الكشكول

البهاء العاملي

الجزء 1

المجلد الأول بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله الواحد المعين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين. وبعد فإني لما فرغت من تأليف كتابي المسمى بالمخلاة، الذي حوى من كل شيء أحسنه وأحلاه، وهو كتاب كتب في عنفوان الشباب، قد لفقته ونسقته وأنفقت فيه ما رزقته، وضمنته ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين: من جواهر التفسير وزواهر التأويل، وعيون الأخبار ومحاسن الآثار، وبدائع حكم يستضاء بنورها، وجوامع كلم يهتدي ببدورها، ونفحات قدسية تعطر مشام الأرواح وواردات أنسية تحيي رميم الأشباح، وأبيات رائقة تشرب في الكؤوس لسلاستها، وحكايات شايقة تمزج بالنفوس لنفساتها، ونفايس عرايس تشاكل الدر المنثور، وعقائل مسائل تستحق أن تكتب بالنور على وجنات الحور، ومباحثات سديدة سنحت للخاطر الفاتر حال فراغ البال، ومناقشات عديدة سمح بها الطبع القاصر أيام الإشتغال، مع ترتيب أنيق لم أسبق إليه، وتهذيب رشيق لم أزاحم عليه، ثم عثرت بعد ذلك على نوادر تتحرك لها الطباع، وتهش لها الأسماع، وطرائف تسر المحزون، وتزري بالدر المخزون، ولطائف أصفى من رايق الشراب، وأبهى من أيام الشباب، وأشعار أعذب من الماء الزلال، وألطف من السحر الحلال، ومواعظ لو قرئت على الحجارة لانفجرت، أو الكواكب لانتثرت، وفقر أحسن من ورد الخدود، وأرق من شكوى العاشق حال الصدود، فاستخرت الله تعالى، ولفقت كتاباً ثانياً يحذو حذو ذلك الكتاب الفاخر، ويستبين به صدق المثل السائر: كم ترك الأول للآخر. ولما لم يتسع المجال لترتيبه، ولا وجدت من الأيام فرصة لتبويبه، جعلته كسفط مختلط رخيصه بغاليه، أو عقد انفصم سلكه فتناثرت لئاليه، وسميته: بالكشكول ليطابق اسمه اسم أخيه ولم أذكر شيئاً مما ذكرته فيه، وتركت بعض صفحاته على بياضها لأقيد ما يسنح من الشوارد في رياضها كيلا يكون به عن سعة ذلك نكول، فإن السائل في معرض الحرمان إذا امتلأ الكشكول فسرح نظرك في رياضه، وأسق قريحتك من حياضه، وارتع بطبعك في حدائقه

وجوه في إياك نعبد

واقتبس أنوار الحكم من مشارقه، وعض عليه أنياب حرصك عضاً ولا تفضه على من كان غليظ القلب فضاً، واتخذه وأخاه جليسين لوحدتك وأنيسين لوحشتك وموجبين لسلوتك وصاحبين في خلوتك ورفيقين في سفرك، ونديمين في حضرتك، فإنهما جاران باران، وسميران ساران، وأستاذان خاضعان ومعلمان متواضعان، لا بل هما حديقتان تفتحت ورودهما وخريدتان توردت خدودهما وغانيتان لا بستان حلل جمالهما؛ مائستان في برود جلالهما فصنهما عن غير طالبهما ولا تبذلهما إلا لخاطبهما فمن منح الجهال علماً أضاعه ... ومن منع المستوجبين فقد ظلم وجوه في إياك نعبد ذكر المفسرون في قوله تعالى " إياك نعبد وإياك نستعين " وجوهاً عديدة للإتيان بنون الجمع والمقام مقام الإنكسار والمتكلم واحد، ومن جيد تلك الوجوه ما أورده الإمام الرازي في تفسيره الكبير وحاصله: إنه قد ورد في الشريعة المطهرة أن من باع أجناساً مختلفة صفقة واحدة، ثم خرج بعضها معيباً فالمشتري مخير بين رد الجميع وإمساكه وليس له تبعيض الصفقة برد المعيب وإبقاء السليم وهيهنا حيث يرى العابد أن عبادته ناقصة معيبة لم يعرضها وحدها على حضرة ذي الجلال بل ضم إليها عبادة جميع العابدين: من الأنبياء والأولياء والصلحاء وعرض الكل صفقة واحدة راجياً قبول عبادته في الضمن لأن الجميع لا يرد البتة؟ {إذ بعضه مقبول ورد المعيب وإبقاء السليم تبعيض للصفقة وقد نهى سبحانه عباده عنه؟ فكيف يليق بكرمه العظيم فلم يبق إلا قبول الجميع وفيه المراد. عن بعض أصحاب الحال: إنه كان يقول يوماً لأصحابه لو أني خيرت بين دخول الجنة وبين صلاة ركعتين لاخترت صلاة ركعتين؟ فقيل له وكيف ذلك قال: لأني في الجنة مشغول بحظي وفي الركعتين مشغول بحق وليي وأين ذاك عن هذا؟} . في الإحياء رأى بعضهم الشبلي في المنام فسأله ما فعل الله بك فقال: ناقشني حجتي يئست فلما رأى يأسي تغمدني برحمته. ورأى بعضهم بعض أصحاب الكمال في المنام فسأله عن حاله فأنشد: حاسبونا فدققوا ثم منوا فأعتقوا ... هكذا شيمة الملوك بالمماليك يرفقوا نظر عبد الملك بن مروان عند موته في قصره إلى قصار يضرب بالثوب المغسلة، فقال: يا ليتني كنت قصاراً، لم أتقلد الخلافة فبلغ كلامه أبا حازم. فقال

الحمد لله الذي جعلهم إذا حضرهم الموت يتمنون ما نحن فيه وإذا حضرنا الموت لم نتمن ما هم فيه. عن معاذ بن جبل قال: قلت للرسول صلى الله عليه وسلم أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال صلى الله عليه وآله وسلم: لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله: تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أدلك على أبواب الخير قلت بلى يا رسول الله قال: الصوم جنة والصدقة تطفي الخطيئة كما يطفي الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل شعار الصالحين ثم تلا صلى الله عليه وآله وسلم: تتجافى جنوبهم عن المضاجع حتى بلغ يعملون. ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه قلت بلى يا رسول الله قال: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد؛ ثم قال: ألا أخبركم بملاك ذلك كله قلت بلى يا رسول الله قال: كف عليك هذا وأشار إلى لسانه؛ قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به قال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخيرهم إلا حصايد ألسنتهم قال بعض العباد: أعدت صلاة ثلاثين سنة كنت أصليها في الصف الأول لأني تخلفت يوماً لعذر فما وجدت موضعاً في الصف الأول فوقفت في الصف الثاني فوجدت نفسي تستشعر خجلاً من نظر الناس إلي وقد سبقت بالصف الأول فعلمت أن جميع صلاتي كانت مشوبة بالرياء ممزوجة بلذة نظر الناس إلي ورؤيتهم إياي من السابقين إلى الخيرات. من كلام بعض الأعلام العزلة بدون عين العلم زلة وبدون زاء الزهد علة. من كلام بوذرجمهر عاداني الأعداء فلم أر عدواً أعدى من نفسي. عالجت الشجعان والسباع فلم يغلبني أحد كصاحب السوء أكلت الطيب وضاجعت الحسان فلم أر ألذ من العافية. أكلت الصبر وشربت المر فما رأيت أشد من الفقر. صارعت الأقران وبارزت الشجعان فلم أر أغلب من المرأة السليطة. رميت بالسهام ورجمت بالأحجار فلم أجد أصعب من كلام السوء يخرج من فم مطالب بحق. تصدقت بالأموال والذخاير فلم أر صدقة أنفع من رد ذي ضلالة إلى الهدى سررت بقرب الملوك وصلاتهم فلم أر أحسن من الخلاص منهم. استمرت العادة في أقاصي بلاد الهند على إقامة عيد كبير على رأس كل مائة سنة

فيخرج أهل البلد جميعاً من شيخ وشاب وصغير وكبير إلى صحراء خارج البلد، فيها حجر كبير منصوب فينادي منادي الملك لا يصعد على هذا الحجر إلا من حضر هذا العيد قبل هذا، بما جاء الشيخ الهرم الذي ذهبت قوته وعمي بصره والعجوز الشوهاء وهي ترجف من الكبر فيصعدان على ذلك الحجر أو أحدهما وربما لا يجيء أحد وقد يكون قد فني ذلك القرن بأسره فمن صعد على ذلك الحجر نادى بأعلى صوته قد حضرت العيد السابق وأنا طفل صغير وكان ملكنا فلاناً ووزيرنا فلاناً وقاضينا فلاناً، ثم يصف الأمم الماضية من ذلك القرن كيف طحنهم الموت وأكلهم البلى وصاروا تحت أطباق الثرى، ثم يقوم خطيبهم فيعظ الناس ويذكرهم الموت وغرور الدنيا ولعبها بأهلها فيكثر في ذلك اليوم البكاء وذكر الموت والتأسف على صدور الذنوب والغفلة عن ذهاب العمر، ثم يتوبون ويكثرون الصدقات ويخرجون من التبعات. ومن عاداتهم أيضاً أنه إذا مات ملك من ملوكهم أدرجوه في أكفانه ووضعوه على عجلة وشعر رأسه يسحب على الأرض وخلفه عجوز بيدها مكنسة تدفع بها ما تعلق من التراب بشعره وهي تقول: اعتبروا أيها الغافلون شمروا ذيل الجد أيها المقصرون المغترون وهذا ملككم فلان انظروا إلى ما صيرته إليه الدنيا بعد ذلك العزة والجلالة ولا تزال تنادي خلفه كذلك إلى أن تدور به جميع أزقة البلدة ثم يودع في حفرته وهذا رسمهم في كل ملك يموت في أرضهم. كلام بعض الأكابر إذا عصتك نفسك فيما تأمرها فلا تطعها فيما تشتهيه. قال بعض الأبدال: مررت ببلاد المغرب على طبيب والمرضى بين يديه وهو يصف لهم علاجهم فتقدمت إليه وقلت عالج مرضي يرحمك الله فتأمل في وجهي ساعة ثم قال: خذ عرق الفقر: وورق الصبر مع إهليلج التواضع، واجمع الكل في إناء اليقين، وصب عليه ماء الخشية، وأوقد تحته نار الحزن، ثم صفه بمصفاة المراقبة في جام الرضا، وامزجه بشراب التوكل، وتناوله بكف الصدق، واشربه بكأس الإستغفار وتمضمض بعده بماء الورع واحتم عن الحرص والطمع فإن الله يشفيك إن شاء. التهامي

تنافس في الدنيا غروراً وإنما ... قصارى غناها أن يعود إلى الفقر وإنا لفي الدنيا كركب سفينة ... نظن وقوفا والزمان بنا يجري قال بعض العباد: خرجت يوماً إلى المقابر فرأيت البلهول فقلت ما تصنع هنا؟ قال: أجالس قوماً لا يؤذوني، وإن غفلت عن الآخرة يذكروني وإن غبت لم يغتابوني. وقيل لبعض المجانين: وقد أقبل من المقبرة من أين جئت؟ فقال من هذه القافلة النازلة قيل: ماذا قلت لهم قال: قلت لهم متى ترحلون؟ فقالوا حين تقدمون. كان بعض أهل الكمال يقول: إذا رأيت الليل مقبلاً فرحت، وأقول أخلوا بربي، وإذا رأيت الصبح قريباً استوحشت كراهة لقاء من يشغلني عن ربي. قال هرم بن حيان: أتيت أويس القرني، فقال لي: ما جاء بك فقلت: جئت لآنس بك فقال أويس: ما كنت أرى أحداً يعرف ربه فيأنس بغيره. من الشيخ العطار عطر الله مرقده بالرضوان من منطق الطير قال أبو الربيع الزاهد لداود الطائي: عظني، فقال: صم عن الدنيا واجعل فطرك على الآخرة، وفر من الناس فرارك من الأسد. وكان بعض أصحاب الحال يقول: يا إخوان الصفا هذا زمن السكوت، وملازمة البيوت، وذكر الحي الذي لا يموت. كان الفضيل يقول: إني لأجد للرجل عندي يداً إذا لقيني أن لا يسلم علي قال أبو سليمان الداراني: بينما الربيع بن خيثم جالس على باب داره، إذ جاءه حجر فصك وجهه فشجه فجعل يمسح الدم عن جبهته، ويقول: لقد وعظت يا ربيع فقام ودخل داره، ولم يخرج حتى أخرجت جنازته. وقال بعض العرفاء: أقل من معرفة الناس فإنك لا تدري حالك يوم القيامة فإن تكن فضيحة كان من يعرفك قليلاً. كانت الرباب بنت امرىء القيس إحدى زوجات الحسين بن علي رضي الله عنه وشهدت معه الطف وولدت منه سكينة ولما رجعت إلى المدينة خطبها أشراف قريش فأبت وقالت لا يكون لي حمو بعد ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقيت بعده عليه السلام لم يظلها سقف، حتى ماتت كمداً عليه. قال ابن الجوزي ي معراجه مخاطباً له: كان إبراهيم بن أدهم يحفظ البساتين، فجاءه يوماً جندي، وطلب

منه شيئاً من الفاكهة، فأبى فضربه على رأسه بسوط، فطأطأ إبراهيم له رأسه وقال: اضرب رأساً طال ما عصى الله فعرفه الجندي وأخذ في الاعتذار إليه فقال إبراهيم: الرأس الذي يليق له الاعتذار تركته ببلخ. قال رجل لسهل: أريد أن أصحبك فقال: إذا مات أحدنا فمن يصحبه الآخر، فليصحبه الآن. قيل للفضيل: إن ابنك يقول: قد وددت أني في مكان أرى الناس ولا يروني فبكى الفضيل وقال: يا ويح ابني أفلا أتمها لا أراهم ولا يروني. قال العارف الكاشي: عند قوله تعالى: " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " كل فعل يقرب صاحبه من الله فهو بر ولا يحصل التقرب إليه إلا بالتبري عما سواه؛ فمن أحب شيئاً فقد حجب عن الله تعالى وأشرك شركاً خفياً لتعلق محبته بغير الله سبحانه، كما قال تعالى: " ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله " وآثر به نفسه على الله فقد بعد من الله بثلاثة أوجه فإن آثر الله به على نفسه وتصدق به وأخرجه من يده فقد زال البعد وحصل القرب وإلا بقي محجوباً وإن أنفق من غيره أضعافه فما نال براً، لعلمه تعالى بما ينفق واحتجابه لغيره. قال في الإحياء من كتاب العزلة وبيان فوائدها: الفائدة السادسة الخلاص من مشاهدة الثقلاء والحمقى ومقاساة خلقهم وأخلاقهم، فإن رؤية الثقيل هو العمى الأصغر. قيل للأعمش: لم عمشت عينك فقال: من النظر إلى الثقلاء. ويحكى: أنه دخل عليه أبو حنيفة، فقال له: جاء في الخبر من سلب الله كريمتيه عوضه عنهما ما هو خير منهما فما الذي عوضك؟ فقال في معرض المطايبة: عوضني عنهما أن كفاني رؤية الثقلاء وأنت منهم. لله در من قال: أنست بوحدتي ولزمت بيتي ... فطاب الأنس لي وصفى السرور وأدبني الزمان فلا أبالي ... بأني لا أزار ولا أزور ولست بسائل ما عشت يوماً ... أسار الجند أم ركب الأمير أبو الفتح البستي ألم تر أن المرء طول حياته ... معنى بأمر لا يزال يعالجه كدود كدود القز ينسج دائماً ... ويهلك غماً وسط ما هو ناسجه قال بعض العباد: إجعل الآخرة رأس مالك، فما أتاك من الدنيا فهو ربح. من كلام بعضهم: يا ابن آدم إنما أنت عدد فإذا ذهب يوم ذهب بعضك.

من كلام محمد بن الحنفية رضي الله تعالى عنه من كرمت عليه نفسه، هانت عليه دنياه. ومن كلام بعضهم يا ابن آدم إنما أنت عدد، فإذا ذهب يوم ذهب بعضك. وقع المأمون إلى عامل تظلم منه أنصف من وليت أمره وإلا أنصفه من ولي أمرك. لبعض الأكابر: العجب ممن عرف ربه ويغفل عنه طرفة عين. بوذر جمهر: أعلم الناس بالدنيا أقلهم منها تعجباً. بعض الصوفية: لو قيل أي شيء أعجب عندك؟ لقلت قلب عرف الله ثم عصاه. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكون العبد من المتقين، حتى يدع ما لا بأس به. عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: ما أرى شيئاً أضر بقلوب الرجال من خفق النعال وراء ظهورهم. زار بعض العلماء بعض العباد: ونقل له كلاماً عن بعض معارفه، فقال له العابد: قد أبطأت في الزيارة وجئتني بثلاث جنايات، بغضت إلي أخي وشغلت قلبي الفارغ، واتهمت نفسك. روى عبيد بن زرارة: عن الصادق جعفر بن محمد رضي الله عنه أنه قال: ما من مؤمن إلا وقد جعل الله له من إيمانه أنساً يسكن إليه حتى لو كان على قلة جبل لم يستوحش. أوحى الله سبحانه إلى بعض أنبيائه: إن أردت لقائي غداً في حظيرة القدس، فكن في الدنيا غريباً. وحيداً محزوناً مستوحشاً كالطير الوحداني الذي يطير في الأرض المقفرة ويأكل من رؤوس الأشجار المثمرة فإذا كان الليل آوى إلى وكره ولم يكن للطير إلا استيناساً بي واستيحاشاً من الناس في التورية: من ظلم خرب بيته وقد ورد هذا في القرآن العزيز قوله تعالى: " فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ". أبو العتاهية عش ما بدا لك سالماً ... في ظل شاهقة القصور يسعى إليك بما اشتهيت ... لدى الرواح وفي البكور فإذا النفوس تغرغرت ... في وقت حشرجة الصدور فهناك تعلم موقناً ... ما كنت إلا في غرور

العاصمي تسل فليس في الدنيا كريم ... يلوذ به صغير أو كبير وربع المجد ليس له أنيس ... وحزب الفضل ليس لهم نصير وقائلة أراك على حمار ... فقلت لأن سادتنا حمير الشريف الرضي ولقد وقفت على ديارهم ... وطلولها بيد البلى نهب وبكيت حتى ضج من لغب ... نضوي وعج بعذلي الركب وتلفتت عيني فمذ خفيت ... عني الطلول تلفت القلب ابن بسام ولقد صبرت على المكروه أسمعه ... من معشر فيك لولا أنت ما نطقوا وفيك داريت قوماً لا خلاق لهم ... لولاك ما كنت أدري أنهم خلقوا آخر على هذه الأيام ما تستحقه ... فكم قد أضاعت منك حقاً مؤكدا فلو أنصفت شادت محلك بالسها ... علواً وصاغت نعل نعلك عسجدا آخر يا مقلتي أنت التي ... أوقعتني في حبه غرتك رقة خده ... ونسيت قسوة قلبه قال أفلاطون: العشق قوة غريزية متولدة من وساوس الطمع وأشباح التخيل للهيكل الطبيعي، تحدث للشجاع جبناً وللجبان شجاعة وتكسو كل إنسان عكس طباعه. وقال بعض الحكماء: الحسن مغناطيس روحاني لا يعلل جذبه للقلوب بعلة سوى الخاصية. وقال بعضهم: العشق الهام شوقي أفاضه الله سبحانه على كل ذي روح ليتحصل له به ما لا يمكن حصوله له بغيره. ذكر صاحب كتاب الأغاني في أخبار علوية المجنون: إنه دخل يوماً على المأمون وهو يرقص ويصفق بيديه ويغني بهذين البيتين:

عذيري من الإنسان لا إن جفوته ... صفا لي ولا إن صرت طوع يديه وإني لمشتاق إلى ظل صاحب ... يروق ويصفو إن كدرت عليه فسمع المأمون وجميع من حضر المجلس من المغنين وغيرهم ما لم يعرفوه واستطرفه المأمون وقال: ادن يا علوية وردده، فردده عليه سبع مرات فقال المأمون يا علوية خذ الخلافة وأعطني هذا الصاحب. قال أبو نواس: دخلت خربة فرأيت قربة مملوءة ماء مستندة إلى حائط، فلما توسطت الخربة أبصرت نصرانياً وفوقه سقاء فلما رآني قام عن النصراني وأخذ قربته وهرب فقام النصراني غير وجل يشد سراويله في وجهي وهو يقول: يا أبا نواس إياك أن تلوم أحداً على مثل هذه الحال فإن لومك له إغراء قال فأخذت من كلامه قولي هذا دع عنك لومي فإن اللوم إغراء. حدث عمرو بن سعيد قال: كنت في نوبتي في الحرس في أربعة آلاف إذ رأيت المأمون قد خرج ومعه غلمان صغار وشموع فلم يعرفني فقال: من أنت؟ فقلت عمرو عمرك الله، ابن سعيد أسعدك الله، ابن مسلم سلمك الله. فقال: أنت تكلؤنا منذ الليلة فقلت الله يكلؤك يا أمير المؤمنين وهو خير حافظاً وهو أرحم الرا حمين فتبسم من مقالي ثم قال: إن أخا الهيجاء من يسعى معك ... ومن يضر نفسه لينفعك ومن إذا ريب زمان صدعك ... بدد شمل نفسه ليجمعك يا غلام أعطه أربع مائة فقبضتها وانصرفت. قال المأمون ليحيى بن أكثم: ما العشق؟ فقال: سوانح تسنح للمرء يهيم بها قلبه وتتأثر بها نفسه فقال له ثمامة: اسكت يا يحيى إنما عليك أن تجيب في مسألة طلاق أو محرم صاد صيداً فأما هذه فمن مسائلنا فقال المأمون قل: يا ثمامة فقال: هو جليس ممنع وصاحب مالك مذاهبه غامضة وأحكامه جارية ... يملك الأبدان وأرواحها. والقلوب وخواطرها. والعقول وألبابها. قد أعطي عنان طاعتها. وقوة تصريفها فقال له: أحسنت وأعطي ألف دينار. قال في كتاب حياة الحيوان نقلاً عن ابن الأثير في كامل التاريخ في حوادث سنة ستمائة وثلاث وعشرون قال: كان لنا جار وله بنت اسمها صفية، فلما صار عمرها

خمس عشرة سنة نبت لها ذكر وخرج لها لحية. قال كاتب الأحرف: ونظير هذا ما أورده حمداً لله المستوفي في كتاب نزهة القلوب وأورده بعض المؤرخين أيضاً: أن بنتاً كانت في قمشة وهي من ولايات أصفهان فزوجت فحصل لها ليلة الزفاف حكة في عانتها ثم خرج لها في تلك الليلة ذكروانثيان وصارت رجلاً وكان ذلك في زمن السلطان الجايتو خدابنده ره. كتب الصفي الحلي إلى بعض الفضلاء وقد بلغه أنه اطلع على ديوانه وقال لا عيب فيه سوى أنه خال عن الألفاظ الغريبة: إنما الحيزبون والدردبيس ... والطخا والنقاح والعلطبيس والغطاريس والشقحطب والسقعب ... والخربصيص والعيطموس والحراجيج والعقنقس والعفلق ... والطرفسان والعسطوس لغة تنفر المسامع منها ... حين تتلى وتشمئز النفوس وقبيح أن يسلك النافر ... منها ويترك المأنوس إن خير الألفاظ ما طرب ... السامع منه وطاب فيه الجليس أين قولي هذا كثيب قديم ... ومقالي عفقل قدموس لم نجد شادناً يغني قفا نبك ... على العود إذ تدار الكؤوس أتراني إن قلت للحب يا علق ... درى أنه العزيز النفيس أو تراه يدري إذا قلت خب ... العير أن أقول سار العيس درست هذه اللغات وأضحى ... مذهب الناس ما يقول الرئيس إنما هذه القلوب حديد ... ولذيذ الألفاظ مغناطيس بعض الأكابر جميع الكتب يدرك من قراها ... ملال أو فتور أو سآمة سوى هذا الكتاب، فإن فيه ... بدايع لا تمل إلى القيامة قال المحقق الزركشي في شرحه على تلخيص المفتاح الذي سماه مجلي الأفراح وهو كتاب ضخم يزيد على المطول وقفت عليه في القدس الشريف سنة تسعمائة واثنان وتسعون وهذه عبارته: اعلم أن الألف واللام في الحمد قيل: للاستغراق وقيل: لتعريف الجنس، واختاره

الزمخشري ومنع كونها للإستغراق، قيل: وهي نزعة اعتزالية، ويشبه أن يقال في تبيين مراد الزمخشري: أن المطلوب من العبد إنشاء الحمد، لا الإخبار به، وحينئذ يستحيل كونها للاستغراق إذ لا يمكن للعبد أن ينشىء جميع المحامد منه ومن غيره، بخلاف كونها للجنس. ومن الكتاب المذكور في بحث اللف والنشر ما صورته: قال الزمخشري في قوله تعالى " ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله "، قال: هذا من باب اللف وترتيبه ومن آياته منامكم وابتغاؤكم من فضله بالليل والنهار إلا أنه فصل بين القرينتين الأوليين بالقرينتين الأخيرتين، لأنهما زمانان، والزمان والواقع فيه كشيء واحد، مع إعانة اللف على الإتحاد، ويجوز أن يراد منكم في الزمانين وابتغاؤكم فيهما، والظاهر الأول لتكرره في القرآن. أقول: ما ذكره الزمخشري مشكل من جهة الصناعة، لأنه إذا كان المعنى ما ذكره يكون النهار معمول ابتغاؤكم وقد تقدم عليه وهو مصدر، وذلك لا يجوز. ثم يلزم العطف على معمولي عاملين، فالتركيب لا يسوغ. الشيخ الرئيس أبو علي ابن سينا صنف رسالة في العشق أطنب فيها المقال، وذكر فيها: أن العشق لا يختص بنوع الإنسان، بل هو سار في جميع الموجودات من الفلكيات والعنصريات والمواليد الثلاث المعدنيات والنباتات والحيوان. كان لبهرام جور ولد واحد، وكان ساقط الهمة دني النفس، فسلط عليه الجواري والقيان الحسان حتى عشق واحدة، فلما علم الملك بذلك قال لها: تجني عليه وقولي له: أنا لا أصلح إلا لعالي الهمة أبي النفس، فترك الولد ما كان عليه حتى ولي الملك وهو من أحسن الملوك رأياً وشهامة. ابن خفاجة لقد جبت دون الحي كل تنوفة ... يحوم بها نسر السماء على وكر وخضت ظلام الليل يسود فحمه ... ودست عرين الليث ينظر عن جمر وجئت ديار الحي والليل مطرق ... ينمنم ثوب الأفق بالأنجم الزهر أشيم بها برق الحديد وربما ... عثرت بأطراف المثقفة السمر فلم ألق إلا صعدة فوق لامة ... فقلت قضيب قد أطل على نهر

ولا شمت إلا غرة فوق أشقر ... فقلت حباب يستدير على خمر وسرت وقلب البرق يخفق غيرة ... هناك وعين النجم تنظر عن شزر ابن العفيف التلمساني تحرش الطرف بين الجد واللعب ... أفنى المدامع بين الحزن والطرب كم ذا اردد في أرض الحمى قدمي ... تردد الشك بين الصدق والكذب كأنني لم أعرس في مضاربها ... ولم أحط بها رحلي ولا قتبي ولم أغازل فتاة الحي مأيسة ... في روضها بين در الحلي والذهب تبدي النفار دلالاً وهي آنسة ... يا حسن معنى الرضا في صورة الغضب البيت الأخير من هذه الأبيات يحوم حول قول العارف السامي الشيخ نظامي في كتاب خسرو وشيرين: لكاتب الأحرف وثورين حاطا بهذا الورى ... فثور الثريا وثور الثرى ومن تحت هذا ومن فوق ذا ... حمير مسرحة في قرى ملخص من كتاب الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني من المجلد الخامس منه وهو مما وقفت عليه في القدس الشريف: أعشى همدان هو عبد الرحمن بن عبد الله بينه وبين همدان ثلاثة عشر أباً وهمدان بن مالك ابن زيد بن نزار بن واثلة بن ربيعة بن الجبار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشخب بن يعرب بن قحطان. وكان الأعشى شاعراً فصيحاً، وهو زوج أخت الشعبي الفقيه والشعبي زوج أخته وكان ممن خرج على الحجاج وحاربه مرات فظفر به وأتي به أسيراً فقال له الحجاج: الحمد لله الذي أمكنني منك، ألست القائل كذا؟ ألست العامل كذا؟ وذكر له أبياتاً كان قد قالها في هجو الحجاج وتحريض الناس على قتاله، ثم قال له ألست القائل: وأصابني قوم وكنت أصبتهم ... فاليوم أصبر للزمان وأعرف وإذا تصبك من الحوادث نكبة ... فاصبر فكل غيابة تتكشف أما والله لتكونن نكبة لا تتكشف غيابتها عنك أبداً يا حرسي اضرب عنقه فضربت عنقه وكان قد أسر مدة في بلاد الديلم ثم إن بنتاً للعلج الذي كان أسره أحبته وصالت إليه ليلاً ومكنته من نفسها فأصبح وقد واقعها ثمان مرات، فقالت له: يا معشر المسلمين هكذا

تعملون بنسائكم، فقال: نعم، فقالت: هذا هو العمل الذي به نصرتم. ثم قالت: أفرأيت أن خلصتك أتصطفيني لنفسك؟ فقال: نعم وعاهدها فلم كان الليل حلت قيوده وأخذت به طريقاً تعرفها وهربت معه، فقال في ذلك شاعر من أسراء المسلمين: فمن كان يفديه من الأسر ماله ... فهمدان يفديها الغدة ايورها الصفي الحلي ما ملت عن العهد وحاشاي أمين ... بل كنت على البعد قوياً وأمين لا تحسبني إذا قسي الهجر ألين ... بل لو كشف الغطاء ما ازددت يقين الفاضل الأديب جمال البلغاء علي بن الحسين المغربي والمصرع الأول هذيان جرى على لسانه وهو محموم. درن درن درن دبي ... أنا علي بن الحسين المغربي سناجقي تهيئي عساكري تأهبي ... ها قد ركبت للمسير في البلاد فاركبي أنا الذي أسد الشرى ... في الحرب لا تجفل بي إذا تمطيت وفرقعت عليهم ذنبي ... أنا امرؤ أنكر ما يعرف أهل الأدب ولي كلام نحوه ليس كنحو العرب ... يصانع الفرآء في النحو بجلد الثعلب ونقصد التثليث في نتف سال قطرب ... فإن سألت مذهبي فذاك خير مذهب آكل ما أحبه ورغبتي في الطيب ... وألبس القطن ولا أكره لبس القصب وليس عشقي مثل عشق الجاهل الغرالغبي ... أحب من يحبني لا من غدا معذبي وكل قصدي خلوة أكون فيها مع صبي ... فنجتلي بنت الكروم أو بني العنب

ونبتذي نأخذ في الشكوى وفي التعتب ... حتى إذا ما جادلي برشف ذاك الشنب حكمته في الرأس إذ حكمني في الذنب ... ونلت ما أرومه منه ببذل الذهب هذا هو المذهب إن ... سألتني عن مذهبي ما أنا ذا ترفض كلا ولا تنصب ... ولا هوى نفسي في الجدال والتعصب ولا جلست جاثياً في الجمع فوق الركب ... بين امرىءٍ مصدق وآخر مكذب كلا ولا فاخرت بالنفس ولا بالنسب ... ما قلت قط ها أنا ولم أقل كان أبي ولم أزاحم أحداً على علو منصب ... ولا دخلت قط في عمري بيت الكتب كلا ولا كررت درسي في ظلام غيهب ... ولا عرفت النحو غير الجر بالمنتصب كلا ولا اجتهدت في حفظ لغات العرب ... ولا عرفت من عروض الشعر غير السبب ولا بحثت منه في المجتث والمقتضب ... كلا ولا اشتغلت بالنجوم والتطبب وليس في المنطق والحكمة أضحى إربي ... وأين مني البحث في البسيط والمركب والسحر ما عرفته معرفة المجرب ... ولا ربطت ضفدع الماء بصوف الأرنب ولا كتبت اسم من أهوى بماء الطحلب ... ولا سحرت باللبان مع قشور المحلب

ولا طلبت السيمياء من فتى يسخر بي ... ولست آتي قط في فصل الشتا بالرطب والكيمياء لم أكن أنفق فيها نشبي ... وليس في التقطير والتكليس أضحى تعبي ولا طمعت في المحال قط مثل أشعب ... كلا ولا مخرقت للناس لأجل الطلب ولا ضربت مندلاً لجاهل يمر بي ... ولا حملت طاسة أقرعها بالغضب كلا ولا أظهرت في المندل رأس قهرب ... ولا دعوت الشيصبان دعوة لم يجب كلا ولا ذكرته عهد سليمان النبي ... ولم أقل لامرأة في حلقتي قومي اذهبي ولم أقل بينكم ابن الزنا مخيب ... أريد أن أطرده عني إلى ذي لعب أوهمهم كيلا يروح جمعهم في شعبي ... ولا كتبت الهذيان شهلب بن سهلب في كاغد بأحمر وأسود مكتب ... أقول هذا للسلاطين وأهل الرتب يصلح للمحبوس أو من قد غدا في كرب ... أرد يا قوم به مسافراً لم يؤب كتبت فيه دعوة عن ذي العلى لم يجب ... والسر في طلسمه المبغض المحبب

ولا اتخذت حية لأجعلنها سببي ... أقول يا قوم انظروا عندي فنون العجب قد سليبي لها رأس كرأس الأرنب ... قد كان قدماً صادها في بلد الغرب أبي كلا ولا بعت المعاجين على الغر الغبي ... أقول أين طالب الباه وراخي العقب هذا الذي يجعل متن أيره كالخشب ... كلا ولا خاطبتكم بلفظ أهل المغرب أقول هذا مقصدي إليكم من يثرب ... وقد صحبت حاجة زارت معي قبر النبي ولم أحدثكم بما لقيته من عجب ... وإنني سافرت في البحر لأجل المكسب فعاندتنا حوتة تروم كسر المركب ... حتى إذا ما غرق المركب بالتقلب طفوت فوق ساحة وذو العلى يلطف بي ... ولاح لي جزيرة تلوح مثل كوكب لما وصلت أرضها بعد العنا والنصب ... صعدت أوعى في رياض أرضها والعشب أصطاد في صيد طيور أرضها بالقصب ... آكل من ثمارها ما طعمه كالرطب ومشربي من مائها العذب النمير الطيب ... بينا أنا في صعدٍ من أرضها أو صبب لقيت شيخاً جالساً في ظل كرم العنب ... لوح لي بكفه يعني به تقرب فرحت أمشي نحوه أنظر ما يريد بي ... فسلم الشيخ سلام مؤذن بالرحب وقال لي اجلس بكلام لفظ غير العرب ... لما هممت بالجلوس صار فوق منكبي مطوقي منه بساقات بغير ركب ... طويلة مثل السيور أو حبال القنب ولكاتب الأحرف وهو مما كتبته إلى بعض الأصحاب وكان في المشهد الأقدس الرضوي رضي الله عنه: يا ريح إذا أتيت أرض الجمع ... أعني طوس فقل لأهل الربع ما حل بروضةٍ بهائيكم ... إلا وسقى رياضها بالدمع ولكاتب الأحرف وهو مما كتبته إلى بعض الإخوان بالنجف الأشرف: يا ريح إذا أتيت أرض النجف ... فالثم نائباً ترابها ثم قف واذكر خبري لدى عريبٍ نزلوا ... واديه وقص قصتي وانصرف الصفي الحلي قيل إن العقيق قد يبطل الس ... حر بتختيمه لسر حقيقي وأرى مقلتيك تنفث سحراً ... وعلى فيك خاتم من عقيق وله وقد أشرف على المدينة المشرفة صلى الله على ساكنها: هذه قبة مولاي وأقصى أملي ... أوقفوا المحمل كي ألثم خفي جملي لجامع الكتاب: إن هذا الموت يكرهه ... كل من يمشي على الغبرا. ويعين العقل لو نظروا ... لرأوه الراخة الكبرى. وله لما حج البيت الحرام وشاهدت تلك المشاعر العظاك: يا قوم بمكة أنا ذا ضيف ... ذي زمزم ذي منى وهذا الخيف. كم أعرك مقلتي لأستيقن هل ... في اليقظة ما أراه أم ذا طيف. قال: مما كتبت إلى والدي طاب ثراه وهو في الهراة سنة 989:

يا ساكني أرض الهراة أما كفى ... هذا الفراق بلى وحق المصطفى عودوا علي فربع صبري قد عفا ... والجفن من بعد التباعد ما غفى وخيالكم في بالي والقلب في بلبال إن أقبلت من نحوكم ريح الصبا ... قلنا لها أهلاً وسهلاً مرحبا وإليكم قلب المتيم قد صبا ... وفراقكم للروح منه قد سبا والقلب ليس بخالي من حب ذات الخال يا حبذا ربع الحمى من مربع ... فغزاله شب الغضا في أضلعي لم أنسه يوم الفراق مودعي ... بمدامع تجري وقلب موجع والصبر ليس بسالي عن ثغره السلسال لكاتب الأحرف إن هذا الموت يكرهه ... كل من يمشي على الغبرا وبعين العقل لو نظروا ... لرأوا الراحة الكبرى وله لما حج البيت الحرام وشاهد تلك المشاعر العظام. يا قوم على مكة هذه أنا ضيف ... ذي زمزم ذي منى وهذا الخيف كم أعرك عيني لأستيقن هل ... في اليقظة ما أراه أم هذا طيف مما سمح به الطبع الجامد فيها بين حلب وآمد عند هبوب الرياح في وقت الصباح مما أنشده الشبلي خليلي إن دام هم النفوس ... على ما تراه قليلاً قتل فيا ساقي القوم لا تنسني ... ويا ربة الخدر غني رمل لقد كان شيء يسمى السرور ... قديماً سمعنا به ما فعل من كلام بعض أصحاب القلوب: إنما بعث يوسف على نبينا وعليه السلام قميصه من مصر إلى أبيه، لأنه كان سبب ابتداء حزنه لما جاءوا به جاءوا به ملطخاً بالدم، فأحب يوسف أن يكون فرحه من حيث كان حزنه. قال الحسن بن سهل للمأمون: نظرت في لذات الدنيا فرأيتها مملولة خلا سبعة، خبز الحنطة ولحم الغنم والماء البارد، والثوب الناعم والرايحة الطيبة والفراش الوطيء والنظر إلى الحسن من كل شيء، فقال له: فأين أنت عن محادثة الرجال. قال: صدقت هي أولاهن. قريب من هذا قول الرضي رحمه الله سهم أصاب وراميه بذي سلم ... من بالعراق لقد أبعدت مرماك آخر بيض حرائر ما هممن بريبة ... كظباء مكة صيدهن حرام يحسبن من لين الحديث زوانياً ... ويصدهن عن الخنا الإسلام للتهامي هل أعارت خيالك الريح سيرا؟ ... فهو يغدو شهراً ويرتاح شهرا زارني في دمشق من أرض نجد ... لك طيف سرى تفكك أسرى وأراد الخيال لثمي فصيرت ... لثامي دون المراشف سترا

واختلسنا ظبآ نجد بأرض الشام ... بعد الرقاد بدراً فبدرا فاصرفي في الكأس من رضا بك عني ... حاش لله أن أرشف خمرا قد كفاني الخيال منك ولو ... زرت لأصبحت مثل طيفك ذكرا وللتهامي هي البدر لكن تستر مدى الدهر ... وكان سرار البدر يومين في الشهر هلالية نيل الأهلة دونها ... وكل نفيس القدر ذو مطلب وعر لها سيف طرف لا يزايل جفنه ... ولم أر سيفاً قط في جفنه يفري ويقصر ليلي إن ألمت لأنها ... صباح وهل لليل بقيامع الفجر أقول لها والعيس تحدج للنوى ... أعدي لبعدي ما استطعت من الصبر سأنفق ريعان الشبيبة دائباً ... على طلب العلياء أو طلب الأجر أليس من الخسران أن ليالياً ... تمر بلا نفعٍ وتحسب من عمري وله من أبيات يرثي بها ولده أتى الدهر من حيث لا أتقي ... وخان من السبب الأوثق فقل للحوادث من بعده ... أسفي بمن شئت أو حلقي أمنتك لم يبق لي ما أخاف ... عليه الحمام ولا أتقي وقد كنت أشفق مما دهاه ... فقد سكنت لوعة المشفق ولما قضى دونه أترابه ... تيقنت أن الردى ينتقي يعز على حاسدي أنني ... إذا طرق الخطب لم أطرق وإني طود إذا صادمته ... رياح الحوادث لم تقلق وله أيضاً هل الوجد إلا أن تلوح خيامها ... فيقضي بأهداء السلام زمامها وقفت بها أبكي فترزم أنيقي ... وتصهل أفراسي ويدعو حمامها

ولو بكت الورق الحمائم شجوها ... بعيني محى أطواقهن انسجامها وفي كبدي أستغفر الله غلة ... إلى بردتيني عليه لثامها وبرد رضاب سلسل غير أنه ... إذا شربته النفس زاد هيامها فيا عجباً من غلة كلما ارتوت ... من السلسبيل العذب زاد ضرامها خليلي هل يأتي مع الطيف نحوها ... سلامي كما يأتي إلي سلامها ألمت بنا في ليلة مكفهرة ... فما سفرت حتى تجلى ظلامها فأبصر مني الطيف نفساً أبية ... تيقظها عن عفة ومنامها إذا كان حظي حيث حل خيالها ... فسيان عندي نأيها ومقامها وهل نافعي أن يجمع الله بيننا ... بكل مكانٍ وهو صعب مرامها أرى النفس تستحلي الهوى وهو حتفها ... بعيشك هل يحلو لنفس حمامها أسيدتي رفقاً بمهجة عاشقٍ ... يعذبها بالبعد عنك غرامها لك الخير جودي بالجمال فإنه ... سحابة صيف ليس يرجى دوامها الفاضل المحقق أبي السعود أفندي صاحب التفسير والمفتي بقسطنطنية: أبعد سليمى مطلب ومرام ... وغير هواها لوعة وغرام وفوق حماها ملجأ ومثابة ... ودون زراها موقف ومرام وهيهات أن يثنى إلى غير بابها ... عنان المطايا أو يشد حزام هي الغاية القصوى فإن فات نيلها ... فكل مني الدنيا على حرام محوت نقوش الجاه عن لوح خاطري ... فأضحى كأن لم يجر فيه قلام آنست بلأواء الزمان وذله ... فيا عزة الدنيا عليك سلام إلى كم أعاني تيهها ودلالها؟ ... ألم يأن عنها سلوة وسآم وقد أخلق الأيام جلباب حسنها ... فأضحت وديباج البهاء رمام على حين شيب قد ألم بمفرقي ... وعاد دهام الشعر وهو ثغام

طلائع ضعف قد أغارت على القوى ... وثار بميدان المزاج قتام فلا هي في برج الجمال مقيمة ... ولا أنا في عهد المجون مدام تقطعت الأسباب بيني وبينها ... ولم يبق فينا نسبة ولئام وعادت قلوص العزم عنها كليلة ... وقد جب منها غارب وسنام كأني بها والقلب زمت ركابه ... وقوض أبيات له وخيام وسيقت إلى دار الخمول حمولة ... يحن إليها والدموع رهام حنين عجول غرها البو فانثنت ... إليه وفيها أنة وضغام تولت ليال للمسرات وانقضت ... لكل زمان غاية وتمام فسرعان ما مرت وولت وليتها ... تدوم ولكن ما لهن دوام دهور تقضت بالمسرة ساعة ... ويوم تولى بالمسائة عام فلله در الغم حيث أمدني ... بطول حياة والغموم سهام أسيح بتيهاء التحير مفرداً ... ولي مع صحبي عشرة وندام وكم عشرة ما أورثت غير عسرة ... ورب كلام في القلوب كلام فما عشت لا أنسى حقوق صنيعة ... وهيهات أن ينسى لدي ذمام كما اعتاد أبناء الزمان وأجمعت ... عليه فئام إثر ذاك فئام خبت نار أعلام المعارف والهدى ... وشب لنيران الضلال ضرام وكان سرير العلم صرحاً ممرداً ... يناغي القباب السبع وهي عظام متيناً رفيعاً لا يطار غرابه ... عزيزاً منيعاً لا يكاد يرام يلوح سنا برق الهدى من بروجه ... كبرق بدا بين السحاب تسام فجرت عليه الراسيات ذيولها ... فخرت عروش منه ثم دعام وسيق إلى دار المهانة أهله ... مساق أسير لا يزال يضام كذا تحكم الأيام بين الورى على ... طرائق منها جائر وقوام

فما كل قيل قيل علم وحكمة ... وما كل أفراد الحديد حسام وللدهر ثارات تمر على الفتى ... نعيم وبؤس صحة وسقام ومن يك في الدنيا فلا يعتبنها ... فليس عليها معتب وملام أجدك ما الدنيا وماذا متاعها ... وماذا الذي تبغيه فهو حطام تشكل فيها كل شيء بشكل ما ... يعانده والناس عنه نيام ترى النقص في زي الكمال كأنما ... على رأس ربات الحجال عمام فدعها وما فيها هنيئاً لأهلها ... ولا تك فيها رغبة وسوام يعاف العرانين السماط على الخوى ... إذا ما تصدى للطعام طغام على أنه لا يستطاع منالها ... لما ليس فيها عروة وعصام ولو أنت تسعى إثرها ألف حجة ... وقد جاوز الطيبين منك حرام رجعت وقد ضلت مساعيك كلها ... بخفي حنين لا تزال تلام هب أن مقاليد الأمور ملكتها ... ودانت لك الدنيا وأنت همام ومتعت باللذات دهراً بغبطة ... أليس بحتم بعد ذاك حمام؟ فبين البرايا والخلود تباين ... وبين المنايا والنفوس لزام قضية إنقاد الأنام لحكمها ... وما حاد عنها سيد وغلام ضرورية تقضي العقول بصدقها ... سل إن كان فيها مرية وخصام سل الأرض عن حال الملوك التي خلت ... لهم فوق فرق الفرقدين مقام بأبوابهم للوافدين تراكم ... بأعتابهم للعاكفين زحام تحبك عن أسرار الشؤون التي جرت ... عليهم جواباً ليس فيه كلام بأن المنايا أقصدتهم تبابها ... وما طاش عن مرمى لهن سهام وسيقوا مساق الغابرين إلى الردى ... وأقفر منهم منزل ومقام وحلوا محلاً غير ما يعبدونه ... فليس لهم حتى القيام قيام ألم بهم ريب المنون فغالهم ... فهم تحت أطباق الرغام رغام

هذا آخر ما انتخبته منها وهي اثنان وتسعون بيتاً في غاية الجودة ونهاية السلاسة أيضاً لكاتب الأحرف قالها على لسان الحال أنا الفقير المعنى ذو رقة وحنين ... للناس طراً خدوم إذ هم استخدموني يعلو مقامي قدراً إذا هم لمسوني ... ولست أسلو هواهم يوماً ولو قطعوني هذا ومن سوء حظي وكسرتي وشجوني ... أن لست أذكر إلا عقيب رفع الصحون من كلامهم الوقت سيف قاطع وقد نظم هذا المضون بعضهم بالفارسية وأظنه الجامي قال الزمخشري عند قوله تعالى: " إن كيدكن عظيم " استعظم كيد النساء لأنه وإن كان في الرجال أيضاً إلا أن النساء ألطف كيداً وأنفذ حيلة، ولهن في ذلك رفق ثم قال: والقصيرات منهن معهن ما ليس مع غيرهن من البوايق وعن بعض العلماء أنه قال أنا أخاف من النساء أكثر مما أخاف من الشيطان لأنه سبحانه يقول إن كيد الشيطان كان ضعيفاً وقال سبحانه في النساء " إن كيدكن عظيم " إذا قيل كم يحصل من تركيب حروف المعجم كلمة ثنائية سواء كانت مهملة أو مستعملة بشرط أن لا يجتمع حرفان من جنس واحد، فاضرب ثمانية وعشرين في سبعة وعشرين فالحاصل جواب. فإن قيل كم يتركب منها كلمة ثلاثية بشرط أن لا يجتمع حرفان من جنس واحد فاضرب ثمانية وعشرين في سبعة وعشرين ثم المبلغ في ستة وعشرين يكن تسعة عشر ألفاً وستمائة وستة وخمسين. وإن سأل عن الرباعية فاضرب هذا المبلغ في خمسة وعشرين والقياس فيه يطرد في الخماسي فما فوقه. ربما يستعلم مساحة الأجسام المشكلة المساحة كالفيل والجمل بأن يلقى في حوض مربع ويعلم الماء ثم يخرج منه ويعلم أيضاً ويمسح ما نقص فهو المساحة تقريباً. كان يحيى بن معاذ كثيراً ما يقول أيها العلماء إن قصوركم قيصرية وبيوتكم

كسروية ومواكبكم قارونية وأوانيكم فرعونية وأخلاقكم نمرودية وموائدكم جاهلية ومذاهبكم سلطانية فأين المحمدية صلى الله عليه وسلم؟ ! القاضي أبو الحسن في الغيم والبرق من أين للعارض الساري تلهبه؟ ... وكيف طبق وجه الأرض صيبه؟ هل استعار جفوني فهي تنجده ... أم استعان فؤادي فهو يلهبه لبعضهم لله أيام تقضت لنا ... ما كان أحلاها وأهناها مرت فلم يبق لنا بعدها ... شيء سوى أن نتمناها قبة الشافعي قبة عظيم البناء، واسعة الفضاء قصدت زيارتها، في هذه السنة وهي سنة تسعمائة واثنان وتسعون وفي رأس ميل القبة سفينة صغيرة من حديدة، وأنشد بعض الشعراء لما زار القبة ورأى ذلك الميل والسفينة في رأسه: قبة مولاي قد علاها ... لعظم مقدارها السكينة لو لم يكن تحتها بحار ... ما كان من فوقها سفينة الشافعي تحكموا فاستطالوا في تحكمهم ... عما قليل كأن الحكم لم يكن لو أنصفوا أنصفوا لكن بغوا فبغى ... عليهم الدهر بالأحزان والمحن فأصبحوا ولسان الحال ينشدهم ... هذا بذاك ولا عتب على الزمن لغيره ولا كم مذهبي والحب منهاجي ... فهل المنهاج هذا الصب منهاجي يا سادة لا أداجي في محبتهم ... لو قطعوا بسيوف الصد أوداجي لي في حمى ربعكم بالرقمتين رشا ... عني غني وإني أي محتاج لما تجلى انجلى من نور طلعته ... ليل الدجى بسراج منه وهاج عن الرضا رضي الله عنه وقد ذكره عنده عرفة والمشعر فقال ما وقف أحد بتلك الجبال إلا استجيب له فأما المؤمنون فيستجاب لهم في آخرتهم، وأما الكفار فيستجاب لهم في دنياهم.

قيل لابن المبارك إلى متى تكتب؟ فقال: لعل الكلمة التي تنفعني لم أكتبها بعد. قال ابن الجوزي في كتاب صفوة الصفوة في حوادث سنة، ستمائة وخمس وأربعون في هذه السنة وقع الطاعون الجارف بالبصرة، وكان مدة الطاعون أربعة أيام، فمات في اليوم الأول سبعون ألفاً، وفي اليوم الثاني أحد وسبعون ألفاً، وفي اليوم الثالث ثلاثة وسبعون ألفاً، وأصبح الناس في اليوم الرابع موتى إلا آحاداً. عن عبد الله قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً مربعاً وخط وسطه خطاً خارجاً منه وخط خطوطاً صغاراً إلى جنب الخط وقال أتدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم قال: هذا الإنسان الخط الذي في الوسط، وهذا الأجل محيط به، وهذه الخطوط الصغار الأعراض التي حوله تنهشه إن أخطاه هذا نهشه هذا وإن أخطاه هذا نهشه هذا، وذلك الخط الخارج الأمل كان ابن الأثير مجد الدين أبو السعادات صاحب جامع الأصول والنهاية في غريب الحديث من أكابر الرؤساء محظياً عند الملوك، وتولى لهم المناصب الجليلة، فعرض له مرض في كف يديه ورجليه فانقطع في منزله وترك المناصب والاختلاط بالناس، وكان الرؤساء يغشونه في منزله فحضر إليه بعض الأطباء والتزم بعلاجه، فلما طببه وقارب البرء وأشرف على الصحة دفع إليه شيئاً من الذهب، وقال: امض بسبيلك، فلامه أصحابه على ذلك، وقالوا هلا أبقيه إلى حصول الشفاء فقال لهم إنني: متى عوفيت طلبت المناصب ودخلت فيها وكلفت قبولها وأما ما دمت على هذه الحالة فإني لا أصلح لذلك فأصرف أوقاتي في تكميل نفسي ومطالعة كتب العلم ولا أدخل معهم فيما يغضب الله ويرضيهم، والرزق لابد منه فاختار عطلة جسمه ليحصل له بذلك الإقامة على العطلة عن المناصب وفي تلك المدة ألف كتاب جامع الأصول والنهاية وغيرهما من الكتب المفيدة. في تفسير النيشابوري عند قوله تعالى في سورة الجاثية: " وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " ما صورته قال أبو يعقوب النهرجوري: سخر لك الكون وما فيه لئلا يسخرك منه شيء وتكون مسخراً لمن سخر لك الكل فمن ملكه شيء من الكون وأسرته زينة الدنيا وبهجتها فقد جحد نعمة الله وجعل فضله وآلاءه عنده إذ خلقه حراً من الكل عبداً لنفسه فاستعبد الكل ولم يشتغل بعبودية الحق بحال.

عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه أن فقيراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده رجل غني فكف الغني ثيابه عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حملك على ما صنعت؟ أخشيت أن يلصق فقره بك أو يلصق غناك به؟ {فقال يا رسول الله: إذا قلت هذا فله نصف مالي، فقال رسول الله للفقير: أتقبل منه قال: لا، قال: ولم؟ قال أخاف أن يدخلني ما دخله. روى أنه كان في جبل لبنان رجل من العباد منزوياً عن الناس في غار في ذلك الجبل، وكان يصوم النهار ويأتيه كل ليلة رغفيف يفطر على نصفه ويتسحر بالنصف الآخر، وكان على ذلك الحال مدة طويلة لا ينزل من ذلك الجبل أصلاً، فاتفق أن انقطع عنه الرغيف ليلة من الليالي، فاشتد جوعه وقل هجوعه فصلى العشائين وبات في تلك الليلة في انتظار شيء يدفع به الجوع فلم يتيسر له شيء، وكان في أسفل ذلك الجبل قرية سكانها نصارى فعندما أصبح العابد نزل إليهم واستطعم شيخاً منهم فأعطاه رغيفين من خبز الشعير، فأخذهما وتوجه إلى الجبل وكان في دار ذلك الشيخ كلب جرب مهزول، فلحق العابد ونبح عليه وتعلق بأذياله فألقى عليه العابد رغيفاً من ذينك الرغيفين ليشتغل به عنه، فأكل الكلب ذلك الرغيف ولحق العابد مرة أخرى وأخذ في النباح والهرير فألقى إليه العابد الرغيف الآخر فأكله ولحقه تارة ثالثة واشتد هريره وتشبث بذيل العابد ومزقه فقال العابد سبحان الله} إني لم أر كلباً أقل حياءً منك إن صاحبك لم يعطني إلا رغيفين وقد أخذتهما مني ماذا تطلب بهريرك وتمزق ثيابي، فأنطق الله تعالى الكلب فقال: لست أنا قليل الحياء، إعلم أني ربيت في دار النصراني أحرس غنمه وأحفظ داره وأقنع بما يدفع إلي من خبز أو عظام، وربما نسيني فأبقى أياماً لا آكل شيئاً ربما تمضي أيام لا يجد هو لنفسه شيئاً ولا لي ومع ذلك لم أفارق داره منذ عرفت نفسي ولا توجهت إلى باب غيره، بل كان دأبي أنه إن حصل شيء شكرت وإلا صبرت، وأما أنت فبانقطاع الرغيف عنك ليلة واحدة لم يكن عندك صبر ولا كان لك تحمل حتى توجهت من باب رزاق العباد إلى باب نصراني وطويت كشحك عن الحبيب وصالحت عدوه المريب فقل أينا أقل حياءً أنا أم أنت؟ فلما سمع العابد ذلك ضرب بيديه على رأسه وخر مغشياً عليه مات لأبي الحسين بن الجزار حمار فكتب إليه بعض أصحابه مات حمار الأديب قلت لهم ... مضى وقد فات فيه ما فاتا

من مات في عزه استراح ومن ... خلف مثل الأديب ما ماتا فأجابه ابن الجزار كم من جهول رآني ... أمشي لأطلب رزقا فقال لي صرت تمشي ... وكل ماش ملقى فقلت مات حماري ... تعيش أنت وتبقى من كلا الأستاذ الأعظم الشيخ محمد البكري الصديقي خلدت أيام إفاداته وهو مما كتبته عنه بمصر المحروسة سنة اثنين وتسعين وتسعمائة. بين أهل القلوب والحق حال ... هو سر يدق عنه المقال ما لشخص إلى علاهم طريق ... لا ولا في الحديث عنهم مجال احذر احذر أهل القلوب وسلم ... أمرهم إنهم فحول رجال لا يكن منك ذرة بنكير ... فسيوف الأقوال منها صقال وشباها يشب نار انتقام ... ليس يطفي لوقدها اشتعال مرهفات بترتقد وتفري ... سلها فتية الوغى الأبطال فإذا ما رأيت نكراً فأول ... ليزول الإنكار والإشكال لا ترد وسعة المقال لحال ... رب حال يضيق عنه المقال لو ترى القوم في الدياج سكارى ... وعليهم أديرت الجريال كل بسط من بسطهم مستفاد ... كل عطف لسكرهم ميال شاهدوا الحق من سرايا نفوس ... جل عن كشفها الرفيع منال إنما العين بالحقيقة للعين ... تجلت فما هناك خيال تحت أستار عزة وجلالٍ ... ما سواها جميعه أسمال يا لقومي من سكرة بمدام ... ما لعقل الندمان منها خبال هاتها هاتها على كل حال ... واسقنيها فما عليك مقال لا تبالي لعاذل في هواها ... لم يذقها فقوله بطال كل ذنب لشاربيها سماح ... وعشار لمحتسيها مقال فشمال والكأس فيها يمين ... ويمين لا كأس فيها شمال

الذي بقسطنطنية من العمارات في يومنا هذا من تقرير بعض الثقات وخطه سنة تسعمائة واثنان وتسعون. محلات حارات المسلمين الجوامع مساجد الحارات - مكتب خانه - الأبنية العالية والخانقاهات - الزوايا التي فيها المشايخ والعباد - الخانات - العيون المبني عليها - المحال المعدة للوضوء - الفرون - مدارات الرحى - المواضع الوسيعة التي يجلب إليها أشياء - الحمامات. حارات الكفار النصارى. حارات اليهود - الكنايس - المنارات. لما دنى موت الشبلي قال بعض الحاضرين وهو محتضر أيها الشيخ قل لا إله إلا الله فأنشد الشبلي: إن بيتاً أنت ساكنه ... غير محتاج إلى السرج كتب ابن دقيق إلى ابن نباتة في سفره: كم ليلة فيك وصلنا السرى ... لا نعرف الغمض ولا نستريح واختلف الأصحاب ماذا الذي ... يزيل من شكويهم أو يريح فقيل تعريسهم ساعة ... وقيل بل ذكراك وهو الصحيح فأجابه ابن نباتة

في ذمة الله وفي حفظه ... مسراك والعود بعزم نجيح لو جاز أن تسلك أجفاننا ... إذاً فرشنا كل جفن قريح لكنها بالبعد معتلة ... وأنت لا تسلك إلا الصحيح الشيخ محمد البكري الصديقي وهو ما كتبته عنه بمصر المحروسة. شربنا قهوة من قشر بن ... تعين على العبادة للعباد حكت في كف أهل اللطف صرفاً ... زباداً زائباً وسط الزباد سئل محمد بن سيرين عن الرجل يقرأ عليه القرآن فيصعق، فقال: ميعاد بيننا وبينه أن يجلس على حايط ثم يقرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره فإن سقط فهو كما قال: انتهى. لبعضهم: (إن الوجود إن تعده ظاهرا ... وحياتكم ما فيه إلا أنتم) (أنتم حقيقة كل موجود بدا ... ووجود هذه الكائنات توهم) (في باطني من حبكم ما لو بدا ... أفتى بسفك دمي الذي لا يعلم) (نعمتموني بالعذاب وحبذا ... صب بأنواع العذاب منعم) للشيخ محي الدين بن عربي من قصيدة: (لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي ... إذا لم يكن ديني إلى دينه داني) (وقد صار قلبي كل صورة ... فمرعى لغزلان ودير لرهبان) (وبيت لأوثان وكعبة طائف ... وألواح توراة ومصحف قرآن) (أدين بدين الحب أنى توجهت ... ركائبه فالدين ديني وإيماني) غيره: (قد قال لي العاذل في حبه ... وقوله زور وبهتان) (ما وجه من أحببته قبلة ... قلت لا قولك قرآن) لله در من قال: لو كنت تعلم ما أقول عذرتني ... أو كنت أعلم ما تقول عذلتكا

لكن جهلت مقالتي فعذلتني ... وعلمت أنك جاهل فعذرتكا قال كثير من المفسرين عند قوله تعالى بسم الله: إن لفظ اسم يمكن أن يكون مقحماً كما في قول لبيد وقد بلغ مائة وخمسة وأربعين سنة وهو القائل: ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا الناس كيف لبيد؟ ولما احتضر قال يخاطب ابنتيه تمنى ابنتاي أن يعيش أبوهما ... وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر فقوما وقولا بالذي تعلمانه ... ولا تخمشا وجهاً ولا تحلقا شعر وقولا هو المرؤ الذي لا صديقه ... أضاع ولا خان الخليل ولا غدر إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبك حولاً كاملاً فلقد عذر ونازع في بعض فضلاء العربية وقال: لو جاز إقحام الاسم، لجاز أن يقول: ضربت اسم زيد وأكلت اسم الطعام ثم قال: والحق أن السلام اسم من أسماء الله تعالى والكلام إغراء والمعنى الزما اسم الله تعالى فكأنه قال عليكما بسم الله وتقدم المغرى به ورد في اللغة. قال الراجز يا أيها الماتح دلوي دونكا أي دونك دلوي أو يقال: إن المراد اسم الله حفيظ عليكما كما يقول الناظر إلى شيء يعجبه: اسم الله عليه يعوذه بذلك من السوء. ملخص من حاشية السيوطي على البيضاوي. قال في حياة الحيوان عند ذكر الحجل إن بعض مقدمي الأكراد حضر على سماط بعض الأمراء، وكان على السماط حجلتان مشويتان فنظر الكردي إليهما وضحك فسأله الأمير عن ذلك فقال: قطعت الطريق في عنفوان شبابي على تاجر، فلما أردت قتله تضرع فما أفاد تضرعه فلما رآني أقتله لا محالة التفت إلى حجلتين كانتا في الجبل، فقال: اشهدا عليه أنه قاتلي، فلما رأيت هاتين الحجلتين تذكرت حمقه، فقال الأمير قد شهدتا ثم أمر بضرب عنقه. لبعضهم إن الوجود وإن تعدد ظاهراً ... وحياتكم ما فيه إلا أنتم أنتم حقيقة كل موجود بدا ... ووجود هذي الكائنات توهم في باطني من حبكم ما لو بدا ... أفتى بسفك دمي الذي لا يعلم نعمتموني بالعذاب وحبذا ... صب بأنواع العذاب لينعم لبعض أصحاب الشهود أظنه شيخ محيي الدين: لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي ... إذا لم يكن ديني إلى دينه داني فقد صار قلبي قابلاً كل صورة ... فمرعى لغزلان وديراً لرهبان وبيتاً لأوثان وكعبة طائف ... وألواح تورية وأوراق قرآن أدين بدين الحب أنى توجهت ... ركائبه أرسلت ديني وإيماني غيره قال لي العاذل في حبه ... وقوله زور وبهتان ما وجه من أحببته قبلة ... قلت ولا قولك قرآن آخر أعظم ما لاقيته ... من معضلات الزمن وجه قبيح لامني ... في حب وجه حسن البدر البشتكي وقالوا يا قبيح الوجه تهوى ... مليحاً دونه السمر الرشاق فقلت وهل أنا إلا أديب ... فكيف يفوتني هذا الطباق النواجي غالطني اللاحي على ... من هممت فيه وعذل وقال يحكي وجهه ... بدر الدجى قلت أجل في التضمين لبعضهم إن كنت تعجز أن تفوه بوصفه ... حسناً ومثلك من يفوق قريضه سل عن سواد الشعر نرجس طرفه ... يخبرك بالليل الطويل مريضه ابن الخراط

في غلام على خده ثلاث خالات كنقط الشين: في خده الروضي لا تحسبوا ... ثلاث شامات بدت عن حقيق بل كاتب الحسن على خده ... نقط بالعنبر شين الشقيق لكاتب الأحرف يا بدر دجى خياله في بالي ... مذ فارقني وزاد في بلبالي أيام نواك لا تسل كيف مضت ... والله مضت بأسوء الأحوال وله يا عاذل كم تطيل في أتعابي ... دع لومك وانصرف كفاني ما بي لا لوم إذا همت من الشوق فما ... ذاق قلبي فرقة الأحباب مما كتبته إلى الهراة إلى والدي طاب ثراه من قزوين سنة تسعمائة وواحد وثمانين. بقزوين جسمي وروحي ثوت ... بأرض الهراة وسكانها وهذا تغرب عن أهله ... وتلك أقامت بأوطانها القيراطي لم يبك حين بكيت من ... هجرانه متحسرا لكن حكى لك خده ... المصقول صورة ما جرى جمال العارفين الشيخ محيي الدين بن عربي. مرضي من مريضة الأجفان ... عللاني بذكرها عللاني شدت الورق في الرياض وناحت ... شجو هذا الحمام مما شجاني يا خليلي عرجا بعناني ... لأرى رسم دارها بعياني وإذا ما بلغتما الدار حطا ... وبها صاحباي فلتبكيان وقفا بي على الطلول قليلاً ... نتباكى أو ابك مما دهاني لو ترانا براته نتعاطى ... أكؤساً للهوى بغير بنان والهوى بيننا يسوق حديثاً ... طيباً مرباً بغير لسان لرأيتم ما يذهل العقل فيه ... يمن والشآم معتنقان كذب الشاعر الذي قال قبلي ... وبأحجار عقله قد رماني

أيها المنكح الثريا سهيلاً ... عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية إذا ما استهلت ... وسهيل إذا استهل يماني آخر عظم ما لاقيته ... من معضلات الزمن. وجه قبيح لامني ... في حب وجه حسن. البدر البستكي: وقالوا يا قبيح الوجه تهوى ... مليحا دونه السمر الرشاق. فقلت وهل أنا إلا أديب ... فكيف يفوتني هذا الطباق. النواجي: غالطني اللاحي على ... من همت فيه وعذل وقال يحكي وجهه ... بدر الدجى قلت أجل. في التضمين لبعضهم: إن كنت تعجز أن تفوه بوصفه ... حسنا ومثلك من يفوق قريضه. سل عن سواد الشعر نرجس طرفه ... يخبرك بالليل الطويل مريضه. لجامع الكتاب: يا بدر الدجى خياله في بالي ... مذ فارقني وزاد في بلبالي. أيام نواك لا تسل كيف مضت ... والله مضت بأسوأ الأحوال. وله أيضا: يا عاذل كم تطيل يفي إتعابي ... دع لومك وانصرف كفاني ما بي. لا لوم إذا أهيم بالشوق فلي ... قلب ما ذاق فرقة الأحباب. وله أيضا: كم بت من المسا إلى الأشراق ... في فرقتكم ومطربي أشواقي. والهم منادي زنقلي سهري ... والدمع مدامتي وجفني الساقي

وله مما كتبه إلى وزالده بالهراة _ طاب ثراه - من قزوين سنة 981 وأجاد: قزوين جسمي ثوت ... بأرض الهراة وسكانها. لهذا تغرب عن أهله ... وتلك أقامت بأوطانها. أنشد الشيخ شمس الدين محمد الغالاتي لصاحبه شمس الدين المحلي المشهور بالسبع وقد غابت زوجته بإيهام أنها ذاهبة إلى الحمام، وبقيت ثمانية أيام وكان اسمها الست، أخرى اسمها رابعة: بحق واحد بلا ثان منير الدمس ... طلق ثلاثة وخل رابعة بالخمس ذي الست يا سبع غابت يوم ثامن أمس ... تسعى لغيرك فعاشر غيرها يا شمسي ابن الوردي فيمن طال شعره إلى قدميه: كيف أنسى جميل شعر حبيبي؟ ... وهو كان الشفيع في لديه شعر الشعر أنه رام قتلي ... فرمى نفسه على قدميه وله فيمن وصل شعره إلى ردفه: ذوائبه تقول لعاشقيه ... قفوا وتأملوا قلقي وذوبوا فإني قد وصلت إلى مكان ... عليه تحسد الحدق القلوب الصنوبري بالذي ألهم تعذيبي ثناياك العذابا ... والذي ألبس خديك من الورد نقابا والذي صير حظي منك هجراً واجتنابا ... والذي أودع في فيك من الشهد شرابا ما الذي قالته عيناك لقلبي فأجابا. ابن الزين في أعمى قد تعشقت فاتر اللحظى أعمى ... طرفه من حيائه ليس يلمح لا تعيبن نرجس اللحظ منه ... فهو في روض حسنه لم يفتح غيره في محموم

لا أحسد الناس على نعمة ... وإنما أحسد حماكا أما كفاها أنها عانقت ... قدك حتى قبلت فاكا مرض ابن عنين، فكتب إلى السلطان هذين البيتين: انظر إلي بعين مولى لم يزل ... يولي الندى وتلاف قبل تلاف أنا كالذي أحتاج ما تحتاجه ... فاغنم دعائي والثناء الوافي فحضر السلطان إلى عيادته، وأتى إليه بألف دينار وقال له: أنت الذي وهذه الصلة وأنا العايد. قال بعض الأدباء: قول الملك وأنا العايد يمكن حمله على ثلاثة وجوه ثالثها أن يكون من العود بالصلة مرة أخرى. لإبراهيم بن سهل وكان يهودياً فأسلم وحسن إسلامه: تنازعني الآمال كهلاً ويافعا ... ويسعدني التعليل لو كان نافعا وما اعتنق العليا سوى مفرد غدا ... لهول الفلا والشوق والنوق رائعا رأى غرمات الحق قد نزعت به ... فساعدني الله النوى والنوازعا وركباً دعتهم نحو يثرب نية ... فما وجدت إلا مطيعاً وسامعا يسابق وخد العيش ماء شؤونهم ... فينفون بالشوق المدى والمدامعا قلوب عرفن الحق بالحق وانطوت ... عليها جنوب ما ألفن المضاجعا خذوا القلب يا ركب الحجاز فإنني ... أرى الجسم في أسر العلائق كانعا مع الجمرات ارموه يا قوم إنه ... حصاة تلقت من يد الشوق صارعا ولا ترجعوه إن قفلتم فإنما ... أمانتكم أن لا تردوا الودائعا تخلص أقوام وأسلمني الهوى ... إلى غلق سدت علي المطامعا

هم دخلوا باب القبول بقرعهم ... وحسبي أن ألفى لبيتي قارعا أنيفك عزمي عن قيود الأناة أو ... يفك الهوى عن طيبة القلب طايعا؟ ويسعف ليت في قضاء لبانتي ... ويترك سوف فعل عزمي المضارعا إذا أشرق الإرشاد خابت بصيرتي ... كما تبعث شمس السراب المخادعا فلا الزجر ينهاني وإن كان مرهباً ... ولا النصح يثنيني وإن كان ناصعا فيا من بناء الحرف خامر طبعه ... فصار لتأثير العوامل مانعا بلغت نصاب الأربعين فزكها ... بفعل ترى فيه منيباً وراجعا وبادر بوادي السم إن كنت راقيا ... وعاجل وقوع الفتق إن كنت راقعا فما اشتبهت طرق النجاة وإنما ... ركبت إليها من يقينك ظالعا كان بعض الحكماء يقول: لا تطلب من الكريم يسيراً فتكون عنده حقيراً. نقل في الإحياء عن الصادق جعفر بن محمد رضي الله عنه أنه قال: مودة يوم صلة، ومودة شهر قرابة ومودة سنة رحم، ماسة من قطعها قطعه الله. وكان الحسن يقول: كم من أخ لم تلده أمك وقال بعضهم: القرابة تحتاج إلى المودة، والمودة لا تحتاج إلى القرابة وقيل لحكيم: أيما أحب إليك أخوك أو صديقك فقال: إنما أحب الأخر إذا كان صديقاً من باب حقوق الأخوة. أنشد الشيخ شهاب الدين ابن حجر حين انهدمت منارة جامع المؤيد بمصر المحروسة وكان الناظر عليه قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني لجامع مولانا المؤيد. لجامع مولانا المؤيد رونق ... منارته بالحسن تزهو بلا مين تقول وقد مالت عليه تأملوا ... فليس على جسمي أضر من العيني ولما وصل ذلك إلى العيني: أنشد منارة كعروس الحسن قد جليت ... وهدمها بقضاء الله والقدر قالوا أصيبت بعين قلت ذا غلط ... ما آفة الهدم إلا خسة الحجر ابن نباتة في غلام حضر في وليمة طهور. قام غلام الأمير يحسب في ... يوم طهور البنين طاووسا فأنزل الحاضرون من شبق ... وصاد ذاك الطهور تنجيسا الشيخ علاء الدين الودائي في مليح من المغل وظبي من بني الأتراك حلو التيه والدل له قد كغصن البان ميال إلى العدل أقول لعاذلي فيه رويدك يا أبا جهل فقلبي من بني تيم وعقلي من بني ذهل وما يبرى هو المشتاق الأريقة المغل في القاموس عند ذكر النفس ما صورته: النفس في قول صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن وأجد نفس ربكم من قبل اليمن: اسم وضع موضع المصدر من نفس تنفيساً أي فرج تفريجاً، والمعنى أنه تفرج الكرب وتنشر الغيث وتذهب الجدب وقوله صلى الله عليه وسلم من قبل اليمن المراد ما تيسر له صلى الله عليه وسلم من أهل المدينة، فإنهم يمانون من النصرة والإيواء. مدت السماط بين يدي كسرى، فلما صحنت الصحون انقلب من بعضها شيء على السفرة فنظر كسرى إلى ماد السماط شزراً، فعلم أنه يقتله البتة، فأكفاء الصحن بأجمعه على السفرة فقال له كسرى ما هذا الفعل، فقال: أيها الملك تيقنت أنك قاتلي على ذلك الأمر الحقير الذي لا يوجب القتل فتكون مذموماً عند الناس فأردت أن أفعل ما لو قتلتني به لم تذم فعفى عنه وقربه. طعن الزمخشري في قرائة ابن عامر: " وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم " وجعلها سمجة وقد شنع عليه كثير من الناس. قال الكواشي: كلام الزمخشري يشعر: بأن ابن عامر ارتكب محظوراً، وأنه غير ثقة، لأنه يأخذ القراءة من المصحف لا من المشايخ، ومع ذلك أسندها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس الطعن في ابن عامر طعناً فيه، وإنما هو طعن في علماء الأمصار، حيث جعلوه أحد القراء السبعة المرضية وفي الفقهاء حيث لم ينكروا عليه وإنهم يقرؤونها في محاريبهم والله أكرم من أن يجمعهم على الخطأ انتهى كلامه. قال أبو حيان: أعجب لعجمي ضعيف في النحو يرد على عربي صريح محض قرائة متواترة موجود نظيرها في كلام العرب، وأعجب لسوء ظن هذا الرجل بالقراء الأئمة الذين تخيرتهم هذه الأمة لنقل كتاب الله شرقاً وغرباً، واعتمدهم المسلمون لضبطهم ومعرفتهم وديانتهم. وقال المحقق التفتازاني: هذا أشد الجرم حيث طعن في إسناد القراء السبعة وروايتهم، وزعم أنهم إنما يقرؤن من عند أنفسهم، وهذه عادته يطعن في تواتر القراءات السبع، وينسب الخطأ تارة إليهم كما في هذا الموضع، وتارة إلى الرواة عنهم وكلاهما خطأ؛ لأن القراء ثقات، وكذا الروايات عنهم. وقال ابن المنير: نتبرأ إلى الله ونبرأ من جملة كلامه عما رماهم به فقد ركب عميا، وتخيل القرائة اجتهاداً واختياراً، لا نقلاً وإسناداً، ونحن نعلم أن هذه القرائة قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على جبرئيل كما أنزلها عليه وبلغت إلينا بالتواتر عنه، فالوجوه السبعة متواترة جملاً وتفصيلاً، فلا مبالاة بقول الزمخشري وأمثاله، ولولا عذر أن المنكر ليس من أهل

علمي القراءة والأصول، لخيف عليه الخروج عن ربقة الإسلام، ومع ذلك فهو في عهدة خطيرة وزلة منكرة، والذي ظن أن تفاصيل الوجوه السبعة فيها ما ليس متواتراً غلط، ولكنه أقل غلطاً من هذا، فإن هذا جعلها موكولة إلى الآراء ولم يقل ذلك أحد من المسلمين. ثم إنه شرع في تقرير شواهد من كلام العرب لهذه القرائة. وقال في آخر كلامه: ليس الغرض تصحيح القرائة بالعربية بل تصحيح العربية بالقرائة. ابن مكانس لله ظبي زارني في الدجا ... مستوفراً ممتطياً للخطر فلم يقف إلا بمقدار أن ... قلت له أهلاً وسهلاً ومر النواجي شغفت به رشيق القد ألمى ... يعذبني بهجران وبين وقال احمل مشيباً مع سهاد ... فقلت له على رأسي وعيني لبعضهم يا غايب الشخص عن عيني ومسكنه ... على الدوام بقلبي الواله العاني أضحى المقدس لما أن حللت به ... لكنه ليس فيه عين سلوان ولبعضهم ملغزاً في علي اسم الذي تيمني أوله ناظره ... إن فاتني أوله فإن لي آخره ولبعضهم ملغزاً في إبراهيم سماه إبراهيم مالكه ... ولحسنه وصف يصدقه أضحى كإبراهيم يسكن في ... نار القلوب وليس تحرقه ولآخر فيه: عجبت لنار قلبي كيف تبقى ... حرارتها وحبك يحتويه فيا نيرانه كوني سلاماً ... وبرداً إن إبراهيم فيه

سعد الدين ابن العربي فيمن اسمه أيوب: يلوم على حبه العاذلون ... ولا سمع للعذل فيه ولا يسمى بأيوب محبوبنا ... ولكن عاشقه المبتلى ابن نباتة في موسى رأيت في جلق غزالا ... تحار في وصفه العيون فقلت ما الاسم قال: موسى ... قلت هنا تحلق الذقون ابن العفيف في مالك مالك قد أحل قتلي برمح ... القد منه وراح قلبي طعينه ليس يفتي سواه في قتل صب ... كيف يفتي؟ ومالك بالمدينه ابن نباتة مضمناً في من اسمه فرج: أقول لقلبي العاني: تصبر ... وإن بعد المساعف والحبيب عسى الهم الذي أمسيت فيه ... يكون وراء فرج قريب ولبعضهم فيمن اسمه فرح بالمهملة: يا خبيراً بالمعمى خبرة تعلو وتطفو ... هات قل لي أيما اسمٍ عندما يقلب حرف عز الدين الموصلي فيمن اسمه سعيد: اسم الذي شاقني سعيد ... ولي شقاء به يزيد إذا اجتمعنا يقول ضدي ... هذا شقي وذا سعيد ابن نباتة في صديق له عشق غلاماً اسمه علم: لي صديق يسوؤني ... ما يقاسي من الألم كيف تخفي شجونه ... وهي نار على علم برهان الدين القيراطي فيمن لقبه مشمش: ومهفهف في خده ... نار تهيج لي الهوى قد لقبوه بمشمشٍ ... لكنه مر النوى

البهازهير أنا من يسمع منه ويرى ... لا تكذب عن غرامي خبرا لي حبيب كملت أوصافه ... حق لي في حبه أن أعذرا حين أضحى حسنه مشتهرا ... رحت في الوجد به مشتهرا كل شيء من حبيب حسن ... لا أرى مثل حبيبي لا أرى أحور أصبحت فيه حائرا ... أسمر أمسيت منه سمرا وتراني باكياً مكتئبا ... وتراه ضاحكاً مستبشرا أيها الواشون ما أغفلكم؟ ! ... لو علمتم ما جرى في ما جرى قد أذعتم عن فؤادي سلوة ... إن هذا لحديث مفترى بين قلبي وسلوى والهوى ... مثل ما بين الثريا والثرى ولبعضهم في رجل صبغ لحيته وفي جبهته أثر يزعم أنه من السجود: قالت وقد أبصرت بلحيته ... صبغاً وسجادة بجبهته هذا الذي كنت قبل أعرفه ... يكذب في وجهه ولحيته ولبعضهم أحرى الملابس أن تلقى الحبيب به ... يوم اللقاء هو الثوب الذي خلعا الدهر لي ما تم إن غبت يا أملي ... والعيد ما كنت لي مرأى ومستمعا ولبعضهم فيا رسولي إلى من لا أبوح به ... إن المهمات فيها يعرف الرجل بلغ سلامي وبالغ في الخطاب له ... وقبل الأرض عني عندما تصل بالله عرفه عني إن خلوت به ... ولا تطل فحبيبي عنده ملل وتلك أعظم حاجاتي إليك فإن ... تنجح فما خاب فيك القصد والأمل ولم أزل في أموري كلما عرضت ... على اهتمامك بعد الله أتكل فالناس بالناس والدنيا مكافأة ... والخير يذكر والأخبار تنتقل

لجامع هذا الكتاب لعينيك فضل جزيل علي ... وذاك لأني يا قاتلي تعلمت من سحرها فعقدت ... لسان الرقيب مع العاذل في إخراج الحرف المضمر أغن عناني لا أفيق لظلمه ... ويطمعني في أن يفك عناء إذا قال إني خاف غيالحيلة ... يظن الضنا إن جاء زال شقاء جلا حيث أضحى في حشا كل ... شيق جلي خصال لاح ليس خفاء يذود أناساً ما يصدهم صدا ... يزيد ضناهم ما يرى ويشاء وكل الورى تزهو بعارض خاله ... لغرته ضوء الصباح إزاء وفيه أيضاً أطاع الدور في الجد السني ... صفاجد الفتى جد غني بري من تحقق ظن عيب ... شدي لا يصبر عن شدي ووجه صفحة شفق جلاه ... حثيث هز سجسجه غوي لمنصور شدته خندريس ... ملازمة لملك كسروي قوي لا يصبر عن ضعيفٍ ... كظيم غيظه عنف وطي خليل ابن العلاني المقدسي ومن خطه نقلته مذ عرفت الأنام أحمدت رائي ... في انفرادي وطاب وقتي وحالي واعتزلت الورى وهذا عجيب ... أشعري يقول بالاعتزال في القهوة يقولون لي قهوة البن ... هل تباح وتؤمن آفاتها فقلت نعم هي مأمونة ... ما الصعب الامضا فاتها لبعضهم قف واستمع ما قاله ... ملك الهوى لجليسه تكك الملاح يحلها ... من حل عقدة كيسه الصاحب بن عباد في من اسمه عباس وهو ألثغ وشادن قلت له ما اسمه؟ ... فقال لي بالغنج عباث فصرت من لثغته ألثغاً ... وقلت أين الطاث والكاث؟ آخر في لثغ رشاء من آل يافث ... طرفه للسحر نافث

ماله في الحسن ثانٍ ... وهو للبدرين ثالث مخطىء السين إلى ... ثاء المثاني والمثالث قلت عدني بوصال ... قال دع عنك الوثاوث القاضي البيضاوي صاحب التصانيف المشهورة اسمه عبد الله؛ ولقبه ناصر الدين وكنيته أبو الخيرين عمر بن محمد بن علي البيضاوي، وبيضا قرية من أعمال شيراز تولى القضاء بفارس، وكان زاهداً عابداً متورعاً، دخل تبريز فصادف دخوله مجلس إجلاس بعض الفضلاء، فجلس في أخريات القوم بصف النعال بحيث لم يعلم أحد بدخوله، فأورد المدرس اعتراضات وتبجح، وزعم أن أحداً من الحاضرين لا يقدر على جوابها فلما فرغ من تقريرها، ولم يقدر أحد من الحاضرين على التخلص عنها، شرع البيضاوي في الجواب، فقال له المدرس: لا أسمع كلامك حتى أعلم أنك فهمت ما قررته فقال القاضي: تريد أن أعيد كلامك بلفظه أم بمعناه، فبهت المدرس وقال: أعدها بلفظها فأعادها، وبين أن في تركيب ألفاظه لحناً ثم إنه أجاب عن تلك الاعتراضات بأجوبة شافية، ثم أورد لنفسه اعتراضات بعددها وطلب من المدرس الجواب عنها، فلم يقدر فقام الوزير من المجلس وأجلس البيضاوي في مكانه وسأله من أنت؟ فقال البيضاوي ناصر الدين وطلب قضاء شيراز فأعطاه ما طلبه أكرمه وخلع عليه، وكانت وفاة البيضاوي سنة خمس وثمانين وستمائة؛ وذك في تبريز وقبره هناك، ومن مصنفاته كتاب الغاية في الفقه وشرح المصابيح والمنهاج والطوالع والمصباح في الكلام وأشهر مصنفاته في زماننا هذا تفسيره الموسوم بأنوار التنزيل. ابن الوردي في مليحة ومليح يلعبان بالنرد. مهفهفان لعبا ... بالنرد أنثى وذكر قالت أنا قمرته ... قلت اسكتي فهو قمر آخر لا تحسبوا من همت في حبه ... معبس الوجه لقلب قسا وإنما ريقته خمرة ... فكلما استنشقها عبسا من تفسير النيسابوري عند قوله تعالى: " اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم " ما صورته: وفي بعض الأخبار المروية المسندة تشهد عليه أعضاؤه بالزلة فتطاير شعرة من جفن عينه فتستأذن في الشهادة له فيقول الحق تعالي تكلمي يا شعرة عينه واحتجي لعبدي فتشهد له بالبكاء من خوفه فيغفر له وينادي مناد هذا عتيق الله بشعرة. قيس هو مجنون ليلى اسمه أحمد وقيس لقبه وحاله أشهر من أن يذكر ومن شعره قوله: وآذيتني حتى إذا ما قتلتني ... بقول يحل العصم سهل الأباطح تجافيت عني حين لالى حيلة ... وخلفت ما خلفت بهن الجوانح إلى كوكب النصر انظري كل ليلة ... فإني إليه بالعشية ناظر عسى يلتقي لحظي ولحظك عنده ... ونشكو إليه ما تجن الضمائر

لبعض المتأخرين إذا رأيت عارضاً مسلسلا ... في وجنة كجنحة يا عاذلي فاعلم يقيناً أنني من أمة ... تنقاد للجنة بالسلاسل يقال إن أغنج بيت قالته العرب قول الأعشى: قالت هريرة لما جئت زائرها ... ويلي عليك وويلي منك يا رجل ذكر صاحب الأغاني: أن المأمون، قال: يوماً لبعض جلسائه، أنشدوني بيتاً لملك يدل على أن قائله ملك فأنشده بعضهم: قول امرىء القيس أمن أجل أعرابية حل أهلها ... جنوب الحمى عيناك تبتدران فقال: ليس في هذا ما يدل على أنه ملك، فإنه يجوز أن يقول: هذا سوقي حضري ثم قال: الشعر الذي يدل على أن قائله ملك قول الوليد بن اليزيد: إسقني من سلاف ريقة سلمى ... واسق هذا النديم كاساً عقارا أما ترون إشارته إلى قوله: هذا النديم؟ فإنها إشارة ملك. لجامع هذا الكتاب وهو مما سنح بالخاطر في طريق الحجاز. ما زلت عليه بالكرى محتالا ... حتى وافى خياله مختالا لولا حذر انتباهه تفجعني ... في القرب به قمت له إجلالا من أبيات الحاجزي قد كنت لما كنت في غبطة ... أحب طول العمر حباً كثير واليوم قد صرت لما حل بي ... أحسد من مات بعمر قصير ذكر في الكامل في حوادث سنة مائتان وخمس وثمانون: أنه حدث بالبصرة ريح صفراء، ثم خضراء، ثم سوداء ثم تتابعت الأمطار وسقط برد وزن كل واحدة مائة وخمسون درهماً وفي هذه السنة

حدث بالكوفة ريح صفراء وبقيت إلى المغرب، ثم اسودت فتضرع الناس إلى الله سبحانه وتعالى ثم حصل مطر عظيم ومطرت قرية من نواحي الكوفة تسمى أحمد آباد حجارة سوداء وبيضاء في أوساطها طين وحمل منها إلى بغداد فرأته الناس. قال بعض العارفين: إذا كان أبونا آدم عليه السلام بعد ما قيل له: اسكن أنت وزوجك الجنة لما صدر منه ذنب واحد، أمر بالخروج من الجنة، فكيف نرجو نحن دخولها مع ما نحن مقيمون عليه من الذنوب المتتابعة والخطايا المتوالية؟ ! هويته أعجمياً فوق وجنته ... لامية عوذتها من أحرف القسم في وصفها السن الأقلام قد نطقت ... وطال شرحي في لامية العجم هل مثل حديثها على السمع ورد ... هل أحسن من طلعتها الصب وجد واها للسان فتن العقل به ... لو حث على السجدة إبليس سجد في بعض التواريخ بعد إيراد جماعة ممن قتله العشق أو أدهشه أنشد المؤرخ هذين البيتين: إذا كان حب الهائمين من الورى ... بليلى وسلمى يسلب اللب والعقلا فماذا عسى أن يصنع الهائم الذي ... سرى قلبه شوقاً إلى العالم الأعلى في بعض التفاسير عند قوله تعالى: " أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله " والآية في سورة الزمر ما لفظه: كان أبو الفتح بن برهاني قد برع في الفقه،

وتقدم عند العوام وحصل له مال كثير ودخل بغداد وفوض إليه تدريس النظامية وأدركه الموت بهمدان، فلما دنت وفاته قال لأصحابه: أخرجوا فخرجوا فطفق يلطم وجهه ويقول: يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله، ويقول يا أبا الفتح ضيعت العمر في طلب الدنيا وتحصيل الجاه والمال والتردد إلى أبواب السلاطين وينشد: عجبت لأهل العلم كيف تغافلوا ... يجرون ثوب الحرص عند المهالك يدورون حول الظالمين كأنهم ... يطوفون حول البيت وقت المناسك ويردد هذه الآية حتى مات إلى هنا بلفظ المفسرة نعوذ بالله من الموت على هذه الحالة ونسأله جل شأنه أن يمن علينا بالتوفيق للخلاص من هذا الوبال والضلال. يا من له الرونق البديع ... سرك ما عشت لا أذيع فاحكم بما شئت في فؤادي ... فإنني سامع مطيع وهو حمول لكل شيء ... يهوى على أنه خليع أبو نواس كسر الجرة عمدا ... وسقى الأرض شرابا صحت والإسلام ديني ... ليتني كنت ترابا لبعضهم إذا حرك الوجد السماع فإنه ... مباح وإلا فالسماع حرام ومن هزه طيب استماع حديثكم ... فمال من الأشواق ليس يلام ولا عجب إن شتت الحب جمعه ... فليس لأخوال المحب نظام غذا بلبان الحب قدماً وماله ... سواه إذا آن الفطام فطام يسير مع الأشواق أنى توجهت ... وليس له في الكاينات مقام أبو نواس: كسر الجرة ... وسقى الأرض شرابا. صحت والإسلام ديني ... ليتني كنت ترابا

غيره حلفت مهجته لا تهجع ... أو ترى الشمل بجمع يجمع وتقضى في منى القرب المنى ... ولنيل الوصل فيها يرجع واله يطمع في عرب الحمى ... بالرضا لا خاب ذاك المطمع كاد أن تحرقه نار الأسى ... ولهيب الشوق لولا الأدمع كلما لعلع سعد باللقى ... في الدجى وقال هذا لعلع قال يا سعد أعد ذكر الحمى ... إنه أطيب شيء يسمع قال الجاحظ: كنت مع محمد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي وهو يريد الإنصراف من سر من رأى إلى مدينة السلام، والدجلة في غاية الزيادة في حراقة فأمر بالخمر فشربنا ثم أمر يشد الستارة بيننا وبين جواريه وأمرهن بالغناء فغنت إحداهن. كل يوم قطيعة وعتاب ... ينقضي دهرنا ونحن غضاب ليت شعري أنا خصصت بهذا ... دون غيري أم هكذا الأحباب؟ ثم سكنت فغنت أخرى وارحمتا للعاشقين ... ما إن يرى لهم معين فإلى متى هم يبعدون؟ ... ويطردون ويهجرون ويعذبون من الأحبة ... بالجفا ما يصنعون فقالت لها إحداهن: يا فاجرة فيصنعون ماذا؟ قالت: يصنعون هكذا، وضربت بيدها الستارة، فهتكتها وبرزت علينا كالقمر وألقت نفسها في دجلة، وكان على رأس محمد غلام رومي بديع الجمال وبيده مروحة يروح بها، فألقى نفسه فوقها وهو يقول: لا خير بعدك في البقا ... والموت ستر العاشقين واعتنقا في الماء وغاصا فطرح الملاحون أنفسهم في أثرهما؛ فلم يقدروا على إخراجهما وأخذهما الماء وغابا رحمهما الله تعالى. وكان ابن الجوز يعظ على المنبر، إذ قام إليه بعض الحاضرين، وقال أيها الشيخ ما تقول في امرأة بها داء الابنة؟ فأنشد على الفور في جوابه:

يقولون، ليلى في العراق مريضة ... فيا ليتني كنت الطبيب المداويا وكان له مرأة تسمى نسيم الصبا فطلقها وندم، فحضرت يوماً مجلس وعظه وحال بينه وبينها امرأتان فأنشد مخاطباً لهما: أيا جبلي نعمان بالله خليا ... نسيم الصبا يخلص إلي نسيمها قال الفاضل الأديب صلاح الدين الصفدي في شرح لامية العجم ما صورته حضر يوماً في صفد سنة ست وعشرين وسبعمائة مجلس الشيخ الإمام علي بن الصلاح الفارسي، وقد عقد مجلساً يتكلم فيه على سورة الضحى، فاستطرد الكلام إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، فقال: ذهب بعض الصوفية إلى أن قال فإن لم تكن بمعنى إن غبت عن وجودك ولم تكن رأيته وحسن ذلك واستحسنه من حضر فقلت إن هذا حسن لو ساعده الأعراب، فإن هذا شرط وجوب وهما مجزومان واللفظ الصحيح على ذلك التقدير فإن لم تكن تره بالجزم فاعترف بذلك. ومن الكتاب المذكور: سئل أبو الفرج ابن الجوزي كيف ينسب قتل الحسين رضي الله عنه إلى يزيد وهو بالشام والحسين رضي الله عنه بالعراق، فأنشد قول الرضي: سهم أصاب وراميه بذي سلم ... من بالعراق لقد أبعدت مرماك كتب: إلى شيخ الإسلام الشيخ عمر وهو المفتي بالقدس الشريف أبياتاً في بعض الأغراض فأجبته أدام الله مجده بهذه الأبيات: يا أيها المولى الذي قد غدا ... في الخلق والخلق عديم المثال وحل من شامخ طود العلى ... في ذروة المجد وأوج الكمال وعطر الكون بمنظومة ... نظامها يزري بعقد اللئال كأنها بكر بألحاظها ... سحر به تسلب لب الرجال أو روضة ممطورة مر في ... أرجائها صبحاً نسيم الشمال لو لم يكن أسحرني لفظها ... لقلت حقاً هي سحر حلال يا سادة فاقوا الورى عبدكم ... أحقر من أن تحضروه ببال أرضعتموه در ألطافكم ... وما له عن ودكم من فصال ومذ أناخ الركب في أرضكم ... سلا عن الأهل وعم وخال أنتم بنو اللطف وألطافكم ... على الورى ما برحت في اتصال

في قمة الفضل لكم منزل ... ما مر في وهم ولا في خيال وعبدكم أعجزه مدحكم ... فصار باللغز يطيل المقال يا سيداً قد حاز من سائر ... الفنون حظاً وافراً لا ينال ما بلدة أولها سورة؟ ... بل جبل صعب بعيد المنال وما سوى آخرها قد غدا ... إسماً وفعلاً وهو حرف يقال وقلبه فعل وإسم لما ... يصير منه الجسم مثل الخلال وعجزها أن ينتقص نصفه ... من صدرها فهو طعام حلال وما سوى أولها قلبه ... أمر به كل جميع الخصال وقلبها إن زال نصف له ... يصير ما قلبي غدا منه غال وإن تزده النصف منه يكن ... حاجب من يرمي بقلبي نبال مولاي إن العبد من شعره ... في خجل متصل وانفعال قال يراعي حين كلفته ... تحرير هذا الهذر ماذا الخبال يقابل الدر بهذا الحصا ... لاشك في عقلك بعض اختلال فكتب خلد الله ظلاله في الجواب: حلت وقد جئت برفع النقاب ... وابتسمت عن نظم در الحباب وأسفرت إذ ما بدت تنجلي ... فخلت بدراً قد بدا من سحاب تمايست عجباً ومالت قناً ... وعطرت بالطيب تلك الرحاب واسرعت نحوي وقد أبدعت ... وأودعت سمعي لذيذ الخطاب وأرشفتني من لمى لفظها ... فرحت سكران بغير الشراب مستغرقاً في بحر ألفاظها ... كأنني مما عراني مصاب وليس ذا مستغرباً حيثما ... أبرزها بحر خضم عباب فيا إمام النظم أذكرتني ... بهذه العادة عصر الشباب فحركت ساكن شوقي إلى ... أن رحت سكران بغير الشراب ألغزت يا مولاي في بلدة ... قدامها الداعي بنص الكتاب مضافها الروح بلا شبهة ... مطهراً من دنس الإرتياب إذا أزلت القلب من لفظها ... تصر فصيح العرب لب اللباب

وإن تزدها واحداً تلفها ... سفينة تجري بما يستطاب كذاك إن زدت إلى قلبها ... واواً تجد إسماً لمولى الثواب عساك إن جئت إلى حبها ... تقدس الذات وتنفي الشواب وتثلج الصدر بما صغته ... من در لفظ ومعانٍ عذاب فاسلم ودم في نعم ملغزاً ... في أرفع القدس رفيع الجناب وكتب في آخر هذه الأبيات هذا المصراع دامت معاليك ليوم الحساب مما ينسب إلى جار الله الزمخشري. العلم للرحمن جل جلاله ... وسواه في جهلاته يتغمغم ما للتراب وللعلوم وإنما ... يسعى ليعلم أنه لا يعلم وللإمام الرازي نهاية أقدام العقول عقال ... وغاية سعي العالمين ضلال ولم نستفد من سعينا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقال وأرواحنا محبوسة في جسومنا ... وحاصل دنيانا أذى ووبال ولجامع الكتاب بالعربية في هذا المضمون أيضاً: يا بدر دجى فراقه الجسم أذاب ... قد ودعني فغاب صبري إذ غاب بالله عليك أي شيء قالت؟ ... عيناك لقلبي المعنى فأجاب لبعض المغاربة وكان يعشق غلاماً أعور يسمى بركات: بركات يحكي البدر عند تمامه ... حاشاه بل بدر السما يحكيه لم تزو إحدى زهرتيه وإنما ... كملت بذاك بدائع التشبيه فكأنه رامٍ يغمض طرفه ... ليصيب بالسهم الذي يرميه ابن دقيق العبد أتبعت نفسك بين ذلة كادح ... طلب الحياة وبين حرص مؤمل وأضعت عمرك لا خلاعة ماجن ... حصلت فيه ولا وقار مبجل وتركت حظ النفس في الدنيا وفي ... الأخرى ورحت عن الجميع بمعزل لما كان الخلاف بين القوم في أصالة أنوار ما عدا القمر من الكواكب واكتسابها غير مختص بالبعض، بل واقعاً في الكل كما هو مشهور، وفي الكتب مسطور، وكان من المعلوم أن قول العلامة بعد ذكر اكتساب نور القمر من الشمس: اختلفوا في أنوار

الكواكب، إشارة إلى هذا الخلاف الواقعي المعروف بين الفريقين حملنا كلامه على العموم. فإن قلت: فهلا جعلت الضمير في قوله: والأشبه أنها ذاتية راجعاً إلى البعض بنوع من الاستخدام. قلت: لا يخفى ما فيه من البعد والتعسف فإن التعبير عن اختيار شق ثالث غير معروف أصلاً بمثل هذه العبارة يشبه الرطانة كما يشهد به الذوق السليم. فإن قلت: يمكن حمل كلامه ابتداءاً على بيان الخلاف في البعض أعني الخمسة المتحيرة وتخصيصه نقل الخلاف بالخلاف بالبعض ليس بمعنى: أنه لا خلاف في غيرها حتى يكون كاذباً في دعواه، إذ الخلاف في الكل يستلزم الخلاف في البعض. قلت: عدم وجدان طريق إلى إثبات ذاتية أنوار الكل إنما يصلح وجهاً لتخصيص الدليل بالبعض، لا لنقل الخلاف في البعض، والقول: بأنه غير كاذب في هذا النقل، لأن الخلاف في الكل يستلزم الخلاف في البعض، كلام مموه لا يحسن صدوره عن ذي روية، إذ المحذور ليس لزوم كذب العلامة في هذا النقل، بل لزوم كون كلامه حينئذ كلاماً مرذولاً شديد الفجاجة، كثير السماجة، ونظيره أن يقول بعض الطلبة: اختلف المعتزلة والأشاعرة في أفعال العباد هل هي صادرة عنهم حقيقة أو كسباً؟ والأصح الأول، فيقال له: يا هذا الخلاف إنما هو في كل أفعالهم، فكيف نقلته في بعضها؟ فيجيب: بأن الخلاف في الكل يستلزم الخلاف في البعض، وإنما نقلت الخلاف في البعض لأني لم أجد طريقاً إلى إثبات صدور الكل حقيقة، وهذا كلام لا يرتاب ذو مسكة في تهافته وسخافته، ومفاسد الكلام غير منحصرة في كونه كاذباً، بل كثير من مفاسده لا يقصر في الشناعة عن كذبه. فإن قلت: في كلام العلامة شواهد كثيرة دالة على أن كلامه مختص بالخمس المتحيرة، منها قوله: فإن قيل: هذا إنما يصح في الكواكب التي تحت الشمس، وأما في العلوية إلى آخره، فإن المتبادر من العلوية في مصطلحهم هو ما فوق الشمس، من السيارات لا جميع ما فوقها منها ومن الثوابت، ومنها أن كلامه هذا مذكور في ذيل بيان خسوف القمر واستفادة نوره من الشمس، وحيث أنه من السيارة فيناسبه ذكر أحوالها لا أحوال بقية الكواكب ومنها أن قوله بعيد هذا المبحث: اختلفوا في أنه هل للكواكب لون؟ والأكثر على أن الأظهر ذلك مثل كمودة زحل ودرية المشتري والزهرة وحمرة المريخ وصفرة عطارد وفي الشمس خلاف، وأما في القمر فلونه ظاهر في الخسوف، لا ريب أنه بيان للاختلاف في ألوان السيارات فقط كما يشهد له التمثيل بها فيكون ما قبله بياناً للاختلاف في أنوارها فقط أيضاً، إذ لواحق الكلام تدل على أن المراد من سوابقه ذلك. ومنها قوله: فإن قيل: أحد الكواكب غير الشمس هو الذي يعطي الباقية الضوء، قلنا: إن كان من الثوابت لرؤي الكوكب القريب منه هلالياً ونحوه دائماً إلى آخره، إذ لو كان مراده

العموم لكان للمعترض أن يقول: المستنير أيضاً من الثوابت فلا يختلف الوضع بالقرب والبعد، فلا يتم الدليل. قلت: ليس في هذه القرائن دلالة وأثبتها شهادة هي ما صدرت به كلامك والأمر فيه سهل، فإن حمل العلوية على معناه اللغوي ليس أمراً شنيعاً لا يمكن الإقدام على ارتكابه، ليلتجيء إلى حمل العبارة على ذلك المعنى السخيف فراراً عن الوقوع فيه، كيف؟ ! وأمثال ذلك في عبارات القوم أكثر من أن تحصى وأوفر من أن تستقصى، وكم حملوا المصطلحات على معانيها اللغوية لأيسر حادث وأدنى باعث فضلاً عن مثل ما نحن فيه. وأما شهادة ذكر كلامه هذا في ذيل بحث استفادة نور القمر من الشمس فشهادة ضعيفة جداً، إذ ذكر استفادة كوكب واحد يناسبه ذكر الكواكب الأخر بأسرها أيضاً، بل هذا أولى؛ فإنه هو محل النزاع والخلاف وأما شهادة ذكر الألوان فمنخرط أيضاً، فإن قوله: اختلفوا في أنه هل للكواكب لون؟ لا ريب أنه إشارة إلى الخلاف المشهور بين القوم في أنه هل لشيء من الكواكب غير القمر لون أم لا؟ ولذلك عدوا في ألوانها حمرة قلب العقرب أيضاً، وقول العلامة: مثل كمودة زحل ودرية المشتري الخ بتعدد السبع السيارة جميعاً في معرض التمثيل، قرينة ظاهرة على ذلك، وإلا فلا يخفى سماجة قوله: اختلفوا في أنه هل للسبع السيارة لون؟ والأظهر ذلك مثل ألوان هذه السبع، ولو أن غرضه ما زعمت، لكان ينبغي أن يقول: والأظهر ذلك لكمودة زحل ودرية المشتري بلام التعليل. وأما حمل التمثيل على إرادة كل واحد، فكأنه قال: والأظهر أن للسبعة ألواناً مثل كل واحد منها، فلا يخفى سماجته، ولعل عدم التعرض لذكر الثوابت لكون ألوانها لا يخرج عن الألوان الخمسة الموجودة في السيارات، فلا حاجة إلى ذكرها، إذا المراد هو الإيجاب الجزئي وهو ظاهر. وأما شهادة قوله: قلنا: إن كان من الثوابت الخ على العموم وإلا يورد الاعتراض الذي ذكرته، فشهادة مقبولة لو كان معنى كلامه ما فهمته، وليس كذلك، إذ معنى كلامه: أن ذلك الكوكب الذي يعطي الباقية الضوء إن كان من الثوابت لم يتغير الثوابت القريبة منه عن الهلالية ونحوها في شيء من الأوقات، بل يكون ملازمة لوضع واحد دائماً لعدم تطرق البعد والقرب إليها، وإن كان من المتحيرة، لزم منه ما لزم في الاستفادة من الشمس من رؤية المستضيء تارة هلالياً، وتارة نصف دائرة ونحوها بسبب اعتوار القرب والبعد عليه، ولو كان معنى كلامه ما زعمت لم يكن للترديد الذي ذكره، ثمرة، بل كان لغواً محضاً وكان يجب

الاقتصار على الشق الثاني فقط، وهذا ظاهر على من سلك جادة الإنصاف وخلع ربقة الاعتساف، ثم مما يشهد شهادة معدلة بأن كلام العلامة عام في كل الكواكب سيارها وثابتها. قوله في أواخر المبحث: والفرق بأن العلوية والثوابت يستنير معظم الجزء المرئي منها الخ لتشريكه الثوابت مع العلوية في استنارة معظم المرئي منها في هذا المقام ينادي على ما هو المقصد والمرام، والقول: بأن ذكر الثوابت إنما هو لنسبة حال العلوية بحالها في كونهما مشتركين في ذلك الحكم، لكونها فوق الشمس، لا لإثبات عدم استنارتها من الشمس كلام لا أظنك وكل ألمعي ترتابان في عدم وثاقة أركانه فلا حاجة للتصدي لصدع بنيانه. والله الهادي. إذا تقرر هذا فلا بأس بتوضيح الكلام الذي أوردناه على تقدير إغماض العين عما أسلفناه وقبول كون كلام العلامة خاصاً بالخمس المتحيرة لا غير، وهو يستدعي تمهيد مقدمة هي: أن نفوذ الشعاع في الجسم على ضربين. الأول: نفوذ مرورو تجاوز عنه إلى ما ورائه كنفوذ شعاع الشمس في بعض الأفلاك والعناصر منحدراً إلينا ونفوذ شعاع البصر في بعض العناصر والأفلاك مرتقياً إلى الكواكب. الثاني: نفوذ وقوف واجتماع من غير تجاوز إلى ما ورائه كنفوذ ضوء النار في الجمرة والحديد المحماة وضوء الشمس في الشفق والثلج ونحوهما ونفوذ شعاع البصر في القطعة الثخينة من الجمد والبلور والماء الصافي الذي له عمق يعتد به. والنفوذ الأول لا يستلزم تكيف الجسم بالضوء النافذ فيه وإن كان شديداً ولا انعكاسه عنه إلى ما يقابله، ولو فرض حصوله ففي غاية الضعف والقلة، بخلاف الثاني فإنه يوجب تكيف الجسم بالضوء وانعكاسه عنه تكيفاً وانعكاساً ظاهرين وسيما إن كان ذا لون كما ما نحن فيه، وعلى مثل هذا بني الشيخ الرئيس جواب سؤال أبي الريحان له عن سبب إحراق الشعاع المنعكس عن الزجاجة المملوؤة ماءً، دون المملؤة هواءً كما هو مذكور في موضعه وحينئذ أقول: حاصل كلامي على العلامة: إن القائل باستفادة أنوار الكواكب من الشمس، له أن يجعل نفوذ شعاعها فيها من قبيل النفوذ الثاني، فيستنير أعماقها به كالكرة من البلور الصافية، أو التي لها لون ما إذا أشرقت عليها الشمس ونفذ شعاعها في جميع أعماقها نفوذ اجتماع، فإنه إذا نظر إليها من أي الجهات كان يرى كلها مستنيراً فلا يلزم في اختلاف تشكلات الكواكب كما في القمر إذ لم يبق شيء من أجزائها مظلماً وهذا ظاهر لا سترة فيه.

وليت شعري كيف يورد عليه أنه لو نفذ شعاع الشمس في أعماقها لكانت شفيفة لا محالة، فلا يمنع نفوذ شعاع البصر فيها ولا يحجب ما ورائها الخ، فإن هذا الموردان أراد النفوذ بالمعنى الأول فنحن لم نقل به الكواكب، كيف؟ وهو مكيفة بالضوء تكيفاً ظاهراً وهو منعكس عنها انعاكاساً باهراً، وإن أراد النفوذ بالمعنى الثاني لم يلزم كونها شفيفة، بل غاية ما يلزم منه نفوذ شعاع البصر فيها أيضاً بهذا المعنى لا بالمعنى الأول، فكيف يلزم أن لا يحجب ما وراءها عن الرؤية على أن للمانع أن يمنع لزوم نفوذ شعاع البصر في أعماق الجسم كنفوذ شعاع الشمس فيه بهذا المعنى وإن كنا غير محتاجين، في إتمام كلامنا إلى هذا المنع. والقائل: بأنه لو لم يكن شعاع البصر ألطف من شعاع الشمس فلا يكون أكثف فكيف ينفذ الثاني دون الأول، إن أراد معنى التبادل أي كيف ينفذ فيه شعاع الشمس تارة ولا ينفذ فيه شعاع البصر أخرى، فحق، لكن لا ينفعه ولا يضرنا، وإن أراد معنى الاجتماع أي كيف لا ينفذ شعاع البصر حال نفوذ شعاع الشمس؟ ففيه نظر ظاهر لجواز أن يكون شدة الشعاع المكتسب القائم بالجسم وبهوره مانعاً من نفوذ شعاع البصر فيه كما هو محسوس في الثلج والبلور الثخين إذا أشرقت عليه الشمس، فإن شعاع البصر يكل ويتفرق بمجرد الوقوع على سطحها ولا يمكنه النفوذ في أعماقها، وهذا ظاهر، ومنه يظهر أنه يكفي في حجب السيارات ما ورائها مجرد استضائتها الباهرة للبصر لكنا ضممنا ألوانها الأصلية إلى أنوارها الكسبية وجعلنا المجموع موجباً للحجب كما نقلنا عن السيد السند بحصول زيادة الحجب بها في الجملة، فاتضح بما تلوناه حال القول: بأنه لو كان ضوء الخمس المتحيرة مستفاداً من الشمس لما حجبت ما وراءها، واستبان بما قررناه أنه على تقدير كون كلام العلامة مخصوصاً بهذه الخمس فقط وكلامنا عليه باق بحاله، والحمد لله على جزيل إفضاله. سعد الدين ابن عربي ترى يسمح الدهر الضنين بقربكم ... وأحظى بكم يا جيرة العلم الفرد إذا لم يكن لي عندكم يا أحبتي ... محل ولا قدر فإن لكم عندي القيراطي حسنات الخد منه قد أطالت حسراتي ... كلما سآء فعالاً قلت إن الحسنات راحت وفود الأرض عن قبره ... فارغة الأيدي ملاء القلوب

قد علمت ما رزأت إنما ... يعرف قدر الشمس بعد الغروب لبعضهم وإذا صاحبت فاصحب ماجداً ... ذا عفاف وحياء وكرم قوله للشيء: لا، إن قلت: لا ... وإذا، قلت: نعم، قال: نعم الصلاح الصفدي صديقك مهما جنى غطه ... ولا تخف شيئاً إذا أحسنا وكن كالظلام مع النار إذ ... يواري الدخان ويبدي السنا للشيخ جمال الدين مطروح عانقته فسكرت من طيب الشذا ... غصن رطيب بالنسيم قد اغتذى نشوان ما شرب المدام وإنما ... أضحى بحمر رضابه متنبذا أضحى الجمال بأسره في أسره ... فلأجل ذاك على القلوب استحوذا وأتى العذول يلومني من بعدها ... أخذا الغرام علي فيه مأخذا لا أنتهي لا أنثني لا أرعوي ... عن حبه فليهذ فيه من هذا والله ما خطر السلو بخاطري ... ما دمت في قيد الحياة ولا إذا إن عشت عشت على هواه وإن أمت ... وجداً به وصبابة يا حبذا أرجاني أرى بين أيامي وشعري قد بدا ... لتعجيل إتلافي خلاف تحددا فقد أصبحت أسوداً وشعري أبيضاً ... وعهدي بها بيضاً وشعري أسودا آخر يا من هجروا وغيروا أحوالي ... ما لي جلد على جفاكم ما لي جودوا بوصالكم عن مدنفكم ... فالعمر قد انقضى وحالي حالي ابن واصل من شاب قد مات وهو حي ... يمشي على الأرض مشي هالك

يا من هجروا وغيروا أحوالي ... ما لي جلد على جفاكم ما لي. جودوا بوصالكم ىعلى مدنفكم ... فالعمر قد انقضى وحالي حالي أسماء الأنبياء الذين ذكروا في القرآن العزيز خمسة وعشرون: نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، آدم، إدريس، نوح، هود، صالح، إبراهيم، لوط، إسماعيل، إسحق، يعقوب، يوسف، أيوب، شعيب، موسى، هرون، يونس، داود، سليمن، إلياس، اليسع، زكريا، يحيى، عيسى، وكذا ذو الكفل عند كثير من المفسرين. نقل الإمام الرازي في التفسير الكبير اتفاق المتكلمين على أن من عبد ودعا لأجل الخوف من العقاب أو الطمع في الثواب لم تصح عبادته ولا دعاؤه ذكر عند قوله تعالى: " ادعوا ربكم تضرعاً وخيفة " وجزم في أوائل تفسير الفاتحة بأنه لو قال: أصلي لثواب الله أو الهرب من عقابه فسدت صلاته. النيشابوري أورد في تفسير قوله تعالى: " ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب " نبذاً من أوصاف الحجاج وذكر أنه قتل مائة ألف وعشرون ألف رجل صبراً بغير ذنب وأنه وجد في سجنه ثمانون ألف رجل وثلاثون ألف امرأة منهم ثلاثة وثلاثون أللفاً ما يجب على أحد منهم قطع ولا قتل ولا صلب. الإنسان يطلق على المذكر والمؤنث وربما يقال للأنثى: إنسانة وقد جاء في قول الشاعر: لقد كستني في الهوى ... ملابس الصب الغزل إنسانة فتانة ... بدر الدجى منها خجل إذا زنت عيني بها ... فبالدموع تغتسل أورد هذه الأبيات الثلاثة صاحب القاموس وقال هذا الشعر كأنه مولد قال في القاموس: الإنس البشر كالإنسان الواحد إنسي وقال فصل النون الناس يكون من الإنس ومن الجن جمع أنس أصله أناس جمع عزيز أدخل عليه ال انتهى كلامه قال كاتب الأحرف: إن كلام القاموس صريح في جواز إطلاق الإنس: على الجن وهو بعيد جداً فليتدبر ذلك. قال المحقق التفتازاني في شرح الكشاف عند قوله تعالى في سورة النساء: " وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله "، ما صورته: كان بنو حمدان ملوكاً أوجههم للصباحة،

وألسنتهم للفصاحة، وأيديهم للسماحة، وأبو فراس أوحدهم بلاغة وبراغة، وفروسية وشجاعة، حتى قال الصاحب بن عباد: بدىء الشعر بملك، وختم بملك يعني امرىء القيس، وأبا فراس وقد أدركه حرفة الأدب وأصابته عين الكمال فأسرته الروم في بعض وقايعها فازدادت رومياته رقة ولطافة. فمنها ما قال وقد سمع حمامة. بقربه تنوح على شجرة عالية: أقول وقد ناحت بقربي حمامة ... أيا جارتا هل تشعرين بحالي معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى ... ولا خطرت منك الهموم ببالي أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا ... تعالي أقاسمك الهموم تعالي أيضحك مأسور وتبكي طليقة ... ويسكت محزون ويندب سالي لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة ... ولكن دمعي في الحوادث غالي انتهى كلامه والغرض بالاستشهاد قوله: تعالي بكسر اللام وكان القياس تعالى بالفتح. في معرفة قدر الاجتماع مع الأحباب. قال بعض الحكماء: إذا أردت أن تعرف ربك، فاجعل بينك وبين المعاصي حائطاً من حديد. سمنون المحب وكان فؤادي خالياً قبل حبكم ... وكان بذكر الخلق يلهو ويمزح

إلى أن دعا قلبي الهوى وأجابه ... فلست أراه عن فنائك يبرح دميت ببين منك إن كنت كاذباً ... وإن كنت في الدنيا بغيرك أفرح وإن كان شيء في البلاد بأسرها ... إذا غبت عن عيني بعيني يملح وإن شئت واصلني وإن شئت لا تصل ... فلست أرى قلبي بغيرك يصلح اختلطت غنم الغارة بغنم أهل الكوفة، فتورع بعض عباد الكوفة عن أكل اللحم، وسئل كم تعيش الشاة؟ قالوا: سبع سنين، فترك أكل لحم الغنم سبع سنين. من وصايا سليمان بن داود عليه السلام: يا بني إسرائيل لا تدخلوا أجوافكم إلا طيباً، ولا تخرجوا من أفواهكم إلا طيباً. كان بعض العباد يقول: لو وجدت رغيفاً من حلال لأحرقته، ثم سحقته ثم جعلته ذروراً لأداوي به المرضى. كتب الشيخ الجنيد إلى الشيخ علي بن سهل الأصبهاني: سل شيخك أبا عبد الله محمد بن يوسف البناء: ما الغالب على أمره فسئله فقال: اكتب إليه والله غالب على أمره. ومن كلام سمنون المحب أول وصال العبد للحق هجرانه لنفسه، وأول هجران العبد للحق مواصلته لنفسه. من كلام أبي سهل الصعلوكي الصوفي: من تصدر قبل أوانه، فقد تصدى لهوانه. ومن كلامه أيضاً: قد تعدى من تمنى أن يكون كمن تعنى. قال بعض الأكابر من الصوفية التصوف كمثل السرسام أوله هذيان وآخره سكون، فإذا تمكنت خرست. قال الشيخ العارف مجد الدين البغدادي: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت له: ما تقول في حق ابن سينا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هو رجل أراد أن يصل إلى الله تعالى بلا وساطتي، فحجبته بيدي هكذا فسقط في النار. لما ماتت ليلى أتى المجنون إلى الحي وسئل عن قبرها ولم يهدوه إليه، فأخذ يشم تراب كل قبر يمر به حتى شم تراب قبرها فعرفه وأنشد: أرادوا ليخفوا قبرها عن محبها ... وطيب تراب القبر دل على القبر ثم ما زال يكرر البيت حتى مات ودفن إلى جنبها. وقفت أعرابية على قبر أبيها، فقالت: يا أبت إن في الله تعالى عوضاً عن فقدك، وفي رسول الله أسوة في مصيبتك، ثم قالت: اللهم نزل بك عبدك خالياً مقفراً من الزاد محشوش المهاد غنياً عما في أيدي العباد، فقيراً إلى ما في يدك يا جواد وأنت أي رب خير من نزل به المرملون واستغنى بفضله المقلون وولج في سعة رحمته المذنبون اللهم فليكن قرى عبدك منك رحمتك ومهاده جنتك ثم بكت وانصرفت. لما متت ليلى أتى المجنون إلى الحي وسأل عن قبرها فلم يهدوه إليه، فأخذ يشم تراب كل قبر يمر به حتى شم تراب قبرها فعرفه وأنشد: أرادوا ليخفوا قبرها عن محبها ... وطيب تراب القبر دل على القبر مضت عني تشد على اللثام ... ومدمعها كدمعي في انسجام. فقلت لها متى ألقاك قالت ... فبيل الصبح لكن في المنام م ما زال يكرر البيت حتى مات ودفن إلى جنبها.

