمونها فِي التَّحْقِيق، فَيكون ضمير الشَّأْن أَو الْقِصَّة متحدا مَعَ مَضْمُون الْجُمْلَة الَّتِي بعده، وَلِهَذَا لَا يحْتَاج فِي تِلْكَ الْجُمْلَة إِلَى الْعَائِد إِلَى الْمُبْتَدَأ ويختار تأنيثه (إِذا كَانَ فِيهَا مؤنث غير فضلَة، نَحْو: (هِيَ هِنْد مليحة) : {فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار} لقصد الْمُطَابقَة لَا لرجوعه إِلَيْهِ وَضمير الشَّأْن لَا يحْتَاج إِلَى ظَاهر يعود عَلَيْهِ بِخِلَاف ضمير الْغَائِب، وَضمير الشَّأْن لَا يعْطف عَلَيْهِ، وَلِهَذَا كَون الضَّمِير فِي: {إِنَّه يراكم} للشَّيْطَان أولى من الشَّأْن، يُؤَيّدهُ قِرَاءَة: {وقبيله} بِالنّصب وَلَا يُؤَكد ضمير الشَّأْن وَلَا يُبدل مِنْهُ لِأَن الْمَقْصُود مِنْهُ الْإِبْهَام وكل مِنْهُمَا للإيضاح، بِخِلَاف غَيره من الضمائر، وَلَا يُفَسر إِلَّا بجملة، وَلَا يحذف إِلَّا قَلِيلا، وَلَا يجوز حذف خَبره، وَلَا يتَقَدَّم خَبره عَلَيْهِ، وَلَا يخبر عَنهُ بِالَّذِي، وَيسْتَمر حذفه مَعَ (أَن) الْمَفْتُوحَة، وَلَا يجوز تثنيته وَلَا جمعه، وَيكون لمفسره مَحل من الْإِعْرَاب بِخِلَاف سَائِر المفسرات، وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي أَمر يُرَاد مِنْهُ التَّعْظِيم والتفخيم، وَلَا يجوز إِظْهَار الشَّأْن والقصة وَقد نظمت فِيهِ: (وَلَا تسألوا عَمَّا حوى الْقلب شَأْنه ... وَإِظْهَار شأني لَا يجوز كقصتي) وَإِنَّمَا سمي ضمير الشَّأْن لِأَنَّهُ لَا يدْخل إِلَّا على جملَة عَظِيمَة الشَّأْن نَحْو: {قل هُوَ الله أحد} فَإِن أحديته جليلة عَظِيمَة وَالضَّمِير الْمَنْصُوب لَا يُؤَكد إِلَّا بالمنفصل الْمَنْصُوب بِخِلَاف الْبَدَل، وَإِذا جعلت الضَّمِير تَأْكِيدًا فَهُوَ بَاقٍ على اسميته، فتحكم على مَوْضِعه بإعراب مَا قبله وَلَيْسَ كَذَلِك إِذا كَانَ مُتَّصِلا

وَإِذا أبدلت من مَنْصُوب أتيت بضمير الْمَنْصُوب نَحْو: (ظننتك إياك خيرا من زيد) وَإِذا أكدت أَو فصلت فَلَا يكون إِلَّا بضمير الْمَرْفُوع وتأكيد ضمير الْمَجْرُور بضمير الْمَرْفُوع على خلاف الْقيَاس وتأكيد ضمير الْفَاعِل بضمير الْمَرْفُوع جَار على الْقيَاس وَضمير الْمَجْرُور أَشد اتِّصَالًا من ضمير الْفَاعِل، بِدَلِيل أَن ضمير الْفَاعِل قد يَجْعَل مُنْفَصِلا عَن إِرَادَة الْحصْر، ويفصل بَينه وَبَين ضمير الْمَجْرُور وعامله وَضمير الْفَصْل اسْم لَا مَحل لَهُ من الْإِعْرَاب، وَبِذَلِك يُفَارق سَائِر الضمائر وَضمير الْفَصْل إِنَّمَا يتوسط بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، لَا بَين الْمَوْصُوف وَالصّفة، وَبِهَذَا الِاعْتِبَار سمي ضمير الْفَصْل عِنْد الْبَصرِيين، وَأما عِنْد الْكُوفِيّين فَإِنَّهُ سمي ضمير عناد [وَحقّ ضمير الْفَصْل أَن يَقع بَين معرفتين، وَأما فِي قَوْله تَعَالَى: {كَانُوا هم أَشد مِنْهُم قُوَّة} فلمضارعه (أفعل من) للمعرفة فِي امْتنَاع دُخُول اللَّام عَلَيْهِ] وَضمير الْمُخَاطب لَا يُبدل مِنْهُ إِذا كَانَ فِي غَايَة الْبَيَان والوضوح، بِخِلَاف إِبْدَال الْمظهر من ضمير الْغَائِب نَحْو: (رَأَيْته أسدا) و (مَرَرْت بِهِ زيد) ، لِأَن ضمير الْغَائِب لَيْسَ فِيهِ من الْبَيَان مَا يسْتَغْنى بِهِ عَن الْإِيضَاح، كَمَا كَانَ ذَلِك فِي ضمير الْمُخَاطب وَاخْتلف فِي الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى النكرَة هَل هُوَ نكرَة أم معرفَة قيل إِنَّه نكرَة مُطلقًا، وَقيل معرفَة مُطلقًا، وَقيل: إِن النكرَة الَّتِي يرجع الضَّمِير إِلَيْهَا إِمَّا أَن تكون وَاجِبَة التنكير أَو جائزته، وَالْأول كضمير (رب) وَنَحْوه، وَإِن كَانَت جَائِزَة التنكير كَمَا فِي قَوْلك: (جَاءَنِي رجل فأكرمته) فَالضَّمِير معرفَة وَجَوَاز التنكير لكَونه فَاعِلا، وَالْفَاعِل لَا يجب أَن يكون نكرَة، بل يجوز أَن يكون معرفَة وَأَن يكون نكرَة وَالضَّمِير نَاظر إِلَى الذَّات فَقَط، وَاسم الْإِشَارَة نَاظر إِلَى الذَّات وَالْوَصْف مَعًا وَضمير الْمُذكر يرجع إِلَى الْمُؤَنَّث بِاعْتِبَار الشَّخْص وَبِالْعَكْسِ بِاعْتِبَار النَّفس وَضمير الْفَصْل إِنَّمَا يُفِيد الْقصر إِذا لم يكن الْمسند مُعَرفا بلام الْجِنْس وَإِلَّا فالقصر من تَعْرِيف الْمسند وَهُوَ لمُجَرّد التَّأْكِيد وَالضَّمِير فِي اللُّغَة: المستور (فعيل) بِمَعْنى (مفعول) أطلق على الْعقل لكَونه مَسْتُورا عَن الْحَواس. (وَضمير الشَّأْن عينه) الضمة: هِيَ عبارَة عَن تَحْرِيك الشفتين بِالضَّمِّ عِنْد النُّطْق، فَيحدث من ذَلِك صَوت خَفِي مُقَارن للحرف إِن امْتَدَّ كَانَ واوا، وَإِن قصر كَانَ ضمة والفتحة: عبارَة عَن فتح الشفتين عِنْد النُّطْق بالحروف وحدوث الصَّوْت الْخَفي الَّذِي يُسمى فَتْحة. وَكَذَا القَوْل فِي الكسرة والسكون: عبارَة عَن خلو الْعُضْو من الحركات عِنْد النُّطْق بالحروف، وَلَا يحدث بِغَيْر الْحَرْف

صَوت فينجزم عِنْد ذَلِك أَي يَنْقَطِع، فَلذَلِك سمي جزما اعْتِبَارا بانجزام الصَّوْت وَهُوَ انْقِطَاعه، وسكونا اعْتِبَارا بالعضو السَّاكِن فَقَوْلهم: فتح وَضم وَكسر هُوَ من صفة الْعُضْو، وَإِذا سميت ذَلِك رفعا ونصبا وجرا وجزما فَهِيَ من صفة الصَّوْت وعبروا عَن هَذِه بحركات الْإِعْرَاب لِأَنَّهُ لَا يكون إِلَّا بِسَبَب وَهُوَ الْعَامِل كَمَا أَن هَذِه الصِّفَات إِنَّمَا تكون بِسَبَب وَهُوَ حَرَكَة الْعُضْو، وَعَن أَحْوَال الْبناء بذلك لِأَنَّهُ لَا يكون بِسَبَب، أَعنِي بعامل كَمَا أَن هَذِه الصِّفَات يكون وجودهَا بِغَيْر آلَة، والضمة والفتحة والكسرة بِالتَّاءِ وَاقعَة على نفس الْحَرَكَة لَا يشْتَرط كَونهَا إعرابية أَو بنائية كضمة فعل لَكِنَّهَا إِذا أطلقت بِلَا قرينَة يُرَاد بهَا غير الإعرابية، وَتسَمى أَيْضا رفعا ونصبا وجرا إِذا كَانَت إعرابية كَمَا عرفت وَلَا يخْتَص بهَا بل مَعْنَاهَا شَامِل للحروف الإعرابية أَيْضا قَالَ بَعضهم: الضَّم وَالْفَتْح وَالْكَسْر مُجَرّدَة عَن التَّاء ألقاب الْبناء وَالْوَقْف والسكون مُخْتَصّ بالبنائي، والجزم بالإعرابي وسمى سِيبَوَيْهٍ حركات الْإِعْرَاب رفعا ونصبا وجرا وجزما، وحركات الْبناء ضما وفتحا وكسرا ووقفا، فَإِذا قيل: هَذَا الِاسْم مَرْفُوع أَو مَنْصُوب أَو مجرور علم بِهَذِهِ الألقاب أَن عَاملا عمل فِيهِ يجوز زَوَاله، وَدخُول عَامل يحدث خلاف عمله، وَهَذَا أغْنى عَن أَن يَقُول: ضمة حدثت بعامل، أَو فَتْحة حدثت بعامل، أَو كسرة حدثت بعامل، فَفِي التَّسْمِيَة فَائِدَة الإيجاز والاختصار والضمة فِي جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم نظيرة الْوَاو فِي جمع الْمُذكر، والتنوين نَظِير النُّون، والكسرة فِي جمع الْمُؤَنَّث فِي الْخَفْض وَالنّصب نَظِير الْمَذْكُورين، والتنوين نَظِير النُّون والضمة علم مَنْقُول، فَإِنَّهُ اسْم للأسد وللرجل الشجاع لُغَة، فَإِن قدر نَقله من الأول فَهُوَ مَنْقُول من اسْم عين، وَإِن قدر من الثَّانِي فَهُوَ مَنْقُول من صفة مشبهة الضَّرْب: هُوَ اسْم الْفِعْل بِصُورَة معقولة أَي مَعْلُومَة وَهُوَ اسْتِعْمَال آلَة التَّأْدِيب فِي مَحل صَالح للتأديب وَمعنى مَقْصُود وَهُوَ الإيلام، فَإِن الْمَقْصُود من هَذَا الْفِعْل لَيْسَ إِلَّا الإيلام، وَلِهَذَا لَو حلف لَا يضْرب فلَانا فَضَربهُ بعد مَوته لَا يَحْنَث لفَوَات معنى الإيلام وَضرب لَهُ فِي مَاله سَهْما: جعل لَهُ وَضرب اللَّبن: اتَّخذهُ وَضرب فِي الأَرْض: سَار، وَمِنْه اشْتقت الْمُضَاربَة وضر بت عَنهُ: أَعرَضت (وَضربت اللَّبن بعضه بِبَعْض: خلطته، وَمِنْه الضريب) ، وَالضَّرْب والضريب هما عبارَة عَن الشكل والمثل، وَجمع الضَّرْب ضرباء، ككرماء وَضرب الْخَيْمَة: بِضَرْب أوتادها بالمطرقة وَضرب الْمثل: من ضرب الدَّرَاهِم، وَهُوَ ذكر شَيْء أَثَره يظْهر فِي غَيره رُوِيَ عَن الزَّمَخْشَرِيّ: أَن الأضراب جمع (ضرب) بِالْكَسْرِ (فعل) بِمَعْنى (مفعول)

كالطحن بِمَعْنى المطحون وَفِي " الأساس " بِالْفَتْح وَهُوَ الَّذِي يضْرب بِهِ الْمثل، وَلَا بُد فِي ضرب الْمثل من الْمُمَاثلَة وَضرب مثلا كَذَا: أَي بَين وَإِنَّمَا سمي مثلا لِأَنَّهُ جعل مضربه، وَهُوَ مَا يضْرب فِيهِ ثَانِيًا مثلا لمورده، وَهُوَ مَا ورد فِيهِ أَولا ثمَّ استعير لكل حَال أَو قصَّة أَو صفة لَهَا شَأْن وفيهَا غرابة وَقد ضرب الله الْأَمْثَال فِي الْقُرْآن تذكيرا أَو وعظا مِمَّا اشْتَمَل مِنْهَا على تفَاوت فِي ثَوَاب، أَو على إحباط عمل أَو على مدح أَو ذمّ أَو نَحْو ذَلِك، [ {وَتلك الْأَمْثَال نَضْرِبهَا للنَّاس لَعَلَّهُم يتفكرون} ] ، (فَإِنَّهُ يدل على الْأَحْكَام) وَفِيه تقريب المُرَاد لِلْعَقْلِ وتصويره بِصُورَة المحسوس، وتبكيت لخصم شَدِيد الْخُصُومَة، (وَقع لصورة الجامح الآبي) ، وَلذَلِك أَكثر الله تَعَالَى فِي كِتَابه وَفِي سَائِر كتبه الْأَمْثَال، وَهِي على مَا بَين فِي مَحَله قِسْمَانِ: قسم مُصَرح بِهِ، وَقسم كامن، فلنورد نبذة من الْقسم الثَّانِي: (من جهل شَيْئا عَادَاهُ) [وَفِي النّظم] {بل كذبُوا بِمَا لم يحيطوا بِعِلْمِهِ} ، {وَإِذ لم يهتدوا بِهِ فسيقولون هَذَا إفْك قديم} (فِي الحركات البركات) ، [وَفِي النّظم] {وَمن يُهَاجر فِي سَبِيل الله يجد فِي الأَرْض مراغما كثيرا وسعة} (كَمَا تدين تدان) ، [فِي النّظم] {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} (احذر شَرّ من أَحْسَنت إِلَيْهِ) : {وَمَا نقموا إِلَّا أَن أغناهم الله وَرَسُوله من فَضله} (لَيْسَ الْخَبَر كالعيان) {أَو لم تؤمن قَالَ بلَى وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} (من أعَان ظَالِما سلطه عَلَيْهِ) ، {من تولاه فَأَنَّهُ يضله ويهديه إِلَى عَذَاب السعير} (لَا تَلد الْحَيَّة إِلَّا الْحَيَّة) ، {وَلَا يلدوا إِلَّا فَاجِرًا كفَّارًا} (للحيطان آذان) : {وَفِيكُمْ سماعون لَهُم} (الْجَاهِل مَرْزُوق والعالم محروم) ، {من كَانَ فِي الضَّلَالَة فليمدد لَهُ الرَّحْمَن مدا} (خير الْأُمُور أوساطها) ، {لَا فارض وَلَا بكر عوان بَين ذَلِك} {وَلَا تهجر بصلاتك [وَلَا تخَافت بهَا وابتغ بَين ذَلِك سَبِيلا] } إِلَخ {وَلَا تجْعَل يدك} إِلَى آخِره قَالَ الله تَعَالَى: (وَلَقَد ضربنا للنَّاس فِي هَذَا

الْقُرْآن من كل مثل لَعَلَّهُم يتذكرون} والأمثال لَا تَتَغَيَّر، بل تجْرِي كَمَا جَاءَت، أَلا ترى إِلَى قَوْلهم: (أعْط الْقوس باريها) بتسكين الْيَاء، وَإِن كَانَ الأَصْل التحريك و (الصَّيف ضيعت اللَّبن) بِكَسْر التَّاء، وَإِن ضرب للمذكر لما وَقع فِي الأَصْل للمؤنث وَالضَّرْب: إِذا كَانَ مُشْتَمِلًا على خسة وَشرف تعين كَون النتيجة تَابِعَة للخسة فَقَط، وَحَيْثُ كَانَ مُشْتَمِلًا على خستين مفترقتين فِي المقدمتين حازتهما مَعًا الضِّدّ: هُوَ عِنْد الْجُمْهُور يُقَال لموجود فِي الْخَارِج مسَاوٍ فِي الْقُوَّة لموجود آخر ممانع لَهُ وَيُقَال عِنْد الْخَاص لموجود مشارك لموجود آخر فِي الْمَوْضُوع معاقب لَهُ أَي: إِذا قَامَ أَحدهمَا بالموضوع لم يقم الآخر بِهِ [وَلَا بُد فِي الضِّدّ المصطلح من اعْتِبَار مَحل وَاحِد يمْتَنع اجْتِمَاع الضدين فِيهِ، وَقد يُرَاد بالضد الْمنَافِي بِحَيْثُ يمْتَنع اجْتِمَاعهمَا فِي الْوُجُود [وَمَا لَا يصدق عَلَيْهِ أَنه مَوْجُود فِي الْخَارِج لَا ضد لَهُ، كالوجود لِامْتِنَاع اتصافه بالوجود الْخَارِجِي وَعدم تعلقه بالموضوع: لِأَن مَحَله لَا يتقوم بِدُونِهِ، وَلِأَن الْوُجُود يعرض بِجَمِيعِ الْأَشْيَاء المعقولة، أما الموجودات الخارجية فَيعرض لَهَا الْوُجُود الْخَارِجِي، وَأما غَيرهَا فَيعرض لَهَا الْوُجُود الْعقلِيّ، وَمَا لَهُ ضد لَا يكون كَذَلِك، إِذْ الضِّدّ لَا بِعرْض للضد الآخر والضدان: فِي اصْطِلَاح الْمُتَكَلّم عبارَة عَمَّا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي شَيْء وَاحِد من جِهَة وَاحِدَة، وَقد يكونَانِ وجوديين كَمَا فِي السوَاد وَالْبَيَاض، وَقد يكون أَحدهمَا سلبا وعدما، كَمَا فِي الْوُجُود والعدم والضدان لَا يَجْتَمِعَانِ، لَكِن يرتفعان كالسواد وَالْبَيَاض، والنقيضان لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يرتفعان كالوجود والعدم وَالْحَرَكَة والسكون وضده بِالْخُصُومَةِ: غَلبه وَعنهُ: صرفه وَمنعه بِرِفْق والضد يكون جمعا، وَمِنْه: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضدا} وَالْمرَاد بِهِ العون، فَإِن عون الرجل يضاد عدوه وينافيه بإعانته عَلَيْهِ وَالضَّاد حرف هجاء للْعَرَب خَاصَّة الضحك: هُوَ اسْم جنس تَحْتَهُ نَوْعَانِ التبسم والقهقهة وَحكي عَن الإِمَام قاضيخان أَن القهقهة هِيَ أَن تبدو نَوَاجِذه مَعَ صَوت والضحك بِلَا صَوت والتبسم دون الضحك، نَظِير ذَلِك النّوم وَالنُّعَاس وَالسّنة وَفِي " فتح الْبَارِي ": انبساط الْوَجْه بِحَيْثُ تظهر الْأَسْنَان من السرُور، إِن كَانَ بِلَا صَوت فَتَبَسَّمَ، وَإِن كَانَ بِصَوْت يسمع من بعيد فقهقهة، وَإِلَّا فَضَحِك الضّيق: هُوَ بِالتَّشْدِيدِ فِي الأجرام وبالتخفيف فِي الْمعَانِي؛ (وَقيل: بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيف فِي قلَّة المعاش والمساكن، وَمَا كَانَ فِي الْقلب فَهُوَ ضيق بِالتَّشْدِيدِ) وَقيل: بِالْكَسْرِ فِي الشدَّة وبالفتح فِي الْغم

والضيق: إِذا كَانَ عارضا غير لَازم يعبر عَنهُ (بضائق) ك (سائد) و (جائد) فِي سيد وجواد وَهَكَذَا كل مَا يبْنى من الثلاثي للثبوت والاستقرار على غير وزن (فَاعل) فَإِنَّهُ يرد إِلَيْهِ إِذا أُرِيد معنى الْحُدُوث ك (حاسن) من (حسن) ، و (ثاقل) من (ثقل) ، و (فارح) من (فَرح) و (سامن) من (سمن) وضاق بِهِ ذرعا: أَي ضعفت طاقته وَلم يجد من الْمَكْرُوه فِيهِ مخلصا، وبإزائه (رحب ذرعه) كَذَا، لِأَن طَوِيل الذِّرَاع ينَال مَا لَا ينَال قصير الذِّرَاع الضعْف (بِالْفَتْح) : ضد الْقُوَّة فِي الْعقل والرأي وبالضم فِي الْجِسْم، وبالكسر بِمَعْنى الْمثل، يُرَاد بِهِ الْوَاحِد كَمَا يُرَاد بِهِ الزَّوْج {من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} وَقيل أَرْبَعَة أَمْثَال فَأَقل الضعْف مَحْصُور وَهُوَ الْمثل، وَأَكْثَره غير مَحْصُور قَالَ الطَّيِّبِيّ: وَالصَّوَاب أَن ضعف الشَّيْء مثلاه، وضعيفه ثَلَاثَة أَمْثَاله وَهُوَ الْمُوَافق لقَوْله تَعَالَى: {فزده عذَابا ضعفا فِي النَّار} وَفِي " الرَّاغِب ": الضعْف من الْأَلْفَاظ المتضايفة كالنصف، وَالزَّوْج وَهُوَ تركيب الزَّوْجَيْنِ المتساويين وَيخْتَص بِالْعدَدِ وَعَن أبي يُوسُف: لَو قَالَ: (عَليّ لفُلَان دَرَاهِم مضاعفة) فعلية سِتَّة، وَإِن قَالَ: (أَضْعَاف مضاعفة) فعلية ثَمَانِيَة عشر لِأَن ضعف الثَّلَاثَة ثَلَاث مَرَّات تِسْعَة ثمَّ ضاعفها مرّة أُخْرَى لقَوْله مضاعفة وَقَوله تَعَالَى: {خَلقكُم من ضعف} : أَي من مني {وَخلق الْإِنْسَان ضَعِيفا} : أَي يستميله هَوَاهُ وأضعاف الْكتاب: أثْنَاء سطوره وحواشيه والضعيف من اللُّغَات: مَا انحط عَن دَرَجَة الفصيح وَالْمُنكر: أَضْعَف مِنْهُ وَأَقل اسْتِعْمَالا بِحَيْثُ أنكرهُ بعض أَئِمَّة اللُّغَة وَلم يعرفهُ والمتروك: مَا كَانَ قَدِيما من اللُّغَات ثمَّ ترك وَاسْتعْمل غَيره، (وأمثلة ذَلِك كَثِيرَة فِي كتب اللُّغَة) وَضعف التَّأْلِيف مثل فك الْإِدْغَام فِي نَحْو: الأجلل الضَّمَان: ضمن الشَّيْء وَبِه (كعلم) ضمانا وضمنا، فَهُوَ ضَامِن وضمين: كفله وضمنته الشَّيْء تضمينا، فتضمنه عني: غرمته فَالْتَزمهُ، وماجعلته فِي وعَاء فقد ضمنته إِيَّاه وَالضَّمان: أَعم من الْكفَالَة، لِأَن من الضَّمَان مَا لَا يكون كَفَالَة، وَهُوَ عبارَة عَن رد مثل الْهَالِك إِن كَانَ مثلِيا، أَو قِيمَته إِن كَانَ قيميا، وَتَقْدِير ضَمَان الْعدوان بِالْمثلِ ثَابت بِالْكتاب وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:

{فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم} وَتَقْدِيره بِالْقيمَةِ ثَابت بِالسنةِ وَهُوَ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " من أعتق شِقْصا لَهُ فِي عبد قوم عَلَيْهِ نصيب شَرِيكه إِن كَانَ مُوسِرًا " وَكِلَاهُمَا ثَابت بِالْإِجْمَاع المنعقد على وجوب الْمثل، أَو الْقيمَة عِنْد فَوَات الْعين الضَّرُورَة: الِاحْتِيَاج والضرورة الشعرية: هِيَ مَا لم يرد إِلَّا فِي الشّعْر، سَوَاء كَانَ للشاعر فِيهِ مندوحة أم لَا والضروري الْمُقَابل للاكتسابي: هُوَ مَا يكون تَحْصِيله مَقْدُورًا للمخلوق، وَالَّذِي يُقَابل الاستدلالي هُوَ مَا يحصل بِدُونِ فكر وَنظر فِي دَلِيل الضلال: هُوَ فِي مُقَابلَة الْهدى والغي فِي مُقَابلَة الرشد [وَقيل: إِن الْمُقَابل للضلال الْهدى اللَّازِم بِمَعْنى الاهتداء لَا الْهدى الْمُتَعَدِّي الَّذِي بِمَعْنى الدّلَالَة، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل لَا فرق بَين اللَّازِم والمتعدي إِلَّا بِأَن اللَّازِم تأثر والمتعدي تَأْثِير، لِأَن اللَّازِم مطاوعة] وَتقول: ضل بَعِيري ورحلي، وَلَا تَقول: غوي وضل هُوَ عني: أَي ذهب، وَكَذَا أضلني كَذَا قَالَ السيرافي: إِذا كَانَ الشَّيْء مُقيما قلت ضللته، وَإِذا ذهب مِنْك قلت: أضللته والضلال: أَن لَا يجد السالك إِلَى مقْصده طَرِيقا أصلا والغواية: أَن لَا يكون لَهُ إِلَى الْمَقْصد طَرِيق مُسْتَقِيم والضلال: هُوَ أَن تخطئ الشَّيْء فِي مَكَانَهُ وَلم تهتد إِلَيْهِ وَالنِّسْيَان أَن تذْهب عَنهُ بِحَيْثُ لَا يخْطر ببالك والضلالة: بِمَعْنى الإضاعة كَقَوْلِه تَعَالَى {فَلَنْ يضل أَعْمَالهم} [والضلالة] : بِمَعْنى الْهَلَاك كَقَوْلِه تَعَالَى: {أئذا ضللنا فِي الأَرْض} أَي هلكنا فالضلالة أَعم من الضلال والضلال: الْعُدُول عَن الطَّرِيق الْمُسْتَقيم ويضاده الْهِدَايَة، وَيُقَال: لكل عدُول عَن الْمنْهَج ضلال، عمدا كَانَ أَو سَهوا، يَسِيرا كَانَ أَو كثيرا، فَإِن الطَّرِيق المرتضى صَعب جدا قَالَ الْحُكَمَاء: كوننا مصيبين من وَجه، وكوننا ضَالِّينَ من وُجُوه كَثِيرَة فَإِن الاسْتقَامَة وَالصَّوَاب يجْرِي مجْرى المقرطس من المرمى، وَمَا عداهُ من الجوانب كلهَا ضلال فصح أَن يسْتَعْمل الضلال فِيمَن يكون مِنْهُ خطأ مَا، وَلذَلِك نسب إِلَى الْأَنْبِيَاء وَالْكفَّار، وَإِن كَانَ بَين الضلالين بون بعيد والضلال من وَجه آخر ضَرْبَان: ضلال فِي الْعُلُوم النظرية كالضلال فِي معرفَة وحدانية الله وَمَعْرِفَة النُّبُوَّة وَنَحْوهمَا الْمشَار إِلَيْهِمَا بقوله تَعَالَى: {وَمن يكفر بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَالْيَوْم الآخر فقد ضل ضلالا بَعيدا} والضلال الْبعيد إِشَارَة إِلَى مَا هُوَ كفر

وَإِمَّا ضلال فِي الْعُلُوم العملية كمعرفة الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة الَّتِي هِيَ الْعِبَادَات (وَالْأُصُول وَأما الإضلال فَهُوَ على ضَرْبَيْنِ أَيْضا: أَحدهمَا أَن يكون) شبه الضلال وَذَلِكَ على وَجْهَيْن، إِمَّا أَن يضل عَنْك الشَّيْء، وَإِمَّا أَن تحكم بضلاله فالضلال فِي هذَيْن سَبَب الإضلال وَالثَّانِي (أَن يكون الإضلال سَببا للضلال وَهُوَ) أَن يزين للْإنْسَان الْبَاطِل ليضل قَالَ الله تَعَالَى عَن الشَّيْطَان: {ولأضلنهم ولأمنينهم} وإضلال الله تَعَالَى على وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَن يكون سَببه الضلال، وَهُوَ أَن يضل الْإِنْسَان فَيحكم الله بذلك فِي الدُّنْيَا، ويعدل بِهِ عَن طَرِيق الْجنَّة إِلَى النَّار فِي الْآخِرَة فَالْحكم على الضلال بضلاله والعدول بِهِ عَن طَرِيق الْجنَّة هُوَ الْعدْل وَالثَّانِي أَن الله تَعَالَى وضع جبلة الْإِنْسَان على هَيئته إِذا رَاعى طَرِيقا (مَحْمُودًا كَانَ أَو مذموما) أَلفه واستطابه وَلَزِمَه وتعسر عَلَيْهِ صرفه وانصرافه عَنهُ وَيصير ذَلِك كالطبع وَهَذِه الْقُوَّة فِي الْإِنْسَان فعل إلهي، وَقد نفى الله عَن نَفسه إضلال الْمُؤمن حَيْثُ قَالَ: {وَمَا كَانَ الله ليضل قوما بعد إِذْ هدَاهُم} وَنسب الإضلال إِلَى نَفسه للْكَافِرِ وَالْفَاسِق حَيْثُ قَالَ: {وَالَّذين كفرُوا فتعسا لَهُم وأضل أَعْمَالهم وَمَا يضل بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين} {كَذَلِك يضل الله الْكَافرين} ، {ويضل الله الظَّالِمين} وعَلى هَذَا الْوَجْه تقليب أفئدتهم وأبصارهم والختم على قُلُوبهم وعَلى سمعهم وَالزِّيَادَة فِي مرض قُلُوبهم [كل ذَلِك للْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ] والضلالة: لَا تطلق إِلَّا على الفعلة مِنْهُ، والضلال يصلح للقليل وَالْكثير والضلال فِي الْقُرْآن يَجِيء لمعان: الغي وَالْفساد: {ولأضلنهم} وَالْخَطَأ: {إِن أَبَانَا لفي ضلال} والخسار: {وَمَا كيد الْكَافرين إِلَّا فِي ضلال} والزلل: {لهمت طَائِفَة مِنْهُم أَن يضلوك} والبطلان: {وأضل أَعْمَالهم} والجهالة: {وَأَنا من الضَّالّين} وَالنِّسْيَان: {أَن تضل إِحْدَاهمَا} والتلاشي {أئذا ضللنا فِي الأَرْض} الضياء: هُوَ جمع (ضوء) كسوط وسياط وحوض وحياض، أَو مصدر (ضاء) ضِيَاء كقام قيَاما، وَصَامَ صياما

وَاخْتلف فِي أَن الشعاع الفائض من الشَّمْس هَل هُوَ جسم أَو عرض، وَالْحق أَنه عرض، وَهُوَ كَيْفيَّة مَخْصُوصَة، والنور اسْم لأصل هَذِه الْكَيْفِيَّة وَأما الضَّوْء فَهُوَ اسْم لهَذِهِ الْكَيْفِيَّة إِذا كَانَت كَامِلَة تَامَّة قَوِيَّة، وَلِهَذَا أضيف الضَّوْء إِلَى الشَّمْس، والنور إِلَى الْقَمَر فالضوء أتم من النُّور، والنور أَعم مِنْهُ، إِذْ يُقَال على الْقَلِيل وَالْكثير، وَلما كَانَ مَنَافِع الضَّوْء أَكثر مِمَّا يُقَابله قرن بِهِ {أَفلا تَسْمَعُونَ} ، وبالليل: {أَفلا تبصرون} ، لِأَن استفادة الْعقل من السّمع أَكثر من استفادته من الْبَصَر والضوء شَرط رُؤْيَة الألوان لَا شَرط وجودهَا، إِذْ الْجِسْم لَا يبصر إِلَّا بلونه وشكله، وَمن أثبت الْوَاسِطَة بَين الْمَوْجُود والمعدوم اسْتدلَّ بِصِحَّة رُؤْيَة السوَاد مثلا، فَإِنَّهَا لَيست لكَونه سوادا بل لكَونه مَوْجُودا، فَلَزِمَ التغاير بَينهمَا، فَإِن كَانَا موجودين لزم قيام الْعرض بِالْعرضِ وَإِن كَانَا عدمين محضين يلْزم أَن يُقَال: السوَاد الْمَوْجُود عدم مَحْض وَنفي صرف بَقِي كَونهمَا لَا موجودين وَلَا معدومين، فَهَذَا هُوَ الْوَاسِطَة بَين الْمَوْجُود والمعدوم، وَتلك هِيَ الْحَال والضوء شَرط لوُجُود اللَّوْن عِنْد الْحَكِيم، فاللون لَيْسَ شرطا للضوء وَإِلَّا لدار، إِلَّا أَن يُقَال كل مِنْهُمَا شَرط للْآخر والدور معية، وَيجوز أَن يكون اللَّوْن فِي وجوده فِي نَفسه مَوْقُوفا على الضَّوْء، والضوء فِي وجوده لغيره مَوْقُوفا على اللَّوْن فَلَا مَحْذُور الضّر: بِالْفَتْح شَائِع فِي كل ضَرَر وبالضم خَاص بِمَا فِي النَّفس كَمَرَض وهزال، وَلَا يزَال الضَّرَر بِالضَّرَرِ، وَمن فروعه مَسْأَلَة أبي هَاشم، وَهِي أَن السَّاقِط بِاخْتِيَارِهِ أَو بِغَيْر اخْتِيَاره على جريح بَين جرحى إِن اسْتمرّ عَلَيْهِ يقْتله، وَإِن لم يسْتَمر يقتل كفأه فِي صفة الْقصاص، قيل: يلْزمه الِاسْتِمْرَار على الجريح وَلَا ينْتَقل إِلَى كفئه، لِأَن الضَّرَر لَا يزَال بِالضَّرَرِ وَقيل: يتَخَيَّر للتساوي فِي الضَّرَر وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ: لَا حكم فِيهِ من إِذن أَو منع، وَتوقف الْغَزالِيّ (ويتحمل الضَّرَر الْخَاص لأجل دفع ضَرَر عَام وَمن فروعها جَوَاز الْحجر على الْعَاقِل الْبَالِغ الْحر عِنْد أبي حنيفَة فِي ثَلَاث: الْمُفْتِي الماجن، والطبيب الْجَاهِل، والمكاري الْمُفلس، وَمِنْهَا التسعير عِنْد التَّعَدِّي فِي البيع بِغَبن فَاحش وَبيع طَعَام المحتكر جبرا عَلَيْهِ عِنْد الْحَاجة وامتناعه عَن البيع، وَإِبَاحَة قتل السَّاعِي بِالْفَسَادِ وَنَحْو ذَلِك) الضَّرع: (بِالْفَتْح) لكل ذِي ظلف وخف من ذَوَات الْأَرْبَع، وَهُوَ بِمَنْزِلَة الثدي من الْمَرْأَة، وَقد وضعُوا للعضو الْوَاحِد أسامي كَثِيرَة بِحَسب اخْتِلَاف أَجنَاس الْحَيَوَان

فِي " سر الْأَدَب ": ثندؤة الرجل، ثدي الْمَرْأَة، خلف النَّاقة، ضرع الشَّاة وَالْبَقَرَة، طبي الكلبة وَإِذا اسْتعْمل الشَّارِع شَيْئا مِنْهَا فِي غير الْجِنْس الَّذِي وضع لَهُ فقد استعاره مِنْهُ أَو نَقله عَن أَصله وَجَاز بِهِ مَوْضِعه الضَّيْف: مصدر (ضاف) ، يُقَال للْوَاحِد وَالْجمع وضافه: مَال إِلَيْهِ وأضافه: أماله وضفت الرجل: نزلت عَلَيْهِ ضيفا وأفته: أنزلته عَلَيْك. وضيفته وَإِلَيْهِ: ألجأته الضباب (بِالْفَتْح) : جمع ضَبَابَة، وَهِي ندى كالغبار يغشى الأَرْض بالغدوات (وَفِي " الِاخْتِيَار ": قيل هُوَ من نفس دَابَّة الْبَحْر فَيكون مُسْتَعْملا) الضبع (بِضَم الْبَاء) : اسْم الْأُنْثَى من الْحَيَوَان الْمَعْرُوف، وَالذكر ضبعان، وبالسكون: الْعَضُد الضغث (بِالْكَسْرِ) : قَبْضَة حشيش تخلط الرطب باليابس وأضغاث أَحْلَام: هِيَ رُؤْيا لَا يَصح تَأْوِيلهَا لاختلاطها الضَّمَان: ضمن الشَّيْء وَبِه (كعلم) ضمنا وضمانا فَهُوَ ضَامِن وضمين: كفله وضمنته الشَّيْء تضمينا فتضمنه عني: غرمته فَالْتَزمهُ وضمنا: أَي مفهوما، وَهُوَ مَا دلّ عَلَيْهِ اللَّفْظ لَا فِي مَحل النُّطْق، فَكَأَنَّهُ تضمنه وانطوى عَلَيْهِ [الضَّبْط: هُوَ فِي اللُّغَة عبارَة عَن الحزم يُقَال: ملك ضَابِط لمملكته أَي: حَازِم ومحافظ عَلَيْهَا وَفِي الِاصْطِلَاح: سَماع الْكَلَام كَمَا يحِق سَمَاعه، ثمَّ فهم مَعْنَاهُ الَّذِي أُرِيد بِهِ، ثمَّ حفظه ببذل مجهوده والثبات عَلَيْهِ بمذاكرته إِلَى حِين أَدَائِهِ وَكَمَال الْوُقُوف على مَعَانِيه الشَّرْعِيَّة {ضعفين من الْعَذَاب} : مثلي مَا آتَيْنَا مِنْهُم {ضنين} : بخيل والضعف (بِالْكَسْرِ) : من أَسمَاء الْعَذَاب وَمِنْه قَالَ: {لكل ضعف} [نوع] و {ضربت عَلَيْهِم الذلة} : أحيطت بهم إحاطة الْقبَّة بِمن ضربت عَلَيْهِ، أَو ألصقت بهم {وعَلى كل ضامر} : أَي ركبانا على كل بعير مهزول أتعبه بعد السّفر فهزله {فِي ضيق} : فِي حرج صدر {وَإِذا مس الْإِنْسَان الضّر} : الشدَّة {فضربنا على آذانهم فِي الْكَهْف} : أنمناهم

فصل الطاء

وَقيل: منعناهم السّمع {ضللنا فِي الأَرْض} : بطلنا وصرنا تُرَابا [وَقُرِئَ بالصَّاد بِمَعْنى أنتنا وتغيرنا] {وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض} : خَرجْتُمْ فِي السّفر {ضرب مثل} : بَين حَال مستغربة أَو قصَّة عَجِيبَة {عذَابا ضعفا} : مضاعفا {مَا ضل صَاحبكُم} : مَا عدل عَن الطَّرِيق الْمُسْتَقيم {قسْمَة ضيزى} : جائرة {وَضُحَاهَا} : وضوئها إِذا أشرقت {ووجدك ضَالًّا} : عَن علم الحكم وَالْأَحْكَام {فهدى} : فعلمك بِالْوَحْي والإلهام والتوفيق للنَّظَر {وَالْعَادِيات ضَبْحًا} : خيل الْغُزَاة تعدو فتضبح ضَبْحًا وَهُوَ صَوت أنفاسها عِنْد الْعَدو {ضلوا عَنَّا} : غَابُوا عَنَّا {وَالضَّرَّاء} : الْمَرَض والزمانة {والبأساء} : الْفقر والشدة {وَمَا دُعَاء الْكَافرين إِلَّا فِي ضلال} : ضيَاع لَا يُجَاب {من ضَرِيع} : هُوَ نبت أَخْضَر يُسمى شبرقا فَإِذا يبس يُسمى ضريعا {خَلقكُم من ضعف} : ابتدأكم ضعفاء، وَجعل الضعْف أساس أَمركُم، أَو من أصل ضَعِيف هُوَ النُّطْفَة {ضربا فِي الأَرْض} : ذَهَابًا فِيهَا للكسب {فَضَحكت} : سُرُورًا وَقيل: حَاضَت. {ضدا} : أعوانا {ضلالك الْقَدِيم} : خطئك {معيشة ضنكا} : ضيقا وَهُوَ عَذَاب الْقَبْر (فصل الطَّاء) [الطَّعَام] : كل طَعَام فِي الْقُرْآن فَهُوَ نصف صَاع [الطامح] : كل مَكَان مُرْتَفع فَهُوَ طامح [طَغى] : كل شَيْء جَاوز الْحَد فقد طَغى [الطَّبِيب] : كل حاذق عِنْد الْعَرَب فَهُوَ طَبِيب

[طم] : كل شَيْء كثر حَتَّى علا وَغلب فقد طم [الطَّرِيق] : كل مَا يطرقه طَارق مُعْتَادا كَانَ أَو غير مُعْتَاد فَهُوَ الطَّرِيق، والسبيل من الطَّرِيق: مَا هُوَ مُعْتَاد السلوك وَالطَّرِيق الْموصل إِلَى الْبَلَد يُسمى عدلا، وَمَا لَا يُوصل إِلَيْهِ يُسمى جائرا. والطرق: جمع طَرِيق جمع تكسير، وطرقات: جمع طَرِيق جمع سَلامَة [ {وَلَقَد خلقنَا فَوْقكُم سبع طرائق} : سبع سموات لِأَنَّهَا طورق بَعْضهَا فَوق بعض مطارقة النَّعْل وكل مَا فَوْقه مثله فَهُوَ طَرِيقه كَذَا فِي " الْأَنْوَار " وَقَوله: وكل مَا فَوْقه مثله فَهُوَ طَرِيقه: أَي مطروقه أَتَى عَلَيْهِ مثله، لِأَن سَمَاء الدُّنْيَا طروق فَوْقهَا مثلهَا وَلَيْسَ هَذَا القَوْل وَجها آخر بل تَتِمَّة قَوْله لِأَنَّهَا طورق بَعْضهَا فَوق بعض وفائدتها بَيَان أَن مدَار إِطْلَاق الطَّرِيقَة على السَّمَاء فوقية مثلهَا عَلَيْهَا لَا فوقيتها على مثلهَا، بل يَكْفِي فِي الطَّرِيقَة طاقتان فِي " النِّهَايَة " لِابْنِ الاثير: طَارق النَّعْل: إِذا صيرها طاقا فَوق طاق وَركب بَعْضهَا فَوق بعض] [الطوفان] : كل حَادِثَة مُحِيطَة بالإنسان فَهِيَ الطوفان، فَصَارَ متعارفا فِي المَاء المتناهي فِي الْكَثْرَة لأجل أَن الْحَادِثَة الَّتِي نَالَتْ قوم نوح كَانَت مَاء [الطوق] : كل مَا اسْتَدَارَ بِشَيْء فَهُوَ طوق لَهُ الطول، بِالضَّمِّ: الْفضل وَالزِّيَادَة يُقَال لفُلَان عَليّ طول أَي زِيَادَة، وَمِنْه الطول فِي الْجِسْم [والطول] ، بِالْفَتْح: بِمَعْنى الْمِنَّة يُقَال: فلَان ذُو طول عَليّ: أَي ذُو منَّة والطول، (بِالضَّمِّ) أَيْضا يُقَال للامتداد الْوَاحِد مُطلقًا من غير أَن يعْتَبر مَعَه قيد وَيُقَال للامتداد الْمَفْرُوض أَولا، وَهُوَ أحد الأبعاد الجسمية وَيُقَال لأطول الامتدادين المتقاطعين فِي السَّطْح وَيُقَال للامتداد الْآخِذ من مَرْكَز الْعَالم إِلَى محيطه وَيُقَال للامتداد الْآخِذ من رَأس الْإِنْسَان إِلَى قدمه من رَأس ذَوَات الْأَرْبَع إِلَى مؤخرها والطولي تَأْنِيث الأطول: و (الطوليين) تثنيتها وفسرت الطُّولى بالأعراف، والطوليين بالأعراف والأنعام، وَهُوَ فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ الطّلب: هُوَ يتَعَدَّى إِلَى أحد المفعولين بِالذَّاتِ، وَالْآخر بِوَاسِطَة اللَّام والابتغاء يتَعَدَّى بِالذَّاتِ فِي " الأساس " ابتغ ضألتي: أَي اطلبها إِلَيّ وَطَلَبه: حاول وجوده وَأَخذه و [طلب] إِلَيّ: رغب، كَمَا فِي الْقَامُوس والطلبة (بِكَسْر اللَّام) : مَا طلبته وَبِفَتْحِهَا جمع طَالب والطلب عَام حَيْثُ يُقَال فِيمَا تسأله من غَيْرك وَفِيمَا تطلبه من نَفسك وَالسُّؤَال لَا يُقَال إِلَّا فِيمَا تطلبه من غَيْرك، والتوخي خَاص بِالْخَيرِ

والطلب إِن كَانَ بطرِيق الْعُلُوّ سَوَاء كَانَ عَالِيا حَقِيقَة أَو لَا فَهُوَ أَمر، وَإِن كَانَ على طَرِيق السّفل سَوَاء كَانَ سافلا فِي الْوَاقِع أم لَا فدعاء (وَعند صَاحب " الْكَشَّاف ": من الْأَعْلَى أَمر، وَمن الْأَدْنَى دُعَاء) والطلب مَعَ الخضوع مُطلقًا لَيْسَ بِدُعَاء، بل الدُّعَاء مَخْصُوص بِالطَّلَبِ من الله تَعَالَى فِي الْعرف وَفِي جَمِيع الاصطلاحات، والالتماس لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي مقَام التَّوَاضُع، وَأما السُّؤَال فَهُوَ أَعم مِنْهَا وَالْمَطْلُوب بِهِ إِن كَانَ مِمَّا لَا يُمكن فَهُوَ التَّمَنِّي، وَإِن كَانَ مُمكنا، فَإِن كَانَ حُصُول أَمر فِي ذهن الطَّالِب فَهُوَ الِاسْتِفْهَام، وَإِن كَانَ حُصُول أَمر فِي الْخَارِج، فَإِن كَانَ ذَلِك الْأَمر انْتِفَاء فعل فَهُوَ النَّهْي، وَإِن كَانَ ثُبُوته فَإِن كَانَ بِأحد حُرُوف النداء فَهُوَ النداء، وَإِلَّا فَهُوَ الْأَمر والطلب فعل اخْتِيَاري لَا يَتَأَتَّى إِلَّا بِإِرَادَة مُتَعَلقَة بخصوصية الْمَطْلُوب مَوْقُوفَة على امتيازه عَمَّا عداهُ والطلب من الله يجوز بِلَفْظ الْمَاضِي والمضارع، وبصيغة الْأَمر على اصْطِلَاح الأدباء، وَكَذَا الثَّنَاء مثل: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحمدت الله، وأحمده، بِخِلَاف، أضْرب، وأبيع، وَالْفرق إِمْكَان الْوَعْد فِيهِ، وَعدم إِمْكَان الْوَعْد فِي الثَّنَاء على الله والطلب مِنْهُ إِلَّا إِذا قَامَ دَلِيل مثل: سأستغفر الله، فَإِن حرف التَّنْفِيس دَلِيل الْوَعْد الطَّهَارَة: التَّنَزُّه عَن الأدناس وَلَو معنوية وَشرعا: النَّظَافَة الْمَخْصُوصَة المتنوعة إِلَى وضوء وَغسل وَتيَمّم وَغسل الْبدن وَالثَّوْب وَنَحْوه وَالطَّهَارَة (بِالضَّمِّ) : اسْم لما يتَطَهَّر بِهِ من المَاء وَالطُّهْر: خلاف الْمَحِيض. وطهر: بِمَعْنى (اغْتسل) مثلث الْهَاء، وَالْفَتْح أفْصح وأقيس لِأَنَّهُ خلاف طمثت، وَلِأَنَّهُ يُقَال طَاهِر مثل قَاعد، وقائم وَالطهُور إِمَّا مصدر على (فعول) من قَوْلهم: (تطهرت طهُورا) ، و (تَوَضَّأت وضُوءًا) أَو اسْم غير مصدر كالفطور فَإِنَّهُ اسْم لما يفْطر بِهِ، أوصفة كالرسول وَنَحْو ذَلِك من الصِّفَات وعَلى هَذَا: {شرابًا طهُورا} وَهُوَ لَازم فتعديته بتطهير غَيره مأخوذه من اسْتِعْمَال الْعَرَب لَا من الْمُتَعَدِّي وَاللَّازِم، فَإِن الْعَرَب لَا تسمي الشَّيْء الَّذِي لَا يَقع بِهِ التَّطْهِير طهُورا والتطهر: الِاغْتِسَال. قَالَ الْمَشَايِخ فِي كتب الْأُصُول: قَوْله تَعَالَى {فَلَا تقربوهن حَتَّى يطهرن} بِالتَّخْفِيفِ، يُوجب الْحل بعد الطُّهْر قبل الِاغْتِسَال، فحملنا المخفف على الْعشْرَة والمشدد على الْأَقَل، وَإِنَّمَا لم يعكس لِأَنَّهَا إِذا طهرت بِعشْرَة أَيَّام حصلت الطَّهَارَة الْكَامِلَة لعدم احْتِمَال الْعود، وَإِذا طهرت لأَقل مِنْهَا يحْتَمل الْعود فَلم تحصل الطَّهَارَة الْكَامِلَة فاحتيج إِلَى الِاغْتِسَال لتتأكد الطَّهَارَة، وَإِذا لم تَغْتَسِل وَمضى عَلَيْهَا وَقت صَلَاة حل وَطْؤُهَا، فجوزنا قربانهن قبل اغتسالهن إِذا انْقَطع الدَّم فِي أَكثر الْمدَّة، عملا بِقِرَاءَة عبد الله: {حَتَّى يطهرن}

بِالتَّخْفِيفِ وَلم نجوزه قبله أَو قيل مُضِيّ وَقت صَلَاة إِذا انْقَطع فِي أقل الْمدَّة، بِقِرَاءَة {حَتَّى يطهرن} بِالتَّشْدِيدِ، خلافًا لزفَر وَالشَّافِعِيّ فَإِنَّهُمَا قَالَا: لَا تحل بِحَال قبل الِاغْتِسَال، واحتجا بِقِرَاءَة التَّشْدِيد، وَفِيه نظر، لِأَن شَرط الْعَمَل بِالْمَفْهُومِ أَن لَا يكون مُخَالفا لمنطوق قِرَاءَة التَّشْدِيد، وَنحن نقُول: لَيْسَ الْعَمَل بِقِرَاءَة التَّخْفِيف بطرِيق الْمَفْهُوم، بل بطرِيق الْمَنْطُوق، فَإِن الدّلَالَة على الحكم عِنْد الْغَايَة بِحَسب الْوَضع (قيل فِي قَوْله تَعَالَى: {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} : إِنَّه لَا يبلغ حقائق مَعْرفَته إِلَّا من تطهر نَفسه وتنقى من درن الْفساد) الطَّاعَة: طاع لَهُ يطوع ويطاع: انْقَادَ ويطيع لُغَة فِي يطوع، [وَلَا يُقَال أَطَعْت أَمر زيد بل يُقَال: أَطَعْت زيدا فِي أمره وامتثلت أمره] أطَاع زيدا فِي أمره: امتثل أمره على الِاسْتِعَارَة، أَو جعل الْأَمر مُطَاعًا على الْمجَاز الْحكمِي وَالطَّاعَة مثل الطوع لَكِن أَكثر مَا تقال فِي الائتمار فِيمَا أَمر، والارتسام فِيمَا رسم وَقَوله تَعَالَى: {فطوعت لَهُ نَفسه} تابعته وطاوعته، أَو شجعته وأعانته وأجابته إِلَيْهِ وَالطَّاعَة هِيَ الْمُوَافقَة لِلْأَمْرِ أَعم من الْعِبَادَة لِأَن الْعِبَادَة غلب اسْتِعْمَالهَا فِي تَعْظِيم الله غَايَة التَّعْظِيم وَالطَّاعَة تسْتَعْمل لموافقة أَمر الله وَأمر غَيره وَالْعِبَادَة تَعْظِيم يقْصد بِهِ النَّفْع بعد الْمَوْت والخدمة: تَعْظِيم يقْصد بِهِ النَّفْع قبل الْمَوْت والعبودية: إِظْهَار التذلل، وَالْعِبَادَة أبلغ مِنْهَا لِأَنَّهَا غَايَة التذلل وَالطَّاعَة فعل المأمورات وَلَو ندبا، وَترك المنهيات وَلَو كَرَاهَة، فقضاء الدّين والإنفاق على الزَّوْجَة والمحارم وَنَحْو ذَلِك طَاعَة الله وَلَيْسَ بِعبَادة وَتجوز الطَّاعَة لغير الله فِي غير الْمعْصِيَة، وَلَا تجوز الْعِبَادَة لغير الله تَعَالَى والقربة: أخص من الطَّاعَة لاعْتِبَار معرفَة المتقرب إِلَيْهِ فِيهَا، وَالْعِبَادَة أخص مِنْهُمَا لِأَنَّهُ يعْتَبر فِيهَا النِّيَّة وَالتَّاء فِي الطَّاعَة وَالْعِبَادَة لَيست للمرة بل للدلالة على الْكَثْرَة، أَو لنقل الصّفة إِلَى الاسمية وَالطَّاعَة إِذا أدَّت إِلَى مَعْصِيّة راجحة وَجب تَركهَا، فَإِن مَا يُؤَدِّي إِلَى الشَّرّ فَهُوَ شَرّ وَالطَّاعَة تحبط بِنَفس الرِّدَّة عندنَا لقَوْله تَعَالَى: {وَمن يكفر بِالْإِيمَان فقد حَبط عمله} وَالْمَوْت على الرِّدَّة لَيْسَ بِشَرْط بل تَأْثِير الشَّرْط الْمَذْكُور فِي حبوط عمل الدُّنْيَا فَإِنَّهُ مَا لم يسْتَمر على الرِّدَّة إِلَى آخر الْحَيَاة لَا يحرم من ثَمَرَات الْإِسْلَام وَالطَّاعَة والعصيان فِي البديع: هُوَ أَن يُرِيد الْمُتَكَلّم معنى من الْمعَانِي فيستعصي عَلَيْهِ لتعذر دُخُوله فِي الْوَزْن، فَيَأْتِي بِمَا يتَضَمَّن معنى كَلَامه وَيقوم بِهِ الْوَزْن وَيحصل بِهِ معنى من البديع غير الَّذِي قَصده كَقَوْل المتنبي:

(يرد يدا عَن ثوبها وَهُوَ قَادر ... ويعصى الْهوى فِي طيفها وَهُوَ رَاقِد) فَإِن (قَادر) يتَضَمَّن معنى مستيقظ الطَّلَاق: اسْم من التَّطْلِيق وَهُوَ الْإِرْسَال وَيجوز أَن يكون مصدر (طلقت) بِالضَّمِّ أَو بِالْفَتْح فَهِيَ طَالِق [كحامل وحائض] اسْتعْمل فِي النِّكَاح بالتفعيل كالسلام والسراح بِمَعْنى التَّسْلِيم والتسريح، وَفِي غَيره بالأفعال وَلِهَذَا يحْتَاج إِلَى النِّيَّة فِي (أَنْت مُطلقَة) بِالتَّخْفِيفِ لَا فِي (مُطلقَة) مشددا وَطلقت الْمَرْأَة طَلَاقا وَطلقت طلقا: عَن الْولادَة وطلق وَجه فلَان طلاقة وَفُلَان طلق الْوَجْه وطليق الْوَجْه وَالطَّلَاق شرعا: إِزَالَة النِّكَاح وَنقض حلّه بِلَفْظ مَخْصُوص والتطليق الشَّرْعِيّ: كرتان على التَّفْرِيق تَطْلِيقَة بعد تَطْلِيقَة يعقبها رَجْعَة وَظَاهر قَوْله تَعَالَى: {الطَّلَاق مَرَّتَانِ فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان} حجَّة على الشَّافِعِي فِي قَوْله: " لَا بَأْس بإرسال الثَّلَاث " وَلَا متمسك لَهُ فِي حَدِيث الْعجْلَاني الَّذِي لَاعن امْرَأَته فَطلقهَا ثَلَاثًا بَين يَدي رَسُول الله وَلم يُنكر عَلَيْهِ لعدم الدَّلِيل بتأخره عَن نزُول الْآيَة وَقد كَانَ فِي الصَّدْر الأول إِذا أرسل الثَّلَاث جملَة لم كَحكم إِلَّا بِوُقُوع وَاحِدَة إِلَى زمن عمر رَضِي الله عَنهُ ثمَّ حكم بِوُقُوع الثَّلَاث سياسة لكثرته بَين النَّاس وَاخْتلف فِي طَلَاق الْمُخطئ، كَمَا إِذا أَرَادَ أَن يَقُول: (أَنْت جَالس) فَقَالَ: (أَنْت طَالِق) فعندنا يَصح، وَعند الشَّافِعِي لَا يَصح لعدم الْقَصْد كالنائم والمغمى عَلَيْهِ وَالِاعْتِبَار إِنَّمَا هُوَ بِالْقَصْدِ الصَّحِيح فَنَقُول: أقيم الْبلُوغ بِالْعقلِ مقَام الْعَمَل بِالْعقلِ بِلَا سَهْو وَلَا غَفلَة لِأَنَّهُ خَفِي لَا يُوقف عَلَيْهِ بِلَا حرج، وَلم يقم مقَام الْقَصْد فِي النَّائِم والمغمى عَلَيْهِ لِأَن السَّبَب الظَّاهِر إِنَّمَا يُقَام مقَام الشَّيْء عِنْد خَفَاء وجوده وَعَدَمه، وَعدم الْقَصْد فِي النَّائِم مدرك بِلَا حرج، وَلما كَانَ الْقَصْد فِي النَّائِم مِمَّا لَا يعسر الْوُقُوف عَلَيْهِ لم يحْتَج إِلَى إِقَامَة شَيْء مقَامه بل جعل الحكم مُتَعَلقا بحقيقته الطغيان: هُوَ تجَاوز الْحَد الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ من قبل، وعَلى ذَلِك: {لما طَغى المَاء} والعدوان: تجَاوز الْمِقْدَار الْمَأْمُور بِهِ بالانتهاء إِلَيْهِ وَالْوُقُوف عِنْده، وعَلى ذَلِك: {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ} وَالْبَغي: طلب تجَاوز قدر الِاسْتِحْقَاق، تجاوزه أَو لم يتجاوزه، وَيسْتَعْمل فِي المتكبر لِأَنَّهُ طَالب منزلَة لَيْسَ لَهَا بِأَهْل الطَّبْع: هُوَ مَا يكون مبدأ الْحَرَكَة مُطلقًا سَوَاء كَانَ لَهُ شُعُور كحركة الْحَيَوَان، أَو لَا كحركة الفك عِنْد من لم يَجعله شَاعِرًا، وَهُوَ الصُّورَة النوعية أَو النَّفس والطبيعة أَيْضا مَا يكون مبدأ الْحَرَكَة من غير شُعُور، وَالنِّسْبَة بَينهمَا بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوص

مُطلقًا، وَالْعَام هُوَ الطَّبْع والطبيعة تطلق على النَّفس بِاعْتِبَار تدبيرها للبدن على التسخير لَا الِاخْتِيَار، وَقد تطلق على الصُّورَة النوعية للبسائط والطبع أَيْضا قُوَّة للنَّفس فِي إِدْرَاك الدقائق والسليقة: قُوَّة فِي الْإِنْسَان بهَا يخْتَار الفصيح من طرق التراكيب من غير تكلّف وتتبع قَاعِدَة مَوْضُوعَة لذَلِك، وَذَلِكَ مثل اتِّفَاق طباع الْعَرَب الْأَوَّلين على رفع الْفَاعِل وَنصب الْمَفْعُول وجر الْمُضَاف إِلَيْهِ وَغير ذَلِك من الْأَحْكَام المستنبطة من تراكيبهم والطبع أَعم من الْخَتْم، وأخص من النقش قَالَ بَعضهم: الطَّبْع والختم والأكنة والأقفال أَلْفَاظ مترادفة بِمَعْنى وَاحِد الطُّمَأْنِينَة: بِالضَّمِّ اسْم من الاطمئنان وَهُوَ لُغَة السّكُون. وَشرعا: الْقَرار مِقْدَار التسبيحة فِي أَرْكَان الصَّلَاة وَقد شدد صدر الْإِسْلَام تشديدا بليغا فَقَالَ: إِنَّهَا وَاجِبَة عِنْد الطَّرفَيْنِ فَيلْزم السَّهْو بِتَرْكِهَا، وَيكرهُ أَشد الْكَرَاهَة عمدا، وَيلْزمهُ الاعادة كَمَا فِي " الْمنية " وَغَيره [والمطمئن] : صَحَّ بِفَتْح الْهمزَة على أَنه اسْم مَكَان بِمَعْنى مَوضِع الطُّمَأْنِينَة، لَا اسْم مفعول لِأَن (اطْمَأَن) لَازم، وَقد يرْوى بِكَسْرِهَا على أَنه اسْم فَاعل بِمَعْنى النّسَب، أَو على الاسناد الْمجَازِي مثل {عيشة راضية} ] الطّعْم (بِالضَّمِّ) : الطَّعَام وبالفتح مَا يُؤَدِّيه الذَّوْق. يُقَال: (طعمه مر) وَالطَّعَام قد يَقع على المشروب كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمن لم يطعمهُ فَإِنَّهُ مني} وَالْعرب تَقول: (تطعم تطعم) أَي ذُقْ حَتَّى تشْتَهي، وَإِذا كَانَ الْمَعْنى رَاجعا إِلَى الذَّوْق صلح للمأكول والمشروب مَعًا الطي: هُوَ ضد النشر يُقَال: طوى الثَّوْب وَنَحْوه (بِالْفَتْح) طيا، وطوي (بِالْكَسْرِ) يطوى طوى فَهُوَ طاو أَي: جَائِع وَقَوله تَعَالَى: {بالواد الْمُقَدّس طوى} أَي قدس مرَّتَيْنِ وَقَالَ الْحسن: تثبت فِيهِ الْبركَة وَالتَّقْدِيس مرَّتَيْنِ والطوية: الضَّمِير وطوى كشحه: أعرض بوده وطوى عَنهُ كشحه: قطعه وطوى كشحه على الْأَمر: أضمره وستره الطَّائِفَة: هِيَ من الشَّيْء قِطْعَة مِنْهُ، أَو الْوَاحِد فَصَاعِدا، أَو إِلَى الْألف، وأقلها رجلَانِ أَو رجل، فَتكون بِمَعْنى النَّفس والطائفة إِذا أُرِيد بهَا الْجمع فَجمع طائف، وَإِذا أُرِيد بهَا الْوَاحِد فَيصح أَن تكون جمعا، وكني بِهِ من الْوَاحِد الطَّبَق: هُوَ من كل شَيْء مَا ساواه، وَوجه الأَرْض والقرن من الزَّمَان أَو عشرُون سنة وطبق الشَّيْء تطبيقا: عَم والسحاب الجو: غشاه وَالْمَاء وَجه الأَرْض: غطاه والطباق: هُوَ جمع المتقابلين فِي الْجُمْلَة

وَيُسمى مُطَابقَة وتطبيقا وتضادا وتكافؤا وطباق السَّلب: هُوَ أَن يجمع بَين فعلي مصدر وَاحِد أَحدهمَا مُثبت وَالْآخر منفي مثل: {وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ يعلمُونَ ظَاهرا من الْحَيَاة الدُّنْيَا} أَو أَحدهمَا أَمر وَالْآخر نهي نَحْو: {فَلَا تخشوا النَّاس واخشون} [وَفِي مثل: {أغرقوا فأدخلوا نَارا} طباق خَفِي] الطَّاقَة: هِيَ اسْم لمقدار مَا يُمكن الْإِنْسَان أَن يَفْعَله بِمَشَقَّة، (وَذَلِكَ تَشْبِيه بالطوق الْمُحِيط بالشَّيْء) فَقَوله تَعَالَى: {وَلَا تحملنا مَا لَا طَاقَة لنا بِهِ} لَيْسَ مَعْنَاهُ مَا لَا قدرَة لنا بِهِ بل مَا يصعب علينا الطّرف (بِفَتْح الطَّاء وَالرَّاء) : الْجَانِب وبضم الطَّاء وَفتح الرَّاء جمع (طرفَة) ، وَهِي الغريبة من التَّمْر وَغَيره وطرف بَصَره: أطبق أحد جفنيه على الآخر وطرف بِعَيْنِه: حرك جفنيها الطائل: الْفَائِدَة والمزية يُقَال: هدا الْأَمر لَا طائل فِيهِ، إِذا لم يكن فِيهِ غنى ومزية الطّيب: لَهُ ثَلَاثَة معَان: الطَّاهِر، والحلال، والمستلذ الطارق: كَوْكَب الصُّبْح الطَّبَرِيّ: نِسْبَة إِلَى طبرستان وَالطَّبَرَانِيّ: نِسْبَة إِلَى طبرية الطليعة: من يبْعَث ليطلع حَال الْعَدو طفق: خَاص بالإثبات مَعْنَاهُ: جعل طالما: (مَا) فِيهِ حَقّهَا أَن تكْتب مَوْصُولَة كَمَا فِي (رُبمَا) و (إِنَّمَا) وأخواتهما وَكَذَا فِي (قَلما) للمعنى الْجَامِع بَينهمَا، هَذَا إِذا كَانَت كَافَّة، وَأما إِذا كَانَت مَصْدَرِيَّة فَلَيْسَ إِلَّا الْفَصْل قَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي: (طالما) و (قَلما) وَنَحْوهمَا أَفعَال لَا فَاعل لَهَا مضمرا وَلَا مظْهرا لِأَن الْكَلَام لما كَانَ مَحْمُولا على النَّفْي سوغ ذَلِك أَن لَا يحْتَاج إِلَيْهِ، و (مَا) دخلت عوضا عَن الْفَاعِل وَقَالَ ابْن جني: كلمة وَاحِدَة. فَإِن (مَا) دخلت على (طَال) مصلحَة لَهَا للْفِعْل وَجعل الْفِعْل مصدرا، فَلَمَّا اخْتَلَط بِهِ معنى وتقديرا اخْتَلَط بِهِ خطا وتصويرا، وَكَذَا فِي (قَلما) و (الْفَاء) الدَّاخِلَة عَلَيْهَا للتَّعْلِيل [نوع] {وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب} : ذَبَائِحهم {الطوفان} : الْمَطَر {طَائِفَة} : عصبَة {كالطود} : كالجبل {طائركم} : مصائبكم

{فَطَفِقَ مسحا} : جعل يمسح {ذِي الطول} : السعَة والغنى {طَغى المَاء} : كثر {طحاها} : سطحها فوسعها {طغيانهم} : كفرهم {ألزمناه طَائِره} : عمله وَمَا قدر لَهُ كَأَنَّهُ طير من عش الْغَيْب ووكر الْقدر {حَلَالا طيبا} : يستطيبه الشَّرْع، (أَو الشَّهْوَة المستقيمة) {فطوعت لَهُ نَفسه قتل أَخِيه} : فسهلته لَهُ ووسعته {ضعف الطَّالِب وَالْمَطْلُوب} : عَابِد الصَّنَم ومعبوده {إِنَّه طَغى} : عصى وتكبر {بطغواها} : طغيانها {لطمسنا} : لمسحنا ومحونا {طلعها} : حملهَا {طبتم} : طهرتم {وَمَا طَغى} : وَمَا تجَاوز {قوم طاغون} : مجاوزون الْحَد فِي العناد {الطامة} : الداهية الَّتِي تطم، أَي تعلو على سَائِر الدَّوَاهِي {سبع طرائق} : سماوات {والطارق} : الْكَوْكَب البادي بِاللَّيْلِ {طبقًا عَن طبق} : حَالا بعد حَال مُطَابقَة لأختها فِي الشدَّة {وطلح} : هُوَ شجر الموز، أَو أم غيلَان، لَهُ أَنْوَاع طيبَة الرَّائِحَة {وَالطور} : هُوَ مَا أنبت من الْجبَال، وَمَا لم ينْبت فَلَيْسَ بطور وَعَن مُجَاهِد: هُوَ الْجَبَل بالسُّرْيَانيَّة {طه} : عَن ابْن عَبَّاس هُوَ كَقَوْلِك: يَا مُحَمَّد بِلِسَان الْحَبَشَة [أوطئ قَدَمَيْك على الأَرْض، وَقيل: مَعْنَاهُ يَا بدر] و {طور سيناء} : جبل مُوسَى بَين مصر وأيلة {الطاغوت} : الكاهن بِالْحَبَشَةِ

فصل الظاء

{طُوبَى} : فَرح وقرة عين: وَعَن ابْن عَبَّاس: اسْم الْجنَّة بالحبشية {طوى} :: هُوَ مُعرب مَعْنَاهُ لَيْلًا وَقيل: هُوَ رجل بالعبرانية {فطل} : مطر صَغِير الْقطر {طفقا} عمدا بلغَة غَسَّان، وَقيل: قصدا بالرومية [ {كشجر طيبَة} : عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الَّتِي لَا ينقص وَرقهَا، وَهِي النَّخْلَة، والخبيثة هِيَ الحنظل {طهُورا} : نظيفا {طمست} : ذهب ضوؤها] (فصل الظَّاء) [الظُّلُمَات] : كل مَا فِي الْقُرْآن من الظُّلُمَات والنور فَالْمُرَاد الْكفْر وَالْإِيمَان، إِلَّا الَّتِي فِي أول " الْأَنْعَام " فَإِن المُرَاد هُنَاكَ ظلمَة اللَّيْل وَنور النَّهَار [الظَّن] : عَن مُجَاهِد قَالَ: كل ظن فِي الْقُرْآن فَهُوَ يَقِين، وَهَذَا يشكل بِكَثِير من الْآيَات وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: للْفرق بَينهمَا ضابطان فِي الْقُرْآن: أَحدهمَا: أَنه حَيْثُ وجد الظَّن مَحْمُودًا مثابا عَلَيْهِ فَهُوَ الْيَقِين وَحَيْثُ وجد مذموما متوعدا عَلَيْهِ بِالْعَذَابِ فَهُوَ الشَّك: وَالثَّانِي: أَن كل ظن يتَّصل بِهِ (أَن) المخففة فَهُوَ شكّ نَحْو: {بل ظننتم أَن لن يَنْقَلِب الرَّسُول} وكل ظن يتَّصل بِهِ (أَن) الْمُشَدّدَة فَهُوَ يَقِين كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنِّي ظَنَنْت أَنِّي ملاق حسابيه} ، وَالْمعْنَى فِي ذَلِك أَن الْمُشَدّدَة لتأكيد فَدخلت فِي الْيَقِين والمخففة بِخِلَافِهَا فَدخلت فِي الشَّك وَأما قَوْله تَعَالَى: {وظنوا أَن لَا ملْجأ من الله} ، فالظن فِيهِ اتَّصل بِالِاسْمِ وَالظَّن بالظاء فِي جَمِيع الْقُرْآن لَكِن قد اخْتلفُوا فِي قَوْله تَعَالَى: {بضنين} [الظّهْر] : كل من علا شيئأ فقد ظهر. وَسمي المركوب ظهرا لِأَن رَاكِبه يعلوه وَكَذَلِكَ امْرَأَة الرجل لِأَنَّهُ يعلوها بِملك الْبضْع وَإِن لم يكن علوه من خاصية الظّهْر كل ظهر يكْتب بالظاء إِلَّا (ظهر الْجَبَل) فَإِنَّهُ بالضاد والظاء (كالضاد] حرف خَاص بِلِسَان الْعَرَب [الظلة] : كل مَا أظلك من سقف بَيت أَو سَحَابَة أَو جنَاح حَائِط فَهُوَ ظلة

[الظّرْف] : كل مَا يسْتَقرّ فِيهِ غَيره فَهُوَ ظرف كل ظرف فَهُوَ فِي التَّقْدِير جَار ومجرور لِأَن قَوْلنَا: (صليت يَوْم الْجُمُعَة) مَعْنَاهُ: صليت فِي يَوْم الْجُمُعَة، وعَلى هَذَا الْقيَاس سَائِر الْأَزْمِنَة والأمكنة والظرف فِي عرف النَّحْوِيين: لَيْسَ كل اسْم من أَسمَاء الزَّمَان أَو الْمَكَان على الْإِطْلَاق، بل الظّرْف مِنْهَا مَا كَانَ منتصبا على تَقْدِير (فِي) واعتباره بِجَوَاز ظُهُورهَا مَعَه فَتَقول: قُمْت الْيَوْم، وَفِي الْيَوْم [وَذكر فِي كتب الْأُصُول أَن الظّرْف الْمَجْرُور بفي لَا يكون بِتَمَامِهِ ظرفا إِنَّمَا يكون كَذَلِك الْمَنْصُوب بِتَقْدِير (فِي) نَحْو: (صمت يَوْم الْجُمُعَة) بِصَوْم تَمَامه، بِخِلَاف (صمت فِي يَوْم الْجُمُعَة) وَهَذَا الْفرق مَذْهَب الْكُوفِي وَلَا يفرق بَينهمَا الْبَصْرِيّ] كل ظرف أَو جَار ومجرور لَيْسَ بزائد وَلَا مِمَّا يسْتَثْنى بِهِ فَلَا بُد أَن يتَعَلَّق بِالْفِعْلِ أَو مَا يُشبههُ، أَو مَا أول بِمَا يُشبههُ، أَو مَا يُشِير إِلَى مَعْنَاهُ كل مَا ينْتَصب ظرفا يجوز وُقُوعه خَبرا إِذا كَانَ مِمَّا يَصح عمل الِاسْتِقْرَار فِيهِ كل ظرف أضيف إِلَى الْمَاضِي فَإِنَّهُ يبْنى على الْفَتْح: " كَيَوْم وَلدته أمه " الحَدِيث وَاخْتلف فِي الْمُضَاف إِلَى الْمُضَارع وَالأَصَح أَنه مُعرب والظرف إِذا وَقع حَالا، أَو خَبرا، أَو صفة، أَو صلَة يتَعَلَّق بِكَوْن مُطلق لَا مُقَيّد، وَلَا يجوز حذفه إِذا كَانَ مُتَعَلّقه كونا مُقَيّدا، وَإِنَّمَا يحذف إِذا كَانَ كونا مُطلقًا وظرف الزَّمَان لَا يكون صفة الجثة وَلَا حَالا مِنْهَا، وَلَا خَبرا عَنْهَا وَلِهَذَا قَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى {قد سَأَلَهَا قوم من قبلكُمْ} : (من قبلكُمْ) مُتَعَلق بسألها، وَلَيْسَ صفة لقوم والظرف الْمُتَصَرف هُوَ مَا لم يسْتَعْمل إِلَّا مَنْصُوبًا بِتَقْدِير (فِي) أَو مجرورا ب (من) والظرف غير الْمُتَصَرف هُوَ مَا لم يلْزم انتصابه

بِمَعْنى (فِي) أَو انجراره ب (من) والظرف يعْمل فِيهِ معنى الْفِعْل مُتَأَخِّرًا أَو مُتَقَدما وَالْحَال لَا يعْمل فِيهَا معنى الْفِعْل إِلَّا مُتَقَدما عَلَيْهَا، وَكلمَة (فِي) تدخل لفظ الظّرْف، وَتدْخل على حَال مُضَافَة إِلَى مصدرها نَحْو (جَاءَنِي زيد قَائِما) أَي: فِي حَال قِيَامه وتعدد الظّرْف مُمْتَنع بِلَا خلاف، وَفِي تعدد الْبَدَل خلاف ويتعدد عطف الْبَيَان: ك {ملك النَّاس إِلَه النَّاس} كَذَا الْحَال لشبهها بالْخبر والنعت، وَإِذا كَانَ الظّرْف عَاملا فِي ضمير ذِي الْحَال بِكَوْن بِغَيْر وَاو أَلْبَتَّة لانخراطه فِي سلك الْمُفْرد وَإِذا دخل على الظّرْف الْخَافِض خرج عَن الظَّرْفِيَّة أَلا ترى أَن (وسطا) إِذا دَخلهَا الْخَافِض صَارَت اسْما بِدَلِيل التزامهم فتح سينها فَإِن الْوسط المفتوح السِّين لَا يكون إِلَّا اسْما، وَالسَّبَب فِي ذَلِك هُوَ أَنهم جعلُوا الظّرْف بِمَنْزِلَة الْحَرْف الَّذِي لَيْسَ باسم وَلَا فعل لشبهه بِهِ من حَيْثُ إِن أَكثر الظروف قد أخرج مِنْهَا الْإِعْرَاب، وأكثرها أَيْضا لَا تثنى وَلَا تجمع وَلَا تُوصَف، وَلذَلِك كَرهُوا أَن يدخلُوا فِيهَا مَا يدْخلُونَ فِي الْأَسْمَاء والظرف النَّاقِص لَا يصلح أَن يكون خَبرا لِأَنَّهُ عبارَة عَمَّا لم يكن فِي الْإِخْبَار بِهِ فَائِدَة كالمقطوع عَن الْإِضَافَة وَلَا يعْمل الظّرْف عِنْد الْبَصرِيين إِلَّا فِيمَا إِذا كَانَ خَبرا نَحْو: (زيد فِي الدَّار غُلَامه) وَصفَة لموصوف نَحْو: (جَاءَنِي رجل بِيَدِهِ سيف) وصلَة لموصول نَحْو: {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} وَحَالا لذِي حَال نَحْو: (جَاءَنِي زيد بَين يَدَيْهِ خُدَّامه) ومعتمدا على همزَة الِاسْتِفْهَام نَحْو: (أَفِي الدَّار زيد) ومعتمدا على حرف النَّفْي نَحْو: (مَا فِي الدَّار أحد) وَفِيمَا إِذا كَانَ فَاعله بِمَعْنى الْمصدر نَحْو: (عِنْدِي أَنَّك منطلق) أَي عِنْدِي انطلاقك وَالِاسْم الْوَاقِع بعد الظّرْف فِي هَذِه الْمَوَاضِع مَرْفُوع بِأَنَّهُ فَاعل القَوْل الْمُقدر فِي الظّرْف، وَفِيمَا عدا هَذِه الْمَوَاضِع لَا يكون الِاسْم الْوَاقِع بعد الظّرْف فَاعِلا عِنْد الْبَصرِيين والظرف الزماني: أمس، الْآن، مَتى، أَيَّانَ، قطّ الْمُشَدّدَة، إِذا، الْمُقْتَضِيَة جَوَابا والمكاني: لدن، حَيْثُ، أَيْن، هُنَا، ثمَّة، إِذا المستعملة بِمَعْنى ثمَّة وَمَا يتَجَاوَز بِهِ الزَّمَان وَالْمَكَان: قبل، بعد وَإِذا قصد فِي بَاء المصاحبة مُجَرّد كَون مَعْمُول الْفِعْل مصاحبا للمجرور زمَان تعلق ذَلِك الْفِعْل بِهِ من غير قصد مشاركتهما فِي الْفِعْل فمستقر فِي موقع الْحَال سمي مُسْتَقرًّا لتَعَلُّقه بِفعل الِاسْتِقْرَار، وَهُوَ مُسْتَقر فِيهِ، حذف (فِيهِ) للاختصار كَمَا فِي الْمُشْتَرك وَإِذا قصد كَكَوْنِهِ مصاحبا لَهُ فِي تعلق الْفِعْل فلغو، فَفِي قَوْله: (اشْتَرِ الْفرس بسرجه) ، على الأول السرج غير مشترى وَلَكِن الْفرس كَانَ مصاحبا للسرج حَال الشِّرَاء وَالتَّقْدِير:

اشتره مصاحبا للسرج، وعَلى الثَّانِي كَانَ السرج مشترى وَالْمعْنَى اشترهما مَعًا والظرف المستقر إِذا وَقع بعد الْمعرفَة يكون حَالا نَحْو (مَرَرْت بزيد فِي الدَّار) أَي كَائِنا فِي الدَّار وَإِذا وَقع بعد النكرَة يكون صفة نَحْو: (مَرَرْت بِرَجُل فِي الدَّار) [أَي كَائِن فِي الدَّار] وَيَقَع صلَة نَحْو: {وَله من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمن عِنْده لَا يَسْتَكْبِرُونَ} وخبرا نَحْو: (فِي الدَّار زيد أم عنْدك) وَبعد الْقسم بِغَيْر الْبَاء نَحْو: {وَاللَّيْل إِذا يغشى} وَيكون مُتَعَلقَة مَذْكُورا بعده على شريطة التَّفْسِير نَحْو: (يَوْم الْجُمُعَة صمت) وَيشْتَرط فِي الظّرْف المستقر أَن يكون الْمُتَعَلّق متضمنا فِيهِ، وَأَن يكون مِنْهُ الْأَفْعَال الْعَامَّة، وَأَن يكون مُقَدرا غير مَذْكُور، وَإِذا لم تُوجد هَذِه الشُّرُوط فالظرف لَغْو قَالَ بَعضهم: مَا لَهُ حَظّ من الْإِعْرَاب، وَلَا يتم الْكَلَام بِدُونِهِ، بل هُوَ جُزْء الْكَلَام فَهُوَ مُسْتَقر، وَلَيْسَ اللَّغْو كَذَلِك لِأَنَّهُ مُتَعَلق بعامله الْمَذْكُور، وَالْإِعْرَاب لذَلِك الْعَامِل، وَيتم الْكَلَام بِدُونِهِ، وَحقّ اللَّغْو التَّأْخِير لكَونه فضلَة، وَحقّ المستقر التَّقْدِيم لكَونه عُمْدَة ومحتاجا إِلَيْهِ والظرف فِي قَوْله تَعَالَى: {ذَلِك لَهُم خزي فِي الدُّنْيَا} لَغْو مُتَعَلق بالخزي، وَفِي الدُّنْيَا خزي مُسْتَقر، أَي الخزي حَاصِل لَهُم لِأَن كَون الْمَرْء قَاطع الطَّرِيق مذلة وفضيحة فِي نَفسه بِخِلَاف منع الْمَسَاجِد عَن ذكر الله وَالسَّعْي فِي خرابها لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي نَفسه مذلة بل مؤد إِلَيْهَا وَمِمَّا يَنْبَغِي أَن يُنَبه عَلَيْهِ هُوَ أَن مثل (كَانَ) أَو (كَائِن) الْمُقدر فِي الظروف المستقرة لَيْسَ من الْأَفْعَال النَّاقِصَة بل من التَّامَّة بِمَعْنى ثَبت وَحصل، أَو ثَابت وَحَاصِل والظرف بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ لَغْو وَإِلَّا لَكَانَ الظّرْف فِي موقع الْخَبَر لَهُ فَيكون بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ مُسْتَقرًّا لَا لَغوا، لِأَن اللَّغْو لَا يَقع موقع مُتَعَلّقه فِي وُقُوعه خبر فَيلْزم (أَن يقدر (كَانَ) أَو (كَائِن) آخر وَهُوَ أَيْضا من النَّاقِصَة على ذَلِك التَّقْدِير فَيَقَع الظّرْف فِي موقع الْخَبَر لَهُ أَيْضا) فَيلْزم التسلسل والتقديرات والظرفية الْحَقِيقِيَّة حَيْثُ كَانَ للظرف احتواء وللمظروف تحيز ك (الدِّرْهَم فِي الْكيس) والمجازية حَيْثُ فقد الاحتواء ك (زيد فِي الْبَريَّة) أَو التحيز نَحْو: (فِي صدر فلَان علم) أَو فقدا مَعًا نَحْو: (فِي نَفسه علم) والظروف المبهمة مَا لَيْسَ لَهَا حُدُود تحصرها وَلَا أفكار تحويها، وَقد وَسعوا فِي الظّرْف من الْأَحْكَام مَا لم يوسعوا فِي غَيره مثل أَنهم لم يجوزوا تَقْدِيم مَعْمُول الْمصدر عَلَيْهِ إِذا لم يكن ظرفا، وجوزوه إِذا كَانَ ظرفا كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَا تأخذكم بهما رأفة} ، وَقَوله تَعَالَى: {فَلَمَّا بلغ مَعَه السَّعْي} ، فَإِن الْعَامِل فِي الْآيَة الأولى (الرأفة) وَفِي الْآيَة الثَّانِيَة (السَّعْي) وجوزوا عمل اسْم الْإِشَارَة فِي الظّرْف مَعَ أَنه

أَضْعَف الْأَسْمَاء فِي الْعَمَل دون غَيره كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَذَلِك يَوْمئِذٍ يَوْم عسير} فَإِن انتصاب (يَوْم) فِي (يؤمئذ) بذلك وَغير ذَلِك من الْأَحْكَام الموسعة فِي الظّرْف والظرف المتمكن مَعْنَاهُ أَنه يسْتَعْمل تَارَة اسْما وَتارَة ظرفا وَغير المتمكن مَعْنَاهُ أَنه لَا يسْتَعْمل فِي مَوضِع يصلح ظرفا إِلَّا ظرفا كَقَوْلِه: (لقِيه صباحا) ، و (موعده صباحا) ، إِذا أردْت صباح يَوْم بِعَيْنِه، وَلَا عِلّة بَينهمَا غير اسْتِعْمَال الْعَرَب وَغير المتمكن مثل: عِنْد، لدن، مَعَ، قبل، بعد وَحكمه أَن لَا يدْخل عَلَيْهِ شَيْء من حُرُوف الْجَرّ لعدم تمكنه وَقلة اسْتِعْمَاله اسْتِعْمَال الْأَسْمَاء، وَإِنَّمَا أَجَازُوا دُخُول (من) توكيدا لمعناه وتقوية لَهُ، وَلَوْلَا قُوَّة (من) على سَائِر حُرُوف الْجَرّ لكَونهَا ابْتِدَاء لكل غَايَة لما جَازَ دُخُول (من) عَلَيْهِ أَلا ترى أَنه قد جَاءَ فِي كَلَامهم كَون (من) مرَادا بهَا الِابْتِدَاء والانتهاء فِي مثل (رَأَيْت الْهلَال من خلل السَّحَاب) فخلل السَّحَاب هُوَ ابْتِدَاء الرُّؤْيَة ومنتهاها، (وَلذَلِك أَجَازُوا: من عِنْده، وَمن لَدنه، وَمن مَعَه، وَمن قبله، وَمن بعده، وَلم يجيزوا إِلَى عِنْده إِلَى آخِره) والظروف بَعْضهَا يسْتَعْمل مَعَ (مَا) وَعدمهَا، ك (أَيْن) فِي الْمَكَان و (مَتى) فِي الزَّمَان وَبَعضهَا لَا يسْتَعْمل إِلَّا مَعَ (مَا) نَحْو (إِذْ) و (حَيْثُ) وَبَعضهَا لَا يسْتَعْمل مَعَ (مَا) نَحْو (أَنى) وظروف الزَّمَان كلهَا مبهمها وموقتها يقبل النصب بِتَقْدِير (فِي) وظرف الْمَكَان إِن كَانَ مُبْهما يقبل ذَلِك وَإِلَّا فَلَا، و (عِنْد) مُلْحق بِالْمَكَانِ الْمُبْهم و (دخلت) وَمَا فِي مَعْنَاهَا مثل (سكنت) ينصب كل مَكَان يدْخل فِيهِ لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال الظّهْر (بِالضَّمِّ) : سَاعَة الزَّوَال والظهيرة: حد انتصاف النَّهَار والظهير: الْمعِين {وَالْمَلَائِكَة بعد ذَلِك ظهير} وَلَا يكون للاثنين كَمَا فِي (فعول) حَيْثُ لَا يُقَال: (رجلَانِ صبور) وَإِن صَحَّ فِي الْجمع {وَكَانَ الْكَافِر على ربه ظهيرا} : أَي يظاهر الشَّيْطَان بالعداوة والشرك وَقيل: هينا مهينا أَي: لَا وَقع لَهُ عِنْده، من قَوْلهم: ظَهرت بِهِ إِذا نَبَذته خلف ظهرك وَظَهَرت على الرجل: غلبته وَظَهَرت الْبَيْت: علوته وَظهر بفلان: أعلن بِهِ والظهري، بِالْكَسْرِ: نِسْبَة إِلَى الظّهْر، وَالْكَسْر من تغييرات النّسَب مَعْنَاهُ فِي اللُّغَة: مَا يَجعله الْإِنْسَان وَرَاء ظَهره، وَفِي الْعرف: مَا لَا يلْتَفت إِلَيْهِ والظهرة، بِالْكَسْرِ: العون ومادة الظّهْر مفيدة لِمَعْنى المعونة نَحْو: {تظاهرون عَلَيْهِم بالإثم} وَمعنى الْعُلُوّ: {لِيظْهرهُ على الدّين كُله} وَمعنى الظفر: (كَيفَ وَإِن يظهروا

عَلَيْكُم} وَمعنى الظِّهَار: {وَالَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم} وَبَين ظهريهم، وظهرانيهم: بِفَتْح النُّون، وَبَين أظهرهم: جمع ظهر أَي بَينهم وأقمت بَين ظهرانيهم: أَي بَين ظهر فِي وَجْهي وَظهر فِي ظَهْري هَذَا فِي الأَصْل ثمَّ اسْتعْمل فِي الْإِقَامَة بَين الْقَوْم وَظَاهر بَينهمَا: طابق وَعَن ظهر الْقلب: كِنَايَة عَن الْحِفْظ وَأَعْطَاهُ عَن ظهر يَد: أَي ابْتِدَاء بِلَا مُكَافَأَة وَفُلَان خَفِيف الظّهْر: أَي قَلِيل الْعِيَال والظواهر: أَشْرَاف الأَرْض. وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن فِي صفة الله تَعَالَى لَا يُقَال إِلَّا مزدوجين كَالْأولِ وَالْآخر وَهُوَ الظَّاهِر: آيَة لِكَثْرَة آيَاته ودلائله وَالْبَاطِن: مَاهِيَّة لاحتجاب حَقِيقَة ذَاته عَن نظر الْعُقُول بحجب كبريائه وَقَالَ بَعضهم: الظَّاهِر إِشَارَة إِلَى معرفتنا البديهية، فَإِن الْفطْرَة تَقْتَضِي فِي كل مَا نظر إِلَيْهِ الْإِنْسَان أَنه تَعَالَى مَوْجُود كَمَا قَالَ: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَه وَفِي الأَرْض إِلَه} وَلذَلِك قَالَ بعض الْحُكَمَاء: مثل طَالب مَعْرفَته مثل من طوف الْآفَاق فِي طلب مَا هُوَ مَعَه وَالْبَاطِن: إِشَارَة إِلَى مَعْرفَته الْحَقِيقِيَّة، وَهِي الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ بقوله: يَا من غَايَة مَعْرفَته الْقُصُور عَن مَعْرفَته وَالظِّهَار: مصدر (ظَاهر الرجل) إِذا قَالَ لزوجته: (أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي) ثمَّ قيل: (ظَاهر من امْرَأَته) فعدي بِمن لتضمين معنى التجنب لاجتناب أهل الْجَاهِلِيَّة عَن الْمَرْأَة الْمظَاهر مِنْهَا، إِذْ الظِّهَار طَلَاق عِنْدهم وَشرعا تَشْبِيه مُسلم عَاقل بَالغ مَا يُضَاف إِلَيْهِ الطَّلَاق من الزَّوْجَة بِمَا يحرم إِلَيْهِ النّظر من عُضْو محرمه وَهُوَ يَقْتَضِي الطَّلَاق وَالْحُرْمَة إِلَى أَدَاء الْكَفَّارَة وقاس الشَّافِعِي ظِهَار الذِّمِّيّ من زَوجته على ظِهَار الْمُسلم فِي حُرْمَة الْوَطْء، فيعترضه الْحَنَفِيّ بِأَن الْحُرْمَة فِي الْمُسلم غير مُؤَبّدَة لانتهائها بِالْكَفَّارَةِ، وَفِي الْكَافِر مُؤَبّدَة لِأَنَّهُ لَيْسَ من أهل الْكَفَّارَة لعدم صِحَة صَوْمه، فَخَالف حكم الْفَرْع حكم أَصله، إِذْ هُوَ فِي الْفَرْع حُرْمَة بتأبيد، وَفِي الأَصْل حُرْمَة بِلَا تأبيد، وَلَا قِيَاس عِنْد اخْتِلَاف الحكم الظَّن: يكون يَقِينا وَيكون شكا، من الأضداد، كالرجاء يكون أمنا وخوفا وَالظَّن فِي حَدِيث: " أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي " بِمَعْنى الْيَقِين والاعتقاد لَا بِمَعْنى الشَّك وَالظَّن: التَّرَدُّد الرَّاجِح بَين طرفِي الِاعْتِقَاد غير الْجَازِم وَعند الْفُقَهَاء: هُوَ من قبيل الشَّك لأَنهم يُرِيدُونَ بِهِ التَّرَدُّد بَين وجود الشَّيْء وَعَدَمه سَوَاء اسْتَويَا أَو ترجح أَحدهمَا [وَفِي شرح " الاشارات ": قد يُطلق الظَّن بِإِزَاءِ الْيَقِين على الحكم الْجَازِم المطابق غير الْمُسْتَند إِلَى علته، وعَلى الْجَازِم غير المطابق، وعَلى غير الْجَازِم]

وَالْعَمَل بِالظَّنِّ فِي مَوضِع الِاشْتِبَاه صَحِيح شرعا كَمَا فِي " التَّحَرِّي " وغالب الظَّن عِنْدهم مُلْحق بِالْيَقِينِ وَهُوَ الَّذِي تبتنى عَلَيْهِ الْأَحْكَام يعرف ذَلِك من تصفح كَلَامهم، وَقد صَرَّحُوا فِي نواقض الْوضُوء بِأَن الْغَالِب كالمتحقق وصرحوا فِي الطَّلَاق بِأَنَّهُ إِذا ظن الْوُقُوع لم يَقع، وَإِذا غلب على ظَنّه وَقع [وَقد صَرَّحُوا أَيْضا بِأَن الظَّن الْغَالِب الَّذِي لَا يخْطر مَعَه احْتِمَال مَعَ احْتِمَال النقيض يَكْفِي فِي الْإِيمَان كَذَا فِي ابْن الْهمام] وَلَا عِبْرَة بِالظَّنِّ الْبَين خَطؤُهُ وَالظَّن مَتى لَاقَى فصلا مُجْتَهدا فِيهِ أَو شُبْهَة حكمِيَّة وَقع مُعْتَبرا وَقد يُطلق الظَّن بِإِزَاءِ الْعلم على كل رَأْي واعتقاد من غير قَاطع وَإِن جزم بِهِ صَاحبه كاعتقاد الْمُقَلّد والزائغ عَن الْحق لشُبْهَة وَقد يَجِيء بِمَعْنى التوقع على سَبِيل الِاسْتِعَارَة التّبعِيَّة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يظنون أَنهم ملاقو رَبهم} وَمن الظَّن مَا يجب اتِّبَاعه كالظن حَيْثُ لَا قَاطع فِيهِ من العمليات وَحسن الظَّن بِاللَّه تَعَالَى وَمَا يحرم كالظن فِي الإلهيات والنبوات، وَحَيْثُ يُخَالِفهُ قَاطع، وَظن السوء بِالْمُؤْمِنِينَ وَمَا يُبَاح كالظن فِي الْأُمُور المعاشية وَلَا إِثْم فِي ظن لَا يتَكَلَّم بِهِ، (وَإِنَّمَا الْإِثْم فِيمَا يتَكَلَّم بِهِ) وَلَا عِبْرَة بِالظَّنِّ الْبَين خَطؤُهُ كَمَا لَو ظن المَاء نجسا فَتَوَضَّأ بِهِ ثمَّ تبين أَنه طَاهِر جَازَ وضوؤه والظنون تخْتَلف قُوَّة وضعفا دون الْيَقِين وَالظَّاهِر: هُوَ مَا انْكَشَفَ واتضح مَعْنَاهُ للسامع من غير تَأمل وتفكر كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَأحل الله البيع} وضده الْخَفي: وَهُوَ الَّذِي لَا يظْهر المُرَاد مِنْهُ إِلَّا بِالطَّلَبِ وَالظَّاهِر والمفسر وَالنَّص سَوَاء من حَيْثُ اللُّغَة لِأَن مَا هُوَ معنى اللَّفْظ فِي الْكل لَا يخفى على السَّامع إِذا كَانَ من أهل اللِّسَان وَظَاهر الرِّوَايَة: هِيَ الْكتب المنسوبة إِلَى الإِمَام مُحَمَّد وَهِي رِوَايَة " الْمَبْسُوط " و " الجامعين " و " السيرين " و " الزِّيَادَات " وَغير الظَّاهِر: الجرجانيات، والهارونيات جمعهَا مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ فِي ولَايَة هَارُون الرشيد الرقيات أَيْضا جمعهَا فِي الرقة وَهُوَ اسْم مَوضِع الظُّلم (بِالضَّمِّ) : وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه؛ وَالتَّصَرُّف فِي حق الْغَيْر؛ ومجاوزة حد الشَّارِع وَمن الأول: (من استرعى الذِّئْب فقد ظلم) وبالفتح: مَاء الْأَسْنَان، ترَاهَا من شدَّة الصفاء كَأَن المَاء يجْرِي فِيهَا والمصدر الْحَقِيقِيّ ل (ظلم) هُوَ الظُّلم (بِالْفَتْح) كَمَا فِي " الْقَامُوس " وَيفهم مِنْهُ أَن الظُّلم بِالضَّمِّ

فِي الأَصْل اسْم مِنْهُ وَإِن شاع اسْتِعْمَاله فِي مَوضِع الْمصدر والظلمة (بِضَم الظَّاء) مَعَ ضم اللَّام وَفتحهَا وسكونها. والظلام: أول اللَّيْل وظلم اللَّيْل (بِكَسْر اللَّام) [وأظلم] بِمَعْنى وَاخْتلف فِي الظلمَة فَقيل: عدم الضَّوْء فالتقابل بَين الضَّوْء والظلمة تقَابل الْعَدَم والملكة، وَقيل: عرض كَمَا اخْتلف فِي الضَّوْء أَيْضا ويعبر بهَا عَن الْجَهْل والشرك وَالْفِسْق، كَمَا يعبر بِالنورِ عَن أضدادها والظلمة كَثِيرَة [من النُّور] لِأَنَّهُ مَا من جنس من أَجنَاس الأجرام إِلَّا وَله ظلّ، وظله هُوَ الظلمَة، بِخِلَاف النُّور، فَإِنَّهُ من جنس وَاحِد وَهُوَ النَّار والظليم: النعام الظل: هُوَ مَا يحصل من الْهَوَاء المضيء بِالذَّاتِ كَالشَّمْسِ، أَو بِالْغَيْر كَالْقَمَرِ والظل فِي الْحَقِيقَة إِنَّمَا هُوَ فِي ظلّ شُعَاع الشَّمْس دون الشعاع، فَإِذا لم يكن ضوء فَهُوَ ظلمَة وَلَيْسَ بِظِل [وَمَا حصل من مُقَابلَة الْقَمَر فَكَلَام الْمُوَافق يدل على أَنه يُسمى ظلا كَمَا يُسمى بِهِ مَا حصل فِي الْجِسْم من مُقَابلَة الْهَوَاء المتكيف بالضوء، وَالظَّاهِر أَنه لَا يُسمى ظلا وَفِي " شرح الْمَقَاصِد، أَنه لَا يُسمى ظلا وفَاقا والظل فِي أول النَّهَار يَبْتَدِئ من الْمشرق وَاقعا على الرّبع الغربي من الأَرْض وَعند الزَّوَال يَبْتَدِئ من الْمغرب وَاقعا على الرّبع الشَّرْقِي من الأَرْض. (والظل أَيْضا ضد الضح أَعم من الْفَيْء يُقَال: ظلّ اللَّيْل، وظل الْجنَّة) وكل مَوضِع لم تصل الشَّمْس إِلَيْهِ يُقَال لَهُ ظلّ، وَلَا يُقَال فَيْء إِلَّا لما زَالَت الشَّمْس عَنهُ (وَهُوَ من الطُّلُوع إِلَى الزَّوَال) وَقيل: الظل مَا نسخته الشَّمْس، وَهُوَ من الطُّلُوع إِلَى الزَّوَال والفيء مَا نسخ الشَّمْس، وَهُوَ من الزَّوَال إِلَى الْغُرُوب وَقيل: الظل للشجرة وَغَيرهَا بِالْغَدَاةِ، والفيء بالْعَشي، ويعبر بالظل عَن الْعِزّ والمنعة والرفاهة والظل مَا كَانَ مطبقا لَا فُرْجَة فِيهِ ودائما لَا ينْسَخ وسجسجا لَا حر فِيهِ وَلَا برد وَلما كَانَت بِلَاد الْعَرَب فِي غَايَة الْحَرَارَة وَكَانَ عِنْدهم من أعظم أَسبَاب الرَّاحَة جَعَلُوهُ كِنَايَة عَن الرَّاحَة وَعَلِيهِ: " السُّلْطَان ظلّ الله فِي الأَرْض " الحَدِيث وَالْمرَاد من الظل فِي قَوْله تَعَالَى: {كَيفَ مد الظل} الظل فِيمَا بَين طُلُوع الْفجْر وَالشَّمْس [وَقَوله تَعَالَى: {انْطَلقُوا إِلَى ظلّ ذِي ثَلَاث شعب} تهكم بِأَهْل النَّار، إِذْ الشكل المثلث إِذا نصب فِي الشَّمْس على أَي ضلع من أضلاعه لَا يكون لَهُ ظلّ لتحديد رُؤُوس زواياه] الظفر: ظفر الرجل كعني فَهُوَ مظفور وظفر تظفيرا: ادّعى لَهُ بِهِ، والفوز بالمطلوب

وظفره وظفر بِهِ وَعَلِيهِ كفرح وَقد سمى الله تَعَالَى ظفر الْمُسلمين فتحا وطفر الْكَافرين نَصِيبا لخسة حظهم، فَإِنَّهُ مَقْصُور على أَمر دُنْيَوِيّ سريع الزَّوَال وَالظفر بِالضَّمِّ وبضمتين، وَالْكَسْر شَاذ، يكون للْإنْسَان وَلغيره وَقَوله تَعَالَى: {كل ذِي ظفر} دخل فِيهِ ذَوَات المناسم من الْإِبِل والأنعام (لِأَنَّهَا كالأظفار لَهَا) والمخلب: هُوَ إِمَّا بِمَعْنى ظفر كل سبع طائرا كَانَ أَو مَاشِيا، أَو هُوَ لما يصيد من الطير، وَالظفر لما لَا يصيد وظفار (كقطام) : مَدِينَة بِالْيمن وجزع ظفاري: مَنْسُوب إِلَيْهَا وَهُوَ خرز فِيهِ سَواد وَبَيَاض الظِّئْر: العاطفة على ولد غَيرهَا الْمُرضعَة لَهُ فِي النَّاس وَغَيرهم للذّكر وَالْأُنْثَى والظاعية: هِيَ الداية والحاضنة [نوع] {إِنِّي ظَنَنْت} : أيقنت {ظلمتم أَنفسكُم} : ضررتم أَنفسكُم بِإِيجَاب الْعقُوبَة عَلَيْهَا، أَو نقصتموها ثَوَاب الْإِقَامَة على عهدي {يَوْم ظعنكم} : يَوْم وَقت ترحلكم {ظلا ظليلا} : فينانا لَا جوب فِيهِ أَي لَا فُرْجَة، ودائما لَا تنسخه الشَّمْس {كَأَنَّهُ ظلة} : سَقِيفَة، وَهِي كل مَا أظلك {الظمآن} : العطشان {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} : كثر وشاع {وظل مَمْدُود} : منبسط لَا يَتَقَلَّص وَلَا يتَفَاوَت {بظنين} : بمتهم {ظلّ من يحموم} : دُخان أسود {ظلّ ذِي ثَلَاث شعب} : دُخان جَهَنَّم {ظلت عَلَيْهِ عاكفا} : أَي صرت على عِبَادَته مُقيما {فَلَا يظْهر على غيبه} : لَا يطلع عَلَيْهِ {وَإِن تظاهرا عَلَيْهِ} : تعاونا {لِيظْهرهُ على الدّين كُله} : ليغلبه) [ {ظلت} : أَقمت {إِلَّا من ظلم} : إِلَّا من ظلم بِالدُّعَاءِ على

فصل العين

الظَّالِم والتظلم مِنْهُ {ظلل من الْغَمَام} : هِيَ مَا غطى وَستر و {عَذَاب يَوْم الظلة} : مَا أصَاب قوم شُعَيْب] (فصل الْعين) [عَسى] : قَالَ الْكسَائي: كل مَا فِي الْقُرْآن من (عَسى) على وَجه الْخَبَر فَهُوَ موحد كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا وَهُوَ خير لكم وَعَسَى أَن تحبوا شَيْئا وَهُوَ شَرّ لكم} وَمَا كَانَ على وَجه الِاسْتِفْهَام فَإِنَّهُ يجمع نَحْو: {فَهَل عسيتم} وَعَن ابْن عَبَّاس: كل (عَسى) فِي الْقُرْآن فَهِيَ وَاجِبَة إِلَّا فِي موضِعين: أَحدهمَا: {عَسى ربكُم أَن يَرْحَمكُمْ} وَالثَّانِي: {عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا} [الْعَذَاب] : كل عَذَاب فِي الْقُرْآن فَهُوَ التعذيب إِلَّا: {وليشهد عذابهما طَائِفَة} فَإِن المُرَاد الضَّرْب [وَلَا دلَالَة فِي الْقُرْآن على أَن الْمُسلم العَاصِي يدْخل النَّار، وَإِنَّمَا الْمَنْصُوص أَنه يعذب بالنَّار كَذَا فِي حَاشِيَة الْعَلامَة عِصَام الدّين على " أنوار التَّنْزِيل "] [الْعدْل] : كل مَوضِع ذكر الله فِيهِ الْمِيزَان والحساب فَإِنَّهُ أَرَادَ الْعدْل هَذَا مَا قالته الْمُعْتَزلَة إِذْ لَا ميزَان وَلَا حِسَاب وَلَا صِرَاط وَلَا حَوْض وَلَا شَفَاعَة عِنْدهم، ذكره النَّسَفِيّ وَفِي " أنوار التَّنْزِيل " فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} إِنَّهَا حجَّة على من أنكر الْحساب كالمعتزلة، لَكِن الْمَفْهُوم من معتبرات الْكتب الكلامية كَونهم مُجْمِعِينَ على إِثْبَات الْحساب حَيْثُ لم يذكر فِيهَا إِلَّا نفي أَكْثَرهم للصراط وجميعهم للميزان فَقَط [الْعِبَادَة] : قَالَ عِكْرِمَة: جَمِيع مَا ذكر فِي الْقُرْآن من الْعِبَادَة فَالْمُرَاد بِهِ التَّوْحِيد وَأكْثر مَا ورد (الْعباد) فِي الْقُرْآن بِمَعْنى الْخُصُوص نَحْو: {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان} ، {يَا عباد لَا خوف علكيم الْيَوْم} [العقد] : كل مَا يعْقد ويعلق فِي الْعُنُق فَهُوَ عقد بِالْكَسْرِ [الْعِيد] : كل يَوْم مَسَرَّة فَهُوَ عيد وَلذَا قيل: (عيد وَعِيد وَعِيد صرن مجتمعة ... وَجه الحبيب وَيَوْم الْعِيد وَالْجُمُعَة) [الْعَوْرَة] : كل مَا يستحى من كشفه من أَعْضَاء

الْإِنْسَان فَهُوَ عَورَة وَحَدِيث " اللَّهُمَّ اسْتُرْ عوراتنا " المُرَاد بهَا الثغور و {ثَلَاث عورات لكم} : أَي ثَلَاثَة أَوْقَات يخْتل فِيهَا تستركم [الْعرض] : كل شَيْء من مَتَاع الدُّنْيَا فَهُوَ عرض [العبقري] : كل جليل نَفِيس فاخر من الرِّجَال وَالنِّسَاء وَغَيرهم فَهُوَ عِنْد الْعَرَب عبقري على مَا تزعمه من أَن العبقر قَرْيَة تسكنها الْجِنّ ينْسب إِلَيْهَا كل فائق ظَاهر جليل، فعلى هَذَا (عباقري) خطأ لِأَن الْمَنْسُوب لَا يجمع على نسبته وَقَالَ قطرب: لَيْسَ بمنسوب بل هُوَ مثل كرْسِي، وكراسي، وبختي، وبخاتي قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي عمر: " فَلم أر عبقريا يفري فريه " [العتل] : كل شَدِيد عِنْد الْعَرَب فَهُوَ عتل، أَصله من (العتل) وَهُوَ الدّفع بالعنف [الْعَفو] : كل من اسْتحق عُقُوبَة فتركتها فقد عفوته [الْعصبَة] : كل من لَيست لَهُ فَرِيضَة مُسَمَّاة فِي الْمِيرَاث وَإِنَّمَا يَأْخُذ مَا يبْقى بعد أَرْبَاب الْفَرَائِض فَهُوَ عصبَة، وَالْجمع عصبات وهم لُغَة: ذُكُور يتصلون بأب وَشرعا: أَرْبَعَة أَصْنَاف على مَا بَين فِي مَحَله [العتبة] : كل مرقاة فَهِيَ عتبَة [الْعَذَاب] : كل مَا شقّ على الْإِنْسَان ويمنعه عَن مُرَاده فَهُوَ الْعَذَاب وَمِنْه: المَاء العذب لِأَنَّهُ يمْنَع الْعَطش [العلقم] : كل شي مر فَهُوَ علقم [الْعَاقِبَة] : كل من خلف بعد شَيْء فَهُوَ عاقبته [العتو، والعثو] : كل مبالغ فِي كبر أَو فَسَاد أَو كفر فقد عتا وعثا، (عتيا وعتوا، عثيا وعثوا) [والعيث: مَعَ الْفساد يتفاوتان فِي التَّعَدِّي واللزوم مَعَ قرب مَعْنَاهُمَا، فَإِن العيث الْإِفْسَاد لَا الْفساد، وَيُقَال: (عاث الذِّئْب فِي الْغنم) : إِذا أفسد] [الْعِصْمَة] : كل مَا أمسك شَيْئا فقد عصمه ( {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} : أَي بحبالهن أَي لَا ترغبوا فِيهِنَّ) [العلاوة] : كل مَا عليت بِهِ على الْبَعِير بعد تَمام الوقر أَو علقته عَلَيْهِ نَحْو السقاء فَهُوَ علاوة [الْعَجم] : كل مَا كَانَ فِي جَوف مَأْكُول كالتمر وَنَحْوه فَهُوَ الْعَجم بِفتْحَتَيْنِ [الْعرف] : كل مُرْتَفع من أَرض وَغَيرهَا فَهُوَ عرف اسْتِعَارَة من عرف الديك، وَعرف الْفرس، وَالْجمع أعراف [الْعُضْو] : كل لحم وافر بعظمه فَهُوَ عُضْو [العضلة] : كل لحْمَة مجتمعة مكنزة فِي عصبَة فَهِيَ عضلة

وداء عضال: أَي شَدِيد أعيى الْأَطِبَّاء [الْعَافِي] : كل طَالب رزق أَو فضل من إِنْسَان أَو بَهِيمَة أَو طَائِر فَهُوَ الْعَافِي [العلياء] : كل مَكَان مشرف فَهُوَ العلياء (بِالْفَتْح وَالْمدّ) ومؤنث (الْأَعْلَى) يَجِيء مُنْكرا [الْعَتِيق] : الْقَدِيم من كل شَيْء عَتيق: وَهُوَ الْكَرِيم من كل شَيْء أَيْضا [العقيلة] : عقيلة كل شَيْء (أكْرمه. والدرة عقيلة الْبَحْر. جانباه من لدن رَأسه إِلَى وركيه [العلالة] : علالة كل شَيْء) بَقِيَّته [العصف] : ورق كل شَيْء عصف يخرج مِنْهُ الْحبّ يَبْدُو أَولا وَرقا، ثمَّ يكون سوقا، ثمَّ يحدث الله فِيهِ أكماما، ثمَّ يحدث فِي الأكمام الْحبّ [الْعرنِين] : عرنين كل شَيْء أَوله [الْعقار] : كل ملك ثَابت لَهُ أصل كالأرض فَهُوَ عقار (بالتفح) و [الْعقار] : الْخمر بِالضَّمِّ [الْعين] : كل شَيْء عرض إِلَّا الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير فَإِنَّهُمَا عين [الْعمد] : كل فعل بني على علم أَو زعم فَهُوَ عمد [العوج] : كل مَا كَانَ ينْتَصب كالحائط وَالْعود قيل فِيهِ عوج بِالْفَتْح والعوج، بِالْكَسْرِ: هُوَ مَا كَانَ فِي أَرض أَو دين أَو معاش وَقد يسْتَعْمل المكسور فِي المحسوس تَنْبِيها على دقته ولطفه بِحَيْثُ لَا يدْرك إِلَّا بِالْقِيَاسِ الهندسي وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {لَا ترى فِيهَا عوجا وَلَا أمتا} [الْعدَد] : كل عدد يصير عِنْد الْعد فانيا قبل عدد آخر فَهُوَ من الآخر وَالْآخر أَكثر مِنْهُ أقل [الْعدَد] : كل عدد فسر بمخفوض مُضَاف إِلَيْهِ فتعريفه بِالْألف وَاللَّام فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ نَحْو: خَمْسَة الأثواب، وَخَمْسَة الغلمان، وَثَلَاثَة الدَّرَاهِم، وَألف الدِّينَار، لِأَن الْإِضَافَة للتخصيص، وَتَخْصِيص الأول بِاللَّامِ يُغْنِيه عَن ذَلِك وَأما مَا لم يضف فأداة التَّعْرِيف فِي الأول نَحْو: الْخَمْسَة عشر درهما إِذْ لَا تَخْصِيص بِغَيْر اللَّام، وَقد جَاءَ شَيْء على خلاف ذَلِك [الْعلَّة والمعلول] : كل وصف حل بِمحل وَتغَير بِهِ حَاله مَعًا فَهُوَ عِلّة، وَصَارَ الْمحل معلولا كالجرح مَعَ الْمَجْرُوح وَغير ذَلِك وَبِعِبَارَة أُخْرَى: كل أَمر يصدر عَنهُ أَمر آخر بالاستقلال أَو بِوَاسِطَة انضمام الْغَيْر اليه فَهُوَ عِلّة لذَلِك الْأَمر، وَالْأَمر مَعْلُول لَهُ فتعقل كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالْقِيَاسِ إِلَى تعقل الآخر وَهِي فاعلية، ومادية، وصورية، وغائية [الْعرض المعام] : كل مقول على أَفْرَاد حَقِيقَة

وَاحِدَة وَغَيرهَا قولا عرضيا فَهُوَ الْعرض الْعَام [كل عَارض كَانَ استعداد عروضه ناشئا عَن خُصُوصِيَّة الذَّات يُسمى عرضا ذاتيا لانتسابه إِلَى خُصُوصِيَّة الذَّات، وَمَا لَيْسَ كَذَلِك يُسمى عرضا غَرِيبا لغربته بِالْقِيَاسِ إِلَى خُصُوصِيَّة الذَّات مثل (أَيْن) و (وضع) و (كَيفَ) وَمِقْدَار بِعَيْنِه] [الْعَام] : كل مَا يتَنَاوَل أفرادا متفقة الْحُدُود على سَبِيل الشُّمُول فَهُوَ الْعَام وَبِعِبَارَة أُخْرَى: كل مَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاء مِنْهُ مِمَّا لَا خصر فِيهِ فَهُوَ عَام للُزُوم تنَاوله للمستثنى [كل لفظ وضع لمتعدد مَعَ أَنه لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه فَهُوَ عَام معنى لَا صِيغَة كالإنس وَالْجِنّ وَالْقَوْم والرهط و (كل) و (جَمِيع) إِلَّا أَن كل وَاحِد من كلمة (جَمِيع) و (كل) و (من) يُفَارق الآخر فِي الْمَعْنى وَالْحكم أما كلمة (كل) فَإِنَّهَا إِذا دخلت على النكرَة أوجبت عُمُوم أفرادها على سَبِيل الشُّمُول دون التّكْرَار، وَأما كلمة (الْجَمِيع) فَإِنَّهُ متعرض لصفة الِاجْتِمَاع وَأما كلمة (من) فَإِنَّهَا مَوْضُوعَة لذات من يعقل من غير تعرض لصفة الِاجْتِمَاع والانفراد وَمن اخْتِلَاف مَعَانِيهَا صَارَت أَحْكَامهَا مُخْتَلفَة كَمَا بَين فِي مَحَله] وَقَالَ بَعضهم: الْعَام كل لفظ يَنْتَظِم جمعا من الْأَسْمَاء مرّة لفظا نَحْو (زيدون) وطورا معنى: ك (من) و (مَا) ، وَنَحْوهمَا وَالْعَام صِيغَة وَمعنى كرجال وَنسَاء وَإِن لم يكن من لَفظه مُفْرد، سَوَاء كَانَ جمع قلَّة أَو كَثْرَة، مُعَرفا أَو مُنْكرا وَالْعَام معنى لَا صِيغَة ك (قوم) فَإِنَّهُ عَام بِمَعْنَاهُ وصيغته مُفْرد، وَلِهَذَا يثنى وَيجمع و (كل) فَإِنَّهَا عَام بمعناها دون صيغتها فتحيط على سَبِيل الْإِفْرَاد و (جَمِيع) : فَإِنَّهَا من الْعَام معنى، فتوجب إحاطة الْأَفْرَاد على سَبِيل الِاجْتِمَاع دون الِانْفِرَاد وَأما (من) ، و (مَا) ، فالشائع فِي استعمالهما الْعُمُوم، واحتمالهما الْعُمُوم وَالْخُصُوص ثَابت فِي بعض مَوَاضِع: فِي الْخَبَر (كَمَا إِذا قلت: زرت من أكرمني، وتريد وَاحِدًا بِعَيْنِه أَو أعطي من زارني درهما وَفِي الشَّرْط) كَمَا فِي قَوْله: (من دخل هَذَا الْحصن أَولا فَلهُ من النَّفْل كَذَا) و (من زارني فَلهُ دِرْهَم وَفِي الِاسْتِفْهَام كَمَا إِذا قلت: من فِي الدَّار؟ فَإنَّك تُرِيدُ وَاحِدًا، أَو تَقول: من فِي هَذِه الدَّار؟ فَيقدر من فِيهَا إِلَى آخِرهم [وَمن أَلْفَاظ الْعُمُوم (كلما) و (سِيمَا) و (إينما) إِلَّا أَن بَينهمَا فرقا من حَيْثُ الْمَعْنى، ف (كلما) تدخل الْأَفْعَال وتقتضي عمومها قَالَ الله تَعَالَى {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا} و (سِيمَا) تدخل الْأَفْعَال وتقتضي تَعْمِيم زمانها، وَكَذَلِكَ (أَيْنَمَا) لكها تَقْتَضِي عُمُوم مَكَانهَا قَالَ الله تَعَالَى: {أَيْنَمَا ثقفوا أخذُوا وَقتلُوا تقتيلا} ]

وَمن صِيغَة الْعُمُوم الْجمع الْمُضَاف نَحْو: {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} والمعرف بأل نَحْو: {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ} وَاسم الْجِنْس الْمُضَاف نَحْو: {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره} أَي كل أَمر الله والنكرة فِي سِيَاق النَّفْي وَالنَّهْي نَحْو: {فَلَا تقل لَهما أُفٍّ} ، {وَإِن من شَيْء إِلَّا عندنَا خزائنه} وَفِي سِيَاق الشَّرْط نَحْو: {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره حَتَّى يسمع كَلَام الله} والنكرة فِي سِيَاق الامتنان نَحْو: {وأنزلنا من السَّمَاء مَاء طهُورا} وَالْوَصْف يعم اللَّفْظ فَلَو قَالَ: (لَا كلم إِلَّا رجلا) ، فَكلم رجلَيْنِ يَحْنَث وَلَو قَالَ (إِلَّا رجلا كوفيا) ، فَكلم كوفيين أَو أَكثر لَا يَحْنَث وَالْعَام عندنَا يُوجب الحكم فِي كل مَا يتَنَاوَلهُ كَمَا فِي: (جَاءَنِي الْقَوْم) وَكَذَا عِنْد الشَّافِعِيَّة إِلَّا أَنهم بَعْدَمَا وافقونا فِي معنى إِيجَاب الْعَام الحكم فِي كل مَا يتَنَاوَلهُ قَالُوا: لكنه دَلِيل فِيهِ شُبْهَة حَتَّى يجوز تَخْصِيصه بِخَبَر الْوَاحِد وَالْقِيَاس وتوضيحه هُوَ أَنا نقُول بِإِيجَاب الْعَام الحكم على الْقطع علما وَعَملا وَالشَّافِعِيّ إِنَّمَا يَقُول بِهِ ظنا فَيَكْفِي فِي وجوب الْعَمَل لَا فِي الْعلم وَالْعَام المُرَاد بِهِ الْخُصُوص يَصح أَن يُرَاد بِهِ وَاحِد اتِّفَاقًا وَفِي الْعَام الْمَخْصُوص خلاف وقرينة الأول لَا تنفك عَنهُ، وقرينة الثَّانِي قد تنفك عَنهُ وقرينة الأول عقلية، وقرينة الثَّانِي لفظية وَمُجَرَّد وُرُود الْعَام على سَبَب لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيص، وَأما السِّيَاق والقرائن الدَّالَّة على مُرَاد الْمُتَكَلّم فَهِيَ المرشد لبَيَان المجملات وَتَعْيِين المحتملات [وَغَايَة مَا يُقَال فِي عمومات الْكتاب وَالسّنة أَنَّهَا تخْتَص بِنَوْع ذَلِك الشَّخْص فتعم مَا يُشبههُ وَلَا يكون الْعُمُوم فِيهَا بِحَسب اللَّفْظ، فالآية الَّتِي لَهَا سَبَب معِين إِن كَانَت أمرا ونهيا فَهِيَ متناولة لذَلِك الشَّخْص وَلغيره مِمَّن كَانَ بِمَنْزِلَتِهِ، وَإِن كَانَت خَبرا لمدح أَو ذمّ فَهِيَ متناولة لذَلِك الشَّخْص وَلمن كَانَ بِمَنْزِلَتِهِ أَيْضا وَأما الْآيَة الَّتِي نزلت فِي معِين وَلَا عُمُوم فِي لَفظهَا فَإِنَّهَا تقصر عَلَيْهِ قطعا كآية {وسيجنبها الأتقى} إِلَى آخِره فَإِنَّهَا نزلت فِي سيدنَا أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بِالْإِجْمَاع] وَالْعَام لم يشْتَرط فِيهِ الِاسْتِغْرَاق عندنَا، فَإِذا اسْتعْمل فِي أَفْرَاد ثَلَاثَة تحقق الْعُمُوم عندنَا بالِاتِّفَاقِ [فَصَارَت كالجمع الْمُنكر] وَالْعَام كالجمع الْمُعَرّف الَّذِي مُوجبه الْكل (وَالْجمع الْمُنكر عِنْد من لم يشْتَرط الِاسْتِغْرَاق فِي الْعُمُوم، وَعند من يشْتَرط وَاسِطَة) وَالْعَام هُوَ اللَّفْظ المتناول

والعموم تنَاول اللَّفْظ لما يَصح لَهُ فالعام من جِهَة اللَّفْظ، والعموم من جِهَة الْمَعْنى، وَالصَّحِيح أَن الْعُمُوم من عوارض اللَّفْظ، وَيُقَال فِي اصْطِلَاح الْأُصُولِيِّينَ للمعنى أَعم وأخص، وللفظ عَام وخاص تَفْرِقَة بَين صِفَتي الدَّال وَهُوَ اللَّفْظ، وَبَين الْمَدْلُول وَهُوَ الْمَعْنى بأفعل لِأَنَّهُ أَعم من اللَّفْظ وَالْعَام إِذا كَانَ مُقَابلا للخاص يكون المُرَاد من الْعَام مَا وَرَاء الْخَاص والعموم صفة الِاسْم من حَيْثُ هُوَ ملفوظ أَو مَدْلُول لفظا لِأَنَّهُ من الْأَلْفَاظ الثَّابِتَة لُغَة لَا عقلا وَلَا شرعا والعموم مثل الْخُصُوص عندنَا فِي إِيجَاب الحكم قطعا، وَبعد الْخُصُوص لَا يبْقى الْقطع، فَكَانَ تَخْصِيص الْعَام تغييرا عَن الْقطع إِلَى الِاحْتِمَال فيتقيد بِشَرْط الْوَصْل كالاستثناء وَالتَّعْلِيق وَمن جملَة مخصصات الْعَام الْعقل، وَيجوز تَخْصِيص الْعَام بِالنِّيَّةِ، فبالعرف بِالطَّرِيقِ الأولى [كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أعْطى كل شَيْء خلقه} ] وكل مَوضِع أمكن فِيهِ تَقْدِير الْخَاص صَحَّ فِيهِ تَقْدِير الْعَام وَلَا عكس، وَتَقْدِير الْخَاص أولى حَيْثُ أمكن وَالْعَام يكون مظروفا للخاص ككون الْمَفْهُوم الْكُلِّي فِي جزئي كَمَا يُقَال: الْإِنْسَان فِي زيد وكما يُقَال: الْآيَة فِي التَّحْرِيم وَإِذا أطلق الْعَام وَأُرِيد بِهِ الْخَاص من حَيْثُ خصوصه كَانَ مجَازًا، وَأما إِذا أطلق عَلَيْهِ بِاعْتِبَار عُمُومه أَي بِاعْتِبَار مَا فِيهِ من معنى الْعَام، وتستفاد الخصوصية من الْقَرَائِن، حَالية أَو مقالية، فَهُوَ حَقِيقَة إِذْ لم يُطلق إِلَّا على مَعْنَاهُ. [وَمَا من عَام إِلَّا وَهُوَ يحْتَمل التَّخْصِيص، وَكَذَا الْمُطلق يحْتَمل التَّقْيِيد، وَمَتى كَانَ كَذَلِك لم يكن ظَاهر الْعُمُوم وَالْإِطْلَاق حجَّة قطعا، فِي الْمسَائِل الاعتقادية] وَعُمُوم الْأَفْرَاد على سَبِيل الْإِفْرَاد كَمَا للْكُلّ الإفرادي فِي نَحْو: (كل من دخل الْحصن أَولا) فدخله عشرَة مَعًا فانه اسْتحق كل نفلا وَعُمُوم الِاجْتِمَاع كَمَا للْكُلّ المجموعي والمثنى وَالْمَجْمُوع فِي نَحْو: (إِن أكلت كل الرُّمَّان) ، أَو (إِن طلقتكما) ، أَو (أطلقكن) فَكَذَا فَإِنَّهُ تعلق الْحِنْث بالمجموع وَعُمُوم غير معترض للانفراد والاجتماع كَمَا فِي (من) ، و (الَّذِي) ، وَغَيرهمَا من الموصولات، وَقد عد بعض أَصْحَابنَا مَا كَانَ عُمُومه على سَبِيل الْبَدَل من الْعَام كالمطلق لِأَن فِيهِ عُمُوما على سَبِيل الْبَدَل وَعُمُوم الْأَسْمَاء عُمُوم الْأَفْرَاد أَعنِي أَنه يتَنَاوَل كلا على حياله وَلَا يتَنَاوَل فَردا مرَّتَيْنِ بِخِلَاف عُمُوم الْأَفْعَال وَعُمُوم النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي ضَرُورِيّ وَعُمُوم كل وضعي كالجمع فِي وَضعه يتَنَاوَل الْأَفْرَاد وإحاطتها، والعموم الوضعي أولى من الضَّرُورِيّ بِالِاعْتِبَارِ وَعُمُوم الْمُشْتَرك: اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي مَعْنيين أَو أَكثر للَّذي هُوَ مَا وضع لَهُ وَعُمُوم الْمجَاز: هُوَ أَن يسْتَعْمل فِي اللَّفْظ فِي معنى عَام شَامِل لقَوْل وَاحِد من مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ

والمجازي مَعًا لَا فيهمَا بعينهما مَعًا حَتَّى يلْزم الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز وَقَالَ بَعضهم: هُوَ بِاعْتِبَار شُمُول الْكُلِّي للجزئيات لَا بِاعْتِبَار شُمُول الْكل للأجزاء والأعم قد يكون بِحَسب ذَاته أخص بِاعْتِبَار عَارض لَهُ، وَذَلِكَ لَا يقْدَح فِي كَونه أَعم بِحَسب الذَّات، أَلا يرى أَن الْحَيَوَان من حَيْثُ إِنَّه معروض للكتابة بِالْفِعْلِ أخص من الْإِنْسَان، وَمَعَ ذَلِك هُوَ جنس لَهُ، وَهُوَ أَعم مِنْهُ بِحَسب ذَاته الْعلم: (كالجبل) : هُوَ كل اسْم يفهم مِنْهُ معنى معِين لَا يصلح لغيره فَإِن كَانَ من وَاضع معرفَة يُسمى علما خَاصّا، كزيد، وَعَمْرو وَإِن كَانَ من وَاضع نكرَة يُسمى علما عَاما كمحمد، وَحسن وَمثل: النَّجْم، والصعق، من الْأَعْلَام الْغَالِبَة وَمثل: الثريا، والدبران، والعيوق، من الْخَاصَّة بِاعْتِبَار، والغالبة بِاعْتِبَار وَمن هَذَا الْقَبِيل لَفْظَة الْجَلالَة وَالْعلم الْخَاص يدل على فَرد معِين بجوهره ومادته والعهد الْخَارِجِي يدل على ذَلِك بِوَاسِطَة اللَّام وكل لفظ يذكر وَيُرَاد لَفظه فَهُوَ علم من قبيل أَعْلَام الْأَشْخَاص لَا من أَعْلَام الْأَجْنَاس وَالْعلم القصدي: هُوَ مَا وضع لشَيْء بِعَيْنِه وَالْعلم الاتفاقي: هُوَ الَّذِي يصير علما لَا بِوَضْع وَاضع بل بِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال مَعَ الْإِضَافَة أَو اللَّام لشَيْء بِعَيْنِه خَارِجا أَو ذهنا (وَلم يتَنَاوَل الشبيه على مَا بَين فِي مَحَله) وَالْعلم إِن كَانَ مصدرا بأب أَو أم فَهُوَ كنية وَفِي " الْقَامُوس ": أَبُو الْعَتَاهِيَة لقب أبي إِسْحَاق (إِسْمَعِيل بن أبي الْقَاسِم) ابْن سُوَيْد لَا كنيته، وَإِن لم يصدر بِأَحَدِهِمَا فَإِن قصد بِهِ التَّعْظِيم أَو التحقير فَهُوَ لقب وَإِلَّا فَهُوَ اسْم وَبَعض أهل الحَدِيث يَجْعَل الْمصدر بأب أَو أم مُضَافا إِلَى اسْم حَيَوَان أَو وَصفه كَأبي الْحسن كنية، وَإِلَى غير ذَلِك لقبا كَأبي تُرَاب قَالَ الرضي: والكنية عِنْد الْعَرَب قد يقْصد بهَا التَّعْظِيم، وَالْفرق بَينهَا وَبَين اللقب معنى، فَإِن اللقب يمدح الملقب بِهِ أَو يذم بِمَعْنى فِي ذَلِك اللقب، بِخِلَاف الكنية فَإِنَّهُ قد لَا يعظم بمعناها، بل بِعَدَمِ التَّصْرِيح بِالِاسْمِ، فَإِن بعض النُّفُوس تأنف من أَن يُخَاطب باسمه وَالشَّيْء أول وجوده تلْزمهُ الْأَسْمَاء الْعَامَّة، ثمَّ تعرض لَهُ الْأَسْمَاء الْخَاصَّة كالآدمي إِذا ولد سمي بِهِ ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى، أَو مولودا، أَو رضيعا، وَبعد ذَلِك يوضع لَهُ الِاسْم والكنية واللقب. وَإِذا أجتمع الِاسْم والكنية [أَو الكنية] واللقب كنت فِي تَقْدِيم أَحدهمَا بِالْخِيَارِ، ويليه الآخر معربا بإعرابه مَعَ جَوَاز قطعه نعم إِذا اجْتمعت الثَّلَاثَة قدمت الكنية على الِاسْم ثمَّ جِيءَ باللقب فَيظْهر حِينَئِذٍ وجوب تَأْخِير اللقب عَن الكنية كَمَا يُؤْخَذ من كَلَامهم، لِأَنَّهُ يلْزم من تَقْدِيمه عَلَيْهَا حِينَئِذٍ تَقْدِيمه على الِاسْم نَفسه وَهُوَ مُمْتَنع وَيجوز اجْتِمَاع الثَّلَاثَة لشخص وَاحِد إِذا قصد بِكُل وَاحِد مِنْهَا مَا لَا يقْصد بالآخرين، فَفِي التَّسْمِيَة إِيضَاح، وَفِي الكنية تكريم، وَفِي

التلقيب ضرب من الوصفية، بل يجوز وُقُوع علمين لشخص وَاحِد، أَلا يرى أَن الله تَعَالَى سمى حَبِيبه بِمُحَمد وَأحمد، (إِلَّا أَن وضع الِاسْم أَكثر من وضعهما) وَإِذا اجْتمع الِاسْم واللقب فالاسم إِن لم يكن مُضَافا أضيف الِاسْم إِلَى اللقب ك (سعيد كرز) لِأَنَّهُ يصير الْمَجْمُوع بِمَنْزِلَة الِاسْم الْوَاحِد وَإِن كَانَ مُضَافا فهم يؤخرون اللقب، فَيَقُولُونَ: (عبد الله بطة) وَيقدم اللقب على الكنية، وَهِي على الْعلم ثمَّ النِّسْبَة إِلَى الْبَلَد، ثمَّ إِلَى الأَصْل، ثمَّ إِلَى الْمَذْهَب فِي الْفُرُوع، ثمَّ إِلَى الْمَذْهَب فِي الِاعْتِقَاد، ثمَّ إِلَى الْعلم وَقد يقدمُونَ اللقب على الِاسْم ويجرون الِاسْم عَلَيْهِ بَدَلا أَو عطف بَيَان: وَالْعلم الْمَنْقُول لَا يكون مُضَافا أَو مُعَرفا بِاللَّامِ وَالْعلم إِذا ثني أَو جمع لزم فِيهِ اللَّام، وَإِن لوحظ فِيهِ معنى الْوَصْف فَغير لَازم كالعباس، وَالْحسن، وَنَحْوهمَا والنجم للثريا من الْأَعْلَام الَّتِي لزم دُخُول اللَّام عَلَيْهَا وَكَذَا الصَّعق والمصادر كالفضل، والْعَلَاء جَاءَ اسْتِعْمَالهَا بِالْألف وَاللَّام وبدونهما، وَيَكْفِي لتثنية الْأَعْلَام وَجَمعهَا مُجَرّد الِاشْتِرَاك فِي الِاسْم لِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا وَكَون الخفة مَطْلُوبَة فِيهَا بِخِلَاف أَسمَاء الْأَجْنَاس والأعلام الْغَالِبَة الَّتِي تسمى أعلاما اتفاقية أَيْضا وَهِي مَا كَانَ فِي الأَصْل جِنْسا ثمَّ كثر اسْتِعْمَاله لوَاحِد مَعَ لَام الْعَهْد قبل العلمية ليظْهر اخْتِصَاصه، وَحكمهَا لُزُوم اللَّام أَلْبَتَّة، وَلَا يجوز النزع مرّة وَالْإِثْبَات أُخْرَى إِذْ اللَّام هُنَاكَ كبعض الْعلم، وبمنزلة جزئه، بِخِلَاف الْأَعْلَام المنقولة من الصّفة إِذْ حكمهَا جَوَاز الْإِثْبَات والنزع لِأَن هَذَا الْقسم مَا صَار علما بِاللَّامِ حَتَّى يكون اللَّام كَأحد أَجزَاء الْكَلِمَة، فَدخل هُنَا لمحا للوصفية الْأَصْلِيَّة وَأما المنقولة من اسْم جنس فَإِن كَانَ فِي أَصله الْمَنْقُول عَنهُ مَا يشْعر بالمدح أَو الذَّم جَازَ دُخُول اللَّام لمحا للْأَصْل، وَإِلَّا فَلَا يجوز إِدْخَال اللَّام أصلا كَمَا مر، إِلَّا أَن يكون مُشْتَركا، فالطريق إِذن إِضَافَة الْعلم وأعلام الْأَيَّام من قبيل الْأَعْلَام الْغَالِبَة فيلزمها اللَّام سوى (اثْنَيْنِ) وكل اسْم غير صفة وَلَا مصدر وَلَيْسَ فِيهِ الْألف وَاللَّام فِي أصل وَضعه كَرجل إِذا سميته بأسد وجعفر فالألف وَاللَّام لَا تدخله أصلا وكل اسْم غلب بِاللَّامِ اسْما لَا صفة، أَو سمي بِاللَّامِ وَلَيْسَ بِصفة وَلَا مصدر فالألف وَاللَّام تدخله وجوبا (وكل مَا وضع صفة فِي الأَصْل أَو مصدرا فالألف وَاللَّام تدخله) وَيجوز حذف جُزْء الْعلم عِنْد الْأَمْن من الالتباس، كَمَا يجوز دُخُول اللَّام فِيهِ عِنْد كَونه مصدرا أَو صفة والأعلام الَّتِي لامها لَازِمَة فِي الأَصْل أَجنَاس صَارَت بالغلبة أعلاما مَعَ لَام الْعَهْد فَلَا جرم وَجب أَن يَجْعَل جنسيتها مقدرَة وأدخلوا الْألف وَاللَّام فِي كنايات الْبَهَائِم دون أَعْلَام الأناسي إِيذَانًا بِضعْف تَعْرِيفهَا لِأَن فَائِدَة وضع أعلامها غير رَاجِعَة إِلَيْهَا بل

إِلَى الأناسي، وَإِدْخَال اللَّام للمح الوصفية لَيْسَ مقيسا فِي شَيْء من الْأَعْلَام بل هُوَ أَمر سَمَاعي ذكره الدماميني (وكل مَا أشبه الْعلم فِي أَنه لَا يجوز أَن يكون وَصفا لأي وَلَيْسَ مستغاثا بِهِ وَلَا مَنْدُوبًا فَإِنَّهُ يجوز حذف حرف النداء مَعَه) وَعلم الْجِنْس للجمعية لَا يجمع فَمثل (فِرْعَوْن) ، و (قَيْصر) علمَان وليسا من أَعْلَام الْجِنْس للجمعية فَلَا بُد من القَوْل بِوَضْع خَاص فِي كل مِنْهُمَا لكل من يُطلق عَلَيْهِ وَإِذا ذكر الْوَصْف لاسم الْعلم لم يكن الْمَقْصُود من ذكر الْوَصْف التَّمْيِيز بل تَعْرِيف كَون ذَلِك الْمُسَمّى مَوْصُوفا بِتِلْكَ الصّفة مِثَاله إِذا قُلْنَا: الرجل الْعَالم، فقولنا الرجل اسْم للماهية فَيتَنَاوَل الْأَشْخَاص الكثيرين، فَإِذا قُلْنَا: الْعَالم كَانَ الْمَقْصُود من ذَلِك الْوَصْف تَمْيِيز هَذَا الرجل عَن سَائِر الرِّجَال بِهَذِهِ الصّفة وَأما إِذا قُلْنَا: (زيد الْعَالم) فَلفظ (زيد) اسْم علم وَهُوَ لَا يُفِيد إِلَّا هَذِه الذَّات الْمعينَة لِأَن أَسمَاء الْأَعْلَام قَائِمَة مقَام الإشارات، فَإِذا وصفناه بالعالمية امْتنع أَن يكون الْمَقْصُود مِنْهُ تتمييز ذَلِك الشَّخْص عَن غَيره، بل الْمَقْصُود مِنْهُ عريف ذَلِك الْمُسَمّى مَوْصُوفا بِهَذِهِ الصّفة الْعَطف: فِي اللُّغَة الرَّد من قَوْلهم: (عطفت عنان فرسي) أَي صرفته وردته (وَقيل: الإمالة) ويستعار للميل والشفقة إِذا عدي بعلى، وَالْمَشْهُور فِي تَعْرِيفه هُوَ تَابع بتوسط بَينه وَبَين متبوعه أحد الْحُرُوف الْعشْرَة والأخصر وَالْأولَى: تَابع صدر بِحرف الْعَطف [الْعَطف بِالْفَاءِ] : كل فعل عطف على شَيْء وَكَانَ الْفِعْل بِمَنْزِلَة الشَّرْط، وَذَلِكَ الشَّيْء بِمَنْزِلَة الْجَزَاء فيعطف الثَّانِي على الأول بِالْفَاءِ دون الْوَاو كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِذ قُلْنَا ادخُلُوا هَذِه الْقرْيَة فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُم رغدا} [الْعَطف بِالْوَاو] : كل عطف قصد فِيهِ الْجمع فَقَط وَإِن كَانَ بِغَيْر الْوَاو ك (أَو) و (ثمَّ) فِي بعض الْمَوَاضِع فقبوله مَشْرُوطًا بالجامع نَحْو: (زيد كَاتب وشاعر) فَلَا يقبل (زيد كَاتب ومعط) لِأَن هَذَا عطف الْمُفْرد على الْمُفْرد وَشرط كَون هَذَا الْعَطف بِالْوَاو مَقْبُولًا أَن يكون بَينهمَا جِهَة جَامِعَة وكل عطف قصد بِهِ معنى آخر إِن كَانَ بِالْوَاو وكما إِذا كَانَ بِمَعْنى (أَو) فقبوله غير مَشْرُوط بِهِ. وَالْفِعْل إِذا عطف على فعل آخر بِالْفَاءِ كَانَ ثَابتا بِالْأولِ فِي كَلَام الْعَرَب يُقَال: ضربه فأوجعه، وأطعمه فأشبعه، وسقاه فأرواه، أَي بذلك الْفِعْل لَا يُغير وَإِذا كَانَ الْمقَام مقَام تعداد صِفَات من غير نظر إِلَى جمع أَو انْفِرَاد حسن إِسْقَاط حرف الْعَطف وَإِن أُرِيد الْجمع بَين الصفتين أَو التَّنْبِيه على تغايرهما عطف بالحرف وَكَذَا إِذا أُرِيد التنويع لعدم اجْتِمَاعهمَا وَإِذا عطف بِالْفَاءِ مفصل على مُجمل فَلَا بُد أَن يكون الْمَعْطُوف بهَا هُوَ مَجْمُوع مَا وَقع بعْدهَا لَا بعضه، وَقد يَقع مثل هَذَا فِي الْمُفْردَات كَقَوْلِه

تَعَالَى: {هُوَ الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن} وَأما قَوْله: {فَابْعَثُوا أحدكُم بورقكم} إِلَى قَوْله: {وليتلطف} إِنَّمَا عطف بِالْوَاو لانْقِطَاع نظام التَّرْتِيب، لِأَن التلطف غير مترتب على الْإِتْيَان بِالطَّعَامِ الْمُتَرَتب على النّظر فِيهِ، الْمُتَرَتب على التَّوْجِيه فِي طلبه، الْمُتَرَتب على قطع الْجِدَال فِي الْمَسْأَلَة عَن مُدَّة اللّّبْث وَتَسْلِيم الْعلم لله تَعَالَى وم أَقسَام حُرُوف الْعَطف: قسم يُشْرك بَين الأول وَالثَّانِي فِي الْإِعْرَاب وَالْحكم وَهُوَ: الْوَاو وَالْفَاء و (ثمَّ) و (حَتَّى) وَقسم يَجْعَل الحكم لأَحَدهمَا لَا بِعَيْنِه وَهُوَ: (إِمَّا) و (أَو) و (أم) وَإِذا قصد الْإِخْبَار عَن تَسَاوِي الوصفين فَإِن ذكرا اسْمَيْنِ يفصل بَينهمَا بأداة الْجمع وَهِي الْوَاو، وَإِن ذكرا فعلين بفصل بَينهمَا بأداة الْفرق وَهِي (أَو) وَقد ذكر النُّحَاة أَنه يجوز تَقْدِيم الْمَعْطُوف بِالْوَاو، وَالْفَاء و (ثمَّ) و (أَو) و (لَا) على الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فِي ضَرُورَة الشّعْر بِشَرْط أَن لَا يتَقَدَّم الْمَعْطُوف على الْعَامِل وَأما تَقْدِيم التَّأْكِيد وَالْبدل فِي السعَة على الْمَتْبُوع وَالْعَامِل جَمِيعًا فمما لم يقل بِهِ أحد والعطف على مَعْمُول الْفِعْل لَا يَقْتَضِي إِلَّا الْمُشَاركَة فِي مَدْلُول ذَلِك الْفِعْل وَمَفْهُومه الْكُلِّي لَا الشخصي الْمعِين متعلقاته الْمَخْصُوصَة فَإِن الْمُشَاركَة فِي مَفْهُومه الشخصي موكول إِلَى الْقَرَائِن وَلما كَانَت قَضِيَّة الْعَطف الْمُشَاركَة فِي الحكم كَانَ الْعَطف على الثنيا ثنيا كَمَا فِي قَوْله: لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم إِلَّا مائَة دِرْهَم وَعِشْرُونَ دِينَارا وَقد يعْطف عَامل حذف وَبَقِي معموله مَعْطُوفًا على مَعْمُول عَامل آخر يجمعهما معنى وَاحِد مثل: علفتها تبنا وَمَاء بَارِدًا [أَي: وسقيتها مَاء بَارِدًا] وَالْمعْنَى الْجَامِع بَينهمَا الْإِطْعَام وَمثل قَوْله: وزججن الحواجب والعيونا أَي: وكحلن العيونا، وَالْجَامِع التحسين وَفِي كل مَوضِع يحسن السُّكُوت على مَا قبل (أَو) فالعطف ب (أَو) ، وَإِن لم يحسن فالعطف ب (أم) وَعطف الْفِعْل على اسْم الْفَاعِل جَائِز إِذا كَانَ اسْم الْفَاعِل مُعَرفا بِاللَّامِ فِيهَا معنى الَّذِي كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا} وَعطف الشَّيْء على مصاحبه نَحْو: {فأنجيناه وَأَصْحَاب السَّفِينَة}

وعَلى سابقه نَحْو: {وَلَقَد أرسلنَا نوحًا وَإِبْرَاهِيم} وعَلى لَا حَقه نَحْو: {كَذَلِك يوحي إِلَيْك وَإِلَى الَّذين من قبلك} وَيجوز تَخْصِيص الْمَعْطُوف بِالْحَال حَيْثُ لَا لبس كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاق وَيَعْقُوب نَافِلَة} فَإِن (نَافِلَة) حَال من الْمَعْطُوف فَقَط وَهُوَ يَعْقُوب إِذْ هُوَ ولد الْوَلَد لَا إِسْحَق وَإِذا دخل حرف الْعَطف بَين الاسمين كَانَ الثَّانِي غير الأول، إِذْ الأَصْل الْمُغَايرَة واستقلال كل وَاحِد من الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ بِنَفسِهِ وَإِن لم يدْخل بَينهمَا حرف الْعَطف كَانَ الثَّانِي تَابعا ومؤكد للْأولِ، والعطف على مَا يَلِيهِ أولى من الْعَطف على الأول والعاطف إِذا نظر إِلَى نَفسه ولوحظ أَن مَدْلُوله تشريك الثَّانِي للْأولِ فِي حكمه من غير دلَالَة لَهما على معية وترتيب فالعطف بِهَذَا الِاعْتِبَار يُفِيد الِاسْتِقْلَال، وَإِذا نظر إِلَيْهِ من حَيْثُ إِنَّه يَجْعَل تَابعا للْأولِ وَالْأول متبوعا فالعطف بِهَذَا الِاعْتِبَار يشْعر بِعَدَمِ الِاسْتِقْلَال، (فَإِن لوحظ فِي الْعَطف الْحَيْثِيَّة الثَّانِيَة فالترك يشْعر بالاستقلال والعطف يُنبئ عَن الْإِخْلَال بالاستقلال) ، وَإِن لوحظ فِيهِ الْحَيْثِيَّة الأولى فَترك الْعَطف يخل بالاستقلال، بل يُورث الْفساد لما فِيهِ من احْتِمَال الإضراب المخل بالتسوية والاستقلال، وَبِهَذَا يظْهر أَن ترك الْعَطف مثل نفس الْعَطف فِي الْإِشْعَار بالأمرين المتغايرين بِاعْتِبَار الحيثيتين المختلفتين، وَقد ينظر فِي الْجُمْلَة إِلَى جِهَة الْإِيضَاح والكشف فتفصل وَقد ينظر فِيهَا إِلَى جِهَة الِاسْتِقْلَال والمغايرة فتوصل نَحْو جملَة: {يذبحون أبناءكم} فَإِنَّهَا تَارَة فصلت عَن جملَة: {يسومونكم سوء الْعَذَاب} وَتارَة وصلت بهَا وَقد يكون قطع الْجُمْلَة عَمَّا قبلهَا لكَونهَا بَيَانا لمفرد من مفرداتها نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَعَذَاب يَوْم كَبِير} ، {إِلَى الله مرجعكم} فصل {إِلَى الله مرجعكم} لِأَنَّهُ بَيَان ل {عَذَاب يَوْم كَبِير} [وَإِنَّمَا وسط العاطف فِي قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ على هدى من رَبهم وَأُولَئِكَ هم المفلحون} وَلم يتوسط فِي قَوْله: {أُولَئِكَ كالأنعام بل هم أضلّ أُولَئِكَ هم الغافلون} لِأَن مَفْهُوم الجملتين مُخْتَلف فِي الأولى، وَالْجُمْلَة الثَّانِيَة مقررة للأولى فِي الثَّانِيَة] وَمَا لَا ينعَت لَا يعْطف عَلَيْهِ عطف بَيَان، لِأَن عطف الْبَيَان فِي الجوامد بِمَنْزِلَة النَّعْت فِي المشتقات وَعطف الْبَيَان لَا يكون إِلَّا بالمعارف، وَالصّفة تكون بالمعرفة والنكرة والنعت قد يكون جملَة، وَعطف الْبَيَان لَيْسَ كَذَلِك وَالصّفة تتحمل الضَّمِير، وَعطف الْبَيَان لَا

يتحمله وَعطف الْبَيَان فِي تَقْدِير جملَة وَاحِدَة، وَالْبدل فِي تَقْدِير جملتين على الْأَصَح وَالْمُعْتَمد فِي عطف الْبَيَان الأول، وَالثَّانِي موضح، وَالْمُعْتَمد فِي الْبَدَل هُوَ الثَّانِي، وَالْأول تَوْطِئَة وبساطة لَهُ وَعطف الْبَيَان يشْتَرط مطابقته لما قبله فِي التَّعْرِيف بِخِلَاف الْبَدَل وَعطف الْبَيَان لَيْسَ بنية إِيقَاعه مَحل الأول، بِخِلَاف الْبَدَل وَالْبدل قد يكون غير الأول فِي بدل الْبَعْض والاشتمال والغلط، بِخِلَاف عطف الْبَيَان، وَمثل: (جَاءَنِي أَخُوك زيد) إِن قصد فِيهِ الْإِسْنَاد إِلَى الأول وَجِيء بِالثَّانِي تَتِمَّة لَهُ وتوضيحا فَالثَّانِي عطف بَيَان، وَإِن قصد فِيهِ الْإِسْنَاد إِلَى الثَّانِي وَجِيء بِالْأولِ تَوْطِئَة لَهُ مُبَالغَة فِي الْإِسْنَاد فَالثَّانِي بدل وَقد يُرَاد بالْعَطْف الْمُبَالغَة بِاعْتِبَار التكثير كَقَوْلِك: (أصبح الْأَمِير لَا يُخَالِفهُ رَئِيس وَلَا مرؤوس) وَعَلِيهِ: {وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون} والعطف كَمَا يكون على اللَّفْظ كَذَلِك يكون على الْمَعْنى كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم} ، فَإِنَّهُ فِي معنى ا (لَا خير فيهم) ، فعطف عَلَيْهِ {وَلَو أسمعهم لتولوا} على اعْتِبَار هَذَا الْمَعْنى وَعطف الْجُمْلَة الصَّرِيحَة على الْمُفْرد الصَّرِيح لَا يجوز لِأَنَّهَا لَا تقع موقعه، إِذْ الْجُمْلَة لَا يجوز أَن تكون فاعلة وَعطف الشّرطِيَّة على غَيرهَا وَبِالْعَكْسِ كثير فِي الْكَلَام مثل قَوْله تَعَالَى: {وَقَالُوا لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ ملك وَلَو أنزلنَا ملكا لقضي الْأَمر} وَقَوله تَعَالَى: {فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} وَعطف الْأَمر لمخاطب على الْأَمر لمخاطب آخر مِمَّا أَخطَأ فِي مَنعه النُّحَاة لوُقُوعه قطعا فِي قَوْله تَعَالَى: {يُوسُف أعرض عَن هَذَا واستغفري لذنبك} وَكَمَال الِاتِّصَال الْمَانِع من الْعَطف مَخْصُوص بالجمل الَّتِي لَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب وَقد نظمت فِيهِ: (فكم من قريب لَا ترَاهُ بِقُرْبِهِ ... وَكم من بعيد قد ينَال وصالا) (تقرب وَلَا تطمع كَمَال وصاله ... من الْعَطف منع فِي الْوِصَال كمالا) وَإِذا عطف شَيْء على شَيْء هُوَ مُقَيّد يُقيد فَإِن كَانَ الْقَيْد مُتَأَخِّرًا عَن الْمَعْطُوف عَلَيْهِ لَا يجب اعْتِبَاره فِي الْمَعْطُوف، بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ مقدما نَحْو (فِي الدَّار رَأَيْت زيدا وَضربت عمرا) وَهَذِه الْقَاعِدَة أكثرية لَا كُلية وَعطف الْجِنْس على النَّوْع وَبِالْعَكْسِ مَشْهُور وَعطف الْخَاص على الْعَام وَبِالْعَكْسِ يخْتَص بِالْوَاو نَص عَلَيْهِ التَّفْتَازَانِيّ، وَيخْتَص ب (حَتَّى) نَص عَلَيْهِ ابْن هِشَام وَالْمرَاد بالخاص وَالْعَام هُنَا مَا كَانَ فِيهِ الأول شَامِلًا

للثَّانِي لَا المصطلح عَلَيْهِ فِي الْأُصُول والمعطوف يُشَارك الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فِي الْعَامِل وَذَلِكَ فِي الْمُفْردَات والعطف على الْجَزَاء على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: مَا يكون كل من الْمَعْطُوف عَلَيْهِ والمعطوف صَالحا لِأَن يَقع جَزَاء، فَحِينَئِذٍ يسْتَقلّ كل بالجزائية كَقَوْلِك: (إِن ضربت ضربت وشتمت) وَالثَّانِي: مَا لَا يكون كَذَلِك، فالجزاء حِينَئِذٍ مَجْمُوع المتعاطفين من حَيْثُ الْمَجْمُوع وَإِذا عطف شَيْء على آخر ب (إِمَّا) يلْزم أَن يصدر الْمَعْطُوف عَلَيْهِ أَولا ب (إِمَّا) ثمَّ يعْطف عَلَيْهِ ب (إِمَّا) ليعلم من أول الْأَمر أَن الْكَلَام مَبْنِيّ على الشَّك وَإِذا عطف شَيْء على آخر ب (أَو) يجوز أَن يصدر الْمَعْطُوف عَلَيْهِ ب (إِمَّا) نَحْو: (جَاءَنِي إِمَّا زيد أَو عَمْرو) وَلَكِن لَا يجب لمجيء نَحْو: (جَاءَنِي زيد أَو عَمْرو) وَالْفِعْل إِذا عطف على الِاسْم أَو بِالْعَكْسِ فَلَا بُد من رد أَحدهمَا على الآخر فِي التَّأْوِيل وَالِاسْم لما كَانَ أصل الْفِعْل وَالْفِعْل متفرع عَنهُ جَازَ عطف الْفِعْل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ ثَان والثواني فروع على الْأَوَائِل وَأما إِذا عطفت الِاسْم على الْفِعْل كنت قد رددت الأَصْل فرعا وَجَعَلته ثَانِيًا وَهُوَ أَحَق بِأَن يكون مقدما لأصالته وَإِذا عطف اسْم على اسْم (إِن) فَإِن كَانَ بعد الْخَبَر جَازَ فِيهِ الرّفْع على الْمُبْتَدَأ وَالنّصب على اللَّفْظ كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله} قرئَ بهما وَإِن كَانَ قبل الْخَبَر لم يحسن إِلَّا النصب كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} وَإِذا لم يكن بَين الجملتين مُشَاركَة وَجب ترك العاطف وَإِن كَانَ بَينهمَا مُشَاركَة فَإِن لم يكن بَينهمَا تعلق ذاتي وَجب ذكر العاطف كَقَوْلِك: (زيد طَوِيل وَعَمْرو قصير) وَكَذَا (فلَان يقوم وَيفْعل) وَإِذا عطفت جملَة خَالِيَة عَن الضَّمِير على جملَة ذَات ضمير فَإِن كَانَ الْعَطف بِالْفَاءِ أَو (ثمَّ) فَلَا حَاجَة هُنَاكَ إِلَى الضَّمِير، وَلِهَذَا صَرَّحُوا بِجَوَاز (الَّذِي يطير فيغضب زيد الذُّبَاب) ، لِأَن الْمَعْنى (الَّذِي يطير وَيحصل عَقِيبه غضب زيد الذُّبَاب) وبجواز (الَّذِي جَاءَ ثمَّ غربت الشَّمْس زيد) إِذْ الْمَعْنى (الَّذِي ترَاخى عَن مَجِيئه غرُوب الشَّمْس زيد) وَله نَظَائِر كَثِيرَة وَلَا يجوز كَون الْمَعْطُوف مقول قَائِل والمعطوف عَلَيْهِ مقول قَائِل آخر إِلَّا على وَجه التَّلْقِين وَلَا يجوز الْعَطف على الْمُتَّصِل بِدُونِ التَّأْكِيد بالمنفصل، وَلذَلِك قَالُوا فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة} (أَنْت) تَأْكِيد أكد بِهِ المستكن ليَصِح الْعَطف، لِأَن (وزوجك) مَعْطُوف على الْمُضمر المستكن الْمُتَّصِل فِي (اسكن) [وَفِي عطف الْقِصَّة على الْقِصَّة لَا يطْلب التناسب

فِي الخبرية والإنشائية وَلَا الْمُشَاركَة فِي الْفَاعِل الْمُخَاطب، إِذْ لَا يُقَال (أضْرب وَأكْرم) فِيمَا إِذا كَانَ الْمُخَاطب فِي كل شخص آخر من غير تَصْرِيح بالنداء فَيُقَال: (اضْرِب يَا زيد وَأكْرم يَا عَمْرو) بل يطْلب التناسب بَين الْقصَّتَيْنِ] وَجَاز الْعَطف على المضمرين الْمَرْفُوع والمنصوب من غير تَكْرِير الْعَامِل الجاز لِأَنَّهُمَا يعطفان على الِاسْم الظَّاهِر فَجَاز أَن يعْطف الظَّاهِر عَلَيْهِمَا وَامْتنع الْعَطف على الْمُضمر الْمَجْرُور إِلَّا بتكرير الْجَار فَلم يجز أَن يعْطف الظَّاهِر على الْمُضمر إِلَّا بتكريره أَيْضا والكوفيون على [جَوَاز الْعَطف على الْمُضمر الْمَجْرُور وَبِغير تَكْرِير] وَهُوَ الصَّحِيح عِنْد الْمُحَقِّقين كَابْن مَالك، وَدَلِيله عِنْدهم قِرَاءَة حَمْزَة: {تساءلون بِهِ والأرحام} بخفض (الْأَرْحَام) قَالَ أَبُو حَيَّان: " وَالَّذِي نختاره جَوَاز ذَلِك لوروده فِي كَلَام الْعَرَب كثيرا نظما ونثرا، ولسنا متعبدين بِاتِّبَاع جُمْهُور الْبَصرِيين بل نتبع الدَّلِيل وَقد امْتنع عطف نفس التَّأْكِيد على نفس الْمُؤَكّد، وَلَا يمْتَنع عطف أحد التأكيدين على الآخر بل هُوَ مُنَاسِب لاشْتِرَاكهمَا فِي كَونهمَا تَأْكِيدًا لمؤكد وَاحِد كَمَا فِي قَوْلهم مثلا (يلْزمه ذَلِك وَلَا يَسعهُ تَركه) والعطف لَا يُغير الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، فَفِيمَا إِذا ادّعى ألفا وَشهد وَأحد على ألف وَآخر على ألف وَخَمْسمِائة تقبل على الْألف بِالْإِجْمَاع (لما ذكرنَا فَلم يخْتَلف الْمَشْهُود عَلَيْهِ) والعطف من عِبَارَات الْبَصرِيين، والنسق من عِبَارَات الْكُوفِيّين، وَعطف النسق هوالعطف بِحرف (وَعطف يعْطف: مَال وَعَلِيهِ: أشْفق) وعطفا كل شَيْء (بِالْكَسْرِ) : جانباه وَجَاء ثَانِي عطفه أَي: رخي البال، أَو لاويا عُنُقه، أَو متكبرا معرضًا وثنى عني عطفه: أعرض. الْعلم: (هُوَ معرفَة الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ وبديهيه: مَا لَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى تَقْدِيم مقدمه وضروريه بِالْعَكْسِ وَلَو سلك فِيهِ بعقله فَإِنَّهُ لَا يسْلك، كَالْعلمِ الْحَاصِل بالحواس الْخمس) وَعلم بِهِ (كسمع) : أدْرك وأحاط وَالْأَمر: أتقنه (وَالْعلم يتَعَدَّى بِنَفسِهِ) وبالباء وَيُزَاد فِي مَفْعُوله قِيَاسا {وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم} ، {ألم يعلم بِأَن الله يرى} وَلَا يتَعَدَّى ب (من) إِلَّا إِذا أُرِيد بِهِ التَّمْيِيز: {وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح} وَقد صَحَّ أَن ابْن عَبَّاس قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: (إِلَّا

لنعلم} أَي لنميز أهل الْيَقِين من أهل الشَّك وَالْعلم بِمَعْنى إِدْرَاك الشَّيْء بحقيقته الْمُتَعَلّق بِالذَّاتِ يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد، أَو بِالنِّسْبَةِ يتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ، وَثَانِي مفعولي (علم) عين الأول فِيمَا صدقا عَلَيْهِ، وَثَانِي مفعولي (أعْطى) غير الأول وَعلم (بالتضعيف) مَنْقُول من (علم) الَّذِي يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد فتعدى إِلَى اثْنَيْنِ وَالْمَنْقُول بِالْهَمْزَةِ من (علم) الَّذِي يتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ يتَعَدَّى إِلَى ثَلَاثَة وَقد نظمت فِيهِ: (وَعلم بالتضعيف من علم الَّذِي ... يتَعَدَّى إِلَى فَرد فعدي لاثْنَيْنِ) (وَأعلم مِمَّا قد تعدى إِلَيْهِمَا ... فَزَاد بفرد هَكَذَا الْفرق فِي الْبَين) وَالْأَفْعَال المتعدية إِلَى ثَلَاثَة: مفعولها الأول كمفعول (أَعْطَيْت) فِي جَوَاز الِاقْتِصَار عَلَيْهِ كَقَوْلِك: (أعلمت زيدا) ، والاستغناء عَنهُ كَقَوْلِك: (أعلمت عمرا مُنْطَلقًا) ، وَالثَّانِي وَالثَّالِث كمفعولي (علمت) فِي وجوب ذكر أَحدهمَا عِنْد الآخر وَجَوَاز تَركهمَا مَعًا و (علمت) يسْتَعْمل وَيُرَاد بِهِ الْعلم الْقطعِي، فَلَا يجوز وُقُوع (أَن) الناصبة بعده وَيسْتَعْمل وَيُرَاد بِهِ النَّص الْقوي، فَيجوز أَن يعْمل فِي أَن يُقَال: (مَا علمت إِلَّا أَن يقوم زيد) وَاسْتِعْمَال الْعلم بِمَعْنى الْمَعْلُوم شَائِع وواقع فِي الْأَحَادِيث كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " تعلمُوا الْعلم " (فَإِن الْعلم هَهُنَا بِمَعْنى الْمَعْلُوم) وَقد يكنى بِالْعلمِ عَن الْعَمَل لِأَن الْعَمَل إِذا كَانَ نَافِعًا قَلما يتَخَلَّف عَن علم وَقد يُرَاد بِالْعلمِ الْجَزَاء تَقول: (أَنا أعلم بِمن قَالَ كَذَا وَكَذَا) (وَالْمعْنَى الْحَقِيقِيّ للفظ الْعلم هُوَ الْإِدْرَاك، وَلِهَذَا الْمَعْنى مُتَعَلق وَهُوَ الْمَعْلُوم، وَله تَابع فِي الْحُصُول يكون وَسِيلَة إِلَيْهِ فِي الْبَقَاء وَهُوَ الملكة، فَأطلق لفظ الْعلم على كل مِنْهَا إِمَّا حَقِيقَة عرفية، أَو اصطلاحية أَو مجَازًا مَشْهُورا) وَالْعلم يُقَال لإدراك الْكُلِّي أَو الْمركب والمعرفة تقال لإدراك الجزئي أَو الْبَسِيط، وَلِهَذَا يُقَال (عرفت الله) دون (عَلمته) فمتعلق الْعلم فِي اصْطِلَاح الْمنطق وَهُوَ الْمركب مُتَعَدد كَذَلِك عِنْد أهل اللُّغَة وَهُوَ المفعولان، ومتعلق الْمعرفَة وَهُوَ الْبَسِيط وَاحِد كَذَلِك عِنْد أهل اللُّغَة وَهُوَ الْمَفْعُول الْوَاحِد وَإِن اخْتلف وَجه التَّعَدُّد، والوحدة بَينهم بِحَسب اللَّفْظ وَالْمعْنَى وَأَيْضًا يسْتَعْمل الْعلم فِي الْمحل الَّذِي يحصل الْعلم لَا بِوَاسِطَة والعرفان يسْتَعْمل فِي الْمحل الَّذِي يحصل الْعلم بِوَاسِطَة الْكسْب، وَلِهَذَا يُقَال: (الله عَالم) وَلَا يُقَال: (عَارِف) ، كَمَا لَا يُقَال: (عَاقل) فَكَذَا الدِّرَايَة فَإِنَّهَا لَا تطلق على الله لما فِيهَا من معنى الْحِيلَة وَفِي " النجَاة ": كل معرفَة وَعلم فإمَّا تصور وَإِمَّا تَصْدِيق، فوحدة الْمَحْمُول تدل على الترادف

[قَالَ الْمُحَقق عِصَام الدّين رَحمَه الله: يجوز إِسْنَاد الْعلم بِمَعْنى الْمعرفَة إِلَيْهِ تَعَالَى وَإِن لم يجز إِسْنَاد الْمعرفَة، لِأَن منع إسنادها نَشأ عَن لفظ الْمعرفَة دون مَعْنَاهَا، إِذْ لفظ الْمعرفَة شاع فِي الْإِدْرَاك بعد النسْيَان أَو بعد الْجَهْل، وَلَيْسَ لفظ الْعلم بِمَعْنى الْإِدْرَاك كَذَلِك وَقَالَ بَعضهم: لَا يلْزم من عدم إِجْرَاء الْمعرفَة على الله تَعَالَى لشيوعها فِيمَا يكون مَسْبُوقا بِالْعدمِ عدم إِجْرَاء المقتصر على الْمَفْعُول عَلَيْهِ تَعَالَى، وَالْكَلَام فِي أَن الْمعرفَة هَل هِيَ إِدْرَاك الجزئي وَلَو على الْوَجْه الكلى كَمَا قَالَت الفلاسفة أم إِدْرَاك الجزئي بِوَجْه جزئي فِيهِ نزاع] وَقد يسْتَعْمل الْعرْفَان فِيمَا تدْرك آثاره وَلَا تدْرك ذَاته وَالْعلم فِيمَا تدْرك ذَاته، وَلِهَذَا يُقَال: (فلَان عَارِف بِاللَّه) وَلَا يُقَال: (عَالم بِاللَّه) ، لِأَن مَعْرفَته لَيست بِمَعْرِِفَة ذَاته، بل بِمَعْرِِفَة آثاره فعلى هَذَا يكون الْعرْفَان أعظم دَرَجَة من الْعلم، فَإِن التَّصْدِيق إِسْنَاد هَذِه المحسوسات إِلَى مَوْجُود وَاجِب الْوُجُود، أَو مَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ فَأَما تصور حَقِيقَة الْوَاجِب فَأمر فَوق الطَّاقَة البشرية وَاخْتلفُوا فِي أَن تصور مَاهِيَّة الْعلم هَل هُوَ ضَرُورِيّ أَو نَظَرِي يعسر تحديده [أَو نَظَرِي غير عسير] والمتعسر هُوَ الْحَد الْحَقِيقِيّ لَا الرسمي وَلَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِ لصعوبة الامتياز بَين الذاتيات والعرضيات فِي " الْمُسْتَصْفى " رُبمَا يعسر تحديده على الْوَجْه الْحَقِيقِيّ بِعِبَارَة محررة جَامِعَة للْجِنْس والفصل الذاتيين، فَإِن ذَلِك عسير فِي أَكثر الْأَشْيَاء، بل فِي أَكثر المدركات الحسية كرائحة الْمسك وَطعم الْعَسَل وَإِذا عجزنا عَن تَحْدِيد المدركات فَنحْن عَن تَحْدِيد الإدراكات أعجز، وَلَكنَّا نقدر على شرح معنى الْعلم بتقسيم وَمِثَال أَو نَظَرِي غير عسير فَإلَى الأول ذهب الإِمَام الرَّازِيّ أَي [إِلَى كَونه ضَرُورِيًّا] وَإِلَى الثَّانِي ذهب إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزالِيّ [نظريا يعسر التَّحْدِيد وَهُوَ كَونه نظريا غير عسير] وَالثَّالِث هُوَ الْأَصَح، لَكِن اخْتلفُوا فِي تَعْرِيفه، فَتَارَة عرفوه بِأَنَّهُ معرفَة الْمَعْلُوم على مَا هُوَ بِهِ، هَذَا عِنْد أهل السّنة، وَهُوَ علم المخلوقين وَأما علم الْخَالِق فَهُوَ الْإِحَاطَة وَالْخَبَر على مَا هُوَ بِهِ، وَتارَة بِأَنَّهُ إِثْبَات الْمَعْلُوم على مَا هُوَ بِهِ، وَمَا يعلم بِهِ الشَّيْء، أَو اعْتِقَاد الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ وَمَا يُوجب كَون من قَامَ بِهِ عَالما، والضرورة الْحَاصِلَة عِنْد الْعَاقِلَة: وَهَذَا تَعْرِيف الْقَائِلين بِأَنَّهُ من مقولة الكيف والحقيقة عِنْد أَصْحَاب الانفعال والتعلق بَين الْعَالم والمعلوم عِنْد من يَقُول إِنَّه من الْإِضَافَة، وَالْمُخْتَار أَنه صفة توجب لمحلها تميزا بَين الْمعَانِي لَا يحْتَمل مُتَعَلّقه النقيض وَأحسن مَا قيل فِي الْكَشْف عَن مَاهِيَّة الْعلم: هُوَ أَنه صفة يتجلى بهَا الْمَذْكُور لمن قَامَت هِيَ بِهِ فالمذكور يتَنَاوَل الْمَوْجُود والمعدوم، والممكن والمستحيل، والمفرد والمركب، والكلي والجزئي، وَخرج بالتجلي الظَّن وَالْجهل الْمركب واعتقاد الْمُقَلّد الْمُصِيب أَيْضا (إِذْ التجلي الانكشاف التَّام) وَأَصَح الْحُدُود عِنْد الْمُحَقِّقين من الْحُكَمَاء وَبَعض الْمُتَكَلِّمين هُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة من الشَّيْء عِنْد الْعقل سَوَاء كَانَت

تِلْكَ الصُّورَة العلمية عَن مَاهِيَّة الْمَعْلُوم كَمَا فِي الْعلم الحضوري الانطباعي، أَو غَيرهَا كَمَا فِي الْعلم الحضوري، وَسَوَاء كَانَت مرتسمة فِي ذَات الْعَالم كَمَا فِي علم النَّفس بالكليات، أَو فِي القوى الجسمانية كَمَا فِي علمهَا بالماديات وَسَوَاء كَانَت عين ذَات الْعَالم كَمَا فِي علم الْبَارِي بِذَاتِهِ فَإِنَّهُ عين ذَاته المقدسة المنكشفة بِذَاتِهِ على ذَاته، لِأَن مدَار الْعلم على التجرد فَهُوَ علم وعالم وَمَعْلُوم: {أيا مَا تدعوا فَلهُ الْأَسْمَاء الْحسنى} والتغاير اعتباري، وَذَلِكَ أَن الْعلم عبارَة عَن الْحَقِيقَة الْمُجَرَّدَة عَن الغواشي الجسمانية، فَإِذا كَانَت هَذِه الْحَقِيقَة مُجَرّدَة فَهُوَ علم، وَإِذا كَانَت هَذِه الْحَقِيقَة الْمُجَرَّدَة لَهُ حَاضِرَة لَدَيْهِ وَغير مستورة عَنهُ فَهُوَ عَالم، وَإِذا كَانَت هَذِه الْحَقِيقَة الْمُجَرَّدَة لَا تحصل إِلَّا بِهِ فَهُوَ مَعْلُوم، فالعبارات مُخْتَلفَة وَإِلَّا فَالْكل بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَاته وَاحِد، [هَذَا إِذا كَانَت عين ذَات الْعَالم وَأما إِذا كَانَت] غير ذَات الْعَالم كَمَا فِي علمه تَعَالَى بسلسلة الممكنات، فَإِنَّهَا حَاضِرَة بذاتها عِنْده تَعَالَى، فَعلمه تَعَالَى بهَا عينهَا، فَيمْتَنع أَن تكون عينه سُبْحَانَهُ عَن الِاتِّحَاد مَعَ الْمُمكن، لَكِن هَذَا هُوَ الْعلم التفصيلي الحضوري، وَله تَعَالَى علم آخر بهَا أجمالي سرمدي غير مَقْصُور على الموجودات وَهُوَ عين ذَاته عِنْد المتألهين (قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: الْعُلُوم الْحَاصِلَة لنا على ثَلَاثَة أنحاء: حضوري بحت كعلمنا بذاتنا وَبِمَا حصل من الكيفيات والصور وانطباعي صرف كعلمنا بِمَا هُوَ الْغَائِب عَنَّا وَذُو الْوَجْهَيْنِ يشبه الأول من وَجه، وَالثَّانِي من وَجه كعلمنا بِمَا ترتسم صورته فِي قوانا [وَمذهب أَكثر الأشاعرة أَن الْعلم صفة تَقْتَضِي الْإِضَافَة الْمَخْصُوصَة الَّتِي سَمَّاهَا الجباثيان - هما أَبُو عَليّ وَابْنه أَبُو هَاشم - عالمية، وَمذهب أَصْحَاب الْمثل الأفلاطونية أَن الْعلم صفة المعلومات الْقَائِمَة بأنفسها، وَمذهب ابْن سينا وَمن تَابعه أَن الْعلم صفة المعلومات الْقَائِمَة بِذَات الله وأيا مَا كَانَ فَهُوَ غير ذَاته وَعبارَة عَامَّة متكلمي أهل الحَدِيث أَن الله تَعَالَى عَالم بِعِلْمِهِ وَكَذَلِكَ فِيمَا وَرَاء ذَلِك من الصِّفَات وَامْتنع أَكثر مَشَايِخنَا عَنهُ احْتِرَازًا عَمَّا يُوهِمهُ من كَون الْعلم آلَة فَقَالُوا: عَالم وَله علم، وَكَذَا فِيمَا وَرَاء ذَلِك من الصِّفَات وَأَبُو مَنْصُور الماتريدي يَقُول: إِنَّه عَالم بِذَاتِهِ وَكَذَا فِيمَا وَرَاء ذَلِك من الصِّفَات دفعا لوهم الْمُغَايرَة، وَأَن ذَاته ذَات يَسْتَحِيل أَن لَا يكون عَالما، لَا نفي الصِّفَات كَيفَ وَقد أثبت الصِّفَات فِي جَمِيع مصنفاته وأتى بالدلائل لإثباتها] وَعند القطب: الْعلم من الموجودات الخارجية وَأما علم الله تَعَالَى فَهُوَ قديم وَلَيْسَ بضروري وَلَا مكتسب، وَإِنَّمَا هُوَ من قبيل النّسَب والإضافات، وَلَا شكّ أَنَّهَا أُمُور غير قَائِمَة بأنفسها مفتقرة إِلَى الْغَيْر فَتكون مُمكنَة لذواتها فَلَا بُد لَهَا من مُؤثر، وَلَا مُؤثر إِلَّا ذَات الله، فَتكون تِلْكَ الذَّات الْمَخْصُوصَة مُوجبَة لهَذِهِ النّسَب والإضافات، ثمَّ

لَا يمْتَنع فِي الْعقل أَن تكون تِلْكَ الذَّات مُوجبَة لَهَا ابْتِدَاء، وَلَا يمْتَنع أَيْضا أَن تكون تِلْكَ الصِّفَات مُوجبَة لصفات أُخْرَى حَقِيقِيَّة أَو إضافية ثمَّ إِن تِلْكَ الصِّفَات توجب هَذِه النّسَب، وعقول الْبشر قَاصِرَة عَن الْوُصُول إِلَى هَذِه المضائق وَالْحق أَن علم الله تَعَالَى منزه عَن الزَّمَان، ونسبته إِلَى جَمِيع الْأَزْمِنَة على السوية فَيكون جَمِيع الْأَزْمِنَة من الْأَزَل إِلَى الْأَبَد بِالْقِيَاسِ إِلَيْهِ تَعَالَى كامتداد وَاحِد مُتَّصِل بِالنِّسْبَةِ إِلَى من هُوَ خَارج عَنهُ، فَلَا يخفى على الله مَا يَصح أَن يعلم، كليا كَانَ أَو جزئيا لِأَن نِسْبَة الْمُقْتَضى لعلمه إِلَى الْكل وَاحِدَة، فمهما حدثت الْمَخْلُوقَات لم يحدث لَهُ تَعَالَى علم آخر بهَا بل حصلت مكشوفة لَهُ بِالْعلمِ الأزلي، فالعلم بِأَن سَيكون الشَّيْء هُوَ نفس الْعلم بِكَوْنِهِ فِي وَقت الْكَوْن من غير تجدّد وَلَا كَثْرَة، وَإِنَّمَا المتجدد هُوَ نفس التَّعَلُّق وَالْمُعَلّق بِهِ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا يُوجب تجدّد الْمُتَعَلّق بعد سبق الْعلم بِوُقُوعِهِ فِي وَقت الْوُقُوع وَفرض استمراره إِلَى ذَلِك الْوَقْت فَلَا تكون صفة الْعلم فِي الْأَزَل من غير تعلق حَتَّى يكون عَالما بِالْقُوَّةِ فيفضي إِلَى نفي علمه تَعَالَى بالحوادث فِي الْأَزَل، (فالصانع الَّذِي لَا يشْغلهُ شَأْن عَن شَأْن واللطيف الْخَبِير الَّذِي لَا يفوتهُ كَمَال لَا بُد وَأَن يعلم ذَاته، ولازم ذَاته، ولازم لَازمه، جمعا وفرادى، إِجْمَالا وتفصيلا إِلَى مَا لَا يتناهى) ، وبديهة الْعقل تقضي بِأَن إبداع هَذِه المبدعات وإبداع هَذِه الحكم والخواص يمْتَنع إِلَّا من الْعَالم بالممتنعات والممكنات والموجودات قبل وجودهَا [جَمِيعًا وفرادى، إِجْمَالا وتفصيلا] بِأَنَّهُ سَيكون وَقت كَذَا ليقصد مَا يشاؤه فِي وَقت شاءه فِيهِ، وَبعد وجودهَا أَيْضا ليجعلها مُطَابقَة لما يَشَاء ثمَّ اعْلَم أَن علمه تَعَالَى فِي الْأَزَل بالمعلوم الْمعِين الْحَادِث تَابع لماهيته، بِمَعْنى أَن خُصُوصِيَّة الْعلم وامتيازه عَن سَائِر الْعُلُوم إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَار أَنه علم بِهَذِهِ الْمَاهِيّة وَأما وجود الْمَاهِيّة وفعليتها فِيمَا لَا يزَال فتابع لعلمه الأزلي بهَا، التَّابِع لماهيته بِمَعْنى أَنه تَعَالَى لما علمهَا فِي الْأَزَل على هَذِه الخصوصية لكَونهَا فِي نَفسهَا على هَذِه الخصوصية لزم أَن يتَحَقَّق وَيُوجد فِيمَا لَا يزَال على هَذِه الخصوصية، فَلَا جبر وَلَا بطلَان لقاعدة التَّكْلِيف وَأما مَشِيئَته تَعَالَى فَإِنَّهَا متبوعة، وَوُقُوع الكائنات تَابع لَهَا، فَمن قَالَ: إِن علمه تَعَالَى يجب أَن يكون فعليا [أَي غير مُسْتَفَاد من خَارج كَمَا هُوَ عِنْد الْمُتَكَلِّمين] لَا يَقُول: إِن الْعلم تَابع للوقوع وَمن قَالَ بالتبعية قَالَ بانقسام علمه إِلَى الْفِعْل والانفعال والمقدم على الْإِرَادَة هُوَ الْفِعْل، وعَلى الْوُقُوع هُوَ الانفعال، وَلَا نعني بالتبعية للمعلوم التَّأَخُّر عَن الشَّيْء زَمَانا أَو ذاتا، بل المُرَاد كَونه فرعا فِي الْمُطَابقَة وَالْقَوْل بِأَن علمه تَعَالَى حضوري وَالْمرَاد وجود الْمَعْلُوم فِي الْخَارِج يشكل بالممتنعات لِأَن علمه تَعَالَى شَامِل للممتنعات والمعدومات الممكنة إِلَّا أَن يُقَال لَهَا وجود فِي المبادئ الْعَالِيَة [وَقد اشْتهر عَن الفلاسفة القَوْل بِأَن الله تَعَالَى لَا يعلم الجزئيات المادية بِالْوَجْهِ الجزئي بل إِنَّمَا يعلمهَا بِوَجْه كلي منحصر فِي الْخَارِج وَحَاصِل مَذْهَبهم أَن

الله تَعَالَى يعلم الْأَشْيَاء كلهَا بِنَحْوِ التعقل لَا بطرِيق التخيل فَلَا يغرب عَن علمه مِثْقَال ذرة فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء لَكِن علمه تَعَالَى لما كَانَ بطرِيق التعقل لم يكن ذَلِك الْعلم مَانِعا من وُقُوع الشّركَة، وَلَا يلْزم من ذَلِك أَن لَا يكون بعض الْأَشْيَاء مَعْلُوما لَهُ تَعَالَى، بل مَا تُدْرِكهُ على وَجه الإحساس والتخيل هُوَ يُدْرِكهُ على وَجه التعقل، فالاختلاف فِي نَحْو الْإِدْرَاك لَا فِي الْمدْرك، فَإِن التَّحْقِيق أَن الْكُلية والجزئية صفتان للْعلم، وَرُبمَا يُوصف بهما الْمَعْلُوم لَك بِاعْتِبَار الْعلم، وَبِهَذَا لَا يسْتَحقُّونَ الإكفار وتعقل الجزئيات من حَيْثُ إِنَّهَا مُتَعَلقَة بِزَمَان تعقل بِوَجْه جزئي يتَغَيَّر، وَأما من حَيْثُ إِنَّهَا غير مُتَعَلقَة بِزَمَان فتعقل على وَجه كلي لَا يتَغَيَّر] (وَأما قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا لنعلم} وأشباهه فَهُوَ بِاعْتِبَار التَّعَلُّق الحالي الَّذِي هُوَ منَاط الْجَزَاء قَالَ القَاضِي فِي قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ بعثناهم لنعلم} ليتعلق علمنَا تعلقا حاليا مطابقا لتَعَلُّقه أَولا تعلقا استقباليا فَلَا يلْزم مِنْهُ أَن يحدث لَهُ تَعَالَى علم) ، فَإِن الْعلم الأزلي بالحادث الْفُلَانِيّ فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ غير متغير وَإِنَّمَا هُوَ قبل حُدُوث الْحَادِث كَهُوَ حَال حُدُوثه وَبعد حُدُوثه [غير متغير] وَإِنَّمَا جَاءَ الْمُضِيّ والاستقبال من ضَرُورَة كَون الْحَادِث زمانيا، وكل زمَان محفوف بزمانين: سَابق ولاحق، فَإِذا نسبت الْعلم الأزلي إِلَى الزَّمَان السَّابِق قلت: قد علم الله، وَإِذا نسبت إِلَى الزَّمَان الحالي قلت: يعلم الله وَإِذا نسبت إِلَى الزَّمَان اللَّاحِق قلت: سَيعْلَمُ الله فَجَمِيع هَذِه التغيرات انبعثت من اعتباراتك، وَعلم الله وَاحِد لِأَن علمه لَازم لوُجُوده الأول، وَفعله ملازم لعلمه، أما بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ فعلى سَبِيل الِاتِّحَاد، وَأما بِالنِّسْبَةِ إِلَى الموجودات فعلى سَبِيل الِاعْتِبَار فَلَا يسْتَدلّ بتغيرها على تغير، وبعدمها على عَدمه (وَيعلم جَمِيع الجزئيات على وَجه جزئي فَعِنْدَ وجودهَا يعلم أَنَّهَا وجدت، وَعند عدمهَا يعلم أَنَّهَا عدمت، وَقبل ذَلِك يعلم أَنَّهَا ستوجد وستعدم) وَلَا مَانع من أَن يكون الْعلم فِي نَفسه وَاحِدًا ومتعلقاته مُخْتَلفَة ومتغايرة، وَهُوَ يتَعَلَّق بِكُل وَاحِد مِنْهَا على نَحْو تعلق الشَّمْس بِمَا قابلها واستضاء بهَا، وَكَذَا على نَحْو مَا يَقُوله الْخصم فِي الْعقل الفعال لنفوسنا فَإِنَّهُ مُتحد وَإِن كَانَت متعلقاته متكثرة ومتغايرة (وَزعم الفلاسفة أَنه تَعَالَى يعلم الجزئيات على وَجه كلي هربا من تجدّد علمه تَعَالَى) وَالْعلم الَّذِي هُوَ قسم من أَقسَام التَّصْدِيق أخص من الْعلم بِمَعْنى الْإِدْرَاك، إِذْ الْعلم المتقابل للْجَهْل يَنْتَظِم فِي التَّصْدِيق والتصور، بسيطا كَانَ أَو مركبا وَالْعلم: حُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل والملاحظة: استحضار تِلْكَ الصُّورَة وَكلما تحقق الاستحضار تحقق الْحُصُول بِلَا عكس لجَوَاز تحقق الْحُصُول دون الاستحضار وَالْعلم يُطلق على ثَلَاثَة معَان بالاشتراك: أَحدهَا يُطلق على نفس الْإِدْرَاك

وَثَانِيها على الملكة الْمُسَمَّاة بِالْعقلِ فِي الْحَقِيقَة وَهَذَا الْإِطْلَاق بِاعْتِبَار أَنه سَبَب للإدراك فَيكون من إِطْلَاق السَّبَب على الْمُسَبّب وَثَالِثهَا على نفس المعلومات وَهِي الْقَوَاعِد الْكُلية الَّتِي مسَائِل الْعُلُوم المركبة مِنْهَا، وَهَذَا الْإِطْلَاق بِاعْتِبَار مُتَعَلق الْإِدْرَاك إِمَّا على سَبِيل الْمجَاز أَو النَّقْل وَقد يُطلق الْعلم على التهيؤ الْقَرِيب الْمُخْتَص بالمجتهد، وَهُوَ ملكة يقتدر بهَا على إِدْرَاك الْأَحْكَام الْجُزْئِيَّة، وَهُوَ شَائِع عرفا بِخِلَاف التهيؤ الْبعيد فَإِنَّهُ حَاصِل لكل أحد فَلَا يُطلق الْعلم عَلَيْهِ وَالْعلم الْفعْلِيّ: هُوَ كلي يتَفَرَّع عَلَيْهِ الْكَثْرَة، وَهِي أَفْرَاده الخارجية الَّتِي اسْتُفِيدَ مِنْهَا وَالْعلم الانفعالي: هُوَ كلي يتَفَرَّع على الْكَثْرَة، وَهِي أَفْرَاده الخارجية الَّتِي اسْتُفِيدَ مِنْهَا أَيْضا وَالْعلم النظري: هُوَ مَا إِذا علم فقد كمل نَحْو الْعلم بموجودات الْعَالم وَالْعلم العملي: هُوَ مَا لَا يتم الْإِيمَان إِلَّا بِأَن يعْمل كَالْعلمِ بالعبادات وَالْعلم الْمُحدث: علم الْعباد وَهُوَ نَوْعَانِ ضَرُورِيّ واكتسابي: فالضروري مَا يحصل فِي الْعَالم بإحداث الله وتخليقه من غير فكر وَكسب من جِهَته والاكتسابي عَقْلِي وسمعي: فالعقلي مَا يحصل بِالتَّأَمُّلِ وَالنَّظَر بِمُجَرَّد الْعقل كَالْعلمِ بحدوث الْعَالم وَثُبُوت الصَّانِع، وبوحدانيته وَقدمه. والسمعي مَا لَا يحصل بِمُجَرَّد الْعقل بل بِوَاسِطَة كَالْعلمِ بالحلال وَالْحرَام وَسَائِر مَا شرع من الْأَحْكَام الْعَمَل: المهنة وَالْفِعْل وَالْعَمَل يعم أَفعَال الْقُلُوب والجوارح وَعمل: لما كَانَ مَعَ امتداد زمَان نَحْو: {يعْملُونَ لَهُ مَا يَشَاء} وَفعل: بِخِلَافِهِ نَحْو: {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل} لِأَنَّهُ إهلاك وَقع من غير بطء وَالْعَمَل لَا يُقَال إِلَّا فِيمَا كَانَ عَن فكر وروية، وَلِهَذَا قرن بِالْعلمِ حَتَّى قَالَ بعض الأدباء: قلب لفظ الْعَمَل عَن لفظ الْعلم. تَنْبِيها على أَنه من مُقْتَضَاهُ قَالَ الصغاني: تركيب الْفِعْل يدل على إِحْدَاث شَيْء من الْعَمَل وَغَيره فَهَذَا يدل على أَن الْفِعْل أَعم من الْعَمَل وَالْعَمَل أصل فِي الْأَفْعَال، وَفرع فِي الْأَسْمَاء والحروف، فَمَا وجد من الْأَسْمَاء والحروف عَاملا يَنْبَغِي أَن يسْأَل عَن الْمُوجب لعمله وَالْعَمَل من الْعَامِل بِمَنْزِلَة الحكم من الْعلَّة وكل حرف اخْتصَّ بِشَيْء وَلم ينزل منزلَة الْجُزْء مِنْهُ فَإِنَّهُ يعْمل وَقد، وَالسِّين، وسوف، وَلَام التَّعْرِيف، كلهَا مَعَ الِاخْتِصَاص لم تعْمل كَأَنَّهَا الْجُزْء مِمَّا يَليهَا وَفِيه أَن (أَن) المصدرية تعْمل فِي الْفِعْل الْمُضَارع وَهِي بِمَنْزِلَة الْجُزْء لِأَنَّهَا مَوْصُولَة وَالْحق أَن الْحَرْف يعْمل فِيمَا يخْتَص بِهِ وَلم يكن

مُخَصّصا لَهُ لِأَن الْمُخَصّص للشَّيْء كالوصف لَهُ، وَالْوَصْف لَا يعْمل فِي الْمَوْصُوف، وَحقّ الْعَامِل التَّقْدِيم لِأَنَّهُ الْمُؤثر فَلهُ الْقُوَّة وَالْفضل، وَحقّ الْمَعْمُول أَن يكون مُتَأَخِّرًا لِأَنَّهُ مَحل لتأثير الْعَامِل فِيهِ وداخل تَحت حكمه، وَقد يعكس للتوسع فِي الْكَلَام وَالْعَامِل غير الْمُقْتَضِي لِأَن الْعَامِل حرف الْجَرّ أَو تَقْدِيره، وحرف الْجَرّ معنى وَكَذَا الْإِضَافَة الَّتِي هِيَ العاملة للجر فَإِنَّهَا هِيَ الْمُقْتَضِيَة لَهُ على معنى أَن الْقيَاس يَقْتَضِي هَذَا النَّوْع من الْإِعْرَاب وَالْعَامِل فِي الْعَطف على الْموضع مَوْجُود وأثره مَفْقُود، وَفِي الْعَطف على التَّوَهُّم أَثَره وَنَفسه كِلَاهُمَا مفقودان فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، مَوْجُود أَثَره فِي الْمَعْطُوف الْعرف (بِالضَّمِّ) : الْمَعْرُوف وضد النكر، وَاسم من الِاعْتِرَاف وَمِنْه قَوْله: (لَهُ عَليّ ألف عرفا) أَي اعترافا وَهُوَ تَأْكِيد {والمرسلات عرفا} : هُوَ مستعار من عرف الْفرس: أَي يتتابعون كعرف الْفرس وَيُقَال: أَرْسلتهُ بِالْعرْفِ، أَي بِالْمَعْرُوفِ وَعرف اللِّسَان: مَا يفهم من اللَّفْظ بِحَسب وَضعه اللّغَوِيّ وَعرف الشَّرْع: مَا فهم مِنْهُ حَملَة الشَّرْع وجعلوه مبْنى الْأَحْكَام وَالْعرْف: هُوَ مَا اسْتَقر فِي النُّفُوس من جِهَة شَهَادَات الْعُقُول وَتَلَقَّتْهُ الطباع السليمة بِالْقبُولِ وَالْعَادَة: مَا استمروا عَلَيْهِ عِنْد حكم الْعُقُول، وعادوا لَهُ مرّة بِحَدّ أُخْرَى وَالْعرْف القولي: هُوَ أَن يتعارف النَّاس إِطْلَاق اللَّفْظ عَلَيْهِ وَالْعرْف العملي: هُوَ أَن يطلقوا اللَّفْظ على هَذَا وعَلى ذَاك، وَلَكنهُمْ فعلوا هَذَا دون غَيره وَالْعرْف العملي غير مُخَصص وَالْعرْف اللَّفْظِيّ مُخَصص وَمن قبيل الأول: (لحم الْخِنْزِير من اللَّحْم) وَمن قبيل الثَّانِي: لفظ الدَّابَّة فَإِنَّهَا تخص ذَا الْحَافِر ورد هَذَا الْفرق لقَولهم فِي (الْأُصُول) : إِن الْحَقِيقَة تتْرك بِدلَالَة الْعَادة حَتَّى أفتوا بِعَدَمِ الْحِنْث فِيمَا إِذا حلف لَا يَأْكُل لَحْمًا بِأَكْل لحم الْخِنْزِير والآدمي وَلَيْسَت الْعَادة إِلَّا عرفا عمليا ثمَّ الْعَادة أَنْوَاع ثَلَاثَة: الْعُرْفِيَّة الْعَامَّة: وَهِي عرف جمَاعَة كَثِيرَة لَا يتَعَيَّن الْوَاضِع من الْبَين، أَي لَا يسْتَند إِلَى طَائِفَة مَخْصُوصَة، بل يَتَنَاوَلهَا وَغَيرهَا كالوضع الْقَدِيم والعرفية الْخَاصَّة: وَهِي اصْطِلَاح كل طَائِفَة مَخْصُوصَة كالرفع للنحاة، وَالْفرق وَالْجمع والنقض للنظار والعرفية الشَّرْعِيَّة: كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة وَالْحج تركت مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّة لمعانيها الشَّرْعِيَّة وَالْعَادَة والاستعمال قيل: هما مُتَرَادِفَانِ، وَقيل المُرَاد من الْعَادة نقل اللَّفْظ إِلَى مَعْنَاهُ الْمجَازِي عرفا وَمن الِاسْتِعْمَال نقل اللَّفْظ عَن مَوْضُوعه الْأَصْلِيّ إِلَى مَعْنَاهُ الْمجَازِي شرعا وَغَلَبَة اسْتِعْمَاله فِيهِ الْعقل: [فِي " الْقَامُوس "] الْعلم بِصِفَات الْأَشْيَاء من حسنها وقبحها وكمالها ونقصانها

[سُئِلَ بعض الْحُكَمَاء عَن الْعقل فَقَالَ: هُوَ] الْعلم بِخَير الخيرين وَشر الشرين وَيُطلق لأمور: لقُوَّة بهَا يكون التَّمْيِيز بَين الْقَبِيح وَالْحسن ولمعان مجتمعة فِي الذِّهْن تكون بمقدمات تستتب بهَا الْأَغْرَاض والمصالح ولهيئة محمودة للْإنْسَان فِي حركاته وَكَلَامه [وَالْحق أَنه نور روحاني بِهِ تدْرك النَّفس الْعُلُوم الضرورية والنظرية، وَابْتِدَاء وجوده عِنْد اجتنان الْوَلَد ثمَّ لَا يزَال يَنْمُو إِلَى أَن يكمل عِنْد الْبلُوغ] (وَالْحق أَنه نور فِي بدن الْآدَمِيّ يضيء بِهِ طَرِيقا يبتدأ بِهِ من حَيْثُ يَنْتَهِي إِلَيْهِ دَرك الْحَواس، فيبدو بِهِ الْمَطْلُوب للقلب، فيدرك الْقلب بِتَوْفِيق الله وَهُوَ كَالشَّمْسِ فِي الملكوت الظَّاهِرَة) وَقيل: هُوَ قُوَّة للنَّفس بهَا تستعد للعلوم والإدراكات وَهُوَ الْمَعْنى بقَوْلهمْ: صفة غريزة يلْزمهَا الْعلم بالضروريات عِنْد سَلامَة الْآلَات قَالَ الْأَشْعَرِيّ: هُوَ علم مَخْصُوص، فَلَا فرق بَين الْعلم وَالْعقل إِلَّا بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوص وَقَالَ بَعضهم: الْعقل يُقَال للقوة المتهيئة لقبُول الْعلم وَيُقَال للْعلم الَّذِي يستفيده الْإِنْسَان بِتِلْكَ الْقُوَّة فَكل مَوضِع ذمّ الله الْكفَّار بِعَدَمِ الْعقل فإشارة إِلَى الثَّانِي وكل مَوضِع رفع التَّكْلِيف عَن العَبْد لعدم الْعقل فإشارة إِلَى الأول [وَالصَّوَاب مَا قَالَه بعض الْمُحَقِّقين، وَهُوَ أَنه نور معنوي فِي بَاطِن الْإِنْسَان يبصر بِهِ الْقلب - أَي النَّفس الإنسانية - الْمَطْلُوب، أَي مَا غَابَ عَن الْحَواس بتأمله وتفكره بِتَوْفِيق الله تَعَالَى بعد انْتِهَاء دَرك الْحَواس، وَلِهَذَا قيل: بداية الْعُقُول نِهَايَة المحسوسات] وَقد جوز الْحَكِيم إِطْلَاق الْعقل على الله كَمَا هُوَ مَذْكُور فِي الْكتب الْحكمِيَّة والكلامية وَقَالَ قوم من قدماء الفلاسفة: إِن الْعقل من الْعَالم الْعلوِي، وَهُوَ مُدبر لهَذَا الْعَالم ومخالط للأبدان مَا دَامَت الْأَبدَان معتدلة فِي الطبائع الْأَرْبَع، فَإِذا خرجت عَن الِاعْتِدَال فَارقهَا الْعقل وَالْحَاصِل أَن الرسوم الْمَذْكُورَة لَا تفِيد إِلَّا حيرة فِي حيرة، والإدراكات كلهَا جزئية كَانَت أَو كُلية، والتأليف بَين الْمعَانِي والصور مستندة إِلَى الْعقل على الْأُصُول الإسلامية، وهم لَا يثبتون الْحَواس الْبَاطِنَة الَّتِي ثبتها الفلاسفة قيل: الْعقل وَالنَّفس والذهن وَاحِد، إِلَّا أَن النَّفس سميت نفسا لكَونهَا متصرفة وذهنا لكَونهَا مستعدة للإدراك، وعقلا لكَونهَا مدركة [وللنفس الناطقة بِاعْتِبَار تأثيرها بِمَا فَوْقهَا واستفاضتها عَنْهَا يكمل جوهرها من التعلقات قُوَّة تسمى عقلا نظريا. وَبِاعْتِبَار تأثيرها فِي الْبدن تأثيراُ اختياريا قُوَّة أُخْرَى تسمى عقلا عمليا، مستعين بِالْعقلِ النظري] وَمذهب أهل السّنة: أَن الْعقل وَالروح من الْأَعْيَان وليسا بعرضين كَمَا ظنته الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم ثمَّ الْعقل عِنْد الْمُعْتَزلَة هُوَ مَعْرُوف مُوجب فِي وجوب الْإِيمَان، وَفِي حسنه وقبح الْكفْر ومهمل عِنْد الْأَشْعَرِيّ فِي جَمِيع ذَلِك وَعِنْدنَا: التَّوَسُّط بَين قولي الأشاعرة والمعتزلة كَمَا

هُوَ الْمُخْتَار بَين الْجَبْر وَالْقدر، وَهُوَ أَن الْعقل آلَة عاجزة والمعرف والموجب بِالْحَقِيقَةِ هُوَ الله تَعَالَى، لَكِن بِوَاسِطَة الرَّسُول، وَفَائِدَة الِاخْتِلَاف إِنَّمَا تظهر فِي الصَّبِي للعاقل أَنه إِن لم يعْتَقد الشّرك وَالْإِيمَان لَا يكون مَعْذُورًا عِنْد الْمُعْتَزلَة كَالْبَالِغِ، وَعند الْأَشْعَرِيّ يكون مَعْذُورًا كَالْبَالِغِ، وَعِنْدنَا: إِن لم يعْتَقد الشّرك يكون مَعْذُورًا، وَإِن اعتقده لَا يكون مَعْذُورًا (وَالْعقل لَا مدْخل لَهُ فِي الْأَحْكَام الْخَمْسَة وَمَا ينتمي إِلَيْهَا من السَّبَبِيَّة والشرطية، وَهُوَ الحكم الوضعي عِنْد الأشاعرة لابتنائه على قَاعِدَة الْحسن والقبح العقليين) والعقول مُتَفَاوِتَة بِحَسب فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا بِاتِّفَاق الْعُقَلَاء للْقطع بِأَن عقل نَبينَا لَيْسَ مثل عقول سَائِر الْأَنْبِيَاء قَالَ بَعضهم: عقل ابْن سينا فائق بِكَثِير من سَائِر الْعُقُول يحْكى أَنه كَانَ يَأْكُل الْملح بحفنتين فِي كل صباح وَمَسَاء وَمَا لم يكن بَينه وَبَين الْوَاجِب وَاسِطَة فَهُوَ الْعقل الْكُلِّي، وَإِن فَإِن كَانَ مبدأ للحوادث العنصرية فَهُوَ الْعقل الفعال، وَإِلَّا فَهُوَ الْعقل الْمُتَوَسّط وَالْعقل الهيولاني: هُوَ الاستعداد الْمَحْض لإدراك المعقولات كَمَا للأطفال وَالْعقل بالملكة: هُوَ الْعلم بالضروريات واستعداد النَّفس بذلك لِاكْتِسَابِ النظريات مِنْهَا وَهُوَ منَاط التَّكْلِيف وَالْعقل بِالْفِعْلِ: هُوَ ملكة استنباط النظريات من الضروريات وَالْعقل الْمُسْتَفَاد: هُوَ أَن يحضر عِنْده النظريات الَّتِي أدْركهَا بِحَيْثُ لَا تغيب عَنهُ [وَفِي " الْكَشْف الْكَبِير ": إِن فِي الْإِنْسَان فِي أول أمره اسْتِعْدَادًا لِأَن يُوجد فِيهِ الْعقل والتوجه نَحْو المدركات، فَهَذَا الاستعداد يُسمى عقلا بِالْقُوَّةِ وعقلا عزيزيا، ثمَّ يحدث الْعقل فِيهِ شَيْئا فَشَيْئًا إِلَى أَن يبلغ الْكَمَال، وَيُسمى هَذَا عقلا مستفادا، وَمَا قَالَه الفلاسفة من التَّقْسِيم لم يثبت عَن دَلِيل كَمَا فِي " التَّجْرِيد " ثمَّ الإدراكات كلهَا جزئيا كَانَ أم كليا، والتأليف بَين الْمعَانِي والصور مستندة إِلَى الْعقل على الْأُصُول الإسلامية، وهم لَا يثبتون الْحَواس الْبَاطِنَة الَّتِي أثبتها الفلاسفة وَوُجُود الْعقل الفعال وَكَونه عِلّة للنفوس وَغير قَابل للْفَسَاد غير مُسلم عندنَا] وَاخْتلف فِي مَحل الْعقل فَذهب أَبُو حنيفَة وَجَمَاعَة من الْأَطِبَّاء إِلَى أَن مَحل الْعقل الدِّمَاغ وَذهب الشَّافِعِي وَأكْثر الْمُتَكَلِّمين إِلَى أَن مَحَله الْقلب، وَهُوَ مستعد لِأَن تنجلي فِيهِ حَقِيقَة الْحق فِي الْأَشْيَاء كلهَا وَقيل مُشْتَرك بَينهمَا (وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: الْعقل فِي الْقلب، وَالرَّحْمَة فِي الكبد، والرأفة فِي الطحال، وَالنَّفس فِي الرئة قيل: تنزل الْمعَانِي الروحانيات أَولا إِلَى الرّوح، ثمَّ تنْتَقل مِنْهُ إِلَى الْقلب، ثمَّ تصعد إِلَى الدِّمَاغ، فينتقش بهَا لوح المتخيلة) وَمن أَسمَاء الْعقل: اللب لِأَنَّهُ صفوة الرب وخلاصته

والحجى: لإصابة الْحجَّة بِهِ والاستظهار على جَمِيع الْمعَانِي وَالْحجر: لحجره عَن ركُوب المناهي والنهى: لانْتِهَاء الذكاء والمعرفة وَالنَّظَر إِلَيْهِ، وَهُوَ نِهَايَة مَا يمنح العَبْد من الْخَيْر الْمُؤَدِّي إِلَى صَلَاح الدُّنْيَا وَالْآخِرَة الْعلَّة [لُغَة: عبارَة عَن معنى يحل بِالْمحل فيتغير بِهِ حَال الْمحل، وَمِنْه سمي الْمَرَض عِلّة] وَهِي مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الشَّيْء وَفِي " التَّلْوِيح " مَا يثبت بِهِ الشَّيْء وَعند الأصولي مَا يجب بِهِ الحكم وَالْوُجُوب بِإِيجَاب الله تَعَالَى، لَكِن الله تَعَالَى أوجب الحكم لأجل هَذَا الْمَعْنى والشارع جلّ ذكره قد أثبت الحكم بِسَبَب، وَقد أثبت ابْتِدَاء بِلَا سَبَب، فيضاف

الحكم إِلَى الله تَعَالَى إِيجَابا، وَإِلَى الْعلَّة تسبيبا، كَمَا يُضَاف الشِّبَع إِلَى الله تخليقا، وَإِلَى الطَّعَام تسبيبا، وَكَذَا فِي عرف الْفُقَهَاء وكل من الْعلَّة وَالسَّبَب قد يُفَسر بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ الشَّيْء فَلَا يتغايران وَقد يُرَاد بِالْعِلَّةِ الْمُؤثر، وبالسبب مَا يُفْضِي إِلَى الشَّيْء فِي الْجُمْلَة، أَو مَا يكون باعثا عَلَيْهِ فيفترقان وَقَالَ بَعضهم: السَّبَب مَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى الحكم من غير أَن يثبت بِهِ وَالْعلَّة مَا يثبت الحكم بهَا، وَكَذَا الدَّلِيل فَإِنَّهُ طَرِيق لمعْرِفَة الْمَدْلُول بِسَبَبِهِ تحصل الْمعرفَة وعَلى حُصُول الْمعرفَة وَوُقُوع الْعلم بِهِ الِاسْتِدْلَال، غير أَن الْعلَّة تسمى سَببا، وَتسَمى دَلِيلا مجَازًا وكل فعل يثبت بِهِ الحكم بعد وجوده بأزمنة مَقْصُودا غير مُسْتَند فَهُوَ سَبَب قد صَار عِلّة كالتدبير والاستيلاء قَالَ بَعضهم: كل عِلّة جَازَ أَن تسمى دلَالَة لِأَنَّهَا تدل على الحكم، والمؤثر أبدا يدل على الْأَثر وَلَا يُسمى كل دلَالَة عِلّة لِأَن الدّلَالَة قد يعبر بهَا عَن الأمارة الَّتِي لَا توجبه وَلَا تُؤثر فِيهِ كَالْكَوْكَبِ فَإِنَّهُ دَلِيل الْقبْلَة وَلَا يُؤثر فِيهَا، (وَإِنَّمَا سمي أحد أَرْكَان الْقيَاس عِلّة لِأَن الْعلَّة الْمَرَض فَكَانَ تأثيرها فِي الحكم كتأثير الْعلَّة فِي الْمَرِيض) ثمَّ الصَّرِيح من الْعلَّة مثل: لعِلَّة كَذَا فلسبب كَذَا، {من أجل ذَلِك كتبنَا} . {كي لَا يكون دولة} ، و {إِذن لأذقناك ضعف الْحَيَاة وَضعف الْمَمَات} وَالظَّاهِر من الْعلَّة مثل: {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} ، {فبمَا رَحْمَة من الله لنت لَهُم} ، {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} وَهَذَا تحْتَمل لغير التَّعْلِيل كالعاقبة نَحْو {وَلَقَد ذرأنا لِجَهَنَّم} والتعدية نَحْو: {ذهب الله بنورهم} والعطف نَحْو: {وَالَّذِي أخرج المرعى فَجعله غثاء أحوى} وَمن الظَّاهِر أَيْضا (إِن) الْمَكْسُورَة الْمُشَدّدَة نَحْو {إِن النَّفس لأمارة بالسوء} وَإِذ نَحْو: {اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جعل فِيكُم أَنْبيَاء} وعَلى نَحْو: {ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} وَحَتَّى نَحْو: (أسلم حَتَّى تدخل الْجنَّة) وَفِي نَحْو: {لمتنني فِيهِ} وَالْعلَّة عِنْد غير الأصولي: مَا يحْتَاج إِلَيْهِ سَوَاء كَانَ

الْمُحْتَاج الْوُجُود أَو الْعَدَم أَو الْمَاهِيّة عِنْد الْعَامَّة [وَأما العلاقة الْعَقْلِيَّة بَين الممكنات فقد نفاها أهل الْحق، فالمنازعة مَعَ من اتَّخذهُ مذهبا وَإِلَّا فالضرورة قاضية بثبوتها فِي الْجُمْلَة كَيفَ وَلَا يُمكن وجود الْعرض بِدُونِ الْجَوْهَر، وَلَا وجود الْكل بِدُونِ الْجُزْء، على أَن المُرَاد من قَوْلهم: عِلّة الْكل هُوَ الْوَاجِب تَعَالَى أَن عِلّة كل الموجودات ذَلِك، إِذْ عِلّة المعدومات لَا يُمكن أَن يكون الْوَاجِب اتِّفَاقًا من الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين والحكماء مُطلقًا، أما عِنْد قدماء الْمُتَكَلِّمين وهم الْقَائِلُونَ بِأَن الْعلَّة الْحَاجة هُوَ الْحُدُوث إِمَّا وَحده أَو مَعَ الْإِمْكَان فلعدم احْتِيَاج العدمات الأزلية إِلَى عِلّة عِنْدهم وَامْتِنَاع تَأْثِير الْمُخْتَار فِي الْأَزَل على رَأْيهمْ أما عِنْد الْحُكَمَاء وَمن يحذو حذوهم - أَعنِي متأخري الْمُتَكَلِّمين - فِيمَا قرروا من أَن عدم الْمَعْلُول مُسْتَند إِلَى عدم الْعلَّة، وَلَا شكّ أَن الْوَاجِب لَا يُمكن أَن يرجع إِلَيْهِ عدم الْعلَّة أَلا يرى أَنهم قَالُوا: إِن عِلّة لَازم الْمَاهِيّة هِيَ الْمَاهِيّة نَفسهَا، فَإِن الْجَاعِل لَا يَجْعَل الْمُمكن مُمكنا، بل هُوَ مُمكن بِنَفسِهِ، وَقَالُوا أَيْضا: إِن عِلّة الْحَاجة هِيَ الْحُدُوث، وَلَا شكّ أَن الْحُدُوث لَا يُمكن إرجاع عليته إِلَى علية الْوَاجِب فَثَبت أَنهم يَقُولُونَ بالعلاقة الْعَقْلِيَّة بَين الممكنات، بل بَين الممتنعات، فَإِن الْمُمكن كَمَا جَازَ كَون علته وَاجِبَة يجوز كَون علته ممتنعة، كَعَدم الْمَعْلُول الأول الْمُسْتَند إِلَى عدم الْوَاجِب] (وَعند الأشعرية خلاف فِي الْعِلَل الْعَقْلِيَّة قَالَت الْعَامَّة: يجوز أَن يكون لِلْعِلَّةِ وصف وَاحِد، وَيجوز أَن يكون أَوْصَاف، كَمَا فِي الْعِلَل الشَّرْعِيَّة قَالَت الأشعرية: لَا يجوز فِيهَا إِلَّا وَاحِد) وَقد تُوجد الْعلَّة بِدُونِ الْمَعْلُول لمَانع، وَأما الْمَعْلُول بِلَا عِلّة فَهُوَ محَال، وَلَا يجوز عقلا اجْتِمَاع علتين على مَعْلُول وَاحِد، سَوَاء عرفت بالمؤثر، أم الْمُعَرّف، أم الْبَاعِث، وَكَلَام الْعُقَلَاء فِي جَمِيع الْعُلُوم من الْمُتَكَلِّمين والأصوليين والنحاة وَالْفُقَهَاء مُطَابق على هَذَا وَالْعلَّة مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيّ لَا يُوَافق مَذْهَب الأشاعرة فَإِنَّهُم قَالُوا: لَا يجوز تَعْلِيل أَفعاله تَعَالَى بِشَيْء من الْأَغْرَاض والعلل الغائية، وَوَافَقَهُمْ بذلك جهابذة الْحُكَمَاء وَطَوَائِف الإلهيين، وَخَالفهُم فِيهِ الْمُعْتَزلَة، (وذهبوا إِلَى وجوب تعليلها) قَالَ التَّفْتَازَانِيّ: الْحق أَن بعض أَفعاله مُعَلل بالحكم والمصالح، وَذَلِكَ ظَاهر، والنصوص شاهدة بذلك، وَأما تَعْمِيم ذَلِك بِأَن لَا يَخْلُو فعل من أَفعاله من غَرَض فَمحل بحث وَأما أَحْكَامه تَعَالَى فَهِيَ معللة بالمصالح، ودرء الْمَفَاسِد عِنْد فُقَهَاء الأشاعرة، بِمَعْنى أَنَّهَا معرفَة للْأَحْكَام من حَيْثُ إِنَّهَا ثَمَرَات تترتب على شرعيتها وفوائد لَهَا، وغايات تَنْتَهِي إِلَيْهَا متعلقاتها من أَفعَال الْمُكَلّفين، لَا بِمَعْنى أَنَّهَا علل غائية تحمل على شرعيتها [وَفِي الْعِلَل الْعَقْلِيَّة خلاف عِنْد الأشعرية والعامة، فَعِنْدَ الْعَامَّة يجوز أَن يكون لِلْعِلَّةِ وصف وَاحِد، وَيجوز أَن يكون لَهَا أَوْصَاف كَمَا فِي الْعِلَل الشَّرْعِيَّة وَعند الْأَشْعَرِيّ: لَا يجوز لَهَا إِلَّا وصف

وَاحِد] وَاخْتلف فِي أَن الْعلَّة هَل تسبق الْمَعْلُول زَمَانا أم تقارنه؟ والأكثرية على أَنَّهَا تقارنه وَهُوَ الْمَنْقُول عَن الْأَشْعَرِيّ وَاسْتدلَّ لَهُ بعض الْمُحَقِّقين بقوله تَعَالَى: {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا} وَفصل قوم فَقَالُوا: الْعلَّة الْعَقْلِيَّة لَا تسبق، والوضعية تسبق، وَرُبمَا قَالَ الْبَعْض: الوضعية، تسبق إِجْمَاعًا، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي الْعَقْلِيَّة وَقَالَ بَعضهم: الوضعية أبدأ تحاكي الْعَقْلِيَّة لَا فرق بَينهمَا، إِلَّا أَن تِلْكَ مُؤثرَة بذاتها، وَلذَلِك لَا نقُول بهَا، إِذْ لَا مُؤثر عندنَا إِلَّا الله تَعَالَى قَالَ الْحُكَمَاء: إِن المبدأ الأول وَحده من غير انضمام شَرَائِط وآلات وأدوات وارتفاع مَانع إِلَيْهِ عِلّة تَامَّة بسيطة للمعلول الأول بِحَيْثُ لَا تعدد وَلَا تركيب فِيهِ بِوَجْه من الْوُجُوه لَا فِي الْخَارِج وَلَا فِي الذِّهْن انْتهى لَا يلْزم من عرُوض الْوُجُود الْمُطلق للوجود الْخَاص الواجبي الَّذِي هُوَ عين المبدأ الأول أَن يكون لَهُ دخل فِي إِيجَاد الْمَعْلُول الأول حَتَّى لَا يكون المبدأ الأول وَحده عِلّة تَامَّة بسيطة للمعلول الأول، لِأَن الْوُجُود الْمُطلق ووجوده الْخَاص للمعلول الأول سيان فِي كَونهمَا متأخرين عَن الْوُجُود الْخَاص الواجبي بِالذَّاتِ، وَلَا يلْزم أَيْضا من كَون المبدأ الأول عِلّة للمعلول الأول وجوب كَونه مُتَقَدما عَلَيْهِ بالوجود وَالْوُجُوب حَتَّى يلْزم دخل للوجود الْمُطلق فِي الإيجاد الْمَذْكُور فِينَا فِي بساطة الأول، لِأَن وجوب تقدم الْعلَّة على الْمَعْلُول بالوجود الْمُطلق مَمْنُوع، إِذْ الشَّيْء إِنَّمَا يتَحَقَّق فِي الْخَارِج إِذا كَانَ لَهُ وجود خَاص خَارج الَّذِي يكون مصدرا للآثار وَالْأَحْكَام، فَعدم كَون الْوُجُود [الْمُطلق الْعَارِض لَهُ] مصدرا للآثار وَالْأَحْكَام مِمَّا ذهب إِلَيْهِ جُمْهُور الْعُقَلَاء، فالعلة وَاجِبَة كَانَت أَو مُمكنَة يجب تقدمها على معلولها بالوجود الْخَاص الْخَارِجِي الَّذِي يكون عينهَا فِي الْوَاجِبَة، وزائدا عَلَيْهَا فِي الممكنة، وَلَا دخل لعروض الْوُجُود الْمُطلق فِي الْعلية فِي كلتا الصُّورَتَيْنِ، فيفهم من هَذَا أَن تقدم الْعلَّة على معلولها لَا يقْدَح أَن يكون لَهَا وجود زَائِد عَلَيْهَا، بل من الْعِلَل مَا لَا يحْتَاج فِي إيجاده للمعلول الأول إِلَى اتصافه بالوجود الزَّائِد عَلَيْهِ، بل ذَاته كَافِيَة من غير احْتِيَاج إِلَى الاتصاف الْمَذْكُور قَالَ بعض الْحُكَمَاء: لَا تدْرك الْحَقَائِق إِلَّا بِقطع العلائق، وَلَا تقطع العلائق إِلَّا بهجر الْخَلَائق، وَلَا تهجر الْخَلَائق إِلَّا بِالنّظرِ فِي الدقائق، وَلَا ينظر فِي الدقائق إِلَّا بِمَعْرِِفَة الْخَالِق، وَلَا يعرف الْخَالِق إِلَّا بِمَعْرِِفَة الْعلَّة [وَاعْلَم أَن مَا يُعلل فَهُوَ كل حكم ثَبت بِالذَّاتِ عَن معنى قَائِم بهَا، وَسَوَاء كَانَ وَاجِبا غير مفارق لَهَا ككون الْبَارِي تَعَالَى عَالما وقادرا وَحيا، أَو جَائِزا غير وَاجِب للذات ككون الْوَاحِد منا عَالما وقادرا ومريدا إِلَى غير ذَلِك كَمَا هُوَ مَذْهَب أهل الْحق، وَأما مَا لَا يُعلل فالذات والمعلول وَمَا يشْتَرك بِهِ الْمَوْجُود والمعدوم، والمعلوم والمقدور، وَالْمرَاد وَالْمَذْكُور والمجهول وَوُقُوع الْفِعْل وصفات

الْأَجْنَاس، وَكَون الْعلَّة عِلّة والتماثل وَالِاخْتِلَاف والتضاد وَالْبَاقِي، وَقبُول الْجَوْهَر للأعراض، وَالتَّفْصِيل فِي " أصُول التَّوْحِيد " للآمدي رَحمَه الله] الْعرض، بِفتْحَتَيْنِ: عبارَة عَن معنى زَائِد على الذَّات، أَي ذَات الْجَوْهَر يجمع على أَعْرَاض وَهَذَا الْأَمر عرض: [أَي: عَارض] أَي زائل يَزُول وَعرض لفُلَان أَمر: أَي معنى لَا قَرَار لَهُ وَلَا دوَام، وَمِنْه الْعَارِضَة على الْأَجْسَام (لعدم بَقَائِهِ) وَلِهَذَا لَا يجْعَلُونَ الصِّفَات الْقَائِمَة بِذَاتِهِ تَعَالَى أعراضا وَعرض على النَّار: أحرق بهَا وعرضوا الْأُسَارَى على السَّيْف: قتلوا بِهِ وَعرضت الشَّيْء: أظهرته وَأعْرض الشَّيْء: ظهر وَهَذَا على عكس الْقَاعِدَة المقررة فِي علم الْعَرَبيَّة وَهِي أَن الْهمزَة تجْعَل الْفِعْل اللَّازِم مُتَعَدِّيا ك (قَامَ زيد) و (أَقمت زيدا) وَكَذَا قَالُوا: فِي كتب وأكتب؟ قَالَ الزوزني: وَلَا ثَالِث لَهما وَأعْرض: ذهب عرضا وطولا و [أعرض] عَنهُ: صد و [أعرض] الشَّيْء: جعله عريضا وعريض الدُّعَاء: عبارَة عَن كثرته مجَازًا عَن عرض الْجِسْم فَإِنَّهُ إِذا طَال امتداده العرضي فالطولي أَكثر، إِذْ الطول أطول الامتدادين، وَإِذا كَانَ عرضه كَذَلِك فَمَا ظَنك بِطُولِهِ؟ وَعرض الشَّيْء (بِالضَّمِّ) : ناحيته وَمِنْه الْأَعْرَاض و {عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا} : حطامها {وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة لأيمانكم} : مَانِعا مُعْتَرضًا بَيْنكُم وَبَين مَا يقربكم إِلَى الله تَعَالَى [مثل أَن تَقول: حَلَفت بِاللَّه أَلا أَفعلهُ فَتقبل يَمِينه فِي ترك الْبر] والعرضة: الِاعْتِرَاض فِي الْخَيْر وَالشَّر وعارضه: جَانِبه وَعدل عَنهُ وعارضه فِي الْمسير: سَار حياله وعارض فلَانا بِمثل صَنِيعه: أَي أَتَى إِلَيْهِ مثل مَا أَتَى وَمِنْه الْمُعَارضَة كَأَن عرض فعله كعرض فعله وعارضت كتابي بكتابه: قابلته وكل صنف من الْأَمْوَال غير النَّقْدَيْنِ فَهُوَ عرض بالإسكان يجمع على عرُوض: وَيُقَال أَيْضا لامتداد الْمَفْرُوض ثَانِيًا وَهُوَ ثَانِي الأبعاد الجسمية وَيُقَال للسطح: وَهُوَ مَا لَهُ امتدادان: وللامتداد الأقصر وللأخذ من يَمِين الْإِنْسَان أَو ذَوَات الْأَرْبَع إِلَى شِمَاله وَهُوَ أخص من الطول إِذْ كل مَا لَهُ عرض فَلهُ طول وَلَا عكس وَالْعرض فِي قَوْله تَعَالَى: {وجنة عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قيل هُوَ الْعرض الَّذِي هُوَ خلاف الطول، وَيتَصَوَّر ذَلِك بِأَن يكون عرضهَا

فِي النشأة الأخرة كعرض السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي النشأة الأولى إِذْ لَا يمْتَنع ذَلِك لتبدلهما الْيَوْم والعارض أَعم من الْعرض (محركة) إِذْ يُقَال للجوهر: عَارض كالصورة تعرض للهيولى وَلَا يُقَال: عرض وَهُوَ أَيْضا اسْم لمجموع العذار وَمحله [والسحاب عَارض أَيْضا] فِي " الْقَامُوس " الْعرض بِالْكَسْرِ: الْجَسَد وَالنَّفس وجانب الرجل الَّذِي يصونه من نَفسه وحسبه أَن ينتقص، وَسَوَاء كَانَ فِي نَفسه أَو سلفه أَو من يلْزمه أمره، أَو مَوضِع الْمَدْح أَو الذَّم مِنْهُ، أَو مَا يفتخر بِهِ من حسب وَشرف وَفِي الحَدِيث: " أهل الْجنَّة لَا يَتَغَوَّطُونَ، وَلَا يتبولون، وَإِنَّمَا هُوَ عرق يجْرِي من أعراضهم مثل الْمسك " يُرِيد من أبدانهم (وَالْعرض، بِالْفَتْح: مَتَاع الدُّنْيَا قل أَو كثر) وَالْعرب يذهبون بِالْعرضِ إِلَى أَسمَاء مِنْهَا أَن يضعوه مَوضِع مَا اعْترض لأَحَدهم من حَيْثُ لم يحتسبه وَقد يضعونه مَوضِع مَا لَا يثبت وَلَا يَدُوم وَقد يضعونه مَوضِع مَا يتَّصل بِغَيْرِهِ وَيقوم بِهِ وَقد يضعونه مَكَان مَا يضعف ويقل فَكَأَن الْمُتَكَلِّمين استنبطوا الْعرض من أحد هَذِه الْمعَانِي فوضعوه لما قصدُوا لَهُ وَكَذَا الْجَوْهَر فَإِن الْعَرَب إِنَّمَا يشيرون بِهِ إِلَى الشَّيْء النفيس الْجَلِيل، فَاسْتَعْملهُ المتكلمون فِيمَا خَالف الْأَعْرَاض لِأَنَّهُ أشرف مِنْهَا فالعرض مَا لَا يقوم بِذَاتِهِ وَهُوَ الْحَال فِي الْمَوْضُوع فَيكون أخص من مُطلق الْحَال وَالْعرض عندنَا مَوْجُود قَائِم بمتحيز وَعند الْمُعْتَزلَة مَا لَو وجد لقام بالمتحيز وَعند الْحُكَمَاء مَاهِيَّة إِذا وجدت فِي الْخَارِج كَانَت فِي مَوْضُوع أَي: مَحل مقوم لما حل فِيهِ [وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ: الْعرض، مَا كَانَ صفة لغيره وينتقص بِالصِّفَاتِ السلبية فَإِنَّهَا صفة لغَيْرهَا وَلَيْسَت جَوَاهِر وَلَا أعراضا، إِذْ الْأَعْرَاض والجواهر أُمُور مَوْجُودَة والسلوب غير مَوْجُودَة، وينتقص أَيْضا بِصِفَات الله إِذْ لَا انفكاك لذات الله تَعَالَى عَن صِفَاته وَلَا لصفاته عَن ذَاته فعلى هَذَا يلْزم أَن يكون الْجَوْهَر بِهَذَا الِاعْتِبَار غير مُغَاير لمتحيزه، وَلَا تحيزه مغايرا لَهُ ضَرُورَة عدم الانفكاك بَين الْجَوْهَر والتحيز على أصُول أَصْحَابنَا والمعتزلة وَيلْزم من ذَلِك أَن لَا يكون التحيز للجوهر عرضا لعدم تحقق الْعرض فِيهِ إِذْ لَيْسَ صفة لغيره وَمِنْهُم من قَالَ: الْعرض هُوَ الْقَائِم بِغَيْرِهِ فَإِن أَرَادَ أَنه صفة لغيره فَهُوَ الْحَد الْمُتَقَدّم، وَإِن أَرَادَ بِهِ وجوده فِي غَيره فَيرد عَلَيْهِ صِفَات الْبَارِي تَعَالَى كَمَا تقدم وَالْمُخْتَار أَن الْعرض هُوَ الْوُجُود الَّذِي لَا يتَصَوَّر بَقَاؤُهُ فِي زمانين وَفِيه احْتِرَاز عَن الأعدام، إِذْ هِيَ غير مَوْجُودَة، وَعَن الموجودات من الْجَوْهَر وَذَات الْبَارِي تَعَالَى وَصِفَاته لكَونهَا بَاقِيَة وَلَو قلت: الْعرض هُوَ الْوُجُود الْقَائِم بالجوهر فَهُوَ أَيْضا حسن لكَونه جَامعا لخُرُوج الأعدام مِنْهُ، وَخُرُوج الْجَوَاهِر إِذْ هِيَ قَائِمَة بالجواهر، وَخُرُوج ذَات الْبَارِي تَعَالَى وَصِفَاته فَإِنَّهَا لَيست مَوْجُودَة فِي الْجَوْهَر وَالْمرَاد

من قَوْله: الْعرض مَا لَا قيام لَهُ بِذَاتِهِ مَا لَا وجود لَهُ بِذَاتِهِ لَا الْقيام الَّذِي هُوَ ضد الْقعُود، لِأَن ذَلِك وصف زَائِد على نفس الْمَاهِيّة وَالْعرض لَا يُوصف بذلك حذار قيام الصِّفَات بِالصّفةِ، بل يُوصف هُوَ بالأوصاف الذاتية فَيُقَال: الْعرض مُسْتَحِيل الْبَقَاء، الْعرض لَا يلقى زمانين، الْعرض هُوَ الَّذِي كَانَ وجوده بالجوهر] ثمَّ إِن الْعرض الَّذِي هُوَ مَا لَا يقوم بِذَاتِهِ إِمَّا أَن تصدق عَلَيْهِ النِّسْبَة، أَو يقبل الْقِسْمَة، أَو لَا هَذَا وَلَا ذَاك فَالَّذِي تصدق عَلَيْهِ النِّسْبَة فَهُوَ سَبْعَة عَيْنِيَّة مَحْضَة: وَتسَمى بالأكوان كالحركة والسكون، والاجتماع والافتراق، والبعد والقرب وَنَحْو ذَلِك وعينية فِيهَا إِضَافَة: كالفوقية والتحتية واليسارية واليمينية وَمِنْه السرعة والبطء، والتقدم والتأخر والسبق: إِذا تسابق الرّجلَانِ مثلا والتأثير: كَالْأَكْلِ وَالضَّرْب وَالْقَتْل فَإِن مثل ذَلِك لَا وجود لَهُ بِدُونِ الْفَاعِل والتأثير كالانفصال والانقطاع وَالسَّادِس كَون الشَّيْء محاطا بِغَيْرِهِ بِحَيْثُ ينْتَقل الْمُحِيط بانتقال المحاط كالتقمص بالقميص والتنعل بالنعل وَنَحْو ذَلِك وَالسَّابِع الْهَيْئَة الْحَاصِلَة للشَّيْء من نِسْبَة أَجزَاء إِلَى أَجْزَائِهِ مُجَردا، أَو مَعَ النِّسْبَة إِلَى الْخَارِج مِنْهُ مثل الْقيام وَالْقعُود وَالرُّكُوع وَالسُّجُود، أَو مَعَ الْخَارِج مِنْهُ مثل الِاضْطِجَاع والاستناد وَأما مَا يقبل الْقِسْمَة فَهُوَ نَوْعَانِ: أَحدهمَا: الكمية الْمُنْفَصِلَة وَهِي الْعدَد لِأَنَّك إِذا زِدْت على الْوَاحِد آخر صَارا اثْنَيْنِ وَبَطل الواحدية بِهِ فَهَلُمَّ جرا وَالثَّانِي: الكمية الْمُتَّصِلَة، وَهِي الطول وَالْعرض، والعمق وَالسعَة، والضيق وَالْقصر، والرقة والثخانة وَنَحْو ذَلِك وَأما مَا لَا نِسْبَة لَهُ وَلَا قسْمَة فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون مِمَّا يشْتَرط لوُجُوده حَيَاة أَو لَا فَالَّذِي يشْتَرط لَهُ الْحَيَاة فَلَا يَخْلُو أَيْضا إِمَّا أَن يكون إدراكات أَو لَا فالإدراكات لَا تَخْلُو إِمَّا إِدْرَاك الجزئيات وَهِي الْحَواس الْخمس وَإِمَّا إِدْرَاك الكليات وَهِي صفة الْقلب كَمَا إِن الْحَواس صفة الْأَعْضَاء الظَّاهِرَة فالإدراكات القلبية خَمْسَة أَنْوَاع وَهِي: التفكرات والعلوم والاعتقادات والظنون والجهالات وَلَا نعني بالإدراكات القلبية إِلَّا الحكم بِأَمْر على أَمر، خطأ كَانَ أَو صَوَابا، فالكفر من الإدراكات كالإيمان وَأما غير الإدراكات فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون تحريكيا أَولا، فَغير التحريكي ثَلَاثَة أَنْوَاع: الْعَجز: وَيدخل فِيهِ النّوم وَالْمَوْت والكسل وَالثَّانِي: اللَّذَّة، وَيدخل فِيهِ الشِّبَع والري وَنَحْو ذَلِك وَالثَّالِث: الْأَلَم، وَيدخل فِيهِ الْجُوع والعطش وَنَحْو ذَلِك وَأما التحريكي فخمسة أَنْوَاع: الْقُدْرَة والإرادة والشهوة كل ذَلِك بأنواعها، وَيدخل فِيهَا الشجَاعَة؛ والنفرة بأنواعها، وَيدخل فِيهَا الْفَزع وَالْحيَاء والغيرة وَنَحْو ذَلِك؛ وَالْغَضَب بأنواعه

وَأما الَّذِي لَا يشْتَرط فِيهِ الْحَيَاة فخمسة أَنْوَاع أَيْضا: الألوان والأضواء: وَهِي مرتع الباصرة والأصوات: وَهِي حَظّ السامعة والطعوم: وَهِي حَظّ الذائقة والروائح: وَهِي حَظّ الشامة والحرارة والرطوبة والبرودة واليبوسة والخفة والثقل والصلابة واللينة: وَهِي حَظّ اللامسة وَمِمَّا لَا يشْتَرط لَهُ الْحَيَاة أَيْضا: الْحَيَاة والبقاء والمتحيزات وَالزَّمَان فَهَذَا جملَة أَنْوَاع الْأَعْرَاض وَقد نظم بعض الْفُضَلَاء المقولات الْعشْر: (زيد الطَّوِيل الْأَزْرَق ابْن مَالك ... فِي بَيته بالْأَمْس كَانَ متكي) (بِيَدِهِ سيف لواه فالتوى ... فَهَذِهِ عشر مقولات سوا) [وَهَذَا الانحصار هُوَ مَذْهَب أرسطو وَمن تَابعه، وَصرح الْبَعْض بِأَن ذَلِك لَيْسَ مَنْقُولًا عَن أرسطو، بل هُوَ مِمَّا أحدثه من بعده، وَمذهب طَائِفَة أُخْرَى أَن الْأَعْرَاض المتدرجة تَحت جنس ثَلَاثَة: الْكمّ والكيف وَالنِّسْبَة] والمتكلمون أَنْكَرُوا وجود ثَمَان من هَذِه النّسَب التسع، واعترفوا بِوُجُود الأين وسموه الْكَوْن وأنواعه: الْحَرَكَة والسكون والاجتماع والافتراق، كَمَا نقل عَنْهُم فِي " الطوالع " و " المواقف " والحكماء قَائِلُونَ بِوُجُود الْجَمِيع فِي الْخَارِج كالجوهر وَالْعرض يقوم بِالْعرضِ عِنْد بعض الْمُتَكَلِّمين يعْنى بِهِ الاتصاف يُقَال: هَذِه رَائِحَة طيبَة، وَتلك مُنْتِنَة، وَهَذَا الْفِعْل حسن، وَذَاكَ قَبِيح [وَيمْتَنع عِنْد جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين] وَالْعرض الْعَام هُوَ: إِمَّا لَازم كالتنفس والتحرك للْإنْسَان أَو مفارق: وَهُوَ إِمَّا سريع الزَّوَال كحمرة الخجل وصفرة الوجل: أَو بطيء كالشيب والشباب الْعلي: هُوَ العالي شَأْنه فِي نَفسه والأعلى عَمَّا عداهُ وَهُوَ الله سُبْحَانَهُ فَالْأول بِالنّظرِ لذاته، وَالثَّانِي بِالنّظرِ لغيره والعلي عِنْد الْكل من أَسمَاء الصِّفَات، إِلَّا أَنه عِنْد المشبهة يُفِيد الْحُصُول فِي الحيز وَعند أهل التَّوْحِيد يُفِيد التَّنْزِيه عَن كل مَا لَا يَلِيق بالإلهية فِي " الْقَامُوس " الْعلي: الشَّديد الْقوي وَبِه سمي والعلو فِي الْمَكَان من (علا يَعْلُو) كدعا يَدْعُو وَفِي الرُّتْبَة من (عَليّ يعلى) كرضي يرضى والعلو والسفل بالعلو والسفل جَمِيعًا وَقد نظمت فِيهِ: (تفرد رُتْبَة ترضاك عَنْهَا ... علا يَعْلُو مَكَانا لَا كيعلى) (علو مثل سفل بالعلو ... كَذَا بالسفل فَافْهَم أَنْت الاعلى) والعلو والسفل إِنَّمَا يتضايقان إِذا أُرِيد بهما الْأَعْلَى والأسفل فَيكون كالأقل وَالْأَكْثَر لَا جِهَة الْعُلُوّ والسفل بِمَعْنى الْقرب من الْمُحِيط والبعد من المركز وَبِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ يُمكن كل تعقل مِنْهُمَا بِدُونِ

الآخر وَعلا عَلَيْهِ: غلب، وَعنهُ: ارْتَفع والعلى: جمع العلياء تَأْنِيث الْأَعْلَى، من علا يَعْلُو علوا فِي الْمَكَان والعلياء، بِالْفَتْح وَالْمدّ: كل مَكَان مشرف، لَا مؤنث الْأَعْلَى لمجيئه مُنْكرا ثمَّ اسْتعْمل فِي الرُّتْبَة الشَّرِيفَة كالسيادة والعلى: وَهُوَ الرّفْعَة والشأن والشرف، وَالْجمع (معالي) فَإِذا فتحت الْعين مددت وَقلت الْعَلَاء وَإِذا ضممت قلت العلى بِالْقصرِ والعلية، بِالْكَسْرِ: الغرفة وَالْجمع علالي وعليون جمع عَليّ: وَهُوَ علم لديوان الْخَيْر الَّذِي دون فِيهِ كل مَا عملته الْمَلَائِكَة وصلحاء الثقلَيْن تصعد إِلَيْهِ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ وَهُوَ فِي السَّمَاء السَّابِعَة وَقَالَ الْفراء: هُوَ اسْم مَوْضُوع على صِيغَة الْجمع لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه مثل: عشْرين وَثَلَاثِينَ [وَكلمَة (على) فِي اللُّغَة لعلو الشَّأْن وارتفاعه وَفِي الشَّرِيعَة: عبارَة عَن اللُّزُوم وَالْوُجُوب، وتستعار فِي الْمُعَاوَضَات كَالْبيع وَالْإِجَارَة وَالنِّكَاح بِمَعْنى الْبَاء، لِأَن اللُّزُوم فِي اللُّغَة اللصوق فَكَأَن بَينهمَا مُنَاسبَة] و (على) للاستعلائية الْحَقِيقِيَّة نَحْو: {على الْفلك تحملون} والمجازية نَحْو: (عَلَيْهِ دين) وَقد تسْتَعْمل لغير الاستعلاء يُقَال: (خربَتْ على فلَان الضَّيْعَة) إِذا خربَتْ وَهِي فِي ملكه، وَلما كَانَت تفِيد الْملك جِيءَ بقوله: {من فَوْقهم} بعد {فَخر عَلَيْهِم السّقف} إمحاضا للاستعلاء وَقد تسْتَعْمل مجَازًا فِيمَا غلب على الْإِنْسَان فَدخل تَحت حكمه كَقَوْلِك: (صَعب عَليّ الْأَمر) وَمن ذَلِك (عَلَيْهِ دين) وَأما سَلام عيلكم: فَهُوَ دُعَاء، وغرض الدَّاعِي أَن تشملهم السَّلامَة وتحيط بهم من جَمِيع جوانبهم وَقَوْلهمْ: مَرَرْت عَلَيْهِ، اتساع وَلَيْسَ فِيهِ استعلاء حَقِيقَة وَيجوز أَن يُرَاد بِهِ مَرَرْت على مَكَانَهُ، كَمَا يُقَال (أمررت يَدي عَلَيْهِ) إِذْ المُرَاد فَوْقه [ {وَأُولَئِكَ على هدى من رَبهم} : تَمْثِيل تمكنهم من الْهدى واستقرارهم عَلَيْهِ لحَال من اعتلى الشَّيْء وَركبهُ، وتشبيه الْهدى بالمركوب غير مَقْصُود من الْكَلَام بل هُوَ أَمر يتبع تَشْبِيه التَّمَسُّك بِالْهدى بالاستعلاء وَقَالَ السَّيِّد الشريف عَلَيْهِ الرَّحْمَة: كلمة (على) هَذِه اسْتِعَارَة تَبَعِيَّة، شبه تمسك الْمُتَّقِينَ بِالْهدى باستعلاء الرَّاكِب على مر كوبه فِي التَّمَكُّن والاستقرار فاستعير لَهُ الْحَرْف الْمَوْضُوع للاستعلاء، كَمَا شبه استعلاء المصلوب على الْجذع باستقرار المظروف فِي الظّرْف بِجَامِع الثَّبَات فاستعير لَهُ الْحَرْف الْمَوْضُوع للظرفية] وتستعمل للْوُجُوب بِالْوَضْعِ الشَّرْعِيّ نَحْو: (عَليّ ألف دين) وَقد تكون للاستحباب كَمَا هُوَ الظَّاهِر من كَلَامي " الْهِدَايَة " و " الْكَافِي " فِي بَاب الِاسْتِبْرَاء وتستعمل فِي معنى يفهم مِنْهُ كَون مَا بعْدهَا شرطا

لما قبلهَا نَحْو قَوْله تَعَالَى: {على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج} ، وَقَوله: {يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا} وَقد استعملها الْفُقَهَاء شرطا فِي نِكَاح الشّغَار وَهُوَ: (زَوجتك بِنْتي على أَن تزَوجنِي بنتك) على أَن تكون كل وَاحِدَة مِنْهُمَا صَدَاقا لِلْأُخْرَى قَالَ الْقفال: يبطل الشَّرْط للتعليق، وَلَو أَن امْرَأَة طلبت طلقات ثَلَاثًا على ألف فَطلقهَا وَاحِدَة وَقعت رَجْعِيَّة مجَّانا عِنْد أبي حنيفَة، فَإِنَّهُ جعل كلمة (على) للشّرط وَإِن طلبت ثَلَاثًا بِأَلف فَطلقهَا وَاحِدَة يجب ثلث الْألف لِأَن أَجزَاء الْعِوَض تَنْقَسِم على أَجزَاء المعوض عَنهُ، بِخِلَاف أَجزَاء الشَّرْط (فَإِنَّهَا تَنْقَسِم على أَجزَاء الْمَشْرُوط) فَإِن الشَّرْط يُقَابل الْمَشْرُوط جملَة وَلَا يُقَابله أَجزَاء حَتَّى لَو علق الثَّلَاث بشيئين مثل أَن يَقُول: (إِن كلمت زيدا وعمرا فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا) لَا يَقع بالمتكلم مَعَ زيد مَا لم تكلم عمرا وَلَو قسمت أَجزَاء الشَّرْط على أَجزَاء الْمَشْرُوط لوقعت طَلْقَتَانِ على طَرِيق الانقسام بِاعْتِبَار النّصْف كَامِلا فِيمَا لَا يقبل التَّقْسِيم وتجيء للمصاحبة نَحْو: {وَإِن رَبك لذُو مغْفرَة للنَّاس على ظلمهم} وَلها مزية على (مَعَ) لإفادتها التَّمَكُّن دون (مَعَ) وتجيء للمجاوزة كعن نَحْو: إِذا رضيت عَليّ بَنو قُشَيْر وللتعليل نَحْو: {ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} وللظرفية نَحْو: {وَدخل الْمَدِينَة على حِين غَفلَة} وَبِمَعْنى من نَحْو: {إِذا اكتالوا على النَّاس} وَالْبَاء: {على أَن لَا أَقُول} وللاستدراك نَحْو: {فلَان جهنمي على أَنه لَا ييأس من رَحْمَة الله} وزائدة للتعويض كَقَوْلِه: (إِن الْكَرِيم وَأَبِيك يعتمل ... إِن لم يجد يَوْمًا على من يتكل) أَي: من يتكل عَلَيْهِ [وَتَكون اسْما إِذا كَانَ مجرورها وفاعل متعلقها ضميرين لمسمى وَاحِد نَحْو: {أمسك عَلَيْك وزوجك} وفعلا نَحْو: {إِن فِرْعَوْن علا فِي الأَرْض} ] (وَتَكون اسْما بِمَعْنى (فَوق) كَقَوْلِه: غَدَتْ من عَلَيْهِ بعد مَا تمّ ظمؤها) وَمِمَّا يَنْبَغِي أَن يُنَبه عَلَيْهِ هُوَ أَن كلمة (عَلَيْهِ) ،

و (عَلَيْك) وأخواتهما الَّتِي هِيَ من أَسمَاء الْأَفْعَال إِذا اسْتعْملت متعدية بِنَفسِهَا نَحْو: (عَلَيْهِ زيدا) ، و (عَلَيْك بكرا) يكون بِمَعْنى الْأَمر من اللُّزُوم فَمَعْنَى الأول: ليلزم زيدا وَلَا يُفَارِقهُ وَمعنى الثَّانِي: الزم بكرا وَلَا تُفَارِقهُ وَإِذا اسْتعْملت متعدية بِالْبَاء كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ) وَقَوْلنَا: (عَلَيْك بالعروة الوثقى) يكون الْمَعْنى الاستمساك {وعَلى الله فَليَتَوَكَّل الْمُؤْمِنُونَ} : أَمر باستحداث التَّوَكُّل {وعَلى الله فَليَتَوَكَّل المتوكلون} : أَمر بتثبيت المتوكلين على مَا أحدثوه من توكلهم و {على الله توكلنا} : أَي لزمنا تَفْوِيض أمرنَا إِلَيْهِ وَكَذَا: (توكلت على الله) وَاللَّفْظ قد يخرج بشهرته فِي الِاسْتِعْمَال فِي شَيْء عَن مُرَاعَاة أصل الْمَعْنى، فقد خرج لَفْظَة (على) فيهمَا عَن معنى الاستعلاء لاشتهار اسْتِعْمَاله بِمَعْنى لُزُوم التَّفْوِيض إِلَى الله تَعَالَى وعَلى هَذَا المنوال قَوْله: {كَانَ على رَبك حتما مقضيا} أَي كَانَ وَاجِب الْوُقُوع بِمُقْتَضى وعده الصَّادِق تَعَالَى عَن استعلاء شَيْء عَلَيْهِ، وَلَا يلْزم مِنْهُ الإلجاء إِلَى الإنجاز، فَإِن تعلق الْإِرَادَة بالموعود مقدم على الْوَعْد الْمُوجب للإنجاز [وَفِي " شرح الْمُغنِي " قَوْله: {حقيق على أَن لَا أَقُول على الله إِلَّا الْحق} أَي: إِنِّي جدير بِأَمْر الرسَالَة أَن لَا أَقُول على الله إِلَّا الْحق هَذَا هُوَ الْمَذْكُور فِي كتب الْفِقْه، وَأما أَئِمَّة التَّفْسِير فَلم يذكرُوا معنى الشَّرْط فِيهِ فَقَالُوا: جدير بِأَن لَا أَقُول على الله إِلَّا الْحق، أَو ضمن (حقيق) معنى (حَرِيص) فاستقام على صلَة لَهُ، إِذْ هُوَ مُبَالغَة من سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي وصف نَفسه بِالصّدقِ التَّام، فَإِنَّهُ رُوِيَ أَن سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لما قَالَ: {إِنِّي رَسُول من رب الْعَالمين} قَالَ فِرْعَوْن: كذبت فَقَالَ سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: أَنا حقيق على قَول الْحق، أَي: وَاجِب على قَول الْحق أَن أكون قَائِله] وَورد فِي بعض الْأَحَادِيث: " حق على الله تَعَالَى أَن يدْخل الْجنَّة " قيل: الْحق فِيهِ بِمَعْنى اللَّائِق، ورد بِأَنَّهُ يتَعَدَّى بِالْبَاء لَا بعلى وَالْحق أَنه مجَاز إشعارا بِأَنَّهُ كالواجب عَلَيْهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها} أَي: كالواجب عَلَيْهِ رزقها لَا حَقِيقَة حَتَّى لَو مَاتَت جوعا لَا يلْزمه اسْتِحْقَاق الذَّم قَالَ صَاحب " الْمَقَاصِد ": " وَالْعجب أَنهم - يَعْنِي الْمُعْتَزلَة - يسمون كل مَا أخبر بِهِ الشَّارِع من أَفعاله وَاجِبا عَلَيْهِ مَعَ قيام الدَّلِيل على أَنه يَفْعَله الْبَتَّةَ " انْتهى فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَن معنى الْوُجُوب هُوَ أَنه شَيْء أخبر بِهِ الشَّارِع فَلَا بُد أَن يَقع وَإِلَّا لزم

الْكَذِب على الله (تَعَالَى عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَفِي " الْكَشَّاف " كَيفَ {على الله رزقها} وَإِنَّمَا هُوَ متفضل قلت: هُوَ تفضل إِلَّا أَنه لما ضمن أَنه يتفضل بِهِ عَلَيْهِم رَجَعَ التفضل وَاجِبا كنذور الْعباد فِي " الإتقان " (على) فِي نَحْو: {وتوكل على الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت} بِمَعْنى الِاسْتِعَارَة وَفِي نَحْو: {كتب على نَفسه الرَّحْمَة} لتأكيد التفضل لَا الْإِيجَاب والاستحقاق وَكَذَا فِي نَحْو: {إِن علينا حسابهم} لتأكيد المجازاة و (على) فِي قَوْله تَعَالَى {أَيهمْ أَشد على الرَّحْمَن} للْبَيَان وتفيد الْحَال يُقَال: (رَأَيْت الْأَمِير على أكله) أَي على صفة اشْتِغَاله بِالْأَكْلِ و (على) إِذا دخلت على مظهر أقرَّت ألفها تَقول: (على زيد ثوب) وَإِذا دخلت على مُضْمر فَأَقل اللغتين إِقْرَار ألفها أَيْضا تَقول: (علاهُ ثوب) ، وَالْأَكْثَر أَن تقلب ألفها يَاء فَتَقول: (عَلَيْك) . وَقَوله تَعَالَى: {بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ الله} بِضَم الْهَاء، إِذْ أَصله (عليهو الله) أُبْقِي الضَّم بعد حذف الْوَاو ليدل عَلَيْهَا الْعَظِيم: هُوَ عِنْد المشبهة من أَسمَاء الذَّات وَعند أهل التَّوْحِيد من أَسمَاء الصِّفَات والعظيم: نقيض الحقير كَمَا أَن الْكَبِير نقيض الصَّغِير والعظيم فَوق الْكَبِير لِأَن الْعَظِيم لَا يكون حَقِيرًا لِكَوْنِهِمَا ضدان وَالْكَبِير قد يكون حَقِيرًا كَمَا أَن الصَّغِير قد يكون عَظِيما، اذ لَيْسَ كل مِنْهُمَا ضد الآخر والعظيم يدل على الْقرب، والعلي يدل على الْبعد وَإِذا اسْتعْمل الْعَظِيم فِي الْأَعْيَان فأصله أَن يُقَال فِي الْأَجْزَاء الْمُتَّصِلَة، كَمَا أَن الْكثير فِي الْأَجْزَاء الْمُنْفَصِلَة، ثمَّ يُقَال فِي الْمُنْفَصِلَة أَيْضا عَظِيم نَحْو: (جَيش عَظِيم) و (مَال عَظِيم) وَذَلِكَ فِي معنى (كثير) وَقد يُطلق الْعَظِيم على المستعظم عقلا فِي الْخَيْر وَالشَّر مثل: {إِن الشّرك لظلم عَظِيم} ، {وَالله ذُو فضل عَظِيم} وَفرق أَبُو حنيفَة بَين الْعَظِيم وَالْكثير بِأَن الْعظم فِي الذَّات وَالْكَثْرَة تنبئ عَن معنى الْعدَد فَفِي قَوْله: (لَهُ عَليّ مَال عَظِيم) فِي الدَّرَاهِم لَا يصدق فِي أقل من مِائَتي دِرْهَم، وَفِي الدَّنَانِير فِي أقل من عشْرين دِينَارا، وَفِي الْإِبِل فِي أقل من خمس وَعشْرين، وَفِي الكرباس لَا يصدق إِلَّا فِيمَا يبلغ قِيمَته نِصَابا، وَفِي دَرَاهِم كَثِيرَة لَا يصدق فِي أقل من عشرَة، لِأَن الْعشْرَة كثير من حَيْثُ الْعدَد، وَعِنْدَهُمَا لَا يصدق كَمَا فِي (مَال عَظِيم) وَفِي رِوَايَة عَن أبي حنيفَة فِي (مَال عَظِيم) من الدَّرَاهِم يجب عشرَة دَرَاهِم

وَالْعَظَمَة تسْتَعْمل فِي الْأَجْسَام وَغَيرهَا، والجلال لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي غير الْأَجْسَام وَالْعَظَمَة كالغلبة والجبروت: الْكبر والنخوة والزهو وعظمة الله (لَا تُوصَف بِهَذَا بل هُوَ) وُجُوبه الذاتي الَّذِي هُوَ عبارَة عَن الِاسْتِقْلَال والاستغناء عَن الْغَيْر، وَأما كبرياؤه فَهُوَ ألوهيته الَّتِي هِيَ عبارَة عَن استغنائه عَمَّا سواهُ واحتياج مَا سواهُ إِلَيْهِ وَمَتى وصف عبد بالعظمة فَهُوَ ذمّ لَهُ الْعَفو: عَفا: لَا يتَعَدَّى بِنَفسِهِ إِلَى الْمَفْعُول بِهِ وَإِنَّمَا يتَعَدَّى بعن إِلَى الْجَانِي وَإِلَى الذَّنب أَيْضا فَعِنْدَ تعديته إِلَى الْجِنَايَة إِذا أُرِيد ذكر الْجَانِي ذكر بِاللَّامِ مثل: (عَفا الله لزيد عَن ذَنبه) وَحَيْثُ ذكر بعن علم أَنه لم يقْصد التَّعْدِيَة إِلَى الْجِنَايَة، وَحَيْثُ ذكرا جَمِيعًا مثل: (عَفَوْت لَهُ عَن ذَنبه) علم أَنه لم يلْتَفت إِلَى الِاسْتِغْنَاء وَدلَالَة الْكَلَام بل قصد التَّصْرِيح لغَرَض تعلق بذلك: وَعَفا الشَّيْء: درس وَذهب وَزَاد وَكثر وَمِنْه " وَاعْفُوا اللحى " يجوز اسْتِعْمَاله ثلاثيا ورباعيا وَفِي " الْقَامُوس " أعفى اللِّحْيَة: وفرها و [عَفا] عَن الشَّيْء: أمسك عَنهُ وتنزه عَن طلبه وَعَفا عَلَيْهِم الخيال: مَاتُوا وَيُقَال: عَفا الله عَن العَبْد عفوا وعفت الرِّيَاح الْأَثر عفاء وَذكر ابْن الْأَنْبَارِي أَن الْعَفو يَجِيء بِمَعْنى السهولة وعفوت عَن الْحق: أسقطته وعفوت الرجل: سَأَلته وَعَفا: بِمَعْنى ترك الْمُتَعَدِّي بِنَفسِهِ إِلَى الْمَفْعُول بِهِ لم يثبت وَإِنَّمَا ثَبت (أعفى) فالعفو عَن الذَّنب يَصح رُجُوعه إِلَى ترك مَا يسْتَحق المذنب من الْعقُوبَة، وَإِلَى محو الذَّنب، وَإِلَى الْإِعْرَاض عَن الْمُؤَاخَذَة كَمَا يعرض عَمَّا يسهل على النَّفس بذله وَالْعَفو: إِسْقَاط الْعقَاب وَالْمَغْفِرَة: ستر الجرم صونا عَن عَذَاب التخجيل والفضيحة وَالْعَفو قد يكون قبل الْعقُوبَة، وَقد يكون بعْدهَا، بِخِلَاف الغفران فَإِنَّهُ لَا يكون مَعَه عُقُوبَة الْبَتَّةَ، وَلَا يُوصف بِالْعَفو إِلَّا الْقَادِر على ضِدّه وَالْعَفو: الْفضل: {ويسألونك مَاذَا يُنْفقُونَ قل الْعَفو} أَي الْفضل، وَهُوَ أَن ينْفق مَا تيَسّر لَهُ بذله وَلَا يبلغ مِنْهُ الْجهد وَالْعَفو: الْإِسْقَاط نَحْو: {فَتَابَ عَلَيْكُم وَعَفا عَنْكُم} أَي: أسقط كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " عَفَوْت لكم عَن صَدَقَة الْخَيل وَالرَّقِيق " وَرُبمَا يسْتَعْمل (عَفا الله عَنْكُم) فِيمَا لم يسْبق بِهِ ذَنْب وَلَا يتَصَوَّر كَمَا تَقول لمن تعظمه: (عَفا الله عَنْك مَا صنعت فِي أَمْرِي) أَي: أصلحك الله وأعزك وَعَلِيهِ: {عَفا الله عَنْك لم أَذِنت} وَدَلِيل جَوَاز الْعَفو قبل التَّوْبَة قَوْله تَعَالَى: {وَإِن رَبك لذُو مغْفرَة للنَّاس على ظلمهم} فَإِن

التائب لَيْسَ على ظلمه [ {وَالْعَافِينَ} : التاركين عُقُوبَة من اسْتحق مؤاخذته والعافون: طالبوا الْمَعْرُوف] الْعَكْس: هُوَ فِي اللُّغَة رد آخر الشَّيْء إِلَى أَوله وَمِنْه اصْطِلَاح أهل الْمِيزَان وَفِي اصْطِلَاح أهل البديع: تَقْدِيم جُزْء من الْكَلَام على جُزْء آخر ثمَّ عَكسه نَحْو قَوْلهم: (عادات السادات سَادَات الْعَادَات) ، (كَلَام الْمُلُوك مُلُوك الْكَلَام) ، (لَا خير فِي السَّرف وَلَا سرف فِي الْخَيْر) وَفِي التَّنْزِيل: {يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَيخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} وَالْعَكْس المستوي: هُوَ تَبْدِيل طرفِي الْقَضِيَّة مَعَ بَقَاء الصدْق والكيف والكم وَعكس النقيض الْمُوَافق: هُوَ تَبْدِيل الطّرف الأول من الْقَضِيَّة بنقيض الثَّانِي مِنْهَا وَعَكسه مَعَ بَقَاء الصدْق والكيف أَي: السَّلب والإيجاب وَعكس النقيض الْمُخَالف: هُوَ تَبْدِيل الطّرف الأول بنقيض الثَّانِي وَالثَّانِي بِعَين الأول مَعَ بَقَاء الصدْق دون الكيف مِثَال الأول نَحْو: (كل إِنْسَان حَيَوَان) ، (كل مَا لَيْسَ بحيوان لَيْسَ بِإِنْسَان) وَمِثَال الثَّانِي نَحْو: (كل إِنْسَان حَيَوَان) ، (لَا شي مِمَّا لَيْسَ بحيوان إِنْسَان) والمستعمل فِي الْعُلُوم عكس النقيض الْمُوَافق لَا الْمُخَالف، وَالْعَكْس المستوي كعكس [قضيتين] نقيض إِحْدَاهمَا يُنَافِي الْأُخْرَى، فَإِن عكس نقيض كل مَعْلُوم يمْتَنع طلبه كل مَا يمْتَنع طلبه فَهُوَ لَيْسَ بِمَعْلُوم فينعكس إِلَى قَوْلنَا: بعض مَا لَيْسَ بِمَعْلُوم لَا يمْتَنع طلبه وَهُوَ تنَافِي الْأُخْرَى، أَي كل مَا لَيْسَ بِمَعْلُوم يمْتَنع طلبه وَهَذَا جَوَاب عَن القَوْل بِأَن كل مَعْلُوم يمْتَنع طلبه لما فِيهِ من تَحْصِيل الْحَاصِل وكل مَا لَيْسَ بِمَعْلُوم يمْتَنع طلبه أَيْضا (لِأَن الذِّهْن لَا يتَوَجَّه إِلَيْهِ) ، وَالْجَوَاب الصَّحِيح هُوَ أَنه قد يطْلب مَاهِيَّة شَيْء تصور بِوَجْه مَا كَمَا طلب مَاهِيَّة ملك إِذا تصور بِأَنَّهُ وَاسِطَة بَين الله وَبَين النَّاس [كَمَا فِي " التَّعْدِيل "] وكل قَضِيَّة يلْزمهَا الْعَكْس فعكسها تَحْويل طرفيها خَاصَّة من غير تَغْيِير كَيفَ وَكم إِلَّا الْمُوجبَة الْكُلية فَإِنَّهَا تنعكس مُوجبَة جزئية لأَنا لَو عكسناها مثل نَفسهَا لم تصدق فَتَقول فِي عكس: (كل إِنْسَان حَيَوَان) ، (بعض الْحَيَوَان إِنْسَان) فَلَو قلت: (كل حَيَوَان إِنْسَان) لم تصدق والسالبة الْكُلية تنعكس صَادِقَة مثل نَفسهَا ك (لَا شَيْء من الْإِنْسَان بِحجر) ، و (لَا شَيْء من الْحجر بِإِنْسَان) والموجبة الْجُزْئِيَّة تنعكس صَادِقَة مثل نَفسهَا أَيْضا ك (بعض الْحَيَوَان إِنْسَان) ، و (بعض الْإِنْسَان حَيَوَان) والموجبة الْمُهْملَة كالجزئية الْمُوجبَة تنعكس مثل نَفسهَا ك (الْإِنْسَان كَاتب، وَالْكَاتِب إِنْسَان) عِنْد: هُوَ لفظ مَوْضُوع للقرب. تَارَة يسْتَعْمل فِي الْمَكَان، وَتارَة فِي الِاعْتِقَاد تَقول: (عِنْدِي

كَذَا) أَي اعتقادى كَذَا وَتارَة فِي الزلفى والمنزلة كَقَوْلِه تَعَالَى: {بل أَحيَاء عِنْد رَبهم} وعَلى هَذَا قيل: الْمَلَائِكَة المقربون و (عِنْد) بِمَعْنى الحضرة نَحْو: عِنْدِي زيد الْملك نَحْو: عِنْدِي مَال وَالْحكم نَحْو: زيد عِنْدِي أفضل من عَمْرو، أَي فِي حكمي وَالْفضل وَالْإِحْسَان نَحْو: {فَإِن أتممت عشرا فَمن عنْدك} وَقد يغرى بهَا نَحْو: (عنْدك زيدا) أَي خُذْهُ و (عِنْد) للحاضر وَالْغَائِب و (لَدَى) لَا يكون إِلَّا للحاضر تَقول: عِنْدِي مَال وَإِن كَانَ غَائِبا، وَلَا تَقول: لدي مَال، وَالْمَال غَائِب وَتقول: هَذَا القَوْل عِنْدِي صَوَاب، وَلَا تَقول: لدي صَوَاب وتشاركا فِي كَونهمَا ظرف مَكَان واستعمالهما فِي الْحُضُور والقرب الحسيين والمعنويين نَحْو: {عنْدك مليك مقتدر} ، {عِنْد رَبهم} ، " إِن الله كتب كتابا فَهُوَ عِنْده فَوق عَرْشه: إِن رَحْمَتي سبقت غَضَبي " وتفارقا فِي كَثْرَة جر (عِنْد) بِمن خَاصَّة وَامْتِنَاع جر (لَدَى) مُطلقًا، وَفِي أَن (عِنْد) يكون ظرفا للأعيان والمعاني، يسْتَعْمل فِي الْحَاضِر وَالْغَائِب كَمَا مر آنِفا وهما يصلحان فِي ابْتِدَاء غَايَة وَغَيرهَا، ويكونان فضلَة نَحْو: (عِنْدِي كتاب حفيظ) وتعربان بِخِلَاف (لدن) فِي ذَلِك فِي لُغَة الْأَكْثَرين، وجر (لدن) بِمن أَكثر من نصبها، وَقد لَا تُضَاف، وَقد تُضَاف إِلَى الْجُمْلَة بِخِلَاف (عِنْد) و (لَدَى) قَالَ الرَّاغِب: (من لَدَى) أخص (من عِنْد) وأبلغ لِأَنَّهَا تدل على ابْتِدَاء نِهَايَة الْفِعْل، وَلَا يدْخل على (عِنْد) من أدوات الْجَرّ إِلَّا (من) لِأَنَّهَا أم حُرُوف الْجَرّ ولأم كل بَاب اخْتِصَاص تمتاز بِهِ وتنفرد بمزية، كَمَا خصت (إِن) الْمَكْسُورَة بِدُخُول اللَّام فِي خَبَرهَا، و (كَانَ) بِجَوَاز إِيقَاع الْفِعْل الْمَاضِي خَبرا عَنْهَا، وباء الْقسم بِأَن تسْتَعْمل مَعَ ظُهُور فعل الْقسم، وبدخولها على الِاسْم الْمُضمر عَن: تَقْتَضِي مُجَاوزَة من أضيف إِلَيْهِ نَحْو غَيره، وتستعمل أَعم من (على) لِأَنَّهَا تسْتَعْمل فِي الْجِهَات السِّت و (عَن) الَّتِي للمجاوزة نَحْو: {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره} وَالْبدل نَحْو: {لَا تجزي نفس عَن نفس إِلَّا عَن موعدة} وَبِمَعْنى (على) نَحْو: {فَإِنَّمَا يبخل عَن نَفسه} وَبِمَعْنى (من) نَحْو: (وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة

عَن عباده} وَبِمَعْنى (بعد) نَحْو: {عَمَّا قَلِيل ليصبحن نادمين} وَعَن قريب تعرفه: أَي بعد قريب وَيفهم مِنْهُ عرفا اتِّصَال الْمَوْعُود بالقريب: وَبِمَعْنى الْبَاء نَحْو: {وَمَا ينْطق عَن الْهوى} وللاستعانة نَحْو: رميت عَن الْقوس: أَي بِهِ وَبِمَعْنى الْجَانِب كَقَوْلِه: من عَن يَمِيني مرّة وأمامي وَتَكون مَصْدَرِيَّة وَذَلِكَ فِي عنعنة تَمِيم نَحْو: (أعجبني عَن تفعل الْخَيْر) وَبِمَعْنى (فِي) كَقَوْلِه: وَلَا تَكُ عَن حمل الرباعة دانيا عَسى: هِيَ لمقاربة الْأَمر على سَبِيل الرَّجَاء والطمع، أَي لتوقع حُصُول مَا لم يحصل، سَوَاء يُرْجَى حُصُوله عَن قريب أَو بعيد مُدَّة مديدة تَقول: (عَسى الله أَن يدخلني الْجنَّة) و (عَسى النَّبِي أَن يشفع لي) وَأما (عَسى زيد أَن يخرج) فَهُوَ بِمَعْنى لَعَلَّه يخرج، وَلَا دنو فِي (لَعَلَّ) اتِّفَاقًا وَكَاد: لمقاربة الْأَمر على سَبِيل الْوُجُود والحصول وأوشك: تسْتَعْمل اسْتِعْمَال (عَسى) مرّة و (كَاد) أُخْرَى والجيد فِي (كرب) اسْتِعْمَال (كَاد) وتضاهي لَفْظَة (أوشك) لَفْظَة (عَسى) و (كَاد) فِي جَوَاز (أَن) بعدهمَا وإلغائها مَعَهُمَا، إِلَّا الْمَنْطُوق بِهِ فِي الْقُرْآن: وَالْمَنْقُول عَن فصحاء أولي الْبَيَان إِيقَاع (أَن) بعد (عَسى) وإلغاؤها بعد (كَاد) و (عَسى) و (لَعَلَّ) من الله واجبتان وَإِن كَانَتَا رَجَاء وَطَمَعًا فِي كَلَام المخلوقين لِأَن الْخلق هم الَّذين تعرض لَهُم الشكوك والظنون فِي الْأُمُور الممكنة وَلَا يقطعون على الْكَائِن مِنْهَا، وَالله تَعَالَى منزه عَن ذَلِك فورود هَذِه الْأَلْفَاظ تَارَة بِلَفْظ الْقطع بِحَسب مَا هِيَ عَلَيْهِ عِنْد الله نَحْو: {فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} وَتارَة بِلَفْظ الشَّك بِحَسب مَا هِيَ عَلَيْهِ عِنْد الْخلق نَحْو: {فَعَسَى الله أَن يَأْتِي بِالْفَتْح} و {لَعَلَّه يتَذَكَّر أَو يخْشَى} وَلما نزل الْقُرْآن بلغَة الْعَرَب جَاءَ على مذاهبهم فِي ذَلِك، وَالْعرب قد تخرج الْكَلَام الْمُتَيَقن فِي صُورَة الْمَشْكُوك لأغراض وَعَسَى: طمع، وقارب: إِخْبَار جازم وقارب: فعل مُتَعَدٍّ، و (عَسى) لَيْسَ بمتعد لِأَنَّهُ لَا مصدر لَهُ وَإِنَّمَا تأولوا (عَسى) ب (قَارب) على جِهَة الْمَعْنى لَا على تَقْدِير الْإِعْرَاب و (عَسى) كلمة تجْرِي مجْرى (لَعَلَّ) ، وَهِي من