في مليح يحرث لله حراث مليح غدا ... في كفه المحراث ما أجمله؟ ! كأنه الزهرة قدامه ... الثور يراعي مطلع السنبله للإمام زين العابدين بن الحسين رضي الله عنه وإذا بليت بعسرة فاصبر لها ... صبر الكريم فإن ذلك أحزم لا تشكون إلى الخلائق إنما ... تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم لبعض الحكماء لا تبدين لعاذل أو غادر ... حاليك في السراء والضراء فلرحمة المتوجعين مرارة ... في القلب مثل شماتة الأعداء لبعضهم لو جرى دمعك يا هذا دما ... ما تقدمت إلينا قدما عندنا منك أمور كلها ... حيرة فيما لدينا وعمى نح علينا أسفاً أو لا تنح ... واقرع السن علينا ندما لو أردناك لنا ما فتنا ... أو وصلنا حبلنا ما انصرما أنت لو سالمتنا نلت المنى ... كل من سالمنا قد سلما محمود الوراق عطيته إذا أعطى سرور ... وإن أخذ الذي أعطى أثابا فأي النعمتين أحق شكراً؟ ... وأحمد عند منقلب إيابا أنعمته التي أهدت سروراً ... أم الأخرى التي أهدت ثوابا ابن الوردي في مليح صياد لوجنة صيادكم نسخة ... حريرية ملحة في الملح يقول لنبت العذار اجتهد ... ومد الشباك وصد من سبح ابن نباتة في مليح يصيد الكركي

ومولع بفخاخ ... يصفها وشراك قالت لي العين ماذا ... يصيد قلت كراكي ابن العدوي في شابين فيم جلس أحدهما يغني والآخر ساكت: مجلسكم مجلس هني ... يجعل مال البخيل فيئا وفيه ظبي يقول شيء ... وآخر لا يقول شيئا عبد الخالق بن أسد الحنيفي في مليح اسمه أحمد: قال العواذل ما اسم من؟ ... أضنى فؤادك قلت: أحمد قالوا أتحمده وقد ... أضنى فؤادك؟ قلت: أحمد النواجي فيمن اسمه أبو بكر: حب أبي بكر به دمعي كبحر فائض ... وكل من يعذلني عليه فهو رافضي شمس الدين ابن الصائغ فيمن اسمه علي: قال العذول عندما ... شاهدني في شغلي بمن فتنت في الورى؟ ... فقلت: دعني بعلي ولبعضهم وقد أخذ محبوبه عنه واسمه عليل: يا سادة دمع عيني ... أضحى إليهم رسولي قلبي لديكم عليل ... بالله ردوا عليلي رؤي الجنيد بعد موته في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: طارت تلك الإشارات وطاحت تلك العبارات، وغابت تلك العلوم، واندرست تلك الرسوم، وما نفعنا إلا ركيعات كنا نركعها في السحر قال الخواص: المحبة محو الإرادات واحتراق جميع الصفات والحاجات. لبعضهم أكثر العذل، أو فدع ... ليس في سلوتي طمع لست أشكو الهوى ولو ... صنع الوجد ما صنع أنا قدري مذلتي ... في الهوى عز وارتفع في هوى من بحسنه ... كمل الحسن واجتمع قمر لو رأى سنا ... وجهه البدر ما طلع كلما صاح باسمه ... سائق في السرى شرع قام يسعى لحبه ... كل من كل وانقطع العشق: انجذاب القلوب إلى مغناطيس الحسن، وكيفية هذا الانجذاب لا مطمع في الاطلاع على حقيقتها وإنما يعبر عنها بعبارات تزيدها خفاء وهو كالحسن في أنه أمر

يدرك ولا يمكن التعبير عنه وكالوزن في الشعر. وما أحسن قول بعض الحكماء من وصف الحب ما عرفه ولله در عبد الله بن أسباط القيرواني حيث يقول: قال الخلي الهوى محال ... فقلت لو ذقته عرفته فقال هل غير شغل قلب ... إن أنت لم ترضه صرفته وهل سوى زفرة ودمع؟ ... إن هو لم يزدجر كففته (فقلت من بعد كل وصف ... لم تعرف الحب إذ وصفته) (أكثر العذل أو فدع ... ليس في سلوني طمع) (لست أشكو الهوى ولو ... صنع الوجد ما صنع) (أنا قدري مذلتي ولو ... في الهوى عز وارتفع) (في هوى من بحسنه ... كمل الحسن واجتمع) (قمر لو رأى سنا ... وجهه البدر ما طلع) (كلما صاح باسمه ... سائق في السرى شرع) (قام يسعى لحجبه ... كل من كل وانقطع) : السري السقطي قال: خرجت من الرملة إلى بيت المقدس، فمررت بأرض معشبة وفيها غدير ماء فجلست آكل من العشب وأشرب من الماء وقلت في نفسي، إن كنت أكلت أو شربت في الدنيا حلالاً فهو هذا. فسمعت هاتفاً يقول: يا سري فالنفقة التي أوصلتك إلى ها هنا من أين هي؟ ! قال قثم الزاهد: رأيت راهباً على باب بيت المقدس كالواله، فقلت له أوصني فقال: كن كرجل احتوشته الضباع فهو خائف مذعور يخاف أن يسهو فتفترسه، أو يلهو فتنهشه، فليله ليل مخافة إذا أمن فيه المغترون، ونهاره نهار حزن إذا فرح فيه الباطلون، ثم أنه ولى وتركني فقلت: زدني، فقال إن الظمآن: يقنع بيسير الماء الحلاج سقوني وقالوا لا تغني ولو سقوا ... جبال سراة ما سقيت لغنت سئل الصلاح الصفدي عن قول قيس

أصلي فلا أدري إذا ما ذكرتها ... أإثنين صليت الضحى أم ثمانيا؟ ما وجه الترديد بين الاثنين والثمانية؟ فقال: كأنه لكثرة السهو واشتغال الفكر كان يعد الركعات بأصابعه، ثم أنه يذهل، فلا يدري هل الأصابع التي ثناها هي التي صلاها، أم الأصابع المفتوحة؟ ! وأقول: لله در الصلاح في هذا الجواب الرائق الذي صدر عن طبع أرق من السحر الحلال وألطف من الخمر إذا شيب بالزلال وإن كنا نعلم أن قيساً لم يقصد ذلك. . ابن العدوي في مخلف الوعد: ووعدت أمس بأن تزور فلم تزر ... فغدوت مسلوب الفؤاد مشتتا لي مهجة في النازعات وعبرة ... في المرسلات وفكرة في هل أتى قال الشيخ المقتول في بعض مصنفاته: اعلم أنك ستعارض بأعمالك وأقوالك وأفكارك، وسيظهر عليك من كل حركة فعلية أو قولية أو فكرية صور روحانية، فإن كانت تلك الحركة عقلية صارت تلك الصورة مادة لملك تلتذ بمنادمته في دنياك وتهتدي بنوره في أخراك، وإن كانت تلك الحركة شهوية أو غضبية صارت تلك الصورة مادة لشيطان يؤذيك في حال حياتك ويحجبك عن ملاقات النور بعد وفاتك. ولما احتضر ذو النون المصري، قيل له: ما تشتهي؟ فقال: أشتهي أن أعرفه قبل الموت بلحظة. ويقال: إن ذا النون كان أصله من النوبة توفي سنة خمس وأربعين ومأتين، في الحديث: وليس عند ربك صباح ولا مساء. قال علماء الحديث: المراد أن علمه سبحانه حضوري لا يتصف بالمضي والاستقبال كعلمنا، وشبهوا ذلك بحبل، كل قطعة منه لون في يد شخص يمده على بصر نملة، فهي لحقارة باصرتها ترى كل آن لوناً، ثم يمضي ويأتي غيره فيحصل بالنسبة إليها ماض وحال ومستقبل، بخلاف من بيده الحبل فعلمه سبحانه وتعالى وله المثل الأعلى بالمعلومات كعلم من بيده الحبل، وعلمنا بها كعلم تلك النملة، وما أحسن ما قال العارف الرومي في المثنوي. قال الشيخ الثقة أمين الدين أبي علي الطبرسي عند قوله تعالى: " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة " اختلفوا في معنى قوله تعالى على وجوه. أحدها: أن

كل معصية يفعلها العبد جهالة وإن كانت على سبيل العمد، لأنه يدعو إليها الجهل ويزينها للعبد، عن ابن عباس وعطا ومجاهد وقتادة، وهو المروي عن أبي عبد الله رضي الله عنه فإنه قال: كل ذنب عمله العبد وإن كان عالماً فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه، فقد حكى سبحانه قول يوسف عليه السلام لإخوته: " هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون " فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله تعالى. وثانيها: أن معنى بجهالة: أنهم لا يعلمون كنه ما فيه من العقوبة كما يعلم الشيء ضرورة عن الفراء. وثالثها: أن معناها: أنهم يجهلون أنها ذنوب ومعاص فيفعلونها، إما بتأويل يخطئون فيه، وإما بأن يفرطوا في الاستدلال على قبحها عن الجبائي وضعف الرماني هذا القول: بأنه خلاف ما أجمع عليه المفسرون، ولأنه يوجب أن لا يكون لمن علم أنها ذنوب توبة، لأن قوله تعالى: " إنما التوبة " يفيد أنها لهؤلاء دون غيرهم. في الكافي في باب المعيشة في باب عمل السلطان عن أبي عبد الله رضي الله عنه في قول الله عز وجل: " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار " قال: هو الرجل يأتي السلطان فيحب بقاءه إلى أن يدخل يده إلى كيسه فيعطيه. في آخر المجلس السادس والسبعين من أمالي ابن بابويه: كتب هارون الرشيد إلى أبي الحسن موسى بن جعفر رضي الله عنه عظني وأوجز، قال: فكتب إليه: ما من شيء تراه عينك إلا وفيه موعظة. سئل الشيخ أبو سعيد عن التصوف، فقال: استعمال الوقت بما هو أولى به. وقال بعضهم: هو الانقلاع عن العلائق والانقطاع إلى رب الخلائق في أواخر باب الإرادة من الكافي عن محمد بن سنان، قال: سألته عن الإسم ما هو؟ فقال: صفة لموصوف. مر المجنون على منازل ليلى بنجد فأخذ يقبل الأحجار، ويضع جبهته على الآثار فلاموه على ذلك، فحلف أنه لا يقبل في ذلك إلا وجهها ولا ينظر إلا جمالها، ثم رؤي بعد ذلك وهو في غير نجد يقبل الآثار ويستلم الأحجار فليم على ذلك، وقيل له: إنها ليست من منازلها. فأنشد

لا تقل دارها بشرقي نجد ... كل نجد للعامرية دار فلها منزل على كل أرض ... وعلى كل دمنة آثار الشيخ محيي الدين ابن عربي إذا تبدي حبيبي بأي عين أراه؟ ... بعينه لا بعيني فما يراه سواه لبعضهم نجب الأعمار بنا تثب ... ما أسرع ما تصل النجب والشمس تطير بأجنحة ... والليل تطارده الشهب والدهر يجد بفعل الجد ... فليس يليق بك اللعب ما القصد سواك فخل ... هواك وكن رجلاً فلك الطلب العرش لأجلك مرتفع ... والفرش لأجلك منتصب والجو لأجلك منخرق ... والريح تمور بها السحب والزهر لجهلك مبتسم ... والغيم لغمرك ينتحب وكان سماء الدنيا البحر ... وحب كواكبها حبب وكان الشمس سفينته ... وشراع ذوائبها ذهب سل دهرك أين قرون ... الأرض تجبك: بأنهم ذهبوا ساروا عنا سيراً عجلا ... فكان مسيرهم الخبب واستوحشت الأوطان لهم ... لما أنست بهم الترب ما أفصحهم ولقد صمتوا ... ما أبعدهم ولقد قربوا يا لاعب جد بفعل الجد ... فليس الأمر به لعب واهجر دنياك وزخرفها ... فجميع مناصبها نصب فكأنك والأيام وقد ... فتحت باباً فيها النوب وبقيت غريب الدار فلا ... رسل يأتيك ولا كتب وسلاك الأهل ومن الصحب ... كأنهم لك ما صحبوا فإذا نقر الناقور وصاح ... ويومئذ يوم عجب

فيصيخ السمع ويجسو الجمع ... ويجري الدمع وينسكب وجميع الناس قد اجتمعوا ... ثم افترقوا ولهم رتب ذا مرتفع ذا منخفض ... ذا منجزم ذا منتصب فهناك المكسب والخسران ... وثم الراحة والتعب آخر نسمات هواك لها أرج ... تحيي وتعيش بها المهج وبنشر حديثك يطوي ... الغم عن الأرواح ويندرج وببهجة وجه جلال جمال ... كمال صفاتك أبتهج لا كان فؤاد ليس يهم ... على ذكراك وينزعج لا أعتب قلب الغافل عنك ... فليس على الأعمى حرج ما الناس سوى قوم عرفوك ... وغيرهم همج همج قوم فعلوا خيراً فعلوا ... وعلى الدرج العليا درجوا فهموا المعنى فهم المعنى ... فبذكر الله لهم لهج دخلوا فقراء إلى الدنيا ... وكما دخلوا منها خرجوا شربوا بكؤوس تفكرهم ... من صرف هواه وما مزجوا يا مدعياً لطريقهم ... قوم فطريقك منعوج تهوى ليلى وتنام الليل ... وحقك ذا طلب سمج آخر عظمت آياتك يا ملك ... فالملك بحكمك والملك ولهيبة أمرك سار الفلك ... ودار بقدرتك الفلك وكذاك رحى الأيام تدو ... ر بسير عجيب لا يدرك غرر نفل تسع عشر ... بيض ودع ظلم ظلم حلك عميت أبصار ولاة الشر ... ك فقيد أسرهم الشرك واغليلس ليل بلوغ الكيف ... فلم تر نحوك منسلك وأضاء نهارك للعقلاء ... فمذ وجدوا جدداً سلكوا

نطق العقلاء العلماء خ ل بشرح الطر ... ف فمذ وصلوا إليك ارتبكوا آخر في الدهر تحيرت الأمموالحاصل منه لهم ألمبعجائبه ومصائبه أمواج زواخر تلتطموالعمر يسير مسير الشمسفليس تقر له قدم قدمان له يسعى بهمافضحى ودجى، ضوء ظلموالناس بحلم جهالتهم فإذا ذهبوا ذهب الحلمصم بكم عميٌ بهمنعم قسمت لهم نعم فرقوا فرقاً فرقوا فرقاًومضوا طرقاً لا تلتئمذا مرتفع ذا منتصب ذا منخفض ذا منجزملا يفتكرون لما وجدوالا يعتبرون لما عدموا أهواء نفوسهم عبدواوالنفس لعابدها صنمواسم الإسلام على ذا الخلق وليس المسلم عشرهمأوليس المسلم من سلمت؟ منه نفس ويد وفم لابن الملحي في بحر كان وكان يا من نسميه إنسانفكر بنفسك ترى العجبفليس في الخلق أعجب من خلقة الإنسانحدث قليل تسلمواسمع كثير تنتفع فإن منطقك واحدومسمعك اثنانهوى النفوس يثور نار الطباع فتشتعلوالقلب قدر خفيفةسريعة الغليان وذي قدور البواطنلها معارف السنةتنضج طعام المعاني فتخرج الألوانفكل شخص لسانهمن قدر قلبه يغترف إن كان طيب فطيبوإن كان غير فكانوالآنية ما تنتضح إلا بما في وسطهاوالقول وصف القابلإذا تكلم بان قل خير تغنم أو اسكتتسلم ولا تعتب أحداًوإن خلوت فعندك آذان للحيطانإذا تمشي حالكراجل فلا تطلب فرس ففي مزيد التكلفيخشى من النقصانالنمل قد كان عمراً يمشي بأربع قوائمطلب لنفسه زيادةجناح للطيران لما نبت له جناحينبداجنا الحين والتلفومات بعد حياتوا في الطريق والمسلانوالذئب حصل نعجةوجاء إلى نهر قد صفا ابصر خيال النعجةحسبتهما ثنتانفقا اصعد هذاي واترك الأخرى تقتفنزل وخلى النعجةغدت إلى القطعان وغاص في الماء يخبطهعلى الخيال الذي رأىحتى تعب وتوحل فأبصر الذئب ملقىفي الماء وهو تعبانفدكه فرد حربة فمات في بحر الأمللا صيد حصل ولا هونجا من الحدثان وكل ما في الدنيامثال ما في الساقيةوكلنا نحن نسعى كما سعى السرحان وله أيضاً النفس صحبتك عمركوما أراك عرفتهاقبيح تدخل منزل ما تعرف السكانالنفس والعقل ضدينهي تنبسط وهو ينقبض وهو يقول رب عادلوهي تقول رحمانلسقت قاضي طمعها يقل لها تلحقي الأملمن جاء إلى القاضيوحده خرج وهو فرحان أبوك عاداه شيطانمن جنة الخلد اخرجوما عصيت لوالدك واقبل عداوة الشيطانفهو عدو وحاسديفرح إذا نلت معصية وقصده أن تهلكوتحرم الرضوانقصيب أقوام راحة تكون راحة يقع لقومحايط يوسع على الجيرانعلى الخلايق تجرد تقطع طريق الآخرةما يقطع السيف إلامجرد عريان من هو بنفسه كاملدع لا يكمل ظاهرهوايش يحتاج ينقش مخيم السلطاناي من يسبح عينهوهو تسح بها الدما كمن فرش في الحانهليقرأ القرآناصطاد صياد اطياراً؟ في بعض أيام الشتاوجاءها وهو يرعدوالدمع في الأجفان وصار يكتف ويحذفويحو في الكيس ما حوىوعينه بالبرودة شديدة الحرمانفقال منها طائرصيادنا من ذوي التقى مهما أن عينو تبكيفإننا بأمانقالوا تطاول عينو طالع كقرن الظباما خلف هذا الفارةأمان ولا إيمان وكان لابن الملحي على بحر كان وكان: مثل ضرب لابن آدم لما اثير من الثرى ... وحل في ذي الدنيا وعاد إلى ماثار بغلارؤه نائم في البر والليل معتكر ... حلوا وثاقه وساروا به سريعاً فسار جاؤا به طاحونة فأدخلوه للعمل ... وعينه مشدودة وقد ربط بزيار ضرب بسوط الإرادة على طول ليله ... يظن أنه يقطع سفراً من الأسفار والصبح حلوا وثاقه وجوبه موضع أخذ ... أبصر مكانو الأول وعاد إلى الآثار كأنه من مكانه ما زال قط ولا برح ... أو كان في النوم يبصر أو في خيال الإزار هذا مثل لابن آدم في الأرض كان من القدم ... سير بدرب الأحشة وصل إلى ذي الدار عمل وعينوا لبصيرة قد سدها كف الأمل ... حتى مضى ليل غمر وجاءت الأسحار حلوه حثوا بسيره سرع إلى الأرض الأوله ... وصال فحلو عينو طلع إلى الأسرار تراب كان في الأول رتب على هذا الجسد ... ثم التراب الأول رجع إليه وصار التوبة تهدم الحوبة، الفقر يخرس الفطن عن حجته، الكامل من عدت هفواته، المرض حبس البدن، والهم حبس الروح، المفروح به هو المحزون عليه، الفرار في وقته ظفر، أقرب رأيك إلى الصواب أبعدها عن هواك. قال أبو حنيفة لمؤمن الطاق: مات إمامك يعني جعفر الصادق رضي الله عنه، فقال له مؤمن الطاق: لكن إمامك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم فضحك المهدي وأمر لمؤمن الطاق بعشرة آلاف درهم. أهدى الشريف إلى الملك صلاح الدين ابن أيوب هدايا، وكان الرسول يخرج منها واحدة ويعرضها على الملك، فأخرج مروحة من خوص النخل. وقال أيها الملك هذه مروحة ما رأى الملك ولا أحد من آبائه مثلها، فاستشاط الملك غضباً وتناولها منه وإذا عليها مكتوب: أنا من نخلة تجاور قبرا ... ساد من فيه سئر الناس طرا

شملتني سعادة القبر حتى ... صرت في راحة ابن أيوب أقرا فعرف أنها من خوص النخل الذي في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فقبلها الملك ووضعها على رأسه، وقال للرسول: صدقت صدقت. لقي الحجاج أعرابياً فقال له: ما بيدك؟ قال: عصاي اركزها لصلاتي، وأعدها لعداتي، وأسوق بها دابتي، وأقوى بها على سفري، وأعتمد عليها في مشيي ليتسع خطوي، وأثب بها على النهر وتؤمنني العثر، وألقي عليها كسائي فيقيني الحر وتجنبني القر وتدني إلي ما بعد مني وهي محمل سفرتي وعلاقة أدواتي، أقرع بها الأبواب، وألقي بها عقور الكلاب، وتنوب عن الرمح في الطعام وعن السيف عند منازلة الأقران ورثتها عن أبي وسأورثها ابني بعدي، وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى فبهت الحجاج وانصرف. من تاريخ ابن زهرة الأندلسي: أبو يزيد البسطامي خدام أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق سنين عديدة، وكان يسميه طيفور السقاء، لأنه كان سقاء داره، ثم رخص له في الرجوع إلى بسطام فلما قرب منها خرج أهل البلد ليقضوا حق استقباله، فخاف أن يدخله العجب بسبب استقبالهم، وكان ذلك في شهر رمضان فأخذ من سفرته رغيفاً وشرع في أكله وهو راكب على حماره، فلما وصل إلى البلد وجاء علماؤها وزهادها إليه وجدوه يأكل في شهر رمضان، قل اعتقادهم فيه وحقر في أعينهم وتفرق أكثرهم عنه، فقال: يا نفس: هذا علاجك، ومن كلامه: لا يكون العبد محباً لخالقه، حتى يبذل نفسه في مرضاته سراً وعلانية، فيعلم الله من قلبه أنه لا يريد إلا هو. وسئل ما علامة العارف؟ فقال: عدم الفتور عن ذكره جل جلاله وعدم الملال من حقه وعدم الأنس بغيره، وقال: ليس العجب من حبي لك وأنا عبد فقير، ولكن العجب من حبك لي وأنت ملك قدير، وقيل له: بأي شيء يصل العبد إلى أعلى الدرجات؟ فقال: بالخرس والعمى والصمم، ودخل عليه أحمد بن خضرويه البلخي فقال له أبو يزيد: يا أحمد كم تسيح؟ فقال: إن الماء إذا وقف في مكان واحد نتن، فقال له أبو يزيد: كن بحراً حتى لا تنتن. وقال: التصوف صفة الحق ألبسها العبد،

وقال: من عرف الله فليس له مع الخلق لذة، ومن عرف الدنيا فليس له في معيشته لذة، ومن انفتحت عين بصيرته بهت ولم يتفرغ للكلام، وقال لا يزال العبد عارفاً ما دام جاهلاً فإذا زال جهله زالت معرفته، وقال ما دام العبد يظن أن في الخلق من هو شر منه، فهو متكبر، وقيل له: هل يصل العبد إليه في ساعة واحدة؟ فقال: نعم، ولكن الربح بقدر السفر، وسأله رجل: من أصحب؟ فقال: من لا يحتاج إلى أن تكتمه شيئاً مما يعلمه الله تعالى منك. قال كاتب الأحرف: إن ملاقات أبي يزيد البسطامي لأبي جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه، وكونه سقاء في داره سلام رضي الله عليه، أوردها جماعة من أصحاب التاريخ، وأوردها الفخر الرازي في كثير من كتبه الكلامية وأوردها السيد الجليل رضي الدين علي بن طاووس في كتاب الطرائف، وأوردها العلامة الحلي قدس الله روحه في شرحه على التجريد، وبعد شهادة أمثال هؤلاء بذلك لا عبرة بما في بعض الكتب كشرح المواقف: من أن أبا يزيد لم يلق الإمام رضي الله عنه ولم يدرك زمانه، بل كان متأخراً عنه بمدة مديدة، وربما يدفع التنافي من البين بجعل المسمى بهذا الاسم اثنين، أحدهما طيفور السقاء الذي لقي الإمام رضي الله عنه وخدمه، والآخر شخص غيره، ومثل هذا الاشتباه يقع كثيراً، وقد وقع مثله في المسمى بأفلاطون، فقد ذكر صاحب الملل والنحل أن جماعة متعددين من الحكماء القدماء كل منهم كان يسمى أفلاطون. في استخراج اسم المضمر، مرة ليلقي أوله ويخبر بعدد الباقي، فاحفظه، ثم ليخبر بما عدا ثانية ثم بما عدا ثالثة وهكذا، ثم اجمع المحفوظات واقسم الحاصل على عددها بعد إلقاء واحد منها، ثم أنقص من خارج القسمة المحفوظ الأول فالباقي هو عدد الحرف الأول ثم أنقص منه المحفوظ الثاني فالباقي هو عدد الحرف الثاني وهكذا في استخراج اسم الشهر المضمر أو البرج المضمر، مرة ليأخذ لكل ما فوق المضمر ثلاثة ثلاثة وله مع ما تحته اثنين اثنين ثم يخبرك بالمجموع فيلقي 24 ثم يلقي الباقي في اثني عشر وتعد الباقي من محرم أو من الحمل فما انتهى إليه فهو المضمر. في استخراج العدد المضمر: مرة ليلقي منه ثلاثة ثلاثة ويخبرك بالباقي، فيأخذ لكل واحد منه 70 ثم مرة ليلقي منه سبعة سبعة ويخبرك بالباقي فيأخذ لكل واحد منه

خمسة عشرة ثم مرة ليلقي منه خمسة خمسة ويخبرك بالباقي فيأخذ لكل واحد منه 21 ثم يجمع الحواصل ويلقي من المجتمع مائة وخمسة فما بقي هو المطلوب. الأرجوزة المشهورة للفاضل مجد الدين ابن مكانس. هل من فتى ظريف معاشر ... لطيف يسمع من مقالي ما يرخص اللئالي أمنحه ... وصية سارية سرية تنير في الدياجي كلمعة ... السراج جالبة السراء جليلة الأبناء ماجنة ... خليعة بليغة مطيعة رشيقة الألفاظ تسهل ... للحفاظ جادت بها القريحة في معرض النصيحة أنا الشفيق ... الناصح أنا المجد المازح أسلك مع الجماعة في طرق ... الخلاعة أجد للأكياس عهد أبي نؤاس إن تبتغ ... الكرامة وتطلب السلامة أسلك مع الناس الأدب ترى ... من الدهر العجب لن لهم الخطابا واعتمد الآدابا تنل بها الطلابا ... وتسحر الألبابا إليس حلى الخلاعة واخلع رد الرقاعة ... ولا تطاول بنشب ولا تفاخر بنسب فالمرؤ إبن اليوم ... والعقل زين القوم ما أروض السياسة لصاحب الرياسة إن شئت تلفى محسنا ... فلا تقل قط أنا

وإن أردت لا تهن ... إذا ائتمنت لا تخن العز في الأمانة والكيس في الفطانة ... القصد باب البركة والخرق داعي الهلكة لا تغصب الجليسا ... لا توحش الأنيسا لا تصحب الخسيسا ... لا تسخط الرئيسا لا تكثر العتابا تنفر ... الأصحابا فكثرة المعاتبة تدعو إلى المجانبة وإن حللت ... مجلساً بين سراة رؤسا واحذر وبال السخف لا تلفظن كاذباً ... لا تهمل الملاعبا قرب الندامى يلجي للنرد والشطرنج ... واختصر السؤالا وقلل المقالا ولا تكن معربدا ... ولا بغيضاً نكدا ولا تكن مقداما تسطو على الندامى ... لا تسلك الأقداحا تنغص الأفراحا لا تقطع الطوافة ... لا تهجر السلافة لا تحمل الطعاما والنقل والمداما ... فذاك في الوليمه شناعة عظيمة لا يرتضيها آدم ... غير مقل عادم وقل من الكلام ما لاق بالمدام ... كرائق الأشعار وطيب الأخبار واترك كلام السفلة ... والنكت المبتذلة وقالت الأكياس إذا أريق الكأس ... بادره بالمنديل ... في غاية التعجيل

فشملة الكرام ... سفنجة المدام وإن رقدت عندهم فلا تشاكل عبدهم ... فإن سلمت مرة فلا تعد يا غرة لا تأمنن الثانية فإن تلك القاضية ... والدب فاحذره حذر فإنه إحدى الكبر فيا لها فيضحة ... ومحنة قبيحة فاعلها لا يكرم وإن رزي لا يرحم ... كم أسكن الترابا ذو غيرة دبابا وكم فتى من دبه ... أصبح مفضى الثقبة جازوه من جنس العمل وصار في الناس مثل ... ليس له من آسي كمثل بعض الناس كفته تلك شهرة ... ومثلة وعبرة إياك والتطفيلا فشومه وبيلا ... تباً لها من محسنة وثلمة وهجنة لا تقرب اللطاعة ... فإنها دلاعة ولا تكن مبذولا ولا تكن ملولا ... وإن دعاك إخوة إلى ارتشاف القهوة فلا تصقع ذقنكا ... ولا تزرهم بابنكا ولا بجار الدار ولا بشخص طاري ... ولا بخل تألفه ولا صديق تصدفه ولا تقل لمن تحب ... ضيق الكرام يصطحب فهذه أمثال غالبها ... محال سيرها الأعراب الجاعة السغاب قد وضعوها في الورى ... طيزاً لأولاد الخرا وإن حلت مشربه مع سوقة لاكتبه

فاقلل من المدام ... في مجلس العوام ولا تكن ملحاحا ... واجتنب المزاحا لأنهم إن مزحوا ... ابتدؤا وافتتحوا وذقننوا ومرحضوا وانصفعوا وانخمضوا كن كابن حجاج ولا ... ترتدوا صفع بالدلا فكثرة المجون نوع من الجنون ... والأمر فيه محتمل وكل من شاء فعل وآخر الأمر الرضا ... وكل مفعول مضى وصية العوام ضرب من الأنعام ... وإن صحبت تركي فاصبر لأكل الصك هذا إذا تلطفا ... ولم يكن منه جفا وإن يكن ذا عربده وعيشة منكدة ... يقوم في الجلوس بالسيف والدبوس إبشر بقتل القوم ... وشؤم ذاك اليوم إن دام منك المسخرةفانهض إلى المبادرةومس نحره وفد فاقبل كلامي واعتمد وصيتي وأوصي وفد ... ولا تخالف تندم ولا تهزر تعدم فالشؤم في اللجاج ... والحر لا يداجي وهذه الوصية للأنفس الأبية ... أختارها لنفسي وإخوتي وجنسي لا تركب الجمالا ... لا تصعد الجبالا لا تنكح الغيلانا لا تقتل الديدانا ... لا تصحب السباعا ... لا تطلع القلاعا

لا تركب البحارا ... لا تسلك القفارا لا تنزل الأريافا لا تهجر السلافا ... لا تندب الطلولا ولا تكن مهبولا إياك جوب الأودية ... إياك سوء الأغذية لا تأكل الضبابا لا تلج اليبابا ... اتركه لأهل المغرب وللجياع الغرب أكالة القنافد ... في البيد والفدافد وثب إلى الرياض وثبة ذي انتهاض ... أما ترى الربيعا وزهره المريعا من يعد عن طريقي ... غاب عن التوفيق أما سمعت باسمي أما عرفت رسمي ... سل الندامى عني وإن تشا فسلني أنا الفتى المجرب ... أنا الحريف الطيب أنا أبو المدام أنا أخو الكرام ... كأنني إبليس للهو مغناطيس أمشي على أعطافي ... في طاعة الخلاف أسعى إلى الأزهار في زمن النوار ... أروي عن الورود في زمن الورود أغيب يا فلان ... إن قيل بان البان تحت سماء الزهر مع النجوم الزهر ... كم ليلة أرقتها مع غادة علقتها وطفاء مثل الريم ... ترفل في النعيم لم آنسها لما بكت مثل اللئالي وشكت

بغنجها ودلها ... إذا سرى لي بعلها قلت اتركيه والإما ... بالله يا بدر السما واستوطنيه داري تكفي أذى السراري ... يا طيبها من ليلة لو أنها طويلة ساعاتها قصار ... وكلها أنوار بدا بها الهلال يزينه الجمال ... من جانب الغمامة كالحب في القمامة ولعمة السراج ... والصدع في الزجاج وجانب المرآة والنعل في الفلاة ... وكشفاه الأكؤس والحاجب المقوس قلت له حين وفى ... ورق لي وانعطفا كالغصن لدن أعوج والفخ أو كالدملج ... معوجاً كالنون وهيئة العرجون يشبه طوق الدرة ... في الصحو بين الخضرة يا صفوة الأقمار يا مبدأ الأنوار ... يا من يحاكي الغيبة والقينة المنتقبة وزورق السباحة ... والظفر في التفاحة أصبحت في التمثيل تشبه ناب الفيل ... فيا له حين وثب قربوس سرج من ذهب أو قسمة السوار ... أو منجل الأغمار أو مخلباً للطائر أو مثل نعل الحافر ... يا مشبه القلامة هنيت بالسلامة والبدر والدراري ... والخنس الجواري ملك لدى مسائه يختال في إمائه ... في وجهه آثار ... كأنه دينار

يشرق في الديجور ... كجامة البلور بين الظلام ساري ... كالوجه في العذار لم يستمع تحسينه ... وكل حسن دونه ووجنة الحبيب ... في لونها الغريب من صبغة الرحمن لا وردة الدهان ... والزهر بالأنواء ممسك الأرجاء والقرط طاب ريا ... سقياً له ورعياً والنهر وسط الخضرة كأنه المجرة ... والغيث في انسكاب بنغمة الربابي فوق سماء النهر ... مثل الدراري الزهر والورق في الأوراق قد شرحت أشواقي ... حملت فوق طوقي في حب ذات طوق حمامة تطوقت ... واختضبت وانتطقت تشدو على الأرواك ... ساخرة بالباكي راسلها شحرو أنطقه السرور ... موشح بالغيهب موصولة بالذهب وأحسن التشبيبا ... واستنشد النسيبا وبادر التغزلا واستجل كاسات الطلى ... فإنما الدنيا فرص إن تركت عادت غصص فهاكها وصية ... تصحبها التحية تحملها الكرام ... عليك والسلام ابن أبي الحديد يا أغلوطة الفكر غدا الفكر عليلا ... أنت حيرت ذوي اللب وبلبلت العقولا كلما أقبل فكري ... فيك شبراً فرميلا

من كلام أفلاطون انبساطك عورة من عوراتك، فلا تبذله إلا لمأمون عليه، ومن كلامه: إحفظ الناس يحفظك الله، ورأى رجلاً ورث من أبيه ضياعاً فأتلفها في مدة يسيرة فقال: الأرضون تبتلع الرجال، وهذا الفتى يبتلع الأرضين. ومن كلام سقراط: لا تظهر لصديقك المحبة دفعة واحدة، فإنه متى رأى منك تغيراً عاداك. ومن كلام فيثاغوس: إذا أردت أن يطيب عيشك فارض من الناس أن يقولوا أنت عديم العقل بدل قولهم: إنك عاقل. كتب ملك الروم إلى عبد الملك بن مرون: يتهدده ويتوعده ويتحلف له ليحمل إليه مائةألف في البحر ومائة ألف في البر فاراد عبد الملك أن يكتب إليه جواباً شافياً فكتب إلى الحجاج: أن يكتب إلى محمد بن الحنفية رضوان الله عليه بكتاب يتهدده فيه ويتوعده بالقتل ويرسل ما يجيبه به إليه. فكتب الحجاج إليه، فأجابه ابن الحنفية: إن لله تعالى في كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة إلى خلقه، وأنا أرجو أن ينظر إلي نظرة يمنعني بها منك، فبعث الحجاج كتابه إلى عبد الملك فكتب عبد الملك ذلك إلى ملك الروم، فقال ملك الروم: ما هذا منه، ما خرج هذا إلا من بيت النبوة. قال الشريف المرتضى ذو المجدين علم الهدى طاب ثراه ذاكرني بعض الأصدقا قول أبي دهبل. فأبرزتها بطحاء مكة بعدما ... اصات المنادي بالصلاة فأعتما فسألني إجازة هذا البيت بأبيات، تنظم إليه وأن أجعل ذلك كناية عن امرأة لا عن ناقة، فقلت في الحال: فطيب رياها المقام وضوأت ... بإشراقها بين الحطيم وزمزما فيا رب أن لقيت وجهاً تحية ... فحي وجوهاً بالمدينة سهما تجافين عن مس الدهان وطالما ... عصمن عن الحناء كفاً ومعصما وكم من جليد لا يخامره الهوى ... شنن عليه الوجد حتى تتيما أهان لهن النفس وهي كريمة ... وأكفا إليهن الحديث المكتما تسفهت لما أن مررت بدارها ... وعوجلت دون الحلم أن أتحلما فعجت اعزي دارساً متنكراً ... وأسأل مصروفاً عن النطق أعجما

ويوم وقفنا للوداع وكلنا ... يعد مطيع الشوق من كان أحرما نظرت لقلب لا يعنف في الهوى ... وعين متى استمطرتها مطرت دما وتتبع الشيخ محيي الدين الجامعي السيد فقال: فضاء فضاء المأزمين وطاب من ... شذاها ثرى أم القرى فتبسما ولاح لحادي الركب ضوء جبينها ... فيمم بالركب الحمى وترنما رآها على بعد أخو الزهد فانثنى ... وصلى عليه بالفؤاد وسلما رنت وصبا ركن الحطيم وزمزم ... إليها وباحا بالغرام وزمزما من اللاء يسلبن الحليم وقاره ... ويقتلن باللحظ الكمي المعجما ويوريس نار الوجد في قلب ذي النهى ... فيضحى وإن ناوى ذوي العشق مغرما قضت مقلتا سلمى على القلب حبها ... فها هو منقاد إليها مسلما أعان عليه الهجر ذا الليل والهوى ... وطال وأعنى وأدلهم وأظلما دعاه لميقاة الغرام جمالها ... فهام بها شوقاً ولبى وأحرما عروة بن أذينة إن التي زعمت ودادك ملها ... خلعت هواك كما خلعت هوى لها فيك الذي زعمت بها وكلاكما ... أبدى لصاحبه الصبابة كلها بيضاء باكرها النعيم فصاغها ... بلياقة فأرقها وأجلها وإذا وجدت لها وساوس سلوة ... شفع الضمير إلى الفؤاد فعلها لما عرضت مسلماً لي حاجة ... أخشى صعوبتها وأرجو دلها منعت تحيتها فقلت لصاحبي ... ما كان أكثرها لنا وأقلها فدنى وقال لعلها معذورة ... من بعض رقبتها فقلت لعلها الشيخ شهاب الدين السهر وردي من أبيات: أقول لجارتي والدمع جاري ... ولي عزم الرحيل عن الديار ذريني أن أسير ولا تنوحي ... فإن الشهب أشرفها السواري وإني في الظلام رأيت ضوءاً ... كأن الليل بدل بالنهار أأرضى بالإقامة في فلاة؟ ... وأربعة العناصر في الجواري

إذا أبصرت ذاك الضوء أفنى ... فلا أدري يميني من يساري ابن الرومي في الشيب يا شبابي وأين مني شبابي؟ ... إذ ثنتني أيامه بانقضاب لهف نفسي على نعيمي ولهوي ... تحت أفنانه اللدان الرطاب ومعز عن الشباب مؤس ... بمشيب الأتراب والأصحاب قلت لما انتحى يعد أساه ... من مصاب شبابه فمصاب ليس تأسوا كلوم غيري كلومي ... مابه مابه ومابي مابي الشاعر المعروف بديك الجن اسمه عبد السلام كان من الشيعة، ومات سنة خمس وثلاثين ومأتين وكان عمره بضعاً وسبعين سنة وكان له جارية وغلام قد بلغا في الحسن أعلى الدرجات وكان مشغوفاً بحبهما غاية الشغف، فوجدهما في بعض الأيام مختلطين تحت إزار واحد فقتلهما وأحرق جسديهما وأخذ رمادهما وخلط به شيئاً من التراب وصنع منه كوزين للخمر وكان يحضرهما في مجلس شرابه ويضع إحدهما على يمينه والآخر على يساره فتارة يقبل الكوز المتخذ من رماد الجارية وينشد: يا طلعة طلع الحمام عليها ... وجنى لها ثمر الردى بيديها رويت من دمعها الثرى ولطالما ... روى الهوى شفتي من شفتيها وتارة يقبل الكوز المتخذ من رماد الغلام. وينشد وقتلته وبه علي كرامة ... فله الحشى وله الفؤاد بأسره عهدي به ميتاً كأحسن نائم ... والحزن يسفح أدمعي في حجره برهانان مختصران على مساواة زوايا الثلث من المثلث لقائمتين لكاتب الأحرف أقل العباد بهاء الدين العاملي، ليكن المثلث اب ج ونخرج من نقطة اإلى د خطاً موازاً لخط ب ج فنقول: زاويتا د اب وج ب ا، كقائمتين لكونهما داخلتين في جهة وزاويتا د اج وا ج ب متساويتان، لأنهما متبادلتان فزاوية ج مع مجموعة زاوية ب وزاوية ايساوي قائمتين أيضاً وذلك ما أردناه ثم أقول: بوجه آخر يخرج د اعلى الاستقامة موازياً ل ب ج إلى هـ فالزوايا الثلث الحادثة كقائمتين والمتبادلان متساوية فالثلث التي في المثلث كقائمتين وذلك ما أردناه.

سئل المعلم الثاني أبو نصر الفارابي عن برهان مساواة الزوايا الثلث من المثلث القائمتين فقال: لأن الستة إذا نقص منها أربعة بقي اثنان معناه: أنه إذا نقص من ست قوائم أربع قوائم بقي قائمتان. برهانه نخرج ضلع ب ج في مثلث اب ب ج إلى د وهـ ونخرج ب اإلى ح وقد برهن في ثلاث عشر من أولى الأصول: أن كل خط وقع على خط حدث عن جنبيه قائمتان، أو مساويتان لهما، فالزوايا الست الحادثة مساوية لست قوائم ويخرج من نقطة اخط ار موازياً ل ب ج فداخلتا هـ ج أو ر اج كقائمتين بشكل 29 من أولى الأصول وزاويتا د ب اوح ار أيضاً كقائمتين، لأن زاوية د ب ايساوي زاوية ب ار لأنهما متبادلتان وح ار يساوي اب ج لأنهما داخلة وخارجة أقول لأن: زاوية د ب امع راوية اب ج كقائمتين وزاوية اب ج يساوي زاوية ح ار فزاوية د ب امع زاوية ح اد كقائمتين، أيضاً، فإذا أسقطنا هذه الزوايا من الست القوائم بقي الزوايا الثلاث التي للمثلث مساوية لقائمتين. الظاهر أن قوله لأن إلى قوله: متبادلتان مستغنى عنه. لبعض الأعراب: (لاومن يك مثليذا عيال ومقترا ... من المال يطرح نفسه كل مطرح) قال المحقق الطوسي في التحرير في بيان المصادرة الثانية: إذا قام عمودان متساويان على خط ووصل طرفاهما بخط آخر كانت الزاويتان الحادثتان بينهما متساويتين مثلاً قام عمودا اب وج د المتساويان على ب ج ووصل اج فحدث بينهما زاويتا ب اج ود ج افهما متساويتان ونصل اد ب ج متقاطعين على هـ فيكون في مثلثي اب د وج د ب ضلعا اب وب د وزاوية اب د القائمة مساوية لضلعي ج د ود ب وزاوية ج د ب القائمة كل لنظيره، ويقتضي ذلك تساوي بقية الزوايا والأضلاع النظاير ولتساوي زاويتي اد ب وج ب د يكون ب هـ ود هـ متساويين ويبقى اهـ وج هـ متساويين فيكون زاويتا هـ اج وهـ ج امتساويتين، وكانت زاويتا د اب وب ج د. فيكون جميع زاوية ب اج مساوية لجميع زاوية د ج اانتهى كلام الشيخ الطوسي. أقول: وبوجه آخر إذا كان مثلثا اب د وج د ب متساويين فمثلثا اهـ ب وج هـ د أيضاً متساويان لتساوي زاويتي ب اهـ وب هـ اوضلع اب لزاويتي د ج هـ وج هـ د وضلع د ج فتساوي ضلعا اهـ وج هـ فزاويتا اج متساويتان بالمأموني ويلزم ما أردناه. ثم أقول: وبوجه آخر بشكل آخر وهو أن ينصف ب د على هـ ونصل اهـ وج هـ فضلعا اب وب هـ وزاوية ب كضلعي ج د ود هـ وزاوية د فزاويتا ب اهـ ود ج هـ متساويتان وكذلك ضلعا اهـ وج هـ فزاويتا هـ اوهـ ج امتساويتان بالمأموني فمجموع زاوية ب اج يساوي مجموع زاوية د ج اوذلك ما أردناه، وهذا الوجه أخصر من وجه المحرر بكثير كما لا يخفى.

ليبلغ عذراً أو يصيب رغيبة ... ومبلغ نفس عذرها مثل منجح هذه كلمات يستحق أن يكتب بالنور على وجنات الحور، من أعز نفسه أذل فلسه، من سلك الجدد أمن من العثار، من كان عبداً للحق فهو حر، من بذل بعض عنايته لك فابذل جميع شكرك له، من تأنى أصاب ما تمنى، لا يقوم عز الغضب بذل الاعتذار، ماصين العلم بمثل بذله لأهله، ربما كانت العطية خطية والعناية جناية، لولا السيف كثر الحيف لو سكت من لا يعلم سقط الخلاف، من قاسى الأمور فهم المستور، من لم يصبر على كلمة سمع كلمات، من عاب نفسه فقد زكاها، من بلغ غاية ما يحب فليتوقع غاية ما يكره، من شارك السلطان في عز الدنيا شاركه في ذل الآخرة، الفقر يخرس الفطن عن حجته، المرض حبس البدن والهم

حبس الروح، المفروح به هو المحزون عليه أول الحجامة تحزيز القفا، الدهر أنصح المؤدبين، أسرع الناس إلى الفتنة أقلهم حياء من الفرار، المنية تضحك من الأمنية، الهدية ترد بلاء الدنيا، والصدقة ترد بلاء الآخرة، الحر عبد إذا طمع والعبد حر إذا قنع، الفرصة سريعة الفوت بطيئة العود، الأنام فرائس الأيام، اللسان صغير الجرم عظيم الجرم، يوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم، مجالسة الثقيل حمى الروح، كلب جوال خير من أسد رابض، ابتلاؤك بمجنون كامل خير لك من نصف مجنون، قد تكسد اليواقيت في بعض المواقيت، اتبع ولا تبتدع، ارع من عظمك لغير حاجة إليك، لا تشرب السم اتكالاً على ما عندك الترياق، ولا تكن ممن يلعن إبليس في العلانية ويواليه في السر، لا تجالس بسفهك الحكماء ولا بحلمك السفهاء، صديقك من صدقك لا من صدقك، لا سرف في الخير كما لا خير في السرف. يا من سينأى عن بنيه ... كما نأى عنه أبوه مثل لنفسك قولهم ... جاء اليقين فوجهوه وتحللوا من ظله ... قبل الممات وحللوه الأبعاد ترى من المواضع البعيدة أقصر وكل مرئي واقع في سطح والبصر مرتفع عنه، فإنه يرى أقرب، إذا صار البصر أرفع، فليكن السطح اب والمرئي ب والصبر أعني هـ مرتفع عنه بقدر اج فنقول إن ب يرى أقرب من اموقع العمود الخارج من البصر إلى السطح إذا صار اهـ بقدر اد لأن زاوية اب د أعظم من زاوية اب ج وزاوية ابحالها فيكون اب ج أعظم من اد ب وأيضاً زاوية اج ب خارجة عن مثلث د ج ب لبعضهم في من به داء الثعلب وفي أسنانه نبو: أقول لمعشر جهلوا وغضوا ... من الشيخ الكبير وأنكروه هو ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى تضع العمامة تعرفوه لمجير الدين بن تميم في عبد اسمه عنبر لاط بسيده والبيت الأخير لابن المعتز في تشبيه الهلال: عاينت في الحمام أسود واثبا ... من فوق أبيض كالهلال المسفر فكأنما هو زورق من فضة ... قد أثقلته حمولة من عنبر وله في زهر اللوز أزهر اللوز أنت لكل زهر ... من الأزهار تأتينا إمام لقد حسنت بك الأيام حتى ... كأنك في فم الدنيا ابتسام والبيت الأخير لأبي الطيب يمدح سيف الدولة ولمجير الدين المذكور.

أفدي الذي أهوى بفيه شاربا ... من بركة طابت وراقت مشرعا أبدت لعيني وجهه وخياله ... فأرتني القمرين في وقت معا من كتاب ورام، قال عيسى عليه السلام: يا معشر الحواريين ارضوا بدنيء الدنيا مع سلامة الدين، كما رضي أهل الدنيا بدنيء الدين مع سلامة الدنيا وقد عقد هذا المعنى بعضهم فقال: أرى رجالاً بأدنى الدين قد قنعوا ... ولا أراهم رضوا في العيش بالدون فاستغن بالدين عن دنيا الملوك كما ... استغنى الملوك بدنياهم عن الدين ابن عبد الجليل الأندلسي أتراه يترك الغزلا ... وعليه شب واكتهلا كلف بالغيد ما علقت ... نفسه السلوان مذ عقلا غير راض عن سجية من ... ذاق طعم الحب ثم سلا أيها اللوام ويحكم ... إن لي عن لومكم شغلا ثقلت عن لومكم أذن ... لم يجد فيها الهوى ثقلا تسمع النجوى وإن خفيت ... وهي ليست تسمع العذلا نظرت عيني لشقوتها ... نظرات وافقت أجلا غادة لما مثلت لها ... تركتني في الهوى مثلا أبطل الحق الذي بيدي ... سحر عينيها وما بطلا حسبت أني سأحرقها ... مذ رأت رأسي قد اشتعلا يا سراة الحي مثلكم ... يتلافى الحادث الجللا قد نزلنا في جواركم ... فشكرنا ذلك النزلا ثم واجهنا ظباءكم ... فرأينا الهول والوهلا أضمنتم أمر جيرتكم ... ثم ما آمنتم السبلا لوالدي نور الله تربته ورفع في الجنان رتبته في التورية والقلب. كل ملوم قبله مولم ... وكل ساق قلبه قاس ذكر بعض أئمة اللغة: إن لفظ بس فارسية يقولها العامة، وتصرفوا فيها، فقالوا: بسك

وبسي وليس للفرس كلمة بمعناه سواها. وللعرب حسب وبجل وقط مخففة وامسك واكفف وناهيك وكافيك ومه ومهلا واقطع واكتف. ابن حجر العسقلاني من الاقتباس شعر: خاض العواذل في حديث مدامعي ... لما جرى كالبحر سرعة سيره فحبسته لأصون سر هواكم ... حتى يخوضوا في حديث غيره القيراطي لهفي على ساكن شط الفرات ... مروجيه على الحياة ما تنقضي من عجب فكرتي ... من خصلة فرط فيها الولاة ترك المحبين بلا حاكم ... لم يقعدوا للعاشقين القضاة وقد أتاني خبر ساءني ... مقالها في السر واسوئتاه العفيف التلمساني سأل الربع عن ظباء المصلى ... ما على الربع لو أجاب سؤاله ومحال من المحيل جواب ... غير أن الوقوف فيه علاله هذه سنة المحبين من قبل ... على كل منزل لا محاله يا ديار الأحباب لا زالت الأدمع ... في ترب ساحتيك مذاله وتمشى النسيم وهو عليل ... في مغانيك ساحباً أذياله يا خليلي إذا رأيت ربي الجزع ... وعاينت روضه وتلاله قف به ناشداً فؤادي فلي ... ثم فؤاد أخشى عليه ضلاله وبأعلى الكثيب ظبي أغض ... الطرف عنه مهابة وجلاله كل من جئته أسائل عنه ... أظهر العي غيرة وتباله أنا أدري به ولكن صوناً ... أتعامى عنه وأبدي جهاله دخل ابن النبيه على الصاحب صفي الدين فوجده قد حم بقشعريرة فقال: تباً لحماك التي ... أضنت فؤادي ولها

هل قد سألت حاجة ... فأنت تهتز لها الحلي في صبي وقعت عليه شمعة فأصابت شفته: وذي هيف زارني ليلة ... فأضحى به الهم في معزل فمالت لتقبيله شمعة ... ولم تخش من ذلك المحفل فقلت لصحبي وقد حكمت ... صوارم لحطيه في مقتلي أتدرون شمعتنا لم هوت ... لتقبيل ذا الرشا الأكحل درت أن ريقته شهدة ... فحنت إلى إلفها الأول من الاقتباس في النحو وغيره مرضت ولي جيرة كلهم ... عن الرشد في صحبتي حائد فأصبحت في النقص مثل الذي ... ولا صلة لي ولا عائد ابن مطروح في الاقتباس من علم الرمل حلا ريقه والدر فيه منضد ... ومن ذا رأى في الشهد دراً منضدا رأيت بخديه بياضاً وحمرة ... فقلت لي البشرى اجتماع تولدا لبعضهم في الاقتباس من الفقه أنبت ورداً ناضراً ناظري ... في وجنة كالقمر الطالع فلم منعتم شفتي لثمة ... والحق أن الزرع للزارع اجابه والدي طاب ثراه لأن أهل الحب في حينا ... عبيدنا في شرعنا الواسع والعبد لا ملك له عندنا ... فزرعه للسيد المانع صدر الدين بن الوكيل يا سيدي إن جرى من مدمعي ودمي ... للعين والقلب مسفوح ومسفوك لا تخش من قود يقتص منك به ... فالعين جارية والقلب مملوك للمحقق الطوسي ما للقياس الذي ما زال مشتهرا ... للمنطقيين في الشرطي تسديد

أما رأوا وجه من أهوى وطرته ... فالشمس طالعة والليل موجود وله طاب ثراه مقدمات الرقيب كيف غدت ... عند لقاء الحبيب متصله تمنعنا الجمع والخلو معا ... وإنما ذاك حكم منفصله مصعب بن الزبير تأن بحاجتي واشدد قواها ... فقد صارت بمنزلة الضياع إذا أرضعتها بلبان أخرى ... أضربها مشاركة الرضاع قال مؤلف الكتاب: مما أنشدنيه والدي طاب ثراه، وكان كثيراً ما ينشد لي رحمه الله: صل من دنا وتناس من بعدا ... لا تكرهن على الهوى أحدا قد أكثرت حواء ما ولدت ... فإذا جفا ولد فخذ ولدا لبعضهم تلاعب الشعر على ردفه ... أوقع قلبي في العريض الطويل يا ردفه جرت على خصره ... رفقاً به ما أنت إلا ثقيل أبو نصر الفارابي ما إن تقاعد جسمي عن لقائكم ... إلا وقلبي إليكم شيق عجل وكيف يقعد مشتاق يحركه ... إليكم الباعثان الشوق والأمل فإن نهضت فما لي غيركم وطر ... وكيف ذاك ومالي عنكم بدل وكم تعرض لي الأقوام بعدكم ... يستأذنون على قلبي فما وصلوا كتب بعض أمراء بغداد على داره: ومن المروءة للفتى ... ما عاش دار فاخرة فاقنع من الدنيا بها ... واعمل لدار الآخرة هاتيك وافية بما ... وعدت وهذه ساخرة ابن زولاق في غلام معه خادم يحرسه: ومن عجب أن يحرسوك بخادم ... وخدام هذا الحسن من ذاك أكثر

عذارك ريحان وثغرك جوهر ... وخدك ياقوت وخالك عنبر كتب بعض النساء وهي سكرى على أيوان كسرى: ولا تأسفن على ناسك ... وإن مات ذو طرب فابكه ونك من لقيت من العالمين ... فإن الندامة في تركه الخباز البلدي وقد سافر محبوبه في البحر: سار الحبيب وخلف القلبا ... يبدي العزاء ويظهر الكربا قد قلت إذ سار السفين به ... والشوق ينهب مهجتي نهبا لو أن لي عزاً أصول به ... لأخذت كل سفينة غصبا لابن حمديس مشتمل على حروف المعجم مزرفن الصدغ يسطو لحظه عبثا ... بالخلق جذلان إن تشكو الهوى ضحكا الزرفين بالضم والكسر حلقة الباب وهو فارسي معرب وقد زرفن صدغيه جعلهما كالزرفين قاموس. لوالدي طاب ثراه فاح ريح الصبا وصاح الديك ... فانتبه وانف عنك ما ينفيك واخلع النعل في الهوى ولهاً ... وادن منا فإننا ندنيك واستلمها سلافة سلمت ... من أذى من بغى لها تشريك وادر مدحها الفصيح وقل ... كل مدح لغير تلك ركيك وتعشق وكن إذاً فطناً ... كل شيء عشقته يغنيك وانف عنك الوجود وافن تجد ... نفحة من نوالنا تبقيك إن تسر صوبنا تسر وإن ... مت في السير دوننا نحييك وإذا هالك الحميم فحم ... في حمانا فإننا نحميك وتخلق بما خلقت له ... فهو من مورد الردى منجيك جد بنفس تجد نفيس هدى ... كف كفاً عن غيرنا نكفيك خل خلي مناك لي بمنى ... واجعل النفس هدينا نهديك

وانتصب رافعاً يديك بها ... واخفض القدر ساكناً نعليك وابك تمحو قبائحاً كتبت ... قبل أن تلتقي الذي يبكيك تدعى غير ما وصفت به ... والذي فيك ظاهر من فيك تجتري والجليل مطلع ... ما كأن النهى إذاً ناهيك تتلاها عن الهدى ولها ... مبتلاً دائماً بما يببليك تلبس الكبر تائها سفهاً ... والنجاسات كائنات فيك وإذا ذكرت مواعظنا ... حدت عنها كأنها تنسيك لكاتب الأحرف بهاء الدين العاملي مضمناً المصراع المشهور للجامعي وهو فاح ريح الصبا وصاح الديك. يا نديمي بمهجتي أفديك ... قم وهات الكؤوس من هاتيك هاتها هاتها مشعشعة ... أفسدت نسك ذي التقى النسيك قهوة إن ضللت ساحتها ... فسنا ضوء كأسها يهديك يا كليم الفؤاد داو بها ... قلبك المبتلى لكي تشفيك هي نار الكليم فاجتلها ... واخلع النعل واترك التشكيك صاح ناهيك بالمدام فدم ... في احتساها مخالفاً ناهيك عمرك الله قل لنا كرماً ... يا حمام الأراك ما يبكيك أترى غاب عنك أهل منى ... بعد ما قد توطنوا واديك إن لي بين ربعهم رشأ ... طرفه إن تمت أسى يحييك ذا قوام كأنه غصن ... ماس لما بدى به التحريك لست أنساه إذ أتى سحراً ... وحده وحده بغير شريك طرق الباب خائفاً وجلاً ... قلت من قال كلما يرضيك قلت صرح فقال تجهل من ... سيف ألحاظه تحكم فيك قمت من فرحتي فتحت له ... فاعتنقنا فقال لي يهنيك بات يسقي وبت أشربها ... قهوة تترك المقل مليك ثم جاذبته الرداء وقد ... خامر الخمر طرفه الفتيك قال لي ما تريد قلت له ... يا منى القلب قبلة من فيك

قال خذها فقد ظفرت بها ... قلت زدني فقال لا وأبيك ثم وسدته اليمين إلى ... أن دنى الصبح قال لي يكفيك قلت مهلاً فقال قم فلقد ... فاح ريح الصبا وصاح الديك ناظمها الشيخ حسن بن زين الدين العاملي. ما أومض البرق في داج من الظلل ... إلا وهاجت شجوني أو نمت عللي وازداد إضرام وجدي حين ذكرني ... لذيذ عيش مضى في الأزمن الأول إذ كنت من حادثات الدهر في دعة ... مبلغاً من لدنه غاية الأمل لله كم ليلة في العمر لي سلفت ... والعيش في ظلها أصفى من العسل ألفيت فيها عيون الدهر غافلة ... عني وصرف الليالي عادم المقل والجد يسعى بمطلوبي فما ذهبت ... من بعدها برهة حتى تنبه لي فصوب الغدر نحوي كي يفل به ... صحيح حالي فأضحى منه في فلل واستأصلت راحتي أيامه وغدا ... ربع اللقا والتداني موحش الطلل فصرت في غمرة الأشجان منهمكاً ... لا حول لي أهتدي منه إلى حولي أمسى ونار الأسى في القلب مضرمة ... لا ينطفي وقدها والفكر في شغل كيف احتيالي ودهري غير معترف ... من جهله قيمة الأحرار بالزلل حاذرت دهري فلم تنجح محاذرتي ... لما رماني ولا تمت له حيلي والحازم الشهم من لم يلف آونة ... في عزه من مهنى عيشه الخضل والغر من لم يكن في طول مدته ... من خوف صرف الليالي دايم الوجل فالدهر ظل على أهليه منبسط ... وما سمعنا بظل غير منتقل كم غر من قبلنا قوماً فما شعروا ... إلا وداعي المنايا جاء في عجل وكم رمى دولة الأحرار من سفه ... بكل خطب مهول قادح جلل وظل في نصرة الأشرار مجتهداً ... حتى غدوا دولة من أعظم الدول وهذه شيمة الدنيا وسنتها ... من قبل تحنو على الأوغاد والسفل وتلبس الحر من أثوابها حللاً ... من البلايا وأثوابها من العلل يبيت منها ويضحى وهو في كمد ... في مدة العمر لا يفضي إلى جذل

فاصبر على مر ما تلقى وكن حذراً ... من غدرها فهي ذات الختر والغيل واشدد بحبل التقى فيها يديك فما ... يجدي به المرء إلا صالح العمل واحرص على النفس واجهد في حراستها ... ولا تدعها بها ترعى مع الهمل وانهض بها من حضيض النقص منتصباً ... صوارم الحزم للتسويف والكسل واركب غمار المعالي كي تبلغها ... ولا تكن قانعاً منهن بالبلل فذروة المجد عندي ليس يدركها ... من لم يكن سالكاً مستصحب السبل وكن أبياً عن الإذلال ممتنعاً ... فالذل لا ترتضيه همة الرجل وإن عراك العنا والضيم في بلد ... فانهض إلى غيره في الأرض وانتقل واسعد بنيل المنى فالحال معلنة ... بأن إدراك شأ والعز في النقل وحيث يعييك نقص الحظ فاطو له ... كشحاً فليس ازدياد الجد بالحيل ودارنا هذه من قبل قد حكمت ... على حظوظ أهالي الفضل بالخلل وكن عن الناس مهما اسطعت معتزلاً ... فراحة النفس تهوى كل معتزل ولو خبرت الورى ألفيت أكثرهم ... قد استحبوا طريقاً غير معتدل إن عاهدوا لم يفوا بالعهد أو وعدوا ... فمنجز الوعد منهم غير محتمل يحول صبغ الليالي عن مفارقهم ... ليستحيلوا وسوء الحال لم يحل تقاعدت عن هوى الأخرى عزائمهم ... وفي اتباع الهوى حوشوا عن الفشل وله أيضاً ابهضني حمل النصب ... ونالني فرط التعب إذ مر حالات النوى ... علي دهري قد كتب لا تعجبوا من سقمي ... إن حياتي لعجب عاندني الدهر فما ... يود لي إلا العطب وما بقاء المرء في ... بحر هموم وكرب لله أشكو زمناً ... في طرقي الختر نصب فلست أغدو طالباً ... إلا ويعييني الطلب لو كنت أدري علة ... توجب هذا أو سبب

كأنه يحسبني ... في سلك أصحاب الأدب أخطأت يا دهر فلا ... بلغت في الدنيا إرب كم تألف الغدر ولا ... تخاف سوء المنقلب غادرتني مطرحاً ... بين الرزايا والنوب من بعد ما ألبستني ... ثوب عناء ووصب في غربة صماء إن ... دعوت فيها لم أجب وحاكم الوجد على ... جميل صبري قد غلب ومولم الشوق لدى ... قلبي المعنى قد وجب ففي فؤادي حرقة ... منها الحشى قد التهب وكل أحبابي قد ... أودعتهم وسط الترب فلا يلمني لائم ... إن سال دمعي وانسكب واليوم نائي أجلي ... من لوعتي قد اقترب إذ بان عني وطني ... وعيل صبري وانسلب ولم يدع لي الدهر من ... راحلتي غير القتب لم ترض يا دهر بما ... صرفك مني قد نهب لم يبق عندي فضة ... أنفقها ولا ذهب واسترجع الصفو الذي ... من قبل قد كان وهب وكم على حر بغى ... فشاب منه وانحدب تبت يداك مثل ما ... تبت يدا أبي لهب فما يضاهيك سوى ... من نعتها حمل الحطب ومكرك السيىء لا ... يزال مقطوع الذنب وعنك لا يبرح ما ... كيدك فيه قد ذهب حتام يا دهر أرى ... منك البرايا في تعب ما آن أن تصلح ما ... صرفك فينا قد خرب ما حان إرجاع الذي ... من قبل منا قد سلب

شقشقة محملها ... يكشف عن حال الغضب إن الزمان لم يزل ... يفتك في أهل الحسب وصرفه من جوره ... لجرهم قد انتصب تبصره أعيننا ... فهم على حال عجب وكل غمر جاهل ... يبلغ منه ما طلب هذا الذي حرك من ... عزمي الذي كان وجب لا غر ويا قلب فلا ... تجزع فللأمر سبب كل ابن أنثى هالك ... وسوف يأتي من حدب أوقفه العرض إذا ... لم يدر من أين الهرب وضاقت الصف بما ... عليه مولاه حسب قد أحصيت أعماله ... وكاتب الحق كتب لم يغن عنه ولد ... كلا ولا جد وأب ولم يكن ينفعه ... في الحشر إلا ما كسب وله رحمه الله فؤادي طاعن إثر النياق ... وجسمي قاطن أرض العراق ومن عجب الزمان حياة شخص ... ترحل بعضه والبعض باقي وحل السقم في بدني وأمسى ... له ليل النوى ليل المحاق وصبري راحل عما قليل ... وشدت لوعتي ولظى اشتياقي وفرط الوجد أصبح لي حليفاً ... ولما ينو في الدنيا فراقي وتعبث ناره بالروح حيناً ... فيوشك أن يبلغها التراقي وأظمأني النوى وأراق دمعي ... فلا أروى ولا دمعي براقي وقيدني على حال شديد ... فما حرز الرقى منه بواقي أبى الله المهيمن أن تراني ... عيون الخلق محلول الوثاق أبيت مدى الزمان النار وجدي ... على جمر يزيد به احتراقي وما عيش امرىء في بحر غم ... يضاعي كربه كرب السياق

يود من الزمان صفاء يوم ... يلوذ بظله مما يلاقي سقتني نائبات الدهر كأساً ... مريراً من أباريق الفراق ولم يخطر ببالي قبل هذا ... لفرط الجهل أن الدهر ساقي وفاض الكأس بعد البين حتى ... لعمري قد جرت منه سواقي فليس لداء ما ألقى دواء ... يؤمل نفعه إلا التلاقي الشيخ الواعظ شمس الدين في بحر كان وكان. أي من غفل وتوانى الركب فاتتك صحبته ... وفي الدجا حاديهم حدث وحث النوق حث المطايا لعلك ... بمن تقدم تلتحق من لا يحث المطايا لا يبصر المعشوق ... فناقة تتضمخ من شده السير بالدما تصل إلى موطنها ... مضمخة بخلوق ياذ الطبل قد بلغت الارب وقد زال التعب ... الف الفت فالناقة لها عليك حقوق يا بدر تم تجلى ... وهيم الخلق منظره جميع من في العالم إلى لقاك مشوق ... فبالنبي محمد ص وحق مولانا علي ع ما هيم القلب إلا ... قوامك الممشوق آخر له أيضاً

وحق طيب وصالك ... وحق أيام الرضا وحق هزة عطفك ... إذا انثنيت دلال ما أصغي إلى عذالي ... ولا أراغب في الهوى أنا من الموت لا أفزع وأفزع من العذال ... فديت أهل المحبة أجسامهم قد تنحفت وألوانهم قد حالت ... وحالهم ما حال إن كنت ممن تعرف حق الهوى وحقوقنا ... وإلا دعه وتنحى لذي المقام رجال آخر له أيضاً يخاطب الغيث أي غيث تسقى ونسقى نحن القلوب وأنت الشجر ... وكل ويحسد ينبت ما قد سقى أوراق فأوراق نبتك قوت الأبدان أي غيث السما ... وأوراق نبتي قوت الأرواح والعشاق لما حللت نطاقك نثرت عقد اللؤلوىء ... ودر عقدي ينشر وما حللت نطاق لا تعتبوا للعاذل إذ لام فيمن تعشقوا ... فما رأى حسن وجهو ولالو صلوا ذاق

حبيبنا يتعرض لنا إن أعرضنا عنوا ... يعار على من يحبو فديت ذي الأخلاق غررت في السير يا ذا لما عدلت عن النقا ... ومن ذكرت سليمى قدحت في حراق يا من يعرض بليلى أشفق على أهل الهوى ... فتحت قولك معاني فيها الدماء تراق كم لي ابهرج حالي الدمع يكشف بغيتي ... وعند أهل المعارف ما للنفاق نفاق والله وبالله وتالله ما كان فراقي بشهوتي ... ايش أقدر أعمل إني في باب بدر رواق وله أيضاً يا من عصى وتجرى ارجع إلى من قد ستر ... أراك تعصي ولطفو دائم وراك وراك متى قصدت فتح لك في الحال أبواب الرضا ... ولو قصدت بهذي الحالة يوماً أباك أباك لطفو ترى في المضائق يصل وإن كنت منقطع ... عنوا وغير ويقطع فيما عراك عراك

لا في بلدك مع أهلك تقعد ولا مكة تصل ... ولا بوادي بوادي تحت الأراك أراك أيضاً قال لي حبيبي مالك مثل السواك من الضنى ... فقلت ما خلاني مثل السواك سواك قال لي تقلع علي فقلت لويا سيدي ... الله وكل العالم تدري أنني أهواك فقال نعليك اخلع إن أردت وادي قدسنا ... وذاهواسا يقول لك اخلع حذاك حذاك ابن زريق البغدادي لا تعذليه فإن العذل يولعه ... قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه جاوزت في لومه حداً أضر به ... من حيث قدرت أن اللوم ينفعه فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلاً ... من عذله فهو مضنى القلب موجعه قد كان مضطلعاً بالخطب يحمله ... فضلعت من خطوب الدهر أضلعه يكفيه من لوعة التفنيد أن له ... من النوى كل يوم ما يروعه ما آب من سفر إلا وأزعجه ... رأي إلى سفر بالبين يجمعه تأبى المطالب إلا أن تجشمه ... للرزق كدحاً وكم ممن يودعه كأنما هو من حل ومرتحل ... موكل بفضاء الأرض يذرعه إن الزمان أراه في الرحيل غنى ... ولو إلى السد أضحى وهو يزمعه وما مجاهدة الإنسان واصلة ... رزقاً ولا دعة الإنسان تقطعه قد وزع الله بين الخلق رزقهم ... لم يخلق الله من خلق يضيعه

لكنهم كلفوا حرصاً فلست ترى ... مسترزقاً وسوى الغايات تقنعه والحرص في الرزق والأرزاق قد قسمت ... بغي ألا إن بغي المرىء يصرعه والدهر يعطي الفتى من حيث يمنعه ... إرثاً ويمنعه من حيث يطعمه أستودع الله في بغداد لي قمراً ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه ودعته وبودي لو يودعني ... صفو طيب خ الحياة وأني لا أودعه كم قد تشفع بي أن لا أفارقه ... وللضرورة حال لا تشفعه وقد تشبث بي يوم الرحيل ضحى ... وأدمعي مستهلات وأدمعه لا أكذب الله ثوب الصبر منخرق ... عني بفرقته لكن أرقعه إني أوسع عذري في جنايته ... بالبين عني وجرمي لا يوسعه رزقت ملكاً فلم أحسن سياسته ... وكل من لا يسوس الملك يخلعه ومن غدا لابساً ثوب النعيم بلا ... شكر عليه فإن الله ينزعه إعتضت من وجه خلي بعد فرقته ... كأساً أجرع منها ما أجرعه كم قائل لي ذقت البين قلت له ... الذنب والله ذنبي لست أدفعه ألا أقمت فكان الرشد أجمعه ... لو أنني يوم بان الرشد أتبعه إني لأقطع أيامي وأنفدها ... بحسرة منه في قلبي تقطعه بمن إذا هجع النوام بت له ... بلوعة منه ليلي لست أهجعه لا يطمئن لجنبي مضطجع وكذا ... لا يطمئن له مذ بت مضجعه ما كنت أحسب أن الدهر يفجعني ... به ولا أن بي الأيام تفجعه حتى جرى البين فيما بيننا بيد ... عسراء تمنعني حقي وتمنعه قد كنت من ريب دهري جازعاً فزعاً ... فلم أوق الذي قد كنت أجزعه بالله يا منزل العيش الذي درست ... آثاره وعفت مذ بنت أربعه هل الزمان معيد فيك عيشتنا؟ ... أم الليالي الذي أمضته ترجعه في ذمة الله من أصبحت منزله ... وجاد غيث على مغناك يمرعه من عنده لي عهد لا يضيعه ... كما له عهد صدق لا أضيعه ومن يصدع قلبي ذكره وإذا ... جرى على قلبه ذكري يصدعه

لأصبرن لدهر لا يمتعني ... به ولا بي في حال يمتعه علماً بأن اصطباري معقباً فرجاً ... فأضيق الضيق إن فكرت أوسعه عسى الليالي التي أضنت بفرقتنا ... جسمي ستجمعني يوماً وتجمعه وإن تنل أحداً منا منيته ... فما الذي بقضاء الله يصنعه غيره في بحر كان وكان الحق جل جلاه مالك ودنياه مزرعة ... ونحن زرعو الفاني وقد رنواكار ونهر الآمال يجري وريح الآجال تختلف ... وحاصد الموت يحصد بمنجل الأقدار أجسامنا كالسنابل مجموعها سوف تفترق ... ما عليه خضرة غدا عليه صفار أبيض يازرع رأسك ما عدت بالماء تنتفع ... بقي قليل وتعدم شريك من الأنهار تحصد تداس تذرى تجمع تعبى بعد ذا ... تبقى قليل وحرج من بعد للبازار وذي سماءك وأرضك كمثل طاقين الرحى ... فالطاق الأسفل ساكن والمرتفع دوار

وذا نهارك وليلك كمثل بغلين دائرة ... أسود وأسمر غاسق أبيض واسمر نهار كل يدور بنوبة وعينه قد شدها ... ما يهتدي ايش يستحق بهذه الأحجار هذا مدار الدنيا كمن طحن حباً قوى ... حتى يدري وعمرو ما احتاج إلى نقار قالوا للاكار رأسك يغلي من الحر والتعب ... تزرع وتسقي وتحسد وتحمل الأخطار فقال إن لم يغل رأسي من الحر والتعب ... ففي الشتاما يغلي قدري بحر النار غداً يقام الحاصل ومن زرع شيء يحصدو ... هذا لقم لو كاره ذاك عشر أكوار آخر مثل أنا أضرب لك والله قد ضرب المثل ... وفي المعاني جوهر يحتاج إلى نقاد جسمك ضرير يمشي والنفس مقعد بصير

صاحب ضرير المقعد ... على صفا ووداد فقال هذا المقعد رأيت في شجرة ثمر ... وليس أقدر أصعد القط من الأعواد قال الضرير فإني أحملك تلتقط الثمر ... والقسم بيني وبينك بما نقص أو زاد فجاء هذا يحمل هذاك والتقط الثمر ... وكل من ضم قسمو ونحو بيتو عاد يا نائم الليل مالك تزاحم أصحاب السحر ... متى رأيت الثعلب يزاحم الآساد يضجرك شغل الدنيا تجلب حديث الآخرة ... دع الهوى لأصحابو أين أنت والعباد إن كنت بالذي وحده تريد تلحق من وصل ... ذا الحين تقدر تعمل كل البلد زهاد آخر يا من يقول التسحر سنة ويأكل ما نفع ... طيب يقيم السنة بحجة الأضراس طول الدجى أنت ساهر لما تريد وتشهي ... وعند وقت صلاتك عندك كسل ونعاس والعقل مع شهواتك ... كمثل شيخ وصبيتو

إذا دعاهم قالوا ... دعوه قذا قد ناس ويلك على من تخفي ... ويلك وتحسب تنطلي نحنا نشاهد فعلك ... ونحسب الأنفاس آخر يا سادة أوحشوني وهم حضور بخاطري ... أحزنتم القلب مني وأفرحتم الشمات ما كان قط بظني أن ترحلوا عن ناظري ... وتتركوني معنى معثر الخطوات كان الحمى يجمعنا فديت أيام الحمى ... ليلات كنا وكنتم يا طيبها ليلات ليلات أنس كانت ألذ من طيب الكرا ... البين مشغول عنا والوقت في غفلات من يوم ودعتموني ودعت لذات الهوى ... وقلت للنفس صوني قد ماتت اللذات لم يبق للعيش معنى من بعدكم وحياتكم ... أنس الخلايق وحشة والاجتماع شتاب يطلبكم القلب مني والعين تطلبكم منو ... ومن غر يوم معسر يلح في الطلبات

متى يقول المبشر ... اليوم يوم الملتقى وأقول للقلب مني ... قد رد لي ما فات واغلق أبواب حزني وأفتح أبواب الهنا ... ونجتمع بالمنازل كسالف العادات وأشتكي ما لاقى قلبي بأيام الجفا ... وما زارني زماني وذقت من نكبات يزورنا الجار الأول ونصطلح بعد الغضب ... والعتب يطوي فراشو وتغفر الزلات يقول هذي الساعة جئنا بنينا على الصفا ... هيهات أن نتكدر من بعدها هيهات لكاتبهما يا ساحراً بطرفه ... وظالماً لا يعدل أخربت قلبي عامداً ... كذا يراعي المنزل لبعضهم صروف الدهر تكويني ... فلا تدري بتكويني وأيام تلويني ... بتغيير وتلوين وعمري كله فانٍ ... بلا دنيا ولا دين فلا عز ذوي العقل ... ولا عيش المجانين ويا قلبي الذي مات ... ومات من يعزيني أنا من جملة الأموات ... ولكن غير مدفون أرى عيشي لا يحلو ... وأيامي تعاديني وكم أنشر آمالي ... وصرف الدهر يطويني أقول اليوم واليوم ... ولكن من يخليني من خط العلامة جمال الدنيا والدين الحلي طاب ثراه: أيها السائل عن السبب الملحق ... أهل الحياة بالأموات هو برد يطفي حرارة طبع ... وسكون يأتي على الحركات ما أفاد الرئيس معرفة الطب ... ولا حكمه على النيرات ما شفاه الشفاء من علة المو ... ت ولم ينجه كتاب النجاة بعضهم وأظنه السيد الرضي رضي الله عنه. قد قلت للنفس الشعاع أضمها ... كم ذا القراع لكل باب مصمت قد آن أن أعصي المطامع طائعاً ... لليأس جامع شملي المتشتت أيضاً من السيد الرضي رضي الله عنه: لقلبي للنوائب خافقات ... عماق القعر مونسة الأواسي أقارع سعيها لو كان يجدي ... قراعي للنوائب أو مراسي وما زال الزمان يحيف حتى ... نزعت له على مضض لباسي مضى عني السواد بلا مراد ... وأعطاني البياض بلا التماس ولم يبثن غربان الليالي ... نعيقاً أن أطرن غراب رأسي وددت بأن ما تجني المواضي ... بدا لي بما جنت المواسي وللرضي رضي الله عنه ما أسرع الأيام في طينا ... تمضي علينا ثم تمضي بنا في كل يوم أمل قد نأى ... مرامه عن أجل قد دنى أنذرنا الدهر وما نرعوي ... كأنما الدهر سوانا عنى يعاشنا والموت في جده ... ما أوضح الأمر وما أبينا والناس كالأجمال قد قربت ... تنتظر الحي لأن يظعنا تدنو إلى العشب ومن خلفها ... مغامر تطردها بالقنا إن الأولى شادوا مبانيهم ... تهدموا قبل انهدام البنا لا معدم يحميه إعدامه ... ولا تقي نفس الغني الغنى وله أيضاً رضي الله عنه عارضا بي ركب الحجاز أسائله ... متى عهده بأعلام جمع واستملا حديث من سكن الخيف ... ولا تكتباه إلا بدمعي يا غزالاً بين النقى والمصلى ... ليس يبقى على منالك درعي كل ما سل من فؤادي سهم ... عاد سهم لكم مضيض الوقع من معيد أيام سلع على ما ... كان فيها وأين أيام سلع؟ لكاتبه وقد أشرف على سر من رأى: أسرع السير أيها الحادي ... إن قلبي إلى الحمى صادي وإذا ما رأيت من كتب ... مشهدي العسكري والهادي فالثم الأرض خاضعاً فلقد ... نلت والله خير إسعاد وإذا ما حللت ناديهم ... يا سقاه الإله من نادي فاغضض الطرف خاشعاً ولهاً ... واخلع النعل إنه الوادي لي وقد أشرفت على المشهد الأقدس الرضوي:

هذه قبة مولا ... ي بدت كالقبس فاخلع النعل فقد جز ... ت بوادي القدس لوالد جامع الكتاب ما شممت الورد إلا ... زادني شوقاً إليك وإذا ما مال غصن ... خلته يحنو عليك لست تدري ما الذي قد حل بي من مقلتيك ... إن يكن جسمي تنائى فالحشا باق لديك كل حسن في البرايا فهو منسوب إليك ... رشق القلب بسهم قوسه من حاجبيك إن دائي ودوائي يا منائي في يديك ... آه لو أسقى لأشفى خمرة من شفتيك لبعضهم في الباذنجان وباذنج بستان أنيق رأيته ... وألوانه تحكي لمقلة وامق قلوب ضباء أفردت عن كبودها ... على كل قلب عاشق كف باشق من كتاب الحماسة هجو قوم قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم ... قالوا لأمهم بولي على النار فضيقت فرجها بخلاً ببولتها ... فلا تبول لهم إلا بمقدار أين هو من قول مهيار الديلمي، وكان مجوسيا فأسلم على يد السيد المرتضى: ضربوا بمدرجة الطريق قبابهم ... يتقارعون على قلرى لضيفان. ويكاد موقدهم يجود بنفسه ... حب القرى حطبا على النيران. لبعضهم: صروف الدهر تكويني ... فلا تدري بتكويني. وأيامي تلونني ... بتغيير وتلويني. وعمري كله فإن ... بلا دنيا ولا دين.

فلا عز ذوي العقل ... ولا عيش المجانين. ويا قلبي الذي قد مات ... وماتوا من يعزوني. أنا من جملة الأموات ... لكن غير مدفون. أرى عيشي لا يحلو. . وأيامي تعاديني. وكم أنشر أمالي ... وصرف الدهر يطويني أقول اليوم واليوم ... ولكن من يخليني , من خط العلامة جمال الدين الحلي رحمه الله تعالى: أيها السائلي عن الشيب الملحق ... أهل الحياة بالأموات هو برد يطفي حرارة طبع ... وسكون يأتي على الحركات. ما أفاد الرئيس معرفة الطب ... ولا حكمة على النيرات. ما شفاه الشفاء من علة الموت ... ولم ينجه كتاب النجاة. من كلام السيد الرضي عليه السلام: كم قلت للنفس الشعاع أضمها ... كم ذا القراع لكل باب مصمت. قد آن أن أعصي المطامع طائعا ... لليأس جامع شملي المتشتت. أعددتكم لدفاع كل ملمة ... عني فكنتم عون كل ملمة. فلأرحلن رحيل لا متلهف ... لفراقكم أبدا ولا متلفت. ولأنفضن يدي يأسا منكم ... أقصر هواك لك اللتيا والتي. يا ضيعة الأمل الذي وجهته ... طمعا إلى الأقوام بل يا ضيعتي. وله طاب ثراه: بقلبي للنوائب خافقات ... عماق القعر مؤيسة الأواسي. أقارع سعيها لو كان يجدي ... قراعي للنوائب أو مراسي. وما زال الزمان يحيف حتى ... نزعت له على مضض لباسي. نضي عني السواد بلا مرادي ... وأعطاني البياض بلا التماسي. ولم يلبثن غربان الليالي ... نعيقا أن أطرن غراب راسي. وددت بأن ما تجني المواضي ... بدال لي بما جنت المواسي

وله أيضا نفعنا الله به: ما أسرع الأيام في طينا ... تمضي علينا ثم تمضي بنا. في كل يوم أمل قد نأى ... مرامه عن أجل قد دنا. أنذرنا الدهر وما نرعوى ... كأنما الدهر سوانا عنى. فعابث والموت في جده ... ما أوضح الأمر وما أبينا. والناس كالأجمال قد قربت ... تنتظر الحي لأن يظعنا. تدنو إلى العشب ومن خلفها ... مغامز تطردها بالقنا. إن الأولى شادوا مبانيهم ... تهدموا قبل أنهدام البنا. لا معدم يحميه إعدامه ... ولا يقي نفس الغني الغنى وله أيضا رضي الله عنه: عارضا بي ركب الحجاز أسائله ... متى عهده بأعلام جمعي. واستملا حديث من يكنن الخيف ... ولا تكتباه إلا بدمعي. يا غزالا بين النقا والمصلى ... ليس يبقي على نبالك درعي. كلما سل من فؤادي سهم ... عاد سهم لكم مضيض الوقع. من معيد أيام سلع على مات ... كان فيها وأين أيام سلع وله طاب ثراه: أأبقى كذا نضو الهموم كأنما ... سقتني الليالي من عقابيلهما سما وأكبر آمالي من الدهر أنني ... أكون خلياً لا سروراً ولا هما فلا جامعاً مالاً ولا مدركاً علىً ... ولا محرزاً أجراً ولا طالباً علما كأرجوحة بين الخصاصة والغنى ... ومنزلة بين الشقاوة والنعمى وله طاب ثراه قد حصلنا من المعاش كما قد ... قيل قدماً لا عطر بعد عروس ذهب القوم بالأطايب منها ... ودعتني إلى الدني الخسيس لا جميلاً بحسنه يحسن الذكر ... ولا عامراً خراب الكيس

وإذا ما عدمت في الدهر هذين ... فسيان نهضتي وجلوسي جلسة في الجحيم أحرى وأولى ... وهو من تحته بعرض دنيس ما افتخار الفتى بثوب جديد ... من رحيل يفضي إلى تدنيس والفتى ليس باللجين ولا التبر ... ولكن بعزة في النفوس قد فعلت الذي به ينجح السعي ... فمن لي بحظي المنحوس رثى السيد الأجل رحمه الله دام ظله والدي طاب ثراه بأبيات بقصيدة خ ل مطلعها: جارتي كيف تسحنين ملامي ... أتداوي كلم الحشا بكلامي وطلب مني القول على طرزها فقلت مشيراً إلى بعض ألقابه الشريفة: خلياني بلوعتي وغرامي ... يا خليلي واذهبا بسلام قد دعاني الهوى ولباه لبي ... فدعاني ولا تطيلا ملامي إن من ذاق نشوة الحب يوماً ... لا يبالي بكثرة اللوام خامرت خمرة المحبة عقلي ... وجرت في مفاصلي وعظامي فعلى الحلم والوقار صلاة ... وعلى العقل ألف ألف سلام هل سبيل إلى وقوف بوادي ... الجزع يا صاحبي أو إلمام أيها السائر الملح إذا ما ... جئت نجداً فعج بوادي الخزام وتجاوز عن ذي المجاز وعرج ... عادلاً عن يمين ذاك المقام وإذا ما بلغت خروري فبلغ ... جيرة الحي يا أخي سلامي وانشدن قلبي المعنى لديهم ... فلقد ضاع بين تلك الخيام وإذا ما رثوا لحالي فسلهم ... أن يمنوا ولو بطيف منام يا نزولاً بذي الأراك إلى كم ... تنقضي في فراقكم أعوامي ما سرت نسمة ولا ناح في الدوح ... حمام إلا وحان حمامي أين أيامنا بشرقي نجد ... يا رعاها الإله من أيام حيث غصن الشباب غض وروض ... العيش قد طرزته أيدي الغمام وزماني مساعدي وأيادي ... اللهو نحو المنى تجر زمامي

أيها المرتقي ذرى المجد فضلاً ... والمرجى للفادحات العظام يا حليف العلى الذي جمعت فيه ... مزايا تفرقت في الأنام نلت في ذروة الفخار محلاً ... عسر المرتقى عزيز المرام نسب طاهر ومجد أثيل ... وفخار عال وفضل سامي قد قرنا مقالكم بمقال ... وشفعنا كلامكم بكلام ونظمنا الحصا مع الدر في سمط ... وقلنا العبير مثل الرغام لم أكن مقدماً على ذا ولكن ... امتثالاً لأمركم إقدامي عمرك الله يا نديمي أنشد ... جارتي كيف تحسنين ملامي من لطيف قول بعضهم تولع بالعشق حتى عشق ... فلما استقل به لم يطق رأى لجة ظنها موجة ... فلما تمكن منها غرق لابن الحجاج من المجنون جلست وبابي على مدرجه ... فمرت بنا ظبية مزعجه أن شمايل أعطافها ... من الغصن والدعس مستخرجه يرى خصرها وهو مستحكم ... على كفل دائم الرجرجه فسلمت وارتعت من ردها ... وبعض الجوابات مستسمجه فأغضت على حنق طرفها ... وعتب أكحله أدعجه وقالت أتزني بعد المشيب ... فقلت فغربتنا محوجه وعن لها واقع راقها ... معاينه واستحسنت منهجه رأت لحيتي وهي مبيضة ... فقالت بكم هذه الثجثجه فقلت وأخرجت أيري لها ... بعشرين مع هذه المثلجه وكنت غلاماً أحب المزاح ... فقام المشوم وما أزعجه فما زلت أفركه والخسيس ... لا يسمع القول والمجمجه فقلت فديتك إلا دخلت ... وكانت معوجة الهملجه فمالت كما مال غصن الأراك ... فجئنا إلى حجرة مسرجه

فقلت الطعام فجاء الغلام ... بما قد شواه وما طهوجه وحطت عن البدر فضل اللثام ... وورد التخفر قد ضرجه ودار الشراب فظلت تكيل ... علي ونشر بها مزوجه إلى أن لوت جيدها وانثنت ... من السكر كالناقة المجدجه وقامت تغني على نفسها ... متى تركب الناقة المسرجه فقمت وايري مثل القناة ... وقميصي على كتفي مدرجه فلما توتر يافوخه ... وسكرج أو قارب السكرجه ختمت بخصيي باب استها ... كما ختم الكيس الأسرجه فقامت تضايق أي لا أطيق ... هذا فقلت دعي الغجنجه فلما رأت أنه لا خلاص ... قالت فلا تدخل البزجه ترفق به عند وقت الدخول ... وكن حذراً قبل أن تخرجه أبو دلامة لما وعدته الخيزران بجارية في طريق الحج فتأخرت في إعطائه إياها فأرسل إليها مع أم عبيدة الحاضنة جارية المتوكل: أبلغي سيدتي بالله يا أم عبيده ... إنها أرشدها الله وإن كانت رشيده وعدتني قبل أن تخرج للحج وليده ... فتأنيت وأرست بعشرين قصيدة كلما اخلص أخلفت لها أخرى جديدة ... ليس في بيتي لتمهيد فراشي من قعيدة غير عجفاء عجوز ساقها مثل القديدة ... وجهها أقبح من حوت طرى في عصيده فلما قرأت عليها ضحكت أشد ضحكاً واستعادت البيت الأخير وبعثت إليه بجارية القصة أبو البركات. لا واخضرار العذار في وجهه الجلنار

وطرة كظلام ... وغرة كنهار وخمرة من رضاب ... بفيه ذات خمار لا قر في الهجر بعد الوصال منه قراري ... ظبي تنفر نومي بانسه والنفار يحار طرفي لسحر ... في طرفه واحورار فخصره مثل ديني وردفه أوزاري ... كم قد جررت إليه في اللهو فضل الأزار وكم لبست غرامي ... وكم خلعت عذاري وكم ركبت إليه ... كواهل الأخطار الصفي الحلي يعاتب بعض أصحابه: وعدت جميلاً فأخلفته ... وذلك بالحر لا يجمل وقلت بأنك لي ناصر إذا قابل الجحفل الجحفل ... وكم قد نصرتك في كرة يكسر فيها القنا الذبل ولست أمن بفعلي عليك ... فاعجل بالقول إذا أعجل كما قاله الباز في عزة به حين فاخره البلبل ... وقال أراك جليس الملوك ومن فوق أيديهم تحمل وأنت كما علموا صامت ... وعن بعض ما قلته تنكل وأحبس مع أنني ناطق وحالي عندهم مهمل ... فقال صدقت ولكنهم بذا عرفوا أينا الأكمل؟ لأني فعلت وما قلت قط ... وأنت تقول وما تفعل ابن الدمينة وهو من شعراء الحماسة ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد ... لقد زادني مسراك وجداً على وجد لئن هتفت ورقاء في رونق الضحى ... على فنن غض النبات من الرند بكيت كما يبكي الوليد ولم أكن ... جزوعاً وأبديت الذي لم تكن تبدي وقد زعموا أن المحب إذا دنى ... يمل وأن النأي يشفي من الوجد

بكل تداوينا فلم يشف ما بنا ... ألا إن قرب الدار خير من البعد ألا إن قرب الدار ليس بنافع ... إذا كان من تهواه ليس بذي ود أبو الفرج علي بن الحسين بن هند من الحكماء الأدباء، ذكره الشهرزوري في تاريخ الحكماء ونسب إليه قوله: ما للمعيل وللمعالي إنما ... يسمو إليهن الوحيد الفارد فالشمس تجتاز السماء فريدة ... وأبو بنات النعش فيها راكد أبو عبد الله المعصومي كان أفضل تلامذة الشيخ الرئيس قال الشهر زوري: ومن شعره. حديث ذوي الألباب أهوى وأشتهي ... كما يشتهي الماء المبرد شاربه وأفرح أن ألقاهم في نديهم ... كما يفرح المرؤ الذي آب غائبه ابن الرومي ورومية يوماً دعتني لوصلها ... ولم أك من وصل الأغاني بمحروم فقالت فدتك النفس ما الأصل إنني ... أروم وصالاً منك قلت لها رومي قيل لسقراط: إنك تستخف بالملك، فقال إني ملكت الشهوة والغضب وهما ملكاه فهو عبد لعبدي. الصلاح الصفدي أنفقت كنز مدايحي في ثغره ... وجمعت فيه كل معنى شارد وطلبت منه أجر ذلك قبلة ... فأبى فراح تغزلي في بارد ابن نباتة المصري لا تخف عيلة ولا تخش فقراً ... يا كثير محاسن المحتاله لك عين وقامة في البرايا ... تلك غزالة وذي قتاله وله سألته عن قومه فانثنى ... يعجب من إفراط دمعي السخي وأبصر المسك وبدر الدجى ... فقال ذا خالي وهذا أخي ابن حيوسة

ومقرطق يغني النديم بوجهه ... عن كاسه الملأى وعن إبريقه فعل المدام ولونها ومذاقها ... في مقلتيه ووجنتيه وريقه ابن مليك مدحتكم طمعاً فيما أؤمله ... فلم أنل غير حظ الإثم والتعب إن لم يكن صلة منكم لذي أدب ... فاجرة الخط أو كفارة الكذب الأبيوردي ومدايح مثل الرياض أضعتها ... في باخل أعيت به الأحساب فإذا تناشدها الرواة وأبصروا ... الممدوح قالوا شاعر كذاب ابن أبي حجلة قل للهلال وغيم الأفق يستره ... حكيت طلعة من أهواه فابتهج لك البشارة فاخلع ما عليك فقد ... ذكرت ثم على ما فيك من عوج السيد الرضي قده وراءك عن شاك قليل العوايد ... تقلبه بالرمل أيدي الأباعد يراعي نجوم الليل والهم كلما ... مضى صادر عني بآخر وارد توزع بين الدمع والنجم طرفه ... بمطروفة إنسانها غير راقد وما طب فيها الغمض إلا لأنه ... طريق إلى طيف الخيال المعاود هي الدراما شوقي القديم بناقص ... إليها ولا دمعي عليها بجامد أما فارق الأحباب بعدي مفارق ... ولاشيع الأظعان مثلي بواجد تأوبني داء من الهم لم يزل ... بقلبي حتى عادني منه عائدي تذكرت يوم السبط من آل هاشم ... وما يومنا من آل حرب بواحد بنى لهم الماضون أساً لفعلهم ... فعلوا على بنيان تلك القواعد رموناكما ترمى الظماء عن الروى ... يذودوننا عن إرث جد ووالد لان رقد النظار عما أصابنا ... فما الله عما نيل منا براقد

طبعنا لهم سيفاً فكنا بحده ... ضرايب عن أيمانهم والسواعد ألا ليس فعل الأولين وإن علا ... على قبح فعل الآخرين بزايد يريدون أن نرضى وقد منعوا الرضا ... ليرضى بني أعمامنا غير قاصد كذبتك إن نازعتني الحق ظالماً ... إذا قلت يوماً إنني غير واجد لبعضهم وأجاد إذا سمح الزمان بمي ضنت ... وإن سمحت يضن بها الزمان غيره والذي بالبين والبعد ابتلاني ... ما جرى ذكر الحمى إلا شجاني حبذا أهل الحمى من جيرة ... شفني الشوق إليهم وبراني كلما رمت سلواً عنهم ... جذب الشوق إليهم بعناني أحسد الطير إذا طارت إلى ... أرضهم أو أقلعت للطيران أتمنى إن تكن صحبتها ... نحوهم لو أنني أعطي الأماني ذهب العمر ولم أحظ بهم ... وتقضي في تمنيهم زماني لا تزيدوني غراماً بعدكم ... حل بي من بعدكم ما قد كفاني يا خليلي اذكرا العهد الذي كنتما ... سبل النوى عاهدتماني واذكراني مثل ذكري لكما ... فمن الإنصاف أن لا تنسياني واسئلا من أنا أهواه على ... أي جرم صد عني وجفاني لبعضهم لم أقل للشباب في دعة الله ... ولا حفظه غداة استقلا زاير زارنا أقام قليلاً ... سود الصحف بالذنوب وولى لبعضهم قبلتها وظلام الليل منسدل ... ولمتي كبياض القطن في الظلم فدمدمت ثم قالت وهي باكية ... من قبل موتي يكون القطن حشو فمي ابن الوليد

يا عنق الإبريق من فضة ... ويا قوام الغصن الرطب هبك تجاسرت وأقصيتني ... تقدر أن تخرج من قلبي لبعضهم قالت أرى مسكة الليل إليهم غدت ... كافورة غيرتها صبغة الزمن فقلت طيب بطيب والتبدل من ... روايح الطيب أمر غير ممتهن قالت صدقت ولكن ليس ذاك كذا ... المسك للعرس والكافور للكفن قمين الدولة لما رأيت البياض لاح وقد ... دنا رحيلي ناديت واحزني هذا وحق الإله أحسبه ... أول خيط سدى من الكفن البهاء زهير صديق لي سأذكره بخير ... وإن حققت باطنه الخبيثا وحاشا السامعين يقال عنه ... وبالله اكتموا ذاك الحديثا الصابي ولقد زارني على ظماء ... النفس إليه فقلت أهلاً وسهلا وسقاني من الحديث بكأس ... هي أشهى من المدام وأحلى لست أدري أحله في سواد ... العين ضنا به وشحاً وبخلا أم سواد الفؤاد مني وما ... أرضاه من خفية عليه محلا بده ساقياً باده أرغواني ... فقد هد عطفي غناء الغواني المعتز بالله بلوت أخلاء هذا الزمان ... فأقللت بالحجر منهم نصيبي وكلهم إن تصفحتهم ... صديق العيان عدو المغيب أبو نواس يعتذر من أمر وقع منه حال سكره: كان مني على المدامة ذنب ... فاعف عني فأنت للعفو أهل لا تؤاخذ بما يقول على السكر ... فتى ما له على الصحو عقل

آخر شربنا على الدأب القديم قديمة ... هي العلة الأولى التي لا تعلل فلو لم يكن في حيز قلت أنها ... هي العلة الأولى التي لا تعلل عبد القادر الجيلاني يقول حبيبي وق زارني ... فبت لطلعته أشهد إذا كنت تسهر ليل الوصال ... فليل السرور متى ترقد الحاجري أتاني الغلام وما قصرا ... يدير المدامة مستبشرا ويا حبذا الراح من شادن ... سكرت به قبل أن أسكرا غزال غزا طرفه في القلوب ... فلله كم عاشق أسهرا نديمي حثا كبار الكؤوس ... فإن المؤذن قد كبرا معتقة من بنات القسوس ... تجل عن الوصف أن تسطرا لحاني العذول على شربها ... فأضحى ولوعي بها أكثرا فقال: أتشربها منكراً ... فقلت: نعم أشرب المنكرا إليك عذولي فإني فتى ... أرى في المدامة ما لا ترى سأجعل روحي وروح النديم ... فداها وأرواح كل الورى موفق الدين علي بن الجزاز ملغزاً في 3 6 7 ما اسم شيء موليك نفعاً إذا ... أنت أوليته فعا لا عسوفا هو فرد الحروف إن جاء طرداً ... وهو زوج إذا عكست الحروفا وله في 40 90 9 20 10 وذي هيف كالغصن قداً إذا بدا ... يفوق القنا حسناً بغير سنان وأعجب ما فيه يرى الناس أكله ... مباحاً قبيل العصر في رمضان وله في 60 20 10 50 و 40 100 90 ذكر وأنثى ليس ذا من جنس ذا ... متجاوران بقعر حبس مقفل فتراهما لا يبرزان لحاجة ... إلا لقطع رؤوس أهل المنزل

وله في 232 وما سيء يعد من اللئام ... له وصف الأماثل والكرام وجملته تجر وكل حرف ... يجر إذا نظرت بلا زمام وله في 100 30 40 وما غلام راكع ساجد ... أخو نحول دمعه جاري ملازم الخمس لأوقاتها ... معتكف في خدمة الباري وله في 600 30 600 1 30 ومضروب بلا ذنب ... مليح القد ممشوق حكى شكل الهلال على ... رشيق القد معشوق وأكثر ما يرى أبداً ... على الأمشاط في السوق قال بعضهم: رحم الله من أطلق ما بين كفيه وحبس ما بين فكيه وفي هذا المضمون قال البستي تكلم وسدد ما استطعت وإنما ... كلامك حي والسكوت جماد فإن لم تجد قولاً سديداً تقوله ... فصمتك عن غير السديد سداد أبو السعادات الحسيني النحوي يرثي كل حي إلى الفناء يؤول ... فتزود إن المقام قليل نحن في دار غربة كل يوم ... يتقضي جيل ويحدث جيل وكأنا في ذاك ركبان ركب ... مزمع رحلة وركب قفول والليالي في صرفها تتلقانا ... بنصح لو أنه مقبول كيف أنجو من المنية والشيب ... بفودي صارم مسلول أين رب الأيوان كسرى أنوشيروان ... ملك الملوك غالته غول أين من طبقت صواهله الأرض ... وكادت له الجبال تزول قشعتهم ريب المنون عن الأر ... ض كما تقشع الغثاء السيول ولقد قطع القلوب وقد ... أذرى مصون الدموع رزء جليل بانياً فهو في العيون سهاد ... دائم وهو للقلوب عليل من يكن صبره جميلاً فما صبر ... ي عليه يا صاحبي جميل ليته باقياً وحزني عليه ... إن حزني من بعده لطويل

وعجيب أني أعزي محبيه ... وحظي من المصاب جزيل يا لنفس نفيسة ألفت ... جنة عدن يزفها جبرئيل فارقت ماء دجلة أول الليل ... وأضحت شرابها سلسبيل أبو أيوب سليمان بن المنصور: بقيت غداة النوى حائراً ... وقد حان ممن أحب الرحيل فكم تبق لي دمعة في الجفون ... إلا غدت فوق خدي تسيل فقال نصيح من القوم لي ... وقد كاد يقضي علي العويل ترفق بدمعك لا تفنه ... فبين يديك بكاء طويل عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس: وردنا دماء من أمية غدبة ... وكلنا لهم في القتل بالصاع أصوعا وما في كثير منهم بقليلنا ... وفاء ولكن كيف بالثار أجمعا إذا أنت لم تقدر على الشيء كله ... وأعطيت بعضاً فليكن لك مقنعا رعينا نفوساً منهم بسيوفنا ... وصاح بهم داعي الفناء فأسمعا قضينا لهم ديناً وزدنا عليهم ... كما زاد بعد الفرض من قد تطوعا وكان لهم من باطل الملك عارض ... فما علته ترائت خ شمس حق تقشعا فليت على الخير شاهد أسهماً ... أصابتهم لم يبق في قوس منزعا صالح بن إسماعيل العباسي: غابوا فغاب الصبر من بعدهم ... يطويه عني بعدهم طيا بأي وجه أتلقاهم ... . إذا رأوني بعدهم حيا واخجلتى منهم ومن قولهم ... ما فعل البين به شيا مما ينسب إلى الإمام زين العابدين رضي الله عنه من الملك العلام. عتبت على الدنيا فقلت إلى متى ... أكابد هماً بؤسه ليس ينجلي أكل شريف من علي نجاره ... حرام عليه العيش غير محلل فقالت نعم يا ابن الحسين رميتكم ... بسهمي عناداً منذ طلقني علي صاحب الزيج

وإنا لتصبح أسيافنا ... إذا ما اهتززن بيوم سفوك منابرهن بطون الأكف وأغماد ... هن رؤوس الملوك لكاتبه في التغزل لعينيك فضل جزيل علي ... وذاك لأني يا قاتلي تعلمت من سحرها فعقدت ... لسان الرقيب مع العاذل بعضهم نراع من الجنايز مقبلات ... ونسهو حين تخفى ذاهبات كروعة ثلة لمغار ذئب ... فلما غاب عادت راتعات الصلاح الصفدي أضحى يقول غداره ... هل فيكم لي عاذر الورد ضاع بخده ... وأنا عليه دائر آخر بسهم أجفانه رماني ... فذبت من هجره وبينه إن مت ما لي سواه خصم ... لأنه قاتلي بعينه مما قلته من طول الإقامة بقزوين: قد اجتمعت كل الفلاكات في الأرض ... فقوموا بنا نعدو وقوموا بنا نعدو فمختلطات الهم فيها كثيرة ... فليس لها رسم وليس لها حد وأشكال آمالي أراها عقيمة ... ومعكوسة فيها قضاياي يا سعد فقم نرتحل عنهم فلا عدل فيهم ... ولكن لديهم عجمة ما لها حد فمن قلة التمييز حالي تسيئني ... وفعلي معتل وهمي ممتد كأن على الأبصار منهم غشاوة ... ومن بين أيديهم ومن خلفهم سد كتب بعضهم على هدية أرسلها: يا أيها المولى الذي ... عمت أياديه الجليلة

إقبل هدية من يرى ... في حقك الدنيا قليلة بعضهم وأظنه القاضي الأرجاني: تمتعتما يا مقلتي بنظرة ... وأوردتما قلبي أشر الموارد أعيني كفا عن فؤادي فإنه ... من البغي سعي اثنين في قتل واحد كتب بعضهم إلى هدية وأرسلها: أرسلت شيئاً قليلاً ... يقل عن قدر مثلك فابسط يد العذر فيه ... واقبله مني بفضلك المجنون وشغلت عن فهم الحديث سوى ... ما كان عنك فإنه شغلي وأديم نحو محدثي نظري ... إن قد تهمت وعندكم عقلي ليلى لم يكن المجنون في حالة ... إلا وقد كنت كما كانا لكن لي الفضل عليه بأن ... باح وإني مت كتمانا ولها باح مجنون عامر بهواه ... وكتمت الهوى فمت بوجدي فإذا كان في القيامة نودي ... من قتيل الهوى تقدمت وحدي لكاتب الأحرف بهاء الدين محمد عفى الله عنه. أهوى قمراً به البها قد جمعا ... كم خيب من بوصله قد طمعا لا يسمع قصتي إذا فهت بها ... يخشى من أن يرق لي إن سمعا وله أهوى قمراً أسلمني للبلوى ... ما عنه لقلبي المعنى سلوى كم جئت لأشتكي فمذ أبصرني ... من لذة قربه نسيت الشكوى وله ما أجمل من أحب ما أجمله ... ما أجهل من يلوم ما أجهله كم جرعني مدامة من غصص ... ما أحمل ذا الفؤاد ما أحمله وله لم أشك من الوحدة بين الناس ... إذ أفردني الزمان من جلاسي

فالشوق لقربهم قريني أبداً ... والهم جليسي وبه استيناسي وله بغير نقط واهاً لصد لوصلكم علله ... وعدلكم وصدكم علله كم حصل صدكم وما أمله ... كم أمل وصلكم وما حصله وله أيضاً يا بدر دجى بوصله أحياني ... إذ زاروكم بحجره أفناني بالله عليك عجلن سفك دمي ... لا طاق لي بليلة الهجران وله وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام: وليلة كان بها طالعي ... في ذروة السعد وأوج الكمال قصير طيب الوصل من عمرها ... فلم تكن إلا كحل العقال واتصل الفجر بها بالعشا ... وهكذا عمر ليالي الوصال إذ أخذت عيني في نومها ... وانتبه الطالع بعد الوبال فزرته في الليل مستعطفاً ... أفديه بالنفس وأهلي ومالي وأشتكي ما أنا فيه من الب ... لوى وما ألقاه من سوء حال فأظهر العطف على عبده ... بمنطق يزري بعقد اللئال فيا لها من ليلة نلت في ... ظلامها ما لم يكن في الخيال أمست خفيفات مطايا الرجا ... بها وأضحت بالعطايا ثقال سقيت في ظلماتها خمرة ... صافية صرفاً طهوراً حلال وابتهج القلب بأهل الحمى ... وقرت العين بذاك الجمال ونلت ما نلت على أنني ... ما كنت أستوجب ذاك النوال بني الشاه شجاع رباطا بمكة المشرفة عند باب الصفا، وأمر أن يكتب على بابه من شعره هذين البيتين: بباب الصفا بيت أحل به الصفا ... لمن هو أصفى في الوداد من القطر

تباعده الأعذار بالملك والعدى ... وليس بصب من تمسك بالعذر لبعضهم لئن نحن التقينا قبل موتٍ ... شفينا النفس من ألم العتاب وإن ظفرت بنا أيدي المنايا ... فكم من حسرة تحت التراب كان لأعرابي جارية يحبها حباً شديداً، فقال له عبد الملك: أتشتهي أن تكون الخليفة وتموت أمتك؟ قاللا فقال: ولم؟ قال: تموت الأمة وتضيع الأمة، فقال: ما تمنى؟ فقال: العافية، ثم قال: ماذا؟ قال: رزق في دعة لا يكون لأحد علي منة قال: ثم ماذا؟ قال الخمول فإني رأيت لحوق البوار بذوي النباهة أسرع. قال جالينوس رؤساء الشياطين ثلاثة شوائب الطبيعة، ووساوس العامة ونواميس العادة. ومن كلام بعض الحكماء لا تبع هيبة السكوت بالرخيص من الكلام، الخازن الأمين الذي يعطي ما أمر به طيبة به نفسه أحد المتصدقين، قيل: النظر سهم مسموم من سهام إبليس. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله العلي العالي ... ذي المجد والجلال والإفضال ثم الصلاة والسلام السامي ... على النبي المصطفى التهامي وآله الأئمة الأطهار ... ما اختلف الليل مع النهار يقول راجي العفو يوم الدين ... المذنب الجاني بهاء الدين تجاوز الرحمن عن ذنوبه ... وأسدل الستر على عيوبه بليت في قزوين وقتاً برمد ... مقرح للقلب من فرط الكمد يمنع من صرف النهار فيما ... يرضي اللبيب الحاذق الفهيما

من بحث أو تلاوة أو ذكر ... أو درس أو عبادة أو فكر حتى سئمت من لزوم منزلي ... والنفس عن أشغالها بمعزل ولم يكن من عادتي البطالة ... لأنها من شيم الجهالة فرمت شيئاً مشغلاً لبالي ... عما أقاسيه من البلبال فلم أجد أبهى من الأشعار ... وليس نظم الشعر من شعاري وكنت في فكر بأي وادي ... ألقي جياد الفكر في الطراد فبينما الأمر كذا إذ سألا ... مني بعض الأصدقاء الفضلاء أن أصف الهراة في أبيات ... جامعة للنشر والشتات معربة عنها على الحقيقة ... مطربة لكل ذي سليقة فقلت والجفن بأدمعي سخي ... على الخبير قد سقطت يا أخي ثم نظمت هذه الأرجوزة ... بديعة رائقة وجيزة قضيت في نظمي لها نهاري ... كا يقضي الليل بالأسمار سميتها إذ كملت بالزاهرة ... فهاكها مائة بيت فاخرة فصل في وصفها على الإجمال إن الهراة بلدة لطيفة ... بديعة شائقة شريفة أنيقة أنيسة بديعة ... رشيقة نفيسة منيعة خندقها متصل بالماء ... وسورها سام إلى السماء ذات فضاء يشرح الصدورا ... ويورث النشاط والسرورا حوت من المحاسن الجليلة ... والصور البديعة الجميلة ما ليس في بقية الأمصار ... ولم يكن في سالف الأعصار لست ترى في أهلها سقيما ... طوبى لمن كان بها مقيما ما مثلها في الماء والهواء ... كلا ولا الأثمار والنساء كذلك الباغات والمدارس ... فما لهن فيهن من مجانس فصل في وصف هوائها هواؤها من الوباء جنة ... كأنه من نفحات الجنة

فيبسط الروح وينفي الكربا ... ويشرح الصدر ويشفي القلبا لا عاصف منه تمل الحرة ... ولا بطيء السير فرد مره بل وسط يهب باعتدل ... كغادة ترف في أذيال فمن رماه الدهر بالإفلاس ... حتى عن المسكين واللباس فلا يصاحب بلدة سواها ... لأنه يكفيه في هواها جبيبة واحدة في القر ... شربته باردة في الحر فهذه في حرها تكفيه ... وتلك عند بردها تكفيه فصل في وصف مائها لو قيل إن الماء في الهراة ... يعدل ماء النيل والفرات لم يك ذاك القول بالبعيد ... فكم على ذلك من شهيد! ؟ تراه في الأنهار جارٍ صافي ... كأنه لئآلي الأصداف لا يحجب الناظر عن قراره ... بل يطلعنه على أسراره تظن غور عمقه شبرين ... من الصفا وهو على رمحين خفيف وزن رائق الأوصاف ... ما مثله مآء بلا خلاف يهضم ما صادف من طعام ... كأنما أكلته من عام فصل في وصف نسائها نساؤها مثل ظباء النافرة ... ذوات ألحاظ مراض ساحرة يسلبن حلم الناسك الأواه ... يسلمن جسمه إلى الدواهي من كل خود عذبة الألفاظ ... تقتل من تشاء بالألحاظ أضيق من عيش اللبيب ثغرها ... أضعف من حال الأديب خصرها فاتكة قد شهدت خداها ... بما بنا تفعله عيناها ترنو بطرف ناعس فتاك ... يفسد دين الزاهد النساك والصدغ واو ليس واو العطف ... والثدي رمان عزيز القطف والجسم في رقته كالماء ... والقلب مثل صخرة صماء ولفظها وثغرها والردف ... سحر حلال أقحوان حقف

وقدها ونهدها والخد ... غصن ورمان طري ورد والشعر والرضاب والأجفان ... صوارم مدامة ثعبان غيد حميدات خصالهن ... طوبى لمن نال وصالهن فصل في وصف ثمارها ثمارها في غاية اللطافة ... لا ضرر فيها ولا مخافة عديمة القشور عند الحس ... تكاد أن تذوب حال اللمس تخال في أغصانها الدواني ... أشربة الحسن بلا أواني مع أنها بهذه الكيفية ... رخيصة عندهم زرية يطرحها البقال فوق الحصر ... حتى إذا ما جاء وقت العصر وقد بقي شيء من الثمار ... يطرحه في معلف الحمار فصل في وصف عنبها ولست محصياً لوصف العنب ... فإنه قد نال أعلى الرطب أدق من فكر اللبيب بزره ... أرق من قلب الغريب قشره أبيضه في لطفه والطول ... يحكي بنان غادة عطبول أحمره أشهى إلى القلب الصدي ... من لثم خد ناصع مورد أسوده أبهى لدى الظريف ... من غمز طرف ناعس ضعيف أصنافه كثيرة في العد ... ليس لها في حسنها من حد فمنه فخري وطائفي ... وكشمشي ثم صاحبي وغيرها من ساير الأقسام ... فوق الثمانين بلا كلام مع هذه الأوصاف والمعاني ... في أرخص الأسعار والأثمان ترى الذي ما مثله في الفقر ... يبتاع منه الوقر بعد الوقر وربما يعلفه الحميرا ... إن لم يصادف عنده شعيرا فصل في وصف بطيخها بطيخها من حسنه يحير ... في وصفه ذو الفطنة الخبير جميعه حلو بغير حد ... أحلى من الوصال بعد الصد

مهما يقول الواصفون فيه ... نزر فإنه بلا تمويه يباع بالبخس القليل النزر ... لأنه واف بغير حصر يأتي به المرء من الصحاري ... فلا يفي بأجرة المكاري فصل في وصف مدرسة الميرزا وما بنى فيها من المدارس ... ليس لها في الحسن من مجانس أشهرها مدرسة الميرزآء ... مدرسة رفيعة البنآء رشيقة رائقة مكينة ... كأنها في سعة مدينة في غاية الزينة والسداد ... عديمة النظير في البلاد بالذهب الأحمر قد تزخرفت ... كأنها جنة عدن أزلفت في صحنها نهر لطيف جاري ... مرصف جنباه بالأحجار في وسطها بيت لطيف مبني ... كأنها بعض بيوت عدن من الرخام كله مبني ... كأنما صانعه جني وكلما يقوله النبيل ... في وصفها فإنه قليل فصل في وصف كازركاه وبقعة تدعى بكازركاه ... ليس لها في حسنها مباهي هواؤها يحيي النفوس إذ بدا ... وماؤها يجلو عن القلب الصدا والسر في رياضها المطبوعة ... كخرد أذيالها مرفوعة فيها البساتين بغير حصر ... يقصدها الإنسان بعد العصر من كل صنف ذكر وأنثى ... وحرة وأمة وخنثى لا هم عندهم ولا نكاد ... كأنهم قد حوسبوا وعادوا تراهم كالخيل في الطراد ... وكل شخص منهم ينادي لا شيء في ذا اليوم غير جائز ... إلا نكاح المرء للعجائز خاتمة في التحسر من فراقها وبعد رفاقها يا حبذا أيامنا اللواتي ... مضت لنا ونحن في الهراة نسترق اللذات والأفراحا ... ولا نمل الهزل والمزاحا

وعيشنا في ظلها رغيد ... والدهر مسعف بما نريد واها على العود إليها واها ... فما يطيب العيش في سواها سقيت يا ليالي الوصال ... بصوب غيث وابل هطال وأنت يا سوالف الأيام ... عليك مني أطيب السلام تمت الأرجوزة والحمد لله حده وصلى الله على محمد وآله. في كتاب عجائب المخلوقات ي وصف التفاح: هو روح الروح في جوهرها ... ولها شوق إليها وطرب ودواء القلب يثني ضعفه ... ويجلي الحزن عنه والكرب قال بعض العارفين في تفسير قوله تعالى: " ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك " أي استرح من ألم ما يقال فيك بحسن الثنآء علينا، وقريب من هذا ما ينقل: أنه صلى الله عليه وآله كان ينتظر دخول وقت الصلاة ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وآله قرة عيني في الصلاة. ومما ينخرط في هذا السلك على أحد الوجهين ما روي من أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: يا بلال أبرد أبرد أي أبرد نار الشوق إلى الصلاة بتعجيل الأذان أو أبرد أي أسرع كإسراع البريد وهذا المعنى هو الذي ذكره الصدوق قدس روحه، والمعنى الآخر مشهور، وهو أن غرضه تأخير صلاة الظهر إلى أن تنكسر سورة الحر ويبرد الهواء. رجع أبو الحسين النوري من سياحة البادية وقد تناثر شعر لحيته وحاجبيه وأشفار عينيه، وتغيرت صفته فقيل له: هل تغير الأسرار بتغير الصفات؟ فقال: لو تغيرت الأسرار بتغير الصفات لهلك العالم، ثم أنشأ يقول: كما ترى صيرني ... قطع قفار الدمن شرقني غربني ... أزعجني عن وطني

إذا تغيبت بدا ... وإن بدا غيبني يقول لا تشهد ما ... تشهد أو تشهدني وقام يصرخ ورجع من وقته، فدخل البادية وقيل له يوماً: ما التصوف؟ فأنشد: جوع وعري وحفا ... وماء وجه قد عفا وليد إلا نفس ... تخبر عما قد خفا قد كنت أبكي طرباً ... فصرت أبكي أسفا كان إبراهيم بن أدهم ماراً في بعض الطرق، فسمع رجلاً يغني بهذا البيت: كل ذنب لك مغفو ... ر سوى الأعراض عني فغشي عليه، وسمع الشبلي رجلاً ينشد: أردناكم صرفاً فإذ قد مزجتم ... فبعداً وسحقاً لا نقيم لكم وزنا وكان علي بن الهاشيم أعرج مقعداً فسمع في بغداد يوماً شخصاً ينشد: يا مظهر الشوق باللسان ... ليس لدعواك من بيان لو كان ما تدعيه حقاً ... لم تذق الغمض إذا تراني فقام وتوجه صحيح الرجلين ثم جلس مقعداً كما كان. السيد الجليل أمير قاسم أنوار التبريزي المدفون في ولاية جام قدس الله روحه، صحب في أول أمره الشيخ صدر الدين الأردبيلي، ثم صحب بعده الشيخ صدر الدين علي اليمني، وكان عظيم المنزلة، توفي سنة 837 ودفن في ولاية جام في قرية يقال لها: حز جرد، وكان كثيراً ما يجالس المجذوبين ويكالمهم، حكى عن نفسه قال: لما وصلت إلى بلاد الروم قيل لي: إن بها مجذوباً، فذهبت إليه، فلما رأيته عرفته، لأني كنت رأيته أيام تحصيل العلم في تبريز، فقلت: كيف صرت إلى هذا الحال؟ فقال: إني لما كنت في مقام التفرقة كنت دائماً إذا قمت في كل صباح يجذبني شخص إلى اليمين وشخص إلى اليسار، فقمت يوماًن وقد غشاني شيء خلصني من جميع ذلك وكان السيد المذكور رحمه الله كلما نقل هذه الحكاية جرت دموعه.

ومن كلام بعض الأعلام الويل لمن أفسد آخرته بصلاح دنياه، ففارق ما عمر غير راجع إليه، وقدم على ما خرب غير منتقل عنه، قال أويس القرني رضي الله عنه: أحكم كلمة قالها الحكماء قولهم: صانع وجهاً واحداً، يكفيك الوجوه كلها وجد في بعض الكتب السماوية: إذا أحب العالم الدنيا نزعت لذة مناجاتي من قلبه. الأيام خمسة يوم مفقود، ويوم مشهود، ويوم مورود، ويوم موعود، ويوم ممدود، فالمفقود أمسك قد فاتك مع ما فرطت فيه، والمشهود يومك الذي أنت فيه فتزود فيه من الطاعات؛ والمورود هو غدك لا تدري هل هو من أيامك أم لا؟ والموعود هو آخر أيامك من أيام الدنيا فاجعله نصب عينيك؛ واليوم الممدود هو آخرتك وهو يوم لا انقضاء له فاهتم له غاية اهتمامك، فإنه إما نعيم دائم أو عذاب مخلد. ومن كلام بعض الأعلام إن الله نصب شيئين، أحدهما أمر؛ والآخر ناهي، الأول يأمر بالشر وهي النفس، " إن النفس لأمارة بالسوء "؛ والآخر ينهى عن الشر وهو الصلاة " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " فكما أمرتك النفس بالمعاصي والشهوات فاستعن عليها بالصلاة، روي أن بعض الأنبياء ناجى ربه فقال: يا رب كيف الطريق إليك فأوحى الله إليه أترك نفسك وتعال إلي، في المثل حدث المرأة حديثين، فإن لم تفهم فأربع، يمكن أن يكون فأربع بمعنى أربع مرات، ويمكن أن يكون أمراً بمعنى كف واسكت، ويمكن أن يكون بمعنى اضربها بالمربعة يعني العصا. قيل لبعض الصالحين إلى كم تبقى عزباً ولا تتزوج؟ فقال: مشقة العزوبة أسهل من مشقة الكد في مصالح العيال. قال بعض الملوك لوزيره يوماً ما أحسن الملك لو كان دائماً؟ فقال الوزير: لو كان دائماً ما وصل إليك. قال بعض الملوك لبعض العلماء وقد حضر العالم الوفاة: أوص لعيالك إلي فقال: العالم: أستحيي من الله أن أوصي بعبد الله إلى غير الله. قيل لبعض الصوفة مالك إذا تكلمت بكى ... كل من يسمعك ولا يبكي من كلام واعظ البلد أحد؟ فقال: ليست نائحة الثكلى كالمستأجرة

الهم نصف الهرم والتودد نصف العقل قلت: إذا كان التودد نصف العقل فالتباغض كل الجنون. ابن الرومي لما سم ودب السم فيه واشتد شربه للماء أنشد: أشرب الماء إذا ما التهبت ... نار أحشائي كأحشاء اللهب فأراه زائداً في حرقتي ... وكأن الماء للنار حطب من الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه: إن الذين بنوا فطال بناؤهم ... واستمتعوا بالمال والأولاد جرت الرياح على محل ديارهم ... فكأنهم كانوا على ميعاد أودع تاجر من تجار نيشابور جاريته عن الشيخ أبي عثمان الحميري، فوقع نظر الشيخ عليها يوماً فعشقها وشغف بها فكتب إلى شيخه أبي حفص الحداد بالحال فأجابه بأمره بالسفر إلى الري إلى صحبة الشيخ يوسف فلما وصل إلى الري وسئل الناس عن منزل الشيخ يوسف أكثروا من ملامته قالوا وكيف يسأل تقي مثلك، عن بيت فاسق شقي مثله، فرجع إلى نيشابور وقص على شيخه القصة فأمره بالعودة إلى الري وملاقات الشيخ يوسف المذكور فسافر مرة ثانية إلى الري، وسئل عن منزل الشيخ يوسف ولم يبال بذم الناس له وازدرائهم به، فقيل له: إنه في محلة الخمارة فأتى إليه وسلم عليهم، فرد عليه السلام وعظمه، وكان إلى جانبه صبي بارع الجمال وإلى جانبه الآخر زجاجة مملوءة من شيء كأنه الخمر بعينه فقال له الشيخ أبو عثمان: ما هذا المنزل في هذه المحلة؛ فقال: إن ظالماً شرى بيوت أصحابها وصيرها خمارة ولم يحتج إلى شراء بيتي، فقال: ما هذا الغلام وما هذا الشراب؟ فقال: أما الغلام فولدي من صلبي، وأما الزجاجة فخل فقال: ولم توقع نفسك في مقام التهمة بين الناس؟ فقال لئلا يعتقدوا أنني ثقة أمين ويتسودعوني جواريهم، فأبتلي بحبهن فبكى أبو عثمان بكاء شديداً علم قصد شيخه. كتب بعضهم إلى شخص تأخر وعده: أبا أحمد لست بالمنصف ... إذا قلت قولاً فلم لا تفي؟ فانجز لنا كلما قد وعدت ... وإلا أخذت وأدخلت في سمع أمير المؤمنين رضي الله عنه رجلاً يحلف، والذي احتجب بسبع سموات ما كان كذا. فقال ويلك إن الله لا يحجبه شيء فقال الرجل: هل أكفر عن يميني؟ فقال رضي الله عنه: لا لأنك حلفت بغير الله والحالف بغير الله لا يلزمه الكفارة. من الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السلام

أبني إن الرجال بهيمة ... في صورة الرجل السميع المبصر فطن لكل رزية في ماله ... وإذا أصيب بدينه لم يشعر ومنه أيضاً إغتنم ركعتين زلفى إلى الله ... إذا كنت فارغاً مستريحاً وإذا ما هممت باللغو في ... الباطل فاجعل مكانه تسبيحاً أول من ورد من السادات الرضوية إلى قم أبو جعفر محمد بن موسى بن محمد بن علي بن موسى الرضا رضي الله عنه وكان وروده إليها من الكوفة سنة ست وخمسين ومأتين، ثم ورد إليها بعده اخواته، زينب وأم محمد وميمونة بنات موسى بن محمد بن علي بن موسى الرضا رضي الله عنه وتوفي هو في ربيع الآخر سنة ست وتسعين ومأتين، ودفن بمدفنه المعروف في قم، ثم توفت بعده أخته ميمونة، ودفنت بمقبرة بابلان بقية ملصقة بقية الستي فاطمة سلام الله عليها وعلى أبيها وأخيها وأما أم محمد فمدفونة في القبة التي فيها الستي فاطمة رضي الله عنها بجنب ضريحها، وفي تلك القبة أيضاً قبر أم إسحق جارية محمد بن موسى ففي هذه القبة المقدسة ثلاثة قبور قبر الستي فاطمة رضي الله عنها، وقبر أم محمد رحمها الله وقبر أم إسحق جارية محمد بن موسى. من الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه. فلم أر كالدنيا بها اغتر أهلها ... ولا كاليقين استوحش الدهر صاحبه أمر على رسم القريب كأنما ... أمر على قبر امرىء ما أناسبه فوالله لولا أنني كل ساعة ... إذا شئت لاقيت امرءاً مات صاحبه جواب لولا محذوف تقديره لما خف حزني وقد وقع في شعر الحماسة التصريح بهذا المحذوف في قول نهشل. وهون وجدي عن خليلي أنني ... إذا شئت لاقيت امرءاً مات صاحبه هذا وشارح الديوان الفاضل الميبدي جعل لولا في هذا البيت للتحضيض، فخبطه خبط عشواء.

من أحب عمل قوم خبر كان أو شرا كان كمن عمله. من عمره الله ستين سنة فقد أعذر إليه. سانحة: أيها المغرور بالجاه والإمارة، لا تنظر إلينا بعين الحقارة. سانحة: الدنيا لا تطلب لذاتها، بل للتمتع بلذاتها، والعاقل لا يطلبها إلا لبذلهاا لصالح يرجو إعانته، أو طلح بخاف إهانته. سانحة: قد فسد الزمان وأهله، وتصدى للتدريس من قل علمه وكثر جهله، فانحطت مرتبة العلم وأصحابه، واندرست مراسمه بين طلابه لجامعه من سوانح سفر الحجاز قد صرفنا العمر في قيل وقال ... يا نديمي قم فقد ضاق المجال واسقني تلك المدام السلسبيل ... إنها تهدي إلى خير السبيل واخلع النعلين يا هذا النديم ... إنها نار أضاءت للكليم هاتها صهباء من خمر الجنان ... دع كؤوساً واسقنيه بالدنان ضاق وقت العمر عن آلاتها ... هاتها من غير عصر هاتها قم أزل عني بها رسم الهموم ... إن عمري ضاع في علم الرسوم أيها القوم الذي في المدرسة ... كلما حصلتموه وسوسة فكركم إن كان في غير الحبيب ... ما لكم في النشأة الأخرى نصيب فاغسلوا بالراح عن لوح الفؤاد ... كل علم ليس ينجي في المعاد من أحب عمل قوم خيراً كان أو شراً كان كمن عمله من عمره الله ستين سنة فقد أعذر إليه. سانحة أيها المغرور بالجاه والإمارة ... لا تنظر إلينا بعين الحقارة سانحة الدنيا لا تطلب لذاتها، بل للتمتع بلذاتها، والعاقل لا يطلبها إلا لبذلها لصالح يرجو إعانته أو طالح يخاف إهانته. سانحة قد فسد الزمان وأهله وتصدى للتدريس من قل علمه وكثر جهله، فانحطت مرتبة العلم وأصحابه، واندرست مراسمه بين طلابه. سانحة قد جرى ذكري يوماً من الأيام في بعض المجالس العالية والمحافل السامية فبلغني: أن بعض الحضار ممن يدعي الوفاق وعادته النفاق ويظهر الوداد ودأبه العناد جرى في مضمار ميدان البغي والعدوان وأطلق لسانه في الغيبة والبهتان ونسب إلي من العيوب ما لم يزل فيه ونسي قوله تعالى: " أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً " فلما علم أني علمت ذلك ووقفت على سلوكه في تلك المسالك كتب إلي رقعة طويلة الذيل مشحونة بالندم والويل، يطلب فيها مني الرضا ويلتمس الإغماض عما مضى فكتبت إليه في الجواب جزاك الله خيراً فيما أهديت إلي من الثواب وثقلت به ميزان حسناتي يوم

الحساب. فقد روينا عن سيد البشر والشفيع المشفع في المحشر صلى الله عليه وسلم أنه قال: يجاء بالعبد يوم القيامة فتوضع حسناته في كفة وسيئاته في كفة فترجح السيئات فتجيء بطاقة فتقع في كفة الحسنات فترجح بها فيقول: يا رب ما هذه البطاقة فما من عمل عملته في ليلي ونهاري إلا استقبلت به فيقول عز وجل: هذا ما قيل فيك وأنت منه بريء فهذا الحديث النبوي قد أوجب بمنطوقه على أن أشكر ما أديته من النعم إلي فأكثر الله خيرك وأجزل ميرك، مع أني لو فرضت أنك شافهتني بالسفاهة والبهتان وواجهتني بالوقاحة والعدوان ولم تزل مصراً على إشاعة شناعتك ليلاً ونهاراً ومقيماً على سوء صناعتك سراً وجهاراً ما كنت أقابلك إلا بالصفح والصفا ولا أعاملك إلا بالمودة والوفا فإن ذلك من حسن العادات وأتم السعادات وإن بقية مدة الحياة أعز من أن تصرف في غير تدارك ما فات وتتمة هذا العمر القصير لا تسع مؤاخذة أحد على التقصير، ولله در من قال، فلقد أحسن في المقال. على أني لو صرفت ال عنان إلى مجازاة أهل العدوان ومكافات ذوي الشنئان لوجدت إلى تدميرهم سبيلاً رحيباً وإلى أفنائهم طريقاً قريباً كما قلت في سالف الزمان. سانحة مصاحب الملك محسود بين الأنام من الخاص والعام، لكنه في الحقيقة مرحوم، لما يرد عليه من الهموم الخفية التي لا يطلع الناس عليها ولا تصل أنظارهم إليها، ولذلك قال الحكماء صاحب السلطان كراكب الأسد، بينما هو فرسه إذ هو فرسه فلا تكن مغروراً من جليس الملك وأنيسه بما تشاهد من ظاهر حاله وانظر بعين الباطن إلى توزع باله، وسوء ماله وتقلب أحواله. سانحة أيها الطالب الراغب إني أكلمك على قدر عقلك وعرفانك لأن شأن الأسرار المكنونة فوق مرتبتك، فلا تطمع في أن أكشف لك الأمر المكتوم وأن أسقيك من الرحيق المختوم إذ لا طاقة لك على شرب ذلك ولا قدرة لأمثالك على سلوك تلك المسالك. ثم إذا ترقيت عن مرتبة العوام، وصرت قريباً من درجة أولي البصاير والأفهام، فأنا أسقيك من شراب أصحاب مرتبة الوسطى ولا أتركك محروماً من هذه الأعطاء، فكن قانعاً بما في الخباب من ذلك الشراب، ولا تكن طامعاً بما في الأباريق والأكواب. سانحة قد تهب من عالم القدس نفحة من نفحات الأنس على قلوب أصحاب العلايق الدنية والعوائق الدنيوية فتتعطر بذلك مشام أرواحهم، ويجري روح الحقيقة في رميم أشباحهم، فيدركون قبح الانغماس في الأدناس الجسمانية ويذعنون بخساسة الانتكاس في مهاوي القيود الهيولانية فيميلون إلى سلوك مسالك الرشاد وينتبهون من

نوم الغفلة عن المبدء والمعاد لكن هذا التنبيه سريع الزوال وحي الاضمحلال فيا ليته يبقى إلى حصول جذبة إلهية تميط عنهم أدناس عالم الزور وتطهرهم من أرجاس دار الغرور ثم أنهم عند زوال تلك النفحة القدسية وانقضاء هاتيك النسمة الأنسية يعودون إلى الانتكاس في تلك الأدناس، فيتأسفون على ذلك الحال الرفيع المنال، وينادي لسان حالهم بهذا المقال إن كانوا من أصحاب الكمال. سانحة لو لم يأت والدي قدس الله روحه من بلاد العرب إلى ديار العجم، ولم يختلط بالملوك لكنت من أتقى الناس وأعبدهم وأزهدهم، لكنه طاب ثراه أخرجني من تلك البلاد وأقام في هذه الديار فاختلط بأهل الدنيا واكتسبت أخلاقهم الردية واتصفت بصفاتهم الدنية. ثم لم يحصل لي في الاختلاط بأهل الدنيا إلا القيل والقال والنزاع والجدال وآل الأمر إلى أن تصدى لمعارضتي كل جاهر وجسر على مباراتي كل خامل. سانحة إن ذرات الكيانات تنصحك ليلاً ونهاراً بأفصح لسان، وتعظك سراً وجهاراً بأبلغ بيان، لكن لا يفهم نصائحها الغبي البليد، ولا يعقل مواعظها إلا من ألقى السمع وهو شهيد. سانحة إلى كم تكون في طلب اللذات الفانية الدنيوية؟ وأنت معرض عما يثمر السعادات الباقية الأخروية فإن كنت من أرباب المعقول، فاقنع من الدنيا كل يوم بخبزين واكتف منها كل سنة بثوبين لئلا تسقط من البين وتجييء يوم القيامة بخفي حنين. سانحة إذا غارت جنود الضعف على مملكة القوى بالعزلة عن الخلق والإنزواء فاسأل الرب التوفيق ولا تبال إذا عدم الرفيق الشفيق. سانحة من أعرض عن مطالعة العلوم الدينية، وصرف أوقاته في إفادة الفنون الفلسفية، فعن قريب لسان حاله يقول عند شروع شمس عمره في الأفول. سانحة العزلة عن الخلق هي الطيق الأقوم الأسد كما ورد في الحديث: فر من الخلق فرارك من الأسد فطوبى لمن لا يعرفونه بشيء من الفضايل والمزايا، لأنه سالم عن الآلام والرزايا، فالفرار الفرار عنهم، والبدار البدار؛ إلى الخلاص منهم، وبهذا يظهر أن الاشتهار بالفضايل من جملة الآفات، وأن خمول الاسم من المحافات، فاحبس نفسك في زاوية العزلة فإن عزلة المرء عزله، وقد قلت في ذلك، وإن كنت غير هالك في تلك المسالك. الشيخ الجليل أبو الحسن الخرقاني اسمه علي بن جعفر كان من أعاظم أصحاب الحال توفي ليلة عاشوراء سنة 425 ومن كلامه في ذم العلماء الذين صرفوا في تصنيف الكتب عمرهم قال: إن وارث النبي صلى الله عليه وسلم من اقتدى به في الأفعال والأخلاق لا من لا يزال يسود بأقلامه وجوه الأوراق، وقيل له: ما الصدق؟ فقال: ما يكاد يقوله القلب قبل اللسان. علي بن القاسم السجستاني خليلي قوما واحملا لي رسالة ... وقولا لدنيا ما التي تتصنع عرفناك يا خداعة الخلق فاغربي ... ألسنا نرى ما تصنعين ونسمع فلا تتجلى للعيون بزينة ... فإنا متى ما تسفري نتقنع نغطي بثوب اليأس منك عيوننا ... إذا لاح يوماً من مخازيك مطمع

رتعنا وجلنا في مراعيك كلها ... فلم يهننا مما رعيناه مرتع سانحة: إن ذرات الكائنات ليلا ونهارا بأفصح لسان، وتعظك سرا وجهرا بأبلغ بيان، لكن لا يفهم نصائحها الغبي البليد، ولا يعقل مواعظها إلا من ألقى السمع وهو شهيد. سانحة: إلى كم تكون في طلب اللذات الفانية الدنيوية، وأنت معرض عما يثمر السعادات الباقية الأخروية، فإن كنت من أصحاب العقول وأرباب المعقول، فاقنع من الدنيا كل يوم برغيفين، وأكتف منها كل سنة بثوبين، لئلا تسقط من البين، وتجئ يوم القيامة بخفي حنين. لجامعه من سوانح سفر الحجاز. يا نديمي ضاع عمري وانقضى ... قم لاستدراك وقت قد مضى واغسل الأدناس عني بالمدام ... واملأ الأقداح منها يا غلام واسقني كاساً فقد لاح الصباح ... والثريا غربت والديك صاح زوج الصهباء بالماء الزلال ... واجعلن عقلي لها مهراً حلال هاتها من غير مهل يا نديم ... خمرة تحيي بها العظم الرميم بنت كرم تجعلن الشيخ شاب ... من يذق منها عن الكونين غاب خمرة من نار موسى نورها ... دنها قلبي وصدري طورها قم فلا تمهل فما في العمر مهل ... لا تصعب شربها والأمر سهل قل لشيخ قلبه منها نفور ... لا تخف فالله تواب غفور يا مغني إن عندي كل غم ... قم وألق الناي فيها بالنغم غن لي دوراً فقد دار القدح ... والصبا قد فاح والقمري صدح واذكرن عندي أحادي الحبيب ... إن عيشي من سواها لا يطيب واحذرن ذكرى أحاديث الفراق ... إن ذكر البعد مما لا يطاق روحن روحي بأشعار العرب ... كي يتم الحظ فينا والطرب وافتتح منها بنظم مستطاب ... قلته في بعض أيام الشباب

قد صرفنا العمر في قيل وقال ... يا نديمي قم فقد ضاق المجال ثم أطربني بأشعار العجم ... واطردن هماً على قلبي هجم وابتدىء منها ببيت المثنوي ... للحكيم المولوي المعنوي قم وخاطبني بكل الألسنة ... عل قلبي ينتبه من ذي السنة إنه في غفلة عن حاله ... خابط في قيله مع قاله كل آن فهو في قيد جديد ... قائلاً من جهله هل من مزيد تايه في الغي قد ضل الطريق ... قط من سكر الهوى لا يستفيق عاكف دهراً على أصنامه ... تنفر الكفار من إسلامه كم أنادي وهو لا يصغي التناد ... وافؤادي وافؤادي وافؤاد يا بهائي اتخذ قلباً سواه ... فهو ما معبوده إلا هواه مما أنشده عمرو بن معدي كرب في وصف الحرب. الحرب أول ما يكون فتية ... تسعى لزينتها لكل جهول حتى إذا استعرت وشب ضرامها ... عادت عجوزاً غير ذات حليل شمطاء جزت رأسها وتنكرت ... مكروهة للشم والتقبيل الشيخ محيي الدين ابن عربي قدس الله روحه. بان العزاء وبان الصبر إذ بانوا ... بانو وهم في سواد القلب سكان سألتهم عن مقيل الركب قيل لنا ... مقيلهم حيث فاح الشيح والبان فقلت للريح سيري والحقي بهم ... فإنهم عند ظل الأيك قطان وبلغيهم سلاماً من أخي شجن ... في قلبه من فراق الألف أشجان ابن عربي مرضي من مريضة الأجفان ... عللاني بذكرها عللاني هفت الورق في الرياض وناحت ... شجو هذا الحمام مما شجاني يا طلولاً برامة دارسات ... كم حوت من كواعب وحسان بأبي طفلة لعوب تهادي ... من بنات الخدور بين الغواني

طلعت في العيان شمس فلما ... أفلت أشرقت بأفق جنان يا خليلي عرجا بعناني ... لأرى رسم دارها بعياني وإذا ما بلغتما الدار حطا ... وبها صاحباي فلتبكيان وقفا بي على الطلول قليلاً ... أتباكى أو أبك مما دهاني واذكرا لي حديث هند ولبنى ... وسليما وزينب وعنان ثم زيداً عن حاجر وزرود ... خبراً من مراتع الغزلان طال شوقي لطفلة ذات نثر ... ونظام ومنبر وبيان من بنات الملوك من دار فرس ... من أجل البلاد من إصفهان هي بنت العراق بنت إمامي ... وأنا ضدها سليل يماني هل رأيتم يا سادتي أو سمعتم ... أن ضدين قد يجتمعان لو ترانا برامة نتعاطى ... أكؤساً للهوى بغير بنان والهوى بيننا يسوق حديثاً ... طيباً مطرباً بغير لسان لرأيتم ما يذهل العقل فيه ... يمن والعراق يعتنقان كذب الشاعر الذي قال قبلي ... وبأحجار عقله قد رماني أيها المنكح الثريا سهيلاً ... عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية إذا ما استهلت ... وسهيل إذ استهل يماني البختري متى تستزد فضلاً من العمر تغترف ... بسجليك من شهد الخطوب وصابها تشد بنا الدنيا بأخفض سعيها ... وسم الأفاعي بلة من لعابها يسر بعمران الديار مضلل ... وعمرانها مستأنف من خرابها ولم أرتضي الدنيا أوان مجيئها ... فكيف أرتضيها في أوان ذهابها لبعض القدماء في تذكر الأوطان ألا قل لداربين أكثبة الحمى ... وذات الهوى جادت عليك الهواضب أجدك لا آتيك إلا تفلتت ... دموع أضاعت ما حفظت سواكب ديار تناسمت الهواء بحبوها ... وطاوعني فيها الهوى والحبائب

ليالي لا الهجران محتكم بها ... على وصل من أهوى ولا الظن كاذب ما أحسن ظنه ولا قول كاذب لكاتبه من سوانح سفر الحجاز وفيه رمز فحله إن كنت من أهله. هو الحق يقول الفقير محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي عفى الله عنه: مما استدل به أصحابنا قدس الله أسرارهم وأعلى في الفردوس قرارهم على أن شكر المنعم واجب عقلاً وإن لم يرد به. نقل أصلاً أن من نظر بعين عقله إلى ما وهب له من القوى والحواس الباطنة والظاهرة، وتأمل بنور فطرته فيما ركب في بدنه من دقايق الحكم الباهرة وصرف بصر بصيرته نحو ما هو مغمور فيه من أنواع النعماء وأصناف الآلاء التي لا يحصر مقدارها ولا يقدر انحصارها، فإن عقله يحكم حكماً لازماً بأن من أنعم عليه بتلك النعم العظيمة والمنن الجسيمة، حقيق بأن يشكر وخليق بأن لا يكفر ويقضي قضاء جازماً بأن من أعرض من شكر تلك الألطاف العظام وتغافل عن حمد هاتيك الأيادي الجسام مع تواترها ليلاً ونهاراً وترادفها سراً وجهاراً فهو مستوجب للذم والعقاب، بل مستحق لأليم النكال وعظيم العتاب، ثم إن الأشاعرة بعد ما لفقوا دلائل سقيمة ظنوها حججاً قاطعة على إبطال الحسن والقبح العقليين ورتبوا قضايا عقيمة حسبوا أنها براهين ساطعة على حصرهما في الشرعيين أرادوا تبكيت أصحابنا بإظهار الغلبة عليهم على تقدير موافقتهم في القول المنسوب إليهم فقالوا: إننا لو تنزلنا إليكم وسلمنا أن الحسن والقبح عقليان وأنا وأنتم في الإذعان بذلك سيان، فإن عندنا ما يوجب تزييف قولكم لوجوب شكر المنعم بقضية العقل ولدينا ما يقتضي تسخيف اعتقادكم بثبوت ذلك من دون ورود النقل فإن ما جعلتموه دليلاً من خوف العقاب ومظنة العتاب مردود إليكم ومقلوب عليكم إذ الخوف المذكور قائم عند قيام العبد بوظائف الشكر ولطايف الحمد فإن كل من له أدنى مسكة يحكم حكماً لا ريب فيه ولا شك يعتريه بأن الملك الكريم الذي ملك الأكناف شرقاً وغرباً وسخر الأطراف بعداً وقرباً إذا أمد لأهل مملكته من الخاص والعام مائدة عظيمة لا مقطوعة ولا ممنوعة على توالي الأيام مشتملة على أنواع المطاعم الشهية مشحونة بأصناف المشارب السنية يجلس عليها الداني والقاصي ويتمتع بطيباتها المطيع والعاصي فحضرها في بعض الأيام مسكين لم يحضرها قبل ذلك قط، فدفع إليه الملك لقمة واحدة فتناولها ذلك المسكين ثم شرع المسكين في الثناء على ذلك الملك يمدحه بجليل الإنعام والإحسان ويحمده على جزيل الكرم والامتنان ولم يزل يصف تلك اللقمة ويذكرها ويعظم شأنها ويشكرها، فلا شك في أن ذلك الشكر والثناء يكون منتظماً عند ساير العقلاء في سلك

السخرية والاستهزاء فكيف؟ ! ونعم الله سبحانه علينا بالنسبة إلى عظيم سلطانه جل شأنه وبهر برهانه أحقر من تلك اللقمة بالنسبة إلى ذلك الملك بمراتب لا يحويها الإحصاء ولا يحوم حولها الاستقصاء فقد ظهر أن تقاعدنا عن شكر نعمائه تعالى مما يقتضيه العقل السليم والكف عن حمد آلائه عز وعلا مما يحكم بوجوبه الرأي القويم والطبع المستقيم هذا ولا يخفى على من سلك مسالك السداد ولم ينهج مناهج اللجاج والعناد أن لأصحابنا رضي الله عنهم وأرضاهم وجعل الجنة مأواهم أن يقولوا: إن ما أوردتموه من الدليل وتكلفتموه من التمثيل كلام مخيل عليل لا يروي الغليل ولا يصلح للتعويل فإن تلك اللقمة لما كانت حقيرة المقدار في جميع الأنظار عديمة الاعتبار في كل الأصقاع والأقطار، لا جرم صار الحمد والثناء على ذلك العطاء منخرطاً في سلك السخرية والاستهزاء، فالمثال المناسب لما نحن فيه أن يقال: إذا كان في زاوية الخمول وهاوية الذهول مسكين أخرس اللسان مؤف الأركان مشلول اليدين معدوم الرجلين مبتلى بالأسقام والأمراض محروم من جميع المطالب والأغراض فاقد للسمع والأبصار لا يفرق بين السر والجهار ولا يميز بين الليل والنهار، بل عادم الحواس الظاهرة بأسرها عار من المشاعر الباطنة عن آخرها فأخرجه الملك من متاعب تلك الزاوية ومصاعب هاتيك الهاوية ومن عليه بإطلاق لسانه وتقوية أركانه وإزالة خلله وإماطة شلله وتلطف بإعطائه السمع والبصر وتعطف بهديته إلى جلب النفع ودفع الضرر وتكرم بإعزازه وإكرامه وفضله على كثير من أتباعه وخدامه. ثم أنه بعد تخليص الملك له من تلك الآفات العظيمة والبليات العميمة وإنقاذه من الأمراض المتفاقمة والأسقام المتراكمة وإعطائه أنواع النعم الغامرة وأصناف التكريمات الفاخرة طوى عن شكره كشحاً وضرب عن حمده صفحاً، ولم يظهر منه ما يدل على الاعتناء بتلك النعماء التي ساقها ذلك الملك إليه والآلاء التي أفاضها عليه، بل كان حاله بعد وصولها كحاله قبل حصولها فلا ريب أنه مذموم بكل لسان مستوجب للإهانة والخذلان، فدليلكم حقيق بأن تستروه ولا تسطروه وتمثيلكم خليق بأن ترفضوه ولا تحفظوه، فإن الطبع السليم يأباهما والذهن القويم لا يرضاهما والسلام على من اتبع الهدى وصلى الله على محمد وآله الطاهرين. الملك إليه والآلاء التي أفاضها عليه، بل كان حاله بعد وصولها كحاله قبل حصولها فلا ريب أنه مذموم بكل لسان مستوجب للإهانة والخذلان، فدليلكم حقيق بأن تستروه ولا تسطروه وتمثيلكم خليق بأن ترفضوه ولا تحفظوه، فإن الطبع السليم يأباهما والذهن القويم لا يرضاهما والسلام على من اتبع الهدى وصلى الله على محمد وآله الطاهرين. البختري أخي متى خاصمت نفسك فاحتشد ... لها ومتى حدثت نفسك فاصدق أرى علل الأشياء شتى ولا أرى ... التجمع إلا علة للتفرق أرى الدهر غولاً للنفوس وإنما ... بنى الله في بعض المواطن من بقي

فلا تتبع الماضي سؤالك لم مضى ... وعرج على الباقي وسائله لم بقي ولم أر كالدنيا حليلة صاحب ... محب متى تحسن بعينيه تطلق تراها عياناً وهي صنعة واحدة ... فتحسبها صنعي لطيف وأخرق قال الشريف المرتضى رضي الله عنه: قد قيل: إن السبب في خروج البختري عن بغداد هذه الأبيات، فإن بعض أعدائه شنع عليه بأنه ثنوي حيث قال: فتحسبها صنعي لطيف وأخرق؛ وكانت العامة غالبة على البلد فخاف على نفسه وقال لابنه أبي الغوث: قم يا بني حتى نطفي عنا هذه النائرة بخروج نلم بها شعثنا ونعود فخرج ولم يعد. انتهى. من كلام أوميرس: إتهم أخلاقك السيئة فإنها إذا وصلت إلى حاجاتها من الدنيا كانت كالحطب للنار والماء للسمك وإذا عزلتها عن مآربها وحلت بينها وبين ما تهوى انطفأت كانطفاء النار عند فقدان الحطب وهلكت كهلاك السمك عند فقد الماء، وكما أن الحاسة الجليدية إذا كانت مؤفة برمد ونحوه، فهي محروقة من الأشعة الفائضة عن الشمس كذلك البصيرة إذا كانت مؤفة بالهوى واتباع الشهوات والاختلاط بأبناء الدنيا، فهي محرومة من إدراك الأنوار القدسية محجوبة عن ذوق اللذات الأنسية. من كتاب رياض الأرواح وهو مما نظمه الفقير بهاء الدين محمد العاملي عفى الله عنه ألا يا خايضاً بحر الأماني ... هداك الله ما هذا التواني؟ ! أضعت العمر عصياناً وجهلاً ... فمهلاً أيها المغرور مهلا مضى عمر الشباب وأنت غافل ... وفي ثوب العمى والغي رافل إلى كم كالبهائم أنت هايم ... وفي وقت الغنايم أنت نائم وطرفك لا يرى إلا طموحاً ... ونفسك لم تزل أبداً جموحاً وقلبك لا يفيق من المعاصي ... فويلك يوم يؤخذ بالنواصي بلال الشيب نادى في المفارق ... بحي على الذهاب وأنت غارق ببحر الإثم لا تصغي لواعظ ... ولو أطرى وأطنب في المواعظ وقلبك هائم في كل واد ... وجهلك كل يوم في ازدياد

على تحصيل دنياك الدنية ... مجداً في الصباح وفي العشية وجهد المرء في الدنيا شديد ... وليس ينال منها ما يريد وكيف ينال في الأخرى مرامه ... ولم يجهد لمطلبها قلامه إشارة إلى حال من صرف العمر في جمع الكتب وادخارها. على كتب العلوم صرفت مالك ... وفي تصحيحها أتعبت بالك وأنفقت البياض مع السواد ... على ما ليس ينفع في المعاد تظل من المساء إلى الصباح ... تطالعها وقلبك غير صاح وتصبح مولعاً من غير طائل ... لتحرير المقاصد والدلائل وتوضيح الخفا في كل باب ... وتوجيه السؤال مع الجواب لعمري قد أضلتك الهداية ... ضلالاً ما له أبداً نهاية وبالمحصول حاصلك الندامة ... وحرمان إلى يوم القيمة وتذكرة المواقف والمراصد ... تسد عليك أبواب المقاصد فلا تنجي النجاة من الضلالة ... ولا يشفي الشفاء من الجهالة وبالإرشاد لم يحصل رشاد ... وبالتبيان ما بان السداد وبالإيضاح أشكلت المدارك ... وبالمصباح أظلمت المسالك وبالتلويح ما لاح الدليل ... وبالتوضيح ما اتضح السبيل صرفت خلاصة العمر العزيز ... على تنقيح أبحاث الوجيز بهذا النحو صرف العمر جهل ... فقم واجهد فما في الوقت مهل ودع عنك الشروح مع الحواشي ... فهن على البصاير كالغواشي إشارة إلى نبذة من حال من تصدى للتدريس في زماننا هذا. مرادك أن ترى في كل يوم ... وبين يديك قوم أي قوم كلاب عاديات بل ذئاب ... ولكن فوق أظهرهم ثياب إذا ما قلت أصغوا للمقال ... وإن حدثت بالأمر المحال فليس لهم جميعاً من بضاعة ... سوى سمعاً لمولانا وطاعة وإن شمرت عن ساق الإفادة ... جلست لهم على عالي الرفادة

وأسست السؤال لمن تكلم ... ودلست الجواب لكي يسلم وقررت المسائل والمطالب ... ولست بذا لوجه الله طالب وسقت لهم كلاماً في كلام ... وقلبك من ظلام في ظلام وإن ناظرت ذا نظر دقيق ... وفي فكر مطالبه عميق عدلت به عن النهج القويم ... وزغت عن الصراط المستقيم تكابره على الحق الصريح ... وإن ما جاء في نقل الصحيح طفقت تروغ عن نهج السبيل ... وتقدح في الكلام بلا دليل وأولت المراد من العبارة ... بتأويل كثلج في حياره وعبت أئمة قالوا بذاكا ... وفي تجهيلهم فغرت فاكا وأزعجت العظام الدارسات ... وبعثرت القبور الطامسات لئن لم ترتدع عن ذي الظلامة ... فبئس الحال حالك في القيمة قيل للربيع بن خيثم: ما نراك تغتاب أحداً؟ فقال: لست عن نفسي راضياً فأتفرغ لذم الناس ثم أنشد: لنفسي أبكي لست أبكي لغيرها ... لنفسي عن نفسي عن الناس شاغل وله من سوانح سفر الحجاز: كان في الأكراد شخص ذو سداد ... أمه ذات اشتهار بالفساد لم تخيب من نوال راغباً ... لم تكفن عن وصال طالباً بابها مفتوحة للداخلين ... رجلها مرفوعة للفاعلين فهي مفعول بها في كل حال ... فعلها تمييز أفعال الرجال كان ظرفاً مستقراً وكرها ... جاء زيد قام عمرو ذكرها جاءها بعض الليال ذو أمل ... فاعتراها الابن في ذاك العمل شق بالسكين فوراً صدرها ... في محاق الموت أخفى بدرها مكن الغيلان في أحشائها ... خلص الجيران من فحشائها قال بعض القوم من أهل الملام ... لم قتلت الأم يا هذا الغلام

كان قتل المرء أولى يا فتى ... إن قتل الأم شيء ما أتى قال يا قوم اتركوا هذا العتاب ... إن قتل الأم أدنى للصواب كنت لو أبقيتها فيما تريد ... كل يوم قاتلاً شخصاً جديد إنها لو لم تذق حد الحسام ... كان شغلي دائماً قتل الأنام أيها المأسور في قيد الذنوب ... أيها المحروم من سر الغيوب أنت في أسر الكلاب العاوية العادية ... من غوى النفس الكفور الجانية كل صبح مع مساء لا تزال ... مع دواعي النفس في قيل وقال كل داع حية ذات التقام ... قل مع الحيات كم هذا المقام؟ إن تكن مع لسع ذي تبغي الخلاص ... أو ترم من عض هاتيك المناص أيها الساقي أدر كأس المدام ... اجعلن في دورها عيش المدام خلص الأرواح من قيد الهموم ... أطلق الأشباح من أسر الغموم فالبهائي الحزين الممتحن ... من دواعي النفس في أسر المجن قال ابن العباس: أقرب ما يكون العبد إلى الله إذا سأله، وأبعد ما يكون عن الناس إذا سألهم. ومن كلام بعض الأعلام: من ازداد ف العلم رشداً ولم يزدد لم تنفرخ في الدنيا زهداً فقد ازداد من الله بعداً. قال الجنيد: دخلت على بعض أكابر الطريقة، فوجدته يكتب فقلت له إلى متى هذه الكتابة؟ فمتى العمل؟ ! فقال: يا أبا القاسم، أو ليس هذا عمل؟ فسكت ولم أدر بماذا أجيبه، قيل لعبد الله بن المبارك: إلى متى تكتب كل ما تسمع؟ فقال: لعل الكلمة التي تنفعني لم أكتبها بعد. من كلام بعض الأكابر إذا لم يكن العالم زاهدا في الدنيا فهو عقوبة لأهل زمانه. من كلامهم: من لم يكن مستعدا لموته، فموته موت الفجأة، وإن كان صاحب فراش سنةأه

لعضد الدولة وقالوا أفق من لذة اللهو والصبى ... فقد لاح شيب في القذال العذار عجيب فقلت أخلائي ذروني ولذتي ... فإن الكرى عند الصباح تطيب ينسب إلى المجنون إذا رمت من ليلى عن البعد نظرة ... لاطفي جوى بين الحشا والأضالع تقول رجال الحي تطمع أن ترى ... بعينيك ليلى مت بداء المطامع فكيف ترى ليلى بعين ترى بها؟ ... سواها وما طهرتها بالمدامع وتلتذ منها بالحديث وقد جرى ... حديث سواها في خروق المسامع من كلام بعض الأكابر إذا لم يكن العالم زاهداً في الدنيا فهو عقوبة لأهل زمانه، ومن كلامهم: من لم يكن مستعداً لموته فموته فجائة وإن كان صاحب فراش سنة ومن كلامهم: من طلب في هذا الزمان عالماً عاملاً بعلمه بقي بلا عالم ومن طلب طعاماً من غير شبهة بقي بلا طعام، ومن طلب صديقاً بغير عيب بقي بلا صديق، قال رجل لحكيم: ما بال الرجل الثقيل أثقل على الطبع من الحمل الثقيل؟ فقال: لأن الحمل الثقيل يشارك الروح الجسد في حمله، والرجل الثقيل تنفرد الروح بحمله. الآيات الثلث التي أوصى والدي قدس سره بتأملها والتدبر في مضمونها، والتفكر في مدلولها: الأولى إن أكرمكم عند الله أتقاكم الثانية تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين الثالثة: أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجائكم النذير. في كلام القدماء: شر العلماء من لازم الملوك؛ وخير الملوك من لازم العلماء. من الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه. ءأنعم عيشاً بعد ما حل عارضي ... طلايع شيب ليس يغني خضابها أيا بومة قد عششت فوق هامتي ... على الرغم مني حين طار غرابها رأيت خراب العمر مني فزرتني ... ومأواك من كل الديار خرابها إذا اصفر لون المرء وابيض رأسه ... تنغص من أيامه مستطابها

فدع عنك فضلات الأمور فإنها ... حرام على نفس التقي ارتكابها وما هي إلا جيفة مستحيلة ... عليها كلاب همهن اجتذابها فإن تجتنبها كنت سلماً لأهلها ... وإن تجتذبها نازعتك كلابها فطوبى لنفس أوطنت قعر دارها ... مغلقة الأبواب مرخى حجابها رأى حكمة قدسية لا يشوبها ... شوائب أنظار وأدناس أفكار بإشراقها كل العوالم أشرقت ... لما لاح في الكونين من نورها الساري إمام الورى طود النهى منبع الهدى ... وصاحب سر الله في هذه الدار به العالم السفلي يسمو ويعتلي ... على العالم العلوي من دون إنكار ومنه العقول العشر تبغي كما لها ... وليس عليها في التعلم من عار همام لو السبع الطباق تطابقت ... على نقض ما يقضيه من حكمه الجاري لنكس من أبراجها كل شامخ ... وسكن من أفلاكها كل دوار ولا انتثرت منها الثوابت خيفة ... وعاف السرى في سورها كل سيار أيا حجة الله الذي ليس جارياً ... بغير الذي يرضاه سابق أقدار ويا من مقاليد الزمان بكفه ... وناهيك من مجدبه خصه الباري أغث حوزة الايمان واعمر ربوعه ... فلم يبق فيها غير دارس آثار وأنقذ كتاب الله من يد عصبة ... عصوا وتمادوا في عتو وإضرار يحيدون عن آياته لرواية ... رواها أبو شعيون عن كعب أحبار وفي الدين قد قاسوا وعاثوا وحبطوا ... بآرائهم تحبيط عشواء معشار وأنعش قلوباً في انتظارك قرحت ... وأضجرها الأعداء أية إضجار وخلص عباد الله من كل غاشم ... وطهر بلاد الله من كل كفار وعجل فداك العالمون بأسرهم ... وبادر على اسم الله من غير إنظار تجد من جنود الله خير كتائب ... وأكرم أعوان وأشرف أنصار بهم من بني همدان أخلص فتية ... يخوضون أغمار الوغى غير فكار بكل شديد البأس عبل شمردل ... إلى الحتف مقدام على الهول مصبار تحاذره الأبطال في كل موقف ... وترهبه الفرسان في كل مضمار أيا صفوة الرحمن دونك مدحة ... كدر عقود في ترايب أبكار يهني ابن هاني إن أتى بنظيرها ... ويعنو لها الطائي من بعد بشار إليك البهائي الحقير يزفها ... كغانية مياسة القد معطار تغار إذا قيست لطافة نظمها ... بنفحة أزهار ونسمة أسحار إذا رددت زادت قبولاً كأنها ... أحاديث نجد لا تمل بتكرار تمت القصيدة الموسومة بوسيلة الفوز والأمان في مدح صاحب الزمان سلام الله عليه وآبائه الطاهرين. وله عفى عنه مضى في غفلة عمري ... كذلك يذهب الباقي أدر كأساً وناولها ... ألا يا أيها الساقي لكاتبه في مدح صاحب الزمان رضي الله عنه وعلى آبائه الطاهرين سرى البرق من نجد فجدد تذكاري ... عهوداً بحزوى والعذيب وذي قار وهيج من أشواقنا كل كامن ... وأجج في أحشائنا لاهب النار الايا لييلات الغوير وحاجر ... سقيت بهام من بني المزن مدرار ويا جيرة بالمازمين خيامهم ... عليكم سلام الله من نازح الدار خليلي مالي والزمان كأنما ... يطالبني في كل آن بأوتار فأبعد أحبابي وأخلي مرابعي ... وأبدلني من كل صفو بأكدار وعادل بي من كان أقصى مرامه ... من المجد أن يسمو إلى عشر معشاري ألم يدر أني لا أزال لخطبه ... وإن سامني خسفاً وأرخص أسعاري مقامي بفرق الفرقدين فما الذي ... يؤثره مسعاه في خفض مقداري وإني امرؤ لا يدرك الدهر غايتي ... ولا تصل الأيدي إلى سر أغواري أخالط أبناء الزمان بمقتضى ... عقولهم كيلا يفوهوا بإنكاري واظهر أني مثلهم تستفزني ... صروف الليالي باختلاء وإمرار وإني ضاري القلب مستوفر النهى ... أسر بيسر أو أساء بإعسار ويضجرني الخطب المهول لقاؤه ... ويطربني الشادي بعود ومزمار وتصمي فؤادي ناهد الثدي كاعب ... بأسمر خطار وأحور سحار وإني أسخى بالدموع لوقفة ... على طلل بال ودارس أحجار وما علموا أني امرؤ لا يروعني ... توالي الرزايا في عشي وإبكار إذا دك طور الصبر من وقع حادث ... فطود اصطباري شامخ غير منهار وخطب يزيل الروع أيسر وقعه ... كؤود كوخز بالأسنة شعار

تلقيته والحتف دون لقائه ... بقلب وقور في الهزاهز صبار ووجه طليق لا يمل لقاؤه ... وصدر رحيب في ورود وإصدار ولم أبده كي لا يساء لوقعه ... صديقي ويأسي من تعسره جاري. ومعضلة دهماء لا يهتدي لها ... طريق ولا يهدي إلى ضوئها الساري. تشيب النواصي دون حل رموزها ... وبحجم عن أغوارها كل مغوار. أجلت جياد الفكر في حلباتها ... ووجهت تلقاهات صوائب أنظاري. فأبرزت من مستورها كل عامض ... وثقفت منها كل أصور موار. أأضرع للبلوى وأغضى على القذى ... وأرضى بما به كل خوار؟ وأفرح من دهري بلذة ساعة ... وأقنع من عيشي بقرض وأطمار. إذن لا ورى زندي ولا عز جانبي ... ولا بزعت فيقمة المجد أقماري. ولا بل كفي بالسماح ولا سرت ... بطيب أحاديثي الركاب وأخباري. زلا اتشرت في الخافقين فضائلي ... ولا كان في النهدي راشق أشعاري. خليفة رب العالمين وظله ... عغلى ساكن الغبراء من ديار. هو العروةالوثقى الذي من بذيله ... تمسك لا يخشى عظائم أوزار. إمام هدى لاذ الزمان بظله ... وألقى إليه الدهر مقود خوار. ومقتدر لو كلف الصم نطقها ... بأجدارها فاهت إليه بأجدار. علوم الورىفي جنب أبحر علمه ... كغرفة كف أو كغمسة منقار. فلو زار أفلاطون أعتاب قدسه ... ولم يعشه عنها سواطع أنوار. رأي حكمة قدسية لا يشوبها ... شوائب أنظار وأدناس أفكار. بإشرافها كل العوالم أشرقت ... لما لاح في الكونين من نورها الساري. إمام الورى طود النهى منبع الهدى ... وصاحب سر الله في هذه الدار. به العالم السفلي يسمو ويعتلي ... على العالمخ العلوي من دون إنكار. ومنه العقول العشر تبغي كمالها. . وليس عليها في التعلم من عار. همام لو السبع الطباق تطابقت ... على نقض ما يقتضيه من حكمه الجاري. لنكسى من أبراجها كل شامخ ... وسكن من أفلاكها كل دوار

ولا نتثرت منها الثوابت خيفة ... وعاف السرى في سورها كل سيار. أيا حجة الله الذي ليس جاريا ... بغير الذي يرضاه سابق أقدار. ويا من مقاليد الزمان بكفه ... ووناهيك من مجد به خصه الباري. أغث حوزة الإيمان واعمر ربوعه ... فلم يبق منها غير دارس آثار. وأنقذ كتاب الله من يد عصبة ... عصوا وتمادوا في عتو وإصرار. يحيدون عن آياته لرواية ... رواها أبو شعيون عن كعب الأحبار. وفي الدين قد قاسوا وعاثوا وخبطوا ... بآرائهم تخبيط الأعداء أية إضجار. وخلص عباد الله من كل غاشم ... وطهر بلاد الله من كل كفار. وعجل فداك العالمون بأسرهم ... وبادر على اسم الله من غير إنظار. تجد من جنود الله خير كتائب ... وأكرم أعوان وأشرف أنصار. بهم من بني همدان أخلص فتية ... يخوضون أغمار الوغى غير نكالر. بكل شديد الباس عبل شمردل ... إلى الحتف مقدام على الهول مصبار. تحاذره الأبطال في كل موقف ... وترهبه الفرسان في كل مضمار. أيا صفوة الرحمن دونك مدحة ... كدر عقود في ترائب أبكار. يهني ابن هاني إن تأتي بنظيرها ... ويعنو لها الطائي من بعد بشار. إليك البهائي الحقير يزفها ... كغانية مياسة القد معطار. تغار إذا قيست لطافة نظمها ... بنفخة أزهار ونسمة أسحار. إذا رددت زادت قبولا كأنها ... أحاديث نجد لا تمل بتكرار. تمت القصيدة الموسومة بوسيلة بوسيلة الفوز والأمان، في مدح صاحب اغلزمان. وله عفى الله عنه: مضى في غفلة عمري ... كذلك يذهب الباقي. أدر كأسا وناولها ... ألا يا أيها الساقي

لا يا ريح إن تمرر ... بأهل الحي من حرزي. فبلغهم تحياتي ... ونبئهم بأشواقي. وقل أنتم نقضتم عهدكم ... ظلما بلا سبب. وإني ثابت أبدا ... على عهدي وميثاقي من كلامهم: إذا رأيت العالم يلازم السلطان فاعلم أنه لص وإياك أن تخدع بما يقال: إنه يرد مظلمة أو يدفع عن مظلوم، فإن هذه خدعة إبليس اتخذها فجار العلماء سلما. قال بعض الحكماء: إذا أوتيت علماً فلا تطفىء نور العلم بظلمة الذنوب فتبقى في الظلمة يوم يسعى أهل العلم بنور علمهم، وعن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال خيانة الرجل في العلم أشد من خيانته في المال. ذكر عند مولانا جعفر بن محمد الصادق قول النبي صلى الله عليه وسلم النظر إلى وجه العالم عبادة، فقال: هو العالم الذي إذا نظرت إليه ذكرك بالآخرة، ومن كان على خلاف ذلك فالنظر إليه فتنة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان، فإذا خالطوه وداخلوا الدنيا فقد خانوا الرسل فاحذروهم، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه: تعلموا العلم وتعملوا له السكينة والحلم ولا تكونوا من جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم، وعن عيسى عليه السلام أنه قال: مثل العالم السوء مثل صخرة وقعت في فم النهر لا هي تشرب الماءولا هي تترك الماء ليخلص إلى الزرع. من الكلام المرموز للحكماء: إن زمن الربيع لا يعدم من العالم، معناه: إن تحصيل الكمالات ميسر في كل وقت سواء كان وقت الشباب أو وقت الكهولة أو وقت الشيخوخة، فلا ينبغي التقاعد عن اكتساب الفضايل في وقت من الأوقات وما أحسن ما قال ومن قال: هذا زمن الربيع عالج كبدي ... يا صاح فلا تخل من الراح يدي

فالبلبل يتلو ويقول انتبهوا ... العمر مضى وما مضى لم يعد قال رجل: أصعب الأشياء أن ينال المرء ما لا يشتهيه فسمع كلامه بعض الحكماء فقال: أصعب من ذلك: أن يشتهي ما لا يناله،، كتب رجل من أبناء النعمة وقد أساء إليه زمانه إلى بعض الأمراء: هذا كتاب فتى له همم ... ألقت إليك رجاءه هممه قل الزمان يدي عزيمته ... وطواه عن أكفائه عدمه وتواكلته ذو قرابته ... وهوت به من حالق قدمه أفضى إليك بسره قلم ... لو كان يعقله بكا قلمه لكاتبه وهو مما كتبه إلى السيد الأجل قدوة السادات العظام السيد رحمة الله قدس الله روحه وذلك في دار السلطنة بقزوين سنة ألف وواحدة. أحبتنا إن البعاد لقتال ... فهل حيلة للقرب منكم فيحتال؟ أفي كل آن للتنائي نوائب ... وفي كل حين للتهاجر أهوال أيا دارنا بالأيك لازال هامياً ... يريعك مسكي الغلالة هطال ويا جيرتي طال البعاد فهل أرى ... يساعدني في القرب حظ وإقبال وهل يسعف الدهر الخؤون بزورة ... على رغم أيامي بها يسعد البال خليلي قد طال المقام على القذى ... وحال على ذي الحال يا قوم أحوال يمر زماني بالأماني وينقضي ... على غير ما أبغي ربيع وشوال إلى كم أرى في مربع الذل ثاوياً ... وفي الحال إخلال وفي المال إقلال؟ ونجمي منحوس وذكري خامل ... وقدري مبخوس وجدي بطال فلا ينعشن قلبي قريض أصوغه ... ولا يشرحن صدري فعول وفعال

ولا ينعمن بالي بعلم أفيده ... ومعضلة فيها غموض وإشكال أميط جلابيب الخفا عن رموزها ... لترفع أستار وتذهب أعضال ويلمع نور الحق بعد خفائه ... فيهدى به قوم عن الحق ضلال سأغسل رجس الذل عني بنهضة ... يقل بها حل ويكثر ترحال وأركب متن البيد سيراً إلى العلى ... وما كل قوال إذا قال فعال ءأقنع بالمر النقيع وأرتوي ... وبالقرب مني سلسبيل وسلسال إذن لا تندت بالسماحة راحتي ... ولا ثار لي يوم الكريهة قسطال ولا هم قلبي بالمعالي ونيلها ... ولا كان بي عن موقف الحتف إجفال قيل لسقراط: أي السباع أحسن: فقال: المرأة، كتب بعض الحكماء على باب داره لا يدخل داري شر، فقال له بعض الحكماء: فمن أين تدخل امرأتك؟ ! قال بعض الحكماء: المرأة كلها شر وشر ما فيها أنه لابد منها. من كلام أرسطو طاليس: إذا أردت أن تعرف هل تضبط الإنسان شهواته، فانظر إلى ضبطه منطقه منه، ليس النفس في البدن، بل البدن في النفس، لأنها أوسع منه. القاضي نظام الدين من كتاب دوبيتاته. أنتم لظلام قلبي الأضواء ... فيكم لفؤادي جمعت أهواء يروي الظماء ادكاركم لا الماء ... داويت بغيركم فزاد الداء أوصيتك بالجد فدع من ساخر ... فاخر بفضيلة التقى من فاخر لا ترج سوى الرب لكشف البلوى ... لا تدع مع الله إلهاً آخر مالي وحديث وصل من أهواه ... حسبي بشفاء علتي ذكراه هذا وإذا قضيت نحبي أسفاً ... يكفي أني أعد من قتلاه وافى فجذبت عطفه الميادا ... شوقاً فطلبت قبله فانقادا حاولت ورآء ذاك منه نادى ... لا تطلب بعد بدعة إلحادا قالوا انته عنه إنه ما صدقا ... ما أجهل من بوعده قد وثقا

لا لا فنتيجة الهوى صادقة ... مع كذب مقدمات وعد سبقا أرسل عثمان بن عفان مع عبد له كيساً من الدراهم إلى أبي ذر رضي الله عنه، وقال له: إن قبل هذا، فأنت حر، فأتى الغلام بالكيس إلى أبي ذر وألح عليه في قبوله، فلم يقبل، فقال له: قبله فإن فيه عتقي، فقال نعم، ولكن فيه رقي. أول مقامات الانتباه وهو اليقظة من سنة الغفلة، ثم التوبة وهي الرجوع إلى الله بعد الاباق، ثم الورع والتقوى، لكن ورع أهل الشريعة عن المحرمات وورع أصحاب الطريقة عن الشبهات، ثم المحاسبة وهي تعداد ما صدر عن الإنسان بينه وبين نفسه وبينه وبين بني نوعه، ثم الإرادة وهي الرغبة في نيل المراد مع الكد، ثم الزهد وهو ترك الدنيا وحقيقته التبري عن غير المولى، ثم الفقر وهو تخلية القلب عما خلت عنه اليد والفقير من عرف أنه لا يقدر على شيء، ثم الصدق وهو استواء الظاهر والباطن، ثم الصبر وهو حمل النفس على المكاره، ثم التصبر وهو ترك الشكوى وقمع النفس ثم الرضا وهو التلذذ بالبلوى؛ ثم الإخلاص وهو إخراج الخلق عن معاملة الحق ثم التوكل وهو الاعتماد في كل أموره على الله سبحانه مع العلم بأن الخير فيما اختاره. ومن خطبة له عليه الصلاة والسلام: أيها الناس إنما أنتم خلف ماضين وبقية متقدمين كانوا أكثر منكم بسطة وأعظم سطوة أزعجوا عنها أسكن ما كانوا إليها فغدت ربهم أوثق ما كانوا بها فلم تغن عنهم قوة عشيرة ولا قبل منهم بذل فدية، فأرحلوا نفوسكم بزاد مبلغ قبل أن تؤخذوا على فجأة فقد غفلتم عن الاستعداد فقد جف القلم بما هو كائن. ومن خطبة له صلى الله عليه وسلم: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ومهدوا لها قبل أن تعذبوا، وتزودوا للرحيل قبل أن تزعجوا، فإنما هو موقف عدل وقضاء وحق ولقد أبلغ في الأعذار من تقدم في الإنذار. ومن خطبة له عليه الصلاة والسلام: أيها الناس لا تكونوا ممن خدعته العاجلة وغرته الأمنية واستهوته البدعة، فاركن إلى دار سريعة الزوال وشيكة الانتقال، إنه لم يبق من دنياكم هذه في جنب ما مضى إلا كإناخة راكب، وصرة حالب فعلام

تعرجون؟ وماذا تنتظرون؟ فكأنكم والله بما أصبحتم فيه من الدنيا لم يكن وبما تصيرون إليه من الآخرة لم يزل فخذوا الأهبة لزوف النقلة وأعدو الزاد لقرب الرحلة، واعلموا أن كل امرىء على ما قدم قادم وعلى ما خلف نادم. ومن خطبة له عليه الصلاة والسلام: الدنيا دار فناء ومنزل قلعة وعناء قد نزعت عنها نفوس السعداء وانتزعت بالكره من قيد أيدي الأشقياء فأسعد الناس فيها أرغبهم عنها وأشقاهم بها أرغبهم فيها، هي الغاشية لمن انتصحها والمغوية لمن أطاعها، والجائرة لمن انقاد لها والفايز من أعرض عنها، والهالك من هوى فيها، طوبى لعبد اتقى فيها ربه ونصح نفسه وقدم توبته وأخر شهوته من قبل أن يلفظه الدنيا إلى الآخرة، فيصبح في بطن غبراء مدلهمة ظلماء لا يستطيع أن يزيد في حسنة ولا أن ينقص من سيئة؛ ثم ينشر فيحشر إما إلى جنة يدوم نعيمها أو نار لا ينفد عذابها. ومن خطبة له عليه الصلاة والسلام: أيها الناس حلو أنفسكم بالطاعة والبسوا قناعة المخافة واجعلوا آخرتكم لأنفسكم وسعيكم لمستقركم، واعلموا: أنكم عن قليل راحلون وإلى الله صائرون ولا يغني عنكم هنالك إلا صالح عمل قدمتموه أو حسن ثواب أخرتموه إنكم إنما تقدمون على ما قدمتم وتجازون على ما أسلفتم فلا تخدعكم زخارف دنيا دنية عن مراتب جنات علية، فكان قد كشف القناع وارتفع الارتياب ولاقى كل امرىء مستقره وعرف مثواه ومنقلبه. قال بعض الحكماء: إذا أردت أن تعرف من أين حصل الرجل المال فانظر في أي شيء ينفقه. كان بعض العلماء يبخل ببذل العلم، فقيل له: تموت وتدخل علمك معك القبر، فقال: ذاك أحب إلي أن أجعله في إناء سوء. من شارك السلطان في عز الدنيا شاركه في ذل الآخرة. كان الشيخ علي بن سهل الصوفي الأصفهاني ينفق على الفقراء والصوفية ويحسن إليهم وقد دخل عليه يوماً جماعة منهم ولم يكن عنده شيء فذهب إلى بعض أصدقائه والتمس منه شيئاً للفقراء فأعطاه شيئاً من الدراهم واعتذر من قلتها وقال إني مشغول ببناء دار أحتاج إلى خرج كثير فأعذرني فقال له الشيخ علي بن سهل: وكم يصير خرج هذه الدار؟ فقال لعله يبلغ خمسمائة درهم، فقال الشيخ ادفعها إلي لأنفقها على الفقراء وأنا أسلمك داراً في الجنة وأعطيك خطي وعهدي فقال الرجل: يا أبا الحسن إني لم أسمع منك قط خلافاً ولا كذباً فإن ضمنت ذلك فأنا أفعل فقال ضمنت وكتب

على نفسه كتاباً بضمان دار له في الجنة، فدفع الرجل الخمسمائة درهم وأخذ الكتاب بخط الشيخ وأوصى أنه إذا مات أن يجعل ذلك الكتاب في كفنه، فمات في تلك السنة وفعل ما أوصى به، فدخل الشيخ يوماً إلى مسجده لصلاة الغداة، فوجد ذلك الكتاب بعينه في المحراب وعلى ظهره مكتوب بالخضرة: قد أخرجناك من ضمانك وسلمنا الدار في الجنة إلى صاحبها فكان ذلك الكتاب عند الشيخ برهة من الزمان يستشفي به المرضى من أهل أصفهان وغيرهم وكان بين كتب الشيخ فسرق صندوق كتبه وسرق ذلك الكتاب معها. وكان رأيت في بعض التواريخ الموثوق بها: أن الشيخ علي بن سهل كان معاصراً للجنيد وكان تلميذ الشيخ محمد بن يوسف البناء، كتب الجنيد إليه سل شيخك ما الغالب على أمره؟ فسأل ذلك من شيخه محمد بن يوسف البناء، فقال: اكتب إليه. والله غالب على أمره. يقول كاتب هذه الأحرف محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي عفى الله عنه: رأيت في المنام أيام إقامتي بأصفهان كأني أزور إمامي وسيد ومولاي الرضا رضي الله عنه وكانت قبته وضريحه كقبة الشيخ علي بن سهل وضريحه فلما أصبحت نسيت المنام واتفق أن بعض الأصحاب كان نازلاً في بقعة الشيخ فجئت لرؤيته ثم بعد ذلك دخلت إلى زيارة الشيخ فلما رأيت قبته وضريحه خطر المنام بخاطري وزاد في الشيخ اعتقادي. من كلام سيد الأوصياء رضي الله عنه أفضل العبادة الصبر والصمت وانتظار الفرج. ومن كلامه: الصبر على ثلاثة وجوه، فصبر على المعصية، وصبر على الطاعة، وصبر على المصيبة. ومن كلامه رضي الله عنه: ثلاثة من كنوز الجنة، الصدقة، وكتمان المصيبة، وكتمان المرض. ومن كلامه: كل قول ليس لله فيه ذكر فلغو، وكل صمت ليس فيه فكر فسهو، وكل نظر ليس فيه اعتبار فلهو. ومن كلامه: ضاحك معترف بذنبه خير من باك يدل على ربه. ومن كلامه: الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر فخذوا رحمكم الله من ممركم

لمقركم، ولا تهتكوا أستاركم على من لا يخفى عليه أسراركم، وأخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم، فللآخرة خلقتم وفي الدنيا حبستم، إن المرء إذا هلك قالت الملائكة ما قدم؟ وقال الناس ما خلف؟ فالله آباؤكم، قدموا بعضاً يكن لكم، ولا تتركوا كلايكن عليكم، فإنما مثل الدنيا مثل السم يأكله من لا يعرفه. ما كان يدعو به بعض الحكماء: اللهم أهلنا بالإنابة إليك، والثناء عليك، والثقة بما لديك، ونيل الزلفى عندك وهون علينا الرحيل من هذه الدار الضيقة والفضاء الحرج والمقام الرخص، والعرصة المحشوة بالغصة، والساحة الخالية عن الراحة بالسلامة والربح والغنيمة إلى جوارك، حيث قلت: في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وحيث يجد ساكنه من الروح والراحة ما يقول معه: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن واحسم مطامعنا من خلقك، وانزع قلوبنا عن الميل إلى غيرك، واصرف أعيننا عن زهرة عالمك الأدنى برحمتك وفضلك وجودك يا كريم. كان عيسى عليه السلام يقول لأصحابه: يا عباد الله بحق أقول لكم: إنكم لا تدركون من الآخرة إلا بترك ما تشتهون من الدنيا، دخلتم إلى الدنيا عراة، وستخرجون منها عراة فاصنعوا بين ذلك ما شئتم. ومن كلام بعض الوزراء: عجبت ممن يشتري العبد بماله ولا يشتري الأحرار بفعاله، من كانت همته ما يدخل في بطنه كانت قيمته ما يخرج منها. من كلام معروف الكرخي: كلام العبد فيما لا يعنيه خذلان من الله تعالى. لكاتب الأحرف بهاء الدين محمد العاملي عفى الله عنه: يا كراماً صبرنا عنهم محال ... إن حالي عن جفاكم شرحال إن أتى من حيكم ريح الشمال ... صرت لا أدري يميني عن شمال حبذا ريح سرى من ذي سلم ... عن ربى نجد وسلع والعلم أذهب الأحزان عنا والألم ... والأماني أدركت والهم زال

يا أخلائي بحزوى والعقيق ... ما يطيق الهجر قلبي ما يطيق هل لمشتاق إليكم من طريق ... أم سددتم عنه أبواب الوصال لا تلوموني على فرط الضجر ... ليس قلبي من حديد أو حجر فات مطلوبي ومحبوبي هجر ... والحشا في كل آن في اشتغال من رأى وجدي لسكان الحجون ... قال ما هذا هوى هذا جنون أيها اللوام ماذا تبتغون؟ ... قلبي المضني وعقلي ذو اعتقال يا نزولاً بين جمع والصفا ... يا كرام الحي يا أهل الوفا كان لي قلب حمول للجفا ... ضاع مني بين هاتيك التلال يا رعاك الله يا ريح الصبا ... أن تجز يوماً على وادي قبا سل أهيل الحي في تلك الربى ... هجرهم هذا دلال أم ملال؟ جيرة في هجرنا قد أسرفوا ... حالنا في بعدهم لا يوصف إن جفوا أو واصلوا أو أتلفوا ... حبهم في القلب باق لا يزال هم كرام ما عليهم من مزيد ... من يمت في حبهم يمضي شهيد مثل مقتول لدى المولى الحميد ... أحمدي الخلق محمود الفعال صاحب العصر الإمام المنتظر ... من بما يأباه لا يجري القدر حجة الله على كل البشر ... خير أهل الأرض في كل الخصال

من إليه الكون قد ألقى القياد ... مجرياً أحكامه فيما أراد إن تزل عن طوعه السبع الشداد ... خر منها كل سامي السمك عال شمس أوج المجد مصباح الظلام ... صفوة الرحمن من بين الأنام الإمام ابن الإمام ابن الإمام ... قطب أفلاك المعالي والكمال فاق أهل الأرض في عز وجاه ... وارتقى في المجد أعلى مرتقاه لو ملوك الأرض حلوا في ذراه ... كان أعلى صفهم صف النعال ذو اقتدار إن يشأ قلب الطباع ... صير الأظلام طبعاً للشعاع وارتدى الامكان برد الامتناع ... قدرة موهوبة من ذي الجلال يا أمين الله يا شمس المدى ... يا إمام الخلق يا بحر الندى عجلن عجل فقد طال المدى ... وأضمحل الدين واستولى الضلال هاك يا مولى الورى نعم المجير ... من مواليك البهائي الفقير مدحة يعنو لمعناها جرير ... نظمها يزري على عقد اللئال يا ولي الأمر يا كهف الرجا ... مسنى الضر وأنت المرتجى والكريم المستجار الملتجا ... غير محتاج إلى بسط السؤال كتب بعض الحكماء إلى صديق له: أما بعد فعظ الناس بفعلك ولا تعظهم بقولك واستح من الله بقدر قربه منك وخفه بقدر قدرته عليك والسلام. من كلام عيسى عليه السلام: إن مرتكب الصغيرة ومرتكب

الكبيرة سيان فقيل: وكيف ذلك؟ فقال: الجرأة واحدة، وما عف عن الدرة من يسرق الذرة. قال حذيفة بن اليمان رضوان الله عليه: أتحب أن تغلب شر الناس؟ فقال: نعم، فقال: إنك لن تغلبه حتى تكون شراً منه. قيل لفيثاغورس: من الذي يسلم من معاداة الناس؟ قال: من لم يظهر منه خير ولا شر، قيل: وكيف ذلك؟ {قال: لأنه إن ظهر منه خير عاداه الأشرار، وإن ظهر منه شر عاداه الأخيار. كان أنوشيروان يمسك عن الطعام وهو يشتهيه. ويقول: نترك ما نحب لئلا نقع فيما نكره. من أمثال العرب وحكاياتهم عن ألسنة الحيوانات: لقي كلب كلباً في فمه رغيف محرق فقال: بئس هذا الرغيف ما أردأه؟} فقال له الكلب الذي في فمه الرغيف: نعم لعن الله هذا الرغيف ولعن من يتركه قبل أن يجد ما هو خير منه. قيل لبعض الأكابر من الصوفية: كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت آسفاً على أمسي كارهاً ليومي متهماً لغدي. روي أن سليمان على نبينا وآله السلام رأى عصفوراً يقول لعصفورة: لم تمنعين نفسك مني؟ ولو شئت أخذت قبة سليمان بمنقاري، فألقيتها في البحر، فتبسم سليمان

عليه السلام من كلامه، ثم دعا بهما، وقال للعصفور: أتطيق أن تفعل ذلك؟ فقال يا رسول الله: لا، ولكن المرء قد يزين نفسه ويعظمها عند زوجته والمحب لا يلام على ما يقول، فقال سليمان للعصفورة: لم تمنعيه من نفسك وهو يحبك؟ فقالت يا نبي الله إنه ليس محباً، ولكنه مدع لأنه يحب معي غيري، فأثر كلام العصفورة في قلب سليمان عليه السلام وبكى بكاء شديداً واحتجب عن الناس أربعين يوماً يدعو الله أن يفرغ قلبه لمحبته وأن لا يخالطها بمحبة غيره. ومن خطبة للنبي صلى الله عليه وسلم: أيها الناس أكثروا ذكر هادم اللذات فإنكم إن ذكرتمه في ضيق وسعه عليكم، وإن ذكرتموه في غنى نغصه إليكم، إن المنايا قاطعات الآمال والليالي مدنيات الآجال، وإن العبد بين يومين يوم قد مضى أحصى فيه عمله فختم عليه ويوم قد بقي لا يدري لعله لا يصل إليه، وإن العبد عند خروج نفسه وحلول رمسه يرى جزاء ما أسلف وقلة غناء ما خلف، أيها الناس إن في القناعة لسعة لغنى وإن في الاقتصاد لبلغة وإن في الزهد لراحة ولكل عمل جزاء وكل آت قريب. احتضر بعض المترفين وكان كلما قيل له قل لا إله إلا الله يقول هذا البيت: يا رب قائلة يوماً وقد تعبت ... أين الطريق إلى حمام منجاب؟ { سبب ذلك أن امرأة عفيفة حسناء خرجت إلى حمام معروف بحمام منجاب، فلم تعرف طريقه وتعبت من المشي، فرأت رجلاً على باب داره فسألته عن الحمام فقال: هو هذا وأشار إلى باب داره، فلما دخلت أغلق الباب عليها فلما عرفت بمكره، أظهرت كمال الرغبة والسرور وقالت: اشتر لنا شيئاً من الطيب وشيئاً من الطعام وعجل بالعود إلينا، فلما خرج واثقاً بها وبرغبتها خرجت وتخلصت منه، فانظر كيف منعته هذه الخطيئة عن الإقرار بالشهادة عند الموت؟} مع أنه لم يصدر منه إلا إدخال المرأة بيته وعزمه على الزنا فقط. من دون وقوعه منه. قال حكيم: ما رأيت واحداً إلا ظننته خيراً مني لأني من نفسي على يقين ومنه على شك. سئل الشبلي لم سمي الصوفي ابن الوقت؟ فقال: إنه لا يأسف على الغايب، ولا ينتظر الوارد. فائدة: التجريد سرعة العود إلى الوطن الأصلي والاتصال بالعالم العقلي وهو المراد بقوله عليه السلام حب الوطن من الإيمان، وإليه يشير قوله تعالى: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية "، وإياك أن تفهم من الوطن دمشق وبغداد وما ضاهاهما، فإنهما من الدنيا، وقد قال سيد الكل في الكل صلوات الله وسلامه عليه: حب الدنيا رأس كل خطيئة فاخرج من هذه القرية الظالم أهلها وأشعر قلبك قوله تعالى: " ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً ". قال معاوية لابن عباس بعد أن كف بصره: ما لكم يا بني هاشم تصابون في أبصاركم؟ فقال: كما أنكم يا بني أمية تصابون في بصائركم. قدم قوم غريمهم إلى الوالي وادعوا عليه بألف دينار، فقال الوالي: ما تقول؟ فقال: صدقوا فيما ادعوا، ولكني اسئلهم أن يمهلوني لأبيع عقاري وإبلي وغنمي، ثم أوفيهم فقالوا: أيها الوالي: قد كذب والله ما له شيء من المال لا قليل ولا كثير؛ فقال: أيها الوالي قد سمعت شهادتهم بإفلاسي فكيف يطالبوني؟ ! فأمر الوالي بإطلاقه.

كان في بغداد رجل قد ركبته ديون كثيرة وهو مفلس فأمر القاضي بأن لا يقرضه أحد شيئاً، ومن أقرضه فليصبر عليه ولا يطالبه بدينه، وأمر بأن يركب على بغل ويطاف به في المجامع ليعرفه الناس ويحترزوا من معاملته فطافوا به في البلد ثم جاؤا به إلى باب داره، فلما نزل عن البغل قال له صاحب البغل: أعطني أجرة بغلي فقال وفي أي شيء كنا من الصباح إلى هذا الوقت يا أحمق؟ ! أبو الأسود الدؤلي ذهب الرجال المقتدى بفعالهم ... والمنكرون لكل أمر منكر وبقيت في خلف يزين بعضهم بعضاً ... ليدفع معور عن معور فطن لكل مصيبة في ماله ... وإذا أصيب بدينه لم يشعر القاضي المهذب وترى المجرة والنجوم كأنما ... تسقي الرياض بجدول ملآن لو لم يكن نهراً لما غاصت به ... أبداً نجوم الحوت والسرطان لله در من قال إذا ما المنايا أخطأتك وصادفت ... حميمك فاعلم أنها ستعود كتب رجل إلى رجل تخلى للعبادة وانقطع عن الناس: بلغني أنك اعتزلت الخلق، وتفرعت للعبادة، فما سببب معاشك؟ فكتب إليه: يا أحمق بلغك أني منقطع إلى الله تعالى سبحانه، وتسألني عن معاشي. قال بعض العارفين: الوعد حق الخلق على الله تعالى فهو أحق من وفى، والوعيد حقه سبحانه على الخلق فهو أحق من عفا. وقد كانت العرب تفتخر بإيفاء الوعد وخلف الوعيد. قال الشاعر: وإني إذا أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

كلمات أب ج د

أبو الحسن التهامي عبسن من شعرٍ في الرأس مبتسم ... ما نفر البيض مثل البيض في اللمم ظننت شبيبته تبقى وما علمت ... أن الشبيبة مرقاة إلى الهرم ما شاب عزمي ولا خلقي ولا حزمي ... ولا وفائي ولا ديني ولا كرمي وإنما اعتاض رأسي غير صبغته ... والشيب في الرأس غير الشيب في الهمم وصل الخيال ووصل الخود إن نحلت ... سيان ما أشبه الوجدان بالعدم والطيف أفضل وصلاً إن لذته ... تخلو من الإثم والتنغيص والندم لا تحمد الدهر في ضرآء يصرفها ... فلو أردت دوام البؤس لم يدم فالدهر كالطيف في بؤس وأنعمه ... من غير قصد فلا تحمد ولا تلم لا تحسبن حسب الآباء مكرمة ... لمن يقصر عن غايات مجدهم حسن الرجال بحسناهم وفخرهم ... بطولهم في المعالي لا بطولهم ما اغتابني حاسد إلا شرفت بها ... فحاسدي منهم في زي منتقم فالله يكلؤ حسادي فأنعمهم ... عندي وإن وقعت من غير قصدهم كتب رجل إلى شخص؛ تخلى للعبادة وانقطع عن الناس: بلغني أنك اعتزلت عن الخلق وتفرغت للعبادة، فما سبب معاشك؟ فكتب إليه يا أحمق يبلغك أني منقطع إلى الله سبحانه وتسألني عن المعاش؟ {قال بعض العارفين: الوعد حق الخلق على الله تعالى، فهو أحق من وفى، والوعيد حقه سبحانه على الخلق فهو أحق من عفى، وقد كانت العرب تفتخر بإيفاء الوعد وخلف الوعيد، قال الشاعر: وإني إذا أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي قال بعض الحكماء: الدنيا إنما تراد لثلاثة، العز والغنى والراحة؛ من زهد فيها عز؛ ومن قنع استغنى، ومن ترك السعي استراح، حكي عن بعض أصحاب الحقيقة أن البسطامي مر بكلب قد ترطب بالمطر فنحى عنه ثوبه ترفعاً، فنطق الكلب بلسان فصيح وقال: إن نجاسة ثوبك مني يطهرها الماء ولكن تنحية ثوبك عني لا يطهرها الماء. كلمات أب ج د كلمات أبجد ثمانية، أربعة رباعية الحروف وأربعة ثلاثية، ولكل كلمة رقم هندي على الترتيب، ولكل حرف من كل كلمة رمز سندي: فللحرف الأول سا وللثاني ل وللثالث ما وللرابع} لكنا نكتفي عن رقم الكلمة الأولى بصفر إن قصد حرف تاليها ويرمز حروفها إن قصد حرفها ونجعل رقم متلو كل كلمة دالاً عليها متصلاً رمز حرفها المطلوب بالرقم المذكور، فعلامة الألف سا،، وعلامة الدال {وعلامة الواو وعلامة الكاف آيوصل رمز كل منهما برقم متلو كلمته وعلامة الفاء ع} كما عرفت، فتكتب أحمد هكذا. وتكتب علي هكذا

وتكتب جعفر هكذا وتكتب غانم هكذا لأن متلو كلمة الغين المعجمة سابعة الكلمات، ومن هذا يظهر أنه لا حاجة إلى رقم الكلمة الثامنة كما لا حاجة إلى رقم الكلمة الأولى إن قصد حرفها إذ الثامنة غير متلوة والأولى غير تالية وإذا تمت الكلمة فيمد حرفها الآخر السندي ليحصل الاطلاع على آخر الكلمة ولا يخلط بما بعدها اللهم إلا أن يكون في آخر السطر فتكتب زيد بن خالد هكذا. وقف أعرابي على قبر هشام بن عبد الملك وإذا بعض خدامه، يبكي على قبره، ويقول: ماذا لقينا بعدك فقال الأعرابي أما إنه لو نطق لأخبرك أنه لقي أشد مما لقيتم. ولبعضهم: أهوى عليا أمير المؤمنين ولا ... أرضى بسب أبي بكر ولا عمرا. ولا أقول إذا لم يعطيا فدكا ... بنت النبي رسولالله قد كفرا. الله يعلم ماذا يأتيان به ... يوم القيامة من عذر إذا اعتذ 1 را. ولبهااء الدين محمد العاملي في جوابه: يا أيها المدعي حب الوصي ولم ... يسمح بسب أبي بكر ولا عمرا. كذبت والله يفي دعوى محبته ... تبت يداك ستصلى في غد سقرا. وكيف تهوى أمير المؤمنين وقد ... أصبحت يفي سب من عاداه مفتكرا. فإن لم تكن صادقا فيما نطقت به ... فأبرأ إلى الله ممن خان أو غدرا. وأنكر النص يفي خك وبيعته ... وقال إن رسول الله قد هجرا. أتيت تبغي قيام العذر في فدك ... أتحسب الأمر بالتمويه مستترا. إن كان يفي غصب حق الطهر فاطمة ... سيقبل العذر ممن جاء معتذرا. فكل ذنب له عذر غداة غد ... وكل ظلم يرى في الحشر مغتفرا. فلا تقولوا لمن أيامه صرفت ... في سب شيخكم قد ضل أو كفرا. بل سامحوه وقولا لا نؤاخذه ... عسى يكون له عذر إذا اعتذرا. فكيف والعذر مثل الشمس متضح ... والأمر كالصبح إذا ظهرا.

لكن إبليس أغواكم وصيركم ... عميا وصما فلا سمعا ولا بصرا أبو فراس يصف نفسه وقور وأحداث الزمان تنوشني ... وللموت حولي جيئة وذهاب صبور وإن لم يبق مني بقية ... قؤول ولو أن السيوف جواب وألحظ أحوال الزمان بمقلة ... بها الصدق وصدق الكذاب كذاب تغابيت عن قومي فظنوا غباوة ... بمفرق أغبانا حصاً وتراب إذا الخل لم يهجرك إلا ملالة ... فليس له إلا الفراق عتاب بنى بعض ملوك بني إسرائيل داراً تكلف في سعتها وزينتها، ثم أمر من يسأل عن عيبها، فلم يعبها أحد إلا ثلاثة من العباد، قالوا: إن فيها عيبين، الأول أنها تخرب، والثاني أنه يموت صاحبها فقال: وهل يسلم من هذين العيبين دار؟ فقال: نعم دار الآخرة فترك ملكه وتعبد معهم مدة، ثم ودعهم فقال: هل رأيت منا ما تكره؟ فقال: لا ولكنكم عرفتموني فأنتم تكرموني. فاصحب من لا يعرفني. سئل بعض الزهاد عن مخالطة الملوك والوزراء، فقال من لا يخالطهم ولا يزيد على المكتوبة أفضل عندنا ممن يقوم الليل ويصوم النهار ويحج ويجاهد في سبيل الله ويخالطهم. لجامعه من السوانح: غفلة القلب عن الحق من أعظم العيوب وأكبر الذنوب، ولو كانت آنا من الآنات، أو لمحة من اللمحات حتى إن أهل القلوب عدوا الغافل في آن الغفلة من جملة الكفار، وكما يعاقب العوام على سيئاتهم كذلك يعاقب الخواص على غفلاتهم، فاجتنب الاختلاط بأصحاب الغفلة على كل حال إن أردت أن تكون من زمرة أهل الكمال. سانحة: يا مسكين عزمك ضعيف، ونيتك متزلزله، وقصدك مشوب، ولهذا لا يتفتح لك الباب، ولا يرتفع عنك الحجاب، ولو صممت عزيمتك، وأثبت نيتك وأخلصت قصدك لا نقتح لك الباب من غير مفتاح، كما انفتح ليوسف عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام لما صمم العزم وأخلص النية في الخلاص من الوقوع في الفاحشة , وجد يفي الهرب من زليخا.

سانحة: أيها الغافل شاب رأسك، وبردت أنفاسك وأنت في القيل والقال والنزاع والجدال، فأحبس لسانك عن بسط الكلام فيما لا ينفعك يوم القيامة من مجموع قديم في مدح صاحب الديوان:: لله دركم يا آل ياسينا ... يا أنجم الحق أعلام الهدى فينا لا يقبل الله إلا مع محبتكم ... أعمال عبد ولايرضى له دينا بكم أخفف أعباء الذنوب بكم ... بكم أثقل في الحشر الموازينا سآء ابن آكلة الأكباد منقلباً ... إذ جر حرب أبيكم يوم صفينا الشمس ردت عليه بعدما غربت ... من ذا يطيق لعين الشمس تطيينا مهما تمسك بالأخبار طائفة ... فقوله وال من والاه يكفينا لوالدي طاب ثراه في معارضة البردة: أسحر بابل في جفنيك أم سقمي؟ ! ... أم السيوف لقتل العرب والعجم والخال مركز دور للعذار بدا ... أم ذاك نضج عثار الخط بالقلم أم حبة وضعت كيما تصيد بها ... طير الفؤاد وقد صادته فاحتكم أنا الملوم وقلبي مولم برشا ... ساق غدا قلبه قاسٍ على الأمم ذي أعين إن رنت يوماً إلى جسد ... إلبسنه كلما فيهن من سقم قلبي غضا وضلوعي منحنى وله ... عقيق جفني بسفح ناب عن ديم وما سقاني رحيقاً بل حريق أسىً ... وكان من أملي منه شفا ألمي أبكي فتبسم مني كالغمام متى ... يبكي على زهرفي الروض يبتسم والشمس ما طلعت إلا لتنظره ... وإن تغب فحياء خجلة الفهم بكيت والشمل مجموع لخوف نوى ... فكيف حالي شملي غير ملتئم؟ وكلما مت هجراً عشت من أملي ... فكم أموت وكم أحيا من القدم دمع طليق وقلب في قيود هوى ... والرشد ضد بذات الضال والسلم وقد أقام قوام القدلي حججاً ... وبالعذار بدي عذري فلا تلم وجدي عليك ونفسي في يديل وذا ... قلبي لديك فنل ما شئت واحتكم أصغي إلى العذل أجني ورد ذكرك من ... ما بين شوك ملام اللايم النهم إلى متى كل آن أنت في وله؟ ... يسمو وقلب بنيران العذاب رمي

فدع سعاد وسلمى واسع تحظ ففي ... السهام سهم مصيب فاستمع كلمي إن الحياة منام والمآل بنا ... إلى انتباه وآت مثل منعدم ونحن في سفر نمضي إلى حفر ... فكل آن لنا قرب من العدم والموت يشملنا والحشر يجمعنا ... وبالتقى الفخر لا بالمال والحشم صن بالتعفف عز النفس مجتهداً ... فالنفس أعلى من الدنيا لذي الهمم واغضض عيونك عن عيب الأنام وكن ... بعيب نفسك مشغولاً عن الأمم فإن عيبك تبدو فيه وصمته ... وأنت من عيبهم خال عن الوصم جاز المسيء بإحسان لتملكه ... وكن كعود يفوح الطيب في الضرم ومن تطلب خلا غير ذي عوج ... يكن كطالب ماء من لظى الفحم وقد سمعنا حكايات الصديق ولم ... نخله إلا خيالاً كان في الحلم إن الإقامة في أرض يضام بها ... والأرض واسعة ذل فلا تقم ولا كمال بدار لا بقاء لها ... فيا لها قسمة من أعدل القسم دار حلاوتها للجاهلين بها ... ومرها لذوي الألباب والهمم أبغي الخلاص وما أخلصت في عمل ... أرجو النجاة وما ناجيت في الظلم لكن لي شافعاً ذو العرش شفعه ... أرجو الخلاص به من زلة القدم محمد المصطفى الهادي المشفع في ... يوم الجزاء وخير الخلق كلهم لولا هداه لكان الناس كلهم ... كأحرف ما لها معنى من الكلم لو لم يرد ذو المعالي جعله علماً ... لم يوجد العالم الموجود من عدم لو لم تطأ رجله فوق التراب لما ... غدا طهوراً وتسهيلاً على الأمم لو لم يكن سجل البدر المنير له ... ما أثر الترب في خديه من قدم نصرت بالرعب حتى كاد سيفك أن ... يسطو بغير انسلال في رقابهم كفاك فضل كمالات خصصت بها ... أخاك حتى دعوه بارىء النسم خليفة الله خير الخلق قاطبة ... بعد النبي وباب العلم والحكم علم الكتاب وعلم الغيب شيمته ... وفي سلوني كشف الريب للفهم والبيض في كفه سود غوائلها ... حمر غلائلها تدلي على القتم

بيض متى ركعت في كفه سجدت ... لها رؤوس هوت من قبل للصنم ولا ألومهم أن يحسدوك وقد ... علت نعالك منهم فوق هامهم مناقب أدهشت من ليس ذا نظر ... وأسمعت في الورى من كان ذا صمم فضائل جاوزت حد المديح علىً ... فكل مدح شبيه الهجو للفهم من هاشم ليس في يتم يمت وقد ... عدا عدياً فلم يدنس بلومهم سل عنه ذا فكرة وامدحه تلق فتى ... ملا المسامع والأفكار والكلم واستخبرن خبيراً من غزا أحداً ... وفي حنين تراه غير منهزم من لم يكن بقسيم النار معتصماً ... فماله من عذاب النار من عصم من لم يكن ببني الزهراء مقتدياً ... فلا نصيب له في دين جدهم أولاد طه ونون والضحى وكذا ... في هل أتى قد أتى مخصوص مدحهم قد شرف الانس إذ هم في عدادهم ... كالأرض إذ شرفت بالبيت والحرم وإن يشاركهم الأعداء في نسب ... فالتبر من حجر والمسك بعض دم هم الولاة وهم سفن النجاة وهم ... لنا الهداة إلى الجنات والنعم نفوسهم أشرقت بالنور وانكشفت ... لها حقايق ما يأتي من القدم ومن سرى نحوهم أغناه نورهم ... عن الدليل ونجم الليل في الظلم فضايل جعلت ليل الفخار ضحى ... وأخجلت كل ذي فخر وذي شيم قد زينوا كل نظم يوصفون به ... كما يزين كلام الله للكلم عذاب قلب عذب في محبتهم ... ومر ما مر بي حلو لأجلهم رجوتهم لعظيم الهول من قدم ... وهل يرجى سوى ذي الشان والعظم يا مظهر الملة العظمى وناصرها ... وأنت مهديها الهادي إلى اللقم يا وارث العلم يرويه ويسنده ... إلى جدود تعالوا في علوهم مآثر الفخر فيكم غير خافية ... والشمس أكبر أن تخفى على الأمم أوضحتم للورى طرق الوصول كما ... صيرتم العلم بين الناس كالعلم مولاي طال المدى والله واندرست ... معالم العلم والإيمان والكرم فاسحب سحابين خيلاً فوقها أسد ... تسطو ونيلاً عمياً ساكب الديم ولا تقل قل أنصاري فناصرك ... الباري ومن ينصر الرحمن لم يضم

أقوال متناقضة للبيضاوي

يفديك كل خبير عن علاك وهم ... كل البرية من عرب ومن عجم اقصر حسين فلن تحصي فضائلهم ... لو أن في كل عضو منك ألف فم عليهم صلوات لا انتهاء لها ... كمثل قدرهم العالي وعلمهم أقوال متناقضة للبيضاوي قال الفاضل البيضاوي عند قوله تعالى في سورة هود " ليبلوكم أيكم أحسن عملاً " إن الفعل معلق عن العمل. وقال في سورة الملك نقيض ذلك، وصرح في تفسير هود بأن نزول التوراة كان قبل إغراق فرعون، وقال في تفسير سورة المؤمنين: نقيض ذلك، وقال عند قوله تعالى في سورة مريم " وكان رسولاً نبياً " إن الرسول لا يلزم أن يكون صاحب شريعة وقال في سورة الحج نقيض ذلك، وصرح في سورة النمل بأن سليمان على نبينا وعليه السلام توجه إلى الحج بعد إتمام بناء بيت المقدس، وقال في سورة سبأ نقيض ذلك. من رسالتي الموسومة بالجوهر الفرد، ومما سنح بخاطري في إبطال تركب الجسم من الأجزاء التي لا يتجزى سوى الوجوه الستة السابقة أن نفرض مثلثاً متساوي الساقين كل منهما ثمانية أجزاء، وقاعدته سبعة فما بين طرفي ساقيه خمسة من قاعدته، لاشتراك طرفيها، والثامن الذي هو رأس المثلث مشترك أيضاً فيما بين الساقين إن كان واحداً فبين السادسين اثنان، وبين الخامسين ثلاثة فبين الأولين سبعة، وقد كان خمسة هذا خلف وإن كان أكثر، فالفساد أشد فهو أقل من جزء فافهم. وقد لاح لي وجه ثامن، وهو أن نفرض دائرة ونصل بين جزئين منها بالقطر ثم بين ثمانية يتوسطها القطر، وبين نظايرها بأوتار ثمانية، ونصل بين طرفي الأقصرين بخط مستقيم، فهو تسعة أجزاء ووتر القوس هو تسعة أيضاً، فقد ساوت قاعدة القطعة قوسها، ولنا وجه تاسع لطيف ذكرته في لغز زبدة الأصول فهذه وجوه تسعة في إبطال الجزء لم يسبقني إلى شيء منها أحد والله ولي التوفيق.

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين، الحمد لله الذي جعل صحيفة عالم إلا مكان مرآة لمشاهدة الآثار الملكوتية، وصير نشأة نوع الإنسان مشكلة لمطالعة الأنوار اللاهوتية، والصلاة على أكمل نوع البرية وأفضل النفوس القدسية أبي القاسم محمد قاسم موائد المواهب الربانية، ومنبع رحيق الفيوض السبحانية وآله الوارثين لمقامات العلية المكرمين بكراماته الخفية والجلية. وبعد فهذا يا إخوان الدين وخلان اليقين ما غفلت حوادث الزمان عن المنع من تأليفه وتحريره، وذهلت صوارف الدهر الخوان عن الصرف عن ترصيفه وتقريره من شرح واف بإظهار ما ألهمني الله سبحانه من حقايق كنوز الصحيفة الكاملة من كلام سيد العابدين وإمام الموحدين وقبلة أهل الحق على اليقين، مولانا وإمامنا زين العابدين أبي محمد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. سلام من الرحمن نحو جنابهم ... فإن سلامي لا يليق ببابهم كشفت به حجاب الاحتجاب عن خبايا كنوزها، مع قلة البضاعة، ورفعت به أستار الاستتار عن خفايا رموزها بقدر الاستطاعة، مشيراً إلى ما يلوح من جواهر عباراتها ويفوح من زواهر إشاراتها مما هو منبع كلام أعلام الحقيقة والعرفان، ومعدن مقالة أهل الطريقة والإيقان، بل هو أقصى غايات أرباب المجاهدة وأعلى نهايات أصحاب المشاهدة مما لم يهتد إليه غلا واحد بعد واحد ولم يطلع عليه إلا وارد بعد وارد وأسئل الله سبحانه أن يعينني على إتمام ما أرجوه وأن يوفقني لإكماله على أحسن الوجوه وأن يجعلني ممن تزود في يومه لغده قبل أن يخرج الأمر من يده وهو حسبي ونعم الوكيل، اعلموا أيها الإخوان المقصود على إدراك الحقايق كدهم المعروف في اقتناص المعارف جدهم أني اسخرت الله سبحانه، ووشحت صدر هذا الشرح بعدة من الحقايق ينطوي كل منها على نبذة من الحقايق يفيد المقتبسين لأنوار الصحيفة الكاملة كمال البصيرة ويجعل أيدي الراغبين في اجتناء ثمارها غير قصيرة، وتزيل عن بصايرهم غشاوة الارتياب، ويغنيهم عن الغوص في هذا البحر العجاب، ويشير إلى يسير من بدايع صنايع الله

جل بثنائه في أرضه وسمائه مما تضمن كلامه الإشارة إليه، وتنبيه أرباب الألباب عليه ويهدي إلى كشف الأستار عن بعض الأسرار طبق ما حققه المشاهدون من أهل العيان وشاهده المحققون من ذوي الإيقان، ويؤمي إلى التوفيق والتطبيق بين ما قادت إليه العقول الصحيحة السليمة وتطابقت عليه النقول الصريحة القويمة إلى غير ذلك من فوايد لا يطلع على أسرارها إلا واحد بعد واحد، وفوايد لم يرتشف من أنهارها إلا وارد بعد وارد. بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد الحمد والصلات فيقول الفقير إلى رحمة ربه الغني محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي عفى الله عنه يا من صرف في مطالعة النحو أياماً، وخاض فيه شهوراً وأعواماً أخبرني عن اسم ثنائي الآحاد، ثلاثي العشرات، ثالثه آخر الحروف، وهو بين الناس مشهور ومعروف، فمن جملة حروفه حرف ربما تحلى بحلية الأسماء فيجري غالباً في مضمار المضمرات، ويسلك نادراً مسالك المظهرات، فما دام في ضمير الإضمار مكتوماً، يكون من ارتفاع المحل مجزوماً وبسمة النصب والجر موسوماً، ولا يزال دائماً معمولاً، وعن رتبة العمل معزولاً، وربما انخرط في سلك الحروف، فيصير في بعض الأحيان عاملاً، وفي بعضها عن العمل عاطلاً ومعموله كمعمول أخواته الست لا يكون إلا ظاهراً وربما عمل في الضماير نادراً ومنها حرف هو رابع علايم الرفع في ثلاثة، خامس علايم النصب في ستة ولا يقع في أوشيء من الكلمات الثلاث ولكن يقع في آخر ما يتصف به من الإناث إن جاور الأفعال صار من الأسماء وارتفع محله ومقداره، وإن خالط الأسماء عاد إلى الحروف واختلف بالرفع والنصب آثاره، إن أسقطته من عدد الأسماء اللازمة الرفع بقي عدد الجمل التي لها محل من الإعراب، وإن نقصته من عدد الأسماء اللازمة النصب ومن الباقي عدد المنبهات بقي عدد الجمل التي لها عن إعراب المحل غاية الاجتناب، وإن أضفت إليه عدد أسماء تنصب تارة ولا تنصب أخرى ساوى عدد ما هو من المتبوعية ممنوع، وبالتابعية أحرى، وإن زادت عليه عدد ما يعتمد اسم الفاعلي عليه في التقوى على معموله ساوى عدد المواضع الموجبة لتأخير الفاعل عن مفعوله، ومنها حرف ربما ينتظم في سمت أخواته العشر فيتصف بالفصاحة في بعض الأحيان. وقد يندرج في سلك أخواته الخمس بعد إحدى الست فينصب تاليه عند أهل اللسان، ومنها حرف إن جرى مجرى الأسماء، فقد يكون محلى بكل من الحلى الثلاث محلاً فما دام مرفوعاً فهو ما يلصق بعامله في جميع الأطوار، وما دام منصوباً فهو مفترق عنه، لئلا يسري إليه الانكسار وبينهما فاصل يحفظه عن ذلك العار وهو في البحر داخل في عدد السمكات، وفي أفعال النساء مانع لها

عن الحركات، وإن جرى مجرى الحروف يكون في أوايل بعض الكلمات للغياب وفي أواخر بعضها للانتساب وقد يتصل به الثاني فيعمل في الأسماء بالنيابة عن الأفعال، وعن مقلوبه أيضاً عن هذا المنوال لكنه قد يدخل في سلسلة الأسماء فيختص بين أخواته وقد يلج في ربقة الحروف فيصير في عدد أخوته الستة الموجبة للإيجاب، ومنها حرف معدود في الأسماء غالباً وقد يعد في الحروف نادراً؛ فما دام في الأسماء مدرجاً وعن الحروف مخرجاً فهو عن الفتح عري وبالخفض والضم حري، فيخفض ما زال للأربعة من الحروف الجارة معمولا، ويضم ما دام للسبعة منها مدخولا ومتى صار بالحرفيه موسوماً، ومن الاسمية محروماً، فقد يتصل ببعض الكلمات لإفادة المبالغات، فيلبس المذكرين حلية المؤنثات وقد يبنى على السكون فيلزم السكون أين ما يكون، فهذه صفات حروف هذا الاسم قد فصلتها لك تفصيلاً شافياً وقررتها لك تقريراً وافياً وسأزيد في التوضيح بما يقارب التصريح فأقول إنه ظرف لحرف خص بالظرفية من بين أخواته وهو مع كمال ظهوره بعض المخفي في حد ذاته ثم أنك إن نقصت من رابعه موجبات الانفصال بقي عدد مانعات حذف حرف النداء وإن أضفت إلى خمس أوله ما يوجب في كل نصت من العشر المشهورة حصل عدد روابط الجملة الخبرية بالمبتدأ، وإن نقصت من رابعه حروف الزيادة النحوية، بقي عدد المواضع التي تعلق فيها العامل عن المعمول، وإن أسقطت من طرفيه عدد أخوات كان بقي عدد المواضع التي عود الضمير فيها على المتأخر لفظاً ورتبة مقبول، وإن نقصت من خمس ثالثة عدد موانع الصرف بقي عدد الأمور التي يتميز بها التمييز عن الحال وإن زدت ثانيه على رابعه حصل عدد الموضع التي يجب فيه استتار الفاعل عن الأفعال، وإن نقصت رابعه من الحروف الجارة بقي عدد الأمور التي يفترق بها البدل عن عطف البيان وإن أسقطت عدد الأسماء العامة للمشبه بالفعل من أخويه بقي عدد الأشياء التي يمتاز بها الصفة المشبهة عن اسم الفاعل في كل حين وزمان، ومما اختص بهذا الاسم الخماسي الحروف من الغرايب إنك إذا نقصت من حروفه حرفين بقي حرف واحد وهذا من أعجب العجايب! بسم الله الرحمن الرحيم يقول أقل الأنام بهاء الدين محمد العاملي عفى الله عنه: أيها الأصحاب الكرام والإخوان العظام إن لي حبيباً جالينوسي المشرب، بقراطي المطلب، مسيحي الأنفاس، فلسفي القياس، مشهور بين الأنام مقبول عند الخاص والعام، مصاحب لا يعرف النفاق،

وخادم لا يحتاج إلى الإنفاق، ومعلم لا يطلب أجرة على التعليم، ولا يتوقع التواضع والتسليم، لباسه من الجلود، ليس بمتكبر ولا حسود، باق في سن الشباب على توالي الأزمان، مقبول القول في جميع الملل والأديان اسمه واحدي المئات، ثنائي الآحاد والعشرات آخره نصف اوله ومنقوطه أكثر من مهمله أوله جبل عظيم وآخره في البحر مقيم خماسي الحروف، فإن نقصت منها حرفين، بقي حرف واحد وهذا عجيب وعدد بعضها يساوي مجموع حاشيتيه، وهذا أيضاً غريب، إن سقط أوله بقي شكل اللحيان، وبزيادة خمسي أوله مع ثانيه يساوي عدد عظام الإنسان عدد علامات الامتلاء بحسب الأوعية يعلم من ضعف رابعه الاثانيه، وكون الامتلاء دموياً يظهر من أكثر مبانيه خمس أوله عدد المبردات، فإن نقصت منه ثانيه بقي عدد المسخنات رابعه ينبىء عن الست الضروريات وخمس آخره يخبر عن أجناس أدلة النبضات، وقد تولد من هذا الحكيم ولدان طبيبان لبيبان أحدهما أكبر والآخر أصغر أما الأكبر فنصفه الأعلى أيبس الأعضاء اليابسات ونصفه الأسفل بعدد القوى والأعضاء الرئيسة وأجناس الحميات شكله مع شكل نصرة الداخل متساويان والسرطان فيه متوسط بين العقرب والميزان وسطان بعدد ما للبحران الجيد من العلامات، وآخراه بعدد الأمور التي يجب مراعاتها في الاستفراغات، وأما الولد الأصغر فزايد على أبيه بعدد الغير المعتدل من المزاجات فإن زدت على آخريه أنواع الرسوب، حصل عدد كل من المرطبات والمجففات، وإن زدت على أحدهما مسطح آخره عادل بسايط مقادير النبض ومركباته الثنائيات، تم اللغز وتاريخ إتمامه لغز طبيبانه بي عديل وفيه صنعة المعمى، والمراد إذا سقط لفظ عديل من قولنا لغز طبيبانه يبقى التاريخ أعني ألف واثنان انتهى. شرح: المرطبات هي السكون والنوم واحتباس ما يستفرغ استفراغ الخلط المجفف وكثرة الغذاء والغذاء المرطب والدواء المرطب وملاقات المرطبات وملاقات ما يبرد وملاقات ما يسخن تسخيناً لطيفاً والفرح المعتدل، والمجففات الجماع والحركة والسهر وكثرة الاستفراغ وقلة الأغذية وكونها يابسة والأدوية المجففة والحركات النفسانية وملاقات المجففات البرد المجمد منه ره وهي كونه بعد تمام النضج وفي يوم محمود كالسابع وإنذار يوم مناسبه كالرابع بالسابع وكونه باستفراغ لا بانتقال ولا بإخراج، وكون استفراغه من جهة مناسبة ويحمل الأعراض اللازمة وجريان النبض على ما ينبغي وكذا القوة وأعقاب الراحة منه رحمه الله، المزاجات ثمانية أربعة بسيطة وأربعة مركبة؛ حار - بارد - رطب - يابس - حار - رطب - حار - يابس - بارد يابس. من كلام أفلاطون الإلهي: لا يكمل عقل الرجل حتى يرضى بأن يقال: إنه مجنون. في سورة البرائة " انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم " الآية. قال أمير المؤمنين رضي الله عنه إنما زهد الناس في طلب العلم لما يرون من قلة انتفاع من علم بما علم. قال بعض الحكماء: ليس من احتجب بالخلق عن الله كمن احتجب بالله عنهم. قيل لبعض الحكماء: قد شبت وأنت شاب فلم لا تغضب فقال إن الثكلى لا تحتاج إلى الماشطة. بعضهم آه يا ذلي ويا خجلي! ... إن يكن مني دنى أجلي لو بذلت الروح مجتهداً ... ونفيت النوم عن مقلي كنت بالتقصير معترفاً ... خائفاً من خيبة الأمل فعلى الرحمن متكلي ... لا على علمي ولا عملي

وبين التراقي والترائب حسرة ... مكان الشجى أعي الطبيب علاجها إذا قلت ها قد يسر الله سوغها ... أبت شقوتي وازداد سد رتاجها. الرتاج ككتاب: الباب العظيم وهو الباب المغلق، وعليه باب صغير. سلام عليكم من محب وداده ... لكل ذوي الألباب والفضل صادق. ولكنه من نحو عشرين حجة ... تراءى له من عالم الغيب شارق. وشام وميضا من نواحي تهامة ... ويا حبنا من جانب الغور بارق. فصار له شغل عن الخلق شاغلا ... ورافقه الشوق الذي لا يفارق. يبيت له حاد إلى السير سابق ... ويضحي له من كامن الوجد سائق. وهذا هو العذر الذي قلت عنده ... لخلطه من لم أرضه أنت طالق. وآثرت عنها عزلة في غصونها ... حقائق للمغزى بها ودقائق. وماذا عسى أن تستفيق للائم ... أخو الوجد أو أن يسمع العذل عاشق. قال أمير المؤمنين عليه السلام: إنما زهد الناس في طلب العلم لما يرون من قلة انتفاع من علم بما علم. قال بعض الحكماء: ليس من احتجب بالخلق عن الله كمن احتجب بالله عنهم. قيل لبعض الحكماء: قد شبت وأنت شاب فلم لا تخضب؟ فقال: إن الثكلى لا تحتاج إلى الماشطة. سأل أمير المؤمنين عليه السلام بعض أصحابه فقلا: يا أمير المؤمنين، هل تسلم على مذنب هذه الأمة، فقال: يراه الله للتوحيد أهلا ولا نراه للسلام أهلا. وقال: لا تبدين عن واضحة، وقد عملت الأعمال الفاضحة. وقال عليه السلام: إن السبب الذي أدرك به العاجز مأمولة، هو الذي حال بين حال الحازم وطلبته. وقالعليه السلام: إذا عظمت الذنب. فقد عظمت حق الله، وإذا صغرته فقد صغرت حق الله وما من ذنب عظمته إلا صغر عند الله؛ وما من ذنب صغرته إلا عظم عند الله، وقال رضي الله عنه: لو وجدت مؤمناً على فاحشة لسترته بثوبي، أو قال بثوبه هكذا، وقال رضي الله عنه: من اشترى ما لا يحتاج إليه باع ما يحتاج إليه،

وقال عليه السلام: قال رسول الله في قوله تعالى: " ويخلق ما لا تعلمون، إن الله خلق إحدى وثلاثين قبة أنتم لا تعلمون بها، فذلك قوله تعالى: " ويخلق ما لا تعلمون ". قال واليس الحكيم: محبة المال وتد الشر، ومحبة الشر وتد العيوب، وسئل وهو في أيام شيخوخته ما حالك؟ فقال هوذا، أموت قليلاً قليلاً، وقيل له: أي الملوك أفضل، ملك اليونان أم ملك الفرس؟ فقال: من ملك غضبه وشهوته فهو أفضل وقال إذا أدركت الدنيا الهارب منها جرحته، وإذا أدركت الطالب لها قتلته، وقال: إعط حق نفسك، فإن الحق يخصمك إذا لم تعطها حقها. قال بعض الحكماء: إن الرجل ينقطع إلى بعض ملوك الدنيا، فيرى عليه أثره، فكيف من انقطع إلى الله سبحانه، وقال: نحن نسأل أهل زماننا إلحافاً وهم يعطوننا كرها فلا هم يثابون ولا نحن يبارك لنا، سرور الدنيا أن تقنع بما رزقت، وغمها أن تغنم لما لم ترزق. قال بعض الحكماء: الدليل على أن ما بيدك لغيرك، أن ما بيد غيرك صار بيدك، ومن كلامه: عيشة الفقر مع الأمن خير من عيشة الغنى مع الخوف. قال الكاظم رضي الله عنه لابن يقطين: إضمن لي واحدة أضمن لك ثلاثاً إضمن أن لا تلقى أحداً من موالينا في دار الخلافة إلا قمت بقضاء حاجته، أضمن لك أن لا يصبك حد السيف أبداً ولا يظللك سقف سجن أبداً ولا يدخل الفقر بيتك أبداً. سئل رجل حكيماً: كيف حال أخيك فلان؟ فقال مات، فقال وما سبب موته؟ قال حياته. سمع أبو يزيد البسطامي شخصاً يقرأ هذه الآية " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة " فبكى، وقال: من باع نفسه كيف له نفس؟ ! وقال بعض الحكماء إن غضب الله أشد من النار ورضاه أكبر من الجنة. قال بعض الأكابر: يقول ما أصنع بدينا إن بقيت لم تبق لي وإن بقيت لم أبق لها. كان بشر الحافي يقول: لا يكره الموت إلا مريب وأنا أكرهه. قال المسيح على نبينا وعليه السلام: ليحذر من يستبطي الله في الرزق أن يغضب عليه.

ومن كلام بعض الحكماء أقرب ما يكون العبد من الله إذا سأله، وأقرب ما يكون من الخلق إذا لم يسألهم. قال بعض العباد إني لأستحيي من الله سبحانه أن يراني مشغولاً عنه وهو مقبل على شعر: سلام عليكم من محب وداده ... لكل ذوي الألباب والفضل صادق ولكنه من نحو عشرين حجة ... تراءى له من عالم الغيب شارق وشام وميضاً من نواحي تهامة ... ويا حبذا من جانب الطور بارق فصار له شغل عن الخلق شاغل ... ورافقه الشوق الذي لا يفارق يبيت له حاد إلى السير سائق ... ويضحى له من كامن الوجد شائق وهذا هو العذر الذي قلت عنده ... لخلطة من لم أرضه أنت طالق وأثرت عنها عزلة في غصونها ... حقايق للمغزى بها ودقايق وماذا عسى أن يستفيق للائم ... أخو الوجد أو أن يسمع العذل عاشق قال بعض الحكماء: لست منتفعاً بما تعلم إذا لم تعمل بما تعلم، فإن زدت في علمك، فأنت مثل رجل حزم حزمة من حطب وأراد حملها فلم يطق فوضعها وزاد عليها. قال بعض المفسرين في قوله تعالى: " وأما السائل فلا تنهر " ليس هو سائل الطعام، ولكنه سائل العلم. قال بعض ولاة البصرة لبعض النساك: ادع لي، فقال: إن بالباب من يدعو عليك قال بعض الحكماء: إذا أردت أن تعرف قدر الدنيا فانظر عند من هي؟ وقال حق على الرجل العاقل الفاضل أن يجتنب مجلسه ثلاثة أشياء الدعابة وذكر النساء، والكلام في المطاعم. قيل لإبراهيم بن أدهم: لم لا تصحب الناس؟ فقال إن صحبت من هو دوني آذاني بجهله وإن صحبت من هو فوقي تكبر علي، وإن صحبت من هو مثلي حسدني، فاشتغلت بمن ليس في صحبته ملال، ولا في وصله انقطاع، ولا في الأنس به وحشة. دعاء: يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، أسألك بنبيك نبي الرحمة وعترته أئمة الأمة أن تصلي عليه وأن تجعل لي من أمري فرجاً قريباً ومخرجاً وحياً وخلاصاً عاجلاً إنك على كل شيء قدير. في الحديث: إن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ومن كلام بعض الأكابر: ليس العيد لمن لبس الجديد إنما العيد لمن أمن من الوعيد. سئل بعض الرهبان: متى عيدكم؟ فقال يوم لا نعصي فيه الله سبحانه فذلك عيدنا ليس العيد لمن لبس الفاخرة، إنما العيد لمن أمن عذاب الآخرة، ليس العيد لمن لبس الرقيق إنما العيد لمن عرف الطريق.

من كلام بعض الحكماء: لا تقعد حتى تقعد، وإذا قعدت كنت أعز مقاماً، ولا تنطق حتى تستنطق، فإذا استنطقه كنت أعلى كلاماً. قال جامعه من خط جدي رحمه الله: كم تذهب يا عمري في خسران ... ما أإفلني عنك وما ألهاني. إن لم يكن الآن صلاحي فمتى ... هل بعدك يا عمري عمر ثاني. ؤلبعضهم: يا من هجروا وغيروا أحواللي ... ما لي جلد على تواكم ما لي. عودوا بوصالكم علة مدنفكم ... فالعمر قد انقضى وحالي حالي. لجار الله الزمخشري: كثر الشك والخلاف وكل ... يدعي الفوز بالصراط السوي. فاعتصامي بلا إله سواه ... ثم حبي لا حمد وعلي. فاز كلب بحب أصحاب كهف ... كيف أشقى بحب آل النبي. نعم ما قال: أعيني لم لا تبكيان على عمري ... تناثر عمي من لدي ولا أدري. إذا كنت جاوزت خمسين حجة ... ولم أتأهب للمعاد فملا عذري وروى شيخ الطايفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي طاب ثراه في كتاب الأخبار بطريق حسن عن الباقر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالساً في المسجد فدخل رجل فصلى فلم يتم ركوعه ولا سجوده، فقال النبي: نقر كنقر الغراب لئن مات هذا وهذه صلاته ليموتن على غير ديني. من كلام بعض أكابر الصوفية: إن فوت الوقت أشد عند أصحاب الحقيقة من فوت الروح، لأن فوت الروح انقطاع عن الخلق وفوت الوقت انقطاع عن الحق. قال أبو علي الدقاق وقد سئل عن الحديث المشهور من تواضع لغني ذهب ثلثا دينه، إن المرء بقلبه ولسانه وجوارحه، فمن تواضع لغني بلسانه وجوارحه ذهب ثلثا دينه، فإن تواضع بقلبه أيضاً ذهب دينه كله. لم أكن للوصال أهلاً ولكن ... أنت صيرتني لذلك أهلا

أنت أحييتني وقد كنت ميتاً ... ثم بدلتني بجهلي عقلا قال جامعه مما نقله جدي رحمه الله من خط السيد الجليل الطاهر ذي المناقب والمفاخر السيد رضي الدين علي بن طاووس قدس الله روحه من الجزء الثامن أو الثاني في كتاب الزيارات لمحمد بن أحمد بن داود القمي ره أن أبا حمزة الثمالي قال للصادق رضي الله عنه: إني رأيت أصحابنا يأخذون من طين قبر الحسين يستشفون به فهل في ذلك شيء مما يقولون من الشفا؟ فقال يستشفى ما بينه وبين القبر على رأس أربعة أميال وكذلك قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك قبر الحسن وعلي ومحمد فخذ منها فإنها شفاء من كل سقم وجنة مما يخاف، ثم أمر بتعظيمها وأخذها باليقين بالبرء وبختمها إذا أخذت. ومن الكتاب المذكور عن الصادق رضي الله عنه من أصابته علة لا تتداوى فتداوى بطين قبر الحسين رضي الله عنه شفاه الله من تلك العلة إلا أن يكون علة السام، ومن الكتاب المذكور: روي أن الحسين رضي الله عنه اشترى النواحي التي فيها قبره من أهل نينوا والغاضرية بستين ألف درهم، وتصدق بها عليهم وشرط أن يرشدوا إلى قبره ويضيفوا من زاره ثلاثة أيام، وقال الصادق رضي الله عنه: حرم الحسين رضي الله عنه الذي اشتراه أربعة أميال في أربعة أميال فهو حلال لولده ومواليه حرام على غيرهم ممن خالفهم، وفيه البركة. ذكر السيد الجليل السيد رضي الدين بن طاووس رحمه الله أنها إنما صارت حلالاً بعد الصدقة، لأنهم لم يفوا بالشرط، قال: وقد روى محمد بن داود عدم وفائهم بالشرط في باب نوادر الزيارات. في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه فاقبلوا رخص الله ولا تكونوا كبني إسرائيل حين شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم. من خط جدي طاب ثراه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: صوم ثلاثة أيام من كل شهر يعدل صوم الدهر ويذهب بوحر الصدر؛ الوحر: مشتق من الوحرة بتحريك الواو والحاء والراء وهي دويبة حمراء تلصق باللحم وتكره العرب أكله للصوقها به ودبيبها عليه. قال الشاعر يذم قوماً ويصفهم بالبخل: رب أضياف بقوم نزلوا ... فقروا أضيافهم لحماً وحر وسقوهم في إناء كلع ... لبناً من دم مخراط فئر

الإناء الكلع: هو ما تراكم عليه الوسخ المخراط: الناقة التي بها مرض ويكون لبنها معقداً، وفيه دم، والفئر ما شربت منه الفارة. في الحديث: خير الخيل الأدهم الأرثم الأقرح المحجل طلق اليمين، فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشبه. الأدهم: الأسود، والأقرح: الذي في جبهته بياض بقدر الدرهم، والأرثم ما في أنفه وشفته العليا بياض، والتحجيل بياض قوايم الفرس قل أو كثر بعد أن لا يجوز الأرساغ ولا يجاوز الركبتين والطلق بضم الطاء عدم التحجيل. من كلام مولانا أمير المؤمنين رضي الله عنه: جهل المرء بعيوبه من أكبر ذنوبه. ومن كلامه: احتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأنعم على من شئت تكن أميره. عن أمير المؤمنين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل اللهم اهدني وسددني، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، وبالسداد سداد السهم. وسداد السهم: ذهابه على الاستقامة نحو الغرض. قال بعض الأعلام: في الحديث دلالة ظاهرة على أنه ينبغي في الدعا ملاحظة الداعي لمعانيه وقصدها على الوجه الأتم مما يقرأ للأمر المهم وللأوجاع منقول عن الصادق رضي الله عنه يقول ثلاث مرات: الله الله ربي حقاً لا أشرك به أحداً اللهم أنت لها ولكل عظيمة ففرجها عني وإن قرأتها للوجع فضع يدك حال قرائته على المكان الوجع. قال بعض الأكابر من السلف: التوبة اليوم رخيصة مبذولة، وغداً غير مقبولة شعر الحسين رضي الله عنه: إغن عن المخلوق بالخالق ... تغن عن الكاذب بالصادق واسترزق الرحمن من فضله ... فليس غير الله من رازق من كلام العرب وهو يجري مجرى الأمثال قولهم: أعطني قلبك والقني متى شئت يريدون إن الاعتبار بخلوص المودة لا بكثرة اللقاء.

معنى البلاغة

معنى البلاغة قال بعض الكبار: البلاغة أداء المعنى بكماله إلى النفس في أحسن صورة من اللفظ. سأل رجل الجنيد رحمه الله كيف حسن المكر من الله سبحانه وقبح من غيره، فقال: لا أدري ما تقول ولكن. أنشدني فلان الطبراني: فديتك قد جبلت على هواكا ... فنفسي لا تطالبني سواكا أحبك لا ببعضي بل بكلي ... وإن لم يبق حبك لي حراكا ويقبح من سواك الفعل عندي ... وتفعله فيحسن منك ذاكا فقال له الرجل: أسألك عن آية من كتاب الله، وتجيبني بشعر الطبراني، فقال: ويحك أجبتك إن كنت تعقل. مما كتب الشريف جمال النقباء أبو إبراهيم محمد بن علي بن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق ابن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه وهو أبو الرضي والمرتضى رضي الله عنهما إلى أبي العلاء المعري: غير مستحسن وصال الغواني ... بعد ستين حجة وثمان فصن النفس عن طلاب التصابي ... وازجر القلب من سؤال المعاني إن شرخ الشباب بدله شيباً ... وضعفاً مقلب الأعيان فانفض الكف من حياء المحيا ... وامعن الفكر في اطراح المعاني وتيمن بساعة البين واجعل ... خير فالٍ تناعب الغربان فالأديب الأريب يعرف ما ضمن ... طي الكتاب بالعنوان أترجي مالاً رحيباً وإسعاد ... سعاد وقد مضى الأطيبان غلف الدهر عارضيك بشيب ... أنكرت عرفه أنوف الغواني وتحامت حماك نافرة عنك ... نفار المهى من السرحان ورد العايب البغيض إليهن ... وولى حبيبهن المداني وأخو الحزم مغرم بحميد الذكر ... يوم الندى ويوم الطعان همه المجد واكتساب المعالي ... ونوال العافي وفك العاني لا يعير الزمان طرفاً ولا ... يجعل صيراً بطارق الحدثان

صفات المحمودة في الخادم

صفات المحمودة في الخادم ، خير الخدام من كان كاتم السر، عادم الشر، قليل المؤنة، كثيرة المعونة، صموت اللسان، شكور الإحسان، حلو العبارة، دراك الإشارة، عفيف الأطراف، عديم الاتراف. عن ضرار بن ضمرة: دخلت على معاوية بعد قتل أمير المؤمنين رضي الله عنه فقال: صف لي علياً، فقلت اعفني، فقال: لابد أن تصفه فقلت أما إذ لابد، فإنه كان والله بعيد المدى شديد القوى يقول فصلاً ويحكم عدلاً يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها ويأنس بالليل ووحشته، غزير العبرة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب، وكان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه ويأتينا إذا دعوناه، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكاد نكلمه هيبة له، يعظم أهل الدين ويقرب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه، قابضاً على لحيته يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين. ويقول: يا دنيا غري غيري، أبي تعرضت، أم إلي تشوقت؟ هيهات هيهات قد بتتك ثلاثاً لا رجعة فيها، فعمرك قصير، وخطرك يسير، وعيشك حقير، آهٍ آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق، فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك فكيف حزنك يا ضرار؟ فقلت: حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها. حديث المذكور منقول من كتاب كشف اليقين في فضايل مولانا أمير المؤمنين رضي الله عنه عن عبد الله ابن عباس قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه من يده فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله: خذ خاتمك وانتفع به فقال: لا آخذ شيئاً طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو العميثل لما حجب عن الدخول على عبد الله بن طاهر سأترك هذا الباب ما دام إذنه ... على ما أرى حتى يخف قليلا إذا لم أجد يوماً إلى الأذن سلماً ... وجدت إلى ترك اللقاء سبيلا بعضهم عللت باليأس نفسي عنك فانصرفت ... واليأس أحسن مرجو من الطمع فكن على ثقة أني على ثقة ... ألا أعلل بعد اليوم بالخدع محوت ذكرك من قلبي ومن أذني ... ومن لساني فقل ما شئت أو فدع

إذا تباعد قلبي عنك منصرفاً ... فليس يدنيك مني أن تكون معي عبد الله بن طاهر إغتفر زلتي لتحرز فضل الشكر ... مني ولا يفوتك أجري لا تكلني إلى التوسل بالعذر ... لعلي أن لا أقوم بعذري جحظة الشاعر وقائلة لي كيف حالك بعدنا ... أفي ثوب مثر أنت أم ثوب مقتر؟ فقلت لها لا تسأليني فإنني ... أروح وأغدو في حرام مقتر الباجي الشاعر اسمه سليمان كان من علماء الأندلس والباجي بالباء الموحدة والجيم ومن شعره ما أورده ابن خلكان في وفيات الأعيان: إذا كنت أعلم علماً يقيناً ... بأن جميع حياتي كساعة فلم لا أكون ضنيناً بها؟ ... وأجعلها في صلاح وطاعة وهو منسوب إلى باجة قرية من قرى الأندلس. بعضهم توخ من الطرق أوساطها ... وعد عن الجانب المشتبه وسمعك صن عن سماع القبيح ... كصون اللسان عن النطق به فإنك عند سماع القبيح ... شريك لقائله فانتبه من الكلمات المنسوبة إلى سيد الأوصياء صلى الله عليه وسلم: من أمضى يومه في غير حق، قضاه أو فرض أداه، أو مجد بناه أو حمد حصله أو خير أسسه، أو علم اقتبسه فقد عق يومه. لقي الحسن البصري الإمام علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنه فقال له الإمام رضي الله عنه: يا حسن أطع من أحسن إليك وإن لم تطعه فلا تعص له أمراً؛ وإن عصيته فلا تأكل له رزقاً وإن عصيته وأكلت رزقه وسكنت داره، فأعد له جواباً، وليكن صواباً. في الحديث: إذا وقع الذباب في الطعام فامقلوه، فإن في أحد جناحيه سماًن وفي الآخر شفاء، فإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء قال أهل اللغة: إن معنى أمقلوه اغمسوه والمقل بالقاف الغمس في القاموس عند ذكر كسكر إنها قصبة واسط وكان خراجها اثني عشر ألف ألف مثقال كأصبهان. دعاء منقول عن سيد البشر صلى الله عليه وسلم قال: من أراد أن لا يوقفه الله على قبيح أعماله ولا

من كلام جالينوس

ينشر له ديواناً فليدع بهذا الدعاء في دبر كل صلاة: اللهم إن مغفرتك أرجى من عملي، وإن رحمتك، أوسع من ذنبي اللهم إن لم أكن أهلاً أن أبلغ رحمتك فرحمتك أهل أن تبلغني، لأنها وسعت كل شيء يا أرحم الراحمين. عبد الله بن حنيف قد أرحنا واسترحنا ... من غدو ورواح واتصالٍ بلئيم ... أو كريم ذي سماح بعفاف وكفافٍ ... وقنوع وصلاح وجعلنا اليأس مفتاحاً ... لأبواب النجاح من كلام جالينوس لما مات جالينوس وجد في جيبه رقعة فيها مكتوب: أحمق الحمقاء من يملأ بطنه من كل ما يجد، فما أكلته فلجسمك، وما تصدقت به فلروحك، وما خلفته فلغيرك والمحسن حي وإن نقل إلى دار البلى، والمسيء ميت وإن بقي في الدنيا، والقناعة تستر الخلة وبالصبر تدرك الأمور، وبالتدبير يكثر القليل، ولم أر لابن آدم شيئاً أنفع من التوكل على الله تعالى. من كلام المسيح على نبينا وعليه السلام: لا يصعد إلى السماء إلا ما نزل منها. كان سقراط الحكيم قليل الأكل خشن اللباس، فكتب إليه بعض فلاسفة عصره: أنت تزعم تحسب أن الرحمة لكل ذي روح واجبة، وأنت ذو روح، فلم لا ترحمها بترك قلة الأكل وخشن اللباس؟ فكتب في جوابه: عاتبتني على لبس الخشن وقد يعشق الإنسان القبيحة ويترك الحسناء، وعاتبتني على قلة الأكل، وإنما أريد أن آكل لأعيش، وأنت تريد أن تعيش لتأكل: والسلام. فكتب إليه الفيلسوف: قد عرفت السبب في قلة الأكل، فما السبب في قلة كلامك، وإذا كنت تبخل على نفسك بالمأكل، فلم تبخل على الناس بالكلام؟ فكتب في جوايه: ما احتجت إلى مفارقته وتركه للناس، فليس لك والشغل بما ليس لك عبث، وقد خلق الحق سبحانه لك أذنين ولساناً لتسمع ضعف ما تقول، لا لتقول أكثر مما تسمع والسلام. لبعضهم إلى الله أشكو إن في النفس حاجة ... تمر بها الأيام وهي كما هيا روى شيخ الطايفة في التهذيب في أوايل كتاب المكاسب بطريق حسن، أو صحيح، عن الحسن ابن محبوب، عن جرير: قال سمعت أبا عبد الله رضي الله عنه يقول: اتقوا الله وموتوا أنفسكم بالورع، وقووه بالثقة، والاستغناء بالله عن طلب الحوائح إلى صاحب سلطان. واعلم أنه من خضع لصاحب سلطان، أو لمن يخالفه على دينه طلباً لما في يديه من دنياه أخمله الله ومقته عليه، ووكله إليه فإن هو غلب على شيء من دنياه، فصار إليه منه شيء نزع الله منه البركة ولم يؤجره على شيء من دنياه ينفقه في حج ولا عتق ولا بر. أقول: قد صدق رضي الله عنه فإنا قد جربنا ذلك وجربه المجربون قبلنا، واتفقت الكلمة منا، ومنهم على عدم البركة في تلك الأموال وسرعة نفادها واضمحلالها وهو أمر ظاهر محسوس يعرفه كل من حصل شيئاً من تلك الأموال الملعونة، نسأل الله تعالى رزقاً حلالاً طيباً يكفينا ويكف أكفنا عن مدها إلى هؤلاء وأمثالهم، إنه سميع الدعاء، لطيف لما يشاء. شعر لابن سينا تعس الزمان فإن في أحشائه ... بغضاً لكل مفضل ومبجل وتراه يعشق كل رذل ساقط ... عشق النتيجة للأخس الأرذل المعري

لا تطلبن بآلة لك رتبة ... قلم البليغ بغير جد مغزل سكن السما كان السماء كلاهما ... هذا له رمح وهذا أعزل آخر وإني لأرجو الله حتى كأنني ... أرى بجميل الظن ما الله صانع كان سقراط الحيكم: قليل الأكل، خشن اللباس، فكتب إليه بعض بعض الفلاسفة: أنت تحسب أن الرحمة لكل ذي روح واجبة، وأنتت ذو فلا ترحمها بترك قلى الأكل وخشن اللباس؟ فكتب في جوابه: عاتبتني على لبس الخشن، وقد بعشق الإنسان القبيحة، ويترك الحسناء، وعاتبتني على قلة الأكل، وإنما أريد أن أكل لأعيش، وأنت تريد أن تعيش لتأكل والسلام. فكتب إليه الفيلسوف: قد عرفت السبب في قلة الأكل، فما السبب في قلة الكلام؟ وإذا كنت تبخل على نفسك بالمأكل، فلم تبخل على الناس بالكلام؟ فكتب في جوابه: ما احتجت إلى مفارقته وتركه للناس فليس لك، والشغل بما ليس لك عبث، وقد خلق الحق سبحانه لك أذنين ولسانا ضعف ما تقول، لا لتقول أكثر مما تسمع والسلام. لبعضهم: (إلى الله أشكو أن في النفس حاجة ... بمر بها الأيام وهي كما تريد) روى شيخ الطائفة: في التهذيب في أوائل كتاب المكاسب بطريق حسن أو صحيح، عن الحسن بن محبوب، عن حريز قال: سمعت أبا عبد الله رضي الله عنه وأرضاه يقول: اتقوا الله وموتوا أنفسكم بالورع، وقوة الثقة، والاستغناء بالله عن طلب الحوائج إلى صاحب سلطان، واعلم أن من خضع لصاحب سلطان أو لمن يخالفه على دينه طالبا لما في يديه من دنباه أخمله الله ومقته ووكله إليه، فإن هو غلب على شيء من دنياه فصار إليه منه شيء نزع الله منه البركة ولم يؤجره على شيء من دنياه ينفعه في حج ولا عتق ولا بر. أقول: قد صدق رضي الله عنه، فإنا قد جربنا ذلك وجربه المجربون قبلناه، واتفقت الكلمة منا ومنهم على عدم البركة في تلك الأموال، وسرعة نفاذها، واضمحلالها، وهو أمر ظاهر محسوس يعرفه كل من حصل شيئا من تلك الأموال الملعونة. نسأل الله أن يرزقنا رزقا حلالا طيبا يكفينا ويكف أكفنا على مدها إلى هؤلاء وأمثالهم إنه سميع الدعاء، لطيف لما يشاء. انتهى. من كلام النبي في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: كن على عمرك

أشح منك على درهمك ودينارك، يا أبا ذر دع ما لست منه في شيء ولا تنطق بما لا يعنيك، واخزن لسانك كما تخزن ورقك. وفي كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه: من جمع له مع الحرص على الدنيا البخل بها فقد استمسك بعمودي اللؤم، من لم يتعاهد علمه في الخلاء فضحه في الملاء، من اعتز بغير الله سبحانه أهلكه العز، من لم يصن وجهه عن مسألتك فصن وجهك عن رده لا تضيعن مالك في غير معروف، ولا تضعن معروفك عند غير عروف، لا تقولن ما يسؤوك جوابه، لا تمار اللجوج في محفل، لا يكونن أخوك على الإساءة إليك أقوى منك على الإحسان إليه. قال حبر من بني إسرائيل في دعائه: يا رب كم أعطيك ولا تعاقبني، فأوحى الله إلى نبي ذلك الزمان قل لعبدي: كم أعاقبك ولا تدري ألم أسلبك حلاوة مناجاتي؟ ! نقل الراغب في المحاضرات: أن بعض الحكماء كان يقول لبعض تلامذته: جالس العقلاء أعداء كانوا أو أصدقاء، فإن العقل يقع على العقل. كان الربيع بن خيثم يقول: لو كانت الذنوب تفوح ما جلس أحد إلى أحد. كان أبو حازم يقول: عجبت لقوم يعملون لدار يرحلون عنها كل يوم مرحلة، ويتركون العمل لدار يرحلون إليها كل يوم مرحلة، وكان يقول: إن عوفينا من شر ما أعطينا لم يضرنا ما وري عنا. قال المسيح على نبينا وعليه السلام: لو لم يعذب الله الناس على معصيته لكان ينبغي أن لا يعصوه شكراً لنعمته. لما اجتمع يعقوب على نبينا وعليهما السلام مع ولده يوسف قال

يا بني حدثني بخبرك، فقال له يا أبت لا تسألني عما فعل بي إخوتي واسألني عما فعل الله سبحانه بي. قال هرون الرشيد للفضيل بن عياض: ما أشد زهدك؟ ! فقال أنت أزهد مني، لأني زهدت في فانٍ لا يبقى، وأنت زهدت في باقٍ لا يفنى. كان بعض الحكماء يقول: لا شيء أنفس من الحياة ولا غبن أعظم من أنفادها لغير حياة الأبد. لبعضهم جربت دهري وأهليه فما تركت ... لي التجارب ود امرىءٍ غرضا وقد عرضت من الدنيا فهل زمني ... معط حياتي لغيري بعدما عرضا وقد تعوضت عن كل بمشبهه ... فما وجدت لأيام الصبا عوضا ابن الخياط الشامي وهو صاحب الأبيات المشهورة التي أولها: خذا من صبا نجد أماناً لقلبه ... فقد كاد رياها يطير بلبه وبالجزع حي كلما عن ذكرهم ... أمات الهوى مني فؤاداً وأحياه تمنيتهم بالرقمتين ودارهم ... بواد الغضايا بعدما أتمناه لله درهما من بيتين يأخذان بمجامع القلوب. شهاب الدين السهروردي صابح كتاب المعروف تصرمت وحشة التنائي ... وأقبلت دولة الوصال وصار بالوصل لي حسوداً ... من كان في حجركم رثالي وحقكم بعد إذ حصلتم ... بكل ما فات لا أبالي وما على عادم أجاجاً ... وعنده بحر الزلال دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله جعفر بن محمد الصضادق عليه السلام فقلا: علمني يا ابن رسول اللله مما علمك الله، قفقلا إذا تظاهرت الذتوب عليك بالاستغفار / وإذا تظاهرت بالنعم فعليك بالشكر، وإذا تظاهرت الغموم فقل لا حول ولا قوة إلا بالله، فخرج سفيان وهو يقول: ثلاث وأي ثلاث ورد في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: عجبت ممن يحتمي عن الطعام مخافة المرض كيف لا يحتمي عن الذنوب مخافة النار.

لبعضهم: مثل الرزق الذي تطلبه ... مثل الظل الذي يمشي معك. أنت لا تدركه متبعا ... فإذا زليت عنه تبعك. عبد الله القاسم الشهرزوري: لمعت نارهم وقد عسعس الليل ... ومل الحادي وحار الدليل فتأملتها وفكري من البين عليل ... ولحظ عيني كليل وفؤادي ذاك الفؤاد المعنى وغرامي ... ذاك الغرام الدخيل ثم قابلتها وقلت لصحبي ... هذه النار نار ليلى فميلوا قرموا نحوها لحاظاً صحيحاتٍ ... فعادت خواسئاً وهي حول ثم مالوا إلى الملام وقالوا ... خلب ما رأيت أم تخييل؟ فتجنبتهم وملت إليها ... والهوا مركبي وشوقي الزميل ومعي صاحب أتى يقتفي الآثار ... والحب شأنه التطفيل وهي تبدو ونحن ندنو إلى أن ... حجزت دونها طلول محول فدنونا من الطلول فحالت ... زفرات من دونها وعويل قلت من بالديار قالت جريح ... وأسير مكبل وقتيل ما الذي جئت تبتغي قلت ضيف ... جاء يبغي القرى فأين النزول؟ فأشارت بالرحب دونك فاعقرها ... فما عندنا لضيف رحيل من أتانا ألقى عصا السير عنه ... قلت من لي بذا وكيف السبيل؟ فحططنا إلى منازل قوم ... صرعتهم قبل المذاق الشمول درس الوجد منهم كل رسم ... فهو رسم والقوم فيه حلول منهم من عفى ولم يبقى للشكوى ... ولا للدموع فيه مقيل ليس إلا الأنفاس تخبر عنه ... وهو عنها مبرأ معزول ومن القوم من يشير إلى وجد ... تبقى عليه منه القليل قلت أهل الهوى سلام عليكم ... بي فؤاد عنكم بكم مشغول لم يزل حافز من الشوق ... يحدوني إليكم والحادثات تحول

جئت كي أصطلى فهل لي إلى ... ناركم هذه الغداة سبيل؟ فأجابت شواهد الحال عنهم ... كل حد من دونها مفلول لا تروقنك الرياض الأنيقات ... فمن دونها ربي وذحول كم أتاها قوم على غرة منها ... وراموا قرىً فعز الوصول (وقفوا شاخصين حتى إذا ما ... لاح للوصل غرة وحجول) (وبدت راية الوفا بيد الوجد ... ونادى أهل الحقائق جولو) (أين من كان يدعينا فهذا اليوم ... فيه سيف الدعاوي يصول) (حملوا حملة الفحول ولا يصوع ... يوم اللقاء إلا الفحول) (بذلوا أنفسا سخت حين سخت ... بوصال واستصغر المبذول) ( ... ثم غابوا من بعد ما اقتحموها ... بين أمواجها وجاءت سيول) (قذفتهم إلى الرسوم وكل ... دمه في طلولها مطلول) (منتهى الحظ ما تزود من اللحظ ... والمدركون منه قليل) (نارها هذه تضئ لمن يسري ... بليل لكنها لا تنيل) (جاءها من عرفت يبغي اقتباسا ... وله البسط والمنى والسول) (فتعالت عن المنال وعزت ... عن دنو إليه وهو رسول) (ولكل منهم رأيت مقاما ... شرحه في الكتاب مما يطول) فوقفنا كما عهدت حيارى ... كل عزم من دوننا محلول يدفع الوقت بالرجاء وناهيك ... بقلب غذاؤه التعليل كلما ذاق كأس يأس مريرٍ ... جاء كأس من الرجا معسول وإذا سولت له النفس أمراً ... حيد عنه وقيل صبر جميل هذه حالنا وما وصل العلم ... إليه وكل حال تحول من وفيات الأعيان: دخل عمرو بن عبيد يوماً على المنصور، وكان صديقه قبل

خلافته فقربه وعظمه، ثم قال له عظني: فوعظه بمواعظ منها: قوله: إن لهذا الأمر الذي في يدك لو بقي في يد غيرك لم يصل إليك، فاحذر ليلة يوم لا ليل بعده، فلما أراد النهوض قال له: قد أمرنا لك بعشرة آلاف درهم، فقال: لا حاجة لي فيها فقال: والله تأخذها فقال والله لا آخذها. وكان المهدي ولد المنصور حاضراً، وقال يحلف أمير المؤمنين وتحلف أنت فالتفت عمرو إلى المنصور وقال: من هذا الفتى؟ قال هذا المهدي ولدي وولي عهدي، قال: أما لقد ألبسته لباساً هو لباس الأبرار وسميته باسم ما استحقه ومهدت له أمراً أمتع ما يكون به أشغل ما يكون عنه، ثم التفت عمرو إلى المهدي وقال: يا ابن أخي إذا حلف أبوك أحنثه عمك، لأن أباك أقوى على الكفارة من عمك، فقال له المنصور هل من حاجة؟ قال لا تبعث إلي حتى آتيك قال إذن لا تلقاني، قال هي حاجتي ومضى فأتبعه المنصور طرفه. وقال: كلكم يمشي رويد ... كلكم طالب صيد غير عمرو بن عبيد توفي عمرو بن عبيد سنة أربع وأربعين ومائة وهو راجع من مكة بموضع يقال له مران. ورثاه المنصور بقوله صلى الإله عليك من متوسد ... قبراً مررت به على مران قبراً تضمن مؤمناً متحققاً ... صدق افله ودان بالفرقان لو أن هذا الدهر أبقى صالحاً ... أبقى لنا عمرواً أبا عثمان قال ابن خلكان: لم يسمع بخليفة رثى من دونه سواه ومران بفتح الميم وتشديد الراء موضع بين مكة والبصرة. قال ابن خلكان في وفيات الأعيان عند ذكر حماد عجرد ما صورته: إن حماداً كان ماجناً خليعاً متهماً في دينه بالزندقة، وكان بينه وبين أحد الأئمة الكبار مودة، ثم تقاطعا فبلغه أنه ينتقصه فكتب إليه هذه الأبيات. إن كان نسكك لا يتم ... بغير شتمي وانتقاصي فاقعد وقم بي كيف ... شئت؟ مع الأداني والأقاصي فلطالما شاركتني ... وأنا المقيم على المعاصي أيام نأخذها ونعطي ... في أباريق الرصاص ويقال: إن الإمام المذكور هو أبو حنيفة

ذكر صاحب تاريخ الحكماء عند ترجمة الشيخ موفق الدين البغدادي أنه قال: لما اشتد بأستاذي المرض الذي مات فيه، وكان ذات الجنب عن نزلة فأشرت عليه بالمداواة فأنشد: لا أذود الطير عن شجر ... قد بلوت المر من ثمره من كلام النبي صلى الله عليه وسلم: لأن أكون في شدة أتوقع رخاء، أحب إلي من أن أكون في رخاء أتوقع شدة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أذنب ذنباً، فأوجع قلبه عليه، غفر له ذلك الذنب وإن لم يستغفر منه. العباس بن الأحنف لابد للعاشق من وقفة ... تكون بين الصد والصرم حتى إذا الهجر تمادى به ... راجع من يهوى على رغم وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه. قال صاحب الإكسير في تفسير هذه الآية: المراد وما وليناك الجهتين إلا لأنك المنعوت في التوراة بذي القبلتين فأكدنا على اليهود الحجة لنعلم من يتبعك عن ظهور أيامك انتهى ولا يخفى أنه يمكن تطبيق كلامه هذا على كل من الجعل الناسخ والمنسوخ فتدبر. وقال صاحب جامع البيان وهو من المتأخرين عن زمان البيضاوي: ويحتمل أن يراد من التي كنت عليها الكعبة أي خاطرك مائل إليها فإن الأصح أن القبلة قبل الهجرة الصخرة لكن خاطره الأشرف مايل إلى أن تكون الكعبة قبلة انتهى كلامه ولا يخفى أنه على هذا يمكن توجيه إرادة الجعل الناسخ في الرواية عن أئمتنا رضي الله عنهم، أن قبلته صلى الله عليه وسلم كانت في مكة بيت المقدس فتأمل. من الكشاف في تفسير وما جعلنا الآية التي كنت عليها ليست بصفة للقبلة إنما هي ثاني مفعول جعل يريد وما جعلنا القبلة الجهة التي كنت عليها، وهي الكعبة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بمكة إلى الكعبة، ثم أمر بالصلاة إلى صخرة بيت المقدس بعد الهجرة تألفاً لليهود، ثم حول إلى الكعبة، فيقول وما جعلنا القبلة التي تحب أن تستقبلها الجهة التي كنت عليها أولاً بمكة، يعني وما رددناك إليها إلا امتحاناً للناس وابتلاء لنعلم الثابت على الإسلام الصافية ممن هو على حرف ينكص على عقبيه لقلقه فيرتد كقوله: وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا، الآية، ويجوز أن يكون بياناً للحكمة في جعل بيت المقدس قبلته أن أصل أمرك أن تسقبل الكعبة وإن استقبالك بيت المقدس كان أمراً عارضاً لغرض، وإنما جعلنا القبلة التي كنت عليها قبلتك وقبل هذا وهي بيت المقدس لنمتحن الناس وننظر من يتبع الرسول منهم ومن لا يتبعه وينفر عنه. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنه كانت قبلته بمكة بيت المقدس إلا أنه كان يجعل الكعبة بينه وبينه. لله در من قال لا أشتكي زمني هذا فأظلمه ... وإنما أشتكي من أهل ذا الزمن هم الذئاب التي تحت الثياب فلا ... تكن إلى أحد منهم بمؤتمن قد كان لي كنز صبر فافتقرت إلى ... إنفاقه في مداراتي لهم ففني الشيخ شمس الدين الكوفي إليك إشاراتي وأنت مرادي ... وإياك أعني عند ذكر سعاد وأنت تثير الوجد بين أصابعي ... إذا قال حاد أو ترنم شادي

وحبك ألقى النار بين جوانحي ... بقدح وداد لا بقدح زناد خليلي كفا عني العذل واعلما ... بأن غرامي آخذ بقيادي ولذة ذكرى للعقيق وأهله ... كلذة برد الماء في فم صادي طربنا بتعريض العذول بذكركم ... فنحن بواد والعذول بواد مما أنشده العلامة على الإطلاق مولانا قطب الدين شيرازي: خير الورى بعد النبي ص ... من بنته في بيته من في دجى ليل العمى ... ضوء الهدى في زيته قال المحقق الدواني في بحث التوحيد من إثبات الواجب الجديد أقول: لأن هذا المطلب أدق المطالب الإلهية وأحقها بأن يصرف فيه الطالب وكده وكده، ولم أر في كلام السابقين ما يصفو عن شوب ريب، ولا في كلام اللاحقين ما يخلو عن وصمة عيب، فلا بأس على أن أشبع فيه الكلام حسبما يبلغ إليه فهي وإن كنت موقناً بأنه سيصير عرضة لملام اللئام. بيت إذا رضيت عني كرام عشيرتي ... فلا زال غضباناً علي لئامها وأقدم على ذلك مقدمة هي أن الحقايق لا يقتنص من قبيل الإطلاقات العرفية، وقد يطلق في العرف على معنى من المعاني لفظ توهم ما لا يساعده البرهان، بل يحكم بخلافه، ونظير ذلك كثير منه: إن لفظ العلم إنما يطلق في اللغة على ما يعبر عنه: بدانستن ودانش ومراد فإنهما مما يوهم أنه من قبيل النسب، ثم البحث المحقق والنظر الحكمي يقضي بأن حقيقته هو الصورة المجردة، وربما يكون جوهراً كما في العلم بالجوهر بل ربما لا يكون قائماً بالعالم بل قائماً بذاته كما في علم النفس وساير المجردات بذواتها، بل ربما يكون عين العالم كعلم الواجب تعالى بذاته، ومنه أن الفصول الجوهرية يعبر عنها بألفاظ توهم أنها إضافات عارضة لتلك الجواهر، كما يعبر عن فصل الإنسان بالناطق والمدرك للكليات وعن فصل الحيوان بالحساس والمتحرك بالإرادة، والتحقيق أنها ليست من النسب والإضافات في شيء بل هي الجواهر، فإن جزء الجوهر لا يكون إلا جوهراً كما تقرر عندهم.

وبعد ذلك، نمهد مقدمة أخرى وهي: أن صدق المشتق على شيء لا يقتضي قيام مبدء الاشتقاق به وإن كان في عرف اللغة توهم ذلك، حيث فسر أهل العربية اسم الفاعل بما يدل على أمر قام به المشتق منه وهو بمعزل عن التحقيق، فإن صدق الحداد على زيد إنما هو بسبب كون الجديد موضوع صناعته على ما صرح به الشيخ وغيره، وصدق المشمس على الماء المستند إلى نسبة الماء إلى الشمس بتسخينه، وبعد تمهيد هاتين المقدمتين نقول: يجوز أن يكون الوجود الذي هو مبدء الاشتقاق للموجود ما أمراً قائماً بذاته هو حقيقة الواجب ووجود غيره تعالى عبارة عن انتساب ذلك الغير إليه سبحانه ويكون الموجود أعم من تلك الحقيقة ومن غيرها المنتسب إليه، وذلك المفهوم العام أمر اعتباري عد من المعقولات الثانية وجعل أول البديهيات فإن قلت: كيف يتصور كون تلك الحقيقة موجودة في الخارج مع أنها كما ذكرته عين الوجود؟ وكيف يعقل كون الموجود أعم من تلك الحقيقة وغيرها؟ قلت: ليس معنى الموجود يتبادر إلى الذهن ويوهمه العرف من أن يكون أمراً مغايراً للوجود بل ما يعبر عنه بالفارسية وغيرها ومرادفاتها، فإذا فرض الوجود عن غيرها قائماً بذاته كان وجوداً لنفسه فيكون موجوداً بذاته كماأن الصورة المجردة إذا قامت بنفسها فكانت علماً وعالماً ومعلوماً كالنفوس والعقول بل الواجب تعالى. ومما يوضح ذلك أنه لو فرض تجرد الحرارة عن النار كان حاراً وحرارة، إذ الحار ما يؤثر تلك الآثار المخصوصة من الإحراق وغيره والحرارة على تقدير تجردها كذلك. قد صرح بهمنيار في كتاب البهجة والسعادة: بأنه لو تجردت الصورة المحسوسة عن الحس وكانت قائمة بنفسها كانت حاسة ومحسوسة ولذلك ذكروا أنه لا يعلم كون الوجود زايداً على الموجود إلا ببيان مثل أن يعلم أن بعض الأشياء قد يكون موجوداً فيعلم أنه ليس عين الوجود أو يعلم أنه إنما هو عين الوجود يكون واجباً بالذات، ومن الموجودات ما لا يكون واجباً وزيد الوجود عليه. فإن قلت: كيف يتصور هذا المعنى الأعم من الوجود القائم بذاته وما هو منتسب إليه؟ قلت: يمكن أن يكون هذا المعنى أحد الأمرين من الوجود القائم بذاته وما هو منتسب إليه انتساباً مخصوصاً ومعنى ذلك أن يكون مبدءاً للآثار ومظهراً للأحكام ويمكن أن يقال: إن هذا المعنى ما قام به الوجود أعم من أن يكون وجوداً قائماً بنفسه فيكون قيام الوجود به قيام الشيء بنفسه، ومن أن يكون من قيام الأمور المنتزعة العقلية لمعروضاتها كقيام الأمور الاعتبارية مثل الكلية والجزئية ونظايرهما ولا يلزم من كون إطلاق القيام على هذا المعنى مجازاً أن يكون إطلاق الموجود عليه مجازاً كما لا يخفى، على أن الكلام هاهنا ليس في

بحث في القبلتين

المعنى اللغوي وأن إطلاق الموجود عليه حقيقة أو مجازاً فإن ذلك ليس من المباحث العقلية في شيء. فتلخص من هذا أن الوجود الذي هو مبدأ اشتقاق الموجود أمر واحد في نفسه وهو حقيقة خارجية، والموجود أعم من هذا الوجود القائم بنفسه وهو مما ينتسب إليه انتساباً خاصاً وإذا حمل كلام الحكماء على ذلك لم يتوجه عليه أن المعقول من الموجود أمر اعتباري هو وصف للموجودات وهو الذي جعلوه أول الأوايل البديهية، فإطلاق الموجود على تلك الحقيقة القائمة بذاتها إنما يكون بالمجاز أو بوضع آخر، ولا يجدي ذلك في استغناء الواجب عن عروض الوجود والمفهوم المذكور أمر اعتباري، فلا يكون حقيقة الواجب تعالى. بحث في القبلتين قوله تعالى: " وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه " قد اتفق الكل على أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى صخرة بيت المقدس بعد الهجرة مدة ثم أمر أهل البيت رضي الله عنهم، أنها كانت بيت المقدس، ثم لا يخفى أن الجعل في الآية الكريمة جعل مركب لا بسيط وقوله تعالى: كنت عليها ثاني مفعوليه كما نص عليه صاحب الكشاف واختلفوا في المراد بهذا الموصول؛ فأئمتنا سلام الله عليهم على أن المراد ببيت المقدس ما يجعل في الآية هو الجعل المنسوخ، وأما القائلون بأنه كان صلى الله عليه وسلم يصلي بمكة إلى الكعبة فالجعل عندهم يحتمل أن يكون جعلاً منسوخاً باعتبار الصلاة في المدينة مدة إلى بيت المقدس، وأن يكون جعلاً ناسخاً باعتبار الصلاة بمكة. أقول: وبهذا يظهر أن جعل البيضاوي رواية ابن عباس دليلاً على جواز كون الجعل منسوخاً كلام لا طايل تحته، وصاحب الكشاف لما قرر ما يستفاد منه جواز إرادة الجعل الناسخ والمنسوخ نقل الرواية عن ابن عباس، وغرضه بيان مذهبه في تفسير هذه الآية كما ينقل مذهبه في كثير من الآيات، فظن البيضاوي أن مراده الاستدلال على جواز إرادة الجعل المنسوخ. قال بعض الحكماء لبنيه: لا تعادوا أحداً وإن ظننتم أنه لا يضركم ولا تزهدا في صداقة أحد وإن ظننتم أنه لا ينفعكم، فإنكم لا تدرون متى تخافون عداوة العدو، ولا متى ترجون صداقة الصديق. وقيل للمهلب: ما الحزم؟ فقال: تجرع الغصص إلى أن تنال الفرص. ومن كلامهم ما تزاحمت الظنون على شيء مستور إلا كشفته. لما تقدم الحلاج إلى القتل قطعت يده اليمنى، ثم اليسرى، ثم رجله فخاف أن يصفر وجهه من نزف الدم فأدنى يده المقطوعة من وجهه فلطخه بالدم ليخفي اصفراره. وأنشد لم أسلم النفس للأسقام تبلغها ... إلا لعلمي بأن الوصل يحييها نفس المحب عل الآلام صابرة ... لعل مسقمها يوماً يداويها فلما صلب إلى الجذع قال: يا معين الضنى علي ... أعني على الضنى ثم جعل يقول: مالي جفيت وكنت لا أجفى ... ودلايل الهجران لا تخفى وأراك تمزجني وتشربني ... ولقد عهدتك شاربي صرفا فلما بلغ به الحال أنشأ يقول: لبيك يا عالماً سري ونجوائي ... لبيك لبيك يا قصدي ومعنائي أدعوك بل أنت تدعوني إليك فهل ... ناجيت إياك أم ناجيت إيائي حبي لمولاي أضناني وأسقمني ... فكيف أشكو إلى مولاي مولائي يا ويح روحي من روحي ويا أسفي ... علي مني فإني أصل بلوائي قيل لعمر بن عبد العزيز: ما كان بدء توبتك؟ فقال: أردت ضرب غلام لي، فقال لي: يا عمر اذكر ليلة صبيحتها يوم القيامة. من المستطهري للغزالي: حكى عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله الخراساني، قال: حججت مع أبي سنة حج الرشيد، فإذا نحن بالرشيد، واقف حاسر حاف على الحصباء وقد رفع يديه وهو يرتعد ويبكي ويقول: يا رب أنت أنت، وأنا أنا، أنا العواد بالذنوب وأنت العواد بالمغفرة، اغفر لي فقال لي أبي: انظر إلى جبار الأرض كيف يتضرع إلى جبار السماء؟ ! ومنه أيضاً: شتم رجل أبا ذر، فقال له أبو ذر: يا هذا إن بيني وبين الجنة عقبة، فإن أنا جزتها فوالله ما أبالي بقولك، وإن هو صدني دونها فإني أهل لأشد مما قلت لي. ثم أقول: إن في كلام الإمام الرازي في تفسيره الكبير في هذه الآية نظراً أيضاً فإنه فسر الجعل بالشرع والحكم أي: وما شرعنا القبلة التي كنت عليها وما حكمنا عليك بأن تستقبلها إلا لنعلم؛ ثم قال إن قوله تعالى: " التي كنت عليها ليس نعتاً للقبلة وإنما هو ثاني مفعولي جعلنا، وأنت خبير بأن أول كلامه مناف لآخره فتأمل به.

من كتاب قرب الإسناد، عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه: كان فراش علي وفاطمة رضي الله عنهما حين دخلت عليه إهاب كبش إذا أرادا أن يناما عليه، قلباه، وكانت وسادتهما أدماً حشوها ليف وكان صداقها درعاً من حديد. ومن الكتاب المذكور عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى: " يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان " قال: من ماء السماء ومن ماء البحر، فإذا أمطرت فتحت الأصداف أفواهها، فيقع فيها من ماء المطر فيخلق اللؤلؤ الصغيرة من القطرة الصغيرة واللؤلؤ الكبيرة من القطرة الكبيرة. صورة كتاب يعقوب إلى يوسف على نبينا وعليهما السلام بعد إمساكه أخاه الصغير باتهام أنه سرق نقلتها من الكشاف: من يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر: أما بعد فإنا أهل بيت موكل بنا البلاء أما جدي فشدت يداه ورجلاه ورمي به في النار ليحرق فنجاه الله وجعلت عليه النار برداً وسلاماً، وأما أبي فوضع السكين على قفاه ليقتل ففداه الله، وأما أنا فكان لي ابن وكان أحب أولادي إلي فذهب به إخوته إلى البرية ثم آتوني بقميصه ملطخاً بالدم وقالوا قد أكله الذئب فذهبت عيناي من بكائي عليه، ثم كان لي ابن وكان أخاه من أمه، وكنت أتسلى به فذهبوا به، ثم رجعوا وقالوا: إنه سرق وأنك حبسته لذلك وإنا أهل بيت لا نسرق ولا نلد سارقاً، فإن رددته علي وإلا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولدك والسلام. قال في الكشاف: فلما قرأ يوسف الكتاب لم يتمالك وبكى وكتب في الجواب: إصبر كما صبروا، تظفر كما ظفروا. لبعض الأكابر ما وهب الله لامرىء هبة ... أحسن من عقله ومن أدبه هما جمال الفتى فإن فقدا ... ففقده للحياة أجمل به قال بعض الحكماء لبنيه: لا تعادوا أحدا وإن ظننتم أنه لا يضركم، ولا تزهدوا في صداقة أحد وإن ظننتم أنه لا ينفعكم، فإنكم لا تدرون متى تخافون عداوة العدو، ولا متى ترجون صداقة الصديق.

قيل للمهلب: ما الحزم؟ قال: تجرع الغضض إلى ا، تنال الفرص. من كلامهم: ما تزاحمت الظنون على شئ مستور إلا كشفته. الحلاج إلى القتل قطعت يده اليمنىثم اليسرى، ثم رجله فخاف أن يصفر وجهه من نزف الدم، فأدنى يده المقطوعة من وجههه، فلطخه بالدم يخفى اصفراره، وأنشد: لم أسلم النفس للأسقام تتلفها ... إلا لعلمي بأن الوصل يحمييها نفس المحب على الآلام صابرة ... لعل ميقمها يوما يداويها لما شيل إلى الجذع: قال: يا معين الضنى علي أعني على الضنى. ثم جعل يقول: مالي جفييت وكنت لا أجفى ... ودلائل الهجران لا تخفى وأراك تمزجني وتتشربني ... ولقد عهدتك شاربي صرفا. فلما بلغ به الحال أنشأ يقول: لبيك يا عالما سري ونجواي ... لبيك لبيك يا قصدي ومعنايا أدعوك بل أنت تدعوني إليك فهل ... ناجيت إياك أم ناجيت إيانا حتى لمولاي أضناني وأسقمني. . فكيف أشكو إلى مولاي مولايا يا ويح روحي من روحي ويا أسفي ... علي مني فإني أصل بلوايا من المستظهري، للغزالي رحمه الله تعالى حكى إبراهيم بن عبد الله الخراساني قال: حججت مع أبي سنة حج الرشيد فإذا نحن بالرشيد واقف حاسر حاف على الحصباء، وقد رفع يديه وهو يرتعد ويبكي ويقول: يا رب أنت أنت وأنا أنا، أنا العواد بالذنب وأنت العواد بالمغفرة، أعفر لي: فقال لي أبي: انظر إلى جبار الأرض كيف يتضرع إلى جبار السماء. ومنه أيضا: شتمك رجل أبا ذر الغفاري رضي الله عنه، فقال له أبو ذر: يا هذا إن بيني وبين الجنة عقبة، فإن أنا جزتها فوالله ما أبالي بقولك، وإن هو صدنب دونها فإني أهل لألأشد مما قلت لي. ابن حجة الحموي خاطبنا العاذل عند الملام ... بكثرة الجهل فقلنا سلام ما لا منا من قبل لكنه ... لما رأى العارض في الخد لام

وليس لي من عشقه مخلص ... لكنني أسأل حسن الختام والجفن في لجة دمعي غدا ... من بعده يسبح شهراً وعام اخترته مولى فيا ليته ... لو قال يا بشرأي هذا غلام لبرق هذا الثغر كم عاشق؟ ! ... قد هام وجداً بين مصر وشام وفيه قد زاحمني شارب ... والمنهل العذب كثير الزحام مالي سهم قط من وصله ... لكن من اللحظ لقلبي سهام كتب النصير الحمامي إلى الجزار ومذ لزمت الحمام صرت به ... خلا يداري من لا يداريه أعرف حر الأسى وباردها ... وآخذ الماء من مجاريه وكتب الجزار إليه حسن التأني مما يعين على ... رزق الفتى والعقول تختلف والعبد قد صار في جزارته ... يعرف من أين تؤكل الكتف وللجزار لا تلمني مولاي في سوء حالي ... عند ما قد رأيتني قصابا كيف لا أرتضي الجزارة ما ... عشت قديماً وأترك الآدابا وبها صارت الكلاب ترجيني ... وبالشعر كنت أرجو الكلابا سمع أمير المؤمنين رضي الله عنه رجلاً يتكلم بما لا يعنيه، فقال يا هذا إنما تملي على كاتبيك كتاباً إلى ربك. من كلام أفلاطون: إذا أردت أن تطيب عيشك فارض من الناس بقولهم: إنك مجنون بدل قولهم: إنك عاقل. أبو الفتح محمد الشهرستاني صاحب كتاب الملل والنحل منسوب إلى شهرستان بفتح الشين، قال اليافعي في تاريخه: شهرستان اسم لثلاث مدن الأولى في خراسان بين نيشابور وخوارزم، والثانية قصبة بناحية نيشابور، والثالثة مدينة بينها وبين إصفهان ميل ونسبة أبي الفتح المذكور إلى الأولى. ومما أنشده في كتاب الموسوم بالملل والنحل عند ذكر اختلاف بعض الفرق:

لقد طفت في تلك المعاهد كلها ... ورددت طرفي بين تلك المعالم فلم أر إلا واضعاً كف حاير ... على ذقنٍ أو قارعاً سن نادم وفاته سنة خمسمائة وسبع وأربعين كذا ذكر في تاريخ اليافعي. صاحب الملل والنحل بعد ان عد الحكماء السبعة الذين قال: إنهم أساطين الحكمة وذكر آخرهم أفلاطون قال: وأما من جانسهم في الزمان وخالفهم في الرأي فمنهم: أرسطاطاليس وهو المقدم المشهور والمعلم الأول والحكيم المطلق عندهم ولد في أول سنة من ملك أردشير، فلما أتت عليه سبع عشر سنة أسلمه أبوه إلى أفلاطون فمكث عنده نيفاً وعشرين سنة، وإنما سموه المعلم الأول، لأنه واضع التعاليم المنطقية ومخرجها من القوة إلى الفعل وحكمه حكم واضع النحو وواضع العروض، فإن نسبة المنطق إلى المعاني نسبة النحو إلى الكلام، والعروض إلى الشعر ثم قال: وكتبه في الطبيعيات والألهيات والأخلاق معروفة ولها شروح كثيرة ونحن أخترنا في نقل مذهبه شرح ثامسطيوس الذي اعتمده مقدم المتأخرين ورئيسهم أبو علي سينا وأحلنا ما في مقالاته في المسائل على نقل المتأخرين، إذ لم يخالفوه في رأي، ولا نازعوه في حكم كالمقلدين له، والمتهالكين عليه، وليس الأمر على ما نالت ظنونهم إليه، ثم قرر محصول رأيه وخلاصة مذهبه في الطبيعي والألهي في كلام طويل، ثم قال في آخره، فهذه نكت كلامه استخرجناها من مواضع مختلفة، وأكثرها من شرح ثامسطيوس. والشيخ علي بن سينا الذي يتعصب له وينصر مذهبه ولا يقول من الحكماء إلا به. لبعضهم خفيت عن العيون فأنكرتني ... فكان به ظهوري للقلوب وأوحشني الأنيس فغبت عنه ... لتأنيسي بعلام الغيوب وكيف يروعني التقريد يوماً ... ومن أهوى لدي بلا رقيب إذا ما استوحش الثقلان مني ... أنست بخلوتي ومعي حبيبي في تفسير القاضي وغيره أن إدريس على نبينا وعليه السلام أول من تكلم في الهيئة والنجوم والحساب. وفي الملل والنحل في ذكر الصابئة قال: إن هرمس هو إدريس عليه السلام صرح في أوايل شرح حكمة الإشراق: هرمس هو إدريس عليه السلام وصرح ماتنه بأنه من أساتذة أرسطو.

أحاديث منقولة من صحيح البخاري

الحارث الهمداني عن أمير المؤمنين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي ما من عبد إلا وله جواني وبراني، يعني سريرة وعلانية فمن أصلح جوانيه أصلح الله برانيه ومن أفسد جوانيه أفسد الله برانيه، وما من أحد إلا وله صيت في أهل السماء، فإذا حسن وضع له ذلك في الأرض، وإذا ساء صيته في السماء وضع له ذلك في الأرض، فسئل عن صيته ما هو؟ قال: ذكره. من إحياء علوم الدين رأى أبو بكر الراشيد محمد الطوسي في المنام، فقال: قل لأبي سعد الصفار المؤدب: وكنا على أن لا نحول عن الهوى ... فقد وحيات الحب حلتم وما حلنا قال فانتبهت، فأتيته، وذكرت له ذلك، فقال: كنت أزوره كل جمعة، فلم أزره هذه الجمعة. ابن الخياط خذا من صبا نجد أماناً لقلبه ... فقد كاد رياها يطير بلبه وإياكما ذاك النسيم فإنه ... إذا هب كل الوجد أيسر خطبه وفي الحي محني الضلوع على جوى ... متى يدعه داعي الغرام بلبه إذا نفحت من جانب الغور نفحة ... ننبه منها داؤه دون صحبه خليلي لو أبصرتما لعلمتما ... مكان الهوى من مغرم القلب صبه غرام على يأس الهوى ورجائه ... وشوق على بعد المزار وقربه تذكر والذكرى تشوق وذو الهوى ... يتوق ومن يعلق به الحب يصبه ومحتجب بين الأسنة والقنا ... وفي القلب من أعراضه مثل حجبه أغار إذا آنست في الحي أنه ... حذاراً عليه أن تكون لحبه بسم الله الرحمن الرحيم أحاديث منقولة من صحيح البخاري ، باب مناقب فاطمة رضي الله عنها حدثنا أبو الوليد حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي مليكه، عن المسور بن محرمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني.