الْعباد للترجي، وَمن الله للترجية. قيل: جَمِيع مَا كلفوا بِهِ من قبيل الأول، وَجَمِيع مَا نهوا عَنهُ من قبيل الثَّانِي وَيُقَال: عَسَيْت أَن أفعل كَذَا [وَلَا يُقَال: (يعسو) وَلَا (عاس) لتَضَمّنه معنى الْحَرْف، أَعنِي (لَعَلَّ) وَهُوَ إنْشَاء الطمع والرجاء، والإنشاءات فِي الْأَغْلَب من مَعَاني الْحُرُوف، والحروف لَا يتَصَرَّف فِيهَا، وَكَذَا مَا فِي مَعْنَاهَا، بِخِلَاف (كَاد) لِأَنَّهَا وضعت لمقاربة الْخَبَر، وَلذَلِك جَاءَت متصرفة كَسَائِر الْأَفْعَال الْمَوْضُوعَة للإخبار] (وَلَا يُقَال مِنْهُ يفعل وَلَا فَاعل) العمق: هُوَ ثَالِث الأبعاد الجسمية وَيُقَال للثخن: وَهُوَ حَشْو مَا بَين السطوح أَعنِي الْجِسْم التعليمي الَّذِي يحصره سطح وَاحِد، أَو سطحان، أَو سطوح بِلَا قيد زَائِد وَيُقَال للثخن أَيْضا بِاعْتِبَار نُزُوله وَيُقَال للامتداد الْآخِذ من صدر الْإِنْسَان إِلَى ظَهره وَمن ظهر ذَوَات الْأَرْبَع إِلَى الأَرْض (وَقد عرفت الطول وَالْعرض فِيمَا تقدم) الْعِزّ: عز اللَّحْم بعز (بِالْكَسْرِ) : قل، اعْتِبَارا بِمَا قيل: كل مَوْجُود مَمْلُوك، وكل مَفْقُود مَطْلُوب وَعز فلَان يعز (بِالْكَسْرِ) : قوي بعد ذله وَعز علينا الْحَال وَنَحْوه يعز (بِالْفَتْح) : اشْتَدَّ وصعب وَعز فلَان فلَانا يعز (بِالضَّمِّ) : غَلبه وَمِنْه {وعزني فِي الْخطاب} وعزه الله تَعَالَى: غلبته من حد (نصر) ، وَعدم النظير لَهُ من حد (ضرب) وَعدم الْحَط عَن مَنْزِلَته من حد (علم) وَأما جَلَاله تَعَالَى فكونه كَامِل الصِّفَات وكبرياؤه كَونه كَامِل الذَّات وعظمته كَونه كَامِل الذَّات أَصَالَة، وكامل الصِّفَات تبعا فِي " الْمُفْردَات ": وَالْجَلالَة عظم الْقدر، وبغيرها: التناهي فِي ذَلِك، فَالله تَعَالَى عز وَغلب وقهر المتكبرين أَو عظم عَظمَة رفْعَة ومكانة وَجل: أَي اتّصف بِصِفَات الْجلَال الَّتِي هِيَ صِفَات التَّنْزِيه، أَو خلق الْأَشْيَاء الْعَظِيمَة الْمُسْتَدلّ بهَا عَلَيْهِ، أَو تناهى فِي الْجَلالَة وَعظم الْقدر والجملتان حاليتان، وتعكيس التَّرْتِيب اصْطِلَاح المغاربة، وَلَا مَحل ل (عز سُلْطَانه) من الْإِعْرَاب كَمَا لَا مَحل ل (صلى الله عَلَيْهِ) بعد ذكر النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، و (تَعَالَى) بعد ذكر الله، لِأَنَّك إِذا ذكرت اسْم ذَات مُعظم استأنفت كلَاما يدل على تَعْظِيمه وَإِذا عز أَخُوك فهن: أَي إِذا غلبك وَلم تقاومه فَلَنْ لَهُ وَمن عز بز: أَي من غلب سلب وجئ بِهِ عزا بزا: أَي: لَا محَالة والعزة الممدوحة لله تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمنِينَ هِيَ الْعِزَّة الْحَقِيقِيَّة الدائمة الْبَاقِيَة والمذمومة للْكَافِرِينَ وَهِي التعزز الَّذِي هُوَ فِي الْحَقِيقَة ذل كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَخَذته الْعِزَّة بالإثم} حَيْثُ استعيرت للحمية والأنفة المذمومة

و (عز من قَائِل) : فِي مَوضِع التَّمْيِيز عَن النِّسْبَة أَي عز قائلية وَيُقَال: عز قَائِلا بِدُونِ (من) كَمَا يُقَال: عِنْدِي خَاتم حديدا وَمن حَدِيد وَيحْتَمل الْحَال على أَن المُرَاد بقائل الْجِنْس أَي عز قَائِلا من الْقَائِلين الْعَالم: [اسْم لمَفْهُوم مَا يعلم بِهِ الْخَالِق بالفعلية كالإله] قَالَ أَبُو حَيَّان: الْعَالم لَا مُفْرد لَهُ كالأنام واشتقاقه من الْعلم أَو الْعَلامَة وَقَالَ غَيره: من الْعلم لَا الْعَلامَة، لكنه لَيْسَ بِصفة بل اسْم لما يعلم بِهِ، أَي يَقع الْعلم بِهِ وَيحصل، أَعم مِمَّا يعلم الصَّانِع أَو غَيره، كالخاتم اسْم لما يخْتم بِهِ، والقالب لما يقلب بِهِ وَقَالَ بَعضهم: مُشْتَقّ من الْعلم، لكنه اسْم ذَوي الْعلم، أَو لكل جنس يعلم بِهِ الْخَالِق سَوَاء كَانَ من ذَوي الْعلم أَو لَا وَلَيْسَ اسْما لمجموع مَا سوى الله بِحَيْثُ لَا يكون لَهُ أَفْرَاد بل أَجزَاء فَيمْتَنع جمعه، بل لَهُ أَفْرَاد كَثِيرَة: {وَمَا يعلم جنود رَبك إِلَّا هُوَ} وَقَالَ بَعضهم: هُوَ اسْم لما يعلم بِهِ شَيْء ثمَّ سمي مَا يعلم بِهِ الْخَالِق من كل نوع من الْفلك وَمَا يحويه من الْجَوَاهِر والأعراض، وَذَلِكَ لِأَن الِاخْتِلَاف فِي الْمَقَادِير وَالصِّفَات والأزمنة والأمكنة والجهات والوجود والعدم مَعَ قبُول مَادَّة كل وَاحِد مِنْهَا لما حصل لغيره بالمساواة يسْتَلْزم الْحُدُوث والافتقار إِلَى الْمُخَصّص ابْتِدَاء وإيجادا وإعداما، وَذَلِكَ الْمُخَصّص الموجد والمؤثر لَا بُد وَأَن يَتَّصِف بِوُجُوب الْوُجُود والتوحد والقدم والبقاء والحياة وَعُمُوم الْقُدْرَة والإرادة بِجَمِيعِ الممكنات، وَعُمُوم الْعلم بالواجبات والجائزات والمستحيلات، فيستدل لمعْرِفَة عِلّة الموجودات كلا وبعضا بِالْعلمِ الْمَنْسُوب إِلَيْهَا، أَو بجزئه الْمُسَمّى بالعالم الصَّغِير الْمَنْسُوب إِلَى تِلْكَ الْعلَّة، نِسْبَة الْمَمْلُوك إِلَى الْمَالِك وَهِي الْحَقِيقَة النوعية الإنسانية اسْتِدْلَالا، وَهِي أكمل التمسكات، إِذْ هِيَ النُّسْخَة الْمَجْمُوعَة من العوالي والسوافل وَهِي الْمَقْصد الْأَقْصَى الَّذِي هُوَ الْبَاعِث على إِيجَاد جَمِيع الموجودات، فَهِيَ بِهَذَا الِاعْتِبَار أَولهَا علما وَآخِرهَا صنعا لَا سِيمَا الْفَرد الْأَكْمَل الْأَفْضَل الْأَشْرَف من تِلْكَ الْمَاهِيّة الْمَنْسُوب إِلَى المعبود الْمُطلق، المتصف بِجَمِيعِ الكمالات، المنزه عَن النقائص كلهَا، نِسْبَة الحبيب إِلَى الْمُحب وَهُوَ الذَّات الْكَامِلَة المحمدية عَلَيْهِ وعَلى آله أفضل الصَّلَاة وأكمل التَّحِيَّة فَإِنَّهُ يتوسل بِهِ فِي مَعْرفَته أتم توسل وَلَا شكّ أَن هَذَا الْفَرد أدل بموجده وسيده من غَيره، فَإِن آثَار الصنع فِيهِ أَكثر وَأتم من غَيره، كَمَا أَن الصنع فِي تِلْكَ الْمَاهِيّة أَكثر من الماهيات الْأُخَر، وَبِهَذَا يَتَّضِح لَك أَن كل جرم من أجرام العوالم من السَّمَوَات وَالْأَرضين وَالْعرش والكرسي وَالْإِنْس وَالْجِنّ وَالْمَلَائِكَة وَسَائِر أَنْوَاعهَا وأشخاصها حَادِثَة، وكل حَادث فِيهِ عَلَامَات تميزه عَن موجده الْقَدِيم حَتَّى لَا يلتبس بِهِ أصلا، [وكل مَا هُوَ عذر فِي قدمه فَهُوَ عذر فِي حُدُوثه، وكل مَا هُوَ عذر فِي حُدُوث الْحَوَادِث فَهُوَ عذر فِي حُدُوث الْعَالم] وَهَذَا - أَعنِي حُدُوث الْعَالم - مِمَّا اجْتمع فِيهِ الْإِجْمَاع والتواتر بِالنَّقْلِ عَن صَاحب الشَّرْع فيكفر الْمُخَالف بِسَبَب مُخَالفَة النَّقْل الْمُتَوَاتر لَا بِسَبَب

مُخَالفَة الْإِجْمَاع، وَلَا يسْتَلْزم وجود الْوَاجِب وجود الْعَالم، بل وجود الْعَالم وَعَدَمه جائزان بِالنِّسْبَةِ إِلَى وجود الْحق على مَا ذهب إِلَيْهِ المتكلمون قَالَ أهل الْحق: منشأ عدم الْعَالم فِي الْقدَم إِلَى حِين وجوده هُوَ منشأ وجوده فِي وَقت وجوده [وَلَيْسَ خلقه فِي وَقت دون سَائِر الْأَوْقَات من تَرْجِيح أحد طرفِي الْمُمكن بِلَا مُرَجّح، بل من تَرْجِيح الْمُخْتَار أحد المتساويين من غير دَاع، فَإِن قيل: لَو كَانَ الْعَالم حَادِثا فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن لَا يكون بَينه وَبَين الرب تَعَالَى مُدَّة، أَو يكون مُدَّة، فَإِن كَانَ الأول لزم تقارن الْوُجُود فَيلْزم إِمَّا الْحُدُوث للحدوث، أَو الْقدَم للقدم، وكلا الْأَمريْنِ خلاف الْغَرَض وَإِن كَانَ الثَّانِي فالمادة إِمَّا متناهية أَو لَا، فَإِن كَانَ الأول لزم التناهي لوُجُود الرب تَعَالَى وَهُوَ مُمْتَنع، وَإِن كَانَ الثَّانِي لزم قدم الزَّمَان، وَإِذا أمكن وجود مُدَّة لَا تتناهى أمكن وجود عدم لَا يتناهى قُلْنَا: إِن أُرِيد بِلَفْظ الْمدَّة الزَّمَان فالتقسيم إِنَّمَا يَصح فِيمَا هُوَ قَابل للتقدم والتأخر والمعية بِالزَّمَانِ لَا فِيمَا لَا قَابل لذَلِك، والباري سُبْحَانَهُ لَيْسَ قَابلا للتقدم بِالزَّمَانِ وَلَكِن وجوده غير زماني، وَكَذَلِكَ بِالْمَكَانِ لِأَن وجوده لَيْسَ وجودا مكانيا، فَكَمَا اسْتَحَالَ تقدمه بِالزَّمَانِ كَذَلِك اسْتَحَالَ تقدمه بِالْمَكَانِ، فَلَا يلْزم من نفي الْمدَّة الزمانية بَين الْبَارِي وَبَين الْعَالم وَمن نفي تقدم الْبَارِي على الْعَالم بِالزَّمَانِ الْمَعِيَّة بَينهمَا، كَمَا لَا يلْزم من القَوْل بِنَفْي الْمَكَان التَّقَدُّم بِهِ على الْعَالم الْمَعِيَّة بَينهمَا وَلَو لزم من نفي تقدم أحد الشَّيْئَيْنِ على الآخر بِالزَّمَانِ الْمَعِيَّة بَينهمَا للَزِمَ أَن يكون الزَّمَان الْمَاضِي مَعَ الحالي، والحالي مَعَ الْمُسْتَقْبل، لِاسْتِحَالَة تقدم الزَّمَان على الزَّمَان بِالزَّمَانِ، وَإِذا أُرِيد بالمدة الزَّمَان كَانَ التَّقْسِيم خطأ، إِذْ الزَّمَان من الْعَالم وَالْكَلَام وَاقع فِيهِ، فَإِذا قيل: بَين الْبَارِي وَبَين الْعَالم زمَان أَولا كَانَ حَاصله يرجع إِلَى أَن يكون بَين زمَان الزَّمَان وَبَين الْبَارِي تَعَالَى زمَان أَولا وَهُوَ محَال، إِذْ الزَّمَان الَّذِي وَقع الْخلاف فِيهِ لَا يكون مُتَقَدما على نَفسه بِحَيْثُ يفْرض أَنه بَين الْبَارِي وَبَين نَفسه هَذَا كُله إِذا أُرِيد بالمدة الزَّمَان، وَأما إِذا أُرِيد بالمدة معنى تقديري وَهُوَ مَا يقدره الْمُقدر مَعَ نَفسه وتصوره فِي وهمه من الْمدَّة الَّتِي لَا نِهَايَة لَهَا، كَذَلِك مِمَّا لَا حَقِيقَة لَهُ وَلَا وجود، وَإِنَّمَا هُوَ تقديرات الأوهام، وَلَا يخفى أَن إِثْبَات الْمدَّة بِهَذَا الِاعْتِبَار غير مُوجب لَا لتقدم الزَّمَان، وَلَا نَفيهَا مُوجب للمعية بَين الْبَارِي تَعَالَى والعالم] والعالم: اسْم جنس متكثر غير مَحْصُور فِي عدد والحقائق الْمُخْتَلفَة إِذا اشتركت فِي مَفْهُوم اسْم فَهِيَ من حَيْثُ اختلافها تَقْتَضِي أَن يعبر عَن كل وَاحِدَة على حِدة وَمن حَيْثُ اشتراكها يَقْتَضِي أَن يعبر عَن الْكل بِلَفْظ وَاحِد، وَالْفَاعِل لم يجمع على الفاعلين إِلَّا الْعَالم، والياسم، وَجَاز جمعه بِالْوَاو وَالنُّون، وَإِن كَانَ شاذا لمشابهة هَذَا الِاسْم الصّفة من جِهَة أَن فِيهِ دلَالَة على معنى زَائِد على الذَّات هُوَ كَونه يعلم وَيعلم بِهِ، بِخِلَاف لفظ الْإِنْسَان مثلا فَإِنَّهُ لَا دلَالَة فِيهِ على ذَلِك، وَإِن كَانَ

مَدْلُوله يعلم وَيعلم بِهِ، وَإِنَّمَا جمع [فِي رب الْعَالمين] مَعَ أَن الْإِفْرَاد هُوَ الأَصْل، وَأَنه مَعَ اللَّام يُفِيد الشُّمُول، بل رُبمَا يكون أشمل، لِأَنَّهُ لَو أفرد لربما يتَبَادَر إِلَى الْفَهم أَنه إِشَارَة إِلَى هَذَا الْعَالم الْمشَاهد بِشَهَادَة الْعرف، وَإِلَى الْجِنْس والحقيقة على مَا هُوَ الظَّاهِر عِنْد عدم الْعَهْد فَجمع ليشْمل كل جنس سمي بالعالم إِذْ لَا عهد، وَفِي الْجمع دلَالَة على أَن الْقَصْد إِلَى الْإِفْرَاد دون نفس الْحَقِيقَة وَالْجِنْس [وَالْقَاعِدَة الْمَشْهُورَة مُخْتَصَّة بِموضع النَّفْي] قَالَ الإِمَام الرَّازِيّ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {ليَكُون للْعَالمين نذيرا} إِنَّه يتَنَاوَل الْجِنّ وَالْإِنْس وَالْمَلَائِكَة، لَكنا أجمعنا على أَن سيدنَا ومولانا مُحَمَّدًا لم يكن رَسُولا إِلَى الْمَلَائِكَة فَوَجَبَ أَن يبْقى رَسُولا إِلَى الْإِنْس وَالْجِنّ جَمِيعًا، وَقد نوزع بِأَنَّهُ من أَيْن تَخْصِيصه بهما مَعَ شُمُول الْعَالمين للْمَلَائكَة أَيْضا، كشمول (الْحَمد لله رب الْعَالمين) لهَؤُلَاء الثَّلَاثَة بِإِجْمَاع الْمُفَسّرين، وَالْأَصْل بَقَاء اللَّفْظ على عُمُومه حَتَّى يدل الدَّلِيل على إِخْرَاج شَيْء مِنْهُ، وَلم يدل هُنَا دَلِيل، وَلَا سَبِيل إِلَى وجوده لَا من الْقُرْآن وَلَا من الحَدِيث، وَكَون الْعَالم كري الشكل مَمْنُوع كَمَا قَالَ ابْن حجر فِي " شرح البُخَارِيّ " إِلَّا أَنهم قَالُوا: لَو مَاتَ زيد وَقت الطُّلُوع من أول رَمَضَان مثلا بالصين كَانَ تركته لِأَخِيهِ عَمْرو وَقد مَاتَ فِيهِ بسمرقند، مَعَ أَنَّهُمَا لَو مَاتَا مَعًا لم يَرث أَحدهمَا عَن الآخر، وَاسْتدلَّ أَيْضا بِحَدِيث " إِذا سَأَلْتُم الله الْجنَّة فَاسْأَلُوهُ الفردوس الْأَعْلَى، فَإِنَّهُ أَعلَى الْجنَّة وأوسطها " فَإِن الْأَعْلَى لَا يكون أَوسط إِلَّا إِذا كَانَ كريا الْعدْل: أَصله ضد الْجور وَعدل عَلَيْهِ فِي الْقَضِيَّة وَبسط الْوَالِي عدله ومعدلته: بِكَسْر الدَّال وَفتحهَا وَفُلَان من أهل المعدلة: أَي الْعدْل وَرجل عدل: أَي رَضِي مقنع فِي الشَّهَادَة وَقوم عدل وعدول أَيْضا [وَالْعَدَالَة لُغَة: الاسْتقَامَة وَفِي الشَّرِيعَة: عبارَة عَن الاسْتقَامَة على الطَّرِيق الْحق بِالِاخْتِيَارِ عَمَّا هُوَ مَحْظُور دينا وَهِي نَوْعَانِ: ظَاهِرَة: وَهِي مَا ثَبت بِظَاهِر الْعقل وَالدّين لِأَنَّهُمَا يحملانه على الاسْتقَامَة ويزجرانه عَن غَيرهَا ظَاهرا وباطنة: وَهِي لَا يدْرك مداها لِأَنَّهَا تَتَفَاوَت فَاعْتبر فِي ذَلِك مَا لَا يُؤَدِّي إِلَى الْحَرج وَالْمَشَقَّة وتضييع حُدُود الشَّرْع، وَهُوَ مَا ظهر بالتجربة رُجْحَان جِهَة الدّين وَالْعقل على طَرِيق الْهوى والشهوة بالاجتناب عَن الْكَبَائِر وَترك الْإِصْرَار على الصَّغَائِر]

وَالْعدْل بِاعْتِبَار الْمصدر لَا يثنى وَلَا يجمع وَبِاعْتِبَار مَا صَار إِلَيْهِ من النَّقْل للذات يثنى وَيجمع وَعدل عَن الطَّرِيق عدلا وعدولا: إِذا جَاوز عَنهُ قَالَ الْفراء: يعدل بِالْفَتْح: مَا عدل من غير الْجِنْس كالقيمة مثلا وبالكسر: الْمثل من الْجِنْس، وَمَا يعادل من الْمَتَاع فَهُوَ عديل، وَيسْتَعْمل بِالْفَتْح فِيمَا تدْرك البصيرة كالأحكام وبالكسر يسْتَعْمل فِيمَا يدْرك بالحاسة كالموزونات والمعدودات والمكيلات وَكَذَا العديل وَالْعدْل: هُوَ أَن تُرِيدُ لفظا فتعدل عَنهُ كعمر من عَامر والتضمين: هُوَ أَن تحمل اللَّفْظ معنى غير الَّذِي يسْتَحقّهُ بِغَيْر آلَة ظَاهِرَة وَيجوز إِظْهَار اللَّام مَعَ المعدول، وَلَا يجوز مَعَ المتضمن وَالْعدْل التحقيقي: هُوَ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ دَلِيل غير منع الصّرْف أَي يكون هُنَاكَ دَلِيل على اعْتِبَار الْعدْل فِيهِ سوى كَونه مَمْنُوعًا من الصّرْف وَالْعدْل التقديري: هُوَ أَن لَا يكون هُنَاكَ دَلِيل على اعْتِبَار الْعدْل فِيهِ سوى منع الصّرْف وَالْعدْل: هُوَ أَن يُعْطي مَا عَلَيْهِ وَيَأْخُذ مَا لَهُ وَالْإِحْسَان: هُوَ أَن يُعْطي أَكثر مِمَّا عَلَيْهِ وَيَأْخُذ أقل مِمَّا لَهُ فالإحسان زَائِد عَلَيْهِ، فتحري الْعدْل وَاجِب، وتحري الْإِحْسَان ندب وتطوع وَالْعدْل: الْفِدْيَة لِأَنَّهَا تعادل المفدى وَقَوله تَعَالَى: {وَإِن تعدل كل عدل} أَي تفدي كل فدَاء والعدول: كَون أَدَاة السَّلب جُزْءا من الْقَضِيَّة، كالإنسان لَا حجر، واللاحي جماد والتحصيل خِلَافه كالإنسان حَيَوَان، وَالْحجر لَيْسَ بحيوان الْعدَد: الكمية المتألفة من الوحدات وَقد يُقَال لكل مَا يَقع فِي مَرَاتِب الْعد عدد، فاسم الْعدَد يَقع على الْوَاحِد أَيْضا بِهَذَا الِاعْتِبَار، وَيكون كل عدد سواهُ مركبا مِنْهُ، هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ بعض الْحُكَمَاء، وَذهب الْبَعْض مِنْهُم إِلَى عدم كَون الْوَاحِد عددا لِأَن الْعدَد كم مُنْفَصِل، وَهُوَ قسم من مُطلق الْكمّ الَّذِي يعرف بِأَنَّهُ عرض يقبل الْقِسْمَة لذاته، وَالْوَاحد من حَيْثُ إِنَّه وَاحِد لَا يقبل الْقِسْمَة، فعرفوا الْعدَد بِأَنَّهُ كم متألف من الوحدات، أَو نصف مَجْمُوع حاشيتيه المتقابلتين وَالظَّاهِر أَن نظر هَذَا الْبَعْض أَحَق وَأولى من نظر الْبَعْض الآخر وَالْعدَد التَّام: هُوَ مَا إِذا اجْتمعت أجزاؤه كَانَت مثله وَهُوَ السِّتَّة فَإِن أجزاءها البسيطة الصَّحِيحَة إِنَّمَا هِيَ النّصْف وَالثلث وَالسُّدُس ومجموع ذَلِك سِتَّة وَالْعدَد النَّاقِص: هُوَ مَا إِذا اجْتمعت أجزاؤه البسيطة الصَّحِيحَة كَانَت جُمْلَتهَا أقل مِنْهُ وَهُوَ الثَّمَانِية فَإِن أجزاءها إِنَّمَا هِيَ النّصْف وَالرّبع وَالثمن ومجموع ذَلِك سَبْعَة وَالْعدَد الزَّائِد: هُوَ مَا إِذا اجْتمعت أجزاؤه زَادَت عَلَيْهِ وَهُوَ اثْنَا عشر فَإِن لَهَا النّصْف وَالثلث وَالرّبع وَالسُّدُس وَنصفه ومجموع ذَلِك سِتَّة عشر وَهُوَ زَائِد على الأَصْل الْعَهْد: الموثق وَوَضعه لما من شَأْنه أَن يُرَاعى ويتعهد كالقول والقرار وَالْيَمِين وَالْوَصِيَّة وَالضَّمان وَالْحِفْظ وَالزَّمَان وَالْأَمر. يُقَال: عهد الْأَمِير إِلَى

فلَان بِكَذَا: إِذا أمره وَيُقَال للدَّار من حَيْثُ إِنَّهَا تراعى بِالرُّجُوعِ إِلَيْهَا وللتأريخ لِأَنَّهُ يحفظ والعهد: تَوْحِيد الله وَمِنْه {إِلَّا من اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا} {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} ، {لَئِن أقمتم الصَّلَاة وَآتَيْتُم الزَّكَاة وآمنتم برسلي} إِلَى آخِره {لأكفرن عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ} إِلَى آخِره وَقيل للمطر عهد وعهاد وروضة معهودة: أَي أَصَابَهَا العهاد وَاخْتلف فِي الْعَهْد فِي قَوْله تَعَالَى: {لَا ينَال عهدي الظَّالِمين} وَالْأَظْهَر أَن المُرَاد النُّبُوَّة، فَلَا دلَالَة فِي الْآيَة على أَن الْفَاسِق لَا يصلح للْإِمَامَة والعهد: الْإِلْزَام وَالْعقد: إِلْزَام على سَبِيل الإحكام وعقدت الْحَبل والمعهود فَهُوَ مَعْقُود وأعقدت الْعَسَل وَنَحْوه فَهُوَ معقد وعقيد وعاقد وَعقد (مخففا) : حلف ومشددا: مُبَالغَة فِي الْيَمين نَحْو: وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَعقد الْيَمين: توثيقها بِاللَّفْظِ مَعَ الْعَزْم عَلَيْهَا وَقَوله تَعَالَى: {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} المُرَاد عِنْد أبي حنيفَة التعاقد على التعاقل والتوارث، فَإِذا تعاقدا على أَن يتعاقلا ويتوارثا صَحَّ وَورث بِحَق الْمُوَالَاة، خلافًا للشَّافِعِيّ، وَحمله على الْأزْوَاج على أَن العقد عقد نِكَاح يأباه قَوْله {إيمَانكُمْ} والعهد الذهْنِي: هُوَ الَّذِي لم يذكر قبله شَيْء والعهد الْخَارِجِي: هُوَ الَّذِي يذكر قبله شَيْء وَالْعقد فِي البديع: نظم المنثور والحل: نثر المنظوم وَشَرطه أَن يُؤْخَذ بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ أَو مُعظم اللَّفْظ فيزاد مِنْهُ وَينْقص للوزن وَمَتى أَخذ معنى المنثور دون لَفظه لَا يعد عقدا وَيكون من أَنْوَاع السرقات، وَإِن غير من اللَّفْظ شَيْئا فَيَنْبَغِي أَن يكون المتبقي مِنْهُ أَكثر من المغير بِحَيْثُ يعرف من الْبَقِيَّة صُورَة الْجَمِيع، فَمَا جَاءَ من العقد من الْقُرْآن قَوْله: (أنلني بِالَّذِي استقرضت خطا ... وَأشْهد معشرا قد شاهدوه) (فَإِن الله خلاق البرايا ... عنت لجلال هيبته الْوُجُوه) (يَقُول إِذا تداينتم بدين ... إِلَى أجل مُسَمّى فأكتبوه) وَمِنْه قَوْله: (فَيَأْتُونَ المناكر فِي نشاط ... ويأتون الصَّلَاة وهم كسَالَى) الْعَرَب: هُوَ اسْم جمع وَاحِدَة عَرَبِيّ. وَبَين الْجمع وَوَاحِدَة نزاع بِالنّسَبِ، وَهَذَا الجيل الْخَاص سكان المدن والقرى. والأعراب: صِيغَة جمع وَلَيْسَ جمعا للْعَرَب، قَالَه سِيبَوَيْهٍ وَذَلِكَ لِئَلَّا يلْزم أَن يكون الْجمع أخص من الْوَاحِد، إِذْ الْأَعْرَاب سكان الْبَادِيَة فَقَط، وَلِهَذَا الْفرق نسب إِلَى الْأَعْرَاب على لَفظه يُقَال

(رجل أَعْرَابِي) إِذا كَانَ بدويا، وان لم يكن من الْعَرَب وَرجل عَرَبِيّ: أَي مَنْسُوب إِلَى الْعَرَب وَإِن لم يكن بدويا وَرجل أعجم وأعجمي أَيْضا: إِذا كَانَ فِي لِسَانه عجمة وَإِن كَانَ من الْعَرَب وَرجل عجمي: أَي مَنْسُوب إِلَى الْعَجم وَإِن كَانَ فصيحا وَالْعرب: من جمعهم أَب فَوق النَّضر وَالْعرب العاربة: هم الخلص من الْعَرَب كَذَا الْعَرَب العرباء أَخذ من لَفظه وأكد بِهِ ك (ظلّ ظَلِيل) و (ليل أليل) وَالْعرب المستعربة: ولد إِسْمَاعِيل النَّبِي وَمن بعده طرأت عَلَيْهِ الْعَرَبيَّة، وَعَلِيهِ حمل أَنه أول الْعَرَب أَي المستعربة واتفقت الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وتضافرت نُصُوص الْعلمَاء على أَن الْعَرَب من عهد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام على دينه لم يكفر أحد مِنْهُم قطّ، وَلم يعبد صنما إِلَى عهد عَمْرو بن لحي الْخُزَاعِيّ فَإِنَّهُ أول من غير دين إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَعبد الْأَصْنَام وسيب السوائب والعراب: الْخَيل الْعَرَبيَّة كَأَنَّهُمْ فرقوا بَين الأناسي وَالْخَيْل فَقَالُوا فِي الأناسي: عَرَبِيَّة وأعراب كَمَا قَالُوا فيهم: عُرَاة وَفِي الْخَيل أعراء الْعين: هُوَ مَا لَهُ قيام بِذَاتِهِ، والباصرة وَتطلق على الحدقة الَّتِي هِيَ عبارَة عَن مَجْمُوع طَبَقَات تسع مُحِيط بَعْضهَا بِبَعْض (وَهِي الطَّبَقَة المشيمية، والصلبية، والشبكية، والزجاجية، والجلدية، والبيضية، والعنكبوتية، والعنبية، والقرنية وَجعل بَعضهم القرنية أَربع طَبَقَات، فَيصير عدد الطَّبَقَات ثَلَاث عشرَة على طَبَقَات العناصر والأفلاك) والجفن: هُوَ الغلاف الْمُحِيط بالحدقة وَقد تطلق الْعين على مَجْمُوع الغلاف وَمَا فِيهِ من الحدقة. وَقد يُرَاد بهَا حَقِيقَة الشَّيْء المدركة بالعيان أَو مَا يقوم مقَام العيان وَمن هُنَا لم ترد فِي الشَّرِيعَة عبارَة عَن نفس الْبَارِي تَعَالَى، لِأَن نَفسه غير مدركة فِي حَقنا الْيَوْم، وَأما عين الْقبْلَة وَالذَّهَب وَالْمِيزَان فراجعة إِلَى هَذَا الْمَعْنى وَالْعين الْجَارِحَة تشبه بِعَين الْإِنْسَان لموافقتها فِي كثير من صفاتها وتستعار الْعين لمعان هِيَ مَوْجُودَة فِي الْجَارِحَة بنظرات مُخْتَلفَة وَأَنت على عَيْني: فِي الْإِكْرَام وَالْحِفْظ جَمِيعًا {ولتصنع على عَيْني} : أَي على أَمن لَا تَحت خوف، وَذكر الْعين لتضمنها معنى الرِّعَايَة وَقَوله تَعَالَى: {واصنع الْفلك بأعيننا} أَي برعاية منا وَحفظ وَلما وَردت الْآيَة الأولى فِي إِظْهَار أَمر كَانَ خفِيا وإبداء مَا كَانَ مكتوما جِيءَ بعلى لِأَن الاستعلاء ظُهُور وإبداء، بِخِلَاف الْآيَة الثَّانِيَة، إِذْ لم يرد فِيهَا إبداء شَيْء وَلَا إِظْهَاره بعد كتم، وَالْفرق بَين المقامين إفرادا وجمعا يظْهر من اخْتِصَاص {واصطنعتك لنَفْسي} فِي حق مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَهَذَا الِاخْتِصَاص مُقْتَضَاهُ

وَأما مَا يسْندهُ بِصِيغَة ضمير الْجمع فَالْمُرَاد بِهِ الْمَلَائِكَة كَقَوْلِه: {نَحن نقص عَلَيْك} ونظائره وَالْعين بِمَعْنى الينبوع تجمع على أعين وعيون عَنى الباصرة كَذَلِك، وعَلى أَعْيَان إِذا أردْت الْحَقَائِق أَيْضا وَرجل معيان وعيون: أَي شَدِيد الْإِصَابَة بِالْعينِ وَيجمع على (عين) بِالْكَسْرِ، و (عين) ككتب وَيُقَال: فلَان عين على فلَان: أَي نَاظر عَلَيْهِ وَعين التَّاجِر: بَاعَ سلْعَة بِثمن الى أجل ثمَّ اشْتَرَاهَا بِأَقَلّ من ذَلِك الثّمن الْعِمَارَة: هِيَ مَا يعمر بِهِ الْمَكَان وبالضم: أجرهَا وبالفتح: كل شَيْء على الرَّأْس من عِمَامَة وقلنسوة وتاج وَغَيره وَعمر الرجل منزله بِالتَّشْدِيدِ وَعمر الرجل: طَال عمره بِالتَّخْفِيفِ والعمر بِالضَّمِّ وَالْفَتْح: الْبَقَاء إِلَّا أَن الْفَتْح غلب فِي الْقسم، وَلَا يجوز فِيهِ الضَّم فِي " الْقَامُوس ": جَاءَ فِي الحَدِيث النَّهْي عَن قَول " لعمر الله " وَفِي " الرَّاغِب " الْعُمر: دون الْبَقَاء، لِأَنَّهُ اسْم لمُدَّة عمَارَة الْبدن بِالْحَيَاةِ والبقاء: ضد الفناء، وَلِهَذَا يُوصف الْبَارِي بِالْبَقَاءِ، وقلما يُوصف بالعمر وقرين زيد إِذا كَانَ منصويأ يكْتب بِغَيْر وَاو لدُخُول التَّنْوِين الْعَبَث: هوما يَخْلُو عَن الْفَائِدَة والسفه: مَا لَا يخلوعنها وَيلْزم مِنْهُ الْمضرَّة والسفه أقبح من الْعَبَث، كَمَا أَن الظُّلم أقبح من الْجَهْل قَالَ بدر الدّين الْكرْدِي: الْعَبَث هُوَ الْفِعْل الَّذِي فِيهِ غَرَض لَكِن لَيْسَ بشرعي والسفه مَا لَا غَرَض فِيهِ أصلا وَفِي " الحدادي ": الْعَبَث: كل لعب لَا لَذَّة فِيهِ وَأما الَّذِي فِيهِ لَذَّة فَهُوَ لعب وَقد بالغوا فِي تقبيح الْعَبَث حَتَّى إِن فَخر الإصلام الْبَزْدَوِيّ وَغَيره قرنه مَعَ الْكفْر فِي الْقبْح حَيْثُ قَالَ فِي " أُصُوله ": وَالنَّهْي فِي صفة الْقبْح يَنْقَسِم انقسام الْأَمر مَا قبح لعَينه وضعا كالكفر وَالْكذب والعبث انْتهى والعبث حَقِيقِيّ: وَذَلِكَ اذا لم يتَصَوَّر فَائِدَة وعرفي: وَذَلِكَ اذا لم يتَصَوَّر فَائِدَة متعدا بهَا بِالنّظرِ الى الْمَشَقَّة وعبث فِي النّظر: وَذَلِكَ إِذا تصور فَائِدَة معتدا بهَا لَكِن لَا تكون مَطْلُوبَة عِنْد الطَّالِب الْعَوْل: عَال فِي الحكم: جَار وَمَال كَمَا فِي الْجَوْهَرِي وَالظَّاهِر من قَوْله (وَمَال) تَفْسِير لقَوْله (جَار) إِذْ لَو كَانَ معنى مغايرا لِجَار لقَالَ أَو مَال بِكَلِمَة أَو كَمَا هُوَ عَادَته فَظهر مِنْهُ أَن مُرَاده الْميل إِلَى الْجور كَمَا صرح بِهِ فِي " مُجمل اللُّغَة " لَا مُطلق الْميل وعالني الشَّيْء يعولني: غلبني وعالت النَّاقة ذنبها: رفعته وعال الْأَمر: اشْتَدَّ وتفاقم الْعَدو: التجاوز ومنافاة الالتئام فَتَارَة يعبر بِالْقَلْبِ فَيُقَال لَهُ: العدوة والمعاداة

وَتارَة بِالْمَشْيِ فَيُقَال لَهُ الْعَدو وَتارَة بالإخلال بِغَيْر علمه بالعداوة فَيُقَال لَهُ: الْعدوان [وَمَا هُوَ على لفظ الْمصدر يجوز الْتِزَام إِفْرَاده وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى] : {هم الْعَدو} والعداوة أخص من الْبغضَاء لِأَن كل عَدو مبغض، وَقد يبغض من لَيْسَ بعدو والعدى، بِكَسْر الْعين: الْأَعْدَاء الَّذين تقَاتلهمْ وبالضم: الْأَعْدَاء الَّذين لَا تقَاتلهمْ قَالَ ابْن السّكيت: لم يَأْتِ فعل من النعوت إِلَّا حرف وَاحِد يُقَال: هَؤُلَاءِ قوم عدى والعدو، بِالسُّكُونِ: للحيوان عَام والعسلان: للذئب خَاص والعدوية: من نَبَات الصَّيف بعد ذهَاب الرّبيع والعدوى: مَا يعدي الْجَسَد من الْأَمْرَاض وَتلك على مَا قَالُوا: الجرب والبرص والرمد والحصبة والجذام والوباء والجدري وَأما المتوارث فكالنقرس والسل والصرع والدق والماليخوليا، وَلَا عدوى الا بِإِذن الله تَعَالَى الْعَوْرَة: هِيَ سؤة الْإِنْسَان من الْعَار المذموم وَلِهَذَا سمي النِّسَاء عَورَة مغلظتها: الْقبل والدبر ومخففتها: مَا سواهُمَا من غير الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ من الْحرَّة، وَمَوْضِع الْإِزَار من الرجل، وَمِنْه وَمن الظّهْر والبطن من الْأمة ونغمة الْحرَّة عَورَة أَيْضا ذكر ابْن الدَّقِيق أَن أَمِير إفريقية استفتى أَسد بن الْفُرَات فِي دُخُول الْحمام مَعَ جواريه دون سَاتِر لَهُ ولهن فأفتاه بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُنَّ ملكه وَأجَاب أَبُو مُحرز بِمَنْع ذَلِك، وَقَالَ لَهُ: إِن جَازَ للْملك النّظر إلَيْهِنَّ، وَجَاز لَهُنَّ النّظر إِلَيْك لَكِن لم يجز لَهُنَّ نظر بَعضهنَّ لبَعض وَكتب عمر إِلَى أبي عُبَيْدَة أَن يمْنَع الكتابيات من دُخُول الْحمام مَعَ المسلمات، فَلَا يجوز للمسلمة كشف بدنهَا للمشركة إِلَّا أَن تكون أمة لَهَا الْعذر، بِضَمَّتَيْنِ، وَسُكُون: فِي الأَصْل تحري الْإِنْسَان مَا يمحو بِهِ ذنُوبه بِأَن يَقُول: لم أَفعلهُ، أَو فعلت لأجل كَذَا، أَو فعلت وَلَا أَعُود، وَهَذَا الثَّالِث [تَوْبَة] فَكل تَوْبَة عذر بِلَا عكس والمعذر، بِالتَّشْدِيدِ: المتعذر الَّذِي لَهُ عذر فَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {وَجَاء المعذرون} أَي المتعذرون الَّذين لَهُم عذر وَقد يكون المعذر غير محق فَالْمَعْنى المقصرون بِغَيْر عذر والمعذر، بِالتَّخْفِيفِ: من أعذر وَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ الْآيَة بِهِ وَيَقُول: وَالله هَكَذَا نزلت وَكَانَ يَقُول: لعن الله المعذرين، فالمعذر بِالتَّشْدِيدِ عِنْده من هُوَ غير محق، وبالتخفيف من لَهُ عذر والمعذور شرعا: من يستوعب ابتلاؤه بِعُذْر وَلَو حكما فِي وَقْتَيْنِ متواليين فَصَاعِدا من أَوْقَات صلَاته بِأَن يبتلى بِهِ فِي وَقت كَامِل بِحَيْثُ لَا يَخْلُو عَنهُ زمَان صَالح للْوُضُوء وَالصَّلَاة، ثمَّ يستوعب حَقِيقَة أَو حكما فِي الْوَقْت الثَّانِي وَغَيره بِأَن يبتلى بِهِ عِنْد الصَّلَاة أما لَو ابْتُلِيَ عِنْد غَيرهَا فَلَيْسَ

بمعذورإلا عِنْد الْوضُوء لِأَن فِيهِ اخْتِلَافا الْعِصْمَة: تَعْرِيف الْعِصْمَة بِأَنَّهَا عدم قدرَة الْمعْصِيَة، أَو خلق مَانع مِنْهَا غيرملجىء بل يَنْتَفِي مَعَه الِاخْتِيَار يلائم قَول الإِمَام أبي مَنْصُور الماتريدي بِأَن الْعِصْمَة لَا تزيل المحنة: أَي الِابْتِلَاء الْمُقْتَضِي لبَقَاء الِاخْتِيَار قَالَ صَاحب " الْبِدَايَة " وَمَعْنَاهُ - يَعْنِي قَول أبي مَنْصُور - أَنَّهَا لاتجبره على الطَّاعَة ولاتعجزه عَن الْمعْصِيَة، بل هِيَ لطف من الله يحمل العَبْد على فعل الْخَيْر، ويزجره عَن فعل الشَّرّ مَعَ بَقَاء الِاخْتِيَار تَحْقِيقا للابتلاء والعصمة والتوفيق كل مِنْهُمَا ينْدَرج تَحت الْعَطف اندراج الْأَخَص تَحت الْأَعَمّ، فَإِن مَا أدّى مِنْهُ إِلَى ترك الْمعْصِيَة يُسمى عصمَة، وَمَا أدّى مِنْهُ إِلَى فعل الطَّاعَة يُسمى تَوْفِيقًا وعصمة الْأَنْبِيَاء: حفظ الله إيَّاهُم أَولا بِمَا خصهم بِهِ من صفاء الْجَوْهَر، ثمَّ بِمَا أولاهم من الْفَضَائِل الجسمية النفيسة، ثمَّ بالنصرة وتثبيت الْأَقْدَام، ثمَّ بإنزال السكينَة عَلَيْهِم وبحفظ قُلُوبهم وبالتوفيق (وعصمة الْأَنْبِيَاء عَن الْكَذِب فِي الْإِخْبَار عَن الْوَحْي فِي الْأَحْكَام وَغَيرهَا دون الْأُمُور الوجودية لَا سِيمَا إِذا لم يقرعلى السَّهْو وَاعْلَم أَن الْأَنْبِيَاء " عصموا دَائِما عَن الْكفْر (وقبائح يطعن بهَا أوتدني إِلَى دناءة الهمة، وَعَن الطعْن بِالْكَذِبِ) وَبعد الْبعْثَة عَن سَائِر الْكَبَائِر لَا قبلهَا، وَعَن الصَّغَائِر عمدا، لَا الصَّغَائِر غير المنفرة خطأ فِي التَّأْوِيل أَو سَهوا مَعَ التنبه وتنبيه النَّاس عَلَيْهَا لِئَلَّا يقْتَدى بهم فِيهَا أما المنفرة كسرقة لقْمَة أَو حَبَّة [أَو غير ذَلِك مِمَّا يدل على دناءة الهمة] فهم معصومون عَنْهَا مُطلقًا وَكَذَا من غير المنفرة كنظرة لأجنبية عمدا [وَالْجُمْهُور من أَصْحَابنَا على أَنه لَا يمْتَنع عَنْهُم كَبِيرَة قبل النُّبُوَّة فضلاعن صَغِيرَة، إِذْ لَا دلَالَة للمعجزة على انتفائها عَنْهُم قبلهَا، وَلَا سَمْعِي يدل عَلَيْهِ] وَالرَّوَافِض أوجبوا عصمَة الْأَنْبِيَاء عَن الذَّنب والمعاصي مُطلقًا كَبِيرَة أَو صَغِيرَة، عمدا أَو سَهوا، قبل الْبعْثَة وَبعدهَا، وَهَذَا كفر لِأَنَّهُ رد النُّصُوص وَالدَّلِيل على أَن النَّبِي مثل الْأمة فِي حق جَوَاز صُدُور الْمعْصِيَة مِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {قل إِنَّمَا أَنا بشر مثلكُمْ يُوحى إِلَيّ} ، {وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاك لقد كدت تركن إِلَيْهِم شَيْئا قَلِيلا} لَكِن الله تَعَالَى عصمهم ظَاهرا وَبَاطنا من التَّلَبُّس بمنهي عَنهُ مُطلقًا، فَيجب فِي حَقهم الصدْق فِيمَا بلغوه عَن الله ئعالى اتِّفَاقًا، وَكَذَا الْأَمَانَة على الْمَشْهُور، بل الصَّوَاب قبل النُّبُوَّة وَبعدهَا [فالكذب فِي الْإِخْبَار عَن الْوَحْي فِي الْأَحْكَام وَغَيرهَا مُسْتَحِيل] فالكذب فِي التَّبْلِيغ عمدا كَانَ أَو سَهوا أَو غَلطا فِي حَقهم مُسْتَحِيل وَكَذَا الْخِيَانَة بِفعل شَيْء مِمَّا نهي عَنهُ نهي تَحْرِيم أَو كَرَاهِيَة، وَكَذَا يَسْتَحِيل

فِي حَقهم كتمان شَيْء مِمَّا أمروا بتبليغه (لوُجُوب التَّبْلِيغ فِي حَقهم أَيْضا) ثمَّ اعْلَم أَن مَا أَمرهم الله من الشَّرْع وَتَقْرِيره وَمَا يجْرِي مجراهما من الْأَفْعَال كتعليم الْأمة بِالْفِعْلِ فهم معصومون فِيهِ من السَّهْو والغلط وَأما مَا لَيْسَ من هذَيْن الْقسمَيْنِ، أَعنِي بِهِ مَا لَيْسَ طَرِيقه الإبلاغ بل يخْتَص بِهِ الْأَنْبِيَاء من أُمُور دينهم وأفكار قُلُوبهم وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يَفْعَلُونَهُ، لَا ليتبعوا فِيهِ فَإِنَّهُم فِيهِ كغيرهم من الْبشر فِي جَوَاز السَّهْو والغلط، هَذَا مَا عَلَيْهِ أَكثر الْعلمَاء خلافًا لجَماعَة المتصوفة وَطَائِفَة من الْمُتَكَلِّمين حَيْثُ منعُوا السَّهْو وَالنِّسْيَان والغفلات والعثرات جملَة فِي حَقهم وَأما قصصهم فَمَا كَانَ مَنْقُولًا بالآحاد وَجب ردهَا لِأَن نِسْبَة الْخَطَأ إِلَى الروَاة أَهْون من نِسْبَة الْمعاصِي إِلَى أَنْبيَاء الله وَمَا ثَبت مِنْهَا تواترا فَمَا دَامَ لَهُ محمل آخر حملناه عَلَيْهِ، ونصرفه عَن ظَاهره لدلائل الْعِصْمَة وَمَا لم نجد لَهُ محيصا حكمنَا على أَنه كَانَ قبل الْبعْثَة، لأَنهم جوزوا صُدُور الْمعْصِيَة على سَبِيل الندور كقصة إخْوَة يُوسُف فَإِن إخْوَته صَارُوا أَنْبيَاء، أَو من قبيل ترك الأولى، أَو من صغائر صدرت عَنْهُم سَهوا، أَو من قبيل الِاعْتِرَاف بِكَوْنِهِ ظلما مِنْهُم، أَو من قبيل التَّوَاضُع وهضم النَّفس وَغير ذَلِك من المحامل فواقعة آدم نِسْيَان، [أَو من قبيل ترك الأولى] أَو قبل النُّبُوَّة بِدَلِيل {ثمَّ اجتباه} وَالْمُدَّعِي مطَالب بِالْبَيَانِ [وَقَول سيدنَا نوح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: {إِن ابْني من أَهلِي} فالأصواب فِيهِ مَا ذكره الإِمَام أَبُو مَنْصُور رَحمَه الله أَنه كَانَ عَن سيدنَا نوح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ان ابْنه على دينه، لِأَنَّهُ كَانَ ينافق وَأولُوا] كَلَام الْخَلِيل: {هَذَا رَبِّي} على سَبِيل الْفَرْض ليبطله [وبإضمار الِاسْتِفْهَام أَو يُرِيد أَنهم كَذَا يَقُولُونَ، كَمَا تَقول إِذا أردْت إبِْطَال القَوْل بقدم الْأَجْسَام: (الْجِسْم قديم) أَي كَذَا يَقُول الْخصم، ثمَّ تَقول: لوكان قَدِيما لم يكن متغيرا فَكَذَا {لَا أحب الآفلين} أَي لَو كَانَ رَبًّا لما تغير {بل فعله كَبِيرهمْ} مُعَلّق بِالشّرطِ، وَانْتِفَاء الشَّرْط يسْتَلْزم انْتِفَاء الْمَشْرُوط فَالْمَعْنى أَنهم لم يَفْعَلُوا، أَو هُوَ مثل قَوْلك لمن يظنّ أَنَّك لَا تحسن الْكِتَابَة وَأَنت مَشْهُور بِحسن الْخط فَيَقُول أَنْت كتبت: بل كتبت أَنْت و {إِنِّي سقيم} أَي سقيم الْقلب من الْحزن وَالْغَم بِسَبَب عنادهم، أَو عرف أَنه سيصير سقيما فِي الْمُسْتَقْبل فَقَالَ: إِنِّي سقيم فِي ذَلِك الْوَقْت، فَلَعَلَّ الله تَعَالَى أخبر بِأَنَّهُ مهما طلع النَّجْم الْفُلَانِيّ فَإنَّك تمرض وَاسْتشْكل هَذِه التأويلات مَا روى الْحسن رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: لم يكذب إِبْرَاهِيم غير ثَلَاث مَرَّات " إِلَى آخر الحَدِيث وَالْجَوَاب بِأَن مَعْنَاهُ لم يتَكَلَّم بِكَلَام صورته صُورَة الْكَذِب وَإِن كَانَ حَقًا فِي الْبَاطِن إِلَّا هَذِه الْكَلِمَات، وَلَك أَن تَقول: إِن ذَلِك كَانَ قبل

أَن يجْرِي عَلَيْهِ الْقَلَم، وَلَعَلَّ الْغَرَض فِي قَوْله تَعَالَى {أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى} تَكْثِير الدَّلَائِل ليَكُون الْعلم أبعد من الشكوك وَلِهَذَا السَّبَب أَكثر الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن الْكَرِيم من ذكر الدَّلَائِل الدَّالَّة على التَّوْحِيد وَالصِّفَات واستغفاره لِأَبِيهِ الْكَافِر لَعَلَّه لم يجد فِي شَرعه مَا يمْنَع مِنْهُ، فَلَمَّا مَنعه الله ثاب، أَو كَانَ يتَوَقَّع مِنْهُ الْإِيمَان فَلَمَّا أيس مِنْهُ ترك الاسْتِغْفَار وَقتل سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام القبطي خطأ أَو قبل النُّبُوَّة وَقَوله: {هَذَا من عمل الشَّيْطَان} أَي: الْمَقْتُول من عمل الشَّيْطَان أَي من جنده وأحزابه وَقَوله لسيدنا الْخضر عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام {لقد جِئْت شَيْئا نكرا} يَعْنِي أَن قتلته ظلما، أَو من نظر إِلَى الظَّاهِر وَلم يعرف الْحَقِيقَة حكم عَلَيْهِ بِأَنَّهُ شَيْء مُنكر وقصة سيدنَا دَاوُد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَولهَا وَآخِرهَا تشهد بِأَن هَذِه الْقِصَّة كَاذِبَة بَاطِلَة على الْوَجْه الَّذِي يَرْوِيهَا أهل الحشو كَيفَ يُقَال: فلَان عَظِيم الدرجَة فِي الدّين، عالي الْمرتبَة فِي طَاعَة الله يقتل ويزني؟ وَهَذَا الْكَلَام لَا يَلِيق بِأحد من الْعباد، فبأن لَا يَلِيق بِكَلَام الله أولى قَالَ سيدنَا عَليّ رَضِي الله عَنهُ: " من حدث بِحَدِيث دَاوُد على مَا يرويهِ الْقصاص جلدته مئة وَسِتِّينَ " وأقصى مَا فِي هَذِه الْقِصَّة الْإِشْعَار بِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ود أَن يكون لَهُ مَا لغيره، وَكَانَ لَهُ أَمْثَاله، أَو خطب مخطوبة الْغَيْر، أَو استنزله عَن زَوجته وَكَانَ ذَلِك مُعْتَادا فِيمَا بَينهم] {ووجدك ضَالًّا} معَارض بقوله: {مَا ضل صَاحبكُم وَمَا غوى} [والتوفيق بِأَن هَذَا يحمل على نفي الضلال فِي الدّين، وَذَاكَ مَحْمُول على الضلال فِي أُمُور الدُّنْيَا، أَو فِي طَرِيق مَكَّة، أَو فِي طَرِيق مُخَالطَة الْخلق، أَو وَجدك محبا فِي الْهدى فهداك وناهيك شَاهدا قَوْله تَعَالَى: {إِنَّك لفي ضلالك الْقَدِيم} حَيْثُ أُرِيد أفراط محبته فِي سيدنَا يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام] وَالْإِذْن لِلْمُنَافِقين وَأخذ الْفِدَاء من الْأُسَارَى قد وَقعا بعد الْمُشَاورَة فيهمَا، وَلم يعلم أَن الأولى فيهمَا التّرْك إِلَّا بعد الْوَحْي فالنبي مَعْذُور فيهمَا كَمَا يشْعر بِهِ قَوْله تَعَالَى: {عَفا الله عَنْك لم أَذِنت لَهُم} حَيْثُ قدم على الْخطاب مَا يدل على أَنه لَيْسَ بطرِيق العتاب [وعتاب الْأَنْبِيَاء على ترك الْأَفْضَل مَعَ فعل الْفَاضِل

فَلَا يكون فعل الْفَاضِل زلَّة] وَقَوله تَعَالَى: {مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى} حَيْثُ لم يواجهه بالعبارة الصَّرِيحَة، بل بِصُورَة الْغَيْبَة على طَرِيق النَّصِيحَة غَايَة مَا يُقَال أَنه وَقع ترك الأولى فيهمَا، وَلَيْسَ من هَذَا الْقَبِيل قَوْله تَعَالَى: {لم تحرم مَا أحل الله لَك} إِذْ لَا قَائِل بِأَن الْمُبَاشرَة للجاربة أَو شرب الْعَسَل كَانَ أولى من تَركهمَا لِأَن كل وَاحِد من الْأَمريْنِ من قبيل الْمُبَاح الَّذِي لَا حرج فِي فعله وَلَا فِي تَركه، وإنماقيل لَهُ هَكَذَا رفقا بِهِ وشفقة عَلَيْهِ، فَيكون التَّحْرِيم بِمَعْنى الِامْتِنَاع من الِانْتِفَاع بِالْأَمر الْمُبَاح لتطييب خواطر الْأزْوَاج الطاهرات اللَّاتِي قابلنه بالمخالفة فِيمَا يسوؤه حَتَّى أَلْجَأَهُ إِلَى الِامْتِنَاع من الِانْتِفَاع بِمَا أحله الله تَعَالَى {ووضعنا عَنْك وزرك} كَانَ قبل النُّبُوَّة، أَو من ترك الأولى [وَالأَصَح صرف الْوزر إِلَى أثقال الرسَالَة] {واستغفر لذنبك} : أَي لما يتَصَوَّر عنْدك أَنه تَقْصِير و {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} : من بَاب الِاسْتِعَارَة التمثيلية من غير تحقق مَعَاني الْمُفْردَات، فَالْمَعْنى أَنَّك مغْفُور غير مَأْخُوذ بذنب أَن لَو كَانَ وَمثله الإِمَام بقَوْلهمْ (اضْرِب من لقِيت وَمن لَا تَلقاهُ) مَعَ أَن من لَا تَلقاهُ لَا يمكنك ضربه [وَمثله قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء إِلَّا مَا قد سلف} يَعْنِي إِن أمكنكم أَن تنْكِحُوا، والمصدر يجوز إِضَافَته إِلَى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول فَالْمَعْنى: ليغفر لِأَجلِك وَلأَجل بركتك مَا تقدم من ذنبهم فِي حَقك وَمَا تَأَخّر وَيقرب مِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الله لعذبهم وَأَنت فيهم} ] (وَالْمرَاد مِنْهُ الْعُمُوم فَكَذَا هَهُنَا) وَالْحق أَن الْعِصْمَة لَا ترفع النَّهْي، وَقد كَانَ الله يحذر نبيه من اتِّبَاع الْهوى أَكثر مِمَّا يحذر غَيره، لِأَن ذَا الْمنزلَة الرفيعة إِلَى تَجْدِيد الْإِنْذَار أحْوج حفظا بِمَنْزِلَتِهِ وصيانة بمكانته وَقد قيل: حق الْمرْآة المجلوة أَن يكون تعهدها أكئر إِذا كَانَ قَلِيل من الصدأ عَلَيْهَا أظهر والعصة: تعم الذَّات كلهَا وَالْحِفْظ: يتَعَلَّق بالجوارح مُطلقًا (وعصم الكوافر: مَا يعتصم بِهِ الكافرات من عقد وَسبب) العَبْد: هوإنسان يملكهُ من يملك فِي " الْقَامُوس " هُوَ إِنْسَان حرا كَانَ أَو عبدا، أَو الْمَمْلُوك وَهُوَ أشرف أَسمَاء الْمُؤمن، وَلِهَذَا عبر بِهِ عَمَّن هُوَ أشرف نوع الْإِنْسَان فِي قَوْله تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ} غير أَن فِيهِ إِشَارَة إِلَى العروج بِالْبدنِ وَالروح مَعًا إِذْ العَبْد اسْم الْمَجْمُوع

وَعبد قن: إِذا كَانَ خَالص القنونة أَي الْعُبُودِيَّة، وَأَبَوَاهُ عبد وَأمة والقن: لَا يَشْمَل الْأمة عِنْد الْفُقَهَاء. وَالْعَبْد الْمُضَاف إِلَى الله تَعَالَى يجمع على (عباد) ، وَإِلَى غَيره على (عبيد) وَهَذَا هُوَ الْغَالِب وَفِي عرف الْقرى ن إِضَافَة الْعباد تخْتَص بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْعَبِيد: إِذْ أضيف إِلَى الله فَهُوَ أَعم من الْعباد، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى {وَمَا أَنا بظلام للعبيد} وَقد قَالَ فِي مَوضِع آخر: {وَمَا الله يُرِيد ظلما للعباد} خصص أَحدهمَا بالإرادة مَعَ لفظ الْعباد، وَالْآخر بِلَفْظ الظلام، وَالْعَبِيد تَنْبِيها على أَنه لَا يظلم من يخصص بِعِبَادَتِهِ وَاعْلَم أَن الْمَنْفِيّ فِي قَوْله: {وَمَا الله يُرِيد ظلما للعباد} نفي حُدُوث تعلق إِرَادَته بالظلم فَيكون أبلغ، وَالتَّقْدِير ظلما مِنْهُ كَمَا هُوَ عِنْد السّني، لَا مُطلقًا حَتَّى يعم ظلم بعض الْعباد لبَعض، فالحمل على التَّقْيِيد بِدلَالَة السُّوق [قَالَ أهل اللُّغَة: إِذا قَالَ رجل لآخر: لَا أُرِيد ظلمك، كَانَ مَعْنَاهُ: لأ أُرِيد أَن تظلم أَنْت من غير تعْيين الْفَاعِل، وَإِذا قَالَ: لَا أُرِيد ظلما لَك كَانَ مَعْنَاهُ: لَا أُرِيد أَن أظلمك فَهَذِهِ اللَّفْظَة، وَإِن كَانَت مُحْتَملَة للمعنيين جَمِيعًا، إِلَّا أَنا نعين أَحدهمَا وَهُوَ أَن المُرَاد: لَا أُرِيد ان أظلمك بِدلَالَة السُّوق] وَالْحمل على الْإِطْلَاق وَعُمُوم النَّفْي كَمَا حمله المتعتزلة لَا يُقَال: وُقُوع ظلم بَعضهم لبَعض، كَيفَ لَا يكون بِغَيْر إِرَادَته، وَقد تقرر أَنه لَا يجْرِي فِي ملكه الا مَا يَشَاء، ولووقع بإرادته، وفيهَا إِشْعَار بِالطَّلَبِ، فَطلب الْقَبِيح قَبِيح وَلَو لم يعد ظلم بَعضهم لبَعض وتمكينه عَلَيْهِ وخلقه عقيب إِرَادَته بِاخْتِيَارِهِ وَكَسبه ظلما مِنْهُ تَعَالَى فَلِأَن لَا يعد ترك المعاقبة على الظُّلم ظلما أولى فَيلْزم حِينَئِذٍ أَن لَا ينْتَقم من الظَّالِم وَهَذَا يُنَافِي الْعدْل، لأَنا نقُول: جَمِيع مَا وَقع بإرادته تَعَالَى، لَكِن إِرَادَة ظلم الْعباد فِيمَا بَينهم لَيست بِرِضَاهُ وبمحبته، فَيجْعَل مجَازًا عَن الرضى والقبيح هُوَ الاتصاف وَالْقِيَام لَا الإيجاد والتمكين كَمَا بَين فِي مَحَله وَالظُّلم فِي صُورَة التَّمْكِين قَائِم بِالْعَبدِ، والمتصف بِهِ هُوَ لَا الْخَالِق والممكن وَفِي صُورَة ترك الانتقام من الظَّالِم إِرَادَة حكم ظلمه للمظلوم فَيلْزم أَن يَتَّصِف الْبَارِي تَعَالَى نَفسه بالظلم غَايَة مَا فِي الْبَاب يكون ذَلِك شَبِيها بِرِضَاهُ بذلك، وَإِن لم يجب عَلَيْهِ شَيْء عندنَا وعبودية النَّبِي أشرف من رسَالَته لِأَنَّهُ بالعبودية ينْصَرف من الْخلق إِلَى الْحق، وبالرسالة بِالْعَكْسِ، وَلِهَذَا قدم فِي (أشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله) وَبِه رجح تشهد ابْن مَسْعُود على تشهد ابْن عَبَّاس [وَاعْلَم أَن امْتنَاع صُدُور الْقَبِيح عَنهُ تَعَالَى على قَاعِدَة الاعتزال بِدَلِيل عقلى هُوَ أَنه تَعَالَى مستغن عَن الْقَبِيح وعالم بقبحه وبغناه عَنهُ فَيمْتَنع الصُّدُور لحكمته لَا لِخُرُوجِهِ عَن قدرته، وبدلائل سمعية نطق بهَا التَّنْزِيل فَإِن نفى الظُّلم عَنهُ تَعَالَى لَيْسَ إِلَّا لقبحه فَيعم القبائح كلهَا وَمن الْمَعْلُوم أَنه إِذا لم

يكن آمرا بالفحشاء لم يكن فَاعِلا لَهَا أصلا، وَأما على قَاعِدَة أهل الْحق فَلَا قَبِيح بِالنِّسْبَةِ الى الله تَعَالَى، بل الْأَفْعَال كلهَا بِالْقِيَاسِ إِلَيْهِ على سَوَاء، وَلَا يتَصَوَّر فِي أَفعاله الظُّلم، لِأَن الْكل مِنْهُ وَبِه وَإِلَيْهِ، وَله أَن يتَصَرَّف فِي الْأَشْيَاء كَمَا يَشَاء، وَإِنَّمَا يُوصف بالقبح وَالظُّلم ونظائرهما أَفعَال الْعباد بِاعْتِبَار كسبهم لَهَا وقيامها بهم، لَا بِاعْتِبَار إِيجَاد الله إِيَّاهَا فيهم كَمَا حقق فِي مَحَله والعبودية أقوى من الْعِبَادَة لِأَنَّهَا الرضى بِمَا يفعل الرب وَالْعِبَادَة: فعل مَا يُرْضِي الرب وَالْعِبَادَة تسْقط فِي العقبى، والعبودية لَا تسْقط] وعبدت الله بِالتَّخْفِيفِ، وعبدت الرجل بِالتَّشْدِيدِ: أَي اتخذته عبدا الْعَزْم: عزم على الْأَمر: أَرَادَ فعله وَقطع عَلَيْهِ، أَو جد فِي الْأَمر [وَأما الْقَصْد فَإِنَّهُ اذا كَانَ كَافِيا فِي وجود الْمَوْجُود كَانَ مَعَه، وَإِذا لم يكن كَافِيا فِيهِ يتَقَدَّم عَلَيْهِ زَمَانا، وَقد يُقَال: معنى الْقَصْد إِلَى تَحْصِيل الشَّيْء والتأثير فِيهِ لَا يعقل إِلَّا حَال عدم حُصُوله، كَمَا أَن إيجاده لَا يعقل الا حَال حُصُوله وَإِن كَانَ سَابِقًا عَلَيْهِ بِالذَّاتِ وَاخْتلف الْعُقَلَاء فِي أَن الْحَالة الَّتِي تظهرفي قلبنا قبل أَن نَفْعل شَيْئا أَو نتركه حَتَّى تَقْتَضِي الْفِعْل أَو التّرْك مَا هِيَ؟ فَقَالَ قوم من محققي الْمُعْتَزلَة: إِنَّهَا هِيَ الداعية، وَمن النَّاس من قَالَ: الْميل والإرادة حَالَة زَائِدَة على هَذِه الداعية، لِأَن الْميل يُوجد بِدُونِ هَذِه الداعية، فَإِن العطشان إِذا خير بَين شرب قدحين متساويين من المَاء فَلَا بُد أَن يحدث فِي قلبه ميل الى تَرْجِيح أَحدهمَا على الآخر، وَكَذَا مَتى علمنَا أَو اعتقدنا أَو ظننا اشْتِمَال الْفِعْل على الْمصلحَة يتَوَلَّد عَن ذَلِك الْعلم ميل ورغبة وترجيح وَيكون ذَلِك الْميل كالأمر اللَّازِم لذَلِك الْعلم، وكالأمر الْمُتَوَلد مِنْهُ، والداعي فِي فِي حق الله لَيْسَ إِلَّا الْعلم باشتمال ذَلِك الْفِعْل على مصلحَة راجحة لَا الِاعْتِقَاد وَالظَّن، فَإِنَّهُمَا ممتنعان على الْبَارِي تَعَالَى] والعزيمة: اسْم لما هُوَ أصل من الْأَحْكَام غير مُتَعَلق بالعوارض والرخصة: اسْم لما بني على أعذار الْعباد، وَهُوَ مايستباح مَعَ قيام الْمحرم وأولو الْعَزْم من الرُّسُل: هم الَّذين عزموا على أَمر الله فِيمَا عهد إِلَيْهِم (أَو هم: نوح، وَإِبْرَاهِيم، ومُوسَى، وَمُحَمّد، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام) قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: هم أولو الْجد والثبات، أَو هم: نوح، وَإِبْرَاهِيم، وَإِسْحَق، وَيَعْقُوب، ويوسف، وَأَيوب، ومُوسَى، وَدَاوُد، وَعِيسَى عَلَيْهِم السَّلَام قَالَ بَعضهم: الْمُرْسل إِذا أعطي السَّيْف أَو الْجَبْر والإلحاح فِي الْجُمْلَة كَانَ من أولي الْعَزْم من الرُّسُل وَقَالَ الْبَعْض: أولو الْعَزْم من الرُّسُل هم أَصْحَاب الشَّرَائِع اجتهدوا فِي تأسيسها وتقريرها، وصبروا على تحمل مشاقها ومعاداة الطاعنين فِيهَا ومشاهيرهم: نوح، وَإِبْرَاهِيم، ومُوسَى

وَعِيسَى عَلَيْهِم السَّلَام [وَفِي " الإتقان ": أصح الْأَقْوَال أَنهم سيدنَا نوح وَسَيِّدنَا إِبْرَاهِيم وَسَيِّدنَا مُوسَى وَسَيِّدنَا عِيسَى وَسَيِّدنَا ومولانا مُحَمَّد عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام نظم بعض الأدباء: (أولو الْعَزْم نوح والخليل بن آزر ... ومُوسَى وَعِيسَى والحبيب مُحَمَّد] ) العوذ: الالتجاء والاستجارة فَمَعْنَى أعوذ بِاللَّه: أَي ألتجىء إِلَى رَحمته وعصمته و [العوذ] : الإلصاق أَيْضا يُقَال: أطيب اللَّحْم عوذه: وَهُوَ مَا ألصق مِنْهُ بالعظم، وعَلى هَذَا مَعْنَاهُ ألصق نَفسِي بِفضل الله وَرَحمته و (من) بعده إِمَّا للابتداء كَمَا فِي قَوْله: {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} وَأما للانتقال كَمَا فِي قَوْله: {وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا} وَإِمَّا للتعدية فَإِن وُقُوع هَذَا الْفِعْل على الِاسْم الْمَذْكُور بعده مُخْتَصّ بِهَذِهِ الْكَلِمَة لُغَة وَتَحْقِيق الْمَعْنى الأول وَالثَّانِي أَن العوذ يبْدَأ بالانفصال من الشَّيْطَان، وَيتم بالاتصال بِاللَّه، وَهُوَ انْتِقَال من غير الله إِلَى الله [وَهُوَ دُعَاء بِلَفْظ الْخَبَر وَلَيْسَ من الْقُرْآن] وَيقْرَأ قبل الْقِرَاءَة بِمُقْتَضى الْخَبَر، وَبعدهَا بِمُقْتَضى الْقُرْآن جمعا بَين الدَّلَائِل بِقدر الْإِمْكَان وَهُوَ فِي الصَّلَاة للْقِرَاءَة عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد بِدَلِيل قَوْله: {فَإِذا قَرَأت الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه} فَلَا يتَعَوَّذ الْمُؤْتَم عِنْدهمَا إِذْ لَا قِرَاءَة عَلَيْهِ وللصلاة عِنْد أبي يُوسُف لعدم التكرر بِالْقِرَاءَةِ، فَعنده يتَعَوَّذ الْمُؤْتَم لِأَنَّهُ للصَّلَاة وَقدم الْعَامِل فِيهِ خلاف التَّسْمِيَة للاهتمام كَمَا فِي {اقْرَأ باسم رَبك} وَهُوَ دُعَاء بِلَفْظ الْخَبَر وَلَيْسَ من الْقُرْآن وَأما الْبَسْمَلَة فقرآنيتها أَوَائِل السُّور ثَابِتَة ظنا لَا قطعا، والتواتر فِي نَفيهَا لاثباتها أَيْضا مَمْنُوع لعدم انطباق ضَابِط التَّوَاتُر عَلَيْهِ، إِذْ هُوَ خبر جمع يمْتَنع عَادَة توافقهم على الْكَذِب، وَيكون خبرهم عَن محسوس لَا عَن مَعْقُول وَلَا معَارض هُنَاكَ، وفيهَا لم يبلغ كل وَاحِد من الطَّرفَيْنِ مبلغا يمْتَنع فِي الْعَادة التوافق على الْكَذِب فِي مثله، وَالْحَال أَن الْمعَارض مَوْجُود والنافي قَائِم فَلَا تصح دَعْوَى تَوَاتر ذَلِك، فَلَا يلْزم تَوَاتر المحكمين المتناقضين بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَات وَلَئِن سلم فالشيء قد يتواتر عِنْد قوم دون آخَرين، بل الْمُتَوَاتر فِي طبقَة قد يكون آحادا فِي غَيرهَا كَمَا فِي الْقِرَاءَة الشاذة فِي بعض موَاضعهَا، فَإِنَّهُ متواترفي الطَّبَقَة الأولى فَيكون من الْمُتَوَاتر الْمُخْتَلف فِيهِ؛ وَمثله لقُوَّة الشُّبْهَة لَا يكفر جاحده وَذكر فَخر الْإِسْلَام الْبَزْدَوِيّ فِي " الْمَبْسُوط " أَن التَّسْمِيَة عندنَا آيَة من الْقُرْآن نزلت للفصل بَين السُّور، وَهُوَ الصَّحِيح من مَذْهَبنَا وَلِهَذَا كره مُحَمَّد الْقِرَاءَة {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} على قصد الْقِرَاءَة لَا على قصد افْتِتَاح أمره لِأَنَّهَا آيَة تَامَّة غير الَّتِي فِي سُورَة النَّمْل فَإِنَّهَا بعض آيَة وَذكر أَبُو

بكر أَن الْأَصَح أَنَّهَا آيَة فِي حق حُرْمَة الْمس دون جَوَاز الصَّلَاة [والمتأخرون من الْحَنَفِيَّة ذَهَبُوا إِلَى أَن الصَّحِيح من الْمَذْهَب أَنَّهَا أَيَّة وَاحِدَة من الْقُرْآن لَيست جُزْءا لشَيْء من السُّور، بل نزلت وَحدهَا للفصل بَينهَا تبركا بهَا فَنَشَأَ من ذَلِك اخْتِلَاف آخر، وَهُوَ أَنَّهَا آيَة وَاحِدَة مُنْفَرِدَة أَو آيَات بِعَدَد تِلْكَ السُّور وَالْقَوْل أَنَّهَا لَيست بِآيَة من السُّور مَحْمُول على مَا هُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَأَتْبَاعه، أَعنِي أَنَّهَا لَيست من الْقُرْآن أصلا، وَهُوَ أَيْضا قَول ابْن مَسْعُود وَمذهب مَالك رَضِي الله عَنْهُمَا] ، (وَلم يُوجد مَا فِي حَوَاشِي " الْكَشَّاف " " والتلويح " أَنَّهَا لَيست من الْقِرَاءَة فِي الْمَشْهُور من مَذْهَب أبي حنيفَة نعم قد ثَبت ذَلِك من مَذْهَب مَالك رَحمَه الله وكل أُنْثَى وضعت فَهِيَ عَائِذ، إِلَى سَبْعَة أَيَّام) الْعشَاء، بِالْفَتْح وَالْمدّ: طَعَام يُؤْكَل بَين الظّهْر وَنصف اللَّيْل، وَيُطلق على الْوَقْت توسعا وَإِذا حصلت آفَة فِي الْبَصَر قيل عشي كرضي وَإِذا نظر نظر المعشي بِلَا آفَة قيل: عشا كنصر أَي تعامى وَنَظِيره (عرج) فَإِنَّهُ ك (علم) لمن بِهِ آفَة وك (فتح) لمن مَشى مشْيَة العرجاء من غير آفَة الْعَصْر: الدَّهْر وَالْيَوْم وَاللَّيْلَة وَالْعشَاء إِلَى احمرار الشَّمْس وكريم الْعَصْر: كريم النّسَب والعصير: للرطب لَا للتمر، فَإِن الْمُتَّخذ مِنْهُ النَّبِيذ دون الْعصير، وَمن هُنَا اتَّضَح وَجه رُجْحَان عبارَة (أعصر) على (اتخذ) فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} العنصر وتفتح الصَّاد: الأَصْل والحسب الْعَار: هُوَ كل شَيْء لزم بِهِ عيب وعير الْأَمر، لَا بِالْأَمر والمعار، بِالْكَسْرِ: الْفرس الَّذِي يحيد عَن الطَّرِيق براكبه قَالَ: أَحَق الْخَيل بالركض المعار لَا من الْعَار من الْعَارِية الَّتِي هِيَ تمْلِيك الْمَنْفَعَة بِلَا بدل، وَهِي واوية بِدلَالَة (يعاورنا) والعار يائي لقَولهم: عيرته بِكَذَا وَالصَّوَاب أَن الْمَنْسُوب إِلَيْهِ الْعَارِية اسْم من الْإِعَارَة، وَيجوز أَن يكون من التعاور وَهُوَ التناوب، وَأَن تكون الْيَاء كَمَا فِي (كرْسِي) وَالْعَارِية: مُشَدّدَة وَقد تخفف والكراهية: بِالتَّخْفِيفِ فَقَط العمه: التحير والتردد بِحَيْثُ لَا يدْرِي أَيْن يتَوَجَّه وَهُوَ فِي البصيرة كالعمى فِي الْبَصَر قيل: الْعَمى عَام فِي الْبَصَر والرأي، والعمه فِي الرَّأْي خَاصَّة وَفِي قَوْله تَعَالَى: (من كَانَ فِي هَذِه

أعمى فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى} قيل: الأول اسْم الْفَاعِل وَالثَّانِي قيل هُوَ مثله، وَقيل هُوَ (أفعل من كَذَا) الَّذِي للتفضيل لِأَن ذَلِك من فقدان البصيرة [والعمى: يسْتَعْمل فِي الْبَصَر، يُقَال: أعمى، وَقوم عمي، وَفِي البصيرة، يُقَال: رجل عمي الْقلب وَقوم عمون] الْعَصَا: مَعْرُوفَة وَهِي أَيْضا اللِّسَان وَعظم السَّاق وعصوت السَّيْف، وعصيت بالعصا أَو بِالْعَكْسِ، أَو كِلَاهُمَا فِي كليهمَا وشق الْعَصَا: مُخَالفَة جمَاعَة الْإِسْلَام وَألقى عَصَاهُ: بلغ مَوْضِعه وَأقَام الْعَيْش، بِالْفَتْح: الْحَيَاة المختصة بِالْحَيَوَانِ وَإِذا كثرته لزم التَّاء ك {عيشة راضية} {والمعيشة الضنك: عَذَاب الْقَبْر} الْعجل: السرعة {أعجلتم أَمر ربكُم} : أَي سبقتم و {خلق الْإِنْسَان من عجل} : أَي من طين بلغَة حمير أَو من تَعْجِيل: وَهُوَ أَمر (كن) ، أَو من ضعف، أَو من بَاب الْقلب مثل: {وَيَوْم يعرض الَّذين كفرُوا على النَّار} أَي خلق الْعجل من الْإِنْسَان وَهُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهُ يدل على الْمُبَالغَة كَمَا يُقَال للَّذي هوجاد: نارتشتعل الْعَلامَة: فِي اللُّغَة الأمارة بِالْفَتْح كالمنارة لِلْمَسْجِدِ والعلامة تتخلف عَن ذِي الْعَلامَة كالسحاب مثلا فَإِنَّهُ عَلامَة الْمَطَر، وَالدَّلِيل لَا يتَخَلَّف عَن الْمَدْلُول كالدخان وَالنَّار مثلا العلاقة، بِالْكَسْرِ: هِيَ علاقَة الْقوس وَالسَّوْط وَنَحْوهمَا وبالفتح: علاقَة الْمحبَّة وَالْخُصُومَة وَنَحْوهمَا فالمفتوح يسْتَعْمل فِي الْأُمُور الذهنية، والمكسور فِي الْأُمُور الخارجية والعلاقة بِالْفَتْح ايضا: هِيَ اتِّصَال مَا بَين الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ والمجازي، وَذَلِكَ مُعْتَبر بِحَسب قُوَّة الِاتِّصَال، وَيتَصَوَّر ذَلِك الِاتِّصَال من وُجُوه خَمْسَة: الِاشْتِرَاك فِي شكل والاشتراك فِي صفة وَكَون الْمُسْتَعْمل فِيهِ - أَعنِي الْمَعْنى الْمجَازِي - على الصّفة الَّتِي يكون اللَّفْظ حَقِيقَة فِيهَا وَكَون الْمُسْتَعْمل فِيهِ آيلأ غَالِبا إِلَى الصّفة الَّتِي هِيَ الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ والمجاورة فالأولان يسميان مستعارا، وَمَا عداهما مجَازًا مُرْسلا، وَوجه الْمُجَاورَة يعم الْأُمُور الْمَذْكُورَة قَالَ صَاحب " الْأَحْكَام " بعد مَا عد الْوُجُوه الْخَمْسَة: وَجَمِيع جِهَات التَّجَوُّز وَإِن تعدّدت غير خَارِجَة عَمَّا ذَكرْنَاهُ الْعقَاب: هوجزاء الشَّرّ والنكال أخص مِنْهُ

[وَالْجَزَاء إِذا أطلق فِي معرض الْعُقُوبَات يُرَاد بِهِ مَا يجب حَقًا لله تَعَالَى بِمُقَابلَة فعل العَبْد، لِأَنَّهُ الْمجَازِي على الْإِطْلَاق، وَلِهَذَا سميت دَار الْآخِرَة دَار الْجَزَاء] وَالْعَذَاب: الْأَلَم الثقيل، جَزَاء كَانَ أَو لَا، دُعَاء كَانَ أَو لَا والعقوبة والمعاقبة وَالْعِقَاب: يخْتَص بِالْعَذَابِ والعقبى: تخْتَص بالثواب، كَذَا الْعَاقِبَة مُطلقًا وَأما بِالْإِضَافَة فقد يسْتَعْمل فِي الْعقُوبَة نَحْو: {ثمَّ كَانَ عَاقِبَة الَّذين أساءوا السوأى} {وعقبى الْكَافرين النَّار} اسْتِعَارَة من ضِدّه كَقَوْلِه: {فبشرهم بِعَذَاب أَلِيم} العنيد: قيل هُوَ الَّذِي يعاند وَيُخَالف والعنود: هُوَ الَّذِي يعند عَن الْقَصْد وَقيل هُوَ مثل العنيد والمعاند: المتباهي بِمَا عِنْده وَيُقَال: بعير عنود، وَلَا يُقَال عنيد العيان، بِالْكَسْرِ: مصدر عاين الشَّيْء إِذا رَآهُ بِعَيْنِه وبالفتح: مصدر عان المَاء والدمع إِذا سَالَ والعيان: صفة الرَّائِي، والمعاينة: صفة المرئي وعينتة بِتَقْدِيم الْبَاء: أَي أصبته، وَمِنْه العائن وعنيت كَذَا - بِتَقْدِيم النُّون -: قصدته وعني بِهِ - مَبْنِيا للْمَفْعُول -: من الْعِنَايَة وَهِي تَخْلِيص الشَّخْص عَن محنة تَوَجَّهت إِلَيْهِ [وفسرها شَارِح " المواقف " فِي الْحَاشِيَة بِعلم الله الْمُحِيط بالموجودات على أبلغ نظام] وماكان من العناء فَهُوَ عني فِيهِ الْعَطِيَّة: هِيَ مَا تفرض للمقاتلة والرزق: هوما يَجْعَل لفقراء الْمُسلمين إِذا لم يَكُونُوا مقاتلة قَالَ الْحلْوانِي: الْعَطاء لكل سنة أَو شهر، والرزق يَوْمًا بِيَوْم والعطية الْمَعْهُودَة هِيَ الَّتِي نزلت فِيهَا سُورَة الضُّحَى والكوثر وَالعطَاء للغني وَالْفَقِير وَالنَّاس لَا يُحصونَ، وَالتَّصَدُّق يخْتَص بالفقراء [الْعيار: فِي الأَصْل مصدر (عايرت المكاييل والموازين) إِذا قايستها، ثمَّ نقل الى الْآلَة، أَعنِي مَا يُقَاس بِهِ، ثمَّ إِلَى الدَّلِيل الَّذِي يعرف بِهِ حَال الشَّيْء] العندليب: طير مَعْرُوف، وَالْجمع عنادل لِأَن مَا جَاوز أَرْبَعَة وَلم يكن حرف مد ولين يرد إِلَى الرباعي ويبنى مِنْهُ الْجمع الْعقار، بِالْفَتْح: لُغَة: الأَرْض وَالشَّجر وَالْمَتَاع فِي " الْعمادِيَّة " الْعقار اسْم للعرصة المبنية والضيعة اسْم للعرصة لَا غير، وَيجوز إِطْلَاق اسْم الضَّيْعَة على الْعقار وَقد سبق تَفْصِيله والعقر، بِالضَّمِّ: مهر الْمَرْأَة إِذا وطِئت بِشُبْهَة، وَإِذا ذكر فِي الْحَرَائِر يُرَاد بِهِ مهر الْمثل، وَإِذا ذكر فِي الْإِمَاء فَهُوَ عشر قيمتهن إِن كن أَبْكَارًا، أَو

نصف ذَلِك إِن كن ثيبات وَفِي " الْمُضْمرَات " (رُوِيَ عَن أبي حنيفَة فِي تَفْسِير الْعقر أَنه مَا يتَزَوَّج بِهِ مثلهَا وَعَلِيهِ الْفَتْوَى) الْعَرُوس: هُوَ مِمَّا يَسْتَوِي فِي الْوَصْف بِهِ الْمُذكر والمؤنث يُقَال: رجل عروس، وَرِجَال عروس، وَامْرَأَة عروس، وَنسَاء عرائس الْعَدَم: الْفَقْد وضد الْوُجُود [وَهُوَ عبارَة عَن لَا وجود، وَلَا وجود نفي للوجود، والمتصف بِصفة النَّفْي يكون منفيا، كَمَا أَن المتصف بِصفة الْإِثْبَات يكون ثَابتا] والعدم الْمُطلق: هوالذي لَا يُضَاف إِلَى شَيْء والمقيد: مَا يُضَاف إِلَى شَيْء نَحْو: عدم كَذَا والعدم السَّابِق: هُوَ الْمُتَقَدّم على وجود الْمُمكن والعدم اللَّاحِق: هُوَ الَّذِي بعد وجوده والعدم الْمَحْض: هُوَ الَّذِي لَا يُوصف بِكَوْنِهِ قَدِيما وَلَا حَادِثا وَلَا شَاهدا وَلَا غَائِبا [والعدم الْمُطلق بِمَعْنى أَن لَا يتَحَقَّق لَا ذهنا وَلَا خَارِجا يُقَابله الْوُجُود بِالْمَعْنَى الْأَعَمّ، أَعنِي التحقق ذهنا وخارجا، وَكَذَا الْعَدَم فِي الْخَارِج يُقَابله الْوُجُود فِي الذِّهْن، وَلَا تقَابل بَينهمَا، بِمَعْنى أَن يكون مَعْدُوما بِأَيّ عدم كَانَ، ذهني أَو خارجي، وَأَن يكون مَوْجُودا بِأَيّ وجود كَانَ، ذهني أَو خارجي والعدم الْمُطلق لَا يتَصَوَّر أصلا، والوجود لَا يتَصَوَّر إِلَّا مَنْسُوبا إِلَى معروض مَا، والمعتزلة كَانُوا متناقضين فِي أَقْوَالهم فِي الْمَعْدُوم يَقُولُونَ: الْمَعْدُوم شَيْء، وَالشَّيْء وَالْمَوْجُود عبارتان عَن معنى وَاحِد، وَيَقُولُونَ أَيْضا: الْمَعْدُوم شَيْء وَلَيْسَ بموجود، وَيَقُولُونَ أَيْضا: الْمَعْدُوم ذَات، وَلَا يَقُولُونَ: الْمَعْدُوم مَوْجُود مَعَ أَن الذَّات وَالْمَوْجُود وَاحِد] الْعِيَال، كسحاب: الْورْد الْجبلي يغلظ حَتَّى تقطع مِنْهُ العصي، قيل: مِنْهُ عَصا مُوسَى وبالكسر (كرجال) : جمع عيل كثير، وَهُوَ من يعوله ويمونه وَينْفق عَلَيْهِ كَالزَّوْجَةِ، كَمَا فِي " الْمغرب ". وَفِي " الْقَامُوس " الْعِيَال مُفْرد الْعِيد: السرُور، يجمع على (أعياد) على خلاف الْقيَاس فرقا بَينه وَبَين جمع (عود) ، إِذْ هُوَ يجمع على أَعْوَاد الْعبارَة: تركيبها من (ع ب ر) وَهِي من تقاليبها السِّتَّة تفِيد العبور والانتفال والعبور من الْمَعْنى إِلَى اللَّفْظ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُتَكَلّم، وَبِالْعَكْسِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُخَاطب وَدخل عَابِر سَبِيل: أَي مارا ومجتازا من غير وقُوف وَلَا إِقَامَة و (عابري) بِالْيَاءِ خطأ العنبر: قَالَ ابْن سينا: الْحق أَنه مَاء يخرج من عين فِي الْبَحْر يطفو ويرمى بالسَّاحل الْعجب، بِفتْحَتَيْنِ: روعة تعتري الْإِنْسَان عِنْد استعظام الشَّيْء، وَالله متنزه عَن ذَلِك إِذْ هُوَ علام الغيوب لَا يخفى عَلَيْهِ خافية، بل هُوَ من الله تَعَالَى إِمَّا على سَبِيل الْفَرْض والتخييل، أَو على معنى الاستعظام اللَّازِم للعجب [وَفِي " الْقَامُوس "

الْعجب من الله: الرضى] الْعرْفَان: هُوَ إِذا اسْتعْمل ب (من) يَقْتَضِي أَن يكون مشافهة بِخِلَاف مَا إِذا اسْتعْمل ب (عَن) العلاوة، بِالْكَسْرِ: فِي الأَصْل هُوَ مَا يوضع فَوق الْأَحْمَال بعد تَمام الْحمل وَفِي عِبَارَات المصنفين: عبارَة عَن ضميمة يعْتَبر انضمامها إِلَى مَا جَعَلُوهُ أصلا لَهَا بعد اعْتِبَار تَمَامه تَشْبِيها للمعقول بالمحسوس بِجَامِع الانضمام إِلَى أصل هُوَ مستغن عَن تِلْكَ الضميمة، وَهَذَا هُوَ الْمُسْتَعْمل فِي الإطلاقات الْعرف: الرّيح طيبَة كَانَت أَو مُنْتِنَة وَأكْثر اسْتِعْمَاله فِي الطّيبَة والعارفة: الْمَعْرُوف كالعرف بِالضَّمِّ يجمع على عوارف [الْعتْق: هُوَ عبارَة عَن الْقُوَّة يُقَال: (عتق الفرخ) : أَي قوي وطار عَن وَكره وَالْخمر إِذا تقادم عهدها سميت عتيقا لزِيَادَة قوتها والكعبة تسمى عتيقا لقوتها الدافعة عَن نَفسهَا وَفِي الشّرف: عبارَة عَن الْقُوَّة الْحكمِيَّة يظْهر أَثَرهَا فِي الْمَالِكِيَّة، وَالْفَرْض من الْمَالِكِيَّة تمْلِيك الْأَشْيَاء بأسبابها] العترة: هِيَ نسل الرجل ورهطه وعشيرته الأدنون مِمَّن مضى والصهر: الْقَرَابَة الْحَاصِلَة بِسَبَب المناكحة والختن: كل من كَانَ من قبل الْمَرْأَة كَالْأَبِ وَالْأَخ وَفِي الْعرف: هُوَ زوج الِابْنَة الْعلَّة، بِالْفَتْح: الضرة وَبَنُو العلات: بَنو أُمَّهَات شَتَّى من أَب وَاحِد وَفِي الحَدِيث " الْأَنْبِيَاء بَنو علات " مَعْنَاهُ أَنهم لأمهات مُخْتَلفَة وَدينهمْ وَاحِد الْعِفَّة: الْكَفّ عَمَّا لَا يحل الْعَيْب: هُوَ مَا يَخْلُو عَنهُ أصل الْفطْرَة السليمة العريف: هُوَ رَئِيس الْقَوْم لِأَنَّهُ عرف بذلك أَو النَّقِيب، وَهُوَ دون الرئيس الْعرق: هُوَ عظم عَلَيْهِ لحم وَبِدُون اللَّحْم عظم والعرق، بِفتْحَتَيْنِ: ترشح الْجلد العاج: هُوَ نَاب الفيلة، وَلَا يُسمى غير نابها عاجا الْعَسَل: هُوَ اسْم الصافي، والشهد هُوَ اسْم الْمُخْتَلط الْعم: الْجمع الْكثير، وكل من جمع أَبَاك وأباه صلب أَو بطن فَهُوَ عَم، وَالْأُنْثَى عمَّة وَعم الشَّيْء عُمُوما: شَمل الْجَمَاعَة، يُقَال عمهم بِالْعَطِيَّةِ وكل مَا اجْتمع وَكثر فَهُوَ عميم. الْعِصْيَان: الِامْتِنَاع عَن الانقياد العقم: السد وَالْقطع وَامْرَأَة عقيمة: أَي مسدودة الرَّحِم

وَملك عقيم: لقطع صلَة الرَّحِم بالتزاحم عَلَيْهِ، أَو لعدم نفع النّسَب فِيهِ لِأَنَّهُ يقتل فِي طلبه الْأَب وَالْأَخ وَالْعم وَالْولد وَيَوْم عقيم: لانْقِطَاع الْخَيْر فِيهِ وَقيل: لِأَنَّهُ لَا ليل بعده وَلَا يَوْم الْعقب: الشَّهْر، بِالضَّمِّ: لما بعد مَا مضى الشَّهْر وبالفتح والسكون أَو بِالْكَسْرِ: لما بعد مَا بقيت من الشَّهْر بَقِيَّة عَرَفَات: اسْم فِي لفظ الْجمع فَلَا تجمع معرفَة، وَإِن كَانَت جمع (عَرَفَة) جمع (عَارِف) لِأَن الْأَمَاكِن لَا تَزُول فَصَارَت كالشيء الْوَاحِد مصروفة لِأَن التَّاء بِمَنْزِلَة الْيَاء وَالْوَاو فِي (مُسلمين) و (مُسلمُونَ) ، يَعْنِي أَن تاءه الَّتِي مَعَ الْألف عَلامَة جمع الْمُؤَنَّث لَا التَّاء الَّتِي هِيَ عَلامَة التَّأْنِيث، (وَلَا يَصح تقديرها كَمَا فِي (سعاد) لمنع الذُّكُورَة عَنهُ من حَيْثُ إِنَّهَا كالبدل لَهَا لاختصاصها بالمؤنث كتاء بنت) وعرفة: علم لليوم بِخِلَاف جُمُعَة فَيدْخل التَّنْوِين وَاللَّام عَلَيْهِ لَا على (عَرَفَة) كَمَا فِي " الْجَوْهَرِي " [قَالَ الْفراء: لم يَتَقَرَّر صِحَة مَجِيء عَرَفَة بِعَرَفَات فَكَأَنَّهَا مولدة وَلَيْسَت بعربي مَحْض وَقَالَ الشَّيْخ سعد الدّين رَحمَه الله: لَو صحت فعرفة وعرفات بِمَعْنى وَاحِد، وَلَيْسَ هُنَاكَ أَمَاكِن مُتعَدِّدَة كل مِنْهَا عَرَفَة جمعت على عَرَفَات] عَسى: هِيَ مَوْضُوعَة لرجاء دنو الْخَيْر، بل لطمع حُصُول مَضْمُون الْخَيْر مُطلقًا سَوَاء يُرْجَى حُصُوله عَن قريب أَو بعد مُدَّة مديدة تَقول: عَسى الله أَن يدخلني الْجنَّة، وَعَسَى النَّبِي أَن يشفع لي، وَإِذا قلت: (عَسى زيد أَن يخرج) فَهِيَ بِمَعْنى (لَعَلَّه يخرج) وَلَا دنو فِي (لَعَلَّ) اتِّفَاقًا و (كَاد) وضعت لمقاربة الْخَبَر وَلذَلِك جَاءَت متصرفة كَسَائِر الْأَفْعَال الْمَوْضُوعَة للإخبار، بِخِلَاف (عَسى) حَيْثُ لم يتَصَرَّف فِيهِ إِذا لم يَأْتِ مِنْهُ إِلَّا الْمَاضِي لتَضَمّنه معنى الْحَرْف أَعنِي (لَعَلَّ) وَهُوَ إنْشَاء الطمع والرجاء والانشاءات فِي الْأَغْلَب من مَعَاني الْحُرُوف، والحروف لَا يتَصَرَّف فِيهَا وَكَذَا مَا فِي مَعْنَاهَا عدا: فعل يسْتَثْنى بِهِ مَعَ (مَا) وبدونه وعداه عَن الْأَمر: صرفه وشغله وَعَلِيهِ: وثب وَعنهُ: جاوزه وَتَركه وعداه تَعديَة: أجَازه وأنفذه عَاد: هِيَ من أَخَوَات (كَانَ) قد تسْتَعْمل بِمَعْنى (صَار) فَلَا تستدعي الرُّجُوع الى حَالَة سَابِقَة، بل عكس ذَلِك وَهُوَ الِانْتِقَال من حَالَة سَابِقَة إِلَى حَالَة مستأنفة وَالْعرب تَقول: (عَاد فلَان شَيخا) وَهُوَ لم يكن شَيخا قطّ (وَعَاد المَاء آجنا) وَهُوَ لم يكن آجنا فَيَعُود وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {يخرجونهم من النُّور إِلَى الظُّلُمَات} وهم لم يَكُونُوا فِي نور قطّ وَقد يُرَاد بِالْعودِ مُطلق الصيرورة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن شُعَيْب: (قد افترينا على الله كذبا إِن

عدنا فِي ملتكم} لِأَن شعيبا لم يكن فِي ملتهم قطّ حَتَّى عَاد بعد انْتِقَال مِنْهَا عوض، مُثَلّثَة الآخر مَبْنِيَّة: ظرف لاستغراق الْمُسْتَقْبل فَقَط نَحْو: (لَا أُفَارِقك عوض) أَو الْمَاضِي أَي أبدا يُقَال: (مَا رَأَيْت مثله عوض) وَيخْتَص بِالنَّفْيِ ويعرب إِن أضيف (كلا أَفعلهُ عوض العائفين) عجب الذَّنب: هُوَ مثل حَبَّة خَرْدَل يكون فِي أصل الصلب عِنْد رَأس العصعص يشبه فِي الْمحل مَحل الذَّنب من ذَوَات الْأَرْبَع، وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِنْسَان كالبذر لجسم النَّبَات، وَهُوَ لَا يبْلى، وَمِنْه يركب الْخلق يَوْم الْقِيَامَة كَمَا فِي حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ وَقَالَ الْمُزنِيّ: يبْلى كَغَيْرِهِ لقَوْله تَعَالَى: {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه} وَالْمرَاد من حَدِيث " أَنه لَا يبْلى بِالتُّرَابِ بل يبْلى بِلَا تُرَاب " كَمَا يُمِيت الله ملك الْمَوْت بِلَا ملك الْمَوْت [نوع] {الْعَالمين} : أَصْنَاف الْخلق كل صنف مِنْهُم عَالم {عاكفين} : مقيمين {العهن} : إِذا كَانَ مصبوغا وَإِلَّا فَهُوَ صوف عويل: إِذا كَانَ مَعَ الْبكاء رفع الصَّوْت، وَإِلَّا فَهُوَ بكا بِالْقصرِ {عهدنا إِلَى آدم} : أمرناه {فِي الْبَحْر عجبا} : سَبِيلا عجبا وَهُوَ كَونه كالتراب {عميق} : بعيد {عصبَة} : جمَاعَة {عسيرا} : شَدِيدا {قَالَ عفريت} : خَبِيث مارد {بُيُوتًا عَورَة} : متخرقة مُمكنَة لمن أرادها {لم يظهروا على عورات النِّسَاء} : لم يبلغُوا الْحلم {ثَلَاث عورات} : نصف النَّهَار، وَآخر النَّهَار، وَبعد الْعشَاء الْأَخِيرَة {عَورَة} : لَيست حَصِينَة {عزما} : تصميم رَأْي وثباتا على الْأَمر {خلق الْإِنْسَان من عجل} : كَقَوْلِك: خلق زيد من الْكَرم {ريح عاصف} : شَدِيدَة الهبوب {يَبْغُونَهَا عوجا} : زيفا وميلا عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ

{عرض هَذَا الْأَدْنَى} : خطام هَذَا الشَّيْء الْأَدْنَى يَعْنِي الدُّنْيَا {عيلة} : فقرا {عَزِيز عَلَيْهِ} : شَدِيد شاق يغلب صبره {مَا عنتم} : عنتكم ولقاؤكم الْمَكْرُوه {بِغَيْر عمد} : أساطين {عوان} : نصف بَين الصَّغِيرَة والمسنة جمعه عون {وَمَا ذَلِك على الله بعزيز} : بمعتذر أَو متعسر {فعززنا} : فقوينا {كالعرجون} : كالشمراخ المعوج. {وحور عين} : نجل الْعُيُون أَي واسعات الْعُيُون {فِي عزة} : استكبار {عُجاب} : بليغ فِي الْعجب {وعزني فِي الْخطاب} : غلبني فِي مخاطبته {من العالين} : مِمَّن علا وَاسْتحق التفوق {فبعزتك} : فبسلطانك وقهرك {فذو دُعَاء عريض} : كثير. {عذت} : التجأت {لكتاب عَزِيز} : أَي يصعب مِثَاله وَوُجُود مثله {وَنحن عصبَة} : جمَاعَة أقوياء {وَإِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم} : أَي هائل {العاكف فِيهِ والباد} : أَي الْمُقِيم والطارىء {لبئس العشير} : الصاحب {هم العادون} : الكاملون فِي الْعدوان {فاسأل العادين} : الَّذين يتمكنون من عد أَيَّامهَا {قوما عالين} : متكبرين {وقومها لنا عَابِدُونَ} : خادمون منقادون {بِالْبَيْتِ الْعَتِيق} : الْقَدِيم

{أفعيينا} : أفعجزنا {فَعَتَوْا} : فاستكبروا {عربا} : مُتَحَببَات الى أَزوَاجهنَّ {فِي عتو} : عناد {عتل} : جَاف غليظ {بالعراء} : بِالْأَرْضِ الخالية عَن الْأَشْجَار {فِي عيشة راضية} : ذَات رضى {قُرْآنًا عجبا} : بديعا {عبس} : قطب وَجهه {وَإِذا العشار} : النوق اللواتي أَتَى على حَملهنَّ عشرَة أشهر {عطلت} : تركت مُهْملَة {إِذا عسعس} : أقبل ظلامه {ذَات الْعِمَاد} : ذَات الْبناء الرفيع {عائلا} : فَقِيرا ذَا عِيَال {وَالْعَادِيات} : خيل الْغُزَاة {كالعهن} : كالصوف ذِي الألوان {وعدده} : جعله عدَّة للنوازل {عمد ممددة} : أعمدة ممدودة {كعصف مَأْكُول} : كورق زرع وَقع فِيهِ الأكال، وَهُوَ أَن يَأْكُلهُ الدُّود، أَو أكل حَبَّة فَبَقيَ صفرا مِنْهُ، أَو كتبن أَكلته الدَّوَابّ وراثتة {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} : بالعهود وَهِي مَا أحل الله، وَمَا حرم الله، وَمَا فرض، وَمَا حد فِي الْقُرْآن كُله {جعلُوا الْقُرْآن عضين} : حَيْثُ قَالُوا عنادا: بعضه حق وَبَعضه بَاطِل، أَو قسموه إِلَى سحر وَشعر وكهانة وأساطير الْأَوَّلين {فِي عقبه} : فِي ذُريَّته {عاقرا} : لاتلد {عصيا} : عاقا {هَذَا مَا لدي عتيد} : هَذَا مَا هُوَ مَكْتُوب عِنْدِي حَاضر لدي {علقَة} : قِطْعَة من الدَّم جامدة {بالعدوة} ، بالحركات الثَّلَاث: شط الْوَادي

{عَن الْيَمين وَعَن الشمَال عزين} : فرقا شَتَّى {هَل عستيم} : أَي هَل أَنْتُم قريب من الْفِرَار {عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض} : أَي سعتها، لَا خلاف الطول {فَإِذا عزمت} : أَي صححت رَأْيك فِي إِمْضَاء الْأَمر {عرض الدُّنْيَا} : طمع الدُّنْيَا وَمَا يعرض مِنْهَا {عرضا قَرِيبا} : طَمَعا قَرِيبا {الْعَرْش} : سَرِير الْملك {عبدت بني إِسْرَائِيل} : اتخذتهم عبيدا لَك {فعدلك} : قوم خلقك. {فعدلك} : صرفك إِلَى ماشاء من الصُّور فِي الْحسن والقبح {عرضة لأيمانكم} : نَصِيبا لَهَا أَو عدَّة {عروشها} : سقوفها {العير} : إبل تحمل الْميرَة {عجاف} : الَّتِي قد بلغت فِي الهزال {لبئس العشير} : أَي الصاحب {قل الْعَفو} : وهوأن ينْفق مَا تيَسّر لَهُ بذله وَلَا يبلغ مِنْهُ الْجهد {واتخذتم عِنْد الله عهدا} : شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله {عبوسا} : ضيقا ينقبض وَجهه من شدَّة الوجع {وَلَا يخَاف عقباها} : لَا يخَاف عَاقِبَة الدمدمة {عزرتموهم} : عظمتموهم [أَو نصرتموهم أَو قويتموهم] {وعنت الْوُجُوه} : استسلمت وخضعت {عثر} : اطلع {من الْكبر عتيا} : نحولا أوشيبا {عصيب} : شَدِيد {جنَّات عدن} : كروم وأعناب بالسُّرْيَانيَّة {العرم} ، بالحبشية: هِيَ المسناة الَّتِي

يجمع فِيهَا المَاء {حَتَّى عفوا} : كَثُرُوا [عددا وعددا] {سنشد عضدك} : الْعَضُد: الْمعِين والناصر {عزموا الطَّلَاق} : حققوا {كل عدل} : فديَة {عَاصِم} : مَانع {عزروه} : حموه ووقروه {عِيسَى} : هُوَ ابْن مَرْيَم بنت عمرَان، خلقه الله بِلَا أَب [واستنبىء كَسَائِر الْأَنْبِيَاء كَمَا صرح بِهِ صَاحب " المواقف "، وَقَوله تَعَالَى: {وَجَعَلَنِي نَبيا} تَعْبِير عَن المتحقق، كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: كنت نَبيا وآدَم بَين المَاء والطين] وَهُوَ اسْم عبراني أَو سرياني رفع بجسده، وَكَذَا إِدْرِيس على قَول وَله ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة وسينزل وَيقتل الدَّجَّال [عِنْد بَاب فلسطين] ويتزوج ويولد لَهُ ويحج وَيمْكث فِي الأَرْض سبع سِنِين ويدفن عِنْد النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام [ {والمرسلات عرفا} : أَي أرسلن بِالْإِحْسَانِ أَو الْمَعْرُوف أَو مُتَتَابعين {من عزم الْأُمُور} : من حق الْأُمُور وَخَيرهَا، قَالَ عَطاء: من حَقِيقَة الْإِيمَان {وَكَانَ الْإِنْسَان عجولا} : يُسَارع الى كل مَا يخْطر بِبَالِهِ وَلَا ينظر إِلَى عَاقِبَة أمره {عاملة ناصبة} : تعْمل مَا تتعب فِيهِ كجر السلَاسِل {عاليهم ثِيَاب} : يعلوهم {من علق} : جمع علقَة، جمعه لِأَن الْإِنْسَان بِمَعْنى الْجمع {الْعقبَة} : الطَّرِيق فِي الْجَبَل {من بعد مَا عقلوه} : أَي فهموه بعقولهم {فَإِذا عزمت} فَإِذا وطنت على شَيْء بعد الشورى {بِمَا عقدتم الْأَيْمَان} : بِمَا وثقتم الْأَيْمَان عَلَيْهِ بِالْقَصْدِ وَالنِّيَّة {عَلَيْكُم أَنفسكُم} : أَي احفظوها والزموا إصلاحها {عقروا النَّاقة} : فنحروها {أعجلتم أَمر ربكُم} : أتركتموه غير تَامّ

فصل الغين

{أَن تحكموا بِالْعَدْلِ} : بالإنصاف والتسوية] (فصل الْغَيْن) [الغسلين] : كل جرح أَو دبر غسلته فَخرج مِنْهُ شَيْء فَهُوَ غسلين [الْغَيْب] : كل مَا غَابَ عَن الْعُيُون وَمَا كَانَ محصلا فِي الصُّدُور فهوغيب [الْغرَّة] : كل شَيْء نفيسعند الْعَرَب فَهُوَ غرَّة [الغول] : كل مَا اغتال الْإِنْسَان فَأَهْلَكَهُ فَهُوَ غول وَالْعرب تسمي كل داهية غولا على التهويل والتعظيم على مَا جرت بِهِ عَادَتهم فِيمَا لَا أصل لَهُ وَلَا حَقِيقَة كالعنقاء وَقَالَ بَعضهم: الغول نوع من الْجِنّ كَانَ يغتال النَّاس بَغْتَة بِحَيْثُ لَا يعرف لَهُ مَكَان حَتَّى يطْلب، ثمَّ اسْتعْمل غول الغول فِي انْتِفَاء أَمر بِحَيْثُ لَا يرى مِنْهُ أثر [الْغلَّة] : كل مَا يحصل من نَحْو ريع أَرض أَو كرائها أَو من أُجْرَة علام فَهُوَ غلَّة [الغي] : كل شرعند الْعَرَب فَهُوَ غي وكل خير فَهُوَ رشاد [الغيابة] : كل مَا اجْتمع من شجر أَو غمام أَو ظلمَة فَهُوَ غيابة [الْغرُور] : كل من غر شيئأ فَهُوَ غرور بِالْفَتْح والغرور، بِالضَّمِّ: الْبَاطِل [الْغُمَّة] : كل مَا يستر شَيْئا فَهُوَ غمَّة [الغفر] : كل شَيْء سترته فقد غفرته [الْغنم] : كل شَيْء مظفوربه فَإِنَّهُ يُسمى غنما بِالضَّمِّ ومغنما وغنيمة [الْغَلَط والغلت] : كل غلط يكْتب بِالطَّاءِ إِلَّا غلت الْحساب فَإِنَّهُ بِالتَّاءِ الغيظ: والغيظ فِي كل الْقُرْآن بالظاء إِلَّا {مَا تغيض} ، {وغيض المَاء} [الْغَوْر] : غور كل شَيْء قَعْره [الْغرَّة] : غرَّة كل شىء أَوله ومعظمه [الغب] : غب كل شَيْء عاقبته وَالْغِب فِي الْوُرُود: أَن ترد الْإِبِل المَاء يَوْمًا وتدعه يَوْمًا وَمِنْه الغب فِي الزِّيَارَة والحمى [الْغَرِيب] : كل شَيْء فِيمَا بَين جنسه عديم النظير فَهُوَ غَرِيب غير: بِمَعْنى الْمُغَايرَة، وَلذَلِك قَالَ السيرافي: إِنَّهَا لَا تتعرف بِالْإِضَافَة إِلَّا إِذا وَقعت بَين متضادين كَمَا تَقول: (عجبت من قيامك غير قعودك) ، أَو (عجبت من حَرَكَة غير سُكُون) ، وَمن ثمَّة جَازَ وصف الْمعرفَة بهَا فِي قَوْله: {غير المغضوب عَلَيْهِم} وَالْأَصْل أَن تكون وَصفا للنكرة نَحْو: {نعمل صَالحا غير الَّذِي كُنَّا نعمل} والمغايرة مستلزمة للنَّفْي، فَتَارَة يُرَاد إِثْبَات الْمُغَايرَة كَقَوْلِه تَعَالَى: (فَمن اضْطر غير بَاغ وَلَا

عَاد} فَيكون إِثْبَاتًا متضمنا للنَّفْي فَيجوز تأكيده ب (لَا) ، وَأُخْرَى يُرَاد بهَا النَّفْي كَمَا فِي قَوْلك: (أَنا غير ضَارب زيدا) أَي: لست ضَارِبًا لَهُ، لَا أَنِّي مُغَاير لشخص ضَارب لَهُ، فَيكون نفيا صَرِيحًا وَمنعُوا تَعْرِيفه بِاللَّامِ حَال كَونه مُضَافا مَعَ أَنه نكرَة وَلَيْسَ معرفَة بِالْكَسْبِ حَتَّى يلْزم من إِدْخَال اللَّام تَحْصِيل الْحَاصِل لحفظ صُورَة الْإِضَافَة المعنوية، وَلم يجوزوا تَقْدِيم مَعْمُول الْمُضَاف إِلَيْهِ على الْمُضَاف إِلَّا فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة وَهِي مَا إِذا كَانَ الْمُضَاف لَفْظَة (غير) لِأَن (غير) بِمَنْزِلَة (لَا) ، وَلَا يجوز تَقْدِيم مَعْمُول مَا بعد (لَا) عَلَيْهَا و (غير) يُوصف بهَا حَيْثُ لَا يتَصَوَّر الِاسْتِثْنَاء، وَإِلَّا لَيست كَذَلِك تَقول: (عِنْدِي دِرْهَم غير جيد) ، وَلَو قلت (إِلَّا جيدا) لم يجز، و (إِلَّا) إِذا كَانَت مَعَ مَا بعْدهَا صفة لم يجز حذف الْمَوْصُوف وَإِقَامَة الصّفة مقَامه بِخِلَاف (غير) ، وَإِذا وصفت ب (غير) ، أتبعتها إِعْرَاب مَا قبلهَا، وَإِذا استثنيت أعربتها بالإعراب الَّذِي يجب للاسم الْوَاقِع بعد (إِلَّا) وَذَلِكَ لِأَن أصل (غير) صفة وَالِاسْتِثْنَاء بهَا عَارض عكس (إِلَّا) وَفِي قَوْلك: (عِنْدِي مائَة دِرْهَم غير دِرْهَم) إِن نصبت (غير) على الِاسْتِثْنَاء لزمتك تِسْعَة وَتسْعُونَ، وَإِن رفعت على الصّفة لزمتك مائَة، لِأَن التَّقْدِير (عِنْدِي مائَة لَا دِرْهَم) وَشرط (غير) أَن يكون مَا قبلهَا يصدق على مَا بعْدهَا تَقول (مَرَرْت بِرَجُل غير فَقِيه) ، وَلَا يجوز (غير أمة) بِخِلَاف لَا (النافية) فَإِنَّهَا بِالْعَكْسِ وَتَقَع (غير) موقعا لَا تكون فِيهِ إِلَّا النكرَة، وَذَلِكَ إِذا أُرِيد بهَا النَّفْي الساذج فِي نَحْو: (مَرَرْت بِرَجُل غير زيد) وَتَقَع موقعا لَا تكون فِيهِ إِلَّا معرفَة، وَذَلِكَ إِذا أُرِيد بهَا شَيْء قد عرف بمضادة الْمُضَاف إِلَيْهِ فِي معنى لَا يضاده فِيهِ إِلَّا هُوَ كَمَا إِذا قلت: (مَرَرْت بغيرك) أَي الْمَعْرُوف بمضادتك، إِلَّا أَنه فِي هَذَا لَا يجْرِي صفة فَتذكر (غير) جَارِيَة على الْمَوْصُوف، وَتَقَع أَيْضا موقعا تكون فِيهِ نكرَة تَارَة وَمَعْرِفَة أُخْرَى، كَمَا إِذا قلت: (مَرَرْت بِرَجُل كريم غير لئيم، وعاقل غير جَاهِل) وَالرجل الْكَرِيم غير اللَّئِيم فِي " الْقَامُوس ": غير بِمَعْنى سوى وَتَكون بِمَعْنى (لَا) كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمن اضْطر غير بَاغ} أَي جائعا وَلَا بَاغِيا وَبِمَعْنى (إِلَّا) وَهُوَ اسْم ملازم للإضافة فِي الْمَعْنى وَيقطع عَنْهَا لفظا إِن فهم مَعْنَاهُ وَتَقَدَّمت عَلَيْهَا (لَيْسَ) فَيُقَال: (قبضت عشرَة لَيْسَ غير) ، [وَإِذا كَانَ (غير) بِمَعْنى (سوى) فَلَا يجوز الْعَطف عَلَيْهَا ب (لَا) ، وَلَا يجوز فِي

الْكَلَام (عِنْدِي سوى عبد الله وَلَا زيد) ] وَإِنَّمَا لَا تتعرف (غير) بِالْإِضَافَة لشدَّة ابهامها، وَإِذا وَقعت بَين ضدين ك {غير المغضوب عَلَيْهِم} ضعف إبهامها أَو زَالَ فتتعرف وَإِذا كَانَت للاستثناء أعربت إِعْرَاب الِاسْم التَّالِي وتنصب فِي نَحْو: (جَاءَ الْقَوْم غير زيد) أَو يجوز النصب وَالرَّفْع فِي (مَا جَاءَ أحد غير زيد) وَإِذا أضيفت لمبني جَازَ بناؤها على الْفَتْح، و (غير) فِي قَوْله تَعَالَى: {بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا} لنفي الصُّورَة من غير مادتها وَفِي قَوْله: {وَهُوَ فِي الْخِصَام غير مُبين} للنَّفْي الْمُجَرّد من غير إِثْبَات معنى بِهِ وَفِي قَوْله: {هَل من خَالق غير الله} بِمَعْنى (إِلَّا) و (غير) تسْتَعْمل اسْما وظرفاً. و (سوى) لَا تسْتَعْمل عِنْد الْبَصرِيين إِلَّا ظرف مَكَان وَفِي (غير) معنى النَّفْي دون (سوى) والغيرية، اصْطِلَاحا: كَون الْمَوْجُودين بِحَيْثُ يتَصَوَّر وجود أَحدهمَا مَعَ عدم الآخر، يَعْنِي أَنه يُمكن الانفكاك بَينهمَا وَلَا يتَبَادَر من (سوى) إِلَّا الغيرية بِالْمَعْنَى اللّغَوِيّ والغيران: بِمَعْنى مَا يجوز وجود أَحدهمَا مَعَ عدم الآخر لَا يتَصَوَّر ذَلِك فِي صِفَات الله مَعَ ذَاته، وَلَا فِي صفة مَعَ صفة أُخْرَى [ثمَّ اعْلَم أَن الشَّيْء الْوَاحِد يُوصف بالوجود والعدم فِي حَالَة وَاحِدَة عِنْد قيام الدَّلِيل على ذَلِك كَمَا فِي ارْتِفَاع العينية والغيرية بَين ذَات الله وَصِفَاته، وكما فِي الْوَاحِد مَعَ الْعشْرَة، وكما إِذا كَانَ لرجل امْرَأَتَانِ فَقَالَ لإحداهما: (إِن حِضْت فَأَنت طَالِق وضرتك) فَقَالَت: حِضْت، تطلق هِيَ وَلَا تطلق ضَرَّتهَا مَعَ أَن ذَلِك لم يخل عَن أحد أَمريْن: إِمَّا إِن كَانَ الْحيض مِنْهَا مَوْجُودا أَو لم يكن فَاعْتبر حَيْضهَا مَوْجُودا فِي حق نَفسهَا ومعدوما فِي حق ضَرَّتهَا] فَإِن قيل: الْجَوْهَر مَعَ الْعرض غيران بِالْإِجْمَاع وَمَعَ هَذَا لَا يتَصَوَّر وجود الْجَوْهَر بِدُونِ الْعرض وَلَا بِالْعَكْسِ قُلْنَا: بلَى، وَلَكِن إِذا فَرضنَا جوهرا يتَصَوَّر وجوده بِدُونِ عرض معِين، وَكَذَا كل جَوْهَر مَعَ عرض معِين فَإِنَّهُ مَا من جَوْهَر إِلَّا وَيُمكن تَقْدِير عرض آخر بَدَلا عَمَّا قَامَ بِهِ من الْعرض [وَمِمَّا يَنْبَغِي أَن يبين فِي هَذَا الْمقَام هُوَ أَن للشَّيْخ الْأَشْعَرِيّ فِي الغيرين قَولَانِ: قَالَ أَولا: الغيران كل موجودين يَصح عدم أَحدهمَا مَعَ وجود الآخر بِالْعدمِ ثمَّ قَالَ: الغيران كل موجودين يَصح مُفَارقَة أَحدهمَا للْآخر بِالْعدمِ أَو الحيز وَإِنَّمَا رد الْمُفَارقَة فِي آخر قوليه بَين الْعَدَم والحيز، وَلم يُوجب الْمَعِيَّة بَينهمَا، لِأَنَّهُ لَو أوجب ذَلِك لما وَقعت الْمُغَايرَة مَعَ انْتِفَاء أَحدهمَا وَثُبُوت الآخر، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا لم يقْتَصر على أَحدهمَا كَمَا فِي الأول، إِذْ لَو اقْتصر على الْمُفَارقَة بِالْعدمِ لزم السُّؤَال الْمَشْهُور وَهُوَ: إِنَّا نعلم الْمُغَايرَة بَين الْأَجْسَام بِتَقْدِير اعْتِقَاد قدمهَا لِاسْتِحَالَة عدم الْقَدِيم، وَلَيْسَ كَذَلِك بل الْمُغَايرَة مَعْلُومَة وَلَو قدر

امْتنَاع الْعَدَم عَلَيْهَا، وَلَو اقتصرنا بحيز لامتنع التغاير بَين الْأَعْرَاض لعدم تحيزها وَلَيْسَ كَذَلِك، وعَلى هَذَا بنى الْأَصْحَاب امْتنَاع التغاير بَين ذَات الْقَدِيم وَصِفَاته، وَالصِّفَات الْقَدِيمَة بَعْضهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى بعض لكَونهَا وجوديات يمْتَنع مُفَارقَة الْبَعْض مِنْهَا للْبَعْض، لَا بِالْعدمِ ضَرُورَة قدمهَا واستحالة عدم الْقَدِيم، وَلَا بالحيز إِذْ هِيَ متحيزة، وَالْقَوْل بِأَن الغيرين مَا صحت فِيهِ عبارَة التَّثْنِيَة بَاطِل بالأعلام المضافة فَإِنَّهُ يَصح مِنْهَا عبارَة التَّثْنِيَة وَالْجمع يُقَال: عدمان وأعدام، وَلَيْسَت مُتَغَايِرَة بِالْإِجْمَاع منا وَمِنْهُم لعدم تثنيتها، وَالْقَوْل بِأَن الغيرين هما الذاتان اللَّتَان قَامَت بهما الغيرية فمبني على القَوْل بالأحوال وَهُوَ محَال] وَالْفرق بَين غيرين ومختلفين أَن الغيرين أَعم فَإِنَّهُمَا قد يكونَانِ متفقين فَكل خلافين غيران وَلَا عكس غَدا: أشبه الْفِعْل الْمُسْتَقْبل لكَونه منتظرا فأعرب، بِخِلَاف (أمس) فَإِنَّهُ استبهم استبهام الْحُرُوف فَأشبه الْفِعْل الْمَاضِي وَغدا: أَي مَشى فِي وَقت الْغَدَاة وَرَاح: أَي مَشى فِي وَقت الرواح، وَهُوَ مَا بعد الزَّوَال إِلَى اللَّيْل وتستعمل معرفَة بِاللَّامِ أَيْضا وغدوة: معرفَة لِأَنَّهَا علم وضع للتعريف والغذاء، بالمعجمتين وبالكسر: هُوَ مَا بِهِ نَمَاء الْجِسْم وقوامه و [الْغذَاء] : بِالْفَتْح وَالْمدّ: طَعَام الغدوة كَمَا أَن الْعشَاء كَذَلِك طَعَام الْعشَاء (والغداء: مَا يُؤْكَل للشبع بَين الْفجْر والزوال) وغداء أهل كل بلد مَا تعارفوه فَفِي الْبَادِيَة اللَّبن، وَفِي خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهر الْخبز، وَفِي التّرْك اللَّحْم وَاللَّبن، وَفِي طبرستان الْأرز الغفر: السّتْر والتغطية يُقَال: غفر الْمَتَاع فِي الْوِعَاء: إِذا أدخلهُ فِيهِ وستره كأغفره وَغفر الشيب بالخضاب: غطاه والغفور والغفار: من صِفَات الله والغفور: كثير الْمَغْفِرَة وَهِي صِيَانة العَبْد عَمَّا اسْتَحَقَّه من الْعقَاب بالتجاوز عَن ذنويه (من الغفر وَهُوَ إلباس الشَّيْء مَا يصونه عَن الدنس) والغفار أبلغ مِنْهُ لزِيَادَة بنائِهِ وَقيل: الْمُبَالغَة فِيهِ من جِهَة الْكَيْفِيَّة، وَفِي الْغفار من جِهَة الكمية والغفران: يَقْتَضِي إِسْقَاط الْعقَاب ونيل الثَّوَاب، وَلَا يسْتَحقّهُ إِلَّا الْمُؤمن، وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي الْبَارِي تَعَالَى وَالْعَفو يَقْتَضِي إِسْقَاط اللوم والذم وَلَا يَقْتَضِي نيل الثَّوَاب وَيسْتَعْمل فِي العَبْد أَيْضا كالتكفير حَيْثُ يُقَال: كفر عَن يَمِينه والستر: أخص من الغفران إِذْ يجوز أَن يستر وَلَا يغْفر والصفح: التجاوز عَن الذَّنب والمحو: أَعم من الْعَفو والغفران

والغفران فِي الْآخِرَة فَقَط وَالْإِحْسَان فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالرَّحْمَة وَالْإِحْسَان متغايران، وَلَا يلْزم من وجود أَحدهمَا وجود الآخر، لِأَن الرَّحْمَة قد تُوجد وافرة فِي حق من لَا يتَمَكَّن من الاحسان كالوالدة العاجزة وَنَحْوهَا وَقد يُوجد الْإِحْسَان مِمَّن لَا رَحْمَة لَهُ فِي طبعه كالملك القاسي فَإِنَّهُ قد يحسن إِلَى بعض أعدائه لمصْلحَة ملكه والإنعام: إِيصَال الْإِحْسَان إِلَى سواك بِشَرْط أَن يكون ناطقا فَلَا يُقَال: أنعم فلَان على فرسه قيل: ينشأ من الْعَرْش نور كالعمود يكون بَين أهل الْمَحْشَر لمن يُرِيد الله حمايته، وَهَذَا هُوَ الْمَعْنى من الغفران الْغَلَبَة: هِيَ أَن يكون اللَّفْظ فِي أصل الْوَضع عَاما فِي أَشْيَاء ثمَّ يصير بِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال فِي أَحدهَا أشهر، بِحَيْثُ لَا يحْتَاج ذَلِك الشَّيْء الى قرينَة بِخِلَاف سَائِر مَا كَانَ وَاقعا عَلَيْهِ، اسْما كَانَ كَابْن عَبَّاس، أَو صفة كالأسود للحية قَالَ الشَّيْخ سعد الدّين: معنى الْغَلَبَة أَن يكون للاسم عُمُوم فَيعرض لَهُ بِحَسب الِاسْتِعْمَال خُصُوص مَا إِلَى حد التشخص فَيصير علما اتِّفَاقًا وَالْخلاف فِيمَا إِذا لم تصل خُصُوصِيَّة الِاسْم إِلَى حد التشخيص بالغلبة: (وَالْغَلَبَة بِالنّظرِ إِلَى نفس الْوَضع دون الِاسْتِعْمَال أَلا ترى أَن لَفْظَة (الله) من الْأَسْمَاء الْغَالِبَة مَعَ أَنه لَا يجوز اسْتِعْمَاله فِي غَيره تَعَالَى) وَالْغَلَبَة فِي الْأَسْمَاء كالبيت على الْكَعْبَة وَفِي الصِّفَات كالرحمن غير مُضَاف وَفِي الْمعَانِي كالخوض على الشُّرُوع فِي الْبَاطِل خَاصَّة وَالْغَلَبَة التحقيقية: عبارَة عَن أَن يسْتَعْمل اللَّفْظ أَولا فِي معنى ثمَّ ينْتَقل الى آخر والصعق من هَذَا الْقَبِيل وَالْغَلَبَة التقديرية: عبارَة عَن أَن لَا يسْتَعْمل اللَّفْظ من ابْتِدَاء وَضعه فِي غير ذَلِك الْمَعْنى، لَكِن مُقْتَضى الْقيَاس الِاسْتِعْمَال كالذبران والعيوق وَلَفْظَة (الله) تَعَالَى و (الثريا) من هَذَا الْقَبِيل إِذا لم يستعملا فِي غير المعبود بِالْحَقِّ والكوكب الْمَخْصُوص أصلا، لَكِن الْقيَاس الِاسْتِعْمَال قَالَ بَعضهم: الْغَلَبَة التقديرية أَن لَا يكون للاسم إِلَّا فَرد وَاحِد فِي الْخَارِج، لَكِن يفْرض لَهُ أَفْرَاد فِي الذِّهْن، فَلَا يسْتَعْمل ذَلِك الِاسْم إِلَّا فِي الْفَرد الْخَارِجِي بالغلبة كلفظة (الله) و (الرَّحْمَن) وَالْغَلَبَة التحقيقية: أَن يكون للاسم أَفْرَاد فِي الْخَارِج لَكِن يسْتَعْمل ذَلِك الِاسْم فِي فَرد مِنْهَا بالغلبة كالنجم للثريا، وَالصَّلَاة للدُّعَاء وَفِي التحقيقية يَصح إِطْلَاق الِاسْم على غير المغلوب عَلَيْهِ قبل تَمام الْغَلَبَة، بِخِلَاف التقديرية فَإِنَّهَا غير زمانية حَتَّى يُوجد فِيهَا الْقبل والبعد الْغَيْب: هوما لم يقم عَلَيْهِ دَلِيل، وَلم ينصب لَهُ أَمارَة، وَلم يتَعَلَّق بِهِ علم مَخْلُوق، وَفِيه حِكَايَة شهيرة بَين الْحجَّاج والمنجم وَقيل: الْغَيْب هُوَ الْخَفي الَّذِي لَا يكون محسوسا، وَلَا فِي قُوَّة المحسوسات كالمعلومات ببديهة الْعقل أَو ضَرُورَة الْكَشْف وَهُوَ على

قسمَيْنِ: قسم نضب عَلَيْهِ دَلِيل فَيمكن مَعْرفَته كذات الله تَعَالَى وأسمائه الْحسنى وَصِفَاته الْعلية وأحوال الْآخِرَة الى غير ذَلِك مِمَّا يجب على العَبْد مَعْرفَته وكلف بِهِ وَهُوَ غَائِب عَنهُ لَا يُشَاهِدهُ وَلَا يعاينه وَلَكِن يُمكن مَعْرفَته بِالنّظرِ الصَّحِيح وَقسم لَا دَلِيل عَلَيْهِ فَلَا يُمكن للبشر مَعْرفَته كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {وَعِنْده مفاتح الْغَيْب لَا يعلمهَا إِلَّا هُوَ} وغيب الْغَيْب: هُوَ الذَّات الإلهية الْمُطلقَة وَهُوَ هويته الغيبية السارية للْكُلّ علما لَا يُمكن أَن يتَعَلَّق بِهِ بِهَذَا الِاعْتِبَار علم لكَونه محتجبا فِي حجاب عزته، وَلَا يجوز إِطْلَاق اسْم الْغَائِب عَلَيْهِ تَعَالَى، وَيجوز أَن يُقَال: إِنَّه غيب عَن الْخلق وَقد فسر {يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ} بِأَنَّهُ هُوَ الله [وَقيل: بِالْقَلْبِ أَيْضا فالباء للتعدية على تَقْدِير الصِّلَة، أَو للملابسة على كَونه حَالا، أَو للآلة إِذا كَانَ بِمَعْنى الْقلب] والغيب الْمُطلق: كوقت قيام السَّاعَة والإضافي: كنزول مطر فِي مَكَّة فِي حق من كَانَ غَائِبا عَن مَكَّة فالمطلق لَا يكون علمه لِلْخلقِ إِلَّا بِإِخْبَار الله تَعَالَى والمقيد لَيْسَ لَهُ طَرِيق إِلَّا الإلهام وَالرَّسُول من الْبشر يتلَقَّى الْغَيْب من الْملك بِالذَّاتِ، وَالْوَلِيّ لَا يتلَقَّى بِالذَّاتِ، بل بِوَاسِطَة تَصْدِيقه بِالنَّبِيِّ، وَقد يتلَقَّى الرَّسُول بِلَا وَاسِطَة أَيْضا والاطلاع على المغيبات وفوارق الْعَادَات يعم الْأَنْبِيَاء وَغَيرهم كالأولياء والحكماء المتألهين، بل قد يكون بعض الْأَوْلِيَاء أَكثر اطلاعا على بعض الْحَقَائِق والمغيبات من الْأَنْبِيَاء، فَإِن كثيرا من محققي هَذِه الْأمة كَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي رضوَان الله عَلَيْهِم، وَكَذَا حُذَيْفَة، وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَذُو النُّون، والسهل التسترِي، وَأَبُو يزِيد، والجنيد، وَإِبْرَاهِيم بن أدهم، وأمثالهم رُبمَا رجحوا فِي الْحَقَائِق على أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل، (واستفادة دَاوُد النَّبِي من لُقْمَان مَشْهُورَة) ، واحتياج مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الْخضر يشْهد فِي ظَاهر الْحَال على ذَلِك، وَكَون الرَّسُول أعلم زَمَانه لَيْسَ على إِطْلَاقه، بل فِيمَا بعث بِهِ من أصُول الدّين وفروعه (فَلَا يلْزم مِنْهُ التَّفْضِيل) وَاتِّبَاع مُوسَى لَهُ كَانَ ابتلاء من الله تَعَالَى حَيْثُ بَدَت مِنْهُ تِلْكَ الْعبارَة الَّتِي كَانَ الْأَلْيَق بِحَالهِ خلَافهَا، وَهُوَ رد الْعلم إِلَى الله تَعَالَى وَإِلَّا أَيْن الْعُلُوم الخضرية مِمَّا قيل لمُوسَى: {وألقيت عَلَيْك محبَّة مني} وَمِمَّا قيل لَهُ أَيْضا: {واصطنعتك لنَفْسي} وَالْخضر وَإِن كَانَ مشرفا بِتِلْكَ الْعُلُوم فموسى كَانَ مشرفا بقوله: (إِنِّي اصطفيتك على النَّاس برسالاتي

وبكلامي} قَالَ صَاحب " العوارف ": لَا يجوز تجلي الذَّات للأولياء، وَإِلَّا يلْزم فَضلهمْ على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام والغيوب: بِالْكَسْرِ كالبيوت وبالضم كالعثور، وبالفتح كالصبور على أَنه) مُبَالغَة غَائِب والغيبة بِالْفَتْح: مصدر (غَابَ عَن الْعين) إِذا استتر وبالكسر: اسْم من الاغتياب، وَهُوَ أَن يتَكَلَّم خلف إِنْسَان مَسْتُور بِكَلَام هُوَ فِيهِ، وَإِن لم يكن ذَلِك الْكَلَام فِيهِ فَهُوَ بهتان، وَإِن واجهه فَهُوَ شتم وتباح الْغَيْبَة فِي سِتَّة نظمها بعض الأدباء: (الْقدح لَيْسَ بغيبة فِي سِتَّة ... متظلم ومعرف ومحذر) (ولمظهر فسقا ومستفت وَمن طلب الْإِعَانَة فِي إِزَالَة مُنكر) فالمعرف: ذَاكر وصف أَو لقب لَا يعرف الْمَذْكُور إِلَّا بِهِ، والمحذر: الناصح الْغنم، بِالضَّمِّ: الْغَنِيمَة وغنمت الشَّيْء: أصبته، غنيمَة ومغنما وَالْجمع: غَنَائِم ومغانم وَالْغنم بالغرم: أَي مُقَابل بِهِ وغرمت الدِّيَة وَالدّين: أديته وَيَتَعَدَّى بالتضعيف: يُقَال: غرمته، وبالألف جعلته غارما وَالْغنيمَة أَعم من النَّفْل والفيء أَعم من الْغَنِيمَة لِأَنَّهُ اسْم لكل مَا صَار للْمُسلمين من أَمْوَال أهل الشّرك بعد مَا تضع الْحَرْب أَوزَارهَا وَتصير الدَّار دَار الْإِسْلَام، وَحكمه أَن يكون لكافة الْمُسلمين وَلَا يُخَمّس وَذهب قوم إِلَى أَن الْغَنِيمَة مَا أصَاب الْمُسلمُونَ مِنْهُم عنْوَة بِقِتَال والفيء: مَا كَانَ عَن صلح بِغَيْر قتال وَقيل: النَّفْل إِذا اعْتبر كَونه مظفورا بِهِ يُقَال لَهُ غنيمَة وَإِذا اعْتبر كَونه منحة من الله تَعَالَى ابْتِدَاء من غير وجوب يُقَال لَهُ نفل وَقيل: الْغَنِيمَة مَا حصل مستغنما بتعب كَانَ أَو بِغَيْر تَعب، وباستحقاق كَانَ أَو بِغَيْر اسْتِحْقَاق، وَقبل الظفر أَو بعده وَالنَّفْل: مَا يحصل للْإنْسَان قبل الْغَنِيمَة من جملَة الْغَنِيمَة وَقَالَ بَعضهم: الْغَنِيمَة والجزية وَمَال أهل الصُّلْح وَالْخَرَاج كُله فَيْء، لِأَن ذَلِك كُله مِمَّا أَفَاء الله على الْمُؤمنِينَ وَعند الْفُقَهَاء: كل مَا يحل أَخذه من أَمْوَالهم فَهُوَ فَيْء الْغَايَة: هِيَ مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ الشَّيْء وَيَتَرَتَّب هُوَ عَلَيْهِ وَقد تسمى غَرضا من حَيْثُ إِنَّه يطْلب بِالْفِعْلِ، وَمَنْفَعَة إِن كَانَ مِمَّا يتشوقه الْكل طبعا

وَقيل: الْغَايَة: الْفَائِدَة الْمَقْصُودَة سَوَاء كَانَت عَائِدَة إِلَى الْفَاعِل أم لَا وَالْغَرَض: هُوَ الْفَائِدَة الْمَقْصُودَة العائدة إِلَى الْفَاعِل الَّتِي لَا يُمكن تَحْصِيلهَا إِلَّا بذلك الْفِعْل وَقيل: الْغَرَض: هُوَ الَّذِي يتَصَوَّر قبل الشُّرُوع فِي إِيجَاد الْمَعْلُول والغاية: هِيَ الَّتِي تكون بعد الشُّرُوع وَقَالَ بَعضهم: الْفِعْل إِذا ترَتّب عَلَيْهِ أَمر ترتبأ ذاتيا يُسمى غَايَة لَهُ من حَيْثُ إِنَّه طرف الْفِعْل، وَنِهَايَة وَفَائِدَة من حَيْثُ ترتبه عَلَيْهِ، فيختلفان اعْتِبَارا، ويعمان الْأَفْعَال الاختيارية وَغَيرهَا، فَإِن كَانَ لَهُ مدْخل فِي إقدام الْفَاعِل على الْفِعْل يُسمى غَرضا بِالْقِيَاسِ إِلَيْهِ، وَعلة غائية، وَحِكْمَة، ومصلحة بِالْقِيَاسِ إِلَى الْغَيْر وَقد يُخَالف الْغَرَض فَائِدَة الْفِعْل كَمَا إِذا أَخطَأ فِي اعتقادها، وَهُوَ إِذا كَانَ مِمَّا يتشوفه الْكل طبعا يُسمى مَنْفَعَة وَالْمرَاد بالغاية فِي (من) الَّتِي لابتداء الْغَايَة الْمسَافَة، إطلاقا لاسم الْجُزْء على الْكل الْغناء، ككساء: السماع وبالفتح: الْكِفَايَة وَكِلَاهُمَا ممدودان وبالكسر [وَالْقصر] : الْيَسَار ضد العسار (وَهُوَ غير مَمْدُود) قَالَ بَعضهم: غنى الدُّنْيَا وَهُوَ الْكِفَايَة مَقْصُور وغناء الْآخِرَة: وَهُوَ السَّلامَة مَمْدُود وَقد نظمته: (غنى الدُّنْيَا كفايتنا قصير ... غنا الْأُخْرَى سلامتنا مديد) والغناء بِالضَّمِّ وَالْمدّ: التَّغَنِّي وَلَا يتَحَقَّق ذَلِك إِلَّا بِكَوْن الألحان من الشّعْر، وانضمام التصفيق إِلَى الألحان ومناسبة التصفيق لَهَا فَهُوَ من أَنْوَاع اللّعب، وكبيرة فِي جَمِيع الْأَدْيَان حَتَّى يمْنَع الْمُشْركُونَ عَن ذَلِك فِي " الْكَشَّاف " قيل: الْغناء منفدة: لِلْمَالِ، مسخطة للرب، مفْسدَة للقلب وَلَيْسَ المُرَاد من حَدِيث " من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ " إِلَى آخِره التَّغَنِّي، بل المُرَاد الِاسْتِغْنَاء بِهِ، دلّ على ذَلِك مورده [وَالْمَفْهُوم من كَون الشَّيْء غَنِيا عَن غَيره لَيْسَ إِلَّا وجوده مَعَ عدم غَيره، كَذَا فِي " شرح الإشارات " قَالَ صَاحب " المحاكمات ": وَهَذَا غير صَحِيح، فَإِن الْعلَّة غنية عَن الْمَعْلُول مَعَ امْتنَاع انفكاكها عَنهُ] الْغرَّة، بِالضَّمِّ: العَبْد نَفسه وَالْأمة أَيْضا و [الْغرَّة] من الشَّهْر: لَيْلَة استهلال الْقَمَر و [الْغرَّة] من الْهلَال: طلعته و [الْغرَّة] من الْأَسْنَان: بياضها وأولها و [الْغرَّة] من الْمَتَاع: خِيَاره و [الْغرَّة] من الْقَوْم: شريفهم و [الْغرَّة] من الْكَرم: سرعَة بسوقه و [الْغرَّة] من الرجل: وَجهه وكل مَا بدا لَك من ضوء أوصبح فقد بَدَت غرته وَهِي عِنْد الْفُقَهَاء مَا بلغ ثمنه نصف عشر الدِّيَة من العبيد وَالْإِمَاء

وغرت على أَهلِي: أغار غيرَة وغار الرجل: أَي أَتَى الْغَوْر فَهُوَ غائر والغيرة: كَرَاهَة الرجل اشْتِرَاك غَيره فِيمَا هُوَ حَقه وأغار على الْعَدو إغارة وغارة وأغار الْحَبل إغارة أَيْضا: إِذا أحكم فتله [الغض: غض طرفه: خفضه وغض من صَوته، وَالْأَمر مِنْهُ فِي لُغَة أهل الْحجاز أغضض من صَوْتك وَفِي لُغَة أهل نجد: غض طرفك بِالْإِدْغَامِ الْغَضَب: هُوَ إِرَادَة الْإِضْرَار بالمغضوب عَلَيْهِ والغيظ: تغير يلْحق المغتاظ وَذَلِكَ لَا يَصح إِلَّا على الْأَجْسَام كالضحك والبكاء وَنَحْوهمَا وَلِهَذَا لَا يُوصف الله تَعَالَى بالغيظ [وَالْغَضَب من الله تَعَالَى كالرحمة] وَالْغَضَب عَام والفرك خَاص فِيمَا بَين الزَّوْجَيْنِ وَيُقَال: غضِبت عَلَيْهِ وَله: إِذا كَانَ المغضوب عَلَيْهِ حَيا، وغضبت بِهِ إِذا كَانَ مَيتا الْغَيْن: كالغين الهجائية: هُوَ حجاب رَقِيق يَقع على قُلُوب خَواص عباد الله فِي أَوْقَات الْغَفْلَة وَعَلِيهِ حَدِيث " إِنَّه ليغان على قلبِي فأستغفر الله فِي الْيَوْم سبعين مرّة وغين على كَذَا: غطي عَلَيْهِ والغيم للعصاة وَهُوَ حجاب كثيف والرين والختم والطبع للْكفَّار والغبن، بِالْمُوَحَّدَةِ الساكنة: فِي الْأَمْوَال وبالمتحركة فِي الآراء، وماضيه مِمَّا يضم فاؤه وَالدُّخُول تَحت التَّقْوِيم فِي الْجُمْلَة من بعض المقومين هُوَ الْحَد الْفَاصِل بَين فَاحش الْغبن ويسيره فِي الْأَصَح من مَذْهَب أَصْحَابنَا دون مَا قيل من أَن حد الْيَسِير أَن يزِيد على الْعشْرَة مِقْدَار الْعشْر وَهُوَ (ده يازده) ، أَو نصفه وَهُوَ (ده نيم) ، إِذْ التَّفَاوُت بِحَسب الْعَادَات والأماكن والأوقات يمْنَع التَّحْدِيد بِحَسب الْمِقْدَار الغريزة: هِيَ ملكة تصدر عَنْهَا صِفَات ذاتية وَيقرب مِنْهَا الْخلق إِلَّا أَن للاعتياد مدخلًا فِي الْخلق دونهَا الْغَمَام: هُوَ أقوى من السَّحَاب ظلمَة، فَإِن أول مَا ينشأ هُوَ النشر، فَإِذا انسحب فِي الْهَوَاء فَهُوَ السَّحَاب، فَإِذا تَغَيَّرت لَهُ السَّمَاء فَهُوَ الْغَمَام [والسحاب إِمَّا من السَّمَاء وَإِمَّا من الْبَحْر، إِذْ لَا قَائِل بِأَن بعضه من هَذَا وَبَعضه من ذَاك] الغمرة: أَصْلهَا الشَّيْء الَّذِي يغمر الْأَشْيَاء فيغطيها، ثمَّ وضعت فِي مَوضِع الشدائد والمكا ره الغل: هُوَ بِمَعْنى الْخِيَانَة من حد (دخل) وَالَّذِي هُوَ الضغن من حد (ضرب) والغلول كَمَا قَالَ الْأَزْهَرِي: الْخِيَانَة فِي بَيت مَال، أَو زَكَاة، أَو غنيمَة وَقَيده أَبُو عُبَيْدَة بِالْغَنِيمَةِ فَقَط قَالَ الله تَعَالَى: {وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة}

وَمعنى قَوْله تَعَالَى: {لقد جئتمونا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ} : أَي منفردين عَن الْأَمْوَال والأهل والشركاء فِي الْفَيْء والأغلال: الْخِيَانَة فِي كل شَيْء والغل: أَخذ الْخِيَانَة فِي الْقلب على الْخلق والغش: سَواد الْقلب وعبوس الْوَجْه الْغُلَام: يَقع هَذَا الِاسْم على الصَّبِي من حِين يُولد على اخْتِلَاف حالاته إِلَى أَن يبلغ فِي " الْبَزَّازِيَّة ": هُوَ من لَا يتَجَاوَز عشر سِنِين الْغسْل: بِالْفَتْح: الإسالة وبالضم: اسْم للطَّهَارَة من الْجَنَابَة وَالْحيض وَالنّفاس وبالكسر: مَا يغسل بِهِ الرَّأْس من خطمي وَغَيره وَقيل: بِالْفَتْح مصدر (غسل) وبالضم: مصدر (اغْتسل) وَالْغسْل للأشياء عَام والقصارة للثوب خَاص الْغِبْطَة: هِيَ تمني الْإِنْسَان أَن يكون لَهُ مثل الَّذِي لغيره من غير إِرَادَة إذهاب مَا لغيره وَفِي الحَدِيث: " اللَّهُمَّ غبطا لَا هبطا ": أَي نَسْأَلك الْغِبْطَة، أومنزلة نغبط عَلَيْهَا الْحَسَد: إِرَادَة زَوَال نعْمَة الْغَيْر والمنافسة: إِرَادَة سبقه على الْغَيْر فِيمَا هُوَ خير لَهما الْغرُور: هُوَ تَزْيِين الْخَطَأ بِمَا يُوهم أَنه صَوَاب فِي " الزَّيْلَعِيّ ": الْغرُور وَيُقَال لَهُ الْغرَر أَيْضا: هُوَ مَا يكون مَجْهُول الْعَاقِبَة لَا يدرى أَيكُون أم لَا الغلق، بِالسُّكُونِ: الإغلاق وبضمتين: بِمَعْنى المغلق وبفتحتين: مَا يغلق الْبَاب وَيفتح بالمفتاح مجَازًا الغدير: فعيل بِمَعْنى مفعول من (غدر) إِذا ترك، وَهُوَ الَّذِي تَركه مَاء السَّيْل الغمز: الْإِشَارَة بِالْعينِ وَالرَّمْز: الْإِيمَاء بالشفتين والحاجب الْغَرق: غرق فِي المَاء من حد (علم) : أَي ذهب فِيهِ، فَهُوَ غرق إِذا لم يمت بعد، وَإِذا مَاتَ فَهُوَ غريق الغوغاء: الْجَرَاد قبل أَن ينْبت جنَاحه وَشَيْء يشبه البعوض ولايعض لضَعْفه، وَبِه سمي الغوغاء من النَّاس، كَمَا فِي " الْقَامُوس " غَايَة الإطناب: هُوَ مَا يُفْضِي إِلَى الْإِخْلَال وَغَايَة الإيجاز: هُوَ مَا يُفْضِي إِلَى التعقيد غَايَة مَا فِي الْبَاب: (مَا) فِيهِ مَوْصُولَة وصلته محذوفة، والموصول مَعَ صلته مُضَاف إِلَيْهِ للغاية، فاكتسبت الْغَايَة التَّعْرِيف من الْمُضَاف إِلَيْهِ فصلح أَن يكون مُبْتَدأ لِأَن (مَا) الموصولة معرفَة، وَإِن كَانَت نكرَة بِدُونِ الصِّلَة فالتقدير: غَايَة مَا وجد أَو غَايَة مَا حصل فِي الْبَاب غير مرّة: أَي أَكثر من مرّة وَاحِدَة الْغَيْث: هُوَ مطر فِي إبانه وَإِلَّا فمطر الغزالة: هِيَ اسْم للشمس عِنْد ارْتِفَاع النَّهَار وَيُقَال عِنْد غُرُوبهَا جونة

[نوع] {قُلُوبنَا غلف} فِي غطاء محجوبة عَمَّا تَقول أَو أوعية للْعلم، فَكيف تجيئنا بِمَا لَيْسَ عندنَا على قِرَاءَة ضم اللَّام {غيا} : شرا أوخسرانا {غساق} : الزَّمْهَرِير {غثاء أحوى} : هشيما يَابسا الغاشية، (والطامة، والصاخة، وَالْقَارِعَة، والحاقة) كلهَا من أَسمَاء يَوْم الْقِيَامَة {غلظة} : شدَّة {الْغَيْب} : السِّرّ {مَاء غدقا} : كثيرا جَارِيا {فِي الغابرين} : فِي البَاقِينَ، قد بقيت فِي الْعَذَاب وَلم تسر مَعَ لوط {إِلَّا فِي غرور} : فِي بَاطِل {كَانَ غراما} : ملازما شَدِيدا كلزوم الْغَرِيم، أَو بلَاء بلغَة حمير {غَاسِق} : ظلمَة {غمَّة} : شُبْهَة {الْغَمَام} : سَحَاب أَبيض {غيض المَاء} : نقص بلغَة الْحَبَشَة {غسلين} : صديد أهل النَّار أَو الْحَار الَّذِي تناهى حره بلغَة أَزْد شنُوءَة وَعَن ابْن عَبَّاس: أَظُنهُ الزقوم {غول} : صداع {فغشيهم} : فغطاهم. {فِي غَمَرَات الْمَوْت} : فِي شدائده {فِي غيابة الْجب} : فِي قَعْره {من غل} : من حقد {مَا غَرَّك} : أَي شَيْء خدعك وجرأك على الْعِصْيَان {وغركم بِاللَّه الْغرُور} : الشَّيْطَان أَو الدُّنْيَا {وَمَا غوى} : وَمَا أعتقد بَاطِلا. {حدائق غلبا} : عظاما {وَمن فَوْقهم غواش} : مَا يَغْشَاهُم فيغطيهم من أَنْوَاع الْعَذَاب

فصل الفاء

{فجعلناهم غثاء} : أَي لَا بَقِيَّة فيهم {ذَا غُصَّة} : أَي تغص بِهِ الحلوق فَلَا يسوغ [كالضريع والزقوم] {غلبا} : غِلَاظ الْأَعْنَاق يَعْنِي النّخل {غيا} : شرا [أَو خسرانا] أَو هُوَ وَاد فِي جَهَنَّم {من الْغَمَام} : من السَّحَاب الْأَبْيَض {وَعصى آدم ربه فغوى} : أَي جهل [أَو خَابَ] {أَو كَانُوا غزى} : جمع غاز {غلظة} : شدَّة وصبرا على الْقِتَال {فِي غمرتهم} : فِي جهالتهم [ {أم عِنْدهم الْغَيْب} : اللَّوْح أَو المغيبات {غبرة} : غُبَار وكدورة {ماؤكم غورا} : غائرا فِي الأَرْض {الْغَار} : نقب فِي الْجَبَل {غرفَة بِيَدِهِ} : أَي مِقْدَار ملْء الْيَد من الْمَعْرُوف وبالفتح: يغْرف مرّة وَاحِدَة بِالْيَدِ، مصدر (غرفت) {الغرفات} : منَازِل رفيعة {غشاوة} : غطاء {والنازعات غرقا} : أَي إغراقا فِي النزع، فَإِن مَلَائِكَة الْمَوْت ينزعون أَرْوَاح الْكفَّار من أقاصي أبدانهم] (فصل الْفَاء) [الْفَاسِق] : كل شَيْء فِي الْقُرْآن (فَاسق) فَهُوَ (كَاذِب) إِلَّا قَلِيلا [الفاطر] : كل شَيْء فِي الْقُرْآن (فاطر) فَهُوَ بِمَعْنى خَالق [الْفَاسِق] : كل خَارج عَن أَمر الله فَهُوَ فَاسق [الْفَحْشَاء] : كل فحشاء ذكر فِي الْقُرْآن فَالْمُرَاد الزِّنَا إِلَّا فِي قَوْله تَعَالَى: {الشَّيْطَان يَعدكُم الْفقر ويأمركم بالفحشاء} : فَإِن المُرَاد الْبُخْل فِي أَدَاء الزَّكَاة [الْفرج] : كل خرق فِي الثَّوْب يُطلق عَلَيْهِ لفظ الْفرج وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (مَا لَهَا من

فروج} [الْفسْطَاط] : كل مَدِينَة جَامِعَة فَهِيَ فسطاط [الفلذ] : كل جَوْهَر من جَوَاهِر الأَرْض كالذهب وَالْفِضَّة والنحاس والرصاص فَهُوَ فلذ [الْفَيْء] : كل مَا يحل أَخذه من أَمْوَال الْحَرْب فَهُوَ فَيْء [الْفَاكِهَة] : كل مَا يتلذذ بِهِ وَلَا يتقوت لحفظ الصِّحَّة فَهِيَ فَاكِهَة [الْفَاحِش] : كل شَيْء تجَاوز قدره، وكل أَمر لَا يكون مُوَافقا للحق فَهُوَ فَاحش وَفِي " الْمِصْبَاح ": كل شَيْء جَاوز الْحَد فَهُوَ فَاحش وَمِنْه (غبن فَاحش) إِذا جَاوز بِمَا لَا يعْتَاد مثله [الْفَارِق] : كل مَا فرق بَين الْحق وَالْبَاطِل فَهُوَ فَارق [الفص] : كل ملتقى عظمين فَهُوَ فص [الْفَوْز] : كل من نجا من تهلكة وَلَقي مَا يغتبط بِهِ فقد فَازَ، أَي تبَاعد عَن الْمَكْرُوه، وَلَقي مَا يُحِبهُ وَقد يَجِيء الْفَوْز بِمَعْنى الْهَلَاك يُقَال: فَازَ الرجل: إِذا مَاتَ، وفاز بِهِ: ظفر، و [فَازَ] فِيهِ: نجا [الْفضل] : كل عَطِيَّة لَا تلْزم من يُعْطي يُقَال لَهَا فضل و [الفض] : فِي كل الْقُرْآن بالضاد إِلَّا {وَلَو كنت فظا غليط الْقلب} فَإِنَّهُ بالظاء [الْفَوْر] : فَور كل شَيْء أَوله والفارض: هُوَ الضخم من كل شَيْء [الفرسخ] : كل مَا تطاول وامتد بالفرجة فِيهِ فَهُوَ فَرسَخ، وَمِنْه: انْتَظَرْتُك فرسخا من النَّهَار وَقد نظم بعض الأدباء فِي تعْيين الفرسخ والميل والبريد: (إِن الْبَرِيد من الفراسخ أَربع ... ولفرسخ فَثَلَاث أَمْيَال ضَعُوا) (والميل ألف أَي من الباعات قل ... والباع أَربع أَذْرع فتتبعوا) (ثمَّ الذِّرَاع من الْأَصَابِع أَربع ... من بعْدهَا الْعشْرُونَ ثمَّ الإصبع) (سِتّ شعيرات فبطن شعيرَة ... مِنْهَا إِلَى ظهر لأخرى يوضع) (ثمَّ الشعيرة سِتّ شَعرَات غَدَتْ ... من شعر بغل لَيْسَ هَذَا يدْفع) [الْفَاعِل] : كل اسْم أسْند إِلَيْهِ فعل أَو اسْم فَهُوَ فَاعل كل فعل يطْلب مفعولين فَإِنَّهُ يكون الأول مِنْهُمَا فَاعِلا فِي الْمَعْنى، فَمثل (قَامَ زيد) فَاعل فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى، وَمثل (مَاتَ زيد) فَاعل فِي اللَّفْظ دون الْمَعْنى، {وَكفى بِاللَّه شَهِيدا} فَاعل فِي الْمَعْنى دون اللَّفْظ وَالْفَاعِل فِي الْقُرْآن بِمَعْنى الْمَفْعُول فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع {فِي عيشة راضية} {} (لَا عَاصِم

الْيَوْم) {} (من مَاء دافق} وَكَذَا الْمَفْعُول بِمَعْنى الْفَاعِل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع أَيْضا {حِجَابا مَسْتُورا} {} (وعده مأتيا) {} (جَزَاء موفورا} [فَوق] : كل شَيْء كَانَ ثُبُوت صفة فِيهِ أقوى من ثُبُوتهَا فِي شَيْء آخر كَانَ ذَلِك الْأَقْوَى فَوق الأضعف فِي تِلْكَ الصّفة يُقَال: (فلَان فَوق فلَان فِي اللؤم والدناءة) أَي: هُوَ أَكثر لؤما ودناءة مِنْهُ وَكَذَا إِذا قيل: (هَذَا فَوق ذَاك فِي الصغر) وَجب أَن يكون أكبر صغرا مِنْهُ، أَلا ترى أَن الْبَعُوضَة مثل فِي الصغر، وجناحها أقل مِنْهَا وَقيل: معنى {مثلا مَا بعوضة فَمَا فَوْقهَا} فَمَا دونهَا وَفَوق تسْتَعْمل فِي الْمَكَان وَالزَّمَان والجسم وَالْعدَد والمنزلة الْفَاء: هِيَ إِمَّا فصيحة، وَهِي الَّتِي يحذف فِيهَا الْمَعْطُوف عَلَيْهِ مَعَ كَونه سَببا للمعطوف من غير تَقْدِير حرف الشَّرْط قَالَ بَعضهم: هِيَ دَاخِلَة على جملَة مسببة عَن جملَة غير مَذْكُورَة نَحْو الْفَاء فِي قَوْله تَعَالَى: {فانفجرت} وَظَاهر كَلَام صَاحب " الْمِفْتَاح " تَسْمِيَة هَذِه الْفَاء فصيحة على تَقْدِير (فَضرب فانفجرت) وَظَاهر كَلَام صَاحب " الْكَشَّاف " على تَقْدِير (فَإِن ضربت فقد انفجرت) وَالْقَوْل الْأَكْثَر على التَّقْدِيرَيْنِ قَالَ الشَّيْخ سعد الدّين: إِنَّهَا تفصح عَن الْمَحْذُوف وتفيد بَيَان سببيته كَالَّتِي تذكر بعد الْأَوَامِر والنواهي بَيَانا لسَبَب الطّلب، لَكِن كَمَال حسنها وفصاحتها أَن تكون مَبْنِيَّة على التَّقْدِير، منبئة عَن المجذوف وتختلف الْعبارَة فِي تَقْدِير الْمَحْذُوف فَتَارَة أمرا، وَتارَة نهيا، وَتارَة شرطا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَهَذَا يَوْم الْبَعْث} ، وَتارَة مَعْطُوفًا عَلَيْهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فانفجرت} وَقد يُصَار إِلَى تَقْدِير القَوْل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فقد كذبوكم بِمَا تَقولُونَ} : وَأشهر أَمْثِلَة الفصيحة قَوْله: (قَالُوا خُرَاسَان أقْصَى مَا يُرَاد بِنَا ... ثمَّ القفول فقد جِئْنَا خراسانا) وَلَا تسمى فصيحة إِن لم يحذف الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، بل إِن كَانَ سَببا للمعطوف تسمى فَاء التسبيب، وَإِلَّا تسمى فَاء التعقيب، (وَإِن كَانَ محذوفا وَلم يكن سَببا لَا تسمى فصيحة أَيْضا، بل تسمى تفريعية، وَالأَصَح أَن لَا فرق بَين الفصيحة والتفريعية) ، ثمَّ التَّفْرِيع قد يكون تَفْرِيع السَّبَب على الْمُسَبّب، وتفريع اللَّازِم على الْمَلْزُوم أَيْضا، وَإِن كَانَ الْمَعْطُوف شرطا لَا تسمى فصيحة أَيْضا، بل تسمى جزائية، سَوَاء حذف الْمَعْطُوف عَلَيْهِ أم لم يحذف

وَالْفَاء السَّبَبِيَّة لَا يعْمل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا إِذا وَقعت فِي موقعها وموقعها أَن يكون بِحَسب الظَّاهِر بَين جملتين، إِحْدَاهمَا بِمَنْزِلَة الشَّرْط، وَالْأُخْرَى بِمَنْزِلَة الْجَزَاء نَحْو: {فوكزه مُوسَى فَقضى عَلَيْهِ} وَأما إِذا كَانَت زَائِدَة كَمَا فِي {فسبح بِحَمْد رَبك} أَو وَاقعَة فِي غير موقعها لغَرَض من الْأَغْرَاض كَمَا فِي {وَرَبك فَكبر} وكالفاء الدَّاخِلَة فِي جَوَاب (أما) نَحْو {فَأَما الْيَتِيم فَلَا تقهر} فَحِينَئِذٍ جَازَ عمل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا وَالْفَاء بعد (وَبعد) لإجراء الظّرْف مجْرى الشَّرْط، ذكره سِيبَوَيْهٍ فِي: (زيد حِين لَقيته فأكرمته) ، وَجعل الرضي مِنْهُ {وَإِذ لم يهتدوا بِهِ فسيقولون} وَأما تَقْدِير (أما) فمشروط بِكَوْن مَا بعد الْفَاء أمرا أَو نهيا، وَمَا قبلهَا مَنْصُوبًا بِهِ أَو بمفسر بِهِ وَكَثِيرًا مَا تكون الْفَاء السَّبَبِيَّة بِمَعْنى لَام السَّبَبِيَّة، وَذَلِكَ إِذا كَانَ مَا بعْدهَا سَببا لما قبلهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {اخْرُج مِنْهَا فَإنَّك رجيم} وَالْفَاء العاطفة تفِيد التَّرْتِيب الْمُتَّصِل معنويا كَانَ نَحْو: {أَمَاتَهُ فأقبره} ، {خلقك فسواك} ، أَو ذكريا وَهُوَ عطف مفصل على مُجمل نَحْو: {فأزلهما الشَّيْطَان عَنْهَا فأخرجهما مِمَّا كَانَ فِيهِ} ، وكقولك: (تَوَضَّأ فَغسل وَجه وَيَديه، وَمسح رَأسه وَرجلَيْهِ) والتعقيب [فِي الْفَاء على حسب مَا يعد فِي الْعَادة عقيب الأول وَإِن كَانَ بَينهمَا أزمان كَثِيرَة كَقَوْلِه تَعَالَى] : {خلقنَا النُّطْفَة علقَة فخلقنا الْعلقَة مُضْغَة} والسببية غَالِبا نَحْو: {فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ} والتعقيب الزماني كَقَوْلِك: (قعد زيد فَقَامَ عَمْرو) لمن) سَأَلَك عَنْهُمَا أَهما كَانَا مَعًا أم متعاقبين والتعقيب الذهْنِي كَقَوْلِك: (جَاءَ زيد فَقَامَ عَمْرو إِكْرَاما لَهُ) والتعقيب فِي القَوْل كَقَوْلِك (لَا أَخَاف الْأَمِير فالملك السُّلْطَان) كَأَنَّك تَقول: لَا أَخَاف الْملك، فَأَقُول: لَا أَخَاف السُّلْطَان وَقد تَجِيء لمُجَرّد التَّرْتِيب نَحْو: {فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا} وَتَكون لمُجَرّد السَّبَبِيَّة من غير عطف نَحْو: {فصل لِرَبِّك وانحر} إِذْ لَا يعْطف الْإِنْشَاء

على الْخَبَر، وَكَذَا الْعَكْس وَتَكون رابطة للجواب حَيْثُ لَا يصلح لِأَن يكون شرطا بِأَن كَانَ جملَة اسمية نَحْو: {إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك} ، أَو فعلية فعلهَا جامد نَحْو: {إِن تبدوا الصَّدقَات فَنعما هِيَ} أَو إنشائي نَحْو: {إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني} وَتَكون زَائِدَة نَحْو: {بل الله فاعبد} وَتَكون للاستئناف نَحْو: {كن فَيكون} بِالرَّفْع، أَي فَهُوَ يكون وتختص الْفَاء لعطف مَا لَا يصلح كَونه صلَة على مَا هُوَ صلَة كَقَوْلِك: (الَّذِي يطير فيغضب زيد الذُّبَاب) ، وَلَا يجوز (ويغضب) أَو (ثمَّ يغْضب) (بِالْوَاو، وَثمّ) لِأَن (يغْضب زيد) جملَة لَا عَائِد فِيهَا على (الَّذِي) ، وَشرط مَا يعْطف على الصِّلَة أَن يصلح وُقُوعه صلَة وَأما الْفَاء فَلِأَنَّهَا يَجْعَل مَا بعْدهَا مَعَ مَا قبلهَا فِي حكم جملَة وَاحِدَة لإشعارها بالسببية وَقد تكون الْفَاء بِمَعْنى الْوَاو، و (ثمَّ) ، و (أَو) ، و (إِلَى) ، وللتعليل وَالتَّفْصِيل وَالْفرق بَين الْفَاء وَالْوَاو على مَا ذكرُوا فِيمَا لَو قَالَت الْمَرْأَة: (جعلت الْخِيَار إِلَيّ، أَو جعلت الْأَمر بيَدي، فَطلقت نَفسِي) بِالْفَاءِ فَأجَاز الزَّوْج ذَلِك لَا يَقع شَيْء، بِخِلَاف مَا لَو قَالَت: (وَطلقت نَفسِي) بِالْوَاو فَأجَاز حَيْثُ تقع رَجْعِيَّة، لِأَن الْفَاء للتفسير، فَاعْتبر فِيهِ الْمُفَسّر وَهُوَ الْأَمر بِالْيَدِ، فَكَانَت مُطلقَة نَفسهَا بِحكم الْأَمر قبل صيرورة الْأَمر بِيَدِهَا، " وَالْفَاء لفقد التَّمْلِيك من الزَّوْج سَابِقًا على مَا صدر مِنْهَا من التَّطْلِيق، وَالْوَاو للابتداء فَكَانَت آتِيَة بأمرين وهما التَّفْوِيض وَالطَّلَاق، وَالزَّوْج يملك إنشاءهما، فَإِذا أجَاز جَازَ الْأَمْرَانِ وَالْفَاء التعقيبية عِنْد الْأُصُولِيِّينَ لَا تَخْلُو من أَن تدخل على أَحْكَام الْعِلَل، أَو على الْعِلَل فعلى الأول يلْزم أَن تسْتَعْمل بعد الدَّلِيل دَالَّة ترَتّب الحكم الدَّاخِلَة هِيَ عَلَيْهِ على ذَلِك الدَّلِيل [وَالْأَصْل أَن لَا تدخل الْفَاء على الْعِلَل لِاسْتِحَالَة تَأَخّر الْعلَّة عَن الْمَعْلُول، إِلَّا أَنَّهَا قد تدخل عَلَيْهَا بِشَرْط أَن يكون لَهَا دوَام ليتصور وجوده بعد الحكم ليَصِح دُخُول الْفَاء عَلَيْهَا بِهَذَا الِاعْتِبَار، كَمَا يُقَال لمن هُوَ فِي حبس ظَالِم: أبشر فقد أَتَاك الْغَوْث أَي: صر ذَا فَرح وسرور فقد أَتَاك المغيث والغوث مِمَّا يَدُوم وَيبقى بعد الإبشار، وَلَا يُقَال: انْكَسَرَ الشَّيْء فَكَسرته، وَانْقطع فقطعته] والأشياء الَّتِي تجاب بِالْفَاءِ وتنصب لَهَا هِيَ سِتَّة: الْأَمر نَحْو: زرني فأكرمك وَالنَّهْي نَحْو: {وَلَا تطغوا فِيهِ فَيحل عَلَيْكُم غَضَبي} وَالنَّفْي نَحْو: {لَا يقْضى عَلَيْهِم فيموتوا} والاستفهام نَحْو: {فَهَل لنا من شُفَعَاء فيشفعوا لنا}

وَالتَّمَنِّي نَحْو: {يَا لَيْتَني كنت مَعَهم فأفوز} وَالْعرض نَحْو: (أَلا تنزل فتصيب خيرا) وَقد نظمته: (وَأَشْيَاء يُجَاب لَهَا بفاء ... فينصب بعْدهَا فعل فسته) (أَلا زرني وَلَا تطغوا فَهَل لي ... شَفِيع لَيْت لَا يقْضى فبته) فِي: هِيَ ظرف زمَان الْفِعْل حَقِيقَة نَحْو: {فِي بضع سِنِين} أَو مجَازًا: {فِي الْقصاص حَيَاة} وظرف مَكَان: {فِي أدنى الأَرْض} وَالْأَصْل أَن تدخل على مَا يكون ظرفا حَقِيقَة، إِلَّا إِذا تعذر حملهَا على (الظَّرْفِيَّة، بِأَن صَحِبت الْأَفْعَال، فَتحمل على التَّعْلِيق لمناسبة بَينهمَا من حَيْثُ الِاتِّصَال والمقارنة، غير أَنه إِنَّمَا يصلح حملهَا على) التَّعْلِيق إِذا كَانَ الْفِعْل مِمَّا يَصح وَصفه بالوجود وبضده ليصيرفي معنى الشَّرْط فَيكون تَعْلِيقا كالمشيئة وَأَخَوَاتهَا، بِخِلَاف علمه تَعَالَى، حَيْثُ لَا يُوصف بضده، فَيكون التَّعْلِيق بِهِ تَحْقِيقا وتنجيزا، وَالتَّعْلِيق بهَا بِحَقِيقَة الشَّرْط يكون إبطالا لإِيجَاب فَكَذَا هَذَا وَقد تدخل على مَا يكون جُزْء الشَّيْء كَقَوْلِك: (هَذَا ذِرَاع فِي الثَّوْب) وَتدْخل الزَّمَان لإحاطته بالشَّيْء إحاطة الْمَكَان بِهِ فَنَقُول: (قيامك فِي يَوْم الْجُمُعَة) ، وَالْحَدَث على الاتساع فَكَأَن الْحَدث قد بلغ من الظُّهُور بِحَيْثُ صَار مَكَانا للشَّيْء محيطا بِهِ وَمِنْه (أَنا فِي حَاجَتك) ، (فِي فلَان عيب) وتجيء للمصاحبة ك (مَعَ) نَحْو: {ادخُلُوا فِي أُمَم} ، {فادخلي فِي عبَادي} وللتعليل نَحْو: {لمسكم فِيمَا أَفَضْتُم} وللاستعلاء نَحْو: {وَلَا صلبنكم فِي جُذُوع النّخل} لِأَن الْغَرَض من الصلب التشهير وَبِمَعْنى الْبَاء نَحْو: {يذرؤكم فِيهِ} وَبِمَعْنى (إِلَى) نَحْو: {فَردُّوا أَيْديهم فِي أَفْوَاههم} وَبِمَعْنى (من) نَحْو: {وَيَوْم نبعث فِي كل أمة شَهِيدا} وَبِمَعْنى (عَن) نَحْو: {فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى} وَبِمَعْنى (عِنْد) كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وجدهَا تغرب فِي عين حمئة} وللمقايسة: وَهِي الدَّاخِلَة بَين مفضول سَابق وفاضل لَاحق نَحْو: {فَمَا مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا قَلِيل}

وللتأكيد: وَهِي الزَّائِدَة نَحْو {وَقَالَ اركبوا فِيهَا بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا} وَتَكون اسْما بِمَعْنى الْفَم فِي حَالَة الْجَرّ وَفعل أَمر من (وفى، يَفِي) الْفِعْل، بِالْفَتْح: مصدر قَوْلك فعلت الشَّيْء أَفعلهُ وبالكسر: اسْم مِنْهُ وَأثر مترتب على الْمَعْنى المصدري وَجمعه فعال وأفعال، سمي بِهِ الْفِعْل الاصطلاحي لتَضَمّنه إِيَّاه والمشابهة لَهُ فِي مُوَافَقَته إِيَّاه فِي جُزْء مَدْلُوله قَالَ بَعضهم: الْفِعْل بِالْفَتْح الظَّاهِر الْمُقَابل للترك، لَا مَا هُوَ مصطلح النُّحَاة، وَلَا عرف الْمُتَكَلِّمين من صرف الْمُمكن من الْإِمْكَان إِلَى الْوُجُوب وبالكسر إِن كَانَ لُغَة: اسْما لأثر مترتب على الْمَعْنى المصدري وَعرفا: اسْما للفظين اشْتَركَا كالضرب وَضرب، إِلَّا أَن الِاسْم يسْتَعْمل بِمَعْنى الْمصدر وَالْفِعْل: التَّأْثِير من جِهَة مُؤثر، وَهُوَ عَام لما كَانَ بإجادة أَو غير إجادة، وَلما كَانَ بِعلم أَو غير علم، وَقصد أَو غير قصد، وَلما كَانَ من الْإِنْسَان وَالْحَيَوَان والجمادات وَالْفِعْل يدل على الْمصدر بِلَفْظِهِ، وعَلى الزَّمَان بصيغته، وعَلى الْمَكَان بِمَعْنَاهُ، فاشتق مِنْهُ اسْم للمصدر ولمكان الْفِعْل ولزمانه طلبا للاختصار وَقد يكون الْفِعْل أَعم من الْفِعْل وَالتّرْك على رَأْي فَيشْمَل التّرْك فِي " الْقَامُوس " الْفِعْل بِالْكَسْرِ: حَرَكَة الْإِنْسَان، وكناية عَن كل عمل مُتَعَدٍّ وبالفتح: مصدر (فعل) كمنع وَالْفِعْل مَوْضُوع لحَدث، وَلمن يقوم بِهِ ذَلِك الْحَدث على وَجه الْإِبْهَام أَي فِي زمَان معِين، وَنسبَة تَامَّة بَينهمَا على وَجه كَونهَا مرْآة لملاحظتها، وكل من هَذِه الْأُمُور جُزْء من مَفْهُوم الْفِعْل ملحوظ فِيهِ على وَجه التَّفْصِيل، وَاسم الْفِعْل مَوْضُوع لهَذِهِ الْأُمُور ملحوظ على وَجه الْإِجْمَال، وَتعلق الْحَدث بالمنسوب إِلَيْهِ على وَجه الْإِبْهَام مُعْتَبر فِي مَفْهُومه أَيْضا، وَلِهَذَا يَقْتَضِي الْفَاعِل وَالْمَفْعُول ويعينهما، وَلَك أَن تفرق بَين الْمصدر وَاسم الْمصدر بِهَذَا الْفرق وَدلَالَة الْأَفْعَال على الْأَزْمِنَة بالتضمن الْحَاصِل فِي ضمن الْمُطَابقَة لِأَنَّهَا تدل بموادها على الْحَدث، وبصيغها على الْأَزْمِنَة، فالحدث وَالزَّمَان كِلَاهُمَا يفهمان من لفظ الْفِعْل لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا جُزْء مَدْلُوله بِخِلَاف الْمصدر، فَإِن الْمَفْهُوم مِنْهُ الْحَدث فَقَط، وَإِنَّمَا يدل على الزَّمَان بالالتزام، فَيكون مَدْلُوله مُقَارنًا للزمان فِي التَّحْقِيق وَالْوَاقِع وَنَفس المصادر وَالصِّفَات والجمل وَغَيرهَا دَاخِلَة فِي قسم الْأَفْعَال وينقسم الْفِعْل بِاعْتِبَار الزَّمَان إِلَى الْمَاضِي والمستقبل وَبِاعْتِبَار الطّلب إِلَى الْأَمر وَغَيره وَكَذَلِكَ الْمُشْتَقّ فَإِنَّهُ إِمَّا أَن يعْتَبر فِيهِ قيام ذَلِك الْحَدث بِهِ من حَيْثُ الْحُدُوث فَهُوَ اسْم فَاعل، أَو الثُّبُوت فَهُوَ الصّفة المشبهة أَو وُقُوع الْحَدث عَلَيْهِ

فَهُوَ اسْم الْمَفْعُول أَو كَونه آلَة لحصوله فَهُوَ اسْم الْآلَة أَو مَكَانا وَقع فِيهِ فَهُوَ ظرف الْمَكَان أَو زَمَانا لَهُ فَهُوَ ظرف الزَّمَان أَو يعْتَبر فِيهِ قيام الْحَدث فِيهِ على وصف الزِّيَادَة على غَيره فَهُوَ اسْم التَّفْضِيل وَالْفِعْل إِذا أول بِالْمَصْدَرِ لَا يكون لَهُ دلَالَة على الِاسْتِقْبَال وَامْتِنَاع الْإِخْبَار عَن الْفِعْل إِنَّمَا يكون إِذا كَانَ مُسْندًا إِلَى مَجْمُوع مَعْنَاهُ، معبرا عَنهُ بِمُجَرَّد لَفظه مثل (ضرب، قتل) أما إِذا لم يرد مِنْهُ ذَلِك بِأَن يُرَاد بِهِ اللَّفْظ وَحده كَمَا فِي قَوْلك: (ضرب) مؤلف من ثَلَاثَة أحرف أَو مَعَ مَعْنَاهُ مُتَّصِلا بفاعله كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا قيل لَهُم آمنُوا} أَو يُرَاد مُطلق الْحَدث الْمَدْلُول عَلَيْهِ ضمنا مَعَ الْإِضَافَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يَوْم ينفع الصَّادِقين صدقهم} أَو مَعَ الْإِسْنَاد كَمَا فِي (تسمع بالمعيدي خيرمن أَن ترَاهُ) فَفِي تِلْكَ الصُّور لَا يمْتَنع الْإِخْبَار عَن الْفِعْل قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: الْفِعْل لَا يخبر عَنهُ، هُوَ إِخْبَار عَنهُ بِأَنَّهُ لَا يخبر عَنهُ، وَأَنه متناقض وَالْفِعْل من حَيْثُ إِنَّه فعل ماهيته ممتازة عَمَّا عَداهَا، وَهَذَا ايضا إِخْبَار عَنهُ بِهَذَا الامتياز. وَالْفِعْل إِمَّا عبارَة عَن الصِّيغَة الدَّالَّة على الْمَعْنى الْمَخْصُوص، أَو عَن ذَلِك الْمَعْنى الْمَخْصُوص الَّذِي هُوَ مَدْلُول لهَذِهِ الصِّيغَة، فقد أخبرنَا عَنهُ بكلا الْأَمريْنِ ويعبرون بِالْفِعْلِ عَن أُمُور: أَحدهَا: وُقُوعه وَهُوَ الأَصْل ومشارفته نَحْو: {وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء فبلغن أَجلهنَّ فأمسكوهن} أَي فشارفن انْقِضَاء الْعدة وإرادته: وَأكْثر مَا يكون ذَلِك بعد أَدَاة الشَّرْط نَحْو: {فَإِذا قَرَأت الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه} ومقاربته كَقَوْلِه: (إِلَى ملك كَاد الْجبَال لفقده ... تَزُول زَوَال الراسيات من الصخر) وَالْقُدْرَة عَلَيْهِ نَحْو: {وَعدا علينا إِنَّا كُنَّا فاعلين} أَي قَادِرين على الْإِعَادَة وَالْأَفْعَال ثَلَاثَة أَقسَام: فعل وَاقع موقع الِاسْم فَلهُ الرّفْع نَحْو: (هُوَ يضْرب) فَإِنَّهُ وَاقع موقع (ضَارب) وَفعل فِي تَأْوِيل الِاسْم فَلهُ النصب نَحْو: (أُرِيد أَن تقوم) أَي مقامك وَفعل لَا وَاقع موقع الِاسْم، وَلَا فِي تَأْوِيله فَلهُ الْجَزْم نَحْو: (لم يقم) وَمَتى كَانَ فعل من الْأَفْعَال فِي معنى فعل آخر فلك أَن تجْرِي أَحدهمَا مجْرى صَاحبه، فتعدل فِي الِاسْتِعْمَال إِلَيْهِ، وتحذو بِهِ فِي تصرفه حَذْو صَاحبه [وَالْفِعْل قد يوضع للنسبة الإنشائية نَحْو: (اضْرِب) ، وَقد يوضع للنسبة الإخبارية ويستعار من إِحْدَاهمَا لِلْأُخْرَى كَمَا فِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " من تعمد عَليّ الْكَذِب فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من

النَّار " فَإِن قَوْله (فَليَتَبَوَّأ) للنسبة الاستقبالية فَإِنَّهُ بِمَعْنى يتبوأ مَقْعَده من النَّار] وَإِذا أشكل عَلَيْك أَمر الْفِعْل فَصله بتاء الْمُتَكَلّم أَو الْمُخَاطب، فَمَا ظهر فَهُوَ أَصله، أَلا يرى أَنَّك تَقول فِي (رمى) و (هدى) : رميت، وهديت وَفِي (عَفا) ، و (دَعَا) : عَفَوْت، ودعوت (كَمَا ذكرنَا فِي أول الْكتاب) وَإِذا أشكل أَمر الِاسْم فَانْظُر إِلَى تثنيته، فَمَا ظهر فَهُوَ أَصله، أَلا يرى أَنَّك تَقول فِي الْفَتى وَالْهدى: فتيَان وهديان وَالْفِعْل إِذا نسب إِلَى ظرف الزَّمَان بِغَيْر (فِي) يَقْتَضِي كَون ظرف الزَّمَان معيارا لَهُ، فَإِن امْتَدَّ الْفِعْل امْتَدَّ المعيار فيراد بِالْيَوْمِ النَّهَار وَإِن لم يَمْتَد الْفِعْل لم يَمْتَد المعيار فيراد بِالْيَوْمِ حِينَئِذٍ مُطلق الْوَقْت اعْتِبَارا للتناسب وَإِذا اسند الْفِعْل إِلَى ظَاهر الْمُؤَنَّث غير الْحَقِيقِيّ جَازَ إِلْحَاق عَلامَة التَّأْنِيث بِالْفِعْلِ وَتَركه وَكَذَا إِذا أسْند الى ظَاهر الْجمع مُطلقًا، أَي سَوَاء كَانَ جمع سَلامَة أَو جمع تكسير، وَسَوَاء كَانَ وَاحِد المكسر حَقِيقِيّ التَّذْكِير أَو التَّأْنِيث ك (رجال) و (نسْوَة) أَو مجازي التَّذْكِير أَو التَّأْنِيث ك (أَيَّام) و (دور) ، وَكَذَا وَاحِد الجموع بِالْألف وَالتَّاء يَنْقَسِم إِلَى هَذِه الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة نَحْو: الطلحات، والزينبات، والحبليات، والغرفات، فَحكم الْمسند إِلَى ظَاهر هَذِه الجموع حكم الْمسند إِلَى ظَاهر الْمُؤَنَّث غير الْحَقِيقِيّ فِي جَوَاز إِلْحَاق عَلامَة التَّأْنِيث وَتَركه وَأما إِلْحَاق ضمير الْجمع بِهِ مَعَ كَونه مُسْندًا إِلَى الظَّاهِر فَغير صَحِيح إِلَّا على لُغَة طَيئ نَحْو: (أكلوني البراغيث) وَكَذَا أَسمَاء الفاعلين إِذا أسندت إِلَى الْجَمَاعَة جَازَ فِيهَا التَّوْحِيد مَعَ التَّذْكِير نَحْو: (خَاشِعًا أَبْصَارهم) وَجَاز أَيْضا التَّوْحِيد مَعَ التَّأْنِيث نَحْو: {خاشعة أَبْصَارهم} وَجَاز الْجمع أَيْضا على لُغَة طَيئ نَحْو: {خشعا أَبْصَارهم} وَإسْنَاد الْفِعْل إِلَى ظَاهر جمع الْمَذْكُور والعاقلين يكون بإلحاق التَّاء وَتَركه نَحْو: (فعلت الرِّجَال) ، (وَفعل الرِّجَال) ، إِسْنَاده إِلَى ضمير هَذَا الْجمع يكون بإلحاق التَّاء أَو الْوَاو لَا غير مثل (الرِّجَال فعلت أَو فعلوا) ، وَكَذَا حكم مَا هُوَ فِي معنى هَذَا الْجمع كالقوم وَالْفِعْل مَتى اتَّصل بفاعله وَلم يحجز بَينهمَا حاجز لحقت الْعَلامَة، وَلَا يُبَالِي أَكَانَ التَّأْنِيث حَقِيقِيًّا أَو مجازيا فَتَقول: (جَاءَت هِنْد) ، (وَطَابَتْ الثَّمَرَة) إِلَّا أَن يكون الِاسْم الْمُؤَنَّث فِي معنى اسْم آخر مُذَكّر ك (الأَرْض) و (الْمَكَان) وَإِذا انْفَصل عَن فَاعله فَكلما بعد عَنهُ قوي حذف الْعَلامَة، وَكلما قرب قوي إِثْبَاتهَا، وَإِن توَسط توَسط، وَمن هُنَا كَانَ إِذْ تَأَخّر الْفِعْل عَن الْفَاعِل وَجب ثُبُوت التَّاء، طَال الْكَلَام أم قصر لفرط الِاتِّصَال، وَإِذا تقدم الْفِعْل مُتَّصِلا بفاعله الظَّاهِر كَانَ حذف التَّاء أقرب إِلَى الْجَوَاز، وَإِن حجز بَين الْفِعْل وفاعله حاجز كَانَ حذف التَّاء حسنا،

وَأحسن إِذا كثرت الحواجز قَالَ بَعضهم: إِن كَانَ الْفَاعِل جمعا مكسرا أدخلت التَّاء لتأنيث الْجَمَاعَة وحذفها لتذكير اللَّفْظ، وَإِن كَانَ جمعا مُسلما فَلَا بُد من التَّذْكِير لِسَلَامَةِ لفظ الْوَاحِد، فَلَا تَقول: قَالَت الْكَافِرُونَ، كَمَا لَا تَقول: قَالَت الْكَافِر وَلَا يحذف فعل إِلَّا بعد (إِن) خَاصَّة فِي موضِعين أَحدهمَا: أَن يكون فِي بَاب الاستفعال نَحْو: {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك} : وَالثَّانِي: أَن تكون (إِن) متلوة بِلَا النافية، وَأَن يدل على الشَّرْط مَا تقدمه من الْكَلَام وَالْفِعْل قد يكون لَازِما ينفعل بِدُونِ التَّأْثِير على الْمُتَعَلّق كالإيمان وَالْكفْر وَقد يكون مُتَعَدِّيا بِمَعْنى أَنه لَا وجود لَهُ إِلَّا بانفعال الْمُتَعَلّق كالكسر وَالْقَتْل وَالْفِعْل: التَّأْثِير وإيجاد الْأَثر (والانفعال: التأثر وَقبُول الْأَثر) وَلكُل فعل انفعال إِلَّا الإبداع الَّذِي هُوَ من الله، فَذَلِك هُوَ إِيجَاد عَن عدم لَا فِي مَادَّة وَلَا فِي جَوْهَر بل ذَلِك هُوَ إِيجَاد الْجَوْهَر وَالْأَفْعَال كلهَا مُنكرَة، وتعريفها محَال، لِأَنَّهَا لَا تُضَاف كَمَا لَا يُضَاف إِلَيْهَا، لِأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ فِي الْمَعْنى مَحْكُوم عَلَيْهِ، وَالْأَفْعَال لَا تقع مَحْكُومًا عَلَيْهَا، وَلَا يدخلهَا الْألف وَاللَّام لِأَنَّهَا جملَة، وَدخُول الْألف وَاللَّام على الْجمل محَال وَالْفِعْل لَا يثنى لِأَن مَدْلُوله جنس، وَهُوَ وَاقع على الْقَلِيل وَالْكثير، فَلم يكن لتثنيتة فَائِدَة وَلَفظ الْفِعْل يُطلق على الْمَعْنى الَّذِي هُوَ وصف للْفَاعِل مَوْجُود كالهيئة الْمُسَمَّاة بِالصَّلَاةِ من الْقيام وَالرُّكُوع وَالسُّجُود وَنَحْوهَا وكالهيئة الْمُسَمَّاة بِالصَّوْمِ وَهِي الْإِمْسَاك عَن المفطرات بَيَاض النَّهَار، وكالحالة الَّتِي يكون المتحرك عَلَيْهَا فِي كل جُزْء من الْمسَافَة، وَهَذَا يُقَال فِيهِ: الْفِعْل بِالْمَعْنَى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَقد يُطلق لفظ الْفِعْل على نفس إِيقَاع الْفَاعِل على هَذَا الْمَعْنى كالحركة فِي الْمسَافَة، وَيُقَال فِيهِ: الْفِعْل بِالْمَعْنَى المصدري، أَي الَّذِي هُوَ أحد مدلولي الْفِعْل النَّحْوِيّ، ومتعلق التَّكْلِيف إِنَّمَا هُوَ الْمَعْنى الأول، وَكَذَا فِي قَول الجبرية: فعل العَبْد مَخْلُوق لله دون الثَّانِي، لِأَن الْفِعْل بِالْمَعْنَى الثَّانِي أَمر اعتباري لَا وجود لَهُ فِي الْخَارِج، فَإِن الْمُتَكَلِّمين لَا يثبتون الْوُجُود إِلَّا للأكوان من النّسَب وفعال، كقطام: أَمر وكسحاب: اسْم للْفِعْل الْحسن وَالْكَرم، وَيكون فِي الْخَيْر وَالشَّر وفعلة، كغلبة: صفة غالبة على عملة الطين والحفر وَنَحْو ذَلِك. و [فعلة] كفرحة: الْعَادة الْفضل: فضل، كنصر: بِمَعْنى الْفَضِيلَة وَالْغَلَبَة وكحسن: بِمَعْنى الْفضل وَالزِّيَادَة وَالْفضل فِي الْخَيْر وَيسْتَعْمل لمُطلق النَّفْع. والفضول جمع (فضل) : بِمَعْنى الزِّيَادَة غلب على من لَا خير فِيهِ حَتَّى قيل: (فضول بِلَا فضل وَسن بِلَا سنا ... وَطول بِلَا طول وَعرض بِلَا عرض)

ثمَّ قيل لمن يشْتَغل بِمَا لَا يعنيه فُضُولِيّ، وَلذَا لم يرد إِلَى الْوَاحِد عَن النِّسْبَة، وَلَا يبعد أَن تفتح الْفَاء فَيكون مُبَالغَة (فَاضل) من (الْفضل) وَالْعرب تبني للمصدر بالفعيلة عَمَّا دلّ على الطبيعة غَالِبا فتأتي: بالفضيلة إِذا قصد بِهِ صِفَات الْكَمَال من الْعلم وَنَحْوه للإشعار بِأَنَّهَا لَازِمَة دائمة، وَتَأْتِي أَيْضا بِالْفَضْلِ إِذا قصد بِهِ النَّوَافِل بِاعْتِبَار تجدّد الْآثَار، لِأَن السَّائِل يَتَعَدَّد وَإِن كَانَ المسؤول وَاحِدًا وَالْفضل والفاضلة: الإفضال، وجمعهما فضول وفواضل والفضائل: هِيَ المزايا غير المتعدية والفواضل: هِيَ المزايا المتعدية والأيادي الجسيمة أَو الجميلة، وَالْمرَاد بالتعدية التَّعَلُّق كالإنعام أَي إِعْطَاء النِّعْمَة وإيصالها إِلَى الْغَيْر لَا الِانْتِقَال وَالْفضل بِمَعْنى كَثْرَة الثَّوَاب فِي مُقَابلَة الْقلَّة وَالْخَيْر: بِمَعْنى النَّفْع بِمُقَابلَة الشَّرّ وَالْأول من الْكَيْفِيَّة، وَالثَّانِي من الكمية وَالْفضل بِالصّفةِ القائمية كالعلوم، وبالصفة المقومية كتقدم آدم النَّبِي على الْجَمِيع لِأَنَّهُ أساس الْأَنْبِيَاء وبالصفة الإضافية كخاتمية سيدنَا مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لِأَن الحكم يُضَاف إِلَى آخر الْعلَّة وَفضل الْإِنْسَان على سَائِر الْحَيَوَانَات بِأُمُور خلقية طبيعية ذاتية مثل الْعقل والنطق والخط وَغَيرهَا هُوَ التكريم واكتساب العقائد الحقة والأخلاق الفاضلة بِوَاسِطَة ذَلِك الْعقل هُوَ التقضيل وَالْفضل من حَيْثُ الْجِنْس: كفضل جنس الْحَيَوَان على جنس النَّبَات وَمن حَيْثُ النَّوْع: كفضل الْإِنْسَان على غَيره من الْحَيَوَان وَمن حَيْثُ الذَّات: كفضل رجل على آخر والأولان جوهران لَا سَبِيل للناقص فيهمَا أَن يزِيل نَقصه وَأَن يَسْتَفِيد الْفضل وَالْفضل الثَّالِث: عرض فيوجد السَّبِيل إِلَى اكتسابه {وَأَن الْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء} : يتَنَاوَل الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة من الْفضل وَقَوْلهمْ: (فضلا عَن كَذَا) من قَوْلك: (فضل عَن المَال كَذَا) وَإِذا ذهب أَكْثَره وَبَقِي أَقَله، وَهُوَ مصدر فعل مَحْذُوف أبدا أَي: فضل فضلا يسْتَعْمل فِي مَوضِع يستبعد فِيهِ الْأَدْنَى وَيُرَاد بِهِ اسْتِحَالَة مَا فَوْقه، وَلِهَذَا يَقع بَين كلامين متغايرين معنى مثل (لَكِن) وَيُقَال فِي تَفْضِيل بعض الشَّيْء على كُله: فلَان أول الجريدة، وَبَيت القصيدة: وَقد نظمت فِي فضل بعض الْخلق على بعض: (لخير جَمِيع الْخلق أَعنِي مُحَمَّدًا ... كمعجزه فضل لأمته نور) (وَفَاطِمَة الزهراء بِالْأَصْلِ فضلت ... كعائشة بِالْعلمِ ذَاك شهير) (وتأثير أم الْمُؤمنِينَ خَدِيجَة ... كعائشة نصرا لديك يَدُور) (لصالحنا عكس الْبِدَايَة رُتْبَة ... على ملك دَار الثَّوَاب وحور) (أحب إِلَى الله الْمُجيب مَدِينَة ... من أول أَرض بِالدُّعَاءِ شُعُور)

(وتربة قبر قد حوت أعظم النَّبِي ... لَهَا الْفضل من عرش هُنَاكَ أُمُور) (وَأفضل من غاز شَهِيد مقَاتل ... جليس إِلَه فِي الشُّهُود أجور) (مصَالح نَاس لَو تعدت فأفضل ... وَلَا عجب للقاصرين قُصُور) (لزمزم فضل من مياه سوى الَّذِي ... أَصَابِع خير النَّاس مِنْهُ تَفُور) (صبور على فقر شكور على غنى ... لأتقاهم فضل الْكَرِيم صبور) (وتفضيل أَرض الله حق على السما ... كَمَا قيل عِنْد الْأَكْثَرين فجور) (سَمَاء فَفِيهَا الْعَرْش سيد غَيرهَا ... كَذَا الأَرْض مَا بعد الْحَيَاة قُبُور) (وَفِي أحد جر الْجوَار لفضله ... وَلَيْسَ كَذَا نور الْجبَال وطور) (وَلَا فضل بَين المشرقين حَقِيقَة ... توقفنا خير وإثم لنا زور) (ليَالِي قلت من بهية شَأْنهَا ... وَأكْثر أَيَّام بِتِلْكَ فخور) (وَأفضل أَيَّام الأسابيع جُمُعَة ... وأشرف أَيَّام السنين نحور) (وَلَيْلَة الاسرا فِي النَّبِي مفضل ... على الْقدر فِينَا مَا علته شهور) (وبالقدر للعشر اللَّيَالِي فَضِيلَة ... على مثلهَا لِلْحَجِّ وَهُوَ يَدُور) (وفضلت الْأَيَّام من عشر حجَّة ... على مثلهَا للصَّوْم أَنْت شكور) الْفرْقَة، بِالْكَسْرِ: اسْم لجَماعَة مفترقة من النَّاس بِوَاسِطَة عَلامَة التَّأْنِيث لِأَن الِاسْم يكون للْجمع بالتأنيث كالمعتزلة وَالْجَمَاعَة [وَالْجَمَاعَة أقلهَا ثَلَاثَة، وَأما الطَّائِفَة فَقَالَ مُحَمَّد بن كَعْب رَحمَه الله: الطَّائِفَة للْوَاحِد، وَقَالَ عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ: للْوَاحِد فَمَا فَوق من دون الْمُتَوَاتر، وَقيل فِي سَبَب نزُول قَوْله تَعَالَى: {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} أَن المُرَاد بِهِ رجلَانِ وَإِن كَانَ الصَّحِيح مَا ذكره صَاحب " الْكَشَّاف " أَن المُرَاد بهما الْأَوْس والخزرج، قَالَ بَعضهم الطَّائِفَة] قد تقل وَقد تكْثر قَالَ الله تَعَالَى: {يغشى طَائِفَة مِنْكُم وَطَائِفَة قد أهمتهم أنفسهم} وَمَعْلُوم أَن أحد الفريقيين كَانَ أَكثر من الآخر، وَقد سماهما جَمِيعًا الطَّائِفَة، فَعلم أَن اسْم الطَّائِفَة قد يَقع على الْقَلِيل، وَقد يَقع على الْكثير، كَذَا فِي " الْعمادِيَّة " وَفِي " الْكَشَّاف ": هِيَ الْفرْقَة الَّتِي يُمكن أَن تكون حَلقَة، وَلم يقل أحد بِالزِّيَادَةِ على الْعشْرَة والرهط: الْعِصَابَة، بِالْكَسْرِ والعصابة من الْخَيل وَالرِّجَال وَالطير: من الثَّلَاثَة

أَو السَّبْعَة إِلَى الْعشْرَة، (وَقيل: من الْعشْرَة إِلَى الْأَرْبَعين) وَالْعشيرَة: اسْم لكل جمَاعَة من أقَارِب الرجل يتكثر بهم) والعشير: المعاشر قَرِيبا كَانَ أَو معارفا والمعشر: الْجَمَاعَة الْعَظِيمَة، سميت بِهِ لبلوغها غَايَة الْكَثْرَة، فَإِن الْعشْر هُوَ الْعدَد الْكَامِل الْكثير الَّذِي لَا عدد بعده إِلَّا بتركيبه بِمَا فِيهِ من الْآحَاد، فالمعشر مَحل الْعشْر الَّذِي هُوَ الْكَثْرَة الْكَامِلَة والموكب: الْجَمَاعَة ركبانا أَو مشَاة، أَو ركاب الْإِبِل للزِّينَة والفوج: الْجَمَاعَة الْمَارَّة المسرعة والنفر: من الثَّلَاثَة إِلَى التِّسْعَة، وَلَا يسْتَعْمل فِيمَا فَوق الْعشْرَة، وَلَا فِي طَائِفَة النِّسَاء، وَإِذا اسْتعْمل فِيمَا فَوْقهَا أَو فِي طَائِفَة الرِّجَال وَالنِّسَاء يُفَسر حِينَئِذٍ بِالنَّفسِ والفئة: هِيَ الْجَمَاعَة المتظاهرة الَّتِي يرجع بَعضهم إِلَى بعض فِي التعاضد (واللفيف: الْجَمَاعَات من قبائل شَتَّى) والركب: هم الْأَرْبَعُونَ الَّذين كَانُوا يقودون الْبَعِير. وَالْجَمَاعَة: ثَلَاثَة فَصَاعِدا من جمَاعَة شَتَّى قَالَه أَبُو عبيد، وَالْجمع قبيل والشرذمة: الطَّائِفَة القليلة وَالْمَلَأ: الْأَشْرَاف من النَّاس، وَهُوَ اسْم للْجَمَاعَة كالرهط وَالْقَوْم والفريق: أَكثر من الْفرْقَة والسرية: من خمسين إِلَى أَرْبَعمِائَة والكتيبة: من مائَة إِلَى ألف والجيش: الْجند أَو السائرون لِحَرْب أَو غَيرهَا، وهم من ألف إِلَى أَرْبَعَة آلَاف وَالْخَمِيس: من أَرْبَعَة آلَاف إِلَى اثْنَي عشر ألفا والعسكر: يجمع كل مَا ذكر لِأَنَّهُ الْكثير من كل شَيْء الْفَصْل: فَصله فصلا: ميزه وَفصل فصولا: انْفَصل وَيُقَال: فصل فلَان عِنْدِي فصولا: إِذا خرج من عِنْده وَفصل مني إِلَيْهِ كتاب: نفذته إِلَيْهِ وَفِي الِاصْطِلَاح: عَلامَة تَفْرِيق بَين البحثين وَقيل: هُوَ القَوْل الْوَاضِح الْبَين الَّذِي ينْفَصل بِهِ المُرَاد عَن غَيره والحاجز بَين شَيْئَيْنِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَن يُوصل ب (بَين) ، إِلَّا أَن المصنفين يجرونه مجْرى الْبَاب، فيصلونه ب (فِي) ، وَحِينَئِذٍ يكون بِالتَّنْوِينِ وَهُوَ مصدر بِمَعْنى الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول مستعار للألفاظ أَو النقوش من الْمحل وَهُوَ طَائِفَة من الْمسَائِل تَغَيَّرت أَحْكَامهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا قبلهَا، غير مترجمة بِالْكتاب وَالْبَاب وَقد يسْتَعْمل كل من الْفَصْل وَالْبَاب مَكَان الآخر وَقد يكْتَفى بالفصول، وَالْكل علم جنس وَالْفُقَهَاء يذكرُونَ الْكتاب فِي مقَام الْجِنْس، وَالْبَاب فِي مَوضِع النَّوْع، والفصل فِي مرتبَة الصِّنْف، فَتغير مسَائِل الْبَاب عَمَّا قبلهَا كتغير النَّوْع بِالنِّسْبَةِ إِلَى نوع آخر، انْفِصَال مسَائِل الْفَصْل

عَمَّا قبلهَا كانفصال الصِّنْف عَن الصِّنْف الآخر وَهَذِه الثَّلَاثَة وأمثالها مَتى وصل إِلَى مَا بعْدهَا مثل: (كتاب الفلان) ، أَو بفي مثل: (فصل فِي الفلان) يقْرَأ بِالرَّفْع وَلَا يسْتَحق الْإِعْرَاب إِلَّا بعد التَّرْكِيب، فَهُوَ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، وَإِن كَانَ معرفَة بِاللَّامِ أَو بِالْإِضَافَة فَيحْتَمل أَن يكون مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف، وَمَتى لم يُوصل وَهُوَ كثير فِي الْفَصْل يجوز أَن يقْرَأ خَالِيا عَن الْإِعْرَاب مَوْقُوفا لكَونه غير مركب، وَمن حق الْفَصْل أَن لَا يَقع إِلَّا بَين معرفتين، وَأما فِي قَوْله تَعَالَى: {كَانُوا هم أَشد مِنْهُم} فقد ضارع الْمعرفَة فِي أَنه لَا يدْخلهُ الْألف وَاللَّام فأجري مجْرَاه والفيصل: هُوَ الَّذِي يفصل بَين الْأَشْيَاء وَقيل: هُوَ الْقَضَاء الْفَاصِل بَين الْحق وَالْبَاطِل وَفصل الْخطاب: هُوَ تَلْخِيص الْكَلَام بِحَيْثُ لَا يشْتَبه على السَّامع مَا أُرِيد بِهِ وَقد يَجْعَل بِمَعْنى الْمَفْعُول أَي المفصول من الْخطاب الَّذِي يُبينهُ من مُخَاطب بِهِ، أَو الْفَاعِل أَي: الْفَاصِل من الْخطاب بَين الْحق وَالْبَاطِل أَو الحكم بِالْبَيِّنَةِ وَالْيَمِين أَو الْفِقْه فِي الْقَضَاء أَو النُّطْق ب (أما بعد) تكلم بهَا أَولا النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَو قس بن سَاعِدَة أحد حكماء الْعَرَب فِي " الْقَامُوس " أَو من تكلم بهَا دواد النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أوكعب بن لؤَي وأواخر آيَات التَّنْزِيل فواصل بِمَنْزِلَة قوافي الشّعْر والفصل فِي القوافي: كل تَغْيِير اخْتصَّ بالعروض وَلم يجر مثله فِي حَشْو الْبَيْت وَهَذَا إِنَّمَا يكون بِإِسْقَاط حرف متحرك فَصَاعِدا، فَسُمي فصلا [الْفَرْض: هُوَ مصدر بِمَعْنى الْمَفْعُول وَلم يُغير

لكَونه بِالْمَصْدَرِ أشهر، وَكَذَا السّنة بِخِلَاف أخواتهما فَإِنَّهَا بِتِلْكَ الْأَسَامِي أشهر وَلِهَذَا خالفتها إِلَّا الْمحرم فَإِنَّهُ بالحرام أشهر فَهُوَ أولى وَالْفَرْض لفظ مُشْتَرك بَين الْإِيجَاب: " إِن الله تَعَالَى فرض على عباده خمس صلوَات " الحَدِيث، أَي أوجبهَا وَبَين الْقطع، يُقَال: فرض الْخياط الثَّوْب إِذا قطعه، وَبَين الْبَيَان: {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم} أَي بَين لكم كَفَّارَة الْيَمين وَبَين التَّقْدِير: {فَنصف مَا فرضتم} أَي قدرتم، لَكِن للْقطع حَقِيقَة كَمَا قَالَ صَاحب " الْكَشَّاف " وَغَيره من أَئِمَّة اللُّغَة ثمَّ نقل إِلَى الْإِيجَاب وَالتَّقْدِير، لِأَن الْوَاجِب مَقْطُوع لانقطاعه عَن الشُّبْهَة وَعدم احْتِمَاله الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان حَتَّى من قَالَ: (اؤمن بِمَا جَاءَ من عِنْد الله وَمَا جَاءَ من عِنْد غَيره) لَا يُؤمن، وَكَذَا الْمُقدر مَقْطُوع عَن الْغَيْر وَفِيه نوع تيسير، إِذْ التناهي يسير وَنَوع شدَّة مُحَافظَة أَيْضا، وَلذَا سمي مَكْتُوبَة فَكَانَ مجَازًا فيهمَا وَأما الْفَرْض فِي قَوْله تَعَالَى: {قد علمنَا مَا فَرضنَا} فَهُوَ بِمَعْنى الأيجاب وَالْمعْنَى: قد علم الله مَا يجب فَرْضه على

الْمُؤمنِينَ فِي الْأزْوَاج وَالْإِمَاء من الْمهْر فِي الْأزْوَاج وَمِمَّا بِهِ قوامهن من النَّفَقَة وَالْكِسْوَة وَأما معنى التَّقْدِير فَلَا يَنْتَظِم فِي حق الْإِمَاء، وَقَالَ بَعضهم: الْفَرْض قطع الشَّيْء الصلب والتأثير فِيهِ كَقطع الْحَدِيد، وكل مَوضِع ورد فِي الْقُرْآن (فرض الله عَلَيْهِ) فَفِي الْإِيجَاب، و (مَا فرض الله لَهُ) وَارِد فِي مُبَاح أَدخل الْإِنْسَان فِيهِ نَفسه، وَقَوله تَعَالَى: {فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج} أَي وَقت وَالْفَرْض مَا ثَبت بِدَلِيل قَطْعِيّ مَتنه وَسَنَده وَالْوَاجِب: مَا ثَبت بِدَلِيل فِيهِ شُبْهَة متْنا كالآية المؤولة أَو سندا كَخَبَر الْوَاحِد، وَالْخلاف بَين أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْفَرْض وَالْوَاجِب لَفْظِي عِنْد صَاحب " الْحَاصِل " فَأَبُو حنيفَة رَحمَه الله أَخذ الْفَرْض من (فرض الشَّيْء) بِمَعْنى جزه: أَي قطع بعضه وَالْوَاجِب من (وَجب الشَّيْء) : سقط، وَمَا ثَبت بظني سَاقِط من قسم الْمَعْلُوم وَالشَّافِعِيّ رَحمَه الله أَخذ الْفَرْض من (فرض الشَّيْء) ، قدره، وَالْوَاجِب من (وَجب الشَّيْء) : ثَبت، وكل من الْمُقدر وَالثَّابِت أَعم من أَن يثبت بِدَلِيل قَطْعِيّ أَو ظَنِّي قَالَ الإِمَام رَحمَه الله فِي " الْمَحْصُول ": وَالْفرق بِأَن الْفَرْض هُوَ التَّقْدِير، وَالْوُجُوب عبارَة عَن السُّقُوط فخصصنا اسْم الْفَرْض بِمَا علم بِدَلِيل قَاطع، إِذْ هُوَ الَّذِي عرف أَن الله قدره علينا، وَمَا علم بِدَلِيل ظَنِّي سميناه وَاجِبا لِأَنَّهُ سَاقِط علينا لَا فرضا، إِذْ لم يعلم أَن الله قدره علينا ضَعِيف لِأَن الْفَرْض هُوَ الْمُقدر مُطلقًا أَعم من أَن يكون مُقَدرا علما أَو ظنا، وَكَذَا الْوَاجِب هُوَ السَّاقِط أَعم من أَن يكون علما أَو ظنا، فالتخصيص تحكم مَحْض وَفِي " نِهَايَة الْجَزرِي " رَحمَه الله: الْفَرْض لُغَة: الْوُجُوب، وَفِي الشَّرْع: هُوَ مَا ثَبت وُجُوبه بِدَلِيل لَا شُبْهَة فِيهِ حَتَّى يكفر جاحده كالمتواتر من الْكتاب وَالسّنة كأصل الْغسْل وَالْمسح فِي أَعْضَاء الْوضُوء وَهُوَ الْفَرْض علما وَعَملا وَيُسمى الْفَرْض الْقطعِي، وَكَثِيرًا مَا يُطلق الْفَرْض على مَا يفوت الْجَوَاز بفوته وَلَا ينجبر بجابر كَغسْل مِقْدَار معِين وَمسح مِقْدَار معِين، وَهُوَ الْفَرْض عملا لَا علما وَيُسمى الْفَرْض الاجتهادي وَالْوَاجِب مَا ثَبت وُجُوبه بِدَلِيل فِيهِ شُبْهَة الْعَدَم، كالوتر وَصدقَة الْفطر وَالْأُضْحِيَّة وَنَحْوهَا، وَالدَّلِيل الَّذِي فِيهِ شُبْهَة الْعَدَم هُوَ الْقيَاس وَخبر الْآحَاد وَالْوَاجِب الْقطعِي: هُوَ فعل يسْتَحق الذَّم على تَركه من غير عذر، وَقيل: يَأْثَم بِتَرْكِهِ، وطبقة جَمِيع الْفُرُوض مستوية إِذا كَانَ الدَّلِيل قَطْعِيا سَوَاء كَانَ ثَابتا بِالْكتاب أَو بِالسنةِ أَو بِالْإِجْمَاع وَالْفَرِيضَة: اسْم من الافتراض، وَهُوَ الْإِيجَاب، ثمَّ جعلت بِمَعْنى المفترض، ثمَّ نقل إِلَى الْمَعْنى الشَّرْعِيّ الْأَعَمّ من الشَّرْط فِي الرُّكْن أَو صفة

بِمَعْنى الْمَفْرُوض وَالتَّاء للنَّقْل من الوصفية إِلَى الاسمية لَا للتأنيث فَيكون صَالحا للمذكر وَلَا يَتَأَتَّى اسْتِوَاء الْمُذكر والمؤنث فِيهِ وفرائض الْإِبِل: مَا يفْرض فِيهَا على أَرْبَابهَا فِي الزَّكَاة وأوامر الله تسمى فَرَائض لِأَنَّهَا مقدرات على الْعباد والفروض والفرائض والسهام: كلهَا تسْتَعْمل فِي علم الْفَرَائِض بِمَعْنى وَاحِد وَلما كَانَت أنصباء جَمِيع الْوَرَثَة من المقدرات الشَّرْعِيَّة قيل لَهَا فروض وفرائض، لَكِن التَّقْدِير الْوَاقِع فِي أنصباء الْعَصَبَات لَيْسَ كالتقدير الْوَاقِع فِي سِهَام أَصْحَاب الْفَرَائِض، وَقد بَينهَا الله فِي كِتَابه وقطعها وقدرها بمقادير لَا تجوز الزِّيَادَة عَلَيْهَا وَلَا النُّقْصَان عَنْهَا، بِخِلَاف سَائِر الْأَشْيَاء من الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَغَيرهمَا فَإِن الله تَعَالَى ذكرهَا فِي كِتَابه الْعَزِيز وَلم يبين مقدارها فرض على كل يظنّ كل أَن أحدا لم يقم بِهِ، وَغير فرض على كل يظنّ أَن غَيره يُؤَدِّيه، وَغير فرض على بعض يظنّ أَدَاء بعض وَالْفَرْض هُوَ الَّذِي لَا يُطَابق الْوَاقِع وَلَا يعْتد بِهِ أصلا، وَمُرَاد الْقَوْم بِالْفَرْضِ فِي قَوْلهم: الْجُزْء الَّذِي لَا يتَجَزَّأ لَا يقبل الْقِسْمَة لَا كسرا وَلَا وهما وَلَا فرضا هُوَ التعقل لَا مُجَرّد التَّقْدِير الْفِقْه: هُوَ الْعلم بالشَّيْء والفهم لَهُ والفطنة وَفقه، كعلم: فهم، وكمنع: سبق غَيره بالفهم وككرم: صَار الْفِقْه لَهُ سجية وَالْفِقْه فِي الْعرف: الْوُقُوف على الْمَعْنى الْخَفي يتَعَلَّق بِهِ الحكم، وَإِلَيْهِ يُشِير قَوْلهم: هُوَ التَّوَصُّل إِلَى علم غَائِب بِعلم شَاهد أَعنِي أَنه تعقل وعثور يعقب الإحساس والشعور فَنقل اصْطِلَاحا إِلَى مَا يخص بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة والفرعية عَن أدلتها التفصيلية، فَخرج الاعتقاديات، وَهُوَ الْفِقْه الْأَكْبَر الْمُسَمّى بِعلم أصُول الدّين، والخلقيات الْمُسَمّى بِعلم الْأَخْلَاق والآداب وَقيل: الْفِقْه فِي الِاصْطِلَاح عبارَة عَن الْعلم بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة العملية، المكتسب من الْأَدِلَّة التفصيلية لتِلْك الْأَحْكَام، فَدخل فِيهِ بِالْعلمِ جَمِيع الْعُلُوم، وَخرج بِالْأَحْكَامِ الْعلم بالذوات وَالصِّفَات وَالْأَفْعَال وبالشرعية: الْعلم بِالْأَحْكَامِ غير الشَّرْعِيَّة سَوَاء كَانَت عقلية كأحكام الهندسة، أَو غَيرهَا كأحكام النُّجُوم وبالعملية: الْعلم بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة الَّتِي تتَعَلَّق بِبَيَان الِاعْتِقَاد كمسائل الْكَلَام وبالمكتسب: الْعلم بِكَوْن أَرْكَان الْإِسْلَام من ديننَا، فَإِن كَونهَا من الدّين بلغ فِي الشُّهْرَة حدا علمه المتدين وَغَيره وَعلم الله بِتِلْكَ الْأَحْكَام فَإِنَّهُ غير مكتسب وبالأدلة: علم الرَّسُول بِالْأَحْكَامِ، فَإِنَّهُ مُسْتَفَاد من الْوَحْي على رَأْي وَعلم الْمُقَلّد بهَا كالأحكام الَّتِي يتلفقها الْعَوام من أَفْوَاه الْفُقَهَاء وَالْعلم بِالْأَحْكَامِ المكتسبة من الْأَدِلَّة الْفِقْهِيَّة وبالتفصيلية: علم الْخلاف، فَإِن الْأَدِلَّة الْمَذْكُورَة فِيهِ إجمالية أَلا يرى أَنهم يستدلون فِي دعاواهم بالمقتضى وبالنافي من غير تعْيين الْمُقْتَضى والنافي قَالَ بعض الْفُضَلَاء: الْفِقْه فِي الِاصْطِلَاح: هُوَ علم الْمَشْرُوع وإتقانه بِمَعْرِِفَة النُّصُوص بمعانيها وَالْعَمَل بِهِ، ويعبر عَنهُ بِأَنَّهُ معرفَة الْفُرُوع الشَّرْعِيَّة اسْتِدْلَالا وَالْعَمَل بهَا، وَإِنَّمَا لم يذكر الإِمَام الْعَمَل

حَيْثُ قَالَ: الْفِقْه معرفَة النَّفس مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا، لِأَن الْعَمَل بالشَّيْء بعد الْعلم بِهِ لما كَانَ من شَأْنه أَن يُوجد الْبَتَّةَ لكَون الْعَمَل بِدُونِهِ كالمعلوم صَار كالمعلوم الْمُحَقق، مصداقه قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد علمُوا لمن اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق ولبئس مَا شروا بِهِ أنفسهم لَو كَانُوا يعْملُونَ} أثبت لَهُم الْعلم بالتوكيد القسمي، ثمَّ نَفَاهُ عَنْهُم حَيْثُ لم يعملوا بِهِ وَالْمرَاد بِالْعَمَلِ بِهِ الْإِتْيَان بالفرائض المؤقتة فِي أَوْقَاتهَا، وبغيرها مُطلقًا، والاجتناب عَن المنهيات كَذَلِك، لَا التَّلَبُّس بهَا دَائِما، وَإِلَّا لم يُوجد فَقِيه أصلا وَالتَّحْقِيق الأتم هُوَ أَن لَا يرى مَا لَهَا مَا عَلَيْهَا فيتركه وَيرى مَا عَلَيْهَا مَا لَهَا فَيَأْتِي بِهِ الفصيح: فصح الأعجمي، ككرم،: تكلم بالعربي وَفهم عَنهُ، أَو كَانَ عَرَبيا فازداد فصاحة، كتفصح وأفصح: تكلم بالفصاحة والفصاحة: يُوصف بهَا الْمُفْرد، وَالْكَلَام، والمتكلم والبلاغة: يُوصف بهَا الأخيران فَقَط، وَالْأَصْل فِي البلاغة أَن يجمع الْكَلَام ثَلَاثَة أَوْصَاف صَوَابا فِي مَوضِع اللُّغَة وطبقا للمعنى المُرَاد مِنْهُ وصدقا فِي نَفسه وفصاحة الْمُفْرد: كحسن كل عُضْو من أَعْضَاء الْإِنْسَان وفصاحة الْكَلَام: كحسن تركيب أَعْضَاء الْإِنْسَان وبلاغة الْكَلَام: كالروح الَّذِي لأَجله يرغب فِي الْبدن والمحسنات كالمزينات (والأبلغ من البلاغة: الْكَلَام وَمن الْمُبَالغَة: الْمُتَكَلّم) وَلَا يدْرك حسن الفصيح إِلَّا بِالسَّمْعِ الْفَيْض: فاض المَاء: كثر حَتَّى سَالَ كالوادي وأفاض إناءه: ملأَهُ حَتَّى أساله وَرجل فياض: أَي سخي وَمِنْه استعير (فاضوا فِي الحَدِيث) إِذا خَاضُوا فِيهِ وَحَدِيث مستفيض: أَي منتشر وَقوم فوضى، كسكرى: أَي متساوون لَا رَئِيس لَهُم، أَو مختلط بَعضهم بِبَعْض وَأمرهمْ فوضاء بَينهم، وَيقصر: إِذا كَانُوا مُخْتَلفين يتَصَرَّف كل مِنْهُم فِي مَال غَيره. وفاض دمع عينه هُوَ الأَصْل، وفاضت عينه دمعا محول عَن الأَصْل، فَإِنَّهُ حول الْفَاعِل تمييزا مُبَالغَة وفاضت عينه من الدمع بِلَا تَحْويل، أبرز تعليلا، وَهَذَا أبلغ، لِأَن التَّمْيِيز قد اطرد وَضعه فِي هَذَا الْبَاب مَوضِع الْفَاعِل، وَالتَّعْلِيل لم يعْهَد فِيهِ ذَلِك والفيض إِنَّمَا يسْتَعْمل فِي إِلْقَاء الله تَعَالَى وَأما مَا يلقيه الشَّيْطَان فَإِنَّهُ يُسمى بالوسوسة وَالْوَحي: الْمَنْسُوب إِلَى الشَّيْطَان وَغَيره هُوَ بِمَعْنى، الْإِلْقَاء والواردات إِن لم تكن مَأْمُونَة الْعَاقِبَة وَلم يحصل بعْدهَا توجه تَامّ إِلَى الْحق وَلَذَّة مرغبة فِي الْعِبَادَات فَهِيَ شيطانية وَإِن كَانَت أمورا مُتَعَلقَة بِأُمُور الدُّنْيَا مثل إِحْضَار الشَّيْء الْغَائِب، كإحضار الْفَوَاكِه الصيفية فِي

الشتَاء، وطي الْمَكَان وَالزَّمَان، والنفوذ من الْجِدَار من غير انْشِقَاق على مَا يُشَاهِدهُ أَصْحَاب الدعْوَة وأمثال ذَلِك مِمَّا هُوَ غير مُعْتَبر عِنْد أهل الله فَهُوَ جاني وَإِن كَانَت مُتَعَلقَة بِأُمُور الْآخِرَة أَو من قبيل الِاطِّلَاع على الخواطر فَهِيَ ملكية وَإِن كَانَت بِحَيْثُ يعْطى المكاشف قُوَّة التَّصَرُّف فِي الْملك والملكوت كالإحياء والإماتة مَعَ كَونه على طَرِيق الشَّرْع فَهِيَ رحمانية والفيض الإلهي يَنْقَسِم إِلَى الْفَيْض الأقدس والفيض الْمُقَدّس وبالأول تحصل الْأَعْيَان واستعداداتها الْأَصْلِيَّة فِي الْعلم وَبِالثَّانِي تحصل تِلْكَ الْأَعْيَان فِي الْخَارِج مَعَ لوازمها الْفِتْنَة: هِيَ مَا يتَبَيَّن بهَا حَال الْإِنْسَان من الْخَيْر وَالشَّر يُقَال: فتنت الذَّهَب بالنَّار: إِذا جربته بهَا لتعلم أَنه خَالص أَو مشوب، وَمِنْه الفتانة: وَهِي الْحجر الَّذِي يجرب بِهِ الذَّهَب وَالْفِضَّة والفتنة أَيْضا: الشّرك {حَتَّى لَا تكون فتْنَة} والإضلال: {ابْتِغَاء الْفِتْنَة} وَالْقَتْل: {أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا} والصد: {واحذرهم أَن يفتنوك} والضلالة: {وَمن يرد الله فتنته} وَالْقَضَاء: {إِن هِيَ إِلَّا فتنتك} وَالْإِثْم: {أَلا فِي الْفِتْنَة سقطوا} وَالْمَرَض: {يفتنون فِي كل عَام} وَالْعبْرَة: {لَا تجعلنا فتْنَة} وَالْعَفو: {أَن تصيبهم فتْنَة} وَالِاخْتِيَار: {وَلَقَد فتنا الَّذين من قبلهم} وَالْعَذَاب: {جعل فتْنَة النَّاس كعذاب الله} والإحراق: {هم على النَّار يفتنون} وَالْجُنُون: {بأيكم الْمفْتُون} قيل فِي قَوْله تَعَالَى: {والفتنة أَشد من الْقَتْل} أَن المُرَاد النَّفْي عَن الْبَلَد الْفساد: هُوَ أَعم من الظُّلم، لِأَن الظُّلم النَّقْص فَإِن من سرق مَال الْغَيْر فقد نقص حق الْغَيْر وَعَلِيهِ: (من أشبه اباه فَمَا ظلم) : أَي فَمَا نقص حق الشّبَه وَالْفساد يَقع على ذَلِك، وعَلى الابتداع وَاللَّهْو واللعب وَالْفَاسِد: مَأْخُوذ من (فسد اللَّحْم) إِذا أنتن وَيُمكن الِانْتِفَاع بِهِ وَالْبَاطِل: من (بَطل اللَّحْم) ، إِذا دود وسوس وَصَارَ بِحَيْثُ لَا يُمكن الِانْتِفَاع بِهِ الْفسق: التّرْك لأمر الله، والعصيان، وَالْخُرُوج

عَن طَرِيق الْحق، والفجور وَهُوَ فِي الْقُرْآن على وُجُوه بِمَعْنى الْكفْر نَحْو: {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا} وَالْمَعْصِيَة نَحْو: {فافرق بَيْننَا وَبَين الْقَوْم الْفَاسِقين} وَالْكذب نَحْو: {وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ} ، و {إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ} وَالْإِثْم نَحْو: {وَإِن تَفعلُوا فَإِنَّهُ فسوق بكم} والسيئات نَحْو: {وَلَا فسوق وَلَا جِدَال فِي الْحَج} وَكله رَاجع فِي اللُّغَة إِلَى الْخُرُوج من قَوْلهم: فسقت الرّطبَة عَن القشر {وَإنَّهُ لفسق} : أَي خُرُوج عَن الْحق وَيخْتَلف الْخُرُوج فَتَارَة خُرُوج فعلا، وَأُخْرَى خُرُوج اعتقادا وفعلا وَالْفَاسِق أَعم من الْكَافِر والظالم أَعم من الْفَاسِق والفاجر يُطلق على الْكَافِر وَالْفَاسِق الْفلك، محركة الدّور سمي بِهِ عجلة الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم الْفلك، بِالضَّمِّ: السَّفِينَة [وَاخْتلف فِي أَن (فعلا) هَل يجوز فِيهِ (فعل) بِضَمَّتَيْنِ أَو لَا يجوز؟ فَقيل: جَائِز لمجيء (يسر وعسر) بِوَجْهَيْنِ وَالْأَصْل السّكُون لكثرته والضمة فرع جَاءَ فِي تَغْيِير السّكُون وَقيل: لَا يجوز إِذْ لَا تَخْفيف فِي هَذَا التَّغْيِير وكل مَا جَاءَ فِي الضمة فَهُوَ لَغْو فِي السّكُون وَارِد على الأَصْل ثمَّ ان الْفلك] إِذا اسْتعْمل مُفردا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فِي الْفلك المشحون} كَانَ ضمه فِي الأَصْل فيذكر، وبناؤه كبناء (قفل) وَإِذا اسْتعْمل جمعا كَقَوْلِه تَعَالَى: {والفلك الَّتِي تجْرِي} صَار ضمه من الْفَتْح فيؤنث، وبناؤه كبناء (حمر) لِأَن (فعلا) ، و (فعلا) يَشْتَرِكَانِ فِي الشَّيْء الْوَاحِد كالعرب وَالْعرب وَلما جَازَ أَن يجمع (فعل) على (فعل) كأسد وَأسد جَازَ أَن يجمع (فعل) على (فعل) أَيْضا الْفَتْح: ضد الإغلاق، والنصر، وَالْحكم بَين خصمين وفاتحة كل شَيْء: مبدؤه الَّذِي يفْتَتح بِهِ مَا بعده، وَبِه سمي فَاتِحَة الْكتاب [فَإِنَّهَا فَاتِحَة، وَأول بِالْقِيَاسِ إِلَى مَجْمُوع الْمنزل لَا إِلَى الْكل الَّذِي هُوَ

الْقدر الْمُشْتَرك فتقدمت على سَائِر السُّور وضعا بل نزولا على قَول الْأَكْثَرين وَلَا يُنَافِي مَا ثَبت فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة من أَن أول مَا نزلت سُورَة " اقْرَأ " إِلَى قَوْله تَعَالَى {مَا لم يعلم} وَهُوَ قَول الْأَكْثَرين، وَلَا قَول بَعضهم إِنَّهَا سُورَة " المدثر " لِأَن الْخلاف فِي نزُول السُّورَة بِتَمَامِهَا، وَلما اشْتَمَلت على معَان جمة مجملة ثمَّ صَارَت مفصلة فِي السُّور الْبَاقِيَة فَنزلت مِنْهَا منزلَة مَكَّة من سَائِر الْقرى، حَيْثُ مهدت أَولا ثمَّ دحيت الأَرْض من تحتهَا فَكَأَنَّهَا أم الْقرى كَانَت هِيَ أم الْقُرْآن على أَنه لَا يجب اطراد وَجه التَّسْمِيَة كَمَا قَالَه السَّيِّد السَّنَد] قيل: الْفَاتِحَة فِي الأَصْل مصدر بِمَعْنى الْفَتْح كالكاذبة بِمَعْنى الْكَذِب، ثمَّ أطلق على أول الشَّيْء تَسْمِيَة للْمَفْعُول بِالْمَصْدَرِ لِأَن الْفَتْح يتَعَلَّق بِهِ أَولا، وبواسطته يتَعَلَّق بالمجموع، فَهُوَ المفتوح الأول، ورد بِأَن (فاعلة) فِي المصادر قَليلَة فِي " الْكَشَّاف ": وَالْفَاعِل والفاعلة فِي المصادر غير عزيزة كالخارج والقاعد والعافية والكاذبة وَالْأَحْسَن أَنَّهَا صفة ثمَّ جعلت اسْما لأوّل الشَّيْء، إِذْ بِهِ يتَعَلَّق الْفَتْح بمجموعه، فَهُوَ كالباعث على الْفَتْح، فَيتَعَلَّق بِنَفسِهِ بِالضَّرُورَةِ، وَالتَّاء إِمَّا لتأنيث الْمَوْصُوف فِي الأَصْل وَهُوَ الْقطعَة، أَو للنَّقْل من الوصفية إِلَى الاسمية دون الْمُبَالغَة لندرتها فِي غير صيغتها الْفَائِدَة: هِيَ من الفيد بِالْيَاءِ لَا بِالْهَمْزَةِ وَهِي لُغَة: مَا اسْتُفِيدَ من علم أَو مَال وَعرفا: مَا يكون الشَّيْء بِهِ أحسن حَالا مِنْهُ بِغَيْرِهِ وَاصْطِلَاحا: مَا يَتَرَتَّب على الشَّيْء وَيحصل مِنْهُ من حَيْثُ إِنَّهَا حَاصِل مِنْهُ الْفَقْد: هُوَ عدم الشَّيْء بعد وجوده وَهُوَ أخص من الْعَدَم، لِأَن الْعَدَم يُقَال فِيهِ فِيمَا لم يُوجد بعد والعدم أَعم من النَّفْي أَيْضا والفقد مُتَعَدٍّ، والغيبة قَاصِرَة والفاقدة: هِيَ الْمَرْأَة الَّتِي مَاتَ زَوجهَا أَو وَلَدهَا، أَو هِيَ المتزوجة بعد موت زَوجهَا وَمَات غير فقيد وَلَا حميد: أَي غير مكترث لفقدانه الْفَرد: هُوَ الَّذِي لَا يخْتَلط بِهِ غَيره وَهُوَ أَعم من الْوتر بِالْكَسْرِ، كَمَا هُوَ عِنْد تَمِيم وَقيس، وبالفتح كَمَا هُوَ عِنْد أهل الْحجاز، وأخص من الْوَاحِد (وَجَاءُوا فرادا) و (فرادا) و (فُرَادَى) و (فراد) و (فراد) و (فردى) كسكرى: أَي وَاحِدًا بعد وَاحِد وَالْوَاحد: فَرد، وفريد، وفردان وَلَا يجوز فَردا فِي هَذَا الْمَعْنى وفريد الدّرّ: إِن نظم وَلم يفصل بِغَيْرِهِ وفرائد الدّرّ إِن نظم وَفصل بِغَيْرِهِ وَهِي كِبَارهَا (والفرد يتنوع إِلَى حَقِيقِيّ: وَهُوَ أقل الْجِنْس واعتباري: وَهُوَ تَمام الْجِنْس لِأَنَّهُ فَرد بِالنِّسْبَةِ إِلَى سَائِر الْأَجْنَاس) [والفرد الْحَقِيقِيّ: هُوَ أدنى مَا يُوجد الْجِنْس فِي ضمنه كالثلاث، فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ

مُشْتَمِلًا على الْأَفْرَاد حَقِيقَة إِلَّا أَنه فَرد بِالنِّسْبَةِ إِلَى سَائِر الْأَجْنَاس أَلا يرى أَنَّك إِذا عددت الْأَجْنَاس كَانَ هَذَا جِنْسا وَاحِدًا لَكِن الْوَاحِد أَحَق للاسم الْفَرد عِنْد الْإِطْلَاق من الثَّلَاث لِأَنَّهُ فَرد حَقِيقَة وَحكما، وَالثَّلَاث فَرد اعْتِبَارا وَحكما فَكَانَ مُحْتملا فَصَارَ إِلَيْهِ عِنْد النِّيَّة وَمَا بَينهمَا وَهُوَ الثنتان عدد مَحْض لَيْسَ بفرد حَقِيقَة وَلَا حكما وَلَا مُحْتملا فَلَا يثبت عِنْد الْإِطْلَاق وَلَا عِنْد النِّيَّة] فَفِيمَا إِذا قَالَ: طَلِّقِي نَفسك، يحمل على فَرد حَقِيقِيّ، وَهُوَ طَلْقَة وَاحِدَة وَيحْتَمل فَردا اعتباريا، فَإِذا نوى يَصح، وَأما الثنتان فَهُوَ عدد مَحْض، فَلَا يتَنَاوَلهُ اسْم الْمُفْرد، فَلَا يعْتَبر بنيتة، فَتعين الْفَرد الْحَقِيقِيّ والفرد الْحَقِيقِيّ فِي الْجمع ثَلَاثَة لِأَنَّهُ أقل الْجمع والاعتباري فِيهِ جَمِيع أَفْرَاده، فَلَا يُمكن الانحصار، فَتعين الْفَرد الْحَقِيقِيّ وَهُوَ ثَلَاثَة فِي الْجمع الفلق: الشق {فالق الْحبّ} ، خالقه أَو شاقه بِإِخْرَاج الْوَرق مِنْهُ وَلَا يكون الفلق إِلَّا بَين جسمين وَالْفرق قد يكون فِي الْأَجْسَام، وَقد يكون فِي الْمعَانِي وَالْفرْقَان أبلغ من الْفرق لِأَنَّهُ يسْتَعْمل فِي الْفرق بَين الْحق وَالْبَاطِل، وَالْفرق يسْتَعْمل فِي ذَلِك وَفِي غَيره وَالْفرق فِي الْمعَانِي والتفريق فِي الْأَعْيَان يُقَال فرقت بَين الْحكمَيْنِ مخففا، وَفرقت بَين الشخصين مشددا، وَالْأول فِيمَا يُرَاد بِهِ التَّمْيِيز، فَإِن (ميزت) بَين الْأَشْيَاء مشدد، و (مزت) بَين الشَّيْئَيْنِ مخفف وَالثَّانِي فِيمَا يُرَاد بِهِ) عدم الِاجْتِمَاع، وَوجه الْمُنَاسبَة هُوَ أَن الْمعَانِي لَطِيفَة والأجسام والأعيان كثيفة، فأعطوا الْخَفِيف اللَّطِيف، والشديد للكثيف، وعَلى هَذَا (جَاءَ قَوْله تَعَالَى: {فيتعلمون مِنْهُمَا مَا يفرقون بِهِ بَين الْمَرْء وزوجه} وَقَوله تَعَالَى: {تبَارك الَّذِي نزل الْفرْقَان على عَبده} وَقد جَاءَ على عكس هَذَا) {وَإِذ فرقنا بكم الْبَحْر} ، {فافرق بَيْننَا وَبَين الْقَوْم الْفَاسِقين} قَالَ بَعضهم: قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ فرقنا بكم الْبَحْر} بِمَعْنى فلقناه و {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} : أَي يقْضى {وقرآنا فرقناه} فصلناه وأحكمناه {وَإِذ آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب وَالْفرْقَان} أَي انفراق الْبَحْر الفلان: هُوَ كِنَايَة عَن الْأَعْلَام، كَمَا أَن (هُنَا) كِنَايَة عَن الْأَجْنَاس وَفُلَان وفلانة: إِذا كَانَا كنايتين عَن ذَوي الْعلم

أَي الَّذين من شَأْنهمْ الْعُلُوم، فَلَا يدْخل عَلَيْهِمَا الْألف وَاللَّام وَإِذا كَانَا كناتيين عَن الْحَيَوَان فَاللَّام لَازِمَة للْفرق الْفتية: هِيَ جمع (فَتى) فِي الْعدَد الْقَلِيل والفتيان فِي الْعدَد الْكثير. والفتى، بِالْقصرِ: الشَّاب الْكَرِيم والسخي الْكَرِيم وبالمد: الشَّبَاب، وَمن لم يتَجَاوَز السِّتين قد يعد فِي الْعرف شَابًّا لَا شَيخا، بِدَلِيل حَدِيث " الْحسن وَالْحُسَيْن سيدا شباب أهل الْجنَّة " وَقد ثَبت أَن سنهما فَوق الْأَرْبَعين بالِاتِّفَاقِ الْفَقِير: هُوَ من يسْأَل، والمسكين من لَا يسْأَل والغني: من لَهُ مِائَتَا دِرْهَم، أَو لَهُ عرض يُسَاوِي مئتي دِرْهَم سوى مسكنة وخادمه وثيابه الَّتِي يلبسهَا وأثاث الْبَيْت كَمَا فِي " قاضيخان " وَمن ملك دورا وحوانيت يستغلها وَهِي تَسَاوِي ألوفا لَكِن غَلَّتهَا لَا تَكْفِي لقُوته وقوت عِيَاله فَعِنْدَ أبي يُوسُف هُوَ غَنِي، فَلَا يحل لَهُ أَخذ الصَّدَقَة، وَعند مُحَمَّد هُوَ فَقير حَتَّى تحل لَهُ الصَّدَقَة وَقيل: الْفَقِير: الزَّمن الْمُحْتَاج. والمسكين: الصَّحِيح الْمُحْتَاج. وَقيل: الْفَقِير من لَهُ أدنى شَيْء، والمسكين من لَا شَيْء لَهُ وَيَقَع اسْم الْمِسْكِين على كل من أذله شَيْء، وَهُوَ غير الْمِسْكِين الْمَذْكُور فِي مصرف الصَّدَقَة إِذْ قد يحرم على الأول لغناه [والفقر المتعوذ مِنْهُ لَيْسَ إِلَّا فقر النَّفس لما صَحَّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يسْأَل العفاف والغنى، وَالْمرَاد بِهِ غنى النَّفس لَا كَثْرَة المَال] والغني من أَسمَاء الله مَعْنَاهُ: المنزة عَن الْحَاجَات والضرورات فِي ذَاته وَفِي صِفَاته الْحَقِيقِيَّة والسلبية إِلَى شَيْء الْفَم: هُوَ وَاحِد الأفواه للبشر وَلكُل حَيَوَان وَهُوَ الْوِعَاء الْكُلِّي لأعضاء الْكَلَام فِي الْإِنْسَان، والتصويت فِي سَائِر الْحَيَوَانَات المصوتة، والشفتان غطاؤه، ومحبس اللعاب، ومعين على الْكَلَام، وجمال والأفواه: للأزقة خَاصَّة وَاحِدهَا فوهة، كحمرة، وَلَا يُقَال فَم قَالَ الْكسَائي: الْفَم إِذا أفرد كَانَ بِالْمِيم وَإِذا أضفت لم تجمع بَين الْمِيم وَالْإِضَافَة، تَقول هَذَا فوك وأصل (فَم) (فوه) حذفت الْهَاء كَمَا فِي سنة، وَبقيت الْوَاو طرفا محركة، وَوَجَب إبدالها ألفا لانفتاح مَا قبلهَا فَبَقيَ (فا) فأبدل مَكَانهَا حرف جلد مشاكل لَهَا وَهُوَ الْمِيم لِأَنَّهُمَا شفهيتان والفاه والفوه، بِالضَّمِّ والفيه، بِالْكَسْرِ والفم سَوَاء الْفُؤَاد: الْقلب، وَقيل بَاطِن الْقلب، وَقيل: هُوَ غشاء الْقلب، وَالْقلب حبته وسويداه يُؤَيّدهُ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " أَلين قلوبا وارق افئدة " والفؤاد الرَّقِيق تسرع إمالته، وَالْقلب الغليظ القاسي لَا ينفعل لشَيْء، وَلِهَذَا كَانَت الْحِكْمَة يَمَانِية، وَالْإِيمَان يمَان كَمَا رُوِيَ عَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي " صَحِيح مُسلم " وَغَيره الفذلكة: هُوَ مَأْخُوذ من قَول الْحساب (فَذَلِك

كَانَ كَذَا) ، فَذَلِك إِشَارَة إِلَى حَاصِل الْحساب ونتيجته، ثمَّ أطلق لفظ الفذلكة لكل مَا هُوَ نتيجة متفرعة على مَا سبق حسابا كَانَ أَو غَيره، وَنَظِير هَذَا الْأَخْذ أَخذهم نَحْو الْبَسْمَلَة والحمدلة ونظائرهما من الْكَلِمَات المركبة الْمَعْلُومَة، وَهَذَا يُسمى بالنحت، وَقد يكون مثل ذَلِك فِي النّسَب كعبقسي وعبشمي إِلَى غير ذَلِك الفريدة: هِيَ الْجَوْهَرَة الَّتِي لَا نَظِير لَهَا، وَالْجمع فرائد والفرائد فِي البديع: الْإِتْيَان بِلَفْظَة تتنزل منزلَة الفريدة من العقد، تدل على عظم فصاحة الْكَلَام وجزالة مَنْطِقه وأصالة عربيته بِحَيْثُ لَو أسقطت من الْكَلَام عزت على الفصحاء، وَمِنْه لَفْظَة حصحص فِي قَوْله: {الْآن حصحص الْحق} ، وخائنة الْأَعْين فِي قَوْله: {يعلم خَائِنَة الْأَعْين} ، وألفاظ قَوْله: {فَإِذا نزل بِسَاحَتِهِمْ فسَاء صباح الْمُنْذرين} الْفطْرَة: هِيَ الصّفة الَّتِي يَتَّصِف بهَا كل مَوْجُود فِي أول زمَان خلقته الْفَلاح: الْفَوْز والنجاة والبقاء فِي الْخَيْر وَالظفر وَإِدْرَاك البغية والفلاح أَيْضا: الشق وَالْفَتْح، وَمِنْه قيل: (الْحَدِيد بالحديد يفلح) وَهُوَ ضَرْبَان دُنْيَوِيّ وأخروي، فَالْأول هُوَ الظفر بِمَا تطيب بِهِ الْحَيَاة الدُّنْيَا، وَالثَّانِي مَا يفوز بِهِ الْمَرْء فِي الدَّار الْآخِرَة، وَهُوَ بَقَاء بِلَا فنَاء، وغنى بِلَا فقر، وَعز بِلَا ذل، وَعلم بِلَا جهل الْفَهم: هُوَ تصور الشَّيْء من لفظ الْمُخَاطب والإفهام: إِيصَال الْمَعْنى بِاللَّفْظِ إِلَى فهم السَّامع والفكر: حَرَكَة النَّفس نَحْو المبادئ وَالرُّجُوع عَنْهَا إِلَى المطالب وَالنَّظَر: مُلَاحظَة المعلومات الْوَاقِعَة فِي ضمن تِلْكَ الْحَرَكَة الفحص: هُوَ يُقَال فِي إبراز شَيْء من أَشْيَاء مختلطة بِهِ وَهُوَ مُنْفَصِل والتمحيص: يُقَال فِي إبراز شَيْء عَمَّا هُوَ مُتَّصِل بِهِ الْفَاكِهَة: هِيَ الثَّمر كُله وَمَا قيل: هِيَ التَّمْر وَالْعِنَب وَالرُّمَّان مِنْهَا مستدلا بقوله تَعَالَى: {فَاكِهَة ونخل ورمان} بَاطِل مَرْدُود والفاكهة مَا يقْصد بهَا التَّلَذُّذ دون التغذي، والقوت بِالْعَكْسِ، والفاكهة صَاحبهَا، والفاكهاني بَائِعهَا الْفُحْش: هُوَ عدوان الْجَواب، وَعَلِيهِ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لعَائِشَة: " لَا تَكُونِي فَاحِشَة " الْفَحْل: الْقوي من ذُكُور الْإِبِل يشبه بِهِ البليغ الْكَامِل، وَجمعه فحول

الفواق، بِالْفَتْح: الرَّاحَة والإفاقة وبالضم مِقْدَار مَا بَين الحلبتين من الْوَقْت، وَيفتح وَالَّذِي يَأْخُذ المحتضر عِنْد النزع {وَمَا لَهَا من فوَاق} : أَي انْتِظَار الْفرج، بِالسُّكُونِ: الشق بَين الشَّيْئَيْنِ وَقبل الرجل وَالْمَرْأَة، وَقد يُطلق على الدبر أَيْضا قَالَه " المطرزي " والفرج، محركة: انكشاف الْغم والفرجة، بِالْفَتْح: فِي الْأَمر وبالضم فِي الْحَائِط وَنَحْوه مِمَّا يرى الفتور: هُوَ سُكُون بعد حِدة ولين بعد شدَّة، وَضعف بعد قُوَّة الفاره: الحاذق وَيُقَال للبغل وَالْحمار فاره، وللفرس جواد ورائع الْفَزع: فزع: خَافَ وأفزعه: أخافه وفزع إِلَيْهِ: التجأ وفزعه: أَزَال خَوفه، كَمَرَض بِنَفسِهِ، وأمرضه غَيره: أَي جعله مَرِيضا ومرضه: أَقَامَ عَلَيْهِ وداواه وعالجه فنَاء الدَّار: بِالْكَسْرِ: هُوَ مَا امْتَدَّ من جوانبها كَمَا فِي " الْجَوْهَرِي " لَكِن فِي " الْقَامُوس " هُوَ مَا اتَّسع من أمامها وَفِي " الخزانة ": فنَاء الْمصر: هُوَ أَن يكون على قدر الغلوة وَهِي ثلثمِائة ذِرَاع إِلَى أَرْبَعمِائَة ذِرَاع، وَقيل: الغلوة مِقْدَار رمية سهم فَصَاعِدا: هُوَ حَال وَإِن كَانَ مَعَ الْفَاء وَالْفَاء فِي الْحَقِيقَة دَاخِلَة على الْعَامِل الْمُضمر كَمَا فِي قَوْلهم: (أَخَذته بدرهم فَصَاعِدا) أَي: فَذهب الثّمن فَصَاعِدا، أَي: زَائِدا وَقد يصدر مثل هَذَا الْحَال ب (ثمَّ) كَقَوْلِهِم: (قَرَأت كل يَوْم جُزْءا من الْقُرْآن فَصَاعِدا) أَو (ثمَّ زَائِدا) أَي ذهبت الْقِرَاءَة زَائِدَة إِن كَانَت كل يَوْم من الزِّيَادَة، وَقد يصدر بِالْوَاو لِأَن المُرَاد التَّشْرِيك فِي الحكم الْمَذْكُور [الفرو] : لَا يُقَال فرو إِلَّا إِذا كَانَ عَلَيْهِ صوف، وَإِلَّا فَهُوَ جلد [الفرث] : وَلَا يُقَال للروث فرث مَا دَامَ فِي الكرش [نوع] {فومها} : الْحِنْطَة [وَالْخبْز جَمِيعًا] {لَا تكون فتْنَة} : شرك {فرض} : أحرم {الْفَرِيضَة} : الصَدَاق {بفاتنين} : مضلين {وَلَا يظْلمُونَ فتيلا} : أَي أدنى شَيْء [ {كمن كَانَ فَاسِقًا} : خَارِجا عَن الْإِيمَان] (والفتيل: الشق الَّذِي فِي بطن النواة) {وَمن يرد الله فتنته} : ضلالته

{كالفخار} : الطين الْمَطْبُوخ {فَإِن فاءوا} : رجعُوا (من الْيَمين بحنث} {من فورهم هَذَا} : من ساعتهم، أَي فِي الْحَال {فشلتم} : جبنتم {فَتَيَاتكُم} : إماءكم. {فجاجا سبلا} مسالك وَاسِعَة {شَيْئا فريا} : بديعا مُنْكرا. {فتنتك} : ابتلاؤك. {على فَتْرَة من الرُّسُل} : على حِين فتور من الْإِرْسَال وَانْقِطَاع الْوَحْي {مَا لَهَا من فروج} : فتوق {وفصيلته} : وعشيرته الَّذين فصل عَنْهُم {فاقرة} : داهية تكسر الفقار {فتحت السَّمَاء} : شقَّتْ {الْبحار فجرت} : فتح بَعْضهَا إِلَى بعض فَصَارَ الْكل بحرا وَاحِدًا {فرجت} : صدعت فِرْعَوْن مُوسَى: مُصعب بن الريان وَفرْعَوْن يُوسُف: الريان كَانَ بَينهمَا أَكثر من أَرْبَعمِائَة سنة [وَقد ذكر فِي الْقُرْآن فِرْعَوْن باسمه وَلم يسم نمْرُود لِأَن فِرْعَوْن كَانَ أذكى مِنْهُ كَمَا يُؤْخَذ من جَوَابه لمُوسَى، ونمرود كَانَ بليدا، أَلا ترى إِلَى مَا قَالَ: أَنا أحيي وأميت وَفعل مَا فعل] {يَرِثُونَ الفردوس} : قيل من الْكفَّار مَنَازِلهمْ فِيهَا لِأَن الله خلق لكل إِنْسَان منزلا فِي الْجنَّة ومنزلا فِي النَّار {إِنَّهُم فتية} : شُبَّان {يَوْم الْفرْقَان} : يَوْم بدر، فرق فِيهِ بَين الْحق وَالْبَاطِل {فار التَّنور} : نبع االماء فِيهِ وارتفع كالقدر {فصلناه} : بَيناهُ {وَفَتَنَّاك فُتُونًا} : اختبرناك اختبارا {فارهين} : حاذقين أشرين {الفتاح} : القَاضِي {فَلَا فَوت} : فَلَا نجاة

{وَكَانَ أمره فرطا} : أَي تقدما على الْحق ونبذا لوراء ظَهره، أَو سَرفًا وتضييعا {فرطنا فِيهَا} : قدمنَا الْعَجز فِيهَا {مَا فرطنا فِي الْكتاب} : مَا تركنَا {فرطتم فِي يُوسُف} : قصرتم فِي أمره {فتيَان} : مملوكان {تراود فتاها} : أَي عَبدهَا، وَالْعرب تسمي الْمَمْلُوك شَابًّا كَانَ أَو شَيخا فَتى {الْفَزع الْأَكْبَر} : قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ هُوَ إطباق بَاب النَّار حِين تغلق على أَهلهَا {فكهين} : يتفكهون. {فاكهون} : الَّذين عِنْدهم فَاكِهَة كَثِيرَة وَيُقَال: هما بِمَعْنى (معجبون) ، وَقيل فاكهون: ناعمون وفكهون: معجبون {وَمَا لَهَا من فوَاق} : أَي لَيْسَ بعْدهَا إفاقة وَلَا رُجُوع إِلَى الدُّنْيَا {الْفراش} : شَبيه البعوض بتهافت على النَّار {فَاجِرًا} : مائلا عَن الْحق {فزع فِي قُلُوبهم} : خلي الْفَزع عَن قُلُوبهم وفزع: خلى {فراشا} : مهادا {فصاله} : فطامه {من كل فَوْج} : من كل صنف {بعد مَا فتنُوا} : عذبُوا {فصلت آيَاته} : ميزت بِاعْتِبَار اللَّفْظ وَالْمعْنَى {وَلَوْلَا كلمة الْفَصْل} : أَي الْقَضَاء السَّابِق {وفرشا} : مَا يفرش للذبح {لفسدتا} : لبطلتا {الْفَزع الْأَكْبَر} : النفخة الْأَخِيرَة {فِرَاق} : ترداد {فراتا} : عذبا {وَفَاكِهَة} : الثِّمَار الرّطبَة {بِمَا فتح الله عَلَيْكُم} : بِمَا أكْرمكُم بِهِ {جَاءَكُم الْفَتْح} : المدد {فرقانا} : نَصِيرًا

{ثمَّ لم تكن فتنتهم} : حجتهم {من فطور} : تشقق {فقد فَازَ} : سعد وَنَجَا {بِرَبّ الفلق} : الصُّبْح إِذا انْفَلق من ظلمَة اللَّيْل أوجب فِي جَهَنَّم [وَفِي " الْأَنْوَار " مَا يفلق عَنهُ أَي: يفرق عَنهُ بِمَعْنى مفلوق، وَهُوَ يعم جَمِيع الممكنات] {من كل فج} : طَرِيق {فجوة} : نَاحيَة {لقَوْل فصل} : حق {فلك} : هُوَ القطب الَّذِي تَدور بِهِ النُّجُوم وَقيل: دَائِرَة تحيط بِجَمِيعِ الْكَوَاكِب وَالشَّمْس وَالْقَمَر {إِلَّا فَاجِرًا كفَّارًا} : من سيفجر وَيكفر {فتنُوا الْمُؤمنِينَ} : بلوهم بالأذى {انقلبوا فكهين} : متلذذين بالسخرية مِنْهُم {ولتبتغوا من فَضله} : من سَعَة رزقه {مَا فتح الله} : مَا بَين الله لكم فِي التَّوْرَاة {كلما ردوا إِلَى الْفِتْنَة} : دعوا إِلَى الْكفْر أَو إِلَى قتل الْمُسلمين {حَتَّى إِذا فرحوا} : عجبوا {لفتحنا عَلَيْهِم} : لوسعنا عَلَيْهِم {وَإِذا فعلوا فَاحِشَة} : فعلة متناهية فِي الْقبْح {وَلَا تقربُوا الْفَوَاحِش} : كَبَائِر الذُّنُوب أَو الزِّنَا {وَلَا يظْلمُونَ فتيلا} : أدنى ظلم وأصغره، وَهُوَ الْخَيط فِي شقّ النواة {مثلا مَا بعوضة فَمَا فَوْقهَا} : أَي فِي الخسة وَقَالَ بَعضهم فَمَا دونهَا وَبِه زَالَ الْإِشْكَال بِحَدِيث: " لَو كَانَت الدُّنْيَا تزن عِنْد الله جنَاح بعوضة " حَيْثُ مثله بِمَا دون الْبَعُوضَة {فظا} : سيئ الْخلق جَافيا {فئتين} : فرْقَتَيْن {فيمَ كُنْتُم} : فِي أَي شَيْء كُنْتُم من أَمر دينكُمْ؟ {ففتقناهما} : أَي السَّمَاء بالمطر، وَالْأَرْض بالنبات

فصل القاف

{فَلَمَّا فصل طالوت} : أَي خرج {لَا تذرني فَردا} : وحيدا بِلَا ولد يَرِثنِي {فرقناه} : فصلناه (فصل الْقَاف) [الْقُنُوت] : كل قنوت فِي الْقُرْآن فَهِيَ الطَّاعَة، إِلَّا قَوْله: {كل لَهُ قانتون} فَإِن مَعْنَاهُ مقرون [الْقَرْض الْحسن] : قَالَ الْحسن: كل مَا فِي الْقُرْآن من الْقَرْض الْحسن فَهُوَ التَّطَوُّع [القَوْل الزُّور] : كل قَول فِي الْقُرْآن مقرون بأفواه وبألسنة فَهُوَ زور [الْقَلِيل] : كل شَيْء فِي الْقُرْآن " قَلِيلا " و " إِلَّا قَلِيل ": فَهُوَ دون الْعشْرَة قَالَ بعض الْمُحَقِّقين فِي قولة تَعَالَى: {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} ، {وَقل مَتَاع الدُّنْيَا قَلِيل} مَا سَمَّاهُ الله قَلِيلا لَا يمكننا أَن ندرك كميته فَمَا ظَنك بِمَا سَمَّاهُ كثيرا [الْقَتْل] : كل قتل فِي الْقُرْآن فَهُوَ لعن يعْنى بِهِ الْكفَّار [قَارب] : كل شَيْء قاربته فقد قارفته [القربان] : كل مَا يتَقرَّب بِهِ إِلَى الله فَهُوَ قرْبَان [القارعة] : كل نازلة شَدِيدَة بالإنسان فَهِيَ قَارِعَة [قُرَيْش] : كل من هُوَ من أَوْلَاد نضر بن كنَانَة فَهُوَ قُرَيْش مصغر القرش تَعْظِيمًا، وَهُوَ الْكسْب وَالْجمع، سمي بِهِ لأَنهم يتجرون ويجتمعون بِمَكَّة بعد التَّفَرُّق فِي الْبِلَاد [الْقَيْن] : كل عَامل فِي الْحَدِيد فَهُوَ قين [الْقصب] : كل نبت سَاقه أنابيب وكعوب فَهُوَ قصب [القاذورة] : كل قَول أَو فعل يستفحش ويحق الاجتناب عَنهُ فَهُوَ قاذورة ( [الْقَاعِدَة] : كل قَاعِدَة فَهِيَ أصل للَّتِي فَوْقهَا [الْقَضِيَّة] : كل قَول مَقْطُوع بِهِ من قَوْلك (هُوَ كَذَا) أَو (لَيْسَ بِكَذَا) يُقَال لَهُ قَضِيَّة وَمن هَذَا يُقَال: قَضِيَّة صَادِقَة، وَقَضِيَّة كَاذِبَة [الْقدَم] : كل سَابق فِي خير أَو شَرّ فَهُوَ عِنْد الْعَرَب قدم يُقَال: لفُلَان قدم فِي الْإِسْلَام، وَله عِنْدِي قدم صدق، وَقدم سوء [الْقمَار] : كل لعب يشْتَرط فِيهِ غَالِبا أَن يَأْخُذ الْغَالِب شَيْئا من المغلوب فَهُوَ قمار فِي عرف زَمَاننَا [القبالة] : كل من يقبل شَيْئا مقاطعة وَكتب عَلَيْهِ كتابا فالكتاب قبالة بِالْفَتْح، وَالْعَمَل بِالْكَسْرِ لِأَنَّهُ صناعَة

( [الْقَوْم] : كل من يقوم الرئيس بأمرهم أَو يقومُونَ بأَمْره فَهُوَ الْقَوْم) الْقِرَاءَة: ضم الْحُرُوف والكلمات بَعْضهَا إِلَى بعض فِي الترتيل وَلَا يُقَال ذَلِك لكل جمع بِدَلِيل أَنه لَا يُقَال للحرف الْوَاحِد إِذا تفوه بِهِ قِرَاءَة [الْقِرَاءَة الصَّحِيحَة] : كل قِرَاءَة وَافَقت الْعَرَبيَّة وَلَو بِوَجْه، ووافقت أحد الْمَصَاحِف العثمانية وَلَو احْتِمَالا، وَصَحَّ سندها فَهِيَ الْقِرَاءَة الصَّحِيحَة الَّتِي لَا يجوز ردهَا، وَلَا يحل إنكارها، بل هِيَ من الأحرف السَّبْعَة الَّتِي نزل بهَا الْقُرْآن وَوَجَب على النَّاس قبُولهَا، سَوَاء كَانَت عَن الْأَئِمَّة السَّبْعَة أَو عَن الْعشْرَة أَو عَن غَيرهم من الْأَئِمَّة المقبولين، وَالضَّابِط عِنْد أهل الْأُصُول وَالْفِقْه التَّوَاتُر والآحاد، فَمَا لم يتواتر لم تصح بِهِ الصَّلَاة وَغَيرهَا عِنْدهم (كَمَا أَن الْأُمُور الثَّلَاثَة إِن لم تُوجد لَا يَصح ذَلِك) وكل وَاحِدَة من الْقرَاءَات السَّبع المتواترة تنْسب إِلَى وَاحِد من الْأَئِمَّة لاشتهاره بهَا وتفرده بهَا بِأَحْكَام خَاصَّة فِي الْأَدَاء، وَأما غَيرهَا فَإِذا ظهر فِيهِ أَمر الرِّوَايَة وَلم يشْتَهر بهَا من أحد ينْسب إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَلَا يلْزم من ذَلِك اعْتِبَاره الْقلب: هُوَ فِي اصْطِلَاح الْأُصُول عبارَة عَن ربط خلاف مَا قَالَه الْمُسْتَدلّ بعلته للإلحاق بِأَصْلِهِ وَفِي اللُّغَة على مَعْنيين: أَحدهمَا: جعل أَعلَى الشَّيْء أَسْفَل وَمِنْه أَخذ قلب الْعلَّة حكما وَبِالْعَكْسِ لِأَن الْعلَّة أَعلَى من الحكم لكَونهَا أصلا، وَالْحكم أَسْفَل لكَونه تبعا، (وَقد نظمت فِيهِ: (وقلبي على الْوَضع الْقَدِيم وشكله ... لَهُ عِلّة مستورة تَحت حكمه) (فقلبته فَالْحكم أَسْفَل تَابعا ... لعلته الْأَعْلَى فَبَان بِأَصْلِهِ) وَالثَّانِي: جعل ظَاهر الشَّيْء بَاطِنا كقلب الجراب وَمِنْه أَخذ قلب الْوَصْف شَاهدا على الْخصم بعد أَن يكون شَاهدا للخصم وَقد يُطلق الْقلب مجَازًا على الْعين نَحْو: {وَلَكِن تعمى الْقُلُوب الَّتِي فِي الصُّدُور} كَمَا أطلقت الْعين مجَازًا على الْقلب فِي قَوْله تَعَالَى: {الَّذين كَانَت أَعينهم فِي غطاء عَن ذكري} وقلب كل شَيْء خالصه: وَقد يعبر بِالْقَلْبِ عَن الْعقل سمي المضغة الصنوبرية قلبا لكَونه أشرف الْأَعْضَاء لما فِيهِ من الْعقل على رَأْي، وَسُرْعَة الخواطر والتلون فِي الْأَحْوَال وَلِأَنَّهُ مقلوب الْخلقَة والوضع كَمَا يشْهد بِهِ علم التشريح وَمن تقاليبه الْقبُول والقابلية وَهُوَ رَئِيس الْبدن الْمعول عَلَيْهِ فِي صَلَاحه وفساده وَهُوَ أعظم الْأَشْيَاء الموصوفة بِالسَّعَةِ من جَانب الْحق، ومعدن الرّوح الحيواني الْمُتَعَلّق للنَّفس الإنساني، ومنبع الشّعب المنبثة فِي أقطار الْبدن الإنساني، بل فِي سَائِر الْحَيَوَانَات التَّامَّة الْخلقَة،

وَمِنْه تصل الْحَيَاة والفيض إِلَى الْأَعْضَاء على السوية بِمُقْتَضى الْعدْل، وَله إِيفَاء كل ذِي حق حَقه، ويسميه الْحَكِيم بِالنَّفسِ الناطقة، وَالروح باطنة وَالنَّفس الحيوانية مركبة، وَهِي المدركة العالمة من الْإِنْسَان والمطالب والمعاتب والمعاقب قيل: للقلب سبع طَبَقَات، الصَّدْر وَهُوَ مَحل الْإِسْلَام وَمحل الوسواس ثمَّ الْقلب وَهُوَ مَحل الْإِيمَان ثمَّ الشغاف وَهُوَ مَحل محبَّة الْخلق، ثمَّ الْفُؤَاد وَهُوَ مَحل رُؤْيَة الْحق، ثمَّ حَبَّة الْقلب وَهُوَ مَحل محبَّة الْحق ثمَّ السويداء وَهِي مَحل الْعُلُوم الدِّينِيَّة ثمَّ مهجة الْقلب وَهِي مَحل تجلي الصِّفَات، وَالْكفَّار ختم الله على قُلُوبهم قَالَ الْحُكَمَاء: حَيْثُمَا ذكر الله الْقلب فإشارة إِلَى الْعقل وَالْعلم نَحْو: {إِن فِي ذَلِك لذكرى لمن كَانَ لَهُ قلب} وحيثما ذكر الصَّدْر فإشارة إِلَى ذَلِك وَإِلَى سَائِر القوى من الشَّهْوَة: والهوى وَالْغَضَب وَنَحْوهَا وَالْقلب أَيْضا: هُوَ أَن يجْرِي حكم أحد جزأي الْكَلَام على الآخر وَالْقلب: إِمَّا قلب إِسْنَاد نَحْو: {لكل أجل كتاب} أَي لكل كتاب أجل {وَيَوْم يعرض الَّذين كفرُوا على النَّار} أَي تعرض النَّار عَلَيْهِم أَو قلب عطف نَحْو: {تول عَنْهُم فَانْظُر} أَي فَانْظُر فتول {ثمَّ دنا فَتَدَلَّى} أَي تدلى فَدَنَا لِأَنَّهُ بالتدلي مَال إِلَى الدنو أَو قلب تَشْبِيه نَحْو: {قَالُوا إِنَّمَا البيع مثل الرِّبَا} إِذْ الأَصْل بِالْعَكْسِ لِأَن الْكَلَام فِي الرِّبَا وَمِنْه {أَفَمَن يخلق كمن لَا يخلق} فَإِن الظَّاهِر هُوَ الْعَكْس لِأَن الْخطاب لعَبْدِهِ الْأَوْثَان وهم جعلُوا غير الْخَالِق مثل الْخَالِق، واستواء البناءين فِي التصريف مَانع عَن الْحمل على الْقلب كَمَا قَالَ صَاحب " الْكَشَّاف " فِي قَوْله تَعَالَى: {من الصَّوَاعِق} قَرَأَ الْحسن من الصواقع وَلَيْسَ هَذَا بقلب وقلب أحد حرفي التَّضْعِيف يَاء إِذا انْكَسَرَ مَا قبلهَا وَوَقع فِي بِنَاء ممتد كالدينار أَصله الدنار يجمع على دَنَانِير، والديباج أَصله الدباج يجمع على دبابيج، وَعَلِيهِ قَوْله: أظهر السينات فَإِنَّهُ جمع سنة لَا جمع سين وقلب الْإِعْرَاب فِي الصِّفَات كَقَوْلِه تَعَالَى: {عَذَاب يَوْم مُحِيط} إِذْ الْمُحِيط هُوَ الْعَذَاب، وَمثله {فِي يَوْم عاصف} لِأَن العاصف صفة الْيَوْم

وقلب الْوَاو همزَة للتَّخْفِيف من الْوَاو المضمومة، والمكسورة كوجوه وأجوه، وسَادَة وأسادة وقلب بعض الْحُرُوف إِلَى بعض فِي الصِّفَات كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " ارْجِعْنَ مَأْزُورَات غير مَأْجُورَات " للتواخي الْقَضَاء: مَمْدُود وَيقصر وَقد أَكثر أَئِمَّة اللُّغَة فِي مَعْنَاهُ، وآلت أَقْوَالهم إِلَى أَنه إتْمَام الشَّيْء قولا وفعلا وَقَالَ أَئِمَّة الشَّرْع: الْقَضَاء قطع الْخُصُومَة، أَو قَول مُلْزم صدر عَن ولَايَة عَامَّة وَقضى عَلَيْهِ: أَمَاتَهُ و [قضى] وطره: أتمه وبلغه و [قضى] عَلَيْهِ عهدا: أوصاه وأنفذه و [قضى] إِلَيْهِ: أنهاه و [قضى] غَرِيمه دينه: أَدَّاهُ. {وَإِذا قضيتم مَنَاسِككُم} : أَي فَرَغْتُمْ. {فَإِذا قضى أمرا} : أَي أَمر وَالْقَضَاء: الْأَجَل: {فَمنهمْ من قضى نحبه} والفصل: {لقضي الْأَمر بيني وَبَيْنكُم} والمضي: {ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا} وَالْوُجُوب: {لما قضي الْأَمر} والإعلام: {وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل} وَالْوَصِيَّة: {وَقضى رَبك أَن لَا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه} بِدَلِيل {وَلَقَد وصينا الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَإِيَّاكُم أَن اتَّقوا الله} إِذْ لم يسْتَطع أحد رد قَضَاء الرب، بل هُوَ وَصِيَّة أوصى بهَا والخلق: {فقضاهن سبع سماوات} وَالْفِعْل: {كلا لما يقْض مَا أمره} : يَعْنِي حَقًا لم يفعل والإبرام: {فِي نفس يَعْقُوب قَضَاهَا} والعهد: {إِذا قضينا إِلَى مُوسَى الْأَمر} وَالْأَدَاء: {إِذا قضيت الصَّلَاة} فَكل مَا أحكم عمله وَختم وَأدّى وَأوجب وَأعلم وأنفذ وأمضى فقد قضى وَفصل قَالَ الطَّيِّبِيّ: الْقَضَاء مَوْضُوع للقدر الْمُشْتَرك بَين هَذِه المفهومات وَهُوَ انْقِطَاع الشَّيْء وَالنِّهَايَة (وأصل الْقَضَاء: الْفَصْل بِتمَام الْأَمر وأصل الحكم: الْمَنْع، فَكَأَنَّهُ منع الْبَاطِل) وَالْقَضَاء: عبارَة عَن ثُبُوت صور جَمِيع الْأَشْيَاء فِي الْعلم الْأَعْلَى على الْوَجْه الْكُلِّي وَهُوَ الَّذِي تسميه الْحُكَمَاء: الْعقل الأول وَالْقدر: حُصُول صور جَمِيع الموجودات فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ الَّذِي تسميه الْحُكَمَاء بِالنَّفسِ الْكُلية قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: الْقَضَاء عبارَة عَن وجود جَمِيع الموجودات فِي الْعَالم الْعقلِيّ مجتمعة ومجملة على سَبِيل الإبداع

وَالْقدر: عبارَة عَن وجود جَمِيع الموجودات فِي موادها الخارجية، أَو بعد حُصُول شرائطها وَاحِدًا بعد وَاحِد وسر الْقدر: هُوَ أَنه يمْتَنع أَن تظهر عين من الْأَعْيَان إِلَّا حسب مَا يَقْتَضِيهِ استعدادها وسر سر الْقدر: هُوَ أَن تِلْكَ الاستعدادات أزلية لَيست مجعولة بِجعْل الْجَاعِل لكَون تِلْكَ الْأَعْيَان أظلال شؤونات ذاتية مُقَدّمَة عَن الْجعل والانفعال وَالتَّفْصِيل: أَن الْقَضَاء هُوَ الحكم الْكُلِّي الإجمالي على أَعْيَان الموجودات بأحوالها من الْأَزَل إِلَى الْأَبَد، مثل الحكم بِأَن كل نفس ذائقة الْمَوْت وَالْقدر: هُوَ تَفْصِيل هَذَا الحكم بِتَعْيِين الْأَسْبَاب وَتَخْصِيص إِيجَاد الْأَعْيَان بأوقات وأزمان بِحَسب قابلياتها واستعداداتها الْمُقْتَضِيَة للوقوع مِنْهَا وَتَعْلِيق كل حَال من أحوالها بِزَمَان معِين وَسبب مَخْصُوص، مثل الحكم بِمَوْت زيد فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ بِالْمرضِ الْفُلَانِيّ [والنزاع الْوَاقِع فِي هَذِه الْمَسْأَلَة إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَفْعَال الصادرة عَن الْعباد لَا فِي جَمِيع الْأَشْيَاء وَقَالَ بعض الْمُحَقِّقين: إِن الْقدر عبارَة عَن تعلق الْقُدْرَة والإرادة بإيجاد جَمِيع الْأَشْيَاء التَّعَلُّق التنجيزي الْوَاقِع فِيمَا لَا يزَال، وَالْقَضَاء عبارَة عَن تعلقهَا بهَا التَّعَلُّق الْمَعْنَوِيّ الْحَاصِل فِي الْأَزَل فالقضاء سَابق على الْقدر، وَالْقدر وَاقع على سببيه، وَتَحْقِيق هَذِه الْمَسْأَلَة مِمَّا تسكب فِيهِ العبرات، وَلَا عذر لأحد فِي الْقَضَاء وَالْقدر والتخليق والإرادة لِأَن هَذِه الْمعَانِي لم يجعلهم مضطرين إِلَى مَا فعلوا، بل فعلوا مَا فعلوا مختارين فَصَارَ خلق الْفِعْل وإرادته وَالْقَضَاء بِهِ وَتَقْدِيره كخلق الْأَوْقَات والأمكنة الَّتِي تقع فِيهَا الْأَفْعَال وَلَا تقع بِدُونِهَا وَلم تصر تخليق شَيْء من ذَلِك عذرا لِأَنَّهُ لَا يُوجد اضطرار] (قَالَ الْمُحَقق فِي " شرح الإشارات ": الْجَوَاهِر الْعَقْلِيَّة وَمَا مَعهَا مَوْجُودَة فِي الْقَضَاء وَالْقدر مرّة وَاحِدَة باعتبارين، والجسمانية وَمَا مَعهَا مَوْجُودَة فيهمَا مرَّتَيْنِ) وَقد يُطلق الْقَضَاء على الشَّيْء الْمقْضِي نَفسه وَهُوَ الْوَاقِع فِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من جهد الْبلَاء، ودرك الشَّقَاء، وَسُوء الْقَضَاء، وشماتة الْأَعْدَاء " والرضى بِهِ لَا يجب على هَذَا الْمَعْنى وَلذَلِك استعاذ مِنْهُ وَالْوَاجِب الرضى بِالْقضَاءِ أَي بِحكم الله وتصرفه وَأما الْمقْضِي فَلَا، إِلَّا إِذا كَانَ مَطْلُوبا شرعا كالإيمان وَنَحْوه وَقد ورد أَن الله تَعَالَى يَقُول: " من لم يرضى بقضائي وَلم يشْكر نعمائي وَلم يصبر على بلائي فليتخذ إِلَهًا سوائي " وَالْقدر مرضِي لِأَن التَّقْدِير فعل الله لَا الْمُقدر، إِذْ يُمكن أَن يكون فِي تَقْدِير الْقَبِيح حِكْمَة بَالِغَة وَقَضَاء الله عِنْد الأشاعرة: إِرَادَته الأزلية الْمُتَعَلّقَة بالأشياء على مَا هِيَ عَلَيْهِ فِيمَا لَا يزَال وَقدره: إيجاده الْأَشْيَاء على قدر مَخْصُوص وَتَقْدِير معِين فِي ذواتها وَأَحْوَالهَا (وَالْقدر: هُوَ مَا يقدره الله تَعَالَى من الْقَضَاء يُقَال: قدرت الشَّيْء أقدره وأقدره قدرا وَقدرته تَقْديرا فَهُوَ قدر أَي مَقْدُور. كَمَا يُقَال: هدمت الْبناء فَهُوَ هدم أَي مهدوم وَلَك أَن تسكن الدَّال مِنْهُ وَهُوَ فِي الأَصْل

مصدر يُرَاد بِهِ الْمُقدر تَارَة وَالتَّقْدِير أُخْرَى فِي " الأساس " الْأُمُور تجْرِي بِقدر الله ومقداره وَتَقْدِيره وأقداره ومقاديره وَالْقدر وَالتَّقْدِير كِلَاهُمَا تَبْيِين كمية الشَّيْء، فتقدير الله إِمَّا بالحكم مِنْهُ أَن يكون كَذَا أَو أَن لَا يكون كَذَا، إِمَّا على سَبِيل الْوُجُوب، وَإِمَّا على سَبِيل الْإِمْكَان وعَلى ذَلِك قَوْله تَعَالَى: {قد جعل الله لكل شَيْء قدرا} وَأما بِإِعْطَاء الْقُدْرَة عَلَيْهِ، وَقَوله تَعَالَى: {وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا} : أَي قَضَاء مبتوتا وَقَالَ بَعضهم: (قدرا) إِشَارَة إِلَى مَا سبق بِهِ الْقَضَاء وَالْكِتَابَة فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَهُوَ الْمشَار إِلَيْهِ بقوله: " فرغ رَبك من الْخلق والرزق " و (مَقْدُورًا) إِشَارَة إِلَى مَا يحدث حَالا فحالا وَهُوَ الْمشَار إِلَيْهِ بقوله: {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} يَعْنِي شؤونا يبديها لَا شؤونا يبتديها وَلَا يُنَافِي قَضِيَّة رفعت الأقلام وجفت الصُّحُف، لِأَن الْجُود الإلهي لما كَانَ مقتضيا لتكميل الموجودات قدر بلطف حكمته زَمَانا يخرج تِلْكَ الْأُمُور من الْقُوَّة إِلَى الْفِعْل قَالَ الْفَخر الرَّازِيّ فِي قَوْله: {وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا} الْقَضَاء مَا يكون مَقْصُودا فِي الأَصْل، وَالْقدر مَا يكون تَابعا فالخير كُله بِقَضَاء، وَمَا فِي الْعَالم من الضَّرَر فبقدر) الْقُدْرَة: هِيَ التَّمَكُّن من إِيجَاد شَيْء وَقيل: صفة تَقْتَضِي التَّمَكُّن، وَهِي مبدأ الْأَفْعَال المستفادة على نِسْبَة مُتَسَاوِيَة، فَلَا يُمكن تَسَاوِي الطَّرفَيْنِ الَّذِي هُوَ شَرط تعلق الْقُدْرَة إِلَّا فِي الْمُمكن، لِأَن الْوَاجِب رَاجِح الْوُجُود، والممتنع رَاجِح الْعَدَم، أَعنِي أَنه إِن شَاءَ أَن يَفْعَله لَكِن الْمَشِيئَة ممتنعة، أَي لَيْسَ من شَأْن الْقَادِر تَعَالَى أَن يشاءه [والفلاسفة يُنكرُونَ الْقُدْرَة بِمَعْنى صِحَة الإيجاد وَالتّرْك بِدَلِيل أَنهم فسروا حَيَاة الْبَارِي بِكَوْنِهِ بِحَيْثُ يَصح أَن يعلم وَيقدر لَا بِمَعْنى أَنه إِن شَاءَ فعل وَإِن لم يَشَأْ لم يفعل فَإِن الْقُدْرَة بِهَذَا الْمَعْنى مُتَّفق عَلَيْهِ بَين الْفَرِيقَيْنِ، وَالْقُدْرَة سَوَاء كَانَت عِلّة تَحْصِيل الْفِعْل كَمَا هُوَ اخْتِيَار صَاحب " التَّبْصِرَة " أَو شَرط تَحْصِيل الْفِعْل كَمَا هُوَ اخْتِيَار عَامَّة الْمَشَايِخ تتَعَلَّق بالمعدوم ليصير مَوْجُودا دون الْمَوْجُود لِاسْتِحَالَة إِيجَاد الْمَوْجُود؟ والمحال لَا يدْخل تَحت الْقُدْرَة فَلَا يجوز أَن يُوصف الله بِالْقُدْرَةِ على الظُّلم وَالْكذب، وَعند الْمُعْتَزلَة يقدر وَلَا يفعل، وَفِيه جمع بَين صِفَتي الظُّلم وَالْعدْل وَهُوَ محَال وَالْوَاجِب مَا يَسْتَحِيل عَدمه] ، وتعرف أَيْضا بِأَنَّهَا إِظْهَار الشَّيْء من غير سَبَب ظَاهر وتستعمل تَارَة بِمَعْنى الصّفة الْقَدِيمَة، وَتارَة بِمَعْنى التَّقْدِير، وَلذَا قرئَ قَوْله تَعَالَى: {فقدرنا فَنعم القادرون} بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد وَكَذَا قَوْله تَعَالَى: {قدرناها من الغابرين} فالقدرة بِالْمَعْنَى الأول لَا يُوصف بضدها، وبالمعنى الثَّانِي بِوَصْف بهَا وبضدها

[وَالْقُدْرَة الَّتِي يصير الْفِعْل بهَا مُتَحَقق الْوُجُود وَهِي تقارن الْفِعْل عِنْد أهل السّنة والأشاعرة خلافًا للمعتزلة لِأَنَّهَا عرض لَا يبْقى زمانين فَلَو كَانَت سَابِقَة لوجد الْفِعْل حَال عدم الْقُدْرَة، وَأَنه محَال، وَفِيه نظر، لِأَنَّهُ على تَقْدِير تَسْلِيم عدم بَقَاء مثل هَذِه الْأَعْرَاض لَا يلْزم من التحقق قبل الْفِعْل كَون الْفِعْل بِدُونِ الْقُدْرَة لجَوَاز أَن يبْقى نوع ذَلِك الْعرض بتجدد الْأَمْثَال] وَالْقُدْرَة الممكنة: هِيَ أدنى قُوَّة يتَمَكَّن بهَا الْمَأْمُور من أَدَاء مَا لزمَه بدنيا أَو ماليا، وَهَذَا النَّوْع شَرط لكل حكم وَالْقُدْرَة الميسرة: هِيَ مَا يُوجب الْيُسْر على الْمُؤَدِّي، فَهِيَ زَائِدَة على الممكنة بِدَرَجَة فِي الْقُوَّة إِذْ بهَا يثبت الْإِمْكَان [وَفرق بَين القدرتين فِي الحكم وَهُوَ أَن الممكنة شَرط مَحْض حَيْثُ يتَوَقَّف أصل التَّكْلِيف عَلَيْهَا فَلَا يشْتَرط دوامها لبَقَاء الْوَاجِب، وَأما الميسرة فَلَيْسَتْ شرطا مَحْضا حَتَّى لم يتَوَقَّف التَّكْلِيف عَلَيْهَا وَلِأَنَّهَا مُغيرَة لصفة الْوَاجِب من مُجَرّد الْإِمْكَان إِلَى صفة الْيُسْر على معنى أَنه إِذا كَانَ جَائِزا من الله تَعَالَى أَن يُوجب على عباده بِدُونِ هَذِه الْقُدْرَة فَكَانَ اشْتِرَاط الْقُدْرَة الميسرة تيسيرا لأمر الْعباد لطفا مِنْهُ وفضلا، بِخِلَاف الممكنة، إِذْ لَا يجوز التَّكْلِيف إِلَّا بهَا فَلَا يكون اشْتِرَاطهَا لليسر بل للتمكين] وَالْمَنْقُول عَن أبي حنيفَة: أَن الْقُدْرَة مُقَارنَة للْفِعْل، وَمَعَ ذَلِك تصلح للضدين، فالفاعل إِذا فعل إِنَّمَا فعل بِالْقُدْرَةِ الَّتِي خلقهَا الله مُقَارنَة للْفِعْل لَا سَابِقَة عَلَيْهِ، وَأما إِذا لم يفعل فَلَا نقُول: إِن الله لم يخلق الْقُدْرَة الْحَقِيقِيَّة، بل يُمكن أَنه خلقهَا، وَمَعَ ذَلِك لم يفعل العَبْد والتوسط بَين الْقدر والجبر مَبْنِيّ على أَن الْقُدْرَة [تصلح للضدين فَإِن الْآلَات والأدوات الْمعدة لتعميم الْقُدْرَة النَّاقِصَة صَالِحَة للضدين كاللسان يصلح للصدق وَالْكذب وَغير ذَلِك، وكاليد تصلح لقتل الْكفَّار ولسفك دِمَاء الْمُسلمين، وَكَذَا حَقِيقَة الْقُدْرَة الَّتِي يحصل بهَا الْفِعْل مثلا السَّجْدَة لصنم مَعْصِيّة وَالله تَعَالَى طَاعَة، وَالِاخْتِلَاف بَينهمَا من حَيْثُ الْإِضَافَة إِلَى الْأَمر وَالنَّهْي وَقصد الْفَاعِل وَأما السَّجْدَة فَلَا تفَاوت فِي ذَاتهَا، وَكَذَا حَرَكَة اللِّسَان لَا تَتَفَاوَت بَين الصدْق وَالْكذب وَالْقُدْرَة إِنَّمَا صَارَت شرطا أَو عِلّة للْفِعْل من حَيْثُ ذَاته لَا من حَيْثُ النِّسْبَة إِلَى الْأَمر وَالنَّهْي وَالْقَصْد فصح أَن الْقُدْرَة الْوَاحِدَة تصلح للضدين إِلَّا أَنَّهَا إِذا صرفت إِلَى الطَّاعَة سميت تَوْفِيقًا، وَإِذا صرفت إِلَى الْمعْصِيَة سميت خذلانا وَذَلِكَ لَا يُوجب اخْتِلَافا فِي ذَاتهَا] مَعَ الْفِعْل مَعَ أَنَّهَا تصلح للضدين

والأشعري لما قَالَ بِالْقُدْرَةِ مَعَ الْفِعْل لَكِن يجب بهَا الْأَثر، وَأَنَّهَا لَا تصلح للضدين وَقع فِي الْجَبْر والمعتزلة لما قَالُوا بِالْقُدْرَةِ السَّابِقَة ثمَّ مَا بعْدهَا مفوض إِلَى العَبْد وَقَعُوا فِي التَّفْوِيض فَالله سُبْحَانَهُ قدر أَن يجود الْأَثر وَهُوَ الْهَيْئَة الْحَاصِلَة بِالْمَصْدَرِ بِالْقُدْرَةِ الْمُقَارنَة وَاخْتِيَار العَبْد، وَلَا يرد أَن الِاخْتِيَار لما كَانَ بِتَقْدِير الله يلْزم الْجَبْر لِأَن تَقْدِير الِاخْتِيَار اخْتِيَارا لَا يُوجب الْجَبْر لِأَن تَقْدِير الشَّيْء لَا يُوجب ضِدّه واستحالة دُخُول مَقْدُور وَاحِد تَحت قدرتين إِذا كَانَت لكل وَاحِد مِنْهُمَا قدرَة التخليق والإكتساب [فَجَائِز بِخِلَاف الشَّاهِد وَاعْلَم أَن مَحل قدرَة العَبْد هُوَ عزمه المصمم عقيب خلق الداعية والميل وَالِاخْتِيَار، وَبِهَذَا يبطل احتجاج كثير من الْفُسَّاق بِالْقضَاءِ وَالْقدر لفسقهم، إِذْ لَيْسَ الْقَضَاء وَالْقدر مِمَّا يسلب قدرَة الْعَزْم عِنْد خلق الإختيار فَيكون جبرا ليَصِح الِاحْتِجَاج] فَأَما إِذا كَانَت لأَحَدهمَا قدرَة الاختراع وَللْآخر قدرَة الِاكْتِسَاب، فَجَائِز بِخِلَاف الشَّاهِد قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: يلْزم على مَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو حنفية من أَن الِاسْتِطَاعَة مَعَ الْفِعْل لَا قبله أَن تكون الْقُدْرَة على الْإِيمَان حَال حُصُول الْإِيمَان، وَالْأَمر بِالْإِيمَان حَال عدم الْقُدْرَة، وَلَا معنى لتكليف مَا لَا يُطَاق إِلَّا ذَلِك، وَمِمَّا يدل عَلَيْهِ أَن الله كلف أَبَا لَهب بِالْإِيمَان، وَمن الْإِيمَان تَصْدِيق الله فِي كل مَا أخبر عَنهُ، وَمِمَّا أخبر عَنهُ أَنه لَا يُؤمن فقد صَار أَبُو لَهب مُكَلّفا بِأَن يُؤمن بِأَنَّهُ لَا يُؤمن، وَهَذَا تَكْلِيف يجمع بَين النقيضين، وَالْجَوَاب: إِن التَّكْلِيف لم يكن إِلَّا بِتَصْدِيق الرَّسُول وَإنَّهُ مُمكن فِي نَفسه، مُتَصَوّر وُقُوعه، وَعلمه تَعَالَى بِعَدَمِ تَصْدِيق الْبَعْض، وإخباره لرَسُوله لَا يخرج الْمُمكن عَن الْإِمْكَان، وَلِأَن التَّكْلِيف بِجَمِيعِ مَا أنزل كَانَ مقدما على الْأَخْبَار بِعَدَمِ إِيمَان أبي لَهب، فَلَمَّا أنزل أَنه لَا يُؤمن ارْتَفع التَّكْلِيف بِالْإِيمَان بِجَمِيعِ مَا أنزل، فَلم يلْزم الْجمع بَين النقيضين وَاعْلَم أَن علم الله تَعَالَى وإخباره بِوُجُود شَيْء أَو عَدمه لَا يُوجب وجوده وَلَا عَدمه بِحَيْثُ ينسلب بِهِ قدرَة الْفَاعِل عَلَيْهِ، لِأَن الْإِخْبَار عَن الشَّيْء حكم عَلَيْهِ بمضمون الْخَبَر، وَالْحكم تَابع لإِرَادَة الْحَاكِم إِيَّاه، وإرادته تَابِعَة لعلمه، وَعلمه تَابع للمعلوم، والمعلوم هُوَ ذَلِك الْفِعْل الصَّادِر عَن فَاعله بِالِاخْتِيَارِ، فَفعله بِاخْتِيَارِهِ أصل، وَجَمِيع ذَلِك تَابع لَهُ، وَالتَّابِع لَا يُوجب الْمَتْبُوع إِيجَابا يُؤَدِّي إِلَى القسر والإلجاء، بل يَقع التَّابِع على حسب وُقُوع الْمَتْبُوع، هَكَذَا حَقَّقَهُ بعض الْمُحَقِّقين والقادر: هُوَ الَّذِي يَصح مِنْهُ أَن يفعل تَارَة، وَأَن لَا يفعل أُخْرَى، وَأما الَّذِي إِن شَاءَ فعل، وَإِن شَاءَ لم يفعل، فَهُوَ الْمُخْتَار، وَلَا يلْزمه أَن يكون قَادِرًا، لجَوَاز أَن تكون مَشِيئَة الْفِعْل لَازِمَة لذاته، وَصِحَّة الْقَضِيَّة الشّرطِيَّة لَا تَقْتَضِي وجود الْمُقدم قَالَ صَاحب " الْملَل والنحل ": الْمُؤثر إِمَّا أَن يُؤثر مَعَ جَوَاز أَن لَا يُؤثر، وَهُوَ الْقَادِر، أَو يُؤثر لَا مَعَ جَوَاز أَن لَا يُؤثر، وَهُوَ الْمُوجب فَدلَّ أَن كل مُؤثر إِمَّا قَادر وَإِمَّا مُوجب، فَعِنْدَ هَذَا قَالُوا: الْقَادِر: هُوَ

الَّذِي يَصح أَن يُؤثر تَارَة، وَأَن لَا يُؤثر أُخْرَى بِحَسب الدَّوَاعِي الْمُخْتَلفَة [وَالْقُدْرَة كَمَا يُوصف بهَا الْبَارِي تَعَالَى بِمَعْنى نفي الْعَجز عَنهُ تَعَالَى يُوصف بهَا العَبْد أَيْضا بِمَعْنى أَنَّهَا هَيْئَة بهَا يتَمَكَّن من فعل شَيْء مَا، وَقد عبر عَنْهَا بِالْيَدِ فِي قَوْله تَعَالَى: {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} وَذَلِكَ بِالنّظرِ إِلَى مُجَرّد الْقُدْرَة، ويعبر عَنْهَا باليدين بِالنّظرِ إِلَى كمالها وقوتها وَمَتى قيل: العَبْد قَادر فَهُوَ على سَبِيل معنى التَّقْيِيد] (وَالْقُدْرَة بِمَعْنى كَون الْفَاعِل بِحَيْثُ إِن شَاءَ فعل، مَعَ تمكنه من التّرْك غير ثَابِتَة عِنْد الفلاسفة والمحال لَا يدْخل تَحت الْقُدْرَة، فَلَا يجوز أَن يُوصف الله تَعَالَى بِالْقُدْرَةِ على الظُّلم وَالْكذب وَعند الْمُعْتَزلَة يقدر وَلَا يفعل وَفِيه جمع بَين صِفَتي الظُّلم وَالْعدْل وَهُوَ محَال: وَالْوَاجِب مَا يَسْتَحِيل عَدمه وَالْقُدْرَة إِذا وصف بهَا الْإِنْسَان فَهِيَ هَيْئَة بهَا يتَمَكَّن من فعل شَيْء مَا وَالْمرَاد من قدرَة الْبَارِي نفي الْعَجز عَنهُ وبالنظر إِلَى مُجَرّد الْقُدْرَة يعبر عَنْهَا بِالْيَدِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} أَي بقبضة قدرته التَّصَرُّف، وبالنظر إِلَى كمالها وقوتها يعبر عَنْهَا باليدين وَمَتى قيل للْعَبد قَادر فَهُوَ على سَبِيل معنى التَّقْيِيد والقدير: هُوَ الْفَاعِل لما يَشَاء على قدر مَا تَقْتَضِيه الْحِكْمَة، لَا زَائِدا عَلَيْهِ وَلَا نَاقِصا عَنهُ، وَلذَلِك لَا يَصح أَن يُوصف بِهِ إِلَّا الله تَعَالَى) والمقتدر يُقَارِبه لَكِن قد يُوصف بِهِ الْبشر بِمَعْنى الْمُتَكَلف المكتسب للقدرة. {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} : مَا عظموه حق تَعْظِيمه القَوْل: مصدر (قَالَ) ، وَمثله (قولة) ، و (مقَال) ، و (مقَالَة) ، و (قيل) ، و (قَالَ) [وَيُسمى الافتراء تقولا لِأَنَّهُ قَول متكلف والأقوال المفتراة (أقاويل) تحقيرا لَهَا كَأَنَّهَا جمع (أفعولة) من (القَوْل) ك (الأضاحيك) ] وَالْقَوْل وَالْكَلَام وَاللَّفْظ من حَيْثُ أصل اللُّغَة بِمَعْنى، يُطلق على كل حرف من حُرُوف المعجم، أَو من حُرُوف الْمعَانِي، وعَلى أَكثر مِنْهُ مُفِيدا كَانَ أَو لَا لَكِن القَوْل اشْتهر فِي الْمُفِيد بِخِلَاف اللَّفْظ واشتهر الْكَلَام فِي الْمركب من جزأين فَصَاعِدا وَلَفظ القَوْل يَقع على الْكَلَام التَّام، وعَلى الْكَلِمَة الْوَاحِدَة على سَبِيل الْحَقِيقَة أما لفظ الْكَلَام فمختص بالمفرد قَالَ ابْن جني: وَحَاصِل كَلَامه فِي الْفرق أَن تركيب القَوْل يدل على الخفة والسهولة فِي جَمِيع تقاليبه، فَوَجَبَ أَن يتَنَاوَل الْكَلِمَة الْوَاحِدَة، والتأثير الَّذِي أَفَادَهُ تركيب الْكَلَام لَا يحصل إِلَّا من الْجُمْلَة التَّامَّة وَأما بِحَسب اصْطِلَاح الْمِيزَان فقد خص القَوْل بالمركب والنطق والمنطق فِي الْمُتَعَارف: كل لفظ يعبر بِهِ عَمَّا فِي الضَّمِير مُفردا كَانَ أَو مركبا وَقد يُطلق لكل مَا يصوت بِهِ على التَّشْبِيه أَو التبع كَقَوْلِهِم: (نطقت الْحَمَامَة) وَمِنْه النَّاطِق

والصامت للحيوان والجماد وَفِي قَوْله تَعَالَى: {علمنَا منطق الطير} سمى أصوات الطير نطقا اعْتِبَارا لِسُلَيْمَان النَّبِي فَإِنَّهُ يفهمهُ، فَمن فهم من شَيْء معنى فَذَلِك الشَّيْء بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ نَاطِق وَإِن كَانَ صائتا، وبالإضافة إِلَى من لَا يفهم عَنهُ صائت وَإِن كَانَ ناطقا [وَقد يُرَاد بالنطق مَا يجْرِي على الْجنان لَا مَا يجْرِي على اللِّسَان] وَقد يسْتَعْمل القَوْل لغير ذِي لفظ تجوزا كَقَوْلِه: فَقَالَت لَهُ العينان سمعا وَطَاعَة وَقَالَ الْحَائِط: سقط وَقَالَ بِهِ: حكم واعتقد واعترف وَغلب (سُبْحَانَ من تعطف) وَقَالَ بِهِ وَقَالَ عَنهُ: روى. و [قَالَ] لَهُ: خاطبه و [قَالَ] عَلَيْهِ: افترى كَقَوْلِه: {وَأَن تَقولُوا على الله مَا لَا تعلمُونَ} فَلَا تعرض فِي الْآيَة للْمَنْع من اتِّبَاع الظَّن وَقَالَ فِيهِ: اجْتهد وَقَالَ بِيَدِهِ: أَهْوى بهَا، وَفِي " النِّهَايَة " أَخذه وَقَالَ بِرَأْسِهِ: أَشَارَ و [قَالَ] بِرجلِهِ: مَشى و [قَالَ] بِثَوْبِهِ: رَفعه (وَقَالَ بِالْبَابِ على يَده: قلبه) وَيَجِيء بِمَعْنى مَال وَأَقْبل وَضرب غير ذَلِك {لقد خلق القَوْل على أَكْثَرهم} : أَي علم الله بهم وكلمته عَلَيْهِم كَقَوْلِه: {إِن الَّذين حقت عَلَيْهِم كلمة رَبك لَا يُؤمنُونَ} وَقَوله تَعَالَى: {ذَلِك عِيسَى بن مَرْيَم قَول الْحق} : كَقَوْلِه وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وَفِي التَّسْمِيَة بقول الْحق تَنْبِيه على مَا قَالَ: {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم} إِلَى آخِره وَالْقَوْل قد يكون ذما وإبعادا كَقَوْلِه تَعَالَى لإبليس: قَالَ {قَالَ اخْرُج مِنْهَا مذءوما مَدْحُورًا} والتكلم لَا يكون إِلَّا ثَنَاء وفضيلة كَقَوْلِه تَعَالَى {وكلم الله مُوسَى تكليما} وَلَا يُقَال كلم الله إِبْلِيس وَلَا هُوَ كليم الله، وَلَا أَنه تَعَالَى كلم أهل النَّار وَقد يُسمى المتصور فِي النَّفس قبل ظُهُوره قولا، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ فِي أنفسهم} وَكَذَا مَا يُؤدى بالْقَوْل قولا، وَمِنْه {وَإِذا وَقع القَوْل عَلَيْهِم} وَقد يُطلق القَوْل على الآراء والاعتقادات فَيُقَال: هَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَول الشَّافِعِي، يُرَاد بذلك رأيهما وَمَا ذَهَبا إِلَيْهِ وَإِذا دخل على القَوْل حرف الِاسْتِفْهَام صَار مشكوكا فِيهِ فَأشبه الظَّن، هَذَا أحد شَرَائِط جعل القَوْل بِمَعْنى الظَّن وَالثَّانِي: أَن يكون لفظ الِاسْتِقْبَال

وَالثَّالِث: أَن يكون للمخاطب وَالرَّابِع: أَن لَا يفصل فاصل غير الظّرْف بَين الِاسْتِفْهَام وَبَين المستفهم عَنهُ وَإِذا وَردت جملَة مقولة بعد مَا فِيهِ معنى القَوْل دون حُرُوفه فالبصريون يخرجونها على حذف القَوْل، والكوفيون لَا بل يجرونها على الْحِكَايَة بِمَا فِيهِ معنى القَوْل وَقد كثر حذف القَوْل فِي التَّنْزِيل لِأَنَّهُ جَار فِي حذفه مجْرى الْمَنْطُوق بِهِ، فَمن ذَلِك قَوْله تَعَالَى: {وَالْمَلَائِكَة يدْخلُونَ عَلَيْهِم من كل بَاب سَلام عَلَيْكُم} وَمثله: {وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت وَإِسْمَاعِيل رَبنَا تقبل منا} وَمثله: {رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا} ، {أكفرتم بعد إيمَانكُمْ} و (تَقول) فِي الِاسْتِفْهَام ك (تظن) فِي الْعَمَل والقال: الِابْتِدَاء والقيل: الْجَواب وَقد يعبر ب (قَالَ) عَن التهيؤ للأفعال والاستعداد لَهَا يُقَال: قَالَ فَأكل، وَقَالَ فَتكلم وَقد يبهم الْقَائِل بقيل لتهويل مَا يُقَال وَقَالَ يكون اسْما، كقيل لِلْقَوْلِ الْقَضِيَّة: هِيَ المعلومات الْأَرْبَعَة وَهِي الْمَحْكُوم عَلَيْهِ وَبِه، وَالنِّسْبَة الْحكمِيَّة وَالْحكم، وَإِدْرَاك هَذِه الْأَرْبَعَة تَصْدِيق والقضية إِن انْحَلَّت بطرفيها إِلَى مفردين فَهِيَ حملية، وَيُسمى الْمَحْكُوم عَلَيْهِ فِيهَا مَوْضُوعا، والمحكوم بِهِ مَحْمُولا والحملية إِمَّا شخصية وَهِي الَّتِي يكون الْمَحْكُوم فِيهَا جزئيا معينا ك (زيد كَاتب) وَإِمَّا كُلية وَهِي الَّتِي يكون الْمَحْكُوم عَلَيْهِ فِيهَا كليا وَهِي إِمَّا مسورة وَلَا نخلو عَن أَن تتَمَيَّز جزئية بِذكر السُّور ك (بعض الْإِنْسَان كَاتب) فَهِيَ المحصورة الْجُزْئِيَّة أَو تتَمَيَّز كُلية بِذكرِهِ ك (كل إِنْسَان حَيَوَان) فَهِيَ المحصورة الْكُلية وَإِمَّا مُهْملَة ك (الْإِنْسَان كَاتب) وَهِي فِي قُوَّة الْجُزْئِيَّة لتحققها فِيهَا فَتلك أَربع وَكلهَا إِمَّا مُوجبَة أَو سالبة، فَصَارَت ثمانيا، وَإِن انْحَلَّت إِلَى قضيتين فَهِيَ شَرْطِيَّة، وَهِي الَّتِي يحكم فِيهَا على التَّعْلِيق أَي وجود إِحْدَى قضيتيها مُعَلّق على وجود الْأُخْرَى أَو على نَفيهَا وَيُسمى الْجُزْء الأول مِنْهَا مقدما، وَالثَّانِي تاليا، وَهِي قِسْمَانِ: مُتَّصِلَة: وَهِي الَّتِي يحكم فِيهَا بِلُزُوم قَضِيَّة أُخْرَى، أَو لَا لُزُومهَا: وَهِي الَّتِي توجب التلازم بَين جزئيها نَحْو: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} ومتصلة: وَهِي الَّتِي يحكم فِيهَا بامتناع اجْتِمَاع قضيتين فَأكْثر فِي الصدْق وَهِي الَّتِي جزآها متعاندان نَحْو: (الْعَالم إِمَّا قديم أَو حَادث) على ثَلَاثَة أَقسَام: مَانِعَة الْجمع نَحْو: (هَذَا الْعدَد إِمَّا مسَاوٍ لذَلِك أَو أَكثر) ومانعة الْخُلُو نَحْو: (إِمَّا أَن يكون زيد فِي الْبَحْر وَإِمَّا أَن لَا يغرق) ومانعتهما نَحْو: (الْعدَد إِمَّا زوج أَو فَرد)

وَصدق الْقَضِيَّة الْمُوجبَة يَقْتَضِي وجود الْمَوْضُوع فِيمَا نسب إِلَيْهِ الحكم من الْخَارِج والذهن، بِخِلَاف الْقَضِيَّة السالبة فَإِن صدقهَا لَا يَقْتَضِي وجود الْمَوْضُوع فِيمَا نسب إِلَيْهِ الحكم من أحد المظهرين الْمَذْكُورين، وَذَلِكَ لِأَن مُتَعَلق الحكم الإيجابي وُقُوع النِّسْبَة الْحكمِيَّة ومرجع ذَلِك الْوُقُوع إِلَى الْوُجُود الرابط بَين الْمَوْضُوع والمحمول، وَلَا تحقق لذَلِك الْوُجُود بِدُونِ الْوُجُود الْأَصْلِيّ للموضوع فِي مظهره ضَرُورَة أَن ثُبُوت شَيْء لشَيْء فرع ثُبُوت الْمُثبت لَهُ فِي مظهر الثُّبُوت وَأما مُتَعَلق الحكم السلبي فَلَا وُقُوع النِّسْبَة الْحكمِيَّة، ومرجعه إِلَى عدم تحقق الْوُجُود الرابط بَين طرفِي الْقَضِيَّة، وَعدم تحَققه كَمَا يكون بِوُجُود الْمَوْضُوع فِي مظهر الحكم غير ثَابت لَهُ الْمَحْمُول فِي نفس الْأَمر، كَذَلِك يكون بِعَدَمِ وجوده فِيهِ ضَرُورَة أَن مَا لَا يُوجد وَلَا يثبت لَهُ شَيْء من الْأَشْيَاء فَلَا جرم صدق الحكم السلبي لَا يَقْتَضِي وجود الْمَوْضُوع، كَمَا إِذا قُلْنَا: (لم يَتَحَرَّك إِنْسَان فِي الدَّار) ، فَإِنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى وجود إِنْسَان الْبَتَّةَ، وَعَلِيهِ: (كنت كنزا مخفيا) والقضية البسيطة: هِيَ الَّتِي حَقِيقَتهَا أَو مَعْنَاهَا إِمَّا إِيجَاب فَقَط نَحْو: (كل إِنْسَان حَيَوَان) بِالضَّرُورَةِ وَإِمَّا سلب فَقَط نَحْو: (لَا شَيْء من الْإِنْسَان بِحجر) بِالضَّرُورَةِ والقضية المركبة: هِيَ الَّتِي حَقِيقَتهَا ملتئمة من إِيجَاب وسلب نَحْو: (كل إِنْسَان ضَاحِك لَا دَائِما) والقضية الطبيعية: نَحْو: (الْحَيَوَان جنس الْإِنْسَان) ينْتج الْحَيَوَان نوع وَهُوَ بَاطِل والقضية النظرية: هِيَ الَّتِي يسْأَل عَنْهَا وَيطْلب بِالدَّلِيلِ إِثْبَاتهَا فِي الْعلم وَهِي من حَيْثُ إِنَّهَا يسْأَل عَنْهَا تمسى مَسْأَلَة وَمن حَيْثُ يطْلب حُصُولهَا: مطلبا وَمن حَيْثُ تستخرج من الْبَرَاهِين: نتيجة وَمن حَيْثُ يبتنى عَلَيْهَا الشَّيْء: أصولا من حَيْثُ أَنَّهَا منطبقة على جزيئات موضوعها تتعرف أَحْكَامهَا منا: قَاعِدَة وَمن حَيْثُ يتألف مِنْهَا الْحجَّة: مُقَدّمَة وَقَضِيَّة وَمن حَيْثُ تحْتَمل الصدْق وَالْكذب خَبرا وَاخْتِلَاف الْعبارَات باخْتلَاف الاعتبارات الْقيَاس: هُوَ عبارَة عَن التَّقْدِير يُقَال: قَاس النَّعْل، إِذا قدره وقاس الْجراحَة بالميل: إِذا قدر عمقها بِهِ، وَمِنْه سمي الْميل مقياسا وَهُوَ يسْتَعْمل فِي التَّشْبِيه أَيْضا، وَهُوَ تَشْبِيه الشَّيْء بالشَّيْء يُقَال: هَذَا قِيَاس ذَاك، إِذا كَانَ بَينهمَا مشابهة [وَالْقِيَاس الْجَلِيّ: هُوَ مَا سبق إِلَيْهِ الأفهام، والخفي: هُوَ مَا يكون بِخِلَافِهِ وَيُسمى الِاسْتِحْسَان لكنه أَعم من الْقيَاس الْخَفي، فَإِن كل قِيَاس خَفِي اسْتِحْسَان بِدُونِ الْعَكْس، لِأَن الِاسْتِحْسَان قد يُطلق على مَا ثَبت بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاع والضرورة، لَكِن الْغَالِب فِي كتب أَصْحَابنَا أَنه إِذا ذكر الِاسْتِحْسَان يُرَاد بِهِ الْقيَاس الْخَفي] وَالْقِيَاس البرهاني: هُوَ الْمُؤلف من مُقَدمَات قَطْعِيَّة لإِفَادَة الْيَقِين

والجدلي: هُوَ الْمركب من قضايا مَشْهُورَة أَو مسلمة لإلزام الْخصم بِحِفْظ الأوضاع أَو هدمها والخطابي: هُوَ الْمُؤلف من قضايا ظنية مَقْبُولَة أَو غَيرهَا لإقناع من هُوَ قَاصِر عَن دَرك الْبُرْهَان وَعبر عَنْهَا بالظني والشعري: هُوَ الْمركب من قضايا مخيلة لإِفَادَة الْقَبْض أَو الْبسط فِي الإحجام أَو الْإِقْدَام والمغالطي: هُوَ الَّذِي يركب من قضايا مشبهة بالمشهورات، وَيُسمى شغبا أَو بالأوليات وَيُسمى سفسطة وَعبر عَنهُ بالسفسطي إطلاقا للأخص على الْأَعَمّ وَالْحَد الْمُعْتَمد أَن يُقَال: هُوَ إبانة مثل حكم أحد الْمَذْكُورين بِمثل عِلّة فِي الآخر وَهُوَ حجَّة وَطَرِيق لمعْرِفَة العقليات عِنْد الْعَامَّة، لِأَن الْعُقَلَاء اتَّفقُوا على صِحَة الِاسْتِدْلَال بالأثر على وجود الْمُؤثر، وَاتَّفَقُوا أَيْضا على أَن خَالق الْعَالم لَيْسَ بعالم، وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِك بطرِيق الِاعْتِبَار وَالِاسْتِدْلَال وَالْقِيَاس الشَّرْعِيّ: هُوَ مَا يجْرِي فِي أَحْكَام لَا نَص فِيهَا، وَحجَّة عَامَّة الْفُقَهَاء والمتكلمين فِي حجية الْقيَاس قَوْله تَعَالَى: {فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار} لِأَن الأعتبار هُوَ النّظر فِي الثَّابِت أَنه لأي معنى ثَبت وإلحاق نَظِيره بِهِ، وَاعْتِبَار الشَّيْء بنظيره عين الْقيَاس [بَيَان ذَلِك أَن الله تَعَالَى ذكر هَلَاك قوم بِنَاء على سَبَب ثمَّ قَالَ: (فاعتبروا) بِالْفَاءِ الَّتِي هِيَ للتَّعْلِيل أَي: اجتنبوا عَن مثل هَذَا السَّبَب، لأنكم إِن أتيتم بِمثلِهِ يَتَرَتَّب عَلَيْكُم مثل ذَلِك الْجَزَاء، إِذْ الِاشْتِرَاك فِي الْعلَّة يُوجب الِاشْتِرَاك فِي الْمَعْلُول، فالنظر والتأمل فِيمَا أصَاب من قبلنَا بِأَسْبَاب نقلت عَنْهُم كالتأمل فِي موارد النُّصُوص لاستنباط الْمَعْنى هُوَ منَاط الحكم ليعتبر مَا لَا نَص فِيهِ بِمَا فِيهِ نَص احْتِرَازًا من الْعَمَل بِلَا دَلِيل] وَاحْتج منكرو الْقيَاس بقوله تَعَالَى: {فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول} حَيْثُ حصر الْمرجع إِلَيْهِ فِي الْكتاب وَالسّنة، (وَلم يذكر الْقيَاس) ، لَكِنَّهَا حجَّة عَلَيْهِم لِأَنَّهُ تَعَالَى أوجب فِي كل متنازع فِيهِ الرَّد إِلَيْهِمَا، وَلَا يُوجد فِي حَادِثَة نَص ظَاهر، (وَمن الدَّلِيل على صِحَة الْقيَاس قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد علمْتُم النشأة الأولى فلولا تذكرُونَ} فَعلم أَنه أَمر بِالنّظرِ فِي مودوعاته وَالْعَمَل بمدلولاته ومقتضياته، وَمن شَرط الْقيَاس عدم وجود النَّص فِي الْمَقِيس لِأَنَّهُ إِنَّمَا يسْتَعْمل ضَرُورَة خلو الْفَرْع عَن الحكم الثَّابِت لَهُ بطرِيق التَّنْصِيص وَالِاسْتِدْلَال بِالْقِيَاسِ، وَالنَّص فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة إِنَّمَا هُوَ لأجل أَن الْخصم إِن طعن فِي النَّص بِأَنَّهُ مَنْسُوخ أَو غير متواتر أَو غير مَشْهُور يبْقى الْقيَاس سالما، لَا أَنه دَلِيل على تَقْدِير ثُبُوت النَّص أَو الْإِجْمَاع وَلَيْسَ الْقيَاس عملا بِالظَّنِّ كَمَا زَعمه الْمُنكر، بل هُوَ عمل بغالب الرَّأْي وأكبر الظَّن لَا بِالظَّنِّ الْمُطلق وَالْعَمَل بِالْعلمِ الْغَالِب وَالظَّن الرَّاجِح وَاجِب عقلا وَشرعا، وَإِن بَقِي فِيهِ ضرب احْتِمَال، كوجوب التَّحَرُّز عَن اللص الْغَالِب، والجدار المائل، وَإِن كَانَ فِيهِ احْتِمَال السَّلامَة وكوجوب الْعَمَل بِالتَّحَرِّي وَالنِّيَّة وبظواهر النُّصُوص وأخبار الْآحَاد

وَالْعَام الْمَخْصُوص مَعَ قيام الشُّبْهَة وَالِاحْتِمَال فِي الْمَوَاضِع كلهَا والمماثلة بَين الْمَقِيس والمقيس عَلَيْهِ من جَمِيع الْوُجُوه غير وَاجِب فِي صِحَة الْقيَاس، بل الْوَاجِب الْمُمَاثلَة فِي الْعلَّة، لِأَن معنى الْقيَاس: إِثْبَات الحكم فِي الْمَقِيس، مثل الحكم فِي الْمَقِيس عَلَيْهِ بعلة وَاحِدَة [وَالْقِيَاس الْعقلِيّ: هُوَ الَّذِي كلتا مقدمتيه أَو إِحْدَاهمَا من المتواترات أَو مسموع من عدل والميزاني: هُوَ الْمركب من قضايا يسْتَلْزم لذاته قولا آخر] وَالْقِيَاس عِنْد المناطقة: هُوَ الْمركب من قضايا يسْتَلْزم لذاته قولا آخر والاقتراني مِنْهُ: هُوَ مَا كَانَ مُشْتَمِلًا على النتيجة أَو نقيضها بِالْقُوَّةِ نَحْو: (الْعَالم متغير وكل متغير حَادث) فَهُوَ خَاص بالقضايا الحملية والاستثنائي مِنْهُ: هُوَ الْمَعْرُوف بِالشّرطِ، لكَونه مركبا من قضايا شَرْطِيَّة، وَهُوَ الْمُشْتَمل على النتيجة أَو نقيضها بِالْفِعْلِ نَحْو: (لَو كَانَ النَّهَار مَوْجُودا لكَانَتْ الشَّمْس طالعة وَلَو لم يكن النَّهَار مَوْجُودا مَا كَانَت الشَّمْس طالعة) فالنتيجة فِي الْأَخِيرَة ونقيضها فِي الأولى مذكوران بِالْفِعْلِ، وَحَيْثُ يسْتَثْنى عين الْمُقدم فَأكْثر مَا تسْتَعْمل الشّرطِيَّة بِلَفْظ (إِن) فَإِنَّهَا مَوْضُوعَة لتعليق الْوُجُود بالوجود، وَحَيْثُ يسْتَثْنى نقيض التَّالِي فَأكْثر مَا يُؤْتى ب (لَو) فَإِنَّهَا وضعت لتعليق الْعَدَم بِالْعدمِ، وَهَذَا يُسمى قِيَاس الْخلف، وَهُوَ إِثْبَات الْمَطْلُوب بِإِبْطَال نقيضه لقولنا: (شريك الْبَارِي غير مَوْجُود) لِأَنَّهُ لَو وجد إِمَّا أَن يكون وَاجِبا أَو مُمكنا، وَالْأول بَاطِل، وَإِلَّا يلْزم تعدد الْوَاجِب، وَكَذَا الثَّانِي وَإِلَّا يلْزم احْتِيَاجه إِلَى الْغَيْر، لَكِن احْتِيَاجه إِلَى الْغَيْر بَاطِل ضَرُورَة أَنه فرض شركته مَعَ الْوَاجِب فِي الواجبية، فَإِن اسْتثِْنَاء نقيض التَّالِي هَهُنَا بِحَسب الْوُقُوع على الْفَرْض الْمَذْكُور، لَا بِحَسب الْوُقُوع مُطلقًا، إِذْ لَا شريك لَهُ تَعَالَى فِي الْوَاقِع، [الْقيَاس الْمركب] : وَمن الْقيَاس قسم يُسمى بِالْقِيَاسِ الْمركب، فَإِنَّهُ يركب من مُقَدمَات تنْتج مقدمتان مِنْهَا نتيجته، وَهِي مَعَ الْمُقدمَة الأولى نتيجة أُخْرَى وهلم جرا إِلَى أَن يحصل الْمَطْلُوب [قِيَاس الْمُنْفَصِل] : وَمَا كَانَ مؤلفا من قضايا مُنْفَصِلَة وَهِي المتعاندة يُسمى قِيَاس الْمُنْفَصِل [قِيَاس الدَّلِيل] : وَالْأَكْثَر فِي مخاطبات الْفُقَهَاء اسْتِعْمَال قِيَاس الدَّلِيل الَّذِي هُوَ حذف صغراه نَحْو: (الأصدقاء ناصحون) حذرا عَن التَّطْوِيل كَون قِيَاس الضَّمِير الَّذِي حذف كبراه لوضوحها وَاسْتعْمل فِي مخاطبات النَّاس [الْقيَاس الجزئي الحاجي] : وَمن الْقيَاس قسم أَيْضا يُسمى الجزئي الحاجي: وَهُوَ مَا تَدْعُو الْحَاجة إِلَى مُقْتَضَاهُ، أَو إِلَى خِلَافه إِذْ لم يرد نَص على وَفقه، أَو على خِلَافه فَالْأول كَصَلَاة الْإِنْسَان على من مَاتَ من الْمُسلمين فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا وغسلوا وكفنوا فِي ذَلِك الْيَوْم، فَإِن الْقيَاس يَقْتَضِي جَوَازهَا وَعَلِيهِ الرؤياني لِأَنَّهَا صَلَاة على غَائِب، وَالْحَاجة دَاعِيَة لذَلِك لنفع الْمُصَلِّي والمصلى عَلَيْهِ، وَلم يرد من الشَّارِع نَص على وَفقه

وَالثَّانِي كضمان الدَّرك: وَهُوَ ضَمَان الثّمن للْمُشْتَرِي إِن خرج الْمَبِيع مُسْتَحقّا، فَإِن الْقيَاس يَقْتَضِي مَنعه، لِأَنَّهُ ضَمَان مَا لم يجب، وَقد صنع قوم هَذَا الْقسم من الْقيَاس، وَوجه الْمَنْع فِي الشقين اكْتِفَاء الشَّرْع فِي بَيَان مَا تعم الْحَاجة إِلَيْهِ وتشتد وتتكرر بِقِيَاس جزئي مُوَافق مُقْتَضَاهُ عُمُوم الْحَاجة أَو مخالفه تعبدا والمجيز يمْنَع ذَلِك ويتمسك بِعُمُوم أَدِلَّة الْقيَاس وَأما قِيَاس الْمَعْنى: فَهُوَ أَن يبين أَن الحكم فِي الأَصْل مُعَلل بِالْمَصْلَحَةِ الْفُلَانِيَّة، ثمَّ يبين أَن تِلْكَ الْمصلحَة قَائِمَة فِي الْفَرْع فَيجب أَن يحصل فِيهِ مثل حكم الأَصْل وَأما قِيَاس الشُّبْهَة: فَهُوَ أَن تقع صُورَة وَاحِدَة بَين صُورَتَيْنِ مختلفتين فِي الحكم، ثمَّ كَانَت مشابهته لأحد الطَّرفَيْنِ أَكثر مشابهة للطرف الآخر فيستدل بِكَثْرَة المشابهة على حُصُول الْمُسَاوَاة فِي الحكم، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيَّة بِوُجُوب النِّيَّة فِي الْوضُوء، لكَون المشابهة بَينه وَبَين التَّيَمُّم أَكثر من المشابهة بَين الْوضُوء وَبَين غسل الثَّوْب عَن النَّجَاسَات وَقِيَاس التَّمْثِيل: هُوَ الحكم على جزئي بِمَا حكم بِهِ على غَيره وَمنع أَبُو حنيفَة الْقيَاس فِي أَرْبَعَة: فِي الْحُدُود: كقياس النباش على السَّارِق فِي وجوب الْقطع بِجَامِع أَخذ المَال من حرز خُفْيَة وَالْكَفَّارَات: كقياس الْقَاتِل عمدا على الْقَاتِل خطأ فِي وجوب الْكَفَّارَة بِجَامِع الْقَتْل بِغَيْر حق والرخص: كقياس غير الْحجر من كل جامد طَاهِر قالع غير مُحْتَرم فِي جَوَاز الِاسْتِنْجَاء بِهِ على الْحجر الَّذِي هُوَ رخصَة بِجَامِع الجمود وَالطَّهَارَة والقلع والتقديرات: كقياس نَفَقَة الزَّوْجَة على الْكَفَّارَة فِي تقديرها على الْمُوسر بمدين كَمَا فِي فديَة الْحَج، والمعسر بِمد كَمَا فِي كَفَّارَة الوقاع بِجَامِع أَن كلا مِنْهُمَا مَال يجب بِالشَّرْعِ ويستقر فِي الذِّمَّة وأصل التَّفَاوُت مَأْخُوذ من قَوْله تَعَالَى: {لينفق ذُو سَعَة من سعته} (وَقَول الصَّحَابِيّ إِذا كَانَ فَقِيها يقدم على الْقيَاس) الْقصر: هُوَ لُغَة مصدر (قصرت) : بِمَعْنى منعت، وَمِنْه {قاصرات الطّرف} أَو بِمَعْنى حبست وَمِنْه: {حور مقصورات فِي الْخيام} وَسمي الْبَيْت المنيف قصرا لقُصُور النَّاس عَن الارتقاء إِلَيْهِ، أَو الْعَامَّة عَن بِنَاء مثله، أَو لاقتصاره على بقْعَة من الأَرْض بِخِلَاف بيُوت الشّعْر والعمد، أَو يقصر من فِيهِ أَي: يحبس وَقصر الصَّلَاة: من (قصر) كَطَلَب: حبس وَترك الْبَعْض وضد طَال: من (قصر) ككرم، وَمِنْه الِاسْم الْمَقْصُور وأقصر عَن الْكَلَام: تَركه وَهُوَ يقدر عَلَيْهِ، وَقصر إِذا تَركه وَهُوَ لَا يقدر عَلَيْهِ وقصره إِلَى الْأَمر: رده إِلَيْهِ، كَمَا فِي " الراموز " وَقصر على كَذَا: لم يُجَاوز بِهِ إِلَى غَيره وَالْقصر فِي الِاصْطِلَاح: جعل أحد طرفِي النِّسْبَة فِي الْكَلَام سَوَاء كَانَت إسنادية أَو غَيرهَا مَخْصُوصًا

بِالْآخرِ، بِحَيْثُ لَا يتجاوزه، إِمَّا على الْإِطْلَاق أَو بِالْإِضَافَة بطرق معهودة وَالْقصر: أَعنِي بِهِ تَخْصِيص شَيْء بِشَيْء قد يكون بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَمِيع مَا عداهُ وَيُسمى قصرا حَقِيقِيًّا وَقد يكون بِالنِّسْبَةِ إِلَى بعض مَا عداهُ: وَيُسمى قصرا إضافيا والإضافي يَنْقَسِم إِلَى قصر إِفْرَاد وقلب وَتَعْيِين، فقولنا: (مَا قَامَ إِلَّا زيد) لمن اعْتقد أَن الْقَائِم هَل هُوَ زيد أَو عَمْرو: كِلَاهُمَا قصر إِفْرَاد وَلمن اعْتقد أَن الْقَائِم عَمْرو لَا زيد: قصر قلب وَلمن تردد أَن الْقَائِم هَل هُوَ زيد أَو عَمْرو: قصر تعْيين وكل مَادَّة تصلح مِثَالا لقصر الْإِفْرَاد أَو الْقلب تصلح مِثَالا لقصر التَّعْيِين من غير عكس وكل مِثَال يصلح للتقوى مثل: (أَنْت لَا تكذب) يصلح للقصر، وَكَذَا عَكسه، وَأَن التَّقْوَى لَازم للقصر التقديمي بِلَا عكس وَقد يُسْتَفَاد من الْكَلَام تَخْصِيص شَيْء بِشَيْء كلفظة الِاخْتِصَاص فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالله يخْتَص برحمته من يَشَاء} وكاللام الجارة الْمَوْضُوعَة لاخْتِصَاص الْمُضَاف بالمضاف إِلَيْهِ كَمَا فِي (الْحَمد لله) وَهَذَا لَا يخل بحصر طرق الْقصر فِي الْأَرْبَعَة، فَإِنَّهُم جعلُوا الْقصر بِحَسب الِاصْطِلَاح عبارَة عَن تَخْصِيص يكون بطرِيق من الطّرق الْأَرْبَعَة، وَلَا مشاحة فِي الِاصْطِلَاح وَأما قَوْله تَعَالَى: {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} الْقصر فِيهِ بِتَقْدِيم الْمَفْعُول، وَلَا يَصح شَيْء فِيهِ مِمَّا قد قصروا من الْإِفْرَاد وَالْقلب وَالتَّعْيِين، نعم إِلَّا أَن هَذِه الْأَقْسَام لَا تجْرِي فِي الْقصر الْحَقِيقِيّ، وَإِنَّمَا هِيَ أَقسَام لغير الْحَقِيقِيّ وَلَو سلم جريانها فِي الْحَقِيقِيّ أَيْضا لكنه فِيمَا إِذا كَانَ الْمُخَاطب مِمَّن يَصح عَلَيْهِ الْخَطَأ والتردد، لَا فِي مثل {إياك نعْبد} كَمَا صرح بِهِ السَّيِّد الشريف والعطف ب (لَا) وب (بل) وب (لَكِن) مُخْتَصّ بِالْقصرِ وَالِاسْتِثْنَاء و (إِنَّمَا) والتقديم مُشْتَركَة بَينه وَبَين غَيره وَأما الْفَصْل والتعريف فَإِنَّهُمَا مختصان بالمبتدأ وَالْخَبَر وَالْقصر الْمُسْتَفَاد من تَقْدِيم مَا حَقه التَّأْخِير يكون إضافيا على مَا يدل عَلَيْهِ كَلَام صَاحب " الْمِفْتَاح " وَغَيره وَاعْلَم أَن أهل اللِّسَان كثيرا مَا يقصدون بتعريف أحد طرفِي الْكَلَام قصره على الطّرف الآخر، سَوَاء كَانَ التَّعْرِيف بِاللَّامِ أَو بِالْإِضَافَة أَو بالموصولية وَسَوَاء كَانَ للْجِنْس أَو للاستغراق أَو الْعَهْد ذهنيا أَو خارجيا وَوجه قصدهم بِهِ إِيَّاه إعطاؤهم التَّعْرِيف حكم ضمير الْفَصْل، لِأَن تَعْرِيف كل من الطَّرفَيْنِ شَرط لضمير الْفَصْل، فَحَيْثُ طَوَوْا ذكر الْمَشْرُوط أعْطوا حكمه لشرطه الْمَذْكُور الْقُوَّة: هِيَ كَون الشَّيْء مستعدا لِأَن يُوجد وَلم يُوجد وَالْفِعْل: كَون الشَّيْء خَارِجا من الاستعداد إِلَى الْوُجُود وَالْقُوَّة أَيْضا: هِيَ مبدأ التَّغَيُّر فِي آخر من حَيْثُ هُوَ آخر] وَالْقُوَّة الْقَرِيبَة لَا تُوجد مَعَ الْفِعْل، وَلَا يلْزم اجْتِمَاع النقيضين

وَلَفظ الْقُوَّة وضع أَولا لما بِهِ يتَمَكَّن الْحَيَوَان من أَفعَال شاقة، ثمَّ نقل إِلَى مبدئه وَهِي الْقُدْرَة وَهِي صفة بهَا يتَمَكَّن الْحَيَوَان من الْفِعْل وَالتّرْك وَإِلَى لَازمه: وَهُوَ أَن لَا ينْفَصل ثمَّ إِلَى وصف المؤثرية الَّذِي هُوَ كجنس الْقُدْرَة وَهُوَ الَّذِي عرفوه بِأَنَّهُ مبدأ التَّغَيُّر من شَيْء فِي غَيره من حَيْثُ هُوَ غَيره وَإِلَى لَازم الْقُدْرَة: وَهُوَ إِمْكَان حُصُول الشَّيْء بِدُونِ الْحُصُول وَهُوَ مُقَابل للحصول بِالْفِعْلِ وَالْقُوَّة فِي الْبدن نَحْو: {من أَشد منا قُوَّة} وَفِي الْقلب: {يَا يحى خُذ الْكتاب بِقُوَّة} وَفِي المعاون من خَارج نَحْو: {نَحن أولو قُوَّة أولو بَأْس شَدِيد} وَفِي الْقُدْرَة الإلهية نَحْو: {إِن الله قوي عَزِيز} ، {هُوَ الرَّزَّاق ذُو الْقُوَّة المتين} وَاعْلَم أَن الله سُبْحَانَهُ قد ركب فِي الْإِنْسَان ثَلَاث قوى: إِحْدَاهَا: مبدأ إِدْرَاك الْحَقَائِق، والشوق إِلَى النّظر فِي العواقب، والتمييز بَين الْمصَالح والمفاسد وَالثَّانيَِة: مبدأ جذب الْمَنَافِع، وَطلب الملاذ من المآكل والمشارب وَغير ذَلِك وَالثَّالِثَة: مبدأ الْإِقْدَام على الْأَهْوَال، والشوق إِلَى التسلط والترفع وَتسَمى الأولى: بِالْقُوَّةِ النطقية والعقلية وَالنَّفس المطمئنة والملكية وَالثَّانيَِة: بِالْقُوَّةِ الشهوية والبهيمية وَالنَّفس الأمارة وَالثَّالِثَة: بِالْقُوَّةِ الغضبية والسبعية وَالنَّفس اللوامة وَيحدث من اعْتِدَال الْحَرَكَة الأولى: الْحِكْمَة وَالثَّانيَِة: الْعِفَّة وَالثَّالِثَة: الشجَاعَة فأمهات الْفَضَائِل هِيَ هَذِه الثَّلَاث، وَمَا سوى ذَلِك إِنَّمَا هُوَ من تفريعاتها وتركيباتها وَلكُل مِنْهَا طرفا إفراط وتفريط هما رذيلتان وَالْمرَاد بالحكمة هَهُنَا: ملكة تصدر عَنْهَا أَفعَال متوسطة بَين أَفعَال الجربذة والبلاهة، لَا الْحِكْمَة الَّتِي جعلت سمة للحكمة النظرية لِأَنَّهَا بِمَعْنى الْعلم بالأمور الَّتِي وجودهَا من أفعالنا وَأما القوى الدراكة الْخمس الْمرتبَة الَّتِي ينوط بهَا المعاش والمعاد فَهِيَ الحاسة الَّتِي تدْرك المحسوسات بالحواس الْخمس والخيالية الَّتِي تحفظ صور تِلْكَ المحسوسات لتعرضها على الْقُوَّة الْعَقْلِيَّة مَتى شَاءَت والعقلية: الَّتِي تدْرك الْحَقَائِق الْكُلية والمفكرة: الَّتِي تؤلف المعقولات لتستنتج مِنْهَا علم مَا لم يعلم وَالْقُوَّة المتخيلة: الَّتِي من شَأْنهَا تركيب الصُّور إِذا ركبت صُورَة، فَرُبمَا انطبعت فِي الْحس الْمُشْتَرك فَصَارَت مُشَاهدَة لَهَا على حسب مُشَاهدَة الصُّور الخارجية وَمن طبائع المتخيلة: التَّصْوِير والتشبيه دَائِما حَتَّى لَو خليت وطباعها لما فترت عَن هَذَا الْفِعْل مَا لم يمْنَع مَانع مِنْهُ، وَهُوَ توارد الصُّور من الْخَارِج، وتسلط الْعقل أَو الْوَهم، وَلَا تستقل المتخيلة بِنَفسِهَا فِي رُؤْيَة الْمَنَام، بل تفْتَقر إِلَى رُؤْيا الْقُوَّة

والمفكرة والحافظة وَسَائِر القوى الْعَقْلِيَّة فَمن رأى كَأَن أسدا قد تخطى إِلَيْهِ وتمطى ليفترسه، فالقوة المفكرة تدْرك مَاهِيَّة سبع، والذاكرة تدْرك افتراسه وبطشه والحافظة تدْرك حركاته وهيآته، والمخيلة هِيَ الَّتِي رَأَتْ ذَلِك جَمِيعه وتخيلته وَالْقُوَّة الْعَقْلِيَّة بِاعْتِبَار إدراكاتها للكليات تسمى الْقُوَّة النظرية وَبِاعْتِبَار استنباطها للصناعات الفكرية من أدلتها بِالرَّأْيِ تسمى الْقُوَّة العملية وَالْقُوَّة القدسية: وَهِي الَّتِي تتجلى فِيهَا لوائح الْغَيْب وأسرار الملكوت مُخْتَصَّة بالأنبياء والأولياء وَقد تنْسب إِلَى الْملك وَتسَمى الْقُوَّة الملكية، وَهِي ملكة الِاتِّصَال بالحضرات القدسية وَهِي مَوَاطِن المجردات القاهرات وَيَنْبَغِي أَن تسْتَعْمل هَذِه فِي الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَالْقُوَّة النظرية: غايتها معرفَة الْحَقَائِق كَمَا هِيَ عَلَيْهِ بِقدر الطَّاقَة البشرية وَالْقُوَّة العلمية: كمالها الْقيام بالأمور على مَا يَنْبَغِي تحصيلا لسعادة الدَّاريْنِ والقوى الْحَالة فِي الْبدن: كالنامية والهاضمة والدافعة وَغَيرهَا وَالْقُوَّة الواهمة: حَالَة فِي الدِّمَاغ وَالْقُوَّة الغضبية: فِي يَمِين الْقلب، والشهوية فِي يسَاره وَقَوي النَّفس الحيوانية تسمى قوى نفسانية ومسكنها ومصدر أفعالها الدِّمَاغ 0 والتخيل مَوْضِعه البطنان المقدمان من بطُون الدِّمَاغ والفكر مَوْضِعه الْبَطن الْأَوْسَط من بطونه وَالْحِفْظ مَوْضِعه الْمُؤخر من الْبُطُون وَقد تقرر فِي علمه أَن للدماغ فِي طوله ثَلَاثَة بطُون، وكل بطن فِي عرضه ذُو جرمين: فالبطن الأول يعين على الِاسْتِنْشَاق، وعَلى نفض الْفضل بالعطاس، وعَلى توزيع أَكثر الرّوح الحساس والبطن الْمُؤخر مبدأ النخاع، وَمِنْه يتوزع أَكثر الرّوح المتحرك، وَهُنَاكَ أَفعَال الْقُوَّة الحافظة والأوسط كدهليز بَينهمَا، وَبِه يتَأَدَّى الأمشاج المبددة وتولد هَذَا الرّوح النفساني الَّذِي يكون بِهِ هَذِه الْأَفْعَال الَّتِي ذَكرنَاهَا من الرّوح الحيواني الَّذِي يتَوَلَّد فِي الْقلب وَذَلِكَ أَن عرقين يصعدان إِلَى الدِّمَاغ من الْقلب، فَإِذا صَارا تَحت الدِّمَاغ انقسما أقساما كَثِيرَة تتشبك تِلْكَ الْأَقْسَام وَتصير كالشبكة، فَلَا يزَال الرّوح الحيواني يَدُور فِي ذَلِك التشبيك حَتَّى يرق ويلطف وقوى النَّفس النباتية، تسمى قُوَّة طبيعية، وَالْقُوَّة الطبيعية لَهَا نَوْعَانِ: نوع غَايَته حفظ الشَّخْص وتدبيره، وَهُوَ الْمُتَصَرف فِي أَمر الْغذَاء ومسكنه، ومصدر أفعالها الكبد وَنَوع غَايَته حفظ النَّوْع: وَهُوَ الْمُتَصَرف فِي أَمر التناسل ليفصل بَين أمشاج الْبدن جَوْهَر الْمَنِيّ، ثمَّ يصوره بِإِذن خالقه ومسكن هَذَا النَّوْع ومصدر أَفعاله الانثيان وَالْقُوَّة الحيوانية: الَّتِي تدبر أَمر الرّوح الَّذِي هُوَ يركب الْحس وَالْحَرَكَة، ويهيئه لقبوله إِيَّاهَا ومسكن هَذِه الْقُوَّة ومصدر أفعالها الْقلب هَذَا هُوَ مَذْهَب جالينوس وَكثير من الْأَطِبَّاء وَأما مَذْهَب أرسطاطاليس فَهُوَ أَن مبدأ جَمِيع الْقُوَّة الْقلب، كَمَا أَن مبدأ الْحس الدِّمَاغ، ثمَّ لكل حاسة عُضْو مُنْفَرد يظْهر فعله، وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيق

الْقُرْآن: ذهب بعض النَّاس إِلَى أَن الْقُرْآن هُوَ اسْم علم غير مُشْتَقّ خَاص بِكَلَام الله، فَهُوَ غير مَهْمُوز، وَبِه قَرَأَ ابْن كثير، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن الشَّافِعِي أخرج الْبَيْهَقِيّ والخطيب وَغَيرهمَا عَنهُ أَنه كَانَ يهمز (قراآت) وَلَا يهمز (الْقُرْآن) وَيَقُول: إِنَّه اسْم وَلَيْسَ بمهموز وَذهب قوم مِنْهُم الْأَشْعَرِيّ أَنه مُشْتَقّ من (قرنت الشَّيْء بالشَّيْء) إِذا ضممت أَحدهمَا إِلَى الآخر، وَالصَّحِيح أَن ترك الْهمزَة من بَاب التَّخْفِيف وَقَالَ بعض الْفُضَلَاء: الْقُرْآن فِي الأَصْل مصدر (قَرَأت الشَّيْء قُرْآنًا) بِمَعْنى جمعته، أَو قَرَأت الْكتاب قِرَاءَة أَو قُرْآنًا بِمَعْنى تلوته ثمَّ نَقله الْعرف إِلَى الْمَجْمُوع الْمَخْصُوص والمتلو الْمَخْصُوص: وَهُوَ كتاب الله الْمنزل على مُحَمَّد، وَنَقله أهل الْأُصُول إِلَى الْقدر الْمُشْتَرك بَين الْكل والجزء ثمَّ نَقله أهل الْكَلَام إِلَى مَدْلُول المقروء، وَهُوَ الْكَلَام الأزلي الْقَائِم بِذَاتِهِ الْمنَافِي للسكوت والآفة وَقَالَ بَعضهم: الْقُرْآن لُغَة: اسْم لكل مقروء إِذا نكر وَشرعا: اسْم لهَذَا الْمنزل الْعَرَبِيّ إِذا عرف بِاللَّامِ فعلى هَذَا يُطلق على كل آيَة وَلَو قصرت وَعرفا: اسْم لهَذَا الْمنزل الْعَرَبِيّ المعجز، فَلَا يُطلق إِلَّا على سُورَة أَو آيَة مثلهَا وَفِي " التَّلْوِيح " هُوَ فِي الْعرف الْعَام: اسْم لهَذَا الْمَجْمُوع عِنْد الْأُصُولِيَّة، وضع تَارَة للمجموع، وَتارَة لما يعم الْكل وَالْبَعْض، فَيكون الْقُرْآن حَقِيقَة فيهمَا بِاعْتِبَار وضع وَاحِد وَالْقُرْآن شَائِع الِاسْتِعْمَال فِي اللَّفْظ، وَكَلَام الله تَعَالَى حَقِيقَة فِي الْمَعْنى النَّفْسِيّ، ومجاز فِي اللَّفْظ الدَّال عَلَيْهِ [وَقَالَ بَعضهم: الْقُرْآن علم للْكتاب، وَهُوَ مَعَ انطلاقه على الْمَعْنى الْقَائِم بِالذَّاتِ أشهر من الْكتاب، فَيجوز تَفْسِيره بِهِ، وَلكنه بِمَنْزِلَة الْعلم الْمُشْتَرك فَيصح تَقْيِيده لإِزَالَة الِاشْتِرَاك أَو لإِزَالَة وهم الْمجَاز عَنهُ] وَاخْتلف فِي لفظ الْقُرْآن قَالَ قوم: إِنَّه تَعَالَى خلقه فِي اللَّوْح لقَوْله تَعَالَى: {بل هُوَ قُرْآن مجيد فِي لوح مَحْفُوظ} وَقَالَ قوم آخر: إِنَّه لفظ جِبْرِيل لقَوْله تَعَالَى: {إِنَّه لقَوْل رَسُول كريم} وَقوم آخر: إِنَّه لفظ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام لقَوْله تَعَالَى {نزل بِهِ الرّوح الْأمين على قَلْبك} [وَلَيْسَ معنى كَونه منزلا أَنه منتقل من مَكَان إِلَى مَكَان بل مَعْنَاهُ أَنه مَا فهمه سيدنَا جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من كَلَامه تَعَالَى عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى ينزل بتفهيمه للأنبياء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام إِلَى بسيط الغبراء فَيكون اللَّفْظ لفظ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْأول مِنْهَا أقرب إِلَى الْكَمَال وَالْعَظَمَة وَأولى بِكَلَام الله وَكَونه معجزا]

وأختلف أَيْضا فِي أَن الْقُرْآن الْحَقِيقِيّ مَاذَا هُوَ؟ فَنحْن نقُول: إِنَّه الْمَعْنى الْقَائِم بِالنَّفسِ والخصم يَقُول: إِنَّه حُرُوف وأصوات أوجدها الله، وَعند وجودهَا انعدمت وَانْقَضَت، وَأَن مَا أَتَى بِهِ الرَّسُول وَمَا نتلوه نَحن لَيْسَ هُوَ ذَاك، وَإِنَّمَا هُوَ مِثَاله على نَحْو قراءتنا لشعر المتنبي وامرىء الْقَيْس، فَإِن مَا يجْرِي على ألسنتنا لَيْسَ هوكلام امرىء الْقَيْس وَإِنَّمَا هُوَ مثله، وَإِنَّمَا نَشأ هَذَا الْخبط من جِهَة اشْتِرَاك لفظ الْقُرْآن، فَإِنَّهُ قد يُطلق على المقروء، وَقد يُطلق على الْقِرَاءَة الَّتِي هِيَ حُرُوف وأصوات وَالْعرب قد تطلق اسْم الْكَلَام على الْمَعْنى تَارَة، وعَلى الْعبارَة أُخْرَى يَقُولُونَ: هَذَا كَلَام، حسن صَحِيح إِذا كَانَ مُسْتَقِيمًا وَإِن كَانَت الْعبارَة ركيكة، أَو ملحونة، أَو مخبطة وَيَقُولُونَ أَيْضا عِنْد كَون الْعبارَة معربة صَحِيحَة: هَذَا كَلَام حسن صَحِيح وَإِن كَانَ الْمَعْنى فِي نَفسه فَاسِدا لَا حَاصِل لَهُ وَالْأمة من السّلف مجمعة على أَن الْقُرْآن كَلَام الله تَعَالَى، وَهُوَ مُنْتَظم من الْحُرُوف والأصوات، ومؤلف ومجموع من سور وآيات، مقروء بألسنتنا، مَحْفُوظ فِي صدورنا، مسطور فِي مَصَاحِفنَا، ملموس بِأَيْدِينَا، مسموع بآذاننا، مَنْظُور بأعيننا، وَلذَلِك وَجب احترام الْمُصحف وتبجيله حَتَّى لَا يجوز للمحدث مَسّه وَلَا القربان إِلَيْهِ، وَلَا يجوز للْجنب تِلَاوَته، فَلَمَّا وَقع الِاشْتِرَاك فِي الِاسْم لم يَقع التوارد بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَات على مَحل وَاحِد، فَإِن مَا أثبتوه معْجزَة لَا يثبت لَهُ الْقدَم، وَمَا أثبتنا لَهُ الْقدَم لَا يثبتونه معْجزَة، وَلَا يُنكر أَن الْقُرْآن الْقَدِيم مَكْتُوب ومحفوظ ومسموع ومتلو بِمَعْنى أَنه قد حصل فِيهَا مَا هُوَ دَال عَلَيْهِ، وَهُوَ مَفْهُوم مِنْهُ وَمَعْلُوم فالقديم غير الْمَخْلُوق هُوَ الصّفة البسيطة الْقَائِمَة بِذَاتِهِ تَعَالَى الَّتِي هِيَ مبدأ للألفاظ، وَالتَّابِع الْمُتَأَخر وَهُوَ الْحِكَايَة لَيْسَ إِلَّا لفظ الْحِكَايَة، وَهُوَ حَادث ومخلوق [فَإِن قلت: الْقُرْآن إِذا كَانَ قَدِيما فَكيف يَصح كَونه معْجزَة للرسول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إِذْ الْمُقَارنَة للتحدي من شَرَائِط المعجزة، قلت: كفى فِي ذَلِك ظُهُور المعجزة مُقَارنًا لِلْقُرْآنِ على مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: {هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب} وَاعْلَم أَن الْقُرْآن وَاحِد شخصي قديم قَائِم بِذَات الله تَعَالَى، لَا تعدد فِيهِ أصلا وَإِنَّمَا التَّعَدُّد فِي الْقرَاءَات الْمُتَعَلّقَة بِهِ، وَالْجُمْهُور على أَن الْقُرْآن لفظ مُشْتَرك بَين الْمَعْنى النَّفْسِيّ الْقَائِم بِذَاتِهِ تَعَالَى وَهُوَ وَاحِد شخصي وَبَين الْأَلْفَاظ الْمَخْصُوصَة الْمرتبَة ترتيبا مَخْصُوصًا ثمَّ اخْتلفُوا فَقيل: هُوَ اسْم لهَذَا المقروء الْمَخْصُوص الْقَائِم بِأول لِسَان اخترعه الله فِيهِ وَالأَصَح أَنه اسْم لَهُ لَا من حَيْثُ تعْيين الْمحل فَيكون وَاحِدًا بالنوع وَيكون مَا يَقْرَؤُهُ الْقَارئ نَفسه لَا مثله] وَقد نسب القَوْل فِي قَوْله تَعَالَى، {إِنَّه لقَوْل رَسُول كريم وَمَا هُوَ بقول شَاعِر} إِلَى الرَّسُول فَإِن القَوْل الصَّادِر إِلَيْك عَن الرَّسُول يبلغهُ إِلَيْك غير

مُرْسل لَهُ فَيصح أَن ينْسبهُ تَارَة إِلَى الرَّسُول وَتارَة إِلَى الْمُرْسل، فعلى هَذَا هَل يَصح أَن ينْسب الشّعْر وَالْخطْبَة إِلَى راويهما كَمَا ينسبان إِلَى صانعهما؟ قيل يَصح أَن يُقَال للشعر: هُوَ قَول الرَّاوِي، وَلَا يَصح أَن يُقَال: هُوَ شعره وخطبته، لِأَن الشّعْر يَقع على القَوْل إِذا كَانَ على صُورَة مَخْصُوصَة، وَتلك السُّورَة لَيْسَ للراوي فِيهَا شَيْء، وَالْقَوْل هُوَ قَول الرَّاوِي كَمَا هُوَ قَول الْمَرْوِيّ عَنهُ وَالْقُرْآن: مَا كَانَ لَفظه وَمَعْنَاهُ من عِنْد الله بِوَحْي جلي وَأما الحَدِيث الْقُدسِي: فَهُوَ مَا كَانَ لَفظه من عِنْد الرَّسُول، وَمَعْنَاهُ من عِنْد الله بالإلهام أَو بالمنام قَالَ بَعضهم: الْقُرْآن لفظ معجز ومنزل بِوَاسِطَة جِبْرِيل والْحَدِيث الْقُدسِي: غير معجز وَبِدُون الْوَاسِطَة وَمثله كَمَا يُسمى بِالْحَدِيثِ الْقُدسِي يُسمى أَيْضا الإلهي والرباني وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: الْقُرْآن هُوَ اللَّفْظ الْمنزل بِهِ جِبْرِيل على النَّبِي والْحَدِيث الْقُدسِي: إِخْبَار الله مَعْنَاهُ بالإلهام أَو بالمنام، فَأخْبر النَّبِي أمته بِعِبَارَة نَفسه، وَسَائِر الْأَحَادِيث لم يضفها إِلَى الله تَعَالَى، وَلم يروها عَنهُ تَعَالَى وَالْحَاصِل أَن الْقُرْآن والْحَدِيث يتحدان فِي كَونهمَا وَحيا منزلا من عِنْد الله بِدَلِيل: {إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} إِلَّا أَنَّهُمَا يتفارقان من حَيْثُ إِن الْقُرْآن هُوَ الْمنزل للإعجاز والتحدي بِهِ بِخِلَاف الحَدِيث، وَإِن أَلْفَاظ الْقُرْآن مَكْتُوبَة فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ، وَلَيْسَ لجبريل عَلَيْهِ السَّلَام وَلَا للرسول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَن يتصرفا فِيهَا أصلا [ثمَّ أنزل جملَة من اللَّوْح الْمَحْفُوظ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا وَأمر السفرة الْكِرَام بانتساخه، ثمَّ نزل إِلَى الأَرْض نجوما فِي ثَلَاث وَعشْرين سنة] وَأما الْأَحَادِيث فَيحْتَمل أَن يكون النَّازِل على جِبْرِيل معنى صرفا فَكَسَاهُ حلَّة الْعبارَة، وَبَين الرَّسُول بِتِلْكَ الْعبارَة أَو ألهمه كَمَا تلقفه فأعرب الرَّسُول بِعِبَارَة تفصح عَنهُ (وَالْقُرْآن والقراءات: حقيقتان متغايرتان. فالقرآن هُوَ الْوَحْي الْمنزل على مُحَمَّد للْبَيَان والإعجاز والقراءات اخْتِلَاف أَلْفَاظ الْوَحْي الْمَذْكُور فِي الْحُرُوف أَو كيفيتها من تَخْفيف وَتَشْديد وَغَيرهمَا وباختلاف الْقرَاءَات يظْهر الِاخْتِلَاف فِي الْأَحْكَام ولاختلاف الْقرَاءَات وتنوعها فَوَائِد، مِنْهَا التهوين والتسهيل وَالتَّخْفِيف على الْأمة وَمِنْهَا إِظْهَار فَضلهَا وشرفها على سَائِر الْأُمَم، إِذْ لم ينزل كتاب غَيرهم إِلَّا على وَجه وَاحِد وَمِنْهَا إِظْهَار سر الله فِي كِتَابه، وصيانته عَن التبديل مَعَ كَونه على هَذِه الْوُجُوه، وَغير ذَلِك من الْفَوَائِد الَّتِي ذكرهَا بعض الْمُتَأَخِّرين [حكى أَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي رَحمَه الله فِي آيَة إِذا قُرِئت بقراءتين قَوْلَيْنِ: أَحدهمَا أَن الله تَعَالَى قَالَ بهما جَمِيعًا وَالثَّانِي أَنه تَعَالَى قَالَ بِوَاحِدَة إِلَّا أَنه أذن بهما ثمَّ اخْتَار توسطا وَهُوَ أَنه إِن كَانَ لكل قِرَاءَة تَفْسِير يغاير الآخر فقد قَالَ بهما جَمِيعًا، وَتصير القراءتان بِمَنْزِلَة آيَتَيْنِ مثل: {حَتَّى يطهرن} وَإِن كَانَ تفسيرهما وَاحِدًا كالبيوت

والبيوت فَإِنَّمَا قَالَ بِإِحْدَاهُمَا وَأَجَازَ الْقِرَاءَة بهما لكل قَبيلَة على مَا تعود لسانهم] وَالْقُرْآن أنزل بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين، وَلَيْسَ المُرَاد أَنه أنزل بلغَة هِيَ فِي أصل وَضعهَا على لِسَان الْعَرَب، بل المُرَاد أَنه منزل بِلِسَان لَا يخفى مَعْنَاهُ على أحد من الْعَرَب، وَلم يسْتَعْمل فِيهِ لُغَة لم يتَكَلَّم الْعَرَب بهَا، فيصعب عَلَيْهِم مثله، فعجزهم عَن مثله لَيْسَ إِلَّا لمعجز وقرأت الْقُرْآن قِرَاءَة، وقروت إِلَيْهِ قروا: أَي قصدته واتبعته وقريت الضَّيْف أقرية قري بِالْكَسْرِ وَالْقصر، وبالفتح وَالْمدّ وَفُلَان قَرَأَ عَلَيْك السَّلَام وقرأك بِمَعْنى، وَلَا يُقَال أقرأه إِلَّا إِذا كَانَ السَّلَام مَكْتُوبًا وأقرأ الْقُرْآن فَهُوَ مقرئ وَيُقَال (قَرَأت سُورَة كَذَا) : إِذا قَرَأَهَا خَارج الصَّلَاة وَلَا يُقَال: (قَرَأت بِسُورَة كَذَا) إِلَّا إِذا قَرَأَهَا فِي الصَّلَاة فَإِن معنى قَوْله: " لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب " أَي لمن لم يَأْتِ بِهَذِهِ السُّورَة فِي جملَة مَا يقْرَأ بِهِ، فيشعر بِقِرَاءَة غَيرهَا من السُّور مَعهَا وَقَوله: " لَا يقْرَأن بالسور ": أَي لَا يتقربن بِقِرَاءَة السُّور وَلِهَذَا قَالَ السُّهيْلي: لَا يجوز أَن تَقول (وصل إِلَيّ كتابك فَقَرَأت بِهِ) لِأَنَّهُ عَار عَن معنى التَّقَرُّب والقرأة، كالغلبة جمع قَارِئ والقراء: المتنسك، وَالْجمع قراؤون (قَالَ ابْن الصّلاح فِي فَتَاوَاهُ: قِرَاءَة الْقُرْآن كَرَامَة أكْرم الله بهَا الْبشر وَقد ورد أَن الْمَلَائِكَة لم يُعْطوا ذَلِك، وَأَنَّهُمْ حريصون لذَلِك على استماعه من الْإِنْس) الْقرب: (قرب) قد يَجِيء من بَاب (علم) فَمَعْنَاه دنا، فيتعدى بِغَيْر صلَة وَمِنْه القربان، بِالْكَسْرِ: وَهُوَ الدنو، ثمَّ استعير للمجامعة وَقد يَجِيء من بَاب حسن، فَلَا يتَعَدَّى إِلَّا بِمن بِمَعْنى (إِلَى) وَقربت مِنْك أقرب قربا، وَمَا قربت، وَلَا أقْربك قربانا وَالْعرب تَقول: يقرب مِنْهُ وَإِلَيْهِ وَقد اطرد استعمالهم أفعل التَّفْضِيل من (قرب) بإلى لِئَلَّا يتَوَهَّم فِي أول الوهلة التباس (من) الصِّلَة ب (من) التفضيلية. وَقَوله تَعَالَى: {اعدلوا هُوَ أقرب للتقوى} لَام الِاخْتِصَاص فِيهِ تغني غناء صلَة الْقرب، وَهِي (من) فِي الْفِعْل، و (إِلَى) فِي أفعل التَّفْضِيل الْمُسْتَعْمل بِمن لدفع الالتباس كَمَا عرفت آنِفا والقرب يسْتَعْمل فِي الزَّمَان وَالْمَكَان وَالنِّسْبَة والحظوة وَالرِّعَايَة وَالْقُدْرَة والأولان مَعْنيانِ أصليان لَهُ، والبواقي مَأْخُوذَة مِنْهُمَا بِنَوْع تجوز، وَإِن كَانَ فِي بَعْضهَا حَقِيقَة عرفية والقرب فِي النّظم الْجَلِيل على وُجُوه: قرب الْإِجَابَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب} قرب الْعِصْمَة كَقَوْلِه: {وَنحن أقرب إِلَيْهِ من حَبل الوريد}

قرب الْمِنَّة كَقَوْلِه: {وَنحن أقرب إِلَيْهِ مِنْكُم} قرب الْوَعيد كَقَوْلِه: {واقترب الْوَعْد الْحق} قرب السُّؤَال كَقَوْلِه: {اقْترب للنَّاس حسابهم} قرب الطَّاعَة كَقَوْلِه: {واسجد واقترب} قرب الرَّحْمَة كَقَوْلِه: {إِن رَحْمَة الله قريب من الْمُحْسِنِينَ} قرب السَّاعَة كَقَوْلِه: {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر} وَاسْتشْكل فِي الْأَقْرَب فِي {كلمح بالبصر بل هُوَ أقرب} الْقرْبَة: مَا يتَقرَّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى بِوَاسِطَة غَالِبا، وَقد تطلق وَيُرَاد بهَا مَا يتَقرَّب بِهِ بِالذَّاتِ والقربى: تسْتَعْمل فِي الْأَرْحَام [وَالْمرَاد بالقربى فِي قَوْله تَعَالَى: {أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن الله خمسه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} قرب النُّصْرَة لَا قرب الْقَرَابَة على مَا بَينه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] والقريب من النّسَب يؤنث بِلَا خلاف وَمن الْمسَافَة يذكر وَيُؤَنث وَيُقَال فِي الْقرب النسبي: فلَان ذُو قَرَابَتي، وَهُوَ الصَّوَاب، وقريبي خطأ والقرب والبعد لَيْسَ لَهما حد مَحْدُود، وَإِنَّمَا ذَلِك بِحَسب اعْتِبَار الْمَكَان [وَلِهَذَا اسْتدلَّ إِمَام الْحَرَمَيْنِ على تَنْزِيه الْبَارِي عَن الْمَكَان بِحَدِيث: لَا تفضلُونِي على أخي يُونُس بن مَتى {وَنحن أقرب إِلَيْهِ من حَبل الوريد} أَي: فِي الِاعْتِقَاد] الْقسم، بِالْكَسْرِ: اسْم من الْقسم بِالْفَتْح لُغَة التجزئة وَعرفا: ضم مُخْتَصّ بمشترك وَالْقسم، بِالْفَتْح والسكون: إِفْرَاز النَّصِيب والتسوية بَين الزَّوْجَات فِي الْمَأْكُول والمشروب والملبوس والبيتوتة، لَا فِي الْمحبَّة وَالْوَطْء وَقد كَانَ رَسُول الله يقسم بَين نِسَائِهِ فيعدل وَيَقُول: " هَذِه قسمتي فِيمَا أملك، فَلَا تؤاخذني فِيمَا تملك وَلَا أملك " يَعْنِي الْحبّ وَالْجِمَاع وَيُقَال هَذَا يَنْقَسِم قسمَيْنِ: بِالْفَتْح إِذا أُرِيد الْمصدر، وبالكسر إِذا أُرِيد النَّصِيب أَو الْجُزْء من الشَّيْء الْمَقْسُوم وَالْقسم: شطر الشَّيْء [وَقسم الشَّيْء: مَا يكون مندرجا تَحْتَهُ، وأخص مِنْهُ كالاسم أَنه أخص من الْكَلِمَة ومندرج تحتهَا] وقسيم الشَّيْء: مَا يكون مُقَابلا للشَّيْء، ومندرجا تَحت شَيْء آخر كالاسم أَيْضا فَإِنَّهُ مُقَابل للْفِعْل ومندرج تَحت شَيْء آخر، وَهُوَ الْكَلِمَة الَّتِي أَعم مِنْهُمَا

وَالْقِسْمَة: بِالتَّاءِ: تَجِيء بِمَعْنى الْقسم بِلَا تَاء كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَن المَاء قسْمَة بَينهم} وَالْمرَاد: النَّصِيب وَالْقِسْمَة الفعلية: الْفَصْل والفك، سَوَاء كَانَ بِالْقطعِ أَو بِالْكَسْرِ وَمعنى قسْمَة الشَّيْء فرضا: حكم الْعقل وإذعانه بِأَن فِيهِ طرفا يتَمَيَّز عَن طرف وَهَذَا الحكم إِنَّمَا يتَعَلَّق بِمَا لَهُ حَظّ من الامتداد، وَهَذَا الْفَرْض غير الْفَرْض الْمَذْكُور فِي تَقْسِيم الْمحَال إِلَى مَا فَرْضه، وَنَفسه محَال، وَإِلَى مَا فَرْضه أَيْضا محَال وَالْقِسْمَة الوهمية: فرض شَيْء غير شَيْء وَالْقِسْمَة فِي مُخْتَلف الْأَجْزَاء: مُبَادلَة، وَفِي ذَوَات الْأَمْثَال: افراز وَالْقسم بِفتْحَتَيْنِ: اسْم من الإقسام وَهُوَ أخص من الْيَمين وَالْحلف الشاملين للشرطية الْآنِية [وحروف الْقسم الْبَاء وَالتَّاء وَالْوَاو، وَمَا وضع للقسم وَهُوَ (أيم الله) أَصله عِنْد الْبَصرِيين وَهُوَ مَذْهَب الْفراء (أَيمن الله) وَهُوَ جمع (يَمِين) حذف نونه من تخفيفات الْقسم وَعند الْكُوفِيّين وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ رَحمَه الله: كلمة وضعت للقسم لَا اشتقاق لَهَا، أَي لَا أصل لَهَا، والهمزة فِيهَا للوصل مِمَّا يُؤَدِّي معنى الْقسم قَوْلهم: (لعمر الله) وَاللَّام فِيهِ للابتداء أَو أُوثِرت الفتحة فِي الْقسم للتَّخْفِيف وَإِن كَانَت الضمة أعرف، وَخَبره مَحْذُوف وَتَقْدِيره (لبَقَاء الله أقسم بِهِ) كَأَنَّهُ قَالَ (وَالله الْبَاقِي وَالْأَصْل) فحروف الْقسم الْبَاء الَّتِي للإلصاق لِأَنَّهَا توصل الْفِعْل إِلَى اسْم الله الْمَحْلُوف بِهِ وتلصق بِهِ، وَهِي تدل على مَحْذُوف فَقَوْل الْقَائِل (بِاللَّه) مَعْنَاهُ: أقسم أَو أَحْلف بِاللَّه، وَالْوَاو قد استعيرت من الْبَاء للقسم لمناسبة بَينهمَا صُورَة لِاتِّحَاد مخرجهما وَمعنى لِأَن الْبَاء للإلصاق وَفِي الْعَطف إلصاق الْمَعْطُوف بالمعطوف عَلَيْهِ ثمَّ استعيرت التَّاء لِمَعْنى الْوَاو وتوسعة لصلات الْقسم لما بَينهمَا من الْمُنَاسبَة لِكَوْنِهِمَا من حُرُوف الزِّيَادَة وَالْبَاء لأصالتها تدخل على الْمظهر والمضمر، وَكَذَا يجوز دُخُولهَا على سَائِر الْأَسْمَاء وَالصِّفَات فَلم يكن لَهَا اخْتِصَاص فِي الْقسم لِأَنَّهَا حَقِيقِيَّة فِي الْقسم، وَالْوَاو لَا تدخل إِلَّا على الْمُضمر لَا يُقَال: (أَحْلف وَالله) فتنحط رتبته عَن رُتْبَة الأَصْل وَلما كَانَت التَّاء دخيلا على مَا لَيْسَ بِأَصْل فِي الْقسم انحطت رتبته عَنْهُمَا فَقيل: لَا يدْخل إِلَّا فِي مظهر وَاحِد وَهُوَ اسْم الله وَهُوَ الْمقسم بِهِ غَالِبا وَقد يحذف حرف الْقسم تَخْفِيفًا يُقَال: (الله لَأَفْعَلَنَّ) بِالنّصب عِنْد أهل الْبَصْرَة وَهُوَ الْأَصَح، وبالخفض عِنْد الْكُوفِيّين بِتَقْدِير الْجَار] وجوابات الْقسم سَبْعَة: إِن الشَّدِيدَة نَحْو: {وَالْفَجْر ... . إِن رَبك لبالمرصاد} و (مَا) النَّفْي نَحْو: {فوربك ... . مَا وَدعك رَبك} وَاللَّام الْمَفْتُوحَة نَحْو: {فوربك لنسألنهم أَجْمَعِينَ} وَإِن الْخَفِيفَة نَحْو: {تالله إِن كُنَّا لفي ضلال مُبين}

و (لَا) نَحْو: {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَا يبْعَث الله من يَمُوت} و (قد) نَحْو: {وَالشَّمْس ... . قد أَفْلح من زكاها} و (بل) نَحْو: {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد بل عجبوا} وَقد نظمته: (إِن ترد علما بنظم ضابطا ... سَبْعَة فاحفظ جَوَابا للقسم) (إِن مَا النَّفْي لَا قد بل وَإِن ... خففت مَفْتُوحَة اللَّام فتم) وَقَوله تَعَالَى: {وَالله يشْهد إِن الْمُنَافِقين لَكَاذِبُونَ} لما جَاءَ توكيدا للجزاء سمي قسما وَقد أقسم الله فِي الْقُرْآن فِي سَبْعَة مَوَاضِع: الْآيَة الْمَذْكُورَة وَقَوله: {إِي وربي} ، {قل بلَى وربي} ، {فوربك لنحشرنهم} ، {فوربك لنسألنهم} ، {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ} ، {فَلَا أقسم بِرَبّ الْمَشَارِق والمغارب} ، وَالْبَاقِي كُله قسم بمخلوقاته، وَالْغَالِب قسم على جملَة خبرية كَقَوْلِه: {فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْض إِنَّه لحق} وَأما الْقسم على جملَة طلبية فكقوله: {فوربك لنسألنهم أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يعْملُونَ} ، وَأكْثر مَا يحذف الْجَواب إِذا كَانَ فِي نفس الْمقسم بِهِ دلَالَة على الْمقسم عَلَيْهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {ص وَالْقُرْآن ذِي الذّكر} وَهَذَا يطرد فِي كل مَا شَأْنه ذَلِك كَقَوْلِه: {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} ، وَقَوله: {لَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة} ، {وَالْفَجْر} الْآيَات ثمَّ الْقسم قِسْمَانِ: ظَاهر كالآيات السَّابِقَة ومضمر وَهُوَ قِسْمَانِ أَيْضا: قسم دلّت عَلَيْهِ اللَّام نَحْو: {لتبلون فِي أموالك} وَقسم دلّ عَلَيْهِ الْمَعْنى نَحْو: {وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها} تَقْدِيره وَالله وَالْقِسْمَة أَعم من الْمُزَارعَة لِأَنَّهَا تجْرِي فِي الْعقار وَغَيره، والمزارعة تخص بالأراضي الْقدَم: هِيَ من تَحت الكعب إِلَى الْأَصَابِع خلقت آلَة للساق فِي " الْقَامُوس ": الصَّوَاب جَوَاز التَّذْكِير والتأنيث، وَالرجل مُؤَنّثَة والقدم أَيْضا: السَّابِقَة فِي الْأَمر وَفِي الحَدِيث

" حَتَّى يضع الْجَبَّار فِيهَا قدمه ": أَي الَّذين قدمهم من الأشرار فَإِنَّهُم قدم الله للنار، كَمَا أَن الأخيار قدمه إِلَى الْجنَّة وَوضع الْقدَم مثل للرَّدّ والقمع، أَي يَأْتِي لِجَهَنَّم أَمر يكفها عَن طلب الْمَزِيد وَقد يكون الْقدَم كِنَايَة عَن الْعَمَل الَّذِي يتَقَدَّم فِيهِ لَا يَقع فِيهِ تَأْخِير وَلَا إبطاء وَأطلق الْقدَم على هَذِه الْمعَانِي لما أَن السَّعْي والسبق لَا يحصل إِلَّا بالقدم فَسُمي الْمُسَبّب باسم السَّبَب، كَمَا سميت النِّعْمَة يدا لِأَنَّهَا تُعْطى بِالْيَدِ الْقَدِيم: هُوَ عبارَة عَمَّا لَيْسَ قبله زَمَانا شَيْء، وَقد يُقَال على مَا مر عَلَيْهِ حول وَلِهَذَا قَالُوا: من قَالَ: (كل عبد قديم لي فَهُوَ حر) يحمل على من مضى عَلَيْهِ عِنْده سنة وَقد يُطلق على الْمَوْجُود الَّذِي لَا يكون وجوده من الْغَيْر وَقد يُطلق أَيْضا على الْمَوْجُود الَّذِي لَيْسَ وجوده مَسْبُوقا بِالْعدمِ وَالْأول: هُوَ الْقَدِيم بِالذَّاتِ، (وَهُوَ الله سُبْحَانَهُ) ويقابله الْحَادِث بِالذَّاتِ وَالثَّانِي: هُوَ الْقَدِيم بِالزَّمَانِ، ويقابله الْمُحدث بِالزَّمَانِ [وَمَا ذهب الفلاسفة وَبَعض قدماء أَصْحَابنَا إِلَى أَن الْقَدِيم هُوَ الْمَوْصُوف الَّذِي لَا أول لوُجُوده مدحول من وَجْهَيْن: الأول: أَن الْقَدِيم قد يُطلق حَقِيقَة على الْوُجُود والعدم فَإِن الْحَوَادِث الْمَوْجُودَة فِي وقتنا هَذَا مَعْدُومَة فِي الْأَزَل، وَعدمهَا قديم أزلي فَلَا يكون قَوْلهم جَامعا وَالثَّانِي: الْقَدِيم وَإِن كَانَ مُخْتَصًّا بالوجود إِلَّا أَنه أَيْضا غير جَامع، فَإِن الْقَدِيم قد يُطلق أَيْضا على مَا عتق وطالت مدَّته بطرِيق الْمُبَالغَة، وَالْأَصْل فِي الْإِطْلَاق الْحَقِيقَة إِلَّا أَن يدل الدَّلِيل على إِرَادَة التَّجَوُّز وَالْأَصْل عَدمه، فَإِذا كَانَ حَقِيقَة فَيجب أَن يكون الْقَدِيم جَامعا لما لَا أول لَهُ وَلذَلِك قَالَ الْأَشْعَرِيّ: الْقَدِيم هُوَ الْمُتَقَدّم فِي الْوُجُود على شَرط الْمُبَالغَة، وَهُوَ وَإِن كَانَ أَعم من الَّذِي قبله لتنَاوله مَا لَا أول لوُجُوده وَمَا لوُجُوده أول إِلَّا أَنه غير جَامع بِالنّظرِ إِلَى الْعَدَم الْقَدِيم، فَالْأولى أَن يُقَال: الْقَدِيم هُوَ الْمَوْصُوف بالقدم فِي حَقِيقَة شَرط الْمُبَالغَة فَإِنَّهُ يعم الْوُجُود والعدم وَمَا لَا أول لَهُ وَمَا لَهُ أول] (وَالله سُبْحَانَهُ كَانَ مَوْجُودا قبل خلق السَّمَوَات قبلية بِالزَّمَانِ الْمُقدر عندنَا وَالْقَدِيم الزماني لَا يحْتَاج إِلَى الْمُؤثر عندنَا خلاف الفلاسفة) وَالأَصَح أَن الْقدَم صفة سلبية، أَي لَيست بِمَعْنى أَنَّهَا مَوْجُودَة فِي نَفسهَا كَالْعلمِ مثلا، وَإِنَّمَا هِيَ عبارَة عَن سلب الْعَدَم السَّابِق للوجود، أَو عدم الأولية للوجود، أَو عدم افْتِتَاح الْوُجُود، أَو اسْتِمْرَار الْوُجُود فِي الْمَاضِي، وَالْكل بِمَعْنى وَاحِد (فِي حَقه تَعَالَى بِاعْتِبَار ذَاته وَصِفَاته) ] يُوصف بِهِ ذَات الله اتِّفَاقًا وَصِفَاته عِنْد الأشاعرة كَمَا فِي " شرح الْمَقَاصِد " وَفِي " المحصل ": أهل السّنة أثبتوا القدماء وَهِي ذَات الله وَصِفَاته لَكِن زعم ناقده أَن

أهل السّنة لَا يعترفون بِإِثْبَات القدماء لِأَنَّهَا عبارَة عَن أَشْيَاء مُتَغَايِرَة كل وَاحِد مِنْهَا قديم وهم لَا يَقُولُونَ بالتغاير إِلَّا فِي الذَّات دون الصِّفَات وإكفار الْقَائِلين بِتَعَدُّد الْقَدِيم بِالْإِجْمَاع إِنَّمَا هُوَ فِي الْقدَم الذاتي بِمَعْنى عدم المسبوقية بِالْغَيْر لَا فِي الْقدَم الزماني فَإِن قدم الصِّفَات زماني بِمَعْنى أَنَّهَا مسبوقة بِالْعدمِ لكَونهَا مُمكنَة نظرا إِلَى ذواتها لَكِن لَا تكون مُمكنَة الزَّوَال نظرا إِلَى ذَات الْمَوْصُوف فَلَا يلْزم إِمْكَان الانقلاب كَمَا عرفت فِي بحث الصِّفَات وَبِالْجُمْلَةِ الْقَدِيم الزماني لَا يحْتَاج إِلَى الْمُؤثر عندنَا، خلافًا للفلاسفة] وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: عد الْقَدِيم فِي التِّسْعَة وَالتسْعين الْقعُود: قعد عَن الشَّيْء: عجز عَنهُ وَجَوَاب مَا يصنع فلَان؟ يقْعد أَي: يمْكث سَوَاء كَانَ قَائِما أَو قَاعِدا وَالْقعُود لما فِيهِ لبث بِخِلَاف الْجُلُوس وَلِهَذَا يُقَال: قَوَاعِد الْبَيْت، وَلَا يُقَال: جوالسه وَيُقَال أَيْضا فلَان جليس الْملك، وَلَا يُقَال قعيده وَيُقَال أَيْضا لمن كَانَ قَائِما: اقعد، وَلمن كَانَ نَائِما أَو سَاجِدا: اجْلِسْ. وَعلله الْبَعْض بِأَن الْقعُود انْتِقَال من علو إِلَى سفل وَلِهَذَا قيل لمن أُصِيب رجله: قعد وَالْجُلُوس: انْتِقَال من سفل إِلَى علو وَمِنْه سميت نجد جلسا لارتفاعها والقاعد: الْمَرْأَة الَّتِي قعدت عَن الْحيض أَو عَن الْأزْوَاج، وَالْجمع قَوَاعِد، وَيُقَال: الرِّجَال قعاد، كَمَا يُقَال: ركاب فِي جمع رَاكب وَالْقَاعِدَة، اصْطِلَاحا: قَضِيَّة كُلية من حَيْثُ اشتمالها بِالْقُوَّةِ على أَحْكَام جزئيات موضوعها، وَتسَمى فروعا، واستخراجها مِنْهَا تَفْرِيعا كَقَوْلِنَا: كل إِجْمَاع حق وَالْقَاعِدَة: هِيَ الأساس وَالْأَصْل لما فَوْقهَا، وَهِي تجمع فروعا من أَبْوَاب شَتَّى وَالضَّابِط: يجمع فروعا من بَاب وَاحِد الْقَوْم: هُوَ اسْم لجَماعَة الرِّجَال لأَنهم القوامون بِأُمُور النِّسَاء وَاللَّفْظ مُفْرد بِدَلِيل أَنه يثنى وَيجمع ويوحد الضَّمِير الْعَائِد إِلَيْهِ أَو جمع لَيْسَ لَهُ وَاحِد من لَفظه، وواحده (امْرُؤ) (وَهُوَ فِي الأَصْل جمع قَائِم، كَصَوْم، وزور، وزوم، فِي جمع صَائِم، وزائر، وزائم) وَفِي " أنوار التَّنْزِيل " هُوَ مُخْتَصّ بِجَمَاعَة الرِّجَال لِأَنَّهُ إِمَّا مصدر نعت بِهِ فشاع فِي الْجمع، أَو جمع (قَائِم) ، كزور، وزائر وَالْقَوْم: مُؤَنّثَة وَلذَلِك تصغر على قويمة وقوام الرجل: قامته وَحسن طوله وقوام الْأَمر، بِالْكَسْرِ: نظامه وعماده وملاكه الَّذِي يقوم بِهِ {وَكَانَ بَين ذَلِك قواما} ، بِالْفَتْح: أَي وسطا وعدلا

(وَقَامَ لَهُ، وَإِلَيْهِ، وَعنهُ، وَبِه نتضمن كل صلَة بِمَعْنى يُنَاسِبهَا وَقَامَ الْحق: ظهر وَثَبت وَقَامَ فِي الصَّلَاة: شرع فِيهَا وَقَامَ عَلَيْهِ: راقبه) الْقبْلَة، لُغَة: الْجِهَة وَعرفا: مَا يصلى إِلَى نَحْوهَا من الأَرْض السَّابِعَة إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة مِمَّا يُحَاذِي الْكَعْبَة [وَقد أَمر الله تَعَالَى بِالتَّحَرِّي حَتَّى يصلى إِلَى الْمشرق وَالْمغْرب واليمن وَالشَّام عِنْد اخْتِلَاف الْأَحْوَال ليندفع وهم تحيزه فِي جِهَة فَيصير ذَلِك دَلِيلا لمن عرفه أَنه لَيْسَ بِجِهَة منا] والجهة قبْلَة كَالْعَيْنِ تعرف بِأحد الدَّلِيلَيْنِ: الأول: المحاريب المنصوبة بِإِجْمَاع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالثَّانِي: السُّؤَال عَن أهل ذَلِك الْموضع وَلَو وَاحِد فَاسِقًا إِذا ظن صدقه وَعند فقد هذَيْن النُّجُوم، وَعند فقد هَذِه الْأُمُور التَّحَرِّي، وَلَا بَأْس بانحراف لَا يزِيل الْمُقَابلَة بِالْكُلِّيَّةِ بِأَن يبْقى شَيْء من سطح الْوَجْه مسامتا للكعبة كَمَا قَالَ صَاحب " التَّحْقِيق " واستقبال أهل الْكتاب لقبلتهم لم يكن من جِهَة والحي والتوقيف من الله، بل كَانَ عَن مشورة مِنْهُم واجتهاد والقبلة: بِالضَّمِّ: التَّقْبِيل، وَهِي خمس قبْلَة تَحِيَّة: كتقبيل بَعْضنَا على الْيَد وَرَحْمَة: كتقبيل الْوَالِد وَلَده على الخد وشفقة: كتقبيل الْوَلَد أَبَاهُ عَلَيْهِمَا ومودة: كتقبيل الْأَخ أَخَاهُ على الْجَبْهَة وشهوة: كتقبيل الزَّوْج زوجه على الْفَم وَمن الْقبْلَة قبْلَة الدّيانَة كتقبيل الْحجر الْأسود والمصحف الْقرن، بِالْفَتْح: فِي السن وبالكسر: فِي الْحَرْب وَنَحْوه وبالتحريك: الطَّرِيق والقرن، بِالْفَتْح أَيْضا: إِمَّا غُدَّة غَلِيظَة أَو لحْمَة مُرْتَفعَة، أَو عظم يمْنَع من سلوك الذّكر فِي الْفرج وَامْرَأَة قرناء: أَي بهَا ذَلِك والرتقاء: من لَيْسَ لَهَا خرق إِلَّا المبال فَلَا يُسْتَطَاع جِمَاعهَا لارتتاق ذَلِك الْموضع أَي لانسداده والفتق، بِالتَّحْرِيكِ: ضيق الْفرج خلقَة بِحَيْثُ لَا يدْخل الذّكر فِيهِ (والقرن، بِالْفَتْح والسكون: مُدَّة من النِّهَايَة، وَهِي ثَمَانُون سنة، أَو أهل زمَان وَاحِد) الْقَتْل: هُوَ إِزَالَة الرّوح عَن الْجَسَد كالموت لَكِن إِذا اعْتبر بِفعل الْمُتَوَلِي لذَلِك يُقَال: قتل، وَإِذا اعْتبر بفوت الْحَيَاة يُقَال: موت وَقَتله: أَمَاتَهُ و [قتل] الشَّرَاب: مزجه بِالْمَاءِ واقتتل، بِالضَّمِّ: إِذا قَتله الْعِشْق أَو الْجِنّ و {قتل الْإِنْسَان مَا أكفره} : أَي لعن و {قَاتلهم الله أَنى يؤفكون} : أَي لعنهم وَقَول الْعَرَب: (قَاتله الله مَا أشعره) ظَاهره يُخَالف

مَعْنَاهُ إِذْ المُرَاد الْمَدْح لَا وُقُوع الْقَتْل فَكَأَنَّهُ بلغ فِيهِ مبلغا يحِق أَن يحْسد، وَيَدْعُو عَلَيْهِ حاسده بذلك وَقد نظمت فِيهِ: (إِن رقيبي لَهُ صَاحب ... مسترق سمع مَا أخبرهُ) (أشعر مَا سرني شَأْنه ... قَاتله الله مَا أشعره) والخرق: قطع الشَّيْء على سَبِيل الْفساد من غير تفكر وَلَا تدبر قَالَ تَعَالَى: {أخرقتها لتغرق أَهلهَا} ، و {لن تخرق الأَرْض} : أَي لن تقطع، أَو لن تثقب الأَرْض إِلَى الْجَانِب الآخر اعْتِبَارا بالخرق فِي الْأذن وَالْقطع: فصل الْجِسْم بنفوذ جسم آخر فِيهِ فَيحْتَاج إِلَى آلَة نفاذة فاصلة بالنفوذ [ {وقطعن أَيْدِيهنَّ} : جرحن وَالْكَسْر: فصل الْجِسْم الصلب بِدفع دَافع قوي من غير نُفُوذ حجمه فِيهِ والقصم، بِالْقَافِ: كسر الشَّيْء من طوله وبالفاء: قطع الشَّيْء المستدير وَقيل: ذُو الْفَاء كسر بِلَا إبانة، وَذُو الْقَاف كسر بإبانة وَنفي الأول أبلغ من نفي الثَّانِي، كَمَا أَن إِثْبَات الثَّانِي أبلغ من إِثْبَات الأول والقط: عَام أَو الشق عرضا، أَو قطع الشَّيْء الصلب وَالْقد: الْقطع المستأصل، أَو المستطيل، أَو الشق طولا والطعن: الْقَتْل بِالرُّمْحِ والوخز: طعن بِلَا نَفاذ الْقُرْء: هُوَ لفظ مُشْتَرك بَين الْحيض وَالطُّهْر بِإِجْمَاع أهل اللُّغَة فالقرء عِنْد أهل الْحجاز: الطُّهْر وَعند أهل الْعرَاق: الْحيض وكل قد أصَاب، لِأَن الْقُرْء خُرُوج من شَيْء إِلَى شَيْء، فخروج من الْقُرْء الْحيض إِلَى الطُّهْر، وَمن الْقُرْء الطُّهْر إِلَى الْحيض، هَذَا قَول أبي عُبَيْدَة وَقَالَ غَيره: الْقُرْء: الْوَقْت يُقَال: رَجَعَ فلَان لقرئه: أَي لوقته الَّذِي كَانَ يرجع فِيهِ فالحيض يَأْتِي لوقت، وَالطُّهْر يَأْتِي لوقت وَقَالَ ابْن السّكيت: الْقُرْء: الطُّهْر وَالْحيض وَهُوَ من الأضداد، وَإِنَّمَا أطلق على كل وَاحِد مِنْهُمَا، لِأَن كل اسْم مَوْضُوع لمعنيين مَعًا يُطلق على كل وَاحِد مِنْهُمَا كالمائدة للخوان وَالطَّعَام، ثمَّ قد يُسمى كل وَاحِد مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ بالمائدة وَلَيْسَ الْقُرْء اسْما للطهر مُجَردا، وَلَا للْحيض مُجَردا بِدلَالَة أَن الطَّاهِر الَّتِي لم تَرَ الدَّم لَا يُقَال لَهَا ذَات قُرُوء، وَكَذَا الْحَائِض الَّتِي اسْتمرّ بهَا الدَّم وَقد ورد الشَّرْع فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لامْرَأَة: " دعِي الصَّلَاة يَوْم قرئك ": أَي حيضك، وَقَالَ لعبد الله بن عمر: " من السّنة أَن تطلقها فِي كل قرء تطليقه " أَي: فِي كل طهر قَالَ أَبُو حنيفَة: المُرَاد من الْقُرْء فِي قَوْله تَعَالَى: {ثَلَاثَة قُرُوء} : الْحيض وَقَالَ الشَّافِعِي: الطُّهْر وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " طَلَاق الْأمة تَطْلِيقَتَانِ، وعدتها حيضتان " صَرِيح فِي الْحيض

وَلَو كَانَ المُرَاد بِهِ الطُّهْر كَمَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي لبطل مُوجب الْخَاص، وَهُوَ ثَلَاثَة لِأَن الطَّلَاق لمسنون هُوَ الَّذِي يكون فِي حَالَة الطُّهْر، فَإِذا طَلقهَا فِيهِ يلْزم أَن لَا يجب عَلَيْهَا التَّرَبُّص ثَلَاثَة أطهار إِجْمَاعًا، لِأَن الطُّهْر الَّذِي وَقع فِيهِ الطَّلَاق مَحْسُوب عِنْد من قَالَ المُرَاد بِهِ الطُّهْر، فَحِينَئِذٍ تَنْقَضِي الْعدة بباقي ذَلِك الطُّهْر وطهرين آخَرين فينقص مُوجب الْعدَد عَن الثَّلَاث، وَذَا لَا يجوز لِأَن فِيهِ إبِْطَال مُوجب الْخَاص بِخِلَاف مَا لَو حملناه على الْحيض لِأَنَّهُ يجب التَّرَبُّص بِثَلَاثَة قُرُوء كوامل والقروء: جمع الطُّهْر والأقراء جمع الْحيض [الْقيام: جمع (قَائِم) مصدر (قُمْت) وَقيام الْأَمر وقوامه: مَا يقوم الْأَمر بِهِ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {أَمْوَالكُم الَّتِي جعل الله لكم قيَاما} أَي: قواما] الْقيام: قَامَ عَنهُ، وَله، وَبِه، وَإِلَيْهِ وَيسْتَعْمل بِغَيْر صلَة، وتختلف الْمعَانِي باخْتلَاف الصلات لتضمن كل صلَة معنى يُنَاسِبه، يُقَال: قَائِم بِالْأَمر إِذا تكفل بِهِ وَحفظه [واجتهد فِي تَحْصِيله وتجلد فِيهِ بِلَا توان وَحَقِيقَته: قَامَ ملتبسا بِالْأَمر وَالْقِيَام لَهُ يدل على الاعتناء بِشَأْنِهِ وَيلْزمهُ التجلد والتشمر فَأطلق الْقيام على لَازمه وَمِنْه: (قَامَت الْحَرْب على سَاقهَا) إِذا التحمت واشتدت كَأَنَّهَا قَامَت وتشمرت لسلب الْأَرْوَاح وتخريب الْأَبدَان وَقَامَ كَذَا: إِذا دَامَ وَقَامَ فِي الصَّلَاة: شرع فِيهَا وَقَامَ عَلَيْهِ: راقبه وَقَامَ الْحق: ظهر وَثَبت] وَالْقِيَام بِمَعْنى الانتصاب لَا يتَعَدَّى بإلى وَقَامَ إِلَيْهِ: توجه وَقصد نَحْو: {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} وَزِيَادَة إِلَى التضمن معنى الِانْتِهَاء أَي: الْقَصْد المنتهي إِلَى الشُّرُوع فِي الصَّلَاة كَمَا هُوَ الْمُعْتَبر فِي إِيجَاب الْوضُوء لَا مُطلق الْقَصْد إِلَيْهَا حَتَّى لَا يجب الْوضُوء على من قصد النَّافِلَة وَلم يصل [وَالْقِيَام بِمَعْنى الْحُصُول فِي الْخَارِج شَائِع الِاسْتِعْمَال وَمِنْه: القيوم وَهُوَ الْحَاصِل بِنَفسِهِ المحصل بِغَيْرِهِ، وَمِنْه القوام لما يُقَام بِهِ الشَّيْء أَي يحصل والاقامة: إفعال من (الْقيام) والهمزة للتعدية فَمَعْنَى (أَقَامَ الشَّيْء) جعله قَائِما أَي منتصبا ثمَّ قيل: أَقَامَ الْعود إِذا قومه أَي: سواهُ وأزال اعوجاجه فَصَارَ قويما يشبه الْقيام وتستعار الْإِقَامَة من تَسْوِيَة الْأَجْسَام الَّتِي صَارَت حَقِيقَة فِيهَا لتسوية الْمعَانِي كتعديل أَرْكَان الصَّلَاة على مَا هُوَ حَقّهَا] وَقَوله تَعَالَى: {قَائِم وحصيد} من الْقيام بالتسخير وَقَوله: {أم من هُوَ قَانِت آنَاء اللَّيْل سَاجِدا وَقَائِمًا} من الْقيام الَّذِي هُوَ بِالِاخْتِيَارِ وَقَوله: {كونُوا قوامين بِالْقِسْطِ} ، (قَائِما

بِالْقِسْطِ} من الْقيام الَّذِي هُوَ المراعاة للشَّيْء وَالْحِفْظ لَهُ وَقَوله: {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} من الْقيام الَّذِي هُوَ الْعَزْم على الشَّيْء وَالْقِيَام بالشَّيْء أَعم من الافتقار إِلَيْهِ فَإِن الشَّيْء قد يكون قَائِما بالشَّيْء وَهُوَ مفتقر إِلَيْهِ فِي وجوده افتقار تَقْوِيم، كافتقار الْأَعْرَاض إِلَى موضوعاتها وَقد يكون قَائِما بِهِ وَهُوَ غير مفتقر إِلَيْهِ افتقار تَقْوِيم، وَذَلِكَ كَمَا يَقُول الفيلسوف فِي الصُّورَة الجوهرية بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْموَاد، وَهِي لَيست بأعراض وَلَا لَهَا خَصَائِص الْأَعْرَاض وَالْقِيَام فِي التمليكات دَلِيل على الْأَعْرَاض بِخِلَاف الْقيام فِي سَجْدَة التِّلَاوَة وقيما أبلغ من الْقَائِم والمستقيم بِاعْتِبَار الزنة، والمستقيم أبلغ بِاعْتِبَار الصِّيغَة [والقيوم: الْقَائِم الدَّائِم الَّذِي لَا يَزُول والقيم أبلغ من الْمُسْتَقيم بِاعْتِبَار الزنة والمستقيم أبلغ مِنْهُ بِاعْتِبَار الصِّيغَة لِأَنَّهُ نَص فِي الاسْتقَامَة وَالْقِيَام وَالْقِيَامَة، كالطلاب والطلابة وَهِي قيام النَّاس من الْقُبُور أَو الْحساب] الْقلَّة، بِالْكَسْرِ: ضد الْكَثْرَة وَقد يُرَاد بهَا الْعَدَم وَالنَّفْي كَمَا فِي قَوْلهم: (أقل الرجل يَقُول كَذَا، وَقَلِيل من الرِّجَال يَقُول ذَلِك، وقليلة من النِّسَاء) ، أَي: لَا يَقُول بِهِ أحد وَهَذَا من المبتدآت الَّتِي لَا خبر لَهَا، وَمِنْه قَوْلهم: (حَسبك وكل رجل وضيعته) على أحد الْوَجْهَيْنِ {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} أَي علما قَلِيلا، أَو الْعلم إِلَّا قَلِيلا مِنْكُم {قَلِيلا مَا تؤمنون} : تؤمنون إِيمَانًا قَلِيلا و {قَلِيلا مَا تشكرون} : أَي لم تشكروا لَا قَلِيلا وَلَا كثيرا على أَن (مَا) نَافِيَة وَقيل (مَا) مزيدة للتَّأْكِيد لَا نَافِيَة لِأَن مَا فِي حيزها لَا يتقدمها، وَجوز أَن تكون مَصْدَرِيَّة، على أَن (قَلِيلا) مَنْصُوب بِنَزْع الْخَافِض وَيجوز أَن تكون الْمُبَالغَة فِي الْقلَّة كِنَايَة عَن الْعَدَم بِنَاء على أَن الْقَلِيل إِذا بولغ فِيهِ يستتبعه الْعَدَم، وَحِينَئِذٍ يجوز أَن يكون الانتصاب على الظَّرْفِيَّة وقلما: يسْتَعْمل لمعنيين أَحدهمَا: النَّفْي الصّرْف وَثَانِيهمَا: إِثْبَات الشَّيْء الْقَلِيل الْقبُول: هُوَ عبارَة عَن ترَتّب الْمَقْصُود على الطَّاعَة والإجابة أَعم فَإِنَّهُ عبارَة عَن قطع سُؤال السَّائِل وَالْقطع قد يكون بترتب الْمَقْصُود بالسؤال، وَقد يكون بِمثل سَمِعت سؤالك وَأَنا أَقْْضِي حَاجَتك وَالْقَبُول وَإِن كَانَ أخص من الصِّحَّة وَالْجَوَاز إِلَّا أَنه قد يذكر وَيُرَاد بِهِ الصِّحَّة وَالْجَوَاز مجَازًا، إِذْ كل جَائِز صَحِيح لَا يكون مَقْبُولًا، وكل مَقْبُول لَا يكون جَائِزا وصحيحا وَإِذا قلت لغيرك: وَهبتك هَذَا الشَّيْء فَقَالَ: قبلت سمي قبولا، وَإِذا قبض يُسمى تقبلا وَقبل على الشَّيْء وَأَقْبل: لزمَه وَأخذ فِيهِ وقابله: واجهه وقبالته، بِالضَّمِّ: تجاهه ولي قبله بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء: أَي عِنْده وَالْقَبُول: هُوَ أَن تقبل الْعَفو، وَغَيره اسْم للمصدر

وريح الصِّبَا تسمى الْقبُول لِأَنَّهَا تقَابل الدبور، أَو لِأَنَّهَا تسْتَقْبل بَاب الْكَعْبَة، أَو لِأَن النَّفس تقبلهَا القافية: هِيَ لُغَة تطلق على القصيدة من (قَفَوْت أَثَره) إِذا تَبعته، فَحِينَئِذٍ تكون (فاعلة) بِمَعْنى (مفعولة) ك {من مَاء دافق} وَاصْطِلَاحا على مَذْهَب الْخَلِيل: أَنَّهَا من آخر حرف فِي الْبَيْت إِلَى أول سَاكن يَلِيهِ مَعَ حَرَكَة الْحَرْف الَّذِي قبله، وَهُوَ الْأَصَح والتأنيث، وَإِن كَانَ الروي أَو الْحَرْف مذكرا، لحروف المعجم إِذْ كلهَا مُؤَنّثَة الْقسْط، بِالْكَسْرِ: الْعدْل، وبالضم: الْجور والقسطاس: قد يسْتَعْمل بِمَعْرِِفَة الْمِقْدَار، وَقد يسْتَعْمل للِاحْتِرَاز عَن الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَالْعدْل يشبه بِهِ فِي الثَّانِي القرف: قرف الذَّنب واقترفه: عمله وقارف الذَّنب وَغَيره: داناه ولاصقه وقرفه بِكَذَا: أَضَافَهُ إِلَيْهِ واتهمه بِهِ وقارف امْرَأَته: جَامعهَا سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَرض وبئة فَقَالَ: " دعها فَإِن من القرف التّلف " أَي من مداناة الْمَرَض الْهَلَاك وَهَذَا من بَاب الطِّبّ لَا من بَاب الْعَدْوى، فَإِن استصلاح الْهَوَاء من أعون الْأَشْيَاء على صِحَة الْبدن القر بِالضَّمِّ: الْبرد وَهُوَ أَيْضا: الْقَرار {وقري عينا} مُشْتَقّ من الْقَرار، فَإِن الْعين إِذا رَأَتْ مَا يسر النَّفس سكنت إِلَيْهِ من النّظر إِلَى غَيره أَو من القر وَهُوَ الْبرد، فَإِن دمعة السرُور بَارِدَة لانصبابها من الدِّمَاغ، كَمَا أَن دمعة الْحزن حارة لصعودها من الرئة، وَلذَلِك يُقَال: (قُرَّة الْعين) للمحبوب، وسخنتها للمكروه وقررت بِهِ عينا، كعلمت وقررت فِي الْمَكَان، كضربت: أقرّ فيهمَا الْقدح، كالذهب: وَاحِد الأقداح الَّتِي للشُّرْب و [الْقدح] ، كالفسق: هُوَ السهْم قبل أَن يراش ويركب نصله والقدح الْمُعَلَّى: سَابِع سِهَام الميسر وَهُوَ أوفر السِّهَام نَصِيبا القنطار: هُوَ من المَال مِقْدَار مَا فِيهِ عبور الْحَيَاة تَشْبِيها بالقنطرة، وَذَلِكَ غير مَحْدُود الْقدر فِي نَفسه، وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسب الْإِضَافَة كالغنى، فَرب إِنْسَان يَسْتَغْنِي بِالْقَلِيلِ، وَآخر لَا يَسْتَغْنِي بالكثير، وَمن هُنَا وَقع الِاخْتِلَاف فِي حَده كَمَا فِي حد الْغنى الْقرح: [هُوَ حَيْثُ جَاءَ فِي الْقُرْآن قِرَاءَة حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَأبي بكر بِالضَّمِّ وَآخَرُونَ بِالْفَتْح، وهما لُغَتَانِ ك (الْجهد والجهد) وَقيل] بِالْفَتْح: الْأَثر من الْجراحَة من شَيْء يُصِيبهُ من خَارج وبالضم: أَثَرهَا من دَاخل وَقَالَ [الْفراء] بِالْفَتْح للجراحة، وبالضم لوجعها والقريحة: الْبِئْر أول مَا تحفر وَلَا تسمى قريحة حَتَّى يظْهر مَاؤُهَا، وإطلاقها على الطبيعة بطرِيق الِاسْتِعَارَة القربان: اسْم لما يتَقرَّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى من ذبحة أَو غَيرهَا على مَا قيل أَن قابيل قرب أردأ

قَمح، وهابيل جملا سمينا القنا: هُوَ أحديداب فِي الْأنف، وَمِنْه رجل أقنى، وَقيل: هُوَ طول الْأنف ودقة أرنبته والقناة: مجْرى المَاء، ورمح غير ذِي زج الْقنية: هِيَ اسْم لما يقتنى أَي: يدّخر ويتخذ رَأس مَال زِيَادَة على الْكِفَايَة القيراط، والقراط، بِالْكَسْرِ فيهمَا: مُخْتَلف وَزنه بِحَسب الْبِلَاد، فبمكة ربع سدس دِينَار، وبالعراق نصف عشرَة الْقود، بِالسُّكُونِ: هُوَ نقيض السُّوق، وَهُوَ من أَمَام، وَذَلِكَ من خلف، وبالتحريك: الْقصاص الْقَرِينَة: هِيَ مَا يُوضح عَن المُرَاد لَا بِالْوَضْعِ تُؤْخَذ من لَاحق الْكَلَام الدَّال عى خُصُوص الْمَقْصُود أَو سابقه القرع: المساس بعنف والقلع: التَّفْرِيق بعنف الْقِصَّة: هِيَ الْأَمر وَالْخَبَر وقصصت الحَدِيث: رويته على وَجهه و {نَحن نقص عَلَيْك أحسن الْقَصَص} : أَي نبين لَك أحسن الْبَيَان وقص عَلَيْهِ الْخَبَر قصصا بِالْفَتْح والقصص بِالْكَسْرِ: اسْم جمع الْقِصَّة القضم: الْأكل بأطراف الْأَسْنَان والخضم: الْأكل بِجَمِيعِ الْفَم [وَيُقَال: كل شَيْء صلب يقضم، وكل شَيْء لين يخضم] وَنَحْوهمَا الْقَبْض والقبص بالصَّاد الْمُهْملَة فَإِن الأول للأخذ بِجَمِيعِ الْكَفّ، وَالثَّانِي للأخذ بأطراف الْأَصَابِع القط، بِالْكَسْرِ صحيفَة الْجَائِزَة، وَخط الْحساب أَيْضا، وَقد فسر بهما قَوْله تَعَالَى: {رَبنَا عجل لنا قطنا} القانون: هُوَ كلمة سريانية بِمَعْنى المسطرة، ثمَّ نقل إِلَى الْقَضِيَّة الْكُلية من حَيْثُ يسْتَخْرج بهَا أَحْكَام جزئيات الْمَحْكُوم عَلَيْهِ فِيهَا وَتسَمى تِلْكَ الْقَضِيَّة أصلا وَقَاعِدَة، وَتلك الْأَحْكَام فروعا، واستخراجها من ذَلِك الأَصْل تَفْرِيعا [ثمَّ المسطر يحْتَمل مسطر الْجَدْوَل وَالْكِتَابَة وَهَذَا مَا هُوَ الْمَشْهُور بَين متأخري أَرْبَاب الْمنطق وبخلافه صرح الْمعلم الثَّانِي حَيْثُ قَالَ: كَانَ القدماء يسمون كل آلَة عملت لامتحان مَا عَسى أَن يكون الْحس قد غلط فِيهِ من جسم أَو كَيْفيَّة أَو غير ذَلِك مثل الشاقور والبركار والمسطر والموازين قوانين ويسمونه أَيْضا جَوَامِع الْحساب، وجداول النُّجُوم قوانين، والكتب المختصرة الَّتِي جعلت تذاكير لكتب طَوِيلَة قوانين إِذا كَانَت أَشْيَاء قَليلَة الْعدَد تحصر أَشْيَاء كَثِيرَة وَيكون بعلمنا وحفظنا إِيَّاهَا قد علمنَا أَشْيَاء كَثِيرَة الْعدَد] الْقُنُوت: الْقيام، وَالسُّكُوت، وَالدُّعَاء، وَالطَّاعَة وَكلهَا مُنَاسِب لِمَعْنى الصَّلَاة [قَالَ زيد بن الأرقم: كُنَّا نتكلم فِي الصَّلَاة حَتَّى نزلت {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} فأمسكنا عَن الْكَلَام]

الْقرْيَة: الْأَبْنِيَة الَّتِي تجمع النَّاس، من قَوْلهم: قريت المَاء فِي الْحَوْض إِذا جمعته فِي " الْقَامُوس ": الْمصر الْجَامِع [فِي الْعرف: الكورة كالبلدة، والقرية اسْم للعمران، وَأما فرغانة وَسعد وتركستان وفام وخراسان فَإِنَّهَا اسْم لولاية حَتَّى لَو حلف لَا يدخلهَا فَدخل قَرْيَة من قراها حنث، وَفِي بُخَارى اخْتِلَاف، وَالْفَتْوَى فِي زَمَاننَا على أَنه اسْم للعمران] وَقَالَ بَعضهم فِي قَوْله تَعَالَى: {واسأل الْقرْيَة} إِن الْقرْيَة هُنَا الْقَوْم أنفسهم وعَلى هَذَا {قَرْيَة كَانَت آمِنَة مطمئنة} وَأما الَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ رَبك ليهلك الْقرى} ، و {من هَذِه الْقرْيَة الظَّالِم أَهلهَا} فَهِيَ اسْم للمدينة والقصبة: الْمَدِينَة أَو مُعظم المدن والقرية والبلدة كِلَاهُمَا اسْم لما هُوَ دَاخل الربض وقوى الْحجاز لَا تَنْصَرِف، وقرى السوَاد تَنْصَرِف، وَصرف الْمصر بِسُكُون وَسطه كنوح أَو على تَأْوِيل الْبَلَد القوصرة، بتَشْديد الرَّاء: وعَاء التَّمْر يتَّخذ من قصب سمي بهَا مَا دَامَ فِيهَا تمر، وَإِلَّا يُقَال زنبيل قد: كلمة (قد) تثبت المتوقع، كَمَا أَن (لما) تنفيه وتدل على ثباته إِذا دخل على الْمَاضِي وَلذَلِك تقربه من الْحَال وَلها سِتَّة معَان: التوقع نَحْو: يقدم الْغَائِب وَالْيَوْم وتقريب الْمَاضِي من الْحَال نَحْو: قد قَامَ زيد وَالتَّحْقِيق نَحْو: {قد أَفْلح من زكاها} وَالنَّفْي نَحْو: قد كنت فِي خير فتعرفه بِنصب (تعرفه) والتقليل نَحْو: قد يصدق الكذوب والتكثير نَحْو قَوْله: قد أترك الْقرن مصفرا أنامله قد: الَّتِي للتحقيق تدخل على الْمُضَارع وعَلى الْمَاضِي وَكَذَا حَيْثُ جَاءَت بعد اللَّام وَالَّتِي للتقريب تخْتَص بالماضي، وَلذَلِك يحسن وُقُوع الْمَاضِي موقع الْحَال إِذا كَانَ مَعَه (قد) وَالَّتِي للتقليل تخْتَص بالمضارع سَوَاء كَانَ لتقليل وُقُوع الْفِعْل نَحْو: (قد يصدق الكذوب) أَو لتقليل مُتَعَلّقه نَحْو: {قد يعلم مَا أَنْتُم عَلَيْهِ} : أَي أَن مَا هم عَلَيْهِ أقل مَعْلُومَات الله تَعَالَى وَفِي (قد قَامَت الصَّلَاة) ثَلَاثَة معَان مجتمعة: التَّحْقِيق، والتوقع والتقريب وَقد يكون مَعَ التَّحْقِيق التَّقْرِيب من غير توقع، كَمَا تَقول: (قد ركب زيد) ، لمن يتَوَقَّع ركُوبه وَقد تستعار (قد) للتكثير لمجانسة بَين الضدين، كَمَا أَنهم يعْملُونَ مثل ذَلِك فِي (رب) وَلَفْظَة (قد) لَا تدل ظَاهرا على تبعيض الْأَفْرَاد لَكِنَّهَا لَيست مَخْصُوصَة بِبَعْض الْأَوْقَات، بل قد تكون لتبعيض الْمَقَادِير أَيْضا، وَرُبمَا يلْزم مِنْهُ

جزئية الحكم كَمَا فِي قَوْلك: (الْحَيَوَان قد يكون إنْسَانا) وَوُجُوب (قد) فِي الْمَاضِي الْمُثبت الْوَاقِع حَالا إِذا لم يكن بعد (إِلَّا) ، وَإِلَّا فالاكتفاء بالضمير وَحده بِدُونِ (قد) وَالْوَاو أَكثر لِأَن الْأَغْلَب فِي (إِلَّا) أَن تدخل على الِاسْم، وَلَفْظَة (قد) لَا تدخل عَلَيْهِ [وَذكر الحديثي أَن (قد) إِنَّمَا تجب فِي الْمَاضِي الْمُثبت الْوَاقِع حَالا إِذا لم تُوجد الْوَاو فِيهِ، وَبَين فِي علم الْمعَانِي أَن تصدير الْمَاضِي الْمُثبت بِلَفْظ (قد) لمُجَرّد اسْتِحْسَان لَفْظِي] و (قد) اسْم فعل مرادفة ليكفي نَحْو: (قدني دِرْهَم) ، (وَقد زيدا دِرْهَم) أَي: يَكْفِي وَاسم مرادف لحسب وتستعمل مَبْنِيَّة غَالِبا نَحْو: (قد زيد دِرْهَم) ، بِالسُّكُونِ ومعربة نَحْو: (قد زيد) بِالرَّفْع وحرفية (قد) مُخْتَصَّة بِالْفِعْلِ الْمُتَصَرف الخبري الْمُثبت الْمُجَرّد من جازم وناصب وحرف تَنْفِيس قبل: هِيَ فِي الأَصْل من قبيل أَلْفَاظ الْجِهَات السِّت الْمَوْضُوعَة لأمكنة مُبْهمَة، ثمَّ استعيرت لزمان مُبْهَم سَابق على زمَان مَا أضيفت هِيَ إِلَيْهِ للمشابهة بَينه وَبَين مَعْنَاهَا الْأَصْلِيّ، أَعنِي الْمَكَان الْمُبْهم الَّذِي يُقَابل جِهَة (قُدَّام) الْمُضَاف إِلَيْهِ فِي الْإِبْهَام، وَوُجُود معنى التَّقَدُّم وَوُقُوع الْفِعْل فيهمَا، فَكَمَا أَنَّهَا تعم جَمِيع الْأَمْكِنَة الَّتِي تقَابل تِلْكَ الْجِهَة إِلَى انْقِطَاع الأَرْض بِحَسب مَعْنَاهَا الأول الْمُسْتَعَار مِنْهُ، كَذَلِك تعم جَمِيع الْأَزْمِنَة السَّابِقَة على زمَان الْمُضَاف إِلَيْهِ بِحَسب مَعْنَاهَا الثَّانِي الْمُسْتَعَار لَهُ والقبلية والبعدية من المفعولات الثَّانِيَة والقبلية الزمانية: عبارَة عَن تحقق الشَّيْء فِي زمَان لَا يتَحَقَّق فِيهِ الآخر، وَذَلِكَ أَعم من أَن لَا يتَحَقَّق ذَلِك الآخر أصلا، أَو يتَحَقَّق وَلَكِن لَا فِي ذَلِك الزَّمَان بل فِي زمَان لَاحق [وقبلية الْوَاحِد على الِاثْنَيْنِ قبلية يجوز مَعهَا اجْتِمَاع الْقبل مَعَ الْبعد وَلَيْسَ قبلية الْقبل فِي الْحَادِث كقبلية الْوَاحِد فَإِن الْحَادِث مَعْدُوم فِي الْقبل مَوْجُود فِي الْبعد، وَلَو اجْتمعَا لاجتمع وجوده وَعَدَمه فَلَا بُد لَهَا من معروض تعرض هِيَ لَهُ لذاته دفعا للتسلسل] وَقبل فِي قَوْلهم: الْمَاضِي هُوَ الزَّمَان الَّذِي قبل زمَان تكلمك لَو قرئَ بِضَم اللَّام لم يرد عَلَيْهِ أَنه ظرف زمَان فَيلْزم إِمَّا كَون الشَّيْء ظرفا لنَفسِهِ، أَو ثُبُوت زمَان آخر للزمان، وَهَذَا إِنَّمَا يتم لَو لم يكن (قبل) لَازم الظَّرْفِيَّة و (قبل) مَقْرُونا بهاء الْكِنَايَة: وصف اللَّاحِق مثل: (جَاءَنِي زيد قبله عَمْرو) وَبِدُون الْهَاء وصف السَّابِق نَحْو: (جَاءَنِي زيد قبل عمر) وَهَكَذَا (بعد) والقبلية الْمُطلقَة: لَا تتَوَقَّف على وجود مَا بعْدهَا حَتَّى لَو قَالَ: (أَنْت طَالِق قبل أَن تدخلي الدَّار) ، تنجز الطَّلَاق، دَلِيله قَوْله تَعَالَى: {فَتَحْرِير رَقَبَة من قبل أَن يتماسا} فَإِنَّهُ لَا يتَوَقَّف وُقُوع التَّحْرِير تكفيرا على وجود المماسة بِخِلَاف أَنْت طَالِق قبيل أَن أقْربك) حَيْثُ يتَعَلَّق الطَّلَاق بالقربان، لِأَن قبيل مُصَغرًا اسْم لساعة لَطِيفَة تتصل بالقربان وَلَا تعرف إِلَّا باتصاله بذلك الْفِعْل فَيصير موليا والقبيل، كالعليم: الْخَيط الَّذِي يفتل إِلَى قُدَّام،

والدبير: الْخَيط الَّذِي يفتل إِلَى خلف والقبيل: من آبَاء مُخْتَلفَة والقبيلة: بَنو أَب وَاحِد، والقبيل أَعم، والحي اسْم لمنزل الْقَبِيلَة، ثمَّ سميت الْقَبِيلَة بالحي لِأَن بَعضهم يحيا بِبَعْض قطّ، مُشَدّدَة مجرورة: بِمَعْنى الدَّهْر مَخْصُوصَة بالماضي، أَي فِيمَا مضى من الزَّمَان أَو فِيمَا انْقَطع من الْعُمر، وَإِذا كَانَت بِمَعْنى حسب ف (قطّ) ك (عَن) وَقَالَ بَعضهم: هِيَ التَّشْدِيد من الظروف المبنية الْمَوْضُوعَة لنفي الْمَاضِي على طَرِيق الِاسْتِغْرَاق، كَمَا أَن عوض للمستقبل وَرُبمَا تسْتَعْمل (قطّ) بِدُونِ النَّفْي نَحْو: (كنت أرَاهُ قطّ) أَي دَائِما وَفِي سنَن أبي دَاوُد (تَوَضَّأ ثَلَاثًا قطّ) وقط مُفْرد بِاعْتِبَار اللَّفْظ، وَجُمْلَة بِاعْتِبَار الْمَعْنى وَقد تدخل عَلَيْهِ الْفَاء للتزيين فَكَأَنَّهُ جَوَاب شَرط مَحْذُوف وَإِذا كَانَ (قطّ) اسْم فعل بِمَعْنى يَكْفِي فتزاد نون الْوِقَايَة كَمَا فِي (قد) مَعَ ضمير الْمُتَكَلّم الْمَجْرُور وَمعنى فَقَط: انته وَلَا تجاوزه عَنهُ إِلَى غَيره قاطبة: من (قطب) إِذا جمع، يُرَاد بِهِ الْمصدر فَيكون بِمَعْنى المقطوب أَي الْمَجْمُوع، فَإِن الْمصدر يصلح للْجمع والفرد والقطب، كالعنق: حَدِيدَة تَدور عَلَيْهَا الرَّحَى، أَو نجم تبنى عَلَيْهِ الْقبْلَة، وملاك الشَّيْء ومداره وَسمي خِيَار النَّاس قطبا لِاجْتِمَاع خِيَار النَّاس فِيهِ وَلَا تسْتَعْمل قاطبة إِلَّا حَالا ك (أتيت ركضا) لِأَنَّهَا لَزِمت النصب. وَمثلهَا (طَرَأَ) و (كَافَّة) فَلَا يُقَال: قاطبة النَّاس كَمَا لَا يُقَال: طر الْقَوْم، وكافة النَّاس قطعا: هُوَ فِي مثل قَوْله (لِأَنَّهُ مُنْتَفٍ مِنْهُ قطعا) مَنْصُوب على الْمصدر أَي: انْتِفَاء قطعا بِمَعْنى ذَا قطع أَو قَطْعِيا، أَو قطع قطعا، أَو حَال من ضمير مُنْتَفٍ أَي: مَقْطُوعًا أَو على التَّمْيِيز أَي: بِحَسب الْقطع قصوى: هِيَ تَأْنِيث الْأَقْصَى وَالْقِيَاس قلب الْوَاو كالدنيا والعليا تَفْرِقَة بَين الِاسْم وَالصّفة فجَاء على الأَصْل (كأعواد) فِي جمع (عيد) وَالْيَاء منقلبة عَن الْوَاو وَالْجمع كالتصغير يرد الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا فَجمع بِالْيَاءِ فرقا بَينه وَبَين جمع (عود) القرطاس: لَا يُقَال قرطاس إِلَّا إِذا كَانَ مَكْتُوبًا، وَإِلَّا فَهُوَ طرس وكاغد وَلَا يُقَال قلم إِلَّا إِذا بري، وَإِلَّا فَهُوَ أنبوب وَقد الغزت فِي الْقَلَم: (وأبكم هندي قطعت لِسَانه ... فأفضح مَا قد أضمر البال والحشا) (فَأصْبح يبكي بالصياح كَأَنَّهُ ... رَضِيع بِمَنْع الْأُم يبكي لما يشا) (وَلَا عجب لَو أم شرقا وغربه ... شَبيه كَأُمّ شطري اسْم بِهِ نشا) [نوع] {قوامون} : أُمَرَاء {فَإِذا قرأناه} : بَيناهُ

{قانتات} : مطيعات {قنوان دانية} : قصار النّخل اللاصقة عروقها بِالْأَرْضِ {قبلا} : مُعَاينَة {طرائق قددا} : مقطعَة فِي كل وَجه [أَو مُخْتَلفَة] {الْقطع} : السَّحَاب {لبئس مَا قدمت لَهُم أنفسهم} : أَمرتهم {فَخذهَا بِقُوَّة} : بجد وحزم {بِالْقِسْطِ} : بِالْعَدْلِ {عين الْقطر} : النّحاس {وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل} : أعلمنَا. {وَقضي} : أَمر. أَمر {قاصفا} : عاصفا {قيمًا} : عدلا {قاعا} : خَالِيا {قطنا} : الْعَذَاب {الْقَوَاعِد} : اساس الْبَيْت {الْقمل} : الْجَرَاد الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَجْنِحَة {وقفينا على آثَارهم} : أتبعنا على آثَار الْأَنْبِيَاء {قسورة} : من القسر وَهُوَ الْقَهْر، وَعَن ابْن عَبَّاس: الْأسد بالحبشية {قطنا} : كتَابنَا بالنبطية {قِنْطَار} : عَن الْبَعْض انه فَارسي مُعرب وَذكر الثعالبي أَنه بالرومية اثْنَا عشر ألف أُوقِيَّة، وَقَالَ بَعضهم: إِنَّه بلغَة البربر ألف مِثْقَال {القيوم} : قَالَ الوَاسِطِيّ: هُوَ الَّذِي لَا ينَام بالسُّرْيَانيَّة {قطمير} : الْجلْدَة الْبَيْضَاء الَّتِي تكون على النواة {القانع} : الْمُتَعَفِّف {المعتر} : السَّائِل {قاب قوسين} : قدر قوسين أَو التَّقْدِير: قابي قَوس {قَائِلُونَ} : نائمون نصف النَّهَار

{عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد} : أَي حَافظ {قترة} : غُبَار فِيهِ سَواد {مَا قدرُوا الله حق قدره} : مَا عرفوه حق مَعْرفَته فِي الرَّحْمَة والإنعام على الْعباد {قوامين بِالْقِسْطِ} : مواظبين على الْعدْل مجتهدين فِي إِقَامَته {حَتَّى إِذا أقلت} : أَي حملت {فقعوا لَهُ} : فَخَروا لَهُ {وقري عينا} : وطيبي نَفسك {بقبس} : بشعلة من النَّار {فاقذفيه} : الْقَذْف يُقَال: للإلقاء والوضع، وَكَذَلِكَ الرَّمْي {وَقُرْآن الْفجْر} : صَلَاة الصُّبْح {وَالْمَلَائِكَة قبيلا} : كَفِيلا شَاهدا ضَامِنا {قتورا} : بَخِيلًا {كسراب بقيعة} : جمع قاع وَهُوَ الأَرْض المستوية {قمطريرا} : فاشيا منتشرا غَايَة الانتشار {قطوفها} : القطف هُوَ مَا يجتنى بِسُرْعَة {قددا} : مُخْتَلفَة {وأقوم قيلا} : أَسد مقَالا {من القالين} : من المبغضين {وأنزلنا من السَّمَاء مَاء بِقدر} : بِتَقْدِير يكثر نَفعه ويقل ضَرَره، أَو بِمِقْدَار مَا علمنَا من الْكِفَايَة فِي الْمصَالح والمعاش {من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح} : كعض السِّلَاح وَنَحْوه مِمَّا يجرح الْبدن {قست قُلُوبكُمْ} : يَبِسَتْ وصلبت {قصيه} : اتبعي أَثَره حَتَّى تنظري من يَأْخُذهُ {وَقرن فِي بيوتكن} : من الْوَقار، وَقرن بِالْفَتْح: من الْقَرار {وقيله} : بِالْجَرِّ وَالنّصب: قسم أَو مصدر (قَالَ) مُقَدرا لَا عطف على لفظ السَّاعَة أَو محلهَا لما بَينهمَا من التباعد

{وقفوهم} : احبسوهم {كَانَت القاضية} : أَي القاطعة لأمري {من قَوَارِير} : من زجاج {وقيضنا} : وقدرنا {وَهُوَ الْقوي} : الباهر الْقُوَّة {فَإِذا قضيت الصَّلَاة} : أدّيت وَفرغ مِنْهَا (ثمَّ جِئْت على قدر} : قدرَة لِأَن أُكَلِّمك [وأستنبئك غير مستقدم وقته الْمعِين وَلَا مستأخر] ، أَو على مِقْدَار من السن يُوحى فِيهِ إِلَى الْأَنْبِيَاء [وَهُوَ رَأس أَرْبَعِينَ] {قطعت لَهُم ثِيَاب} : قدرت لَهُم على مقادير جثثهم {فِي قَرَار مكين} : مُسْتَقر حُصَيْن يَعْنِي الرَّحِم [ {ن والقلم} : هُوَ الَّذِي خطّ اللَّوْح أَو الَّذِي يخط بِهِ {بالقارعة} : بالحالة الَّتِي تقرع النَّاس بالإفزاع والإجرام بالانفطار والانتشار {يَا ليتها كَانَت القاضية} : أَي يَا لَيْت الْميتَة الَّتِي متها قَاطِعَة لأمري فَلم أبْعث بعْدهَا {كفرُوا قبلك} : حولك {قَوَارِير من فضَّة} : أَي تكونت جَامِعَة بَين صفاء الزجاجة وشفيفها وَبَيَاض الْفضة ولينها {إِلَى قدر مَعْلُوم} : من الْوَقْت قدره الله للولادة {قدروها تَقْديرا} : أَي قدروها فِي أنفسهم فَجَاءَت مقاديرها وأشكالها كَمَا تمنوا وَأَنا فَوْقهم {قاهرون} : غالبون {وقطعناهم فِي الأَرْض أمما} : وفرقناهم فِيهَا {ثمَّ قبضناه إِلَيْنَا} : أزلناه {على الموسع قدره} : أَي إِمْكَانه وطاقته، وَالْفَتْح والسكون لُغَتَانِ {أهل هَذِه الْقرْيَة} : سدوم {قصمنا} : أهلكنا {ق} : مجازها مجَاز سَائِر حُرُوف الهجاء فِي أَوَائِل السُّور {قرح} : وقرح: هما جراح وَقيل بِالْفَتْح الْجراح وبالضم ألم جراح

فصل الكاف

{قاسمهما} : حلف لَهما {قَارِعَة} : داهية {القانطين} : يائسين {قصيا} : بَعيدا {بِجُنُود لَا قبل لَهُم بهَا} : أَي لَا طَاقَة لَهُم بهَا {بالقسطاس} : ميزَان بلغَة الرّوم عرب وَلَا يقْدَح ذَلِك فِي عَرَبِيَّة الْقُرْآن، لِأَن العجمي إِذا استعملته الْعَرَب وأجرته مجْرى كَلَامهم فِي الْإِعْرَاب والتعريف والتنكير وَنَحْوهَا صَار عَرَبيا {قطعا من اللَّيْل} : بتسكين الطَّاء اسْم مَا قطع، وبفتح الطَّاء جمع قِطْعَة {وقرونا} : وَأهل أعصار {قد جعل الله لكل شَيْء قدرا} : تَقْديرا أَو مِقْدَارًا أَو أَََجَلًا {علم بالقلم} : أَي الْخط بالقلم {فَإِذا قرأناه} : بِلِسَان سيدنَا جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَيْك {فَاتبع قرآنه} : قِرَاءَته {فِي قرطاس} : ورق {وَهُوَ الْقوي} : الباهر الْقُدْرَة] (فصل الْكَاف) [الْكَنْز] : كل كنز فِي الْقُرْآن فَهُوَ مَال إِلَّا فِي " الْكَهْف " فَإِن المُرَاد هُنَاكَ صحيفَة علم كل مَال أدّيت زَكَاته فَلَيْسَ بكنز وَإِن كَانَ مَدْفُونا وكل مَال لم تُؤَد زَكَاته فَهُوَ كنز وَإِن كَانَ ظَاهرا [كَاد] : كل شَيْء فِي الْقُرْآن (كَادُوا) ، و (كَاد) و (يكَاد) فَإِنَّهُ لَا يكون أبدأ، وَقيل: إِنَّهَا تفِيد الدّلَالَة على وُقُوع الْفِعْل بعسر [الكفور] : كل مَا فِي الْقُرْآن {وَكَانَ الْإِنْسَان كفورا} يَعْنِي بِهِ الْكفَّار [الكأس] : كل كأس فِي الْقُرْآن فَالْمُرَاد بِهِ الْخمر [الكره] : كل مَا فِي الْقُرْآن من الكره جَازَ فِيهِ الْفَتْح إِلَّا قَوْله: {وَهُوَ كره لكم} [كلا] : فِي " الْأَنْوَار " فِي قَوْله تَعَالَى: {كلا فاذهبا} ارتدع يَا مُوسَى عَمَّا تظن فَاذْهَبْ أَنْت وَالَّذِي طلبته قَالَ عمر بن عبد الله: إِذا سَمِعت الله يَقُول كلا فَإِنَّمَا يَقُول كذبت [الْكمّ] : كل مَا يستر شَيْئا فَهُوَ كم بِالتَّشْدِيدِ وَمِنْه

كم الْقَمِيص، وَيُقَال للقلنسوة: كمة [الكفة] : كل مستدير فَهُوَ كفة بِالْكَسْرِ نَحْو كفة الْمِيزَان، وَيفتح وكل مستطيل فَهُوَ كفة بِالضَّمِّ نَحْو كفة الثَّوْب وَهِي حَاشِيَته [الْكَوْثَر] : كل شَيْء كثير فِي الْعدَد أَو كَبِير فِي الْقدر والخطر فَإِن الْعَرَب تسميه كوثرا [الْكَنْز] : كل مَا زَاد على أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم فَهُوَ كنز، أدّيت مِنْهُ الزَّكَاة أَو لم تُؤَد، وَمَا دونه نفقه [الْكفْر] : كل شَيْء غطى شَيْئا فقد كفره، وَمِنْه سمي الْكَافِر لِأَنَّهُ يستر نعم الله [الْكَذِب] : كل خبر مخبره على خلاف مَا أخبرهُ فَهُوَ كذب [كسْرَى] : كل من ملك الْفرس يُسمى كسْرَى كَمَا أَن كل من ملك الرّوم يُسمى: قيصرا وَالتّرْك: خاقانا واليمن: تبعا والحبشة: نجاشيا والقبط: فرعونا ومصر: عَزِيزًا إِلَى غير ذَلِك [الْكَبِيرَة] : كل مَا سمي فَاحِشَة كاللواط، وَنِكَاح مَنْكُوحَة الْأَب، أَو ثَبت لَهُ بِنَصّ قَاطع عُقُوبَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَهُوَ الْكَبِيرَة [الْكَلِمَة] : كل لَفْظَة دلّت على معنى مُفْرد بِالْوَضْعِ فَهِيَ كلمة، وَبِعِبَارَة أُخْرَى: كل مَنْطُوق أَفَادَ شَيْئا بِالْوَضْعِ فَهُوَ كلمة، وَجَمعهَا كَلِمَات وكلم [كَلَام النَّفس] : كل مَا يحصل فِي النَّفس من حَيْثُ يدل عَلَيْهِ بِعِبَارَة أَو إِشَارَة أَو كِتَابَة فَهُوَ كَلَام النَّفس سَوَاء كَانَ علما، أَو إِرَادَة، أَو إذعانا، أَو خَبرا، أَو استخبارا، أَو غير ذَلِك وَلَيْسَ كَلَام النَّفس نوعا من الْمعَانِي مغايرا لما هُوَ حَاصِل فِي النَّفس باتفاقهم [الْكِنَايَة] : كل اسْم وضع لعدد مُبْهَم مثل: كم، وَكَذَا وَلِحَدِيث مُبْهَم مثل: كَيْت، وذيت، فهر كِنَايَة [الْكَلَام] : كل كَلَام مُسْتَقل إِن زِدْت عَلَيْهِ شَيْئا غير مَعْقُود بِغَيْرِهِ وَلَا مُقْتَضى لسواه فَالْكَلَام بَاقٍ على حَاله نَحْو: (زيد قَائِم) ، (وَمَا زيد بقائم) وكل كَلَام مُسْتَقل إِن زِدْت عَلَيْهِ شَيْئا مقتضيا لغيره معقودا بِهِ فَإِنَّهُ عَاد الْكَلَام نَاقِصا مثل قَوْلك: (إِن قَامَ زيد) [كل] : كل كلمة (كل) اسْم لجَمِيع أَجزَاء الشَّيْء للمذكر والمؤنث، وَيُقَال: كل رجل، وكلة امْرَأَة وكلهن منطلق ومنطلقة وَقد جَاءَ بِمَعْنى (بعض) وَهُوَ ضد، وَلَا يجوز إِدْخَال الْألف وَاللَّام عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَازم الْإِضَافَة إِلَّا إِذا كَانَ عوضا عَن الْمُضَاف إِلَيْهِ نَحْو الْكل تَقْدِيره كُله، أَو يُرَاد لَفظه كَمَا يُقَال: (الْكل) لإحاطة الْأَفْرَاد وكل: اسْم لاستغراق أَفْرَاد الْمُنكر نَحْو: (كل

امْرِئ بِمَا كسب رهين} والمعرف الْمَجْمُوع نَحْو: (كل الْعَالمين حَادث) وأجزاء الْمُفْرد الْمُعَرّف بِاللَّامِ نَحْو: (كل الرجل) يَعْنِي كل أَجْزَائِهِ وَإِن لم تكن نعتا لنكرة، وَلَا تَأْكِيدًا لمعْرِفَة بِأَن تَلَاهَا الْعَامِل جَازَت إضافتها فَإِذا أضيفت إِلَى الْمُنكر تفِيد عُمُوم الْأَفْرَاد فَيكون تأسيسا نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وكل شَيْء فصلناه تَفْصِيلًا} وَيجب فِي ضميرها مُرَاعَاة مَعْنَاهَا نَحْو: {وكل شَيْء فَعَلُوهُ فِي الزبر} {} (وعَلى كل ضامر يَأْتِين} وَإِذا أضيفت إِلَى الْمُعَرّف بِاللَّامِ تفِيد عُمُوم الْأَجْزَاء، وَيجوز فِي الضَّمِير الْعَائِد إِلَيْهَا مُرَاعَاة لَفظهَا فِي التَّذْكِير والإفراد ومراعاة مَعْنَاهَا وَكَذَا إِذا قطعت عَن الْإِضَافَة نَحْو: {كل يعْمل على شاكلته} {} (وكل أَتَوْهُ داخرين} وَإِذا أضيفت إِلَى مَا لَا يعلم منتهاه فَإِنَّمَا تتَنَاوَل أدناه عِنْد أبي حنيفَة فِيمَا يجْرِي فِيهِ النزاع كَالْبيع وَالْإِجَازَة وَالْإِقْرَار وَغير ذَلِك، فَلَو قَالَ: لفُلَان عَليّ كل دِرْهَم، يلْزمه دِرْهَم لَا فِي غَيره كالتزوج، وَلَو قَالَ: كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق؛ تطلق كل امْرَأَة يَتَزَوَّجهَا على الْعُمُوم، وَلَو تزوج امْرَأَة مرَّتَيْنِ لم تطلق فِي الْمرة الثَّانِيَة، وَيجْعَل كل فَرد كَانَ لَيْسَ مَعَه غَيره لِأَن كلمة (كل) إِذا دخلت على النكرَة أوجبت عُمُوم أفرادها على سَبِيل الشُّمُول دون التّكْرَار، وَيُسمى هَذَا (الْكل) إفراديا وَلَو قَالَ: (أَنْت طَالِق كل التطليقة) يَقع وَاحِدَة لِأَن كلمة (كل) إِذا دخلت على الْمعرفَة أوجبت عُمُوم أَجْزَائِهَا، وَلَو قَالَ: (كل تَطْلِيقَة) ، تقع الثَّلَاث لِأَنَّهَا أوجبت عُمُوم أفرادها، وَيُسمى هَذَا الْكل مجموعيا وكل: من أَلْفَاظ الْغَيْبَة فَإِذا أضيف إِلَى المخاطبين جَازَ لَك أَن تعيد الضَّمِير إِلَيْهِ بِلَفْظ الْغَيْبَة مُرَاعَاة للفظه، وَأَن تعيده بِلَفْظ الْخطاب مُرَاعَاة لمعناه فَتَقول: كلكُمْ فعلوا وَحَيْثُ وَقعت فِي حيّز النَّفْي بِأَن سبقتها أداته أَو فعل منفي نَحْو: (مَا جَاءَنِي كل الْقَوْم) ، و (كل الدَّرَاهِم لم آخذ) ، لم يتَوَجَّه النَّفْي إِلَّا لسلب شمولها فيفهم إِثْبَات الْفِعْل لبَعض الْأَفْرَاد مَا لم يدل الدَّلِيل على خِلَافه نَحْو: {وَالله لَا يحب كل مختال فخور} مَفْهُومه إِثْبَات الْمحبَّة لأحد الوصفين، لَكِن الْإِجْمَاع على تَحْرِيم الاختيال وَالْفَخْر مُطلقًا، وَحَيْثُ وَقع النَّفْي فِي حيزها كَمَا فِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي خبر ذِي الْيَدَيْنِ: " كل ذَلِك لم يكن " توجه إِلَى كل فَرد كَذَا ذكره البيانيون وَاعْلَم أَن (كل) الدَّاخِلَة فِي حيّز النَّفْي سَوَاء كَانَ النَّفْي حَقِيقِيًّا أوحكميا إِمَّا أَن لَا يعْمل فِيهَا شَيْء من النَّفْي والمنفي نَحْو: (إِن كلهم يحبني أَو يبغضني) فِي الْحَقِيقِيّ وَهل كل مودتة تدوم فِي الْحكمِي وَإِمَّا أَن يعْمل فَحِينَئِذٍ عاملها إِمَّا النَّفْي سَوَاء كَانَت تَابِعَة نَحْو: (مَا الْقَوْم كلهم ينتمون إِلَيّ)

أَو أَصْلِيَّة نَحْو: مَا كل مَا يتَمَنَّى الْمرة يُدْرِكهُ وَإِمَّا الْمَنْفِيّ مقدما عَلَيْهَا سَوَاء كَانَت مَرْفُوعَة أَصْلِيَّة أَو تَابِعَة نَحْو: (مَا جَاءَنِي كل الْقَوْم) ، (وَمَا جَاءَنِي الْقَوْم كلهم) فِي الْمَنْفِيّ الْحَقِيقِيّ، (وَلَا يَأْتِ كل الْقَوْم) ، (وَلَا يَأْتِ الْقَوْم كلهم) فِي الْحكمِي أَو مَنْصُوبَة كَذَلِك نَحْو: (مَا ضربت كل الْقَوْم) ، (وَمَا ضربت الْقَوْم كلهم) فِي الْحَقِيقِيّ، وَنَحْو: (لاتضرب كل الْقَوْم) ، و (لَا تضرب الْقَوْم كلهم) فِي الْحكمِي أومؤخرا عَنْهَا سَوَاء كَانَت مَنْصُوبَة أَصْلِيَّة أَو تَابِعَة وَلَا مَرْفُوعَة بنوعيها فِي هَذَا الْقسم نَحْو: (الدَّرَاهِم كلهَا لم آخذ) ، و (كل الدَّرَاهِم لم آخذ) فِي الْحَقِيقِيّ وَنَحْو: (كل مَالك لَا تنْفق) ، و (مَالك كُله لَا تنْفق) فِي الْحكمِي وَفِي صُورَة عدم الدُّخُول فِي حيّز النَّفْي عَم النَّفْي جَمِيع أَفْرَاد الْمَنْفِيّ عَنهُ الثُّبُوت أَو التَّعَلُّق فَلَا يفهم الثُّبُوت لبَعض وَلَا التَّعَلُّق بِهِ نَحْو قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي جَوَاب قَول ذِي الْيَدَيْنِ: أقصرت الصَّلَاة أم نسيت يَا رَسُول الله؟ " كل ذَلِك لم يكن " أَي فِي ظَنِّي وَقد يسْتَعْمل (كل) فِي الْخُصُوص عِنْد الْقَرِينَة كَمَا تَقول: (دخلت السُّوق فاشتريت كل شَيْء) وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد أريناه آيَاتنَا كلهَا} وَالْكل المجموعي شَامِل للأفراد دفْعَة، وَهُوَ فِي قُوَّة الْبَعْض وَالْكل الإفرادي شَامِل للأفراد على سَبِيل الْبَدَل يَعْنِي على الِانْفِرَاد إِذا دخل التَّنْوِين على مَدْخُول (كل) فَالْكل إفرادي وَقد تكون (كل) للتكثير وَالْمُبَالغَة دون الْإِحَاطَة وَكَمَال التَّعْمِيم كَقَوْلِه تَعَالَى: {وجاءهم الموج من كل مَكَان} وَيُقَال: (فلَان يقْصد كل شَيْء، أَو يعلم كل شَيْء) ، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَأُوتِيت من كل شَيْء} ، {وكلا نقص عَلَيْك من أنباء الرُّسُل} وَالْمعْنَى: وكل نبأ نَقصه عَلَيْك من أنباء الرُّسُل مَا نثبت بِهِ فُؤَادك فَلَا يَقْتَضِي اللَّفْظ قصّ أنباء جَمِيع الرُّسُل وَقد تحمل (كل) على معنى (من) لمشابهة بَينهمَا، فَإِنَّهَا إِذا أضيفت إِلَى مَا اتّصف بِصفة فعل أَو ظرف تَضَمَّنت معنى الشَّرْط للمشابهة فِي الْعُمُوم والإبهام وَكلمَة (كل) للإحاطة على سَبِيل الِانْفِرَاد وَكلمَة (من) توجب الْعُمُوم من غير تعرض بِصفة الِاجْتِمَاع والانفراد وَكلمَة (جَمِيع) تتعرض بِصفة الِاجْتِمَاع وَعند قَوْلك: (كلهم) يثبت الْأَمر للاقتصار عَلَيْهِم، وَعند قَوْلك: (كل مِنْهُم) يثبت الْأَمر أَولا للْعُمُوم، ثمَّ استدركت بالتخصيص فَقلت: مِنْهُم وَعند قَوْلك: (كل) يثبت الْأَمر على الْعُمُوم وَتركت عَلَيْهِ كل تلِي الْأَسْمَاء وتعمها صَرِيحًا وَلَا تعم الْأَفْعَال إِلَّا فِي ضمن تَعْمِيم الْأَسْمَاء و (كلما) بِالْعَكْسِ، و (كل) لَا توجب التّكْرَار بِخِلَاف (كلما) لِأَن (مَا) فِيهَا للجزاء ضمت إِلَى (كل) فَصَارَت أَدَاة لتكرار الْفِعْل [قَالَ أَبُو حَيَّان رَحمَه الله: التّكْرَار فِي (كلما) من عُمُوم (مَا) لِأَن الظَّرْفِيَّة يُرَاد بهَا الْعُمُوم و (كل)

أكدته، وَالنّصب على الظّرْف لِإِضَافَتِهِ إِلَى شَيْء يقوم هُوَ مقَامه وَالْعَامِل فِيهِ الْفِعْل الَّذِي يُوجب هُوَ جَوَاب فِي الْمَعْنى] وَفِي كل مَوضِع يكون لَهَا جَوَاب ف (كلما) ظرف، و (كلما) تفِيد الْكُلية و (أَي) تسْتَعْمل فِي الْكُلية والجزئية و (مَتى) تفِيد الْجُزْئِيَّة فَقَط وَالْكل: هُوَ الحكم على الْمَجْمُوع كَقَوْلِنَا (كل بني تَمِيم يحملون صَخْرَة) والكلية: هِيَ الحكم على كل فَرد نَحْو: (كل بني تَمِيم يَأْكُلُون الرَّغِيف) وَالْكل يتقوم بالأجزاء كتقوم السكنجبين بالخل وَالْعَسَل بِخِلَاف الْكُلِّي كالإنسان فَإِنَّهُ لَا يتقوم بالجزيئات والكلي مَحْمُول على الجزئي كَقَوْلِنَا: (زيد إِنْسَان) بِخِلَاف الْكل حَيْثُ لَا يُقَال: (الْخلّ سكنجبين) وَالْكل مَوْجُود فِي الْخَارِج ولاشيء من الْكُلِّي بموجود فِي الْخَارِج وأجزاء الْكل متناهية، وجزئيات الْكُلِّي غير متناهية والكلي: هُوَ الَّذِي لَا يمْنَع نفس تصور مَعْنَاهُ من وُقُوع الشّركَة فِيهِ سَوَاء اسْتَحَالَ وجوده فِي الْخَارِج كاجتماع الضدين أَو أمكن وَلم يُوجد كبحر فِي زئبق، وجبل من ياقوت، أَو وجد مِنْهُ وَاحِد مَعَ إِمْكَان غَيره كَالشَّمْسِ، أَو استحالته أَو كَانَ كثيرا متناهيا كالإنسان، أَو غير متناه كالعدد والكلي: طبيعي ومنطقي وعقلي، فالإنسان مثلا فِيهِ حِصَّة من الحيوانية، فَإِذا أطلقنا عَلَيْهِ أَنه كلي فههنا ثَلَاثَة اعتبارات: أَحدهَا: أَن يُرَاد بِهِ الْحصَّة الَّتِي شَارك بهَا الْإِنْسَان غَيره، فَهَذَا هُوَ الْكُلِّي الطبيعي، وَهُوَ مَوْجُود فِي الْخَارِج فَإِنَّهُ جُزْء الْإِنْسَان الْمَوْجُود، وجزء الْمَوْجُود مَوْجُود وَالثَّانِي: أَن يُرَاد بِهِ أَنه غير مَانع من الشّركَة، فَهَذَا هُوَ الْكُلِّي المنطقي، وَهَذَا لَا وجود لَهُ لعدم تناهيه وَالثَّالِث: أَن يُرَاد بِهِ الْأَمْرَانِ مَعًا الْحصَّة الَّتِي يُشَارك بهَا الْإِنْسَان غَيره مَعَ كَونه غير مَانع من الشّركَة، وَهَذَا أَيْضا لَا وجود لَهُ لاشْتِمَاله على مَا لَا يتناهى، وَذهب أفلاطون إِلَى وجوده والكليات الْخمس عِنْد أَرْبَاب الْمنطق هِيَ:

الْجِنْس وَالنَّوْع والفصل والخاصة وَالْعرض الْعَام فالجنس كالحيوانية، وَالنَّوْع كالإنسانية، والفصل كالناطقية، وَلَا يُرِيدُونَ بالناطقية مَا يفهمهُ عوام النَّاس من أَنه النُّطْق بالْكلَام، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بهَا الْقُوَّة المفكرة، فعلى هَذَا دخل الْأَخْرَس والطفل فِي حد الْإِنْسَان، وَخرج عَنهُ الببغاء والناطق: هُوَ فصل الْإِنْسَان عَن سَائِر الْحَيَوَان والخاصة كالكتابة لِأَنَّهَا تخص بِبَعْض النَّوْع وَالْعرض الْعَام كالضاحكية لِأَنَّهَا عَامَّة بِجَمِيعِ النَّوْع، وَلِهَذَا كَانَ التَّعْرِيف فِي الْحُدُود بِالْجِنْسِ الْقَرِيب والخاصة مطردا غير منعكس ثمَّ الْكُلِّي إِن كَانَ مندرجا فِي حَقِيقَة جزئياته يُسمى ذاتيا كالحيوان بِالنِّسْبَةِ إِلَى زيد وَعَمْرو مثلا إِذْ هُوَ جُزْء حقيقتهما، وَإِن لم ينْدَرج بل كَانَ خَارِجا عَن الْحَقِيقَة يُسمى عرضا كالكاتب مثلا فَإِنَّهُ لَيْسَ بداخل فِي حَقِيقَة زيد وَعَمْرو، وأيا مَا كَانَ فَهُوَ عبارَة عَن مَجْمُوع الْحَقِيقَة فَلَا يُسمى ذاتيا وَلَا عرضيا بل وَاسِطَة ونوعا كالإنسان فَإِنَّهُ عبارَة عَن مَجْمُوع الْحَقِيقَة من جنس وَفصل وَهِي الحيوانية والناطقية والكلي إِمَّا أَن يكون تَمام مَا تَحْتَهُ من الجزئيات أَو مندرجا فِيهَا أَو خَارِجا عَنْهَا فَالْأول: النَّوْع وَهُوَ الْمَقُول على كثيرين مُخْتَلفين بِالْعدَدِ فِي جَوَاب أَي نوع هُوَ كالإنسان بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَيَوَان وَالثَّانِي: الْجِنْس إِن كَانَ مقولا على كثيرين مُخْتَلفين بِالْحَقِيقَةِ فِي جَوَاب مَا هُوَ كالحيوان للْإنْسَان، والفصل إِن كَانَ مقولا على كثيرين متفقين بِالْحَقِيقَةِ كالناطق وَالثَّالِث: إِن كَانَ مقولا على متفقين بِالْحَقِيقَةِ فالخاصة كالضحك وَإِن كَانَ مقولا على مُخْتَلفين بِالْحَقِيقَةِ فالعرض الْعَام كالمتحرك والكلي إِن اسْتَوَت أَفْرَاده فِيهِ كالإنسان بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَفْرَاده فمتواطئ لتواطؤ أَفْرَاد مَعْنَاهُ فِيهِ، وَإِن كَانَ بعض مَعَانِيه أولى بِهِ من الْبَعْض كالبياض فِي الثَّلج والعاج، أَو أقدم من الْبَعْض كالوجود فِي الْوَاجِب والممكن فمشكك لتشكيك النَّاظر فِي أَنه متواطئ نظرا إِلَى جِهَة اشْتِرَاك الْأَفْرَاد فِي أصل الْمَعْنى، أَو غير متواطئ نظرا إِلَى الِاخْتِلَاف، وَإِن تعدد اللَّفْظ وَالْمعْنَى كالإنسان وَالْفرس فمتباين أَي: أحد اللَّفْظَيْنِ مباين للْآخر لتباين مَعْنَاهُمَا وَإِن اتَّحد الْمَعْنى دون اللَّفْظ كالإنسان والبشر فمترادف لترادفهما أَي لتواليهما على معنى وَاحِد، وان اتَّحد اللَّفْظ دون الْمَعْنى كَالْعَيْنِ فمشترك لاشتراك الْمعَانِي فِيهِ وَقد يُطلق الْكُلِّي على الصُّورَة الْعَقْلِيَّة، وَمعنى مطابقته لكثيرين هُوَ أَن الْأَمر الْعقلِيّ إِذا تشخص بتشخص جزئي معِين كَانَ ذَلِك الجزئي بِعَيْنِه، وَإِن جرد ذَلِك الجزئي عَن مشخصاته كَانَ ذَلِك الْأَمر الْكُلِّي بِعَيْنِه وَقد يُطلق على الْأَمر الْمَوْجُود فِي ضمن الشَّخْص أَعنِي الْجِنْس والفصل وَالنَّوْع، فَمَعْنَى مطابقته لكثيرين وجوده فِي ضمن كل من جزئياته بِوَاسِطَة تكَرر الْوُجُود فِي ضمن الجزئيات والكلي قبل الْكَثْرَة: هُوَ كالحقائق الْكُلية ثبوتا فِي الْعلم الأزلي، ومطابقته لكثيرين هِيَ مطابقته لمجموع الجزئيات لِأَنَّهُ عينه، وَإِنَّمَا حصل التَّعَدُّد والتكثر بِسَبَب التكرر الشخصي نَظِير ذَلِك مُطَابقَة الشَّمْس لجَمِيع الصُّور المرتسمة فِي المرايا المتجاذبة والكلي مَعَ الْكَثْرَة: هُوَ الْحَقَائِق الْكُلية تحققا فِي الْأَعْيَان، ومطابقته لكثيرين هِيَ مطابقته لكل وَاحِد

من الجزئيات. بِمَعْنى أَنه لَو تشخص بِأَيّ شخص كَانَ من تشخصات تِلْكَ الجزثيات، لَكَانَ عين ذَلِك الجزئي المتشخص، نَظِيره مُطَابقَة الشَّمْس لكل وَاحِد من الصُّور الْحَاصِلَة فِي المرايا) لِأَنَّهَا عين كل من تِلْكَ الصُّور، وَإِنَّمَا الْفرق بِعَدَمِ الْحُصُول فِي المرايا وَحُصُول الصُّور فِيهَا والكلي بعد الْكَثْرَة: هُوَ كالحقائق الْكُلية وجودا فِي الْعلم الْحَادِث، ومطابقته لكثيرين هِيَ أَن كل وَاحِد من تِلْكَ الجزئيات إِذا جردت عَن مشخصات تكون عين ذَلِك الْكل، نَظِيره أَن كل وَاحِد من الصُّور الْحَاصِلَة فِي المرايا إِذا قطعت نسبتها عَن المرايا تبقى صُورَة وَاحِدَة كَانَ: كَانَ التَّامَّة أم الْأَفْعَال لِأَن كل شَيْء دَاخل تَحت الْكَوْن، وَمن ثمَّة صرفوها تَصرفا لَيْسَ لغَيْرهَا وَهِي تدل على الزَّمَان الْمَاضِي قَرِيبا أَو بَعيدا من غير تعرض لزواله فِي الْحَال أَو لَا لزواله، وَصَارَ مَعْنَاهُ الِانْتِقَال من حَال إِلَى حَال، وَلِهَذَا يجوز أَن يُقَال: كَانَ الله، وَلَا يجوز صَار الله وَالْمُخْتَار أَن (كَانَ) حرف إِن اعْتبر الْقَصْد الْأَصْلِيّ فِي دلَالَة الْفِعْل على مَعْنَاهُ، وَإِلَّا فَهُوَ فعل بِلَا شُبْهَة وَاخْتلف فِي (كَانَ) فِي قَوْله تَعَالَى: {كَيفَ نُكَلِّم من كَانَ فِي المهد صَبيا} هَل هِيَ تَامَّة أَو نَاقِصَة؟ قَالَ بَعضهم: إِنَّهَا تَامَّة هُنَا و (صَبيا) مَنْصُوب على الْحَال، وَلَا يجوز أَن تكون نَاقِصَة لِأَنَّهُ لَا اخْتِصَاص بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي ذَلِك لِأَن كلا كَانَ فِي المهد صَبيا وَلَا عجب فِي تكليم من كَانَ فِي حَال الصَّبِي وَالصَّحِيح أَنَّهَا فِي الْآيَة زَائِدَة، وَكَونهَا تَامَّة بِمَعْنى (وجد أَو حدث) بعيد، لِأَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لم يخلق ابْتِدَاء فِي المهد وَكَانَ: لما انْقَطع، وَأصْبح وَأَخَوَاتهَا لما لَا يَنْقَطِع تَقول: (أصبح زيد غَنِيا) وَهُوَ غَنِي فِي وَقت إخبارك غير مُنْقَطع غناهُ كَانَ التَّامَّة: بِمَعْنى وجد وَحدث الشَّيْء والناقصة: بِمَعْنى وجد وَحدث موصوفية الشَّيْء بالشَّيْء وَالْمرَاد فِي الْقسم الأول: حُدُوث الشَّيْء فِي موصوفية نَفسه، فَكَانَ الِاسْم الْوَاحِد كَافِيا، وَالْمرَاد فِي الْقسم الثَّانِي: حُدُوث موصوفية أحد الْأَمريْنِ بِالْآخرِ، فَلَا جرم لم يكن الِاسْم الْوَاحِد كَافِيا بل لَا بُد فِيهِ من ذكر الاسمين حَتَّى يُمكنهُ أَن يُشِير إِلَى موصوفية أَحدهمَا بِالْآخرِ كَانَ النَّاقِصَة لَا دلَالَة فِيهَا على عدم سَابق وَلَا على عدم الدَّوَام، وَلذَلِك تسْتَعْمل فِيمَا هُوَ حَادث مثل: (كَانَ زيد رَاكِبًا) وَفِيمَا هُوَ دَائِم مثل {كَانَ الله غَفُورًا} وَلما كَانَ فعلا جَعَلْنَاهُ بِمَنْزِلَة (ضرب) حَيْثُ منعنَا دُخُول الْبَاء فِي خَبره كَمَا منعناه فِي مَفْعُوله، و (لَيْسَ) لما كَانَ فعلا غير ظَاهر نظرا إِلَى صِيغ الِاسْتِقْبَال وَالْأَمر جَعَلْنَاهُ متوسطا وجوزنا إِدْخَال الْبَاء فِي خَبره وَتَركه لَا نقُول بِالْوُجُوب لما أَن بَين (لَيْسَ) وَبَين (مَا) مشابهة فِي الْمَعْنى إِذْ هما لنفي الْحَال وَمُخَالفَة فِي الْعَوَارِض والمخالفة وَإِن أوجبت الإدخال لَكِن مَا بِالنَّفسِ أقوى مِمَّا بالعارض، فَيجوز الإخلاء وَهُوَ مُقْتَضى التَّشْبِيه

و (كَانَ) من دواخل الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فَحق اسْمهَا أَن يكون مَعْلُوما لكَونه مُبْتَدأ فِي الأَصْل، وَحقّ خَبَرهَا أَن يكون غير مَعْلُوم لكَونه خَبرا فِي الأَصْل، وَيجوز فِي بَاب (كَانَ) تَقْدِيم الْخَبَر على الِاسْم وعَلى (كَانَ) ، وَلَا يجوز تَقْدِيم الْخَبَر على (إِن) وَلَا على اسْمهَا إِلَّا أَن يكون ظرفا أَو مجرورا و (كَانَ) لَيست من الْأَفْعَال الَّتِي يكون فاعلها مضمرا يفسره مَا بعْدهَا، بل هَذَا مُخْتَصّ من الْأَفْعَال ب (نعم وَبئسَ) و (كَانَ) الَّتِي بِمَعْنى الْأَمر والشأن لَا يكون اسْمهَا إِلَّا مستترا فِيهَا وَغير مستتر وَلَا يتَقَدَّم خَبَرهَا على معنى الْأَمر والشأن وَلَا ينعَت اسْمهَا وَلَا يعْطف عَلَيْهِ وَلَا يُؤَكد وَلَا يُبدل مِنْهُ وَلَا يكون خَبَرهَا إِلَّا جملَة، وَلَا تحْتَاج الْجُمْلَة أَن يكون فِيهَا عَائِد يرجع إِلَى الأول، والناقصة بِخِلَافِهَا فِي جَمِيع ذَلِك و (كَانَ) بِمَعْنى حضر: نَحْو {وَإِن كَانَ ذُو عسرة} وَبِمَعْنى وَقع: نَحْو مَا شَاءَ الله كَانَ وَبِمَعْنى صَار: نَحْو {وَكَانَ من الْكَافرين} وَبِمَعْنى الِاسْتِقْبَال: نَحْو {يخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَره مُسْتَطِيرا} وَبِمَعْنى الْمَاضِي الْمُنْقَطع: نَحْو {وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط} وَبِمَعْنى الْحَال: نَحْو {كُنْتُم خير أمة} وَبِمَعْنى الْأَزَل والأبد: نَحْو {وَكَانَ الله عليما حكيما} وَبِمَعْنى الدَّوَام والاستمرار: نَحْو {وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما} ، {وَكُنَّا بِكُل شَيْء عَالمين} : أَي لم نزل كَذَلِك، وعَلى هَذَا الْمَعْنى يتَخَرَّج جَمِيع الصِّفَات الذاتية المقترنة بكان وَبِمَعْنى يَنْبَغِي: نَحْو {مَا كَانَ لكم أَن تنبتوا شَجَرهَا} وَبِمَعْنى صَحَّ وَثَبت [كَقَوْلِه: صَحَّ عِنْد النَّاس أَنِّي عاشق] ثمَّ إِنَّهُم لما أَرَادوا نفي الْأَمر بأبلغ الْوُجُوه قَالُوا: مَا كَانَ لَك أَن تفعل كَذَا حَتَّى اسْتعْمل فِيمَا هُوَ محَال أَو قريب مِنْهُ، فَمن الأول قَوْله تَعَالَى: {مَا كَانَ لله أَن يتَّخذ من ولد} وَمن الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ} أَي: مَا صَحَّ لَهُ وَمَا استقام وَتَكون للتَّأْكِيد وَهِي الزَّائِدَة، وَجعل مِنْهُ: (وَمَا

علمي بِمَا كَانُوا يعْملُونَ} ذكر الْمُحَقق فِي " شرح الْمِفْتَاح " أَن لفظ (يكون) فِيهِ إِشْعَار بِأَنَّهُ لَيْسَ بدائم، وَهَذَا يُخَالف مَا إِذا قيل: الْفَاعِل يكون مَرْفُوعا الْكَوْن: يَسْتَعْمِلهُ بعض النَّاس فِي اسْتِحَالَة جَوْهَر إِلَى مَا هُوَ دونه، وَكثير من الْمُتَكَلِّمين يستعملونه فِي معنى الإبداع وَكَانَ يكين: بِمَعْنى خضع (والكين: لحم بَاطِن الْفرج أَو غدده) والكون عِنْد الفلاسفة: حُلُول صُورَة جَدِيدَة فِي الهيولى وَعند الْمُتَكَلِّمين: هوالحصول فِي الحيز (والكون وَالْفساد يُطلق بالاشتراك على مَعْنيين على صُورَة وَزَوَال الْأُخْرَى، وعَلى وجود بعد عدم وَعدم بعد وجود) كَاد: هُوَ من أَفعَال المقاربة وضع لدنو الْخَبَر حصولا، وَالْفِعْل المقرون بِهِ مُقَيّد، وَالنَّفْي الدَّاخِل عَلَيْهِ قد يعْتَبر سَابِقًا على الْقَيْد فَيُفِيد معنى الْإِثْبَات بالتكليف وَقد يعْتَبر مَسْبُوقا بِهِ فَيُفِيد الْبعد عَن الْإِثْبَات والوقوع كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: لَا يكادون يفقهُونَ قولا} وَكَاد: تشارك سَائِر الْأَفْعَال من حَيْثُ أَن نَفيهَا لَا يُوجب الْإِثْبَات وَإِن إِثْبَاتهَا لَا يُوجب النَّفْي، بل نَفيهَا نفي وإثباتها إِثْبَات، فَمَعْنَى (كَاد يفعل) : قَارب الْفِعْل وَلم يفعل و (مَا كَاد يفعل) : مَا قَارب الْفِعْل فضلا عَن أَن يفعل، (وَلَا فرق بَين أَن يكون حرف النَّفْي مُتَقَدما عَلَيْهِ أَو مُتَأَخِّرًا عَنهُ نَحْو: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} مَعْنَاهُ: كَادُوا لَا يَفْعَلُونَ) وَلَيْسَ نَفيهَا نفيا الْبَتَّةَ، بل قد يكون نَفيهَا استبطاء كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} أخبر سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِأَنَّهُم كَانُوا فِي أول الْأَمر بعداء من ذَبحهَا وَإِثْبَات الْفِعْل وَإِنَّمَا فهم من دَلِيل آخر وَهُوَ {فذبحوها} بِخِلَاف نفي الْفِعْل فِي (مَا كَاد يفعل) فَإِنَّهُ لَازم من نفي المقاربة عقلا وَقيل: كَاد وضع لمقاربة الشَّيْء فعل أم لَا فمثبته لنفي الْفِعْل ومنفيه لثُبُوته ف {يكَاد الْبَرْق يخطف} لم يخطف {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} فعلوا لأَنهم ذَبَحُوا، (وَالْأول هُوَ الصَّحِيح) فِي " الْقَامُوس "؛ (كَاد يفعل) : قَارب وَلم يفعل مُجَرّدَة تنبئ عَن نفي الْفِعْل، ومقرونة بالجحد تنبئ عَن وُقُوعه وَخبر (كَاد) لَا يكون إِلَّا جملَة وَخبر (عَسى) مُفْرد، وَالْغَالِب فِي خبر (عَسى) الاقتران بِأَن لِأَنَّهَا من أَفعَال الترجي، وَالْغَالِب فِي خبر (كَاد) التَّجْرِيد من (أَن) لِأَنَّهَا تدل على شدَّة مقاربة الْفِعْل، فَلم يُنَاسب خَبَرهَا أَن يقْتَرن بِأَن فَلَا يُقَال: كَاد أَن يفعل، وَإِنَّمَا يقْتَرن قَلِيلا نظرا إِلَى أَصْلهَا قَالَ بَعضهم: (كَاد) وضعت لمقاربة الْفِعْل وَلِهَذَا قَالُوا: (كَاد النعام يطير) لوُجُود جُزْء من الطيران فِيهِ، وَإِن وضعت لتدل على تراخي الْفِعْل ووقوعه فِي الزَّمَان الْمُسْتَقْبل وَلَيْسَ كَذَلِك (عَسى) لِأَنَّهَا وضعت للتوقع الَّذِي يدل وضع (أَن) على مثله،

فوقوع (أَن) بعْدهَا يُفِيد تَأْكِيد الْمَعْنى ويزيده فضل تَحْقِيق وَقُوَّة قَالَ الْفراء: (لَا يكَاد) يسْتَعْمل فِيمَا يَقع وَفِيمَا لَا يَقع، وَمَا يَقع مثل قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يكَاد يسيغه} وَمَا لَا يَقع مثل قَوْله تَعَالَى: {لم يكد يَرَاهَا} وَقد يكون للاستبطاء وإفادة أَن الْخَبَر لم يَقع إِلَّا بعد الْجهد وَبعد أَن كَانَ بَعيدا فِي الظَّن أَن يَقع كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يكَاد يبين} أَي يبطئ فِي التَّكَلُّم وَلَا يتَكَلَّم إِلَّا بعد الْجهد وَالْمَشَقَّة لما بِهِ من المذمة وَقد يَجِيء كَاد بِمَعْنى الْإِرَادَة وَفِي التَّنْزِيل نَحْو: {كدنا ليوسف} ، و {أكاد أخفيها} وَقد يَجِيء مُتَعَدِّيا لغير الْإِرَادَة وَفِي التَّنْزِيل: {أم يُرِيدُونَ كيدا} أَي: مكرا وَقد تكون صلَة للْكَلَام وَمِنْه: {لم يكد يَرَاهَا} أَي: لم يرهَا و (كرب) أبلغ من قرب حِين وضع مَوضِع (كَاد) تَقول: (كربت الشَّمْس أَن تغرب) كَمَا تَقول: (كَادَت الشَّمْس أَن تغرب) كأين: هِيَ مركبة من كَاف التَّشْبِيه وَأي الَّتِي اسْتعْملت اسْتِعْمَال (من) و (مَا) ركبتا فَصَارَت بِمَعْنى كم وَلِهَذَا يجوز إِدْخَال من بعْدهَا، وتكتب بالنُّون، والفصل بَين المركبة وَغير المركبة مثل: (رَأَيْت رجلا لَا كأي رجل) يكون كَمَا يكْتب معد يكرب وبعلبك مَوْصُولا للْفرق، وكما يكْتب ثمَّة بِالْهَاءِ تمييزا بَينهَا وَبَين ثمَّ، وَهِي تشارك كم فِي الِاسْتِفْهَام والافتقار إِلَى التَّمْيِيز وَالْبناء وَلُزُوم التصدير، وإفادة التنكير تَارَة والاستفهام أُخْرَى، وَهُوَ نَادِر وتخالفها فِي أُمُور هِيَ مركبة وَكم بسيطة على الصَّحِيح، ومميزها مجرور بِمن غَالِبا، وَلَا تقع استفهامية عِنْد الْجُمْهُور، وَلَا تقع مجرورة، وخبرها لَا يَقع مُفردا كم: اسْم مُفْرد مَوْضُوع للكثرة يعبر بِهِ عَن كل مَعْدُود كثيرا كَانَ أَو قَلِيلا وَسَوَاء فِي ذَلِك الْمُذكر والمؤنث، فقد صَار لَهَا معنى وَلَفظ وَجَرت مجْرى (كل) و (أَي) و (من) و (مَا) فِي أَن لكل وَاحِد مِنْهَا لفظا وَمعنى، فلفظه مُذَكّر مُفْرد، وَفِي الْمَعْنى يَقع على الْمُؤَنَّث والتثنية وَالْجمع واستعمالها فِي الْمَقَادِير إِمَّا لاستفهامها فَتكون استفهامية، وَهِي حِينَئِذٍ مثل (كَيفَ) لاستبانة الْأَحْوَال، و (أَي) لاستبانة الْأَفْرَاد، و (مَا) لاستبانة الْحَقَائِق، وَإِمَّا لبيانها إِجْمَالا فَتكون خبرية وَإِن كَانَت اسْم اسْتِفْهَام كَانَ بناؤها لتضمنها معنى حرف الِاسْتِفْهَام وَإِن كَانَت خبرية كَانَ بناؤها حملا على (رب) وَذَلِكَ لِأَنَّهَا إِذْ ذَاك للمباهاة والافتخار، كَمَا أَن (رب) كَذَلِك، والخبرية نقيضة (رب) لِأَنَّهَا للتكثير، و (رب) للتقليل والنقيض يجْرِي مجْرى مَا يناقضه كَمَا أَن النظير يجْرِي مجْرى مَا يجانسه

وَلَا يعْمل فِي (كم) مَا قبلهَا خبرية كَانَت أَو استفهامية لحفظ صدارتها، إِذْ الِاسْتِفْهَام (يَقْتَضِي صدر الْكَلَام ليعلم من أول الْأَمر أَنه من أَي نوع من أَنْوَاع الْكَلَام، وَكَذَا الخبرية لِأَنَّهَا لإنشاء للتكثير وَلها أَيْضا صدر الْكَلَام وَكم الاسفهامية) بِمَنْزِلَة عدد منون، وَكم الخبرية بِمَنْزِلَة عدد حذف عَنهُ التَّنْوِين ومميز الاستفهامية مَنْصُوب، ومميز الخبرية مجرور، وَيحسن حذف مُمَيّز الاستفهامية وَلَا يحسن حذف مُمَيّز الخبرية وَإِذا فصل بَين كم الخبرية ومميزها نصب مميزها نَحْو: (كم فِي الدَّار رجلا) فَإِذا فصل بالمتعدي وَجب زِيَادَة (من) للفصل من الْمَفْعُول نَحْو: {وَكم أهلكنا من قَرْيَة} وَقد كثر زِيَادَته بِلَا فصل نَحْو: {وَكم من قَرْيَة} ، (وَكم من ملك) وَجَاز أَن يَقع بعد الخبرية الْوَاحِد وَالْجمع كَمَا يُقَال: ثَلَاثَة عبيد، وَألف عبد وَبعد الاستفهامية لزم أَن يَقع الْوَاحِد كَمَا يَقع بعد أحد عشر إِلَى تِسْعَة وَتِسْعين، وَامْتنع أَن يَقع بعْدهَا الْجمع لِأَن الْعدَد مَنْصُوب على التَّمْيِيز، والمميز بعد الْمَقَادِير لَا يكون جمعا كَيفَ: هُوَ اسْم مَبْنِيّ على الْفَتْح، وَالدَّلِيل على كَونه اسْما دُخُول حرف الْجَرّ عَلَيْهِ يُقَال: (على كَيفَ تبيع) ، وَإِنَّمَا بني لِأَنَّهُ شابه الْحَرْف شبها معنويا لِأَن مَعْنَاهُ الِاسْتِفْهَام وأصل الِاسْتِفْهَام الْهمزَة وَهِي حرف، وَإِنَّمَا بني على الْفَتْح طلبا للخفة، وَكَذَا (أَيْن) وَالْغَالِب فِيهِ أَن يكون استفهاما إِمَّا حَقِيقِيًّا نَحْو: (كَيفَ زيد) أَو غَيره نَحْو: {كَيفَ تكفرون بِاللَّه} فَإِنَّهُ أخرج مخرج التَّعَجُّب و (كَيفَ) لَهَا صدر الْكَلَام وَمَا لَهُ صدر الْكَلَام لَا يعْمل فِيهِ إِلَّا حرف الْجَرّ أَو الْمُضَاف، وَهُوَ سُؤال تَفْوِيض لإطلاقه مثل: {كَيفَ تكفرون بِاللَّه} وَلَا كَذَلِك الْهمزَة فَإِنَّهَا سُؤال حصر وتوقيت نقُول: (أجاءك رَاكِبًا أم مَاشِيا) وَإِن كَانَ بعد كَيفَ اسْم فَهُوَ فِي مَحل الرّفْع على الخبرية عَنهُ مثل: (كَيفَ زيد) وَإِن كَانَ بعده فعل فَهُوَ فِي مَحل النصب على الحالية نَحْو: (كَيفَ جَاءَ زيد) ، وَيَقَع مَفْعُولا مُطلقًا نَحْو: {كَيفَ فعل رَبك} وَقد يكون فِي حكم الظّرْف بِمَعْنى فِي أَي حَال كَقَوْلِك: (كَيفَ جِئْت) وَترد للشّرط فتقتضي فعلين متفقي اللَّفْظ وَالْمعْنَى غير مجزومين نَحْو: (كَيفَ تصنع أصنع) [وكل مَا أخبر الله بِلَفْظَة (كَيفَ) عَن نَفسه فَهُوَ استخبار على طَرِيق التَّنْبِيه للمخاطب أَو التوبيخ نَحْو: {كَيفَ تكفرون بِاللَّه} {كَيفَ ضربوا لَك الْأَمْثَال} والكيف: عرض لَا يقبل الْقِسْمَة لذاته وَلَا اللاقسمة أَيْضا، وَلَا يتَوَقَّف تصَوره على تصور غير ذِي الألوان والكيفية: قد يُرَاد بهَا مَا يُقَابل الْكمّ وَالنّسب وَهُوَ

الْمَعْنى الْمَشْهُور وَقد يُرَاد بهَا معنى الصّفة إِذْ يُقَال: الصّفة والهيئة وَالْعرض والكيفية على معنى وَاحِد والكيفية: اسْم لما يُجَاب بِهِ عَن السُّؤَال بكيف أَخذ من كَيفَ بإلحاق يَاء النِّسْبَة وتاء النَّقْل من الوصفية إِلَى الاسمية بهَا كَمَا أَن الكمية اسْم لما يُجَاب بِهِ عَن السُّؤَال بكم بإلحاق ذَلِك أَيْضا، وَتَشْديد الْمِيم لإِرَادَة لَفظهَا على مَا هُوَ قانون إِرَادَة نفس اللَّفْظ الثنائي الآخر، وَكَذَا الْمَاهِيّة منسوبة إِلَى لفظ (مَا) بإلحاق يَاء النِّسْبَة بِلَفْظ (مَا) وَمثل (مَا) إِذا أُرِيد بِهِ لَفظه تلْحقهُ الْهمزَة، فأصلها مائية أَي: لفظ يُجَاب بِهِ عَن السُّؤَال بِمَا قلبت همزته هَاء لما بَينهمَا من قرب المخارج، أَو الأَصْل مَا هُوَ أَي: الْحَقِيقَة المنسوبة إِلَى مَا هُوَ، فَحذف الْوَاو للخفة الْمَطْلُوبَة وأبدلت الضمة بالكسرة للياء ثمَّ عوض عَن الْوَاو التَّاء وَفِي " التَّبْصِرَة " الْكَيْفِيَّة: عبارَة عَن الهيئات والصور وَالْأَحْوَال والماهية: مقول فِي جَوَاب (مَا هُوَ) بِمَعْنى أَي جنس فالماهية: مقول فِي جَوَاب (من هُوَ) وَأَنَّهَا توجب الْمُمَاثلَة وَلِهَذَا لما قَالَ فِرْعَوْن: {وَمَا رب الْعَالمين} أجَاب مُوسَى بِكُل مرّة بِصِيغَة أبين من أُخْرَى حَتَّى بَهته والكيفية: إِن اخْتصّت بذوات الْأَنْفس تسمى كَيْفيَّة نفسانية كَالْعلمِ والحياة وَالصِّحَّة وَالْمَرَض وَإِن كَانَت راسخة فِي موضعهَا تسمى ملكة، وَإِلَّا تسمى حَالا بِالتَّخْفِيفِ كالكتابة فَإِنَّهَا فِي ابتدائها تكون حَالا فَإِذا استحكمت صَارَت ملكة كي: الْأَصَح أَنَّهَا حرف مُشْتَرك تَارَة تكون حرف جر بِمَعْنى اللَّام وَتارَة تكون حرفا مَوْصُولا تنصب الْمُضَارع لِأَنَّهَا حرف وَاحِد يجر وَينصب وَأما (حَتَّى) فَالْأَصَحّ أَنَّهَا حرف جر فَقَط، وَإِن نصبت الْمُضَارع بعْدهَا فَإِنَّمَا هُوَ بِأَن مضمرة لَا بحتى وَترد للمصدرية فعلامة ذَلِك تقدم اللَّام عَلَيْهَا نَحْو: {لكيلا تأسوا} إِذْ لَا يجوز حِينَئِذٍ كَونهَا جَارة لِأَن حرف الْجَرّ لَا يُبَاشر مثله وعلامة (كي) التعليلية الجارة ظُهُور أَن الْمَفْتُوحَة بعْدهَا نَحْو: (جئْتُك كي أَن تكرمني) أَو اللَّام نَحْو: (جئْتُك كي لتكرمني) ، وَإِن لم تظهر اللَّام قبلهَا وَلَا أَن بعْدهَا نَحْو: {كي لَا يكون دولة} أَو ظهرتا مَعًا كَقَوْلِه:

أردْت لكيما أَن تطير بقربتي جَازَ الْأَمْرَانِ، أَي كَونهَا مَصْدَرِيَّة وجارة أَيْضا وَقد تكون مختصرة من (كَيفَ) كَمَا فِي قَوْله: كي تجنحون إِلَى سلم أَي: كَيفَ تجنحون كَأَن: هِيَ مُشَدّدَة لَهَا أَرْبَعَة معَان: التَّشْبِيه: وَهُوَ الْغَالِب الْمُتَّفق عَلَيْهِ وَالشَّكّ وَالظَّن: إِذا لم يكن الْخَبَر جَامِدا وَالتَّحْقِيق كَقَوْلِه: (فَأصْبح بطن مَكَّة مقشعرا ... كَأَن الأَرْض لَيْسَ بهَا هِشَام) والتقريب نَحْو: (كَأَنَّك بالشتاء مقبل) و (كَأَنَّك بالفرج آتٍ) و (كَأَنِّي بك) مَعْنَاهُ: كَأَنِّي أبصرك إِلَّا أَنه ترك الْفِعْل لدلَالَة الْحَال وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَمَعْنَاهُ: أعرف لما أشاهد من حالك الْيَوْم كَيفَ يكون حالك غَدا كَأَنِّي أنظر إِلَيْك وَأَنت على تِلْكَ الْحَال وَمثله (من لي بِكَذَا) أَي من يتكفل لي بِهِ، أومن يضمن لي بِهِ، وَله نَظَائِر وَفِي كَلَام بعض النُّحَاة مَا يَقْتَضِي منع اسْتِعْمَال (كَأَنِّي بك) إِلَّا أَن فِي الحَدِيث " كَأَنِّي بِهِ " فَإِن صَحَّ فَهُوَ دَلِيل الْجَوَاز وَقَوْلهمْ: (كَأَنَّك بالدنيا لم تكن) الْكَاف فِيهِ للخطاب وَالْبَاء زَائِدَة وَالْمعْنَى كَأَن الدُّنْيَا لم تكن وَكَأن: مُخَفّفَة ملغاة عَن الْعَمَل على الِاسْتِعْمَال الْأَفْصَح كَقَوْل الشَّاعِر: (وَنحر مشرق اللَّوْن ... كَأَن ثدياه حقان) و (كَأَن ثدييه) على الِاسْتِعْمَال غير الْأَفْصَح كلا، بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيف: فِي التَّثْنِيَة ككل فِي الْجمع، وَهُوَ مُفْرد اللَّفْظ مثنى الْمَعْنى يعبر عَنهُ بِلَفْظ الْوَاحِد مرّة اعْتِبَارا بِلَفْظِهِ، وبلفظ الِاثْنَيْنِ مرّة أُخْرَى اعْتِبَارا بِمَعْنَاهُ قَالَ أَبُو عَليّ الْجِرْجَانِيّ وَغَيره: وزن كلا (فعل) ولامه معتل بِمَنْزِلَة لَام (حجى ورضى) وَهِي كلمة وضعت على هَذِه الْخلقَة كَمَا ذكرنَا فِي (الرضى) وكلا: اسْم مُفْرد معرفَة يُؤَكد بِهِ مذكران معرفتان وكلتا: اسْم مُفْرد معرفَة يُؤَكد بِهِ مؤنثان معرفتان وَمَتى أضيفا إِلَى اسْم ظَاهر بَقِي ألفهما على حَاله فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة، وَإِذا أضيفا إِلَى مُضْمر تقلب فِي النصب والجرياء وَوضع كلا وكلتا أَن يُؤَكد الْمثنى فِي الْموضع الَّذِي يجوز فِيهِ انْفِرَاد أَحدهمَا بِالْفِعْلِ ليتَحَقَّق معنى الْمُشَاركَة، وَذَلِكَ مثل قَوْلك: (جَاءَ الرّجلَانِ كِلَاهُمَا) لجَوَاز أَن يُقَال: (جَاءَ الرجل) وَأما فِيمَا لَا يكون فِيهِ الْفِعْل لوَاحِد فتوكيد الْمثنى بهما لَغْو كلا: ك (هلا) مركبة عِنْد ثَعْلَب من كَاف التَّشْبِيه وَلَا النافية، وَإِنَّمَا شددت لامها لتقوية الْمَعْنى ولدفع توهم بَقَاء معنى الْكَلِمَتَيْنِ وَعند غَيره بسيطة، وَأكْثر الْبَصرِيين على أَنَّهَا حرف مَعْنَاهَا الردع والزجر تَقول لشخص: فلَان يبغضك فَيَقُول: كلا، أَي لَيْسَ الْأَمر كَمَا تَقول، وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنى مستمرا فِيهَا إِذْ قد تَجِيء بعد الطّلب لنفي إِجَابَة الطَّالِب كَقَوْلِك لمن قَالَ لَك افْعَل كَذَا: كلا، أَي لَا يُجَاب إِلَى ذَلِك وَقد جَاءَ بِمَعْنى حَقًا كَقَوْلِه تَعَالَى: (كلا إِن

الْإِنْسَان ليطْغى} فَجَاز أَن يُقَال: إِنَّه اسْم حِينَئِذٍ، لَكِن النُّحَاة حكمُوا بحرفيتها إِذا كَانَت بِمَعْنى حَقًا أَيْضا قَالَ الديربي: (وَمَا نزلت كلا بِيَثْرِب فاعلمن ... وَلم تأت فِي الْقُرْآن فِي نصفه الْأَعْلَى) وَحِكْمَة ذَلِك أَن النّصْف الْأَخير نزل أَكْثَره بِمَكَّة وَأكْثر قَومهَا جبابرة فتكررت فِيهِ على وَجه التهديد والتعنيف لَهُم وَالْإِنْكَار عَلَيْهِم [وَفِي " الإتقان] : كلا فِي الْقُرْآن فِي ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ موضعا مِنْهَا سبع للردع اتِّفَاقًا، وَالْبَاقِي مِنْهَا مَا هُوَ بِمَعْنى حَقًا قطعا، وَمِنْهَا مَا احْتمل الْأَمريْنِ، وتفصيله هُنَاكَ] كَذَا: هِيَ إِذا كَانَت كِنَايَة عَن غير عدد كَانَت مُفْردَة ومعطوفة خَاصَّة وَلَا يحفظ تركيبها وَإِذا كَانَت كِنَايَة عَن عدد فَلَا يحفظ إِلَّا كَونهَا معطوفة وَلَا يحفظ كَونهَا مُفْردَة وَلَا مركبة وَالْأَصْل فِي هَذِه اللَّفْظَة (ذَا) فَأدْخل عَلَيْهَا كَاف التَّشْبِيه إِلَّا أَنه قد انخلع من (ذَا) معنى الْإِشَارَة وَمن الْكَاف معنى التَّشْبِيه، إِذْ لَا إِشَارَة وَلَا تَشْبِيه، فَنزلت الْكَاف منزلَة الزَّائِدَة اللَّازِمَة، و (ذَا) مجرورة بهَا، إِلَّا أَن الْكَاف لما امتزجت ب (ذَا) وَصَارَت مَعَه كالجزء الْوَاحِد ناسبت لفظتهما لَفْظَة (حبذا) فِي أَن لَا تلحقها عَلامَة التَّأْنِيث ثمَّ إِن (كَذَا) لما كَانَت كِنَايَة عَن الْعدَد فَإِذا قَالَ: (لَهُ عَليّ كَذَا درهما) فنصب (درهما) يلْزمه عشرُون لِأَن أقل عدد يُمَيّز بالمفرد الْمَنْصُوب وَهُوَ غير مركب عشرُون، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة، وَلَو جَرّه فَالْمَشْهُور من مَذْهَب أبي حنيفَة أَنه لَا يلْزمه إِلَّا دِرْهَم وَاحِد، وعَلى قَضِيَّة الْعَرَبيَّة يلْزمه حِينَئِذٍ مائَة لِأَنَّهُ أقل عدد (يُمَيّز بالمفرد الْمَجْرُور، وَهُوَ رِوَايَة عَن بعض أَصْحَاب أبي حنيفَة وَلَو رَفعه يلْزمه دِرْهَم وَاحِد بِلَا خلاف، لِأَن الغدد) لَا يُفَسر بالمرفوع وَقد لَفظه بدرهم، وَلَو قَالَ: (كَذَا كَذَا درهما) يلْزمه فِي حكم الْإِعْرَاب أحد عشر درهما، لِأَنَّهُ أول عدد مركب يُفَسر بمفرد مَنْصُوب وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة، وَلَو قَالَ: (كَذَا وَكَذَا درهما) بالْعَطْف يلْزمه فِي حكم الْإِعْرَاب أحد وَعِشْرُونَ، لِأَنَّهَا أول عدد مَعْطُوف يُمَيّز بمفرد مَنْصُوب، وَإِنَّمَا أُجِيز إِضَافَة اسْم الْإِشَارَة فِي صُورَة جر دِرْهَم لكَونهَا كِنَايَة عَن الْعدَد فِي صُورَة انتصابه بِمَا فِي الْكَاف أَو فِي (ذَا) من الْإِبْهَام (وَلم ترد كَذَا فِي الْقُرْآن إِلَّا للْإِشَارَة نَحْو: {أهكذا عرشك} وَلَفْظَة (كَذَا فِي كَذَا) تسْتَعْمل فِي معَان مُخْتَلفَة بالاشتراك أَو الْمجَاز، ككون الشَّيْء فِي الزَّمَان، وَكَونه فِي الْمَكَان، وَالْعرض فِي الْمحل، والجزء فِي الْكل الْكَاف: الْكَاف الَّتِي هِيَ من الْحُرُوف الجارة تحْتَاج فِي الدّلَالَة على الْمَعْنى إِلَى الْمُتَعَلّق، وَالَّتِي بِمَعْنى الْمثل لَا تحْتَاج إِلَيْهِ وللكاف الجارة الحرفية خَمْسَة معَان: التَّشْبِيه وَهُوَ الْغَالِب وَالتَّعْلِيل كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ وَمِنْه: (كَمَا أرسلنَا

فِيكُم رَسُولا} أَي لأجل إرْسَاله {واذكروه كَمَا هدَاكُمْ} أَي لأجل هدايتكم والاستعلاء نَحْو: (كن كَمَا أَنْت عَلَيْهِ) و (كخير فِي جَوَاب من قَالَ: كَيفَ أَصبَحت والمبادرة: وَتسَمى كَاف المفاجأة وَالْقرَان إِذا اتَّصَلت ب (مَا) نَحْو: (سلم كَمَا تدخل) والتوكيد: إِذا كَانَت مزيدة نَحْو: {لَيْسَ كمثله شَيْء} وَترد الْكَاف اسْما بِمَعْنى (مثل) فَيكون لَهَا مَحل من الْإِعْرَاب، وَيعود عَلَيْهَا الضَّمِير كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {كَهَيئَةِ الطير فأنفخ فِيهِ} أَي فأنفخ فِي ذَلِك الشَّيْء المماثل فَيصير كَسَائِر الطُّيُور وَتَكون اسْما جارا مرادفا لمثل وَلَا تكون إِلَّا ضَرُورَة كَقَوْلِه: يضحكن عَن كَالْبردِ الْمُتَّهم وَتَكون ضميرا مَنْصُوبًا ومجرورا نَحْو: {مَا وَدعك رَبك} وحرف معنى لاحقه لاسم الْإِشَارَة ك (ذَلِك وَتلك) وَلَا حَقه للضمير الْمُنْفَصِل الْمَنْصُوب ك (إياك وإياكما) ولبعض أَسمَاء الْأَفْعَال (كحيهلك ورويدك) وَلَا حَقه ل (رَأَيْت) بِمَعْنى أَخْبرنِي نَحْو: (أرأيتك هَذَا) قيل: كَاف التَّشْبِيه لَا عُمُوم لَهَا كلفظة (نَحْو) بِخِلَاف لَفْظَة (مثل) فَإِنَّهَا توجبه قلت: نعم لَكِن تَوْجِيه فِي مَحل يقبله كَقَوْلِه عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي حق أهل الذِّمَّة: دماؤكم كدمائنا وكاف التَّشْبِيه إِذا دخلت على الْمُشبه بِهِ فَلَا تفِيد من التَّأْكِيد مَا تفيده الْكَاف الدَّاخِلَة على الْمُشبه، فَإِذا قلت: (إِن زيدا كالأسد) ، عملت الْكَاف فِي الْأسد عملا لفظيا، وَالْعَمَل اللَّفْظِيّ يمْنَع الْعَمَل الْمَعْنَوِيّ، فكاف الْأسد عمل بِهِ حَتَّى صَار زيدا وَإِذا قلت: (كَأَن زيدا الْأسد) ، تركت الْأسد على إعرابه، فَإِذن هُوَ مَتْرُوك على حَاله وَحَقِيقَته وَزيد مشبه بِهِ فِي تِلْكَ الْحَال وَقد نظمت فِيهِ: (وَمن حمى أجمأ وشبله البسل ... كَأَنَّهُ أَسد وَلَيْسَ كالأسد) [قَالَ الزّجاج: الْكَاف للتشبيه إِذا كَانَ الْخَبَر جَامِدا نَحْو (كَأَن زيدا أَسد) ، وللشك إِذا كَانَ مشتقا نَحْو (كَأَنَّك قَائِم) وَفِيه أَقْوَال كَثِيرَة، وَالْحق أَنه قد يسْتَعْمل عِنْد الظَّن بِثُبُوت الْخَبَر من غير قصد إِلَى التَّشْبِيه سَوَاء كَانَ ذَلِك الْخَبَر جَامِدا أَو مشتقا نَحْو (كَأَن زيدا أَخُوك) و (كَأَنَّهُ فعل كَذَا) وَهَذَا كثير فِي كَلَام المولدين] وَالْكَاف فِي مثل قَوْله: هُوَ كالعسل والدبس وَنَحْو ذَلِك استقصائية وَدخُول الْكَاف على مَا لَيْسَ بمثال حَقِيقَة شَائِع كدخوله على مَا لَيْسَ بمشبه بِهِ حَقِيقَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {كَمَاء أَنزَلْنَاهُ من السَّمَاء} الْكَلِمَة: هِيَ تقع على وَاحِد من الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة، أَعنِي الِاسْم وَالْفِعْل والحرف، وَتَقَع على الْأَلْفَاظ

الْمَنْظُومَة والمعاني الْمَجْمُوعَة وَلِهَذَا اسْتعْملت فِي الْقَضِيَّة وَالْحكم وَالْحجّة، وبجميعها ورد التَّنْزِيل {وَكلمَة الله هِيَ الْعليا} أَي: كَلَامه والكلمة الطّيبَة: صدق الحَدِيث أَي: الْكَلَام وَعِيسَى النَّبِي كلمة الله لِأَنَّهُ وجد بأَمْره تَعَالَى دون أَب فشابه البدعيات الَّتِي هِيَ من عَالم الْأَمر والكلم الطّيب: الذّكر وَالدُّعَاء وَقِرَاءَة الْقُرْآن، وَعنهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام هُوَ: " سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر " وَقد تسمى الْكَلِمَات كلمة لانتظامها فِي معنى وَاحِد والكلمة: لفظ بِالْقُوَّةِ أَو بِالْفِعْلِ مُسْتَقل دَال بجملته على معنى بِالْوَضْعِ والكلمة الْبَاقِيَة: كلمة التَّوْحِيد وَكلمَة التَّقْوَى: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَالْكَلَام فِي اللُّغَة: يُطلق على قسم الدوال الْأَرْبَع، وعَلى مَا يفهم من حَال الشَّيْء مجَازًا، وعَلى التَّكَلُّم والتكليم، وعَلى الْخطاب، وعَلى جنس مَا يتَكَلَّم بِهِ من كلمة، وعَلى كل حرف وَاحِد كواو الْعَطف وَأكْثر من كلمة مهملا كَانَ أَو لَا، وعَلى مَا فِي النَّفس من الْمعَانِي الَّتِي يعبر عَنْهَا، وعَلى اللَّفْظ الْمركب أَفَادَ أَو لم يفد وَمن الْمعَانِي اللُّغَوِيَّة للْكَلَام مَا يكون مكتفيا بِهِ فِي أَدَاء المرام وَهُوَ حَقِيقَة فِي اللساني عِنْد الْمُعْتَزلَة وَقَالَ الْأَشْعَرِيّ: مرّة حَقِيقَة فِي النفساني، وَمرَّة مُشْتَرك بَينه وَبَين اللَّفْظِيّ وَالتَّحْقِيق فِي هَذَا الْبَاب أَن الْكَلَام عبارَة عَن فعل مَخْصُوص بِفعل الْحَيّ الْقَادِر لأجل أَن يعرف غَيره مَا فِي ضَمِيره من الاعتقادات والإرادات وَأما الْكَلَام الَّذِي هُوَ صفة قَائِمَة بِالنَّفسِ فَهِيَ صفة حَقِيقِيَّة كَالْعلمِ وَالْقُدْرَة والإرادة وَالْكَلَام فِي الأَصْل على الصَّحِيح: هُوَ اللَّفْظ، وَهُوَ شَامِل لحرف من حُرُوف المباني أَو الْمعَانِي ولأكثر مِنْهُمَا وَفِي عرف الْفُقَهَاء: هُوَ الْمركب من حرفين فَصَاعِدا، فالحرف الْوَاحِد لَيْسَ بِكَلَام، فَلَا يفْسد الصَّلَاة، والحرفان يفسدان وَإِن كَانَ أَحدهمَا زَائِدا نَحْو (أَخ) و (أُفٍّ) و (تف) ، وَقَالَ أَبُو يُوسُف: إِنَّه غير مُفسد لِأَنَّهُ وَاحِد بِاعْتِبَار الأَصْل وَلَيْسَ ثَلَاثَة أحرف كَمَا فِي " التُّمُرْتَاشِيّ " وَهَذَا لَيْسَ بِقَوي كَمَا فِي " الْكَافِي " وَالْكَلَام أحد من الْكَلم، فَإِن الْكَلم يدْرك تَأْثِيره بحاسة الْبَصَر، وَالْكَلَام يدْرك تَأْثِيره بحاسة السّمع وَالْكَلَام: اسْم للمصدر وَلَيْسَ بمصدر حَقِيقَة، لِأَن المصادر جَارِيَة على أفعالها، فمصدر (تَكَلَّمت) التَّكَلُّم، ومصدر [كلمت: التكليم، ومصدر] كالمته: المكالمة وَالْكَلَام لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهَا فَثَبت أَنه لَيْسَ بمصدر، بل هُوَ اسْم للمصدر يعْمل عمله، وَلِهَذَا يُقَال: كلامك زيدا أحسن، كَمَا يُقَال: تكليمك زيدا أحسن والتكلم: اسْتِخْرَاج اللَّفْظ من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود، ويعدي بِالْبَاء وبنفسه، وَيشْتَرط الْقَصْد فِي الْكَلَام عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور، فَلَا يُسمى مَا نطق بِهِ النَّائِم والساهي وَمَا تحكيه الْحَيَوَانَات المعلمة كلَاما،

وَلم يَشْتَرِطه بَعضهم، وَسمي ذَلِك كلَاما، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان، وَاخْتِيَار محققي أهل السّنة: هُوَ أَن الْكَلَام فِي الْحَقِيقَة مَفْهُوم يُنَافِي الخرس وَالسُّكُوت [وَهُوَ نفسية، وَأما الحسية فَإِن مَا سمي كلَاما مجَازًا تَسْمِيَة للدال باسم الْمَدْلُول: (إِن الْكَلَام لفي الْفُؤَاد وَإِنَّمَا ... جعل اللِّسَان على الْفُؤَاد دَلِيلا) أَلا يرى أَن وَاحِدًا منا بملأ الألواح والصحف من أَحَادِيث نَفسه من غير تلفظ بِكَلِمَة وَبِه يمتاز عَن الْحَيَوَانَات الْعَجم وَالْكَلَام النَّفْسِيّ لَا بُد وَأَن يكون مَعَ قصد الْخطاب إِمَّا مَعَ النَّفس أَو مَعَ الْغَيْر، وَالْعلم لَا يكون فِيهِ قصد الْخطاب وَلَو كَانَ لصار كلَاما، وَذهب كثير من أهل السّنة إِلَى أَن من تكلم بِكَلَام فَمَعْنَاه قَائِم بِنَفسِهِ وموجود فِيهَا وجودا أصيليا وسموه كلَاما نفسيا وحكموا بمغايرته للْعلم خلافًا للمعتزلة] وَالْكَلَام فِي الْعرف: هُوَ صَوت مقتطع مَفْهُوم يخرج من الْفَم لَا تدخل فِيهِ الْقِرَاءَة وَالتَّسْبِيح فِي صَلَاة أَو خَارِجهَا لِأَنَّهُ يُسمى قَارِئًا وَلَا يُسمى متكلما كَمَا فِي " شرح الطَّحَاوِيّ " وَكَذَا قِرَاءَة الْكتب ظَاهرا وَبَاطنا كَمَا فِي " الْخُلَاصَة " وَمن نظر فِي الْكتاب وفهمه وَلم يُحَرك بِهِ لِسَانه فمحمد يعده قِرَاءَة، وَأَبُو يُوسُف لَا يعد الْفَهم قِرَاءَة وللكلمة حَقِيقَة ومجاز، فحقيقتها اللَّفْظَة الدَّالَّة على معنى مُفْرد بِالْوَضْعِ، ومجازها الْكَلَام بَقِي أَن بَعْضًا من الْأَصْوَات المركبة والحروف الْمُؤَلّفَة الَّتِي تدل على مدلولاتها بالطبع لَا بِالْوَضْعِ مثل (أَخ) عِنْد الوجع، و (أح، أح) عِنْد السعال، فَهَل أَمْثَال هَذِه الْأَصْوَات تسمى كلمة؟ فِيهِ اخْتِلَاف، وكل كلمة تسمى لَفْظَة، وكل لَفْظَة لَا تسمى كلمة فِي " التسهيل ": الْكَلَام مَا تضمن من الْكَلم إِسْنَادًا مُفِيدا مَقْصُودا لذاته، فَقَوله مَا تضمن كالجنس وَمن الْكَلم فصل خرج بِهِ الدوال الْأَرْبَع وإسنادا خرج بِهِ الْمُفْردَات والمركبات الإضافية والمزجية، ومفيدا خرج بِهِ مَا لَا فَائِدَة فِيهِ من الإسنادات ك (برق نَحره) ، والمعلوم عِنْد السَّامع ك (السَّمَاء فَوْقنَا) ، والمتوقف على غَيره ك (إِن قَامَ زيد) ومقصودا لذاته خرج بِهِ مَا كَانَ مَقْصُودا لغيره كصلة الْمَوْصُول نَحْو: (قَامَ أَبوهُ) ، من قَوْلنَا (جَاءَ الَّذِي قَامَ أَبوهُ) ، فَإِنَّهَا مفيدة بانضمامها إِلَى الْمَوْصُول مَقْصُودَة بغَيْرهَا، وَهُوَ إِيضَاح الْوُصُول وَالْكَلَام: يُطلق على الْمُفِيد وعَلى غير الْمُفِيد وَالْجُمْلَة الشّرطِيَّة بِمَجْمُوع الشَّرْط وَالْجَزَاء كَلَام وَاحِد من حَيْثُ الإفادة كَمَا فِي كلمة (الْإِخْلَاص) ، وَالْكَلَام المعقب بِالِاسْتِثْنَاءِ والكلم: يُطلق على الْمُفِيد وَغَيره وَالْكَلَام: الْجُمْلَة المفيدة والكلمة: هِيَ اللَّفْظَة المفردة، هَذَا عِنْد أَكثر النَّحْوِيين، وَلَا فرق بَينهمَا عِنْد أَكثر الْأُصُولِيِّينَ، فَكل وَاحِد مِنْهُمَا يتَنَاوَل الْمُفْرد والمركب وَلَو قُلْنَا: اسْم الْكَلَام لَا يتَنَاوَل إِلَّا الْجُمْلَة فَهَذَا قَول أبي حنيفَة وصاحبيه، وَلَو قُلْنَا: إِنَّه يتَنَاوَل الْكَلِمَة الْوَاحِدَة فَهَذَا القَوْل قَول زفر [وَشرط الْحِنْث هُوَ الْكَلَام الْمَعْهُود وَهُوَ الْمُفْهم الْمُفِيد المحصل للمقصود]

وَالْكَلَام: مَا تضمن الْإِسْنَاد الْأَصْلِيّ وَكَانَ مَقْصُودا لذاته، وَالْجُمْلَة مَا تضمن الْإِسْنَاد الْأَصْلِيّ سَوَاء كَانَ مَقْصُودا لذاته أَو لَا وَالْكَلَام: يَقع على الْقَلِيل وَالْكثير، وَالْجُمْلَة لَا تقع إِلَّا على الْوَاحِد، وَلذَا يَصح أَن يُقَال: جَمِيع الْقُرْآن كَلَام الله، وَلَا يَصح جملَة الْقُرْآن كَلَام الله وَتقول: هَذَا كَلَام الله لِأَن الْكَلَام عَام، وَلَا تَقول: قُرْآن الله لِأَنَّهُ خَاص بِكَلَام الله [وَكَلَام الله هُوَ الْكَلَام النَّفْسِيّ، وَالْقُرْآن هُوَ الْكَلَام الْمعبر بِهَذِهِ الْعبارَات، وَالْكَلَام] لَا يثنى وَلَا يجمع بِخِلَاف الْجُمْلَة، وَادّعى الْبَعْض الترادف، فَالْمَسْأَلَة ذَات قَوْلَيْنِ والكلم: جنس الْكَلِمَة وَحقه أَن يَقع على الْقَلِيل وَالْكثير كَالْمَاءِ، وَلَكِن غلب على الْكثير وَلم يَقع إِلَّا على مَا فَوق الِاثْنَيْنِ لَا جمع كلمة وَالْكَلَام عِنْد أهل الْكَلَام: مَا يضاد السُّكُوت سَوَاء كَانَ مركبا أَو لَا، مُفِيدا فَائِدَة تَامَّة أَو لَا وَعند أهل الْعرُوض: مَا تضمن كَلِمَتَيْنِ أَو أَكثر سَوَاء حسن السُّكُوت عَلَيْهِ أَو لَا، مَعَ الدّلَالَة على معنى صَحِيح (وَالْكَلَام على قَول بعض أهل النَّحْو: اسْم وَفعل وحرف) وَقَالَ بَعضهم: حُرُوف منظومة تدل على معنى، وَهَذَا الْحَد لَا يَسْتَقِيم فِي كَلَام الله تَعَالَى، لِأَن كَلَام الله صفة أزلية قَائِمَة بِذَاتِهِ لَيْسَ من جنس الْحُرُوف والأصوات [فَمَعْنَى كَونه تَعَالَى متكلما على طَريقَة أهل اللُّغَة أَنه مَحل للْكَلَام لَا أَنه يوجده كَمَا يزعمه الْمُعْتَزلَة، فالمتكلم على قَاعِدَة اللُّغَة فِي المشتقات كالمتحرك وَمن هَاهُنَا يَنْتَظِم برهَان على إِثْبَات الْكَلَام النَّفْسِيّ وَفِي اخْتِيَار أبي مَنْصُور الماتريدي رَحمَه الله أَن الْكَلَام هُوَ الْمَعْنى الْقَائِم بِذَات الْمُتَكَلّم لَا يتَفَاوَت بَين الشَّاهِد وَالْغَائِب، فَالْكَلَام فِي الْحَقِيقَة لَيْسَ من جنس الْحُرُوف والأصوات، فَحِينَئِذٍ لم يبْق دَعْوَى الْخُصُوم بل كَانَ مردودا عَلَيْهِم كَذَا فِي " التسديد " وَلَا اخْتِلَاف بَين الأشعرية والماتريدية رَحِمهم الله فِي أَنه تَعَالَى مُتَكَلم بِكَلَام نَفسِي هُوَ صفة لَهُ تبَارك وَتَعَالَى قَائِمَة بِهِ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِي أَنه تَعَالَى مُتَكَلم لم يزل مكلما فَعِنْدَ أَكثر متكلمي الْحَنَفِيَّة معنى المكلمية إسماع لِمَعْنى {اخلع نعليك} مثلا، وَلَا شكّ فِي انْقِضَاء هَذِه الْإِضَافَة الَّتِي عرضت خَاصَّة للْكَلَام الْقَدِيم بإسماعه لمخصوص بِانْقِضَاء الإسماع وَعند الأشعرية أَن المتكلمية والمكلمية مأخوذان من الْكَلَام لَكِن باعتبارين مُخْتَلفين، فالمتكلمية بِاعْتِبَار قِيَامهَا بِذَات الْبَارِي وَكَونهَا صفة لَهُ، وَهَذَا مَحل وفَاق، والمكلمية بِاعْتِبَار تعلقهَا أزلا بالمكلف بِنَاء على مَا ذهب إِلَيْهِ هُوَ وَأَتْبَاعه من تعلق الْخطاب أزلا بالمعدوم] وَإنَّهُ وَاحِد غيرمتجزىء، وَلَيْسَ بعربي وَلَا عبراني وَلَا سرياني، وَإِنَّمَا الْعَرَبيَّة والعبرانية والسريانية عِبَارَات عَنهُ، وَهَذِه الْعبارَات حُرُوف وأصوات وَهِي محدثة فِي محلهَا، وَهِي الْأَلْسِنَة واللهوات وَعَن سُفْيَان الثَّوْريّ أَنه قَالَ: لم ينزل وَحي إِلَّا

بِالْعَرَبِيَّةِ، ثمَّ ترْجم كل نَبِي لِقَوْمِهِ بلغتهم (وَإِنَّمَا سمي قُرْآنًا لِمَعْنى الْجمع، وَكَلَام الله لِأَنَّهُ يتَأَدَّى بهَا، وَالْكِتَابَة الدَّالَّة عَلَيْهِ مَكْتُوب فِي مَصَاحِفنَا، وَالْقُرْآن الدَّال عَلَيْهِ مقروء بألسنتنا، والألفاظ الدَّالَّة عَلَيْهِ مَحْفُوظَة فِي صدورنا لَا ذَاته كَمَا يُقَال: الله مَكْتُوب على هَذَا الكاغد لَا يُرَاد بِهِ حُلُول ذَاته فِيهِ وَإِنَّمَا يُرَاد بِهِ مَا يدل على ذَاته، ومحصله أَن مَا قَامَ بِذَاتِهِ تَعَالَى قديم وَهُوَ مُتَكَلم فِي الْأَزَل بِهِ حَيْثُ لَا سامع وَلَا خَاطب، وَهَذَا لَا يُوصف بالنزول والحدوث، وَهُوَ الَّذِي يُتْلَى فِي الصَّلَاة) من قَالَ: فالمتأخرون مِنْهُم من قَالَ بحدوث اللَّفْظ، وَمِنْهُم من قَالَ: اللَّفْظ قديم، وَهُوَ المتلو، والتلاوة حَادِثَة، وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَن السّلف بِأَن الْقُرْآن كَلَام الله الْقَدِيم الْمَحْفُوظ فِي صدورنا المتلو بألسنتنا فعلى هَذَا الْوَصْف بالحدوث بِالنّظرِ إِلَى التعلقات وحدوث الْأَزْمِنَة فَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآن بِلَفْظ الْمَاضِي مُقْتَضى التَّعَلُّق وحدوثه لَا يسْتَلْزم حُدُوث الْكَلَام كَمَا فِي الْعلم قَالَ الشَّيْخ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ فِي " شرح الْمَقَاصِد ": وَتَحْقِيق هَذَا مَعَ القَوْل بِأَن الأزلي مَدْلُول اللَّفْظ عسير جدا، وَكَذَا القَوْل بِأَن المتصف بالمضي وَغَيره إِنَّمَا هُوَ اللَّفْظ الْحَادِث دون الْمَعْنى الْقَدِيم، وَيُمكن أَن يُجَاب عَنهُ بِأَن الْمُقْتَضى للحدوث إِنَّمَا هُوَ الْكَلَام اللَّفْظِيّ وَلَا نزاع فِيهِ، واقتضاء الْكَلَام النَّفْسِيّ مَمْنُوع، هَكَذَا أَجَابَهُ الْعَلامَة الأسفراييني [وَمَا يسْتَدلّ بِهِ على حُدُوث اللَّفْظ من كَونه مترتب الْأَجْزَاء مُتَقَدما بَعْضهَا على بعض فمدفوع بِجَوَاز أَن يكون الْمُتَأَخر مَسْبُوقا بالمتقدم لَا سَابِقًا زمانيا كالكتابة الَّتِي يحصل مجموعها مَعًا فِي مَحل من طائع يكون فِيهِ تِلْكَ الْكِتَابَة واستبعاد ترَتّب الْحُرُوف والكلمات على الشَّاهِد فَإِن فِي الشَّاهِد لَا يتَصَوَّر ذَلِك لعدم مساعدة الْآلَة، وَأما فِي الْغَائِب فَيجوز ذَلِك وَإِن كَانَت الْعُقُول البشرية قَاصِرَة عَن إِدْرَاك كنه هَذَا الْأَمر وَلَيْسَ ذَلِك مثل تصور حَرَكَة لَا تقدم لبَعض أَجْزَائِهَا على الْبَعْض وَهُوَ محَال لِأَن عدم إِمْكَان ذَلِك التَّصَوُّر فِي الْحَرَكَة الَّتِي هِيَ اسْم للحالة الْمَخْصُوصَة من حَيْثُ ترَتّب أَجْزَائِهَا وَأما ذَات تِلْكَ الْحَالة الْمُسَمَّاة بالحركة ففد الْمُتَكَلِّمين مركبة مِمَّا لَا يتَجَزَّأ فَيجوز أَن يَقع جَمِيع أَجْزَائِهَا فِي آن وَاحِد وَإِن لم يسمهَا أهل الْعرف من تِلْكَ الْحَيْثِيَّة حَرَكَة] وَاعْلَم أَنهم لما رأو أَن هَهُنَا قياسين متعارضين أَحدهمَا: أَن كَلَام الله صفة لَهُ، وكل مَا هُوَ صفة لَهُ فَهُوَ قديم، فَكَلَامه تَعَالَى قديم وَثَانِيهمَا: أَن كَلَامه تَعَالَى مؤلف من أَجزَاء مترتبة فِي الْوُجُود، وكل مَا هُوَ كَذَلِك فَهُوَ حَادث، فَكَلَامه حَادث، فافترق الْمُسلمُونَ أَربع فرق بِعَدَد مُقَدمَات القياسين: فرقتان مِنْهُم وهم الْمُعْتَزلَة والكرامية ذَهَبُوا إِلَى حَقِيقَة الْقيَاس (الثَّانِي، إِلَّا أَن الْمُعْتَزلَة قَدَحُوا فِي صغرى الْقيَاس الأول، والكرامية فِي كبراه وفرقتان مِنْهُم وهم الأشاعرة والحنابلة ذَهَبُوا إِلَى حَقِيقَة الْقيَاس الأول) إِلَّا أَن الْحَنَابِلَة قَدَحُوا فِي

كبرى الْقيَاس الثَّانِي، والأشاعرة فِي صغراه إِذا عرفت هَذَا فَنَقُول إِن مَا أَدَّاهُ الْأَنْبِيَاء إِلَى أممهم مِمَّا أخبر الله عَنهُ أَو أَمر بِهِ أَو نهى عَنهُ إِلَى غير ذَلِك هُوَ أُمُور ثَلَاثَة: معَان مَعْلُومَة، وعبارات دَالَّة عَلَيْهَا مَعْلُومَة أَيْضا، وَصفَة يتَمَكَّن بهَا من التَّعْبِير عَن تِلْكَ الْمعَانِي بِهَذِهِ العبارت لإفهام المخاطبين وَلَا شكّ فِي قدم هَذِه الصّفة وَكَذَا فِي قدم صُورَة معلومية تِلْكَ الْمعَانِي والعبارات بِالنِّسْبَةِ إِلَى الله تَعَالَى، فَإِن كَلَامه عبارَة عَن تِلْكَ الصّفة فَلَا شكّ فِي قدمه، وَإِن كَانَ عبارَة عَن تِلْكَ الْمعَانِي والعبارات فَلَا شكّ أَنَّهَا بِاعْتِبَار معلوميته تَعَالَى أَيْضا قديمَة، لَكِن لَا يخْتَص هَذَا الْقدَم بهَا بل يعمها وَسَائِر عِبَارَات المخلوقين ومدلولاتها، لِأَنَّهَا كلهَا مَعْلُومَة لله تَعَالَى أزلا وأبدا، وَمَا أثْبته المتكلمون من الْكَلَام النَّفْسِيّ فَإِن كَانَ عبارَة عَن تِلْكَ الصّفة فَحكمه ظَاهر، وَإِن كَانَ عبارَة عَن تِلْكَ الْمعَانِي والعبارات الْمَعْلُومَة فَلَا شكّ أَن قِيَامهَا بِهِ لَيْسَ إِلَّا بِاعْتِبَار صور معلوميتها، وَلَيْسَ صفة بِرَأْسِهِ، بل هُوَ من جزئيات الْعلم، وَأما الْمَعْلُوم فَسَوَاء كَانَ عِبَارَات أَو مدلولاتها لَيْسَ قَائِما بِهِ سُبْحَانَهُ فَإِن الْعبارَات بوجودها الْأَصْلِيّ من مقولات الْأَعْرَاض غير القارة، وَأما مدلولاتها فبعضها من قبيل الذوات، وَبَعضهَا من قبيل الْأَعْرَاض، فَكيف يقوم بِهِ سُبْحَانَهُ؟ وَالْحَاصِل أَن كنه هَذِه الصّفة وَكَذَا سَائِر صِفَاته مَحْجُوب عَن الْعقل كذاته تَعَالَى، فَلَيْسَ لأحد أَن يَخُوض فِي الكنه بعد معرفَة مَا يجب لذاته وَصِفَاته وَمَا يُوجد فِي كتب عُلَمَاء الْكَلَام من التَّمْثِيل بالْكلَام النَّفْسِيّ فِي الشَّاهِد فَإِنَّمَا هُوَ للرَّدّ على الْمُعْتَزلَة والحنابلة فِي حصرهم الْكَلَام فِي الْحُرُوف والأصوات (مَعَ أَن فِيهِ نفي مَا أثبتوه من الْكَلَام لظُهُور أَن لَا إِمْكَان لقِيَام الْحُرُوف والأصوات بِذَاتِهِ تَعَالَى) حَتَّى قيل لَهُم: ينْتَقض حصركم ذَلِك بكلامنا النَّفْسِيّ، فَإِنَّهُ كَلَام حَقِيقَة وَلَيْسَ بِحرف وَلَا صَوت، وَإِذا صَحَّ ذَلِك فَكَلَامه لَيْسَ بِحرف وَلَا صَوت، فَلم يَقع الِاشْتِرَاك بَينهمَا إِلَّا فِي هَذِه الصّفة، وَهِي أَن كَلَامه لَيْسَ بِحرف وَلَا صَوت كَمَا أَن كلامنا النَّفْسِيّ لَيْسَ بِحرف وَلَا صَوت وَأما الْحَقِيقَة فمباينة للْحَقِيقَة كل المباينة) وَاخْتلف أهل السّنة فِي كَون الْكَلَام النَّفْسِيّ مسموعا [واستحاله الماتريدية] فالأشعري قاسه على رُؤْيَة مَا لَيْسَ بلون وَلَا جسم فَكَمَا عقل رُؤْيَة مَا لَيْسَ بلون وَلَا جسم فليعقل سَماع مَا لَيْسَ بِصَوْت وَلَا حرف (وَهُوَ لَا يكون إِلَّا بطرِيق خرق الْعَادة وَجوز الماتريدي أَيْضا سَماع مَا لَيْسَ بِصَوْت، وَالْخلاف إِنَّمَا هُوَ فِي الْوَاقِع لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، فَعِنْدَ الماتريدية سمع مُوسَى صَوتا دَالا على كَلَام الله وَعند الْأَشْعَرِيّ أَنه سمع الْكَلَام النَّفْسِيّ وَقد اسْتدلَّ جمَاعَة على أَن الْقُرْآن غير مَخْلُوق بقوله

تَعَالَى: {الرَّحْمَن علم الْقُرْآن خلق الْإِنْسَان} حَيْثُ جمع بَينهمَا وغاير وَقد ذكر الْإِنْسَان فِي ثَمَانِيَة عشر موضعا من الْقُرْآن فَقَالَ إِنَّه مَخْلُوق وَذكر الْقُرْآن فِي أَرْبَعَة وَخمسين موضعا وَلم يقل إِنَّه مَخْلُوق، وَإِن قيل: كَيفَ لَا يُقَال إِنَّه غير مَخْلُوق وَقد نقل فِيهِ من كَلَام المخلوقين كموسى وَفرْعَوْن وإبليس وَغَيرهم؟ قُلْنَا) : نقل الْكَلَام من أحد إِمَّا بِعَين الْعبارَة وَإِمَّا بِالْمَعْنَى، فَفِي الصُّورَة الأولى كَون ذَلِك النَّقْل كَلَام النَّاقِل ظَاهر، وَفِي الصُّورَة الثَّانِيَة كَون عبارَة الْمَنْقُول عَنهُ كَلَام النَّاقِل لَا يَخْلُو عَن نوع خَفَاء فالعبارة الَّتِي صدرت عَن الْمَنْقُول عَنهُ إِذا نقلهَا، النَّاقِل بِعَينهَا يكون فِي تِلْكَ الْعبارَة حيثيتان: فَمن حَيْثُ صدورها (عَن الْمَنْقُول عَنهُ كَلَام لَهُ ومحكي وَمن حَيْثُ صدورها) عَن النَّاقِل كَلَام لَهُ، وحكاية لكَلَام النَّاقِل وإخبار عَنهُ؛ فَمَا نقل فِيهِ من كَلَام المخلوقين مَخْلُوق بِاعْتِبَار الْحَيْثِيَّة الأولى، وقديم غير مَخْلُوق بِاعْتِبَار الْحَيْثِيَّة الثَّانِيَة وَكَونه من عِنْد الله غير مَوْقُوف على النُّبُوَّة فِي نفس الْأَمر، بل هُوَ ثَابت بإعجازه على الِاخْتِلَاف فِي وَجه الإعجاز [نعم إِثْبَات الْقُرْآن بِمَعْنى الْكَلَام النَّفْسِيّ عِنْد الْقَائِل إِنَّمَا هُوَ بِالشَّرْعِ الْكِنَايَة: هِيَ لُغَة مصدر كنى بِهِ عَن كَذَا يكني أَو يكنو إِذا تكلم بِشَيْء يسْتَدلّ بِهِ على غَيره، أَو يُرَاد بِهِ غَيره وَشَرِيعَة: مَا استتر فِي نَفسه مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ أَو الْمجَازِي، فَإِن الْحَقِيقَة المهجورة كِنَايَة كالمجاز غير غَالب الِاسْتِعْمَال، وَمَا يقْصد إِلَيْهِ فِي الْكَلَام إِمَّا مَنْسُوب إِلَيْهِ بِأَيّ نِسْبَة كَانَت فالكناية حِينَئِذٍ يقْصد بهَا الْمَوْصُوف، كَمَا يقْصد بعريض الوسادة الْكِنَايَة عَن كثير النّوم، أَو بعريض الْقَفَا عَن الأبله وَإِمَّا مَنْسُوب: فالكناية حِينَئِذٍ يقْصد بهَا الصّفة كطويل النجاد الْكِنَايَة عَن طول الْقَامَة وَإِمَّا نِسْبَة: فالكناية حِينَئِذٍ يقْصد بهَا النِّسْبَة كَقَوْلِه: (إِن السماحة والمروءة والندى ... فِي قبَّة ضربت على ابْن الحشرج) وَالْكِنَايَة والحقيقة تشتركان فِي كَونهمَا حقيقتين، وتفترقان بالتصريح فِي الْحَقِيقَة، وَعدم التَّصْرِيح فِي الْكِنَايَة وَالْكِنَايَة عِنْد عُلَمَاء الْبَيَان: هِيَ أَن يعبر عَن شَيْء بِلَفْظ غير صَرِيح فِي الدّلَالَة عَلَيْهِ لغَرَض من الْأَغْرَاض كالإبهام على السَّامع أَو لنَوْع فصاحة وَعند أهل الْأُصُول: مَا يدل على المُرَاد بِغَيْرِهِ لَا بِنَفسِهِ [وَهِي فِي اصطلاحهم أَعم من الْمجَاز من

وَجه لِأَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْمجَاز غير الْمُتَعَارف، وَقد تُوجد الْكِنَايَة فِي مَحل بِدُونِ الْمجَاز كَمَا فِي الضمائر وَبِالْعَكْسِ كَمَا فِي الْمجَاز الْمُتَعَارف] وَالْكِنَايَة لَيست بمجاز هُوَ الصَّحِيح وَقد قَالُوا برمتهم: فرق بَين الْكِنَايَة وَالْمجَاز بِصِحَّة إِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ مِنْهَا دون الْمجَاز قلت: صِحَة إِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ فِيهَا لَا لذاته بل ليتوصل بِهِ إِلَى الِانْتِقَال إِلَى المُرَاد بِقَرِينَة معية لإِرَادَة الْمَعْنى غير الْمَوْضُوع لَهُ فِيهَا، وَكَذَا الْمجَاز كُله حَيْثُ لَا تمنع فِيهِ الْقَرِينَة إِلَّا إِرَادَة الْمَوْضُوع لَهُ لذاته، وَهُوَ السَّبع الْمَخْصُوص مثلا فِي (لقِيت أسدا يَرْمِي) وَلَا يمْتَنع أَن يقْصد الِانْتِقَال إِلَى الرجل الشجاع وَالْمعْنَى الْحَقِيقِيّ فِي الْمجَاز الْمُرْسل ملحوظ للانتقال مِنْهُ إِلَى الْمَعْنى الْمجَازِي لكنه غير مَقْصُود بالإفادة وَالْمعْنَى الْحَقِيقِيّ فِي الْكِنَايَة مَقْصُود بالإفادة لَكِن لَا لذاته بل لتقدير المكنى عَنهُ، وَبِه تفارق الْكِنَايَة التَّضْمِين وَقد صرح فِي بعض الْمُعْتَبرَات أَن كِنَايَة أَئِمَّة الْعَرَبيَّة مجَاز إِذْ لَا وَاسِطَة بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز عِنْد الْمُتَكَلِّمين والأصوليين وَالْكِنَايَة [فِي اصْطِلَاح أَئِمَّة الْبَيَان] : انْتِقَال من لَازم إِلَى ملزوم [وَأما على قَول الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاء فَلَا احْتِيَاج إِلَى الِانْتِقَال فضلا من اللَّازِم إِلَى الْمَلْزُوم بل قد يكون اللَّفْظ كِنَايَة فِي مَحل حَقِيقَة] والإرداف: انْتِقَال من مَذْكُور إِلَى مَتْرُوك، فَإِن الإرداف: هُوَ أَن يُرِيد الْمُتَكَلّم معنى وَلَا يعبر عَنهُ بِلَفْظِهِ الْمَوْضُوع لَهُ وَلَا بِدلَالَة الْإِشَارَة، بل يعبر عَنهُ لفظ يرادفه كَقَوْلِه تَعَالَى: {واستوت على الجودي} إِذْ حَقِيقَة ذَلِك الْجُلُوس فَعدل عَن اللَّفْظ الْخَاص بِالْمَعْنَى وَهُوَ (جَلَست) إِلَى مرادفه لما فِي الاسْتوَاء من الْإِشْعَار بجلوس مُتَمَكن لَا زيغ فِيهِ وَلَا ميل، وَهَذَا لَا يحصل من لفظ (جَلَست) وَدلَالَة قَوْله تَعَالَى: {وَمَا علمناه الشّعْر} على أَن الْقُرْآن لَيْسَ بِشعر، وَدلَالَة ذَلِك على نفي الشاعرية عَنهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَيْسَ من قبيل الْمَفْهُوم الْحَقِيقِيّ وَهُوَ نفي تَعْلِيم الشّعْر مِنْهُ وَلَا من قبيل الْمجَاز الْمُفْرد وَلَا الْمركب، أَعنِي الِاسْتِعَارَة التمثيلية، وَلَا من قبيل الْإِسْنَاد الْمجَازِي بل من قبيل الْكِنَايَة التلويحية، أَعنِي تعدد الِانْتِقَال بِقَرِينَة الْمقَام، فَإِن الِانْتِقَال من قَوْله: {وَمَا علمناه الشّعْر} إِلَى أَن الْقُرْآن لَيْسَ بِشعر، وَمن ذَلِك إِلَى أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَيْسَ بشاعر انْتِقَال من اللَّازِم إِلَى الْمَلْزُوم بمرتبتين وَالْكِنَايَة: هِيَ أَن تذكر الشَّيْء بلوازمه والتعريض ة هُوَ أَن تذكر كلَاما يحْتَمل مقصودك وَغير مقصودك إِلَّا أَن قَرَائِن أحوالك تؤكد حمله على مقصودك ونكت الْكِنَايَة كَثِيرَة كالإيضاح أَو بَيَان حَال الْمَوْصُوف، أَو مِقْدَار حَاله أَو الْقَصْد إِلَى الْمَدْح أَو الذَّم، أَو الِاخْتِصَار أَو استزادة الصيانة، أَو التعمية والإلغاز، أَو التَّعْبِير عَن الصعب بالسهل، أَو عَن الْقَبِيح بِاللَّفْظِ الْحسن، كَمَا يكنى عَن الْجِمَاع بالملامسة والمباشرة والرفث والإفضاء وَالدُّخُول

والسر وَتلك فِي الْحَلَال، كَمَا أَن خبث وفجر فِي الزِّنَا، وَعَن الْبَوْل وَنَحْوه بالغائط وَقَضَاء الْحَاجة وَالْمرَاد بقوله تَعَالَى: {وَالَّتِي أحصنت فرجهَا} : فرج الْقَمِيص وَهَذَا من ألطف الْكِنَايَات، كَمَا يُقَال: فلَان عفيف الذيل، وَمن هَذَا ترى أَرْبَاب الصّلاح يَقُولُونَ للأعمى: مَحْجُوب، وللأعور: مُمْتَنع، وللكوسج: خَفِيف العارضين وللسؤآل: زوار، وللرشوة: مصانعة، وللمصادرة: مُوَافقَة، وللعزل: صرف، وللفقر: خفَّة الْحَال، وللكذب: نزيل، وللسكر: نشاط، وللحيض: ترك الصَّلَاة، وللحاجة: تَجْدِيد الطَّهَارَة، وللنكاح: خلْوَة وَبِنَاء، وللمرض: عَارض وفتور، وللموت: انْتِقَال، وللهزيمة: انحياز وَيَقُولُونَ: قيل فِي الْحُجْرَة أَو من وَرَاء السّتْر وَأَشْبَاه ذَلِك قَالَ ابْن الْأَثِير فِي " الْمثل السائر ": الْكِنَايَة: مَا دلّ على معنى النِّسْبَة يجوز حمله على جَانِبي الْحَقِيقَة وَالْمجَاز بِوَصْف جَامع بَينهمَا، وَيكون فِي الْمُفْرد والمركب والتعريض: هُوَ اللَّفْظ الدَّال على معنى لَا من جِهَة الْوَضع الْحَقِيقِيّ أَو الْمجَازِي بل من جِهَة التَّلْوِيح وَالْإِشَارَة، فَيخْتَص بِاللَّفْظِ الْمركب، كَقَوْل من يتَوَقَّع صلَة: (وَالله إِنِّي مُحْتَاج) ، فَإِنَّهُ تَعْرِيض بِالطَّلَبِ مَعَ أَنه لم يوضع لَهُ حَقِيقَة وَلَا مجَازًا، وَإِنَّمَا فهم مِنْهُ الْمَعْنى من عرض اللَّفْظ أَي: من جَانِبه وَالْكِنَايَة والتعريض: لَا يعملان فِي القَوْل عمل الْإِيضَاح والكشف، وَلذَلِك كَانَ لإعادة اللَّفْظ فِي قَوْله تَعَالَى: {وبالحق أَنزَلْنَاهُ وبالحق نزل} مَا لم يكن فِي تَركهَا والاكتفاء بِالْكِنَايَةِ والتعريض بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَعْنى الْأَصْلِيّ قد يكون حَقِيقَة، وَقد يكون مجَازًا، وَقد يكون كِنَايَة الْكفْر، بِالضَّمِّ وَالْقِيَاس الْفَتْح: لُغَة: السّتْر، وَشَرِيعَة: عدم الْإِيمَان عَمَّا من شَأْنه وَالْكفْر ضد الْإِيمَان يتَعَدَّى بِالْبَاء نَحْو: {فَمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بِاللَّه} وضد الشُّكْر يتَعَدَّى بِنَفسِهِ يُقَال: كفره كفورا أَي: كفرانا وَيُقَال: كفر الْمُنعم وَالنعْمَة وَلَا يُقَال: كفر بالمنعم وَالنعْمَة وَالْكَافِر: اللَّيْل، وَالْبَحْر، والوادي الْعَظِيم، وَالنّهر الْكَبِير، والسحاب المظلم، والزراع، وَالزَّرْع، وَمن الأَرْض مَا بعد من النَّاس وَالْكفْر: تَغْطِيَة نعم الله بالجحود، وَهُوَ فِي الدّين أَكثر والكفران: أَكثر اسْتِعْمَالا فِي جحود النِّعْمَة، والكفور فيهمَا جَمِيعًا وَالْكفَّار: فِي جمع الْكَافِر المضاد للْإيمَان أَكثر اسْتِعْمَالا والكفرة فِي جمع كَافِر النِّعْمَة أَكثر اسْتِعْمَالا وَالْكفْر: مِلَّة وَاحِدَة لِأَن شَرِيعَة مُحَمَّد هِيَ الْحق بِلَا شكّ وَالنَّاس بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا فرقتان: فرقة تقر بهَا وهم الْمُؤْمِنُونَ قاطبة، وَفرْقَة تنكر بأجمعهم وهم الْكفَّار كَافَّة فَبِهَذَا الِاعْتِبَار كالملة الْوَاحِدَة وَإِن اخْتلفُوا فِيمَا بَينهم فصاروا كَأَهل الْأَهْوَاء من

الْمُسلمين وَالْكفْر: قد يحصل بالْقَوْل تَارَة وبالفعل أُخْرَى وَالْقَوْل الْمُوجب للكفر: إِنْكَار مجمع عَلَيْهِ فِيهِ نَص، وَلَا فرق بَين أَن يصدر عَن اعْتِقَاد أَو عناد أَو استهزاء وَالْفِعْل الْمُوجب للكفر هُوَ الَّذِي يصدر عَن تعمد وَيكون الِاسْتِهْزَاء صَرِيحًا بِالدّينِ كالسجود للصنم، وإلقاء الْمُصحف فِي القاذورات وَالْكفْر بتكذيب سيدنَا ومولانا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَيْء مِمَّا جَاءَ بِهِ من الدّين ضَرُورَة كَمَا أَن الْإِيمَان هُوَ تَصْدِيق سيدنَا ومولانا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَمِيع مَا جَاءَ بِهِ من الدّين ضَرُورَة [وَالْكفْر إِنَّمَا يكون بإنكار مَا علم بِالضَّرُورَةِ عِنْد من يَجْعَل الْإِيمَان التَّصْدِيق بِهِ، وَأما من يَجْعَل الْإِيمَان مَجْمُوع الْأُمُور الثَّلَاثَة فالكفر عِنْدهم أَعم من هَذَا إِلَّا أَن يكون من مثبتي الْوَاسِطَة وَاخْتلف المتكلمون فِي الْكفْر على حسب اخْتلَافهمْ فِي الْإِيمَان فَمن قَالَ: الْإِيمَان بِاللَّه هُوَ مَعْرفَته قَالَ: الْكفْر هُوَ الْجَهْل بِاللَّه، وَهُوَ غير منعكس على الْمَحْدُود فَإِن جحد الرسَالَة وَسَب الرَّسُول وَالسُّجُود للصنم وإلقاء الْمُصحف فِي القاذورات كفر بِالْإِجْمَاع وَلَيْسَ هَذَا جهلا بِاللَّه إِذْ قد يصدر ذَلِك من الْعَارِف بِاللَّه الْجَاهِل بِالدّلَالَةِ على الْعلم بامتناع هَذِه الْأُمُور أَو بالمعرفة بهَا وَمن قَالَ: الْإِيمَان هُوَ الطَّاعَات كالمعتزلة وَبَعض الْخَوَارِج قَالَ: الْكفْر هُوَ الْمعْصِيَة لَكِن قَالَت الْخَوَارِج: كل مَعْصِيّة كفر والمعتزلة قسموا الْمعاصِي إِلَى مَعْصِيّة هِيَ كفر وَهِي كل مَعْصِيّة تدل على الْجَهْل بِاللَّه كسب الرَّسُول وإلقاء الْمُصحف فِي القاذورات، وَإِلَى مَعْصِيّة لَا توجب اتصاف فاعلها بالْكفْر وَلَا بالفسوق وَلَا يمْتَنع مَعهَا الاتصاف بِالْإِيمَان كالسفه وكشف الْعَوْرَة إِلَى غير ذَلِك، وَإِلَى مَعْصِيّة توجب الْخُرُوج من الْإِيمَان وَلَا توجب الاتصاف بالْكفْر بل بالفسوق والفجور كَالْقَتْلِ الْعمد والعدوان وَالزِّنَا وَشرب الْخمر وَنَحْوه وَطَرِيق الرَّد على هَؤُلَاءِ إِنَّمَا هُوَ بَيَان أَن كل مَعْصِيّة لَا تدل على تَكْذِيب الرَّسُول فِيمَا جَاءَ بِهِ فَإِنَّهَا لَا تكون كفرا، وَمن قَالَ: الْإِيمَان هُوَ الْمعرفَة بالجنان وَالْإِقْرَار بِاللِّسَانِ وَالْعَمَل بالأركان قَالَ: الْكفْر هُوَ الْإِخْلَال بِأحد هَذِه الْأُمُور وَمن قَالَ: الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ بِاللَّه وَبِمَا جَاءَ بِهِ رسله قَالَ: الْكفْر هُوَ التَّكْذِيب بِشَيْء مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُول وَهَذَا هُوَ اخْتِيَار الإِمَام الْغَزالِيّ عَلَيْهِ الرَّحْمَة، وَهُوَ بَاطِل بِمن لَيْسَ بمصدق وَلَا بمكذب بِشَيْء مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُول فَإِنَّهُ كَافِر بِالْإِجْمَاع وَلَيْسَ بمكذب، وَيبْطل أَيْضا بأطفال الْكفَّار ومجانينهم فَإِنَّهُم كفار وَلَيْسوا بمصدقين وَلَا بمكذبين، وَالْأَقْرَب أَن يُقَال: الْكفْر عبارَة عَمَّا يمْنَع المتصف بِهِ من الْآدَمِيّين عَن مساهمة الْمُسلمين فِي شَيْء من جَمِيع الْأَحْكَام الْمُخْتَلفَة بهم، وَهُوَ مطرد ومنعكس لَا غُبَار عَلَيْهِ] وَالْكفْر إِمَّا كفر إِنْكَار وَهُوَ أَن يكفر بِقَلْبِه وَلسَانه، وَأَن لَا يعرف بِمَا يذكر لَهُ من التَّوْحِيد أَو كفر جحود: وَهُوَ أَن يعرف بِقَلْبِه وَلَا يقر بِلِسَانِهِ ككفر إِبْلِيس

أَو كفر عناد: وَهُوَ أَن يعرف بِقَلْبِه ويقر بِلِسَانِهِ وَلَا يدين بِهِ ككفر أبي طَالب أَو كفر نفاق: وَهُوَ أَن يقر بِلِسَانِهِ وَلَا يعْتَقد بِقَلْبِه وَالْجمع سَوَاء فِي أَن من لَقِي الله تَعَالَى بِوَاحِد مِنْهُم لَا يغْفر لَهُ ومأخذ التَّكْفِير: تَكْذِيب الشَّارِع لَا مُخَالفَته مُطلقًا، وَمن يُنكر رِسَالَة النَّبِي مثلا فَهُوَ كَافِر لَا مُشْرك، وَمن أخل بالاعتقاد وَحده فَهُوَ مُنَافِق، وبالإقرار بِالْحَقِّ فَهُوَ كَافِر، وبالعمل بِمُقْتَضَاهُ فَهُوَ فَاسق وفَاقا وَكَافِر عِنْد الْخَوَارِج، وخارج عَن الْإِيمَان غير دَاخل فِي الْكفْر عِنْد الْمُعْتَزلَة وَالْكَافِر: اسْم لمن لَا إِيمَان لَهُ، فَإِن أظهر الْإِيمَان فَهُوَ الْمُنَافِق، وَإِن طَرَأَ كفره بعد الْإِيمَان فَهُوَ الْمُرْتَد، وَإِن قَالَ بإلهين أَو أَكثر فَهُوَ الْمُشرك، وَإِن كَانَ متدينا بِبَعْض الْأَدْيَان والكتب المنسوخة فَهُوَ الْكِتَابِيّ، وَإِن قَالَ بقدم الدَّهْر وَإسْنَاد الْحَوَادِث إِلَيْهِ فَهُوَ الدهري، وَإِن كَانَ لَا يثبت الْبَارِي فَهُوَ الْمُعَطل، وَإِن كَانَ مَعَ اعترافه بنبوة النَّبِي يبطن عقائد هِيَ كفر بالِاتِّفَاقِ فَهُوَ الزنديق [وَأَصْحَاب الْهوى مِنْهُم من يكفر كغلاة المجسمة وَالرَّوَافِض وَغَيرهم وَيُسمى الْكَافِر المتأول، وَمِنْهُم من لَا يكفر وَيُسمى الْفَاسِق المتأول فَذهب جمَاعَة من الْأُصُولِيِّينَ إِلَى أَن الْقسم الأول تقبل شَهَادَته وَرِوَايَته، وَذهب الْعَامَّة إِلَى رد الشَّهَادَة للقسمين، وَفِي " الْمُحِيط " عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله قَالَ: من أكفرته لم أقبل شَهَادَته وَمن أضللته قبلت شَهَادَته وَعدم إكفار أهل الْقبْلَة لاعتقادهم أَن مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ هُوَ الدّين الْحق وتمسكهم فِي ذَلِك بِنَوْع دَلِيل من الْكتاب وَالسّنة وتأويله على وفْق هواهم وَهَذَا] مُوَافق لكَلَام الْأَشْعَرِيّ وَالْفُقَهَاء، لَكِن إِذا فتشنا عقائد فرقهم الإسلاميين وجدنَا فِيهَا مَا يُوجب الْكفْر قطعا، فَلَا نكفر أهل الْقبْلَة مَا لم يَأْتِ بِمَا يُوجب الْكفْر، وَهَذَا من قبيل قَوْله تَعَالَى: {إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا} مَعَ أَن الْكفْر غير مغْفُور، ومختار جُمْهُور أهل السّنة من الْفُقَهَاء والمتكلمين عدم إكفار أهل الْقبْلَة من المبتدعة المؤؤلة فِي غير الضرورية لكَون التَّأْوِيل شُبْهَة كَمَا هُوَ المسطور فِي أَكثر الْمُعْتَبرَات [وَأما مُنكر شَيْء من ضروريات الدّين فَلَا نزاع فِي إكفاره وَإِنَّمَا النزاع فِي إكفار مُنكر الْقطعِي بالتأويل، وَقد عرفت مَا هُوَ الْمُخْتَار وصرحوا بِعَدَمِ الإكفار فِي غير الضروريات بالتردد وَالْإِنْكَار] وأصل كفر الفلاسفة الْإِيجَاب الذاتي على مَا هُوَ الْمَشْهُور وأصل كفر البراهمة من الفلاسفة التحسين الْعقلِيّ حَتَّى نفوا النُّبُوَّة وَكَذَا أصل ضَلَالَة الْمُعْتَزلَة حَيْثُ أوجبوا على الله الْأَصْلَح لخلقه، إِلَى غير ذَلِك من الضلالات وأصل كفر عَبدة الْأَوْثَان وَغَيرهم: التَّقْلِيد الرَّدِيء حَتَّى قَالُوا: {إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة وَإِنَّا على آثَارهم مقتدرون} وَلِهَذَا قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: لَا يَكْفِي التَّقْلِيد فِي عقائد الْإِيمَان وأصل كفر الطبائعيين وَمن تَبِعَهُمْ من الجهلة الرَّبْط العادي حَتَّى رَأَوْا ارتباط الشِّبَع بِالْأَكْلِ، والري