باب في فرض الخمس حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح، عن ابن شهاب: أخبرني عروة بن الزبير: أن عايشة أم المؤمنين أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه فقال لها أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث ما تركناه صدقة، فغضبت فاطمة بنت رسول الله فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، قال وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما أفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة، فأبى أبو بكر عليها ذلك، وقال: لست تاركاً شيئاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به، فإني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ، فأما صدقته بالمدينة، فدفعها عمر إلى علي وعباس، وأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر وقال: هما صدقة رسول الله كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه، وأمرهما إلى من ولي الأمر قال فهما على ذلك إلى اليوم. في باب مرض النبي: حدثنا قتيبة، حدثنا سفيان عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس: يوم الخميس وما يوم الخميس؟ ! اشتد برسول الله وجعه فقال: ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً فتنازعوا وقال: لا ينبغي عندي تنازع فقالوا: ما شأنه أهجر استفهموه فذهبوا يردون عليه، فقال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه وأوصاهم بثلاث، قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بمثل ما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالثة أو قال فنسيتها. حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس: قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال وفيهم عمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم هلموا أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، فقال بعضهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت، واختصموا فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول: غير ذلك: فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا عني قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.

باب قوله تعالى: " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج " حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن عمر بن أبي بكر، حدثنا أبو رجا، عن عمران بن حصين، قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله، ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينزل قرآن يحرمه ولم ينه عنه حتى مات صلى الله عليه وسلم قال رجل برأيه ما شاء، قال أبو عبد الله إنه عمر. باب قوله: " وإذا رأوا تجارة أو لهواً " حدثنا حفص بن عمرو، وحدثنا خالد بن عبد الله بن حصين: عن سالم بن أبي جعدة، وعن أبي سفيان، وعن جابر بن عبد لله قال: أقبلت عير يوم الجمعة، ونحن مع النبي فسار الناس إلا اثنا عشر رجلاً فأنزل الله: " وإذا رأوا تجارة أو لهواً ". باب قوله: " وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه " حديثاً حدثنا علي حدثنا سفيان حدثنا يحيى بن سعيد، قال: سمعت عبيد بن حنين، قال سمعت ابن عباس، يقول: أردت أن أسأل عمر فقلت له: من المرأتان اللتان تظاهرتا رسول الله، فما أتممت كلامي حتى قال عايشة وحفصة. باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: قوموا عني، حدثني إبراهيم بن موسى قال حدثنا هشام عن معمر ح وحدثني عبد الله بن محمد، قال حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس. قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال النبي صلى الله عليه وسلم هلم: أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده فقال عمران النبي قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلفوا أهل البيت، فاختصموا منهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي صلى الله عليه وسلم كتاباً لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول: ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا عني قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم. باب الحوض: حدثنا يحيى بن حماد قال: حدثنا أبو عوانة، عن سليمان، عن شقيق عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا فرطكم على الحوض، وحدثني عمرو بن علي، حدثنا محمد ابن جعفر، حدثنا شعبة، عن المغيرة، قال: سمعت أبا وائل عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أنا فرطكم على الحوض ليرفعن علي الرجال منكم، ثم لتختلجن دوني وأقول: يا رب أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ". حدثنا عبد العزيز بن مسلم بن إبراهيم قال حدثنا وهيب قال: حدثنا أنس: عن

النبي، قال: " ليردن علي ناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني فأقول أصحابي، فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك؟ ! ". حدثنا سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا محمد بن مطرف قال: حدثني أبو حازم، عن سهل ابن سعد قال النبي: " أنا فرطكم على الحوض من مر علي شرب ومن شرب لم يظمأ أبداً فيردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم ". قال أبو حازم، فسمعني النعمان بن أبي العباس، فقال: هكذا سمعت من سهل، فقلت: نعم فقال: أشهد على أبي سعيد الخدري سمعته وهو يزيد فيها، فيقول: إنهم أمتي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن غيره بعدي، وقال ابن عباس سحقاً بعداً. يقال سحيق بعيد، سحقه وأسحقه: أبعده. وقال أحمد بن شبيب بن سعيد الحيطي: حدثنا أبي، عن يونس عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون علي الحوض فأقول: يا رب أصحابي فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى. وقال شعيب عن الزهري: كان أبو هريرة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيجلون وقال: عقيل فيحلوون وقال: وقال الزبيدي عن الزهري عن محمد بن علي، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. حدثنا أحمد بن صالح، قال حدثنا ابن وهب، قال: حدثنا ابن شهاب، عن ابن المسيب إنه كان يحدث عن أصحاب النبي أن النبي قال: يا ربي أصحابي فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى. حدثنا إبراهيم بن المنذر الخرامي، قال حدثنا محمد بن فليح؛ قال حدثنا أبي قال: حدثني هلال عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم، خرج رجل بيني وبينهم فقال هلم، فقلت: إلى أين؟ فقال: إلى النار والله، قلت وما شأنهم؟ قال إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقهرى، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم قلت إلى أين؟ قال إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم.

حدثنا سعيد بن أبي مريم؛ عن نافع بن عمر، عن أبي مليكة، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم إني على الحوض حتى وارد علي منكم وسيؤخذ ناس من دوني فأقول: يا ربي مني ومن أمتي فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك،؟ ! والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم وكان ابن أبي مليكة يقول: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا؛ قال أبو عبد الله: على أعقابهم ينكصون أي يرجعون على العقب. دخل أبو حازم على عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر: عظني فقال: اضطجع، ثم اجعل الموت عند رأسك، ثم انظر ما تحب أن يكون فيك في تلك الساعة، فخذ به الآن: وما تكره أن يكون فيك في تلك الساعة فدعه الآن، فلعل الساعة قريبة. ودخل صالح بن بشر على المهدي، فقال له: عظني فقال: أليس قد جلس هذا المجلس أبوك وعمك قبلك؟ قال نعم، قال: فكانت لهم أعمال ترجو لهم النجاة بها، قال نعم قال: فكانت لهم أعمال تخاف عليهم الهلكة منها قال: نعم قال: فانظر ما رجوت لهم فيه فآته وما خفت عليهم فيه فاجتنبه. من الأحياء في كتاب الحج عن رضي الله عنه ما روى الشيطان في يوم هو أصغر، ولا أدحر ولا أحقر، ولا أغيظ منه يوم عرفة، ويقال: إن من الذنوب ذنوباً لا يكفرها إلا الوقوف بعرفة، وقد أسنده جعفر بن محمد رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حديث مسند عن أهل البيت، أعظم الناس ذنباً من وقف بعرفة، فظن أن الله تعالى لم يغفر له. كتب المحقق العلامة الطوسي إلى صاحب حلب بعد فتح بغداد: أما بعد فقد نزلنا بغداد سنة خمس وخمسين وست مائة، " فساء صباح المنذرين " فدعونا مالكها إلى طاعتنا، فأبى، " فحق عليه القول فأخذناه أخذاً وبيلاً "، وقد دعوناك إلى طاعتنا فإن أتيت " فروح وريحان وجنة نعيم " فإن أبيت فلا سلطان منك عليك فلا تكن كالباحث عن حتفه بظلفه والجادع مارن أنفه بكفه والسلام. من خط والدي طاب ثراه: سئل عطاء عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم خير الدعاء دعائي ودعاء الأنبياء من قبلي، وهو: لا إله إلا الله، وحده وحده وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير وليس هذا دعاء إنما هو تقديس وتمجيد، فقال هذا كما قال أمية بن أبي الصلت في ابن جدعان:

حكماء الهند

إذا أثنى عليك المرء يوماً ... كفاه من تعرضه الثناء أفيعلم ابن جدعان ما يراد منه بالثناء عليه ولا يعلم الله ما يراد منه بالثناء عليه. من الإحياء قال الحجاج عند موته: اللهم اغفر لي فإنهم يقولون: إنك لا تغفر لي وكان عمر بن عبد العزيز يعجبه هذه الكلمة منه ويغبطه عليها. ولما حكي ذلك للحسن البصري، قال: قالها، فقيل: نعم، قال: عسى. من كلام بعض الحكماء: الموت كسهم مرسل عليك وعمرك بقدر مسيره إليك. حكماء الهند من الملل والنحل في ذكر حكماء الهند: ومن ذلك أصحاب الفكرة، وهم أهل العلم منهم بالفلك والنجوم وأحكامها. وللهند طريقة تخالف طريقة منجمي الروم والعجم وذلك: أنهم يحكمون أكثر الأحكام باتصالات الثوابت دون السيارات، وينسبون الأحكام إلى خصايص الكواكب دون طبايعها، ويعدون زحل السعد الأكبر وذلك لرفعه مكانه، وعظم جرمه، وهو الذي يعطي العطايا الكلية من السعادة الخلية من النحوسة، فالروم والعجم يحكمون من الطبايع، والهند يحكمون من الخواص، وكذلك طبهم، فإنهم يعتبرون خواص الأدوية دون طبايعها، وهؤلاء أصحاب الفكرة يعظمون أمر الفكر؛ ويقولون: هو المتوسط بين المحسوس والمعقول والصور من المحسوسات ترد عليه والحقايق من المعقولات ترد عليه أيضاً، فهو مورد المعلمين من العالمين ويجتهدون كل الجهد حتى يصرف الوهم والفكر عن المحسوسات بالرياضات البليغة والاجتهادات المجهدة، حتى إذا تجرد الفكر عن هذا العالم تجلى له ذلك العالم، فربما يخبر عن مغيبات الأحوال وربما يقوى على حبس الأمطار، وربما يوقع الوهم على رجل حي فيقتله في الآن في الحال ولا يستبعد ذلك فإن للوهم أثراً عجيباً في تصريف الأجسام والتصرف في النفوس. أليس الاحتلام في تصرف الوهم في الجسم؟ أليس الإصابة بالعين تصرف الوهم في الشخص؟ أليس الرجل يمشي على جدار مرتفع فيسقط في الحال ولا يأخذ من عرض المسافة في خطواته سوى ما أخذه على الأرض المستوية، والوهم إذا تجرد، عمل أعمالاً عجيبة ولهذا كانت أهل الهند تغمض عينها أياماً لئلا يشغل الفكر والوهم بالمحسوسات ومع التجرد إذا اقترن به وهم أخر اشتركا في العمل،

محنة الحلاج

خصوصاً إن كانا مشتركين في الاتفاق، ولهذا كانت عادتهم إذا دهمهم أمر يجتمع أربعون رجلاً من الهند المخلصين المشفقين على رأي واحد في الإصابة لينجلي لهم المهم الذي دهمهم حمله، ويندفع عنهم البلاء الملم الذي يكاد ثقله ومنهم البكريسته لنلكر بسته يعني المصفدين بالحديد وسنتهم حلق الرؤوس واللحى وتعرية الأجساد ما خلا العورة، وتصفيد البدن من أوساطهم إلى صدورهم، لئلا ينشق بطونهم من كثرة العلم وشدة الوهم وغلبة الفكر، ولعلهم رأوا في الحديد خاصية تناسب الأوهام، وإلا فالحديد كيف يمنع انشقاق البطن وكثرة العلم كيف يوجب ذلك؟ ! محنة الحلاج من تاريخ اليافعي: الحسين بن منصور الحلاج أجمع علماء بغداد على قتله، ووضعوا خطوطهم وهو يقول الله في دمي، فإنه حرام، ولم يزل يردد ذلك، وهم يثبتون خطوطهم وحمل إلى السجن، وأمر لمقتدر بالله بتسليمه إلى صاحب الشرطة، ليضرب ألف سوط، فإن مات وإلا يضربه ألفاً أخرى ثم يضرب عنقه، فتسلمه فسلمه الوزير للشرطي وقال له: إن لم يمت فاقطع يديه ورجليه، وجز رأسه واحرق جثته، ولا تقبل خدعه، فتسلمه الشرطي وأخرجه إلى باب الطاق، يجر في قيوده واجتمع عليه خلق عظيم، وضربه ألف سوط، فلم يتأوه ثم قطع أطرافه وجز رأسه وأحرق جثته ونصب رأسه على الجسر وذلك سنة ثلاثمائة وتسع. في الحديث إذا أقبلت الدنيا إلى إنسان أعطته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه. أوصى بعض الحكماء ابنه، فقال: ليكن عقلك دون دينك، وقولك دون فعلك ولباسك دون قدرتك. المحقق التفتازاني ذكر في المطول في بحث العكس من فن البديع: شعر طويت لإحراز الفنون ونيلها ... رداء شبابي والجنون فنون فمنذ تعاطيت الفنون وخضتها ... تبين لي أن الفنون جنون من كتاب سر العربية في أنواع الخياطة يقال خاط الثوب وخرز الخف، وخصف النعل، وكتب القربة وكلب المزادة وسرد الدرع وخاص عين البازي. علم الطلسمات: علم يتعرف منه كيفية تمزيج القوى العالية الفعالة بالسافلة المنفعلة ليحدث عنها أمر غريب في عالم الكون والفساد، واختلف في معنى طلسم، والمشهور

أنواع الخياطة

فيه أقوال ثلاثة، الأول أن الطل بمعنى الأثر فالمعنى أثر اسم، الثاني أنه لفظ يوناني معناه عقدة لا تنحل، الثالث: أنه كناية عن مغلوب أعني مسلط، وعلم الطلسمات أسهل تناولاً من علم السحر وأقرب مسلكاً. وللسكاكي في هذا الفن كتاب جليل القدر عظيم الخطر. أنواع الخياطة من الكتاب الخمسين أو الخميس عن رجال الساكنين السائس صورة كتاب كتبه حاكم الموت وهو علاء الدين ابن الكيا إلى صاحب الشام، في جواب كتابه الذي تهدده فيه باستيصاله وهدم قلاعه: يا للرجال لأمر هال مفظعه ... ما مر قط على سمعي توقعه يا ذا الذي بقراع السيف هددنا ... لا قام نائم جنبي حين تصرعه قام الحمام إلى البازي يهدده ... واستيقظت لأسود الغاب أصبعه أضحى يسد فم الأفعى باصبعه ... يكفيه ما قد تلافي منه أصبعه وقفنا على تفصيله وجمله وما هددنا به من قوله وعمله، فيا لله العجب من ذبابة تطن بأذن فيل، ومن بعوضة تعد في التماثيل، ولقد قالها قبلك قوم آخرون فدمرنا عليهم وما كان لهم من ناصرين: فللباطل تظهرون وللحق تدحضون تدمرون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ولأن صدق قولك في أخذك لرأسي وقلعك قلاعنا بالجبال الرواسي، فتلك أماني كاذبة وخيالات غير صائبة، وهيهات لا تزول الجواهر بالأعراض كما لا تزول الأجسام بالأمراض، ولئن رجعنا إلى الظواهر والمنقولات، وتركنا البواطن والمعقولات لنخاطب الناس على قدر عقولهم، فلنا في رسول الله أسوة حسنة لقوله ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت، وقد علمتم ما جرى على أهل بيته وشيعته وصحابته وعترته فلله الحمد في الآخرة والأولى، إذ لم نزل مظلومين لا ظالمين، ومغصوبين لا غاصبين، وقد علمتم صورة حالنا وكيفية أحوالنا وما يتمنونه من الفوت ويتقربون به إلى حياض الموت فتمنوا الموت إن كنتم صادقين فلا يتمنونه أبداً بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين، فالبس للرزايا أثواباً وتجلبب للبلايا جلباباً، فلارسلنهم فيك منك ولآخذن بهم عنك فتكون كالباحث عن حتفه بظلفه والجادع مارن أنفه بكفه، وستعلمن نبأه بعد حين.

لبعضهم تنكر لي دهري ولم يدر أنني ... أعزو أحداث الزمان تهون وبات يريني الخطب كيف اعتداؤه ... وبت أريه الصبر كيف يكون؟ ولست كمن أخنى عليه زمانه ... فظل على أحداثه يتعتب تلذ له الشكوى وإن لم يجد لها ... صلاحاً كما يلتذ بالحك أجرب الصفي الحلي رحمة الله: (قالت كحلت الجفون بالوسن ... قلت ارتقابا لطيفك الحسن) (قالت نسليت بعد فرقتنا ... فقلت من مسكني وعن سكني) (قالت تشاغلت عن محبتنا ... قلت بفرط البكاء والحزن) (قالت تناسيت قلت عافيتني ... قالت تسليت قلت عن وطني) (قالت تخليت قلت عن جلدي ... قالت تغيرت قلت في بدني) (قالت أذعت الأسرار قلت لها ... صير سري هواك كالعلن) (قالت فماذا تروم قلت لها ... ساعة سعد بالوصل تسعدني) (قالت فعين الرقيب ترصدنا ... قلت فإني للعين لم أبن) (أنحلتني بالصدود منك فلو ... ترصدني المنون لم ترني) وله: (حرضوني على السلو وعابوا ... لك وجها به يعاب البدر) (حاش لله ما لعذري وجه ... في التسلي ولا لوجهك عذر) روي أن الحلاج كان يصبح في بغداد ويقول: يا أهل الإسلام أغيثوني عن الله؛ فلا يتركني ونفسي فآنس بها ولا يأخذني من نفسي فأستريح منها وهذا دلال لا أطيقه يقال: إن هذا الكلام كان أحد البواعث على قتله. ومن شعره كانت لنفسي أهواء مفرقة ... فاستجمعت إذ رأتك العين أهوائي فسار يحسدني من كنت أحسده ... وصرت مولى الورى مذ صرت مولائي

تركت للناس دنياهم ودينهم ... شغلاً بذكرك يا ديني ودنيائي عن كتاب المحاسن، قال: وقع حريق في المدائن فأخذ سلمان سيفه ومصحفه، وخرج من الدار، وقال: هكذا ينجو المخفون. ابن المعتز ضعيفة أجفانه والقلب منه حجر ... كأنما ألحاظه من فعله تعتذر أبو الفتح البستي الدهر خداعة ذو خدعة خلوب ... وصفوه بالقذا مشوب وأكثر الناس فاعتزلهم ... قوالب ما لها قلوب الصفي الحلي قالت كحلت الجفون بالوسن ... قلت ارتقاباً لطيفك الحسن قالت تسليت بعد فرقتنا ... فقلت عن مسكني وعن سكني قالت تشاغلت عن محبتنا ... قلت بفرط البكاء والحزن قالت تناسيت قلت عافيتي ... قالت تسليت قلت عن وطني قالت تخليت قلت عن خلدي ... قالت تغيرت قلت في بدني قالت أذعت الأسرار قلت لها ... صير سري هواك كالعلن قالت فماذا تروم قلت لها ... ساعة سعد بالوصل تسعدني قالت فعين الرقيب ترصدنا ... قلت فإني للعين لم أبن أنحلتني بالصدود منك فلو ... ترصدتني المنون لم ترني حرضوني على السلو وعابوا ... لك وجهاً به يعاب البدر حاش لله ما لعذري وجه ... في التسلي ولا لوجهك عذر علاء الدين انظر صحاح المبسم السكري ... رواية صحت عن الجوهر وصحح النظام في ثغره ... ما قد رواه خاله العنبري معتزلي أصبح لما بدا ... في خده عارضة الأشعري قد كتب الحسن على خده ... يا أعين الناس قفي وانظري أمطر دمعي عارض قد بدا ... يا مرحباً بالعارض الممطر في وجهه لاحت لنا روضة ... نباتها أحلى من السكر وجه لأنواع البها جامع ... من لي بذاك الجامع الأزهري لما نضى من جفنه مرهفاً ... رحت قتيل الناظر الأحور أسهرت لحظاً يا فقيهاً به ... قد راحت الروح على الأشهر كتب يحيى بن خالد من الحبس إلى الرشيد: كلما مر من سرورك يوم ... مر في الحبس من بلائي يوم

ما لنعمى ولا لبؤسي دوام ... لم يدم في النعيم والبؤس قوم قال ابن عباس: من حبس الله الدنيا عنه ثلاثة أيام وهو راض عن الله تعالى، فهو في الجنة سمى المال مالاً، لأنه مال بالناس عن طاعة الله عز وجل. أبو الفتح إذا أبصرت في لفظي فتوراً ... وخطي والبلاغة والبيان فلا تعجل بذمي إن رقصي ... على مقدار إيقاع الزمان قال المحقق الدواني في شرح الهياكل: إن للحيوانات عند المصنف نفوساً مجردة كما هو مذهب الأوايل، وبعضهم أثبت في النبات أيضاً، ويلوح ذلك من بعض تلويحات المصنف، وبعضهم أثبتوا في الجمادات أيضاً. من فعل ما شاء، لقي ما لم يشاء. قال آخر: من فعل ما شاء لقي ما ساء. البهاء زهير المصري يا من لعبت به شمول ... ما ألطف هذه الشمايل؟ نشوان يهزه دلال ... كالغصن مع النسيم مايل لا يمكنه الكلام لكن ... قد حمل طرفه رسائل البدر يلوح في قناع ... والغصن يميل في غلائل والورد على الخدود غض ... والنرجس في الجفون وابل عشق وتحمل مسرة وسكر ... والعقل بدون ذاك زائل ما أطيب وقتنا وأهنى ... والعاذل غائب وغافل لي فيك كما علمت شغل ... لا يفهم سره العواذل لا أطلب في الهوى شفيعاً ... لي فيك غنى عن الوسائل ذا العام مضى وليت شعري ... هل يحصل لي رضاك قابل؟ ها عبدك واقف ذليل ... بالباب يمد كف سائل من وصلك بالقليل يرضى ... الطل من الحبيب وابل مالي وإلى متى التمادي؟ ... قد آن بأن يفيق غافل ما أعظم حسرتي لعمري ... قد ضاع ولم أفز بطائل ما أعلم ما يكون مني ... والأمر كما علمت هايل قد عز علي سوء حالي ... ما يفعل ما فعلت عاقل يا أكرم من رجاه راج ... عن بابك لا يرد سائل

الشيخ سعدي الشيرازي يا نديمي قم بليلي ... واسقني واسق النداما خلني أسهر ليلي ... ودع الناس نياما إسقياني وهدير الدهر ... قد أبكى الغماما في أوان كشف الور ... د عن الوجه اللثاما أيها المصغي إلى الزها ... د دع عنك الملاما فز بها من قبل أن ... يجعلك الدهر عظاما لا تلمني في غلام ... أودع القلب سقاما فبداء الحب كم من ... سيد أضحى غلاما قل لمن عير أهل الحب بالحب ولاما ... لا عرفت الحب هيهات ولا ذقت الغراما الصلاح الصفدي فيه تورية ما أبصر الناس صبري ... على بلائي وكربي الصمت دأب لساني ... وقد تكلم قلبي وله وفيه تورية يقول الزمان ولم تسمع ... لمن طلب الرزق أو أمله أنا حرب من جد في كسبه ... ومن يتقنع تعصبت له وله وفيه القول بالموجب وصاحب لما أتاه الغنى ... تاه ونفس المرء طماحه وقيل هل أبصرت منه يداً ... تشكرهاقلت ولا راحه وله في الشكاية من دمل وفيه تورية: أشكو إلى الله من أمور ... يمر دهري ولا تمر ودمل مع دوام ليل ... ما لهما ما حييت فجر ولجامعه

لا يعز الله من ذللنا ... كل من ذللنا ذل لنا من تأويلات جمال العارفين الشيخ عبد الرزاق الكاشي في قصة مريم: إنما تمثل لها بشراً سوى الخلق، حسن الصورة، لتتأثر نفسها به، فتتحرك على مقتضى الجبلة، ويسري الأثر من الخيال في الطبيعة فتتحرك شهوتها، فتنزل كما يقع في المنام من الاحتلام، وإنما أمكن تولد الولد من نطفة واحدة، لأنه ثبت في العلوم الطبيعية أن مني الذكر في تولد الولد بمنزلة الأنفحة في الجبن ومني الأنثى بمنزلة اللبن أي العقد من مني الذكر والانعقاد من مني الأنثى، لا على معنى أن مني الذكر ينفرد بالقوة العاقدة ومني الأنثى بالقوة المنعقدة، بل على معنى أن القوة العاقدة في مني الذكر أقوى والمنعقدة في مني الأنثى أقوى، وإلا لم يكن أن يتحدا شيئاً واحداً ولم ينعقد مني الذكر حتى يصير جزء من الولد، فعلى هذا إذا كان مزاج الأنثى قوياً ذكورياً كما يكون أمزجة النساء الشريفة النفس القوية القوى وكان مزاج كبدها حاراً، كان المني المنفصل عن كليتها اليمنى أحر كثيراً من المني الذي ينفصل عن كليتها اليسرى وإذا اجتمعا في الرحم وكان مزاج الرحم قوياً في الإمساك والجذب قام مني الأنثى في قوة الانعقاد، فيتخلق الولد هذا، وخصوصاً إذا كانت النفس متأيدة بروح القدس متقوية به يسري أثر اتصالها به إلى الطيعة والبدن وتغيير المزاج ويمد جميع القوى في أفعالها بالمدد الروحاني، فتصير أقدر على أفعالها بما لا ينضبط بالقياس. كتب المنصور العباسي إلى أبي عبد الله جعفر الصادق رضي الله عنه: لم لا تغشانا كما يغشانا الناس؟ فأجابه ليس لنا من الدنيا ما نخافك عليه، ولا عندك من الآخرة ما نرجوك له، ولا أنت في نعمة فنهنيك بها، ولا في نقمة فنعزيك بها، فكتب المنصور إليه تصحبنا لتنصحنا، فكتب إليه أبو عبد الله: من يطلب الدنيا لا ينصحك، ومن يطلب الآخرة لا يصحبك. خرج أبو حازم في بعض أيام المواقف وإذا بامرأة جميلة حاسرة عن وجهها، قد فتنت الناس بحسنها، فقال لها يا هذه إنك بمشعر حرام وقد شغلت الناس عن مناسكهم فاتقي الله، فقالت: يا أبا حازم إني من اللائي قال فيهن الشاعر:

أماطت كساء الخز عن حر وجهها ... وأرخت على المتنين برداً مهلهلا من اللاء لم يحججن يبغين حسبة ... ولكن ليقتلن البريء المغفلا قال أبو حازم لأصحابه: تعالوا ندع الله لهذه الصورة الحسنة أن لا يعذبها الله بالنار فجعل يدعو وأصحابه يؤمنون، فبلغ ذلك الشعبي، فقال: ما أرقكم يا أهل الحجاز، أما لو كان أهل العراق لقال اغربي عليك لعنة الله. قال عبد الله بن المعتز في جملة كلام له: وعد الدنيا إلى خلف، وبقاؤها إلى تلف، كم راقد في طلبها قد أيقظته، وواثق بها قد خانته، حتى يلفظ نفسه ويسكن رمسه وينقطع عن أمله؛ ويشرف على عمله، قد ركض الموت إلى حياته ونقض قوى حركاته وطمس البلى جمال بهجته، وقطع نظام صورته وصار كخط من رماد تحت صفايح انضاد، قد أسلمه الأحباب وافترسه التراب في بيت قد اتخذته المعاول وفرشت فيه الجنادل ما زال مضطرباً في أمله حتى استقر في أجله ومحت الأيام ذكره واعتادت الألحاظ فقده. من كلامهم: إذا أفنيت عمرك في الجمع، فمتى تأكل؟ ! من بعض التواريخ المعتمد عليها اصطبح المأمون وعنده عبد الله بن طاهر ويحيى بن أكثر فغمز المأمون الساقي على إسكار يحيى فسقاه حتى تلف، وبين أيديهم ردم فيه ورد، فشقوا له فيه شبه اللحد ودفنوه في الورد، ونظم المأمون فيه هذين البيتين، وأمر بعض جواريه فغنت بهما عند رأس يحيى: ناديته وهو ميت لا حراك به ... مكفن في ثياب من رياحين وقلت قم قال رجلي لا تطاوعني ... فقلت خذ قال كفي لا تواثيني وجعلت تردد الصوت، فأفاق يحيى وهو تحت الورد فأنشأ يقول مجيباً: يا سيدي وأمير الناس كلهم ... قد جار في حكمه من كان يسقيني إني غفلت عن الساقي فصيرني ... كما تراني سليب العقل والدين لا أستطيع نهوضاً قد وهى بدني ... ولا أجيب المنادي حين يدعوني فاختر لنفسك قاض إنني رجل ... الراح تقتلني والعود تحييني سئل بعض الأدباء من بعض الوزراء جملاً فأرسل إليه جملاً ضعيفاً نحيفاً فكتب

الأديب إليه: حضر الجمل فرأيته متقادم الميلاد كأنه من نتاج قوم عاد، قد أفنته الدهور وتعاقبته العصور فظننته أحد الزوجين اللذين جعلهما الله لنوح في سفينته، وحفظ بهما جنس الجمال لذريته ناحلاً ضئيلاً بالياً هزيلاً، يعجب العاقل من طول الحياة به وتأبى الحركة فيه لأنه عظم مجلد، وصوف ملبد لو ألقى إلى السبع لأباه ولو طرح للذئب لعافه وقلاه قد طال للكلاء فقده، وبعد بالمرعى عهده، لم ير العلف إلا نائماً ولا عرف الشعير إلا حالماً وقد حيرتني بين أن أقتنيه فيكون فيه عناء الدهر أو أذبحه فيكون خصب الرحل، فملت إلى استبقائه، لما تعلم من محبتي للتوفر، ورغبتي في التثمير وجمعي للولد، وادخاري للغد، فلم أجد فيه مدفعاً لفناء، ولا مستمتعاً لبقاء؛ لأنه ليس بأنثى فتحمل، ولا فتى فينسل، ولا صحيح فيرعى، ولا سليم فيبقى، فملت إلى الثاني من رأيك، وعملت على الآخر من قوليك، فقلت أذبحه فيكون وظيفة للعيال، وأقيمه رطباً مقام قديد الغزال، فأنشدني وقد أضرمت النار، وحددت الشفار وشمر الجزار شعر: أعيذها نظرات منك صادقة ... أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم وقال: وما الفايدة في ذبحي وأنا لم يبق؟ إلا نفس خافت، ومقلة إنسانها بائت باهت لست بذي لحم، فأصلح للأكل لأن الدهر قد أكل لحمي، ولا جلدي يصلح للدباغ لأن الأيام مزقت أديمي ولا صوفي للغزل، فإن الحوادث قد جزت وبري: فإن أردتني للوقود فكف بعر أبقى من ناري، ولن تفي حرارة جمري بريح قتاري فوجدته صادقاً في مقالته ناصحاً في مشورته. ولم أدر من أي أمريه أعجب؟ أمن مماطلته الدهر بالبقاء، أم صبره على الضر والبلاء، أم قدرتك عليه مع أعواز مثله، أم تأهيلك الصديق به مع خساسة قدره فما هو إلا كقايم من القبور، أو ناشر عند نفخ الصور والسلام. قد يقال: إن جمع القرآن لا يسمى تصنيفاً، إذ الظاهر أن التصنيف ما كان كلام المصنف. والجواب: إن جمع القرآن إذا لم يكن تصنيفاً لما ذكرت من العلة؛ فجمع الحديث أيضاً ليس تصنيفاً، مع أن إطلاق التصنيف على كتب الحديث شايع ذائع لجامعه يرثى والده رحمه الله تعالى: قف بالطول وسلها أين سلماها ... ورو من جزع الأجفان رياها وردد الطرف في أطراف ساحتها ... وروح الروح من أرواح أرجاها وإن يفتك من الأطلال مخبرها ... فلا يفوتك مرآها ورياها

ربوع فضل يضاهي التبر تربتها ... ودار أنس يحاكي الدر حصباها عدا على جيرة حلوا بساحتها ... صرف الزمان فأبلاهم وأبلاها بدور تم غمام الموت جللها ... شموس فضل سحاب الترب غشاها فالمجد يبكي عليها جازعا أسفا ... والدين يندبها والفضل ينعاها يا حبذا أزمن في ظلهم سلفت ... ما كان أقصرها عمرا وأحلاها أوقات أنس قضيناها فما ذكرت ... إلا وقطع فلب الصب ذكراها ياسادة هجروا واستوطنوا هجرا ... واها لقلب المعنى بعدكم واها رعيا لليلات وصل بالحمى سلفت ... سقيا لأيامنا بالخيف سقياها لعقدكم شق جيب المجد وانصدعت ... أركانه وبكم ما كان أفواها وحر من شامخات العلم أرفعها ... وانهد من باذخها الحلم أرساها يا ثاويا بالمصلى من قرى هجر ... كسيت من حلل الرضوان أرضاها أقمت يا بحر بالبحرين فاجتمعت ... ثلاثة كن أمثالا وأشباها ثلاثة أنت أسداها وأغرزها ... جودا وأعذبها طمعا وأحلاها حويت من درر الحلياء ما حويا ... لكن درك أعلاها وأغلاها يا أخمصا وطئت هامن السهمى شرفا ... شقاك من ديم الوسمى أسماها ويا ضريحا علا فوق السماك علا ... عليك من ثصلوات الله أزكاها بك أنطوى من شموس الفضل آخرها ... ومن معالم دين الله أسناها ومن شوامخ أطواد الفتوة أرساها ... وأرفعها قدرا وأنهاها فاسحب على الفلك العلوي دبل علا ... فقد حويت من العلياء أعلاها عليك مني سلام الله ما صدحت ... على غصون أراك الدوح ورقاها تولى ابن البراج قضاء طرابلس عشرين سنة أو ثلاثين. وكان للشيخ أبي جعفر الطوسي أيام قرائته على السيد المرتضى كل شهر إثني عشر ديناراً، ولابن البراج كل شهر ثمانية دنانير، وكان السيد المرتضى يجري على تلامذته، وكان قدس الله روحه يدرس في

علوم كثيرة، وفي بعض السنين أصاب الناس قحط شديد، فاحتال رجل يهودي في تحصيل قوت يحفظ به نفسه، فحضر يوماً مجلس المرتضى، واستأذنه في أن يقرأ عليه من النجوم، فأذن له السيد، وأمر له بجراية تجري عليه كل يوم. فقرأ عليه برهة ثم أسلم على يده. وكان السيد قدس الله روحه نحيف الجسم، وكان يقرأ مع أخيه الرضي على ابن نباته صاحب الخطب وهما طفلان، وحضر المفيد مجلس السيد يوماً، فقام من موضعه وأجلسه فيه، وجلس بين يديه، فأشار المفيد بأن يدرس في حضوره. وكان يعجبه كلامه إذا تكلم. وكان السيد قد وقف قرية على كاغذ الفقهاء. وحكاية رؤية المفيد في المنام فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وأنها أتت بالحسن والحسين، وقولها له: علم ولدي هذين العلم، ومجيء فاطمة بنت الناصر بولديها الرضي والمرتضى في صبيحة ليلة المنام إلى المفيد، وقولها له: علم ولدي هذين مشهورة. لبعض الأكابر إذا أمسى وسادي من تراب ... وبت مجاور الرب الرحيم فهنوني أصيحابي وقولوا ... لك البشرى قدمت على كريم آخر أيها المرء إن دنياك بحر ... موجه طافح فلا تأمننها وسبيل النجاة فيها منير ... وهو أخذ الكفاف والقوت منها المجنون هوى ناقتي خلفي وقدامي الهوى ... وإني وإياها لمختلفان طوبى لعبد بحبل الله معتصم ... على صراط سوي ثابت قدمه ما زال يحتقر الدنيا بهمته ... حتى ترقت إلى الأخرى به هممه رث اللباس جديد القلب مستتر ... في الأرض مشتهر فوق السمانسمه

إذا العيون اجتله في بذاذته ... تعلو نواظرها عنه وتقتحمه وله تعالى: " وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين " إن قلت: ما النكتة في تقديم التجارة على اللهو في صدر الآية، وتقديم اللهو على التجارة في آخرها. قلت: التجارة أمر مقصود يقبل الاهتمام بالجملة، وأما اللهو فأمر حقير مرذول غير قابل للاهتمام. ومقام التشنيع عليهم يقتضي الترقي من الأعلى إلى الأدنى، فالمراد والله أعلم: أن هؤلاء لا جد لهم في القيام بالوظائف الدينية، ولا لهم قدم راسخ في الاهتمام بالأوامر الإلهية، بل إذا لاح لهم أمر دنيوي يرجون نفعه كالتجارة، أعرضوا عما هم فيه من عبادة الله سبحانه، ولم يراقبوا مقامك فيهم وخرجوا إليها، جاعلين ما يؤملونه من التكسب نصب أعينهم، بل إذا سنح لهم ما هو أقل نفعاً من التجارة بكثير، وهو اللهو، ضربوا لأجله من العبادة صفحاً وطووا عن ذكر الله كشحاً وخرجوا إليه ولم يستحيوا منك، وأنت قائم تنظر إليهم، فظهر بهذا أن المقام يقتضي تقديم التجارة على اللهو في أول الآية. وأما تقديمه عليها في آخرها، فإن المقام هناك يقتضي الترقي من الأدنى إلى الأعلى، فإن الغرض تنبيههم على أن ما عند الله سبحانه من الأجر الجزيل والثواب العظيم خير من هذا النفع الحقير الذي حصل لكم من اللهو، بل خير من ذلك النفع الآخر الذي اهتممتم بشأنه، وجعلتموه نصب أعينكم، وظننتموه أعلى مطالبكم، أعني نفع التجارة، الذي يقبل الاهتمام في الجملة. من تفسير القاضي " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " الآية فتعرفوا وتفصحوا. روي أنه عليه الصلاة والسلام بعث الوليد بن عتبة عقبه مصدقاً إلى بني المصطلق وكان بينه وبينهم إحنة فلما سمعوا به استقبلوه، فحسبهم مقاتليه، فرجع، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قد ارتدوا ومنعوا الزكوة، فهم بقتالهم، فنزلت. وقيل بعث إليهم خالد بن الوليد، فوجدهم منادين بالصلاة متهجدين مجتهدين فسلموا إليه الصدقات فرجع. وتنكير الفاسق والنبأ للتعليم، وتعليق الأمر بالتبين على فسق المخبر يقتضي جواز قبول خبر العدل، من حيث أن المعلق على شيء بكلمة إن عدم بكله انعدم عند عدمه، وإن خبر الواحد لو وجب تبينه من حيث هو كذلك لما رتبه على الفسق، إذ الترتيب يفيد التعليل، وما بالذات لا يعلل بالغير؛ وقرأ حمزة والكسائي فتثبتوا أي توقفوا إلى أن تبين لكم الحال، أن تصيبوا: كراهة إصابتكم، قوماً بجهالة: جاهلين بحالهم، فتصبحوا: فتصيروا على ما فعلتم نادمين، مغتمين غماً لازماً، متمنين أنه لم يقع، وتركيب هذه الأحرف الثلاثة دائر مع الدوام

قال جامع هذا الكتاب: لا ريب أن صيغة اسم الفاعل هنا حاملة لمعنى الواحدة، والوصف العنواني معاً، فيجوز كون المجموع علة للتثبت، فكأنه قيل: إن جاءكم فاسق واحد فتبينوا، ولو كان التثبت معلقاً على طبيعة الفسق، لبطل العمل بالشياع. ثم لا يخفى أن التثبيت في الآية معلل بأدائه إلى إصابة القوم: أي قتالهم، فإذا لم يكن مظنة هذه العلة، لا يجب التثبت، لأصالة عدم هذه العلة علة أخرى، كما يقول الخصم: من أنه إذا انتفى الفسق انتفى التثبت، لأن الأصل عدم علة أخرى له، وعند التأمل فيما ذكرناه يظهر لك أن الاستدلال بالآية على حجية خبر الآحاد العدول لا غيرهم، كما ذكره بعض الأصوليين فيه ما فيه، والعجب عدم تبينهم لهذا مع ظهوره فتأمل من كلام الحكماء: أفضل الفعال صيانة العرض بالمال. أنت أحرز نفسك إن صحبت من هو آخر صبرت عل ما لو تحمل بعضه ... جبال شراة أصبحت تتصدع ملكت دموع العين حتى رددتها ... إلى باطني فالعين في القلب تدمع آخر إذا كان شكري نعمة الله نعمة ... علي وفي أمثالها يجب الشكر فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله ... وإن طالت الأيام واتصل العمر وقريب منه قول بعضهم شكر الإله نعمة موجبة لشكره ... فكيف شكري بره وشكره من بره لله در من قال: وحسناء لم تأخذ من الشمس شيمة ... سوى قرب مسراها وبعد منالها ألوم ولم يقرع ملامي سمعها ... وأرضى ولم يخطر رضائي ببالها لله در من قال دونك، وامحض أخاك النصيحة، حسنة كانت أم قبيحة. إرفض أهل المهانة تلزمك المهابة. من غضب من لا شيء رضي من لا شيء. السكوت عن الأحمق جوابه. لا تخضع للئيم فإنه لا يطيعك. لله در من قال كن عن الناس جانباً ... وارض بالله صاحبا قلب الناس كيف شئت ... تجدهم عقاربا. الصفي الحلي كن عن همومك معرضا ... وكل الأمور إلى القضا وابشر بخير عاجل ... تنسى به ما قد مضى فلرب أمر مسخط ... لك في عواقبه رضا ولربما اتسع المضيق ... وربما ضاق الفضا الله يفعل ما يشاء ... فلا تكن متعرضا الله عودك الجميل ... فقس على ما قد مضى عن سفيان الثوري قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد رضي الله عنه، يقول: عزت السلامة حتى لقد خفي مطلبها، فإن تكن في شيء، فيوشك أن تكون في الخمول، فإن لم توجد في الخمول فيوشك أن تكون في التخلي، وليس كالخمول، وإن لم تكن في التخلي، فيوشك أن تكون في الصمت، وليس كالتخلي. وإن لم توجد في الصمت، فيوشك أن تكون في كلام السلف الصالح، والسعيد من وجد في نفسه خلوة والله الموفق.

خطب الحجاج يوماً، فقال: إن الله أمرنا بطلب الآخرة وكفانا مؤنة الدنيا، فليتنا كفانا مؤنة الآخرة، وأمرنا بطلب الدنيا. فسمعها الحسن البصري. فقال: هذه ضالة المؤمن خرجت من قلب المنافق. وكان سفيان الثوري يعجبه كلام بعض الخوارج، ويقول: ضالة المؤمن على لسان المنافق. ألذ من التلذذ بالغواني ... إذا أقبلن في حلل حسان منيب فرمن أهل ومال ... يسيح من مكان إلى مكان ليخمل ذكره ويعيش فرداً ... ويأخذ في العبادة في أمان تلذذه التلاوة أين ولى ... وذكر بالفؤاد وباللسان آخر وأظنه الإمام الشافعي إن لله عباداً فطناً ... طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا نظروا فيها فلما علموا ... أنها ليست لحيٍّ وطنا جعلوها لجة واتخذوا ... صالح الأعمال فيها سفنا آخر: صبرت على ما لو تجمل بعضه ... جبال شراة أصبحت تتصدع ملكت دموع العين حتى رددتها ... إلى باطني فالعين في القلب تدمع آخر. إذا كان شكري نعمة الله نعمة ... على له في مثلها يجي الشكر فليس بلوغ الشكر إلا بفضله ... وإن طالت الأيام واتصل العمر. وقريب منه قول بعغضهم: شكر الإله نعمة. . زموجبة لشكره فكيف شكري بره ... وشكره من بره. قيل لرابعة العدوية: متى يكون العبد راضيا عن الله تعالى؟ فقالت: إذا كان سروره بالمصيبة كسروره بالنعمة.

وقيل لها يوماً: كيف شوقك إلى الجنة؟ فقالت: الجار قبل الدار. ومن كلامها ما ظهر من عملي فلا أعده شيئاً. قال بعض العباد: أهينوا الدنيا فإنما أهنى ما يكون لكم، أهون ما يكون عليكم. أورد بعض المفسرين عند قوله تعالى: " وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم من العذاب " أن العمل الصالح يقول لصاحبه يوم القيامة عند مشاهدة الأهوال: اركبني، ولطال ما ركبتك في الدنيا، ويركبه ويتخطى به شدائد القيامة. قال بعض الأعلام: لا ينال عبد الكرامة حتى يكون على أحد صفتين، إما أن يسقط الناس عن عينه فلا يرى في الدنيا إلا خالقه، وأن أحداً لا تقدر على أن يضره ولا ينفعه، وإما أن يسقط عن قلبه، فلا يبالي بأي حال يرونه الناس. لبعض آل الرسول صلى الله عليه وسلم نحن بنو المصطفى ذوو محنٍ ... يجرعها في الحياة كاظمنا قديمة في الزمان محنتنا ... أولنا مبتلى وآخرنا يفرح هذا الورى بعيدهم ... ونحن أعيادنا مآتمنا الناس في الأمن والسرور ولا ... يأمن طول الحياة خائفنا آخر يا طالب العالم ها هنا وهنا ... ومعدن العلم بين جنبيكا فقم إذا قام كل مجتهد ... وادع إلى أن يقول لبيكا لم أنسه لما بدا متمايلا ... يهتز من لين الصبا ويقول ماذا لقيت من الهوى فأجبته ... في قصتي طول وأنت ملول أوحى الله سبحانه إلى عزير عليه السلام إن لم تطب نفساً بأن أجعلك علكاً في أفواه الماضغين أكتبك عندي من المتواضعين. الخطاف لا يغتدي إلا بالشعر ولا يأكل شيئاً مما يأكله بنو آدم، وما أحسن ما قال الشاعر: كن زاهداً فيما حوته يد الورى ... تضحى إلى كل الأنام حبيباً

أو ما ترى الخطاف حرم محرم زادهم ... فغدا مقيماً في البيوت ربيباً من كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه: أشد الأعمال ثلاثة: ذكر الله على كل حال، ومواساة الإخوان بالمال، وإنصاف الناس من نفسك. قال بعض الأكابر: ينبغي أن تستنبط لزلة أخيك سبعين عذراً فإن لم يقبله قلبك فقل لقبلك ما أقساك، يعتذر إليك أخوك سبعين عذراً فلا تقبل عذره، فأنت المعتب لا هو. قال أبو الحسن علي بن عبد الغني الفهري الضرير: يا ليل الصب متى غده؟ ... أقيام الساعة موعده؟ رقد السمار وأرقه ... أسف للبين يردده فبكاه النجم ورق له ... مما يرعاه ويرصده نصبت عيناي له شركاً ... في النوم فعز تصيده صاح والخمر جنى فمه ... سكران اللحظ معربده يا من سفكت عيناه دمي ... وعلى خديه تورده خداك قد اعترفا بدمي ... فعلى م جفونك تجحده؟ بالله هب المشتاق كرى ... فلعل خيالك يسعده لم يبق هواك له رمقاً ... فلتبك عليه عوده وغداً يقضي أو بعد غدٍ ... هل من نظر يتزوده؟ ما أحلى الوصل وأعذبه ... لولا الأيام تنكده بالبين وبالهجران فيا ... لفؤادي كيف تجلده؟ القاضي الأرجاني تمتعتما يا مقلتي بنظرة ... وأوردتما قلبي أشر الموارد أعيني كفا عن فؤادي فإنه ... من البغي سعي اثنين في قتل واحد آخر على هذه الأيام ما تستحقه ... فكم قد أضاعت منك حقاً مؤكداً فلو أنصفت شادت محلك بالسهى ... علواً وصاغت نعل نعلك عسجداً آخر أيا من غاب عن عيني منامي ... لفرقته وواصلني سقامي رحلت بمهجة خيمت فيها ... وشأن الترك تنزل في الخيام آخر ولقيت في حبيبك ما لم يلقه ... في حب ليلى قيسها المجنون

لكنني لم أتبع وحش الفلا ... كفعال قيس والجنون فنون آخر إني لأعجب من صدودك والجفا ... من بعد ذاك القرب والإيناس حاشا شمائلك اللطيفة أن ترى ... عوناً علي مع الزمان القاسي آخر سألته التقبيل في خده عشراً ... وما زاد يكون احتساب فمذ تعانقنا وقبلته ... غلطت في العد فضاع الحساب آخر غمرته بناظري ولم أفه بكلمة ... أجابني حاجبه لكن بنون العظمة البهاء زهير أيها النفس الشريفة ... إنما دنياك جيفة وعقول الناس في ... رعبتهم فيها سخيفة آه ما أسعد من ... كارته فيها خفيفة أيها المذنب ما ... ترفق بالنفس الضعيفة أيها العاقل ما ... تبصر عنوان الصحيفة أيها المسرف كسرت ... أبا زير الوظيفة أيها المغرور لا ... تفرح بتوسيع القطيفة كيف لا تهتم بالعدة ... والطرق مخوفة حل الزاد وإلا ... ليس بعد اليوم كوفه آخر وإذا اعتراك الشك في ود امرء ... وأردت تعرف حلوه من مره فاسأل فؤادك عن ضمير فؤاده ... ينبيك سرك كل ما في سره البهاء زهير رع الله ليلة وصل خلت ... وما خلط الصفو فيها كدر أتت بغتة ومضت سرعة ... وما قصرت مع ذاك القصر بغير احتيال ولا كلفة ... ولا موعد بيننا ينتظر

وكانت كما أشتهي ليلة ... وطال الحديث وطاب السمر ومر لنا من لطيف العتاب ... عجائب ما مثلها في السير فقلت وقد كاد قلبي يطير ... سروراً بنيل المنى والوطر أيا قلب تعرف من قد أتاك ... ويا عين تدرين من قد حضر ويا قمر الأفق عد راجعاً ... فقد بات عندي هذا القمر ويا ليلتي هكذا هكذا ... وبالل بالله قف يا سحر من خط والدي قدس الله روحه: مسألة قطعة أرض فيها شجرة مجهولة الارتفاع فطار إليها عصفور من رأسها إلى الأرض آن انتصاف النهار، والشمس في أول الجدي، في بلد عرضه إحدى وعشرون درجة، فسقط على نقطة من ظل الشجرة، فباع مالك الأرض من أصل الشجر إلى تلك النقطة لزيد، ومن تلك النقطة إلى طرف الظل لعمرو، ومن طرف الظل إلى ما يساوي ارتفاع تلك الشجرة لبكر، وهو نهاية ما يملكه من تلك الأرض. ثم زالت تلك الشجرة، وخفي علينا مقدار الظل ومسقط العصفور، وأردنا أن نعرف مقدار حصة كل واحد لندفعها إليه، والغرض أن طول كل من الشجرة والظل، وبعد مسقط العصفور عن أصل الشجرة مجهول، وليس عندنا من المعلومات شيء سوى مسافة طيران العصفور فإنها خمسة أذرع، ولكنا نعلم أن عدد أذرع كل من المقادير المجهولة صحيح لا كسر فيه. وغرضنا أن نستخرج هذه المجهولات، من دون رجوع إلى القواعد المقررة في الحساب: من الجبر والمقابلة والخطأين وغيرهما، فكيف السبيل إلى ذلك؟ . أقول: هكذا وجدت بخط والدي قدس الله سره، والظاهر أن هذا السؤال له طاب ثراه، ويخطر ببالي أن الجواب عن هذا السؤال أن يقال: لما كانت مسافة الطيران وتر قائمة كان مربعها مساوياً لمجموع مربع الضلعين بالعروس وهو خمسة وعشرون،

وينقسم إلى مربعين صحيحين، أحدهما ستة عشر والآخر تسعة، فأحد الضلعين المحيطين بالقاعدة أربعة، والآخر ثلاثة، والظل أيضاً أربعة، لأن ارتفاع الشمس ذلك الوقت في ذلك العرض، خمسة وأربعون، لأنه الباقي من تمام العرض، وهو تسع وستون إذا نقص منه أربعة وعشرون: أعني الميل الكلي وقد ثبت في محله أن ظل ارتفاع خمس وأربعين لا بد أن يساوي الشاخص، ويظهر أن حصة زيد من تلك الأرض ثلاثة أذرع، وحصة عمرو ذراع، وحصة بكر أربعة أذرع، وذلك ما أردناه. لا يخفى أن في البرهان على مساواة ظل ارتفاع مه للشاخص نوع مساهلة أوردتها في بعض تعليقاتي على رسالة الاسطرلاب، لكن التفاوت قليل جداً، لا يظهر للحس أصلاً، فهو كاف فيما نحن فيه. في الكافي بطريق حسن عن أبي عبد الله رضي الله عنه أنه قال: القرآن عهد الله إلى خلقه، فقد ينبغي للمسلم أن ينظر في عهده، وأن يقرأ منه كل يوم خمسين آية. وروي أيضاً عن زين العابدين رضي الله عنه أنه قال: آيات القرآن خزائن، كلما فتحت خزانة، ينبغي لك أن تنظر فيها. أول أسماء هذا الجدول مبدأ السنة: أعني تشرين الأول وأوله في هذا الزمان في أواسط الميزان. وقال كوشيار في زيجه الموسوم بالجامع: إن هذه الأسماء سريانية لا رومية، وللروم أسماء غيرها، وأول تشرين الأول إنما هو أول السنة عند السريانيين؛ وأما عند الروم، فأول السنة: أول كانون الثاني وهو في هذا الزمان حوالي العشرين من درجات الجدي، قاله مولانا عبد العلي في شرح الزيج. وشباط المشهرو كونه بالشين المعجمة، قاله كوشيار في زيجه، الموسوم بالجامع والجوهري في الصحاح جعله بالمهلمة، قال المحقق البرجندي في شرح الزيج: لعله معربة بالمهملة انتهى. أقول: ويؤديه قاسان وإبريسم وطست. والتغيير في التعريب غير لازم البتة، فلا يريد التسرينان. مما أوحى الله سبحانه إلى موسى على نبينا وعليه السلام: يا موسى كن خلق الثياب جديد القلب، تخفى على أهل الأرض، وتعرف في السماء. لقي صاحب سلطان حكيماً في الصحراء يبتلع العلف ويأكله، فقال له: لو خدمت الملوك لم يحتج إلى أكل العلف، فقال الحكيم: لو أكلت العلف لم تحتج إلى خدمة الملوك. من كلام أفلاطون: لا يستخدمك السلطان إلا لأنه يقدر فيك الزيادة عليه، وإنما يقيمك مقام الكلبتين لأخذ الجمرة التي لا يقدر أن يأخذها باصبعه، فاجهد بأن تكون بقدر زيادتك عليه، في الأمر الذي تخدمه فيه. ومن كلامه: من مدحك بما ليس فيك من الجميل وهو راض عنك، ذمك بما ليس فيك من القبيح وهو ساخط عليك. قال بطليموس: ينبغي للعاقل أن يستحي من ربه، إذا امتدت فكرته في غير طاعته. ومن كلامه إن لله جل شأنه في السراء نعمة الإفضال وفي الضراء نعمة التمحيص والثواب.

أسماء الشهور الرومية الحديث.

روي في الكافي بطريق حسن عن الباقر رضي الله عنه أنه قال: أحب الأعمال إلى الله عز وجل ما داوم عليه العبد وإن قل. من كتاب الروضة في الكافي بطريق صحيح عن محمد بن مسلم، قال: قال لي أبو جعفر رضي الله عنه: كان كل شيء ماء وكان عرشه على الماء، فأمر الله عز وجل الماء فاضطرم ناراً، ثم أمر النار فخمدت، فارتفع خمودها دخان، فخلق السموات من ذلك الدخان، وخلق الأرض من الرماد، أسماء الشهور الرومية الحديث. (تشرين الأول تشرين الثاني ... كانون الأول كانون الثاني شباط) (لا تزده ل بسط در ى لا بط لدح ... لال ماط كح الب لح ى) المشهور كونه بالشين المعجمة، والجوهري في الصحاح جعله بالمهملة. قال المحقق البرجندي. في شرح الزيج: لعله معرب بالمهملة. أقول: ويؤيده قاسان، وابريسم، وطست، والتغير في التعريب غير لازم البتة فلا ترد السريانيات. (أدار نيسان أيار حزيران ... تموز آب أيلول) (لابا لطع ل كا كزها لا ع ل ا ... ل كيت ب لا يزيب ح لاع الرد ل ع لب) الرقم الأول لعدد أيامه، والآخر لكون الشمس في أوله في أي برج، والأوسطان لدرجتها ودقيقها. والله تعالى أعلم. أول تشرين أول سنتهم، في هذذا الزمان أول وسط الميزان، ومال كوشيار في زيجه الموسوم بالجامع إلى أن هذه الأسماء سريانية لا يومية. وللروم أسماء غيرها وأول تشرين الأول هو أول السنة عند السريانيين، وأما عند الروم فأول السنة أول كانون الثاني وهو في هذا الزمان كانون الأول. بنى بعض أكابر البصرة داراً، وكان في جواره بيت لعجوز يساوي عشرين ديناراً وكان محتاجاً إليه في تربيع الدار؛ فبذلك لها فيه مائتي دينار، فلم تبعه فقيل لها: إن القاضي يحجر عليك لسفاهتك، حيث ضيعت مائتي دينار، لما يساوي عشرين ديناراً، قالت: فلم لا يحجر على من يشتري بمأتين، ما يساوي عشرين ديناراً، فأقحمت القاضي ومن معه جميعاً، وترك البيت في يدها حتى ماتت. .

كان ببغداد رجل متعبد اسمه رويم، فعرض عليه القضاء فتولاه، فلقيه الجنيد يوماً فقال: من أراد أن يستودع سره من لا يفشيه فعليه برويم، فإنه كتم حب الدنيا أربعين سنة حتى قدر عليها. وروي أيضاً بطريق حسن عن أبي عبد الله رضي الله عنه قال: إن القرآن نزل بالحزن فاقرؤه بالحزن. وروي عن أبي عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤا القرآن بألحان العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكبائر، فإنه سيجيء من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء والنوح والرهبانية لا يجوز تراقيهم قلوبهم مقلوبة وقلوب من يعجبه شأنهم. وروى أيضاً سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله رضي الله عنه: مولاك سليم ذكر أنه ليس معه من القرآن سوى سورة يس، فيقوم فينفد ما معه من القرآن. أيعيد ما يقرأ؟ قال: نعم لابأس.

وروي فيه أيضاً عن أبي عبد الله أنه قال: سورة الملك هي مانعة من عذاب القبر، وإني لأركع بها بعد عشاء الآخرة وأنا جالس. من كتاب من لا يحضره الفقيه. قال الصادق رضي الله عنه: المؤمن حسبه من الله نصرة أن يرى عدوه يعمل بمعاصي الله عز وجل. روي في الكافي عن أبي عبد الله رضي الله عنه أنه كان يتصدق بالسكر، فقيل أتصدق بالسكر؟ قال: نعم إنه ليس شيء أحب إلي منه، وأنا أحب أن أتصدق بأحب الأشياء إلي. في أواخر من لا يحضره الفقيه، الحسن بن محبوب عن الهيثم بن واقد قال: سمعت الصادق رضي الله عنه جعفر بن محمد يقول: من أخرجه الله عز وجل من ذل المعاصي إلى عز التقوى أغناه الله بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا أنيس، ومن خاف الله عز وجل أخاف الله عز وجل منه كل شيء، ومن لم يخف الله عز وجل أخفاه الله من كل شيء، ومن رضي من الله عز وجل باليسير من الرزق رضي منه باليسير من العمل، ومن لم يستح من طلب المعاش خفت مؤنته ونعم أهله. ومن زهد من الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه، وأنطق بها لسانه وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها، وأخرجه من الدنيا سالماً إلى دار السلام. في كتاب الروضة من الكافي بطريق حسن عن الصادق إذا رأى الرجل ما يكره في منامه فليتحول عن شقه الذي كان عليه نائماً، وليقل: " إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله ". ثم ليقل: عذت بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبياؤه المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت ومن شر الشيطان الرجيم. مما قاله بعض الأكابر في مرضه الذي مات فيه شعر: نمضي كما مضت القبايل قبلنا ... لسنا بأول من دعاه الداعي تبقى النجوم دوائر أفلاكها ... والأرض فيها كل يوم ناعي وزخارف الدنيا يجوز خداعها ... أبداً على الأبصار والأسماع كان إبراهيم بن أدهم ماراً في بعض الطرق، فسمع رجلاً ينشد ويغني بهذا البيت، شعر: كل ذنب لك مغفور ... سوى الإعراض عني

فغشي عليه وسمع الشبلي رجلاً ينشد شعراً: أردناكم صرفاً وإذ قد مزجتم ... فبعداً وسحقاً لا نقيم لكم وزنا من كلام بعض الأعلام: الويل لمن أفسد آخرته بصلاح دنياه، وفارق ما عمر غير راجع إليه، وقدم على ما خرب غير منتقل عنه. من كلام بطليموس: الأمن يذهب وحشة الوحدة، كما أن الخوف يذهب أنس الجماعة. كان أبو الحسن علي بن عيسى الوزير يحب أن يبين فضله على كل أحد، فدخل عليه القاضي أبو عمرو في أيام وزارته، وعلى القاضي قميص جديد فاخر غالي القيمة، فأراد الوزير أن يخجله، فقال له: يا أبا عمرو بكم شريت شقة هذا القميص؟ قال: مائة دينار، فقال أبو الحسن: ولكني شريت شقة قميصي هذا بعشرين ديناراً، فقال أبو عمرو: إن الوزير أعزه الله يجمل الثياب، فلا يحتاج إلى المبالغة فيها، ونحن نتجمل بالثياب، فنحتاج إلى المبالغة فيها، لأنا نلابس العوام ومن يحتاج إلى إقامة الهيبة في نفسه هذا يكون لباس والوزير أيده الله، يخدمه الخواص أكثر من خدمة العوام، ويعلمون أن تركه لمثل ذلك إنما هو عن قدرة. حبس بعض الخلفاء شخصاً على غير ذنب، فبقي سنين عديدة، فلما حضرته الوفاة كتب رقعة، وقال للسجان إذا مت فأوصلها إلى الخليفة، فلما مات أوصلها إليه، فإذا فيها مكتوب أيها الغافل، إن الخصم قد تقدم، والمدعي عليه بالأثر، والمنادي جبرئيل والقاضي لا يحتاج إلى بينة. مما أنشده عمرو بن معدي كرب في وصف الحرب شعر: الحرب أول ما يكون فتية ... تسعى بزينتها لكل جهول حتى إذا استعرت وشب ضرامها ... عادت عجوزاً غير ذات حليل شمطاء جزت رأسها وتنكرت ... مكروهة للشم والتقبيل ذكر في أوائل الثلث الأخير من النفحات: أن هذا الشيخ سافر إلى الهند وصحب أبا الرضا رتن وأعطاه رتن مشطاً زعم أنه مشط رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر في النفحات أيضاً أن هذا المشط كان عند علاء الدولة السمناني، كأنه وصل إليه من هذا الشيخ، وأن علاء الدولة لفه في خرقة ولف الخرقة في ورقة، وكتب على الورقة بخطه: هذا المشط من أمشاط رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه الخرقة قد وصلت من أبي الرضا رتن إلى هذا الضعيف وذكر أيضاً أن علاء الدولة كتب بخطه أنه يقال: إن ذلك كان أمانة من الرسول صلى الله عليه وسلم ليصل إلى الشيخ رضي الدين لألاء. انتهى كلام النفحات وفيه نظر وكلامه طويل يظهر لمن رأى كلام صاحب القاموس في لفظ رتن وفيه رمز يعرفه من يعرفه فحله إن أطقت والسلام. قال في القاموس: ورتن محركا ابن كربال، بن رتن البترمدي ليس بصحابي وإنما هو كذاب ظهر بالهند بعد الستمائة، فادعى الصحبة، وصدق وروي أحاديث سمعناها عن أصحاب أصحابه. انتهت عبارة القاموس.

والله سبحانه وتعالى بالسرائر وإليه المآب. كتب ابن الدهان بهذين البيتين إلى بعض الحكماء وقد عوفي من مرضه: نذر الناس يوم برئك صوماً ... غير أني نذرت وحدي فطراً عالماً أن يوم برئك عيد ... لا أرى صومه وإن كان نذراً النساء حبايل الشيطان. زنا العيون النظر. الصدقة على الأقارب صدقة وصلة. الإيمان نصفان نصف شكر ونصف صبر. للشيخ عبد القاهر يصف بعض تلامذته بقلة الرغبة في تحصيل العلم، وعدم حضور قلبه وقت القراءة. يجيء في فضلة وقت له ... مجيء من شاب الهوى بالنزوع ثم له جلسة مستوفز ... قد شددت أحماله بالنسوع ما شئت من زهزهة والغنى ... بمستر اباز باذخ ل لسقي الزروع أبو الحسن الأطروش المصري ما زلت أدفع شدتي بتصبري ... حتى استرحت من الأيادي والمنن إبراهيم الغزي ليست بأوطانك اللاتي نشأت بها ... لكن ديار الذي تهواه أوطان خير المواطن ما للنفس فيه هوى ... سم الخياط مع المحبوب ميدان كل الديار إذا فكرت واحدة ... مع الحبيب وكل الناس إخوان أفدي الذين دنوا والهجر يبعدهم ... والنازحين وهم في القلب سكان كنا وكانوا بأهنى العيش ثم نأوا ... كأننا قط ما كنا وما كانوا المعري تمنيت أن الخمر حلت لنشوة ... تجلهني كيف اطمأنت بي الحال فأذهل أني في العراق على شفا ... ردي الأماني لا أنيس ولا مال الرافعي

أقيما على باب الرحيم أقيما ... ولا تنيا في ذكره فتهيما هو الرب من يقرع على الصدق بابه ... يجده رؤوفاً بالعباد رحيما كان بعض الملوك غضب على بعض حاشيته، فأسقط الوزير اسمه من ديوان العطايا، فقال الملك: أبقه على ما كان عليه، لأن غضبي لا يسقط همتي. وقيل لبعض الصوفية: لم وصف الله سبحانه بخير الرازقين؟ فقال: لأنه إذا كفر أحد لا يقطع رزقه. كتب شخص يطلب من صديق له شيئاً، فكتب إليه صديقه إني لست قادراً على دانق لضيق يدي. فكتب الصديق إليه في ظهر الورقة إن كنت صادقاً كذبك الله، وإن كنت كاذباً صدقك الله. العالم بأجزائه حي ناطق " وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم " لكن نطق البعض يسمع ويفهم ككلام الاثنين المتفقين في اللغة إذا سمع كل منهما كلام الآخر وفهمه، ونطق البعض يسمع ولا يفهم كالاثنين المختلفي اللغة، ومنه سماعنا أصوات الحيوانات. وسماع الحيوانات أصواتنا، ومنه ما لا يسمع ولا يفهم كغير ذلك، وهذا بالنسبة إلى المحجوبين، وأما غيرهم فيسمعون كلام كل شيء. قال شخص لآخر: جئتك في حويجة، فقال: أقصد بها رجيلاً. وقال شخص لآخر: جئتك في حاجة صغيرة. فقال: دعها حتى تكبر. في وصف النساء بيض أوانس ما هممن بريبة ... كظباء مكة صيدهن حرام يحسبن من لين الحديث زوانياً ... ويصدهن عن الخنا الإسلام سئل رويم عن الصوفي فقال: هو الذي لا يملك شيئاً ولا يملكه شيء. وقال أيضاً: التصوف ترك التفاضل بين الشيئين. من كلام سمنون المحب أول وصال العبد للحق هجرانه لنفسه، وأول هجران العبد للحق مواصلته لنفسه.

ورئي يوما على شاطئ دجلة وبيده قرن يضرب به على فخذه حتى حرجه وهو لا يشعر وينشد: كان لي قلب أعيش به ... ضاع مني في تقلبه رب فاردده علي فقد ... ضاق صدري في تطلبه وأغلث ما دام بي رمق ... يا غياث المستغيث به وروي أنه أنشد يوماً: تريد مني اختبار سري ... وقد علمت المراد مني وليس لي في سواك حظ ... فكيف ما شئت فاختبرني فاعتراه حبس البول، واشتد عليه الألم، وكان يصبر على شدة ذلك الألم، فرآه بعض أصحابه في المنام، كأنه يدعو الله بالشفاء، فلما أخبره بذلك علم أن المقصود التأدب بآداب العبودية، وإظهار العجز، والافتقار. فخرج يدور، وكلما وصل إلى مكتب كتاب قال لمن فيه من الأطفال ادعوا لعمكم الكذاب. استعينوا على نجاح الحوائج بالكتمان لها. الحاجزي هيجت وجدي يا نسيم الصبا ... إن كنت من نجد فيا مرحبا جدد فدتك النفس عهد الهوى ... بذلك الحي وتلك الربى إن المقيمين بسفح اللوى ... من لا أرى لي غيرهم مذهبا أبقوا الأسى لي بعدهم مطعماً ... والدمع حتى تلتقي مشربا مازلت أبكي الشعب من بعدهم ... حتى غدا من أدمعي معشبا كيف احتيالي من هوى شادن ... ما رمت منه الوصل إلا أبى ظبي من الترك ولكنه ... أضحى لحتفي فيه مستعربا يا معرضاً عرض بي للردى ... ما كنت للإعراض مستوجبا حملت قلبي منك ما لو غدا ... بالجبل الشامخ أضحى هبا

ويلاه من صدغ غدا في الدجا ... عقربه في الخد قد عقربا بت ناعم البال يعيش خلي ... الوجد والأحزان والهم لي حساد لذاتك تبلى بما ... بت من الشوق به مبتلي يا راقد الطرف هناك الكرى ... عيني عن الرقدة في معزل كم قلت خوفاً من دواعي الهوى ... إياك والهجر فلم تقبل اذكر عهوداً كنت عاهدتني ... إذ نحن بالشرقي من إربل وله جسدنا حل وقلب جريح ... ودموع على الخدود يسيح وحبيب مر التجني ولكن ... كل ما يفعل المليح مليح يا خلي الفؤاد قد ملأ الوجد ... فؤادي وبرح التبريح جد بوصل أحيى به أو بهجر ... فيه موتي لعلني أستريح أنت للقب في المكانة قلب ... ولروحي على الحقيقة روح بخضوعي والوصل منك عزيز ... وانكساري والطرف منك صحيح رق لي من لواعج وغرام ... أنا منها ميت وأنت المسيح يا غزالاً له الحشاشة مرعى ... لا خزاماً بالرقمتين وشيح أنت قصدي من الغوير ونجد ... حين أغدو مسائلاً واروح قد كتمت الهوى بجهدي وإن ... دام علي الغرام سوف أبوح شعر للحاجزي رأت قمر السماء فذكرتني ... ليالي وصلنا بالرقمتين كلانا ناظر قمراً ولكن ... رأيت بعينها ورأت بعيني ابن خفاجة لا العطايا ولا الرزايا بواق ... كل شيء إلى بلى ودثور فاله عن حالتي سرور وحزنٍ ... فإلى غاية مجاري الأمور وإذا ما انقضت صروف الليالي ... فسواء كلا الأسى والسرور ابن التعاويذي أرسله إلى بعض أصحابه، وقد تأخر عن عيادته، وكان يسمى بابن الدوامي: يا ابن الدوامي الذي ... هو بالمكارم ذو لهج

يا من به تحيى الخوا ... طر والنواظر والمهج قل لي ودع عنك المعا ... ذير الركيكة والحجج لم لا تعود أخاضني ... يرجو برؤيتك الفرج صباً إليك إذا ذكر ... ت له تهلل وابتهج لو قيل إنك معرض ... في النوم عنه لانزعج ويعد أياماً تمر ... ولا يزال بها حجج أنت الذي مزج الإخاء ... دمي بقلبك فامتزج اعذر مريضاً ما عليه ... في عتابك من حرج فإذا الصديق جنا فسو ... مح في جنايته انمزج أحمد الحكيم الكاتب كتبه إلى بعض أصحابه في مرض: فديتك ليلى مذ مرضت طويل ... ودمعي لما لاقيت منك همول أشرب كأساً أو أسر بلذة ... ويفجعني ظبي الفلات كحيل ويضحك سني أو تجف مدامعي ... وأصبوا إلى لهو وأنت عليل ثكلت إذن نفسي وقامت قيامتي ... وغال حياتي عند ذلك غول فإن ينقطع منك الرجاء فإنه ... سأبقى عليك حزني ما بقي الدهر لبعضهم أيضا

وقائلة لما رأت شيب لمتي ... استره عن وجهها بخضاب أتسترعني وجه حق بباطل؟ ... وتوهمني ماء بلمع سراب؟ فقلت لها: كفي ملامك إنها ... ملابس أحزاني لفقد شبابي السراج الوراق وقالت يا سراج علاك شيب ... فدع لجديده خلع العذار فقلت لها نهار بعد ليل ... فما يدعوك أنت إلى النفار فقالت قد صدقت وما سمعنا ... بأضيع من سراج في نهار محمود الوراق أتفرح أن ترى حسن الخضاب ... وقد واريت حسنك في التراب ألم تعلم وفرط الجهد أولى ... بمثلك إنه كفن الشباب ابن خفاجة ضحك المشيب بعارضيه وأسفرا ... فغدا وراح من الغواية مقفر والصبح أبهى في العيون من الدجى ... وأعم إشراقاً وأبهج منظرا والروض مونوق وليس برائق ... حتى تصادفه العيون منورا سبط التعاويذي ولقد نزعت عن الغوا ... ية لابساً ثوب الوقار لما تبلج فجر فو ... دى وانجلى ليل العذار علماً بأن الشيب يظ ... هر ما استر من عواري وكذا المريب يسير لي ... لته ويكمن بالنهار القاضي سوار يا شيبة طلعت في الرأس رايقة ... كأنما نبتت في ناظر البصر لئن حجبتك بالمقراض عن بصري ... فما حجبتك عن همي وعن فكري الحاجزي لمع البرق اليماني ... فشجاني ما شجاني

ذكر دهر وزمان ... بالحمى أي زمان يا وميض البرق هل ... ترجع أيام التداني وترى يجتمع الشمل ... فأحظى بالأماني أي سهم فوق البين ... مصيباً فرماني أبعد الأحباب عني ... وأراني ما أراني يا خليلي إذا لم ... تسعداني فذراني هذه أطلال سعدى ... والحمى والعلمان أين أيام التصابي ... وزمان العنفوان ذهبت تلك البشاشات ... مع الغيد الحسان من لمى سؤر طليق ... الدمع مرعوب الجنان كلما قال تقضي ... حادث أقبل ثاني خمار هواك قد أتى بالقدح ... والوقت صفا فقم بنا نصطبح كم تكتم سر حالك المفتضح ... قل علوة واكشف الغطا واسترح لما نظر العذال حالي بهتوا ... في الحال وقالوا لوم هذا عنت ما نعذ له الآن ولا تعرضه ... من يسمع من يعقل من يلتفت لما صد عن عهد وصالي حالا ... لا يبرح دمع مقلتي هطالا أدعو بلساني يفعل الله به ... قلبي وحشاشتي ينادي لالا يا عاذل كم تجور في العذل علي ... دعني وتهتكي فقد راق لدي خذ حذرك وانصرف ودعني والغي ... ما أطيب ما يقال قد جن بمي لدواعي الهوى وفرط الخلاعة ... ألف سمع لا للوقار وطاعة سيما والصبوح قد رفع الكأ ... س بأيدي السقاة فينا شراعة ونداماي فتية يطرب الحا ... ضر منهم فكاهة وبراعة

معشر غادروا غازلوا صروف الليالي ... فدروا أن لذة العمر ساعة يا خليلي عرجا بي جميعاً ... نشرب الراح كالصلاة الجماعة خمرة لو رأى العزيز بمصر ... لونها في الكؤوس أرهى ماعة علمت بأني مغرم لكم صب ... فعذبتموني والعذاب بكم عذب وآلفتم بين السهاد ناظري ... فلا أدمعي ترقي ولا ينطفي كرب خذوا في التجني كيف شئتم وأنتم ... أحبة قلبي لا ملام ولا عتب عسى أوبة بالشعب أعطى بها المنى ... كما كان قبل البين يجمعنا الشعب وما ذات فرخ بان عنها فأصبحت ... بذي الاثل ثكلاً دأبها النوح والندب بأشوق من قلبي لديكم فليتني ... قضيت أسى أو ليت لم يخلق الحب يعاتبني والذنب في الحب ذنبه ... فيرجع مغفوراً له ولي الذنب إذا فتر جادت بالمدامع مقلتي ... كذا عند لمع البرق ينهمر السحب ألا يا نسيماً هب من أرض حاجر ... نشدتك هل سرب الحمى ذلك السرب وهل شجرت بالأثيل أنيقة ... يروح ويغدو مستظلاً بها الركب لحى الله قلباً لا يهيم صبابة ... وصباً إلى تلك المنازل لا يصبو أول شعر قاله أبو نواس في أول طفوليته: حامل الهوى تعب ... يستخفه الطرب إن بكى يحق له ... ليس ما به لعب تضحكين لاهية ... والمحب ينتحب كلما انقضى سبب ... منك جائني سبب تعجبين من سقمي ... صحتي هي العجب البهاء زهير خاف الرسول من الملامة ... فكنى بسعدى عن أمامة

وأتى يعرض بالحدي ... ث برامةٍ سقياً لرامة ففهمت منه إشارة ... بعث الحبيب بها علامة وطربت حتى خلتني ... نشوان تلعب في المدامة بشراي هذا اليوم قد ... قامت على الواشي قيامة خذ يا رسول حشاشتي ... نلت السعادة والسلامة وأعد حديثك إنه ... لألذ من سجع الحمامة يا من يريد بن الهوان ... ومن أريد له الكرامة مولاي سلطان الملاح ... وليس يكشف لي ظلامة الصفي الحلي لي حبيب يلذ ... فيه عذابي ويعذب ليس لي منه مطمع ... لا ولا عنه مذهب يتمنى منيتي ... وهو للقلب مطلب إن قتل المحب ... فيه حلال وطيب أنا فيه مخاطر ... حين يأتي ويذهب فعلى الظهر حية ... وعلى الصدغ عقرب ابن الغدوي والله ما المراد مرادي فان ... نظمت فيهم مثل نظم الجمان لكن من رام نفاق الورى ... بقوله ينظم خرج الزمان وله في إمام في الصلاة إمام في الركوع حكى هلالا ... ولكن في اعتدال كالقضيب وقال تلوت قلت الشمس حسناً ... وقال ختمت قلت على القلبو وله في تاجر وتاجر أبصرته عشاقه ... والحرب فيما بينهم ثائر قال على م اقتتلوا هاهنا ... قلت على عينك يا تاجر وله في واعظ الواعظ الأمرد هذا الذي ... قد حير الأبصار والأعينا ولفظه يأمرنا بالتقى ... ولحظه يأمرنا بالخنا وله في فراء قلت لفراء فرا فؤادي ... وزاد صداً وطال هجرا قد فر نومي وفر صبري ... فقال لما عشقت فرا الشيخ علاء الدين النواجي المصري في قصيدة، يمدح بها سيد المرسلين عليه وآله أفضل صلوات المصلين شعر: عللوه بطيبه وبرامه ... وعريب النقا وحي تهامه يا رعى الله جيرة خيموا ... بالمنحنى من ضلوعه المستهامه قد حموا في الحمى عقيلة خدر ... قتلت باللحاظ غزلان رامه كلما رام من هواها خلاصاً ... وجد الوجد خلفه وأمامه حثه الشوق بالمسير إلى ... نحو فناها وقادمنه زمامه ضل في التيه قلبه وهداه ... نور سلمى والسرح أبدى ابتسامه حالف السهد والسقام وعادى ... مذ نأيتم هجوعه ومنامه فعلى م البعاد والصد والهجر؟ ... وحتى متى الجفا وإلى م؟ فعدوه بزورة من خيال ... في منام عساه يقضي مرامه عمرك الله سايق الظعن رفقاً ... بمسيري فلا أطيق دوامه وحنانيك خل قلباً عليلاً ... يتنشق رند الحمى وخزامه قف به ساعة وعرج قليلاً ... بحماهم عسى يرى أعلامه كل عام يروم منهم وصالاً ... فعسى أن يكون ذا العام عامه الشيخ العارف عبد القادر الجيلاني

اكشف حجاب التجلي ... واحنيى بالتملي وإن بدا لك قتلي ... فأنت في ألف حل ما لي سوى الروح خذها ... والروح جهد المقل أخذت مني بعضي ... فليتني كنت كلي صرفت عني قلبي ... سلبت مني عقلي وقفت بالباب دهراً ... عسى أفوز بوصل من لي بأن ترتضيني ... عبيد بابك من لي مالي بغيرك شغل ... وأنت غاية شغلي الصفي الحلي: لي حبيب يلذ فيه ... عذابي ويعذب. ليس لي حبيب فيه مطمع ... لا ولا عنه مذهب يتمنى منيتي ... وهو للقلب مطلب إن قتل المحب فيه ... حلال وطيب أنا فيه مخاطر ... حين يأتي ويذهب فعلى الظهر حية ... وعلى الصدع عقرب ابن الغدوي: والله ما لامرد مرادي وإن ... نظمت فيهم مثل نظم الجمان لكن من رام نفاق الورى ... . بقوله ينظم خرج الزمان له في إمام في الصلاة: إمام يفي الركوع حكى هلالا ... ولكن يفي اعتدال كالقضيب وقال تلوت قلت الشمس حسنا ... وقال ختمت قلت على القلوب وله في تاجر: وتاجر أبصرت عشاقه ... والحرب فيما بينهم شاكر قال علام اقتتلوا ها هنا. . قلت على عينك يا تاجر

ءوله في واعظ أمرد: الواعظ الأمرد هذا الذي. . قد حي الأبصار والأعينا فلفظه يأمرنا بالتقى ... ولحظة يأمرنا بالخنا له في فراء: قلت لفرا فرى فؤداي ... وزاد صدا وطال هجرا قد فر نومي وفر صبري ... فقال لما عشقت فرا وله في لبان قلت له طبت يا فتى لبنا ... ففقت حسناً ورقت إحسانا قلبي لباكم وخالفني ... فقال لما عشقت لبانا وله في عروضي لي عروضي مليح ... موتتي فيه حياة عاذلاتي في هواه ... فاعلات فاعلات وله في مغن رب مغن قال لي ... عطف وردف مايج هذا خفيف داخل ... وذا ثقيل خارج وله في بدوي وكان ملتثماً بدوي جاءنا ملتثما ... فدعوناه لأكل وعجبنا مد في السفرة كفاً ترفاً ... فحسبنا أن في السفرة جبنا لغيره وأظنه ابن نباتة، وقد أجاد في التوجيه إلى الغاية: هويت أعرابية ريقها ... عذب ولي منها عذاب مذاب رأسي بها شيبان والطرف من ... نبهان والعذال فيها كلاب في القهوة لمامية الرومي أنا المعشوقة السمرا ... وأجلى في الفناجين وعود الهن لي عطر ... وذكري شاع في الصين

العباس بن الأحنف قلبي إلى ما ضرني داعي ... يكثر إعلالي وأوجاعي كيف احتراسي من عدوي إذا ... كان عدوي بين أضلاعي لبعض الأعراب أيذهب عمري هكذا لم أنل به ... مجالس يشفى قرح قلبي من الوجد وقالوا أتدري أن في الطب راحة ... فعللت نفسي بالدواء فلم يجد الشيخ محيي الدين ابن عربي عقد الخلايق في الإله عقايدا ... وأنا اعتقدت جميع ما اعتقده تاج الدين ابن عمارة ما نلت من حب من كلفت به ... سوى غراماً عليه أو ولها ومحنتي في هواه دائرة ... آخرها لا يزال أولها السرمري الرمزي المحدث الحنبلي ومن العجائب في أسامي ناقل ... الأخبار والآثار للمتأمل كمسدد مسرهد بن مغربل ... ومعربل بن مطربل بن أرندل وسرندل بن عرندل لو بسملوا ... فيها لظلت رقية للدمل النووي وجدت القناعة أصل الغنى ... وصرت بأذيالها متمسك فلا ذا يراني على بابه ... ولا ذا يراني به منهمك وعشت غنياً بلا درهم ... أمر على الناس شبه الملك ابن الوردي في أعورين أحدهما جالس بجنب الآخر: أعور باليمنى إلى جنبه ... أعور باليسرى قد انضما فقلت يا قوم انظروا واعجبوا ... من أعورين اكتنفا أعمى أبو علي سينا لا أركب البحر أخشى ... علي فيه المعاطب

طين أنا وهو ماء ... والطين في الماء ذائب أبو الحسن التهامي في قصيدة هل الوجد إلا أن تلوح خيامها ... فيقضي بإهداء السلام ذمامها وقفت بها أبكي فترزم أينقي ... وتصهل أفراسي وتدعو حمامها ولو بكت الورق الحمايم شجوها ... بعيني محي انسجامها وفي كبدي استغفر الله غلة ... إلى برد لثامها وبرد رضاب سلسل غير أنه ... إذا شربت هيامها فيا عجباً من غلة كلما ارتوت ... من السلسبيل العذب زاد اضطرامها خليلي هل يأتي مع الطيف نحوها ... سلامي كما يأتي إلي سلامها ألمت بنا في ليلة مكفهرة ... فما سفرت حتى تجلى ظلامها فأبصر مني الطيف نفساً أبيةً ... تيقظها عن عفة ومنامها إذا كان حظي حيث حل خيالها ... لسيان عندي نأيها ومقامها فهل نافعي أن يجمع الله بيننا ... بكل مكان وهو صعب مرامها أرى النفس تستحلي الهوى وهو حتفها ... بعيشك هل يحلو لنفسٍ حمامها أسيدتي رفقاً بمهجة عاشق ... يعذبها بالبعد عنك غرامها لك الخير جودي بالجمال فإنه ... سحابة صيف ليس يرجى دوامها لبعضهم ليس الخمول بعار ... على امرء ذي جلال فليلة القدر تخفي ... على جميع الليالي ابن الحلاوي في مشرف مطبخه، وكان أحول: يجيء إلينا بالقليل يظنه ... كثيراً وليس الشج إلا لعينيه ومن سوء حظي أن رزقي مقدر ... براحة مرء يبصر الشيء مثليه ولبعضهم في مليح له رقيب أحول

: أحوى الجفون له رقيب أحول ... الشيء في إدراكه شيئان يا ليته ترك الذي أنا مبصر ... وهو المخير في المليح الثاني ولآخر وكان أحول شكرت إلهي إذ بليت بحبها ... على نظر أغنى عن النظر الشزر نظرت إليها والرقيب يخالني ... نظرت إليه فاسترحت من العذر ابن نقادة شكوت صبابتي يوماً إليها ... وما ألقاه من ألم الغرام فقالت أنت عندي مثل عيني ... نعم صدقت ولكن في السقام الشافعي لا يدرك الحكمة من عمره ... يكدح في مصلحة الأهل ولا ينال العلم إلا فتى ... خال من الأفكار والشغل قال الصلاح الصفدي: لقد أسرف في العمل من الطين، وكان الأولى أن يترك الإسراف، ويقول: إذا كنت لا ترجى لدفع ملمة ... ولا أنت ذا مال فنرجوك للقرا ولا أنت ممن يرتجى لكريهة ... عملنا مثالاً مثل شخصك من خرا ابن وكيع لقد رضيت همتي بالخمول ... ولم ترض بالرتب العالية وما جهلت طيب طعم العلا ... ولكنها تؤثر العافية لو أن لقمان الحكيم الذي ... سارت به الركبان بالفضل بلى بفقر وعيال لما ... فرق بين التيس والبغل

بقدر الصمود يكون الهبوط ... فإياك والرتب العالية وكن في مكان إذا ما سقطت ... تقوم ورجلاك في عافية آخر: لذ خمولي وحلا مره ... إذا صانني عن كل مخلوق نفسي معشوقي ولي غيرة ... تمنعني من بذل معشوقي غيره: تنازعني النفس أعلى الأمور ... وليس من العجز لا أنشط ولكن لأن بقدر المكان ... تكون سلامة من يسقط بن التعاويذي في ذم قوم: أفنبت شطر العمر في مدحكم ... ظنا بكم أنكم أهله وعدت أفنيه هجاء لكم. . فضاع عمري فيكم كله القاضي عبد الوهاب أطال بين الديار ترحالي ... قصور مالي وطول آمالي إن بت في بلدة مشيت إلى ... أخرى فما تستقر أحمالي كأنني فكرة الموسوس ما ... تبقى مدى ساعة على حال العباس بن الأحنف سألونا عن حالنا كيف أنتم؟ ... فقرنا وداعهم بالسؤال ما حللنا حتى ارتحلنا فما ... نفرق بين النزول والارتحال السراج الوراق في جوخة كان قد قلبها: يا صاح جوختي الزرقاء تحسبها ... كنسج داود في سرد وإتقان قلبتها فغدت إذ ذاك قائلة ... سبحان من قد بلا قلبي وأبلاني إن النفاق لشيء لست أعرفه ... فكيف يطلب مني الآن وجهان؟ لطيف قول ابن دانيال ما عاينت عيناي في عطلتي ... أقل من حظي ومن بختي

قد بعت عبدي وحماري وقد ... أصبحت لا فوقي ولا تحتي ابن رواحة لاموا عليك وما دروا ... أن الهوى سبب السعادة إن كان وصل فالمنى ... أو كان هجر فالشهادة وله أيضاً في عكس هذا المعنى يا قلب دع عنك الهوى قسراً ... ما أنت قط بحامد أمرا أضعت دنياك بهجرانه ... إن نلت وصلاً ضاعت الأخرى ابن الوردي من قصيدة إعتزل ذكر الأغاني والغزل ... وقبل الفضل وجانب من هزل ودع اللهو لأيام الصبى ... فلأيام الصبى نجم أفل واترك الخمرة لا تحفل بها ... كيف يسعى في جنون من عقل وافتكر في منتهى حسن الذي ... أنت تهواه تجد أمراً جلل واتق الله فتقوى الله ما ... جاورت حاولت قلب امرء إلا وصل قيمة الإنسان ما يحسنه ... أكثر الإنسان منه أو اقل ليس يخلو المرء من ضد ولو ... حاول العزلة في رأس الجبل جانب السلطان واحذر بطشه ... لا تخاصم من إذا قال فعل لا تل الحكم وإن هم سألوا ... رغبة فيك وخالف من عزل إن نصف الناس أعداء لمن ... ولي الأحكام هذا إن عدل عسل الدولة إن يحلو لمن ... ذاقه فالسم في ذاك العسل لا يوازي لذة الحكم بما ... ذاقه الشخص إذا الشخص انعزل قصر الآمال في الدنيا تفز ... فدليل القصد تقصير الأمل إن من يطلبه الموت على ... غفلة منه جدير بالوجل ملك كسرى تغن عنه كسرة ... وعن البحر اجتزاء بالوشل إعتبر نحن قسمنا بينهم ... تلقه حقاً وبالحق نزل حبك الأوطان عجز ظاهر ... فاغترب تلق عن الأهل بدل فبمكث الماء يبقى آسناً ... وسرى البدر به البدر اكتمل قاطع الدنيا فمن عاداتها ... تخفض العالي وتعلي من سفل واترك الحيلة فيها واقتدي ... إنما الحيلة في ترك الحيل

أين أربا الحجى أهل التقى ... أين أل العلم والقوم الأول سيعبد الله كلا منهم ... وسيجزي فاعلا ما قد فعل أي بني اسمع وصايا جمعت. . زحكما خصت بها خير الملل واطلب العلم ولا تكسل فما ... أبعد الخير على أهل الكسل واحتفل بالفقه يفي الدين ولا. . تشتغل عنه بمال وخول واهجر النوم وحصله فمن ... يعرف المطلوب يحقر ما بذل ل قد ذهبت أيامه ... كل من سار على الدرب وصل في ازدياد العلم إرغام العدا. . ز وجمال العلم إصلاح العمل بالنحو فمن ... يحزم الإعراب في النطق اختبل وانظم الشعر ولازم مذهبي ... فاطراح الرفد يفي الدنيا أفل وهو عنوان على الفضل وما. . ز أحسن الشعر أذا لم يبتذل مات أهل الفضل لم يبق سوى ... مقرف أو من على الأصل اتكل أنا لا اختار تقبيل يد. . قطعها أجمل من تلك القبل إن جزتني عن مديحي صرت ... في رقها أو فيكفين الخجل أعذب الألفاظ قولي لك خذ ... وأمر اللفظ نطقي بلعل واترك الحيلة فيها واتكل ... إنما الحيلة في ترك الحيل أي كف لم تتل منها القرى ... فبلاها الله منه بالشلل لا تقل أصلي وفصلي أبدا ... إنما أصل الفتى ما قد حصل

قد يسود المرء من غير أبٍ ... وبحسن السبك قد يخفى الزغل كذا الورد من الشوك وما ... يخرج النرجس إلا من يصل مع أنب أحمد الله على ... نسبي إذ بأبي بكر اتصل قيمة الإنسان ما يحسبه. . أكثر الإنسان منه أقل أو أقل ليس يخلو المرء من ضد ولو. . حاول العزلة يفي رأس حبل بين تبذير وبخل رتبة ... وكلا هذين إن دام قتل لا تخض في سب سادات مضوا ... إنهم ليسوا بأهل للزلل وتغافل عن أمور إنه ... لم يفز بالحمد ةإلا من غفل مل عن النمام واهجره فما ... بلغ المكروه إلا من نقل دار جار الدار إن جاز وإن. . لم تجد صبرا فما أحلى النقل جانب السلطان واحذر بطشه ... لا تخاصم من إذا قال فعل لا تل الحكم وإن هم سألوا. . رغبة فيك وخالف من عذل إن نصف الناس أعداء لمن ... ولي الأحكام هذا إن عدل فهو كالمحبوس عن لذاته ... وكلا كفيه في الحشر تغل حبك الأوطان عجز ظاهر. . فاغترب تلق عن الأهل بدل فبمكث الماء يبقى آسنا ... وسرى البدر به البدر اكتمل أيها العاتب قولي عبثا ... إن طيب الورد مؤذ بالجعل عد من أسهم لفظي واشتغل ... لا يصيبنك سهم من ثعل

لا يغرنك لين من فتى ... إن للحيات لينا يعتزل أنا كالخيزور صعب كسره ... وهو لدن كيفما شئت انفتل غير أني في زمان من يكن ... فيه ذا مال هو المولى الأجل واجب عند الورى إكرامه. . وقليل المال فيهم يستقل كل أهل العصر غمر وأنا ... منهم فاترك تفاصيل الجمل قال بعض العارفين لرجل من الأغنياء: كيف طلبك للدنيا؟ فقال شديد. فقالل فهل أدركت منها ما ترد؟ قال لا. قال هذه اللتي صرفت عمرك في طلبةها لم تحصل منها ما تريد. فكيف التي لم تطلبها لما احتضر سلمان الفارسي رضي الله عنه، تحسر عند موته، فقيل له: على م تأسفك يا أبا عبد الله؟ فقال: ليس تأسفي على الدنيا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا وقال: ليكن بلغة أحدكم كزاد الراكب، وأخاف أن نكون قد جاوزنا أمره، حولي هذه الأشياء، وأشار إلى ما في بيته، وإذا هو سيف؛ ودست، وجفنة. لما أتي ببلاد من بلاد الحبشة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأنشده بلسان الحبشة شعراً: اره بره كنكره ... كرا كرى مندره فقال لحسان: أجعل معناه عربياً، فقال حسان شعر: إذا المكارم في آفاقنا ذكرت ... فإنما بك فينا يضرب المثل لبعضهم إذا غلب المنام فنبهوني ... فإن العمر ينقصه المنام فإن كثر الكلام فسكتوني ... فإن الوقت يظلمه الكلام قال بعض العارفين، عند قوله تعالى: " وجعلنا من بين أيديهم سداً " هو طول الأمل، وطمع البقاء، " ومن خلفهم سداً " وهو الغفلة عما سبق من الذنوب، وقلة الندم عليها والاستغفار منها.

سمع بعض الزهاد في يوم من الأيام شخصاً يقول: أين الزاهدون في الدنيا الراغبون في الآخرة. فقال له الزاهد: يا هذا، إقلب كلامك، وضع يدك على من شئت. لكاتبهما وثقت بعفو الله عني في غد ... وإن كنت أدري أنني المذنب العاصي وأخلصت حبي في النبي وآله ... كفا في خلاصي يوم حشري إخلاصي في الخبر عن سيد البشر صلى الله عليه وسلم أنه يفتح للعبد يوم القيامة كل يوم من أيام عمره أربعة وعشرون خزانة، عدد ساعات الليل والنهار، فخزانة يجدها مملوءة نوراً وسروراً، فيناله عند مشاهدتها من الفرح والسرور وما لو وزع على أهل النار لأدهشهم عن الإحساس بألم النار، وهي الساعة التي أطاع فيها ربه، ثم يفتح له فيها خزانة أخرى فيراها مظلمة منتنة مفزعة، فيناله عند مشاهدتها من الجزع والفزع، ما لو قسم بين أهل الجنة لنغص عليهم نعيمها. وهي الساعة التي عصى فيها ربه؛ ثم يفتح له خزانة أخرى فيراها فارغة ليس فيها ما يسره ولا ما يسؤوه، وهي الساعة التي نام فيها أو الشغل فيها لشيء من مباحات الدنيا، فيناله من الغبن والأسف على فواتها ما لا يوصف، حيث كان متمكناً من أن يملأها حسنات، ومن هذا قوله تعالى: " ذلك يوم التغابن ". في الأعراف: " إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ". قال في الكشاف: فيه دليل بين أن الجن لا يرون، ولا يظهرون للإنس، وأن إظهارهم أنفسهم ليس في استطاعتهم، وأن زعم من يدعي رؤيتهم زور ومخرقة. انتهى كلامه. وقال الإمام في التفسير الكبير: ليس فيه دليل على ذلك، كما زعمه صاحب الكشاف، فإن الجن يراهم كثير من الناس، وقد رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والأولياء من بعده. انتهى كلامه. وقريب منه كلام البيضاوي، لله در من قال: شعر حتى م أنت بما يلهيك مشتغل؟ ... عن نهج قصدك من خمر الهوى ثمل؟ تمضي من الدهر بالعيش الذميم إلى ... وأنت منقطع والقوم قد وصلوا وتدعي بطريق القوم معرفة ... كم ذا التواني وكم يغري بك الأمل فانهض إلى ذروة العلياء مبتدراً ... عزماً لترقى مكاناً دونه رجل فإن ظفرت فقد جاوزت مكرمة ... بقاؤه ببقاء الله متصل

تلاميذ أفلاطون

وإن قضيت بهم وجداً فأحسن ما ... يقال عنك قضى من وجده الرجل تلاميذ أفلاطون كان تلامذة أفلاطون ثلاث فرق: وهم الإشراقيون، والرواقيون، والمشائيون، فالإشراقيون: هم الذين جردوا ألواح عقولهم عن النقوش الكونية فأشرقت عليهم لمعات أنوار الحكمة، من لوح النفس الأفلاطونية، من غير توسط العبارات، وتخلل الإشارات. والرواقيون: هم الذين كانوا يجلسون في رواق بيته، ويقتبسون الحكمة من عباراته وإشاراته. والمشائيون: هم الذين كانوا يمشون في ركابه ويتلقون منه فرائد الحكمة في تلك الحالة، وكان أرسطو من هؤلاء وربما يقال: إن المشائين: هم الذين كانوا يمشون في ركاب أرسطو لا في ركاب أفلاطون. في الحديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال. قال في الفايق: أي نهي عن فضول ما يتحدث به الناس، من قولهم: قيل كذا، وقال فلان كذا، وبناؤهما على أنهما فعلان محكيان، والإعراب على إجرائهما مجرى الأسماء خلوين عن الضمير، ومنه قولهم: إنما الدنيا قيل وقال، وقد يدخل عليهما حرف التعريف. قال في النهاية في حديث علي رضي الله عنه: الأبدال بالشام، هم الأولياء والعباد، والواحد بدل كحمل، وبدل كحمل، سموا بذلك، لأنه كلما مات واحداً بدل آخر. النيشابوري في تفسير قوله تعالى: " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم " والآية في حم السجدة، أورد نبذاً من عجائب فتوحات المسلمين، من زمان معاوية إلى زمان الب ارسلان وذكر حرب الب ارسلان مع ملك الروم، وأطنب فيه. ثم أورد بعد ذلك، كلاماً طويلاً في بيان أن بدن الإنسان يحكي مدينة معمورة فيها كل ما تحتاج إليه المدينة. وأورد النيشابوري أيضاً في تفسير قوله تعالى: " ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبواباً وسرراً عليها يتكئون وزخرفاً وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين " والآية في سورة الزخرف، حكايات عن التجملات والزينة التي كانت لبعض الملوك والخلفاء العباسيين، والفقر والقناعة التي كانت لبعض العابدين. ثم نقل عن بعض الأكابر، أنه قال: إن قوله تعالى: " ولولا أن تكون الناس أمة واحدة " اعتذار من الله تعالى إلى أنبيائه، وأوليائه، أنه لم تزو عنهم الدنيا، إلا لأنها ليس لها خطر عنده، وأنها فانية باينة، فاثر لهم العقبى الباقية بأهلها.

اعلم أن الأصحاب لما رأوا اجتماع النتيجتين المتنافيتين الحاصلتين من قولهم الكلام صفة لله تعالى، وكل ما هو صفة لله تعالى، فهو قديم، فالكلام قديم، والكلام مترتب الأجزاء مقدم بعضها على بعض، وكلما هو كذلك فهو حادث، فالكلام حادث، منع كل طائفة مقدمة فيها كالمعتزلة للأولى والكرامية للثانية، والأشاعرة للثالثة، والحنابلة للرابعة، والحق أن الكلام يطلق على معنيين على الكلام النفسي، وعلى الكلام اللساني، وقد يقسم الأخير إلى حالتين ما للمتكلم بالفعل وما للمتكلم بالقوة، وتبين الكل بالضد كالنسيان للأول والسكوت للثاني والخرس للثالث، والمعنى يطلق على معنيين: المعنى الذي هو مدلول اللفظ، والمعنى الذي هو القائم بالغير، فالشيخ الأشعري لما قال: الكلام هو المعنى النفسي فهم الأصحاب منه، أن المراد منه مدلول اللفظ حتى قالوا بحدوث الألفاظ، وله لوازم كثيرة فاسدة كعدم التكفير لمنكري كلامه ما بين الدفتين، لكنه علم بالضرورة من الدين أنه كلام الله تعالى، وكلزوم عدم المعارضة والتحدث بالكلام، بل نقول المراد بن الكلام النفسي بالمعنى الثاني شاملاً للفظ أو المعنى قائماً بذات الله تعالى، وهو مكتوب في المصاحف مقروء بالألسنة محفوظ في الصدور، وهو غير القراءة والكتابة والحفظ الحادثة كما هو المشهور من أن القراءة غير المقروء، وقولهم إنه مترتبة الأجزاء قلنا لا نسلم بل المعنى في النفس لا ترتب فيه ولا تأخر كما هو قائم بنفس الحافظ ولا ترتب فيه، نعم الترتب إنما يحصل في التلفظ لضرورة عدم مساعدة الآلة وهو حادث منه، ويحمل الأدلة اتلتي يدل على الحدوث على حدوثه جمعاً بين الأدلة، وهذا البحث وإن كان ظاهره خلاف ما عليه، متأخروا القم لكن بعد التأمل يعرف حقيته. والحق أن هذا المحمل محمل صحيح لكلام الشيخ، ولا غبار عليه فأحفظه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. لا تأسفن من الدنيا على أمل ... فليس باقيه إلا مثل ماضيه للشيخ أبي الفتح البستي زيادة المرء في دنياه نقصان ... وربحه غير محض الخير خسران وكل وجدان حظ لا ثبات له ... فإن معناه في التحقيق فقدان يا عامراً لخراب الدهر مجتهداً ... تالله هل لخراب الدهر عمران؟ ويا حريصاً على الأموال تجمعها ... أنسيت أن سرور المال أحزان يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته ... أتطلب الربح فيما فيه خسران أقبل على النفس واستعمل فضائلها ... فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان دع الفؤاد عن الدنيا وزخرفها ... فصفوها كدر والوصل هجران

وأوع سمعك أمثالاً افصلها ... كما يفصل ياقوت ومرجان أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فطالما استعبد الإنسان إحسان وإن أساء مسيء فليكن لك في ... عروض زلته صفح وغفران وكن على الدهر معواناً لذي أملٍ ... يرجو نداك فإن الحر معوان واشدد يديك بحبل الله معتصماً ... فإنه الركن إن خانتك أركان من يتقي الله يحمد في عواقبه ... ويكفه شر من عزوا ومن هانوا من استعان بغير الله في طلب ... فإن ناصره عجز وخذلان من كان للخير مناعاً فليس له ... على الحقيقة إخوان وأخدان من جاد بالمال مال الناس قاطبة ... إليه والمال للإنسان فتان من سالم الناس يسلم من غوائلهم ... وعاش وهو قرير العين جذلان من مد طرفاً لفرط الجهل نحو هوى ... أغضى على الحق يوماً وهو حزنان من عاشر الناس لاقى منهم نصباً ... لأن أخلاقهم بغي وعدوان من كان للعقل سلطان عليه غداً ... وما على نفسه للحرص سلطان ومن يفتش على الإخوان يقلهم ... فجل إخوان هذا العصر خوان ولا يغرنك حظ جره خرق ... فالخرق هدم ورفق المرء بنيان فالروض يزدان بالأنوار فاغمة ... والحر بالعدل والإحسان يزدان صن حر وجهك لا تهتك غلالته ... فكل حر لحر الوجه صوان وإن لقيت عدواً فالقه أبداً ... والوجه بالبشر والإشراق غضان من استشار صروف الدهر قام له ... على حقيقة طبع الدهر برهان من يزرع الشر يحصد في عواقبه ... ندامة ولحصد الزرع إبان من استنام إلى الأشرار قام وفي ... قميصه منهم صل وثعبان كن ريق البشر إن المرء همته ... صحيفة وعليها البشر عنوان ورافق الرفق في كل الأمور فلم ... يذمم يندم رفيق ولم يذممه إنسان أحسن إذا كان إمكان ومقدرة ... فلن يدوم على الإنسان إمكان دع التكاسل في الخيرات تطلبها ... فليس يسعد بالخيرات كسلان لا ظل للمرء أحرى من تقى ونهى ... وإن أظلته أوراق وأغصان الناس إخوان من والته دولته ... وهم عليه إذا عادته أعوان سحبان من غير مال باقل حص ... وباقل في ثرآء المال سحبان لا تحسب الناس طبعاً واحداً فلهم ... غرائز لست تحصيها وأكنان ما كان ماء كصدآء لوارده ... نعم ولا كل نبت فهو سعدان وللأمور مواقيت مقدرة ... وكل أمر له حد وميزان فلا تكن عجلاً في الأمر تطلبه ... فليس يحمد قبل النضج بحران حسب الفتى عقله خلا يعاشره ... إذا تحاماه إخوان وخلان هما رضيعا لبان حكمة وتقى ... وساكناً وطن مال وطغيان

إذا بنا نباخ بكريم موطن فله ... وراءه في بسيط الأرض أوطان يا ظالماً فرحاً بالعز ساعده ... إن كنت في سنة فالدهر يقظان يا أيها العالم المرضي سيرته ... أبشر فأنت بغير الماء ريان ويا أخا الجهل لو أصبحت في لججٍ ... فأنت ما بينها لاشك ظمآن لا تحسبن سروراً دائماً أبداً ... من سره زمن ساءته أزمان إذا جفاك خليل كنت تألفه ... فاطلب سواه فكل الناس إخوان وإن نبت بك أوطان نشأت بها ... فارحل فكل بلاد الله أوطان خذها سوائر أمثال مهذبة ... فيها لمن يبتغي التبيان تبيان ما ضر حسانها والطبع صائغها ... إن لم يصغها قريع الشعر حسان أبو الفتح البستي يا أكثر الناس إحساناً إلى الناس ... وأكثر الناس إغضاء من الناسي نسيت وعدك والنسيان مغتفر ... فاغفر فأول ناس أول الناس في السكنى وفي السفر الله جارك في بدو وفي حضر ... والعز دارك في السكنى وفي السفر حرست في سفر عمت ميامنه ... مشيعاً بالعلى والنصر والظفر حكى الإمام فخر الدين الرازي، في أول السر المكتوم، قال: قال ثابت بن قرة في الكحل: ذكر بعض الحكماء كحلاً يقوي البصر إلى حيث يرى ما بعد عنه كأنه بين يديه، قال: وفعله بعض أهل بابل، فحكى أنه رأى جميع الكواكب الثابتة والسيارة في موضعها، وكان ينفذ بصره في الأجسام الكثيفة، وكان يرى ما ورائها فامتحنته أنا وقسطا بن لوقا، ودخلنا بيتاً وكتبنا كتاباً وكان يقرأه علينا ويعرفنا أول سطره وآخره كأنه معنا، وكنا نأخذ القرطاس ونكتب، وبيننا جدار وثيق، فأخذ قرطاساً ونسخ ما كنا نكتبه كأنه ينظر فيما نكتبه. يقال إن زرقاء اليمامة كانت ترى الفارس من بعد ثلاثة أيام، ونظرت إلى حمام يطير في الجو فقالت: يا ليت ذا القطا لنا ... ونصف مثله معه

إلى قطاة أهلنا ... إذن لنا قطاً مأه يقال: إنها وقعت في شبكة صائد، فعدها كانت كما قالته الزرقاء وهي ست وستون. إذا عرفت هذا فنقول: إن عند مقدم محمد صلى الله عليه وسلم كان العالم مملؤاً من الكفر والشرك والفسق، أما اليهود فكانوا من المذاهب الباطلة، في التشبيه، وفي الافتراء على الأنبياء، وفي تحريف التوراة، وقد بلغوا الغاية. وأما النصارى: فقد كانوا في إثبات التثليث، وتحريف الإنجيل، قد بلغوا الغاية. وأما المجوس فقد كانوا في إثبات الإلهين ووقع المحاربة بينهما، وفي تحليل نكاح الأمهات والبنات، وقد بلغوا الغاية. وأما العرب فقد كانوا في عبادة الأصنام، وفي النهب والغارة وقد بلغت النهاية، وكانت الدنيا مملؤة من هذه الأباطيل فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، وقام بدعوة الخلق إلى دين الحق، انقلبت الدنيا من الباطل إلى الحق، ومن الكذب إلى الصدق، ومن الظلم إلى النور، وبطلت هذه الكفريات، وزالت هذه الجهالات في أكثر بلاد العالم، وفي وسط المعمورة وانطلقت انطقت الألسنة بتوحيد الله، واستنارت العقول بمعرفة الله، ورجع الخلق من حب الدنيا إلى حب المولى بقدر الإمكان، وإذا كان لا معنى للنبوة إلا تكميل الناقصين في القوة النظرية والقوة العملية، ورأينا أن هذا الأثر حصل بمقدم محمد صلى الله عليه وسلم أكمل وأكثرها مما ظهر بسبب مقدم موسى وعيسى عليهما السلام، علمنا أنه كان سيد الأنبياء وقدوة الأصفياء. فائدة طبية: سر بعد الطعام ولو خطوة، نم بعد الحمام ولو لحظة، بل بعد الجماع ولو قطرة.

كتب بعض الأفاضل مع كرسي أهداه شعر: أهديت شيئاً يقل لولا ... أحدوثة الفال والتبرك كرسي تفألت فيه لما ... رأيت مقلوبة يسرك لمهيار في السيف على طريق اللغز: وابن سررت به إذ قيل لي ذكر ... فصنته ويصان الدر في الصدف أخشى عليه السوافي أن تهب فما ... تراه في غير حجري أو على كتفي أغار عجباً عليه أن أقبله ... يوماً وتقبيله أدنى إلى شرفي يتيه من فوق كرسي وهبت له ... من اللجين بقد قام كالألف لأبي إسحاق الصابي في معارضة غلامين، أحدهما أسود والآخر أبيض، شعر: قد قال ظبي وهو أسود للذي ... ببياضه يعلو علو الخائن ما فخر خدك بالبياض وهل ترى ... أن قد أفدت به مزيد محاسني لو أن خالاً فيه مني زانه ... ولو أن منه في خالاً شانني قال الباخرزي القبر الموت أخفى سترة للبنات ... ودفنها يروي من المكرمات أما رأيت الله سبحانه ... قد جعل النعش بجنب البنات آخر فإن وعدت لم يلحق القول فعلها ... وإن أوعدت فالقول يسبقه الفعل لشهاب الدين، أحمد بن يوسف الصفدي، ما يكتب على السيف شعر: أنا أبيض كم جئت يوماً أسوداً ... فأعدته بالنصر يوماً أبيضا ذكر إذا ما سل يوم كريهة ... جعل الذكور من الأعادي حيضا اختال ما بين المنايا والمنى ... وأجول في وقت القضايا والقضا للصاحب إسماعيل بن عباد رحمه الله، ووصف أبياتاً أهديت إليه شعر: أتتني بالأمس أبياته ... تعلل روحي بروح الجنان كبرد الشباب وبرد الشراب ... وظل الأمان ونيل الأماني وعهد الصبى ونسيم الصبا ... وصفو الدنان ورجع القيان قال الحريري ناقلاً عن عجوزة تشتكي من معيشتها: وهو مذكور في المطول مسجع: فمذ أغبر العيش الأخضر وأزور المحبوب الأصفر، أسود يومي الأبيض، وأبيض فودي الأسود، حتى رثى لي العدو الأزرق؛ فيا حبذا الموت الأحمر. قال الحريري في درة الغواص: بين أي لفظ بين لا تدخل إلا على المثنى أو المجموع كقولك الدار بينهما والدار بين الإخوة، وأما قوله تعالى: " مذبذبين بين ذلك " فإن لفظته ذلك تؤدي عن شيئين، وكشف هذا بقوله تعالى: " لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء " ونظيره: " لا نفرق

بين أحد من رسله " وذلك أن لفظة أحد في قوله تستغرق الجنس الواقع على المثنى والمجموع. المسافة: البعد، وأصلها من الشم، كأن الدليل إذا كان في فلاة أخذ التراب فاستافه أي شمه ليعلم أين هو من بقاع الأرض. الخلف اسم من الأخلاف، وهو في المستقبل؛ كالكذب في الماضي. قال الشيخ بدر الدين محمد بن مالك: اعلم أن اسم المعنى الصادر عن الأفعال كضرب. أو قائم بذاته كالعلم، ينقسم إلى مصدر، واسم مصدر. فإن كان أوله ميم مزيدة هي لغير مفاعلة، كالمضرب والمحمدة أو كان لغير ثلاثي كالغسل والوضوء فهو اسم المصدر، وإلا فهو المصدر. من أظرف الأشعار قلت وقد لج لح في معاتبتي ... وظن أن الملال من قبلي خدك ذا الأشعري حنفني ... وكان من أحمد المذاهب لي حسنك ما زال شافعي أبداً ... يا مالكي كيف صرت معتزلي آخر بين المحبين سر ليس يفشيه ... قول ولا قلم للخلق يحكيه

ابن المعتز قد يبعد الشيء من شيء يشابهه ... إن السماء نظير الماء في اللون آخر أمسيت أحسد أترجاً وأحسبه ... في صفرة اللون من بعض المساكين عجبت منه فما أدري أصفرته ... من فرقة الغصن أو من خوف سكين؟ ثقلت زجاجات أتتنا فرغاً ... حتى إذا ملئت بصرف الراح خفت فكادت أن تطير بما حوت ... وكذا الجسوم تخف بالأرواح حكي أن بعض الأرقاء، كان عند مالك يأكل الخاص ويطعمه الخشكار. فاستنكف الرقيق من ذلك وطلب البيع فباعه فاشتراه من يأكل الخشكار ويطعمه النخالة، فطلب البيع فاشتراه من يأكل النخالة ولا يطعمه شيئاً. فطلب البيع فباعه فشراه من لا يأكل شيئاً وحلق رأسه وكان في الليل يجلسه، ويضع السراج على رأسه بدلاً من المنارة فأقام عنده ولم يطلب البيع. فقال له النحاس لأي شيء رضيت بهذه الحالة عند هذا المالك؟ قال: أخاف من أن يشتريني في هذه المرة من يضع الفتيلة في عيني عوضاً من السراج. قد ينقسم التشبيه باعتبار الطرفين، أي المشبه والمشبه به إلى أربعة أقسام، ملفوف وهو أن يؤتى على طريق العطف أو غيره بالمشبهات أولاً ثم بالمشبه بها كقول امرء القيس شعر: كأن قلوب الطير رطباً ويابساً ... لدى وكرها العناب والحشف البالي ومفروق: وهو أن يؤتى بمشبه ومشبه به ثم بآخر وآخر كقول المرقش يصف النساء شعر: النشر مسك والوجوه دنانير ... وأطراف الأكف عنم والتسوية وهو أن يتعدد المشبه دون الثاني كقول شاعر شعر. صدغ الحبيب وحالي ... كلاهما كالليالي وثغره في صفاء ... وأدمعي كاللئالي والجمع وهو أن يتعدد المشبه به دون الأول كقول البحتري بات نديماً لي حتى الصباح ... أغيد مجدول مكان الوشاح كأنها يبسم عن لؤلؤ ... منضد أو برد أو أقاح والتشبيه في البيت الثاني. وشبه الحريري ثغر المحبوب في بيت واحد بخمسة أشياء فقال:

يفتر عن لؤلؤ رطب وعن برد ... وعن أقاح وعن طلع وعن حبب نعم ما قاله الشيخ الفاضل محمود بن عمر القزويني الخطيب في الإيضاح وأورده العلامة التفتازاني في المطول في بحث الاستعارة العنادية، وهي التي لا يمكن اجتماع طرفيها كما إذا استعير المعدوم للموجود الذي لا غناء في وجوده، وهو هذا ثم الضدان إن كانا قابلين للقوة والضعف كان استعارة اسم الأشد للأضعف أولى، فكل من كان أقل علماً أو أضعف قوة كان أولى بأن يستعار له اسم الميت، لكن الأقل علماً أولى بذلك من الأقل قوة، لأن الإدراك أقدم من الفعل في كونه خاصة للحيوان لأن أفعاله المختصة به أعني الحركات الإرادية مسبوقة بالإدراك، وإذا كان الإدراك أقدم وأشد اختصاصاً به، كان النقصان أشد تبعيداً له من الحياة، وتقريباً إلى ضدها وكذلك في جانب الأشد، فكل من كان أكثر علماً كان أولى بأن يقال له إنه حي انتهى كلامه. من شرح لامية العجم: المعتزلة طائفة من المسلمين يرون أفعال الخير من الله وأفعال الشر من الإنسان وأن الله تعالى يجب عليه رعاية الأصلح للعباد، وأن القرآن مخلوق محدث ليس بقديم، وأن الله تعالى ليس بمرئي يوم القيامة، وأن المؤمن إذا ارتكب الذنب مثل الزنا وشرب الخمر كان في منزلة بين المنزلتين، يعنون بذلك أنه ليس بمؤمن ولا كافر، وأن من دخل النار لم يخرج منها، وأن الأيمان قول وعمل واعتقاد، وأن إعجاز القرآن في الصرف عنه لا أنه في نفسه معجز، ولو لم يصرف العرب عن معارضته لأتوا بما يعارضه، وأن المعدوم شيء، وأن الحسن والقبح عقليان. وأن الله تعالى حي لذاته لا بحياة، وعالم لذاته لا بعلم قادر بذاته لا بقدرة. قال العلامة التفتازاني ولكون المثل مما فيه غرابة استعير للفظ الحال أو الصفة أو القصة إذا كان لهما شأن عجيب، كقوله تعالى: " مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً " أي حالهم العجيب الشأن، وكقوله تعالى: " وله المثل الأعلى " أي الصفة العجيبة، وكقوله تعالى: " مثل الجنة التي وعد المتقون " أي فيما قصصنا عليكم من العجائب قصة الجنة العجيبة. قال الصفدي وقد غلطوا الحريري في قوله: فلما در قرن الغزالة طمر طموراً ظهر ظهوراً الغزالة وقالوا لا يقال غزالة إلا في الشمس، فإذا أرادوا تأنيث الغزال قالوا ظبية، وإلا فهي اسم للشمس ولا يدخلها الألف واللام في الأكثر. قرأ بعض المغفلين في بيوت بالرفع، فقال شخص: يا أخي إنما القراءة في بيوت بالجر فقال: يا مغفل إذا كان الله سبحانه وتعالى يقول: " في بيوت أذن الله أن ترفع " تجرها أنت لماذا! ؟ .

لبعضهم: ثقلت زجاجات أتتنا فرغا ... حتى إذا ملئت بصرف الراح خفت فكادت أن تطير بما حوت. . وكذا الجسوم تخف بالأرواح قال الصفدي: حكي أن عمر بن الخطاب سأل عمرو بن معدي كرب أن يريه سيفه المشهور بالصمصامة، فأحضره عمرو له، فانتضاه عمر وضرب به فما حاك، فطرحه من يده وقال ما هذا إذا سل بشيء، فقال له عمرو يا أمير المؤمنين أنت طلبت مني السيف ولم تطلب مني الساعد الذي يضرب به فعاتبه، وقيل إنه ضربه. وقال في ذيله: ذكر المؤرخون أن علياً رضي الله عنه قتل من الخوارج يوم النهروان ألفي نفس وكان يدخل فيضرب بسيفه حتى ينتهي ويخرج ويقول لا تلوموني ولوموا هذا ويقومه بعد ذلك. ومن ضربات علي المشهورة ضربته مرحباً فإنه ضربه على البيضة ضربة فقدها وقده نصفين. وما أحلى قول أبي الحسن الجزار يمدح علي بن سيف الدين أو الدولة شعر: أقول لسيفي مرحباً بتقني ... بأن علياً بالمكارم قاتله وضرب عمرو بن عبد ود العامري، وكان جباراً عتلاً عنيداً من الرجال، فقطع فخذه من أصلها، ونزل عمرو، فأخذ فخذ نفسه، فضرب بها علياً، فتوارى عنها، فوقعت في قوائم بعير فكسرتها. للصفدي وبيضاء المحاجر من معد ... كأن حديثها ثمر الجنان إذا قامت لحاجتها تثنت ... كأن عظامها من خيزران للكاتب جمال الدين محمد الناس قد أثموا فينا بظنهم ... وصدقوا بالذي أدري وتدرينا ماذا يضرك في تصديق ظنهم ... بأن نحقق ما فينا يظنونا حملي وحملك ذنباً واحداً ثقة ... بالعفو أجمل من إثم الورى فينا

قال الصفدي وقد رأيت لأبي القاسم الجرجاني مصنفاً قد قسم اللام فيه إلى أحد وثلاثين قسماً وفصلها وذكر على كل قسم شواهد ولا بأس بذكرها هيهنا من غير تمثيل، وهي لام التعريف، لام املك، لام الاستحقاق، لام كي، لام الجحود، لام إن. لام الابتداء، لام التعجب، لام تدخل على المقسم به، لام جواب القسم، لام المستغاث به لام المستغاث من أجله؛ لام الأمر، لام المضمر، لام تدخل في النفي بين المضاف والمضاف إليه، لام تدخل على فعل المستقبل لازمة في القسم لا يجوز حذفها، لام يلزمه إن المكسورة إذا خففت من الثقل، لام العاقبة وسماها الكوفيون لام الصيرورة، لام التبيين لام لولا لام التكسير التكثير لام يزاد في عندك وما أشبهه، لام تزاد في لعل، لام لإيضاح المفعول من أجله، لام تعاقب حروفها، لام تكون بمعنى إلى، لام الشرط، لام توصل الأفعال إلى المفعولين. سأل بعض المغفلين إنساناً فاضلاً، قال: كيف تنسب إلى اللغة؟ فقال: لغوي فقال له أخطأت في ضم اللام، إنما الصحيح ما جاء في القرآن " إنك لغوي مبين ". حكي الشريف أبو يعلى ابن الهبارية، قال: ولقد كنا ليلة بأصبهان في دار الوزارة في جماعة من الرؤساء، وعد جماعة بأسمائهم، فلما هدأت سكنت العيون واستولى على الحركات السكون، سمعنا صراخاً وصوتاً مرتفعاًن وولولة واستغاثة، قمنا وإذا الشيخ الأديب أبو جعفر القصاص ينيك أبا علي الحسن بن جعفر البذنجي الشاعر، وذلك يستغيث ويقول: إنني شيخ أعمى فما يحملك على نيكي، وذلك لا يلتفت إليه إلى أن فرغ وسل منه كذراع البكر، وقام قائلاً إني كنت أتمنى أن أنيك أبا العلاء المعري، لكفره وإلحاده، ففاتني فلما رأيتك شيخاً أعمى فاضلاًن نكتك لأجله. كل حيوان دموي فإنه ينام ويستيقظ، وكل ذي جفن يطبقه عند النوم، وقد يحلم غير الإنسان من ذوات الأربع؛ يظهر ذلك من شمائلها وحركاتها وأصواتها في النوم. قال الصفدي: جماعة رزقوا السعادة، ولم يأت بعدهم من نالها: منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه في القضاء، أبو عبيدة في الأمانة، أبو ذر رضي الله عنه في صدق اللهجة أبي بن كعب في القرآن، زيد بن ثابت في الفرائض، ابن عباس رضي الله عنه في تفسير القرآن، الحسن البصري في التذكير، وهب بن منبه في القصص، ابن سيرين في التعبير، نافع في القراءة أبو حنيفة في الفقه قياساً، ابن إسحق في المغازي، مقاتل في التأويل، الكلبي في قصص القرآن ابن الكلبي الصغير في النسب. أبو الحسن المدايني في الأخبار، محمد بن جرير الطبري في علوم الأثر، الخليل في العروض، فضيل بن عياض في العبادة، مالك بن أنس في العلم الشافعي في فقه الحديث، أبو عبيدة في الغريب، علي بن المديني في علل الحديث، يحيى بن معين في الرجال، أحمد بن حنبل في السنة، البخاري في نقد الصحيح، الجنيد في التصوف، محمد بن نصر المروزي في الاختلاف، الجبائي في الاعتزال، الأشعري في الكلام، أبو القاسم الطبراني في العوالي، عبد الرزاق في ارتحال الناس إليه، ابن مندة في سعة الرحلة، أبو بكر الخطيب في سرعة الخطابة، سيبويه في النحو، أبو الحسن البكري في الكذب، أياس في التفرس، عبد الحميد في

من راي النبي وامره بامر

الكتابة والوفاء أبو مسلم الخراساني في علو الهمة والجزم، الموصلي النديم في الغنى، أبو الفرج الإصفهاني صاحب الأغاني في المحاضرة، أبو معشر في النجوم، الرازي في الطب، الفضل بن يحيى في الجود جعفر بن يحيى في التوقيع، ابن زيدون في سعة العبارة، ابن القرية في البلاغة الجاحظ في الأدب والبيان، الحريري في المقامات، البديع الهمداني في الحفظ، أبو نؤاس في المطايبات والهزل، ابن حجاج في سخف الألفاظ، المتنبي في الحكم والأمثال شعراً، الزمخشري ففي تعاطي العربية، النسفي في الجدل، جرير في الهجاء الخبيث، حماد الراوية في شعر العرب، معاوية في الحلم، المأمون في حب العفو، عمرو بن العاص في الدهاء الوليد في شرب الخمر، أبو موسى الأشعري في سلامة الباطن، عطاء السلمي في الخوف من الله، ابن النواب البواب في الكتابة، القاضي الفاضل في الترسل، العماد الكاتب في الجناس، ابن الجوزي في الوعظ، أشعب في الطمع، أبو نصر الفارابي في نقل كلام القدماء ومعرفته وتفسيره، حنين بن إسحاق في ترجمة اليوناني إلى العربي، ثابت بن قرة في تهذيب ما نقل من الرياضي إلى العربي، ابن سينا في الفلسفة وعلوم الأوائل، الإمام فخر الدين في الإطلاع على العلوم، السيف الآمدي في التحقيق، النصير الطوسي في المجسطي، ابن هيثم في الرياضي، نجم الدين الكاشي الكاتبي في المنطق، أبو علي المعري في الاطلاع على اللغة، أبو العينا في الأجوبة المسكتة، مزيد في البخل، القاضي أحمد بن أبي داود في المروة وحسن التقاضي، ابن المعتز في التشبيه، ابن الرومي في التطير، الصولي في الشطرنج، أبو محمد الغزالي في الجمع بين المعقول والمنقول، أبو الوليد بن الرشيد في تلخيص كتب الأقدمين الفلسفية والطبية، محيي الدين بن عربي في علم التصوف. ومن نوادر الخيال، حكي أن بعضهم كتب إلى امرأة يهويها، مري خيالك أن يمر بي، فكتبت إليه إبعث إلي بدينارين، حتى أجيء غليك بنفسي في اليقظة. القوة المخيلة لا تستقل بنفسها في رؤية المنام، بل تفتقر الرؤية إلى القوة المفكرة والحافظة، وساير القوى العقلية، فمن رأى كأن أسداً تخطى إليه وتمطى ليفترسه فالقوة المفكرة تدرك ماهية سبع ضار، والذاكرة تدرك افتراسه وبطشه، والحافظة تدرك حركاته وهيئاته، والمخيلة هي التي رأت تلك جميعاً وتخيلته. من رأى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأمره بأمر قال الصفدي: قد تكلم الفقهاء فيمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بأمر هل يلزمه العمل به أو

لا قالوا إن أمره بما يوافق أمره يقظة ففيه خلاف، وإن أمره بما يخالف أمره فإن قلنا أن من رآه صلى الله عليه وسلم على الوجه المنقول في صفته فرؤياه حق، فهذا من قبيل تعارض الدليلين والعمل بأرجحهما، وما ثبت في اليقظة فهو أرجح، فلا يلزمنا العمل بما أمره فيما يخالف أمره يقظة. من كتاب يتيمة الدهر للإمام الثعالبي رحمه الله: جرى بين الشعراء بحضرة الصاحب في ميدان اقتراحه. أقرأني أبو بكر الخوارزمي كتاباً لأبي محمد الخازن، ورد في ذكر الدار التي بناها الصاحب بأصبهان، وانتقل إليها واقترح على أصحابه وصفها، وهذه نسخته بعد الصدر نعم الله عند مولانا الصاحب مترادفة، ومواهبه له متضاعفة، وآراء أولياء النعم كبت الله أعدائهم، تتظاهر كل يوم حسناً في إعظامه، وبصائرهم تتراىء قوة في إكرامه والوفود إلى بابه المعمور بالفال المسعود، فرأيناه يوماً مشهوداً وعيداً يجنب عيداً، واجتمع المادحون، وقال القائلون، ولو حضرتني القصائد لأنفدتها إلا أني علقت من كل واحدة ما علق بحفظي، والشيخ مولاي يعرف ملك النسيان لرقي، قصيدة الأستاذ أبي العباس أولها شعر: دار الوزارة ممدود سرادقها ... ولاحق بذرى الجوزاء لاحقها والأرض قد واصلت غيض السماء بها ... فقطرها أدمع بحري سوابقها تود لو أنها من أرض عرصتها ... وأن أنجمها فيها طوابقها فمن يجالس يخلفن الطواوس قد ... لبسن مجسدة راقت طرايقها تفرعت شرفات في مناكبها ... يرتد عنها كليل العين رامقها مثل العذارى وقد شدت مناطقها ... وتوجت بأكاليل مفارقها كل امرء شق عنه الحجب رؤيتها ... وأشرقت في محياه مشارقها مخلف قلبه فيها وناظره ... إذا تجلت لعينيه حقائقها والدهر حاجبها يحمي مواردها ... عن الخطوب إذا صالت طوارقها موارد كلما هم العفاة بها ... عادت مفاتح للنعمى مغالقها دار الأمير التي هذي وزيرتها ... أهدت لها وشحاً راقت نمارقها

تزهي بها مثل ما تزهي لسيدنا ... مؤيد الدولة المأمون طارقها هذي المعالي التي اغتص الزمان بها ... وافتك منسوقة والله ناسقها إن الغمائم قد آلت معاهدة ... لا زايلتها ولا زالت تعانقها لأرضها كلما جادت مواهبها ... وفي ديار معاديها صواعقها ومنها قصيدة الشيخ أبي الحسن صاحب البريد ابتداؤها: دار على العز والتأييد مبناها ... وللمكارم والعلياء مغناها دار تباهي به الدنيا وساكنها ... هذا وكم كانت الدنيا تمناها فاليمن أقبل مقروناً بيمناها ... واليسر أصبح مقروناً بيسراها من فوقها شرفات طال أدناها ... يد الثريا فقل لي كيف أقصاها؟ كأنها غلمة مصطفة لبست ... بيض الغلايل أمثالاً وأشباها انظر إلى القبة الغبراء الغراء مذهبة ... كأنما الشمس أعطتها محياها تلك الكنائس قد أصبحن رايقة ... مثل الأوانس تلقانا ونلقاها فالربع بالمجد لا بالصحن متسع ... والبهو لا بالحلي بل بالعلى باها لما بنى الناس في دنياك دورهم ... بنيت في دارك الغراء دنياها ولو رضيت مكان البسط أعيننا ... لم تبق عين لنا إلا فرشناها وهذه وزراء الملك قاطبة ... بياذق لم تزل ما بينها شاها فأنت أرفعها مجداً وأسعدها ... جداً وأجودها كفاً وأكفاها وأنت ادبها وأنت آكبها ... وأنت سيدها وأنت مولاها كسوتني من لباس العز أشرفه ... المال والعلم والسلطان والجاها ولست أقرب إلا بالولاء وإن ... كانت لنفسي من علياك قرباها وقصيدة ابن الطيب الكاتب أولها ودار ترى الدنيا عليها مدارها ... يجوز السماء أرضها وديارها بناها ابن عباد ليعرض همه ... على همم إشراقهن اقتصارها

ترد على الدنيا بهاكل غدرة ... إذا ما تبارت داره وديارها وإن قيل بهتاناً حكت تلك هذه ... فقد تتوازى ليله ونهارها فإن لم يكن في صحن دارك بعض ما ... بصدرك فالدنيا يصح اعتذارها ومنها قصيدة أبي سعيد الرستمي افتتاحها: نصبن لحبات القلوب حبائلاً ... عشية حل الحاجبيات حائلا نشدنا عقولاً يوم برقة منشد ... ضللن فطالبنا بهن العقائلا عقائل من أحياء بكر بن وائل ... تحيين يحببن للعشاق بكر بن وائلا عيون ثكلن الحسن منذ فقدتها ... ومن ذا رأى قبلي عيوناً ثواكلا جعلت ضنى جسمي لديها ذرايعاً ... وسائل دمعي عندهن وسائلا وركب سروا حتى حسبت بأنهم ... بسرعتهم عدواً إليك المراحلا إذا نزلوا أرضاً رأوني نازلاً ... وإن رحلوا عنها رأوني راحلا وإن أخذوا في جانب ملت آخذاً ... وإن عدلوا عن جانب ملت عادلا وإن وردوا ماء وردت وإن طووا ... طويت وإن قالوا تحولت قائلا وإن نصبوا للحرب للحر حر ... وجوههم تحولت حرباء على الجذع مائلا وإن عرفوا أعلام أرض عرفتها ... وإن أنكروا أنكرت منها مجاهلا وإن عزموا سيراً شددت رحالهم ... وإن عزموا حلاً حللت الرحائلا وإن وردوا ماء حملت سقائهم ... أو انتجعوا أرضاً حدوت الزوائلا يظنون أني سائل فضل زادهم ... ولولا الهوى ما ظنني الركب سائلا واقسمت بالبيت الجديد بناؤه ... بحي ومن يحفى إليه المراقلا هي الدار أبناء الندى من حجيجها ... نوازل في ساحاتها وقوافلا يزرنك بالآمال مثنى وموحداً ... ويصدرن بالأموال جماً وجاملا قواعد إسماعيل يرفع سمكها ... لنا كيف لا نعتدهن معاقلا؟ فكم أنفس تهوي إليها مغذة ... وأفئدة تهوي إليها حوافل

ا وسامية الأعلام يلحظ دونها ... سنا النجم في آفاقها متطائلا نسخت بها إيوان كسرى بن هرمز ... فأصبح في أرض المدائن عاطلا فلو أبصرت ذات العماد عمادها ... لأمست أعاليها حياء أسافلا ولو لحظت جنات تدمر حسنها ... درت كيف تبني بعدهن المجادلا؟ تناطح قرن الشمس من شرفاتها ... صفوف ظباء فوقهن موايلا وعول بأطراف الجبال تقابلت ... ومدت قروناً للنطاح موائلا كأشكال طير الماء مدت جناحها ... وأشخصن أعناقاً لها وحواصلا وردت شعاع الشمس فارتد راجعاً ... وسدت حبوب الريح فارتد ناكلا إذا ما ابن عباد مشى فوق أرضها ... مشى الدهر في أكنافها متماثلا كنايس ناطت بالنجوم كواهلاً ... وعادت فألقت بالنجوم كلاكلا وفيحاء لو مرت صبا الريح بينها ... لضلت فظلت تستثير الدلائلا متى ترها خلت السماء سرادقاً ... عليها وأعلام النجوم تمائلا هواء كأيام الهوى فرط رقة ... وقد فقد العشاق فيها العواذلا وماء على الرضراض يجري كأنه ... صفائح تهر قد سبكن جداولا كأن بها من شدة الجري جنة ... فقد ألبستهن الرياح سلاسلا ولو أصبحت داراً لك الأرض كلها ... لضاقت بمن ينتاب دارك سائلا عقدت على الدنيا جداراً فحزتها ... جميعاً ولم نترك لغيرك طايلا وأغنى الورى عن منزل من بنت له ... معاليه فوق الشعر بين منازلا ولا غرو أن يستحدث الليث بالثرى ... عريناً وأن يستطرق البحر ساحلا ولم يعتمد داراً سوى حومة الوغا ... ولا خدماً إلا القنا والقنابلا ولا حاجباً إلا حساماً مهنداً ... ولا حاملاً إلا سناناً وعاملا ووالله لا أرضى لك الدهر خادماً ... ولا البدر منتاباً ولا البحر نائلا ولا الفلك الدوار داراً ولا الورى ... عبيداً ولا زهر النجوم قبائلا

أحدت بضبع الدهر حتى دفعتها ... إلى غاية أمسى بها النجم جاهلا وإن الذي يبنيه مثلك خالد ... وساير ما يبني الأنام إلى بلى قصيدة أبي الحسن الجرجاني ليهن ويسعد من به سعد الفضل ... بدار هي الدنيا وسائرها فضل تولى لها تدبيرها رحب صدره ... على قدره والشكل يعجبه الشكل بنية مجد تشهد الأرض أنها ... ستطوي وما حاوي السماء لها مثل تكلف أحداق العيون تخاوصاً ... إليها كأن الناس كلهم قبل منار لأبصار السراة وربها ... مثال لآمال العفاة إذا ضلوا سحاب علا فوق السحاب مصاعداً ... وأحرى بأن يعلو وأنت له وبل وقد أسبل الحيرى كمي مفاخر ... بصحن بها للملك يجتمع الشمل كما طلع النسر المنير مصفقاً ... جناحيه لولا أن مطلعه غفل بنيت على هام العداة بنية ... تمكن منها في قلوبهم الغل ول كنت ترقى هامهم شرفاً لها ... أتوك بها جهد المقل ولم يألوا ولكن أراها لو هممت برفعها ... آبى الله أن تعلو عليك فلم تعلو تحج له الآمال من كل وجهة ... وينحر في حافاتها البخل والمحل وما ضرها أن لا تقابل دجلة ... وفي حافتيها يلتقي الفيض والهطل تجلى لأطراف العراق سعودها ... فعاد إليه الملك والأمن والعدل كذا السعد قد ألقى عليها شعاعه ... فليس لنحس في مطارفها فعل وقالوا تعدى خلقه من بنائها ... وكان ما غير النوال له شغل فقلت إذا لم يلهه ذاك من ندا ... فماذا على العلياء إن كان لا يخلو إذا النصل لم يذمم نجاراً وشيمة ... توثق في غمد يصان به النصل تمل على رغم الحوادث والعدى ... علاك وعش للجود ما قبح البخل قصيدة أبي القاسم ابن العلاء أولها:

هجرت ولم أنو الصدود ولا الهجرا ... ولا أضمرت نفسي الصدود ولا الغدرا وكيف؟ وفي الأحشاء نار صبابة ... تشبب لي في كل جارحة جمرا تقول لي الأفكار لما دعوتها ... لتنظم في معمور بنيانه شعرا بنى مسكناً باني المفاخر أم فخراً ... وجنتنا الأولى بدت أم هي الأخرى؟ أم الدار قد أجرى الوزير سعودها ... فلم تجر دار في الثرى ذلك المجرى وتبدو صحون كالظنون فسيحة ... تقدرها حلماً فينعتها حزرا وفي القبة العلياء زهر كواكب ... من الغرب المضروب والذهب المجرى إذا ما سماء الطرف المحلق دونها ... رآها سماء صحف أنجمها قفرا قصيدة أبي القاسم الزعفراني سرك الله بالبناء الجديد ... نلت حال الشكور لا المستزيد هذه الدار جنة الخلد في الدنيا ... فصلها وأختها بالخلود أمة زينت لسيدها المالك ... لا زينة الفتاة السرود حليها حسنها فقد غنيت عن ... كل مستطرف بلبس جديد إرم المسلمين لا ذكر شداد ... بن عاد فيها ولا اسم شديد ما تشككت أن رضوان قد حان ... ولاثم مثلها في الصعيد كل مستخدم فداء زير ... الزم الانس كل جاف شديد خدمته الرجال بعد الأسود ... عمل الجن كل جاف مريد فابتنوا ما لو أن هامان يدنو ... منه لم يرض صرحه للصعود وتولى الإقبال خدمته فيه ... على الرسم فاستعان بالتسديد قال للجص كن رصاصاً وللآجر ... لما علاه كن من حديد فتناهى البنيان وارتفع الإيوان ... حتى أناف بالتشييد وتبدت من فوقه شرفات ... كنساء أشرفن في يوم عيد قسماً لا مدحت إلا ابن عباد ... بنيل الشباب والتخليد لا لقيت الأنام إلا بوجه ... ماؤه لا يجول في جلمود ويد ما حسرت ردني عنها ... فهي سيف يصان عن تجريد أجمع الناس أنه أفضل الناس ... اضطراراً أغنى عن التقليد فلهذا أعد قربي منه ... نعمة ليس فوقها من مزيد لا ذكرت العراق ما عشت إلا ... أن أراه يؤمه في الجنود قصيدة أبي القاسم ابن المنجم أولها هي الدار قد عم الأقاليم نورها ... فلو قدرت بغداد كانت تزورها فلو خيرت دار الخلافة بادرت ... إليها وفيها تاجها وسريرها ولو قد تبقت سر من را بحالها ... لسارت إليها دورها وقصورها لتسعد فيها يوم حان حضورها ... وتشهد دنياً لا يخاف غرورها فما علمت عين الزمان بمثلها ... وحاشا لها من أن يحين نظيرها يقول الأولى قد فوجئوا بدخولها ... وحبرهم تحبيرها وحبيرها أفي كل قصر غادة وحليها؟ ... وفي كل بيت روضة وغديرها؟ فآبوا بها أثوابها من نقوشها ... فلا ظلم إلا حين ترخي ستورها معظمة إلا إذا قيل سمكها ... بهمة بانيها فتلك نظيرها هي الهمة الطولى أجالت بفكرها ... مباني تكسوها العلى وتعيرها فجاء بدار دارة السعد نجمها ... وجنبت المحذور ليس بطورها وقال لها الله الوفي صفاته ... سأحميك ما ضم الليالي كرورها أهنيك بالعمران والعمر دايم ... لبانيك ما أفنى الدهور صرورها وقد أسجل الإقبال عمدة ملكنا ... وخطت بأعلام السعود سطورها ودارت لها الأفلاك كيف أدرتها ... ودانت إلى أن قيل أنت مديرها

وهاك ابنة الفكر التي قد خطبتها ... وقدمت من قبل الزفاف مهورها فإن كان للدار التي قد بنيتها ... نظير ففي عرض القريض نظيرها إلا جررت الذيل في ساحة العلى ... وقلت القوافي قد أعيد جريرها قال محمود الوراق: إلهي لك الحمد الذي أنت أهله ... على نعم ما كنت قط لها أهل إذا ازددت تقصيراً تزدني تفضلاً ... كأني بالتقصير أستوجب الفضلا لبعضهم بكت علي غداة البين حين رأت ... دمعي يفيض وحالي حال مبهوت فدمعتي ذوب ياقوت على ذهب ... ودمعها ذوب در فوق ياقوت سئل أبو فراس المشهور بالفرزدق، أحسدت أحداً على شعر؟ قال: ما حسدت إلا ليلى الأخيلية في شعرها هذا: ومخرق عنه القميص تخاله ... بين البيوت من الحياء سقيما حتى إذا حمي الوطيس رأيته ... تحت الخميس على اللواء زعيما لا تقربن الدهر آل مطرف ... لا ظالماً أبداً ولا مظلوما ثم قال: مع أني قائل هذه الأبيات، شعر: وركب كان الريح تطلب عندهم ... لهاترة من جذبها بالعصائب سروا يخبطون الليل وهي تلفهم ... إلى شعب الأكوار من كل جانب إذا أبصروا ناراً يقولون ليتها ... وقد خصرت أيدهم نار غالب روي أن الفرزدق تعلق بأستار الكعبة، وعاهد الله على ترك الهجاء والقذف اللذين كان قد ارتكبهما، فقال شعراً: ألم ترني عاهدت ربي وأنني ... لبين رتاج قائماً ومقام أطعتك يا إبليس تسعين حجة ... فلما انقضى عمري وتم تمامي فزعت إلى ربي وأيقنت أنني ... ملاق لأيام الحتوف حمامي يقال: إن أشعب مر يوماً فجعل الصبيان يعبثون به، فقال لهم ويلكم سالم بن عبد الله يفرق تمراً من صدقة عمر، فمر الصبيان يعدون إلى دار سالم بن عبد الله وعدا أشعب معهم وقال: ما يدريني لعله يكون حقاً.

رأت الضبع ظبية على حمار، فقالت: أردفيني على حمارك، فأردفتها، فقالت: ما أفره ارفه حمارك ثم سارت يسيراًن فقال: ما أفره حمارنا، فقالت الظبية: إنزلي قبل أن تقولي: ما أفره حماري، وما رأيت أطمع منك. حكي أن بعض الفقراء أتى إلى خياط ليخيط به فتقاً كان في قميصه، فوقف المسكين متوقعاً ينتظر فراغه، فلما فرغ طواه، وجعله تحته وأطال في ذلك فقال أجير عنده: ما تدفعه إليه؟ قال: اسكت لعله ينساه ويروح. لبشار بن برد يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة ... والأذن تعشق قبل العين أحيانا قالوا بمن لا ترى تهوى فقلت لهم ... الأذن كالعين توفي القلب ما كانا قال علي رضي الله عنه: سرك أسيرك؛ فإن تكلمت به صرت أسيره، ونظم هذا بقوله رضي الله عنه شعراً: صن السر عن كل مستخبر ... وحاذر فما الحزم إلا الحذر أسيرك سرك إن صنته ... وأنت أسير له إن ظهر مدح رجل هشام بن عبد الملك، فقال: يا هذا إنه قد نهي عن مدح الرجل في وجهه فقال: ما مدحتك ولكن ذكرتك نعم الله عليك لتجد ذلك شكراً. فقال هشام: هذا أحسن من المدح، فوصله وأكرمه. لبعضهم ما سمت العجم المهمان مهماناً ... إلا لإكرام ضيف كا من كانا فالمه سيدهم والمان منزلهم ... والضيف سيدهم ما لازم المانا قال محمد بن سليمان الطفاوي: حدثني أبي عن جدي، قال: شهدت الحسن البصري في جنازة النوار امرأة الفرزدق، وكان الفرزدق حاضراًن فقال له الحسن وهو عند القبر: ما أعدت يا أبا فراس لهذا المضجع؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ ثمانين سنة فقال له الحسن: هذا العمود فأين الطنب؟ فقال الفرزدق في الحال شعراً: أخاف وراء القبر إن لم يعافني ... أشد من الموت التهاباً وأضيقا إذا جاء في يوم القيامة قائد ... عنيف وسواق يسوقا الفرزدقا لقد خاب من أولاد دارم من مشى ... إلى النار مغلول القلادة أزرقا يقاد إلى نار الجحيم مسربلاً ... سرابيل قطران لباساً محرقا لبعضهم

إذا عن أمر فاستشر فيه صاحباً ... وإن كنت ذا رأي يشير على الصحب فإني رأيت العين تجهل نفسها ... وتدرك ما قد حل في موضع الشهب أنشد بعضهم يا رب قد أحسنت عوداً وبدأة ... إلي فلم ينهض بإحسانك الشكر فمن كان ذا عذر لديك وحجة ... فعذري إقراري بأن ليس لي عذر وقال الأحنف بن قيس: يضيق صدر الرجل بسره، فإذا حدث به قال اكتمه علي، وأنشده: إذا المرء أفشى سره عند غيره ... ولام عليه غيره فهو أحمق إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه ... فصدر الذي يستودع السر أضيق وقال بعضهم: نقيض هذا المعنى شعر: فلا أكتم الأسرار لكن أذيعها ... ولا أدع الأسرار تعلو على قلبي فإن قليل العقل من بات ليله ... تقلبه الأسرار جنباً إلى جنب وقال الحسن بن هاني إذا نحن أثنينا عليك بصالح ... فأنت كما نثني وفوق الذي نثني وإن جرت الألفاظ يوماً بمدحة ... لغيرك إنسان فأنت الذي نعني قال بعضهم إذا ما المدح صار بلا نوال ... من الممدوح كان هو الهجاء وقال أخو كرم يغني الورى من بساطه ... إلى روض مجد بالسماح مجود وكم لجباه الراغبين لديه من ... مجال سجود في مجالس جود لأبي تمام تعود بسط الكف حتى لو أنه ... أراد ثناها لم تطعه أنامله هو البحر من أي النواحي أتيته ... فلجته المعروف والجود ساحله

ولو لم يكن في كفه غير روحه ... لجاد بها فليتق الله سائله لأبي الطيب المتنبي وفي النفس حاجات وفيك فطانة ... سكوتي بيان عندها وخطاب وما كنت لولا أنت إلا مسافراً ... له كل يوم بلدة وصحاب للأرجاني إقرن بأيك رأي غيرك واستشر ... فالحق لا يخفى على الاثنين فالمرء مرآة تريه وجهه ... ويرى قفاه بجمع مرآتين للكميت بن زيد الأسدي أتصرم الحبل حبل البيض أم تصل؟ ... وكيف؟ والشيب في فوديك مشتعل لما عبأت لقوس المجد أسهمها ... حيث الجدود على الإحسان تنتصل أحرزت من عشرها تسعاً وواحدة ... فلا العمى لك من رام ولا الشلل الشمس آذتك إلا أنها امرأة ... والبدر آذاك إلا أنه رجل قيل: جاء الكميت إلى الفرزدق فقال: يا عم إني قلت: قصيدة أريد عرضها عليك فقال: قل فأنشده قوله: طربت وما شوقاً إلى البيض أطرب فقال له الفرزدق: إلى ما طربت؟ ثكلتك أمك فقال: ولا لعباً مني وذو الشيب يلعب: ولم تلهني دار ولا رسم منزل ... ولم يتطربني بنان مخضب ولا أنا ممن يزجر الطير همه ... أصاح غراب أم تعرض ثعلب قال المرتضى رضي الله عنه: يجب الوقوف على الطير، ثم يبدء بهمه ليفهم الغرض. ولا السانحات البارحات عشية ... أمر سليم القرن أم مر أعضب

ولكن إلى أهل الفضائل والنهى ... وخير بني حواء والخير يطلب فقال الفرزدق: هؤلاء بنو دارم، فقال الكميت: إلى النفر البيض الذي بحبهم ... إلى الله فيما نابني أتقرب فقال الفرزدق: هؤلاء بنو هاشم، فقال الكميت: بنو هاشم رهط النبي محمد ص ... بهم ولهم أرضى مراراً وأغضب فقال الفرزدق: لو جزتهم إلى سواهم لذهب قولك باطلاً. للأرجاني ما كنت أسلو وكان الورد منفرداً ... فكيف أسلو؟ وحول الورد ريحان قال السكاكي: المجاز عند السلف قسمان: لغوي وعقلي واللغوي قسمان: راجع إلى معنى الكلمة، وراجع إلى حكم، والراجع إلى الكلمة قسمان: خال عن الفائدة ومتضمن لها، والمتضمن قسمان: استعارة، وغير استعارة. أورده العلامة التفتازاني في الفصل الأول من آخر كتاب البيان. لبعضهم ظرافة كأننا والماء من حولنا ... قوم جلوس حولهم ماء فقال ابن الوردي فيه: وشاعر أوقد الطبع الذكاء له ... فكاد يحرقه من فرط إذكاء أقام يجهد أياماً قريحته ... وشبه الماء بعد الجهد بالماء قال أحمد بن محمد أبو الفضل السكري المروزي من المزدوجة: ارتجم فيها أمثال الفرس شعر: من رام طمس الشمس جهلاً أخطى ... الشمس بالتطيين لا تغطى أحسن ما في صفة الليل وجد ... الليل حبلى ليس يدري ما تلد من مثل الفرس ذوي الأبصار ... الثوب رهن في يد القصار إن البعير يبغض الحشاشا ... لكنه في أنفه ما عاشا نال الحمار من سقوط في الوحل ... ما كان يهوى ونجا من العمل نحن على الشرط القديم المشترط ... لا الزق منشق ولا العير سقط في المثل السائر للحمار ... قد ينهق الحمار للبيطار العنز لا يسمن إلا بالعلف ... لا يسمن العنز بقول ذي لطف

البحر غمر الماء في العيان ... والكلب يروي منه باللسان لا تك من نصحي ذا ارتياب ... ما بعتك الهرة في الجراب من لم يكن في بيته طعام ... فما له في محفل بيته مقام كان يقال من أتى خواناً ... من غير أن يدعى إليه هانا ومما أحتويه من ذلك بعد المزدوجة: إذا الماء فوق غريق طما ... فقاب قناة وألف سوا إذا وضعت على الرأس التراب فضع ... من أعظم التل أن النفع عنه يقع في كل مستحسن عيب ولا ريب ... ما يسلم الذهب إلابريز من عيب ما كنت لو أكرمت أستعصي ... لا يهرب الكلب من القرص طلب الأعظم من بيت الكلاب ... كطلاب الماء في لمع السراب من مثل الفرس سار في الناس ... التبن الشكر يسقى بعلة الآس تبختر إخفاء لما فيه من عرج ... وليس له، فيما تكلفه فرج وله ما أقبح الشيطان لكنه ... ليس كما ينقش أو يذكر إنتهز الفرصة في حينها ... والتقط الجوز إذا ينثر نطلب أصل المرء من فعله ... ففعله عن أصله يخبر فررت من قطر إلى منقب نفنف ... علي بالوابل مثعنجر منفجر إن تأت عوراً فتعاور لهم ... وقل أتاكم رجل أعور خذه بموت تغتم عنده ال ... حمى فلا يشكو ولا يجأر الباب فانصب حيث ما يشتهي ... صاحبه فهو به أبصر الكلب لا يذكر في مجلس ... إلا تراءى عند ما يذكر قال بعضهم الشرف بالهمم العالية لا بالرمم البالية. الكذوب متهم، وإن وضحت حجته، وصدقت لهجته. عثرة الرجل تزل القدم. ربما أصاب الأعمى رشده وأخطأ البصير قصده. لا تعادي أحداً فإنك لا تخلو عن معاداة عاقل أو جاهل. فاحذر حيلة العاقل وجهل

فصل في أمثال العرب

الجاهل إستح من ذم من لو كان حاضراً لبالغت في مدحه، ومدح من لو كان غائباً لسارعت إلى ذمه. فصل في أمثال العرب إن أخا الهيجاء من يسعى معك، ومن يضر نفسه لينفعك. إذا كنت مناطحاً فناطح بذوات القرون إياك أن يضرب لسانك عنقك. إذا قلت له زن طأطأ رأسه وحزن. رب أكلة تمنع أكلات. رب رمية من غير رام. رب أخ لم تلده أمك. ربما كان السكوت جواباً. رب ملوم لا ذنب له. رب عين أنم من لسان. ركوب الخنافس ولا المشي على الطنافس. سحائب الصيف عن قليل تنقشع. طرف الفتى يخبر عن إيمانه لسانه. عند الصباح يحمد القوم السرى. عين عرفت زرفت. إعقلها وتوكل. عند الامتحان يكرم المرء أو يهان. كل كلب ببابه نباح. كثرة العتاب تورث البغضاء. الكلام السؤال أنثى والجواب ذكر. كلما تزرع تحصده. كلب جوال خير من أسد رابض. لقد ذل من بالت عليه الثعالب. لكل صارم نبوة، ولكل جواد كبوة لعل له عذراً وأنت تلوم. لكل ساقطة لاقطة. لسان من رطب ويد من حطب. ليس النائحة الثكلى كالمستأجرة. ما حك جلدك مثل ظفرك. معاتبة الإخوان خير من فقدهم. يا حبذا الإمارة ولو على الحجارة. يكسو الناس واسته عارية. يدك منك وإن كانت شلاء. فصل في أمثال العامة والمولدين الحاوي لا ينجو من الحيات. الشاة المذبوحة لا يؤلمها سلخ. طلع القرد في الكنيف، وقال هذه المرآة لهذا الوجه الظريف. الغائب حجته معه. النكاح يفسد الحب. النصح بين الناس تفريق تقريع الحولى مع العورى، ملوزة العينين. الحر حر ولو مسه الضر. الزرنيخ له العمل والاسم للنورة. تعاشروا كالإخوان وتعاملوا كالأجانب. سواء قوله وبوله. شهر ليس لك فيه رزق لا تعد أيامه. ضرب الطبل تحت الكسا. غش القلوب تظهره فلتات اللسان وصفحات الوجوه. فر من الموت وفي الموت وقع. فم يسبح وقلب يذبح. فلان كالكعبة يزار ولا يزور. فلانة كالإبرة تكسو الناس وهي عارية عريانة. كلما طار قصوا جناحه. من اعتمد على شرف آبائه فقد عقم عقهم. من سعادة المرء أن يكون خصمه عاقلاً. العجول عجول وإن ملك. والمتثبت مصيب وإن هلك.

أسماء ساعات النهار عند العرب

الأمثال المنظومة قال لبيد ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل غيره وغيره إذا جاء موسى وألقى العصا ... فقد بطل السحر والساحر أكل خليل هكذا غير منصف؟ ... وكل زمان بالكرام بخيل؟ الخير لا يأتيك متصلا ... والشر يسبق سيله المطر إنما أنفسنا عارية ... والعواري حكمها أن تسترد إذا ملك لم يكن ذاهبة ... فدعه فدولته ذاهبة إن كنت لا ترضى بما قد ترى ... فدونك الحبل به فاختنق إذا كان رب البيت بالدف مولعا ... فشيمة أهل البيت كلهم الرقص إذا ما أراد الله إهلاك نملة ... سمت بجناحيها إلى الجو تصعد ضاقت ولو لم تضق لما انفرجت ... والعسر مفتاح كل ميسور الرزق يخطي باب عاقل قومه ... ويبيت بواباً بباب الأحمق إذا لم تستطع أمراً فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل عتبت على سلم فلما تركته ... وجربت أقواماً بكيت على سلم من لم يعدنا إذا مرضنا ... ومات لم نشهد الجنازة ولربما بخل الكريم وما به ... بخل ولكن سوء حظ الطالب أقلب طرفي لا أرى غير صاحب ... يميل مع النعماء حيث تميل كنت من كربتي أفزع إليهم ... فهم كربتي فأين الفرار أسماء ساعات النهار عند العرب قد سمت العرب ساعات النهار أسماء: الأولى الذرور، ثم البزوغ، ثم الضحى، ثم الغزالة ثم الهاجرة، ثم الزوال، ثم الدلوك، ثم العصر، ثم الأصيل، ثم الصبوب، ثم الحدور، ثم الغروب. ويقال فيه أيضاً: البكور، ثم الشروق، ثم الإشراق، ثم الرأد، ثم الضحى، ثم المتوع ثم الهاجرة، ثم الأصيل، ثم العصر، ثم الطفل، ثم الحدور، ثم الغروب.

أحكام حتى

ويقال فيها أيضا البكور، ثم الشروق، ثم الإشراق ثم الرأد ثم الضحى ثم المنوع ثم الهاجرة، ثم الأصيل، ثم العصر، ثم الطفل ثم الحدور ثم الغروب. قال الصفدي: وحكي لي من لفظة المولى جمال الدين بن نباتة بدمشق المحروسة سنة اثنين وثلاثين، قال: أنشدت فلاناً وسماه وهو بعض مشايخ أهل العصر ولم أذكره أنا فإنه من العلم في محل لم يشركه فيه غيره. قولي في مرثية ابن لي توفي، وعمره دون سنة، وهو شعر: يا راحلاً عني وكانت به ... مخايل للفضل مرجوة لم تكتمل حولاً وأورثتني ... ضعفاً فلا حول ولا قوة فأعجباه وكتبهما بخطه، وكتب الثاني فلا حول ولا قوة إلا بالله فقلت: يا مولا إن أردت بقول إلا الله البركة فأتم ذلك بالعلي العظيم، وإن كان غير ذلك فقد أفسدت المعنى. وحكي أن بعض العرب مر على قوم فقال لأحدهم: ما اسمك؟ فقال: منيع. وسأل آخر؟ فقال: وثيق. وسأل آخر؟ فقال: شديد. وسأل آخر؟ فقال: ثابت، فقال ما أظن الأفعال وضعت إلا من أسمائكم. أحكام حتى مسألة: تقول أكلت السمك حتى رأسها برفع السين، ونصبها، وجرها أما الرفع فبأن تكون حتى للابتداء، وكأن الخبر محذوفاً بقرينة أكلت وهو مأكول. وأما النصب فبأن تكون حتى للعطف، وهو ظاهر، والثالث أظهر. وكان الفراء يقول أموت وفي قلبي من حتى لأنها ترفع وتنصب وتجر. قال الشريف أبو الحسن العقيلي نحن الذين غدت رحى أحسابهم ... ولها على قطب الفخار مدار قوم لعضن نداهم من رفدهم ... ورق ومن معروفهم أثمار من كل وضاح الجبين كأنه ... روض خلائقه لها أزهار لأبي نواس في خزيمة

خزيمة خير بني حازم ... وحازم خير بني دارم ودارم خير تميم وما ... كمثلهم في بني آدم قال الرضي رضي الله عنه يخاطب الطايع مهلاً أمير المؤمنين فإننا ... في دوحة العلياء لا نتفرق ما بيننا يم الفخار تفاوت ... أبداً كلانا في التفاخر معرق إلا الخلافة ميزتك فإنني ... أنا عاطل منها وأنت مطوق قيل: إن الخليفة لما سمع ذلك قال على رغم أنف الرضي. وقيل إنه كان يوماً عنده وهو يعبث بلحيته ويرفعها إلى أنفه، فقال له الطائع: أظن أنك تشم رائحة الخلافة فيا، فقال بل رائحة النبوة. أقبل رجل على عمر بن الخطاب، فقال: ما اسمك؟ فقال: شهاب بن حرقة، قال: ممن؟ قال: من أهل حرة النار، قال: وأين مسكنك؟ قال: بذات لظى، فقال: فأدرك قومك فقد احترقوا. سئل بعض العرب عن اسمه؟ فقال: بحر، قال: ابن من؟ قال: ابن فياض، فقال: ما كنيتك؟ فقال: أبو الندى، فقال: لا ينبغي لأحد لقائك إلا في زورق. قال ابن الرومي كأن أباه حين سماه صاعداً ... رأى كيف يرقى للمعالي ويصعد القاضي شهاب الدين ومن قال إن القوم ذموك كاذباً ... وما منك إلا الفضل يوجد والجود وما أحد إلا لفضلك حامداً ... وهل عيب لين الناس أو ذم محمود؟ لغيره في جوابه علمت بأني لم أذم بمجلس ... وفيه كريم القول مثلك موجود ولست أزكي النفس إذ ليس نافعي ... إذا ذم مني الفعل والاسم محمود وما يكره الإنسان من أكل لحمه ... وقد آن أن يبلى ويأكله الدود

قد: وضع بعضهم كتاباً في المفاضلة بين الورد والنرجس، كما صنف الفضلاء مفاخرات السيف والقلم. ومفاخرات البخل والكرم، ومفاخرة مصر والشام، ومفاخرة الشرق والغرب، ومفاخرة العرب والعجم، ومفاخرة النثر والنظم. ومفاخرة الجواري والمردان، وكل ذلك يمكن الإتيان بالحجة من وجه. وأما المفاخرة المسك والزباد فما للعقل فيه مجال، وللجاحظ في ذلك رسالة بديعة. لأبي تمام في المفاخرة جرى حاتم في حلبة منه لو جرى ... بها القطر قال الناس أيهما القطر؟ فتى أذخر الدنيا أناساً ولم يزل ... لها باذلاً فانظر لمن بقي الذخر فمن شاء فليفخر بما شاء من ندى ... فليس لحي غيرنا ذلك الفخر جمعنا العلى بالجود بعد افتراقها ... إلينا كما الأيام يجمعها الشهر وعند أكثر الناس أن أبا تمام، كان أبوه نصرانياً، يقال: له نندوس العطار، من حاسم جاسم قرية من قرى حوران بالشام فغير اسم أبيه. قال صاحب الأغاني: إن رجلاً قال لجرير من أشعر الناس؟ قال: قم حتى أعرفك الجواب فأخذ بيده وجاء إلى أبيه عطية، وقد أخذ عنزاً له فاعتقلها وعل يمتص ضرعها فصاح به اخرج يا أبت، فخرج شيخ رميم ذميم رث الهيئة وقد سال لبن العنز على لحيته، فقال ترى هذا؟ قال: نعم، قال أو تعرفه؟ قال: لا قال: هذا أبي أفتدري لم كان يشرب من ضرع العنز؟ قال: لا، قال: مخافة من أن يسمع صوت الحلب فيطلب منه، ثم قال: أشعر الناس من فاخر بهذا الأب ثمانين شاعراً: وقارعهم فغلبهم جميعاً. قال: أبو الدر مؤدب سيف الدولة أبياتاًك وزنها هذا شعر: يا عاذلي كف الملام عن الذي ... أضناه طول سقامه وشفائه إن كنت ناصحه فداو سقامه ... وأعنه ملتمساً لأمر شفائه حتى يقال بأنك الخل الذي ... يرجى لشدة دهره ورخائه أولا فدعه فما به يكفيه من ... طول الملام فلست من نصحائه نفسي الفداء لمن عصيت عواذلا ... في حبه لم أخش من رقبائه فقال أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي إجازة لهذه: عذل العواذل حول قلبي التائه ... وهو الأحبة منه في سودائه يشكو الملام إلى اللوائم حرة ... ويصد حين يلمن عن برحائه وبمهجتي يا عاذل الملك الذي ... أسخطت أعذل منك في إرضائه إن كان قد ملك القلوب فإنه ... ملك الزمان بأرضه وسمائه الشمس من حساده والبدر من قرنائه ... والنصر من رقبائه والسيف من أسمائه أين الثلاثة من ثلاث خلاله ... من حسنه وإبائه ومضائه مضت الدهور وما أتين بمثله ... ولقد أتى فعجزن عن نظرائه فاستزاده سيف الدولة فقال القلب أعلم يا عذول بدائه ... وأحق منك بجفنه وبمائه فومن أحب لأعصينك في الهوى ... قسماً به وبحسنه وبهائه أأحبه وأحب فيه ملامة ... إن الملامة فيه من أعدائه عجب الوشاة من اللحاة وقولهم ... دع ما نراك ضعفت من إخفائه ما الخل إلا من أود بقلبه ... ورأى بطرف لا يرى بسوائه إن المعين على الصبابة بالأسى ... أولى برحمة ربه ورجائه مهلاً فإن العذل من إسقامه ... وترفقاً فالسمع من أعضائه وهب الملامة كاللذاذة في الكرى ... مطرودة بسهاده وبكائه لا تعذل المشتاق في أشواقه ... حتى تكون حشاك في أحشائه إن المحب مضرجاً بدموعه ... مثل القتيل مضرجاً بدمائه والعشق كالمعشوق يعذب قربه ... للمبتلى وينال من حوبائه لو قلت للدنف الحزين فديته ... مما به لأغرته بفدائه وفي الأمير هوى العيون فإنه ... ما لا يزول ببأسه وسخائه يستأسر البطل الكمي بنظرة ... ويحول بين فؤاده وعزائه إني دعوتك للنوائب دعوة ... لم يدع سامعها إلى أكفائه فأتيت من فوق الزمان وتحته ... متصلصلاً وأمامه وورائه طبع الحديد فكان من أجناسه ... وعلي المطبوع من آبائه من للسيوف بأن تكون سميها ... في أصله وفرنده ووفائه قال الله تعالى: " يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس " قال الصفدي: ذهب بعض من الناس إلى أن المراد بهذه الآية أهل البيت وبنو هاشم، وأنهم النحل وأن الشراب القرآن والحكمة، وذكر هذا بعضهم في مجلس المنصور أبي جعفر، فقال بعض الحاضرين: جعل الله طعامك وشرابك مما يخرج من بطون بني هاشم. فأضحك من في المجلس. قوله تعالى: " فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشراً إن هذا إلاملك كريم " قال وهب: بلغني أن نساء مصر اللاتي فتن به في ذلك المجلس وقلن حاش لله ما هذا بشراً. قال محمد بن علي أردن. ما هذا أهل أن يدعى للمباشرة، بل مثله منزه

عن الشهوة. وقرأ ما هذا بشر بكسر الشين والباء: بمعنى مملوك. وأنكر الزجاج هذه القراءة لأنها تخالف رسم المصحف لأنه بالألف. حسين بن إبراهيم مستوفي دمشق: قالوا تخل عن النساء ومل إلى ... حب الشباب فذا بلطفك أجمل فأجبتهم شاورت أيري قال لي ... هذي مضائق لست فيها أدخل لبعضهم أغار إذا أنست في الحي أنة ... حذاراً وخوفاً أن تكون لحبه وقد ظرف من قال لعمرك ما شربت الخمر جهلاً ... ولكن بالأدلة والفتاوي فإني قد مرضت بداء همي ... فأشربها حلالاً للتداوي الحسين بن إبراهيم مستوفي دمشق في المجون: قالوا تخل عن النساء ومل إلى ... حب الشباب فذا بلطفك أجمل فأجبتهم شاورت أيري قال لي ... هذي مضايق لست فيها أدخل قال أ [والدر المؤدب سيف الدولة أبياتا وزنها هذا: يا عاذلي كف الملام عن الذي ... أضناه طول سقامه وشقائه إن كنت ناصحه فداو سقامه ... وأعنه ملتمسا لأمر شفائه حتى يقال بأنك الخل الذي ... يرجى لشدة دهره ورخائه أولا الفداء لمنت عصيت عواذلي. . في حبه لم أخش من رقيائه قال أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي إجازة لهذه الأبيات: ؤ عذل العواذل حول قلبي التائه ... وهوى الأحبة منه في سودائه يشكو الملام إلى اللوائم حره ... ويصد حيم يلمن عن برحائه وبمهجتي يا عاذلي الملك الذي ... أسخطت أعذل منك في إرضائه إن كان قد ملك القلوب فإنه ... ملك الزمان بأرضه وسمائه الشمس من حساده والنصر من ... قرنائه والسيف من أسمائه أين الثلاثة من ثلاث خلاله ... من حسنه وإبائه ومضاته ؤمضت الدهور وما أتين بمثله ... ولقد أتى فعجزن عن نظرائه

فاستزاده سيف الدولة فقال: القلب أعلم يا عذول بدائه ... وأحق منك بجفنه وبمائه فومن أحب لأعصينك في الهوى ... قسما به وبحسنه من أعدائه أأحبه وأحب فيه ملامة ... إن الملامة يفيه من أعدائه عجب الوشاة من اللحاة وقولهم ... دع ما نراك ضعفت عن إخفائه ما الخل إلا من أود بقلبه ... وأرى بطرف ولا يرى بسوائه إن المعين على الصبابة بالأسى ... أولى برحمة وبها إخائه مهلا فإن العذل من أسقامه ... وترفقا فالسمع من أعضائه وهب الملامة في اللذاذة كالكرى ... مطرودة بسهاده وبكائه إني دعوتك للنوائب دعوة ... لم يدع سامعها إلى أكفائه فأتيت من فوق الزمان وتحته ... متصلصلا وأمامه وورائه طبع الحديد فكان من أجناسه ... وعلى المطبوع من آبائه من للسيوف بأن تكون سميها ... في أصله وفرنده ووفائه قيل: كان لبدر بن عمار، وهو ممدوح المتنبي في بعض أشعاره منشي أعور يعرف بابن كروس ويحسد أبا الطيب ويشنأه، لما كان يشاهد من سرعة خاطره، ومبادرة قوله، لأنه لم يجر في المجلس شيء بتة إلا ارتجل فيه شعراً، فقال لبدر بن عمار يوماً أظنه ما أظنه يعمل هذا قبل حضوره وبعد، ومثل هذا لا يجوز أن يكون، وأنا أمتحنه بشيء أحضره للوقت، فلما كمل المجلس ودارت الكؤوس أخرج لعبة قد استعدها ولها شعر في طولها تدور على لولب إحدى رجليها مرفوعة، وفي يدها طاقة ريحان تدار فإذا وقفت حذاء إنسان شرب، فوضعها من يده ونقرها فدارت فقال أبو الطيب:

وجارية شعرها شطرها ... محكمة نافذ أمرها تدور وفي يدها طاقة ... تضمنها مكرهاً شبرها فإن أسكرتنا ففي جهلها ... بما فعلته بنا غدرها فأدبرت فوقفت حذاء أبي الطيب فقال: جارية ما لجسمها روح ... بالقلب من حبها تباريح في يدها طاقة تشير بها ... لكل طيب من طيبها ريح سأشرب الكأس من إشارتها ... ودمع عيني في الخد مسفوح وأداراها بيده فوقفت حذاء بدر، فقال أبو الطيب عند ذلك شعراً: يا ذا المعالي ومعدن الأدب ... سيدنا وابن سيد العرب أنت عليم بكل معجزة مفخرة ... فلو سألنا سواك لم يجب أهذه قابلتك راقصة ... أم رفعت رجلها من التعب وقال في تلك الحال إن الأمير أدام الله دولته ... لفاخر كسيت فخراً به مضر في الشرب جارية من تحتها خشب ... ما كان والدها جن ولا بشر قامت على فرد رجل من مهابته ... وليس تعلم ما تأتي وما تذر وأديرت فسقطت فقال له بديهاً: ما نقلت في مشية عند مشيها قدماً ... إلا اشتكت من دوارها ألما لم أر شخصاً من قبل رؤيتها ... يفعل أفعالها وما عزما فلا تلمها على تواقعها ... أطر بها أن رأتك مبتسما فمدحها بشعر كثير وهجاها بمثله، ولكنه لم يحفظ، فخجل ابن كروس الأعور وأمر بدر برفعها، فرفعها فرفعت، فقال أبو الطيب شعراً: وذات غدائر لا عيب فيها ... سوا أن ليس تصلح للعناق إذا هجرت فعن غير اختيار ... وإن زارت فعن غير اشتياق ثم قال أبو الطيب: ما حملك على ما فعلت، فقال له بدر: أردت نفي

الظنون عن أدبك، فقال له أبو الطيب شعراً: زعمت أنك تنفي الظن عن أدبي ... وأنت أعظم أهل العصر مقدارا إني أنا الذهب المعروف مخبره ... يزيد في السبك للدينار دينارا فقال له بدر: بل والله للدينار قنطارا، فقال: برجاء جودك يطرد الفقر ... وبأن تعادى ينفد العمر فخر الزجاج بأن شربت به ... وزرت على من عافها الخمر وسلمت منها وهي تسكرنا ... حتى كأنك هابك السكر ما يرتجى أحد لمكرمة ... إلا الإله وأنت يا بدر لأبي الفرج البستي في الثعالبي أخ لي زكي النفس والأصل والفرع ... يحل محل العين مني والسمع تمسكت منه إذ بلوت إخاءه ... على حالتي وضع النوائب والرفع بأوعظ من عقل وآنس من هوى ... وأرفع أرفق من طيع وأنفع من شرع للشهاب وكنا خمس عشرة في اليتام ... على رغم الحسود بغير آفة فقد أصبحت تنويناً وأضحى ... حبيب لا تفارقه الإضافة لبعضهم ولما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح بالأركان من هو ماسح وشدت على دهم المهاري رحالنا ... ولم ينظر الغادي الذي هو رائح أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسالت بأعناق المطي الأباطح ومولع بفخاخ ... بصيدها وكراكي قالت لي العين ماذا ... تصيد قلت كراكي

من كتاب المزار في الصبر، وروى البيهقي عن ذي النون المصري قال: كنت في الطواف وإذا أنا بجاريتين قد أقبلتا، وأنشأت إحداهما وهي تقول: صبرت على ما لو تحمل بعضه ... جبال برضوي حنين لم تزل أصبحت تتصدع ملكت دموع العين ثم رددتها ... إلى ناظري فالعين في القلب تدمع فقلت: فماذا يا جارية؟ فقالت: من مصيبة نلتها لم تصب أحداً قط، قلت: وما هي؟ قالت: كان لي شبلان يلعبان أمامي وكان أبوهما ضحى بكبشين فقال أحدهما لأخيه: يا أخي أريك كيف ضحى أبونا بكبشيه؟ فقام وأخذ الآخر شفرة فنحره فهرب القاتل، ودخل أبوهما فقلت له: إن ابنك قتل أخاه، وهرب فخرج في طلبه فوجده قد افترسه السبع، فرجع الأب فمات في الطريق ظمأً وجوعاً حزناً. قال الصفدي في سبب ما يرى الأحول الواحد اثنين: أقول: زعموا أنه إذا حدث التاء الحدقة بسبب ارتخاء عضلها، أو تحويل الرطوبة الجليدية عن وضعها في إحدى الجهتين دون الأخرى، يبقى الجهة التي قد تحول وضها بتطبع الصورة المنتقلة من رطبوتها الجليدية لا في الفصل المشترك بل في موضع آخر بسبب الغمز الذي حدث منه التحويل، كما إذا أشرقت الشمس على ماء في البيت فإنه يشرق منه نور في السقف، فلو تغير وضع الماء تغير موضع انطباعه في السقف، كذلك تغير وضع الحدقة يوجب انتقال موضع انطباع ما في الجليدية، فتبقى الصورة الصورتين فيرى الواحد اثنين. قال الشيخ الإمام العلامة شمس الدين محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري وله كتاب في المناظر والمرايا: قولهم إن الأحول يرى الشيء شيئين ليس على إطلاقه، بل إنما يرى الشيء شيئين، إذا كان حوله إنما هو باختلاف المقلتين يمنة ويسرة، أو بسبب الارتفاع والانخفاض، ودام وألف فلا. ومما يؤيد ذلك ان الإنسان إذا غمز إحدى حدقتيه حتى يخالف الأخرى يمنة أو يسرة، فإنه يرى الشيء شيئين، ويوجد في الناس غير واحد ممن حوله بالارتفاع والانخفاض قد ألف تلك الحالة، فلا يرى الشيئين، والحق أن الذي يغمز إحدى عينيه حتى يرتفع أو ينخفض عن أختها، إنما يرى الشيء شيئين، لأنه يرى الشيء المرئي بإحدى العينين قبل الأخرى فيصل إلى التقاطع الصليبين شبح هو هذا الشبح، فيرى الواحد اثنين فقط، ولولا ذاك لرأى هذا الرائي الشيء الواحد متكثراً بغير نهاية على نسبة زوج الزوج البتة، كما في تضعيف الرقعة الشطرنج. ذكر أن الحجاج خرج يوماً متنزهاً فلما فرغ من تنزهه، صرف عنه أصحابه وانفرد بنفسه،

فإذا هو بشيخ من عجل فقال له: من أين أيها الشيخ؟ قال: من هذه القرية، قال: كيف ترون عمالكم؟ قال: شر عمال يظلمون الناس ويستحلون أموالهم؛ قال: فكيف قولك في الحجاج؟ قال: ذلك ما ولي العراق أشر منه قبحه الله وقبح من استعمله، قال: أو تعرف من أنا؟ قال: لا، قال الحجاج، فقال: أتعرف من أنا؟ قال: لا، قال: أنا مجنون بني عجل، أصرع في كل يوم مرتين، فضحك وأمر له بصلة جليلة. فائدة: الطعوم تسعة: وهي الحلو، والمر. والحامض، والمز. والمالح والحريف، والعفص، والدسم، والتفه، لأن الجسم إما أن يكون كثيفاً أو لطيفاً أو معتدلاً والفاعل فيه إما البرودة أو الحرارة أو المعتدل بينهما، فيفعل الحار في الكثيف مرارة، وفي اللطيف حرافة، وفي المعتدل ملوحة، والبرودة في الكثيف عفوصة، وفي اللطيف حموضة، وفي المعتدل قبضاً، والمعتدل في الكثيف حلاوة، وفي اللطيف دسومة وفي المعتدل تفاهة وقد يجتمع طعمان كالمرة والقبض في الخضض الحصص ويسمى البشاعة والمرارة والملوحة في السبخة ويسمى الزعوقة، وزعم بعضهم أن أصول الطعوم أربعة: الحلاوة والمرارة والملوحة والحموضة، وما عداها مركب منها. قد اختلف الحكماء في وجود المزاج المعتدل وعدمه، قال فخر الدين الرازي: ما ذكره الشيخ في الشفاء يدل على أن المركب المعتدل قد يكون موجوداً إلا أنه لا يستمر ولا يدوم، ثم قال بعد كلام طويل وأما المعتدل المزاج ما امتزج من العناصر على أكمل أحواله فقد قالوا لما كان الاعتدال الحقيقي ممتنعاً وجب أن يكون كلما قرب إليه أولى باسم الاعتدال. قال الإمام العلامة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري احتجوا على تعلل وجود المعتدل بامتناع مكان يستحقه، لأن مكان المركب مكان ما يغلب عليه من البسايط، وهذه بسائط متعادلة، فيجب أن لا يستحق مكاناً فيمتنع وجوده. قال الصفدي: وفي هذه الحجة نظر، وذك أنا عنينا بالمعتدل ما تكافأت فيه الكيفيات، فهذا يجب أن يتكافى فيه الكميات، لأن الجزء اليسير من النار يقاوم بحرارته كثيراً من جوهري الماء والأرض، فعلى هذا يجوز وجود المعتدل باعتبار الكيفيات دون الكميات، ويكون مكانه الذي يستحقه هو مكان ما غلب عليه من العناصر بكميته لا بكيفيته لأن الاعتبار في المزاج

إنما هو بالكيفية فقط، والاعتبار في الحيز إنما هو بالكم والثقل والخفة، فالحجة المذكورة غير موجهة. قال الشيخ بدر الدين محمد بن جمال الدين محمد بن مالك: الاسم الدال على أكثر من اثنين بشهادة التأمل، إما أن يكون موضوعاً للآحاد المجتمعة دالاً عليها دلالة تكرار الواحد بالعطف وإما أن يكون موضوعاً لمجموع الآاد، دالاً عليها دلالة المفرد على جملة أجزاء مسماه، وإما أن يكون موضوعاً للحقيقة ملغى فيه اعتبار الفردية، إلا أن الواحد ينتفي بنفيه، فالموضوع للآحاد المجتمعة: سواء كان له واحد من لفظه مستعمل كرجال وأسود، أو لم يكن كأبابيل، والموضوع لمجموع الآحاد، هو اسم الجمع، سواء كان له واحد من لفظه كركب وصحب، أو لم يكن كقوم ورهط والموضوع للحقيقة بالمعنى المذكور هو اسم الجنس، وهو غالباً فيما يفرق بينه وبين واحدة بالتاء كتمرة وتمر وعكسه كمأة وجبائة. ولكن على ما أنزله من خزائنه فجعلته في خزائنك وحلت بيننا وبينه لله در قائله: وما أحد من ألسن الناس سلما ... ولو أنه ذاك النبي المطهر فإن كان مقداماً يقولون أهوج ... وإن كان مفضالاً يقولون مبذر وإن كان سكيتاً يقولون أبكم ... وإن كان منطيقاً لون مهدر مهذر وإن كان صواماً وبالليل قائماً ... يقولون زراق يرائي ويمكر فلا تكترث بالناس في المدح والثناء ... ولا تخشى غير الله فالله أكبر دخل شريك بن الأعور على معاوية وكان دميماً، فقال له معاوية: إنك لدميم والجميل خير من الدميم، وإنك لشريك وما لله شريك، وإن أباك الأعور، والصحيح خير من الأعور، فكيف سدت قومك؟ فقال له: إنك لمعاوية: فما معاوية إلا كلبة عوت فاستعوت الكلاب، وإنك لابن صخر والسهل خير من الصخر، وإنك لابن حرب والسلم خير من الحرب، وإنك لابن أمية وما أمية إلا أمة فصغرت فكيف صرت علينا أمير المؤمنين؟ ثم خرج من عنده، وهو يقول شعراً: أيشتمني معاوية بن حرب؟ ... وسيفي صارم ومعي لساني وحولي من بني عمي ليوث ... ضراغمة تهش إلى الطعان قيل: إنه لما سمع بعضهم قول أبي تمام: لا تسقني ماء الملام لأنني ... صبٌّ قد استعذبت ماء بكائي جهز له كوزاً، وقال: إبعث لي في هذا قليلاً من ماء الملام. فقال أبو تمام: لا أبعثه حتى تبعث لي بريشة من جناح الذل. لمحيي الدين ابن قرناص قد أتينا للرياض حين تجلت ... وتحلت بحلية الألوان ورأينا خواتم الزهر لما ... سقطت من أنامل الأغصان لله در قائله مجرة جدول وسماء آس ... وأنجم نرجس وشموس ورد ورعد مثالث وسحاب كأس ... وبرق مدامة وضباب ند قال في كتاب المستطرف: ذكر نبذة من سرقات الشعراء وسقطاتهم. من ذلك قول قيس بن الحطيم، وهو شاعر الأوس وشجاعها: وما المال والأخلاق إلا معارة ... فما اسطعت من معروفها فتزود وكيف يخفى؟ ما أخذه من قصيدة طرفة بن العبد، وهي معلقة على الكعبة: لعمرك ما الأيام إلا معارة ... فما اسطعت من معروفها فتزود وقول عبدوة بن الطيب: فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما أخذه من قول امرىء القيس: فلو أنها نفس تموت شوية ... ولكنها نفس تساقط أنفسا وجرير على سعة تبحره وقدرته على الشعر قال: فلو كان الخلود بفضل مال ... على قوم لكان لنا الخلود أخذه من قول زهير وهو شعر مشهود يحفظه الصبيان، وترويه النسوان، وهو: فلو كان حمد يخلد المرء لم يمت ... ولكن حمد المرء غير مخلد وقد قال السماخ الشماخ: وأمر ترجي النفس ليس بنافع ... وآخر تخشى ضيره لا يضيرها وهو مأخوذ من قول غيره: ترجى النفوس الشيء لا تستطيعه ... وتخشى من الأشياء ما لا يضيرها لمحي الدين ابن قرناص خلقنا بأطراف القنا في ظهورهم ... عيوناً ولها وقع السيوف حواجب لقوا نبلنا مرد العوارض وانثنوا ... لأوجههم منا لحىً وشوارب حكي أن بعضهم دخل بأمرد إلى بيته، وكان بينهما ما كان، فلما خرج الأمرد ادعى أنه الفاعل، فقيل له ذلك، فقال: فسدت الأمانات، وحرمت اللواطة إلا أن يكون بشاهدين قال بعض الشعراء: إن المهذب في اللوا ... طة ليس يعدله شريك فإذا خلا بغلامه ... فالله يعلم من ينيك قيل: إن معن بن زائدة دخل على المنصور، فقال له: يا معن تعطي مروان بن أبي حفصة مائة ألف على قوله: معن بن زائدة الذي زادت به ... شرفاً على شرف بنو شيبان فقال: كلا إنما أعطيته على قوله: ما زلت يوم الهاشمية معلناً ... بالسيف دون خليفة الرحمن فمنعت حوزته وكنت وقى له ... من وقع كل مهند وسنان

فقال المنصور: أحسنت يا معن، وأمر له بالجوائز. قال معاوية يوماً لرجل من أهل اليمن: ما كان أجهل من قومك حين ملكوا عليهم امرأة، فقال: أجهل من قومي قومك الذين قالوا: لما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم " ولم يقولوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إليه. وفد ابن أبي محجن على معاوية فقال له: أنت الذي أوصاك أبوك بقوله: إذا مت فادفني إلى جنب كرمة ... يروي عظامي الباليات في الممات عروقها ولا تدفنني في الفلاة فإنني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها فقال ابن أبي محجن: بل أنا الذي يقول أبي: لا تسأل الناس ما مالي وكثرته ... وسائل الناس ما جودي وما خلقي أعطى الحسام غداة البين حصته ... وعامل الرمح أرويه من العلق وأطعن الطعنة النجلاء عن غرض عرض ... وأكتم السر فيه ضربة العنق ويعلم الناس أني من سراتهم ... إذا أمس بضر عدة الفرق قال معاوية له: أحسنت يا ابن أبي محجن، وأمر له بصلة. لابن قلاقس سرى وحنين الجو بالطل يرشح ... وثوب الغوادي بالبروق موشح

وفي طي أبراد النسيم جميلة ... بأعطافها نور المنى يتفتح تضاحك في مسرى مثنى المعاطف عارض ... مدامعه في وجنة الروض تسفح ويورى به كف الصبا زند بارق ... شرارته في فحمة الليل تقدح يحكى أن بعض الأكابر مر بامرأة من بعض أحياء العرب، فقال لها: ممن المرأة قالت: من بني تميم، وهم يكسرون أول الفعل، فأراد العبث بها، فقال لها: أكتنون قالت: نعم نكتني، فقال لها: معاذ الله ولو فعلته لوجب علي الغسل، فأجابته على الفور، وقالت له: دع إذاً أتعرف العروض؟ قال: نعم، قالت: قطع قول الشاعر: حولوا عنا كنيستكم ... يا بني حمالت الحطب لماذا أخذ بقطعه، قال: حولوا عن فاعلاتن ناكني فاعل، فقالت: من الفاعل فقال الله أكبر إن للباغي مصرعا دخل شريك بن الأعور على معاوية وكان دميما فقال له معاوية: إنك لدميم والجميل خير من الدميم، وإنك لشريك وما لله شريك وإن أباك لأعور والصحيح خير من الأعور فكيف سدت القوم؟ فقال له: إنك لمعاوية، وما معاوية إلا كلبة عوت فاستعوت الكلاب وإنك لابن صخر، والسهل خير من الصخر وإنك لابن حرب، والسلم خير من الحرب، وإنك لابن أمية، وما أمية إلا أمة فصغرت، فكيف صرت علينا أمير المؤمنين، ثم خرج من عنده وهو يقول: أيشتمني معاوية بن حرب ... وسيفي صارم ومعي لسانء وحولي من بني عمي ليوث ... ضراغمة تهش إلى الطعان قيل إنه لما سمع بعضهم قول أبي تمام: لا تسقني ما الملام لأنني ... صب قد استعذبت ماء بكائي هز له كوزا وقال له: ابعث لي في هذا قليلا من ماء الملام، فقال له أبو تمام: لا أبعثه حتى تبعث لي بريشة من جناح الذل، قال الصفدي وما ظلم من جهز إليه الكوز، فإنه استعار قبيحا، وأسوأ منه أن مثله بجناح الذل، واستعارة الخفض لجناح الذل في غاية الحسن

محي الدين بن قرناص الحموي: قد أتينا الرياض حين تجلت ... وتحلت من الندى بجمان وراينا خوانم الزهر لما ... سقطت من أنامل الأغصان لله در من قال: مجرة جدول وسماه آس ... وأنجم نرجس وشموس ورد ورعد مثالث وسحاب كأس ... وبرق مدامة وضباب ند قال في كتاب المستظرف: ذكر نبذة من سرقات الشعراء وسقطاتهم، فمن ذلك قول قيس بن الحطيم وهو شاعر الأوس وشجتعها وما المال والاخلاف إلا معارة ... فما أسطعت من معروفها فتزود وكيف يخفى ما أخذه من قصيدة طرفة بن العبد وهي معلقة على الكعبة يقول فيها: لعمرك وما الأيام إلا معارة ... فما أسطعت من معروفها فتزود ومن ذلك قول عبدة بن الطيب فما كان قيس هلكة هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما أخذه من قول امئ القيس: فلو أنها نفس تموت شريتها ... ولكنها نفس تساقط أنفسا وجرير على سعة تبحره وقدرته على غرر الشعر قال: فلو كان الخلود بفضل مال ... على قوم لكان لنا الخلود أخذه من قول زهير وهو شعر مشهور يحفظه الصبيان وترويه النسوان وهو: فلو كان حمد يخلد لم يمت ... ولكن حمد المرء غير مخلد وقد قال الشماخ: وأمر ترجى النفس ليس بنافع ... وأخر تحشى ضيره لا يضيرها وهو مأخوذ من قول الآخر: ترجى النفوس الشئ لا تستطيعه ... وتخشى من الأشياء ما لا يضرها

ومن سقطات الشعراء ما قيل: إن أبا العتاهية كان من نقده للشعر كثير السقط روي أنه لقي محمد بن مناذر، فمازحه وضاكه، ثم إنه دخل على الرشيد فقال: يا أمير المؤمنين هذا شاعر البصرة يقول: قصيدة في كل سنة، وأنا أقول في السنة مأتي قصيدة فأدخله الرشيد إليه فقال: ما هذا الذي يقول أبو العتاهية؟ فقال: محمد بن مناذر يا أمير المؤمنين لو كنت أقول كما يقول: ألا يا عتبة الساعة ... أموت الساعة الساعة كنت أقول كثيراً لكني أقول: إن عبد الحميد يوم تولى ... هد ركناً ما كان بالمهدود ما درى نعشه ولا حاملوه ... ما على النعش من عفاف وجود فأعدب الرشيد قوله، وأمر له بعشرة آلاف درهم، فكاد أبو العتاهية يموت غيظاً وأسفاً. وكان بشار بن برد يسمونه إمام المحدثين، ويسلموا إليه في الفضلية، وبعض أهل اللغة يستشهدون بشعره، لزوال الطعن عليها فيها، فمع ذلك قال في شعره: إنما عظم معلمي جستي حبني ... قصب السكر لا عظم الحمل وإذا أوتيت أدنيت منها بصلاً ... غلب المسك على ريح البصل وأين هذا من قول الآخر؟ ! إذا قامت لمشيتها تثنت ... كأن عظامها من خيزران قال أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي، في قوم هربوا وتفرقوا عن قتل ممدوحه: وضاقت الأرض حتى صار هاربهم ... إذا رأى غير شيء ظنه رجلا ومما خرج عليه قوله: فقلقت بالهم الذي قلق الحشا ... قلاقل عيس كلهن قلاقل وأقبح من ذلك قوله: ونهب نفوس أهل النهب أولى ... بأهل المجد من نهب القماش أخذه من قول أبي تمام: إن الأسود أسود الغاب همتها ... يوم الكريهة في المسلوب لا السلب

قال أبو عبد الله الزبيري: اجتمع راوية جرير، وراوية كثير، وراوية جميل وراوية الأحوص، وراوية نصيب. وافتخر كل منهم، وقال صاحبي أشعر فحكموا السيدة سكينة بنت الحسين رضي الله عنها بينهم لعقلها وبصرها، فخرجوا حتى استأذنوا عليها وقد ذكروا لها أمرهم، فقالت لراوية جرير أليس صاحبك الذي يقول: طرقتك صائدة القلوب وليس ذا ... وقت الزيارة فارجعي بسلام وأي ساعة أحلى من الزيارة بالطروق، قبح الله صاحبك، وقبح شعره فهلا قال: فادخلي بسلام؟ {ثم قالت لراوية كثير: أليس صاحبك يقول: يقر بعيني ما تقر بعينها ... وأحسن شيء ما به العين قرت وليس شيء أقر لعينها من النكاح، أفيحب صاحبك أن ينكح قبح الله صاحبك، وقبح شعره، ثم قالت راوية جميل: أليس صاحبك الذي يقول: فلو تركت عقلي معي ما طلبتها ... وإن طلابيها لما فات من عقلي فما أرادها، ولكن طلب عقله، قبح صاحبك، وقبح شعره، ثم قالت لراوية نصيب: أليس صاحبك الذي يقول: أهيم بدعد ما حييت فإن أمت ... فواحزني من ذا يهيم بها بعدي فما له همة إلا من يتعشقها بعده. قبحه الله، وقبح شعره هلا قال: أهيم بدعد ما حييت وإن أمت ... فلا صلحت دعد لذي خلة بعدي ثم قالت لراوية الأحوص: أليس صاحبك الذي يقول: من عاشقين تواعدا وتراسلا ... ليلاً إذا نجم الثريا حلقا باتا بأنعم ليلة وألذها ... حتى إذا وضح الصباح تفرقا قبح الله صاحبك، وقبح شعره، هلا قال: تعانقا؟} فلم تثن على واحد منهم. وأحجم رواتهم عن جوابها. قيل: أمسك على النابغة الجعدي الشعر أربعين يوماً، فلم ينطق. ثم إن بني جعدة غزوا قوماً فظفروا، فلما سمع فرح وطرب فاستحثه الشعر، فذل له ما استصعب عليه، فقال له قومه: والله لنحن بإطلاق لسان شاعرنا أسر من الظفر بعدونا. وقال الخليل ره: الشعراء أمراء الكلام يتصرفون فيه، أنى شآؤا، جايز لهم فيه ما لا يجوز لغيرهم: من إطلاق المعنى وتقييده، وتسهيل اللفظ وتعقيده.

وقال بعضهم: لم نر قط أعلم بالشعر والشعراء من خلف الأحمر، كان يعمل الشعر على ألسنة الفحول من القدماء، فلا يتميز عن مقولهم، ثم نسك وكان يختم القرآن كل يوم ويلية ختمة، وبذلك له بعض الملوك مالاً جزيلاً على أن يتكلم له في بيت شعر فأبى. وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما يعطي الشعراء، فقيل له في ذلك، فقال رضي الله عنه: خير مالك ما وقيت به عرضك. وقال أبو الزياد الزناد: ما رأيت أروى للشعر من عروة، فقلت له: ما أرواك يا أبا عبد الله؟ وقال ما روايتي من رواية عايشة، ما كان ينزل بها شيء إلا أنشدت شعراً. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل بهذا: " كفى الإسلام والشيب للمرء ناهياً ". مما نقله من مقالات الصوفية. خليلي إني كلما لاح بارق ... من الأفق الغربي جدد حدد لي وجدا وإن قابلتني نفحة بابلية ... وجدت لمسراها على كبدي بردا وليس ارتياحي للرياح وإنما ار ... تياحي لقوم أعقبوا وصلهم صدا ومنها ولو قيل لي ماذا تريد من المنى ... لقلت منائي من أحبتي القرب فكل بلائي في رضاهم غنيمة ... وكل عذاب في محبتهم عذب ومنها يا مظهر الشوق باللسان ... ليس لدعواك من بيان لو كان ما تدعيه حقاً ... لم تذق الغمض أو تراني ومنها ومن يك من بحر اللقا ذاق ... جرعة فإني من ليلي لها غير ذائق وأعظم شيء نلته من وصالها ... أماني لم تصدق كلمعة بارق ومنها آه من البارق الذي لمعا ... ماذا بقلبي ومهجتي صنعا

ومنها ليلي بوجهك مشرق ... وظلامه في الناس ساري فالناس في سدف الظلا ... م ونحن في ضوء النهار ومنها قلت للنفس إن أردت رجوعا ... فارجعي قبل أن تسد الطريق ومنها وكان الصديق يزور الصديق ... لطيب الحديث وطيب التداني فصار الصديق يزور الصديق ... لبث الهموم وشكوى الزمان ومنها إن العيون لتبدي في تقلبها ... ما في الضماير من ود ومن حنق ومنها تلوح في هذه الأيام دولتكم ... كأنها ملة الإسلام في الملل لله در من قال إذا المرء لم يرض ما أمكنه ... ولم يأت من أمره أحسنه فدعه وقد ساء تدبيره ... سيضحك يوماً ويبكي سنه غيره وإن حياة المرء بعد عدوه ... وإن كان يوماً واحداً لكثير وما أحسن ما قال المتنبي إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا ووضع الندى في موضع السيف بالعلا ... مضر كوضع السيف في موضع الندا لما شكى أبو العيناء تأخر أرزاقه إلى عبيد الله بن سليمان قال: ألم تكن كتبنا لك إلى ابن المدبر؟ فما فعل في أمرك؟ قال: جرني على شوك المطل، وحرمني ثمرة الوعد؛ فقال: أنت اخترته، فقال وما علي واختار موسى سبعين رجلاً فما كان منهم رشيد فأخذتهم الرجفة واختار النبي صلى الله عليه وسلم ابن أبي السرح كاتباً فلحق بالمشركين مرتداً واختار علي بن أبي طالب رضي الله عنه أبا موسى الأشعري حاكماً حكماً فحكم عليه.

في وصف الغلمان شادن يضحك عن الأقحوان، ويتنفس عن الريحان، كأن قده خوط بان سكران من خمر طرفه، وبغداد مشرقة من حسنة وظرفه، الشكل كله في حركاته، وجميع الحسن بعض صفاته، كأنما وسمه الجمال بنهايته، ولحظة الفلك بعنايته، فصاغه من ليله ونهار، حلاه جدوده بنجومه وأقماره، ونقشه ببديع آثاره، ورمقه بنواظر سعوده وجعله بالكمال أجد جدوده بروده له طرة كالغسق على غرة، جاء في غلالة تنم على ما يستره وتحفو مع رقتها ما يظهره، إن كانت عقرب صدغه تلسع، فترياق ريقته ينفع، إذا تكلم يكشف حجاب الزمرد والعقيق، عن سمطى الدر الأنيق، لعب ربيع الحسن في خده فأنبت البنفسج في ورده. للأمير أبي الفتح الحاتمي أما ترى الخمر مثل الشمس في قدح ... كالبدر فوق يد كالغيث إذ صابت فالكأس كافورة لكنها انحجرت ... والخمر ياقوتة لكنها ذابت كتب علي بن صلاح الدين يوسف ملك الشام، إلى الإمام الناصر لدين الله، يشكو أخويه أبا بكر وعثمان، وقد خالفا وصية أبيهم له شعر: مولاي إن أبا بكر وصاحبه ... عثمان قد غصبا بالسيف حق علي وكان بالأمس قد الاه والده ... في عهده فأضاعا الأمر حين ولي فانظر إلى حظ هذا الاسم كيف لقي ... من الأواخر ما لاقى من الأول إذ خالفاه وحلا عقد بيعته ... والأمر بينهما والنص فيه جلي فوقع الخليفة الناصر على ظهر كتابته بهذه الأبيات: وافي كتابك يا ابن يوسف منطقا ... بالحق يخبر أن أصلك طاهر منعوا علياً إرثه إذ لم يكن ... بعد النبي له بيثرب ناصر فاصبر فإن غداً على حسابهم ... وأبشر فناصرك الإمام الناصر للصاحب إسماعيل بن عباد أبا حسن لو كان حبك مدخلي ... جحيماً فإن الفوز عندي جحيمها فكيف يخاف النار من هو مؤمن؟ ! ... بأن أمير المؤمنين قسيمها قيل: إن البليغ من يحرك الكلام على حسب الأماني، ويخيط الألفاظ على قدر المعاني، والكلام البليغ كل ما كان لفظه فحلاً، ومعناه بكراً.

وقيل لأعرابي: من أبلغ الناس: قال: أقلهم لفظاً، وأحسنهم بديهة. قال الإمام فخر الدين الرازي في حد البلاغة: إنها بلوغ الرجل بعبارته. كنه ما يقول في قلبه، مع الاحتراز عن الإيجاز المخل والتطويل الممل. قال فيلسوف: كما أن الآنية تمتحن بأطنانها فيعرف صحيحها ومكسورها فكذلك الإنسان يعرف حاله بمنطقه. مر رجل على أبي بكر ومعه ثوب فقال له أبو بكر: أتبيعه؟ فقال: لا يرحمك الله، فقال أبو بكر: لو تستقيمون لقومت ألسنتكم، هلا قلت لا ويرحمك الله؟ ! . قال كاتب الأحرف: إعتراض أبي بكر غير وارد على ذلك الرجل لاحتمال أن يكون قصده من قوله: لا يرحمك الله معنى غير محتاج إلى الواو فتأمل. وحكي أن المأمون سأل يحيى بن أكثم عن شيء. فقال: لا وأيد الله أيد الأمير فقال المأمون: ما أظرف هذا الواو وما أحسنها في موضعها. وكان الصاحب يقول هذا الواو أحسن من واوات الأصداغ. قالت الأشاعرة: شكر المنعم ليس بواجب أصلاً، ومثلوها بتمثيل، فقالوا: وما مثله إلا كمثل الفقير حضر مائدة ملك عظيم يملك البلاد شرقاً وغرباً يعم البلاد وهباً ونهباً فتصدق عليه بقلمة خبز، فطفق يذكره في المجامع، ويشكره عليها بتحريك أنملته دائماً لأجله، فإنه يعد استهزاء بالملك، فكذا هنا، بل اللقمة بالنسبة إلى الملك وما يملكه أكثر مما أنعم الله به على العبد بالنسبة إلى الله وشكر العبد في قلتها أقل قدراً في جنب الله من شكر الفقير بتحريك أصبعه. وأتت المعتزلة بتمثيل آخر أحسن منه، فقالوا التمثيل المناسب للحال أن يقال: إذا كان في زاوية الخمول وهاوية الذهول رجل أخرس اللسان، مشلول اليدين والرجلين، فاقد السمع والبصر، بل لجميع الحواس الظاهرة والمشاعر الباطنة، فأخرجه الملك من تلك الهاوية، وتلطف عليه بإطلاق لسانه وإزالة شلل أعضائه، ووهب له الحواس لجلب المنافع ودفع المضار ورفع رتبته وكرمه على كثير من أتباعه وخدمه، ثم إن ذلك الرجل بعد وصول تلك النعم الجليلة إليه، وفيضان تلك التكريمات عليه، طوى عن شكر ذلك الملك كشحاً وضرب عنه صفحاً ولم يظهر منه ما ينبىء عن الإشعار بشيء من تلك النعم أصلاً، بل كان حاله قبلها كحاله بعدها من غير فرق بين وجودها وعدمها فلا ريب أنه مذموم بكل لسان ومستحق للإهانة والخذلان. وحكي أن بعضهم دخل على عدوه من النصارى فقال له: أطال الله بقائك، وأقر عينك، وجعل يومي قبل يومك، والله إنه يسرني ما يسرك، فأحسن إليه وأجازه على دعائه وأمر له بصلة ولم يعرف لحن كلامه، فإنه كان دعا عليه؛ لأن معنى أطال الله بقائك لوقوع المنفعة للمسلمين به لأداء الجزية، وأقر عينك: معناه سكن الله حركتها فإذا سكنت،

عن الحركة عميت، وجعل يومي قبل يومك فيه أي جعل يومي الذي أدخل الجنة: قبل يومك الذي تدخل فيه النار، وأما قوله: يسرني ما يسرك، فإن العافية تسره كما تسر الكافر. وحكي أن رجلاً كان شاعراً وكان له عدو، فبينما هو سائر ذات يوم من الأيام، وإذا بعدوه إلى جانبه، فعلم الشاعر أن عدوه قاتله لا محالة، فقال له: يا هذا أنا أعلم أن المنية قد حضرت ولكن سألتك الله إذا أنت قتلتني امض إذاً إلى داري وقف بالباب وقل: إلا أيها البنتان إن أباكما وكانت للشاعر ابنتان، فلما سمعتا قول الرجل: ألا أيها البنتان إن أباكما قالتا ... قتيل خذا بالثأر ممن أتاكما ثم تعلقتا بالرجل. وحملتاه إلى الحاكم، ثم طلبتا أباهما، فاستقره فاقر فأمر بقتله وقتل بأبيهما. وقال معاوية لجارية بن قدامة: ما كان أهونك على قومك، إذ سموك جارية؟ فقال: وما أهونك على قومك إذ سموك معاوية، وهي الأنثى من الكلاب قال: اسكت، لا أم لك، قال: أم ولدتني، أما والله إن القلوب التي أبغضناك بها لبين جوانحنا، والسيوف التي قاتلناك بها لفي أيدينا وإنك لا تملكنا قهراً ولا تهلكنا عنوة، ولكنك أعطيتنا عهداً وميثاقاً وأعطيناك سمعاً وطاعة، فإن وفيت لنا وفينا لك، وإن فرغت إلى غير ذلك فإنا قد تركنا ورائنا لك رجالاً شداداً وأسنة حداداً فقال معاوية: لا كثر الله مثلك في الناس يا جارية، قال: قل معروفاً فإن شر الدعاء محيط بأهله. ومن حكايات الفصحاء ما حكي أن عبد الملك بن مروان جلس يوماً وعنده جماعة من خواصه وأهل مسامرته فقال: أيكم يأتيني بحروف المعجم في بدنه؟ وله علي ما يتمناه، فقام إليه سويد بن غفلة فقال: أنا لها يا أمير المؤمنين، قال هات، قال: أولها: أنف، بطن، ترقوة، ثغر، جمجمة، حلق، خد، دماغ، ذكر، رقبة، زند، ساق، شفة، صدر، ضلع، طحال، ظهر، عين، غبغبة، فم، قفا، كف، لسان، منخر، نغنوغ وجه، هامة، يد وهذه آخر حروف المعجم والسلام على أمير المؤمنين. فقال: بعض أصحاب عبد الملك وقال يا أمير المؤمنين أنا أقول في جسد الإنسان مرتين فضحك عبد الملك وقال لسويد: أما سمعت ما قال، قال: نعم أنا أقولها ثلاثاً: فقال له: لك ما تتمنى، فقال: أنف أسنان أذن، بطن بصر بز، ترقوة تمرة تينة، ثغر ثنايا ثدي، جمجمة جنب جبهة، حلق حنك حاجب، خد خنصر خاصرة، دبر دماغ دردر، ذكر ذقن ذراع، رقبة رأس ركبة، زند زردمة زب، فضحك عبد الملك من قوله. ثم قال سويد: ساق سرة سبابة، شفة شعر شارب، صدر صدغ صلعة، ضلع ضفير ضرس، طحال طرة طرف، ظهر ظفر ظنبوب، عين عنق عاتق، غبغب غلصمة غنة، فم فك فؤاد، قلب قدم قفا، كف كتف كعب، لسان لحية لوح، مرفق منكب منخر، نغنوغ ناب نن، هامة هيف هيئة، وجه وجنة ورك، يمين يسار يافوخ. ثم نهض مسرعاً وقبل الأرض بين يدي عبد الملك، فقالوا: والله ما نزيد عليها أعطوه ما تمناه ثم أجازه وأنعم عليه وبالغ بالإحسان إليه. قال رجل لصاحب منزل: أصلح خشب هذا السقف فإنه يقرقع، قال: لا تخف فإنه يسبح قال: أخاف أن تدركه رقة قلب فيسجد.

قالت عجوز لزوجها: أما تستحي أن تزني؟ وعندك حلال طيب، قال: أما حلال فنعم وأما طيف فلا. وقال ملك لوزيره: ما خير ما يرزق الله العبد، قال: عقل يعيش به، قال: فإن عدمه، قال مال يستره، قال: فإن عدمه، قال: فصاعقة تحرقه وتريح منه العباد والبلاد. وحكي عن الشريف المرتضى رضي الله عنه أنه كان جالساً في علية له تشرف على الطريق فمر به ابن المطرز الشاعر يجر نعلاً له بالية، وهي تثير الغبار، فأمر بإحضاره وقال: له أنشد أبياتك التي تقول فيها: إذا لم تبلغني إليكم ركائبي ... فلا وردت ماء ولا رعت العشبا فأنشده إياها، فلما انتهى إلى هذا البيت أشار الشريف إلى نعله البالية، وقال: أهذه كانت من ركائبك؟ فأطرق ابن المطرز ساعة، ثم قال: لما عادت هبات سيدنا الشريف إلى مثل قوله: وخذ النوم من جفوني فإني ... قد خلعت الكرى على العشاق عادت ركائبي إلى مثل ما ترى، لأنك خلعت ما لا تملكه على من لا يقبل، فاستحى الشريف منه، وأمر له بجائزة، فأعطوه. ورد على أبي الطيب كتاب جدته لأمه من الكوفة، تستجفيه وتشكو إليه شوقها وطول غيبته عنها، فتوجه نحو العراق ولم يمكنه دخول الكوفة على تلك الحالة، فانحدر إلى بغداد، وقد كانت جدته يئست منه، فكتب إليها كتاباً يسألها المسير إليه، فقبلت كتابه وحمت لوقتها سروراً به، وغلب الفرح على قلبها فقتلها، فقال يرثيها شعراً: ألا لا أرى الأحداث حمداً ولا ذما ... فما بطها جهلاً ولا كفها حلما إلى مثل ما كان الفتى يرجع الفتى ... يعود كما أبدى ويكري كما أرى أحن إلى الكأس التي شربت بها ... وأهوى لمثواها التراب وما ضما بكيت عليها خيفة في حياتها ... وذاق كلانا ثكل صاحبه قدما ولو قتل الهجر المحبين كلهم ... مضى بلد باق أجدت له صرما منافعها ما ضر في نفع غيرها ... تغذي وتروي إن تجوع وإن تظما

عرفت الليالي قبل ما صنعت بنا ... فلما دهتني لم تزدني بها علما أتاها كتابي بعد يأس وترحة نزحة ... فماتت سروراً بي فمت بها هما حرام على قلبي السرور فإنني ... أعد الذي ماتت به بعدها سما تعجب من خطي ولفظي كأنها ... ترى بحروف السطر أغربة عصما وتلثمه حتى أصار مداده ... محاجر عينيها وأنيابها سحما رقى دمعها الجاري وجفت جفونها ... وفارق حبي قلبها بعدما أدمى ولم يسلها إلا المنايا وإنما ... أشد من السقم الذي أذهب السقما طلبت لها حظاً ففاتت وفاتني ... وقد رضيت بي لو رضيت لها قسما فأصبحت أستسقي الغمام لقبرها ... وقد كنت أستسقي الوغا والقنا الصما وكنت قبيل الموت أستعظم النوى ... فقد صارت الصغرى التي كانت العظما هبيني أخذت الثار فيك من العدى ... فكيف بأخذ الثأر فيك من الحمى وما انسدت الدنيا علي لضيقها ... ولكن طرفاً لا أراك به أعمى فيا أسفي أن لا أكب مقبلاً ... لرأسك والصدر الذي ملئا حزما وأن لا ألاقي روحك الطيب الذي ... كأن ذكي المسك كان له جسما ولو لم تكوني بنت أكرم والد ... لكان أباك الضخم كونك لي أما لئن لذ يوم الشامتين بيومها ... فقد ولدت مني لآنافهم رغما تغرب لا مستعظماً غير نفسه ... ولا قابلاً إلا لخالقه حكما ولا سالكاً إلا فؤاد عجاجة ... ولا واجداً إلا لمكرمة طعما يقولون لي ما أنت في كل بلدة ... ما تبتغي ما أبتغي جل أن يسمى كان بينهم عالمون بأنني ... جلوب إليهم من معادنه اليتما وما الجمع بين الماء والنار في يدي ... بأصعب من أن أجمع الجد والفهما ولكنني مستنصر بذبابه ... ومرتكب في كل حال به القشما وعاجلة جاعلة يوم اللقاء تحيتي ... وإلا فلست السيد البطل القرما وإني من قوم كأن نفوسهم ... بها أنف أن تسكن اللحم والعظما كذا أنا يا دنيا إذا شئت فاذهبي ... ويا نفس زيدي في كرائمها قدما

فلا عبرت بي ساعة لا تعزني ... ولا صحبتني مهجة تقبل الظلما قال أبو القاسم أسعد بن إبراهيم: تتنفس الصهباء في لهواته ... كتنفس الريحان في الآصال وكأنما الخيلان في وجناته ... ساعات هجر في زمان وصال ركن الدين ابن أبي أصبع وساق إذا ما ضاحك الكأس قابلت ... فواقعها من ثغره اللؤلؤ الرطبا وخشيت وقد أمسى نديمي على الدجى ... فأسدلت دون الصبح من شعره الحجبا وقسمت شمس لطاس بالكأس أنجماً ... ويا طول ليل قسمت شمسه شهبا لأبي الطيب أرق على أرق ومثلي يأرق ... وجوى يزيد وعبرة تترقرق جهد الصبابة أن يكون كما أرى ... عين مسهدة وقلب يخفق ما لاح برق أو ترنم طائر ... إلا انثنيت ولي فؤاد شيق جربت من نار الهوى ما تنطفي ... نار الغضا وتكل عما تحرق وعذلت أهل العشق حتى ذقته ... فعجبت كيف يموت من لا يعشق؟ ! وعذرتهم وعرفت ذنبي أنني ... عيرتهم فلقيت فيه ما لقوا ابني أبينا نحن أهل منازل ... أبداً غراب البين فينا ينعق نبكي على الدنيا فما من معشر ... جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا أين الأكاسرة الجبابرة الأولى ... كنزوا الكنوز فما بقين ولا بقوا من كل من ضاق الفضاء بجيشه ... حتى ثوى فحواه للحد ضيق خرس إذا نودوا كأن لم يعلموا ... أن الكلام لهم حلال مطلق فالموت آت والنفوس نفائس ... والمستغر بما لديه الأحمق والمرء يأمل والحياة شهية ... والشيب أوقر والشبيبة أنزق ولقد بكيت على الشباب ولمتي ... مسودة ولماء وجهي رونق حذاراً عليه قبل يوم فراقه ... حتى لكدت بماء جفني أشرق أما بنو أوس بن معن بن الرضا ... فأعز من تهدي إليه الأينق

حكم الفاء

كبرت حول ديارهم لما بدت ... منها النفوس وليس فيها المشرق وعجبت من أرض سحاب أكفهم ... من فوقها وصخورها لا تورق ويفوح من طيب الثناء روايح ... لهم بكل مكانه تستنشق مسكية النفحات إلا أنها ... وحشية بسواهم لا تعبق أمريد مثل محمد في عصرنا؟ ... لا تبلنا بطلاب ما لا يخلق لم يخلق الرحمن مثل محمد ... أحداً وظني أنه لا يخلق يا ذا الذي يهب الكثير وعنده ... أني عليه بأخذه أتصدق أمطر علي سحاب جودك ثروة ثرة ... وأنظر إلي برحمة لا أغرق كذب ابن فاعلة يقول بجهله ... مات الكرام وأنت حي ترزق قال الصفدي: قد تحذف الفاء مع المعطوف بها إذا أمن اللبس، وكذلك اتلواو فمن حذف الفاء قوله تعالى: " فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم " التقدير فإن امتثله فتاب عليكم، وقوله تعالى: " فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر " معناه فأفطر فعليه عدة، وهذا الفاء العاطفة على الجواب المحذوف وتسميها أرباب المعاني الفاء الفصيحة. يقال: إن أبا أيوب المرزباني وزير المنصور، كان إذا دعاه المنصور يصفر ويرعد فإذا خرج من عنده يرجع له لونه، فقيل له: إنا نراك مع كثرة دخولك على أمير المؤمنين وأنسه بك تتغير إذا دخلت عليه، فقال: مثلي ومثلكم مثل بازي وديك تناظرا، فقال البازي للديك: ما أعرف أقل وفاء منك لأصحابك، قال: وكيف؟ قال: تؤخذ بيضة فيحضنك أهلك وتخرج على أيديهم، فيطعمونك بأيديهم حتى إذا كبرت صرت لا يدنو منك أحد إلا طرت من هنا إلى هنا وصحت، وإن علوت على حائط دار كنت فيها سنين طرت منها وصرت إلى غيرها، وأما أنا فأوخذ من الجبال وقد كبر سني فتخاط عيني، وأطعم الشيء اليسير، وأساهر فأمنع من النوم وأنسى اليوم واليومين، ثم أطلق على الصيد وحدي فأطير إليه وآخذه وأجيء به إلى صاحبي، فقال له الديك: ذهبت عنك الحجة أما لو رأيت بازيين في سفود على النار ما عدت إليهم، وأنا في كل وقت أرى السفافيد مملوء ديوكاً، فلا تك حليماً عند غضب غيرك، وأنتم لو عرفتم من المنصور ما أعرفه لكنتم أسوء حالاً مني عند طلبه لكم. حكم الفاء قال ابن أبي الحديد في فلك الدائرة: الفاء ليست للفور، بل هي للتعقيب

على حسب يصح، إما عقلاً أو عادة، ولهذا صح أن يقال دخلت البصرة فبغداد، وإن كان بينهما زمان كثير، لكن تعقب دخول هذه دخول تلك على ما يمكن: بمعنى أنه لم يمكث بواسط مثلاً سنة أو مدة طويلة، بل طوى المنازل بعد البصرة ولم يقم بواحد منها إقامة يخرج بها عن حد السفر إلى أن دخل بغداد، هذا الذي يقوله أهل اللغة وأهل الأصول، وليست الفاء للفور الحقيقي الذي معناه حصول هذا بعد هذا بغير فصل، ولا زمان، ألا ترى؟ قوله تعالى: " لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذاب " فإن العذاب متراخ عن الافتراء. ومن العرب من لا يدخل نون الوقاية، لا على عن ولا على من، ويقولون عني ومني بنون واحدة مخففة. قد يحدث الظرف بين المضاف والمضاف إليه انفصالاً كما وقع في هذا البيت: كما خط الكتاب بكف يوماً ... يهودي يقارب أو يزيل فكف مضاف إلى يهودي، ولكن الظرف فصل بينهما: قال حسان ولو كانت الدنيا تدوم بأهلها ... لكان رسول الله فيها مخلداً آخر ولو أن مجداً خلد الدهر واحداً ... من الناس أبقى مجده الدهر مطعما قال أبو الحسن الباخرزي ولكم تمنيت العراق مغالطا ... واحتلت في استثمار غرس ودادي وطمعت منها في الفراق فإنها ... تبني الأمور على خلاف مرادي الطغرائي أخاك أخاك فهو أجل ذخر ... إذا نابتك نائبة الزمان وإن رأيت إسائته فهبها ... لما فيه من الشيم الحسان تريد مهذباً لا عيب فيه ... وهل عود يفوح بلا دخان؟ للإمام أبي بكر كتابك بدر الدين وافى فسرني ... وسر شجى قلبي كريم مقالكا فأنضر من عيشي الذي كان ذابلاً ... وبيض من حالي الذي كان حالكا ولست بناس ما حييت ليالياً ... ظللت بها حلف المنى في ظلالكا فراعاك عين الله جل ولم تزل ... عيون العدى مصروفة عن كمالكا آخر عليك وحيد العصر مني تحية ... كنفحة روض أو كبعض خلالكا وحياك منهل درور من الحيا ... كخاطرك الفياض عند ارتجالكا لقد رحلت منذ ارتحلت مسرتي ... وواصلني برح الجوا بانفصالكا آخر لا قل لسكان وادي الحي ... هنيئاً لكم في الجنان الخلود أفيضوا علينا من الماء فيضاً ... فنحن عطاش وأنتم ورود قيل: قدم لقمان من سفر، فلقي غلاماً له، فقال: ما فعل أبي؟ قال: مات، قال: ملكت يا مولاي أمري، فما فعلت أمي؟ قال: ماتت، قال: ذهب همي، فما فعلت أختي؟ قال:

ماتت، قال: سترت عورتي، قال: فما فعلت امرأتي؟ قال: ماتت، قال: جددت فراشي، فما فعل أخي؟ قال: مات، قال: آه انقطع ظهري. لأبي الفضل الميكائي لنا صديق له حقوق ... راحتنا في أذى قفاه ما ذاق من كسبة ولكن ... أذى قفاه أذاق فاه آخر أبا جعفر لست بالمنصف ... ومثلك من قال قولاً يفي فإن أنت أنجزت لي موعداً ... وإلا هجوت وأدخلت في قد اختلف المفسرون في مدة حمل مريم، فقال ابن عباس: تسعة أشهر: كما في سائر النساء، وقال عطا وأبو العالية وضحاك: سبعة أشهر، وقال غيرهم:

أنواع النار عند العرب

ثمانية أشهر ولم يعش مولود وضع في الثمانية إلا عيسى عليه السلام وقال: الآخرون ستة أشهر، وقال آخرون: ثلاث ساعات: حملته في ساعة، وصور في ساعة، ووضعته في ساعة، وعن ابن عباس أن مدة الحمل كانت ساعة. بعضهم دعوى الإخاء على الرخاء كثيرة ... بل في الشدائد تعرف الإخوان ابن الرومي في هجو مليح أخذتكم درعاً حصيناً لتدفعوا ... سهام العدى عني فكنتم نصالها وكنت من الحوادث لي عياذاً ... فصرت من المصيبات العظام في هجاء بعض البخلاء رأى الصيف مكتوباً على باب داره ... فصحفه ضيفاً فقام إلى السيف فقلت له خيراً فظن بأنني ... أقول له خبزاً فمات من الخوف أنواع النار عند العرب النار عند العرب أربعة عشر ناراً، وهي نار المزدلفة حتى يراها من دفع من عرفه وأول من أوقدها قصي بن كلاب. ونار الاستسقاء كانوا في الجاهلية إذا تتابعت عليهم السنوات جمعوا ما قدروا عليه من البقر، وعلقوا في عراقيبها وأذنابها العشر والسلع، ثم صعدوا بها في جبل وعر وأضرموا فيها النار وعجوا بالدعاء، ويرون أنهم يمطرون بذلك. ونار التحالف لا يعقدون حلفاً إلا عليها، يطرحون فيها الملح والكبريت، فإذا شاطت قالوا هذه النار قد شهدت. ونار الغدر: كانوا إذا غدر الرجل بجاره أوقد له ناراً بمنى أيام الحج، ثم قالوا: هذه غدرة فلان، ونار السلامة: توقد للقادم من سفره سالماً غانماً، ونار الزائر والمسافر، وذلك أنهم إذا لم يحبو الزائر والمسافر أن يرجعا أوقدوا خلفه ناراً، وقالوا أبعده الله وأسحقه ونار الحرب: وتسمى نار اللاهبة، توقد على بقاع إعلاماً لمن بعد عنهم، ونار الصيد يوقدونها: فتغشى أبصارهم، ونار الأسد كانوا يوقدونهاإذا خافوه، لأنه إذا رآها حدق إليها وتأملها، وناراً لسليم: وهي للمدوغ للملدوغ إذا سهر، ونار الكلب يوقدونها حتى لا

ينام، ونار الفداء: كانت ملوكهم إذا سبوا قبيلة وطلبوا منهم الفداء كرهوا أن يعرضوا النساء نهاراً لئلا يفتضحن، ونار الوسم التي يسمون بها الإبل، ونار القرى وهي أعظم النيران، ونار الحرتين وهي التي أطفأها الله تعالى لخالد بن سنان العنسي حيث دخل فيها وخرج منها سالماً وهي خامدة. قال الصفدي: البخل والجبن صفتان مذمومتان في الرجال، ومحمودتان في النساء لأن المرأة إذا كانت فيها شجاعة ربما كرهت بعلها، فأوقعت فيه فعلاً أدى إلى إهلاكه وتمكنت من الخروج من مكانها على ما تراه، لأنها لا عقل لها يمنعها مما تحاوله، وإنما يصدها عما يقتضيه الجبن الذي عندها. وفي كتاب الفرج بعد الشدة حكاية غريبة لبعض الغرباء مع ابنة القاضي بمدينة الرملة، لما أمسكها بالليل وهي تنبش القبور، وكانت بكراًذ فضربها فقطع يدها، فهربت منه، فلما أصبح ورأى كفها ملقى فيه النقش والخواتم علم أنها امرأة، فتتبع الدم إلى أن رآه دخل بيت القاضي، فما زال حتى تزوجها. فلما كان بعض الليالي لم يشعر بها إلا وهي على صدره وبيدها موسى عظيمة، فما زال بها حتى حلف لها بطلاقها، وحلف لها على خورجه من البلد في وقته. وإذا كانت المرأة سخية جادت بما في بيتها، فأضر ذلك بحال زوجها، ولأن المرأة ربما جادت بالشيء في غير موضعه، قال الله تعالى: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " قيل يعني النساء والصبيان. كان الشيخ عز الدين، إذا قرأ القارىء عليه من كتاب وانتهى إلى آخر باب من أبوابه لا يقف عليه، بل يأمره أن يقرأ من الباب الذي بعده ولو سطراً، ويقول: ما أشتهي أن تكون ممن يقف على الأبواب. وفي الغلمان شادن يضحك عن الأقحوان ويتنفس عن الريحان، كأن قده خوط بان، سكران من خمر طرفه، وبغداد مشرقة من حسنه وظرفه، الشكل كله في حركاته، وجميع الحسن بعض صفاته، كأنما وسمه الجمال بنهايته، ولحظه الفلك بعنايته، فصاغه من ليله، وحلاه بنجومه، وأقماره. حكى المسعودي في شرح المقامات: أن المهدي لما دخل البصرة رأى أياس بن معاوية وهو صبي وخلفه أربعمأة من العلماء وأصحاب الطيالسة وأياس يقدمهم، فقال المهدي لعامله: أما كان فيهم شيخ يتقدمهم غير هذا الحدث؟ ! ثم إن المهدي التفت إليه وقال: كم سنك يا فتى؟ فقال: سني أطال الله بقاء الأمير، سن أسامة بن زيد بن حارثة لما ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً فيهم أبو بكر وعمر، فقال له: تقدم بارك الله فيك. يقال: إن أياس بن معاوية نظر إلى ثلاث نسوة، فزعن من شيء فقال هذه حامل وهذه مرضعة، وهذه بكر فسئلن فكان الأمر كذلك فقيل له: من أين لك هذا، فقال لما فزعن وضعت إحديهن يدها على بطنها والأخرى على ثديها والأخرى على فرجها.

ونظر يوماً إلى رجل غريب لم يره قط، فقال هذا غريب واسطي معلم كتاب هرب له غلام أسود، فوجد الأمر كما ذكر، فقيل له: من أين علمت ذلك؟ فقال رأيته يمشي ويلتفت فعرفت أنه غريب ورأيت على ثوبه حمرة تراب واسط ورأيته يمر بالصبيان فيسلم عليهم ويدع الرجال، وإذا مر بذي هيئة لم يلتفت إليه، وإذا مر بأسود دنا منه يتأمله. يقال أصدق الناس فراسة: ثلاث: العزيز في قوله لامرأته عن يوسف عليه السلام " أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا " وابنة شعيب التي قالت لأبيها عن موسى " يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين " وأبو بكر في الوصية بخلافة عمر. نظم للجمل التي لها محل من الإعراب والتي لا محل لها: وخذ جملاً ستاً وعشر ونصفها ... ولها موضع الإعراب جاء مبينا فوصفية حالية خبرية ... مضافاً إليها واحك بالقول فعلنا كذلك في التعليق والشرط والجزا ... إذا عامل يأتي بلا عمل هنا وفي غيرها لا محل لها كما ... أتت صلة مبدوة ولك المنى وفي الشرط لا تعمل كذاك جوابه ... جواب يمين فادره فاتك العنا مفسرة أيضاً وحشواً كذا أتت ... كذلك في التحضيض نلت به الغنى الوصفية نحو مررت برجل أبوه قائم، والحالية مثل جاء زيد يضحك والخبرية مثل زيد أبوه منطلق، والمضاف إليها مثل " هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم " والمحكية مثل قلت زيد عالم، والمعلق منها العامل، مثلت علمت ما زيد منطلق وعلمت لزيد منطلق والشرط والجزاء مثل إن قام زيد قام عمرو، والصلة مثل جاء زيد الذي هو قائم والمبتدأ مثل زيد قائم والتي في الشرط والجواب إذا قام زيد قام عمرو، والتي في جواب اليمين مثل والله إن زيداً قائم والمفسرة مثل زيد ضربته والتي في الحشو مثل قول الشاعر: إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان والتي في التحضيض مثل هذا زيد ضربته. يقال: إن أبا عمرو بن العلا قال قرأت " وما لي لا أعبد الذي فطرني " فاخترت

طرق الترجمة

تحريك الياء هيهنا لأن السكوت ضرب من الوقف فلو سكنت الياء هيهنا كنت كالذي ابتدأ، وقال لا أعبد الذي طرني فاخترت تحريك الياء هرباً من ضرب الوقف وهذا من أبي عمرو في غاية الدقة والنظر في المعاني اللطيفة. طرق الترجمة قال الصلاح الصفدي: وللتراجمة في النقل طريقان: أحدهما طريق يوحنا بن البطريق وابن الناعمة الحمصي وغيرهما، وهو أن ينظر إلى كل كلمة مفردة من الكلمات اليونانية، وما تدل عليه من المعاني، فيأتي بلفظة مفردة من الكلمات العربيت ترادفها في الدلالة على ذلك المعنى فيثبتا وينتقل إلى الأخرى كذلك حتى يأتي على جملة ما يريد تعريبه، وهذه الطريقة ردية بوجهين: أحدهما أنه لا يوجد في الكلمات العربية كلمات تقابل جميع الكلمات اليونانية، ولهذا وقع في خلال هذا التعريب كثير من الألفاظ اليونانية على حالها. الثاني أن خواص التركيب والنسب الإسنادية لا تطابق نظيرها من لغة أخرى دائماً، وأيضاً يقع الخلل من جهة استعمال المجازات وهي كثيرة في جميع اللغات. الطريق الثاني في التعريب طريق حنين بن إسحاق والجوهري وغيرهما، وهو أن يأتي الجملة فيحصل معناها في ذهنه ويعبر عنها من اللغة الأخرى بجملة تطابقها، سواء ساوت ألفاظها أم خالفتها، وهذا الطريق أجود ولهذا لم تحتج كتب حنين بن إسحاق إلى تهذيب إلا في العلوم الرياضية لأنه لم يكن قيماً بها، بخلاف كتب الطب والمنطق والطبيعي والإلهي فإن الذي عربه منها لم يحتج إلى الإصلاح، فأما إقليدس فقد هذبه ثابت بن قرة الحراني وكذلك المجسطي والمتوسطات بينهما. ذكر الخطيب في تاريخ بغداد أن يحيى بن أكثم ولي قضاء البصرة وسنه عشرون سنة فاستصغروه فقالوا كم سن القاضي؟ قال: أنا أكبر من عتاب بن أسيد الذي وجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضياً على أهل مكة يوم الفتح، وأنا أكبر من معاذ بن جبل الذي وجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضياً إلى أهل اليمن، وأنا أكبر من كعب بن سويد الذي وجه به عمر بن الخطاب قاضياً على البصرة فجعل جوابه احتجاجاً عليه. لبعضهم شعر قد قال قوم أعطه لقديمه ... جهلوا ولكن أعطني لتقدمي للأمير أمين الدين علي بن السليماني، قال: أضيف الدجى معنى إلى ليل شعره ... فطال ولولا ذلك ما خص بالجر

أنواع الجر

وحاجبه نون الوقاية ما وفت ... على شرطها فعل الجفون من الكسر آخر إن الأمير هو الذي يضحى أميراً يوم عزله ... إن زل سلطان الولاية لم يزل سلطان فضله ما أحسن ما قال: قالوا أحب حبيباً ما تأمله ... فكيف حل به للسقم تأثير؟ فقلت قد يعمل المعنى بقوله ... في ظاهر اللفظ رفعاً وهو مستور قال ابن حزم: جميع الحنفية مجمعون على أن مذهب أبي حنيفة أن ضعيف الحديث عنده أولى من الرأي والمراد بالرأي القياس. قال الصفدي: قلت قول أبي حنيفة يشبه قول الخليل بن أحمد حيث قال: مثلي في النحو كمثل رجل دخل داراً قد صح عنده حكمة بناها فقال إنما كان الإيوان هنا لكذا والصفة هنا لكذا فإن وافق الباقي فيها وإلا فقد أتى بكلام تقبله العقل ولا يأباه. والشافعي احتاط لمذهبه فقال: إن صح هذا الحديث فهو مذهبي، قال: إذا عجز الفقيه عن تعليل الحكم قال هذا تعبدكما يعلل المالكي غسل الإناء سبعاً من ولوغ الكلب لأنه قائل بطهارته فإذا ورد عليها الحديث وهو طهور إناء أحدكم إن ولغ الكلب فيه أن يغسله سبعاً، قال: هذا شيء تعبدنا الله به. وإذا عجز النحوي عن تعليل الحكم أيضاً، قال العامل هنا معنوي وإذا عجز الحكيم عن التعليل بالشيء قال هذا بالخاصية كما إذا طلب منه تعليل جذب المغناطيس الحديد. أنواع الجر الجر يكون بثلاثة أشياء بحروف الجر وبالإضافة وبالتبعية والأصل في ذلك حروف الجر ثم الإضافة ثم التبعية، وقد اجتمع ذلك كله مرتباً في البسملة فاسم خفض بحرف الجر والله بالإضافة، والرحمن بالتبعية. شرح ابن مالك واو الثمانية في مثل قوله تعالى " ثيبات وأبكاراً " وقوله تعالى " الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر " وفي قوله تعالى: " وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها " أتى بالواو هنا ولم يأت بها في ذكر جهنم لأن أبواب النار سبع والجنة ثمان.

وحكي لي بعض الأفاضل عن بعض الحكام في المدن الكبار أنه ألقى درساً في هذه الآية الكريمة وقال: قال في حق أهل جهنم إنهم لما جاؤها فتحت أبوابها على التعقيب لأن الفا للتعقيب لم يمهلوا الدخول بل أدخلوها على الفور، وأما أهل الجنة فإنهم لم يضطروا إلى الدخول، بل أمهلوا لأنه قال: وفتحت قلت: انظروا إلى هذه الغفلة في الأولى والثانية كونه ظنها أولاً خارجة عن الكلمة ولم تكن من أصلها، ووجدها ثابتة في الثانية فلم ينكرها ويقول: هذه هي تلك الحمد لله واهب العقل انتهى. ما سمع في الكسل أبلغ من قول هذا القائل: سألت الله يجمعني بسلمى ... أليس الله يفعل ما يشاء؟ ويبطحها ويطرحني عليها ... ويدخل ما يشاء فيما يشاء ويأتي من يحركني بلطف ... شبيه الزق يحمله السقاء ويأتي بعد ذاك سحاب غيث ... يطهرنا وليس بنا عناء سار سيف الدولة نحو ثغر الحدث لبنائها. وقد كان أهلها أسلموها بالأمان، فركب لهم وأسر خلقاً كثيراً منهم، وانهزم لدمشق وأقام عليها حتى وضع آخر شرافه بيده فقال: أبو الطيب وأنشدها بعد الواقعة: على قدر أهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي على قدر الكرام المكارم وتعظم في عين الصغير صغارها ... وتصغر في عين العظيم العظائم يكلف سيف الدولة الجيش همه ... وقد عجزت عنه الجيوش الحضارم ويطلب عند الناس ما عند نفسه ... وذلك ما لا تدعيه الضراغم تفدي أتم الطير عمراً سلاحه ... نسور الملا أحداثها والقشاعم وما ضرها خلق بغير مخالب ... وقد خلقت أسيافه والقوائم هل الحدث الحمراء تعرف لونها؟ ... وتعلم أي الساقيين الغمايم؟ سقتها الغمام الغر قبل نزوله ... فلما دنى منها سقتها الجماجم بناها فأعلى والقنا يقرع القنا ... وموج المنايا حوله متلاطم وكان بها مثل الجنون فأصبحت ... ومن جثث القتلى عليها تمائم

طريدة دهر ساقها فرددتها ... على الدين بالخطي والدهر راغم تفيت الليالي كل شيء أخذته ... وهن لما يأخذن منك غوارم إذا كان ما تنويه فعلاً مضارعاً ... مضى قبل أن تلقي عليه الجوازم وكيف ترجى الروم؟ والروس هدمها ... وذا الطعن آساس لها ودعائم وقد حاكموها والمنايا حواكم ... فما مات مظلوم ولا عاش ظالم أتوك يجرون الحديد كأنهم ... سروا بجياد ما لهن قوايم إذا برقوا لم تعرفوا البيض منهم ... ثيابهم من مثلها والعمائم خميس بشرق الأرض والغرب زحفه ... وفي أذن الجوزاء منهم زمازم تجمع يها كل لسن وأمة ... فما تفهم الحداث إلا التراجم فلله وقت ذوب الغش ناره ... فلم يبق إلا صارم أو ضبارم تقطع ما لا يقطع الدرع والقنا ... وفر من الفرسان من لا يصادم وقفت وما في الموت شك لواقف ... كأنك في جفن الردى وهو نائم تمر بك الأبطال كلماً هزيمة ... ووجهك وضاح وثغرك باسم تجاوزت مقدار الشجاعة والنهي ... إلى قول قوم أنت بالغيب عالم ضممت جناحيهم على القلب ضمة ... تموت الخوافي تحتها والقوادم بضرب أتى الهامات والنصر غايب ... وصار إلى الليات والنصر قادم حقرت الردينيات حتى طرحتها ... وحتى كأن السيف للرمح شاتم ومن طلب الفتح الجليل فإنما ... مفاتحه البيض الخفاف الصوارم نثرتهم فوق الأحيدب كله ... كما نثرت فوق العروس الدراهم تدوس بك الخيل الوكور على الذرى ... وقد كثرت حول الوكور المطاعم تظن فراخ الفتح أنك زرتها ... بآماتها وهي العتاق الصلادم إذا زلقت مشيتها ببطونها ... كما تتمشى في الصعيد الأراقم أفي كل يوم ذا الدمش مقدم؟ ... قفاه على الأقدام للوجه لائم؟ أينكر ريح الليث حتى يذوقه؟ ... وقد عرفت ريح الليوث البهائم وقد فجعته بابنه وابن صهره ... وبالصره حملات الأمير الغواشم

مضى يشكر الأصحاب في فوته الظبى ... لما شغلتها هامهم والمعاصم ويسمع صوت المشرفية فيهم ... على أن أصوات السيوف أعاجم يسر بما أعطاك لا عن جهالة ... ولكن مغبوناً نجى منك غانم ولست مليكاً هازماً لنظيره ... ولكنك التوحيد للشرك هازم تشرف عدنان به لا ربيعة ... وتفتخر الدنيا به لا العواصم لك الحمد في الدر الذي لي لفظه ... فإنك معطيه وإني ناظم وإني لتعدو بي عطاياك في الوغى ... فلا أنا مذموم ولا أنت نادم على كل طيار إليها برجله ... إذا وقعت في مسمعيه الغماغم ألا أيها السيف الذي لست مغمداً ... ولا فيك مرتاب ولا منك عاصم هنيئاً لضرب الهام والمجد والعلا ... وراجيك والإسلام أنك سالم ولم لا يقي الرحمن خديك ما وقى ... وتفليقه هام العدا بك دائم للشيخ الحسين أبي عبد الله المنصور ما للسحاب التي كنا نرجيها ... لها عجايب لا تنفك تبديها لعلها وجدت وجدي فقد جمعت ... ماء وناراً به انهلت غزاليها فالماء من مقلتي والعين تسكبه ... والنار من كبدي والقلب يوريها وأبدت الأرض بالكافور زينتها ... ومد فيها بماء الورد واديها كأن في الجو أشجاراً معلقة ... من المجرة تدنيها وتقصيها أوراقها فضة بيضاء تضربها ... ريح الشمال فتهوي من أعاليها أو راقصات جوار فوقها انقطعت ... منها العقود فنلنا من لئاليها أو شقق البعض من بعض غلايلها ... بسكرهن فألقتها تراقيها أو مرت الريح بالأقطان قد ندفت ... فعممت دورها منها سواقيها أو من نسور تسد الأفق كثرتها ... تناثر الريش واصطفت خوافيها أو فيه أرحية بالماء دائرة ... ترمي الطحين إلينا من نواحيها أو فيه غسال أثواب يبيضها ... يظل يعصرها طوراً ويطويها

إعراب ما لا يعقل بالحروف

أو الكواكب من أفلاكها انتثرت ... على عصاة تمادت في معاصيها في صفة مصلوب ذكره العلامة التفتازاني في الشرح: كأنه عاشق قد مد صفحته ... يوم الوداع إلى توديع مرتحل أو قائم من نعاس فيه لوثته ... مواصل لتمطيه من الكسل قيل إنه لامرىء القيس سبقت بمضمار المطالب لا العلى ... وصار جفوني عندما مثل عدم فثلثا حروف الدمع لا كلها دم ... فما بال دمعي كله خالص الدم لبعضهم في التحاء مطلوبه شبت أنا والتحى حبيبي ... وبان عني وبنت عنه وأبيض ذاك السواد مني ... واسود ذاك البياض منه آخر فيه رأيت على خده خنفسة ... وكانت ترى قبل ذا سندسة كنست فؤادي من عشقه ... ولحيته كانت المكنسة للأموي في النجديات رأت أم عمرو يوم سارت مدامعي ... تنم بسري في الهوى وتذيعه فقالت أهذا دأب عينيك إنني ... أراها إذا استودعت سراً تضيعه فكيف أذود الدمع والوجد هاتف ... به وعلى الإنسان ما يستطيعه إعراب ما لا يعقل بالحروف قد يتصف ما لا يعقل بصفات من يعقل، فيعرب بالحروف قال الله تعالى: " إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين " والعلة أنها لما وصف بالسجود وهو من صفات من يعقل أعطيت هذا الإعراب. يحكى أن هرقل ملك الروم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان: يسأله عن الشيء

تحقيق معنى العلم والمعرفة

واللاشيء وعن دين لا يقبل الله غيره؟ وعن مفتاح الصلاح وعن غرس الجنة؟ وعن صلاة كل شيء وعن أربعة فيهم الروح ولم يرتكضوا في أصلاب الرجال ولا أرحام النساء؟ وعن رجل لا أب له وعن رجل لا قوم له؟ وعن قبر جرى بصاحبه؟ وعن قوس قزح ما هو؟ وعن بقعة طلعت عليها الشمس مرة واحدة ولم تطلع عليها سابقاً ولا لاحقاً؟ وعن ظاعن ظعن مرة ولم يظعن قبلها ولا بعدها؟ وعن شجرة نبتت من غير ماء؟ وعن شيء يتنفس ولا روح له وعن اليوم وعن أمس وغد وبعد غد؟ وعن البرق والرعد وصوته؟ وعن المحق الذي في القمر؟ فقيل لمعاوية: لست هناك ومتى أخطأت في شيء من ذلك تسقط من عينه فاكتب إلى ابن عباس يخبرك عن هذه المسألة، فكتب إليه فأجابه بقوله: أما الشيء قال الله تعالى: " وجعلنا من الماء كل شيء حي " وأما قوله لا شيء: فإنما هو الدنيا، لأنها تبيد وتفنى. وأما دين لا يقبل الله غيره فلا إله إلا الله ومحمد رسول الله. وأما مفتاح الصلاة فالله أكبر، وأما غرس الجنة فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وأما صلاة كل شيء فسبحان الله وبحمده. وأما الأربعة التي فيهم الروح ولم يرتكضوا في أصلاب الرجال ولا أرحام النساء فآدم وحواء وعصاء موسى والكبش الذي فدى به إسحاق. وأما الرجل الذي لا أب له فالمسيح. وأما الرجل الذي لا قوم له فآدم: وأما القبر الذي جرى بصاحبه فالحوت سار بيونس في البحر. وأما قوس قزح فأمان الله تعالى لعباده من الغرق. وأما البقعة التي طلعت عليها الشمس مرة واحدة فالبحر الذي انفلق لبني إسرائيل. وأما الظاعن الذي ظعن مرة ولم يظعن قبلها ولا بعدها فجبل طور سيناء كان بينه وبين الأرض المقدسة أربع ليال، فلما عصت بنوا إسرائيل، أطاره الله بجناحيه، فنادى مناد إن قبلتم التوراة كشفته عنكم، وإلا ألقيته عليكم فأخذوا التوراة معتذرين، فرده الله تعالى على يونس عليه السلام وأما الذي يتنفس ولا روح له فالصبح. وأما اليوم فعمل، وأما أمس فمثل وأما غد فأجل وأما بعد غد فأمل وأما البرق فمخاريق بأيدي الملائكة تضرب به السحاب وصوته زجره، وأما المحق الذي في القمر فقول الله عز وجل: " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة " ولولا ذلك المحق لم تعرف الليل من النهار ولا النهار من الليل. تحقيق معنى العلم والمعرفة قال الشريف حاشيته على شرح مطالع الأنوار في تحقيق معنى العلم

والمعرفة ثم إن ها هنا معنيين آخرين الإشارة في الكتاب إليهما أحدهما أن المعرفة تطلق على الإدراك الذي بعد الجهل، والثاني أنها تطلق على الأخير من الإدراكين لشيء واحد يتخلل بينهما عدم ولا يعتبر شيء من هذين القيدين في العلم، ولهذا لا يوصف الباري تعالى بالعارف ويوصف بالعالم. وقال المحقق الدواني في هذا المقام: ومعنى آخر ذكره الراغب وغيره وهو أن المعرفة العلم بالشيء من قبل آثاره، وكأنه مأخوذ من العرف، بمعنى الرائحة كما يقال. بهذا المعنى، انتهى كلامهما. القصيدة اللامية للطغرائي الأصفهاني أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحيلة الفضل زانتني لدى العطل مجدي أخيراً ومجدي أولاً شرع ... والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل ناء عن الأهل صفر الكف منفرد ... كالسيف عرى متناه عن الخلل فيم الإقامة بالزوراء لا سكني ... بها ولا ناقتي فيها ولا جملي فلا صديق إليه مشتكى حزني ... ولا أنيس إليه منتهى جذلي طال اغترابي حتى حن راحلتي ... ورحلها وقرى العسالة الذبل وضج من لغب نضوى وعج لما ... ألقى ركابي ولج الركب في عذلي أريد بسطة كفٍّ أستعين بها ... على قضاء حقوق للعلى قبلي والدهر يعكس آمالي ويقنعني ... من الغنيمة بعد الكد بالقفل وذي شطاط كصدر الرمح معتقل ... بمثله غير هياب ولا وكل حولوا الفكاهة مر الجد قد مرجت ... بشدة البأس منه رقة الغزل طردت سرح الكرى عن ورد مقتله ... والليل أغرى سوام النوم بالمقل والركيب ميل على الأكوار من طرب ... صاح وآخر من خمر الهوى ثمل فقلت أدعوك للجلى لتنصرني ... وأنت تخذلني في الحادث الجلل

تنام عيني وعين النجم ساهرة ... وتستحيل وصبغ الليل لم يحل فهل تعين على غي هممت به؟ ... والغي يزجر أحياناً عن الفشل إني أريد طروق الحي من أضم ... وقد حماه رماة من بني ثعل يحمون بالبيض والسمر اللدان به ... سود الغدائر حمر الحلي والحلل فسر بنا في ذمام الليل معتسفاً ... فنفحة الطيب تهدينا إلى الحلل فالحب حيث العدى والأسد رابضة ... حول الكناس لها غاب من الأسل نؤم ناشية بالجزع قد سقيت ... نصالها بمياه الغنج والكحل قد زاد طيب أحاديث الكرام بها ... ما بالكرائم من جبن ومن بخل تبينت نار الهوى منهن في كبد ... حرى ونار القرى منهم على القلل يقتلن أنضاء حبٍّ لا حراك به ... وينحرون كرام الخيل والإبل يشفى لذيع العوالي في بيوتهم ... بنهلة من غدير الخمر والعسل لعل إلمامة بالجزع ثانية ... يدب منها نسيم البرء من عللي لا أكره الطعنة النجلاء قد شفعت ... برشقة من نبال الأعين النجل ولا أهاب الصفاح البيض تسعدني ... باللمح من خلل الأستار والكلل ولا أخل بغزلان أغازلها ... ولو دهتني أسود الغاب بالغيل حب السلامة يثني عزم صاحبه ... عن المعاني ويغري المرء بالكسل فإن جنحت إليه فاتخذ نفقاً ... في الأرض أو سلماً في الجو فاعتزل ودع غمار العلى للمقدمين على ... ركوبها واقتنع منهن بالبلل رضى الذليل بخفض العيش مسكنة ... والعز عند رسوم الأنيق الذلل فادرأ بها في نحور البيد حافلة ... معارضات متون اللجم بالجدل إن العلى حدثتني وهي صادقة ... فيما تحدث أن العز في النقل لو أن في شرف المأوى بلوغ منى ... لم تبرح الشمس يوماً دارة الحمل أهبت بالحظ لو ناديت مستمعاً ... والحظ عني بالجهال في شغل لعله إن بدا فضلي ونقصهم ... لعينه نام عنهم أو تنبه لي أعلل النفس بالآمال أرقبها ... ما أضيق العمر لولا فسحة الأمل

لم أرض بالعيش والأيام مقبلة ... فكيف أرضى؟ وقد ولت على عجل غالي بنفسي عرفاني بقيمتها ... فصنتها عن رخيص القدر مبتذل وعادة النصل السيف أن يزهى بجوهره ... وليس يعمل إلا في يدي بطل ما كنت أوثر أن يمتد بي زمني ... حتى أرى دولة الأوغاد والسفل تقدمتني أناس كان شوطهم ... وراء خطوي لو أمشي على مهل هذا جزاء امرء أقرانه درجوا ... من قبله فتمنى فسحة الأمل وإن علاني من دوني فلا عجب ... لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل فاصبر لها غير محتال ولا ضجر ... في حادث الدهر ما يغني عن الحيل أعدي عدوك أدنى من وثقت به ... فحاذر الناس واصحبهم على دخل فإنما رجل الدنيا وواحدها ... من لا يعول في الدنيا على رجل وحسن ظنك بالأيام معجزة ... فظن شراً وكن منها على وجل غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت ... مسافة الخلف بين القول والعمل وشأن صدقك عند الناس كذبهم ... وهل يطابق معوج بمعتدل؟ إن كان ينجع شيئاً في ثباتهم ... على العهود فسبق السيف للعذل يا وارداً سؤر عيش صفوه كدر ... أنفقت عمرك في أيامك الأول فيم اقتحامك لج البحر تركبه ... وأنت تكفيك منه مصة الوشل ملك القناعة لا يخشى عليه ولا ... يحتاج فيه إلى الأعوان والخول إقنع تجل ولا تطمع تذل ولا ... تعجل تزل ولا تغتر بالمهل ترجو البقاء بدار لا ثبات لها ... وهل سمعت بظل غير منتقل؟ ويا خبيراً على الأسرار مطلعاً ... اصمت ففي اصمت منجاة من الزلل قد رشحوك لأمر لو فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل لشهاب الدين ابن عنيز الوراق شكا ابن المؤيد من عزله ... وذم الزمان وأبدى السفه فقلت له لا تذم الزمان ... فتظلم أيامه المنصفه ولا تعجبن إذا ما صرفت ... فلا عدل فيك ولا معرفه

حكم الواو

وذي أدب بارع نكته ... وأولجت فيه عموداً عنف فقلت فديتك أعصر عليه ... ففيه اللذاذة لو تعترف فقال أجدت ولكن لحنت ... لقولك أعصر بفتح الألف فقلت لك الويل من أحمق ... فقال وأحمق لا ينصرف حكم الواو الواو للجمع المطلق لا تقتضي الترتيب بدليل قوله تعالى: " فكيف كان عذابي ونذر " والنذارة قبل العذاب بدليل قوله تعالى: " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً " وقوله تعالى حكاية عن منكري البعث: " وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيى " وإنما يريد نحيى ونموت وقوله تعالى: " إني متوفيك ورافعك إلي " فإن وفاته عليه السلام لا تقع إلا بعد الرفع، وقول الشاعر: حتى إذا رجب تولى وانقضى ... وجماديان وجاء شهر مقبل قال الصفدي: من نسب إلى الشافعي أنه فهم الترتيب في الوضوء من الواو فقد غلط وإنما أخذ الترتيب من السنة؛ ومن سياق النظم وتأليفه، وذلك أن الله تعالى ذكر الوجوه ووزنها فعول كرؤوس، وذكر الأيدي ووزنها أفعل كأرجل، ودخل ممسوحاً بين مغسولين وقطع النظير عن النظير ولولا أن الحكمة في ذلك التنبيه على الترتيب لكان الأحسن بالبلاغة أن يقال وأيديكم وأرجلكم وامسحوا برؤوسكم كما يقال: رأيت: زيداً وعمرواً ودخلت الحمام، ولا يقال: رأيت زيداً ودخلت الحمام ورأيت عمراً، ولو قيل ذلك لكان قبيحاً في الكلام ومن أحسن من الله قيلاً؟ والغسل يشتمل على المسح ولا ينعكس، فالغاسل ماسح مع زيادة، وليس الماسح غاسلاً والغسل أقرب إلى الاحتياط. وأيضاً فرض الغسل محدود كما في اليدين إلى المرافق، وغسل الرجلين محدود إلى الكعبين، والمسح غير محدود كما في الرأس، فالرجلان مغسولتان. ابن حيوش ما أبصرت عيناي أحسن منظراً ... فيما رأت عيني من الأشياء كالشامة الخضراء فوق الوجنة ... الحمراء تحت المقلة السوداء والنجم تستصغر الأبصار رؤيته ... والذنب للطرف لا للنجم في الصغر لأبي الحسن ابن القنطرية البطليوسي ذكرت سليمى وحر الوغى ... بقلبي كساعة فارقتها وأبصرت بين القنا قدها ... وقد ملن نحوي فعانقتها مثل سبق السيف العذل أصله إن سعداً وسعيداً ابني ضبة بن إد خرجا في طلب إبل لهما، فرجع سعد ولم يرجع سعيد، وكان ضبة إذا رأى شخصاً مقبلاً قال أسعد أم سعيد؟ ثم أنه في بعض مسايره أتى مكان ومعه الحرث بن كعب في الشهر الحرام، فقال له الحرث قتلت رجلاً هيهنا هيئته كذا وكذا، وأخذت منه هذا السيف، فتناول ضبة فعرفه فقال إن الحديث شجون. ثم ضربه فعذل فقال: سبق السيف العذل. شمس الدين محمد بن دانيال ما عاينت عيناي في عطلتي ... أقل من حظي ومن بختي قد بعت عبدي وحماري وقد ... أصبحت لا فوقي ولا تحتي لأبي العلاء المعري يرثي الشريف الطاهر الموسوي أبا الشريف المرتضى والرضي رضوان الله عليهما. أنتم ذوو النسب الطهور وطولكم ... باد على الأمراء والأشراف

والراح إن قيل ابنة العنب اكتفت ... بابن من الأسماء والأشراف وقال أبو بكر الرصافي لو كنت شاهدة وقد غشي الوغى ... يختال في درع الحديد المسبل لرأيت منه والقضيب بكفه ... بحراً يريق دم الكماة بجدول قيل: إن المبرد بعث غلامه وقال له: بحضرة الناس امض إليه فإن رأيته فلا تقل له وإن لم تره فقل له، فذهب الغلام ورجع، فقال لم أره فقلت له: فجاء فلم يجيء، فسئل الغلام عن معنى ذلك؟ فقال: أنفذني إلى غلام يهواه فقال: إن رأيت مولاه فلا تقل له شيئاً وإن لم تر مولاه فادعه، فذهبت فلم أر مولاه فقلت له: فجاء مولاه، فلم يجيء الغلام. للسراج الوراق يا ساكناً قلبي ذكرتك قبله ... أرأيت قبلي من بدا بالساكن وجعلته وقفاً عليك وقد غدا ... متحركاً بخلاف قلب الآمن وبذا جرى الأعراب في نحو الهوى ... وإليك معدتي فلست بلاحن ونالت أبا الطيب بمصر حمى كانت تغشاه إذا أقبل الليل، وتنصرف عنه إذا أقبل النهار بعرق، فقال فيها قصيدة بعضها هذه الأبيات: وملني الفراش وكان جنبي ... يمل لقاؤه في كل عام قليل عايدي سقم فؤادي ... كثير حاسدي صعب مرامي عليل الجسم ممتنع القيام ... شديد السكر من غير المدام وزايرتي كأن بها حياء ... وليس تزور إلا في الظلام بذلت لها المطارف والحشايا ... فعافتها وبات في عظامي يضيق الجلد عن نفسي وعنها ... فتوسعه بأنواع السقام إذا ما فارقتني غسلتني ... كأنا عاكفان على حرام كأن الصبح يطردها فتجري ... مدامعها بأربعة سجام أراقب وقتها من غير شوق ... مراقبة المشوق المستهام

أنواع الحب

ويصدق وعدها والصدق شر ... إذا ألقاك في الكرب العظام أنواع الحب قال صاحب الريحان والريعان: الحب أوله الهوى، ثم العلاقة ثم الكف ثم الوجد، ثم العشق، والعشق إسم لما فصل عن المقدار الذي هو الحب، ثم الشغف وهو إحراق القلب بالحب مع لذة يجدها، وكذلك اللوعة واللاعج والغرام ثم الجوى وهو الهوى الباطن والتيتيم والسبل والهيام وهو شبيه الجنون والعشق عند الأطباء من جملة أنواع الماليخوليا. لأبي الحسن بن القبطرية البطلبوسي: (ذكرت سليمى وحر الوغى ... بقلبي كساعة فارقتها) (وأبصرت بين القنا قدها ... وقد ملن نحوي فعانقتها) مثل: سبق السيف العذل: أصله أن سعدا وسعيد اابني ضبة بن أد خرجا في طلب إبل لهما، فرجع سعد ولم يرجدع سعيد، وكان ضبة إذا رأى شخصا مقبلا قال أسعد أم سعيد. ثم إنه في تبعض مسايره أتى إلى مكان ومعه الحارث بن كعب في الشهر الحرام، فقال له الحارث قتلت ها هنا فتى هيئته كذا وكذا، وأخذت منه هذا السيف، فتناوله ضبة فعرفه، فقال: إن الحديث شجون، ثم ضربه فعذل، فقال سبق السيف العذل. شمس الدين بن دانيال: (ما عاينت عيناي في عطلتي ... أقل من حظي ومن بختي) (قد بعت عبدي وحماري معا ... وصرت لا فوقي ولا تحتي) ابن الساعاتي من معشر ويجلٍ قدر علائه ... عن أن يقال لمثله من معشر بيض الوجوه كأن زرق رماحهم ... سر يحل سواد قلب العسكر لأبي العلاء المعري والنجم تستصغر الأبصار رؤيته ... والذنب للطرف لا للنجم في الصغر

ليلة القدر

ليلة القدر قال ابن الحزم في مراتب الإجماع: وأجمعوا على أن ليلة القدر حق: وهي في السنة ليلة احدة انتهى، ومنهم من قال هي في مجموع شهر رمضان، ومنه من قال في أفراد العشر الآخر، ومنهم من قال في السابع والعشرين وهو قول ابن عباس، لأن قوله: هي سابع وعشرون لفظة من السورة وليلة القدر تسعة أحرف، وهي مذكورة ثلاث مرات، فيكون سبعة وعشرين لفظة، ومنهم من قال في مجموع السنة: لا يخص بها رمضان ولا غيره روى ذلك ابن مسعود، قال: من يقم الحول يصيبها، ومنهم من قال: رفعت بعد النبي صلى الله عليه وسلم إن كان فضلها لنزول القرآن، فالذي قال إنها في مجموع رمضان اختلفوا في تيينها على ثمانية أقوال: قال ابن رزين هي الليلة الأولى، وقال الحسن البصري هي السابعة عشر وعن أنس أنها التاسعة عشر، وقال محمد بن إسحاق: هي الحادية والعشرون، وعن ابن عباس السابعة والعشرون. وعن أبي الثالثة والعشرون: وقال ابن مسعود الرابعة والعشرون وقال أبو ذر الغفاري هي الخامسة والعشرون. ومن قال إنها لا تخص رمضان يلزمه أنه إذا قال لزوجته أنت طالق ليلة القدر، وإنها لا تطلق حتى يحول عليها الحول لأنها قد مرت بيقين لأن النكاح أمر متيقن لا يزول إلا بمثله وكونها في رمضان أمر مظنون، وفي هذا التفقه نظر، لأن الأحاديث الصحيحة التي تثبت بخبر الآحاد توجب العمل ولا تفيد العلم. وقيل: في تسميتها بليلة القدر وجوه: أحدهما إنها ليلة تقدير الأمور والأحكام قال عطا عن ابن عباس إن الله تعالى قدر ما يكون في تلك السنة فيها من رزق وإحياء وإماتة إلى مثل هذه الليلة. وقيل القدر الضيق، لأن الأرض تضيق على الملائكة فيها. وقيل: القدر المرتبة للفاعل متى أتى فيها بالطاعة، كان ذا قدر وشرف. وقيل نزل فيها كتاب ذو قدر وشرف عظيم، وقيل غير ذلك. واعلم أن الله تعالى لا يحدث تقديره في هذه الليلة، لأنه تعالى قدر المقادير قبل خلق السماوات والأرض في الأزل، ولكن المراد إظهار تلك المقادير من شرح لامية العجم للصفدي. لأبي الحسين الجزار في الحث على الإنفاق إذا كان لي مال على ما أصونه؟ ... وما ساد في الدنيا من البخل دينه ومن كان يوماً ذا يسار فإنه ... خليق لعمري أن تجود يمينه للصفدي فيه

لا تجمع الدينار واسمح به ... ولا تقل كن في حمى كنفي ما الدهر نحوي فينحو الهدى ... ويمنع الجمع من الضرف لابن عبدون كأن عداه في الهيجا ذنوب ... وصارمه دعاء مستجاب البختري تسرع حتى قال من شهد الوغى ... لقاء أعاد أم لقاء حبائب؟ لأبي تمام رحمه الله تعالى يستعذبون مناياهم كأنهم ... لا ييأسون من الدنيا إذا قتلوا ابن عنيز أو عنترة فوددت تقبيل السيوف لأنها ... لمعت كبارق ثغرك المتبسم للخفاجي الحلبي ولا ينال كسوف الشمس طلعتها ... وإنما هو فيما يزعم البصر لابن قزل في عمياء عشقها علقتها عمياء مثل المها ... فخان فيها الزمن الغادر أذهب عينيها فإنسانها ... في ظلمة لا يهتدي حائر تجرح قلبي وهي مكفوفة ... وهكذا قد يفعل الباتر ونرجس اللحظ بدا ذابلاً ... واحسرتا لو أنه ناظر للشيخ الجليل النبيل الشيخ لطف الله في لامة يقرى وهو السيف القاطع سلمه الله تعالى: أيا من يجمع العلوم أشهر ... وساد الأنام ببحر وبر أبن لي اسم مولى ولي موئلاً ... إليه انتهى الدين بين البشر وعنه النقول ورشد العقول ... وأخبار دين وجل الأثر حوى إسمه الجفر والأرض ثم ... ضياء وماء وعين البصر وقسمين من أربع أعربت ... بمجموعها معربات السور

وما قابل الشرع والأصل بل ... هما في المسمى العظيم الخطر وما بعد عسر وضيق يجيء ... وزلزاله مقتضاها الضرر بلفظين كل وجزء له ... وكل مفيد لها في النظر وأحرف قد رتبت دون ما ... تأخر عنها فدعه وذر وجل مراتب عد على ... الترتب فيه على ما صدر بلا فاصل أجبني لها ... ووسطى المراتب من ذي الدرر لعقدين من غير فصل على ... الترتب حازت كما قد بدر وليس له مركز سيدي ... وصدراه سيان أي في القدر وعجزان أيضاً سوى أن ذين ... أقل وأكثر عند الفكر وفيما التساوي به قد بدى ... تبدي التفاوت أيضاً وقر وصدران قلبيهما واحد ... وأيضاً كثير لمن اعتبر وعجز أخيريه مستوحد ... بلا كثرة العديا من خبر وإلا فهذا له كثرتان ... يفوقان ذاك بكل السير وذا القلب مع نفسه قد حوى ... لدى العجز أيضاً فزاد الأثر وقد جمع الصدر والعجز جزء ... وجزآن أيضاً بعين العبر وليس لعجزيه قلب وإن ... لثالثه القلب منه بدر ولحى لثانيه قلب وقد ... حوى أولان جهات البصر وعجزان ثلثان فيها مع ... التناصف فانظر رقيب الحذر وفي أوليه وفي آخريه ... على ما هما مضمرات أخر فأسرع أيا صاح في حله ... فقد من بياني جداً ظهر فذاك مرادي مع سابقيه ... ومع لاحقيه إلى المنتظر عليهم سلام بلا منتهى ... يزيد على الرمل ثم الوبر بكل زمان وإن به ... بكل لسان شكى أو شكر ولعن الإله بلا منتهاه ... على مبغضيهم ببحر وبر

جوابه لجامع الكتاب ولكاتب هذا اسم الشريف، بعضه علم الفاعلية، وبعضه علم المفعولية وطرفان علم الإضافة، ووسطاه بمعنى النزاهة والعفافة، ببينات، صدره ضد الشمال، ومرادف القسم في كل حال، وربعه فعل ماض بمعنى الرجوع والإياب، ونصفه أيضاً ماض بمعنى الهزيمة والذهاب، إذا نقصت من ثانيه عن تاليه صار حرفاً موصوفاً بالكمال مخصوصاً بين ساير الحروف بمزيد الإجلال، وإن أعجمت ثانيه صار خمسة أمثال الثاني وأول الأخيرة من السبع المثاني، حرفه عشرة في العدد مع أنها أربعة من غير لدد مجموعها يساوي مفرد الأشجان، وآخرها آخر الآخر ونصف أول التبيان، مبدؤه ثلاثي بالمعنين، ومنتهاه اسم فاعل لذي عينين، وإن شئت قل مبدأه عدد صلوات القصر، ومنتهاه آخر سورة العصر، وتالي صدره أول العافية والعيش، ومتلو عجزه آخر سورة قريش وإن أحببت التوضيح وأبيت إلا التصريح فقل: أوله نصف عدد تام في الحساب، وثانيه أول عدد كامل نطق بكماله الكتاب وثالثه ضعف ميقاة موسى، ورابعه أول لقب عيسى. للأرجاني ما جبت آفاق البلاد مطوفا ... إلا وأنتم في الورى متطلبي أسعى إليكم في الحقيقة والذي ... تجدون مني فهو فعل الدهر بي أنحوكم فيرد وجهي القهقري ... دهري فسيري مثل سير الكوكب فالقصد نحو المشرق الأقصى له ... والسير رأي العين نحو المغرب لبعضهم وأحسن في قوله بأبي حبيب زارني متنكرا ... فبدا الوشاة له قولي معرضا فكأنني وكأنه وكأنها ... أمل ونيل حال بينهما القضا لبعض الصوفية نسمات هواك لها إرج ... تحيى وتعيش به المهج آخر تمنت سليمى أن نموت بحبها ... وأهون شيء عندنا ما تمنت قيل: أرسل رجل سني إلى رجل شيعي قدراً من الحنطة وكانت عتيقة فردها عليه، ثم أرسل إليه عوضها جديدة، لكن فيها تراب، فكتب له بعد قبولها هذا الشعر: بعثت لنا بذاك البربرا ... رجاء للجزيل من الثواب

رفضناه عتيقاً وارتضينا ... به إذا جاء وهو أبو تراب لبعضهم لا تنكرون لأهل مكة قسوة ... والبيت فيهم والحطيم وزمزم آذوا رسول الله وهو نبيهم ... حتى حماه أهل طيبة منهم خاف الإله على الذي قد جاءه ... سلباً فلا يأتيه إلا محرم الشيخ الإمام التقي الدين بن دقيق العبد: والحمد كم أسمو بعزمي في ... نيل العلا وقضاء الله ينكسه كأنني البدر يبغي الشرق ... والفلك الأعلى يعارض مسراه فيعكسه قال علي رضي الله عنه: يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم. وقال بعض السلاطين: إني لأستحيي أن أظلم من لا يجد ناصراً إلا الله تعالى. مر بعض الصوفية برجل قد صلبه الحجاج، فقال: يا رب إن حلمك بالظالمين أضر بالمظلومين، فرأى في منامه كأن القيامة قد قامت، وكأنه قد دخل الجنة فرأى ذلك المصلوب في أعلى عليين، فإذا بمناد ينادي حلمي على الظالمين قد أدخل المظلومين في أعلى عليين. ولما ظلم أحمد بن طولون قبل أن يعدل استغاثه الناس من ظلمه، توجهوا إلى السيدة نفيسة، فشكوه إليها، فقالت لهم: متى يركب؟ فقالوا: في غد فكتبت رقعة ووقفت في طريقه، وقالت: يا أحمد بن طولون فلما رآها عرفها وترجل عن فرسه وأخذ الرقعة منها وقرءها، فإذا فيها مكتوب ملكتم فأسرتم، وقدرتم وقهرتم، وخولتم فعسفتم ودرت عليكم الأرزاق فقطعتم، هذا، وقد عملتم أن سهام الأسحار نافذة لاسيما من قلوب أوجعتموها، وأجساد أعريتموها، اعملوا ما شئتم فإنا صابرون، وجوروا فإنا مستجيرون واظلموا فإنا متظلمون " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " قال: فعدل من وقته وساعته. قال إبراهيم الخواص: دواء القلب خمسة أشياء، قراءة القرآن بالتدبر، وخلو البطن، وقيام الليل؛ والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين. قال الشيخ النوري في كتاب الأذكار: قد كانت السلف لهم عادات مختلفة في القدر الذي

يختمون فيه، فكانت جماعة يختمون في كل عشر ليال ختمة، وآخرون في كل ثلاث ليال ختمة، وجماعة في كل يوم وليلة ختمة، وختم جماعة في كل يوم وليلة ختمتين، وختم بعضهم في اليوم والليلة ثمان ختمان: أربعة في الليل، وأربع في النهار، وروى أن محمداً كان يختم القرآن في رمضان فيما بين المغرب والعشاء. وأما الذين ختموا القرآن في ركعتين فلا يحصون لكثرتهم، فمنهم عثمان بن عفان وتميم الداري، وسعيد بن جبير. اعترض الشيخ عبد القادر على بعض التعاريف المتداولة للمفعول به، ينقض قوله خلق الله العالم لنا، فإنهم قالوا: إن العالم ها هنا وقع مفعول به، وليس كذلك، فإن المفعول به ما كان أولاً ووقع الفعل عليه ثانياً، وما كان العالم قبل الخلق شيئاً. وأجيب عنه في بعض الكتب وإيراده لا يخلو عن تطويل. قال بعض الحكماء: الظلم من طبع النفس، وإنما يصدها عن ذلك إحدى علتين: إما علة دينية كخوف معاد. وإما سياسية كخوف السيف، أخذه أبو الطيب فقال: والظلم من شيم النفوس فإن تجد ... ذا عفة فلعلة لا يظلم مثل: فلان رجع رجوع المفلس إلى بقايا الدفاتر الموروثة. لأبي نواس عجبت من إبليس في تيهه ... وما الذي أضمر من نيته تاه على آدم في سجدة ... وصار قواداً لذريته ابن نباتة صلوا مغرماً قد واصل السقم جسمه ... ومن أجلكم طيب الرقاد فقد فقد بأحشائه نار يهب يشب لهيبها ... ومن لي بإطفاء اللهيب وقد وقد في مليح له خال على عذاره على لام العذار رأيت خالاً ... كنقطة عنبر بالمسك أفرط فقلت لصاحبي هذا عجيب ... متى قالوا بأن اللام تنقط للصفدي ضممت خيالك لما أتى ... وقبلته قبلة المغرم وقمت ومن فرحتي باللقا ... حلاوة ذاك اللمى في فمي

كتب إلى نجم الدين يعقوب بن صابر المنجنيقي وزيره إذ غضب عليه وطلبه ميطيقا. ألقى في لظى فإن غيرتني ... فتيقن أن لست بالياقوت عرف النسج كل من حاك لكن ... ليس داود فيه كالعنكبوت فكتب يعقوب إليه نسج داود لم يفد صاحب الغار ... وكان الفخار للعنكبوت وبقاء السمندر في لهب النار ... مزيل فضيلة الياقوت قال بعضهم: في مليح اسمه ياقوت: ياقوت ياقوت قلبي المستهام به ... من المروة أن لا يمنع القوت سكنت قلبي وما تخشى تلهبه ... وكيف يخشى لهيب النار ياقوت؟ ذكر الأصمعي في كتاب الحلى، قال: تزوجت أعرابية غلاماً من الحي فمكثت معه أياماً، ووقع بينهما فخرج في نادي الحي وهو يقول يا واسعة يعيرها بذلك فقالت بديهة: أني تبعلت من بعد الخليل فتى ... مرزءاً ما له عقل ولا باه ما غرني فيه إلا حسن نفثته ... ومنطق النساء الحي تياه فقال لما خلا بي أنت واسعة ... وذاك من خجل مني تغشاه فقلت لما أعاد القول ثانية ... أنت الفداء لمن قد كان يملاه أنت الفداء لمن قد كان يملاه ... ويشتكي الضيق منه حين يلقاه من كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه: ابن آدم أوله نطفة مذرة وآخره جيفة قذرة وهو فيما بينهما يحمل العذرة، وقد نظمه الشاعر شعراً: عجبت من معجب بصورته ... وكان من قبل نطفة مذرة وفي غد بعد حسن صورته ... يصير في الأرض جيفة قذرة وهو على عجبه ونخوته ... ما بين هذين يحمل العذرة وقال آخر أرى أولاد آدم أبطرتهم ... حظوظهم من الدنيا الدنية فلم بطروا وأولهم مني ... إذا افتخروا وآخرهم منية آخر

تتيه وجسمك من نطفة ... وأنت دعاء لما تعلم من المشكاة للطيبي فيما أعلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل بعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها، رواه أبو داود. مشكاة قوله فيما أعلم، أي في جملة ما أعلم يجوز بضم الميم، حكاية عن قول أبي هريرة، وبفتحها ماضياً عن الاعلام حكاية عن فعله. وقوله من يجدد لها، قال صاحب جامع الأصول: قد تكلم العلماء في التأويل وكل واحد أشار إلى المقام الذي هو مذهبه، وحمل الحديث عليه والأولى الحمل على العموم، فإن لفظة من تقع على الواحد والجمع ولا يختص أيضاً بالفقهاء، فإن انتفاع الأمر بهم وإن كان كثيراً فإن انتفاعهم بأولي الأمر وأصحاب الحديث والقراء والوعاظ والزهاد أيضاً كثير إذ حفظ الدين وقوانين السياسة وبث العدل وظيفة الأمراء، وكذا القراء وأصحاب الحديث ينفعون بضبط التنزيل والأحاديث التي هي أصول الشرع، والوعاظ، والزهاد ينفعون بالمواعظ والحث على لزوم التقوى والزهد في الدنيا. لكن ينبغي أن يكون مشار إليه في كل فن من هذه الفنون، ففي رأس الأولى من أولي الأمر عمر بن عبد العزيز ومن الفقهاء محمد بن علي الباقر رضي الله عنه، والقاسم ابن محمد بن أبي بكر الصديق وسالم بن عبد الله عمرو الحسن البصري ومحمد بن سيرين وغيرهم من طبقاتهم، ومن القراء عبد الله بن كثير، ومن المحدثين ابن شهاب الزهري وغيرهم من التابعين وتابع التابعين. وفي رأس الثانية من أولي الأمر المأمون، ومن الفقهاء الشافعي، وأحمد ابن حنبل لم يكن مشهوراً حينئذ، واللؤلؤي من أصحاب أبي حنيفة وأشهب من أصحاب مالك، ومن الإمامية علي بن موسى الرضا رضي الله عنه، ومن القراء يعقوب الحضرمي، ومن المحدثين يحيى بن معاذ، ومن الزهاد معروف الكرخي. وفي الثالثة من أولي الأمر المقتدر بالله، ومن الفقهاء أبي العباس بن شريح الشافعي وأبو جعفر الطحاوي الحنفي وابن جلال الحنبلي وأبو جعفر الرازي الإمامي، ومن المتكلمين أبو الحسن الأشعري، ومن القراء أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد، ومن المحدثين أبو عبد الرحمن النسائي، وفي الرابعة من أولي الأمر القادر بالله، ومن الفقهاء أبو حامد الأسفرايني الشافعي وأبو بكر الخوارزمي الحنفي وأبو محمد عبد الوهاب المالكي وأبو عبد الله الحسين الحنبلي والمرتضى الطرطوسي أخ الوضاح الشاعر، ومن المتكلمين القاضي أبو بكر

الباقلاني وابن فورك، ومن المحدثين الحكم ابن النسفي، ومن القراء أبو الحسن الجهامي، ومن الزهاد أبو بكر الدينوري وفي الخامسة من أولي الأمر المستظهر بالله، ومن الفقهاء الإمام أبو حامد الغزالي الشافعي والقاضي محمد بن المروزي الحنفي وأبو الحسن الراغوي الحنبلي، ومن المحدثين رزين العبدري، ومن القراء أبو الفداء القلانسي هؤلاء كانوا من المشهورين في الأمة المذكورة، وإنما المراد بذكر ذكر من انقضت المأة وهو حي عالم مشار إليه والله أعلم. من رسالة المشهور قال سيدنا وسندنا وشيخنا ومولانا صفي الحق والحقيقة والدين عبد الرحمن خلد الله تعالى ظلاله علينا وعلى سائر أهل الإيمان: ذكر لي الشيخ برهان الدين الموصلي وهو رجل عالم رحمه الله قال: توجهنا من مصر إلى مكة المعظمة آمين البيت الحرام نريد الحج فلما كنا في أثناء الطريق نزل منزلاً وخرج علينا ثعبان، فتبادر الناس بقتله وسبقهم إليه ابن عمي فقتله، فاختطف ابن عمي ونحن ننظره ونرى سعيه ولا نرى الجني فتبادر الناس على الخيل والركاب يريدون رده، فلم يقدروا على ذلك إلا لاح سعياً وهم ينظرون فحصل لنا من ذلك أمر عظيم، فلما أن كان آخر النهار فإذا به وعليه السكينة والوقار، فلقيناه وسألنا ما بالك؟ فقال لنا: ما هو إلا أن قتلت هذا الثعبان الذي رأيتموه فصنع لي كما رأيتم وإذا أنا بين قوم من الجن يقول بعضهم: قتلت أبي، وبعضهم يقول: قتلت ابن عمي فتكاثروا علي، وإذا برجل لصق بي وقال لي: قل أنا بالله وبالشريعة المحمدية، فأشار إلى واليهم أن سيروا إلى الشرع فسرنا وصلنا إلى شيخ كبير على مسطبة فلما صرنا بين يديه، قال: خلوا سبيله وادعوا عليه، فقال الأولاد: ندعي عليه إنه قتل أبانا، قال: فقلت حاش لله إنما نحن وفد بيت الله الحرام نزلنا هذا المنزل فخرج علينا ثعبان فبادر الناس إلى قتله فضربته فقتلته، فلما أن سمع الشيخ مقالتي قال: خلوا سبيله سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ببطن نخلة وهو يقول: من تزيا بغير زيه فقتل فلا دية ولا قود، وردوه إلى مأمنه، قال: فبادروا وجاؤا بي من مكانهم إلى أن أروني الركب فهذه قصتي والحمد لله رب العالمين. للشيخ الرئيس رسالة في العشق، وقال فيها إن العشق سار في المجردات والفلكيات والعنصريات، والمعدنيات، والحيوانات، حتى أن أرباب الرياضي

قالوا في أعداد المتحابة واستدركوا ذلك على إقليدس، وقالوا فاته ذلك ولم يذكره وهي المأتان وعشرون عدد زائد أجزائه أكثر منه، وإذا جمع كانت أربعة وثمانين ومأتين بغير زيادة ولا نقصان والمأتان وأربعة وثمانون عدد ناقص أجزاؤه أقل منه، وإذا جمعت كانت جملتها مأتين وعشرين، فلكل من العددين المتحابين أجزاء مثل آخر. فالمأتين والعشرون لها نصف وربع وخمس وعشر ونصف عشر وجزء من أحد عشر وجزء من اثنين وعشرين وجزء من أربعة وأربعين وجزء من خمسة وخمسين وجزء من مائة وعشرة وجزء من مأتين وعشرين وجملة ذلك من الأجزاء البسيطة الصحيحة مأتين وأربعة وثمانين. والمأتان والأربعة والثمانون ليس لها إلا نصف وربع وجزء من أحد وسبعين وجزء من مأة واثنين وأربعين وجزء من مأتين وأربعة وثمانين فذلك مأتان وعشرون فقد ظهر بهذا المثال تحاب العددين، وأصحاب العدد يزعمون أن ذلك خاصية عجيبة في المحبة مجرب. للحبتري وإذا الزمان كساك حلة معدم ... فالبس له حلل النوى وتغرب أبو الطيب كفى بك داء أن ترى الموت شافياً ... وحسب المنايا أن يكن أمانيا وللنفس أخلاق تدل على الفتى ... أكان سخاء ما أتى أم تساخيا؟ خلقت الوفا لو رحلت إلى الصبا ... لفارقت شيبي موجع القلب باكيا فتى ما سرينا في ظهور جدودنا ... إلى عصره إلا نرجى التلاقيا ما فيه صنعة الاستخدام إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا قال الصفدي للقاضي زين الدين وقد أنشده بعض شعراء العصر بيتاً له يجمع استخدامين، فاستخدم هو أربعة شعر: ورب غزالة طلعت بقلبي وهو مرعاها ... نصبت لها شباكاً من نضار ثم صدناها وقالت لي وقد صرنا إلى عين قصدناها ...