بِالْمَاءِ وَنَحْو ذَلِك وأصل ضَلَالَة الحشوية التَّمَسُّك فِي أصُول العقائد بِمُجَرَّد ظواهر الْكتاب وَالسّنة من غير بَصِيرَة فِي الْعقل، حَيْثُ قَالُوا بالتشبيه والتجسيم والجهة عملا بظواهر النُّصُوص وَجَمِيع مَا نقل عَن الفلاسفة قد نطق بِهِ فريق من فرق الْإِسْلَام، فمذهبهم فِي الصِّفَات الإلهية واعتقادهم التَّوْحِيد فِيهَا من مَذَاهِب الْمُعْتَزلَة كَمَا أَن مَذْهَبهم فِي تلازم الْأَسْبَاب الطبيعية هُوَ الَّذِي صرح بِهِ الْمُعْتَزلَة فِي التوليد، إِلَّا الْأُصُول الثَّلَاثَة الَّتِي يكفر بهَا، وَهِي القَوْل بقدم الْعَالم والجواهر كلهَا، وبعدم إحاطة علم الْبَارِي بالجزئيات الْحَادِثَة من الْأَشْخَاص، وبعدم القَوْل ببعث الأجساد وحشرها، فَإِن هَذَا هُوَ الْكفْر الصراح الَّذِي لم يَعْتَقِدهُ أحد من فرق الْمُسلمين وَأما الْأُمُور الَّتِي قَالَ بهَا الْحُكَمَاء خَاصَّة وَلم يوافقهم طَائِفَة من الْمُسلمين، فَمِنْهَا جعل الْمَلَائِكَة عبارَة عَن الْعُقُول الْمُجَرَّدَة والنفوس الفلكية، وَمِنْهَا جعل الْجِنّ جَوَاهِر مُجَرّدَة لَهَا تصرف وتأثير فِي الْأَجْسَام العنصرية من غير تعلق بهَا تعلق النُّفُوس البشرية بأبدانها، وَمِنْهَا جعل الشَّيَاطِين القوى المتخيلة فِي الْإِنْسَان من حَيْثُ استيلاؤها على الْقُوَّة الْعَاقِلَة وصرفها عَن جَانب الْقُدس إِلَى الشَّهَوَات وَاللَّذَّات الحسية الوهمية وَقد انْعَقَد إِجْمَاع الآراء على وجود الْمَلَائِكَة وَالْجِنّ وَالشَّيَاطِين، ونطق بهَا كَلَام الله وَكَلَام الْأَنْبِيَاء [وَالرِّضَا المقرون باستحسان الْكفْر هُوَ كفر، وَقد دَعَا سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بقوله: {وَاشْدُدْ على قُلُوبهم} ] وَصَاحب الْكَبِيرَة معتزليا كَانَ أَو خارجيا يكفر لما ارتكبها مَعَ اعْتِقَاد أَنه يكفر بهَا فيكفر وَلُزُوم الْكفْر الْمَعْلُوم كفر، لِأَن اللُّزُوم إِذا كَانَ بَينا فَهُوَ فِي الِالْتِزَام لَا اللُّزُوم مَعَ عدم الْعلم بِهِ [وَمَا لَا يكون شرطا فِي الْإِيمَان وَلَا الْإِيمَان متوقفا عَلَيْهِ فالجهل بِهِ لَا يكون كفرا] وخرق الْإِجْمَاع الْقطعِي الَّذِي صَار من ضروريات الدّين كفر، وَلَا نزاع فِي إكفار مُنكر شَيْء من ضروريات الدّين، وَإِنَّمَا النزاع فِي إكفار مُنكر الْقطعِي بالتأويل، فقد ذهب إِلَيْهِ كثير من أهل السّنة من الْفُقَهَاء والمتكلمين، ومختار جُمْهُور أهل السّنة مِنْهُمَا عدم إكفار أهل السّنة من المبتدعة المؤولة فِي غير الضرورية لكَون التَّأْوِيل شُبْهَة، كَمَا فِي " خزانَة " الْجِرْجَانِيّ، و " الْمُحِيط " البرهاني، و " أَحْكَام " الرَّازِيّ، وَرَوَاهُ الْكَرْخِي وَالْحَاكِم الشَّهِيد عَن الإِمَام أبي حنيفَة والجرجاني عَن الْحسن بن زِيَاد وشارح " المواقف والمقاصد " والآمدي عَن الشَّافِعِي والأشعري لَا مُطلقًا الْكتاب: فِي الأَصْل مصدر سمي بِهِ الْمَكْتُوب تَسْمِيَة للْمَفْعُول باسم الْمصدر على التَّوَسُّع الشَّائِع، ويعبر عَن الْإِثْبَات وَالتَّقْدِير والإيجاب وَالْفَرْض وَالْقَضَاء بِالْكِتَابَةِ وَقَوله تَعَالَى: {قل لن يصيبنا إِلَّا مَا كتب الله لنا} أَي: مَا قدره وقضاه، وَفِي (لنا) تَنْبِيه على

أَن كل مَا يصيبنا نعده نعْمَة لنا وَلَا نعده نقمة علينا {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ} أَي: أَوجَبْنَا وفرضنا، وَوجه ذَلِك أَن الشَّيْء يُرَاد ثمَّ يُقَال ثمَّ يكْتب، فالإرادة مبدأ وَالْكِتَابَة مُنْتَهى، ثمَّ يعبر عَن المُرَاد الَّذِي هُوَ المبدأ إِذا أُرِيد بِهِ توكيد بِالْكِتَابَةِ الَّتِي هِيَ الْمُنْتَهى ويعبر بِالْكتاب عَن الْحجَّة الثَّابِتَة من جِهَة الله تَعَالَى [ {وَلَا رطب وَلَا يَابِس إِلَّا فِي كتاب مُبين} أَي فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ الْقُرْآن] وَفِي " الْقَامُوس " الْكتاب: مَا يكْتب فِيهِ، والدواة، والتوراة، والصحيفة، وَالْفَرْض، وَالْحكم، وَالْقدر وَالْكتاب: قد غلب فِي الْعرف الْعَام على جمع من الْكَلِمَات المنفردة بالتدوين وَفِي عرف النَّحْوِيين غلب على كتاب سِيبَوَيْهٍ وَفِي عرف الْأُصُولِيِّينَ غلب على أحد أَرْكَان الدّين وَفِي عرف المصنفين على طَائِفَة من الْمسَائِل اعْتبرت مُنْفَرِدَة عَمَّا عَداهَا وَالْكتاب فِي عرف الْفُقَهَاء: مَا يتَضَمَّن الشَّرَائِع وَالْأَحْكَام، وَلذَلِك جَاءَ الْكتاب وَالْحكم متعاطفين فِي عَامَّة الْقُرْآن وَالْكتاب: علم جنس لطائفة من أَلْفَاظ دَالَّة على مسَائِل مَخْصُوصَة من جنس وَاحِد تَحْتَهُ فِي الْغَالِب إِمَّا أَبْوَاب دَالَّة على الْأَنْوَاع مِنْهَا، وفصول دَالَّة على الْأَصْنَاف وَإِمَّا غَيرهَا وَقد يسْتَعْمل كل من الْأَبْوَاب والفصول مَكَان الآخر، وَالْكل علم جنس وَلَو كَانَ المُرَاد بَيَان الْأَنْوَاع يخْتَار الْكتاب على الْبَاب، وَلَو كَانَ المُرَاد بَيَان النَّوْع الْوَاحِد يخْتَار الْبَاب على الْكتاب وَالْكتاب شَائِع فِي وحدان الْجِنْس وَالْجمع والكتب يتَنَاوَل وحدان الْجمع، وَلذَلِك قَالَ ابْن عَبَّاس: الْكتاب أَكثر من الْكتب وَفِي " الْكَشَّاف ": الْملك أَكثر من الْمَلَائِكَة، وَبَيَانه أَن الْوَاحِد إِذا أُرِيد بِهِ الْجِنْس والجنسية قَائِمَة وحدان الْجِنْس كلهَا لم يخرج مِنْهُ شَيْء، وَأما الْجمع فَلَا يدْخل تَحْتَهُ إِلَّا مَا فِيهِ الجنسية من الجموع (وَالْكِتَابَة: جمع الْحُرُوف الْمَنْظُومَة وتأليفها بالقلم وَمِنْه الْكتاب لجمعه أبوابه وفصوله ومسائله) والكتيبة للقطعة من الْجَيْش لِاجْتِمَاعِهِمْ وانضمام بَعضهم إِلَى بعض وَالْكِتَابَة لانضمام العَبْد إِلَى الْمولى فِي الِاخْتِصَاص بالاكتساب فِي " الراموز ": كتب كنصر كتابا وَكِتَابَة وكتبة أَي: خطّ (وكنصر وَضرب: جمع، والقربة: خرزها وَفِي " الْقَامُوس ": كتبه كتبا وكتابا: خطه، ككتبه، واكتتبه، أَو كتبه: خطه واكتتبه: استملاه، كاستكتبه والإكتاب: تَعْلِيم الْكِتَابَة، كالتكتيب والإملاء وَالْكِتَابَة قد تطلق على الْإِمْلَاء، وَقد تطلق على الْإِنْشَاء)

وشاع اسْتِعْمَال الْكتاب فِي الْحُرُوف والكلمات الْمَجْمُوعَة إِمَّا فِي اللَّفْظ وَإِمَّا فِي الْخط بِجعْل الْمصدر بِمَعْنى الْمَفْعُول وشاع اسْتِعْمَال الْكِتَابَة بِمَعْنى تَصْوِير اللَّفْظ بحروف هجائية لِأَن فِيهِ جمع صور الْحُرُوف وأشكالها وَفِي " الرَّاغِب ": الْكتب، كَالْقَتْلِ: ضم أَدِيم بالخياطة وَفِي الْمُتَعَارف: ضم الْحُرُوف بَعْضهَا إِلَى بعض فِي الْخط، وَلِهَذَا سمي كتاب الله، وَأَن تكْتب كتابا قَالَ ابْن كَمَال: وَمن قَالَ أطلق على المنظوم كتاب قبل أَن يكْتب لِأَنَّهُ مِمَّا يكْتب، فَكَأَنَّهُ لم يفرق بَين اللَّفْظ وَالْكِتَابَة فِي " الْقَامُوس " الْخط: الْكتب بالقلم وَغَيره الْكَذِب: الْإِخْبَار عَن الشَّيْء بِخِلَاف مَا هُوَ مَعَ الْعلم بِهِ وَقصد الْحَقِيقَة، فَخرج بِالْأولِ الْجَهْل، وَبِالثَّانِي الْمجَاز وَهُوَ يعم مَا يعلم الْمخبر عدم مطابقته، وَمَا لَا يعلم بِدَلِيل تَقْيِيد {وَيَقُولُونَ على الله الْكَذِب} بقوله: {وهم يعلمُونَ} وَيسْتَعْمل غَالِبا فِي الْأَقْوَال وَالْحق فِي المعتقدات وَالْكذب قَبِيح بالقبح الشَّرْعِيّ وَلَا دَلِيل على قبحه الْعقلِيّ، وَلَا يلْزم من تَعْلِيل اسْتِحْقَاق الْعَذَاب بِالْكَذِبِ الْمُفِيد حُرْمَة مُطلق الْكَذِب (وَكَلَام إِبْرَاهِيم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي سِتَّة: {إِنِّي سقيم} ، {بل فعله كَبِيرهمْ} وَهَذِه أُخْتِي "، {هَذَا رَبِّي} ثَلَاث مَرَّات لَيْسَ بكذب غَايَته أَنه من بَاب المعاريض، وَإنَّهُ لمندوحة عَن الْكَذِب) وَكذب بِكَذَا تَكْذِيبًا: أنكرهُ وجحده وَكذبه: جعله كَاذِبًا فِي كَلَامه، هَذَا هُوَ الْفرق بَين الْمُتَعَدِّي بِنَفسِهِ وبالباء وَكذب بِالتَّشْدِيدِ يقْتَصر على مفعول وَاحِد، وبالتخفيف يتَعَدَّى إِلَى مفعولين يُقَال: كَذبَنِي الحَدِيث إِذا نقل الْكَذِب وَقَالَ خلاف الْوَاقِع وَكَذَا صدق نَحْو: {لقد صدق الله رَسُول الرُّؤْيَا} وهما من غرائب الْأَلْفَاظ وَقد جَاءَ الْكَذِب بِمَعْنى الْخَطَأ فِي الْكَلَام كَقَوْل ذِي الرمة: مَا فِي سَمعه كذب أَي: مَا أَخطَأ سَمعه وَفِي " الراموز ": كذب: وَجب، وَمِنْه " كذب عليلكم الْحَج " و " كذب الْقِتَال " مشددا إِذا لم يُبَالغ فِيهِ، (وكذبت فلَانا نَفسه فِي الْخطب الْعَظِيم ": إِذا شجعته عَلَيْهِ وسولت لَهُ أَن يطيقه، [وَفِي " مُقَدّمَة ابْن الْحَاجِب " رَحمَه الله: الْكذَّاب بِالتَّخْفِيفِ كالمشددة مصدر التفعيل وَمعنى كليهمَا الْإِنْكَار] الكره، بِالْفَتْح: الْمَشَقَّة الَّتِي تنَال الْإِنْسَان من

خَارج مِمَّا يحمل عَلَيْهِ بإكراه، وَمِنْه: الْقَيْد كره وبالضم: مَا يَنَالهُ من ذَاته وَهُوَ الْكَرَاهَة والكراهية فِي الأَصْل مَنْسُوب إِلَى الكره بِالضَّمِّ عوض الْألف من إِحْدَى الياءين وَهُوَ مصدر كره الشَّيْء بِالْكَسْرِ إِذا لم يردهُ فَهُوَ كَارِه وشي كره كنصر وخجل وكريه أَي: مَكْرُوه وَكره يتَعَدَّى بِنَفسِهِ إِلَى مفعول وَاحِد، فَإِذا شدد زَاد لَهُ آخر وَأما {كره إِلَيْكُم الْكفْر} فلتضمين معنى التبغيض وَفِي " الْقَامُوس " الكرة وبضم: الإباء وَالْمَشَقَّة، أَو بِالضَّمِّ: مَا أكرهت نَفسك عَلَيْهِ، وبالفتح مَا أكرهت غَيْرك عَلَيْهِ، وَمَا كَانَ كريها فكره ككرم والكراهية بِالتَّخْفِيفِ، وَالْكَرَاهَة أفحش من الْإِسَاءَة قَالَه الْحلْوانِي وَكَرَاهَة التَّحْرِيم كالواجب حكما، والتنزيه كالندب، وَمَا كَانَ الأَصْل فِيهِ حُرْمَة أسقطت لعُمُوم الْبلوى فتنزيه، وَإِلَّا فتحريم وَمَا كَانَ الأَصْل فِيهِ إِبَاحَة لَكِن غلب على الظَّن وجود الْمحرم فتحريم وَإِلَّا فتنزيه، هَذَا عِنْد مُحَمَّد، وَعِنْدَهُمَا إِن منع عَنهُ فَحَرَام وَإِن لم يمْنَع فَإِن كَانَ إِلَى الْحَرَام أقرب فتحريم، وَإِن كَانَ إِلَى الْحل أقرب فتنزيه وَمن عَادَة مُحَمَّد فِي كل مَوضِع وجد نصا بِقطع القَوْل بِالْحرِّ وَالْحُرْمَة وَفِي كل مَوضِع لم يجد فِيهِ نصا فَفِي مَوضِع الْحُرْمَة يَقُول: يكره، أَو لم يُؤْكَل، وَمَوْضِع الْحل مرّة يَقُول: أكل، وَمرَّة يَقُول: لَا بَأْس بِأَكْلِهِ، فَكل كَرَاهَة تَحْرِيم هَكَذَا رُوِيَ عَن مُحَمَّد رَحمَه الله [وَرُبمَا يجمع بَين الْحَرَام وَالْمَكْرُوه فَيَقُول: حرَام مَكْرُوه، إشعارا مِنْهُ إِلَى أَن حرمته تثبت بِدَلِيل ظَاهر لَا بِدَلِيل قَاطع] الْكَلَالَة: لأهل اللُّغَة فِيهَا قَولَانِ من حَيْثُ الِاشْتِقَاق، أَحدهمَا من قَوْلهم: تكلل النّسَب بِهِ: إِذا أحَاط بِهِ وَمِنْه يُقَال: كلل الْغَمَام السَّمَاء، إِذا أحَاط بهَا من كل جَانب وَمِنْه الإكليل فَإِنَّهُ يُحِيط بجوانب الرَّأْس، وَمِنْه (الْكل) فَالْمُرَاد بِهِ الْجمع والإحاطة وَإِذا مَاتَ رجل وَلم يخلف ولدا وَلَا والدا لقد مَاتَ عَن ذهَاب طَرفَيْهِ، فَسُمي ذهَاب الطَّرفَيْنِ كَلَالَة، فَكَأَنَّهَا اسْم للمصيبة فِي تكلل النّسَب مَأْخُوذ مِنْهُ وَالْآخر من قَوْلهم: حمل فلَان على فلَان ثمَّ كل عَنهُ أَي: بعد وَمِنْه (الكلة) : وَهُوَ اسْم لما تبَاعد عَن الْمَقْصُود قَالُوا فِي تَوْجِيه نصبها فِي الْقُرْآن: إِنَّه يتَوَقَّف على المُرَاد بهَا، فَإِنَّهُ إِمَّا اسْم للْمَيت أَو للْوَرَثَة أَو لِلْقَرَابَةِ، فعلى الأول حَال و (يُورث) خبر كَانَ أَو صفة، و (كَانَ) تَامَّة أَو نَاقِصَة وكلالة خبر وعَلى الثَّانِي: هُوَ على تَقْدِير مُضَاف أَي: ذَا كَلَالَة وَهُوَ أَيْضا حَال أَو خبر وعَلى الثَّالِث مفعول لأَجله كللت: من الإعياء أكل كلالا وكلالة وكل بَصرِي: كلولا وكلة، وَكَذَا السَّيْف الْكسْب: الْجمع والتحصيل، وَيَتَعَدَّى إِلَى مفعولين فِي " الْجَوْهَرِي " كسبت أَهلِي خيرا، وكسبت الرجل مَالا فكسبه وَهَذَا مِمَّا جَاءَ على (فعلته فَفعل)

وفى " التَّيْسِير " الْكسْب: اجتلاب الْخطاب بِمَا هِيَ لَهُ من الْأَسْبَاب فِي " الكواشي ": هُوَ الْفِعْل بجر نفع، أَو رفع ضرّ، وَلِهَذَا لَا يُوصف بِهِ الله تَعَالَى الْكُرْسِيّ: هُوَ مَا يجلس عَلَيْهِ وَلَا ينْفَصل عَن مقْعد الْقَاعِد قيل: أَصله الْعلم، وَمِنْه قيل للصحيفة الَّتِي يكون فِيهَا علم كراسة وَقيل: الكراسة مَعْنَاهَا الْكتب المضموم بَعْضهَا إِلَى بعض، وَالْوَرق الَّذِي ألصق بعضه إِلَى بعض، اشتق من قَوْلهم: (رسم مكرس) إِذا ألصقت الرّيح التُّرَاب بِهِ ثمَّ الْكُرْسِيّ الَّذِي قد بَين الله تَعَالَى بِأَنَّهُ وسع السَّمَوَات وَالْأَرْض هُوَ فلك البروج المماس محدبه لمقعر الْفلك الأطلس أَعنِي الْعَرْش كَانَت السَّمَوَات السَّبع وَمَا فِيهِنَّ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ كحلقة فِي فلاة على مَا ورد عَن صَاحب الشَّرِيعَة الحقة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ومجموع ذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَرْش أَيْضا كحلقة فِي فلاة، فَكيف يتَوَهَّم فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ عَرْشه على المَاء} كَون مقعر الْعَرْش مماسا لمحدب كرة المَاء الَّذِي هُوَ دون ربع مَا دون فلك الْقَمَر، فَلَو كَانَ مماسا لمقعر الْعَرْش قبل خلق مَا بَين السَّمَوَات وَالْأَرْض لم يماس إِلَّا جُزْءا يَسِيرا من أَجْزَائِهِ، وَهُوَ كري لَيْسَ بعض أَجْزَائِهِ أولى بالفوقية من بعض، ومماسته بِجَمِيعِ أَجزَاء مقعرة مستبعدة جدا، بل لَو طلي مقعر الْعَرْش بِالْمَاءِ بريشة مثلا لما استوعبه، فَتعين أَن يكون المَاء محيطا بالمركز مباينا للعرش، ويتحقق حِينَئِذٍ كَون الْعَرْش فَوق المَاء من كل وَجه، وَيتَعَيَّن أَن يكون بَينهمَا فرَاغ قَابل لِأَن يشْغلهُ الجرم لَا يعد حَائِلا وَذَلِكَ فِي غَايَة الظُّهُور (وَفِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ عَرْشه على المَاء} تَنْبِيه على أَن عَرْشه لم يزل مُنْذُ أوجد مستعليا على المَاء) وَلَا يعلم عرش الله على الْحَقِيقَة إِلَّا بِالِاسْمِ الكابر: هُوَ بِمَعْنى الْكَبِير كالصاغر بِمَعْنى الصَّغِير وَقَوْلهمْ: (توارثوه كَابِرًا عَن كَابر) أَي: كَبِيرا عَن كَبِير فِي " الأساس ": هُوَ من كابرته وكبرته أَي: غلبته فِي الْكبر قيل: هُوَ جملَة وَقعت حَالا فنصب صدرها كَمَا فِي قَوْلهم: (بايعته يدا بيد، وكلمته فَاه إِلَى فِي) وَقيل: مفعول ثَان أَي: (ورثوه من كَابر بعد كَابر، كَقَوْلِه تَعَالَى: {طبقًا على طبق} أَي بعد طبق وَهَذِه الْعبارَة كَمَا لَا تخْتَلف جمعا وإفرادا كَذَلِك لَا تخْتَلف تأنيثا وتثنية (وَالْكَبِير يرجع إِلَى الذَّات) وكبارا مخففا أكبر من الْكَبِير، ثقلا أكبر من المخفف، وَمثله طوال طوال، وَأما الْكبر فِي الْكُبْرَى تَنْزِيل الْكُبْرَى منزلَة كبرة (كركبة ركب) بتنزيل ألف (فعلى) منزلَة تَاء الْعلَّة) ، كَمَا جمع (قاصعاء) على (قواصع) تَنْزِيلا لَهَا منزلَة قاصعة وأكبر الصَّبِي: تغوط وَالْمَرْأَة: حَاضَت وأكبره: رَآهُ كَبِيرا وَعظم عِنْده. وَكبر فِي الْقدر من بَاب (قرب) مصدره كبرا بِالْكَسْرِ

وَفِي السن من بَاب (لبس) ومصدره كبرا بِالضَّمِّ، [كَمَا أَن الصاغر بِمَعْنى الذَّلِيل من (صغر) بِالْكَسْرِ ونقيض كَبِير من (صغر) بِالضَّمِّ] وَالْكبر بِالضَّمِّ وَالْكَسْر لُغَتَانِ فِي لم الشَّيْء، أَو بِالضَّمِّ فِي النّسَب وَلَاء، وبالكسر: مُعظم الشَّيْء وَالْكَبِير وَالصَّغِير من الْأَسْمَاء المتضايفة الَّتِي تقال عِنْد اخْتِيَار بَعْضهَا بِبَعْض كالقليل وَالْكثير، وَرُبمَا يتعاقب الْكَبِير وَالْكثير على شَيْء وَاحِد بنظرين مُخْتَلفين (كثير) قرئَ نَحْو قَوْله: {قل فيهمَا إِثْم كَبِير} ، أَو (كثير) قرئَ بهما، وأصل ذَلِك أَن يسْتَعْمل فِي الْأَعْيَان، ثمَّ استعير للمعاني نَحْو: {لَا يُغَادر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا أحصاها} الكسفة، بِالْكَسْرِ: الْقطعَة من الشَّيْء والكسوف: جمع (كسف) جمع (كسفة) وَهُوَ للشمس وَالْقَمَر جَمِيعًا كَذَا فِي " الْمغرب " وَقد عَابَ أهل الْأَدَب مُحَمَّد بن الْحسن فِي لفظ كسوف الْقَمَر وَقَالُوا: إِنَّمَا يسْتَعْمل فِي الْقَمَر لفظ الخسوف قَالَ الله تَعَالَى: {فَإِذا برق الْبَصَر وَخسف الْقَمَر} وَفِي " الْقَامُوس ": وَالْقَمَر كسف، أَو كسف للشمس، وَخسف للقمر أَو الخسوف إِذا ذهب بَعْضهَا، والكسوف كلهَا، وَالْأَحْسَن فِي الْقَمَر خسف، وَفِي الشَّمْس كسفت [قَالَ ابْن همام رَحمَه الله يُقَال: كسف الله الشَّمْس يتَعَدَّى، وكسفت الشَّمْس لَا يتَعَدَّى] والخسوف قد يكون بِمَعْنى غيبَة الشَّيْء وذهابه بِنَفسِهِ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْض} والكسوف والخسوف كل من أثر الْإِرَادَة الْقَدِيمَة وَفعل الْفَاعِل الْمُخْتَار، وَمَا قَالَه الفلاسفة من أَنه أَمر عادي لَا يتَقَدَّم وَلَا يتَأَخَّر، سَببه حيلولة الْقَمَر أَو الأَرْض فمخالف لظَاهِر الشَّرْع [قَالَ الإِمَام الكردري] فِي " الْبَزَّازِيَّة ": وَلَا يبعد اجْتِمَاع الْكُسُوف والعيد لِأَن سيره بِتَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم (لَا يُقَال: لَا يَقع ذَلِك إِلَّا فِي آخر الشَّهْر، لأَنا نقُول: هُوَ مَمْنُوع نقلا، فقد خرج فِي الصَّحِيح أَنه انكسف يَوْم مَاتَ ابْن رَسُول الله وَهُوَ إِبْرَاهِيم قَالَ الْوَاقِدِيّ وَالزُّبَيْر بن بكار: كَانَ مَوته فِي الْعَاشِر من شهر ربيع الآخر إِلَى آخر مَا قَالَ) الكيد: هُوَ أقوى من الْمَكْر، وَالشَّاهِد أَنه يتَعَدَّى بِنَفسِهِ وَالْمَكْر بِحرف وَالَّذِي يتَعَدَّى بِنَفسِهِ أقوى [وَقَوله تَعَالَى: {فيكيدوا لَك كيدا} فلتضمنه معنى فعل يتَعَدَّى بِهِ تَأْكِيدًا وَهُوَ (يحتال) أَي فيحتال لإهلاكك حِيلَة] ومكر الله: إمهال العَبْد وتمكينه من أَعْرَاض الدُّنْيَا، وَلذَلِك قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: " من وسع دُنْيَاهُ وَلم يعلم أَنه مكر بِهِ فَهُوَ مخدوع عَن عقله " الْكَوْن: الْحَدث كالكينونة والكائنة: الْحَادِثَة وَكَونه: أحدثه، و [كَون] الله الْأَشْيَاء: أوجدها

والكونان: [الوجودان] الدُّنْيَا وَالْآخِرَة [وَاسم الْكَوْن مُخْتَصّ بِمَا أوجب اخْتِصَاص الْجَوْهَر بمَكَان أَو تَقْدِير مَكَان، كَمَا أَن اسْم الكائنة مُخْتَصّ بِنَفس اخْتِصَاص الْجَوْهَر بالحيز وَهُوَ الْمَكَان أَو تَقْدِير الْمَكَان، وَهُوَ جَار على وفْق الْوَضع اللّغَوِيّ وَمِنْه قَول الْعَرَب: كَانَ زيد فِي الدَّار، وَهُوَ كَائِن فِيهَا وَالْمرَاد بِهِ اخْتِصَاصه بهَا وحصوله فِيهَا] الْكُرْبَة: هِيَ أَشد من الْحزن وَالْغَم وَيُقَال: هُوَ الْحزن الَّذِي يذيب الْقلب أَي: يحيره ويخرجه عَن أَعمال الْأَعْضَاء، وَرُبمَا أهلك النَّفس الْكَرِيم: هُوَ قد يُطلق على الْجواد الْكثير النَّفْع بِحَيْثُ لَا يطْلب مِنْهُ شَيْء إِلَّا أعطَاهُ كالقرآن وَقد يُطلق من كل شَيْء على أحْسنه كَمَا قيل: الْكَرِيم صفة مَا يُرْضِي ويحمد فِي بَابه، يُقَال: رزق كريم أَي: كثير وَقَول كريم أَي: سهل لين وَوجه كريم: أَي مرضِي فِي حسنه وجماله وَكتاب كريم: أَي مرضِي فِي مَعَانِيه وجزالة أَلْفَاظه وفوائده ونبات كريم: أَي مرضِي فِيمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْمَنَافِع والكريم من كل قوم: مَا يجمع فضائله والكريمان: الْحَج وَالْجهَاد وَأَبَوَاهُ كريمان أَي: مُؤْمِنَانِ وكريمتك: أَنْفك وكل جارحة شريفة كالأذن وَالْيَد والكريمتان: العينان وَأكْرم فلَان: أَي أَتَى بأولاد كرام الْكَمَال: هُوَ مَا يكون عَدمه نُقْصَانا يسْتَعْمل فِي الذَّات وَالصِّفَات وَالْأَفْعَال وَهُوَ الْأَمر اللَّائِق للشَّيْء الْحَاصِل لَهُ بِالْفِعْلِ سَوَاء كَانَ مَسْبُوقا بِالْقُوَّةِ أم لَا [كَمَا فِي حركات الْحَيَوَانَات، أَو غير مَسْبُوق كَمَا فِي الكمالات الدائمة الْحُصُول والحركات الأزلية على رَأْي الْحُكَمَاء والكمال] يَنْقَسِم إِلَى منوع وَهُوَ مَا يحصل النَّوْع ويقومه كالإنسانية وَهُوَ أول شَيْء يحل فِي الْمَادَّة وَغير منوع وَهُوَ مَا يعرض للنوع بعد الْكَمَال الأول كالضحك وَيُسمى كمالا ثَانِيًا وَهُوَ أَيْضا قِسْمَانِ: أَحدهمَا: صِفَات مُخْتَصَّة قَائِمَة بِهِ غير صادرة عَنهُ كَالْعلمِ للْإنْسَان مثلا وَالثَّانِي آثَار صادرة عَنهُ كالكتابة مثلا [وَاعْلَم أَن الْإِنْسَان على ثَلَاثَة أَصْنَاف: نَاقص، وَهُوَ أدنى الدَّرَجَات، وهم الْعَوام وكامل، وَهُوَ قِسْمَانِ: كَامِل غير مكتمل، وهم الْأَوْلِيَاء وَلَو وجد التَّكْمِيل للْبَعْض فَإِنَّمَا يكون ذَلِك بالنيابة لَا على الِاسْتِقْلَال وكامل فِي ذَاته مكتمل لغيره وهم الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ الْكَمَال والتكميل إِمَّا أَن يَكُونَا فِي الْقُوَّة النظرية أَو فِي الْقُوَّة العملية، وَأفضل الكمالات النظرية معرفَة الله تَعَالَى وأشرف الكمالات العملية طَاعَة الله تَعَالَى وكل من كَانَت درجاته فِي هَاتين المرتبتين أَعلَى كَانَت دَرَجَات ولَايَته أكمل، وكل

من كَانَت درجاتة وتكميله بِالْغَيْر فِي هَاتين المرتبتين أَعلَى وأكمل كَانَت دَرَجَات نبوته أكمل الكفت فِي اللُّغَة: الضَّم وَالْجمع، وَمِنْه قَوْله: تَعَالَى: {ألم نجْعَل الأَرْض كفاتا} أَي: ألم نصيرها كافتة تضم الْأَحْيَاء إِلَى ظهرهَا والأموات إِلَى بَطنهَا والكفات إِذن: اسْم لما يكفت كالضمام وَالْجِمَاع لما يضم وَيجمع أَو مصدر كالكتاب والحساب أَو جمع (كافت) كصيام جمع صَائِم، أَو جمع اسْم غير مُشْتَقّ، وَهُوَ كفت بِمَعْنى الْوِعَاء، فالكفات بِمَعْنى الأوعية الكدح: الْعَمَل وَالسَّعْي والكد وَالْكَسْب، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {إِنَّك كَادِح إِلَى رَبك} أَي: ساع إِلَى لِقَاء جَزَائِهِ. وَيُقَال: هُوَ يكدح ويكتدح أَي: يكْتَسب الكفاء: هُوَ مصدر كافاه أَي: قابله وَصَارَ نظيرا لَهُ وَقَوْلهمْ: الْحَمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، بِهَمْزَة فِي يُكَافِئ أَي: يلاقي نعمه ويساوي مزِيد نعمه، وَهُوَ أجل التحاميد، [وَقد يسْتَعْمل بِمَعْنى الْكَافِي وَهُوَ الَّذِي يُسَاوِي الشَّيْء حَتَّى يكون مثلا لَهُ] الكرع: هُوَ أَن يَخُوض فِي المَاء ويتناوله بِفِيهِ من مَوْضِعه وَلَا يكون الكرع إِلَّا بعد الْخَوْض فِي المَاء لِأَنَّهُ من الكراع وَهُوَ من الْإِنْسَان مَا دون الرّكْبَة، وَمن الدَّوَابّ مَا دون الكعب الكبوة: السُّقُوط على الْوَجْه، أَو ميل الدَّوَابّ والسقوط على وَجههَا وَمِنْه: (الْجواد قد يكبو) الكري: هُوَ مُخْتَصّ بالنهر بِخِلَاف الْحفر على مَا قَالَه الْبَيْهَقِيّ وَكَلَام المطرزي يدل على الترادف الكور: الْوُصُول إِلَى الزِّيَادَة والحور: هُوَ الرُّجُوع إِلَى النُّقْصَان وَقيل: نَعُوذ بِاللَّه من الْحور بعد الكور، أَي من التَّرَدُّد فِي الْأَمر بعد الْمُضِيّ فِيهِ، أَو من نُقْصَان وَتردد فِي الْحَال بعد الزِّيَادَة فِيهَا والكور، بِالضَّمِّ: كور الحدادين الْمَبْنِيّ من طين والكير: زق الْحداد الكاهن: هُوَ من يخبر بالأحوال الْمَاضِيَة والعراف: من يخبر بالأحوال الْمُسْتَقْبلَة: الكياسة: هِيَ تَمْكِين النُّفُوس من استنباط مَا هُوَ أَنْفَع الْكِرَاء: هُوَ أُجْرَة الْإِبِل وَنَحْوهَا، وَإِن كَانَ فِي الأَصْل مصدر كارى الكآبة: هِيَ سوء الْحَال والانكسار من الْحزن والكمد: هُوَ الْحزن المكتوم والضجر: القلق وَالِاضْطِرَاب من الْغم كفى: هِيَ قَاصِرَة بِمَعْنى حسب، وَالْغَالِب على فاعلها أَن يقْتَرن بِالْبَاء لتأكيد الِاتِّصَال الإسنادي بالاتصال الإضافي نَحْو: {كفى بِاللَّه نَصِيرًا}

أَو متعدية لاثْنَيْنِ بِمَعْنى (وقى) نَحْو: {فَسَيَكْفِيكَهُم الله} ، {وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال} وَهَاتَانِ لَا تدخل الْبَاء على فاعلهما ولواحد بِمَعْنى قنع كَقَوْلِه تَعَالَى: {ألن يكفيكم أَن يمدكم ربكُم بِثَلَاثَة آلَاف} قَول الشَّاعِر: (قَلِيل مِنْك يَكْفِينِي وَلَكِن ... قَلِيل لَا يُقَال لَهُ قَلِيل) وكيفته شَرّ عدوه: منعته عَنهُ كَمَا تدين تدان: الْكَاف فِي مَحل النصب نعتا للمصدر أَي: تدان دينا مثل دينك كثيرا مَا: هُوَ مَنْصُوب على أَنه مفعول مُطلق على اخْتِلَاف الرِّوَايَتَيْنِ، و (مَا) مزيدة للْمُبَالَغَة فِي الْكَثْرَة، أَو عوض عَن الْمَحْذُوف، وَفَائِدَته التَّأْكِيد وَالْعَامِل فِيهِ الْفِعْل الَّذِي يذكر بعده كثيرين: جمع كثير يُقَال على مَا يُقَابل الْقَلِيل، وعَلى مَا يُقَابل الْوَاحِد، وَيصِح إِرَادَة كل وَاحِد مِنْهُمَا بل إرادتهما مَعًا وَهُوَ الْجمع الْمُذكر السَّالِم الَّذِي يخْتَص بالعقلاء وَالْأَكْثَر: عبارَة عَمَّا فَوق النّصْف، وَالْحكم بالأكثرية أَو الْجَمِيع لَا يتَوَقَّف على الْإِحَاطَة التفصيلية بل يَكْفِيهِ الْإِحَاطَة الإجمالية وأصل الْكَثْرَة هُوَ الْجمع الصَّحِيح إِذْ لَا غَايَة للكثير [وَمَا هُوَ الْمُجْتَمع من الْآحَاد مَأْخُوذَة من حَيْثُ أَنه آحَاد هُوَ الْكَثْرَة، وَأما الْكثير فَهُوَ الْمُجْتَمع من الوحدات، وَفِي " شرح المواقف " الْكَثْرَة المجتمعة من الْأُمُور الْمُخْتَلفَة الْحَقَائِق دَاخِلَة فِي الْوحدَة وخارجة عَن حد الْكَثْرَة] كَمَا ترى: الْكَاف بِمَعْنى على كَمَا فِي (كن كَمَا أَنْت كَائِنا من كَانَ: هِيَ كلمة تَعْمِيم، وَهُوَ حَال، وَالْحَال قد يكون فِيهَا معنى الشَّرْط كالعكس فَالْأول كَقَوْلِك: (لأقتلنه كَائِنا من كَانَ) على معنى إِن كَانَ هَذَا وَإِن كَانَ ذَاك كَمَا مر: (مَا) كَافَّة أَو مَوْصُولَة صلتها مَا بعْدهَا، وَالْكَاف فِيهَا إِمَّا بِمَعْنى الْمثل وَهُوَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ، أَو بِمَعْنى على، أَو بِمَعْنى اللَّام الجارة كَمَا قيل: الْكَاف فِيهِ للتشبيه، و (مَا) قيل: كَافَّة لَهَا من الدُّخُول فِي الْمُفْرد، وَقيل: مَصْدَرِيَّة عِنْد أَكثر النُّحَاة كَمَا ذكر فلَان: الْكَاف فِي مَوضِع النصب على الْمصدر أَي: أذكر لَك ذكرا مثل ذكر فلَان كَمَا قُلْنَا: هُوَ إِشَارَة إِلَى مَا سبق من الْكَلَام بِغَيْر عِلّة وَلما قُلْنَا: إِشَارَة إِلَى كَلَام يذكر سَابِقًا بعلة وَهَكَذَا (كَمَا مر) و (لما مر) كَمَا سَيَجِيءُ: الْكَاف فِي مثله لَيْسَ للتشبيه، بل صَرَّحُوا أَنه بِمَعْنى على، وَذكر بعض النُّحَاة أَن مثل هَذِه الْكَاف للتَّعْلِيل كَقَوْلِه تَعَالَى: {واذكروه كَمَا هدَاكُمْ} كَذَلِك: الْكَاف فِيهِ مقحم للْمُبَالَغَة، وَهَذَا الإقحام

مطرد فِي عرف الْعَرَب والعجم كنحو: فِي الْجمع بَين أداتي التَّمْثِيل إِشَارَة إِلَى كَثْرَة الْأَمْثِلَة، بل لتَعَدد أَنْوَاع الْمِثَال، وَمن هَذَا الْقَبِيل قَوْله: (كَالدَّارِ مثلا) وَفِي مثل قَوْله: (كالخل وَنَحْوه) الْكَاف للتمثيل والنحو للتشبيه فَالْمَعْنى مِثَاله الْخلّ وَمَا يُشبههُ وَيُقَال: (سمع الْكَلَام كَمَا يجب سَمعه) فالكاف فِيهِ بِمَعْنى الْمثل، و (مَا) بِمَعْنى شَيْء، وَهُوَ فِي مَحل النصب على أَنه مفعول مُطلق، وَالتَّقْدِير: سمع الْكَلَام سمعا مثل سمع شَيْء يجب سَمعه كَافَّة: اسْم للجملة من الْكَفّ، كَأَنَّهُمْ كفوا باجتماعهم عَن أَن يخرج مِنْهُم أحد كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس} فَإِن الرسَالَة إِذا عَمت النَّاس فقد كفتهم أَن يخرج مِنْهَا أحد مِنْهُم، وَلَا يتَصَرَّف فِيهَا بِغَيْر النصب على الحالية من الْعُقَلَاء دَائِما، وَلَا تدْخلهَا الْألف وَاللَّام لِأَنَّهَا فِي مَذْهَب قَوْلك: قَامُوا جَمِيعًا، وَقَامُوا مَعًا، وَإِنَّهَا لَا تثني وَلَا تجمع وَكَذَا (قاطبة وطرا) ، وتاؤها بعد النَّقْل لم تبْق للتأنيث قَالَ ابْن حجر: إِن من التورية فِي الْقُرْآن قَوْله تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس} فَإِن كَافَّة بِمَعْنى مَانِعَة أَي: تكفهم عَن الْكفْر وَالْمَعْصِيَة، وَالْهَاء للْمُبَالَغَة وَهَذَا معنى بعيد وَالْمعْنَى الْقَرِيب الْمُتَبَادر (جَامِعَة) بِمَعْنى جَمِيعًا، لَكِن منع من الْحمل على ذَلِك، لِأَن التَّأْكِيد يتراخى عَن الْمُؤَكّد، فَكَمَا لَا تَقول: رَأَيْت جَمِيع النَّاس، لَا تَقول أَيْضا: رَأَيْت كَافَّة النَّاس كَيْت وَكَيْت: حِكَايَة عَن الْأَحْوَال وَالْأَفْعَال كَمَا أَن ذيت وذيت حِكَايَة عَن الْأَقْوَال [نوع] {كسفا} : قطعا، [وبالتسكين يجوز أَن يكون وَاحِدًا {كَالِحُونَ} : عابسون فَإِنَّهُم من شدَّة الاحتراق تتقلص شفاههم عَن الْأَسْنَان {من كل كرب} : غم {تمت كلمة رَبك} : بلغت الْغَايَة أخباره وَأَحْكَامه ومواعيده {وَهُوَ كظيم} : مَمْلُوء قلبه من الكرب {كراما} : أعزاء على الله {الكنس} : السيارات الَّتِي تَحت ضوء الشَّمْس {كثيبا} : رملا مجتمعا {كفلها زَكَرِيَّا} : ضمهَا إِلَيْهِ وحضنها {كل على مَوْلَاهُ} : عِيَال وَثقل على وليه وقرابته {فكبكبوا} أَي: ألقوا على رؤوسهم فِي

جَهَنَّم {تولى كبره} : معظمه {كبتوا} : أخذُوا وأهلكوا {رددنا لكم الكرة} : الدولة وَالْغَلَبَة {كَبرت كلمة} : عظمت مقالتهم {فَلَا كفران لسعيه} : فَلَا تَضْييع لسعيه {إِنَّهَا كلمة هُوَ قَائِلهَا} : وَحده وَلَا يُجَاب إِلَيْهَا وَلَا يسمع مِنْهُ {الْكَلم الطّيب} : ذكر الله، وَالْعَمَل الصَّالح أَدَاء الْفَرْض {لكنود} : كنُود للنعم وَهُوَ الَّذِي يَأْكُل وَحده، وَيمْنَع رفده، وبلغة كنَانَة كفور للنعم {كاظيمن} : حابسين أَو مكروبين {كافورا} : ذكر الجواليقي وَغَيره أَنه فَارسي [لبرده وعذوبته وَطيب عرفه] {كفر عَنَّا} : قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: امح عَنَّا بالنبطية {كِفْلَيْنِ} : عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: ضعفين بالحبشية {كورت} لفت إِذا أظلمت عَن سعيد بن جُبَير: غورت وَقَالَ الْكَلْبِيّ: لَا أعلمها إِلَّا بِلِسَان يهود يثرب {الْكَوْثَر} : الْخَيْر المفرط الْكثير من الْعلم وَالْعَمَل وَشرف الدَّاريْنِ [أَو النَّهر الْمَعْرُوف فِي الْجنَّة] {ملكا كَبِيرا} : وَاسِعًا {كواعب} : نسَاء فلكت ثديهن {فِي كبد} : فِي تَعب ومشقة، أَو فِي اعْتِدَال واستقامة {السَّمَاء كشطت} : قلعت أَو أزيلت [ {كأسا} أَي خمرًا و] لَا يُقَال كأس إِلَّا إِذا كَانَ فِيهَا شراب وَإِلَّا فَهِيَ زجاجة وإناء وقدح، وَتسَمى الْخمر نَفسهَا كأسا، وَلَا يُقَال كوز إِلَّا إِذا كَانَ لَهُ عُرْوَة، وَإِلَّا فَهُوَ كوب وَلَا يُقَال كمي إِلَّا إِذا كَانَ شاكي السِّلَاح، وَإِلَّا فَهُوَ بَطل {إِلَّا كفورا} : إِلَّا جحُودًا {قولا كَرِيمًا} : جميلا. {إِنَّك كَادِح إِلَى رَبك} : ساع إِلَى لِقَاء جَزَائِهِ

فصل اللام

{وَإِنَّهَا لكبيرة} : لثقيلة شاقة {كسَالَى} : متثاقلين كالمكره على الْفِعْل {وَلَا مبدل لكلمات الله} : لمواعيده {إِن كيدي متين} : إِن أخذي شَدِيد {وكهلا} : هُوَ من تجَاوز الثَّلَاثِينَ {قل قتال فِيهِ كَبِير} : أَي ذَنْب كَبِير {تخشون كسادها} : فَوَات وَقت نفاقها {كرة} : رَجَعَ إِلَى الدُّنْيَا {كدأب آل فِرْعَوْن} : كعادتهم {كأين} : أَي كم {كيل بعير} : حمل جمل {الْكَهْف} : غَار فِي الْجَبَل. {فَكيف إِذا توفتهم الْمَلَائِكَة} : أَي كَيفَ يَفْعَلُونَ عِنْد ذَلِك، وَالْعرب تكتفي بكيف عَن ذكر الْفِعْل مَعهَا لِكَثْرَة دورها {كرة} ، بِالضَّمِّ: مشقة وبالفتح: إِكْرَاه فَالْأول مَا حمل الْإِنْسَان نَفسه عَلَيْهِ، وَالثَّانِي مَا أكره عَلَيْهِ {أعجب الْكفَّار} : يَعْنِي الزراع {كبارًا} : كَبِيرا فِي الْغَايَة {كيدون} : احْتَالُوا فِي أَمْرِي {كدنا ليوسف} : أَي كدنا لَهُ إخْوَته حَتَّى ضممنا أَخَاهُ إِلَيْهِ وَكيد الله: مَشِيئَته بِالَّذِي يَقع بِهِ الكيد لَا الاحتيال {لإحدى الْكبر} : أَي البلايا الْكبر الْكَثِيرَة {مروا كراما} : معرضين عَمَّا يجب أَن يلغى مكرمين أنفسهم عَن الْوُقُوف عَلَيْهِ والخوض فِيهِ {الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْض} : الْملك لِأَنَّهُ أكبر مَا يطْلب من أَمر الدُّنْيَا {كذابا} : كذبا] (فصل اللَّام) [لَوْلَا] : نقل عَن الْخَلِيل أَن كل مَا فِي الْقُرْآن من (لَوْلَا) فَهِيَ بِمَعْنى هلا إِلَّا الَّتِي فِي " الصافات " {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} وَفِي " يُونُس " {فلولا كَانَت قَرْيَة آمَنت فنفعها إيمَانهَا} يَعْنِي المقترنة بِالْفَاءِ [لَو] : وَعَن ابْن عَبَّاس كل شَيْء فِي الْقُرْآن (لَو)

فَإِنَّهُ لَا يكون أبدا لِأَنَّهُ حرف امْتنَاع يُنَبه على اسْتِحَالَة وُقُوع مَا قرن ذكره بِهِ، وَكَذَا حَيْثُ مَا ورد فِي السّنة [لَعَلَّ] : وَعَن الْوَاقِدِيّ: كل مَا فِي الْقُرْآن من (لَعَلَّ) فَإِنَّهَا للتَّعْلِيل إِلَّا {لَعَلَّكُمْ تخلدون} فَإِنَّهَا للتشبيه، وَهَذَا غَرِيب لم يذكرهُ النُّحَاة [اللؤمة] : كل مَا يبخل بِهِ الْإِنْسَان لحسنه من مَتَاع الْبَيْت وَنَحْوه فَهُوَ لؤمة [اللَّقْلَقَة] : كل صَوت فِيهِ حَرَكَة واضطراب فَهِيَ لقلقَة [اللَّغْو] : كل مطروح من الْكَلَام لَا يعْتد بِهِ فَهُوَ لَغْو [اللعبة] : كل ملعوب بِهِ فَهُوَ لعبة يُقَال: اقعد حَتَّى أفرغ من هَذِه اللعبة [لَقِي] : كل شَيْء اسْتقْبل شَيْئا فقد لقِيه [اللَّهْو] : كل بَاطِل ألهى عَن الْخَيْر وَعَما يَعْنِي فَهُوَ لَهو [اللَّام] : الهول كاللامة، واللوم شخص الْإِنْسَان، والشديد من كل شَيْء، وحرف هجاء وَاللَّام للتعريف بالِاتِّفَاقِ، وَفِي معنى التَّعْرِيف اشْتِبَاه فمذهب سِيبَوَيْهٍ أَن حرف التَّعْرِيف هُوَ اللَّام الساكنة فِي (ال) فَقَط، كَمَا أَن حرف التنكير هُوَ النُّون الساكنة، وزيدت الْهمزَة للابتداء وَمذهب الْخَلِيل أَن حرف التَّعْرِيف مَجْمُوع (ال) ك (هَل) ، وَلذَلِك قيل: يَا الله بِقطع الْهمزَة لِأَنَّهُ جُزْء المعوض من الْحَرْف الْأَصْلِيّ، وَهَذَا ظَاهر وَإِنَّمَا الخفاء فِيمَا ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ، لكنه يُقَال: إِنَّهَا لما اجتلبت للنطق بالساكن جرت مِنْهُ مجْرى الْحَرَكَة، فَلَمَّا عوض عَن حرف متحرك كَانَ للهمزة مدْخل مَا فِي التعويض فَجَاز قطعهَا، وَإِنَّمَا اخْتصَّ الْقطع بالنداء لِأَن الْحَرْف فِيهِ يتمحض للتعويض فَلَا يُلَاحظ فِيهِ شَائِبَة تَعْرِيف حذرا من اجْتِمَاع أداتي التَّعْرِيف، وَأما فِي غير النداء فَيجْرِي الْحَرْف على أَصله وَمذهب الْمبرد أَنَّهَا الْهمزَة فَقَط وَزيد اللَّام للبس الِاسْتِفْهَام قَالَ بَعضهم: وَالتَّعْبِير ب (ال) أولى من التَّعْبِير بِالْألف وَاللَّام إِذْ لَا يُقَال فِي (هَل) الْهَاء وَاللَّام وَلَا فِي (قد) الْقَاف وَالدَّال إِلَى غير ذَلِك، وَالتَّعْبِير بأداة التَّعْرِيف أحسن من التَّعْبِير بأل لشُمُوله لأل وَاللَّام على قَول من يَرَاهَا وَحدهَا هِيَ الْمعرفَة، و (لم) بدلهَا على لُغَة حمير وَقد يعبر عَن الْمُعَرّف بِاللَّامِ الَّتِي فِي حكم النكرَة بالمحلى بِاللَّامِ إِشَارَة إِلَى أَن اللَّام فِيهِ لمُجَرّد تَزْيِين اللَّفْظ، ثمَّ إِن اللَّام الَّتِي للتعريف وَهُوَ تذكر السَّامع مَا حضر فِي ذهنه من الْمَاهِيّة الْمُجَرَّدَة الْمُسَمَّاة جِنْسا، أَو الْمَاهِيّة المخلوطة الْمُسَمَّاة معهودا لَا تَسْتَغْنِي هَذِه اللَّام عَن ضميمة كالتقدم ذكرا حَقِيقَة أَو حكما بِخِلَاف الأولى، وَاخْتلفُوا فِيمَا يصرف إِلَيْهِ إِذا وجد الْمَعْهُود، فَمنهمْ من صرف إِلَيْهِ لقُرْبه من الْفَهم، وَلَا يعدل إِلَى الْجِنْس إِلَّا عِنْد عَدمه، وَمِنْهُم من صرفه إِلَى الْجِنْس لتعينه بالملاحظة الذهنية تعينا لَا يُفَارِقهُ، وَلَا يعدل إِلَى الْمَعْهُود إِلَّا للتعذر، ثمَّ اخْتلف هَؤُلَاءِ فِي أَنه هَل

يصرف إِلَى فَرد من الْمَاهِيّة أَو إِلَى كل الْأَفْرَاد، فَمنهمْ من ذهب إِلَى الْوَاحِد، وَالْأَكْثَرُونَ إِلَى الِاسْتِغْرَاق محتجين بِأَن اخْتِصَاص فَرد بِلَا مُخَصص لَا يجوز، وبصحة الِاسْتِثْنَاء فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الْإِنْسَان لفي خسر إِلَّا الَّذين آمنُوا} وبالإجماع على أَن المُرَاد بقوله تَعَالَى: {وَالسَّارِق والسارقة} ، {وَأحل الله البيع وَحرم الرِّبَا} الِاسْتِغْرَاق إِذا تقرر هَذَا فَاعْلَم أَن اللَّام إِذا دخلت على اسْم من الْأَسْمَاء فَلَا معنى لَهَا سوى الْإِشَارَة إِلَى تعْيين مُسَمَّاهُ، وَتلك الْإِشَارَة هِيَ تَعْرِيف الْجِنْس، ثمَّ إِنَّه إِمَّا أَن يُوجد هُنَاكَ قرينَة مَا أَو لَا فعلى الثَّانِي تسمى لَام الْحَقِيقَة، وعَلى الأول إِمَّا أَن تكون قرينَة الْخُصُوص الْخَارِجِي أَو لَا فعلى الأول تسمى لَام الْعَهْد الْخَارِجِي، وعَلى الثَّانِي إِمَّا أَن تكون قرينَة الْعُمُوم أَو لَا، فعلى الأول تسمى لَام الِاسْتِغْرَاق، وعَلى الثَّانِي تسمى لَام الْعَهْد الذهْنِي قَالَ صَاحب " التحبير ": " إِن اللَّام لنَفس الْإِشَارَة لَكِن الْإِشَارَة تقع تَارَة إِلَى فَرد لمخاطبك بِهِ عهد، وَأُخْرَى إِلَى جنس، فَمَعْنَى اللَّام وَاحِد على كل حَال " انْتهى، فَإِذن لَا بُد لَهُ من تَقْدِيم مشار إِلَيْهِ فَإِذا جَاءَ فِي الْكَلَام مَا يَصح أَن يكون مشارا إِلَيْهِ بِأَيّ وَجه كَانَ تعين لَهُ وَقَالَ عَامَّة أهل الْأُصُول والعربية: لَام التَّعْرِيف سَوَاء دخلت على الْفَرد أَو على الْجمع تفِيد الِاسْتِغْرَاق فيهمَا جَمِيعًا إِلَّا إِذا كَانَ معهودا وَعَن أبي عَليّ اليسوي أَنه للمطلق فيهمَا لَا للاستغراق، وَهُوَ أحد قولي أبي هَاشم من الْمُعْتَزلَة، وَقَوله الآخر أَنه فِي الْفَرد لمُطلق الْجِنْس، وَفِي الْجمع لمُطلق الْجمع لَا للاستغراق إِلَّا بِدَلِيل آخر وَقَول صَاحب " الْمُعْتَمد " فِي الْفَرد كَذَلِك وَفِي الْجمع للاستغراق إِلَّا بِدَلِيل ثمَّ نقُول: إِن لَام الْجِنْس إِذا دخلت على الْمُفْرد كَانَ صَالحا لِأَن يُرَاد بِهِ الْجِنْس إِلَى أَن يحاط بِهِ، وَأَن يُرَاد بِهِ بعضه لَا إِلَى وَاحِد، لِأَن وزانه فِي تنَاول الجمعية وزان الْمُفْرد فِي تنَاول الجنسية، والجمعية فِي جمل الْجِنْس لَا فِي وحداته، وَإِذا دخلت اللَّام على اسْم الْجِنْس فإمَّا أَن يشار بهَا إِلَى حِصَّة من مُسَمَّاهُ مُعينَة بَين الْمُتَكَلّم والمخاطب وَاحِدًا كَانَت أَو اثْنَيْنِ أَو جمَاعَة مَذْكُورَة تَحْقِيقا أَو تَقْديرا وَتسَمى لَام الْعَهْد الْخَارِجِي، وَنَظِير مدخولها الْعلم الشخصي ك (زيد) ونعني بالخارجي مَا كَانَ السَّامع يعرفهُ وَإِمَّا أَن يشار بهَا إِلَى الْجِنْس نَفسه فَحِينَئِذٍ إِمَّا أَن يقْصد الْجِنْس من حَيْثُ هُوَ هُوَ من غير اعْتِبَار لما قصد عَلَيْهِ من الْأَفْرَاد الدَّاخِلَة على الْمَحْدُود كَمَا فِي قَوْلك: (الْإِنْسَان حَيَوَان نَاطِق) لِأَن التَّعْرِيف للماهية أَي الْحَقِيقَة وَنَحْو قَوْلنَا: (الرجل خير من الْمَرْأَة) ، أَي إِذا قوبل حَقِيقَة كل مِنْهُمَا بِحَقِيقَة الآخر فحقيقة الرجل خير من حَقِيقَة الْمَرْأَة وَإِلَّا فكم من امْرَأَة خير من رجل بِاعْتِبَار شرفها وقربها وكرامتها عِنْد الله تَعَالَى، فتسمى هَذِه اللَّام لَام الْحَقِيقَة وَلَام الطبيعة، وَنَظِير مدخولها الْعلم الجنسي ك (أُسَامَة) وَإِمَّا أَن يقْصد الْجِنْس من

حَيْثُ هُوَ مَوْجُود فِي ضمن الْأَفْرَاد بِقَرِينَة الْأَحْكَام الْجَارِيَة عَلَيْهِ الثَّابِتَة لَهُ فِي ضمنهَا، إِمَّا فِي جَمِيعهَا بِأَن لَا تقوم قرينَة البعضية كَمَا فِي الْمقَام الْخطابِيّ فَيحمل على الِاسْتِغْرَاق بِسَبَب أَن الْقَصْد إِلَى بعض دون بعض تَرْجِيح بِلَا مُرَجّح وَتسَمى لَام الِاسْتِغْرَاق وَنَظِيره كلمة (كل) مُضَافَة إِلَى النكرَة أَو فِي بَعْضهَا بِأَن تقوم قرينَة البعضية كَمَا فِي الْمقَام الاستدلالي، فَيحمل على الْأَقَل لِأَنَّهُ الْمُتَيَقن، وَتسَمى لَام الْعَهْد الذهْنِي كَقَوْلِك: (ادخل السُّوق وأشتر اللَّحْم) ، حَيْثُ لَا عهد فِي الْخَارِج، ومؤدى مدخولها مؤدى النكرَة، وَلذَلِك تجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامهَا ونعني بالذهني مَا انْفَرد الْمُتَكَلّم بمعرفته، وَإِلَّا فالعهد لَا يكون إِلَّا فِي الذِّهْن ثمَّ الأَصْل فِي اللَّام لَام الْعَهْد الْخَارِجِي عِنْد عُلَمَاء الْأُصُول لكَون الْأَحْكَام الخارجية أصلا عِنْدهم، وَسَائِر الْأَقْسَام من شعبها، فيتقدم هُوَ على الِاسْتِغْرَاق، وَهُوَ على الْجِنْس، لِأَن الإفادة خير من الْإِعَادَة، وَهُوَ على الْعَهْد الذهْنِي وَأما عِنْد عُلَمَاء الْمعَانِي فَالْأَصْل فِي اللَّام الْحَقِيقَة، فَإِن أبحاثهم من الْأَحْكَام الوضعية والمجازية، وَقد صَرَّحُوا بِأَن الْأَلْفَاظ فِي وَضعهَا للْجِنْس والحقيقة لَا للْعُمُوم وَلَا للخصوص، وَمَا عَداهَا من فروعها بِحَسب الْقَرَائِن والمقامات وَاللَّام الَّتِي مَعْنَاهَا الْجِنْس تطلق على الْقَلِيل وَالْكثير كَالْمَاءِ وَالَّتِي مَعْنَاهَا استغراق الْجِنْس تطلق على الْكثير دون الْقَلِيل نَحْو: الرجل، إِذا أُرِيد مِنْهُ جَمِيع الرِّجَال، وَإِن أُرِيد مِنْهُ قَلِيل الرِّجَال فَحِينَئِذٍ للْجِنْس فَقَط لَا لاستغراقه وَاللَّام الَّتِي للْجِنْس لَا تفارق الِاسْتِغْرَاق فِي الذِّهْن، فَلَا يتَخَلَّف الْفَرد عَنهُ كَمَا فِي قَوْلنَا: (الرجل خير من الْمَرْأَة) ، وَإِن الْأَمر كَذَلِك فِي الذِّهْن بِخِلَاف الْجِنْس الْخَارِجِي فَإِنَّهُ يُفَارِقهُ، ويتخلف الْفَرد عَنهُ لِأَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا خير من جَمِيع الدُّنْيَا وَأَهْلهَا وَاللَّام الَّتِي فِي الْأَعْلَام الْغَالِبَة من الْعَهْد الَّذِي يكون بِعلم الْمُخَاطب بِهِ قبل الذّكر لشهرته لَا من الْعَهْد الَّذِي يكون يجْرِي ذكر الْمَعْهُود وَلَام الِاسْتِحْقَاق تكون بَين الذَّات وَالصّفة نَحْو: {الْعِزَّة لله} وَلَام الِاخْتِصَاص تكون بَين الذاتين نَحْو: {الْجنَّة لِلْمُتقين} وَلم يفرق بَينهمَا ابْن هِشَام بل عمم الثَّانِي لما فِيهِ من تقليل الِاشْتِرَاك وَقيل: مَا لَا يَصح لَهُ التَّمَلُّك فَاللَّام مَعَه لَام الِاخْتِصَاص، وَمَا يَصح لَهُ التَّمَلُّك وَلَكِن أضيف إِلَيْهِ مَا لَيْسَ بمملوك لَهُ فَاللَّام مَعَه لَام الِاسْتِحْقَاق، وَمَا عدا ذَلِك فَاللَّام فِيهِ للْملك والاختصاص الْحَقِيقِيّ كَمَا فِي الإملاك نَحْو: {لله مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} و (وهبت لَهُ المَال) وَفِي شبه الإملاك نَحْو: {يهب لمن يَشَاء الذُّكُور} و (الْغُلَام لزيد) والاختصاص الادعائي كَمَا فِي (الْحَمد لله)

و (الْأَمر لله) بتنزيل العلاقة الشَّدِيدَة منزلَة الِاخْتِصَاص وَلَام الاستغاثة بِالْفَتْح كَقَوْلِك: (يَا للنَّاس) وَلَام التَّعَجُّب وَالْقسم مَعًا كَقَوْلِه: لله يبْقى على الْأَيَّام ذُو حيد والتعجب الْمُجَرّد عَن الْقسم نَحْو: لله دره (لَام الْملك نَحْو: هَذِه الدَّار لزيد. لَام الْملك نَحْو: {لله مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} . لَام التَّمْلِيك نَحْو: وهبت لزيد. وَشبه التَّمْلِيك نَحْو: {وَجعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا} ) وَالْأَصْل فِي لَام الْجَرّ وَهِي لَام الْملك أَن تكون للْملك فِيمَا يقبله كَقَوْلِه: {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء} لَا لمُجَرّد الِاخْتِصَاص إِلَّا إِذا كَانَ فِيمَا لَا يقبله كَقَوْلِهِم: (الْخلَافَة لقريش) لَام الدُّعَاء لَام مَكْسُورَة تجزم الْمُسْتَقْبل ويفتتح بهَا الْكَلَام فَيُقَال: لغير الله للْمُؤْمِنين، وليعذب الله الْكَافرين وَلَام الْجُحُود لَا يَقع قبلهَا فعل مُسْتَقْبل فَلَا تَقول: (لن يكون زيد ليفعل) بِخِلَاف لَام (كي) نَحْو: (سأتوب ليغفر الله لي) لَام الْجُحُود تقع بعد مَا لَا يسْتَقلّ أَن يكون كلَاما دونهَا، وَلَام كي لَا تقع إِلَّا بَعْدَمَا يسْتَقلّ هُوَ كلَاما وَلَام الْأَمر يجوز تسكينه بعد وَاو أَو فَاء نَحْو {وليوفوا نذورهم} {فليستجيبوا لي وليؤمنوا بِي} وَلَا يجوز ذَلِك فِي لَام (كي) وَمَا يَتَرَتَّب على فعل الْفَاعِل الْمُخْتَار إِن كَانَ ترتبه عَلَيْهِ بطرِيق الِاتِّفَاق والإمضاء من غير أَن يكون اقْتِضَاء وسببية تسمى اللَّام الدَّاخِلَة عَلَيْهِ لَام الصيرورة وَهِي الْعَاقِبَة والمآل كَقَوْلِه تَعَالَى: {فالتقطه آل فِرْعَوْن ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا} ، وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {فَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا ليضل النَّاس} أَي: عَاقِبَة كذبه ومصيره إِلَى الإضلال بِهِ وَإِن كَانَ هُنَاكَ سَبَبِيَّة واقتضاء فِي نفس الْأَمر من غير أَن يكون حَامِلا للْفَاعِل عَلَيْهِ وباعثا لَهُ يُسمى ذَلِك اللَّام لَام التَّعْلِيل، وَيدخل كل مِنْهُمَا على مَا يَتَرَتَّب على أَفعَال الله بالِاتِّفَاقِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ فتنا بَعضهم بِبَعْض لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ من الله عَلَيْهِم من بَيْننَا} وَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك حَامِلا لَهُ عَلَيْهِ وباعثا لإقدامه على ذَلِك الْفِعْل يُسمى لَام الْغَرَض وَلَام الْعلَّة الغائية، وَلَا يجوز دُخُولهَا على مَا يَتَرَتَّب على أَفعَال الله تَعَالَى خلافًا للمعتزلة على مَا بَين فِي مَحَله وَاللَّام فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا نملي لَهُم ليزدادوا إِثْمًا} لَام الْإِرَادَة عندنَا وَاللَّام لما فِيهَا من معنى الْإِرَادَة تصلح مُؤَكدَة لمضمون فعل الْإِرَادَة مثل:

(جئْتُك لأكرمك) ، كَمَا أَنَّهَا لما فِيهَا من الدّلَالَة على الِاخْتِصَاص زيدت لتأكيد معنى الْإِضَافَة الْمُقْتَضِيَة للاختصاص فِي نَحْو: (لَا أبالك) فَإِن أَصله (لَا أَبَاك) وَاللَّام تقع زَائِدَة فِي قَوْلك: (ذَلِك) وَإِنَّمَا هُوَ (ذَاك) ، والزائدة أَنْوَاع مِنْهَا اللَّام المعترضة بَين الْفِعْل الْمُتَعَدِّي ومفعوله كَمَا فِي قَوْله: (وَمن يَك ذَا عود صَلِيب رجا بِهِ ... ليكسر عود الدَّهْر فالدهر كاسره) وَمِنْهَا اللَّام الْمُسَمَّاة بالمقحمة وَهِي المعترضة بَين المتضايفين نَحْو: (يَا بؤس للحرب) الأَصْل (يَا بؤس الْحَرْب) فأقحمت تَقْوِيَة للاختصاص وَمِنْهَا اللَّام الْمُسَمَّاة بلام التقوية: وَهِي المزيدة لتقوية عَامل ضعف إِمَّا بِتَأْخِيرِهِ نَحْو: {إِن كُنْتُم للرؤيا تعبرون} أَو بِكَوْنِهِ فرعا فِي الْعَمَل نَحْو: {فعال لما يُرِيد} ، {نزاعة للشوى} وَاللَّام تكون للتَّأْكِيد وَرُبمَا يُقَال لَهَا لَام الِابْتِدَاء، وَهِي الدَّاخِلَة على الْمُبْتَدَأ وَخبر (إِن) نَحْو: {لَأَنْتُم أَشد رهبة} ، {وَإِن رَبك ليحكم بَينهم} وكاللام الَّتِي تدخل على (قد) ، و (لَعَلَّ) ، وَتَكون لتوكيد النَّفْي وَهِي الدَّاخِلَة فِي خبر كَانَ، أَو يكون، منفيين نَحْو: {وَمَا كَانَ الله ليطلعكم على الْغَيْب} ، {وَلم يكن الله ليغفر لَهُم} وَتَكون للتعدية نَحْو: {وتله للجبين} وَتَكون لتبيين الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول نَحْو: {فتعسا لَهُم} ، {وهيهات لما توعدون} وَاللَّام الجازمة هِيَ لَام الطّلب نَحْو: {فليستجيبوا لي وليؤمنوا بِي} وإسكانها بعد الْفَاء وَالْوَاو أَكثر من تحريكها، وَقد تسكن بعد (ثمَّ) نَحْو: {ثمَّ ليقضوا} والتهديد نَحْو: {وَمن شَاءَ فليكفر} وجزمها بِفعل الْغَائِب كثير نَحْو: {فلتقم طَائِفَة} وبفعل الْمُخَاطب قَلِيل نَحْو: {فَلذَلِك فلتفرحوا} فِي قِرَاءَة التَّاء وَيفْعل الْمُتَكَلّم أقل وَمِنْه: {ولنحمل خطاياكم} لَام الْإِضَافَة هِيَ اللَّام الجارة، وَالْفرق بَينهَا وَبَين لَام الِابْتِدَاء بجوهر الْمَدْخُول، فَإِنَّهُ ضمير مَرْفُوع فِي لَام الِابْتِدَاء، مجرور فِي لَام الْإِضَافَة، وَلَا تدخل لَام الْإِضَافَة إِلَّا على الِاسْم، فَلَا تَلْتَبِس على الجازمة الَّتِي لَا تدخل إِلَّا على الْفِعْل، وَلَا على الابتدائية لِأَنَّهَا تدخل على الْمُضَارع (وَاللَّام تسْتَعْمل للقسم إِذا كَانَ مَوضِع تعجب كَمَا فِي قَول ابْن عَبَّاس: " دخل آدم الْجنَّة فَللَّه مَا

غربت الشَّمْس حَتَّى خرج " قَول الشَّاعِر: (لله يبْقى على الْأَيَّام ذُو حيد) وَلَام الْجَواب للقسم نَحْو: {تالله لأكيدن أصنامكم} أَو ل (لَو) نَحْو: {لَو تزيلوا لعذبنا} ، أَو لأ (لَوْلَا) نَحْو: {وَلَوْلَا دفع الله النَّاس بَعضهم بِبَعْض لفسدت الأَرْض} وَاللَّام الموطئة للقسم أَي المسهلة لتفهم الْجَواب على السَّامع وَتسَمى المؤذنة، وَهِي الدَّاخِلَة على أَدَاة الشَّرْط بعد تقدم الْقسم لفظا أَو تَقْديرا للإيذان بِأَن الْجَواب بعْدهَا مَبْنِيّ على قسم مُقَدّر لَا للشّرط نَحْو: {لَئِن قوتلوا لَا ينصرونهم وَلَئِن نصروهم ليولن الأدبار} وَاللَّام الفارقة بَين (إِن) المخففة من الثَّقِيلَة وَبَين النافية كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِن كُنَّا عَن دراستهم لغافلين} ، وَفِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه} دخلت على الِاسْم للفصل بَينه وَبَين (إِن) بالظرف وَلَام الِابْتِدَاء إِذا دخل على الْمُضَارع اخْتصَّ بِزَمَان الْحَال نَحْو: {إِنِّي ليحزنني} ، وَأما فِي قَوْله تَعَالَى: {ولسوف يعطيك رَبك} فقد تمحضت اللَّام للتَّأْكِيد مضمحلا عَنْهَا معنى الحالية لِأَنَّهَا إِنَّمَا تفِيد ذَلِك إِذا دخلت على الْمُضَارع الْمُحْتَمل لَهما لَا الْمُسْتَقْبل الصّرْف، وَفِي قَوْله تَعَالَى: " {ليحكم بَينهم يَوْم الْقِيَامَة} نزل منزلَة الْحَال إِذْ لَا شكّ فِي وُقُوعه [وَاللَّام فِي مثل: (قلت لَك) و (سعيت لَك) للتبليغ أَي: أوصلته لَك وأبلغتك، بِخِلَاف (سعيت لِأَجلِك مَالا) فَإِنَّهُ لَا يلْزم مِنْهُ وُصُوله إِلَيْهِ] وَاللَّام تكون بِمَعْنى (عِنْد) نَحْو: {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} وَبِمَعْنى (بعد) كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " وصوموا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته " وَتَكون للْوَقْت كَمَا فِي قَوْلهم: (لثلاث خلون من شهر كَذَا) ، وَأهل اللِّسَان يسمونها لَام التَّارِيخ [فَإِن اللَّام فِي الْأَزْمَان وَمَا أشبههَا من المقدرات للتأنيث] وَتَكون للجزاء كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله} وَتَكون بِمَعْنى (الَّذِي) إِذا اتَّصَلت باسم فَاعل أَو اسْم مفعول، وَتسَمى دعامة نَحْو: {إِنَّك لمن الْمُرْسلين} أَي: لمن الَّذين أرْسلُوا وَتَكون عوضا عَن تَعْرِيف الْإِضَافَة نَحْو: (مَرَرْت بِرَجُل الْحسن الْوَجْه) وَتَكون بِمَعْنى (من) نَحْو: {سمعُوا لَهَا شهيقا}

وَبِمَعْنى (عَن) نَحْو: {قَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا} أَي: عَنْهُم. وَبِمَعْنى (على) نَحْو: {يخرون للأذقان} قيل: وَبِمَعْنى (إِلَى) نَحْو {بِأَن رَبك أوحى لَهَا} وَلَيْسَ ذَلِك بِشَيْء بل فِي اللَّام تَنْبِيه على جعل ذَلِك بالتسخير، وَلَيْسَ ذَلِك كالوحي الموحى إِلَى الْأَنْبِيَاء وَبِمَعْنى (فِي) نَحْو: {وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة} وَذهب الْمبرد إِلَى أَن من مَعَاني اللَّام الإلصاق وَكثر دُخُول لَام الْقسم على (قد) لما فِيهَا من التوقع، لِأَن الْجُمْلَة القسمية لَا يُؤْتى بهَا إِلَّا تَأْكِيدًا للجملة الْمقسم عَلَيْهَا الَّتِي هِيَ جوابها، وَالْجَوَاب متوقع للمخاطب عِنْد سَماع الْقسم فجيء بقد لَو: لَو، و (لَيْت) تتلاقيان فِي معنى التَّقْدِير وَقَاعِدَة (لَو) أَنَّهَا إِذا دخلت على ثبوتين كَانَا منفيين، تَقول: لَو جَاءَنِي لأكرمته، فَمَا جَاءَنِي وَلَا أكرمته وعَلى نفيين كَانَا ثبوتيين تَقول: لَو لم يسْتَدلّ لم يُطَالب، فقد اسْتدلَّ وطولب وعَلى نفي وَثُبُوت، كَانَ النَّفْي ثبوتا والثبوت نفيا تَقول: لَو لم يُؤمن أريق دَمه، فالتقدير أَنه آمن وَلم يرق دَمه، وَالْعَكْس لَو آمن لم يقتل فاحفظها وللو الشّرطِيَّة استعمالان: لغَوِيّ وعرفي تعارفه المنطقيون فِيمَا بَينهم وَهِي فِي الِاسْتِعْمَال اللّغَوِيّ لانْتِفَاء الثَّانِي لانْتِفَاء الأول كَمَا فِي قَوْلك: لَو جئتني لأكرمتك، فمفهوم الْقَضِيَّة الْإِخْبَار بِأَن شَيْئا لم يتَحَقَّق بِسَبَب عدم تحقق شي آخر والمنطقيون جعلُوا (أَن) و (لَو) من أدوات الِاتِّصَال لُزُوما واتفاقا، فاللزوم كَمَا فِي قَوْلنَا: (لَو كَانَ زيد حجرا كَانَ جمادا) إِذْ يسوقون مثل هَذِه الْقَضِيَّة فِي الْقيَاس الخلقى للاستدلال بِالْعدمِ على الْعَدَم، فعندهم الْمَحْكُوم عَلَيْهِ هُوَ الشَّرْط، والمحكوم بِهِ هُوَ الْجَزَاء، وَالْحكم هُوَ الإذعان بِصدق الْجَزَاء على تَقْدِير صدق الشَّرْط ويعبرون عَنْهُمَا بالمقدم والتالي، وَصدق هَذِه الْقَضِيَّة بمطابقة الحكم باللزوم للْوَاقِع، وكذبها بعدمها، حَتَّى إِنَّهَا تكذب وَإِن تحقق طرفاها إِذا لم يكن بَينهمَا لُزُوم وَقد يستعملها أهل اللُّغَة فِي هَذَا الْمَعْنى إِمَّا بالاشتراك أَو بالمجاز، كَمَا يُقَال مثلا: (لَو كَانَ زيد فِي الْبَلَد لرآه كل أحد) كَمَا رُوِيَ عَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنه قَالَ فِي حق الْخضر: " لَو كَانَ حَيا لزارني " وَمن الْبَين أَن الْمَقْصُود الِاسْتِدْلَال بِالْعدمِ على الْعَدَم، لَا الدّلَالَة على انْتِفَاء الثَّانِي بِسَبَب انْتِفَاء الأول، وَقَوله تَعَالَى: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} على هَذَا الِاسْتِعْمَال وَمن الْفُقَهَاء من قَالَ: إِنَّه يُفِيد الاستلزام، فَأَما انْتِفَاء الشَّيْء لانْتِفَاء غَيره فَلَا يفِيدهُ هَذَا اللَّفْظ، إِذْ لَو أَفَادَ ذَلِك يلْزم التَّنَاقُض فِي قَوْله تَعَالَى: (وَلَو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم وَلَو أسمعهم

لتولوا} فَإِن أول الْكَلَام يَقْتَضِي نفي الْخَيْر أَي: مَا علم مِنْهُم خيرا وَمَا أسمعهم، وَآخره يَقْتَضِي حُصُول الْخَيْر أَي: مَا أسمعهم وانهم مَا توَلّوا، وَعدم التولي خير من الْخيرَات وَكَذَا التَّنَاقُض فِي حَدِيث " نعم الرجل صُهَيْب لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ " إِذْ الْمَعْنى حِينَئِذٍ أَنه خَافَ الله وَعَصَاهُ، وَذَلِكَ متناقض، فَثَبت أَن كلمة (لَو) تفِيد مُجَرّد الاستلزام، وَهَذَا دَلِيل حسن إِلَّا أَنه خلاف قَول الْجُمْهُور وَأما عِنْد ابْن الْحَاجِب فبعكس مَا هُوَ عِنْد الْجُمْهُور، وَذَلِكَ أَن (لَو) مُشْتَرك مَعَ (أَن) فِي الشّرطِيَّة وحرف الشَّرْط: كل حرف دخل على جملتين عليتين، فَجعل تحقق مَضْمُون الأولى سَببا لتحقيق مَضْمُون الثَّانِيَة وَالْفرق أَن (إِن) يُفِيد ارتباط الْجَزَاء بِالشّرطِ فِي الِاسْتِقْبَال وَإِن دخلت على الْمَاضِي و (لَو) يُفِيد ارتباطها بِهِ فِي الْمَاضِي على سَبِيل التَّقْدِير وَإِن دخلت على الْمُسْتَقْبل فَمَعْنَى (إِن أكرمتنى أكرمتك) تَعْلِيق تحقق مَضْمُون الثَّانِيَة فِي الْمَاضِي بتحقق مَضْمُون الأولى فِيهِ على سَبِيل التَّقْدِير، وكل وَاحِد من مضموني الجملتين منفي، فَمن ذهب إِلَى أَنَّهَا لانْتِفَاء الثَّانِي لانْتِفَاء الأول نظر إِلَى أَن تحقق مَضْمُون الأولى لما كَانَ سَببا لتحَقّق مَضْمُون الثَّانِيَة كَانَ انْتِفَاء مَضْمُون الأولى فِي الْخَارِج سَببا لانْتِفَاء مَضْمُون الثَّانِيَة فِيهِ ضَرُورَة أَن انْتِفَاء مَضْمُون الْعلَّة لانْتِفَاء الْمَعْلُول، فَإِذا قيل: (لَو جئتني لأكرمتك) كَانَ اللَّازِم انْتِفَاء الْإِكْرَام فِي الْخَارِج أَيْضا، وَإِن لم يكن الْعلم بِانْتِفَاء الأول سَببا للْعلم بِانْتِفَاء الثَّانِي بِنَاء على أَن الْعلم بِانْتِفَاء السَّبَب الْخَاص لَا يسْتَلْزم الْعلم بِانْتِفَاء الحكم مُطلقًا لجَوَاز أَن يتَحَقَّق بسب آخر وَمن ذهب إِلَى أَنَّهَا لانْتِفَاء الأول لانْتِفَاء الثَّانِي نظر إِلَى أَن الْعلم بِانْتِفَاء الثَّانِي يسْتَلْزم الْعلم بِانْتِفَاء الأول ضَرُورَة أَن الْعلم بِانْتِفَاء الْمُسَبّب يدل على انْتِفَاء الْأَسْبَاب كلهَا، فَإِن قَوْله تَعَالَى: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} إِنَّمَا سيق ليستدل بامتناع الْفساد على انْتِفَاء تعدد الْآلهَة دون الْعَكْس، إِذْ لَا يلْزم من انْتِفَاء التَّعَدُّد انْتِفَاء الْفساد، وَمَا ذكره ابْن الْحَاجِب هُوَ معنى يقْصد إِلَيْهِ فِي مقَام الِاسْتِدْلَال بِانْتِفَاء اللَّازِم الْمَعْلُوم على انْتِفَاء اللَّازِم الْمَجْهُول، وَالْمعْنَى الْمَشْهُور لَازم معنى (لَو) فَإِنَّهَا مَوْضُوعَة لتعليق حُصُول أَمر فِي الْمَاضِي بِحُصُول أَمر آخر مُقَدّر فِيهِ، وَمَا كَانَ حُصُوله مُقَدرا فِي الْمَاضِي كَانَ منتفيا فِيهِ قطعا، فَيلْزم لأجل انتفائه انْتِفَاء مَا علق بِهِ أَيْضا، فَهَذَا الْمَعْنى بَيَان سَبَب أحد انتفاءين معلومين للْآخر بِحَسب الْوَاقِع، فَلَا يتَصَوَّر هُنَاكَ اسْتِدْلَال وَلها اسْتِعْمَال ثَالِث وَهُوَ أَن يقْصد اسْتِمْرَار شَيْء فيربط ذَلِك الشَّيْء بأبعد النقيضين عَنهُ فَيلْزم وجوده أبدا، إِذْ النقيضان لَا يرتفعان، فَيلْزم اسْتِمْرَار وجود الْجَزَاء على تَقْدِير وجود الشَّرْط وَعَدَمه، فَيكون الْجَزَاء لَازم الْوُجُود فِي جَمِيع الْأَزْمِنَة عِنْد الْمُتَكَلّم، سَوَاء كَانَ الشَّرْط وَالْجَزَاء مثبتين نَحْو: (لَو أهانني لأكرمته) فَإِنَّهُ إِذا استلزم الإهانة الْإِكْرَام فَكيف لَا يسْتَلْزم الْإِكْرَام الْإِكْرَام أَو منفيين نَحْو: " لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ "

أَو مُخْتَلفين نَحْو: {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} وَنَحْو: (لَو لم تكرمني لأثنيت عَلَيْك) [وَفِي " التسديد ": كلمة (لَو) أَيْنَمَا دخلت كَانَ المُرَاد من النَّفْي الْإِثْبَات وَمن الْإِثْبَات النَّفْي فَكَانَ النَّفْي فِي الْمَنْفِيّ وَالْإِثْبَات فِي الْمُثبت صور بإلا معنويا فَإِن معنى قَوْلك مثلا (لَو لم تكن الْحَرَكَة مَوْجُودَة فِي هَذَا الْمحل لما وجد التحرك فِيهِ) أَي: الْحَرَكَة الْمَوْجُودَة فِيهِ فَلذَلِك وجد التحرك فِيهِ، وَكَذَلِكَ فِي صُورَة الْإِثْبَات، وَهِي لَو كَانَت الْحَرَكَة قَائِمَة فِي هَذَا الْمحل لَكَانَ التحرك مَوْجُودا، أَي الْحَرَكَة غير قَائِمَة فِيهِ فَلذَلِك لم يُوجد التحرك فِيهِ] قَالَ أَبُو الْبَقَاء: (لَو) فِي " لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ " تفِيد الْمُبَالغَة، وَهُوَ أَنه لَو لم يكن عِنْده خوف لما عصى الله، فَكيف يَعْصِي وَعِنْده خوف وَقد تسْتَعْمل (لَو) لمُطلق الرَّبْط ك (إِن) ولقطع الرَّبْط أَيْضا فَتكون جَوَابا لسؤال مُحَقّق أَو متوهم وَقع فِيهِ ربط فتقطعه أَنْت لاعتقادك بطلَان ذَلِك الرَّبْط، كَمَا إِذا سَمِعت قَائِلا يَقُول: (زيد إِذا لم يكن عَالما لم يكرم) فَربط بَين عدم الْعلم وَعدم الْإِكْرَام، فتقطع أَنْت ذَلِك الرَّبْط وَتقول: لَو لم يكن زيد عَالما لأكرم، أَي لشجاعته وَقَالَ شمس الدّين الخسرو شاهي: إِن (لَو) فِي أصل اللُّغَة لمُطلق الرَّبْط، وَإِنَّمَا اشتهرت فِي الْعرف فِي انقلاب ثُبُوتهَا نفيا وَبِالْعَكْسِ وَحَدِيث " لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ " إِنَّمَا ورد بِمَعْنى الرَّبْط فِي اللُّغَة وَقَالَ بعض الْفُضَلَاء: (لَو) حرف لما كَانَ سيقع لوُقُوع غَيره هَذِه عبارَة سِيبَوَيْهٍ وَهِي أولى من عبارَة غَيره: حرف امْتنَاع لِامْتِنَاع، لصِحَّة الْعبارَة الأولى فِي نَحْو قَوْله تَعَالَى: {لَو كَانَ الْبَحْر مدادا} ، وَفِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " نعم العَبْد صُهَيْب لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ " وَعدم صِحَة الثَّانِيَة فِي ذَلِك ولفساد نَحْو قَوْلهم: (لَو كَانَ إنْسَانا لَكَانَ حَيَوَانا) وَكلمَة (لَو) و (إِن) الوصليتين ليستا لانْتِفَاء الشَّيْء لانْتِفَاء غَيره، وَلَا للمضي، وَلَا لقصد التَّعْلِيق، بل كل مِنْهُمَا مستعملة فِي تَأْكِيد الحكم الْبَتَّةَ، وَلذَا ترى الْقَوْم يَقُولُونَ: إِنَّهَا للتوكيد، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَو أَعجبتكُم} وَالْوَاو عِنْد الْبَعْض للْعَطْف على مُقَدّر هُوَ ضد الْمَذْكُور أَي: لم يكن كَذَلِك وَلَو كَانَ كَذَلِك وَعند صَاحب " الْكَشَّاف " للْحَال وَترد (لَو) لِلتَّمَنِّي لتلاقيهما فِي معنى التَّقْدِير نَحْو: {فَلَو أَن لنا كرة فنكون} وَلذَلِك أُجِيب بِالْفَاءِ وَالْعرض نَحْو: (لَو تنزل عندنَا فنكرمك) والتحضيض نَحْو: (لَو تسلم فَتدخل الْجنَّة) أَي: هلا تسلم والتقليل نَحْو قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " ردوا السَّائِل وَلَو بظلف محرق " يَعْنِي المشوي المنتفع بِهِ وَإِذا كَانَ مَدْخُول (لَو) مَاضِيا مثبتا جَاءَ فِي الْقُرْآن جَوَابه بِاللَّامِ كثيرا، وبدونها فِي مَوضِع، وَلم يجِئ جَوَاب (لَو) فِي الْقُرْآن مَحْذُوف اللَّام من الْمَاضِي

الْمُثبت وَلَا فِي مَوضِع وَاحِد، وَذَلِكَ أَن (لَو) للشّرط فِي الْمَاضِي فَإِذا دخلت فِي الْمُسْتَقْبل فقد خرجت عَن حيزها لفظا، فَجَاز فِي الْجَزَاء الْإِخْرَاج عَن حيزه لفظا، وَإِسْقَاط اللَّام عَنهُ جَزَاء، كَمَا أَن (إِن) إِذا جعل مدخوله مَاضِيا جَازَ فِي جَزَائِهِ الْإِخْرَاج عَن حيزه لفظا، وَترك الْجَزْم جَزَاء أَيْضا وَقد نظمت فِيهِ: (وأفرطت فِي صد فجوزيت بالجفا ... وفرطت فِي حب فجوزيت بالهجر) (كَأَنَّك إِن كنت كَأَنِّي كَلَوْ ترى ... وَهَذَا جَزَاء للتعدي عَن الطّور) قَالَ بَعضهم: (لَو) إِذا جَاءَ فِيمَا يشوق إِلَيْهِ أَو يخوف مِنْهُ قَلما يُوصل بِجَوَاب ليذْهب الْقلب فِيهِ كل مَذْهَب و (لَو) تقوم مقَام (إِن) الْخَفِيفَة فِي الْمَعْنى دون اللَّفْظ أَي: دون الْعَمَل كَقَوْلِه تَعَالَى: {لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ} ، وَكَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " اطْلُبُوا الْعلم وَلَو بالصين " وَبِالْعَكْسِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن كنت قلته فقد عَلمته} وَقد تَجِيء (لَو) بِمَعْنى (أَن) الناصبة للْفِعْل وَلم تنصبه وفيهَا معنى التَّمَنِّي كَقَوْلِه تَعَالَى: {يود أحدهم لَو يعمر ألف سنة} وَقد تشرب معنى الْيَمين فتنصب الْمُضَارع بعد الْفَاء جَوَابا لَهَا نَحْو: {فَلَو أَن لنا كرة فنكون} وَقد يكون جوابها جملَة اسمية مقرونة بِالْفَاءِ وَإِن كَانَ الأَصْل أَن تكون ماضوية مقرونة بِاللَّامِ [وَعدم وُقُوع الْفَاء فِي جَوَاب (لَو) المستعارة بِمَعْنى (أَن) مَمْنُوع] وَقد تدخل على الْمُضَارع لقصد اسْتِمْرَار الْفِعْل، أَو لتنزيل الْمُضَارع منزلَة الْمَاضِي لصدوره عَمَّن لَا خلاف فِي إخْبَاره، أَو لاستحضار الصُّورَة، أَو للدلالة على أَن الْفِعْل بلغ من الفصاحة بِحَيْثُ يحْتَرز عَن أَن يعبر عَنهُ بِلَفْظ الْمَاضِي لكَونه مِمَّا يدل على الْوُقُوع فِي الْجُمْلَة وكل مَوضِع ولي (لَو) الْفِعْل الْمَاضِي ف (لَو) بِمَعْنى (إِن) ، وَلم يسْتَعْمل (لَو) فِي الْكَلَام الفصيح فِي الْقيَاس الاقتراني، وَإِنَّمَا يسْتَعْمل فِي الْقيَاس الاستثنائي الْمُسْتَثْنى فِيهِ عين الْمُقدم لِأَنَّهَا لتعليق الْوُجُود بالوجود وَلَو الشّرطِيَّة: هِيَ الَّتِي تصلح موضعهَا (إِن) نَحْو: {وَلَو كره الْمُشْركُونَ} والمصدرية: هِيَ الَّتِي تصلح موضعهَا (أَن) الْمَفْتُوحَة، وَأكْثر وُقُوعهَا بعد (ود) نَحْو: {ود كثير من أهل الْكتاب لَو يردونكم} وَهِي الَّتِي تصلح موضعهَا (لَيْت) نَحْو: {فَلَو أَن لنا كرة فنكون} لَوْلَا: لَو فِي الأَصْل لِامْتِنَاع الشَّيْء لِامْتِنَاع غَيره، وَإِذا دخل على (لَا) أَفَادَ إِثْبَاتًا، وَهُوَ امْتنَاع الشَّيْء لثُبُوت غَيره، وَلما دلّ على امْتنَاع الشَّيْء لوُجُود غَيره جعل مَانِعا عَن وُقُوع مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ فَصَارَ

كالاستثناء قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: (لَو) حرف شَرط تدخل على انْتِفَاء الشَّرْط، فَإِن كَانَ ثبوتا فَهِيَ مَحْضَة وَإِن كَانَ الشَّرْط عدميا مثل (لَوْلَا) و (لَو لم) دلّت على انْتِفَاء هَذَا الْعَدَم بِثُبُوت نقيضه فَيَقْتَضِي أَن هَذَا الشَّرْط العدمي مُسْتَلْزم لجزائه إِن وجودا وَإِن عدما، وَأَن هَذَا الْعَدَم مُنْتَفٍ وَإِذا كَانَ عدم شَيْء سَببا فِي أَمر فقد يكون وجوده سَببا فِي أَمر، وَقد يكون وجوده سَببا فِي عَدمه، وَقد يكون وجوده أَيْضا سَببا فِي وجوده بِأَن يكون الشَّيْء لَازِما لوُجُود الْمَلْزُوم ولعدمه وَالْحكم ثَابت مَعَ الْعلَّة الْمعينَة وَمَعَ انتفائها أَيْضا لوُجُود عِلّة أُخْرَى، (وَإِذا كَانَ ملزوم الشرطيتين محالا ترَتّب عَلَيْهِ الْمحَال كَقَوْلِه تَعَالَى) : {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين للبث فِي بَطْنه إِلَى يَوْم يبعثون} و {وَلَوْلَا أَن تَدَارُكه نعْمَة من ربه لنبذ بالعراء وَهُوَ مَذْمُوم} فَإِن الْآيَة الأولى فِي قُوَّة لَو انْتَفَى التَّسْبِيح لثبت اللّّبْث، وَالثَّانيَِة فِي قُوَّة لَو انْتَفَت النِّعْمَة لثبت النبذ، وَالْوَاقِع من مُرَاد الله ثبوتهما فانتفاؤهما محَال، وَلما كَانَ ملزوم الشرطيتين محالا لَا جرم ترَتّب عَلَيْهِ الْمحَال وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى: {وَلَو أنزلنَا ملكا لقضي الْأَمر ثمَّ لَا ينظرُونَ وَلَو جَعَلْنَاهُ ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا} (فَإِنَّهُ لما كَانَ جعل الْملك على الْوَجْه الَّذِي طلبوه رَسُولا) محالا لما سبق فِي علم الله لَا جرم ترَتّب عَلَيْهِ الْمحَال والواضح مِنْهُ أَن ثَانِيَة الأولى إِنَّمَا نفت النبذ الْمُقَيد بِكَوْنِهِ مذموما، وَنفي الْمُقَيد لَا يسْتَلْزم نفي الْمُطلق، وَبِه يَنْتَفِي اللّّبْث الَّذِي نفته الْآيَة الأولى، وَهَذَا هُوَ الْجَواب عَن آيتي الْأَنْعَام، فَإِن الإهلاك الَّذِي كني عَنهُ بِقَضَاء الْأَمر إِنَّمَا رتب على إِنْزَال الْملك على صُورَة الرجل، واللبس عَلَيْهِم يسْتَلْزم بقاءهم بعد الْإِنْزَال على صفة الرجل إِذْ يُقَال: تلبس عَلَيْهِم الْأَمر ثمَّ يهْلكُونَ لَوْلَا الامتناعية لَا يَليهَا إِلَّا الْأَسْمَاء لفظا أَو تَقْديرا عِنْد الْبَصرِيين والتحضيضية لَا يَليهَا إِلَّا الْفِعْل ظَاهرا أَو مضمرا وَمعنى (لَوْلَا) فِي الْجُمْلَة المضارعية التحضيض وَهُوَ طلب بحث وإزعاج نَحْو: {لَوْلَا تستغفرون الله} أَي: استغفروه وَفِي الْجُمْلَة الْمَاضِيَة التوبيخ على ترك الْفِعْل فَتكون جملَة التحضيض فِي قُوَّة قَوْلَيْنِ نَحْو {فلولا نَصرهم الَّذين اتَّخذُوا من دون الله قربانا آلِهَة} وبخهم الله على عدم نصر الشُّرَكَاء إيَّاهُم أَي: مَا نَصرهم وَلم مَا نَصرهم وَالِاسْم الْوَاقِع بعد لَوْلَا الامتناعية لَا يظْهر خَبره رَأْسا لأجل طول الْكَلَام بِالْجَوَابِ، وَالْجَوَاب يسد مسده قَالُوا: حذف خبر الْمُبْتَدَأ بعد لَوْلَا وَاجِب لِأَن مَا فِي لَوْلَا من معنى الْوُجُود دلّ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن النّحاس: إِن كَانَ الْخَبَر مَعْلُوما وَجب

حذفه، وَإِن كَانَ مَجْهُولا وَجب ذكره وَفِي شرح " التسهيل ": وَجب حذف خبر (لَوْلَا) الامتناعية لِأَنَّهُ مَعْلُوم بِمُقْتَضى (لَوْلَا) إِذْ هِيَ دَالَّة، على امْتنَاع الثُّبُوت، والمدلول على امْتِنَاعه هُوَ الْجَواب، والمدلول على ثُبُوته هُوَ الْمُبْتَدَأ وَترك الْجَواب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته وَأَن الله تواب حَكِيم} للتعظيم وَفِي قَوْله: {وَأَن الله رؤوف رَحِيم} اسْتغنى عَن الْجَواب لذكره مرّة وَالْمرَاد بالثبوت هُنَا الْكَوْن الْمُطلق، فَلَو أُرِيد كَون مُقَيّد لَا دَلِيل عَلَيْهِ لم يجز الْحَذف نَحْو: (لَوْلَا زيد سالمنا مَا سلم) ، و (لَوْلَا عَمْرو عندنَا لهلك) و (لولاك) : فِي معنى اللَّام التعليلية، فَمَعْنَى (لولاك لَكَانَ كَذَا) : لم يكن كَذَا لوجودك وتستعمللولا كثيرا فِي لوم الْمُخَاطب على أَنه ترك فِي الْمَاضِي شَيْئا لَا يُمكن تَدَارُكه فِي الْمُسْتَقْبل، فَكَأَنَّهَا من حَيْثُ الْمَعْنى للتحضيض على فعل مثل (مافات) وقلما تسْتَعْمل فِي الْمَاضِي أَيْضا إِلَّا فِي مَوضِع التوبيخ واللوم على مَا كَانَ يجب أَن يَفْعَله الْمُخَاطب قبل أَن يطْلب مِنْهُ [وَإِذا تعَارض بَين أَن يكون جَوَاب (لَوْلَا) محذوفا وَبَين أَن يكون مقدما عَلَيْهَا فَلَا شكّ أَن التَّقْدِيم أولى كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَقَد هَمت بِهِ وهم بهَا لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه} فالتقدير فَلَقَد هَمت بِهِ لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه لَهُم بهَا يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {إِن كَادَت لتبدي بِهِ لَوْلَا أَن ربطنا على قَلبهَا} {إِن كَاد ليضلنا عَن آلِهَتنَا لَوْلَا أَن صَبرنَا} إِذْ (لَوْلَا) فِي مثله تَقْيِيد للْحكم الْمُطلق من حَيْثُ الْمَعْنى دون اللَّفْظ] وَترد للتنديم كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَوْلَا أَن من الله علينا لخسف بِنَا} وَأما لَوْلَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ ملك} فقد أطبق الْجُمْهُور على أَن (لَوْلَا) هُنَاكَ مفيدة للتنديم والتوبيخ لدخولها على الْمَاضِي، وَلم يبينوا كَيفَ معنى التنديم والتوبيخ، وَإِلَى من يرجع وَالْحَاجة ماسة إِلَى الْبَيَان، وَذَلِكَ أَن التنديم والتوبيخ إِنَّمَا يَقع على عدم صُدُور الْفِعْل الَّذِي دخل عَلَيْهِ حرف التنديم من فَاعله فِي الزَّمَان الْمَاضِي كَمَا فِي (لَوْلَا ضربت زيدا) ، و (هلا ضرب هُوَ) فالتنديم يتَوَجَّه إِلَى الْفَاعِل لَا إِلَى الْمَفْعُول وفاعل الْفِعْل الَّذِي دخل عَلَيْهِ حرف التنديم هُنَا هُوَ الله تَعَالَى وَلَا نتصور تنديمه وتوييخه سُبْحَانَهُ، وَلَيْسَ هُوَ مقصودهم بل مُرَادهم تنديم الْمنزل عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ رَسُول الله وتوبيخه، فَلَا بُد أَن يُقَال: إِن التنديم والتوبيخ لم يَقع هُنَا على الْفِعْل الَّذِي دخل عَلَيْهِ حرف التنديم صَرِيحًا، بل على الْفِعْل الْمُقدر الْمُسْتَفَاد من فحوى الْكَلَام بمعونة الْمقَام، كَأَنَّهُ قيل: لَوْلَا سَأَلَ مُحَمَّد إِنْزَال ملك عَلَيْهِ من ربه ومجيئه مَعَه فَيشْهد بنبوته على رُؤُوس الأشهاد ويعاينه منا كَائِنا من كَانَ من الْآحَاد والأفراد وَقَالَ بَعضهم كَون (لَوْلَا) هَهُنَا للتنديم غبر ظَاهر

لظُهُور أَن غرضهم بأمثال هَذَا الْمقَال التَّعْجِيز، وَهُوَ يَقْتَضِي التحضيض، وَبِهَذَا فسره أَكثر الْمُفَسّرين بِنَاء على أَن (أنزل) هَهُنَا فِي تَأْوِيل الْمُضَارع كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لَوْلَا أخرتني} لِأَن المُرَاد اقتراح إِنْزَال الْملك، وَهَذَا مُرَاد من قَالَ: لَوْلَا هُنَا تحضيضية لدخلوها على الْمُضَارع، وَلَو دخلت على الْمَاضِي لكَانَتْ للتوبيخ على ترك الْفِعْل، فَهِيَ هَهُنَا بِمَعْنى الْأَمر لوما: حرف تحضيض ك (هلا) و (أَلا) وَتَكون أَيْضا حرف امْتنَاع لوُجُود، كَمَا أَن (لَوْلَا) مترددة بَين هذَيْن الْمَعْنيين وَالْفرق بَينهمَا أَن التحضيضية لَا يَليهَا إِلَّا الْفِعْل، ظَاهرا أَو مضمرا والامتناعية لَا يَليهَا إِلَّا الْأَسْمَاء لفظا أَو تَقْديرا عِنْد الْبَصرِيين لما: هِيَ من حُرُوف الْجَزْم، تسْتَعْمل على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: لنفي الْمَاضِي وتقريب الْفِعْل نَحْو: {وَلما يعلم الله الَّذين جاهدوا} وَالثَّانِي: للظرف نَحْو: {فَلَمَّا أَن جَاءَ البشير} وتختص باستغراق أزمنة الْمَاضِي من وَقت الانتفاء إِلَى وَقت التَّكَلُّم بهَا تَقول: (نَدم فلَان وَلما يَنْفَعهُ النَّدَم) ، وَلَا يلْزم حِينَئِذٍ اسْتِمْرَار انْتِفَاء النَّدَم إِلَى وَقت التَّكَلُّم بهَا و (لما) الدَّاخِلَة على الْمَاضِي حرف وجود لوُجُود يَقْتَضِي جملتين وجدت ثانيتهما عِنْد وجود أولاهما وَقيل: إِنَّهَا ظرف بِمَعْنى (حِين) ورده ابْن خروف، وَقَالَ ابْن مَالك: ظرف بِمَعْنى (إِذْ) فَاسْتَحْسَنَهُ ابْن هِشَام قَالَ سِيبَوَيْهٍ: أعجب الْكَلِمَات كلمة (لما) ، إِن دخل على الْمَاضِي يكون ظرفا، وَإِن دخل على الْمُضَارع يكون حرفا، وَإِن دخل لَا على الْمَاضِي وَلَا على الْمُضَارع يكون بِمَعْنى (إِلَّا) نَحْو: {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} وَلَا تدخل (لما) بِمَعْنى (لم) إِلَّا على الْمُسْتَقْبل كَقَوْلِه تَعَالَى: {بل لما يَذُوقُوا عَذَاب} ومنفي (لما) يتَّصل بِالْحَال لِأَن (لما يقم زيد) نفي (لقد قَامَ زيد) ، (وَقد قَامَ زيد) إِخْبَار عَن الْمُضِيّ فَكَذَلِك نَفْيه، ومنفي (لم) يحْتَمل الِاتِّصَال بِزَمَان الْإِخْبَار نَحْو: {وَلم أكن بدعائك رب شقيا} فَإِن الْمَعْنى نفي الشَّقَاء عَنهُ مُتَّصِلا بِزَمَان النُّطْق، وَلَيْسَ الْمَعْنى نفي الشَّقَاء عَنهُ فِيمَا مضى، ثمَّ اتَّصل بِهِ الشَّقَاء وَيحْتَمل الِانْقِطَاع عَن زمَان الْإِخْبَار نَحْو: {لم يكن شَيْئا مَذْكُورا} لِأَن عدم كَونه شَيْئا مَذْكُورا مُنْقَطع عَن زمَان الْإِخْبَار (ومنفي (لما) لَا يكون إِلَّا قَرِيبا من الْحَال، وَلَا يشْتَرط ذَلِك فِي منفي (لم) تَقول: (لم يكن زيد فِي الْعَام الْمَاضِي مُقيما) ، وَلَا يجوز لما يكن) ومنفي (لما) متوقع ثُبُوته قَيده الرضي بالأغلب ك (قد) فِي الْإِيجَاب، بِخِلَاف منفي (لم) وَعلة

هَذِه الْأَحْكَام أَن (لم) لنفي (فعل) ، و (لما) لنفي (قد فعل) ، يَعْنِي أَن الْمَنْفِيّ ب (لم) هُوَ فعل غير مقرون بقد و (لما) نفي لفعل مقرون بقد قَالَ الزّجاج: إِذا قيل: قد فعل فلَان فَجَوَابه: لما يفعل وَإِذا قيل: فعل فلَان فَجَوَابه: لم يفعل وَإِذا قيل: قد فعل فَجَوَابه: مَا فعل وَإِذا قيل: وَهُوَ يفعل فَجَوَابه: لَا يفعل وَإِذا قيل: وَهُوَ يفعل فَجَوَابه: لن يفعل وَلما بمعني إِلَّا، وَلَا يسْتَثْنى بِهِ إِلَّا الْأَشْيَاء كَمَا يسْتَثْنى ب (إِلَّا) وَأَخَوَاتهَا، فَتدخل على الْجُمْلَة الاسمية نَحْو قَوْله تَعَالَى: {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} أَي: إِلَّا اسْتَقر عَلَيْهَا حَافظ وعَلى الْمَاضِي لفظا لَا معنى نَحْو: (أنْشدك الله لما فعلت) أَي: مَا أَسأَلك إِلَّا فعلك (وَلما للتوقع فِي النَّفْي، كقد فِي الْإِثْبَات) والمتعارف فِي جَوَاب (لما) الْفِعْل الْمَاضِي لفظا أَو معنى بِدُونِ الْفَاء وَقد تدخل على قلَّة لما فِي (لما) من معنى الشَّرْط [وَقد يحذف جَوَابه كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غيابت الْجب} أَي: فعلوا بِهِ مَا فعلوا من الْأَذَى] لم: كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من (لَا) و (مَا) لِأَن (لم) لنفي الاسقبال لفظا والمضي معنى، فَأخذ اللَّام من (لَا) الَّتِي هِيَ لنفي الْمُسْتَقْبل، وَالْمِيم من (مَا) الَّتِي هِيَ لنفي الْمَاضِي، وَجمع بَينهمَا إِشَارَة إِلَى أَن فِي (لم) إِشَارَة إِلَى الْمُسْتَقْبل والماضي، وَقدم اللَّام على الْمِيم إِشَارَة إِلَى أَن (لَا) هِيَ أصل النَّفْي، وَلِهَذَا ينفى بهَا فِي أثْنَاء الْكَلَام فَيُقَال: (لم يفعل زيد وَلَا عَمْرو) وَأما (لم) فمركبة من لَام الْجَرّ و (مَا) الاستفهامية، وَالْأَكْثَر على حذف ألفها مَعَ حرف الْجَرّ لِكَثْرَة استعمالهما مَعًا واعتناقهما فِي الدّلَالَة على المستفهم عَنهُ، وَخص هَذَا السُّقُوط بالاستفهامية لِأَنَّهَا تَامَّة، وألفها طرف والأطراف مَحل للحذف وَغَيره من التَّغْيِير، بِخِلَاف الموصولة فَإِنَّهَا نَاقِصَة تحْتَاج إِلَى مَا توصل بِهِ، وَهِي وَمَا توصل بِهِ كاسم وَاحِد، فألفها فِي حكم الْمُتَوَسّط، وَمَا أحسن قَول من قَالَ: دُخُول لم على الْمُضَارع كدخول الدَّوَاء المسهل على الْجَسَد، إِن وجد فضلَة أزالها، وَإِلَّا أَضْعَف الْبدن وَكَذَا (لم) إِن كَانَ الْمُضَارع فِيهِ عِلّة متوسطة أَو متطرفة أزالها، وَإِن كَانَ صَحِيحا أضعفه، لِأَنَّهُ يَنْقُلهُ من الْحَرَكَة إِلَى السّكُون [وَالنَّفْي بلم لنفي الْمُمكن نَحْو: (لم يقم زيد) بِخِلَاف (لَا) ك (الْحجر لَا يطير) ] وَالْجَوَاب الْمَنْفِيّ بلم لَا تدخل عَلَيْهِ الْفَاء و (لم بِكَسْر اللَّام وَفتح الْمِيم يستفهم بِهِ، وَأَصله (مَا) وصلت بلام وَلَك أَن تدخل الْهَاء فَتَقول: لمه) لن: هِيَ حرف نفي لحَدث الْمُضَارع، وَنصب للفظة، واستقبال لزمانه، وَلَا تفِيد تأبيد النَّفْي خلافًا للزمخشري، وَهُوَ دَعْوَى بِلَا دَلِيل إِذْ لَو كَانَت

للتأبيد لم يُقيد نَفيهَا بِالْيَوْمِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَنْ أكلم الْيَوْم إنسيا} ، ولكان ذكر الْأَبَد فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلنْ يَتَمَنَّوْهُ أبدا} تَكْرَارا وَالْأَصْل عَدمه وللزوم التَّنَاقُض بمقارنة (حَتَّى) فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَنْ أَبْرَح الأَرْض حَتَّى يَأْذَن لي أبي} وَإِنَّمَا هِيَ لنفي مَا قرب، وَعدم امتداد النَّفْي، وَذَلِكَ لِأَن الْأَلْفَاظ مشاكلة للمعاني، ف (لَا) جزؤها ألف يُمكن امتداد الصَّوْت بهَا بِخِلَاف (لن) ، فطابق كل لفظ مَعْنَاهُ، فَحَيْثُ لم يرد النَّفْي مطابقا أُتِي بلن، وَحَيْثُ أُرِيد النَّفْي على الْإِطْلَاق أُتِي ب (لَا) وَفِي قَوْله تَعَالَى: {ألن يكفيكم} إِنَّمَا جِيءَ ب (لن) الَّتِي لتأكيد النَّفْي إشعارا بِأَنَّهُم كَانُوا كالآيسين من النَّصْر لضعفهم وَقُوَّة الْعَدو وَترد (لن) للدُّعَاء نَحْو: {رب بِمَا أَنْعَمت عَليّ فَلَنْ أكون ظهيرا للمجرمين} أَي: فَاجْعَلْنِي لَا أكون وَيُمكن حملهَا على النَّفْي الْمَحْض، وَيكون ذَلِك معاهدة مِنْهُ تَعَالَى أَن لَا يظاهر مجرما جَزَاء للنعمة الَّتِي أنعم بهَا عَلَيْهِ وَفِي " أنوار التَّنْزِيل ": لن بِمَا فِيهَا من تَأْكِيد النَّفْي دَالَّة على مُنَافَاة مَا بَين الْمَنْفِيّ والمنفي عَنهُ لَكِن: هِيَ للاستدراك، وَهُوَ دفع توهم يتَوَلَّد من الْكَلَام السَّابِق دفعا شَبِيها بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَلَا بُد أَن يتقدمها كَلَام إِمَّا مُنَاقض لما بعْدهَا نَحْو: مَا هَذَا سَاكن لكنه متحرك أَو ضد لَهُ نَحْو: مَا هَذَا أسود لكنه أَبيض أَو خلاف لَهُ على الْأَصَح نَحْو: (مَا قَامَ زيد لَكِن عَمْرو شَارِب) وَيمْتَنع أَن يكون مماثلا لَهُ بِاتِّفَاق وَفِي كَون مَا بعْدهَا مُخَالفا لما قبلهَا ك (إِلَّا) فِي الِاسْتِثْنَاء، إِلَّا أَن (لَكِن) لَا يشْتَرط أَن يكون مَا بعْدهَا بَعْضًا لما قبلهَا، بِخِلَاف (إِلَّا) ثمَّ انه إِذا دخل فِي الْمُفْرد يجب أَن يكون بعد النَّفْي، وَإِذا دخل فِي الْجُمْلَة لَا يجب ذَلِك، بل يجب اخْتِلَاف الجملتين فِي النَّفْي وَالْإِثْبَات، فَإِن كَانَت الْجُمْلَة الَّتِي قبلهَا مثبتة وَجب أَن تكون الَّتِي بعْدهَا منفية، وَإِن كَانَت الْجُمْلَة الَّتِي قبلهَا منفية وَجب أَن تكون الَّتِي بعْدهَا مثبتة، بِخِلَاف (بل) (فَإِنَّهُ للإعراض عَن الأول، وَلَكِن فِي عطف الْمُفْردَات نقيضة (لَا) ، وَفِي عطف الْجمل نقيضة بل) فِي مجيئها بعد النَّفْي وَالْإِثْبَات، فَبعد النَّفْي لإِثْبَات مَا بعْدهَا، وَبعد الْإِثْبَات لنفي مَا بعْدهَا نَحْو: (جَاءَنِي زيد لَكِن عَمْرو لم يجِئ) ، و (مَا جاءنى زيد لَكِن عَمْرو قد جَاءَنِي) وَهِي مُشَدّدَة ومخففة مُتَقَارِبَة الْمَعْنى، إِلَّا أَن الشَّدِيدَة من الْحُرُوف المشبهة بِالْفِعْلِ، والخفيفة من حُرُوف الْعَطف، والشديدة تعْمل عمل (إِن) تنصب الِاسْم وترفع الْخَبَر، ويستدرك بهَا بعد النَّفْي وَالْإِثْبَات والخفيفة لَا تعْمل وَيجوز دُخُول الْوَاو على (لَكِن) مُشَدّدَة ومخففة فَحِينَئِذٍ لَا يكون (لَكِن) حرف عطف لِأَنَّهُ لَا يجْتَمع حرفان من حُرُوف الْعَطف، فَمَتَى رَأَيْت حرفا من حُرُوف الْعَطف مَعَ الْوَاو فَهِيَ العاطفة دونه، وَمن ذَلِك (إِمَّا) فِي (إِمَّا زيد، وَإِمَّا عَمْرو) ، و (لَا) فِي (مَا) قَامَ زيد لَكِن قَامَ زيد وَلَا عَمْرو) فَإِنَّهَا دخلت لتوكيد النَّفْي، وَلَا تكون (لَا) عاطفة إِلَّا بعد الْإِيجَاب، وَفِيمَا إِذا قَالَ

الْمولى للَّذي تزوج أمته على مائَة بِغَيْر إِذن مِنْهُ: لَا أُجِيز وَلَكِن زِدْنِي خمسين فِي الصَدَاق، بَطل العقد لِأَن قَوْله: وَلَكِن زِدْنِي، مُقَرر لنفي العقد، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا أُجِيز وَسكت ثمَّ قَالَ: زِدْنِي وَكلمَة (لَكِن) للاستئناف، وَإِذا كَانَ كَذَا يكون ردا، بِخِلَاف قَول الْمقر لَهُ فِيمَا إِذا قيل لَهُ: (لَك عَليّ ألف قرضا) لَا وَلَكِن من غصب حَيْثُ لَا يرْتَد الْإِقْرَار لِأَن ثمَّة نفي جِهَة الدّين، وَهنا نفى الْمولى أصل الْإِجَازَة [وَفِي " الْجَامِع ": رجل فِي يَده عبد فَأقر بِهِ لإِنْسَان فَقَالَ الْمقر لَهُ: مَا كَانَ لي قطّ لَكِن لفُلَان، فَإِن وصل كَلَامه فَهُوَ للْمقر لَهُ الثَّانِي، وَإِن فصل فَهُوَ للْمقر] وأصل {لَكنا هُوَ الله} {لَكِن أَنا} حذفت الْألف فالتقت نونان، فجَاء التَّشْدِيد لذَلِك، وَيُسمى هَذَا الْحَذف بالحذف الاعتباطي أَي: الَّذِي لغير مُوجب لَعَلَّ: هِيَ مَوْضُوعَة لإنشاء توقع أَمر إِمَّا مَرْغُوب لَا وثوق بحصوله، وَمن ثمَّة لَا يُقَال: لَعَلَّ الشَّمْس تطلع، وَلَعَلَّ الشَّمْس تغرب أَو مرهوب كَذَلِك وَالْأول يُسمى ترجيا نَحْو: {لعَلي آتيكم مِنْهَا بقبس} وَالثَّانِي يُسمى إشفاقا نَحْو: (لَعَلَّ الحبيب يلبس النِّعَال وَيقطع الْوِصَال) وكل وَاحِد مِنْهُمَا يكون تَارَة من الْمُتَكَلّم وَهُوَ الأَصْل نَحْو: (لَعَلَّك تُعْطِينِي شَيْئا) ، و (لَعَلَّه يَمُوت السَّاعَة) وَتارَة من الْمُخَاطب وَهُوَ أَيْضا كثير لتنزيلة منزلَة إشفاق الْمُتَكَلّم فِي التَّلَبُّس التَّام بِكَلَام كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَعَلَّه يتَذَكَّر أَو يخْشَى} ، {لَعَلَّ السَّاعَة قريب} باستحالة الترجي من الله تَعَالَى باستحالة الْأَمر الْمَأْخُوذ فِي مَفْهُومه، وَهُوَ عدم الوثوق بِحُصُول الْأَمر المرجو فِي حَقه تَعَالَى اسْتِحَالَة الإشفاق مِنْهُ تَعَالَى بِالسَّبَبِ الْمَذْكُور وَقد يكون من غَيرهمَا مِمَّن لَهُ نوع نعلق بالْكلَام، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى، {فلعلك تَارِك بعض مَا يُوحى إِلَيْك} على أحد الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ أَنَّك بلغت من التهالك على إِيمَانهم مبلغا يرجون أَن تتْرك بعض مَا يُوحى إِلَيْك وَقد تسْتَعْمل (لَعَلَّ) فِي معنى الْإِرَادَة، إِمَّا بطرِيق الِاسْتِعَارَة التّبعِيَّة تَشْبِيها لَهَا بالترجي فِي ضمن تَشْبِيه المُرَاد بالمرجو فِي كَون كل مِنْهُمَا أمرا محبوبا أَو بطرِيق الْمجَاز الْمُرْسل من قبيل ذكر الْمَلْزُوم وَإِرَادَة اللَّازِم بِنَاء على أَن الترجي يسْتَلْزم الْإِرَادَة وتد تسْتَعْمل لِمَعْنى (كي) الْمَوْضُوعَة لتعليل مَا بعْدهَا لما قبلهَا، لَكِن لَا على سَبِيل الْحَقِيقَة، بل على سَبِيل اسْتِعَارَة (لَعَلَّ) لِمَعْنى (كي) اسْتِعَارَة تَبَعِيَّة تَشْبِيها لَهُ بالترجي فِي ضمن تَشْبِيه الْعلَّة الغائية بالمرجو فِي كَون كل مِنْهُمَا مَقْصُودا مترتبا على فعل مُتَقَدم وَذكر السَّيِّد الشريف رَحمَه الله فِي حَاشِيَة " الْكَشَّاف " أَن ابْن الْأَنْبَارِي وَجَمَاعَة من الأدباء ذَهَبُوا إِلَى أَن (لَعَلَّ) قد تَجِيء بِمَعْنى (كي) حَتَّى حملوها على

التَّعْلِيل فِي كل مَوضِع امْتنع فِيهِ الترجي سَوَاء كَانَ من قبل الإطماع نَحْو: {لَعَلَّكُمْ تفلحون} أَو لَا نَحْو: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} ] قَالَ السيرافي وقطرب: معنى لَعَلَّ الْوَاقِع فِي كَلَام الله التَّعْلِيل. فَقَوله تَعَالَى: {وافعلوا الْخَيْر لَعَلَّكُمْ تفلحون} مَعْنَاهُ: لتفلحوا وَقد تسْتَعْمل مجَازًا مُرْسلا للإطماع أَي إِيقَاع الْمُتَكَلّم الْمُخَاطب فِي الطمع لعلاقة اللُّزُوم بَين الترجي والطمع نَحْو: (لعَلي أَقْْضِي حَاجَتك) كَمَا هُوَ دأب الْمُلُوك وَسَائِر الكرماء فِي وعدهم الْمُخَاطب بِشَيْء مَحْبُوب عِنْده لَا يَنَالهُ إِلَّا من جهتهم، عازمين على إِيقَاعه، غير جازمين بِوُقُوعِهِ وَجوز التَّفْتَازَانِيّ أَن يكون مثل قَوْله تَعَالَى: {لَعَلَّكُمْ تفلحون} {لَعَلَّكُمْ ترحمون} من هَذَا الْقَبِيل، وَإِن كَانَ حُصُول الْفَلاح وَالرَّحْمَة مَجْزُومًا ومقطوعا بِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ تَعَالَى وَقد تكون (لَعَلَّ) للاستفهام مَعَ بَقَاء الترجي، كَذَا قيل وَاعْلَم أَن جُمْهُور أَئِمَّة اللُّغَة اقتصروا فِي بَيَان مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيّ على الترجي والإشفاق، وَعدم صلوحها لمُجَرّد الْعلية والفرضية مِمَّا وَقع عَلَيْهِ الِاتِّفَاق تَقول: دخلت على الْمَرِيض كي أعوده وَأخذت المَاء كي أشربه وَلَا يَصح فِيهِ لَعَلَّ ثمَّ اعْلَم أَن لَعَلَّ، وَعَسَى، وسوف، فِي مواعيد الْمُلُوك كالجزم بهَا، وَإِنَّمَا يطلقونها إِظْهَارًا لوقارهم وإشعارا بِأَن الرَّمْز مِنْهُم كالتصريح من غَيرهم وَعَلِيهِ وعد الله ووعيده تَنْبِيها على أَنه يجب أَن يكون الْمُكَلف على الطمع والإشفاق، لِأَنَّهُ أبعد عَن الاتكال والإهمال، وَقد تقرر أَن الخصائص الإلهية لَا ندخل فِي أوضاع الْعَرَبيَّة، بل هِيَ مَبْنِيَّة على خَصَائِص الْخلق وَلِهَذَا ورد الْقُرْآن على الْعَادة فِيمَا بَينهم لِأَنَّهُ خطاب لَهُم وَقد يتَمَنَّى ب (لَعَلَّ) فِي الْبعيد فَيعْطى حكم (لَيْت) فِي نصب الْجَواب نَحْو: {لعَلي أبلغ الْأَسْبَاب أَسبَاب السَّمَاوَات} وَأما (لَيْت) فَهِيَ كلمة مَوْضُوعَة لكل متمنى مَخْصُوص عَارض لمتمنى مَخْصُوص نَحْو: {يَا ليتنا نرد} ، {يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ} وَهِي ننصب الِاسْم وترفع الْخَبَر كَسَائِر أخواتها لشبهها بِالْفِعْلِ فَإِن معنى (لَيْت) تمنيت، كَمَا أَن (إِن) أكدت أَو حققت و (كَأَن) شبهت، و (لَكِن) استدركت، و (لَعَلَّ) ترجيت وَلِأَنَّهَا مفتوحات الآخر كآخر الْفِعْل، وَلِأَنَّهَا تدْخلهَا نون الْوِقَايَة كالفعل و (لَيْت) تتَعَلَّق بالمستحيل غَالِبا وبالممكن قَلِيلا وَقد تنزل منزلَة (وجدت) فَيُقَال: لَيْت زيد شاخصا وَقَوْلهمْ: (لَيْت شعري) مَعْنَاهُ: لَيْتَني أشعر، ف (أشعر) هُوَ الْخَبَر، وناب (شعري) عَن (أشعر) ، وَالْيَاء الْمُضَاف إِلَيْهَا شعري عَن اسْم لَيْت لَيْسَ: أَصله لَيْسَ كفرح فسكنت تَخْفِيفًا؛ أَو (لَا أيس) : أَي لَا مَوْجُود طرحت الْهمزَة، والتزقت

اللَّام بِالْيَاءِ، وَالدَّلِيل قَوْلهم: أتيتني من حَيْثُ أيس وَلَيْسَ: أَي من حَيْثُ هُوَ وَلَا هُوَ وَهِي ترفع الِاسْم وتنصب الْخَبَر وَالْأَفْعَال النَّاقِصَة كلهَا دَالَّة على الْحَدث إِلَّا (لَيْسَ) ، ك (مَا) النافية والمستثنى بليس لَا يكون إِلَّا مَنْصُوبًا، منفيا كَانَ الْمُسْتَثْنى مِنْهُ أَو مُوجبا [وَيجوز تَقْدِيم خبر (لَيْسَ) عَلَيْهَا كَمَا يجوز تَقْدِيم خبر (كَانَ) عَلَيْهَا هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين قَالَ أَبُو حَيَّان رَحمَه الله: قد تتبعت جملَة من دواوين الْعَرَب فَلم أظفر بِتَقْدِيم خبر لَيْسَ عَلَيْهَا وَلَا لمعمولها إِلَّا مَا دلّ عَلَيْهِ ظَاهر قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِي لَيْسَ لَهُم فِي الْآخِرَة إِلَّا النَّار} ] (وَقَوْلهمْ: لَيْسَ بِذَاكَ: أَي لَيْسَ بمقبول، لِأَن المقبول لعلو مرتبته يشار إِلَيْهِ بِمَا يشار إِلَى الْبعيد) اللَّفْظ: هُوَ فِي أصل اللُّغَة مصدر بِمَعْنى الرَّمْي، وَهُوَ بِمَعْنى الْمَفْعُول، فَيتَنَاوَل مَا لم يكن صَوتا وحرفا، وَمَا هُوَ حرف وَاحِد وَأكْثر، مهملا أَو مُسْتَعْملا، صادرا من الْفَم أَو لَا، لَكِن خص فِي عرف اللُّغَة بِمَا صدر من الْفَم من الصَّوْت الْمُعْتَمد على الْمخْرج حرفا وَاحِدًا أَو أَكثر، مهملا، أَو مُسْتَعْملا، فَلَا يُقَال لفظ الله، بل يُقَال كلمة الله وَفِي اصْطِلَاح النُّحَاة مَا من شَأْنه أَن يصدر من الْفَم من الْحَرْف، وَاحِدًا أَو أَكثر، أَو يجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامه كالعطف والإبدال فيندرج فِيهِ حِينَئِذٍ كَلِمَات الله وَكَذَا الضمائر الَّتِي يجب استتارها وَهَذَا الْمَعْنى أَعم عَن الأول، وَأحسن تعاريفه على مَا قيل: صَوت مُعْتَمد على مقطع، حَقِيقَة أَو حكما، فَالْأول كزيد، وَالثَّانِي كالضمير الْمُسْتَتر فِي (قُم) الْمُقدر بأنت وَاللَّفْظ على مصطلح أَرْبَاب الْمعَانِي: عبارَة عَن صُورَة الْمَعْنى الأول الدَّال على الْمَعْنى الثَّانِي على مَا صرح بِهِ الشَّيْخ حَيْثُ قَالَ: إِذا وضعُوا اللَّفْظ بِمَا يدل على تفخيمه لم يُرِيدُوا اللَّفْظ الْمَنْطُوق، وَلَكِن معنى اللَّفْظ الَّذِي دلّ بِهِ على الْمَعْنى الثَّانِي قَالَ السَّيِّد الشريف: نفس اللَّفْظ ظرف لنَفس الْمَعْنى، وَبَيَان الْمَعْنى ظرف لنَفس اللَّفْظ وَمَفْهُوم كل لفظ مَا وضع ذَلِك اللَّفْظ بإزائه وَذَات كل لفظ مَا صدق عَلَيْهِ ذَلِك الْمَفْهُوم كَلَفْظِ الْكَاتِب مثلا مَفْهُومه شَيْء لَهُ الْكِتَابَة، وذاته مَا صدق عَلَيْهِ الْكَاتِب من أَفْرَاد الْإِنْسَان اللُّزُوم: [هُوَ يسْتَعْمل بِمَعْنى امْتنَاع الانفكاك اصْطِلَاحا، وَبِمَعْنى التّبعِيَّة لُغَة، وكل وَاحِد مِنْهُمَا مُتَعَدٍّ بِنَفسِهِ، فَإِذا اسْتعْمل الأول مَعَ (من) فَكَأَنَّهُ قيل: امْتنع انفكاكه مِنْهُ، وَإِذا اسْتعْمل الثَّانِي مَعَه فَكَأَنَّهُ قيل ينشأ مِنْهُ] (معنى اللُّزُوم للشَّيْء عدم الْمُفَارقَة عَنهُ) يُقَال: لزم فلَان بَيته إِذا لم يُفَارِقهُ وَلم يُوجد فِي غَيره وَمِنْه قَوْلهم: [الْبَاء لَازِمَة للحرفية والجرو] أم الْمُتَّصِلَة لَازِمَة لهمزة الِاسْتِفْهَام [والكلمات الاستفهامية لَازِمَة لصدر الْكَلَام و (قد) من لَوَازِم الْأَفْعَال]

وَمعنى لُزُوم شَيْء عَن شَيْء كَون الأول ناشئا عَن الثَّانِي وحاصلا مِنْهُ، لَا كَون حُصُوله يسْتَلْزم حُصُوله وَفرق بَين اللَّازِم من الشَّيْء ولازم الشَّيْء بِأَن أَحدهمَا عِلّة الآخر فِي الأول بِخِلَاف الثَّانِي واللزوم الذهْنِي: كَونه بِحَيْثُ يلْزم من تصور الْمُسَمّى فِي الذِّهْن تصَوره فِيهِ، فَيتَحَقَّق الِانْتِقَال مِنْهُ إِلَيْهِ كالزوجية للاثنين واللزوم الْخَارِجِي: كَونه بِحَيْثُ يلْزم من تحقق الْمُسَمّى فِي الْخَارِج تحَققه فِيهِ، وَلَا يلْزم من ذَلِك الِانْتِقَال للذهن كوجود النَّهَار لطلوع الشَّمْس واللزوم فِي نظر علم الْبَيَان أَعم من أَن يكون عقليا أَو اعتقاديا وَفِي اللُّزُوم الاعتقادي لَا يمْتَنع وجود الْمَلْزُوم بِدُونِ اللَّازِم، فَيجوز أَن يكون اللَّازِم أخص، بِمَعْنى أَن لَهُ تعلق لُزُوم بالشَّيْء، لَكِن لَيْسَ بِحَيْثُ مَتى تحقق ذَلِك الشَّيْء تحقق هُوَ واللزوم: عدم قبُول الحكم النّسخ واللزومية: مَا حكم فِيهَا بِصدق قَضِيَّة على تَقْدِير قَضِيَّة أُخْرَى لعلاقة بَينهمَا مُوجبَة لذَلِك وَاللَّازِم الْبَين بِالْمَعْنَى الْأَعَمّ: هُوَ الَّذِي يَكْفِي تصَوره ملزومه فِي جزم الْعقل باللزوم بَينهمَا، كالانقسام بمتساوين للأربعة وَاللَّازِم الْبَين بِالْمَعْنَى الْأَخَص: هُوَ الَّذِي يلْزم من تصور ملزومه تصَوره، ككون الِاثْنَيْنِ ضعف الْوَاحِد، فَإِن من تصور الِاثْنَيْنِ أدْرك أَنه ضعف الْوَاحِد وَالْأول أَعم لِأَنَّهُ مَتى يَكْفِي تصور الْمَلْزُوم فِي اللُّزُوم يَكْفِي تصور اللَّازِم مَعَ تصور الْمَلْزُوم وَاللَّازِم غير الْبَين: هُوَ الَّذِي يفْتَقر فِي جزم الذِّهْن باللزوم بَينهمَا إِلَى أَمر آخر من دَلِيل أَو تجربة أَو إحساس وَصَحَّ التَّعْبِير عَن اللُّزُوم بالملازمة نظرا إِلَى أَنه أبدا يكون من الطَّرفَيْنِ، وَلَو كَانَ فِي الْبَعْض جزئيا فِي أحد الْجَانِبَيْنِ، مثلا بَين الْعلم والحياة مُلَازمَة بِأَن الْعلم يسْتَلْزم الْحَيَاة كليا، والحياة تَسْتَلْزِم الْعلم جزئيا وَلِهَذَا جوز كَون اللَّازِم أخص، كَالْعلمِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَيّ وَإِطْلَاق الْمُلَازمَة والتلازم أَيْضا على معنى اللُّزُوم كثير وَقد يُرَاد بِلَازِم الشَّيْء مَا يتبعهُ ويرادفه وبلزومه إِيَّاه أَن يكون لَهُ تعلق مَا اللُّغَة: فِي " الراموز ": هِيَ أصوات بهَا يعبر كل قوم عَن أغراضهم أَصْلهَا (لغي) ، أَو (لَغْو) جمعهَا (لغي) و (لُغَات) وَقيل: مَا جرى على لِسَان كل قوم وَقيل: الْكَلَام المصطلح عَلَيْهِ بَين كل قَبيلَة وَقيل: معرفَة أَفْرَاد الْكَلِمَة وأوضاعها واللغات السَّبع الْمَشْهُورَة بالفصاحة فِي الْعَرَب العرباء هِيَ: لُغَة قُرَيْش، وهذيل، وهوازن، واليمن، وطيىء، وَثَقِيف، وَبني تَمِيم وَقد اسْتمرّ فِي كَلَام الْعلمَاء مثل: الْإِعْرَاب لُغَة: الْبَيَان وَقد يصرحون بِالْأَصْلِ وَهُوَ فِي اللُّغَة، فعلى الأول يرد أَن اسقاط الْخَافِض فِي هَذَا وَنَحْوه لَيْسَ بِقِيَاس وعَلى الثَّانِي بِمَاذَا يتَعَلَّق هَذَا الْخَافِض؟ وَلَو قدر التَّعَلُّق بمضاف مَحْذُوف، وَهُوَ تَفْسِير الْإِعْرَاب فِي اللُّغَة، كَمَا قدر فِي قَوْلهم: الِاسْم مَا دلّ على معنى فِي نَفسه بِاعْتِبَار نَفسه لَا بِاعْتِبَار أَمر خَارج عَنهُ كي لَا يلْزم الْمحَال، وَهُوَ اقْتِضَاء كَون معنى الِاسْم وَهُوَ الْمُسَمّى مَوْجُودا فِي لفظ الِاسْم، فَهَذَا التَّقْدِير صَحِيح، لكنه قد عرفت أَن إِسْقَاط الْخَافِض لَيْسَ بِقِيَاس وَالْقَوْل بِأَن ذَلِك على الْمَفْعُول الْمُطلق، وَأَنه من الْمصدر الْمُؤَكّد لغيره فَاسد، إِذْ اللُّغَة لَيست بمصدر لِأَنَّهَا لَيست اسْما للْحَدَث، والمصدر الْمُؤَكّد لغيره لَا يجوز أَن

يتوسط وَلَا أَن يتَقَدَّم عِنْد الْجُمْهُور، فَلَا يُقَال: زيد حَقًا ابْني، وَلَا حَقًا زيد ابْني، بل يُؤْتى بعد الْجُمْلَة وَالظَّاهِر: أَنه حَال على تَقْدِير مُضَاف إِلَيْهِ من الْمَجْرُور ومضافين من الْمَنْصُوب، وَالْأَصْل تَفْسِير الْإِعْرَاب مَوْضُوع أهل اللُّغَة، ثمَّ حذف المضافان على حد حذفهما فِي قَوْله تَعَالَى: {فقبضت قَبْضَة من أثر الرَّسُول} أَي: من أثر حافر فرس الرَّسُول، وَلما أنيب الثَّالِث عَمَّا هُوَ الْحَال بِالْحَقِيقَةِ الْتزم تنكيره لنيابته عَن لَازم التنكير، وَلَك أَن تَقول: الأَصْل مَوْضُوع اللُّغَة على نسبته الْوَضع إِلَى اللُّغَة مجَازًا، وَفِيه حذف مُضَاف وَاحِد اللطافة: هِيَ تطلق بالاشتراك على معَان: دقة القوام، وَقبُول الانقسام إِلَى أَجزَاء صَغِيرَة جدا، وَسُرْعَة التَّأْثِير عَن الملاقي والشفافية واللطف: مَا يَقع عِنْده صَلَاح العَبْد آخر عمره بِطَاعَة الْإِيمَان دون فَسَاده بِكفْر وعصيان هَذَا مَذْهَب أهل السّنة وَقَالَت الْمُعْتَزلَة: اللطف: مَا يخْتَار الْمُكَلف عِنْده الطَّاعَة تركا وإتيانا، أَو يقرب مِنْهُمَا مَعَ تمكنه فِي الْحَالين وَيُسمى الأول عِنْدهم لطفا محصلا، وَالثَّانِي لطفا مقربا كِلَاهُمَا بِصِيغَة اسْم الْفَاعِل واللطيف: من الْأَسْمَاء الْحسنى مَعْنَاهُ الْبر بعباده، المحسن إِلَى خلقه بإيصال الْمَنَافِع إِلَيْهِم بِرِفْق، ولطف، فَيكون من صِفَات الْأَفْعَال [فالصفات الجميلة للعباد بِخلق الله تَعَالَى وإقداره إيَّاهُم على كسبها أَو بإقداره إيَّاهُم على خلقهَا فَتكون من أنوار ذَاته وآثار صِفَاته واللطيف مَعْنَاهُ] الْعَالم بخفايا الْأُمُور ودقائقها، فَيكون من صِفَات الذَّات واللطيف من الْكَلَام: مَا غمض مَعْنَاهُ وخفي ولطف: كنصر لطفا: رفق ودنا و [لطف] الله لَك: أوصل إِلَيْك مرادك بلطف وككرم: صغر ودق لطفا أَيْضا ولطافة اللّحن: لحن القَوْل: فحواه وَمَعْنَاهُ وأسلوبه وإمالته إِلَى جِهَة تَعْرِيض وتورية قَالَ: وَلَقَد لحنت لكم لكيما مَا تفهموا واللحن يعرفهُ ذَوُو الْأَلْبَاب، وَمِنْه قيل للمخطئ: لاحن لِأَنَّهُ يعدل بالْكلَام عَن الصَّوَاب ولحن الْكَلَام، بِالسُّكُونِ: وَهُوَ قِسْمَانِ جلي وخفي: فالجلي: خطأ يعرض للفظ ويخل بِالْمَعْنَى وَالْعرْف كتغيير كل وَاحِد من الْمَرْفُوع والمنصوب وَالْمَجْرُور والمجزوم، أَو تَغْيِير المبنى عَمَّا قسم لَهُ من حَرَكَة أَو سُكُون والخفي: هُوَ خطأ يعرض للفظ وَلَا يخل بِالْمَعْنَى بل بِالْعرْفِ كتكرير الراءات وتطنين النونات اللمم: بِالْفَتْح: الْجُنُون، وصغار الذُّنُوب، وَمَا يَقْصِدهُ الْمُؤمن وَلَا يحققه، وَأما مَا قَالَ بِهِ الْمُؤمن ويندم فِي الْحَال فَهُوَ من اللمم الَّذِي هُوَ مس من الْجُنُون، كَأَنَّهُ مَسّه وفارقه وصغار الذُّنُوب من ألم إِذا نزل نزولا من غير لبث طَوِيل واللمم، بِالْكَسْرِ: جمع لمة وَهِي الشّعْر المسترسل إِلَى الْمنْكب اللَّعْن: هُوَ بِمَعْنى الطَّرْد من رَحْمَة الله، فَلَا يكون إِلَّا للْكَافِرِينَ وَبِمَعْنى الإبعاد من دَرَجَة الْأَبْرَار ومقام الصَّالِحين

وَهُوَ المُرَاد فِي حَدِيث الاحتكار، وَلَا يجوز الأول على شخص وَإِن كَانَ فَاسِقًا وَالْمرَاد من لعن الْمُحَلّل والمحلل لَهُ الخساسة لَا حَقِيقَة اللَّعْن، لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا بعث لعانا اللجاج: التَّمَادِي فِي الْخُصُومَة والعناد: الْمُعَارضَة بالعدول عَن سَوَاء الطَّرِيق وَبرد الْحق ولجة النَّاس، بِالْفَتْح: صوتهم ولجة المَاء، بِالضَّمِّ: معظمه اللاهوت: الْخَالِق والناسوت: الْمَخْلُوق وَرُبمَا يُطلق الأول على الرّوح وَالثَّانِي على الْبدن وَرُبمَا يُطلق الأول أَيْضا على الْعَالم الْعلوِي، وَالثَّانِي على الْعَالم السفلي وعَلى السَّبَب والمسبب وعَلى الْجِنّ وَالْإِنْس اللب: الْعقل الْخَالِص من الشوائب وَقيل: هُوَ مَا ذكا من الْعقل فَكل لب عقل وَلَا عكس وَلِهَذَا عقل الله الْأَحْكَام الَّتِي لَا تدركها إِلَّا الْعُقُول الذكية بأولي الْأَلْبَاب اللِّسَان: هُوَ على لُغَة من جعله مذكرا يجمع على أَلْسِنَة، وعَلى من جعله مؤنثأ يجمع على ألسن، كذراع وأذرع ولسان الْعَرَب: لغتهم، قَالَ الله تَعَالَى: {فَإِنَّمَا يسرناه بلسانك} وَالْمرَاد فِي قَوْله تَعَالَى {وَاجعَل لي لِسَان صدق} : مَا يوحد بِهِ وَفِي قَوْله تَعَالَى: {واحلل عقدَة من لساني} : الْقُوَّة النطقية الْقَائِمَة بالجارحة لَا الْجَارِحَة نَفسهَا اللف والنشر: هُوَ من المحسنات المعنوية، وَهُوَ ذكر مُتَعَدد على التَّفْصِيل أَو الْإِجْمَال ثمَّ ذكر مَا لكل من غير تعْيين ثِقَة بِأَن السَّامع يردهُ إِلَيْهِ نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَمن رَحمته جعل لكم اللَّيْل وَالنَّهَار لتسكنوا فِيهِ ولتبتغوا من فَضله} وَقَوله تَعَالَى: {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه ولعلكم تشكرون} فِيهِ نشر لفين مفصل ومجمل كَمَا جنح إِلَيْهِ بعض الْمُحَقِّقين واللف التقديري: هُوَ لف الْكَلَامَيْنِ وجعلهما كلَاما وَاحِدًا إيجازا وبلاغة كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا} أَي: لَا ينفع نفسا إيمَانهَا وَلَا كسبها فِي الْإِيمَان لم تكن آمَنت من قبل أوكسبت فِيهِ خيرا واللفيف فِي الصّرْف: مقرون ك (طوى) ، ومفروق ك (وعى) لِاجْتِمَاع المعتلين فِي ثلاثية اللَّغْو: هُوَ اسْم لكَلَام لَا فَائِدَة فِيهِ وَهُوَ المُرَاد فِي

آيَة الْمَائِدَة وضد كسب الْقلب وَهُوَ السَّهْو كَمَا فِي آيَة الْبَقَرَة بِدَلِيل التقابل فِي كل مِنْهُمَا اللَّهْو: صرف الْهم بِمَا لَا يحسن أَن يصرف بِهِ واللعب: طلب الْفَرح بِمَا لَا يحسن أَن يطْلب بِهِ وَقيل: اللَّهْو الِاسْتِمْتَاع بلذات الدُّنْيَا واللعب: الْعَبَث وَقيل: اللَّهْو: الْميل عَن الْجد إِلَى الْهزْل واللعب: ترك مَا ينفع بِمَا لَا ينفع وَقيل: اللَّهْو: االإعراض عَن الْحق واللعب: الإقبال على الْبَاطِل ولهيت عَن الشَّيْء، بِالْكَسْرِ: إِذا سلوت عَنهُ وَتركت ذكره وأضربت عَنهُ وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {لاهية قُلُوبهم} ولهوت: من اللَّهْو واللهاة: هِيَ جَوْهَر لحمي مُعَلّق على أَعلَى الحنجرة كالحجاب ومنفعتها تدريج الْهَوَاء لِئَلَّا يقرع بِبرْدِهِ الرئة، وليمنع الدُّخان وَالْغُبَار وَكَأَنَّهُ بَاب موصد على مخرج الصَّوْت بِقَدرِهِ اللَّمْس: هُوَ لصوق بإحساس والمس أقل تمَكنا من الْإِصَابَة وَهُوَ أقل درجاتها واللمس أَعم مِمَّا هُوَ بِالْيَدِ كَمَا هُوَ الْمَفْهُوم من الْكتب الكلامية والتماس بِالْيَدِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر من كتب اللُّغَة فَقَوله تَعَالَى: {فلمسوه بِأَيْدِيهِم} أَي: فمسوه، وَالتَّقْيِيد فِيهِ بِأَيْدِيهِم لدفع التَّجَوُّز لَا محَالة، فَإِنَّهُ قد يتجوز بِهِ للفحص كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَنا لمسنا السَّمَاء} واللمس قد يُقَال لطلب الشَّيْء وَإِن لم يُوجد والمس يُقَال فِيمَا مَعَه إِدْرَاك بحاسة السّمع، ويكنى بِهِ عَن النِّكَاح وَالْجُنُون وَيُقَال فِي كل مَا ينَال الْإِنْسَان من أَذَى: مس، وَلَا اخْتِصَاص لَهُ بِالْيَدِ لِأَنَّهُ لصوق فَقَط قَالَ الشَّيْخ الرئيس: الْحَواس الَّتِي يصير بهَا الْحَيَوَان حَيَوَانا إِنَّمَا هُوَ اللَّمْس فَإِن بَاقِي الْحَواس قد يَنْتَفِي مَعَ بَقَاء الحيوانية بِخِلَاف اللَّمْس اللَّقِيط: هُوَ فِي الْآدَمِيّ يُقَال: صبي منبوذ، اعْتِبَارا بِمن طَرحه ولقيط وملقوط أَيْضا، اعْتِبَارا بِمن تنَاوله واللقطة فِي غير الْآدَمِيّ واللقاطة، بِالضَّمِّ: مَا كَانَ سَاقِطا مِمَّا لَا قيمَة لَهُ اللَّوْح، بِالْفَتْح: الْكتب وبالضم: الْهَوَاء بَين الأَرْض وَالسَّمَاء واللوح الْمَحْفُوظ عِنْد أهل الشَّرْع: جسم فَوق السَّمَاء السَّابِعَة كتب فِيهِ مَا كَانَ وَمَا سَيكون، وَهَذَا لَيْسَ بمستحيل لِأَن الكائنات عندنَا متناهية وَأما عِنْد الفلاسفة: فَهُوَ النَّفس الْكُلِّي للفلك الْأَعْظَم يرتسم فِيهَا الكائنات ارتسام الْمَعْلُوم فِي الْعَالم وَاعْلَم أَن ثُبُوت الْمَقَادِير فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ يضاهي ثُبُوت كَلِمَات الْقُرْآن وحروفه فِي دماغ حَافظ الْقُرْآن وَقَلبه، فَإِنَّهُ مسطور فِيهِ كَأَنَّهُ ينظر

إِلَيْهِ [فَإِن جَمِيع الْحُرُوف بهيئاتها التأليفية الْعَارِضَة لمفرداتها ومركباتها مَحْفُوظَة فِي قلب الْحَافِظ ومجتمعة الْوُجُود فِيهِ بِحَيْثُ إِن وجود بَعْضهَا لَيْسَ مَشْرُوطًا بِانْقِضَاء الْبَعْض وانعدامه عَن قلبه كَمَا فِي التَّلَفُّظ لعدم مساعدة الْآلَة] وَلَو فتشت دماغه جُزْءا جُزْءا لم تشاهد من ذَلِك حرفا [وَهَذَا خلاف وجود الْعبارَات فِي ذَات الله تَعَالَى، بل وجودهَا فِي ذَاته تَعَالَى بالوجود الْعَيْنِيّ اللَّازِم لذاته الدَّائِم بدوامه، وَفِي نفس الْحَافِظ بالوجود اللَّفْظِيّ الخيالي، بل كَلَامه تَعَالَى حَقِيقَة على مَا ذهب إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ من الماتريدية والأشعرية رَضِي الله عَنْهُمَا هُوَ الْمعَانِي أَي النّسَب الإخبارية والإنشائية دون الْمعَانِي اللُّغَوِيَّة الْمعبر عَنْهَا بالألفاظ فَإِنَّهَا جَوَاهِر وأعراض يَسْتَحِيل قِيَامهَا بِذَاتِهِ تَعَالَى وَدَلَائِل الْحُدُوث مَحْمُولَة على حُدُوث تِلْكَ الصِّفَات الْمُتَعَلّقَة بالْكلَام فِي الْوُجُود دون حَقِيقَة الْكَلَام جمعا بَين الْأَدِلَّة كَمَا صرح بِهِ صَاحب " المواقف " وَأول قَول الْأَشْعَرِيّ أَن الْكَلَام هُوَ الْمَعْنى النَّفْسِيّ بِحمْل الْمَعْنى على الْقَائِم بِالْغَيْر فيقابل الْعين دون مَدْلُول اللَّفْظ وَهَذَا هُوَ مَذْهَب السّلف كَمَا فِي " نِهَايَة الْإِقْدَام " للشهرستاني وَأقرب إِلَى الْأَحْكَام الظَّاهِرِيَّة المنسوبة إِلَى قَوَاعِد الْملَّة كَمَا قَالَ الْعَلامَة الشريف الْجِرْجَانِيّ رَحمَه الله] (ولوح الله لَا يشبه لوح الْمَخْلُوق، وَكتاب الله لَا يشبه كتاب الْخلق، كَمَا أَن ذَاته وَصِفَاته لاتشبه ذَات المخلوقين وصفاتهم) اللوم، بِالْفَتْح: العذل، واللوم مِمَّا يحرض، كَمَا أَن العذل مِمَّا يغري، والعتاب مِمَّا يزِيد فِي الْإِعْرَاض، والتعنيف مِمَّا يحس الْمنْهِي عَنهُ واللؤم، بِالضَّمِّ والهمزة بعده: هُوَ ضد الْكَرم اللَّطْم: الضَّرْب على الخد ببسط الْكَفّ واللكم: بِقَبض الْكَفّ والكدم: بكلتا الْيَدَيْنِ اللبان: هُوَ يخْتَص بِالرّضَاعِ يُقَال: هُوَ أَخُوهُ بلبان أمه، وَلَا يُقَال: بلبنها، وَيُقَال: لبن الشَّاة، ولبان الْمَرْأَة اللمز: الغمز فِي الْوَجْه بِكَلَام خَفِي والهمز: فِي الْقَفَا اللّبْس: بِالْفَتْح: الْخَلْط من بَاب (ضرب) ، وَقد يلْزمه جعل الشَّيْء مشتبها بِغَيْرِهِ و [التباس] ككتاب: الزَّوْج وَالزَّوْجَة، والاختلاط والاجتماع ولباس التَّقْوَى: الْإِيمَان، أَو الْحيَاء، أَو ستر الْعَوْرَة وَلبس الثَّوْب، كسمع لبسا بِالضَّمِّ لله كَذَا: هُوَ كلمة تعجب ومدح يُقَال عِنْد استغراب الشَّيْء واستعظامه قَالَ صَاحب " التَّحْرِير ": إِذا وجد من الْوَلَد مَا يحمد يُقَال (لله أَبوك) حَيْثُ أَتَى بمثلك وَكَذَا يُقَال فِي الْمَدْح: لله دره والدر فِي اللُّغَة: اللَّبن، وَفِيه خير كثير عِنْد الْعَرَب فَأُرِيد الْخَيْر مجَازًا وَيُقَال فِي الذَّم: (لَا در دره) أَي: لَا كثر خَيره وَالْعرب إِذا عظموا شَيْئا نسبوه إِلَى الله تَعَالَى قصدا إِلَى أَن غَيره

لَا يقدر، وإيذانا بِأَنَّهُ متعجب من أَمر نَفسه لِأَنَّهُ قد يخفى عَلَيْهِ شَأْن من شؤون نفس، وَإِمَّا تعجيب لغيره مِنْهُ لَدَى: هِيَ بِجَمِيعِ لغاتها بِمَعْنى (عِنْد) مُتَضَمّن لِمَعْنى (من) وَلذَا بني، وَيَكْفِي لجِهَة الْبناء كَون (لدن) فِي (من لدن) على لفظ مَا هُوَ مَبْنِيّ، وَلَا يُوجب دُخُول (من) عَلَيْهِ عدم تضمنه لمعناه لجَوَاز أَن يكون الدُّخُول للتَّأْكِيد لوط: قَالَ ابْن اسحق: هُوَ لوط بن هاران بن آزر وَعَن ابْن عَبَّاس: لوط ابْن أَخ إِبْرَاهِيم [نوع] {أَن نتَّخذ لهوا} : اللَّهْو الْمَرْأَة بلغَة أهل الْيمن {لفيفا} : جَمِيعًا أَو مختلطين {من لدنا} : من عندنَا {لبس} : شكّ {لغوب} : إعياء {لَغوا} : بَاطِلا {لِسَان صدق عليا} : الثَّنَاء الْحسن {ليا بألسنتهم} : تحريفا بِالْكَذِبِ {لواحة} : معرضة، أَو حراقة، أَو مسودة لأعالي الْجلد، أَو لائحة للنَّاس {أكلا لما} : ذَا لم أَي: جمع بَين الْحَلَال وَالْحرَام {كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبدا} أَي كَادُوا يركبون النَّبِي رَغْبَة فِي الْقُرْآن وشهوة لاستماعه {لَوَاقِح} : حوامل {قوما لدا} : أشداء الْخُصُومَة {صَنْعَة لبوس} : عمل دروع {لزاما} : لَازِما يَحِيق بكم لَا محَالة {لَهو الحَدِيث} : مَا يلهي عَمَّا يَعْنِي. {كلمح الْبَصَر} :: كرجع الطّرف من أَعلَى الحدقة إِلَى أَسْفَلهَا {للجوا} : لثبتوا {وَجَعَلنَا اللَّيْل لباسا} : غطاء يسْتَتر بظلمته من أَرَادَ الأختفاء {لجي} : عميق {طين لازب} : طين علك لاصق {فِي لحن القَوْل} : فحوى القَوْل وَمَعْنَاهُ

فصل الميم

{مَا قطعْتُمْ من لينَة} : من نَخْلَة، فعلة من اللَّوْن وَتجمع على ألوان، أَو من اللين وَمَعْنَاهَا النَّخْلَة الْكَرِيمَة، وَجَمعهَا أليان {لُمزَة} : عياب {لِوَاذًا} : أَي يلوذ بَعضهم بِبَعْض أَي: يسْتَتر بِهِ {لووا رؤوسهم} : عطفوها إعْرَاضًا واستكبارا {فِي لبس} : فِي خلط وشبهة {من لدنا} : من جِهَة قدرتنا، أَو من عندنَا {لِسَان صدق فِي الآخرين} : جاها وَحسن صيت فِي الدُّنْيَا يبْقى أَثَره إِلَى يَوْم الدّين {وللبسنا} : ولخلطنا {مَا يلبسُونَ} : مَا يخلطون على أنفسهم {كم لَبِثت} : كم مكثت {لَوْلَا ينهاهم الربانيون} أَي: هلا وَكَذَا {لَو مَا تَأْتِينَا} : فَإِنَّهُمَا إِذا لم يحتاجا إِلَى جَوَاب فمعناهما هلا {مروا بِاللَّغْوِ} : مَا يجب أَن يلغى ويطرح {لَذَّة للشاربين} : أَي لذيذة لَهُم {لظى} : من أَسمَاء جَهَنَّم {اللوامة} : لَيْسَ من نفس برة وَلَا فاجرة إِلَّا تلوم نَفسهَا إِن كَانَت عملت خيرا هلا زَادَت مِنْهُ، وَإِن كَانَت عملت سوءا لم عملته {لُقْمَان} : هُوَ ابْن باعورا من أَوْلَاد آزر ابْن أُخْت أَيُّوب أَو خَالَته، عَاشَ ألف سنة حَتَّى أدْرك سيدنَا دَاوُد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأخذ مِنْهُ الْعلم وَكَانَ يُفْتِي قبل مبعثه وَالْجُمْهُور على أَنه كَانَ حكيما وَلم يكن نَبيا (فصل الْمِيم) [الْمِصْبَاح] : كل مِصْبَاح فِي الْقُرْآن فَهُوَ كَوْكَب إِلَّا الَّذِي فِي " النُّور " فَإِن المُرَاد هُنَاكَ السراج [المجرم] : كل مجرم فِي الْقُرْآن فَالْمُرَاد بِهِ الْكَافِر [الْمُبَاشرَة] : كل مُبَاشرَة فِي الْقُرْآن فَالْمُرَاد مقلوب الْكِنَايَة [الْمُشْركُونَ] : كل شَيْء فِي الْقُرْآن {وَمَا لَهُم فِي الأَرْض من ولي وَلَا نصير} فَهُوَ للْمُشْرِكين [مَا يدْريك] : كل شَيْء فِي الْقُرْآن (مَا يدْريك) فَلم يخبر بِهِ

[مَا أَدْرَاك] : وكل شَيْء فِي الْقُرْآن (وَمَا أَدْرَاك) فقد أخبر بِهِ، وَذَلِكَ أَن (مَا) فِي الْمَوْضِعَيْنِ للاستفهام الإنكاري، لَكِن فِي (مَا يدْريك) إِنْكَار وَنفي للإدراك فِي الْحَال والمستقبل، فَإِذا نفى الله ذَلِك فِي الْمُسْتَقْبل لم يُخبرهُ وَلم يفسره، وَفِي (مَا أَدْرَاك) إِنْكَار وَنفي لتحَقّق الْإِدْرَاك فِي الْمَاضِي وَلَا يُنَافِي تحَققه فِي الْحَال أَو الْمُسْتَقْبل، فأدرى الله بإخباره وَتَفْسِيره [الْمَكْر] : كل مكر فِي الْقُرْآن فَهُوَ عمل [مذ ومنذ] : وَالْقُرْآن الْعَزِيز على كَثْرَة جملَته وغزارة تأليفاته لم يَأْتِ فِيهِ (مذ) و (مُنْذُ) [الموطن] : كل مقَام قَامَ فِيهِ الْإِنْسَان لأمر مَا فَهُوَ موطن لَهُ [الْمشكاة] : كل كوَّة غير نَافِذَة فَهِيَ مشكاة [الْميتَة] : كل أَرض لَا تنْبت شَيْئا فَهِيَ ميتَة [المولد] : كل لفظ كَانَ عَرَبِيّ الأَصْل ثمَّ حرفته الْعَامَّة بهمز أَو تَركه أَو تسكين أَو تَحْرِيك فَهُوَ مولد [الماعون] : كل مَا يستعار من قدوم أَو شفرة أَو قدر أَو قَصْعَة فَهُوَ ماعون [المتنطس] : كل من دقق النّظر فِي الْأُمُور واستقصى علمهَا فَهُوَ متنطس [المهاوش] : كل مَال أُصِيب من غير حلّه كالغصب وَالسَّرِقَة فَهُوَ مهاوش [الممطول] : كل مَمْدُود فَهُوَ ممطول، وَمِنْه اشتق المطل بِالدّينِ [الميسر] : كل شَيْء فِيهِ خطر فَهُوَ من الميسر [المنطقة] : كل مَا شددت بِهِ وسطك فَهُوَ منْطقَة [الْمجلة] : كل كتاب عِنْد الْعَرَب فَهُوَ مجلة [الماخض] : كل حَامِل ضربهَا الطلق فَهِيَ ماخض [المأوى] : كل مَكَان يأوي إِلَيْهِ شَيْء فَهُوَ المأوى [المحصنة] : كل امْرَأَة عفيفة فَهِيَ مُحصنَة ومحصنة بِالْفَتْح وَالْكَسْر وكل امْرَأَة متزوجة فَهِيَ مُحصنَة بِالْفَتْح لَا غير [المستهل] : كل مُتَكَلم رفع صَوته أَو خفض فَهُوَ مستهل [المشمت، والمسمت] : كل دَاع لأحد بِخَير فَهُوَ مشمت ومسمت بِالْمُعْجَمَةِ والمغفلة [الْمُحَرر] : كل مَا أخْلص فَهُوَ مُحَرر [الْملك] : كل من لَا تدخل عَلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَهُوَ ملك [الْمُؤَذّن] : كل من تكلم بِشَيْء نِدَاء فَهُوَ مُؤذن [المعشر] : كل جمَاعَة أَمرهم وَاحِد فَهِيَ معشر [المكنوز] : كل شَيْء جمع بعضه إِلَى بعض فَهُوَ مكنوز [المكافئ] : كل شَيْء سَاوَى شَيْئا حَتَّى يكون مثله فَهُوَ مكافئ لَهُ [الْمَنّ] : كل مَا يمن الله بِهِ مِمَّا لَا تَعب فِيهِ وَلَا نصب فَهُوَ الْمَنّ [الْمِسْكِين] : كل من احْتَاجَ إِلَى كل شَيْء فَهُوَ مِسْكين

[الْمحرم] : كل من لم يَأْتِ شَيْئا تستحل، بِهِ عُقُوبَته فَهُوَ محرم وَعَلِيهِ قَوْله: قتلوا ابْن عَفَّان الْخَلِيفَة محرما فَلَيْسَ المُرَاد الْإِحْرَام بِالْحَجِّ قَالَه الْأَصْمَعِي وَيحْتَمل أَن المُرَاد الممسك عَن قِتَالهمْ، أَو فِي الشَّهْر الْحَرَام لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَيَّام التَّشْرِيق، جزم بِهِ الْمبرد فِي " الْكَامِل " [الْموَات] : كل مَا فَارق الْجَسَد من نُطْفَة أَو شعر فَهُوَ موَات وَكَذَا كل مَالا روح فِيهِ [الْمُصَلِّي] : كل دَاع فَهُوَ مصل هَذَا معنى الصَّلَاة لُغَة، ثمَّ ضمت إِلَيْهَا هيئات وأركان وَسميت مجموعها صَلَاة [المفلح] : كل من أصَاب خيرا فَهُوَ مُفْلِح [الْملك وَالْملك] : كل ملك بِالضَّمِّ ملك بِالْكَسْرِ بِلَا عكس [الْمَتَاع] : كل مَا حصل التَّمَتُّع وَالِانْتِفَاع بِهِ على وَجه مَا فَهُوَ مَتَاع وأصل الْمَتَاع والمتعة مَا ينْتَفع بِهِ انتفاعا قَلِيلا غير بَاقٍ بل يَنْقَضِي عَن قريب [فَهُوَ فِي الْعرف يَقع على مَا يلْبسهُ النَّاس ويبسطه، وَالثيَاب والقميص والبسط والستور والفراش والمرافق جمع مرفقة كل ذَلِك يدْخل تَحت الْمَتَاع، وَفِي الْأَوَانِي اخْتِلَاف الْمَشَايِخ] ومتعة الطَّلَاق وَالْحج وَالنِّكَاح كلهَا من ذَلِك {ومتاع إِلَى حِين} ، وتمتيع إِلَى أجل مُقَدّر [الْمُخَالفَة] : كل عصيان مُخَالفَة بِلَا عكس لِأَن الْمُخَالفَة ترك الْمُوَافقَة [المتنافر] : كل مَا يعده الذَّوْق الصَّحِيح والسليم ثقيلا متعسر النُّطْق بِهِ فَهُوَ متنافر، سَوَاء كَانَ من قرب المخارج أَو بعْدهَا أَو غير ذَلِك [الْمَعْرُوف] : كل مَا سكنت إِلَيْهِ النَّفس واستحسنته لحسنه عقلا أَو شرعا أَو عرفا فَهُوَ مَعْرُوف [الْمُنكر] : وكل مَا نفرت مِنْهُ وكرهته فَهُوَ مُنكر (وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ يكون وَاجِبا ومندوبا على حسب مَا يُؤمر بِهِ وَكَذَا النَّهْي عَن الْمُنكر فَإِنَّهُ يكون وَاجِبا إِن كَانَ الْمنْهِي محرما أَو مَكْرُوها كَرَاهَة تَحْرِيم، ومندوبا إِن كَانَ الْمنْهِي عَنهُ مَكْرُوها كَرَاهَة تَنْزِيه) [الْمُضَاف] : كل اسْم أضيف إِلَى اسْم آخر فَهُوَ الْمُضَاف و (يَوْم يقوم زيد) تَأْوِيل لمصدر وَلَفظ الْفِعْل اسْم بالِاتِّفَاقِ] [الْمُمكن] : كل مَا يجب أَو يمْتَنع بِالْغَيْر فَهُوَ مُمكن فِي نَفسه لِأَن الْوُجُوب بِالْغَيْر يُنَافِي الْوُجُوب بِالذَّاتِ [الْمجَاز] : هُوَ اسْم لما أُرِيد بِهِ غير مَوْضُوعه لاتصال بَينهمَا، وَهُوَ مفعول بِمَعْنى فَاعل جَازَ: إِذا تعدى، كالمولى بِمَعْنى الْوَالِي لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ عَن معنى الْحَقِيقَة إِلَى الْمجَاز وَقيل: من قَوْلهم: جعلت كَذَا مجَازًا إِلَى حَاجَتي: أَي طَرِيقا، فَإِن الْمجَاز طَرِيق إِلَى مَعْنَاهُ]

وكل نِسْبَة وضعت فِي غير موضعهَا بعلاقة فَهِيَ مجَاز عَقْلِي، تَامَّة كَانَت أَو نَاقِصَة، سمي بِهِ لتجاوزه عَن مَكَانَهُ الْأَصْلِيّ بِحكم الْعقل، وَيُسمى أَيْضا مجَازًا فِي الْإِثْبَات، وَإِن كَانَ يَقع فِي النَّفْي، لِأَن الْمجَاز فِي النَّفْي فرع الْمجَاز فِي الْإِثْبَات أَو لِأَن النَّفْي مَا لم يَجْعَل بِمَعْنى الْإِثْبَات لَا يكون مجَازًا وَيُسمى أَيْضا إِسْنَادًا مجازيا بِاعْتِبَار أَن الْإِسْنَاد بِمَعْنى مُطلق النِّسْبَة، ويقابله الْمجَاز اللّغَوِيّ الْمُسَمّى بالمجاز فِي الْمُفْرد بِمَعْنى مَا ينْسب إِلَى الْوَضع غير الشَّرْعِيّ فَيعم الْعرفِيّ والاصطلاحي وَاخْتلفُوا فِي الْمجَاز الإسنادي فَمنهمْ من نَفَاهُ كَالْإِمَامِ أبي عَمْرو بن الْحَاجِب، فَهُوَ عِنْدهم من الْمجَازِي الإفرادي وَمِنْهُم من جعل الْمجَاز فِي الْمسند، وَهُوَ قَول ابْن الْحَاجِب، وَمِنْهُم من جعله فِي الْمسند إِلَيْهِ ويجعله من الِاسْتِعَارَة بِالْكِنَايَةِ عَمَّا يَصح الْإِسْنَاد إِلَيْهِ حَقِيقَة، والمسند هُوَ قرينَة الِاسْتِعَارَة وَهُوَ قَول السكاكي وَالَّذين أثبتوه مِنْهُم من لم يَجْعَل فِيهِ مجَازًا بِحَسب الْوَضع بل بِحَسب الْعقل حَيْثُ أسْند الْفِعْل إِلَى مَا يَقْتَضِي الْعقل عدم إِسْنَاده اليه، وَهَذَا قَول الشَّيْخ عبد القاهر وَالْإِمَام الرَّازِيّ وَجَمِيع عُلَمَاء الْبَيَان وَمِنْهُم من قَالَ: لَا مجَاز فِي شَيْء من الْمُفْردَات، بل شبه التَّلَبُّس بِغَيْر الْفَاعِل، فَاسْتعْمل فِيهِ اللَّفْظ الْمَوْضُوع لإِفَادَة التَّلَبُّس الفاعلي، فَيكون اسْتِعَارَة تمثيلية وَالْمجَاز قد يصير (حَقِيقَة عرفية بِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال، فَلَا يخرج بذلك عَن كَونه مجَازًا بِحَسب أَصله وَكَذَلِكَ الْكِنَايَة قد تصير) بِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال فِي المكنى عَنهُ بِمَنْزِلَة التَّصْرِيح كَأَن اللَّفْظ مَوْضُوع بإزائه، فَلَا يُلَاحظ هُنَاكَ الْمَعْنى الْأَصْلِيّ، بل يسْتَعْمل حَيْثُ لَا يتَصَوَّر فِيهِ الْمَعْنى الْأَصْلِيّ أصلا كالاستواء على الْعَرْش، وَبسط الْيَد، إِذا استعملا فِي شَأْنه تَعَالَى، وَلَا يخرج بذلك عَن كَونه كِنَايَة فِي أَصله وَأَن يُسمى مجَازًا متفرعا على الْكِنَايَة ومجاز الْمجَاز: هُوَ أَن يَجْعَل الْمجَاز الْمَأْخُوذ عَن الْحَقِيقَة بِمَثَابَة الْحَقِيقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى مجَاز آخر، فيتجوز الْمجَاز الأول عَن الثَّانِي لعلاقة بَينهمَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمن يكفر بِالْإِيمَان فقد حَبط عمله} فَإِن قَوْله: لَا اله إِلَّا الله مجَاز عَن تَصْدِيق الْقلب بمدلول هَذَا اللَّفْظ، والعلاقة هِيَ السَّبَبِيَّة، لِأَن تَوْحِيد اللِّسَان سَبَب عَن تَوْحِيد الْجنان، وَالتَّعْبِير بِلَا اله إِلَّا الله عَن الوحدانية مجَاز عَن التَّعْبِير بالْقَوْل عَن الْمَقُول فِيهِ، وَجعل مِنْهُ ابْن السَّيِّد قَوْله تَعَالَى: {أنزلنَا عَلَيْكُم لباسا} فَإِن الْمنزل عَلَيْهِم لَيْسَ نفس اللبَاس بل المَاء المنبت للزَّرْع الْمُتَّخذ مِنْهُ الْغَزل المنسوج مِنْهُ اللبَاس [وَالْمجَاز لَا يكون إِلَّا مَعَ قرينَة مُعينَة دَالَّة على أَن اللَّفْظ لم يسْتَعْمل فِيمَا وضع لَهُ، وَهِي غير الْقَرِينَة الدَّالَّة على تعْيين المُرَاد صرح بِهِ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ عَلَيْهِ الرَّحْمَة فِي " شرح الشمسية " وَصرح أَيْضا فِي " التَّلْوِيح " بِأَن كَون الْقَرِينَة مَأْخُوذَة فِي مَفْهُوم الْمجَاز رَأْي عُلَمَاء الْبَيَان رَحِمهم الله، وَأما رَأْي عُلَمَاء الْأُصُول رَحِمهم الله فِي شَرط صِحَّته واعتباره وَاسْتِعْمَال اللَّفْظ الْمجَازِي بِلَا قرينَة

أردأ من اسْتِعْمَال الْأَلْفَاظ الغريبة، لِأَن الذِّهْن يتَبَادَر إِلَى غير الْمَقْصُود عِنْد عدم الْقَرِينَة الْمَانِعَة، بِخِلَاف الْأَلْفَاظ الغربية إِذْ لَا يفهم مِنْهَا شَيْء] وَالْمجَاز فِي اللُّغَة مثل: (قَامَت الْحَرْب على سَاق) ، (وشابت لمة اللَّيْل) ، (وَفُلَان على جنَاح السّفر) وَغير ذَلِك فمنكر الْمجَاز فِي اللُّغَة مُبْطل محَاسِن لُغَة الْعَرَب والحذف من الْمجَاز وَهُوَ الْمَشْهُور وَقيل: إِنَّمَا يكون مجَازًا إِذا تغير حكم مَا بَقِي من الْكَلَام وَفِي " الْإِيضَاح " مَتى تغير إِعْرَاب الْكَلِمَة بِحَذْف أَو زِيَادَة فَهِيَ مجَاز نَحْو: {واسأل الْقرْيَة} (لَيْسَ كمثله شَيْء} ، وَإِلَّا فَلَا تُوصَف الْكَلِمَة بالمجاز نَحْو: {أَو كصيب} {} (فبمَا رَحْمَة من الله} والتأكيد حَقِيقَة وَلَيْسَ مجَازًا هُوَ الصَّحِيح وَكَذَا التَّشْبِيه إِذْ لَيْسَ فِيهِ نقل اللَّفْظ عَن مَوْضُوعه وَقيل: إِن كَانَ بِحرف فَهُوَ حَقِيقَة، أَو بحذفه فمجاز وَفِي الْكِنَايَة أَرْبَعَة مَذَاهِب: أَحدهَا: أَنَّهَا حَقِيقَة لِأَنَّهَا اسْتعْملت فِيمَا وضعت لَهُ وَأُرِيد بهَا الدّلَالَة على غَيره وَالثَّانِي: أَنَّهَا مجَاز وَالثَّالِث: أَنَّهَا لَا حَقِيقَة وَلَا مجَاز وَالرَّابِع: أَنَّهَا تقسم إِلَيْهِمَا، فَإِن اسْتعْملت اللَّفْظ فِي مَعْنَاهُ مرَادا مِنْهُ لَازم الْمَعْنى أَيْضا فَهُوَ حَقِيقَة وَإِن لم يرد الْمَعْنى بل عبر بالملزوم عَن اللَّازِم فَهُوَ مجَاز وَتَقْدِيم مَا حَقه التَّأْخِير وَبِالْعَكْسِ لَيْسَ من الْمجَاز وَهُوَ الصَّحِيح فَإِن الْمجَاز نقل مَا وضع لَهُ إِلَى مَا لم يوضع لَهُ والالتفات حَقِيقَة حَيْثُ لم يكن مَعَه تَجْرِيد والموضوعات الشَّرْعِيَّة كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْم وَغَيرهمَا هِيَ حقائق بِالنّظرِ إِلَى الشَّرْع، مجازات بِالنّظرِ إِلَى اللُّغَة وَاللَّفْظ قبل الِاسْتِعْمَال وَاسِطَة بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز وَكَذَا الْأَعْلَام وَكَذَا اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِي المشاكلة قَالَ صَاحب " الإتقان ": وَالَّذِي يظْهر أَنَّهَا مجَاز والعلاقة هِيَ الصُّحْبَة الْمُبْتَدَأ: كل اسْم ابتدأته وعريته من العوامل اللفظية فَهُوَ الْمُبْتَدَأ، وعامله معنى الابتدأ وَالْعَامِل الْمَعْنَوِيّ لم يَأْتِ عِنْد النُّحَاة إِلَّا فِي موضِعين أَحدهمَا هَذَا وَالثَّانِي: وُقُوع الْفِعْل الْمُضَارع موقع الِاسْم حَتَّى أعرب، وَهَذَا قَول سِيبَوَيْهٍ وَأكْثر الْبَصرِيين

وأضاف إِلَيْهِمَا الْأَخْفَش ثَالِثا: وَهُوَ عَامل الصّفة، فَذهب إِلَى أَن الِاسْم يرْتَفع لكَونه صفة لمرفوع، وينتصب لكَونه صفة لمنصوب، وينجر لكَونه صفة لمجرور وَكَون صفة فِي هَذِه الْمَوَاضِع معنى يعرف بِالْقَلْبِ وَلَيْسَ للفظ فِيهِ حَظّ (وكل مُبْتَدأ مَوْصُول بِفعل أَو ظرف، أَو نكرَة مَوْصُوفَة بهما، أَو مَوْصُوف بالموصول الْمَذْكُور فَإِنَّهُ يتَضَمَّن معنى الشَّرْط) وكل مُبْتَدأ عقب ب (إِن) الوصلية فَإِنَّهُ يُؤْتى فِي خَبره ب (إِلَّا) الاستدراكية أَوب (لَكِن) مثل: (هَذَا الْكتاب وَإِن صغر حجمه لَكِن كثرت فَوَائده) وَذَلِكَ لما فِي الْمُبْتَدَأ بِاعْتِبَار تَقْيِيده ب (إِن) الوصلية من الْمَعْنى الَّذِي يصلح الْخَبَر استدراكا لَهُ واشتمالا على مُقْتَضى خِلَافه والمبتدأ لَا يكون إِلَّا اسْما الْبَتَّةَ وَقَوله تَعَالَى: {وَأَن تصبروا خير لكم} ، و {سَوَاء عَلَيْهِم أأنذرتهم} كل ذَلِك فِي التَّحْقِيق اسْم أَي صبركم وإنذارك وكل مُبْتَدأ بعده مَرْفُوع مصدر بواو الْمَعِيَّة قصدا إِلَى الْإِخْبَار بالتقارن كَقَوْلِه: (كل رجل وضيعته) أَي: كل رجل مقرون هُوَ وضيعته، على أَن (ضيعته) عطف على الضَّمِير فِي الْخَبَر لَا على الْمُبْتَدَأ ليَكُون من تتمته فَلَا يَقع موقع الْخَبَر وكل مُبْتَدأ مَوْصُول إِذا وصل بالمبتدأ وَالْخَبَر وَلم يكن فِي الصِّلَة طول وَكَانَ الْمُبْتَدَأ مضمرا لم يجز حذف الْمُبْتَدَأ وإبقاء الْخَبَر إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر وَإِذا اشْتَمَل الْمُبْتَدَأ على فعل وَاقع موقع الشَّرْط أَو نَحوه مَوْصُوفا بظرف أَو شبهه، أَو فعل صَالح للشرطية، فَحِينَئِذٍ يدْخل الْفَاء فِي خَبره، وَكَذَا يجوز دُخُول الْفَاء فِي خبر مُبْتَدأ مُضَاف إِلَى مَوْصُوف بِغَيْر ظرف وَلَا جَار وَلَا مجرور وَلَا فعل صَالح للشرطية على حد حَدِيث: [الِابْتِدَاء] " كل أَمر ذِي بَال لم يبْدَأ بِالْحَمْد لله فَهُوَ أقطع " [وَقيل: معنى صِحَة دُخُول الْفَاء فِي خبر الْمُبْتَدَأ المتضمن بِمَعْنى الشَّرْط أَنه مَعَ قصد السَّبَبِيَّة وَاجِب وَمَعَ عَدمه مُمْتَنع] وَإِذا تضمن الْمُبْتَدَأ معنى الشَّرْط كَانَ خَبره كالجزاء لَهُ يتَوَقَّف على تحَققه توقف الْجَزَاء على تحقق الشَّرْط، وتضمنه لِمَعْنى الشَّرْط بِكَوْنِهِ مَوْصُولا صلته فعل، فَكَانَ الْجَزَاء متوقفا على الْفِعْل والمبتدأ الْمُذكر إِذا أخبر عَنهُ بمؤنث يجوز أَن يعود عَلَيْهِ ضمير الْمُؤَنَّث فيؤنث لتأنيث خَبره وَلَا يجب توَافق الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فِي التَّأْنِيث إِلَّا إِذا كَانَ الْخَبَر صفة مُشْتَقَّة غير مَا يتحد فِيهِ الْمُذكر والمؤنث، وَغير سَبَبِيَّة نَحْو: (هِنْد حَسَنَة) أَو فِي حكمهَا كالمنسوب أما فِي الجوامد فَيجوز نَحْو: (هَذِه الدَّار مَكَان طيب) ، (وَزيد نسبه عَجِيبَة) والابتداء بالنكرة مجوز فِي الدُّعَاء نَحْو: {ويل لكل همزَة} فَإِنَّهُ لما كَانَ مصدرا سَادًّا مسد فعله المتخصص بصدوره عَن فَاعل معِين كَانَت النكرَة الْمَذْكُورَة متخصصة بذلك الْفِعْل، فساغ الِابْتِدَاء بهَا لذَلِك كَمَا قَالُوا فِي (سَلام عَلَيْك) وَفِيمَا إِذا كَانَ الْكَلَام مُفِيدا نَحْو: (كَوْكَب انقض السَّاعَة) و (فِئَة تقَاتل فِي سَبِيل الله وَأُخْرَى

كَافِرَة} ، و (مَا أحسن زيدا) فَإِن (مَا) مُبْتَدأ، مَعَ أَنه نكرَة عد سِيبَوَيْهٍ، وَعند الْأَخْفَش أَيْضا فِي أحد قوليه و (أحسن) خَبره، وَفِيه ضمير رَاجع إِلَى (مَا) وَهُوَ فَاعله، والمنصوب بعده مَفْعُوله، وَذَلِكَ لِأَن التَّعَجُّب إِنَّمَا يكون فِيمَا يجهل سَببه، فالتنكير يُنَاسب معنى التَّعَجُّب وَكَذَا فِيمَا إِذا وَقع فِي معرض التَّفْصِيل كَقَوْلِك: (هُوَ إِمَّا كَذَا وَإِمَّا كَذَا) فَأول (كَذَا) مُبْتَدأ فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى نَحْو (زيد قَائِم) وَفِي اللَّفْظ دون الْمَعْنى نَحْو (أقائم زيد) ، وَفِي الْمَعْنى دون اللَّفْظ نَحْو: (تسمع بالمعيدي خير من أَن ترَاهُ) الْمَفْعُول: كل اسْم انتصب بعد ذكر الْفَاعِل وَالْفِعْل فَهُوَ الْمَفْعُول وكل من الْمَفْعُول بِهِ، وَله، وَفِيه، يكون صَرِيحًا إِذا لم يكن بِحرف الْجَرّ، وَغير صَرِيح إِذا كَانَ بِحرف الْجَرّ وَالْمَفْعُول الْمُطلق لَا يكون إِلَّا صَرِيحًا وَالْمَفْعُول مَعَه لَا يكون إِلَّا غير صَرِيح وكل مَا نصب الْمَفْعُول بِهِ نصب غَيره من المفاعيل وَلَا ينعكس وَالْمَفْعُول بِهِ: هُوَ الْفَارِق بَين اللَّازِم والمتعدي، وَيكون وَاحِدًا إِلَى ثَلَاثَة، وَغَيره لَا يكون إِلَّا وَاحِدًا، فَإِن جِيءَ بِاثْنَيْنِ فعلى التّبعِيَّة وَأَنه لَا يتَأَوَّل بِغَيْرِهِ من المفاعيل وَغَيره يتَأَوَّل بِهِ وَالْمَفْعُول لَهُ غَرَض للْفِعْل وَالْمَفْعُول الْمُطلق هُوَ الْمصدر الْمَنْصُوب للتَّأْكِيد، أَو لعدد المرات، أَو لبَيَان النَّوْع، سمي مَفْعُولا مُطلقًا لصِحَّة إِطْلَاق صِيغَة الْمَفْعُول على كل فَرد مِنْهُ من غير تَقْيِيد بالجار بِخِلَاف المفاعيل الْبَاقِيَة وَالْمَفْعُول أَعم من المفتعل، يُقَال لما لَا يقْصد الْفَاعِل إِلَى إيجاده وَإِن تولد مِنْهُ كحمرة اللَّوْن من الخجل وكل مَا دخله حرف الْجَرّ فَهُوَ الْمَفْعُول بِهِ حَتَّى الْمَفْعُول فِيهِ، وَله عِنْد ذكر (فِي) وَاللَّام سَوَاء كَانَ الْحَرْف للتعدية كَمَا فِي (ذهبت بزيد) ، أَو للاستعانة كَمَا فِي (كتبت بالقلم) ، وَمِنْه (ضربت بِالسَّوْطِ) وَالْمَفْعُول إِذا كَانَ ضميرا مُنْفَصِلا وَالْفِعْل مُتَعَدٍّ لوَاحِد وَجب تَأْخِير الْفِعْل نَحْو: {إياك نعْبد} وَلَا يجوز أَن يتَقَدَّم إِلَّا فِي ضَرُورَة، وَقد يجوز نصب الْفَاعِل وَرفع الْمَفْعُول عِنْد عدم الالتباس نَحْو: (خرق الثَّوْب المسمار) إِذا كَانَ مقدما على الْفَاعِل، وَلَا يجوز ذَلِك إِذا كَانَ مُؤَخرا عَنهُ وَقد يَأْتِي الْمَفْعُول بِلَفْظ الْفَاعِل نَحْو: (سر كاتم) ، (مَكَان عَامر) وَفِي التَّنْزِيل: {لَا عَاصِم الْيَوْم من أَمر الله} {و} (حرما آمنا} وَقد يَأْتِي بِالْعَكْسِ نَحْو: {وعده مأتيا} {و} (حِجَابا مَسْتُورا} الْمُتَعَدِّي: كل فعل كَانَ فهمه مَوْقُوفا على فهم غير الْفَاعِل فَهُوَ الْمُتَعَدِّي ك (ضرب) بِخِلَاف الزَّمَان وَالْمَكَان والغاية وهيئة الْفَاعِل وَالْمَفْعُول، لِأَن فهم الْفِعْل وتعقله بِدُونِ هَذِه الْأُمُور مُمكن غير الْمُتَعَدِّي: وكل فعل لَا يتَوَقَّف فهمه على فهم

أَمر غير الْفَاعِل فَهُوَ غير الْمُتَعَدِّي كخرج وَقعد وكل فعل مُتَعَدٍّ فَلهُ مصدر نَحْو: (قَارب قرابا) ، وَمَا لَا مصدر لَهُ ك (عَسى) فَلَيْسَ بمتعد وكل فعل نسبته إِلَى عُضْو معِين فَهُوَ مُتَعَدٍّ نَحْو: (ضرب بِيَدِهِ) ، و (ركض بِرجلِهِ) ، و (نظر بِعَيْنِه) ، و (ذاق بفمه) ، و (سمع بأذنه) اللَّازِم: وكل فعل نسبته إِلَى جَمِيع الْأَعْضَاء، وكل مَا كَانَ من الْأَفْعَال خلقَة وطبيعة لَا تعلق لَهُ بِغَيْر من صدر عَنهُ فَهُوَ لَازم نَحْو: قَامَ، وَصَامَ، وَجلسَ، وَخرج، وَنَحْو ذَلِك وَأَصْحَاب اللُّغَة مَا أثبتوا لكل فعل مُتَعَدٍّ لَازِما إِلَّا إِذا اتفقَا فِي الْوُجُود وكل فعل غير مُتَعَدٍّ فلك أَن تعديه بِحرف الْجَرّ نَحْو: (ذهبت بزيد) ، والهمزة ك (أذهبت زيدا) ، والتعدية بِالْهَمْزَةِ قياسية والتضعيف ك (خرجت زيدا) وَألف المفاعلة ك (مَاشِيَته) وسين الِاسْتِقْبَال ك (استخرجته) وكل فعل مُتَعَدٍّ لاثْنَيْنِ إِلَى أَحدهمَا بِنَفسِهِ وَإِلَى الْأُخَر بِحرف الْجَرّ كأمر وَاخْتَارَ، واستغفر، وَصدق، وسمى، ودعا بِمَعْنَاهُ، وروح، ونبأ، وأنبأ، وَأخْبر، وَخبر، وَحدث غير متضمنة لِمَعْنى اعْلَم، فَإِنَّهُ يجوز فِيهِ إِسْقَاط الْخَافِض وَالنّصب وكل فعل مُتَعَدٍّ ينصب مَفْعُوله مثل: (سقى) و (شرب) ، لَكِن فعل الشَّك وَالْيَقِين ينصب مفعوليه فِي التَّلْقِين تَقول: (قد خلت الْهلَال لائحا، وَقد وجدت المستشار ناصحا، وَمَا أَظن عَامِرًا رَفِيقًا، وَلَا أرى لي خَالِدا صديقا) ، وَهَكَذَا فِي علمت وحسبت وَزَعَمت وَالَّذِي يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد بِنَفسِهِ هُوَ كل فعل يطْلب مَفْعُولا بِهِ وَاحِدًا لَا على معنى حرف من حُرُوف الْجَرّ نَحْو: ضرب، وَأكْرم وَالَّذِي يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد بِحرف الْجَرّ نَحْو: مر، وَسَار وَالَّذِي يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد تَارَة بِنَفسِهِ وَتارَة بِحرف الْجَرّ أَفعَال خَمْسَة مسموعة تحفظ وَلَا يُقَاس عَلَيْهَا، نصح، وشكر، وكال، وَوزن، وَعدد وَالَّذِي يتَعَدَّى إِلَى مفعولين بِنَفسِهِ وَلَيْسَ أَصلهمَا الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر هُوَ كل فعل يطْلب مفعولين يكون الأول مِنْهُمَا فَاعِلا فِي الْمَعْنى نَحْو: أعْطى، وكسا وَالَّذِي يتَعَدَّى إِلَى مفعولين وأصلهما الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر هُوَ ظَنَنْت وَأَخَوَاتهَا [وَأما (خلت) بِمَعْنى (صرت) ذَا خَال فيتعدى إِلَى وَاحِد، وَكَذَا (حسبت) بِمَعْنى صرت ذَا حسب، و (زعمت) بِمَعْنى كفلت] وَالَّذِي يتَعَدَّى إِلَى ثَلَاثَة مفاعيل هِيَ أَفعَال سَبْعَة: أعلمت، وأريت،، وأنبأت، ونبأت، وأخبرت، وخبرت، وَحدثت وَهَذِه الْأَفْعَال إِذا لم يسم فاعلها تتعدى إِلَى مفعولين، وَكَانَ حَال المفعولين فِيهَا كحالهما فِي بَاب ظَنَنْت، فَلَا يجوز الِاقْتِصَار على أَحدهمَا والمتعدي إِلَى ثَلَاثَة إِذا اسْتَوَى فِي مفاعيله يتَعَدَّى إِلَى المفاعيل الْأَرْبَعَة، وَذَلِكَ هُوَ النِّهَايَة فِي التَّعَدِّي وكل مَا كَانَ من فَاعل فِي معنى الْمُعَامَلَة كالمزارعة

والمشاركة فَإِنَّهُ لَا يتَعَدَّى إِلَّا إِلَى وَاحِد وكل من اللَّازِم والمتعدي يكون علاجا وَهُوَ مَا يفْتَقر فِي إيجاده إِلَى إِعْمَال جارحة ظَاهِرَة نَحْو: قُمْت، وَقَعَدت، وقطعته، ورأيته وَغير علاج نَحْو: حسن، وقبح، وعدمته، وفقدته، وعلمته، وفهمته، وهويته، وذكرته، وَالْمرَاد ذكر الْقلب وكل مطاوعة لَازم وَلَا عكس والمطاوعة حُصُول فعل عَن فعل، فَالثَّانِي مُطَاوع لِأَنَّهُ طاوع الأول، وَالْأول مُطَاوع لِأَنَّهُ طاوعه الثَّانِي والمطاوع يَجِيء مِمَّا كَانَ فِيهِ علاج، وكما يَأْتِي المطاوع من وزن الْفِعْل يَأْتِي من غَيره، بل يَأْتِي من الْمُجَرّد أَيْضا تَقول: ضاعفت الْحساب فتضاعف، وعلمته فتعلم، وَلما خصوا بَاب الانفعال بالمطاوعة خصوه بالمعاني الْوَاضِحَة للحس، وَلِهَذَا لم يجز (عدمته فانعدم) لِأَن (عدمته) بِمَنْزِلَة (لم أَجِدهُ) فِي أَن الْمَعْنى انْتِفَاء الْوُجُود وَلَا يلْزم معنى المطاوعة فِي الْفِعْل لقَولهم: انْقَضى الْأَمر، وَانْطَلق الرجل إِذْ لم يكن مُطَاوع طلق والمطاوع قِسْمَانِ: قسم يجوز تخلفه وَذَا فِيمَا يتخلله الِاخْتِيَار كالأمر مَعَ الائتمار وَقسم لَا يجوز ذَلِك وَذَا فِيمَا لَا يتخلله الِاخْتِيَار كالكسر مَعَ الانكسار فَلَا يُقَال كَسرته فَلم ينكسر إِلَّا مجَازًا على معنى أردْت كَسره فَلم ينكسر وكل من الثلاثي والمزيد فِيهِ مِمَّا يتَعَدَّى وَمِمَّا لَا يتَعَدَّى فالمتعدي من الْمَزِيد فِيهِ لنقل لَازم الثلاثي ك (أَوَى) مثلا بِالْمدِّ وَالْقصر، لِأَن كلا مِنْهُمَا يَجِيء مُتَعَدِّيا وقاصرا، لَكِن الْقصر فِي اللَّازِم وَالْمدّ فِي الْمُتَعَدِّي أشهر نَحْو {أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة} ، {سآوي إِلَى جبل} ، {وآويناهما إِلَى ربوة} والمتعدي من الْمَمْدُود لنقل لَازم الْمَقْصُور وَهَكَذَا الشَّأْن فِي (أجلى) اللَّازِم فَإِنَّهُ مَنْقُول من (جلا) اللَّازِم ك (أجلى) الْمُتَعَدِّي كي يُفِيد فَائِدَة التَّأْكِيد وَالْمُبَالغَة وَلَو كَانَ مَنْقُولًا من المتعدى لَكَانَ الزَّائِد فِي اللَّفْظ نَاقِصا فِي الْمَعْنى وَكَذَا الْقيَاس فِي أضرابه وَالْحَاصِل أَن الثلاثي مَتى كَانَ مُتَعَدِّيا ولازما يكون الْمَزِيد فِيهِ مَنْقُولًا من اللَّازِم، سَوَاء كَانَ لَازِما أَو مُتَعَدِّيا، اللَّهُمَّ إِلَّا إِذا كَانَ مُتَعَدِّيا إِلَى اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يكون مَنْقُولًا من الْمُتَعَدِّي حتما، إِذْ اللَّام لَا يتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ إِلَى مفعولين والحروف الَّتِي يتَعَدَّى بهَا الْفِعْل سَبْعَة: الْبَاء: وَهِي أصل فِي تَعديَة جَمِيع الْأَفْعَال اللَّازِمَة، وَاللَّام، وَفِي، وَمن، وَعَن، وَإِلَى، وعَلى، وَهَذِه السَّبْعَة تسمع وَلَا يُقَاس عَلَيْهَا وَإِذا كَانَ تعلق الْفِعْل بالمفعول ظَاهرا لَا يعدى إِلَيْهِ بِحرف الْجَرّ فَلَا يُقَال: ضربت بزيد، بل يُقَال: ضربت زيدا وَإِذا كَانَ فِي غَايَة الخفاء لَا يعدى إِلَيْهِ إِلَّا بِحرف فَلَا يُقَال: ذهبت زيدا، بل يُقَال: ذهبت بزيد

وَإِذا كَانَ التَّعَلُّق بَين الْأَمريْنِ جَازَ الْوَجْهَانِ فَيُقَال: سميته وَسميت بِهِ، وشكرته وشكرت لَهُ وَقد يَجْعَل الْمُتَعَدِّي لَازِما كالغرائز اللَّازِمَة بِنَقْل بَابه إِلَى بَاب (كرم) ، فَإِنَّهُ بَاب مَوْضُوع للغرائز وَنَحْوهَا من الملكات الراسخة كالكرم والجود كَمَا يَجْعَل اللَّازِم مُتَعَدِّيا فِي المغالبة بنقله إِلَى بَاب (فعلته) نَحْو: كارمني فكرمته، بِفَتْح الرَّاء والتعدية بِالْهَمْزَةِ أولى من التَّعْدِيَة بِالْبَاء من حَيْثُ اللَّفْظ، وَذَلِكَ لِأَن الْبَاء من حُرُوف الْمعَانِي، وَهِي كلمة على حيالها، مُنْفَصِلَة عَمَّا عدي بهَا، مُتَّصِلَة بمدخولها، دَالَّة على معنى التَّعَدِّي، لَهَا أثر لَفْظِي وَهُوَ الْجَرّ، وَأثر معنوي وَهُوَ إِيصَال متعلقها بِأَن تغير مَعْنَاهُ إِلَى مدخولها والتعدية بِالْهَمْزَةِ أخصر، لِأَن الْهمزَة من حُرُوف المباني كألف (ضَارب) ، فَأذْهب مثلا كلمة وَاحِدَة حَقِيقَة، فالمجموع دَال على الْمَعْنى، فَكَانَت أولى لفظا من التَّعْدِيَة بِالْبَاء وَأما معنى فقد قيل: إِن التَّعْدِيَة بِالْبَاء أولى لكَونهَا أبلغ لما فِيهَا من معنى المصاحبة بِخِلَاف التَّعْدِيَة بِالْهَمْزَةِ فَإِنَّهَا يجوز فِيهَا المصاحبة وضدها وَإِسْقَاط الْهمزَة فِي (أكب) وَأَمْثَاله من أَسبَاب التَّعْدِيَة، وإسقاطها فِي نَحْو (أذهبته) من أَسبَاب اللُّزُوم (وَاخْتلف فِيمَا كَانَ فَاعِلا للْفِعْل قبل الْهمزَة يصير مَفْعُولا أَولا بِسَبَبِهَا أَو ثَانِيًا، وَالْأَكْثَرُونَ على أَنه الأول) وَمَفْهُوم الْفِعْل اللَّازِم الْحَدث وَنسبَة إِلَى الْفَاعِل وَنسبَة إِلَى الزَّمَان وَمَفْهُوم الْمُتَعَدِّي الْحَدث ونسبته إِلَى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَالزَّمَان، فَيكون مَفْهُوم اللَّازِم الْحَدث مَعَ نِسْبَة ذَلِك الْحَدث إِلَى الشَّيْئَيْنِ، وَمَفْهُوم الْمُتَعَدِّي الْحَدث مَعَ نِسْبَة إِلَى ثَلَاثَة أَشْيَاء والتعدية قد تكون بِحَسب الْمَعْنى فيختلف حَالهَا ثبوتا وعدما باخْتلَاف الْمَعْنى، وَإِن اتَّحد اللَّفْظ كأظلم وأضاء وَقد تكون بِحَسب اللَّفْظ فيختلف حَالهَا باخْتلَاف اللَّفْظ وَإِن اتّفق الْمَعْنى وَأما الصِّلَة فَلَا تكون إِلَّا بِحَسب الْمَعْنى، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا من تَوَابِع الْمَعْنى ومتمماته، فَإِن الْبَاء مثلا فِي قَوْلك: (مَرَرْت بزيد) من تَمام معنى الْمُرُور، فَإِنَّهُ قَاصِر عَن معنى الْجَوَاز، فينجبر ذَلِك النُّقْصَان بِزِيَادَة الْبَاء والمتعدي بِنَفسِهِ إِذا قرن بِحرف الْجَرّ يوجهونه تَارَة بِالْحملِ على الزِّيَادَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} وَأُخْرَى بِالْحملِ على التَّضْمِين كَمَا فِي قَوْله: {أذاعوا بِهِ} {وَأصْلح لي فِي ذريتي} وَالْفِعْل اللَّازِم يتَعَدَّى إِلَى الْمَفْعُول بالتضمين، وَلذَلِك عدي (رحب) لتضمين معنى (وسع) وَالْأَفْعَال مُطلقًا بِاعْتِبَار الْمَعْنى على نَوْعَيْنِ: مُتَعَدٍّ ولازم، وكل مِنْهُمَا على قسمَيْنِ: مُتَعَدٍّ بِالْوَضْعِ الشخصي، ومتعد بِالْوَضْعِ النوعي وَاللَّازِم كَذَلِك والشخصي من الْمُتَعَدِّي وَاللَّازِم لَا يتَوَقَّف على غير الْوَاضِع بِخِلَاف النوعي مِنْهُمَا إِذْ هما يحتاجان إِلَى الْأَسْبَاب الوجودية والعدمية وَالْأَفْعَال إِمَّا خَاصَّة وَإِمَّا عَامَّة، فالخاصة مثل: قَامَ، وَقعد، وَخرج فِي اللَّازِم وَأكل، وَشرب، وَضرب فِي الْمُتَعَدِّي والعامة مثل: فعل،

وَعمل، وصنع فَإِذا سئلنا عَن الْأَفْعَال الْعَامَّة هَل هِيَ متعدية أَو لَازِمَة لم يجز لنا إِطْلَاق القَوْل بِوَاحِد من الْأَمريْنِ لِأَنَّهَا أَعم، والأعم من شَيْئَيْنِ لَا يصدق عَلَيْهِ وَاحِد، فَإِن الْأَعَمّ يصدق على الْأَخَص بِلَا عكس، وَإِنَّمَا يَصح أَن يُقَال ذَلِك عَلَيْهَا بطرِيق الإهمال الَّذِي هُوَ فِي قُوَّة جزئي فَمَتَى وجد فِي كَلَام أحد من الْفُضَلَاء مثلا أَن (عمل) متعدية وَجب حمله على ذَلِك، وَأَن مُرَاده أَنَّهَا قد تكون متعدية. وَكَذَا إِذا قيل: إِنَّهَا لَازِمَة أَو غير متعدية أُرِيد بِهِ اللُّزُوم، كَمَا هُوَ غَالب الِاصْطِلَاح وَوجه الْفرق بَينهمَا أَن تعدِي الْفِعْل إِلَى الْمَفْعُول وُصُول مَعْنَاهُ إِلَيْهِ، فالضرب مثلا تَعديَة بوصول الضَّرْب إِلَى الْمَضْرُوب، وَلَا يلْزم من ذَلِك أَن يكون الضَّارِب مؤثرا فِي ذَات الْمَضْرُوب، أَعنِي موجدا لَهَا وَعمل مثلا تَعديَة بوصول مَعْنَاهُ، وَهُوَ الْعَمَل وَالْعَمَل معنى عَام فِي الذَّات وصفاتها، فَلذَلِك اقْتضى الْعُمُوم وإيجاد الْمَعْمُول حَتَّى يقوم دَلِيل على خِلَافه، فمثار الْفرق إِنَّمَا هُوَ من مَعَاني الْأَفْعَال ووصولها إِلَى الْمَفْعُول وَإِذا كَانَ الْفِعْل يتَعَدَّى تَارَة بِحرف الْجَرّ وَتارَة بِنَفسِهِ وحرف الْجَرّ لَيْسَ بزائد فَلَا يجوز فِي تَابعه إِلَّا الْمُوَافقَة فِي الْإِعْرَاب وَإِذا تعدى الْفِعْل بِحرف الْجَرّ لم يجز حذفه إِلَّا إِذا كَانَ الْمَجْرُور (أَن) و (أَن) المصدريتين فَحَذفهُ إِذن جَائِز باطراد، فَلَا يجوز حذفه مَعَ غَيرهمَا إِلَّا سَمَاعا والنحويون إِذا أطْلقُوا الْمُتَعَدِّي أَرَادوا بِهِ الناصب للْمَفْعُول بِهِ، وان لم يُرِيدُوا ذَلِك قيدوه بقَوْلهمْ: مُتَعَدٍّ بِحرف الْجَرّ، ومتعد إِلَى الْمصدر، ومتعد إِلَى الظّرْف وَمَا هُوَ مُتَعَدٍّ إِلَى مفعول وَاحِد قد يكون لَازِما بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا هُوَ مُتَعَدٍّ إِلَى مفعولين للزومه على الْفَاعِل وَالْمَفْعُول الْوَاحِد وَعدم تعديه إِلَى الْمَفْعُول الآخر فيصلح أَن يكون لَازِما أَي مطاوعا لما هُوَ مُتَعَدٍّ إِلَى مفعولين؛ كَمَا يُقَال: عَلمته الْقُرْآن فتعلمه وكل فعل حسن إِلْحَاق المكنى بِآخِرهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ نَحْو: (منعته، وضربتك، وَمَنَعَنِي) وَمَا أشبه ذَلِك وَإِن لم يحسن الْإِلْحَاق فَهُوَ لَازم نَحْو: ذهب، وَقعد وَمن الْأَفْعَال أبنية لَازِمَة لَا يتَعَدَّى مِنْهَا شَيْء، وَهِي مَا جَاءَ على وزن كرم وَعز، وَصَحَّ من بَاب التَّضْعِيف وحور يحور، وَعين بِعَين، من الأجوف الَّذِي جَاءَ على التَّمام وَمَا جَاءَ على انفعل ينفعل فَهَذِهِ سِتَّة أبنية كلهَا لَازم لَا يتَعَدَّى مِنْهُ شَيْء وَسَائِر الْأَبْنِيَة المتشعبة تتعدى وَتلْزم وأبواب الرباعي كلهَا متعدية إِلَّا دربخ وأبواب الخماسي كلهَا لَازِمَة إِلَّا افتعل وَتفعل، وتفاعل، فَإِنَّهَا مُشْتَركَة بَين اللَّازِم والمتعدي وأبواب السداسي كلهَا لَازِمَة أَيْضا إِلَّا (استفعل) فَإِنَّهُ مُشْتَرك وأفعال الْحَواس الْخمس كلهَا متعدية لِأَنَّهَا وضعت للإدراك، وكل وَاحِد مِنْهَا يَقْتَضِي مَفْعُولا تَقْتَضِيه تِلْكَ الحاسة وَأَسْمَاء الْأَفْعَال لَهَا فِي التَّعَدِّي واللزوم حكم الْأَفْعَال الَّتِي هِيَ بمعناها، إِلَّا أَن الْبَاء تزاد فِي مفعولها كثيرا نَحْو: (عَلَيْك بِهِ) لِضعْفِهَا فِي الْعَمَل، فتعدى بِحرف عَادَته إِيصَال اللَّازِم إِلَى الْمَفْعُول [وكل شَيْء يبْعَث بِنَفسِهِ فالفعل يتَعَدَّى إِلَيْهِ بِنَفسِهِ فَيُقَال: بعثته وكل شَيْء لَا يبْعَث بِنَفسِهِ كالكتاب

والهدية فالفعل] يتَعَدَّى إِلَيْهِ بِالْبَاء فَيُقَال: بعثت بِهِ كل مصدر ثني لقصد التكثير وأضيف إِلَى الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول يجب حذف الْعَامِل فِيهِ كل مصدر ثني لقصد التكثير وأضيف إِلَى الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول يجب حذف الْعَامِل فِيهِ قيل: لم يَأْتِ فِي الْقُرْآن شَيْء من المصادر الْمعرفَة بِاللَّامِ عَاملا فِي فَاعل أَو مفعول صَرِيح، بل قد جَاءَ عَاملا بِحرف الْجَرّ نَحْو: {لَا يحب الله الْجَهْر بالسوء} وكل بِنَاء من المصادر على وزن (فعلان) بِفَتْح الْعين فَإِنَّهُ لم يَتَعَدَّ فعله إِلَّا إِن شَذَّ شَيْء كالشنآن لِأَن فعله مُتَعَدٍّ وكل مصدر مُتَعَدٍّ إِذا اعْتبر للْمَجْهُول يكون بِمَعْنى مطاوعه، كَمَا أَن المكسورية والانكسار الْحَاصِل من الْكسر شَيْء وَاحِد وكل مصدر يتَعَدَّى بِحرف من الْحُرُوف الجارة يجوز جعل ذَلِك الْجَار خَبرا عَن ذَلِك الْمصدر، مثبتا كَانَ أَو منفيا، كَمَا يُقَال: (الاتكال عَلَيْك) ، و (إِلَيْك الْمصير) ، و (مِنْك الْخَوْف) ، و (بك الِاسْتِعَانَة) ، و (مَا عَلَيْك الْمعول) ، و (لَيْسَ بك الالتجاء) ، وَمِنْه: {لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم} وَلَا يجوز مثل ذَلِك فِي اسْم الْفَاعِل فَلَا تَقول: (بك مار عَليّ) ، إِن (بك) خبر عَن (مار) وكل مصدر من الْفِعْل الْمُتَعَدِّي فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يُضَاف إِلَى الْفَاعِل وَيذكر الْمَفْعُول مَنْصُوبًا نَحْو: (عجبت من ضرب زيد عمرا) أَو يُضَاف إِلَى الْفَاعِل وَيتْرك الْمَفْعُول نَحْو: (أعجبني ضرب زيد) أَو يُضَاف إِلَى الْمَفْعُول وَيذكر الْفَاعِل مَرْفُوعا نَحْو: (عجبت من ضرب اللص الجلاد) أَو يُضَاف إِلَى الْمَفْعُول وَيتْرك الْفَاعِل كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " يسْتَحبّ تبريد الصَّلَاة فِي الصَّيف " أَي: تبريد الْمُصَلِّي إِيَّاهَا والمصدر إِذا كَانَ مَنْسُوبا إِلَى فَاعله يُزَاد فِيهِ (من) بِخِلَاف الْمصدر الْمَنْسُوب إِلَى مَفْعُوله والمصدر قسم وَاحِد، وَهُوَ أَن يُضَاف إِلَى الْفَاعِل نَحْو: (جِئْت بعد ذهَاب زيد) فَهَذِهِ الإضافات كلهَا منسوبة مفيدة للتعريف، إِلَّا إِذا كَانَ الْمصدر بِمَعْنى الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول فَحِينَئِذٍ تكون إِضَافَته لفظية كإضافتهما وكل مصدر كَانَ على مِثَال (فعيلى) فَهُوَ مَقْصُور لَا يمد وَلَا يكْتب بِالْألف ك (الحطيطى) و (الرديدى) وكل مصدر دخل فِيهِ الْفَاء وَهُوَ مُضَاف يكون مَعْنَاهُ أمرا نَحْو: {فَضرب الرّقاب} ، {فنظرة إِلَى ميسرَة} وَلم يَأْتِ فِي الْقُرْآن مصدر مُضَاف إِلَى الْمَفْعُول وَالْفَاعِل مَعَه مَذْكُور والمصدر يدل على فعله الْمُشْتَقّ، فَفِيمَا إِذا قَالَ: لي عَلَيْك حق فَقَالَ: حَقًا فَهُوَ إِقْرَار يكون التَّقْدِير: حققت فِيمَا قلته حَقًا وَكَذَا لَو قَالَ: الْحق، مُعَرفا أَي: قلت القَوْل الْحق، أَو ادعيت الْحق، أَو قَوْلك الْحق، أَو مَا قلته أَو ادعيته الْحق، لِأَن هَذَا اللَّفْظ وَأَمْثَاله يسْتَعْمل للتصديق عرفا من غير فصل، وَلَا فرق بَين الرّفْع وَالنّصب والإبهام على الْأَصَح وَكَذَلِكَ لَو كرر الْمصدر مُعَرفا أَو

مُنْكرا للتَّأْكِيد بِخِلَاف الْحق حق، والصدق صدق، وَالْيَقِين يَقِين، لِأَنَّهُ كَلَام تَامّ بِنَفسِهِ خلاف الْمُعَرّف وَالْمُنكر والمكرر مِنْهُمَا، إِذْ لَا اسْتِقْلَال لكل مِنْهُمَا بِنَفسِهِ فِي تِلْكَ الصُّور، فَلَا بُد هُنَاكَ من الرَّبْط بِكَلَام الْمُدَّعِي [وَالرَّفْع فِي بَاب المصادر الَّتِي أَصْلهَا النِّيَابَة عَن أفعالها يدل على الثُّبُوت والاستقرار بِخِلَاف النصب فَلَا يدل على التجدد والحدوث الْمُسْتَفَاد من عَامله الَّذِي هُوَ الْفِعْل فَإِنَّهُ مَوْضُوع للدلالة عَلَيْهِ بِخِلَاف الْجُمْلَة الإسمية فَإِنَّهَا مَوْضُوعَة للدلالة على مُجَرّد الثُّبُوت مُجَردا عَن قيد التجدد والحدوث فَنَاسَبَ أَن يقْصد بهَا الدَّوَام والثبات بِقَرِينَة الْمقَام ومعونته] (والمصادر الَّتِي اسْتعْملت فِي دُعَاء الْإِنْسَان أَو عَلَيْهِ، أَو هِيَ صَالِحَة لذَلِك كلهَا مَنْصُوبَة بإضمار فعل لَا يظْهر، لِأَنَّهَا صَارَت عوضا عَن الْفِعْل الناصب لَهَا كهنيئا ومريئا، وكرامة، ومسرة وَسُحْقًا وبعدا، ونكسا وتعسا، وَمَا أشبه ذَلِك) والمصادر الَّتِي لم يَأْتِ بعْدهَا مَا ببينها ويعين مَا تعلّقت بِهِ من فَاعل أَو مفعول لَيست مِمَّا يجب حذف فعله بل يجوز نَحْو: (سقاك الله سقيا) ، (ورعاك الله رعيا) وَأما مَا يبين فَاعله بِالْإِضَافَة نَحْو: (كتاب الله) ، و (صبغة الله) ، و (سنة الله) أويبين فَاعله بِحرف الْجَرّ نَحْو: (بؤسا لَك، وَسُحْقًا لَك) أَو يبين مَفْعُوله بِحرف الْجَرّ نَحْو: (غفرا لَك) ، (وعجبا مِنْك) ، (وشكرا لَك) فَيجب حذف الْفِعْل فِي هَذِه الصُّور قِيَاسا والمصدر بِمَعْنى الْمَاضِي مثل: تعسا وَبِمَعْنى الْمُسْتَقْبل مثل: معَاذ الله وَبِمَعْنى اسْم الْفَاعِل مثل قَوْله تَعَالَى: {ماؤكم غورا} وَبِمَعْنى الْمَفْعُول مثل: {هَذَا خلق الله} وَبِمَعْنى الْأَمر مثل: {فَضرب الرّقاب} وَقد يَأْتِي على زنة الْمَفْعُول كَقَوْلِه تَعَالَى: {ويدخلكم مدخلًا كَرِيمًا} أَي: إدخالا كَرِيمًا وَقد جَاءَ على وَزنه (فاعلة) فِي مَوَاضِع من الْقُرْآن كالخائنة وَالْعَاقبَة والكاذبة والكاشفة واللاغية والمصدر من الثلاثي الْمُجَرّد للْمُبَالَغَة قِيَاسه فتح التَّاء ك (التعداد والتهداد) وَأما (التِّبْيَان) ، بِالْكَسْرِ فقد حُكيَ عَن سِيبَوَيْهٍ أَنه قَائِم مقَام الْمصدر ك (الثَّبَات وَالعطَاء) ، وَلَيْسَ بمصدر الْمُبَالغَة ك (التّكْرَار، والتذكار) وَقِيَاس الْمصدر الميمي واسمي الزَّمَان وَالْمَكَان من الثلاثي الْمُجَرّد ينْحَصر فِي وزنين مفعل، بِالْكَسْرِ [وَهُوَ لمصدر الْفِعْل الواوي الْمَحْذُوف فاؤه فِي مستقبله، وللزمان وَالْمَكَان من الْمِثَال الواوي، وَمن (مفعل) بِالْكَسْرِ] ، إِذا لم يكن معتل اللَّام و (مفعل) ، بِالْفَتْح وَهُوَ لغير مَا ذكر جَمِيعًا (وَالْأَصْل وَالْغَالِب فِي أوزان مصَادر الْأَفْعَال الثلاثية) أَن (فعل) مَتى كَانَ مَفْتُوح الْعين كَانَ

مصدره على وزن (فعل) إِن كَانَ مُتَعَدِّيا، و (فعول) إِن كَانَ لَازِما وَمَتى كَانَ (فعل) ، مكسور الْعين، وَيفْعل مَفْتُوح الْعين كَانَ مصدره على وزن (فعل) بِالْكَسْرِ والسكون إِن كَانَ مُتَعَدِّيا، و (فعل) بِفتْحَتَيْنِ إِن كَانَ لَازِما وَمَتى كَانَ (فعل) مضموم الْعين كَانَ مصدره على وزن (فعالة) ، بِالْفَتْح، أَو (فعولة) ، بِالضَّمِّ، أَو (فعل) بِكَسْر الْفَاء وَفتح الْعين وَهَذَا هُوَ الْقيَاس فِي الْكل، وَأما المصادر السماعية فَلَا طَرِيق لضبطها إِلَّا السماع وَالْحِفْظ، وَالسَّمَاع مقدم على الْقيَاس والمصدر كَمَا يكون من الْفِعْل الْمَعْلُوم يَجِيء أَيْضا من الْفِعْل الْمَجْهُول يُقَال: ضرب زيد ضربا وَقد صرح صَاحب " الْكَشَّاف " فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمن النَّاس من يتَّخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله} فَإِن الْمَعْنى على تَشْبِيه محبوبية الْأَصْنَام من جهتهم بمحبوبية الله من جِهَة الْمُؤمنِينَ، إِذْ لَا دلَالَة فِي الْكَلَام على الْفَاعِل، أَعنِي الْمُؤمنِينَ وَصرح بِهِ العلامتان السعد وَالسَّيِّد رحمهمَا الله وَلَفظ الْمصدر قد يسْتَعْمل فِي أصل مَعْنَاهُ، وَهُوَ الْأَمر النسبي وَقد يسْتَعْمل فِي الْهَيْئَة الْحَاصِلَة للْفَاعِل بِسَبَب تعلق الْمَعْنى المصدري بِهِ فَيُقَال حِينَئِذٍ إِنَّه مصدر من الْمَبْنِيّ للْفَاعِل وَقد يسْتَعْمل فِي الْهَيْئَة الْحَاصِلَة للْمَفْعُول بِسَبَب تعلقه بِهِ، فَيُقَال حِينَئِذٍ إِنَّه مصدر من الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول وَقَالَ بَعضهم: كَيْفيَّة الْمصدر تطلق حَقِيقَة على كَون الذَّات بِحَيْثُ صدر عَنْهَا الْحَدث، وَبِهَذَا الِاعْتِبَار يُسمى الْمَبْنِيّ للْفَاعِل، وعَلى كَونهَا وَقع عَلَيْهَا الْحَدث، وَبِهَذَا الِاعْتِبَار يُسمى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ الْمَفْعُول الْمُطلق، وَصِيغَة الْمصدر مُشْتَركَة بَين الْمصدر الْمَبْنِيّ للْفَاعِل وَبَين الْمصدر الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول وَبَين الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ، فالفاعل إِذا صدر مِنْهُ الْمُتَعَدِّي لَا بُد هُنَاكَ من حُصُول أثر حسي أَو معنوي نَاشِئ من الْفَاعِل بِلَا وَاسِطَة وَاقع على الْمَفْعُول من الْفَاعِل، أَو غَيره قَائِم من حَيْثُ الصُّدُور بالفاعل، وَمن حَيْثُ الْوُقُوع بالمفعول، فَإِذا نظرت إِلَى قيام ذَلِك الْأَثر بِذَات الْفَاعِل ولاحظت كَون الذَّات بِحَيْثُ قَامَ بِهِ كَانَ ذَلِك الْكَوْن مَا يعبر عَنهُ بِالْمَصْدَرِ الْمَبْنِيّ للْفَاعِل، وَإِذا نظرت إِلَى وُقُوعه على الْمَفْعُول، ولاحظت كَون الذَّات بِحَيْثُ وَقع عَلَيْهِ الْفِعْل كَانَ ذَلِك الْكَوْن مَا يعبر عَنهُ بِالْمَصْدَرِ الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول، وَإِذا نظرت إِلَى عين ذَلِك الْأَثر كَانَ ذَلِك الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ والمصدر نَوْعَانِ: غير مُشْتَقّ كالضرب، ومشتق من الْأَسْمَاء الجامدة كالتحجر من الْحجر وَلَا بُد أَن يكون مَعْنَاهُ مُشْتَمِلًا على معنى ذَلِك الِاسْم الجامد والمصدر هُوَ الَّذِي لَهُ فعل يجْرِي عَلَيْهِ كالانطلاق فِي انْطلق وَاسم الْمصدر هُوَ اسْم لِمَعْنى وَلَيْسَ لَهُ فعل يجْرِي عَلَيْهِ كالقهقرى، إِذْ لَا فرع لَهُ يجْرِي عَلَيْهِ من لَفظه وَقد يَقُولُونَ: مصدر وَاسم مصدر فِي الشَّيْئَيْنِ المتقاربين (لفظا، أَحدهمَا للْفِعْل، وَالْآخر للآلة الَّتِي يسْتَعْمل بهَا الْفِعْل كالطهور وَالطهُور

وَالْأكل وَالْأكل، بِالْفَتْح وَالضَّم) وَقيل: الْمصدر مَوْضُوع الحَدِيث من حَيْثُ اعْتِبَار تعلقه بالمنسوب إِلَيْهِ على وَجه الْإِبْهَام، وَلِهَذَا يَقْتَضِي الْفَاعِل وَالْمَفْعُول، وَيحْتَاج إِلَى تعيينهما فِي اسْتِعْمَاله وَاسم الْمصدر مَوْضُوع لنَفس الْحَدث من حَيْثُ هُوَ بِلَا اعْتِبَار تعلقه بالمنسوب إِلَيْهِ فِي الْمَوْضُوع لَهُ وَإِن كَانَ لَهُ تعلق فِي الْوَاقِع، وَلذَلِك لَا يَقْتَضِي الْفَاعِل وَالْمَفْعُول، وَلَا يحْتَاج إِلَى تعيينهما وَقيل: الْفِعْل مَعَ مُلَاحظَة تعلقه بالفاعل يُسمى مصدرا، وَمَعَ ملاحظته بالأثر الْمُتَرَتب عَلَيْهِ يُسمى اسْم الْمصدر وَالْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَقَالَ بَعضهم صِيغ المصادر تسْتَعْمل إِمَّا فِي أصل النِّسْبَة وَيُسمى مصدرا، وَإِمَّا فِي الْهَيْئَة الْحَاصِلَة بهَا للتعلق، معنوية كَانَت أَو حسية كَهَيئَةِ التحركية الْحَاصِلَة من الْحَرَكَة فيسمى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَالْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ قد يُسمى أَيْضا مصدرا أَشَارَ إِلَيْهِ التَّفْتَازَانِيّ فِي " التَّلْوِيح " (وَقَالَ الشَّيْخ بدر الدّين بن مَالك: اعْلَم أَن اسْم الْمَعْنى الصَّادِر عَن الْفَاعِل ك (الضَّرْب) أَو الْقَائِم بِذَاتِهِ ك (الْعلم) يَنْقَسِم إِلَى مصدر وَاسم مصدر، فَإِن كَانَ أَوله ميما مزيدة وَهِي لغير مفاعلة كالمضرب والمحمدة أَو كَانَ لغير الثلاثي كالغسل وَالْوُضُوء فَهُوَ اسْم الْمصدر، وَإِلَّا فَهُوَ الْمصدر، فعلى هَذَا المعجزة اسْم للمصدر الَّذِي هُوَ الْعَجز) والمصدر لَا يكون مقول القَوْل وَعبارَة " الْكَشَّاف " الْعِبَادَة لَا تقال وَعبارَة ابْن الْمُنِير: لم تقل الْعِبَادَة والمصدر الْمُعَرّف بِاللَّامِ وَإِن جَازَ عمله فِي الظّرْف بِلَا تَأْوِيله بِالْفِعْلِ لَكِن إِنَّمَا يجوز فِيمَا إِذا لم يَتَخَلَّل بَينهمَا فاصل كَمَا فِي قَوْلك: نَوَيْت الْخُرُوج يَوْم الْجُمُعَة وَأما إِذا تخَلّل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {كتب عَلَيْكُم الصّيام} إِلَى قَوْله: {أَيَّامًا معدودات} فَلَا يجوز بِنَاء على أَن الْمصدر عَامل ضَعِيف لَا سِيمَا إِذا أسْند تَأْوِيله بِالْفِعْلِ بِدُخُول لَام التَّعْرِيف عَلَيْهِ، فَلَا تسري قوته إِلَى مَا وَرَاء الْفَاصِل، لَكِن المظنون من كَلِمَات النُّحَاة جَوَاز عمله فِي الظروف الْمُتَقَدّمَة للاتساع فِيهَا ولوجود رَائِحَة الْفِعْل فِي المصادر، وَكَذَا جوزوا عمله فِي الظروف الْمُتَأَخِّرَة وَلَو تخَلّل بَينهمَا فاصل، لأَنهم وَسعوا فِي الظروف مَا لم يوسعوا فِي غَيرهَا مثل أَنهم لم يجوزوا تَقْدِيم مَعْمُول الْمصدر عَلَيْهِ إِذا لم يكن ظرفا كَمَا ذَكرْنَاهُ فِي بحث الظروف وَقَالَ بَعضهم: الْمصدر إِذا كَانَ بِمَعْنى اسْم الْفَاعِل أَو اسْم الْمَفْعُول جَازَ تَقْدِيم معموله عَلَيْهِ والمصدر إِذا أخبر عَنهُ لَا يعْمل بعد الْخَبَر، وَكَذَا لَا يعْمل إِذا جمع وَإِذا قصد بِهِ الْأَنْوَاع جَازَ تثنيته وَجمعه، وَالْمُنَاسِب مَعَ ذَلِك إِيرَاد مُفْرد نظرا إِلَى رِعَايَة الْقَاعِدَة الْمَشْهُورَة، وَهِي فِيمَا إِذا كَانَ الْمصدر للتَّأْكِيد وَكَانَ الْقَصْد إِلَى الْمَاهِيّة وَعدم تثنيته وَجمعه، لَا لكَونه اسْم جنس، بل لكَونه دَالا على الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ هِيَ، وَإِلَّا كَانَ الأَصْل فِي اسْم الْجِنْس أَن لَا يثنى وَلَا يجمع، وَلم يقل بِهِ أحد

وَيجوز جمع المصادر وتثنيتها إِذا كَانَ فِي آخرهَا تَاء التَّأْنِيث كالتلاوات والتلاوتين، أَو يؤول بالحاصل بِالْمَصْدَرِ، فَيجمع كالعلوم والبيوع، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وتظنون بِاللَّه الظنونا} وَكَذَا يجمع إِذا أُرِيد بِهِ الصّفة أَو الِاسْم، وَكِلَاهُمَا شَائِع كالتسبيحات وَمن المصادر مَا يَجِيء مثنى، وَالْمرَاد التكثير لَا حَقِيقَة التَّثْنِيَة، وَإِنَّمَا جعلت التَّثْنِيَة علما لذَلِك لِأَنَّهَا أول تَضْعِيف الْعدَد وتكثيره من ذَلِك (لبيْك) وَهُوَ عِنْد سِيبَوَيْهٍ مصدر مثنى مُضَاف إِلَى الْمَفْعُول وَلم يسْتَعْمل لَهُ مُفْرد، و (سعديك) وَقد اسْتعْمل لَهُ مُفْرد وَهُوَ مُضَاف إِلَى الْمَفْعُول أَيْضا، وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا مَعْطُوفًا على (لبيْك) و (حذاريك) ، بِفَتْح الْمُهْملَة أَي: احذر حذرا بعد حذر، وَهُوَ مُضَاف إِلَى الْفَاعِل، وَقد اسْتعْمل لَهُ مُفْرد و (حنانيك) ، وَقد اسْتعْمل لَهُ مُفْرد أَيْضا {وَحَنَانًا من لدنا} أَي: رَحْمَة ودواليك: أَي إدالة بعد إدالة وَلم يسْتَعْمل لَهُ مُفْرد، فَكَأَنَّهُ تَثْنِيَة (دوال) ، كَمَا أَن حواليك تَثْنِيَة (حوال) وَإِذا كَانَ الْمصدر مُسْتَعْملا فِي معنى اسْم الْمَفْعُول فالمعهود اسْتِعْمَاله، بِغَيْر التَّاء كَقَوْلِهِم للمخلوق خلق، وللمنسوج نسج، وَلذَلِك قَلما يُوجد فِي عِبَارَات القدماء اللَّفْظَة بل اللَّفْظ ومعمول الْمصدر كالصلة فَلَا يجوز الْفَصْل بَينه وَبَين معموله بأجنبي والمصدر إِذا كَانَت فِيهِ تَاء الْوحدَة يشبه الجوامد مثل: تَمْرَة ونخلة، فيضعف مشابهته للْفِعْل فَلَا يعْمل وَقَالَ بَعضهم: الْمصدر الْمَحْدُود بتاء التَّأْنِيث لَا يعْمل إِلَّا فِي قَلِيل من كَلَامهم والمبني على التَّاء يعْمل كَقَوْلِه: (فلولا رَجَاء النَّصْر مِنْك وَرَهْبَة ... عقابك قد كَانُوا لنا بالموارد) فأعمل (رهبة) لِأَنَّهُ مَبْنِيّ على التَّاء، وَشرط عمله أَن لَا يكون مَفْعُولا مُطلقًا، وَإِذا وصف بِهِ اسْتَوَى فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَالْوَاحد وَغَيره، ونصوا على أَن الْمصدر المنسبك من أَن وَالْفِعْل لَا ينعَت كالضمير، فَلَا يُقَال: (أعجبني أَن تخرج السَّرِيع) ، وَلَا فرق بَين هَذَا وَبَين بَاقِي الْحُرُوف المصدرية، (وَالرَّفْع فِي بَاب المصادر الَّتِي أَصْلهَا النِّيَابَة عَن أفعالها يدل على الثُّبُوت والاستقرار، بِخِلَاف النصب فَلَا يدل على التجدد، والحدوث الْمُسْتَفَاد من عَامله الَّذِي هُوَ الْفِعْل فَإِنَّهُ مَوْضُوع للدلالة عَلَيْهِ، بِخِلَاف الْجُمْلَة الاسمية فَإِنَّهَا مَوْضُوعَة للدلالة على الثُّبُوت مُجَردا عَن قيد التجدد والحدوث، فَنَاسَبَ أَن يقْصد بهَا الدَّوَام والثبات بِقَرِينَة الْمقَام ومعونته والمصدر الْمُؤَكّد لَا يقْصد بِهِ الْجِنْس) وكل مصدر عِنْد الْعَمَل مؤول بِأَن مَعَ الْفِعْل، لَكِن لَيْسَ على إِطْلَاقه، بل قد يكون عَاملا بِدُونِهِ (قيل: التَّأْوِيل فِي تقدم مَعْمُول الْمصدر إِنَّمَا هُوَ فِي الْمصدر الْمُنكر دون الْمُعَرّف، وَهَذَا مَمْنُوع نقلا، فَإِن الْمَنْصُوص استواؤهما فِي التَّأْوِيل، وَإِنَّمَا اخْتلف فِي الإعمال، والمرجح استواؤهما أَيْضا فِي أَصله، وَإِن كَانَ إِعْمَال الْمُنكر أَكثر،

وَيجوز إِعْمَال الْمصدر الْمحلى بِاللَّامِ وَإِن كَانَ قَلِيلا) والمصدر [لَا يقْصد بِهِ الْجِنْس و] قد يكون نفس الْمَفْعُول كَمَا فِي قَوْلنَا: خلق الله الْعَالم، إِذْ التغاير بَين الْخلق والعالم يسْتَلْزم قدم المغاير أَن كَانَ قَدِيما فَيلْزم من قدمه قدمه، وَإِن كَانَ حَادِثا فيفتقر خلقه إِلَى خلق آخر فيتسلسل الْمُؤَنَّث: كل مَا كَانَ على فَاعل من صفة الْمُؤَنَّث مِمَّا لم يكن للمذكر فَإِنَّهُ لَا يدْخل فِيهِ الْهَاء نَحْو: امْرَأَة عَاقِر، وحائض وطاهر من الْحيض لَا من الْعُيُوب إِذْ يُقَال فِيهَا طَاهِرَة كقاعدة من الْقعُود، وقاعد عَن الْحَبل وكل مؤنث التَّاء حكمه أَن لَا تحذف التَّاء مِنْهُ إِذا ثني ك (تمرتان) ، وضاربتان) لِأَنَّهَا لَو حذفت الْتبس بتثنية الْمُذكر، وَيسْتَثْنى من ذَلِك لفظان (ألية) و (خصية) فَإِن أفْصح اللغتين وأشهرهما أَن يحذف مِنْهُمَا التَّاء فِي التَّثْنِيَة لأَنهم لم يَقُولُوا فِي الْمُفْرد (إِلَيّ) و (خصي) وكل مَا تأنيثه لَيْسَ بحقيقي فتأنيثه وتذكيره جَائِز، تقدم الْفِعْل أَو تَأَخّر، وَهَذَا فِيمَا إِذا أسْند إِلَى الظَّاهِر، وَكَذَا فِي صُورَة الْفَصْل، إِلَّا إِذا كَانَ الْمُؤَنَّث الْحَقِيقِيّ مَنْقُولًا عَمَّا يغلب فِي أَسمَاء الذُّكُور ك (زيد) إِذا سميت بِهِ امْرَأَة، فَإِنَّهُ مَعَ الْفَصْل يجب إِثْبَات التَّاء، وَأما إِذا أسْند إِلَى الضَّمِير فالتذكير غير جَائِز لوُجُوب دفع الالتباس على مَا صرح بِهِ الرضي وَغَيره، [قَالَ الْفراء فِي قَوْله تَعَالَى: {قد كَانَ لكم آيَة فِي فئتين} إِنَّمَا ذكر لِأَنَّهُ حَالَتْ الصّفة بَين الْفِعْل وَالِاسْم الْمُؤَنَّث، وكل مَا جَاءَ من هَذَا النَّوْع فَهَذَا وَجهه] وَيجب أَن يسْتَثْنى من قَاعِدَة الْخِيَار فِي ظَاهر غير الْحَقِيقِيّ علم الْمُذكر مَعَ التَّاء نَحْو: (طَلْحَة) إِذْ لَا خِيَار فِيهِ، بل يجب تذكير الْفِعْل وَالْجمع بِالْألف وَالتَّاء، وَاسم جنس أُرِيد بِهِ مُذَكّر من أَفْرَاده فَإِنَّهُ يجب ترك التَّاء فِيهِ عِنْد ابْن السّكيت ليعلم أَن الْمسند إِلَيْهِ مُذَكّر من أَفْرَاده، وَبِهَذَا يتم اسْتِدْلَال أبي حنيفَة بِالْقُرْآنِ على أَن نملة سُلَيْمَان كَانَت أُنْثَى وَكَذَا يجب أَن يسْتَثْنى من قَاعِدَة الْخِيَار أَيْضا فِي ظَاهر الْجمع غير جمع الْمُذكر السَّالِم، سَوَاء كَانَ واحده مؤنثا أَو مذكرا، (وَقد يتَرَجَّح أحد المتساويين فِي نفس الْأَمر مَعَ جَوَاز الآخر كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا} ، {وَقَالَ نسْوَة} تَنْزِيلا لَهُم منزلَة الْإِنَاث فِي نُقْصَان الْعقل، إِذْ لَو كملت عُقُولهمْ لدخل الْإِيمَان فِي قُلُوبهم، أَلا ترى النسْوَة لما وصفوا زليخا بالضلال الْمُبين وَذَلِكَ من شَأْن الْعقل التَّام نزلت منزلَة الذُّكُور بتجريد القَوْل من عَلامَة التَّأْنِيث) و (بنُون) كَمَا فِي: {آمَنت بِهِ بَنو إِسْرَائِيل} وَسَائِر الجموع بِالْوَاو وَالنُّون الَّتِي حَقّهَا أَن تجمع بِالْألف وَالتَّاء ك (أرضون) و (سنُون) قَالَ الدماميني: قد كثر فِي الْكتاب الْعَزِيز الْإِتْيَان بالعلامة عِنْد الْإِسْنَاد إِلَى ظَاهر غير الْحَقِيقِيّ كَثْرَة

فَاحِشَة فَوَقع مِنْهُ ذَلِك مَا ينيف على مِائَتي مَوضِع، وَوَقع فِيهِ مِمَّا تركت فِيهِ الْعَلامَة فِي الصُّور الْمَذْكُورَة نَحْو خمسين موضعا، وأكثرية أحد الاستعمالين دَلِيل على أرجحيته قَالَ الْفراء: وللمؤنث خمس عشرَة عَلامَة، ثَمَان فِي الْأَسْمَاء: الْهَاء، وَالْألف الممدودة والمقصورة، وتاء الْجمع فِي (الهندات) ، والكسرة فِي (أَنْت) ، وَالنُّون فِي (أنتن) و (هن) ، وَالتَّاء فِي (أُخْت) و (بنت) ، وَالْيَاء فِي (هذي) وَأَرْبَعَة فِي الْأَفْعَال: التَّاء الساكنة فِي (قَامَت) ، وَالْيَاء فِي (تفعلين) ، والكسرة فِي (قُمْت) ، وَالنُّون فِي (فعلن) وَثَلَاث فِي الأدوات: التَّاء فِي (ربة) ، و (ثمَّة) ، و (لات) ، وَالتَّاء فِي (هَيْهَات) وَالْهَاء وَالْألف فِي قَوْلك إِنَّهَا هِنْد والمؤنث الْحَقِيقِيّ مَا بإزائه ذكر من الْحَيَوَان كامرأة وناقة وَغير الْحَقِيقِيّ مَا لم يكن كَذَلِك، بل يتَعَلَّق بِالْوَضْعِ والاصطلاح كالظلمة وَغَيرهَا وكل أَسمَاء الْأَجْنَاس يجوز فِيهَا التَّذْكِير حملا على الْجِنْس، والتأنيث حملا على الْجَمَاعَة نَحْو: {أعجاز نخل خاوية} ، و {أعجاز نخل منقعر} وكل اسْم جمع لآدَمِيّ فَإِنَّهُ يذكر وَيُؤَنث ك (الْقَوْم) كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكذب بِهِ قَوْمك} و {كذبت قوم نوح} وَأما لغير الْآدَمِيّ فلازم التَّأْنِيث وكل شَيْء لَيْسَ فِيهِ روح إِن شِئْت فَذكر وَإِن شِئْت فأنث وكل مَا قرب من مَكَان أَو نسب فَإِنَّهُ يجوز فِيهِ التَّذْكِير والتأنيث، قَالَ الزّجاج: وَالْفرق غلط وكل جمع مؤنث إِلَّا مَا صَحَّ بِالْوَاو وَالنُّون فِيمَن يعلم، تَقول: جَاءَ الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَجَاءَت الرِّجَال وَالنِّسَاء وَأَسْمَاء الجموع مُؤَنّثَة نَحْو: الْإِبِل وَالْغنم وَالْخَيْل والوحش وَالْعرب والعجم وَكَذَا كل مَا بَينه وَبَين واحده تَاء أَو يَاء النِّسْبَة كتمر ونخل ورمان ورومي وبختي وكل عُضْو زوج من أَعْضَاء الْإِنْسَان فَهُوَ مؤنث إِلَّا الخد وَالْجنب والحاجب وكل عُضْو فَرد مِنْهَا فَهُوَ مُذَكّر إِلَّا الكبد والكرش وَالطحَال، لِأَن كل عُضْو فِي الْإِنْسَان أول اسْمه كَاف فَهُوَ مؤنث وحروف المعجم كلهَا مُؤَنّثَة تَقول: هَذِه ألف قَائِمَة وجيم قَاعِدَة والشهور كلهَا مذكرة إِلَّا جماديها وَأَسْمَاء الْحَشْر كلهَا مُؤَنّثَة، وتأنيثها تَأْنِيث تهويل ومبالغة وتذكير الْأَمْكِنَة وتأنيثها غير حَقِيقِيّ والظروف كلهَا مذكرة إِلَّا (قُدَّام) و (وَرَاء) فَإِنَّهُمَا شَاذان، وَإِثْبَات التَّاء فِي تصغيرهما لإِزَالَة كَون (قُدَّام) بِمَعْنى الْملك، و (وَرَاء) بِمَعْنى ولد الْوَلَد، كَمَا أَنَّهُمَا بِمَعْنى الْجِهَة وَلَا يقدر من جملَة عَلَامَات التَّأْنِيث إِلَّا التَّاء لِأَن

وَضعهَا على الْعرُوض والانفكاك، فَيجوز أَن تحذف لفظا وتقدر معنى بِخِلَاف الْألف والأسنان كلهَا مُؤَنّثَة إِلَّا الأضراس والأنياب والجمادات تؤنث من حَيْثُ إِنَّهَا ضاهت الْإِنَاث لانفعالها وتأنيث الْحُرُوف إِنَّمَا يتَصَوَّر فِي حُرُوف المباني والمعاني لَا فِي لفظ الْحَرْف قيل: حُرُوف الهجاء والحروف المعنوية نَحْو: فِي، وعَلى، وأشباههما مؤنثات سماعية وَقيل: تَأْنِيث الْحُرُوف بِاعْتِبَار تَأْوِيل اللَّفْظَة أَو الْكَلِمَة والتأنيث ثَلَاثَة أَقسَام: لَفْظِي ومعنوي مَعًا كَالْمَرْأَةِ، والناقة، وحبلى، وحمراء ومعنوي فَقَط كهند، وَزَيْنَب وَهَذَانِ القسمان وَاجِبا التَّأْنِيث فِي إرجاع الضَّمِير وَإسْنَاد الْفِعْل ولفظي فَقَط مثل: كلمة، وظلمة، وَحُمرَة، وَطَلْحَة، وَرجل عَلامَة، وحلة حَمْرَاء، وصخرة بَيْضَاء، وَدَعوى، وذكرى، وبشرى وَهَذَا الْقسم يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ بِاعْتِبَار اللَّفْظ وَالْمعْنَى، وَمن هَذَا الْقسم جَمِيع المؤنثات السماعية مثل: الشَّمْس، وَالنَّار، وَالدَّار، والنعل، وَالْعَقْرَب وَغَيرهَا فَإِن تأنيثها بِاعْتِبَار ألفاظها فَقَط دون مَعَانِيهَا والتفرقة بَين الْمُذكر والمؤنث فِي الْأَسْمَاء غير الصِّفَات نَحْو: حمَار وحمارة غَرِيب وَمَتى اجْتمع الْمُذكر والمؤنث غلب حكم الْمُذكر إِلَّا فِي موضِعين: أَحدهمَا: (ضبعان) حَيْثُ أجريت التَّثْنِيَة على لفظ الْمُؤَنَّث الَّذِي هُوَ (ضبع) لَا على لفظ الْمُذكر وَالثَّانِي: التَّارِيخ فَإِنَّهُ بالليالي دون الْأَيَّام مُرَاعَاة للأسبق وتغليب الْمُذكر على الْمُؤَنَّث إِنَّمَا يكون فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع، وَفِي عود الضَّمِير، وَفِي الْوَصْف، وَفِي الْعدَد والتذكير والتأنيث مَعْنيانِ من الْمعَانِي لَا يتحققان مَعًا إِلَّا فِي الْأَسْمَاء وَأما الْأَفْعَال فَإِنَّهَا مذكرة، لَان مدلولها الْحَدث، وَالْحَدَث جنس، وَالْجِنْس مُذَكّر والأسماء قبل الِاطِّلَاع على تأنيثها وتذكيرها يعبر عَنْهَا بِلَفْظ مُذَكّر نَحْو: شَيْء، وحيوان، وإنسان، فَإِذا علم تأنيثها ركب عَلَيْهَا الْعَلامَة وتذكير الْمُؤَنَّث أسهل من تَأْنِيث الْمُذكر لِأَن التَّذْكِير أصل والتأنيث فرع، فتذكير الْمُؤَنَّث على تَأْوِيله بمذكر نَحْو: {فَمن جَاءَهُ موعظة من ربه} أَي: وعظ {وأحيينا بِهِ بَلْدَة مَيتا} : أَي مَكَانا {فَلَمَّا رأى الشَّمْس بازغة قَالَ هَذَا رَبِّي} أَي: هَذَا الشَّخْص، أَو الجرم، أَو الطالع {إِن رَحْمَة الله قريب من الْمُحْسِنِينَ} أَي: إِحْسَان الله، [وَالْقَوْل بِأَن تأنيثه غير حَقِيقِيّ لَيْسَ بجيد إِلَّا مَعَ تَقْدِيم الْفِعْل، وَفِي التَّأْخِير لَا يجوز إِلَّا التَّأْنِيث، وَقيل لِاكْتِسَابِ الْمُضَاف تذكيرا من الْمُضَاف إِلَيْهِ، ويبعده {لَعَلَّ السَّاعَة قريب} ] (وَلِأَن تأنيثها غير حَقِيقِيّ)

وتأنيث الْمُذكر نَحْو: {الَّذين يَرِثُونَ الفردوس هم فِيهَا خَالدُونَ} أنث الفردوس وَهُوَ مُذَكّر حملا على معنى الْجنَّة {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} حذف التَّاء من (عشرَة) مَعَ إضافتها إِلَى الْأَمْثَال وواحدها مُذَكّر قيل لإضافة الْأَمْثَال وَهُوَ ضمير الْحَسَنَات فاكتسب مِنْهُ التَّأْنِيث كَمَا فِي: شَرقَتْ صدر الْقَنَاة من الدَّم وَقيل: هُوَ من بَاب مُرَاعَاة الْمَعْنى لِأَن الْأَمْثَال فِي الْمَعْنى مؤنث لِأَن مثل الْحَسَنَة حَسَنَة، وَالتَّقْدِير: فَلهُ عشر حَسَنَات أَمْثَالهَا وَإِذا أضيف فَاعل الْفِعْل إِلَى ضمير الْمُؤَنَّث يجوز فِي فعل الْفَاعِل التَّذْكِير والتأنيث كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا ينفع نفسا إيمَانهَا} وَمَا لَا يعرف ذكوره من إناثه يحمل على اللَّفْظ يُقَال للذّكر وَالْأُنْثَى: هَذَا ابْن عرس، وَهَذَا ابْن دأية، وَفِي الْجمع: بَنَات عرس، وَبَنَات دأية وَامْتِنَاع الْهَاء من (فعول) بِمَعْنى (فَاعل) أصل مطرد لم يشذ مِنْهُ إِلَّا قَوْلهم: (عدوة الله) ليماثل صديقَة وَالشَّيْء قد يحمل على ضِدّه ونقيضه كَمَا يحمل على نَظِيره؛ وَإِنَّمَا تدخل الْهَاء على (فعول) إِذا كَانَ بِمَعْنى (مفعول) كَقَوْلِك: نَاقَة ركوبة، وشَاة حلوبة وَأما (فعيل) فَهُوَ إِذا كَانَ بِمَعْنى (فَاعل) لحقته الْهَاء و (بغي) لَيْسَ بفعيل، وَإِنَّمَا هِيَ (فعول) بِمَعْنى (فاعلة) لِأَن الأَصْل بغوي قيل: (فعيل) بِمَعْنى (فَاعل) يلْزم تأنيثه، وَبِمَعْنى (مفعول) يجب تذكيره وَمَا جَاءَ شاذا من النَّوْعَيْنِ يؤول، وَالْحق أَن كليهمَا يُطلق على الْمُذكر بِلَا تَاء وَلَا خلاف فِيهِ وَيُطلق على الْمُؤَنَّث تَارَة مَعَ التَّاء وَأُخْرَى بِدُونِهَا أَصَالَة كَمَا ورد فِي أشعار الفصحاء لَا على سَبِيل التّبعِيَّة وَلَا على وَجه الشذوذ والندرة و (فعيل) بِمَعْنى (مفعول) إِذا ذكر مَعَه الِاسْم اسْتَوَى فِيهِ الذّكر وَالْأُنْثَى يُقَال: عين كحيل، وكف خضيب وَإِذا أفردوا الصّفة أدخلُوا الْهَاء ليعلم أَنَّهَا صفة لمؤنث فَقَالُوا: رَأينَا كحيلة وَالصِّفَات فِي الْمُؤَنَّث لَا تَأتي إِلَّا على (فعلى) ، بِالضَّمِّ ك (حُبْلَى، وَأُنْثَى) وعَلى (فعلى) ، بِالْفَتْح ك (سكرى، وعطشى) وَلَا تَأتي على (فعلى) ، بِالْكَسْرِ إِلَّا فِي بِنَاء الْأَسْمَاء ك (الشعرى، والدفلى) وَفِي الْمصدر ك (الذكرى) والمعدود إِذا كَانَ جمعا وواحده مونثا حذف التَّاء مِنْهُ نَحْو: (ثَلَاث نسْوَة) وَإِذا كَانَ مذكرا ثبتَتْ التَّاء سَوَاء كَانَ فِي لفظ الْجمع عَلامَة التَّأْنِيث ك (أَرْبَعَة حمامات) فِي جمع (حمام) أَو لم يكن والمعدود الْمُذكر إِذا جمع، وكل جمع مؤنث، فَإِنَّهُ يلْزم إِلْحَاق التَّاء بعدده، وَإِذا لحقته فَلم يلْحق بالمؤنث فرقا بَينهمَا، وَفِيمَا وَرَاء الْعشْرَة إِذا كَانَ الْمَعْدُود مذكرا فَإِنَّهُ تدخل التَّاء فِي الشّطْر الأول وتحذف فِي الشّطْر الثَّانِي وَإِذا كَانَ مؤنثا فَتدخل التَّاء فِي الْعشْرَة وتحذف من الشّطْر الأول، يُقَال: ثَلَاث عشرَة نسْوَة، أَو ثَلَاثَة عشر رجلا وَفِي (عشرَة) يجوز تسكين الشين وتحريكها إِذا كَانَت مَعَ تَاء وَأما شين أحد عشر إِلَى تِسْعَة

فمفتوحة لَا غير لعدم توالي الفتحات وَمَا لحق بِآخِرهِ الْوَاو وَالنُّون من الْأَعْدَاد فالمذكر والمؤنث فِيهِ سَوَاء نَحْو: عشرُون رجلا، وَعِشْرُونَ امْرَأَة، وَكَذَا الْمِائَة وَالْألف (وَإِذا كَانَ تَمْيِيز مَا فَوق الِاثْنَيْنِ اسْم جمع يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى كَالْإِبِلِ يسْتَعْمل بِلَا تَاء والاسمان المذكران أَعنِي الْعشْرَة وَمَا زيد عَلَيْهَا يبنيان على الْفَتْح، إِلَّا اثْنَي عشر فَإِنَّهُم أعربوه إِعْرَاب الِاسْم الْمثنى نَحْو: (هَذَا اثْنَا عشر، وَرَأَيْت اثْنَي عشر، ومررت بِاثْنَيْ عشر) وَذَلِكَ لأَنهم جعلُوا آخر شطريه بِمَنْزِلَة النُّون من التَّثْنِيَة عوضا عَنهُ بِدَلِيل أَنه لَا يجوز الْجمع بَينهمَا وَإِذا كَانَ (عشر) بِمَنْزِلَة النُّون وَلم يكن الِاسْم مركبا فَلَا يكون الشّطْر الأول مَبْنِيا) وَزِيَادَة التَّاء فِي عدد الْمُذكر وَتركهَا فِي عدد الْمُؤَنَّث إِنَّمَا يجب إِذا كَانَ الْمُمَيز مَذْكُورا بعد اسْم الْعدَد، وَأما إِذا حذف أَو قدم وَجعل الْعدَد صفة مثلا فَفِيهِ وَجْهَان: إِجْرَاء هَذِه الْقَاعِدَة وَتركهَا تَقول: مسَائِل تسع، وَرِجَال تِسْعَة، وَبِالْعَكْسِ صرح بِهِ النُّحَاة، وَذكره النَّوَوِيّ فِي شرح حَدِيث: " من صَامَ رَمَضَان وستا من شَوَّال " وَعَلِيهِ: " بني الْإِسْلَام على خمس " أَي: خمس دعائم أَو قَوَاعِد، أَو خَمْسَة أَشْيَاء أَو أَرْكَان أَو أصُول وَدخُول تَاء التَّأْنِيث فِي الْكَلَام أَكثر من دُخُول ألف التَّأْنِيث لِأَنَّهَا قد تدخل فِي الْأَفْعَال الْمَاضِيَة للتأنيث نَحْو: (قَامَت هِنْد) وَتدْخل فِي الْمُذكر توكيدا ومبالغة نَحْو: عَلامَة ونسابة وَألف التَّأْنِيث تزيد على تَاء التَّأْنِيث قُوَّة لِأَنَّهَا تبنى مَعَ الِاسْم وَتصير كبعض حُرُوفه، ويتغير الِاسْم مَعهَا عَن هَيْئَة التَّذْكِير وَمَا كَانَ تأنيثه بِالْهَمْزَةِ إِذا صغر لم تقع الْهمزَة فِي حشوه ك (حميرة) وَإِذا كَانَت كلمة لَا يُوجد فِي الِاسْتِعْمَال مذكرها كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة والهمزة وَالْمَسْأَلَة وَنَحْوهَا جَازَ فِيهَا وَجْهَان، يُقَال: الصَّلَاة يجوز فِيهَا أَو فِيهِ شَيْء فلاني وَإِذا توَسط الضَّمِير أَو الْإِشَارَة بَين مُبْتَدأ أَو خبر أَحدهمَا مُذَكّر وَالْآخر مؤنث جَازَ فِي الضَّمِير أَو الْإِشَارَة التَّذْكِير والتأنيث وَالِاسْم الْمُفْرد الَّذِي يَقع على الْجمع فيتميز بَينه وَبَين واحده بِالتَّاءِ هُوَ غَالب فِي الْأَشْيَاء المخلوقة دون المصنوعة نَحْو: (تَمْرَة وتمر) ، و (بقرة وبقر) وَأما نَحْو: (سفينة وسفين) ، و (لبنة وَلبن) فقليل وَالْعرب تسمي الْمُذكر بِمَا فِيهِ عَلامَة التَّأْنِيث ك (طَلْحَة) ، وبالأسماء الَّتِي هِيَ للمؤنث فِي الأَصْل نَحْو: (هِنْد) ، وَكَانَ لِخَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا ابْن يُسمى هِنْد ابْن هَالة وتسمي الْمُؤَنَّث باسم الْمُذكر ك (جَعْفَر) وَمَا زَاد على ثَلَاثَة أحرف من المونث الَّذِي لَيْسَ لَهُ عَلامَة نَحْو: عِقَاب وعقرب وَزَيْنَب، فالحرف الزَّائِد على الثَّلَاثَة يجْرِي مجْرى عَلامَة التَّأْنِيث فَلَا ينْصَرف لذَلِك إِذا سميت بهَا المنصرف: كل جمع يكون ثالثه ألفا وَبعدهَا حرفان أَو ثَلَاثَة أحرف أوسطها سَاكن ك (دَوَاب، ومساجد ومفاتيح) فَكل مَا كَانَ من هَذَا النَّوْع فَإِنَّهُ

لَا ينْصَرف نكرَة وَلَا معرفَة وكل جمع لَهُ نَظِير من الْوَاحِد وَحكمه فِي التكسير وَالصرْف كَحكم نَظِيره فَهُوَ منصرف فِي النكرَة والمعرفة ك (كلاب) لِأَن نَظِيره فِي الْوَاحِد (كتاب، وإياب) ، وَلَو كَانَ (كلاب) مِمَّا يجمع لَكَانَ قِيَاس جمعه (كَلْبا) على حد (كتاب وَكتب) ، وَكَذَلِكَ بَاقِي الجموع وكل لفظ وضع على مؤنث لم ينْصَرف ذَلِك اللَّفْظ فِي الْعلم سَوَاء كَانَ ثلاثيا أَو غَيره وَسَوَاء وضع ذَلِك الِاسْم أَولا على مُذَكّر ثمَّ نقل إِلَى مؤنث أَو لَا وَأما إِذا وضع اسْم لمذكر فانه يكون منصرفا وَإِذا وضع اسْم مؤنث معنوي لمذكر فَإِن كَانَ الِاسْم ثلاثيا فَإِنَّهُ يكون منصرفا، سَوَاء كَانَ متحرك الْوسط أَو سَاكن الْوسط وَإِن كَانَ أبدا على الثلاثي فَإِنَّهُ يكون غير منصرف فِي الْعلم وَإِن كَانَ الْمُؤَنَّث ثلاثيا سَاكن الْوسط وَوضع علما على مؤنث فَفِيهِ خلاف، وَإِن لم يكن علما فمنصرف إِلَّا مَا فِيهِ الْألف الْمَقْصُورَة أَو الممدودة فَإِنَّهُ غير منصرف مَعَ كَونه نكرَة لِأَن التَّأْنِيث بِالْألف الْمَقْصُورَة أَو الممدودة سَبَب قَامَ مقَام السببين التَّأْنِيث وَأَن لَا يكون مذكرا قطّ، وَهُوَ معنى لُزُوم التَّأْنِيث، بِخِلَاف غير الْألف الْمَقْصُورَة والممدودة من أَنْوَاع الْمُؤَنَّث فَإِنَّهُ يَزُول حكم التَّأْنِيث عَنهُ وَذَلِكَ إِذا صَار نكرَة لِأَن التَّأْنِيث فِي النكرَة غير مُؤثر من غير الْألف الْمَقْصُورَة والممدودة لِأَنَّك تَقول: (مَرَرْت بقائمة) ، فَهِيَ مؤنث وَصفَة فحقها أَن تكون غير منصرفة بالِاتِّفَاقِ، فَعلم أَن التَّأْنِيث فِي غير الْعلم لَا يُؤثر الْمَقْصُور: كل اسْم وَقعت فِي آخِره ألف مُفْردَة فَهُوَ الْمَقْصُور نَحْو: الْعَصَا، والفتى، وحبلى، وسكرى [المنقوص] : وكل اسْم وَقعت فِي آخِره يَاء قبلهَا كسرة فَهُوَ المنقوص نَحْو: القَاضِي، والداعي، وقاض، وداع وكل مؤنث لأَفْعَل التَّفْضِيل وكل مؤنث بِغَيْر هَاء ك (فعلان) من الصّفة وكل جمع لفعيل بِمَعْنى مفعول إِذا تضمن معنى الْبلَاء والآفة وكل مُذَكّر لفعلاء المعتل لامه من الألوان والحلي وكل مؤنث بِالْألف من أَنْوَاع الْمثنى وكل مَا يدل على مُبَالغَة الْمصدر من المكسور فاؤه، المشدد عينه ك (الحليفي) كل ذَلِك من الْمَقْصُور القياسي، وَمِمَّا الْغَالِب فِيهِ الْقصر كل مُفْرد معتل اللَّام يجمع على أَفعَال ك (نِدَاء وأنداء) وكل مَا جَاءَ من الصِّفَات على وزن (فعلى) بِالْفَتْح فَهُوَ مَقْصُور مُلْحق بالرباعي نَحْو: (سكرى) وكل مصدر لأَفْعَل وفاعل غير مصدر بميم زَائِدَة وكل مصدر لافتعل وانفعل واستفعل وأفعل وأفعال وكل مصدر معتل اللَّام لفعلل على غير فعللة نَحْو: (قوقى قيقاء) وكل مصدر ل (فعنلى) وكل صَوت معتل اللَّام مضموم الْفَاء وكل مُفْرد لافعل معتل اللَّام مَفْتُوح الْفَاء وَالْعين وكل مؤنث بِغَيْر التَّاء لافعل الَّذِي هُوَ للألوان والحلي كل ذَلِك مَمْدُود وكل حرف على (فعلاء) فَهُوَ مَمْدُود إِلَّا أحرفا جَاءَت نَوَادِر وَهِي: أدنى، وأدمى، وسبعى، وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب مَا مفرده مَمْدُود، وَجمعه مَمْدُود أَيْضا إِلَّا (دَاء) و (أدواء)

الْمعرفَة: [فِي اصْطِلَاح النُّحَاة] كل اسْم خص وَاحِدًا بِعَيْنِه من جنسه فَهُوَ الْمعرفَة [وَهِي أول فرض افترضه الله على خلقه كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون} ، وَالْمرَاد الْمعرفَة الإيمانية لَا الْمعرفَة بكنه الْحَقِيقَة لِأَن الْمعرفَة فِي الإطلاع على الْحَقَائِق إِمَّا ممتنعة كَمَا فِي الْوَاجِب، أَو متعذرة كَمَا فِي الْجَوَاهِر غير المادية كالجواهر القدسية والأرواح البشرية، أَو متعسرة كالجواهر المادية وَمَا يتبعهَا من الْأَعْرَاض إِلَّا أَنه لَا يلْزم عَن ذَلِك عدم معرفَة الْبشر بأحوال تِلْكَ الْحَقَائِق وَلِهَذَا يُمكن للبشر معرفَة صِفَات الْبَارِي تَعَالَى وَسَائِر مَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْوَال وَمذهب أهل الْحق أَعنِي جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين هُوَ أَن الْعلم بِحَقِيقَة الْوَاجِب تَعَالَى حَاصِل للبشر وَإِن قَالَ بِعَدَمِهِ كثير من الْمُحَقِّقين وَقَالَ ابْن العميد: بَلغنِي من حثالة النَّاس أَنهم ظنُّوا ظنا فَاسِدا كاسدا وَزَعَمُوا زعما بَاطِلا عاطلا فَقَالُوا: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يعرف الله حق مَعْرفَته وافتروا فِي ذَلِك حَدِيثا وَهَذَا عَن قَائِله مَعْصِيّة كَبِيرَة وَجِنَايَة عَظِيمَة {كَبرت كلمة تخرج من أَفْوَاههم إِن يَقُولُونَ إِلَّا كذبا} وَكَيف يُقَال مثل ذَلِك وَقد قيل فِيهِ: وعلمك مَا لم تكن تعلم وَاخْتلفُوا أَيْضا فِي أَنه هَل يُمكن علمهَا فِي الْآخِرَة عقلا أم لَا؟ فَقَالَ بَعضهم: نعم يُمكن ذَلِك لحُصُول الرُّؤْيَة فِيهَا وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: الرُّؤْيَا لَا تفِيد الْعلم بِالْحَقِيقَةِ، وَتوقف الْبَعْض قَالَ البُلْقِينِيّ رَحمَه الله: وَالصَّحِيح أَنه لَا سَبِيل للعقول إِلَى ذَلِك ثمَّ الْمعرفَة بِالدَّلِيلِ الإجمالي فرض عين لَا مخرج عَنهُ لأحد من الْمُكَلّفين، وبالتفصيل فرض كِفَايَة لَا بُد أَن يقوم بِهِ الْبَعْض والمعرفة تقال للإدراك الْمَسْبُوق بِالْعدمِ ولثاني الإدراكين إِذا تخللهما عدم ولإدراك الجزئي ولإدراك الْبَسِيط كَمَا فِي الْعلم يُقَال لحُصُول صُورَة الشَّيْء عِنْد الْعقل وللاعتقاد الْجَازِم المطابق الثَّابِت ولإدراكه الْكُلِّي، ولإدراك الْمركب والمعرفة قد تقال فِيمَا يدْرك آثاره وَإِن لم تدْرك ذَاته وَالْعلم لَا يُقَال إِلَّا فِيمَا تدْرك ذَاته والمعرفة تقال فِيمَا لَا يعرف إِلَّا كَونه مَوْجُودا فَقَط، وَالْعلم أَصله أَن يُقَال فِيمَا يعرف وجوده وجنسه وكيفيته والمعرفة يُقَال فِيمَا يتَوَصَّل إِلَيْهِ بتفكر وتدبر، وَالْعلم قد يُقَال فِي ذَلِك وَفِي غَيره] والمعارف كلهَا إِذا نوديت تنكرت ثمَّ تكون معارف بالنداء، هَذَا قَول الْمبرد وَهُوَ الصَّوَاب كإضافة الْأَعْلَام والمعرفة فِي لَفظهَا إِشَارَة إِلَى أَن مفهومها مَعْهُود مَعْلُوم بِوَجْه مَا بِخِلَاف النكرَة فَإِن مَعْنَاهَا وَإِن كَانَت مَعْلُومَة للسامع أَيْضا لَكِنَّهَا لَيست فِي لَفظهَا إِشَارَة إِلَى تِلْكَ المعلومية، وَبِهَذَا يظْهر بَين كَون الضمائر الراجعة إِلَى النكرَة معرفَة مَعَ كَون المرجوع إِلَيْهِ نكرَة، وَبَين كَون الْمُعَرّف بلام الْعَهْد معرفَة مَعَ كَون الْمَعْهُود نكرَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {كَمَا أرسلنَا إِلَى فِرْعَوْن رَسُولا فعصى فِرْعَوْن الرَّسُول} والمعرفة لَا يجوز أَن تكون صفة لنكرة، وَلِهَذَا

يؤول مثل قَوْله تَعَالَى: {عَارض مُمْطِرنَا} بممطر لنا الْعَرَب تَقول هَذَا فِي الْأَسْمَاء المشتقة من الْأَفْعَال دون غَيرهَا والمعرفة لَا تدخل تَحت النكرَة لِأَنَّهُمَا ضدان، وَهَذَا عِنْد اتِّحَاد السِّيَاق بِأَن يَكُونَا فِي الشَّرْط أَو فِي الْجَزَاء دون اختلافه بِأَن يكون أَحدهمَا فِي الشَّرْط وَالْآخر فِي الْجَزَاء وَكَذَا لَا تدخل تَحت النكرَة إِلَّا فِي الْجُزْء الْمُتَّصِل مثل: الرَّأْس، وَالْيَد، وَالرجل، وَنَحْوهَا، إِذْ الِاتِّصَال الْحسي كالإضافة فِي التَّعْرِيف، بِخِلَاف الْمُنْفَصِل كَالدَّارِ وَنَحْوهَا والمعرفة والنكرة فِي بَاب الْجِنْس سَوَاء لَا فرق بَين (فَإِذا الْأسد بِالْبَابِ) ، وَبَين (إِذا أَسد بِالْبَابِ) ، هَكَذَا رَأْي ابْن جني والمضمرات معارف وَالْأَحْوَال نكرات، وَقد نظمت فِيهِ: (أحوالنا نكرات عِنْد عاذلنا ... والمضمرات معارف الإخوان) والمعرفة فِي اللُّغَة: [هِيَ التَّصَوُّر] مصدر عَرفته أعرفهُ، وَكَذَلِكَ الْعرْفَان وَأما فِي اصْطِلَاح أهل الْكَلَام: هِيَ معرفَة الله بِلَا كَيفَ وَلَا تَشْبِيه [مِيم مفعل ومفعله] : (كل اسْم فِي أَوله مِيم زَائِدَة على (مفعل) أَو (مفعلة) مِمَّا ينْقل وَيعْمل بِهِ فَهُوَ مكسور الأول نَحْو: مطرقة، ومروحة، ومرآة، ومئزر إِلَّا أحرفا جَاءَت نَوَادِر بِالضَّمِّ وَهِي: مكحلة، ومدهن، ومحرضة، ومنخل، ومنصل، ومنقر، ومدق، وفتحوا الْمِيم فِي منقبة البيطار) [عين مفعل من فعل يفعل] : كل مَا كَانَ على (فعل يفعل) مثل: دخل يدْخل فالمفعل مِنْهُ بِالْفَتْح، اسْما كَانَ أَو مصدرا، وَلَا يَقع فِيهِ الْفرق إِلَّا أحرفا من الْأَسْمَاء ألزموها كسر عينهَا، من ذَلِك: الْمَسْجِد، والمطلع، والمشرق، وَالْمغْرب، والمسقط، والمجزر، والمسكن، والمرفق، والمنبت، والمنسك، فَجعل الْكسر عَلامَة للاسم وَرُبمَا فَتحه بعض الْعَرَب فِي الِاسْم [عين مفعل من فعل يفعل] : وَمَا كَانَ من بَاب (فعل يفعل) مثل: جلس يجلس فالموضع بِالْكَسْرِ، والمصدر بِالْفَتْح للْفرق بَينهمَا تَقول: نزل منزلا، بِفَتْح الزَّاي تُرِيدُ: نزل نزولا وَهَذَا منزل فلَان، فتكسر لِأَنَّك تَعْنِي الدَّار [عين مفعل مِمَّا مضارعه يفعل] : وكل مَا جَاءَ على (مفعل) بِكَسْر الْعين مِمَّا مضارعه (يفعل) بِالضَّمِّ فَهُوَ شَاذ من وَجه، وَكَذَا (مفعلة) بِالتَّاءِ مَعَ فتح الْعين، وَكَذَا (مفعل) بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْعين، (ومفعلة) بِضَم الْعين، والمقبرة شَذَّ إِذْ هُوَ قِيَاس الْموضع إِمَّا بِفَتْح الْعين أَو بِكَسْرِهَا وَكَذَا كل مَا جَاءَ من (يفعل) مكسور الْعين، (ومفعلة) بِفَتْحِهَا فَإِنَّهُ أشذ، لَكِن كل مَا ثَبت اخْتِصَاصه بِبَعْض الْأَشْيَاء دون بعض وَخُرُوجه عَن طَريقَة الْفِعْل هُوَ الْعذر فِي خُرُوجه عَن الْقيَاس [عين مفاعل من معتل الْعين] : (وكل (مفاعل) من المعتل الْعين فَإِنَّهُ يجب التَّصْرِيح فِيهِ بِالْيَاءِ

ونقطها، كمعايش ومشايخ، إِلَّا (مصائب) فَإِنَّهُ صَحَّ بِالْهَمْزَةِ سَمَاعا، وَالْقِيَاس فِيهِ بِالْوَاو وَأما نَحْو صَحَائِف ورسائل وروائح وفصائل وقلائل فحقها أَن لَا تنقط لِأَنَّهُ خطأ قَبِيح، لَكِن بِهَمْزَة فَوق الْيَاء أَو تحتهَا وَأما اسْم الْفَاعِل فبالياء، لَكِن (قَائِل) بِالْهَمْزَةِ، و (بَايع) بِالْيَاءِ فرقا بَين الواوي واليائي) الْمَكَان: كل مَكَان لَيْسَ بظرف كَمَا كَانَت أَسمَاء الزَّمَان كلهَا ظروفا، وَذَلِكَ لِأَن الْأَمْكِنَة أجسام ثَابِتَة فَهِيَ بعيدَة من الْأَفْعَال والأزمان، وَالْأَفْعَال أَحْدَاث منقضية ومتجددة وَالْفِعْل يدل على الزَّمَان بالتضمن وعَلى الْمَكَان بالالتزام، فَالْأول أقوى وَمن الْمَكَان مَا كَانَ مَجْهُول الْقدر مَجْهُول الصُّورَة، وَهُوَ الْجِهَات السِّت الَّتِي لَا بُد لكل متحيز مِنْهَا، إِذْ لَيْسَ لَهَا مِقْدَار مَعْلُوم من المساحة، وَلم يكن لَهَا نِهَايَة تقف عِنْدهَا، فَهَذِهِ تكون ظروفا تَقول: (سرت خَلفك) ، (وَجَلَست أمامك وَمِنْه مَا كَانَ مَعْلُوم الْقدر مَجْهُول الصُّورَة كالفرسخ والميل والبريد، إِذْ الفرسخ اثْنَا عشر ألف ذِرَاع والميل ثلث فَرسَخ، والبريد أَرْبَعَة فراسخ، وَلَا يخْتَص بمساحتها مَوضِع فَأَشْبَهت الْجِهَات السِّت وَمِنْه مَا كَانَ مَعْلُوم الصُّورَة، وَيُمكن علم قدره بالمساحة، وَذَلِكَ إِمَّا أَسمَاء شائعة كسوق وَدَار وبلدة وغرفة وَمَسْجِد، وَإِمَّا أَعْلَام لأماكن كمكة ودمشق ومصر، فَلَا تكون ظروفا لِأَن هَذِه أَمَاكِن مَخْصُوصَة ينْفَصل بَعْضهَا من بعض بصور وَتعلق وكل اسْم مَكَان ينْتَصب بِمَا اشتق مِنْهُ أَو بمرادفه، وَلَا ينْتَصب الْمَكَان بِغَيْر مَا اشتق مِنْهُ أَو مرادفه وَمَا فِي أَوله مِيم زَائِدَة إِن كَانَ مشتقا من حدث بِمَعْنى الِاسْتِقْرَار والكون فَإِنَّهُ ينْتَصب، وَبِمَا انتصب بِهِ الْمَكَان الْمَخْصُوص وَهُوَ دخلت وسكنت وَنزلت، وَإِن لم يكن كَذَلِك فَلَا ينْتَصب بِهِ الْمَكَان الْمَخْصُوص وَالْمَكَان، لُغَة: الْحَاوِي للشَّيْء المستقر [كمقعد الْإِنْسَان من الأَرْض وَمَوْضِع قِيَامه وإضجاعه وَهُوَ] (فعال) من التَّمَكُّن لَا (مفعل) من الْكَوْن، كالمقال من القَوْل، لأَنهم قَالُوا فِي جمعه: (أمكن) و (أمكنة) و (أَمَاكِن) وَقَالُوا: تمكن، وَلَو كَانَ من القَوْل لقالوا: تكون وَالْمَكَان عِنْد الْمُتَكَلِّمين بعد موهوم يشْغلهُ الْجِسْم بنفوذه فِيهِ، وَهَكَذَا عِنْد أفلاطون، وَأما عِنْد أرسطو فَهُوَ السَّطْح [وَمن الفلاسفة من قَالَ: هُوَ الْخَلَاء] والحيز: هُوَ الْفَرَاغ المتوهم الَّذِي يشْغلهُ شَيْء ممتد أَو غير ممتد كالجوهر الْفَرد، فالمكان أخص من الحيز، والحيز مطلب المتحرك للحصول فِيهِ، والجهة مطلب المتحرك للوصول إِلَيْهَا والقرب مِنْهَا وَالْمَكَان أَمر مُحَقّق مَوْجُود فِي الْخَارِج عِنْد الْحُكَمَاء، وَكَذَا الْحُصُول فِيهِ فَإِنَّهُ أَمر مُحَقّق أَيْضا وَأما الزَّمَان فَلَا وجود اله عِنْدهم بل هُوَ أَمر وهمي، وَكَذَا الْحُصُول فِيهِ