بذلت العين فاكحلها بطلعتها ومجراها ومعنى الاستخدامات الأربعة: بذلك الذهب فاكحل عينك بطلوع عين الشمس ومجرى العين الجارية من الماء. قال الجنيد: العشق ألفة رحمانية وإلهام شوقي أوجبها الله تعالى على كل ذي روح، ليحصل به اللذة العظمى التي لا يقدر على مثالها إلا بتلك الألفن، وهي موجودة في النفس، مقدرة مراتبها عند أربابها، فما أحد إلا عاشق لأمر يستدل به على قدر طبقة من الخلق، ولذلك كان أشرف المراتب في الدنيا مراتب الذين زهدوا فيها، مع كونها معاينة، ومالوا إلى الآخرة مع كونها مخبراً لهم عنها بصورة لفظ. لمجير الدين محمد بن تميم كتبها على وردة وأرسلها إلى معشوقه: سيقت إليك من الحدائق وردة ... وأتتك قبل أوانها تطفيلا طمعت بلثمك إذ رأتك فجمعت ... فمها إليك كطالب تقبيلا وسقيم الجفون أودعه الله ... بذاك السقام سراً خفيا غلبت مقلتاه قلبي عشقاً ... وضعيفان يغلبان قويا للشيخ العلامة تقي الدين ابن دقيق العبد: كم ليلة فيك وصلنا السرى ... لا نعرف الغمض ولا نستريح واختلف الأصحاب ماذا الذي ... يزيل من شكواهم أو يريح فقيل تعريسهم ساعة ... وقيل بل ذكراك وهو الصحيح قال الصفدي: انظر إلى هذا النظم، ما ألطف تركيب ألفاظه وما أحلاه. وكونه استعمل طريق الفقهاء في البحث في ذكر اختلاف الأصحاب، وأنه قيل كذا وقيل كذا وقلت كذا وهو الصحيح، كأنه إمام الحرمين وقد ألقى درساً في مسألة فيها خلاف بين الأصحاب، وقد رجح ما رآه هو عنده من الدليل، وما رأيت أحسن من هذا بيتاً وهو يصف أحوالهم في السري. ومشاقهم في التعب ويشاورهم فيما بينهم، وما أشار به كل منهم على إزالة ما نالهم من العناء وأدخل فيه ذكر الممدوح، ونص على تصحيحه، فكأنه في حلقة الدرس وقد شرع في مسألة خلافية ويحرم هذا النظم على غير الشيخ تقي الدين

فلم تك تصلح إلا له ... ولم يك يصلح إلا لها أبو الطيب وكل امرىء يولي الجميل محبب ... وكل مكان ينبت العز طيب وأنت مع الله في جانب ... قليل الرقاد كثير التعب كأنك وحدك وحدته ... وأن البرايا با أبن وأب قال مسلم بن الوليد يمدح ابن مزيد الشيباني شعراًك تراه في الأمن في درع مضاعفة ... لا يؤمن الدهر إن يدع على عجل لا يعبق الطيب خديه ومفرقه ... ولا يمسح عينيه من الكحل يقال: إن هارون الرشيد لما سمع هذا البيت وفهم أنه لمن وفيمن، طلب ابن مزيد فأحضر وعليه ثياب ملونة ممصرة فلما نظره الرشيد في تلك الحال قال: أكذبت شاعرك يا ابن مزيد؟ قال: فيم يا أمير المؤمنين؟ قال في قوله: تراه في الأمن الخ، فقال: لا والله ما أكذبته، وإن الدرع علي، ما فارقني، وكشف ثيابه فإذا عليه درع. فأمر الرشيد بحمل خمسين ألف دينار إلى مزيد وخمسة آلاف دينار إلى مسلم، ويقال: إنه لما سمع البيت قال: منعي من الطيب وأرهقني باقي عمري، فما رؤي بعد ذلك ظاهر الطيب ولا مكتحلاً: ويقال إنه كان أعطر الناس في زمانه، وكان يقول: الله بيني وبين مسلم، احرمني أحب الأشياء.

من محاسن المتخلصات قول أبو الطيب نودعهم والبين فينا كأنه ... قنا بن أبي الهيجاء في صدر فيلق وليلة كحلت بالسهد مقلتها ... ألقت قناع الدجى في كل أخدود قد كان تفرقني أمواج ظلمتها ... لولا اقتباسي سناً من وجه داود آخر أتتنا بها ريح الصبا فكأنها ... فتاة تزجيها فتاة تقودها فما برحت بغداد حتى تفجرت ... بأودية ما تستفيق مدودها فما قضت حق العراق وأهله ... أتاها من الريح الشمال بريدها فمرت تفوت الطرف سعياً كأنها ... جنود عبيد الله ولت بنودها لا يرجع الكلف الدليل عن الهوى ... أو يرجع الملك العزيز عن الندى فالوجد لي وحدي دون الورى ... والملك لله وللظاهر لأبي الحسين الجزار يمدح فخر القضاة نصر الله ابن قصافة: وكم ليلة قد بتها معسر ولي ... بزخرف آمالي كنوز من اليسر أقول لقلبي كلما اشتقت للغنى ... إذا جاء نصر الله تبت يد الفقر للأرجاني في كثرة أسفاره وأخو الليالي ما يزول مراوحاً ... ما بين أدهم خيلها والأشهب والأرض لي كرة أواصل ضربها ... وصوالجي أيدي المطايا اللعب فيه لغيره ألف النوى حتى كأن رحيله ... للبين رحلته إلى الأوطان للأمير علاء الدين

ردفه زاد في الثقالة حتى ... أقعد الخصر والقوام السويا نهض الخصر والقوام وقاما ... وضعيفان يغلبان قويا جمال الدين محمد بن بنانة ومليح قد أخجل الغصن والبدر ... قواماً رطباً ووجهاً جليا غلب الصبر في لقانا ظريه ... وضعيفان يغلبان قويا لأبي الطيب في بعض أسفاره أهم بشيءٍ والليالي كأنها ... تطاردني من كونه وأطارد وحيداً من الخلان في كل بلدة ... إذا عظم المطلوب قل المساعد وتسعدني في غمرة بعد غمرة ... سبوح لها منها عليها شواهد خليلي إني لا أرى غير شاعر ... فلم منهم الدعوى ومني القصائد فلا تعجبوا أن السيوف كثيرة ... ولكن سيف الدولة اليوم واحد من أبيات وقعت فيها ألفاظ مكررة لأبي الطيب: ولم أر مثل جيراني ومثلي ... لمثلي عند مثلهم مقام أسد فرايسه الأسود يقودها ... أسد تصير له الأسود ثعالبا وقال الأصمعي لمن أنشده فما للنوى جد النوى قطع النوى ... كذاك النوى قطاعة لوصاله لو تسلط على هذا البيت شاة لأكلته.

أسماء الشهور عند العرب

أبونواس أقمنا بها يوماً ويوماً وثالثاً ... ويوماً له يوم الترحل خامس قال: ابن الأثير: في المثل السائر مرادهم من ذلك أنهم أقاموا أربعة أيام ويا عجباً له يأتي بمثل هذا البيت السخيف على المعنى الفاحش. قال الصفدي: أبو نؤاس أجل قدراً من أن يأتي بمثل هذه العبارة لغير معنى طائل، وهو له مقاصد يراعيها، ومذاهب يسلكها فإن المفهوم منه أن المقام كان سبعة أيام، لأنه قال وثالثاً ويوماً آخر له اليوم الذي رحلنا فيه خامس، وابن الأثير لو أمعن الفكر في هذا ربما كان يظهر له. للازري قسماً بها ما شاق قلبي بعدها ... مغنى سوى مغنى بأطراف القرى مغنى حوى قبراً حوى جسداً حوى ... صدراً حوى علم النبي الأطهر أسماء الشهور عند العرب العرب كانت تسمي المحرم المؤتمر وصفر ناجرا وربيع الأول خوانا وربيع الثاني وبصاناً وجمادى الأولى الحنين وجمادى الاخرى الرنى ورجب الأصم وشعبان العاذل ورمضان الناتق والشوال وعلا واغلا وذو العقدة هواعاً وورنة وذو الحجة بركا وقد نظمها الصاحب إسماعيل بن عباد: أردت شهور العرب في جاهلية ... فخذها على سرد المحرم تشترك فمؤتمر يأتي ومن بعد ناجر ... وخوان مع وبصان تجمع في شرك حنين ورني والأصم وعاذل ... وناتق مع وعل وورنة مع برك وما أحسن قول الشاعر وشادن مبتسم عن حبب ... مورد الخلد مليح الشنب يلومني العاذل في حبه ... وما درى شعبان أني رجب لمجير الدين محمد بن تميم وكأنما النار التي قد أوقدت ... ما بيننا ولهيبها المتضرم سوداء أحرق قلبها فلسانها ... بسفاهة للناظرين تكلم وله أيضاً كأنما نارنا وقد خمدت ... جمرها بالرماد مستور دم جرى من فواخت ذبحت ... من فوقها ريشهن مشهور لشرف الدين محمد بن موسى القدسي: اليوم يوم سرور لا شرور به ... فزوج ابن سحاب بابنة العنب ما أنصف الكأس من أيدي القطوب بها ... ثغرها باسم عن لؤلؤ الحبب كأنما النار في تلهبها ... والفحم من فوقها يغطيها زنجية شبكت أناملها ... من فوق نارنجة ليخفيها

أزهر اللوز أنت لكل زهر ... من الأوهار يأتينات إمام لقد حسنت بك الأيام حتى ... كأنك في فم الدنيا ابتسام شرف الدين ابن الوكيل وإن أقطب وجهي حين تبسم لي ... فعند بسط الموالي يحفظ الأدب ما أحسن قول من قال: ما أنصفتها تضحك في وجهك وتعبس في وجهها حكي أن عند الرشيد ذكر قول أبي نؤاس: فاسقني البكر التي اعتجرت ... بخمار الشيب في الرحم فقال لمن حضر: ما معناه؟ فقال أحدهم: إن الخمرة، إذا كانت في دنها كان عليها شيء من الزبد وهو الذي أراده. وكان الأصمعي حاضراً فقال: يا أمير المؤمنين إن أبا علي أجل خطراً، وإن معانيه لخفية فاسألوه عن ذلك، فأحضر وسئل فقال: إن الكرم أول آن يخرج العنقود في الزرجون يكون عليه شيء شبيه بالقطن، فقال الأصمعي: ألم أقل لكم إن أبا نواس أدق نظراً مما قلتم؟ ! . مسألة قوله تعالى: " كيف نكلم من كان في المهد صبياً " قال ابن الأبناري في أسرار العربية: كان هنا تامة، وصبياً منصوب على الحال، ولا يجوز أن تكون ناقصة لأنه لا اختصاص بعيسى عليه السلام في ذلك، ولأنه كان في المهد صبياً، ولا عجب في تكليم من كان في ما مضى في حال الصبى إنتهى، وقال أبو البقا: كان زائدة، أي هو في المهد وصبياً حال من الضمير في الجار والمجرور، والضمير المنفصل المقدر كان متصلاً لكان، وقيل: كان الزائدة لا يستتر فيها ضمير، فعلى هذا لا يحتاج إلى تقدير هو بل يكون الظرف صلة من، وقيل: لست زائدة، بل هي كقوله: " وكان الله غفوراً رحيماً " وقيل: بمعنىصار وقيل: هي تامة إنتهى. يقال: أهجى بيت قالته العرب قول الأخطل: قوم إذا استنج الأضياف كلبهم ... قالوا لأمهم بولي على النار ضيقت فرجها بخلاً ببولتها ... ولم تبل لهم إلا بمقدار

قال الصفدي: اشتمل قوله قوم إلى آخره على معايب: أولها أنهم لا يعطون للضيف شيئاً حتى يرضى بنباح كلابهم فيستنج منها، وثانيها إن لهم نار قليلة لفقرهم تطفى ببول امرأة، وثالثها أن أمهم تخدمهم فليس لهم خدم غيرها، ورابعها أنهم كسالى عن مباشرة أمورهم حتى تقوم بها أمهم، وخامسها أنهم عاقون لوالدتهم بحيث أنهم يمتهنونها في الخدمة وسادسها عدم أدبهم لأنهم يخاطبون أمهم هذه المخاطبة التي تستحي الكرام الإلتفات بها، وثامنها أنهم جبناء لا يرقدون لأنهم مستيقظون يسمعون الحس الخفي من البعد وتاسعها قذارتهم لأنهم لا يتألمون بما يصعد من رائحة البول إذا وقع في النار، وعاشرها إلزام والدتهم بأن لا تبول لهم إلا بمقدار وتدخر ذلك لوقت الحاجة إليه وإلا فما كل وقت يطلب الإنسان الإراقة يجدها فتجد لذلك ألماً ومشقة من احتباس البول، حادي عشرها إفراطهم في البخل إلى غاية يشفقون معها على الماء أن تطفي به النار، وثاني عشرها أنها تأكد بهذا القول عداوة المجوس للعرب لأن الفرس يعبدونها وأولئك يبولون عليها فيؤكد الحقد. حكي أن بعض الأطباء كان في خدمة بعض الملوك في غزوة لم يكن معه وقت النصرة كاتب يرسل، فتقدم للطبيب أن يكتب إلى الوزير يعلمه بذلك، فكتب إليه: أما بعد فإن كنا مع العدو في حلقة كدائرة البيمارستان حتى لو رميت بصاقة لما وقعت إلا علي فيقال: فلم تكن إلا كنبضة أو نبضتين حتى لحق العدو بحران عظيم، فهلك الجميع بسعادتك يا معتدل المزاج. قريب من هذا قول من كان يعرف الرياضي حين احتضر: اللهم يا من يعلم قطر الدائرة، ونهاية العدد، والجذر الأصم، أقبضني إليك على زاوية قائمة، واحشرني على خط مستقيم

للشيخ فتح الدين بن سيد الناس الحافظ في جماعة، كانوا شبيهين بالنبي صلى الله عليه وسلم لخمسة شبه المختار من مضر ... يا حسن ما خؤلوا من شبه الحسن كجعفر وابن عم مصطفى قثم ... وسائب وأبي سفيان والحسن ومن جملة التطيرات ما جرى لجرير عند عبد الملك لما أنشد قوله أتصحو أم فؤادك غير صاح؟ فتشاءم به عبد الملك، وقال: يا ابن الفاعلة بل فؤادك، وكذلك لما أنشده ذو الرمة ما بال عينيك منها الماء ينسكب وكان بعين عبد الملك مرض لا يزال تدمع منه، فقال له: وما سؤالك عن هذا يا جاهل؟ وأمر بإخراجه. وكذلك ما وقع لأبي نواس لما هنى جعفر بن يحيى بانتقاله إلى قصر جديد بناه بقصيدة وختمها بقوله: سلام على الدنيا إذا ما فقدتم ... بني برمك من رائحين وغاديا فتطير يحيى وقال نعينا لأنفسنا، وبعد أيام أوقع بهم الرشيد. وقيل: إن أبا نؤاس قصد التشاؤم لهم، وكان في نفسه من جعفر شيء. لابن القيرواني وأجاد وأسرى بناس يمموا كعبة الندى ... فهم سجد فوق المذاكي وركع على كل نشوان العنان كأنما ... جرى في وريديه الرحيق المشعشع شكائمها معقودة بسياطها ... تخال بأيدينا أراقم تلسع للأرجاني كنا جميعاً والدار تجمعنا ... مثل حروف الجميع ملتصقة واليوم جاء الوداع يجعلنا ... مثل حروف الوداع مفترقة. لابن إسرائيل وأسمر عسجدي اللون يحكي ... معاطف فده السمر العوالي يدير على الشقيق عذار آس ... ويبسم بالعقيق عن اللئالي لمرة بن يحكان، يخاطب امرأته وقد نزل به ضيف.

لغات لعل

يا ربة البيت قومي غير صاغرة ... ضمي إليك رحال القوم والسلبا في ليلة من جمادي ذات أندية ... لا يبصر الكلب من ظلمائها الطنبا لا ينبح الكلب فيها غير واحدة ... حتى يلف على خيشومه الذنبا قوله أندية: جمع ندى شاذ إذ القياس في جمع المقصور أن يكون على أفعال مثل حشى وأحشاء وقفا وأقفاء، وفي الممدود أن يكون على أفعله مثل غطاء وأغطية، وهواء وأهوية كما في الجوار شاء وأرشية وثبت أن ندى جمعه أنداء وتأوله بعضهم فقال: أندية جمع ناد وهو المجلس يعني أنهم كانوا يجلسون في الأندية يصطلون وليس بشيء. قال الصفدي: ذكرت بالأبيات هنا، ما حكاه الشيخ محمد بن محمد بن محمد سيد الناس العمري قال اجتمع تاج الدين الأثير وفخر الدين بن لقمان وكان لتاج الدين مملوك يدعى الطنبا فجعل يدعوه باسمه والطنبا بجنبه، وهو لا يراه ويكرره نداءه ويقول: أين أنت يا الطنبا فإني لا أراك، فقال فخر الدين: في ليلة من جمادي ذات أندية ... لا يبصر الكلب في ظلمائها الطنبا الليل طويل فلا تقصره بمنامك، والنهار مضى فلا تكدره بآثامك. لغات لعل لعل كلمة ترج، وفيها لغات: لعل، وعل، ولعن وعن بالنون، ولان بفتح اللام، وان، ورعن، ورغن بالغين المعجمة، ولغن باللام، والغين المعجمة، ولعلت بزيادة التا في آخر لعل وقال الصفدي: لعل تكون حرف جر في لغة بني عقيل، كما تكون متى حرف جر في لغة بني هذيل. لأبي نواس فتمشت في مفاصلهم ... كتمشي البرء في السقم حكى الأصمعي قال: حضرت مجلس الرشيد وعنده مسلم بن الوليد، إذ دخل أبو نواس فقال له: ما أحدثت بعدنا يا أبا نواس؟ فقال: يا أمير المؤمنين ولو في الخمر قال قاتلك الله ولو في الخمر، فأنشده. يا شقيق النفس من حكم ... نمت عن ليلى ولم أنم حتى أتى على آخرها، فقال: أحسنت يا غلام أعطه عشرة آلاف درهم، وعشر خلع فأخذها وخرج؛ فلما خرجنا من عنده قال لي مسلم بن الوليد: ألم تريا أبا سعيد

إلى الحسن بن هاني كيف سرق شعري وأخذ به مالاً وخلعاً؟ فقلت: وأي معنى سرق؟ وقال: قوله فتمشت في مفاصلهم إلى آخره فقلت: وأي شيء قلت؟ قال قلت: غراء في فرعها الليل على قمر ... على قضيب على دعص القنا الدهس أذكى من المسك أنفاساً وبهجتها ... وقلبها في الصمت والخرس كأن قلبي وشاحاً إذا خطرت ... وقلبها قلبها في الصمت والخرس تجري محبتها في قلب وامقها ... جرى السلامة في أعضاء منتكس فقلت: ممن سرقت هذا المعنى؟ فقال: لا أعلم أخذته من أحد، فقلت بلى من عمرو بن أبي ربيعة حيث يقول: أما والراقصات بذات عرق ... ورب البيت والركن العتيق وزمزم والطواف ومشعريها ... ومشتاق يحن إلى مشوق لقد دب الهوى لك في فؤادي ... دبيب دم الحياة إلى العروق فقال: ممن سرق عمرو بن ربيعة هذا المعنى؟ قلت: من بعض البدويين. حيث يقول: وأشرب قلبي حبها ومشى به ... كمشي حميا الكأس في عقل شارب ودب هواها في عظامي وحبها ... كما دب في الملسوع سم العقارب فقال لي: ممن أخذ هذا البدوي؟ قلت: من أسقف نجران حيث يقول: منع البقاء تقلب الشمس ... وطلوعها من حيث لا تمسي وطلوعها حمراء صافية ... وغروبها صفراء كالورس تجري على كبد السماء كما ... يجري حمام الموت في النفس انتهى ما حكى الأصمعي: قال الصفدي: وقد أخذه أبو نواس برمته من بعض الهذليين، يصف قانصاً تحبل صيداً بسرعته مشى حيث يقول: فتمشى لا تحس بها ... كتمشي النار في الفحم أقول: وقال أبو طيب: قريباً من هذه المعاني: جرى حبها مجرى دمي في مفاصلي ... فأصبح لي عن كل شغل بها شغلي

قاعدة لو

وأتى عبد الله بن الحجاج بهذا المعنى من غير تشبيه، فقال: فبت أسقاها سلافاً مدامة ... لها في عظام الشاربين دبيب ولمسلم بن الوليد موف على مهج في يوم ذي رهج ... كأنه أجل يسعى إلى أمل آخر كنت مثل النسيم عند دبيب ... سحراً عند تل ردف حبيبي فلهذا فتحت زهرة ورد ... بقضيب عند الهبوب رطيب مسألة قوله تعالى: " ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ". قاعدة لو قال الشيخ شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي رحمه الله: قاعدة لو أنها إذا دخلت على ثبوتيين كانتا منفيين، أو على نفيين كانتا ثوبتيين، أو نفي وثبوت فالثبوت نفي وبالعكس وإذا تقررت هذه القاعدة، فيلزم أن يكون كلمات الله قد نفدت وليس كذلك. ونظير هذه الآية قول النبي صلى الله عليه وسلم: " نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه " يقتضي أنه خاف وعصى مع الخوف وهو أقبح، وذكر الفضلاء في الحديث وجوهاً. أما الآية فلم أر لأحد فيها كلاماً، ويمكن تخريجها على ما قالوه في الحديث غير أني ظهر لي جواب عن الحديث والآية جميعاً سأذكره، قال ابن عصفور: لو في الحديث بمعنى إن لمطلق الشرط وأن لا يكون كذلك، وقال شمس الدين الخسر وشاهي: لو في أصل اللغة لمطلق الربط وإنما اشتهرت في العرف بما مر، والحديث إنما ورد بالمعنى اللغوي لها. وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: الشيء الواحد قد يكون له سببان فلم يلزم من عدم أحدهما عدمه، وكذلك هيهنا الناس في الغالب إنما لم يعصوا لأجل الخوف، فإذا ذهب الخوف عصوا فأخبر صلى الله عليه وسلم أن صهيباً اجتمع له سببان يمنعان عن المعصية الخوف والإجلال. وأجاب غيرهم بأن الجواب محذوف: تقديره لو لم يخف الله عصمه الله. والذي ظهر لي أن لو أصلها تستعمل للربط بين شيئين كما تقدم، ثم إنها أيضاً تستعمل لقطع الربط، تقول لو لم يكن زيد عالماً لا كرم أي لشجاعته جواباً لسؤال سائل يقول: إنه إذا لم يكن عالماً لم يكرم؟ فربط بين عدم العلم وعدم الإكرام فتقطع أنت ذلك الربط، وليس مقصودك أن

تربط بين عدم العلم والإكرام، لأن ذلك ليس بمناسب، وكذلك الحديث، وكذلك الآية، لما كان الغالب على الناس أن يرتبط عدم عصيانهم بخوف الله، فقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الربط، وقال لو لم يخف الله لم يعصه، ولما كان الغالب على الأوهام أن الأشجار كلها إذا صارت أقلاماً والبحر مداداً مع غيره يكتب به الجميع فيقول الوهم: ما يكتب بهذا الشيء إلا نفد، قطع الله تعالى هذا الربط، وقال: ما نفدت، إنتهى كلامه. قال علي بن البسام البغدادي: كنت أتعشق غلاماً لخالي ابن حمدون، فنمت ليلة عنده وقمت لأدب عليه فلسعتني عقرب، فقلت آه، فانتبه خالي وقال ما أتى بك إلى هيهنا؟ فقلت قمت لأبول؟ فقال: صدقت ولكن في است غلامي، فحضرني إذ ذاك هذه الأبيات: ولقد سريت مع الظلام لموعد ... حصلته من غادر كذاب فإذا على ظهر الطريق معدة ... سوداء قد علمت أوان ذهابي لا بارك الرحمن فيها إنها ... دبابة دبت إلى دباب آخر ولقد هممت بقتل نفسي بعده ... أسفاً عليه فخفت أن لا نلتقي قال أبو سعيد الرستمي في الحق أن يعطى ثلاثون شاعراً ... ويحرم ما دون الرضا شاعر مثلي كما سامحو عمراً: بواو مزيدة ... وضويق بسم الله في ألف الوصل ابن قلاقس قرنت بواو الصدغ صاد مقبل ... وأبديت لاماً في عذار مسلسل

ما قيل في جمع اليد

فإن لم يكن وصل لديك لعاشق ... فماذا الذي أبديت للمتأمل لبعضهم غير المقول عيوبه كالواو من ... عمرو ترى واللفظ منه قصير كالنون من زيد يقال مديحه ... باللفظ لكن لا يراه بصير قال التهامي لغو كحرف زيد لا معنى له ... أو واو عمرو فقدها كوجودها قال صلاح الدين الصفدي: بعد إيراد هذه الأشعار وكان الجاحظ يزعم أن عمراً أرشق الأسماء، وأخفها، وأزهرها وأسهلها، وكان يسميه الاسم المظلوم ويعني بذلك: إلزاقهم به الواو التي ليست من جنسه ولا فيه دليل عليها ولا إشارة لها. قال نامق هذا السطور: لو وجه كلام الجاحظ في تسميته الاسم المذكور بما سماه بأنه يقع في أكثر الأمثلة لاسيما في العلوم الأدبية مضروباً أو مقتولاً كما لا يحجب على من له أدنى اطلاع عليها لكان أظهر، ومن أمثال العرب قولهم وقع رمضان في الواوات، يريدون أنه جاوز العشرين فلا يذكر إلا بواو العطف، ويشهد بذلك قول محمد بن علي بن منصور بن بسام. قد قرب الله منا كلما شسعا ... كأنني لهلال العيد قد طلعا فخذ للهوك في شوا أهبته ... فإن شهرك في الواوات قد وقعا وكذا في قولهم وقع الشهر في الأنين مرادهم إنهم يقولون: فيه أحد وعشرين وثاني وعشرين، فيكون الأنين فيه. وفي أمثال العوام: إذا وقع رمضان في الأنين، خرج شوال من الكمين. لأبي الطيب الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أول وهي المحل الثاني فإذا هما اجتمعا لنفس مرة ... بلغت من العلياء كل مكان ولربما طعن الفتى أقرانه ... بالرأي قبل تطاعن الأقران لولا العقول لكان أدنى ضيغم ... أدنى إلى شرف من الإنسان ما قيل في جمع اليد قال الصفدي الأيدي جمع اليد وهي

واضع الشطرنج

النعمة، وهذا هو الصحيح وقد أخرجها عوام العلماء باللغة عن أصل وضعها فاستعملوا الأيادي في جمع يد الجارحة، ونجد أكثر الناس يكتب إلى صاحبه المملوك يقبل الأيادي الكريمة وهي لحن، وإنما الثواب الأيدي الكريمة. قيل لبعض الأعراب وقد أسن، كيف أنت اليوم؟ فقال: ذهب مني الأطيبان: الأكل والنكاح، وبقي الأرطبان: السعال والضراط. قال الصفدي: ورأيت غير مرة بدمشق سنة سبعمائة وواحد وثلاثين شخاً يعرف بالنظام العجمي وهو يلعب الشطرنج غائباً في مجلس الصاحب شمس الدين وأول ما رأيته لعب مع الشيخ أمين الدين سليمان رئيس الأطباء، فغلبه مستديراً ولم يشعر به حتى ضرب شاه مات بالفيل. وحكى له عنه، أنه يلعب غائباً على رقعتين، وقدامه رقعة يلعب فيها حاضراً ويغلب في الثلاث، وكان الصاحب يدعه في وسط الدست ويقول له: عدلنا قطعك، وقطع غريمك، فيسردها جميعاً كأنه يراها. واضع الشطرنج الناس كثير منهم يخلط في الصولي وهو أبو بكر محمد بن يحيى بن صول تكين الكاتب وتزعم أنه واضع الشطرينج، لما ضرب المثل به فيه، والصحيح أن واضعه صصه بن داهر الهندي. ما قيل في النرد وقال الصفدي: أردشير بن بابك أول ملوك الفرس الأخيرة، قد وضع النرد ولذلك قيل له: نردشير، وجعله مثالاً للدنيا وأهلها. فرتب الرقعة اثني عشر بيتاً بعدد شهور السنة، والمهارك ثلاثين قطعة بعدد أيام الشهر، والفصوص مثل الأفلاك، ورميها مثل تقبلها ودورانها والنقط فيها بعدد الكواكب السيارة كل وجهين منها سبعة: الشش ويقابله اليك، والبنج ويقالبه الدو، والجهار، ويقابله السه، وجعل ما يأتي به اللاعب من لنقفوش كالقضاء والقدر تارة له وتارة عليه، وهو يصرف المهارك على ما جاءت به النقوش لكنه إذا كان عنده حسن نظر كيف يتأتى وكيف يتحيل على الغلبة قهر خصمه مع الوقوف عندما حكمت به الفصوص؛ وهذا مذهب الأشاعرة. لجميل أريد لا نسي ذكرها فكأنما ... تمثل لي ليلى بكل سبيل أقسام الواوات: قد جمع السراج أقسام الواوات وأحسن:

مالي أرا عمراً اني استجرت به ... قد صار عمرواً بواو فيه وانصرفا ونام عن حاجة نبهته غلطا ... لها فألقيت منه السهد والأسفا والمستجير بعمرو قد سمعت به ... فما أزيدك تعريفاً بما عرفا المستجير بعمرو عند كربته ... كالمستجير من الرمضاء بالنار وتلك واو ولا والله ما عطفت ... ولو أتت واو عطف ما أتت طرفا ولو غدت واو حال لم تسر ولو ... أتى بها قسماً ما بر إذ خلفا أو واو رب لما جرت سدى أسف ... وكثرته خلافاً للذي الفا أو واو مع لم أجد خيراً أتى معها ... أو واو جمع غدا من فرقه نيفا وليت صدعاً بها قد شبهوه غدا ... يكوي بناري وهذا في السلو كفى والله يطمسها واواً ذكرت بها ... دالاً بوسطي وكانت قبل ذا ألفا تلفا لمحمد بن إبراهيم الساعدي الأنصاري بيت واحد لضبط عدد بيوت الشطرنج. إن رمت تضعيف شطرنج بجملته ... ها واوه طفجز مد زود دحا تصبر للعواقب واحتسبها ... فأنت من الحوادث في اثنين تريحك بالمنا أو بالمنايا ... فإن الموت إحدى الراحتين لأبي عثمان سعيد بن الحميد لامت قبلك بل أحيا وأنت معاً ... ولا أعيش إلى يوم تموتينا لكن تعيش لما نهوى ونأمله ... ويرغم الله فينا وأنف واشينا حتى إذا قدر الرحمن ميتتنا ... وحال من أمرنا ما ليس يغنينا متنا جميعاً كغصني بانة ذبلا ... من بعد ما نضرا واستسقيا حينا في مثل طرفة عين لا أذوق شجى ... من الممات ولا أيضاً تذوقينا لابن التلعفري يا شيب كيف وما انقضى زمن الصبا ... عاجلت مني اللمة السوداء لا تعجلن فوالذي جعل الدجى ... من ليل طرتي البهيم ضياء

لو أنها يوم المعاد صحيفتي ... ما سر قلبي كونها بيضاء لشرف الدين شيخ الشيوخ نجماة بحماة إن تدعني خالياً من لوعتي فلقد ... أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل عاتبت إنسان عيني في تسرعه ... فقال لي خلق الإنسان من عجل حكي أن كثيراً أتى الفرزدق، فقال له الفرزدق: يا أبا صخر أنت أنسب العرب حيث تقول: أريد لانسى ذكرها فكأنما ... تمثل لي ليلى بكل سبيل فقال كثير وأنت أفخر العرب حيث تقول: ترى الناس إن سرنا يسيرون خلفنا ... وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا والبيتان لجميل، وكان كثير سرق الأول، والفرزدق سرق الثاني. للنور الأسعردي أعييت إذ لاعبت بالشطرنج من ... أهوى فأبدى خده التوريدا وغدا لفرط الفكر يضرب أرضه ... بقطاعه لما انثنى مجهودا وطفقت أنشده هناك معرضاً ... وجوانحي فيه تذوب صدودا رفقاً بهن فما خلفن جدائداً ... أو ما تراها أعظماً وجلودا ابن قلاقس لا أقتضيك لتقديم وعدت به ... من عادة الغيث أن يأتي بلا طلب عيون جاهك عني غير نائمة ... وإنما أنا أخشى حرفة الأدب لشهاب الدين التلعفري وإذا الثنية أشرقت وشمت من ... أرجالها أرجاً كنشر عبير سل هضبها المنصوب أين حديثه ... المرفوع عن ذيل الصبا المجرور لابن مياده أماني من ليلى حساناً كأنما ... سقتني بها ليلى على ظمأ بردا منى إن تكن حقاً تكن أحسن المنى ... وإلا فقد عشنا بها زمناً رغدا

لأبي دلف أطيب الطيبات قتل الأعادي ... واختيالي على متون الجياد ورسول يأتي بوعد حبيب ... وحبيب يأتي بلا ميعاد قيل لبعض العشاق: ما تتمنى؟ فقال: أعين الرقبا، وألسن الوشاة، وأكباد الحساد. وقيل لبعض الأعراب: ما أمتع لذات الدنيا؟ فقال ممازحة الحبيب وغيبة الرقيب. قال بعض المحققين: النفوس جواهر روحانية، ليست بجسم ولا جسمانية لا داخلة البدن ولا خارجة عنه، لها تعلق بالأجساد وتشبه علاقة العاشق بالمعشوق، وهذا القول ذهب إليه الغزالي أبو حامد في بعض كتبه. ونقل عن أمير المؤمنين رضي الله عنه أنه قال: الروح في الجسد كالمعنى في اللفظ. قال الصفدي وما رأيت مثالاً أحسن من هذا. سئل بعض المتكلمين عن الروح والنفس فقال: الروح هو الريح والنفس هو النفس فقال السائل: فحينئذ إذا تنفس الإنسان خرجت نفسه وإذا ضرط خرجت روحه، فانقلب المجلس ضحكاً. النشر للدواب كالعطاس لنا وانثر فلان أخرج ما في أنفه. يقال فضائل الهند ثلاثة كليلة ودمنة، ولعب الشطرنج وتسعة أحرف التي يجمع أنواع الحساب. قال محمد بن شرف القيرواني في مدح الشطرنج: حرب سجال، وخيل عجال وفرسان ورجال، قريبة الآجال، سريعة عوده المحال، تستغرق الفكرة، وتسلب اللب استلاب السكرة، ويترك اللسان أو الإنسان وما أراد، أساء أو أجاد، إلا أنها تدني مجلس الصعلوك من أشرف الملوك حتى لا يكون بينهما في أقرب بقعة إلا قدر الرقعة فربما التقت بنانهما في بيت الرقعة، ولسانهما في بيت القطعة، لعب أصولي وقريب صولي فخر لجاجي ولعب لجلاجي مظفر الفئة يراها من مأة بيوته حصينة وشياهه مصونة ودوابه مجتمعة وشياهه أو سباعه مختبئة، جيد النظر شديد الحضر لا يبقي ولا يذر، عينه تغلي فكرته تملي ويده تبلي من بلوت بمعنى استخبرت لكن هذا من باب الأفعال بمعنى تختبر. حكي أن الرشيد سأل جعفراً عن جواريه فقال: يا أمير المؤمنين كنت في الليلة الماضية مضطجعاً وعندي جاريتان، وهما يكسباني فتناومت عليهما لأنظر صنيعهما

الفرق بين الرؤيا الرؤية

واحداهما مكية والأخرى مدنية، فمدت المدينة يدها إلى ذلك الشيء، فلعبت به فانتصب قائماًن فوثبت المكية فقعدت عليه، فقالت المدنية أنا أحق لأني حدثت عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أحيى أرضاً ميتة فهي له، فقالت المكية أنا حق به لأني؟ حدثت عن معمر عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ليس الصيد لمن أثاره إنما الصيد لمن قبضه، فضحك الرشيد حتى استلقى على ظهره، وقال: من تسلو عنهما فقال: جعفرهما ومولاهما بحكمك يا أمير المؤمنين وحملهما إليه. أنشد الشيخ جمال الدين ابن مالك على مجيء لفظة أو للإضراب قول جرير. ماذا ترى في عيال قد برمت بهم ... لم أحص عدتهم إلا بعداد كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية ... لولا رجاؤك قد قتلت أولادي ومن هذا القبيل قوله تعالى: " وأرسلناه إلى مائة غلف أو يزيدون " لابن أبي الصقر الواسطي: كل رزق ترجوه من مخلوق ... يعتريه ضرب من التعويق وأنا قائل وأستغفر الله ... مقال المجاز لا التحقيق لست أرضى من فعل إبليس شيئاً ... غير ترك السجود للمخلوق. يقال: إن بعض السؤال اجتاز بقوم يأكلون، فقال: اتلسلان عليكم يا بخلاء، فقالوا له: أتقول إنا بخلاء. قال كذبوني بكسرة. الفرق بين الرؤيا الرؤية . قد فرق: أهل العربية بين الرؤيا والرؤية، فقالوا الرؤيا مصدر رأي الحلم والرؤية مصدر رأت العين، وغلطوا أبا الطيب في قوله: (مضى الليل والفضل لك لا يمضي ... ورؤياك أحلى في العيون من الغمض) ابن المعتز: (ألست أرى النجم الذي هو طالع ... عليك فهذا للمحبين نافع) (عسى يلتقي في الأفق لحظي ولحظها ... فيجمعنا إذ ليس في الأرض جامع) حكى أبو الفرج المعافى في الكتاب الجليس والأنيس قال: بينا أبو إسحق مزيد ذات

يوم جالس إذ جاءه أصحابه فقالوا له يا أبا إسحق هل لك في الخروج بنا إلى العقيق وإلى قبا وإلى أحد ناحية قبور الشهداء؟ فإن هذا يوم كما ترى طيب، فقال: اليوم يوم أربعاء ولست أبرح من معزلي فقالوا وما تكره من يوم الأربعاء وهو يوم ولد فيه يونس بن متى، فقال بأبي وأمي صلوات الله عليه قد التقمه الحوت فقالوا يوم نصر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب فقال: أجل بعد ما زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر. من مواضع نزع الخافض قوله تعالى: " واختار موسى قومه " الآية أي من قومه وقوله جل وعلا " إلا من سفه " أي في نفسه وقول الشاعر: أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ... وقد تركتك ذا مال وذا نسب أي أمرتك بالخير. ابن اللبانة إن ضعت بالشعر مما قد علمت به ... ونال جودك أقوام وما شعروا فالجود كالمزن قد يسقى بصيبه ... شوك القتاد ولا يسقى به الزهر إن لم تكن أهل نعمي أرتجيك بها ... فالسلك خيط وفيه ينظم الدرر قد فرق أهل العربية بين الربيا والرؤية فقالوا الرؤيا مصدر رأي الحلم، والرؤية مصدر رأت العين وغلطوا أبا الطيب في قوله: مضى الليل والفضل الذي لك لا يمضي ... ورؤياك أحلى في العيون من الغمض ابن المعتز ألست أرى النجم الذي هو طالع ... عليك فهذا للمحبين نافع عسى يلتقي في الأفق لحظي ولحظها ... فيجمعها إذ ليس في الأرض جامع آخر لئن رحت مع فضلي عن الحظ خالياً ... وغيري على نقض به قد عدى حالي فإني كشهر الصوم أصبح عاطلاً ... وطوق هلال العيد في جيد شوال ابن سناء الملك ورب مليح لا يحب وضده ... يقبل منه العين والخد والفم هو الجد خذه إن أردت مسلماً ... ولا تطلب التعليل فالأمر منهم الشافعي لو أن بالحيل الغنى لوجدتني ... بنجوم أفلاك السماء تعلقي لكن من رزق الحجى حر العنى ... ضدان مفترقان أي تفرق فإذا سمعت بأن محروماً أتى ... ماء ليشربه فغاض فصدق أو أن محظوظاً غدا في كفه ... عود فأورق في يديه فحقق

مشاهير المعتزلة

قال الصفدي: ولم يزل مذهب الاعتزال يبدو شيئاً فشيئاً إلى أيام الرشيد وظهور بشر المريسي، وإظهار الشافعي مقيداً في الحديد، وسؤال بشر له قال: ما تقول يا قرشي في القرآن؟ فقال: إياي تعني؟ قال: نعم، قال: مخلوق وخلى عنه، وواقعته بين يدي الرشيد مشهورة فأحس الشافعي بالشر وأن الفتنة تشتد في إظهار القول بخلق القرآن فهرب من بغداد إلى مصر ولم يقل الرشيد بخلق القرآن، وكان الأمر بين أخذ وترك إلى أن ولي المأمون وبقي يقدم رجلاً ويؤخر أخرى في دعوة الناس إلى ذلك إلى أن قوي عزمه في السنة التي مات فيها، وطلب أحمد بن حنبل فأخبر في الطريق أنه توفي فبقي أحمد محبوساً في الرقة حتى بويع المعتصم، فأحضر إلى بغداد وعقد مجلس المناظرة، وفيه عبد الرحمن بن إسحاق والقاضي أحمد بن أبي داود وغيرهما فناظروه ثلاثة أيام فأمر به فضرب بالسياط إلى أن أغمي عليه ثم حمل وصار إلى منزله ولم يقلق بخلق القرآن وكان مدة مكثه في السجن الثمانية وعشرون شهراً ولم يزل يحضر الجمعة بعد ذلك والجماعة، ويفتي ويحدث حتى مات المعتصم وولي الواثق، فأظهر ما أظهر من المحنة، وقال لأحمد بن حنبل: لا تجمعن إليك أحداً ولا تساكن بلداً أنا فيه فاختفى الإمام أحمد لا يخرج إلى صلاة ولا إلى غيرها حتى مات الواثق وولي المتوكل، فأحضره وأكرمه وأطلق له مالاً، فلم يقبله ففرقه وأجرى على أهله وولده في كل شهر أربعة آلاف ولم تزل عليهم جارية إلى أن مات المتوكل وفي أيام المتوكل ظهرت السنة، وكتب إلى الآفاق برفع المحنة وإظهار السنة، وبسط أهلها، ونصرهم وتكلم في مجلسه بالسنة، ولم يزالوا أعني المعتزلة في قوة ونماء إلى أيام المتوكل، فخمدوا، ولم يكن في هذه الملة الإسلامية أكثر بدعة منهم. مشاهير المعتزلة ومن مشاهير المعتزلة الجاحظ وأبو الهذيل العلاف وإبراهيم النظام وواصل بن عطاء وأحمد بن حائط حابط وبشر بن المعتمر ومعمر بن عباد السلمي وأبو موسى عيسى الملقب بالمزداد، ويعرف براهب المعتزلة، وثمامة بن أشرس وهشام بن عمر الفوطي وأبو الحسن بن أبي عمر والخياط أستاذ الكعبي وأبو علي الجبائي أستاذ الشيخ أبي الحسن الأشعري أولاً وابنه أبو هاشم عبد السلام، هؤلاء هم رؤوس مذهب الاعتزال وغالب الشافعية أشاعرة، والغالب في الحنفية معتزلة؛ والغالب في المالكية قدرية، والغالب في الحنابلة الحشوية، ومن المعتزلة الصاحب بن عباد والزمخشري والفراء النحوي والسيرافي.

من لهم شهرة بين المحدثين

حكي أن بعض المطربين غنى في جماعة عند بعض الأمراء الأعاجم، فلما أطربه قال لغلامه: هات قباء لهذا المغني ولم يفهم المغني ما يقول الأمير، فقام إلى بيت الخلاؤ، وفي غيبته جاء المملوك بالقبا، فوجد المغني غائباً وقد حصل في المجلس عربدة وأمر الأمير بإخراج الجميع فقيل للمغني بعد ما أخرج؛ وهو في أثناء الطريق أن الأمير أمر لك بقباء ولم تلحقه فلما كان بعد أيام حضر عند ذلك الأمير وغنى: إذا أنت أعطيت السعادة لم تبل بضم الباء فأنكروا عليه ذلك؛ فقال في ذلك اليوم لما بلت فأتتني السعادة من الأمير فأوضحوا القضية فأعجبه ذلك وأمر له به. من لهم شهرة بين المحدثين قال الصفدي: مما له شهرة بين المحدثين غسيل الملائكة وهو حنظلة بن أبي عامر الأنصاري، خرج يوم أحد فأصيب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا صاحبك قد غسلته الملائكة، وقتيل الجن، سعد بن عبادة، وذو الشهادتين هو خزيمة بن ثابت الأنصاري، وهو شهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قضاء دين اليهودي، وذا العينين هو قتادة بن النعمان أصيبت عينيه يوم أحد، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم وذو اليدين هو عبيد بن عمر الخزاعي كان يعمل بيديه معاً وذو الثدية كان باب الخوارج وكبيرهم، وجد بين القتلى يوم النهر وإن كانت إحدى يديه مخدجة كالثدي وعليها شعيرات، وذو الثفنات كان يقال ذلك لعلي بن الحسين ولعلي بن عبد الله بن عباس، لما على أعضاء السجدات منها من شبه ثفنات البعير؛ وذو السيفين هو أبو الهيثم بن التيهان لتقلده في الحرب بسيفين؛ وذات النطاقين هي أسماء بنت أبي بكر لأنها شقت نطاقها للسفرة ليلة خرج أبوها والنبي صلى الله عليه وسلم مهاجراً إلى المدينة وسيف الله هو خالد بن الوليد ومصافح الملائكة هو عمران بن الحصين؛ وذو العمامة هو أبو أحيحة سعيد بن العاص بن أمية كان إذا لبس عمامته لم يلبس قرشي عمامته حتى ينزعها. اجتمعت بنات حبي المدينة عندها: فقالت للكبرى يا ابنة كيف تحبين أن يأخذك زوجك، فقالت: يا أم أن يقدم زوجي من سفر؛ فيدخل الحمام ثم يأتيه زواره المسلمون عليه؛ فإذا فرغ أغلق الباب وأرخى الستر فحينئذ أتى ما أرومه؛ فقالت: اسكتي ما صنعت شيئاً؛ فقالت للوسطى: فقالت: أن يقدم زوجي من سفر فيضع ثيابه وأتاه جيرانه فلما جاء الليل تطيبت له وتهيأت له ثم أخذني على ذلك فقالت: ما صنعت شيئاً فقالت للصغرى فقالت: أن يقدم زوجي من سفر وكان قد دخل الحمام وأطلى

ثم قدم وقد تسوك فيدخل علي ويغلق الباب ويرخي الستر فيدخل ايره في حري ولسانه في فمي واصبعه في استي فناكني في ثلاثة مواضع، فقالت اسكتي فأمك تبول الساعة من الشهوة. وله أيضاً فيم الإقامة بالزوراء لا سكني ... بها ولا ناقتي فيها ولا جمل السكن: ما يسكن إليه الإنسان، من زوج وغيره. وبقية البيت مثل من أمثال العرب، والأصل أن الصدوق العدوية كانت تحت زيد بن أخنس العدوي، وكان له بنت من غرها، تسمى القارعة، تسكن بمعزل منها في خباء آخر فغاب زيد غيبة فلهج بالقارعة رجل عدوي يدعى شبيباً فدعا لها فطاوعته وكانت تركب كل عشية جملاً لأبيها، وينطلق معه إلى بيته يبيتان فيه، فرجع زيد عن وجهته فعرج على كاهنة إسمها ظريفة. فأخبرته بريبة في بيته فأقبل سايراً لا يلوي على أحد، وإنما تخوف على امرأته حتى دخل عليها، فلما رأته عرفت الشر في وجهه، فقالت: لا تعجل واقف الأثر لا ناقة لي في هذا ولا جمل فصار ذلك مثلاً يضرب في التبري عن الشيء، قال الراعي ولا هجرتك حتى قلت معلنة: لا ناقة لي في هذا ولا جمل. لأبي مسلم الرخاساني يقال إنه رأى في حايط مسجد في بلاد الصعيد سب الثلاثة فقال: ما هذه بلاد إسلام ونظم في الوقت: ذرني وأشياء في نفسي مخبأة ... لألبسن لها درعاً وجلبابا والله لو ظفرت نفسي ببغيتها ... ما كنت عن ضرب أعناق الورى آبا حتى أطهر هذا الدين من دنسٍ ... وأوجب الحق للسادات إيجابا وأملا الأرض عدلاً بعد ما ملئت ... جوراً وأفتح للخيرات أبوابا مر الحجاج متنكراً فرأته امرأة فقالت الأمير ورب الكعبة فقال: كيف عرفتني؟ فقالت لشمائلك فقال: هل عندك ممن قرى؟ قالت نعم خبز فطير وماء نمير، فأحضرته وأكل وقال: هل لك أن تصاحبيني فتصلحي ما بيني وبين امرأتي: فقالت: هل عندك من جماع يغني؟ قال: نعم قالت: فلا حاجة لك إلى أحد يصلح بينكما؛ وقال رجل للشعبي ما تقول في رجل إذا وطىء امرأته تقول قتلتني وأوجعتني؟ فقال: أقتلها ودمها في عنقي.

بحوث علمية

روى الكلبي في حديث طويل عن أبي جعفر رضي الله عنه قال السائل: يا ابن رسول الله كيف يعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة؟ قال إذا أترى شهر رمضان فأقرأ سورة الدخان في كل ليلة مأة مرة فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين، فإنك ناظر إلى تصديق الذي سألت عنه. لمؤيد الدين الطغرائي فصبراً أمين الملك إن عن حادث ... فعاقبة الصبر الجميل جميل ولا تيئسن من صنع ربك إنني ... ضمين بأن الله سوف يزيل ألم تر أن الليل بعد ظلامه ... علينا لأسفار الصباح دليل وإن الهلال النضو يقمر بعدما ... بدا؟ وهو شخت الجانبين ضئيل ولا تحسبن السيف يقصر كلما ... تعاوده بعد المضاء كلول ولا تحسبن الدوح يقلع كلما ... تمر به نفح الصبا فيميل فقد يعطف الدهر الأبي عنانه ... فيشفى عليل أو يبل غليل ويرتاش مقصوص الجناحين بعدما ... تساقط ريش واستطار نسيل ويستأنف الغصن السليب نضارة ... فيورق ما لم يعتوره ذبول وللنجم من بعد الرجوع استقامة ... وللحظ من بعد الذهاب قفول بسم الله الرحمن الرحيم بحوث علمية الحمد لله الذي أطلع أنوار القرآن، فأنار أعيان الأكوان، وأظهر ببدايع البيان قواطع البرهان، فأضاء صحائف الزمان وصفائح المكان، والصلاة على الرسول المنزل عليه، والنبي الموحى إليه، الذي نزلت لتصديق قوله، وتبين فضله، " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله " محمد المؤيد ببينات وحجج " قرآناً عررياً غير ذي عوج " وعلى آله العظام، وصحبه الكرام، ما اشتمل الكتاب على الخطاب، ورتبت الأحكام في الأبواب

بينما الخاطر يقتطف من أزهار أشجار الحقايق رياها ويرتشف من نقاوة سلافة كؤوس الدقائق حمياها، ما كان يقنع باقتناء اللطائف، بل كان يجتهد في التقاط النواظر من عيون الطرايف، إذا انفتحت عين النظر على غرائب سور القرآن، وانطبعت في بصر الفكر بدايع صور الفرقان، فكنت لالتقاط الدرر أغوص في لجج المعاني، وطفقت في اقتناص الغرر أعوم في بحار المباني إذ وقع المحط على آية هي معترك أنظار الأفاضل والأعالي، ومزدحم أفكار أرباب الفضائل والمعاني كل رفع في مضمارها راية، ونصب لاثبات ما سنح له فيها آية، فرأيت أن قد وقع التخالف والتشاجر والمناقشة في التعاظم والتفاخر، حتى إن بعضاً من سوابق فرسان هذا الميدان قد تناصلوا عن سهام الشتم والهذيان، فما وقفوا في موقف من المواقف أبداً وما وافق في سلوك هذا السلك أحد أحداً. ثم إني ظفرت على ما جرى بينهم من الرسائل، واطلعت على ما أوردوا في الكتب في تحقيقات الأفاضل، فاكتحلت عين الفكر من سواد أرقامهم وانفتحت حدقة النظر على عرائس نتايج أفهامهم، وكنت ناظراً بعين التأمل في تلك الأقوال إذ وقع سبوح الذهن في عقال الإشكال فأخذت أحل عقدها بأنامل الأفكار، واعتبروا دورها بمعيار الإعتبار، فرأيت أن الأسرار قد خفيت تحت الأستار، وأن الأجلة ما اعتنقوها بأيدي الأفكار، فما زلت في بساط الفكر أجول وما زال ذهني عن سمت التأمل لا يزول حتى آنست أنوار المقصود قد تلألأت عن أفق اليقين وشهدت بصحتها لسان الحجج والبراهين فرغبت أحقق المرام، وأحرر الكلام، في فناء بيت الله الحرام، راجياً منه أن لا أزل عن الصواب وأن لا أمل عن الإجتهاد في فتح هذا الباب، سائلاً منه الفوز بالاستبصار عمن لا يفتر عين فهمه عن الإكتحال بنور التحقيق، ولا يقصر شأو ذهنه عن العروج إلى معارج التدقيق فوجدت بعون الله لكشف كنوز الحقايق معيناً، ولتوضيح رموز الدقائق نوراً مبيناً، ثم جعلت كسوة المقصود مطرزاً بطراز التحرير، ليكون في معرض العرض على كل عالم نحرير مورداً ما جرى بين الأجلة عند الطراد في مضمار المناظرة، وما أفادوا بعد الإختيار بمسبار المفاكرة، مذيلاً بما سنح لي في الخاطر الفاطر، وذهني القاصر. متوكلاً على الصمد المعبود، فإنه محقق المقصود. ولما انتظم درره في سلك الإنتظام، ووسمت عليه بختم الاختتام، جعلت غرته مستنيرة بدعاء حضرت هي مقبل الأكاسرة والخواقين، ومعفر جباه أساطين السلاطين الذي خصه الله من البرايا بجميع المزايا، وأفاض عليه من سجال إفضاله أنواع العطايا جعل وفود الظفر في ركاب ركائبه، وجنود النصر مع جانب جنائبه، عم الأنام بغمام الإنعام، ومحى سواد الظلم عن بياض الأيام، وهو السلطان الأعظم والخاقان الأعدل الأكرم مالك رقاب سلاطين الأمم، خليفة الله في بلاده، وظل الله على عباده، حامي حوزة الملة الزهراء، الماحي سواد الكفر بإقامة الشريعة السمحة البيضاء، المجاهد المرابط في سبيل الله، المجتهد في إعلاء سنة رسول الله، المؤيد بلطف ال عباس بادشاه

الحسيني له خلد الله سبحانه على مفارق العالمين ظلال سلطنته القاهرة وشيد لإعلاء معالم الدين المتين أركان خلافته الباهرة ساطعاً عن ذروة الإقبال أشعة نيران حشمته وسطوته. صاعداً إلى أوج الجلال كواكب مواكب عظمته وشوكته. ولا زال شمس سعادته طالعة عن أفق المكرمات الإلهية مصونة عن الزوال، وبدر جلاله ثابتاً في أوج برج الشرف بالكمال، بالنبي وآله العظام وصحبه الكرام مدى الدهر والأعوام. والمسؤول من حضرته العليا ملاحظة تتضمن نيل المرام والله تعالى ولي الفضل والإنعام. قال صاحب الكشاف عند تفسير قول الله عز وجل: " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتو بسورة من مثله " متعلق بسورة صفة لها أي بسورة كائنة من مثله، والضمير لما نزلنا أو لعبدنا ويجوز أن يتعلق بقوله فأتوا والضمير للعبد إنتهى، وحاصله أن الجار والمجرور أعني من مثله، إما أن يتعلق بفأتوا على أنه ظرف لغو، أو صفة لسورة على أنه ظرف مستقر وعلى كلا التقديرين فالضمير في مثله إما عائد إلى ما نزلنا أو إلى عبدنا، فهذه صور أربع جوز ثلاثاً منها تصريحاً ومنع واحدة منها تلويحاً حيث سكت عنها وهي أن تكون الظرف متعلقاً بفأتوا والضمير لما نزلنا. ولما كانت علة عدم التجويز خفية استشكل خاتم المحققين عضد الملة والدين واستعلم عن علماء عصره بطريق الاستفتاء، وهذه عبارته نقلناها على ما هي عليه تبركاً بشريف كلامه: يا أدلاء الهدى ومصابيح الدجى، حياكم الله وبياكم وألهمنا بتحقيقه وإياكم ها أنا من نوركم مقتبس، وبضوء ناركم ملتبس، ممتحن بالقصور، لا ممتحن ذا غرور ينشد بأطلق لسان وأرق جنان. ألا قل لسكان وادي الحمى ... هنيئاً لكم في الجنان الخلود أفيضوا علينا من الماء فيضاً ... فنحن عطاش وأنتم ورود قد استبهم قول صاحب الكشاف أفيضت عليه سجائل الألطاف، من مثله متعلق بسورة صفة لها أي بسورة كائنة من مثله والضمير لما نزلنا أو لعبدنا، ويجوز أن يتعلق بقوله فأتوا والضمير للعبد، حيث جوز في الوجه الأول كون الضمير لما نزلنا تصريحاً وحصره في الوجه الثاني تلويحاً، فليت شعري ما الفرق بين فأتوا بسورة كائنة من مثل ما نزلنا وفأتوا من مثل ما نزلنا بسورة، وهل ثمة حكمة خفية؟ أو نكتة معنوية؟ أو هو تحكم بحت؟ بل هذا مستبعد من مثله، فإن رأيتم كشف الريبة وإحاطة الشبهة والإنعام بالجواب أثبتم أجزل الأجر والثواب.

ثم كتب الفاضل الجار بردي في جوابه كلاماً معقداً في غاية التعقيد، لا يظهر معناه ولا يطلع أحد على مغزاه، رأينا أن إيراده في أثناء البحث يشتت الكلام ويبعد المرام فأوردناه في ذيل المقصود مع ما رده خاتم المحققين. وقال العلامة التفتازاني في شرحه للكشاف، الجواب عن هذا أمر تعجيز باعتبار المأتي به والذوق شاهد بأن تعلق من مثله بالإتيان يقتضي وجود المثل ورجوع العجز إلى أن يؤتى منه بشيء، ومثل النبي في البشرية والعربية موجودة، بخلاف مثل القرآن في البلاغة والفصاحة، وأما إذا كان صفة السورة فالعجوز عنه هو الإتيان بالسورة الموصوفة ولا يقتضي وجود المثل بل ربما يقتضي انتفاؤه حيث يتعلق به أمر التعجيز، وحاصله أن قولنا إيت من مثل الحمساة ببيت يقتضي وجود المثل، بخلاف قولنا إيت ببيت من مثل الحماسة إنتهى كلامه. وأقول لا يخفى أن قوله يقتضي وجود المثل ورجوع العجز إلى أن يؤتى منه بشيء يفهم أنه اعتبر مثل القرآن كلاً له أجزاء، ورجع التعجيز إلى الإتيان بجزء منه، ولهذا مثل بقوله إيت من الحماة الحماسة ببيت فكان المثل كتاباً أمر بالإتيان ببيت منه على سبيل التعجيز وإذا كان الأمر على هذا النمط فلا شك أن الذوق يحكم بأن تعلق من مثله بالإتيان يقتضي وجود المثل ورجوع العجز إلى أن يؤتى بشيء منه، لأن الأمر بالإتيان بجزء الشي يقتضي وجود الشيء أولاً وهذا مما لا ينكر وأما إذا جعلنا مثل القرآن كلياً يصدق على كله وبعضه وعلى كل كلام يكون في طبقة البلاغة القرآنية فلا نسلم أن الذوق يشهد بوجود المثل ورجوع العجز إلى أن يؤتي بشيء منه بل الذوق يقتضي أن لا يكون لهذا الكلي فرد يتحقق والأمر راجع إلى الإتيان بفرد من هذا الكلي على سبيل التعجيز ومثل هذا يقع كثيراً في محاورات الناس مثلاً إذا كان عند رجل ياقوتة ثمينة في الغاية قل ما يوجد مثلها يقول في مقام التصلف من يأتي من مثل هذه الياقوتة بياقوتة أخرى؟ ويفهم الناس منه أنه لا يوجد فرد آخر من نوعه، فظهر أنه على هذا التقدير لا يلزم تعلق من مثله بقوله فأتوا أن يكون مثل القرآن موجوداً فلا محذور ألا ترى أنهم لو آتوا على سبيل الفرض بأدنى سورة متصفة بالبلاغة القرآنية لصدق أنهم آتوا بسورة من مثل القرآن مع عدم وجوب كتاب مثل القرآن، وأما المثال المقيس عليه أعني قوله إيت من مثل الحماسة ببيت فهذا لا يطابق الفرض إلا إذا جعل مثل القرآن كلا فإن الحماسة تطلق على مجموع الكتاب فلابد أن يكون مثله كتاباً آخر أيضاً وحينئذ يلزم المحذور وأما القرآن فإن له مفهوماً كلياً يصدق

على كل القرآن وأبعاضه وأبعاض أبعاضه إلى حد لا يزول عنه البلاغة القرآنية، وحينئذ يكون الغرض منه المفهوم الكلي وهو نوع من أنواع البليغ فرده القرآن أمر بإتيان فرد من هذا النوع فلا محذور. وقال في شرحه المختصر على التلخيص قلت: لأنه يقتضي ثبوت مثل القرآن في البلاغة وعلو الطبقة بشهادة الذوق، إذ العجز إنما يكون عن المأتي به فكان مثل القرآن ثابت لكنهم عجزوا من أن يأتوا منه بسورة، بخلاف ما إذا كان وصفاً للسورة فإن المعجوز عنه هو السورة الموصوفة باعتبار انتفاء الوصف، فإن قلت: فليكن العجز باعتبار انتفاء المأتي به قلت: احتمال عقلي لا يسبق إلى الفهم ولا يوجد له مساغ في اعتبارات البلغا واستعمالاتهم فلا اعتداد به إنتهى كلامه. وأقول: لا يخفى أن كلامه ها هنا مجمل ليس نصاً فيما قصد به في كلامه في شرح الكشاف، وحينئذ نقول إن أراد بقوله إذ العجز إنما يكون عن المأتي مستلزم فكان مثل القرآن أن العجز باعتبار المأتي به لأن يكون مثل القرآن موجوداً ويكون العجز عن الإتيان بسورة منه بشهادة الذوق مطلقاً فهو ممنوع لأنه إنما يشهد الذوق بلزوم ذلك إذا كان المأتي به أعني مثل القرآن كلاً له أجزاء والتعجيز باعتبار الإتيان بجزء منه كما قررنا سابقاً وإن أراد أنه إنما يلزم بشهادة الذوق إذا كان المأتي منه كلاً له أجزاء فهو مسلم لكن كونه مراد ها هنا ممنوع بل المراد ها هنا أن المأتي منه نوع من أنواع الكلام، والتعجيز راجع إليه باعتبار الأمر بإتيان فرد آخر منه، كما صورناه في مثال الياقوتة فتذكر. قال المدقق صاحب الكشف في شرحه على هذا الموضع من كلام الكشاف ويجوز أن يتعلق بفأتوا والضمير للعبد إما أن يتعلق بسورة صفة لها فالضمير للعبد، أو للمنزل على ما ذكره وهو ظاهر، ومن بيانية أو تبعيضية على الأول، لأن السورة المفروضة بعض المثل المفروض والأول أبلغ ولا يحمل على الإبتداء على غير التبعيضية أو البيان فإنهما أيضاً يرجعان إليه على ما أثر شيخنا الفاضل رحمه الله، وابتدائية على الثاني، وأما إذا تعلق بالأمر فهي ابتدائية والضمير للعبد، لأنه لا يتبين إذ لا مبهم قبله، وتقديره رجوع إلى الأول ولأن البيانية أبداً مستقر على ما سيجيء إن شاء الله فلا يمكن تعلقها بالأمر ولا تبعيض، إذا الفعل يكون واقعاً عليه كما في قولك أخذت من المال، وإتيان البعض لا معنى له بل الإتيان بالبعض فتعين الإبتداء ومثل السورة والسورة نفسها أن جعلا مقحمين لا يصلحان مبدءاً بوجه. أقول: فتعين أن يرجع الضمير إلى العبد، وذلك لأن المعتبر في هذا الفعل المبدأ الفاعلي المادي أو الغائي أو جهة تلبس بها ولا يصح واحد منها، فهذا ما لوح إليه العلامة وقد كفت بهذا البيان إتمامه انتهى كلامه.

أقول: حاصل كلامه أنه بسبيل السبر والتقسيم حكم بتعيين من للابتداء، ثم بين أن مبتدائية من لا يصلح ها هنا إلا للعبد، فتعين أن يكون الضمير راجعاً إليه ولا يخفى أن قوله ولا تبعيض إذا الفعل حينئذ يكون واقعاً عليه الخ محل تأمل، إذ وقوع الفعل عليه لا يلزم أن يكون بطريق الأصالة لم لا يجوز أن يكون بطريق التبعية؟ مثل أن يكون بدلاً فإنكم لما جوزتم أن يكون في المعنى مفعولاً صريحاً كما قررتم في أخذت من الدراهم، أنه أخذت بعض الدراهم، لم لا تجوزون أن يكون بدلاً عن المفعول؟ فكأنه قال بسورة بعض ما نزلنا، فيكون البعضية المستفادة من من ملحوظة على وجه البدلية، ويكون الفعل واقعاً عليه، فيكون في حيز الباء وإن لم يمكن تقدير الباء عليه، إذ قد يحتمل في التابعية ما لا يحتمل في المتبوعية، كما في قولهم رب شاة وسخلتها، لابد لنفي هذه من دليل. ثم على تقدير التسليم تقول: قوله: لأن المعتبر في مبدئية الفعل المبدء الفاعلي إلى آخره محل بحث، لأن التعميم الذي في قوله أو جهة يلتبس بها غي منضبط، لأن جهات التلبس أكثر من أن تحصى من جهة الكمية، ولا ينتهي إلى حد من الحدود من جهة الكمية، ولا ينتهي إلى حد من الحدود من جهة الكيفية: ولا يخفى أن كون مثل القرآن مبدءاً مادياً للسورة من جهة التلبس أمر يقبله الذهن السليم والطبع المستقيم. على أنك لو حققت معنى الإبتدائية يظهر لك أن ليس معناه إلا أن يتعلق به على وجه اعتبار المبدئية الأمر الذي اعتبر له ابتداء حقيقة أو توهماً، وقد ذكر العلامة التفتازاني كلام الكشف للرد وقال: في أثناء الرد على أن كون مثل القرآن مبدءاً مادياً للإتيان بالسورة ليس أبعد من كون مثل العبد مبدءاً فاعلياً انتهى. أقول: لا يخفى أن مثل العبد باعتبار الإتيان بالسورة منه هو مبدء فاعلي للسورة حقيقة لأنه لو فرض وقوعه لا يكون العبد إلا مؤلفاً لتلك السورة مخترعاً لها فيكون مبدءاً فاعلياً حقيقياً لها؛ وأما مثل القرآن فلا يكون مبدءاً مادياً للسورة إلا باعتبار التلبس المصحح للسببية، فهو أبعد منه غاية البعد؛ بل ليس بينهما نسبة فإن أحدهما بالحقيقة والآخر بالمجاز وأين هذا من ذاك؟ نعم كون مثل القرآن مبدءاً مادياً ليس بعيداً في نظر العقل باعبار التلبس؛ تأمل وأنصف. قال الفاضل الطيبي: لا يقال: إنه جعل من مثله صفة لسورة فإن كان الضمير للمنزل فهي للبيان، وإن كان للعبد فهي للابتداء وهو ظاهر، فعلى هذا إن تعلق قوله من مثله بقوله فأتوا فلا يكون الضمير للمنزل لأنه يستدعي كونه للبيان، والبيان يستدعي تقديم مبهم ولا تقديم فتعين أن يكون للابتداء لفظاً أو تقديراً أي اصدروا وأنشؤا واستخرجوا من مثل العبد بسورة لأن مدار الإستخراج هو العبد لا غير فلذلك تعين في الوجه الثاني عود الضمير إلى العبد لأن هذا وأمثاله ليس بوافٍ. ولذلك تصدى بعض الفضلاء وقال: قد

استبهم قول صاحب الكشاف حيث جوز في الوجه الأول كون الضمير لما نزلنا تصريحاً وبحصره في الوجه الثاني تلويحاً. فليت شعري ما الفرق بين فأتوا بسورة كائنة من مثل ما نزلناه وفأتوا من مثل ما نزلنا بسورة؟ وأجيب بأنك إذا اطلعت على فرق بين قولك لصاحبك ائت برجل من البصرة أي كائن منها وبين قولك أئت من البصرة برجل عثرت على الفرق بين المثالين وزال عنك التردد والإرتياب. ثم نقول: إن من إذا تعلق بالفعل يكون إما ظرفاً لغواً ومن للابتداء، أو مفعولاً به ومن للتبعيض، إذ لا يستقيم أن يكون بياناًن لاقتضائه أن يكون مستقراً ولمقدار خلافه وعلى تقدير أن يكون تبعيضياً فمعناه فأتوا بعض مثل المنزل بسورة وهو ظاهر البطلان، على تقدير أن يكون ابتداء لا يكون المطلوب بالتحدي الإتيان بالسورة فقط، بل بشرط أن يكون بعضاً من كلام مثل القرآن وهذا على تقرير استقامته بمعزل عن المقصود، واقتضاء المقام يقتضي التحدي على سبيل المبالغة، وأن القرآن بلغ في الإعجاز بحيث لا يوجد لأقله نظير فكيف للكل فالتحدي إذاً بالسورة المووفة بكونها من مثله في الإعجاز، وهذا إنما يتأتي إذا جعل الضمير لما نزلنا ومن مثله صفة لسورة ومن بيانية فلا يكون المأتي به مشرواً بذلك الشرط، لأن البيان والمبين كشيء واحد كقوله تعالى: " فاجتنبوا الرجس من الأوثان " ويعضده قول المصنف في سورة الفرقان إن تنزيله مفرقاً وتحديهم بأن يأتوا ببعض تلك التفاريق كما نزل شيء منها أدخل في الإعجاز وأنور للحجة من أن ينزل كله جملة واحدة فيقال لهم جيئوا بمثل هذا الكتاب في فصاحته مع بعد ما بين طرفيه أو طوله إنتهى. وأقول: هذا الكلام مع طول ذيله قاصر عن إقامة المرام كما لا يخفى على من له بالفنون أدنى إلمام فلا علينا أن نشير إلى بعض ما فيه، فنقول: قوله: وعلى تقدير أن يكون تبعيضياً فمعناه فأتوا بعض مثل المنزل بسورة وهو ظاهر البطلان فيه بحث، لأن بطلانه لا يظهر إلا على تقريره، حيث غير النظم بتقديم معنى من على قوله بسورة، وهذا فساد بلا ضرورة فلو قال: فأتوا بسورة مثل بعض المنزل على ما هو النظم القرآني فهو في غاية الصحة والمتانة وحينئذ يكون قول بعض مثل المنزل بدلاً فيكون معمولاً للفعل على ما حققناه سابقاً حيث قررنا على كلام صاحب الكشف فارجع وتأمل. ثم قوله وعلى تقدير أن يكون ابتداء لا يكون المطلوب بالتحدي الإتيان بسورة

فقط بل بشرط أن يكون بعضاً من كلام مثل القرآن فيه نظر، لأن الإتيان من المثل لا يقتضي أن يكون من الكلام مثل القرآن بل يكون المأتي جزءاً منه: بل يقتضي أن يكون من نوع من الكلام غالباً في البلاغة إلى حيث انتهى به البلاغة القرآنية، والمأتي به يكون فرداً من أفراده ولعمري إنه ما وقع في هذا إلا لأنه جعل المثل كلاً له أجزاء لا كلياً له أفراد كما فصلناه سابقاً في مثال الياقوتة حيث أوردنا الكلام على العلامة التفتازاني، فلا يحتاج إلى الإعادة، وظني أم منشأ كلام العلامة التفتازاني ليس إلا كلام الفاضل الطيبي تأمل وتدبر. وقد يجاب بوجوه آخر، في غاية الضعف ونهاية الزيف أوردها العلامة التفتازاني في شرح الكشاف وبين ما فيها رأينا أن في نقلها على ما هي عليها استيعاباً للأقوال وليكن للمتأمل في هذه الآية زيادة بصيرة. الأول: إنه إذا تعلق بفأتوا فمن للابتداء إذ لا مبهم تبين ولا سبيل إلى البعضية لأنه لا معنى لإتيان البعض ولا مجال لتقدير الباء مع من كيف وقد ذكر المأتي به صريحاً وهو الصورة، وإذا كانت من للابتداء تعين كون الضمير للعبد لأنه المبدأ للإتيان بالكلام في التكلم، على أنك إذا تأملت فالمتكلم ليس مبدأ للإتيان بكلام غيره بل بكلام نفسه، بل معناه أنه يتصل به الأمر الذي اعتبر له امتداد حقيقة أو توهماً كالبصيرة للخروج، والقرآن للإتيان بسورة منه. الثاني: إذا كان الضمير لما نزلنا ومن صلة فأتوا كان المعنى فأتوا من منزل مثله بسورة، فكان مماثلة ذلك المنزل بهذا المنزل هو المطلوب لا مماثلة سورة واحدة منه بسورة من هذا، وظاهر أن المقصود خلافه كما نطقت به الآي الأخر وفيه نظر، لأن إضافة المثل إلى المنزل لا يقتضي أن يعبر موصوفه منزلاً، ألا ترى أنه إذا جعل صفة سورة لم يكن المعنى من منزل مثل القرآن بل من كلام وكيف يتوهم ذلك؟ والمقصود تعجيزهم عن أن يأتوا من عند أنفسهم بكلام من مثل القرآن، ولو سلم فما ادعاه من لزوم خلاف المقصود غير بين ولا مبين. الثالث: أنها إذا كانت صلة فأتوا كان المعنى فأتوا من عند المثال كما يقال ائتوا من زيد بكتاب أي من عنده ولا يصح من مثل القرآن، بخلاف مثل العبد وهذا أيضاً بين الفساد إنتهى. وقد ألهمت لحل الكلام في فناء بيت الله الحرام ما إذا تأملت فيه عسى أن يتضح المرام فأقول: وبالله التوفيق، وبيده أزمة التحقيق،

إن الآية الكريمة ما أنزلت إلا للتحدي وحقيقة التحدي هو طلب المثل عمن لا يقدر على الإتيان به، فإذا قال المتحدي: فأتوا بسورة بدون قوله من مثله، كل أحد يفهم منه أنه يطلب سورة من مثل كل القرآن، وإذا قال: أيتوا من مثله بدون قوله بسورة كل أحد يفهم منه أنه يطلب من مثل القرآن ما يصدق عليه أنه مثل القرآن، أي قدر كان، سورة أو أقل منها أو أكثر، وإذا أراد المتحدي الجمع بين قوله بسورة وبين قوله من مثله فحق الكلام أن يقدم من مثله ويؤخر بسورة، ويقول: فأتوا من مثله بسورة، حتى يتعلق الأمر بالإتيان من المثل أولاً بطريق العموم وكان بحيث لو اكتفى به لكان المقصود حاصلاً، والكلام مفيداً لكن تبرع ببيان قدر المأتي به فقال بسورة فيكون من قبيل التخصيص بعد التعميم في الكلام والتبيين بعد الإبهام في المقام. وهذا الأسلوب مما يعني به البلغاء. وأما إذا قال فأتوا بسورة من مثله على أن يكون من مثله متعلقاً بفأتوا يكون في الكلام حشواًن وذلك لأنه لما قال بسورة: عرف أن المثل هو المأتي منه، فذكر من مثله على أن يكون متعلقاً بفأتوا يكون في الكلام حشواً وكلام الله منزه عن هذا. فلهذا حكم بأنه وصف للسورة. وتلخيص الكلام أن التحدي بمثل هذه العبارة يقع على أربعة أساليب: الأول تعيين المأتي فقط، الثاني تعيين المأتي منه فقط، الثالث الجمع بينهما على أن يكون المأتي منه مقدماً والمأتي به مؤخراً، والرابع العكس ولا يخفى على من له بصيرة في نقد الكلام أن الأساليب الثلاث الأول مقبولة عند البلغاء، والأخير مردود ويبقى ذكر المأتي منه بعد ذكر المأتي به حشواً هذا إذا جعل المأتي منه مفهوم المثل. وأما إذا كان المأتي منه مكاناً أو شخصاً أو شيئاً آخر مما لا يدل عليه التحدي فذكره مفيد قدم أو أخر، ولذلك جوز العلامة صاحب الكشاف أن يكون من مثله متعلقاً بفأتوا حيث كان الضمير راجعاً إلى عبدنا. والحاصل أنه إذا جعل المثل المأتي منه فإذا أريد الجمع بين المأتي منه والمأتي به فلا بد من تقديم المأتي منه على المأتي به، ولا يكون الكلام ركيكاً وأما إذا كان المأتي منه شيئاً آخر فالتقديم والتأخير سواء. وما يؤيد هذا المعنى ما أفاده المحققون في قول القائل عند خروجه من بستان المخاطب، أكلت من بستانك من العنب أنه لو: قال أكلت من العنب من بستانك، يكون الكلام ركيكاً بناء على أنه لما قال أكلت من العنب علم أنه أكل من البستان، فقوله من بستانك يبقى لغواً وأما إذا قال: أولاً من بستانك أفاد أنه أكل من البستان بعد أن لم يكن معلوماً ولكن بقي الإبهام في المأكول منه فلما قال من العنب

رفع الإبهام. هاذا وإن لم يكن مثالاً لما نحن فيه لكن تنظير، إذا تأملت فيه تأنست بالمطلوب، الذي نحن بصدده لا يقال، فعلى هذا جعله وصفاً أيضاً لغو بناء على أن التحدي يدل عليه. لأنا نقول: لاشك أن التحدي يدل على أن السورة المأتي بها هي السورة المماثلة، فإذا قيل من مثله مقدماً فيه إبهام وإجمال من حيث المقدار، فإذا قيل بسورة تعين المقدار المأتي به حينئذ وقوله بسورة لا يفيد إلا تعيين المقدار المبهم إذ بعد أن فهم المماثلة من صريح الكلام يضمحل دلالة السياق فلا يلاحظ قوله بسورة غلا من حيث أنه تفصيل بعد الإجمال، فلا يكون في الكلام حشو مستغنى عنه، وأما إذا قيل مؤخراً فإن جعلت وصفاً للسورة فقد جعلت ما كان مفهوماً بالسياق منطوقاً في الكلام بعينه وهذا في باب النعت إذا كان لفائدة لا تنكر كما في قولهم أمس الدابر وأمثاله، وأما إذا جعلت متعلقاً بفأتوا فدلالة السياق باقية على حالها إذ هي المقدمة على التصريح بالمماثل، ثم صرحت بذكر المماثلة فكأنك قلت فأتوا بسورة من مثله من مثله مرتين، على أن يكون الأول وصفاً والثاني ظرفاً لغواً وهو حشو في الكلام بلا شبهة. فإن قلت فما الفائدة إذا جعلناه وصفاً للسورة قلت: الفائدة جليلة وهي التصريح بمنشأ التعجيز فإنه ليس إلا وصف المماثلة، وعند ملاحظة منشأ التعجيز أعني المثلية يحصل الانتقال إلى أن القرآن معجز، والحاصل أن الغرض من إتيان الوصف تحقيق مناط عليه كون القرآن معجزاً حتى يتأملوا بنظر الاعتبار فيرتدعوا عماهم فيه من الريب والإنكار. هذا ما سنح في الخاطر الفاتر والمرجو من الأفاضل النظر بعين الإنصاف، والتجنب عن العناد والإعتساف، فلعمري إن الغور فيه لعميق، والمسلك إليه لدقيق، والله المستعان وعليه التكلان والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله أجمعين الطيبين الطاهرين. من تفسير الكبير للإمام الرازي: المسألة الخامسة: الضمير في مثله إلى ماذا يعود؟ فيه وجهان: أحدهما إنه عائد إلى ما في قوله مما نزلنا أي فأتوا بسورة مما هو على صفته في الفصاحة وحسن النظم، والثاني أنه عائد إلى عبدنا أي فأتوا ممن هو على حاله من كونه بشراً أمياً لم يقرأ الكتب، ولم يأخذ عن العلماء، والأول مروي عن عمرو بن مسعود وابن عباس والحسن وأكثر المحققين. ويدل عليه وجوه: أولها أن ذلك يطابق لساير الآيات الواردة في باب التحدي لاسيما ما ذكره في يونس فأتوا بسورة مثله.

والثاني أن البحث إنما في المنزل لأنه قال: وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فوجب صرف الضمير إليه، ألا ترى أن المعنى وإن ارتبتم في أن القرآن منزل من عند الله فهاتوا أنتم شيئاً مما يماثله، وقصة الترتيب لو كان الضمير مردوداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقال وإن ارتبتم في أن محمداً منزلاً عليه: فهاتوا قرآناً من مثله. وثالثها أن الضمير لو كان عائداً إلى القرآن لاقتضى كونهم عاجزين في الإتيان بمثله سواء اجتمعوا أو انفردوا وسواء كانوا أميين أو عالمين محصلين، أما لو كان عائداً إلى محمد صلى الله عليه وسلم فذلك لا يقتضي إلا كون آحادهم من الأميين عاجزين عنه، لأنه لا يكون مثل محمد صلى الله عليه وسلم إلا الشخص الواحد الأمي، فأما لو اجتمعوا أو كانوا قادرين مثل محمد صلى الله عليه وسلم فذلك لا يقتضي إلا كون آحادهم من الأميين عاجزين عنه، لأنه لا يكون مثل الأمي ولا شك أن الإعجاز على الوجه الأول أقوى. ورابعها: إنا لو صرفنا الضمير إلى القرآن فكونه معجزاً إنما يحصل لكمال حاله في الفصاحة أما لو صرفنا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فكونه معجزاً إنما يكمل بتقدير كمال حاله في كونه أمياً بعيداً عن العلم، وهذا وإن كان معجزاً أيضاً إلا أنه لما كان لا يتم إلا بتقرير يوهم من النقصان في حق محمد صلى الله عليه وسلم كان الأول أولى. وخامسها: إنا لو صرفنا الضمير إلى محمد صلى الله عليه وسلم لكان ذلك يوهم أن صدور مثل القرآن عمن لم يكن مثل محمد صلى الله عليه وسلم في كونه أمياً ليس ممتنعاً، ولو صرفناه إلى القرآن لدل ذلك على أن صدوره عن الأمي ممتنع وكان هذا أولى. منقول من حواشي الكشاف للقطب رحمه الله إذا تعلق من مثله بسورة وقد تقدم أمران المنزل، والمنزل إليه جاز أن يرجع الضمير إلى المنزل ويكون من للتبيين وللتبعيض أي فأتوا بالسورة التي هي مثل المنزل أو بسورة بعض مثله وجاز أن يرجع إلى المنزل عليه وهو العبد وحينئذ تكون من للإبتداء لأن مثل العبد مبدأ للإتيان ومنشؤه، أما إذا تعلق بقوله: فأتوا فالضمير للعبد، لأن من، لا يجوز أن تكون للتبيين، لأن من البيانية تستدعي مبهماً تبينه فتكون صفة له فتكون ظرفاً مستقراً، وإذا تعلق بفأتوا تكون ظرفاً لغواً فيلزم أن تكون ظرفاً واحداً مستقراً ولغواً وإنه محال، ولا يجوز أن تكون من للتبعيض، وإلا لكان مفعول فأتوا لكن مفعول فأتوا لا يكون إلا بالباء، فلو كان مثل مفعول فأتوا لزم دخول الباء في من وإنه غير جائز، فعين أن تكون من للإبتداء فيكون الضمير راجعاً إلى العبد لأن مثل العبد هو مبدء الإتيان لا مثل القرآن، وبهذا يضمحل وهم من لم يفرق بين فأتوا بسورة من مثل ما نزلنا وبين فأتوا من مثل ما نزلنا بسورة.

لجامعه وثقت بعفو الله أعني في غد ... وإن كنت أدري أنني المذنب العاصي وأخلصت حبى في النبي وآله ... كفى في خلاصي يوم حشري إخلاصي هذا آخر مجلد الثاني من الكشكول على طبق النسخ التي طبعت من قبل. المجلد الثاني

الجزء 2

بسم الله الرحمن الرحيم قال سيد البشر والشفيع المشفع في المحشر، صلوات اله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: الدنيا دار بلاء، ومنزلة بلغة وعناء، قد نزعت عنها نفوس السعداء، وانتزعت بالكره من أيدي الأشقياء، فأسعد الناس بها أرغبهم عنها، وأشقاهم بها أرغبهم فيها، فهي الغاشة لمن استنصحها، والمغوية لمن أطاعها، الفائز من أعرض عنها، والهالك من هوى فيها، طوبى لعبد اتقى فيها ربه، وقدم توبته وغلب شهوته، من قبل أن تليقيه الدنيا إلى الآخرة فيصبح في بطن موحشة غبراء مدلهمة ظلماء لا يستطيع أن يزيد في حسنة ولا ينقص من سيئة، ثم ينشر فيحشر إما جنة يدوم نعيمها أو إلى نار لا ينفذ عذابها. في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني أبو حمزة الثمالي: قال رأيت علي بن الحسينم عليهما السلام يصلي وقد سقط رداؤه عن منكبه، فلم يسوه حتى فرغ من صلاته، فقلت له في ذلك فقال ويحك أتدري بين يدي من كنت؟ إن العبد لا يقبل منه صلاة إلا ما أقبل فيها، فقلت: جعلت فداك، هلكنا إذن، فقال: كلا، إن الله يتم ذلك بالنوافل: لبعض الأعراب في تصميم العزائم: إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ... ونكب عن ذكر العواقب جانبا ولم يستشر يفي أمره غير نفسه ... ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا ولبعضهم في هذا المعنى: سأغسل عن العار بالسيف جالبا ... علي قضاء الله ما كان جالبا وتصغر في عيني بلادي إذا انثنت ... يميني بإدراك الذي كنت طالبا من خط س عن عنوان البصري وكان شيخا فد أتى عليه أربع وتسعون سنة قال:

كنت أختلف إلى مالك بن أنس، فلما قدم جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام اختلفت إليه وأحببت أن آخذ عنه كما أخذت عن مالك، فقال لي يوما، إني رجل مطلوب، ومع ذلك لي أوراد في كل ساعة في آناء الليل وأطراف النهار، فلا تشغلني عن وردي، وخذ عن مالك واختلف إليه كما كنت تختلف، فاغتممت من ذلك وخرجت من عنده وقلت في نفسي: لو تفرس في خيرا ما زجرني عن الاختلاف إليه والأخذ عنه، فدخلت مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وسلمت عليه، ثم رجعت من الغد إلى الروضة وصليت فيها ركعتين وقلت: أسألك يالله يا الله أن تعطف علي قلب جعفر، وترزقني من عليه ما أهتدي به إلى صراطك المستقيم، ورجعت إلى داري مغتما، ولم أختلف إلى مالك بن أنس لما أشرب قلبي من حب جعفر، فما خرجت من داري إلا للصلاة المكتوبة، حتى عيل صبري فلما ضاق صدري تنعلت وترديت وقصدت جعفراً رضي الله عنه وكان بعد ما صليت العصر فلما حضرت باب داره استأذنت عليه، فخرج خادم له فقال: ما حاجتك؟ فقلت: السلام على الشريف، فقال: هو قائم في مصلاه فجلست بحذاء بابه، فما لبثت إلا يسيراً إذا خرج خادم فقال: ادخل على بركة الله فدخلت وسلمت عليه، فرد علي السلام وقال: إجلس غفر الله لك فجلست فأطرق ملياً ثم رفع رأسه فقال: أبو من؟ قلت: أبو عبد الله، قال: ثبت الله كنيتك وفقك يا أبا عبد الله ما مسألتك؟ فقلت في نفسي: لو لم يكن في زيارته والتسليم عليه غير هذا الدعاء لكان كثيراً، ثم رفع رأسه فقال: ما مسألتك؟ قلت: سألت الله أن يعطف علي قلبك ويرزقني من علمك وأرجو أن الله تعالى أجابني في الشريف ما سألته. فقال: يا أبا عبد الله ليس العلم بالتعلم وإنما هو نور يقع على قلب من يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه، فإن أردت العلم فاطلب أولاً في نفسك حقيقة العبودية، واطلب العلم باستعماله، واستفهم الله يفهمك. قلت: يا شريف: قال: قل: يا أبا عبد الله، قلت: يا أبا عبد الله ما حقيقة العبودية؟ قال: ثلاثة أشياء: أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوله الله ملكاً، لأن العبيد لا يكون لهم ملك، يورن المال مال الله يضعونه حيث أمر الله به، ولا يدبر العبد لنفسه تدبيراً، وجعل اشتغاله فيما أمر الله تعالى به ونهاه عنه، فإذا لم ير العبد لنفسه فيما خوله الله ملكاً هان عليه الإنفاق فيما أمره الله تعالى أن ينفق فيه، وإذا فوض العبد تدبير نفسه إلى مدبره هان عليه مصايب الدنيا، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه لا يتفرغ منهما إلى المراء والمباهاة مع الناس وإذ أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدنيا، وإبليس، والخلق، ولا يطلب الدنيا تكاثراً أو تفاخراً ولا يطلب ما عند الناس عزاً وعلواً ولا يدع أيامه باطلاً فهذا أول درجة التقى. قال الله تعالى: " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين "

النفوس أربعة

قلت يا أبا عبد الله أوصني فقال: أوصيك بتسعة أشياء: فإنها وصيتي لمريدي الطريق إلى الله تعالى والله أسأل أن يوفقك لاستعماله، ثلاثة، منها في رياضة النفس، وثلاثة منها في الحلم، وثلاثة منها في العلم، فاحفظها وإياك والتهاون بها. قال عنوان: ففرغت قلبي له قال: أما اللواتي في الرياضة فإياك أن تأكل ما لا تشتهيه فإنه يورث الحماقة والبله، ولا تأكل إلا عند الجوع، وإذا أكلت فكل حلالاً، وسم الله، وذكر حديث الرسول: ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه، فإن كان ولابد، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه. فأما اللواتي في الحلم، فمن قال لك إن قلت واحدة سمعت عشراً، فقل له: إن قلت عشراً لم تسمع واحدة. ومن شتمك فقل: إن كنت صادقاً فيما تقول فأسأل الله أن يغفر لي وإن كنت كاذباً فيما تقول فأسأل الله أن يغفر لك، ومن وعدك بالخنا فعده بالنصيحة والدعاء. وأما اللواتي في العلم فاسأل العلماء ما جهلت، وإياك أن تسألهم تعنتاً وتجربة وإياك أن تعمل برأيك شيئاً وخذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلاً، واهرب من الفتيا هربك من الأسد ولا تجعل رقبتك في الناس جسراً: قم عني يا أبا عبد الله فقد نصحت لك ولا تفسد علي وردي فإني امرؤ ضنين بنفسي، والسلام على من اتبع الهدى منقولة كله من خط س. إن أرباب الأرصاد الروحانية أعلى شأناً وأرفع مكاناً من أصحاب الأرصاد الجسمانية فصدق هؤلاء أيضاً فيما ألقوه إليك مما دلت عليه أرصادهم، وأدى إليه اجتهادهم، كما تصدق أولئك السيد الرضي. خذي نفسي يا ريح من جانب الحمى ... ولاقي بها ليلاً نسيم ربى نجد فإن بذاك الحي حبي عهدته ... وبالرغم من أن يطول به عهدي ولولا تداوي القلب من ألم الجوى ... بذكر تلاقينا قضيت من الوجد في الحديث لا يترك الناس شيئاً من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلا فتح الله عليهم ما هو أضر منه. النفوس أربعة عن كميل بن زياد قال: سألت مولانا أمير المؤمنين رضي الله عنه فقلت: يا أمير المؤمنين أريد أن تعرفني نفسي فقال: يا كميل وأي الأنفس تريد أن أعرفك؟ قلت: يا مولاي وهل هي إلا نفس واحدة؟ قال رضي الله عنه: يا كميل إنما هي أربعة: النامية النباتية، والحسية

تعريف القدر

الحيوانية والناطقة القدسية، والكلية الإلهية، ولكل واحدة من هذه خمس قوى وخاصيتان: فالنامية النباتية لها خمس قوى: ماسكة، وجاذبة، وهاضمة، ودافعة، ومربية، ولها خاصيتان الزيادة والنقصان، وانبعاثها من الكبد. والحسية الحيوانية لها خمس قوى: سمع، وبصر، وشم، وذوق، ولمس، ولها خاصيتان: الرضا والغضب وانبعاثها من القلب. والناطقة القدسية لها خمس قوى: فكر، وذكر وعلم، وحلم، ونابهة، وليس لها انبعاث وهي أشبه الأشياء بالنفوس الملكية ولها خاصيتان: النزاهة والحكمة. والكلية الإلهية لها خمس قوى؛ بقاء في فناء ونعيم في شقاء وعز في ذل وفقر في غناء وصبر في بلاء، ولها خاصيتان: الرضا والتسليم. وهذه هي التي مبدؤها من الله وإليه تعود قال الله تعالى: " ونفخت فيه من روحي " وقال الله تعالى: " يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية " والعقل وسط الكل. تعريف القدر في النهج إن أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه سئل عن القدر فقال: طريق مظلم فلا تسلكوه، ثم سئل ثانياً فقال: بحر عظيم فلا تلجوه، ثم سئل ثالثاً فقال: سر الله فلا تتكلفوه. سمع رجلان سلعة ينادي عليها فقال: أحدهما للآخر إن أعطيتني ثلث ما معك وضممته إلى ما معي تم لي ثمنها، وقال الآخر: إن ضممت ربع ما معك إلى ما معي تم لي ثمنها طريق هذه المسألة وأمثالها أن تضرب مخرج الثلث في مخرج الربع وتنقص من الحاصل واحداً فالباقي ثمنها، فينقص من الحاصل ثلثه يبقى ما مع أحدهما وهو ثمانية ثم ربعه يبقى ما مع الآخر وهو تسعة. مواعظ مؤثرة قال أمير المؤمنين رضي الله عنه لرجل سأله أن يعظه: لم تكن ممن يرجو الآخرة بلا عمل ويرجو التوبة بطول الأمل، يقول في الدنيا بقول الزاهدين، ويعمل فيها بعمل الراغبين إن أعطي منها لم يشبع، وإن منع لم يقنع، ينهى ولا ينتهي ويأمر بما لا يأتي، يحب الصالحين ولا يعمل بعملهم، ويبغض المذنبين وهو أحدهم، يكره الموت لكثرة ذنوبه، إن سقم ظل نادماً وإن صح أمن لاهياً، يعجب بنفسه إذا عوفي، ويقنط إذا ابتلي، إن أصابه بلاء دعا مضطراً وإن ناله رخاء أعرض مغتراً، تغلبه نفسه على ما يظن، ولا يغلبها على ما يستيقن، يخاف على غيره بأدنى من ذنبه ويرجو لنفسه بأكثر من عمله، إن استغنى بطر وفتن، وإن افتقر قنط ووهن، يقصر إذا

عمل ويبالغ إذا سئل، إن عرضت له شهوة أسلف المعصية، وسوف التوبة وإن عرته محنة، انفرج عن شرايط الملة، يصف العبر ولا يعتبر، ويبالغ في الموعظة ولا يتعظ، فهو بالقول مدل ومن العمل مقل؛ معل ينافس فيما يفنى، ويسامح فيما يبقى، يرى الغنم مغرماً، والغرم مغنماً يخشى الموت ولا يبادر الفوت، يستعظم من معصية غيره ما يستقل أكثر منه من نفسه، ويستكثر من طاعته ما يحقره من طاعة غيره فهو على الناس طاعن، ولنفسه مداهن اللهو مع الأغنياء أحب إليه من الذكر مع الفقراء، يحكم على غيره لنفسه ولا يحكم عليها لغيره، يرشد غيره ويغوي نفسه، فهو يطاع ويعصي، ويستوفي ولا يوفي، ويخشى الخلق في غير ربه، ولا يخشى ربه في خلقه. قال جامع النهج كفى بهذا الكلام موعظة ناجعة، وحكمة بالغة، وبصيرة لمبصر، وعبرة لناظر مفكر. ومن كلامه صلى الله عليه وسلم عاتب أخاك بالإحسان إليه، واردد شره بالإنعام عليه. قال يونس النحوي: الأيدي ثلاث: يد بيضاء، ويد خضراء، ويد سوداء، فاليد البيضاء هي الإبتداء بالمعروف، واليد الخضراء هي المكافآت على المعروف، واليد السوداء هي المن مع المعروف. قال بعض الحكماء: أحق من كان للكبر مجانباً وللإعجاب مبايناً من جل في الدنيا قدره، وعظم فيها خطره، لأنه يستقل بعالي همته كل كثير، ويستصغر معها كل كبير. وقال بعضهم: إسمان متضادان بمعنى واحد، التواضع والشرفإذا ضربت مخارج الكسور التي فيها حرف العين بعضها في بعض حصل المخرج المشترك للكسور التسعة، وهو ألفان وخمسمائة وعشرون. ويقال إنه سئل علي رضي الله عنه عن مخرج الكسور التسعة: فقال: إضرب أيام سنتك في أيام أسبوعك. كل مربع، فهو يزيد على حاصل ضرب جذر كل من المربعين الذين هما حاشيتاه في جذر الآخر بواحد. أزجر المسيء بثواب المحسنين: إن للقلوب شهوة، وإقبالاً، إدباراً فأتوها من قبل شهوتها، فإن القلب إذا أكره عمي، على كل داخل في باطل إثمان إثم العمل به، وإثم الرضا به. من كتم سره كان الخير بيده، لم يذهب من مالك ما وعظك.

من النهج قد أحيى عقله وأمات نفسه حتى دق جليله ولطف غليظه وبرق له لامع كثير البرق، فأبان له الطريق، وسلك به السبيل، وتدافعه الأبواب إلى باب السلامة ودار الإقامة، وثبت رجلاه لطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة بما استعمل قلبه، وأرضى ربه الاستغناء عن العذر أعز من الصدق به. من النهج إن للقلوب إقبالاً، وإدباراً، فإذا أقبلت فأحملوها على النوافل، وإذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض، لو لم يتوعد الله سبحانه على معصيته لكان يجب أن لا يعصى شكراً لنعمه. في النهج قد كان لي فيما مضى أخ في الله وكان يعظمه في عيني صغر الدنيا في عينه وكان خارجاً من سلطان بطنه، فلا يشتهي ما لا يجد ولا يكثر إذا وجد، كان لا يلوم أحداً حتى لا يجد العذر في مثله، وكان لا يشكون وجعاً إلا عند برئه، وكان يفعل ما يقول، ولا يقول ما لا يفعل وكان إن غلب على الكلام لم يغلب على السكوت، وكان على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلم، وكان إذا بدهه أمران نظر أيهما أقرب إلى الهوى فخالفه، فعليكم بهذه الخلايق فالزموها وتنافسوا فيها فإن لم تستطيعوا فاعلموا ان أخذ القليل خير من ترك الكثير. من كلام قاله رضي الله عنه لكميل بن زياد، قال كميل أخذ بيدي أمير المؤمنين رضي الله عنه فأخرجني إلى الجبانة فلما أصحر تنفس الصعداء ثم قال: يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، والناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجوا إلى ركن وثيق، ها إن ها هنا لعلماً جماً وأشار بيده إلى صدره لو أصبت له حملة بلى أصبت لقناً غير مأمون عليه، مستعملاً آلة الدين للدنيا، ومستظهراً لنعم الله على عباده، وبحججه على أوليائه أو منقاداً لحملة الحق لا بصيرة له في إحيائه ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة، ألا لاذا ولا ذلك، أو منهوماً باللذة سلسل القياد للشهوة، أو مغرماً بالجمع والإدخار وليسا من رعاة الدين في شيء أقرب شيء شبهاً بهما الأنعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حامليه. اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهراً مشهوراً، وإما خافياً مغموراً لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا وأين أولئك؟ ! أولئك والله الأقلون عدداً الأعظمون عند الله قدراً بهم يحفظ الله حججه وبيناته، حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هج بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون،

وصحبوا الدنيا بأبدان وأرواحها معلقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه آه آه شوقاً إلى رؤيتهم انصرف يا كميل إذا شئت. ة تعرقني عرق المدى مارست من لو هوت الأفلاك من ... جوانب الجو عليه ما شكا هرمس الحكيم واضع علم الهيئة والنجوم، ومستخرج القوانين الحسابية هو إدريس على نبينا وعليه السلام، وبذلك صرح الشهرستاني في كتاب الملل والنحل عند ذكر الصابئة، وبه صرح العلامة في شرح حكمة الإشراق أيضاً. وقال السهر وردي في حكمة الإشراق: إن هرمس من أساتذة أرسطو، وفي تفسير القاضي وغيره أن إدريس على نبينا وعليه السلام أول من تكلم في الهيئة والنجوم والحساب وهذا مما يؤيد أنه هرمس أيضاً. لبعضهم نسمات هواك لها أرج ... تحيي وتعيش بها المهج وبنشر حديثك يطوي الغم ... عن الأرواح ويندرج وببهجة وجه جلال جمال ... كمال صفاتك يبتهج ما الناس سوى قوم عرفوك ... وغيرهم همج همج قوم فعلوا خيراً فعلوا ... وعلى الدرج العليا درجوا شربوا بكؤوس تفكرهم ... من صرف هواك وما خرجوا دخلوا فقراء إلى الدنيا ... وكما دخلوا منها خرجوا يا مدعياً لطريقهم ... قوم فطريقك منعرج تهوى ليلى وتنام الليل ... وحقك ذا طلب سمج تمنت سليمى أن نموت بحبها ... وأهون شيء عندنا ما تمنت سمع رجل رجلاً يقول: أين الزاهدون في الدينا الراغبون في الآخرة فقال له: يا هذا اقلب كلامك وضع يدك على من شئت. بشار بن برد إذا كنت في كل الأمور معاتباً ... صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه وإن أنت لم تشرب مراراً على القذى ... ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه

فعش واحداً أو صل أخاك فإنه ... مقارف ذنب مرة ومجانبه قيل للمهلب: ما الحزم؟ فقال: تجرع الغصص إلى تنال الفرص. من كلام بعض الحكماء ارقص لقرد السوء في زمانه ولهذا الكلام قصة مشهورة أوردتها في المخلاة. الصلاح الصفدي وفيه مراعاة النظير والتورية. يا ساحباً ذيل الصبا في الهوى ... أبليته في الغي وهو القشيب فاغسل بدمع العين ثوب التقى ... ونقه من قبل عصر المشيب للكاتب الفرق الذي أبدوه بين البدل وعطف البيان رداً على من لم يفرق بينهما كالشيخ الرضي يشكل بنحو قولك جاء الضارب الرجل زيد، مما يمتنع جعله بدلاً كما نصوا عليه، وذلك إذا قصدت الإسناد إلى زيد وأتيت بالضارب توطية، وقد يتكلف بأنه إذا قصد مثل ذلك القصد لم يجزأ التلفظ بمثل هذا اللفظ. حكى إبراهيم بن عبد الله الخراساني، قال: حججت مع أبي سنة حج الرشيد فإذا نحن بالرشيد في عرفة واتقف حاسر حاف على الحصباء وقد رفع يديه وهو يرتعد ويبكي ويقول: يا رب يا رب أنت أنت وأنا أنا أنا العواد بالذنوب، أنت العواد بالمغفرة فاغفر لي فقال لي أبي: يا بني انظر لجبار الأرض كيف يتضرع إلى جبار السماء. صاحب الملل والنحل بعد أن عد الحكماء السبعة الذين قال إنهم أساطين الحكة وعد آخرهم أفلاطون قال: وأما من يليهم في الزمان ويخالفهم في الرأي فمنهم أرسطاطاليس وهو المقدم المشهور والمعلم الأول، والحكيم المطلق عندهم. ولد في أول سنة من ملك أردشير فلما أتت عليه سبعة عشرة سنة أسلمه أبوه إلى أفلاطون فمكث عنده نيفاً وعشرين سنة، وإنما سموه المعلم الأول لأنه واضع التعاليم المنطقية ومخرجها من القوة إلى الفعل وحكمه حكم واضع النحو وواضع العروض، فإن نسبة المنطق إلى المعاني نسبة النحو إلى الكلام، والعروض إلى الشعر ثم قال: وكتبه في الطبيعيات والإلهيات والأخلاق معروفة، ولها شروح كثيرة، ونحن اخترنا في نقل مذهبه شرح سامسطيوس الذي مقدم المتأخرين ورئيسهم أبو علي بن سينا وأحلنا باقي مقالاته في المسائل على نقل المتأخرين، إذ لم يخالفوه في رأي، ولا نازعوه في حكم كالمقلدين له والمتهالكين عليه، وليس الأمر على ما مالت ظنونهم إليه. ثم إنه قرر ومحصول رأيه وخلاصة كلامه في الطبيعي والإلهي في كلام طويل. ثم قال في آخره فهذه نكت كلامه استخرجناها من مواضع مختلفة، وأكثرها من شرح سامسطيوس. والشيخ أبو علي بن سينا الذي يتعصب له، وينصر مذهبه، ولا يعول من الحكماء إلا به. مقصورة ابن دريد لا تحسبن يا دهر أني ضارع ... لنكب الحارث الهمداني عن أمير المؤمنين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد إلا وله جواني وبراني يعني سريرته، وعلانيته، فمن أصلح جوانيه أصلح الله برانيه، ومن أفسد جوانيه أفسد الله برانيه الحديث. ولما قدم الحلاج للقتل، قطعت يده اليمنى، ثم اليسرى، ثم رجله، فخاف أن يصفر وجهه من رؤية الدم، فأدنى يده المقطوعة من وجهه ولطخه بالدم ليخفي اصفراره، وأنشد: لم أسلم النفس للأسقام تبلغها ... إلا لعلمي بأن الوصل يحييها نفس المحب على الآلام صابرة ... لعل مسقمها يوماً يداويها فلما شيل إلى الجذع قال: يا معين الضنى علي ... أعني على الضنى ثم جعل يقول مالي جفيت وكنت لا أجفى ... ودلائل الهجران لا تخفى وأراك تمزجني وتشربني ... ولقد عهدتك شاربي صرفا فلما بلغ به الحال أخذ يقول: لبيك يا عالماً سري ونجوائي ... لبيك لبيك يا قصدي ومعنائي أدعوك بل أنت تدعوني إليك فهل ... ناجيت إياك أو ناجيت إيائي؟ حبي لمولاي أضناني وأسقمني ... فكيف أشكو إلى مولاي مولائي يا ويح روحي من روحي ويا أسفي ... على منى فأني أصل بلوائي آخر طربنا لتعريض العذول بذكركم ... فنحن بواد والعذول بواد روى عن ابن الضحاك أن أبا نواس سمع صبياً يقرأ قوله تعالى: " يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا " فقال في مثل هذا تجيء صفة الخمر حسنة، ثم تأمل سويعة، وأنشد: وسيارة ضلوا عن القصد بعدما ... ترادفهم جنح من الليل مظلم فلاحت لهم منا على النأي قهوة ... كأن سناها ضوء نار تضرم إذا ما حسوناها أناخوا مكانهم ... وإن مزجت حثوا الركاب ويمموا فحدث محمد بن الحسن بهذا فقال: لا حباً ولا كرامة بل أخذه من قول بعض الأعراب. وليل بهيم كلما قلت غورت ... كواكبه عادت فما تتزيل

به الركب إما أومض البرق يمموا ... وإن لم يلح فالقوم بالسير جهل برهان التخليص: أورده ابن كمونة في شرح التلويحات يفرض خطين غي متناهيين متقاطعين قد خرج أحدهما من مركز كرة، فإذا فرض تحرك الكرة بحيث يخرج القطر من المقاطعة إلى الموازاة فلابد أن يتخلص عن الخط الآخر وهو إنما يكون عند نقطة ينتهي بها الخط مع كونه غير متناه. بعض الأعراب يصف حماري وحش كانا يثيران في غدوهما غباراً يهيج مرة ويسكن أخرى. يتعاوران من الغبار ملاءة ... بيضاءكم محكمة هما نسجاها تطوى إذا ورد إمكاناً محزناً ... وإذا السنابك أسهلت نشراها لبعض أولاد عبد الله بن جعفر بن أبي طالب من أبيات: ولست براءٍ عيب ذي الود كله ... ولا بعض ما فيه إذا كنت راضيا فعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا جواب الشرط الجازم لم يحل محل المفرد مع أنه في محل جزم. المئاتم النساء المجتمعات في خير أو شر لا في المصيبة فقط كما يقوله العامة بل هي المناحة لتناوحهن أي تقابلهن. قال بعض الحكماء: الظلم من طبع النفس وإنما يصدها عن ذلك أحدى علتين إما علة دينية كخوف معاد وإما سياسية كخوف السيف أخذه أبو الطيب فقال: والظلم من شيم النفوس فإن تجد ... ذا عفة فلعلة لا يظلم قيل لبعض الصوفية: لا تبيع مرقعتك هذه؟ فقال: إذا باع الصياد شبكته فبأي شيء يصطاد. قولهم فلان لا يعرف هره من بره أي من يكرهه ممن يبره. وقولهم فلان معربد في سكره مأخوذ من العربد وهي حية تنفخ ولا تؤذي. من المستظهري: قصد الرشيد زيارة الفضيل بن عياض ليلاً مع العباس، فلما وصلا إلى بابه سمعاه يقرأ: أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون فقال الرشيد للعباس: إن انتفعنا بشيء فبهذا فناداه العباس أجب أمير المؤمنين فقال: وما يعمل عندي أمير المؤمنين ثم فتح الباب وأطفأ السراج، فجعل هارون يطوف حتى وقعت يده عليه فقال: آه من يد ما ألينها إن نجت من عذا يوم القيامة. ثم قال: استعد لجواب يوم القيامة إنك تحتاج أن تتقدم مع كل مسلم ومسلمة، فاشتد بكاء الشيد فقال العباس اسكت يا فضيل فإنك قتلت أمير المؤمنين، فقال: يا هامان إنما قتلته أنت وأصحابك، فقال الرشيد: ما سماك هامان إلا وقد

جعلني فرعون، ثم قال له الرشيد هذا مهر والدتي ألف دينار وأريد أن تقبلها مني، فقال لا جزاك الله إلا جزاءها ردها على من أخذتها منه فقام الرشيد وخرج. ذكر في عيون الأخبار أن مما أنشده علي بن موسى الرضا رضي الله عنه للمأمون هذه الأبيات: إذا كان دوني من بليت بجهله ... أبيت لنفسي أن تقابل بالجهل وإن كان مثلي في محلي من النهى ... أخذت بحلمي كي أجل عن المثل إن كنت أدنى منه في الفضل والحجى ... عرفت له حق التقدم والفضل آخر ولست كمن أخنى عليه زمانه ... فبات على أخدانه يتعتب تلذ له الشكوى وإن لم نجد بها ... صلاحاً كما يلتذ بالحك أجرب من كتاب أدب الكتاب: الطرب خفة تصيب الرجل لشدة السرور؛ أو شدة الجزع وليس في الفرح فقط كما يظنه العامة. قال النابغة وأراني طرباً في إثرهم ... طرب الواله أو كالمختبل قال المحقق الطوسي في شرح الإشارات: أنكر الفاضل الشارح جواز كون الجسم الواحد متحركاً بحركتين مختلفتين، قال لأن الإنتقال إلى جهة يستلزمه الحصول في تلك الجهة، فلو انتقل إلى جهتين لزم حصوله دفعة في جهتين سواء كان الإنتقال بالذات أو بالعرض أو بهما، ثم قال: لا يقال إنا نرى الرحى تتحرك إلى جهة والنملة عليه كذا إلى خلافها لأنا نقول، لا يجوز أن يكون للنملة وقفة حال حركة الرحى؟ وللرحى وقفة حال حركة النملة؟ وهذا وإن كان مستبعداً لكن الإستبعاد عندهم لا يعارض البرهان. والجواب إن الجسم لا يتحرك حركتين إلى جهتين من حيث هما حركتان بل يتحرك حركة واحدة يتركب منهما، فإن الحركات إذا تركبت وكانت إلى جهة واحدة أحدثت حركة

مساوية لفضل البعض على البعض أو سكوناً إن لم يكن فضل، وإن كانت في جهات مختلفة أحدثت حركة مركبة إلى جهة توسط تلك الجهات على نسبتها، وذلك على قياس ساير الممتزجات، فإذن الجسم الواحد لا يتحرك من حيث هو واحد إلا حركة واحدة إلى جهة واحدة، إلا أن الحركة الواحدة كما تكون متشابهة قد تكون مختلفة، وكما تكون بسيطة فقد تكون مركبة وكل مختلفة مركبة وكل بسيطة متشابهة، ولا يتعاكسان، والحركة المختلفة تكون بالقياس إلى متحركاتها الأول بالذات وإلى غيرها بالعرض، ولا تكون جميعها بالقياس إلى غيرها متحرك واحد بالذات، بل لو كان فيها ما هي بالقياس إليه بالذات لكانت إحداهما فقط، وإذا ظهر ذلك فقد ظهر أنه لا يلزم من كون الجسم متحركاً بحركتين حصوله دفعة في جهتين ولم يحوج ذلك إلى ارتكاب شيء مستبعد فضلاً عن محال. من كلام أمير المؤمنين علي رضي الله عنه إذا ملأ البطن من المباح عمي القلب عن الصلاح إذا أتتك المحن فاقعد لها فإن قيامك زيادة لها، إذا رأيت الله سبحانه يتابع عليك البلاء فقد أيقظك، إذا أردت أن تطاع سل ما يستطاع، إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون، إذا هرب الزاهد من الناس فاطلبه، استشر أعداءك تعرف من رأيهم مقدار عدواتهم ومواضع مقاصدهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عدوى، ولا هامة، ولا طيرة، ولا صفرة، فالعدوى ما يظنه الناس من تعدي العلل، والهامة ما كان يعتقده العرب في الجاهلية من أن القتيل إذا طل دمه ولم يدرك بثاره صاحت هامته في القبر اسقوني، والطيرة التشاؤم من صوت غراب ونحو ذلك، وأما الصفر فهو كالحية تكون في الجوف تصيب الماشية وهو عندهم أعدى من الجرب. قال بعض الملوك: من والانا أخذنا ماله ومن عادانا أخذنا رأسه وقيل في الملوك هم جماعة يستكثرون من الكلام رد السلام؛ ويستقلون من العقاب ضرب الرقاب. قال بعض العارفين: الدين والسلطان والجند والرعية كالفسطاط والعمود والأطناب والأوتاد. وقال بعض الحكماء لابنه: يا بني خذ العلم من أفواه الرجال فإنهم يكتبون أحسن ما يسمعون، ويحفظون أحسن ما يكتبون، ويقولون أحسن ما يحفظون. قال أبو ذر رضي الله عنه: يومك جملك إذا قدت رأسه اتبعك ساير جسده، يريد إذا عملت في أول نهرك خيراً كان ذلك متصلاً إلى آخره.

وصف الساق

لبعضهم ترى الفتى ينكر فضل الفتى ... مادام حياً فإذا ما ذهب جد به الحرص على نكتة ... يكتبها عنه بماء الذهب وصف الساق من شرح القانون للقرشي في تشريح الساق: قال والموضعان اللذان من جانبيه في أسفله وهما طرفا القصبتين يسميان الكوع والكرسوع تشبيهاً لها بمفصل الرسغ من اليدين والعظمان الناتيان في هذين الموضعين، العاريان من اللحم، يسميهما الناس في العرف بالكعبين، وجالينوس غلط من سماهما بذلك كل الغلط، وقال: إن الكعب عظم هو داخل هذين الموضعين يخيطان به وهو مغطى من جميع الناحي ثم قال الشارح المذكور في تشريح الكعب: ما الكعب، فالإنساني منه أكثر تكعيباً وأشد تهندماً مما في ساير الحيوانات وذلك لأن لرجليه قدماً وأصابع ويحتاج في تحريك قدميه إلى انبساط وانقباض. وذلك بحركة سهلة ليسهل عليه الوطي على الأرض المائلة إلى الإرتفاع والإنخفاض وعلى المستوية فلذلك يحتاج أن يكون مفصل ساقه من قدمه مع قوته وإحكامه سلساً سهل الحركة، وهذا المفصل لا يمكن أن يكون بزائدة واحدة مستديرة تدخل في حفرتها فكان يحدث للقدم لذلك أن يتحرك مقدمه إلى جهة جانبيه بل إلى جهة مؤخرة وكان يلزم ذلك فساد التركيب أو مصاكة إحدى القدمين للأخرى فلابد أن يكون بزايدتين حتى يكون كل واحدة منها مانعة من حركة الأخرى على استدارة. لا يمكن أن يكون إحدى الزائدتين خلفاً والأخرى قداماً لأن ذلك مما يعسر معه حركة الإنبساط والإنقباض اللتين بمقدم القدم فلابد أن يكون هاتان الزائدتان إحديهما يميناً والأخرى شمالاً ولابد أن يكن بينهما تباعد له قدر يعتد به ليكون امتناع تحريك كل منهما على الإستدارة أكثر وأشد فلذلك لا يمكن أن يكون مع قصبة واحدة فلابد أن يكون مع قصبتين، ولو كان بقدر مجموعها عظم واحد لكان يجب أن يكون ذلك العظم ثخيناً جداً وكان يلزم عن ذلك ثقل الساق فلذلك لابد أن يكون أسفل الساق عند هذا المصل قصبتين. وأما على الساق وذلك حيث مفصل الركبة فإنه يكتفي فيه بقصبة واحدة، فلذلك احتيج أن يكون إحدى قصبتي الساق منقطعة عند أعلى الساق، فيجب أن يكون الحفرتان في هاتين القصبتين والزايدتان في العظم الذي في القدم، لأن هاتين القصبتين يراد بهما الخفة وذلك ينافي أن يكون الزوايد فيهما لأن ذلك يلزمه زيادة الثقل والحفة تلزمها زيادة الخفة. فلذلك كان هذا المفصل بحفرتين في طرفي القصبتين وزائدتين في العظم الذي في القدم، وهذا العظم لا يمكن أن يكون هو

العقب لأن العقب يحتاج فيه إلى شدة الثبات على الأرض، وذلك ينافي أن يكون به هذا المفصل لأن هذا المفصل يحتاج أن يكون سلساً جداً، لئلا يكون ارتفاع مقدم القدم وانخفاضه عسرين جداً وغير العقب من باقي عظام البدن بعيد أن يكون له هذا المفصل إلا الكعب، فلذلك يجب أن يكون له هذا الممفصل حادثاً بين طرفي القصبتين والعظم الذي هو الكعب، وأن يكون النقرتان في طرفي القصبتين والزائدتين في الكعب. من كتاب التوضيح في علم التشريح: الكعب موضوع فوق العقب وتحت الساق يحتوي عليه الطرفان الناتيان الناتئان من القصبتين، ويدخل طرفاه في نقرتي العقب دخول الركز وله زائدتان فوقانيتان الأنسية منهما تدخل في حفرة طرف القصبة العظمى والوحشية في حفرة طرف القصبة الصغرى، فيحصل مفصل به ينبسط القدم وينقبض. لبعضهم يهجو لنا صديق وله لحية ... طويلة ليس لها فائدة كأنها بعض ليالي الشتاء ... طويلة مغتمة باردة لبعضهم في الإقتباس إن الذين ترحلوا ... نزلوا بعين ناظرة أسكنتهم في مقلتي ... فإذا هم بالساهرة ولآخر فيه جائني الحب زائراً ... وعلى مهجتي عطف قلت جد لي بقبلة ... قال خذها ولا تخف ولآخر فيه زار الحبيب بليل ... وفزت منه بأنسي وبات عندي ضجيعي ... وما أبرىء نفسي ولآخر فيه أهيف كالبدر يصلي ... في قلوب الناس نار يمزج الخمر بفيه ... فترى الناس سكارى

الصلاح وفيه تورية: رب فلاح مليح ... قال يا أهل الفتوة كفلي أضعف خصري ... فأعينوني بقوة ولآخر فيه يا عاشقين حاذروا ... مبتسماً من ثغره فطرفة الساحر مذ ... شككتم في أمره يريد أن يخرجكم ... من أرضكم بسحره عبد الله بن المعتز ضعيفة أجفانه ... والقلب منه حجر كأنما أجفانه ... من فعله تعتذر الصلاح وفيه تورية أضحى يقول عذاره ... هل فيكم لي عاذر الورد ضاع بخده ... وأنا عليه دائر وله كذلك وصاحب لما أتاه الغنى ... تاه ونفس المرء طماحة وقيل قد أبصرت منه يداً ... لشكرها قلت ولا راحة وله في المجون كذا كم من مليح صغير ... على المعنى تعسر وما تيسر منه ... وصل إلى أن تعذر سمع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه رجلاً يتكلم بما لا يعنيه، فقال له: يا هذا إنما تملي على كاتبيك كتاباً إلى ربك. قال أفلاطون إذا أردت أن يطيب عيشك فارض من الناس بقولهم إنك مجنون بدل قولهم إنك عاقل. دخل أبو حازم على عمر بن عبد العزيز فقال له عمر: عظني، فقال: اضطجع ثم اجعل الموت عند رأسك؛ ثم انظر ما تحب أن يكون فيك في تلك الساعة فخذ به الآن، وما تكره أن يكون فيك تلك الساعة فدعه الآن، فلعل الساعة قريب. دخل صالح بن بشر الزاهد على المهدي فقال له: عظني؛ فقال له: أليس جلس هذا المجلس أبوك وعمك قبلك؟ قال: بلى قال: أكانت لهم أعمال ترجو لهم النجاة بها وأعمال يخاف عليهم الهلكة منها، قال: نعم، قال: فأنظر فما رجوت لهم فيه فآته، وما خفت عليهم فاجتنبه. أتى عبد الله بن مسلم إلى الرشيد فهم بقتله فقال له عبد الله: أسألك بالذي أنت بين يديه أذل مني بين يديك؛ والذي هو أقدر على عقابك منك على عقابي إلا عفوت عني فعفى عنه. قوله تعالى: " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح " ليس دالاً على أن الكواكب مركوزة في فلك القمر بل على أن فلك القمر مزين بها وهو كذلك؛ لشفافة الأفلاك وكذا قوله

تعالى: " وجعلناها رجوماً للشياطين " لا يقتضي أن الكواكب نفسها تنقض ليلزم نقص الكواكب على مر الأيام، بل غاية ما يلزم منه أن الشهب تنفصل عن الكوكب كما يقتبس من السراج، ولم يقم برهان على أن جميع الكواكب مركوزة في فلك الثامن وأن فلك القمر ليس فيه إلا القمر، فلعل أكثر الكواكب الغير المرصودة مركوزة فيه، ومنها تنقض الشهب. ابن الفارض هو الحب فاسلم بالحشا ما الهوى سهل ... فما اختاره مضنىً به وله عقل فعش خالياً فالحب راحته ... عنىً وأوله سقم وآخره قتل ولكن لدي الموت فيه صبابة ... حياة لمن أهوى علي بها الفضل نصحتك علماً بالهوى والذي أرى ... مخالفتي فاختر لنفسك ما يحلو فإن شئت أن تحيي سعيداً فمت به ... شهيداً وإلا فالغرام له أهل فمن لم يمت في حبه لم يعش به ... ودون اجتناء النحل ما جنت النحل تمسك بأذيال الهوى واخلع الحيا ... وخل سبيل الناسكين وإن جلوا وقل لقتيل الحب وفيت حقه ... وللمدعى هيهات ما اكتحل الكحل تعرض قوم للغرام وأعرضوا ... بجانبهم عن صحتي فيه واعتلوا رضوا بالأماني وابتلوا بحظوظهم ... وخاضوا بحار الحب دعوى فما ابتلوا فهم في السرى لم يبرحوا من مكانهم ... فما ظعنوا في السير عنه وقد كلوا وعن مذهبي لما استحبوا العمى على ... الهدى حسداً من عند أنفسهم ضلوا أحبه قلبي والمحبة شافعي لديكم ... إذا شئتم بها اتصل الحبل عسى عطفة منكم علي بنظرة ... فقد تعبت بيني وبينكم الرسل أحباي أنتم أحسن الدهر أو أسا ... فكونوا كما شئتم أنا ذلك الخل إذا كان حظي الهجر منكم ولم يكن ... بعاد فذاك الهجر عندي هو الوصل وما الصدر إلا الود ما لم يكن فلا ... وأصعب شيء غير إعراضكم سهل وتعذيبكم عذب لدي وجوركم ... علي بما يقضي الهوى لكم عدل وصبري صبر عنكم وعليكم ... أرى أبداً عندي مرارته تحلو أخذتم فؤادي وهو بعضي فما الذي ... يضركم لو كان عندكم الكل

نأيتم فغير الدمع لم أر وافياً ... سوى زفرة من حر نار الهوى تعلو فسهدي حيٌّ في جفوني مخلد ... ونومي بها ميت ودمعي له غسل هوى طل ما بين طلول دمي فمن ... جفوني جرى بالسفح من سفحه وبل تباً له قومي إذ رأوني متيماً ... وقالوا بمن هذا الفتى مسه الخبل وماذا عسى عني يقال سوى غدا ... بنعم له شغل نعم لي بها شغل وقال نساء الحي عني بذكر من ... جفانا وبعد العز لذله الذل إذا أنعمت نعم علي بنظرة ... فلا أسعدت سعدي ولا أجملت جمل وقد صدئت عيني برؤية غيرها ... ولثم جفوني تربها للصدا يجلو حديثي قديم في هواها وماله ... كما علمت بعد ولي له قبل ومالي مثل في غرامي بها كما ... غدت فتنة في حسنها ما لها مثل حرام شفا سقمي لديها رضيت ما ... به قسمت لي في الهوى ودمي حل فحالي وإن ساءت فقد حسنت بها ... وما حط قدري في هواها به أعلو وعنوان ما فيها لقيت وما بها ... شقيت وفي قولي اختصرت ولم أغلو خفيت ضني حتى لقد ضل عايدي ... وكيف ترى العواد من لا له ظل وما عثرت عيني على أثري ولم ... تدع لي رسماً في الهوى الأعين النجل ولي همة تعلو إذا ما ذكرتها ... وروح بذكراها إذا رخصت تغلو فنافس ببذل النفس فيها أخا الهوى ... فإن قبلتها منك يا حبذا البذل فمن لم يجد في حب نعم بنفسه ... وإن جاد بالدنيا إليه انتهى البخل فلولا مراعاة الصيانة غيره ... وإن كثروا أهل الصبابة أو قلوا لقلت لعشاق الملاحة أقبلوا ... إليها على رأيي وعن غيرها ولوا وإن ذكرت يوماً فخروا لذكرها ... سجوداً وإن لاحت إلى وجهها صلوا وفي حبها بعت السعادة بالشقا ... ضلالاً وعقلي عن هداي له عقل وقلت لرشدي والتنسك والتقى ... تخلوا وما بيني وبين الهوى خلوا وفرغت قلبي من وجودي مخلصاً ... لعلي في شغلي إليها بها أخلو ومن أجلها أسعى لمن بيننا سعى ... وأعدو ولا أعدو لمن دأبه العذل

القول في إن الله واحد

وأرتاح للواشين بيني وبينها ... لتعلم ما ألقى وما عندها جهل وأصبوا إلى العذال حباً لذكرها ... كأنهم ما بيننا في الهوى رسل فإن حدثوا عنها فكلي سامع ... وكلي إن حدثتهم ألسن تتلو تخالفت الأقوال فينا تبايناً ... برجم ظنون في الهوى لها أصل فشنع قوم بالوصال ولم نصل ... وأرجف بالسلوان قوم ولم أسلو وما صدق التشنيع عني لشقوتي ... وقد كذبت عني الأراجيف والنقل وكيف أرجي وصل من لو تصورت ... حماها المنى وهماً لضاق بها السبل فإن وعدت لم يلحق القول فعلها ... وإن أوعدت فالقول يسبقه الفعل عديني بوصل وامطلي بنجازه ... فعندي إذا صح الهوى حسن المطل وحرمة عهد بيننا عنه لم أحل ... وعقد بأيدٍ بيننا ما له حل لأنت على غيض النوى ورضا الهوى ... لدي وقلبي ساعة منك لا يخلو ترى مقلتي يوماً يرى من أحبهم ... ويعتبني دهري ويجتمع الشمل وما برحوا معنى أراهم معي وإن ... نأوا صورة في الذهن قام لهم شكل فهم نصب عيني ظاهراً حيث ما سروا ... وهم في فؤادي باطناً أينما حلوا لهم أبداً مني حنوا وإن جفوا ... ولي أبداً ميل إليهم وإن ملوا القول في إن الله واحد من كتاب أعلام الدين تأليف أبي محمد الحسن بن أبي الحسن الديلمي عن مقداد بن شريح البرهاني عن أبيه قال: قام رجل يوم الجمل إلى علي رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين أتقول إن الله واحد؟ فحمل الناس عليه وقالوا: يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين رضي الله عنه من تقسيم القلب؟ فقال رضي الله عنه: دعوه فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم ثم قال: يا هذا إن القول في أن الله لواحد على أربعة أقسام: فوجهان منها لا يجوزان على الله تعالى، ووجهان ثابتان له، فأما الوجهان اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل، وهو واحد يقصد به باب الأعداد فهذا ما لا يجوز لأن ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد أما ترى أنه كفر من قال إنه ثالث ثلاثة. وقول القائل هو واحد يريد به النوع من الجنس، فهذا ما لا يجوز لأنه تشبيه جل ربنا عن ذلك؛ وأما الوجهان اللذان يثبتان له فقول القائل واحد يريد بن من ليس له في الأشياء شبيه ولا مثل كذلك الله ربنا. وقول القائل إنه تعالى واحد، يريد أنه أحدي المعنى يعني أنه لا يتجسم لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم كذلك الله ربنا عز وجل.

عدل علي كرم الله وجهه

عن نوف البكالي قال رأيت أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه ذات ليلة وقد خرج من فراشه فنظر إلى النجوم، فقال: يا نوف أراقد أنت أم رامق؟ قال بل رامق يا أمير المؤمنين، قال: يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، أولئك قوم اتخذوا الأرض بساطاً وترابها فراشاً وماءها طيباً والقرآن شعاراً، والدعاء دثاراً، ثم قرضوا الدنيا قرضاً حسناً على منهاج المسيح عليه السلام. يا نوف إن داود النبي قام في مثل هذه الساعة من الليل، فقال: إنما هي ساعة لا يدعو فيها عبد إلا استجيب له، إلا أن يكون عشاراً أو عريفاً؛ أو شرطياً، أو صاحب عرطبة، أو صاحب كوبة، العشار، الذي يعشر أموال الناس، والعريف النقيب، والشرطي الشحنة المنصوب من قبل السلطان، والعرطبة الطبل، والكوبة الطنبور أو بالعكس. عدل علي كرم الله وجهه من النهج والله لئن أبيت على حسك السعدان مسهداً وأجر في الأغلال مصفداً أحب إلي من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، وغاصباً لشيء من الحطام، وكيف أظلم أحداً لنفس تسرع إلى البلى قفولها، ويطول في الثرى حلولها. والله ولقد رأيت عقيلاً وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعاًن ورأيت صبيانه شعث الألوان شعث الشعور، غبر الألوان من فقرهم كأنما سودت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكداً وكرر علي القول مردداً، فأصغيت إليه سمعي فظن أني أبيعه ديني وأتبع قيادة مفارقاً طريقي فأحميت له حديدة ثم أدنيها من جسمه ليعتبر بها فضج ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من مسحها فقلت له ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبة؟ وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه، أتئن من الأذى؟ ولا أئن من لظى، وأعجب من ذاك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنأها كأنما عجنت بريق حية أو قيئها فقلت: أصله، أم زكاة أم صدقة؟ فذاك محرم علينا أهل البيت فقال: لا ذاك ولا ذاك ولكنه هدية فقلت: هبلتك الهبول أعن دين الله أتيتني لتخدعني؟ أمختبط أم ذو جنة أم تهجر؟ . والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته، وإن دنياكم عندي أهون من ورقة في فم جرادة تقتضمها ما لعلي ونعيم يفنى؟ {ولذة لا تبقى؟} نعوذ بالله سبحانه من سيئات العقل وقبح الزلل وبه نستعين. أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع. عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أربع خصال الجهل: من غضب على من لا يرضيه، وجلس إلى من لا يدنيه وتفاقر إلى من لا يغنيه وتكلم بما لا يعنيه.

قال بعض الحكماء: ينبغي للعاقل أن يعلم أن الناس لا خير فيهم وأن يعلم أنه لابد منهم وإذا عرف ذلك عاملهم على قدر ما تقتضيه هذه المعرفة. شتم رجل بعض الحكماء فتغافل عن جوابه، فقال: إياك أعني فقال الحكيم وعنك أغمض. ومن درة الغواص قولهم: هاون غلط إذ ليس في كلام العرب فاعل والعين فيه واو الصواب أن يقال هاوون على وزن فاعول. لسان العاقل من وراء قلبه وقلب الأحمق من وراء لسانه. السكاكي يستهجن قول أبي تمام: لا تسقني ماء الملام فإنني ... صب قد استعذبت ماء بكائي لأن الاستعارة التخييلية فيه منفكة عن الإستعارة بالكناية، وصاحب الإيضاح يمنع الإنفكاك فيه مستنداً بأنه يجوز أن يكون قد شبه الملام بظرف شراب مكروه فيكون استعارة بالكناية، وإضافة الماء تخييلية، وأنه تشبيه من قبيل لجين الماء لا استعارة، قال ووجه الشبه أن اللوم يسكن حرارة الغرام كما أن الماء يسكن غليل الأوام. وقال الفاضل الجلبي في حاشية المطول: فيه نظر، لأن المناسب للعاشق أن يدعي أن حرارة غرامه لا تسكن لا بالملام، ولا بشيء آخر، فكيف يجعل ذلك وجه شبه؟ ! إنتهى كلامه هذا. ونقل ابن الأثير في كتاب المثل السائر أن بعض الظرفاء من أصحاب أبي تمام لما بلغه البيت المذكور أرسل إليه قارورة وقال: إبعث إلينا شيئاً من ماء الملام، فأرسل إليه أبو تمام إبعث علي بريشة من جناح الذل لأبعث إليك بشيء من ماء الملام. ثم إن ابن الأثير استضعف هذا النقل وقال: ما كان أبو تمام بحيث يخفى عليه الفرق بين التشبيه في الآية والبيت، فن جعل الجناح للذل كجعل الماء للملام، فإن الجناح مناسب للذل، وذلك أن الطائر عند إشفاقه وتعطفه على أولاده يخفض جناحه ويلقيه على الأرض، وهكذا عند تعبه ووهنه، والإنسان عند تواضعه وانكساره يطأطىء رأسه ويخفض يديه اللذين هما جناحاه، فشبه ذله وتواضعه لحالة الطائر على طريق الاستعارة بالكناية وجعل الجناح قرينة لها وهو من الأمور الملائمة للحالة المشبه بها، وأما ماء الملام فليس من هذا القبيل كما لا يخفى انتهى كلام ابن الأثير مع زيادة وتنقيح هذا. ويقول كاتب هذه الأحرف إن للبيت محملاً آخر كنت أظن أني لم أسبق إلى هذا الوجه حتى رأيته في التبيان وهو أن يكون ماء الملام من قبيل المشاكلة لذكر ماء البكاء ولا يظن أن

تأخر ذكر ماء البكاء يمنع المشاكلة، فإنهم صرحوا في قوله تعالى: " فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين " أن تسميه الزحف على البطن مشياً لمشاكلة ما بعده وهذا الحمل إنما يتمشى على تقدير عدم صحة الحكاية المنقولة. ثم أقول: هذا الحمل أولى مما ذكره صاحب الإيضاح فإن الوجهين اللذين ذكرهما في غاية البعد، إذ لا دلالة في البيت على أن الظرف أو الماء مكروه كما قاله المحقق التفتازاني في المطول والتشبيه لا يتم بدونه. وأما ما ذكره صاحب المثل السائر في أن وجه الشبه أن الملام قول يعنف به المعلوم وهو مختص بالسمع؛ فنقله أبو تمام إلى ما يختص بالحلق، كأنه قال: لا تذقني ما الملام ولما كان السمع يتجرع الملام أو لا كتجرع الحلق الماء صار كأنه شبيه به، فهو وجه في غاية البعد أيضاً كما لا يخفى. والعجب منه أنه جعله قريباً وغاب عنه عدم الملائمة بين الماء والملام هذا وقد أجاب بعضهم على نظر الفاضل الجلبي في كلام إيضاح بأن تشبيه الشاعر الملام بالماء في تسكين نار الغرام إنما هو على وفق معتقد اللوام أن حرارة غرام العشاق تسكن بورود الملام وليس ذلك على وفق معتقده، فلعل معتقده أن نار الغرام تزيد بالملام كما ينظر إليه قول أبو الشيص: أجد الملامة في هواك لذيذة ... حباً لذكرك فليلمني اللؤم أو أن تلك النار لا يؤثر فيها الملام كما قال الآخر: جاؤوا يرمون سلواني بلومهم ... عن الحبيب فراحوا مثل ما جاؤوا فقول الجلبي: لأن المناسب للعاشق الخ غير جيد، فإن صاحب الإيضاح لم يقل إن التشبيه معتقد العاشق. ويقول كاتب الأحرف: إن ذكره صاحب الإيضاح الكراهة في الشراب صريح بأنه غير راض بهذا الجواب انتهى. لبعضهم بكرت عليك فهيجت وجدا ... هوج الرياح وأذكرت نجدا أتحن من شوق إذا ذكرت ... نجد؟ وأنت تركتها عمدا ابن الخياط خذا من صبا نجدٍ أماناً لقلبه ... فقد كاد رياها يطير بلبه وإياكما ذاك النسيم فإنه ... إذا مر كان الوجد أيسر خطبه خليلي لو أبصرتما لعلمتما ... مكان الهوى من مغرم القلب صبه تذكر والذكرى تشوق وذو الهوى ... يتوق ومن يعلق به الحب يصبه وفي الحي محني الضلوع على جوى ... متى يدعه داعي الغرام يلبه غرام على يأس الهوى ورجائه ... وشوقاً على بعد المزار وقربه ومحتجب بين الأسنة والقنا ... وفي القلب من إعراضه مثل حجبه أغار إذا أنست في الحي أنة ... حذاراً عليه أن تكون لحبه آخر وأتعب الناس ذو حال ترقها ... يد التجمل والأقتار تخرقها نقل ركابك للعلا ... ودع الغواني للقصور

مسألة فلكية

فمحالفوا أوطانهم ... أمثال سكان القبور لولا التغرب ما ارتقى ... درر البحور إلى النحور مسألة فلكية إن أردت معرفة ارتفاع مخروط ظل الأرض تضع شظية الكوكب على مقنطرة ارتفاعه فالمقنطرة الواقع عليها، نظير درجة الشمس ارتفاع رأس المخروط فإن كان شرقياً أقل من ثمانية عشر لم يغرب الشفق بعداً وأكثر فقد غرب، أو مساوياً فابتداء غروبه وإن كان غريباً أقل فقد طلع الفجر، أو أكثر لم يطلع بعد، أو مساوياً فابتداء طلوعه وإن وقع النظير على خط وسط السماء فنصف الليل. من يستجاب دعاؤه قال القطب في شرح الشهاب: روى أن دعاء صنفين من الناس مستجاب لا محالة مؤمناً أو كافراً: دعاء المظلوم، ودعاء المضطر، لأن الله تعالى يقول: " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ". وقال النبي صلى الله عليه وسلم دعوة المظلوم مستجابة، فإن قيل: أليس الله تعالى يقول: " وما دعاء الكافرين إلا في ضلال؟ " فكيف يستجاب دعاؤهم قلنا الآية واردة في دعاء الكفار في النار، وهناك لا ترحم العبرة ولا تجاب الدعوة، والخبر الذي أوردناه يراد به في دار الدنيا، فلا تدافع. انظر إلى ما تبصره فإنه إنما يظهر لحس البصر إذا كان محفوفاً بالعوارض المادية متجلبباً بالجلابيب الجسمانية، ملازماً لوضع خاص وقدر معين من القرب والبعد المفرطين وهو بعينه يظهر في الحس المشترك خالياً عن تلك العوارض التي كانت شرط ظهوره لذلك الحس، عرياً عن تلك الجلابيب التي كانت بدونها بدونها لا يظهر لذلك المشعر أبداً أنظر إلى ما يظهر في اليقظة من صورة العلم وهو أمر عرضي يدرك العقل أو الوهم، ثم هو بعينه يظهر في النوم بصورة اللبن، فالظاهر في عالم اليقظة وعالم النوم شيء واحد هو علم لكن تجلى في كل عالم بصورة فقد تجد في عالم ما كان في آخر عرضاً. أنظر إلى السرور التي يظهر في المنام بصورة البكاء وأحدس منه أنه قد يسرك في عالم ما يسوؤك في آخر. إذا عرفت أن الشيء يظهر في كل عالم بصورة انكشف لك سر ما نطقت به الشريعة المطهرة من تجسد الأعمال في النشأة

الأخرى، بل ظهر لك حقيقة ما قاله العارفون: من أن أعمال الصالحة هي التي تظهر في صور الحور والقصور والأنهار وأن الأعمال السيئة هي التي تظهر في صور العقارب والحيات والنار، واطلعت على أن قوله تعالى: " وإن جهنم لمحيطة بالكافرين " وارد على الحقيقة لا المجاز من إرادة الإستقبال في اسم الفاعل، فإن أخلاقهم الرذيلة، وأعمالهم السيئة، وعقائدهم الباطلة الظاهرة في هذه النشأة في هذه الصور هي التي تظهر في تلك النشأة صورة جهنم، وكذا عرفت حقيقة قوله تعالى: " الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً " وكذا قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي يأكل في آنية الذهب إنما يجرجر في جوفه نار جهنم وقوله الظلم ظلمات يوم القيامة إلى غير ذلك. كل من القائلين بأن الرؤية بالإنعكاس والإنطباع لا يريدون الإنعكاس والإنطباع الحقيقي، قال المعلم الثاني أبو نصر الفارابي في رسالة الجمع بين رأي أفلاطون وأرسطاطاليس: أن غرض كل منهما التنبيه على هذه الحالة الإدراكية، وضبطها بضرب من التشبيه لا حقيقة خروج الشعاع ولا حقيقة الإنطباع، وإنما اضطر إلى إطلاق ذينك اللفظين لضيق العبارة. كان بعض أصحاب القلوب يقول: إن الناس يقولون: افتحوا أعينكم حتى تبصروا وأنا أقول: إغمضوا أعينكم حتى تبصروا. معرفة الطالع من الإرتفاع صنع درجة الشمس أو الكواكب على مقنطرة الإرتفاع المأخوذ شرقياً أو غربياً فما وقع من منطقة البروج على الأفق الشرقي فهو الطالع، وإذا وقعت درجة الشمس أو مقنطرة الإرتفاع أو درجة الطالع بين خطين عمل بالتخمين أو التعديل، لله در من قال: لا يخدعنك بعد طول تجارب ... دنياً تغر بوصلها وستقطع أحلام نوم أو كظل زائل ... إن اللبيب بمثلها لا يخدع

الأقوال في المعاد

الأقوال في المعاد من كتاب تهافت الفلاسفة الأقوال الممكنة في أمر المعاد على خمسة، وقد ذهب إلى كل منها جماعة: الأول ثبوت المعاد الجسماني فقط وأن المعاد ليس إلا لهذا البدن وهو قول نفاة النفس الناطقة المجردة وهم أكثر أهل الإسلام، الثاني ثبوت المعاد الروحاني فقط، وهو قول الفلاسفة الإلهيين: الذي ذهبوا إلى أن الإنسان هو النفس الناطقة فقط وإنما البدن آلة تستعمل وتتصرف فيه لاستكمال جوهرها، الثالث ثبوت المعاد الروحاني والجسماني معاً وهو قول من أثبت النفس الناطقة المجردة من الإسلاميين كالإمام الغزالي والحكيم الراغب وكثير من المتصوفة، الرابع عدم ثبوت شيء منهما وهو قول القدماء والطبيعيين الذين لا يعتد بهم ولا بمذهبهم لا في الملة ولا في الفلسفة، الخامس التوقف وهو المنقول عن جالينوس، فقد نقل عنه أنه قال في مرضه الذي مات فيه إني ما علمت أن النفس هي المزاج فينعدم عند الموت فيستحيل إعادتها أو هي جوهر باق بعد فساد البدن فيمكن المعاد. للشيخ الرئيس أبو علي بن سينا هبطت إليك من المحل الأرفع ... ورقاء ذات تعزز وتمنع محجوبة عن كل مقلة عارف ... وهي التي سفرت ولم تتبرقع وصلت على كره إليك وربما ... كرهت فراقك فهي ذات تفجع أنفت وما أنست فلما واصلت ... ألفت مجاورة الخراب البلقع وأظنها نسيت عهوداً بالحمى ... ومنازلاً بفراقها لم تقنع حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها ... عن ميم مركزها بذات الأجرع علقت بها ثاء الثقيل فأصبحت ... بين المعالم والطاول الخضع تبكي وقد ذكرت عهوداً بالحمى ... بمدامع تهوى ولم تتقطع وتظل ساجعة على الدمن التي ... درست بتكرار الرياح الأربع إذ عاقها الشرك الكثيف وصدها ... قفص عن الأوج الفسيح المربع

حتى إذا قرب المسير من الحمى ... ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع وغدت مفارقة لكل مخلف ... عنها حليف البرق غير مشيع سجعت وقد كشف الغطا فأبصرت ... ما ليس يدرك بالعيون الهجع وغدت تغرد فوق ذروة شاهق ... والعلم يرفع كل من لم يرفع فلأي شيء أهبطت من شامخ ... عالٍ إلى قعر الحضيض الأوسع إن كان أهبطها الإله لحكمةٍ ... طويت على الفذ اللبيب الأروع وهبوطها إن كان ضربة لازب ... لتكون سامعة بما لم تسمع وتعود عالمة بكل خفية ... في العالمين فخرقها لم يرقع وهي التي قطع الزمان طريقها ... حتى لقد غربت بغير المطلع فكأنها برق تألق بالحمى ... ثم انطوى فكأنه لم يلمع أنعم برد جواب ما أنا فاحص ... عنه فنار العلم ذات تشعشع حاصل الأبيات الستة أنها لأي شيء تعلقت بالبدن إن كان لأمر غير تحصيل الكمال فهي حكمة خفية على الأذهان، وإن كان لتحصيل الكمال فلم ينقطع تعلقها به قبل حصول الكمال، فإن أكثر النفوس تفارق أبدانها من دون تحصيل كمال ولا تتعلق ببدن آخر لبطلان التناسخ. للشيخ ابن الفارض أرج النسيم سرى من الزوراء ... سحراً فأحيا ميت الأحياء أهدى لنا أرواح نجد عرفه ... فالجو منه معنبر الأرجاء ورى أحاديث الأحبة مسنداً ... عن أذخر بأذاخر وسحاء فسكرت من ريا حواشي برده ... وسرت حميا البرء في أدواء يا راكب الوجنا بلغت المنى ... عج بالحمى إن جزت بالجرعاء متيماً تلعات وادي ضارج ... متيامناً عن قاعة الوعساء فإذا صلت أثيل سلع فالنقى ... فالرقمتين فلعلع فشظاء

فكذا عن العلمين من شرقية ... مل عادلاً للحلة الفيحاء واقرا السلام أهيل ذياك اللوى ... من مغرم دنف كئيب نائي صب متى قفل الحجيج تصاعدت ... زفراته بتنفس الصعداء كلم السهاد جفونه فتبادرت ... عبراته ممزوجة بدماء يا ساكني البطحاء هل من عوذة ... أحيا بها يا ساكني البطحاء إن ينقضي صبري فليس بمنقض ... وجدي القديم بكم ولا برحائي ولئن جفا الوسمي ما حل تربكم ... فمدامعي تربو على الأنواء واحسرتي ضاع الزمان ولم أفز ... منكم أهيل مودتي بلقاء ومتى يؤمل راحة من عمره ... يومان يوم قلىً ويوم تنائي وحياتكم يا أهل مكة وهي لي ... قسماً لقد كلفت بكم أحشائي حبيبكم في الناس أضحى مذهبي ... وهواكم ديني وعقد ولائي يا لايمي في حب من من أجله ... قد جد بي وجدي وعز عزائي هلا نهاك نهاك عن لوم امرىءٍ ... لم يلف غير منعمٍ بشقائي لو تدر فيم عذلتني لعذرتني ... خفض عليك وخلني وبلائي فلنازلي سرح المربع فالشبيكة ... فالثنية من شعاب كداء ولحاضري البيت الحرام وعامري ... تلك الخيام تلفني وعنائي ولفتية الحرم المريع وجيرة ... الحي المنيع وزائري الجثماء وهم هم صدوا دنوا ودو جفوا ... غدروا وفوا هجروا رثوا لضنائي وهم عياذي حيث لم تغن الرقا ... وهم ملاذي إن عدت أعدائي وهم بقلبي إن تنائت دارهم ... عني وسخطي فيهم ورضائي وعلى مقامي بين ظهرانيهم ... بالأخشبين أطوف حول حمائي وعلى اعتناقي للرفاق مسلماً ... عند استلام الركن بالإيماء وعلى مقامي بالمقام أقام في ... جسمي السقام ولات حين شفاء وتذكري أجياد وردي في الضحى ... وتهجدي في الليلة الليلاء سري ولو قلبت بطاح مسيلة ... قلباً لقلبي ري بالحصباء

أسعد أخي وغنني بحديث من ... حل الأباحط إن رعيت إخائي وأعده عند مسامعي فالروح إن ... بعد المدى ترتاحللأنباء وإذا عن عذب الورود بأرضه ... وأحاد عنه وفي نقاه بقائي وإذا أذى ألم ألم بمهجتي ... فشذا أعيشاب الحجاز دوائي أأذا دعن عذب الورود بأرضه ... وأحاد عنه؟ ففي بقاه بقائي وربوعه إربي أجل وربيعه ... طربى والشصار أزمة اللأواء وجباله لي مربع ورماله لي ... مرتع وظلاله أفيائي وترابه ند الذكي وماؤه ... عذبي الروي وفي ثراه ثرائي وشعابه لي جنة وقبابه ... لي جنة وعلى صفاه صفائي حيا الحيا تلك المنازل والربى ... وسقى الولي مواطن اللألاء وسقى المشاعر والمحصب من منى ... سحاً وجاد مواقف الأنضاء ورعى الإله بها أصيحابي الأولى ... سامرتهم بمجامع الأهواء ورعى ليالي الخيف ما كانت سوى ... حلم مضى مع يقظة الإغفاء واهاً على ذاك الزمان وما حوى ... طيب المكان بغفلة الرقباء أيام أرتع في ميادين النى ... جذلاً وأرفل في ذيول حبائي ما أعجب الأيام توجب للفتى ... محناً وتمنحه بسلب عطاء يا هل لماضي عيشنا من أوبة ... يوماً وأسمح بعده ببقاء هيهات خاب السعي وانفصمت عرى ... حبل المنى وانحل عقد رجائي وكفى غراماً أن أبيت متيماً ... شوقي أمامي والقضاء ورائي ولابن الفارض أيضا: ما بين معترك الأحداق والمهج ... أنا القتيل بلا إثم ولا حرج ودعت قبل الهوى ولا نظرت ... عيناي من حسن ذاك المنظر البهج لله أجفان عين فيك ساهرة ... شوقا إليك وقلب بالغرام شجى وأضلع لجلت كادت لقوتها ... من الجوى كبدي الحرا من العوج وأدمع هملت لولا التنفس من ... نار الجوىلا لم أكد أنجو من اللجج وحبذا فيك أسقام حفيت بها ... عني تقوم بها عند الهوى حججي

أصبحت فيك كما أمسيت مكتئبا ... ولم أقل جزعا يا أزمة انفرجي أهفو إلى كل قلب بالغرام له ... شغل وكل لسان بالهوى لهج وكل سمع عن اللاحي به صمم ... وكل جفن عن الإغفاء لم يعج لا كان وجد به الآماق جامدة ... ولا غرام به الأشواق لم تهج عذب بما شئت غير البعد عنك تجد ... أوفى محب بما يرضيك مبتهج وخذ بقية ما أبقيت من رمق ... لا خير في الحب إن أبقي على المهج من لي بإتلاف روحي في هوى رشأ ... حلو الشمائل بالأرواح ممتزج من مات غراما عاش مرتقيا ... ما بين أهل الهوى في أرفع الدرج محجب لو سرى في مثل طرته ... أغنته غرته الغرا عن السرج وإن ظللت بليل من ذوائبه ... أهدى لعيني الهدى صبحا من البلح وإن تنفس قال المسك معترفا ... لعارفي طيبيه من نشره أرجى أعوام إقباله كاليوم في قصر ... ويوم إعراضه في الطول كالحجج فإن نأى سائرا يا مهجتي ارتحلي ... وإن دنا زائرا يا مقلتي ابتهجي قل للذي لامني يفيه وعنفني ... دعني وشأني واترك نصحي بذاك الحي لا تعج فيه خلعت عذاري واطرحت به ... قبول نصحي والمقبول من حججي وابيض وجه غرامي في محبته ... واسود وجه ملامي فيه بالحجج تبارك الله ما أحلى شمائله ... فكم أمات توأحيت فيه من مهج يهوى لذكر اسمه من لج في عذلي ... سمعي وإن كان عذلي فيه لم يلج تراه إن غاب عني كل جارحة ... في كل معنى لطيف رائق بهج في نغمة العودج والناي الرخيم إذا ... تألفا بين ألحان من الهزج ويفي مسارح غزلان الخمائل في ... برد الأصائل والإصباح في البلج وفي مساقط أنداء الغمام على ... بساط نور من الأزهار منتسج

تعريف الفلسفة

وفي مساحب أذيال النسيم إذا ... أهدى إلى سحيرا أطيب الأرج وفي التثامي ثغر الكأس مرتشفا ... وبق المدامة أين كنا غير منزعج فالدار داري وحبي حاضري ومتى ... بدا فمنعرج العرجاء منعرجي ليهن ركب سروا ليلا وأنت بهم ... لسيرهم في صباح منك منبلج فليصنع القوم ما شاءوا لأنفسهم ... هم أهل بدر فلا يخشون من حرج بحق عصياني اللاحي عليك وما ... بأضلعي طاعة للوجد ةمن وهج أنظر إلى كبد ذابت عليك أسى ... ومقلة من نجيع الدمع للوجد من وهج وارحم تعسر آمالي ومرتجعي ... إلى خداع تمني النفس بالفرج واعطف على ذل أطماعي بهب وعسى ... وامنن علي بشرح الصدر من حرج أهلا بما لم أكن أهلا لموقعه ... قول المبشر بعد اليأس بالفرج لك البشارة فاخلع ما عليك فقد ... ذكرت ثم علي ما فيك من عوج الصلاح الصفدي وفيه تورية: أملت أن تتعطفوا بوصالكم ... فرأيت من هجرانكم ما لا يرى وعلمت أن بعادكم لابد أن ... يجري له دمعي دماً وكذا جرى وله في امرأة في يدها سلسلة: زارت وفي معصمها إذا أتت ... سلسلة زادت غرامي وله وبددت عقلي في نظمها ... فها أنا المجنون في السلسله ودخل أعرابي على النعمان بن المنذر وعنده وجوه العرب فأنشأ يقول: له يوم بؤس فيه للناس أبؤس ... ويوم نعيم فيه للناس أنعم فيمطر يوم الجود من كفه الندى ... ويمطر يوم البؤس من كفه الدم فلو أن يوم البؤس فرغ كفه ... لبذل الندى لم يبق في الأرض معدم ولو أن يوم الجود لم يثن كفه ... على الناس لم يصبح على الأرض مجرم فأعطاه مائة بكرة وعشرة أفراس وعشرة جواري على رأس كل جارية كيساً مملؤاً ذهباً. تعريف الفلسفة الفلسفة لغة يونانية معناها محبة الحكمة. وفيلسوف أصله فيلا سوف أي محب الحكمة وفيلا: المحب، وسوف: الحكمة، لله در قائله: ومن عجب أن الصوارم والقنا ... تحيض بأيدي القوم وهي ذكور وأعجب من ذا أنها في أكفهم ... تأجج ناراً والأكف بحور

كان لابن الجوزي امرأة تسمى نسيم، فطلقها، ثم ندم على ماكان منه، فحضرت يوما مجلس وعظه فعرفها، واتفق أن جلست امرأتان أمامها وحجباها عنه فأنشد مشيرا إلى تنيك المرأتين. أيا جبلي نعمان بالله خليا ... نسيم الصبا يخلص إلى نسيمها قال البلاذري: كنت مع الجلساء المستعين، إذا قصده الشعراء، فقال يوما: لست أقبل إلا ممن يقول مثل قول البحتري: لو أن مشتاقا تكلف فوق ما ... في وسعه لسعي إليه المنبر قال فرجعت ىإلى داري ثم أتيته، فقلت له: قد قلت فيك أحسن مما قاله البحتري، فقال هات، فأنشدته: ولو أن برد المصطفى إذا لبسته ... نعم هذه أوطافه ومناكبه أمر لي بسبعة آلاف درهم. بنى عبد الملك بن مروان بابا للمسجد الأقصى، وبنى الحجاج بابا آخر بأزائه، فجاءت الصاعقة فأحرقت باب عبد الملك وسلم باب الحجاج فشق ذلك على عبد الملك فكتب إليه الحجاج: ما مثلي ومثل مولاي إلا كمثل ابني آدم إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم بتقبل من ىلآخر، فسرى ذلك عنه وأذهب حزنه. في الحديث: لا يكمل إيمان المرء حتى يكون أن لا يعرف أحب إليه من أن يعرف الصاحب بن عباد: رق الزجاج ورقت الخمر ... وتشاكلا فتشابه الأمر فكأنما خمر ولا قدح ... وكأنما قدح ولا خمر وقريب من معنى بيتي الصاحب قول بعضهم: وكأس قد شربناها بلطف. . تخال شرابنا فيها هواء وزنا الكاس فارغة وملأى. . فكان الوزن بينهما سواء وقد زاد عليه بعض المغاربة بقوله:

: ثقلت زجاجات أتتنا فرغا ... حتى إذا ملئت بصرف الراح خفت فكادت أن تطير بما حوت ... فكذا الجسوم تخفف بالأرواح كان الإمام فخر الدين الرازي في مجلس درسه إذا أقبلت حمامة خلفها صقر يريد صيدها فألقت نفسها في حجره كالمستجيرة به فأنشد ابن عنين في هذا المعنى أبياتاً منها: جاءت سليمان الزمان حمامة ... والموت يلمع من جناحي خاطف من نبأ الورقاء أن محلكم ... حرم وأنك ملجأ للخائف الأبيات بأجمعها مذكورة في تاريخ الذهبي. للمأمون وقد أرسل رسولاً إلى جارية يهواها: بعثتك مشتاقاً ففزت بنظرة ... وأغفلتني حتى أسأت بك الظنا ورددت طرفاً في محاسن وجهها ... ومتعت في استمتاع نغمتها الأذنا أرى أثراً منها بعينيك لم يكن ... لقد سرقت عيناك من وجهها حسنا أوصى طفيلي ابنه فقال: يا بني إذا كان مجلسك ضيقاً فقل لمن بجنبك لعلي ضيقت عليك فإنه يتحرك ويتوسع مجلسك. الصفي ما زال كحل النوم في ناظري ... من قبل إعراضك بالبين حتى سرقت الغمض من مقتلي ... يا سارق الكحل من العين

من أرسال المثل لبعضهم، وأظنه ابن الوردي: وتاجر أبصرت عشاقه. . والحرب فيما بينهم ثائر قال علي ما اقتتلوا ها هنا ... قلت على عينك يا تاجر ابن المعتز أترى الجيرة الذين تداعوا؟ ... عند سير الحبيب للترحال علموا أنني مقيم وقلبي ... راحل معهم أمام الجمال مثل صاع العزيز في أزحل القوم ... ولا يعلمون ما في الرحال من الاقتباس من الرمل فوق خديه للعذار طريق ... قد بدا تحته بياض وحمرة قيل ماذا؟ فقلت أشكال حسن ... تقتضي أن أبيع قلبي بنظرة لبعضهم إذا به الحب حتى لو تمثله ... بالوهم خلق لأعياهم توهمه لولا الأنين ولوعات تحركه ... لم يدره بعيانٍ من يكلمه زاد على هذا المضمون بعض الشعراء العجم. وأنشد بعض الأعراب هذه الأبيات عند النبي صلى الله عليه وسلم: أقبلت فلاح لها ... عارضان كالسنج أدبرت فقلت لها ... والفؤاد في لهج هل علي؟ ويحكما ... إن عشقت من حرج فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا حرج إنشاء الله مما ينسب إلى ليلى قولها: لم يكن المجنون في حالة ... إلا وقد كنت كما كانا لكن لي الفضل عليه بأن ... باح وإني مت كتمانا ومما ينسب إليها أيضاً قولها: باح مجنون عامر بهواه ... وكتمت الهوى فمت بوجدي فإذا كان في القيامة نودي ... من قتيل الهوى تقدمت وحدي

تعريف علم الموسيقى

تعريف علم الموسيقى علم الموسيقى علم يعرف منه النغم والإيقاع وأحوالها وكيفية تأليف اللحون واتخاذ الآلات الموسيقارية، وموضوعه الصوت من وجه تأثره في النفس باعتبار نظامه والنغمة صوت لابث زماناً تجري فيه الألحان مجرى الحروف من الألفاظ، وبسائطها سبعة عشر، وأوتارها أربعة وثمانون، والإيقاع اعتبار زمان الصوت ولا مانع شرعاً من تعلم هذا العلم، وكثير من الفقهاء كان مبرزاً فيه. نعم الشريعة المطهرة على الصادع بها أفضل السلام منعت من عمله، والكتب المصنفة فيه إنما تفيد أموراً علمية فقط، وصاحب الموسيقى العلمي يتصور الأنغام من حيث أنها مسموعة على العموم من أي آلة اتفقت وصاحب العمل إنما يأخذها على أنها مسموعة من الآلات الطبيعية كالحلوق الإنسانية أو الصناعية كالآلات الموسيقارية، هذا وما يقال من أن الألحان الموسيقية مأخوذة من نسب الاصطكاكات الفلكية فهو من جملة رموزهم إذ لا اصطكاك في الأفلاك، ولا قرع فلا صوت. شعر تفانى الرجال على حبها ... وما يحصلون على طائل الخوف والحزن في معرفة ارتفاع المرتفعات من دون الاصطرلاب تضع مرآة على الأرض بحيث ترى رأس المرتفع فيها ثم تضرب ما بين المرآة ومسقط حجرة في قدر قامتك، وتقسم الحاصل على ما بين المرآة وموقفك، فالخارج ارتفاع المرتفع. طريق آخر تنصب مقياساً فوق قامتك، ودون المرتفع ثم تبصر رأسها بخط

شعاعي وتضرب ما بين موقفك ومسقط حجر المرتفع في فضل المقياس على قامتك واقسم الحاصل على ما بين موقفك وقاعدة المقياس، وزد على الخارج قدر قامتك فالمجتمع قدر ارتفاعه. الصلاح الصفدي أراد الغمام إذا ما هي ... يعبر عن عبرتي وانتحابي فجاءت دموي في فيضها ... بما لم يكن في حساب السحاب وله في التورية لقد شب جمر القلب من فيض عبرتي ... كما أن رأسي شاب من موقف البين فإن كان ترضى لي مشيبي والبكا ... تلقيت ما ترضاه بالرأس والعين من النهج: واتقوا عباد الله، وبادروا آجالكم بأعمالكم وابتاعوا ما يبقى لكم بما يزول عنكم وترحلوا فقد جدبكم السير، واستعدوا للموت فقد أظلكم، وكونوا قوماً صيح بهم فانتبهوا، وعلموا أن الدنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا فإن الله لم يخلقكم عبثاً ولم يترككم سدى، وما بين أحدكم وبين الجنة أو النار إلا الموت أن ينزل به، وإن غاية تنقصها اللحظة وتهدمها الساعة لجديرة بقصير المدة، وإن غايباً يحدوه الجديدان الليل والنهار لحري بسرعة الأوبة وإن قادماً يقدم بالفوز أو الشقوة لمستحق لأفضل العدة، فتزودوا في الدنيا ما تحرزون به نفوسكم غداً فاتقى عبد ربه نصح نفسه قدم توبته غلب شهوته. فإن أجله مستور عنه وأمله خادع له، والشيطان موكل به يزين المعصية ليركبها ويمنيه التوبة ليسوفها حتى تهجم منيته عليه، أغفل ما يكون عنها فيا لها حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجا، وأن تؤديه أيامه إلى شقوة نسأل الله سبحانه أن يجعلنا وإياكم ممن لا تبطره نعمة ولا يقصر به عن طاعة ربه غاية ولا تحل به بعد الموت ندامة ولا كآبة. في تفسير القاضي في قوله تعالى: " فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون " قال الخوف على المتوقع، والحزن على الواقع، وفيه نظر لقوله تعالى: " إني ليحزنني أن تذهبوا به " ويمكن أن يدفع بأن المراد أنه يحزنني قصد ذهابكم به وبهذا يندفع اعتراض ابن مالك على النحاة بالآية الكريمة في قولهم: إن لام الإبتداء تخلص المضارع للحال كما لا يخفى. صورة كتاب كتبه الغزالي من طوس إلى الوزير السعيد نظام الملك، جواباً على كتابه الذي استدعاه فيه إلى بغداد يعده فيه بتقويض المناسب الجليلة إليه، وذلك بعد تزهد الغزالي، وتركه تدريس النظامية.

بسم الله الرحمن الرحيم: ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات. إعلم أن الخلق في توجههم إلى ما هو قبلتهم ثلاث طوايف: إحداها العوام الذين قصروا نظرهم على العاجل من الدنيا، فمنعهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ما ذئبان ضاريان في زريبة غنم بأكثر فساداً من حب المال والسرف في دين المرء المسلم، وثانيها الخواص، وهم المرجحون للآخرة العالمون بأنها خير وأبقى العاملون لها الأعمال الصالحة فنسب إليهم التقصير بقوله صلى الله عليه وسلم: الدنيا حرام على أهل الآخرة والآخرة حرام على أهل الدنيا، وهما حرامان على أهل الله تعالى. وثالثها الأخص وهم الذين علموا أن كل شيء فوقه شيء آخر فهو من الآفلين والعاقل لا يحب الآفلين، وتحققوا أن الدنيا والآخرة من بعض مخلوقات الله تعالى وأعظم أمورهما الأجوفان: المطعم، والمنكح، وقد شاركهم في ذلك كل البهائم والدواب فليست مرتبة سنية فأعرضوا عنهما وتعرضوا لخالقهما وموجدهما ومالكهما، وكشف عليهم معنى والله خير وأبقى وتحقق عندهم حقيقة لا إله إلا الله وأن كل من توجه إلى ما سواه فهو غير خال عن شرك خفي فصار جميع الموجودات عندهم قسمين: الله، وما سواه، واتخذوا ذلك كفتي ميزان وقلبهم لسان الميزان. فكلما رأوا قلوبهم مائلة إلى الكفة الشريفة حكموا بثقل كفة الحسنات، وكلما رأوها مايلة إلى الكفة الخسيسة حكموا بثقل كفة السيئات، وكما أن الطبقة الأولى عوام بالنسبة إلى الطبقة الثانية كذلك الطبقة الثانية عوام بالنسبة إلى الطبقة الثالثة فرجعت الطبقات الثلاث إلى طبقتين، وحينئذ أقول: قد دعاني صدر الوزراء من المرتبة العليا إلى المرتبة الدنيا وأنا أدعوه من المرتبة الدنيا إلى المرتبة العليا التي هي أعلى عليين: والطريق إلى الله تعالى من بغداد ومن طوس، ومن كل المواضع واحد ليس بعضها أقرب من بعض فأسأل الله تعالى أن يوقظه من نوم الغفلة لينظر في يومه لغده قبل أن يخرج الأمر من يده والسلام.

وفي الكشاف إن الفاتحة تسمى المثاني: لأنها تثنى في كل ركعة هذا كلامه، ومثل ذلك قال الجوهري في الصحاح: وفي توجيه هذا الكلام وجوه: الأول أن المراد بالركعة الصلاة من تسمية الكل باسم الجزء، الثاني أنها تثنى في كل ركعة بأخرى في الأخرى، ويرد على هذين الوجهين التنفل بركعة عند من يجوزه وأما صلاة الجنازة فخارجة بذكر الركعة. الثالث أن في السببية نحو إن امرأة دخلت النار في هرة، والمعنى أنها تثنى بسبب كل ركعة ركعة لا بسبب السجود كالطمأنينة، ولا بسبب ركعتين ركعتين كالتشهد في الرباعية ولا بسبب صلاة صلاة كالتسليم. والحق أن هذا بعيد جداً والجواب هو الأول، وبه صرح صاحب الكشاف في سورة الحجر والتنفل بركعة لا يجوزه صاحب الكشاف، وهو عند مجوزيه نادر لا يخل بالكلية الإدعائية إذ ما من عام إلا وقد خص. الصلاح الصفدي وفيه حسن تعليل: لا تحسبوا أن حبيب بكا ... لي رقة يا بعد ما تحسبون فما بكى من رقة إنما ... أراد أن يسقي سيف الجفون آخر إذا كان وجه العذر ليس ببين ... فإن اطراح العذر خير من العذر كان أبو سعيد الإصفهاني شاعراً ظريفاً مطبوعاً، وكان ثقيل السمع إذا خاطبه أحد، قال له: إرفع صوتك فإن ما بأذني ما بروحك، وهو معدود من جملة شعراء الصاحب بن عباد، ذكره الثعالبي في يتيمة الدهر، وشعره في نهاية من الجودة. من ملح العرب قال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول: اللهم اغفر لأمي، فقلت: ما لك لا تذكر أباك؟ فقال: إن أبي رجل يحتال لنفسه، وإن أمي امرأة ضعيفة. قيل لبعض الحكماء: لم تركت الدنيا؟ قال: لأني أمنع من صافيها وأمتنع من كدرها. وقيل لعارف: خذ حظك من الدنيا فإنك فانٍ، فقال: الآن وجب أن لا آخذ حظي منها، لله در من قال: هبك بلغت كل ما تشتهيه ... وملكت الزمان تحكم فيه هل قصارى الحياة إلا ممات؟ ... يسلب المرء كل ما يقتنيه لبعضهم متى وعسى يثني الزمان عنانه ... بعثرة حال والزمان عثور

فتدرك آمال وتقضي مآرب ... ويحدث من بعد الأمور أمور من كلام الإسكندر إن العقل على باطن العقل أشد تحكماً من سلطان السيف على ظاهر الأحمق. برهان لطيف لكاتب هذه الأحرف، على أن غاية غلظ كل من المتممين بقدر ضعف ما بين المركزين أقول إذا تماست دائرتان من داخل صغرى وعظمى، فغاية البعد بين محيطيهما بقدر ضعف ما بين مركزيهما، كدائرتي اب ج ام هـ المتماستين على نقطة وقطر العظمى اهـ وقطر الصغرى اح وما بين المركزين ر ح، فخط ح هـ ضعف خط ر ح لأنا إذا توهمنا حركة الصغرى لينطبق مركزها على مركز العظمى، ونسميها حينئذ دائرة ح فقد تحرك على قطر العظمى بقدر حركة مركزها، فخطوط اط ر ح ح ي متساوية، وخطا اط ي هـ متساويان أيضاً، لأنهما الباقيان بعد إسقاط نصفي قطر الصغرى من نصفي قطر الظمى، فخط ر ح الذي كان يساوي خط اط يساوي ي هـ أيضاً، وقد كان يساوي خط ح ي، فخط ح هـ ضعف خط ر ح وذلك ما أردناه والتقريب ظاهر كما لا يخفى. برهان على امتناع اللا تناهي لكاتب هذه الأحرف، وسميته اللام ألف، لو أمكن عدم تناهي الأبعاد لفرضنا مثلث اب ح القائم زاوية ا، وأخرجنا ضلعي اح ب ح المتقاطعين على ح إلى غير النهاية في جهتي م وهـ، وفرضنا تحرك خط م ح ب على خط اح هـ إلى غير النهاية، لاشك أن زاوية ب الحادة تعظم بذلك آناً فآناً، فيحصل فيها زيادات غير متناهية بالفعل، وهي مع ذلك أصغر من زاوية القائمة، إذ لا يمكن أن يساويها لأن زوايا المثلث يساوي قائمتين فتأمل. لما مات عبد الملك بن الزيات وزير المتوكل بعد أن عذب بأنواع العذاب وجد في جيبه رقعة فيها هذه الأبيات لأبي العتاهية: هو السبيل فمن يوم إلى يوم ... كأنه ما تريك العين في النوم لا تعجلن رويداً إنها دول ... دنياً تنقل من قوم إلى قوم إن المنايا وإن طال الزمان بها ... تحوم حولك حوماً أي ما حوم حكى ثمامة بن أشرس قال: بعثني الرشيد إلى دار المجانين، لأصلح ما فسد من أحوالهم، فرأيت فيهم شاباً حسن الوجه، كأنه صحيح العقل، فكلمته، فقال: يا ثمامة إنك تقول: إن العبد لا ينفك عن نعمة يجب الشكر عليها أو بلية يجب الصبر لديها؟ فقلت: نعم

هكذا قلت، فقال: لو سكرت ونمت، وقام إليك غلامك، وأولج فيك مثل ذراع البكر فقل لي: هذه نعمة يجب الشكر عليها أو بلية يجب الصبر لديها، قال ثمامة: فتحيرت ولم أدر ما أقول له. فقال: وهنا مسألة أخرى أسألك عنها، فقلت: هات قال: متى يجد النائم لذة النوم؟ إن قلت إذا استيقظ فالمعدوم لا يوجد له لذة، وإن قلت قبل النوم فهو كذلك، وإن قلت حال النوم فلا شعور له، قال ثمامة: فبهت ولم أستطع له جواباًز فقال: مسألة أخرى قلت: وما هي؟ قال: إنك تزعم أن لكل أمة نذير فمن نذير الكلاب؟ قلت: لا أدري الجواب، فقال: أما الجواب عن السؤال الأول فيجب أن تقول الأقسام ثلاثة: نعمة يجب الشكر عليها، وبلية يجب الصبر لديها، وبلية يمكن التحرز منها كيلا ينضم العار إليها وهي هذه. وأما المسألة الثانية فالجواب عنها أنها محال لأن النوم داء، ولا لذة مع وجود الداء. وأما المسألة الثالثة وأخرج من كمه حجراً وقال: إذا عوى عليك كلب فهذا نذيره ورماني بالحجر فأخطأني، فلما رآه قد أخطأني قال: فاتك النذير أيها الكلب الحقير. فعلمت أنه مصاب في عقله فتركته وانصرفت ولم أر مجنوناً بعدها. كان البهلول جالساً والصبيان يؤذونه وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله ويكررها فلما طال أذاهم له حمل عصاة، وكر عليهم وهو يقول: أمر على الكتيبة لا أبالي ... أفيها كان حتفي أم سواها؟ فتساقط الصبيان بعضهم على بعض فقال: هزم القوم وولوا الدبر أمرنا أمير المؤمنين أن لا نتبع مولياً ولا ندفف على جريح ثم جلس وطرح عصاه وقال: وألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قر عيناً بالإياب المسافر من الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه إني رأيت وفي الأيام تجربة ... للصبر عاقبة محمودة الأثر لا تضجرن ولا يدخلك معجزة ... فالنجح يهلك بين العجز والضجر قال بعض الحكماء: إنكاء ما يكون لعدوك أن لا تريه أنك تتخذه عدواً. لبعضهم الدهر خداعة خلوب ... وصفوه بالقذا مشوب فلا تغرنك الليالي ... فبرقها الخلب الكذوب وأكثر الناس فاعتزلهم ... قوالب ما لها قلوب إسماعيل المفري

إلى كم تمادي في غرور وغفلة؟ ... وكم هكذا نوم إلى غير يقظة؟ لقد ضاع عمر ساعة منه تشتري ... بملء السما والأرض أية ضيعة أترضى من العيش الرغيد تعيشه؟ ... مع الملأ الأعلى بعيش البهيمة فيا درة بين المزابل ألقيت ... وجوهره بيعت بأبخس قيمة أفانٍ بباق تشتريه سفاهة؟ ... وسخطاً برضوان وناراً بجنة؟ فأنت صديق أم عدو لنفسه؟ ... فإنك ترميها بكل مصيبة ولو فعل الأعداء بنفسك بعض ما ... فعلت لمستهم لها بعض رحمة لقد بعتها هوناً عليك رخيصة ... وكانت بهذا منك غير حقيقة كلفت بها دنياً كثيراً غرورها ... تقابلنا في نصحها بالخديعة إذا أقبلت ولت وإن هي أحسنت ... أساءت وإن ضاءت فثق بالكدورة وعيشك فيها ألف عامٍ وتنقضي ... كعيشك فيها بعض يوم وليلة عليك بما يجدي عليك من التقى ... فإنك في سهوٍ عظيم وغفلة تصلي بلا قلب صلاة بمثلها ... يصير الفتى مستوجباً للعقوبة تخاطبه إياك نعبد مقبلاً ... على غيره فيها لغير ضرورة ولو رد من ناجاك للغير طرفه ... تميزت عن غيظٍ عليه وغيرة تصلي وقد أتممتها غير عالم ... تزيد احتياطاً ركعة بعد ركعة فويلك تدري من تناجيه معرضاً ... وبين يدي من تنحني غير مخبت ذنوبك في الطاعات وهي كثيرة ... إذا عددت تكفيك عن كل ذلة تقول مع العصيان ربي غافر ... صدقت ولكن غافر بالمشية وربك رازق كما هو غافر ... فلم لم تصدق فيهما بالسوية فكيف ترجي العفو من غير توبةٍ؟ ... ولست ترجي الرزق إلا بحيلة فها هو بالأرزاق كفل نفسه ... ولم يتكفل للإنام بجنة وما زلت تسعى في الذي قد كفيته ... وتهمل ما كلفته من وظيفة تسيء به ظناً وتحسن تارة ... على حسب ما يقضي الهوا في القضية وجد في عضد قابوس وشمكير رقعة بخطه فيها مكتوب إن كان

الغدر طباعاً فالثقة بكل أحد عجز، وإن كان الموت لابد آتياً فالركون إلى الدنيا حمق، وإذا كان القضاء حقاً فالحزم باطل. ومن كلام بعض الحكماء: إذا طلبت العز فاطلبه بالطاعة، وإذا أردت الغنى فاطلبه بالقناعة، فمن أطاع الله عز نصره، ومن لزم القناعة زال فقره. في شرح الشهاب للراوندي: ورد في الأخبار كراهة النوم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإنه وقت قسمة الأرزاق. قال بعض الفلاسفة: الدنيا دار فجايع، من عجل فيها فجع بنفسه ومن أجل فيها فجع بأحبته. ومن كلام بعض الحكماء: من ودك لأمر، ملك عند انقضائه، ومن كلامهم إنما للأنس المجلس الخاص لا المحفل الغاص، ومن كلامهم أيضاً: ليس من الإنصاف مطالبة الإخوان بالإنصاف. لبعضهم يا طالب الدنيا يغرك وجهها ... ولتندمن إذا رأيت قفاها من التلويحات عن أفلاطون الإلهي أنه قال: ربما خلوت بنفسي كثيراً عند الرياضيات وتأملت أحوال الموجودات المجردة عن الماديات، وخلعت بدني جانباً وصرت كأني مجرد بلا بدن عري عن الملابس الطبيعية، فأكون داخلاً في ذاتي، لا أتعقل غيرها ولا أنظر فيما عداها، وخارجاً عن ساير الأشياء، فحينئذ أرى في نفسي من الحسن والبهاء والسناء والضياء والمحاسن الغريبة العجيبة الأنيقة ما أبقى منه متعجباً حيران باهتاً، فأعلم أني جزء من أجزاء العالم الأعلى الروحاني الكريم الشريف، وأني ذو حياة فعالة. ثم ترقيت بذهني من ذلك العالم إلى العوالم الإلهية، والحضرة الربوبية، فصرت كأني موضوع فيها معلق بها، فأكون فوق العوالم العقلية النورية. فأرى كأني واقف في ذلك الموقف الشريف، وأرى هناك من البهاء والنور ما لا تقدر الألسن على وصفه، ولا الأسماع على قبول نعته، فإذا استغرقني ذلك الشأن، وغلبني ذلك النور والبهاء ولم أقوى على احتماله، هبطت من هناك إلى عالم الفكرة، فحينئذ حجبت الفكرة عني ذلك النور فأبقى متعجباً أني كيف انحدرت من ذلك العالم {وعجبت كيف رأيت نفسي مخمتلية نوراً} وهي مع البدن كهيئتها فعندها تذكرت قول مطريوس حيث أمرنا بالطلب والبحث عن جوهر النفس الشريف، والإرتقاء إلى العالم العقلي.

وصايا أمير المؤمنين لأولاده

من الكشاف في آية الوضوء: فإن قلت: فما تصنع بقراءة الجر ودخولها في حكم المسح؟ قلت: الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها فكانت مظنة للإسراف المذموم المنهي عنه، فعطفت على الرابع الممسوح، لا ليمسح ولكنه لينبه على وجوب الإقتصاد في صب الماء عليها، قال في الكشف: لو أريد المسح لقا إلى الكعاب أو الكعب لأن الكعب إذ ذاك مفصل القدم وهو واحد في كل رجل، فإن أريد كل واحد فالإفراد وإلا فالجمع، وأما إذا أريد الغسل فهما الناشزان، وهما اثنان في كل رجل فتصح التثنية باعتبار كل رجل رجل ولما كانت المقابلة باعتبار الغاية وصاحبها لم يرد أن الأول يصح مثنى باعتبار كل شخصٍ شخص إذاً لا مدخل للأشخاص في هذا التقابل. من التفسير الكبير للإمام الرازي: جمهور الفقهاء على أن الكعبين هما العظمان الناتيان من جانبي الساق، وقالت الإمامية وكل من ذهب إلى وجوب المسح: إن الكعب عبارة من عظم مستدير مثل كعب الغنم والبقر موضوع تحت عظم الساق حيث يكون مفصل الساق والقدم، وهو قول محمد بن الحسن، وكان الأصمعي يختار هذا القول. ثم قال: حجة الإمامية إن اسم الكعب وقع على العظم المخصوص الموجود في أرجل جميع الحيوانات، فوجب أن يكون في حق الإنسان كذلك والمفصل يسمى كعباً ومنه كعب الرمح لمفاصله وفي وسط القدم مفصل فوجب أن يكون هو الكعب. وصايا أمير المؤمنين لأولاده مما أوصى به أمير المؤمنين رضي الله عنه أولاده يا بني عاشروا الناس عشرة، إن غبتم حنوا إليكم، وإن فقدتم بكوا عليكم، يا بني إن القلوب جنود مجندة يتلاحظ بالمودة ويتناجى بها وكذلك هي في البغض، فإذا أجبتم الرجل من غير خير سبق منه إليكم فارجوه إذا أبغضتم الرجل عن غير سوء سبق إليكم فاحذروه. من المحاكمات في بحث حركات الأفلاك: هنا شك، وهو أنا إذا فرضنا دائرتين إحديهما حاوية للأخرى والأخرى محوية وهما يتحركان بالخلاف على محور واحد حركة واحدة، وعلى الدائرة المحوية نقطة في السماء على نصف النهار فتلك النقطة لابد أن يكون دائماً على نصف النهار، لأن المحوى إن حركها إلى جهة الشرق درجة فقد أعادها الحاوي إلى جهة الغرب، ومع أن تلك النقطة لما كانت من نقطة الدائرة المحوية وساير نقاطها يقطع دور الفلك بحركتها بالضرورة فلابد أن تكون تلك النقطة في جهة الشرق تارة وفي جهة الغرب أخرى. ومن الفضلاء من سمعته يقول في حل هذا الشك: لكل متحرك حركتان: حركة حقيقية وهي قطع المسافة التي يتحرك عليها، وحركة إضافية، أي بالإضافة إلى أي نقطة فرضت خارجة عن المسافة، وهي زاوية المسافة حركتها عندها، ونقطة المحوي وإن كانت

لها حركة في نفسها لا تحدث زاوية بالنسبة إلى النقاط الخارجة عن مبدئها لأن موضعها يتحرك بالخلاف حركة مساوية لها، ولهذا لا ترى إلا ساكنة، وللفكر فيه مجال، انتهى كلام المحاكمات. والحاصل أن الدائرة المحوية لا يظهر لها حركة بالنسبة إلى النقاط الخارجة، وذلك لا ينافي كونها متحركة في نفسها. من كتاب الملل والنحل: الضابط في تقسيم الأمم أن تقول: من الناس من لا يقول بمحسوس ولا بمعقول، وهم السوفسطائية، ومنهم من يقول: بالمحسوس لا بالمعقول، وهم الطبيعية، ومنهم من يقول بالمحسوس والمعقول ولا يقول بحدود وأحكام، وهم الفلاسفة الدهرية، ومنهم من يقول: بالمحسوس والمعقول والحدود والأحكام ولا يقول بالشريعة والإسلام، وهم الصابئة، ومنهم من يقول: بهذه كلها وبشريعة وإسلام، ولا يقول بشريعة نبينا صلى الله عليه وآله وهم المجوس واليهود والنصارى، ومنهم من يقول: بهذه كلها وهم المسلمون. ومن بعض كتب الإشراق: العناية الإلهية متعلقة بتدبير الكل من حيث هو كل أولاً وبالذات، وبتدبير الجزء ثانياً وبالعرض، ولا يمكن أن يكون نظام الكل أحسن من النظام الواقع، وإن أمكن لكل فردٍ فرد ما هو أكمل له بالنظر إلى خصوصية لكنه يكون مخلاً بحسن نظام الكل وإن خفي علينا وجهه، ويمثل ذلك بأن المعمار إذا طرح نقش عمارة فربما كان الأحسن لتلك العمارة من حيث الكل أن يكون بعض أطرافه مبرزاً والبعض الآخر مجلساً، والبعض الآخر مطبخاً، بحيث لو غير هذا الوضع لاختل حسن مجموع العمارة، وإن كان الأحسن نظراً إلى خصوصية كل من الأجزاء أن يكون مجلساً مثلاً. من كتاب التبيان في المعاني والبيان: الأسلوب الحكيم هو أن يتلقى المخاطب بغير ما يترقب تنبيهاً على أنه أولى بالقصد قال: أتت تشتكي عندي مزاولة القرى ... وقد رأت الضيفان ينحون منزلي فقلت كأني ما سمعت كلامها ... هم الضيف جدي في قراهم وعجلي وقال القبعثري للحجاج: لما توعده بقوله: لأحملنك على الأدهم، مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب، ومنه في قوله تعالى: " إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم " إذ المراد منه التكثير، وحمله صلى الله عليه وسلم على العدد فقال: والله لأزيدن على السبعين.

من كتاب عدة الداعي ونجاح الساعي قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه للمفضل بن صالح: يا مفضل إن لله عباداً عاملوه بخالص من سره فعاملهم بخالص من بره، فهم الذين تمر صحفهم يوم القيامة فرغاً فإذا وقفوا بين يديه ملأها من سر ما أسروا إليه، قال: فقلت: مولاي ولم ذلك؟ قال: أجلهم أن تطلع الحفظة على ما بينه وبينهم. قيل: قريباً من هذا المضمون، وأظنه بابا فغاني. قيل لأعرابي: إن الله محاسبك غداً، فقال: سررتني يا هذا إذن إن الكريم إذا حاسب تفضل. حكي أنه حاك بعض العارفين ثوباً وتأنق في صنعته فلما باعه رد عليه بعيوب فيه فبكى فقال المشتري: يا هذا لا تبك فقد رضيت به، فقال: ما بكائي لذلك بل لأني بالغت في صنعته وتأنقت فيه جهدي فرد علي بعيوب كانت خفية عني فأخاف أن يرد علي عملي الذي أنا أعمله هذا أربعين سنة. قيل لبعض العارفين: كيف أصبحت؟ قال: أسفاً على أمسي، كارهاً ليومي مهناً، لغدي. صواب الرأي بالدول، ويذهب بذهابها. شعر أرى ناساً بأدنى الدين قد قنعوا ... ولا أراهم رضوا بالعيش بالدون فاستغن بالدين عن دنيا الملوك ... كما استغنى الملوك بدنياهم عن الدين إذا املقتم فتاجروا الله بالصدقة. من ظن بك خيراً فصدق ظنه. كفى بالأجل حارساً. شتان بين عملين عمل تذهب لذته، وتبقى تبعته، وعمل تذهب مؤنته ويبقى أجره. برهان على إبطال الجزء مما سنح بخاطر كاتب الأحرف نفرض دائرة مركبة من الأجزاء، ونخرج فيها خطين مارين بالمركز من طرفها جزء واحد من محيط الدائرة فهما متقاطعان على المركز، فالإنفراج الذي بينهما قبل التقاطع، إما أن يكون بقدر الجزء أو أكثر أو أقل، والكل باطل، لاستلزام الأول كون المتقاطعين متوازنين، والثاني كون المتقاربين في جهة المتباعدين فيها، والثالث الإنقسام. من النهج والذي وسع سمعه الأصوات: ما من أحد أودع قلباً سروراً إلا وخلق الله

من غرر الحكم

من ذلك السرور لطفاً، فإذا نزلت به نائبة جرى إليها كالماء في انحداره حتى يطردها عنه تطرد غريبة الإبل. قال تغلب: حدثنا ابن الأعرابي: قال المأمون: لولا أن علياً رضي الله عنه قال أخبر تقله أي لا تغتر بظاهر من تراه فإنك إذا اختبرته بفضته والهاء فيه للسكت، ومثله قول جرب الناس فإنك إذا جربتهم قليتهم وتركتهم، لما يظهر لك من بواطن سرايرهم، لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر، أي من جربهم أبغضهم وتركهم لقلت أنا أقله تخبر. قال يحيى بن معاذ في مناجاته إلهي يكاد رجائي لك مع الذنوب، يغلب على رجائي مع الأعمال، لأني أعتمد في الأعمال على الإخلاص، وكيف لا أحذرها، وأنا بالآفة معروف، وأجدني في الذنوب أعتمد على عفوك وكيف لا تغفرها وأنت بالجود موصوف: احصد الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك. من كتاب أدب الكتاب: مما جاء مخففاً والعامة تشدده، الرباعية للسن، ولا يقال رباعية وكذا الكراهية، والرفاهية، وفعلت كذا طماعية في معروفك، ومن ذلك الدخان والقدوم، ومما جاء ساكناً والعامة تحركه يقال في أسنانه حفر، وحلقة البات وحلقة القوم وليس في كلام العرب حلقة بفتح اللام إلا حلقة الشعر جمع حالق نحو كفرة جمع كافر ومما جاء مفتوحاً والعامة تكسره الكتان، والعقار، والدجاجة، وفص الخاتم، ومما جاء مكسوراً والعامة تفتحه الدهليز والأنفحة، والضفدع، ومما جاء مضموماً والعامة تفتحه على وجهه طلاوة، وثياب جدد بيض، ومما جاء مفتوحاً والعامة تضمه، الأنملة بفتح الميم واحدة الأنامل. ومما جاء مضموماً والعامة تكسره، المصران جمع مصير نحو جربان جمع جريب. ظن بعض الفضلاء أن لبنة واحدة في العضادة كافية في استعلام ارتفاع الشمس، وكان يحاذي باللبنة الشمس، ويحرك العضادة إلى أن يقع ظل اللبنة بتمامه على نفس العضادة، ويحكم بأن الارتفاع ما وقعت عليه الشظية وهذا ظن باطل إذا الشظية إنما تكون على الارتفاع في وقت إذا كان ظل اللبنة غير متناه وهو وقت كون سطح الحجرة في دائرة الارتفاع وليس ذلك وقت وقوع ظل اللبنة على العضادة فتأمل. من كتاب ورام: إلتقى ملكان فتساءلا فقال أحدهما للآخر: أمرت بسوق حوت اشتهاه فلان اليهودي، وقال الآخر: أمرت بإهراق زيت اشتهاه فلان الزاهد. التفاضل بين كل مربعين بقدر حاصل ضرب مجموع جذريهما في التفاضل بين ذينك الجذرين. ولكثير من قصيدة ركبان مكة والذين رأيتهم ... يبكون من خوف المعاد قعودا لو يسمعون كما سمعت حديثها ... خروا لعزة ركعاً وسجودا الله يعلم لو أردت زيادة ... في حب عزة ما وجدت مزيدا قولهم لا يقبل عنه صرف ولا عدل: الصرف التوبة، والعدل الفدية. لا يقال للعلف حشيش إلا إذا يبس. من غرر الحكم من كتاب غرر الحكم من كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه: الصديق إنسان هو إلا أنه غيرك المرأة شر كلها وشر ما فيها أنه لابد منها. الشركة في الملك تؤدي إلى الاضطراب، والشركة في الرأي تؤدي إلى الصواب. السبب الذي أدرك به العاجز بغيته هو الذي أعجز القادر عن طلبته. إضرب خادمك إذا عصى الله، واعف عنه إذا عصاك. إختر من كل شيء جديده ومن الإخوان أقدمهم، أحيوا المعروف بإماتته، فإن المنة تهدم الصنيعة.

قصة يوسف

اضربوا بعض الرأي ببعض يتولد منه الصواب تخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول الإجتهاد إذا أبيض أسودك مات أطيبك. قال يحيى بن معاذ في مناجاته: إلهي يكاد رجائي لك مع الذنوب يغلب على رجائي مع الأعمال؛ لأني أعتمد الأعمال على الإخلاص وكيف لا أحذرها وأنا بالآفة معروف. وأجدني في الذنوب أعتمد على عفوك، وكيف لا تغفرها وأنت بالجود موصوف. ألفاظ لغوية من كتاب أدب الكاتب: مما جاء مخففا والعامة تتشدد: الرباعية للسن، ولا يقال رباعية، وكذا الكراهية، والرفاهية، وفعلت كذا طماعية، في معروفك ومن ذلك الدخان والقدوم. ومما جاء ساكنا والعامة تحركه: يقال في أسنانه حفر ن حلقة الباب، وحلقة القوم، وليس في كلام العرب حلقة بفتح اللام إلى حلقة الشعر، جميع حالق، نحو كفره جمع كافر. ومما جاء مفتوحا والعامة تكسره: الكتان، والعفار ن والدجاج، وفص الخاتم. ومما جاء مكسورا والعامة تفتحه: الدهليز، والإنفحة ’ والضفدع. ومما جاء مضموما والعامة نفتحه: على وجهه طلاوة، وثياب جدد، والجدد ب بفتح الدال - الطرائق قال الله تعالى {ومن الجبال جدد بيض} وما جاء مفتوحا والعامة تضمه: الأنملة بفتح الميم واحدة الأنامل. ومما جاء مضموما والعامة تكسره: المصران جمع مصير، نحو جريان: جمع جريب. قصة يوسف قوله تعالى: " ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه " روي في عيون الأخبار عن أبي الحسن الرضا رضي الله عنه فيما ذكره عند المأمون في تنزيه الأنبياء ما حصله إن قوله تعالى: " وهم بها " هو جواب لولا؛ أي لولا أن رأى برهان ربه لهم بها كما تقول: قتلتك لولا أني أخاف الله، أي لولا أني أخاف الله لقتلتك وحينئذٍ فلا يلزم كونه عليه السلام قد هم بالمعصية أصلاً كما هو شأن النبوة. أقول: وأما ما ذكره بعض المفسرين من أن جواب لولا لا يتقدم عليها محتجاً بأنها

في حكم الشرط، وللشرط صدر الكلام وأن الشرط مع ما في حيزه من الجملتين في حكم الكلمة الواحدة ولا يجوز تقديم بعض أجزاء الكلمة على بعض فكلام ظاهري لا مستند له في كلام المتقدمين من أئمة العربية، وحجته المذكورة لا يخفى ضعفها والصحيح أنه لا مانع من تقديم جواب لولا عليها ولأن ضويقنا في ذلك قدرنا لها جواباً آخر بحيث يكون المذكور مفسراً له كما في نحو أقوم إن قام زيد. قال في الكشاف: فإن قلت: كيف جاز على نبي الله أن يكون منه هم بالمعصية وقصد إليها؟ قلت: المراد أن نفسه مالت إلى المخالطة، ونازعت إليها عن شهوة الشباب وقرمه ميلاً يشبه الهم به والقصد إليه وكما يقبضه صورة تلك الحال التي تكاد تذهب بالعقول والعزائم وهو يكسر ما به ويرده بالنظر في برهان الله المأخوذ على المكلف من وجوب اجتناب المحارم، ولو لم يكن ذلك الميل الشديد المسمى هماً لشدته لما كان صاحبه ممدوحاً عند الله، لأن استعظام الصبر على الإبتلاء على حسب عظم الإبتلاء وشدته. ثم إنه أكثر التشنيع على من فسر الهم بأنه حل الهميان، وجلس منها مجلس المجامع، وعلى من فسر البرهان بأنه سمع صوتاً إياك وإياها فلم يكترث فسمعه ثانياً فلم ينجع فيه حتى مثل له يعقوب عاضاً على أنملته أو بأنه ضرب في صدره فخرجت شهوته من أنامله أو بأنه صيح به يا يوسف لا تكن كالطائر كان له ريش، فلما زنا قعد لا ريش له، أو بأنه بدت كف فيما بينهما ليس لها عضد ولا معصم مكتوب فيها وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين فلم ينصرف. ثم رأى فيها " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً " فلم ينته ثم رأى فيها " واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله " فلم ينجع، فقال الله لجبرئيل: أدرك عبدي قبل أن يصيب الخطيئة فانحط جبريل وهو يقول يا يوسف أتعمل عمل السفهاء؟ وأنت مكتوب في ديوان الأنبياء أو بأنه رأى تمثال العزيز، أو بأنه قامت المرأة إلى صنم كان هناك فسترته، وقالت أستحي منه أن يرانا، فقال يوسف: إستحييت ممن لا يسمع ولا يبصر ولا أستحي من السميع البصير العليم بذات الصدور. ثم قال جار الله: هذا ونحوه مما يورده أهل الحشو والجبر الذين دينهم بهت الله وأنبيائه ورسله، وأهل العدل والتوحيد ليسوا من مقالاتهم ورواياتهم بحمد الله بسبيل ولو وجدت من يوسف عليه السلام أدنى ذلة لنعيت عليه وذكرت توبته واستغفاره كما نعيت على آدم عليه السلام زلته، وعلى داود، وعلى نوح، وعلى أيوب، وعلى ذي النون، وذكرت توبتهم واستغفارهم كيف وقد أثنى عليه، وسمى مخلصاً فعلم بالقطع أنه ثبت في ذلك المقام الدحض وأنه جاهد نفسه مجاهدة أولي القوة، والعزم ناظراً في دليل التحريم، ووجه القبح، حتى استحق من الله الثناء فيما أنزل من الكتب الأولين. ثم في القرآن الذي هو حجة

على سائر كتبه ومصداق لها، ولم يقتصر إلا على استيفاء قصته وضرب سورة كاملة عليها ليجعل لها لسان صدق في الآخرين كما جعله لجده الخليل إبراهيم، وليقتدي به الصالحون إلى آخر الدهر في العفة وطيب الأزار والتثبت في مواقف العثار فأخزى الله أولئك في إيرادهم ما يؤدي إلى أن يكون إنزال الله سورة التي هي أحسن القصص في القرآن العربي المبين ليقتدي بنبي من الأنبياء في العقود بين شعب الزانية، وفي حل تكته للوقوع عليها وفي أن ينهاه ربه ثلاث كرات، ويصاح به من عنده ثلاث صيحتات بقوارع القرآن، وبالتوبيخ العظيم، وبالوعيد الشديد، والتشبيه بالطائر الذي سقط ريشه حين سفد غير أنثاه، وهو جاثم في مربضه ولا يتحلحل ولا ينهي ولا ينتبه حتى يتداركه الله بجبرئيل، وبإجباره وو أن أوقح الزناة وأشطرهم وأحدهم حدقة وأجلحهم وجهاً لقي بأدنى ما لقي به نبي الله مما ذكروا لما بقي له عرق ينبض، ولا يتحرك فيا له من مذهب ما أفحشه، ومن ضلال ما أبينه. إنتهى كلام صاحب الكشاف، لا خلاف في أن يوسف على نبينا وعليه السلام لم يأت بالفاحشة إنما الخلاف في وقوع الهم منه، فمن المفسرين من ذهب إلى أنه ذهب إلى أن هم وقصد الفاحشة وأتى ببعض مقدماتها وقد أفرط صاحب الكشاف في التشنيع على هؤلاء، كما نقلناه عنه في الصفحة السابقة، ومنهم من نزعه عن الهم أيضاً، وهو الصحيح وللإمام الرازي في تفسيره الكبير هنا نكتة لابأس بإيرادها. قال الإمام: إن الذين لهم تعلق بهذه الواقعة هم يوسف عليه السلام، والمرأة، وزوجها والنسوة، والشهود، ورب العالمين، وإبليسن وكلهم قالوا ببراءته عليه السلام عن الذنب فلم يبق لمسلم توقف في هذا الباب، أما يوسف فلقوله: " هي راودتني عن نفسي " وقوله " رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه " وأما المرأة فلقولها " ولقد راودته عن نفسه فاستعصم " و " قالت الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه " وأما زوجها فلقوله " إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم " وأما النسوة فلقولهن " امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حباً إنا لنراها في ضلال مبين " وقولهن " حاش لله ما علمنا عليه من سوء " وأما الشهود فقوله تعالى: " وشهد شاهد من أهلها " إلى آخره. وأما شهادة الله تعالى بذلك فقوله عز من قائل: " كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين " وأما إقرار إبليس بذلك فبقوله: " فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين " فأقر بأنه لا يمكنه إغواء العباد المخلصين وقد قال الله تعالى: " إنه من عبادنا المخلصين " فقد أقر إبليس بأنه لم يغوه، وعند هذا نقول هؤلاء الجهال الذين نسبوا إلى يوسف عليه السلام الفضيحة إن كانوا من أتباع دين الله

بعض ما قيل في النساء

فليقبلوا شهادة الله تعالى بطهارته، وإن كانوا من أتباع إبليس وجنوده، فليقبلوا إقرار إبليس بطهارته إنتهى كلام الإمام. قيل للحسن البصري: كيف ترى الدنيا؟ فقال: شغلني توقع بلائها عن الفرح برخائها فأخذه أبو العتاهية فقال: تزيده الأيام إن أقبلت ... شدة خوف لتصاريفها كأنها في حال إسعافها ... تسمعه رقعة تخويفها من كلام الحسن يا ابن آدم أنت أسير الدنيا رضيت من لذتها بما ينقضي، ومن نعيمها بما يمضي؛ ومن ملكها بما ينفد، ولا تزال تجمع لنفسك الأوزار، ولأهلك الأموال فإذا مت حملت أوزارك إلى قبرك. وتركت أموالك لأهلك. بعض ما قيل في النساء عيرت امرأة ديوجانس الحكيم بقبح المنظر فقال لها: يا هذه إن منظر الرجال بعد المخبر، ومخبر النساء بعد المنظر فخجلت. ورأى يوماً امرأة قد حملها السيل فقال لأصحابه: هذا موضع المثل دع الشر يغسله الشرور ورأى امرأة تحمل ناراً فقال: الحامل أشر من المحمول. ورأى يوماً امرأة متزينة يوم عيد، فقال هذه إنما خرجت لترى لا لترى. ورأى جارية تعلم الكتابة فقال: هذا سم يسقى سماً. قال بعض أصحاب الإسكندر إنه دعاهم ليلة ليريهم النجوم، ويعرفهم خواصها وأحوال مسيرها فأدخلهم إلى بستان، وجعل يمشي معهم ويشير بيده إليها حتى سقط في بئر هناك فقال: من تعاطى علم ما فوقه بلي بجهل ما تحته. قيل لدعبل الشاعر: ما الوحشة عندك؟ فقال النظر إلى الناس ثم أنشد: ما أكثر الناس لا بل ما أقلهم ... الله يعلم أني لم أقل فندا إني لأفتح عيني حين أفتحها ... على كثيرٍ ولكن لا أرى أحدا لبعضهم تشك دهرك ما صححت به ... إن الغنى هو صحة الجسم هبك الخليفة كنت منتفعاً ... بغضارة النيا مع القسم لبعضهم لقد عرفتك الحادثات نفوسها ... وقد أدبت إن كان ينفعك الأدب ولو طاب الإنسان من صرف دهره ... دوام الذي يخشى لأعياه ما طلب لبعضهم وهو ابن عبيد يا أيها السائل عن منزلي ... نزلت في الخان على نفسي كان عمر بن عبد العزيز يقول في دعائه اللهم أغنني بالإفتقار إليك ولا تفقرني بالإستغناء عنك. الخنس والكنس التي أقسم الله سبحانه بهم في كتابه العزيز هم الخمسة المتحيرة من خنس

إذا رجع، ومن كنس الوحش إذا دخل كناسه، وهو بيته، لأنها تختفي تحت ضوء الشمس، وقد يقال: إن الكنس بمعنى المقيمات في الكناس، وفي الآية الكريمة إشعار بما يتعرض للخمس المتحيرة من الرجوع والإقامة والإستقامة، فالخنس إشعار بالرجوع والكنس إشعار بالإقامة، والجواري إشعار بالإستقامة. كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة أن قبلك رجلين، يعني بكر بن عبد الله، وأياس بن معاوية، فول أحدهما قضاء البصرة قال: فلما عرض الكتاب عليهما امتنع كل منهما من قبوله فأحضرهما وألح عليهما في ذلك، فقال بكر: والله الذي لا إله إلا هو إني لا أحسن القضاء وإن أياساً أولى به مني، فإن كنت صادقاً فكيف أتولاه؟ وإن كنت كاذباً فكيف تولى كذاباً، فقال أياس: إنكم أوقفتم الرجل على شفير جهنم، فافتدى منكم بيمين يكفرها، فقال أما إذا اهتديت لهذا فأنت أحق، فولاه القضاء. دخل أياس الشام، وهو غلام صغير، فقدم خصماً له إلى بعض القضاة وكان الخصم شيخاً، فصال عليه أياس بالكلام، فقال له القاضي: خفض عليه فإنه شيخ كبير، فقال أياس: الحق أكبر منه، قال: اسكت قال: فمن ينطق بحجتي إن سكت قال: ما أراك تقول حقاً فقال: لا إله إلا الله، فدخل القاضي على عبد الملك فأخبره فقال: إقض حاجته وأخرجه من الشام لا يفسد أهلها. أسباب تخفيف الشدائد وتسهيل المصائب لتسهيل المصايب وتخفيف الشدائد أسباب: إذا قارنت حزماً وصادفت عزماً هونت

وقعها وقللت تأثيرها وضرها. فمنها إشعار النفس ما تعلمه من حلول الفناء، والمصير إلى الإنقضاء، إذ ليس للدنيا حال يدوم، ولا لمخلوق بقاء معلوم، ومنها أن تستشعر أن كل يومٍ يمر منها شطر، ويذهب منها جانب حتى تتخلى، وأنت عنها غافل، قال الشاعر: تسل عن الهموم فليس شيء ... يقيم فما همومك بالمقيمة لعل الله ينظر بعد هذا ... إليك بنظرة منه رحيمة ومنه أن تعلم أن فيما وقي من الرزايا، وكفى من الحوادث والبلايا، ما هو أعظم من رزيته، وأشد من بليته. ومنها أن تعلم أن طوارق الإنسان من دلائل فضله، ومحنه من شواهد نبله. فعن أمير المؤمنين رضي الله عنه حذق المرء محسوب من رزقه، وقال الشاعر: محن الفتى يخبرن عن فضل الفتى ... كالنار مخبرة بفضل العنبر وقلما تكون محنة فاضل إلا على يد جاهل وبلية كامل إلا من جهة ناقص قال الشاعر: فلا غرو أن يمنى أديب بجاهل ... فمن ذنب التنين تنكسف الشمس ومنها علمه بأنه يعتاض من الإرتياض بنوائب دهره، والإرتماض بمصائب عصره صلابة عود، واستقامة عمود، وتجارباً لا يغتر معه برخاء، وثباتاً لا يتزلزل بعده لكل شدة، وبأساً قال الشاعر: نوائب الدهر أدبتني ... وإنما يوعظ الأديب لم يمض بؤس ولا نعيم ... إلا ولي فيهما نصيب ومنها التأسي بالأنبياء والأولياء السلف والصالحين، فإنه لم يخل أحدهم مدة عمره عن تواتر البلايا، وتفاقم الرزايا، وليشعر نفسه أن ينخرط بذلك في سلك أولئك الأقوام، وناهيك به من مقام يسمو على كل مقام. سئل الحسن بن علي رضي الله عنهما: من أعظم الناس قدراً؟ فقال: من لم يبال بالدنيا بيد من كانت.

تعريف السيمياء

قال بعضهم: إن هذا الموت قد نغص على أهل النعيم نعيمهم فاطلبوا نعيماً لا موت معه. قال الحسن رضي الله عنه: فضح الموت الدنيا ما ترك لذي لب فرحاً. روي أنه لما وضع إبراهيم عليه السلام في المنجنيق ليرمى به في النار أتاه جبرائيل عليه السلام فقال: ألك حاجة؟ قال أما إليك فلا. من كلام بعضهم: الفرق بين الهوى والشهوة مع اجتماعهما في العلة والمعلول واتفاقهما في الدلالة والمدلول هو أن الهوى مختص بالآراء والاعتقادات والشهوة تختص بنيل المستلذات، فصارت الشهوة من نتائج الهوى وهي أخص، والهوى أضل، وهو أعم، لامرأة من العرب: أيها الإنسان صبراً ... إن بعد العسر يسرا إشرب الصبر وإن كان ... من الصبر أمرا أبو تمام إذا اشتملت على اليأس القلوب ... وضاق لما به صدر الرحيب وأوطنت المكاره واطمأنت ... وأرست في مكانتها الخطوب ولم تر لانكشاف الضر وجهاً ... ولا أغنى بحيلته الأريب أتاك على قنوت منه غوث ... يمن به اللطيف المستجيب فكل الحادثات وإن تناهت ... فموصول بها فرج قريب لبعضهم وكم غمرة هاجت بأمواج غمرة ... تلقيتها بالصبر حتى تجلت وكانت على الأيام نفسي عزيزة ... فما رأت صبري على الذل ذلت تعريف السيمياء السيميا يطلق على غير الحقيقي من السحر وحاصله إحداث مثالات خيالية لا وجود لها وقد يطلق على إيجاد تلك المثالات وتصويرها في الحسن وتكوين صور في جوهر الهواء، وسبب سرعة زوالها سرعة تغير جوهر الهواء، وكونه لا يحفظ ما يقبله زماناً طويلاً.

ابن الدمينة اسمه عبد الله وهو من العرب العرباء من بني عامر، وشعره في غاية الرقة على خلاف ما كان عليه الصدر الأول، وهذا في ذلك الزمان عجيب، وكان العباس بن الأحنف يطرف بشعره جداً ومن شعره: ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد الأبيات الخمسة. وله أيضاً الأبيات المشهورة التي يقول فيها: نهاري نهار الناس حتى إذا بدا ... لي الليل هزتني إليك المضاجع وله من أبيات قفي يا أميم القلب نقضي لبانة ... ونشكو الهوى ثم افعلي ما بدى لك أرى الناس يرجون الربيع وإنما ... ربيعي الذي أرجو زمان نوالك تعاللت كي أشجي وما بك علة ... تريدين قتل قد ظفرت بذلك لئن ساءني إن نلتني بمساءة ... فقد سرني أني خطرت ببالك أبيني أفي يمنى يديك جعلتني؟ ... فأفرح أم صيرتني في شمالك؟ من كلام بعضهم لا يحصل هذا العلم إلا من خرب دكانه، وهاجر إخوانه، وباعد أوطانه، واستغنم إبانه. قال في التبيان: بعد أن ذكر هذين البيتين في وصف الهلال لابن المعتز وقال: إنه أحسن ما قيل في الهلال: وجاءني في قميص الليل مستتراً ... يستعجل الخطو في خوف وفي حذر ولاح ضوء هلال كاد يفضحني ... مثل القلامة إذ قصت من الظفر قال لو قال لم يقص ليكون امتياز الهلال عن التدوير الذي يحس كالقلامة على الظفر كان أدق معنى هذا كلامه. العجب من أبي نواس مع تمهره في كلام العرب وتعمقه في العربية كيف غلط في قوله: كأن صغرى وكبرى من فواقعها ... حصباء در على أرض من الذهب فإن فعلى التي هي مؤنث أفعل لا تعرى عن الألف واللام والإضافة معاً قاله في المثل السائر، وذكر ابن هشام أيضاً في الباب الثاني من كتاب مغني اللبيب ما صورته إنما قلت

صغرى وكبرى موافقة لهم وإنما الوجه استعمال فعلى أفعل بأل أو الإضافة ولذلك لحن من قال: كان صغرى وكبرى من فواقعها ... حصباء در على أرض من الذهب فكيف يظن ظان أنه في وصف الدينار إذا استولى الحب أدهش عن إدراك الألم، والتجربة أعدل شاهد على ذلك. حكى سمنون المحب قال: كان في جوارنا رجل له جارية يحبها غاية الحب فاعتلت فجلس الرجل يصنع لها حميساً فبينا هو يحرك ما في القدر إذ قالت الجارية: آه فدهش الرجل وسقطت الملعقة من يده وجعل يحرك ما في القدر بيده حتى تساقط لحم أصابعه وهو لا يحس بذلك، فهذا وأمثاله قد يصدق به في حب المخلوق والتصديق به في حب الخالق أولى، لأن البصيرة الباطنة أصدق من البصر الظاهر، وجمال الحضرة الربوبية أوفى من كل جمال، فإنه الجمال الخالص البحت وكل جمال في العالم فهو مختلط ناقص. قصد بعض الشعراء أبا دلف: فسأله أبو دلف ممن أنت؟ فقال: من بني تميم فقال: تميم بطرق اللوم أهدى من القطا ... ولو سلكت سبل المكارم ضلت فقال الرجل: نعم، بتلك الهداية جئت إليك فخجل وأستكتمه وأجازه. إلى آخر ما قاله. لبيك يزيد ضارع لخصومة ... ومختبط مما تطيح الطوايح إن الأولى في معنى البيت أن يكون يزيد منادى، وضارع نايب الفاعل أي الضارع ينبغي أن يبكي بعدك لعدم المعين والممد، أما أنت ففي جنات النعيم، وعلى هذا فلا حذف في البيت. لله در من قال: أليس عجيباً بأن امرءاً ... لطيف الطباع حكيم الكلم يموت وما حصلت نفسه ... سوى علمه أنه ما علم ذكر أهل التجارب أن لتكون الجنين زماناً مقدراً فإذا تضاعف ذلك الزمان تحرك الجنين، ثم إذا انضاف المجموع مثلاً انفصل الجنين.

وقال الشيخ في الشفا في الفصل السادس من المقالة التاسعة من كتاب الحيوان: إن امرأة ولدت بعد الرابع من سني الحمل ولداً قد نبت أسنانه وعاش. ذكر أرسطاطاليس: أن مدة الحمل في كل الحيوانات مضبوطة إلا في الإنسان، وقال جالينوس: إني كنت شديد الفحص عن مقادير أزمنة الحمل، فرأيت امرأة ولدت في المائة وأربعة والثمانين ليلة. من الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: هي حالان شدة ورخاء ... وسجالان نعمة وبلاء والفتى الحاذق الأريب إذا ما ... خانه الدهر لم يخنه العزاء إن ألمت ملمة بي فإني ... في الملمات صخرة صماء صابر في البلاء علماً بأن ... ليس يدوم النعيم والبلواء لابن المطروح وعدك لا ينقضي له أمد ... ولا لليل المطال منك غد عللتني بالمنى غداً فغداً ... إن غداً سرمداً هو الأبد يضحك عن واضح مقبلة ... عذب برود كأنه البرد أحوم من حوله ولي ظمأ ... إلى جنى ريقه ولا أرد وكلما زدت وجهه نظراً ... بدت عليه محاسن جدد البيت الأخير من هذه الأبيات مأخوذ من قول أبي نؤاس: كأن ثيابه اطلعن ... من أزراره قمرا بعين خالط التغتير ... في أجفانه الحورا يزيدك وجهه حسناً ... إذا ما زدته نظرا الفاضل الجلبي في حاشيته المطول بعدما ذكر قول أبي نواس: صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها ... لو مسها حجر مسته سراء قال: إن البيت في وصف االدينار

وقال جامع الكتاب: هذا عجيب من ذلك الفاضل، فإنه يفهم من حاشيته أن له اطلاعاً وممارسة بشعر العرب، وهذه الأبيات التي هذا البيت منها مشهور. لأبي نواس في وصف الخمر وأولها: دع عنك لومي فإن اللوم إغراء ... وداوني بالتي كانت هي الداء وبعده قوله: من كف ذات حرٍ في زي ذي ذكر ... لها محبان لوطي وزناء الاسطرلاب آلة مشتملة على أجزاء يتحرك بعضها فتحكي الأوضاع الفلكية ويستعلم بها بعض الأحوال العلوية، والساعات المستوية والزمانية، ويستنتج منها بعض الأمور السفلية. قال أرسطو: القنية ينبوع الأحزان، نظمه أبو الفتح البستي فقال: يقولون ما لك لا تقتني ... من المال ذخراً يفيد الفتى فقلت فأفحمتهم في الجواب ... لئلا أخاف ولا أحزنا حكى الصولي عمن أخبره قال: خرجنا للحج فعرجنا عن الطريق للصلاة، فجاءنا غلام فقال: هل فيكم أحد من أهل البصرة؟ فقلنا كلنا منها فقال: إن مولاي منها وهو مريض يدعوكم، قال: فقمنا إليه، فإذا هو نازل على عين ماء، فلما أحس بنا رفع رأسه وهو لا يكاد يرفعه ضعفاً وأنشأ يقول: شعر يا بعيد الدار عن وطنه ... مفرداً يبكي على شجنه كلما جد الرحيل به ... زادت الأسقام في بدنه ثم أغمي عليه طويلاً، فجاء طائر فوقع على شجرة كان مستظلاً بها، وجعل يغرد ففتح عينيه وجعل يسمع التغريد، ثم أنشد: ولقد زاد الفؤاد شجى ... طائر يبكي على فننه شفه ما شفني فبكى ... كلنا يبكي على سكنه ثم تنفس الصعداء فغاضت نفسه، قال: فغسلناه وكفناه، وسألنا الغلام عنه فقال: هذا العباس بن الأحنف وكانت وفاته سنة مائة وثلاث وتسعون ومائة وكان لطيف

الطبع، خفيف الروح دقيق الحاسة. حسن الشمائل، جميل المنظر، عذب الألفاظ كثير النوادر، ومن شعر وحدثتني يا سعد البيت. للسيد الرضي رضي الله عنه: من أجل هذا الناس أبعدت المدى ... ورضيت أن أبقى ومالي صاحب إن كان فقر فالقريب مباعد ... أو كان مال فالبعيد مقارب من كلامهم من بخل بماله دون نفسه جاد به على حليل عرسه. ومن كلامهم جود الرجل يجيبه إلى أضداده ويبغضه إلى أولاده. من إحياء علوم الدين في كتاب ذم الغرور، وهو العاشر من المهلكات؛ وفرقة أخرى عظم غرورهم في فن الفقه، وظنوا أن حكم العبد بينه وبين الله تعالى، يتبع حكمه في حكم القضاء، فوضعوا الحيل في رفع الحقوق وهذا نوع عم العامة، إلا الأكياس منهم فنشير إلى أمثلته فمن ذلك فتواهم بأن المرأة متى أبرأت الزوج عن الصداق برىء الزوج بينه وبين الله تعالى، وذلك على إطلاقه عين الخطأ، فإن الزوج يسيء إلى الزوجة بحيث يضيق عليها الأمور فتضطر إلى طلب الخلاص فتبرىء الزوج لتخلص منه، فهو إبراء لا عن طيب نفس، لقد قال الله تعالى: " فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً " وإنما طيب النفس أن تسمح نفسها بالإبراء لا عن ضرورة، وبدون إكراه وإلا فهي مصادرة بالحقيقة، لأنها رددت بين ضررين: فاختارت أهونهما. نعم قاضي الدنيا لا يطلع على القلوب، إذ الإكراه الباطني مما لا يطلع عليه الخلق، ولكن متى تصدى القاضي الأكبر في صعيد القمة للقضاء لم يكن هذا مجزياً ولا مفيداً في تحصيل الإبراء، وكذلك لا يحل مال الإنسان أن يؤخذ إلا بطيب نفس، فلو طلب الإنسان مالاً على ملأ من الناس فاستحى المطلوب منه من الناس أن لا يعطيه، وكان يود أن يكون سؤاله له في خلوة حتى لا يعطيه، لكن يخاف ألم مذمة الناس، ويخاف ألم تسليم المال فردد نفسه بينهما فاختار ألم تسليم المال، وهو أهون الألمين، فسلمه فلا فرق بين هذا وبين المصادرة، إذ معنى المصادرة إيلام البدن بالضرب حتى يصير ذلك أقوى من ألم القلب ببذل المال فيختار أهون الألمين والسؤال في مظنة الحياء ضرب القلب بالسوط، ولا فرق بين ضرب الظاهر وضرب الباطن عند الله تعالى، لأن الباطن عنده ظاهر، وكذلك من يعطي شخصاً شيئاً إتقاء شره بلسانه أو شر معاتبته فهو حرام

عليه، وكذلك كل مال يؤخذ على هذا الوجه، ومن ذلك هبة الرجل مال الزكاة في آخر الحول لزوجته مثلاً لإسقاط الزكاة، فالفقيه يقول: سقطت الزكاة، فإن أراد به أن مطالبة السلطان والساعي سقطت فقد صدق وإن أراد أنه يسلم في القيمة ويكون كمن لم يملك المال أو كمن باع لحاجته إلى البيع فما أجهله بفقه الدين ومعنى الزكاة، فإن سر الزكاة تطهير القلب عن رذيلة البخل، فإن البخل مهلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، وإنما صار شحه مطاعاً بما فعله، وقبله لم يكن مطاعاً، فقد تم هلاكه بما يظن أن فيه صلاحه انتهى. من كلامهم من تغير عليك فلا تتغير له لا تكثر مجالسة الجبار وإن كان لك مكرماً محباً. من برك الصديق توقيرك إياه في المجالس. أهون التجارة الشرى، وأشدها البيع. من كتاب قرب الإسناد عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه قال: كان علي رضي الله عنه وفاطمة رضي الله عنهما حين دخلت عليه إهاب كبش إذا أرادا أن يناما عليه قلباه، وكانت وسادتهما أدماً حشوها ليف، وكان صداقها درعاً من حديد. منه عن أمير المؤمنين رضي الله عنه في قوله تعالى: " يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان " قال: من ماء السماء وماء البحر، فإذا أمطرت السماء فتحت الأصداف أفواهها فيقع فيها من ماء المطر، فتخلق اللؤلؤة الصغيرة من القطرة الصغيرة، واللؤلؤة الكبيرة من القطرة الكبيرة. لكل داء دواء يستطيب به ... إلا الحماقة أعيت من يداويها صاحب الحاجة أبله لأنه يخيل إليه أنها لا تقضى فيحزن والقلب إذا حزن فارقه الرأي، والحزن عدو الفهم لا يستقران في معدن واحد.

حيلة جار السوء وقرين السوء أن تكرم أبناءهم فيندفع عنك شرور آبائهم. من أتاك راجياً فلا ترده كما لا تحب أن ترد إذا جئت راجياً من استعان بظالم خذله الله. قال بعض الحكماء: مثل أصحاب السلطان كقوم راقوا جبلاً ثم وقعوا منه، فكان أبعدهم في المرقى أقربهم من التلف. قيل لبعضهم: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت والدنيا غمي، والآخرة همي. قيل لصوفي ما صناعتكم؟ فقال: حسن الظن بالله، وسوء الظن بالناس. قال بعض الحكماء: إنما حض بالمشاورة لأن رأي المشير صرف ورأي المستشير مشوب بالهوى. ومن كلامهم إن سلمت من الأسد فلا تطمع في صيده. لا تمرر بمن يبغضك وإن مررت فسلم. قال صاحب الكشاف في قوله تعالى: " إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً " إن عنه في موضع رفع بمسؤول كقوله تعالى: " غير المغضوب عليهم ولا الضالين " اعترض عليه أكثر المفسرين بأن هذا خطأ لأن الفاعل وما يقوم مقامه لا يتقدم على الفعل. سهم قطعة الدائرة الصغرى أطول من سهم قطعة الدائرة الكبرى إذا كان وتراهما متساويين وكانت القطعة الكبرى أصغر من النصف، وعلى هذا تبتني المسألة المشهورة من أن الإناء كالطاس مثلاً يسع من الماء وهو في قعر البئر أكثر مما يسعه وهو على رأس المنارة، فنقول في بيانه: ليكن قوساً اهـ ب، ار ب من محيطي الدائرتين مختلفتين في المقدار وعلى وتر اب، وليكن قوس ار ب من الدائرة الكبرى أصغر من النصف ثم يخرج من منتصف اب وهو نقطة ح عموج ح ر هـ على اب فهذا العمود يمر بمركزي الدائرتين وهما نقطتا ح م لكونه عموداً على الوتر ومنصفاً له فنصل خطي اح ام وتقول نقطة ح التي هي أقرب إلى وتر اب مركز لدائرة اهـ ب الصغرى لكون خط اح أصغر من خط ام فنقطة ح داخلة في سطح دائرة ار ب العظمى وقد خرج خطا ح اح ر إلى محيطها وح ر على سمت المركز فهو أصغر من ح الكن خطا ح اح هـ لكون كل منهما نصف قطر الدائرة الصغرى متساويان فخط ح هـ أطول من خط ح ر فبعد إسقاط خط ح المشترك يكون خط ح هـ الذي هو سهم لقوس اهـ ر التي هي قطعة من محيط الدائرة الصغرى أطول من خط ح د الذي هو سهم لقوس ار ب التي هي قطعة من محيط الدائرة العظمى، وذلك ما أردنا بيانه. قال ابن عباس: ما اتعظت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل كتاب كتب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أما بعد فإن الإنسان يسره درك ما لم يكن ليفوته، ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه فلا تكن بما نلت من دنياك فرحاً، ولا بما فاتك منها ترحاً، ولا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويرجو التوبة بطول الأمل فكان وقد والسلام. عباد الله الحذر، الحذر فوالله لقد ستر حتى كأنه قد غفر وأمهل، حتى كأنه قد أهمل الله المستعان على ألسنة تصف وقلوب تعرف، وأعمال تخالف. قال بعض الحكماء: إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل فانظر إلى حنينه إلى إخوانه وشوقه إلى أوطانه، وبكائه على ما مضى من زمانه.

ومن كلامهم كما أن الذباب يتبع موضع الجروح فينكأها، ويجتنب المواضع الصحيحة، كذلك شرار الناس يتبعون معائب الناس، فيذكرونها ويدفنون المحاسن. كتب أرسطاطاليس إلى الإسكندر أن الرعية إذا قدرت أن تقول قدرت أن تفعل فاجتهد أن لا تقول تسلم من أن تفعل. سئل الإسكندر أي شيء نلته بملكك أنت أشد سروراً به قال: قوتي على مكافأة من أحسن إلي بأكثر من إحسانه. سئل سولون أي شيء أصعب على الإنسان؟ قال: الإمساك عن الكلام بما لا يعنيه. شتم رجل اسخنيس الحكيم فأمسك عنه، فقيل له في ذلك: قال لا أدخل حرباً الغالب فيها أشر من المغلوب. من كلام علي رضي الله عنه أنعم على من شئت فأنت أميره، واحتج إلى من شئت فأنت أسيره، واستغن عمن شئت فأنت نظيره. قوله تعالى " وجزاء سيئة سيئة مثلها " المشهور أنه من باب المشاكلة، وبعض المحققين من أهل العرفان لا يجعله من ذلك الباب بل يقول: غرضه تعالى أن السيئة ينبغي أن تقابل بالعفو والصفح عمن فعلها، فإن عدل عن ذلك إلى الجزاء وكان ذلك الجزاء سيئة مثل تلك السيئة. وهذا الكلام لا يخلو من نفحة روحانية. قيل لديوجانس الحكيم: هل لك بيت تستريح فيه؟ فقال إنما يحتاج إلى البيت ليستراح فيه، وحيث ما استرحت فهو بيت لي. وكان في زمانه رجل مصور فترك التصوير وصار طبيباً، فقال له: أحسنت إنك لما رأيت خطأ التصوير ظاهر للعين وخطأ الطب يواريه التراب تركت التصوير ودخلت في الطب. ورأى رجلاً أكولاً سميناً، فقال له: يا هذا إن عليك ثوباً من نسج أضراسك، كثير عزه من أبيات: وإني وتهيامي بعزة بعدما ... تخليت مما بيننا وتخلت لكالمرتجي ظل الغمامة بعدما ... تبوأ منها للمقيل اضمحلت أباحت حمى لم يرعه الناس قبلها ... وحلت تلاعاً لم تكن قبل حلت وكانت لقطع الحبل بيني وبينها ... كناذرة نذراً فأوفت وبرت

فقلت لها يا عز كل مصيبة ... إذا وطئت يوماً لها النفس ذلت أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ... لدينا ولا مقلوة إن تقلت تمنت سليمى أن نموت بحبها ... وأهون شيء عندنا ما تمنت دخل بشار على المهدي وعنده خاله يزيد بن منصور الحميري: فأنشده قصيدة يمدحه بها فلما أتمها قال له يزيد: ما صناعتك أيها الشيخ فقال: أثقب اللؤلؤ، فقال له المهدي: أتهزأ بخالي؟ فقال: يا أمير المؤمنين ما يكون جوابي له وهو يراني شيخاً أعمى ينشد شعراً فضحك المهدي وأجازه. قال بعض البلغاء صورة الخط في الأبصار سواد، وفي البصائر بياض، رحم الله من أمسك ما بين فكيه، وأطلق ما بين كفيه، لا تنظر إلى من قال وانظر إلى ما قال: وفي بعض الآثار إن لسان بني آدم يتشرف على جميع جوارحه كل صباح، فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، الله الله فينا ويناشدونه ويقولون: إنما نثاب ونعاقب بك. رأيت في بعض التواريخ قال: كان كثير عزة رافضياً وكانت خلفاء بني أمية يعرفون ذلك ويلبسونه على أنفسهم ميلاً لمؤانسته ومحادثته. دخل على عبد الملك بن مروان فقال له: نشدتك بحق علي بن أبي طالب رضي الله عنه هل رأيت أعشق منك؟ فقال: يا أمير المؤمنين لو سألتني بحقك أخبرتك، نعم بينا أنا أسير في بعض الفلوات إذ أنا برجل قد نصب حبائله، فقلت: ما أجلسك هنا؟ فقال أهلكني وأهلي الجوع، فنصبت حبائلي لأصيب لهم ولنفسي ما يكفينا يومنا هذا، فقلت: أرأيت إن أقمت معك وأصبنا صيداً تجعل لي منه جزءاً قال: نعم، فبينا نحن كذلك إذ وقعت ظبية فخرجنا مبتدرين، فأسرع إليها فحلها وأطلقها فقلت له: ما حملك على هذا قال: دخلني عليها رقة لشبهها بليلى وأنشأ يقول: أيا شبه ليلى لا تراعي فإنني ... لك اليوم من وحشية لصديق أقول وقد أطلقا من وثاقها ... لأنت لليلى لو عرفت عتيق فعيناك عيناها وجيدك جيدها ... ولكن عظم الساق منك رقيق ولما أسرعت في العدو وجعل يقول:

تعريف الدنيا

إذهبي في كلاءة الرحمن ... أنت مني في ذمة وأمان لا تخافي من أن يماجي بسوء ... ما تغني الحمام في الأغصان ترهبيني والجيد منك لليلى ... والحشا والبغام والعينان جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أوصني، قال: إحفظ لسانك، قال: يا رسول الله أوصني، قال: إحفظ لسانك، قال: يا رسول الله أوصني قال: إحفظ لسانك ويحك هل يكب الناس على مناخرهم في النار إلى حصائد ألسنتهم. . وروي في كتاب ورام: أن أمير المؤمنين رضي الله عنه كان يحتطب ويستقي ويكنس وكانت فاطمة رضي الله عنها تطحن وتعجن وتخبز. وفي كتاب ورام في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر يا أبا ذر صلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة وأفضل من هذه كلها صلاة يصليها الرجل في بيته، حيث لا يراه إلا الله عز وجل يرجو بها وجه الله عز وجل. لبعضهم حيث ما كنت لا أخلف رحلي ... من رآني فقد رآني ورحلي المعلم الثاني أبو نصر الفارابي: ما إن تقاعد جسمي عن لقائكم ... إلا وقلبي إليكم شيق عجل وكيف يقعد مشتاق؟ يحركه ... إليكم الباعثان الشوق والأمل وإن نهضت فما لي غيركم وطر ... وكيف ذاك وما لي عنكم بدل وكم تعرض بي الأقوال قبلكم ... يستأذنون على قلبي فما وصلوا في الحديث إن الله تعالى يعطي الدنيا بعمل الآخرة ولا يعطي الآخرة بعمل الدنيا. تعريف الدنيا قال الخليل بن أحمد: الدنيا مختلفات تأتلف ومؤتلفات تختلف. قال بعض العارفين: هذا والله هو الحد الجامع المانع. قال ابقراط الإقلال من الضار خير من الإكثار من النافع.

رأى أفلاطون شخصا ورث من أبيه ضياعا فباعها وأتلف ثمنهاة في مدة قليلة، فقال: الأراضي تبتلع الرجال، وهذا الفتى يبتلع الأرضين. في تاريخ الحكماء للشهر زوري: إن رجلاً انكسرت به السفينة في البحر فوقع إلى جزيرة فعمل شكلاً هندسياً على الأرض فرآه بعض أهل تلك الجزيرة، فذهبوا به إلى الملك فأحسن مثواه، وأنعم عليه، وكتب الملك إلى ساير ممالكه أيها الناس اقتنوا ما إذا كسرتم في البحر صار معكم. جاء رجل إلى إبراهيم بعشرة آلاف درهم. والتمس منه أن يقبلها فأبى عليه، فألح الرجل فقال إبراهيم: يا هذا تريد أن تمحو إسمي من ديوان الفقراء بعشرة آلاف درهم لا أفعل ذلك أبداً. كان عمر الخيامي مع تبحره في فنون الحكمة سيء الخلق، له ضنة بالتعليم والإفادة وربما طول الكلام في جواب ما يسأل عنه بذكر المقومات البعيدة، وإيراد ما لا يتوقف المطلوب على إيراده ضنة منه بالإسراع إلى الجواب، دخل عليه حجة الإسلام الغزالي يوماً وسأله عن المرجح لتعيين جزءٍ من أجزاء الفلك للقطبية دون غيره مع أنه متشابه الأجزاء فطول الخيامي الكلام، وابتدأ بأن الحركة من أي مقول وضن بالخوض في محل النزاع كما هو دأبه وامتد كلامه إلى أن أذن للظهر، فقال الغزالي: جاء الحق، وزهق الباطل وقام وخرج ما أثقل الدهر على من ركبه ... حدثني عنه لسان التجربة لا تشكر الدهر بخير سببه ... فإنه لم يتعمد بالهبة وإنما أخطأ فيك مذهبه ... كالسيل إذ يسقي مكاناً خربه والسم يستسقي به من شربه قال بعض الحكماء: مسكين ابن آدم لو خاف من النار كما يخاف من الفقر لنجا منهما جميعاً، ولو رغب في الجنة كما رغب في الدنيا لفاز بهما جميعاً، ولو خاف الله في الباطن كما يخاف خلقه في الظاهر، لسعد في الدارين جميعاً. أبو الطيب أهم بشيء والليالي كأنها ... تطاردني عن كونه وأطارد وحيداً من الخلان في كل بلدة ... إذا عظم المطلوب قل المساعد كشاجم يا كامل الأدوات منفرد العلى ... والمكرمات ويا كثير الحاسد شخص الأنام إلى جمالك فاستعذ ... من شر أعينهم بعيب واحد الخوارزمي أي خير يرجو بنو الدهر في الدهر ... وما زال قاتلاً لبنيه من يعمر يفجع بفقد الأخلاء ... ومن مات فالمصيبة فيه

بشار بن برد ويوم كتنور الإماء سجرنه ... وأوقدن فيه الجزل حتى تضرما رميت بنفسي في أجيج سمومه ... وبالعيس حتى بض منخرها درما كشاجم وسحاب يجر في الأرض ذيلي ... مطرف زره على الأرض زرا برقه لمحة ولكن له رعد ... بطيء يكسو المسامع وقرا كخلي منافق للذي يهواه ... يبكي جهراً ويضحك سرا لما رأت أم الربيع بن خيثم ما يلقى الربيع من البكاء والسهر، قالت له: يا بني ما بالك لعلك قتلت قتيلاً، قال: نعم يا أماه، قالت: ومن هو حتى تطلب إلى أهله فيعفو عنك فوالله لو يعلمون ما أنت فيه لرحموك وعفوا عنك قال: يا أماه هي نفسي. قال: ذو النون المصري: خرجت يوماً من وادي كنعان، فلما علوت الوادي إذا بسواد مقبل علي وهو يقول: وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ويبكي. فلما قرب مني السواد إذا بامرأة عليها جبة وبيدها ركوة، فقالت لي: من أنت؟ غير فزعة مني، فقلت رجل غريب، فقالت: يا هذا وهل توجد مع الله غربة؟ قال: فبكيت من قولها، فقالت: ما الذي أبكاك؟ قلت: وقع الدواء على داء قد قرح، فأسرع في نجاحه قالت: فإن كنت صادقاً فلم بكيت؟ قلت: يرحمك الله الصادق لا يبكي، قالت: لا، قلت: ولم ذاك؟ قالت: لأن البكاء راحة للقلب، قال ذو النون: فبقيت والله متعجباً من قولها. انتهى

تعريف الإخلاص

تعريف الإخلاص ومن كلامهم في الإخلاص قال سهل: الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله خاصة. وقال: الإخلاص أشد شيء على النفس، لأنه ليس له فيها نصيب. وقال الآخر: الإخلاص في العمل أن لا يريد صاحبه عليه عوضاً في الدارين. وقال المحاسبي: الإخلاص إخراج الخلق عن معاملة الرب تعالى. وقال آخر: الإخلاص دوام المراقبة المراقبة ونسيان الحظوظ كلها وقال الجنيد: الإخلاص تصفية العمل من الكدورات. قال يحيى بن معاذ: الطاعة خزانة من خزائن الله مفتاحها الدعاء وأسنانها لقمة الحلال. وقيل لبشر الحافي: من أين تأكل؟ قال من حيث تأكلون، ولكن ليس من يأكل وهو يبكي كمن يأكل وهو يضحك. من كلام بعض العارفين: إذا صحت المحبة لم يبق من المحب ولا حبه. مر رجل ببعض العارفين وهو يأكل بقلاً، وملحاً، فقال: يا عبد الله أرضيت من الدينا بهذا؟ فقال العارف: ألا أدلك على من رضي بشر من هذا، فقال: نعم قال: من رضي بالدنيا عوضاً عن الآخرة. مر ديوجانس بشرطي يضرب لصاً، فقال: انظروا إلى لص العلانية يؤدب لص السر. من كتاب سر العربية في أنواع الخياطة: يقال خاط الثوب وخرز الخف والنعل وكتب القربةوكلب المزادة وسرد الدرع وخاص عين البازي. قال أنوشيروان لبوذرجمهر: أي الأشياء خير للمرء؟ فقال عقل يعيش به، قال، فإن لم يكن، قال: إخوان يشيرون عليه قال: فإن لم يكن، قال: فمال يتحبب به إلى الناس قال: فإن لم يكن، قال فعي صامت، قال: فإن لم يكن قال: فوت جارف. للمحقق التفتازاني ذكرهما في العكس من البديع في المطول: طويت لاحراز الفنون ونيلها ... رداء ثباتي والجنون فنون فمنذ تعاطيت الفنون وخقنتها ... تبيه لي أن الفنون جنون للشيخ كمال الدين ابن ميثم البحراني: جمعت فنون العلم أبغي بها الغنى ... فقصر بي عما سموت به القل فقد بان لي أن المعالي بأسرها ... فروع وأن المال فيها هو الأصل قال بعض الحكماء لابنه: يا بني ليكن عقلك دون دينك، وقولك دون فعلك ولباسك دون قدرك. وقال: صحائف أعمالك، فجلدها بأجمل أفعالك. وقال آخر: اعملوا لآخرتكم في هذه الأيام التي تسير كأنها تطير.

وفيات بعض العلماء

قال بعض الحكماء: لبعض الوزراء تواضعك في شرفك، أشرف لك من شرفك. قال بعض الحكماء: من قنع كان غنياً وإن كان فقيراً، ومن لم يقنع كان فقيراً وإن كان غنياً. وقال آخر: إذا طلبت العزة فاطلبها في الطاعة، وإن طلبت الغنى فاطلبه في القناعة. قال بعض الأدباء القناعة عز المعسر، والصدقة حرز الموسر. قال الجزار: لا تلمني مولاي في سوء حالي ... عندما قد رأيتني قصابا كيف لا أرتضي الجزارة ما عشت ... قديماً وأترك الآدابا وبها صارت الكلاب ترجيني ... وبالشعر كنت أرجو الكلابا أبو نواس لست أدري أطال ليلي أم لا ... كيف يدري بذاك من يتقلى؟ لو تفرغت لاستطالة ليلى ... ولرعي النجوم كنت مخلى فراغ الرضي من شرح الكافية سنة ستمائة وأربع وثمانون. لما تقلد عبد الله بن سليمان وزارة المعتضد بالله، كتب إليه عبد الله بن طاهر يهنيه ويظهر الشكوى من الدهر: أبى دهرنا إسعافنا في نفوسنا ... وأسعفنا فيمن نحب ونكرم فقلت له نعماك فيهم أتمها ... ودع أمرنا إن المهم المقدم آخر ما وهب الله لامرىء هبة ... أحسن من عقله ومن أدبه هما جمال الفتى فإن عدما ... ففقده للحياة أجمل به آخر قدمات كل نبيل ... ومات كل فقيه ومات كل شريف ... وفاضل ونبيه لا يوحشنك طريق ... كل الخلايق فيه وفيات بعض العلماء مات الجوهري سنة 339. أبو نصر الفارابي سنة 339. والوزير بن العميد سنة 365. الصاحب ابن عباد سنة 385. ابن سينا سنة 428. السيد المرتضى سنة 436. أخوه السيد الرضي سنة 230. أبو العلاء المعري سنة 449. إمام الحرمين سنة 477. الشيخ أبو حامد الغزالي سنة 505 أخوه أبةو الفتح سنة 520. جار الله الزمخشري سنة 538. محمد الشهرستاني سنة 548. الشيخ المقتول سنة 587. الإمام الرازي سنة 606. الشيخ عمر بن الفارض سنة 636. الشيخ محيي الدين بن عربي سنة 438. ابن الحاجب سنة 646. ابن البيطار سنىة 646. البيضاوي سنة 693. المحقق الطوسي سنة 706. العلامة الشيرازي سنة 710. الشيخ عبد الرحمن الكاشالي سنة 735. الجار بردي سنة 646. المحقق التفتازاني سنة 791. العلامة الحلي سنة 726 ابن هيثم البحراني سنة 679 الشاطبي سنة 890. ابن

أحكام أن

الجوزي سنة 597 أبو البقاء سنة 616. جلال الدين القزويني سنة 739. النواوي سنة 676. البديع الهمذاني سنة 394. الجعدي سنة 687. الآمدي سنة 631. أبو الطيب المتنبي 354 ومن شعره: أبداً تسترد ما تهب الدنيا ... فيا ليت جودها كان بخلا فكفت كون فرحة تورث الغم ... وخل يغادر الهم خلا وهي معشوقة على الغدر لا ... تحفظ عهداً ولا تتم وصلا شيم الغانيات فيها ولا أدري ... ألذ أنث اسمها الناس أم لا؟ أحكام أن قالوا: إذا سدت أن مع معموليها مسد المصدر فتحت وإلا كسرت، وإن جاز الأمران جاز الأمران، وقد حكموا بوجوب الكسر في بدء الصلة، وبعد القول. ولكاتب الأحرف هنا دغدغة هي أنه في هاتين الصورتين وأمثالها يجوز سدها مسد المصدر، فإذا قلت جاء الذي أنه قائم مثلاً كان في تأويل جاء الذي قيامه ثابت، وقد حكموا بجواز الوجهين في اذا انه: عبد القفا والهازم، لا مكان التأويل بنحو إذا عبودية القفا والهازم ثابتة به. ورد في بعض الكتب السماوية عجباً لمن قيل فيه من الخير ما ليس فيه ففرح، وقيل فيه من الشر ما هو فيه فغضب شعر: وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى ... فإن أطعمت تاقت وإلا تسلت آخر إن القلوب بحاراً في مودتها ... فاسأل فؤادك عني فهو يكفيني لا أسأل الناس عما في ضمائرهم ... ما في ضميري لهم عن ذاك يغنيني قيل لأشعب الطماع: قد صرت شيخاً كبيراً وبلغت هذا المبلغ، ولا تحفظ من الحديث شيئاً، فقال بلى والله ما سمع أحد من عكرمة ما سمعت، قالوا فحدثنا قال سمعت عكرمة يحدث عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلتان لا يجتمعان إلا في مؤمن، نسي عكرمة واحدة، ونسيت أنا الأخرى.

التمييز: ربما لا يرفع الابهام. ومنه التمييز الذي قالوا إنه للتأكيد، كما في قوله تعالى " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا " الهم إلا ان يقال التميز مما يصلح لرفع الابهام، وهو مرادهم، كما قالوه في صدق الدليل بما يلزم من العلم به العلم بشئ آخر على الدليل الثاني من درة الغواص يقال لما يضرب بمؤخره كالزنبور والعقرب لسع، ولما يقبض بأسنانه كالكلب والسباغ نهش، ولما يضرب بفيه كالحية لذع. القاضي يحيى بن أكثم، يقولون للعليل: هو معلول فيخطئون فيه، لأن المعلول هو الذي سقى العلل، وهو الشرب الثاني، وأما المفعول من العلة فهو معل. من كلام بعض الحكماء: من جلس في صغره حيث يحب جلس في كبره حيث يكره. إذا جاء الصواب ذهب الجواب. قيل لعمر بن عبد العزيز: ما كان بدء توبتك؟ فقال: أردت ضرب غلام لي، فقال: يا عمر اذكر ليلة صبيحتها يوم القيامة. في الحديث إذا أقبلت الدنيا على الرجل أعطته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبت محاسن نفسه. القعود وهو الإنتقال من علو إلى سفل، ولهذا قيل لمن أصيب برجله: مقعداً، والجلوس هو الانتقال من سفل إلى علو، والعرب تقول للقائم اقعد وللنائم أو الساجد إجلس. ومن كلامهم في الإخلاص قال سهل: الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله خاصة. وقال: الإخلاص أشد شيء على النفس، لأنه ليس له فيها نصيب. وقال الآخر: الإخلاص في العمل أن لا يريد صاحبه عليه عوضاً في الدارين. وقال المحاسبي: الإخلاص إخراج الخلق عن معاملة الرب تعالى. وقال آخر: الإخلاص دوام المراقبة المراقبة ونسيان الحظوظ كلها وقال الجنيد: الإخلاص تصفية العمل من الكدورات. قال يحيى بن معاذ: الطاعة خزانة من خزائن الله مفتاحها الدعاء وأسنانها لقمة الحلال. وقيل لبشر الحافي: من أين تأكل؟ قال من حيث تأكلون، ولكن ليس من يأكل وهو يبكي كمن يأكل وهو يضحك. من كلام بعض العارفين: إذا صحت المحبة لم يبق من المحب ولا حبه. مر رجل ببعض العارفين وهو يأكل بقلاً، وملحاً، فقال: يا عبد الله أرضيت من الدينا بهذا؟ فقال العارف: ألا أدلك على من رضي بشر من هذا، فقال: نعم قال: من رضي بالدنيا عوضاً عن الآخرة. مر ديوجانس بشرطي يضرب لصاً، فقال: انظروا إلى لص العلانية يؤدب لص السر. . ذكروا أن من شرط نصب المفعول له مقارنته لعامله في الوجود. وكاتب الأحرف يقول: الظاهر أن مراد النحاة أن المتكلم إنما يصح له النصب إذا قصد المقارنة خارجاً، إذ لو اشترطت المقارنة في الواقع لكان قولنا ضربته تأديباً، فلم تحصل التأديب مثلاًن لحناً، مع أن أمثاله واقع في كلامهم. دخل بعض أصحاب الشبلي وهو يجود بنفسه، فقالوا: له: قل: لا إله إلا الله فأنشأ يقول: إن بيتاً أنت ساكنه ... غير محتاج إلى السرج وجهك المأمول حجتنا ... يوم تأتي الناس بالحجج

لا أتاح الله لي فرجاً ... يوم أدعو منك بالفرج قيل لرابعة العدوية لم ترتجين وأكثر ما ترتجين؟ فقالت: بيأسي من جل عملي. من بدائع التشبيهات الواقعة من العرب العرباء ما حكاه الفرزدق، قال: لما أنشد عدي بن الرقاع قصيدته التي أولها: عرف الديار توهماً فاعتادها كنت حاضراً فلما وصل إلى قوله: تزجى أغن كان أبرة روقه قلت قد وقع ماذا عسى أن يقول: وهو أعرابي جاف ورحمته، فلما قال: قلم أصاب من الدوات مدادها استحالت الرحمة حسداً. زعم قوم أن وضع نعم وبئس للإقتصاد في المدح والذم، وليس كذلك بل وضعها للمبالغة في ذلك، ألا ترى قوله تعالى في تمجيد ذاته، وتعظيم صفاته؟ " واعتصموا بالله هو موليكم نعم المولى ونعم النصير " وقال في صفة النار: " ومأويهم جهنم وبئس المصير ". في الكشاف في قوله تعالى: " إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات " فإن قلت: هل من فرق بين إيقاع سمان صفة للمميز وهو البقرات دون المميز، وهو سبع؟ وأن يقال: سبع بقرات سماناً؟ قلت: إذا أوقعتها صفة لبقرات فقد قصدت إلى تميز السبع بنوع من البقرات وهي السمان منهن لا بجنسهن، ولو وصفت بها السبع لقصدت إلى تميز السبع بنوع من البقرات وهي السمان منهن لا بجنسهن، ولو وصفت بها السبع لقصدت إلى تميز السبع بجنس البقرات لا بنوع منها، ثم رجعت فوصفت المميز بالجنس بالسمن. فإن قلت: هل يجوز أن يعطف قوله وأخر يابسات على سنلات خضر؟ فيكون مجرور المحل. قلت: يؤدي إلى تدافع وهو أن عطفها على سنبلات خضر تقتضي أن يدخل في حكمها، فيكون معها مميزاً للسبع المذكورة، ولفظ الآخر تقتضي أن يكون غير السبع، بيانه: إنك تقول عندي سبعة رجال قيام وقعود بالجر، فيصح، لأنك ميزت السبعة برجال موصوفين بالقيام والقعود، على أن بعضهم قيام وبعضهم قعود؛ فلو قلت: عنده سبعة رجال قيام، وآخرين قعود، تدافع، ففسد. من جرى في عنان أمله عثرت رجله بأجله.

صاحب الكشاف جوز كون ما في قوله تعالى: " واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه " مصدرية، واعترضه الفاضل ابن هشام بأن ما المصدرية حرف، وهنا قد عاد الضمير إليها، وهو نص على إسميتها، وقد يذب عن جار الله بأنه ضمير فيه يعود إلى الظلم المفهوم من ظلموا، ولا يخلو من تكلف. من كلام بعض الأكابر: من علائم إعراض الله تعالى عن العبد أن يشغله بما لا يعنيه دنياً ولا ديناً. وقال بعضهم: إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما أقامك. ذكر لي والدي طاب ثراه أنه سمع هذه الكلمة من بعض الناس فأثرت فيه وترك ما كان مقيماً عليه مما لا يعنيه بسببها. كان صاحب الكشاف شديد الإنكار على الصوفية، وقد أكثر في الكشاف من التشنيع عليهم في مواضع عديدة، وقال في تفسير قوله تعالى: " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني " والآية في سورة آل عمران، ما صورته: وإذا رأيت من يذكر محبة الله، ويصفق بيديه مع ذكرها، ويطرب وينعر ويصعق، فلا تشك في أنه لا يعرف ما الله، ولا يدري ما محبة الله، وما تصفيقه وطربه، ونعرته وصعقته، إلا لأنه تصور في نفسه الخبيثة صورة مستملحة معشقة فسماها الله بجهله ودعا ربه، ثم صفق وطرب ونعر وصعق على تصورها، وربما رأيت المني قد ملأ إزار ذلك المحب عند صعقته، وحمقى العامة على حواليه قد ملؤا أردانهم بالدموع، لما رققهم من حاله. قال صاحب الكشف عند هذا الكلام: المحبة إدراك الكمال من حيث أنه مؤثر، وكلما كان الإدراك أتم وأكمل، والمدرك أشد كمالية مؤثرة، كانت المحبة أتم ثم أنه ساق الكلام في المحبة إلى أن قال: ولو تأملت حق التأمل وجدت المحبة سارية في الموجودات كلها، عليها مدار البدء والإيجاد، ولولا أن الكلام فيها على سبيل الإستطراد أزرأ بمقامها لأوردت فيها مع ضعفي ما يحير الألباب، ويميز القشر من اللباب. هذا وإيداع الهجر ضمن تفسير كتاب الله جهل وسوء أدب، ممن مني بالحرمان بعد دخول الحرم نعوذ بالله من الحور بعد الكور، وبمثل هذا التشنيع شنع الإمام الرازي في تفسيره الكبير وهكذا أكثر المفسرين. العفيف التلمساني في الاقتباس من علم النحو مع التوجيه: ومستتر من نسا وجهه ... بشمس لها ذلك الصدغ في

كوى القلب مني بلام العذار ... وعرفني أنها لام كي كأنه حام حول قول ابن الفارض وزاد عليه التورية. نصباً أكسبني الشوق كما ... تكسب الأفعال نصباً لام كي آخر ومن البلوى التي ليس ... لها في الناس كنه أن من يعرف شيئاً ... يدعي أكثر منه العباس بن الأحنف وحدثتني يا سعد عنهم فزدتني ... جنوناً فزدني من حديثك يا سعد هواهم هوى لا يعرف القلب غيره ... فليس له قبل وليس له بعد آخر يا ويلنا من موقف ما به ... أخوف من أن يعدل الحاكم كان العباس بن الأحنف إذا سمع الشعر الجيد ترنح له واستخفه الطرب. قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي جاءني يوماً فأنشدته لابن الدمينة شعراً: ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد الأبيات الخمسة فتمايل وترنح وطرب وتقدم إلى عمود هنا وقال إنطح هذا العمود برأسي، من حسن هذا الشعر فقلنا له: ألا أرفق بنفسك. من بديع التشبيه مع حسن التعليل قول ابن تميم: إني لأشهد للحتى للجمى بفضيلة ... من أجلها أصبحت من عشاقه ما زاده أيام نرجسه فتى ... إلا وأجلسه على أحداقه الإمام الغزالي من أبيات أوردها في منهاج العابدين: ظفر الطالبون واتصل الوصل ... وفاز الأحباب بالأحباب وبقينا مذبذبين حيارى ... بين حد الوصال والإجتناب فاسقنا منك شربة تذهب الغم ... وتهدي إلى طريق الصواب لبعض العارفين: تشاغل قوم بدنياهم ... وقوم تخلو لمولاهم

فألزمهم باب رضوانه ... وعن سائر الخلق أغناهم ان بعض العارفين يقول: إني أ ‘ لم أن ما أعمله من الطاعات غير مقبول عند الله تعالى، فقيل كيف ذلك؟ فقال إني أعلم ما يحتاج إليه بالفعل حتى يكون مقبولا، وأ ‘ لم أني لست أقوم بذلك، فعلمت أن أ ‘ مالي غير مقبولة البدر الذهبي: ما أبصرت مقلتي عجيباً ... كاللوز لما بدا نواره إشتعل الرأس منه شيباً ... وابيض من بعد ذا عذاره قال الكاتب قد حام حول هذا المعنى بعض شعراء العجم فقال شعراً. قال بعض العارفين: إن آكل الحرام والشبهة مطرود عن الباب بغير شبهة، ألا ترى أن الجنب ممنوع عن دخول بيته، والمحدث محرم عليه مس كتابه، مع أن الجنابة والحدث أثران مباحان، فكيف بمن هو منغمس في قذر الحرام، وخبث الشبهات، لا جرم أنه أيضاً مطرود عن ساحة القرب، غير مأذون له في دخول الحرم. لما مات الرشيد دخل الشعراء على الأمين ليهنؤونه بالخلافة، ويعزونه بالرشيد، وأول من فتح لهم هذا الباب أعني الجمع بين التهنأة والتعزية أبو نواس، فإنه دخل على الأمين أنشده: جرت جوار بالسعد والنحس ... فالناس في وحشة وفي أنس والعين تبكي والسن ضاحكة ... فنحن في مأتم وفي عرس يضحكها القائم الأمين ويبكيها ... وفاة الرشيد بالأمس من لطيف حسن التعليل في خال تحت الحنك، ما حكاه ابن رشيق: قال: كنت أجالس محمد بن حبيب وكان كثيراً ما يجالسنا غلام ذو خال تحت حنكه، فنظر إلى ابن حبيب يوماً وأشار إلى الخال ففهمت أنه يصنع فيه شيئاً فصنعت أنا بيتين فلما رفع رأسه قال لي اسمع وأنشدني: يقولون لم من تحت صفحة خده ... تنزل خال كان منزله الخد فقلت رأى حسن الجمال فهابه ... فحط خضوعاً مثل ما يخضع العبد فقلت له أحسنت ولكن اسمع شعراً: حبذا الخال كائناً منه بين الخد ... والجيد رغبة وحذارا رام تقبيله اختلاساً ولكن ... خاف من سيف لحظه فتوارى

الفرق بين الرجاء والأمنية

فقال فضحتني قطع الله لسانك. الفرق بين الرجاء والأمنية من كلام الغزالي الفرق بين الرجاء والأمنية أن الرجاء يكون على أصل، والتمني لا يكون على أصل، مثاله من زرع واجتهد وجمع ببدراً ثم يقول أرجو أن يحصل منه مائة قفيز فذلك منه رجاء. وآخر لا يزرع زرعاً ولا يعمل يوماً، قد ذهب ونام وأغفل سنة فإذا جاء وقت البيادر يقول أرجو أن يحصل لي مائة قفيز، فقال من أين لك هذه الأمنية التي لا أصل لها؟ {فكذلك العبد إذا اجتهد في عبادة الله تعالى وانتهى عن معاصيه يقول: أرجو أن يتقبلا الله هذا اليسير، ويتم هذا التقصير ويعظم الثواب، فهذا رجاء منه، وأما إذا غفل وترك الطاعات وارتكب المعاصي، ولم يبال بسخط الله ورضاه، ووعده وعيده. ثم أخذ يقول: أرجو من الله الجنة والنجاة من النار، فذلك منه أمنية لا حاصل لها وسماها رجاء وحسن ظن، خطأ منه وجهلاً. قال بعضهم: رأيت أبا ميسرة العابد وقد بدت أضلاعه من الاجتهاد، فقلت يرحمك الله إن رحمة الله واسعة، فغضب وقال: هل رأيت ما يدل على القنوط؟ إن رحمة الله قريب من المحسنين، فأبكاني والله كلامه. ولينظر العاقل إلى حال الرسل والأبدال والأولياء واجتهادهم في الطاعات، وصرفهم العمر في العبادات لا يفترون عنها ليلاً ولا نهاراً، أما كان لهم حسن بالله؟} بلى والله إنهم كانوا أعلم بسعة رحمة الله وأحسن ظناً بجوده من كل ظان، ولكن علموا أن ذلك بدون الجد والإجتهاد، أمنية محضة، وغرور بحت، فأجهدوا أنفسهم في العبادة والطاعة، ليتحقق لهم الرجاء الذي هو من أحسن البضاعة. لابن العفيف في الاقتباس من التصريف: يا سكناً قلبي المعنى ... وليس فيه سواك ثاني لأي شيء كسرت قلبي ... وما التقى فيه ساكنان قال الصلاح الصفدي: هذا المعنى فيه خلل، لأن القلب ظرف لاجتماع ساكنين فالساكنان غير القلب، ولم يكسر أحد الساكنين كما هو القانون، إنما كسر ما اجتمعا فيه قال: وقد ذكرت ذلك لجماعة من الأدباء فاستحسنوا انتهى. مهيار الديلمي من الشعراء المجيدين، كان مجوسياً وأسلم على يد الشريف المرتضى وعظم شأنه، ومن شعره يمدح قوماً شعر: ضربوا بمدرجة الطريق قبابهم ... يتقارعون على قرى الضيفان

تفسير حديث الشقي من شقي في بطن أمه

ويكاد موقدهم يجود بنفسه ... حب القرى حطباً على النيران في الشهاب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الرفق والإقتصاد، والصمت، جزء من ستة وعشرين جزءاً من النبوة. قال القطب الراوندي: في شرح الشهاب، فإن قيل: لم جعل أجزاء النبوة ستة وعشرين؟ قلنا روى ابن بابويه في كتاب النبوة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتاه جبرئيل وأمره أن يقول للناس إني رسول الله إليكم كان له أربعون سنة وعاش بعد ذلك ثلاث وعشرين سنة، وكان يوحى إليه قبل ذلك في خاصة نفسه ثلاث سنين، ومن قبل ذلك كان محدثاً بأحكام شرعية يحتاج إليها بنكت في القلب، ونقر في السمع وإلهام، فتكون مدة نبوته صلى الله عليه وسلم ستاً وعشرين سنة، فأشار بهذا الحديث إلى عظم شأن هذه الخصال الثلاث وقيل مراده والله أعلم: إن الله سبحانه علمني هذه الثلاثة الخصال في سنة تامة، ولم يوح إلي في تلك السنة إلا الوصية بهذه الأشياء فكأنها جزء من أجزاء نبوتي. انتهى كلام القطب. في الحديث: الشتاء ربيع المؤمن، طال ليله فقام، وقصر نهاره فصام. تفسير حديث الشقي من شقي في بطن أمه قال بعض المحدثين في تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم " الشقي من شقي في بطن أمه ": إن المراد والله ورسوله أعلم إن الشقي من كان في النار، أي الشقاء الأعظم ذاك وكل شقاء سواه، فبالنسبة إليه ليس بشقاء، والمراد ببطن الأم جوف جهنم، من قوله تعالى: " فأمه هاوية " وقال بعض المحققين: لا يخفى ما فيه من البعد. قال المحقق الهمذاني في شرح الهياكل: إن للحيوانات عند المصنف نفوساً مجردة

نور الكواكب

كما هو مذهب الأوائل، بعضهم أثبت للنبات أيضاً نفوساً مجردة ويلوح ذلك من بعض تلويحات المصنف؛ وبعضهم أثبت ذلك للجمادات أيضاً. رأى يهودي الحسن بن علي رضي الله عنه في أبهى زي وأحسنه، واليهودي في حال ردي، وأسمال رثة فقال: أليس قال رسولكم: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر؟ قال نعم، فقال: هذا حالي وهذا حالك فقال رضي الله عنه: غلطت يا اخا اليهود لو رأيت ما وعدني الله من الثواب وما أعد لك من العقاب لعلمت أنك في الجنة وأني في السجن. قال القطب الراوندي في شرح الشهاب قوله: " إنما الأعمال بالنيات " إنه لما هاجر إلى المدينة هاجر بعضهم لرضاء الله، وبعضهم لغرض دنيوي من تجارة ونكاح، فأطلعه الله على ذلك: فقال: " الأعمال بالنيات، وإنما كان لكل امرىء ما نوى " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه. نور الكواكب رأيت في كتاب الفتوحات المكية في الباب التاسع والستين منه وهو الباب المعقود لبيان أسرار الصلاة، ما يدل بصريحه على أن أنوار جميع الكواكب مستفادة من نور الشمس، وكذا في كتاب الهياكل للشيخ السهر وردي ما يدل على ذلك فإنه، قال: إن الشمس هي التي تعطي جميع الأجرام ضوءها ولا تأخذ منها، قال المحقق الدواني في شرحه لهذا الكلام: هذا يدل على أن أنوار جميع الكواكب مستفادة من الشمس، كما هو مذهب بعض أساطين الحكماء انتهى. وكاتب الأحرف يقول: هذا هو الحق ولي في دلائل مخالفيه كلام تجده في زوايا الكشكول، وفي المثنوي للعارف الرومي ما يدل على ما ذكرناه إنه الحق، وقد أوردناه في المجلد الثاني من الكشكول. قال القطب الراوندي في شرح الشهاب الأولى أن يقال صلى الله عليه وسلم لأن العطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار ضعيف، وإذا قيل صلى الله على محمد فالأولى أن يقال وآل محمد ولا يعاد الجار، ليكون الكلام جملة واحدة إنتهى كلامه، وأقول: إذا أردنا أن يكون الكلام في الصورة الأولى أيضاً جملة واحدة فإنا نقول وآله بالنصب على أن يكون الواو بمعنى مع كما قالوه في نحو مالك وزيداً، وقد ذكره الكفعمي في حواشي مصباحه.