وَالْمَكَان قار الذَّات فَجَمِيع أَجْزَائِهِ مَوْجُود وَالزَّمَان غير قار الذَّات فأجزاؤه منصرمة مُنْقَطِعَة بَعْضهَا حَال يصير مَاضِيا وَبَعضهَا مُسْتَقْبل يصير حَالا والآن: هُوَ السيال الَّذِي قَالُوا بِوُجُودِهِ وَلَيْسَ لَهُ امتداد وَقبُول للتجزيء فَلَا يصلح ظرفا للحوادث وَالْمَكَان يسْتَعْمل فِي الْحَقِيقِيّ والمجازي [فالحقيقي للجسم هُوَ مَا يملؤه وَلَا يسع مَعَه غَيره وَلَا يكون إِلَّا وَاحِدًا وَغير الْحَقِيقِيّ مَا لَيْسَ كَذَلِك، وَهُوَ مُتَعَدد ومختلف بِحَسب الْقرب والبعد من الْحَقِيقِيّ كالبيت والبلد والإقليم والمعمورة إِلَى غير ذَلِك] والمكانة تخص بالمجازي كالمنزل والمنزلة، فَإِن الْمنزل فِي الْحسي والمنزلة فِي الْمَعْنَوِيّ وَفِي " أنوار التَّنْزِيل ": المكانة اسْم للمكان، يستعار للْحَال كَمَا يستعار (هُنَا) و (حَيْثُ) من الْمَكَان للزمان وَالْمَكَان الْوَاحِد يُسمى مرّة مقَاما إِذا اعْتبر بقيامه، ومقعدا إِذا اعْتبر بقعوده والمقامة، بِالْفَتْح: الْإِقَامَة وبالضم: الْجَمَاعَة من النَّاس وَالْمقَام، بِالْفَتْح من (قَامَ يقوم) ، وَهُوَ مَوضِع الْقيام وَالْمرَاد الْمَكَان وَهُوَ من الْخَاص الَّذِي جعل مُسْتَعْملا فِي الْمَعْنى الْعَام، فَإِن مَوضِع قيام الشَّيْء أَعم من أَن يكون قِيَامه فِيهِ بِنَفسِهِ أَو بِإِقَامَة غَيره، وَمن أَن يكون ذَلِك بطرِيق الْمكْث فِيهِ أَو بِدُونِهِ وبالضم: من (أَقَامَ يُقيم) ، وَهُوَ مَوضِع الْإِقَامَة أَي: مَوضِع إِقَامَة الْغَيْر إِيَّاه أَو مَوضِع قِيَامه بِنَفسِهِ قيَاما ممتدا وَالْفِعْل إِذا جَاوز الثَّلَاثَة فالموضع بِضَم الْمِيم وَمعنى الْمقَام مَكَان فِيهِ الْقيام لشَيْء مَا، أَو ذَات مَا فِيهِ الْقيام، ولذاك صَحَّ أَن يجْرِي عَلَيْهِ الصِّفَات، وَلم يَصح أَن يكون صفة للْغَيْر وَكَانَ فِي عداد الْأَسْمَاء دون الصِّفَات وَالْمقَام يُقَال للمصدر وَالْمَكَان وَالزَّمَان وَالْمَفْعُول لَكِن الْوَارِد فِي الْقُرْآن هُوَ الْمصدر والموضوع مَخْصُوص بِالْعرضِ، يُقَال: مَوْضُوع الْبيَاض والسواد وَغير ذَلِك، وَلَا يُقَال مَوْضُوع الْجَوْهَر بل يُقَال مَحل الْجَوْهَر وَالْمحل (وَهُوَ مَا يحل فِيهِ الْعرض أَو الصُّورَة) من (حل يحل) بِالضَّمِّ وَالْكَسْر وَقد يُرَاد بِهِ الذَّات الَّتِي تقوم بهَا الصِّفَات لَا الْمَكَان الَّذِي تجاوزه الْأَجْسَام إِذْ كل مَا لَيْسَ بِذَات مفتقر إِلَى مَحل أَي ذَات يقوم بهَا أَي يخْتَص بهَا اخْتِصَاص النَّعْت بالمنعوت [وَالْمرَاد بالناعت مَا يجوز حمله على الشَّيْء بالاشتقاق بِالْمَعْنَى الْمُقَابل للْحَمْل بالتركيب] كافتقار صِفَات الله تَعَالَى إِلَى ذَاته الْعلية (فَلَا تستقل بِدُونِهَا لَا بِمَعْنى الِاحْتِيَاج إِلَى الموجد لَا بِالِاخْتِيَارِ وَلَا بِالْإِيجَابِ) وَمن الموجودات مَا هُوَ مفتقر إِلَى الْمحل والمخصص وَهُوَ الْأَعْرَاض، وَمِنْهَا مَا هُوَ مفتقر إِلَى الْمُخَصّص دون الْمحل وَهُوَ الأجرام والغني مِنْهَا (عَن الْمحل والمخصص) هُوَ الذَّات الْحَقِيقِيَّة الْعُظْمَى (القيومية المستلزمة لكل سبوحية قدوسية فِي كل جلال وجمال استلزاما لَا يقبل الانفكاك والانفصال)

[وَالْمحل، بِكَسْر الْحَاء يُطلق للمكان وَالزَّمَان] والمباءة: منزل الْقَوْم فِي كل مَوضِع، وَيُسمى كناس الثور الوحشي مباءة والمراح، بِالضَّمِّ حَيْثُ تأوي الْمَاشِيَة بِاللَّيْلِ وبالفتح: اسْم الْموضع الَّذِي يروح مِنْهُ الْقَوْم، أَو يروحون إِلَيْهِ والمروحة، بِالْفَتْح: هِيَ الْموضع الْكثير الرّيح وبالكسر: مَا يتروح بِهِ والمقيل: مَكَان القيلولة وَهِي النّوم نصف النَّهَار وَقَالَ الرَّازِيّ: هُوَ زمَان القيلولة أَو مَكَانهَا وَهِي الفردوس فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأحسن مقيلا} والمأوى، بِفَتْح الْوَاو كَقَوْلِه تَعَالَى {فَإِن الْجنَّة هِيَ المأوى} إِلَّا مأوى الْإِبِل فَإِنَّهُ بِالْكَسْرِ سَمَاعا من الْعَرَب والمحط: الْمنزل والمخيم: مَوضِع الْإِقَامَة والمعسكر: مَكَان الْعَسْكَر والمعركة: مَكَان الْحَرْب ومواطن الْحَرْب: مواقعها، وَقد يُفَسر الموطن بِالْوَقْتِ كمقتل الْحُسَيْن والمرقد: مَكَان الرقاد والمرقب: مَكَان الديدبان والمربع: مَكَان الْحَيّ فِي الرّبيع والمدرس: مَكَان درس الْكتب والمحفل: مَكَان اجْتِمَاع الرِّجَال والمأتم: مَكَان اجْتِمَاع النِّسَاء والمجلس: مَكَان اسْتِقْرَار النَّاس فِي الْبيُوت والنادي لَا يُقَال إِلَّا لمجلس فِيهِ أَهله وَالْعَقار: الْمنزل فِي الْبِلَاد والضياع والمنزل فِي طلب الْكلأ، وَكَذَا المنجع [والمقبرة، بِفَتْح الْبَاء: مَكَان الْفِعْل وَبِضَمِّهَا: مُرَاد الْبقْعَة الَّتِي من شَأْنهَا أَن يقبر فِيهَا، أَي الَّتِي هِيَ متخذة لذَلِك، وَالتَّاء لإِرَادَة الْبقْعَة أَو الْمُبَالغَة] والمصطبة: مَكَان اجْتِمَاع الغرباء والماخور: الْموضع الَّذِي يُبَاع فِيهِ الْخمر والموسم: مَكَان سوق الحجيج والملحمة: هِيَ الْحَرْب وَمَوْضِع الْقِتَال الْمركب: كل مركب فَلهُ اعتباران: الْكَثْرَة والوحدة، فالكثرة بِاعْتِبَار أَجْزَائِهِ، والوحدة بِاعْتِبَار هَيئته الْحَاصِلَة فِي تِلْكَ الْكَثْرَة والأجزاء الْكَثِيرَة تسمى مَادَّة والهيئة الاجتماعية الْمُوَحدَة تسمى صُورَة والمركب: إِمَّا تَامّ أَو غير تَامّ، لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يَصح

السُّكُوت عَلَيْهِ أَي: يُفِيد الْمُخَاطب فَائِدَة تَامَّة فَلَا يكون مستتبعا للفظ آخر ينتظره الْمُخَاطب، وَإِمَّا أَن لَا يَصح ذَلِك كَمَا إِذا قيل: (زيد) فَبَقيَ الْمُخَاطب ينْتَظر فَائِدَة لِأَن يُقَال: قَائِم أَو قَاعد مثلا، بِخِلَاف مَا إِذا قيل: (زيد قَائِم) والمركب إِن صَحَّ السُّكُوت عَلَيْهِ فَكَلَام، فَإِن احْتمل الصدْق وَالْكذب فقضية وَخبر، وَإِلَّا فَإِن دلّ على طلب الْفِعْل أَو التّرْك مَعَ الاستعلاء فَأمر أَو نهي، أَولا مَعَه، فَإِن طلب من الله تَعَالَى فدعاء أَو لَا مِنْهُ مَعَ التَّوَاضُع فالتماس، أَو أَعم مِنْهُمَا فسؤال وَإِن لم يدل فباقي الإنشاءات كالتمني والترجي وَالْقسم والنداء وَإِن لم يَصح السُّكُوت عَلَيْهِ فتقييدي إِن أوجب قيدا أَو لَا فَغَيره والمركب أَعم من الْمُؤلف، إِذْ لَا بُد فِي التَّأْلِيف من نِسْبَة تحصل فَائِدَة تَامَّة مَعَ التَّرْكِيب والمفرد صَالح لِأَن يُرَاد بِهِ جَمِيع الْجِنْس وَأَن يُرَاد بِهِ بعضه إِلَى الْوَاحِد وَقد يُطلق الْمُفْرد وَيُرَاد بِهِ مَا يُقَابل الْمثنى وَالْمَجْمُوع، أَعنِي بِهِ الْوَاحِد وَقد يُطلق وَيُرَاد بِهِ مَا يُقَابل الْمُضَاف يُقَال: هَذَا مُفْرد أَي: لَيْسَ بمضاف وَقد يُطلق على مَا يُقَابل الْمركب وَهُوَ أَن لَا يدْخل جزؤه على جُزْء مَعْنَاهُ بِأَن لم يكن للفظ أَو للمعنى جُزْء كهمزة الِاسْتِفْهَام وَقد يُطلق على مَا يُقَابل الْمركب وَالْجُمْلَة فَيُقَال: هَذَا مُفْرد أَي: لَيْسَ بجملة والمفرد الْحَقِيقِيّ هُوَ أدنى الْجِنْس والحكمي جَمِيع الْجِنْس والمفرد عِنْد اصْطِلَاح الْمُحَقِّقين من النُّحَاة: هُوَ الملفوظ بِلَفْظ وَاحِد بِحَسب الْعرف إِذْ نظرهم فِي اللَّفْظ من حَيْثُ الْإِعْرَاب وَالْبناء وَيُرَاد بالمفرد فِي بَاب الْكَلِمَة مَا يُقَابل الْمركب وَفِي بَاب الْإِعْرَاب مَا لَيْسَ مثنى وَلَا مجموعا وَلَا من الْأَسْمَاء السِّتَّة وَفِي بَاب الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر مَا لَيْسَ بجملة وَلَا شبهها وَفِي بَاب المنادى مَا لَيْسَ مُضَافا وَلَا مشبها بِهِ والمفرد: إِمَّا أَن لَا يكون لَهُ جُزْء أصلا كهمزة الِاسْتِفْهَام كَمَا عرفت آنِفا، أَو يكون لَهُ جُزْء لَكِن لَا لمعناه كالنقطة، أَو يكون لَهُ جُزْء ولمعناه كَذَلِك لَكِن لَا يدل ذَلِك الْجُزْء من اللَّفْظ على جُزْء الْمَعْنى ك (زيد) أَو يكون لَهُ جُزْء وَدلّ ذَلِك على الْمَعْنى لَكِن لَا على جُزْء مَعْنَاهُ كَعبد الله علما، أَو يكون لَهُ جُزْء وَدلّ ذَلِك الْجُزْء على مَعْنَاهُ لَكِن لَا تكون دلَالَته عَلَيْهِ مُرَادة كالحيوان النَّاطِق علما والمفرد إِذا كَانَ صفة جَازَ أَن يُطَابق وَأَن يفرد كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا أول كَافِر بِهِ} والمفرد الْمُضَاف إِلَى الْمعرفَة للْعُمُوم، صَرَّحُوا بِهِ فِي الِاسْتِدْلَال على أَن الْأَمر للْوُجُوب فِي قَوْله تَعَالَى: {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره} أَي: عَن كل أَمر الله والمفرد الْمُعَرّف إِذا وَقع مُضَافا إِلَيْهِ الْكل فَهُوَ لاستغراق أَجْزَائِهِ، وَلَا يعم الْمُفْرد الْمُضَاف بِالْإِضَافَة [الْمثنى] : كل مثنى أَو مَجْمُوع فتعريفه بِاللَّامِ إِلَّا نَحْو: أبانين، وعمايتين، وعرفات، وَأَذْرعَات قَالَ ابْن الْحَاجِب فِي شرح هَذِه الْمَسْأَلَة: فَلَا

يكون مثنى أَو مجموعا من الْأَعْلَام إِلَّا وَفِيه الْألف وَاللَّام، هَذَا إِذا كَانَ فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى مثنى أَو مجموعا وَأما إِذا كَانَ فِي اللَّفْظ مثنى أَو مجموعا وَفِي الْمَعْنى مُفردا لم يدْخل فِيهِ الْألف وَاللَّام كَمَا فِي أبانين وَغَيره وَحقّ الْمثنى أَن تكون صِيغَة الْمُفْرد فِيهِ مَحْفُوظَة إِلَّا فِيمَا آخِره ألف، وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذا كَانَت ثَالِثَة ردَّتْ إِلَى أَصْلهَا نَحْو: عصوان، ورحيان وَإِن كَانَت رَابِعَة فَصَاعِدا لم تقلب إِلَّا يَاء نَحْو: حبليان، وأوليان وأخريان وَإِن كَانَت ممدودة للتأنيث كحمراء وصحراء قلبت واوا، وَمَا عَداهَا بَاقٍ على حَاله وَيجوز إِفْرَاد الْمُضَاف الْمثنى معنى إِذا كَانَ جُزْء مَا أضيف إِلَيْهِ نَحْو: (أكلت رَأس شَاتين) ، وَجمعه أَجود كَمَا فِي: {فقد صغت قُلُوبكُمَا} والتثنية مَعَ أصالتها قَليلَة وَإِن لم يكن الْمُضَاف جزأه فالأكثر مَجِيئه بِلَفْظ التَّثْنِيَة نَحْو: (سل الزيدان سيفيهما) وَإِن أَمن اللّبْس جَازَ جعل الْمُضَاف بِلَفْظ الْجمع وَمَا وحد من خلق الْإِنْسَان فتثنيته بِلَفْظ التَّثْنِيَة، وَكَذَا مَا كَانَ اثْنَيْنِ من وَاحِد ك (الْكَعْبَيْنِ) ، وَأما (مَا كَانَ وَاحِدًا من وَاحِد فتثنيته بِلَفْظ الْجمع ك (الْمرَافِق) وَالْعرب تجْعَل الِاثْنَيْنِ على لفظ الْجمع إِذا كَانَا متصلين وَلَا تَقول منفصلين مثل: (أفراسهما وغلمانهما) والمثنى: مَا دلّ على اثْنَيْنِ بِزِيَادَة فِي آخِره صَالح للتجريد وَعطف مثله عَلَيْهِ مثلا إِذا قلت: الزيدان، فقد دلّ على اثْنَيْنِ بِزِيَادَة فِي آخِره وَهِي الْألف وَالنُّون، وَيصْلح أَن يجرد من الزِّيَادَة فَيَعُود زيدا، وعَلى أَن أَحدهمَا عطف على مثله لِأَن الأَصْل فِيهِ زيد وَزيد وَأما التَّثْنِيَة فَهِيَ ضم وَاحِد إِلَى مثله بِشَرْط اتِّفَاق اللَّفْظَيْنِ والمعنيين أَو الْمَعْنى الْمُوجب للتثنية، هَكَذَا فرق النُّحَاة بَينهمَا والمثنى لَهُ إِعْرَاب يَخُصُّهُ، فيعرب بِالْألف فِي حَالَة الرّفْع وَفتح مَا قبل الْألف، وبالياء فِي حالتي النصب والجر وَفتح مَا قبلهَا، وَنون مَكْسُورَة فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة الْمَبْنِيّ: كل مَبْنِيّ حَقه أَن يبْنى على السّكُون إِلَّا أَن تعرض عِلّة توجب لَهُ الْحَرَكَة وَالَّتِي تعرض أُمُور: أَحدهَا اجْتِمَاع الساكنين مثل: (كَيفَ وَأَيْنَ) ثَانِيهَا: كَونه على حرف وَاحِد مثل الْبَاء الزَّائِدَة ثَالِثهَا: الْفرق بَينه وَبَين غَيره مثل: الْفِعْل الْمَاضِي بني على الْفَتْح لِأَنَّهُ ضارع بعض المضارعة، فَفرق بالحركة بَينه وَبَين مَا لم يضارع وَهُوَ فعل الْأَمر المواجه بِهِ وَبِنَاء بِالْأَصَالَةِ كبناء الْحَرْف وَالْفِعْل الْمَاضِي وَالْأَمر بِغَيْر اللَّام على أفْصح القَوْل، وَبِنَاء بالمطابقة كالأسماء المبنية، وَبِنَاء بالتبعية كالتوابع والمنادى فِي قَوْلك: يَا رجل ظريف، وَيَا زيد عَمْرو وإعراب بِالْأَصَالَةِ كإعراب الِاسْم، وإعراب بالتبعية كإعراب التوابع والمبني مَا لزم وَجها وَاحِدًا وَهُوَ جَمِيع الْحُرُوف وَأكْثر الْأَفْعَال وَهُوَ الْمَاضِي وَأمر الْمُخَاطب وَبَعض

الْأَسْمَاء نَحْو " (من وَكم وَكَيف وَأَيْنَ) وَمَا أشبه الْحَرْف ك (الَّذِي وَالَّتِي وَمن) و (مَا) فِي معنى الَّذِي أَو تضمن مَعْنَاهُ: وَالْبَاء لَازم فِيمَا ذكر وعارض فِي نَحْو: (غلامي) ، و (لَا رجل فِي الدَّار) ، و (يَا زيد) ، و (خَمْسَة عشر) وَمن الْأَفْعَال الْمُضَارع إِذا اتَّصل بِهِ ضمير جمَاعَة الْمُؤَنَّث نَحْو: (هَل يفعلن) ، وَنون التوكيد نَحْو: (هَل تفعلن) من: كل مَوضِع يَصح الْكَلَام فِيهِ بِدُونِ (من) ف (من) فِيهِ للتَّبْعِيض كَمَا فِي قَوْلك (أخذت من الدَّرَاهِم) و (أكلت من هَذَا الْخبز) وَلَو زيد (الْجيد) كَانَ (من) حِينَئِذٍ للْبَيَان وكل مَوضِع لَا يَصح الْكَلَام فِيهِ بِدُونِ (من) ف (من) فِيهِ صلَة زيدت لتصحيح الْكَلَام وَقَالَ بَعضهم: المبعضة مَا يَصح فِي موضعهَا (بعض) كَمَا فِي: (أخذت من الدَّرَاهِم) أَو يكون الْمَذْكُور قبلهَا لفظا أَو معنى بَعْضًا مِمَّا بعْدهَا كَقَوْلِك: (أخذت درهما من الدَّرَاهِم) وَلها مَسْلَك آخر غير مَعْهُود من أهل اللِّسَان وَهُوَ أَنَّهَا إِن تقدمها كلمة (مَا) كَانَت لتبعيض مَا قبلهَا، فَكَانَ وجودهَا وَعدمهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا بعْدهَا سَوَاء، وَإِن لم يتقدمها (مَا) كَانَت لتبعيض مَا بعْدهَا [وَفِي كل مَوضِع تمّ الْكَلَام بِنَفسِهِ وَلَكِن اشْتَمَل على ضرب إِبْهَام ف (من) للتمييز، وَإِلَّا فللتبعيض قَالَه الْعَلامَة الشَّيْخ النَّسَفِيّ] وَقَالَ السَّيِّد الشريف: (من) إِذا كَانَت للتَّبْعِيض يكون مَا قبلهَا أقل مِمَّا بعْدهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَقَالَ رجل مُؤمن من آل فِرْعَوْن} وَإِن كَانَت للتبيين يكون مَا قبلهَا أَكثر مِمَّا بعْدهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان} والبعضية الْمُعْتَبرَة فِي (من) التبعيضية هِيَ البعضية فِي الْأَجْزَاء لَا البعضية فِي الْأَفْرَاد خلاف التنكير الَّذِي يكون للتَّبْعِيض، فَإِن الْمُعْتَبر فِيهِ التَّبْعِيض فِي الْأَفْرَاد لَا فِي الْأَجْزَاء وَقد صرح الزَّمَخْشَرِيّ فِي مَوَاضِع من " الْكَشَّاف " بِأَنَّهُ قد يقْصد بالتنكر الدّلَالَة عيلى البعضية فِي الْأَجْزَاء، مِنْهَا مَا ذكره فِي قَوْله تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} وَالْحق مَا قَالَه الشَّيْخ سعد الدّين: وَهُوَ أَن البعضية الَّتِي تدخل عَلَيْهَا (من) هِيَ البعضية الْمُجَرَّدَة المنافية للكلية لَا البعضية الَّتِي هِيَ أَعم من أَن تكون فِي ضمن الْكُلِّي أَو بِدُونِهِ لِاتِّفَاق النُّحَاة على ذَلِك، حَيْثُ احتاجوا إِلَى التَّوْفِيق بَين قَوْله تَعَالَى: (يغْفر لكم من ذنوبكم} وَبَين قَوْله: {إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا} إِلَى أَن قَالُوا: لَا يبعد أَن يغْفر جَمِيع الذُّنُوب لقوم وَبَعضهَا لقوم وَلم يذهب أحد إِلَى أَن التَّبْعِيض لَا يُنَافِي الْكُلية، [قَالَ الْأَخْفَش: كلمة (من) فِي قَوْله تَعَالَى: {يغْفر لكم من ذنوبكم} زَائِدَة وَإِلَّا لتناقضت هَذِه الْآيَة لقَوْله تَعَالَى: {إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا} ومحمولة على الْبَعْض عِنْد سَائِر النُّحَاة وَهُوَ الْحق، لِأَن زِيَادَة (من) فِي الْوَاجِب لَا يجوز عِنْد الْعَرَب، دلّ عَلَيْهِ انْتِفَاء صِحَة قَوْلهم: مَاتَ من رجل، ومورد الْآيَة الأولى قوم

سيدنَا نوح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، ومورد الثَّانِيَة أمة سيدنَا ومولانا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا تنَاقض وَلَو سلم اتحادهما فَمَا الْمَانِع من أَن يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا لبَعْضهِم وَيغْفر بَعْضًا لبَعْضهِم، إِذْ من الذُّنُوب مَا لَا يغْفر بِالْإِيمَان كذنوب الْمَظَالِم وَنَحْوهَا وَلَفْظَة (من) للابتداءات الْمَخْصُوصَة لَا بأوضاع مُتعَدِّدَة حَتَّى يلْزم كَونه مُشْتَركا بل بِوَضْع وَاحِد عَام وَلَفْظَة الِابْتِدَاء مَوْضُوع لمُطلق الِابْتِدَاء] (وَجِيء فِي {يغْفر لكم} فِي الْقُرْآن ب (من) فِي خطاب الْكَفَرَة دون الْمُؤمنِينَ مثل: {يغْفر لكم ذنوبكم} فِي خطاب الْمُؤمنِينَ فِي " الْأَحْزَاب " وَفِي " الصَّفّ " {وَيغْفر لكم من ذنوبكم} فِي خطاب الْكفَّار فِي " نوح " وَفِي " إِبْرَاهِيم " وَفِي " الْأَحْقَاف " وَمَا ذَاك إِلَّا للتفرقة بَين الخطابين لِئَلَّا يسوى بَين الْفَرِيقَيْنِ فِي الْوَعْد) و (من) لابتداء الْغَايَة غَالِبا فِي الْمَكَان اتِّفَاقًا نَحْو: {من الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى} وَفِي الزَّمَان عِنْد الْكُوفِيّين نَحْو: {إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة} ، وَالصَّحِيح أَن (من) فِيهِ للتَّبْعِيض لِأَن النداء يَقع فِي بعض الْيَوْم، وَالْمرَاد بالغاية هُنَا جَمِيع الْمسَافَة إطلاقا لاسم الْجُزْء على الْكل إِذْ لَا معنى لابتداء النِّهَايَة وَمن غير الْغَالِب وُرُودهَا للتَّبْعِيض نَحْو: {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} والتبيين نَحْو: {أساور من ذهب} [والابتداء والتبيين أصلان لَا يعدل عَنْهُمَا إِلَى التَّبْعِيض بِغَيْر دَاع] وَالتَّعْلِيل نَحْو: {من غم أعيدوا فِيهَا} أَي لأَجله، كَذَا و (من ثمَّة) وَالْبدل نَحْو: {أرضيتم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا من الْآخِرَة} أَي بدلهَا والتنصيص على الْعُمُوم وَهِي الدَّاخِلَة على نكرَة لَا تخْتَص بِالنَّفْيِ نَحْو: (مَا فِي الدَّار من رجل) والفصل بَين المتضادين نَحْو: {وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح} ومرادفة الْبَاء نَحْو: {يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله} أَي بأَمْره ومرادفة (عَن) نَحْو: {قد كُنَّا فِي غَفلَة من هَذَا} أَي عَنهُ ومرادفة (فِي) نَحْو: {فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم} أَي فِي قوم، (و {إِذا نُودي للصَّلَاة} أَي: فِي الصَّلَاة) ومرادفة (عِنْد) نَحْو: {لن تغني عَنْهُم أَمْوَالهم وَلَا أَوْلَادهم من الله شَيْئا} أَي: عِنْد الله

ومرادفة (على) نَحْو: {نصرناه من الْقَوْم} أَي عَلَيْهِم وَتَكون لانْتِهَاء الْغَايَة نَحْو: (رَأَيْته من ذَلِك الْموضع) أَي: جعلته غَايَة للرؤية أَي: محلا للابتداء والانتهاء وَمِمَّا يشْهد بذلك أَن فعل الاقتراب كَمَا يسْتَعْمل ب (من) يسْتَعْمل أَيْضا ب (إِلَى) وَلم يذكر أحد فِي مَعَاني كلمة (إِلَى) أَن تكون لابتداء الْغَايَة، وَالْأَصْل أَن يكون الصلتان بِمَعْنى فَيحمل (من) على (إِلَى) فَعلم أَن المُرَاد بهَا انْتِهَاء الْغَايَة و (من) إِذا وَقع بعْدهَا (مَا) كَانَت بِمَعْنى (رُبمَا) وَعَلِيهِ خَرجُوا قَول سِيبَوَيْهٍ: " وَاعْلَم أَنهم مِمَّا يَجدونَ كَذَا " و (من) تسْتَعْمل فِيمَا ينْتَقل مثل: (أخذت مِنْهُ الدَّرَاهِم) و (عَن) تسْتَعْمل فِيمَا لَا ينْتَقل مثل: (أخذت عَنهُ الْعلم) وتجيء (من) للتجريد نَحْو: (لقِيت من زيد أسدا) وَتَكون فعل أَمر من: مان يَمِين وَمَتى كَانَ مَا قبل (من) البيانية نكرَة يكون مدخولها صفة لَهُ نَحْو: (رَأَيْت رجلا من قَبيلَة بني تَمِيم) وَمَتى كَانَ معرفَة يكون حَالا مِنْهُ نَحْو: {فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان} و (من) الَّتِي للابتداء لَا تكون إِلَّا فِي مُقَابلَة (إِلَى) وَبَيَان (من) الابتدائية هُوَ إِمَّا أَن يكون الِابْتِدَاء دَاخِلا فِي الِانْتِهَاء كَقَوْلِك: (لفُلَان عَليّ دِرْهَم من وَاحِد إِلَى الْعشْرَة) فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون الِابْتِدَاء والانتهاء داخلين فِي الحكم فَيكون الدِّرْهَم عشرَة، وَإِمَّا أَن يكون الِابْتِدَاء دَاخِلا دون الِانْتِهَاء فَيكون الدِّرْهَم تِسْعَة، أَو لَا يكونَانِ داخلين فِي الحكم فَيكون الدِّرْهَم ثَمَانِيَة وَقد تكون ابتدائية على سَبِيل الْعلية فَيكون مَا بعْدهَا أمرا باعثا على الْفِعْل الَّذِي قبلهَا فَيُقَال مثلا: (قعد من الْجُبْن) وَلَا يكون غَرضا مَطْلُوبا مِنْهُ إِلَّا إِذا صرح بِمَا يدل على التَّعْلِيل ظَاهرا كَقَوْلِك: (ضَربته من أجل التَّأْدِيب) بِخِلَاف اللَّام لِأَنَّهَا وَحدهَا تسْتَعْمل فِي كل مِنْهُمَا مَا: يسْأَل بهَا عَن الْجِنْس تَقول: (مَا عنْدك) أَي: أَي أَجنَاس الْأَشْيَاء عنْدك؟ وَجَوَابه: كتاب وَنَحْوه وَيدخل فِيهِ السُّؤَال عَن الْمَاهِيّة والحقيقة نَحْو: (مَا الْكَلِمَة) أَي: أَي أَجنَاس الْأَلْفَاظ؟ وَجَوَابه: لفظ مُفْرد مَوْضُوع و (مَا الِاسْم) أَي: أَي أَجنَاس الْكَلِمَات هُوَ؟ وَجَوَابه: الْكَلِمَة الدَّالَّة على معنى فِي نَفسهَا غير مقترنة بِأحد الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة أَو عَن الْوَصْف، تَقول: (مَا زيد) وَجَوَابه: الْكَرِيم وَنَحْوه و (مَا) حَيْثُ وَقعت قبل (لَيْسَ) أَو (لم) ، أَو (لَا) ، أَو بعد (إِلَّا) فَهِيَ مَوْصُولَة وَحَيْثُ وَقعت بعد كَاف التَّشْبِيه فَهِيَ مَصْدَرِيَّة وَحَيْثُ وَقعت بعد الْبَاء تحتملهما نَحْو: {بِمَا كَانُوا يظْلمُونَ} وَحَيْثُ وَقعت بعد فعلين سابقهما علم أَو دراية أَو نظر تحْتَمل الموصولية والاستفهامية والمصدرية

وَحَيْثُ وَقعت فِي الْقُرْآن قبل (إِلَّا) فَهِيَ نَافِيَة إِلَّا فِي ثَلَاثَة عشر موضعا ذكرهَا صَاحب " الإتقان " وَقد نظمت فِيهِ: (لضابط مَا فاسمع مقَالا منظما ... ولاتك فِي ضبط الْقَوَاعِد غافلا) (إِذا وَقعت مَا قبل لَيْسَ وَلَا وَلم ... كَذَا بعد إِلَّا فَهِيَ مَوْصُولَة بِلَا) (وَلَو وَقعت فِي وسط فعلين مِنْهُمَا ... لَهَا نظر علم دراية أَولا) (فموصولة سمها سوى المصدرية ... كَذَاك بالاستفهام سمها بِلَا وَلَا) (وَمَا بعد كَاف الشّبَه تصديرها بدا ... وَمَا بعد بَاء يحتملها وموصلا) (وَمَا قبل إِلَّا فَهِيَ نَافِيَة سوى ... مَوَاضِع يج فِي النُّور إِن شِئْت رتلا) مَا الْإِثْبَات نَحْو: {لَا أعبد مَا تَعْبدُونَ} مَا النَّفْي نَحْو: {مَا أُرِيد مِنْهُم من رزق} مَا الْجحْد نَحْو: {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} مَا الواقفة نَحْو: {مَا داموا فِيهَا} مَا الصِّلَة نَحْو: {جند مَا هُنَالك} مَا الاستفهامية نَحْو: {وَمَا تِلْكَ بيمينك} مَا الموصولة نَحْو قَوْله تَعَالَى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر} أَي: بِمَا تُؤمر بالصدع بِهِ وَفِي بعض الْمُعْتَبرَات لم يَأْتِ فِي الْقُرْآن إِثْبَات الْعَائِد إِلَّا فِي ثَلَاث آيَات وَهِي: {كَالَّذي يتخبطه الشَّيْطَان من الْمس} ، {كَالَّذي استهوته الشَّيَاطِين} ، {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه} مَا الشّرطِيَّة نَحْو: {مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة} مَا التَّعَجُّب نَحْو: {فَمَا أصبرهم على النَّار} وَمَا النافية إِذا دخلت الْأَسْمَاء تكون لنفي المعارف كثيرا والنكرات قَلِيلا وَلَا النافية إِذا دخلت الْأَسْمَاء تكون بِالْعَكْسِ مَعَ تَكْرِير (لَا) ، وَإِذا دخلتا الْأَفْعَال ف (مَا) لنفي الْحَال عِنْد الْجُمْهُور و (لَا) لنفي الِاسْتِقْبَال عِنْد الْأَكْثَرين (مَا لنفي مَا فِي الْحَال لَا غير، و (لَا) قد تكون لنفي الْمَاضِي نَحْو: {فَلَا صدق وَلَا صلى} ، فَلَمَّا كَانَت (مَا) ألزم لنفي مَا فِي الْحَال كَانَت أوغل فِي الشّبَه (لَيْسَ) من (لَا) ، فَلذَلِك قل اسْتِعْمَال (لَا) بِمَعْنى لَيْسَ وَكثر اسْتِعْمَال (مَا) وَكَانَت لذَلِك أَعم تَصرفا حَيْثُ تعْمل فِي الْمعرفَة والنكرة نَحْو:

(مَا زيد قَائِما) ، و (مَا أحد مثلك) و (لَا) لَيْسَ لَهَا عمل إِلَّا فِي النكرَة مَا الاسمية تكون نَاقِصَة نَحْو: {مَا عِنْد الله بَاقٍ} وَتَكون تَامَّة وَهِي نَوْعَانِ: عَامَّة نَحْو: {إِن تبدوا الصَّدقَات فَنعما هِيَ} أَي: فَنعم الشَّيْء هِيَ، وَهِي الَّتِي لم يتقدمها اسْم وخاصة: وَهِي الَّتِي تقدمها اسْم، وتقدر من لفظ ذَلِك الِاسْم نَحْو: (غسلته غسلا نعما) أَي: نعم غسلا وَتَكون نكرَة مَوْصُوفَة متضمنة معنى الْحَرْف نَحْو: {مَا لَوْنهَا} وَتَكون شَرْطِيَّة غير زمانية نَحْو: {مَا ننسخ من آيَة} وزمانية نَحْو: {فَمَا استقاموا لكم} أَي: اسْتَقِيمُوا لَهُم مُدَّة استقامتهم لكم مَا الْحَقِيقَة: هِيَ الَّتِي يسْأَل بهَا عَن الْحَقِيقَة وَمَا الشارحة: هِيَ الَّتِي يسْأَل بهَا عَن الْمَفْهُوم و (مَا) فِي مثل: (أَعْطِنِي كتابا مَا) إبهامية، وَهِي الَّتِي إِذا اقترنت باسم نكرَة أبهمت إبهاما وزادته شياعا وعموما أَي: أَي كتاب كَانَ، أَو صفة للتَّأْكِيد كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فبمَا نقضهم ميثاقهم} وَيتَفَرَّع على الْإِبْهَام الحقارة نَحْو: (أعْطه شَيْئا مَا) والفخامة نَحْو: (لأمر مَا يسود من يسود) إِذا لم تجْعَل مَصْدَرِيَّة والنوعية مثل: (اضربه ضربا مَا) وَفِي الْجُمْلَة يُؤَكد بهَا مَا أَفَادَهُ تنكير الِاسْم قبلهَا وَمَا الحرفية تكون نَافِيَة وَإِن دخلت على الْجُمْلَة الاسمية أعملها الحجازيون والتهاميون والنجديون عمل (لَيْسَ) بِشُرُوط مَعْرُوفَة نَحْو: {مَا هَذَا بشرا} وَتَكون مَصْدَرِيَّة غير زمانية نَحْو: {ودوا مَا عنتم} وزمانية نَحْو: {مَا دمت حَيا} وَتَكون زَائِدَة وَهِي نَوْعَانِ كَافَّة وَغير كَافَّة، فالكافة إِمَّا كَافَّة عَن عمل الرّفْع وَهِي الْمُتَّصِلَة ب (قل) و (طَال) و (كثر) وَأما الكافة عَن عمل النصب وَالرَّفْع وَهِي الْمُتَّصِلَة بإن وَأَخَوَاتهَا نَحْو: {إِنَّمَا الله إِلَه وَاحِد} وَأما الكافة عَن عمل الْجَرّ فَهِيَ تتصل بأحرف وظروف، فالأحرف: رب وَالْكَاف وَالْبَاء وَمن والظروف: بعد وَبَين وَغير الكافة عوض وَغير عوض، فالعوض كَمَا فِي: (مَا أَنْت مُنْطَلقًا انْطَلَقت) وَغير الْعِوَض يَقع بعد الرافع نَحْو: (شتان مَا زيد وَعَمْرو) وَبعد الناصب والرافع نَحْو: (ليتما زيد قَائِم) وَبعد الْخَافِض نَحْو: {فبمَا رَحْمَة من الله لنت لَهُم} ، و {عَمَّا قَلِيل} ، و {مِمَّا خطيئاتهم أغرقوا}

وتزاد مَعَ أدوات الشَّرْط نَحْو: (إذما مَا تخرج أخرج) و (مَتى مَا تذْهب أذهب) ، و (أَيْنَمَا تجْلِس أَجْلِس) ، {فإمَّا تَرين من الْبشر أحدا} و (مَا) فِي قَوْله تَعَالَى: {مَال هَذَا الرَّسُول يَأْكُل} استفهامية وَعلة وُقُوع اللَّام مُنْفَصِلَة فِي الْمُصحف أَنه كتب على لفظ المملي، قَالَ الْفراء: أَصله: مَا بَال هَذَا (ثمَّ حذفت (با) فَبَقيت مُنْفَصِلَة) وَقيل: أصل حُرُوف الْجَرّ أَن تَأتي مُنْفَصِلَة عَمَّا بعْدهَا نَحْو: من وَعَن وعَلى، فَأتى مَا هُوَ على حرف على قِيَاس مَا هُوَ على حرفين وَمثله: {فَمَال هَؤُلَاءِ الْقَوْم} و (مَا) فِي (مَا دَامَ) مَصْدَرِيَّة فِي مَوضِع نصب على الظّرْف، وَفِي بَاقِي أخواتها حرف نفي، وَمعنى جَمِيعهَا الدَّوَام والثبات وَمَا الموصولة مَعَ الصِّلَة معرفَة، وبدونها نكرَة و (مَا) ك (من) بِالْفَتْح فِي أَنَّهَا إِذا كَانَت شَرْطِيَّة أَو استفهامية تكون عَامَّة غير مُعْتَبر فِي عمومها الِانْفِرَاد كَمَا فِي (كل) وَلَا الِاجْتِمَاع كَمَا فِي (جَمِيع) لَا إِن كَانَت مَوْصُولَة فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تكون عَامَّة قطعا و (مَا) فِي (مَاذَا) اسْتِفْهَام و (ذَا) إِمَّا إِشَارَة نَحْو: (مَاذَا الْوُقُوف) أَو مَوْصُولَة أَو كلمة اسْتِفْهَام على التَّرْكِيب كَقَوْلِك: (لماذا جِئْت) ؟ أَو كلمة اسْم جنس بِمَعْنى شَيْء أَو الَّذِي، أَو مَا زَائِدَة وَذَا إِشَارَة، أَو اسْتِفْهَام وَذَا زَائِدَة كَمَا فِي: (مَاذَا صنعت) ؟ وَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِذْ أَوْحَينَا إِلَى أمك مَا يُوحى} لَيْسَ ك (مَا) فِي قَوْله: {فغشيهم من اليم مَا غشيهم} {فَأوحى إِلَى عَبده مَا أوحى} أَعنِي التفخيم، بل هُوَ مثل: (هَذَا مِمَّا يحفظ) أَي: مِمَّا يجب أَن يحفظ، فَمَعْنَى مَا يُوحى: مَا يجب أَن يُوحى (وَهُوَ قذفه فِي التابوت وقذفه فِي اليم) إِذْ لَا سَبِيل إِلَى [معرفَة قذف سيدنَا مُوسَى فِي التابوت وقذفه فِي اليم] سوى الْوَحْي، وإنقاذ نَبِي من عَدو غوي مصلحَة لَا يَلِيق الْإِخْلَال بهَا من، بِالْفَتْح: هِيَ صَالِحَة لكل من يعقل و " مَا " صَالِحَة لكل مَا لَا يعقل من غير حصر وَالْمرَاد بالصلاحية التَّنَاوُل لأفراده دفْعَة لَا على سَبِيل الْبَدَل كالنكرة فِي الْإِثْبَات، فَإِنَّهَا فِي حَال الْإِفْرَاد تتَنَاوَل كل فَرد فَرد، بَدَلا عَن الآخر، وَفِي حَال التَّثْنِيَة تتَنَاوَل كل اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وَفِي حَال الْجمع تتَنَاوَل كل جمع جمع تنَاول بدل لَا شُمُول وَالْأَكْثَرُونَ على أَن (مَا) تعم الْعُقَلَاء وَغَيرهم قَالَ بَعضهم: وَالْغَالِب فِي اسْتِعْمَال (من) فِي الْعَالم عكس (مَا) ونكتته أَن (مَا) أَكثر وقوعا فِي الْكَلَام من (من) ، وَمَا لَا يعقل أَكثر مِمَّن يعقل، فأعطوا مَا كثرت صفته للتكثير وَمَا قلت للتقليل للمشاكلة وَفِي " أنوار التَّنْزِيل ": (مَا) يسْأَل بِهِ عَن كل شَيْء مَا لم يعرف فَإِذا عرف خص الْعُقَلَاء ب (من) إِذا سُئِلَ عَن تَعْيِينه، وَإِذا سُئِلَ عَن وَصفه قيل: (مَا زيد أفقيه أم طَبِيب؟) وَلما اسْتعْمل (مَا) للعقلاء كَمَا

اسْتعْمل لغَيرهم كَانَ اسْتِعْمَال حَيْثُ اجْتمع القبيلان أولى من إِطْلَاق (من) تَغْلِيبًا للعقلاء وَقد يكون (مَا) و (من) للخصوص وَإِرَادَة الْبَعْض، وَقد يستعار أَحدهمَا للْآخر نَحْو: {فَمنهمْ من يمشي على بَطْنه} ، {وَالسَّمَاء وَمَا بناها} وَإِذا اسْتعْمل (مَا) فِي ذَوي الْعُقُول يُرَاد الْوَصْف كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء} وَاسْتدلَّ على إِطْلَاق (مَا) على ذَوي الْعُقُول بإطباق أهل الْعَرَبيَّة على صِحَة قَوْلهم (من) لما يعقل من غير تجوز فِي ذَلِك، حَتَّى لَو قيل لمن يعقل كَانَ لَغوا من الْكَلَام بِمَنْزِلَة أَن يُقَال لذِي عقل: عَاقل قَالَ بَعضهم (من) عَامَّة لذوات من يعقل قطعا إِن كَانَت شَرْطِيَّة أَو استفهامية، لَا إِن كَانَت مَوْصُولَة أَو مَوْصُوفَة فإئها حِينَئِذٍ لَا تكون عَامَّة قطعا، أما الموصولة فَإِنَّهَا قد تكون للخصوص وَإِرَادَة الْبَعْض نَحْو: {وَمِنْهُم من يَسْتَمِعُون إِلَيْك وَمِنْهُم من ينظر إِلَيْك} فَإِن المُرَاد بعض مَخْصُوص من الْمُنَافِقين وإفراد الضَّمِير وَجمعه بِاعْتِبَار اللَّفْظ وتعددهم معنى وَأما الموصوفة فَإِنَّهَا فِي الْمَعْنى نكرَة وتخص (من) إِذا لحقه لفظ أول لِأَن الأول اسْم لفرد سَابق، فَإِذا قَالَ: (من دخل الْحصن أَولا) فَهُوَ تَصْرِيح بالخصوص فيرجح معنى الْخُصُوص و (مَا) ك (من) فِي جَمِيع مَا ذكر لكنه لصفات من يعقل وَذَوَات غَيرهم، كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول وَقَالَ بَعضهم: (من) للعاقل وَقد يَقع لغيره قيل مُطلقًا، وَالصَّحِيح أَنه إِذا اخْتَلَط بالعاقل و (مَا) لغير الْعَاقِل وَقد يُطلق على الْعَاقِل قيل مُطلقًا وَقيل إِذا اخْتَلَط وَيُطلق أَيْضا على الْعَاقِل إِذا جهل أذكر أم أُنْثَى وَقد يصنع هَذَا فِي (من) الموصوفة إِذْ لَا تَخْصِيص فِيهَا بِخِلَاف الموصولة لِأَن وَضعهَا على أَن لَا تخصص بمضمون الصِّلَة وَتَكون معرفَة بهَا وَمن اسْتِعْمَال الْقُرْآن أَن (من) مَوْصُوفَة عِنْد إِرَادَة الْجِنْس وموصولة عِنْد إِرَادَة الْعَهْد و (من) فِي الشَّرْط والاستفهام تعم عُمُوم الِانْفِرَاد، وَفِي الْخَبَر تعم عُمُوم الاشتمال، حَتَّى لَو قَالَ: (من زارني فأعطه درهما) ، يسْتَحق كل من زَارَهُ الْعَطِيَّة وَلَو قَالَ: (أعْط من فِي هَذِه الدَّار درهما) اسْتحق الْكل درهما وَمن الشّرطِيَّة نَحْو {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} والاستفهامية نَحْو: {من ذَا الَّذِي يعصمكم من الله} والموصولة نَحْو: {لله يسْجد من فِي السَّمَوَات} و (من) فِي قَوْله: (مَرَرْت بِمن معجب لَك) نكرَة مَوْصُوفَة أَي بِإِنْسَان معجب لَك وَقد تدخل (رب) على (من) دون (أَي) و (من) تدْخلهَا الْألف وَاللَّام وياء النِّسْبَة فِي الْحِكَايَة بِخِلَاف (أَي) ، و (أَي) قد يُوصف بهَا بِخِلَاف (من) ، (وَقد تكون من فِي معنى اثْنَيْنِ كَمَا

فِي قَوْله: نَكُنْ مثل من يَا ذِئْب يصطحبان) و (من) إِنَّمَا تذكر وتؤنث بِاعْتِبَار مدلولها وإبهامه وشيوعه كالمشترك، وَأما لفظ (من) فَلَيْسَ إِلَّا مذكرا (وَمَا) كَذَلِك وَكلمَة (من) مَفْتُوحًا نَص فِي الْعُمُوم، ومكسورا وَإِن كَانَت للتَّبْعِيض إِلَّا أَنَّهَا تحمل على التَّمْيِيز وَالْبَيَان فِي مَوضِع الْإِبْهَام كَمَا فِي (من شِئْت من نسَائِي طَلاقهَا فَطلقهَا) حَتَّى يجوز أَن يُطَلِّقهُنَّ جَمْعَاء عِنْد أبي يُوسُف وَمُحَمّد، وَأما عِنْد أبي حنيفَة يعم الْكل إِلَّا وَاحِدَة مِنْهُنَّ لِأَن كلمة (من) مَفْتُوحًا للتعميم والإحاطة فِيمَا يُرَاد بِهِ وَيذكر فِي صلته بِشَهَادَة النَّقْل والاستعمال ومكسورا للتَّبْعِيض حَقِيقَة إِذا قرنت بِمَا فِيهِ تعدد وشمول على مَا يشْهد بِهِ الِاسْتِعْمَال، وَإِنَّمَا يسْتَعْمل فِي الْبَيَان والتمييز لما فِيهِ من معنى التَّمْيِيز فِي الْجُمْلَة، وَقد جمع الْمُتَكَلّم بَينهمَا فَوَجَبَ الْعَمَل بحقيقتها فَيَقَع الطَّلَاق على أَكثر من وَاحِد عملا بِالْعُمُومِ وَلَا يَقع على الْكل عملا بالخصوص، وَإِنَّمَا تعين الْوَاحِد لِأَنَّهُ الْأَقَل الْمُتَيَقن وَاخْتلف فِي (من) هَل بتناول الْأُنْثَى؟ فعندنا لَا يتَنَاوَلهُ خلافًا للشَّافِعِيَّة و (من) يثنى وَيجمع فِي الْحِكَايَة كَقَوْلِه: منان ومنون مَعَ: اسْم، (وَقد يسكن وينون) ، أَو حرف خفض، أَو كلمة تضم الشَّيْء إِلَى الشَّيْء ظرف بِلَا خلاف فَإِنَّهُ مُضَاف إِلَى أحد المتصاحبين وَهُوَ لإِثْبَات المصاحبة ابْتِدَاء كَمَا أَن الْبَاء لاستدامتها وَأما: {وَأسْلمت مَعَ سُلَيْمَان} فثمة يحمل على التَّخْصِيص للصارف من الْحمل على الْحَقِيقَة، أَو الْمَعْنى أسلمت مصاحبة بِسُلَيْمَان وَهُوَ فِي الْقُرْآن لمعان: للقران وَهُوَ الأَصْل نَحْو: {وَإِذا كَانُوا مَعَه على أَمر} وَله وللحوق أَيْضا نَحْو: {هَذَا ذكر من معي وَذكر من قلبِي} وَبِمَعْنى " بعد " نَحْو: {وَدخل مَعَه السجْن فتيَان} وَبِمَعْنى " عِنْد " نَحْو: {مُصدقا لما مَعكُمْ} وَبِمَعْنى " الْعلم " نَحْو: {وَهُوَ مَعَهم إِذْ يبيتُونَ} [وَقَوله تَعَالَى: {إِن الله مَعَ الصابرين} أَي لَا يُفَارق قُلُوبهم وهم فِي ذكره فَيكون بِمَعْنى شُهُود الْقلب وَبِمَعْنى الْمُتَابَعَة نَحْو: {وَطَائِفَة من الَّذين مَعَك}

وَبِمَعْنى شُهُود الصُّورَة نَحْو: {ألم نَكُنْ مَعكُمْ} وَبِمَعْنى شُهُود الْقلب نَحْو: {إِنَّا مَعكُمْ} وَبِمَعْنى شهودهما مَعًا نَحْو: {وَالَّذين مَعَه} والمعية الشرفية كشخصين متساويين فِي الْفَضِيلَة والمعية بالرتبة كنوعين مُتَقَابلين تَحت جنس وَاحِد وشخصين متساوين فِي الْقرب إِلَى الْمِحْرَاب والمعية بِالذَّاتِ كجرمين متقومين لماهية وَاحِدَة فِي رُتْبَة وَاحِدَة والمعية بالعلية كعلتين لمعلولين شخصيين عَن نوع وَاحِد، وَلَا تدخل " مَعَ " إِلَّا على الْمَتْبُوع وَيَقْتَضِي معنى النُّصْرَة وَأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ لفظ مَعَ الْمَنْصُور نَحْو: {لَا تحزن إِن الله مَعنا} ، {إِن الله مَعَ الَّذين اتَّقوا} وَنَحْو ذَلِك كثير (فِي النّظم الْمُبين) وَإِن سكنت عينه كَانَ حرفا، وَإِن فتحت وأضيفت كَانَ ظرفا، وَإِن فتحت ونونت كَانَ اسْما وَكُنَّا مَعًا: أَي جَمِيعًا وَفِي حِكَايَة سِيبَوَيْهٍ: ذهبت من مَعَه وَإِذا قيل: جَاءَ زيد وَعَمْرو كَانَ إِخْبَارًا عَن (اشتراكهما فِي الْمَجِيء على احْتِمَال أَن يكون فِي وَقت وَاحِد أَو سبق أَحدهمَا وَإِذا قيل: جَاءَ زيد مَعَ عَمْرو، كَانَ إِخْبَارًا عَن) مجيئهما متصاحبين وَبَطل تَجْوِيز الِاحْتِمَالَيْنِ الآخرين وَيُقَال: (رجل إمعة) أَي من شَأْنه أَن يَقُول لكل أحد: أَنا مَعَك مَتى: من الظروف الزمانية المتضمنة للشّرط الجازمة للْفِعْل وَقد يكون خَبرا وَالْفِعْل الْوَاقِع بعده مُبْتَدأ على تَنْزِيله منزلَة الْمصدر كَقَوْل صَاحب " الْهِدَايَة ": مَتى يصير مُسْتَعْملا أَي: صَيْرُورَته مُسْتَعْملا فِي أَي زمَان وَمَتى لتعميم الْأَوْقَات فِي الِاسْتِقْبَال بِمَعْنى أَن الحكم الْمُعَلق بِهِ يعم كل وَقت من أَوْقَات وُقُوع مَضْمُون الْجَزَاء و (مَتى مَا) أَعم من ذَلِك وأشمل، وَرُبمَا يجْرِي فِي " مَتى " من التَّخْصِيص مَا لَا يجْرِي فِي " مَتى مَا "، وَقد يشبه مَتى بإذا فَلم يجْزم، كَمَا يشبه إِذا بمتى فِي قَوْله: " إِذا أخذتما مضاجعكما فَكَبرَا أَرْبعا وَثَلَاثِينَ " وَفِي " الْكرْمَانِي ": يجوز الْجَزْم بإذا وَالِاسْم بعد " مَتى " يَقع مَرْفُوعا تَارَة ومجرورا أُخْرَى، وَالْفِعْل بعْدهَا يَقع مَرْفُوعا أَو مَجْزُومًا وَمَعْنَاهَا مُخْتَلف باخْتلَاف أحوالها و" مَتى " إِذا أطلق يُفِيد الْجُزْئِيَّة و " كلما " إِذا أطلق يُفِيد الْكُلية وَمَتى الشّرطِيَّة للزمان الْمُبْهم، وَلما لَا يتَحَقَّق وُقُوعه و" إِذا " الشّرطِيَّة للزمان الْمعِين وَلما لَا يتَحَقَّق وُقُوعه و" مَتى " للزمان فِي الِاسْتِفْهَام وَالشّرط نَحْو: " مَتى تقوم "، و " مَتى تقم أقِم " و" أَيْن " للمكان فيهمَا نَحْو: " أَيْن كنت تجْلِس أَجْلِس " و " حَيْثُمَا " للمكان فِي الشَّرْط فَقَط نَحْو: " حَيْثُمَا تجْلِس أَجْلِس " ولكونه أَدخل فِي الْإِبْهَام لم يصلح

للاستفهام وَتقول الْعَرَب: " أخرجه من مَتى كمه " بِمَعْنى وسط كمه و (المتى) : هُوَ حُصُول الشَّيْء فِي الزَّمَان، ككون الْكُسُوف فِي وَقت كَذَا [وَهُوَ إِحْدَى المقولات] مهما: كلمة تسْتَعْمل للشّرط وَالْجَزَاء، قيل هِيَ بسيطة وَقيل هِيَ مركبة أَصْلهَا " ماما " ضمت إِلَى " مَا " الجزائية " مَا " المزيدة للتَّأْكِيد كَمَا ضمت إِلَى " أَيْن " فِي {أَيْنَمَا تَكُونُوا} خلا أَن الْألف الأولى قلبت هَاء حذرا من تَكْرِير المتجانسين، وَلها ثَلَاثَة معَان: الأول: مَا لَا يعقل غير الزَّمَان مَعَ تضمن معنى الشَّرْط نَحْو: {مهما تأتنا بِهِ من آيَة} وَالثَّانِي: الزَّمَان وَالشّرط فَتكون ظرفا لفعل الشَّرْط كَقَوْلِه: وَإنَّك مهما تعط بَطْنك سؤله وَالثَّالِث: الِاسْتِفْهَام نَحْو: (مهما لي اللَّيْلَة مهماليه ... أودى بنعلي وسرباليه) (ومحلها الرّفْع بِالِابْتِدَاءِ أَو النصب بِفعل يفسره) الْمَاضِي: هُوَ مَا وضع لحَدث سبق والمضارع: مَا وضع لحاضر أَو مُسْتَقْبل بِزِيَادَة أحد حُرُوف " أتين " على الْمَاضِي والغابر: يسْتَعْمل بِمَعْنى الْمَاضِي والمستقبل بالاشتراك وكل مَاض يسند إِلَى التَّاء أَو النُّون فَإِنَّهُ يسكن آخِره ويحذف مَا قبله من حُرُوف الْعلَّة، فَإِن كَانَ على " فعل " بِضَم الْعين ك " طَال " فَإِن أَصله " طول " بِدَلِيل (طَوِيل) ، أَو " فعل " بِكَسْرِهَا ك " خَافَ " فَإِن أَصله " خوف " بِدَلِيل (يخَاف) فتقلب حَرَكَة ذَلِك الْحَرْف لالتقائه سَاكِنا مَعَ آخر الْفِعْل الْمسكن للإسناد وَإِن كَانَ على " فعل " ك " كَانَ وَبَاعَ " فَفِيهِ خلاف مَذْكُور فِي مَحَله والماضي كالمضارع فِي الثَّنَاء وَالدُّعَاء فِي لُغَة الْعَرَب، يَقُولُونَ: (مَاتَ فلَان رَحمَه الله، وَغفر الله لَهُ) والماضي جعل للإنشاء كثيرا كَمَا فِي " بِعْت " و " زوجت " وَلم يَجْعَل الْمُضَارع للإنشاء إِلَّا فِي الثَّنَاء والأيمان وَالدُّعَاء، والايمان لما عرف فِي " أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله " وَفِي " أشهد أَن لفُلَان حَقًا " والمضارع حَقِيقَة فِي الْحَال عِنْد الْفُقَهَاء، ومشترك بَين الْحَال والاستقبال فِي الْعرف والمقابل للماضي هُوَ الْمُضَارع لَا الْمُسْتَقْبل، وَالْأَفْعَال الْوَاقِعَة بعد " إِلَّا " و " لما " مَاضِيَة فِي اللَّفْظ مُسْتَقْبلَة فِي الْمَعْنى، لِأَنَّك إِذا قلت: " عزمت عَلَيْك لما فعلت " لم يكن قد فعل وَإِنَّمَا طلبت فعله وَأَنت تتوقعه والماضي بِمَعْنى الْمُسْتَقْبل نَحْو: {أَتَى أَمر الله} وَيكون فِي بَاب الْجَزَاء، يُقَال: كَيفَ أعظ من

لَا يقبل موعظتي؟ أَي: من لَا يقبل وَالتَّعْبِير عَن الْمَاضِي بالمضارع وَعَكسه يعد من بَاب الِاسْتِعَارَة التّبعِيَّة على مَا حَقَّقَهُ السَّيِّد فِي حَوَاشِي " المطول " وتستعمل صِيغَة الْمَاضِي مُجَرّدَة عَن الدّلَالَة على الْحُدُوث كَمَا فِي قَوْلهم: سُبْحَانَ من تقدس عَن الأنداد وتنزه عَن الأضداد والماضي إِذا وَقع جَوَابا للقسم وَكَانَ من الْأَفْعَال المتصرفة فَلَا بُد من (قد) أَو (رُبمَا) ، وَلَا يكْتَفى فِي الصُّورَة الأولى ب (قد) إِلَّا للضَّرُورَة أَو إِذا طَال الْقسم، بل لَا بُد مَعَ (قد) من اللَّام وَإِذا كَانَ الْمَاضِي بعد (إِلَّا) فالاكتفاء بِدُونِ الْوَاو وَقد كثر نَحْو: (مَا لَقيته إِلَّا أكرمني) لِأَن دُخُول (إِلَّا) فِي الْأَغْلَب الْأَكْثَر على الْأَسْمَاء فَهُوَ بِتَأْوِيل إِلَّا مكرما، فَصَارَ كالمضارع الْمُثبت وَإِذا ورد الْمَاضِي مُجَردا من (قد) كَانَ مُبْهما فِي بعد الْمُضِيّ وقربه، وَإِذا اقْترن ب (قد) تخلص للقرب وَهَذَا شَبيه بإبهام الْمُضَارع عِنْد تجرده من الْقَرَائِن وتخلصه للاستقبال بِحرف التَّنْفِيس وَإِذا كَانَت الْجُمْلَة الفعلية الْوَاقِعَة حَالا منفية جَازَ حذف الْوَاو وإثباتها مضارعا كَانَ أَو مَاضِيا، تَقول: (جَاءَ زيد مَا تفوه ببنت شفة) و (جلس عَمْرو وَلم يتَكَلَّم) وَلَا يَأْتِي فِي الْمُضَارع (يفعل) بِالْكَسْرِ إِلَّا ويشركه (يفعل) بِالضَّمِّ إِذا كَانَ مُتَعَدِّيا مَا خلا (حبه يُحِبهُ) بِكَسْر الْعين فِي الْمُضَارع وقلما يَأْتِي النَّعْت من (فعل يفعل) بِكَسْر الْعين فِي الْمُضَارع على (فعيل) ، وَلم يَأْتِ اسْم فعل بِمَعْنى الْمُضَارع إِلَّا قَلِيلا نَحْو: (أُفٍّ وأوه) بِمَعْنى أتوجع [وينتصب الْفِعْل الْمُضَارع بِأَن مقدرَة بعد الْفَاء إِذا كَانَ مَا قبلهَا سَببا لما بعْدهَا بعد عدَّة أَشْيَاء مِنْهَا النَّفْي] والمضارع الْمُثبت إِذا وَقع جَوَابا للقسم لَا بُد فِيهِ من نون التَّأْكِيد كَقَوْلِه تَعَالَى: {تالله لأكيدن أصنامكم} وينتقل من الْمَاضِي إِلَى الْمُضَارع نَحْو: {وَالله الَّذِي أرسل الرِّيَاح فتثير سحابا} وَنَحْو: {خر من السَّمَاء فتخطفه الطير} وَمن الْمُضَارع إِلَى الْمَاضِي نَحْو: {وَيَوْم ينْفخ فِي الصُّور فَفَزعَ من فِي السَّمَاوَات} ، {وَترى الأَرْض بارزة وحشرناهم} كل ذَلِك لنكات بليغة حواها النّظم الْمُبين وَالْمرَاد بالتجدد فِي الْمَاضِي الْحُصُول وَفِي الْمُضَارع أَنه من شَأْنه أَن يتَكَرَّر وَيَقَع مرّة بعد أُخْرَى، وَبِهَذَا يَتَّضِح الْجَواب عَمَّا يَدُور فِي نَحْو: (علم الله كَذَا) ، وَكَذَا سَائِر الصِّفَات الدائمة الَّتِي يسْتَعْمل فِيهَا الْفِعْل الْمَعْنى: هُوَ إِمَّا (مفعل) كَمَا هُوَ الظَّاهِر من (عَنى يَعْنِي) إِذا قصد الْمَقْصد، وَإِمَّا مخفف (معنى) بِالتَّشْدِيدِ اسْم مفعول مِنْهُ أَي: الْمَقْصُود وأيا مَا كَانَ لَا يُطلق على الصُّور الذهنية من حَيْثُ هِيَ بل من حَيْثُ إِنَّهَا تقصد من اللَّفْظ وَالْمعْنَى مقول بالاشتراك على مَعْنيين:

الأول: مَا يُقَابل اللَّفْظ سَوَاء كَانَ عينا أَو عرضا وَالثَّانِي: مَا يُقَابل الْعين الَّذِي هُوَ قَائِم بِنَفسِهِ، وَيُقَال: هَذَا معنى أَي: لَيْسَ بِعَين سَوَاء كَانَ مَا يُسْتَفَاد من اللَّفْظ أَو كَانَ لفظا وَالْمرَاد بالْكلَام النَّفْسِيّ هُوَ هَذَا الْمَعْنى الثَّانِي وَهُوَ الْقَائِم بِالْغَيْر أَعم من أَن يكون لفظا أَو معنى لَا مَدْلُول اللَّفْظ كَمَا فهم أَصْحَاب الْأَشْعَرِيّ من كَلَامه: " الْكَلَام هُوَ الْمَعْنى النَّفْسِيّ " وَالْمعْنَى مُطلقًا: هُوَ مَا يقْصد بِشَيْء، وَأما مَا يتَعَلَّق بِهِ الْقَصْد بِاللَّفْظِ فَهُوَ معنى اللَّفْظ وَلَا يطلقون الْمَعْنى على شَيْء إِلَّا إِذا كَانَ مَقْصُودا، وَأما إِذا فهم الشَّيْء على سَبِيل التّبعِيَّة فَهُوَ يُسمى معنى بِالْعرضِ لَا بِالذَّاتِ وَالْمعْنَى: هُوَ الْمَفْهُوم من ظَاهر اللَّفْظ [وانفهامه مِنْهُ صفة للمعنى دون اللَّفْظ فَلَا اتِّحَاد فِي الْمَوْضُوع] وَالَّذِي تصل إِلَيْهِ بِغَيْر وَاسِطَة وَمعنى الْمَعْنى: هُوَ أَن يعقل من اللَّفْظ معنى ثمَّ يُفْضِي لَك ذَلِك الْمَعْنى إِلَى معنى آخر وَالْمعْنَى: مَا يفهم من اللَّفْظ والفحوى مُطلق الْمَفْهُوم، وَقيل: فحوى الْكَلَام مَا فهم مِنْهُ خَارِجا عَن أصل مَعْنَاهُ وَقد يخص بِمَا يعلم من الْكَلَام بطرِيق الْقطع كتحريم الضَّرْب من قَوْله تَعَالَى: {فَلَا تقل لَهما أُفٍّ} أَو من خلال التراكيب وَإِن لم يكن بالمطابقة وَاللَّفْظ إِذا وضع بِإِزَاءِ الشَّيْء فَذَلِك الشَّيْء من حَيْثُ يدل عَلَيْهِ اللَّفْظ يُسمى مدلولا، وَمن حَيْثُ يعْنى بِاللَّفْظِ يُسمى معنى، وَمن حَيْثُ يحصل مِنْهُ يُسمى مفهوما، وَمن حَيْثُ كَون الْمَوْضُوع لَهُ اسْما يُسمى مُسَمّى والمسمى أَعم من الْمَعْنى فِي الِاسْتِعْمَال لتنَاوله الْأَفْرَاد وَالْمعْنَى قد يخْتَص بِنَفس الْمَفْهُوم، مثلا: يُقَال لكل من زيد وَبكر وَعَمْرو: مُسَمّى للفظ الرجل، وَلَا يُقَال: مَعْنَاهُ والمدلول قد يعم من الْمُسَمّى لتنَاوله الْمَدْلُول التضمني والالتزامي دون الْمُسَمّى والمسمى يُطلق وَيُرَاد بِهِ الْمَفْهُوم الإجمالي الْحَاصِل فِي الذِّهْن عِنْد وضع الِاسْم، وَيُطلق وَيُرَاد بِهِ اصدق عَلَيْهِ هَذَا الْمَفْهُوم فَإِذا أضيف إِلَى الِاسْم يُرَاد بِهِ الأول فالإضافة بِمَعْنى اللَّام، وَإِذا أضيف إِلَى الْعلم يُرَاد بِهِ الثَّانِي فالإضافة بَيَانِيَّة والمنطوق هُوَ الملفوظ وَقد يُرَاد بِهِ مَدْلُول اللَّفْظ وبالمفهوم مَا يلْزم من الْمَدْلُول وَالْمعْنَى مَا قَامَ بِغَيْرِهِ، وَالْعين مَا يُقَابله هَذَا هُوَ المصطلح النَّحْوِيّ وَأما اسْم الْمَعْنى الَّذِي هُوَ مَا دلّ على شَيْء فَهُوَ بِاعْتِبَار أَي صفة عارضة لَهُ سَوَاء كَانَ قَائِما بِنَفسِهِ أَو بِغَيْرِهِ كالمكتوب والمضمر، وَحَاصِله الْمُشْتَقّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَاسم الْعين: هُوَ الَّذِي لَيْسَ كَذَلِك كَالدَّارِ وَالْعلم فإضافة اسْم الْمَعْنى يُفِيد الِاخْتِصَاص بِاعْتِبَار الصّفة الدَّاخِلَة فِي مَفْهُوم الْمُضَاف تَقول (مَكْتُوب زيد) وَالْمرَاد اخْتِصَاصه بِهِ بمكتوبيته لَهُ وَإِضَافَة اسْم الْعين تفِيد الِاخْتِصَاص مُطلقًا أَي: غير مُقَيّدَة بِصفة دَاخِلَة فِي مُسَمّى الْمُضَاف ثمَّ إِن اللَّفْظ وَالْمعْنَى إِمَّا أَن يتحدا فَهُوَ الْمُفْرد

كلفظة (الله) أَو يتعددا فَهِيَ الْأَلْفَاظ المتباينة كالإنسان وَالْفرس وَغير ذَلِك من الْأَلْفَاظ الْمُخْتَلفَة الْمَوْضُوعَة لمعان مُخْتَلفَة، وَحِينَئِذٍ إِمَّا أَن يمْتَنع الِاجْتِمَاع كالسواد وَالْبَيَاض فتسمى المتباينة المتفاضلة، أَو لَا يمْتَنع كالاسم وَالصّفة نَحْو: السَّيْف والصارم، أَو الصّفة وَصفَة الصّفة كالناطق والفصيح فتسمى المتباينة المتواصلة، أَو يَتَعَدَّد اللَّفْظ ويتحد الْمَعْنى، فَهِيَ الْأَلْفَاظ المترادفة، أَو يتحد اللَّفْظ ويتعدد الْمَعْنى، فَإِن كَانَ قد وضع للْكُلّ فَهُوَ الْمُشْتَرك، وَإِلَّا فَإِن وضع لِمَعْنى ثمَّ نقل إِلَى غَيره لَا لعلاقة فَهُوَ المرتجل، أَو لعلاقة فَإِن اشْتهر فِي الثَّانِي كَالصَّلَاةِ يُسمى بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأول مَنْقُولًا عَنهُ، وَإِلَى الثَّانِي مَنْقُولًا إِلَيْهِ، وَإِن لم يشْتَهر فِي الثَّانِي كالأسد فَهُوَ حَقِيقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأول مجَاز بِالنِّسْبَةِ إِلَى الثَّانِي المشاكلة: هِيَ اتِّفَاق الشَّيْئَيْنِ فِي الْخَاصَّة كَمَا أَن المشابهة اتِّفَاقهمَا فِي الْكَيْفِيَّة والمساواة اتِّفَاقهمَا فِي الكمية والمماثلة اتِّفَاقهمَا فِي النوعية وَقد يُرَاد من المشاكلة التناسب الْمُسَمّى بمراعاة النظير، أَعنِي جمع أَمر مَعَ أَمر يُنَاسِبه لَا بالتضاد كَمَا قَالَ مصري لبغدادي: " خسنا خير من خسكم " فَقَالَ الْبَغْدَادِيّ فِي جَوَابه: " خيارنا خير من خياركم " فَفِيهِ التقابل بَين الخس وَالْخيَار بِوَجْه بِأَن يُرَاد بالخس الخسيس وبالخيار خلاف الأشرار والمشاكلة أَيْضا بِوَجْه آخر بِأَن يُرَاد بالخس النبت الْمَعْرُوف وبالخيار القثاء، والتقابل مَعَ التشاكل فِي هَذَا الْكَلَام إِنَّمَا نَشأ من اشْتِرَاك كل من الخس وَالْخيَار بَين معنييه والموازاة اتِّفَاقهمَا فِي جَمِيع الْمَذْكُورَات والمناسبة: أَعم من الْجَمِيع والمضاهاة: شُعْبَة من الْمُمَاثلَة فِي " التَّبْصِرَة ": إِنَّا لَا نقُول مثل الْأَشْعَرِيّ أَي لَا مماثلة إِلَّا بالمساواة من جَمِيع الْوُجُوه، لِأَن أهل اللُّغَة لم يمتنعوا عَن القَوْل بِأَن زيدا مثل عَمْرو وَفِي " الْفِقْه ": إِذا كَانَ يُسَاوِيه فِيهِ ويسد مسده وَإِن كَانَ بَينهمَا مُخَالفَة كَثِيرَة صُورَة وَمعنى وَفِي " التسديد ": إِنَّمَا تقع إِذا كَانَ فِي وصف وَاحِد يصلح أَحدهمَا لما يصلح لَهُ الآخر لَا فِي جَمِيع الْوُجُوه وَكَذَا قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " إِذا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذّن فَقولُوا مثل مَا يَقُوله الْمُؤَذّن " وَقَوله: " الْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ مثلا بِمثل " أَرَادَ بِهِ الاسْتوَاء فِي الْكَيْل فَقَط ومجيء الْكَلَام على سَبِيل الْمُقَابلَة وإطباق الْجَواب على السُّؤَال فن من كَلَامهم يُسمى مشاكلة وَهِي قِسْمَانِ: تحقيقية وتقديرية فالتحقيقية: هِيَ أَن يذكر الشَّيْء بِلَفْظ غَيره لوُقُوعه فِي صحبته كَقَوْلِه: (قَالُوا اقترح شَيْئا نجد لَك طبخه ... قلت أطنجوا لي جُبَّة وقميصا) وَقَوله تَعَالَى: {تعلم مَا فِي نَفسِي وَلَا أعلم مَا فِي نَفسك} والمشاكلة التقديرية: هِيَ أَن يكون فعل لَهُ لفظ دلّ

عَلَيْهِ وَلم يذكر، فيذكر لفظ كاللفظ الدَّال على ذَلِك الْفِعْل كَقَوْلِه تَعَالَى: {صبغة الله} ذكر لفظ الصَّبْغ فِي صُحْبَة فعلهم الَّذِي هُوَ الصَّبْغ بِمَاء المعمودية؛ وَالْأَصْل فِيهِ أَن النَّصَارَى كَانُوا يغمسون أَوْلَادهم فِي مَاء أصفر يسمونه المعمودية وَيَقُولُونَ إِنَّه تَطْهِير لَهُم فَعبر عَن الْإِيمَان بصبغة الله أَي: تَطْهِير الله للمشاكلة بِهَذِهِ الْقَرِينَة والصحبة التحقيقية مُتَأَخِّرَة عَن الذّكر، والصحبة التقديرية مُتَقَدّمَة عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخ سعد الدّين: تَحْقِيق العلاقة فِي مجَاز المشاكلة مُشكل، إِذْ لَا يظْهر بَين الطَّبْخ والخياطة علاقَة، وَكَأَنَّهُم جعلُوا المصاحبة فِي الذّكر علاقَة وَتعقبه الْأَبْهَرِيّ بِأَن المصاحبة فِي الذّكر لَا تصلح لِأَن تكون علاقَة لِأَن حُصُولهَا بعد اسْتِعْمَال الْمجَاز، أجَاب بَعضهم بِأَن الْمُتَكَلّم يعبر عَمَّا فِي نَفسه فَلَا بُد من مُلَاحظَة المصاحبة فِي الذّكر قبل التَّعْبِير بالمتصاحبين فِي التحقيقية، وبأحدهما فِي التقديرية وَاخْتَارَ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ فِي " الْفُصُول ": إِنَّهَا التقارن فِي الخيال، وَالْأولَى أَنَّهَا التقارن فِي الْعلم لوقوعها فِي كَلَام من لَا يَصح إِطْلَاقه وَالْحق أَن بَيَان العلاقة فِي المشاكلة مُشكل، وَكَذَا فِي التغليب وَقد تكون المشاكلة بِذكر الشَّيْء بِلَفْظ غَيره لوُقُوعه فِي صُحْبَة مُقَابِله كَمَا فِي قَول مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي: " من طَالَتْ لحيته تكوسج عقله "، وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " صدق الله وَكذب بطن أَخِيك وَيُمكن فِي بعض صور المشاكلة اعْتِبَار الِاسْتِعَارَة كَمَا فِي حِكَايَة شُرَيْح وَهِي أَنه قَالَ لرجل شهد عِنْده: إِنَّك لسبط الشَّهَادَة فَقَالَ الرجل: " إِنَّهَا لن تجعد عني. فَقَالَ: لله بلادك! حَيْثُ أَرَادَ أَنه يُرْسل الشَّهَادَة إرْسَالًا من غير تَأْوِيل وروية كالشعر السبط المسترسل فَأجَاب: بِأَنَّهَا [لم تجعد عني أَي] ، لم تنقبض عني بل أَنا واثق من نَفسِي بِحِفْظ مَا شهِدت فاسترسل الْقُوَّة الذاكرة إِيَّاهَا واستحضر أولاها وأخراها فَشبه انقباض الشَّهَادَة عَن الْحِفْظ، وتأتيها عَن الْقُوَّة الذاكرة بتجعيد الشّعْر وَاسْتعْمل التجعيد فِي مُقَابلَة السبوطة أَولا، وَهَذِه من المشاكلة الْمَحْضَة، إِلَّا أَن فِيهَا شَائِبَة الِاسْتِعَارَة وَقَوله: لله بلادك تعجب من بِلَاده فَإِنَّهُ خرج مِنْهَا فَاضل مثله (وَلَا شكّ أَن المشاكلة من قبيل الْمجَاز والعلاقة فِيهَا التقارن فِي الخيال لَا الْوُقُوع فِي الصُّحْبَة كَمَا هُوَ الْمَشْهُور، لِأَن العلاقة مصححة للاستعمال الَّذِي بِهِ الْوُقُوع فِي الصُّحْبَة ومقدمة عَلَيْهَا) الْمُطَابقَة: قَالَ الْأَصْمَعِي: أَصْلهَا وضع الرجل مَوضِع الْيَد فِي ذَوَات الْأَرْبَع وَقَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد: تَقول طابقت بَين الشَّيْئَيْنِ إِذا جمعت بَينهمَا على حد وَاحِد وَفِي الِاصْطِلَاح: هِيَ الْجمع بَين الضدين فِي كَلَام أَو فِي بَيت شعر كالإيراد والإصدار، وَاللَّيْل وَالنَّهَار، وَالْبَيَاض والسواد وَقَالَ الرماني وَغَيره: الْبيَاض والسواد ضدان

بِخِلَاف بَقِيَّة الألوان، لِأَن كلا مِنْهُمَا إِذا قوي زَاد بعدا من صَاحبه والمطابقة لَا تكون إِلَّا بِالْجمعِ بَين ضدين والمقابلة تكون غَالِبا بَين أَرْبَعَة أضداد، ضدان فِي صدر الْكَلَام وضدان فِي عَجزه نَحْو: {فليضحكوا قَلِيلا وليبكوا كثيرا} وتبلغ إِلَى الْجمع بَين عشرَة أضداد وَقد تكون الْمُطَابقَة بالأضداد وبغيرها، لَكِن الأضداد أَعلَى رُتْبَة وَأعظم موقعا، وَلَا تكون الْمُقَابلَة إِلَّا بالأضداد والمطابقة، وَتسَمى طباقا أَيْضا، وَهِي قِسْمَانِ: حَقِيقِيّ ومجازي وَالثَّانِي يُسمى بالتكافؤ، وكل مِنْهُمَا إِمَّا لَفْظِي أَو معنوي، وَإِمَّا طباق إِيجَاب أَو سلب وَمن أَمْثِلَة ذَلِك قَوْله: {وَأَنه هُوَ أضْحك وأبكى وَأَنه هُوَ أمات وَأَحْيَا} وَمن أَمْثِلَة الْمجَازِي قَوْله: {أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه} أَي: ضَالًّا فهديناه وَمن أَمْثِلَة طباق السَّلب قَوْله: {فَلَا تخشوا النَّاس واخشون} وَمن أَمْثِلَة الْمَعْنَوِيّ قَوْله: {جعل لكم الأَرْض فراشا وَالسَّمَاء بِنَاء} وَمِنْه نوع يُسمى الطباق الْخَفي كَقَوْلِه تَعَالَى: {مِمَّا خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نَارا} وأملح الطباق وأخفاه قَوْله تَعَالَى: {وَفِي الْقصاص حَيَاة} الْمُحكم: المتقن: يُقَال: بِنَاء مُحكم أَي: متقن لَا وَهن فِيهِ وَلَا خلل وَمَا أحكم: المُرَاد بِهِ قطعا، وَلَا يحْتَمل من التَّأْوِيل إِلَّا وَجها وَاحِدًا والمتشابه: مَا اشْتبهَ مِنْهُ مُرَاد الْمُتَكَلّم على السَّامع لاحْتِمَاله وُجُوهًا مُخْتَلفَة وَقيل: الْمُحكم مَا عرف المُرَاد مِنْهُ إِمَّا بالظهور وَإِمَّا بالتأويل والمتشابه: مَا اسْتَأْثر الله بِعِلْمِهِ كقيام السَّاعَة وَخُرُوج الدَّجَّال والحروف الْمُقطعَة فِي أَوَائِل السُّور وَمن الْمُتَشَابه إِيرَاد الْقِصَّة الْوَاحِدَة فِي سور شَتَّى وفواصل مُخْتَلفَة فِي التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَالزِّيَادَة وَالتّرْك والتعريف والتنكير وَالْجمع والإفراد والإدغام والفك وتبديل حرف بِحرف آخر وَقيل: الْمُحكم مَا لَا يتَوَقَّف مَعْرفَته على الْبَيَان والمتشابه مَا لَا يُرْجَى بَيَانه وَعَن عِكْرِمَة وَغَيره: أَن الْمُحكم هُوَ الَّذِي يعْمل بِهِ، والمتشابه هُوَ الَّذِي يُؤمن بِهِ وَلَا يعْمل قَالَ الطَّيِّبِيّ: المُرَاد بالمحكم مَا اتَّضَح مَعْنَاهُ والمتشابه بِخِلَافِهِ، لِأَن اللَّفْظ الَّذِي يقبل معنى إِمَّا أَن يحْتَمل غَيره أَولا، الثَّانِي النَّص، وَالْأول إِمَّا أَن يكون دلَالَته على ذَلِك الْغَيْر أرجح أَولا الأول هُوَ الظَّاهِر، وَالثَّانِي إِمَّا أَن يكون مساويه أَولا، الأول الْمُجْمل، وَالثَّانِي المؤول، فالمشترك بَين النَّص وَالظَّاهِر هُوَ الْمُحكم، وَبَين الْمُجْمل والمؤول هُوَ الْمُتَشَابه

وَقَالَ بَعضهم: اللَّفْظ إِذا ظهر المُرَاد مِنْهُ فَإِن لم يحْتَمل النّسخ فَحكم، وَإِلَّا فَإِن لم يحْتَمل التَّأْوِيل فمفسر، وَإِلَّا فَإِن سيق الْكَلَام لأجل ذَلِك المُرَاد فنص، وَإِلَّا فَظَاهر وَإِذا خَفِي لعَارض أَي لغير الصِّيغَة فخفي وَإِن خَفِي لنَفسِهِ أَي لنَفس الصِّيغَة فَأدْرك عقلا فمشكل أَو نقلا فمهمل، أَو لم يدْرك أصلا فمتشابه فَالظَّاهِر هُوَ مَا انْكَشَفَ واتضح مَعْنَاهُ للسامع من غير تَأمل وتفكر كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَأحل الله البيع} وضده الْخَفي وَهُوَ الَّذِي لَا يظْهر المُرَاد مِنْهُ إِلَّا بِالطَّلَبِ وَالنَّص: مَا فِيهِ زِيَادَة ظُهُور سيق الْكَلَام لأَجله وَأُرِيد بالإسماع ذَلِك باقتران صِيغَة أُخْرَى بِصِيغَة الظَّاهِر كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَأحل الله البيع وَحرم الرِّبَا} سيق هَذَا النَّص للتفرقة بَينهمَا، وَهُوَ المُرَاد بالإسماع؛ لِأَن الْكَفَرَة كَانُوا يدعونَ الْمُمَاثلَة بَينهمَا فورد الشَّرْع بالتفرقة، فالآية ظَاهِرَة من حَيْثُ إِنَّه ظهر بهَا إحلال البيع وَتَحْرِيم الرِّبَا، وإسماع الصِّيغَة من غير قرينَة نَص فِي التَّفْرِقَة بَينهمَا، حَيْثُ أُرِيد بالإسماع ذَلِك بِقَرِينَة دَعْوَى الْمُمَاثلَة والمشكل على خلاف النَّص وَهُوَ اللَّفْظ الَّذِي اشْتبهَ المُرَاد مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يُوقف على المُرَاد مِنْهُ بِمُجَرَّد التَّأَمُّل والمفسر: اسْم للظَّاهِر المكشوف الَّذِي اتَّضَح مَعْنَاهُ وَالنَّص وَالظَّاهِر والمفسر سَوَاء من حَيْثُ اللُّغَة والمجمل: مَا لَا يُوقف على المُرَاد مِنْهُ إِلَّا بِبَيَان من جِهَة الْمُتَكَلّم نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة} فَإِنَّهُ مُجمل فِي مَاهِيَّة الصَّلَاة وَمِقْدَار الزَّكَاة والمشترك: اسْم متساو بَين المسميات يَتَنَاوَلهَا على الْبَدَل، فَإِذا تعين بعض وُجُوه الْمُشْتَرك بِدَلِيل غير مَقْطُوع بِهِ - وَهُوَ الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد - فَهُوَ مؤول وَمَتى أُرِيد بالمشترك أَو الْمُشكل أَو الْمُجْمل بعض الْوُجُوه قطعا يُسمى مُفَسرًا ثمَّ اعْلَم أَن الْمُتَشَابه على ثَلَاثَة أضْرب: ضرب لَا سَبِيل إِلَى الْوُقُوف عَلَيْهِ كوقت السَّاعَة وَنَحْو ذَلِك وَضرب للْإنْسَان سَبِيل إِلَى مَعْرفَته كالألفاظ الغريبة وَالْأَحْكَام المغلقة وَضرب (مُتَرَدّد بَين الْأَمريْنِ) يخْتَص بِمَعْرِِفَة حَقِيقَته بعض الراسخين فِي الْعلم وَيخْفى على من دونهم وَهُوَ الْمشَار إِلَيْهِ بقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لِابْنِ عَبَّاس: " اللَّهُمَّ فقهه فِي الدّين وَعلمه التَّأْوِيل "، (وَإِذا عرفت هَذَا فقد وقفت) على أَن الْوَقْف على قَوْله: {وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله} وَوَصله بقوله: {والراسخون فِي الْعلم} كِلَاهُمَا جَائِز ثمَّ اعْلَم أَن كل لفظ من الْقُرْآن أَفَادَ معنى وَاحِدًا جليا يعلم أَنه مُرَاد الله تَعَالَى فَمَا كَانَ من هَذَا الْقسم فَهُوَ مَعْلُوم لكل أحد بِالضَّرُورَةِ وَأما مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله فَهُوَ مِمَّا يجْرِي مجْرى الْغَيْب، فَلَا مساغ للِاجْتِهَاد فِي تَفْسِيره، وَلَا طَرِيق إِلَى ذَلِك إِلَّا بالتوقيف بِنَصّ من الْقُرْآن أَو الحَدِيث أَو الْإِجْمَاع على تَأْوِيله وَأما مَا يُعلمهُ الْعلمَاء فَيرجع إِلَى

اجتهادهم وكل لفظ احْتمل مَعْنيين فَصَاعِدا فَهُوَ الَّذِي لَا يجوز لغير الْعلمَاء الِاجْتِهَاد فِيهِ وَعَلَيْهِم اعْتِمَاد الشواهد والدلائل دون مُجَرّد الرَّأْي فَإِن كَانَ أحد الْمَعْنيين أظهر وَجب الْحمل عَلَيْهِ إِلَّا أَن يقوم دَلِيل على أَن المُرَاد الْخَفي، وَإِن اسْتَويَا والاستعمال فيهمَا حَقِيقَة لَكِن فِي أَحدهمَا حَقِيقَة لغوية أَو عرفية وَفِي الآخر شَرْعِيَّة فالحمل على الشَّرْعِيَّة أولى إِلَّا أَن يدل دَلِيل على إِرَادَة اللُّغَوِيَّة وَلَو كَانَ فِي أَحدهمَا عرفية وَفِي الآخر لغوية فالحمل على الْعُرْفِيَّة أولى، وَإِن اتفقَا فِي ذَلِك، فَإِن لم يُمكن إرادتهما بِاللَّفْظِ الْوَاحِد اجْتهد فِي المُرَاد مِنْهُمَا بالأمارات الدَّالَّة عَلَيْهِ فَمَا ظَنّه فَهُوَ مُرَاد الله تَعَالَى فِي حَقه وَإِن لم يظْهر لَهُ شَيْء فَهَل يتَخَيَّر فِي الْحمل أَو يَأْخُذ بالأغلظ حكما أَو بالأخف حكما فِيهِ أَقْوَال، وَإِن أمكن إرادتهما وَجب الْحمل عَلَيْهِمَا عِنْد الْمُحَقِّقين. [وَالْحكمَة فِي أَن الْعلم بِمُرَاد الله تَعَالَى مستنبط بأمارات وَدَلَائِل هِيَ من الله أَرَادَ أَن يتفكر عباده بكتابه فَلم يَأْمر نبيه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بالتنصيص على المُرَاد فِي جَمِيع آيَاته ومسلك الْأَوَائِل أَن يُؤمنُوا بالمتشابهات ويفوضوا مَعْرفَتهَا إِلَى الله وَرَسُوله وَلذَلِك سموا بالمفوضة ومسلك الْأَوَاخِر أَن يؤولوها بِمَا ترتضيه الْعُقُول وَلذَلِك سموا بالمؤولة، وهم قِسْمَانِ: قسم أَصْحَاب الْأَلْفَاظ يؤولونها بِالْحملِ على الْحَذف كَمَا فِي: {وَجَاء رَبك} [ {فَأتى الله بنيانهم} أَو على الْمجَاز الْمُفْرد كَمَا فِي: {يَد الله فَوق أَيْديهم} أَي: قدرَة الله وَقسم أَصْحَاب الْمعَانِي يؤولونها بِالْحملِ على التَّمْثِيل والتصوير وَالْمُخْتَار التَّفْوِيض لِأَن اللَّفْظ إِذا كَانَ لَهُ معنى رَاجِح ثمَّ دلّ دَلِيل أقوى مِنْهُ على أَن ذَلِك الظَّاهِر غير مُرَاد علم أَن مُرَاد الله بعض مجازات تِلْكَ الْحَقِيقَة، وَفِي المجازات كَثْرَة، وترجيح الْبَعْض لَا يكون إِلَّا بالتراجيح اللُّغَوِيَّة الظنية، وَمثل ذَلِك لَا يَصح الِاسْتِدْلَال بِهِ فِي الْمسَائِل القطعية فيفوض تَعْبِير ذَلِك المُرَاد إِلَى علمه تَعَالَى، فَجَمِيع أهل السّنة سلفهم وخلفهم صرفُوا المتشابهات من مَعَانِيهَا الْحَقِيقِيَّة إِلَى المجازات، إِمَّا اجمالا بِنَفْي الكيفيات وتفويض تعْيين الْمَعْنى الْمجَازِي المُرَاد إِلَى الله تَعَالَى مُطلقًا، أَو بِتَعْيِين نوع الْمجَاز وَهُوَ الصّفة وتفويض تعْيين تِلْكَ الصّفة إِلَى الله تَعَالَى وَهُوَ أسلم وَهُوَ مُخْتَار الإِمَام أبي حنيفَة، وَصرح بِهِ الْأَشْعَرِيّ وَأكْثر السّلف وَإِمَّا تَفْصِيلًا بِتَعْيِين المُرَاد بِحَسب الظَّاهِر من المجازات، وَهُوَ مُخْتَار الْخلف، وَهُوَ أحكم قَالَ التَّفْتَازَانِيّ: وَقد يُقَال: إِن التَّوَقُّف عَن تَأْوِيل التشابه إِنَّمَا هُوَ عَن طلب الْعلم حَقِيقَة لَا ظَاهرا وَالْأَئِمَّة إِنَّمَا تكلمُوا فِي تَأْوِيله ظَاهرا لَا حَقِيقَة، وَبِهَذَا يُمكن أَن يرفع نزاع الْفَرِيقَيْنِ الْمُطلق: هُوَ مَا يتَنَاوَل الْأَفْرَاد على سَبِيل الْبَدَل ك (رجل) مثلا وَالْعَام: مَا يتَنَاوَل جَمِيع الْأَفْرَاد وَالْمُطلق: هُوَ الدَّال على الْمَاهِيّة من غير دلَالَة

على الْوحدَة وَالْكَثْرَة والنكرة دَالَّة على الْوحدَة وَلَا فرق بَينهمَا فِي اصْطِلَاح الْأُصُولِيِّينَ والمطلقة، بِالتَّاءِ: النكرَة وَهُوَ الدَّال على فَرد غير معِين لِأَن التَّاء لَا تدخل على الْمُطلق المصطلح لِأَنَّهُ صَار لقبا فَخرج عَن الوصفية وَالْمُطلق: هُوَ المتعري عَن الصّفة وَالشّرط وَالِاسْتِثْنَاء والمقيد: مَا فِيهِ أحد هَذِه الثَّلَاثَة وَالْمُطلق إِذا كَانَ مقولا بالتشكيك ينْصَرف إِلَى الْكَمَال، وَكَذَا إِذا كَانَ هُنَاكَ قرينَة مَانِعَة عَن إِرَادَة مَعْنَاهُ الْعَام وَأما إِذا كَانَ مقولا بالتواطؤ فَلَا ينْصَرف إِلَى الْكَمَال وَالْمُطلق عَلَيْهِ: مَا وَقع عَلَيْهِ اللَّفْظ وَصَارَ الحكم مُتَعَلقا بِهِ بِحَسب الْوَاقِع من غير اشْتِرَاط تفهيمه للمخاطب والمستعمل فِيهِ مَا يكون الْغَرَض الْأَصْلِيّ طلب دلَالَة اللَّفْظ عَلَيْهِ ويقصد تفهيمه بِخُصُوصِهِ للمخاطب، وَإِذا لم يكن اللَّفْظ مُفِيدا بِخُصُوصِهِ يجب نصب قرينَة دَالَّة عَلَيْهِ وَالْمُطلق لَا يحمل على الْمُقَيد عندنَا [إِذا وردا فِي الحكم فِي حادثين أصلا لَا فِي حكمين وَلَا فِي حكم وَاحِد وَلَا فِي حَادِثَة وَاحِدَة بعد أَن يَكُونَا فِي حكمين وَأما فِي حَادِثَة وَاحِدَة فِي حكم وَاحِد فَيحمل عَلَيْهِ بالِاتِّفَاقِ، وَذَلِكَ لِأَن الْإِطْلَاق أَمر مَقْصُود لِأَنَّهُ يُنبئ عَن التَّوسعَة على الْمُكَلف، كَمَا أَن التَّقْيِيد أَمر مَقْصُود يُنبئ عَن التَّضْيِيق، وَعند إِمْكَان الْعَمَل بهما لَا يجوز إبِْطَال أَحدهمَا بِالْآخرِ أما الْإِمْكَان فِي الحادثتين فَظَاهر فَكَذَا فِي حَادِثَة وَاحِدَة لجَوَاز أَن تكون التَّوسعَة مَقْصُودَة للشارع فِي حكم حَادِثَة، والتضييق مَقْصُودا فِي حكم آخر فِي تِلْكَ الْحَادِثَة كَالصَّوْمِ وَالْإِطْعَام فِي كَفَّارَة الظِّهَار فَلَا يجوز إبِْطَال أَحدهمَا بِالْآخرِ وَالْعَمَل بالمطلق وَاجِب، وَالْوَصْف فِي الْمُطلق مسكوت عَنهُ وَقد نهى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَن السُّؤَال عَن الْمَسْكُوت عَنهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} فالرجوع إِلَى الْمُقَيد مَعَ إِمْكَان الْعَمَل بالمطلق إقدام على هَذَا الْمنْهِي عَنهُ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنى أَشَارَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ حَيْثُ قَالَ: أبهموا مَا أبهم الله وَاتبعُوا مَا بَين الله أَي اتركوه على إبهامه فَإِن الِاسْتِقْصَاء شُؤْم وَالْمُطلق مُبْهَم بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُقَيد فَلَا يحمل عَلَيْهِ] إِلَّا إِذا اتّحدت الْحَادِثَة وَكَانَ الْإِطْلَاق وَالتَّقْيِيد فِي الحكم دون السَّبَب كَقِرَاءَة الْعَامَّة: {فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام} ، وَقِرَاءَة ابْن مَسْعُود: {ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات} ، فَيحمل على الْمُقَيد لِامْتِنَاع الْجمع بَينهمَا، [وَإِنَّمَا حمل الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الْمُطلق على الْمُقَيد فِي آيَة السّرقَة حَتَّى قَالَ: دلّت الْآيَة على قطع يسرى السَّارِق فِي الكرة الثَّانِيَة مَعَ الِاتِّفَاق على الْحمل فِي صُورَة اتِّحَاد الحكم والحادثة فَإِنَّهُ لَا يعْمل بِقِرَاءَة ابْن مَسْعُود {فَاقْطَعُوا أيمانهما} لكَونهَا متواترة وَلَا يحمل الْمُطلق على الْمُقَيد] عِنْد اخْتِلَاف الحكم إِلَّا فِي صُورَة الاستلزام بِأَن كَانَ أحد الْحكمَيْنِ مُوجبا لتقييد

الآخر بِالذَّاتِ نَحْو: (أعتق رَقَبَة وَلَا تعْتق رَقَبَة كَافِرَة) أَو بالواسطة مثل: (أعتق عني رَقَبَة وَلَا تملكني رَقَبَة كَافِرَة) فَإِن نفي تمْلِيك الْكَافِرَة يسْتَلْزم نفي إعْتَاقهَا عَنهُ، وَهَذَا يُوجب تَقْيِيد إِيجَاب الْإِعْتَاق عَنهُ بالمؤمنة فَيحمل الْمُطلق على الْمُقَيد وَالْمُطلق يجْرِي على إِطْلَاقه إِلَّا إِذا قَامَ دَلِيل التَّقْيِيد، فالوكيل بِالنِّكَاحِ من جَانب الْمَرْأَة أَو الزَّوْج يتَحَمَّل مِنْهُ الْغبن الْفَاحِش عِنْد الإِمَام بِنَاء على أَصله هَذَا لَا عِنْدهمَا للتَّقْيِيد بِدلَالَة الْعرف، وَالْمَسْأَلَة مَعْرُوفَة وَالْمُطلق يَكْفِي فِي صدقه صُورَة وَاحِدَة بِدَلِيل: {وَأَنِّي فضلتكم على الْعَالمين} ، فَإِن فَضلهمْ على الْكل فِي أَمر مَا لَا يَقْتَضِي الْفضل من الْكل فِي كل الْأُمُور، فَلَا دلَالَة فِيهِ على تَفْضِيل الْبشر على الْملك وَالْمُطلق مَا تعرض للذات دون الصِّفَات كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَتَحْرِير رَقَبَة} والمقيد مَا تعرض ذاتا مَوْصُوفَة بِصفة كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} وَالْمُطلق يحمل على الْمُقَيد فِي الرِّوَايَات، وَلِهَذَا ترى مطلقات الْمُتُون يقيدها الشُّرَّاح، وَلَا خلاف فِي تَقْيِيد المطلقات بِالشُّرُوطِ كالحول وَالْعَدَالَة وَالطَّهَارَة وَغير ذَلِك من الشَّرَائِط المناظرة: هِيَ النّظر بالبصيرة من الْجَانِبَيْنِ فِي النِّسْبَة بَين الشَّيْئَيْنِ إِظْهَارًا للصَّوَاب، وَقد يكون مَعَ نَفسه والمجادلة: هِيَ الْمُنَازعَة فِي الْمَسْأَلَة العلمية لإلزام الْخصم سَوَاء كَانَ كَلَامه فِي نَفسه فَاسِدا أَو لَا وَإِذا علم بِفساد كَلَامه وَصِحَّة كَلَام خَصمه فنازعه فَهِيَ المكابرة وَمَعَ عدم الْعلم بِكَلَامِهِ وَكَلَام صَاحبه فنازعه فَهِيَ المعاندة وَأما المغالطة: فَهُوَ قِيَاس مركب من مُقَدمَات شَبيهَة بِالْحَقِّ، وَيُسمى سفسطة أَو شَبيهَة بالمقدمات الْمَشْهُورَة وَيُسمى مشاغبة وَأما المناقضة: فَهِيَ منع مُقَدّمَة مُعينَة من الدَّلِيل إِمَّا قبل تَمَامه وَإِمَّا بعده وَالْأول: إِمَّا منع مُجَرّد عَن ذكر مُسْتَند الْمَنْع، أَو مَعَ ذكر الْمُسْتَند [وَهُوَ الَّذِي يكون الْمَنْع مَبْنِيا عَلَيْهِ] ك (لَا نسلم أَن الْأَمر كَذَا، وَلم لَا يكون الْأَمر كَذَا) أَو (لَا نسلم كَذَا وَإِنَّمَا يلْزم لَو كَانَ الْأَمر كَذَا) وَيُسمى أَيْضا بِالنَّقْضِ التفصيلي عِنْد الجدليين وَالثَّانِي: وَهُوَ منع الْمُقدمَة بعد تَمام الدَّلِيل، أما أَن يكون مَعَ منع الدَّلِيل أَيْضا بِنَاء على تخلف حكمه فِي صُورَة بِأَن يُقَال: مَا ذكر من الدَّلِيل غير صَحِيح لتخلف حكمه فِي كَذَا فالنقض الإجمالي لِأَن جِهَة الْمَنْع فِيهِ غير مُعينَة وَأما الْمَنْع لمقدمة من مُقَدمَات الدَّلِيل مَعَ تَسْلِيم الدَّلِيل وَمَعَ الِاسْتِدْلَال بِمَا يُنَافِي ثُبُوت الْمَدْلُول مَعَ تَسْلِيم الدَّلِيل فالمعارضة، فَيَقُول الْمُعْتَرض للمستدل فِي صُورَة الْمُعَارضَة: مَا ذكرت من الدَّلِيل إِن دلّ على مَا تدعيه فعندي مَا يُنَافِيهِ أَو يدل على نقيضه وَيثبت

بطريقه، فَيصير الْمُعْتَرض بهَا مستدلا والمستدل مُعْتَرضًا وعَلى الْمُسْتَدلّ الْمَمْنُوع دَلِيله الدّفع لما اعْترض بِهِ عَلَيْهِ بِدَلِيل ليسلم لَهُ دَلِيله الْأَصْلِيّ، وَلَا يَكْفِيهِ الْمَنْع الْمُجَرّد كَمَا لَا يَكْتَفِي من الْمُعْتَرض بذلك، فَإِن ذكر الْمُسْتَدلّ دَلِيلا آخر منع ثَانِيًا تَارَة قبل تَمام الدَّلِيل وَتارَة بعد تَمَامه وَهَكَذَا يسْتَمر الْحَال مَعَ منع الْمُعْتَرض ثَالِثا ورابعا دفع الْمُسْتَدلّ لما يُورد عَلَيْهِ إفحام الْمُسْتَدلّ وَأما فِي صُورَة المناقضة فَإِن أَقَامَ الْمَانِع دَلِيلا على انْتِفَاء الْمُقدمَة فالاحتجاج الْمَذْكُور يُسمى غصبا، لِأَن الْمُعْتَرض غصب منصب الْمُسْتَدلّ فَلَا يسمعهُ الْمُحَقِّقُونَ من أهل الجدل لاستلزام الْخبط فِي الْبَحْث فَلَا يسْتَحق الْمُعْتَرض بِهِ جَوَابا، وَقيل: يسمع جَوَابا فَيسْتَحق الْمُعْتَرض بِهِ والمناقضة المصطلح عَلَيْهَا فِي علم الجدل هِيَ تَعْلِيق أَمر على مُسْتَحِيل إِشَارَة إِلَى اسْتِحَالَة وُقُوعه كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَا يدْخلُونَ الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} والمناقضة فِي البديع: تَعْلِيق الشَّرْط على نقيضين مُمكن ومستحيل وَمُرَاد الْمُتَكَلّم المستحيل دون الْمُمكن ليؤثر التَّعْلِيق عدم وُقُوع الْمَشْرُوط، فَكَأَن الْمُتَكَلّم نَاقض نَفسه فِي الظَّاهِر كَقَوْلِه: (وَإنَّك سَوف تحلم أَو تناهى ... إِذا مَا شبت أَو شَاب الْغُرَاب) لِأَن مُرَاده التَّعْلِيق على الثَّانِي، وَهُوَ مُسْتَحِيل، لَا الأول الَّذِي هُوَ مُمكن، لِأَن الْقَصْد أَن يَقُول: إِنَّك لَا تحلم أبدا والمعارضة: هِيَ فِي اللُّغَة عبارَة عَن الْمُقَابلَة على سَبِيل الممانعة والمدافعة يُقَال: لفُلَان ابْن يُعَارضهُ أَي: يُقَابله بِالدفع وَالْمَنْع، وَمِنْه سمي الْمَوَانِع عوارض [وَفِي الِاصْطِلَاح: تَسْلِيم دَلِيل الْمُعَلل دون مَدْلُوله وَالِاسْتِدْلَال على خلاف مَدْلُوله وَمَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْمُعَارضَة لُغَة نَوْعَانِ: مُعَارضَة خَالِصَة وَهِي المصطلح الْمَذْكُور، ومعارضة مناقضة وَهِي الْمُقَابلَة بتعليل مُعَلل، سميت بذلك لتضمنها إبِْطَال دَلِيل الْمُعَلل] وَمن شَرط تحقق الْمُعَارضَة الْمُمَاثلَة والمساواة بَين الدَّلِيلَيْنِ فِي الثُّبُوت وَالْقُوَّة والمنافاة بَين حكمهمَا واتحاد الْوَقْت وَالْمحل والجهة، فَلَا يتَحَقَّق التَّعَارُض أَيْضا فِي الْجمع بَين الْحل وَالْحُرْمَة وَالنَّفْي وَالْإِثْبَات فِي زمانين فِي مَحل وَاحِد، أَو فِي محلين فِي زمَان وَاحِد لِأَنَّهُ مُتَصَوّر؛ وَكَذَلِكَ لَا تعَارض عِنْد اخْتِلَاف الْجِهَتَيْنِ كالنهي عَن البيع وَقت النداء مَعَ دَلِيل الْجَوَاز وَإِن اجْتمعت هَذِه الشَّرَائِط وَتعذر التَّخَلُّص عَن التَّعَارُض بِهَذَا الطَّرِيق ينظر إِن كَانَا عَاميْنِ يحمل أَحدهمَا على الْقَيْد وَالْآخر على الْإِطْلَاق؛ أَو يحمل أَحدهمَا على الْكل وَالْآخر على الْبَعْض دفعا للتعارض وَإِن كَانَا خاصين يحمل أَحدهمَا على الْقَيْد وَالْمجَاز على مَا أمكن، وَإِن كَانَ أَحدهمَا خَاصّا وَالْآخر عَاما يقْضِي الْخَاص على الْعَام هُنَا بِالْإِجْمَاع دفعا للتعارض وَفِي " جمع الْجَوَامِع ": يتَحَصَّل من النصين المتعارضين سِتَّة وَثَلَاثُونَ نوعا لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يَكُونَا عَاميْنِ أَو خاصين، أَو أَحدهمَا عَاما وَالْآخر خَاصّا، أَو كل وَاحِد مِنْهُمَا عَام من وَجه خَاص من

وَجه، فَهَذِهِ أَرْبَعَة أَنْوَاع كل مِنْهُمَا يَنْقَسِم ثَلَاثَة أَقسَام، لِأَنَّهَا إِمَّا مَعْلُومَات أَو مظنونات، أَو أَحدهمَا مَعْلُوم والأخر مظنون يحصل اثْنَا عشر، وكل مِنْهُمَا إِمَّا أَن يعلم تقدمه أَو تَأَخره، أَو يجهل فَيحصل سِتَّة وَثَلَاثُونَ الْمُبَالغَة: هِيَ أَن يذكر الْمُتَكَلّم وَصفا فيزيد فِيهِ حَتَّى يكون أبلغ فِي الْمَعْنى الَّذِي قَصده، فَإِن كَانَت بِمَا يُمكن عقلا لَا عَادَة فإغراق نَحْو: (ونكرم جارنا مَا دَامَ فِينَا ... ونتبعه الْكَرَامَة حَيْثُ مَالا) وَالْمُبَالغَة ضَرْبَان: مُبَالغَة بِالْوَصْفِ بِأَن يخرج إِلَى حد الاستحالة، وَمِنْه: {حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} ومبالغة بالصيغة وصيغ الْمُبَالغَة عِنْد الْجُمْهُور محصورة فِي ثَلَاث وَهِي: فعال ومفعال وفعول وَمَا نقل عَن سِيبَوَيْهٍ أَن فعيلا من صِيغ الْمُبَالغَة فَمَحْمُول على حَالَة الْعَمَل للنصب، فَحَيْثُ لَا عمل لَهُ لَا يحمل على صيغها، بل مَعْنَاهُ أَنه صفة مشبهة لإِفَادَة الْمُبَالغَة وَمَا بني للْمُبَالَغَة فعلان وفعيل وَفعل كفرح، وَفعل ككبر، وفعلاء كعلياء قَالَ بَعضهم: صِيغ الْمُبَالغَة قِسْمَانِ: أَحدهمَا مَا تحصل الْمُبَالغَة فِيهِ بِحَسب زِيَادَة الْفِعْل وَالثَّانِي بِحَسب تعدد المفعولات وَلَا شكّ أَن تعددها لَا يُوجب للْفِعْل زِيَادَة، إِذْ الْفِعْل الْوَاحِد قد يَقع على جمَاعَة متعددين، وعَلى هَذَا الْقسم تنزل صِفَات الله الْمثل، بِالْكَسْرِ: [أَعم الْأَلْفَاظ الْمَوْضُوعَة للمشابهة والنظير أخص مِنْهُ، وَكَذَا الند فَإِنَّهُ يُقَال لما يُشَارِكهُ فِي الْجَوْهَر فَقَط، وَكَذَا الشّبَه والمساوي والشكل] وَقد يُطلق الْمثل وَيُرَاد بِهِ الذَّات كَقَوْلِك: (وَمثلك لَا يفعل هَذَا) أَي: أَنْت لَا تَفْعَلهُ وَعَلِيهِ: {لَيْسَ كمثله شَيْء} أَي: كَهُوَ تَقول الْعَرَب: (مثلي لَا يُقَال لَهُ هَذَا) أَي: أَنا لَا يُقَال لي هَذَا، أَو المُرَاد فِيهِ نفي (التَّمَاثُل عَن الْمثل، فَلَا مثل لله حَقِيقَة) أَو المُرَاد نفي الْمثل وَزِيَادَة الْحَرْف بِمَنْزِلَة أعادة الْجُمْلَة ثَانِيًا، أَو الْجمع بَين الْكَاف والمثل لتأكيد النَّفْي تَنْبِيها على أَنه لَا يَصح استعمالهما فنفي ب (لَيْسَ) الْأَمْرَانِ جَمِيعًا أَو الْمثل بِمَعْنى الصّفة، وَفِيه تَنْبِيه على أَن الصِّفَات لَهُ تَعَالَى لَا على حسب مَا تسْتَعْمل فِي الْبشر {وَللَّه الْمثل الْأَعْلَى} وَالْأَكْثَرُونَ على كَون الْكَاف فِيهِ زَائِدَة إِذْ الْقَصْد نفي الْمثل وَاعْلَم أَن الْمثل الْمُطلق للشَّيْء هُوَ مَا يُسَاوِيه فِي جَمِيع أَوْصَافه، وَلم يتجاسر أحد من الْخَلَائق على إِثْبَات الْمثل الْمُطلق لله، بل من أثبت لَهُ شَرِيكا ادّعى أَنه كالمثل لَهُ يَعْنِي يُسَاوِيه فِي بعض صِفَات الإلهية، فالآية رد على من زعم التَّسَاوِي من وَجه دون وَجه {} [ثمَّ اعْلَم أَن الْمثل لَو فرض عَاما لَا يلْزم عجزهما

من جِهَة التمانع والتطارد بَين إرادتهما وقدرتيهما، اتفقَا على مُمكن وَاحِد وَاخْتلفَا وَالثَّانِي ظَاهر، وَأما الأول فلاستحالة نُفُوذ الإرادتين فِي مُمكن وَاحِد، وَإِلَّا لزم انقسام مَا لَا يَنْقَسِم أَو تَحْصِيل الْحَاصِل فَلَا بُد من عجز إِحْدَى القدرتين وَإِحْدَى الإرادتين وَيلْزم مِنْهُ عجز الْأُخْرَى بالمماثلة، وَلَو فرض الْمثل خَاصّا فِي بعض الصِّفَات كالقدرة الإلهية مثلا فَإِنَّهُ يلْزم الْحُدُوث لكل من المثلين لافتقارهما إِلَى مُخَصص يخصصهما بِالْمحل الَّذِي وجدت فِيهِ لقبُول كل مِنْهُمَا حِينَئِذٍ المحلين، وَذَلِكَ يُنَافِي مَا ثَبت للإله من وجوب الْوُجُود، وَيلْزم حِينَئِذٍ الْعَجز أَيْضا للحدوث والتمانع] والمثل، بِفتْحَتَيْنِ لُغَة؛ اسْم لنَوْع من الْكَلَام، وَهُوَ مَا تراضاه الْعَامَّة والخاصة لتعريف الشَّيْء بِغَيْر مَا وضع لَهُ من اللَّفْظ، يسْتَعْمل فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء [ويستعار لفظ الْمثل للْحَال كَقَوْلِه تَعَالَى: {مثلهم كَمثل الَّذِي استوقد نَارا} أَي حَالهم العجيبة و {مثل الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون} ؛ أَي فِيمَا قَصَصنَا عَلَيْك من الْعَجَائِب وَمن الْعَجَائِب قصَّة الْجنَّة العجيبة {وَللَّه الْمثل الْأَعْلَى} أَي الصّفة العجيبة] (وَهُوَ أبلغ من الْحِكْمَة وَقد يَأْتِي المكسور بِمَعْنى (الْمثل) بِفتْحَتَيْنِ، أَعنِي الصّفة كَقَوْلِه تَعَالَى: {مثل الْجنَّة} أَي: صفتهَا وَقد يَأْتِي بِمَعْنى النَّفس، كَمَا قيل فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِن آمنُوا بِمثل مَا آمنتم بِهِ} ) والمثال: من مثل الرجل بَين يَدي رجل ككرم: إِذا انتصب قَائِما أَو سقط بَين يَدَيْهِ والأمثل: للتفضيل وَسمي أفاضل النَّاس أماثل لقيامهم فِي كل الْمُهِمَّات وَمِنْه الْمثل يسد مسد غَيره وَيُسمى الْكَلَام الدائر فِي النَّاس للتمثيل مثلا لقصدهم إِقَامَة ذَلِك مقَام غَيره وَالشّرط فِي حسن التَّمْثِيل هُوَ أَن يكون على وفْق الممثل لَهُ من الْجِهَة الَّتِي تعلق بهَا التَّمْثِيل فِي الْعظم والصغر والخسة والشرف وَإِن كَانَ الممثل أعظم من كل عَظِيم كَمَا مثل فِي الْإِنْجِيل غل الصَّدْر بالنخالة، والقلوب القاسية بالحصاة، ومخاطبة السُّفَهَاء بإثارة الزنانير وَفِي كَلَام الْعَرَب: (أسمع من قراد) ، و (أطيش من فراشة) ، و (أعز من مخ البعوض) وَنَحْو ذَلِك والمثلة: كاللمزة للْمَفْعُول كلون مَقْطُوع الْأنف وَنَحْوه، كالمنصوب بَين يَدي النَّاس بِاعْتِبَار تكلمهم بِهِ للتمثيل فِي التقبيح (والمثل، محركة: الْحجَّة والْحَدِيث وتمثل: أَي أنْشد بَيْتا ثمَّ آخر وتمثل بالشَّيْء: ضربه مثلا وَمثله لَهُ تمثيلا: صوره لَهُ حَتَّى كَأَنَّهُ ينظر إِلَيْهِ {فتمثل لَهَا بشرا سويا} : أَي أَتَاهَا جِبْرِيل

بِصُورَة شَاب أَمْرَد سوي الْخلق، يُقَال: تمثل كَذَا عِنْد كَذَا، إِذا حضر منتصبا عِنْده بِنَفسِهِ أَو بمثاله والطريقة المثلى: أَي الْأَشْبَه بِالْحَقِّ و {أمثلهم طَريقَة} أَي: أعدلهم وأشبههم بِأَهْل الْحق وأعلمهم عِنْد نَفسه بِمَا يَقُوله الْملك، بِالْكَسْرِ: أَعم من المَال يُقَال: ملك النِّكَاح، وَملك الْقصاص، وَملك الْمُتْعَة وَهُوَ قدرَة يثبتها الشَّارِع ابْتِدَاء على التَّصَرُّف، فَخرج نَحْو الْوَكِيل كَذَا فِي " فتح الْقَدِير " وَيَنْبَغِي أَن يُقَال إِلَّا لمَانع كالمحجور عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَالك وَلَا قدرَة لَهُ على التَّصَرُّف وَالْمَبِيع الْمَنْقُول ملك للْمُشْتَرِي وَلَا قدرَة لَهُ على بَيْعه قبل قَبضه وَملك يَمِيني، بِالْفَتْح أفْصح من الْكسر وَالْملك، بِالضَّمِّ: عبارَة عَن الْقُدْرَة الحسية الْعَامَّة لما يملك شرعا وَلما لَا يملك فِي " الْقَامُوس ": بِالضَّمِّ مَعْلُوم وَيُؤَنث، وبالفتح، وككتف وأمير وَصَاحب: ذُو الْملك وَقَالَ الزّجاج: بِالضَّمِّ السُّلْطَان وَالْقُدْرَة وبالكسر مَا حوته الْيَد. وبالفتح مصدر وَقيل: بِالضَّمِّ يعم التَّصَرُّف فِي ذَوي الْعُقُول وَغَيرهم، وبالكسر يخْتَص بِغَيْر الْعُقَلَاء وَقيل بَينهمَا عُمُوم وخصوص من وَجه، فالمضموم هُوَ التسلط على من يَتَأَتَّى مِنْهُ الطَّاعَة، وَيكون بِالِاسْتِحْقَاقِ وَبِغَيْرِهِ، والمسكور كَذَلِك إِلَّا أَنه لَا يكون لَا بِالِاسْتِحْقَاقِ وَالْملك؛ بِالْفَتْح وَكسر اللَّام: أدل على التَّعْظِيم بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَالِك، لِأَن التَّصَرُّف فِي الْعُقَلَاء المأمورين بِالْأَمر وَالنَّهْي أرفع وأشرف من التَّصَرُّف فِي الْأَعْيَان الْمَمْلُوكَة الَّتِي أشرفها العبيد وَالْإِمَاء وَأَيْضًا الْملك من حَيْثُ إِنَّه ملك أَكثر تَصرفا من الْمَالِك من حَيْثُ إِنَّه مَالك وأقدر على مَا يُريدهُ فِي تصرفانه وَأقوى تمَكنا مِنْهَا واستيلاء عَلَيْهَا وَأكْثر إحاطة وورود لفظ الْملك فِي الْقُرْآن أَكثر من وُرُود لفظ الْمَالِك إِذْ هُوَ أَعلَى شَأْنًا من الْمَالِك وَقَالَ بَعضهم: الْمَالِك اسْم فَاعل من الْملك بِالْكَسْرِ، وَاسم الْفَاعِل مَا اشتق مِمَّا حدث مِنْهُ الْفِعْل فِي الْحَال وَالْملك: من لَهُ السلطنة وَالتَّصَرُّف فِي الْأَمر وَالنَّهْي فِي جمَاعَة الْعُقَلَاء فَهُوَ صفة مشبهة من الْملك بِالضَّمِّ بِمَعْنى الْإِمَارَة والسلطنة وَالصّفة المشبهة مَا اشتق مِمَّا ثَبت فِيهِ الْفِعْل وَاسْتمرّ، وَمن ثمَّة خصت باللازم كالحسن وَالْكَرم والجود فالمالك وَإِن كَانَ أوسع لشُمُوله لغير الْعُقَلَاء أَيْضا لَكِن الْملك أبلغ لدلالته على الْقُوَّة الْقَاهِرَة وَقيل: الْمَالِك أَكثر إحاطة وتصرفا من الْملك، لِأَن الْملك لَا يُضَاف إِلَّا إِلَى أَحْرَار من النَّاس بِخِلَاف الْمَالِك وَإِن الْمَالِك يتَصَرَّف بِالْبيعِ وَأَمْثَاله، وَلَيْسَ ذَلِك للْملك وَقيل: الْمَالِك من الْملك بِالضَّمِّ عَام من جِهَة الْمَعْنى وَفِيه معنى التسلط وَالْمَالِك من الْملك بِالْكَسْرِ خَاص وَفِيه معنى الِاسْتِحْقَاق، فَكل مَالك ملك وَلَيْسَ كل ملك مَالِكًا وَالْمُتوَلِّيّ من الْمَلَائِكَة شَيْئا من السياسة يُقَال لَهُ (ملك) بِفَتْح اللَّام وَمن الْبشر يُقَال لَهُ (ملك)

بِكَسْرِهَا، فَكل ملك مَلَائِكَة وَلَيْسَ كل مَلَائِكَة ملكا؛ بل الْملك هم الْمشَار إِلَيْهِم بقوله تَعَالَى: {فالمدبرات} ، {فَالْمُقَسِّمَات} وَنَحْو ذَلِك وَمِنْه ملك الْمَوْت (وملكوت الشَّيْء عِنْد الصُّوفِيَّة حَقِيقَة الْمُجَرَّدَة اللطيفة، غير الْمقيدَة بقيود كثيفة شجية جسمانية ويقابله الْملك بِمَعْنى الْمَادَّة الكثيفة بالقيود) وَالْمَلَائِكَة جمع (ملأك) على أَصله الَّذِي هُوَ (لأك) بِالْهَمْزَةِ، وَالتَّاء لتأكيد ثأنيث الْجَمَاعَة (أَو الْمُبَالغَة) هَكَذَا كَلَام السّلف وليت شعري مَا وَجه قَوْله تَعَالَى {قَالُوا لَا علم لنا} {} (وَإِذ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم) {} (فنادته الْمَلَائِكَة} وَاخْتلف فِي حقيقتهم بعد الِاتِّفَاق على أَنهم ذَوَات مَوْجُودَة قَائِمَة بِأَنْفسِهِم، فَأكْثر الْمُتَكَلِّمين على أَنهم أجسام لَطِيفَة قادرة على التشكل بصور مُخْتَلفَة، كَمَا أَن الرُّسُل كَانُوا يرونهم كَذَلِك [إِمَّا بانضمام الْأَجْزَاء وتكاتفها دون إفناء الزَّائِد من خلقه وإعادته، وَإِمَّا بِغَيْر ذَلِك على مَا يَشَاء الله تَعَالَى] (وَالْمَلَائِكَة عباد الله الْعَامِلُونَ بِأَمْر الله إِلَّا هاروت وماروت، كَمَا أَن الشَّيَاطِين أَعدَاء الله المخالفون لأمر الله إِلَّا وَاحِدًا مِنْهُم قرين النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قد أسلم وَهُوَ هَامة بن هميم بن لاقيس بن إِبْلِيس اللعين) وَذهب الْحُكَمَاء إِلَى أَنهم جَوَاهِر مُجَرّدَة مُخَالفَة للنفوس الناطقة فِي الْحَقِيقَة [وَالْحق أَنهم جَوَاهِر بسيطة معقولة مبرأة من الْحُلُول فِي الْموَاد، وَهِي مَعَ ذَلِك إِمَّا غير مُتَعَلقَة بعلائق الْمَادَّة كالعقول، وَإِمَّا مُتَعَلقَة بعلائق الْمَادَّة كالنفوس، وَلَهُم نطق عَقْلِي غير نَام يحْتَمل خلقهمْ توليدا كَمَا جَازَ إبداعا، غير محجوبين عَن تجلي الْأَنْوَار القدسية لَهُم وَلَا ممنوعين من الالتذاذ بهَا فِي وَقت من الْأَوْقَات وَلَا فِي حَالَة من الْحَالَات بنوم وَلَا غَفلَة وَلَا شَهْوَة، بل هم فِي التذاذ ونعيم بِمَا يشاهدونه ويطالعونه من الْعَالم الْقُدسِي والنور الرباني أبدا دَائِما سرمدا وطاعتهم طبع وعصيانهم تكلّف خلاف الْبشر فَإِن طاعتهم تكلّف ومتابعة الْهوى مِنْهُم طبع قيل: الْمَلَائِكَة مكلفون بالتكليفات الكونية لَا الشَّرْعِيَّة الَّتِي بعث بهَا الرُّسُل وَلَيْسَ كَذَلِك، كَيفَ وَقد دلّت الْآثَار على أَنهم مكلفون بشرعنا فيؤذنون أذاننا وَيصلونَ صَلَاتنَا وملائكة اللَّيْل وَالنَّهَار يشْهدُونَ صَلَاة الْفجْر وَيصلونَ فِي جماعتنا ويحضرون مَعَ الْأمة فِي قتال الْعَدو لنصرة الدّين وَهَذِه خصيصة مستمرة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا مُخْتَصَّة بالبدر، وَقد أَعْطَيْت لَهُم قِرَاءَة سُورَة الْفَاتِحَة من الْقُرْآن لَا غير، ومطالعة اللَّوْح الْمَحْفُوظ مِمَّا لَا تحقق لَهُ وَاخْتلف فِي الْفضل بَين الْأَنْبِيَاء

وَالْمَلَائِكَة، فمذهب الأشاعرة والشيعة أَن الْأَنْبِيَاء أفضل والأدلة على ذَلِك كَثِيرَة مِنْهَا سجودهم لسيدنا آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَوْلَا أَن السَّجْدَة دَالَّة على زِيَادَة منصب السُّجُود لَهُ على الساجد لما قَالَ إِبْلِيس: {أرأيتك هَذَا الَّذِي كرمت عَليّ} وَمِنْهَا أَنه أعلم مِنْهُم بِدَلِيل {يَا آدم أنبئهم بِأَسْمَائِهِمْ} والأعلم أفضل بِدَلِيل {هَل يَسْتَوِي الَّذين يعلمُونَ وَالَّذين لَا يعلمُونَ} وَمِنْهَا إطاعة الْبشر أشق لِكَثْرَة الْمَوَانِع، وَالْفِعْل مَعَ الْمَانِع أشق مِنْهُ مَعَ غير الْمَانِع، والأشق أفضل لحَدِيث: " أفضل الْعِبَادَة أحمزها " وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {إِن الله اصْطفى آدم ونوحا وَآل إِبْرَاهِيم وَآل عمرَان على الْعَالمين} والإشكال بقوله تَعَالَى فِي بني إِسْرَائِيل {وَأَنِّي فضلتكم على الْعَالمين} حَيْثُ يسْتَلْزم تَفْضِيلهمْ على سيدنَا مُحَمَّد وَسَيِّدنَا آدم عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام مَدْفُوع بِأَن يُقَال: إِن سيدنَا مُحَمَّدًا كَانَ مَوْجُودا حَال وجود بني إِسْرَائِيل وَأما الْمَلَائِكَة فهم موجودون حَال وجود سيدنَا مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَقَالَت الفلاسفة والمعتزلة: إِن الْمَلَائِكَة السماوية أفضل من الْبشر وَهُوَ اخْتِيَار القَاضِي أبي بكر الباقلاني وَأبي عبد الله الْحَلِيمِيّ من أَصْحَاب الأشاعرة وَاحْتَجُّوا بأدلة كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {لن يستنكف الْمَسِيح أَن يكون عبدا لله وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون} وَالْجَوَاب: أَنه من قبيل مَا أعَان على هَذَا الْأَمر لَا زيد وَلَا عَمْرو وَهَذَا لَا يُغير كَون الْمُتَأَخر فِي الذّكر أفضل من الْمُتَقَدّم وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا الْهَدْي وَلَا القلائد وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام} أَو المُرَاد أَن النَّصَارَى لما شاهدوا من الْمَسِيح مَا شاهدوا من الْقُدْرَة العجيبة أَخْرجُوهُ بهَا من عبَادَة الله وَقَالَ تَعَالَى: {لن يستنكف الْمَسِيح} بِهَذِهِ الْقُدْرَة عَن عبوديتي وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون الَّذين فَوْقه بِالْقُوَّةِ والبطش والاستيلاء على عَالم السَّمَاوَات وَالْأَرضين وَأما الِاحْتِجَاج بقوله تَعَالَى: {وَمن عِنْده لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَته} فمعارض بقوله تَعَالَى فِي صفة الْبشر {فِي مقْعد صدق عِنْد مليك مقتدر} وَبِحَدِيث: " أَنا عِنْد المنكسرة قُلُوبهم " وَأما الِاحْتِجَاج بقوله تَعَالَى: {والمؤمنون كل آمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله} بِنَاء على أَن التَّقْدِيم فِي الذّكر يدل على التَّقْدِيم فِي الرُّتْبَة فمعارض بتقديمه على الْكتب أَيْضا، وَلم يقل أحد بِأَنَّهُم أفضل من الْكتب، وَأما الِاحْتِجَاج بقوله تَعَالَى: {علمه شَدِيد القوى} فمعارض بقوله تَعَالَى: {وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه} وَفِيه سر لَا يعرفهُ إِلَّا العرفاء بِاللَّه تَعَالَى وَأما الِاحْتِجَاج بقوله تَعَالَى: (قل لَا أَقُول لكم عِنْدِي خَزَائِن الله وَلَا أعلم الْغَيْب وَلَا أَقُول

لكم إِنِّي ملك} ، وَقَوله تَعَالَى أَيْضا: {مَا نهاكما رَبكُمَا عَن هَذِه الشَّجَرَة إِلَّا أَن تَكُونَا ملكَيْنِ} فَفِيهِ أبحاث دقيقة وَمذهب أَكثر أهل السّنة أَن الرُّسُل من بني آدم أفضل من الْمَلَائِكَة الرُّسُل وَغير الرُّسُل، وَالرسل من الْمَلَائِكَة أفضل من عَامَّة بني آدم، والمؤمنون من بني آدم أفضل من عَامَّة الْمَلَائِكَة (وَالْملك: جَوْهَر بسيط ذُو حَيَاة ونطق عَقْلِي غير نَام، يحْتَمل خلقه توليدا كَمَا جَازَ إبداعا طَاعَته طبع وعصيانه تكلّف خلاف الْبشر، فَإِن طَاعَته تكلّف ومتابعة الْهوى مِنْهُ طبع، وَلَا يُنكر من الْملك تصور الْعِصْيَان، إِذْ لَوْلَا التَّصَوُّر لما مدح بِأَنَّهُم لَا يعصون الله وَلَا يَسْتَكْبِرُونَ) والملكة: تطلق على مُقَابلَة الْعَدَم وعَلى مُقَابلَة الْحَال، فعلى الأول بِمَعْنى الْوُجُود، وعَلى الثَّانِي بِمَعْنى الْكَيْفِيَّة الراسخة وَأَسْمَاء الْمَلَائِكَة كلهَا أَعْجَمِيَّة إِلَّا أَرْبَعَة: (مُنكر وَنَكِير وَمَالك ورضوان) وَملكه يملكهُ: (من بَاب ضرب) ملكا مُثَلّثَة الْمِيم وملكة ومملكة بِفَتْح اللَّام فيهمَا وَقد يضم وَقيل يثلث (وَمَاله ملك: مثلث الْمِيم وبضم الْمِيم وَاللَّام أَيْضا، وَذَلِكَ بانضمام الْأَجْزَاء وتكاثفها حَتَّى يصير على قدر رجل وهيئته على مَا روى النَّسَائِيّ من صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ ثمَّ يعود إِلَى هَيئته الْأَصْلِيَّة دون إفناء الزَّائِد من خلقه وإعادته) الْمُحَاذَاة: هِيَ أَن يَجْعَل كَلَام بحذاء كَلَام فَيُؤتى بِهِ على وَزنه لفظا وَإِن كَانَا مُخْتَلفين وَمن هَذَا الْبَاب قَوْله: {وَلَو شَاءَ الله لسلطهم عَلَيْكُم فلقاتلوكم} فَهَذِهِ حوذيت بِاللَّامِ الَّتِي فِي (لسلطهم) وَهِي جَوَاب (لَو) فَالْمَعْنى: لسلطهم عَلَيْكُم فقاتلوكم، وَمثله: {لأعذبنه عذَابا شَدِيدا أَو لأذبحنه} فهما لاما قسم وَأما {أَو ليأتيني} فَلَيْسَ ذَا مَوضِع قسم لكنه لما جَاءَ على إِثْر مَا يجوز فِيهِ الْقسم أجري مجْرَاه وَمِنْه أَيْضا كِتَابَة الْمُصحف، مثلا إِنَّهُم كتبُوا: {وَاللَّيْل إِذا سجى} بِالْيَاءِ وَهُوَ من ذَوَات الْوَاو، وَلما قرن بِغَيْرِهِ مِمَّا يكْتب بِالْيَاءِ وَقد نظمت فِيهِ: (قد يقرن بِي امْرُؤ فَيعْطى شأني ... كالليل إِذا سجى ليأتيني) الْمُسَاوَاة: هِيَ أَن يكون اللَّفْظ مُسَاوِيا للمعنى بِحَيْثُ

لَا يزِيد مِنْهُ وَلَا ينقص عَنهُ، وَهِي مُعْتَبرَة فِي قسمي البلاغة الإيجاز والإطناب مَعًا أما الإيجاز فكقوله تَعَالَى: {وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة} والإطناب هَذَا الْمَعْنى كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمن قتل مَظْلُوما فقد جعلنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا فَلَا يسرف فِي الْقَتْل} وَأما الإيجاز من غير هَذَا الْمَعْنى فكقوله تَعَالَى: {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} طرفاها مَنْسُوخ وَالْوسط مُحكم والإطناب كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان وإيتاء ذِي الْقُرْبَى} وَلَا بُد من الْإِتْيَان بِهَذَا الْفَصْل لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن الإيجاز لَا يُوصف بالمساواة وَمن أَمْثِلَة الْمُسَاوَاة قَوْله: (فَإِن تكتموا الدَّاء لَا نخفه ... وَإِن تبعثوا الْحَرْب لَا نقعد) (وَإِن تقتلونا فنقتلكم ... وَإِن تقصدوا الذَّم لَا نقصد) والمساوقة عِنْدهم تسْتَعْمل فِيمَا يعم الِاتِّحَاد فِي الْمَفْهُوم الْمَسْأَلَة، لُغَة: السُّؤَال أَو المسؤول أَو مَكَان السُّؤَال وَعرفا: هِيَ قَضِيَّة نظرية فِي الْأَغْلَب تتألف مِنْهَا حجتها وَهِي مبانيها التصديقية وَقد تكون ضَرُورِيَّة محتاجة إِلَى تَنْبِيه وَأما مَا لَا خَفَاء فِيهِ فَلَيْسَ من الْمَسْأَلَة فِي شَيْء وَالْمرَاد الْقَضِيَّة الْكُلية الَّتِي تشْتَمل بِالْقُوَّةِ على أَحْكَام تتَعَلَّق بجزئيات موضوعها الْمَدْح: هُوَ الثَّنَاء الْحسن، ومدحه وامتدحه بِمَعْنى، والمدحة والأمدوحة مَا يمدح بِهِ وَقيل: الْمَدْح هُوَ الثَّنَاء بِاللِّسَانِ على الْجَمِيل مُطلقًا سَوَاء كَانَ من الفواضل أَو من الْفَضَائِل، وَسَوَاء كَانَ اختياريا أَو غير اخْتِيَاري، وَلَا يكون إِلَّا قبل النِّعْمَة وَلِهَذَا لَا يُقَال مدحت الله إِذْ لَا يتَصَوَّر تقدم وصف الْإِنْسَان على نعْمَة الله بِوَجْه من الْوُجُوه لِأَن نفس الْوُجُود نعْمَة من الله تَعَالَى وَفِي " التَّبْيِين ": الْحَمد يسْتَعْمل فِي الْإِحْسَان السَّابِق على الثَّنَاء، والمدح يسْتَعْمل فِي السَّابِق وَغَيره، وَهَذَا كالماضي والمضارع فَإِنَّهُمَا يدلان سَوَاء على مُطلق الْمَعْنى بِحَسب الِاشْتِرَاك فِي الْحُرُوف، ثمَّ كل وَاحِد يخْتَص بِزَمَان بِحَسب الِاخْتِلَاف فِي اللَّفْظ، وَلَا يخْتَص الْمَدْح بالفاعل الْمُخْتَار وَلَا بِاخْتِيَار الممدوح عَلَيْهِ وَلَا بِقصد التَّعْظِيم كَمَا يشْهد بِهِ موارد استعمالاته [والمدح بِمَعْنى عد المآثر والمناقب يُقَابله الهجو بِمَعْنى عد المثالب والمدح بِالْوَصْفِ الْجَمِيل يُقَابله الذَّم] والمدح زِيَادَة على الرضى وَقد يرضى الْمَرْء عَن الشَّيْء وَإِن لم يمدحه الْمَوْت: [هُوَ ضد الْحَيَاة لُغَة وَالْأولَى فِي التَّعْرِيف عدم الْحَيَاة عَمَّا وجد فِيهِ الْحَيَاة لِئَلَّا ينْتَقض بالجنين وَفِي " شرح الْمَقَاصِد ": زَوَال

الْحَيَاة، وَمعنى زَوَال الْحَيَاة عدمهَا عَمَّا يَتَّصِف بِالْفِعْلِ وَهَذَا معنى مَا قيل إِنَّه عدم الْحَيَاة عَمَّا من شَأْنه الْحَيَاة] وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة جسم على صُورَة الْكَبْش، كَمَا أَن الْحَيَاة جسم على صُورَة الْفرس وَأما الْمَعْنى الْقَائِم بِالْبدنِ عِنْد مُفَارقَة الرّوح فَإِنَّمَا هُوَ أَثَره، فتسميته بِالْمَوْتِ من بَاب الْمجَاز [فخلق الْمَوْت مجَاز عَن تعلقه بمصحح الْمَوْت ومبدئه وَفِي " شرح الْمَقَاصِد ": المُرَاد بِخلق الْمَوْت إِحْدَاث أَسبَابه وَقَالَ بَعضهم: لَا ضَرَر لَو أُرِيد إِحْدَاث نفس الْمَوْت، لِأَن الْأُمُور العدمية قد تحدث بعد أَن لم تكن كالعمى وَالْمرَاد بقوله تَعَالَى: {موتوا ثمَّ أحياهم} إماتة الْعقُوبَة مَعَ بَقَاء الْأَجَل وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يذوقون فِيهَا الْمَوْت إِلَّا الموتة الأولى} إماتة بانتهاء الْأَجَل، وَالْمعْنَى لَا يعْرفُونَ فِيهَا الْمَوْت إِلَّا الموتة الأولى فَعبر عَن إِدْرَاك الْمَوْت ومعرفته حِين يُؤْتى بِهِ للذبح فِي صُورَة الْكَبْش بالذوق تجوزا {وأحيينا بِهِ بَلْدَة مَيتا} قيل بِزَوَال الْقُوَّة النامية الْمَوْجُودَة فِي الْإِنْسَان وَالْحَيَوَان والنبات [وَلَيْسَ كَذَلِك، بل الْإِحْيَاء عبارَة عَن تهييج الْقُوَّة النامية وإثارتها وَهُوَ التَّحْقِيق لِأَنَّهُ لَا تَزُول القوى النامية بل تنعزل عَن الْعَمَل كَمَا فِي المفلوج، فالحياة هيجانها وَالْمَوْت فتورها، فالحواس الَّتِي انعدمت انكمنت فَلَا نشك بِسَمَاع الْمَيِّت ورؤيته كَمَا كَانَ فِي حَال حَيَاته، ويتأثر بالعنف واللطف من الْغَاسِل وَمِمَّنْ يُبَاشر جِسْمه، وَقد دلّت الْأَخْبَار على ذَلِك] {أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه} بِزَوَال الْقُوَّة الْعَاقِلَة {أئذا مَا مت} بِزَوَال الْقُوَّة الحساسة {ويأتيه الْمَوْت من كل مَكَان} أَي: الْحزن المكدر للحياة والإماتة: جعل الشَّيْء عادم الْحَيَاة ابْتِدَاء، أَو التصيير كالتصغير وَالتَّكْبِير وَالْمَوْت الْأَحْمَر يرْوى بالتوصيف وبالإضافة أَيْضا، فالأحمز على الثَّانِي بالزاي. قيل: هُوَ حَيَوَان بحري يشق مَوته وعَلى الأول بالراء يُرَاد موت الشُّهَدَاء حَيْثُ لَا مشقة فِي مَوْتهمْ وَالْمَوْت الْأَبْيَض: الْفُجَاءَة وَالْمَيِّت، مُخَفّفَة: هُوَ الَّذِي مَاتَ وَالْمَيِّت والمائت: هُوَ الَّذِي لم يمت بعد قَالَ الشَّاعِر: (وَمن يَك ذَا روح فَذَلِك ميت ... وَمَا الْمَيِّت إِلَّا من إِلَى الْقَبْر يحمل) وَلَا يسْتَعْمل (مَاتَ حتف أَنفه) فِي الْميتَة بِالْغَرَقِ وَالْهدم [يُقَال لَهُ هَكَذَا زعما أَن روحه تخرج من أَنفه، وَفِي الْمَجْرُوح من جرحه] وَجَمِيع فجاءات الْمَوْت؛ وَإِنَّمَا يسْتَعْمل فِي الْميتَة المماطلة

(والموتة، بِالضَّمِّ: ضرب من الْجُنُون) وَالْميتَة تَأْنِيث مجازي فَإِنَّهَا تقع على الذّكر وَالْأُنْثَى من الْحَيَوَان فَمن أنث الْفِعْل الْمسند إِلَيْهِ نظر إِلَى اللَّفْظ، وَمن ذكر نظر إِلَى الْمَعْنى وَالْميتَة: مَا لم تلْحقهُ الذَّكَاة وبالكسر: للنوع وبالضم: الغشي وَالْجُنُون وَفِي {مت} قراءتان: الْكسر من مَاتَ يمات كخاف يخَاف، وبالضم من مَاتَ يَمُوت والموات، كغراب: الْمَوْت، وكسحاب: مَا لَا روح فِيهِ وَالْأَرْض الَّتِي لَا مَالك لَهَا والموتان، بِالتَّحْرِيكِ: خلاف الْحَيَوَان أَو أَرض لم تحي بعد، وَمِنْه قَوْلهم: (اشْتَرِ الموتان وَلَا تشتر الْحَيَوَان) وبالضم: موت يَقع فِي الْمَاشِيَة، وَيفتح وَرجل موتان الْفُؤَاد: كحيوان [والمواتاة: الْمُوَافقَة] الْمسْح: مسح يتَعَدَّى إِلَى المزال عَنهُ بِنَفسِهِ، وَإِلَى المزيل بِالْيَاءِ الْمَفْهُوم الْمَقْصُود من اللَّفْظ سَوَاء كَانَ مَوْجُودا ومعدوما وَالْمسح، كالملح: البلاس أَي اللبَاس الْخلق وَالْجمع مسوح قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الْمسْح، بِالْفَتْح: الْمس وَالْغسْل جَمِيعًا، فالنسبة إِلَى الرَّأْس مس، وَإِلَى الرجل غسل وَالدَّلِيل على هَذَا فعل النَّبِي وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَاعْلَم أَن الْوَاو إِنَّمَا تعطف الِاسْم على الِاسْم فِي نوع الْفِعْل أوفي جنسه لَا فِي كميته وَلَا فِي كيفيته، وَلِهَذَا قُلْنَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} فِي قِرَاءَة خفض الأرجل: إِن الأرجل تغسل والرؤوس تمسح، وَلم يُوجب عطفها على الرؤوس أَن تكون ممسوحة كمسح الرؤوس لِأَن الْعَرَب تسْتَعْمل الْمسْح على مَعْنيين: أَحدهمَا النَّضْح، وَالْآخر الْغسْل وَحكى أَبُو زيد: تمسحت للصَّلَاة أَي: تَوَضَّأت، فَلَمَّا كَانَ الْمسْح على نَوْعَيْنِ أَوجَبْنَا لكل عُضْو مَا يَلِيق بِهِ، إِذْ كَانَت وَاو الْعَطف كَمَا قُلْنَا إِنَّهَا توجب الِاشْتِرَاك فِي نوع الْفِعْل وجنسه، فالنضح وَالْمسح جَمعهمَا جنس الطَّهَارَة، وَلَا يسن تكْرَار مسح الرَّأْس عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي مسح الرَّأْس ركن فَيسنّ تكراره كالغسل، وَيشْهد لتأثير الْمسْح فِي عدم التّكْرَار أصُول كمسح الْخُف وَالتَّيَمُّم والجورب والجبيرة، وَلَا يشْهد لتأثير الرُّكْن فِي التّكْرَار إِلَّا الْغسْل يَقُول الشَّافِعِي فِي مسح الرَّأْس ثَلَاثًا: هُوَ مسح فَيسنّ الإيتار فِيهِ كالاستنجاء بِالْحجرِ، فيعترضه الْحَنَفِيّ بِأَن مسح الْخُف لَا يسن إيتاره إِجْمَاعًا، وَالْقِيَاس الْمُخَالف للْإِجْمَاع بَاطِل [والمسيح: الصّديق قَالَه إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَحمَه الله، سمي سيدنَا عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مسيحا لِأَنَّهُ مَسحه سيدنَا جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بجناحه حَتَّى لَا يكون للشَّيْطَان سَبِيل، أَو كَانَ مسيح الْقدَم الَّذِي لَا أَخْمص لَهُ، أَو أَنه مَا مسح لعاهة إِلَّا براها، أَو كَانَ يسيح فِي الأَرْض وَلَا يُقيم فِي مَكَان

والمسيح فِي حق الدَّجَّال لكَونه مَمْسُوح أحد الْعَينَيْنِ، أَو بِمَعْنى الْكذَّاب والحرف من الأضداد] الْمَوْصُول: هُوَ مَا لَا يتم جزأ إِلَّا بصلَة وعائد [قيل هُوَ وَحده بِمَنْزِلَة الزَّاي من (زيد) بِخِلَاف الْحُرُوف وَأَنت خَبِير بِأَن جعل الموصولات فِي الإفادة والاستقلال دون الْحُرُوف خُرُوج عَن الْإِنْصَاف] والموصول والمضاف إِلَى الْمعرفَة كالمعرف بِاللَّامِ من حَيْثُ إنَّهُمَا يحْملَانِ على الْمَعْهُود الْخَارِجِي إِن كَانَ، وَإِلَّا فعلى الْجِنْس وَإِن أريدا من حَيْثُ إنَّهُمَا يتحققان فِي ضمن الْأَفْرَاد وَلم تُوجد قرينَة الِاسْتِغْرَاق فيحملان على الْمَعْهُود الذهْنِي، وَإِن لم يرد بالموصول مَعْهُود خارجي وَلَا جنس من حَيْثُ هُوَ وَلَا استغراق لانْتِفَاء قرينَة تعين إِرَادَته فِي ضمن بعض الْأَفْرَاد لَا بِعَيْنِه يكون فِي الْمَعْنى كالنكرة، فَتَارَة ينظر إِلَى مَعْنَاهُ فيعامل مُعَاملَة النكرَة كالوصف بالنكرة وَبِالْجُمْلَةِ، وَأُخْرَى إِلَى لَفظه فيوصف بالمفرد وَيجْعَل مُبْتَدأ وَذَا حَال والموصول إِن طابق لَفظه مَعْنَاهُ وَجب مُطَابقَة الْعَائِد لَهُ لفظا وَمعنى، وَإِن خَالف لَفظه مَعْنَاهُ بِأَن كَانَ مُفْرد اللَّفْظ مذكرا وَأُرِيد بِهِ غير ذَلِك ك (من) ، وَمَا جَازَ فِي الْعَائِد وَجْهَان: أَحدهمَا: مُرَاعَاة اللَّفْظ وَهُوَ الْأَكْثَر نَحْو: {وَمِنْهُم من يستمع إِلَيْك} (وَالثَّانِي: مُرَاعَاة الْمَعْنى نَحْو: {وَمِنْهُم من يَسْتَمِعُون إِلَيْك} والموصول الاسمي: مَا لَا يتم جزأ إِلَّا بصلَة وعائد، وصلته جملَة خبرية والعائد ضمير لَهُ والموصول الْحرفِي: مَا أول مَعَ مَا يَلِيهِ من الْجمل بمصدر وَلَا يحْتَاج إِلَى عَائِد وَلَا أَن تكون صلته جملَة خبرية وصلَة الْمَوْصُول صفة فِي الْمَعْنى الْمَفْهُوم: هُوَ الصُّورَة الذهنية سَوَاء وضع، بإزائها الْأَلْفَاظ أَو لَا، كَمَا أَن الْمَعْنى هُوَ الصُّورَة الذهنية من حَيْثُ وضع بإزائها الْأَلْفَاظ وَقيل: هُوَ مَا دلّ عَلَيْهِ اللَّفْظ لَا فِي مَحل النُّطْق [وَالْمَفْهُوم الْكُلِّي: هُوَ أَمر وَاحِد فِي نَفسه متكثر بِحَسب مَا صدق عَلَيْهِ، فقد اجْتمع فِيهِ الْوحدَة وَالْكَثْرَة من جِهَتَيْنِ وَيُسمى وَاحِدًا نوعيا إِن كَانَ نوعا لجزئياته كالإنسان، وجنسيا وفصليا على قِيَاس النوعي، وأفراده كَثِيرَة من حَيْثُ ذواتها وَاحِدَة من حَيْثُ جزئيات الْمَفْهُوم الْوَاحِد فِي نَفسه وَتسَمى وَاحِدًا بالنوع أَو بِالْجِنْسِ أَو بِالْفَصْلِ وَالْمَفْهُوم عِنْد بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي] قِسْمَانِ: (مَفْهُوم الْمُخَالفَة: وَيُسمى بِدَلِيل الْخطاب، وفحوى الْخطاب، ولحن الْخطاب: وَهُوَ أَن يثبت الحكم فِي الْمَسْكُوت عَنهُ على خلاف مَا ثَبت فِي الْمَنْطُوق وَمَفْهُوم الْمُوَافقَة: هُوَ أَن يكون الْمَسْكُوت مُوَافقا للمنطوق فِي الحكم، كالجزاء بِمَا فَوق المثقال فِي

قَوْله تَعَالَى: {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} وَهُوَ تَنْبِيه بالأدنى على أَنه فِي غَيره أولى) وَدلَالَة (إِلَى) و (حَتَّى) وأمثالهما على مُخَالفَة حكم مدخولها لما قبلهَا بطرِيق الْإِشَارَة لَا بطرِيق الْمَفْهُوم، وَالْمَفْهُوم إِنَّمَا يعْتَبر حَيْثُ لَا يظْهر للتخصيص وَجه سوى اخْتِصَاص الحكم، وَقد ظهر فِي آيَة {الْحر بِالْحرِّ} إِلَى آخِره وَجه للتخصيص سوى اخْتِصَاص الحكم، فَإِنَّهَا نزلت بَعْدَمَا تحاكم بَنو النَّضِير وَبَنُو قُرَيْظَة إِلَى رَسُول الله فِيمَا كَانَ بَينهم قبل أَن جَاءَ الْإِسْلَام من قتل الْحر من بني قُرَيْظَة بِالْعَبدِ من بني النَّضِير، وَالرجل مِنْهُم بِالْمَرْأَةِ مِنْهُم، وحرين مِنْهُم بَحر مِنْهُم فَنزلت، فَأَمرهمْ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَن يتساووا، فَلَا دلَالَة فِيهَا على أَن يقتل الْحر بِالْعَبدِ وَالذكر بِالْأُنْثَى، كَمَا لَا دلَالَة على عَكسه بل هِيَ مَنْسُوخَة بقوله تَعَالَى: {أَن النَّفس بِالنَّفسِ} وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ " أَي: تتساوى وَلَا عِبْرَة للتفاضل فِي النُّفُوس وَإِلَّا لما قتل جمع بفرد لكنه يقتل بِالْإِجْمَاع، وَلَا مَفْهُوم للْخَارِج مخرج الْغَالِب كَمَا قَالَ ابْن الْحَاجِب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء إِن أردن تَحَصُّنًا} إِنَّه خرج مخرج الْغَالِب من أَن يكون الْإِكْرَاه غَالِبا إِنَّمَا يكون عِنْد إِرَادَة التحصن وَقَالَ ابْن كَمَال: الْمَفْهُوم مُعْتَبر فِي الرِّوَايَات والقيود، وَالْخلاف إِنَّمَا هُوَ فِي النُّصُوص وَأنكر أَبُو حنيفَة المفاهيم الْمُخَالفَة لمنطوقاتها كلهَا فَلم يحْتَج بِشَيْء مِنْهَا فِي كَلَام الشَّارِع فَقَط نَقله ابْن الْهمام فِي " تحريره " كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي أَوَائِل الْكتاب وَمِمَّا يجب أَن يعلم فِي هَذَا الْمقَام أَن المُرَاد بِكَوْن الْمَفْهُوم مُعْتَبرا فِيمَا عدا كَلَام الله وَكَلَام نبيه سَوَاء كَانَ فِي الرِّوَايَات أَو غَيرهَا وَلَو كَانَ من أَدِلَّة الشَّرْع كأقوال الصَّحَابَة. وَالظَّاهِر أَن الْحَنَفِيَّة النافين للمفهوم فِي الْكتاب وَالسّنة إِنَّمَا مالوا إِلَى الِاعْتِبَار بِهِ فِي الرِّوَايَات لوجه وجيه وَفِي بعض الْمُعْتَبرَات: لَعَلَّ قَول الْعلمَاء: إِن التَّخْصِيص بِالذكر فِي الرِّوَايَات يُوجب نفي الحكم عَمَّا عدا الْمَذْكُور كَلَام من هَذَا الْقَبِيل، حَيْثُ يعلم أَنه لَو لم يكن للنَّفْي لما كَانَ للتخصيص فَائِدَة إِذْ الْكَلَام فِيمَا لم يدْرك فَائِدَة أُخْرَى بِخِلَاف كَلَام النَّبِي فَإِنَّهُ أُوتِيَ جَوَامِع الْكَلم، فَلَعَلَّهُ قصد فَائِدَة لم ندركها أَلا ترى أَن الْخلف اسْتَفَادَ مِنْهُ أحكاما وفوائد لم يبلغ إِلَيْهَا السّلف، بِخِلَاف أَمر الرِّوَايَة فَإِنَّهُ لَا يَقع التَّفَاوُت فِيهِ (وَالْحَاصِل أَن النزاع لَيْسَ إِلَّا فِيمَا لم يظْهر للتخصيص وَجه غير نفي الحكم عَمَّا عداهُ، وَلذَلِك تمسك بِهِ الْقَائِلُونَ بِالْمَفْهُومِ، وَقد أجَاب النافون عَنهُ بِأَن موجودات التَّخْصِيص وفوائده

أَشْيَاء كَثِيرَة غير محصورة فَلَا يحصل الْجَزْم بِأَن كل مُوجبَات التَّخْصِيص مُنْتَفٍ إِلَّا نفي الحكم عَمَّا عداهُ، على أَنه كثيرا مَا يكون فِي كَلَام الله وَكَلَام النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لكلمة وَاحِدَة ألف فَائِدَة يعجز عَن دركها أفهام الْعُقَلَاء) وَذكر بَعضهم أَن مَفْهُوم الْمُخَالفَة كمفهوم الْمُوَافقَة مُعْتَبر فِي الرِّوَايَات بِلَا خلاف وَفِي " الزَّاهدِيّ ": أَنه غير مُعْتَبر وَقَالَ ابْن الْكَمَال: الْعَمَل بِمَفْهُوم الْمُخَالفَة مُعْتَبر فِي اعتبارات الْكتب باتقان منا وَمن الشَّافِعِيَّة كَمَا تقرر فِي مَوْضِعه (وَلَوْلَا اعْتِبَار الْمَفْهُوم لما صَحَّ التصدير بأداة التَّفْرِيع فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمن اضْطر غير بَاغ وَلَا عَاد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} وَالْحق أَن دلَالَة ذكر الشَّيْء على نفي مَا عداهُ فِي الْعُقُوبَات لَيْسَ بِأَمْر مطرد بل لَهُ مقَام يَقْتَضِيهِ يشكل بَيَانه وَضَبطه لكنه يعرفهُ أَصْحَاب الأذهان السليمة ثمَّ الْمَفْهُوم عِنْد الْقَائِلين بحجيته سَاقِط فِي مُعَارضَة الْمَنْطُوق لَا أَنه مَنْسُوخ، نَص عَلَيْهِ كثير من الثِّقَات وَمِنْهُم الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ حَيْثُ قَالَ فِي " التَّلْوِيح ": لَا نزاع لَهُم فِي أَن الْمَفْهُوم ظَنِّي يُعَارضهُ الْقيَاس الْمِضْمَار: الْغَايَة الَّتِي يَنْتَهِي الْخَيل إِلَيْهَا فِي السباق وَكَانَت الْعَرَب فِي الْقَدِيم ترسل خيولها أراسيل عشرَة عشرَة، فَالَّذِي يَأْتِي الْغَايَة أَولا يسمونه المجلي لِأَنَّهُ جلى عَن وَجه صَاحبه الكرب وَالثَّانِي: الْمُصَلِّي لِأَنَّهُ يضع خرطومه على عجز المجلي بَين العظمين الناتئين فِي جَانِبي الكفل، وهما الصلوان قَالَ الشَّاعِر: (وَلَا بُد لي من أَن أكون مُصَليا ... إِذا كنت أرْضى أَن يكون لَك السَّبق) وَالثَّالِث: الْمسلي لِأَنَّهُ سلى عَن قلب صَاحبه الْحزن حِين لم يكن بَينه وَبَين المجلي غير وَاحِد وَالرَّابِع: التَّالِي وَالْخَامِس: المرتاح تَشْبِيها بالراحة وَالسَّادِس: العاطف وَالسَّابِع: الحظي لِأَن لَهُ حظا مَعَهم فِي السباق وَالثَّامِن: المؤمل لِأَن صَاحبه يؤمل أَن يعد من السَّابِقين وَالتَّاسِع: اللطيم لِأَنَّهُ يلطم وَيرد والعاشر: السّكيت لِأَن صَاحبه يعلوه خشوع فَلَا يقدر على الْكَلَام من الْحزن الْميل، بِالْفَتْح والسكون: مَا كَانَ فعلا، يُقَال: مَال عَن الْحق ميلًا والميل، بِفتْحَتَيْنِ: مَا كَانَ خلقَة؛ يُقَال: فِي الشّجر ميل والميل: إِمَّا أَن يكون بِسَبَب ممتاز عَن مَحل الْميل فِي الْوَضع وَالْإِشَارَة فَهُوَ الْميل الْقَسرِي كميل الْحجر المرمي إِلَى فَوق، أَو لَا يكون بِسَبَب ممتاز، فإمَّا مقرون بالشعور وصادر عَن الْإِرَادَة فَهُوَ الْميل النفساني كميل الْإِنْسَان فِي حركته الإرادية أَولا فَهُوَ الْميل الْحَقِيقِيّ كميل الْحجر بطبعه إِلَى التسفل والميل، بِالْكَسْرِ: فِي الأَصْل مِقْدَار مدى الْبَصَر من الأَرْض، ثمَّ سمي بِهِ علم مَبْنِيّ فِي الطَّرِيق، ثمَّ كل ثلث فَرسَخ، حَيْثُ قدر حَده النَّبِي عَلَيْهِ

الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي طَرِيق الْبَادِيَة وَبني على ثلث ميلًا، وَلِهَذَا قيل الْميل الْهَاشِمِي وَاخْتلف فِي مِقْدَاره على اخْتِلَاف فِي مِقْدَار الفرسخ هَل هُوَ تِسْعَة آلَاف ذِرَاع بِذِرَاع القدماء أَو اثْنَا عشر ألف ذِرَاع بِذِرَاع الْمُحدثين، فَقيل: ثَلَاثَة آلَاف ذِرَاع إِلَى أَرْبَعَة آلَاف وَقيل: أَلفَانِ وثلثمائة وَثَلَاث وَسِتُّونَ خطْوَة وَقيل: ثَلَاثَة آلَاف خطْوَة الْمُرُور: مر عَلَيْهِ وَبِه يمر مرا: اجتاز، وَمر يمر مرا ومرورا: ذهب قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي (مَرَرْت بزيد) : إِنَّه لصوق بمَكَان يقرب مِنْهُ، وعَلى هَذَا: {أَو أجد على النَّار هدى} أَي: أَهلهَا مستعلون الْمَكَان الْقَرِيب مِنْهَا وَمرَّة فِي قَوْلك (خرجت ذَات مرّة) : ظرف زمَان إِن أردْت بهَا فعلة وَاحِدَة من مُرُور الزَّمَان، وَإِن أردْت بهَا فعلة وَاحِدَة من الْمصدر مثل قَوْله: (لَقيته مرّة) أَي لقية، فَهِيَ مصدر عبرت عَنهُ بالمرة لِأَنَّك لما قطعت اللِّقَاء وَلم تصله بالدوام صَار بِمَنْزِلَة شَيْء مَرَرْت بِهِ وَلم تقم عِنْده وَإِذا جعلت الْمرة ظرفا فاللفظ حَقِيقَة لِأَنَّهَا من مُرُور الزَّمَان وَإِن جَعلتهَا مصدرا فاللفظ مجَاز إِلَّا أَن تَقول: (مَرَرْت مرّة) فَيكون حِينَئِذٍ حَقِيقَة أَيْضا وَفِي قَوْلهم: (مرّة بعد مرّة) نصب على الْمصدر كَمَا قَالَ الإِمَام المرزوقي وَفِي أَلْسِنَة الْقَوْم إِنَّه نصب على الظّرْف أَي: سَاعَة مُسَمَّاة بِهَذَا الِاسْم وَالْوَجْه الأول هُوَ الملائم فِي جَمِيع موارد هَذِه الْكَلِمَة وَقد يُكَرر بِلَا فصل شَيْء وَيُقَال: (مرّة مرّة) ، قيل: الثَّانِي تَأْكِيد للْأولِ، وَمن هَذَا الْقَبِيل (بوبته بَابا بَابا) (وفهمت الْكتاب حرفا حرفا) وَيَنْبَغِي أَن يعلم أَن هَذَا التكرير قد يكون بطرِيق الْعَطف بِالْفَاءِ أَو بثم الْمَاهِيّة: مُشْتَقَّة من (مَا هُوَ) وَهِي مَا بِهِ يُجَاب عَن السُّؤَال ب (مَا هُوَ) تطلق غَالِبا على الْأَمر المنفعل من الْإِنْسَان وَهِي أَعم من الْحَقِيقَة لِأَن الْحَقِيقَة لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الموجودات يُقَال: إِن للموجودات حقائق ومفهومات والماهية تسْتَعْمل فِي الموجودات والمعدومات يُقَال للمعدومات مفهومات لَا حقائق [وَتطلق الْمَاهِيّة والحقيقة على الصُّورَة المعقولة وَكَذَا على الْوُجُود الْعَيْنِيّ] وَاعْلَم أَن تَعْرِيفهَا الْمَشْهُور وَهِي مائية الشَّيْء غير مرضِي، إِذْ لَا يَصح أَن يُقَال: إِن الشَّيْء الَّذِي بِسَبَبِهِ يكون الْإِنْسَان إنْسَانا هُوَ مَاهِيَّة الانسان، فماهية الْإِنْسَان شَيْء هُوَ سَبَب الْإِنْسَان، أَو شَيْء سَبَب كَون الْإِنْسَان إنْسَانا، وكل ذَلِك حَشْو وَأَيْضًا الشَّيْء الَّذِي يكون زيد بِهِ زيدا هُوَ الْإِنْسَان مَعَ تشخص، فَإِن كَانَ هَذَا مَاهِيَّة زيد لَا يَصح قَوْلهم: إِن النَّوْع تَمام مَاهِيَّة أشخاصه وَالْحق أَن مَاهِيَّة الشَّيْء تَمام مَا يحمل على الشَّيْء حمل مواطأة من غير أَن يكون تَابعا لمحمول آخر فَإِن الْإِنْسَان يحمل عَلَيْهِ الْمَوْجُود وَالْكَاتِب والضاحك وعريض الظفر ومنتصب الْقَامَة والجسم النامي والحساس والمتحرك بالإرادة والناطق نطقا عقليا إِلَى غير ذَلِك، فَيجمع جَمِيع مَا يحمل عَلَيْهِ ثمَّ ينظر فِي

الْأُمُور اللَّازِمَة إِذْ الْمُفَارقَة لَيست من الْمَاهِيّة، فَكل مَا يحمل عَلَيْهِ بتبعية شَيْء آخر كالضاحك فَإِنَّهُ يحمل عَلَيْهِ بتبعية أَنه متعجب ثمَّ يحمل عَلَيْهِ بتبعية أَنه ذُو نطق عَقْلِي، فبالضرورة يَنْتَهِي إِلَى أَمر لَا يكون حمله عَلَيْهِ بتبعية أَمر آخر، لِئَلَّا تتساوى المحمولات، فَذَلِك الْأَمر الْمَحْمُول بِلَا وَاسِطَة هُوَ الْمَاهِيّة [وَمَا يُقَال أَن لماهية الْإِنْسَان جِنْسا هُوَ الْحَيَوَان، وفصلا هُوَ النَّاطِق فَمن مسامحاتهم فَإِن الْحَيَوَان هُوَ الْبدن والناطق هُوَ النَّفس وهما متغايران فِي الْخَارِج ذاتا ووجودا فَلَا يَصح حمل أَحدهمَا على الْأُخَر وَلَا على الْمَجْمُوع الْمركب مِنْهُمَا فكأنهم نظرُوا تَارَة إِلَى المحسوس من الْإِنْسَان وَهُوَ الْبدن وَتارَة إِلَى منشأ الكمالات الَّتِي بهَا امتاز عَن سَائِر الْحَيَوَانَات وَهُوَ النَّفس فَادعوا أَنه النَّاطِق] والماهية المشخصة والموجودة متساويان فَإِن كل مَوْجُود فِي الْخَارِج مشخص فِيهِ وكل مشخص فِي الْخَارِج مَوْجُود فِيهِ والماهية والذات والحقيقة من المعقولات الثَّانِيَة، فَإِنَّهَا عوارض تلْحق المعقولات الأولى من حَيْثُ هِيَ فِي الْعقل وَلم يُوجد فِي الْأَعْيَان مَا يطابقها والماهية من حَيْثُ هِيَ لَيست وَاحِدَة وَلَا كَثِيرَة وَلَا شَيْئا من المتقابلات الَّتِي يحمل عَلَيْهَا، وَإِلَّا لما اجْتمعت مَعَ الْمُقَابل الآخر، بل هِيَ صَالِحَة لكل وَاحِد من المتقابلين غير منفكة عَنْهُمَا وَذهب جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين إِلَى امْتنَاع إِطْلَاق الْمَاهِيّة على الْوَاجِب سُبْحَانَهُ لإشعاره بالجنسية، يُقَال: مَا هُوَ؟ أَي: من أَي جنس وَمَا رُوِيَ عَن أبي حنيفَة أَن الله تَعَالَى مَاهِيَّة لَا يعلمهَا إِلَّا هُوَ فَلَيْسَ بِصَحِيح وَلم يُوجد فِي كتبه وَلم ينْقل عَن أَصْحَابه العارفين بمذهبه [وَالْمرَاد بِالْجِنْسِ هُنَا الْجِنْس المنطقي الْخَاص الَّذِي هُوَ مُقَابل للنوع لَا اللّغَوِيّ الَّذِي هُوَ يعم الْأَنْوَاع وَلَا ينْحَصر فِي جُزْء الْمَاهِيّة، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبر فِي الْمَاهِيّة فَلَا يلْزم التَّرْكِيب حِينَئِذٍ، إِذْ الْجِنْس بِهَذَا الْمَعْنى لَا يسْتَلْزم الْفَصْل الْمُقدم والمتكلمون على أَنه تَعَالَى حَقِيقَة نوعية بسيطة وَاعْلَم أَن عدم مُشَاركَة الْبَارِي شَيْئا من الْأَشْيَاء لَا يدل على انْتِفَاء الْجِنْس والفصل المستلزم لانْتِفَاء الْحَد عكس البسائط الخارجية المركبة مِنْهُمَا الْبَتَّةَ بِنَاء على عدم جَوَاز تركب الْمَاهِيّة من أَمريْن متساويين، وتفريع عدم انْفِصَاله عَن غَيره بِمَعْنى فَصلي على عدم الْمُشَاركَة أَيْضا مَبْنِيّ على ذَلِك لجَوَاز أَن يكون لَهُ منحصر فِي نَوعه المنحصر فِي ذَاته تَعَالَى وبرهان التَّوْحِيد لَا يدل على انتفائه، وعَلى تَقْدِير تَسْلِيم انتفائهما لَا يلْزم أَن لَا ينْفَصل بِعرْض لجَوَاز أَن ينْفَصل بِعرْض يُفِيد امتيازه عَن جَمِيع مَا عداهُ مَعَ امتيازه بِذَاتِهِ وذاته تَعَالَى كَذَلِك عِنْد التَّحْقِيق الْمِائَة: هِيَ عدد اسْم يُوصف بِهِ نَحْو: (مَرَرْت بِرَجُل مائَة إبِله) ، وَالْوَجْه الرّفْع وَيجمع على مئات ومئين وَالْمِائَة فِي ثلثمِائة فِي معنى المئات، لِأَن حق مُمَيّز الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة أَن يكون جمعا، وثلثمئات شَاذ لِأَن الْعَرَب كَرهُوا أَن يَجِيء التَّمْيِيز الَّذِي هُوَ اسْم

الْمَعْدُود الَّذِي هُوَ مُمَيّز الْعدَد مثل: رجل وَدِرْهَم بعد الْعدَد الْمَجْمُوع جمع الْمُؤَنَّث اللَّازِم على تَقْدِير جمع الْمِائَة بِالْألف وَالتَّاء وَأَن يُقَال: ثلثمئات رجل بعد كَون الْعَادة أَن يَجِيء بعد الْعدَد الَّذِي هُوَ فِي صُورَة الْجمع الْمُذكر، وَمثل عشْرين رجلا إِلَى تسعين، وَإِنَّمَا لم نجمعها لِأَن اسْتِعْمَال جمع مائَة مَعَ مميزها مرفوض فِي الْأَعْدَاد، وَلما كَانَ ثلثماثة جمعا فِي الْمَعْنى حسن إِضَافَته إِلَى الْجمع فِي {ثلثمِائة سِنِين} كَمَا فِي {بالأخسرين أعمالا} فَإِنَّهُ مُمَيّز بِالْجمعِ وَحقه الْمُفْرد نظرا إِلَى الْمُمَيز وَالنِّسْبَة مئوي الْمَادَّة: هِيَ على رَأْي متأخري المنطقيين عبارَة عَن كَيْفيَّة كَانَت لنسبة الْمَحْمُول إِلَى الْمَوْضُوع إِيجَابا كَانَ أَو سلبا وعَلى رَأْي متقدميهم: عبارَة عَن كَيْفيَّة النِّسْبَة الإيجابية فِي نفس الْأَمر بِالْوُجُوب والإمكان والامتناع وَلها أَسمَاء باعتبارات فَمن جِهَة توارد الصُّور الْمُخْتَلفَة عَلَيْهَا مَادَّة وطينة وَمن جِهَة استعدادها للصور قَابل وهيولى وَمن جِهَة أَن التَّرْكِيب يبتدأ مِنْهَا عنصر وَمن جِهَة أَن التَّحْلِيل يَنْتَهِي إِلَيْهَا اسطقس [والمادة وَالصُّورَة مخصوصتان بالأجسام وَقَالَ بعض الْمُحَقِّقين بطريانهما فِي الْأَعْرَاض أَيْضا] المولد، كالمظفر: هُوَ من ولد عِنْد الْعَرَب وَنَشَأ مَعَ أَوْلَادهم وتأدب بآدابهم، وَهُوَ من الْكَلَام الْمُحدث يُقَال: هَذِه عَرَبِيَّة مولدة وَمن أمثلته النحرير قَالَ الْأَصْمَعِي: لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب، بل هِيَ كلمة مولدة وَأجْمع أهل اللُّغَة على أَن (التشويش) لَا أصل لَهُ فِي الْعَرَبيَّة وَأَنه مولد وَكَذَا (القحبة) وَمَعْنَاهُ: الْبَغي [وَلَيْسَ هَذَا بأفحش من الزَّانِيَة كَمَا ظن] وَكَذَا قَول الْأَطِبَّاء: (بحران) ، وَكَذَا (الْفطْرَة) وَكَلَام الْعَرَب صَدَقَة الْفطر، وَكَذَا (الجبرية) خلاف الْقَدَرِيَّة، وَكَذَا (يَوْم باحور) وَهُوَ شدَّة الْحر فِي تموز وَكَذَا (برهن) والفصيح (أبره) وَفِي " الصِّحَاح ": كنه الشَّيْء: نهايته، وَلَا يشتق مِنْهُ فعل وَقَوْلهمْ: (لَا يكتنه الْوَصْف) بِمَعْنى لَا يبلغ كنهه كَلَام مولد وَكَذَا كَافَّة الْخلق وَلَا يستشهد على الْعُلُوم الثَّلَاثَة الَّتِي هِيَ علم اللُّغَة والتصريف والعربية إِلَّا بِكَلَام الْعَرَب نظما ونثرا، لِأَن الْمُعْتَبر فِيهَا ضبط ألفاظهم وَأما علم الْمعَانِي وَالْبَيَان والبديع فقد يستشهد عَلَيْهَا بِكَلَام الْعَرَب وَغَيرهم لِأَنَّهَا رَاجِعَة إِلَى الْمعَانِي، وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين الْعَرَب وَغَيرهم إِذا كَانَ الرُّجُوع إِلَى الْعقل الْمُخْتَار: هُوَ لفظ مُتَرَدّد بَين الْفَاعِل وَالْمَفْعُول إِذْ أَصله بِكَسْر الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وَبِفَتْحِهَا تحركت الْيَاء فِي كل مِنْهُمَا بعد فَتْحة وقلبت ألفا، وَيَقَع التَّمْيِيز لَهما بِحرف الْجَرّ، تَقول فِي الْفَاعِل: مُخْتَار لكذا، وَفِي الْمَفْعُول: مُخْتَار من كَذَا وَقد خطأ أَبُو عَمْرو الْأَصْمَعِي فِي تصغيره على مخيتير فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مخيتر، أومخير، بِحَذْف التَّاء لِأَنَّهَا زَائِدَة وَالْمُخْتَار: هُوَ الَّذِي إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ ترك [أطلق على الْبَارِي على المذهبين وَهَذَا مُوَافق لما

ذكر فِي " شرح المواقف " فِي هَذَا الْمقَام، وَهُوَ إِن شَاءَ ترك، وَالْأولَى إِن لم يَشَأْ لم يفعل، كَمَا فِي " شرح المواقف " فِي الإلهيات حَيْثُ قَالَ: وَأما كَونه تَعَالَى قَادِرًا بِمَعْنى إِن شَاءَ فعل وَإِن لم يَشَأْ لم يفعل فَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ بَين الْفَرِيقَيْنِ وَقَالَ قبيل ذكر الْفُرُوع على إِثْبَات الْقُدْرَة بعد تَفْسِير الْقَادِر بِمَعْنى إِن شَاءَ فعل وَإِن لم يَشَأْ لم يفعل وَهَذَا أولى مِمَّا قيل: هُوَ الَّذِي إِن شَاءَ أَن يفعل فعل، وَإِن شَاءَ أَن لَا يفعل لم يفعل، لِأَن استناد الْعَدَم إِلَى مَشِيئَة الْقَادِر يَقْتَضِي حُدُوثه، كَمَا فِي الْوُجُود فَيلْزم أَن لَا يكون الْقدَم أزليا، وَأما أَنه بِمَعْنى يَصح مِنْهُ الْفِعْل وَالتّرْك فَعِنْدَ الْمُتَكَلِّمين فَقَط وَإِنَّمَا قدم السَّيِّد فِي بَيَان الْمُخْتَار صِحَة التّرْك على صِحَة الْفِعْل لِأَنَّهُ الْفَارِق بَين الْمُخْتَار والموجب لاشتراك صِحَة الْفِعْل بَينهمَا على تَقْدِير أَن يُرَاد بِالصِّحَّةِ الْإِمْكَان الْعَام وَإِرَادَة الْإِمْكَان الْخَاص بِهِ أظهر فِي الْفرق] الْمُنَاسبَة: هِيَ على ضَرْبَيْنِ مُنَاسبَة فِي الْمعَانِي، ومناسبة فِي الْأَلْفَاظ فالمعنوية: هِيَ أَن يَبْتَدِئ الْمُتَكَلّم بِمَعْنى ثمَّ يتم كَلَامه بِمَا يُنَاسِبه معنى دون لَفظه، فَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {أَو لم يهد لَهُم كم أهلكنا من قبلهم} إِلَى قَوْله: {أَفلا يسمعُونَ} {أولم يرَوا أَنا نسوق المَاء إِلَى الأَرْض الجرز} إِلَى قَوْله {أَفلا يبصرون} لِأَن موعظة الْآيَة الأولى سمعية، وموعظة الْآيَة الثَّانِيَة مرئية والمناسبة اللفظية: هِيَ دون رُتْبَة المعنوية فَهِيَ الْإِتْيَان بِكَلِمَات وَهِي على ضَرْبَيْنِ: تَامَّة وَغير تَامَّة، فالتامة أَن تكون الْكَلِمَات مَعَ الاتزان مقفاة والناقصة موزونة غير مقفاة فَمن التَّامَّة قَوْله تَعَالَى: {مَا أَنْت بِنِعْمَة رَبك بمجنون وَإِن لَك لأجرا غير ممنون} وَمن شَوَاهِد النَّاقِصَة قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " أُعِيذكُمَا بِكَلِمَات الله التَّامَّة من كل شَيْطَان وَهَامة وَمن كل عين لَامة " لم يقل النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام (ملمة) وَهِي الْقيَاس لمَكَان الْمُنَاسبَة اللفظية الْمَنْقُول: هُوَ مَا كَانَ مُشْتَركا بَين الْمعَانِي وَترك اسْتِعْمَاله فِي الْمَعْنى الأول، سمي بِهِ لنقله من الْمَعْنى الأول وَالْمَنْقُول حَقِيقَة فِي الأول مجَاز فِي الثَّانِي من حَيْثُ اللُّغَة، ومجاز فِي الأول حَقِيقَة فِي الثَّانِي من حَيْثُ النَّقْل، وهجران الْمَعْنى الأول لَا يشْتَرط فِي الْمَنْقُول، بل الْغَلَبَة فِي الثَّانِي كَافِيَة والناقل إِمَّا الشَّرْع فَيكون مَنْقُولًا شَرْعِيًّا أَو غَيره، وَهُوَ إِمَّا الْعرف الْعَام فالمنقول عرفي وَيُسمى حَقِيقَة عرفية، أَو الْعرف الْخَاص وَيُسمى مَنْقُولًا اصطلاحيا كاصطلاح النُّحَاة والنظار والمرتجل مَا لَا معنى لَهُ أَولا الْمُرَاجَعَة: هِيَ أَن يُمكن الْمُتَكَلّم مُرَاجعَة فِي القَوْل جرت بَينه وَبَين محاور لَهُ بأوجز عبارَة وَأَعْدل سبك وأعذب أَلْفَاظ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (إِنِّي جاعلك للنَّاس إِمَامًا قَالَ وَمن ذريتي قَالَ لَا ينَال

{عهدي الظَّالِمين} جمع الْخَبَر والطلب وَالْإِثْبَات وَالنَّفْي والتأكيد والحذف والبشارة والنذارة والوعد والوعيد الْمُطَالبَة: هِيَ تسْتَعْمل فِي الْعين يُقَال (طَالب زيد عمرا بِالدَّرَاهِمِ) والمراودة: لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الْعَمَل يُقَال: (راوده عَن المساعدة) وَلِهَذَا نتعدى المراودة إِلَى مفعول ثَان بِنَفسِهِ، والمطالبة بِالْبَاء، وَذَلِكَ لِأَن الشّغل مَنُوط بِاخْتِيَار الْفَاعِل وَالْعين قد تُوجد من غير اخْتِيَار مِنْهُ، وَلِهَذَا يفْتَرق الْحَال بَين قَوْلك: (أَخْبرنِي زيد عَن مَجِيء فلَان) وَبَين (أَخْبرنِي بمجيئه) فَإِن الْإِخْبَار فِي الأول رُبمَا يكون عَن كَيْفيَّة الْمَجِيء، وَفِي الثَّانِي لَا يكون إِلَّا عَن نفس الْمَجِيء الْمِفْتَاح: آلَة الْفَتْح كالمفتح، وكمسكن: الخزانة والكنز والمخزن والمفاتح جمع مفتح بِالْكَسْرِ وَالْقصر: وَهُوَ الْآلَة الَّتِي يفتح بهَا، أَو جمع (مفتح) بِفَتْح الْمِيم وَهُوَ الْمَكَان لَا جمع (مِفْتَاح) إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك يَنْبَغِي أَن تقلب ألف الْمُفْرد يَاء فَيُقَال: مَفَاتِيح كدنانير ومصابيح ومحاريب وَهَذَا كَمَا أَتَوا بِالْيَاءِ فِي جمع مَا لَا مُدَّة فِي مفرده كَقَوْلِهِم: (دراهيم وصياريف) المرافقة: الِاجْتِمَاع فِي الطَّعَام أَو شَيْء يَجْتَمِعَانِ عَلَيْهِ بِأَن كَانَ مقامهما فِي مَكَان وَاحِد حَتَّى إِذا كَانَا فِي سفينة وَلَا يأكلان على خوان وَاحِد فَلَيْسَ بمرافقة، وَأما إِذا كَانَا فِي محمل كراؤهما وقطارهما وَاحِد فَهُوَ مرافقة، وَلَو اخْتلف الْكِرَاء فَلَا مرافقة وَإِن اتَّحد السّير والرفيق: الْمرَافِق يجمع على رُفَقَاء، وَإِذا تفَرقُوا ذهب اسْم الرّفْقَة لَا اسْم الرفيق والمرفق كالمرجع: فِي الْأَمر، وكالمنبر فِي الْيَد ومرافق الدَّار أَعم من حُقُوقهَا، فَإِن الْمرَافِق تَابع الدَّار مِمَّا يرتفق بِهِ كالمتوضأ والمطبخ الْموقف: هُوَ زمَان يُوقف فِيهِ لأجل المخاصمات، وَوزن (مفعل) فِي معتل الْفَاء بِالْوَاو يصلح للزمان وَالْمَكَان والمصدر وَالْمَوْقُوف: هُوَ الَّذِي لَا يعرف فِي الْحَال مَعَ وجود ركن الْعلَّة لعَارض كَبيع الْفُضُولِيّ ونكاحه فَيتَوَقَّف فِي جَوَابه لِأَنَّهُ لَا يدْرِي أَن الْمَانِع يَزُول فَيَقَع الحكم، أَو لَا يَزُول فَيفْسخ الْمُوجب: مُوجب اللَّفْظ يثبت بِاللَّفْظِ وَلَا يفْتَقر إِلَى النِّيَّة، ومحتمل اللَّفْظ يثبت مَعَ النِّيَّة الإقضاء فِيمَا فِيهِ تَخْفيف وَمَا لَا يحْتَملهُ اللَّفْظ لَا يثبت وَإِن نوي، وَيثبت الْمُوجب بِدُونِ قرينَة، والمحتمل يثبت بِقَرِينَة والمقتضى: أَعم من الْمُوجب والمرجح، فَمُقْتَضى الْحَال يكون تَارَة راجحا على خِلَافه مَعَ جَوَاز خِلَافه، وَتارَة يكون وَاجِبا بِحَيْثُ لَا يجوز خِلَافه والمقتضى فِي اصطلاحهم أَعم لما هُوَ باعث مُتَقَدم وَلما هُوَ غَايَة مُتَأَخِّرَة وَالْكَلَام الْمُوجب، بِفَتْح الْجِيم: مَعْنَاهُ الْكَلَام الَّذِي اعْتبر فِيهِ الْإِيجَاب أَي الحكم بالثبوت

وبكسرها: مَا لَا يكون فِيهِ نفي وَلَا نهي وَلَا اسْتِفْهَام سمي بِهِ لِأَن عُرْيَانَهُ عَن ذَلِك سَبَب وَمُوجب لنصبه أَو لاشْتِمَاله على الْإِيجَاب [الْمَوْضُوع: هُوَ عبارَة عَن المبحوث بِالْعلمِ عَن أعراضه الذاتية المنيف: المشرف العالي من أناف على كَذَا: أشرف عَلَيْهِ المسكة: مِقْدَار مَا يتَمَسَّك بِهِ من عقل أَو علم أَو قُوَّة المظنة: مَظَنَّة الشَّيْء: مألفه الَّذِي يظنّ كَونه فِيهِ] الْمعرفَة: تقال للإدراك الْمَسْبُوق بِالْعدمِ، ولثاني الادراكين إِذا تخللهما عدم، ولإدراك الجزئي، ولإدراك الْبَسِيط وَالْعلم يُقَال لحُصُول صُورَة الشَّيْء عِنْد الْعقل، وللاعتقاد الْجَازِم المطابق الثَّابِت، ولإدراك الْكُلِّي، ولإدراك الْمركب والمعرفة قد تقال فِيمَا تدْرك آثاره، وَإِن لم تدْرك ذَاته وَالْعلم لَا يُقَال إِلَّا فِيمَا أدْرك ذَاته والمعرفة تقال فِيمَا لَا يعرف إِلَّا كَونه مَوْجُودا فَقَط وَالْعلم أَصله أَن يُقَال فِيمَا يعرف وجوده وجنسه وكيفيته وعلته والمعرفة تقال فِيمَا يتَوَصَّل إِلَيْهِ بتفكر وتدبر وَالْعلم قد يُقَال فِي ذَلِك وَفِي غَيره المزاوجة: هِيَ تَرْتِيب معنى على معيين فِي الشَّرْط وَالْجَزَاء أَو مَا جرى مجراهما، وَمِنْه فِي الْقُرْآن: {آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا فَأتبعهُ الشَّيْطَان فَكَانَ من الغاوين} الْمَذْهَب: المعتقد الَّذِي يذهب إِلَيْهِ، والطريقة وَالْأَصْل والمتوضأ وَالْمذهب الكلامي: هُوَ ذكر الْحجَّة على صُورَة الْقيَاس نَحْو: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} ، {وَهُوَ الَّذِي يبْدَأ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ} وَالْفرق بَينه وَبَين حسن التَّعْلِيل اشْتِرَاط الْبُرْهَان فِي الأول دون الثَّانِي (ومذهبنا مَذْهَب الْعشْرَة المبشرة وَابْن مَسْعُود وَأحمد رضوَان الله عَلَيْهِم وَهُوَ اسْم الْجُمْهُور من الصَّحَابَة ومذهبنا صَوَاب يحْتَمل الْخَطَأ وَمذهب مخالفنا خطأ يحْتَمل الصَّوَاب) وَالْحق مَا نَحن عَلَيْهِ فِي الِاعْتِقَاد، وَالْبَاطِل مَا هُوَ عَلَيْهِ خصومنا (هَذَا نقل عَن الْمَشَايِخ) كَمَا فِي " الْمُصَفّى " [وَفِي " التَّقْوِيم " فِي مسَائِل الِاجْتِمَاع فِي التَّمَسُّك بقوله تَعَالَى: {كُنْتُم خير أمة} أَن كلمة (خير) تدل على نِهَايَة الْخَيْرِيَّة، وَنَفس الْخَيْرِيَّة فِي كينونة العَبْد مَعَ الْحق ضد الْبَاطِل وَالنِّهَايَة فِي كينونة الْحق على الْحَقِيقَة فدلت صفة الْخَيْرِيَّة وَهِي

بِمَعْنى (أفعل) على أَنهم مصيبون لَا محَالة الْحق الَّذِي هُوَ حق عِنْد الله تَعَالَى] المرجئة: هم الَّذين يحكمون بِأَن صَاحب الْكَبِيرَة لَا يعذب أصلا وَإِنَّمَا الْعَذَاب وَالنَّار للْكفَّار والمعتزلة جعلُوا عدم الْقطع بالعقاب وتفويض الْعلم إِلَى الله تَعَالَى يغْفر إِن شَاءَ ويعذب إِن شَاءَ على مَا هُوَ مَذْهَب أهل الْحق بِمَعْنى أَنه تَأْخِير لِلْأَمْرِ وَعدم الْجَزْم بالثواب وَالْعِقَاب وَبِهَذَا الِاعْتِبَار جعل أَبُو حنيفَة من المرجئة وَقد قيل لَهُ: من أَيْن أخذت الإرجاء؟ قَالَ: من الْمَلَائِكَة قَالُوا: {لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا} المزاج: مزاج الشَّيْء اسْم لما يمزج بِهِ أَي: يخلط، كالقوم اسْم لما يُقَام بِهِ الشَّيْء وَمِنْه مزاج الْبدن، وَهُوَ مَا يمازجه من الصَّفْرَاء والسوداء والبلغم وَالدَّم والكيفيات الْمُنَاسبَة لكل وَاحِد مِنْهَا مُرَاعَاة الجناس: هُوَ من فَوَائِد وضع الظَّاهِر مَوضِع الْمُضمر، وَمِنْه " سُورَة النَّاس " وَمثله ابْن الصَّائِغ بقوله تَعَالَى: {خلق الْإِنْسَان من علق} ثمَّ قَالَ: {علم الْإِنْسَان مَا لم يعلم} ، {كلا إِن الْإِنْسَان ليطْغى} فَإِن المُرَاد بالإنسان الأول: الْجِنْس وَبِالثَّانِي: آدم، و (مَا لم يعلم) الْكِتَابَة، أَو إِدْرِيس وبالثالث: أَبُو جهل المبادئ: هِيَ مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْمسَائِل بِلَا وَاسِطَة لِأَنَّهَا مِنْهَا والمقدمة: مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْمسَائِل بِلَا بِوَاسِطَة؛ فبينهما عُمُوم وخصوص مُطلق والمبادئ التصورية: هِيَ حُدُود الموضوعات أَو حد مَا صدق عَلَيْهِ مَوْضُوع الْفَنّ أَو حد جزئي لَهُ أَو حد أَجْزَائِهِ أَو حُدُود أَنْوَاعهَا والمبادئ التصديقية: هِيَ أَطْرَاف الْمسَائِل والمبادئ الْعَالِيَة: يعْنى بهَا الْعُقُول الفلكية الْمحَال، بِالضَّمِّ: مَا أُحِيل من جِهَة الصَّوَاب إِلَى غَيره، وَيُرَاد بِهِ فِي الِاسْتِعْمَال: مَا اقْتضى الْفساد من كل وَجه كاجتماع الْحَرَكَة والسكون فِي شَيْء وَاحِد فِي حَالَة وَاحِدَة وَكَذَا خلو الْجِسْم عَنْهُمَا فِي زمَان وبالفتح: الشَّك وبالكسر: الْمَكْر الْمَحْض: هُوَ تَخْلِيص الشَّيْء مِمَّا فِيهِ عيب كالفحص، لَكِن الفحص يُقَال فِي إبراز شَيْء من أثْنَاء مَا يخْتَلط بِهِ وَهُوَ مُنْفَصِل، والمحض يُقَال فِي إبراز شَيْء مِمَّا هُوَ مُتَّصِل بِهِ المعرض، بِفَتْح الْمِيم: اسْم مَوضِع من عرض يعرض كضرب يضْرب إِذا ظهر وبكسر الْمِيم: الثَّوْب الَّذِي يعرض فِيهِ الْجَارِيَة للْمُشْتَرِي المعزل، بِكَسْر الزَّاي: اسْم مَكَان الْعُزْلَة، وَكَذَا اسْم الزَّمَان بِالْفَتْح: مصدر، وَأَصله من الْعَزْل وَهُوَ التنحية والإبعاد الْمُرْضع: هِيَ الَّتِي من شَأْنهَا أَن ترْضع وَإِن لم

تباشر الْإِرْضَاع فِي حَال وَضعهَا والمرضعة: هِيَ الَّتِي فِي حَال الْإِرْضَاع ملقمة ثديها للصَّبِيّ هَذَا هُوَ الْفرق بَين الصّفة الْقَدِيمَة والحادثة، فعلى هَذَا قَوْله تَعَالَى: {تذهل كل مُرْضِعَة عَمَّا أرضعت} أبلغ من مرضع فِي هَذَا الْمقَام الْمجد: هُوَ نيل الشّرف وَالْكَرم وَلَا يكون إِلَّا بِالْآبَاءِ أَو كرم الْآبَاء خَاصَّة مجده: عظمه وَأثْنى عَلَيْهِ والمجيد: الرفيع العالي والماجد: الْكثير الْكَرم الْمعدة ككلمة ومحنة: مَوضِع الطَّعَام قبل انحداره إِلَى الأمعاء، وَهُوَ لنا بِمَنْزِلَة الكرش للأظلاف والأخلاف المزية: الْفَضِيلَة وَالْجمع مزايا، وَلَا يبْنى مِنْهَا الْفِعْل الثلاثي المهابة: يُرَاد بهَا عرفا الْحَالة الَّتِي تكون فِي قُلُوب الناظرين إِلَى الْمُلُوك [غَالِبا] وَقد نظمت فِيهِ: (يخال فِي حشم فَردا لهيبته ... وعيب مَجْلِسه ينسيك البابا) والروعة: الْخَوْف الَّذِي يَتَجَدَّد بمخاطبتهم الْمُضمر: لَهُ وجود حَقِيقِيّ فَإِنَّهُ بَاقٍ مَعْنَاهُ وأثره أَيْضا والمحذوف: وَإِن أسقط لَفظه لَكِن مَعْنَاهُ بَاقٍ وينتظمه الْمُقدر والمتروك: لَا بَقَاء لمعناه وَلَا لأثره والمستتر: مَفْرُوض الْوُجُود مُقَدرا وَلَا وجود لَهُ بِالْفِعْلِ والمضمر: إِشَارَة إِلَى مَا قبله والمبهم: إِشَارَة إِلَى مَا بعده والمتروك: أَعم من المهجور لِأَن الْمَعْنى المطابقي إِذا لم يرد فِي مَوضِع، بل يُرَاد التضمني، والالتزامي يصدق عَلَيْهِ أَنه مَتْرُوك وَلَا يصدق عَلَيْهِ إِنَّه مهجور الْمَنْدُوب إِلَيْهِ: هُوَ مدعُو إِلَيْهِ على طَرِيق الِاسْتِحْبَاب دون الحتم، والإيجاب وَحده مَا يكون إِتْيَانه أولى من تَركه وَقيل: مَا يكون فِي مُبَاشَرَته ثَوَاب وَلَيْسَ فِي تَركه عِقَاب الْمُقدمَة، مُقَدّمَة الْعلم: مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ صِحَة الشُّرُوع ومقدمة الْكتاب: مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الشُّرُوع على بَصِيرَة، وَيحصل الأول بالتصوير بِوَجْه مَا والتصديق بفائدة الْمولى: هُوَ لفظ مُشْتَرك يُطلق لمعان هُوَ فِي كل مِنْهَا حَقِيقَة: الْمُعْتق وَالْمُعتق، والمتصرف فِي الْأُمُور، والناصر، والمحبوب {وَأَن الْكَافرين لَا مولى لَهُم} أَي: لَا نَاصِر لَهُم فَيدْفَع عَنْهُم الْعَذَاب {وردوا إِلَى الله مَوْلَاهُم الْحق} أَي: مالكهم [و {مأواكم النَّار هِيَ مولاكم} أَي: هِيَ أولى بكم، أَو مَكَانكُمْ عَمَّا قريب، أَو ناصركم أَو متوليكم]

والموالي: جمع مولى مخفف (مولى) كَمَا قَالُوا فِي الْمَعْنى، [ {وَإِنِّي خفت الموَالِي من ورائي} المُرَاد ابْن الْعم وَمعنى حَدِيث: " من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ " أَي من كنت ناصره على دينه وحاميا لَهُ بباطني فعلي ناصره وحاميه بباطنه وَظَاهره] وَإِنَّمَا أطلق الموَالِي على الْعَجم بِاعْتِبَار أَن أَكثر بِلَادهمْ فتحت عنْوَة وَأعْتق أَهلهَا حَقِيقَة أَو حكما الْموعد: هُوَ يحْتَمل الْمصدر كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَاجْعَلْ بَيْننَا وَبَيْنك موعدا} وَيشْهد لَهُ {لَا نخلفه نَحن وَلَا أَنْت} وَالزَّمَان وَيشْهد لَهُ: {قَالَ مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة} . وَالْمَكَان وَيشْهد لَهُ: {مَكَانا سوى} وَإِذا أعرب مَكَانا بَدَلا مِنْهُ لَا ظرفا لتخلفه تعين ذَلِك الْمرجع: الرُّجُوع إِلَى الْموضع الَّذِي كَانَ فِيهِ والمصير: هُوَ الرُّجُوع إِلَى الْموضع الَّذِي لم يكن فِيهِ المثلث، ويخفف: هُوَ السَّاعِي بأَخيه عِنْد السُّلْطَان لِأَنَّهُ يهْلك ثَلَاثَة نَفسه وأخاه وَالسُّلْطَان الْمَسْجِد، بِالْكَسْرِ: مَوضِع السُّجُود وَالَّذِي يصلى فِيهِ شَاذ قِيَاسا لَا اسْتِعْمَالا المضارعة: المشابهة، مُشْتَقَّة من الضَّرع كَأَن كلا الشبهين ارتضعا من ضرع وَاحِد فهما أَخَوان رضَاعًا الْمُرَاهق: هُوَ من عشر سِنِين إِلَى خمس عشرَة سنة. والمراهقة: من تسع سِنِين إِلَى خمس عشرَة سنة والمبتدأة: بِفَتْح الدَّال: هِيَ المراهقة الَّتِي لم تبلغ قبل الْمِثَال: فرق بَينه وَبَين التَّمَسُّك لِأَن التَّمَسُّك مَشْرُوط بِكَوْنِهِ نصا فِي الْمَقْصُود لَا يحْتَمل لغيره لِأَنَّهُ دَلِيل مُثبت، فَلَو كَانَ فِيهِ احْتِمَال لما كَانَ مثبتا وَحجَّة وبرهانا وَأما الْمِثَال فالمقصود مِنْهُ التَّوْضِيح فِي الْجُمْلَة فَلَا يضرّهُ الِاحْتِمَال، فَلهَذَا السِّرّ شرطُوا فِي التَّمَسُّك النصوصية دون الْمِثَال وَقد شاع عِنْد أهل الْعَرَبيَّة أَنهم يعتمدون كثيرا على الْمِثَال، والاعتماد على الْمِثَال ضرب من الِاعْتِذَار، والمحتاج إِلَى الِاعْتِذَار هُوَ التّرْك لَا الذّكر الْمَكْرُوه: هُوَ ضد المحبوب مَأْخُوذ من الْكَرَاهَة الَّتِي هِيَ ضد الْمحبَّة والرضى وَحده مَا يكون تَركه أولى من إِتْيَانه وتحصيله الْمُقدم: مقدم كل شَيْء ومؤخره بالتثقيل، إِلَّا مقدم الْعَيْش ومؤخره فَإِنَّهُ بِكَسْر الدَّال وَالْخَاء وبالتخفيف الْمُعَلَّى: هُوَ من قداح الميسر وَهُوَ الَّذِي لَهُ سَبْعَة أسْهم، من فَازَ بِهِ أَخذ سَبْعَة أعشار لحم الْجَزُور، وَإِن خَابَ أَخذ مِنْهُ سَبْعَة أعشار ثمنه الْمَنّ: هُوَ كيل مَعْرُوف، أَو ميزَان، أَو رطلان كالمنا، يجمع على (أمنان) ، وَيجمع المنا على أُمَنَاء

والمن أَيْضا: طل ينزل من السَّمَاء وَإِطْلَاق الْأَسير بِلَا أَخذ المَال والْمنَّة، بِالْكَسْرِ: مصدر (من عَلَيْهِ منَّة) إِذا امتن وَيُقَال: الْمِنَّة تهدم الصنيعة (والْمنَّة، بِالضَّمِّ: الْقُوَّة) والمنون: الدَّهْر، وَالْكثير الامتنان وَإِنَّمَا سمي بِهِ الدَّهْر لِأَنَّهُ يقطع قُوَّة الْإِنْسَان، أَو من الْمَنّ وَهُوَ الْقطع [لِأَن الْمَقْصُود بهَا قطع الْحَاجة] وَقيل: الْمنون الْمَوْت (سمي منونا لِأَنَّهُ) يقطع الْعُمر وريب الْمنون: أوجاعه والْمنَّة، بِالْكَسْرِ أَيْضا: (النِّعْمَة الثَّقِيلَة) ، وَيكون ذَلِك بِالْفِعْلِ، و (عَلَيْهِ) قَوْله تَعَالَى: {لقد من الله على الْمُؤمنِينَ} وَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَة لَا يكون إِلَّا لله، وَقد يكون بالْقَوْل وَذَلِكَ مستقبح فِيمَا بَين النَّاس إِلَّا عِنْد كفران النِّعْمَة والمنان: من أَسمَاء الله تَعَالَى أَي الْمُعْطِي ابْتِدَاء و {أجر غير ممنون} أَي: غير مَحْسُوب وَلَا مَقْطُوع الْمِحْرَاب: الْمَكَان الرفيع والمجلس الشريف لِأَنَّهُ يدافع عَنهُ ويحارب دونه مِنْهُ قيل: (محراب الْأسد) لمأواه، وَسمي للقصر والغرفة المنيفة محرابا الْمَجْبُوب: هُوَ مَقْطُوع الذّكر والخصيتين والخصي: هُوَ مَقْطُوع الخصيتين فَقَط والعنين: هُوَ من لَا يقدر على الْجِمَاع، أَو يصل إِلَى الثّيّب دون الْبكر، أَو لَا يصل إِلَى امْرَأَة وَاحِدَة بِعَينهَا [والمخنث: من يُمكن غَيره من نَفسه، أَو الَّذِي فِي أَعْضَائِهِ لين وتكسر بِأَصْل الْخلقَة وَلَا يَشْتَهِي النِّسَاء، وتركيب الخنث يدل على لين وتكسر قيل فِي قَوْله تَعَالَى: {غير أولي الإربة من الرِّجَال} هُوَ المخنث الَّذِي لَا يَشْتَهِي النِّسَاء، وَقيل: هُوَ الْمَجْبُوب الَّذِي جف مَاؤُهُ، وَقيل: الأبله الَّذِي لَا يدْرِي مَا يصنع بِالنسَاء وَإِنَّمَا همه بَطْنه وَالأَصَح أَن الْآيَة من المتشابهات] وَيُقَال لمقطوع الذّكر: مَذْكُور أَيْضا كَمَا يُقَال لمقطوع السُّرَّة: مسرور المرارة، بِالْفَتْح: هنة لَازِقَة بالكبد لَهَا فَم إِلَى الكبد ومجرى فِيهِ يحدث الْخَلْط الغليظ الْمُوَافق لَهَا والمرارة الصَّفْرَاء، ويتصل هَذَا المجرى بِنَفس الكبد وَالْعُرُوق الَّتِي فِيهَا يتكون الدَّم وَمن مَنَافِعهَا تنقية الكبد عَن الْفضل الرغوي وتسخينها كالوقود تَحت الْقدر، وتلطيف الدَّم، وَتَحْلِيل الأمعاء، وَشد مَا يسترخي من العضل حولهَا، وَلَوْلَا جذب المرارة الْمرة الصَّفْرَاء لسرت إِلَى الْبدن مَعَ الدَّم فيتولد عَنْهَا اليرقان الْأَصْفَر كَمَا أَن الطحال لَوْلَا جذبه الْمرة السَّوْدَاء لسرت فِي الْبدن فَحدث عَنْهَا اليرقان الْأسود، وَلكُل ذِي روح مرَارَة إِلَّا

النعام وَالْإِبِل الْمَنِيّ: هُوَ مَاء دافق يخرج من بَين صلب الرجل وترائب الْمَرْأَة والودي: هُوَ مَا يخرج بعد الْبَوْل والمذي: هُوَ مَا يخرج عِنْد الملاعبة، فَإِن الْقَضِيب فِيهِ مجار ثَلَاثَة: (مجْرى الْبَوْل، ومجرى الْمَنِيّ، ومجرى الْمَذْي) وَقُوَّة الانتشار تَأتيه من الْقلب، والحس من الدِّمَاغ والنخاع، وَالدَّم المعتدل والشهوة من الكبد وَزعم بقراط أَن مَادَّة الْمَنِيّ من الدِّمَاغ وانه ينزل فِي العرقين اللَّذين خلف الْأذن، وَلذَلِك يقطع فصدهما النَّسْل، فيصبان إِلَى النخاع ثمَّ إِلَى الْكُلية ثمَّ إِلَى الْعُرُوق الَّتِي تَأتي الْأُنْثَيَيْنِ وَقَالَ غَيره: خميرة الْمَنِيّ من الدِّمَاغ وَله نصيب من كل عُضْو رَئِيس المَاء: هُوَ جسم رَقِيق مَائِع بِهِ حَيَاة كل نَام حكى بَعضهم: (مَا) بِالْقصرِ، وهمزته منقلبة عَن هَاء بِدلَالَة ضروب تصاريفه، وَالنّسب إِلَيْهِ (مائي) و (ماوي) و (ماهي) وَالْجمع (أمواه) و (مياه) المناط: لُغَة: مَوضِع النوط وَهُوَ التَّعَلُّق والإلصاق، من ناط الشَّيْء بالشَّيْء إِذا ألصقه وعلقه المثابة فِي الأَصْل: الْموضع الَّذِي يُثَاب إِلَيْهِ أَي يرجع مرّة بعد أُخْرَى وَيُقَال للمنزل مثابة لِأَن أَهله يَنْصَرِفُونَ فِي أَمرهم ثمَّ يثوبون إِلَيْهِ الْمَنْع: منع يتَعَدَّى تَارَة إِلَى مَمْنُوع وممنوع فِيهِ بِنَفسِهِ تَقول: منعته كَذَا، وَيَتَعَدَّى إِلَى الثَّانِي ب (عَن) مَذْكُورا [يُقَال: (منعت فلَانا عَن حَقه) ] وَتارَة بِحَذْف حرف الْجَرّ إِذا كَانَ مَعَ (أَن) وَالْمَانِع عِنْد أهل الْأُصُول: هُوَ الْوَصْف الوجودي الظَّاهِر المنضبط الْمُعَرّف نقيض الحكم كالأبوة فِي الْقود وَالْمَانِع من الْإِرْث: عبارَة عَن انعدام الحكم عِنْد وجود السَّبَب المناقشة فِي الأَصْل من نقش الشَّوْكَة: وَهُوَ استخراجها كلهَا، وَمِنْه: (انتقشت مِنْهُ جَمِيع حَقي) المقحم: الْمدْخل بالعنف من غير ضَرُورَة واحتياج الْمِيقَات: هُوَ مَا قدر فِيهِ عمل من الْأَعْمَال وَالْوَقْت: وَقت للشَّيْء من غير تَقْدِير عمل أَو تَقْدِيره المنقار: هُوَ للطائر والنسر: للجارح والمخلب: لما يصيد من الطير وَالظفر: لما لَا يصيد وَقيل: المخلب ظفر كل سبع طائرا كَانَ أَو مَاشِيا المنهل: هُوَ من قَوْلهم: أنهله ينهله إنهالا: إِذا أوردهُ النهل وَهُوَ الشّرْب الأول المحز: مَوضِع الحز، وَهُوَ الْقطع وَأصَاب المحز: عبارَة عَن فعل الْأَمر على مَا يَنْبَغِي ويليق

الْمَرْوَة: بتَشْديد الْوَاو، وَكَذَا بإبقاء الْهمزَة: وَهِي الإنسانية. وَقيل: الرجولية الْكَامِلَة المنوال: الْخَشَبَة الَّتِي يلف النساج عَلَيْهَا الثَّوْب حَتَّى ينسجه الْمُتَعَارف: هُوَ مَا يكون عَلَيْهِ الْعرف الْعَام أَي أَكثر النَّاس الممارسة: المداومة وَكَثْرَة الِاشْتِغَال بالشَّيْء والمارستان، بِفَتْح الرَّاء: دَار المرضى الْمحْضر: هُوَ مَا يكْتب إِذا ادّعى أحد على الآخر، وَإِذا أجَاب الآخر وَأقَام الْبَيِّنَة فالتوفيق، وَإِذا حكم فالسجل المثار، مثار الشَّيْء بِالْفَتْح: مدركه ومنشؤه الْمدَّة: هِيَ حَرَكَة الْفلك من مبدئها إِلَى مُنْتَهَاهَا، سميت الْمدَّة مُدَّة لِأَنَّهَا تمتد بِحَسب تلاصق أَجْزَائِهَا وتعاقب أبعاضها، فالامتداد إِنَّمَا يَصح فِي حق الزَّمَان والزمانيات الْمَدّ فِي الْعُمر لَا يتَعَدَّى بِنَفسِهِ بل بِاللَّامِ الملاسة: هِيَ عبارَة عَن اسْتِوَاء وضع الْأَجْزَاء المعيار: هُوَ مَا يعرف بِهِ الْعيار والمسبار: مَا يعرف بِهِ غور الْجرْح الْمهل، بِالسُّكُونِ: الرِّفْق وبالتحريك: التَّقَدُّم الْمَتْن: الظّهْر، وَمَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ السَّنَد من الْكَلَام الْملك الْمُطلق: هُوَ الَّذِي يثبت للْحرّ وَمُطلق الْملك يثبت للْعَبد المَاء الْمُطلق: طهُور وَمُطلق المَاء يَنْقَسِم إِلَى الطّهُور وَغَيره الْمَلأ الْأَعْلَى: أشرف الْمَلَائِكَة، وأرواح الرُّسُل [قَالَ بَعضهم: الْمُسَمّى بالملأ الْأَعْلَى عِنْد أهل الشَّرْع هُوَ الْجَوَاهِر الغائبة عَن حواسنا الَّتِي هِيَ أجسام لَطِيفَة قَابِلَة للتشكل بأشكال مُخْتَلفَة مُتَعَلقَة بالسموات بالكون فِيهَا فالمتفق بَين أهل الشَّرْع والحكماء هُوَ التَّعَلُّق بالسموات وَإِن كَانَت جِهَة التَّعَلُّق مُخْتَلفَة] مذ ومنذ: يليهما اسْم مجرور، وَحِينَئِذٍ هما حرفا جر بِمَعْنى (من) فِي الْمَاضِي، و (فِي) فِي الْحَاضِر، و (من) و (إِلَى) جَمِيعًا فِي الْمَعْدُود أَو اسْم مَرْفُوع وَحِينَئِذٍ هما مبتدآن، مَا بعدهمَا خبر ومعناهما: الأمد فِي الْحَاضِر والمعدود، وَأول الْمدَّة فِي الْمَاضِي أَو ظرفان مخبر بهما عَمَّا بعدهمَا، ومعناهما: بَين وَبَين ك (لَقيته مذ يَوْمَانِ) أَي: بيني وَبَين لِقَائِه يَوْمَانِ وتليهما الْجُمْلَة الفعلية نَحْو: [مَا زَالَ مذ عقدت يَدَاهُ إزَاره أَو الإسمية نَحْو قَوْله] : فَمَا زلت أبغي المَال مذ أَنا يافع وَحِينَئِذٍ هما ظرفان مضافان إِلَى الْجُمْلَة، أَو إِلَى زمَان مُضَاف إِلَيْهَا مرْحَبًا: مَنْصُوب بِفعل مُضْمر أَي: صادفت رحبا بِضَم الرَّاء أَي: سَعَة وَقد يزِيدُونَ مَعهَا (أَهلا)

أَي: وجدت أَهلا فاستأنس، و (سهلا) أَيْضا أَي: وطِئت مَكَانا سهلا وَالنَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لما كَانَ مَحْمُولا إِلَى السَّمَاء لَيْلَة الْإِسْرَاء اقْتصر هُنَاكَ (بمرحبا) لاقْتِضَاء الْحَال لَهَا مثلا: نصب على المصدرية أَي: أمثل تمثيلا أَو نصب بمقدر أَي: أضْرب مثلا فعلى الأول مَا بعده بَيَان لَهُ كَقَوْلِه تَعَالَى: {فوسوس إِلَيْهِ الشَّيْطَان قَالَ يَا آدم} وعَلى الثَّانِي بدل مِنْهُ، وَإِنَّمَا يذكر هَذَا عِنْد إِيرَاد الْمِثَال الْمَخْصُوص مَكَانك: أَي اثْبتْ، وَقيل: تَأَخّر وَهِي كلمة وضعت على الْوَعيد كَقَوْلِه تَعَالَى: {مَكَانكُمْ أَنْتُم وشركاؤكم} كَأَنَّهُ قيل لَهُم: انتظروا مَكَانكُمْ حَتَّى يفصل بَيْنكُم مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: هُوَ ابْن عمرَان بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام لَا خوف فِي نسبه، وَهُوَ اسْم سرياني سمي بِهِ لِأَنَّهُ ألقِي بَين شجر وَمَاء، وَالْمَاء بالقبطية (مو) وَالشَّجر (شا) فعرب فَقيل مُوسَى (عَاشَ مائَة وَعشْرين سنة) لبث فِي قوم فِرْعَوْن ثَلَاثِينَ سنة، ثمَّ خرج إِلَى مَدين عشر سِنِين، ثمَّ عَاد إِلَيْهِم يَدعُوهُم إِلَى الله ثَلَاثِينَ سنة، ثمَّ بَقِي بعد الْغَرق خمسين سنة [نوع] {محصنات غير مسافحات} : عفائف غير زواني فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة {موَالِي} : عصبَة {مقيتا} : حفيظا {مراغما} : التَّحَوُّل من أَرض إِلَى أَرض {موقوتا} : مَفْرُوضًا {غير متجانف} : غير مُتَعَدٍّ لإثم {مكلبين} : ضواري {ومهيمنا} : أَمينا وَالْقُرْآن أَمِين على كل كتاب قبله {مدرارا} : يتبع بَعْضهَا بَعْضًا {مبلسون} : آيسون {لكل نبإ مُسْتَقر} : حَقِيقَة {مَيتا فأحييناه} : ضَالًّا فهديناه {مكانتكم} : ناحيتكم {مسفوحا} : مهراقا {مرتفقا} : متكأ

{مغارات} : الغيران فِي الْجَبَل {مدخلًا} : سربا {غير مجذوذ} : غير مُنْقَطع {متكأ} : مَجْلِسا {مُعَقِّبَات} : الْمَلَائِكَة {مهطعين} : ناظرين {مُسلمين} : مُوَحِّدين {مَوْزُون} : مَعْلُوم {مواخر} : جواري {كَالْمهْلِ} : عكر الزَّيْت {موبقا} : مهْلكا {موئلا} : منجى {بالواد الْمُقَدّس} : الْمُبَارك اسْمه: {طوى} {منسكا} : عيدا {كمشكاة} : مَوضِع الفتيلة فِي بيُوت الْمَسَاجِد، وَعَن مُجَاهِد: الكوة، بِلِسَان الْحَبَشَة {مُقرنين} : مطبقين {معارج} : الدرج {ملوكا} : أحرارا {الْمجِيد} : الْكَرِيم {مريج} : مُخْتَلف أَو منتشر {منقلبا} : مرجعا وعاقبة {المسيطرون} : المسلطون {وَعدا مَفْعُولا} : لَا بُد أَن يفعل {مارج} : خَالص النَّار {مرج} : أرسل {مترفين} : منعمين {للمقوين} : الْمُسَافِرين {مدينين} : محاسبين {مرحا} : اختيالا {مذءوما} : ملوم {مَدْحُورًا} : مُبْعدًا من رَحْمَة الله {المعصرات} : السَّحَاب

{مفازا} : متنزها {مسفرة} : مشرفة {بمسيطر} : بجبار {المتقون} : الْمُؤْمِنُونَ الَّذين يَتَّقُونَ الشّرك {فِي قُلُوبهم مرض} : نفاق {وموعظة} : تذكرة {متبر} : هَالك {مرْسَاها} : مُنْتَهَاهَا {والمنخنقة} : هِيَ الَّتِي تخنق فتموت {والموقوذة} : هِيَ الَّتِي تضرب بالخشب فتموت {والمتردية} : هِيَ الَّتِي تتردى من الْجَبَل {والنطيحة} : هِيَ الشَّاة الَّتِي تنطح الشَّاة {مَخْمَصَة} : مجاعَة {منيب} : الْمقبل إِلَى طَاعَة الله {المثلاث} : مَا أصَاب الْقُرُون الْمَاضِيَة من الْعَذَاب {شَدِيد الْمحَال} : الْمَكْر والعداوة {إِلَّا مكاء} : صفيرا {محيصا} : معدلا ومهربا {غير مسافحين} : غير مجاهرين بِالزِّنَا {محصنين} : أعفاء بِالنِّكَاحِ {غير متجانف} : غير مائل {معروشات} : مرفوعات على مَا يحملهَا {معايش} : أسبابا يعيشون بهَا {مهادا} : فراشا {مهين} : ضَعِيف حقير {بمنشرين} : بمبعوثين {معرة} : مَكْرُوه {مقمحون} : رافعو رؤوسهم غاضو أَبْصَارهم {مارد} : خَارج عَن الطَّاعَات {من المدحضين} : من المغلوبين بِالْقُرْعَةِ {مثاني} : جمع مثنى أَو مثنى

{متشاكسون} : متنازعون مُخْتَلفُونَ {بمفازتهم} : بفلاحهم {فأجاءها الْمَخَاض} : تعلق بِهِ قَضَاء الله فِي الْأَزَل، أَو قدر وسطر فِي اللَّوْح {أم هم المسيطرون} : الغالبون على الْأَشْيَاء يدبرونها كَيفَ شَاءُوا {ذُو مرّة} : منظر حسن أَو حصافة فِي عقله ورأيه {مَا فِيهِ مزدجر} : موعظة وزجر عَن الشّرك والمعاصي {مَاء منهمر} : منصب {منقعر} : مُنْقَطع عَن مغارسه سَاقِط على الأَرْض {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} : أَي المملوء: وَهُوَ الْمُحِيط أَو الموقد {مدهامتان} : خضروان يضربان إِلَى السوَاد من شدَّة الخضرة {على سرر موضونة} : منسوجة بِالذَّهَب مشبكة بالدر والياقوت {وكأس من معِين} : من خمر {منبثا} : منتشرا {من المزن} : من السَّحَاب {للمقوين} : للَّذين ينزلون القواء وَهِي القفر {فِي مناكبها} : فِي جوانبها أَو جبالها {مُسْتَطِيرا} : فاشيا (منتشرا غَايَة الانتشار) {مهيلا} : منثورا {متابا} : مرضيا عِنْد الله أَو مرجعا حسنا {وَإِنَّا لموسعون} : لقادرون {فَهَل من مُذَكّر} : متعظ {مقنعي رؤوسهم} : رافعيها {مثبورا} : مصروفا عَن الْخَيْر، مطبوعا على الشَّرّ {على مكث} : على مهل وتؤدة {هُوَ مهين} : ضَعِيف حقير

{إِلَّا متحرفا لقِتَال} : يُرِيد الْكر بعد الفر وتغرير الْعَدو {أَو متحيزا إِلَى فِئَة} : أَو مُنْضَمًّا إِلَى فِئَة أُخْرَى ليستعين بهم {بِمَاء معِين} : ظَاهر جَار على وَجه الأَرْض {مسؤولون} : محاسبون {بمعجزين} : بمسابقين [يُقَال: قصدت فلَانا فأعجزني: أَي سبقني ففاتني] {لم يَكُونُوا معجزين فِي الأَرْض} : أَي معجزي الله فِي الدُّنْيَا لَو أَرَادَ عقابهم {وَهُوَ مليم} : مسيء مذنب {شَيْطَان مُرِيد} : متجرد للْفَسَاد {مَتَاعا لكم} : مَنْفَعَة {ممنون} : مَنْقُوص {مثبورا} : ملعونا مَحْبُوسًا من الْخَيْر {قصر مشيد} : بالجص والآجر {فِي قبْلَة مرض} : الْفُجُور وَالزِّنَا {ميسورا} : لينًا {مخبتين} : متواضعين {مقيتا} : قَادِرًا مقتدرا {مَلِيًّا} : زَمَانا طَويلا {فِي سدر مخضود} : الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شوك {منفطر} : منصدع {يلقاه منشورا} : منكشف الغطاء {مشفقون} : خائفون {مريج} : بَاطِل {ذَا مَتْرَبَة} : ذُو حَاجَة وَجهد {مهطعين} : مذعنين خاضعين {مسغبة} : مجاعَة {مآرب} : حاجات {مخشورة} : مَجْمُوعَة {معكوفا} : مَحْبُوسًا {محسورا} : نَادِما أَو مُنْقَطِعًا [بك لَا شَيْء عنْدك]

{مرجان} : صغَار اللُّؤْلُؤ أعجمي {مسك} : فَارسي {مقاليد} : مَفَاتِيح بِالْفَارِسِيَّةِ {كتاب مرقوم} : مَكْتُوب {مزجاة} : قَليلَة بِلِسَان الْعَجم وَقيل: بِلِسَان القبط {ملكوت} : هُوَ الْملك بالنبطية [ملكوت الشَّيْء عِنْد الصُّوفِيَّة: حَقِيقَته الْمُجَرَّدَة اللطيفة غير الْمقيدَة بقيود كثيفة جسمانية، ويقابله الْملك الكثيف بالقيود] {مناص} : فرار بالنبطية {المتين} : الشَّديد {منسأته} الْعَصَا بِلِسَان الْحَبَشَة {مرصادا} : مَوضِع رصد يرصد فِيهِ {مآبا} : مرجعا ومأوى {وَإِذا الأَرْض مدت} : بسطت بِأَن يزَال جبالها وآكامها {مبثوثة} : مبسوطة {مقربة} : من قرب فِي النّسَب {مَتْرَبَة} : من (ترب) إِذا افْتقر {أَصْحَاب الميمنة} : الْيَمين أَو الْيمن {أَصْحَاب المشأمة} : الشمَال أَو الشؤم {نَار مؤصدة} : مطبقة {مطلع الْفجْر} : وَقت مطلعه أَي طلوعه {فالموريات قدحا} : فالتي توري النَّار بحوافرها {فالمغيرات} : فالتي تغير أَهلهَا على الْعَدو {المنفوش} : المندوف {الماعون} : الزَّكَاة أَو مَا يتعاون بِهِ فِي الْعَادة {مُعْتَد} : متجاوز فِي الظُّلم {مكظوم} : مَمْلُوء غيظا فِي الضجر {مَذْمُوم} : مطرود عَن الرَّحْمَة والكرامة {منوعا} : يُبَالغ فِي الْإِمْسَاك {المزمل} : أَصله المتزمل: وَهُوَ المتلفف

بثيابه {المدثر} : المتدثر: وَهُوَ لابس الدثار {مَالا ممدودا} : مَبْسُوطا كثيرا {ومهدت لَهُ تمهيدا} : وَبسطت لَهُ الرياسة والجاه العريض {معاشا} : وَقت معاش، أَو حَيَاة تبعثون فِيهَا عَن النّوم {ميقاتا} : حدا يُوَقت بِهِ {الموؤدة} : المدفونة حَيَّة {مَاء مهين} : نُطْفَة مذرة ذليلة {ملتحدا} : منحرفا، أَو ملتجأ {مدْخل صدق} : إدخالا مرضيا {مخرج صدق} : إخراجا ملقى بالكرامة {مخلقة} : مسواة لَا نقص فِيهَا وَلَا عيب {خير مردا} : مرجعا وعاقبة، أَو مَنْفَعَة {مَقَامِع} : سياط {غير متبرجات} : غير مظهرات {وَأحسن مقيلا} : مَكَانا يؤوى إِلَيْهِ للاسترواح بالأزواج والتمتع بِهن {لمثوبة} : أَي جَزَاء ثَابت وَهِي مُخْتَصَّة بِالْخَيرِ كالعقوبة بِالشَّرِّ {منضود} : أَي جعل بعضه فَوق بعض {مسومة} : معلمة للعذاب {من حمإ مسنون} : مُصَور ومصبوب لييبس وَيتَصَوَّر، أَو منتن {مجْراهَا وَمرْسَاهَا} : قد تفتح ميماهما من (جرت) و (رست) وَقُرِئَ (مجريها ومرسيها) نعتا لله تَعَالَى {أَيَّانَ مرْسَاها} : مَتى وُقُوعهَا {معروشات} : [مرفوعات على مَا يحملهَا] : (يُقَال عرشت الْكَرم إِذا جعلت تَحْتَهُ قصبا وأشباهه ليمتد عَلَيْهِ وَالشَّجر لَا يعرش) {مشتبها} : فِي الْجَوْدَة وَالطّيب {وَغير متشابه} : فِي الألوان والطعوم {من مغرم} : من الْتِزَام غرم {مثقلون} : محملون الثّقل {مكيدون} : يعود عَلَيْهِم وبال كيدهم أَو

مغلوبون فِي الكيد. {جنَّة المأوى} : يأوي إِلَيْهَا المتقون أَو أَرْوَاح الشُّهَدَاء. {مغنون عَنَّا} : دافعون عَنَّا. {محيصا} : معدلاً ومهرباً. {بمصرخكم} : بمغيثكم. {للمتوسمين} : للمتفكرين المتفرسين. {أشهر مَعْلُومَات} : معروفات. {مَنَاسِككُم} : عباداتكم الحجية. {من مسد} : هُوَ لِيف يتَّخذ من جريد النّخل فيمسد أَي: يفتل. {لمقت الله} : المقت: أَشد البغض. {أكرمي مثواه} : اجعلي مقَامه عندنَا كَرِيمًا أَي: حسنا. {مصبحين} : داخلين فِي الصُّبْح. {جَزَاء موفورا} : مكملاً [وصفت بِهِ على الْمجَاز وَالْمُبَالغَة. {كَانَ مخلصا} : موحداً أخْلص عِبَادَته عَن الشّرك والرياء. {بملكنا} : باختيارنا وقدرتنا. {متربص} : منتظر لما يؤول إِلَيْهِ. {وَأجل مُسَمّى} : أَي مُثبت معِين [سَمَّاهُ الله للأعمار] لَا يقبل التَّغَيُّر. [ {وَلَا تمشي فِي الأَرْض مرحاً} : أَي ذَا مرح وَهُوَ الاختيال. {وَمَا أَنا من المتكلفين} : المتصنعين بِمَا لست من أَهله. {بمصابيح} : بالكواكب المضيئة بِاللَّيْلِ إضاءة السرج فِيهَا. {مكبا على وَجهه} : يعثر كل سَاعَة ويخر. {مشاء بنميم} : نقال للْحَدِيث على وَجه السّعَايَة. {والمؤتفكات} : قريات قوم لوط انقلبت بهم. {مَا أغْنى عني ماليه} : من المَال التبع. {وَمَا نَحن بمسبوقين} : بمغلوبين. {أَيْن المفر} : أَي الْفِرَار إِلَيْهِ. المستقر إِلَيْهِ وَحده اسْتِقْرَار الْعباد أَو إِلَى حكمه استقرارهم، أَو إِلَى مَشِيئَة مَوضِع قرارهم يدْخل من يَشَاء الْجنَّة

وَمن يَشَاء النَّار {وَلَو ألْقى معاذيره} : وَلَو جَاءَ بِكُل مَا يُمكن أَن يعْتَذر بِهِ {يَوْمئِذٍ المساق} : سوقه إِلَى الله وَحكمه {سعيكم مشكورا} : مجازى عَلَيْهِ غير مضيع {والمرسلات} : إِلَى قَوْله {ذكرا} : إِمَّا قسم بطوائف من الْمَلَائِكَة الَّتِي شَأْنهمْ مَا ذكر من الْأَوْصَاف، أَو بآيَات الْقُرْآن كَذَلِك، أَو بالنفوس الْكَامِلَة كَذَلِك، أَو برياح الْعَذَاب كَذَلِك على مَا بَين فِي " الْأَنْوَار " {للْكَافِرِينَ عَذَاب مهين} : يُرَاد بِهِ إذلالهم لَا طهرة لذنوبهم كَمَا فِي عَذَاب العاصين {أمة مقتصدة} : عادلة غير غالبة وَلَا مقصرة، وهم الَّذين آمنُوا بِمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام {ذُو الْقُوَّة المتين} : شَدِيد الْقُوَّة {وَهُوَ مليم} : آتٍ بِمَا يلام عَلَيْهِ من الْكفْر والعناد {من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ} : متبعين {كل مرصد} : ممر {مَرَدُوا على النِّفَاق} استمرا عَلَيْهِ {الْمُهَاجِرين} : هم الَّذين صلوا إِلَى الْقبْلَتَيْنِ، أَو شهدُوا بَدْرًا، أَو أَسْلمُوا قبل الْهِجْرَة {تَتَّخِذُوا مصانع} : مآخذ المَاء أَو قصورا مشيدة وحصونا {مرج الْبَحْرين} : خلاهما متجاورين متلاصقين بِحَيْثُ لَا يتمازجان {مننا عَلَيْك} : أنعمنا عَلَيْك {حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} : أَي مَكَانَهُ الَّذِي يجب أَن ينْحَر فِي {إِلَى ميسرَة} : يسَار {اسْمَع غير مسمع} : أَي مدعوا عَلَيْك بِلَا سَمِعت بصمم أَو موت، أَو غير مجاب إِلَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ، أَو كَلَام ترضاه {وَكَانَ أَمر الله مَفْعُولا} : نَافِذا أَو كَائِنا {فِي بروج مشيدة} : فِي قُصُور أَو حصون مرفعة {مذبذبين} : مترددين {إِلَى رَبك الْمُنْتَهى} : انْتِهَاء الْخَلَائق ورجوعهم وَعَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " لَا فكرة فِي الرب "

{حَتَّى زرتم الْمَقَابِر} : عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " حَتَّى يأتيكم الْمَوْت " {عَذَاب مُقيم} : دَائِم {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ} : التطفيف البخس فِي الْكَيْل وَالْوَزْن {معشار مَا آتَيْنَاهُم} : أَي عشر مَا آتَيْنَاهُم من الرَّحْمَن {مُحدث} : مُجَدد إنزاله {مُقرنين فِي الأصفاد} : أَي قرن بَعضهم مَعَ بعض فِي السلَاسِل وَلَعَلَّ أجسامهم شفافة صلبة {بِسم الله مجْراهَا} : بِفَتْح الرَّاء من (جرى) وبكسرها على الإمالة، وَكِلَاهُمَا يحْتَمل المصدرية وَالزَّمَان وَالْمَكَان {وَإِذ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم} : المُرَاد سيدنَا جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام {من كل حدب} : من كل معنى هُوَ كالمثل فِي غرابته ووقوعه موقعا فِي الْأَنْفس {وَللَّه الْمثل الْأَعْلَى} : وَهُوَ الْوُجُوب الذاتي والغنى الْمُطلق والجود الْفَائِق والنزاهة عَن صِفَات المخلوقين {وَأَنَّهُمْ مفرطون} : مقدمون إِلَى النَّار {ومتاعا} : هُوَ مَا يتجر بِهِ {إِنَّمَا أَنْت مفتر} : متقول على الله {وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة} : الخطابات المقنعة والعبر النافعة وَذَلِكَ لعوام الْأمة {الْمُؤمن} : واهب الْأَمْن {الْمُهَيْمِن} : الرَّقِيب الْحَافِظ لكل شَيْء {المتكبر} : الَّذِي تكبر عَن كل مَا يُوجب حَاجَة أَو نُقْصَانا {المصور} : الموجد لصور الْأَشْيَاء وكيفياتها {للسَّائِل والمحروم} : وَالَّذِي لَا يسْأَل فيحسب غَنِيا فَيحرم {عِنْد ذِي الْعَرْش مكين} : عِنْد الله بمكانة {كتاب مرقوم} : أَي مسطور بَين الْكِتَابَة أَو معلم يعلم من رَآهُ أَنه لَا خير فِيهِ {مقَام ربه} : مقَامه بَين يَدي ربه {أخرج المرعى} : أنبت مَا يرْعَى الدَّوَابّ {على ملك سُلَيْمَان} : أَي عَهده

{يَا أيتها النَّفس المطمئنة} : وَهِي الَّتِي اطمأنت بِذكر الله، فَإِن النَّفس تترقى فِي سلسلة الْأَسْبَاب والمسببات إِلَى الْوَاجِب لذاته وتستقر دون مَعْرفَته وتستغنى بِهِ عَن غَيره {بمزحزحه} بمبعده {أَيَّامًا مَعْدُودَة} : محصورة قَليلَة {وَللَّه مِيرَاث السَّمَوَات وَالْأَرْض} : لَهُ فيهمَا مَا يتوارث {قولا مَعْرُوفا} : مَا عرفه الشَّرْع أَو الْعقل بالحس {مختالا} : متكبرا يستنكف عَن أَقَاربه وجيرانه وَأَصْحَابه {مراغما كثيرا} : ملْجأ ومتحولا من الْكفْر إِلَى الْإِيمَان {ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} : ربوبيتها أَو ملكهَا، أَو عجائبها وبدائعها والملكوت أعظم الْملك {مؤصدة} : مطبقة {فِي عمد ممددة} : أَي مُوثقِينَ فِي أعمدة ممدودة {مدهنون} : متهاونون وَأَصله الجري فِي الْبَاطِل {مسيطر} : مسطور فِي اللَّوْح {وَأخر متشابهات} : مجملات لَا يَتَّضِح مقصودها لإجمال أَو مُخَالفَة ظَاهر إِلَّا بالفحص وَالنَّظَر {كتابا متشابها} : أَي يشبه بعضه بَعْضًا فِي صِحَة الْمَعْنى وجزالة اللَّفْظ {فيتبعون وَمَا تشابه مِنْهُ} : فيتعلقون بِظَاهِرِهِ أَو تَأْوِيل بَاطِل {كَانَ حَنِيفا مُسلما} : منقادا لله لِأَنَّهُ كَانَ على مِلَّة الْإِسْلَام {مَدين} : قَرْيَة سيدنَا شُعَيْب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام {مُبَارَكًا} : كثير الْخَيْر والنفع مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ من الْأَعْلَام الْغَالِبَة من الصِّفَات، مَعْنَاهُ لَهُ خصاله المحمودة، أَو كثر لَهُ الْحَمد فِي الأَرْض وَالسَّمَاء، أَو كثر حَمده لَهُ تَعَالَى سمي بِهِ بإلهام من الله تَعَالَى ليَكُون على وفْق تَسْمِيَته تَعَالَى لَهُ بِهِ قبل الْخلق بألفي عَام، وَهُوَ ابْن عبد الله بن عبد الْمطلب بن هَاشم بن عبد منَاف ابْن قصي بن كلاب بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب بن فهر بن مَالك بن النَّضر بن كنَانَة بن خُزَيْمَة بن مدركة بن إلْيَاس بن مضربن نزار بن

فصل النون

معد بن عدنان صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى هُنَا انْتهى النّسَب الصَّحِيح، وَلَا نَبِي من ولد إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِلَّا نَبينَا سيدنَا ومولانا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي نُسْخَة توراة السّبْعين الَّتِي اتّفق عَلَيْهَا سَبْعُونَ حبرًا من أَحْبَارهم وَهُوَ فِي أَيدي النَّصَارَى أَن سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام سَأَلَ الله تبَارك وَتَعَالَى أَنه هَل يكون بعدِي نَبِي لبني إِسْرَائِيل؟ فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى: إِنِّي مُقيم لَهُم نَبيا من بني إِخْوَتهم إِلَى آخِره وَالْمرَاد سيدنَا ومولانا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دون من جَاءَ بعد سيدنَا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من الْأَنْبِيَاء لقَوْله من بني إِخْوَتهم، اذ الضَّمِير لبني إِسْرَائِيل، وَهَذَا لنَبِيّ لَيْسَ من بني إِسْرَائِيل وَإِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه غير وَاجِبَة فَيجب الْحمل على بني الْأَعْمَام فإطلاق الْإِخْوَة على بني الْأَعْمَام على طَرِيق التَّجَوُّز لكَوْنهم جَمِيعًا أَوْلَاد إِنْسَان وَاحِد، وَقد أرسلهم الله تبَارك وَتَعَالَى بِالْهدى وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ وأيده بالمعجزات الظَّاهِرَة والبراهين الباهرة، انْشَقَّ لَهُ الْقَمَر، وَسلم عَلَيْهِ الْحجر، وَكَلمه الذِّرَاع المسموم، وانهلت بدعوته الغيوم، وَكَلمه الْبَعِير، وطاب بريقه الْبِئْر، وَردت الحدق لمسته، وَردت الْغنم الْعَجْفَاء مسحته، ونبع المَاء من بَين أَصَابِعه انفجارا، وَنزلت لنصرته الْمَلَائِكَة جهارا، وَمن أكبرها سور الْقُرْآن، وَلَكِن لَا ينْكَشف وَجه الإعجاز فِيهَا إِلَّا لريان من أهل الْعرْفَان، جعل فِيهِ مورد الإلهام، وَلسَانه مصدر الْأَحْكَام لَا ينْطق عَن الْهوى، وَلَا يَأْمر إِلَّا بالتقوى، وَنسخ بِدِينِهِ سَائِر الْملَل والأديان، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آله وَأَصْحَابه مَا رنحت ريح الصِّبَا عذبات البان، وطلوع ذَلِك الْبَدْر الْمُنِير اللَّطِيف، وتشرف الْعَالم بيمن مقدمه الشريف، كَانَ فِي مَكَّة فِي الْمَسْجِد الْمَشْهُور يَوْم الِاثْنَيْنِ حِين طلع الْفجْر فِي عَاشر ربيع الأول لثمان خلت مِنْهُ فِي الْعشْرين من نيسان بعد الْفِيل بِخَمْسِينَ يَوْمًا فِي عهد كسْرَى أنو شرْوَان، وَقد توفّي أَبوهُ بِالْمَدِينَةِ حِين تمّ لأمه آمِنَة من حملهَا شَهْرَان وَلما بلغ سِتّ سِنِين توفيت أمه آمِنَة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، وَلما بلغ ثَمَانِي سِنِين توفّي عبد الْمطلب، وَلما أتمت لَهُ أَرْبَعُونَ سنة بَعثه الله، تبَارك وَتَعَالَى، وَذَلِكَ فِي الْيَوْم الِاثْنَيْنِ لثماني عشرَة لَيْلَة خلت من رَمَضَان، وَلما أَتَت لَهُ ثَلَاث وَخَمْسُونَ سنة هَاجر إِلَى الْمَدِينَة وَأقَام بهَا بعد الْهِجْرَة عشر سِنِين بِلَا خلاف، ثمَّ مرض يَوْم الْأَرْبَعَاء لثلاثين من صفر، ثمَّ انْتقل يَوْم الِاثْنَيْنِ لليلتين خلتا من ربيع الأول بَعْدَمَا زَالَت الشَّمْس، وَدفن لَيْلَة الْأَرْبَعَاء فِي حجرَة عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا (فصل النُّون) [النِّكَاح] : كل نِكَاح فِي الْقُرْآن فَهُوَ التَّزَوُّج إِلَّا {إِذا بلغُوا النِّكَاح} فَإِن المُرَاد الْحلم [النبأ] : كل نبأ فِي الْقُرْآن فَهُوَ الْخَبَر إِلَّا {فعميت عَلَيْهِم الأنباء} فَإِن المُرَاد الْحجَج والنبأ والأنباء لم يردا فِي الْقُرْآن إِلَّا لما لَهُ وَقع وشأن عَظِيم

[النّظر] : وَالنَّظَر فِي كل الْقُرْآن بالظاء إِلَّا نقيض الْبُؤْس والحزن فَإِنَّهُ بالضاد كَمَا فِي " هَل أَتَى " و " الويل " و " الْقِيَامَة [النصح] : كل شَيْء خلص فقد نصح [النكد] : كل شَيْء خرج إِلَى طَالبه بتعسر فَهُوَ النكد [النجد] : كل مَا ارْتَفع من غور تهَامَة إِلَى الْعرَاق فَهُوَ نجد [النَّسمَة] : كل دَابَّة فِيهَا روح فَهِيَ نسمَة [النكباء] : كل ريح تهب بَين ريحين فَهِيَ نكباء [النسيم] : كل ريح لَا تحرّك شَجرا وَلَا تعفي أثرا فَهِيَ نسيم [الناجود] : كل إِنَاء يَجْعَل فِيهِ شراب فَهُوَ ناجود [النَّجْم] : كل طالع فَهُوَ نجم، يُقَال: نجم السن، والقرن، والنبت إِذا طلعت قَالَه الْحسن [الناشئة] : كل صَلَاة بعد الْعشَاء الْأَخِيرَة فَهِيَ ناشئة من اللَّيْل، والأمور الَّتِي تحدث فِي سَاعَة اللَّيْل أَو ساعاته فَهِيَ ناشئة اللَّيْل أَيْضا [النُّكْتَة] : كل نقطة من بَيَاض فِي سَواد أَو عَكسه فَهِيَ النُّكْتَة، يُقَال: هُوَ النُّكْتَة فِي قومه: أَي الْعلم الْمشَار إِلَيْهِ] [النُّطْق] : كل لفظ يعبر بِهِ عَمَّا فِي الضَّمِير مُفردا كَانَ أَو مركبا فَهُوَ النُّطْق والمنطق فِي التعارف وَقد يُطلق لكل مَا يصوت بِهِ على التَّشْبِيه أوالتبع [نهر] : كل كثير جرى فقد نهر [النيف] ،: كل مَا زَاد على العقد فَهُوَ نَيف حَتَّى يبلغ العقد الثَّانِي، وَذَلِكَ مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى السَّبْعَة [وَمَا بَين الْعشْرين وَالثَّلَاثِينَ وَمَا بَين الثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ وَهَكَذَا [الناتئ] : كل شَيْء ارْتَفع من نبت وَغَيره فَهُوَ ناتئ [النّسك] : كل متعبد فَهُوَ نسك ومنسك؛ وَمن هَذَا قيل للعابد: ناسك، والنسك فِي الأَصْل غَايَة الْعِبَادَة، وشاع فِي الْحَج لما فِيهِ من الكلفة والبعد عَن الْعَادة [النَّوْع] : كل ضرب من الشَّيْء وكل صنف من شَيْء فَهُوَ النَّوْع [النِّسْبَة] : كل نِسْبَة إضافية إِذا كَانَت من خَواص الْجِنْس فَإِنَّهُ تفِيد جنسية الْمُضَاف، كَمَا أَن كل نِسْبَة وَصفِيَّة إِذا كَانَت كَذَلِك فَإِنَّهَا تفِيد جنسية الْمَوْصُوف [النَّوْع] : كل من الْإِنْسَان وَالْفرس فَإِنَّهُ نوع من الْحَيَوَان، وَإِذا قيد بالرومي أَو الْعَرَبِيّ أَو غير ذَلِك من الْعَوَارِض الَّتِي لم تشخص بهَا كَانَ صنفا وَكَذَا اسْم الْجِنْس فَإِن الِاسْم نوع من الْكَلِمَة، فَإِذا قيد بالجنسية أَو العلمية مثلا كَانَ صنفا وَتَسْمِيَة الْإِنْسَان جِنْسا وَالرجل نوعا على لِسَان أهل الشَّرْع واصطلاحهم لأَنهم لَا يعتبرون التَّفَاوُت ببن الذاتي والعرضي الَّذِي اعْتَبرهُ الفلاسفة وَلَا يلتفتون إِلَى اصطلاحاتهم فمدار كَون اللَّفْظ جِنْسا أَو نوعا عِنْد الْفُقَهَاء لَيْسَ هُوَ اخْتِلَاف مَا تَحْتَهُ بالنوع أَو الشَّخْص كَمَا هُوَ عِنْد أهل الْمِيزَان، بل بِاعْتِبَار

مَرَاتِب الْجَهَالَة بتفاوت حاجات النَّاس وَاخْتِلَاف مقاصدهم، وَلذَلِك تراهم يعدون العَبْد الَّذِي هُوَ أخص من الرَّقِيق الَّذِي هُوَ أخص من الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ نوع منطقي جِنْسا لاخْتِلَاف الْمَقَاصِد، إِذْ قد يقْصد مِنْهُ الْجمال كالتركي، وَقد يقْصد الْخدمَة كالهندي كل نون سَاكِنة زَائِدَة متطرفة قبلهَا فَتْحة وَإِن لم يكن تَنْوِين تمكن فَإِنَّهَا تقلب فِي الْوَقْف ألفا كَمَا فِي (اضربن) النُّون: كل مَوضِع دَخلته النُّون الثَّقِيلَة دَخلته الْخَفِيفَة، إِلَّا فِي الِاثْنَيْنِ المذكرين والمؤنثين وَجمع الْإِنَاث وَالنُّون: تشابه حُرُوف الْمَدّ واللين من وُجُوه: تكون عَلامَة للرفع فِي الْأَفْعَال الْخَمْسَة كَمَا أَن الْألف وَالْوَاو تكون عَلامَة للرفع فِي الْأَسْمَاء الْمُثَنَّاة والمجموعة، وَتَكون ضميرا للْجمع الْمُؤَنَّث كَمَا أَن الْوَاو تكون ضميرا للْجمع الْمُذكر، وَتسقط النُّون فِي تَثْنِيَة الْفِعْل وَجمعه فِي النصب والجزم، وَقد يحذفها الْجَازِم كَمَا فِي (لم يَك) وَقد تحذف لالتقاء الساكنين وَالنُّون تكون اسْما وَهِي ضمير النسْوَة نَحْو: (قمن) وَتَكون حرفا وَهِي نَوْعَانِ: نون التوكيد: وَهِي خَفِيفَة وثقيلة وَنون الْوِقَايَة: وَهِي تلْحق يَاء الْمُتَكَلّم الْمَنْصُوب بِفعل أَو حرف نَحْو: {فاعبدني} {إِنَّنِي أَنا الله} والمجرورة ب (لدن) أَو ب (من) أَو ب (عَن) : (من لدني) ، (مَا أغْنى عني) ، (محبَّة مني) (وَتَكون فعل أَمر من ونى يني وَالنُّون: اسْم الْحُوت) النَّفْي: كل نفي أَو شَرط فِي مَعْنَاهُ دَاخل على كل مُضَاف إِلَى نكرَة فَإِنَّهُ يُرَاد بِهِ نفي الشُّمُول لَا شُمُول النَّفْي وَالنَّفْي وَمَا فِي حكمه إِذا كَانَ مَعَه قيد فِي الْكَلَام يَجْعَل تَارَة قيدا للمنفي فَيرد النَّفْي على الْمُقَيد ويتبادر مِنْهُ عرفا انْتِفَاء الْقَيْد وَثُبُوت أَصله وَأُخْرَى قيدا للنَّفْي، وَيتَعَيَّن كل وَاحِد من الاعتبارين بِقَرِينَة تشهد لَهُ، وَالنَّفْي إِنَّمَا يتَوَجَّه إِلَى الْقَيْد إِذا صلح أَن يكون الْقَيْد قيدا للمثبت، ثمَّ دخل النَّفْي نَحْو: (مَا ضَربته تأديبا لَهُ) (وَإِذا لم يصلح أَن يكون قيدا للمثبت فَلَا يتَوَجَّه النَّفْي إِلَيْهِ) ، بل يكون قيدا للمنفي نَحْو: (لَا أحب المَال لمحبة الْفقر) [وَالْأَصْل أَن يكون النَّفْي للقيد فَقَط] وَقد يكون النَّفْي رَاجعا إِلَى الْقَيْد والمقيد جَمِيعًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا للظالمين من حميم وَلَا شَفِيع يطاع} أَي لَا شَفَاعَة وَلَا طَاعَة وَقد يُقَال: إِذا كَانَ فِي الْكَلَام قيد فكثيرا مَا يتَوَجَّه الْإِثْبَات أَو النَّفْي إِلَيْهِ، وَيكون هُنَاكَ إِثْبَات الْقَيْد أَو نَفْيه فَيعْتَبر فِيهِ الْقَيْد أَولا ثمَّ الْإِثْبَات أَو

النَّفْي (وَقد لَا يتَوَجَّه وَيكون هُنَاكَ قيد الْإِثْبَات أَو النَّفْي فَيعْتَبر فِيهِ أَولا الْإِثْبَات أَو النَّفْي ثمَّ الْقَيْد) وَقد يَجْعَل الْقَيْد مُتَأَخِّرًا على كل حَال من جِهَة الْمَعْنى، كَمَا أَنه مُتَأَخّر من جِهَة اللَّفْظ فَيُقَال: الْقَيْد إِمَّا للنَّفْي أَو للمنفي وَكَذَا الْإِثْبَات وَنفي الْمُقَيد من حَيْثُ أَنه مُقَيّد لَا يلْزم أَن يكون بِانْتِفَاء نفس الْقَيْد، بل اللَّازِم مُجَرّد انْتِفَاء الْقَيْد سَوَاء كَانَ انتفاؤه بِانْتِفَاء مَجْمُوع الْقَيْد والمقيد أَو بِانْتِفَاء نفس الْقَيْد فَقَط، كَمَا قيل من أَن نفي الْمُقَيد يرجع إِلَى انْتِفَاء قَيده والقيد الْوَارِد بعد النَّهْي قد يكون قيدا للْفِعْل مثل: (لَا تصل إِذا كنت مُحدثا) وَقد يكون قيدا لتَركه مثل: (لَا تبالغ فِي الِاخْتِصَار إِن حاولت سهولة الْفَهم وَقد يكون قيدا لطلبه نَحْو: (لَا تشرب الْخمر إِن كنت مُؤمنا) وَفِي " أنوار التَّنْزِيل ": " النَّهْي عَن الْمُقَيد بِحَال أَو غَيرهَا قد يتَوَجَّه بِالذَّاتِ نَحْو الْفِعْل تَارَة والقيد أُخْرَى وَقد يتَوَجَّه نَحْو الْمَجْمُوع، وَكَذَلِكَ النَّفْي " انْتهى والنافي إِن كَانَ صَادِقا يُسمى كَلَامه نفيا، وَلَا يُسمى جحدا مِثَاله: {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم} وَإِن كَانَ كَاذِبًا يُسمى جحدا ونفيا أَيْضا مِثَاله: {فَلَمَّا جَاءَتْهُم آيَاتنَا مبصرة قَالُوا هَذَا سحر مُبين وجحدوا بهَا واستيقنتها أنفسهم} والجحد إِذا كَانَ فِي أول الْكَلَام يكون حَقِيقِيًّا نَحْو: (مَا زيد بقائم) وَإِذا كَانَ فِي أول الْكَلَام جحدان كَانَ أَحدهمَا زَائِدا وَعَلِيهِ: {فِيمَا إِن مكناكم فِيهِ} فِي أحد الْأَقْوَال وَإِذا أُتِي بَين الْكَلَام بجحدين يكون الْكَلَام إِخْبَارًا نَحْو: {وَمَا جعلناهم جسدا لَا يَأْكُلُون الطَّعَام} وَنفي ذَات الشَّيْء يسْتَلْزم نفي الْحَال بِلَا عكس لَكِن فِي صُورَة نفي جَمِيع الْأَحْوَال وَنفي الذَّات الموصوفة قد يكون نفيا للصفة دون الذَّات نَحْو: {وَمَا جعلناهم جسدا لَا يَأْكُلُون الطَّعَام} أَي: بل هم جَسَد يَأْكُلُون الطَّعَام وَقد يكون نفيا للذات أَيْضا نَحْو: {مَا للظالمين من حميم وَلَا شَفِيع يطاع} قَالَ بَعضهم: النَّفْي إِذا دخل على الذَّات يتَوَجَّه إِلَى نفي الصِّفَات مُطلقًا لِأَن الذَّات لَا تنفى أصلا بِخِلَاف مَا إِذا دخل على الْفِعْل فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يكون مُتَوَجها إِلَى نِسْبَة الْفِعْل إِلَى الْفَاعِل فَقَط، وَنفي الْمُبَالغَة فِي الْفِعْل لَا يسْتَلْزم نفي أصل الْفِعْل وَقَوله تَعَالَى: {وَمَا رَبك بظلام للعبيد} إِنَّمَا جِيءَ بِهِ فِي مُقَابلَة العبيد لِأَنَّهُ جمع كَثْرَة أَو على النّسَب أَي بِذِي ظلم، أَو بِمَعْنى فَاعل لَا كَثْرَة فِيهِ، أَو لِأَن أقل الْقَلِيل لَو ورد من الرب الْجَلِيل كَانَ كثيرا كَمَا يُقَال: زلَّة الْعَالم كَبِيرَة وَنفي الْعَام يدل على نفي الْخَاص، (وثبوته لَا يدل على ثُبُوته، وَثُبُوت الْخَاص يدل على ثُبُوت الْعَام، ونفيه لَا يدل على نَفْيه، وَنفي الْعَام أحسن من نفي

الْخَاص) ، وَإِثْبَات الْخَاص أحسن من إِثْبَات الْعَام، وَنفي الْوَاحِد يلْزم مِنْهُ نفي الْجِنْس الْبَتَّةَ، وَنفي الْجِنْس قد يكون صِيغَة نَحْو: (لَا رجل) بِالْفَتْح، وَقد يكون دلَالَة نَحْو: (مَا من رجل) وَقد يكون اسْتِعْمَالا نَحْو: (مَا فِي الدَّار ديار) وَهَذِه الثَّلَاثَة نُصُوص فِي نفي الْجِنْس لَا تحْتَمل غَيره وَقد يكون إِرَادَة نَحْو: (مَا جَاءَنِي رجل) وَنفي الْأَدْنَى يلْزم مِنْهُ نفي الْأَعْلَى وَقد ينفى الشَّيْء مُقَيّدا وَالْمرَاد نَفْيه مُطلقًا مُبَالغَة فِي النَّفْي وتأكيدا لَهُ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {رفع السَّمَاوَات بِغَيْر عمد ترونها} فَإِنَّهَا لَا عمد لَهَا أصلا {وَيقْتلُونَ النَّبِيين بِغَيْر الْحق} فَإِن قَتلهمْ لَا يكون إِلَّا بِغَيْر الْحق وَقد ينفى الشَّيْء رَأْسا لعدم كَمَال وَصفه أَو انْتِفَاء ثَمَرَته كَقَوْلِه تَعَالَى فِي صفة أهل النَّار: {لَا يَمُوت فِيهَا وَلَا يحيى} نفى عَنهُ الْمَوْت لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْت صَرِيح؛ وَنفى عَنهُ الْحَيَاة أَيْضا لِأَنَّهَا لَيست بحياة طيبَة وَلَا نافعة [النّسَب] : كل مَا آخِره يَاء مُشَدّدَة فَإِنَّهَا عِنْد النّسَب لَا تبقى بل إِمَّا تحذف بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا فِي (كرْسِي) و (بخْتِي) و (شَافِعِيّ) و (قَرْني) ، أَو يحذف أحد حرفيها ويقلب الآخر واوا ك (دمية) و (تَحِيَّة) فَيُقَال: (دموي) و (تحوي) ، أَو يبْقى أَحدهمَا ويقلب الآخر ك (حَيّ) و (حيوي) وَقَالُوا فِي حنيفَة: (حَنَفِيّ) لأَنهم لما حذفوا هَاء حنيفَة حذفوا أَيْضا ياءها، وَلما لم يكن فِي (حنيف) هَاء تحذف فتحذف لَهَا الْيَاء صحت الْيَاء فَقَالُوا فِيهِ: حنيفي وَالنّسب الْحَقِيقِيّ: مَا كَانَ مؤثرا فِي الْمَعْنى وَغير الْحَقِيقِيّ مَا تعلق بِاللَّفْظِ فَقَط ك (كرْسِي) إِذْ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْء يُقَال لَهُ كرس فينسب إِلَيْهِ وينسب أهل الحرفة إِلَى فعال كالبقال وَالنِّسْبَة إِلَى مَدِينَة النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام (مدنِي) وَإِلَى مَدِينَة الْمَنْصُور (مديني) وَإِلَى مَدِينَة كسْرَى (مدايني) وَعَن أبي عبد الله البُخَارِيّ: أَن الْمَدِينِيّ بِالْيَاءِ هُوَ الَّذِي أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ وَلم يفارقها، وَالْمَدَنِي هُوَ الَّذِي تحول عَنْهَا وَفِي " شرح سلم ": " الْمدنِي كالمديني مَنْسُوب إِلَى مَدِينَة النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام " وَالْإِنْسَان مدنِي، والطائر وَنَحْوه مديني وَمن ولد بِالْبَصْرَةِ وَنَشَأ بِالْكُوفَةِ وتوطن بهَا فَهُوَ بَصرِي عِنْد أبي حنيفَة فَإِنَّهُ يعْتَبر المولد، كُوفِي عِنْد أبي يُوسُف فَإِنَّهُ يعْتَبر المنشأ وَلَا يرَوْنَ النّسَب إِلَّا إِلَى وَاحِد الجموع كَمَا يُقَال فِي النّسَب إِلَى الْفَرَائِض (فَرضِي) اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يَجْعَل الْجمع اسْما علما للمنسوب إِلَيْهِ فيوقع حِينَئِذٍ إِلَى صيغته كَقَوْلِهِم فِي النّسَب إِلَى قَبيلَة هوَازن (هوازني) ، وَإِلَى مَدِينَة الأنبار (أنباري) ، وَإِلَى حَيّ كلاب (كلابي) ، وَإِلَى أبي بكر (بكري) ، وَكَذَا إِلَى بني بكر بن عبد منَاف وَبكر بن وَائِل، وَأما (بكراوي) فَهُوَ إِلَى بني أبي بكر بن كلاب وَالنّسب إِذا كَانَ إِلَى أبي بكر الصّديق يُقَال: الْقرشِي التَّيْمِيّ الْبكْرِيّ لِأَن الْقرشِي أَعم من أَن يكون هاشميا، والتيمي أَعم من أَن يكون من ولد أبي بكر وَإِن كَانَ إِلَى عمر الْفَارُوق يُقَال

الْقرشِي الْعَدوي الْعمريّ وَإِن كَانَ إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان يُقَال: الْقرشِي الْأمَوِي العثماني وَإِن كَانَ إِلَى عَليّ بن أبي طَالب يُقَال: الْقرشِي الْهَاشِمِي الْعلوِي (والمنسوب فِي قَوْلنَا: رجل بغدادي وبغداد بِلَا يَاء هُوَ الْمَنْسُوب إِلَيْهِ، فالرجل مَوْصُوف ببغدادي وَهُوَ صفة نسبى لَهُ) وَإِنَّمَا جَازَت النِّسْبَة إِلَى الْجمع بِصفتِهِ لِأَنَّهُ خرج عَن معنى الْجمع بِكَوْنِهِ اسْما وَإِلَّا فَالْأَصْل أَن يرد الْجمع إِلَى الصَّحِيح الْوَاحِد ثمَّ ينْسب إِلَيْهِ وَإِذا نسبت إِلَى مُضَاف وَلم تخف اللّبْس فانسب إِلَى الأول ك (عَبدِي) فِي عبد قيس، وَإِن خفت مِنْهُ فانسب إِلَى الثَّانِي ك (المطلبي) فِي عبد الْمطلب، وَإِن شِئْت خُذ من الثَّانِي حرفين وَمن الأول حرفين ثمَّ انسب ك (عبدري) فِي عبد الدَّار و (عبشمي) فِي عبد شمس وَإِذا نسبت إِلَى اسْم فِي آخِره تَاء التَّأْنِيث حذفتها ك (مكي) و (فاطمي) وَإِذا نسبت إِلَى اسْم ثلاثي مكسور الْعين فتحت عينه ك (نمري) و (إبلي) وَإِذا نسبت إِلَى اسْم على أَرْبَعَة أحرف ثَانِيه متحرك لم تغير الكسرة الْبَتَّةَ، وَإِذا كَانَ ثَانِيه سَاكِنا فالجيد بَقَاء الكسرة وَإِذا نسبت إِلَى الِاسْم الْمَقْصُور فَإِن كَانَ أَلفه ثَالِثَة قلبتها واوا سَوَاء كَانَ من بَنَات الْوَاو أَو الْيَاء ك (عصوي) فِي عَصا، و (رحوي) فِي رحى، وَإِذا كَانَت رَابِعَة وَالثَّانِي سَاكن فَإِن كَانَ بَدَلا ك (ملهي) فالجيد إِقْرَارهَا وإبدالها وَإِن كَانَت الْألف رَابِعَة زَائِدَة للتأنيث نَحْو (حُبْلَى) و (دنيا) فالجيد حذفهَا لِأَنَّهَا كالتاء فِي الدّلَالَة على التَّأْنِيث فَتَقول: (حبلي) و (دنيي) وَمِنْهُم من شبهها بملهي فَتَقول: (حبلوي) و (دُنْيَوِيّ) وَمِنْهُم من شبههما بِالْألف الممدودة فَتَقول: (حبلاوي) و (دنياوي) وَإِذا كَانَت خَامِسَة أَو سادسة وَجب حذفهَا أَصْلِيَّة كَانَت أَو زَائِدَة لِأَن إِثْبَاتهَا يفرط فِي طول الْبناء، فَتَقول فِي مصطفى (مصطفي) وَهُوَ الصَّوَاب [و (مصطفوي) لحن كشفعوي وقريشي بِحَذْف الْيَاء شَاذ، لِأَن مَا هُوَ على صِيغَة التصغير إِذا كَانَ مَعَ التَّاء تحذف ياؤه كَمَا فِي حنيفَة وَإِذا كَانَت بِلَا تَاء لَا يُغير كحسيني واليائي المنقوص إِذا كَانَت رَابِعَة نَحْو قَاض إِذا سميت بِهِ عاملته مُعَاملَة تغلب وَإِذا كَانَ الِاسْم على فعل سَاكن الْعين لامه يَاء أَو وَاو وَلَيْسَ فِي آخِره تَاء التَّأْنِيث ك (ظَبْي) و (دلو) فالنسبة إِلَيْهِ على لَفظه من غير تَغْيِير شَيْء بِلَا خلاف، وَلَا يلْحق الْألف وَالنُّون فِي النّسَب إِلَّا بأسماء محصورة زيدتا فِيهَا للْمُبَالَغَة ك (الرقباني) و (اللحياني) و (الجماني) و (الروحاني) و (الرباني) و (الصيدلاني) و (الصيدناني) وتحذف التَّاء فِي نِسْبَة الْمُذكر إِلَى (الْمُؤَنَّث كَمَا فِي نِسْبَة) الرجل إِلَى بصرة كَيْلا تَجْتَمِع تاءان فِي نِسْبَة الْمُؤَنَّث، والحذف فِي نِسْبَة الْمُؤَنَّث إِلَى الْمُؤَنَّث بِالْأولَى وَالنّسب يُغير الِاسْم تغييرات مِنْهَا أَنه يَنْقُلهُ من

التَّعْرِيف إِلَى التنكير، تَقول فِي تَمِيم: تميمي وَمن الجمود إِلَى الِاشْتِقَاق وَإِلَّا لما جَازَ وصف الْمُؤَنَّث بِهِ ولحاق التَّاء، وَلما عمل الرّفْع فِيمَا بعده من ظَاهر أَو ضمير والنداء لما أثر فِيهَا التَّغْيِير بِالْبِنَاءِ جَازَ أَن يتَطَرَّق إِلَيْهِ تَغْيِير آخر بالترخيم لِأَن التَّغْيِير يأنس بالتغيير وَكثر تَغْيِير الْأَعْلَام بِالنَّقْلِ لما عرف أَنه يأنس بالتغيير وَلَا يجوز النِّسْبَة إِلَى اثْنَي عشر وَلَا إِلَى غَيره من الْعدَد الْمركب إِلَّا إِذا كَانَ علما فَحِينَئِذٍ ينْسب إِلَى صَدره، فَيُقَال فِي خَمْسَة عشر (خمسي) وَفِي بعلبك (بعلي) [النّسخ] : هُوَ فِي اللُّغَة النَّقْل والتحويل، وَمِنْه نسخ الْكتاب، فعلى هَذَا الْوَجْه كل الْقُرْآن مَنْسُوخ لِأَنَّهُ نسخ من اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَبِمَعْنى الرّفْع أَيْضا يُقَال: نسخت الشَّمْس الظل: إِذا ذهبت بِهِ وأبطلته، فعلى هَذَا يكون بعض الْقُرْآن نَاسِخا وَبَعضه مَنْسُوخا وَهُوَ المُرَاد من قَوْله تَعَالَى: {مَا ننسخ من آيَة} وَالْمرَاد بالنسخ الْخطاب الْقَاطِع لحكم خطاب شَرْعِي سَابق على وَجه الْخطاب الْقَاطِع لاستمرار ذَلِك الحكم، وَلَيْسَ قطع الِاسْتِمْرَار رَاجعا إِلَى الْكَلَام الْقَدِيم الَّذِي هُوَ صفة الرب، لِاسْتِحَالَة عدم الْقَدِيم بل إِنَّمَا هُوَ عَائِد إِلَى قطع تعلقه بالمكلف وكف الْخطاب عَنهُ وَذَلِكَ غير مُسْتَحِيل] (وتناسخ الْمَوَارِيث: تَحْويل الْمِيرَاث من وَاحِد إِلَى وَاحِد) وَفِي الشَّرِيعَة: هُوَ بَيَان انْتِهَاء الحكم الشَّرْعِيّ الَّذِي فِي تَقْدِير أوهامنا استمراره لولاه بطرِيق التَّرَاخِي [والنسخ جَائِز وواقع عِنْد جَمِيع الْمُسلمين خلافًا لأبي مُسلم الْأَصْفَهَانِي فِي وُقُوعه فِي شريعتنا، كَذَا حَكَاهُ الإِمَام رَحمَه الله عَنهُ فِي تَفْسِيره، وَخِلَافًا للْيَهُود فِي الْجَوَاز، وهم فِي ذَلِك فريقان: مِنْهُم من أنكر ذَلِك نقلا متمسكا بِأَنَّهُم وجدوا فِي التَّوْرَاة: تمسكوا بالسبت مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض، وَبِأَنَّهُ ثَبت بالتواتر عَن سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ: لَا ينْسَخ شَرِيعَته وَمِنْهُم من أنكر ذَلِك عقلا محتجا بِأَن الْأَمر بالشَّيْء دَلِيل حسنه، وَالنَّهْي عَنهُ دَلِيل قبحه، فَالْقَوْل بِجَوَاز النّسخ يُؤَدِّي إِلَى البداء وَالْجهل بعواقب الْأُمُور، وَحجَّتنَا فِي ذَلِك من حَيْثُ السّمع أَن أحدا لَا يُنكر استحلال الْأَخَوَات فِي شَرِيعَة سيدنَا آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ حرم ذَلِك فِي شَرِيعَة سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَجَوَاز الِاسْتِمْتَاع بِمن هُوَ بعض من الْمَرْء فَإِن حَوَّاء خلقت مِنْهُ وحلت لَهُ، وَالْيَوْم حرَام نِكَاح الْجُزْء كَنِكَاح الْبِنْت بِلَا خلاف بَيْننَا وَبينهمْ، وَجَوَاز سرقات الْحر فِي عهد سيدنَا يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ انتسخ بالِاتِّفَاقِ، وَكَذَلِكَ إِبَاحَة الْعَمَل فِي السبت قبل زمَان سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالتَّحْرِيم فِي شَرِيعَته فَإِنَّهُم يوافقوننا فِي أَن حُرْمَة الْعَمَل فِي السبت من شَرِيعَة سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة

وَالسَّلَام] وَاعْلَم أَن النّسخ إِنَّمَا يجْرِي فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة الَّتِي لَهَا جَوَاز أَن لَا تكون مَشْرُوعَة دون الْأَحْكَام الْعَقْلِيَّة، كوجوب الْإِيمَان، وَحُرْمَة الْكفْر، وَمَا يُمكن مَعْرفَته بِمُجَرَّد الْعقل من غير دَلِيل السّمع وَكَذَلِكَ مَا بَقِي من الْأَحْكَام بعد وَفَاة رَسُول الله لِأَن الانتساخ بِالْوَحْي، وَقد انْقَطع بعده وَاخْتلفُوا فِي الحكم الَّذِي قرن بِهِ لفظ الْأَبَد؛ فَمن قَالَ: يحْتَمل النّسخ، مُرَاده أَن النَّاسِخ مَتى ورد ظهر أَنه أُرِيد بِلَفْظ الْأَبَد بعض مَا يتَنَاوَلهُ الْأَبَد فَأَما إِذا كَانَ الْأَبَد مرَادا عِنْد الله تَعَالَى فَلَا يجوز نسخه بِالْإِجْمَاع لكَونه بداء وَاخْتلفُوا أَيْضا فِي الْإِخْبَار إِذا كَانَ فِي غير الْأَحْكَام كدخول الْمُؤمنِينَ الْجنَّة والكافرين النَّار، وأمثال ذَلِك قَالَ عَامَّة أهل الْأُصُول: لَا يحْتَمل النّسخ لما فِيهِ من الْخلف فِي الْخَبَر وَقيل فِي الْوَعْد كَذَلِك وَأما فِي الْوَعيد فَيجوز النّسخ، لِأَن الْخلف فِي الْوَعيد من بَاب الْكَرم، وَجَاز نسخ الْخَبَر الَّذِي يتَضَمَّن حكما لَا الْخَبَر الْمَحْض عَن الْمَاضِي وَنسخ آيَة النَّجْوَى هُوَ نسخ على الْحَقِيقَة وَنسخ التَّوَجُّه إِلَى بَيت الْمُقَدّس بِالْكَعْبَةِ، وَصَوْم عَاشُورَاء برمضان هُوَ النّسخ تجوزا وَأما كل أَمر ورد فَيجب امتثاله فِي وَقت مَا لعِلَّة تَقْتَضِي ذَلِك الحكم، ثمَّ تنْتَقل بانتقال تِلْكَ الْعلَّة إِلَى حكم آخر، فَهَذَا فِي الْحَقِيقَة لَيْسَ نسخا، بل هُوَ من قبيل المنسى كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {أَو ننسها} وَإِنَّمَا النّسخ الْإِزَالَة للْحكم حَتَّى لَا يجوز امتثاله [ثمَّ النّسخ بِمَعْنى الرّفْع والإزالة على وُجُوه: أَحدهَا أَن يثبت الْخط وينسخ الحكم مثل آيَة الْوَصِيَّة للأقارب، وَآيَة عدَّة الْوَفَاة، وَآيَة التَّخْفِيف فِي الْقِتَال، وَآيَة الممتحنة وَنَحْوهَا وَمِنْهَا أَن ترفع تلاوتها وَيبقى حكمهَا مثل آيَة الرَّجْم وَمِنْهَا: أَن ترفع أصلا كَمَا قيل إِن سُورَة الْأَحْزَاب كَانَت مثل سُورَة الْبَقَرَة فَرفع أَكْثَرهَا تِلَاوَة وَحكما فآية الْوَصِيَّة نسخت بِالْمِيرَاثِ، وعدة الْوَفَاة نسخت من الْحول إِلَى أَرْبَعَة أشهر وَعشر ومصابرة الْوَاحِد الْعشْرَة فِي الْقِتَال نسخت بمصابرة الِاثْنَيْنِ، وَآيَة امتحان النِّسَاء مِمَّا يرفع وَلَا يُقَام غَيره مقَامه] والتخالف فِي جزئيات الْأَحْكَام بِسَبَب تفَاوت الْأَعْصَار فِي الْمصَالح من حَيْثُ إِن كل وَاحِد مِنْهَا حق بِالْإِضَافَة إِلَى زمانها مراعى فِيهِ صَلَاح من خُوطِبَ بهَا وَذَلِكَ انتساخ الشَّرِيعَة لَا انتساخ النُّبُوَّة وَالْأول لَا يسْتَلْزم الثَّانِي والتغير والتفاوت من عوارض الْأُمُور الْمُتَعَلّقَة بِالْمَعْنَى الْقَائِم بِالذَّاتِ الْقَدِيم، فَلَا احتجاج بهما على حُدُوث الْقُرْآن [والنسخ لَا يجوز إِلَّا بِالْكتاب وَالسّنة، وَيجوز نسخ الْكتاب بِالْكتاب وَالسّنة بِالسنةِ إِذا كَانَت الثَّانِيَة مثل الأولى أَو فَوْقهَا فِي الْقُوَّة بِلَا خلاف بَين الْعلمَاء، وَيجوز نسخ السّنة بِالْكتاب وَنسخ الْكتاب بِالسنةِ المتواترة عندنَا وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور، وَيجوز نسخ الْكتاب وَالسّنة المتواترة بِخَبَر الْوَاحِد

فِي حَيَاة النَّبِي المكرم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن أهل قبَاء استداروا إِلَى الْكَعْبَة فِي خلال الصَّلَاة بِخَبَر ابْن سيدنَا عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَنهُ بالتحويل، وَقد كَانُوا يصلونَ إِلَى بَيت الْمُقَدّس بِنَاء على مَا ثَبت من الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلم يُنكر عَلَيْهِم] وَفَائِدَة النّسخ إِمَّا على تَقْدِير كَون الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة معللة بمصالح الْعباد واللطف بهم كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فَيجوز أَن تخْتَلف مصَالح الْأَوْقَات فتختلف الْأَحْكَام بحسبها كمعالجة الطَّبِيب وَأما على مَا ذهب إِلَيْهِ المتكلمون من أَن الْأَحْكَام مستندة إِلَى مَحْض إِرَادَة الله من غير دَاع وباعث فَالْأَمْر هَين لِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْحَاكِم (الْمُطلق الفعال لما يُرِيد) فَيجوز لَهُ أَن يضع حكما وَيرْفَع حكما لَا لغَرَض وَلَا باعث لَا سِيمَا إِذا كَانَ متضمنا لمصْلحَة وَحِكْمَة كَسَائِر أَفعاله المنزهة عَن الْأَغْرَاض والبواعث الْمُشْتَملَة على الحكم والمصالح الجمة، فَكَمَا لَا تنَافِي بَين الْأَمر الْمُقْتَضِي لوُجُود الْحَوَادِث فِي وَقت وَبَين الْأَمر الْمُقْتَضِي لفنائه فِي وَقت آخر كَذَلِك لَيْسَ بَين تَحْلِيل الشَّيْء فِي زمَان وتحريمه فِي زمَان آخر تناف أصلا وكما أَن مُدَّة بَقَاء كل حَادث وزمان فنائه معِين فِي علم الله تَعَالَى وَإِن كَانَ مَجْهُولا لنا، كَذَلِك مُدَّة بَقَاء كل حكم وزمان تغيره كَانَ مقررا معينا فِي علم الله تَعَالَى وَإِن كَانَ مَجْهُولا لأهل الْأَدْيَان السالفة إِلَى أَن (تمّ بِنَاء قصر النُّبُوَّة بِوُجُود خَاتم النَّبِيين) مُحَمَّد سيد الْمُرْسلين فانغلق بعده بَاب النّسخ لما أَنه بعث لتتميم مَكَارِم الْأَخْلَاق [فَصَارَ جَامعا بَين الظَّاهِر وَالْبَاطِن على الْإِطْلَاق (وَقد كَانَ شرع عِيسَى شرع مُوسَى وَلَا يخل ذَلِك بِكَوْنِهِ مُصدقا للتوراة كَمَا لَا يعود بنسخ الْقُرْآن بعضه بِبَعْض عَلَيْهِ تنَاقض وتكاذب فَإِن النّسخ فِي الْحَقِيقَة بَيَان وَتَخْصِيص فِي الْأَزْمَان) النكرَة: هِيَ مَا لَا يدل إِلَّا على مَفْهُوم من غير دلَالَة على تَمْيِيزه وحضوره وَتَعْيِين ماهيته من بَين الماهيات وَإِن كَانَ تعقله لَا يَنْفَكّ عَن ذَلِك، لَكِن فرق بَين حُصُول الشَّيْء وملاحظته وَحُضُور الشَّيْء وَاعْتِبَار حُضُوره وَهِي إِذا كَانَت فِي سِيَاق النَّفْي مَبْنِيَّة مَعَ (لَا) على الْفَتْح مثل: (لَا رجل فِي الدَّار) أَو مقترنة ب (من) ظَاهِرَة مثل: (مَا من رجل فِي الدَّار) أَو كَانَت من النكرات الْمَخْصُوصَة بِالنَّفْيِ ك (أحد) دلّت على الْعُمُوم نصا، وَفِي غير هَذِه الْمَوَاضِع تدل على الْعُمُوم ظَاهرا، وتحتمل نفي الْوحدَة احْتِمَالا مرجوحا لصِحَّة أَن يُقَال فِي نَحْو: (لَا فِي الدَّار رجل) بل رجلَانِ أَو رجال والنكرة فِي الْإِثْبَات للبعضية إِلَّا إِذا وصفت بِصفة عَامَّة، فَحِينَئِذٍ تعم بِعُمُوم الصّفة كَقَوْلِه تَعَالَى: {ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا} وتحتمل الِاسْتِغْرَاق احْتِمَالا مرجوحا إِلَّا فِي

الْمَوَاضِع الْمَذْكُورَة آنِفا والنكرة فِي سِيَاق النَّفْي تعم عِنْد الشَّافِعِي، حَتَّى ذهب إِلَى أَن الْفَاسِق لَا يَلِي عقد النِّكَاح بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا لَا يستوون} وَعِنْدنَا لَا تعم، لِأَن الاسْتوَاء الْمَنْفِيّ هُوَ الِاشْتِرَاك من بعض الْوُجُوه والعموم فِي النكرَة الَّتِي كَانَت فِي سِيَاق الشَّرْط نَحْو: (من يأتني بِمَال فأجازيه) بدلي وَقد يكون شموليا نَحْو {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره} فَإِنَّهُ شَامِل لكل فَرد فَرد والنكرة إِذا كَانَت خَاصّا فَإِن وَقعت فِي الْإِنْشَاء فَهِيَ مُطلق تدل على نفس الْحَقِيقَة من غير تعرض لأمر زَائِد وَإِن وَقعت فِي الْإِخْبَار مثل: (رَأَيْت رجلا) فَهِيَ لإِثْبَات وَاحِد مُبْهَم من ذَلِك الْجِنْس غير مَعْلُوم التعين عِنْد السَّامع والنكرة تعم الْأَفْرَاد بِوَصْف عَام هُوَ شَرط فِي عمومها، وَلَا تعم عددا محصورا من الْأَفْرَاد كالجنس إِذا عَم يتَنَاوَل جَمِيع الْأَفْرَاد، إِذْ لَيْسَ بعض أَفْرَاده أولى بِالْعرْفِ من بعض، وَلَا تعم الْأَعْدَاد لِأَن كل جنس من حَيْثُ إِنَّه جنس فَرد وَاحِد بِالنِّسْبَةِ إِلَى سَائِر الْأَجْنَاس، وَاسم الْفَرد يحْتَمل الْكل لِأَنَّهُ فَرد حكما، وَيحْتَمل الْأَدْنَى لِأَنَّهُ فَرد حَقِيقَة، وَلَا يحْتَمل مَا بَينهمَا لِأَنَّهُ عدد، وَاسم الْفَرد لَا يحْتَمل الْعدَد والنكرة فِي الشَّرْط تعم، لِأَن معنى التنكير لَا يتَحَقَّق إِلَّا بالتعميم وَفِي الْجَزَاء تخص، كَمَا تعم فِي النَّفْي، وتخص فِي الْإِثْبَات وَعُمُوم النكرَة مَعَ الْإِثْبَات فِي الْمُبْتَدَأ كثير، وَفِي الْفَاعِل قَلِيل نَحْو: {علمت نفس مَا قدمت} بِخِلَاف مَا فِي حيّز النَّفْي، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُبْتَدَأ أَو الْفَاعِل وَغَيرهمَا والنكرة الْمَوْضُوعَة لفرد من الْجِنْس يسْتَعْمل تثنيتها وَجَمعهَا، وَهِي على أصل وَضعهَا والنكرة الْمَوْضُوعَة لنَفس الْجِنْس لَا تثنى وَلَا تجمع مُطلقًا والنكرة يجوز اسْتِعْمَالهَا فِي الْمَحْدُود وَغَيره والمبهم يجوز إِطْلَاقه على الْمَحْدُود فَقَط والنكرة إِذا أُعِيدَت معرفَة كَانَت الثَّانِيَة عين الأولى لدلَالَة الْعَهْد وَإِذا أُعِيدَت نكرَة كَانَت الثَّانِيَة غير الأولى غَالِبا، لِأَن النكرَة تتَنَاوَل وَاحِدًا غير عين، فَلَو انْصَرف إِلَى الأولى تعيّنت من وَجه فَلَا تكون نكرَة والمعرفة إِذا أُعِيدَت معرفَة كَانَت الثَّانِيَة عين الأولى لدلَالَة الْعَهْد أَيْضا، وَلذَلِك قَالَ ابْن عَبَّاس: " لن يغلب عسر يسرين " وَقد نظمت فِيهِ (وَلَو أَن عرفانا تكَرر أمره ... كفرد خلاف النكر قَاعِدَة الْأَب) (فعسران عسر لَيْسَ يسران هَكَذَا ... فَكُن قَائِلا بالحكم فِيهِ لمن غلب) وَإِذا أُعِيدَت نكرَة كَانَت الثَّانِيَة غير الأولى، لِأَن فِي صرف الثَّانِيَة إِلَى الأولى نوع تعين، فَلَا تكون نكرَة على الْإِطْلَاق وَفِي " الإتقان ": لَا يُطلق القَوْل حِينَئِذٍ بل يتَوَقَّف على الْقَرَائِن، فَتَارَة تقوم قرينَة على التغاير، وَتارَة

على الِاتِّحَاد وَقَالَ بَعضهم: هَذَا الأَصْل عِنْد الْإِطْلَاق، وخلو الْمقَام عَن الْقَرَائِن، وَإِلَّا فقد تُعَاد النكرَة نكرَة مَعَ الْمُغَايرَة، وَقد تُعَاد الْمعرفَة معرفَة مَعَ الْمُغَايرَة أَيْضا، وَقد تُعَاد الْمعرفَة نكرَة مَعَ عدم الْمُغَايرَة [قَالَ الإِمَام فَخر الْإِسْلَام رَحمَه الله تَعَالَى فِي جعل قَوْله تَعَالَى: {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا إِن مَعَ الْعسر يسرا} من هَذَا الْقَبِيل نظر عِنْدِي، وَوَجهه أَن هَذَا اللَّفْظ لَا يحْتَمل هَذَا الْمَعْنى كَمَا لَا يحْتَمل قَول الْقَائِل: (إِن مَعَ الْفَارِس رمحا إِن مَعَ الْفَارِس رمحا) أَن يكون مَعَه رمحان، بل هَذَا من بَاب التوكيد انْتهى فَكَأَن ابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا قصدا باليسرين مَا فِي قَوْله تَعَالَى (يسرا) من معنى التفخيم فتأولوا يسر الدَّاريْنِ وَذَلِكَ يسران فِي الْحَقِيقَة فَظهر من هَذَا أَن الْحمل على الغيرية والعينية فِي الْمُعَرّف وَالْمُنكر لَا مُطلقًا بل عِنْد عدم الْمَانِع، وَلِهَذَا قُلْنَا إِن الْكتاب الثَّانِي فِي قَوْله تَعَالَى: {وأنزلنا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ من الْكتاب} غير الأول وَإِن أُعِيد مُعَرفا، وَكَذَا الْملك الثَّانِي فِي قَوْله تَعَالَى: {قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء} غير الأول، ثمَّ هَذَا الأَصْل لَا يخْتَص بالتعريف اللامي بل يجْرِي فِي غَيره أَيْضا قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله فِي " الْجَامِع الصَّغِير ": لَو قَالَ: (سدس مَالِي لفُلَان) ثمَّ قَالَ فِي ذَلِك الْمجْلس أَو فِي مجْلِس آخر (سدس مَالِي لفُلَان) يَعْنِي الأول فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا سدس وَاحِد، إِذْ السُّدس أُعِيد مُعَرفا، لِأَن الْإِضَافَة من أَسبَاب التَّعْرِيف، وعَلى هَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ: إِذا أقرّ الرجل بمئة دِرْهَم فِي مجْلِس وَأشْهد عَدْلَيْنِ ثمَّ آخَرين فِي مجْلِس آخر على إِقْرَاره بمئة أَو أَكثر أَو أقل فَإِنَّهُ يجب المالان جَمِيعًا إِذا ادّعى الطَّالِب ذَلِك] والنكرات بَعْضهَا أنكر من بعض كالمعارف، فَأنْكر النكرات شَيْء، ثمَّ متحيز، ثمَّ جسم، ثمَّ نَام، ثمَّ حَيَوَان، ثمَّ ماش، ثمَّ ذُو رجلَيْنِ، ثمَّ إِنْسَان، ثمَّ رجل وَالضَّابِط أَن النكرَة إِذا دخل غَيرهَا تحتهَا وَلم تدخل هِيَ تَحت غَيرهَا فَهِيَ أنكر النكرات، وَإِن دخلت تَحت غَيرهَا وَدخل غَيرهَا تحتهَا فَهِيَ بِالْإِضَافَة إِلَى مَا يدْخل تحتهَا أَعم، وبالإضافة إِلَى مَا تدخل تَحْتَهُ غَيرهَا أخص وَقد نظمت فِيهِ: (إِذا رَأَيْت فَردا يلوذ مثل فَرد ... ويلتجي إِلَيْهِ فَذَاك من حذَارِي) (فَكُن كَمَا أَقُول عَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ ... وَأعرف المعارف بضده شعاري) وتعريف النكرَة إِمَّا بِالْإِضَافَة كبني آدم وَبني تَمِيم، أَو بِاللَّامِ كالرجال وَالنِّسَاء، أَو بِالْإِشَارَةِ كهذه وَهَذَا، أَو بِنسَب الْغَائِب ك (فُلَانَة بنت فلَان) ، أَو صفته ك (الْمَرْأَة الَّتِي أَتَزَوَّجهَا أَو تفعل كَذَا) [وَالْقَوْل بِعُمُوم النكرَة عِنْد اتصافها بِالصّفةِ الْعَامَّة غير مطرد بل ذَلِك إِنَّمَا هُوَ فِي مَوضِع الْإِبَاحَة كالاستثناء من النَّفْي مثلا فِي مَوضِع التحريض كَمَسْأَلَة (أَي) ، وَأما فِي مَوضِع الْجَزَاء كَقَوْلِه

تَعَالَى: {فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} وَالْخَبَر كَقَوْلِك: (جَاءَنِي رجل كُوفِي) فَلَا] النَّفس: هِيَ ذَات الشَّيْء وَحَقِيقَته، وَبِهَذَا تطلق على الله تَعَالَى، [قَالَ السَّيِّد الشريف عَلَيْهِ الرَّحْمَة: اسْتِعْمَال النَّفس بِمَعْنى الذَّات غير مَشْهُور] (وَعين الشَّيْء أَيْضا) جَاءَنِي بِنَفسِهِ وَالروح: وَخرجت نَفسه [أَي روحه] وَالدَّم: مَا لَا نفس لَهُ سَائِلَة لَا ينجس المَاء [أَي مَا لَا دم لَهُ] والعند: {تعلم مَا فِي نَفسِي} [أَي مَا فِي عِنْدِي] {وَلَا أعلم مَا فِي نَفسك} [أَي مَا عنْدك] (وَالْعَظَمَة والهمة والعزة والأنفة والغيب والإرادة والعقوبة قيل: وَمِنْه) {ويحذركم الله نَفسه} [قيل عُقُوبَته] وَتطلق على الْجِسْم الصنوبري، لِأَنَّهُ مَحل الرّوح عِنْد أَكثر الْمُتَكَلِّمين، أَو معلقَة عِنْد الفلاسفة وَالْمَاء لفرط الْحَاجة إِلَيْهِ والرأي لانبعاثه عَنْهَا وَالنَّفس، بِالتَّحْرِيكِ: وَاحِد الأنفاس، وَالسعَة، والفسحة فِي الْأَمر، والجرعة، وَالرِّيح، والطويل من الْكَلَام، وَمعنى " لَا تسبوا الرّيح فَإِنَّهَا من نفس الرَّحْمَن ": أَنَّهَا تفرج الكرب، وتنشر الْغَيْث، وَتذهب الجدب وَالنَّفس الحيوانية: هِيَ البخار اللَّطِيف الَّذِي يكون من ألطف أَجزَاء الأغذية وَيكون سَببا للحس وَالْحَرَكَة وقواما للحياة؛ وَهَذَا البخار عِنْد الْأَطِبَّاء يُسمى بِالروحِ وَمِنْهُم من قَالَ: أَجزَاء هَذَا الْبدن على قسمَيْنِ: بَعْضهَا أَجزَاء أَصْلِيَّة بَاقِيَة من أول الْعُمر إِلَى آخِره من غير أَن يتَطَرَّق إِلَيْهَا شَيْء من التغيرات والانحلال وَالزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَبَعضهَا أَجزَاء عارضية تَبَعِيَّة، تَارَة تزداد، وَتارَة تنقص، فَالنَّفْس وَالشَّيْء الَّذِي يُشِير إِلَيْهِ كل أحد بقوله: (أَنا) هُوَ الْقسم الأول وَهَذَا القَوْل اخْتِيَار الْمُحَقِّقين من الْمُتَكَلِّمين وَبِهَذَا القَوْل يظْهر الْجَواب عَن أَكثر شُبُهَات منكري الْبَعْث والنشور وَالْحق أَن النَّفس الحيوانية الَّتِي هِيَ حَقِيقَة الرّوح شَيْء اسْتَأْثر الله بِعِلْمِهِ وَلم يطلع عَلَيْهَا أحدا من خلقه وَهَذَا قَول الْجُنَيْد وَغَيره [وَلكنه يشكل بقوله تَعَالَى: {وعلمك مَا لم تكن تعلم} ] وَأما قَول الخائضين فِيهَا من الْمُتَكَلِّمين فَهِيَ أَنَّهَا جسم لطيف مشتبك بِالْبدنِ كاشتباك المَاء بِالْعودِ الْأَخْضَر، قَالَ النَّوَوِيّ: إِنَّه الْأَصَح عِنْد أَصْحَابنَا وَنقل عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " الرّوح فِي الْجَسَد كالمعنى فِي اللَّفْظ " وَعند بعض الْمُتَكَلِّمين بِمَنْزِلَة الْعرض فِي الْجَوْهَر وَقَالَ بَعضهم: إِنَّهَا لَيست بجسم، بل هِيَ عرض، وَهِي الْحَيَاة الَّتِي صَار الْبدن حَيا بوجودها فِيهِ وَقَالَت الفلاسفة وَكثير من الصُّوفِيَّة والحليمي

وَالْغَزالِيّ والراغب: لَيست الرّوح جسما وَلَا عرضا وَإِنَّمَا هِيَ مُجَرّد عَن الْمَادَّة، قَائِم بِنَفسِهِ، غير متحيز، مُتَعَلق بِالْبدنِ للتدبير والتحريك وَفِي " الْمطَالع ": وَالْبدن صورته ومظهره ومظهر كمالاته، وَقواهُ فِي عَالم الشَّهَادَة لَا دَاخل فِيهِ وَلَا خَارج عَنهُ؛ وَالْقَوْل فِي سريانه فِي الْبدن كسريان الْوُجُود الْمُطلق الْحق فِي جَمِيع الموجودات من مخترعات الحشوية، وَقد اتخذ بعض جهال المتصوفة هَذَا الْبَاطِل مذهبا كَذَا فِي " التَّعْدِيل " [إِلَّا أَن يؤول بِأَن ذَوَات الْأَشْيَاء مرْآة وَمظَاهر لتجليات عين ذَات الْوُجُود، وَأما مَا عَلَيْهِ جُمْهُور الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَالتَّابِعِينَ فَهُوَ] أَن الرّوح جَوْهَر قَائِم بِنَفسِهِ، مُغَاير لما يحس من الْبدن، يبْقى بعد الْمَوْت دراكا؛ (وَعَلِيهِ جُمْهُور الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ) ، وَبِه نطقت الْآيَات وَالسّنَن قَالَ ابْن لُقْمَان: وَالَّذِي يرجح ويغرب هُوَ أَن الْإِنْسَان لَهُ نفسان: نفس حيوانية، وَنَفس روحانية، فَالنَّفْس الحيوانية لَا تُفَارِقهُ إِلَّا بِالْمَوْتِ وَالنَّفس الروحانية الَّتِي هِيَ من أَمر الله (فِيمَا يفهم وَيعْقل، فَيتَوَجَّه لَهَا الْخطاب و) هِيَ الَّتِي تفارق الْإِنْسَان عِنْد النّوم، وإليها الْإِشَارَة بقوله تَعَالَى: {يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها} ثمَّ إِنَّه تَعَالَى إِذا أَرَادَ الْحَيَاة للنائم رد عَلَيْهِ روحه فَاسْتَيْقَظَ، وَإِذا قضى عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ أمسك عَنهُ روحه فَيَمُوت وَهُوَ معنى قَوْله: {فَيمسك الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت وَيُرْسل الْأُخْرَى إِلَى أجل مُسَمّى} وَأما النَّفس الحيوانية فَلَا تفارق الْإِنْسَان بِالنَّوْمِ، وَلِهَذَا يَتَحَرَّك النَّائِم، وَإِذا مَاتَ فَارقه جَمِيع ذَلِك وَعَن ابْن عَبَّاس: إِن فِي ابْن آدم نفسا وروحا نسبتهما إِلَيْهِ، بَينهمَا مثل شُعَاع الشَّمْس، فَالنَّفْس الَّتِي بهَا الْعقل والتمييز، وَالروح الَّتِي بهَا النَّفس والحياة فيتوفيان عِنْد الْمَوْت، ويتوفى النَّفس وَحدهَا عِنْد النّوم وَقد نظمت فِيهِ: (كفى النَّفس موت عِنْد نوم حياتنا ... مَعَ الرّوح تبقى آخر الْعُمر فِي الهنا) (وَكم موتَة للنَّفس وَالنَّفس حَيَّة ... حَيَاة لَهَا موت إِذا رحت من هُنَا) وَاخْتلف فِي قدم النُّفُوس الإنسانية وحدوثها، قَالَ أفلاطون وَقوم من الأقدمين: إِنَّهَا قديمَة، وَقَالَ أرسطو وَأَتْبَاعه: إِنَّهَا حَادِثَة، وَإِنَّهَا متحدة بِالْحَقِيقَةِ عِنْد أرسطو، ومختلفة بِالْحَقِيقَةِ على مَا زعم قوم من الأقدمين وَأَبُو البركات الْبَغْدَادِيّ وَقوم من الْمُتَأَخِّرين وَلَيْسَ فِي القَوْل بتجرد النُّفُوس الناطقة مَا يُنَافِي شَيْئا من قَوَاعِد الْإِسْلَام، والنفوس البشرية متناهية عندنَا، ولوجودها مُبْتَدأ، لِأَن غير المتناهي إِمَّا

مَوْجُود دفْعَة مُرَتبا، سَوَاء كَانَ عقلا كالعلل والمعلولات، أَو وضعا كالأعداد الْمَوْجُودَة الْمرتبَة، وَإِمَّا مَوْجُود دفْعَة لَكِن غير مُرَتّب فَالْأول محَال، وَكَذَا الثَّانِي عِنْد الْمُتَكَلِّمين، لكنه مُمكن عِنْد الْحُكَمَاء حَتَّى أوردوا فِي نَظِيره النُّفُوس الناطقة، فَإِنَّهَا عِنْدهم [وَعند الْحُكَمَاء] غير متناهية، بِنَاء على أَن الْإِنْسَان لَا بداية لخلقه، بَاقِيَة بعد الْمُفَارقَة، فَيكون كل زمَان جملَة غير متناهية من النُّفُوس، مَوْجُودَة لَكِن لَا ترَتّب فِيهَا، وَلنَا الْبُرْهَان التطبيقي، فَإِنَّهُ يدل على تناهيها، لِأَنَّهَا أَفْرَاد مرتبَة الْوُجُود دفْعَة، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهَا مرتبَة، لِأَن الْأَزْمِنَة مرتبَة كَالْيَوْمِ، وأمس، وَأول من أمس إِلَى غير النِّهَايَة وَفِي كل يَوْم قد وجدت جملَة متناهية كمائة أَو ألف وَنَحْوهمَا وكل مَا وجد لم يعد، فيبرهن على أعداد الْجمل الْمرتبَة بالتطبيقي، ثمَّ كل جملَة مركبة من أَفْرَاد متناهية فَالْكل متناه، فيتمشى الْبُرْهَان الْمَزْبُور (وَإِمَّا أَنَّهَا مَوْجُودَة لَا دفْعَة، بل بِمَعْنى) أَن كل متناهية تُوجد، فَإِنَّهَا لَا تقف على حد مَا، بل يُوجد بعْدهَا أَفْرَاد أخر كأزمنة بَقَاء الْأَشْيَاء الأبدية، فَغير المتناهي بِهَذَا الْمَعْنى وَاقع اتِّفَاقًا [وأوضح مِنْهُ أَن كل أَفْرَاد وجدت فِي الْخَارِج فَهِيَ متناهية إِذْ يصدق عَلَيْهَا الْآحَاد المجتمعة كالعدد مفعول عَلَيْهَا ثمَّ إِذا زَاد عَلَيْهَا فَرد أَو نقص يُقَال: عدد الأول زَائِد على عدد هَذَا بِوَاحِد، وَعدد ذَلِك نَاقص فَكل عدد معِين لَهُ طرفان: أَحدهمَا وَاحِد لَيْسَ دونه وَاحِد وَالْآخر وَاحِد لَيْسَ فَوْقه وَاحِد من ذَلِك الْعدَد، فَإِذا كَانَ لَهُ طرفان فَهُوَ متناه لكَونه محصورا بَين حاضرين فَكل أَفْرَاد فِي الْخَارِج متناهية] وَذهب جمع من أهل النّظر إِلَى ثُبُوت النَّفس المدركة للكليات للحيوانات متمسكا بقوله تَعَالَى: {وَالطير صافات كل قد علم صلَاته وتسبيحه} وحكاية الله تَعَالَى عَن الهدهد والنمل وَبِمَا يُشَاهد مِنْهَا من الْأَفْعَال الغريبة، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافق لما ذهب إِلَيْهِ الْأَشْعَرِيّ من أَن إِدْرَاكهَا علم وَالْمُخْتَار عِنْد الْمُتَأَخِّرين وَالْجُمْهُور على أَنه نوع من الإدراكات ممتاز عَن الْعلم بالماهية، وَهُوَ الْمُنَاسب للْعُرْف واللغة وَعند الفلاسفة: لَيْسَ للحيوان النَّفس الناطقة أَي: المدركة [وَفِي " شرح الإشارات ": الْقُوَّة المدركة وَهِي الخيال أَو الْوَهم فِي الْحَيَوَان أَو الْعقل العملي لتوسطهما فِي الْإِنْسَان وَفِي " الملخص ": الْعقل العملي يُطلق بالاشتراك على الْقُوَّة المميزة بَين الْأُمُور الْحَسَنَة والقبيحة وعَلى الْمُقدمَات الَّتِي تستنبط مِنْهَا الْأُمُور الْحَسَنَة والقبيحة وعَلى تِلْكَ

الْأُمُور] النَّبِي: فِي الأَصْل صفة، مَرْوِيّ بِالتَّخْفِيفِ فِي السَّبع، وَلِهَذَا دخله اللَّام، وَهُوَ بِغَيْر همزَة من النُّبُوَّة كالرحمة وَهِي الرّفْعَة وَالْحق أَنه مَهْمُوز اللَّام من النبأ، وَهُوَ خبر ذُو فَائِدَة عَظِيمَة يحصل بِهِ علم أَو غَلَبَة ظن، وَحقه أَن يتعرى عَن الْكَذِب قَالَ الرَّاغِب: وَلَا يُقَال للْخَبَر (فِي الأَصْل) نبأ حَتَّى يتَضَمَّن هَذِه الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة وَحَدِيث النَّهْي عَن المهموز مَنْسُوخ لزوَال سَببه، وَإِنَّمَا جمع على أَنْبيَاء وصحيح اللَّام يجمع على (فعلاء) كظرفاء، لِأَنَّهُ للُزُوم التَّخْفِيف صَار مثل المعتل ك (أصفياء) وَلَا يصغر، لِأَن تَصْغِير الْأَسْمَاء المعظمة مُمْتَنع شرعا وَأما مُسَمَّاهُ فِي الْعرف: فَهُوَ حر، ذكر، من بني آدم، سليم من منفر، مَعْصُوم وَلَو من صَغِيرَة سَهوا قبل النُّبُوَّة وَعَن كل رذيلة، أكمل معاصريه غير الرُّسُل، اصطفاه الله من بَين عباده، وَخَصه بِهِ بمشيئته موهبة مِنْهُ وَرَحْمَة، وَأوحى إِلَيْهِ بشرع، سَوَاء أمره بتبليغه أم لَا وَلَو أَمر بِمَعْرِِفَة وجود الْخَالِق وتعظيمه وَدُعَاء النَّاس إِلَى تَوْحِيد الله وتنزيهه عَمَّا لَا يَلِيق بالألوهية، وَبلغ الْأَحْكَام إِلَيْهِم فَرَسُول، سَوَاء كَانَ لَهُ كتاب أَو نسخ لبَعض شرع من قبله أم لَا فالرسول أخص مُطلقًا من النَّبِي، وَلَا يُطلق على غير الْآدَمِيّ كالملك وَالْجِنّ إِلَّا مُقَيّدا وَمِنْه {جَاعل الْمَلَائِكَة رسلًا} على أَن معنى الْإِرْسَال فِيهَا لَيْسَ إيحاء مَا يتعبد بِهِ هُوَ وَأمته كَمَا فِي الرَّسُول من الْبشر، بل مُجَرّد الْإِرْسَال للْغَيْر بِمَا يوصله إِلَيْهِ، وَقَوله تَعَالَى: {يَا معشر الْجِنّ وَالْإِنْس ألم يأتكم رسل مِنْكُم} فَمن بَاب ذكر الْكل وَإِرَادَة الْبَعْض لَا من قبيل {نسيا حوتهما} ، و {يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان} (وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لعَائِشَة: " لَو مت قبلي لغسلتك وكفنتك " فَإِن كل ذَلِك بِاعْتِبَار ضرب شركَة من الآخر، وَالنِّسْبَة كَمَا تستقيم بِالْمُبَاشرَةِ تستقيم بالتسبيب والإعانة، وَلِهَذَا صَحَّ التَّعْلِيق ب (إِذا ولدتما ولدا) ، أَو (إِذا حضتما حَيْضَة) لِإِمْكَان الْمُبَاشرَة من أَحدهمَا والإعانة من الآخر كَمَا هُوَ الْمُتَعَارف بَينهم فِيمَا إِذا أضيف فعل إِلَى شَخْصَيْنِ واستحال وجوده مِنْهُمَا أَن يَجْعَل الْإِضَافَة إِلَيْهِمَا إِضَافَة إِلَى أَحدهمَا مجَازًا ثمَّ الْمَعْرُوف فِي الشَّرْع إِطْلَاق الرَّسُول وَالنَّبِيّ على كل من أرسل إِلَى الْخلق وجدت أَحْكَامه بِالْفِعْلِ أَو لم تُوجد، مَعَ أَن انتساخ بعض جزئيات شريعتهم لَا يَسْتَدْعِي كَون رسالتهم مَنْسُوخَة، لِأَنَّهَا لَيست بِمُجَرَّد تِلْكَ الْأَحْكَام وَقد وجد التَّصْرِيح ببقائها من الْأَئِمَّة الْكِبَار وَصرح فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَمن قبله كتاب مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَة}

بِكَوْنِهِ نعْمَة بِاعْتِبَار أَحْكَامه المؤيدة الْبَاقِيَة بِالْقُرْآنِ الْعَظِيم. قَالَ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ: مُحَمَّد رَسُول الله الْآن، وَإِلَّا لما صَحَّ إِيمَان من أسلم بِهِ وآمن وَلذَلِك نقُول فِي الْأَذَان: أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله. وَلَا نقُول كَانَ رَسُول الله. كَذَلِك الحكم فِي سَائِر الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام. وَقد قَالُوا إِن لنفوس الكُمَّل بركَة تسري فِي أبدانهم وقواهم، فَيحصل لَهَا ضرب من الْبَقَاء، فَلَا تنْحَل صُورَة أبدانهم وَإِن فَارَقْتهمْ أَرْوَاحهم، بل تبقى إِلَى زمَان انتشاء النشأة الأخروية. وكرامة النُّبُوَّة إِمَّا تفضل من الله تَعَالَى على من يَشَاء وَالْكل فِيهِ سَوَاء، وَإِمَّا إفَاضَة حق على المستعدِّين لَهَا بالمواظبة على الطَّاعَة والتحلي بالإخلاص. وَالْفرق بَينهم بالتفضيل والبعثة بالشريعة غير مَنْهِيّ عَنهُ، وَإِنَّمَا الْمنْهِي عَنهُ الْفرق بالتصديق. وَقد جرت سنة الله فِي مجاري أَفعاله بِأَنَّهُ مَا لم يتوسط بَين المتباينين بِالْحَقِيقَةِ ذُو حظين من الطَّرفَيْنِ لم يتأت التَّأْثِير والتاثر بَينهمَا جدا. وَلِهَذَا لم يستنبئ ملكا: {وَلَو أنزلنَا ملكا لقضي الْأَمر} . والمختلف فِي نبوتهم نَيف وَعِشْرُونَ: لُقْمَان، وَذُو القرنين، وَالْخضر، وَذُو الكفل، وسام، وطالوت، وعزيز، وتُبَّع، وكالب، وخَالِد بن سِنَان، وحَنْظَلَة بن صَفْوَان، والأسباط وهم أحد عشر، وحواء، وَمَرْيَم، وَأم مُوسَى، وَسَارة، وَهَاجَر، وآسية. وَلم يشْتَهر عَن مُجْتَهد غير الشَّيْخ أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ القَوْل بنبوة امْرَأَة، وَالْوَاحد لَا يخرق الْإِجْمَاع، وَالدَّلِيل على أَنه تَعَالَى لم يستنبئ امْرَأَة: {وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا} . لَا يُقَال سلب الْأَخَص لَا يسْتَلْزم سلب الْأَعَمّ، لأَنا نقُول: جعل الْآيَة مُسْتَندا لهَذَا الْإِجْمَاع فِيمَا هُوَ الْمجمع عَلَيْهِ فِي كَون كَلَام الْمَلَائِكَة: {يَا مَرْيَم إِن الله اصطفاك} إِلَى آخِره، غير معْجزَة لِمَرْيَم. فَإِنَّهُ إِذا انْتَفَى كَونه معْجزَة لانْتِفَاء التحدي مَعَ الرسَالَة، وَهِي بِهِ أمسُّ وَأَحْرَى، فَلِأَن يَنْتَفِي لانتفائه مَعَ النُّبُوَّة أوْلى. وَالأَصَح أَن لَا جزم فِي عدد الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم. النَّعْت فِي اللُّغَة: عبارَة عَن الْحِلْية الظَّاهِرَة الدَّاخِلَة فِي مَاهِيَّة الشَّيْء وَمَا شاكلها كالأنف والأصابع والطول وَالْقصر وَنَحْو ذَلِك. وَالصّفة: عبارَة عَن الْعَوَارِض كالقيام وَالْقعُود وَنَحْو ذَلِك. قَالَ بَعضهم: مَا يُوصف بِهِ الْأَشْيَاء على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا وأجناسها يُسمى نعتاً ووصفاً. وَقيل: النَّعْت يسْتَعْمل فِيمَا يتَغَيَّر من الْجَسَد. وَالصّفة تَشْمَل الْمُتَغَيّر وَغير الْمُتَغَيّر. وَقَالَ قوم مِنْهُم ثَعْلَب: النَّعْت مَا كَانَ خَاصّا كالأعور والأعرج فَإِنَّهُمَا يخصان موضعا من الْجَسَد. وَالصّفة مَا كَانَت عامّاً كالعظيم والكريم. وَعند هَؤُلَاءِ يُوصف الله تَعَالَى وَلَا ينعَت. والمتكلمون يطلقون النَّعْت فِي صِفَات الله وَلَا

يطلقون الْحَال لغَرَض الْإِشْعَار بِثُبُوت صِفَاته أزلاً وأبداً، وَكَرَاهَة الْإِشْعَار بالحلول. وَقد يعبرون عَن الْحَال بالنعت، وَعَن الْكَمَال وَالْأَفْعَال بِالصّفةِ. والنحاة يُرِيدُونَ بِالصّفةِ النَّعْت، وَهُوَ اسْم الْفَاعِل، أَو الْمَفْعُول، أَو مَا يرجع إِلَيْهِمَا من طَرِيق الْمَعْنى ك (مثل) و (شبه) . والنعت مَعَ المنعوت شَيْء وَاحِد مثل: (وَالله الرَّحْمَن) بِلَا حرف عطف (بَينهمَا، فَكَانَت يَمِينا وَاحِدًا) . [وَأكْثر الْمُتَكَلِّمين من خصوا نعوت الْجلَال بِالصِّفَاتِ السلبية وَسموا الثبوتية بِصِفَات الْإِكْرَام ونعوت الْجمال. وَعند حجَّة الْإِسْلَام: نعوت الْجلَال تَشْمَل الثبوتية والسلبية، وَإِذا نسبت إِلَى البصيرة المدركة لَهَا سميت جمالاً] . والنعت الْمُؤَكّد يُؤَيّد بعض مَفْهُوم المنعوت ك (أمس الدابر) و (الكاشف كُله) وَلَا فرق بَينهمَا عِنْد الْبَصرِيين. والنعت يُؤْخَذ عَن الْفِعْل نَحْو: قَائِم. وَهَذَا الَّذِي يُسَمِّيه بعض النَّحْوِيين اسْم الْفَاعِل، وَيكون لَهُ رُتْبَة زَائِدَة على الْفِعْل. أَلا ترى أَنا نقُول: {وَعصى آدم ربه فغوى} وَلَا نقُول آدم عَلَيْهِ السَّلَام عَاص وغاوٍ لِأَن النعوت لَازِمَة، وآدَم وَإِن كَانَ عصى فِي شَيْء فَإِنَّهُ لم يكن شَأْنه الْعِصْيَان فيسمى بِهِ. ونعت الْمعرفَة إِذا تقدم عَلَيْهَا أعرب بِمَا يَقْتَضِيهِ الْعَامِل. النَّقْل: هُوَ أَعم من الْحِكَايَة لِأَن الْحِكَايَة نقل كلمة من مَوضِع إِلَى مَوضِع آخر بِلَا تَغْيِير صِيغَة وَلَا تَبْدِيل حَرَكَة. وَالنَّقْل: نقل كلمة من مَوضِع إِلَى مَوضِع آخر أَعم من أَن يكون فِي تَغْيِير صفة وتبديلها أم لَا. وَالنَّقْل اللَّفْظِيّ: هُوَ أَن يكون فِي تركيب صور ثمَّ ينْتَقل إِلَى تركيب آخر. والمعنوي: نقل بعض المركبات إِلَى العلمية. وكل حرف من الْحُرُوف الناصبة تدخل على الْفِعْل فَلَا تعْمل فِيهِ إِلَّا بعد أَن تنقله نقلتين. ف (إِن) تنقله إِلَى المصدرية والاستقبال، و (كي) تنقله إِلَى الِاسْتِقْبَال وَالْغَرَض، و (لن) تنقله إِلَى الِاسْتِقْبَال وَالنَّفْي، و (إِذن) تنقله إِلَى الِاسْتِقْبَال وَالْجَزَاء. وَفِي النَّقْل لم يبْق الْمَعْنى الَّذِي وَضعه الْوَاضِع مرعياً. وَفِي التَّغْيِير يكون بَاقِيا لكنه زيد عَلَيْهِ شَيْء آخر. وَالنَّقْل بِالْهَمْزَةِ كُله سَمَاعي. وَقيل: قياسي فِي الْقَاصِر وَفِي الْمُتَعَدِّي إِلَى وَاحِد. وَالْحق أَنه قياسي فِي الْقَاصِر، سَمَاعي فِي غَيره. وَهُوَ ظَاهر قَول سِيبَوَيْهٍ. النِّيَّة، لُغَة: انبعاث الْقلب نَحْو مَا يرَاهُ مُوَافقا لغَرَض من جلب نفع وَدفع ضرّ حَالا ومآلا. فِي " الْقَامُوس ": نوى الشَّيْء ينويه نِيَّة، وتخفف: قَصده. وَهَذَا تَخْفيف غير قياسي، إِذْ لَا يَجِيء (نِيَّة) على (عِدَة) قِيَاسا. وَشرعا: هِيَ الْإِرَادَة المتوجهة نَحْو الفعَل ابْتِغَاء لوجه الله وامتثالاً لحكمه. وَفِي " التَّلْوِيح ": قصد الطَّاعَة والتقرب إِلَى الله تَعَالَى فِي إِيجَاد الْفِعْل.

[وَقيل: هِيَ الْعلم السَّابِق بِالْعَمَلِ اللَّاحِق] . وَالنِّيَّة فِي التروك لَا يتَقرَّب بهَا إِلَّا إِذا صَار كفا. وَهُوَ فعل، وَهُوَ الْمُكَلف بِهِ فِي النَّهْي، لَا التّرْك بِمَعْنى الْعَدَم لِأَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلا تَحت الْقُدْرَة للْعَبد. وَنِيَّة الْعِبَادَة: هِيَ التذلل والخضوع على أبلغ الْوُجُوه. وَنِيَّة الطَّاعَة: هِيَ فعل مَا أَرَادَ الله تَعَالَى مِنْهُ. وَنِيَّة الْقرْبَة: هِيَ طلب الثَّوَاب بالمشقة فِي فعلهَا أَو يَنْوِي أَنه يَفْعَلهَا مصلحَة لَهُ فِي دينه بِأَن يكون أقرب إِلَى مَا وَجب عقلا من الْفِعْل وَأَدَاء الْأَمَانَة، وَأبْعد عَمَّا حرم عَلَيْهِ من الظُّلم وكفران النِّعْمَة. وَالنِّيَّة للتمييز فَلَا تصح إِلَّا فِي ملفوظ مُحْتَمل كعامّ يحْتَمل الْخُصُوص، أَو مُجمل، أَو مُشْتَرك يحْتَمل وُجُوهًا من المُرَاد ليُفِيد فائدتها. وَالنِّيَّة فِي الْأَقْوَال لَا تعْمل إِلَّا فِي الملفوظ. وَلِهَذَا لَو نوى الطَّلَاق أَو الْعتاق وَلم يتَلَفَّظ بِهِ لَا يَقع، وَلَو تلفظ بِهِ وَلم يقْصد وَقع، لِأَن الْأَلْفَاظ فِي الشَّرْع تنوب مناب الْمعَانِي الْمَوْضُوعَة هِيَ لَهَا. (وَالنِّيَّة مَعَ اللَّفْظ أفضل) . النَّهْي، لُغَة: الزّجر عَن الشَّيْء بِالْفِعْلِ أَو بالْقَوْل ك (اجْتنب) ، وَشرعا (لَا تفعل) استعلاء. وَعند النَّحْوِيين صِيغَة (لَا تفعل) حثاً كَانَ على الشَّيْء أَو زجرا عَنهُ. وَفِي نظر أهل الْبُرْهَان يَقْتَضِي الزّجر عَن الشَّيْء سَوَاء كَانَ بِصِيغَة (افْعَل) أَو (لَا تفعل) لِأَن نظر أهل الْبُرْهَان إِلَى جَانب الْمَعْنى، وَنظر النَّحْوِيين إِلَى جَانب اللَّفْظ. وَاخْتلف فِي أَن الْمَقْصُود بِالنَّهْي هَل هُوَ عدم الْفِعْل أم لَا، فَذهب جمَاعَة من الْمُتَكَلِّمين إِلَى الأول، فَإِن عدم الْفِعْل مَقْدُور للْعَبد بِاعْتِبَار استمراره إِذْ لَهُ أَن يفعل فيزول اسْتِمْرَار عَدمه، وَله أَن لَا يفعل فيستمر عَدمه. وَذهب جمَاعَة أُخْرَى إِلَى الثَّانِي لِأَن عَدمه مُسْتَمر فِي الْأَزَل إِلَى الْأَبَد، فَلَا يكون مَقْدُورًا للْعَبد عَبَثا، بل الْمَطْلُوب بِهِ هُوَ كف النَّفس عَن الْفِعْل. وَالنَّهْي يَقْتَضِي المشروعية دون النَّفْي، فَإِن الْمنْهِي عَنهُ يجب أَن يكون مُتَصَوّر الْوُجُود شرعا، وَمَا لَيْسَ بمشروع لَا يتَصَوَّر وجودا شرعا. [وَاعْلَم أَن مُقْتَضى النَّهْي قبح الْمنْهِي عَنهُ كَمَا أَن مُقْتَضى الْأَمر حسن الْمَأْمُور بِهِ، لِأَن الْحَكِيم لَا يُنْهِي عَن شَيْء إِلَّا لقبحه، كَمَا أَنه لَا يَأْمر بِشَيْء إِلَّا لحسنه، فالمنهي عَنهُ فِي صفة الْقبْح يَنْقَسِم انقسام الْمَأْمُور بِهِ إِلَى الْحسن لعَينه وَإِلَى الْحسن لغيره، كَذَلِك يَنْقَسِم الْمنْهِي عَنهُ إِلَى الْقَبِيح لعَينه وَأَنه نَوْعَانِ: وَصفا أَي عقلا وَشرعا وَإِلَى الْقَبِيح لغيره، وَأَنه نَوْعَانِ أَيْضا وَصفا ومجازاً تَحْقِيقا للمقابلة، فَمَا قبح لِمَعْنى فِي عينه وَصفا كالكفر وَالْكذب وَالظُّلم واللواط، وَمَا قبح لعَينه شرعا لعدم الْمَحَلِّيَّة أَو الْأَهْلِيَّة كَبيع الْحر وَالْمَاء فِي أصلاب الْآبَاء وأرحام الْأُمَّهَات. وَمَا قبح لغيره يَنْقَسِم إِلَى قسمَيْنِ: أَحدهمَا مَا جاوره الْمَعْنى الْمُوجب للقبح بطرِيق الِاجْتِمَاع بِحَيْثُ يتَصَوَّر انفكاكه فِي الْجُمْلَة لَا أَن يكون دَاخِلا فِي حَقِيقَته وَلَا وَصفا لَازِما كَوَطْء الرجل زَوجته حَالَة الْحيض وكالبيع وَقت النداء، وكالصلاة فِي الأَرْض الْمَغْصُوبَة إِذْ فِي كل ذَلِك يتَصَوَّر الانفكاك عَن الْمنْهِي عَنهُ. وَالثَّانِي مَا اتَّصل

بِهِ الْمَعْنى الْمُوجب للقبح بِحَيْثُ صَار وَصفا لَهُ لَا يتَصَوَّر انفكاكه عَنهُ مِثَاله من الْمُعَامَلَات بيع الرِّبَا، وَمن الْعِبَادَات صَوْم يَوْم الْعِيد] . وَالنَّهْي للتَّحْرِيم نَحْو: {وَلَا تقتلُوا النَّفس} . والكراهية نَحْو: {وَلَا تيمموا الْخَبيث} . والتحقير نَحْو: {وَلَا تعتذروا قد كَفرْتُمْ} . وَبَيَان الْعَاقِبَة نَحْو: {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا} . واليأس نَحْو: {لَا تعتذروا الْيَوْم} . والإرشاد نَحْو: {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} . وَالْكَرَاهَة: لدرء مفْسدَة دينية. والإرشاد: لدرء مفْسدَة دنيوية. وَالدُّعَاء نَحْو: {لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا} . والتقليل نَحْو: {وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك إِلَى مَا متعنَا بِهِ} أَي فَهُوَ قَلِيل. وَقَوله تَعَالَى: {فَلَا يكن فِي صدرك حرج} من بَاب التشجيع. والإخبار فِي معنى النَّهْي أبلغ من صَرِيح النَّهْي كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَا يضار كَاتب وَلَا شَهِيد} لما فِيهِ من إِيهَام أَن الْمنْهِي مسارع إِلَى الِانْتِهَاء وَكَذَا الْإِخْبَار فِي معنى الْأَمر كَقَوْلِك: (تذْهب إِلَى فلَان تَقول كَذَا كَذَا) . تُرِيدُ الْأَمر. وَقَوْلهمْ: {ناهيك بِهِ} من النَّهْي. وَهُوَ صِيغَة مدح مَعَ تَأْكِيد طلب، كَأَنَّهُ ينهاك عَن طلب دَلِيل سواهُ. يُقَال: (زيد ناهيك من رجل) أَي هُوَ ينهاك بجده وغنائه عَن تطلب غَيره. وَدخُول الْبَاء بِالنّظرِ إِلَى حَال الْمَعْنى كَأَنَّهُ قيل: اكتف بتسويته. وناهيك مِنْهُ: أَي حَسبك وكافيك. كِلَاهُمَا مستعملان. النّظر: هُوَ عباة عَن تقليب الحدقة نَحْو المرئي التماساً لرُؤْيَته. وَلما كَانَت الرُّؤْيَة من تَوَابِع النّظر ولوازمه غَالِبا أجري لفظ النّظر على الرُّؤْيَة على سَبِيل إِطْلَاق اسْم السَّبَب على الْمُسَبّب. وَالنَّظَر: تَرْتِيب أُمُور مَعْلُومَة على وَجه يُؤَدِّي إِلَى استعلام مَا لَيْسَ بِمَعْلُوم. فَقيل: النّظر عبارَة عَن حَرَكَة الْقلب لطلب علم عَن علم. [وَاخْتلف فِي أَن الْعلم الْحَاصِل عقيب النّظر بِأَيّ طَرِيق هُوَ؟ فَقَالَت الْمُعْتَزلَة: ذَلِك بطرِيق التوليد وَهُوَ أَن يُوجب وجود شَيْء وجود شَيْء آخر كحركة الْمِفْتَاح بحركة الْيَد. ذكر صَاحب " التَّنْقِيح: فِي بَيَان مَذْهَب الْمُعْتَزلَة أَن الْعقل يُولد الْعلم بالنتيجة عقيب النّظر الصَّحِيح. وَقَالَ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ عَلَيْهِ الرَّحْمَة فِي " التَّلْوِيح ": وَقد يُقَال: إِن النّظر الصَّحِيح هُوَ الَّذِي يُولد النتيجة. وَذهب الْحُكَمَاء إِلَى أَن المبدأ الَّذِي تستند إِلَيْهِ الْحَوَادِث فِي عالمنا

هَذَا وَهُوَ الْعقل الفعال المنقش بصور الكائنات مُوجب تَامّ الْفَيْض يفِيض على نفوسنا بِقدر الاستعداد وَالنَّظَر بعد الذِّهْن بفيضان الْعلم عَلَيْهِ من ذَلِك المبدأ. والنتيجة تفيض عَلَيْهِ وجوبا أَي لُزُوما عقلياً لتَمام الْقَابِل مَعَ دوَام الْفَاعِل. وَمَا اخْتَارَهُ الإِمَام الرَّازِيّ رَحمَه الله هُوَ أَن الْعلم الْحَاصِل عقيب النّظر وَاجِب أَي لَازم حُصُوله عَقِيبه عقلا لَا بطرِيق التوليد وَلَا بطرِيق الإعداد وَالْإِضَافَة من المبدأ الْمُوجب، وَذكر الإِمَام حجَّة الْإِسْلَام عَلَيْهِ الرَّحْمَة أَنه الْمَذْهَب عِنْد أَكثر أَصْحَابنَا والتوليد مَذْهَب بَعضهم. وَهَذَا إِنَّمَا يَصح إِذا جوّز استناد بعض الْحَوَادِث إِلَيْهِ تَعَالَى بِوَاسِطَة بِأَن يكون لبَعض آثاره مدْخل فِي بعض بِحَيْثُ يمْتَنع تخلفه عَنهُ عقلا فَيكون بَعْضهَا متولداً عَن الْبَعْض وَإِن كَانَ الْكل وَاقعا مِنْهُ تَعَالَى كَمَا نقُول فِي أَفعَال الْعباد الصادرة عَنْهُم بقدرتهم وجود بعض الْأَفْعَال عَن بعض لَا يُنَافِي قدرَة الْقَادِر الْمُخْتَار على ذَلِك الْفِعْل، إِذْ يُمكنهُ أَن يَفْعَله بإيجاد مَا يُوجِبهُ ويتركه بألا يُوجد ذَلِك الْمُوجب لَكِن لَا يكون تَأْثِير الْقُدْرَة فِيهِ ابْتِدَاء كَمَا هُوَ مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ فَإِن عِنْده جَمِيع الممكنات مستندة إِلَى قدرَة الله تَعَالَى واختياره ابْتِدَاء بِلَا علاقَة بِوَجْه بَين الْحَوَادِث المتعاقبة إِلَّا بإجراء الْعَادة بِخلق بَعْضهَا عقيب بعض كالإحراق عقيب مماسة النَّار، والري بعد شرب المَاء من غير أَن يكون لَهما مدْخل فِي وجودهما. وَكَذَا الْحَال فِي سَائِر الْأَفْعَال، فَإِن تكَرر مِنْهُ إيجاده عَقِيبه سمي ذَلِك عَادَة، وَإِن لم يتَكَرَّر سمي خارقاً للْعَادَة. وَلَا شكّ أَن الْعلم الْحَاصِل عقيب النّظر أَمر مُمكن متكرر فَتكون مستندة إِلَيْهِ بطرِيق الْعَادة فَحِينَئِذٍ يُقَال: النّظر صادر بإيجاد الله وَمُوجب للْعلم بالمنظور فِيهِ إِيجَابا عقلياً بِحَيْثُ يَسْتَحِيل أَن يَنْفَكّ عَنهُ] . وَالنَّظَر بِمَعْنى الْبَحْث وَهُوَ أَعم من الْقيَاس. وَنظر لَهُ: رَحمَه. وَإِلَيْهِ: رَآهُ. وَعَلِيهِ: غضب. وَنَظره: انتظره. وَمِنْه: {انظرونا نقتبس من نوركم} . أَو قابله وَمِنْه: دَاري ناظرة إِلَى دَارك: أَي مُقَابلَة. وَنظر فِيهِ: تفكَّر كَقَوْلِه تَعَالَى: {أولم ينْظرُوا فِي ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} . وَخص بِالتَّأَمُّلِ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَفلا ينظرُونَ إِلَى الْإِبِل كَيفَ خلقت} . وَقد يُوصل النّظر ب (إِلَى) وَلَا يُرَاد بِهِ الإبصار بِالْعينِ كَمَا فِي قَوْله: (وَيَومٍ بذِي قَارٍ رَأيْتَ وُجُوهَهُمْ ... إلىَ المَوْتِ مِنْ وَقْعِ السُّيوفِ نَوَاظِر) إِذْ الْمَوْت لَا يتَصَوَّر أَن يكون مرئياً بِالْعينِ إِلَّا أَن يحمل على أَنه أَرَادَ بِالْمَوْتِ الْكر والفر والطعن وَالضَّرْب، أَو أَرَادَ بِهِ أهل الْحَرْب الَّذين يجْرِي الْقَتْل وَالْمَوْت على أَيْديهم [فَقيل: لَا يمْتَنع حمل النّظر الْمُطلق على الرُّؤْيَة بطرِيق الْحَذف والإيصال إِنَّمَا الْمُمْتَنع حمل الْمَوْصُول بإلى على غَيرهَا] .

وَاسْتِعْمَال النّظر فِي الْبَصَر أَكثر عِنْد الْعَامَّة، وَفِي البصيرة أَكثر عِنْد الْخَاصَّة. وَالنَّظَر عَام، والشيم بِالْكَسْرِ خَاص للبرق. (والنظير أخص من الْمثل. وَكَذَا الند فَإِنَّهُ يُقَال لما يُشَارِكهُ فِي الْجَوْهَر فَقَط. كَذَا الشّبَه والمساوي والشكل. وأعم الْأَلْفَاظ الْمَوْضُوعَة للمشابهة الْمثل. وَلَا يمْتَنع حمل النّظر الْمُطلق، أَعنِي عَن الصِّلَة على الرُّؤْيَة بطرِيق الْحَذف والإيصال، إِنَّمَا الْمُمْتَنع حمل الْمَوْصُول ب (إِلَى) على غَيرهَا كَمَا قيل) . والإنظار: تَمْكِين الشَّخْص من النّظر. النصب، بِالضَّمِّ: الشَّرّ وَالْبَلَاء وَالْمَشَقَّة يُقَال: نصبني هَذَا الْأَمر، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {بِنصب وَعَذَاب} . ونصبت الشَّيْء نصبا: أقمته ورفعته. والنَّصب، بِالْفَتْح فِي الْإِعْرَاب كالفتح فِي الْبناء اصْطِلَاح نحوي. وَهَذَا نُصْب عَيْني: بِالضَّمِّ وَالْفَتْح، أَو الْفَتْح لحن. والنَّصب بِالْفَتْح يُقَال أَيْضا لمَذْهَب هُوَ بغض عَليّ ابْن أبي طَالب، وَهُوَ طرف النقيض من الرَّفْض، وَيُقَال لَهُم: الطَّائِفَة النواصب. وهم مثل الْخَوَارِج، وَفِيه حِكَايَة لَطِيفَة وَهِي أَن الشريف الرضي أحضر إِلَى ابْن السيرافي النَّحْوِيّ وَهُوَ طِفْل لم يبلغ عشر سِنِين فلقَّنه النَّحْو، قَالَ الْأُسْتَاذ يَوْمًا لَهُ: إِذا قُلْنَا (رَأَيْت عمرا) فَمَا علاقَة النصب فِي (عَمْرو) فَقَالَ: بغض عليّ. فعجبوا من حِدة خاطره، حَمَلَ النصب على ذَلِك الْمَعْنى، وَأَرَادَ بِعَمْرو عَمْرو بن الْعَاصِ الْمَشْهُور بعداوة عليّ وخلعه عَن الْخلَافَة لما صَار حكما مَعَ أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فِي أَيَّام صِفِّين. وَقد نظمت مَا جرى بَينهمَا فِي الْحَرْب: (إِذا حُمل القضاءُ على ابنِ سُوءٍ ... يردُّ وَلَا يؤاخذه بقَهْرِ) (كَابْن الْعَاصِ سَوْأتُه مناصٌ ... عليُّ فِي الكَرَامَةِ مثْل دَهْرِ) والنصيب: الْحَظ. والنِّصاب: الأَصْل. وَمن المَال: الْقدر الَّذِي يجب فِيهِ الزَّكَاة إِذا بلغه، وَهُوَ على ثَلَاثَة أَقسَام: نِصَاب يشْتَرط فِيهِ النَّماء وتتعلق بِهِ الزَّكَاة وَسَائِر الْأَحْكَام الْمُتَعَلّقَة بِالْمَالِ. ونصاب يجب بِهِ أَحْكَام أَرْبَعَة: حُرْمَة الصَّدَقَة، وَوُجُوب الْأُضْحِية، وَصدقَة الْفطر، وَنَفَقَة الْأَقَارِب. وَلَا يشْتَرط فِيهِ النَّمَاء لَا بِالتِّجَارَة وَلَا بالحول. ونصاب تثبت بِهِ حُرْمَة السُّؤَال وَهُوَ من كَانَ عِنْده قوت يَوْم عِنْد الْبَعْض. النداء: هُوَ إِحْضَار الْغَائِب، وتنبيه الْحَاضِر، وتوجيه المعرض، وتفريغ المشغول، وتهييج الفارغ. وَهُوَ فِي الصِّنَاعَة: تصويتك بِمن تُرِيدُ إقباله عَلَيْك لتخاطبه (والمأمور بالنداء يُنَادي ليخاطبه الْآمِر فَصَارَ كَأَنَّهُ هُوَ المنادى) .

ونداء الجمادات بِخلق الْعلم فِيهَا. (وَقد يصير للحيوان الشُّعُور بِمُرَاد الْإِنْسَان. فَرُبمَا إِذا خاطبه بِاللَّفْظِ وَالْإِشَارَة فهم المُرَاد. والنداء: رفع الصَّوْت وظهوره) . وَقد يُقَال للصوت الْمُجَرّد، وإياه عَنى بقوله: {إِلَّا دُعَاء ونداء} أَي لَا يعرف إِلَّا الصَّوْت الْمُجَرّد دون الْمَعْنى الَّذِي يَقْتَضِيهِ تركيب الْكَلَام. (وَيُقَال للمركب الَّذِي يفهم مِنْهُ الْمَعْنى ذَلِك. والنداء للاستحضار دون تَحْقِيق الْمَعْنى) . وَالْكَلَام مَتى خرج نِدَاء أَو شتيمة لَا يَجْعَل إِقْرَارا بِمَا تكلم بِهِ لِأَن قصد بِهِ التَّعْبِير والتحقير أَو الْإِعْلَام دون التَّحْقِيق. وَمَتى خرج وَصفا للمحل يَجْعَل إِقْرَارا لِأَنَّهُ قصد بِهِ التَّحْقِيق. [والمنادي الْمُضَاف والشبيه بِهِ والمنادى النكرَة هَذِه الثَّلَاثَة مَنْصُوبَة حَالَة النداء، وَلم يرفع حَال ندائه إِلَّا الْمُفْرد الْعلم] . [والمنادى إِذا أضيف أَو نُكِّر أُعرب، وَإِذا أفرد بني كَمَا أَن (قَبْلُ) و (بَعْدُ) معربان مضافتين ومنكورتين ويبنيان فِي غير ذَلِك، فَكَمَا بنيا على الضَّم كَذَلِك المنادى الْمُفْرد الْعلم. والنداء وَالدُّعَاء وَنَحْوهمَا يعدّى بإلى وَاللَّام لتضمينها معنى الِانْتِهَاء. والاختصاص: نِدَاء مدح نَحْو: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} . ونداء ذمّ نَحْو: {يَا أَيهَا الَّذين كفرُوا} . ونداء تَنْبِيه نَحْو: {يَا أَيهَا النَّاس} . ونداء نِسْبَة نَحْو: {يَا بني آدم} . ونداء إِضَافَة نَحْو: {يَا عبَادي} . وحروف النداء كلهَا معرِّفة إِذا قصد بهَا منادى معِين بِخِلَاف المنكَّر نَحْو: (يَا رجل) و (يَا رجلا) . وَالْعرب تنادي بِالْألف كَمَا تنادي بِالْيَاءِ فَتَقول: أَزِيد أقبل. وَمِمَّا تسْتَعْمل فِيهِ صِيغَة النداء الاستغاثة نَحْو: باللهِ منْ ألَم الفِرَاقَ. ويالزيد بِالْفَتْح: مستغاث بِهِ، وبالكسر: مستغاث من أَجله. وَمِنْهَا التَّعَجُّب نَحْو: يَا للْمَاء، وَيَا لَلدواهي. وَمِنْهَا التدلُّه والتضجر كَمَا فِي نِدَاء الأطلال والمنازل وَنَحْو ذَلِك. وَمِنْهَا التوجع والتحير والتحسر. وَمِنْهَا الندبة. وأمثال هَذِه الْمعَانِي كَثِيرَة فِي الْكَلَام. [وَالنَّدْب ب (يَا) على قلَّة وَالْأَكْثَر لفظ (وَا) ] . النُّكْتَة: هِيَ الْمَسْأَلَة الْحَاصِلَة بالتفكر المؤثرة فِي الْقلب الَّتِي يقارنها نكت الأَرْض بِنَحْوِ الإصبع غَالِبا. والبيضاوي أطلق النُّكْتَة على نفس الْكَلَام حَيْثُ قَالَ: " هِيَ طَائِفَة من الْأَحْكَام منقحة مُشْتَمِلَة على لَطِيفَة مُؤثرَة فِي الْقُلُوب ". وَقَالَ بَعضهم: هِيَ طَائِفَة من الْكَلَام تُؤثر فِي

النَّفس نوعا من التَّأْثِير قبضا كَانَ أَو بسطاً. وَفِي بعض الْحَوَاشِي: هِيَ مَا يسْتَخْرج من الْكَلَام. وَفِي بَعْضهَا هِيَ الدقيقة الَّتِي تستخرج بدقة النّظر إِذْ يقارنها غَالِبا نكت الأَرْض بإصبع أَو غَيرهَا. وَفِي " حَاشِيَة الْكَشَّاف ": ونُكَت الْكَلَام: أسراره ولطائفه لحصولها بالتفكر وَلَا يَخْلُو صَاحبهَا غَالِبا من النكت فِي الأَرْض بِنَحْوِ الإصبع بل بحصولها بالحالة الفكرية المشبهة بالنكت. النَّص: أَصله أَن يتَعَدَّى بِنَفسِهِ لِأَن مَعْنَاهُ الرّفْع الْبَالِغ، وَمِنْه منصة الْعَرُوس، ثمَّ نقل فِي الِاصْطِلَاح إِلَى الْكتاب وَالسّنة وَإِلَى مَا لَا يحْتَمل إِلَّا معنى وَاحِدًا، وَمعنى الرّفْع فِي الأول ظَاهر، وَفِي الثَّانِي أخْذُ لَازم النَّص وَهُوَ الظُّهُور، ثمَّ عدي بِالْبَاء وبعلى فرقا بَينه وَبَين الْمَنْقُول عَنهُ. والتعدية بِالْبَاء لتضمين معنى الْإِعْلَام. وبعلى لتضمن الْإِطْلَاق وَنَحْوه. وَقيل: نَص عَلَيْهِ كَذَا: إِذا عيَّنه. وعَرَّض: إِذا لم يذكرهُ مَنْصُوصا عَلَيْهِ بل يفهم الْغَرَض بِقَرِينَة الْحَال. وَالنَّص قد يُطلق على كَلَام مَفْهُوم الْمَعْنى سَوَاء كَانَ ظَاهرا أَو نصا أَو مُفَسرًا اعْتِبَارا مِنْهُ للْغَالِب لِأَن عَامَّة مَا ورد من صَاحب الشَّرِيعَة نُصُوص. وَالنَّص إِذا لم يدْرك مناطه لزم الانحصار على المورد. والتنصيص: مُبَالغَة فِي النَّص. النَّصِيحَة: هِيَ كلمة جَامِعَة مَعْنَاهَا حِيَازَة الْحَظ للمنصوح لَهُ. وَيُقَال: هِيَ من وجيز الْأَسْمَاء ومختصر الْكَلَام، وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كلمة (مُفْردَة تستوفي الْعبارَة غير معنى هَذِه الْكَلِمَة. كَمَا قَالُوا فِي الْفَلاح: إِنَّه لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كلمة) أجمع لخيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مِنْهُ. النُّور: هُوَ الْجَوْهَر المضيء، وَالنَّار كَذَلِك، غير أَن ضوء النَّار مكدَّر مغمور بِدُخَان مَحْذُور عَنهُ بِسَبَب مَا يَصْحَبهُ من فرط الْحَرَارَة والإحراق، وَإِذا صَارَت مهذبة مصفاة كَانَت مَحْض نور، وَمَتى نكصت عَادَتْ الْحَالة الأولى جذوة وَلَا تزَال تتزايد حَتَّى ينطفئ نورها وَيبقى الدُّخان الصّرْف. [وَالنَّار الصرفة كالنفس فِي اللطافة وَلُزُوم الْحَرَكَة إِلَّا أَن كرة النَّار تتحرك على استدارتها لمتابعة الْفلك، وَالنَّفس تتحرك دَائِما بحركات مُخْتَلفَة، والبساطة وَإِيجَاب الخفة للحار كَمَا أَن النفَس يُوجب الخفة للجسد، وَلذَلِك كَانَ الْمَيِّت أثقل من الْحَيّ] . والنور من جنس وَاحِد وَهُوَ النَّار بِخِلَاف الظلمَة إِذْ مَا من جنس من أَجنَاس الأجرام إِلَّا وَله ظلّ وظله الظلمَة، وَلَيْسَ لكل جرم نور، وَهَذَا كوحدة الْهدى وتعدد الضلال لِأَن الْهدى سَوَاء كَانَ المُرَاد بِهِ الْإِيمَان أَو الدّين هُوَ وَاحِد. أما الأول فَظَاهر، وَأما

الثَّانِي فَلِأَن الدّين مَجْمُوع الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة، وَالْمَجْمُوع وَاحِد والضلال مُتَعَدد على كلا التَّقْدِيرَيْنِ، أما على الأول فلكثرة الاعتقادات الزائغة، وَأما على الثَّانِي فلانتفاء الْمَجْمُوع بِانْتِفَاء أحد الْأَجْزَاء فيتعدد الضلال بِتَعَدُّد الانتفاء. النُزُل، بِضَمَّتَيْنِ وبالتسكين: مَا يهيأ للنزل أَي للضيف. وَالنُّزُول، مصدر بِمَعْنى الهبوط. وَنزل من الْعُلُوّ: هَبَط. وَنزل الْمَكَان: حل فِيهِ. وَمِنْه الْمنزل. النّوم: هُوَ حَال تعرض للحيوان من استرخاء أعصاب الدِّمَاغ من رطوبات الأبخرة المتصاعدة بِحَيْثُ تقف الْحَواس الظَّاهِرَة عَن الإحساس رَأْسا. [وَالْمَنْقُول عَن الْمُتَكَلِّمين أَن النّوم مضاد للإدراك، وَأَن الرُّؤْيَا خيالات بَاطِلَة هُوَ خلاف مَا يشْهد بِهِ الْكتاب وَالسّنة، وَلَعَلَّ مُرَادهم أَن كَون مَا يتخيله النَّائِم إداركاً بالبصر رُؤْيَة وَمَا يتخيله إدراكاً بِالسَّمْعِ سمعا بَاطِل فَلَا يُنَافِي حَقِيقَته بِمَعْنى كَونه أَمارَة لبَعض الْأَشْيَاء] . والنُّعَاس: هُوَ أول النّوم. والوَسَنُ: ثِقَل النّوم. والرُّقَاد: النّوم الطَّوِيل، أَو هُوَ خَاص بِاللَّيْلِ. وَقيل: السِّنَة: ثِقَل فِي الرَّأْس، والنُّعاس فِي الْعين، وَالنَّوْم فِي الْقلب. النُّفاس: مصدر نَفُسَت الْمَرْأَة، بِضَم النُّون وَفتحهَا، إِذا ولدت فَهِيَ نُفَساء وهنَّ نُفَاس، من النَّفْس وَهُوَ الدَّم. وَشَرِيعَة: دمٌ يعقب الْوَلَد. النَصْر: هُوَ أخص من المعونة لاختصاصه بِدفع الضّر. ] وتعدية النَّصْر بِمن لتَضَمّنه الْحِفْظ، وبعلى لتَضَمّنه الْغَلَبَة، وَإِنَّمَا أُتِي بِحرف (فِي) فِي قَوْله: {إِنَّا لننصر رسلنَا وَالَّذين آمنُوا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} ، وَلم يُؤْت فِي قَوْله تَعَالَى: {وَيَوْم يقوم الأشهاد} تَنْبِيها على دوَام النَّصْر فِي الْآخِرَة. وَالدُّنْيَا دَار بلَاء، وكل مَا هُوَ حَقِيقَة فِي أَحدهمَا مجَاز فِي الآخر] . ونصرة الظَّالِم: مَنعه عَن الظُّلم. فِي الْمثل: " من استرعى الذِّئْب فقد ظلم " أَي ظلم الذِّئْب. وَقيل: ظلم الشَّاة. وَهَذَا أظهر، وَالْأول أبلغ. النَّقير: النُّكْتَة فِي ظهر النواة. والقطمير: شِق النواة، أَو القشرة الرقيقة بَين النواة وَالتَّمْر. النخاع: هُوَ خيط أَبيض فِي جَوف عظم الرَّقَبَة يَمْتَد إِلَى الصلب، وَالْفَتْح وَالضَّم لُغَة فِي الْكسر، وبالياء يكون فِي الْقَفَا. النَّفْث: هُوَ نفخ مَعَه شَيْء من الرِّيق. وَقد يسْتَعْمل بِمَعْنى النفخ مُطلقًا. فَمن الأول {النفاثات فِي العقد} . وَمن الثَّانِي حَدِيث: " إِن جِبْرِيل نفث فِي روعي ". والنفخ يطْلب المعفول بِهِ لَا الْمَفْعُول فِيهِ، مَعَ أَن الْعَرَب العرباء تَقول: نفخت فِيهِ. وَلَا يَصح فِيهِ

سَائِر مَعَانِيهَا اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يحمل على الزِّيَادَة للتَّأْكِيد، وَلَا يخفى أَنه لَا يشفي الغليل. النِّسوة: هُوَ اسْم جمع فَيقدر لَهَا مُفْرد وَهُوَ نُساء كغُلام وغِلْمة (لِأَنَّهَا اسْم جمع للْمَرْأَة) ، مؤنث من بَنَات آدم مَنْ بلغت حد الْبلُوغ. والنَّساء: بِالْفَتْح وَالْمدّ لَا غير: وَهُوَ التَّأْخِير، يُقَال: بِعته بنساء. النزلة: هِيَ الزُّكَام وَالْجمع نزلات. والنازلة: هِيَ الشَّدِيدَة من شَدَائِد الدَّهْر تنزل بِالنَّاسِ. النَّعْل: وَاحِد النِّعَال الْمَعْرُوفَة. والنِّعال: الأرضون الصلاب أَيْضا. وَعَلِيهِ حَدِيث: " إِذا ابتلَّت النِّعال فَالصَّلَاة فِي الرِّحال ". وَقد نظمت فِيهِ: (وَمَا كَانَ يُجدِي النَّاسَ مِنّي صَبَابَةُ ... سِوى زَلْقِ واشٍ بالنعالِ منَكسا) النَّهَار، لُغَة: ضد اللَّيْل، وضوء وَاسع ممتد من طُلُوع الشَّمْس أَو الْفجْر إِلَى الْغُرُوب. وَالنّهر: الخليج الْكَبِير. والجدول: النَّهر الصَّغِير. [وأنهار الْجنَّة لَيست إِلَّا الْمِيَاه لِأَنَّهَا تجْرِي من غير أخدُود] . النّسك: فِي الأَصْل غَايَة الْعِبَادَة، وشاع فِي الْحَج لما فِيهِ من الكلفة والبعد عَن الْعَادة. النفيس: هُوَ مَا تكون قِيمَته مثل نِصَاب السّرقَة. والخسيس: هُوَ مَا يكون قِيمَته دون نِصَاب السّرقَة. النُّعْمَان، بِالضَّمِّ: الدَّم. وبالفتح: وادٍ فِي طَرِيق الطَّائِف يخرج إِلَى عَرَفات. النَّجْل: المَاء الَّذِي يظْهر من الأَرْض. وَيُطلق على الْوَالِد وَالْولد. النَّقْض: هُوَ فِي الْبناء وَالْحَبل والعهد وَغَيره، ضد الإبرام. وبالكسر: المنقوض. والإنقاض فِي الْحَيَوَان، والنقض فِي الموتان. والمناقضة فِي القَوْل: أَن يتَكَلَّم بِمَا يتناقض مَعْنَاهُ أَي: يتخالف. النيْل، بِالْفَتْح: أَصله الْوُصُول إِلَى الشَّيْء، فَإِذا أطلق يَقع على النَّفْع، وَإِذا قُيِّد يَقع على الضَّرَر، وكل مَا نالك فقد نِلْتَه. النبْت: النَّبَات، وَقد نَبتَت الأَرْض وأنبتت. والإنبات: عمل طبيعة الأَرْض فِي تربية البذور ومادة النَّبَات بتسخير الله إِيَّاهَا وتدبيره، وَذَلِكَ أَمر آخر وَرَاء إيجاده وإيجاد أَسبَابه. النخرة: الْعِظَام البالية. والناخرة: المجوفة الَّتِي تمر فِيهَا الرّيح فتنخر أَي تصوت. النِّسبة: الْقرب والمشاكلة وَالْقِيَاس يُقَال: بِالنِّسْبَةِ إِلَى فلَان أَي بِالْقِيَاسِ إِلَيْهِ. ونسبت الرجل أنسبه نسبا. ونَسَبَ الشَّاعِر بِالْمَرْأَةِ ينْسب نسبياً. وَالنِّسْبَة فِي علم الْحساب: عبارَة عَن خُرُوج أحد

المقدارين المتجانسين من الآخر، فالخارج إِمَّا من أَجزَاء الْمَنْسُوب إِلَيْهِ كثلاثة من سِتَّة فَإِنَّهَا نصفهَا، أَو من أضعافه كثمانية عشر من سِتَّة، أَو من أَجْزَائِهِ وأضعافه كخمسة عشر من سِتَّة فَإِنَّهَا ضعفها وَنِصْفهَا، (وكالثلث من الثُّلثَيْنِ فَإِنَّهُ نصفهَا، وكالثلثين من الثُّلُث فَإِنَّهُ ضعفه، وكخمسة أَسْدَاس من الثُّلُث فَإِنَّهَا ضعفه وَنصفه) . والنَّسب، بِالْكَسْرِ: تتَعَلَّق بالمفهومات. والفروق تتَعَلَّق بالعبارات بِالنِّسْبَةِ إِلَى معاينها. وَالنِّسْبَة فِي الْأُمُور الخارجية الْمَوْجُودَة فِي نفس الْأَمر، فَمن أمعن النّظر فِي قَوْلنَا: الْقيام حَاصِل لزيد فِي الْخَارِج، وَحُصُول الْقيام أَمر مُحَقّق مَوْجُود فِي الْخَارِج، حَيْثُ جعل الْخَارِج فِي الْمِثَال الأول ظرفا للحصول نَفسه، وَفِي الثَّانِي ظرفا لوُجُود الْحَاصِل وتحققه لَا يُنكر ذَلِك. وَالْمرَاد فِي النِّسْبَة الإيجابية أَن يحصل فِي الْأَعْيَان شَيْء ينشأ عَن النِّسْبَة فِي الذِّهْن. وَالْمرَاد فِي النِّسْبَة السلبية أَن لَا يكون نقيضها ناشئاً عَمَّا فِي الْأَعْيَان، فَصدق الْمُوجبَة بِأَن تكون النِّسْبَة ناشئة عَن الْمَوْجُود فِي الْأَعْيَان، وَصدق السالبة بِأَن لَا تكون النِّسْبَة الإيجابية ناشئة عَن الْمَوْجُود فِي الْأَعْيَان. وَالْمَوْجُود فِي الْأَعْيَان أَعم من الْمَوْجُود خَارج الذِّهْن وَالْحَاصِل فِي الذِّهْن. فَالْحَاصِل فِي الذِّهْن وَهُوَ الصُّورَة الذهنية مَوْجُود فِي الْأَعْيَان من حَيْثُ إِنَّه عرض قَائِم بالموجود فِي الْأَعْيَان وَهُوَ الذِّهْن، وَلَا يُرَاد أَنه مَوْجُود فِي الْأَعْيَان مُسْتقِلّا بل بتبعية الذِّهْن، كَمَا أَن الْأَعْرَاض مَوْجُودَة فِي الْأَعْيَان بتبعية محالها. [وَنسبَة العَرَض إِلَى الْمَوْضُوع لَيْسَ كنسبة الْجِسْم إِلَى الْمَكَان حَتَّى لَو جَازَ حُلُول الْعرض فِي محلين لجَاز حُلُول الْجِسْم فِي مكانين وَهُوَ بَاطِل، بل النسبتان ليستا على سَوَاء لِإِمْكَان حُلُول أَعْرَاض مُتعَدِّدَة تبعا فِي مَحل وَاحِد لِامْتِنَاع اجْتِمَاع جسمين فِي مَكَان. وَالنِّسْبَة الثبوتية يرد عَلَيْهَا الْإِيجَاب وَالسَّلب كَمَا فِي النِّسْبَة المتصورة بَين زيد وَالْقِيَام مثلا ابْتِدَاء. وَالنِّسْبَة السلبية لَا يُمكن أَن يرد عَلَيْهَا الْإِيجَاب وَالسَّلب كَمَا إِذا اعْتبر انْتِفَاء ثُبُوت نِسْبَة الْقيام لزيد إِلَّا إِذا اعْتبر ثُبُوت ذَلِك الانتفاء لَهُ فَيكون الانتفاء حِينَئِذٍ مَحْمُولا فِي الْحَقِيقَة قد اعْتبر بَينه وَبَين زيد نِسْبَة ثبوتية فهما لَا يردان إِلَّا على النِّسْبَة الثبوتية. وَالنِّسْبَة من حَيْثُ هِيَ لَا تتَصَوَّر إِلَّا بَين شَيْئَيْنِ، أَعنِي الْمَنْسُوب والمنسوب إِلَيْهِ، وَيكون تعلقهَا مَوْقُوفا على تعلق كل وَاحِد مِنْهُمَا دون الْعَكْس. وَقد يكون لبَعض النّسَب مَعَ كَونه على هَذِه الصّفة حَالَة أُخْرَى وَهِي أَن يكون بإزائه نِسْبَة أُخْرَى لَا يعقلان إِلَّا مَعًا وَحِينَئِذٍ تسمى نِسْبَة متكررة كالأبوة مثلا فَإِنَّهَا مَعَ كَونهَا نِسْبَة بَين ذاتي الْأَب وَالِابْن مَوْقُوفَة تعلقهَا بإزائها الْبُنُوَّة الَّتِي حَالهَا كَذَلِك] . وَالنِّسْبَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ تصور وَلَا نقيض لَهَا من هَذِه الْحَيْثِيَّة، لَكِن يتَعَلَّق بهَا الْإِثْبَات، وَالنَّفْي وكل وَاحِد مِنْهُمَا نقيض الآخر، (فَهِيَ من حَيْثُ يتَعَلَّق بهَا الْإِثْبَات تناقضها من حَيْثُ يتَعَلَّق بهَا النَّفْي) . وَالنِّسْبَة الإيجابية لَا تخرج عَن مُلَاحظَة أَحدهمَا

إِمَّا معينا كَمَا فِي الْعلم، أَو غير معِين كَمَا فِي الشَّك، فَإِن الشاك يُلَاحظ مَعهَا كل وَاحِد من النَّفْي وَالْإِثْبَات على سَبِيل التجويز. النَّاس: هُوَ اسْم جمع وَلذَلِك يسْتَعْمل فِي مُقَابلَة الجِنَّة: وَهِي جمَاعَة الْجِنّ. وَالْإِنْس: اسْم جنس وَلذَلِك يسْتَعْمل فِي مُقَابلَة الجِنّ كالنخل فَإِنَّهُ اسْم لجنس مَعْرُوف من الْأَشْجَار المثمرة. والنخيل: اسْم جمع لَهُ، وَلِهَذَا ناسب ذكره مَعَ الأعناب. [وجدني] نفس الْأَمر: مَعْنَاهُ: مَوْجُود فِي حد ذَاته، وَمعنى ذَلِك أَن وجوده لَيْسَ بِاعْتِبَار مُعْتَبر وَفرض فارض بل هُوَ مَوْجُود سَوَاء فَرْضه الْعقل مَوْجُودا أَو مَعْدُوما. وموجود أَيْضا سَوَاء فَرْضه الْعقل مَوْجُودا على هاذ النَّحْو أَو على خِلَافه. والموجودات ذهنية كَانَت أَو خارجية لَهَا تحققات وظهورات. وَنَفس الْأَمر منبئ عَن التَّحْقِيق، والذهن وَالْخَارِج مظهران لَهُنَّ فَظهر أَن نفس الْأَمر وَرَاء الذِّهْن وَالْخَارِج، وَتَحْقِيق ذَلِك دونه خرط القتاد. النِّعْمَة: هِيَ فِي أصل وَضعهَا الْحَالة الَّتِي يستلذها الْإِنْسَان، وَهَذَا مَبْنِيّ على مَا اشْتهر عِنْدهم من أَن (الفِعلة) ، بالسكر للحالة، وبالفتح للمرة. فِي " الْكَشَّاف ": بِالْفَتْح من التنعم، وبالكسر من الإِنعام، وَهُوَ أيصال النِّعْمَة. والنَّعْماء بِالْفَتْح وَالْمدّ، وبالضم وَالْقصر: قيل هِيَ النعم الْبَاطِنَة. والآلاء: هِيَ النعم الظَّاهِرَة. وَقيل: النِّعْمَة هِيَ الشَّيْء الْمُنعم بِهِ، وَاسم مصدر (أنعم) فَهِيَ بِمَعْنى الإنعام الَّذِي هُوَ الْمصدر القياسي. والنَّعَم، كالمطر: وَاحِد الْأَنْعَام الثَّمَانِية (من الْبَقر وَالْإِبِل والمعز والضأن مَعَ أنثاها) على مَا نطق بِهِ النّظم الْجَلِيل. ثمَّ إِن النِّعْمَة الَّتِي هِيَ مَا تستلذه النَّفس من الطَّيِّبَات إِمَّا دُنْيَوِيّ أَو أخروي، وَالْأول إِمَّا وهبي أَو كسبي، والوهبي إِمَّا روحاني كنفخ الرّوح وَمَا يتبعهُ أَو جسماني كتخليق الْبدن وَمَا يتبعهُ، والكسبي إِمَّا تخيلة أَو تحلية. وَأما الأخروي فَهُوَ مغْفرَة مَا فرط مِنْهُ وثبوته فِي مقْعد صِدْق. النَصَف، محركة: الخدام، وَالْوَاحد ناصف. النّذر: نذرت النَّذْر أنذره، ونذرت بالقوم أنذر أَيْضا أَي أعلمت بهم. وَالنّذر: مَا كَانَ وَعدا على شَرط ف (عليَّ إِن شفى الله مريضي كَذَا) نَذْر. و (عليّ أَن أَتصدق بِدِينَار) لَيْسَ بِنذر. النَّكْل: الْعقُوبَة الغليظة المنكلة للْغَيْر أَي: الْمَانِعَة

من الذَّنب فَإِن أَصله الْمَنْع، وَمِنْه النكل للقيد واللجام. الند: خص بالمخالف المماثل فِي الذَّات [أَو الْقُوَّة، من ناددت الرجل إِذا خالفته] كَمَا أَن الْمسَاوِي خص للمماثل فِي الْقدر. النموذج: بِفَتْح النُّون: مُعرب نمونه وَهُوَ مِثَال الشَّيْء. النَّهْج: هُوَ فِي الِاسْتِعْمَال: الْوَجْه الْوَاضِح الَّذِي جرى عَلَيْهِ الِاسْتِعْمَال. النَّحْو: نحوت نَحْوك: قصدت قصدك. ومررت بِرَجُل نَحْوك أَي: مثلك. وَرجعت إِلَى نَحْو الْبَيْت: أَي جِهَته. وَهَذَا الشَّيْء على أنحاء أَي: أَنْوَاع. وَعِنْدِي نَحْو ألف دِرْهَم أَي: مِقْدَار ألف دِرْهَم. نَحن: ضمير يعْنى بِهِ الِاثْنَيْنِ وَالْجمع المخبرون عَن أنفسهم، مَبْنِيّ على الضَّم. أَو جمع (أَنا) من غير لَفظهَا. وحرك آخِره لالتقاء الساكنين، وَضم لِأَنَّهُ يدل على الْجَمَاعَة، وَجَمَاعَة المضمرين تدل عَلَيْهِم الْوَاو نَحْو: (فعلوا) . وَالْوَاو من جنس الضمة. (قَالَ بَعضهم: إِن الله تَعَالَى يذكر مثل هَذِه الْأَلْفَاظ) إِذا كَانَ الْفِعْل الْمَذْكُور بعده يَفْعَله بِوَاسِطَة بعض مَلَائكَته أَو بعض أوليائه. نعم: حرف تَصْدِيق مخبر بعد قَول الْقَائِل: قَامَ زيد. وإعلام مستخبر بعد قَوْله: أَقَامَ زيد؟ ووعد طَالب بعد قَوْله: افْعَل أَو لَا تفعل وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا نَحْو: هلا تفعل، وهلا لم تفعل. وَإِذا وَقعت بعد النَّفْي الدَّاخِل عَلَيْهِ حرف الِاسْتِفْهَام كَانَت بِمَنْزِلَة (بلَى) بعد النَّفْي أَعنِي لتصريف الْإِثْبَات، وَذَلِكَ لِأَن النَّفْي إِذا دخل عَلَيْهِ حرف الِاسْتِفْهَام للإنكار أَو التَّقْرِير يَنْقَلِب إِثْبَاتًا. وللنحاة فِي (نعم) ثَلَاثَة آراء: أَحدهَا: أَنَّهَا بَاقِيَة على معنى التَّصْدِيق لَكِنَّهَا تَصْدِيق لما بعْدهَا. الثَّانِي: أَنَّهَا جَوَاب لغير مَذْكُور قدره الْمُتَكَلّم فِي اعْتِقَاده. الثَّالِث: أَنَّهَا حرف تذكير لما بعْدهَا مسلوب عَنْهَا معنى التَّصْدِيق، وَلَا يبعد أَن تكون حرف اسْتِدْرَاك بِمَنْزِلَة (لَكِن) . وَقد تسْتَعْمل (نَعم) فِي الْعرف مثلى (بلَى) وَرجحه أهل الشَّرْع، أَلا ترى أَنَّك إِذا قلت: نعم فِي جَوَاب من قَالَ: الْيَسْ لي عَلَيْك كَذَا درهما؟ حمل القَاضِي كلامك على الْإِقْرَار وألزمك أَدَاء الْمقر بِهِ. و (أجل) أحسن من (نعم) فِي التَّصْدِيق، مثل: أَنْت سَوف تذْهب، أجل، و (نعم) أحسن مِنْهُ فِي الِاسْتِفْهَام مثل: أتذهب؟ نعم. و (أجل) يخْتَص بالْخبر نفيا وإثباتاً. وجَيْرِ، بِكَسْر الرَّاء وَقد ينون: يَمِين أَي: حَقًا. إِي: بِالْكَسْرِ بِمَعْنى نعم. وَكَذَا إِن بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيد أثْبته الْأَكْثَرُونَ وَخرج عَلَيْهِ قوم مِنْهُم الْمبرد {إِن هَذَانِ لساحران} . نِعْمَ وَبئسَ: هما فعلان للمدح والذم بَعْدَمَا نقلا عَن أَصلهمَا وَهُوَ النعم والبؤس، وَيجب فِي بابهما

نوع

اتِّحَاد الْفَاعِل والمخصوص بالمدح أَو الذَّم صدقا وذاتاً، وفاعلهما لَا يكون أبدا إِلَّا مُعَرفا بِالْألف وَاللَّام الَّتِي للْجِنْس الْمُحِيط بِالْعُمُومِ، فَيكون مَعَ إِفْرَاد لَفْظهمَا فِي معنى الْجمع كاللام الَّتِي فِي {إِن الْإِنْسَان لفي خسر} أَي: إِن النَّاس بِدَلِيل اسْتثِْنَاء الْجمع من الْفَرد. نِعِمّا: أَصله (نِعْمَ مَا) فأدغم وَكسر الْعين للساكنين، وفاعل (نِعْمَ) مستتر فِيهِ، و (مَا) بِمَعْنى (شَيْئا) مُفَسّر للْفَاعِل نصب على التَّمْيِيز أَي: نعم الشَّيْء شَيْئا. [نَاب] : ذكر ثَعْلَب فِي أَمَالِيهِ أَنه يُقَال: نَاب هَذَا عَن هَذَا نَوْباً، وَلَا، يجوز نَاب عَنهُ نيابه، وَهُوَ غَرِيب. نوح، عَلَيْهِ السَّلَام: هُوَ أعجمي مُعرب وَمَعْنَاهُ بالسُّرْيَانيَّة السَّاكِن. وَقَالَ بَعضهم: سمي بِهِ لِكَثْرَة بكائه على نَفسه واسْمه عبد الْغفار بَعثه الله لأربعين سنة. فَلبث فِي قومه ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما يَدعُوهُم، وعاش بعد الطوفان سِتِّينَ سنة. وَذكر ابْن جرير أَن مولد نوح كَانَ بعد وَفَاة آدم بِمِائَة وَسِتَّة وَعشْرين عَاما. [نوع] {مَا ننسخ} : مَا نُبدِّل. {أَو ننسها} : نتركها. {نحلة} : مهْرا. {نَقِيبًا} شَاهدا ينقب عَن أَحْوَال قومه ويفتش عَنْهَا، أَو كَفِيلا. {وَيَعْقُوب نَافِلَة} : عَطِيَّة، أَو ولد ولد، أَو زِيَادَة على مَا سَأَلَ. {نسوا الله} : تركُوا طَاعَة الله. {فنسيهم} : فتركهم من ثَوَابه وكرامته. {نتقنا الْجَبَل} : [قلعناه] وَرَفَعْنَاهُ [فَوْقه] . {لَناكبون عَن الْحق} : لعادلون عَنهُ. {نكالا لما بَين يَديهَا وَمَا خلفهَا} : عِبْرةً. {ونحاس} : هُوَ الدُّخان الَّذِي لَا لَهب فِيهِ. {نُنْشِرُها} [بالراء] : نحييها [وبالزاي نرفعها من الأَرْض ونردها إِلَى أماكنها من الْجَسَد ونركب بَعْضهَا على بعض] . {فنظرة} : فإنظار. {نبرأها} : نخلقها. {نكالا} : عُقُوبَة. {وَأحسن نديا} : النادي: الْمجْلس.

{فِي جنَّات ونهر} : النَّهر: السَّعَة. {قضى نحبه} : أجَلَه الَّذِي قُدِّر لَهُ. {فأثرن بِهِ نقعا} : أَي النَّقْع: مَا يسطع من حوافر الْخَيل. {لأولي النهى} : لِذَوي الْعُقُول. {فَنقبُوا فِي الْبِلَاد} : هربوا بلغَة الْيمن. {نورهم} : وجههم بلغَة كنَانَة. {يَرْجُو} : يخَاف. {نكص} : رَجَعَ بلغَة سليم. {نكث} : نقض الْعَهْد. {نفقا} : [منفذاً ينفذ فِيهِ إِلَى جَوف الأَرْض أَو] سرباً بلغَة عمان. {ونمد لَهُ من الْعَذَاب} : ونطول لَهُ من الْعَذَاب. {لن نؤثرك} : لن نختارك. {ن} : [من أَسمَاء الْحُرُوف، أَو اسْم الْحُوت، أَو اليهموت، وَهِي الَّتِي عَلَيْهَا الأَرْض، أَو الدواة. و] عَن الضَّحَّاك: إِنَّه فَارسي أَصله (أنون) مَعْنَاهُ: اصْنَع مَا شِئْت. {لننسفنه فِي اليم} : لَنُذرِيَنَّه فِي الْبَحْر. {الله نور السَّمَاوَات} : هادي أهل السَّمَوَات. {مثل نوره} : هُداه فِي قلب الْمُؤمن. {نُشُوزًا} : بغضاً. {أَن لن نقدر عَلَيْهِ} : أَن لن يَأْخُذهُ الْعَذَاب الَّذِي أَصَابَهُ، أَو لن نضيّق عَلَيْهِ، من قَوْله: {يَبْسُطُ الِّزْقَ لمن يشاءُ وَيقدر} . {نقتبس من نوركم} : نصيب مِنْهُ. {والنجم} : مَا ينبسط على الأَرْض. {نَضرة النَّعيم} : بهجة التنعم وبريقه. {هديناه النجدين} : طريقي الْخَيْر وَالشَّر، أَو الثديين. {ونباتا} : مَا يعتلف من التِّبْن والحشيش. {عظاما نخرة} : بالية فارغة. {ناصبة} : تعْمل مَا تتعب فِيهِ كجر السلَاسِل. {النفاثات} : النُّفُوس، أَو النِّسَاء السواحر اللَّاتِي يعقدن عقدا فِي خيوط وينفثن عَلَيْهَا. والنَّفْثُ: النفخ مَعَ ريق.

{ناشئة اللَّيْل} : هِيَ النَّفس الَّتِي تنشأ من مضجعها إِلَى الْعِبَادَة. {نقر فِي الناقور} : نُفخ فِي الصُّور. {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة} : بهية متهللة. {الْجبَال نسفت} : قِلعَت. {ألم نشرح} : ألم نفسح. {وأعز نَفرا} : حشماً وأعواناً. {نزلة أُخْرَى} : مرّة أُخْرَى. {نفشت فِيهِ غنم الْقَوْم} : انتشرت لَيْلًا بِلَا رَاع فَرَعَتْه. {سنشد عضدك} : سنقويك. {ثمَّ نكسوا على رؤوسهم} : انقلبوا إِلَى المجادلة. {نجيا} : مناجياً. {نفورا} : هَرَباً. {فَلم نغادر} : فَلم نَتْرُك. {نكرا} : مُنْكرا. {ننكسه} : نقلبه. {كنت نسيا} : مَا من شَأْنه أَن يُنسى. {منسيا} : منسي الذّكر بِحَيْثُ لَا يخْطر ببالهم. {أنلزمكموها} : أنكرهكم على الاهتداء. {نصب} : تَعب. {إنَّما النَّسيء} : أَي التَّأْخِير. {ألم نستحوذ عَلَيْكُم} : ألم نغلب. {نصله} : نُدخله. {نكدا} : قَلِيلا عديم النَّفْع. {نقيض لَهُ} : نقدر لَهُ. {نأى بجانبه} : انحرف وَذهب بِنَفسِهِ وتباعد بِالْكُلِّيَّةِ تكبراً. {لنسفعا بالناصية} : لنأخذن بالناصية ولنسحبن بهَا إِلَى النَّار. [كتب فِي الْمُصحف بِالْألف على الْوَقْف] . {وَمَا نقموا} : وَمَا أَنْكَرُوا. {ونمارق} : وسائد. {نضاختان} : فوّارتان بِالْمَاءِ.

{شَيْءٍ نُكُر} : [فظيع] تنكره النُّفُوس. {إِلَى نصب} : مَنْصُوب لِلْعِبَادَةِ أَو علم. [ {نداولها بَين النَّاس} : نصرفها بَينهم نديل لهَؤُلَاء تَارَة ولهؤلاء أُخْرَى. {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} : مرّة آخرى. {نبذه فريق} : نقضه. {والناشطات نشطا} : أَي النُّجُوم تنشط من برج إِلَى آخر، أَو الْمَلَائِكَة تنشط نفس الْمُؤمن أَي: تحلها حلا رَفِيقًا، أَو النُّفُوس المؤمنة تنشط عِنْد الْمَوْت نشاطاً. {إِلَى رَبهَا ناظرة} : ترَاهُ مستغرقة فِي مطالعة جماله بِحَيْثُ تغفل عَمَّا سواهُ. {فَكيف كَانَ نَكِير} : إنكاري عَلَيْهِم بإنزال الْعَذَاب. {ونفور} : شِرَاد عَن الْحق لتنفر طباعهم عَنهُ. {لَوْلَا أَن تَدَارُكه نعْمَة} : يَعْنِي توفيق التَّوْبَة وقبولها. {نسرا} هُوَ صنم لحمير. {والنازعات} إِلَى قَوْله {يَوْم ترجف} : صِفَات مَلَائِكَة الْمَوْت فَإِنَّهُم ينزعون أَرْوَاح الْكفَّار بالشدة وَيخرجُونَ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ بِرِفْق كإخراج الدَّلْو من الْبِئْر ويسبحون فِي إخْرَاجهَا السبح الغواص فيسيقون أَرْوَاح كل فريق إِلَى مَحَله فيدبرون أَمر عقابها وثوابها حَسْبَمَا أمروا، أَو صِفَات النُّجُوم، أَو صِفَات النُّفُوس الفاضلة حَالَة الْمُفَارقَة أَو حَال سلوكها، أَو صِفَات نفوس الْغُزَاة أَو أَيْديهم، أَو صِفَات خيلهم كل بِمَا يُنَاسِبه على مَا بُيِّن فِي " الْأَنْوَار ". {فَجعله نسبا} : ذُكُورا تنْسب إِلَيْهِم. {وَكُنَّا نَخُوض} : نشرع فِي الْبَاطِل. {نَزغ الشَّيْطَان} : أفسد وحرّش أَي: أغرى. {فلنولينك قبْلَة} : فلنمكننك من استقبالها. {نكالا} : عِبْرَة تنكل الْمُعْتَبر أَي: تمنع. {من قبل أَن نطمس وُجُوهًا فنردهاعلى أدبارها} : من قبل أَن نمحو تخطيط صورها ونجعلها على هَيْئَة أدبارها يَعْنِي الأقفاء. {فِي كثير من نَجوَاهُمْ} : من متناجيهم، أَو من تناجيهم. {من نبإ الْمُرْسلين} : أَي من قصصهم وَمَا كَادُوا من قَومهمْ] .

فصل الواو

فصل الْوَاو [الْوُرُود] : كل (وَرَدَ) فِي الْقُرْآن فَهُوَ الدُّخُول إِلَّا {وَلما ورد مَاء مَدين} فَإِن مَعْنَاهُ: هجم عَلَيْهِ وَلم يدْخل [إِذْ الْوُرُود المعتدي بعلى بِمَعْنى الْوُصُول لَا يتَعَدَّى بِنَفسِهِ] . [وَرَاء] : كل (وَرَاء) فِي الْقُرْآن فَهُوَ أَمَام إِلَّا {فَمن ابْتغى وَرَاء ذَلِك} فَإِنَّهُ بِمَعْنى سوى ذَلِك. {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} أَي: مَا سوى ذَلِك. [وَقع] : وَأكْثر مَا جَاءَ فِي الْقُرْآن من لفظ (وَقع) جَاءَ فِي الْعَذَاب الشَّديد. [الْوَحْي] : كل مَا أَلقيته إِلَى غَيْرك فَهُوَ وَحي. وَالْكِتَابَة وَالْإِشَارَة والرسالة والإفهام كلهَا وَحي بِالْمَعْنَى المصدري. وَالْوَحي كَمَا ورد فِي حق الْأَنْبِيَاء ورد أَيْضا فِي حق الْأَوْلِيَاء، ولسائر النَّاس بِمَعْنى الإلهام. وَفِي الْحَيَوَانَات بِمَعْنى خَاص. [الوَضَم] : كل شَيْء يوضع عَلَيْهِ اللَّحْم من خَشَبَة أَو بَارِية يوقى بِهِ من الأَرْض فَهُوَ الْوَضم، محركة. [الْوَادي] : كل منفرج بَين جبال وآكام يكون منفذا للسيل فَهُوَ الْوَادي. [الورطة] : كل أَمر تعسر النجَاة مِنْهُ فَهُوَ الورطة. [الوحشي] : كل مَا لَا يسْتَأْنس من النَّاس فَهُوَ وَحشِي. [الْوَلِيّ] : كل من يليك أَو يقاربك فَهُوَ ولي. فِي " الصِّحَاح ": الْوَلِيّ ضد الْعَدو، وكل من ولي أَمر أحد فَهُوَ وليُّه. [الْوَاو] : كل وَاو سَاكِنة قبلهَا ضمة، أَو يَاء سَاكِنة قبلهَا كسرة وهما زائدتان للمد لَا للإلحاق، وَلَا هما من نفس الْكَلِمَة فَإنَّك تقلب الْهمزَة بعد الْوَاو واواً، وَبعد الْيَاء يَاء، أَو تُدْغَم فَتَقول فِي مقروء مقرو، وَفِي خبيء خبي، بتَشْديد الْوَاو وَالْيَاء. كل وَاو وياء متحركتين يكون مَا قبلهمَا حرفا صَحِيحا سَاكِنا فَإنَّك تقلب حركتها إِلَى حرف صَحِيح. كل وَاو مُخَفّفَة مَضْمُومَة لَازِمَة سَوَاء كَانَت فِي أول الْكَلِمَة ك (وُجُوه) أَو فِي حشوها ك (أدور) فقلبها همزَة جَائِز جَوَازًا مطردا لَا يُنكر. كل واوين فِي أول الْكَلِمَة ثانيتهما زَائِدَة منقلبة عَن حرف آخر فَإِنَّهُ تقلب أولاهما همزَة. كل وَاو وياء هِيَ عين فَاعل المعتل فعله أَو فَاعل الْكَائِن للنسب كسائق فَإِنَّهُ تقلب الْيَاء ألفا ثمَّ تقلب الْألف همزَة. الْوَاو: هِيَ مَا أول اسْمه وَآخره نَفسه كالميم وَالنُّون، وَهِي حرف يجمع مَا بعده مَعَ شَيْء قبله إفصاحاً فِي اللَّفْظ أَو إفهاماً فِي الْمَعْنى. وَالْجمع

بَين شَيْئَيْنِ يَقْتَضِي مُنَاسبَة بَينهمَا ومغايرة أَيْضا لِئَلَّا يلْزم عطف الشَّيْء على نَفسه. وَقد لَا يكون للْجمع كَمَا إِذا حلف لَا يرتكب الزِّنَا وَأكل مَال الْيَتِيم فَإِنَّهُ يَحْنَث بِفعل أَحدهمَا. وَالْقرَان فِي النّظم بِحرف الْوَاو لَا يُوجب الْقرَان فِي إِثْبَات الحكم عِنْد عَامَّة أثبات الْفُقَهَاء، لِأَن فِي إِثْبَات الشّركَة مُخَالفَة الأَصْل وقلب الْحَقِيقَة لِأَن الأَصْل أَن كل كَلَام تَامّ مُنْفَرد بِنَفسِهِ وَحكمه، فَجعل كلامين كلَاما وَاحِدًا قلب الْحَقِيقَة فَلَا يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا للضَّرُورَة، وَلَا نسلم أَن الْوَاو مُوجبَة للشَّرِكَة فِي وضع اللُّغَة، غير أَنَّهَا إِذا دخلت على جملَة نَاقِصَة تجْعَل للشَّرِكَة بِاعْتِبَار الضَّرُورَة وَهِي تَكْمِيل النَّاقِصَة باشتراكهما فِي الْخَبَر، وَأما إِذا ذكرت بَين جملتين تامتين فَلَا يثبت الِاشْتِرَاك. وَالْحَاصِل من أَحْوَال الجملتين اللَّتَيْنِ لَا مَحل لَهما من الْإِعْرَاب وَلم يكن للأولى حكم لم يقْصد إِعْطَاؤُهُ للثَّانِيَة سِتَّة: كَمَال الِانْقِطَاع بِلَا إِبْهَام، وَكَمَال الِاتِّصَال، وَشبه كَمَال الِانْقِطَاع، وَشبه كَمَال الِاتِّصَال، وَكَمَال الِانْقِطَاع مَعَ الْإِبْهَام، والتوسط بَين الكمالين، فَحكم الْأَخيرينِ الْوَصْل، وَالْأَرْبَعَة السَّابِقَة الْفَصْل، أما فِي الأول وَالثَّالِث فلعدم الْمُنَاسبَة. وَأما فِي الثَّانِي وَالرَّابِع فلعدم الْمُغَايرَة المفتقرة إِلَى الرَّبْط بالعاطف. وَالْوَاو ضَرْبَان: جَامِعَة للاسمين فِي عَامل وَاحِد، ونائبة مناب التَّثْنِيَة حَتَّى يكون (قَامَ زيد وَعَمْرو) بِمَنْزِلَة (قَامَ هَذَانِ) ويضمر بعْدهَا الْعَامِل. فعلى الأول جَازَ (قَامَ زيد وَهِنْد) بترك تَأْنِيث الْفِعْل لأَنا نقُول: عنينا الذّكر. وَلَا يجوز على الثَّانِي لِأَن الاسمين لم يجتمعا، وَجَاز أَيْضا على الأول دون الثَّانِي (اشْترى زيد وَعَمْرو) ، و (قَامَ عَمْرو وَأَبوهُ) . وَأما فِي صُورَة النَّفْي فَتَقول على الأول: مَا قَامَ زيد وَعَمْرو) فَلَا يُفِيد النَّفْي، كَمَا تَقول: (مَا قَامَ هَذَانِ) . وَتقول على الثَّانِي: (مَا قَامَ زيد وَلَا عَمْرو) ، فيفيده كَمَا تَقول: (مَا قَامَ زيد وَلَا قَامَ عَمْرو) . وَالْوَاو، وَالْفَاء، وَثمّ، وَحَتَّى كلهَا تشترك فِي إِفَادَة الْجمع فِي ذَات مثل: (قَامَ وَقعد زيد) ، أَو فِي حكم مثل: (جَاءَ زيد وَعَمْرو) ، أَو فِي وجود مثل: (جَاءَ زيد وَذهب عَمْرو) ، إِلَّا أَن الْوَاو لمُطلق الْجمع أَي جمع الْأَمريْنِ وتشريكهما من غير دلَالَة على زِيَادَة معنى كالمقارنة أَي اجْتِمَاع الْمَعْطُوف مَعَ الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فِي الزَّمَان كَمَا نقل عَن مَالك وَنسب إِلَى الْإِمَامَيْنِ. (وَالْوَاو للْجمع إِلَّا إِذا قَامَ دَلِيل الِاسْتِئْنَاف) . وَالتَّرْتِيب أَي تَأَخّر مَا بعْدهَا عَمَّا قبلهَا فِي الزَّمَان كَمَا نقل عَن الإِمَام الشَّافِعِي حَتَّى يلْزم التَّرْتِيب فِي الْوضُوء لم يثبت عَنهُ، وَإِنَّمَا أَخذ التَّرْتِيب من السّنة وَمن سِيَاق النّظم. وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للخطيب الَّذِي قَالَ بَين يَدَيْهِ: " من أطَاع الله وَرَسُوله فقد رشد، وَمن عصاهما فقد غوى "، " بئس خطيب الْقَوْم أَنْت، هلا قلت: وَمن عصى الله وَرَسُوله " فَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة على أَن الْوَاو للتَّرْتِيب، بل على أَن فِيهِ ترك الْأَدَب حَيْثُ لم يفرد اسْم الله تَعَالَى بِالذكر، وَلِأَن كل وَاحِد من

العصيانين مُسْتَقل باستلزام الغواية، وَلِأَن المُرَاد من الْخَطِيب الْإِيضَاح لَا الرموز، يُؤَيّدهُ مَا قَالَه الأصوليون من أَنه الْأَمر بِالْإِفْرَادِ، لِأَنَّهُ أَكثر تَعْظِيمًا وَالْمقَام يَقْتَضِي ذَلِك. والعطف بِالْوَاو وَإِن دلّ على الْجمع والتسوية فِي الْفِعْل لَكِن فِي الافراد بِالذكر وَجعل أَحدهمَا متبوعاً وَالْآخر تَابعا مَا يزِيل توهم تَعْمِيم التَّسْوِيَة من الْجمع بالضمير، وَلَا يرد على ذَلِك حَدِيث " لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يكون الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا " لِأَن مَا يكره من الْأمة قد لَا يكره من النَّبِي. وَلَا قَوْله تَعَالَى: {ومَا كَانَ لمُؤمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذا قَضَى اللهُ ورَسُولُه أمرا أَن تَكُونَ لهُمْ الخِيَرَة من أَمْرِهم} لِأَن الْكَلَام فِي جَوَازه وَعدم جَوَازه من الْعباد، وَلَا يرد أَيْضا قَوْله: {شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة وأولو الْعلم} إِذْ الذّكر هُنَا بالشرف لَا بالترتيب، وللبداءة أثر فِي الاهتمام كَمَا فِي مَسْأَلَة الْوَصِيَّة بِالْقربِ. [وتوحيد الضَّمِير فِي قَوْله: {وَالله وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه} للدلالة على أَن الْمَقْصُود إرضاء الرَّسُول وَإِن ذكر الله للإِشعار بِأَن الرَّسُول من الله بِمَنْزِلَة عَظِيمَة واختصاص قوي حَتَّى سرى الإرضاء مِنْهُ إِلَيْهِ. وَكَذَا الْحَال فِي الايذاء فَإِنَّهُم لَا يُؤْذونَ الله حَقِيقَة بل الرَّسُول وَحده] . والأدلة على عدم إِفَادَة التَّرْتِيب كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {فَكيف كَانَ عَذَابي وَنذر} ، {وَقَالُوا إنْ هِيَ إلاّ حَيَاتُنا الدُّنيا نمُوتُ ونحيا} ، {واسجدي واركعي} وَغير ذَلِك. وَأما الثَّلَاثَة الْبَاقِيَة وَهِي: الْفَاء و (ثمَّ) و (حَتَّى) فبخلافها، فَإِن الْفَاء للتعقيب على وَجه الْوَصْل حَتَّى إِذا قَالَ: (جَاءَ زيد فعمرو) فهم مِنْهُ مَجِيء عَمْرو عقيب زيد بِلَا فصل. وَكَذَا إِذا قَالَ: (بِعْت مِنْك هَذَا العَبْد بِكَذَا) فَقَالَ المُشْتَرِي: فَهُوَ حر، يعْتق، لَا لَو قَالَ: هُوَ حر، أَو وَهُوَ حر. وَلَو قَالَ: (إِن دخلتُ الدَّار فكلمت زيدا فَعَبْدي حر) ، لَا يعْتق إِلَّا بِالْجمعِ بَينهمَا مُرَتبا الْكَلَام بعد الدُّخُول بِلَا مهلة، وَلَو قَالَ: (وَكلمت) ، بِالْوَاو لَا يعْتق إِلَّا بِوُقُوع الْفِعْلَيْنِ جَمِيعًا كَيْفَمَا وَقع، لَا فرق فِيهِ بَين وُقُوع الأول قبل الثَّانِي أَو الثَّانِي قبل الأول فِي اللَّفْظ. و (ثمَّ) للتراخي على سَبِيل الِانْقِطَاع عِنْد أبي حنفية حَتَّى لَو قَالَ لغير الْمَدْخُول بهَا: (انتِ طَالِق ثمَّ طَالِق) ، يَقع الأول وَيَلْغُو الثَّانِي بعده، كَمَا لَو سكت بعد الأول؛ وَعِنْدَهُمَا للتراخي على سَبِيل الْعَطف والاشتراك. و (حَتَّى) لترتيب فِيهِ تدريج. وَلَا تقع الْوَاو فِي أول الْكَلَام؛ وَالَّتِي يبتدأ بهَا فِي أول الْكَلَام فَهِيَ بمعى رب، وَلِهَذَا تدخل على النكرَة الموصوفة وتحتاج إِلَى جَوَاب مَذْكُور إِمَّا لفظا وَإِمَّا حكما كَقَوْلِه:

(وبَلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا أَنيسُ ... ) وَمَا يذكرهُ أهل اللُّغَة من أَن الْوَاو قد تكون للابتداء والاستئناف فمرادهم أَن يبتدأ الْكَلَام بعد تقدم جملَة مفيدة من غير أَن تكون الْجُمْلَة الثَّانِيَة تشارك الأولى. وَأما وُقُوعهَا فِي الِابْتِدَاء من غير أَن يتَقَدَّم عَلَيْهَا شَيْء فعلى الابتدائية الْمُجَرَّدَة أَو لتحسين الْكَلَام وتزيينه أَو للزِّيَادَة الْمُطلقَة. وَالْوَاو لَا تكون أصلا فِي بَنَات الْأَرْبَعَة. وَالْوَاو فِي قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا أَن يعفون} لَام الْكَلِمَة (فَهِيَ أَصْلِيَّة وَالنُّون ضمير النسْوَة وَالْفِعْل مَعهَا مَبْنِيّ ووزنه يفعلن. وَفِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَن تعفوا أقرب} ضمير الْجمع، وَلَيْسَت من أصل الْكَلِمَة) . وَفِي (زيدون) عَلامَة الرّفْع وَالنُّون عَلامَة الْجمع. وَفِي (يضْربُونَ) عَلامَة الْجمع وَالنُّون عَلامَة الرّفْع فرقا بَين الِاسْم وَالْفِعْل. [وَقد تستعار الْوَاو للْحَال بِجَامِع الِاشْتِرَاك بَينهمَا فِي الجمعية لِأَن الْحَال تجامع ذَا الْحَال لِأَنَّهَا صفته فِي الْحَقِيقَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى إِذا جَاءُوها وفُتِحَتْ أَبْوابُها} أَي حَال مَا تكون أَبْوَابهَا مَفْتُوحَة، لِأَنَّهُ تَعَالَى فِي بَيَان الْإِكْرَام لأهل الْإِسْلَام، وَمن إكرام الضَّيْف أَن يكون الْبَاب مَفْتُوحًا حَال وُصُوله إِلَى بَاب الضَّيْف فَيحمل على الْحَال لإِفَادَة هَذَا الْمَعْنى. يُؤَيّدهُ قَوْله تَعَالَى: {جنَّات عدن مفتحة لَهُم الْأَبْوَاب} وَلِهَذَا قَالَ فِي حق الْكفَّار بِدُونِ الْوَاو لِأَن تَأْخِير فتح بَاب الْعَذَاب أليق بكرم الْكَرِيم، وَمن هَذَا أَبْوَاب جَهَنَّم لَا تفتح إِلَّا عِنْد دُخُول أَهلهَا فِيهَا، وأبواب الْجنَّة مَفْتُوحَة قبل الْوُصُول إِلَيْهَا] . وَالْوَاو الحالية قيد لعامل الْحَال ووصفٌ لَهُ فِي الْمَعْنى. والاعتراضية لَهَا تعلق بِمَا قبلهَا، لَكِن لَيست بِهَذِهِ الْمرتبَة. وَلَا تدخل الْوَاو الحالية على الْحَال المفردة. وَالَّتِي بِمَعْنى (مَعَ) ينْتَصب بعْدهَا الِاسْم إِذا كَانَ قبلهَا فعل نَحْو: (اسْتَوَى الماءُ والساحلَ) أَو معنى فعل نَحْو: (مَا شَأنُكَ وزيداً) لِأَن الْمَعْنى: مَا تصنع؟ وَمَا تلابس؟ وَلَا بُد فِي الْوَاو الَّتِي بِمَعْنى (مَعَ) من معنى الملابسة. وَالَّتِي لمُطلق الْعَطف قد تَخْلُو من ذَلِك. وَقد اخْتلفت كلمتهم فِي الْوَاو وَالْفَاء وَثمّ الْوَاقِعَة بعد همزَة الِاسْتِفْهَام نَحْو قَوْله تَعَالَى: {أوعجبتم أَن جَاءَكُم ذكر من ربكُم} فَقيل: عطف على مَذْكُور قبلهَا لَا على مُقَدّر بعْدهَا بِدَلِيل أَنه لَا يَقع ذَلِك قطّ فِي أول الْكَلَام. وَقيل: بل بِالْعَكْسِ لِأَن للاستفهام صدارة

وَعند سِيبَوَيْهٍ: الْهمزَة وَالْوَاو مقلوبتا الْمَكَان لصدارة الِاسْتِفْهَام، فالهمزة حِينَئِذٍ دَاخِلَة على الْمَذْكُور. وَعند الزَّمَخْشَرِيّ: هما ثابتان فِي مكانهما؛ وَهِي دَاخِلَة على متصدر مُنَاسِب لما عطفه الْوَاو عَلَيْهِ. قَالَ بَعضهم: أصل (أَو كَالَّذي) أَو رَأَيْت مثل الَّذِي، وَهِي و (ألم تَرَ) كلتاهما كلمة تعجب إِلَّا أَن مَا دخل عَلَيْهِ حرف التَّشْبِيه أبلغ فِي التَّعَجُّب كَقَوْلِك (هَل رَأَيْت مثل هَذَا) فَإِنَّهُ أبلغ من (هَل رَأَيْت هَذَا) . وَالْوَاو الدَّاخِلَة على (أَن) و (لَو) الوصليتين للْحَال عِنْد الْجُمْهُور، وللعطف على مُقَدّر نقيض للمذكور عِنْد الجعبري، وللاعتراض عِنْد بعض النُّحَاة سَوَاء توسطت بَين أَجزَاء الْكَلَام أَو تَأَخَّرت. وَقَالُوا: إِذا دخلت على الشَّرْط بعد تقدم الْجَزَاء يُرَاد بِهِ تَأْكِيد الْوُقُوع بالْكلَام الأول وتحقيقه كَقَوْلِهِم: (أكْرم أَخَاك وَإِن عاداك) أَي أكْرمه بِكُل حَال. وَقد تزاد الْوَاو بعد (إِلَّا) لتأكيد الحكم الْمَطْلُوب إثْبَاته إِذا كَانَ فِي مَحل الرَّد وَالْإِنْكَار كَمَا فِي قَوْله: " مَا من أحد إِلَّا وَله طمع أَو حسد ". قَالَ الْبَيْضَاوِيّ: الأَصْل أَن لَا يدخلهَا الْوَاو كَقَوْلِه: {إِلَّا لَهَا منذرون} لَكِن لما شابهت صورتهَا صُورَة الْحَال أدخلت عَلَيْهَا تَأْكِيدًا للصوقها بالموصوف. وَالْوَاو من بَين سَائِر حُرُوف الْعَطف بِمَنْزِلَة الْمُطلق من الْمُقَيد لِأَن دلالتها على مُجَرّد الِاشْتِرَاك وَدلَالَة سائرها على معنى زَائِد عَلَيْهِ كالتعقيب والتراخي وَنَحْوهمَا كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفا، وَلَيْسَ فِي وَاو النّظم دَلِيل الْمُشَاركَة بَينهمَا فِي الحكم، وَإِنَّمَا ذَلِك فِي وَاو الْعَطف فَلَا تعد الْوَاو الَّتِي بَين جملتين لَا مَحل لَهما من الْإِعْرَاب عاطفة، لِأَن الْعَطف من التوابع، وَالتَّابِع: كل إِعْرَاب أعرب بإعراب سابقه. و (وَاو) الْقسم تنوب مناب فعله فَلَا يذكر مَعهَا الْفِعْل أبدا بِخِلَاف الْبَاء فَإِنَّهُ يذكر مَعهَا وَيتْرك. وَالْوَاو زَائِدَة فِي الْأَسْمَاء. وَمن الواوات وَاو الثَّمَانِية كَقَوْلِه تَعَالَى: {وثامنهم كلبهم} فَإِن الْعدَد قد تمّ شفعاً ووتراً فِي السَّبع، وَقيل: جردت لِمَعْنى الجمعية فَقَط وسلب عَنْهَا معنى الْمُغَايرَة فَإِنَّهُم كثيرا مَا يجردون الْحَرْف عَن مَعْنَاهُ المطابقي مستعملين فِي مَعْنَاهُ الالتزامي والتضمين. وَمِنْهَا وَاو الصِّلَة، وَبِمَعْنى (أَو) و (إِذْ) ، وَبِمَعْنى (بَاء) الْجَرّ، وَلَام التَّعْلِيل، وواو الِاسْتِئْنَاف، وَالْمَفْعُول مَعَه، وَضمير الذُّكُور، وَالْإِنْكَار، والتذكير، والقوافي، والإشباع، والمحولة، وَالْوَقْت وَهِي تقرب من وَاو الْحَال نَحْو (اعْمَلْ وَأَنت صَحِيح) ، وواو النِّسْبَة والهمزة فِي الْخط وَفِي اللَّفْظ ,. والفارقة كَمَا فِي (أُولَئِكَ) و (أولي) . وَعَن سِيبَوَيْهٍ: أَن الْوَاو فِي قَوْلهم: (بعث الشَّاة ودرهماً) بِمَعْنى الْبَاء وتحقيقه أَن الْوَاو للْجمع

والاشتراك وَالْبَاء للإلصاق، وهما من وادٍ وَاحِد فيسلك بِهِ طَرِيق الِاسْتِعَارَة. وَعَن ابْن السيرافي أَنه قَالَ: الْوَاو تَجِيء بِمَعْنى (من) وَمِنْه قَوْله: (لَا بُد وَأَن يكون) . وواو الْجمع نَحْو: (لَا تَأْكُل السّمك وتشرب اللَّبن) أَي: لَا تجمع بَينهمَا؛ وَتسَمى وَاو الصّرْف أَيْضا لِأَنَّهَا تصرف الثَّانِي عَن الْإِعْرَاب إِلَى الأول. وواو الْحَسْرَة نَحْو: (واحسرتاه) . وتجيء بِمَعْنى (نعم) قيل وَعَلِيهِ: {وثامنهم كلبهم} ، {وَمن كفر فأمتعه قَلِيلا} . وَقد تكون لتعظيم الْمُخَاطب كَمَا فِي: {رب ارْجِعُونِ} ، وَقيل: لتكرير قَوْله ارجعني. كَمَا قيل فِي قِفا واطرقا ... . [وَالْوَاو فِي قَوْله تَعَالَى: {وَيَقُول الْكَافِر يَا لَيْتَني كنت تُرَابا} تسمى فصيحة] . الْوُجُود: مصدر (وُجد الشَّيْء) على صِيغَة

الْمَجْهُول، وَهُوَ مُطَاوع الايجاد كالانكسار للكسر، وَهُوَ لُغَة يُطلق على الذَّات، وعَلى الْكَوْن فِي الْأَعْيَان. والأشعري ذهب إِلَى الأول، وَلَا نزاع مَعَهم فِيهِ، وَإِنَّمَا النزاع فِي جعلهم الْوُجُود حِينَئِذٍ فِي مُقَابلَة الْعَدَم الَّذِي هُوَ الانتفاء اتِّفَاقًا. وَمن قَالَ: إِنَّه مَفْهُوم وَاحِد مُشْتَرك بَين الْجَمِيع ذهب إِلَى الثَّانِي. والوجود لَا يحْتَاج إِلَى تَعْرِيف إِلَّا من حَيْثُ بَيَان أَنه مَدْلُول للفظ دون آخر فَيعرف تعريفاً لفظياً يُفِيد فهمه من ذَلِك اللَّفْظ لَا تصَوره فِي نَفسه ليَكُون

دوراً وتعريفاً للشَّيْء بِنَفسِهِ كتعريفهم الْوُجُود بالكون والثبوت والتحقق والشيئية والحصول، وكل ذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى من يعرّف الْوُجُود من حَيْثُ إِنَّه مَدْلُول هَذِه الْأَلْفَاظ دون لفظ الْوُجُود. وَالْمَوْجُود مَوْجُود عِنْد جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين، وَغير مَوْجُود فِي الْخَارِج عِنْد جُمْهُور الْحُكَمَاء، وَلَا يُرَاد بِكَوْن الشَّيْء فِي الْأَعْيَان أَن الْأَعْيَان ظرفه وَلَا أَنَّهَا مَعَه، وَإِلَّا كَانَ فِي عبارَة " كَانَ الله وَلم يكن مَعَه شَيْء " تنَاقض لِأَن لَفْظَة (كَانَ) إِن دلّت على الْمَعِيَّة يكون مَفْهُوم (كَانَ) مناقضاً لقولنا: لم يكن مَعَه شَيْء. وَلم يقل بِهِ أحد، فَعلم أَنه لَا يُرَاد بِوُجُود الشَّيْء نسبته إِلَى شَيْء آخر بالظرفية أَو الْمَعِيَّة أَو غير ذَلِك. وَوُجُود كل شَيْء عين ماهيته عِنْد أهل الْحق، وَمعنى ذَلِك أَن الْوُجُود هُوَ عين كَون الشَّيْء ماهيته، فوجود الْإِنْسَان فِي الْخَارِج هُوَ نفس كَون الْإِنْسَان حَيَوَانا ناطقاً، وَوُجُود السوَاد فِي الْخَارِج هُوَ نفس كَون اللَّوْن قَابِضا لِلْبَصَرِ، وَوُجُود السرير فِي الْخَارِج هُوَ كَون الخشبات مؤلفاً تأليفاً خَاصّا، فَإِذا كَانَ الْوُجُود مقولاً على الْحَقَائِق الْمُخْتَلفَة لَا يُمكن تحديده، وَالْفرق بِأَنَّهُ عين فِي الْوَاجِب زَائِد فِي الممكنات لَيْسَ بِحَق، إِذْ لَو كَانَ زَائِدا لَكَانَ عرضا قَائِما بالماهية، وَلَيْسَ عرضا نسبياً، فَكَانَ عرضا مَوْجُودا، وَمَا لَا يكون مَوْجُودا لَا يكون عِلّة لأمر مَوْجُود. وَهَذَا بديهي، فَلَا بُد أَن يكون مَوْجُودا قبل وجوده، والوجود الْمُجَرّد عَن الْمَوْجُود، والكون الْمُجَرّد عَن الْكَائِن، والتحقق الْمُجَرّد عَن المتحقق مِمَّا يشْهد بديهة الْعقل على امْتِنَاعه، وتصور الْمَاهِيّة مَعَ الذهول عَن الْوُجُود غلط، وَقد يتَصَوَّر مَعَ الذهول عَن حَقِيقَته وَعَن أَجْزَائِهِ، فَيمكن أَن يكون الْوُجُود نفس الْمَاهِيّة أَو دَاخِلا فِيهَا، وَمَعَ ذَلِك يتَصَوَّر الْمَاهِيّة مَعَ الذهول عَن الْوُجُود، وَإِذا أَخَذتهَا مَعَ الْوُجُود نَحْو: الْإِنْسَان مَوْجُود، لَيْسَ مَعْنَاهُ أَن الْإِنْسَان مَاهِيَّة ثمَّ الْوُجُود عرض لَهَا، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ التأمت جَمِيع أَجْزَائِهِ المادية والصورية، وَإِن أَخَذتهَا مَعْدُومَة نَحْو: الْجَبَل من الْيَاقُوت مَعْدُوم، لَيْسَ مَعْنَاهُ أَن الْجَبَل من الْيَاقُوت مَاهِيَّة، ثمَّ الْعَدَم عرض لهَذِهِ الْمَاهِيّة، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنه لم يلتئم أَجزَاء هَذِه الْحَقِيقَة، فحاصل الْخلاف فِي أَن الْوُجُود عين الْمَاهِيّة أَو زَائِد عَلَيْهَا رَاجع إِلَى أَن وجود الْإِنْسَان نفس كَونه حَيَوَانا ناطقاً خَارِجا، أَو معنى زَائِد يلْحقهُ بعد أَن يكون حَيَوَانا ناطقاً. وَلَا فرق بَين الْوُجُود والثبوت خلافًا للمعتزلة فَإِنَّهُم قَالُوا بِأَن الْوُجُود أخص من الثُّبُوت، وَلِهَذَا ذَهَبُوا إِلَى أَن الْمَعْدُوم حَالَة الْعَدَم ثَابت، والوجود وَإِن كَانَ صفة لَكِن إِذا نفي عَن الشَّيْء يُقَال: نفي الشَّيْء، وَلَا يُقَال: نفي صفة الشَّيْء، إِذْ نفي الشَّيْء لَيْسَ إِلَّا نفي وجوده. فنفي الصّفة صَار بِمَعْنى نفي غير الْوُجُود. والوجود الْخَارِجِي عبارَة عَن كَون الشَّيْء فِي الْأَعْيَان. والوجود الذهْنِي عبارَة عَن كَون الشَّيْء فِي الأذهان. والوجود الْأَصِيل على نحوين: أَحدهمَا: الْحُصُول فِي الْخَارِج عَن الذِّهْن مُطلقًا. وَالْآخر: الْحُصُول بِالذَّاتِ لَا بالصورة، وَذَلِكَ الْحُصُول أَعم من الأول لِأَنَّهُ قد يكون فِي

الْخَارِج، وَقد يكون فِي الذِّهْن. والوجود الْمُطلق: هُوَ الْكَوْن، وَهُوَ مُفْرد لَيْسَ لَهُ جنس وَلَا فصل يَشْمَل جَمِيع الموجودات اتِّفَاقًا، فيشترك بَين الْوَاجِب وَغَيره، بِخِلَاف الْمَاهِيّة لِأَن فِي شمولها لجَمِيع الموجودات خلافًا، فان عِنْد الْبَعْض لَيْسَ للْوَاجِب مَاهِيَّة غير وجوده، بل هُوَ مَوْجُود بِوُجُود هُوَ عين ذَاته كَمَا هُوَ رَأْي الْمُحَقِّقين من الصُّوفِيَّة والحكماء، أَو مُقْتَضى ذَاته بِحَيْثُ يمْتَنع انفكاكهما كَمَا هُوَ رَأْي الْمُتَكَلِّمين. وَمعنى كَونه مَوْجُودا كَونه مَعْلُوما ومشعوراً بِهِ، أَو كَونه فِي نَفسه ثَابتا متحققاً وَبَينهمَا فرق من حَيْثُ إِن كَونه مَعْلُوم الْحُصُول فِي الْأَعْيَان يتَوَقَّف على كَونه حَاصِلا فِي الْأَعْيَان، وَلَا ينعكس، إِذْ لَا يمْتَنع فِي الْعقل كَونه حَاصِلا فِي نَفسه مَعَ أَنه لَا يكون مَعْلُوما لأحد. (وَاعْلَم أَن مَرَاتِب الْوُجُود بِحَسب الْعقل ثَلَاث: أَعْلَاهَا الْمَوْجُود بِالذَّاتِ بِوُجُود هُوَ عين ذَاته، فالانفكاك وتصوره كِلَاهُمَا محَال. وأوسطها الْمَوْجُود بِالذَّاتِ بِوُجُود غَيره، فالانفكاك محَال دون تصَوره: وَأَدْنَاهَا الْمَوْجُود بِالْغَيْر فَيمكن الانفكاك والتصور أَيْضا) . [وَأعلم أَن] النزاع فِي أَن الْوُجُود زَائِد على الْمَاهِيّة، أَو لَيْسَ بزائد رَاجع إِلَى النزاع فِي الْوُجُود الذهْنِي [وَهُوَ وجود يظْهر مِنْهُ صفة الْمَوْجُود بذلك الْوُجُود] فَمن أثْبته قَالَ: الْوُجُود الْخَارِجِي [وَهُوَ مَا يكون مبدأ لجَمِيع الْآثَار الْمَخْصُوصَة بالماهية] زَائِد على الْمَاهِيّة فِي الذِّهْن كقيام الْوُجُود بِشَيْء من حَيْثُ هُوَ، أَي من غير اعْتِبَار وجوده وَلَا عَدمه، وَإِن لم يخل ذَلِك الشَّيْء عَنْهُمَا، وَهَذَا عِنْد كثير من الْمُتَكَلِّمين منا. (وَأما عِنْد الْحُكَمَاء فوجود كل شَيْء عينه فِي الْوَاجِب وَغَيره فِي الْمُمكن. والفلاسفة لَا يَقُولُونَ بعينية الْمَاهِيّة الْمُطلقَة والتشخص الْمُطلق اللَّذين هما من الْأُمُور الْعَامَّة بل بزيادتهما) . وَمن لم يثبت الْوُجُود الذهْنِي كالشيخ الْأَشْعَرِيّ قَالَ: وجود الشَّيْء الْخَارِجِي وَاجِبا كَانَ أَو مُمكنا عين الْمَاهِيّة مُطلقًا، إِذْ لَو كَانَت الْمَاهِيّة فِي مرتبَة معروضيتها للوجود خَالِيَة عَن الْوُجُود لكَانَتْ فِي تِلْكَ الْمرتبَة مَوْصُوفَة بِالْعدمِ لِاسْتِحَالَة ارْتِفَاع النقيضين، فَيلْزم حِينَئِذٍ اتصاف الْمَعْدُوم بالوجود وَأَنه تنَاقض؛ وَأَنت خَبِير بِأَن مَاهِيَّة الْمُمكن فِي حد ذَاتهَا، وَهِي مرتبَة معروضيتها للوجود والعدم، خَالِيَة عَنْهُمَا غير مَوْصُوفَة بِوَاحِد مِنْهُمَا، وَلَا اسْتِحَالَة فِي خلو مرتبَة عقلية عَن النقيضين، إِنَّمَا الاستحالة فِي خلو وَقت خارجي عَنْهُمَا، وَلِأَن الْمَاهِيّة قبل اتصافها بالوجود نَخْتَار أَنَّهَا مَعْدُومَة

وَالْعرُوض دفعي، فَإِن بعروض الْوُجُود لَهَا يَزُول عَنْهَا الْعَدَم فَلَا يلْزم إجتماع النقيضين. وعَلى تَقْدِير تَسْلِيم الْعرُوض التدريجي يعرض الْوُجُود لجزء، وَيَزُول عَنهُ الْعَدَم ثمَّ وَثمّ إِلَى أَن تتمّ الْأَجْزَاء كالنور يدْخل فِي بَيت مظلم فيتنور فَلَا يَتَّصِف شَيْء وَاحِد وحدة حَقِيقِيَّة بالمتقابلين سَوَاء كَانَ المعروض مركبا أَو بسيطاً. وَأما ذَات الْوَاجِب فَهُوَ الْحَقِيقَة المقدسة، وَهِي إِمَّا الْمَاهِيّة الْكُلية المعروضة للوجود والتشخص عِنْد الْمُتَكَلِّمين، وَإِمَّا الْوُجُود الْخَاص الجزئي الْحَقِيقِيّ الْقَائِم بِذَاتِهِ تَعَالَى عِنْد الْحُكَمَاء؛ وعَلى كلا التَّقْدِيرَيْنِ يمْتَنع تعقلها بخصوصها وَلَا يتعقل إِلَّا بمفهومات كُلية اعتبارية فَقَط عِنْد الْحَكِيم والمعتزلة أَو بهَا وبصفات حَقِيقِيَّة عِنْد الماتريدية والأشاعرة. (وَأما مَفْهُوم الْوُجُود فِي الْخَارِج أَي الْكَائِن فِي الْأَعْيَان فَهُوَ مُشْتَقّ من الْوُجُود الْخَارِجِي بِمَعْنى الْكَوْن فِي الْأَعْيَان وَهُوَ الْمُفَسّر بِمَا يكون منشأ للآثار ومظهراً للْأَحْكَام، وَهُوَ معنى اصطلاحي عَام شَامِل على الْمَوْجُود بِالْمَعْنَى اللّغَوِيّ أَعنِي الممكنات، وعَلى المبدأ الأول فَمَا لم يثبت للشَّيْء كَون فِي الْأَعْيَان لم يكن منشأ للآثار ومظهراً للْأَحْكَام، وَلَا يخفى أَن الْكَوْن فِي الْأَعْيَان لَيْسَ عين الْحَقِيقَة الواجبية الْقَائِمَة بذاتها، إِذْ لَا يشك عَاقل أَن الْكَوْن فِي الْأَعْيَان أَمر إضافي غير قَائِم بِذَاتِهِ بل هُوَ قَائِم بِذَات الْوَاجِب وعارض لَهُ ومحمول عَلَيْهِ، وَذَات الْوَاجِب متصف بِهِ كَمَا صرح بِهِ الفارابي وَابْن سينا. وَنقل عَنْهُمَا صَاحب " المواقف " وَاسْتحْسن وَاسْتدلَّ على مقاصده فِي مَوَاضِع بل جَمِيع الْكتب الْحكمِيَّة والكلامية مشحونة بِهِ) . وَبِالْجُمْلَةِ إِن الْوُجُود عرض فِي الْأَشْيَاء الَّتِي لَهَا ماهيات يلْحقهَا الْوُجُود كالمقولات الْعشْر. وَأما الَّذِي هُوَ مَوْجُود بِذَاتِهِ لَا بِوُجُود يلْحق ماهيته لُحُوق أَمر غَرِيب مَأْخُوذ فِي الْحَد فَلَيْسَ لَهُ وجود هوية مَوْجُود فضلا عَن أَن يكون عارضاً لَهُ، بل وجوده ووجوبه وتعينه عين ذَاته على مَا هُوَ التَّحْقِيق، فَإِذا قيل لَهُ وَاجِب الْوُجُود فَهُوَ لفظ مجازي وَمَعْنَاهُ أَنه وَاجِب أَن يكون مَوْجُودا لَا أَنه يجب الْوُجُود لشَيْء مَوْضُوع فِيهِ الْوُجُود يلْحقهُ الْوُجُود على وجوب (أَو غير وجوب) . وَهَذَا هُوَ مُرَاد أساطين الْحُكَمَاء الأقدمين من قَوْلهم: " الْوُجُود عين الْوَاجِب " على مَا فهم من كَلَام رَئِيس الْحُكَمَاء أبي عَليّ وَهُوَ أَن ماهيته وجود بحت وإنيته بحتة وَلَيْسَ فِيهِ مَاهِيَّة غير الإنية، إِذْ هُوَ مَوْجُود بِذَاتِهِ أَي يَكْفِي ذَاته الْمُقَدّس فِي الموجودية، إِذْ لَا سَبَب لَهُ مُنْفَصِل عَن ذَاته حَتَّى يُلَاحظ لَهُ الْوُجُود مِنْهُ، فَيكون لَهُ مَاهِيَّة مُغَايرَة لوُجُوده كَمَا لعامّة الممكنات. [وَلَيْسَ تمايز ذَات الْوَاجِب بِذَاتِهِ بِمُجَرَّد مُخَالفَة ذَاته لسَائِر الذوات من غير أَن يعْتَبر خُصُوصِيَّة ذَاته تَعَالَى بل التمايز بخصوصية ذَاته وَإِن لم يعلم أَنَّهَا مَا هِيَ. قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: وجود الْوَاجِب غَنِي عَن تَنْزِيه الْعُقُول كَيفَ والتنزيه عَن سمات الجسمانيات تَشْبِيه استلزامي وتقليد ضمني بالمجردات من الْعُقُول والنفوس، وَعَن الْجَوَاهِر الْعلية والنفوس الْكُلية تَشْبِيه معنوي بالمعاني

الْمُجَرَّدَة عَن الصُّور الْعَقْلِيَّة وَالنّسب الروحانية والنفسانية وَعَن كل ذَلِك إِلْحَاق الْحق بالمعدوم، وَالْخَارِج عَن هَذِه الْأَقْسَام للموجودات المتحققة فِي الْوُجُود تحكم وهمي وتوهم تخيلي، وَذَلِكَ أَيْضا تَحْدِيد عدمي بعدمات لَا تتناهى. وعَلى كل حَال هُوَ تَحْدِيد وَتَقْيِيد الْحق يأباه وينافيه فالعقل لَا تصرف لَهُ فِي الربوبية وَإِنَّمَا هُوَ آلَة لدرك الْعُبُودِيَّة ووراء الْعقل أطوار كَثِيرَة يكَاد لَا يعرف عَددهَا إِلَّا الله تَعَالَى، وَقد من الله تَعَالَى على أَرْبَاب الْكَشْف بِنور كاشف يُرِيهم الْأَشْيَاء كَمَا هِيَ، وَنسبَة الْعقل إِلَى ذَلِك النُّور كنسبة الْوَهم إِلَى الْعقل ذَلِك النُّور يُمكن أَن يحكم بِصِحَّة بعض مَا لَا يُدْرِكهُ الْعقل كوجود حَقِيقَة مُطلقَة مُحِيطَة لَا يحصرها التقيد وَلَا يقيدها التعين كَمَا يُمكن أَن يحكم الْعقل بِصِحَّة مَا لَا يُدْرِكهُ الْوَهم كوجود مَوْجُود مثلا لَا يكون خَارج الْعَالم وَلَا دَاخله] . (وَمن رام تطبيق كَلَام الْمُتَكَلِّمين الْقَائِلين بِزِيَادَة الْوُجُود على الْمَاهِيّة فِي الْوَاجِب أَيْضا لأصل الْحُكَمَاء الْقَائِلين بعينية الْوُجُود فِي الْوَاجِب تكلّف. وَقَالَ: مَا هُوَ عين الذَّات فِي الْوَاجِب هُوَ الْوُجُود الْخَاص. وَأما الْوُجُود الْمُطلق فَلَا خلاف بَين الْفَرِيقَيْنِ فِي زِيَادَته. وَفِي الْجُمْلَة إِنَّه سُبْحَانَهُ وجود وَذَات وَحَقِيقَة، وَحَقِيقَته غير وجوده. قَالَ السَّمرقَنْدِي: الْوُجُود أعرف الْأَشْيَاء، والاشتباه لِكَثْرَة الِاخْتِلَاف والمجادلة إِذْ الْمَعْنى الْوَاضِح رُبمَا يحتجب عَن نظر الْمقل إِذا وَقع فِي معرض القيل والقال واندفع فِي حيّز الْجِدَال، كتكدر المَاء الصافي إِذا خضخض فِي المنبع الوافي) . ثمَّ الْوُجُود الَّذِي يبْحَث عَنهُ أهل النّظر هُوَ اعتباري عَارض للماهيات قَائِم بهَا. وَالَّذِي يُثبتهُ أَرْبَاب الْكَشْف هُوَ أَمر حَقِيقِيّ معروض للماهيات وقيوم لَهَا. يَقُول أهل النّظر: اللَّوْن للزجاج، وَيَقُول أهل الْكَشْف: اللَّوْن للخمر وَإِنَّمَا للزجاج مظهرية لَوْنهَا. الْوُجُوب: لَهُ مَعْنيانِ فِي الْحَقِيقَة. أَحدهمَا: الِاقْتِضَاء ويرادفه الِاسْتِحْقَاق والإيجاب. وَالْآخر: الِاسْتِغْنَاء، وَقد يعبر عَنهُ بِعَدَمِ التَّوَقُّف أَو بِعَدَمِ الِاحْتِيَاج. [وَإِذا وَصفنَا الْمَاهِيّة بِالْوُجُوب كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا لذاتها تَقْتَضِي الْوُجُود، وَإِذا وَصفنَا بِهِ الْوُجُود كَانَ مَعْنَاهُ أَنه يَقْتَضِي ذَات الْمَاهِيّة من غير احْتِيَاج إِلَى غَيرهَا. قَالَ بَعضهم: الْوُجُوب يُقَال على الْوَاجِب بِاعْتِبَار مَاله من الْخَواص وَهِي ثَلَاث: الأولى استغناؤه عَن الْغَيْر. وَالثَّانيَِة: كَون ذَاته مقتضية لوُجُوده، وَالثَّالِثَة: الشَّيْء الَّذِي بِهِ تمتاز الذَّات عَن غَيره. وَإِطْلَاق الْوُجُود على الْأَوَّلين ظَاهر مَشْهُور، وَأما اطلاقه على الثَّالِث فإمَّا بِتَأْوِيل الْوَاجِب أَو إِرَادَة مبدأ الْوُجُوب والأولان اعتباريان وَالثَّالِث غير ذَات الْوَاجِب سُبْحَانَهُ، وَلَيْسَ معنى كَون الْوُجُوب عين الْوَاجِب أَن حَقِيقَة الْوُجُوب عينه وَإِلَّا لزم كَون الصِّفَات الْمُخْتَلفَة بِالْحَقِيقَةِ كَالْعلمِ

وَالْقُدْرَة وَالْوُجُوب وَغَيرهَا وَاحِدَة بل المُرَاد أَن الْآثَار المترتبة على هَذِه الصِّفَات فِي الممكنات مترتبة على الْوَاجِب بِلَا صفة كَمَا حَقَّقَهُ الْمُحَقِّقُونَ، وَلَيْسَ الْوُجُوب من الموجودات الخارجية بل من الْمَعْقُول الثَّانِيَة، وَلَيْسَ من المخترعات الْعَقْلِيَّة إِذْ لَو كَانَ مَوْجُودا فِي الْخَارِج لَكَانَ مُمكنا، وَإِذا كَانَ مُمكنا فَلهُ سَبَب وَهُوَ إِمَّا غير الذَّات فَيجوز انفكاكه عَن الذَّات فَيلْزم إِمْكَان الذَّات. وَأما الذَّات فَيلْزم تقدم الذَّات بِالْوُجُوب والوجود على الْوُجُوب فَيلْزم أَن يكون للْوَاجِب أَيْضا وجوب آخر فَيلْزم التسلسل أَو تقدمه على نَفسه وهما حالان، وَالْوُجُوب الذاتي للذات وَحده وَهُوَ أَشد وَأقوى فِي الِاخْتِصَاص بِهِ من سَائِر الصِّفَات المختصة بِهِ وَإِن كَانَ كل مِنْهَا مشاركاً فِي أصل الِاخْتِصَاص، وَالْمرَاد من إِطْلَاقه على الذَّات الْمُبَالغَة فِي لُزُومه لَهُ بِحَيْثُ يمْتَنع انفكاكه عَنهُ فِي حَال من الْأَحْوَال] (وأياماً كَانَ وجوب الْوُجُود كَيْفيَّة لنسبة الْوُجُود إِلَى الذَّات غير منفكة عَنهُ لَازِمَة لَهُ بِحَيْثُ يمْتَنع انفكاكه عَنهُ بِحَال من الْأَحْوَال، فَكَانَ المُرَاد من إِطْلَاقه على الذَّات الْمُبَالغَة فِي هَذَا اللُّزُوم كَمَا وَقع فِي أَمْثَاله من أَن عدم الْعَدَم وجود، وسلب السَّلب إِيجَاب، وَالْوُجُوب والوجود مقارنان بِلَا احْتِيَاج أَحدهمَا إِلَى الآخر، لَا أَنه سَابق على الْوُجُود سبق الِاحْتِيَاج وَلَا سبقاً زمانياً. وَفِيه أَن الشَّيْء لَا يوحد قبل أَن يجب) . وَالْمُعْتَبر فِي الْوَاجِب تَعَالَى أَنه فِي نَفسه بِحَيْثُ يجب تحَققه، وَلَيْسَ الْمُعْتَبر فِيهِ أَنه إِذا تصور حَقِيقَته يحكم الْعقل بِوُجُوبِهِ. وَالْمرَاد بِالْوَاجِبِ لذاته مَا لَيْسَ لَهُ عِلّة خَارِجَة عَن ذَاته (وَلَا لَهُ افتقار إِلَى غير ذَاته، وَسَوَاء كَانَ ذَاك صفة أم لَا) . وَالْوُجُوب والإيجاب متحدان بِالذَّاتِ ومختلفان بِالِاعْتِبَارِ، فَإِنَّهُ بِاعْتِبَار الْقيام بِالذَّاتِ إِيجَاب، وَبِاعْتِبَار التَّعَلُّق بِالْفِعْلِ وجوب، لَكِن لَا يلْزم من اتحادهما بِالذَّاتِ قيام الْوُجُوب بِمن يقوم بِهِ الْإِيجَاب، حَتَّى يلْزم (أَن يكون) إِطْلَاق الْوَاجِب على الْوَاجِبَات بأسرها من الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَغَيرهمَا لَا على سَبِيل الْحَقِيقَة، وَإِنَّمَا يلْزم لَو لم يكن بَينهمَا تغاير بِالِاعْتِبَارِ كالتعليم والتعلم. (وَالْوَاجِب: هُوَ السَّاقِط، أَو اللَّازِم: وَالْحق أَنه الثَّابِت) . وَهُوَ شَرِيعَة مَا ثَبت بِدَلِيل فِيهِ شُبْهَة مثل مَا ثَبت بِأحد قسمي الظني إِلَّا أَنه يدْخل فِيهِ مَا ثَبت بالظني كالفرض الظني وَالسّنة وَالْمُسْتَحب. وَقد يَشْمَل الْوَاجِب بِإِطْلَاقِهِ على الْمَعْنى الْأَعَمّ الْمضيق كَالصَّوْمِ الَّذِي وقته معيار، والمتسع كَالزَّكَاةِ، والمخير كالكفارة، والمرخص كَأَكْل الْحَرَام عِنْد المخمصة. (وَقَالَ بَعضهم: الْوَاجِب على أحد وَجْهَيْن: أَحدهمَا: يُرَاد بِهِ اللَّازِم الْوُجُود وَأَنه لَا يَصح أَن لَا يكون مَوْجُودا كَقَوْلِنَا فِي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَاجِب وجوده. وَالثَّانِي: الْوَاجِب بِمَعْنى أَن حَقه أَن يُوجد) . [وَالْوَاجِب الْمُطلق: هُوَ مَا لَا يتَوَقَّف وُجُوبه على

وجود مُقَدّمَة وجوده من حَيْثُ هُوَ كَذَلِك كَالصَّوْمِ مثلا، فَإِنَّهُ وَاجِب مُطلقًا بِالْقِيَاسِ إِلَى النِّيَّة. وَالْوَاجِب الْمُقَيد: مَا يتَوَقَّف وجوده على وجود مُقَدّمَة وجوده من حَيْثُ هُوَ كَذَلِك فَهُوَ كَالصَّوْمِ مثلا أَيْضا فَإِنَّهُ مُقَيّد بِالْقِيَاسِ إِلَى الْبلُوغ] . وَقَول الْفُقَهَاء: الْوَاجِب مَا إِذا لم يَفْعَله يسْتَحق الْعقَاب، وَذَلِكَ وصف لَهُ بِشَيْء عَارض لَا بِصفة لَازِمَة، وَيجْرِي مجْرى من يَقُول: " الْإِنْسَان الَّذِي إِذا مَشى برجلَيْن منتصب الْقَامَة ". وَاخْتلف فِي أَن الْوُجُوب فِي الْوَاجِب هَل هُوَ زَائِد على الْوُجُود أم لَا؟ [قَالَ الإِمَام أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ: الْوُجُوب فِي الْوَاجِب زَائِد على الْوُجُود وَقد يرْتَفع، وَالْإِمَام الثَّانِي رَحمَه الله مَعَه] ، وَلَا يلْزم من ارْتِفَاع الْوُجُوب ارْتِفَاع الْجَوَاز وَالصِّحَّة، إِمَّا لِأَنَّهُ أخص، أَو لِأَن بطلَان الْوَصْف لَا يُوجب بطلَان الأَصْل خلافًا لمُحَمد لِأَن الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة على الموجودات الخارجية والوجود الْخَارِجِي للعام وَالْخَاص وَاحِد وَأَن تعدّدا فِي التعقل، فحين بَطل بَطل بِأَصْلِهِ، وَنَفس الْوُجُوب هُوَ لُزُوم وجود هَيْئَة مَخْصُوصَة وضعت لعبادة الله حِين حضر الْوَقْت، وَوُجُوب الْأَدَاء هُوَ لُزُوم ايقاع تِلْكَ الْهَيْئَة. [وَقد تقرر فِي مَحَله أَن الْقُدْرَة على أَدَاء الْفِعْل الْمَطْلُوب إِيقَاعه شَرط لوُجُوب أَدَائِهِ لَا لنَفس الْوُجُوب فَهُوَ وَاجِب مُطلقًا لَا يحصل إِلَّا بِالْقُدْرَةِ وَهِي. غير وَاجِبَة لعدم كَونهَا مقدورة. وَوُجُوب الشَّيْء بِمَعْنى اسْتِحْقَاق فَاعله وتاركه فِي حكم الله الْمَدْح والذم عَاجلا وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب آجلاً فَهُوَ الْمُتَنَازع فِي أَنه هَل يدْرك بِالشَّرْعِ أم بِالْعقلِ فعندنا بِالشَّرْعِ وَعند الْمُعْتَزلَة بِالْعقلِ، وَأما بِمَعْنى اسْتِحْقَاق فَاعله الْمَدْح وتاركه الذَّم فِي نظر الْعُقُول ومجاري الْعَادَات فَمَا يدْرك بِالْعقلِ اتِّفَاقًا] . (وَالْوُجُوب الشَّرْعِيّ: مَا أَثم تَاركه) . والعقلي: مَا لولاه لامتنع. والعادي: بِمَعْنى الأولى والأليق. وَقد يُطلق الْوَاجِب على ظَنِّي فِي قُوَّة الْفَرْض فِي الْعَمَل كالوِتْر عِنْد أبي حنيفَة حَتَّى يمْنَع تذكره صِحَة الْفجْر. وَيُطلق أَيْضا على ظَنِّي هُوَ دون الْفَرْض فِي الْعَمَل وَفَوق السّنة كتعيين الْفَاتِحَة حَتَّى لَا تفْسد الصَّلَاة بِتَرْكِهَا لَكِن يجب سَجْدَة السَّهْو. وَالْوَاجِب مَا لَا يتَصَوَّر فِي الْعقل عَدمه. والضروري مِنْهُ كالتحيز مثلا للجرم، والنظري كالقِدَم للباري سُبْحَانَهُ. وَالْوُجُوب عِنْد الأشاعرة من جِهَة أَنه لَا قَبِيح مِنْهُ تَعَالَى، وَلَا وَاجِب عَلَيْهِ يكون بِالشَّرْعِ وَلَا يتَصَوَّر ذَلِك فِي فعله تَعَالَى، فَلَا يتَصَوَّر مِنْهُ تَعَالَى فعل قَبِيح وَترك وَاجِب. فَكل مَا أخبر بِهِ الشَّارِع فَلَا بُد أَن يَقع. وَمِنْه معنى الْوُجُوب [عَلَيْهِ تَعَالَى] وَإِلَّا لزم الْكَذِب. والمعتزلة - من جِهَة أَن مَا هُوَ قَبِيح يتْركهُ وَمَا يجب عَلَيْهِ يَفْعَله الْبَتَّةَ - قَائِلُونَ بِالْوُجُوب بِمَعْنى اسْتِحْقَاق تَاركه الذَّم عقلا، أَو بِمَعْنى لُزُوم عَلَيْهِ لما فِي

تَركه من الْإِخْلَال بالحكمة فرُدَّ كل مِنْهُمَا. أما الأول فبأن الله تَعَالَى لَا يسْتَحق الذَّم على فعل وَلَا على ترك لِأَنَّهُ الْمَالِك على الْإِطْلَاق، وَهُوَ الَّذِي لَا يسْأَل عَمَّا يفعل فضلا عَن اسْتِحْقَاق الذَّم. وَأما الثَّانِي فَلَا نسلم أَن شَيْئا من أَفعاله تَعَالَى يكون بِحَيْثُ يخل تَركه بحكمةٍ لجَوَاز أَن يكون لَهُ فِي كل فعل أَو ترك حكم ومصالح لَا تهتدي إِلَيْهَا الْعُقُول البشرية، على أَنه لَا معنى للُزُوم عَلَيْهِ تَعَالَى إِلَّا عدم التَّمَكُّن من التّرْك، وَهُوَ يُنَافِي الِاخْتِيَار الَّذِي ادَّعَوْه فِي أَفعاله تَعَالَى، وَلِهَذَا أضطر الْمُتَأَخّرُونَ مِنْهُم إِلَى أَن معنى الْوُجُوب على الله أَنه يَفْعَله الْبَتَّةَ وَلَا يتْركهُ وَإِن كَانَ التّرْك جَائِزا. الْوحدَة: وحد الرجل يحد وحداً ووحدة من بَاب (علم) أَي بَقِي مُنْفَردا. و" رَأَيْته وَحده " أَي حَال كَونه وَاحِدًا أَو منفرداُ مَنْصُوب على الْحَال عِنْد الْبَصرِيين، وَقيل: على المصدرية (أَي وحد وَحده) . وَقيل: على الظَّرْفِيَّة (أَي فِي حَال وحدته) . وَلَفْظَة (وَحده) إِذا وَقعت بعد فَاعل ومفعول نَحْو: (ضرب زيد عمرا وَحده) فمذهب سِيبَوَيْهٍ أَنه حَال من الْفَاعِل أَي موحداً لَهُ بِالضَّرْبِ، وَمذهب الْمبرد أَنه يجوز أَن يكون حَالا من الْمَفْعُول. والوحدة: كَون الشَّيْء بِحَيْثُ لَا يَنْقَسِم، وتتنوع أنواعاً خص الِاصْطِلَاح كل نوع مِنْهَا باسم تسهيلاً للتعبير، وَهِي فِي النَّوْع مماثلة، وَفِي الْجِنْس مشاكلة، وَفِي الكيف مشابهة، وَفِي الْكمّ مُسَاوَاة، وَفِي الْوَضع موازاة ومحاذاة، وَفِي الْأَطْرَاف مُطَابقَة، وَفِي النِّسْبَة مُنَاسبَة. وَتطلق وَيُرَاد بهَا عدم التجزئة والانقسام؛ وَيكثر إِطْلَاق الْوَاحِد بِهَذَا الْمَعْنى. وَقد تطلق بِإِزَاءِ التَّعَدُّد وَالْكَثْرَة، وَيكثر إِطْلَاق الْأَحَد والفرد بِهَذَا الْمَعْنى. ووحدة الْبَارِي وحدة ذاتية. ووحدة النقطة لَا تعْتَبر من الْعدَد إِذْ لَا يُمكن التَّعَدُّد فِيهَا. وَالْوَاحد لَهَا مَعْنيانِ: أَحدهمَا: مَا قَامَت بِهِ الْوحدَة وَهُوَ كَون الشَّيْء بِحَيْثُ لَا يَنْقَسِم إِلَى أُمُور متشاركة فِي الْمَاهِيّة، ويقابلها الْكَثْرَة، فالواحد بِهَذَا الْمَعْنى لَا يَنْقَسِم وَلَا يتَجَزَّأ، وَهُوَ الْوَاحِد الْحَقِيقِيّ، وَلَا يُوصف بِهِ إِلَّا الْبَسِيط فِي أحد معنييه كالجوهر الْفَرد عِنْد الأشعرية والنقطة عِنْد المهندسين والجوهر المفارق عِنْد الْحُكَمَاء. وَالثَّانِي: مَا لَا نَظِير لَهُ فِي ذَاته وَلَا شَبيه لَهُ فِي أَفعاله وَصِفَاته. وَلَيْسَ فِي الْوُجُود من يَتَّصِف بالمعنيين حَقِيقَة سوى الله تَعَالَى لِأَن مَا لَا يتَجَزَّأ من الموجودات كالجوهر الْفَرد يَنْضَم إِلَى مثله وَأَمْثَاله، وَمَا لَا نَظِير لَهُ مِنْهَا كالعرش والكرسي. وكل مَا انحصر نَوعه فِي شخصه كَالشَّمْسِ وَالْقَمَر فإثبات النظير لَهَا مُمكن، والباري سُبْحَانَهُ يَسْتَحِيل عَلَيْهِ التجزيء والانقسام فَلَا مثل لَهُ وَلَا نَظِير وَلَا شَبيه (شهِدت بِهِ الْأَدِلَّة القطعية) . وَاعْلَم أَن للتوحيد ثَلَاث مَرَاتِب: مرتبَة تَوْحِيد الذَّات وَهُوَ مقَام الِاسْتِهْلَاك والفناء فِي الله فَلَا مَوْجُود [فِي الْحَقِيقَة] إِلَّا الله.

ومرتبة تَوْحِيد الصِّفَات وَهُوَ أَن يرى كل قدرَة مُتَفَرِّقَة فِي قدرته الشاملة وكل علم مضمحلاً فِي علمه الْكَامِل بل يرى كل كَمَال لمْعَة من عكوس أنوار كَمَاله. ومرتبة تَوْحِيد الْأَفْعَال وَهُوَ أَن يتَحَقَّق وَيعلم بِعلم الْيَقِين، أَو بِعَين الْيَقِين، أَو بِحَق الْيَقِين أَن لَا مُؤثر فِي الْوُجُود إِلَّا الله، وَقد انْكَشَفَ ذَلِك على الْأَشْعَرِيّ. وَتَحْقِيق مَذْهَب الْحُكَمَاء أَيْضا هُوَ هَذَا، فالسالك بِهَذِهِ الْمرتبَة يكل أُمُوره كلهَا إِلَى الْفَاعِل الْحَقِيقِيّ. وَالْوَاحد يدْخل فِي الْأَحَد بِلَا عكس [وَذكر الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ عَلَيْهِ الرَّحْمَة أَن لَفْظَة (أحد) لابهامه كثيرا مَا يَقع موقع كل وَاحِد كَمَا فِي قَوْلهم مثلا فِيمَا يَنْبَغِي أَن يُقَال: انفكاك كل وَاحِد مِنْهُمَا إنفكاك أَحدهمَا] وَإِذا قلت: فلَان لَا يقاومه وَاحِد، جَازَ أَن يُقَال: لكنه يقاومه اثْنَان. أما إِذا قلت: لَا يقاومه أحد، فَلَا يجوز أَن يُقَال مَا ذكر. و (لَيْسَ فِي الدَّار وَاحِد) يعم النَّاس وَغَيرهم: و (لَيْسَ فِي الدَّار أحد) مَخْصُوص بالآدميين، وَلَا يصلح الْوَاحِد للْجمع والإفراد بِخِلَاف الْأَحَد وَلِهَذَا وصف بِهِ فِي قَوْله: {من أحد عَنهُ حاجزين} . وَلَيْسَ للْوَاحِد جمع من لَفظه. والأحد يجمع على أحدون. وَالْوَاحد وَإِن كَانَ اسْما جَازَ أَن يُرَاد بِهِ الصّفة. يُقَال: فلَان وَاحِد زَمَانه، كَمَا يُقَال: متوحده. وَالْوَاحد فِي نَفسه سَوَاء كَانَ مَعَه غَيره أَو لَا كزيد هُوَ جُزْء للمثنى وَالْمَجْمُوع. وَالْوَاحد بِمَعْنى أَنه مُنْفَرد لَيْسَ مَعَه غَيره لَيْسَ هُوَ بِجُزْء مِنْهُمَا. وَالْوَاحد إِذا اسْتعْمل من غير تقدم موصوفه أُرِيد بِهِ المتوحد فِي ذَاته، وَإِذا أجري على موصوفه أُرِيد بِهِ المتوحد فِي صِفَاته. وَمعنى " أحَدية الله " أَنه أحدي الذَّات، أَي لَا تركيب فِيهِ أصلا. وَمعنى " وحدانية الله " أَنه يمْتَنع أَن يُشَارِكهُ شَيْء فِي ماهيته وصفات كَمَاله وَأَنه مُنْفَرد بالإيجاد وَالتَّدْبِير الْعَام بِلَا وَاسِطَة وَلَا معالجة وَلَا مُؤثر سواهُ فِي أثر مَا عُمُوما. وَقَوْلنَا: (وَحده) إِذا أجري على الله تَعَالَى بِأَن جعل فِي الْكَلَام حَالا مِنْهُ يرد على مَعْنيين: أَحدهمَا: أَن يُرَاد مِنْهُ مُنْفَردا غير مشفوع بِهِ، وَحَاصِله يرجع إِلَى معنى (خَاصَّة) فَقَط كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالُوا أجئتنا لنعبد الله وَحده} {وَإِذا ذكر الله وَحده اشمأزت} . وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنى وصف غير لَازم لَهُ تَعَالَى، بل يجب أَن يَنْفَكّ عَنهُ الْوحدَة بِهَذَا الْمَعْنى كَمَا فِي الطَّاعَة فَإِنَّهُ يجب فِيهَا أَن يشفع بِهِ الرَّسُول وأولو الْأَمر. وَثَانِيهمَا: أَن يُرَاد مِنْهُ مُنْفَردا بِمَعْنى منزهاً فِي ذَاته عَن أنحاء التَّعَدُّد والتركيب والمشاركة فِي الْحَقِيقَة وخواصها الْمُقْتَضِيَة الألوهية كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:

{حَتَّى تؤمنوا بِاللَّه وَحده} أَي: وَاحِدًا لَا شريك لَهُ لَا أَن تخصوا الْإِيمَان بِهِ دون غَيره، كَيفَ وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله} وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنى وصف لَازم لَهُ تَعَالَى لَا يَنْفَكّ عَنهُ بِحَال، فعلى الْمَعْنى الأول يكون حَالا منتقلة، وعَلى الْمَعْنى الثَّانِي يكون مُؤَكدَة. وَالْفرق بَين (وَحده) وَبَين (لَا شريك لَهُ) أَن وَحده يدل على نفي الشَّرِيك التزاماً، و (لَا شريك لَهُ) يدل عَلَيْهِ مُطَابقَة وَلِهَذَا ذكرت بعْدهَا لزِيَادَة التوكيد الْمُنَاسب لمقام التَّوْحِيد. وللمتكلمين دَلَائِل كَثِيرَة فِي إِثْبَات الوحدانية كَمَا نقل عَن الإِمَام الرَّازِيّ أَنه اسْتدلَّ بِأَلف وَعشْرين دَلِيلا، لَكِن الْمَشْهُور بَينهم هُوَ الدَّلِيل الملقب ببرهان التمانع. وللحكماء أَيْضا دَلَائِل جمة على ثُبُوت الوحدانية لَهُ تَعَالَى مُغَايرَة لدلائل الْمُتَكَلِّمين. [يستدلون بالأثر على الْمُؤثر كالسماء وَالْأَرْض على مَا هُوَ الْمَشْهُور بَين الْجُمْهُور لِكَوْنِهِمَا أعظم الْمَخْلُوقَات فصارا أدل على وجود الصَّانِع ووحدته وعظمته وَكَيف وهما محيطان بِالْكُلِّ من الأفلاك وَالْكَوَاكِب وحركاتها وأوضاعها وَالْأَحْوَال المتعاقبة بهَا، وَمن طَبَقَات العناصر وغرائب امتزاجاتها وأحوال المعان والنباتات والحيوانات لَا سِيمَا الْإِنْسَان وَمَا أودع فِي بدنه مِمَّا يشْهد بِهِ علم التشريح فَلَا فرق الِاسْتِدْلَال بالسماء وَالْأَرْض وَبَين المواليد كَمَا توهم من أَن دلَالَة المواليد دون دلالتهما فَإِنَّهُ قد يتَوَهَّم أَن محدثها غير الْوَاجِب من الأوضاع والاتصالات بِنَاء على تَجْوِيز عدم تناهي الْحَوَادِث المتعاقبة بِخِلَاف الأَرْض وَالسَّمَاء وَهَذَا توهم بعيد جدا فَإِنَّهُ قد يجوز التسلسل فِي العدمات المتعاقبة لَا فِي الْعِلَل والمعلولات المجتمعة مَعًا فَلَا بُد لتِلْك الأوضاع والاتصالات بل للمواليد من مُحدث يَنْتَهِي إِلَى الْوَاجِب كَمَا يُقَال عِنْد الِاسْتِدْلَال بالسماء وَالْأَرْض، ومبنى الْكل على أَن افتقار الْمُمكن إِلَى الموجد والحادث إِلَى الْمُحدث ضَرُورِيّ وَأما الْحُكَمَاء فهم يستدلون بِالنّظرِ فِي الْوُجُود لِأَنَّهُ وَاجِب أَو مُمكن على إِثْبَات الْوَاجِب ثمَّ بِالنّظرِ فِيمَا يلْزم الْوُجُوب والإمكان على صِفَاته ثمَّ يستدلون بصفاته على كَيْفيَّة صُدُور أَفعاله عَنهُ وَرجح أَبُو عَليّ هَذَا الطَّرِيق فِي " الإشارات " فَإِنَّهُ أوثق وأشرف لِأَن أولى الْبَرَاهِين لإعطاء الْيَقِين هُوَ الِاسْتِدْلَال بِالْعِلَّةِ على الْمَعْلُول وَأما عَكسه فَرُبمَا لَا يُفِيد الْيَقِين] . (وَالْحق أَنه بعد مَا ثَبت أَن للْعَالم صانعاً قَدِيما موجداً، لَهُ على وفْق إِرَادَته، منشئاً لِلْخلقِ من مَرْكَز الْعَدَم إِلَى دَائِرَة الْوُجُود يجب القَوْل باتصافه بِجَمِيعِ مَا يَلِيق بِهِ من غير احْتِيَاج إِلَى دَلِيل) [ثمَّ إِن الدَّلِيل] وَإِن كَانَ لَا يَخْلُو عَن فَائِدَة إِذْ رُبمَا يحصل زِيَادَة تَحْقِيق فِي أَمْثَال هَذِه المقامات بتكثير الْوُجُوه والأذهان مُتَفَاوِتَة فِي الْقبُول، فَرُبمَا يحصل للْبَعْض مِنْهَا الاطمئنان بِبَعْض الْوُجُوه دون الْبَعْض، أَو باجتماع الْكل مَعَ مَا فِي كل وَاحِد مِنْهَا من مجَال المناقشة. وَلِهَذَا كَانَ إِيمَان كثير من

المقلدين يفضل على إِيمَان كثير من المستدلين لما فِيهِ من سَلامَة الصَّدْر من الشَّك والشبهة وَقُوَّة الْيَقِين، وَإِلَى هَذِه إِشَارَة نبوية بقوله: " أَكثر أهل الْجنَّة بُلْه والعلِّيّون لأولي الْأَلْبَاب " وَقد قبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِيمَان من تكلم بكلمتي الشَّهَادَة وَلم يتَعَرَّض لَهُ بتكليف شَيْء آخر تيسيراً للأمور ودفعاً للْحَرج. وعَلى هَذَا إِجْمَاع السّلف. الْوَضع: هُوَ كَون الشَّيْء مشاراً إِلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ الحسية، وَتَخْصِيص اللَّفْظ بِالْمَعْنَى كَمَا فِي " التَّلْوِيح ". وَقيل: هُوَ جعل اللَّفْظ دَلِيلا على الْمَعْنى، وَهُوَ من صِفَات الْوَاضِع. والاستعمال: إِطْلَاق اللَّفْظ وَإِرَادَة الْمَعْنى، وَهُوَ من صِفَات الْمُتَكَلّم. وَالْحمل: اعْتِقَاد السَّامع مُرَاد الْمُتَكَلّم أَو مَا اشْتَمَل على مُرَاده، وَهُوَ من صِفَات السَّامع. والوضع عِنْد الْحُكَمَاء: هَيْئَة عارضة للشَّيْء بِسَبَب نسبتين: نِسْبَة أَجْزَائِهِ بَعْضهَا إِلَى بعض. وَنسبَة أَجْزَائِهِ إِلَى الْأُمُور الْخَارِجَة عَنهُ كالقيام وَالْقعُود. والوضع الْحسي: إِلْقَاء الشَّيْء المستعلي، كَمَا فِي قَوْله: (مَتَى أَضَع العِمامَةَ تَعْرفُوني ... ) قَالَ الرَّاغِب: الْوَضع أَعم من الْحَط، وَإِذا تعدى ب (على) كَانَ بِمَعْنى التحميل، وَإِذا تعدى ب (عَن) كَانَ بِمَعْنى الْإِزَالَة. وَتَعْيِين اللَّفْظ للمعنى بِحَيْثُ يدل عَلَيْهِ من غير قرينَة إِن كَانَ من جِهَة وَاضع اللُّغَة وَهُوَ الله تَعَالَى أَو الْبشر على الِاخْتِلَاف فَوضع لغَوِيّ كوضع السَّمَاء وَالْأَرْض، وَإِلَّا فَإِن كَانَ من الشَّارِع فَوضع شَرْعِي كوضع الصَّوْم وَالصَّلَاة، وَإِلَّا فَإِن كَانَ من قوم مخصوصين كَأَهل الصناعات من الْعلمَاء وَغَيرهم فَوضع عرفي خَاص كوضع أهل الْمعَانِي والإيجاز والإطناب؛ وَأهل الْبَيَان الِاسْتِعَارَة وَالْكِنَايَة؛ وَأهل البديع التَّجْنِيس والترصيع، وَإِلَّا فَهُوَ عرفي عَام إِن كَانَ من أهل عرف عَام كقطيع الدَّابَّة وَالْحَيَوَان. والواضع إِذا تصور ألفاظاً مَخْصُوصَة فِي ضمن أَمر كلي وَحكم حكما كلياً بِأَن كل لفظ مندرج تَحْتَهُ عينه للدلالة بِنَفسِهِ على كَذَا يُسمى هَذَا الْوَضع وضعا نوعياً وَهُوَ ثَلَاثَة أَنْوَاع: وضع خَاص لموضوع لَهُ خَاص كوضع أَعْلَام أَجنَاس الصِّيَغ من (فعل يفعل) وَغَيرهمَا من جَمِيع الهيئات الممكنة الطارئة على تركيب (ف ع ل) فَإِنَّهَا كلهَا أَعْلَام الْأَجْنَاس للصيغ الموزونة هِيَ بهَا. وَوضع عَام لموضوع لَهُ خَاص كوضع عَامَّة الْأَفْعَال فَإِنَّهَا مَوْضُوعَة بالنوع بملاحظة عنوان كلي شَامِل بخصوصية كل نِسْبَة جزئية من النِّسْبَة التَّامَّة فالموضوع لَهُ تِلْكَ النّسَب الْجُزْئِيَّة الملحوظة بذلك العنوان الْكُلِّي فالوضع عَام والموضوع لَهُ خَاص. وَوضع عَام لموضوع لَهُ عَام كالمشتقات مثل اسْم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول، والمصغر والمنسوب، وَفعل الْأَمر، وَالْفِعْل الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يتَعَلَّق بالهيئات فَإِنَّهَا لَيست مَوْضُوعَة بخصوصياتها

بل بقواعد كُلية. وَإِذا تصور الْوَاضِع لفظا خَاصّا وتصور أَيْضا معنى معينا إِمَّا جزئياً أَو كلياً، وَعين اللَّفْظ بِعَين ذَلِك الْمَعْنى، أَو لكل وَاحِد مِمَّا يصدق عَلَيْهِ ذَلِك الْمَعْنى يُسمى هَذَا الْوَضع وضعا شخصياً، وَحِينَئِذٍ إِمَّا أَن يكون الْوَضع والموضوع لَهُ خاصين بِأَن يتَصَوَّر معنى جزئياً ويعين اللَّفْظ بإزائه كالأعلام الشخصية فَإِنَّهَا أَسمَاء تعين مسماها من غير قرينَة. أَو يَكُونَا عَاميْنِ بِأَن يتَصَوَّر معنى كلياً ويعين اللَّفْظ بإزائه كعامة النكرات. أَو يكون الْوَضع عَاما والموضوع لَهُ خَاصّا (بِأَن يتَصَوَّر معنى كلياً ويلاحظ بِهِ جزئياته، ويعين بِهَذِهِ الملاحظة الإجمالية اللَّفْظ دفْعَة وَاحِدَة) لكل وَاحِد من تِلْكَ الجزئيات كالمضمرات، والموصلات، وَأَسْمَاء الإشارات، وَأَسْمَاء الْأَفْعَال، والحروف، وَبَعض الظروف كأينَ وَحَيْثُ وَغَيرهمَا مِمَّا يتَضَمَّن معنى الْحُرُوف. وَأما كَون الْوَضع خَاصّا والموضوع لَهُ عَاما فَغير مَعْقُول لِاسْتِحَالَة كَون جزئي آلَة الملاحظة كلياً. وَقَالَ بَعضهم: وضع الْعين للعين كَمَا فِي الْمُفْردَات، وَوضع الْأَجْزَاء للأجزاء كَمَا فِي المركبات. وَمن أثر الإلطاف بالعباد حُدُوث الموضوعات اللُّغَوِيَّة ليعبر كل إِنْسَان عَمَّا فِي نَفسه مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ لغيره حَتَّى يعاونه عَلَيْهِ لعدم استقلاله بِهِ، وَلِهَذَا يُقَال: الْإِنْسَان مدنِي بالطبع لاحتياجه إِلَى أهل الْمَدِينَة. والألفاظ الْمَوْضُوعَة أفيد دلَالَة على مَا فِي الضَّمِير من الْإِشَارَة والمثال، لِأَن الْأَلْفَاظ تعم الْمَوْجُود والمعدوم. وَالْإِشَارَة والمثال يخصان بالموجود المحسوس، وأيسر مِنْهُمَا أَيْضا لموافقتها لِلْأَمْرِ الطبيعي دونهمَا، فَإِن الْأَلْفَاظ كيفيات تعرض للنَّفس الضَّرُورِيّ. والموضوعات اللُّغَوِيَّة: هِيَ الْأَلْفَاظ الدَّالَّة على الْمعَانِي. وَيعرف بِالنَّقْلِ تواتراً كالسماء وَالْأَرْض، أَو بِالنَّقْلِ آحاداً كالقُراء للطهر وَالْحيض، أَو باستنباط الْعقل من النَّقْل كالجمع الْمحلي ب (ال) للْعُمُوم فَإِنَّهُ نقل أَن هَذَا الْجمع يَصح الِاسْتِثْنَاء مِنْهُ، وكل مَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاء مِنْهُ مِمَّا لَا حصر فِيهِ فَهُوَ عَام للُزُوم تنَاوله للمستثنى، فيستنبط الْعقل من هَاتين المقدمتين النقليتين عُمُوم الْجمع الْمحلي بِاللَّامِ فَيحكم بِعُمُومِهِ، وَلَا يشْتَرط مُنَاسبَة اللَّفْظ للمعنى فِي وَضعه لَهُ عِنْد الْجُمْهُور. [وَاعْلَم أَن دلَالَة الْأَلْفَاظ على معنى دون معنى لَا بُد لَهَا من مُخَصص لتساوي نسبته إِلَى جَمِيع الْمعَانِي. وَذهب الْمُحَقِّقُونَ إِلَى أَن الْمُخَصّص هُوَ الْوَاضِع، وَتَخْصِيص وَضعه دون ذَاك هُوَ إِرَادَة الْوَاضِع. وَالظَّاهِر أَن الْوَاضِع هُوَ الله تبَارك وَتَعَالَى على مَا ذهب إِلَيْهِ الْأَشْعَرِيّ من أَنه تبَارك وَتَعَالَى

وضع الْأَلْفَاظ ووقف عباده عَلَيْهَا تَعْلِيما بِالْوَحْي أَو بِخلق علم ضَرُورِيّ فِي وَاحِد أَو جمَاعَة، وَلَيْسَت دلَالَة على الْمَعْنى لذاته كدلالته على اللافظ وَإِلَّا لوَجَبَ أَن لَا تخْتَلف اللُّغَات باخْتلَاف الْأُمَم، ولوجب أَن يفهم كل أحد معنى كل لفظ لِامْتِنَاع انفكاك الدَّلِيل على الْمَدْلُول] . ثمَّ إِن اللَّفْظ الدَّال على الْمَعْنى لَهُ جهتان: جِهَة إِدْرَاكه بالذهن، وجهة تحَققه فِي الْخَارِج. . فَهَل الْوَضع لَهُ بِاعْتِبَار الْجِهَة الأولى أَو بِالثَّانِيَةِ أَو من غير نظر إِلَى شَيْء مِنْهُمَا، فِيهِ ثَلَاثَة مَذَاهِب: أَحدهمَا: أَنه مَوْضُوع للمعنى الْخَارِجِي لَا الذهْنِي. وَالثَّانِي: أَنه مَوْضُوع للمعنى الذهْنِي وَإِن لم يُطَابق الْخَارِج لدوران الْأَلْفَاظ مَعَ الْمعَانِي الذهنية وجودا وعدماً، فَإِن من رأى شبحاً من بعيد تخيله طللاً سَمَّاهُ طللاً، فَإِذا تحرّك فَظَنهُ شَجرا سَمَّاهُ شَجرا، فَإِذا قرب مِنْهُ وَرَآهُ سَمَّاهُ رجلا. وَالثَّالِث: أَنه مَوْضُوع للمعنى من حَيْثُ هُوَ من غير تَقْيِيد بخارجي أَو ذهني، واستعماله فِي أَيهمَا كَانَ اسْتِعْمَال حَقِيقِيّ، وَلَيْسَ لكل معنى لفظ مَوْضُوع لَهُ فَإِن من الْمعَانِي مَا لم يوضع لَهُ لفظ كأنواع الروائح. والوضع يخص الْحَقِيقَة، والاستعمال يعمها، وَالْمجَاز وَالْكِنَايَة أَيْضا، والأدلة الدَّالَّة على تعْيين الْوَاضِع ضَعِيفَة. الْوَحْي: هُوَ الْكَلَام الْخَفي يدْرك بِسُرْعَة لَيْسَ فِي ذَاته مركبا من حُرُوف مقطعَة تتَوَقَّف على تموجات متعاقبة. وَفِي " الْأَنْوَار ": أَن سيدنَا مُوسَى تلقى الْكَلَام تلقياً روحانياً، ثمَّ تمثل ذَلِك الْكَلَام لبدنه وانتقل إِلَى الْحس الْمُشْتَرك فانتقش بِهِ من غير اخْتِصَاص بعضو وجهة. وَهُوَ كَمَا نَص الله عَلَيْهِ على ثَلَاثَة بِلَا وَاسِطَة، بل يخلق الله فِي قلب الموحى إِلَيْهِ علما ضَرُورِيًّا بِإِدْرَاك مَا شَاءَ الله تَعَالَى إِدْرَاكه من الْكَلَام النَّفْسِيّ الْقَدِيم الْقَائِم بِذَاتِهِ تَعَالَى، وَهَذِه حَالَة محمدية لَيْلَة الْإِسْرَاء على مَذْهَب طَائِفَة. أَو بِوَاسِطَة خلق أصوات فِي بعض الْأَجْسَام كَحال مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام. أَو بإرسال ملك، وَمَا يُدْرِكهُ الْملك من النَّوْع الأول. وَهَذَا غَالب أَحْوَال الْأَنْبِيَاء. وَإِلَى الأول الْإِشَارَة بقوله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا} . وَإِلَى الثَّانِي: {أَو من وَرَاء حجاب} . وَإِلَى الثَّالِث: {أَو يُرْسل رَسُولا} . وَالثَّانِي قد يطلع عَلَيْهِ غير الموحى اليه كَمَا سمع السبعون حِين مضوا إِلَى الْمِيقَات؛ كَمَا سَمعه مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام. وَالثَّالِث يُشَارك فِيهِ الْملك. وَأما الأول فهومكتتم أَي اكتتمام، وَقد نظمت فِيهِ: (لمِوْلاَنَا رَسُولِ اللهِ نَشْآتٌ فَخُذْ نظما ... كَلَام الله فِي كلٍ من النشآت مراتِ) (للاهوتيةٍ مِنْهَا كَلَام صَار مُسْتَغْنى ... بَرِيئًا من حُرُوف خَارِجا من جنس أصوات)

(وَأما مَاله التَّرْكِيب والإفراد تقطيعاً ... لناسوتيةٍ ملكيّة فاحفظ بنشآت) (قَالَ بعض الْفُضَلَاء فِي قَوْله تَعَالَى: {وَعلم آدم الْأَسْمَاء} : إِن التَّعْبِير بالتعليم للتقريب إِلَى الْفَهم لَا أَنه الأَصْل الْمُتَعَارف فِي ذَلِك، وَأَن مَا يرد من قبل غَيره تَعَالَى إِنَّمَا يكون بطرِيق الإنباء القولي على مَا هُوَ الْجَارِي بَين أَفْرَاد النَّاس، وَأَن تلقي مَا هُوَ من قبله تَعَالَى لَا بُد لَهُ من استعداد خَاص لذَلِك، فالقابلية للفهم من قبل غَيره تَعَالَى لَا توجب الاستعداد للتلقي من جنابه الأقدس للتفاوت البيّن بَين الْحَالين، وَأَن الاستعداد الفطري للقبول من قبله تَعَالَى فِي نوع خَاص مجانس لَا يسْتَلْزم الاستعداد لغير ذَلِك النَّوْع مِمَّا يُخَالف تِلْكَ الْفطْرَة والطبيعة، فاستعداد الْمَلَائِكَة للتلقي من قبله تَعَالَى فِيمَا يجانس فطرتهم لَا يَسْتَدْعِي استعدادهم لغيره مِمَّا استعد لَهُ آدم عَلَيْهِ السَّلَام بِحَسب مجانسة فطرته ومناسبة جبلته، وَأَن ذَلِك لَا يمْنَع استعدادهم للاستفادة من آدم عَلَيْهِ السَّلَام بطرِيق الإنباء) (وَفِي " الرسَالَة العرشية ") أَن وَصفه تَعَالَى بِكَوْنِهِ متكلما لَا يرجع الى ترديد الْعبارَات وَلَا أَحَادِيث النَّفس والفكر الْمُخْتَلفَة الَّتِى صَارَت الْعبارَات دَلَائِل عَلَيْهَا، بل فيضان الْعُلُوم مِنْهُ تَعَالَى على لوح قلب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوَاسِطَة الْقَلَم النقاش الَّذِي يعبر عَنهُ بِالْعقلِ الفعال وَالْملك المقرب (هُوَ كَلَامه، فَالْكَلَام عبارَة عَن الْعُلُوم الْحَاصِلَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَالْعلم لَا تعدد فِيهِ وَلَا تكْثر، بل التَّعَدُّد فِي حَدِيث النَّفس والخيال والحس) . فالنبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتلَقَّى علم الْغَيْب من الْحق بِوَاسِطَة الْملك. وَقُوَّة التخيل (تتلقى) تِلْكَ الْعُلُوم وتتصورها بِصُورَة الْحُرُوف والأشكال الْمُخْتَلفَة، وتجد لوح الْحس فَارغًا فتنتقش تِلْكَ الْعبارَات والصور فِيهِ فَيسمع مِنْهُ كلَاما منظوماً وَيرى شخصا بشرياً (فَذَلِك هُوَ الْوَحْي) ، فيتصور فِي نَفسه الصافية صُورَة الْملقى، والملقى كَمَا يتَصَوَّر فِي الْمرْآة المجلوة صُورَة الْمُقَابل، فَتَارَة يعبر عَن ذَلِك المنتقش بِعِبَارَة العبرية وَتارَة بِعِبَارَة الْعَرَب، فالمصدر وَاحِد والمظهر مُتَعَدد، فَذَلِك هُوَ سَماع كَلَام الْمَلَائِكَة ورؤيتها. وكل مَا عبر عَنهُ بِعِبَارَة قد اقترنت بِنَفس التَّصَوُّر فَذَلِك هُوَ آيَات الْكتاب. وكل مَا عبر عَنهُ بِعِبَارَة نفسية فَذَلِك هُوَ إِخْبَار النُّبُوَّة

فَلَا يرجع هَذَا إِلَى خيال بذهن محسوس مشَاهد، لِأَن الْحسن تَارَة يتلَقَّى المحسوسات من الْحَواس الظَّاهِرَة، وَتارَة يتلقاها من المشاعر الْبَاطِنَة، فَنحْن نرى الْأَشْيَاء بِوَاسِطَة الْحس، وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرى الْأَشْيَاء بِوَاسِطَة قوى الْبَاطِنَة. وَنحن نرى ثمَّ نعلم، وَالنَّبِيّ يعلم ثمَّ يرى. (ثمَّ إعلم أَن تعدد أَقسَام الْكَلَام وَاخْتِلَاف أَسْمَائِهِ من الْأَمر وَالنَّهْي وَغير ذَلِك لَيْسَ هُوَ لَهُ بِاعْتِبَار تعدد فِي نَفسه أَو اخْتِلَاف صِفَات فِي ذَاته ولذاته، بل هُوَ بِالنّظرِ إِلَى نَفسه من حَيْثُ هُوَ كَلَام وَاحِد وَذَلِكَ لَهُ لَيْسَ إِلَّا بِاعْتِبَار إضافات مُتعَدِّدَة وتعلقات متكثرة لَا توجب للمتعلق فِي ذَاته صفة زَائِدَة وَلَا تعدداً، وَهُوَ على نَحْو قَول الفيلسوف فِي المبدأ الأول حَيْثُ قضى بوحدته وَإِن تكثرت أسماؤه بِسَبَب سلوب وإضافات، وعَلى نَحْو مَا ينعكس على الأَرْض من الألوان الْمُخْتَلفَة من زجاجات مُخْتَلفَة الألوان بِسَبَب شروق الشَّمْس عَلَيْهَا ومقابلتها لَهَا، فَالْكَلَام فِي نَفسه معنى وَاحِد وَالِاخْتِلَاف فِيهِ إِنَّمَا يرجع إِلَى التعبيرات عَنهُ بِسَبَب تعلقه بالمعلومات، فَإِن كَانَ الْمَعْلُوم مَحْكُومًا بِفِعْلِهِ عبر عَنهُ، وَإِن كَانَ بِالتّرْكِ عبر عَنهُ بِالنَّهْي، وَإِن كَانَ لَهُ نِسْبَة إِلَى حَالَة مَا بِأَن كَانَ وجد بعد الْعَدَم أَو عدم بعد الْوُجُود أَو غير ذَلِك عبر عَنهُ بالْخبر، وعَلى هَذَا النَّحْو يكون انقسام الْكَلَام الْقَائِم بِالنَّفسِ فَهُوَ وَاحِد وَإِن كَانَت التعبيرات عَنهُ مُخْتَلفَة بِسَبَب اخْتِلَاف الاعتبارات. وَلم يجوزوا فِي بَاقِي الصِّفَات كَالْعلمِ والإرادة وَالْقُدْرَة وَالرُّجُوع إِلَى معنى وَاحِد كَمَا فِي الْكَلَام بِأَن يُسمى إِرَادَة عِنْد تعلقه بالتخصيص فِي الْوُجُود. وَهَكَذَا سَائِر الصِّفَات حَتَّى يعود ذَلِك كُله إِلَى نفس الذَّات من غير احْتِيَاج إِلَى الصِّفَات، فَإِنَّهُ لما ثَبت القَوْل بِكَوْنِهِ سُبْحَانَهُ محيطاً بالموجودات وعالماً بهَا ومخصصاً لَهَا فِي وجودهَا وحدوثها وَثَبت لَهُ غير ذَلِك من الكمالات الْمعبر عَنْهَا بِالصِّفَاتِ فَهُوَ غَايَة مَا طلبناه) . الْوسط: فِي الأَصْل هُوَ اسْم للمكان الَّذِي يَسْتَوِي إِلَيْهِ المساحة من الجوانب فِي المدور، وَمن الطَّرفَيْنِ فِي المطول كمركز الدائرة، ولسان الْمِيزَان من العمود، ثمَّ استعير للخصال المحمودة لوقوعها بَين طرفِي إفراط وتفريط. {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} : يَعْنِي متباعدين عَن طرفِي الإفراط فِي كل الْأُمُور والتفريط، ثمَّ أطلق على المتصف بهَا مستوياً فِيهِ الْوَاحِد وَالْجمع والمذكر والمؤنث كَسَائِر الْأَسْمَاء الَّتِي يُوصف بهَا. فِي " الْقَامُوس ": كل مَوضِع صلح فِيهِ (بَين) فَهُوَ بالتسكين وَإِلَّا فَهُوَ بِالتَّحْرِيكِ، وَلَا يَقع إِلَّا ظرفا تَقول: (جَلَست وسط الدَّار) ، بِالتَّحْرِيكِ والتسكين، إِلَّا أَن السَّاكِن متحرك والمتحرك سَاكن. وَقيل: بِالسُّكُونِ اسْم الشَّيْء الَّذِي يَنْفَكّ عَن الْمُحِيط بِهِ جوانبه، تَقول: (وسْطَ رَأسه دهن) ، لِأَن الدّهن يَنْفَكّ عَن الرَّأْس. وبالتحريك: اسْم الشَّيْء الَّذِي لَا يَنْفَكّ عَن

الْمُحِيط بِهِ جوانبه تَقول: (وسَطَ رَأسه صلب) لِأَن الصلب لَا يَنْفَكّ عَن الرَّأْس. وَقيل: وسَطَ الرَّأْس وَالدَّار بِالتَّحْرِيكِ لكَونه بعض مَا أضيف إِلَيْهِ. ووسْط الْقَوْم: بِالسُّكُونِ لكَونه غَيرهم. والأوسط: الْخِيَار لقَوْله تَعَالَى: {أوسطهم} أَي: خيارهم، وَهُوَ فِي بَاب الْفَرد مَسْبُوق بِمثل مَا تَأَخّر عَنهُ لَا مَا هُوَ متوسط بَين عددين متساويين فَإِن الثَّانِي من الثَّلَاثَة متوسط وطرفاه ليسَا بعددين. وَاخْتلف فِي الصَّلَاة الْوُسْطَى، وَمَا فِي حَدِيث " شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى " لَيْسَ المُرَاد بِهِ الْوُسْطَى فِي التَّنْزِيل. الْوَعْد: الترجية بِالْخَيرِ، وَقد اشْتهر أَن الثلاثي من الْوَعْد يسْتَعْمل فِي الْخَيْر، والمزيد فِيهِ فِي الشَّرّ. وَلَيْسَ الْأَمر فَيجب أَن يعلم أَن ذَلِك فِيمَا إِذا أسقط الْخَيْر وَالشَّر بترك الْمَفْعُول رَأْسا كَمَا فِي قَوْله: (وإنِّي وإنْ أَوْعَدْتُه أَوْ وَعَدْتُه ... لَمخْلِفُ إيعادِي ومُنْجِزُ مَوْعِدِي) وَقَالَ بَعضهم: أَوْعَد إِذا أُطلق فَهُوَ فِي الشَّرّ. وَأما وعد فَيُقَال: (وعده الْأَمر ووعده بِهِ) خيرا وشراً، فَإِذا أطلقا قيل فِي الْخَيْر: وعد، وَفِي الشَّرّ: أوعد. أَو حكما بجعله أمرا مُبْهما يحْتَمل الْخَيْر وَالشَّر، وَكَذَا الْمَزِيد فِيهِ. وَيُؤَيّد اسْتِعْمَال الإيعاد فِي الْخَيْر حَدِيث " إِن للشَّيْطَان لمة بِابْن آدم، وللملك لمة، فَأَما لمة الشَّيْطَان فإيعاد بِالشَّرِّ وَتَكْذيب بِالْحَقِّ، وَأما لمة الْملك فإيعاد بِالْخَيرِ وتصديق بِالْحَقِّ ". وَلما كَانَ الشَّأْن فِي الْوَعْد تقليل الْكَلَام هرباً من شَائِبَة الامتنان ناسبه تقليل حُرُوف فعله، بِخِلَاف الإيعاد فَإِن مقَام التَّرْهِيب يَقْتَضِي مزِيد التَّشْدِيد والتأكيد الأكيد فيناسبه تَكْثِير حُرُوف الْوَعيد. وَأما الصفد والإصفاد فِي قَول القبعثري للحجاج فَالْمُنَاسِب بِحَال الْمضرَّة التقليل بِخِلَاف جَانب النَّفْع. وأصل الْوَعْد إنْشَاء لإِظْهَار أَمر فِي نَفسه يُوجب سرُور الْمُخَاطب. وَمَا تعلق بِهِ الْوَعْد وَهُوَ الْمَوْعُود نَحْو: (لأكرمك) إِخْبَار. نَظِيره قَول النُّحَاة: (كَأَن) لإنشاء التَّشْبِيه مَعَ أَن مدخولها جملَة خبرية، وَقد جرت عَادَة الله سُبْحَانَهُ على أَن شفع وعده بوعيده لترجى رَحمته ويخشى عِقَابه، وَلَا خلف فِي خَبره بِدَلِيل {مَا يُبدل القَوْل لدي} . وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " من وعده الله على عمل ثَوابًا فَهُوَ منجز لَهُ، وَلَو وعده على عمل عقَابا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ عَفا وَإِن شَاءَ عذبه ". وَقيل: الْوَعْد حق عَلَيْهِ والوعيد حق لَهُ، وَمن أسقط حق نَفسه فقد أَتَى بالجود وَالْكَرم، وَمن أسقط حق غَيره فَذَلِك هُوَ اللؤم. وَاعْلَم أَن تعكيس أَمر الْفَرِيقَيْنِ يجوز عقلا عَن الأشاعرة إِلَّا أَنه امْتنع وُقُوعه بِدَلِيل السّمع. وَأما عِنْد الْحَنَفِيَّة فَلَا يجوز ذَلِك عقلا أَيْضا إِلَّا إِذا أُرِيد بِالْمُؤْمِنِينَ الفَسَقَة المصرون على الذَّنب إِلَى أَن مَاتُوا كالكفار على مَا ذهب إِلَيْهِ الْمُعْتَزلَة من تأبيد

عَذَابهمْ، إِذْ لَا مَانع من ذَلِك أَيْضا عقلا، وَالْعَفو عَن الْكفْر لَا يجوِّزه الْعقل إِذْ تَعْذِيب الْكفَّار وَاقع لَا محَالة فَيكون وُقُوعه على وَجه الْحِكْمَة، فالعفو عَنْهُم على خلاف الْحِكْمَة فَيجب تَنْزِيه أَفعاله تَعَالَى عَنهُ. الْوَقْف: وقف يتَعَدَّى وَيلْزم، وَإِذا كَانَ بِمَعْنى (حبس) و (منع) فَهُوَ مُتَعَدٍّ ومصدره الْوَقْف، وَأما اللَّازِم فمصدره الْوُقُوف. وَالْوَقْف الاختباري بِالْمُوَحَّدَةِ التَّحْتِيَّة مُتَعَلّقه الرَّسْم لبَيَان الْمَقْطُوع من الْمَوْصُول، وَالثَّابِت من الْمَحْذُوف، وَالْمَجْرُور من المربوط. والاضطراري يكون عِنْد ضيق النَّفس وَعند الْقَيْء. والاختياري، بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّة يَنْقَسِم إِلَى التَّام وَالْكَافِي وَالْحسن. قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ: الْوَقْف كَامِل وتام وَحسن وناقص، وَهُوَ الَّذِي يُسمى قبيحاً لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يتم أَو لَا، الثَّانِي النَّاقِص. وَالْأول إِمَّا أَن يَسْتَغْنِي عَن تاليه أَو لَا، الثَّانِي إِمَّا أَن يتَعَلَّق بِهِ من جِهَة الْمَعْنى فالكافي، أَو من جِهَة اللَّفْظ فالحسن، وَالْأول إِمَّا أَن يكون استغناؤه كلياً أَو لَا. الأول الْكَامِل وَالثَّانِي التَّام [فالوقف على (بِسم) قَبِيح، وعَلى (بِسم الله) أَو على (بِسم الله الرَّحْمَن) حسن كَاف، وعَلى التَّمام تَامّ] . قَالَ بَعضهم: الْوَقْف على كل كَلَام لَا يفهم بِنَفسِهِ نَاقص، وعَلى كل كَلَام مَفْهُوم الْمعَانِي إِلَّا أَن مَا بعده يكون مُتَعَلقا بِمَا قبله يكون كَافِيا، وعَلى كل كَلَام تَامّ يكون مَا بعده مُنْقَطِعًا عَنهُ يكون كلَاما تَاما. وَحكم الْقَبِيح أَن لَا يفعل إِلَّا لضَرُورَة النّفَس ويعاد. وَحكم الْحسن أَن يجوز الْوَقْف بِلَا ضَرُورَة لَكِن يُعَاد. وَحكم الْكَافِي جَوَاز أَن لَا يُعَاد. والتام يجب فِيهِ الْوَقْف وَعدم الْإِعَادَة. حكى ابْن برهَان النَّحْوِيّ عَن أبي يُوسُف القَاضِي صَاحب أبي حنيفَة أَنه ذهب إِلَى أَن تَقْدِير الْمَوْقُوف عَلَيْهِ من الْقُرْآن بالتام والناقص وَالْحسن والقبيح وتسميته بذلك بِدعَة ومتعمد الْوُقُوف على نَحوه مُبْتَدع، قَالَ: لِأَن الْقُرْآن معْجزَة فَهُوَ كالقطعة الْوَاحِدَة فكله قُرْآن وَبَعضه قُرْآن وَكله تَامّ حسن وَبَعضه حسن. [وَالْوَقْف على السّكُون هُوَ الْأَدَب فِي لُغَة الْعَرَب، وعَلى الْحَرَكَة خطأ الْعَامَّة] . الوطن: هُوَ منزل الْإِقَامَة، والوطن الْأَصْلِيّ مولد الْإِنْسَان أَو الْبَلدة الَّتِي تأهل فِيهَا. ووطن الْإِقَامَة: هُوَ الْبَلدة أَو الْقرْيَة الَّتِي لَيْسَ للْمُسَافِر فِيهَا أهل وَنوى أَن يُقيم فِيهِ خَمْسَة عشر يَوْمًا فَصَاعِدا. ووطن السُّكْنَى: هُوَ الْمَكَان الَّذِي يَنْوِي الْمُسَافِر أَن يُقيم فِيهِ أقل من خَمْسَة عشر يَوْمًا. الوَلاية، بِالْفَتْح: بِمَعْنى النُّصْرَة والتولي. وبالكسر: بِمَعْنى السُّلْطَان وَالْملك. أَو بِالْكَسْرِ فِي الْأُمُور، وبالفتح فِي الدّين يُقَال: (هُوَ وَال على النَّاس) أَي مُتَمَكن الْولَايَة بِالْكَسْرِ، (وَهُوَ ولي الله تَعَالَى) أَي بَيَّن الْولَايَة بِالْفَتْح، أَو هما لُغَتَانِ.

وَالْوَلِيّ: قد يضعف عَن النُّصْرَة. والنصير: قد يكون أَجْنَبِيّا من الْمَنْصُور. وَالْولَايَة الْخَاصَّة أقوى من الْولَايَة الْعَامَّة. ووليته أليه وليا: دَنَوْت مِنْهُ. وأوليته إِيَّاه: أدنيته مِنْهُ. وَالْوَلَاء، بِالْكَسْرِ: الْمُتَابَعَة. (وَشرعا: مُتَابعَة فعل بِفعل وبالفتح، لُغَة: الْقَرَابَة) . وَشرعا: التناصر. وَالْوَلَاء كالنسب يقْصد بِهِ التناصر والتعاون. وَوَلَاء الْمُوَالَاة كولاء الْعتَاقَة، وَلَا يخْتَلف الْوَلَاء بالواسطة بل يثبت للْمُعْتق وعصبته ثبوتاً وَاحِدًا يصير الْعصبَة بعده كَأَنَّهُ هُوَ الْمُعْتق لَا أَنه يثبت للْمُعْتق أَولا ثمَّ ينْتَقل ويستحقه بِالْإِرْثِ وَلِهَذَا لَا تَرث النِّسَاء بِالْوَلَاءِ بِخِلَاف الْقَرَابَة لِأَنَّهَا تخْتَلف بالواسطة، أَلا ترى أَنَّهَا تخْتَلف أساميها باخْتلَاف الوسايط. الورى، بِالْقصرِ: الْمَخْلُوق. و [الوراء] بِالْمدِّ: اسْم لما توارى عَنْك أَي استتر، فالقدام وَالْخلف متوارٍ عَنْك. (عَسَى الكَرْبُ الَّذِي أَمْسَيْتُ فِيهِ ... يكونُ وَرَاءه فَرَجٌ قَرِيبُ) وكل مَا كَانَ خلفا يجوز أَن يَنْقَلِب قداماً وَبِالْعَكْسِ لِأَنَّك مُسْتَقْبل الْمُسْتَقْبل ومستدبر الْمَاضِي. قَالَ الْأَزْهَرِي: (وَرَاء) يصلح لما قبله وَلما بعده لَا لِأَنَّهُ وضع لكل مِنْهُمَا على حِدة، بل لِأَن مَعْنَاهُ مَا توارى عَنْك، أَي استتر وَهُوَ مَوْجُود فيهمَا. وَهُوَ مُخْتَار صَاحب " الْكَشَّاف ". [وَلَا فرق بَين (من وَرَائه) و (وَرَاءه) بل كِلَاهُمَا ظرف ك (صليت من خلف الإِمَام، وَخَلفه) و (من قبل الْيَوْم) ، و (قبله) وَمِنْهُم من فرق بَين إِثْبَات (من) وإسقاطها فِي قَوْله تَعَالَى: {يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} بِأَن فِي صُورَة الْإِسْقَاط يجوز أَن يجمع الوراء المنادى والمنادي وَلَا يجوز ذَلِك فِي صُورَة الْإِثْبَات لِأَن الوراء بِدُخُول (من) صَار مبدأ الْغَايَة وَلَا بُد أَن يخْتَلف المبدأ والمنتهى بالجهة. وَلَا يخفى عَلَيْك أَن المبدأ والمنتهى إِن كَانَ المنادى والمنادي فقد جَازَ أَن يجمعهما الوراء فِي كلتا الصُّورَتَيْنِ لتغاير المبدأ والمنتهى، وَإِن كَانَ الْجِهَة فَهِيَ إِمَّا ذَات الْأَجْزَاء أَو عديمة الْأَجْزَاء، فذات الْأَجْزَاء جَازَ أَن يجمعها أثبت (من) أَو أسقط بِاعْتِبَار أَجزَاء الْجِهَة، وَأما عديمة الْأَجْزَاء فَلَا يجوز أَن يجمعهما مُطلقًا لِاتِّحَاد المورد. وَقَوله تَعَالَى] : {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك يَأْخُذ كل سفينة غصبا} أَي: أمامهم. و (الْمَوْت وَرَاء كل أحد) : أَي أَمَامه. ولَيْسَ وَرَاءَ اللهِ لِلْمَرءِ مَطْلَبُ أَي بعده. قَالَه الْأَنْبَارِي. وَفِي " أنوار التَّنْزِيل ": (وَرَاء) فِي الأَصْل مصدر جعل ظرفا ويضاف إِلَى الْفَاعِل فيراد بِهِ مَا يتَوَارَى بِهِ وَهُوَ خَلفه، وَإِلَى الْمَفْعُول فيراد بِهِ مَا يواريه وَهُوَ قدامه وَلَكِن عُدَّ من الأضداد. الوسوسة: القَوْل الْخَفي لقصد الإضلال من وسوس إِلَيْهِ ووسوس لَهُ، أَي فعل الوسوسة لأَجله، وَهِي حَدِيث النَّفس والشيطان بِمَا لَا نفع

فِيهِ وَلَا خير كالوسواس بِالْكَسْرِ. وَالِاسْم بِالْفَتْح: يُقَال لما يَقع فِي النَّفس من عمل الشَّرّ، وَمَا لَا خير فِيهِ وسواس، وَلما يَقع من عمل الْخَيْر إلهام، وَلما يَقع من الْخَوْف إيجاس، وَلما يَقع من تَقْدِير نيل الْخَيْر أمل، وَلما يَقع من تَقْدِير لَا على انسان وَلَا لَهُ خاطر. الْوَصْف: هُوَ وَالصّفة مُتَرَادِفَانِ عِنْد أهل اللُّغَة، وَالْهَاء عوض عَن الْوَاو كالوعد وَالْعدة. وَعند الْمُتَكَلِّمين: الْوَصْف كَلَام الواصف. وَالصّفة: هِيَ الْمَعْنى الْقَائِم بِذَات الْمَوْصُوف. وَالْوَصْف الْفعْلِيّ: مَا يكون مَفْهُومه ثَابتا للمتبوع نَحْو: (مَرَرْت بِرَجُل كريم) . وَالْوَصْف السببي: مَا يكون مَفْهُومه ثَابتا لأمر مُتَعَلق بمتبوعه نَحْو: (مَرَرْت بِرَجُل كريم أَبوهُ) . وَالْوَصْف السببي دَاخل فِي الْوَصْف الحالي، وراجع إِلَيْهِ فِي التَّحْقِيق، فَإِن معنى قَوْلك: (مَرَرْت بِرَجُل كثير عدوه) مَرَرْت بِرَجُل خَائِف لِأَنَّهُ كثير الْعَدو، فالمذكور فِي معرض السَّبَب لَهُ فَهُوَ من بَاب وضع السَّبَب مقَام الْمُسَبّب لوضوحه. قَالَ الله تَعَالَى: {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم} أَي رَسُول مُشفق فِي حقكم لِأَنَّهُ يصعب عَلَيْهِ عنتكم، وَقس على الْمَذْكُور الْمَتْرُوك. وَالْوَصْف على مَا حققوا على نَوْعَيْنِ: وصف لَا يكون دَاعيا إِلَى الْيَمين، وَوصف يكون دَاعيا إِلَيْهَا. فالوصف لَغْو فِي النَّوْع الأول دون الثَّانِي، فَفِي حلفه لَا يكلم هَذَا الشَّاب فَكَلمهُ شَيخا يَحْنَث، وَلَا يعْتَبر وصف الشَّبَاب بل المُرَاد الشَّخْص الْمشَار إِلَيْهِ. وَفِي (لَا يكلم شَابًّا) فَكَلمهُ شيخاُ لَا يَحْنَث لِأَن شَرط الْحِنْث وصف الشَّبَاب وَهُوَ غَائِب وَالْوَصْف مُعْتَبر فِي الْغَائِب. وَفِي (لَا يَأْكُل من هَذَا الْبُسْر) فَأكل تَمرا، أَو (من هَذَا اللَّبن) فَأكل شيرازاً لَا يَحْنَث فَإِن الْوَصْف فِي هَذِه الْمسَائِل من النَّوْع الثَّانِي فَلَا يكون لَغوا، وَإِن كَانَ الْوَصْف فِي الْحَاضِر غير مُعْتَبر، وَالْمرَاد بِالْوَصْفِ لَيْسَ صفة عرضية قَائِمَة بجوهور كالشباب والشيخوخة وَنَحْوهمَا بل يتَنَاوَل جوهراً قَائِما بجوهر آخر يزِيد قِيَامه بِهِ حسنا لَهُ وكمالاً، وَيُورث انتاقصه عَنهُ قبحاً لَهُ ونقصاناً. وَفِي بعض شُرُوح " الْهِدَايَة ": مَا يتعيب بالتنقيص فَهُوَ وصف، وَمَا لم يتعيب بِهِ فَهُوَ أصل. وَالْوَصْف الْعَام فِي تَحْصِيل مدخوله كالمعرف بِاللَّامِ، فَكَمَا أَن الْمُعَرّف بلام الْجِنْس عَام متناول للأفراد كَذَلِك الْمَوْصُوف بِالْوَصْفِ الْعَام، وكما أَنه شَامِل لما تَحْتَهُ كَذَلِك هُوَ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون الْمَوْصُوف لَا يحْتَمل التَّعَدُّد ك (إِلَّا رجلا وَاحِدًا كوفياً) فَحِينَئِذٍ لَا تَعْمِيم فِيهِ. (الود: وددت الرجل - من بَاب علمت - إِذا أَحْبَبْت. و (وددت أَن ذَاك كَانَ لي) إِذا تمنيته فَأَنا أود فيهمَا جَمِيعًا. والماضي والمستقبل فِي سِيَاق (ودّ) سيان يُقَال: (وددت أَن يكون كَذَا، وددت لَو كَانَ كَذَا) ، وَيُقَال أَيْضا: (يود لَو) ، وَلَا يُقَال: (يحب لَو) لِأَن مَفْهُوم (ودّ) لَيْسَ مُطلق الْمحبَّة بل الْمحبَّة الَّتِي يقارنها التَّمَنِّي، وَتلك

الْمُقَارنَة هِيَ شَرط اسْتِعْمَالهَا على الأَصْل، فَلَا تذكر بِدُونِ (لَو) الدَّالَّة على الشَّرْط الْمَذْكُور إِلَّا إِذا توسع وجردت عَن الشَّرْط الْمَذْكُور واستعملت فِي معنى مُطلق الْمحبَّة) . الْوَهم: (فِي الْقَامُوس) : هُوَ من خطرات الْقلب أَو مَرْجُوح طرفِي المتردد فِيهِ، وَهُوَ عبارَة عَمَّا يَقع فِي الْحَيَوَان من جنس الْمعرفَة من غير سَبَب مَوْضُوع للْعلم، وَهُوَ أَضْعَف من الظَّن، ومعرفتهما تتَوَقَّف على معرفَة حكم الْقلب، وَذَلِكَ أَن الْقلب إِن كَانَ جَازِمًا بِحكم الشَّيْء إِيجَابا أَو سلباً وَلم يُطَابق كَانَ جهلا، وَإِن طابق وَلم يكن حكمه بِدَلِيل مُوجب كَانَ تقليداً، وَإِن كَانَ بِدَلِيل مُوجب عَقْلِي أَو حسي أَو مركب مِنْهُمَا كَانَ علما وَإِن لم يكن الْقلب جَازِمًا بذلك الحكم، فَإِن اسْتَوَى الطرفان كَانَ شكا، وَإِلَّا كَانَ الرَّاجِح ظنا والمرجوح وهما، وَكَثِيرًا مَا يسْتَعْمل الْوَهم فِي الظَّن الْفَاسِد اسْتِعْمَال الْعلم فِي الظَّن الْغَالِب كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِن علمتموهن مؤمنات فَلَا ترجعوهن إِلَى الْكفَّار} وَالْمرَاد من الْعلم هُنَا الظَّن الْغَالِب بِالْإِيمَان. [وَالوهم لَا يدْرك الْكُلِّي إِلَّا بعد إِدْرَاك الْعقل إِيَّاه فيدركه على وَجه الانعكاس من الْعقل. وَذكر بعض الْمُحَقِّقين أَن مدرك الجزئيات والكليات هُوَ النَّفس إِلَّا أَنَّهَا تدْرك الجزئيات بِآلَة الْوَهم والكليات بِالْقُوَّةِ الْعَقْلِيَّة لَكِن الْفُقَهَاء بالحس وَالوهم ومدركاتها أَكثر وَكَثِيرًا مَا يحكم على المعقولات الْمُجَرَّدَة بِأَحْكَام المحسوسات فَلَا جرم يَقع الْغَلَط فالمعارضة بَين الْوَهم وَالْعقل إِنَّمَا تنشأ من انجذاب النَّفس إِلَى اسْتِعْمَال آلَة الْوَهم دون الْعقل أَو بِالْعَكْسِ] . وفرقٌ بَين الموهوم والمتوقع فَإِن الموهوم نَادِر الْوُقُوع، وَلِهَذَا لم يعْتَبر فِي تَأْخِير حق الْمُدَّعِي، كَمَا إِذا أثبت الدّين على العَبْد حَتَّى بيع فِيهِ يدْفع الثّمن إِلَى الْمُدَّعِي بِغَيْر كَفِيل وَإِن كَانَ حُضُور غَرِيم آخر فِي حق العَبْد متوقعاً لِأَن الثَّابِت قطعا أَو ظَاهرا لَا يُؤَخر لأمر موهوم بِخِلَاف المتوقع فَإِنَّهُ كثير الْوُقُوع، فَيعْتَبر فِي تَأْخِير الحكم إِلَى إِقَامَة الْبَيِّنَة كَمَا إِذا ادّعى الْمُسْتَحق مَعَ إِقْرَار الْمُسْتَحق عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ جَازَ للْمُسْتَحقّ عَلَيْهِ إِقَامَة الْبَيِّنَة ليتَمَكَّن من الرُّجُوع على بَائِعه. وَكَذَا كل مَوضِع يتَوَقَّع الضَّرَر من غير الْمقر لَوْلَا الْبَيِّنَة جَازَ إِقَامَتهَا مَعَ الْإِقْرَار فِيهِ كإقرار أحد الْوَرَثَة بدَيْن على الْمَيِّت، وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ بِالْوكَالَةِ والوصاية دفعا للضَّرَر والتعدي. ووهِمت فِي الْحساب، بِالْكَسْرِ أوهم وهما: غَلطت فِيهِ وسهرت. ووهَمت فِي الشَّيْء، بِالْفَتْح أهم وهما: ذهب وهمي إِلَيْهِ وَأَنا أُرِيد غَيره. الوجد: وجدت فِي المَال وُجْداً بِضَم الْوَاو. وَفِي الْغَنِيّ جِدة بِكَسْر الْجِيم. وَوجدت الضَّالة وجداناً. وَوجدت فِي الْحبّ وَجْداً، بِالْفَتْح. والوجَد كالطلب مصدر وجدت بِمَعْنى اسْتَغْنَيْت، وَكَذَا الجِدَة كالصِّغَر.

والمَوْجَدَة مصدر وجدت بِمَعْنى غضِبت، وَكَذَا الوجدان. وَهَذِه الثَّلَاثَة غير متعدية. وَوجدت بِمَعْنى صادفت: يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد كالظن بِمَعْنى التُّهْمَة، وَالْعلم بِمَعْنى الْمعرفَة، والرؤية بِمَعْنى الإبصار والإصابة وَالنَّظَر والفكر. والوجود مصدر (وجد الشَّيْء) على صِيغَة الْمَجْهُول كَمَا مر. ومصدر الْمَعْلُوم الوجد بِمَعْنى المصادفة. وَفِي " الرضي ": وجد لإصابة الشَّيْء على صفة. وَمن خَصَائِص أَفعَال الْقُلُوب أَنَّك إِذا وجدته على صفة لزم أَن تعلمه عَلَيْهَا بعد أَن لم يكن مَعْلُوما. الْوَدِيعَة: فعيلة بِمَعْنى مفعولة بتاء النَّقْل إِلَى الاسمية من (ودع ودعا) إِذا ترك، وَكِلَاهُمَا مُسْتَعْمل فِي الْقُرْآن والْحَدِيث كَمَا قَالَه ابْن الْأَثِير فَلَا يَنْبَغِي أَن يحكم بشذوذهما. الوكر: هُوَ مَا يَتَّخِذهُ الطير للتفريخ فِي جِدَار أَو جبل أَو نَحْوهمَا. والعش: هُوَ مَا يَتَّخِذهُ من دقائق العيدان وَغَيرهَا فِي أفنان الْأَشْجَار. والكناس: للظبي. والعِرِّيس: للأسد. والقرية: للنمل. والجحر: بِتَقْدِيم الْجِيم: لليربوع. الخلية: للنحل. الوعي: هُوَ أَن تحفظ فِي نَفسك الشَّيْء. والإيعاء: هُوَ أَن تحفظ فِي غَيْرك. والوعاية: أبلغ من الْحِفْظ لِأَنَّهُ يخْتَص بالباطن، وَالْحِفْظ يسْتَعْمل فِي حفظ الظَّاهِر. ووعيت الْعلم، وأوعيت الْمَتَاع فِي الْوِعَاء أوعيه. والوقاية كالوعاية من وقى يقي يتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ. {ووقاهم عَذَاب الْجَحِيم} : وَاتَّقَى يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد. الْوُقُوع: السُّقُوط، من وَقع يَقع. وَوَقع القَوْل عَلَيْهِم: وَجب. وَالْحق: ثَبت، وَالربيع بِالْأَرْضِ: حصل. والوقوع فِيهِ قد يُرَاد بِهِ الْوُجُود مَعَه فَإِنَّهُ إِذا قيل: (جَاءَ زيد أمس) مَعْنَاهُ أَن وجود الْمَجِيء مُقَارن بِجُزْء من أَجزَاء أمس. والوقعة بِالْحَرْبِ: صدمة بعد صدمة، وَالِاسْم الوقيعة والواقعة. ووقائع الْحَرْب: أَيَّام حروبها. والواقعة: النَّازِلَة الشَّدِيدَة وَالْقِيَامَة وَجمعه واقعات. والوقائع: جمع وقيعة كالعقائد جمع عقيدة، وَهِي الحروب. الْوَرع: الاحتناب عَن الشُّبُهَات سَوَاء كَانَ تحصيلاً أَو غير تَحْصِيل، إِذْ قد يفعل الْمَرْء فعلا تورعاً وَقد يتْركهُ تورعاً أَيْضا وَيسْتَعْمل بِمَعْنى التَّقْوَى وَهُوَ الْكَفّ عَن الْمُحرمَات القطعية. (الْوَلَد: هُوَ فعل بِمَعْنى مفعول يتَنَاوَل الذّكر وَالْأُنْثَى من الابْن وَابْن الابْن وَإِن سفل، وَالْبِنْت

وَبنت الْبِنْت وَإِن سفلت أَيْضا) ، لِأَنَّهُ مُشْتَقّ من التولد. وَكَذَا يتَنَاوَل الْوَاحِد والمتعدد لِأَنَّهُ اسْم جنس لمولود غير صفة. وَأما الْوَالِد وَهُوَ عنصر الْوَلَد الْمُنْفَصِل بانفصال مادته عَنهُ فَهُوَ صفة يَجِيء مُؤَنّثَة وَالِدَة، وَفِي تنَاوله للوالدة كَلَام سَوَاء كَانَت لَهُ أَو لِأَبِيهِ، فَإِن أُرِيد بِهِ ذَات لَهُ ولد أَو بِمَعْنى (ذُو كَذَا) ك (تامر) و (لابنٍ) فَيتَنَاوَل الْأُم أَيْضا، أَو مِمَّا يَكْتَفِي بِأحد الضدين عَن الآخر كَمَا فِي {سرابيل تقيكم الْحر} . الْوَقْت، لُغَة: الْمِقْدَار من الدَّهْر، وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فِي الْمَاضِي كالميقات، وَنِهَايَة الزَّمَان الْمَفْرُوض لعمل، وَلِهَذَا لَا يكَاد يُقَال إِلَّا مُقَيّدا. وَشرعا: مَا عين الشَّارِع لأَدَاء الصَّلَاة فِيهِ من زمَان هُوَ للفجر من الصُّبْح إِلَى الطُّلُوع، وللظهر وَالْجُمُعَة من الزَّوَال إِلَى صيرورة الظل مثلَيْهِ وَهُوَ الْمُخْتَار؛ وللعصر مِنْهُ إِلَى الْغُرُوب، وللمغرب مِنْهُ إِلَى الْحمرَة، وللعشاء مِنْهُ لَو وجد الْوَقْت وإلاّ سَقَط، وَقيل يقدر، وللوتر التَّأْخِير إِلَى الصُّبْح، لَكِن الشَّرْط للْأَدَاء هُوَ الْجُزْء الأول من الْوَقْت لَا كل الْوَقْت، فَإِنَّهُ سَبَب الْوُجُود إِن خرج الْفَرْض من وقته، وَإِلَّا فالجزء الْمُتَّصِل بِالشُّرُوعِ لَا مُطلق الْوَقْت فَإِنَّهُ ظرف للمؤدى، فَيَقَع الْأَدَاء فِي أَي جُزْء مِنْهُ. وَالْوَقْت فِي غير الْمُقدر بِالْوَقْتِ من الْأَفْعَال ظرف، فَيشْتَرط وجود الْفِعْل فِي جُزْء من الْوَقْت، فَفِي: (إِن تزوجت هَذِه السّنة) يَحْنَث بالتزوج فِي بَعْضهَا لِأَنَّهُ غير ممتد، فَلَا يكون مُقَدرا بِالْوَقْتِ. وَفِي الْمُقدر معيار للْفِعْل الْمُقدر بِهِ، فَيكون الشَّرْط اسْتِيعَاب الْفِعْل جَمِيع الْوَقْت كَمَا فِي: (إِن أَقمت هَذِه السّنة) ؛ حَيْثُ لَا يَحْنَث إِلَّا بِالْإِقَامَةِ فِي جَمِيعهَا لِأَن الْإِقَامَة مِمَّا يَمْتَد فَتكون مقدرَة بِالْوَقْتِ. وتحديد الْأَوْقَات كالتوقيت. و {كتابا موقوتا} : أَي مَفْرُوضًا فِي الْأَوْقَات. الوُصلة، بِالضَّمِّ: الِاتِّصَال، وكل مَا اتَّصل بِشَيْء فَمَا بَينهمَا وُصْلة وَالْجمع (وُصَل) ك (صُرَد) . وَلَيْلَة الْوَصْل: آخر ليَالِي الشَّهْر. وحرف الْوَصْل: هُوَ الَّذِي يكون بعد الروي سمي بِهِ لِأَنَّهُ وصل حَرَكَة حرف الروي. الويل: كلمة دُعَاء بِالْهَلَاكِ وَالْعَذَاب، وَهِي فِي الأَصْل مصدر لم يسْتَعْمل لَهُ فعل، يُقَال: ويل لزيد، وويلاً لَهُ بِالرَّفْع على الِابْتِدَاء وَالنّصب بإضمار الْفِعْل، وَأما إِذا أضيف فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا النصب، يُقَال: ويلاً لمن وَقع فِيهِ، وويل فلَان أَي: الخزي لَهُ. وويس: استصغار. وويح: ترحم. وويه، تندم وتعجب. الْوَاسِع: هُوَ ضد الضّيق. وَفِي الْأَسْمَاء الْحسنى

بِمَعْنى الْعَطاء الَّذِي يسع لما يسْأَل، وَالْمُحِيط بِكُل شَيْء، وَالَّذِي وسع رزقه جَمِيع خلقه وَرَحمته كل شَيْء، وَيُقَال: وسعت رَحْمَة الله كل شَيْء، وَلكُل شَيْء، وعَلى كل شَيْء. والوسع رَاجع إِلَى الْفَاعِل والإمكان إِلَى الْمحل، وَقد يكونَانِ مترادفين بِحَسب مُقْتَضى الْمقَام. الْوَارِث: الْبَاقِي بعد فنَاء الْخلق " واجعله الْوَارِث مني ": أَي أبقه معي حَتَّى أَمُوت. وَالْوَارِث أَيْضا خلاف المنتمي إِلَى الْمَيِّت الْحَقِيقِيّ اَوْ الْحكمِي بِنسَب أَو حَقِيقَة أَو حكما فِي مَاله وَحقه الْقَابِل للخلافة بعد مَوته أَو فِي آخر عمره أَو مَعَ مَوته. والوراثة أقوى لفظ مُسْتَعْمل فِي التَّمْلِيك والاستحقاق من حَيْثُ إِنَّهَا لَا تعقب بِفَسْخ وَلَا استرجاع وَلَا تبطل بردة وَلَا إِسْقَاط. وَورث يتَعَدَّى ب (من) مثل: {يَرث من آل يَعْقُوب} . وبنفسه إِلَى مفعول وَاحِد، مثل: {يَرِثنِي} ، وَإِلَى مفعولين مثل: (وَرثهُ مَالا) . الْوضُوء، بِالضَّمِّ: مصدر، وبالفتح: المَاء الَّذِي يتَوَضَّأ بِهِ [وَهُوَ لَيْسَ بِعبَادة مَقْصُودَة، بل هُوَ شَرط للصَّلَاة، وَلَا يُمكن أَن يكون شَيْء من أَجْزَائِهِ وَاجِبا بِعَيْنِه بِمَعْنى أَنه يَأْثَم تَاركه بل لأجل الصَّلَاة بِمَعْنى أَنه لَا تجوز الصَّلَاة إِلَّا بِهِ] . تعبّدَ بِهِ قبل الْهِجْرَة وَالتَّيَمُّم بعْدهَا. وَالْحكمَة فِي نزُول آيَة الْوضُوء مَعَ تقدم الْعَمَل بِهِ ليَكُون فَرْضه متلواً بالتنزيل. الْوزان، بِالْكَسْرِ: فِي الأَصْل مصدر وازن، وَقد يُطلق على مَا يُوزن بِهِ، وَهُوَ مُخْتَار السَّيِّد. وَقد يُطلق على النظير بِاعْتِبَار كَون الْمصدر بِمَعْنى الْفَاعِل، وَقد يُطلق على مرتبَة الشَّيْء إِذا كَانَ مُتَسَاوِيا. وَفِي قَوْلهم: (وزان هَذَا وزان ذَاك) نوع خَفَاء كَمَا فِي اسْتِعْمَال (يحذي بهَا حَذْو فلَان) بِالْيَاءِ: (والوَزْنَ حَقُّ وهُمَا عَدْلان ... والحِرصُ يُعْقِبُه الحِرمان) وَالْوَزْن مظروف وَالْمِيزَان ظرف، وَذكر الْمِيزَان بِلَفْظ الْمُفْرد فِي النّظم اعْتِبَارا بالمحاسب، وبلفظ الْجمع اعْتِبَارا بالمحاسبين. الْوتر، وَيفتح: الْفَرد، أَو مَا لم يشفع من الْعدَد. والوتيرة: الطَّرِيقَة. الوَقْر، بِالْفَتْح: الثّقل فِي الْأذن: وبالكسر: حمل البغال وَالْحمير. والوِسْق: حِمْل الْبَعِير. الْوَسِيلَة: التوسل إِلَى الشَّيْء برغبة أخص من (الوصيلة) لتضمنها معنى الرَّغْبَة. الوليدة: هِيَ مُخْتَصَّة بالإماء على عَامَّة كَلَامهم. واللِّدَة: مُخْتَصَّة بالأتراب يُقَال: (فلَان لِدَة فلَان وتِرْبُه) . الوَقود: بِالْفَتْح: مَا يُوقد بِهِ النَّار. وبالضم

التهابها وَهُوَ مصدر، وَالْأول اسْم. يُقَال للحطب المشتعل نَارا وقود وبدونها حطب [قَالَ سِيبَوَيْهٍ رَحمَه الله: الْوقُود (بِالضَّمِّ) فِي الْمصدر أَكثر مِنْهُ بِالْفَتْح، وَأما الْحَطب فبالفتح وَحده، وَنَظِيره الطّهُور وَالْوُضُوء] . الْوَجِيز: هُوَ مَا قل لَفظه وَكثر مَعْنَاهُ. والبسيط: مَا كثر لَفظه وَمَعْنَاهُ. الوبال: الضَّرَر، وَأَصله الثّقل، وَمِنْه الوبيل لطعام مثقل على الْمعدة. والوابل: الْمَطَر الثقيل القطار. الوِزْر: الذَّنب، والوزير إِمَّا من الوِزر لِأَنَّهُ يحمل الثّقل عَن أميره، أَو من الوَزَر وَهُوَ الملجأ لِأَن الْأَمِير يعتصم بِرَأْيهِ ويلتجئ إِلَيْهِ فِي أُمُوره الْوَكِيل: اسْم للتوكيل فِي (وكلته لكذا) إِذا فوض إِلَيْهِ ذَلِك، وَهُوَ إِظْهَار الْعَجز والاعتماد على الْغَيْر. وَالِاسْم: التكلان؟ وَهُوَ فعيل بِمَعْنى مفعول لِأَنَّهُ موكول إِلَيْهِ الْأَمر أَي: مفوض إِلَيْهِ. وَفِي اصْطِلَاح الْفُقَهَاء: عبارَة عَن إِقَامَة الْإِنْسَان غَيره مقَام نَفسه فِي تصرف مَعْلُوم، وَقَوْلهمْ: الْوكَالَة حفظ، وَالْوَكِيل حفيظ مجَاز بعلاقة السَّبَبِيَّة. وَيُطلق الْوَكِيل على الْجمع والمؤنث. [وَحَدِيث: " مَنْ طلب الْقَضَاء وُكِلَ إِلَى نَفسه، وَمن أُجبر عَلَيْهِ نزل عَلَيْهِ مَلَكٌ يسدده "؛ (وُكِل فِيهِ) بِالتَّخْفِيفِ. أَي فوض أمره إِلَيْهِ] . الوله، محركة: الْحزن، أَو ذهَاب الْعقل حزنا، والحيرة، وَالْخَوْف. والوَلْهان: شَيْطَان يغري بِكَثْرَة صب المَاء فِي الْوضُوء. الْوَجْه: هُوَ مُسْتَقْبل كل شَيْء وَنَفس الشي. وَمن الدَّهْر أَوله. وَمن النَّجْم مَا بدا لَك مِنْهُ. وَمن الْكَلَام السَّبِيل الْمَقْصُود. وَسيد الْقَوْم. وَالْقَصْد وَالنِّيَّة: {إِنِّي وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض} . والمَرضاة: {إِنَّمَا نطعمكم لوجه الله} . قَالَ السَّيِّد السَّنَد: الْوَجْه وضع فِي اللُّغَة للجارحة الْمَخْصُوصَة حَقِيقَة، وَلَا يجوز إرادتها فِي حَقه تَعَالَى، وَلم يوضع لصفة أُخْرَى مَجْهُولَة لنا، بل لَا يجوز وَضعه لما لَا يتعقله الْمُخَاطب، إِذْ الْمَقْصُود من الأوضاع تفهيم الْمعَانِي فَتعين الْمجَاز والتجوز عَمَّا يعقل وَيثبت بِالدَّلِيلِ مُتَعَيّن إِلَّا أَن من فوض تَفْصِيل التَّأْوِيل إِلَى الله وَهُوَ أَكثر السّلف وَأكْثر أَصْحَابنَا يَقُول فِي المجازات كَثْرَة وَلَا قَاطع فِي التَّعْيِين، فيفوض تعْيين ذَلِك إِلَى الله تَعَالَى.

نوع

الْوُرُود: ورد فِي المَاء وروداً، وَورد عَلَيْهِ الْكتاب: وصل إِلَيْهِ. وَورد الرجل: أَتَى بِنَفسِهِ وَأوردهُ غَيره: أَتَى بِهِ. الوضوح: هُوَ فَوق الظُّهُور. الوثبة: هِيَ من فَوق. والطفرة: إِلَى فَوق. [الْوَفَاء: هُوَ الْقيام بِمُقْتَضى الْعَهْد، وَلَيْسَ كَذَلِك الْإِيفَاء، فِيهِ مُبَالغَة لَيست فِي الْوَفَاء] . وَيْكَأنَّ [الله: ألم تَرَ أَن الله] هِيَ كلمة مستعملة عِنْد التَّنْبِيه للخطأ وَإِظْهَار التندم [وَيُقَال: وَيْك بِمَعْنى وَيْلَك، فحذفت فِيهِ اللَّام، وَأَن مَنْصُوبَة بإضمار اعْلَم، وَيُقَال: وَيْ مفصولة من (كَأَن) مَعْنَاهَا التَّعَجُّب كَمَا تَقول: وي لم فعلت ذَلِك. وَكَأن مَعْنَاهَا أَظن ذَلِك وأقدره] . واهاً: هِيَ كلمة تعجب فِي طيب شَيْء، قَالَ: (واهاً لِرَيَّا ثمَّ واهاً واها ... يَا لَيْت عينيها لنا وَفاها) وَكلمَة تلهف أَيْضا وَيتْرك تنوينه. وويه، بِكَسْر الْهَاء: كلمة إغراء. وَكَذَا ويها: وَيكون للْوَاحِد وَالْجمع والمذكر والمؤنث. وصّى: هُوَ لَا يكون إِلَّا لمرات كَثِيرَة. وَأوصى: يصدق بالمرة الْوَاحِدَة. [نوع] ( {لَا وزر} : لَا ملْجأ) . {وَمَا وسق} : وَمَا جمع وَمَا ستر. {الْوَدُود} : الْمُحب لمن أطَاع. {ووالد} : آدم أَو إِبْرَاهِيم. {وَمَا ولد} : ذُريَّته، أَو مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. {وزرك} : عبأك الثقيل. {فوسطن} : فتوسطن. {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} : قدر طاقتها، [أَو إِلَّا مَا تسعه قدرتها، وَهُوَ يدل على عدم وُقُوع التَّكْلِيف بالمحال لَا على امْتِنَاعه وَإِلَّا لما سُئِلَ التَّخَلُّص بعده] . {إِذا وَقب} : دخل ظلامه كل شَيْء. {الوَسْوَاس} : الوسوسة. {أُذُنٌ واعِيَة} : من شَأْنهَا أَن تحفظ مَا يجب حفظه بتذكره وإشاعته والتفكر فِيهِ وَالْعَمَل

بِمُوجبِه. {وقارا} : توقيراً أَي تَعْظِيمًا. {لَوَلَّيْت} : لهربت. {وهاجا} : متلألئاً واقداً. {أَشد وطأ} : كلفة أَو ثبات قدم. {قُلُوبهم وَجلة} : خَائِفين [خافضين] . {وجلت قُلُوبهم} : فَرِقَت. {وبيلا} شَدِيدا لَيْسَ لَهُ ملْجأ. {جَزَاء وفَاقا} : وَافَقت أَعْمَالهم. {وبال أمره} : ثقَل فعله. {مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} مَا تَركك (وَمَا أبغضك) [وَمَا قَطعك قطع الْمُودع] . {وابتغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة} : الْحَاجة. الوراء: عَن ابْن عَبَّاس: ولد الْوَلَد. {وليجة} : بِطانة بلغَة كنَانَة. {واجفة} : [شَدِيدَة الِاضْطِرَاب أَو] خائفة بلغَة كنَانَة. {بالوَصيد} : بِفنَاء الْكَهْف. { [أُمَّة] وسَطا} : أَي عدلا. {وَلاَ وَصِيلة} : الشَّاة [كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة] إِذا نتجت سَبْعَة أبطن نظرُوا إِلَى السَّابِع [فَإِن كَانَت أُنْثَى اشْترك فِيهَا الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَإِن كَانَت ذكرا فَهُوَ لآلتهم، وَإِن كَانَت أُنْثَى وذكراً فِي بطن استحيوهما: وَقَالُوا وصيلة أُخْته فَحرمت علينا] . {فَقَدْ وَقَع أجْرَهُ عَلَى الله} : فقد ثَبت أجره عِنْد الله ثُبُوت الْأَمر الْوَاجِب. {أمَّنْ يكُونُ عَلَيْهِمْ وكِيلاً} : محامياً يحميهم [من الشَّيْطَان] . {إِلَّا وَارِدُها} : إِلَّا واصلها وحاضر دونهَا. {وَوَحْيِنَا} : أمرنَا وتعليمنا. {وَقْرَاً} : أَي ثقل وصمم.

{وَاقع بهم} : سَاقِط عَلَيْهِم. {مَا ووري عَنْهُمَا} : مَا غطي عَنْهُمَا من عوراتهما. {فوكزه} : فَضرب القبطيَّ بِجمع كَفه. {قضى زيد مِنْهَا وطرا} : حَاجَة. {واصبا} : لَازِما. {بورقكم} : الوَرِق: الْفضة (مَضْرُوبَة كَانَت أَو غَيرهَا) . {وَفْدًا} : أَي ركباناً [على الْإِبِل] . {وردا} : عطاشاً. {وَجَبت جنوبها} : سَقَطت على الأَرْض وَهُوَ كِنَايَة عَن الْمَوْت. {فترى الودق} : الْمَطَر. {وَالْأَرْض وَضعهَا} : خفضها مدحوة. {وَرْدَةً} : أَي حَمْرَاء كالورد. {ووضعنا عَنْك} : وحططنا [عَنْك] . {لقطعنا مِنْهُ الوتين} : أَي نِيَاط قلبه بِضَرْب عُنُقه. {فويل} : أَي تحسر وتهلك. {وَاسع} : جواد يسع لما يسْأَل أَو مُحِيط بِكُل شَيْء. {وجيها} : ذَا جاه وَقدر فِي الدُّنْيَا بِالنُّبُوَّةِ وَالْآخِرَة بالمنزلة عِنْد الله. {وجدكم} : سعتكم ومقدرتكم. من (الْجدّة) . {وَجهه} : قبْلَة أَو جِهَة. {فَتكون للشَّيْطَان وليا} : قريناً فِي اللَّعْن أَو الْعَذَاب تليه ويليك (أَو ثَابتا فِي موالاته) . {مِنْ وَاق} : من حَافظ. [ {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} : وفَّى وَأتم مَا الْتَزمهُ أَو أَمر بِهِ أَو بَالغ فِي الْوَفَاء بِمَا عَاهَدَ الله، وَعَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سمي وفيّاً لِأَنَّهُ كَانَ يَقُول كلما أصبح وَأمسى: {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ} حَتَّى ختم الْآيَة.

فصل الهاء

{مَا ولاهم} : صرفهم وحَوَّلَهم. {وَهن الْعظم مني} : ضعف. {سيجزيهم وَصفهم} : أَي جَزَاء وَصفهم الْكَذِب على الله يَعْنِي يعاقبهم بكذبهم. {ودوا} : تمنوا. {ودا} : صنم لكَلْب. {وَكيل} : كَفِيل، وَيُقَال: كَاف. {هُنَاكَ الوَلاية لله} : أَي الربوبية. {من وَال} : من ولي. {وصلنا لَهُم القَوْل} : أتبعنا بعضه بَعْضًا فاتصل عِنْده. {وَهنا على وَهن} : ضعفا على ضعف. {آمنُوا وَجه النَّهَار} : أَي أول النَّهَار. {اقتت} وأقتت بِمَعْنى جمعت. {الْوَقْت} : وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة. {ولدان} : صبيان] . فصل الْهَاء [الهنيء] : كل أَمر يَأْتِيك من غير مشقة وَلَا تَعب فَهُوَ هنيء. [هاج] : كل شَيْء يثور للضَّرَر يُقَال لَهُ هاج، ومصدره هيج، ومصدر هاج الْفَحْل: الْهياج. [الهَشيم] : كل شَيْء كَانَ رطبا فيبس تسميه الْعَرَب هشيماً. [الْهَوَاء] : كل أجوف خَال فالعرب تسميه هَوَاء. وكل خرق مَمْدُود بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَهُوَ الْهَوَاء أَيْضا. وَأما {أفئدتهم هَوَاء} فَهُوَ بِمَعْنى أَنَّهَا صِفْر من الْخَيْر. [الهَدْي] : كل مَا أهدي إِلَى بَيت الله من نَاقَة أَو بقرة أَو شَاة فَهُوَ هَدْي. [الهامة] : كل ذِي سُمٍّ يقتل فَهُوَ هَامة، وَالْجمع هوَام. [الْهَاتِف] : كل مُتَكَلم خَفِي عَن الْأَبْصَار عين كَلَامه فَهُوَ هَاتِف. [الهيولى] : كل جسم يعْمل مِنْهُ الصَّانِع وَفِيه صَنْعَة كالخشب للنجارين وَالْحَدِيد للحدادين وَنَحْو ذَلِك فَذَلِك الْجِسْم هُوَ الهيولى، كَذَلِك الشَّيْء الْمَصْنُوع. الْهَاء: هَاء الْإِفْرَاد هِيَ الَّتِي يُمَيّز بهَا الْوَاحِد من جنس، فَإِذا لم يتَمَيَّز بل دخلت فِي مُقَابلَة الذّكر

فَهِيَ للتأنيث كَالْمَرْأَةِ فِي مُقَابلَة الْمَرْء، والحمارة فِي مُقَابلَة الْحمار، والنائمة فِي مُقَابلَة النَّائِم. وَالْهَاء المفردة تكون اسْما ضميراً نَحْو: (ضَربته ومررت بِهِ) ، وحرفاً فِي (إِيَّاه) ، وَفعل أَمر من (وهى يهي) . [هَاء: أَي خُذ] . وَتَكون للاستراحة وَهِي تثبت فِي الْوَقْف دون الْوَصْل نَحْو: (كتابِيَه ولِمَه) . وللتأنيث وَالْجمع وَالْمُبَالغَة وَالْكَثْرَة والمرَّة وَالْوَقْف على الْأَمر. وَقد يُرَاد بِالْهَاءِ الْحَرْف الدَّال على التَّأْنِيث غير الْألف بطرِيق عُمُوم الْمجَاز، والقرينة شهرة اسْتِعْمَال الْهَاء بِهَذَا الْمَعْنى عِنْدهم، أَعنِي الْعرف الْخَاص، كَمَا أَن الْقَرِينَة فِي (لَا أَضَع قدمي دَار فلَان) الْعرف الْعَام. وَألف (هَاء) مُجَرّدَة عَن كَاف الْخطاب ممدودة وَلَا تقصر إِلَّا إِذا اتَّصَلت بهَا كَاف الْخطاب فَيُقَال: هاك. و (هَات) للْوَاحِد الْمُذكر، و (هاتوا) للْجمع. وَيُقَال: (هَاء يَا رجل) و (هَاء يَا امْرَأَة) و (هَاء يَا رجلَانِ أَو يَا امْرَأَتَانِ) و (هاؤم يَا رجال) و (هاؤُنَّ يَا نسْوَة) . وَيُقَال: (هَؤُلَاءِ غَرِيب) وَلَا يُقَال (هَذَانِ غَرِيب) لِأَن (فعيلاً) وَإِن صَحَّ إِطْلَاقه على الْجمع لَكِن لم يَصح إِطْلَاقه على الْمثنى. و (هَاء) بِالْمدِّ وَفتح الْهمزَة وَهُوَ الصَّوَاب. أَصْلهَا (هاك) بِمَعْنى خُذ فحذفت الْكَاف وعوَّض عَنْهَا الْمَدّ والهمزة. [وأصل (هَا أَنْتُم) هَا تَنْبِيه أَو آأنتم فقلبت الْهمزَة الأولى هَاء. وأصل (هَؤُلَاءِ) (أولاء) دخلت عَلَيْهِ هَاء التَّنْبِيه] . و (هاه) كلمة تَنْبِيه ألحقت بآخرها هَاء السكت. و (هَاء) ، بِالسُّكُونِ: كلمة دهشة وحيرة. و (هَا) : يكون زجرا لِلْإِبِلِ وَدُعَاء لَهَا. وَيَقُولُونَ: الْقَوْم الَّذين هم هم أَي: هم الأخيار والأشراف. وَقد يَجِيء للذم. الْهِدَايَة هِيَ عِنْد أهل الْحق الدّلَالَة على طَرِيق من شَأْنه الإيصال سَوَاء حصل الْوُصُول بِالْفِعْلِ فِي وَقت الاهتداء أَو لم يحصل. وَعند صَاحب " الْكَشَّاف " لَا بُد من الإيصال الْبَتَّةَ لِأَن الضَّلَالَة تقَابلهَا، فَلَو كَانَت الْهِدَايَة مُجَرّد الدّلَالَة لأمكن اجْتِمَاعهمَا بالضلالة الَّتِي هِيَ فقدان الْمَطْلُوب، وَلِأَن الْمهْدي يسْتَعْمل فِي مقَام الْمَدْح كالمهتدي فَلَو لم يعْتَبر فِي مَفْهُوم الْمهْدي حُصُول الْمَطْلُوب كَمَا اعْتبر فِي الْمُهْتَدي لم يكن مدحاً، وَلِأَن (اهْتَدَى) مُطَاوع (هدى) ومطاوع الشَّيْء لَا يكون مُخَالفا لَهُ فِي أصل الْمَعْنى. [وَالْجَوَاب عَنهُ بِأَنَّهُ لَا يلْزم من كَونه مُقَابل الضلال فِي قَوْله تَعَالَى: {لعلى هدى أَو فِي ضلال مُبين} أَن تقيد بالموصلة إِلَى البغية. لِأَن الْأَخَص تَحت الْأَعَمّ فَيُقَال (مهْدي) لمن لَهُ التَّمَكُّن إِلَى الْوُصُول، وَقد قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: {وَأما ثَمُود فهديناهم} فالحمل على الْمجَاز

بِقَرِينَة {فاستحبوا الْعَمى على الْهدى} لَيْسَ بِشَيْء] . وَقد أجَاب الْفَخر الرَّازِيّ بِأَن الْهِدَايَة لَا تقَابل إِلَّا الضلال الَّذِي هُوَ ترك الدّلَالَة على مَا يُوصل إِلَى الْمَطْلُوب، وَاسْتِعْمَال الْمهْدي فِي مقَام الْمَدْح مَبْنِيّ على أَن الْهِدَايَة إِذا لم يَتَرَتَّب عَلَيْهَا فائدتها كَانَت كَأَن لم تكن، فَلم يسْتَعْمل فِي مقَام الْمَدْح إِلَّا مَا ترَتّب عَلَيْهَا فائدتها. وَهَذَا من بَاب تَنْزِيل الشَّيْء العديم النَّفْع منزلَة الْمَعْدُوم، والمطاوع قد يُخَالف معنى الأَصْل كَمَا فِي (أَمرته فَلم يأتمر) . ثمَّ إِن الْهَدِيَّة لَا نزاع فِي أَنَّهَا تسْتَعْمل فِي كلا الْمَعْنيين: مَعْنَاهَا اللّغَوِيّ وَهُوَ مَذْهَب الأشاعرة، وَمَعْنَاهَا الشَّرْعِيّ وَهُوَ مَذْهَب الْمُعْتَزلَة، وَعَلِيهِ أَكثر استعمالات الشَّرْع، لَكِن الْكَلَام فِي أَنَّهَا حَقِيقَة فيهمَا أَو فِي أَحدهمَا أَو فِي أَيهمَا. وتتضمن الْهِدَايَة مَعَاني بَعْضهَا يَقْتَضِي التَّعْدِيَة بِنَفسِهِ، وَبَعضهَا بِاللَّامِ، وَبَعضهَا بإلى، وَذَلِكَ بِحَسب اشتمالها على إِرَادَة الطَّرِيق وَالْإِشَارَة إِلَيْهَا وتلويح السالك لَهَا. فبملاحظة الْإِرَادَة يتَعَدَّى بِنَفسِهِ، وبملاحظة الْإِشَارَة يتَعَدَّى بإلى، وبملاحظة التَّلْوِيح يتَعَدَّى بِاللَّامِ. وَفِي حذف أَدَاة التَّعْدِيَة إِخْرَاج لَهُ مخرج الْمُتَعَدِّي إِلَى المفعولين بِالذَّاتِ. فِي " الأساس ": يُقَال: هداه للسبيل وَإِلَى السَّبِيل والسبيل هِدَايَة وَهدى، وَظَاهره عدم الْفرق بَين الْمُتَعَدِّي بِنَفسِهِ وبحرف، وَالْفرق ظَاهر فَإِن (هداه لكذا أَو إِلَى كَذَا) إِنَّمَا يُقَال إِذا لم يكن فِي ذَلِك فيصل بالهداية إِلَيْهِ. و (هداه كَذَا) إِنَّمَا يُقَال لمن يكون فِيهِ فَيَزْدَاد وَيثبت، وَلمن لَا يكون فِيهِ فيصل، وَمَا قيل: إِن الْمُتَعَدِّي بِغَيْر وَاسِطَة مَعْنَاهُ إذهابٌ إِلَى الْمَقْصُود وإيصال إِلَيْهِ فَلَا يسند إِلَّا إِلَى الله تَعَالَى كَقَوْلِه تَعَالَى: {لنهدينهم سبلنا} . ومنعى اللَّازِم إراءة الطَّرِيق فيسند إِلَى غَيره تَعَالَى كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإنَّك لتهدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} ، {إِن هَذَا الْقُرْآن يهدي للَّتِي هِيَ أقوم} كل ذَلِك منقوض بقوله تَعَالَى: {فاتبعني أهدك صراطا سويا} وَقَوله: {يَا قوم اتبعون أهدكم سَبِيل الرشاد} وَنَحْوهمَا. [وَفِي ابْن الْهمام: (هدَاه إِلَى الطَّرِيق) إِذا أعلمهُ أَن الطَّرِيق فِي نَاحيَة كَذَا. و (هداه للطريق) إِذا ذهب بِهِ إِلَى رَأس الطَّرِيق. و (هداه الطَّرِيق) إِذا أدخلهُ فِيهِ وَسَار مَعَه حَتَّى بلغا الْمَقْصد] . ثمَّ إِن فعل الْهِدَايَة مَتى عدّي بإلى تضمن الإيصال إِلَى الْغَايَة الْمَطْلُوبَة فَأتي بِحرف الْغَايَة، وَمَتى عُدِّي بِاللَّامِ تضمن التَّخْصِيص بالشَّيْء الْمَطْلُوب فَأتي بِاللَّامِ الدَّاخِلَة على الِاخْتِصَاص والتعين، وَإِذا تعدى بِنَفسِهِ تضمن الْمَعْنى الْجَامِع لذَلِك كُله

وَهُوَ التَّعْرِيف وَالْبَيَان والإلهام. قيل: خص مَا كَانَ دلَالَة بفعلت نَحْو (هديته الطَّرِيق) ، وَمَا كَانَ إِعْطَاء بأهديت نَحْو (أهديته الطَّرِيق) ، وَأما {فاهدوهم إِلَى صِرَاط الْجَحِيم} فعلى طَريقَة التهكم كَقَوْلِه: {فبشرهم بِعَذَاب أَلِيم} . [وَالْهدى اسْم يَقع على الْإِيمَان والشرائع كلهَا إِذْ الاهتداء إِنَّمَا يَقع بهَا كلهَا] . و {إِن الْهدى هدى الله} أَي: الدّين. {وَيزِيد الله الَّذين اهتدوا هدى} أَي: إِيمَانًا. (وَالدُّعَاء نَحْو: {وجعلناهم أَئِمَّة يهْدُونَ بأمرنا} {وَلكُل قوم هاد} [أَي دَاع] . وَالرسل والكتب نَحْو: {فإمَّا يَأْتينكُمْ مني هدى} ، {وَلَقَد جَاءَهُم من رَبهم الْهدى} ، {وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْهدى} . والمعرفة نَحْو: {وبالنجم هم يَهْتَدُونَ} . والاسترجاع نَحْو: {وَأُولَئِكَ هم المهتدون} . والتوحيد نَحْو: {إِن نتبع الْهدى مَعَك} ، وَنَحْو: {أَنَحْنُ صددناكم عَن الْهدى} . وَالسّنة نَحْو: {فبهداهم اقتده} . والإصلاح نَحْو: {أَن الله لَا يهدي كيد الخائنين} . والإلهام نَحْو: {أعْطَى كلَّ شَيءْ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} : أَي الهمهم المعاش. وَالتَّوْبَة نَحْو: {إِنَّا هدنا إِلَيْك} . والإرشاد نَحْو: {أَن يهديني سَوَاء السَّبِيل} . وَالْحجّة نَحْو: {إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين} أَي: لَا يهْدِيهم حجَّة بِدَلِيل مَا قبله. قَالَ بَعضهم: هِدَايَة الله للْإنْسَان على أَرْبَعَة أوجه. الأول: الْهِدَايَة الَّتِي تعم كل مُكَلّف من الْعقل والفطنة والمعارف الَّتِي عَم بهَا كل شَيْء وَقدر مِنْهُ حسب احْتِمَاله. وَالثَّانِي: الْهِدَايَة الَّتِي جعل للنَّاس بدعائه تَعَالَى إيَّاهُم على أَلْسِنَة الْأَنْبِيَاء وإنزال الْقُرْآن وَنَحْو ذَلِك. وَالثَّالِث: التَّوْفِيق الَّذِي يخْتَص بِهِ من اهْتَدَى.

وَالرَّابِع: الْهِدَايَة فِي الْآخِرَة إِلَى الْجنَّة. وَإِلَى الأول أَشَارَ بقوله: {وَإنَّك لتهدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} . وَإِلَى سَائِر الهدايات أَشَارَ بقوله: {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} نعم إِلَّا أَن الْمَنْفِيّ هَهُنَا هِيَ الدّلَالَة حَقِيقَة على حد قَوْله: {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} ، أَو بِلَا وَاسِطَة على أَن يكون المُرَاد ب (مَن) جَمِيع الْأمة وَإِن ثَبت نُزُولهَا فِي أبي طَالب إِذْ الْعبْرَة عندنَا بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب. وكل هِدَايَة ذكر الله تَعَالَى أَنه منع الظَّالِمين والكافرين مِنْهَا فَهِيَ الْهِدَايَة الثَّالِثَة الَّتِي هِيَ التَّوْفِيق الَّذِي يخْتَص بالمهتدين، وَالرَّابِعَة الَّتِي هِيَ الثَّوَاب فِي الْآخِرَة وَإِدْخَال الْجنَّة. وكل هِدَايَة نفاها عَن النَّبِي والبشر وَذكر أَنهم غير قَادِرين عَلَيْهَا فَهِيَ مَا عدا الْمُخْتَص بِهِ من الدُّعَاء وتعريف الطَّرِيق، وَكَذَلِكَ إِعْطَاء الْعقل والتوفيق وَإِدْخَال الْجنَّة. ثمَّ إِن هِدَايَة الله مَعَ تنوعها على أَنْوَاع لَا تكَاد تَنْحَصِر فِي أَجنَاس مترتبة: مِنْهَا أَنْفُسية كإضافة القوى الطبيعية والحيوانية والقوى المدركة والمشاعر الظَّاهِرَة والباطنة، وَمِنْهَا آفاقية فإمَّا تكوينية معربة عَن الْحق بِلِسَان الْحَال وَهِي نصب الْأَدِلَّة المودعة فِي كل فَرد من أَفْرَاد الْعَالم، وَإِمَّا تنزيلية مفصحة عَن تفاصيل الْأَحْكَام النظرية والعملية بِلِسَان الْمقَال بإرسال الرُّسُل وإنزال الْكتب، وَمِنْهَا الْهِدَايَة الْخَاصَّة وَهِي كشف الْأَسْرَار على قلب الْمهْدي بِالْوَحْي والإلهام. [وَقَوله تَعَالَى: {ربُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْء خَلْقَه ثُم هَدى} للحيوانات. وَقَوله: {وهديناه النجدين} للعقلاء. وَقَوله: {وجعلناهم أَئِمَّة يهْدُونَ بأمرنا} للخواص؛ وَقَوله: {أُولَئِكَ الَّذين هدى الله فبهداهم اقتده} للأخص] . (وَالْهدى يُطلق على التَّوْحِيد وَالتَّقْدِيس، وَيُطلق على مَا لَا يعرف إِلَّا بِلِسَان الْأَنْبِيَاء من الْفِعْل وَالتّرْك، ثمَّ إِنَّه يُطلق على الْكل وَيُطلق على الْجُزْء) . الهيولى: هُوَ جَوْهَر بسيط لَا يتم وجوده بِالْفِعْلِ دون وجود مَا حل فِيهِ. وَعَن ابْن القطاع: اليهولى الْقطن. وَشبه الْأَوَائِل طِينَة الْعَالم بِهِ. وَهُوَ فِي اصطلاحهم مَوْصُوف بِمَا وصف أهل تَوْحِيد الله بِأَنَّهُ مَوْجُود بِلَا كمية وَلَا كَيْفيَّة وَلم يقْتَرن بِهِ شَيْء من سمات الْحُدُوث ثمَّ حلت بِهِ الصّفة واعترضت بِهِ الْأَعْرَاض فَحدث مِنْهُ الْعَالم. قَالَ بَعضهم: الهيولى مَعْدُوم بالعَرض مَوْجُودا

بِالذَّاتِ. والمعدوم مَعْدُوم بِالذَّاتِ مَوْجُود بالعرَض إِذْ يكون وجوده فِي الْعقل على الْوَجْه الَّذِي يُقَال إِنَّه مُتَصَوّر فِي الْعقل، والهيولى مَحل لجوهر، والموضوع مَحل لعرض مَا لصورة. وهيولى الصَّانِع وَيُسمى الطبيعة هِيَ العناصر الْأَرْبَعَة. وهيولى الْكل هِيَ الْجِسْم الْمُطلق الَّذِي يحصل مِنْهُ جملَة الْعَالم الجسماني، أَعنِي الأفلاك وَالْكَوَاكِب والأركان الْأَرْبَعَة والمواليد الثَّلَاثَة. [والهيولى الأولى يَسْتَحِيل خلوها عَن الصُّور كلهَا إِلَّا أَنَّهَا فِي حد ذَاتهَا خَالِيَة عَنْهَا، أَي لَيست مأخذوة مَعَ شَيْء مِنْهَا، والهيولى الثَّانِيَة كالجسم الْمُطلق للوسائط والعنصر للمواليد وَلَيْسَت خَالِيَة عَن الصُّور كلهَا] . وَاخْتلف الْقَوْم فِي اليهولى الأولى وَهُوَ الْجَوْهَر الْبَسِيط الَّذِي لَا يتم وجوده بِالْفِعْلِ بِدُونِ وجود مَا حل فِيهِ، فَذهب المتكلمون وَطَائِفَة من الْحُكَمَاء الْمُتَقَدِّمين كأفلاطون إِلَى أَنَّهَا غير متحققة بل الْجِسْم إِمَّا مركب من الْجُزْء كَمَا هُوَ مَذْهَب المليين أَو نفس الامتداد الْآخِذ فِي الْجِهَات كَمَا هُوَ مَذْهَب القدماء. وَقَالَ جُمْهُور الفلاسفة: إِنَّهَا متحققة، وَالْغَرَض من إِثْبَات الهيولى نفي الِاخْتِيَار عَن الْبَارِي تَعَالَى، إِذْ لَو ثَبت الهيولى لَا بُد أَن تكون قديمَة (وَهِي لَا تنفك عَن الصُّورَة الجسمية الَّتِي هِيَ عِلّة لوُجُود الهيولى فَلَا بُد أَن تكون الصُّورَة قديمَة) فَيلْزم قدم الصُّورَة النوعية للأجسام بالنوع فَيلْزم قدم أصُول الْعَالم من هَذِه الْأُصُول، وَتُؤَدِّي هَذِه الْأُصُول إِلَى كَون الْوَاجِب مُوجبا بِالذَّاتِ، وَيُؤَدِّي هَذَا إِلَى نفي حشر الأجساد، وَكثير من أصُول الهندسة مثل إِثْبَات الْكمّ الْمُتَّصِل المتوقف على وجود الهيولى الْمَبْنِيّ عَلَيْهَا دوَام حَرَكَة السَّمَوَات، وَيلْزم قدم السَّمَاوَات والعناصر، وَيلْزم قدم أصُول حركات السَّمَوَات وَامْتِنَاع الْخرق والالتئام. الْهمزَة: هِيَ أصل أدوات الِاسْتِفْهَام ترد لطلب التَّصَوُّر تَارَة والتصديق أُخْرَى. و (هَل) هِيَ للتصديق خَاصَّة، وَسَائِر الأدوات للتصور خَاصَّة. وتتقدم الْهمزَة على العاطف تَنْبِيها على أصالتها فِي التصدير، وَسَائِر أخواتها تتأخر عَنهُ كَمَا هُوَ قِيَاس جَمِيع أَجزَاء الْجُمْلَة المعطوفة. وَالتَّصَرُّف فِي الْهمزَة بِاعْتِبَار اسْتِعْمَالهَا فِي مَوَاضِع استعمالاتها أَكثر من التَّصَرُّف فِي (هَل) . والهمزة الْمَقْصُودَة لَا تكون إِلَّا لنداء الْقَرِيب، وَمَا عدا ذَلِك من الْحُرُوف يكون لنداء الْقَرِيب والبعيد. والهمزة قد تكون لإنكار الْوُقُوع كَمَا فِي قَوْلك: (أضَرَب أبي؟) . وَقد تكون لإنكار الْوَاقِع كَمَا فِي قَوْلك: (أتضرب إباك؟) . وَتدْخل على (ثمَّ) وَالْفَاء وَالْوَاو من الْحُرُوف العاطفة بِخِلَاف (هَل) لكَونهَا فرع الْهمزَة. وَقد تدخل همزَة الِاسْتِفْهَام على همزَة الْوَصْل فرقا بَين الِاسْتِفْهَام وَالْخَبَر فتمد كَقَوْلِه تَعَالَى: {آلذكرين حرم} . وَتدْخل على الْإِثْبَات نَحْو: (أكَانَ للناسِ

عَجَبَاً} . وَالنَّفْي نَحْو: {أَلمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَك} . وَالشّرط نَحْو: {أَفَإِن مت فهم الخالدون} . وَقد تقع فِي الْقسم وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَلَا نكتم شَهَادَة الله} على قِرَاءَة التَّنْوِين فِي (شَهَادَة) وآلله بِالْمدِّ. وَتَكون بِمَعْنى (إِن) بِجَامِع استعمالهما فِي غير الْمُتَيَقن كَمَا أَن (أم) يكون بِمَعْنى (أَو) لكَونهَا لأحد الْأَمريْنِ كَمَا فِي {أأنذرتهم أم لم تنذرهم} . وَقد تخرج عَن الِاسْتِفْهَام الْحَقِيقِيّ فتأتي لمعانٍ كَمَا تقرر فِي مَوْضِعه. (وَلَا تكون للسلب إِلَّا فِي الْفِعْل الْمُتَعَدِّي، وَكَونهَا للسلب فِي (أفعل) سماعيّ. والهمز، بِلَا تَاء أَصله النخس وَمِنْه مهماز الرائض) . هَل: هِيَ لطلب التَّصْدِيق الإيجابي أَي الحكم بالثبوت أَو الانتقاء. يُقَال فِي جَوَاب (هَل قَامَ زيد) : نعم، أَو لَا، لَا لطلب التَّصَوُّر وَلَا للتصديق السلبي فَامْتنعَ (هَل زيد قَامَ أم عَمْرو؟) و (هَل لم يقم زيد؟) . وَلَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الِاسْتِفْهَام لَا بِمَعْنى أَنَّهَا بِنَفسِهَا عَلَم الِاسْتِفْهَام بل لَا بُد من مُلَاحظَة أَدَاة الِاسْتِفْهَام قبلهَا إِمَّا ملفوظة أَو مقدرَة، وَإِذا ثَبت أحد الْأَمريْنِ وَكَانَ التَّرَدُّد فِي التَّعْيِين فحقيق أَن يسْأَل عَنهُ بِالْهَمْزَةِ مَعَ (أم) دون (أَو) مَعَ (هَل) فَإِنَّهُ سُؤال عَن أصل الثُّبُوت. و (هَل) بسيطة إِن طلب بهَا وجود الشَّيْء أَو عَدمه فِي نَفسه نَحْو: (هَل وجد زيد) و (هَل عدم عَمْرو؟) . ومركبة إِن طلب بهَا وجود الشَّيْء محصلاً أَو معدولاً للشَّيْء الآخر نَحْو: (هَل قَامَ زيد؟) و (هَل زيد لَا قَامَ؟) . وَالْمرَاد من الْبَسِيط مَا هُوَ أقل جُزْءا، وَهُوَ الْبَسِيط الإضافي لَا الْبَسِيط الْحَقِيقِيّ الَّذِي هُوَ مَا لَا جُزْء لَهُ أصلا. و (هَل) و (لَو) إِذا كَانَا منفردين يفيدان مُجَرّد معنى التَّمَنِّي على سَبِيل الْمجَاز، وَإِذا ركبا مَعَ (مَا) و (لَا) التزما معنى التَّمَنِّي لَا لإفادته بل ليتولد مِنْهُ التنديم فِي الْمَاضِي والتقديم فِي الْمُسْتَقْبل. و (هَل) بِمَعْنى (قد) نَحْو: {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر} . وَبِمَعْنى (أَلاَ) نَحْو: {هَل أدلكم} . وَبِمَعْنى (إِن) نَحْو: {هَل فِي ذَلِك قسم لذِي حجر} . وَبِمَعْنى (بل) نَحْو: هَل فِي الدَّار أغيار. وَبِمَعْنى (مَا) النافية نَحْو: {هَل جَزَاء الْإِحْسَان إِلَّا الْإِحْسَان} .

وَبِمَعْنى ألف الِاسْتِفْهَام نَحْو: هَل عنْدك خبر؟ وَبِمَعْنى الْأَمر نَحْو: {هَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} . وَتَكون اسْم فعل فِي نَحْو. (حَيَّهَل) . وَفعل أَمر من (وَهل يهل وهلاً) و (أَلا) و (لَوْلَا) و (لوما) هَذِه الْحُرُوف كلهَا تدل على اللوم وَالتّرْك إِذا دخلت على الْمَاضِي، وعَلى الْحَث والطلب على الْفِعْل إِذا دخلت على الْمُضَارع. هُوَ: هُوَ عِنْد الْبَصرِيين اسْم بِجَمِيعِ حُرُوفه، وَعند الْكُوفِيّين الْهَاء هِيَ الِاسْم وَالْوَاو إشباع للحركة. وَلَيْسَ (هُوَ) من الْأَسْمَاء الْحسنى بل هُوَ ضمير يجوز إرجاعه لكل شَيْء، جَوْهَر أَو عرَض، لفظا أَو معنى، إِلَّا أَن بعض الطَّائِفَة يكنون بِهِ عَن الْحَقِيقَة المشهودة لَهُم والنور الْمُطلق المتجلي لسرائرهم من وَرَاء أَسْتَار الجبروت من حَيْثُ هِيَ هِيَ من غير مُلَاحظَة اتصافها بِصفة من صفاتها وَلذَلِك يضعونه مَوضِع الْمَوْصُوف، ويجرون عَلَيْهِ الْأَسْمَاء حَتَّى اسْم الله تَعَالَى. وَهُوَ فِي بعض الْمحل للْفرق بَين النَّعْت وَالْخَبَر فَقَط كَمَا فِي قَوْلنَا: (زيد هُوَ الْعَالم) وَفِي بعض الْمحل يُفِيد الْحصْر، وَيجوز أَن يكون للرابطة كَمَا هُوَ اصْطِلَاح الْمنطق. وَلما كَانَ (هُوَ) و (هِيَ) على حرفين قُوِّياً بالحركة، وَكَانَت الفتحة أولى لخفتها، وَإِذا دخلت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا وَاو الْعَطف أَو فاؤه كنت مُخَيّرا إِن شِئْت أسكنت الْهَاء وَإِن شِئْت أبقيت الْحَرَكَة فشبِّه (فَهِي) ب (كَتِف) و (فَهُو) ب (عَضُد) (فَكَمَا يُقَال فِي (كَتِف) و (عَضُد) (كَتْف) و (عَضْد) كَذَلِك قَالُوا فِي (فَهِي) (فَهْي) وَفِي (فَهُو) (فَهْو) . هَذَا: هُوَ إِمَّا مَوْضُوع لمَفْهُوم كلي شَرط اسْتِعْمَاله فِي جزئياته؛ أَو لكل جزئي جزئي، مِنْهُ، وَلَا إِبْهَام فِي هَذَا الْمَفْهُوم الْكُلِّي وَلَا فِي وَاحِد وَاحِد من جزئياته، بل الْإِبْهَام إِنَّمَا ينشأ من تعدد الْمَوْضُوع لَهُ أَو والمستعمل فِيهِ، وَيَرْفَعهُ التوصيف. و (هَذَا) لِما قَرُب، و (ذَا) لما بَعُد. وهاء (هَذِه) لَيست من قبيل هَاء الضَّمِير بِدَلِيل امْتنَاع جَوَاز الضَّم إِلَيْهَا وَإِنَّمَا هِيَ هَاء التَّأْنِيث مشبهة بهاء التَّذْكِير، ومجراها فِي الصّفة مجْراهَا من حَيْثُ إِنَّهَا كَانَت زَائِدَة وعلامة لمؤنث، كَمَا أَن تِلْكَ زَائِدَة وعلامة لمذكر وَإِنَّمَا كسر مَا قبلهَا. وهاء التَّأْنِيث لَا يكون مَا قبلهَا إِلَّا مَفْتُوحًا لِأَنَّهَا بدل من يَاء، وَإِنَّمَا أبدلت مِنْهَا الْهَاء للتفرقة بَين (ذِي) الَّتِي بِمَعْنى (صَاحب) وَبَين الَّتِي فِيهَا معنى الْإِشَارَة. وخولف بَين تثينة المعرب والمبني فِي كلمة (هَذَا) حَيْثُ زيد فِيهِ النُّون فَقَط، وَلم يعْتَبر الْعَرَب والمبني فِي كلمة (الَّذِي) حَيْثُ زيد فِيهِ النُّون وأبقي الْيَاء على حَالهَا فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة. وَقَوْلهمْ (هَذَا) فِي انْتِهَاء الْكَلَام هُوَ فَاعل فعل مَحْذُوف أَي: مضى هَذَا، أَو مَفْعُوله أَي: خُذ هَذَا، أَو مُبْتَدأ حذف خَبره أَي: هَذَا الَّذِي ذكر على مَا ذكر. هُنَا: بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيف ظرف مَكَان لَا يتَصَرَّف إِلَّا بِالْجَرِّ بِمن وَإِلَى، و (هَا) قبله للتّنْبِيه كَسَائِر أَسمَاء الإشارات، لَا يثنى وَلَا يجمع

و (هَنًا) بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد للمكان الْحَقِيقِيّ الْحسي لَا يسْتَعْمل فِي غَيره إِلَّا مجَازًا على سَبِيل التَّشْبِيه. ومراتب الْإِشَارَة ب (هُنَا) كمراتب الْإِشَارَة ب (ذَا) يُقَال: (هُنَا وَهَهُنَا) للقريب، و (هُنَاكَ) للمتوسط، و (هُنَالك) للبعيد من الْمَكَان أَو الْوَقْت إِذْ يستعار ك (ثمَّة) و (حَيْثُ) للزمان و (هَهُنَا) و (هُنَاكَ) مَفْتُوحَة مُشَدّدَة للبعيد. و (هنّ) ضمير الْجمع الْقَلِيل و (هِيَ) و (هَا) ضمير الْجمع الْكثير وَرُبمَا عكسوها. وَالْعرب تجْعَل ضمير الْجمع الْكثير الْهَاء وَالْألف، وَضمير الْجمع الْقَلِيل الْهَاء وَالنُّون الْمُشَدّدَة كَمَا نطق بِهِ الْقُرْآن. قَالَ الله تَعَالَى: {إِن عدَّةَ الشُّهورِ عنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَر شهرا مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ فَلَا تظلموا فيهِنَّ أَنفسكُم} وَاخْتَارَ الْعَرَب أَن ألْحقُوا بِصفة الْجمع الْقَلِيل الْألف وَالتَّاء فَقَالُوا: (أَقمت أَيَّامًا معدودات) و (كسوته أثواباً رفيعات) . هَيْهَات: اسْم فعل يجوز فِي آخرهَا الْأَحْوَال الثَّلَاثَة كلهَا بتنوين وَبلا تَنْوِين، وتستعمل مكررة ومفردة أَصْلهَا (هيهية) من المضاعف يُقَال: هَيْهَات مَا قلت وَلما قلت، وَلَك وَأَنت. وَهِي مَوْضُوعَة لاستبعاد الشَّيْء واليأس مِنْهُ، والمتكلم بهَا يخبر عَن اعْتِقَاد استبعاد ذَلِك الشَّيْء الَّذِي يخبر عَن بعده فَكَانَ بِمَنْزِلَة قَوْله: بَعُد جدا، وَمَا أبعده، لَا على أَن يعلم الْمُخَاطب ذَلِك الشَّيْء فِي الْبعد وَكَانَ فِيهِ زِيَادَة على (بَعُد) وَإِن كُنَّا نفسره بِهِ. هيت: اسْم فعل مَعْنَاهُ أسْرع وبادر، وَالْعرب لَا تثنيه وَلَا تجمعه وَلَا تؤنثه، بل هِيَ بِصُورَة وَاحِدَة فِي كل حَال. قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: (هَيْتَ لَك) وفَاق بَين لُغَة قُرَيْش وَأهل حوران كَمَا اتّفقت لُغَة الْعَرَب وَالروم فِي (القسطاس) ، ولغة الْعَرَب وَالْفرس فِي (سِجّيل) ، ولغة الْعَرَب وَالتّرْك فِي (غَسّاق) ولغة الْعَرَب والحبشة فِي {ناشئة اللَّيْل} [وَمعنى {هيت لَك} أَي هَلُمَّ أَي أقبل إِلَى مَا أَدْعُوك إِلَيْهِ، وقرئت (هِيْتُ لَك) أَي تهيأت لَك] . (هَا أَنا: كلمة يستعملونها غَالِبا وَفِيه إِدْخَال (هَا) التَّنْبِيه على ضمير الرّفْع الْمُنْفَصِل مَعَ أَن خَبره لَيْسَ اسْم إِشَارَة، وَقد صرح ابْن هِشَام بِعَدَمِ جَوَازه) . هَلُمَّ: هِيَ مركبة من (هَا) التَّنْبِيه، وَمن (لم) واستعملت اسْتِعْمَال البسيطة، وَهِي اسْم فعل يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِد وَالْجمع والتذكير والتأنيث عِنْد الْحِجَازِيِّينَ، وَفعل يؤنث وَيجمع عِنْد بني تَمِيم. وهَلُمَّ الشَّيْء أَي: قرّبه وأحضره. وهَلُمَّ إِلَيْنَا بِمَعْنى ائْتِ وتَعالَ، وَلَيْسَ المُرَاد بالإتيان هُنَا الْمَجِيء الْحسي بل الِاسْتِمْرَار على الشَّيْء والمداومة عَلَيْهِ، كَمَا أَن المُرَاد بالانطلاق فِي قَوْله تَعَالَى: {وَانْطَلق الْمَلأ مِنْهُم أَن امشوا واصبروا على آلِهَتكُم} لَيْسَ الذّهاب الْحسي

بل انطلاق الْأَلْسِنَة بالْكلَام، وَلَا المُرَاد بِالْمَشْيِ الْمَشْي بالأقدام بل المُرَاد الِاسْتِمْرَار والدوام، وَلَيْسَ المُرَاد هُنَا الطّلب حَقِيقَة أَيْضا وَإِنَّمَا المُرَاد الْخَبَر عبر عَنهُ بِصِيغَة الطّلب كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {ولنحمل خطاياكم} {فليمدد لَهُ الرَّحْمَن مدا} . وَلَيْسَ المُرَاد من الْجَرّ الْجَرّ الْحسي بل المُرَاد التَّعْمِيم، فَإِذا قيل (كَانَ ذَلِك عَام كَذَا وهلم جراً) فَكَأَنَّهُ قيل: وَاسْتمرّ ذَلِك بَقِيَّة الأعوام استمراراً فَهُوَ مصدر، وَاسْتمرّ مستمراً فَهُوَ حَال مُؤَكدَة وَذَلِكَ يتمشى فِي جَمِيع الصُّور. الهجاء: ككساء: هُوَ تقطيع اللَّفْظَة بحروفها. وَهَذَا على هجاء هَذَا: أَي على شكله، وَهُوَ لفظ مُشْتَرك بَين الذَّم وَبَين النُّطْق بحروف المعجم وَبَين كِتَابَة الْأَلْفَاظ الَّتِي تركبت من تِلْكَ الْحُرُوف. والهجاء: مصدر (هجوت زيدا) . والتهجيّ: مصدر (تهجَّيت الْكَلِمَة) . [وَيُقَال: هجوت الْحُرُوف وهجيتها وتهجيتها: أَي عددتها بأساميها. وَإِذا عددت الْحُرُوف ملفوظة بأنفسها لم يكن ذَلِك تهجياً] . وَقد وضعُوا للْإنْسَان بِمَا وصف بِهِ أَسمَاء: فَمَا وصف بِهِ من الشجَاعَة والشدة فِي الْحَرْب وَالصَّبْر فِي مواطنها يُسمى حماسة وبسالة. وَمَا وصف بِهِ من حسب وكرم وَطيب محتد يُسمى مدحاً وفخراً وتقريظاً. وَمَا أثني عَلَيْهِ بِشَيْء من ذَلِك مَيتا يُسمى رثاء وتأبيناً. وَمَا وصف بِهِ من أخلاقه الحميدة يُسمى أدباً. وَمَا وصف بِهِ من أخلاقه الذميمة يُسمى هجاء. وَمَا وصف بِهِ النِّسَاء من حسن وجمال وغرام بِهن يُسمى غزلاً ونسيباً. الْهِبَة: أَصْلهَا من الوهب بتسكين الْهَاء وتحريكها، كَذَلِك فِي كل معتل الْفَاء كالوعد والعِدّة والوعظ والعظة فَكَانَت من المصادر الَّتِي تحذف أوائلها وتعوض فِي آخرهَا التَّاء. وَمَعْنَاهَا إِيصَال الشَّيْء إِلَى الْغَيْر بِمَا يَنْفَعهُ سَوَاء كَانَ مَالا أَو غير مَال، يُقَال، (وهب لَهُ مَالا وَهْباً وهِبَةً) و (وهب الله فلَانا ولدا صَالحا) ، وَيُقَال: (وهبه مَالا) ، وَذكر سِيبَوَيْهٍ أَن (وهب) لَا يتَعَدَّى إِلَّا بِحرف الْجَرّ، وَحكى أَبُو عَمْرو (وَهَبْتُكَه) وَقَالُوا: بِحَذْف اللَّام مِنْهُ، وَجَاء فِي أَحَادِيث كَثِيرَة: (وهبته مِنْك) . وَسمي الْمَوْهُوب هبة وموهبة وَالْجمع هبات ومواهب. واتهبه مِنْهُ: قبله. واستوهبه: طلب الْهِبَة. وَهِي فِي الشَّرِيعَة تمْلِيك المَال بِلَا اكْتِسَاب عِوَض فِي الْحَال. الهمّ، بِالْفَتْح: الْحزن والقلق. والهم يغلظ النَّفس، والحزن يقبضهَا (والكربة أَشد الْحزن وَالْغَم، وَيُقَال: الْكُرْبَة حزن يذيب الْقلب أَي: يحيره ويخرجه عَن أَعمال الْأَعْضَاء) والهم أَيْضا دواعي الْإِنْسَان إِلَى الْفِعْل من خير أَو شَرّ، والدواعي على مَرَاتِب:

السانح ثمَّ الخاطر ثمَّ الْفِكر ثمَّ الْإِرَادَة ثمَّ الْهم ثمَّ الْعَزْم. فالهَمّ اجْتِمَاع النَّفس على الْأَمر والإزماع عَلَيْهِ، والعزم هُوَ الْقَصْد على إمضائه، فالهم فَوق الْإِرَادَة دون الْعَزْم وَأول الْعَزِيمَة. والهم همّان: همٌّ ثَابت وَهُوَ مَا إِذا كَانَ مَعَه عزم وَعقد ورضا مثل هَمِّ امْرَأَة الْعَزِيز، وَالْعَبْد مَأْخُوذ بِهِ. وهمُّ عَارض وَهُوَ الخطرة وَحَدِيث النَّفس من غير اخْتِيَار وَلَا عزم مثل همّ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام، وَالْعَبْد غير مَأْخُوذ بِهِ مَا لم يتَكَلَّم أَو لم يعْمل، لِأَن تصور الْمعاصِي والأخلاق الذميمة لَا يعقاب بِهِ عَلَيْهَا مَا لم تُوجد فِي الْأَعْيَان، وَأما مَا حصل فِي النَّفس حصولاً أَصْلِيًّا وَوجد فِيهَا وجودا عينياً فَإِنَّهُ يُوجب اتصاف النَّفس كالكيفيات النفسانية الردية فقد يُؤَاخذ بهَا لقَوْله تَعَالَى: {وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ} . والهِمُّ، بِالْكَسْرِ: الشَّيْخ الفاني. والهمّام: هُوَ الَّذِي إِذا همّ بِشَيْء أَمْضَاهُ. الهُوِيَّة: لفظ الهوية فِيمَا بَينهم يُطلق على معانٍ ثَلَاثَة: التشخص والشخص نَفسه والوجود الْخَارِجِي. قَالَ بَعضهم: مَا بِهِ الشَّيْء هُوَ هُوَ بِاعْتِبَار تحَققه يُسمى حَقِيقَة وذاتاً، وَبِاعْتِبَار تشخصه يُسمى هوية، وَإِذا أَخذ أَعم من هَذَا الِاعْتِبَار يُسمى مَاهِيَّة، وَقد يُسمى مَا بِهِ الشَّيْء هُوَ هُوَ مَاهِيَّة إِذا كَانَ كلياً كماهية الْإِنْسَان، وهوية إِذا كَانَ جزئياً كحقيقة زيد، وَحَقِيقَة إِذا لم يعْتَبر كليته وجزئيته، فالهويتان متلازمتان صدقا، والماهية بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي أخص من الأول، والحقيقة بِالْعَكْسِ. وَقَالَ بَعضهم: الْأَمر المتعقل من حَيْثُ إِنَّه مقول فِي جَوَاب (مَا هُوَ) يُسمى مَاهِيَّة، وَمن حَيْثُ ثُبُوته فِي الْخَارِج يُسمى حَقِيقَة، وَمن حَيْثُ حمل اللوازم عَلَيْهِ يُسمى ذاتاً. ثمَّ الأحق باسم الهوية من كَانَ وجود ذَاته من نَفسهَا وَهُوَ الْمُسَمّى بِوَاجِب الْوُجُود المستلزم للقدم والبقاء. [وَاعْلَم أَن الهوية جزئية مَكْفُوفَة بالعوراض فاعلة للصفات الخارجية. وَالصُّورَة كُلية مُجَرّدَة لَا يلْحقهَا الْأَحْكَام وَلَا تترتب عَلَيْهَا الْآثَار. وَهَذَا لَا يُنَافِي مساواتها بالهوية بِمَعْنى أَنَّهَا من حَيْثُ إِذا وجدت فِي الْخَارِج كَانَت إِيَّاهَا] . الهذيان: هُوَ ترك الصَّوَاب. والهزل: هُوَ كَلَام لَا يقْصد بِهِ مَا وضع لَهُ اللَّفْظ (وَلَا يقْصد بِهِ أَيْضا) مَا يصلح لَهُ الْكَلَام بطرِيق الِاسْتِعَارَة، وَلَيْسَ الْمجَاز كَذَلِك (لعدم الْفرق بَين الْهزْل وَالْمجَاز) . الهَجر، بِالْفَتْح: التّرْك والقطيعة، وبالضم: الْفُحْش فِي النُّطْق. وهجَر فلَان: أَي أَتَى بهُجْرٍ من الْكَلَام عَن قصد. واهْجَر الْمَرِيض: أَتَى بذلك من غير قصد. والهجير والهجيرة والهاجرة: نصف النَّهَار عِنْد زَوَال الشَّمْس مَعَ الظّهْر، أَو أَو من عِنْد زَوَالهَا إِلَى الْعَصْر فَإِن النَّاس يسكنون فِي بُيُوتهم كَأَنَّهُمْ قد تهاجروا من شدَّة الْحر.

والهجرتان: أولاهما هِجْرَة الْمُسلمين فِي صدر الْإِسْلَام إِلَى الْحَبَشَة فِرَارًا من أَذَى قُرَيْش، وثانيتهما: هِجْرَة رَسُول الله وَالْمُسْلِمين قبله وَبعده وَمَعَهُ إِلَى الْمَدِينَة فقد كَانَت الْهِجْرَة من فَرَائض الْإِسْلَام بعد هِجْرَة النَّبِي ثمَّ نسخت بعد فتح مَكَّة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح " فَلَا دَلِيل فِي قَوْله تَعَالَى: {ألم تكن أَرض الله وَاسِعَة} على وجوب الْهِجْرَة من مَوضِع لَا يتَمَكَّن الرجل فِيهِ من إِقَامَة دينه. الهباء: هُوَ الَّذِي فتح الله فِيهِ أجساد الْعَالم مَعَ أَنه لَا غناء لَهُ فِي الْوُجُود إِلَّا فِي الصُّورَة الَّتِي فتحت فِيهِ، وَيُسمى بالعنقاء من حَيْثُ إِنَّه يسمع وَلَا وجود لَهُ فِي عينه، وبالهيولى، أَيْضا. و {هباء منثورا} أَي: غباراً مُتَفَرقًا. الهُراء: بِالضَّمِّ وَرَاء مُهْملَة، ممدوداً مهموزاً هُوَ الْمنطق الْفَاسِد. (قَالَه أَبُو عبيد) . وَعَن ابْن السّكيت أَنه الْكَلَام الْكثير فِي خطأ. الهَونْ، بِالْفَتْح: الرِّفْق واللين. والهَوَان: بِمَعْنى الْهون المضموم. [قَالَ بعض الأدباء: (نونُ الهَوَانِ من الْهوى مَسْرُوقَةٌ ... فصريعُ كلَِّ هوى صريع هَوانِ] ) الهَشْم: هُوَ كسر الشَّيْء الرخو، وَمِنْه بَنو هَاشم عَمْرو بن عبد منَاف جد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ أول من هشم الثَّرِيد لأهل الْحرم. الهبوط: الانحدار على سَبِيل الْقَهْر كهبوط الْحجر، وَيسْتَعْمل فِي الْإِنْسَان على سَبِيل الاستخفاف، بِخِلَاف النُّزُول حَيْثُ ذكره الله تَعَالَى فِي الاشياء الَّتِي نبه على شرفها. وَيُقَال: هَبَط الْوَادي: إِذا نزل بِهِ. وَهَبَطَ مِنْهُ: إِذا خرج مِنْهُ. الهَوَى، بِالْقصرِ: ميل النَّفس إِلَى مَا تستلذه الشَّهَوَات من غير دَاعِيَة الشَّرْع. و [الْهَوَاء] بِالْمدِّ: جرم بسيط حَار رطب شفاف لطيف متحرك لمَكَان فَوق كرة الأَرْض وَالْمَاء، وَتَحْت كرة النَّار. وهَوَى يَهْوي، كرَوَى يروي هَوْياً بِالْفَتْح: سقط. وهوياً بِالضَّمِّ: علا وَصعد. وكرضي يرضى هوى: أحبَّ. الهُجنة: بِالضَّمِّ، فِي الْكَلَام: مَا يعِيبهُ، وَفِي الْعلم: إضاعته. والهجين: اللَّئِيم. الْهَيْئَة، لُغَة: حَال الشَّيْء وكيفيته، وَهِي وَالْعرض متقاربا الْمَفْهُوم إِلَّا أَن الْعرض [يُطلق على جَمِيع مقولات الْأَعْرَاض] بِاعْتِبَار عروضه [لَهَا] والهيئة [تطلق عَلَيْهَا من حَيْثُ إِنَّهَا

نوع

حَاصِلَة فِي موضوعاتها] . وَكثر اسْتِعْمَال لفظ الْهَيْئَة فِي الْخَارِج، وَلَفظ الْوَصْف فِي الْأُمُور الذهنية. الهَرْج: بِإِسْكَان الرَّاء: الْفِتْنَة والاختلاط، وَبِفَتْحِهَا: تحيُّر الْبَصَر. والمرَج: بِفَتْح الرَّاء: الْفساد والقلق والاختلاط وَالِاضْطِرَاب والسكون للازدواج. الهيوب: الجبان الَّذِي يهاب من كل شَيْء، وَالَّذِي يهابه النَّاس فَهُوَ مهيب. الهذ: الْقطع. وهذاذيك: أَي هَذَا بعد هَذَا، وَلم يسْتَعْمل لَهُ مُفْرد. الْهلَال: الْقَمَر إِلَى ثَلَاث ليالٍ، وَهُوَ أَيْضا بَقِيَّة المَاء فِي الْحَوْض. الهَوَس، بِالتَّحْرِيكِ: طرف من الْجُنُون. هَبْ: هُوَ بِغَيْر إِلْحَاق الضَّمِير الْمُتَّصِل بِهِ شَائِع فِي كَلَامهم، وَالصَّوَاب: هبه، يُقَال (هبني فعلت) : أَي احسبني فعلت واعددني، كلمة لِلْأَمْرِ فَقَط، وَلَيْسَ فِيهِ إِشْعَار بِتَسْلِيم مَا قَالَه الْخصم بل المُرَاد أَن الْمُسلم هَذَا مَا ذكرته. وهبْ زيدا سخياً: بِمَعْنى أَحسب، يتَعَدَّى إِلَى مفعولين وَلَا يسْتَعْمل مِنْهُ مَاض وَلَا مُسْتَقْبل فِي هَذَا الْمَعْنى. وَقَوْلهمْ: هف، بِالْفَاءِ: مَعْنَاهُ أَنه محَال وباطل. هَنِيئًا: هُوَ اسْم فَاعل من (هنئ) أَو هَنُؤ الطَّعَام كشريف من (شرف) وَهُوَ مَا أَتَاك بِلَا مشقة. قَالَ الْمبرد: إِنَّه مصدر كالعاقبة، وأصل ذَلِك أَنهم أنابوا عَن الْمصدر صِفَات كعائذاً وهنيئاً. قَالَ بعض المغاربة: هِيَ مَوْقُوفَة على السماع. وَقَالَ غَيره: مقيس عِنْد سِيبَوَيْهٍ، وَهُوَ حَال عِنْد الْأَكْثَرين مُؤَكدَة لعاملها الْمُلْتَزم إضماره، إذلم يسمع إِلَّا كَذَلِك. والهنيء: مَا يلذه الْآكِل. وَمِنْه أَخذ هنيء. والمريء: مَا يحمد عاقبته. [الهَدْم: التخريب، وَيَقَع على كل الْبناء. فَمَا دَامَ شَيْء من الْبناء لَا يكون هدماً {لهدمت صوامع وَبيع} مَعْنَاهُ أَنَّهَا هدمت حَتَّى صَارَت غير صوامع. وَكَذَا النَّقْض. قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نقضت غزلها} وَكَانَت امْرَأَة مَجْنُونَة تغزل جَمِيع لَيْلهَا وتنقض جَمِيع نَهَارهَا حَتَّى لَا يبْقى] . (الْهمزَة: الْكسر كالهمز، واللمز: الطعْن شاعا فِي الْكسر من أَعْرَاض النَّاس والطعن فيهم) . [نوع] {هماز} : عيّاب) . {هلوعا} : شَدِيد الْحِرْص قَلِيل الصَّبْر. {هاد} : داعٍ.

{هدا} : هدماً. {فقد هوى} : فقد تردى وَهلك. {همسا} : صَوتا خَفِيفا أَو الْوَطْء الْخَفي. {وهدوا} : أُلهموا. {هَيْهَات هَيْهَات} : بَعد التَّصْدِيق. {بِالْهَزْلِ} : بِالْبَاطِلِ. {هباء منثورا} : المَاء المهراق، أَو هُوَ مَا يدْخل الْبَيْت من الكوة مثل الْغُبَار إِذا طلعت فِيهِ الشَّمْس. و {هباء منبثا} : هُوَ مَا سَطَعَ من الْغُبَار من سنابك الْخَيل. {هونا} : مشياً رويداًً، يَعْنِي بالسكنية وَالْوَقار. {واذكروه كَمَا هدَاكُمْ} : كَمَا علَّمكم. {هَا أَنْتُم هَؤُلَاءِ} : أَي أَنْتُم يَا مخاطبون هَؤُلَاءِ الموصوفون. {لهدمت} : لَخُرِّبَتْ. {فهديناهم} : بيَّنا لَهُم. {طلعها هضيم} : يهضم بعضه بَعْضًا. {عَذَاب الْهون} : الهوان بلغَة كنَانَة. {هزوا} : استهزاءً. {وهزي إِلَيْك} : حرِّكي وأميلي. {هيت لَك} : عَن ابْن عَبَّاس: هَلُمَّ لَك بالقبطية، وَقَالَ الْحسن: بالسُّرْيَانيَّة، وَقَالَ عِكْرِمَة: بالحورانية، وَقَالَ أَبُو زيد الْأنْصَارِيّ: بالعبرانية وَأَصلهَا (هيتلج) أَي: تعال: (وَقَالَ بَعضهم: تهيأت لَك) وَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرؤهَا مَهْمُوزَة. هود: عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ ابْن هِشَام: اسْمه عَامر بن أرفخشذ بن سَام بن نوح. {هدنا إِلَيْك} : تبنا إِلَيْك، من (هاد يهود) إِذا رَجَعَ. {شرب الهيم} : الْإِبِل الَّتِي بهَا الهيام، وَهُوَ دَاء يشبه الاسْتِسْقَاء. {هينا} : سهلاً لَا تبعة لَهُ. {هار} ، مقلوب من (هاير) أَي: سَاقِط. {هشيما} : يَعْنِي مَا يبس من النبت. {هضما} : نقضا.

فصل لا

{هامدَة} : ميتَة يابسة. {إِن هُدَى اللهِ هُوَ الهُدى} . [إِن هدى الله الَّذِي هُوَ الْإِسْلَام هُوَ الْهدى إِلَى الْحق قَالَ بَعضهم:] المُرَاد بِهِ تَحْويل الْقبْلَة. {إنَّ الهُدَى هُدى اللهِ} : مَعْنَاهُ أَن دين الله الْإِسْلَام) . {هُدَى} {رشدا} (هُمَزَة لُمَزَة} : مَعْنَاهُمَا وَاحِد أَي: عيّاب وَيُقَال: اللمز: الغمز فِي الْوَجْه بِكَلَام خَفِي، والهمز فِي الْقَفَا. {فأمُّه هَاوِية} : فمأواه النَّار. والهاوية من أسمائها. {الَّذين هادوا} : تهودوا] . هَارُون: هُوَ أَخُو مُوسَى من أَب وَأم. كَانَ أكبر مِنْهُ بِثَلَاث سِنِين، وَكَانَ حمولاً لينًا، وَلذَلِك كَانَ أحب إِلَى بني إِسْرَائِيل. وَمعنى (هَارُون) بالعبرانية: الْمُحب [وَقَوله تَعَالَى: {فقولا إنّا رَسُولا رَبِّك} . بِالنّظرِ إِلَى جِهَة رسالتهما من الله تَعَالَى. وَقَوله تَعَالَى: {فقولا إِنَّا رَسُولا رَبك} بِالنّظرِ إِلَى جِهَة وزارة هَارُون لسيدنا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام] . فصل لَا كل مَا فِي الْقُرْآن من {لَا يُكَلِفُ اللهُ نفسا إِلَّا وُسْعَها} فَالْمُرَاد مِنْهُ الْعَمَل إِلَّا الَّتِي فِي " الطَّلَاق " فَإِنَّهُ المُرَاد مِنْهُ النَّفَقَة. [اللاسع] : كل ضَارب بمؤخرة فَهُوَ لاسع كالعقرب والزنبور. [اللادغ] : وكل ضَارب بِفِيهِ فَهُوَ لادغ كالحية وسام أبرص. وكل قَابض بِأَسْنَانِهِ فَهُوَ ناهش كَالْكَلْبِ وَسَائِر السبَاع. [لَا] : كل شَيْء حَسُن أَن يعْمل فِيهِ (رب] حَسُن أَن تعْمل فِيهِ (لَا) ، وَهِي كلمة تبرئة إِذا دخلت اسْما وَاحِدًا بني على الْفَتْح وَلم ينوّن لِأَنَّهُمَا يصيران كاسم وَاحِد (لَا) مَعَ الْمَاضِي بِمَعْنى (لم) مَعَ الْمُسْتَقْبل كَمَا فِي قَوْله: (إِن تَغْفِر اللَّهُمَّ فاغْفِرْ جَما ... وأَيُّ عبدٍ لكَ لَا ألَمّا) أَي: لم يلم الذَّنب. و (لَا) أدل على النَّفْي لكَونهَا مَوْضُوعَة للنَّفْي وَمَا فِي مَعْنَاهُ كالنهي خَاصَّة، وَلَا تفِيد الْإِثْبَات إِلَّا بطرِيق الْحَذف أَو الْإِضْمَار، وَأما (مَا) فَغير مُخْتَصَّة للنَّفْي لِأَنَّهَا وَارِدَة لغيره من الْمعَانِي حَيْثُ تكون اسْما. لَا: لنفي النكرات كثيرا والمعارف قَلِيلا مَعَ تكريرها، و (مَا) لنفي المعارف كثيرا والنكرات

قَلِيلا، وَإِذا دَخَلنَا الْأَفْعَال ف (مَا) لنفي الْحَال عِنْد الْجُمْهُور، و (لَا) لنفي الِاسْتِقْبَال عِنْد الْأَكْثَرين، وَقد تكون لنفي الْحَال. وَقَوْلهمْ: (لَا) لَا تدخل إِلَّا الْمُضَارع بِمَعْنى الِاسْتِقْبَال و (مَا) لَا تدخل إِلَّا الْمُضَارع بِمَعْنى الْحَال بِنَاء على الْغَالِب، وَقد ذكرُوا دُخُول (لَا) فِي الْمُضَارع مرَادا بِهِ الْحَال، وَدخُول (مَا) فِي الْمُضَارع مرَادا بِهِ الِاسْتِقْبَال. ((لَا) النافية عاملة عمل (إنَّ) و (لَيْسَ) وَلَا تعْمل إِلَّا فِي النكرات، وَتَكون عاطفة بِشَرْط أَن يتقدمها إِثْبَات نَحْو: (جَاءَ زيد لَا عَمْرو) ، أَو أَمر نَحْو: (اضْرِب زيدا لَا عمرا) ، وَأَن يتغاير متعاطفاها فَلَا يجوز (جَاءَنِي رجل لَا زيد) لِأَنَّهُ يصدق على زيد اسْم الرجل) . وَيكون جَوَابا مناقضاً لنعم، وتحذف الْجمل بعْدهَا كثيرا، وَتعرض بَين الْخَافِض والمخفوض نَحْو: (جِئْت بِلَا زَاد) . و (لَا) بِمَعْنى (غير) عَامل عِنْد الكوفية، وَغير عَامل بل الْبَاء عِنْد البصرية، وَتَكون مَوْضُوعَة لطلب التّرْك، وتختص بِالدُّخُولِ فِي الْمُضَارع وتقتضي جزمه واستقباله سَوَاء كَانَ نهيا نَحْو: {لَا تنسوا الْفضل} أَو دُعَاء نَحْو: {لَا تُؤَاخِذنَا} . [وَقد يذكر (لَا) وَيُرَاد بِهِ سلب الْمَعْنى دون إِثْبَات شَيْء وَتسَمى مَا يدْخلهُ ذَلِك الِاسْم غير المحصل نَحْو: (فلَان لَا إِنْسَان) إِذا قصدت سلب الإنسانية، وعَلى هَذَا قَول الْعَامَّة لَا أحد] . (لَا) و (لن) هما أختَان فِي نفي الْمُسْتَقْبل إِلَّا أَن فِي (لن) توكيداً وتشديداً تَقول لصاحبك: (لَا أقيم غَدا عنْدك) . فَإِن أنكر عَلَيْك تقل: (لن أقيم غَدا) . ذكره الزَّمَخْشَرِيّ، وَهَذِه دَعْوَى لَا دَلِيل عَلَيْهَا، بل قد يكون النَّفْي بِلَا آكِد من النَّفْي بلن، لِأَن الْمَنْفِيّ بِلَا قد يكون جَوَابا للقسم نَحْو: (وَالله لَا يقوم زيد) . والمنفي بلن لَا يكون جَوَابا لَهُ، وَنفي الْفِعْل إِذا أقسم عَلَيْهِ آكِد مِنْهُ إِذا لم يقسم. (لَا) أَكثر مَا يضمر فِي الْأَقْسَام نَحْو: {تَفْتَؤ تَذْكُر يُوسُف} أَي: لَا تفتؤ. وَقد تذكر فِي غير الْقسم كَقَوْلِه: (أُوصِيكَ أَنْ تحمدكَ الأقَارِبُ ... ويَرْجِع الْمِسْكِين وهُوَ خَائِبُ) أَي: وَلَا يرجع. وَقد استعملوها زَائِدَة على وَجه الفصاحة وتحسين الْكَلَام كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا مَنَعَكَ أَن لَا تَسْجُد} بِدَلِيل (مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُد} . وتزاد مَعَ الْوَاو العاطفة بعد النَّفْي لفظا نَحْو: (مَا جَاءَنِي زيدا وَلَا عَمْرو) ، أَو معنى نَحْو: {غَيرِ المغْضُوبِ عَلَيْهم ولاَ الضَّالِّين} للتَّأْكِيد تَصْرِيحًا بشموله لكل وَاحِد من الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن الْمَنْفِيّ هُوَ الْمَجْمُوع من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع، وَمَعَ (أَن)

المصدرية كَمَا فِي {أَن لَا تَسْجُدَ} وقلَّت زيادتها قبل (أقسم) نَحْو: {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد} . (لَا) النافية تعْمل عمل (إنّ) إِذا أُرِيد بهَا نفي الْجِنْس على سَبِيل التَّنْصِيص وَتسَمى تبرئة وَإِنَّمَا يظْهر نصبها إِذا كَانَ مُضَافا أَو شبهه، وَإِلَّا فيركب مَعهَا نَحْو: (لَا إِلَه إِلَّا الله) ، وَإِن تكَرر جَازَ التَّرْكِيب وَالرَّفْع نَحْو: {فَلَا رفث وَلَا فسوق وَلَا جِدَال} ، {لَا بيع فِيهِ وَلَا خلة} . وتعمل عمل (لَيْسَ) نَحْو: {وَلَا أَصْغَر من ذَلِك وَلَا أكبر إِلَّا فِي كتاب مُبين} . [وَتَكون عاطفة بِشَرْط أَن يتقدمها إِثْبَات نَحْو: (جَاءَنِي زيد لَا عَمْرو) : أَو أَمر نَحْو: (اضْرِب زيدا لَا عمرا) ، وَأَن يتغاير متعاطفاها فَلَا يجوز: (جَاءَنِي رجل لَا زيد) لِأَنَّهُ يصدق على زيد اسْم الرجل. وَتَكون جوابية] . وَإِن كَانَ مَا بعد (لَا) جملَة اسمية صدرها معرفَة أَو نكرَة وَلم تعْمل فِيهَا أَو فعلا مَاضِيا لفظا أَو تَقْديرا وَجب تكرارها نَحْو: {فَلَا صدق وَلَا صلى} و (مَرَرْت بِرَجُل لَا كريم وَلَا شُجَاع) ، وَإِن كَانَ مضارعاً لم يجب ذَلِك نَحْو: {لَا يحب الله الْجَهْر بالسوء من القَوْل} . (لَا) كَمَا تفِيد عُمُوم النكرَة الَّتِي تدخل عَلَيْهَا تفِيد أَيْضا عُمُوم الْفِعْل الَّذِي تدخل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْهَا أَو يشبهها نَحْو: {لَا يستوون} و (لَا أكلت) فتفيد نفي جَمِيع وجود الاسْتوَاء الْمُمكن نَفْيه وَنفي جَمِيع المأكولات. وَترد اسْما بِمَعْنى (غير) فَيظْهر إعرابها فِيمَا بعْدهَا نَحْو: {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} . (لَا) فِي أَصْلهَا مَوْضُوعَة للنَّفْي، واشتهرت بِهَذَا الْمَعْنى كَأَنَّهَا عَلَمٌ لَهُ، فَإِذا أُرِيد بِهِ التَّعْبِير عَمَّا فِي (غير) من معنى النَّفْي عبِّر بِمَا هُوَ أظهر دلَالَة على النَّفْي وأرسخ قدماً فِيهِ. (لَا) الناهية أَعنِي الْمَوْضُوعَة للنَّهْي مُطلقًا تَجِيء للمخاطب وَالْغَائِب على السوَاء بِخِلَاف اللَّام فَإِنَّهَا لَا تدخل على الْفَاعِل الْمُخَاطب فِي الْأَغْلَب. وَقد تدخله لتفيد التَّاء الْخطاب وَاللَّام الْغَيْبَة فَيعم اللَّفْظ مَجْمُوع الْأَمريْنِ مَعَ التَّنْصِيص على كَون بَعضهم حَاضرا وَبَعْضهمْ غَائِبا كَمَا قرئَ فِي الشواذ {فَلْتَفْرحُوا} . (لَا) العاملة عمل (لَيْسَ) لنفي الْوحدَة، والعاملة عمل (إِن) لنفي الْجِنْس. (لَا) بِمَعْنى (غير) مُقَيّدَة للْأولِ منبئة لوضعه، والعاطفة تنبئ حكما جَدِيدا لغيره. (لَا) المحققة تفْتَقر إِلَى تقدم نفي نَحْو قَوْله تَعَالَى: {لم يكن الله ليغفر لَهُم وَلَا ليهديهم سَبِيلا} .

و (لَا) الصِّلَة لَا تفْتَقر إِلَى ذَلِك كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لَا تستوي الْحَسَنَة وَلَا السَّيئَة} ف (لَا) مُؤَكدَة وَالْمعْنَى: لَا تستوي الْحَسَنَة والسيئة، لِأَن (يَسْتَوِي) من الْأَفْعَال الَّتِي لَا تكتفي بفاعل وَاحِد. (لَا) المحمودة تكون فِي مُقَابلَة (أتمنعني) أَو (أتحرمني) . و (لَا) المذمومة تكون فِي جَوَاب (أَعْطِنِي) وَللَّه در الْقَائِل: (أبَى جُودُه لَا البُخْلَ واسْتَعْجَلَت بِهِ ... نَعَمْ مِنْ فَتىً لَا يَمْنَعُ الْجُود قاتِله) يرْوى: قَوْله (الْبُخْل) بِالنّصب والجر، فالجر على إِضَافَة (لَا) إِلَيْهِ، وَالْمعْنَى: أَبى جوده النُّطْق بِلَا الَّتِي للبخل. وَأما النصب فعلى أَن يكون الْبُخْل بَدَلا من (لَا) أَو عطف بَيَان أَو مَفْعُولا لأَجله على حذف مُضَاف، أَي: كَرَاهَة الْبُخْل، فَالْمَعْنى أَنه لَا ينْطق ب (لَا) قطّ لِئَلَّا يَقع فِي الْبُخْل. و (من فَتى) صفة أَو حَال من (نعم) أَي: صادرة نعم المستعجلة بِهِ من فَتى شَأْنه لَا يمْنَع الْجُود قَاتله، أَي: لَو قدر أَن شخصا ضربه فانفذ مقاتله ثمَّ أَتَى الضَّارِب يسْأَل أَن يجود عَلَيْهِ بِشَيْء يَطْلُبهُ مِنْهُ لما مَنعه إِيَّاه مَعَ علمه بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أنفذ مقاتله، فَإِذا صدرت من الْجواد الْمَوْصُوف بِهَذِهِ الصّفة لم يتَخَلَّف مقتضاها. وَقد أبدع فِي هَذَا الْمَعْنى حسان فِي مدح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ قَالَ: (مَا قَالَ لَا قَطُّ إِلَّا فِي تَشهدِهِ ... لَوْلَا التَّشَهُّدُ لم تُسْمَعْ لَهُ لاء) وَفِي رِوَايَة: كَانَت لاؤه نعم. لَا يَنْبَغِي: أَي لَا يَصح وَلَا يتسهل وَلَا يتسخر، وَمِنْه: {وَمَا علمناه الشّعْر وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} لِأَن لِسَانه لَا يجْرِي بِهِ، أَو لَا يَسْتَقِيم عقلا. وَهُوَ فِي لُغَة الْقُرْآن وَالرَّسُول للممتنع شرعا وعقلاً. وَقد تسْتَعْمل فِي مَوضِع (لَا يجوز) كَمَا فِي قَوْلهم: (لَا يَنْبَغِي لوالٍ عِنْده حد من حُدُود الله إِلَّا أَن يقيمه) كَذَلِك لفظ (يَنْبَغِي) فَإِنَّهُ قد يسْتَعْمل فِي مَوضِع (يجب) كَمَا فِي قَوْلهم: (إِذا شهِدت الْأَرْبَعَة بِالزِّنَا بَين يَدي القَاضِي يَنْبَغِي أَن يسألهم عَن الزِّنَا مَا هُوَ وَكَيف هُوَ) . وَفِي عرف الْفُقَهَاء يسْتَعْمل فِيمَا لم يكن فِيهِ رِوَايَة صَحِيحَة. وَفِي " الْمِصْبَاح ": قَوْلهم (يَنْبَغِي أَن يكون كَذَا) مَعْنَاهُ: يَنْبَغِي ندبا مؤكداً لَا يحسن تَركه. وَقَالَ بَعضهم: كلمة (يَنْبَغِي) تَقْتَضِي رُجْحَان أحد الطَّرفَيْنِ وَجَوَاز الآخر، وَقيل فِي معنى قَوْله: (يَنْبَغِي للْمُصَلِّي أَن يفعل كَذَا) أَي: يطْلب مِنْهُ ذَلِك الْفِعْل وَيُؤمر بِهِ، وَيُقَال: يَنْبَغِي لَك أَن تفعل كَذَا أَي: طاوعك وانقاد لَك فعل كَذَا، وَهُوَ لَازم (بغى) يُقَال: بغيته فانبغى. و {لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي} أَي: لَا يَصح. و" يَنْبَغِي للْمُسلمين أَن لَا يغدروا وَلَا يغلوا وَلَا يميلوا " أَي: يجب. و" يتبغي للسُّلْطَان أَن يتَصَدَّق وَإِن لم يَفْعَله لَا يَأْثَم " أَي، الأولى لَهُ. وَلَا يكَاد يسْتَعْمل ماضيه لكَونه غَرِيبا وحشياً. لَا سِيمَا: هِيَ كلمة تَنْبِيه على أَوْلَوِيَّة الْمَذْكُور

بعْدهَا بالحكم وَلَيْسَ باستثناء، وَقيل: يسْتَعْمل لإِفَادَة زِيَادَة تعلق الْفِعْل بِمَا يذكر بعده. والسيّ: بِمَعْنى الْمثل، وَاحِد (سيّان) أَي: مثلان، و (لَا) لنفي الْجِنْس، و (مَا) زَائِدَة أَو مَوْصُولَة أَو مَوْصُوفَة، وَقد يحذف (لَا) فِي اللَّفْظ لكنه مُرَاد. وَفِي " شرح تَلْخِيص الْجَامِع الْكَبِير " للبلباني أَن اسْتِعْمَال (سِيمَا) بِلَا لَا لَا نَظِير لَهُ فِي كَلَام الْعَرَب، وَيجوز مَجِيء الْوَاو قبل (لَا سِيمَا) إِذا جعلته بِمَعْنى الْمصدر وَعدم مجيئها إِلَّا أَن مجيئها أَكثر. (وَلَا سِيَّما يومٌ بدَارةِ جُلْجُلِ ... ) وَهِي اعتراضية كَمَا فِي قَوْله: (فأنْتِ طَلاقٌ والطَّلاقُ عَزيمةٌ ... ) إِذْ هِيَ مَعَ مَا بعْدهَا بِتَقْدِير جملَة مُسْتَقلَّة. وعدّه النُّحَاة من كَلِمَات الِاسْتِثْنَاء، وتحقيقه أَنه للاستثناء عَن الحكم الْمُتَقَدّم ليحكم عَلَيْهِ على وَجه أتم من جنس الحكم السَّابِق، وَلَا يسْتَثْنى ب (لَا سِيمَا) إِلَّا فِيمَا قصد تَعْظِيمه. وَفِيمَا بعده ثَلَاثَة أوجه: الرّفْع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَالْجُمْلَة صلَة (مَا) ، وَالنّصب على الِاسْتِثْنَاء، والجر على الْإِضَافَة. وَكلمَة (مَا) على الْأَخيرينِ زَائِدَة، فَإِذا قلت مثلا: (قَامَ الْقَوْم لَا سِيمَا زيد) فالجر بِأَن تجْعَل (مَا) زَائِدَة، وتجر زيدا بِإِضَافَة (سيّ) إِلَيْهِ، وَخبر (لَا) مَحْذُوف كَأَنَّك قلت: (لَا سيّ زيدٍ قَائِم) أَو بِأَن يكون (مَا) اسْما مجروراً بِإِضَافَة (سيّ) إِلَيْهِ، و (زيد) مجرور على الْبَدَل من (مَا) ، فَإِن (مَا) قد جَاءَت لِذَوي الْعُقُول، وَأما الرّفْع فعلى أَن (مَا) بِمَعْنى الَّذِي، و (زيد) خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، وَذَلِكَ الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر صلَة (مَا) فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا مثل الَّذِي هُوَ زيد، وَقد يحذف مَا بعد (لَا سِيمَا) على جعله بِمَعْنى (خُصُوصا) فَإِذا قلت: (أحب زيدا وَلَا سِيمَا رَاكِبًا) فَهُوَ بِمَعْنى (وخصوصاً رَاكِبًا) ف (رَاكِبًا) حَال من مفعول الْفِعْل الْمُقدر أَي: وأخصه بِزِيَادَة الْمحبَّة خُصُوصا رَاكِبًا. وَبِمَعْنى (لَا سِيمَا) لَا ترما، وَلم ترما، وأو ترما. لَا بَأْس بِهِ: أَي لَا كَمَال شدَّة بِهِ. وَلَا بَأْس عَلَيْك: أَي لَا خوف عَلَيْك. وَفِي " الْعَيْنِيّ ": لَا بَأْس فِيهِ: لَا حرج. وَلَا يرَوْنَ بِهِ بَأْسا: أَي حرجاً. وَجُمْهُور الْمُحَقِّقين من عُلَمَائِنَا على أَن الْمَعْنى لَا يُؤجر عَلَيْهِ وَلَا يَأْثَم بِهِ فيستعملون فِيمَا يتَخَلَّص عَنهُ رَأْسا بِرَأْس. وَفِي " شرح الكيداني ": الْمُسْتَحبّ مَا فعله النَّبِي من فعل أَو ترك كَتَرْكِ مَا قيل فِيهِ لَا بَأْس بِهِ. وَفِي " النِّهَايَة ": كلمة (لَا بَأْس) قد تسْتَعْمل فِي مَوضِع كَانَ الْإِتْيَان بِالْفِعْلِ الَّذِي دَخلته هِيَ أولى من تَركه، بل تسْتَعْمل فِي فعل كَانَ الْإِتْيَان بذلك الْفِعْل وَاجِبا فَإِن الْجنَاح هُوَ الْبَأْس أَو فَوْقه، وَقد اسْتعْمل هُوَ بِهَذِهِ الصِّيغَة مَعَ أَن الْإِتْيَان بذلك الْفِعْل وَاجِب. قَالَ الله تَعَالَى: (إِن الصَّفَا

والمَرْوَةَ} إِلَى قَوْله {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْه أَن يَطَّوَفَ بهِما} وَالسَّعْي بَينهمَا وَاجِب عندنَا وَفرض عِنْد الشَّافِعِي، وَقد اسْتعْمل فِيهِ كلمة (لَا جُناح) وَمَعْنَاهَا وَمعنى (لَا بَأْس) وَاحِد. و" لَا بَأْس بِأَن ينقش الْمَسْجِد بِمَاء الذَّهَب " أَي: لَا يُؤجر عَلَيْهِ لكنه لَا يَأْثَم بِهِ. وَذكر صَاحب " الْكَافِي " أَنه يدل على أَن الْمُسْتَحبّ غَيره وَهُوَ الصّرْف إِلَى الْآخِرَة، لِأَن الْبَأْس هُوَ الشدَّة وَإِنَّمَا يفْتَقر إِلَى نفي الشدَّة فِي مظان الشدَّة. لَا أبالك: قيل هِيَ كلمة مدح أَي: أَنْت شُجَاع مستغنٍ عَن أَب ينصرك. وَفِي لُغَة الْعَرَب أَشْيَاء يُرِيدُونَ مِنْهَا بَاطِنا خلاف الظَّاهِر. من ذَلِك قَوْلهم للشاعر المفلَّق: قَاتله الله، وللفارس المجرِّب: لَا أَب لَهُ، وَغير ذَلِك. وَعَن الْأَزْهَرِي: إِذا قَالَ (لَا أَبَا لَك) لم يتْرك من الشتيمة شَيْئا أَي: لَا يعرف لَهُ أَب لِأَنَّهُ ولد الزِّنَا. وَقيل: هِيَ كلمة جفَاء تستعملها الْعَرَب عِنْد أَخذ الْحق والإغراء، أَي: لَا أَبَا لَك إِن لم تفعل، وَهَذِه اللَّام تلْحق بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ تثبيتاً لِمَعْنى الْإِضَافَة وتوكيداً لَهُ. فِي " الْقَامُوس ": لَا أَب لَك وَلَا أَبَا لَك وَلَا أبك كل ذَلِك دُعَاء فِي الْمَعْنى لَا محَالة، وَفِي اللَّفْظ خبر، يُقَال لمن لَهُ أَب وَلمن لَا أَب لَهُ. وَلَا أَرض لَك كلا أمَّ لَك. لَا محَالة: أَي لَيْسَ لَهُ مَحل حِوَالَة فَكَانَ ضَرُورِيًّا، وَأكْثر مَا يسْتَعْمل بِمَعْنى الْحَقِيقَة وَالْيَقِين، أَو بِمَعْنى لَا بُد وَالْمِيم زَائِدَة، وَهُوَ مَبْنِيّ على الْفَتْح، وَيجوز أَن يكون من الْحول وَهُوَ الْفَوْز وَالْحَرَكَة أَو من الْحِيلَة أَي: لَا حِيلَة فِي التَّخَلُّص. لَا بل: هِيَ لاستدراك الْغَلَط فِي كَلَام الْعباد. ولنفي الأول وَإِثْبَات الثَّانِي فِي كَلَام الله تَعَالَى. لَا غير: مَبْنِيّ على الضَّم كقبلُ وبعدُ عِنْد الْبَصرِيين، وَقَالَ الزّجاج: بِالرَّفْع والتنوين على تَقْدِير: وَلَيْسَ فِيهِ غَيرهَا. وَعند الْكُوفِيّين مَبْنِيّ على الْفَتْح مثل: لَا تَثْرِيب، لِأَن (لَا) لنفي الْجِنْس لَا للْعَطْف. لَا مشاحة: أَي لَا مضايقة وَلَا مُنَازعَة يُقَال: لَا مشاحة فِي الِاصْطِلَاح أَي: لَا مضايقة فِيهِ بل لكل أحد أَن يصطلح على مَا يَشَاء إِلَّا أَن رِعَايَة الْمُوَافقَة فِي الْأُمُور الْمَشْهُورَة بَين الْجُمْهُور أولى وَأحب. لَا مساس، بِالْكَسْرِ: أَي لَا بِمَسّ وَكَذَلِكَ التّماس {من قَبْلِ أنْ يَتَماسَّا} وَقَوله تَعَالَى فِي السامري: {فإنّ لَكَ فِي الحَيَاة أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ} أَي: خوفًا من أَن يمسَّك أحد فتأخذك الْحمى مِمَّن مسّك فتتجافى النَّاس ويتحاموك وَتَكون طريداً وحيداً كالوحش النافر. لَا جرم: هُوَ اسْم مَبْنِيّ على الْفَتْح ك (لَا بُد) لفظا وَمعنى أَي: لَا بُد، وَلَا انْقِطَاع أَي: لَا يَنْقَطِع فِي وَقت مَا فَيُفِيد معنى الْوُجُوب يَعْنِي وَجب وحقّ. قَالَ الْفراء: معنى (لَا جرم) فِي الأَصْل: لَا بُد وَلَا محَالة، ثمَّ اسْتعْملت بِمَعْنى حَقًا فَيجْرِي

مجْرى الْقسم فيجاب بِاللَّامِ يُقَال: لَا جرم لَأَفْعَلَنَّ كَذَا. وَقد يكون لمُجَرّد التَّأْكِيد بِدُونِ اخْتِيَار معنى الْقسم. وَعند الْكُوفِيّين: جرم بِمَعْنى كسب و (لَا) للرَّدّ. لات، بِالْكَسْرِ كجير، وتقف الكوفية عَلَيْهَا بِالْهَاءِ كالأسماء، والبصرية بِالتَّاءِ كالأفعال. وَهِي حرف نفي بِمَعْنى لَيْسَ، وَفعل مَاض بِمَعْنى حرف، وَاسم للصنم، و (لَا) هِيَ المشبهة بليس زيدت عَلَيْهَا تَاء التَّأْنِيث للتَّأْكِيد كَمَا زيدت على (رُبَّ) و (ثمَّ) وخصت بِلُزُوم الأحيان، وَحذف أحد المعمولين. وَهِي تجر الأحيان كَمَا أَن (لَوْلَا) تجر الضمائر كَقَوْلِه: (لولاك هَذَا الْعَالم لم أحجج ... ) لَا أُبَالِي بِهِ: أَي لَا أبادر إِلَى اعتنائه والانتظار بِهِ بل أنبذه وَلَا أَعْتَد بِهِ. لابد: بُد: فعل من التبديد وَهُوَ التَّفْرِيق، فَلَا بُد أَي لَا فِرَاق. لَا رادة فِيهِ: أَي لَا فَائِدَة وَلَا مُرُوءَة. لَا مرْحَبًا بِهِ: دُعَاء عَليّ، تَقول لمن تَدْعُو لَهُ: مرْحَبًا أَي: أتيت رحبا من الْبِلَاد لَا ضيقا، أَو رَحبَتْ بلادك رحباً ثمَّ تدخل عَلَيْهِ (لَا) فِي الدُّعَاء للمدعو عَلَيْهِ أَي: مَا أَتَى رحباً وسعة. لَا حاء وَلَا سَاءَ: هَذَا يُقَال لِابْنِ المئة أَي: لَا محسن وَلَا مسيء، أَولا رجل وَلَا امْرَأَة. لاحول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه: أَي لَا حَرَكَة وَلَا استطاعة إِلَّا بِمَشِيئَة الله، وَقيل: الْحول الْحِيلَة أَي: لَا توصل إِلَى تَدْبِير أَمر وتغيير حَال إِلَّا بِمَشِيئَة الله ومعونته، وَقيل: مَعْنَاهُ لَا تحول عَن مَعْصِيّة الله إِلَّا بعصمة الله وَلَا قُوَّة بِطَاعَة الله أَلا بِتَوْفِيق الله وإقداره. وَفِي إِعْرَاب هَذِه الْكَلِمَة خَمْسَة أوجه: فتحهما مثل: {لَا رفث وَلَا فسوق} وَنصب الثَّانِي مثل: (لَا نَسَبَ اليومَ وَلاَ خُلّةً ... ) وَرفع الثَّانِي مثل: (لَا أُمّ لي إنْ كَانَ ذَاكَ وَلاَ أَبُ ... ) ورفعهما مثل: {لَا بَيْعُ فِيهِ وَلاَخُلّةًَ} وَرفع الأول وَفتح الثَّانِي مثل: {فَلاَ لَغْوٌ وَلَا تَأثيمَ فِيهَا} لَا إِلَه إِلَّا الله: هِيَ كلمة التَّوْحِيد وَالْإِخْلَاص والنجاة وَالتَّقوى والعليا والطيبة وَالْقَوْل الثَّابِت. أَولهَا نفي وَآخِرهَا إِثْبَات، دخل أَولهَا على الْقلب فجلا ثمَّ تمكن آخرهَا فَخَلا، فنسخت ثمَّ رسخت، وسلبت ثمَّ أوجبت، ومحت ثمَّ أَثْبَتَت، وتقضت ثمَّ عقدت، وأفنت ثمَّ أبقت، وَهِي أرجح وَأولى من " أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله " بِالنّظرِ إِلَى غافل الْقلب عَن معنى التَّعْظِيم اللَّائِق بِجلَال الله تَعَالَى. [واختير فِي التَّوْحِيد تِلْكَ الْكَلِمَة ليَكُون النَّفْي قصدا وَالْإِثْبَات إِشَارَة لِأَن الأَصْل فِي التَّوْحِيد هُوَ التَّصْدِيق فِي الْقلب عِنْد الْمُتَكَلِّمين وَالْإِقْرَار شَرط لإجراء الْأَحْكَام فِي الدُّنْيَا، وَعند الْفُقَهَاء وَإِن كَانَ

الْإِقْرَار ركنا لكنه زَائِد فاختير فِي الْبَيَان أَي الْإِقْرَار الَّذِي هُوَ غير مَقْصُود بِالْإِشَارَةِ الَّتِى هِيَ غير صَرِيحَة فِي الْبَيَان] . وَالْأَصْل فِيهَا على رَأْي صَاحب " الْكَشَّاف ": الله إِلَه ثمَّ الْإِلَه الله، عدل عَن الأول إِلَى الثَّانِي لإِرَادَة الْحصْر والتخصيص على نَحْو: (المنطلق زيد) ثمَّ أُرِيد التَّصْرِيح بِإِثْبَات الألوهية لَهُ تَعَالَى ونفيها عَمَّا سواهُ فَقدم حرف النَّفْي ووسط حرف الِاسْتِثْنَاء فَصَارَ (لَا إِلَه إِلَّا الله) فَأفَاد الْكَلَام الْقصر وَهُوَ إِثْبَات الحكم للمذكور ونفيه عَمَّا عداهُ، وَهَذَا الْقصر إفرادي بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُشرك، وقلبي بِالنِّسْبَةِ إِلَى الجاحد، وَتَعْيِين بِالنِّسْبَةِ إِلَى المتردد. وَقد تجْرِي هَذِه الْأَنْوَاع فِي قصر الصّفة على الْمَوْصُوف من الْحَقِيقِيّ كَمَا هَهُنَا لِأَن الْإِلَه يتَضَمَّن معنى الْوَصْف لِأَنَّهُ بِمَعْنى المألوه أَي المعبود بِالْحَقِّ أَو الْمُسْتَحق لِلْعِبَادَةِ أَو الْوَاجِب الْوُجُود، والمقتضي للقصر بِحَسب نفس الْأَمر اسْتغْنَاء ذَات الْحق فِي تعينه عَن الْغَيْر. قَالَ بَعضهم: اتّفق النُّحَاة على أَن (إِلَّا) هَهُنَا بِمَعْنى غير، وَلَو حمل على الِاسْتِثْنَاء يكون نفيا لآلهة يسْتَثْنى مِنْهُم الله لَا نفيا لآلهة لَا يسْتَثْنى مِنْهُم الله فَلَا يكون توحيداً مَحْضا. وَفِيه أَن (لَا) هَهُنَا لنفي الْجِنْس، وَالْجِنْس من حَيْثُ هُوَ شَامِل لجَمِيع الْأَفْرَاد فَيكون هَذَا نفيا لجَمِيع أَفْرَاد الْآلهَة الَّتِى يسْتَثْنى مِنْهُم الله وَلَا تبقى آلِهَة لَا يسْتَثْنى مِنْهُم الله تَعَالَى حَتَّى لَا تكون منفية أَو مثبتة. [وَلِهَذَا ذهب أَبُو الْبَقَاء وَغَيره إِلَى أَن (إِلَّا) فِي كلمة التَّوْحِيد للاستثناء، وَلَو حمل على (غير) يكون الْمَعْنى على نفي الْمُغَايرَة وَلَيْسَ مَقْصُودا، وَلذَا لم يجز كَون الِاسْتِثْنَاء مفرغاً وَاقعا موقع الْخَبَر لِأَن الْمَعْنى على نفي اسْتِحْقَاق الْعِبَادَة والألوهية عَمَّا سوى الله تَعَالَى لَا على نفي مُغَايرَة الله تَعَالَى عَن كل إِلَه] وَلَا يلْزم اسْتثِْنَاء الشَّيْء من نَفسه على تَقْدِير لَا معبود بِحَق، إِذْ معنى الْمُسْتَثْنى غير معنى الْمُسْتَثْنى مِنْهُ بِلَا شُبْهَة، وَقد سلط النَّفْي على وجود مَا عدا الْمُسْتَثْنى بتنزيل وجوده منزلَة الْعَدَم لعدم الِاعْتِدَاد بِهِ فَثَبت لَهُ الْوُجُود الْمَنْفِيّ عَمَّا عداهُ. وَالظَّاهِر أَن هَذَا الِاسْتِثْنَاء مُتَّصِل لَكِن أَدَاة الِاسْتِثْنَاء قرينَة دَالَّة على أَن الْمُسْتَثْنى غير دَاخل فِي الْمُسْتَثْنى مِنْهُ فِي الْحَقِيقَة. [بل حكم الْمُسْتَثْنى هُنَا ثَابت بطرِيق الْإِشَارَة بِأَن أخرج الْمُسْتَثْنى قبل الحكم لِئَلَّا يتناقض ثمَّ حكم بِالنَّفْيِ على الْبَاقِي إِشَارَة إِلَى أَن الحكم فِي الْمُسْتَثْنى خلاف حكم الْمصدر وَهَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ جُمْهُور الْأَئِمَّة من الْحَنَفِيَّة ومحققو عُلَمَاء الْعَرَبيَّة رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ] . فَلَا تنَاقض فِيهِ، ثمَّ الِاسْم الْجَلِيل بعد الثنيا لَو وقف عَلَيْهِ تعين السّكُون، وَإِن وصل بِشَيْء آخر مثل: (وَحده لَا شريك لَهُ) فَفِيهِ وَجْهَان: الرّفْع وَهُوَ الْأَرْجَح لِأَن السماع وَالْأَكْثَر الرّفْع، وَالنّصب وَهُوَ مَرْجُوح وَلم يَأْتِ فِي الْقُرْآن غير الرّفْع، فَفِي صُورَة الرّفْع إِمَّا بدل أَو خبر، وَالْأول هُوَ الْمَشْهُور الْجَارِي على أَلْسِنَة المعربين. [وصلاحية الْحُلُول مَحل الأول لَيْسَ

بِشَرْط عِنْد الْمُحَقِّقين] . ثمَّ الأولى أَن يكون الْبَدَل من الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي الْخَبَر الْمُقدر [الرَّاجِع إِلَى اسْم لَا] لِأَنَّهُ أقرب وَلِأَنَّهُ دَاعِيَة إِلَى الإتباع بِاعْتِبَار الْمحل نَحْو: (لَا أحد فِيهَا إِلَّا زيد) مَعَ إِمْكَان الإتباع بِاعْتِبَار اللَّفْظ نَحْو: (مَا قَامَ أحد إِلَّا زيد) وَالثَّانِي قَالَ جمَاعَة قَالَ نَاظر الْجَيْش: وَيظْهر لي أَنه رَاجِح من القَوْل بالبدلية وَلَا خلاف يعلم فِي نَحْو (مَا زيد إِلَّا قَائِم) أَن (قَائِم) خبر عَن زيد، وَلَا شكّ أَن زيدا فَاعل فِي قَوْله: (مَا قَامَ إِلَّا زيد) مَعَ أَنه مُسْتَثْنى من مُقَدّر فِي الْمَعْنى، أَي: مَا قَامَ أحد إِلَّا زيد فَلَا مُنَافَاة بَين كَون الِاسْم فِيمَا بعد إِلَّا خَبرا عَن اسْم قبله وَبَين كَونه مُسْتَثْنى من مُقَدّر إِذْ جعله خَبرا مَنْظُور فِيهِ إِلَى جَانب اللَّفْظ وَجعله مُسْتَثْنى مَنْظُور فِيهِ إِلَى جَانب الْمَعْنى. وَاخْتلف أهل الْعَرَبيَّة فِي خبر (لَا) فبنو تَمِيم لَا يثبتونه إِذا كَانَ عَاما كالموجود بل يوجبون الْحَذف. والحجازيون يثبتون، وَفِي الْخَاص كالقيام هم والحجازيون سَوَاء فِي الْإِثْبَات إِذا عرفت هَذَا فَنَقُول: إِن هَهُنَا مغالطة صعبة ذكرهَا بعض الْفُضَلَاء وَهِي أَنه إِن قدر الْخَبَر فِي كلمة التَّوْحِيد مَوْجُود يلْزم نفي الْوُجُود عَمَّا سوى الله من الْآلهَة وإثباته لَهُ تَعَالَى لَا نفي الْإِمْكَان عَن الْآلهَة وَإِثْبَات الْوُجُود لَهُ تَعَالَى فَيجوز أَن يكون فِي الْإِمْكَان آلِهَة مُتعَدِّدَة وَإِن قدر مُمكن يلْزم مِنْهُ نفي إِمْكَان الْوُجُود عَن الْآلهَة وَإِثْبَات إِمْكَانه لَهُ تَعَالَى لَا نفي الْوُجُود عَن الْآلهَة وإثباته لَهُ تَعَالَى، وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يتم التَّوْحِيد لِأَن التَّوْحِيد إِنَّمَا يتم بِنَفْي إِمْكَان الْوُجُود عَمَّا سوى الله (من الْآلهَة) . وَإِثْبَات الْوُجُود لَهُ تَعَالَى (وَاللَّازِم على الأول نفي الْوُجُود عَمَّا سوى الله وإثباته لَهُ من غير نفي الْإِمْكَان عَمَّا سواهُ، وعَلى الثَّانِي نفي الْإِمْكَان عَمَّا سوى الله وإثباته لَهُ من غير تعرض لإِثْبَات الْوُجُود لَهُ تَعَالَى) وَقد كثرت الْأَقْوَال فِي دفع هَذِه المغالطة. قَالَ القَاضِي عضد الدّين فِي " شرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب ": كلمة الشَّهَادَة غير تَامَّة فِي التَّوْحِيد بِالنّظرِ إِلَى الْمَعْنى اللّغَوِيّ لِأَن التَّقْدِير لَا يَخْلُو عَن أحد الْأَمريْنِ، وَقد (عرفت أَنه) لَا يتم بِهِ وَإِنَّمَا تعد تَامَّة فِي أَدَاء معنى التَّوْحِيد لِأَنَّهَا قد صَارَت علما عَلَيْهِ فِي الشَّرْع. وَقَالَ بعض الْمُحَقِّقين: وَإِنَّمَا قدر الْخَبَر فِي الْوُجُود أَو مَوْجُودا وَلم يقدر فِي الْإِمْكَان، وَنفي الْإِمْكَان يسْتَلْزم نفي الْوُجُود من غير عكس لِأَن هَذَا رد لخطأ الْمُشْركين فِي اعْتِقَاد تعدد الْآلهَة فِي الْوُجُود، وَلِأَن الْقَرِينَة وَهِي نفس الْجِنْس إِنَّمَا تدل على الْوُجُود دون الْإِمْكَان، وَلِأَن التَّوْحِيد هُوَ بَيَان وجوده تَعَالَى وَنفي إِلَه غَيره لَا بَيَان إِمْكَانه وَعدم إِمْكَان غَيره. [وَقَالَ الْفَاضِل عِصَام الدّين عَلَيْهِ الرَّحْمَة: قس

(لَا إِلَه إِلَّا هُوَ) الى قَوْلنَا: (إِنَّمَا الْإِلَه هُوَ) يظْهر لَك أَنَّك كَمَا لَا تحْتَاج فِي (إِنَّمَا الْإِلَه هُوَ) الى خبر لَا تحْتَاج فِيهِ أَيْضا إِذْ الْمَعْنى وَاحِد، وَالْقَوْل الْجَامِع المندفع عَنهُ الْمَوَانِع فِي مَعْنَاهَا مَا ذكره بعض الْفُضَلَاء من أَنه لَا معبود مُسْتَحقّ لِلْعِبَادَةِ والألوهية الْوَاجِب لذاته فِي الْوَاقِع حَيْثُ يَنْفِي اسْتِحْقَاق الْعِبَادَة والألوهية عَن جَمِيع مَا سوى الْوَاجِب لذاته فِي الْوَاقِع نفيا عَاما للوجود والإمكان مفهوماً من الْإِطْلَاق وَيثبت الْوُجُود لَهُ تَعَالَى بطرِيق الْبُرْهَان لاستلزام الْوُجُوب وَكَذَا اسْتِحْقَاق الْعِبَادَة والألوهية للوجود] . وَلَك أَن تَقول إِن كلمة (لَا) دخلت على الْمَاهِيّة فانتفت الْمَاهِيّة، وَإِذا انْتَفَت الْمَاهِيّة انْتَفَت كل أَفْرَاد الْمَاهِيّة، وَنفي الْمَاهِيّة أقوى بِالتَّوْحِيدِ الصّرْف من نفي الْوُجُود، وَالدّلَالَة على التَّوْحِيد تتَوَقَّف على كَون لَفْظَة الْجَلالَة علما دَالا على الذَّات الْمعينَة والحقيقة إِذْ لَو لم يكن علما لَكَانَ مفهوماً كلياً مُحْتَمل الْكَثْرَة فَلَا تكون تِلْكَ الْكَلِمَة توحيداً لَا عقلا وَلَا شرعا وَلكنهَا تَوْحِيد نصا وإجماعاً، وَالْحق أَن هَذَا الِاسْم الْجَلِيل صفة فِي الأَصْل لقِيَام دَلِيل الِاشْتِقَاق وَهُوَ الْمُشَاركَة فِي اللَّفْظ والتركيب بَينه وَبَين بعض الْأَلْفَاظ الدَّالَّة على الْمعَانِي الوصفية لكنه اخْتصَّ بطرِيق الْغَلَبَة بِالذَّاتِ البحت الْفَرد الْقَدِيم الأقدس المستجمع لجَمِيع الكمالات، النَّافِي للنقائص من الصِّفَات، الصَّالح فِي ذَاته، المصلح لغيره من الذوات، المبدئ باخيتاره لجَمِيع الموجودات، المنتهي إِلَيْهِ سلسلة الكائنات من كل الْجِهَات فَصَارَ من الْأَعْلَام الْغَالِبَة كالثريا وَلذَلِك يُوصف وَلَا يُوصف بِهِ، وَصَارَ حصر الألوهية على مَدْلُوله توحيداً بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاع، (وَأما {الْعَزِيز الحميد الله} فعلى قِرَاءَة الرّفْع مُبْتَدأ لَا وصف، وعَلى قِرَاءَة الْجَرّ بَيَان لَا وصف) ، فَإِن قيل: إِن غير العَلَم إِنَّمَا يصير عَلَماً بِغَلَبَة الِاسْتِعْمَال إِذا كَانَ الْمُسْتَعْمل فِيهِ متميزاً بشخصه عِنْد الْمُسْتَعْمل ليمكن اعْتِبَار التعين العلمي فِي مَفْهُومه قُلْنَا: كل حَقِيقَة تتَوَجَّه الأذهان إِلَى فهمها وتفهمها قد وضع لَهَا عَلَم فخالق الْأَشْيَاء أولى بذلك فَإِن تميز ذَاته ثَابت مَعْلُوم بالبراهين القطعية بل فِي سلك البديهيات وَذَلِكَ الْقدر من الْعلم بالامتياز كَاف فِي الِاسْتِعْمَال وَلَا حَاجَة فِي وضع الْأَعْلَام إِلَى معرفَة الْمَوْضُوع وملاحظة بشخصه بل يَكْفِي مَعْرفَته وملاحظته على وَجه ينْحَصر ذَلِك الْوَجْه بالخارج وَيجوز أَن يُسَمِّي الْحق سُبْحَانَهُ نَفسه باسم يدل على ذَاته بالمطابقة ثمَّ يعرفنا بذلك (والمعاني الْمقدرَة عقلا فِي هَذِه الْكَلِمَة المشرفة بِاعْتِبَار معنى الْمُسْتَثْنى والمستثنى مِنْهُ أَرْبَعَة، ثَلَاثَة مِنْهَا بَاطِلَة وَهِي أَن يَكُونَا جزئيين أَو كليين وَالْأول جزئياً وَالثَّانِي كلياً، وَالرَّابِع وَهُوَ أَن يكون الأول كلياً وَالثَّانِي جزئياً، فَإِن كَانَ المُرَاد بالكلي الَّذِي هُوَ الْإِلَه الْمُطلق المعبود لم يَصح لِكَثْرَة المعبودات الْبَاطِلَة، وَإِن كَانَ المُرَاد الْإِلَه المعبود بِحَق صَحَّ

نوع

فَلَا يَصح من هَذِه الْأَقْسَام كلهَا إِلَّا أَن يكون الْإِلَه كلياً بِمَعْنى المعبود بِحَق فَإِذن هَذَا الِاسْم الْجَلِيل علم للفرد الْمَوْجُود مِنْهُ دَال على ذَات مَوْلَانَا لَا يقبل مَعْنَاهُ التَّعَدُّد ذهناً وَلَا خَارِجا) . [نوع] {لَا تعضلوهن} لَا تقهروهن. {وَلَا تَرْكَنُوا} : لَا تذْهبُوا. {لَا تقف} : لَا تقل. {وَلَا تعد عَيْنَاك} : لَا تتعداهم إِلَى غَيرهم. {لَا تَطْغَوْا} : لَا تظلموا. {لَا تٌ قَدّمُوا بَينَ يَديَ الله ورَسُولِه} : لَا تَقولُوا خلاف الْكتاب وَالسّنة. {وَلَا تجسسوا} : لَا تتبعوا أَو لَا تبحثوا عَن عورات الْمُسلمين. {لَا يرقبوا فِيكُم} : لَا يراعوا فِيكُم. {بِجُنُود لَا قبل لَهُم بهَا} : أَي لَا طَاقَة لَهُم بهَا. {لَا بيع فِيهِ وَلَا خلال} : أَي وَلَا مصادقة. {وَلَا يستحسرون} : وَلَا يعيون. {فَلَا تبتئس} : فَلَا تحزن وَلَا تشتك. {لَا مُعَقِّبَ لحُكْمِه} : لَا رادَّ لَهُ. {وَلَا يُجازُ عَلَيْه} : وَلَا يغاث أحد وَلَا يمْنَع مِنْهُ. {لَا تُنقَذون} : لَا تخرجُونَ من سلطاني. {وَلَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً للذينَ كَفَرُوا} : لَا تسلطهم علينا. {لَا تبخسوا} : لَا تظلموا. {لَا ينظرُونَ} : لَا يؤخرون. {لَا تظمأ} : لَا تعطش. {لَا تضحى} : لَا يصيبك حَرّ وَلَا تعرق فِيهَا من شدَّة حر الشَّمْس. {لَا تأس} : لَا تحزن. {لَا تغلوا} : لَا تَزِيدُوا. {لَا تصعر خدك للنَّاس} لَا تتكبر فتحقر عباداً لله وَتعرض عَنْهُم بِوَجْهِك إِذا حكموك. {وَلَا تنيا فِي ذكري} : لَا تضعفا عَن أَمْرِي. {لَا تستفت} : لَا تسْأَل.

{لَا تحصوها} : لَا تحصروها وَلَا تضبطوا عدهَا. {لَا تلوون} : لَا تلتفتون. {لَا تشطط} : لَا تجرْ فِي الْحُكُومَة. {لَا تقنطوا} : لَا تيأسوا. {لَا تعلوا} : لَا تتكبروا. {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} : لَا يَدْعُ بَعْضكُم بَعْضًا بلقب السوء. {لَا تَفْتِنِّي} : لَا توقعني فِي الْفِتْنَة أَي الْعِصْيَان والمخالفة. {لَا تعثوا} : لَا تَعْتَدوا. {لَا تهنوا} : لَا تضعفوا عَن الْجِهَاد بِمَا أَصَابَكُم. {لَا تجزي نفس} : لَا تقضي وَلَا تغني. {لَا يزكيهم} : لَا يثني عَلَيْهِم. {لَا تنس} : لَا تتركها ترك المنسي. {وَلَا تبرجن} : لَا تتبخترن فِي مشيكن. {لَا تَزِرُ} : لَا تحمل. {لَا تحاضون} : لَا تحثّون. {لَا تمترن} : لَا تشكّن. {لَا شية فِيهَا} : لَا لون فِيهَا يُخَالف لون جلدهَا، مَأْخُوذَة من وشي الثَّوْب إِذا نسج على لونين مُخْتَلفين، يُقَال: فرس أبلق، وكبش أَمْلَح، وتيس أبرق، وغراب أبقع، وثور أشيه، كل ذَلِك بِمَعْنى البلقة. {وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا لبعولتهن} : لَا تبدي خلاخيلها وعضدها ونحرها وشعرها إِلَّا لزَوجهَا. {لَا ينزفون} : لَا يقيئون كَمَا يقيء صَاحب خمر الدُّنْيَا أَو لَا يسكرون. {وَلَا يَلْتَفِت} : لَا يتَخَلَّف. {لَا يؤوده} : لَا يثقل عَلَيْهِ. {لَا يسأمون} : لَا يفترون وَلَا يملون. {لَا فارض} : لَا هرمة. {لَا فِيهَا غول} : لَيْسَ فِيهَا نَتن وَلَا كَرَاهِيَة كخمر الدُّنْيَا. {فَلَا جنَاح} : فَلَا حرج. {وأمّا اليتيمَ فَلَا تَقْهَرْ} : فَلَا تغلبه على مَاله

لضَعْفه. {وَأما السَّائِل فَلَا تنهر} : فَلَا تزجر. {لَا ترجون لله وقارا} : لَا تخافون لَهُ عَظمَة. {لَا يفلح السَّاحر حَيْثُ أَتَى} : لَا يُؤمن حَيْثُ وجد. {لَا شرقية وَلَا غربية} : أَي لَا تطلع عَلَيْهَا الشَّمْس عِنْد شروقها فَقَط لَكِنَّهَا شرقية غربية تصيبها الشَّمْس بِالْغَدَاةِ والعشي. {وَلَا يَأْتَلِ} : وَلَا يحلف من الألية، أَو لَا يقصر من الألو. {لَا تَبْدِيل لخلق الله} : مَعْنَاهُ أَمر وَهُوَ نهي عَن الْخصي. {لَا يبغيان} : لَا يختلطان. {لَا بيع فِيهِ وَلَا خلة} : أَي لَا يُمكن فِي الْقِيَامَة ابتياع حَسَنَة وَلَا استجلابها بالمودة {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} . {وَلَا يستثنون} : وَلَا يَقُولُونَ إِن شَاءَ الله. {وَلَا يجرمنكم} : لَا يحملنكم أَو لَا يكسبنكم. {لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم} : لَا تأنيب عَلَيْكُم، استعير للتقريع الَّذِي يمزق الْعرض وَيذْهب مَاء الْوَجْه. {وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسرا} : وَلَا تغشني عسيراً من أَمْرِي بالمضايقة والمؤاخذة. {لَا أَبْرَح} : لَا أَزَال. {وَملك لَا يبْلى} : لَا يَزُول وَلَا يضعف. {وَلَا تلبسوا} : وَلَا تخلطوا. {وَلَا ترتدوا على أدباركم} : وَلَا ترجعوا مُدبرين خوفًا من الْجَبَابِرَة. {وَلَا تلمزوا أَنفسكُم} : أَي لَا يعيب بَعْضكُم بَعْضًا. {لَا يفتر عَنْهُم} : لَا يُخَفف عَنْهُم. {وَلَا تخزنا} ، وَلَا تعذبنا وَلَا تُهْلِكنَا وَلَا تفضحنا وَلَا تهنّا. {لَا يلتكم} : لَا ينقصكم. {فَلَا يظْهر على غيبه} : فَلَا يطلع عَلَيْهِ. {من طين لازب} : لاصق ثَابت. {وَلَا تَمْتُنْ تَسْتَكْثِر} : لَا تعط مستكثراً، أَو لَا تمنن على الله بعبادتك مستكثراً إِيَّاهَا.

فصل الياء

{لَا تبقي وَلَا تذر} : أَي لَا تبقي على شَيْء يلقى فِيهَا وَلَا تَدعه حَتَّى تهلكه. {لَا وزر} : لَا ملْجأ. {فَلَا رفث} : فَلَا جِماع. {وَلَا فسوق} : وَلَا خُرُوج من حُدُود الشَّرْع. {وَلَا جِدَال} : وَلَا مراء مَعَ الخدم والرفقة فِي أَيَّام الْحَج. {وَلَا تُبطلوا صَدَقاتِكُم} وَلَا تحبطوا أمرهَا. {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} : لَا تحيط بِهِ. {لَا يتناهون} : لَا ينْهَى بَعضهم بَعْضًا. {لَا تغلوا فِي دينكُمْ} : أَي غلواً بَاطِلا كَمَا غَلت النَّصَارَى فِي رفع شَأْن سيدنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وغلت الْيَهُود فِي وَصفه] . فصل الْيَاء [الْيَأْس] : كل يأس فِي الْقُرْآن فَهُوَ قنوط إِلَّا الَّتِي فِي " الرَّعْد " فَإِنَّهَا بِمَعْنى الْعلم. [يَعْقُوب] : كل مَوضِع فِي الْقُرْآن ذكر يَعْقُوب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير إِضَافَة بنيه إِلَيْهِ عبر عَنهُ بِيَعْقُوب، وَحَيْثُ ذكر مُضَافا إِلَيْهِ بنوه عبّر عَنهُ بإسرائيل ردا على أَن أباهم الَّذين شرفوا بالانتساب إِلَيْهِ هُوَ عبد الله فحقهم أَن يعاملوا الله بِحَق الْعُبُودِيَّة ويخضعوا ويتبعوا رسله فِيمَا أرسلهم بِهِ. [يدْريك: كل شَيْء فِي الْقُرْآن (مَا يدْريك) فَلم يخبر بِهِ، وكل شَيْء فِي الْقُرْآن (وَمَا أَدْرَاك) فقد أخبر، وَذَلِكَ أَن (مَا) فِي الْمَوْضِعَيْنِ للاستفهام الإنكاري، لَكِن فِي (مَا يدْريك) إِنْكَار وَنفي للإدراك فِي الْحَال والمستقبل، فَإِذا نفى لنِيَّة ذَلِك فِي الْمُسْتَقْبل لم يُخبرهُ وَلم يفسره، وَفِي (مَا أَدْرَاك) إِنْكَار وَنفي لتحقيق الْإِدْرَاك فِي الْمَاضِي لَا يُنَافِي تحَققه فِي الْحَال والمستقبل، فإدراك الله تَعَالَى بإخباره وَتَفْسِيره] . [الياسر] : كل شَيْء جزأته فقد يسرته، والياسر: الجازر لِأَنَّهُ يُجزئ لحم الْجَزُور. [الْيَتِيم] : كل شَيْء فَرد يعز نَظِيره فَهُوَ يَتِيم، وَحقّ هَذَا الِاسْم أَن يَقع على الصغار والكبار لبَقَاء الِانْفِرَاد عَن اعْتِبَار الْأَخْذ والإعطاء من الْوَلِيّ بِالنّظرِ إِلَى حَال نَفسه إِلَّا أَنه غلب أَن يُسمى بِهِ قبل أَن يبلغ مبلغ الرِّجَال، فَإِذا بلغ زَالَ عَنهُ هَذَا الِاسْم، وعَلى وفْق هَذَا وردعرف الشَّرْع. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يُتْمَ بعد الحُلُم " أَي: لَا يجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَام الْيَتِيم وَلَا يحْتَاج إِلَى الْوَلِيّ. [اليقطين] : كل شَيْء ينْبت ثمَّ يَمُوت من عَامه فَهُوَ يَقْطِين. والعامة تخص بِهَذَا الِاسْم القرع وَحده. الْيَاء: هِيَ تزاد فِي الْأَسْمَاء وَتَكون للإضافة كَمَا

فِي (بصريّ) و (كوفيّ) ، وللنسبة كَمَا فِي (قرشيّ) و (تميميّ) ، وللتثنية، ولعلامة الْخَفْض، ولأمر الْمُؤَنَّث، وللتصغير. وَمن ألقابها: يَاء الْجمع، والصلة فِي القوافي، والمحولة كالميزان، والفاصلة فِي الْأَبْنِيَة، والمبدلة من لَام الْفِعْل، وَغير ذَلِك. وَالْيَاء إِذا كَانَت زَائِدَة فِي الْوَاحِد همزت فِي الْجمع كقبيلة وقبائل. وَإِذا كَانَت من نفس الْكَلِمَة لم تهمز كمعيشة ومعايش. وتكتب فِي الْفِعْل ممدودة وَفِي الِاسْم مَقْصُورَة تَعْظِيمًا للْفِعْل. وياء النّسَب كالتاء من حَيْثُ إنَّهُمَا يجيئان للْفرق بَين الْمُفْرد وَالْجِنْس كتمرة وتمر، وزنجي وزنج. يَا: أصل وَضعهَا للبعيد حَقِيقَة أَو حكما. قَالَ ابْن الْحَاجِب: (يَا) أعمّ، تسْتَعْمل للقريب والبعيد فَيرد عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {يَا دَاوُد} لِأَن الله تَعَالَى أقرب من حَبل الوريد. وقربة أحد الشَّيْئَيْنِ من الآخر تَسْتَلْزِم قربَة الآخر مِنْهُ، وَلَا يُمكن التَّوْجِيه بالاستقصار والاستبعاد لقَوْله تَعَالَى: {وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب} ، ومعكوس بالقريب متصف بِأَصْل الْقرب، والهمزة لأَقْرَب متصف بِزِيَادَة الْقرب، وَلم يذكر للبعيد مرتبتان كَمَا للقريب. وَجعل ابْن الدهان (يَا) مستعملة فِي الْجَمِيع. و (يَا) أَكثر حُرُوف النداء اسْتِعْمَالا، وَلَا يُنَادى اسْم الله وَلَا اسْم المستغاث وَلَا (أَيهَا) و (أيتها) إِلَّا بيا، وَإِذا ولي (يَا) مَا لَيْسَ بمنادى كالفعل نَحْو: " أَلا يَا اسجدوا " والحرف نَحْو: (يَا لَيْتَني) فَقيل: هِيَ للنداء والمنادى مَحْذُوف، وَقيل: هِيَ لمُجَرّد التَّنْبِيه لِئَلَّا يلْزم الإجحاف بِحَذْف الْجُمْلَة كلهَا. وَقَالَ ابْن مَالك: " إنْ وَليهَا دُعَاء أَو أَمر أَو نهي فَهِيَ للنداء، وَإِلَّا فَهِيَ للتّنْبِيه ". وَيَا صَاحِبَاه: كلمة يعتادونها عِنْد وُقُوع أَمر عَظِيم فيقولونها ليجتمعوا ويتهيئوا. (وَلَا يجوز نِدَاء الْبعيد بِالْهَمْزَةِ لعدم الْمَدّ فِيهَا، وَيجوز نِدَاء الْقَرِيب بِسَائِر حُرُوف النداء توكيداً، وَقد يجوز حذف حرف النداء من الْقَرِيب نَحْو: {يُوسُف أعرض} وَقد كثر الْحَذف فِي الْمُضَاف نَحْو: {فاطر السَّمَاوَات} ، {رب أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى} وَهُوَ كثير فِي التَّنْزِيل. وَحذف الْحُرُوف وَإِن كَانَ مِمَّا يأباه الْقيَاس حذرا عَن اخْتِصَار الْمُخْتَصر الَّذِي هُوَ إجحاف، إِذْ الْحُرُوف إِنَّمَا جِيءَ بهَا للاختصار إِلَّا أَنه قد ورد فِيمَا ذَكرْنَاهُ لقوه الدّلَالَة على الْمَحْذُوف فَصَارَ للقرائن الدَّالَّة كالتلفظ بهَا) . الْيَقِين: الِاعْتِقَاد الْجَازِم الثَّابِت المطابق للْوَاقِع، وَقيل: عبارَة عَن الْعلم المستقر فِي الْقلب لثُبُوته من سَبَب مُتَعَيّن لَهُ بِحَيْثُ لَا يقبل الانهدام، من

(يقن المَاء فِي الْحَوْض) إِذا اسْتَقر ودام. والمعرفة تخْتَص بِمَا يحصل من الْأَسْبَاب الْمَوْضُوعَة لإِفَادَة الْعلم. [وَفِي " الْأَنْوَار ": هُوَ إيقان الْعلم بِنَفْي الشَّك والشبهة عَنهُ بالاستدلال وَلذَلِك لم يُوصف بِهِ علم الْبَارِي تَعَالَى وَلَا الْعُلُوم الضرورية] . قَالَ الرَّاغِب: الْيَقِين من صفة الْعلم، فَوق الْمعرفَة والدراية وَأَخَوَاتهَا، يُقَال: علم يَقِين. وَلَا يُقَال: معرفَة يَقِين. وَهُوَ سُكُون النَّفس مَعَ إِثْبَات الحكم. وَالْيَقِين أبلغ علم وأوكده لَا يكون مَعَه مجَال عناد وَلَا إحتمال زَوَال. وَالْيَقِين يتَصَوَّر عَلَيْهِ الْجُحُود كَقَوْلِه تَعَالَى: {وجحدوا بهَا واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا} . والطمأنينة لَا يتَصَوَّر عَلَيْهَا الْجُحُود، وَبِهَذَا ظهر وَجه قَول عليّ رَضِي الله عَنهُ: " لَو كشف الغطاء مَا لزددت يَقِينا "، وَقَول إِبْرَاهِيم الْخَلِيل: {وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} . [وَظَاهر عبارَة الْبَعْض أَن الْيَقِين يقارن الحكم بامتناع النقيض، لَكِن التَّحْقِيق أَن الْمُعْتَبر فِي الْيَقِين هُوَ أَن يكون بِحَيْثُ لَو خطر النقيض بالبال يحكم بامتناعه فَهُوَ اعْتِقَاد بسيط] . وَقد يذكر الْيَقِين بِمَعْنى الْإِيمَان مجَازًا لمناسبة بَينهمَا. ويتفاوت الْيَقِين إِلَى مَرَاتِب بَعْضهَا أقوى من بعض كعلم الْيَقِين لأَصْحَاب الْبُرْهَان، وَعين الْيَقِين، وَحقّ الْيَقِين أَيْضا لأَصْحَاب الْكَشْف والعيان كالأنبياء والأولياء على حسب تفاوتهم فِي الْمَرَاتِب. وَقد حقق الْمُحَقِّقُونَ من الْحُكَمَاء بِأَن بعد الْمَرَاتِب الْأَرْبَع للنَّفس مرتبتين. إِحْدَاهمَا مرتبَة عين الْيَقِين وَهِي أَن تصير بِحَيْثُ (تشاهد المعقولات فِي المعارف المفيضة إِيَّاهَا كَمَا هِيَ. وَالثَّانيَِة مرتبَة حق الْيَقِين وَهِي أَن تصير بِحَيْثُ) تتصل بهَا اتِّصَالًا عقلياً وتلاقي ذَاتهَا تلاقياً روحانياً. وَفِي " أنوار التَّنْزِيل ": العارفون بِاللَّه إِمَّا أَن يَكُونُوا بالغي دَرَجَة العيان، أَو واقفين فِي مقَام الِاسْتِدْلَال والبرهان. والأولون إِمَّا أَن ينالوا مَعَ العيان الْقرب بِحَيْثُ يكونُونَ كمن يرى الشَّيْء قَرِيبا وهم الْأَنْبِيَاء أَو لَا فيكونون كمن يرى الشَّيْء من بعيد وهم الصديقون، وَالْآخرُونَ إِمَّا أَن يكون عرفانهم بالبراهين الناطقة وهم الْعلمَاء الراسخون الَّذين هم شُهَدَاء الله فِي أرضه، وَإِمَّا أَن يكون بأمارات وإقناعات تطمئِن إِلَيْهَا نُفُوسهم وهم الصالحون. واليقينيات سِتّ: أَولهَا: الأوليات وَتسَمى البديهيات، وَهِي مَا يجْزم بِهِ الْعقل بِمُجَرَّد تصور طَرفَيْهِ نَحْو: الْكل أعظم من الْجُزْء. ثَانِيهَا: المشاهدات الباطنية، وَهِي مَا لَا يفْتَقر إِلَى عقل كجوع الْإِنْسَان وعطشه وألمه فَإِن الْبَهَائِم تُدْرِكهُ.

ثَالِثهَا: التجربيات، وَهِي مَا يحصل من الْعَادة كَقَوْلِنَا: (الرُّمَّان بِحَبْس الْقَيْء) وَقد يعم كعلم الْعَامَّة بِالْخمرِ أَنه مُسكر، وَقد يخص كعلم الطَّبِيب بإسهال المسهلات. رَابِعهَا: المتواترات، وَهِي مَا يحصل بِنَفس الْأَخْبَار تواتراً كَالْعلمِ بِوُجُود مَكَّة لمن لم يرهَا. خَامِسهَا: الحدسيات، وَهِي مَا يجْزم بِهِ الْعقل لترتيب دون تَرْتِيب التجربيات مَعَ الْقَرَائِن كَقَوْلِنَا: نور الْقَمَر مُسْتَفَاد من الشَّمْس. سادسها: المحسوسات، وَهِي مَا يحصل بالحس الظَّاهِر أَعنِي بِالْمُشَاهَدَةِ كالنار حارة وَالشَّمْس مضيئة، فَهَذِهِ جملَة اليقينيات الَّتِي يتألف مِنْهَا الْبُرْهَان. الْيَوْم: هُوَ لُغَة مَوْضُوع للْوَقْت الْمُطلق لَيْلًا أَو غَيره قَلِيلا أَو غَيره كَيَوْم الدّين لعدم الطُّلُوع والغروب حِينَئِذٍ. وَعرفا: مُدَّة كَون الشَّمْس فَوق الأَرْض. وَشرعا: زمَان ممتد من طُلُوع الْفجْر الثَّانِي إِلَى غرُوب الشَّمْس، بِخِلَاف النَّهَار فَإِنَّهُ زمَان ممتد من طُلُوع الشَّمْس إِلَى غُرُوبهَا. وَلذَلِك يُقَال: صمتُ الْيَوْم وَلم يُقَال: صمت النَّهَار. [وَقَالَ بَعضهم: مبدأ النَّهَار فِي عرف المنجمين وَالْفرس وَالروم من طُلُوع الشَّمْس وَهُوَ الْوَضع الطبيعي. وَفِي عرف أهل الشَّرْع من طُلُوع الصُّبْح الصَّادِق. فزمان النَّهَار على هَذَا الْعرف يزِيد على زمَان النَّهَار فِي الْعرف الأول بِزَمَان من اللَّيْل مَعْلُوم بِمِقْدَار مَحْدُود المبدأ، وَهُوَ مَا بَين طلوعي الْفجْر. ومبدأ اللَّيْل على الأول من غرُوب الشَّمْس، وعَلى الثَّانِي من مُجَاوزَة الْأُفق الغربي من حَيْثُ يظْهر من جَانب الشرق الظلمَة] . وَإِذا قرن الْيَوْم بِفعل لَا يَمْتَد كالقدوم مثلا كَانَ لمُطلق الْوَقْت: {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} فَإِن الْيَوْم فِيهَا مجَاز عَن الْوَقْت الْيَسِير بِخِلَاف الْيَوْم الآخر فَإِنَّهُ مجَاز عَن الْوَقْت الممتد الْكثير كَمَا فِي {يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين} . وللنهار إِذا امْتَدَّ كَالصَّوْمِ مثلا لكَونه معياراً فَإِن قيل: لَو قَالَ: (عَبده حر يَوْم يقدم فلَان) فَقدم لَيْلًا أَو نَهَارا أعتق مَعَ أَن الْيَوْم يسْتَعْمل للنهار حَقِيقَة وللوقت مجَازًا، وَفِيه الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز كَمَا فِي (لَا يضع قدمه فِي دَار فلَان) حَيْثُ يَحْنَث بِالْملكِ وَالْإِجَارَة والإعارة، وَفِيه أَيْضا جمع بَينهمَا لِأَن دَار فلَان حَقِيقَة فِي الْملك، وَالَّتِي سكن فِيهَا بِمَا ذكرنَا مجَاز لصِحَّة النَّفْي فِي غير ذَلِك دونه، وَوضع الْقدَم حَقِيقَة فِيمَا إِذا كَانَ حافياً وراجلاً، ومجاز فِيمَا إِذا كَانَ رَاكِبًا قُلْنَا: إِن هَذَا لَيْسَ من قبيل جمع الْحَقِيقَة وَالْمجَاز بل بِاعْتِبَار عُمُوم الْمجَاز أَي: صَار اللَّفْظ مجَازًا عَن شَيْء، وَذَلِكَ الشَّيْء عَام فَيعم. وَيَوْم الْقِيَامَة: عبارَة عَن امتداد الضياء الْعَام. وَأول الْيَوْم: الْفجْر ثمَّ الصَّباح ثمَّ الْغَدَاة ثمَّ البكرة ثمَّ الضُّحَى ثمَّ الهجيرة ثمَّ الظّهْر ثمَّ الرواح ثمَّ الْمسَاء ثمَّ الْعَصْر ثمَّ الْأَصِيل ثمَّ الْعشَاء الأولى ثمَّ الْعشَاء الْأَخِيرَة عِنْد مغيب الشَّفق. والسَّحَر سَحَران: الأول قبل انصداع الْفجْر

وَالْآخر عِنْد انصداعه قبيل الصُّبْح. والغداة: من طُلُوع الْفجْر إِلَى الظّهْر. والعشي: من الظّهْر إِلَى نصف اللَّيْل. فِي " الْقَامُوس " الصُّبْح: الْفجْر أَو أول النَّهَار. وَفِي " الْجَوْهَرِي ": يُقَال لوقت بعد طُلُوع الشَّمْس ضحوة ولوقت تشرق فِيهِ ضحى بِالْقصرِ ولوقت ارتفاعها الْأَعْلَى ضحاء بِالْمدِّ. وَالْيَوْم: مُدَّة دورة حَرَكَة الْفلك الْأَعْظَم أَعنِي الْعَرْش، وَإِنَّمَا الشَّمْس متحركة بحركة الْفلك الرَّابِع، وَهِي الَّتِي يتَوَقَّف عَلَيْهَا اللَّيْل وَالنَّهَار. ويتميز الْيَوْم بهَا عندنَا. وَأول الْيَوْم: إِلَى مَا قبل الزَّوَال. وَسَاعَة الزَّوَال: نصف النَّهَار لَا نصف الْيَوْم. والساعة: اسْم لجزء من الشَّهْر فِي لِسَان الْفُقَهَاء الْحَنَفِيَّة. وَأول الشَّهْر: من الْيَوْم الأول إِلَى السَّادِس عشر. وَآخر الشَّهْر: مِنْهُ إِلَى الآخر إِلَّا إِذا كَانَ تِسْعَة وَعشْرين فَإِن أَوله حِينَئِذٍ إِلَى وَقت الزَّوَال من الْخَامِس عشر وَمَا بعده آخر الشَّهْر. وَرَأس الشَّهْر: اللَّيْلَة الأولى مَعَ الْيَوْم. وغرة الشَّهْر: إِلَى انْقِضَاء ثَلَاثَة أَيَّام. وَاخْتلفُوا فِي الْهلَال فَقيل: إِنَّه كالغرة، وَالصَّحِيح أَنه أول الْيَوْم، وَإِن خَفِي فَالثَّانِي. وسلخ الشَّهْر: الْيَوْم الْأَخير. وَاللَّيْلَة الْأَخِيرَة: دأداء. وَذكر فِي كتب الْحَنَفِيَّة أَن غرَّة الشَّهْر هِيَ اللَّيْلَة الأولى. وَالْيَوْم الأول عبارَة عَن الْأَيَّام الثَّلَاثَة فِي الْعرف وَفِي اللُّغَة. والسلخ: عبارَة عَن الْيَوْم التَّاسِع وَالْعِشْرين فِي الْعرف، وَأما فِي اللُّغَة فَهُوَ عبارَة عَن الْأَيَّام الثَّلَاثَة من آخر الشَّهْر. وَآخر أول الشَّهْر: هُوَ الْخَامِس عشر. وَأول آخر الشَّهْر: هُوَ السَّادِس عشر. وَيَأْخُذ أَبُو حنيفَة كل شهر ثَلَاثِينَ يَوْمًا وكل سنة ثلاثمئة وَسِتِّينَ يَوْمًا، وَيَأْخُذ الطوفان بعض الْأَشْهر ثَلَاثِينَ وَبَعضهَا تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا فَإِن الإِمَام يعْتَبر الْحساب بِالْأَيَّامِ، وهما بالأهلّة. (وَاعْلَم أَن ظرف الزَّمَان إِمَّا ثَابت التَّصَرُّف والانصراف وَذَلِكَ كثير كَيَوْم وَلَيْلَة وَحين وَمُدَّة، وَإِمَّا منفيّ التَّصَرُّف والانصراف ومثاله الْمَشْهُور (سحر) إِذا قصد بِهِ التَّعْيِين مُجَردا عَن الْألف وَاللَّام وَالْإِضَافَة والتصغير نَحْو: (رَأَيْت أمس سحر) فَلَا ينوّن لعدم انْصِرَافه، وَلَا يُفَارق الظَّرْفِيَّة لعدم تصرفه، والموافق لَهُ عَشِيَّة إِذا قصد بهَا التَّعْيِين مُجَرّدَة عَن الْألف وَاللَّام وَالْإِضَافَة لَكِن أَكثر الْعَرَب يجعلونها عِنْد ذَلِك متصرفة منصرفة. وَأما ثَابت التَّصَرُّف منفيّ الِانْصِرَاف وَله مثالان: غدْوَة وبكرة إِذا جعلا علمين فَإِنَّهُمَا لَا ينصرفان للعلمية والتأنيث ويتصرفان فَيُقَال فِي الظَّرْفِيَّة: (لقِيت زيدا أمس غدْوَة) و (لقِيت عمرا أول أمس بكرَة) . وَيُقَال فِي عدم الظَّرْفِيَّة: (مَرَرْت البارحة إِلَى غَدوةٍ) أَو (إِلَى بكرةٍ) . وَأما ثَابت الِانْصِرَاف منفي التَّصَرُّف وَهُوَ مَا عين من ضحى وسحر وبكرة ونهار وَلَيْلَة وعتمة وعشاء وَمَسَاء وَعَشِيَّة فِي الْأَشْهر، فَهَذِهِ إِذا قصد بهَا التَّعْيِين بقيت على انصرافها ولزمت الظَّرْفِيَّة فَلم تتصرف، والاعتماد فِي هَذَا على النَّقْل) .

وَالِاخْتِيَار فِي عدِّ الْأَيَّام الرّفْع إِلَّا السبت وَالْجُمُعَة فَإنَّك تَقول فِي أفْصح اللُّغَات: اليومَ السبت وَالْيَوْم الْجُمُعَة بِالنّصب لما فيهمَا من معنى الْفِعْل فينصب الْيَوْم على الظَّرْفِيَّة. وَذكر الْيَوْم أَو اللَّيْل جمعا يَقْتَضِي دُخُول الآخر فِيهِ لُغَة وَعرفا، وَالْأَصْل دُخُول غير الْمَذْكُور ضَرُورَة الْمَذْكُور. وَقد نظمت فِيهِ: (فكَمْ حالِفٍ يَوْماً بِتَرْكِ كَلامِه ... نَهاراً فَصَار البرّ كالمَسْح مُدةَ) (وَكم حالِفٍ لَيْلاً كَذَا غَيرَ أنَّه ... يَبرّ إِلَى أنْ زَالَتِ الشَّمسُ صامتا) (فَهَذَا لتكميلٍ من اللَّيْلِ يَوْمه ... وَمن عَجَبٍ يَوْمٌ يكمِّلُ لَيْلَةَ) وَقد يُطلق الْيَوْم بطرِيق الْمجَاز على شدَّة ووقعة وَقعت فِيهِ كَقَوْلِهِم: يَوْم أحد وَيَوْم بدر وَيَوْم حنين، وَيَوْم الخَنْدَق، وَيَوْم وَاسِط. وَيَوْم ذُو أَيَّام: أَي صَعب شَدِيد ويومٌ أَيْوَم: أَي أَزْيَد وَأقوى شدَّة إِلَى غير ذَلِك من الْمَوَارِد المقرونة بقرائن توجب أَن تصحح حمل لفظ الْيَوْم أَو الْأَيَّام على مَا وَقع فِيهِ من الشدَّة والوقعة أَو الشدائد والوقائع، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَذكرهمْ بأيام الله} إِذْ الْإِنْذَار لَا يكون بِنَفس الْأَيَّام بل بالشدائد الْوَاقِعَة فِيهَا، وَكَذَا قَوْله: {لَا يرجون أَيَّام الله} أَي لَا يتوقعون الْأَوْقَات الَّتِي وَقتهَا الله لنصر الْمُؤمنِينَ وَوَعدهمْ بوقائعه بأعدائه. (وَكَذَا قَوْله: {يَلْقَ أَيَّامًا} على قِرَاءَة ابْن مَسْعُود، وَهُوَ إِخْبَار عَن لِقَاء الشدائد الْوَاقِعَة فِيهَا لَا عَن لِقَاء نفس الْأَيَّام، إِذْ لَا يُفِيد فَائِدَة يعْتد بهَا عرفا) . وَلَا يُضَاف لفظ (الْأَيَّام) إِلَّا إِلَى الْعشْرَة فَمَا دونهَا لَا إِلَى مَا فَوْقهَا. وَقَوله تَعَالَى: {أَيَّامًا معدودات} قدّروها بسبعة أَيَّام. والشائع فِي اسْتِعْمَال الْيَوْم المعرّف بِاللَّامِ أَن يُرَاد بِهِ زمَان الْحَال إِذْ الِاسْم الْعَام إِذا عرّف بأداة الْعَهْد ينْصَرف إِلَى الْحَاضِر نَظِيره الْآن من آن والساعة من سَاعَة. وَلما كَانَ أمس وغد مُتَّصِلا كل مِنْهُمَا بيومك اشتق لَهُ اسْم من أقرب سَاعَة إِلَيْهِ، فاشتق لليوم الْمَاضِي أمس الملاقي للمساء وَهُوَ أقرب إِلَى يَوْمك من صباحه أَعنِي صباح غَد فَقَالُوا: أمس. وَكَذَلِكَ غَد اشتق لَهُ اسْم من الْغَد وَهُوَ أقرب إِلَى يَوْمك من مسائه أَعنِي مسَاء غَد. وَالْيَوْم الآخر: هُوَ من الْمَوْت إِلَى الِاسْتِقْرَار وصف بِالْآخرِ. لِأَنَّهُ لَا ليل بعده. الْيَد: المِلك (بِالْكَسْرِ) ، والجارحة والصلة وَالْبركَة والجاه وَالْوَقار وَالْحِفْظ والنصر وَالْقُوَّة وَالْقُدْرَة وَالسُّلْطَان وَالنعْمَة وَالْإِحْسَان. وَالْيَد فِي الأَصْل كالمصدر عبارَة عَن صفة لموصوف، وَلذَلِك مدحهم سُبْحَانَهُ بِالْأَيْدِي مقرونة بالأبصار وَلم يمدحهم بالجوارح لِأَن الْمَدْح إِنَّمَا يتَعَلَّق بِالصِّفَاتِ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَشْعَرِيّ: إِن الْيَد صفة ورد بهَا الشَّرْع، وَالَّذِي يلوح من معنى هَذِه الصّفة أَنَّهَا قريبَة من معنى الْقُدْرَة إِلَّا أَنَّهَا

أخص. وَالْقُدْرَة أَعم كالمحبة مَعَ الْإِرَادَة والمشيئة، (فَإِن فِي الْيَد تَشْرِيفًا لَازِما) ، وَلما كَانَ الْيَد العاملة المختصة بالإنسان آلَة لقدرته، بهَا عَامَّة صنائعه وَمِنْهَا أَكثر مَنَافِعهَا عبر بهَا عَن النَّفس تَارَة وَالْقُدْرَة أُخْرَى. وَقَوْلهمْ: مَالِي بِهَذَا الْأَمر يدان: أَي طَاقَة وقدرة. وَالْيَد من رُؤُوس الْأَصَابِع إِلَى الْإِبِط [وَلذَلِك ذهب الْخَوَارِج إِلَى أَن المقطع هُوَ الْمنْكب وَالْجُمْهُور على أَنه الرسغ] . فِي " الْمُحِيط " أَنَّهَا تقع على الذراعين مَعَ الْمرْفقين. وَفِي " الْقَامُوس ": أَو من أَطْرَاف الْأَصَابِع إِلَى الْكَفّ، والكف: الْيَد، أَو إِلَى الْكُوع. والكوع: طرف الزند الَّذِي يَلِي الْإِبْهَام. والزند: موصل الذِّرَاع فِي الْكَفّ وهما زندان. والذراع: من طرف الْمرْفق إِلَى طرف الاصبع الْوُسْطَى. والساعد والمرفق: هما موصل الذِّرَاع فِي الْعَضُد. والعضد: مَا بَين الْمرْفق إِلَى الْكَتف. وساعداك: ذراعاك. وَمن الطَّائِر جناحاه. والباع: قدر مدّ الْيَدَيْنِ. والرسغ: مفصل مَا بَين الساعد والكف والساق والقدم مثل ذَلِك من كل دَابَّة. ثمَّ إِن إِطْلَاق الْيَد إِلَى الْمنْكب أهوَ على سَبِيل الْحَقِيقَة وعَلى الْبَعْض كَالْكَفِّ إِلَى الزند فِي قَوْله تَعَالَى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} وكالكف والذراع إِلَى الْمرْفق فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق} مجَاز من اطلاق اسْم الْكل على الْبَعْض، أَو على سَبِيل الْمجَاز، وَهِي حَقِيقَة فِي الْكَفّ إِلَى الزند، أَو مشكك فِي جَمِيع ذَلِك، أَو متواطئ بِمُقْتَضى نُصُوص الْأَئِمَّة أَنه على سَبِيل الْحَقِيقَة. وَالْيَد بِمَعْنى الْجَارِحَة تجمع على (أَيدي) ، وَبِمَعْنى النِّعْمَة على (أيادي) ، فَإِن أصل (يَد) (يَدي) ، وَمَا كَانَ على (فعل) لم يجمع على (أفَاعِل) وَبَعض الْعَرَب تَقول فِي الْجمع (أيد) بِحَذْف الْيَاء، وَلَيْسَ (أَيْدٍ) فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّمَاء بنيناها بأيد} جمع (يَد) بل مصدر بِمَعْنى الْقُوَّة وَمِنْه الْمُؤَيد والتأييد. وَلَو كَانَ المُرَاد بِهِ جمع (يَد) لأثبت الْيَاء لِأَن هَذِه أَصْلِيَّة لَا يجوز حذفهَا، والجموع تردّ الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا. قَالَ السَّيِّد الشريف: الأيادي هِيَ حَقِيقَة عرفية فِي النعم وَإِن كَانَت فِي الأَصْل مجَازًا فِيهَا. وَقد يكنى بِالْأَيْدِي والأيادي عَن الْأَبْنَاء والأسرة لِأَنَّهَا فِي التقوي والبطش بِمَنْزِلَة الْأَيْدِي، وَمِنْه: تفَرقُوا أَيدي سبأ.

وتقبيل الايادي الْكَرِيمَة لحن وَإِنَّمَا الصَّوَاب الْأَيْدِي الْكَرِيمَة. الْيَمين، فِي اللُّغَة: الْقُوَّة، وَمِنْه: {لأخذنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} وَلِهَذَا سميت الْيُمْنَى يَمِينا لِأَنَّهَا أقوى الْجَانِبَيْنِ، وَهِي جِهَة مبدأ الْحَرَكَة وَلذَلِك سمى الْحُكَمَاء جِهَة الْمشرق يَمِين الْفلك لابتداء الْحَرَكَة الْعُظْمَى مِنْهَا. وَفِي الشَّرِيعَة: عقد يقوى بِهِ عزم الْحَالِف على الْفِعْل وَالتّرْك وَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَى التقوية بِهِ إِمَّا لضعف الدَّاعِي إِلَى الْإِقْدَام الصَّارِف عَن الإحجام فِي الأول، ومقصوده الْحمل على الْمَطْلُوب، وَإِمَّا لعكسه فِي الثَّانِي ومقصوده الْمَنْع عَن الهروب فَيتَعَلَّق الْحِنْث وَالْبر لوُجُود الْمَحْلُوف عَلَيْهِ إقداماً كَانَ أَو إحجاماً، سَوَاء وجد سَهوا أَو عمدا، عَن إِكْرَاه أَو طوع، علم بِهِ الْحَالِف أَو لم يعلم لِأَن الْحِنْث بمخالفة الْيَمين وَالْبر بالموافقة حَقِيقَة، وعَلى أَي وصف كَانَ يتَحَقَّق ذَلِك، نعم لَا يَأْثَم إِذا لم يعْتَقد لَكِن الْإِثْم لَيْسَ بِشَرْط فِي تحقق الْحِنْث وَوُجُوب الْكَفَّارَة بل وُجُوبهَا يتَعَلَّق بِمُجَرَّد الْحِنْث. وَمن الْيَمين مَا تسمى يَمِين الْفَوْر ك (إِن دَعَوْت وَلم أجب فَعَبْدي حر) حَيْثُ يشْتَرط الْإِجَابَة على فَور الدُّعَاء، تفرد بِهِ أَبُو حنيفَة، وَكَانَ الْيَمين قبل ذَلِك إِمَّا مؤيدة ك (لَا أفعل كَذَا) وَإِمَّا مُؤَقَّتَة ك (لَا أفعل الْيَوْم كَذَا) أَخذه من حَدِيث جَابر وَابْنه حَيْثُ دعيا إِلَى نصْرَة إِنْسَان فَحَلفا أَن لَا ينصراه ثمَّ نصراه بعد ذَلِك وَلم يحثنا. وَيُقَال فِي الْيَمين: بِاللَّه. وَفِي التَّيَمُّن: باسم الله. [فالتيمن إِنَّمَا يكون باسمه تَعَالَى لَا بِذَاتِهِ، وَكَذَا اسْمه تَعَالَى يَجْعَل آلَة الْفِعْل لَا ذَاته، وَالْيَمِين إِنَّمَا يكون بِهِ لَا بأسمائه الَّتِي هِيَ الْأَلْفَاظ] . وَالَّتِي يعرّفها أهل اللُّغَة يسمون ذَلِك قسما يقْصد بِهِ تَعْظِيم الْمقسم بِهِ إِلَّا أَنهم لَا يخصون ذَلِك بِاللَّه. وَفِي الشَّرْع لَا يكون هَذَا إِلَّا بِاللَّه، وَالَّتِي لَا يعرفونها من الشَّرْط وَالْجَزَاء إِذْ لَيْسَ فِيهِ معنى التَّعْظِيم. وَهُوَ يَمِين عِنْد الْفُقَهَاء لما فِيهِ من معنى الْيَمين وَهُوَ الْمَنْع والإيجاب. واليسار الْمُقَابل للْيَمِين بِمَعْنى الْيَد الْيُمْنَى بِالْفَتْح. وَالْكَسْر لغةٌ فِيهِ أَيْضا، وَكَذَا الْيَسَار الْمُقَابل للعسار بِالْفَتْح. الْيَأْس: هُوَ انْقِطَاع الرَّجَاء. يُقَال: يئست فَأَنا يائس وآيس، وأيست لغةٌ فِيهِ أَيْضا. اليانع: الْأَحْمَر من كل شَيْء. اليراع: هُوَ ذُبَاب يطير بِاللَّيْلِ كَأَنَّهُ نَار. واليراعة: الأحمق والجبان. يلايمني: أَي يوافقني. ويلاومني: من اللوم. وَيُقَال: فلَان يأوي اللُّصُوص وَإِلَى اللُّصُوص. هَذَا يُسَاوِي ألفا لَا يَسْتَوِي ألفا. يلهى عَنهُ: كيرعى بِفَتْح الْهَاء أَي: يشغل. ويلهو: من اللَّهْو. {يُرِيد أَن ينْقض} : أَي يكَاد.

يجوز: بِمَعْنى يَصح وَبِمَعْنى يحل أَيْضا. يحدر فِي قِرَاءَته: بِالْحَاء المغفلة أَي: يسْرع. ويهدر فِي قِرَاءَته، بِالْهَاءِ أَي: يهتاج مَعَ علو صَوته فِيهَا. يَصح: أَعم من يلْزم. يدع: أخص من (يذر) لِأَنَّهُ ترك الشَّيْء مَعَ سبق الاعتناء بِهِ. وَفُلَان ينسج وَحده: أَي لَا نَظِير لَهُ فِي الْعلم وَغَيره. يكود بِنَفسِهِ: يجود. ويكيد: يمكر. يجب: قد اسْتعْمل بِمَعْنى يسْتَحبّ، فَإِن الْمَذْكُور فِي عَامَّة الْكتب: إِن قلم أظافيره أَو جز شعره يجب أَن يدْفن، وَإِن رمى لَا بَأْس بِهِ. ويستعملون الأولى بِمَعْنى الْوُجُوب. أَرض يباب: أَي خراب. يافث، كصاحب: ابْن نوح، أَبُو التّرْك ويأجوج وَمَأْجُوج. يحيى: فِي تَعْلِيل كِتَابَة الْعلم بِالْيَاءِ خلاف، فَإِن عللناه بالعلمية كتبناه بِالْألف لِأَنَّهُ قد زَالَت علميته، وَإِن عللناه بِالْفرقِ بَين الِاسْم وَالْفِعْل كتبناه بِالْيَاءِ لِأَن الاسمية مَوْجُودَة فِيهِ، وَهُوَ اسْم أعجمي وَقيل عَرَبِيّ [فيحيى مَنْقُول عَن فعل كيعيش ويعمر] وعَلى الْقَوْلَيْنِ لَا ينْصَرف [لمعرفته وللزيادة فِي أَوله وَجمعه يحيون كموسون وعسَيْون] وعَلى الثَّانِي سمي بِهِ لِأَنَّهُ أَحْيَاهُ الله بِالْإِيمَان [أَو حييّ بِهِ رحم أمه] وَقيل: لِأَنَّهُ اسْتشْهد وَالشُّهَدَاء أَحيَاء، وَقيل: مَعْنَاهُ: يَمُوت، كالمفازة للمهلكة، والسليم للديغ. وَهُوَ ابْن زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السّلم، ولد قبل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام بِسِتَّة أشهر، ونبيء صغيراُ، وقُتل ظلما. يُونُس: هُوَ ابْن مَتى (كحتى) قيل: كَانَ فِي زمن مُلُوك الطوائف من الْفرس. [وَكَانَ نَبيا حِين الْإِلْقَاء، وَقيل: لم يكن نَبيا قبل هَذِه الْوَاقِعَة. اليسع: هُوَ ابْن اخطوب، علم أعجمي والأغلب ثُبُوت (ال) فِيهِ. اسْتَخْلَفَهُ الياس على بني إِسْرَائِيل ثمَّ استنبئ] . يُوسُف: هُوَ ابْن يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم [من أكَابِر الْأَنْبِيَاء] ، ألقِي فِي الْجب وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْ عشرَة سنة، وَلَقي أَبَاهُ بعد الثَّمَانِينَ. وَتُوفِّي وَله مئة وَعِشْرُونَ سنة، وَالصَّوَاب أَنه أعجمي لَا اشتقاق لَهُ. قَالَ بَعضهم: هُوَ مُرْسل لقَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد جَاءَكُم يُوسُف من قبل بِالْبَيِّنَاتِ} . [إِذْ الْآيَات مُخْتَصَّة بالرسل. وَفِي كتب التَّفْسِير: استوزره الريان وَهُوَ ابْن ثَلَاثِينَ سنة، وأوتي الحكم وَالْعلم وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَثَلَاثِينَ] . يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام: سمي يَعْقُوب إِسْرَائِيل مَعْنَاهُ صفوة الله، وَهُوَ أَبُو الأسباط، والسبط من بني

نوع

إِسْرَائِيل بِمَنْزِلَة الْقَبِيلَة من الْعَرَب، عَاشَ مئة وَسبعا وَأَرْبَعين، وَمَات بِمصْر، وَأوصى أَن يحمل إِلَى الأَرْض المقدسة ويدفن عِنْد أَبِيه إِسْحَاق عَلَيْهِ السَّلَام فَحَمله ابْنه يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَدَفنه عِنْد أَبِيه [كَمَا أوصى] [نوع] {سحر يُؤثر} : يُروى ويتعلم. {يوفضون} : يسرعون. {يراؤون} : يرَوْنَ النَّاس أَعْمَالهم ليروهم الثَّنَاء عَلَيْهِم. {يفجرونها تفجيرا} : يجرونها حَيْثُ شاؤوا إِجْرَاء سهلاً. {يُغْنِيه} : يَكْفِيهِ. {يتمطى} : يتبختر افتخاراً. {فَلْيتَنَافس المنتافسون} : فليرتقب المرتقبون. {يستوفون} : يَأْخُذُونَ حُقُوقهم وافية. {يتغامزون} : يغمر بَعضهم بَعْضًا ويشيرون بأعينهم. {يَدْعُو ثبورا} : يتَمَنَّى الْهَلَاك. {ظن أَن لن يحور} : لن يرجع إِلَى الله. {إِذا يسر} إِذا يمْضِي. {يُؤمنُونَ} : يصدقون. {يعمهون} : يتمادون أَو يَلْعَبُونَ ويترددون. {يجرمنكم} : يحملنكم. {ينأون} : يتباعدون. {يصدفون} : يعدلُونَ عَن الْحق. و {إِن يدعونَ} يعْبدُونَ. {يفرطون} : يضيعون. {يُضَاهُون} : يشبهون. {يثنون} : يكنون. {يستغشون ثِيَابهمْ} : يغطون رؤوسهم. {كَأَن لم يغنوا} : يعيشوا أَو يقيموا. {يود} : يتَمَنَّى. {يعظكم} : يُوصِيكُم.

{ليدحضوا بِهِ} : ليزيلوا بالجدال. {ألم يَأن} : ألم يقرب إناه. {يلوون ألسنتهم بِالْكتاب} : يفتلونها أَي: يصرفونها عِنْد الْقِرَاءَة عَن المنزَّل إِلَى المحرّف. {فليبتكن} : يشقّون. {يزجي} : يُجري. {يَئوساً} : قنوطاً. {يبسطوا} : يبطشون. {يَسِيرا} : سَرِيعا. {فِي كل وَاد يهيمون} : يَخُوضُونَ. {يصدعون} : يتفرقون. {يوبقهن} : يهلكهن. {يكور} : يحمل. {يهجعون} : ينامون. {لم يطمثهن} : لم يَدْنُ مِنْهُنَّ. {يَجْعَل لَهُ مخرجا} : ينجيه من كل كرب فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. {لَو تدهن فيدهنون} : لَو ترخص فيرخصون. {ليزلقونك} : ينفذونك. {يوعون} : يَسِيرُونَ. {يعرشون} : يبنون. {يفتنون} : يبتلون. {يطغى} : يتَعَدَّى. {إِذا أثمر وينعه} : نضجه وبلاغه. {يُهْرَعُون} : يقبلُونَ بِالْغَضَبِ. {لم يتسنه} : لم تغيره السنون. {يلتكم} : ينقصكم بلغَة بني عبس. {ليقترفوا} : ليكتسبوا. {يَنْسلونَ} : يخرجُون. {ينعق} : يَصِيح. {يَنْفضوا} : يذهبوا. {يس} : عَن ابْن عَبَّاس: يَا إِنْسَان، وَقَالَ سعيد بن جُبَير: يَا رجل بلغَة الْحَبَشَة.

الْيَهُود: قَالَ الجواليقي: أعجمي معرّب منسوبون إِلَى يهودا بن يَعْقُوب بإهمال الدَّال. الْيَاقُوت: ذكر أَنه فَارسي. {ويذرك وآلهتك} : يتْرك عبادتك. {يسبحون} : يَسِيرُونَ. {يستسخرون} : يبالغون فِي السخرية. {يسْحَبُونَ} : يجذبون. {يسجرون} : يحرقون. {يسبحون} : يسرعون. {يحادون الله وَرَسُوله} : يعادونهما أَو يختارون حدوداً غير حدودهما. {مَا يلفظ من قَول} : مَا يَرْمِي بِهِ من فِيهِ. {وَلنْ يتركم أَعمالكُم} : لن يضيع أَعمالكُم أَو لن ينقصكم فِي أَعمالكُم. {فيحفكم} : فيجهدكم بِطَلَب الْكلأ. {يبلس المجرمون} : يسكتون متحيرين آسفين. {فِي رَوْضَة يحبرون} : يسرّون سُرُورًا تهللت بِهِ وُجُوههم. {يذرؤكم} : يكثركم، من الذرء وَهُوَ البث، (وَفِي مَعْنَاهُ: الذَّر والذرو) . {يجبى إِلَيْهِ} : يُجْلب إِلَيْهِ. {يثخن فِي الأَرْض} : يكثر الْقَتْل ويبالغ فِيهِ. {يجمحون} : يسرعون إسراعاً لَا يردهم شَيْء كالفرس الجموح. {يخرصون} : يكذبُون على الله فِيمَا ينسبون إِلَيْهِ. {وَمَا يعزب عَن رَبك} : وَلَا يبعد مِنْهُ وَلَا يغيب عَن علمه. {ليؤوس} : قطوع رَجَاءَهُ. {يلتقطه} : يَأْخُذهُ. {يرتع} : يَتَّسِع فِي أكل الْفَوَاكِه وَنَحْوهَا. {يغاث النَّاس} : يمطرون (من الْغَيْث، أَو يغاثون من الْقَحْط) . {يثنون صُدُورهمْ} : يثنونها عَن الْحق وينحرفون عَنهُ، أَو يعطفونها على الْكفْر وعَلى عَدَاوَة النَّبِي، أَو يولون ظُهُورهمْ.

{يحِق الْحق} : يُثبتهُ ويعليه. {ليواطئوا} : ليوافقوا. {قوم يفرقون} : يخَافُونَ. {وَلَا يطؤون} : وَلَا يدوسون. {من يَلْمِزك} : يعيبك. {يَخْتَانُونَ} : يخونون. {يُشَاقق الرَّسُول} : يُخَالِفهُ. {يخصفان} : يرقعان ويلزقان. {يزفون} : يسرعون. {يَطْلُبهُ حثيثا} : يعقبه سَرِيعا كالطالب لَهُ. {مَا يأفكون} : مَا يزوِّرونه من الْإِفْك وَهُوَ الصّرْف وقلب الشَّيْء عَن وَجهه. {يطيروا} : يتشاءموا. {حَتَّى يلج الْجمل} : حَتَّى يدْخل. {فيظللن رواكد} : فيبقين ثوابت. {وَمن يَعش} : يتعامَ ويُعرض. {لَا يفتر عَنْهُم} : لَا يُخَفف. {وَلم يعي} : وَلم يتعب وَلم يعجز. {لَا يرجون أَيَّام الله} : لَا يتوقعون وقائعه بأعدائه. {لِيظْهرهُ} : ليعليه. {يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم} : يخفضونها. {ثمَّ يهيج} : يتم جفافه. {أَن يفرط علينا} : أَن يعجل علينا بالعقوبة. {هُوَ تَبُور} : يفْسد وَلَا ينفذ. {وَلَا هم يستعتبون} : أَي لَا يطْلب مِنْهُم العتبى وَهُوَ استرضاء الله كَمَا استعتب فِي الدُّنْيَا. {فيسحتكم} : فيهلككم ويستأصلكم. {فيدمغه} : فيسحقه. {من يكلؤكم} : يحفظكم. {ماعِنْدَكُم يَنْفَد} : يَنْقَضِي ويفنى. {وليتبروا} : وليخربوا. {يحاوره} : يُرَاجِعهُ فِي الْكَلَام.

{ثمَّ ليقضوا} : ثمَّ ليزيلوا. {يُدَعّونَ إِلَى جَهَنّم} : يدْفَعُونَ إِلَيْهَا دفعا عنيفاً. {يثقفوكم} : يظفروا بكم. {من يحموم} : من دُخان أسود. {لينبذن} : لَيُطْرَحَنَّ. {ثمَّ السَّبِيل يسره} : ثمَّ سهل مخرجه من بطن أمه. {وَهُوَ يجير} : يغيث. {يتفطرن} : يتشققن. {يعبأ بكم} : يصنع بكم. {يُوزعُونَ} : يدْفَعُونَ. {يلعنهم اللاعنون} : إِذا تلاعن اثْنَان فَإِن لم يسْتَحق أحد مِنْهُمَا رجعت اللَّعْنَة على الْيَهُود. {لن يستنكف} : لن يأنف، من نكفت الدمع: إِذا نحيته بإصبعك لكيلا يُرى أَثَره عَلَيْك. {ليفجر أَمَامه} : ليدوم على فجوره فِيمَا يستقبله من زمَان. {يدع الْيَتِيم} : يَدْفَعهُ عَن حَقه دفعا عنيفاً. {يتخافتون} : يخفضون أَصْوَاتهم. {يركضون} : يهربون مُسْرِعين راكضين دوابهم أَو مشبهين بهم من فرط إسراعهم. {يؤلون من نِسَائِهِم} : يحلفُونَ أَن لَا يجامعوهن. {يَتَرَبَّصْنَ} : ينتظرْن. {يغِيظ الْكفَّار} بغضبهم {لينفروا كَافَّة} : ليتبسطوا جَمِيعًا أَي سَارُوا فِي الْبِلَاد. {فيركمه} : فيجمعه وَيجْعَل بعضه إِلَى بعض. {يَوْم يحمى عَلَيْهَا} : أَي: يُوقد النَّار ذَات حمي شَدِيد على دَنَانِير ودراهم. {يسطون} : يثبون ويبطشون. {يخزيهم} : يذلهم ويعذبهم بالنَّار. {لَمَا يتخيَّرون} : يختارونه ويشتهونه.

{يتلاومون} : يلوم بَعضهم بَعْضًا. {وَمَا يسطرون} : وَمَا يَكْتُبُونَ. {ويقبضن} : ويضممنها إِذا ضربن بهَا جنوبهن. {فَيَوْمئِذٍ} : فَحِينَئِذٍ. {من يَقْطِين} : من شجرٍ ينبسط على وَجه الأَرْض فَلَا يقوم على سَاقه. وَالْأَكْثَر على أَنه الدُّبَّاء. {يتولونه} : يحبونه ويطيعونه. {إِن الشَّيَاطِين لَيُوحُون} : أَي ليوسوسون. {وليمحص} : وليطهر ويصفّي. {أفلم يَيْأسِ الَّذين آمنُوا} : أفلم يعلم بلغَة بني مَالك، وَقيل بلغَة هوَازن. {يصهر} : يذاب. {فَأصْبح يقلب كفيه} : أَي نَادِما. {يوف إِلَيْكُم} : يؤدَّ إِلَيْكُم وَلذَلِك أَدخل (إِلَى) . {ليقطع طرفا} : لينقص جمَاعَة بقتل بَعضهم وَأسر آخَرين. {وَلم يصروا} : أَي لم يقيموا وَلم يثبتوا. {ليَسُؤُوا وجُوهَكم} : ليجعلوها بادية آثَار المساءة فِيهَا. {وَلَا هم ينقذون} : ينجون من الْمَوْت. {يدسه فِي التُّرَاب} : يخفيه ويئده. {يتَوَارَى} : يستخفي. {حَتَّى أَتَانَا الْيَقِين} : الْمَوْت ومقدماته. {ليزلقونك} : ليزلقون قدمك أَو ليهلكونك بِإِصَابَة الْعين. {يعوق} : صنم لمراد. {يَغُوث} : صنم لمذحج. {ليَبْلُوكُمْ} : ليعاملكم مُعَاملَة المختبر بالتكليف. {وَمن النَّاس من يُعْجِبك} : يروقك ويعظم فِي نَفسك. {يصلونها} : يقاسمون حَرَّها. {شَأْن يُغْنِيه} : يَكْفِيهِ. {أَو يذكر} : أَو يتعظ

{لَعَلَّه يزكّى} : يتَطَهَّر. {حسابا يَسِيرا} : سهلاً لَا يناقش فِيهِ. {أعلم بِمَا يوعون} : يضمرون فِي صُدُورهمْ من الْكفْر والعداوة. {ألم يجدك} : من الوجد بِمَعْنى الْعلم. {وَمَا يَشْعُرُونَ} : لَا يحسون. {يسومونكم} : يبغونكم. {فَادع لنا رَبك يخرج لنا} : يظْهر لنا وَيُوجد. {ليحاجوكم} : ليحتجوا عَلَيْكُم. {يستخفون} : يستترون. {ينعق بِمَا لَا يسمع} : أَي يسمع الصَّوْت وَلَا يعرف مَعْنَاهُ، ويحس بالنداء وَلَا يفهم كَالْبَهَائِمِ. {فَلَنْ يكفروه} : فَلَنْ يضيع وَلنْ ينقص ثَوَابه الْبَتَّةَ. {سيطوقون مَا بخلوا بِهِ} : يستلزمون وبال مَا بخلوا بِهِ إِلْزَام الطوق. {وَيَتُوب عَلَيْكُم} : وَيغْفر لكم ذنوبكم. {يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه} : أَي يميلون عَن مواضِعِه الَّتِي فِيهَا بإزالته عَنْهَا وَإِثْبَات غَيره فِيهَا. {يتدبرون الْقُرْآن} : يتأملون فِي مَعَانِيه ويتبصرون مَا فِيهِ. {إِذْ يبيتُونَ} : يدبرون ويزورون. {قل الله يفتيكم} : يبين لكم. {إِن يَشَأْ يذهبكم} : يفنيكم. {وَيَأْتِ بِآخَرين} : وَيُوجد قوما فِي إِقَامَته. {أَو يكبتهم} : أَو يخزيهم. {فينقلبوا خائبين} : فينهزموا منقطعي الآمال. {لمن ليبطئن} : أَي من يتثاقلون ويتخلفون عَن الْجِهَاد يَعْنِي الْمُنَافِقين. {برَبهمْ يعدلُونَ} : يسوّون الْأَوْثَان بِهِ. {يطعم وَلَا يطعم} : يرْزق وَلَا يرزَق. {يَتَضَرَّعُونَ} : يتذللون. {يتوفاكم بِاللَّيْلِ} : ينيمكم فِيهِ ويراقبكم. {أَو يلْبِسكُمْ} : يخلطكم. {وَيُذِيق بَعْضكُم بَأْس بعض} : يُقَاتل

فصل في المتفرقات

بَعْضكُم بَعْضًا. {وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار} : يُحِيط علمه بهَا. {وَمَا يشعركم} : وَمَا يدريكم. {ليبدي لَهما} : ليظْهر. {يَلْهَث} : اللهث: ادّلاع اللِّسَان من التَّنْفِيس الشَّديد. {يلحدون فِي أَسْمَائِهِ} : يسمونه بِلَا تَوْقِيف فِيهِ. {يتيهون فِي الأَرْض} : أَي يذهبون متحيرين فِي الْمَفَازَة. {فَمن يملك من الله} : فَمن يمْنَع من قدرته وإرادته. {ليفتدوا بِهِ} : ليجعلوه فِدْيَة. {يدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض} : أَي يدبر أَمر الْمَخْلُوقَات أَي يخلق الْأَمر الَّذِي هُوَ الْمَخْلُوقَات، وَإِضَافَة الْأَمر إِلَيْهَا من إِضَافَة الْعَام إِلَى الْخَاص ليُوَافق قَوْله: {إِنَّا كلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَر} : فَتكون الْمَخْلُوقَات من قبيل الْمجَاز المشارفة كَمَا قيل فِي {هدى لِلْمُتقين} ] . فصل فِي المتفرقات كل مُبْتَدأ إِذا أضيف إِلَى مَوْصُوف بِغَيْر ظرف وَلَا جَار وَلَا مجرور وَلَا فعل للشرطية فَحِينَئِذٍ يجوز دُخُول الْفَاء فِي خَبره كَمَا فِي حَدِيثي الِابْتِدَاء. كل لفظ وضع لِمَعْنى اسْما كَانَ أَو فعلا أَو حرفا فقد صَار ذَلِك اللَّفْظ اسْما علما لنَفس ذَلِك اللَّفْظ، وَلذَلِك يُقَال: (ضرب) مثلا فعل مَاض. و (من) الْوَاقِعَة فِي (من الدَّار) حرف جر وَأَشْبَاه ذَلِك. كل لفظ فَلهُ معنى لغَوِيّ، وَهُوَ مَا يفهم من مَادَّة تركيبه، وَمعنى صيغي وَهُوَ مَا يفهم من هَيئته أَي حركاته وسكناته وترتيب حُرُوفه، لِأَن الصِّيغَة اسْم من الصوغ الَّذِي يدل على التَّصَرُّف فِي الْهَيْئَة لَا فِي الْمَادَّة. فالمفهوم من حُرُوف (ضرب) اسْتِعْمَال آلَة التَّأْدِيب فِي مَحل قَابل لَهُ، وَمن هَيئته وُقُوع ذَلِك الْفِعْل فِي الزَّمَان الْمَاضِي وتوحيد الْمسند إِلَيْهِ وتذكيره وَغير ذَلِك. وَلِهَذَا يخْتَلف كل معنى باخْتلَاف مَا يدل عَلَيْهِ، إِلَّا أَن فِي بعض الْأَلْفَاظ تخْتَص الْهَيْئَة بمادة فَلَا تدل على الْمَعْنى فِي غير تِلْكَ الْمَادَّة كَمَا فِي (رجل) مثلا فَإِن الْمَفْهُوم من حُرُوفه أَنه ذَكَرٌ من بني آدم جَاوز حد الْبلُوغ، وَمن هَيئته أَنه مكبَّر غير مصغَّر، وَوَاحِد غير جمع وَغير ذَلِك. وَلَا تدل هَذِه الْهَيْئَة فِي مثل (أَسد) و (نمر) على شَيْء. وَفِي بَعْضهَا تدل كلتاهما على معنى وَاحِد وَهِي الْحُرُوف كمن وَعَن وَفِي. كل لفظ مُتَعَيّن للدلالة بِنَفسِهِ على معنى فَهُوَ

عِنْد الْقَرِينَة الْمَانِعَة عَن إِرَادَة ذَلِك الْمَعْنى مُتَعَيّن لما يتَعَلَّق بذلك الْمَعْنى تعلقاً مَخْصُوصًا، ودالٌّ عَلَيْهِ بِمَعْنى أَنه يفهم مِنْهُ بِوَاسِطَة الْقَرِينَة لَا بِوَاسِطَة هَذَا التَّعْيِين حَتَّى لَو لم يسمع من الْوَاضِع جَوَاز اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي الْمَعْنى الْمجَازِي لكَانَتْ دلَالَته عَلَيْهِ وفهمه مِنْهُ عِنْد عدم قيام الْقَرِينَة محالا. كل لفظ جعل اسْما أَو فعلا أَو حرفا فَهُوَ بِاعْتِبَار الْمَعْنى. كل لفظ وضع لِمَعْنى اسْما كَانَ أَو فعلا أَو حرفا فقد صَار اسْما علما مَوْضُوعا لنَفس ذَلِك اللَّفْظ. كل حكم واردٌ على مَدْلُوله إِلَّا أَن يُرَاد بِهِ اللَّفْظ نَحْو: (كتبت زيدا) ، و (ضرب فعل مَاض) و (من حرف جر) وَغير ذَلِك. كل مَفْهُوم كَمَا يصدق على الْوَاحِد من الْأَفْرَاد كَذَلِك يصدق على الْكثير مِنْهَا كالإنسان مثلا أَنه أنَاس وآحاد، أَعنِي إِنْسَان كثير وَوَاحِد كثير. وَالْمُطلق صَادِق عَلَيْهِمَا على السوَاء. كل اسْم لَا يتم مَعْنَاهُ إِلَّا بانضمام شَيْء آخر إِلَيْهِ فَهُوَ الْمُضَارع للمضاف، فَكَمَا أَن الْمُضَاف لَا يتم مَعْنَاهُ إِلَّا بالمضاف إِلَيْهِ كَذَلِك الِاسْم الأول من الْمُضَارع للمضاف لَا يتم إِلَّا بِمَا بعده، فقولك: (خير) لَا يتم مَعْنَاهُ مَا لم يَنْضَم إِلَيْهِ (من زيد) وَمَا أشبه ذَلِك. كل اسْم وَقع الابْن أَو الِابْنَة وَصفا لَهُ وَكَانَ الابْن أَو الِابْنَة بَين العلمين فَإِنَّهُ يحذف التَّنْوِين من ذَلِك الِاسْم، وَإِن لم يقعا بَين العلمين يثبت تَنْوِين ذَلِك الِاسْم. نقُول: (هَذَا زيدُ ابْن أخينا) و (هَذِه هندٌ ابْنة عمنَا) بِالتَّنْوِينِ و (هَذَا زيدٌ بن عَمْرو) و (هَذِه هندُ بنت عَاصِم) بِحَذْف التَّنْوِين. وَإِذا لم يَجْعَل الابْن أَو الْبِنْت وَصفا لما قبله بل جعل خَبرا يلْزم إِثْبَات تَنْوِين الِاسْم لِأَن الْخَبَر مُنْفَصِل عَن الْمُبْتَدَأ بِخِلَاف الصّفة فَإِنَّهَا مَعَ الْمَوْصُوف كشيء وَاحِد. كل اسْم اخْتصَّ بالمؤنث مثل (أتان) و (عَناق) و (ضبع) فَإِن هَاء التَّأْنِيث لَا تدخل عَلَيْهِ. كل اسْم على ثَلَاثَة أحرف أوسطه سَاكن مثل (لوط) فَإِنَّهُ يتَصَرَّف مَعَ العجمة والتعريف لِأَن خفته عادلت أحد الثقلَيْن. كل اسْم على (أفعولة) فَهُوَ مضموم الأول كالأحدوثة والأرجوزة وَالْأُضْحِيَّة، وَمثله: أُمْنِية وأوقية وَمَا أشبه ذَلِك. كل اسْم فِيهِ سببان أَو أَكثر فَإِن كَانَ العلمية فِيهِ شرطا يصير منصرفاً بِزَوَال العلمية لزوَال شَرطه. كل اسْم فِي آخِره تَاء التَّأْنِيث جَازَ ترخيمه والعلمية وَالزِّيَادَة على الثَّلَاثَة غير مشروطين. يَقُولُونَ: (يَا جاريَ لَا تستنكري) و (يابُثَ أقبلي) ، وَأما (يَا صاحِ) و (أطرقْ كَرا) فَمن الشواذ. كل اسْم لَا يجوز أَن يَقع صفة لأيّ فِي النداء كَالْعلمِ الْمُفْرد والمضاف بِالْإِضَافَة الْمَحْضَة و (مَن) فِي الصِّلَة، و (أَي) و (أَيَّة) جَازَ حذف حرف النداء مِنْهُ كَقَوْلِه تَعَالَى: {يُوسُف أعرض عَن هَذَا} . كل اسْم أعجمي على أَكثر من ثَلَاثَة أحرف كإبراهيم وَإِسْمَاعِيل وَدَاوُد وَمَا أشبه ذَلِك فَهُوَ غير

منصرف، فَإِن كَانَ على ثَلَاثَة أحرف انْصَرف فِي الْمعرفَة والنكرة لخفته كَمَا صرف نوح وَلُوط. كل اسْم على وزن الْفِعْل الْمُسْتَقْبل نَحْو (أَحْمد) و (تغلب) وَمَا كَانَ على وزن (فعلان) الَّذِي لَا (فَعْلى) لَهُ كمروان، وَكَذَا كل اسْم فِي آخِره ألف وَنون زائدتان كعثمان، والمعدول كعمر، والمؤنث بِالتَّاءِ كطلحة أَو بِالْمَعْنَى كزينب، والاسمان اللَّذَان جعلا اسْما وَاحِدًا كحضرموت وبعلبك وَمَا أشبه ذَلِك فَهَذَا كُله لَا ينْصَرف معرفَة وينصرف نكرَة. تَقول فِي الْمعرفَة: (مَرَرْت بِأَحْمَد) وَفِي النكرَة: (رُبَّ أحمدٍ) وَقس عَلَيْهِ الْبَوَاقِي. كل اسْم فِيهِ علمية مُؤثرَة إِذْ نُكِّر صُرف إِلَّا مثل (أَحْمَر) من الصِّفَات المنقولة على الْخلاف بَين شيخ النُّحَاة وتلميذه. كل اسْم عَمَدت إِلَى تَعديَة ذَاته قبل أَن يحدث فِيهِ بِدُخُول العوامل شَيْء من تأثيراتها فحقك أَن تلفظ بِهِ مَوْقُوفا فَتَقول: وَاحِد، اثْنَان، ثَلَاثَة. كل مَا كَانَ على ثَلَاثَة أحرف من الْأَسْمَاء المؤنثة فَهُوَ سَاكن الْوسط مَفْتُوح الأول نَحْو: صفحة وجفنة وضربة. وَإِذا جمع جمع السَّلامَة فتح الْأَوْسَط مِنْهُ فَقيل: صَفَحات، جَفَنات، ضَرَبات. كل اسْم جنس معرّف بِاللَّامِ إِذا غلب اسْتِعْمَاله على شخص معِين نَحْو (النَّجْم) فَإِن لَام التَّعْرِيف تدخله على سَبِيل اللُّزُوم. كل اسْم معرَّف إِذا دخل عَلَيْهِ اللَّام يكون للتعظيم لَا للتعريف نَحْو: الْحسن وَالْحُسَيْن وَالْعَبَّاس. كل اسْم آخِره يَاء حَقِيقَة وَقبلهَا كسرة فَهُوَ يُسمى منقوصاً نَحْو: القَاضِي والغازي والداعي. كل اسْم اجْتمع فِيهِ ثَلَاث ياءات أولَاهُنَّ يَاء التصغير فَإنَّك تحذف مِنْهُنَّ وَاحِدَة، وَإِن لم يكن أولَاهُنَّ يَاء التصغير تثبت كلهَا. تَقول فِي تَصْغِير حَيَّة حيية، وَفِي تَصْغِير أَيُّوب أييب. كل اسْم جَاوز أَرْبَعَة لَيْسَ رابعه حرف مد ولين فقياسه أَن يُرَدَّ إِلَى أَرْبَعَة أحرف فِي التصغير كَمَا قَالُوا فِي سفرجل سفيرج، وَفِي فرزدق فريزد، وَمَا أشبه ذَلِك. كل اسْم كَانَ مشتقاً من الْمصدر فَهُوَ عَرَبِيّ، وكل اسْم لم يشتق فَهُوَ أعجمي. كل اسْم ثلاثي حذف فاؤه أَو عينه أَو لامه فَإِنَّهُ يجب فِي التصغير ردهَا لِأَن أقل أوزان التصغير (فُعَيل) وَلَا يتم إِلَّا بِثَلَاثَة أحرف، وَإِذا كَانَ مُحْتَاجا إِلَى حرف ثَالِث فَرد الْأَصْلِيّ الْمَحْذُوف من الْكَلِمَة أولى من اجتلاب الْأَجْنَبِيّ. كل اسْم على (فعول) فَهُوَ مَفْتُوح الأول إِلَّا السبوح والقدوس والذروح فَإِن الضَّم فِيهَا أَكثر. كل اسْم غُيِّر من أَصله بِالْقَلْبِ أَو الْحَذف فَإِنَّهُ يجب أَن يرجع إِلَى الأَصْل عِنْد التصغير إِن لم يبْق مَا يَقْتَضِي تصغيره. كل اسْم كَانَ معرباً فِي الأَصْل وَحكي ذَلِك الْإِعْرَاب فإعرابه المحكي تقديري. كل (فعْلَة) اسْما وَلم تكن الْعين واواً أَو يَاء فَإِنَّهُ إِذا جمع بِالْألف وَالتَّاء حركت عينه بِالْفَتْح كثمرات ونخلات وركعات وسجدات. وَمَا كَانَ صفة أَو مضاعفاً أَو معتل الْعين فَهُوَ على السّكُون كضخمات وجوزات وبيضات. كل اسْم على (فَعْل) عينه حرف حلق يجوز تسكين عينه وفتحه كشهر ونهر وَشعر وَنحر إِلَّا

(نَحْو) فَإِنَّهُ لَا يجوز فتح عينه لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى اعتلال لامه فَترك على السّكُون. كل وَاحِد من الِاسْم وَالْفِعْل فَإِنَّهُ يفهم فِي حَال الْإِفْرَاد غير مَا يفهم مِنْهُ عِنْد التَّرْكِيب لِأَن الْمَعْنى الْمَفْهُوم من الْحَرْف فِي حَال التَّرْكِيب أتم مِمَّا يفهم عِنْد الِانْفِرَاد. وَذهب السَّيِّد الشريف إِلَى أَن الْحَرْف لَا معنى لَهُ أصلا لَا فِي نَفسه وَلَا فِي غَيره، وَخَالف النُّحَاة فِي قَوْلهم: إِن للحرف معنى فِي غَيره. كل اسْم من أَسمَاء الزَّمَان فلك أَن تَجْعَلهُ اسْما وظرفاً إِلَّا مَا خصته الْعَرَب بالظرفية وَلم تستعمله مجروراً وَلَا مَرْفُوعا، وَذَلِكَ يُؤْخَذ سَمَاعا مِنْهُم. كل اسْم جَازَ دُخُول حرف الْقسم عَلَيْهِ جَازَ الْقسم فِيهِ. كل فعل نسب إِلَى مَكَان خَاص بِوُقُوعِهِ فِيهِ يَصح أَن ينْسب إِلَى مَكَان شَامِل لَهُ وَلغيره، فَكَمَا يَصح أَن تَقول: (ضربت زيدا فِي الدَّار) كَذَلِك يَصح أَن تَقول: (ضَربته فِي الْبَلَد) . كل فعل على (فِعل) بِكَسْر الْعين وعينه حرف حلق فَإِنَّهُ يجوز فِيهِ كسر الْفَاء إتباعاً لكسر الْعين نَحْو: نعم وَبئسَ. كل الْأَفْعَال متصرفة إِلَّا سِتَّة: نعم وَبئسَ وَعَسَى وَلَيْسَ، وفعلي التَّعَجُّب. وَزَاد الْبَعْض كَلِمَات: يذر ويدع وتبارك فَإِن تَقْدِيم الْمَنْصُوب على الْمَرْفُوع غير جَائِز فِيهَا. كل فعل جَاءَ من النّصْف الأول من الْأَبْوَاب السِّتَّة فاسم الْفَاعِل مِنْهُ على وزن (فَاعل) . وكل فعل جَاءَ من الرَّابِع فاسم الْفَاعِل على هَذَا الْوَزْن أَيْضا، وَرُبمَا يَجِيء على وزن (فَعَل) نَحْو: حسن، و (فَعْل) نَحْو: ضخم، و (أُفْعَل) نَحْو: أَحمَق، وَرُبمَا يَجِيء على وزن (فعيل) نَحْو: كريم. كل مَا اشتق من مصَادر الثلاثي لمن قَامَ بِهِ لَا على صِيغَة (فَاعل) فَهُوَ لَيْسَ باسم فَاعل بل هُوَ صفة مشبهة أَو أفعل تَفْضِيل أَو صِيغَة مُبَالغَة كحسن وَأحسن ومضراب. كل حرف من حُرُوف الْجَرّ يُضَاف إِلَى (مَا) الاستفهامية فَإِن ألف (مَا) تحذف فِيهِ فرقا بَينهَا وَبَين الموصولة ك (عمَّ) و (ممَّ) و (بمَ) . كل حرف كَانَ لَهُ معنى متبادر كالاستعلاء فِي (على) مثلا ثمَّ اسْتعْمل فِي غَيره فَإِنَّهُ لَا يتْرك ذَلِك الْمَعْنى الْمُتَبَادر بِالْكُلِّيَّةِ بل يبْقى فِيهِ رَائِحَة مِنْهُ ويلاحظ مَعَه. كل حرف زيد فِي كَلَام الْعَرَب فَهُوَ قَائِم مقَام إِعَادَة الْجُمْلَة مرّة أُخْرَى. كل كلمة إِذا وقفت عَلَيْهَا أسكنت آخرهَا إِلَّا مَا كَانَ منوناً فَإنَّك تبدل من تنوينه ألفا حَالَة النصب نَحْو: رَأَيْت زيدا. كل مَا صَحَّ أَن يكون مُسْندًا إِلَيْهِ صَحَّ أَن يكون مَوْصُوفا لاشْتِرَاكهمَا فِي اسْتِقْلَال معروضيتهما مفهوماً وَإِنَّمَا الْفرق بَينهمَا بِأَن كَانَت النِّسْبَة فِي الأول مَجْهُولَة وَفِي الثَّانِي مَعْلُومَة. كل مَا كَانَ من الْمُؤَنَّث على ثَلَاثَة أحرف لَا هَاء فِيهِ للتأنيث فَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا فِيهِ هَاء التَّأْنِيث لِأَنَّهَا مقدرَة فِيهِ. أَلا ترى أَنَّهَا تردّ فِي التصغير. يُقَال فِي تَصْغِير هِنْد هنيدة، وَفِي أَرض أريضة وَنَحْو ذَلِك. كل مَا يبْنى من الثلاثي للثبوت والاستقرار على غير وزن (فَاعل) فَإِنَّهُ يردّ إِلَيْهِ إِذا أُرِيد معنى الْحُدُوث كحاسن من (حسن) ، وثاقل من

(ثقل) وفارح من (فَرح) وَنَحْو ذَلِك. كل مَا كَانَ على (فِعلة) مثل: سِدْرَة وفقرة فلك أَن تفتح الْعين وتكسر وتسكن. كل اثْنَيْنِ لَا يكَاد أَحدهمَا ينْفَرد كالعينين وَالْيَدَيْنِ فَإِن الْعَرَب تَقول فِيهِ: رَأَيْت بعيني وبعينيَّ، وَالدَّار فِي يَدي وَفِي يديَّ. كل لقبين مُتَقَابلين من ألقاب الْإِعْرَاب وَالْبناء وَهُوَ الرّفْع مَعَ الضَّم، وَالنّصب مَعَ الْفَتْح، والجر مَعَ الْكسر، (والجزم مَعَ السّكُون) ، فهما مثلان فِي الصُّورَة ضدان فِي الْإِعْرَاب وَالْبناء بِحَسب الِانْتِقَال واللزوم. كل خاصَّتي نوع فَهُوَ إِمَّا أَن يتَّفقَا أَو يختلفا فَإِن اتفقَا امْتنع اجْتِمَاعهمَا كالألف وَاللَّام وَالْإِضَافَة فِي الِاسْم، وَالسِّين وسوف وتاء التَّأْنِيث فِي الْفِعْل، لِأَن (سَوف) يَقْتَضِي الْمُسْتَقْبل وَالتَّاء يَقْتَضِي الْمَاضِي، وَإِن لم يتضادا جَازَ إجتماعهما كالألف وَاللَّام والتصغير وَقد وتاء التَّأْنِيث. كل مَا يكون معدولاً عَن الأَصْل فَهُوَ للْمُبَالَغَة. فعلى هَذَا رَحِيم ورحوم ورحمان أبلغ مِنْهُمَا وَالْكل معدول عَن رَاحِم. كل كلمة على حرف وَاحِد مَبْنِيَّة يجب أَن تبنى على حَرَكَة تَقْوِيَة لَهَا وَيَنْبَغِي أَن تكون الْحَرَكَة فَتْحة طلبا للتَّخْفِيف، فَإِن سكن مِنْهَا شَيْء كالياء فِي (غلامي) فلمزيد التَّخْفِيف. كل مَا قلت فِيهِ (مَا أَفْعَلَه) قلت فِيهِ (أَفْعِل بِهِ) و (هَذَا أَفْعَلُ من هَذَا) . وَمَا لم تقل فِيهِ (مَا أَفْعَلَه) لم تقل فِيهِ (هَذَا أَفْعَلُ من هَذَا) وَلَا (أَفْعِلْ بِهِ) . كل مَا جَازَ أَن يكون حَالا جَازَ أَن يكون صفة للنكرة لَا الْعَكْس. أَلا ترى أَن الْفِعْل الْمُسْتَقْبل يكون صفة للنكرة نَحْو: (هَذَا رجل سيكتب) وَلَا يجوز أَن يَقع حَالا. كل مَا كَانَ على وزن (فَعِل) نَحْو (كَبِد) و (كتف) فَإِنَّهُ يجوز فِيهِ اللُّغَات الثَّلَاث، فَإِن كَانَ الْوسط حرف حلق جَازَ فِيهِ لُغَة رَابِعَة هِيَ إتباع الأول للثَّانِي فِي الْكسر نَحْو: فَخذ وَشهد. كل مَا كَانَ أقوى على تَغْيِير معنى الشَّيْء كَانَ أقوى على تَغْيِير لَفظه، وَلِهَذَا عملت (أَنْ) فِي الْمُضَارع وَلم تعْمل (مَا) لِأَن (أَنْ) نقلته إِلَى معنى الْمصدر والاستقبال، و (مَا) نقلته إِلَى معنى الْمصدر فَقَط، فَإِن (مَا) تدخل على الْفِعْل وَالْفَاعِل والمبتدأ وَالْخَبَر و (أَنْ) مُخْتَصَّة بِالْفِعْلِ، وَلعدم اخْتِصَاص (مَا) لم تعْمل شَيْئا. كل (أفعل) إِذا كَانَ نعتاً مِمَّا هُوَ خلقَة فَيجمع على (فُعْل) كالصم والبكم والعمي، وَإِن كَانَ اسْما فَيجمع على (أفَاعِل) كأرنب وأرانب وأعجم وأعاجم، وَإِن كَانَ نعتاً مِمَّا هُوَ آفَة فَيجمع على (فعلى) بِالْفَتْح كالأحمق والحمقى، والأعجف والعجفى. كل مَا كَانَ بعد (إِلَّا) الْمُسْتَثْنى بهَا فَلَا بُد أَن يكون لَهُ مَوضِع من الْإِعْرَاب. كل مَا ينْسب إِلَى الْجُمْلَة بِاعْتِبَار جُزْء أَو صفة جَازَ أَن يَقع صفة للجملة وَلذَلِك الْبَعْض، وَهُوَ مجَاز فِي أَحدهمَا إِذْ لَا مُشْتَرك معنوياً فيدعى بالتواطؤ، وَالْمجَاز خير من الِاشْتِرَاك، وَجعله حَقِيقَة فِي الْبَعْض مجَازًا فِي الْجُمْلَة أولى لقُوَّة العلاقة.

كل مَا هُوَ جُزْء من الشَّيْء فإضافته إِلَيْهِ بِمَعْنى (من) كأنهار دجلة. كل اسْتِفْهَام دخل على نفي فَهُوَ يُفِيد التَّنْبِيه وَتَحْقِيق مَا بعده كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر} . كل مَا كَانَ على وزن (فُعْلى) الَّتِي هِيَ مؤنث (أفعل) فَإِنَّهُ يجمع على (فُعَل) كَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآن: {إِنَّهَا لإحدى الْكبر} . كل كَلَام يسْتَقلّ بِنَفسِهِ فِي الإفادة فَهُوَ لَا يبتني على غَيره، وَمَا لَا يسْتَقلّ يبتني على غَيره، لِأَن تعلق الشَّيْء بِغَيْرِهِ لأجل الضَّرُورَة، وَلَا ضَرُورَة عِنْد الِاسْتِقْلَال بالفائدة. مِثَال ذَلِك: (لَا، بل) فَإِنَّهُ إِذا لم يذكر لَهَا جُزْء يَجْعَل الْجُزْء الْمَذْكُور للْأولِ جُزْءا لَهَا فتعلقت بِالْأولِ ضَرُورَة الصيانة عَن الإلغاء، وَإِذا ذكر لَهَا جُزْء اسْتَقَلت بِنَفسِهَا وَلَا تتَعَلَّق بِمَا قبلهَا. كل غَائِب عينا كَانَ أَو معنى إِذا ذكر جَازَ أَن يشار إِلَيْهِ بِلَفْظ الْبعيد نظرا إِلَى أَن الْمَذْكُور غَائِب. تَقول: (جَاءَنِي رجل فَقَالَ ذَلِك الرجل) . وَجَاز فِي قلَّة أَن يشار إِلَيْهِ بِلَفْظ الْقَرِيب نظرا إِلَى قرب ذكره فَتَقول: (جَاءَنِي رجل فَقَالَ هَذَا الرجل) . كل مصدر أضيف إِلَى الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول بِوَاسِطَة حرف الْجَرّ لفظا أَو تَقْديرا أَو لم يقْصد بِهِ بَيَان النَّوْع فقد وَجب حذف ناصبه. كل ظرف أضيف إِلَى الْمَاضِي فَإِنَّهُ يبْنى على الْفَتْح ك " يَوْم وَلدته أمه " الحَدِيث. وَاخْتلف فِي الْمُضَارع. كل عدد فَوق الثَّلَاث فَهُوَ مَدْلُول الْجمع حَقِيقَة. كل فعل فِي آخِره يَاء أَو وَاو أَو ألف فجزمه بِحَذْف آخِره كَقَوْلِهِم: لم يقْض، لم يغز، وَلم يخْش، وَلم يَسْعَ، إِلَّا أَن يكون مَهْمُوز الآخر فَإِنَّهُ لم يحذف فِي الْجَزْم كَقَوْلِك: لم يُخطئ؛ وَلم يجِئ فعلامة جزم ذَلِك سُكُون آخِره. كل شَيْء جَوَابه بِالْفَاءِ مَنْصُوبًا فَهُوَ بِغَيْر الْفَاء مَجْزُومًا. كل كلمة كَانَت عين فعلهَا أحد حُرُوف الْحلق كَانَ الْأَغْلَب فتحهَا فِي الْمُضَارع، فَإِن نطق فِي بَعْضهَا بِالْكَسْرِ أَو بِالضَّمِّ فَهُوَ مِمَّا شَذَّ عَن أَصله وندر عَن رسمه. كل عَلَم لَيْسَ بِصفة وَلَا مصدر وَلَا اسْم جنس معرّف بِاللَّامِ نَحْو: زيد وَعَمْرو وَأسد إِذا وضع بِلَا ألف وَلَام علما لرجل فَإِنَّهُ لَا يدْخلهُ لَام التَّعْرِيف. كل معرفَة أَصله الْوَصْف كالعباس والْحَارث دَخلته الْألف وَاللَّام. كل صفة أَو مصدر وضع علما لشخص نَحْو (حسن) فَإِن لَام التَّعْرِيف تدخله على سَبِيل الْجَوَاز. تَقول: جَاءَ حسن وَجَاء الْحسن. كل عَلَم وَجَدْنَاهُ مُعَرفا بِالْألف وَاللَّام وَلَيْسَ بِصفة وَلَا اسْم فَإِن علمنَا اشتقاقه نَحْو: الثريا والدبران نقُول: كل وَاحِد مُشْتَقّ من مصدره، وَإِذا كَانَ مشتقاً يَنْبَغِي أَن لَا يكون مَخْصُوصًا بِوَاحِد معِين لغاية اسْتِعْمَاله، وَإِن لم نعلم اشتقاقه نلحقه بِمَا عرفنَا اشتقاقه على تَأْوِيل أَن من كَانَ قبلنَا عرف

اشتقاقه. هَكَذَا نقل عَن سِيبَوَيْهٍ. كل (فَعْلان) من (فَعِل) بِكَسْر الْعين فَإِنَّهُ غير متصرف، فندمان بِمَعْنى النادم غير منصرف لمجيء مؤنثه (نَدْمى) كسَكْرى. وَأما الَّذِي هُوَ منصرف فمؤنثه (ندمانة) وَهُوَ من المنادمة فِي الشَّرَاب بِمَعْنى النديم. كل مَا كَانَ مُشْتَمِلًا على شَيْء فَهُوَ فِي كَلَام الْعَرَب مَبْنِيّ على (فِعالة) بِالْكَسْرِ نَحْو: غِشاوة وعِمامة وقِلادة وعِصابة. وَكَذَلِكَ أَسمَاء الصَّنَائِع لِأَن معنى الصِّنَاعَة الاشتمال على كل مَا فِيهَا نَحْو: الْخياطَة والقصارة، وَكَذَلِكَ كل من استولى على شَيْء فَإِن اسْم المستولى عَلَيْهِ (فِعالة) بِالْكَسْرِ نَحْو: الخِلافة والإِمارة، وَأما البطالة على هَذَا الْوَزْن فَهُوَ من بَاب حمل النقيض على النقيض. كل منادى يجوز حذف حرف النداء مَعَه إِلَّا فِي النكرَة الْمَقْصُودَة والمبهمة وَاسم الْإِشَارَة عِنْد الْبَصرِيين والمستغاث وَالْمَنْدُوب والمضمر (زَاده ابْن مَالك) وَفِي " تذكرة ابْن الصَّائِغ ": لَا يجوز حذف حرف النداء من لَفْظَة الْجَلالَة وَأَجَازَهُ النّحاس فِي " صناعَة الكتّاب ". كل مَا يخبر عَنهُ بِالْألف وَاللَّام يَصح أَن يخبر عَنهُ بِالَّذِي، وَلَيْسَ كل مَا يخبر عَنهُ بِالَّذِي يجوز أَن يخبر عَنهُ بِالْألف وَاللَّام. كل اسْم من جملَة تَامَّة خبرية يجوز الْإِخْبَار عَنهُ إِلَّا أَن يمْنَع مِنْهُ مَانع. كل كلمة كَانَت على حرفين فَهِيَ عِنْد الْعَرَب نَاقِصَة، والتامة مَا كَانَت على ثَلَاثَة أحرف. كل تَابع صلح للبدل ولعطف الْبَيَان فَإِن تضمن زِيَادَة بَيَان فَجعله عطف بَيَان أولى من جعله بَدَلا وَإِلَّا فالبدل أولى. كل مَا جَاءَ على (فَوْعَل) فَهُوَ مَفْتُوح الْفَاء نَحْو: جَوْرَب وَروْشَن. كل (فِعليل) فَهُوَ بِكَسْر الْفَاء نَحْو: بِرطيل وبِلقيس. كل مَا كَانَ من نعوت الْآفَات فَإِنَّهُ يجمع على (فَعلى) بِالْفَتْح كالغرقى والهدمى والمرضى والجرحى. كل (فعيل) جَازَ فِيهِ ثَلَاث لُغَات نَحْو: رجل طَوِيل، وَإِذا زَاد طوله قلت: طوال، وَإِذا زَاد قلت طوّال، بِالتَّشْدِيدِ. كل مَا وَقع بِإِزَاءِ الْفَاء وَالْعين وَاللَّام فَإِنَّهُ يحكم بأصالته وَمَا لَا فَلَا. كل مَا كَانَ على وزن (تفعّل) أَو (تفَاعل) مِمَّا آخِره مَهْمُوز كَانَ مصدره على التفعل والتفاعل كالتباطؤ والتوضؤ والتبرؤ. كل مَا يُمَيّز الشَّيْء عَن جَمِيع مَا عداهُ فَإِنَّهُ يصدق عَلَيْهِ أَن يُقَال: يُمَيّز الشَّيْء عَن بعض مَا عداهُ لَا الْعَكْس. كل غير متصرف إِذا كَانَ منقوصاً ك (جَوارٍ) و (موالٍ) فَفِيهِ خلاف. قَالَ بَعضهم: هُوَ منصرف لِأَنَّهُ قد زَالَ صِيغَة مُنْتَهى الجموع فَصَارَ ك (قذال) ، وَالْجُمْهُور على أَنه مَمْنُوع من الصّرْف، والتنوين عوض عَن الْيَاء المحذوفة عِنْدهم، وَعَن حركتها عِنْد الْمبرد، وَالْكَسْر لَيْسَ كسر إِعْرَاب.

كل مَا تضمن مَا لَيْسَ لَهُ فِي الأَصْل فَإِنَّهُ منع شَيْئا مِمَّا لَهُ فِي الأَصْل ليَكُون ذَلِك الْمَنْع دَلِيلا على مَا تضمنه. مِثَاله: نعم وَبئسَ فَإِنَّهُمَا إِنَّمَا منعا التَّصَرُّف لِأَن لَفْظهمَا مَاض ومعناهما إنْشَاء الْمَدْح والذم، فَلَمَّا تضمنا مَا لَيْسَ لَهما فِي الأَصْل وَهُوَ الدّلَالَة على الْحَال منعا التَّصَرُّف لذَلِك. كل مَا كَانَ على وزن (فعالى) فَهُوَ بِالضَّمِّ وَالْفَتْح كسُكارى وأُسارى ويتامى ونصارى. كل جملَة وَقعت خَبرا لمبتدأ فمحلها الرّفْع. كل مَوضِع كَانَ فِيهِ ل (كلما) جَوَاب فَكلما فِيهِ ظرف. كل تَكْرِير كَانَ على طَرِيق يعظم الْأَمر أَو يحقره فِي جمل مُتَوَالِيَات كل جملَة مِنْهَا مُسْتَقلَّة بِنَفسِهَا فَذَلِك غير مستقبح. كل نسب فَهُوَ مشدد إِلَّا فِي مَوَاضِع وَهِي: يمَان وشآم وتهام ونباط. كل فعل مكسور الْعين فِي الْمَاضِي فَالْقِيَاس فِيهِ أَن يفتح عينه فِي الْمُضَارع إِلَّا مَا شَذَّ بِالْكَسْرِ خَاصَّة وَهِي أَلْفَاظ مَخْصُوصَة، مِنْهَا: ومق يمق، وَمَا جَاءَ بِالْوَجْهَيْنِ فَهُوَ حسب. كل كلمة لامها وَاو أَو وَقعت رَابِعَة وَقبلهَا كسرة فَإِنَّهَا تقلب يَاء نَحْو غَازِيَة ومحنية أَصْلهَا: غازوة ومحنوة. كل مَا كَانَ على (فعلل) فلك أَن تَقول فِيهِ (فعالل) ، وَلَا يجوز أَن تَقول فِيمَا كَانَ على (فعالل) (فعلل) . كل مَا لَا يعْمل فِيمَا قبله لَا يعْمل مَا قبله فِيمَا بعده. كل مَا جَاءَ على (فعلَة) بِمَعْنى (مفعول) فَهُوَ بِالضَّمِّ كالرحلة والنخبة وَمَا أشبه ذَلِك. كل (فعالَّة) مُشَدّدَة فَإِنَّهُ جَازَ تخفيفها كحمارة القيض وصبارة الْبرد إِلَّا الحبالة فَإِنَّهَا لَا تخفف. كل مَا كَانَ على (فعل) بكسرتين جَازَ فِيهِ الإسكان، وَلم يجِئ على (فِعِل) إِلَّا لفظان: إبِل وبِلِز. كل مَا كَانَ على (فعّال) من الْأَسْمَاء فَإِنَّهُ أبدل من أحد حرفي تَضْعِيفه يَاء مثل: (دِينَار) و (قِيرَاط) كَرَاهَة أَن يلتبس بالمصادر. كل جزءين أضيفا إِلَى كليهمَا لفظا أَو تَقْديرا أَو كَانَا مفردين من صَاحبهمَا فَإِنَّهُ جَازَ فِيهِ ثَلَاثَة أوجه: الْأَحْسَن الْجمع ويليه الْإِفْرَاد وَعند الْبَعْض يَلِيهِ التَّثْنِيَة، وَقيل: الْأَحْسَن الْجمع ثمَّ التَّثْنِيَة ثمَّ الْإِفْرَاد نَحْو: قطعت رُؤُوس الكبشين، وَرَأس الكبشين، ورأسي الكبشين. كل مَا يُغير معنى الْكَلَام ويؤثر فِي مضمونه فَإِن كَانَ حرفا فمرتبته الصَّدْر كحروف النَّفْي والتنبيه والاستفهام والتحضيض وإنّ وَأَخَوَاتهَا وَمَا أشبه ذَلِك. كل ضمير رَاجع إِلَى الْمَعْطُوف بِالْوَاو أَو بحتى مَعَ الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يطابقهما مُطلقًا نَحْو: ((زيد وَعَمْرو جاءاني) ، و (مَاتَ النَّاس حَتَّى الْأَنْبِيَاء وفنوا) وَالضَّمِير للمعطوف والمعطوف عَلَيْهِ، وَيجوز) ، (زيد وَعَمْرو قَامَ) على حذف الْخَبَر من الثَّانِي اكْتِفَاء بِخَبَر الأول أَي:

فصل

وَعَمْرو كَذَلِك. كل جَوَاب لَا يصلح أَن يكون شرطا فَإِنَّهُ لَا يتَعَيَّن اقترانه بِالْفَاءِ. كل جمع مؤنث إِلَّا مَا صَحَّ بِالْوَاو وَالنُّون فِيمَن يعلم. تَقول: جَاءَ الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَجَاءَت الرِّجَال وَالنِّسَاء. وَفِي التَّنْزِيل: {إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات} . كل مَا كَانَ معدولاً عَن جِهَته ووزنه فقد كَانَ مصروفاً عَن أخواته كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمَا كَانَت أمك بغيا} أسقط الْهَاء لِأَنَّهَا كَانَت مصروفة عَن (باغية) . كل عدد مُضَاف فَإِنَّهُ وَجب أَن يعرف الْأَخير مِنْهُ ك (ثَلَاثَة الأثواب) و (ثَلَاث الأثافي) إِذْ لَو عرف الْمُعَرّف بِالْإِضَافَة لزم أَن يعرف الِاسْم من وَجْهَيْن، وَذَا لَا يجوز، وَلَو عرف الأول وَحده تنَاقض الْكَلَام لِأَن إِضَافَته حِينَئِذٍ إِلَى النكرَة تنكره فَعرف الأول بِالْإِضَافَة وَالثَّانِي بِاللَّامِ ليحصل لكل مِنْهُمَا التَّعْرِيف من طَرِيق غير طَرِيق صَاحبه. كل معنى يصلح لَهُ اسْم الْمسند إِلَيْهِ إِذا أُرِيد بِهِ تَعْجِيل إفادته قدم كل جُزْء من أَجزَاء الْكَلَام عُمْدَة كَانَ أَو فضلَة فقد حكم عَلَيْهِ ضمنا بِمَا هُوَ لَهُ، فَالْمُسْنَدُ مثلا حكم عَلَيْهِ بِأَنَّهُ ثَابت للمسند إِلَيْهِ، وَالْمَفْعُول بِأَنَّهُ وَقع عَلَيْهِ الْفِعْل. [كل تَعْرِيف للوصفية الْأَصْلِيَّة فَهُوَ للْعهد الْخَارِجِي. كل (مَفاعِل) من المعتل الْعين فَإِنَّهُ يجب التَّصْرِيح فِيهِ بِالْيَاءِ ونقطها كمعايش ومشايخ إِلَّا مصائب فَإِنَّهُ صَحَّ بِالْهَمْزَةِ سَمَاعا وَالْقِيَاس فِيهِ بِالْوَاو، وَأما نَحْو (صَحَائِف) و (رسائل) و (رَوَائِح) و (فَضَائِل) و (نَظَائِر) و (قَلَائِل) فحقها أَن لَا تنقط لِأَنَّهُ خطأ قَبِيح، لَكِن بِهَمْزَة فَوق الْيَاء أَو تحتهَا وَأما اسْم الْفَاعِل فبالياء (قَائِل) بِالْهَمْزَةِ و (بَايع) فرقا بَين الواوي واليائي. كل مؤول الشَّيْء لَيْسَ حكمه حكم مَا أُوِّل بِهِ] . فصل طُوبَى لمن صدق رَسُول الله وآمن بِهِ وَأحب طَاعَته وَرغب فِيهَا وَأَرَادَ الْخَوْف وهمّ بِهِ واستطاع وَقدر عَلَيْهِ وَنسي عمله وَذهل عَنهُ وَخَافَ عَذَاب الله وأشفق مِنْهُ وَرَجا ثَوَاب الله وطمع فِيهِ. فَهَذِهِ الْأَفْعَال متحدة الْمعَانِي ومختلفة بِالتَّعَدِّي واللزوم فَعلم بذلك أَن الْفِعْل الْمُتَعَدِّي لَا يتَمَيَّز من غَيره بِالْمَعْنَى والتعلق، وَإِنَّمَا يتَمَيَّز بِأَن يتَّصل بِهِ كَاف الضَّمِير أَو هاؤه أَو ياؤه باطراد، وَبِأَن يصاغ مِنْهُ اسْم مفعول تَامّ باطراد نَحْو: صدقته وأردته ورجوته فَهُوَ مصدوق وَمُرَاد ومرجو. الْفِعْل الْمُتَعَدِّي بالحروف المتعددة لَا بُد أَن يكون لَهُ مَعَ كل حرف معنى زَائِد على معنى الْحَرْف الآخر، وَهَذَا بِحَسب اخْتِلَاف مَعَاني الْحُرُوف، فَإِن ظهر اخْتِلَاف الحرفين ظهر الْفرق نَحْو: رغبت فِيهِ وَعنهُ، وَعدلت إِلَيْهِ وَعنهُ، وملت إِلَيْهِ وَعنهُ، وسعيت إِلَيْهِ وَبِه، وَإِن تقاربت مَعَاني الأدوات عسر الْفرق نَحْو: قصدت إِلَيْهِ وَله،

وهديت إِلَى كَذَا ولكذا، فالنحاة يجْعَلُونَ أحد الحرفين بِمَعْنى الآخر. وَأما فُقَهَاء أهل الْعَرَبيَّة فَلَا يرتضون هَذِه الطَّرِيقَة، بل يجْعَلُونَ للْفِعْل معنى مَعَ الْحَرْف وَمعنى مَعَ غَيره فَيَنْظُرُونَ إِلَى الْحَرْف وَمَا يَسْتَدْعِي من الْأَفْعَال وَهَذِه طَريقَة إِمَام الصِّنَاعَة سِيبَوَيْهٍ. تَعديَة الْفِعْل إِن كَانَت بِنَفسِهِ قَليلَة نَحْو أَقْسَمت الله، أَو مُخْتَصَّة بِنَوْع من المفاعيل كاختصاص (دخلت) بِالتَّعَدِّي إِلَى الْأَمْكِنَة بِنَفسِهِ وَإِلَى غَيرهَا بفي نَحْو: (دخلت فِي الْأَمر) فَهُوَ لَازم حذف مِنْهُ حرف الْجَرّ، وَإِن كَانَت بِحرف الْجَرّ قَليلَة فَهُوَ متعدٍّ والحرف زَائِد كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} . لَا يتَعَدَّى فعل الْمُضمر الْمُتَّصِل وَلَا فعل الظَّاهِر إِلَى ضَمِيره الْمُتَّصِل إِلَّا فِي بَاب ظن وَعدم وفقد، سَوَاء تعدى الْفِعْل بِنَفسِهِ أَو بحرفه نَحْو: ظَنّه قَائِما، وفقده، وَعَدَمه أَي: نَفسه، وَلَا يجوز (زيد ضربه) أَي: نَفسه وَلَا (زيد مرَّ بِهِ) أَي: نَفسه. بَاء التَّعْدِيَة تسمى بَاء النَّقْل وَهِي المعاقبة للهمزة فِي تصيير الْفَاعِل مَفْعُولا، والمتعدية بِهَذَا الْمَعْنى مُخْتَصَّة بِالْبَاء، وَأما التَّعْدِيَة بِمَعْنى إِيصَال معنى الْفِعْل إِلَى الِاسْم فمشترك بَين حُرُوف الْجَرّ الَّتِي لَيست بزائدة وَلَا فِي حكم الزَّائِدَة. يَقُولُونَ: (قشعت الرّيح السَّحَاب فأقشع) أَي: صَار ذَا قشع، يُرِيدُونَ بِهِ أَنه إِذا كَانَ من الثلاثي يكون مُتَعَدِّيا، وَإِذا كَانَ من الثلاثي الْمَزِيد فِيهِ يكون لَازِما. الْمُتَعَدِّي قد يَجْعَل لَازِما وينقل إِلَى (فعل) بِالضَّمِّ فيبنى مِنْهُ الصّفة المشبهة، أَلا يرى أَن (رفيع الدَّرَجَات) مَعْنَاهُ: رفيعٌ درجاته لَا رَافع للدرجات. جَازَ تضمين اللَّازِم الْمُتَعَدِّي مثل: {سفه نَفسه} فَإِنَّهُ مُتَضَمّن لأهْلَكَ. قَالَ الْمبرد وثعلب: سفه بِالْكَسْرِ متعدٍ وبالضم لَازم. قد تغلب الْمُتَعَدِّي بِنَفسِهِ على الْمُتَعَدِّي بِغَيْرِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَجعل لكم من الْفلك والأنعام مَا تَرْكَبُونَ} إِذْ يُقَال: ركبت الدَّابَّة وَركبت السَّفِينَة. فَاعل: لمن فعل الشَّيْء مرّة. مفعول: لمن فعل بِهِ مرّة. فَعَّالِ، بِالتَّشْدِيدِ: لذِي صَنْعَة يزاولها ويديمها وَعَلِيهِ أَسمَاء المحترفين. مُفَعَّل، مشدداً: لمن تكَرر بِهِ الْفِعْل كالمجرَّح لمن جرح جرحا على جرح. فَعول: لمن كثر مِنْهُ الْفِعْل. فَعيل: لمن صَار لَهُ كالطبيعة. مِفْعال: لمن اعْتَادَ الْفِعْل حَتَّى صَار لَهُ كالآلة، وَهَذَا الْوَزْن يَأْتِي لاسم الْفَاعِل لغَرَض التكثير وَالْمُبَالغَة كالمفضال. فَعِل: كزَمِن: لمن صَار لَهُ كالعاهة. فعلان: لمن تكَرر مِنْهُ الْفِعْل وَكثر، وَهُوَ فِي

النَّعْت أَكثر كعطشان وسكران. تفعل: لمن يمارس الْفِعْل ليحصل كتحكم. تفَاعل: لمن يظْهر الْفِعْل على خِلَافه لَا لتحصيله كتجاهل وتمارض. فَاعل: كثيرا مَا يَجِيء فِي اسْم الْآلَة الَّتِي يفعل بهَا الشَّيْء كالخاتم والقالب، وتحريك الْعين من الفعلان والفعلى يُنَاسب أَن يكون مَعْنَاهُمَا مَا فِيهِ حَرَكَة كالنَّزَوان وَهُوَ ضراب الْفَحْل، والحَيَدى وَهُوَ الْحمار الَّذِي يحيد أَي: يمِيل عَن ظله لنشاطه. وَقُوَّة النّظم فِي فعل يُنَاسب أَن يوضع لأفعال الصَّنَائِع اللَّازِمَة، وَلِهَذَا لم يُغير الْعين فِي مضارعه لِأَن أَفعَال الطبيعة ثَابِتَة. وَالتَّشْدِيد فِي فعل يُنَاسب التكثير فِي مَعْنَاهُ، وَفِي ذَلِك نوع تَأْثِير لَا نفس الْكَلم فِي اختصاصها بالمعاني [وَقطعت الأثواب لتكثير الْمَفْعُول. وَقطعت الثَّوْب لتكثير الْفِعْل] . خصوا (فعلى) مَفْتُوح الْفَاء بقلب يائه واواً، وخصوا (فعلى) مضموم الْفَاء بعكس الْقلب فرقا بَين الِاسْم وَالصّفة، وَلم يعكسوا لِأَن (فعلى) بِالضَّمِّ أثقل فَكَانَ أولى بِأَن تقلب فِيهِ الْوَاو يَاء لتَحْصِيل الخفة. (فعلان) الَّذِي مؤنثه (فعلى) أَكثر من (فعلان) الَّذِي مؤنثه (فعلانة) ، والفرد يلْحق بالأعم الْأَغْلَب فَعلم مِنْهُ أَن كلمة (رحمان) فِي أَصْلهَا مِمَّا يتَحَقَّق فِيهَا وجود (فعلى) فَيمْتَنع من الصّرْف أَيْضا، وَهَذَا لَا يُنَافِي كَون الأَصْل فِي الأَصْل الِانْصِرَاف. [وفعولة إِنَّمَا يُطلق على محقرات الْأُمُور وغرائبها] . فُعلى، بِالضَّمِّ يَأْتِي اسْما علما نَحْو: حزوى ومصدراً نَحْو: رجعى، وَاسم جنس نَحْو: سهمى، وتأنيث (أفعل) نَحْو: الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى، وَصفَة مَحْضَة لَيست بتأنيث (أفعل) نَحْو: حُبْلَى. فعل: بِكَسْر الْعين يَجِيء من الْعِلَل وَالْأَحْزَان كَمَرَض وعجف وَفَرح وحزن، وَبِضَمِّهَا يَجِيء من الطبائع والنعوت كظرف وملح وَحسن وكرم. وَأكْثر الأدواء والأوجاع على (فعال) بِالضَّمِّ كالصداع والزكام والسعال والفواق والخناق، كَمَا أَن أَكثر الْأَدْوِيَة على (فعول) بِالْفَتْح كالسفوف واللعوق والنطول والغسول والسعوط. فعيل بِمَعْنى (فَاعل) يفرق فِيهِ بَين الْمُذكر والمؤنث سَوَاء ذكر الْمَوْصُوف أَو لَا، وَبِمَعْنى (مفعول) لم يفرق بَينهمَا إِذا ذكر الْمَوْصُوف وَيفرق إِذا لم يذكر. وفعول بِمَعْنى فَاعل كفعيل بِمَعْنى مفعول. وفعول بِمَعْنى مفعول كفعيل بِمَعْنى فَاعل. وفعول بِمَعْنى الْمصدر وَهُوَ قَلِيل كالقبول والولوع والوزوع. وَبِمَعْنى الْفَاعِل كالغفور والصفوح والشكور. وَبِمَعْنى الْمَفْعُول كالركوب والضبوب والحلوب.

وَبِمَعْنى مَا يفعل بِهِ كَالْوضُوءِ والغسول والفطور. وَمن مَعَانِيهَا: الاسمية كالذنوب. وَقد حمل الشَّافِعِي قَوْله تَعَالَى: {وأنزلنا من السَّمَاء مَاء طهُورا} على الْمَعْنى الرَّابِع لقَوْله تَعَالَى: {ليطهركم بِهِ} ، وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " جعل لي الأَرْض مَسْجِدا وترابها طهُورا ". [والمفعل: للموضع والمفعل للآلة والفعلة للمرة والفعلة للحالة] . خرج عَن قَاعِدَة قُوَّة اللَّفْظ المشعرة بِقُوَّة الْمَعْنى بَاب التصغير حَيْثُ زَادَت فِيهِ الْحُرُوف وقلَّ الْمَعْنى كَمَا فِي (حذر) فَإِنَّهُ أبلغ من (حاذر) لَكِن الْقَاعِدَة أكثرية لَا كُلية، وَقد صرح بَعضهم بِأَن تِلْكَ الْقَاعِدَة فِيمَا إِذا كَانَ اللفظان المتوافقان فِي الِاشْتِقَاق متحدي النَّوْع فِي الْمَعْنى كصدٍ وصديان وغرث وغرثان فَإِن ذَلِك رَاجع إِلَى أصل وَاحِد وَهُوَ اسْم الْفَاعِل كالرحمن والرحيم بِخِلَاف (حاذر) و (حذر) فَإِن أَحدهمَا اسْم فَاعل وَالْآخر صفة مشبهة. ذكر كثير من النُّحَاة أَنه إِذا أُرِيد بَقَاء معنى الْمَاضِي مَعَ (إِن) جعل الشَّرْط لفظ (كَانَ) كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن كَانَ قَمِيصه قد من قبل} لقُوَّة دلَالَة (كَانَ) على الْمَاضِي لتمحضه لَهُ لِأَن الْحَدث الْمُطلق الَّذِي هُوَ مَدْلُوله يُسْتَفَاد مِنْهُ الْخَبَر فَلَا يُسْتَفَاد مِنْهُ إِلَّا الزَّمَان الْمَاضِي، وَكَذَا إِذا جِيءَ بإن فِي مقَام التَّأْكِيد مَعَ وَاو الْحَال لمُجَرّد الْوَصْل والربط، وَلَا يذكر لَهُ حِينَئِذٍ جَزَاء نَحْو: زيد وَإِن كثر مَاله بخيل، وَعَمْرو وَإِن أعطي لَهُ مَال لئيم. اخْتلف فِي عَامل الْخَبَر، وَظَاهر مَذْهَب الزَّمَخْشَرِيّ أَن الْخَبَر يرْتَفع بِالِابْتِدَاءِ وَحده، وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن الْعَامِل فِيهِ الِابْتِدَاء والمبتدأ جَمِيعًا، وَعَلِيهِ كثير من الْبَصرِيين. وَالْأَصْل فِي الْأَسْمَاء أَن لَا تعْمل، وَإِذا لم يكن لَهُ تَأْثِير فِي الْعَمَل، والابتداء لَهُ تَأْثِير فإضافة مَا لَا تَأْثِير لَهُ إِلَى مَا لَهُ تَأْثِير لَا تَأْثِير لَهُ. وَالصَّحِيح أَن الْعَامِل فِي الْخَبَر هُوَ الِابْتِدَاء وَحده كَمَا كَانَ عَاملا فِي الْمُبْتَدَأ إِلَّا أَن عمله فِي الْمُبْتَدَأ بِلَا وَاسِطَة وَفِي الْخَبَر بِوَاسِطَة الْمُبْتَدَأ، فالابتداء يعْمل فِي الْخَبَر عِنْد وجود الْمُبْتَدَأ وَإِن لم يكن للمبتدأ أثر فِي الْعَمَل إِلَّا أَنه كالشرط فِي عمله كالقِدْر فِي تسخين المَاء فَإِن التسخين بالنَّار عِنْد وجود الْقدر لَا بهَا. لَا يجوز تعلق حرفي جر بِمَعْنى وَاحِد بِفعل وَاحِد حَيْثُ لَا يَصح الْإِبْدَال بِلَا امْتنَاع أَي من غير عطف وَلِهَذَا ذهب صَاحب " الْكَشَّاف " فِي قَوْله تَعَالَى: {كلما رزقوا مِنْهَا من ثَمَرَة رزقا} بِأَن الظرفين لم يتعلقا بِفعل وَاحِد بل تعلق الأول بالمطلق وَالثَّانِي بالمقيد كَمَا فِي (أكلت من بستانك من الْعِنَب) أَي الْأكل الْمُبْتَدَأ من الْبُسْتَان من الْعِنَب. فَاء السَّبَبِيَّة لَا يعْمل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا إِذا وَقعت فِي موقعها، وموقعها أَن يكون بِحَسب الظَّاهِر بَين جملتين تكون إِحْدَاهمَا بِمَنْزِلَة الشَّرْط وَالْأُخْرَى بِمَنْزِلَة الْجَزَاء، وَأما إِذا كَانَت زَائِدَة كَمَا

فِي {فسبح بِحَمْد رَبك} أَو وَاقعَة فِي غير موقعها لغَرَض كَمَا فِي {وَرَبك فَكبر} فَفِي الصُّورَتَيْنِ لَا يمْنَع من عمل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا. اتّفق الْجُمْهُور على أَن من الصّفة المشبهة مَا يكون مجارياً للمضارع فِي الْوَزْن، لَا سِيمَا مَا اشتق من الْفِعْل اللَّازِم كطاهر الْقلب ومستقيم الرَّأْي. وَقد منع ابْن الْحَاجِب وَجَمَاعَة من محققي النَّحْوِيين وُرُود الصّفة المشبهة مجارية للمضارع وتأولوا مَا جَاءَ مِنْهَا كَذَلِك بِأَنَّهُ اسْم فَاعل أجري مجْرى الصّفة المشبهة عِنْد قصد الثُّبُوت. وهم فِي ذَلِك متابعون لإِمَام الْعَرَبيَّة الزَّمَخْشَرِيّ. قَالَ التَّفْتَازَانِيّ: كَون (من) التبعيضية ظرفا مُسْتَقرًّا وَكَون اللَّغْو حَالا مِمَّا لَا يَقُول بِهِ النُّحَاة، وَصَاحب الْكَشَّاف والبيضاوي قد جَوَّزا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَهَل أَنْتُم مُغْنون عَنَّا من عَذَاب الله من شَيْء} أَن يكون (مِنْ) الأولى وَالثَّانيَِة أَيْضا للتَّبْعِيض، وَأَن يكون (من) الأولى فِي موقع الْحَال، وَالظَّاهِر أَنه إِذا كَانَت (من) الأولى فِي موقع الْحَال يكون ظرفا مُسْتَقرًّا لَا محَالة لِامْتِنَاع اللَّغْو أَن يكون حَالا كَمَا قَالَ: الْمُتَعَارف فِي جَوَاب (لما) الْفِعْل الْمَاضِي لفظا أَو معنى بِدُونِ الْفَاء، وَقد يدْخل الْفَاء على قلَّة لما فِي (لمّا) من معنى الشَّرْط وَعَلِيهِ ورد بعض الْأَحَادِيث. وَفِي " شرح اللّبَاب " للمشهدي: جَوَاب لمّا فعل ماضٍ أَو جملَة اسمية مَعَ (إِذا) المفاجأة أَو مَعَ الْفَاء، وَرُبمَا كَانَ مَاضِيا مَقْرُونا بِالْفَاءِ، وَيكون مضارعاً. أفعل التَّفْضِيل إِذا أضيف إِلَى جملَة هُوَ بَعْضهَا لم يحْتَج إِلَى ذكر (من) كَقَوْلِك (زيد أفضل النَّاس) ، وَلَا يُضَاف إِلَى جملَة هُوَ بَعْضهَا وَالْمرَاد تَفْضِيل الشَّيْء على جنسه، فَلَا يُقَال: (زيد أفضل إخْوَته) لِأَن إخْوَته غَيره، وَلَو قلت: (زيد أفضل الْإِخْوَة) جَازَ لِأَنَّهُ أحد الْإِخْوَة، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {أحرص النَّاس} . وَإِذا اخْتلف الجنسان جِيءَ فِي التَّفْصِيل بِمن فَقيل: (زيد أفضل من إخْوَته) ، و (الْخَيل أفضل من الْحمير) . قد صرح النحويون بِأَن كلم المجازاة تدل على سَبَبِيَّة الأول ومسببية الثَّانِي، وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن الْمَقْصُود هُوَ الارتباط بَين الشَّرْط وَالْجَزَاء. إِذا عطف مَعْمُول فعل لَهُ مَعْنيانِ حَقِيقِيّ ومجازي على مَعْمُول الْفِعْل الآخر بِالْوَاو وَنَحْو ذَلِك فَمن قيام العاطف مقَام الْفِعْل الْعَامِل يكون كَأَن لفظ الْعَامِل ذكر مرّة أُخْرَى فَيجوز أَن يُرَاد بِهِ عِنْدَمَا ذكر أَولا أحد معنييه، وعندما ذكر ثَانِيًا مَعْنَاهُ الآخر فَلَا يلْزم الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز. قد تقرر أَن اسْم الْجِنْس حَامِل لِمَعْنى الجنسية والوحدة إِن كَانَ مُفردا منوناً، أَو الْعدَد إِن كَانَ مثنى أَو مجموعاً فَرُبمَا يكون الْغَرَض المسوق لَهُ الْكَلَام هُوَ الأول فيستلزم الْعُمُوم لِأَن انْتِفَاء الْجِنْس انْتِفَاء كل فَرد كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض وَلَا طَائِر يطير بجناحيه} وَرُبمَا

كَانَ الْغَرَض هُوَ الثَّانِي فَلَا يسْتَلْزم الْعُمُوم لِأَن نفي الْمُقَيد بِقَيْد الْوحدَة أَو الْعدَد لَا يسْتَلْزم نفي الْمُطلق لرجوع النَّفْي إِلَى الْقَيْد كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَه وَاحِد} . يجوز أَن يشتق من أحد إِلَى عشرَة صِيغَة اسْم الْفَاعِل نَحْو: وَاحِد، وَيجوز قلبه فَيُقَال: حادي، وَيجوز أَن يسْتَعْمل اسْتِعْمَال أَسمَاء الفاعلين إِن وَقع بعده مغايره لفظا، وَلَا يكون إِلَّا مَا دونه برتبة وَاحِدَة نَحْو: عَاشر تِسْعَة وتاسع ثَمَانِيَة، وَلَا يُجَامع مَا دونه برتبتين نَحْو: عَاشر ثَمَانِيَة، وَلَا مَا فَوْقه مُطلقًا فَلَا يُقَال: تَاسِع عشرَة، وَأما إِذا جَامع مُوَافقا لَهُ لفظا وَجَبت إِضَافَته نَحْو: ثَالِث ثَلَاثَة، وَثَانِي اثْنَيْنِ. الْجَزَاء إِذا كَانَ مضارعاً مثبتاً غير مقترن بِأحد الْأَرْبَعَة: (أَي) و (سَوف) و (أَن) و (مَا) يجوز بِالْفَاءِ وَتَركه، أما جَوَاز الْفَاء فَلِأَنَّهُ قبل أَدَاة الشَّرْط كَانَ صَالحا للاستقبال فَلم تُؤثر الأداة فِيهِ تَأْثِيرا ظَاهرا فَاحْتَاجَ إِلَى مزِيد ربط بَينهمَا بِالْفَاءِ، وَأما تَركه فلتأثير الأداة فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ صَالحا للْحَال والاستقبال فصرفت الأداة للاستقبال. يجوز الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي الْجمع كلفظة الْآبَاء مرَادا بهَا الْأَب الْحَقِيقِيّ والأجداد، وَإِنَّمَا المستحيل اجْتِمَاعهمَا مرادين بِلَفْظ وَاحِد فِي وَقت وَاحِد بِأَن يكون كل مِنْهُمَا مُتَعَلق الحكم نَحْو: لَا تقتل الْأسد، وتريد السَّبع وَالرجل الشجاع، لِأَن اللَّفْظ للمعنى بِمَنْزِلَة اللبَاس للشَّخْص، وَالْمجَاز كَالثَّوْبِ الْمُسْتَعَار، والحقيقة كَالثَّوْبِ الْمَمْلُوك فاستحال اجْتِمَاعهمَا. وَمن جوّز الْجمع بَينهمَا خص بالمجاز اللّغَوِيّ، وَأما الْمجَاز الْعقلِيّ فامتناعه فِيهِ اتفاقي. الضَّابِط فِي دُخُول الْوَاو فِي الْجُمْلَة الحالية وجوبا وامتناعاً وجوازاً هُوَ أَنَّهَا إِن كَانَت مُؤَكدَة فَلَا وَاو لكَمَال الِاتِّصَال، وَإِن كَانَت غَيرهَا فإمَّا أَن يكون على أصل الْحَال أَو لَا، فَالْأول إِمَّا أَن يكون على نهجها أَو لَا، فَمَا يكون على أصل الْحَال ونهجها فَالْوَجْه فِيهِ دُخُول الْوَاو، وَمَا يكون على أصل الْحَال دون نهجها فَحكمه جَوَاز الْأَمريْنِ. وَدخُول الْوَاو فِي الْمُضَارع الْمُثبت كالممتنع أَعنِي الْحَرَام إِذا أجري على ظَاهره، وَأما إِذا قدر مَعَه مُبْتَدأ فدخول الْوَاو جَائِز ومسموع كثيرا. مِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {لم تؤذونني وَقد تعلمُونَ} . وَدخُول الْوَاو على الْمَاضِي وعَلى الْمُضَارع مُطلقًا بِمَنْزِلَة الْمَكْرُوه. ووجوبه فِي نَحْو: (جَاءَنِي رجل وعَلى كتفه سيف) إِذا أُرِيد الْحَال دفعا للالتباس. وَوُجُوب تَركه إِذا أُرِيد الْوَصْف لِامْتِنَاع عطف الصّفة على موصوفها الْبَتَّةَ. وَغَلَبَة ترك الْوَاو امْتنَاع دُخُوله على تَقْدِير الْأَفْرَاد. ورجحان التّرْك على تَقْدِير الْمَاضِي. وَأما رُجْحَان دُخُوله فعلى تَقْدِير الاسمية فَقَط. وَإِذا لم يكن بعد الظّرْف مظهر كَانَ رُجْحَان التّرْك أظهر كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَخرج على قومه فِي زينته} . قد يتْرك حكم اللَّفْظ الْوَاجِب فِي قِيَاس لُغَة

الْعَرَب إِذا كَانَ فِي رُتْبَة كلمة لَا يجب لَهَا ذَلِك الحكم. وَهَذَا من ألطف أساليب الْعَرَب كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَمنهمْ من هدى الله وَمِنْهُم من حقت عَلَيْهِ الضَّلَالَة} فَإِنَّهُ لَو قيل مَكَان (مَنْ حَقَّت) (مَنْ ضَلَّت) لتعينت التَّاء لكل أمة فِيمَا قبل الْآيَة، ومؤداهما وَاحِد فَأثْبت لثبوتها فِيمَا هُوَ من مَعْنَاهُ، وَكَذَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فريقا هدى وفريقا حق عَلَيْهِم الضَّلَالَة} إِذْ لَو قيل: (فريقاً ضلّوا) كَانَ بِغَيْر التَّاء لتذكير الْفَرِيق، وَفِي مَعْنَاهُ (حق عَلَيْهِم الضَّلَالَة) فجيء كَذَلِك. اشْتِرَاك النكرات مَقْصُود الْوَاضِع، وَلَيْسَ كَذَلِك اشْتِرَاك الْأَعْلَام فَإِن النكرات تشترك فِي حَقِيقَة وَاحِدَة، والأعلام تشترك فِي اللَّفْظ دون الْحَقِيقَة. وكل حَقِيقَة تتَمَيَّز بِوَضْع غير الْوَضع للْحَقِيقَة الْأُخْرَى، بِخِلَاف وضع اللَّفْظ على النكرات، وَلذَلِك كَانَ (الزيدان) يدل على الِاشْتِرَاك فِي الِاسْم دون الْحَقِيقَة، و (الرّجلَانِ) يدل على الِاشْتِرَاك فِي الِاسْم والحقيقة. اللَّفْظ الْخَاص الْمَوْضُوع لمسمى وَاحِد على سَبِيل الِانْفِرَاد ك (ثلاثةَ قُروء} لَا يحْتَمل الْبَعْض فَلَا يُرَاد بِهِ قرءان، وَبَعض الثَّالِث لَا حَقِيقَة وَلَا مجَازًا، بِخِلَاف {الْحَج أشهرٌ مَعْلُومَات} حَيْثُ أُرِيد بهَا شَهْرَان وَبَعض الثَّالِث، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك لِأَن هَذَا خَاص وَذَاكَ جمع عَام مَعَ أَن إِرَادَة الْأَقَل من الثَّلَاثَة الكوامل مجَاز فِي الْجمع. اللَّفْظ إِذا اسْتعْمل فِيمَا وضع لَهُ يدل عَلَيْهِ قطعا، وَإِذا اسْتعْمل فِي غَيره مَعَ العلاقة والقرينة الْمَانِعَة عَنهُ يدل على هَذَا الْغَيْر قطعا، وَأما إِذا انْتَفَت الْقَرِينَة وَوجدت العلاقة فيصلح اللَّفْظ لكل من الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ والمجازي. الْعَطف على الْمَجْرُور بِاللَّامِ قد يكون للاشتراك فِي مُتَعَلق اللَّام مثل: جئْتُك لأفوز بلقياك وأحوز عطاياك، وَيكون بِمَنْزِلَة تَكْرِير اللَّام. وَعطف الْجَار وَالْمَجْرُور قد يكون للاشتراك فِي معنى اللَّام كَمَا تَقول: جئْتُك لتستقر فِي مقامك وَتفِيض عليّ من إنعامك: أَي لِاجْتِمَاع الْأَمريْنِ ليَكُون من قبيل: جَاءَنِي غُلَام زيد وَعَمْرو. أَي الْغُلَام الَّذِي لَهما. النَّفْي فِي (إِنَّمَا) ضمني لَا صَرِيح كَمَا فِي (مَا) وَإِلَّا فَإِنَّمَا فِي حكم الْأَفْعَال المتضمنة للنَّفْي مثل: أبي وَامْتنع وَنفى. وَنَحْو ذَلِك، لَا فِي حكم أَدَاة النَّفْي. و (لَا) العاطفة تجامع النَّفْي الضمني دون الصَّرِيح، إِذْ لَا شُبْهَة فِي صِحَة قَوْلك: امْتنع عَن الْمَجِيء زيدٌ لَا عَمْرو، مَعَ أَنه يمْتَنع: مَا جَاءَ زيد لَا عَمْرو. مشابهة (مَا) بليس أَكثر من مشابهة (لَا) بليس، لِأَن (مَا) تخْتَص بِنَفْي الْحَال كليس وَلذَلِك تدخل على الْمعرفَة والنكرة كليس نَحْو: مَا زيد مُنْطَلقًا وَمَا أحد أفضل مِنْك، وَلَا تدخل (لَا) إِلَّا على النكرَة نَحْو: لَا رجل أفضل مِنْك.

وَامْتنع (لَا زيد مُنْطَلقًا) وَاسْتِعْمَال (لَا) بِمَعْنى (لَيْسَ) قَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى اسْتِعْمَال (مَا) . أَكثر اللُّغَة مجَاز لَا حَقِيقَة، أَلا ترى أَن نَحْو (قَامَ زيد) مجَاز لَا حَقِيقَة على وضع الْكل مَوضِع الْبَعْض للاتساع وَالْمُبَالغَة وتشبيه الْقَلِيل بالكثير، وَكَذَلِكَ (ضربت زيدا) مجَاز أَيْضا من جِهَة أُخْرَى سوى التَّجَوُّز بِالْفِعْلِ، وَلِهَذَا يُؤْتى عِنْد الِاسْتِظْهَار بِبَدَل الْبَعْض، وَفِي الْبَدَل أَيْضا تجوّز. قد يَجْعَل العَلَم نكرَة لِاتِّفَاق تَسْمِيَة اثْنَيْنِ فَصَاعِدا بذلك الْعلم مثل أَن يتَّفق تَسْمِيَة اثْنَيْنِ فَصَاعِدا بزيد، وَإِذا كَانَ كَذَلِك صَار (زيد) اسْم جنس لاشتراك جمَاعَة فِيهِ فَصَارَ كفَرَس ورَجُل، ثمَّ إِذا أُرِيد تَخْصِيص زيد لوَاحِد من الْجَمَاعَة الْمُسَمَّاة بِهِ فَيحْتَاج إِلَى أَن يعرّف بِالْألف وَاللَّام أَو بِالْإِضَافَة. الْفِعْل بعد (حَتَّى) لَا ينْتَصب إِلَّا إِذا كَانَ مُسْتَقْبلا، ثمَّ إِن كَانَ استقباله بِالنّظرِ إِلَى زمن الْمُتَكَلّم فالنصب نَحْو: {لن نَبْرَح عَلَيْهِ عاكفين حَتَّى يرجع إِلَيْنَا مُوسَى} وَإِن كَانَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا قبلهَا خَاصَّة فالوجهان نَحْو: {وزلزلوا حَتَّى يَقُول الرَّسُول} فَإِن قَوْلهم بِالنّظرِ إِلَى الزلزال لَا بِالنّظرِ إِلَى قَصِّ ذَلِك إِلَيْنَا. الْعدَد من الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة وضع للقلة فيضاف إِلَى مِثَال الْجمع الْقَلِيل كثلاثة أشهر وَسَبْعَة أبحر، إِلَّا أَن يكون الْمَعْدُود مِمَّا لم يبن لَهُ جمع قلَّة فيضاف حِينَئِذٍ إِلَى مَا صِيغ لَهُ من الْجمع على تَقْدِير إِضْمَار (من) البعضية فِيهِ كَقَوْلِك: (عِنْدِي ثَلَاثَة دَرَاهِم) أَي: من دَرَاهِم. وَأما (ثَلَاثَة قُرُوء) فَإِنَّهُ لما أسْند إِلَى جماعتهن ثَلَاثَة، وَالْوَاجِب على كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ ثَلَاثَة أَتَى بِلَفْظ القروء لتدل على الْكَثْرَة المرادة. قَالَ بَعضهم: من شَرط الْمَفْعُول بِهِ وجوده فِي الْأَعْيَان قبل إِيجَاد الْفِعْل، وَأما إِخْرَاج شَيْء من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود فَهُوَ معنى الْمَفْعُول الْمُطلق، وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك، بل الشَّرْط توقف عقلية الْفِعْل عَلَيْهِ سَوَاء كَانَ مَوْجُودا فِي الْخَارِج نَحْو: (ضربت زيدا) أَو (مَا ضَربته) أم لم يكن مَوْجُودا نَحْو: (بنيت الدَّار) ، وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {أعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ} فَإِن الْأَشْيَاء مُتَعَلقَة بِفعل الْفَاعِل بِسَبَب عقليته، ثمَّ قد تُوجد فِي الْخَارِج وَذَلِكَ لَا يُخرجهُ عَن كَونه مَفْعُولا بِهِ. الِاسْم إِن كَانَ عَاما فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَالثَّانِي هُوَ الأول لِأَن ذَلِك من ضَرُورَة الْعُمُوم، وَسَوَاء كَانَا معرفتين عامتين أم نكرتين حصل لَهما الْعُمُوم بالوقوع فِي سِيَاق النَّفْي، وَإِن كَانَ الثَّانِي عَاما فَقَط فَالْأول دَاخل فِيهِ لِأَنَّهُ بعض أَفْرَاده، والمعرَّف والمنكّر فِيهِ سَوَاء، وَكَذَا يدْخل الأول فِي الثَّانِي إِذا كَانَا عامّين وَالْأول نكرَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا يملكُونَ لكم رزقا فابتغوا عِنْد الله الرزق} أَي: لَا يملكُونَ شَيْئا من الرزق فابتغوا عِنْد الله كل رزق، أَو حسن الرزق. وَإِن كَانَا خاصين بِأَن يَكُونَا معرفتين بأداة عهدية فَذَلِك بِحَسب الْقَرِينَة الصارفة إِلَى الْمَعْهُود. اسْم الْفَاعِل يُسْتَفَاد مِنْهُ مُجَرّد الثُّبُوت صَرِيحًا

بِأَصْل وَضعه، وَقد يُسْتَفَاد مِنْهُ غَيره بِقَرِينَة، وَكَذَا حكم اسْم الْمَفْعُول. وَأما الصّفة المشبهة فَلَا يقْصد بهَا إِلَّا مُجَرّد الثُّبُوت وضعا أَو الدَّوَام باقتضاء الْمقَام. الْجُمْلَة الاسمية إِذا كَانَ خَبَرهَا اسْما فقد يقْصد بهَا الدَّوَام والاستمرار الثبوتي بمعونة الْقَرَائِن، وَإِذا كَانَ خَبَرهَا مضارعاً فقد يُفِيد استمراراً تجددياً. إِذا ذكر الْأَعْلَى أَولا ثمَّ الْأَدْنَى لم تَجِد بذلك الْأَدْنَى فَائِدَة، بِخِلَاف الْعَكْس. هَذَا فِي الْإِثْبَات، وَأما فِي النَّفْي فعلى الْعَكْس، إِذْ يلْزم من نفي الْأَدْنَى نفي الْأَعْلَى، لِأَن ثُبُوت الْأَخَص يسْتَلْزم نفي الْأَعَمّ، وَنفي الْأَعَمّ لَا يسْتَلْزم نفي الْأَخَص. لَو الْتبس عَلَيْك اسْم وَلم تعلم هَل هُوَ منصرف أَو غير منصرف وَجَبت عَلَيْك أَن تصرفه لِأَن الأَصْل فِي الِاسْم هُوَ الصّرْف وَعدم الصّرْف فرع، والتمسك بِالْأَصْلِ هُوَ الأَصْل حَتَّى يُوجد دَلِيل نقل عَن الأَصْل، وَكَذَا حكم فرع الْتبس بِالْأَصْلِ. اسْتِعْمَال الثقاة الْأَلْفَاظ فِي الْمعَانِي يَجْعَل بِمَنْزِلَة نقلهم وروايتهم وَإِن لم يُوجد فِي كتب اللُّغَة وَلَا فِي استعمالات الْعَرَب، كاستعمال (قطّ) فِي الْمُضَارع الْمَنْفِيّ، و (أم) الْمُتَّصِلَة مَعَ (هَل) ، وادخال اللَّام على (غير) ، وَالْجمع بَين النَّفْي وَالِاسْتِثْنَاء نَحْو: (مَا زيد إِلَّا قَائِم لَا قَاعد) ، و (كَافَّة الْأَبْوَاب) بِالْإِضَافَة، و (أخلفته زيدا) بِمَعْنى جعلت زيدا خلفية لَهُ، و (لَا يذهب عَلَيْك) وَغير ذَلِك. الْعَطف على التَّوَهُّم نَحْو: (لَيْسَ زيدا قَائِما وَلَا قاعدٍ) بالخفض على توهم دُخُول الْبَاء فِي خبر لَيْسَ، وَلَيْسَ المُرَاد بالتوهم الْغَلَط بل المُرَاد الْعَطف على الْمَعْنى أَي: جوز الْعَرَبِيّ فِي ذهنه مُلَاحظَة ذَلِك الْمَعْنى فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فعطف ملاحظاً لَهُ وَهُوَ مقصد صَوَاب. الْجُمْلَة الأسمية تدل بمعونة الْمقَام على دوَام الثُّبُوت، وَإِذا دخل فِيهَا حرف النَّفْي دلّت على دوَام الانتفاء لَا على انْتِفَاء الدَّوَام، كَذَلِك الْمُضَارع الْخَالِي عَن حرف الِامْتِنَاع فَإِنَّهُ يدل على اسْتِمْرَار الثُّبُوت، وَإِذا دخل فِيهِ حرف الإمتناع دلّ على إستمرار الِامْتِنَاع. اسْم الْجِنْس إِذا أضيف إِلَى شَيْئَيْنِ وَأُرِيد إِثْبَات شَيْء وَاحِد لكل مِنْهُمَا احْتِيجَ إِلَى إِضَافَة التَّثْنِيَة فِي مَوضِع الالتباس نَحْو: (غلامَي زيد وَعَمْرو) مرَادا بِهِ غُلَام زيد وَغُلَام عَمْرو، وَلَو لم يكن التباس لم يحْتَج إِلَيْهَا نَحْو: (رَأس زيد وَعَمْرو) وَعَلِيهِ: {لسانِ داودَ وَعِيسَى بنِ مَرْيَم} . إِذا رَأينَا حُصُول سَبَب وَاحِد من الْأَسْبَاب الْمَانِعَة من الصّرْف فِي اسْم ثمَّ منعُوهُ من الصّرْف علمنَا أَنهم جَعَلُوهُ علما لما ثَبت أَن الْمَنْع من الصّرْف لَا يحصل إِلَّا عِنْد اجْتِمَاع السببين، وَلِهَذَا

الْبَاب أَمْثِلَة كَثِيرَة من جُمْلَتهَا تسميتهم التَّسْبِيح سُبْحَانَ. فَائِدَة الْخَبَر تمْتَنع بِدُونِ لَازم فَائِدَة الْخَبَر، وَلَا يمْتَنع لَازم فَائِدَته بِدُونِ فَائِدَته لجَوَاز أَن يحصل للمخاطب من الْخَبَر علمٌ يكون الْمُتَكَلّم عَالما بالحكم وَلَا يحصل لَهُ مِنْهُ علم بِكَوْنِهِ مَعْلُوما لَهُ قبل سَماع ذَلِك الْخَبَر كَمَا فِي قَوْلك لمن حفظ الْقُرْآن: قد حفظت الْقُرْآن. العَلَم من حَيْثُ كَونه علما لشخص معِين لَا تعدد فِيهِ فَلَا يَصح أَن يثنى أَو يجمع من هَذِه الْحَيْثِيَّة، وَأما إِذا وَقع فِي الِاشْتِرَاك واحتيج إِلَى تثنيته أَو جمعه فَلَا بُد حِينَئِذٍ من التَّأْوِيل، مثل أَن يؤول (زيد) بِالْمُسَمّى بِهَذَا اللَّفْظ، فَإِذا قيل: الزيدون فَكَأَنَّهُ قيل: المسمون بزيد، فَجمع بِهَذَا الْجمع لكَونه فِي حكم صفة الْعُقَلَاء. يجوز أَن يكون بعض الْحَقِيقَة أَكثر تبادراً من حَقِيقَة أُخْرَى كَمَا فِي لفظ الْوَضع فَإِنَّهُ حَقِيقَة فِي الْوَضع الشخصي والنوعي مَعَ أَن الْمُتَبَادر من الْوَضع عِنْد الْإِطْلَاق الْوَضع الشخصي، وكما فِي لفظ الْوُجُود فَإِنَّهُ مُشْتَرك بَين الْخَارِجِي والذهني مَعَ أَن الْمُتَبَادر من الْوُجُود عِنْد الْإِطْلَاق الْوُجُود الْخَارِجِي لَا الذهْنِي. وضع اسْم الْجِنْس للماهية الْمقيدَة بالوحدة الشائعة الْمُسَمَّاة بالفرد الْمُنْتَشِر فَأخذ أَصْحَابنَا بِهَذَا الْمَذْهَب وَجعلُوا جَمِيع أَسمَاء الْأَجْنَاس مَوْضُوعا بِهَذَا الِاعْتِبَار مصدرا أَو غَيره، وَأكْثر أهل الْعَرَبيَّة فرّق فِي ذَلِك بَين الْمصدر وَغَيره حَيْثُ جعلُوا مثل (رجل) و (فرس) مَوْضُوعا كَذَلِك دون الْمصدر على مَا أبان عَنهُ الشريف. التلازم بَين شَيْئَيْنِ لَا يُوجب كَون الِاشْتِرَاط بِأَحَدِهِمَا مغنياً عَن الِاشْتِرَاط بِالْآخرِ إِمَّا مَعًا أَو بَدَلا فَإِنَّهُ بعد اشْتِرَاط أَحدهمَا قد يكون الِاشْتِرَاط بِالْآخرِ بِخُصُوصِهِ مَقْصُودا وَإِن لم يتَحَقَّق بِدُونِهِ فَإِن اشْتِرَاط شَيْء بآخر يكون بِسَبَب خُصُوصِيَّة وَتعلق بَينهمَا يَسْتَدْعِي ذَلِك التَّعَلُّق، سبق الثَّانِي على الأول وَلَو ذاتياً بِحَيْثُ يكون أَحدهمَا مَوْقُوفا وَالْآخر مَوْقُوفا عَلَيْهِ. يجوز إِعْمَال الْفِعْل الْمُسْتَقْبل فِي الظّرْف الْمَاضِي على مَا نَص عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ اعتزلتموهم} إِلَى قَوْله: {فأووا إِلَى الْكَهْف} ، {فَإِن لم تَفعلُوا} إِلَى قَوْله: {فأقيموا} {وَإِذ لم يهتدوا بِهِ فسيقولون} ووجهوه بِأَنَّهُ من بَاب الْمُبَالغَة فَكَأَن هَذِه الْأَفْعَال مُسْتَقْبلَة وَاقعَة فِي الْأَزْمِنَة الْمَاضِيَة لَازِمَة لَهَا لُزُوم المظروفات لظروفها. نَص النحويون على أَن الضمائر لكَونهَا مَوْضُوعَة للْجَمِيع تكون على حسب المتعاطفين، تَقول: (زيد وَعَمْرو أكرمتهما) ، وَيمْتَنع (أكرمته) ونصوا أَيْضا على أَن الضمائر بعد (أَو) لكَونهَا مَوْضُوعَة لأحد الشَّيْئَيْنِ أَو الْأَشْيَاء تكون على حسب أحد المتعاطفين تَقول: (زيدا أَو عمرا أكْرمه) وَلَا تَقول (أكرمهما) ، ويردّ عَلَيْهِم قَوْله تَعَالَى: {وَالله وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه} ، وَقَوله تَعَالَى: (إنْ يَكُنْ غَنياً أَو

فَقِيرا فاللهُ أَوْلَى بهما} . الْمجَاز إِنَّمَا يتَحَقَّق بِنصب الْقَرِينَة الْمَانِعَة عَن إِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ، المحصلة لإِرَادَة لَازِمَة فَلَو أُرِيد اللَّازِم لَا على وَجه منع الْحَقِيقَة والانتقال مِنْهَا إِلَيْهِ بل لكَونه لَازِما وتابعاً لَهَا لَا يكون اللَّفْظ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ مجَازًا لعدم شَرطه فَلَا يكون ثُبُوت حكمهمَا مَعًا جمعا بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز كَمَا فِي نِيَّته الْيَمين بِصِيغَة النّذر، وَفِي شِرَاء الْقَرِيب وَفِي الْهِبَة بِشَرْط العِوَض وَفِي الْإِقَالَة وَغير ذَلِك. التَّقْيِيد إِذا جعل جُزْءا من الْمَعْطُوف عَلَيْهِ لم يُشَارِكهُ الْمَعْطُوف فِي ذَلِك الْقَيْد لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ دَاخِلا فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ لَا حكما من أَحْكَامه حَتَّى يُشَارِكهُ الْمَعْطُوف فِيهِ، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {لَا يَسْتَأخِرون سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمون} فَإِن (لَا يَسْتَقْدِمُونَ) عطف على الْجُمْلَة الشّرطِيَّة لَا الجزائية فَلَا يتَقَيَّد بِالشّرطِ فَيكون مَضْمُون الْكَلَام: هَكَذَا أَجلهم لَا يتَقَدَّم وَإِذا جَاءَ لَا يتَأَخَّر [أَو الْمَعْنى إِذا قرر وَتعلق التَّقْدِير بِهِ لِأَن الْمَجِيء لَازم لَهُ، وَبعد الْمَجِيء لَا يتَصَوَّر التَّقَدُّم] . دلَالَة مُقَابلَة الْجمع بِالْجمعِ على انقسام الْآحَاد بالآحاد لَيست بقطعية بل ظنية، وَلذَلِك كثيرا مَا يتَخَلَّف عَنهُ مَدْلُوله فَإِن عصوبة الْأُخْت الْوَاحِدَة مَعَ البنتين أَو الْعَكْس تنَافِي ذَلِك، وَكَذَا قَوْله لثلاث: أنتن طَوَالِق ثَلَاثًا. التَّفْرِيع قد يكون تَفْرِيع السَّبَب على الْمُسَبّب وَقد يكون تَفْرِيع اللَّازِم على الْمَلْزُوم، وكما يكون على تَمام الْعلَّة كَذَلِك يكون على بَعْضهَا إِذا كَانَ الْبَعْض الآخر مُقَارنًا لَهُ فِي الْوُجُود سَوَاء أَكَانَ مُقَارنًا إِيَّاه بَيِّناً أَو غير بَيِّن إِلَّا أَنه على التَّقْدِير الثَّانِي لَا بُد من تعقيب التَّفْرِيع بِالْبَيَانِ، إِنَّمَا خص تَقْدِير القَوْل فِي تَأْوِيل الإنشائيات بالإخباريات لكَونه من قبيل الْخطاب الْعَام، فَكَمَا أَن الْخطاب يَقْتَضِي أَن يسْتَعْمل فِي الْأَمر الخطير الَّذِي من حَقه أَن يخْتَص بِهِ أحد دون أحد كَذَلِك من فخامته يَنْبَغِي أَن يَقُول كل من يَتَأَتَّى مِنْهُ القَوْل، فَعلم من هَذَا أَن الْعُدُول من الإخباري إِلَى الإنشائي يكون فِي أَمر ذِي هول. عطف الْجمل على الْجمل نَوْعَانِ: نوع لَا يُرَاعى فِيهِ التشاكل فِي الْمعَانِي وَلَا فِي الْإِعْرَاب كَقَوْلِنَا (قَامَ زيد ومحمداً أكرمته) و (مَرَرْت بِعَبْد الله وَأما خَالِدا فَلم ألقه) . وَنَوع آخر يلْزم فِيهِ أَن يَكُونَا متشاكلتين فِي الْإِعْرَاب فيعطف الِاسْم على الِاسْم وَالْخَبَر على الْخَبَر، وَمَا أنكر أحد عدم مُرَاعَاة التشاكل فِي أَكثر الْمُفْردَات، أَلا ترى أَن الْعَرَب تعطف المعرب على الْمَبْنِيّ وَبِالْعَكْسِ، وَمَا يظْهر فِيهِ الْإِعْرَاب على مَا لَا يظْهر. وتشاكل الْإِعْرَاب فِي الْعَطف إِنَّمَا يُرَاعى فِي الْأَسْمَاء المفردة المعربة خَاصَّة. الْوَصْف كَمَا يذكر فِي مقَام الْمَوْصُوف بِلَا حذف وَلَا يجوز بِحَسب اللَّفْظ كَمَا فِي: (رجل عدل) فَإِن التَّجَوُّز فِيهِ فِي الْإِسْنَاد دون الْمسند كَذَلِك يذكر الْمَوْصُوف فِي مُقَابِله بِلَا حذف وَلَا يجوز بِحَسب اللَّفْظ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {ولكنَّ البرَّ مَنْ آمن بِاللَّه} تَنْزِيلا للموصوف مَنْزِلَته.

الطَّارِئ يزِيل الحكم الثَّابِت. من ذَلِك نقض الأوضاع بالطارئ كلفظة الِاسْتِفْهَام إِذا طَرَأَ عَلَيْهَا معنى التَّعَجُّب استحالت خَبرا كَقَوْلِك: (مَرَرْت بِرَجُل أَي رجل أَو أَيّمَا رجل) . وَلَفظ الْوَاجِب إِذا لحقته همزَة التَّقْرِير عَاد نفيا، وَإِذا لحقه النَّفْي عَاد إِيجَابا نَحْو: {آللَّهُ أذن لكم} أَي: لم يَأْذَن. {أَلَسْت بربكم} أَي: أَنا كَذَلِك. حَيْثُ يسْتَثْنى عين الْمُقدم فَأكْثر مَا تسْتَعْمل الشّرطِيَّة بِلَفْظَة (إِن) فَإِنَّهَا مَوْضُوعَة لتعليق الْوُجُود بالوجود، وَحَيْثُ يسْتَثْنى نقيض التَّالِي فَأكْثر مَا يُؤْتى ب (لَو) فَإِنَّهَا وضعت لتعليق الْعَدَم بِالْعدمِ، وَهَذَا يُسمى قِيَاس الْخلف، وَهُوَ إِثْبَات الْمَطْلُوب بِإِبْطَال نقيضه. أهمية (أَيْنَمَا) فِي الْأَمْكِنَة على قِيَاس (مَتى مَا) فِي الْأَزْمِنَة، و (حَيْثُمَا) لتعميم الْأَمْكِنَة، و (مهما) أَعم على قِيَاس مَا مر فِي (مَتى مَا) سَوَاء قدر أَصله (ماما) وَالثَّانيَِة مزيدة لزِيَادَة التَّعْمِيم أَو جعلت كلمة برأسها إِذْ وَضعهَا كَذَلِك لمناسبة الْبناء لزِيَادَة الْمَعْنى. لَا خلاف فِي جَوَاز (إِن لم تفعل) والجازم لَا يدْخل على الْجَازِم كَمَا لَا يدْخل الناصب على الناصب وَالْجَار على الْجَار وَلَا بُد من القَوْل بِأَن (إنَّ) عاملة فِي (لم تفعل) بمجموعها لِأَن (لم) تنزلت منزلَة بعض الْفِعْل كَمَا عمل (لَو لم يكن) وَمَعَهُ لم. الْإِشَارَة إِلَى الْحَقِيقَة من حَيْثُ الْحُضُور تَعْرِيف الْحَقِيقَة وَإِلَى الْحصَّة مِنْهَا تَعْرِيف الْعَهْد ونريد بِالْحِصَّةِ الْفَرد مِنْهَا وَاحِدًا كَانَ أَو أَكثر لَا مُجَرّد مَا يكون أخص مِنْهَا وَلَو بِاعْتِبَار وصف اعتباري حَتَّى يُقَال أَن الْحَقِيقَة مَعَ قيد الْحُضُور حِصَّة من الْحَقِيقَة فَيكون معهوداً فَلَا يحصل الامتياز. اتّفق النحويون على أَن المبدأ وَالْخَبَر إِذا كَانَا معرفتين لم يجز تَقْدِيم الْخَبَر بل أَيهمَا قدمت كَانَ هُوَ الْمُبْتَدَأ وَالْآخر الْخَبَر، لَكِن بنوا ذَلِك على أَمر لَفْظِي هُوَ خوف الالتباس حَتَّى إِذا قَامَت الْقَرِينَة أَو أَمِنَ اللبْس جَازَ كَمَا فِي قَوْله: (بَنُونَا بَنُو أبْنَائنا وبَنَاتِنا ... بَنوهُنَّ أبناءُ الرجالِ الأباعدِ) معنى استغراق الْمُفْرد شُمُول أَفْرَاد الْجِنْس فَلَا يخرج فَرد أَو فردان، وَمعنى استغراق الْجمع شُمُول جَمِيع الْجِنْس. والجمعية فِي جمل الْجِنْس لَا فِي واحداتها، وَلَكِن اتّفق جُمْهُور أَئِمَّة التَّفْسِير وَالْأُصُول والنحو على أَن الْجمع الْمُعَرّف بِاللَّامِ يتَنَاوَل كل وَاحِد من الْأَفْرَاد كالمفرد حَتَّى فسروا (العالَمين) بِكُل جنس مِمَّا يُسمى بالعالَم إِلَى غير ذَلِك. الْغَرَض الْأَصْلِيّ من الْمَدْح صفة هُوَ إِظْهَار كمالات الممدوح والاستلذاذ بذكرها، وَقد يتَضَمَّن تَخْصِيص بعض الصِّفَات بِالذكر الْإِشَارَة إِلَى إنافتها على سَائِر الصِّفَات الْمَسْكُوت عَنْهَا. وَالْغَرَض من الْمَدْح على الِاخْتِصَاص إِظْهَار أَن تِلْكَ الصّفة أَحَق باستقلال الْمَدْح من سَائِر الصِّفَات الكمالية إِمَّا مُطلقًا وَإِمَّا بِحَسب ذَلِك

الْمقَام، سَوَاء كَانَ فِي نفس الْأَمر أَو ادِّعَاء وَأَن الْوَصْف أصل والمدح تبع فِي الْمَدْح على الصّفة وَبِالْعَكْسِ فِي الْمَدْح على الِاخْتِصَاص. المتضايقان يعقلان مَعًا سَوَاء كَانَا حقيقيين كالعلية والمعلولية، والسببية والمسببية أَو مشهورين كالعلة والمعلول الشاملين للمعقولات والمحسوسات، وَالسَّبَب يرادف الْعلَّة والمسبب الْمَعْلُول، وَقد تخص الْعلَّة بالمؤثر، وَالسَّبَب بالغاية أَو بِمَا يُفْضِي إِلَى الشَّيْء فِي الْجُمْلَة. قد عقد النحويون لأسماء السُّور والألفاظ والأحياء والقبائل والأماكن بَابا فِي منع الصّرْف وَعَدَمه، حَاصله أَنَّك إِذا عنيت قَبيلَة أَو أما أَو بقْعَة أَو سُورَة أَو كلمة منعت من الصّرْف، وَإِذا عنيت حَيا أَو أَبَا أَو مَكَانا أَو غير سُورَة أَو لفظا صرفت. صِيغَة الْفِعْل تصلح للْحَال والاستقبال إِلَّا أَنَّهَا للْحَال أخص لوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا النَّقْل عَن أَئِمَّة اللُّغَة والنحو أَنهم قَالُوا ذَلِك. وَالثَّانِي أَنَّهَا تسْتَعْمل فِي الْحَال بِغَيْر قرينَة، وَفِي الِاسْتِقْبَال بِقَرِينَة السِّين وسوف. اشْتهر عِنْد أهل الْبَيَان أَن الِاسْم يدل على الثُّبُوت والاستمرار وَالْفِعْل يدل على التجدد والحدوث وَأنْكرهُ الْبَعْض حَيْثُ قَالَ: الِاسْم إِنَّمَا يدل على مَعْنَاهُ فَقَط، وَأما كَونه يثبت الْمَعْنى للشَّيْء فَلَا، فأورد عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ إِنَّكُم بعد ذَلِك لميتون ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة تبعثون} وَقَوله تَعَالَى: إِن الذينَ هُمْ من خَشْيَة ربِّهم مُشْفِقون وَالَّذين هُمْ بآياتِ رَبِّهم يُؤمنون} . وَقد أطبقوا أَن الْعلم فِي ثَلَاثَة أشهر مَجْمُوع الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ: شهر رَمَضَان وشهري ربيع وَإِلَّا لم يحسن إِضَافَة الشَّهْر إِلَيْهِ كَمَا لَا يحسن (إنسانُ زيد) ، وَلِهَذَا لم يسمع شهر رَجَب وَشهر شعْبَان، وعللوا بِأَن هَذِه الثَّلَاثَة من الشُّهُور لَيست بأسماء للشهر وَلَا صِفَات لَهُ فَلَا بُد من إِضَافَة الشَّهْر إِلَيْهَا بِخِلَاف سَائِر الشُّهُور. وَفِيه أَن الْعَام قد يُضَاف إِلَى الْخَاص من غير نَكِير كمدينة مصر ومدينة بَغْدَاد وَغَيرهمَا. الْخطاب والنداء كِلَاهُمَا للإعلام والتفهيم إِلَّا أَن الْخطاب أبلغ من النداء لِأَن النداء بِذكر الِاسْم كَقَوْلِك: يَا زيد وَيَا عَمْرو، وَهَذَا لَا يقطع شركَة الْغَيْر، وَالْخطاب بِالْكَاف أَو التَّاء وَهَذَا يقطع شركَة الْغَيْر. قَالَ ابْن عَطِيَّة: سَبِيل الْوَاجِبَات الْإِتْيَان بِالْمَصْدَرِ مَرْفُوعا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فإمْسَاكٌ بمعروفٍ أوْ تَسْريحُ بِإِحْسَان} وسبيل المندوبات الْإِتْيَان بِالْمَصْدَرِ مَنْصُوبًا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَضَرْبَ الرِّقاب} قَالَ أَبُو حَيَّان: وَالْأَصْل فِي هَذِه التَّفْرِقَة قَوْله تَعَالَى: {فقالُوا سَلاَماً قَالَ سَلاَم} فَإِن الأول مَنْدُوب وَالثَّانِي وَاجِب، والنكتة فِي ذَلِك هِيَ أَن الْجُمْلَة الاسمية أثبت وآكد من الْجُمْلَة الفعلية. إِذا لم يكن للتمييز إِلَّا جمع قلَّة فَيُؤتى بِهِ، وَإِن

لم يكن إِلَّا جمع كَثْرَة فَكَذَلِك، وَإِن كَانَ لَهُ كِلَاهُمَا فالأغلب أَن يُؤْتى بِجمع الْقلَّة ليطابق الْعدَد الْمَعْدُود، وَإِن لم يكن لَهُ جمع التكسير يُؤْتى بِالْجمعِ الْمُؤَنَّث السَّالِم كَقَوْلِه تَعَالَى: {ثَلَاث عورات لكم} وَقد جَاءَ قَوْله تَعَالَى: {سبع سنبلات} مَعَ وجود (سنابل) . (قَالَ ابْن سينا: الْإِرَادَة شَرط الدّلَالَة، يَعْنِي أَن الدّلَالَة هِيَ الِالْتِفَات من اللَّفْظ إِلَى الْمَعْنى من حَيْثُ إِنَّه مُرَاد، فلولا الْعلم بالإرادة لِمَعْنى من اللَّفْظ لم يتَوَجَّه السَّامع من اللَّفْظ إِلَى الْمَعْنى. فَلم يتَحَقَّق دلَالَة لَا على المُرَاد وَلَا على الْجُزْء مِنْهُ وَلَا على لَازمه) . الضَّابِط فِي تَجْوِيز الْإِخْبَار عَن الْمُبْتَدَأ وَالْفَاعِل سَوَاء كَانَا معرفتين أَو نكرتين هُوَ جهل الْمُخَاطب بِالنِّسْبَةِ، فَإِن كَانَ جَاهِلا بهَا صَحَّ الْإِخْبَار وَإِن كَانَ الْمخبر عَنهُ نكرَة، وَإِن كَانَ عَالما بهَا لم يَصح الْإِخْبَار وَإِن كَانَ الْمخبر عَنهُ معرفَة. قَالَ أَبُو حَيَّان: لَا تزاد اللَّام لتقوية الْعَمَل فِي الْفِعْل الْمُتَعَدِّي إِلَى اثْنَيْنِ، وَقد أطلق ابْن عُصْفُور وَغَيره أَن الْمَفْعُول يجوز إِدْخَال اللَّام فِيهِ للتقوية إِذا تقدم على الْعَامِل، وَلم يقيدوه بِأَن يكون مِمَّا يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد. الْأَصَح أَن الْعُمُوم فِي مَوضِع الْإِبَاحَة بِدلَالَة الصِّيغَة لَا بقضية الصِّيغَة، لِأَن قَضيته التَّخْيِير والتخيير بَين الشَّيْئَيْنِ يدل على الْمُسَاوَاة بَينهمَا وَبَين الْإِقْدَام على أَحدهمَا، وَإِنَّمَا أطلق لمصْلحَة تعلق بهَا فَصَارَ ذَلِك دلَالَة لإِطْلَاق فِي الآخر لِأَن الْإِطْلَاق لأجل الْمصلحَة وهما فِي الْمصلحَة سَوَاء. معنى الْمُرُور فِي نَحْو: (مَرَرْت بزيد) وَهُوَ الْمُجَاوزَة يَقْتَضِي مُتَعَلقا وَالْبَاء تَكْمِيل لذَلِك الْمَعْنى، بِخِلَاف التَّعْدِيَة نَحْو: (خرجت بزيد) فَإِن معنى الْخُرُوج لَا يَقْتَضِي مُتَعَلقا بل حصل اقْتِضَاء الْمُتَعَلّق بِحرف الْجَرّ فَتلك هِيَ التَّعْدِيَة. لَيْسَ فِي (عرضت النَّاقة على الْحَوْض) مَا يدل على الْقلب لِأَن الْعرض صَحِيح من أَيهمَا كَانَ. وَأما مثل (أدخلت القلنسوة فِي رَأْسِي والخاتم فِي إصبعي) فمقلوب بالِاتِّفَاقِ. الْمحلى بلام الْعَهْد الذهْنِي لَهُ جهتان: التنكير من جِهَة الْمَعْنى، والتعريف من جِهَة اللَّفْظ. فَتَارَة ينظر إِلَى الْجِهَة الأولى فيصفونه بالنكرة، وَتارَة ينظر إِلَى الْجِهَة الثَّانِيَة فيصفونه بالمعرفة. العددان مَتى اسْتَويَا فالاقتصار على أَحدهمَا جَائِز، دَلِيله قَوْله تَعَالَى: {ثَلَاث لَيَال سويا} و {ثَلَاثَة أَيَّام إِلَّا رمزا} والقصة وَاحِدَة ذكرت مرّة بِالْأَيَّامِ وَمرَّة بالليالي، وَالْمرَاد فِي الْعرف الْأَيَّام والليالي جَمِيعًا. توسيط ضمير الْفَصْل بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَإِن كَانَ مَشْرُوطًا بِكَوْن الْخَبَر مُعَرفا بِاللَّامِ أَو (أفعل من كَذَا) إِلَّا أَن الْمُضَارع لشبهه بالمعرف بِاللَّامِ فِي عدم دُخُول اللَّام فِيهِ جوز فِيهِ ذَلِك كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنَّه هُوَ يبدئ وَيُعِيد} (ومَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ

يَبور} بل فِي الْمَاضِي كَذَلِك كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَأَنه هُوَ أَضْحكَ وأبْكَى وأنّه هُوَ أَمَاتَ وأَحْيَا} . معنى اضمحلال معنى الجمعية عِنْد دُخُول أَدَاة التَّعْرِيف عَلَيْهِ جَوَاز تنَاول الْجمع الْوَاحِد لَا منع دلَالَته على مَا يدل عَلَيْهِ الْجمع مُطلقًا كَمَا عرف فِي (لَا أَتزوّج النِّسَاء) حَيْثُ يَحْنَث بتزوج امْرَأَة وَاحِدَة لأجل اضمحلال معنى الجمعية. الشَّيْء إِذا وجد فِيهِ بعض خَواص نَوعه وَلم يُوجد فِيهِ بَعْضهَا لم يُخرجهُ عَن نَوعه نُقْصَان مَا نقص مِنْهُ. أَلا ترى أَن الِاسْم لَهُ خَواص تخصه وَلم يلْزم أَن تُوجد هَذِه الْخَواص كلهَا فِي جَمِيع الْأَسْمَاء وَلَكِن حَيْثُمَا وجدت كلهَا أَو بَعْضهَا حكم لَهُ بِأَنَّهُ اسْم. إِذا كَانَ الْمَعْدُود مذكراً وحذفته فلك وَجْهَان: أَحدهمَا وَهُوَ الأَصْل: أَن تبقي الْعدَد على مَا كَانَ عَلَيْهِ لَو لم تحذف الْمَعْدُود تَقول. (صمت خَمْسَة) تُرِيدُ خَمْسَة أَيَّام، وَالثَّانِي: أَن تحذف مِنْهُ كلمة التَّأْنِيث. الْوَاو فِي مثل (زيد قَامَ أَبوهُ وَقعد أَخُوهُ) تدل على تشريك الجملتين فِي حكم الْإِعْرَاب وَهُوَ الرّفْع بالخبرية، وَفِي مثل (ضرب زيد وَأكْرم عَمْرو) تفِيد ثُبُوت مضمونها فِي لفظ الْمُتَكَلّم وإخباره وَحكمه حَتَّى لَو ترك الْعَطف لم تحصل هَذِه الْفَائِدَة وَاحْتمل الْكَلَام الرُّجُوع عَن الأول. إِذا اشتركت الجملتان المعطوفة إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى فِي اسْم جَازَ أَن يُؤْتى بِهِ فِي الثَّانِيَة ظَاهرا كَمَا فِي (تشهد الْأَذَان) بل الْإِتْيَان بِهِ ظَاهرا فِي صِيغَة الشَّهَادَة خير. أَلا ترى إِلَى اخْتِلَاف الْأَصْحَاب فِي (تشهد الصَّلَاة) هَل يقوم مقَام الظَّاهِر أم لَا. الْوَاو إِنَّمَا تكون للْجمع إِذا عطف مُفْرد على مُفْرد لَا جملَة على جملَة، وَمن ثمَّ منعُوا (هَذَانِ يقوم وَيقْعد) وأجازوا (هَذَانِ قَائِم وقاعد) لِأَن الْوَاو جمعت بَينهمَا وصيرتهما كالكلمة الْوَاحِدَة الْمُثَنَّاة الَّتِي يَصح الْإِخْبَار بهَا عَن الِاثْنَيْنِ. كَون الْوَصْف النَّحْوِيّ مَعْلُوم التحقق لغيره وَفِي نَفسه يدل على أَن الصّفة الْمُقَابلَة للذات مَعْلُومَة أَيْضا، وَالصَّوَاب مَا ذكره أَبُو الْحُسَيْن من أَن الصّفة تعلم تبعا لَا أَصَالَة حَيْثُ جعلت آلَة الْمُشَاهدَة غَيرهَا كَالْمَرْأَةِ للصور الَّتِي تشاهد فِيهَا. التَّحَوُّل من عدم الدّلَالَة إِلَى الدّلَالَة كَلَام الْأَسْمَاء السِّتَّة، وَمن عَلامَة لأمر إِلَى عَلامَة لأمر كألف الْمثنى وواو الْجمع فَإِنَّهَا قبل التَّرْكِيب عَلامَة للتثنية وَالْجمع، وَبعد التَّرْكِيب عَلامَة لَهما وللفاعلية، وَمن عَلامَة إِلَى عَلامَة كياء التَّثْنِيَة وَالْجمع. إِذا عطفت جملَة على جملَة يطْلب بَينهمَا الْمُنَاسبَة المصححة لعطف الثَّانِيَة على الأولى، وَأما إِذا عطف مَجْمُوع جمل مُتعَدِّدَة مسوقة لغَرَض على مَجْمُوع جمل أُخْرَى مسوقة لغَرَض آخر فَيشْتَرط فِيهِ التناسب بَين الغرضين دون آحَاد

الْجمل الْوَاقِعَة فِي المجموعين. الْفَاعِل اللَّفْظِيّ لَا يجوز تَقْدِيمه مَا دَامَ فَاعِلا لفظياً فَلَا يُقَال إِن زيدا فِي (ضرب زيد) إِذا قَدمته فَاعل، بل هُوَ مُبْتَدأ بالِاتِّفَاقِ بِخِلَاف الْفَاعِل الْمَعْنَوِيّ فَإِن فاعليته معنوية فَلَا تَزُول بِتَقْدِير الْوَضع وتبديل الْحَال. استلزام الاتصاف بمصدر الْفِعْل الْمُتَعَدِّي الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول الاتصاف بمصدر الْفِعْل اللَّازِم مُطلقًا إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَفْعَال الطبيعية كالمكسورية والانكسار، وَأما الْأَفْعَال الاختيارية فَلَيْسَتْ كَذَلِك. شَرط بَاب الْمَفْعُول مَعَه أَن يكون فعله لَازِما حَتَّى يكون مَا بعد الْوَاو على تَقْدِير الْعَطف مَرْفُوعا فَيكون الْعُدُول إِلَى النصب لكَونه نصبا على المصاحبة فَإِن الْعَطف لَا يدل إِلَّا على أَن مَا بعد الْوَاو شَارك مَا قبلهَا فِي مُلَابسَة معنى الْعَامِل لكل مِنْهُمَا. وَالنّصب كَمَا يدل عَلَيْهِ يدل أَيْضا على أَن ملابسته لَهما فِي زمَان وَاحِد. لم ينص أحد من الْمُتَقَدِّمين على اشْتِرَاط كَون الْمَفْعُول لَهُ فعلا لفاعل الْفِعْل الْمُعَلل وَسقط مَا قيل من أَنه يجب لنصبه شَرط آخر هُوَ أَن يكون من أَفعَال الْقُلُوب لَا من أَفعَال الْجَوَارِح كَالْأَكْلِ وَالْقَتْل فَلَا يُقَال: طلبته قتلا وَلَا خَشيته أكلا. الِاسْتِغْرَاق لَيْسَ معنى تَعْرِيف الْجِنْس وَإِن كَانَ مستفاداً من الْمُعَرّف بلام الْجِنْس فِي الْمَوَاضِع الخطابية وقرائن الْأَحْوَال، وَكَفاك شَاهدا على ذَلِك استغراق نَحْو: (لَا رجل وَلَا تَمْرَة خير من جَرَادَة) فقد تحقق الِاسْتِغْرَاق فِي النَّفْي وَالْإِثْبَات وَلَيْسَ مَعَه تَعْرِيف أصلا. لَا خلاف فِي وُقُوع الْعلم الأعجمي فِي الْقُرْآن كإبراهيم وَإِسْمَاعِيل. وَاخْتلف فِيهِ هَل يُسمى معرباً أم لَا؟ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي كَونه عَرَبيا نظرا إِلَى مَا ذكره السعد وَغَيره من أَن الْأَعْلَام بِحَسب وَضعهَا العلمي لَيست مِمَّا ينْسب إِلَى لُغَة دون أُخْرَى. قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: قَوْلهم الْخَبَر يحْتَمل الصدْق وَالْكذب يتَعَيَّن أَن يُقَال بِكَلِمَة (أَو) لِأَنَّهُمَا ضدان فَلَا يقبل إِلَّا أَحدهمَا، والأرجح مَا هُوَ الْمَشْهُور، والتنافي إِنَّمَا هُوَ بَين المقبولين لَا بَين القبولين، وَلَا يلْزم من تنَافِي المقبولين تنَافِي القبولين. امْتنَاع أَن يُخَاطب فِي كَلَام وَاحِد اثْنَان أَو أَكثر من غير عطف أَو تَثْنِيَة أَو جمع كَمَا صرح بِهِ التَّفْتَازَانِيّ فِي بحث التغليب إِنَّمَا هُوَ فِي الْخطاب الاسمي الْحَقِيقِيّ، وَأما الْخطاب الدَّاخِل على اسْم الْإِشَارَة مثل: {ثمَّ عَفَوْنَا عَنْكُم من بعد ذَلِك} فَإِنَّهُ خَارج عَن الحكم الْمَذْكُور. إِذا قُدِّم الْمسند إِلَيْهِ على الْفِعْل وحرف النَّفْي جَمِيعًا مثل: (أَنا مَا سعيت فِي حَاجَتك) فَحكمه حكم الْمُثبت يَأْتِي تَارَة للتقوي وَتارَة للتخصيص وَإِذا قدم على الْفِعْل دون حرف النَّفْي فَهُوَ للتخصيص قطعا لَكِن فرق بَين التخصيصين.

نَص الأدباء على أَن الْجمع بَين الْمُفَسّر والمفسر بَاطِل كَمَا فِي الْمثل: صرفت الشَّيْء أَي غيرته، لَكِن بطلَان الْجمع فِيمَا لم ينشأ الْإِبْهَام فِي الْمُفَسّر إِلَّا بحذفه، وَأما الْمُفَسّر الَّذِي فِيهِ إِبْهَام بِدُونِ حذفه فَيجوز الْجمع بَينه وَبَين مفسِّره مثل: جَاءَنِي رجل أَي زيد. الْوَصْف الْفعْلِيّ: مَا يكون مَفْهُومه ثَابتا للمتبوع، وَالْوَصْف السببي: مَا يكون مَفْهُومه ثَابتا لأمر مُتَعَلق بمتبوعه مَعَ أَنه لَا بُد من أَن يكون للوصف السببي نوع ثُبُوت بوجهٍ مَا لمتبوعه. الْفِعْل الْمُتَعَدِّي قوي فِي الْعَمَل لَا يحْتَاج إِلَى حرف الْجَرّ مَعَه لتقوية عمله، وَلَو اسْتعْمل مَعَه حرف الْجَرّ كَانَ للتعدية إِلَى مفعول ثَان وَقد نظمت فِيهِ: (كَفانيْ جُرْحُ اللَّحْظِ لَا جُرْحُ صَدْغِهِ ... فكيفَ وَحَرْفُ الجَرّ قِوَاه فِي العَمَلْ) (وفيهِ سِوى التكْلِيفِ منْ غيرِ حَاجَةٍ ... مخافَةَ جَرِّ المِثْلِ فِي جَرَّهِ الثّقَلْ) بَين مَعَاني مسميات الِاسْم الْمُشْتَرك مُنَافَاة ومضادة فَلَا يَتَنَاوَلهَا لفظ وَاحِد كالحقيقة مَعَ الْمجَاز بِخِلَاف اسْم الْعَام فَإِنَّهُ يتَنَاوَل جنس الْمُسَمّى لِأَن الْكل جنس وَاحِد، وَهَذَا إِذا كَانَ فِي مَوضِع الْإِثْبَات، أما فِي مَوضِع النَّفْي فينتفيان لِانْعِدَامِ التَّنَافِي فِي النَّفْي. قَول المنطقيين فِي القضايا: المطلقتان لَا تتناقضان لِأَن شَرط التَّنَاقُض ايجاد الْمَحْمُول والموضوع، وَالزَّمَان وَالْمَكَان، وَالْقُوَّة وَالْفِعْل، وَالْإِضَافَة، والكلية والجزئية فَلَيْسَ على إِطْلَاقه، بل الْمَعْنى بِهِ لَا تتناقضان من حَيْثُ إنَّهُمَا مطلقتان، وَقد تتناقضان لعَارض. إِذا دلّ دَلِيل على فعل الشَّرْط جَازَ أَن يحذف ويستغنى عَنهُ بِالْجَوَابِ نَحْو قَوْله: (فَطَلِّقْها فَلَسْتَ لَهَا بكفْءٍ ... وإلاّ يَعْلُ مَفْرِقَك الحُسامُ) أَي وإلاّ تطلقها. وَإِذا دلّ الدَّلِيل على الْجَواب جَازَ أَن يحذف ويستغنى عَنهُ بِالشّرطِ نَحْو: قَوْله: {فَالله هُوَ الْوَلِيّ} أَي: إِن أَرَادوا أَوْلِيَاء بحقْ. وَقد يحذفان مَعًا كَمَا فِي قَوْله: (قالتْ بَنَاتُ العَمِّ يَا سَلْمى وَإِن ... كَانَ فَقيراً مُعْدِماً قَالَتْ وإنْ) أَي وَإِن كَانَ كَذَلِك أتزوجه. عطف الْخَاص على الْعَام مثل: {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} وَسَماهُ الْبَعْض بالتجريد كَأَنَّهُ جرد من الْجُمْلَة وأفرد بِالذكر تَفْصِيلًا، وَلَيْسَ المُرَاد بالخاص وَالْعَام هَهُنَا مَا هُوَ المصطلح عَلَيْهِ فِي الْأُصُول، بل المُرَاد مَا كَانَ فِيهِ الأول شَامِلًا للثَّانِي. لَا نزاع فِي كَون الشَّيْء حَقِيقَة لغوية وعرفية بل مجَازًا أَيْضا كُله بِالنّظرِ إِلَى معنى وَاحِد، صرح بِهِ التَّفْتَازَانِيّ والشريف كالدابة مثلا فَإِنَّهَا حَقِيقَة لغوية فِي الْفرس ومجاز بِاعْتِبَار مُلَاحظَة خُصُوصِيَّة الْفرس، وعرقية بِاعْتِبَار نَقله إِلَيْهِ. فِي عطف الخبرية على الطلبية أَو بِالْعَكْسِ

خلاف، قيل وَالصَّحِيح الْجَوَاز، وَنسبه ابْن عُصْفُور إِلَى سِيبَوَيْهٍ. وَمذهب البيانيين الْمَنْع، وَقَالَ بَعضهم: إنْ جَمَعَ الجملتين معنى وَاحِد جَازَ كالتسمية والتصلية لاشْتِرَاكهمَا فِي التَّبَرُّك وَإِلَّا فَلَا. اشْتبهَ على قوم من أَصْحَاب أصُول الْفِقْه (إنّ) الْمَكْسُورَة الدَّالَّة على التَّحْقِيق بالمفتوحة الْمقدرَة بِاللَّامِ الدَّالَّة على التَّعْلِيل حَيْثُ قَالُوا: إِن الْمَكْسُورَة تدل على السَّبَبِيَّة بِدَلِيل حَدِيث: " فَإِنَّهُ يحْشر ملبياً " ورد عَلَيْهِم آخَرُونَ بِأَن الدَّالَّة على السَّبَبِيَّة هِيَ الْمَفْتُوحَة الْمقدرَة بِاللَّامِ دون الْمَكْسُورَة، والسببية فِي الحَدِيث مستفادة من الْفَاء. أهل اللُّغَة أَجمعُوا على أَن المصادر الْمُؤَكّدَة مَوْضُوعَة للحقائق الَّتِي فِيهَا اعْتِبَار الفردية وَإِن كَانَ لبَعض الْفُقَهَاء خلاف فِيهِ فَإِنَّهُم حكمُوا بِأَن الْمصدر اسْم مُفْرد فَيدل على الْوحدَة وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ لكَونه مُخَالفا لإِجْمَاع من يرجع إِلَيْهِم فِي أَحْكَام اللُّغَة. الْمَوْضُوع للآحاد المجتمعة هُوَ الْجمع سَوَاء كَانَ من لَفظه وَاحِد مُسْتَعْمل كرجال وأسود أَو لم يكن كأبابيل، والموضوع لمجموع الْآحَاد هُوَ اسْم الْجمع سَوَاء كَانَ لَهُ وَاحِد من لَفظه كركبٌ وصحبٌ أَو لم يكن كقوم ورهط. والموضوع للْحَقِيقَة بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور هُوَ اسْم الْجِنْس. المنطقيون يجْعَلُونَ كلا من الشَّرْط وَالْجَزَاء خَارِجا عَن الخبرية وَاحْتِمَال الصدْق وَالْكذب ويعتبرون الحكم فِيمَا بَينهمَا باللزوم أَو الِاتِّفَاق، فَإِن طابق الْوَاقِع فالقضية صَادِقَة وَإِلَّا فَهِيَ كَاذِبَة، سَوَاء كَانَ الشَّرْط وَالْجَزَاء صَادِقين أَو كاذبين أَو مُخْتَلفين. يجوز فِي التَّابِع مَا لَا يجوز فِي الْمَتْبُوع كَمَا نطق بِهِ قَوْله: (رب شَاة وسخلتها) لما فِي التَّابِع من دُخُول (رب) على الْمعرفَة ضمنا، وَالْحَال أَنه لَا يجوز (رب سخلتها) وَكم من شَيْء يثبت ضمنا وتبعاً وَلَا يثبت قصدا وأصالة على مَا تقرر فِي الْأُصُول. النَّفْي إِنَّمَا يتَوَجَّه إِلَى النّسَب وَالصِّفَات دون الْأَعْيَان والذوات، وَلِهَذَا قَالَ النُّحَاة: الْخَبَر فِي (مَا أَنا قلت) هُوَ مُجَرّد (قلت) من غير مُلَاحظَة النَّفْي لِأَن قصارى أَمرهم تَصْحِيح ظواهر الْأَلْفَاظ. (لَا) إِنَّمَا تزاد بعد الْوَاو العاطفة فِي سِيَاق النَّفْي للتَّأْكِيد تَصْرِيحًا بشموله لكل وَاحِد من الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن الْمَنْفِيّ هُوَ الْمَجْمُوع من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع. هَذَا عِنْد الْبَصرِيين، وَأما الْكُوفِيُّونَ فيجعلونها بِمَعْنى (غير) . ظرف الزَّمَان الْمَحْدُود مثل يَوْم وأسبوع وَشهر إِذا جعل معياراً للْفِعْل الْوَاقِع فِيهِ لَا يجوز إِظْهَار (فِي) فِيهِ. مثلا إِذا أَرَادَ أحد أَن يَجْعَل رَجَب معياراً لصومه وَجب أَن يَقُول: أَصوم رَجَب، لِأَنَّهُ إِذا قَالَ: أَصوم فِي رَجَب لَا يدل قطعا على أَن يَصُوم جَمِيع أَيَّامه بل يحْتَملهُ وَأَن يَصُوم بعض أَيَّامه. إِذا قيد الْمَعْطُوف أَو الْمَعْطُوف عَلَيْهِ بِالْحَال فَيَعُود إِلَى الْجَمِيع. وَفِي المحصور إِلَى الْأَخِيرَة على قَاعِدَة أبي حنيفَة. والتمييز وَالصّفة فِي حكم الْحَال. هَذَا إِنَّمَا يظْهر على تَقْدِير تَأْخِير الْقَيْد، وَأما إِذا كَانَ الْقَيْد مقدما على الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فَالظَّاهِر تَقْيِيد الْمَعْطُوف بِهِ وَإِن وسطت الْحَال،

وَعَن ابْن الْحَاجِب: التَّوَقُّف فِي ذَلِك إِذا كَانَ الْمُتَوَسّط ظرف زمَان أَو مَكَان. الْمُضْمرَات لَا تُوصَف وَلَا يُوصف بهَا، وَقد نظمت فِيهِ: (تكَلِّفُني لَيْلى بوَصْفِ مَحَبَّتي ... لَقَد جَهِلَت عِلْم الضَّمائِرِ شَأْنهَا) والأعلام تُوصَف وَلَا يُوصف بهَا، والجمل يُوصف بهَا وَلَا تُوصَف، وَالَّذِي يُوصف ويوصف بِهِ هُوَ الْمُعَرّف بِاللَّامِ والمصادر وَاسم الْإِشَارَة. إِذا أُرِيد كَون الصِّلَة سَببا لحُصُول الْخَبَر للموصول ضمنت معنى الشَّرْط وَأدْخل الْفَاء فِي الْجَزَاء، وَإِن لم يقْصد ذَلِك فَلَا، كَقَوْلِه تَعَالَى: {الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم فِي سَبِيل الله} إِلَى قَوْله: {لَهُم أجرهم} وَقَوله: {الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة فَلهم أجرهم} . الْمَاضِي هُوَ الَّذِي كَانَ بعضه بِالْقِيَاسِ إِلَى آن قبل الْحَال مُسْتَقْبلا وَبَعضه مَاضِيا وَصَارَ فِي الْحَال كُله مَاضِيا، وَهَكَذَا فِي الْمُسْتَقْبل فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يكون بِالْقِيَاسِ إِلَى آن بعد الْآن مُسْتَقْبلا وَبَعضه مَاضِيا وَيكون فِي الْحَال كُله مُسْتَقْبلا. الْكَلِمَات المستترة فواعلها دَالَّة بصيغها عَلَيْهَا بِلَا فَاعل لَفْظِي أصلا، وَإِنَّمَا حكمُوا بِوُجُودِهِ واستتاره حفظا لقاعدته من أَن كل فعل وَشبهه لَا بُد لَهما من فَاعل لَفْظِي. و (لَا) وضعت للنَّفْي وَلَا تُفَارِقهُ إِذْ لم تسْتَعْمل إِلَّا لَهُ. و (لَا) العاطفة وضعت لنفي مَا يدل عَلَيْهِ مَا قبلهَا صَرِيحًا، فلهذين اشْترط فِي منفي (لَا) أَن لَا يكون منفياً قبلهَا شَيْء مَوْضُوع للنَّفْي. الْجِنْس الْوَاقِع تمييزاً إِنَّمَا يفرد إِذا لم يقْصد بِهِ الْأَنْوَاع، وَأما إِذا قصدت بِهِ الْأَنْوَاع فَلَا يفرد بل يثنى وَيجمع كَقَوْلِه تَعَالَى: {وفجرنا الأَرْض عيُونا} أَي: أنواعاً من الْعُيُون و {بالأخسرين أعمالا} أَي أنواعاً من الْأَعْمَال. إِذا كَانَ الْقصر مستفاداً من (إِنَّمَا) يكون الْقَيْد الْأَخير هُوَ الْمَقْصُور عَلَيْهِ، وَأما إِذا حصل من غَيره كالتقديم وَالْجمع بَينه وَبَين (إِنَّمَا) للتَّأْكِيد فَالْعِبْرَة بالتقديم مثل: (إِنَّمَا أَنا قلت هَذَا) . خبر الْمُبْتَدَأ إِذا كَانَ جملَة فَالضَّمِير مِنْهَا إِنَّمَا يعود إِلَى الْمُبْتَدَأ نَفسه لَا إِلَى تَفْسِيره كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَكم من قَرْيَة أهلكناها} أنث الضَّمِير على الْمَعْنى لِأَن (كم) مفسرة للقرية، وَلَو جَاءَ على اللَّفْظ لقَالَ: أهلكناهم. إشتراط اتِّحَاد اللَّفْظَيْنِ فِي إِبْدَال النكرَة من

الْمعرفَة وَكَون النكرَة مَوْصُوفَة نَحْو: {بالناصية نَاصِيَة كَاذِبَة} مَبْنِيّ على الْأَعَمّ الْأَغْلَب لتحَقّق ذَلِك بِدُونِ الشَّرْط الْمَذْكُور فِي الْجُمْلَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إنكَ بالوادِ المقدَّسِ طُوى} . حرف النَّفْي لَا يدْخل فِي الْمُفْردَات وَكَذَا حرف الِاسْتِفْهَام وَلِهَذَا يقدر فِي مثل (مَا جَاءَنِي زيد وَلَا عَمْرو) أَي: وَلَا جَاءَنِي عَمْرو، وَفِي (أجاءك زيد أَو عَمْرو) بتحريك الْوَاو أَي: أَو جَاءَك عَمْرو؟ لِأَن الَّذِي ينفى إِنَّمَا هُوَ النِّسْبَة. معنى قَوْلهم: إِن الْحَال فضلَة فِي الْكَلَام لَيْسَ أَنَّهَا مُسْتَغْنى عَنْهَا فِي كل مَوضِع، بل أَنَّهَا تَأتي على وَجْهَيْن: إِمَّا أَن يكون إعتماد الْكَلَام على سواهَا والفائدة منعقدة بغَيْرهَا، وَإِمَّا أَن تقرن بِكَلَام تقع الْفَائِدَة بهما مَعًا لَا مُجَرّدَة. تَخْصِيص الشَّيْء بالحكم لَا يدل على نفي الحكم عَمَّا عداهُ إِلَّا فِي الرِّوَايَات كَحَدِيث: " لَيْسَ للْمَرْأَة أَن تنقض ضفيرتها فِي الغُسْل " وَفِي الْمُعَامَلَات كالمأمور باشتراء عبد وَاحِد، وَفِي الْعُقُوبَات كَقَوْلِه تَعَالَى: {كلاّ إنَّهُمْ عَن رَبِّهم يَوْمَئِذٍ لمحُجُوبُون} . (إنْ) الشّرطِيَّة تَقْتَضِي تَعْلِيق شَيْء وَلَا تسلتزم تحقق وُقُوعه وَلَا إِمْكَانه بل قد يكون ذَلِك فِي المستحيل عقلا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قل إِن كَانَ للرحمن ولد} وَعَادَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِن اسْتَطَعْت أَن تبتغي نفقاً فِي الأَرْض} لَكِن فِي المستحيل قَلِيل. إِذا كَانَ قبل النَّفْي اسْتِفْهَام فَإِن كَانَ على حَقِيقَته فَجَوَابه كجواب النَّفْي الْمُجَرّد. وَإِن كَانَ مرَادا بِهِ التَّقْرِير فالأكثر أَن يُجَاب بِمَا يُجَاب بِهِ النَّفْي رعياً للفظه، وَيجوز عِنْد أَمن اللّبْس أَن يُجَاب بِمَا يُجَاب بِهِ الايجاب رعياً لمعناه. يجوز ذكر الضَّمِير من غير سبق مرجع إِذا تعين الْمرجع من غير حَاجَة إِلَى مُفَسّر. وَيصِح أَن يكون ضمير الشَّأْن مِنْهُ بِاعْتِبَار أَنه رَاجع إِلَى الشَّأْن أَو الْقِصَّة لتعينه فِي الْمقَام فَيكون مَا بعده خَبرا صرفا لَا تَفْسِيرا للضمير. تَعْلِيق الشَّيْء بِالشّرطِ إِنَّمَا يدل على وجود الْمَشْرُوط لَو علم كَونه بذلك الشَّرْط فَقَط، أما إِذا كَانَ الشَّيْء مَشْرُوطًا بِشَرْطَيْنِ فالتعليق بِأَحَدِهِمَا لَا يدل على وجود الْمَشْرُوط عِنْد وجود ذَلِك الشَّرْط. إِذا كَانَ الْمَوْصُول شَائِعا لَا لشخص بِعَيْنِه وَكَانَت صلته جملَة من فعل وفاعل أَو ظرف أَو جَار ومجرور وأخبرت عَنهُ جَازَ دُخُول الْفَاء فِي خَبره لتَضَمّنه معنى الشَّرْط وَالْجَزَاء، وَكَذَلِكَ

النكرَة الموصوفة بِالْفِعْلِ أَو الظّرْف أَو الْجَار وَالْمَجْرُور لشبهها بِالشّرطِ وَالْجَزَاء أَيْضا لِأَن النكرَة فِي إبهامها كالموصول وَالصّفة كالصلة. يجب عِنْد أَكثر النُّحَاة تَقْدِيم الْفَاعِل إِذا كَانَ الْمَفْعُول بعد (إِلَّا) ، وَلَا يجوز تَقْدِيم الْمَفْعُول لَا مَعَ (إِلَّا) وَلَا بِدُونِهَا، وَيجوز تَقْدِيم الْمَفْعُول مَعَ إِلَّا عِنْد السكاكي وَجَمَاعَة من النَّحْوِيين. الْأَجْنَاس الْمُخْتَلفَة إِذا اشتركت فِي مَفْهُوم اسْم فَهِيَ فِي حَيْثُ اختلافها يَقْتَضِي أَن يعبر عَن كل وَاحِد مِنْهَا بِلَفْظ على حِدة، وَمن حَيْثُ اشتراكها فِي ذَلِك الْمَفْهُوم يَقْتَضِي أَن يعبر عَن الْكل بِلَفْظ وَاحِد. يجوز حذف الْجَواب كثيرا لدَلِيل يدل عَلَيْهِ، وَأما فعل الشَّرْط وَحده دون الأداة فَيجوز حذفه إِذا كَانَ منفياً فِي الْكَلَام الفصيح، وَأما حذفهما مَعًا وإبقاء الْجَواب فَلَا يجوز إِذا لم يثبت ذَلِك من كَلَام الْعَرَب. الْتزم تَقْدِيم الْخَبَر إِذا وَقع الْمُبْتَدَأ نكرَة وَالْخَبَر ظرفا، وَأما (سَلام عَلَيْكُم) (ويل لَهُ) فَذَلِك لأمن الالتباس لِأَنَّهُ دُعَاء وَمَعْنَاهُ ظَاهر بِخِلَاف مثل (لَك مَال) و (تَحْتك بِسَاط) لما فِيهِ من خوف التباس الْخَبَر بِالصّفةِ. إِذا دخل حرف النَّفْي فِي مثل (رَأَيْت زيدا وعمراً) فَإِن كَانَت الرُّؤْيَة وَاحِدَة تَقول: (مَا رَأَيْت زيدا وعمراً) وَإِن كنت قد مَرَرْت بِكُل مِنْهُمَا على حِدة تَقول (مَا مَرَرْت بزيد وَلَا مَرَرْت بِعَمْرو) . لَا يجوز إِبْدَال النكرَة الْغَيْر الموصوفة من الْمعرفَة كَمَا لَا يجوز وصف الْمعرفَة بالنكرة. هَذَا إِذا لم يفد الْبَدَل مَا زَاد على الْمُبدل مِنْهُ، وَأما إِذا أَفَادَ فَجَائِز نَحْو: مَرَرْت بأبيك خير مِنْك. لَيْسَ كل كَلَام يشْتَمل على نفي وَقيد من قبيل مَا دخل النَّفْي على كَلَام فِيهِ قيد ليُفِيد نفي التَّقْيِيد بل رُبمَا يكون من لُحُوق الْقَيْد كلَاما فِيهِ نفي فَيُفِيد تَقْيِيد النَّفْي. جَوَاب الشَّرْط إِذا كَانَ متردداً لَا يَلِيق بِهِ النُّون الْمُؤَكّدَة إِلَّا إِذا تضمن النَّهْي فَحِينَئِذٍ سَاغَ ذَلِك فِيهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة} ، {لَا يحطمنكم سُلَيْمَان وَجُنُوده} . عُمُوم النكرَة مَعَ الْإِثْبَات فِي الْمُبْتَدَأ كثير، وَفِي الْفَاعِل قَلِيل نَحْو: {علمت نفس مَا قدمت} بِخِلَاف مَا فِي حيّز النَّفْي فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُبْتَدَأ وَالْعَامِل. الْوَاو الَّتِي بِمَعْنى (مَعَ) لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الْموضع الَّذِي لَو اسْتعْملت فِيهِ عاطفة جَازَ، وَلِهَذَا امْتنع أَن يُقَال مثلا، (انْتَظَرْتُك وطلوعَ الشَّمْس) فينصب على أَنه مفعول مَعَه كَمَا ينصب نَحْو: (قُمْت زيدا) . معرفَة هيئات الْمُفْردَات إِنَّمَا تتمّ بِمَعْرِِفَة نسب بَعْضهَا إِلَى بعض أَصَالَة وفرعية، وَوضع الْمُفْردَات لَيْسَ لإِفَادَة مسمياتها لاستلزامها الدّور كَمَا هُوَ الْمَشْهُور بل لإِفَادَة الْمعَانِي التركيبية.

الِاسْم إِنَّمَا يجمع بِالْوَاو وَالنُّون أَو بِالْيَاءِ وَالنُّون بِشَرْط أَن يكون صفة للعقلاء، أَو يكون فِي حكمهَا وَهُوَ أَعْلَام الْعُقَلَاء فَإِن الْعلم لَيْسَ بِصفة إِلَّا مَعَ كَونه صفة للعقلاء. إِنَّمَا يعد (إِذْ) و (إِذا) من الْأَسْمَاء اللَّازِمَة للظرفية اعْتِبَارا إِلَى كَثْرَة استعمالهما ظرفا لِأَنَّهُمَا يكونَانِ فِي أَكثر الْمَوَاضِع مَفْعُولا فِيهِ، وَأما كَونهمَا مَفْعُولا بِهِ وبدلاً وخبراً لمبتدأ فقليل. القَوْل بِجَوَاز تَأْنِيث الْمُضَاف لتأنيث مَا أضيف إِلَيْهِ لَيْسَ على الْإِطْلَاق، بل هُوَ إِنَّمَا يكون إِذا كَانَ الْمُضَاف بعض الْمُضَاف إِلَيْهِ نَحْو: {يلتقطه بعض السيارة} أَو فعله نَحوه: أعجبني مشي هِنْد. أَسمَاء الْعُلُوم كأسماء الْكتب أَعْلَام أَجنَاس عِنْد التَّحْقِيق فَإِن كل علم كلي وضع لأنواع أغراض تَتَعَدَّد أفرادها بِتَعَدُّد الْمحل كالقائم بزيد وبعمرو فَإِن الْقَائِم مِنْهُ بزيد غير الْقَائِم مِنْهُ بِعَمْرو شخصا، وَقد تجْعَل أَعْلَام شخص بِاعْتِبَار أَن المتعدد بِاعْتِبَار الْمحل يعد فِي الْعرف وَاحِدًا. الْوَقْف على الْمَقْصُور الْمنون بِالْألف مُتَّفق عَلَيْهِ نَحْو: رَأَيْت عَصا، وَالِاخْتِلَاف فِي الْوَقْف على المنقوص الْمنون فَمثل: (هَذَا قاضٍ) بِحَذْف الْيَاء عِنْد سِيبَوَيْهٍ وبإثباتها عِنْد يُونُس. الْخلاف فِي كَون اللَّام فِي اسْم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول اسْم مَوْصُول أَو حرف تَعْرِيف إِنَّمَا هُوَ إِذا كَانَ فيهمَا معنى الْحُدُوث نَحْو: الْمُؤمن وَالْكَافِر فَهُوَ كالصفة المشبهة وَاللَّام فِيهَا حرف تَعْرِيف اتِّفَاقًا. لَا يُفَسر الْعدَد بعد الْعشْرَة إِلَى التِّسْعَة وَالتسْعين إِلَّا بِوَاحِد يدل على الْجِنْس وَلَا يُفَسر أَيْضا بِالْجمعِ. وَقَوله تَعَالَى: {اثْنَتَيْ عشرَة أسباطا أمما} ف (أسباطاً) نصب على الْبَدَل ثمَّ فسره بالأمم. قَالَ الدماميني: إِدْخَال اللَّام فِي جَوَاب (إنْ) الشّرطِيَّة مُمْتَنع مَعَ أَن المصنفين فَعَلُوهُ، ثمَّ قَالَ: وَلَا أعرف أحدا صرح بِجَوَازِهِ وَلَا وقفت لَهُ على شَاهد مُحْتَج بِهِ، وَقد يُقَال: إِنَّمَا فَعَلُوهُ تَشْبِيها لَهَا بلو كَمَا فِي الإهمال وَعدم الْجَزْم. لَا مَانع من أَن يكون بَين شَيْئَيْنِ نَوْعَانِ من العلاقة فَتعْتَبر أَيهمَا شِئْت ويتنوع الْمجَاز بِحَسب ذَلِك مثلا: اطلاق المشفر على شفة الْإِنْسَان إِن كَانَ بِاعْتِبَار التَّشْبِيه فِي الغلظ فاستعارة، وَإِن كَانَ بِاعْتِبَار اسْتِعْمَال الْمُقَيد فِي الْمُطلق فمجاز مُرْسل. لَا يجوز الْفَصْل بَين الْمَوْصُوف وَالصّفة بالْخبر إِلَّا فِي الصّفة الكاشفة لِأَن الصّفة الكاشفة خبر عَن الْمَوْصُوف عِنْد التَّحْقِيق فَيكون بِمَنْزِلَة الْخَبَر بعد الْخَبَر (وَهَذَا جَائِز بالِاتِّفَاقِ عِنْدهم) . الصِّلَة تقال بالاشتراك عِنْدهم على ثَلَاثَة: صلَة الْمَوْصُول: وَهِي الَّتِي يسميها سِيبَوَيْهٍ

حَشْوًا أَي لَيست أصلا، وَإِنَّمَا هِيَ زِيَادَة يتم بهَا الِاسْم وبوضوح مَعْنَاهُ، وَهَذَا الْحَرْف صلَة أَي زَائِد. وحرف الْجَرّ صلَة بِمَعْنى وصلَة كَقَوْلِك: مَرَرْت بزيد. أوزان جمع الْقلَّة للقلة إِذا جَاءَت للمفرد وزن كَثْرَة، وَإِذا انحصر جمع التكسير فَهِيَ للقلة وَالْكَثْرَة، وَكَذَا مَا عدا السِّتَّة للكثرة إِذا لم ينْحَصر فِيهِ الْجمع، وَإِلَّا فَهُوَ مُشْتَرك ك (أجادل) و (مصانع) . الْمصدر الْمَحْدُود بتاء التَّأْنِيث لَا يعْمل إِلَّا فِي قَلِيل من كَلَامهم وَلَو كَانَ مَبْنِيا على التَّاء عمل فِي قَوْله: (فَلَوْلاَ رَجَاءُ النَصْر منْكَ ورَهْبَةٌ ... عقابَك قَدْ كَانُوا لَنا بالمَوارِدِ) فأعمل (رهبة) لكَونه مَبْنِيا على التَّاء. مَا يتنزل منزلَة الشَّيْء لَا يلْزم أَن يثبت جَمِيع أَحْكَامه لَهُ. أَلا يرى أَن المنادى الْمُفْرد الْمعِين منزل منزلَة الضَّمِير وَلذَلِك بني. وَالضَّمِير لَا ينعَت وَمَعَ ذَلِك لَا يمْتَنع نعت المنادى (فِي كلمة أَو لَا يجب الذّكر بهَا قبل الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، وَأما فِي (إِمَّا) فَوَاجِب ذَلِك كوجوب الْوَاو قبلهَا. قيل: بَينهمَا فرق آخر هُوَ أَن (إِمَّا) لَا تقع فِي النَّهْي. مثلا لَا يُقَال: (لَا تضرب إِمَّا زيدا أَو إِمَّا عمرا) بل يُقَال: أَو عمرا) . لَيْسَ فِي الْعَرَبيَّة مَبْنِيّ إِذا دخل عَلَيْهِ اللَّام رَجَعَ إِلَى الْأَعْرَاب كأمس فَإِنَّهُ إِذا عرف بِاللَّامِ صَار معربا إِلَّا الْمَبْنِيّ فِي حَال التنكير نَحْو: خَمْسَة عشر وَإِخْوَته فَإِنَّهُ مَبْنِيّ، فَإِذا دَخلته اللَّام بَقِي مَعهَا على بنائِهِ. الْجَار وَالْمَجْرُور يُقَام مقَام الْفَاعِل إِذا تقدم الْفِعْل أَو مَا يقوم مقَامه، وَأما إِذا تَأَخّر فَلَا يَصح ذَلِك فِيهِ لِأَن الِاسْم إِذا تقدم على فعل صَار مُبْتَدأ، وحرف الْجَرّ إِذا كَانَ لَازِما لَا يكون مُبْتَدأ. الْفَاعِل لَا يُكَرر ذكره فِي عطف الْأَفْعَال، فَلَا يُقَال: دخل زيد الدَّار وَضرب زيد عمرا إِلَّا على وَجه الِابْتِدَاء، وَإِنَّمَا يُقَال: دخل زيد الدَّار وَضرب عمرا. أقل مَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْجمع عِنْد أَكثر الْفُقَهَاء وأئمة اللُّغَة ثَلَاثَة. وَإِرَادَة مَا فَوق الْوَاحِد لَيست فِي كل مَوضِع بل فِي الْموضع الَّذِي يُرَاد تعميمه للاثنين بِسَبَب اشتراكهما فِي الحكم. الْعلم إِذا وَقع خَبرا للمبتدأ يؤول بِالْمُسَمّى بِالْعلمِ. مثلا إِذا قلت: هَذَا زيد يكون التَّقْدِير: هَذَا الشَّخْص الْمُسَمّى بزيد. وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الله فِي السَّمَاوَات وَفِي الأَرْض} أَي: وَهُوَ الْمُسَمّى باسم الله فيهمَا. حذف الْمُسْتَثْنى مِنْهُ يجوز فِي مَوضِع النَّفْي وَلَا يجوز فِي مَوضِع الْإِثْبَات. تَقول: مَا جَاءَنِي إِلَّا زيد أَي: مَا جَاءَنِي أحد إِلَّا زيد، وَلَا يجوز: جَاءَنِي إِلَّا زيد، إِذْ لَو قدر فِيهِ (أحد) يكون اسْتثِْنَاء الْوَاحِد من الْوَاحِد وَأَنه لَا يَصح. الْفِعْل القلبي أَو الَّذِي مَعْنَاهُ إِن كَانَ مُتَعَدِّيا إِلَى وَاحِد جَازَ تَعْلِيقه سَوَاء كَانَ مُتَعَدِّيا بِنَفسِهِ نَحْو (عرفت مَن أَبوهُ) أَو بِحرف الْجَرّ كَقَوْلِه: (أَوَلَمْ

يَتفكَّروا مَا بِصَاحِبِهم مِن جُنَّةٍ} . الْعَطف فِي نَحْو: (جَاءَنِي زيد وَعَمْرو) بِالْوَاو لتفصيل الْمسند إِلَيْهِ مَعَ اخْتِصَار، وبالفاء وَثمّ وَحَتَّى لتفصيل الْمسند مَعَ اخْتِصَار، وَبلا وبل لصرف الحكم إِلَى آخر. حق التَّشْبِيه يَقْتَضِي أَن يكون طرف الْمُشبه أدنى وطرف الْمُشبه بِهِ قَوِيا. وطرفا التَّجْرِيد قويين الْبَتَّةَ لِأَن معنى التَّجْرِيد أَن ينتزع من أَمر آخر مثله، والمماثلة تستدعي قُوَّة الطَّرفَيْنِ. (أفعل) التَّفْضِيل إِذا أضفته صلح للْوَاحِد وَالْجمع، وَهَذَا مُقَيّد بِمَا إِذا أضيف إِلَى معرفَة، وَإِن أضيف إِلَى نكرَة لم يجز إِلَّا أَن يكون مُفردا مذكراً لحاله إِذا كَانَ بِمن. التَّعْمِيم بعد التَّخْصِيص وَعَكسه كل مِنْهُمَا يُفِيد تَعْظِيم شَأْن الْخَاص، وَأما الأول فكقوله تَعَالَى: {والشَّمْس والقَمَر والنُّجوم مُسَخَّرات بأمْره} وَأما الثَّانِي فكقوله تَعَالَى: {تَنَزَّلُ الملائِكة والرُّوحُ} . إغراء الْمُخَاطب فصيح كَقَوْلِه تَعَالَى: {عَلَيكُمْ أَن لَا تُشْركوا} . وإغراء الْغَائِب ضَعِيف كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَا جُناحَ عَلَيْهِ أَن يطَّوَّف} على قَول من قَالَ: إِن الْوَقْف على (جنَاح) و (عَلَيْهِ) إغراء. الِاسْتِغْرَاق الْعرفِيّ: هُوَ مَا يعد فِي الْعرف شمولاً وإحاطة مَعَ خُرُوج بعض الْأَفْرَاد. وَغير الْعرفِيّ وَهُوَ الْمُسَمّى بالحقيقي: مَا يكون شمولاً بِجَمِيعِ الْأَفْرَاد فِي نفس الْأَمر. الجموع وأسماؤها المحلاة بِاللَّامِ للْعُمُوم حَيْثُ لَا عهد فَيدل عَلَيْهِ صِحَة الِاسْتِثْنَاء مِنْهَا والتوكيد بِمَا يُفِيد الْعُمُوم كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَسَجَد الملائكَةُ كُلُّهم أَجْمَعُون} . واستدلال الصَّحَابَة بعمومها شَائِع ذائع. منع الْمُحَقِّقُونَ دلَالَة الْفَاء الجزائية على التعقيب للْقطع بِأَنَّهُ لَا دلَالَة بقوله تَعَالَى: {إِذا نُودِيَ للصّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فاسْعَوْا إِلَى ذِكرِ الله} على أَنه يجب السَّعْي عقيب النداء بِلَا تراخٍ. لَا يشْتَرط فِي عطف الْجُمْلَة على الْجُمْلَة صِحَة إِقَامَة الْمَعْطُوف مقَام الْمَعْطُوف عَلَيْهِ. أَشَارَ إِلَيْهِ صَاحب " الْكَشَّاف " فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ} إِلَى قَوْله: {فتكونَ من الظالمينَ} وَكَذَا فِي عطف الْمُفْرد على الْمُفْرد كلياً. قَالُوا: إِذا قصد بِالصّفةِ المشبهة الْحُدُوث ردَّتْ إِلَى صِيغَة اسْم الْفَاعِل فَتَقول فِي: (حَسَن) حاسن الْآن أَو غَدا، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: (ضائقٌ

بِهِ صَدْرُكَ} وَهَذَا مطرد فِي كل صفة مشبهة. كثيرا مَا تجرد الْأَفْعَال عَن الزَّمَان الَّذِي هُوَ مَدْلُول الصُّورَة بِخِلَاف الْمَادَّة إِذا لَا يجوز التجرد عَن الْحَدث فِي الْأَفْعَال التَّامَّة. حذف (لَا) النافية يطرد فِي جَوَاب الْقسم إِذا كَانَ الْمَنْفِيّ مضارعاً نَحْو: {تالله تَفْتَأُ} وَورد فِي غَيره أَيْضا نَحْو: (وعَلَى الذينَ يُطيقُونه فِدْيَة} . الْحَقَائِق الْمُخْتَلفَة إِذا اشتركت فِي مَفْهُوم اسْم فَهِيَ من حَيْثُ اختلافها يَقْتَضِي أَن يعبر عَن كل وَاحِدَة على حِدة، وَمن حَيْثُ اشتراكها يَقْتَضِي أَن يعبر عَن الْكل بِلَفْظ وَاحِد. المصادر أَحْدَاث مُتَعَلقَة بمحالها كَأَنَّهَا تَقْتَضِي أَن يدل على نسبتها إِلَيْهَا، وَالْأَصْل فِي بَيَان النّسَب والتعليقات الْأَفْعَال، فَهَذِهِ مُنَاسبَة تَقْتَضِي أَن يُلَاحظ مَعَ المصادر أفعالها الناصبة. الْغَلَبَة التحقيقية عبارَة عَن أَن يسْتَعْمل اللَّفْظ أَولا فِي معنى ثمَّ ينْتَقل إِلَى آخر. والتقديرية عبارَة عَن أَن لَا يسْتَعْمل من ابْتِدَاء وَضعه فِي غير ذَلِك الْمَعْنى، لَكِن مُقْتَضى الْقيَاس الِاسْتِعْمَال. الْعَرَب إِذا أَرَادوا الْمُبَالغَة فِي وصف شَيْء يشققون من لَفظه مَا يتبعونه بِهِ تَأْكِيدًا وتنبيهاً على تناهيه، كشعر شَاعِر، وليل أليل. والتخصيص مَشْرُوط برد الْخَطَأ بتوهم مُشَاركَة الْغَيْر فِي الحكم أَو استقلاله بِهِ إِلَى الصَّوَاب، والاختصاص لَيْسَ لَهُ ذَلِك. استقبح أهل اللِّسَان نِسْبَة الْفِعْل إِلَى الْفَاعِل بِالْبَاء لِأَنَّهُ لَا يدْخل الْآلَة، فالعربي (وَمَا توفيقي إِلَّا من الله) وَأما (وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه} فبتقدير مُضَاف أَي: وَمَا كوني موفقاً إِلَّا بمعونته وتوفيقه. النِّسْبَة الَّتِي هِيَ جُزْء مَدْلُول الْفِعْل هِيَ النِّسْبَة الْمَخْصُوصَة الملحوظة من حَيْثُ إِنَّهَا آلَة بَين الطَّرفَيْنِ لَا النِّسْبَة الْمُطلقَة وَلَا الْمَخْصُوصَة الملحوظة من حَيْثُ إِنَّهَا كَذَلِك لَا شَيْئا مِنْهُمَا لَا يكون حكمِيَّة بل يَقع مَحْكُومًا عَلَيْهِ وَبِه. القَوْل بالاستعارة التّبعِيَّة فِي الْأَفْعَال لضَرُورَة أَن معنى الْفِعْل [من حَيْثُ إِن معنى الْفِعْل لَا يَتَّصِف بِكَوْنِهِ مشبهاً ومشبهاً بِهِ لكَونه غير مُسْتَقل بالمفهومية فَهَذَا الْمَعْنى] الَّذِي اضطرهم إِلَى الحكم بِكَوْن الِاسْتِعَارَة المبنية على التَّشْبِيه فِيهَا بتبعية المصادر. حذف الْعَائِد من الْخَبَر الْوَاقِع جملَة قَلِيل نَادِر حَتَّى أَن الْبَصرِيين لَا يجوزونه إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر، بِخِلَاف حذفه من الصلات وَالصِّفَات نَحْو: {أَهَذا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً} أَي: بَعثه، {واتقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نفس} أَي: لَا تجزي فِيهِ نفس.

جَازَ كَون الْكَلِمَة اسْما فِي حَالَة وحرفاً فِي أُخْرَى كالألف وَالْوَاو وَالنُّون، فَفِي قَوْلنَا: (الزيدان قاما، والزيدون قَامُوا، والنسباء قُمْنَ) أَسماء، وَفِي قَوْلنَا: (قاما أَخَوَاك، وَقَامُوا إخْوَتك، وقمن جواريك) حُرُوف. إِذا كَانَ بعد (كَيفَ) اسْم فَهُوَ فِي مَحل الرّفْع على الْخَبَر مثل: (كَيفَ زيد) ، وَإِذا كَانَ فعل فَهُوَ فِي مَحل النصب على الْحَال مثل: (كَيفَ جِئْت) . يجوز تَأْنِيث مَا كَانَ مذكراً إِذا كَانَ مَعْنَاهُ مؤنثاً، وتذكير مَا كَانَ مؤنثاً إِذا كَانَ مَعْنَاهُ مذكراً. الإيجاز الْحَاصِل بطي الْجمل أقوى من الإيجاز بطي الْمُفْردَات، وَكَذَا الإطناب بِلَا طي الْجمل فَإِنَّهُ أقوى من الإطناب بِلَا طيّ الْمُفْردَات. يجوز حذف حرف الْجَرّ من (أَن) و (أَن) فَيُقَال: (عجبت أَنَّك ذَاهِب، وَأَن قَامَ زيد) وَلَا يجوز من غَيرهمَا فَلَا يُقَال: (عجبت قعُود عَمْرو) . لَا يجمع (فَعْل) فِي غير الأجوف على (أَفعَال) إِلَّا فِي أَفعَال مَعْدُودَة كشَكْل وسَمْع وسَجْع، وفَرْخ، وَقد قَالُوا فِي (فَرْخ) إِنَّه مَحْمُول على (طَيْر) . الْفِعْل الْمَاضِي يحْتَمل كل جُزْء من أَجزَاء الزَّمَان الْمَاضِي، وَإِذا دخل عَلَيْهِ (قد) قربه من الْحَال وانتفى عَنهُ ذَلِك الِاحْتِمَال. كُلَّما: عِنْد الميزانين علم فِي الشّرطِيَّة حَتَّى إِن قَوْلنَا: (كلما طلعت الشَّمْس فالنهار مَوْجُود) مُوجبَة كُلية أحد طرفيها (طلعت الشَّمْس) وَالْآخر (فالنهار مَوْجُود) . الْمُغَايرَة شَرط بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ لِامْتِنَاع النِّسْبَة بِدُونِ المنتسبين، وَلذَلِك قَالُوا: يمْتَنع إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه إِلَّا أَنَّهَا كَافِيَة قبل الْإِضَافَة. جَوَاب الْقسم إِن كَانَ خبرية فَهُوَ لغير الاستعطاف نَحْو: (أُقْسِمُ بِاللَّه لاقومنّ) وَإِن كَانَ طلبية فَهُوَ للاستعطاف، وَيُقَال لَهُ أَيْضا قَسَم السُّؤَال نَحْو: (بِاللَّه أَخْبِرْني هَل كَانَ كَذَا) ؟ . لَا أعلم أحدا جوّز وُقُوع جملَة الِاسْتِفْهَام جَوَابا للشّرط بِغَيْر فَاء، بل نصوا على وجوب الْفَاء فِي كل مَا اقْتضى طلبا بِوَجْه مَا، وَلَا يجوز حذفهَا إِلَّا لضَرُورَة الشّعْر. إِذا احْتَاجَ الْكَلَام إِلَى تَقْدِير مُضَاف يُمكن فِي الْجُزْء الأول وَالثَّانِي فالتقدير فِي الثَّانِي أولى كَمَا فِي قَوْله: {وَلَكِن الْبر من آمن} أَي: البربر من آمن فَإِنَّهُ أولى من (ذَا الْبر من آمن) . الْوَصْف بعد متعاطفين يكون للْآخر وَهُوَ الأَصْل كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَاب الْمُحرمَات فِي قَوْله تَعَالَى: {من نِسَائِكُم اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن}

بعد قَوْله: وَرَبَائِبِكم وأُمّهَاتكم. لَا يمْتَنع أَن يكون الشَّيْء جِنْسا وفرداً باعتبارين كالاسم مثلا فَإِنَّهُ من حَيْثُ الصُّورَة فَرد من أَفْرَاد الِاسْم، وَمن حَيْثُ الْمَفْهُوم جنس لَهُ. التَّمَنِّي: إِذا كَانَ الْحَرْف ك (لَيْت) ينصب جَوَابه. وَأما إِذا كَانَ بِالْفِعْلِ ك (ودّ) فَلم يسمع من الْعَرَب وَلم يذكرهُ النُّحَاة. نزع الْخَافِض: إِنَّمَا يجْرِي فِي الظروف وَالصِّفَات والصلات وَذَلِكَ لدلَالَة الْفِعْل على مَكَان الْحَذف. صَرِيح الْمصدر: لَا يرتبط بِالذَّاتِ من غير تَقْدِير أَو تَأْوِيل، وَالْفِعْل المؤول بِهِ يرتبط بِالذَّاتِ من غير حَاجَة إِلَى شَيْء مِنْهَا. الْفَاعِل: يجمع على (أَفعَال) كَمَا صرح بِهِ سِيبَوَيْهٍ وارتضاه الزَّمَخْشَرِيّ والرضي، فَمَا قَالُوا فِي الْأَصْحَاب إِنَّمَا نَشأ من عدم تصفح الْكتاب. الْمَعْطُوف على الْجَزَاء: قد يكون مُسْتقِلّا فِي الترتب على الشَّرْط كَمَا فِي قَوْلك: (إِن جئتني أكرمتك وأعطيتك) ، وَقد يكون ترتبه على الشَّرْط بتوسط الْمَعْطُوف عَلَيْهِ كَمَا فِي قَوْلك: (إِن رَجَعَ الامير اسْتَأْذَنت وَخرجت) وَهَذَا فِي الْمَعْنى على كلامين. أَي: إِذا رَجَعَ استأذنته وَإِذا استأذنته خرجت. التَّعْرِيف اللامي نَائِب مناب التَّعْرِيف الإضافي، قَالَ صَاحب " الْكَشَّاف " فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِن الْجنَّة هِيَ المأوى} أَي مَأْوَاه. إِضَافَة اسْم الْفَاعِل إِنَّمَا تكون غير حَقِيقِيَّة إِذا أُرِيد بِهِ الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال لكَونهَا فِي تَقْدِير الِانْفِصَال. حذف الزَّوَائِد يُسمى ترخيماً كَمَا يُسمى حذف آخر المنادى بِهِ، لكنه إِنَّمَا عرف فِي التصغير والمصادر دون الْجمع. والمعرف بِالْإِضَافَة: كالإضافة بِاللَّامِ يحْتَمل الْجِنْس والاستغراق والعهد. والمضاف إِلَى الْمُعَرّف بِاللَّامِ أحط دَرَجَة من الْمُعَرّف بِاللَّامِ. النَّفْي: إِذا ورد على الْمَحْكُوم عَلَيْهِ كَانَ مُتَوَجها إِلَى نِسْبَة شَيْء مَا إِلَيْهِ. وَإِذا ورد على الْمَحْكُوم بِهِ كَانَ مُتَوَجها إِلَى نِسْبَة شَيْء إِلَى شَيْء مَا. الْإِثْبَات وَالنَّفْي: إِنَّمَا يتوجهان إِلَى الصِّفَات، أَعنِي النّسَب دون الذوات أَعنِي المفهومات المستقلة بالمفهومية. كلمة (لم) أظهر فِي معنى النَّفْي من (مَا) لعدم الِاشْتِرَاك فِيهَا، إِذْ هِيَ لنفي الْمَاضِي خَاصَّة، و (مَا) مُشْتَرك لنفي الْحَال والاستقبال. قَالُوا: إِذا فصل بَين (كم) وَبَين مميزه بِفعل مُتَعَدٍّ وَجب زِيَادَة (مِنْ) فِيهِ لِئَلَّا يلتبس بالمفعول، وَلم يسمع زِيَادَة (مِنْ) فِي غير مَا يكون كَذَلِك. الْكَلَام: تَارَة يُفِيد معنى بِنَفسِهِ وَتارَة يُؤَكد غَيره، وعَلى هَذَا اسْتِعْمَال النَّاس. وَقد وَقع التَّأْكِيد كثيرا فِي الْقُرْآن كَقَوْلِه: {تِلْكَ عشرَة كَامِلَة} . مَدْلُول الْجمع مركب من الْجِنْس والجمعية فَإِذا

انْتَفَى هَذَا الْمَفْهُوم الْمركب انْتَفَى أَفْرَاده، وَهِي جمل الْجِنْس، وَلَيْسَ الْوَاحِد والاثنان مِنْهَا. التَّأْكِيد: الَّذِي هُوَ تَابع لَا يُزَاد بِهِ على ثَلَاثَة، وَأما ذكر الشَّيْء فِي مقامات مُتعَدِّدَة أَكثر من ثَلَاثَة فَلَا يمْتَنع. الْحَال: لَا تسد مسد خبر الْمُبْتَدَأ إِلَّا إِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ اسْم حدث كَقَوْلِك: (ضَرَبَنِي زيد جَالِسا) وَلَا تسد مسده إِذا كَانَ اسْم عين. كلمة (كَانَ) من دواخل الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فَحق اسْمهَا أَن يكون مَعْلُوما، وَحقّ خَبَرهَا أَن يكون غير مَعْلُوم. قد تدخل على بعض اسْم الْمَكَان تَاء التَّأْنِيث إِمَّا للْمُبَالَغَة أَو لإِرَادَة الْبقْعَة، وَذَلِكَ مَقْصُور على السماع نَحْو: المظنة والمقبرة. لَا يجوز كَون الْحَالين لذِي حَال وَاحِدَة إِلَّا بِحرف الْعَطف نَحْو: (جَاءَنِي زيد رَاكِبًا وضاحكاً) إِلَّا إِذا كَانَ عَامل الْحَال أفعل التَّفْضِيل نَحْو: زيد أفضل النَّاس عليماً حَلِيمًا. يجوز أَن ينْسب الشَّيْء إِلَى جَمِيع الْمَذْكُور وَإِن كَانَ ملتبساً بِبَعْضِه كَمَا يُقَال: (بَنو فلَان فعلوا كَذَا) ، وَعَلِيهِ: {يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان} {وَمَا بَث فيهمَا من دَابَّة} و {نسيا حوتهما} . إِنَّمَا جمعُوا الْألف دون المئة فِي قَوْلهم (ثلاثمئة دِرْهَم وَثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم) لِأَن المئة لما كَانَت مُؤَنّثَة استغني فِيهَا بِلَفْظ الْإِفْرَاد عَن الْجمع لثقل التَّأْنِيث بِخِلَاف آلَاف. الْأَعْدَاد نصٌ فِي مفهوماتها لَا تحْتَمل التَّجَوُّز أبدا، بِخِلَاف صِيغ التَّثْنِيَة وَالْجمع فَإِنَّهَا تحْتَمل ذَلِك كَقَوْلِه تَعَالَى: {ألقيا فِي جَهَنَّم} وَقَوله: قِفَا نبك ... . وأمثال ذَلِك. التَّعْرِيف: يُوصف بِهِ الِاسْم فَقَط وَكَذَلِكَ التنكير لِأَنَّهُ عدم التَّعْرِيف عَمَّا من شَأْنه التَّعْرِيف، وَأما وصف الْجُمْلَة وَالْفِعْل بالتنكير فَإِنَّمَا هُوَ بِالنّظرِ إِلَى الِاسْم الْمَأْخُوذ من مَعْنَاهُمَا. لم تعلق من الْأَفْعَال إِلَّا أَفعَال الْقُلُوب، وَلم تعلق من غَيرهَا إِلَّا (انْظُر) و (اسْأَل) قَالُوا: (انْظُر مَنْ أَبُو زيد) و (اسْأَل مَنْ أَبُو عَمْرو) ولكونهما سببين للْعلم، وَالْعلم من أَفعَال الْقُلُوب فأجري السَّبَب مجْرى الْمُسَبّب. الصّفة والموصوف: قد يجمعهما مُفْرد إِذا أُرِيد مُبَالغَة لصوق الصّفة بالموصوف وتناهيه فِيهِ كَقَوْلِهِم: (معي جِيَاع) و (ثوب شراذم) ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {إِن هَؤُلَاءِ لشرذمة قَلِيلُونَ} . لِسَان الْعَرَب يَنْقَسِم إِلَى مَا لَا يُقَاس فِيهِ أصلا وَإِنَّمَا المتبع فِيهِ السماع الْمَحْض، وَإِلَى مَا يطَّرد فِيهِ الْقيَاس، وَإِلَى مَا يجْرِي فِيهِ قِيَاس مقرون بِالسَّمَاعِ. الصّفة: قد يقْصد بهَا تَعْظِيم الْمَوْصُوف وَقد يقْصد بهَا تَعْظِيم الصّفة، وَمِنْه وصف الْأَنْبِيَاء

بالصلاح وَنَحْوه، وَالْمَلَائِكَة بِالْإِيمَان وَنَحْوه. أَسمَاء الْعدَد: من الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة لَا تُضَاف إِلَى الْأَوْصَاف فَلَا يُقَال: (عِنْدِي ثَلَاثَة ظريفين) إِلَّا إِذا أُقِيمَت الصّفة مقَام الْمَوْصُوف. إِطْلَاق الْكل على الْجُزْء: لَا يَصح إِلَّا فِي صُورَة تُوجد بَقِيَّة الْأَجْزَاء، فَإِن إِطْلَاق الْإِنْسَان على الْحَيَوَان الَّذِي لَا يكون إنْسَانا لَا يجوز. الْمصدر: إِذا كَانَ لفعل زَائِد على الثَّلَاثَة جَازَ بِنَاؤُه على مِثَال مفعول ذَلِك الْفِعْل، لِأَن الْمصدر مفعول مثل: {مدْخل صدق} و (مُجراها ومُرْساها} . حق الثّمن أَن يعْطف بِالْوَاو لِأَنَّهُ يبْذل دفْعَة وَاحِدَة، وَالْوَاو للْجمع الْمُطلق فَلَا يعْطف بعضه على بعض بِالْفَاءِ وَلَا بثم لِأَنَّهُمَا للتَّرْتِيب ويوجبان التَّفَرُّق. نعت الْمعرفَة: إِذا تقدم عَلَيْهَا أعرب بِمَا يَقْتَضِيهِ الْعَامِل، وتقلب الْمعرفَة الْمَتْبُوع تَابعا كَقَوْلِه تَعَالَى: {صِرَاطِ العزيزِ الحميدِ اللهِ} فِي قِرَاءَة الْجَرّ. الْغَايَة نَوْعَانِ: نوع يكون لمد الحكم إِلَيْهَا، وَنَوع يكون لإِسْقَاط مَا وَرَاءَهَا، والفاصل بَينهمَا حَال صدر الْكَلَام فَإِن كَانَ متناولاً لما وَرَاءَهَا كَانَت للثَّانِي وَإِلَّا فللأول. جَازَ توصيف الْمُضَاف إِلَى ذِي اللَّام عِنْد الْجُمْهُور لِأَنَّهُمَا فِي دَرَجَة فِي التَّعْرِيف عِنْدهم مثل قَوْلهم: (جمع الْمُذكر السَّالِم) وَعند الْمبرد مثل هَذَا بدل. لَا يحذف الْمَوْصُوف إِلَّا إِذا كَانَت الصّفة مُخْتَصَّة بِجِنْسِهِ كَمَا فِي: (رَأَيْت كَاتبا أَو حاسباً أَو مهندساً) فَإِنَّهَا مُخْتَصَّة بِجِنْس الْإِنْسَان، وَلَا يجوز: (رَأَيْت طَويلا، وَلَا رَأَيْت أَحْمَر) . ذكر الْمُحَقِّقُونَ من النُّحَاة أَن تَقْدِيم الْمَعْطُوف جَائِز بِشُرُوط ثَلَاثَة: الضَّرُورَة، عدم التَّقْدِيم على الْعَامِل، وَكَون العاطف أحد الْحُرُوف الْخَمْسَة أَعنِي الْوَاو وَالْفَاء وَثمّ وأو وَلَا. قد يُريّدُ الْمُجَرّد إِلَى الْمَزِيد فِيهِ إِذا كَانَ الْمَزِيد فِيهِ أعرف بِالْمَعْنَى الَّذِي اعْتبر فِي الِاشْتِقَاق كالوجه من المواجهة. الْأَعْلَام غالبها مَنْقُول بِخِلَاف أَسمَاء الْأَجْنَاس، وَلذَلِك قل أَن يشتق اسْم جنس لِأَنَّهُ أصلا مرتجل. من شَأْن الصّفة أَن تكون منسوبة إِلَى الْمَوْصُوف، فَإِذا عكس بإضافته إِلَيْهَا كروح الْقُدس مثلا يزِيد معنى الِاخْتِصَاص. كَون اللَّام الجارة مفيدة للاختصاص بِمَعْنى الْحصْر لَا يُنَافِي دلَالَة التَّقْدِيم عَلَيْهِ لجَوَاز اجْتِمَاع الْأَدِلَّة على مَدْلُول وَاحِد. لَيْسَ معنى الْخَبَر على الْإِطْلَاق مَا أثبت للمبتدأ بل مَا أسْند إِلَيْهِ، وَهُوَ أَعم كَمَا فِي إِسْنَاد الطّلب إِلَى الْفَاعِل. نصوا على أَنه لَيْسَ كل مَا يُضَاف إِلَى مَبْنِيّ يجوز بِنَاؤُه، وَإِنَّمَا ذَلِك مَخْصُوص بِمَا كَانَ مُبْهما نَحْو: غير وَمثل وَبَين دون وَحين وَنَحْوهَا. الْألف وَاللَّام إِنَّمَا تفِيد الْعُمُوم إِذا كَانَت مَوْصُولَة

أَو معرفَة فِي جمع، وَزَاد قوم أَو مُفردا بِشَرْط أَن لَا يكون هُنَاكَ عهد. كلمة (إنّ) إِذا أكدت ب (مَا) وَجب تَأْكِيد شَرطهَا بالنُّون لِئَلَّا ينحط الْمَقْصُود عَن رُتْبَة الأداة. وَالنُّون الْمُؤَكّدَة مَخْصُوصَة بالمضارع. الْمُفْرد الدَّاخِل عَلَيْهِ حرف الِاسْتِفْهَام بِمَعْنى كل فَرد لَا مَجْمُوع الْأَفْرَاد، وَلِهَذَا امْتنع وَصفه بنعت الْجمع. أَكثر الْمُحَقِّقين جوزوا مَجِيء الْحَال من الْمُضَاف إِلَيْهِ بِلَا مسوغ من المسوغات الثَّلَاثَة نَحْو: (ضربت غلامَ هندٍ جَالِسا) . إِفْرَاد اللَّفْظ فِي مقَام إِرَادَة الْجمع يكون لأمرين مضطردين: أَحدهمَا أَمن اللّبْس، وَثَانِيهمَا اعْتِبَار الأَصْل. لأَفْعَل التَّفْضِيل مَعْنيانِ: أَحدهمَا: إِثْبَات زِيَادَة التَّفْضِيل للموصوف على غَيره. وَالثَّانِي: إِثْبَات كل الْفضل لَهُ. حق الضَّمِير الْعَائِد إِلَى الْمَوْصُول أَو الْمَوْصُوف أَن يكون غَائِبا لِأَن الْأَسْمَاء الظَّاهِرَة غيب. الْجِنْس سَوَاء كَانَ مُعَرفا بِاللَّامِ أَو الْإِضَافَة من صِيغ الْعُمُوم سَوَاء وَقع فِي حيّز النَّفْي أَو الْإِيجَاب (وصرحوا أَيْضا بِأَن عُمُومه تنَاوله لجَمِيع مَا يصلح لَهُ من الْأَفْرَاد. القَوْل بِأَن الْجمع الْمحلي بِاللَّامِ سَوَاء كَانَ وَاقعا فِي حيّز النَّفْي أَو الْإِيجَاب) يُفِيد تعلق الحكم بِكُل وَاحِد من الْأَفْرَاد مِمَّا قَرَّرَهُ الْأَئِمَّة وَشهد بِهِ الِاسْتِعْمَال. المُرَاد فِي صِيغَة الْأَمر الدَّاخِل عَلَيْهَا الْفَاء التعقيبية كَمَا فِي: {فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم} طلب التعقيب لَا تعقيب الطّلب. إِنَّمَا يسمون مُطلق الْجَار وَالْمَجْرُور ظرفا لما يعرض لَهما من معنى الِاسْتِقْرَار، أَو لِأَن كثيرا من المجرورات ظروف زمانية أَو مكانية فَأطلق اسْم الْأَخَص على الْأَعَمّ. قد تكون الْهمزَة بِمَعْنى (أَن) بِجَامِع استعمالهما فِي غير الْمُتَيَقن، و (أم) بِمَعْنى (أَو) لِكَوْنِهِمَا لأحد الْأَمريْنِ. خبر كَانَ لَا يجوز أَن يكون مَاضِيا لدلَالَة كَانَ على الْمَاضِي إِلَّا أَن يكون الْمَاضِي مَعَ (قد) كَقَوْلِك: (كَانَ زيد قد قَامَ) لتقريبه إِيَّاه من الْحَال، أَو وَقع الْمَاضِي شرطا. قد يستعار التَّنْوِين الَّذِي وضع للتقليل بِحَسب الْأَفْرَاد للتَّبْعِيض بِحَسب الْأَجْزَاء لتقارب التقليل والتبعيض. كثيرا مَا تكون فَاء السَّبَبِيَّة بِمَعْنى لَام السَّبَبِيَّة. وَذَلِكَ إِذا كَانَ مَا بعْدهَا سَببا لما قبلهَا نَحْو قَوْله تَعَالَى: {فَاخْرُج مِنْهَا فَإنَّك رجيم} . الْأَصَح فِي بَاب (قَاض) أَن تحذف الْيَاء من الْكِتَابَة لِأَن الْأَصَح أَن الْوَقْف على مَا قبل الْيَاء (لَا

على الْيَاء) . رد النُّحَاة على الفَرّاء فِي دَعْوَاهُ أَن ثَانِي مفعولي (ظَنَنْت) وَأَخَوَاتهَا حَال لَا مفعول ثَان بِوُقُوعِهِ مضمراً نَحْو: ظننتكه. وَلَو كَانَ حَالا لم يجز لِأَن الْأَحْوَال نكرات. التفعيل والاستفعال يَلْتَقِيَانِ فِي مَوَاضِع مِنْهُ: توفيت حَقي من فلَان واستوفيته، وتقضيته واستقضيته. دَعْوَى البيانيين أَن تَقْدِيم الْمَعْمُول يُفِيد الِاخْتِصَاص باستقراء مواقع الْكَلَام البليغ وَخَالفهُم ابْن الْحَاجِب فِي " شرح الْمفصل " وَأَبُو حَيَّان فِي تَفْسِيره. تَعْلِيق الحكم بِالْوَصْفِ يكون أبلغ سَوَاء كَانَ بِالْإِعَادَةِ أَو لم يكن. وَالتَّعْلِيق بِالِاسْمِ لَيْسَ فِي ذَلِك الْمبلغ فِي البلاغة سَوَاء كَانَ بِالْإِعَادَةِ أَولا. صَرَّحُوا بِأَن مَا بعد (حَتَّى) قد يكون مُسْتَقْبلا فِي مَعَانِيهَا بِالْقِيَاسِ إِلَى مَا قبلهَا وَإِن كَانَ مَاضِيا بِالنِّسْبَةِ إِلَى زمَان الْمُتَكَلّم. قد صَحَّ مُقَابلَة الْجمع بالمفرد مَعَ كَون الْمُفْرد لبَعض أَفْرَاد ذَلِك الْجمع إِذا كَانَت آحَاد الْجمع من جنس وَاحِد كَمَا فِي قَوْلك: أَعْطَيْت بني تَمِيم دَرَاهِم. إِذا جَاءَ الْخطاب بِلَفْظ الْمُذكر وَلم ينص على ذكر الرِّجَال فَإِن ذَلِك الْخطاب شَامِل للذكران وَالْإِنَاث كَقَوْلِه تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله} {وأقيمُوا الصَّلاةً وآتُوا الزَّكاة} . لَا يلْزم فِي كل بدل أَن يحل مَحل الْمُبدل مِنْهُ، أَلا ترى أَن تَجْوِيز النَّحْوِيين (زيد مَرَرْت بِهِ أبي عبد الله) وَلَو قَالَ: (مَرَرْت بِأبي عبد الله) لم يجز إِلَّا على رَأْي الْأَخْفَش. الْجمع الْمُعَرّف فِي الْأَوْقَات أَكثر من الْجمع الْمُنكر، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وتلكَ الأيَامُ نداوِلُها بَينَ النّاس} ، وَلِهَذَا يَصح إنتزاع الْمُنكر مِنْهُ. يُقَال: أزمنة من الْأَزْمِنَة. تَعَقُّل أحد الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ مَوْقُوف على تعقل الآخر بِحَسب الْمَفْهُوم الإضافي، وَأما بِحَسب الصدْق فتعقل الْمُضَاف إِلَيْهِ مقدم على تعقل الْمُضَاف كغلام زيد مثلا. الشَّيْء إِذا كثر كَانَ حذفه كذكره لِأَن كثرته تجْرِي مجْرى الْمَذْكُور، وَلذَلِك جَازَ التَّغْيِير والحكاية فِي الْأَعْلَام دون غَيرهَا. الِاسْتِثْنَاء المفرَّغ لَا يكون فِي الْوَاجِب وَإِنَّمَا يكون مَعَ النَّفْي أَو النَّهْي أَو المؤول بهما، فَإِن جَاءَ مَا ظَاهره خلاف ذَلِك يؤول. الْخطاب الْمُعْتَبر فِي الِالْتِفَات أَعم من أَن يكون بِالِاسْمِ على مَا هُوَ الشَّائِع كَمَا فِي {إيَّاكَ نَعْبُد} أَو بالحرف كَمَا فِي {ذَلِكُم} بِشَرْط أَن يكون خطابا لمن وَقع الْغَائِب عبارَة عَنهُ. إِذا أضفت المنادى إِلَى نَفسك جَازَ فِيهِ حذف الْيَاء وإثباتها وَفتحهَا، والأجود الِاكْتِفَاء بالكسرة، وَقد نظمت فِيهِ:

(إِلَى نفسِك السامِي أَضَفْتَ منَادِياً ... لماذا هَجْرتَ الوصلَ حتَى كَسَرْتني) جمع الْقلَّة لَيْسَ بِأَصْل فِي الْجمع لِأَنَّهُ لَا يذكر إِلَّا حَيْثُ يُرَاد بَيَان الْقلَّة، وَلَا يسْتَعْمل لمُجَرّد الجمعية والجنسية كَمَا اسْتعْمل لَهُ جمع الْكَثْرَة. يُقَال: (كم عنْدك من الثَّوْب وَمن الثِّيَاب) وَلَا يحسن (من الأثواب) . يكررون أَسمَاء الْأَجْنَاس والأعلام كثيرا وَلَا سِيمَا إِذا قصدُوا التفخيم، وعَلى ذَلِك ورد قَوْله تَعَالَى: {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد} وَقَوله: {وبالحق أَنزَلْنَاهُ وبالحق نزل} . إِذا أضيف اسْم مُعرب إِلَى مَبْنِيّ بني على الْفَتْح عِنْد قوم وَترك معرباً عِنْد قوم أخر كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمن خزي يَوْمئِذٍ} . إِذا احْتَاجَ الْكَلَام إِلَى حذف مُضَاف يُمكن تَقْدِيره مَعَ أول الجزأين وَمَعَ ثَانِيهمَا، فتقديره مَعَ الثَّانِي أولى نَحْو: {الْحَج أشهر} . حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ أَكثر من حذف الْمُضَاف، وَإنَّهُ معتنى بِهِ، أَلا يرى أَن تَنْوِين الْعِوَض كلمة مَوْضُوعَة لتَكون عوضا عَن الْمُضَاف إِلَيْهِ. قد يجْرِي الظّرْف مجْرى الشَّرْط فيصدر بِالْفَاءِ بعده، نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ فِي نَحْو: حِين لَقيته فَأَنا أكْرمه. يجوز جعل الْمُنكر صفة للمعرفة بنية حذف اللَّام، وللمضاف بِتَأْوِيل فك الْإِضَافَة كَمَا فِي: (كأنَّ مزاجها عَسلٌ وَمَاء ... ) أَي: مزاجاً لَهَا، كَمَا يجوز جعل الْمُعَرّف حَالا بِنِيّة طرح اللَّام. دُخُول الْبَاء على الْمَقْصُور عَلَيْهِ عَادَة عرفية، والعربي أَن تدخل على الْمَقْصُور، ومختار الشريف أَن دُخُولهَا على الْمَقْصُور وَهُوَ الِاسْتِعْمَال الْأَصْلِيّ. قَالَ ثَعْلَب: إِذا أشكل عَلَيْك فعل وَلم تدر من أَي بَاب هُوَ فاحمله على (يفعِل) بِالْكَسْرِ، وَبَاب اللَّازِم يَجِيء على (يفعُل) بِالضَّمِّ، وَقد يَجِيء هَذَا فِي هَذَا وَهَذَا فِي هَذَا. الْمَشْهُور بَين الْجُمْهُور أَن الْمُعَرّف يجب أَن يكون مُسَاوِيا للمعرف فِي الْعُمُوم وَالْخُصُوص كَمَا هُوَ مَذْهَب الْمُتَأَخِّرين أَو مُسَاوِيا لَهُ فِي الْجُمْلَة كَمَا هُوَ مَذْهَب الْمُتَقَدِّمين. قد يَجْعَل الْفِعْل الْمُتَوَسّط بَين خَبره الْمُذكر واسْمه الْمُؤَنَّث بِمَنْزِلَة الضَّمِير الْمُتَوَسّط بَين مُذَكّر ومؤنث لذات وَاحِدَة فَيجوز تأنيثه وتذكيره. الِاسْتِغْرَاق: معنى مُغَاير للتعريف لوُجُوده حَيْثُ لَا يتَوَهَّم هُنَاكَ تَعْرِيف نَحْو: (كل رجل، وكل رجال، وَلَا رجل، وَلَا رجال) . اللَّفْظ الْحَامِل لمعنيين: قد يجرد لأَحَدهمَا وَيسْتَعْمل فِيهِ وَحده كَمَا فِي صِيغَة النداء فَإِنَّهَا كَانَت للاختصاص الندائي فجردت لمُطلق الِاخْتِصَاص. اعْتِبَار تَأْنِيث الْجَمَاعَة إِنَّمَا هُوَ فِي الْجمع المكسر وَإِلَّا لصَحَّ أَن يُقَال ثَلَاث مُسلمين.

وَجَاءَت الزيدون، والزيدون جَاءَت. اسْم جنس لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه لَيْسَ بِجمع بالِاتِّفَاقِ، وَكَذَا اسْم جمع لَا وَاحِد لَهُ نَحْو: إبل وغنم لَيْسَ جمعا بالِاتِّفَاقِ أَيْضا. الْمصدر الْمُتَعَدِّي: مَا اشتق مِنْهُ الْفِعْل الْمُتَعَدِّي. والمتعدي الْمُطلق: مَا يتَوَقَّف فهمه على مُتَعَلق، أَو يتَوَقَّف فهم مَا يشتق مِنْهُ عَلَيْهِ. مَا غلب اسْتِعْمَاله مؤنثاً فَمنع الصّرْف رَاجِح. وَإِن لم يسْتَعْمل إِلَّا مؤنثاً فَمنع الصّرْف وَاجِب، وَمَا تساوى اسْتِعْمَاله مذكراً ومؤنثاً تساوى الصّرْف وَمنعه. الْفِعْل قد يكون مُتَعَدِّيا فِي معنى لَازم نَحْو: كَلمته وَقلت لَهُ، وَالْحمل على النقيض قَلِيل. إِدْخَال الْألف فِي أول الْفِعْل وَالْيَاء فِي آخِره للنَّقْل خطأ إِلَّا أَن يكون قد نقل مرَّتَيْنِ إِحْدَاهمَا بِالْألف وَالْأُخْرَى بِالْيَاءِ. ظرف الْمَكَان لَا يقبل تَقْدِير (فِي) إِلَّا إِذا كَانَ فِيهِ معنى الِاسْتِقْرَار فَحِينَئِذٍ يقبله نَحْو: (قعدت مجْلِس فلَان) دون (ضربت مضربه) . النُّكْتَة الزَّائِدَة على أصل البلاغة الْحَاصِلَة بمطابقة الْكَلَام لمقْتَضى الْمقَام لَا يلْزمهَا الاطراد، وَلِهَذَا يتَفَاوَت المتكررات فِي الْقُرْآن بِحَيْثُ يكون بَعْضهَا أفْصح من بعض. الْخَيْر يُوصف بِالصّدقِ وَالْكذب أَصَالَة، والمتكلم يُوصف بهما تبعا، فَإِذا قيل لَهُ إِنَّه صَادِق أَو كَاذِب مَعْنَاهُ صَادِق خَبره أَو كَاذِب خَبره. الْأَفْعَال الْوَاقِعَة بعد (إِلَّا) و (لما) مَاضِيَة فِي اللَّفْظ، مُسْتَقْبلَة فِي الْمَعْنى، لِأَنَّك إِذا قلت: (عزمت عَلَيْك لما فعلت) لم يكن قد فعل، وَإِنَّمَا طلبت فعله وَأَنت تتوقعه. الشُّهْرَة قَائِمَة مقَام الذّكر كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} أَي: الْقُرْآن. وَفِي الحَدِيث: " مَنْ توضَّأ يومَ الْجُمُعَة فِيهَا ونعمت " أَي: فبالسنة أَخذ ونعمت الْخصْلَة. الْبَدَل إِنَّمَا جِيءَ بِهِ عِنْد التَّعَذُّر كَقَوْلِه تَعَالَى: {ويل لكل همزَة لُمزَة الَّذِي جمع مَالا} لِامْتِنَاع وصف النكرَة بالمعرفة. كَون الْفَاعِل عُمْدَة وَالْمَفْعُول فضلَة إِنَّمَا هُوَ بِالنّظرِ إِلَى حُصُول أصل الْكَلَام لَا بِالنّظرِ إِلَى أَدَاء الْمَعْنى الْمَقْصُود بِهِ. الْإِشَارَة إِذا لم تقَابل بالتصريح كثيرا مَا تسْتَعْمل فِي الْمَعْنى الْأَعَمّ الشَّامِل للتصريح. قد يحذف الْمَفْعُول للقصد إِلَى التَّعْمِيم مَعَ الِاخْتِصَار، وَقد يحذف للقصد إِلَى مُجَرّد الِاخْتِصَار. الْعدَد قبل تَعْلِيقه على مَعْدُود مؤنث بِالتَّاءِ لِأَنَّهُ جمَاعَة، والمعدود نَوْعَانِ: مُذَكّر ومؤنث، فَسبق الْمُذكر لِأَنَّهُ الأَصْل إِلَى الْعَلامَة فَأَخذهَا ثمَّ جَاءَ الْمُؤَنَّث فَصَارَ ترك الْعَلامَة لَهُ عَلامَة. من حق الْفَصْل أَن لَا يَقع إِلَّا بَين معرفتين، وَأما (أَشد) فِي قَوْله تَعَالَى: {كَانُوا هم أَشد مِنْهُم} لما شابه الْمعرفَة فِي أَن لَا تدخله الْألف وَاللَّام أجري مجْراهَا.

الْمُبْهم الَّذِي يفسره ويوضحه التَّمْيِيز لَا يكون إِلَّا فِي بَاب (رُبَّ) نَحْو: (رُبَّه رجلا لَقيته) ، وَفِي بَاب نِعْم وبِئْس على مَذْهَب الْبَصرِيين نَحْو: نِعْمَ رجلا زيدُ، وبِئْسَ رجلا عَمْروٌ. المنادى النكرَة إِذا قصد بِهِ نِدَاء وَاحِد بِعَيْنِه يتعرف وَوَجَب بِنَاؤُه على الضَّم وَإِلَّا لم يتعرف وأعرب بِالنّصب. الْأَلْفَاظ الَّتِي تَأتي مبينَة للمقادير لَا يحسن فِيهَا الْإِضْمَار، وَلَو أضمر فَالضَّمِير إِنَّمَا يكون لما تقدم بِاعْتِبَار خصوصيته (وَإِذا لم يكن لَهُ وَجب الْعُدُول عَن الضَّمِير إِلَى الظَّاهِر. إِذا جمع الْمُؤَنَّث الْحَقِيقِيّ جمع تكسير جَازَ ترك التَّاء من فعله) نَحْو: (قَامَ الهنود) لِأَنَّهُ ذهب مِنْهُم حكم لفظ الْمُفْرد فَكَانَ الحكم للطارئ. دَعْوَى دلَالَة الْحَرْف على معنى فِي غَيره وَإِن كَانَ مَشْهُورا إِلَّا أَن ابْن النّحاس زعم أَنه دالٌ على نَفسه فِي نَفسه، وَتَابعه أَبُو حَيَّان. الْعلم الْمَنْقُول من صفة إِن قصد بِهِ لمح الصّفة الْمَنْقُول مِنْهَا أَدخل فِيهَا الْألف وَاللَّام وَإِلَّا فَلَا. تَأْنِيث الْعدَد جَائِز فصيح لِأَن وجوب تذكيره مَعَ الْمُؤَنَّث، وَأما تأنيثه مَعَ الْمُذكر فِيمَا لم يحذف التَّمْيِيز أَو يكون الْعدَد صفة. يجوز الْعَطف بِالْفَاءِ السَّبَبِيَّة بِدُونِ سَبَبِيَّة الْمَعْطُوف (للمعطوف) عَلَيْهِ إِذا فصل بَينهمَا بِمَا يصلح للسَّبَبِيَّة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَا تجْعَلُوا لله أندادا} . النَّهْي عَن اللَّازِم أبلغ فِي الدّلَالَة على النَّهْي عَن الْمَلْزُوم من النَّهْي عَن الْمَلْزُوم ابْتِدَاء. فَإِن قَوْلك: (لَا أَرَيَنَّكَ هَهُنَا) أبلغ فِي الدّلَالَة على نهي الْمُخَاطب عَن الْحُضُور عنْدك من أَن تَقول: لَا تحضر عِنْدِي. قطع التَّنَازُع فِي: (مَا ضرب وأكرمت إِلَّا إيَّايَ) عِنْد الْكل بالتكرار فَتَقول: (مَا ضرب إِلَّا أَنا وَمَا أكرمت إِلَّا إيَّايَ) . الصّفة إِذا خصت بموصوف جَازَ أَن تكون نعتاً لَهُ وَلَو تخالفا تعريفاً أَو تنكيراً كَقَوْلِهِم: (صدر ذَلِك عَن عَليّ قَائِل العثرة) . إِذا وَقعت صفة بَين متضايقين أَولهمَا عدد جَازَ إجراؤها على الْمُضَاف وعَلى الْمُضَاف إِلَيْهِ، فَمن الأول: {سبع سماوات طباقا} وَمن الثَّانِي {سبع بقرات سمان} . قد يَجْعَل بعض أَجزَاء مَفْهُوم اللَّفْظ عَاملا فِي اللَّفْظ وَإِن لم يَصح كَون اللَّفْظ عَاملا بِاعْتِبَار سَائِر الْأَجْزَاء. وَهَذَا من بديع الْقَوَاعِد. الأبلغ إِذا كَانَ من جزئيات الْأَدْنَى تعين هُنَاكَ طَرِيق الترقي، وَإِذا لم يكن كَذَلِك جَازَ أَن يسْلك طَرِيق الإحصاء والتفخيم كَمَا فِي: (الرَّحْمَن الرَّحِيم) . لَيْسَ من شَرط تعدِي الْفِعْل أَن يتَجَاوَز إِلَى مَحل غير الْفَاعِل، بل الشَّرْط الْمُغَايرَة سَوَاء تجَاوز فِي

مَحَله أَو فِي غير مَحَله. خُصُوصِيَّة الِاسْم إِذا وصلت إِلَى حد التشخص بالغلبة يصير ذَلِك الِاسْم علما بالِاتِّفَاقِ، وَالْخلاف فِيمَا لم يصل إِلَيْهِ. اللَّام الَّتِي فِي الْأَعْلَام الْغَالِبَة من الْعَهْد الَّذِي يكون بِعلم الْمُخَاطب بِهِ قبل الذّكر لشهرته لَا من الْعَهْد الَّذِي يكون بجري ذكر الْمَعْهُود قبل. الْفِعْل يَجِيء لَازِما ثمَّ يبْنى مِنْهُ الصّفة المشبهة فَتكون إِضَافَة معنوية مثل: كريم الزَّمَان، وَملك الزَّمَان، وَملك الْعَصْر، وَإِنَّمَا اللفظية إضافتها إِلَى فاعلها كحسن الْوَجْه. الترقي من الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى إِنَّمَا يكون فِيمَا إِذا كَانَ الْأَعْلَى مُشْتَمِلًا على معنى الْأَدْنَى، لِأَن تَقْدِيم الْأَعْلَى إِذْ ذَاك يُغني عَن ذكر الْأَدْنَى بعده. مَعَاني الْأَلْفَاظ النَّاقِصَة مُعْتَد بهَا فِي حَالَة التَّرْكِيب، ومعاني سَائِر الْأَفْعَال مُعْتَد بهَا فِي حَالَة الْإِفْرَاد، وَلِهَذَا قَالُوا: الْحَدث مسلوب عَن الْأَفْعَال النَّاقِصَة لَا عَن غَيرهَا. غير العَلَم إِنَّمَا يصير علما بِغَلَبَة الِاسْتِعْمَال إِذا كَانَ الْمُسْتَعْمل فِيهِ متميزاً بشخصه عِنْد الْمُسْتَعْمل ليمكن اعْتِبَار التعين العلمي فِي مَفْهُومه. مَا جَازَ للضَّرُورَة يتَقَدَّر بِقَدرِهِ فَلَا يجوز الْفَصْل بَين (أما) وَالْفَاء بِأَكْثَرَ من اسْم وَاحِد لِأَن الْفَاء لَا يتَقَدَّم عَلَيْهَا مَا بعْدهَا، وَإِنَّمَا جَازَ هَذَا التَّقْدِيم للضَّرُورَة وَهِي مندفعة باسم وَاحِد فَلم يتَجَاوَز قدر الضَّرُورَة. الشيئان إِذا تضَاد الحكم الصَّادِر عَنْهُمَا، فالإعراب أَصله الْحَرَكَة والتنقل، وَالْبناء أَصله السّكُون والثبوت، والابتداء أَصله الْحَرَكَة، وَالْوَقْف أَصله السّكُون. لَيْسَ فِي المبدلات مَا يُخَالف الْبَدَل حكم الْمُبدل مِنْهُ إِلَّا فِي الِاسْتِثْنَاء وَحده فَإنَّك إِذا قلت: مَا قَامَ أحد إِلَّا زيد فقد نفيت الْقيام عَن أحد وأثبته لزيد وَهُوَ بدل مِنْهُ. لَيْسَ فِي ظروف الْمَكَان مَا يُضَاف إِلَى جملَة غير (حَيْثُ) فَإِنَّهَا لما أُبهمت لوقوعها على كل جِهَة احْتَاجَت فِي زَوَال ابهامها إِلَى إضافتها إِلَى جملَة كإذ وَإِذا فِي الزَّمَان. الْجَزَاء مُتَعَلق تحَققه بتحقق الشَّرْط الَّذِي فِي تحَققه شُبْهَة، فحقه أَن يعبر عَنهُ بالمضارع فَلَا يتْرك ذَلِك إِلَى الْمَاضِي إِلَّا لنكتة. معنى رُجُوع النَّفْي إِلَى الْقَيْد رُجُوعه إِلَى الْمُقَيد بِاعْتِبَار الْقَيْد بِمَعْنى أَنه لَا يدل على نفي أَصله على الْإِطْلَاق، وَلَا يَدعِي أحد رُجُوعه إِلَى مُجَرّد الْقَيْد بل رُبمَا يَدعِي دلَالَته على ثُبُوت الأَصْل مُقَيّدا بِقَيْد آخر. تعلق الْفِعْل بالمفعول بِهِ على أنحاء مُخْتَلفَة حَسْبَمَا تَقْتَضِيه خصوصيات الْأَفْعَال بِحَسب مَعَانِيهَا الْمُخْتَلفَة فَإِن بَعْضهَا يَقْتَضِي أَن يلابسه مُلَابسَة تَامَّة، حسية أَو معنوية، إيجابية أَو سلبية، متفرعة على الْوُجُود أَو مستلزمة لَهُ، كائنة مَعَه، وَبَعضهَا يَسْتَدْعِي أَن يلابسه أدنى مُلَابسَة إِمَّا بالانتهاء إِلَيْهِ كالإعانة أَو بِالِابْتِدَاءِ مِنْهُ كالاستعانة مثلا. لما كَانَ اتصاف النّظم بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوص بِاعْتِبَار أصل وَضعه اعْتبر الْقَوْم فِي تَقْسِيم النّظم

إِلَى الْخَاص وَالْعَام وَغَيرهمَا حيثية الْوَضع سَوَاء كَانَ الْوَضع نوعياً أَو شخصياً. وَلما كَانَ تَقْسِيم النّظم إِلَى الْمجَاز والحقيقة وَغَيرهمَا ناشئاً من جِهَة الِاسْتِعْمَال لَا من جِهَة أُخْرَى اعتبروا فِيهِ جِهَة الِاسْتِعْمَال. الْغَايَة قصر لامتداد المغيا، وَبَيَان لانتهائه كَمَا أَن الِاسْتِثْنَاء قصر للمستثني مِنْهُ وَبَيَان لانْتِهَاء حكمه، وَأَيْضًا كل مِنْهُمَا إِخْرَاج لبَعض مَا يتَنَاوَلهُ الصَّدْر. إِضَافَة (كل) إِلَى الضَّمِير توجب كَون المُرَاد بِهِ الْمَجْمُوع كَمَا هُوَ الْمَشْهُور وَلَيْسَ ذَلِك بكلي بل فِي كثير من الْمَوَاضِع يُرَاد الجزئيات نَحْو: {كل الطَّعَام كَانَ حلا لبني إِسْرَائِيل} . الظّرْف الَّذِي يُضَاف لَا بُد من إِضَافَته مرّة ثَانِيَة إِلَى غير مَا أضفته إِلَيْهِ أَولا كَقَوْلِك: (بيني وَبَيْنك الله) . مُطَابقَة الْخَبَر للمبتدأ مَشْرُوط بِثَلَاثَة شُرُوط: الِاشْتِقَاق وَمَا فِي حكمه، والإسناد إِلَى الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى الْمُبْتَدَأ، أَو عدم تَسَاوِي التَّذْكِير والتأنيث كجريح. لَا يُنَادى مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام إِلَّا الله وَحده لِأَنَّهُمَا لَا يفارقانه، وَلم يَأْتِ فِي الْقُرْآن الْمجِيد مَعَ كَثْرَة النداء فِيهِ غَيره. قد يُزَاد الْوَاو بعد (إِلَّا) لتأكيد الحكم الْمَطْلُوب إثْبَاته إِذا كَانَ فِي مَحل الرَّد وَالْإِنْكَار نَحْو: (مَا من أحد إِلَّا وَله طمع وحسد) . قد يكون الْحَال بَيَانا للزمان الَّذِي هُوَ لَازم الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول كَمَا إِذا قلت: (آتِيك وَزيد قَائِم) إِذْ الْحَال هَا هُنَا لم يبين هَيْئَة الْفَاعِل وَلَا الْمَفْعُول. الصّفة المضافة فِي بَاب النداء لَا يجوز حملهَا على لفظ الْمَبْنِيّ، وَلَا تكون إِلَّا مَنْصُوبَة أبدا نَحْو: (يَا زيد ذَا المَال) . لَيْسَ فِي الْعَرَبيَّة شَيْئَانِ تضارعا فَحمل أَحدهمَا على الآخر إِلَّا جَازَ حمل الآخر عَلَيْهِ فِي بعض الْأَحْوَال. نزع التَّاء من أَسمَاء الْعدَد عَلامَة تَأْنِيث الْمَعْدُود، وَذَلِكَ خَاص بِبَاب الْعدَد، وَقد نظمت فِيهِ. (تَلَبَّس ذُكْرُ انَّ براقِعَ نِسْوةٍ ... تَرَاهُ بِبَدْءِ الجِيم عَدّاً إِلَى الياءِ) مُذَكّر من غير الْعُقَلَاء لَا يجمع إِلَّا بِالْألف وَالتَّاء نَحْو: سرادق وحمام. ومؤنث من غير الْعُقَلَاء يجمع بِالْيَاءِ وَالنُّون نَحْو: سِنِين وأرضين. خَمْسَة أَشْيَاء بِمَنْزِلَة شَيْء وَاحِد: الْجَار وَالْمَجْرُور، والمضاف والمضاف إِلَيْهِ، وَالْفِعْل وَالْفَاعِل، وَالصّفة والموصوف، والصلة والموصول. اسْم الْجِنْس وَإِن كَانَ يتَنَاوَل آحَاد مَدْلُوله إِلَّا أَنه لَا يدل على اخْتِلَاف فَاعله وَلَا على تنوع مَدْلُوله وَلِهَذَا جمع الْعَمَل فِي {الأخسرين أعمالا} ليدل على الْأَمريْنِ. حُرُوف الْقسم إِنَّمَا تحذف حَيْثُ يكون الْقسم بِهِ مُسْتَحقّا لِأَن يقسم بِهِ كَقَوْلِك: (اللهِ لأفلعنَّ

كَذَا) فَيكون اسْتِحْقَاقه لَهُ مغنياً عَن ذكر حرف الْقسم. إِذا أدخلُوا على الظّرْف (إنّ) وَنَحْوهَا من عوامل الِابْتِدَاء انتصب الِاسْم بعد الظّرْف بِهِ كَقَوْلِك: (إِن فِي الدَّار زيدا) . إِنَّمَا تلْحق الْكَلِمَة عَلامَة التَّأْنِيث كَمَا تَقول: (قَامَت هِنْد) و (قعدت زَيْنَب) وَالْمرَاد تَأْنِيث غَيرهَا لِأَن الْفِعْل وَالْفَاعِل ككلمة وَاحِدَة. الْمُتَبَادر فِي اللُّغَة من مثل قَوْلنَا: (إِن ضربتني ضربتك) هُوَ الرَّبْط فِي جَانِبي الْوُجُود والعدم مَعًا لَا فِي جَانب الْعَدَم فَقَط كَمَا هُوَ الْمُعْتَبر فِي الشَّرْط المصطلح. الدّلَالَة الْعَقْلِيَّة غير منضبطة لاختلافها باخْتلَاف الْعُقُول وتفاوت مَرَاتِب الْمَلْزُوم الْعقلِيّ وضوحاً وخفاءً، بِخِلَاف الدّلَالَة الوضعية فَإِنَّهَا لتوقفها على الْعلم بِالْوَضْعِ لَا يتَصَوَّر فِيهَا الِاخْتِلَاف وَلَا يتَفَاوَت فِيهَا الغبي والذكي. إِن اعْتبر قيد الْعُمُوم فِي الْكَلَام أَولا ثمَّ دخل النَّفْي عَلَيْهِ ثَانِيًا كَانَ النَّفْي وارداً على الْمُقَيد نافياً لقيده، وَإِن عكس كَانَ الْقَيْد وارداً على الْمَنْفِيّ مُقَيّدا لعُمُوم نَفْيه، والتعويل فِي تعْيين أحد الاعتبارين على الْقَرَائِن. إِن تعدد ذُو الْحَال وتفرق الحالان يجوز أَن يَلِي كلُّ حالٍ صاحِبَه نَحْو: (لقِيت مصعداً زيدا منحدراً) وَحِينَئِذٍ الصَّحِيح كَون الأول للثَّانِي وَالثَّانِي للْأولِ. الِاسْم التَّام الناصب للتمييز إِن كَانَ تَمَامه بِالتَّنْوِينِ أَو ينون التَّثْنِيَة جَازَت الْإِضَافَة وَإِلَّا فَلَا. الْجمل إِن كَانَت مصدرة بِشَيْء من أدوات الشَّرْط فشرطية، وَإِلَّا فَالْمُسْنَدُ فِيهَا إِمَّا اسْم فاسمية، أَو فعل ففعلية، أَو ظرف فظرفية. الْفِعْل الْمُتَعَدِّي قد لَا يكون لَهُ مفعول يُمكن النَّص عَلَيْهِ فَيكون مَتْرُوك الْمَفْعُول بِمَنْزِلَة غير الْمُتَعَدِّي مثل: (فلَان يَأْمر وَينْهى) ، {وَأَنه هُوَ أمات وَأَحْيَا} فَلَا يذكر لَهُ مفعول، وَلَا يقدر لِئَلَّا ينْتَقض الْغَرَض. الْقَيْد الْوَارِد بعد النَّهْي قد يكون قيدا للْفِعْل مثل: (لَا تُصَلِّ إِذا كنتَ مُحْدِثاً) ، وَقد يكون قيدا لتَركه مثل: (لَا تبالغ فِي الِاخْتِصَار إِن حاولت سهولة الْفَهم) ، وَقد يكون قيدا لطلبه مثل: (لَا تشرب الْخمر إِن كنت مُؤمنا) . المصادر الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَائِبَة الْوحدَة كرجعى وذكرى وبشرى يتحد مؤدى معرِّفها ومنكِّرها، وَهُوَ الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ إِلَّا أَن فِي الْمُعَرّف إِشَارَة إِلَى حُضُورهَا دون الْمُنكر. تَعْلِيق الْجَزَاء على الشَّرْط إِنَّمَا يسْتَلْزم ترَتّب الْجَزَاء عَلَيْهِ وحصوله بعده دون توقفه عَلَيْهِ حَتَّى يُنَافِيهِ فِي تحَققه بِدُونِ الشَّرْط. الْأَفْعَال إِذا وَقعت قيوداً لما لَهُ اخْتِصَاص بِأحد الْأَزْمِنَة كَانَ مضيها واستقباليتها وحاليتها

بِالْقِيَاسِ إِلَى ذَلِك الْقَيْد لَا إِلَى زمَان التَّكَلُّم كَمَا إِذا وَقعت مُطلقَة مستعملة فِي مَعَانِيهَا الْأَصْلِيَّة. وضعُوا مَكَان ضمير الْوَاحِد ضمير الْجمع رفعا لحكاية الْمُخَاطب وإظهاراً لأبهته. قَالَ: (بأيِّ نواحِي الأرْضِ أبْغِي وِصَالَكم ... وأنْتُم مُلُوكٌ مَا لِمقْصَدِكُمْ نَحْوُ) وَعَلِيهِ مخاطبات الْمُلُوك. فرقٌ بَين (من دخل دَاري فَأكْرمه) وَبَين (أكْرمه) بِلَا فَاء فَإِن الأول يَقْتَضِي إكرام كل دَاخل لَكِن على خطر أَن لَا يكرم، وَالثَّانِي يَقْتَضِي إكرامه الْبَتَّةَ. قد تقرر عِنْدهم أَن جَوَاب (من قَامَ؟) (قَامَ زيد) لَا (زيد قَامَ) وَعَلِيهِ {من يحيي الْعِظَام وَهِي رَمِيم قل يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أول مرّة} ، و {من خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض ليَقُولن خَلقهنَّ الْعَزِيز الْعَلِيم} . اللَّام من حَيْثُ إِنَّهَا حرف جر لَا بُد لَهَا من مُتَعَلق، وَمن حَيْثُ إِنَّهَا للتَّعْلِيل لَا بُد لَهَا من مُعَلل، وَإِذا لم يكن مَذْكُورا كَانَ محذوفاً مدلولاً عَلَيْهِ بسوق الْكَلَام أَو قرينَة الْمقَام، مَقْرُونا بِحرف الْعَطف أَو غير مقرون. فرقٌ بَين قَوْلك لصاحبك: (ألم تَرَ أَنِّي أَنْعَمت عَلَيْك فتشكرُ) بِالنّصب وَالرَّفْع. فَإنَّك نافٍ للشكر فِي النصب، ومثبت لَهُ فِي الرّفْع. تَسْمِيَة الْمَفْعُول لَهُ عِلّة أولى من تَسْمِيَته غَرضا لِأَن الْغَرَض هُوَ الْمَقْصُود. وَالْمَفْعُول لَهُ قد يكون صفة خساسة كَمَا فِي قَوْلك: (قعدت عَن الْحَرْب جبنا) والعاقل لَا يَقْصِدهُ. الْأَكْثَر فِي الِاسْتِعْمَال تَقْدِيم الظّرْف على النكرَة الموصوفة. يُقَال: (عِنْدِي ثوب جيد وَكتاب نَفِيس وَعبد كَيِّس) . الْمعرفَة تنَاول الْمعرفَة وَلَا تتَنَاوَل النكرَة. أَلا ترى أَن نَحْو (أفضل مِنْهُمَا) اقْتضى ثَالِثا، بِخِلَاف (الْأَفْضَل مِنْهُمَا) . وَهِي قَاعِدَة فقهية لم تشتهر عَن النُّحَاة. تَجْوِيز نعت اسْم الْإِشَارَة بِمَا لَيْسَ مُعَرفا بِاللَّامِ وَمَا لَيْسَ بموصول مِمَّا أجمع النُّحَاة على بُطْلَانه. الْقَصْد فِي (كَانَ زيد قَائِما) نِسْبَة الشَّيْء إِلَى صفته، وَفِي (زيد قَائِم) نِسْبَة الْقيام إِلَى زيد، وَفِي (قَامَ زيد) إِفَادَة النِّسْبَة بَينهمَا. دُخُول حرف الِاسْتِفْهَام فِي (ثمَّ) لإنكار التَّأْخِير كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَثم إِذا مَا وَقع آمنتم بِهِ} . معرفَة مَدْلُول اسْم الْإِشَارَة فِي أصل الْوَضع بِالْقَلْبِ وَالْعين، وَمَا سواهُ بِالْقَلْبِ فَقَط.

أَئِمَّة اللُّغَة يفسرون بِأَيّ الضَّمِير الْمَرْفُوع الْمُتَّصِل بِلَا تَأْكِيد وَلَا فصل مثل: (جَاءَنِي أَي زيد) وَالضَّمِير الْمَرْفُوع بِلَا إِعَادَة الْجَار مثل: مَرَرْت بِهِ أَي: زيد. لَا شكّ أَن النكرَة مَعْلُومَة بِوَجْه وَإِلَّا لم يكن فِيهَا إِشَارَة إِلَى تَعْيِينهَا ومعلوميتها. اسْم الْجِنْس: إِذا عرف تَعْرِيف الْحَقِيقَة يقْصد بِهِ الِاسْتِغْرَاق فِي الْمقَام الْخطابِيّ فَيُقَال: زيد المنطلق أَي: كُله. الْجُزْء قد يعْمل فِي جزئه، أَلا ترى إِلَى قَوْلك: (أعجبني أَن تقوم) فَإِن (تقوم) جملَة وَقعت مَوضِع الْمُفْرد تَقْدِيره (قيامك) ، وَقد عملت (أَن) فِي (تقوم) النصب. (أفعل) الصّفة مقدم بِنَاؤُه على (أفعل) التَّفْضِيل، لِأَن مَا يدل على ثُبُوت مُطلق الصّفة مقدم بالطبع على مَا يدل على زِيَادَة الآخر على الآخر فِي الصّفة. قد صَرَّحُوا بِأَن الْفَصْل يفرق بَين النَّعْت وَالْخَبَر ويفيد تَأْكِيد ثُبُوته للمخبر عَنهُ وقصره. إِذا كَانَ أحد اللَّفْظَيْنِ المتوافقين فِي التَّرْكِيب أشهر كَانَ أولى بِأَن يَجْعَل مشتقاً مِنْهُ. الْفِعْل الْمَنْفِيّ لَا يتَعَدَّى إِلَى الْمَفْعُول الْمَقْصُود وُقُوع الْفِعْل عَلَيْهِ إِلَّا بِوَاسِطَة الِاسْتِثْنَاء. حمل الْمُشْتَرك على أحد الْمعَانِي فِي مَحل لَا يُنَافِي حمله على غَيره مِنْهَا فِي مَحل آخر. إِفْرَاد كَاف الْخطاب الْمُتَّصِل باسم الْإِشَارَة جَائِز فِي خطاب الْجَمَاعَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {ثمَّ عَفَوْنَا عَنْكُم من بعد ذَلِك} . الْفَاء الجزائية لَا تدخل على الْمَاضِي الْمُتَصَرف إِلَّا مَعَ لَفْظَة (قد) وإضمارها ضَعِيف. النَّفْي وَالْإِثْبَات قد يتواردان على شَيْء وَاحِد باعتبارين كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا رميت إِذْ رميت} ، إِذْ الْمَنْفِيّ هُوَ الرَّمْي بِاعْتِبَار الْحَقِيقَة، كَمَا أَن الْمُثبت أَيْضا هُوَ الرَّمْي بِاعْتِبَار الصُّورَة. من جوّز الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز خصّه بالمجاز اللّغَوِيّ، وَأما الْمجَاز الْعقلِيّ فامتناعه فِيهِ اتفاقي. وضع الْمظهر مَوضِع الْمُضمر يُفِيد تَمْكِين الْمَعْنى الَّذِي أُرِيد بِهِ، وَوضع الْمُضمر مَوضِع الْمظهر يُفِيد تَمْكِين مَا يعقبه. إِذا اسْتَوَى العددان فالعرب تقتصر بِذكر أَحدهمَا، وَإِذا اخْتلفَا تذكر كل وَاحِد مِنْهُمَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام حسوما} . شَرط إِدْخَال أَدَاة النِّسْبَة إِلَى الْوَاحِد فِي نِسْبَة الْجمع هُوَ أَن يكون لذَلِك الْجمع مَا يعقبه. كلمة (بل) بعد الْإِثْبَات لَا تفِيد الْقصر اتِّفَاقًا، وَكَذَا بعد النَّفْي على مَذْهَب الْجُمْهُور والمبرد. الحكم الْمَنْسُوب (إِلَى الْمَجْمُوع قد يقْصد انتسابه إِلَى كل فَرد كَقَوْلِك: جَاءَنِي الرِّجَال، وَقد لَا يقْصد كَقَوْلِك: حملت الرِّجَال الْخشب. النّسَب الصَّالِحَة) للنَّفْي وَالْإِثْبَات دَاخِلَة فِي مفهومات الْأَفْعَال دون الْأَسْمَاء، وَلذَلِك كَانَ ل

(هَل) مزِيد اخْتِصَاص، أَي ارتباط وَتعلق بالأفعال دون الْهمزَة. مَا يَدُوم وَيسْتَمر كالإيمان وَالتَّقوى وَالْهدى وَأَشْبَاه ذَلِك جَاءَ فِي الْقُرْآن بِالِاسْمِ فَقَط، وَمَا يَتَجَدَّد وَيَنْقَطِع جَاءَ بالاستعمالين نَحْو: {يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت ومخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} . القَوْل بِأَن الْعَام إِذا وَقع فِي حيّز النَّفْي يقْصد بِهِ نفي الْعُمُوم لما اشْتهر من أَن النَّفْي يتَوَجَّه إِلَى قيد الْكَلَام لَا إِلَى أَصله لَيْسَ ذَلِك كلياً، أَلا يرى إِلَى عُمُوم قَوْله تَعَالَى: {إِن الله لَا يحب كل مختال فخور} . الْجِنْس قد يكون بِغَيْر لَام التَّعْرِيف كَقَوْل الْأَعْمَى: يَا رجلا خُذ بيَدي، لكنه يكون للفرد حَقِيقَة وللجنس حَقِيقَة، وَإِذا دخل اللَّام لم يبْق للفرد حَقِيقَة فَكَانَ عمل اللَّام فِي التمحض للْجِنْس. الْأَسْمَاء لَا تدل على مدلولاتها لذاتها، إِذْ لَا مُنَاسبَة بَين الِاسْم والمسمى، وَلذَلِك يجوز اختلافها باخْتلَاف الِاسْم، بِخِلَاف الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة فَإِنَّهَا تدل لذاتها وَلَا يجوز اختلافها. وَأما اللُّغَة فَإِنَّهَا تدل بِوَضْع واصطلاح. فِي تَفْضِيل جنس على جنس لَا حَاجَة لتفضيل جَمِيع أَفْرَاد الأول على جَمِيع أَفْرَاد الثَّانِي، بل يَكْفِي تَفْضِيل فَرد من الأول على جَمِيع أَفْرَاد الثَّانِي. مَا اشْتهر من اسْتِحَالَة ظرفية الشَّيْء لنَفسِهِ فَإِنَّمَا هِيَ فِي ظرفيته للمجموع، وَيجوز كَونه ظرفا لأجزاء الْمَجْمُوع على الِانْفِرَاد. اجراء الْأَكْثَر مجْرى الْكل إِنَّمَا يجوز فِي الصُّورَة الَّتِي يكون الْخَارِج عَن الحكم حَقِيرًا قَلِيل الْقدر فَيجْعَل وجوده كَعَدَمِهِ وَيحكم على الْبَاقِي بِحكم الْكل. فَاعل الْفِعْل قد يحذف مَعَ فعله وَلَا يحذف وَحده مثل: (نعم) فِي جَوَاب (هَل قَامَ زيد) ، بِخِلَاف فَاعل الْمصدر فَإِنَّهُ يحذف وَحده كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أَو إطْعَام فِي يَوْم ذِي مسغبة} . فرقٌ بَين (مَا أَنا قلت هَذَا) و (أَنا مَا قلت هَذَا) فَإِن الأول لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي نفي التَّخْصِيص، وَالثَّانِي قد يسْتَعْمل للتقوي، وَقد يسْتَعْمل للتخصيص. الْأَعْلَام لِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا وَكَون الخفة مَطْلُوبَة فِيهَا يَكْفِي فِي تثنيتها وَجَمعهَا مُجَرّد الِاشْتِرَاك فِي الِاسْم خلاف أَسمَاء الْأَجْنَاس. الْحَد الدوري لَا يُفِيد معرفَة أصلا لاستلزامه الْمحَال، والمطرد قد يُفِيد معرفَة بوجهٍ مَا، وَكَذَا غير المطرد، وَلذَلِك جوز جمَاعَة فِي التعريفات النَّاقِصَة أَن يكون أَعم أَو أخص، فالأعم لَا يكون مطرداً، والأخص لَا يكون منعكساً. الْعِلَل الشَّرْعِيَّة مُغَايرَة للعلل الْعَقْلِيَّة حَيْثُ يجوز انفكاكها عَن معلولاتها. أَلا يرى أَن العقد يتراخى إِلَى وجود الْمَنَافِع سَاعَة فساعة بِخِلَاف الْعِلَل الْعَقْلِيَّة فَإِن الانكسار لَا يَصح انفكاكه عَن الْكسر. جَمِيع مَا ذكر فِي التَّعْرِيف لَا يجب أَن يكون

للِاحْتِرَاز بل يجوز أَن يكون بعضه لبَيَان الْوَاقِع. لَا يجوز تَفْسِير الشَّيْء بِنَفسِهِ كَمَا لَا يجوز بِمَا يكون فِي مَعْنَاهُ إِلَّا إِذا كَانَ لفظا مرادفاً أجلى. [فَحِينَئِذٍ جَازَ تَفْسِير الشَّيْء بِمَا يكون فِي مَعْنَاهُ] . (فعلنَا مَعًا) يُفِيد الِاجْتِمَاع فِي حَال الْفِعْل، و (فعلنَا جَمِيعًا) بِمَعْنى كلنا، سَوَاء أجتمعوا أم لَا. المجازيات غير مُعْتَبرَة فِي التعريفات خُصُوصا إِذا كَانَت الْقَرِينَة منتفية. مُمَيّز (كم) الاستفهامية يكون مَنْصُوبًا مُفردا اعْتِبَارا بأوسط أَحْوَال الْعدَد. وَإِذا وَقع الْمُفْرد الْمَنْصُوب مَعَ الْجُمْلَة لم يَصح مَعَه الْوَاو، وَقَوله تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُم سُكارى} وَاقع موقع الْجُمْلَة وَالْوَاو جَمِيعًا فصح عطف {وَلَا جنبا} عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قيل: لَا تقربُوا سكارى وَلَا جنبا. لفظ (غير) أظهر فِي معنى الِاسْتِثْنَاء من جِهَة أَن دلَالَته بالاستقلال لكَونه اسْما. الْمجَاز ملزوم لقَرِينَة معاندة لإرادته أَي مُنَافِيَة لَهُ، وملزوم معاند الشَّيْء معاند لذَلِك الشَّيْء (أَي: منافٍ لَهُ) . وزان الْحَرْف من الِاسْم كالجماد بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْآدَمِيّ. ووزان الْفِعْل من الِاسْم كالحيوان من الآدمى. الْمُبْتَدَأ الدَّال على مُتَعَدد كالاختصار والاصطلاح والبينية لَا يَكْتَفِي بِالِاسْمِ الْمُفْرد. إِدْخَال الْهمزَة على الْجَزَاء لَا لإنكار ترقبه على الشَّرْط بل لترتب الْإِنْكَار عَلَيْهِ. اسْتِعْمَال الْمصدر فِي الْمَعْنى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ اسْتِعْمَال الشَّيْء فِي لَازم مَعْنَاهُ. كَون الأَصْل فِي (إِذا) كالجزم هُوَ النُّكْتَة فِي تَغْلِيب الْمَاضِي مَعَ (إِذا) إِلَى الْمُسْتَقْبل. حذف حرف الْجَرّ قِيَاس مَعَ (إنَّ) و (أنَّ) شَاذ كثير مَعَ غَيرهمَا. وَحذف العاطف لم يثبت إِلَّا نَادرا. مزج حرف النَّفْي بِمَا لَيْسَ من شَأْنه النَّفْي يدل على نفي ذَاته. دُخُول (مِن) التفضيلية على غير الْمفضل عَلَيْهِ شَائِع فِي كَلَام المولدين، وَمِنْه (أظهر من أَن يخفى) يَعْنِي أَي: من أَمر ذِي خَفَاء. (أَو) فِي الْحُدُود الَّتِي ذكرت فِيهَا لَيْسَ للترديد بل للتقسيم أيّ أياً مَا كَانَ من الْقسمَيْنِ الْمَذْكُورين فِي هَذَا الْحَد فَهُوَ من الْحُدُود. حَرَكَة التَّرْكِيب لَازِمَة، وحركة المنقوص عارضة، وَاللَّازِم أثقل من الْعَارِض. حذف ضمير الْمَوْصُول إِذا كَانَ مَنْصُوبًا شَائِع كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء} . (إِذا) المفاجأة لَا تدخل إِلَّا على الْجُمْلَة الاسمية غَالِبا. أَلْفَاظ التَّأْكِيد متحدة الْمعَانِي. وألفاظ الصِّفَات مُتعَدِّدَة الْمعَانِي.

جَمِيع مَا جَازَ فِي (مَا) يجوز فِي (لَيْسَ) ، وَلَا يجوز فِي (مَا) جَمِيع مَا جَازَ فِي (لَيْسَ) لقُوَّة (لَيْسَ) فِي بَابهَا بالفعلية. جَعْل الضَّمِير الْمُضمر الْمُبْهم فَاعل الْفِعْل ثمَّ إِبْدَال الِاسْم الْمظهر مِنْهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وأسروا النَّجْوَى} قَلِيل فِي كَلَام الْعَرَب. لَا يَجِيء أَمر حَاضر من صِيغَة الْمُتَكَلّم، إِذْ الشَّيْء الْوَاحِد لَا يكون آمراً ومأموراً. وَأما مثل قَوْلهم: (فلنقدم ولنمثل) فَإِنَّهُ كِنَايَة عَن الْجد لتَحْصِيل الْمَطْلُوب. ضَرُورَة الشّعْر تبيح كثيرا مِمَّا يحظره النثر وَاسْتِعْمَال مَا لَا يسوغ اسْتِعْمَاله فِي حَال الِاخْتِيَار وَالسعَة. الْعَامِل إِن أُعِيد لَفظه مَعَ حرف الْعَطف دلّ على كَمَال الِانْقِطَاع بَينه وَبَين الْمَعْطُوف عَلَيْهِ. المفاجأة إِنَّمَا يتَصَوَّر فِيمَا لَا يكون مترقباً بل يحصل بَغْتَة بِلَا ترقب. القَوْل بِأَن الْخَبَر لَا بُد أَن يحْتَمل الصدْق وَالْكذب غلط من بَاب اشْتِرَاك اللَّفْظ. الْفَاعِل الظَّاهِر كلمة وَالْفِعْل كلمة أُخْرَى. وَالْفَاعِل الْمُضمر وَالْفِعْل كلمة وَاحِدَة. ثقل الرّفْع مواز لقلَّة الْفَاعِل. وخفة النصب موازية لِكَثْرَة الْمَفْعُول، (كَمَا أَن كَثْرَة ممارسة الْخَفِيف موازية لقلَّة ممارسة الثقيل) . لَا يجوز فِي كَلَام وَاحِد أَن يُخَاطب اثْنَان أَو أَكثر من غير عطف أَو تَثْنِيَة أَو جمع. أدوات الشَّرْط تعْمل فِي الْأَفْعَال الْجَزْم، وَالْأَفْعَال تعْمل فِيهَا النصب. (لَا) النافية للْجِنْس إِذا دخلت عَلَيْهَا الْهمزَة وَصَارَت لِلتَّمَنِّي فَإِن عَملهَا بَاقٍ. الْأَقَاوِيل فِيمَا اسْتثْنى أَشْيَاء كَثِيرَة، وَلذَلِك قَالَ صَاحب " التِّبْيَان ": الله أعلم مستثناه. تَوَابِع الْجمع إِذا لم تكن من الاعداد لزم أَن تكون مُؤَنّثَة، وَأما إِذا كَانَت من الْأَعْدَاد فتذكيرها وتأنيثها تابعان لتذكير وَاحِد ذَلِك الْجمع وتأنيثه لَا لنَفس لفظ الْجمع. يجوز أَن يتَقَدَّم خبر الْمُبْتَدَأ على الْمُبْتَدَأ وَإِن لم يكن ظرفا نَحْو (تميمي أَنا) بِخِلَاف خبر (إنَّ) فَإِنَّهُ لَا يجوز تقدمه على اسْمه فِي غير الظّرْف: {إِن إِلَيْنَا إيابهم} . ظروف الزَّمَان كلهَا مبهمها وموقتها يقبل النصب بِتَقْدِير (فِي) . وَأما ظرف الْمَكَان فَإِنَّهُ إِذا كَانَ مُبْهما يقبل ذَلِك وَإِلَّا فَلَا. جَمِيع مَا لَا ينْصَرف يجوز صرفه للضَّرُورَة فِي الشّعْر إِلَّا مَا كَانَ فِي آخِره ألف التَّأْنِيث الْمَقْصُورَة لِأَنَّهُ لَا ينْتَفع بصرفه. إِذا وَقع الْإِشْكَال فِي الْفَاعِل وَالْمَفْعُول لم يجز تَقْدِيم الْمَفْعُول كَقَوْلِك: ضرب مُوسَى عِيسَى.

الْعَرَب تراعي الْمَعْنى الْمُؤَنَّث وَلَا تراعي اللَّفْظ الْمُذكر تَقول. (تواضعت سور الْمَدِينَة) . وَمثله كثير. لَا يقوى الْفِعْل بِاللَّامِ إِلَّا إِذا قدم مَفْعُوله فَيُقَال: لَزيداً ضربت. كَون الشَّخْص سريانياً لَا يسْتَلْزم أَن يكون اسْمه عجمياً سريانياً إِذْ يجوز أَن يكون عَرَبيا، كَمَا أَن كثيرا من أَسمَاء النَّبِي الْعَرَبِيّ سريانية. لَا يُفِيد الْحَرْف مَعَ الِاسْم إِلَّا فِي موطن وَاحِد وَهُوَ النداء خَاصَّة لنيابة الْحَرْف فِيهِ عَن الْفِعْل، لذَلِك ساغت فِيهِ الإمالة. شَرط الأضداد أَن يكون اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي الْمَعْنيين فِي لُغَة وَاحِدَة. لَا خير فِي تعدد الْمَفْعُول لَهُ لِأَن الْفِعْل يُعلل بعلل شَتَّى. شَرط بَاب التَّنَازُع إِمْكَان تسليط العاملين السَّابِقين على الْمَعْمُول من جِهَة الْمَعْنى لَا من جِهَة اللَّفْظ. قد ثَبت أَن الْمُشْتَقّ يجب أَن يكون لَفظه مُخَالفا للفظ الْمُشْتَقّ مِنْهُ كالفعل والمصدر. الْفِعْل كَمَا ينزل منزلَة اللَّازِم بِقطع النّظر عَن الْمَفْعُول بِلَا وَاسِطَة، كَذَلِك ينزل منزلَة اللَّازِم بِقطع النّظر عَن الْمَفْعُول بِوَاسِطَة. الموصولات لم تُوضَع للْعُمُوم بل هِيَ للْجِنْس يحْتَمل الْعُمُوم وَالْخُصُوص. النصب على الِاسْتِثْنَاء إِنَّمَا هُوَ بِسَبَب التَّشْبِيه بالمفعول، لَا بِالْأَصَالَةِ، وبواسطة (إِلَّا) ، وَأما إِعْرَاب الْبَدَل فَهُوَ بِالْأَصَالَةِ وَبِغير وَاسِطَة. إِذا قلت مثلا: كل الرِّجَال، فَاللَّام تفِيد استغراق كل مرتبَة من مَرَاتِب جمع الرِّجَال، و (كل) تفِيد استغراق الْآحَاد. الارتباط بَين الْمُفْردَات يَقْتَضِي الارتباط بَين الجملتين بِدُونِ الْعَكْس. لَيْسَ فِي أَقسَام الجموع مَعْهُود يُمكن صرفهَا إِلَيْهِ لِأَن الْجمع مَا يوضع لمعدود معِين، بل هُوَ شَائِع كالنكرة. ذكر الْوَصْف فِي الاثبات يَقْتَضِي النَّفْي عَن غير الْمَذْكُور، وَفِي النَّفْي يَقْتَضِي الْإِثْبَات لَهُ لِئَلَّا يَلْغُو ذكره. الشَّيْء إِنَّمَا يَنُوب عَن غَيره إِذا كَانَ مثله أَو فَوْقه. الشَّرْط مَعَ اللَّام الموطئة يلْزمه الْمُضِيّ لفظا نَحْو: {وَلَئِن أَصَابَكُم} الترديد وَالتَّفْصِيل إِنَّمَا يُنَاسب مقَام الْإِثْبَات دون النَّفْي. الْغَالِب فِي تعليلات الْأَحْكَام هُوَ اللَّام. الْعَهْد كَمَا يكون بِلَفْظ سبق يكون بِلَفْظ مُخَالف لَهُ، تَقول: (مَرَرْت ببني فلَان فَلم يقروني وَالْقَوْم لئام) . الْخَبَر لَا ينْحَصر فِيمَا يقْصد بِهِ الْفَائِدَة أَو لازمها، فَرُبمَا يقْصد بِهِ التحسر أَو التوجع إِلَى غير ذَلِك. لَا يُوصف من بَين الموصولات، إِلَّا بِالَّذِي وَحده.

اشْتِمَال الصِّفَات على معنى النّسَب مَقْصُور على أوزان خَاصَّة (فعال) و (فعل) و (فَاعل) . دُخُول تَنْوِين التَّمَكُّن للْفرق بَين مَا ينْصَرف وَمَا لَا ينْصَرف. وَدخُول تَنْوِين التنكير للْفرق بَين النكرَة والمعرفة من المبنيات. (مَا) الموصولة مَعَ الصِّلَة فِي تَأْوِيل الْمُفْرد فَجَاز إبدالها مِنْهُ، وَلَا كَذَلِك الموصوفة. الْمصدر الْمَوْضُوع مَوضِع اسْم الْفَاعِل أَو اسْم الْمَفْعُول لَا يطرَّد بل يقْتَصر على مَا سمع من الْعَرَب. قدم الْمَنْصُوب على الْمَرْفُوع فِي (إنّ) وَأَخَوَاتهَا حطاً لَهَا عَن دَرَجَة الْأَفْعَال لكَونهَا فرعا عَن الْأَفْعَال. لَا يجوز ترك العاطف الْبَتَّةَ فِيمَا إِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ مُتَعَددًا حَقِيقَة وَالْخَبَر مُتَعَدد لفظا. يجوز ترك وصف النكرَة المبدلة من الْمعرفَة إِذا اسْتُفِيدَ من الْبَدَل مَا لَيْسَ من الْمُبدل مِنْهُ. لَا إِشْعَار فِي الْوَاو باستقلال كل جُزْء على حِدة وَلذَلِك آثروا كلمة (أَو) عَلَيْهَا عِنْد الْقَصْد إِلَى الْإِشْعَار الْمَذْكُور. يجوز أَن يسوى فِي (قريب) و (بعيد) و (قَلِيل) و (كثير) بَين الْمُذكر والمؤنث لورودها على زنة المصادر الَّتِي هِيَ نَحْو: الصهيل والنهيق. الشَّرْط إِذا كَانَ مَاضِيا جَازَ فِي جَزَائِهِ الْجَزْم وَالرَّفْع كَمَا فِي قَوْله: (وإنْ أَتَاه خليلٌ يومَ مَسْغَبَةٍ ... يقولُ لَا غائبُ مَالِي وَلَا حَرَمٌ) قَالَ التَّفْتَازَانِيّ: رفع الْمُضَارع فِي الْجَزَاء شَاذ كرفعه فِي الشَّرْط، نَص عَلَيْهِ الْمبرد، وَشهد بِهِ الِاسْتِعْمَال حَيْثُ لَا يُوجد إِلَّا فِي ذَلِك الْبَيْت. فِي ترك العاطف بَين الْأَخْبَار تَنْبِيه على أَن الْمَجْمُوع بِحَسب الْحَقِيقَة خبر وَاحِد، وَفِي مَجِيء الصِّفَات مسرودة إِشْعَار بالاستقلال. المُرَاد بِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال فِي كل وَاجِب الْحَذف هُوَ أَن الْوَاضِع وَضعه من أول الْأَمر على الْحَذف لعلمه بِأَنَّهُ سيكثر وُقُوعه فِي لسانهم، لَا أَنه اسْتعْمل بِالذكر فَكثر وُقُوعه فِي لسانهم ثمَّ حذف. الْعَطف لَا يَقْتَضِي اسْتِقْلَال الْمَعْطُوف فِي حكم الْمَعْطُوف عَلَيْهِ لجَوَاز أَن يكون للربط بَينهمَا كَمَا فِي قَوْلنَا: (السكنجبين خلٌ وَعسل) . الْفَاعِل إِن اشْتَمَل على ضمير يعود إِلَى الْمَفْعُول يمْتَنع تَقْدِيمه على الْمَفْعُول عِنْد الْأَكْثَر وَإِن كَانَ مقدما عَلَيْهِ فِي النِّيَّة. حكم أَئِمَّة الْأُصُول بِبُطْلَان الجمعية عَن الْجمع الْمحلى بِاللَّامِ وصيرورته مجَازًا عَن الْجِنْس حَيْثُ لَا يَصح الِاسْتِغْرَاق لَا لانتساب الْأَحْكَام إِلَى كل فَرد من الْأَفْرَاد. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لَا يَأْتِي الْمصدر على الْمَفْعُول الْبَتَّةَ وَإِنَّمَا هُوَ صفة، وَأما الْمَعْقُول فَكَأَنَّهُ عقل لَهُ شَيْء أَي: حبس وَشد. الْأَحْسَن فِي جَوَاب (لَو) أَن يكون مَاضِيا، وَخَالف الزَّمَخْشَرِيّ السّلف فِي تَجْوِيز الاسمية،

وَأما إِذا كَانَ (لَو) بِمَعْنى (إِن) فَحِينَئِذٍ يكون الْجَواب اسمية بِلَا فَاء كَمَا فِي " الْمُغنِي ". إِذا توسطت كلمة (أَنْ) بَين (لما) وَالْفِعْل دلّت على أَن الْفِعْل كَانَ فِيهِ تراخ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا أَن جَاءَ البشير أَلْقَاهُ على وَجهه} . الْمصدر يُطلق على المتعدد الَّذِي فَوق الِاثْنَيْنِ وَلَا يُطلق على المتعدد الَّذِي هُوَ الِاثْنَان. حق الْأَحْكَام أَن تُضَاف إِلَى الْأَفْعَال وتنسب كثيرا إِلَى الْأَعْيَان مجَازًا فِي الْمسند إِلَيْهِ نَحْو: (حرم الْميتَة وَمَال الْغَيْر) أَي: أكلهما. نَص سِيبَوَيْهٍ على أَن الْعَرَب تَأتي بجموع لم تنطق بواحدها كعباديد. (لَا) التبرئة لَا يَقع عَلَيْهَا خافض وَلَا غَيره لِأَنَّهَا أَدَاة، وَلَا تقع أَدَاة على أَدَاة. الْوَاو فِي مثل قَوْلهم: (وَلَو خطأ) للْحَال، وَالْعَامِل فِيهَا مَا تقدم من الْكَلَام. هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ صَاحب " الْكَشَّاف " وَعَلِيهِ الْجُمْهُور. الْخَبَر لَا يجب أَن يكون ثَابتا فِي نَفسه كَمَا فِي الْأَخْبَار الثَّابِتَة على شَيْء مُسْتَحِيل. اللَّام الجارة إِذا اتَّصَلت بالضمير غير الْيَاء بنيت على النصب ك (لَهم) . اسْم الْمصدر يَقع على الْمَفْعُول: يُقَال فِي الدُّعَاء: اللَّهُمَّ اغْفِر علمك فِينَا. أَي: معلومك. الْمَقْصُود فِي (كَانَ زيد قَائِما) بَيَان تعلق الْكَوْن وَتعلق التَّصْدِيق بالكون لَا بمتعلقه. كَون اللَّفْظ مَوْضُوعا لِمَعْنى لَا يَقْتَضِي أَن يكون حَاصِلا بِنَفسِهِ كالحروف. وضع الشَّيْء مَوضِع الشَّيْء أَو إِقَامَته مقَامه لَا يُؤْخَذ بِقِيَاس بل يقْتَصر على مَا سمع. كَون (كل) مُضَافا إِلَى الْمعرفَة لإحاطة الْأَجْزَاء دون الْأَفْرَاد أغلبي. اسْتِمْرَار التجدد إِنَّمَا يكون فِي الْمُضَارع إِذا كَانَ هُنَاكَ قرينَة دون الْمَاضِي. (كل) و (أجمع) لَا يُؤَكد بهما إِلَّا ذُو أَجزَاء يَصح افتراقها حسا أَو حكما. تَقْدِيم مفعول (أفعل) التَّفْضِيل توسعٌ صرح بِهِ صدر الأفاضل وَإِن أَبَاهُ النحويون. الْفِعْل الْمسند إِلَى مؤنث وَاقع بعد (إِلَّا) لَا يلْحقهُ تَاء التَّأْنِيث إِلَّا لضَرُورَة وعَلى قلَّة. الْفَصْل بَين الصّفة والموصوف لَيْسَ بممنوع مُطلقًا بل فِي صفة دون صفة. البادي بِالْفِعْلِ فِي فَاعل مَعْلُوم أَنه الْفَاعِل، وَفِي (تفَاعل) غير مَعْلُوم. قَالَ أَبُو حَيَّان: الْأَصَح أَنه لَا يعْمل عَامل وَاحِد فِي حَالين بِلَا عطف إِلَّا أفعل التَّفْضِيل. اسْم الْجِنْس الجمعي إِذا زيد عَلَيْهِ التَّاء نقص مَعْنَاهُ وَصَارَ وَاحِدًا كتمر وَتَمْرَة، ونبق ونبقة. اللَّام الَّتِي بِمَعْنى الْمَوْصُول لَا تدخل إِلَّا على صُورَة الِاسْم بِمَعْنى الْفِعْل. الْمجَاز فِي الحكم إِنَّمَا يكون بِصَرْف النِّسْبَة عَن محلهَا الْأَصْلِيّ إِلَى مَحل آخر لأجل مُلَابسَة بَين المحلين. السِّين فرع (سَوف) فَمن اسْتعْمل سَوف نظر إِلَى الأَصْل، وَمن اسْتعْمل السِّين نظر إِلَى الإيجاز

والاختصار. الدَّال على النَّوْع لَا يُفِيد الْأَنْوَاع الْمُخْتَلفَة أصلا سَوَاء جمع أم ل يجمع. وَالدَّال على الْجِنْس مشْعر بالاختلاف. الْعَرَب تعطف الشَّيْء على الشَّيْء بِفعل ينْفَرد بِهِ أَحدهمَا وَمِنْه: (علفتها تبناً وَمَاء بَارِدًا ... ) الصّفة المشبهة لَا تكون إِلَّا لَازِمَة وَمَا مثل (النصير) فَهُوَ اسْم فَاعل. الْجِنْس الَّذِي يتَنَاوَل الِاسْتِغْرَاق والعهد الذهْنِي هُوَ الْجِنْس الَّذِي فِي ضمن الْأَفْرَاد الْغَيْر معهودة. قد جمع مطرد بِالْألف وَالتَّاء مُذَكّر غير عَاقل كالخيول الصافنات، وَالْأَيَّام الخاليات. الصَّحِيح أَن الْوَاقِع بعد اسْم الْإِشَارَة الْمُقَارن ل (ال) إِن كَانَ مشتقاً كَانَ صفة وَإِلَّا كَانَ بَدَلا. إِذا أُرِيد التَّسَاوِي بَين الْأَقَل وَالْأَكْثَر يجب تَقْدِيم خبر كَانَ على اسْمهَا. القَوْل بِأَن مصَادر الثلاثي غير الْمَزِيد لَا تنقاس لَيْسَ بِصَحِيح بل لَهَا مصَادر منقاسة ذكرهَا النحويون. مَذْهَب الْبَصرِيين أَن التَّضْمِين لَا يُقَاس وَإِنَّمَا يُصَار إِلَيْهِ عِنْد الضَّرُورَة. يَصح عطف الْمُفَسّر على الْمُفَسّر بِاعْتِبَار الِاتِّحَاد النوعي والتغاير الشخصي. فِي إِضَافَة جُزْء إِلَى كُله يَصح تَقْدِير اللَّام كَمَا يَصح تَقْدِير (مِنْ) التبعيضية مثل: يَد لزيد وَمن زيد. حرف التَّنْفِيس يعْمل مَا بعده فِيمَا قبله وَهُوَ الصَّحِيح. تَقول: زيدا سأضرب وسوف أضْرب. الحكم الْمُضَاف إِلَى مُشْتَقّ يكون مَأْخَذ اشتقاقه مناطاً لذَلِك الحكم. اسْم الْمَفْعُول يُعَامل مُعَاملَة الصّفة المشبهة فِي إِضَافَته إِلَى الْمَرْفُوع. لَا تدخل الْهَاء فِي تَصْغِير مَا يكون لغير الْآدَمِيّين كإبل للُزُوم تأنيثه. أَمر المواجهة لَا يُجَاب بِلَفْظَة الْغَيْبَة إِذا كَانَ الْفَاعِل وَاحِدًا. الْفِعْل إِذا أُوِّل بِالْمَصْدَرِ لَا يكون لَهُ دلَالَة على الِاسْتِقْبَال. الشَّرْط فِي الْمِثَال أَن يكون على وفْق الممثل لَهُ من الْجِهَة الَّتِي تعلق بهَا التَّمْثِيل كَمَا فِي: زيد أَسد. تحمل اللَّام على الزِّيَادَة للتزيين فِيمَا إِذا لم يكن الْحمل على الإفادة بِوَاحِد من مَعَانِيهَا. إِذا حُذف مفعول الْمَشِيئَة بعد (لَو) فَهُوَ مَذْكُور فِي جوابها أبدا. إِذا دخل على الْمُضَارع لَام الِابْتِدَاء خلص للْحَال كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنِّي ليحزنني أَن تذْهبُوا} . فِي كلمة (قد) الَّتِي للتقليل لَا بُد أَن يكون الْمَذْكُور أقل من الْمَتْرُوك. الظّرْف يعْمل فِي الظّرْف إِذا كَانَ مُتَعَلقا بِمَحْذُوف لوُقُوعه موقع مَا يعْمل نَحْو: كل يَوْم لَك ثوب.

الْكَلَام الْمصدر بِحرف التعقيب بعد الْأَمر المتردد يَنْبَغِي أَن يتَعَلَّق بكلا قسمي الترديد أَو بالشق الَّذِي يَلِيهِ. نَص النُّحَاة على امْتنَاع تَأْكِيد الْمَوْصُول قبل تَمام صلته. الْجُمْلَة المستأنفة المقرونة بِالْوَاو العاطفة لَا تكون إِلَّا مُعْتَرضَة أَو مذيلة. لَا يجوز اجْتِمَاع آلتي التَّعْلِيل فَفِي مثل قَوْلهم: (فَلذَلِك) الْفَاء نتيجة وَاللَّام للتَّعْلِيل. (مفعال) للمؤنث يكون بِغَيْر هَاء لِأَنَّهُ غير جَار على الْفِعْل. يُقَال: امْرَأَة مذكار بِغَيْر هَاء. انْتِفَاء الشَّيْء من الشَّيْء قد يكون لكَونه لَا يُمكن مِنْهُ عقلا، وَقد يكون لكَونه لَا يَقع مِنْهُ مَعَ إِمْكَانه. يضارع (أفْعَل مِنْ) الْمعرفَة فِي امْتنَاع دُخُول اللَّام فِيهِ. حَذْف (مِن) من أفعل التَّفْضِيل يحْتَاج إِلَى ذكر الْمفضل عَلَيْهِ سَابِقًا كَقَوْلِه تَعَالَى: {يعلم السِّرّ وأخفى} . كلمة (مَا) إِذا اتَّصل بِهِ الْفِعْل صَار فِي تَأْوِيل الْمصدر نَحْو قَوْله تَعَالَى: {بِمَا ظلمُوا} أَي: بظلمهم. الْمُعَرّف بلام الْجِنْس وَإِن كَانَ مركبا حَقِيقَة لكنه مُفْرد حكما. الْمجَاز أقوى وأكمل فِي الدّلَالَة على مَا أُرِيد بِهِ من الْحَقِيقَة على مَا أُرِيد بهَا. لَا يعْتَرض بَين متلازمين دون نُكْتَة. اللَّام الَّتِي للقصد هِيَ لِلْعِلَّةِ الغائية، وَالَّتِي للتَّعْلِيل هِيَ لِلْعِلَّةِ الفاعلية. الْعَرَب لَا تصغر بِالْألف إِلَّا كَلِمَتَيْنِ: دَابَّة - دوابة، وهدهد - هداهد. جَمِيع المنصوبات يجوز حذفهَا سوى خبر كَانَ وَاسم (إِن) . الْأَيَّام كلهَا تثنى وَتجمع إِلَّا الِاثْنَيْنِ فَإِنَّهُ تَثْنِيَة. إِدْخَال (لَا) النافية فِي فعل الْقسم للتَّأْكِيد شَائِع فِي كَلَامهم نَحْو: لَا أقسم. لَا مَحْذُور فِي عطف الْجُمْلَة على الْمُفْرد وَلَا فِي الْعَكْس بل يحسن ذَلِك إِذا روعي فِيهِ نُكْتَة. القَسَم لَا يدْخل على الْمُضَارع إِلَّا مَعَ النُّون الْمُؤَكّدَة. الْمُطلق يجْرِي على إِطْلَاقه إِذا لم يكن مَعَه مَا يدل على تَقْيِيده. يجوز فِيمَا أسْند إِلَى الظَّاهِر من الجموع وَغَيرهَا التَّذْكِير والتأنيث من غير تَرْجِيح كَقَوْلِه تَعَالَى: {قَالَت الْأَعْرَاب} ، و {قَالَ نسْوَة} . النِّسْبَة الاضافية تفهم من ظَاهر الْهَيْئَة التركيبية الَّتِي فِي (عبد الله) . وَالنِّسْبَة التعليقية الَّتِي تكون بَين الْفِعْل الْمَفْهُوم تفهم من ظَاهر الْهَيْئَة التركيبية الَّتِي فِي (تأبط شرا) . الْكُلِّي مَا لم يُلَاحظ أَفْرَاده مجتمعة وَلم تصر أَجزَاء بِحَيْثُ يَصح افتراقها حسا كالقول، أَو حكما كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرى لَا يَصح تأكيده بِكُل وَأجْمع.

الشَّيْء إِذا عظم أمره يُوصف باسم جنسه، يُقَال: هَذَا المَال وَذَاكَ الرجل تَنْبِيها على كَمَاله. وضع (ذُو) إِنَّمَا هُوَ للتوسل إِلَى الْوَصْف بأسماء الْأَجْنَاس سَوَاء أَكَانَت نكرَة أَو معرفَة. الصّفة الْعَامَّة لَا تَأتي بعد الصّفة الْخَاصَّة، فَلَا يُقَال: رجل فصيح مُتَكَلم، وَإِنَّمَا يُقَال: مُتَكَلم فصيح. وَقَوله تَعَالَى فِي إِسْمَاعِيل: {وَكَانَ رَسُولا نَبيا} أَي: مُرْسلا فِي حَال نبوته. الْجَزْم فِي الْأَفْعَال بِمَنْزِلَة الْجَرّ فِي الْأَسْمَاء مَعْنَاهُ أَن الْمُضَارع لما أشبه الِاسْم أعرب بِالرَّفْع وَالنّصب وَتعذر الْجَرّ فَجعل الْجَزْم عوضا عَنهُ. حذف فعل الشَّرْط وأداته مَعًا وإبقاء الْجَواب مِمَّا نوزع فِي صِحَّته. الْفِعْل الْوَاحِد ينْسب إِلَى فاعلين باعتبارين مُخْتَلفين نَحْو قَوْلك: أغناني زيد وعطاؤه. جَازَ إجتماع علامتي تَأْنِيث فِي (اثْنَتَيْ عشرَة) لِأَنَّهَا فِي شَيْئَيْنِ. الترجي يَسْتَدْعِي إِمْكَان مُتَعَلق مَعْنَاهُ لَا إِمْكَان الْمَطْلُوب. ذهب عُلَمَاء الْبَيَان إِلَى أَن مُتَعَلق الظّرْف إِذا كَانَ من الْأَفْعَال الْعَامَّة فَلَا حَاجَة إِلَى تَقْدِيره فِي نظم الْكَلَام. لَا يعْمل فِي الِاسْتِفْهَام مَا قبله من العوامل اللفظية إِلَّا حرف الْجَرّ لِئَلَّا يخرج عَن حكم الصَّدْر. الْمُضَارع لَيْسَ بموضوع للاستقبال بل هُوَ حَقِيقَة فِي الْحَال ومجاز فِي الِاسْتِقْبَال نَحْو: {تالله لأكيدن أصنامكم} . (لَو) تَجِيء بِمَعْنى (إِن) وَحِينَئِذٍ يصير جَوَابه اسمية بِلَا فَاء؛ (وَلَو فعل لَا شَيْء عَلَيْهِ) . شَرط الْفَاء الفصيحة أَن يكون الْمَحْذُوف سَببا للمذكور. التَّعَدُّد فِي الْمُبين يسْتَلْزم التَّعَدُّد فِي الْمُبين وَلِهَذَا ذكرُوا الْوَاو دون (أَو) إِذْ بَيَان الْمثنى بِأحد الشَّيْئَيْنِ غير صَحِيح. الْبَاء الزَّائِدَة لَا تمنع من عمل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَمَا أَنْت بِنِعْمَة رَبك بكاهن} . إِذا اكدت الضَّمِير الْمَنْصُوب قلت: (أرأيتك أَنْت) ، وَإِذا أبدلت مِنْهُ قلت: (أرأيتك إياك) . إِن تعدى اللَّازِم بِحرف جر أَو ظرف جَازَ بِنَاء اسْم الْمَفْعُول مِنْهُ نَحْو: {غير المغضوب عَلَيْهِم} و (زيد منطلق) . اخْتِلَاف عَامل الْحَال وذيها جَائِز عِنْد مجوز الْحَال من الْمُبْتَدَأ وَهُوَ سِيبَوَيْهٍ وَأَتْبَاعه. الْمصدر لَا يدل بصيغته على فَاعل وزمان. وَالْفِعْل الْمصدر بِأَن يدل عَلَيْهِمَا. الْعدَد يجْرِي على تذكيره وتأنيثه على اللَّفْظ لَا على الْمَعْنى. اتّفق أَئِمَّة التَّفْسِير وَالْأُصُول والنحو على أَن الحكم فِي مثل: (الرِّجَال فعلوا كَذَا) على كل فَرد لَا على كل جمَاعَة. يتَنَاوَل الْمُفْرد فِي حكم الْمَنْفِيّ مَا لَا يتَنَاوَلهُ الْجمع فِيهِ وَكَذَا النكرَة.

قد منع سيبوه إِدْخَال الْفَاء فِي خبر (إنّ) لِأَن (إنّ) لَا تغير معنى الِابْتِدَاء بِخِلَاف لَيْت وَلَعَلَّ. صرح كثير من الْمُحَقِّقين بِأَن الْغَرَض من تَعْرِيف الشَّيْء قد يكون أَعم من الْمُعَرّف، وَكتب الأدباء مشحونة بذلك. وضع الظَّاهِر مَوضِع الْمُضمر إِنَّمَا يكون للتعظيم إِذا كَانَ الظَّاهِر مِمَّا يشْعر بالتعظيم كالألقاب المشعرة بالمدح. الزَّمَان مَوْجُود فِي وضع الْفِعْل، مَدْلُول عَلَيْهِ بِلَفْظِهِ تضمناً غير مفارق إِيَّاه بِحَال، بِخِلَاف الِاسْم فَإِنَّهُ لَا دلَالَة فِي نَفسه على الزَّمَان، وَلَا تعرض لَهُ إِلَّا فِي بعض المشتقات مَعَ أَنه بطرِيق الْعرُوض لَا الْوَضع واللزوم. اسْم التَّفْضِيل يعْمل فِي الظّرْف نَحْو: (زيد أفضل يَوْم الْجُمُعَة من عَمْرو) ، وَفِي الْحَال نَحْو: (زيد أفضل قَائِما من عَمْرو) ، وَفِي التَّمْيِيز نَحْو: {بالأخسرين أعمالا} من غير شُرُوط فِي هَذِه الصُّور، وَلَا يعْمل فِي الِاسْم الْمظهر إِلَّا بِشُرُوط. الْمَشْهُور أَن كلا من الْحَال والتمييز نكرَة، لَكِن الْمَفْهُوم من بعض الشُّرُوح جَوَاز أَن يكون التَّمْيِيز معرفَة عِنْد قوم، وَفِي " النِّهَايَة " الجزرية: أَن التَّمْيِيز يَجِيء كثيرا معرفَة، وَالْحَال الْمُؤَكّدَة يجوز أَن تكون معرفَة. قَالَه البهلوان. لحاق الْعَلامَة للْفرق بَين الْمُذكر والمؤنث فِي الصِّفَات هُوَ الأَصْل كصالح وصالحة وكريم وكريمة، وَأما حَائِض وَطَالِق ومرضع وَامْرَأَة عاتق وناقة بازل فعلى تَأْوِيل شخص أَو شَيْء. يجوز الْفَصْل بَين الْمُبْتَدَأ ومعموله بالْخبر فِيمَا إِذا كَانَ الْخَبَر مَعْمُولا لَهُ لَا للمبتدأ حَقِيقَة مثل: (الْحَمد لله حَمْد الشَّاكِرِينَ) . وَقد حقق الشريف عدم جَوَازه وَإِن كَانَ مَعْمُولا لَهُ فِي الْحَقِيقَة. قد يكون الشَّرْط وَسَائِر الْقُيُود قيدا لمضمون الْكَلَام الخبري أَو الإنشائي، وَقد يكون قيدا للإخبار والإعلام بِهِ الخبري، ولطلبه وإيجابه فِي الْأَمر، ولمنعه وتحريمه فِي النَّهْي، وعَلى هَذَا الْقيَاس. توَسط حرف الْعَطف بَين شَيْئَيْنِ لَا يلْزم أَن يكون لعطف الثَّانِي على الأول، إِذْ مثل: (جَاءَنِي زيد الْعَالم والعاقل) لَيْسَ بعطف على التَّحْقِيق وَإِنَّمَا هُوَ بَاقٍ على مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الوصفية، وَحسن دُخُول العاطف لنَوْع من الشّبَه بالمعطوف لما بَينهمَا من التغاير. كلمة (على) للْوُجُوب فِي الْمَشْهُور عِنْد الْأُصُولِيِّينَ، وَقَالَ صَاحب " الْكَافِي ": حَقِيقَة (على) الاستعلاء، فَإِن تعذر تحمل على اللُّزُوم، فَإِن تعذر تحمل على الشَّرْط، وَقد تسْتَعْمل للاستحباب كَمَا هُوَ الْمَفْهُوم من مسَائِل الِاسْتِبْرَاء. من " الْهِدَايَة ". لفظ الذُّكُور الَّذِي يمتاز عَن الْإِنَاث بعلامة كالمسلمين و (فعلوا) وَنَحْو ذَلِك لَا يدْخل فِيهِ الْإِنَاث تبعا، خلافًا للحنابلة، وَمحل الْخلاف فِيمَا إِذا أطلق هَذَا اللَّفْظ بِلَا قرينَة، وَإِلَّا فَلَا نزاع بِحَسب الْمجَاز والتغليب كَقَوْلِه تَعَالَى: (وَكَانَت

من القانتين} . إِثْبَات الْجِنْس للمذكور لَا لغيره لَا يُنَافِي ثُبُوته للْغَيْر فِي نفس الْأَمر بِخِلَاف إِثْبَات جمع الْأَفْرَاد. المُرَاد بالثقيل فِي حُرُوف الْعلَّة الضَّعِيف لَا ضد الْخَفِيف، بِدَلِيل أَن الْألف أخف الْحُرُوف وَهِي لَا تتحرك. تَعْلِيق الْأَعْلَام على الْمعَانِي أقل من تَعْلِيقهَا على الْأَعْيَان لِأَن الْغَرَض مِنْهَا التَّعْرِيف. جَمِيع العوامل اللفظية تعْمل فِي الْحَال إِلَّا (كَانَ) وَأَخَوَاتهَا و (عَسى) على الْأَصَح. الحكم بِبِنَاء (إِذا) استدلالي من غير شَاهد الِاسْتِعْمَال، بِخِلَاف مَتى وَأَيْنَ وأنى وَكَيف فَإِن عدم التَّنْوِين فِيهَا شَاهد الْبناء. لفظ الِابْتِدَاء مَوْضُوع لمُطلق الابتدا وَلَفْظَة (من) مَوْضُوعَة للابتداءات الْمَخْصُوصَة لَا بأوضاع مُتعَدِّدَة حَتَّى يلْزم من كَونهَا مُشْتَركَة بل بِوَضْع وَاحِد عَام. يُمكن حمل (عِنْد) فِي مثل قَوْلنَا: (عِنْد فلَان كَذَا) على حَقِيقَته أَي الْحُضُور، لَكِن الْإِسْنَاد مجازي فَإِن شَيْئا إِذا كَانَ مُعْتَقد شخص فَكَأَنَّهُ فِي حُضُوره. (حَتَّى) فِيمَا لَا يصلح للغاية وَالْمجَاز يحمل على معنى يُنَاسب الْحَقِيقَة بِوَجْه من الْوُجُوه لَكِن بِشَرْط الْقَرَائِن الدَّالَّة على إِرَادَة الْمُتَكَلّم للمجاز. نفي الْمُقَيد بِقَيْد الْوحدَة أَو الْعدَد لَا يسْتَلْزم نفي الْمُطلق لرجوع النَّفْي إِلَى الْقَيْد كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَه وَاحِد} . لَا معنى لتشبيه الْمركب إِلَّا أَن ينتزع كَيْفيَّة من أُمُور مُتعَدِّدَة فتشبه بكيفية أُخْرَى مثلهَا فَيَقَع فِي كل وَاحِد من الطَّرفَيْنِ أُمُور مُتعَدِّدَة. أَدَاء لفظ الْمُفْرد معنى الْمثنى وَالْمَجْمُوع غير عَزِيز فِي كَلَامهم كأسماء الْأَجْنَاس فَإِنَّهُ يَصح إِطْلَاقهَا على الْمثنى وَالْمَجْمُوع، لَكِن الْمَفْهُوم من كتب الْأُصُول أَنه لَا يسْتَعْمل فِي الْمثنى. إِطْلَاق الِاسْم على الصّفة ظَاهر بِلَا اشْتِبَاه وَلَا نزاع لأحد، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُرَاد بِالصِّفَاتِ أَيْضا كَونهَا غير أَعْلَام. الْإِضَافَة فِي لُغَة الْعَجم مَقْلُوبَة كَمَا قَالُوا: سِيبَوَيْهٍ. والسيب: التفاح، و (ويه) رَائِحَة أَي: رَائِحَة التفاح، وَكَذَا ملك داد وأشباههما. مِمَّا جرى مجْرى الْمثل الَّذِي لَا يُغير (عَليّ بن أبي طَالب) حَتَّى ترك فِي حَالي النصب والجر على لَفظه فِي حَالَة الرّفْع لِأَنَّهُ اشْتهر بذلك. كَذَا (مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان) و (أَبُو أُميَّة) . الِاسْتِثْنَاء يجْرِي حَقِيقَة فِي الْعَام وَالْخَاص وَلَا يجْرِي التَّخْصِيص حَقِيقَة إِلَّا فِي الْعَام، وَلِهَذَا يتَغَيَّر مُوجب الْعَام باستثناء مَعْلُوم بالِاتِّفَاقِ، وباستثناء مَجْهُول بِخِلَاف. قيل: ذكر الْكل وَإِرَادَة الْبَعْض إِنَّمَا يَصح إِذا أطلق على بعض شَائِع لَا معِين، فَإِن الْعشْرَة لَا

تطلق على السَّبْعَة مجَازًا لكَونه بَعْضًا معينا، وَفِيه نظر لِأَنَّهُ لَو حلف لَا يَأْكُل طَعَاما وَنوى طَعَاما معينا صدق. معنى تَمام الِاسْم أَن يكون على حَالَة لَا يُمكن إِضَافَته مَعهَا، وَالِاسْم مُسْتَحِيل الْإِضَافَة مَعَ التَّنْوِين ونوني التَّثْنِيَة وَالْجمع وَمَعَ الْإِضَافَة لِأَنَّهُ بِالْإِضَافَة لَا يُضَاف ثَانِيًا. الضَّمِير الْمُتَّصِل الْوَاقِع بعد فعلين يكون مُتَّصِلا بِالثَّانِي وَمَعَ ذَلِك يجوز أَن لَا يكون مَعْمُولا للْأولِ، والتنازع إِنَّمَا هُوَ فِي الضَّمِير الْمُنْفَصِل الْوَاقِع بعدهمَا. التزموا التَّضْمِين والحذف والإيصال فِي بَاب الِاسْتِثْنَاء ليَكُون مَا بعْدهَا مَنْصُوبًا كَمَا فِي صُورَة الْمُسْتَثْنى بإلا الَّتِي هِيَ أم الْبَاب. تَشْبِيه الْمثل يَسْتَدْعِي أَن يُرَاعى فِيمَا أضيف إِلَيْهِ الْمثل فِي الْجَانِبَيْنِ الْمُنَاسبَة على مَا بَين فِي {مثل الَّذين كفرُوا كَمثل الَّذِي ينعق} . [كلمة فِي] فِي قَوْلهم: (السوَاد فِي زيد) لَيْسَ كَمَا فِي قَوْلهم: (المَاء فِي الْكوز) ، بل لِمَعْنى الِاعْتِبَار وَالدّلَالَة على أَن وجود السوَاد لَيْسَ إِلَّا بِاعْتِبَار الْمحل. الْحَد تَارَة يقْصد لإِفَادَة الْمَقْصُود، وَحِينَئِذٍ لَا يذكر فِيهِ الحكم، وَتارَة لإِفَادَة تَمْيِيز مُسَمَّاهُ عَن غَيره وَحِينَئِذٍ يدْخلهُ الحكم لِأَن الشَّيْء قد يتَمَيَّز بِحكمِهِ لمن تصَوره بِأَمْر يُشَارِكهُ فِيهِ غَيره. يجوز الْعَطف على معمولي عاملين مُخْتَلفين إِذا كَانَ الْمَجْرُور مقدما. هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ صَاحب " الْكَشَّاف " وَلَا يجوز مُطلقًا عِنْد سِيبَوَيْهٍ. دلَالَة التَّعْرِيض على الْمَعْنى المُرَاد لَيْسَ جِهَة الْوَضع الْحَقِيقِيّ أَو الْمجَازِي بل من قبيل التَّلْوِيح وَالْإِشَارَة. الْفرق فِي الْمُعَرّف بلام الْجِنْس بَين الْمُفْرد وَالْجمع إِنَّمَا يظْهر فِي الْقلَّة فَإِنَّهُ يَصح فِي الْمُفْردَات أَن يُرَاد الْبَعْض إِلَى الْوَاحِد، وَفِي الْجمع لَا يَصح إِلَّا إِلَى الثَّلَاثَة. جَازَ تَقْدِيم الْمُبْتَدَأ النكرَة على الْخَبَر الظّرْف كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأجل مُسَمّى عِنْده} لِأَنَّهُ تخصص بِالصّفةِ فقارب الْمعرفَة. صِيغَة الِاسْتِثْنَاء حَقِيقَة اصطلاحية فِي الْمُتَّصِل، ومجاز فِي الْمُنْقَطع، وَأما لفظ الِاسْتِثْنَاء فحقيقة فيهمَا فِي عرف أهل الشَّرْع. الْمُشْتَرك لَا يتَعَيَّن أحد محتمليه إِلَّا بمرجح عندنَا، وَالْحمل على جَمِيع مَعَانِيه مَذْهَب الشَّافِعِي. وَقد يَنْتَظِم الْمعَانِي المتعددة إِذا كَانَ فِي مَوضِع النَّفْي. ذكره صَاحب " الْهِدَايَة " فِي بَاب الْوَصِيَّة للأقارب. لَا يلْزم فِي التَّشْبِيه الْمركب أَن يكون مَا يَلِي الْكَاف هُوَ الْمُشبه كَمَا فِي قَوْله: (وَمَا النَّاسُ إلاّ كَالدِّيارِ وأَهْلِها ... ) أَسمَاء الْأَفْعَال إِنَّمَا يمْتَنع مِنْهَا تَنْوِين التَّمَكُّن وَهُوَ الدَّال على الخفة، فَأَما غير ذَلِك من التَّنْوِين فَإِنَّهُ يدخلهَا.

تَرْتِيب الحكم على الْمُشْتَقّ أَو الْمَوْصُول أَو الْمَوْصُوف أَو الْإِشَارَة إِلَيْهَا يُفِيد علمية المأخذ والصلة وَالصّفة. أَمارَة الْأُمُور الْخفية كَافِيَة فِي صِحَة إِطْلَاق اللَّفْظ على الْحَقِيقَة كالغضبان والفرحان لمن لَهُ انقباض وانبساط. فَائِدَة الْقُيُود فِي الْحُدُود لَا تَنْحَصِر فِي الِاحْتِرَاز بل الأَصْل أَن يكون ذكرهَا لبَيَان مَاهِيَّة الْمَحْدُود. عَلامَة التَّقَدُّم الذاتي أَن يَصح إِدْخَال الْفَاء التفريعية بِأَن يُقَال: (زيد يُحَرك الْأَصَابِع فَتحَرك الْخَاتم) . فرق بَين الْجمع وَجمع الْمُفْرد فَإِن الْجمع لَا يُطلق على الْأَقَل من التِّسْعَة، وَجمع الْمُفْرد لَا يُطلق على أقل من الثَّلَاثَة إِلَّا مجَازًا. مَا لَا يكون تأنيثه حَقِيقِيًّا إِذا أسْند إِلَى الظَّاهِر جَازَ تذكيره، وَلَا يجوز ذَلِك إِذا أسْند إِلَى الضَّمِير لوُجُوب رفع الالتباس. إِضَافَة الحكم إِلَى عَام مُشْتَرك بَين الصُّور أولى من إِضَافَته إِلَى مُنَاسِب خَاص بِبَعْض الصُّور. (لَكِن) لَيْسَ حرف اسْتثِْنَاء إِلَّا أَن مَعْنَاهَا لما شابه معنى (إِلَّا) فِي أَنَّهُمَا لدفع توهم يتَوَلَّد من الْكَلَام السَّابِق شبهت بإلا. نظر المنطقي فِي الْأَلْفَاظ بتبعية الْمعَانِي، فَكل لفظ مَعْنَاهُ مركب يَنْبَغِي أَن يكون مركبا، فالمعرف بِاللَّامِ مركب عِنْدهم. إِضَافَة اسْم الْفَاعِل إِلَى الظّرْف إِذا كَانَت على طَريقَة إِضَافَته إِلَى الْمَفْعُول بِهِ أَو بمعناها فَهِيَ مجَاز وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَن تكون حَقِيقَة لِأَن للمظروف تعلقاً بالظرف. الْمَفْعُول لَهُ وَفِيه ليسَا داخلين فِي الْمَفْعُول بِهِ إِلَّا أَن الرضيّ ذكر أَنَّهُمَا نَوْعَانِ من الْمَفْعُول بِهِ خُصّا باسمين آخَرين. الْمَشْهُور أَن مَعْمُول (لم) لَا يحذف، بِخِلَاف (لما) لكنه ذكر صَاحب " الْكَشَّاف " مَا يدل على جَوَاز حذف مَعْمُول (لم) و (لما) أَيْضا. الْمجَاز خلف عَن الْحَقِيقَة فِي الحكم عِنْد الْإِمَامَيْنِ وَفِي التَّكَلُّم عِنْد أبي حنيفَة على مَا عرف فِي الْأُصُول. الْعَمَل فِي الظَّاهِر وَإِن كَانَ أقوى من الْعَمَل فِي الْمُقدر لَكِن دوَام الْعَمَل فِي الْمُقدر يُقَاوم الْعَمَل فِي الظَّاهِر فِي وَقت دون وَقت. الْمصدر الْمُبْهم هُوَ الَّذِي يكون لمُجَرّد التَّأْكِيد نَحْو: (ضربت ضربا) وَلَا يُفِيد أمرا زَائِدا على مَدْلُول الْفِعْل. قد يُضَاف أحد الوصفين إِلَى الآخر للتَّأْكِيد مثل: {حق الْيَقِين} إِذْ الْحق هُوَ الثَّابِت الَّذِي لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ الريب وَكَذَا الْيَقِين. حَيْثُمَا صدِّرت صِيغَة الطّلب بِأَن المصدرية لَا بُد أَن يقدر بعْدهَا القَوْل ليبقى معنى الصِّيغَة على حَاله.

نِسْبَة الْفِعْل إِلَى الْفَاعِل بطرِيق الصُّدُور وَالْقِيَام والإسناد، وَلَا يُقَال فِي الِاصْطِلَاح إِنَّه مُتَعَلق بِهِ فَإِن التَّعَلُّق نِسْبَة الْفِعْل إِلَى غير الْفَاعِل. لَام الِابْتِدَاء لَا تدخل على (مَا) فِي خبر (أنّ) الْمَفْتُوحَة تَقول: (علمت أَنَّك فَاضل) بِالْفَتْح، و (علمت إِنَّك لفاضل) بِالْكَسْرِ. الْمُطلق يحمل على الْمُقَيد فِي الرِّوَايَات، وَلِهَذَا ترى مطلقات الْمُتُون يقيدها الشُّرَّاح وَإِن كَانَ الشَّارِح هُوَ المُصَنّف. مُجَرّد وجود أصل مُحَقّق لَا يَكْفِي فِي اعْتِبَار الْعدْل التحقيقي بِدُونِ اقْتِضَاء منع الصّرْف إِيَّاه وَاعْتِبَار خُرُوج الصِّيغَة عَن ذَلِك الأَصْل. قيود التَّعْرِيف قد لَا تكون لإِخْرَاج شَيْء. صرح بِهِ الشريف. صِحَة الاضافة بِمَعْنى (من) مَشْرُوط بِصِحَّة حمل الْمُضَاف إِلَيْهِ على الْمُضَاف. الأعجمي إِذا دَخلته الْألف وَاللَّام الْتحق بالعربي. يُسْتَفَاد من الْمُفْرد الْمحلى بِاللَّامِ مَا يُسْتَفَاد من الْجمع الْمحلى بِاللَّامِ. اسْم الْجِنْس كَمَا يسْتَعْمل لمسماه مُطلقًا يسْتَعْمل لما يستجمع الْمعَانِي الْمَخْصُوصَة بِهِ وَالْمَقْصُود مِنْهُ. حُرُوف الْجَرّ لَا تعْمل بأنفسها وَلَكِن تفعل بِمَا فِيهَا من معنى الْفِعْل فَلَا تعْمل صلات لَا تَتَضَمَّن معنى الْفِعْل. الْجمل الانشائية بالاستقراء فِي الطلبية والإيقاعية. صرح بِهِ الرضيّ. إرجاع الضَّمِير إِلَى الْمُفْرد فِي ضمن الْجمع شَائِع، وإرجاعه إِلَى الْجمع فِي ضمن الْمُفْرد غير شَائِع. شَرط التَّمْيِيز الْمَنْصُوب بعد (أفعل) كَونه فَاعِلا فِي الْمَعْنى. الشَّائِع فِي نِسْبَة الْمصدر إِلَى الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول هُوَ الْجُمْلَة الفعلية. العلمية لَا تنَافِي الْإِضَافَة كَمَا فِي (حَاتِم طيىء) و (عنترة عبس) . بَقَاء الْمُشْتَقّ مِنْهُ شَرط فِي صدق الِاسْم الْمُشْتَقّ. المعتل إِذا أشكل أمره يحمل على الصَّحِيح. لَا يلْزم من الْإِخْبَار عَن ثُبُوت الشَّيْء قصره على ذَلِك الثُّبُوت. الحكم الثَّابِت لكل كلمة لَا يلْزم أَن يثبت لبعضها. همزَة الِاسْتِفْهَام أَو مَا فِي حكمهَا لَا يَليهَا إِلَّا المستفهم عَنهُ أَو مَا فِي حكمه. الْفِعْل إِذا عطف على الِاسْم أَو بِالْعَكْسِ فَلَا بُد من رد أَحدهمَا إِلَى الآخر بالتأويل. عطف الْجُمْلَة الفعلية من غير تَقْدِير حرف مصدري وَلَا ملفوظ بِهِ على اسْم مجرور غير جَائِز. قد يكون حسن حذف الْمفضل عَلَيْهِ وُقُوع (أفعل) خَبرا للمبتدأ: (ذَلِكُم أَقْسَطُ عِندَ الله وأَقْوَم للشَّهَادَة

الِاخْتِلَاف فِي التَّعْدِيَة لَا يُنَافِي الِاتِّحَاد فِي الْمَعْنى لِأَنَّهَا من خَواص اللَّفْظ. الْهمزَة الْمَفْتُوحَة إِذا قصد بهَا الِاسْتِفْهَام أَو النداء فَهِيَ من حُرُوف الْمعَانِي، وَإِلَّا فَمن حُرُوف المباني. الِاسْم المعرب مُخْتَلف الآخر لَا مَحل الِاخْتِلَاف إِذْ لَا يَجْعَل الْفَاعِل مَكَان الْحَدث وَلَا يُسمى باسم الْمَكَان. (أَو) إِذا وَقعت فِي سِيَاق النَّفْي وخلت عَن الْقَرِينَة تحمل على النَّفْي وَإِلَّا فعلى نفي الشُّمُول، وَالْوَاو بِالْعَكْسِ. لَيْسَ فِي وَاو النّظم دَلِيل الْمُشَاركَة بَين جملتين فِي الحكم، إِنَّمَا ذَلِك فِي وَاو الْعَطف. المعطوفان كشيء وَاحِد كالمضافين وَلذَا لم يجز الْفَصْل بَينهمَا إِلَّا بالظرف. إِذا ذكر اسْم الْجِنْس يُرَاد جَمِيع أَفْرَاده أَو الْبَعْض بِقَرِينَة مَا كالفعل الْمُسَلط أَو التَّنْوِين أَو نَحْو ذَلِك. يتَعَدَّى (ضرب) الَّذِي هُوَ لتمثيل الْأَمْثَال إِلَى مفعولين بِلَا خلاف. مَا هُوَ مَشْهُور فِي اللَّام وعَلى إِنَّمَا هُوَ عِنْد الْإِطْلَاق لَا مقرونين بِالْحَسَنَة والسيئة أَو الْحسن والقبح. السَّبَب الْمعِين يدل على الْمُسَبّب الْمعِين بِخِلَاف الْعَكْس. النَّفْي إِذا دخل فِيهِ حرف الِاسْتِفْهَام للإنكار أَو التَّقْرِير يَنْقَلِب إِثْبَاتًا. اسمية الْجُمْلَة كَمَا تكون فِي الْإِثْبَات لتأكيد الْإِثْبَات فَكَذَا فِي النَّفْي يكون لتأكيد النَّفْي لَا نفي التَّأْكِيد. الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَات عِنْد أَرْبَاب اللُّغَة بِلَا شُبْهَة. دلَالَة بعض الْأَسْمَاء المشتقة على الزَّمَان بطرِيق الْعرُوض دون الْوَضع. الْفِعْل إِذا غولب فِيهِ فَاعله جَاءَ أبلغ وَأحكم لزِيَادَة قُوَّة الدَّاعِي إِلَيْهِ عِنْد المغالبة. الْأَمر الَّذِي يعرض لذِي علم فَيُفِيد تشخصه وتعينه يطْلب بِمن وَلَا يطْلب بِهِ مَا لَا يُفِيد تشخصه. كَمَا لَا يجوز الْجمع بَين الْعِوَض والمعوض فِي الْإِثْبَات لَا يجوز الْجمع بَينهمَا أَيْضا فِي الْحَذف. إِذا كَانَ الْوَصْف قد نفي بِلَا لزم تكْرَار (لَا) نَافِيَة لما دخلت فِيهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا ظَلِيل وَلَا يُغني من اللهب} ، {لَا فارض وَلَا بكر} . الْجَرّ على الْجوَار يخْتَص بالنعت والتأكيد، وَفِي الْعَطف ضَعِيف. الصَّوَاب أَن الْوَاو فِي قَوْله تَعَالَى: {وثامنهم كلبهم} لتأكيد لصوق الصّفة بالموصوف. إِيرَاد الْمسند فعلا يدل على التَّقْيِيد بِأحد الْأَزْمِنَة، وعَلى أَن ثُبُوته للمسند لَيْسَ ثبوتاً دَائِما بل فِي بعض الْأَوْقَات. جعل الشَّيْء ظرفا لشَيْء بِاعْتِبَار وُقُوعه فِي جُزْء

مِنْهُ مَكَانا كَانَ أَو زَمَانا شَائِع فِي مُتَعَارَف اللُّغَة. إِدْخَال (كل) فِي التَّعْرِيف لتَكون مانعية التَّعْرِيف كالمنصوص عَلَيْهِ. إِذا كَانَ الْجَزَاء مصدرا بِالسِّين أَو بسوف أَو بلن وَجب كَونه مضارعاً. الْقَيْد إِذا جعل جُزْءا من الْمَعْطُوف عَلَيْهِ لم يُشَارِكهُ الْمَعْطُوف فِي ذَلِك الْقَيْد. كَمَال الْمُذكر مَقْصُود بِالذَّاتِ، ونقصان الْمُؤَنَّث مَقْصُود بِالْعرضِ. انْتِفَاء الْجِنْس بِانْتِفَاء جَمِيع أَفْرَاده، وثبوته بِثُبُوت أدنى فَرد مِنْهُ. مَا بعد (مَا) النافية كَمَا بعد كلمة الشَّرْط لَا يعْمل فِيمَا قبلهَا. الِاسْتِفْهَام الإنكاري بكيف أبلغ من الِاسْتِفْهَام الإنكاري بِالْهَمْزَةِ. رب شَيْء يجوز مُقَابلَة وَلَا يجوز اسْتِقْلَالا. من ذَلِك {ومكروا ومكر الله} . الْحق فِي إِضَافَة الْجُزْء إِلَى الْكل فِي جَمِيع الْمَوَاضِع أَن تكون بِمَعْنى اللَّام. يجوز فِي الثواني مَا لَا يجوز فِي الْأَوَائِل، وَلذَلِك جَازَ (يَا هَذَا الرجل) وَلم يجز (يَا الرجل) . الإلغاء ترك الْعَمَل لفظا مَعَ امْتِنَاعه معنى، وَالتَّعْلِيق ترك الْعَمَل لفظا مَعَ إعماله معنى. المعرفتان إِذا اعتبرا مُبْتَدأ وخبراً فالقانون أَن يَجْعَل الْمُقدم مُبْتَدأ والمؤخر خَبرا. يجوز إِضَافَة اسْم الْفَاعِل إِلَى معموله فِي جَمِيع الْأَوْقَات إِلَّا فِي وَقت كَونه مُتَعَدِّيا فَإِنَّهُ لَا يُضَاف حِينَئِذٍ إِلَى فَاعله. الِاسْتِمْرَار الثبوتي جزئي فِي وَاحِد من الشَّيْء، والتجددي اسْتِمْرَار الشَّيْء يَتَجَدَّد أَمْثَاله. قد يَجِيء الْجمع مَبْنِيا على غير وَاحِدَة الْمُسْتَعْمل نَحْو: أراهيط وأباطيل وَأَحَادِيث. إِذا اجْتمع اهتمامان قدم الْأَخير كَمَا فِي الْبَسْمَلَة. وَإِذا أفرد الأول فَإِن عَارضه مَا هُوَ أولى بِاعْتِبَار قدم أَيْضا وَإِلَّا فَلَا. دُخُول (مِنْ) على أفعل التَّفْضِيل إِنَّمَا يكون إِذا تَسَاوَت رُتْبَة الْأَفْرَاد فِي تمييزها عَن غَيرهَا. (هَذِه) مَوْضُوعَة لكل مشار إِلَيْهِ قريب مؤنث محسوس مشَاهد، لَا أَنَّهَا مَوْضُوعَة لكل مشار إِلَيْهِ مشَاهد مُطلقًا. دلَالَة الْفِعْل على الْمَفْعُول لَهُ أقوى من دلَالَته على الْمَفْعُول مَعَه. اسْتثِْنَاء الْأَمر الْكُلِّي من الحكم السلبي لَا يدل على خُرُوج جَمِيع أَفْرَاده من ذَلِك الحكم بل خُرُوج الْبَعْض كافٍ. الشَّيْء الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهِ حكم إِذا كَانَ خفِيا وَله سَبَب ظَاهر يُقَام السَّبَب الظَّاهِر مقَام ذَلِك الْأَمر الْخَفي وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ. عطف الْأَكْثَر على الْأَقَل أَكثر، وَعطف الْأَقَل على الْأَكْثَر أرجح. آحَاد الْأَشْيَاء فِي معنى كل وَاحِد مِنْهَا وكل اثْنَيْنِ مِنْهَا وكل جمَاعَة مِنْهَا. إِضَافَة أَسمَاء الفاعلين إِذا كَانَت للْحَال أَو

الِاسْتِقْبَال لَا تفِيد التَّعْرِيف. لَا يُقَال للمبني الضَّم وَلَا الْفَتْح وَلَا الْكسر، بل المضموم والمفتوح والمكسور. كلمة (ان) لَا تدخل على كلم المجازات. لَام الِابْتِدَاء لَا تدخل على خبر الْمُبْتَدَأ. حذف ضمير الشَّأْن ضَعِيف. الْمعرفَة لَا يثنى إِلَّا بعد التنكير. لَا تكْتب الْألف الممدودة إِذا اتَّصل بهَا كَاف الْخطاب. الْحَرْف يذكر وَيُؤَنث. اسْم الْفِعْل بِمَعْنى الْأَمر لم يُوجد من الرباعي إِلَّا نَادرا. الشَّيْء مَا لم يخص الشَّيْء لم يعْمل فِيهِ. الْمَنْع إِنَّمَا يَأْتِي فِيمَا يَأْتِي من خُصُوص الْمَادَّة فَلَا يُنَافِي دَعْوَى الْجَوَاز. ارْتِكَاب الْقَبِيح أَهْون من ارْتِكَاب الْمُمْتَنع. التَّرْكِيب الاضافي مُطلقًا يُنَافِي منع الصّرْف. الطَّارِئ يزِيل حكم المطروء عَلَيْهِ. بَين الْمَفْعُول والظرف مُنَاسبَة يَصح أَن ينْقل اسْم أَحدهمَا إِلَى الآخر. النصب كالرفع خلاف الْفَتْح. المهمل مَا لم يوضع وَهُوَ مُقَابل الْمَوْضُوع لَا الْمُسْتَعْمل. لَا معنى لكَون الْمَعْنى فِي الشَّيْء إِلَّا كَونه مدلولاً لَهُ. لَا يحمل اللَّفْظ فِي التعريفات على خلاف الْمُتَبَادر إِلَّا لصارف. لَا يُوصف الْكل فِي الْعرف بالاقتران بالجزء فَلَا يُقَال: اقْترن زيد بِيَدِهِ. إِضَافَة الْأَعَمّ إِلَى الْأَخَص لامية، وَإِضَافَة الْأَعَمّ من وَجه بَيَانِيَّة. قد يذكر الْخَاص وَيُرَاد الحكم عَلَيْهِ لَا بِخُصُوصِهِ بل بنوعه. الشَّيْء كَمَا يَتَّصِف بِصِفَات نَفسه يَتَّصِف بِصِفَات مَا يتَّصل بِهِ مدحاً أَو ذماً أَو غير ذَلِك. إِطْلَاق الْعَام على الْخَاص لَا يدل على اتِّحَاد مفهومهما. إِذا وَقع بَين (لَا) وَبَين اسْمهَا فاصل وَجب الرّفْع والتكرير كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا فِيهَا غول} . الْإِضَافَة إِلَى الْمَبْنِيّ لَا توجب الْبناء إِلَّا بِشَرْط كَمَا تقرر فِي مَحَله. سَبْق الْعلم بالشَّيْء يَسْتَدْعِي جعله مَوْضُوعا. تَنْوِين الْمُقَابلَة غير مَمْنُوع عَن غير المنصرف، وَكَذَا الكسرة الْغَيْر المختصة بِالْجَرِّ. التَّأْنِيث اللَّفْظِيّ يعرف بِالتَّاءِ، والمعنوي لم يعرف بِالتَّاءِ بل بأمارات تدل على اعْتِبَار الْعَرَب تأنيثه. التَّرْكِيب الَّذِي هُوَ سَبَب منع الصّرْف غير التَّرْكِيب الْحَاصِل فِي الْمركب الَّذِي هُوَ فِي مُقَابلَة الْمُفْرد. الْعَطف على شَرط وَجَزَاء بِحرف عطف وَاحِد من قبيل الْعَطف على معمولي عَامل وَاحِد بِحرف وَاحِد، وَلَا كَلَام فِي جَوَازه. الْكسر بِلَا تَاء من ألقاب الْبناء عِنْد الْبَصرِيين، وَيُطلق على الْحَالة الإعرابية مجَازًا.

صَرَّحُوا بِأَن الْإِضَافَة فِي (حواج بَيت الله) معاقبة للتنوين الْمُقدر. الصّفة تنْسب إِلَى موصوفها بفي وَهُوَ شَائِع، وَكَذَا نِسْبَة الْعَام إِلَى الْخَاص وَبِالْعَكْسِ. الْقَرِينَة مَا تدل على تعْيين المُرَاد بِاللَّفْظِ أَو على تعْيين الْمَحْذُوف لَا مَا يدل على معنى. لَا يجوز اسْتثِْنَاء شَيْئَيْنِ بأداة وَاحِدَة بِلَا عاطف عِنْد أَكثر النَّحْوِيين. العوامل فِي كَلَام الْعَرَب عَلَامَات لتأثير الْمُتَكَلّم لَا مؤثرات. تَنْزِيل المشارف للشَّيْء منزلَة من يشرع فِيهِ كثير كمن قتل قَتِيلا. الْمُسَبّب إِذا كَانَ مُخْتَصًّا بِالسَّبَبِ جَازَت الِاسْتِعَارَة من الطَّرفَيْنِ. جرى الِاصْطِلَاح على وصف الْجمع بالسلامة وَإِن كَانَ السَّلامَة حَال مفرده. لَا يجوز دُخُول لَام التقوية فِي الْمَعْمُول الْمُتَأَخر عَن الْفِعْل. إِلْحَاق التَّاء بكلا مُضَافا إِلَى مؤنث أفْصح من تجريده. علامتا التَّثْنِيَة وَالْجمع ليستا من حُرُوف المباني. العوامل لَا تَنْحَصِر فِي الملفوظ والمقدر لِأَنَّهُ قد يكون معنوياً. الْحَرَكَة بعد الْحَرْف لَكِنَّهَا من فرط اتصالها بِهِ يتَوَهَّم أَنَّهَا مَعَه لَا بعده، وَإِذا أشبعتها صَارَت حرف مد. الْمَفْعُول الَّذِي يبين الْحَال هَيئته أَعم من الْمَفْعُول بِهِ. (من) الاستغراقية لَا تزاد بعد الْإِثْبَات. الِاخْتِصَاص الْمَفْهُوم من التَّرْكِيب الإضافي أتم مِمَّا يفهم من غَيره. الْمَعْطُوف على الْمَنْفِيّ يُزَاد فِيهِ (لَا) كثيرا. قد يتَحَمَّل فِي الْمَعْطُوف مَا لَا يتَحَمَّل فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ. خبر أَفعَال المقاربة لَا يكون إِلَّا مضارعاً. تَعْرِيف الْمُذكر عدمي وتعريف الْمُؤَنَّث وجودي. الأولى فِي ثَانِي مفعولي بَاب (أَعْطَيْت) الِاتِّصَال، وَفِي ثَانِي مفعولي بَاب (علمت) الِانْفِصَال. تخلف مُطَاوع الْفِعْل عَن مَعْنَاهُ الْمجَازِي جَائِز كَمَا فِي (كَسرته فَلم ينكسر) لِأَن مَعْنَاهُ أردْت كَسره فَلم ينكسر. الْمَعْطُوف على الْجَزَاء جَزَاء مغن. الْمُضَارع الْمُثبت لَا يَقع موقع الْحَال إِلَّا بالضمير وَحده نَحْو: (جَاءَنِي بزيد يركب) لَا بِالْوَاو. المصادر يَسْتَوِي فِي الْوَصْف بهَا الْمُذكر والمؤنث. (مَا) لَيْسَ فِيهَا معنى الْحَدث كليس و (مَا) النافية لَا تكون عَاملا فِي الظّرْف. انْتِفَاء الْجِنْس يسْتَلْزم انْتِفَاء كل فَرد كَقَوْلِه تَعَالَى: (وَمَا مِنْ دابةٍ فِي الأَرْض وَلَا طائرٍ يطير

بجناحيه} . اتِّصَال الْمُضمر الْمَجْرُور بجارِّه أَشد من اتِّصَال الْفَاعِل الْمُتَّصِل بِفِعْلِهِ. اسْم الْجِنْس حَامِل لِمَعْنى الجنسية والوحدة إِن كَانَ مُنْفَردا أَو منوناً، أَو الْعدَد إِن كَانَ مثنى أَو مجموعاً. تَأْكِيد الْكَلَام بالْكلَام مثل (جَاءَنِي زيد جَاءَنِي زيد) وَمَا يثنى للتَّأْكِيد مثل (جَاءَنِي زيد زيد) . الْمجَاز الْمَشْهُور يُشَارك الْحَقِيقَة فِي الْمُبَادرَة بل هُوَ أَشد تبادراً. قد يكون فِي ترك الْوَاو دلَالَة على الِاسْتِقْلَال وَفِي ذكرهَا دلَالَة على خِلَافه. كثيرا مَا تورد الْجُمْلَة الخبرية لأغراض سوى إِفَادَة الحكم ولازمه، صرّح بِهِ التَّفْتَازَانِيّ. أَدَاة الْجَزَاء لَا تدل على التعقيب. اسْم الْجُزْء لَا يُطلق على الْكل إِلَّا إِذا كَانَ لذَلِك الْجُزْء مزِيد اخْتِصَاص وارتباط بِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ الْكل بِعَيْنِه كالرقبة وَالرَّأْس. الْمصدر بِمَعْنى الْمَفْعُول بِهِ قَلِيل جدا. أَلْفَاظ التعريفات تحمل على مَعَانِيهَا الْحَقِيقِيَّة. الِاخْتِلَاف فِي التَّعْدِيَة لَا يُنَافِي الِاتِّحَاد فِي الْمَعْنى لِأَنَّهَا من خَواص اللَّفْظ. تفكيك الضمائر لَا يضر عِنْد أَمن الالتباس لقِيَام الْقَرَائِن. تَاء الْمُبَالغَة فِي غير صيغتها نَادِر. المستحسن فِي رد الْعَجز على الصَّدْر اخْتِلَاف الْمَعْنى. ضمير الشَّأْن لَا يكون خَبره إِلَّا جملَة. الْمَوْصُوف يشْتَمل على تَخْصِيص مَا لَا محَالة لَا سِيمَا فِي الْمعرفَة. حذف الْجَار وإيصال الْفِعْل سَمَاعي. يجوز أَن يخرج الشَّيْء عَن التَّعْرِيف بقيدين. تعداد الْأَوْصَاف يجوز بالعاطف وَبِغَيْرِهِ. عطف الْجِنْس على النَّوْع وبالضد مَشْهُور. الرّفْع بِالِابْتِدَاءِ قَاصِر عَن الرّفْع على الفاعلية. تَثْنِيَة الْفَاعِل منزلةٌ منزلَة تَثْنِيَة الْفِعْل وتكريره. حذف صدر الصِّلَة كثير الْوُرُود فِي الْكَلَام. إِظْهَار عَامل الظّرْف شَرِيعَة مَنْسُوخَة. الْمَحْذُوف الْمَنوِي كالملفوظ بِهِ. الِاسْم الْحَامِل للجنسية والوحدة قد يقْصد بِهِ إِلَى الْجِنْس. النِّسْبَة دَاخِلَة فِي مَدْلُول الْفِعْل وَحده وَإِن كَانَ الْمَنْسُوب إِلَيْهِ أَعنِي الْفَاعِل خَارِجا. الْجمع الَّذِي هُوَ مَدْلُول الْوَاو أَعم من الْمَعِيَّة. الحكم على الشَّيْء بِشَيْء من مضمونات الْجمل. مَا يقوم مقَام الْفَاعِل يجب أَن يكون مثله فِي إِفَادَة مَا لم يفده الْفِعْل. فرق بَين مَاض قصد بِاللَّفْظِ على الِاسْتِمْرَار وَبَين مَاض قصد فِي ضمن الِاسْتِمْرَار. العاطف لَا يَتَخَلَّل بَين الشَّيْء ومقرّره. الصِّلَة فِي الِاصْطِلَاح مَا هُوَ فِي موقع الْمَفْعُول

فرق بَين تمكن الْفَاعِل فِي الصّفة وَبَين تمكن الصّفة فِي الْفَاعِل. اسْتِعْمَال الْحَقِيقَة وَالْمجَاز مَعًا لضَرُورَة التَّعْرِيف جَائِز. الْمَاضِي الْوَاقِع فِي الْحَد يُرَاد بِهِ الِاسْتِمْرَار. النكرَة المفردة فِي سِيَاق النَّفْي تدل على كل فَرد فَرد. التكرير للتوكيد حسن شَائِع فِي كَلَام الْعَرَب. الضمائر جامدة لَا رَائِحَة فِيهَا للسَّبَبِيَّة. ذكر مَا يُنَاسب أحد الجائزين فِي مَوضِع لَا يدل على كَونه مُخْتَارًا فِي مَوضِع آخر. فرق بَين مَا دون ذَلِك وَغير ذَلِك. دلَالَة الْعَام من بَاب الْكُلية لَا من بَاب الْكل من حَيْثُ هُوَ كل. الْأَسْمَاء لَا تكون ظروفاً إِلَّا مجَازًا. إِذا دَار اللَّفْظ بَين كَونه مَنْقُولًا أَو غير مَنْقُول كَانَ الْحمل على عدم النَّقْل أولى. اسْم الْفَاعِل إِذا أطلق كَانَ حَقِيقَة فِي الْحَال اتِّفَاقًا. نعت الْمصدر قبل أَن يعْمل جَائِز. حَقِيقَة التَّمَنِّي لَا تنَافِي تعلقه بالمستحيل، وَحَقِيقَة الترجي تنافيه. الْمَاضِي فِي سِيَاق الشَّرْط مُسْتَقْبل فِي الْمَعْنى. الِاسْتِثْنَاء بَيَان تَغْيِير، وَالتَّعْلِيق بَيَان تَبْدِيل. سوِّغ الِابْتِدَاء بالنكرة، وُقُوعه فِي معرض التَّفْصِيل. الْمُعَرّف بلام الْحَقِيقَة كالمعهود الذهْنِي. أبدلوا التَّاء فِي الْوَقْف هَاء فرقا بَين تَأْنِيث الِاسْم وتأنيث الْفِعْل. اللَّام فِي المشتقات بِمَعْنى الَّذِي وَلِهَذَا فسروا (الظَّالِمين) بالذين ظلمُوا. الْمُعَرّف بِاللَّامِ من الجموع وأسمائها للْعُمُوم فِي الْأَفْرَاد قلت أَو كثرت. الْوَاو قد لَا يكون للْجمع كَمَا إِذا حلف لَا يرتكب الزِّنَا وَأكل مَال الْيَتِيم فَإِنَّهُ يَحْنَث (بِفعل أَحدهمَا. الْمُعْتَبر فِي عطف الْقِصَّة على الْقِصَّة أَن يكون كل مِنْهُمَا جملا مُتعَدِّدَة. يجوز عطف الْإِنْشَاء على الْإِخْبَار) فِيمَا لَهُ مَحل من الْإِعْرَاب. الْفَصْل بَين الْمُبْتَدَأ ومعموله بالْخبر مُمْتَنع عِنْد النُّحَاة. كَون الشَّيْء مَعْطُوفًا على الشَّيْء فِي الظَّاهِر لَا يُنَافِي كَون ذَلِك الشَّيْء خَبرا عَن شَيْء آخر. يلْزم من اسْتثِْنَاء الْمَجْمُوع اسْتثِْنَاء جَمِيع أَجْزَائِهِ. الْمَحْذُوف لَيْسَ كالمذكور فِي عرف البلاغة. الْمَنْسُوب إِلَى وَاحِد من الْجمع قد ينْسب إِلَى الْجمع: {قل آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل علينا} . اللَّفْظ الْعَام قد يشْتَهر فِي بعض أَفْرَاده وَيكثر اسْتِعْمَاله فِيهِ. الْمصدر مَدْلُوله الْحَدث، وَاسم الْمصدر مَدْلُوله لفظ دَال على الْحَدث. الْمُفْرد يَشْمَل الوحدات بعبارته وَالْجمع لَيْسَ

كَذَلِك بل بِالدّلَالَةِ. دلَالَة الْجُمْلَة الخبرية على النّسَب الذهنية وضعية لَا عقلية حَتَّى لَا يجوز التَّخَلُّف. ترك العاطف فِي (حُلْو حامض) أولى من إِدْخَاله الَّذِي جوزه أَبُو عَليّ. معرّف الشَّيْء مقدم فِي المعلومية على الْمُعَرّف. الْمُعَلق على الشَّيْء بِكَلِمَة (إِن) عدم عِنْد عَدمه. الْقَيْد فِي الْكَلَام إِنَّمَا يُنَافِي مَا يُقَابله. اشتقاق الْفِعْل من الْأَعْيَان على خلاف الْقيَاس لَا سِيمَا فِي الثلاثي الْمُجَرّد فَإِنَّهُ فِي غَايَة الندرة. التَّمْثِيل يثبت الْقَاعِدَة سَوَاء كَانَ مطابقاً للْوَاقِع أَو لَا بِخِلَاف الاستشهاد. الإعمال فِي الْجُمْلَة أولى من الإهمال بِالْكُلِّيَّةِ. دُخُول (كل) على مَا هُوَ مَظَنَّة الْمَوْضُوع يَقْتَضِي الحكم على أَفْرَاده. الْمثنى نَص فِي مَدْلُوله فَلَا يجوز أَن يقْصد بِهِ بعضه. الْفِعْل الْمَنْفِيّ لَا يتَعَدَّى إِلَى مَا قصد وُقُوعه عَلَيْهِ إِلَّا بأداة الِاسْتِثْنَاء. الْجمع إِذا اطلق على مَا هُوَ أَزِيد من اثْنَيْنِ بِأَقَلّ من وَاحِد كَانَ مجَازًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {الْحَج أشهر مَعْلُومَات} . صِيغَة (أفعولة) إِنَّمَا تطلق على محقرات الْأُمُور وغرائبها. الْعقل من جملَة مخصصات الْعُمُوم كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {الله خَالق كل شَيْء} . مَا يَلِي أَدَاة الِاسْتِثْنَاء هُوَ الْمَقْصُور عَلَيْهِ قدم أَو أخر. الضمائر يُقَام بَعْضهَا مقَام بعض وَيجْرِي بَينهَا المقارضة. عمل الْعَامِل الْمَعْنَوِيّ لَيْسَ إِلَّا الرّفْع. الْحصْر إِذا لم يكن حَقِيقِيًّا كَانَ مُبَالغَة فِي كَمَاله ونقصان مَا عداهُ حَتَّى الْتحق بِالْعدمِ. الْمُضَاف إِلَى الأعرف وَإِن كَانَ أنقص من الأعرف لكنه أعرف من الْمُعَرّف بِاللَّامِ. الْفِعْل الْوَاحِد لَا يتعدّى علتين. الْأَعْلَام مَحْفُوظَة على التَّصَرُّف بِقدر الْإِمْكَان. الاعلال الْمُتَعَلّق بجوهر الْكَلِمَة مقدم على منع الصّرْف الَّذِي هُوَ من أَحْوَال الْكَلِمَة بعد تَمامهَا. اسْتِعْمَال (مِن) للبدل كثير نَحْو قَوْله تَعَالَى: {أرضيتم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا من الْآخِرَة} . (لَو) الَّتِي لِلتَّمَنِّي لَا تخْتَص بالماضي. عُمُوم الْجمع الْمُعَرّف ظَاهر ظَنِّي لَا نَص قَطْعِيّ. اسْتِعْمَال الْجُمْلَة الاسمية فِي الإنشائية أقل من الْقَلِيل. لَا منع من إجتماع الْوَاو مَعَ إِمَّا. الشَّيْء لَا يُعلل بِنَفسِهِ وبنوعه. يتَضَمَّن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ صِيغَة عُمُوم باعتبارها يَصح الِاسْتِثْنَاء. جمع الْمَفْعُول على مفاعيل مَقْصُور على السماع.

إِيرَاد اللَّفْظ الْمُشْتَرك من غير قرينَة صارفة إِلَى المُرَاد لَا يجوز فِي التعريفات. اسْم الْفَاعِل يكون مَنْصُوبًا على الحالية كَمَا صرّح بِهِ فِي " الْمفصل ". حق المترادفين صِحَة حُلُول كل مِنْهُمَا مَحل الآخر. الاعراب التقديري هُوَ فِي موضِعين فِيمَا تعذر واستثقل. الاخبار فِي مَوضِع الدُّعَاء إنْشَاء. الشَّيْء لَا يلابس الشَّيْء الَّذِي وَقع ذكره قبل حُدُوثه بعد. الِاسْتِعْمَال الْغَالِب قرينَة الْوَضع. التَّفَاوُت فِي بعض مُفْرَدَات الْكَلَام يُوجب التَّفَاوُت فِي نفس ذَلِك الْكَلَام. الاعلام المتضمنة لنَوْع وَصفِيَّة مُلْحقَة بأسماء الْأَجْنَاس لَا بالأوصاف. الامثال يستجاز فِيهَا مَا يستجاز فِي الشّعْر لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال لَهَا. لَام التَّعْرِيف فِي مَوْضُوع الحملية بِمَنْزِلَة السُّور كالكل وَالْبَعْض. الِانْتِقَال فِي الْمجَاز دَائِما من الْمَلْزُوم إِلَى اللَّازِم وَفِي الْكِنَايَة بِالْعَكْسِ. عدم الْبَيَان فِي مَحل الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ بَيَان للعدم. (كِلا) حَالَة الجرّ وَالْإِضَافَة إِلَى الْمظهر بِالْألف، وَالصَّوَاب أَن تكْتب بِالْيَاءِ. نَص عَلَيْهِ ابْن درسْتوَيْه. مَبْنِيّ الِالْتِفَات على مُلَاحظَة إتحاد الْمَعْنى، ومبنيّ التَّجْرِيد على التغاير إدعاء فَلَا يتَصَوَّر اجْتِمَاعهمَا. الشَّيْء إِذا كَانَ فِي الأَصْل اسْما لَا يصير بعد دُخُول اللَّام فِيهِ صفة. الْأَعْلَام الْغَالِبَة كَثِيرَة فِي الْأَشْخَاص قَليلَة جدا فِي الْأَجْنَاس. مُتَعَلق معنى الْحَرْف مَا يرجع إِلَيْهِ بِنَوْع استلزام. قد أطبقوا على أَن وَجه الشّبَه فِي التَّمْثِيل لَا يكون إِلَّا مركبا. إِثْبَات جنس صفة الْكَمَال لذات فِي مقَام الْمَدْح أَو جنس صفة النُّقْصَان لَهَا فِي مقَام الذّم يُفِيد بِحَسب الذَّوْق وَالْعرْف الْقصر. الْجمع بَين ضميري الْفَاعِل وَالْمَفْعُول لَا يَصح فِي غير أَفعَال الْقُلُوب. قد يَكْتَفِي فِي بدل الاشتمال بالاتصال الْمَعْنَوِيّ. يجوز دُخُول العاطف مُطلقًا بَين المتغايرين مفهوماً المتحدين ذاتا. إِضَافَة الصّفة على وَجه الْبَيَان من صور الِاعْتِمَاد. لَا يجوز إِبْدَال الْأَكْثَر من الْأَقَل وَجَاز (نظرت إِلَى الْقَمَر فَلكِه) بِنَاء على أَن الْقَمَر جُزْء من الْفلك، وَمثل ذَلِك دَاخل فِي بدل الاشتمال. التَّعْبِير بالماضي عَن الْمُسْتَقْبل يعد من بَاب الِاسْتِعَارَة. الْمُعَرّف بلام الْعَهْد قد يجوز أَن يُفِيد قصر الافراد فَإِنَّهُ يتَصَوَّر فِيهِ التَّعَدُّد. ثُبُوت الْجِنْس لشخص فِي فَرد لَا يُنَافِي ثُبُوته

لشخص آخر فِي ضمن فَرد آخر. يمْتَنع تَعْلِيق الطّلب الْحَاصِل فِي الْحَال على حُصُول مَا لم يحصل فِي الِاسْتِقْبَال. تَعْرِيف الْمَاضِي يسْتَلْزم أَن يكون للزمان زمَان، وَقد ذكر النُّحَاة أَنه لَا يُقَال (اليومَ الأحدَ) بِالنّصب لاستلزامه أَن يكون للزمان زمَان. أفعل التَّفْضِيل المجرّد عَن من التفضيلية منصرف بعد التنكير بالِاتِّفَاقِ. الْأَعْلَام الْمُشْتَملَة على الاسناد من قبيل المبنيات. معنى الرّفْع الْمحلي هُوَ أَن الِاسْم فِي مَحل لَو كَانَ ثمَّة مُعرب لَكَانَ مَرْفُوعا لفظا أَو تَقْديرا. الْإِسْنَاد إِلَى ضمير شَيْء إِسْنَاد إِلَيْهِ فِي الْحَقِيقَة. التَّنَازُع يجْرِي فِي غير الْفِعْل أَيْضا نَحْو: زيد معط ومكرم عمرا. الِاسْم الْمَوْصُوف باسم الْمَوْصُول فِي حكم الِاسْم الْمَوْصُول. مفعول مَا لم يسم فَاعله فِي حكم الْفَاعِل. مَا هُوَ المشمول أَعم تحققاً من الاشمل. النكرَة المقررة فِي سِيَاق النَّفْي تدل على كل فَرد إِمَّا شخصي أَو نَوْعي. اللَّفْظ إِذا كَانَ قَطْعِيا فِي معنى وَجب أَن يحمل عَلَيْهِ الظَّاهِر الْمُحْتَمل لَهُ وَلغيره لَا سِيمَا فِي الرِّوَايَات. الاصوليون جعلُوا الْعَام الْمَخْصُوص بِالْقَرِينَةِ مجَازًا لَا حَقِيقَة. جَازَ الْبَدَل من الْبَدَل، وَكَذَا إِيرَاد بدلين من شَيْء وَاحِد، وَكَذَا إِبْدَال الفعلية من الاسمية. إِذا اقترنت كَانَ وَأَخَوَاتهَا بِحرف مصدري لَا يجوز أَن يتَقَدَّم الْخَبَر كَقَوْلِك: (أُرِيد أَن تكون فَاضلا) . لَا يبْنى للْمَفْعُول من غير وَاسِطَة حرف الْجَرّ إِلَّا الْمُتَعَدِّي بِنَفسِهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وغيض المَاء} . قد يُؤَكد الحكم الْمُسلم لصدق الرَّغْبَة فِيهِ والرواج كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} إِذْ لَا مجَال فِيهِ لتوهم الْإِنْكَار والتردد. قَالَ الْحَنَفِيَّة: الْجمع الْمُعَرّف بِاللَّامِ مجَاز عَن الْجِنْس فَهُوَ بِمَنْزِلَة النكرَة تخص فِي الْإِثْبَات. لَا فرق بَين جمع الْقلَّة وَالْكَثْرَة فِي الأقارير وَغَيرهَا عِنْد الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاء. الْمُضَارع مُطلقًا صَالح للاستقبال وَالْحَال حَقِيقَة لَكِن الْحَال أولى كَمَا أَن الْوُجُود مُشْتَرك بَين الْخَارِجِي والذهني مَعَ أَن الْخَارِجِي أولى وَأشيع. الْمُطلق يجْرِي على إِطْلَاقه إِلَّا إِذا قَامَ دَلِيل التَّقْيِيد، والقيد يكون تَارَة نصا وَتارَة يكون دلَالَة. ذكره العتابي. لَا يلْزم من وصف شخص بالمشتق كالكاسر مثلا لاتصافه بمأخذ الِاشْتِقَاق كالكسر لَا بآثاره كالانكسار. جَازَ (الزيدان ضربا العمرين) وَإِن كَانَ كل مِنْهُمَا ضرب وَاحِدًا مِنْهُمَا. الْهمزَة يَليهَا المسؤول عَنهُ سَوَاء كَانَ ذاتاً أَو غَيره. التَّخْصِيص بِقَيْد كالصفة وَالشّرط وَنَحْوهمَا فِي

الْآيَة والْحَدِيث لَا يُوجب نفي الحكم عَمَّا عداهُ عِنْد الْحَنَفِيَّة، وَإِن اعْتبر ذَلِك فِي الرِّوَايَات اتِّفَاقًا. أَمْثِلَة الْمُبَالغَة تطّرد من الثلاثي دون الرباعي فَإِنَّهُ لم يجىء مِنْهُ إِلَّا قَلِيل. لم يجوزوا تَقْدِيم مَعْمُول الْمُضَاف إِلَيْهِ على الْمُضَاف إِلَّا فِيمَا إِذا كَانَ الْمُضَاف لَفْظَة غير. إِذا ذكر الْوَصْف لاسم الْعلم لم يكن الْمَقْصُود من ذكر الْوَصْف التَّمْيِيز بل تَعْرِيف كَون ذَلِك الْمُسَمّى مَوْصُوفا بِتِلْكَ الصّفة. يتَصَوَّر الْجمع بَين النَّفْي وَالْإِثْبَات فِي زمانين فِي مَحل وَاحِد، وَفِي محلين فِي زمَان وَاحِد. انْتِفَاء السَّبَب لَا يدل على انْتِفَاء الْمُسَبّب لجَوَاز أَن يكون للشَّيْء أَسبَاب وَأما انْتِفَاء الْمُسَبّب فَإِنَّهُ يدل على انْتِفَاء جَمِيع أَسبَابه. السَّبَب إِنَّمَا يقوم مقَام الْمُسَبّب إِذا اشتهرت سببيته عَن ذَلِك الْمُسَبّب. التَّعْبِير عَن الشَّيْء بِمَا لَا يدل على تَعْيِينه ومعلوميته لَا يسْتَلْزم كَونه غير معِين وَغير مَعْلُوم. الْعَام مَا بَقِي عَاما لَا يتَصَوَّر مِنْهُ الِانْتِقَال إِلَى خَاص معِين. الْمَشْهُور أَن (مَا) فِي (أما بعد) لتفصيل الْمُجْمل مَعَ التَّأْكِيد وَلَيْسَ كَذَلِك بل لمُجَرّد التَّأْكِيد. فِي مثل النَّجْم والثريا والصعق وَابْن عَبَّاس تَبْدِيل تَعْرِيف بتعريف لَا تَعْرِيف المعرّف. أنْ المخففة للتحقيق فتناسب الْعلم بِخِلَاف الناصبة فَإِنَّهَا للرجاء والطمع فَلَا تناسبه. وضع اللَّفْظ لشَيْء يمْنَع من اسْتِعْمَاله فِي غَيره إِلَّا أَن يكون بطرِيق التَّجَوُّز. التَّضْمِين وَاجِب فِي الْجعل دون الْخلق وتضمين النَّقْل مَخْصُوص بِهِ والإنشاء مُشْتَرك. ذكر الْوَصْف فِي الاثبات يَقْتَضِي النَّفْي عَن غير الْمَذْكُور وَفِي النَّفْي يَقْتَضِي الْإِثْبَات لِئَلَّا يَلْغُو ذكره. اسْتثِْنَاء نقيض الْمُقدم لَا ينْتج نقيض التَّالِي عِنْد أهل الْمِيزَان وينتجه عِنْد أهل اللُّغَة. يجب حذف الْفِعْل بعد (لَو) فِي مثل: {وَلَو أَنهم قَالُوا} لدلَالَة (أَن) عَلَيْهِ ووقوعه موقعه. تَنْوِين الْجمع تَنْوِين الْمُقَابلَة لَا تَنْوِين التَّمَكُّن وَلذَلِك يجمع مَعَ اللَّام. مَعْمُول الصّفة لَا يتَقَدَّم الْمَوْصُوف. (كَانَ) لَا يحذف مَعَ اسْمه إِلَّا فِيمَا لَا بدّ مِنْهُ. مُتَعَلق الْمصدر كالصلة لَهُ فَلَا يُوصف مَا لم يتم بِهِ. لَا يقدم الْعَطف على الْمَوْصُول على الْعَطف على الصِّلَة. ظرف الزَّمَان لَا يكون صفة الجثة وَلَا حَالا مِنْهَا وَلَا خَبرا عَنْهَا. الشَّرْط إِذا كَانَ بِلَفْظ الْمَاضِي حسن حذف الْفَاء مِنْهُ. مَا كَانَ فِي معنى الشَّيْء يكون غير ذَلِك الشَّيْء.

أحسن الْجَواب مَا اشتق من السُّؤَال. الْفِعْل وَمَا جرى مجْرَاه إِذا قدم على فَاعله الظَّاهِر يفرد وَيذكر. تَقْدِيم مَا حَقه التَّأْخِير يُفِيد الْحصْر. الْمُعَرّف بلام الْعَهْد بِمَنْزِلَة تكْرَار الْعلم. الِاسْتِئْنَاف قد يكون بِالْوَاو. إِضَافَة اسْم الْفَاعِل إِلَى ظرفه قد تكون بِمَعْنى اللَّام. الصّفة المشبهة لَا تشتق من الْمُتَعَدِّي. أَي تعم بإلحاق الصّفة المعنوية بهَا. الْكِنَايَة أبلغ من الصَّرِيح لتضمنها إِثْبَات الشَّيْء بِدَلِيل. أَسمَاء الْأَعْلَام قَائِمَة مقَام الْإِشَارَة. الجموع قد يسْتَغْنى بِبَعْضِهَا عَن بعض. الاثبات إِذا كَانَ بعد النَّفْي يكون أبلغ. جَازَ اجْتِمَاع معرفتين إِذا كَانَ فِي أَحدهمَا مَا فِي الآخر وَزِيَادَة. الْمَحْذُوف قِيَاسا كالمثبت. العوامل اللفظية تجْرِي مجْرى المؤثرات الْحَقِيقِيَّة. مَا جهل أمره يذكر بِلَفْظ (مَا) لَا ب (من) إِلَّا أَن يقْصد التغليب. الْمُضَارع الْمَنْفِيّ بِلَا كالمثبت فِي عدم دُخُول الْوَاو عَلَيْهِ. رُبمَا تتْرك الْقُيُود فِي التعريفات بِنَاء على ظُهُورهَا. إِنْكَار النَّفْي يُحَقّق الْإِثْبَات. نفي النَّفْي اسْتِمْرَار الثُّبُوت. كَثْرَة الدوران لَا تدل على الرجحان. خُصُوص السَّبَب لَا يُوجب التَّخْصِيص. الْمَادَّة الْوَاحِدَة يكفيها قرينَة وَاحِدَة. اسْتِعْمَال بعض الْأَلْفَاظ بِمَعْنى بعض لَا يُوجب اتحادها فِي الْمَعْنى. ذكر الْخَاص مَعَ الْعَام فِي تَفْسِير الْعَام مِمَّا لَا يَصح أَو لَا يحسن. النَّفْي يخرج النكرَة من حيّز الْإِبْهَام إِلَى حيّز الْعُمُوم. المنتصب على الْمَفْعُول لَهُ لَا يكون إِلَّا مصدرا كقمت إجلالاً لَهُ. دلَالَة التَّقْدِيم على الْقصر بالفحوى لَا بِالْوَضْعِ. الاضافة لَا تَسْتَلْزِم تشخص للمضاف. نفي الْقَيْد نفي مُقَيّد بِالْإِضَافَة. تَقْيِيد النَّفْي نفي مُقَيّد بالتوصيف. الِاخْتِصَاص الْمُسْتَفَاد من اللَّام لَيْسَ هُوَ الْحصْر. التأسيس أولى من التَّأْكِيد لِأَن الإفادة خير من الْإِعَادَة. وضع الْحُرُوف غَالِبا لتغيير الْمَعْنى لَا اللَّفْظ. ألحق جَوَاز التَّعْرِيف بالمجاز الشهير بِحَيْثُ لَا يتَبَادَر غَيره. حمل الْكَلَام على أَعم المحلين أولى لِأَنَّهُ أَعم فَائِدَة. شَرط التَّعْلِيق عدم ذكر شَيْء من مفعوليه قبل الْجُمْلَة. التَّنْوِين قد يكون على الْجوَار كالجر. شَرط الدَّلِيل اللَّفْظِيّ أَن يكون طبق

الْمَحْذُوف. لَا منع من اجْتِمَاع التعريفين بل الْمَمْنُوع إجتماع أداتهما. وضع الْأَعْلَام للذوات أَكثر من وَضعهَا للمعاني. يَكْفِي فِي عود الشي إِلَى حكم الأَصْل أدنى سَبَب. دَرَجَة مُؤثر لَا يتأثر أقوى من دَرَجَة مُؤثر يتأثر. اقْتِضَاء الْحَرْف للجر أقوى من اقْتِضَاء الْإِضَافَة لَهُ. الإنشاءات فِي الْأَغْلَب من مَعَاني الْحُرُوف. تَخْصِيص الْعدَد بِالذكر لَا يدل على نفي الزَّائِد. اتِّصَال الضَّمِير الْمَجْرُور بجاره أَشد وَأقوى من اتِّصَال الْفَاعِل بِفِعْلِهِ. الْوَصْف السببي دَاخل فِي الْوَصْف الحالي وراجع إِلَيْهِ فِي التَّحْقِيق. الْمَمْنُوع من غير المنصرف تَنْوِين التَّمَكُّن. لَا يحسن تَفْسِير الْقَاصِر بالمتعدي. الْأَسْمَاء المشتقة كالجماعة المتصاحبة من النَّاس. أَدَاة الشَّرْط تسْتَعْمل فِي الْمُحَقق والمقدّر. الْعُدُول عَن التَّصْرِيح بَاب من البلاغة وَإِن أورث تَطْوِيلًا. مُطَابقَة الْمِثَال للمثل غير لَازِمَة. حمل (ثمَّ) على التَّرَاخِي فِي الرُّتْبَة خلاف الظَّاهِر. الْقَيْد الْمُقدم ذكرا قد يعْتَبر مُؤَخرا. معنى العلاقة بَين الشَّيْئَيْنِ وقوعاً لَا يسْتَلْزم العلاقة بَينهمَا إمكاناً وَلَا امتناعاً. إِذا دخل الْجمع لَام التَّعْرِيف يكون نَعته مذكراً {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب} . الْمُسْتَدْرك صَحِيح غَايَته غير مُهِمّ فِي الْمقَام. صِفَات الذَّم إِذا نفيت على سَبِيل الْمُبَالغَة لم ينف أَصْلهَا. الْحق أَن التَّعْرِيف بالمعاني المفردة جَائِز. ينفى عَن النَّاقِص شبهه بالكامل لَا الْعَكْس وَهُوَ الْمَشْهُور {وَلَيْسَ الذّكر كالأنثى} . الِاتِّحَاد أقوى دلَالَة على الِاخْتِصَاص من دلَالَة طرف الِاخْتِصَاص عَلَيْهِ. مَا يكون فِي أحد الشَّيْئَيْنِ يصدق أَنه فيهمَا فِي الْجُمْلَة {وَمَا بَث فيهمَا من دَابَّة} . اسْتِعَارَة أحد الضدين للْآخر استهزاء. مُجَرّد الْجَوَاز الْعقلِيّ لَا يَكْفِي فِي نقض التعريفات. إجتماع المعرفات على معرف وَاحِد جَائِز اتِّفَاقًا. اسْم الْجمع جمع فِي معنى. التَّثْنِيَة من مَرَاتِب الْجمع. التَّقَدُّم فِي التعقل لَا يسْتَلْزم التَّقَدُّم فِي التَّلَفُّظ. قد يتَحَمَّل فِي التبع مَا لَا يتَحَمَّل فِي الأَصْل. التَّرْتِيب فِي الذّكر لَا يدل على التَّرْتِيب فِي الْوُجُود. المتضمن معنى الشَّيْء لَا يلْزم أَن يجْرِي مجْرَاه

فِي كل شَيْء. الْأَعْيَان تخْتَلف أساميها باخْتلَاف صورها ومعانيها. لَا يلْزم من ترَتّب الحكم على الْمُحَقق ترتبه على مَا قدر تحَققه. الضَّعِيف المضمحل الْأَثر ينزل منزلَة الْمَعْدُوم. مُوَافقَة الحكم للدليل لَا تَقْتَضِي أَن يكون مستفاداً مِنْهُ. الشَّيْء إِذا ثَبت بلوازمه. الْعبْرَة للمعاني دون الصُّور والمباني. الْحَقِيقَة إِذا تَعَذَّرَتْ تحمل على أقرب المجازات مِنْهَا. مَا أَفَادَهُ الْآيَة وَلَو بِالدّلَالَةِ أقوى مِمَّا أَفَادَهُ خبر الْوَاحِد وَلَو بِالْإِشَارَةِ. الْمجَاز أبلغ من الْحَقِيقَة إِذا صدر عَن البليغ. الضَّمِير الْمُتَّصِل كالبعض مِمَّا قبله. إِعَادَة الْمَعْنى بصياغات مُتعَدِّدَة لَا يعدّ تَكْرَارا وَلَا عيب فِيهِ. النكرَة إِذا كَانَت بَدَلا من الْمعرفَة فَلَا بُد أَن تتصف بِصفة. وجوب تَأَخّر التَّأْكِيد إِنَّمَا هُوَ فِي التأكيدات الاصطلاحية لَا اللُّغَوِيَّة. الدَّلِيل كَمَا يتركب من الحمليات وَالْمُوجِبَات يتركب أَيْضا من الشرطيات والسوالب. القَوْل اللَّازِم يُسمى مَطْلُوبا إِن سيق مِنْهُ إِلَى الْقيَاس ونتيجة إِن سيق من الْقيَاس إِلَيْهِ. تطابق الدَّلِيل على المدّعى وَاجِب عِنْد جُمْهُور الْعلمَاء. إِثْبَات مَوْضُوع الْعلم خَارج عَن الْعلم وَأما إِثْبَات مَوْضُوع المسئلة فخارج عَنْهَا وَرُبمَا دخل فِي الْعلم لجَوَاز أَن يكون بعض من مسَائِل الْعلم مبادئ لبَعض آخر. تَفْسِير الْخصم الشَّيْء على مُقْتَضى مذْهبه لَا يكون حجَّة على مخالفه. إِذا قَامَ الدَّلِيل على شَيْء كَانَ فِي حكم الملفوظ بِهِ. كَثْرَة الِاسْتِعْمَال يجوز مَعَه مَا لَا يجوز مَعَ غَيره. الشَّيْء إِذا شابه الشَّيْء فَلَا يكَاد يُشبههُ من جَمِيع وجوهه. تَصْدِيق الْمَذْكُور يَقْتَضِي تَكْذِيب غَيره وَبِالْعَكْسِ. الإعمال بالدليلين أولى من الإعمال بِأَحَدِهِمَا. الْحَاجة إِلَى الدّلَالَة فِيمَا يشْتَبه فِيهِ الْحَال. التعريفات لَا تقبل الِاسْتِدْلَال لِأَنَّهَا من قبيل التصورات، وَالِاسْتِدْلَال إِنَّمَا يكون فِي التصديقات. التَّفْسِير والتعريف كَمَا يكون بِالْأَمر الدَّاخِلَة يكون بالأمور الْخَارِجَة اللَّازِمَة أَيْضا، وَأخذ جَمِيع اللوازم الْخَارِجَة غير لَازم وَأخذ بَعْضهَا دون بعض لَيْسَ بتحكم وَإِنَّمَا التحكم بِأَن أَخذ بَعْضهَا فِيهِ جَائِز دون بعض. بَقَاء الحكم لَا يكون إِلَّا بِبَقَاء السَّبَب الْمُوجب لَهُ. الْجَواب بتغيير الأسلوب لَيْسَ بِجَوَاب بل تَسْلِيم للسؤال.

دأب ارباب الْعُلُوم الظنية تَخْصِيص قواعدهم بموانع تمنع اطرادها. وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَسْتَقِيم فِي الْعُلُوم اليقينية. الْكَلَام على سَبِيل التَّنْزِيل إِنَّمَا يُنَاسب مقَام المباحثة والجدل دون مقَام المناظرة والتعريف. إعتبار قيد لَا يَقْتَضِيهِ الْمقَام يعد مثله عِنْد البلغاء هجنة فِي الْكَلَام. لَا يحسن فِي الْعُلُوم اليقينية إِيرَاد الْإِشْكَال والاعتراض مَعَ الاعراض عَن حلهَا لِأَن ذَلِك تهاون فِي أَمر الِاعْتِقَاد فَلَا يَلِيق إِلَّا بطرِيق الارشاد كَمَا لَا يستحسن إِيرَاد برهَان المغالطين وَدَلَائِل الفلسفة بِلَا إِيرَاد إِشْكَال عَلَيْهَا لِأَن ذَلِك إخلال فِي تَحْقِيق الْحق وَتَعْيِين الصَّوَاب. حَقِيقَة الْأَمر فِي حَقِيقَة الْأَمر الِاعْتِمَاد على صَاحب الشَّرْع. تَعْلِيل الحكم الظَّاهِر بِالْمَعْنَى الظَّاهِر أولى من تَعْلِيله بِالصّفةِ الْخفية. جَوَاز تَعْلِيل الْمَعْلُول الْوَاحِد بعلتين، إِنَّمَا هُوَ فِي الْعِلَل الْعَقْلِيَّة، وَفِي الْعِلَل الشَّرْعِيَّة يُعلل بعلل شَتَّى. الْفُقَهَاء قد يفرضون مَالا وُقُوع لَهُ فِي الممكنات دون الممتنعات بِالذَّاتِ. الترجيحات اللُّغَوِيَّة لَا تفِيد إِلَّا الظَّن. حق الدَّلِيل أَن يكون أوضح من الْمَدْلُول. مَا لَا يُطَابق الِاعْتِقَاد كَاذِب سَوَاء كَانَ هُنَاكَ إعتقاد أَو لَا. الِاسْتِعْمَال الْغَالِب يسْتَدلّ بِهِ على الْوَضع والأصالة إِذا لم يكن ثمَّة معَارض. الْأَحْكَام اللُّغَوِيَّة لَا يُمكن إِثْبَاتهَا بِمُجَرَّد المناسبات الْعَقْلِيَّة القياسية بل لَا بدّ من أَن تكون مُعْتَبرَة فِي الاستعمالات اللُّغَوِيَّة. إتقان الرِّوَايَة لَا يسْتَلْزم إتقان الدِّرَايَة، وَالْقَوْل لَا يعادل الدِّرَايَة. التيقن بِوُجُوب الْعَمَل بِالظَّنِّ إِنَّمَا يحصل فِي حق الْمُجْتَهد دون غَيره. الْمَسْأَلَة الْمُخْتَلف فِيهَا لَا تصح أَن تكون مبْنى لأمر مُتَّفق عَلَيْهِ. الدَّلِيل الْمُشْتَمل على المصادرة على الْمَطْلُوب من القياسات المغالطية الَّتِي مغالطتها من جِهَة التَّأْلِيف لَا من جِهَة الْمَادَّة. التَّعَارُض آيَة الظنية وَعدم القطعية. مَا خَالف الْقيَاس يقْتَصر على مورد السماع. الْحق بعد ظُهُوره كل الظُّهُور أَحَق من غَيره وَإِن كَانَ ثَابتا. تَقْدِيم الْقَاعِدَة على الْفُرُوع يَلِيق بِوَضْع أصُول الْفِقْه وَأما فِي الْفِقْه فالمقصود معرفَة الْمسَائِل الْجُزْئِيَّة فَيقدم فِيهِ الْفُرُوع ثمَّ يذكر مَا هُوَ الأَصْل الْجَامِع للفروع الْمُتَقَدّمَة. لَا لوم فِي ذكر الْوُجُوه الضعيفة فِي ضمن الِاحْتِمَالَات. الدّلَالَة المعنوية عبارَة عَن دلَالَة الْمَلْزُوم على اللَّازِم الضَّرُورِيّ أَو لَازمه الْغَالِب. الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة على وفَاق الْمعَانِي اللُّغَوِيَّة. الْمِثَال الْوَاحِد لَا يَكْفِي فِي إِثْبَات الحكم الْعَام. الْأَكْثَر لَهُ حكم الْكل فِيمَا لم يرد النَّص بِخِلَافِهِ.

الْقيَاس الْعقلِيّ لَا يَكْفِي فِي الْقَوَاعِد الْعَرَبيَّة. إِثْبَات اللُّغَة بِالْقِيَاسِ غير جَائِز. الْأَحْكَام علل مآلية والأسباب علل آلية. الْقَضِيَّة الْعُرْفِيَّة يجوز اختلافها باخْتلَاف الْأَزْمِنَة. لَا يُمكن اعْتِبَار الحيثيات الْعَقْلِيَّة فِي الْأُمُور الخارجية. اعْتِقَاد الْمُقَلّد للشَّيْء على مَا هُوَ عَلَيْهِ مثل الْعلم بالِاتِّفَاقِ. أهل الْعَرَبيَّة لَا الْتِفَات لَهُم إِلَى مَا يعتبره أهل الْمَعْقُول. الدّلَالَة لَا تعْمل إِذا عارضها عبارَة. الْعَام الْمَخْصُوص دون الْقيَاس الْمجمع عَلَيْهِ لَا يحْتَاج إِلَى دَلِيل لِأَن دَلِيله الْإِجْمَاع. الحكم الَّذِي لَهُ مُسْتَند أقرب إِلَى الصَّوَاب من الحكم الَّذِي لَا مُسْتَند لَهُ ظَاهرا. عدم ظُهُور الْخَطَأ يُوجب عدم الحكم بِالصَّوَابِ لِأَن الحكم بِهِ يسْتَند إِلَى أصل الْبَرَاءَة. تَخْصِيص الْقَاعِدَة لَيْسَ من دأب المباحث الْعَقْلِيَّة. ظواهر الظنيات لَا تعَارض العقليات. الْمُتَوَاتر فِي طبقَة قد يكون آحاداً فِي غَيرهَا فَيكون من الْمُتَوَاتر الْمُخْتَلف فِيهِ. إِلْحَاق الْقَلِيل بالكثير والفرد النَّادِر بالأعم الْأَغْلَب طَرِيق من طرق الصَّوَاب. الرَّاجِح من الْأَقْوَال الثَّلَاثَة فِي مَحل هُوَ الأول أَو الآخر لَا الْوسط كَمَا فِي آخر " الْمُسْتَصْفى ". إِذا كَانَ بَين الدَّلِيلَيْنِ عُمُوم وخصوص من وَجه فَلِكُل مِنْهُمَا رُجْحَان. إِيجَاد النظير بعد قيام الدَّلِيل إِنَّمَا هُوَ للأنس بِهِ لَا للْحَاجة إِلَيْهِ فَأَما إِن لم يقم دَلِيل فَإنَّك مُحْتَاج إِلَى النظير. إِذا ثَبت الحكم لعِلَّة اطرد حكمهَا فِي الْموضع الَّذِي امْتنع فِيهِ وجود الْعلَّة نَظِيره العدّة عَن النِّكَاح وَمثل ذَلِك الرمَل فِي الطّواف. وَسبب ذَلِك أَن النُّفُوس تأنس بِثُبُوت الحكم فَلَا يَنْبَغِي أَن يَزُول ذَلِك الْأنس: الْحَنَفِيَّة من أَئِمَّة الْأُصُول لَا يجْعَلُونَ الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَاتًا وَلَا دلَالَة فِي (مَا شَاعِر إِلَّا زيد) على شاعرية زيد وَلَا دلَالَة فِي (لَا إِلَه إِلَّا الله) على وجوده تَعَالَى وألوهيته إِلَّا بطرِيق الْإِشَارَة. الِاسْتِعْمَال فِي غير الْمَوْضُوع لَهُ فرع لتحَقّق الْمَوْضُوع لَهُ كَمَا أَن الْإِسْنَاد إِلَى غير مَا هُوَ لَهُ فرع لتحَقّق مَا هُوَ لَهُ. الْخلف قد يُفَارق الأَصْل عِنْد اخْتِلَاف الْحَال كالتيمم يُفَارق الْوضُوء فِي اشْتِرَاط النِّيَّة لاخْتِلَاف حَالهمَا وَهُوَ أَن المَاء مطهر بِنَفسِهِ وَالتُّرَاب ملوث. الْبُرْهَان الْقَاطِع لَا يدْرَأ بالظواهر بل يُسَلط على

تَأْوِيل الظَّوَاهِر كَمَا فِي ظواهر التَّشْبِيه فِي حق وَاجِب الْوُجُود. عدم التَّصْرِيح لَا ينْحَصر بِعَدَمِ القَوْل بل يُوجد بالْقَوْل بِخِلَافِهِ. التَّمَسُّك بالاجماع فِي العقليات يكون عِنْد الضَّرُورَة. الْعَمَل بِالْعلمِ الْغَالِب وَالظَّن الرَّاجِح وَاجِب عقلا وَشرعا وَإِن بَقِي فِيهِ ضرب احْتِمَال. الْمَسْأَلَة الاعتقادية لَا يقبل فِيهَا أَخْبَار الْآحَاد. ظن الْمُجْتَهد إِنَّمَا يعْتَبر فِي الاستنباط مِمَّا لَا يُمكن فِيهِ الْقطع من الْكتاب وَالسّنة بعد الِاجْتِهَاد والتأمل. اسْتِعْمَال الشَّافِعِيَّة الِاعْتِقَاد فِي الظَّن الْغَالِب خلاف المصطلح عِنْد الْأُصُولِيِّينَ وَهُوَ الْجَازِم لدَلِيل. لَا حَاجَة فِي الْإِلْزَام للْغَيْر إِلَى التَّصْدِيق فَإِن الْحَنَفِيّ يلْزم الْحَنَفِيّ الآخر من قبل الشَّافِعِي. الظَّن لَا اعْتِبَار لَهُ فِي المعارف الْحَقِيقِيَّة وَإِنَّمَا الْعبْرَة فِي العمليات وَمَا يكون وصلَة إِلَيْهَا. وَلَا يجوز التَّمَسُّك بالأدلة النقلية فِي الْمسَائِل الْعَقْلِيَّة وَإِنَّمَا يتَمَسَّك بهَا فِي الْمسَائِل النقلية تَارَة لإِفَادَة الْيَقِين كَمَا فِي مَسْأَلَة حجية الْإِجْمَاع وَخبر الْآحَاد وَأُخْرَى لإِفَادَة الظَّن كَمَا فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة الفرعية. الدَّلِيل النقلي يُفِيد الْيَقِين فِي الاعتقاديات المدركة بالعقول عِنْد توارد الْأَدِلَّة على معنى وَاحِد بعبارات وطرق مُتعَدِّدَة وقرائن منضمة. يَكْتَفِي فِي الظنيات بالإقناعيات والتنبيهات وَالْأَخْذ بِالْأولَى أَو الأجلى والأخلق وَالْأَظْهَر فِي الْفَهم والأسبق والأنسب بالمشاركات والأليق. القَوْل بترجح الظَّوَاهِر النقلية على القواطع الْعَقْلِيَّة محَال لِأَن النَّقْل فرع على الْعقل فالقدح فِي الأَصْل لتصحيح الْفَرْع يُوجب الْقدح فِي الْفَرْع وَالْأَصْل مَعًا وَهُوَ بَاطِل، لَكِن هَذَا فِيمَا إِذا كَانَ النَّقْل ظَنِّي الثُّبُوت أَو الدّلَالَة أَو كَانَ النَّقْل مِمَّا يبلغهُ طور الْعقل وَإِلَّا فالعقل مَعْقُول وَالشَّرْع مُتبع مَنْقُول. إِذا تعَارض الْعقل وَالنَّقْل فِي مَطْلُوب فَيتبع الْعقل ويتتبع المخلص فِي الْمَنْقُول ليُوَافق بِهِ الْمَعْقُول إِن أمكن وَإِلَّا يعدّ الْمَنْقُول من قبيل المتشابهات هَذَا فِي الْمَطْلُوب الاعتقادي، وَأما فِي الْمَطْلُوب العملي فَإِن كَانَ التَّعَارُض بَين الْقيَاس وَمتْن الحَدِيث فيرجح الْقيَاس إِن كَانَ الحَدِيث خبر الْوَاحِد، ويرجح الحَدِيث إِن كَانَ متواتراً إِلَى غير ذَلِك من التفاصيل. البليغ يفهم من مساق الْكَلَام مَا يَقْتَضِيهِ الْمقَام لَا سِيمَا فِي المقاولات. الدَّائِم الْغَيْر الْمُنْقَطع أولى من الآجل الْمُنْقَطع. [لَا معنى لتشبيه الْمركب بالمركب إِلَّا أَن ينتزع كَيْفيَّة من أُمُور عدَّة فَشبه بكيفية أُخْرَى مثلهَا فَيَقَع فِي كل وَاحِد من الطَّرفَيْنِ أُمُور مُتعَدِّدَة، فَالْقَوْل بِأَن انتزاع كل من الطَّرفَيْنِ من عدَّة أُمُور لَا يُوجب تركيبه، بل يَقْتَضِي تعدداً فِي مآخذه مَرْدُود، فَإِن

الْمُشبه مثلا إِذا كَانَ منتزعاً من أَشْيَاء مُتعَدِّدَة فإمَّا أَن ينتزع بِتَمَامِهِ من كل وَاحِد مِنْهَا، وَهُوَ بَاطِل، فَإِنَّهُ إِذا أَخذ كَذَلِك من وَاحِد مِنْهَا كَانَ أَخذه مرّة ثَانِيَة من وَاحِد آخر لَغوا بل تحصيلاً للحاصل، وَإِمَّا أَن ينتزع من كل وَاحِد مِنْهَا بعض مِنْهُ فَيكون مركبا بِالضَّرُورَةِ، وَإِمَّا أَن لَا يكون هُنَاكَ لَا هَذَا وَلَا ذَاك، وَهُوَ أَيْضا بَاطِل، إِذْ لَا معنى حِينَئِذٍ لانتزاعه من تِلْكَ الْأُمُور المتعددة. الْمُتَعَارف فِي جَوَاب (لما) الْفِعْل الْمَاضِي لفظا أَو معنى بِدُونِ الْفَاء، وَقد تدخل الْفَاء على قلَّة لما فِي (لما) من معنى الشَّرْط، وَعَلِيهِ ورد بعض الْأَحَادِيث. وَفِي شرح " اللّبَاب " للمشهدي: جَوَاب (لما) فعل مَاض أَو جملَة اسمية مَعَ (إِذا) المفاجأة أَو مَعَ الْفَاء، وَرُبمَا كَانَ مَاضِيا مَقْرُونا بِالْفَاءِ، وَيكون مضارعاً. عِلّة تَخْصِيص الِابْتِدَاء بالمتحرك هِيَ أَن الِابْتِدَاء للْكَلَام كالأس للْبِنَاء، فَكَمَا أَن الْبناء الخارق لَا يبْنى إِلَّا على أساس متين كَذَلِك من أَرَادَ إحكام كَلَامه لَا يَبْنِي إِلَّا على متحرك مُتَقَوّم بحركة الوجودية دون السَّاكِن الَّذِي تطرق إِلَيْهِ الضعْف بسكونه العدمي، وَالْوَقْف على السَّاكِن لكَونه ضد الِابْتِدَاء فَجعل عَلامَة ضد الْعَلامَة. القَوْل بِأَن مَا فِي حيّز النَّفْي لَا يتَقَدَّم عَلَيْهِ لَيْسَ إطلاقاً بل ذَلِك إِنَّمَا هُوَ فِي النَّفْي بِمَا وَإِن فَإِنَّهُمَا لدخولهما على الْفِعْل وَالِاسْم أشبها الِاسْتِفْهَام فطلبا صدر الْكَلَام بِخِلَاف لم وَلنْ فَإِنَّهُمَا اختصا بِالْفِعْلِ وَعَملا فِيهِ وصارا كالجزء مِنْهُ فَجَاز (زيدا لم أضْرب أَو لن أضْرب) وَأما (لَا) فَإِنَّهَا مَعَ دُخُولهَا على القبيلتين جَازَ التَّقْدِيم مَعهَا لِأَنَّهَا حرف متصرف فِيهِ حَيْثُ أعمل مَا قبلهَا فِيمَا بعْدهَا كَمَا فِي (أُرِيد أَن لَا تخرج) و (جِئْت بِلَا طائل) فَجَاز أَيْضا أَن يتَقَدَّم عَلَيْهَا مَعْمُول مَا بعْدهَا بِخِلَاف مَا إِذْ لَا يتخطاها الْعَامِل أصلا. وَقد جوزت الكوفية تَقْدِيم مَا فِي حيزها عَلَيْهَا قِيَاسا على أخواتها. إِذا كَانَ الْمُشبه بِهِ مُفردا مُقَدرا فَهُوَ من قبيل مَا يَلِي الْمُشبه بِهِ حرف التَّشْبِيه، أَلا يرى إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا مثل الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ من السَّمَاء} كَيفَ ولي المَاء الْكَاف وَلَيْسَ الْغَرَض تَشْبِيه حَال الدُّنْيَا بِالْمَاءِ وَلَا بمفرد آخر يتمحل لتقديره، فتقدير (كَمثل مَاء) على حذف الْمُضَاف حَتَّى لم يل الْكَاف لكَونه محذوفاً سهوٌ بيِّن إِذْ الْمُقدر فِي حكم الملفوظ بِخِلَاف قَوْله: {أَو كصيب} . حَيْثُ يقدر فِيهِ (كَمثل ذَوي صيب) إِذْ الضمائر فِي قَوْله تَعَالَى: {يجْعَلُونَ أَصَابِعهم فِي آذانهم} . لَا بُد لَهَا من مرجع. طَريقَة الِاسْتِعَارَة أَن تطوي ذكر الْمُشبه قطعا وَيجْعَل الْكَلَام عَنهُ خلوا فَلَا يكون مَذْكُورا وَلَا مُقَدرا فِي نظم الْكَلَام. وَأما التَّشْبِيه فقد يطوى فِيهِ ذكره أَيْضا كَذَلِك، وَالْفرق حِينَئِذٍ من وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَن الْمَتْرُوك فِي التَّشْبِيه منوي مُرَاد، وَفِي الِاسْتِعَارَة منسي بِالْكُلِّيَّةِ، وَالثَّانِي أَن اللَّفْظ الْمُشبه بِهِ فِي التَّشْبِيه يسْتَعْمل فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ، وَفِي الِاسْتِعَارَة يسْتَعْمل فِي معنى الْمُشبه حَتَّى لَو أقيم اسْم مشبه مقَامه صَحَّ. قد يعبر عَن الشَّيْء باسمه الْخَاص، وَقد يعبر عَنهُ بمركب يدل على بعض لوازمه، وَذَلِكَ فِي

الْعدَد ظَاهر فَإنَّك تنقص عددا عَن عدد حَتَّى يبْقى الْمَقْصُود، وَقد تضم عددا إِلَى عدد كَمَا قَالَ الشَّاعِر: (بنت سبع وَأَرْبع وَثَلَاث ... هِيَ حتف المتيم المشتاق) وَالْمرَاد بنت أَرْبَعَة عشر. وَقد يعبر عَنهُ بِغَيْرِهِمَا كَمَا يُقَال للعشرة جُزْء المئة وَضعف الْخَمْسَة وَربع الْأَرْبَعين وَغَيرهَا الْمُعْتَبر فِي بَاب الِاسْتِعَارَة طَريقَة الْعَرَب فِي استعاراتهم لَا كل طَريقَة يخترعها الْمُتَكَلّم، فهم لم يعتبروا باستعاراتهم اللَّازِم بِأَيّ وَجه كَانَ بل اعتبروا أَن يكون الْمُسْتَعَار لَهُ لَازِما تَابعا للمستعار مِنْهُ فِي جِهَة الِاسْتِعَارَة، فاستعاروا السَّمَاء وَهُوَ السَّحَاب الَّذِي للمطر ينزل مِنْهُ ويفتقر إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لَازم السَّحَاب فِي الْغَالِب وتابع لَهُ، وَلم يلتفتوا إِلَى ملزومية الْمَطَر للسحاب لعدم تَبَعِيَّة السَّحَاب للمطر، واستعاروا الْأسد للشجاع بِاعْتِبَار لَازمه الَّذِي هُوَ تَابع وَهُوَ الشجَاعَة، وَلم يعكسوا لعدم التّبعِيَّة، وَذَلِكَ أَن الِاسْتِعَارَة للْمُبَالَغَة فِي التَّشْبِيه، وَهِي تتَحَقَّق فِي هَذَا النَّوْع دون عَكسه. الأبلغ إِذا كَانَ أخص مِمَّا دونه ومشتملاً على مَفْهُومه تعين هُنَاكَ طَريقَة الترقي، إِذْ لَو قدم الأبلغ كَانَ ذكر الآخر عَارِيا عَن الْفَائِدَة، وَإِذ لم يكن الأبلغ مُشْتَمِلًا على مَفْهُوم الْأَدْنَى فَإِنَّهُ يجوز كل وَاحِد من طريقي التتميم والترقي نظرا إِلَى مُقْتَضى الْحَال. مَا ذكر فِي علم الْكَلَام من أَن الْمحَال لَيْسَ بِشَيْء اتِّفَاقًا، وَأَن النزاع فِي الْمَعْدُوم الْمُمكن هَل هُوَ شَيْء أَو لَا فَذَلِك فِي الشيئية بِمَعْنى التقرر والتحقق منفكاً عَن صفة الْوُجُود لَا فِي إِطْلَاق لفظ الشَّيْء على مَفْهُومه فَإِنَّهُ من المباحث اللُّغَوِيَّة المستندة إِلَى النَّفْي وَالسَّمَاع لَا من الْمسَائِل الكلامية المبنية على الأنظار الدقيقة. اعتبروا اخْتِلَاف الْمَاضِي والمستقبل فِي الْمَنْع عَن الْعَطف وَلم يعتبروا اخْتِلَاف النَّفْي وَالْإِثْبَات فِيهِ لأَنهم لم يضعوا صِيغَة لنفي الْفِعْل على حِدة بل وضعُوا (مَا) و (لَا) للنَّفْي مُطلقًا، فَإِذا أَرَادوا نفي الْفِعْل جمعُوا بَينه وَبَين صِيغَة الْفِعْل وَقَالُوا (مَا فعل) و (لَا يفعل) فَحصل نفي الْفِعْل بتركيب الْكَلِمَتَيْنِ لَا بِأَصْل الْوَضع، وَلِهَذَا جعلُوا (مَا ضرب) و (لَا يضْرب) دَاخِلا فِي حد الْفِعْل مَعَ أَنه إِخْبَار عَن عدم الْفِعْل فَلذَلِك لم يُؤثر هَذَا الِاخْتِلَاف فِي الْمَنْع عَن الْعَطف، بِخِلَاف اخْتِلَاف الْمَاضِي والمستقبل لِأَنَّهُ صيغي ثَابت بِأَصْل الْوَضع فَيجوز أَن يُؤثر فِي الْمَنْع مَعَ أَنه قد جَاءَ فِي التَّنْزِيل عطف الْمَاضِي على الْمُسْتَقْبل أَيْضا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذين يَتلون كتابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصلاةَ وأنفقوا مِمَّا رَزَقْناهم} {إِنَّمَا تنذر الَّذين يَخْشونَ رَبهم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاة} . لَا يَصح اسْتِعَارَة (لَعَلَّ) لإِرَادَة الله عِنْد الأشاعرة لاستلزامها وُقُوع المُرَاد، وَلَا للتَّعْلِيل عِنْد من يَنْفِي تَعْلِيل أَفعاله تَعَالَى بالاعراض مُطلقًا، بل يجب أَن يَجْعَل مجَازًا عَن الطّلب الَّذِي يغاير الْإِرَادَة وَلَا يسْتَلْزم حُصُول الْمَطْلُوب أَو عَن تَرْتِيب الْغَايَة على مَا هِيَ ثَمَرَة لَهُ فَإِن أَفعاله

تَعَالَى يتَفَرَّع عَلَيْهَا حكم ومصالح متقنة هِيَ ثَمَرَته وَإِن لم يكن عللاً غائية لَهَا بِحَيْثُ لولاها لم يقدم الْفَاعِل كَمَا حقق فِي مَوْضِعه. الْجُحُود فِي عَامَّة كتب اللُّغَة إِنْكَار الْعلم. وَلَا دلَالَة فِي قَوْله تَعَالَى: {وجحدوا بهَا واستيقنتها أنفسهم} على خلو الْجُحُود عَن الْعلم لفساد معنى خالين عَن الْعلم مستيقنين بهَا، بل الْمَعْنى وجحدوا بعد أَن استيقنتها، وَلما لم يفد هَذَا الْعلم فَائِدَته أَخذ حكم عَدمه كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {صم بكم عمي فهم لَا يعْقلُونَ} وَلِأَن الْكَافِر جَاهِل حَقِيقَة وَلكنه بِاعْتِبَار قيام الدَّلِيل الْوَاضِح الَّذِي لَو اسْتدلَّ بِهِ بِوَجْه الْيَقِين عِنْد مُسْتَيْقنًا فَسُمي إِنْكَاره جحُودًا فَذكر الاستيقان بعد ذكر الْجُحُود للتصريح بِمَا تضمنه الْجُحُود من الْعلم، والتشنيع عَلَيْهِم بِأَن ذَلِك مِنْهُم من أقبح الْكفْر وأفحش الظُّلم فَكَانَ موقعه نصا أحسن موقع. مُرَاد أهل الْأُصُول من الِاسْتِحْسَان مَا خَفِي من الْمعَانِي الَّتِي يناط بهَا الحكم من الْقيَاس مَا كَانَ ظَاهرا متبادراً بل هُوَ أَعم مِنْهُ أَو قد يكون بِالنَّصِّ، وَقد يكون بِالضَّرُورَةِ، وَقد يكون بِالْقِيَاسِ إِذا كَانَ قِيَاسا آخر متبادراً وَذَلِكَ خَفِي وَهُوَ الْقيَاس الصَّحِيح، فيسمى الْخَفي اسْتِحْسَانًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَلِك الْمُتَبَادر. لم يُوجد الْمَعْنى الَّذِي يخْتَص بِكُل وَاحِد من (نَعَم) و (بلَى) فِي الآخر، وَلم يذكر أحد من أَئِمَّة اللُّغَة جَوَاز اسْتِعَارَة أَحدهمَا للْآخر. وَأما كَون (نعم) إِقْرَارا كبلى فِيمَا لَو قَالَ لآخر: أَلَيْسَ لي عَلَيْك ألف؟ فَقَالَ: نعم، فَذَلِك بِنَاء على الْعرف لَا قَاعِدَة لُغَة الْعَرَب، وَالْعرْف لَا يصلح متمسكاً فِي تَصْحِيح لُغَة الْعَرَب. للْعلم من حَيْثُ كَونه علما لشخص معِين لَا تعدد فِيهِ فَلَا يَصح أَن يثنى أَو يجمع من هَذِه الْحَيْثِيَّة، وَأما إِذا وَقع فِي الِاشْتِرَاك واحتيج إِلَى تثنيته أَو جمعه فَلَا بُد حِينَئِذٍ من التَّأْوِيل مثل أَن يؤول زيد بِهَذَا اللَّفْظ، فَإِذا قيل الزيدون فَكَأَنَّهُ قيل المسمون بزيد فَجمع بِهَذَا الْجمع لكَونه فِي حكم صفة الْعُقَلَاء. الْألف اسْم يتَنَاوَل الْمدَّة والهمزة وَمن ثمَّ قيل: الْألف فِي إِنَّمَا وَمَا سَاكِنة ومتحركة وَاسم الْهمزَة مستحدث تمييزاً للمتحركة عَن الساكنة وَلذَلِك لم تذكر فِي التهجي بل اقْتصر على الْألف وَقد يُقَال: الْهمزَة وَالْألف حرف وَاحِد عِنْد الْفُقَهَاء وحرفان عِنْد مُتَعَارَف الْجُمْهُور. الكَلِم كلهَا مركبة من ذَوَات الْحُرُوف لَا من أسمائها، وَذَلِكَ يَقْتَضِي كَثْرَة وُقُوع صور الْحُرُوف فِي الْخط. أَلا ترى أَنَّك إِذا أردْت تَصْوِير ذَوَات الْحُرُوف تعدد تِلْكَ الْحُرُوف بأساميها، فَتَقول لكاتب مثلا: اكْتُبْ ألف با تا فَيكْتب هَكَذَا: ا، ب، ت على الطَّرِيقَة المألوفة فَيَقَع فِي التَّلَفُّظ الْأَسْمَاء، وَفِي الْكِتَابَة الْحُرُوف أَنْفسهَا. الْمجَاز الْمُتَعَارف حَقِيقَة عرفية، والحقيقة اللُّغَوِيَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَقِيقَة الْعُرْفِيَّة عِنْد أهل الْعرف مجَاز، وَكَذَا الْعُرْفِيَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللُّغَوِيَّة مجَاز أَيْضا خُصُوصا إِذا كَانَت مستعملة وَلم تهجر

فَلم يكن الْحمل على إِحْدَاهمَا أولى من الْحمل على الْأُخْرَى إِلَّا بالترجيح. ثمَّ نقُول: الْحمل على اللُّغَوِيَّة أولى لأصالتها وَبَقَاء اسْتِعْمَالهَا فِي الْأَصْلِيّ. عطف (أَن) الْمَفْتُوحَة مَعَ مَا فِي حيزها على اسْم الْمَكْسُورَة جَائِز وَإِن لم يجز أَن يَقع اسْما لَهَا بِلَا فصل، وَجَاز مَعَ الْفَصْل كَقَوْلِك: (إِن عِنْدِي أَن زيدا قَائِم) . صرح النُّحَاة بِأَن الْخَبَر إِذا تعدد الْمخبر عَنهُ حَقِيقَة وَإِن كَانَ متحداً لفظا لَا يسْتَعْمل الخبران بِغَيْر عطف كَقَوْلِه: (يداك يَد خَيرهَا يرتجى ... وَأُخْرَى لأعدائها غائضِة) فَإِذا كَانَ الْمخبر عَنهُ مُتَعَددًا حَقِيقَة ولفظاً مَعْطُوفًا بعضه على بعض كَانَ الْعَطف فِي الْخَبَر أولى ليَكُون على وتيرة الْمخبر عَنهُ. الْخطاب القرآني إِنَّمَا تعلقه بِاعْتِبَار الْمَفْهُوم اللّغَوِيّ، لِأَن الْخطاب مَعَ أهل تِلْكَ اللُّغَة بلغتهم يَقْتَضِي ذَلِك. فَالْحَمْد لله وَنَحْوهَا تسمى خطْبَة لُغَة لَا عرفا. القَوْل بِأَن نفي الشَّيْء بِقَيْد صَرِيح فِي نفي الْقَيْد دون الذَّات لَيْسَ بِصَحِيح بل هُوَ صَرِيح فِي نفي الذَّات الْمُقَيد دون مُجَرّد الْقَيْد وَإِلَّا يلْزم إِلْغَاء اللَّفْظ. الْعَرَب تَأْخُذ أَشْيَاء فُرَادَى معزولاً بَعْضهَا عَن بعض وتشبهها بنظائرها وتشبه كَيْفيَّة حَاصِلَة من مَجْمُوع أَشْيَاء قد تضامنت وتلاصقت حَتَّى عَادَتْ شَيْئا وَاحِدًا بِأُخْرَى مثلهَا. الْمَنْع من الْعَطف على الضَّمِير الْمَجْرُور بِدُونِ إِعَادَة الْجَار إِنَّمَا هُوَ فِيمَا إِذا كَانَ الْجَار حرفا لِأَن اتِّصَاله أَشد وَلذَا جَازَ الْفَصْل بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ فِي الْجُمْلَة وَلم يجز بَين الْحَرْف وَالْمَجْرُور. اتِّصَال اللَّازِم بالملزوم أَشد عَن عَكسه لِأَن الْمَلْزُوم لما لم يُوجد بِدُونِ اللَّازِم كَانَ اللَّازِم مُتَّصِلا بِهِ لَا محَالة، وَاللَّازِم لما وجد بِدُونِ الْمَلْزُوم تصور انفكاك الْمَلْزُوم عَنهُ كالحيوانية اللَّازِمَة للْإنْسَان فَإِنَّهَا لَا تنفك عَنهُ وتنفك الإنسانية الَّتِي هِيَ ملزوم الحيوانية فِي الْفرس وَنَحْوه. تسامحوا فِي اسْتِعْمَال الْحَرْف فِي معنى الْكَلِمَة، إِطْلَاق الْخَاص على الْعَام، وَفَائِدَته فِي اسماء الْحُرُوف رِعَايَة الْمُوَافقَة بَين الِاسْم ومسماه فِي التَّعْبِير عَنْهُمَا بالحرف وَإِن اخْتلف مَعْنَاهُ فيهمَا وَفِي الظروف وَنَحْوهَا من أَسمَاء الاشارة وَغَيرهَا فالتنبيه على نوع قُصُور فِيهَا عَن مرتبَة الْأَسْمَاء الْكَامِلَة ومشابهتها للحروف. الأَصْل فِي بَيَان النّسَب والتعلقات هُوَ الْأَفْعَال فَهَذِهِ مُنَاسبَة يستدعى أَن يُلَاحظ مَعَ المصادر أفعالها الناصبة لَهَا، وَقد تأيدت بِهَذِهِ الْمُنَاسبَة فِي مصَادر مَخْصُوصَة لِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا مَنْصُوبَة بِأَفْعَال مضمرة. أَسمَاء الْأَفْعَال فِي الْحَقِيقَة أَسمَاء للمصادر

السَّادة مسد أفعالها ف (صه) مَعْنَاهُ سكوتك بِالنّصب أَي اسْكُتْ سكوتك فَهِيَ بِمَعْنى المصادر لَا بِمَعْنى الْأَفْعَال، وَمن ثمَّة كَانَت اسْما للأفعال مفيدة لمعانيها قصراً للمسافة. الْحَرَكَة والسكون بِالْمَعْنَى الْمَشْهُور مختصان بالأجسام وَأَن المُرَاد بحركة الْحَرْف كَونه بِحَيْثُ يُمكن أَن يتَلَفَّظ بعده بِإِحْدَى المدات الثَّلَاث، وبسكونه كَونه بِحَيْثُ لَا يُمكن فِيهِ ذَلِك. الْجمع بَين قَسَمين على مقسم عَلَيْهِ وَاحِد مستكره على مَا نقل عَن الْخَلِيل، فعلى هَذَا الْوَاو فِي الْقُرْآن بعد " ص " و " ق " وَفِي الْقَلَم بعد " ن " لَا يكون للقسم، وَفِي الْعَطف يلْزم الْمُخَالفَة فِي الْإِعْرَاب. كَون تَعْرِيف الْمسند إِلَيْهِ مُفِيدا للحصر إِنَّمَا يكون إِذا كَانَ ثُبُوت الْمسند الْفَرد منافياً لثُبُوت مُقَابِله لَهُ نَحْو: المنطلق زيد. وَأما إِذا لم يكن كَذَلِك فَلَا يُفِيد الْحصْر. الْمُفْرد الْمُعَرّف بِاللَّامِ فِي جَانب الْقلَّة يَشْمَل إِلَى وَاحِد، وَالْجمع الْمُعَرّف بِاللَّامِ فِي جَانب الْقلَّة يَشْمَل لَا إِلَى وَاحِد، وَأما فِي جَانب الْكَثْرَة فَكل مِنْهُمَا يُحِيط بِالْجِنْسِ. إِذا اجْتمع الْقسم وَالشّرط على جَوَاب وَاحِد يَجْعَل ذَلِك الْجَواب لأَحَدهمَا لفظا وَمعنى وَللْآخر معنى فَقَط ويعتمد فِي ذَلِك على الْقَرِينَة. الأولى فِي الْأَعْلَام المنقولة أَن يُرَاعى مُنَاسبَة بَين مَعَانِيهَا الْأَصْلِيَّة والعلمية عِنْد التَّسْمِيَة، وَرُبمَا يُلَاحظ تِلْكَ الْمُنَاسبَة حَال الْإِطْلَاق باقتضاء الْمقَام. الْمَشْهُور فِي الازدياد اللُّزُوم، وَقد يعدى إِلَى مفعول وَاحِد، وعَلى هَذَا فالأنسب أَن يكون الْمَنْصُوب فِي قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ ازدادوا كفرا} . {وزدناهم هدى} ، و (ازدادت قُلُوبهم ضعفا) مَفْعُولا، وَإِن جعل تمييزاً كَانَ فَاعِلا فِي الْحَقِيقَة للازدياد اللَّازِم. إِطْلَاق كل وَاحِد من الضَّوْء والنور على الآخر مَشْهُور فِيمَا بَين الْجُمْهُور، فَلَا يُنَافِي الْفرق الْمَأْخُوذ من استعمالات البلغاء وَلَا الْمَأْخُوذ من اصْطِلَاح الْحُكَمَاء. اسْتِعَارَة الْمُسَبّب للسبب إِنَّمَا يجوز إِذا لم يكن مُخْتَصًّا بِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} أَي: عنباً فَيجوز، وَأما اسْتِعَارَة الحكم لِلْعِلَّةِ فَهُوَ جَائِز مُطلقًا. فعل اللِّسَان هُوَ للإخبار لَا للإنشاء، كَمَا أَن فعل سَائِر الْجَوَارِح للإنشاء لَا للإخبار، لَكِن الشَّرْع جعل فعل اللِّسَان انشاء شرعا فَصَارَ كَسَائِر أَفعَال الْجَوَارِح. إِثْبَات حكم آخر لبَعض الْمُسْتَثْنى مِنْهُ لَا بِإِخْرَاجِهِ عَن الحكم السَّابِق انْقِطَاع فِي الِاسْتِثْنَاء. الْوَاو فِي عطف الْمُفْرد على مثله يدل [على] اشْتِرَاك الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ، وَفِي عطف الْجُمْلَة على مثلهَا يدل على اشتراكهما فِي الْحُصُول من غير دلَالَة على مُقَارنَة وَلَا تَرْتِيب.

تَكْرِير الْمعَانِي فِي الْقُرْآن كإعادة التَّنْبِيه فِي طلب التَّمْكِين سَوَاء كَانَ مَعَ اتِّحَاد اللَّفْظ ك (الم) فِي سورها و (ويل للمكذبين) أَو بِدُونِهِ ك (ص) و (حم) والقصص المكررة بعبارات مُخْتَلفَة. جَازَ حمل الشَّيْء على نَفسه إِذا قصد الْإِعْلَام والإخبار. مثلا إِذا سُئِلَ عَن زيد بِأَيّ قسم من أَقسَام الْكَلِمَة كَانَ الْجَواب الِاسْم بِالضَّرُورَةِ مَعَ أَن لَفظه اسْم. ترشيح الِاصْطِلَاح أَن يقرن بِصفة أَو تَفْرِيع كَلَام يلائم مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ، وَهُوَ فِي الِاسْتِعَارَة كثير، وَقد يُوجد فِي الْمجَاز الْمُرْسل كَمَا يُقَال: (لفُلَان يَد طولى) أَي قدرَة كَامِلَة. الْمَشْهُور أَن الْفرق بَين الجمعين فِي الْقلَّة وَالْكَثْرَة إِنَّمَا هُوَ إِذا كَانَا منكسرين، وَأما إِذا عرّفا بلام الْجِنْس فِي مقَام الْمُبَالغَة فَكل مِنْهُمَا للاستغراق بِلَا فرق. ذهب جمَاعَة من الأدباء إِلَى أَن (لَعَلَّ) قد يَجِيء بِمَعْنى (كي) حَتَّى حملوها على التَّعْلِيل فِي كل مَوضِع امْتنع فِيهِ الترجي سَوَاء كَانَ من قبيل الإطماع نَحْو {لَعَلَّكُمْ تفْلِحون} أَو لَا نَحْو: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرون} و {لَعَلَّكُمْ تَتَّقون} . قد تكون كلمة (مِن) ابتدائية على سَبِيل التَّعْلِيل فَيكون مَا بعْدهَا أمرا باعثاً على الْفِعْل الَّذِي قبلهَا فَيُقَال مثلا: قعد من الْجُبْن، وَلَا يكون غَرضا مَطْلُوبا مِنْهُ إِلَّا إِذا صرح بِمَا يدل على التَّعْلِيل ظَاهرا كَقَوْلِك: ضربه من أجل التَّأْدِيب بِخِلَاف اللَّام فَإِنَّهَا وَحدهَا تسْتَعْمل فِي كلٍ مِنْهُمَا. التَّضْمِين لرعاية الصِّلَة غير مُتَصَوّر ولتصحيح الْحُرُوف. كَمَا ضمن (أمات) فِي قَوْله تَعَالَى {أَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عامٍ} معنى مَكَث. غير مَعْهُود فِي الْحُرُوف. ترك الْعَمَل بِالْعُمُومِ الْمُؤَكّد عُمُومه بِكَلِمَة (مِن) التبعيضية فِي مَوضِع النَّفْي فَاسد، أَلا يرى أَن قَوْلك (مَا ملكت من دِينَار) آكِد فِي إِفَادَة الْعُمُوم من قَوْلك (مَا ملكت دِينَارا) لِأَنَّهُ لَو ملك مَا دون الدِّينَار فِي الصُّورَة الأولى كَانَ كَاذِبًا دون الثَّانِيَة. حق الْمُسْتَثْنى بإلا من كَلَام مُوجب تَامّ أَن ينصب مُفردا كَانَ أَو مكملاً مَعْنَاهُ بِمَا بعده نَحْو قَوْله تَعَالَى: {إنّا لَمُنجّوْهُم أَجْمعين. إِلَّا امْرَأَتَه قَدَّرْنا إِنَّهَا لَمِنَ الغَابِرين} . إِذا كَانَ معنى اللَّفْظَيْنِ وَاحِدًا يجوز إِخْرَاج مصدر أَحدهمَا على لفظ الآخر نَحْو: {وتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتيلاً} {إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُم تُقاة} . الْمُجَاوزَة يتَعَدَّى بِنَفسِهِ، وَالَّذِي يتَعَدَّى بعن مَعْنَاهُ الْعَفو، وَإِذا ورد فِي اسْتِعْمَال من يوثق بِهِ تعديته بعن فِيمَا لَا مجَال لقصد الْعَفو يحمل على تضمين معنى التباعد بمعونة الْمقَام. الْقوي عمل الْفِعْل نصب الْمَفْعُول الْمُقدم على الْفَاعِل لِأَنَّهُ عمل مَعَ غير التَّرْتِيب الَّذِي يَقْتَضِيهِ

الْفِعْل، وَالْعَمَل فِي خلاف الْمُقْتَضى غَايَة فِي الْعَمَل. الْوَصْف بالأعم كالوصف بالمساوي للتوضيح نَحْو: (زيد التَّاجِر) فَإِنَّهُ جعل وَصفا موضحاً كَمَا ذكرنَا فِي مَحَله. الْجُمْلَة الاسمية الْوَاقِعَة لجواب الْقسم لَا تكون خَالِيَة عَن اللَّام أَو إنّ. ضمير الْفَصْل إِنَّمَا يُفِيد الْقصر إِذا لم يكن الْمسند مُعَرفا بلام الْجِنْس وَإِلَّا فالقصد مِنْهُ تَعْرِيف الْمسند وَهُوَ لمُجَرّد التَّأْكِيد. اسْم الْفَاعِل إِذا كَانَ للاستمرار يَصح إعماله نظرا إِلَى اشتماله على الْحَال والاستقبال، وإلغاؤه إِلَى اشتماله على الْمَاضِي. الْكَلِمَات الَّتِي لم تناسب مبْنى الأَصْل إِذا لم تل العوامل سَاكِنة الأعجاز وصلا ووقفاً يجوز فِيهَا التقاء الساكنين مُطلقًا. مَذْهَب بعض الْعَرَب فِي الْفَصْل أَنه مُبْتَدأ وَمذهب الْأَكْثَر فِيهِ أَنه لَا مَحل لَهُ من الْإِعْرَاب. إِنَّمَا سمي مُطلق الْجَار وَالْمَجْرُور ظرفا لِأَن كثيرا من المجرورات ظروف زمانية أَو مكانية، وَأطلق اسْم الْأَخَص على الْأَعَمّ. إِذا كَانَ أحد اللَّفْظَيْنِ المتوافقين فِي التَّرْكِيب أشهر فِي الْمَعْنى الْمُشْتَرك بَينهمَا كَانَ أولى بِأَن يكون مشتقاً مِنْهُ. الْأَسْمَاء الَّتِي لَا يعرف لَهَا تصرف واشتقاق يعبر عَنْهَا بالأصوات كَأَنَّهَا لقصورها عَن دَرَجَات أخواتها انحطت إِلَى مرتبَة الصَّوْت الَّذِي هُوَ أَعم. مُلَاحظَة الْمعَانِي قصدا إِمَّا بألفاظها الْمَذْكُورَة أَو الْمقدرَة فِي نظم الْكَلَام، أَو منوية بِلَا ذكر وَلَا تَقْدِير فِيهِ. جَوَاز حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ فِي الغايات مَشْرُوط بِقِيَام قرينَة على تعْيين ذَلِك الْمَحْذُوف. نصوا على أَن (أنْ) الناصبة للْفِعْل لَا يَقع حَالا وَإِن كَانَت مقدرَة بِالْمَصْدَرِ الَّذِي يَقع بِنَفسِهِ حَالا. استتباع الْقوي للضعيف عكس الْمَعْقُول وَنقص الْأُصُول. النَّفْي إِذا كَانَ من جنس مَا يعرف دَلِيله كَانَ كالإثبات. تَاء الإِفتعال تبدل طاءً إِذا وَقعت إِثْر حرف إطباق كاصطباغ. قد يكون الْمَلْزُوم مُمْتَنعا لذاته فَلَا يكون زَوَاله على تَقْدِير تحقق اللَّازِم كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} . اللَّفْظ إِذا صرف عَن الْحَقِيقَة فَالشَّرْط أَن يحمل على أقرب المجازات إِلَى الْحَقِيقَة لَا على الْأَبْعَد. معنى حِكَايَة الْحَال الْمَاضِيَة عِنْد النُّحَاة أَن الْقِصَّة الْمَاضِيَة كَأَنَّهَا عبر عَنْهَا فِي حَال وُقُوعهَا بِصِيغَة الْمُضَارع كَمَا هُوَ حَقّهَا ثمَّ حُكيَ تِلْكَ الصّفة بعد مضيها. الشَّرْط فِي الْمجَاز لغوياً كَانَ أَو عقلياً قيام الْقَرِينَة لَا وجود السماع فِي أَفْرَاده. الْفِعْل إِذا نفي عَن غير فَاعله وَقصد مُجَرّد نَفْيه عَنهُ كَانَ حَقِيقَة، وَإِذا أول ذَلِك النَّفْي بِفعل آخر ثَابت للْفَاعِل دونه كَانَ مجَازًا. قد يَجْعَل الْمُجَرّد مأخوذاً من الْمَزِيد إِذا كَانَ

أعرف بِالْمَعْنَى الْمُشْتَرك تَرْجِيحا لجَانب الْمَعْنى على اللَّفْظ. رِعَايَة التَّأْنِيث إِنَّمَا تجب إِذا كَانَ مُرَتبا على مُذَكّر كضارب وضاربة وكأحمر وحمراء، وَأما إِذا لم يكن كَذَلِك نَحْو لفظ الْمعرفَة والنكرة فَقَط سقط اعْتِبَاره لعدم التَّرْتِيب وَتعذر المراعاة. لَا يَنْقَطِع احْتِمَال الْمجَاز بترجيح الْحَقِيقَة كَمَا لَا يَنْقَطِع بترجيح الْعُمُوم احْتِمَال إِرَادَة الْخُصُوص عَن الْعَام. مَا كَانَ ذاتيا للمجموع لَا يلْزم أَن يُوجد فِي كل جُزْء مِنْهُ، أَلا يرى أَن كَون الْقُرْآن كلَاما عَرَبيا ذاتي لَهُ كالإعجاز، وَلَا يُوجد ذَلِك فِي كل جُزْء مِنْهُ مثل حرف أَو كلمة. لَا تَأْثِير للغاية فِي إِثْبَات مَا بعْدهَا، بل هِيَ منتهية، فَإِذا انْتهى المغيا ثَبت الحكم فِيمَا بعده بِالسَّبَبِ السَّابِق كَمَا فِي الْأَيْمَان الموقتة تَنْتَهِي الْحُرْمَة الثَّابِتَة بهَا بالغاية، ثمَّ تثبت الْإِبَاحَة بِالسَّبَبِ السَّابِق. لَا يشْتَرط فِي ثُبُوت الِاشْتِرَاك فِي لفظ نقل أهل اللُّغَة أَنه مُشْتَرك بل يشْتَرط نقلهم أَنه يسْتَعْمل فِي مَعْنيين أَو أَكثر، وَإِذا ثَبت ذَلِك بنقلهم فَنحْن نُسَمِّيه مُشْتَركا باصطلاحنا. إِذا ضمنت كلمة معنى كلمة أُخْرَى ووصلت بصلتها لم يبْق مَعْنَاهَا الأول مرَادا وَإِلَّا لزم الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي لفظ وَاحِد وَهُوَ غير جَائِز كَمَا فِي قَوْله عز شَأْنه: {وَالله على مَا نقُول وَكيل} أَي: رَقِيب ومطلع بِدَلِيل كلمة (على) لَا حَقِيقَة الْوكَالَة. مصدر الْفِعْل الْمُتَعَدِّي يخْتَلف مَعْنَاهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا اشتق مِنْهُ، فَمَعْنَى الضَّرْب بِالنِّسْبَةِ إِلَى اسْم الْفَاعِل وَالْفِعْل الْمَبْنِيّ لَهُ (زِدْت) وبالنسبة إِلَى اسْم الْمَفْعُول وَالْفِعْل الْمَبْنِيّ لَهُ (زده شدن) إِذْ لَو لم يكن كَذَلِك لم يَصح اشتقاق (ضرب) و (مَضْرُوب) مِنْهُ. الْمجَاز الْمُتَعَارف حَقِيقَة عرفية، والحقيقة اللُّغَوِيَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَقِيقَة الْعُرْفِيَّة عِنْد أهل الْعرف مجَاز، وَالْحمل على الْحَقِيقَة أولى. لَا يُمكن إِثْبَات اللُّغَة وأحكامها بِالْقِيَاسِ والعقول بل الْحجَّة فِيهَا استقراء كَلَام الْعَرَب واستعمالاتهم. يشْتَرط فِي إِطْلَاق الْجُزْء على الْكل استلزام الْجُزْء للْكُلّ كالرقبة وَالرَّأْس. قد ينْسب حكم الْفَرد من الْجِنْس إِلَى الْجِنْس نَفسه كَقَوْلِه تَعَالَى: {فنادته الْمَلَائِكَة} فَإِن الْمُنَادِي سيدنَا جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَحده. لَا معنى لحروف المباني بِخِلَاف أسمائها. خبر أَفعَال الْمُغَايرَة لَا يكون إِلَّا مضارعا. تَعْرِيف الْمُذكر عدمي، وتعريف الْمُؤَنَّث وجودي.

لفظ (أَي) و (مَا) مَعَ دلالتهما على الشَّرْط يدلان أَيْضا على ضرب من التَّخْصِيص لِأَنَّهُمَا يدلان على ذَات أَيْضا، وَبِهَذَا الطَّرِيق أثبت الْعلمَاء تحقق النّسخ فِي الْفرْقَان فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها نأت بِخَير مِنْهَا} . الِاسْتِعَارَة فِي الْحَرْف تقع أَولا فِي مُتَعَلق مَعْنَاهُ كالاستعلاء فِي (على) والظرفية فِي (فِي) والابتداء فِي (مِن) مثلا ثمَّ يسري بتبعيته كَمَا حقق فِي مَوْضِعه. تَعْلِيق حكم بِالْوَصْفِ يكون أبلغ سَوَاء كَانَ بِالْإِعَادَةِ أَو لم يكن، وَالتَّعْلِيق بِالِاسْمِ لَيْسَ فِي ذَلِك الْمبلغ من البلاغة سَوَاء كَانَ بِالْإِعَادَةِ أَو لَا. يقبح إِضَافَة الْعَام إِلَى الْخَاص إِذا اشْتهر كَون الْخَاص من أَفْرَاده. وَلِهَذَا يقبح (إِنْسَان زيد) . التَّفْضِيل فِي المفعولية فِيمَا لم يسمع فِيهِ أفعل كاللون وَالْعَيْب يتَوَصَّل إِلَيْهِ بأشد وَنَحْوه. حرف الْخطاب اللَّاحِق باسم الْإِشَارَة سَوَاء كَانَ لتَحْصِيل مَا يشار بِهِ للبعيد أَو الْمُتَوَسّط يُرَاعى فِيهِ الْمُطَابقَة لما يتَوَجَّه إِلَيْهِ الْخطاب. الشَّرْط النَّحْوِيّ هُوَ مَا يكون سَببا أَو ملزوماً، وَانْتِفَاء شَيْء مِنْهُمَا لَا يسْتَلْزم انْتِفَاء الْجُزْء، كَون الْمُسَبّب أَو اللَّازِم أَعم. مَوْصُوف اسْم التَّفْضِيل لَا بُد وَأَن يكون مُشْتَركا مَعَ الْمفضل عَلَيْهِ فِي نفس الْفِعْل مَعَ زِيَادَة فِي الْمفضل. حذفوا التَّاء فِي نِسْبَة الْمُذكر إِلَى الْمُؤَنَّث كَمَا فِي نِسْبَة الرجل إِلَى بصرة مثلا حذرا من اجْتِمَاع تاءات فِي نِسْبَة الْمُؤَنَّث فَكيف نِسْبَة الْمُؤَنَّث إِلَى الْمُؤَنَّث؟ البسايط الْقَرِيبَة من الطَّبْع إِذا عرفت بمرادف أجلى كَانَ أَنْفَع من التَّعْرِيف الرسمي. وَهَذَا رَأْي صَوَاب. حذف حرف الْجَار وَالْمَجْرُور عَن الأول بِقَرِينَة الذّكر فِي الثَّانِي إِنَّمَا يكون حسنا إِذا كَانَ من جنس الْمَذْكُور فِي الثَّانِي. الِاسْتِثْنَاء يخرج الْكَلَام عَن مُوجبه إِذْ لَو لم يكن كَذَلِك يلْزم الْخلف فِي كَلَام سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حَيْثُ قَالَ: {ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا} وَمَا صَبر. وَالْخلف على الْأَنْبِيَاء غير جَائِز. الْمُخْتَار أَن اسْم الْفَاعِل الْمَوْصُوف لَا يعْمل، قَيده التَّفْتَازَانِيّ عَلَيْهِ الرَّحْمَة بقوله: فِي السعَة. القَوْل بِأَن الْمُتَعَدِّي بِدُونِ لَازمه محَال ينْتَقض بقَوْلهمْ: (هديته فَلم يهتد) . الظَّاهِر فِي الِاشْتِقَاق الصَّغِير أَن يعْتَبر فِي الْمُشْتَقّ معنى أَصله بِتَمَامِهِ وَبِذَلِك يرجح اشتقاق الْفِعْل من الْمصدر على عَكسه. معنى الِاسْتِمْرَار هُوَ الثُّبُوت من غير أَن يعْتَبر مَعَه الْحَدث فِي أحد الْأَزْمِنَة، وَذَلِكَ يُمكن فِي الْمُسْتَقْبل. امْتنَاع الِابْتِدَاء لَا لسكونها بل لذواتها. الْمصدر الْمُؤَكّد لَا يقْصد بِهِ إِلَّا الْجِنْس وَلذَا جعل صَاحب " الْكَشَّاف " الِاسْتِغْرَاق وهما. يشبه (لَعَلَّ) بليت فِيمَا إِذا كَانَ فِي الترجي مشابهة من التَّمَنِّي لبعد المرجو عَن الْوُقُوع.

الْهمزَة فِي الْجَزَاء على التَّحْقِيق تتقدم على الشَّرْط، فقولك: إِن جئْتُك أتكرمني، تَأْوِيله: إِن جئْتُك تكرمني. اعْتِبَار مُطَابقَة الْخَبَر الَّذِي هُوَ منَاط الْفَائِدَة أولى من اعْتِبَار الْمرجع. عطف شَيْئَيْنِ على معمولي عَامل وَاحِد كثير مُتَّفق الصِّحَّة. صَحَّ إِطْلَاق مُفْرد ذِي تَاء التَّأْنِيث على جمَاعَة فَيُقَال: رجال ضاربة كَمَا تقدم: رجال ضاربات. إِذا تَعَارَضَت أَدِلَّة الْمَحْذُوف لم يبْق الظُّهُور وَلم يكن الْمَحْذُوف كالمذكور. الْمُضَاف إِلَى الِاسْم الْكَامِل مَعَ الشَّرْط فِي حكم الْمُضَاف إِلَيْهِ فَتَقول: غُلَام من تضرب أضْرب كَمَا تَقول: من تضرب أضْرب. جَازَ الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي مقَام النَّفْي كَمَا جَازَ الْجمع بَين معنيي الْمُشْتَرك فِيهِ. الْحَرَكَة بعد الْحَرْف لَكِنَّهَا من فرط اتصالها بِهِ يتَوَهَّم أَنَّهَا مَعَه لَا بعده، وَإِذا أشبعتها صَارَت حرف مد. صِحَة اسْتِعَارَة الْآبَاء للاجداد لَيست بِاعْتِبَار أَنَّهَا اسْتِعَارَة الْفَرْع للْأَصْل بل بِاعْتِبَار فرعيتهم للآباء فِي الْأَصَالَة للْوَلَد. لَا بُد فِي الْمَاضِي الْمُثبت من قد، وَقد يتْرك لإجرائه مجْرى فعل الْمَدْح نَحْو: وَالله لنعم الرجل زيد. الْمُشْتَرك بِالنّظرِ إِلَى الْوَضع لَيْسَ بخاص لِأَن مَوْضُوعه أَكثر من وَاحِد، وَلَا عَام أَيْضا لعدم شُمُوله. الْمصدر إِنَّمَا يحمل على الْفَاعِل إِذا وَقع صفة. وَلم يكن حمله على الْحَقِيقَة، وَإِذا أمكن فَلَا يجوز أَن يحمل عَلَيْهِ. الْمُعْتَبر فِي بَاب الِاسْتِعَارَة نفس السَّبَبِيَّة لَا السَّبَبِيَّة فِي مَحل الِاسْتِعَارَة على مَا عرف تَحْقِيقه فِي مَوْضِعه. استنكار كلمة (كل) فِي التَّعْرِيف إِنَّمَا هُوَ فِي التَّعْرِيف للْحَقِيقَة لَا فِي الضوابط. إِفَادَة الْمَاضِي معنى الِاسْتِقْبَال أدل على إِرَادَة معنى الشَّرْط فِيهِ. يُؤَيّدهُ أَن مَا جَاءَ فِي التَّنْزِيل من هَذَا الْقَبِيل جَاءَ على صفة الْمَاضِي. وَقد تتفق الجملتان المعقودتان مَعَ أَن الْمسند إِلَيْهِ فِي إِحْدَاهمَا معرفَة وَفِي الْأُخْرَى نكرَة كَمَا فِي قَوْلك لَا كَانَ أَبوك مَوْجُودا وَلَا كَانَ لَك أَب. لَام الْعَهْد بعد ذكر الْمَعْهُود إِنَّمَا تكون إِشَارَة إِلَى مَا أُرِيد بِهِ فِي نظم الْكَلَام مَعَه لَا إِلَى مَا يعمه وَغَيره. جَمِيع أَفعَال الْأَوَامِر فاعلها يجب استتاره وَلَا وَجه لإبرازه إِلَّا أَن يقْصد التَّأْكِيد أَو الْعَطف على الْفَاعِل كَقَوْلِه تَعَالَى: {اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة} . المسميات أَلْفَاظ كأساميها فَإِن الْمُسَمّى لَو لم يكن لفظا لم يكن جملَة جُزْءا من اسْمه وَيكون أقل من عدد حُرُوف الْأَسْمَاء، إِذْ لَو تَسَاويا لاتحدا، وَلم يُمكن جعل الْمُسَمّى صدر الِاسْم كَمَا إِذا كَانَ أَزِيد مِنْهُ. لَا تَجْتَمِع الِاسْتِعَارَة التّبعِيَّة والتمثيل.

لَام التَّأْكِيد لَا تكون فِي الْخَبَر. (زرني أعطك) جَزَاء، (زرني أُعْطِيك) اسْتِئْنَاف. الْمحلى بلام الْجِنْس فِي الْمقَام الْخطابِيّ يتَبَادَر مِنْهُ الِاسْتِغْرَاق. الضمائر المستترة فِي الْأَوَامِر كلهَا لفظ بِالْقُوَّةِ أَي فِي قُوَّة الْمَنْطُوق بِهِ. مَا دلّ عَلَيْهِ أصل التَّرْكِيب فَهُوَ دلَالَة اللُّغَة، وَمَا دلّ عَلَيْهِ هَيئته فَهُوَ دلَالَة الصِّيغَة. التَّفْرِقَة بَين (رجل) و (رجال) خُصُوصا وعموماً تثبت بالصيغة لَا بالمادة. لَيْسَ معنى تَعْرِيف الْجِنْس هُوَ الِاسْتِغْرَاق، أَلا يرى أَن الِاسْتِغْرَاق قد يتَحَقَّق فِي النَّفْي وَالْإِثْبَات كَمَا فِي (لَا رجل وَتَمْرَة خير من جَرَادَة) وَلَيْسَ مَعَه تَعْرِيف أصلا. أَدَاة الْعَطف إِن توسطت بَين الذوات اقْتَضَت تغايرها بِالذَّاتِ، وَإِن توسطت بَين الصِّفَات اقْتَضَت تغايرها بِحَسب المفضولات، وَكَذَا الحكم فِي التَّأْكِيد وَالْبدل وَنَحْوهمَا، وَإِن وَقعت فِيمَا يحتملهما على سَوَاء كَانَ الْحمل على التغاير بِالذَّاتِ أولى. الْحَال الْمُؤَكّدَة إِذا جَاءَت بعد الاسمية وَجب أَن يكون خَبَرهَا معرفتين جامدين. الْمُطلق ينْصَرف على الْكَامِل فِي الْمَاهِيّة لَا فِي الصِّفَات. بِنَاء الْفِعْل للْمَفْعُول من الْمُتَعَدِّي بِنَفسِهِ أَكثر. رَحِيم من بَاب (فَعُل) بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ صِيغَة فعيل. يطرد لفظ (على) بِمَعْنى (عَن) بعد أَلْفَاظ وَهِي: خَفِي عليَّ، بَعُد عليّ، اسْتَحَالَ عليَّ، رَضِي عليَّ، غضب عليَّ. النِّسْبَة كَمَا تكون بالحرف كروميّ وبصريّ قد تكون أَيْضا بالصيغة كَلا بِن وتامِر. إِبْدَال الْهمزَة ألفا فِي اخْتِيَار الْكَلَام لَيْسَ بقياسي فِي لغتهم بل هُوَ مَقْصُور على السماع كَمَا ذكره سِيبَوَيْهٍ. قَالَ أَبُو حَيَّان: قَلِيلا إِذا كَانَ مَنْصُوبًا لَا يجوز أَن يكون فِي معنى النَّفْي وَإِنَّمَا ذَلِك إِذا كَانَ مَرْفُوعا. لَا يجوز إِضْمَار حرف الْقسم عِنْد الْبَصرِيين إِلَّا فِي لَفْظَة (الله) . الْمُسَبّب كالمتعقب للسبب وَإِن ترَاخى عَنهُ لفعل شَرط أَو وجود مَانع. علم الْمُخَاطب يتعيُّن المُرَاد يُغني عَن تَقْيِيد الْكَلَام. عدم اعْتِبَار الأوضاع المنطقية فِي الِاسْتِعْمَال اللّغَوِيّ مُتَّفق عَلَيْهِ. ذِكْر الشَّيْء مُبْهما وَتَفْسِيره يُفِيد تَقْرِيره وتأكيده. إِذا الْتبس الْحَال يجب أَن يكون بِجنب صَاحبه. الْعَوَارِض لَا تعْتَبر فِي مُقَابلَة الأَصْل من غير دَلِيل. الْحَال لَا يتَقَدَّم على عاملها الظّرْف إِلَّا كثيرين. الْمُشَاركَة فِي بعض الْأَحْوَال لَا تنَافِي التخالف فِي الْحَقِيقَة. (أَن) الناصبة لَا تقع بعد أَفعَال الْيَقِين. لَا يَصح تَأْكِيد الضَّمِير الْمُتَّصِل بِالنَّفسِ وَالْعين بِلَا سبق التَّأْكِيد بمنفصل. مفعول الْمَشِيئَة فِي الشَّرْط إِنَّمَا يحذف إِذا لم يكن تعلقه بِهِ غَرِيبا.

الْمَاضِي المضموم الْعين لَا يكون إِلَّا لَازِما. الْمُؤَنَّث فِي بَاب الْعدَد أخف من الْمُذكر. الْحَال الدائمة لَا تكون بِالْوَاو. تَرْكُ جَانب اللَّفْظ لرعاية حسن الْمَعْنى. اخْتِلَاف الخطابين فِي أول الْكَلَام وَآخره غير عَزِيز فِي كَلَام الْعَرَب وَفِي كَلَام الله تَعَالَى. التَّفْصِيل بعد التَّبْيِين لَا ينافى الْإِجْمَال. جَوَاز استلزام الْمحَال: الْمحَال لَيْسَ كلياً جَارِيا فِي جَمِيع الصُّور لجَوَاز أَن يكون أحد المحالين منافياً للْآخر فَلَا يجامعه فضلا عَن أَن يستلزمه. ترادف الْأَدِلَّة على الْمَدْلُول الْوَاحِد جَائِز عقلا وَشرعا، وَقَالُوا: هَذَا الحكم ثَابت بِالْكتاب وَالسّنة والمعقول. قِيَاس الْغَائِب على الشَّاهِد إِنَّمَا يعْتَبر فِي العمليات على تَقْدِير ظُهُور جَامع إِلَّا أَن يكون للتوضيح والتقريب إِلَى الأفهام القاصرة دون الِاسْتِدْلَال. الْجمع بَين الْأَدِلَّة أولى من تَعْلِيل الْوَاحِدَة مِنْهَا وَالْعَمَل بِعُمُوم الآخر. مُجَرّد احْتِمَال النقيض لَا يقْدَح فِي الدّلَالَة الظَّاهِرَة. لَا يلْزم من الِاحْتِمَال الْعقلِيّ امْتنَاع الْقطع العادي. النّظر الْمُوجب لهيئة ظنية الإنتاج من القطعيات لطلب الْعلم فَاسد صُورَة كَمَا أَن نظر الْمُوجب لهيئة قَطْعِيَّة الإنتاج فِي الظنيات لطلب الْعلم فَاسد مَادَّة. إِذا كَانَت بعض الْمُقدمَات قطيعة وَالْبَعْض الآخر صَحِيحَة أَو فَاسِدَة سميت خطابة وامارة. إِشَارَة (لَا يكون) قَطْعِيَّة الْمُقدمَات والاستلزام مَعًا وَإِلَّا لأفادت يَقِينا كالبرهان وَلَكِن يجوز كَون مقدماتها قَطْعِيَّة دون الاستلزام كَمَا فِي الاستقراء وَالْقِيَاس الَّذِي يظنّ إنتاجه، وَبِالْعَكْسِ كَمَا فِي الضروب المستلزمة لنتائجها إِذا تركبت من مُقَدمَات غير قَطْعِيَّة. اعْتِبَار الدَّلَائِل الْعَقْلِيَّة لَيْسَ بِاعْتِبَار خصوصياتها بل بِاعْتِبَار كَونهَا مَقْطُوعًا بهَا عِنْد صَرِيح الْفَصْل، فَإِذا لم يعْتَبر قطعه فِي مَوضِع لم يعْتَبر فِي سَائِر الْمَوَاضِع أَيْضا. قد يُفِيد الدَّلِيل اللَّفْظِيّ الْيَقِين بِمَا أُرِيد من الْمَعْنى الْمجَازِي عِنْد قيام الْقَرَائِن القطعية الدَّالَّة عَلَيْهِ. الدَّلِيل قد يخص الْقطع وَقد يخص مَعَ هَذَا التَّخْصِيص بِمَا يكون الِاسْتِدْلَال فِيهِ من الْمَعْلُول إِلَى الْعلَّة. الدَّلِيل الَّذِي كلتا مقدمتيه عقليتان وَقد حكم بهما النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَيْضا قَوْله تَعَالَى عز شَأْنه: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} هُوَ من حَيْثُ إِنَّه حكم بهما الْعقل مَعَ قطع النّظر عَن حكم الشَّارِع عَقْلِي، وَمن حَيْثُ إِنَّه حكم بهما الشَّارِع وَصَارَ حكمه سَببا للْعلم مَعَ قطع النّظر عَن أَن الْعقل يحكم بهما بِنَفسِهِ نقلي. جَازَ التَّعْلِيل على مُوَافقَة النَّص كوجوب قبُول الحَدِيث الْغَرِيب إِن كَانَ مُوَافقا للْكتاب لحَدِيث " فَمَا وَافق فاقبلوه " مَعَ أَنه لَا فَائِدَة فِي قبُوله إِلَّا

تَأْكِيد دَلِيل الْكتاب فَكَذَا هَذَا لتِلْك الْفَائِدَة. دَلَائِل الشَّرْع خَمْسَة: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس والعقليات الْمَحْضَة كالتلازم والتنافي والدوران وَغير ذَلِك. وَالثَّلَاثَة الأول نقلية، والباقيات عقليات، والنقلي الْمَحْض لَا يُفِيد، إِذْ لَا بُد من صدق الْقَائِل وَذَلِكَ لَا يعلم بِالنَّقْلِ وَإِلَّا لدار أَو تسلسل، بل بِالْعقلِ من دلَالَة المعجز وَغَيره. لَا مدْخل لِلْعَقْلِ فِي معرفَة الْأَحْكَام، فَلَا يُمكن الِاسْتِدْلَال بالعقول الصّرْف فِي الْأَحْكَام بِوَجْه، وَمَا ترَاءى أَنه مَعْقُول فمآله إِلَى الدّلَالَة أَو إِلَى الْقيَاس الَّذِي مرجعه النَّص، وَمَا لم يرجع إِلَيْهِمَا فَهُوَ من المتمسكات الْفَاسِدَة عندنَا، والاحتجاج بِمَا لَيْسَ بِدَلِيل إِلَّا أَنه من دأب الْمَشَايِخ أَنهم لَا يذكرُونَ الْمُسْتَند ويكتفون بِالْإِشَارَةِ إِلَى الْمَعْنى الْمُؤثر اختصاراً واعتماداً على شهرة الْمُسْتَند فِيمَا بَينهم. صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم. الْحَمد لله الَّذِي أتم على هَذَا العَبْد الضَّعِيف هَذَا الْكتاب الشريف فِي نُسْخَة العَبْد عبد الله ابْن المرحوم الشَّهِيد الْحَاج عبد الرَّحِيم جلبي الْمَعْرُوف باللبقي فِي نصف شهر ذِي الْقعدَة من شهور سنة ألف ومئة وتسع وَسِتِّينَ 1169 وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على سيد الْأَوَّلين والآخرين آمين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين. بلغ مُقَابلَة بِحَسب الطَّاقَة على نُسْخَة قوبلت على نُسْخَة الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى] .

§1/1