بحث في ضمير النكرة

بحث في ضمير النكرة قال الإمام في كتاب الأربعين: اختلفوا في أن ضمير النكرة نكرة أو معرفة، في مثل قولك جاءني رجل وضربته، فقال بعضهم: إنه نكرة لأن مدلوله كمدلول المرجوع إليه وهو نكرة، فوجب أن يكون الراجع أيضاً نكرة، إذا التعريف والتنمكير باعتبار المعنى، وقال قوم: إنه معرفة وهو المختار، والدليل عليه أن الهاء في ضربته ليست شايعة شياع رجل لأنها تدل على الرجل الجائي خاصة لا على رجل، والذي يحقق ذلك أنك تقول جاءني رجل ثم تقول: أكرمني الرجل ولا تعني بالرجل سوى الجائي ولا خلاف في أن الرجل معرفة، فوجب أن يكون الضمير معرفة أيضاً لأنه بمعناه، ويعلم من هذا جواب شبهة من زعم أنه نكرة أعني قوله: لأن مدلوله كمدلول المرجوع إليه. هذه المسألة من مسائل النحو الموردة في هذا الكتاب. الكلمة الطيبة صدقة. الصدقة على القرابة صدقة وصلة. وفي الحديث إذا دخلت الهدية من الباب خرجت الأمانة من الكوة. العاقل من يعمل في يومه لغده قبل أن يخرج الأمر من يده. رأى مالك بن دينار غراباً يطير مع حمامة فعجب وقال: اتفقا وليس من شكل واحد، ثم وقعا على الأرض فإذا هما أعرجان، فقال: من ها هنا، من العصمة تعذر المعاصي. حجة الإسلام أبو حامد محمد الغزالي: هو تلميذ إمام الحرمين اشتغل عليه في نيشابور مدة وخرج منها بعد موته، وقد صار ممن تعقد عليه الخناصر، ثم ورد بغداد فأعجب به فضلاء العراق، واشتهر بها وفوض إليه تدريس النظامية، وكان يحضر مجلس درسه نحو ثلاث مئة من الأعيان المدرسين في بغداد ومن أبناء الأم أكثر من مئة، ثم ترك جميع ذلك، وتزهد، وآثر العزلة، واشتغل بالعبادة، وأقام بدمشق مدة، وبها صنف الإحياء ثم انتقل إلى القدس. ثم إلى مصر وأقام بالإسكندرية. ثم ألقى عصاه بوطنه الأصلي طوس، وآثر الخلوة وصنف الكتب المفيدة. ونسبته إلى غزالة قرية من قرى طوس. حكى بعض الصلحاء قال: رأيت الغزالي في البرية وعليه مرقعة، وبيده ركوة وعصا

فقلت: أيها الإمام أليس تدريس العلم ببغداد خير من هذا؟ فنظر إلي نظر الازدراء، وقال: لما بزغ بدر السعادة من فلك الإرادة، وجنحت شمس الأصول إلى مغارب الوصول: تركت الهوى سعدى وليلي بمعزل ... وعدت إلى مصحوب أول منزل ونادت بي الأشواق مهلا فهذه ... منازل من تهوى رويدك فانزل من الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه: دواؤك فيك وما تشعر ... وداؤك منك وتستنكر وتحسب أنك جرم صغير ... وفيك انطوى العالم الأكبر وأنت الكتاب المبين الذي ... بأحرفه يظهر المضمر ومنه أقبل معاذير من يأتيك معتذراً ... إن بر عندك فيما قال أو فجرا فقد أطاعك من أرضاك ظاهره ... وقد أجلك من يعصيك مستترا ومنه أعاذلتي على إتعاب نفسي ... ورعيي في السرى روض السهاد إذا شأم الفتى برق المعالي ... فأهون فائت طيب الرقاد ومنه النفس تبكي على الدنيا وقد علمت ... أن السلامة فيها ترك مافيها لا دار للمرء بعد الموت يسكنها ... إلا التي كان قبل الموت بانيها ومنه إغتنم ركعتين زلفى إلى الله ... إذا كنت فارغاً مستريحاً

وإذا ما هممت بالقول في الباطل ... فاجعل مكانه تسبيحاً من كلامهم: من كرمت نفسه عليه، هامت الدنيا في عينيه. قال أرسطو للإسكندر وهو صبي إذا وليت الملك فأين تضعني؟ فقال: حيث تضعك طاعتك، لله در من قال: خذ من صديقك ما صفا ... ودع الذي فيه الكدر فالعمر أقصر من معاتبة ... الصديق على الغير الصلاح الصفدي مضمناً دب العذار فظن منه لائمي ... إني أكون عن الغرام بمعزل لا كان ذاك فإنني في معشر ... لا يسألون عن السواد المقبل قال أمير المؤمنين رضي الله عنه ليس بلد بأحق بك من بلد، خير البلاد ما حملك. الأول من ثالثة الأصول نريد أن نجد مركز دائرة اب فنعلم على محيطها نقطتي ح ور وننصفه نصل على هـ ونخرج من هـ عليه عموداً قاطعاً للمحيط في الجهتين على اب، وننصف اب على ح فهو المركز، وإلا فليكن المركز ط، ونصل ط ح ط هـ ط ر، فمثلثا ط هـ ح ط هـ ر متساوي الأضلاع النظاير، فزاويتا ط هـ ح ط هـ ر منهما متساويان قائمتان، وكانت زاويتا ب هـ ر ب هـ ح قائمتين هذا خلف، فإذن لا مركز غير نقطة ج، وقد تبين منه أنه لا تتقاطع وتران على قوائم وتنصف أحدهما الآخر إلا ويجوز أحدهما بالمركز، وبعبارة أخرى لا يخرج عمود من منتصف وتر إلا ويمر بالمركز. قال المحرر: أقول: وإن فرض المركز على غير نقطة ح كان الخلف من جهة أخرى وهي انتصاب الخط في موضعين هما ح م للشيخ ابن الفارض خفف السير وابتدىء يا حادي ... إنما أنت سائق لفؤادي ما ترى العيس بين سوق وشوق ... لربيع الربوع غرثى صوادي لم تبق لها المهامه جسماً ... غير جلد على عظام بوادي وتحفت أخفافها فهي تمشي ... من جواها في مثل جمر الرماد وبراها الونى فحل براها ... خلها ترتوي ثمام الوهاد

شفها الوجد إن عدمت دواها ... فاسقها الوجد من حفار المهاد عمرك الله إن مررت بوادي ... ينبع فالدهنا فبدر غادي وسلكت النقى فاودان ودان ... إلى رابع الروى الثماد وقطعت الحرار عهد الحميات ... قديد مواطن الأمجاد وتدانيت من خليص فعسفان ... فمر الظهران ملقى البوادي ووردت الجموم فالقصر فالدكناء ... طراً مناهل الوراد وأتيت التنعيم فالزاهر الزاهرج ... نوراً إلى ذرى الأطواد وعبرت الحجون واجتزت فاخترت ... ازدياداً مشاهد الأوتاد وبلغت الخيام فابلغ سلامي ... عن حفاظ عريب ذاك النادي وتلطف واذكر لهم بعض ما بي ... من غرام ما أن له من نفاد يا أخلاي هل يعود التداني ... منكم بالحمى يعود رقادي ما أمر الفراق يا جيرة الحي ... وأحلى التلاق بعد انفراد كيف يلتذ بالحياة معنى ... بين أحشائه كوري الزناد عمره واصطباره في انتقاص ... وجواه ووجده في ازدياد في قرى مصر جسمه والأصيحاب ... شآما والقلب في أجياد إن تعد وقفة فويق الصخيرات ... رواحاً سعدت بعد بعادي يا رعى الله يومنا بالمصلى ... حيث ندعى إلى سبيل الرشاد وقباب الركاب بين العلمين ... سراعاً للمأزمين غوادي وسقى جمعنا بغيث ملث ... ولييلات الحنيف صوب عهادي من تمنى مالاً وحسن مآل ... فمناي معنى وأقصى مرادي يا أهيل الحجاز إن حكم الدهر ... ببين قضاه ختم إرادي فغرام القديم فيكم غرامي ... وودادي كما عهدتم ودادي قد سكنتم من الفؤاد سويداه ... ومن مقلتي محل السواد يا سميري روح بمكة روحي ... شادياً إن رغبت في إسعادي

فذراها سربي وطيبي سراها ... وسبيل المسيل وردي وزادي كان فيها أنسي ومعراج قدسي ... ومقام المقام والفتح بادي نقلتني عنها الحظوظ فجدت ... وارداتي ولم تدم أورادي آه لو يسمح الزمان بعود ... فعسى أن تعود لي أعيادي قسماً بالحطيم والركن والأستار ... والمروتين مسعى العباد وظلال الجناب والحجر والميزاب ... والمستجار للقصاد ما شممت البشام إلا وأهدى ... لفؤادي تحية من سعاد ابن الخيمي يا مطلباً ليس لي في غيره إرب ... إليك آل التقصي وانتهى الطلب وما طمحت لمرىء أو لمستمع ... إلا لمعنى إلى علياك ينتسب وما أراني أهلاً أن تواصلني ... حسبي علواً بأني فيك مكتئب لكن ينازع شوقي تارة أدبي ... فأطلب الوصل لما يصعب الأدب ولست أبرح في الحالين ذا قلق ... نام وشوق له في أضلعي لهب ومدمع كلما كفكفت أدمعه ... صوناً لذكرك يعصيني وينسكب والهف نفسي لو يجدي تلهفها ... عوناً وواحر باد لو ينفع الحرب يمضي الزمان وأشواقي مضاعفة ... يا للرجال ولا وصل ولا سبب يا بارقاً بأعالي الرقمتين بدا ... لقد حكيت ولكن فاتك الشنب أما خفوق فؤادي فهو عن سبب ... وعن خفوقك قل لي ما هو السبب؟ القيراطي في بادهنج بنفسي أفدي بادهنجا موكلا ... باطفاء ما ألقاه من ألم الجوى إذا فتحت في الحر منه طرايق ... أتاني هواه قبل أن أعرف الهوى وله في موسوس وموسوس عند الطهارة لم يزل ... بدا على الماء الكثير مواظبا يستصغر النهر الكبير لذقنه ... ويظن دجلة ليس تكفي شاربا العرجي في الوداع

باتا بأنعم ليلة حتى بدا ... صبح يلوح بالأغر الأشقر فتلازما عند الفراق صبابة ... أخذ العريم بفضل ذيل المعسر الباخرزي: قالت وقد فتشت عنها كل من ... لاقيته من حاضر أو بادي أنا في فؤادك فارم طرفك نحوه ... ترني فقلت لها وأين فؤادي ولكم تمنيت الفراق مغالطا ... واحتلت في استثمار غرس وداي وطمعت منها في الوصال لأنها ... تبني الأمور على خلاف مرادي الرضي: يا ربع ذي الأثل من شرقي كاظمة ... قد عاود القلب من ذكراك أشجانا أشم منك نسيما لست أعرفه ... أظن ليلاي جرت فيك أردانا المتنبي: بأبي من وددته فافترقنا. . وقضى الله بعد ذاك اجتماعا وافترقنا حولا فلما التقينا ... كان تسليمه علي وداعا لبعضهم في الفانوس: انظر إلى الفانوس تلق متيما ... ذوفت على فقد الحبيب دموعه أحيا لياليه بقلب مضرم ... وتعد من تحت القميص ضلوعه. وفي التضمين ما يحكى أن الحيص بيص الشاعر قتل جرو كلبة، فأخذ بعض الشعراء كلبة وعلق على رقبتها رقعة وأطلقها عند باب الوزير فأخذت الرقعة وإذا فيها مكتوب: يا أهل بغداد إن الحيص بيص أتى ... بجرأة ألبسته العار في البلد أبدى شجاعته بالليل مجترياً ... على جريٍّ ضعيف العطش والجلد فأنشدت أمه من بعدما احتسبت ... دم الأبيلق عند الواحد الصمد أقول للنفس تأسياً وتعرية ... إحدى يدي أصابتني ولم ترد كلاهما خلف من بعد صاحبه ... هذا أخي حين أدعوه وذا ولدي والبيتان الأخيان لامرأة من العرب قتل أخوها ابنها.

النظام توهمه طرفي فآلم خده ... فصار مكان الوهم من خده أثر فصافحه كفي فآلم كفه ... فمن صفح كفي في أنامله عقر ومن بفكري خاطراً فجرحته ... ولم أر خلقاً قط تجرحه الفكر يقال: إن هذه الأبيات لما بلغت الجاحظ، قال: مثل هذا ينبغي أن لا يكون إلا من الوهم. عير سقراط الحكيم رجل بخمول نسبه، وتاه عليه بشرفه ورياسته، فقال له: سقراط: إليك انتهى شرف قومك، ومني ابتدأ شرف قومي، فأنا فخر قومي وأنت عار قومك. من بعض التواريخ: سخط كسرى على بوذرجمهر فحبسه في بيت مظلم، وأمر أن يصفد بالحديد فبقي أياماً على تلك الحال، فأرسل إليه من يسأله عن حاله، فإذا هو منشرح الصدر مطمئن النفس، فقالوا له: أنت في هذه الحالة من الضيق، ونراك ناعم البال، فقال: اصطنعت ستة أخلاط، وعجنتها واستعملتها فهي التي أبقتني على ما ترون قالوا: صف لنا هذه الأخلاط لعلنا ننتفع بها عند البلوى، فقال: نعم أما الخلط الأول فالثقة بالله عز وجل، وأما الثاني فكل مقدر كائن، وأما الثالث فالصبر خير ما استعمله الممتحن، وأما الرابع فإذا لم أصبر فماذا أصنع، ولا أعين على نفسي بالجزع، وأما الخامس فقد يكون أشد مما أنا فيه، وأما السادس فمن ساعة إلى ساعة فرج، فبلغ ما قاله كسرى، فأطلقه وأعزه. قال الفضيل بن عياض: ألا ترون كيف يزوي الله سبحانه الدنيا عمن يحب؟ ويمررها عليهم مرة بالجوع، ومرة بالعري، ومرة بالحاجة، كما تصنع الأم الشفيقة بولدها تقمطه بالصبر مرة، وبالحضض مرة، وإنما تريد صلاحه. لقي المنصور سفيان الثوري فقال له: ما يمنعك أن تأتينا يا أبا عبد الله؟ فقال: إن الله سبحانه نهانا عنكم حيث يقول: " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار " ودخل عليه يوماً وقد أرسل إليه، فقال له: سل حاجتك، قال أو تقضيها؟ ، قال: نعم، قال: حاجتي أن لا ترسل إلي حتى آتيك، ولا تعطيني شيئاً حتى أسألك. ثم خرج فقال المنصور: القينا الحب إلى العلماء فلقطوه، إلا ما كان من سفيان الثوري. قال: أرسطو الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة، أخذه الشاعر فقال: الفقر في أوطانه غربة ... والمال في الغربة أوطان وكان أبو الشمقمق أبو الرقعمق الشاعر الظريف المشهور قد لزم بيته لاطمار رثة كان يستحي أن

يخرج بها بين الناس فقال له بعض إخوانه يسليه عما رأى من سوء حاله أبشر يا أبا الشمقمق فقد روي أن العارين في الدنيا هم الكاسون يوم القيامة فقال إن كان ذلك حقاً فوالله لأكون بزازاً يوم القيامة. من كلام الحكماء: لأن أترك المال بعد موتي لأعدائي خير من أن أحتاج في حياتي لأصدقائي. عدو إذا لقيك سألك خير من صديق إذا افتقرت إليه سألته. إذا احتاج إليك عدوك أحب بقاءك وإذا استغنى عنك صديقك هان عليه لقاؤك. كل الدنيا فضول إلا خمساً: خبز تشبع به، وماء تروى به وثوب تستر به وبيت تسكنه وعلم تستعمله. لبعضهم كم من قوي قوي في تقلبه ... مهذب الرأي عنه الرزق منحرف وكم ضعيف ضعيف في تقلبه ... كأنه من خليج البحر يغترف هذا دليل على أن الإله له ... في الخلق سرٌّ خفيٌّ ليس ينكشف شعر قلت للمعجب لما ... قال مثلي لا يراجع يا قريب العهد بالمخرج ... لم لا تتواضع قال المحقق الطوسي في التجريد في برهان تناهي الأبعاد: ولحفظ النسبة بين ضلعي المثلث وما اشتملا عليه مع وجوب إلصاق الثاي به. والشارح الجديد طول الكلام في حل هذا المقام. ثم اعترض أخيراً بأن هذا البرهان إنما يتم دليلاً على امتناع لا تناهي الأبعاد من جميع الجهات، في في جهتين، ولا يدل على امتناعه في جهة واحدة، ولو جوز محور اسطوانة غير متناهية لم يتم إنتهى كلامه. ولكاتب الأحرف فيه نظر، فإنه يمكن حمل كلام المحقق على وجه يدل على امتناع اللا تناهي في وجهة واحدة أيضاً، والعجب أن جميع الشارحين والمحشين غفلوا عنه، وتقريره: أنه لو فرض اسطوانة غير متناهية، مثلاً: لفرضنا خطاً ذاهباً في طولها إلى غير النهاية، وآخر في عرضها عموداً عليه، ولاشك أن لهما نسبة إلى ما اشتملا عليه أعني: الضلع الثالث الذي يتم به المثلث القائم الزاوية في الفرض المذكور، لأن مربعه يساوي مربعيهما بشكل العروس، وهذه النسبة محفوظة مهما امتد الخط الطولي، والثالث متناه لانحصاره بين حاصرين فالأول أولى بالتناهي فافهم. فنقول: هذه الصورة داخلة في كلام

مواعظ

المصنف: لأنه لم يعين النسبة، ولا قال إن الانفراج بقدر الامتداد ولا فرض ذهاب الضلعين إلى غير النهاية، فجميع الصور داخلة في كلامه وعبارته في نهاية السداد والله ولي الرشاد. من التشبيه الواقع في الحركات والسكنات قول ابن مكنسه وهو بديع شعر: ابريقنا عاكف على قدح ... كأنه الأم ترضع الولدا أو عابد من بني المجوس إذا ... توهم الكأس شعلة سجدا أول ما ينتبه العبد للعبادة، ويستيقظ من سنة الغفلة، وتتوق نفسه إلى الانخراط في سلك السعد أيكون بحضرة سماوية وجذبة إلهية، وتوفيق سبحاني وهو المعني بقوله تعالى: " أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه " والمشار إليه في كلام صاحب الشرع بقوله: إن النور إذا دخل القلب انفسح وانشرح، فقيل يا رسول الله: هل لذلك علامة يعرف بها؟ فقال التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله. روى في الخلاصة عند ذكر صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن رضي الله عنه ما ذئبان ضاريان في غنم غاب عنها رعاؤها بأضر في دين المسلم من حب الرياسة. مواعظ من كلام بعض الواعظين: إن إبليس إنما ينكد مجاهدات العابدين، ويكدر صفاء أحوال العارفين، لأنه يراهم يرفلون في خلع كانت عليه، ويتبخترون بولاية كانت إليه، ومعلوم أن كل من عزل عن ولاية عادي من استبدل به عنه، غيرة على الولاية وحسرة على أبواب الرعاية. من كلام بعض العارفين لا يكن تأخير العطاء مع الإلحاح في الدعاء، موجباً ليأسك، فهو ضمن لك الإجابة فيما يختار لك، لا فيما تختاره أنت لنفسك، وفي الوقت الذي يريده لا في الوقت الذي تريده. ومن كلامهم لا تتعد همتك إلى غيره، فالكريم المطلق لا تتحظاه الآمال. من أثبت لنفسه تواضعاً، فهو المتكبر حقاً، إذ ليس التواضع إلا عن رفعة، فمتى أثبت لنفسك تواضعاً فأنت من المتكبرين. متى آلمك عدم إقبال الناس عليك، أو توجههم بالذم إليك، فارجع إلى علم الله

فيك فإن كان لا يقنعك علمه، فمصيبتك بعدم قناعتك بعلمه أشد من مصيبتك بوجود الأذى منهم. أراد أن يزعجك عن كل شيء حتى لا يشغلك عنه شيء. ليس المتواضع الذي إذا تواضع رأى أنه فوق ما صنع، ولكن المتواضع هو الذي إذا تواضع رأى أنه دون ما صنع. إذا ما أردت ورود المواهب عليك، فصحح الفقر إليه " إنما الصدقات للفقراء ". سئل جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه عن قوله تعالى: " أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر " فقال: هو توبيخ لابن ثماني عشر سنة. من مناجات الحق تعالى لموسى على نبينا وعليه السلام: يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلاً فقل مرحباً بشعار الصالحين، وإذا رأيت الغنى مقبلاً فقل ذنب عجلت عقوبته. لا تنظر في عبادتك إلى غناه عنها، فإنه تعالى لو نظر إلى ذلك لم يطلبها منك بل نظر إلى حاجتك إليها، وكمالك بها، فانظر إلى ما نظره لك، واجتهد في تصحيحه بالإعتماد على غناه، فإن لم تراع ذلك، غيرت المقام، وأفسدت النظام. من كلام بعض العارفين اضطر كل ناظر بعقله إلى تحقق سبق الوجود على العدم إذ كل موجود يشهد بذلك، ولو سبق العدم المطلق لاستحال وجود موجود، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن شعر: وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه واحد لا ريب أن اللذة العقلية أتم وأعظم من الحسية بما لا يتناهى، والترقي إلى الله سبحانه بالأعمال الحميدة والأخلاق المجيدة ولذة مناجاته السعيدة من أفضل الكمالات وأعظم اللذات. فمن العجب كيف جعل الحق تعالى على طاعاته وما يقرب إليه جزاء؟ ! فإن الدال على الهدى فضلاً عن الموفق والممد على فعله أولى بأن يكون له الجزاء لكن بسطة جوده وسعة رحمته اقتضى الأمرين معاً، قال الله تعالى: " هل جزاء الإحسان إلا الإحسان " فانظر كيف أفاد إحساناً وسماه جزاءاً واقض حق العجب من دقائق ذلك واشكر من سلك بك هذه المسالك. من كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه: العفو عن المصر لا عن المقر. قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل. إتقوا من تبغضه قلوبكم. قال بعض الصلحاء: لولا أني أكره أن يعصى الله لتمنيت أن لا يبقى في هذا المصر

البرهان على مساواتة الزوايا الثلاث في المثلث لقائمتين

أحد إلا وقع في، واغتابني، وأي شيء أهنأ من خمسة يجدها الرجل في صحيفته يوم القيامة لم يعملها، ولم يعلم بها؟ . المؤمن: لا يثقله كثرة المصائب وتواتر المكاره عن التسليم لربه والرضا بقدره كالحمامة التي يؤخذ فرخها من وكرها وتعود إليه. العالم يعرف الجاهل، لأنه كان جاهلاً، والجاهل لا يعرف العالم لأنه لم يكن عالماً. وعمر الدنيا أقصر من أن يطاع فيه الأحقاد. من أنس بالله استوحش من الناس. قال الرشيد لابن السماك: عظني، فقال: إحذر أن تقدم على جنة عرضها السماوات والأرض، وليس لك فيها موضع قدم. قال أبو سليمان الداراني: لو لم يبك العاقل فيما بقي من عمره إلا على فوت ما مضى منه في غير طاعة الله تعالى، لكان خليقاً أن يحزنه ذلك إلى الممات، فكيف من يستقبل ما بقي من عمره بمثل ما مضى من جهله. قال بعض العارفين: إن هذه النفس في غاية الخساسة والدناءة، ونهاية الجهل والغباوة، وينبهك على ذلك أنها إذ همت بمعصية أو انبعث لشهوة لو تشفعت إليها بالله سبحانه، ثم برسوله وبجميع أنبيائه، ثم بكتبه، والسلف الصالح من عباده، وعرضت عليها الموت والقبر والقيامة والجنة والنار، لا تكاد تعطي القياد، ولا تترك الشهوة، ثم إن منعتها رغيفاً سكنت وذلت ولانت بعد الصعوبة والجماع وتركت الشهوة. البرهان على مساواتة الزوايا الثلاث في المثلث لقائمتين رأيت في بعض التواريخ: أ، هـ سئل المعلم الثاني أبو نصر الفارابي عن البرهان على مساواة الزوايا الثلاث في الملث لقائمتين، فقال: البرهان على ذلك أن الستة إذا نقصنا منها أ {بعة بقي اثنان، أقول: يظهر ذلك من أنه إذا وقع خط على خطين متوازيين، فالداخلتان في جهة معادلتان لقائمتين بالتاسع والعشرين من أدنى الأصول، ثم بما خطه هذا الشكل فإن الزوايا الحادثة على (ع هـ) كقائمتين، والحادثة على (ر ح) كأربع قوائم، ومجموع (ر أ) كقائمتين، وكذا مجموع (ح أ) انتهى من شرح الهياكل. للمحقق الواني: البصر قوة مرتبة في الروح المصبوب في العصبتين المجوفتين المتلقيتين أو المتقاطعتين المفترقتين بعده إلى العينين، مدركة للألوانت والأضواء بواسطة انطباع صورها في الرطوبتين الجلدتين، وثاني صورة واحدة إلأى المتقى، وذلك النادي ضروري، وإلا لرئي الشئ الواحد شيئين لانطياع الصورة منه في كل من الجلدتين، كذا قالوا، وأقول هذا منقوص بالسامعة. انتهى كلامه.

من كلام بعض الحكماء: كل شئ يحتاج إلى العقل، والعقل محناج إلى التجارب قيل لأبي ذر وقد رمدت عيناه هلا داويتها فقال إني عنهما مشغول، فقيل له: هلا سألت الله أن يعافيهما؟ فقال أسأله فيما هو أهم أهم من ذلك مات لبعض العارفين صديق: فرآه في النوم شاحب اللون ويده مغلولة إلى عنقه، فقال له: ما حالك فأنشد: تولى زمانلعبنا به ... وهذا زمان بنا يلعب اعلم أن الغيبة هي الصاعقة المهلكة، ومثل من يغتاب الناس مثل من نصب منجنيقاً يرمي به حسناته شرقاً وغرباً. وعن الحسن أنه قيل له: يا أبا سعيد إن فلاناً اغتابك فبعث إليه بطبق فيه رطب، وقال: بلغني أنك أهديت إلي حسناتك، فأردت أن أكافيك. وذكرت الغيبة عند عبد الله بن المبارك فقال: لو كنت مغتاباً لاغتبت أمي، لأنها أحق بحسناتي إليها. أبا زهير من اليوم تعاملنا ... ونطوي ما جرى منا فلا كان ولا صار ... ولا قلتم ولا قلنا وإن كان ولا بد ... من العتب فبالحسنى فقد قيل لنا عنكم ... كما قيل لكم عنا كفى ما كان من هجري ... فقد ذقتم وقد ذقنا وما أحسن أن نرجع ... للوصل كما كنا السري الرفاء وصاحب يقدح لي ... نار السرور بالقدح في روضة قد لبست ... من لؤلؤ الطل سبح والجو في ممسك ... طرازه قوس قزح يبكي بلا حزن كما ... يضحك من غير فرح في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتهدوا في العمل، فإن قصر بكم ضعف فكفوا عن المعاصي.

وروى محمد بن يعقوب بإسناده إلى جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم افضل الناس من عشق العبادة، فعانقها، وأحبها بقلبه وباشرها بجسده، وتضرع فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا، على يسر أو عسر. قال بعض العارفين: أخوك هو الذي يعظك برؤيته قبل كلامه. القاضي الأرجاني تمتعتما يا مقلتي بنظرة ... وأوردتما قلبي أشر الموارد أعيني كفا عن فؤادي؟ فإنه ... من البغي سعي اثنين في قتل واحد لابن مطروح حلا ريقه والدر فيه منضد ... ومن ذا رأى في العذب دراً منضدا رأيت بخديه بياضاً وحمرة ... فقلت له البشرى اجتماع تولدا قيل لبعض العارفين: كيف حالك؟ فقال: أجد ما لا أشتهي، وأشتهي ما لا أجده. قال ابن مسعود: لا يكون أحدكم جيفة ليله، قطر بنهاره. شهاب الدين أحمد الأمشاطي وفتاك اللواحظ بعد هجر ... جنى كرماً وأنعم بالمزاروظل نهاره يرمي بقلبي ... سهاماً من جفون كالشفار وعند النوم قلت لمقلتيه ... وحكم النوم في الأجفان ساري تبارك من توفاكم بليل ... ويعلم ما جرحتم بالنهار من التوجيه في العروض، قول نصر الله الفقيه وهو حسن: وبقلبي من الجفاء مديد ... وبسيط ووافر وطويل لم أكن عالماً بذاك إلى أن ... قطع الليل بالفراق الخليل وفي ذلك لابن بشار وبي عروضي سريع الجفا ... وجدي به مثل جفاه طويل قلت له قطعت قلبي أسى ... فقال لي التقطيع دأب الخليل من الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين كرم الله وجهه:

حلاوة دنياك مسمومة ... فما تأكل الشهد إلا بسم فكن موسراً شئت أو معسراً ... فما تقطع الدهر إلا بهم إذا تم أمر بدا نقصه ... توقع زوالاً إذا قيل تم منه إذا النائبات بلغن المدى ... وكادت لهن تذوب المهج وجل البلاء وقل العزاء ... فعند التناهي يكون الفرج منه هون الأمر تعش في راحة ... قل ما هونت إلا ويهون ليس أمر المرء سهلاً كله ... إنما الأمر سهول وحزون تطلب الراحة في دار العنا ... خاب من يطلب شيئاً لا يكون منه أصم عن الكلم المحفظات ... وأحلم والحلم بي أشبه وإني لأترك جل المقال ... لكيلا أجاب بما أكره إذا ما اجتررت سفاه السفيه ... علي فإني إذن أسفه فلا تغترر برواء الرجال ... وإن زخر فوالك أو موهوا فكم من فتى يعجب الناظرين ... له ألسن وله أوجه ينام إذا حضر المكرمات ... وعند الدناءة يستنبه ومنه يمثل ذو اللب في نفسه ... مصائبه قبل أن تنزلا فإن نزلت بغتة لم يرع ... لما كان في نفسه مثلا رأى الأمر يفضي إلى آخر ... فصر آخره أولا وذو الجهل يأمن أيامه ... وينسى مصارع من قد خلا فإن بدهته صروف الزمان ... ببعض مصائبه أعولا ولو قدم الحزم في نفسه ... لعلمه الصبر عند البلا

من خصال التقوى

ومنه إلام تجر أذيال التصابي ... وشيبك قد نضى برد الشباب بلال الشيب في فوديك نادى ... بأعلى الصوت حي على الذهاب منه كد كد البعد إن أحببت أن تصبح حرا ... واقطع الآمال من مال بني آدم طرا لا تقل ذا مكسب يزري فقصد الناس أزرى ... أنت ما استغنيت عن غيرك أعلى الناس قدرا من خصال التقوى قال بعض العارفين: إن خيرات الدنيا والآخرة جمعت تحت كلمة واحدة وهي التقوى انظروا ما في القرآن الكريم من ذكرها فكم علق عليها من خير ووعد لها من ثواب وأضاف إليها من سعادة دنيوية وكرامة أخروية لنذكر لك من خصالها وآثارها الواردة فيه إثني عشر خصلة. الأولى المدحة والثناء قال الله تعالى: " وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ". الثانية الحفظ والحراسة قال تعالى: " وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً ". الثالثة التأييد والنصر قال الله تعالى: " إن الله مع الذين اتقوا ". الرابعة النجاة من الشدائد والرزق الحلال قال تعالى: " ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ". الخامسة صلاح العمل قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم " السادسة غفران الذنوب قال تعالى بعد قوله: " يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم " السابعة محبة الله تعالى قال تعالى: " إن الله يحب المتقين ". الثامنة قبول الأعمال قال تعالى: " إنما يتقبل الله من المتقين "

التاسعة الإكرام والإعزاز قال الله تعالى: " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " العاشرة البشارة عند الموت قال تعالى: " الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة. الحادية عشر النجاة في النار قال تعالى: " ثم ينجي الذين اتقوا " الثانية عشر الخلود في الجنة قال تعالى: " أعدت للمتقين " فقد ظهر أن سعادة الدارين منطوية فيها ومندرجة تحتها، وهي كنز عظيم وغنم جسيم وخير كثير وفوز كبير. قال الشعبي: ما أعلم أن للدنيا مثالاً، إلا قول كثير شعراً: أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ... لدينا ولا مقلوة إن تقلت قال بعض العارفين لشيخه: أوصيني بوصية جامعة، فقال: أوصيك بوصية الله رب العالمين للأولين والآخرين: قوله تعالى: " ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله " ولاشك أنه تعالى أعلم بصلاح العبد من كل أحد، ورحمته ورأفته به أجل من كل رحمة ورأفة، فلو كان في الدنيا خصلة هي أصلح للعبد أجمع للخير وأعظم في القدر وأغرق في العبودية من هذه الخصلة، لكانت هي الأولى بالذكر والأحرى بأن يوصي بها عباده، فلما اقتصر عليها، علم أنها جمعت كل نصح وإرشاد وتنبيه وسداد وخير وإرفاد. وقال المأمون: لو وصفت الدنيا نفسها لم تصف كما وصفها أبو نواس. إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت ... له عن عدو في ثياب صديق وقال بعض العارفين: الدنيا تطلب لثلاث الغنى والعز، والراحة، فمن زهد فيها عز، ومن قنع استغنى، ومن قل سعيه استراح. لبعضهم إذا أنت لم تعرف لنفسك حقها ... هواناً بها كانت على الناس أهونا

أقوال الحكماء

فنفسك أكرمها وإن ضاق مسكن ... عليك بها فاطلب لنفسك مسكنا وإياك والسكنى بدار مذلةٍ ... يعد مسيئاً فيه من كان محسنا آخر شخوص الفتى عن منزل الضيم واجب ... وإن كان فيه أهله والأقارب وللحر أهل إن نأى عنه أهله ... وجانب عز إن نأى عنه جانب ومن يرض دار الضيم داراً لنفسه ... فذلك في دعوى التوكل كاذب آخر إذا ظمأتك أكف اللئام ... كفتك القناعة شبعاً وريا فكن رجلاً رجله في الثرى ... وهامة همته في الثريا أبياً بنفسك عن باخلٍ ... تراه بما في يديه أبيا فإن إراقة ماء الحياة ... دون إراقة ماء المحيا آخر بلاد الله واسعة فضاها ... ورزق الله في الدنيا فسيح فقل للقاعدين على هوان ... إذا ضاقت بكم أرض فسيحوا آخر ولا يقيم على ضيم يراد به ... إلا الأذلان عير الحي والوتد هذا على الخسف مربوط برمته ... وذا يشج فلا يرثي له أحد أقوال الحكماء قال بعض الحكماء: من أظهر شكرك فيما لم تأته فاحذر أن يكفر نعمتك فيما أتيته ومن أتيته كلامهم أجعل كتابك عالماً تختلف إليه. وقال المأمون لو وصفت الدنيا نفسها، لم تصف كما وصفها أبو نؤاس بقوله: إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت ... له عن عدو في ثياب صديق قال بعض الحكماء: العدو عدوان، عدو ظلمته، فجنيت بظلمك إياه عداوته، وآخر ظلمك فجنى بظلامتك إياك عداوتك، فإن نابتك نائبة تضطرك إلى أحدهما فكن بمن ظلمك أوثق منك بمن ظلمته. ومن كلامهم حلمك عمن دونك ساتر عليك عيب الذل لمن هو فوقك.

احتضر بعض الحكماء: فجعل أخوه يبكي بإفراط، فقال المحتضر: دون هذا يا أخي فعن قليل ترى ضاحكاً في مجلس اذكر فيه. قال جالينوس: غرضي من الطعام أن آكل لأحيي وغرض غيري أن يحيى ليأكل. نظر حكيم إلى رجل يغسل يده، فقال انقها فإنها ريحانة وجهك. من كلام بعض الحكماء لولا ثلاث ما وضع ابن آدم رأسه بشيء: الفقر، والمرض والموت وأنه معهن لو ثاب. قيل لحكيم: من أبعد الناس سفراً؟ قال: من كان سفره في ابتغاء الأخ الصالح. الأوصاف الستة التي نصفه بها جل وعلا إنما هي على قدر عقولنا القاصرة وأوهامنا الحاصرة، ومجرى عاداتنا من وصف من نمجده بما هو عندنا وفي معتقدنا كمال أعني أشرف طرفي النقيض لدينا. وإلى هذا النمط أشار الباقر محمد بن علي رضي الله عنهما مخاطباً لبعض أصحابه، وهل سمي عالماص قادراً إلا أنه وهب العلم للعلماء والقدرة للقادرين، فكل ما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه فهو مخلوق مصنوع مثلكم، مردود إليكم، ولعل النمل الصغار تتوهم أن لله تعالى زبانتين كمالها، فإنها تتصور أن عدمها نقص لمن لا يكونان له، وعلى هذا الكلام عبقة نبوية تعطر مشام أرواح أرباب القلوب كما لا يخفى. وإليه أيضاً ينعطف قول بعض العارفين في أرجوزة له: الحمد لله بقدر الله ... لا قدر وسع العبد ذي التناهي الحمد لله الذي من أنكره ... فإنما أنكر ما تصوره

قنوت أفلاطون

والحاصل أن جميع محامدنا له جل ثناؤه وعظمت آلاؤه، إذا نظر إليها بعين البصيرة والاعتبار، كانت منتظمة مع أقاويل ذلك الراعي، الذي مر به موسى عليه السلام في سلك، ومنخرطة، مع الماء الذي أهداه ذلك الأعرابي إلى الخليفة في عقد، فنسأل الله تعالى قبول بضاعتنا المزجاة، بجوده وامتنانه، وعفوه وإحسانه إنه جواد كريم رؤوف رحيم. أبو الفتح البستي إذا أبصرت في لفظي قصوراً ... وحظي والبلاغة والبيان فلا تجعل على لومي فرقصي ... على مقادر إيقاع الزمان إذا أردت أن تعرف الدائر بالليل والنهار، فضع درجة الشمس على مقنطرة الإرتفاع واعلم المرى، ثم على الأفق الشرقي أو الغربي، واعلمه وعد من العلامة الأولى إلى الأخيرة على التوالي، فهو الدائر الماضي من النهار أو الباقي منه، وإن وضعت شظية الكوكب على مقنطرة ارتفاعه، وأعلمت المرى ثم درجة الشمس على الأفق الغربي أو الشرقي، وأعلمته وعددت كما مر فهو الدائر الماضي من الليل أو الباقي منه. قنوت أفلاطون كان قنوت أفلاطون الإلهي بهذه الكلمات: يا علة العلل، يا قديماً لم يزل، يا منشىء مبادىء الحركات الأول، يا من إذا شاء فعل إحفظ علي صحتي النفسانية ما دمت في عالم الطبيعة.

دعاء فيتاغورس

دعاء فيتاغورس وكان دعاء فيثاغورث: يا واهب الحياة، أنقذني من درن الطبيعة إلى جوارك على خط مستقيم، فإن المعوج لا نهاية له، كذا وجدت في كتاب يعتمد عليه. إذا أردت أن تعرف عدد الساعات المستوية الماضية أو الباقية من الليل أو النهار فخذ لكل خمسة عشر جزءاً من الدائرة ساعة، ولكل جزء مما دون الخمسة عشر أربع دقائق، فالمجتمع هو الساعات والدقائق الماضية، والباقية من الليل والنهار. دعاء اللهم إني أسألك يا من احتجب بشعاع نوره عن نواظر خلقه، يا من تسربل بالجلال والكبرياء في تفرد مجده، يا من انقادت الأمور بأزمتها طوعا لأمره، يا من قامت السموات والأرض مجيبات لدعوته، يا من زين السماء بالنجوم الطالعة وجعلها هادية لخلقه، يا من أنار القمر المنير يفي سواد الليل المظلم بلطفه، يا من أنار الشمس المنيرة وجعلهلا معاشا لخلقه، وجعلها مفرقة بين الليل والنهار لعظمته، يا من استوجب الشكر بنشر سحائب نعمه، أسالك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وبكل اسم هو لك أنزلته في كتابك، أو أثبته يفي قلوب الصافين الحافين حول عرشك،، فتراجعت القلوب إلى الصدور عن البيان بإخلاص الوحدانية، وتحقق الفردانية مقرة لك بالعبودية، وأنت أنت الله أنت الله لا إله إلا أنت، وأسألك بالأسماء التي تجليت بها للكليم موسى على الجبل العظيم، فلما بدا شعاع نور الحجب من بهاتء العظمة خرت الجبال متدكدكة لعظمتك وجلالك وهيبتك، وخوفا من سطوتك، راهبة منك، فلا إله إلا أنت، فلا إله إلا أنت، فلا إله إلا أنت، وأسألك بالأسم الذي فتقت به رتق عظيمم جفون العيون للناظرين، الذي به تدبرت حكمتك وشواهد الحجج، أنبيائك، يعرفوةنك بنظر القلوب وأنت يفي غوامض مسرا سوائد القلوب، أسألك بعزة ذلك الأسم أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تصرف عني أهل خزانتي وجميع المءمنين والمؤمنات، جميع الآفات والعاهات، والأعراض والأمراض، والخطايا والذنوب والشك، والشرك، والكفر، والنفاق، والشقاق، والضلالة والجهل، والمقت والغضب، والعسر والضيق، وفساد الضمير وحلول النقمة، وشماتة الأعداء وغلبة الرجال، إنك سميع الدعاء لطيف لما تشاء. انتهى.

طرق وزن الأرض

قال بعضهم: لسنا على يقين من تشخيص مقدار ما نبصره ولا نقدر على تشخيص حجمه الذي هو عليه في نفس الأمر، وليس البصر مأموناً على ذلك، ولا موثوقاً بصدقة لأن المرئي كلما ازداد قرباً ازداد عظماً في الحس، وكلما بعد ازداد صغراً، وأما حالة توسطه في القرب والبعد، فلسنا على يقين من أن حجمه في الواقع هو حجمه المرئي فيها على أنا نحدس أن الهواء المتوسط بيننا وبين المبصر موجب لرؤية حجمه أعظم فلعله لو تحقق الخلاء لكان يرى أصغر. في إجراء الماء من القنوات ومعرفة الموضع الذي يسير فيه على وجه الأرض تقف على رأس البئر الأول وتضع العضادة على خط المشرق والمغرب ويأخذ شخص قصبة يساوي طولها وعمقه، ويبعد عنك في الجهة التي تريد سوق الماء إليها ناصباً للقصبة إلى أن ترى رأسها من ثقبتي العضادة، فهناك، يجري المياه على وجه الأرض وإن بعدت المسافة بحيث لا ترى رأس القصبة فاشعل في رأسها سراجاً واعمل ما قلناه ليلاً. طرق وزن الأرض ولوزن الأرض طرق عديدة أشهرها ما أورده صاحب النهاية وعسانا نذكره في هذا المجلد من الكشكول المعلم الثاني أبو نصر الفارابي: أخي خل حيز ذي باطل ... وكن والحقائق في حيز فما نحن إلا خطوط وقعن ... على نقطة وقع مستوفز ينافس هذا لهذا على ... أقل من الكلم الموجز محيط السماوات أولى بنا ... فماذا التنافس في المركز النفي يتوجه إلى القيد صرح كثير من محققي أئمة المعاني: أن النفي إنما يتوجه إلى القيد إذا صح كون القيد قيداً في الإثبات، وأما إذا لا فلا، فإذا قلت زيد لا يحب المال محبة للفقر مثلاً، لم يكن النفي متوجهاً إلى القيد كما لا يخفى وعلى هذا فلا احتياج إلى تأويل قول من قال: لم أبالغ في اختصار لفظه تقريباً لتعاطيه بقوله أي تركت المبالغة كما وقع في المطول وغيره. تأمل. من كتاب أنيس العقلاء كان من عادة ملوك الفرس أنه إذا غضب أحدهم على عالم حبسه مع جاهل.

ومن كلام بعض الحكماء دولة الجاهل عبرة العاقل. روى عطاء عن جابر قال كان رجل في بني إسرائيل له حمار فقال: يا رب لو كان لك حمار لعلفته مع حماري فهم به نبي من أنبياء ذلك العصر فأوحى سبحانه إليه إنما أتيت كل إنسان على قدر عقله. القرابة أحوج إلى المودة إلى القرابة. في تقلب الأحوال تعلم جواهر الرجال. روى محمد بن علي الباقر رضي الله عنه عن أبيه عن أبيه عن أبيه أمير المؤمنين رضي الله عنه قال: كان في الأرض أمانان من عذاب الله سبحانه وتعالى فرفع أحدهما فدونكم الآخر فتمسكوا به، أما الأمان الذي رفع: فهو رسول الله، وأما الأمان الباقي فالاستغفار قال الله جل من قائل: " وما كان ليعذبهم وأنت فيهم وما كان معذبهم وهم يستغفرون ". قال صاحب نهج البلاغة: وهذا هن محاسن الإستخراج ولطائف الإستنباط. قالت امرأة أيوب له وقد اشتد به الحال: هلا دعوت الله تعالى ليشفيك مما أنت به فقد طالت عليك، فقال لها: ويحك لقد كنا في النعماء سبعين سنة، فهلمي نصبر على الضراء مثلها، قال فما لبث يسيراً أن عوفي. مكتوب في التوراة يا موسى من أحبني لم ينسني ومن رجا معروفي ألح في مسألتي. قال بعض العارفين: قد قطع يدك وهي أعز جوارحك في الدنيا لربع دينار، فلا تأمن أن يكون عقابه في الآخرة على هذا النحو من الشدة. من النهج أيها الناس إنما الدنيا دار مجاز والآخرة دار قرار، فخذوا من ممركم لمقركم، ولا تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم، وأخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم، ففيها اختبرتم ولغيرها خلقتم.

قال بعض العارفين: قد قطعت اليد وهي اعز جوارحك في الدنيا لربع دينالر ن فلا يامن ان يكون عقابه في الآخر على هذا النحو من الشدة ما قيل في أدب النفس: قال بعض الحكماء: إن النفس مهمولة على شيم مهملة، وأخلاق مرسلة لا يستغنى بمحمودها عن التأديب، ولا يكتفي بالمرضى منها عن التهذيب لأن لمحمودها أضداداً مقابلة، يسعدها هوى مطاع، وشهوة غالبة، وإن أغفل تأديبها تفويضاً إلى العقل، أو توكلاً على أن ينقاد إلى الأحسن بالطبع، أعدمه التفويض درك المجتهدين، وأعقبه التوكل ندم الخائبين، فصار من الأدب عاطلاً، وفي سور الجهل داخلاً. قال بعض الحكماء الأدب أحد المنصبين. وقال: الفضل بالعقل والأدب لا بالأصل والنسب لأن من ساء أدبه ضاع نسبه، ومن قل عقله ضل أصله. وقال: حسن الأدب يستر قبح النسب وهو وسيلة إلى كل فضيلة وذريعة إلى كل شريعة. قال الأعرابي لابنه: يا بني الأدب دعامة أيد الله تعالى بها الألباب، وحلية زين بها عواطل الأحساب، والعاقل لا يستغني وإن صحت غريزته على الأدب المخرج زهرته، كما لا تستغني الأرض وإن عذبت تربتها عن الماء المخرج ثمرتها. في الحديث إذا آخى أحدكم رجلاً فليسأله عن اسمه، واسم أبيه، وقبيلته، ومنزله، فإنه من واجب الحق، وصافي الإخاء، وإلا فهي مودة الحمقاء. نريد عدداً إذا ضوعف وزيد على الحاصل واحد، وضرب الكل في ثلاثة وزيد على الحاصل اثنان، ثم ضرب ما بلغ في أربعة، وزيد على الحاصل ثلاث بلغ خمسة وتسعين فالبجبر فرضناه شيئاً وعملناه ما قاله السائل، فانتهى العمل إلى أربع وعشرين شيئاً وثلاثة وعشرين عدداً يعدل خمسة وتسعين، أسقطنا المشترك بقي أربعة وعشرين شيئاً، معادلاً لاثنين وسبعين، وهي الأولى من المفردات، قسمنا العدد على عدد الأشياء وهو المجهول، وبالعمل بالعكس نقصنا من الخمسة والتسعين ثلاثة، وقسمنا الباقي على أربعة، ونقصنا من الخارج اثنين وقسمنا الباقي على ثلاثة ونقصنا من الخارج وهو البعة واحداً ونصفنا الباقي وبالخطائين الفرض الأول اثنان، الخطاء الأول أربعة وعشرون ناقصة الفرض الثاني خمسة، الخطاء الثاني ثمانية وأربعون زائد المحفوظ الأول ستة وتسعون المحفوظ الثاني مائة وعشرون، والخطاآن مختلفان فقسمنا مجموع المحفوظين وهو مأتان وستة عشر على مجموع الخطائن، وهو اثنان وسبعون خرج ثلاثة وهي المطلوب.

لفطري بن الفجاة أقول لها وقد هاجت وماجت ... من الأعداء ويحك لا تراعيا فإنك لو سئلت بقاء يوم ... على الأجل الذي لك لن تطاعي فصبراً من سبيل الموت صبراً ... فما نيل الخلود بمستطاع سبيل الموت غاية كل حيٍّ ... وداعية لأهل الأرض داعي ومن لا يغتبط يسأم ويهرم ... وتسلمه المنون إلى انقطاع وما للمرء خير في حياة ... إذا ما عد من سقط المتاع في الفقه ليس فيما ينفع البدن إسراف، إنما الإسراف فيما أتلف المال وأضر البدن. قوله تعالى " ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ": قال في الكشاف عن ابن عباس: الصغيرة التبسم، والكبيرة القهقهة، وعن الفضيل إنه كان إذا قرأها قال: ضجوا والله من الصغائر قبل الكباير. قال بعض الحكماء: لا سرف في الخير كما لا خير في السرف. روى قيس بن حازم أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فلما حضر أصابته دهشة ورعدة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هون عليك، فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد، وإنما قال ذلك: حسماً لمواد الكبر، وقطعاً لذرائع الإعجاب، وكسراً لأشر الأنفس، وتذليل لسطوات الاستعلاء. ودخل عليه عمر بن الخطاب فوجده على حصير قد أثر في جنبه فكلمه في ذلك فقال صلوات الله عليه وآله: مهلاً يا عمر أتظنها كسروية؟ يريد صلى الله عليه وسلم أنها نبوة لا ملك. وفي الحديث إذا بلغ الرجل أربعين سنة ولم يتب مسح إبليس على وجهه وقال بأبي وجه لا يفلح. في بعض التفاسير في قوله: " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " أنها أعمال كانوا يرونها حسنات فبدت لهم يوم القيامة سيئات. تجالس اثنان من أهل القلوب، فتذاكرا وتحادجثا ساعة وبكيا، فلما عزمت على الافتراق قال أحدهما للآخر: إني لأرجو أن لا نكونت جلسنا مجلسا أعظم بركة من هذا المجلس، فقال الآخر: لكني أخاف أن لا نكون جلسنا مجلسا أضر علينا منه، قال ولم؟ قال

القيامة قيامتان

: قصدت إلى أحسن حديثك فحدثتني، وقصدت أنا إلى أحسن حديثي فحدثتك به، فقد تزينت لك، فهكذا كانت ملاحظاتهم قال لقمان لابنه: يا بني اجعل خطاياك بين عينيك إلى أن تموت، وأما حسناتك فاله عنها فإنه قد أحصاها من لا ينساها. في الحديث: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذهب يلتمس وعاء يفرغها فيه فلم يجد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فرغها في الأرض، ثم أكل صلوات الله عليه وىله منها وقال: " آكل كما يأكل العبد، وأشرب كما يشرب العبد، لو كانت الدنيا عند الله تزن جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء ". القيامة قيامتان ملخص من كتاب الصبر والشكر من الإحياء: القيامة قيامتان: القيامة الكبرى، وهو يوم الحشر ويوم الجزاء، والقيامة الصغرى وهي حالة الموت، وإليها الإشارة بقول صاحب الشرع من مات فقد قامت قيامته، وفي هذه القيامة يكون الإنسان وحده، وعندها يقال له لقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وأما في القيامة الكبرى الجامعة لأصناف الخلايق، فلا يكون وحده، وأهوال القيامة الصغرى تحاكي وتماثل أهوال القيامة الكبرى إلا أن أهوال الصغرى تخصك وحدك، وأهوال الكبرى تعم الخلق أجمعين. وقد تعلم أنك أرض مخلوق من التراب، وحظك الخالص من التراب بدنك خاصة، وأما بدن غيرك فليس حظك، والذي يخصك من زلزلة الأرض زلزلة بدنك فقط الذي هو أرضك، فإذا هدمت بالموت أركان بدنك، فقد زلزت الأرض زلزالها، ولما كانت عظامك جبال أرضك، ورأسك سماء أرضك، وقلبك شمس أرضك، وسمعك وبصرك، وسائر حواسك نجوم سمائك، ومفيض العرق من بدنك بحر أرضك، فإذا رمت العظام فقد نسفت الجبال نسفاً، وإذا أظلم قلبك عند الموت فقد كورت الشمس تكويراً فإذا بطل سمعك وبصرك وساير حواسك فقد انكدرت النجوم انكداراً فإذا انشق دماغك فقد انشقت السماء انشقاقاً، فإذا انفجرت من هول الموت عرق جبينك فقد فجرت البحار تفجيراً، فإذا التفت أحد ساقيك بالأخرى وهما مطيتاك فقد عطلت العشار تعطيلاً. فإذا فارق الروح والجسد فقد ألقت الأرض ما فيها وتخلت. واعلم أن أهوال القيامة الكبرى أعظم بكثير من أهوال هذه الصغرى، وهذه أمثلة لأهوال تلك، فإذا قامت عليك هذه بموتك، فقد جرى عليك ما كان جرى على كل الخلق فهي انموذج للقيامة الكبرى، فإن حواسك إذا عطلت فكأنما الكواكب قد انتثرت

إذ الأعمى يستوي عنده الليل والنهار، ومن انشق رأسه فقد انشقت السماء في حقه إذ من لا رأس له لا سماء له. ونسبة القيامة الصغرى إلى القيامة الكبرى كنسبة الولادة الصغرى. وهي الخروج من الصلب والترائب إلى فضاء الرحم؛ إلى الولادة الكبرى وهي الخروج من الرحم إلى فضاء الدنيا، ونسبة سعة عالم الآخرة الذي يقدم عليه العبد بالموت إلى فضاء الدنيا كنسبة فضاء الدنيا إلى الرحم بل أوسع وأعظم لا يحصى. علي بن الجهم يمدح المتوكل: عيون المها بين الرصافة والجسر ... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري أعدن لي الشوق القديم ولم أكن ... سلوت ولكن زدن جمراً على جمر سلمن وأسلمن القلوب كأنما ... تشك بأطراف المثقفة السمر خليلي ما أحلى الهوى وأمره ... وأعرفني بالحلو منه وبالمر كفى بالهوى شغلاً وبالشيب زاجراً ... لو أن الهوى مما ينهنه بالزجر بما بيننا من حرمة هل علمتما ... أرق من الشكوى وأقسى من الهجر وأفضح من عين المحب لسره ... ولا سيما إن أطلقت عبرة تجري وما أنس بالأشياء لا أنس قولها ... لجارتها ما أولع الحب بالحر فقالت لها الأخرى فما لصديقنا ... معنى وهل في قتله لك من عذر؟ فقالت أذود الناس عنه وقلما ... يطيب الهوى إلا لمنهتك الستر وأيقنتا أني سمعت فقالتا ... من الطارق المصغي إلينا وما تدري فقلت فتى إن شئتما كنتم الهوى ... وإلا فخلاع الأعنة والعذر على أنه يشكو ظلوماً وبخلها ... عليه بتسليم البشاشة والبشر فقالت هجيئاً قلت قد كان بعض ما ... ذكرت لعل الشر يدفع بالشر فقالت كأني بالقوافي سوائراً ... يردن بنا مصراً ويصدرن عن مصر فقلت أسأت الظن بي لست شاعراً ... وإن كان أحياناً يجيش به صدري صلي واسألي من شئت يخبرك أنني ... على كل حال نعم مستودع السر وما أنا ممن سار بالشعر ذكره ... ولكن أشعاري يسير بها ذكري

وللشعر أتباع كثير ولم أكن ... له تابعاً في حال عسر ولا يسر ولكن إحسان الخليفة جعفر ... دعاني إلى ما قلت فيه من الشعر فسار أمير الشمس في كل بلدة ... وهب هبوب الريح في البر والبحر ولو جل عن شكر الصنيعة منعم ... لجل أمير المؤمنين عن الشكر ومن قال إن البحر والقطر أشبها ... نداه فقد أثنى على البحر والقطر لو وجد الجزء للزم صحة كون قطر الفلك الأعلى ثلاثة أجزاء لأنا نفرض قطراً وعن جنبيه وتران ملاصقان له ثم قطع الثالثة بقطر مار من طرف أحد الوترين إلى طرف الآخر فهو مركب من ثلاثة أجزاء، لعدم إمكان التقاطع على أكثر من جزء. اعترض بعض الأعلام بالاستغناء عن أحد الوترين، ربما يخبر من يغلب عليه الماليخوليا والسوداء، واستحكم جنونه عن أمور غيبيه فيكون كما أخبر، وسبب ذلك أن المرة السوداء إذا استولت على الدماغ أذهبت التخيل وحللت الروح المنصب في وسط الدماغ الذي هو آالته بسبب كثرة الحركة الفكرية اللازمة لها. وإذا وهن التخيل سكن عن التصرف، فتتفرع النفس عنه، فإنها لا تزال مشغولة بالتفكر فيما يرد علها من الحواس باستخدام التخيل، وذلك، غيب، فاطباع ذلك فيها كانطباع الصور من مرآة في مرآة أخرى تقابلها عند ارتفاع الحجاب بينهما. انتهى.

دعاء الحجاج عند موته

كل حيوان يتنفس باستنشاق الهواء فهو إنما يتنفس من أنفه فقط، إلا الإنسان فإنه يتنفس من أنفه وفيه معا، وسبب ذلك أن الإنسان يحتاج إلى الكلام بتقطيع حروف مخرج بعضها الأنف فيحتاج إلأى نفوذ الهواء فيه، وقد فتح بيطار فم فرس بآلة سدت كمخريه فمات على المكان والإنسان أضعف شما من سائر الحيوان فهون يحتال على إدراك الرائحة بالتسخين تارة، وبالحك وتصغير الأجزاء أخرى، وعند أعلى الأنف منفذان دقيقان جدا ينفذان إلى داخل العينين بحدذاء الموق، وفيهما تنفذ الروائح الحادة إلى داخل العينين برائحة الصنان، وتدمع من شم البصل ونحوه. ومن هذين المنفذين تنفذ الفصول الغليظة التي في داخل العينين وهي التي تجهد عند الاندفاع بالدموع، وإذا حدث لهذين المنفذين انسداد كما يفي الغرب كثرت الفضول، فكثرت أمراض العين لذلك. انتهى. الخلاف مشهور في أن رؤية الوجه مثلا في الصقيل هل هو بالانعكاس عنه أو بالانطباع فيه. والأدلة من الجانبين لا تكاد تسلم من خدش ولجامع الكتاب دليل على أنه بالانطباع لا بالانعكاس، وهو أن التجربة شاهدة برؤية المستوى في المرآة معكوسا والمعكوس مستويا، مثلا الكتابة ترى في المرآة معكوسة، ونقش الخاتم يرى مستويا، وهذا يعطي الانطباع كما ترسم الكتابة من ورقة على أخرى، فترى معكوسة، ويختم بالخاتم فيرى الختم مستويا، ولو كان بالانعكاس لرئي على ما هو عليه إذ المرئي على القول بالانعكاس هو ذلك الشئ بعينه، إلا أن الرائي يتوهم أنه لا يراه مقابلا كما هو المعتاد تأمل. انتهى. دعاء الحجاج عند موته. قال الحجاج عند موته: اللهم اغفر لي فإنهم يقولون إنك لا تغفر لي. وكان عمر بن عبد العزيز تعجبه هذه الكلمة منه ويغبطه عليها، ولما حكى ذلك للحسن البصري قال: أو قالها؟ فقيل نعم، فقال عسى. رأى الشبلي صوفيا يقول لحجام: احلق رأسي لله، فلما حلقه دفع الشبلي للحجام أربعين دينارا وقال: وخذها أجرة خدمتك هذا الفقير، فقال الحجام: إنما فعلت ذلك لله ولا أحل عقدا بيني وبينه بأربعين دينارا، فلطم الشبلي رأس نفسه وقال: كل الناس خير منك حتى الحجام. انتهى. الإمام الرازي في تفسيره الكبير، في تفسير قوله تعالى " يوصيكمن الله في أولاكم للذكر مثل حظ الأنثيين " بعد أن نقل الحديث الذي رواه أبو بكر رضي الله عنه " نحن معاشر

الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " قال يحتمل أن يكون قوله ما تركناه صدقة صلة لقوله لا نورث، والتقدير: أن الشئ الذي تركناه صدقة صلة لقوله لا نورث، والتقدير: أن الشئ الذي تركناه صدقة لا يورث، ويكون المراد أن الانبياء إذا عزموا على التصدق بشئ فبمجرد العزم يخرج ذلك عن ملكهم فلا يرثه وارثهم. انتهى. قال طاوس: كنت في الحجر ليلة إذ دخل علي بن الحسين رضي الله عنهما، فقلت رسجل من أهل بيت النبوة والله لأسمعن دعاءه، فسمعته يقول في أثناء دعائه: عبيدك بفنائك، سائل بفنائك، مسكينك بفنائك. قال طاوس: فما دعوت الله بهذه إلا وفرج الله عني. انتهى. من كلام بطليموس: المرض حبس البدن، والهم حبس الروح. كان ابن أبي صادق الطبيب حسن الشمائل، مهذب الأخلاق، متقناً لأجزاء الحكمة دعاه السلطان إلى خدمته، فأرسل إليه أن القنوع بما عنده، لا يصلح لخدمة السلطان ومن أكره على الخدمة لا ينتفع بخدمته. الشريف الرضي: أسيغ الغيظ من نوب الليالي ... ولا يشعرن بالحنق المغيظ وأرجو الرزق من خرق دقيق ... يسدبللك حرمان غليظ وأرجع ليس يفي كفي منه ... سوى عض اليدين على الخظوظ ابن المعتز: دمعة كاللؤلؤ الرطب ... على الخد الأسيل هطلت في ساعة البين ... من الطرف الكحيل حين هم القمر الزاهر ... عنا بالأفول إنما يفتضح العاشق ... في وقت الرحيل. الرياشي: لم يبق من طلب العلا. . إلا التعرض للحتنوف فلأقذفن بمهجتي ... بين الأسنة والسيوف ولأطلبن ولو رأيت ... الموت يلمع في الصفوف لبعضهم:

الدهر لا يبقى على حاله ... لكنه يقبل أو يدبر فإن تلقاك بمكروهه ... فاصبر فإن الدهر لا يصبر. مما قيل في تفضيل الموت على الحياة، قال بعض السلف: ما من مؤمن إلا والموت خير له من الحياة، لأنه إن كان محسناً فالله تعالى يقول: " وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا " وإن كان مسيئاً فالله يقول: " ولا تحسبن الذين كفوا أنما نملي لهم خيراً لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ". قال بعض الفلاسفة: لا يكمل الإنسان حد الإنسانية إلا بالموت، قال بعض الشعراء: جزى الله عنا الموت خير جزائه ... أبر بنا من كل بر وأرأف يعجل تخليص النفوس من الأذى ... ويدني من الدار التي هي أشرف وقال أبو العتاهية المرء يأمل أن يعيش ... وطول عمر قد يضره تفنى بشاشته ويبقى ... بعد حلو العيش مره وتخونه الأيام حتى ... لا يرى شيئاً يسره ولكاتب الأحرف إن هذا الموت يكرهه ... كل من يمشي على الغبرا وبعين العقل لو نظروا ... لرأوه الراحة الكبرى من الملل والنحل عند ذكر زيتون الأكبر، قال قيل له: وقد هرم كيف حالك؟ قال هو ذا أموت قليلاً قليلاً على مهل، قيل: فإذا مت من يدفنك؟ قال: من يؤذيه جيفتي. ألا موت يباع فأشتريه ... فهذا العيش ما لا خير فيه جزى الله المهيمن نفس حر ... تصدق بالوفاة على أخيه إذا أبصرت قبرا قلت شوقا ... ألا يا ليتني أمسيت فيه من أعظم الآفات: العجب، وهو مهلك كما ورد في الحديث، قال صلى الله عليه وسلم: ثلاث مهلكات شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه،

ظهور النار بخارج المدينة

ظهور النار بخارج المدينة قال اليافعي في تاريخه سنة خمسمائة وأربع وخمسون كان ظهور النار بخارج المدينة النبوية وكانت من آيات الله تعالى ولم يكن لها حر على عظمها وشدة ضوئها وهي التي أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى، فظهر بظهورها المعجزة العظمى التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم وكان نساء المدينة يغزلن على ضوئها بالليل وبقيت أياماً وظن أهل المدينة أنها القيامة وضجوا إلى الله، وكان ظهورها في جمادى الأخرى وكانت تأكل كل ما تأتي عليه من أحجار أو جبل، ولا تأكل الشجر ولم يكن لها حر وذهب إليها بعض غلمان الشريف صاحب المدينة، فأدخل فيها سهماً فأكلت النار نصله ثم قلبه وأدخله فيها فأكلت ريشه وبقي العود بحاله، قال بعضهم: إن علة عدم أكلها للشجر كونه في حرم المدينة النبوية. قال صاحب التاريخ: والظاهر أن السهم لم يكن من شجر الحرم لأن شجرها لا يصلح للسهام ولعل السر أن هذه النار لما كانت آية من الآيات العظام جاءت خارقة للعادة فخالفت النار المعهودة، وكانت تثير كلما مرت عليه عين فيصير سداً لا يسلك فيه حتى سدت الوادي التي ظهرت فيها بسد عظيم بالحجر المسبوك بالنار. لبشار في الإخوانيات خير إخوانك المشارك في المر ... وأين الشريك في المر أينا الذي إن شهدت سرك في الحي ... وإن غبت كان سمعاً وعينا أنت في معشر إذا غبت عنهم ... بدلوا كل ما يزينك شينا وإذا ما رأوك قالوا جميعاً ... أنت من أكرم البرايا علينا ما أرى في الأنام وداً صحيحاً ... صار كل الوداد زوراً ومينا قال بعض العرب إذا مت أين يذهب بي؟ فقيل إلى الله تعالى فقال: ما أكره أن أذهب إلى من لم أر الخير إلا منه، وقد حام حول هذا المعنى أبو الحسن التهامي في مرثية لابنه حيث يقول: أبكيه ثم أقول معتذراً له ... وفقت حيث تركت ألأم دار جاورت أعدائي وجاور ربه ... شتان بين جواره وجواري خلا أعرابي بامرأة فلم ينتشر له فقالت: قم خائباً فقال: الخائب من فتح الجراب، ولم يكتل له.

إثبات الجزء

إسماعيل الدهان خف إذا أصبحت ترجو ... وارج إن أصبحت خائف رب مكروه مخاف ... فيه لله لطائف سعد بن عبد العزيز يا من تكلف إخفاء الهوى جلدا ... إن التكلف يأبى دونه الكلف وللمحب لسان من شمائله ... بما يجن من الأهواء يعترف قال النبي صلى الله عليه وآله: ما أسر المرء سريرة إلا ألبسه الله رداها إن خيراً فخير وإن شراً فشر. أخذه بعض الأعراب فقال: وإذا أظهرت أمراً محسنا ... فليكن أحسن منه ما تسر فمسر الخير موسوم به ... ومسر الشر موسوم بشرولي الحجاج أعرابياً ولاية فتصرف في الخراج فعزله، فلما حضر قال له: يا عدو الله أكلت مال الله، فقال الأعرابي: ومال من آكل؟ إن لم آكل مال الله، لقد راودت إبليس على أن يعطيني فلساً واحداً فلم يقبل فضحك وعفى عنه. إثبات الجزء ليس لمثبتي الجزء حجة أقوى من حكاية وضع الكرة عن السطح المستوي إذ لو انقسم موضع الملاقاة لوصل من طرفيه إلى مركزها ليحدث مثلث متساوي الساقين، ويخرج من ملاقات القاعدة عموداً إلى المركز، فالخطوط الثلاث الخارجة من المركز إلى المحيط متساوية لأنها كذلك ويلزم أطوله الساقين من العمود، لأنهما وتر القائمتين وهو وتر الحادتين. وفد حريم الناعم على معاوية فنظر إلى ساقيه فقال: أي ساقين هما لو كان لجارية؟ فقال حريم: في مثل عجيزتك يا معاوية فقال معاوية واحدة بواحدة، والبادي أظلم. أمثال عربية من الكلمات الجارية مجرى الأمثال الدائرة على الألسنة. الغريب من ليس له حبيب، إذا نزل القدر عمي البصر، ما الإنسان إلا بالقلب واللسان الحر حر وإن مسه الضر، العبد عبد وإن ساعده جد، الإعتراف يهدم الإقتراب، بعض الكلام أقطع من الحسام، البطنة

الاستنكار من الألفاظ الغريبة

تذهب الفطنة، المرأة ريحانة وليست قهرمانة، إذا قدم الإخاء سمج الثناء، لكل ساقطة لاقطة. لما مات الإسكندر وضعوه في تابوت من ذهب وحملوه إلى الإسكندرية، وندبه جماعة من الحكماء يوم موته. فقال بطليموس: هذا يوم عظيم العبرة، أقبل من شره ما كان مدبراً وأدبر من خيره ما كان مقبلاً. وقال ميلاطوس خرجنا إلى الدنيا جاهلين وأقمنا فيها غافلين، وفارقناها كارهين. وقال أفلاطون الثاني: أيها الساعي المعتصب جمعت ما خذلك، وتوليت ما تولى عنك، فلزمتك أوزاره وعاد إلى غيرك مهناه وثماره. وقال مسطور: قد كنا بالأمس نقدر على الإستماع ولا نقدر على الكلام واليوم نقدر على الكلام فهل نقدر على الاستماع؟ وقال ثاون: انظروا إلى حلم النائم كيف انقضى؟ وإلى ظل الغمام كيف انجلى؟ وقال آخر: ما سافر الإسكندر سفراً بلا أعوان ولا عدة غير سفره هذا. وقال آخر: لم يؤدبنا بكلامه كما أدبنا بسكونه. وقال آخر: قد كان بالأمس طلعته علينا حياة واليوم النظر إليه سقم. وقع في كلام بعض الأفاضل أن البدل الغلط لا يوجد في فصيح الكلام بخلاف أخواته قال: ولذلك لا يوجد في القرآن العزيز إنتهى، وفي كلامه هذا شيء فإن عدم وقوع بدل الغلط في القرآن لاستحالة الغلط عليه سبحانه لا لما قاله هذا القائل. قال بعض حكماء الإشراق إنا والله لنكره أن يشتغل الناس بهذه العلوم، فإن المستعدين لها قليلون، والمتفرغون من المستعدين أقل، والصابرون من المتفرغين أقل. مرض نصر فعاده أبو صالح. وقال له: مسح الله ما بك، فقال له نصر: قل مصح بالصاد. فقال أبو صالح: السين تبدل بالصاد كما ف الصراط وصقر، فقال له النصر: إن كان كذلك فأنت إذاً أبو سالح فخجل من كلامه. الاستنكار من الألفاظ الغريبة صاحب المثل السائر بعد أن شدد النكير وبالغ في التشنيع على الذين يستكثرون في كلامهم من الألفاظ الغريبة، المحتاجة إلى التفتيش والتنقير في كتب اللغة أورد أبيات السموئل المشهورة التي أولها:

إذا المرء لم يدنس من اللوم عرضه ... فكل رداء يرتديه جميل أوردتها في المجلد الرابع. ثم قال إذا نظرنا إلى ما تضمنه من الجزالة خلناها زبراً من الحديد وهي مع ذلك سهلة مستعذبة غير فظة ولا غليظة ثم قال: وكذلك ورد للعرب في جانب الرقة ما كاد يذوب لرقته وأورد الأبيات المشهورة لعروة بن الأدية التي أولها: إن التي زعمت فؤادك ملها ... خلقت هواك كما خلقت هوى لها ثم قال ومما يرقص الأسماع ويزف على صفحات القلوب قول يزيد بن الطثرية: بنفسي من لو مر برد بنانه ... على كبدي كانت شفاء أنامله ومن هابني في كل شيء وهبته ... فلا هو يعطيني ولا أنا سائله ثم قال: إذا كان ذا قول ساكن في الفلاة لا يرى إلا شيحة أو قيصومة، ولا يأكل إلا ضباً أو يربوعاً فما بال قوم سكنوا الحضر يتعاطون وحشي الألفاظ وشظف العبارات. ثم قال ولا يخلد إلى ذلك إلا جاهل بأسرار الفصاحة أو عاجز عن سلوك طريقها، فإن كل أحد يمكنه أن يأتي بالوحشي من الكلام وذلك بأن يلتقطه من كتب اللغة، أو يتلقفه من أربابها ثم قال: هذا العباس بن الأحنف قد كان من أوائل الشعراء في الإسلام وشعره كمر النسيم على عذبات أغصان أو كلؤلؤ آت طل على طرر ريحان، وليس فيه لفظة واحدة غريبة يحتاج إلى استخراجها من كتب اللغة فمن ذلك قوله: وإني ليرضيني قليل نوالكم ... وإن كنت لا أرضى لكم بقليل بحرمة ما قد كان بيني وبينكم ... من الود إلا عدتم بجميل وهكذا ورد قوله في فوز التي كان يشبب بها في شعره: يا فوزيا منية عباس ... قلبي يفدي قلبك القاسي أسأت إذا أحسنت ظني بكم ... والحزم سوء الظن بالناس يقلقني الشوق فآتيكم ... والقلب مملو من اليأس وهل أعذب من هذه الألفاظ وأرشق من هذه الأبيات وأعلق في الخاطر، وأسرى في السمع؟ ولمثلها تخف رواجع الأوزان وعلى مثلها يسهر راقد الأجفان، وعن مثلها يتأخر السوابق عند الرهان ولم اجرها بلساني يوماً من الأيام إلا تذكرت، قول أبي الطيب المتنبي:

إذا شاء أن يلهو بلحية أحمق ... أراه غباري ثم قال له الحق ومن ذا الذي يستطيع أن يسلك هذا الطريق التي هي سهلة وعروة قريبة بعيدة، وهذا أبو العتاهية كان في غرة الدولة العباسية، وشعراء العرب إذ ذاك كثيرون، وإذا تأملت شعره وجدته كالماء الجاري في رقة ألفاظه ولطافة سبك، وكذلك أبو نؤاس، ثم قال: ومن أشعار أبي العتاهية الرقيقة قوله في قصيدة يمدح بها المهدي ويشبب بجاريته عتب وكان أبو العتاهية يهواها: ألا ما لسيدتي مالها ... تدل فأحمل إدلالها لقد أتعب الله قلبي بها ... وأتعب في اللوم عذالها كأن بعيني في حيثما ... سلكت من الأرض تمثالها ومنها في المديح قوله أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرر أذيالها فلم تك تصلح إلا له ... ولم يك يصلح إلا لها ولو رامها أحد غيره ... لزلزلت الأرض زلزالها ويحكى أن بشار كان حاضراً عند إنشاد أبي العتاهية هذه الأبيات، فقال: انظروا إلى أمير المؤمنين هل طار عن كرسيه؟ ولعمري أن الأمر كما قال بشار. واعلم أن هذه الأبيات من رقيق الشعر غزلاً ومديحاً، وقد أذعن لها شعراء ذلك العصر، وناهيك بهم ومع هذا تراها من السلامة واللطافة في أقصى الغايات، وهذا هو الكلام الذي يسمى السهل الممتنع فتراه يطيعك وإذا أردت مماثلاً له راغ عنك كما يروغ الثعلب، وهكذا ينبغي أن يكون الكلام، فإن خير الكلام ما دخل في الأذن بغير إذن، وأما البذائة والتوعر في الألفاظ فتلك أمة قد خلت ومع ذلك فقد عيب على مستعمليها في ذلك الوقت أيضاً. قال ابن عباس لرجل في يده درهم: ليس لك حتى يخرج من يدك ومن هذا أخذ الشاعر قوله: أنت للمال إذا أمسكته ... فإذا أنفقته فالمال لك وقد حام حول هذا المعنى الحريري حيث يقول:

الجزء الذي لا يتجزأ

وشر ما فيه من الخلائق ... أن ليس يغني في المضايق إلا إذا فر فرار الآبق قال بعض الأعراب: مالك إن لم يكن لك كنت له. قال بشار: ما من شعر تقوله امرأة إلا وفيه سمة الأنوثة. قيل له فما تقول في الخنساء؟ قال: لا، تلم لها أربع خصى , وللخنساء في أخيها صخر: فما بلغت كف امرئ متناول ... من المجد إلا حيث ما نلت أطول ولا بلغ المهدون في القول مدحة ... وإن أكثروا إلا وما فيك أفضل في المثل: جاءوا على بكرة أبيهم. هذا مثل يضرب للجماعة إذا جاءوا كلهم ولم يتخلف منهم أحد. والبكرة: الفتية من الإبل. وأصل هذا المثل أنه كان لرجل من العرب عشرة بنين، فخرجوا إلأى الصيد، فوقعوا في أرض العدو، فقتلوهم ووضعوا رؤسهم في مخلاة، وعلقوا المخلاة في رقبة بكرة كانت لأبي المقتولين، فجاءت البكرة بعد هدأة من الليل، فخرج أبوهم وظن الرؤوس بيض النعام وقال قد اثطادوا وأرسلوا البيض فلما انكشف الأمر قال الناس: جاء بنو فلان على بكرة أبيهم. من مليح العرب العرباء، غزا أعرابي مع النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له، ما نلت في غزوتك هذه: فقال: وضع عنا نصف الصلاة ونرجو إن غزونا أخرى أن يوض عنا النصف الآخر. الجزء الذي لا يتجزأ البرهان السلمي على نفي الجزء الذي لا يتجزأ: لو وجد الجزء لكان ضلعا المثلث كالثالث، وهو باطل بالشكل الحماري، لأنا نفرض سلما على حائط بين أسفله ورأس السلم عشرة أذرع مثلا، وكذا بين سفليهما، ثم يجر السلم على الأرض، فهو مماس برأسه الحائط بحيث تعظم قاعدة المثلث آنافآنا، فكلما قطع على الأرض جزءا قطع رأسه على الحائط جزءا وهكذا. فإذا قطع عشرة أجزاء انطبق السلم على قاعدة المثلث، فكان السلم عشرين ذراعا، فساوى مجموع الضلعين وهو محال قولهم انطباق مركز ثقل الأرض على مركز العالم على ما هو التحقيق يستلزم حركة الأرض بجملتها بسبب تحرك ثقيل عليها، يريدون تحركها خلاف جهة تحرك الثقيل كما يظهر بأدنى تخيل، لا إلى جهة حركته كما ظنه بعض الفضلاء. انتهى.

ذكاء عربي

ذكاء عربي حكى الأصمعي قال: كنت أقرأ السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله غفور رحيم وبجنبي أعرابي، فقال: كلام من هذا؟ فقلت كلام الله قال: أعد، فأعدت، فقال: ليس هذا كلام الله فانتبهت فقرأت والله عزيز حكيم، فقال أصبت هذا كلام الله فقلت: أتقرأ القرآن؟ قال: لا، فقلت: فمن أين علمت؟ فقال: يا هذا عز فحكم فقطع فلو غفر ورحم لما قطع. قال بعض الحكماء: من شرف الفقر أنك لا تجد أحداً يعصي الله ليفتقر، وأكثر ما يعصي المرء ليستغني. أخذ هذا المعنى المحمود الوراق فقال: يا عايب الفقر ألا تنزجر ... عيب الغنى أكثر لو تعتبر إنك تعصي لتنال الغنى ... ولست تعصي الله كي تفتقر قال بعض الحكماء: من ضاق قلبه اتسع لسانه. ومن كلامهم ينبغي للعاقل أن يجمع عقله عقل العقلاء، وإلى رأيه رأي الحكماء فإن الرأي الفذ ربما زل، وأن العقل الفرد ربما ضل. قال الحسن البصري، يا من يطلب من الدنيا ما لا يلحقه أترجو أن تلحق من الآخرة ما لا تطلبه؟ . البرهان الترسي : نفرض جسماً مستديراً كالترس ونقسمه بثلاث خطوط متقاطعة على المركز إلى ستة أقسام متساوية، فكل من الزوايا الست الواقعة حول المركز ثلثا قائمة، والانفراج بين ضلعي كل بقدر امتداده، إذ لو وصل بين طرفيهما بمستقيم لصار مثلثاً متساوي الأضلاع، لأن زوايا كل مثلث كقائمتين، والساقان متساويان فالزوايا متساوية فالأضلاع كذلك فلو امتد الضلعان إلى غير النهاية، لكان الانفراج كذلك مع أنه محصور بين حاصرين. من كلام أبي الفتح البستي: من أصلح فاسده أرغم حاسده. عادات السادات سادات العادات: من سعادة جدك وقوفك عند حدك. الرشوة رشاء الحاجة. اشتغل عن لذاتك بعمارة ذاتك.

من التوراة من لم يرض بقضائي، ولم يصبر على بلائي ولم يشكر نعمائي فليتخذ رباً سوائي من أصبح حزيناً على الدنيا فكأنما أصبح ساخطاً علي. من تواضع لغني لأجل غناه ذهب ثلثا دينه. يا ابن آدم ما من يوم جديد إلا ويأتي إليك من عندي رزقك، وما من ليلة جديدة إلا وتأتي إلي الملائكة من عندك بعمل قبيح. خيري إليك نازل وشرك إلي صاعد. يا بني آدم أطيعوني بقدر حاجتكم إلي، واعصوني بقدر صبركم على النار، واعملوا للدنيا بقدر لبثكم فيها وتزودوا للآخرة بقدر مكثكم فيها. يا بني آدم زارعوني وعاملوني وأسلفوني، أربحكم عندي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. يا ابن آدم أخرج حب الدنيا من ق لبك، فإنه لا يجتمع حبي وحب الدنيا في قلب واحد أبداً. يا ابن آدم إعمل بما أمرتك وانته عما نهيتك، أجعلك حياً لا تموت أبداً. يا ابن آدم إذا وجدت قساوة في قلبك، وسقماً في جسدك، ونقيصة في مالك وحريمة في رزقك، فاعلم أنك قد تكلمت فيما لا يعنيك. يا ابن آدم أكثر من الزاد، فالطريق بعيد وخفف الحمل فالصراط دقيق، وأخلص العمل فإن الناقد بصير وأخر نومك إلى القبور، وفخرك إلى الميزان، ولذاتك إلى الجنة، وكن لي أكن لك، وتقرب إلي بالإستهانة بالدنيا تبعد عن النار. يا ابن آدم ليس من انكسر مركبه، وبقي على لوح في وسط البحر بأعظم مصيبة منك، لأنك من ذنوبك على يقين، ومن عملك على خطر. قال في التبيان: في قوله تعالى: " أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين " إن قوله اشتروا استعارة تبعية، وما ربحت تجارتهم ترشيح وقوله: وما كانوا مهتدين تجريد. وقال الطيبي أيضاً في التبيان في فن البديع، أن قوله وما كانوا مهتدين إيغال قال لأن مطلوب التجار في متصرفاتهم سلامة رأس المال والربح، وربما تضيع الطلبتان ويبقى معرفة التصرف في طريق التجارة، فيتحيل لطرق المعاش وهؤلاء أضاعوا الطلبتين، وضلوا الطريق فدمروا ونحو ذلك قال في الكشاف. قال كاتب هذه الأحرف: كلام الطيبي في الاستعارة يعاند كلامه في الإيغال لأن ما ذكره في الإيغال يقتضي أن يكون قوله تعالى: وما كانوا مهتدين ترشيحاً لا تجريداً، وهو الحق إذا الحمل عليه يكسب الكلام رونقاً وطراوة لا يوجدان فيه لو حمل على التجريد كما لا يخفى على من له دراية في أساليب الكلام فقوله بالتجريد باطل وعن حلية الحسن عاطل. أقول أيضاً القول بأنه إيغال باطل أيضاً لأن الإيغال كما ذكروه حمل الكلام بنكتة زائدة يتم المعنى بدونها وهو معدود من الإطناب. ومثلوا له بقوله تعالى: " اتبعوا

من لا يسئلكم أجراً وهم مهتدون " فإن الرسول مهتد لا محالة، لكن فيه زيادة حث على الاتباع كذا قالوا، وقوله تعالى: وما كانوا مهتدون ليس من هذا القبيل كما لا يخفى، فالحق أنه ترشيح ليس إلا وأن كلامي الطيبي المتعارضين ساقطان فليتأمل إن شاء الله تعالى. قال الأحنف بن قيس سهرت ليلة في طلب كلمة أرضى بها سلطاني، ولا أسخط بها ربي، فما وجدتها. الصفدي كيف يزور الخيال طرفا ... يراه منكم جفا وبين والنوم قد غاب منذ غبتم ... ولم يقع لي عليه عين وله: أفدي حبيبا إن أقل لك إنه ... بدر فصدقني عليه ولا تسل وجه حلا إذا أثر الجدري في ... وجناته فكأنه قرص العسل قال في التحفة: لو جعل للأفق دائرة يرسمها الخط الخارج من البصر، مماسا للأرض، منهيا إلى السماء، يكون الظاهر من الفلك أكثر من الخفي بأربع دقائق وست وعشرين ثانية إن كانت قامة الشخص الخارج الخط من بصره ثلاثة أذرع ونصفا على ما بينه ابن الهيثم يفي رسالته، في أن الظاهر من السنماء أكثر من نصفها: وقال بعض الحكماء: إن الله لم يجمع منافع الدارين في أرض، بل فرقها. آخر ليس ارتحالك تزداد الغلا سفراً ... بل المقام على خسف هو السفر بعضه أشد من فاقة الزمان ... مقام حر على هوان فاسترزق الله واستغنه ... فإنه خير مستعان وإن بنا منزل بحر ... فمن مكان إلى مكان مما كتبه والدي إلي:

: خف الفقر ملتمساً للغنى ... فبالفقر كم من فقار كسر وفي كل أرض أنخ برهة ... فإن وافقتك وإلا فسر فما الأرض محصورة في الهراة ... ولا الرزق في وقفها منحصر الصولي يمدح ابن الزيات أسد ضار إذا هيجته ... وأب بر إذا ما قدرا يعرف الأبعد إن أثرى ولا ... يعرف الأدنى إذا ما افتقرا أبو الفتح البستي لئن تنقلت من دار إلى دار ... وصرت بعد ثواء رهن أسفار فالحرحر عزيز النفس حيث ثوى ... والشمس في كل برج ذات أنوار اجمع الحساب على أن تعريف العدد بأنه نصف مجموع حاشيته، لا يصدق على الواحد إذ ليس له حاشية تحتانية وفيه نظر إذ الحاشية الفوقانية لكل عدد يزيد عليه بمقدار نقصان الحاشية التحتانية وعنه من ثم كان مجموعها ضعفه، وقد أجمعوا على أن العدد إما صحيح أو كسر، فنقول الحاشية التحتانية للواحد هي النصف، فالفوقانية واحد ونصف لأنها تزيد على الواحد بقدر نقصان النصف عنه كما هو شأن حواشي الأعداد، والواحد نصف مجموعهما فالتعريف المذكور صادق على الواحد بل نقول التعريف المذكور صادق على جميع الكسور أيضاً وليس مخصوصاً بالصحاح، مثلاً يصدق على الثلاث أنه نصف مجموع حاشيتيه، فالتحتانية السدس والفوقانية ثلث وسدس أعني نصفاً ولا شك أن الثلث نصف النصف والسدس وهو المراد. أهدى أبو إسحق الصابي في يوم المهرجان اصطرلاباً في دون الدرهم لعضد الدولة وكتب معه هذه الأبيات: أهدى إليك بنو الأملاك واجتهدوا ... في مهرجان جديد أنت تبليه لكن عبدك إبراهيم حين رأى ... سمو قدرك عن شيء يساميه لم يرض بالأرض يهديها إليك فقد ... أهدى لك الفلك الأعلى بما فيه لبعضهم ة إذا غدا ملك باللهو مشتغلا ... فاحكم على ملكه بالويل والحرب ما ترى الشمس في الميزان هابطة ... لما غدا بيت نجم الله والطرب

لأن الزهرة بيتها الميسزان. لبعضهم: لا يمنعنك خفض العيش في دعة ... من أن تبدل أواطانا بأوطان تلقى بكل بلاد إن حللت بها ... أرضا بأرض وإخوانا بأخوان ابن نباتة المصري يهنئ بعض الأمراء بعيد النحر: تهن بعيد النحر وابق ممتعا ... بأمثاله سامي العلا نافذ ألأمر تقلدنا فيه قلائد أنعم. . وأحسن ما تبدو القلائد في النحر قال بطليموس: إفرح بما لم تنطق به من الخطأ أكثر من فرحك بما نطقت به من الصواب. وقال أفلاطون: انبساطك عورة من عوراتك، فلا تبذله إلا لمأمون عليه. ومن كلامه: إحفظ الناموس، يحفظك. وقال أرسطوطاليس اختصار الكلام طي المعاني. وقيل له: ما أحسن ما حمله الإنسان؟ قال: السكوت. ومن كلامه استغناؤك عن الشيء خير من استغناءك به. ومن كلامه اللئام أصبر أجساماً والكرام أصبر نفوساً. وقال سقراط: لولا أن في قوله لا أعلم إخباراً بأني أعلم لقلت إني لا أعلم. وقال لا تظهر المحبة دفعة واحدة لصديقك فإنه متى رأى منك تغير اً عاداك. قال في المثل السائر: كان ابن الخشاب إماماً في أكثر العلوم، وأما العربية فكان أبا عذرها، وكان يقف كثيراً على حلق القصاصين والمشعبدين فإذا جاء طلبة العلم لا يجدونه فليم على ذلك وقيل له أنت إمام في العلم فما وقوفك في هذه المواقف، فقال: لو علمتم ما أعلم لما لمتم إني طالما استفدت من محاورات هؤلاء الجهال فوائد خطابية تجري في ضمن هذياناتهم لو أردت أن آتي بمثلها لم أستطع، فإنما أحضر لاستماعها. قال السيد في حاشية الكشاف في قوله تعالى " فأتوا بسورة من مثله " ويجوز أن

يتعلق بفأتوا والضمير للعبد، أورد عليه أنه لم لا يجوز أن يكون الضمير حينئذ لما نزلنا أيضا، كما جاز ذلك على تقدير أن يكون الظرف صفة للسورة، وأجيب بوجهين: الأول أن فأتوا أمر قصد به تعجيزهم باعتبار المأتي به، فلو تعلق به قوله من مثله، وكان الضمير للمنزل تبادر منه أن له مثلا محققا، وأن عجزهم إنما هو الاتيان بشئ منه، بخلاف ما إذا رجع الضمير إلى العبد فإن له مثلا في الشرية والعربية والأمية فلا محذور. الثاني أ، كلمة من على هذا التقدير ليست بيانية، إذ لا مبهم هناك، وأيضا هو مستقر أبدا فلا يتعلق بالأمر لغو ولا تبعيضية، وإلا كان الفعل واقعا عليه حقيقة، كما قولك أخذت من الدراهم، ولا معنى لإتيان البعض، بل المقصود طالإتيان بالبعض، ولا مجال لتقدير الباء مع وجود من كيف وقد صرح بالمأتي أعتي بسورة، فتعين أن تكون ابتدائية، وحينئذ يجب كون الضمير للعبد، لأن جعل المتكلم مبدأ الإتيان بالكلام منه معنى حسن معقول، ولا ترتضيه فطرة سليمة، وإن فرض صحة ما قيل في النحو إن جميع راجعة إليه، ولا نعني بالمبدأ الفاعل ليتوجه أن المتكلم مبدأ الكلام نفسه لا للإتيان بالكلام منهن، بل ما يعد عرفا من حيث يعتبر أنه اتصل به أمر له امتداد حقيقة أو توهما. انتهى كلام السيد الشريف قال ابن أب الحديد في كتايه المسمى " بالفلك الدائر على المثل السائر ": إنما زعم صاحب كتاب المثل السائر أنه استطراد، وهو قول بعض شعراء الموصل يمدح الأمير قرواش ابن المفلد، وقد أمره أن يعبث بهجو وزيره سليمان بن فهد، وحاجبه أبي جابر ومغنيه البرقعيدي، في ليلة من ليالي الشتاء، وأراد بذلك الدعابة والولع بهم، وهم في مجلس الشرب. وليل كوجه البرقعيدي ظلمة ... وبرداً أعانيه وطول قرونه سريت ونومي فيه نوم مشرد ... كعقل سليمان بن فهد ودينه على أولق فيه التفات كأنه ... أبو جابر في خبطه وجنونه إلى أن بدا ضوء الصباح كأنه ... سناوجه قرواش وضوء جبينه فليس من الاستطراد في شيء لأن الشاعر قصد إلى هجاء كل واحد منهم، ووضع الأبيات لذلك، ومضمون الأبيات كله مقصود له، فكيف يكون استطراداً؟ ! . عباس بن الأحنف

انعكاس نور الشمس على وجه الأرض

قلبي إلى ما ضرني داعي ... يكثر أحزاني وأوجاعي كيف احتراسي من عدوي؟ إذا ... كان عدوي بين أضلاعي بعضه لم أقل للشباب في دعة الله ... ولا حفظه غداة استقلا زائر زارنا أقام قليلاً ... سود الصحف بالذنوب وولى الصلاح الصفدي أنا في حالي نقيض معكم ... وهو في شرع الهوى ما لا يسوغ بلي الصبر وأضحى هرما ... والمنى في وصلكم دون البلوغ غيره هل الدهر يوماً بليلى يجود؟ ... وأيامنا باللوى هل تعود؟ عهود تقضت وعيش مضى ... بنفسي والله تلك العهود ألا قل لسكان وادي الحمى ... هنيئاً لكم في الجنان الخلود أفيضوا علينا من الماء فيضاً ... فنحن عطاش وأنتم ورود انعكاس نور الشمس على وجه الأرض كما أن جرم القمر يقبل ضوء الشمس لكثافته وينعكس عنه لصقالته، كذلك الأرض يقبل ضوؤها لكثافتها وينعكس عنها لصقالتها لإحاطة الماء بأكثرها، وصيرورتها معها ككرة واحدة، فإذن لو فرض شخص على القمر يكون الأرض بالقياس إليه كالقمر بالنسبة إلينا، ولحركة القمر حول الأرض يخيل إليه أنها متحركة حوله، ويشاهد الأشكال الهلالية والبدرية وغيرهما في مدة شهر لكن إذا كان لنا بدر كان له محاق وإذا كان لنا خسوف كان له كسوف، لوقوع أشعة بصره داخل مخروط ظل الأرض، ومنعه إياها من وقوعها على المستنير من الأرض والماء بالشمس، وإذا كان له خسوف، لوقوع أشعة بصره داخل مخروط ظل القمر، ومنعه إياها من أن يقع على الأرض إلا أن خسوفه لا يكون ذا مكث يعتد به لكونه بقدر مكث الكسوف، ويكون لكسوفه مكث كثير لكونه بقدر مكث الخسوف، ولأن بعض وجه الأرض يابس فلا ينعكس عنه النور بالتساوي، فكما يرى على وجه القمر المحو، يرى على وجه الأرض مثله، وهذا الفرض وإن كان محالاً لكن تصور بعض هذه الأوضاع، يعد الفكر على تخيل أي وضع أراد بسهولة.

صفة الملائكة

صفة الملائكة من نهج البلاغة: ملائكة أسكنتهم سماواتك ورفعتهم عن أرضك هم أعلم خلقك بك وأخوفهم لك وأقربهم منك لم يسكنوا الأصلاب ولم يضمنوا الأرحام، ولم يخلقوا من ماء مهين، ولم يتشعبهم ريب المنون، وإنهم على مكانهم منك منزلتهم عندك، واستجماع أهوائهم فيك وكثرة طاعتهم لك وقلة غفلتهم عن أمرك لو عاينوا كنه ما خفي عليهم منك لحقروا أعمالهم ولأزروا على أنفسهم، ولعرفوا أنهم لم يعبدوك حق عبادتك ولم يطيعوك حق طاعتك سبحانك خالقاً ومعبوداً خلقت داراً وجعلت فيها مأدبة مطعماً ومشرباً وأزواجاً وخدماً قصوراً وأنهاراً وزروعاً ثماراً. ثم أرسلت داعياً يدعو إليها فلا الداعي أجابوا ولا فيما رغبت رغبوا ولا إلى ما شوقت إليه اشتاقوا، وأقبلوا على جيفة قد افتضحوا بأكلها، واصطلحوا على خبها ومن عشق شيئاً أغشى بصره، وأمرض قلبه فهو ينظر بعين غير صحيحة ويسمع بأذن غير سميعة قد خرقت الشهوات عقله، وأماتت الدنيا قلبه، وولهت عليها نفسه فهو عبد لها ولمن في يديه شيء منها حيثما زالت زال إليها وحيثما أقبلت أقبل عليها، لا ينزجر من الله بزاجر، ولا يتعظ منه بواعظ وهو يرى المأخوذين على الغرة، حيث لا إقالة لهم ولا رجعة كيف نزل بهم ما كانوا يجهلون وجاءهم من فراق الدنيا ما كانوا يأمنون وقدموا من الآخرة على ما كانوا يوعدون. فغير موصوف ما نزل بهم اجتمعت عليهم سكرة الموت، وحسرة الفوت ففترت لها أطرافهم وتغيرت لها ألوانهم ثم ازداد الموت فيهم ولوجاً وبين أحدهم وبين منطقة، وإنه لبين أهله ينظر إليهم ببصره ويسمع بأذنه على صحة من عقله، وبقاء من لبه. يفكر فيما أفنى عمره وفيما أذهب دهره، ويتذكر أموالاً جمعها أغمض في مطالبها وأخذها من مصرحاتها ومشتبهاتها قد لزمته تبعات جمعها، وأشرف على فراقها تبقى لمن وراء ينعمون فيها، ويمتعون بها، فيكون المهنا لغيره والعبء على ظهره والمرء قد غلقت رهونه بها وهو يعض يديه ندامة على ما انكشف له عند الموت من أمره، ويزهد فيما كان يرغب فيه أيام عمره، ويتمنى أن الذي كان يغبط بها ويحسده عليها قد حازها دونه لم يزل الموت يبالغ في جسده حتى خالط سمعه، فصار بين أهله لا ينطق بلسانه ولا يسمع بسمعه يردد طرفه بالنظر في وجوههم يرى حركات ألسنتهم ولا يسمع رجع كلامهم. ثم ازداد الموت التياطاً به، فقبض بصره كما قبض سمعه وخرجت الروح من جسده وصار جيفة بين أهله قد أوحشوا من جانبه وتباعدوا من قربه لا يسعد باكياً، ولا يجيب داعياً ثم حملوه إلى محط في الأرض فأسلموه فيه إلى عمله وانقطعوا عن زؤرته حتى إذا بلغ الكتاب أجله، والأمر مقاديره والحق آخر الخلق بأوله، وجاء من أمر الله ما يريده

من تجديد خلقه، وأماد السماء وفطرها وارج الأرض وأرجفها وقلع جبالها ونسفها، ودك بعضها بعضاً من هيبة جلالته ومخوف سطوته فأخرج من فيها، فجددهم بعد اخلاقهم، وجمعهم بعد تفريقهم ثم ميزهم لما يريد من مسألتهم عن خفايا الأعمال، وجعلهم فريقين أنعم على هؤلاء وانتقم من هؤلاء فأما أهل الطاعة فأثابهم بجواره وخلدهم في دار حيث لا يظعن النزال ولا يتغير بهم الحال ولا ينوبهم الإفزاع، ولا تنالهم الأسقام ولا تعرض لهم الأخطار، ولا تشخصهم الأسفار. وأما أهل المعصية فأنزلهم شر دارهم، وغل الأيدي إلى الأعناق، وقرن النواصي بالأقدام، وألبسهم سرابيل القطران ومقطعات النيران في عذاب قد اشتد حره، وباب قد أطبق على أهله في نار لها كلب ولجب ولهب ساطع، وقصيف هايل، لا يظعن مقيمها ولا يفادي أسيرها، ولا تقصم كبولها، ولا مدة للدار فتفنى ولا أجل للقوم فيقضى. قيل لبعض الحكماء: أيما أحب إليك أخوك أم صديقك؟ فقال: إنما أحب أخي إذا كان صديقاً. قال بعض العارفين: إن الشيطان قاسم أباك وأمك أنه لهما لمن الناصحين، وقد رأيت ما فعل بهما وأما أنت فقد أقسم على غوايتك كما قال الله تعالى حكاية عنه: " فبعزتك لأغوينهم أجمعين " فماذا ترى يصنع بك؟ فشمر عن ساق الحذر منه ومن كيده ومكره وخديعته. قيل لبعض الأعراب: صف لنا فلانا وكان ثقيلا فقال: والله إنه ثقيل الطلعة بغيض التفصيل والجملة، بارد السكون والحركة، قد خرج عند حد الاعتدال، وذهب من ذات اليمين إلى ذات الشمال، يحكى ثقل الحديث المعاد، ويمشي على القلوب والأكباد لا أدري كيف لم تحمل الأمانة أرض حملته، وكيف احتاجت إلى الجبال بعدما أقلته، كأن وجهه أيام المصائب وليالي النوائب، وكأنما قربه بعد الحبائب وسوء العواقب، وكأنما وصله عدم الحياة، وموت الفجأة وقال بعض الأعراب في وصف ثقيل: هو أثقل من الدين على وجع العين ثقيل

السكون بغيض الحركة، كثير الشؤم قليل البركة، فهو بين الجفن والعين قذاه، وبين الأخمص والنعل حصاه. النضر بن المتوكل العباسي (متى ترفع الأيام من قد وضعته ... ويناقد لي دهر علي جموح) (اعلل نفسي بالرجاء وإنني ... لغدو على ما ساءني وأروح) عداؤ أثداء كل حيوان: بعد أكثر ما يمكن أن يولد له العادة، ومن ثمة كان أثداء الكلية ثمانية وأثداء الإنسان أبو عمرو الزاهد قال: دلك بعض المرائين جبهته بثوم وأبقاه وعصبة ونام ليصبح بها أثر كأثر السجود، فانحرفت العصابة إلى صدغه، فأثر الثوم هناك، فقال له ابنه: ما هذا با أبت؟ فقال: يا بنى أصبح أبوك ممتن يعبد الله على حرف. صلى رجل إلى جنب عبد الله بن المبارك ثم سلم وقام عجلا، فجذب عبد الله بثوبه وقال له أما لك إلى ربك حاجة. من أقوى دلائل القائلين بالخلاء رفع صحيفة ملساء، دفعة عن صفحة ملساء، فيلزم تدريج تخلل الهواء، وأجيب بالمنع من دفعة الارتفاع، بل دفعيته في حيز الامتناع إذا الحركة تدريجية من غير نزاع انتهى ... . رأيت في بعض التواريخ المعتمد عليها: أن عبد الله بن ظاهر كان يحمل إلى الواثق بالله البطيخ من مرو إلى بغداد، وكان ينقى في مدينة الري ويرمي بما فسد منه، فيأخذ أهل الري حب ذلك الفاسد فيزرعونه وهو أصل بطيخهم الجيد. كان ينفق عليه كل سنة خمسمائة ألف درهم. قال اعرابي: ويل لمن أفسد آخرته بصلاح دنياه، ففارق ما اصلح غير راجع إليه وقدم على ما أفسد غير منتقل عنه. وقال اعرابي لرجل يعظه: غفلنا فلم يغفل الدهر عنا فلم نتعظ بغيرنا حتى اتعظ غيرنا بنا، فقد أدركت السعادة من تنبه، وأدركت الشقاوة من غفل، وكفى بالتجربة واعظا. انتهى. قال جواري المهدي للمهدي يوما: لو أذنت لبشار أن يدخل إلينا فيؤنسنا ويحدثنا وينشدنا وهو محجوب البصر لا غيرة منه، فأذن له المهدي فكان يدخل إليهن، فاستظرفنه وقلن له يوما: وددنا والله يا أبا معاذ أنك والدنا حتى لا نفارقك ولا تفارقنا ليلا ولا نهارا،

قال نحن على دين كسرى. فلما بلغ ذلك المهدي منعه من الدخول عليهن بعد ذلك انتهى. قال المنتصر: لذة العفو أطيب من لذة التشفي، وذلك أن لذة العفو يلحقها حمد العاقبة ولذة التشفي يلحقها ذم الندم. حج أعرابي كان لا يستغفر والناس يستغفرون، فقيل له في ذلك، فقال: كما ان تركي الاستغفار مع ما أعلم من عفو الله ورحمته ضعف، كذلك استغفاري مع ما أعلم من إصراري لوم. سمع بعض العارفين، ضجة الناس بالدعا في الموقف، فقال لقد هممت أن أحلف أن الله قد غفر لهم ثم ذكرت أني فيهم فكففت. حكى عروة بن عبد الله قال: كان عروة بن اذنيه نازلا في داري بالعقيق فسمعته ينشد لنفسه هذه الأبيات: (إن التي زعمت فؤادمك ملها ... خلقت هواك كما خلقت هوى لها) (فيك التي زعمت بها وكلاهما ... ابدي لصاحبه الصبابة واجلها) (بيضاء باكرها النعيم فصاغها ... بلباقة فأدقها وأجلها) (وإذا وجدت لها وساوس سلوة ... شفع الضمير إلى الفؤاد فسلها) (لما عرضت مسلما لي حاجة ... أخشى صعوبتها وأرجو حلها) (منعت تحيتها فقلت لصاحبي ... ما كان أكثرها لنا وأقلها) (قدنا وقال لعلها معذورة ... من بعض رقبتها فقلت لعلها) قال فاتاني أبو السائب المخزومي، فقلت له بعد الترحيب: ألك حاجة؟ فقال نعم، أبيات لعروة بلغني أنك تحفظها، فأنشدته الأبيات، فلما بلغت قوله " فدنا " قام وطرب وقال: هذا والله صادق العهد، وإني لأرجو أن يغفر الله له الحسن الظن بها، وطلب العذر لها، فقال: فعرضت عليه الطعام فقال: لا والله ما كنت لأخلط بهذه الأبيات شيئا ثم خرج. انتهى. خلا أعرابي بامرأة، فلما قعد منها مقعد الرجل من المرأة قام عنها مسرعا، فقالت ولم؟ فقال: إن امرا باع جنة عرضها السموات والأرض بمقدار إصبع من بين فخذين لقليل العلم بالمساحة.

رأي النصارى في الأقاليم

أبو نؤاس خل جنبيك لرام ... وامض عنه بسلام مت بداء الصمت خير ... لك من داء الكلام إنما العاقل من ... ألجم فاه بلجام شبت يا هذا وما ... تترك أخلاق الغلام والمنايا آكلات ... شاربات للأنام لبعضهم في قاض اسمه عمر، عزل عن القضاء وولى مكانه آخر اسمه أحمد لمال بذله لذلك: (أيا عمر استعد لغير هذا ... فأحمد بالولاية مطمئن) (وتصدق فيك معرفة وعدل ... ولكن فيه معرفة ووزن) لبعضهم: (لا تحقرن صغيرا في مخاصمة ... غن الذبابة أدمت مقلة الأسد) رأي النصارى في الأقاليم النصارى مجمعون على أن الله تعالى واحد بالذات، ويريدون بالأقانيم الصفات مع الذات ويعبرون عن الأقانيم بالأب والإبن وروح القدس، ويريدون بالأب الذات مع الوجود ويريدون بالإبن الذات مع العلم ويطلقون عليه اسم الكلمة، ويريدون بروح القدس الذات مع الحياة. وأجمعوا على أن المسيح ولد من مريم، وصلب، والإنجيل الذي هو بأيديهم: إنما هو سيرة المسيرة عليه السلام جمعه أربعة من أصحابه وهم متى، ولوقا، وماريوس، ويوحنا. ولفظة الإنجيل معناها البشارة، ولهم كتب تعرف بالقوانين وضعها أكابرهم يرجعو إليها في الأحكام من العبادات والمعاملات ويصلون بالمزامير، والمشهور من فرقهم ثلاثة: الأولى الملكانية يقولون قد حل جزء من اللاهوت في الناسوت واتحد بجسد المسيح وتدرع به، ولا يسمون العلم قبل تدرعه إبناً، وهؤلاء قد صرحوا بالتثليث وإليهم الإشارة بقوله تعالى: " لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة " وهؤلاء قالوا إن القتل والصلب وقع على الناسوت لا على اللاهوت. الثانية اليعقوبية قالوا إن الكلمة انقلبت لحماً ودماً فصار المسيح هو الإله وإليه الإشارة بقوله تعالى: " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم ".

الثالثة النسطورية قالوا إن اللاهوت أشرق على الناسوت كإشراق الشمس على بلورة، والقتل والصلب إنما وقع على المسيح من جهة ناسوته لا من جهة لاهوته والمراد بالناسوت الجسد وباللاهوت الروح. من تحرير إقليدس كل مثلث أخرج أحد أضلاعه فزاويته الخارجية مساوية لمقابلتيها الداخلتين، وزواياه الثلاث مساوية لقائمين فليكن المثلث اب ح والضلع المخرج ب ح إلى د وليخرج من ح م هـ موازياً ل ب ا، فزاوية اح هـ مساوية لزاوية الكونهما متبادلتين وزاوية هـ ح د مساوية لزاوية ب لكونها خارجة وداخلة فإذن جميع زاوية اح د الخارجة من المثلث مساوية لزاويتي اب الداخلة وزاوية اح د مع زاوية اح ب مساوية لقائمتين فإذن الثلاث الداخلة وذلك ما أردناه. قال المحرر للتحرير أقول وإن أخرجنا ار موازياً ل ب م بدل ح هـ كانت زاوية ر اب مساوياً لمبادلتها أعني زاوية ب وزاوية ر اح مساوية لمبادلتها أعني زاوية اح م فإذن زاوية اح م مساوية لزاويتي اب. وبوجه آخر نخرج ار موازياً ل ب ح فزاويتا ر اح وب ح االداخلتان كقائمتين وزاوية ر اب مثل زاوية ب. وبوجه آخر تخرج ر اء موازياً ل ب ح فزاويتاه معادلتان لقائمتين ور اب منها مثل اح رء اح مثل اح ب وب اح مشتركة وبوجه آخر يخرج أيضاً ب اح اإلى ط هـ فزواياه ر اهـ هـ اط ط اء كقائمتين والأولى مثل اح ب والثانية مثل ب اح والثالثة مثل اب ح وبوجه آخر يخرج ر اهـ موازياً ل ب ح وب ح في جهتيه إلى هـ ط فزوايا اب ح مساوية لستة قوائم فإذا أسقطت منها زاويتا ر اب هـ اب المعادلتان لقائمتين وزاويتاه اح ط ح االمعادلتان لهما ثبت زوايا المثلث معادلة لهما. وبوجه آخر كل مثلث ففيه زاويتان حادتان بالسابع عشر ولنفرضهما في مثلث اب ح زاويتي ب وح ونخرج من نقط ب اح أعمدة ب هـ ار ح هـ على خط ب ح فزاويتاء ب

أسماء اللبن

ح هـ ح ب قائمتان وزاوية هـ ب امثل زاوية ب اح وزاوية هـ ح امثل زواية ح ار والثاني مشترك انتهى. يزيد البسطامي: جمعت جميع أسباب الدنيا وربطتها بحبل القناعة، ووضعتها في منجنيق الصدق، ورميتها في بحر اليأس فاسترحت. عزيز النفس من لزم القناعة ... ولم يكشف لمخلوق قناعة نفضت يدي من طمعي وحرصي ... وقلت لفاقتي سمعاً وطاعة وفي بعض التفاسير في قوله تعالى: " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين " أن المراد بالشياطين المنجمين فإن كلامهم رجم بالغيب. أسماء اللبن يسمى اللبن حين يخلب صريفاً، فإذا سلبت رغوته فهو الصريح، فإن لم يخالطه ماء، فهو مخيض فإذا أخذ اللسان فهو قارص، فإذا أخثر فهو رائب، فإذا اشتدت حموضته فهو حاذر. أبو تمام ينال الغنى في الدهر من هو جاهل ... ويكدي الغنا في الدهر من هو عالم لو كانت الأرزاق تجري على الحجى ... إذن هلكت من جهلهن البهايم الارب نذل كالحمار ورزقه ... يدر عليه مثل صوب الغمايم وحر كريم ليس يملك درهماً ... يروح ويغدو صائماً غير صائم القيراطي كم من أديب فطن عالم ... مستكمل العقل مقل عديم وكم جهول مكثر ماله ... ذلك تقدير العزيز العليم

ربما يتغير حسن الخلق والوطاء إلى الشراسة والبذاء لأسباب عارضة وأمور طارية تجعل اللين خشونة والوطاء غلظة والطلاقة عبوساً، وهذه الأسباب تنحصر بالاستقراء في سبعة: الأول الولاية التي تحدث في الأخلاق تغيراً وعلى الخلطاء تنكراً، أما للوم طبع أو من ضيق صدر، الثاني العزل. الثالث الغنى فقد يتغير به أخلاق اللئيم بطراً وتسوء طرايقه أشراً قال الشاعر: لقد كشف الإثراء عنك خلائقاً ... من اللوم كانت تحت ثوب من الفقر الرابع الفقر فقد يتغير الخلق به إما أنفة من ذل الإستكانة أو أسفاً من فائت الغنى، ولذلك قال صاحب الشرع رضي الله عنه: كاد الفقر أن يكون كفراً، وبعضهم يسلي هذه الحالة بالأماني، قال أبو العتاهية: حرك مناك إذا ... اغتممت فإنهن مراوح وقال آخر إذا تمنيت بت الليل مغتبطاً ... إن المنى رأس أموال المفاليس الخامس الهموم التي تذهل اللب وتشغل القلب، فلا يتسع لاحتمال ولا يقوى على صبر. فقد قال بعض الأدباء: الهم هو الداء المخزون في فؤاد المحزون. السادس الأمراض التي يتغير به الطبع، كما يتغير بها الجسم، فلا يبقى الأخلاق على اعتدال، ولا يقدر معها على احتمال. السابع علو السن وحدوث الهرم، فكما يضعف بها الجسد عن احتمال ما كان يطيقه من الأثقال، كذلك تعجز النفس عن احتمال ما كانت تصبر عليه من مخالفة الوفاق ومضض الشقاق. قال أبو الطيب آلة العيش صحة وشباب ... فإذا وليا عن المرء ولى قال بعض الحكماء: احتمال السفيه ايسر من التحلي بصورته، والإغضاء عن الجاهل خير من مشاكلته قال بعض السفهاء لبعض الحكماء: والله إن قلت واحدة سمعت عشرا، فقال الحكيم: والله قلت عشرا لم تسمع واحدة وقال بعض الحكماء: غضب الأحمق في قوله، وغضب العاقل في فعله وقال آخر: من لم يصبر على كلمة سمع كلمات.

كتب بعض البلغاء كتابة بليغة إلى المنصور، يشكو فيها سوء حاله وكثرة عائلته وضيق ذات يده. فكتب المنصور في جوابه البلاغة والغنا إذا اجتمعا لامرىء أبطراه وإن أمير المؤمنين مشفق عليك من البطر فاكتف بأحدهما. سألت زماني؟ وهو بالجهل مولع ... وبالسخف مستهزء وبالنقص مختص فقلت له هل لي طريق إلى الغنى ... فقال طريقان الوقاحة والنقص آخر سبل المذاهب في البلاد كثيرة ... والعجز شؤم والقعود وبال يا من يعلل نفسه برخائه ... ما بالتعلل تدرك الآمال يقال: علا في المكان يعلو علواً بالواو وعلا في الشرف يعلا علاء بالألف قاله في الصحاح. قال بعض الصلحاء بينما أنا أسير في جبال بيت المقدس، إذ هبطت إلى واد هناك وإذاً أنا بصوت عال لتلك الجبال دوي منه، فاتبعت الصوت فإذا أنا بروضة فيها شجر ملتف وإذا برجل قائم يردد هذه الآية " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه " قال: فوقفت خلفه وهو يردد هذه الآية، ثم صاح صيحة خر منها مغشياً عليه، فانتظرت إفاقته فأفاق بعد ساعة، وهو يقول أعوذ بك من أعمال البطالين، أعوذ بك من إعراض الغافلين لك خشعت قلوب الخائفين وفرغت آمال المقصرين وذلت قلوب العارفين، ثم نفض يديه وهو يقول: ما لي وللدنيا ولي، أين القرون الماضية وأهل الدهور السالفة؟ ! في التراب يبلون وعلى مر الدهور يفنون. فناديته يا عبد الله أنا منذ اليوم خلفك أنتظر فراغك فقال: وكيف يفرغ من يبادر الأوقات وتبادره؟ وكيف يفرغ من ذهبت أيامه وبقثت آثامه؟ ثم قال: أنت لها ولكل شدة أتوقع يرددها ثم لهى عني ساعة وقرأ " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " ثم صاح صيحة أشد من الأولى وخر مغشياً عليه، فقلت قد خرجت نفسه فدنوت منه وإذا هو يضطرب ثم أفاق وهو يقول: من أنا وما خطري هب لي إساءتي بفضلك وجللني بسترك واعف عني بكرم وجهك إذا وقفت بين يديك. فقلت له يا سيدي بالذي ترجوه لنفسك وتثق به إلا كلمتني، فقال: عليك بكلام من ينفعك كلامه، ودع كلام من أوبقته ذنوبه، أنا في هذا الموضع ما شاء الله أجاهد إبليس ويجاهدني فلم يجد عوناً علي ليخرجني مما أنا فيه غيرك فإليك عني قد عطلت لساني، ومالت إلى حديثك شعبة من قلبي، فأنا أعوذ من شرك بمن أرجو أن يعيذني من سخطه، فقلت: في نفسي هذا من أولياء الله أخاف أن أشغله عن ربه ثم تركته ومضيت لوجهي. انتهى

يقال: علا في المكان يعلو علوا بالواو، وعلى بالكسر في الشرف يعلي علا، بالألف. قاله في الصحاح: لما ملك الإسكندر بلاد فارس كتب إلى أرسطو إني قد وترت جميع من في المشرق والمغرب، وقد خشيت أن يتفقوا بعدي على قصد بلادي وأذى قومي وقد هممت أن أقتل أولاد من بقي من الملوك وألحقهم بآبائهم لئلا يكون لهم رأس يجتمعون إليه، فكتب إليه إنك إن قتلتهم أفضى الملك إلى السفل والأنذال، والسفلة إذا ملكوا طغوا وبغوا وما يخشى بينهم أكثر، والرأي أن تملك كلاً من أولاد الملوك كورة ليقوم كل منهم في وجه الآخر، ويشغل بعضهم ببعض، فلا يتفرغون. فقسم الاسكندر البلاد على ملوك الطوائف. عش عزيزاً أو مت حميداً بخير ... لا تضع للسؤال والذل خدا كم كريم أضاعه الدهر حتى ... أكل الفقر منه لحماً وجلدا كلما زاده الزمان اتضاعاً ... زاد في نفسه علواً ومجدا يستحب الفتى بكل سبيل ... أن يرى دهره على الفقر جلدا قف تحت أذيال السيوف تنل علا ... فالعيش في ظل السقوف وبال لله در فتى يعيش ببأسه ... لم يغد وهو على النفوس عيال على المجيب أن يتوخى صلاح السائل وما هو أهم بشأنه، وأن يرشده إلى ما فيه نجاحه وقد يجيبه بما هو خلاف مطلوبه بسؤاله إذا كان ما طلبه غير لائق بحاله فإن كان ذلك على نهج أنيق وطرز رشيق حرك الطباع وشنف الأسماع. مثاله إذا طلب من غلبت عليه السوداء من الطبيب أكل الجبن فيقول له الطبيب: كله، ولكن مع قليل من الخل. قال صاحب التبيان: وقد جرى على الأول جواب سؤال الأهلة، وعلى الثاني جواب سؤال النفقة في الآيتين كما هو مشهور. شعر وكن أكيس الكيسى إذا كنت فيهم ... وإن كنت في الحمقى فكن أحمق الحمقى لما قطعت أعضاء ابن المنصور الحلاج واحداً واحداً لم يتأوه ولم يتألم، وكان كلما قطع منه عضو يقول:

وحرمة الود الذي لم يكن ... يطمع في إفساده الدهر ما قد لي عضو ولا مفصل ... إلا وفيه لكم ذكر المحقق التفتازاني والسيد الشريف قالا في حاشيتيهما في الكشاف إن الهداية إن تعدت بنفسها كانت بمعنى الإيصال ولهذا تسند إلى الله وبالمفعول الثاني كقوله: " لنهدينهم سبلنا " وإن تعدت بالحرف كان معناها إرائة الطريق فتسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مثل " إنك لتهدي إلى صراط مستقيم " وكلام هذين المحققين منقوض بقوله تعالى حكاية عن إبراهيم: " فاتبعني أهدك صراطاً سوياً " وعن مؤمن آل فرعون " أهدكم سبيل الرشاد ". قال بعض أصحاب الأرثماطيقي أن عدد التسعة بمنزلة آدم عليه السلام فإن للآحاد نسبة الأبوة إلى سائر الأعداد، والخمسة بمنزلة حواء فإنها التي تتولد منها مثلها، فإن كل عدد فيه خمسة إذا ضرب فيما فيه الخمسة فلابد من وجود الخمسة بنفسها في حاصل الضرب البتة، وقالوا قوله تعالى: " طه " إشارة إلى آدم وحواء، وكل من هذين العددين إذا جمع من الواحد إليه على النظم الطبيعي اجتمع ما يساوي عدد الإسم المختص به فإذا جمعنا من الواحد إلى التسعة كان خمسة وأربعين وهي عدد آدم وإذا جمع من الواحد إلى الخمسة كان خمسة عشر وهي عدد حواء وقد تقرر في الحساب أنه إذا ضرب عدد في عدد يقال لكل من المضروبين ضلعاً وللحاصل مضلعاً، وإذا ضربنا الخمسة في التسعة حصل خمسة وأربعون وهي عدد آدم، وضلعاه التسعة والخمسة، قالوا: وما ورد في لسان الشارع صلوات الله عليه وآله من قوله: خلقت حواء من الضلع الأيسر لآدم إنما ينكشف سره بما ذكرناه، فإن الخمسة هي الضلع الأيسر للخمسة والأربعين والتسعة الضلع الأكبر والأيسر من اليسير وهو القليل لا من اليسار. نقل الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير عن زين العابدين رضي الله عنه إن ناشئة الليل في قوله تعالى: " إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلاً " هي ما بين المغرب والعشاء. سأل رجل شريحاً ما تقول: في رجل مات وخلف أبوه وأخوه؟ فقال شريح قل أباه وأخاه، فقال الرجل كم لأباه ولأخاه؟ فقال شريح: قل لأبيه وأخيه، فقال أنت الذي علمتني يقال إن هذه الواقعة أحد الأسباب الباعثة على وضع النحو. انتهى. لله در من قال: (صن الود إلا عن الأكرمين ... ومن بمؤاخاته تشرف) (ولا تغير من ذوي خلة ... وإن موهوا لك زخرفوا)

لبعضهم الا رب هم يمنع الغمض دونه ... أقام كقبض الراحتين على الجمر بسطت له وجهي لأكبت حاسداً ... وأبديت عن باب ضحوك وعن ثغر وخطب كأطراف الأسنة والقنا ... ملكت عليه طاعة الدمع أن يجري قال ابن الأثير في المثل السائر: إنس سافرت إلأى الشام في سنة سبع وثمانين وخمسمائة، ودخلت مدينة دمشق، فوجدت جماعة من أربابها يلهجون من شعر ابن الخياط من قصيدة أولها: (خذا من صبا نجد أمانا لقلبه ... فقد كاد أن تكون لحبه) فقلت لهم: هذا مأخوذ من قول أبي الطيب المتنبي: (لو قلت للدنف المشوق فديته ... مما به لأغرته بفدائه) وقول أبي الطيب أدق معنى وإن كان ابن الخياط أرق لفظا. ثم إني أوقفتهم على مواضع كثيرة من شعر ابن الخياط قد أخذها من شعر المتنبي، وسافرت إلى الديار المصرية في سنة ست وتسعين وخمسمائة فوجدت أهلها يعجبون من بيت يعزونه إلى شاعر من اليمن يقال له عمارة، وكان حديث عهد بزماننا هذا في آخر العلوية بمصر، وذلك اليمن من قصيدة يمدح بها بعض خلفائها عند قدومه عليه من الحجاز وهو قوله: (فهل درى البيت أنى بعد فرقته ... ما سرت من حرم إلا إلى حرم) فقلت لهم: هذا مأخوذ من قول أبي تمام يمدح بعض الخلفاء في حجة حجها، وهو قوله: (يا من من رأى حرما يسري إلى حرم ... طوبى لمستلم يأتي وملتزم) ثم قلت في نفسي: يا لله العجب! ليس أبو تمام وأبو الطيب من الشعراء الذين درست أشعارهم، ولا هما ممن لا يعرف ولا اشتهر أمره بل هما - كما يقال - أشهر من الشمس والقمر، وشعرهما دائر في أيدي الناس، فكيف خفي على أهل مصر ودمشق بيتا ابن الخياط وعمارة المؤخوذان من شعرهما؟ وعلمت حينئذ أن سبب ذلك عدم الحفظ

للأشعار، والاقتناع بالنظر في دواوينهما. ولما نصبت نفسي للخوض في علم البيان، ورمت أن أكون معدودا من علمائه علمت أن هذه الدرجة لا تنال إلا بنقل ما في الكتب إلى الصدور، والاكتفاء بالمحفوظ عن المسطور. (ليس بعلم ما حوى القمطير ... ما العلم إلا ما حواه الصدر) ولقد وقفت من الشعر على كل ديوان ومجموع، وأنفذت شطرا من العمر في المحفوظ منه والمسموع، فألفيته بحرا لا يوقف على ساحله، وكيف ينتهي إلى إحصاء قول لم تحص أسماء قائلة؟ فعند ذلك اقتصرت منه على ما تكثر فوائده، وتتشعب مقاصده، ولم أكن ممن أخذ بالتقليد والتسليم، وفي اتباع من قصر نظره على العشر القديم، إذ المراد من الشعر إنما هو إبداء المعنى الشريف، في اللفظ الجزل اللطيف، فمتى وجدت ذلك فكل مكان خيمت فهو بابل، وقد اكتفيت من هذا بشعر أبي تمام حبيب بن أوس، وأبي عبادة الوليد، وأبي الطيب المتنبي، وهؤلاء لالثلاثة هم لات الشعر وعزاه ومناته، الذين ظهرت على أيديهم حسناته ومستحسناته، وقد حوت أشعارهم غرابة المحدثين وفصاحة القدماء، وجمعت بين الأمثال السائرة وحكمة الحكماء أما أبو تمام فإنه رب معان، وصقيل ألباب وأذهان، قد شهدت له بكل معنى مبتكر، لم يمش فيه على أثر، فهو غير مدافع عن مقام الإغراب، الذي برز فيه على الأضراب ولقد مارست من الشعر كل أول وأخير، ولم أقل ما أقوله إلا عن تنقيب وتنقير، فمن حفظ شعر الرجل وكشف عن غامضه، وراض فكره برائضه أطاعته أعنه الكلام، وكان قوله في البلاغة ما قالته حذام. فخذ مني في ذلك قول حكيم، وتعلم ففوق كل ذي علم عليم. وأما أبو عبادة البحتري، فإنه أحسن في سبك اللفظ على المعنى، وأراد أن يشعر فغنى ولقد حاز طرفي لالرقة والجزالة على الإطلاق، فبينا يكون في شظف نجد حتى يتشبث بريف العراق وسئل أبو الطيب المتنبي عنه وعن أبي تمام وعن نفسه فقال: أنا وأبو تمام حكيمان والشاعر البحتري. ولعمرى إنه أنصف في حكمه وأعرب في قوله هذا المصوغ من سلالة الماء، فأدرك بذلك بعد المرام مع قربه إلى الإفهام. وما أقول إلا إنه أتى في معانيه باخلاط الغالية، ورقى في ديباجة لفظه إلى الدرجة العالية. وأما أبو الطيب المتنبي، فإنعه أراد أن يسلك مسلك أبي تمام فقصرت عنه خطاه، ولم يعطه الشعر من قياده ما أعطاه، لكنه حظى في شعره بالحكم والأمثال، واختص بالإبداع في وصف مواقف القتال وأنا أقول قولا ولست فيه متأثما، ولا منه متلئما، وذلك أنه إذا

خاض في وصف معركة كانه لسانه أمضى من نصالها، وأشجع من أبطالها، وقامت أقواله للسامع مقام أفعالها، حتى يظن الفريقين قد تقابلا، والسلاحين قد تواصلا. وطريقة في ذلك يضل بسالكه، ويقوم بعذر تاركه. ولا شك أنه كان يشهد الحروب مع سيف الدولة فيصف لسانه ما أداه إليه عيانه. ومع هذا فإني رأيت الناس عادلين فيه عن السنن المتوسط، فإما مفرط في وصفه وإما مفرط وهو وإن انفرد بطريق صار أبا عذره، فإن سعادة الرجل كانت أكثر من شعره. وعلى الحقيقة فإنه خاتم الشعراء، ومهما وصف به فهو فوق الوصف وفوق الإطراء. ولقد صدق في قوله من أبيات يمدح بها سيف الدول: (لا تطلبن كريما بعد رؤيته ... إن الكرام بأسخارهم يدا ختموا) (ولا تبال بشعر بعد شاعره ... قد أفسد القول حتى أحمد الصمم) ولما تأملت شعره بعين المعدلة البعيدة عن الهوى، وعين المعرفة التي ما ضل صاحبها وما غوى، وجدته أقساما خمسة: خمس منه في الغاية المتقهرة التي لا يعبأ بها وعدمها خير من وجودها. ولو لم يقلها أبو الطيب لوقاه الله شرها؛ فإنها هي التي لا يعبأ بها وعدمها خير من وجودها ولو لم يقلها أبو الطيب لوقاه الله شر؛ فإنها هي التي ألبسته لباس الملام، وجعلت عرضه إشارة لسهام الأقوام. ولسائل هنا أن يسأل ويقول: لم عدلت نظرا واجتهادا. وذلك أني وقفت على أشعار الشعراء قديمها وحديثها حتى لم يبق ديوان لشاعر مفلق يثبت شعره على المحك إلا وعرضته على على نظري، فلم أجد أجمع من ديوان أبي تمام وأني الطيب للمعاني الدقيقة، ولا أكثر استخراجا منهما للطيف الأغراض والمقاصد، ولم أجد أحسن تهذيبا للألفاظ من أبي عبادة، ولا أنفس ديباجة ولا أبهج سبكا، فاخترت حينئذ دواوينهم لاشتمالها على محاسن الطرفين من المعاني والألفاظ، ولما حفظتها ألقيت ما سواها مع ما بقي على خاطري من غيرها. انتهى كلام صاحب المثل السائر. قيل لحكيم: إن الذي قلته لأهل مدينة كذا لم يقبلوه، فقال: لا يلزمني ن يقبل، بل يلزمني أن يكون صوابا. قيل الأعرابي: ما السرور؟ فقال: الكفاية في الأوطان، والجلوس مع الأخوان. قال حكيم: لا يكون الرجل عاقلا حتى يكون تعنيف الناصح ألطف موقعا من ملق الكاشح. قال بعض الملوك: إنما الدنيا فيما لا يشاركنا فيه العامة من معالي الأمور.

من كلام بعض الحكماء: حرام على النفس الخبيثة أن تخرج من الدنيا حتى تسيء إلى من أحسن إليها انتهى هارون بن علي أصلي وفرعي فارقاني معاً ... واجتث من حبليهما حبلي فما بقاء الغصن في ساقه ... بعد ذهاب الفرع والأصل غيره جسمي معي غير أن الروح عندكم ... فالجسم في غربة والروح في وطن بعض الحكماء إذا قال السلطان لعماله: هاتوا فقد قال لهم خذوا. تعلق أعرابي بأستار الكعبة، وقال: اللهم إن قوماً آمنوا بك بألسنتهم ليحقنوا دماءهم فأدركوا ما نالوا، وقد آمنا بك بقلوبنا لتجيرنا من عذابك، فبلغنا ما أملنا. للمتنبي إذا كان عون الله للمرء شاملاً ... تهيء له من كل شيء مراده وإن لم يكن عون من الله للفتى ... فأول ما يجنى عليه اجتهاده قال ابن عباس رضي الله عنه: من حبس الله الدنيا عنه ثلاثة أيام وهو راض عن الله تعالى فهو من أهل الجنة. قال معاوية لرجل: من سيد قومك؟ فقال أنا، فقال معاوية: لو كنت كذلك لم تقله. تكلم الناس عند معاوية في يزيد بأنه لعنه الله إذا أخذ له البيعة، وسكت الأحنف فقال له معاوية: تكلم يا أبا بحر، فقال أخافك إن صدقت، وأخاف الله إن كذبت. الصفي الحلي لحى الله الطبيب فقد تعدى ... وجاء لقلع ضرسك بالمحال أعاق الظبي في كلتا يديه ... وسلط كلبتين على غزال قال بعض الوعاظ لبعض الخلفاء: لو منعت شربة من الماء مع شدة عطشك بم كنت تشتريها؟ قال: بنصف ملكي. قال: فإن احتبست عند البول بم كنت تشتريها؟ قال: بالنصف الآخر. قال: فلا يغرنك ملك قيمته شربة ماء! . ومن كلامهم الدنيا ليست تعطيك لتسرك بل لتغرك. قال يحيى بن معاذ: الدنيا خمرة الشياطين فمن شرب منها سكر فلم يفق إلا وهو في عسكر الموتى خائب خاسر نادم.

تكلم الناس: عند معاوية في يزيد ابنه إذ أخذ له البيعة وسكت الأحنف، فقال له معاوية: ما تقول يا أبا بحر؟ فقال: أخافك إن صدقت، وأخاف الله إن كذبت حمدة الأندلسية ولما أبى الواشون إلا فراقنا ... وما لهم عندي وعندك من ثار وشنوا على إسماعنا كل غارة ... وقل حماتي عند ذاك وأنصاري غزوتهم من مقلتيك وأدمعي ... ومن نفسي بالسيف والماء والنار شعر وإذا ما الصديق عنك تولى ... فتصدق به على إبليس جمال الدين ابن نباتة أيها العاذل الغبي تأمل ... من غدا في صفاته القلب دائب وتعجب لطرة وجبين ... أن في الليل والنهار عجائب شعر أهواه لدن القوام منعطفاً ... يسل من مقلتيه سيفين وهبت قلبي له فقال عسى ... دمعك أيضاً فقلت من عيني لما وصل الرشيد الكوفة قاصداً للحج، خرج أهل الكوفة للنظر إليه وهو في هودج عال فنادى البهلول يا هارون فقال من المجرى علينا، فقيل: هو البهلول يا أمير المؤمنين، فرفع السجف، فقال البهلول يا أمير المؤمنين روينا بالإسناد عن قدامة بن عبد الله العامري قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي جمرة العقبة لأضرب ولا طرد ولا قال: إليك إليك، وتواضعك يا أمير المؤمنين في سفرك هذا خير من تكبرك، فبكى الرشيد حتى جرت دموعه على الأرض، وقال أحسنت يا بهلول زدنا، فقال: إيما رجل أتاه الله مالاً وجمالاً وسلطاناً ونفق ماله وعف جماله وعدل في سلطانه كتب في ديوان الله من الأبرار، فقال الرشيد: أحسنت وأمر له بجائزة، فقال لا حاجة لي فيها ردها إلى من أخذتها منه، قال فتجري عليك رزقاً يقوم بك؟ قال فرفع البهلول طرفه إلى السماء وقال: يا أمير المؤمنين أنا وأنت عيال الله فمحال أن يذكرك وينساني. ورؤي أعرابي ماسكاً بحلقة باب الكعبة وهو يقول عبدك ببابك ذهبت أيامه وبقيت

آثامه، وانقطعت شهواته وبقيت تبعاته، فارض عنه فإن لم ترض عنه فاعف عنه، فقد يعفو المولى عن عبده وهو عنه غير راض. من النهج إذا كنت في إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملقى. تذل الأمور للمقادير حتى يكون الحتف للتدبير. إن ذا يوم سعيد بك يا قرة عيني ... حين أبصرتك فيه يا حبيبتي مرتين آخر ولا سرحن نواظري ... في ذلك الروض النضير ولآكلنك بالمنى ... ولأشربنك بالضمير ابن الخيمي وسبحة سوداء وسبحة مسودة لونها ... تحكي سواد القلب والناطق كأنني وقت اشتغالي بها ... أعد أيامك يا هاجري ابن محاسن الشواء لنا صديق له خلال ... تعرب عن أصله الأخس أضحت له مثل حيث كف ... وددت لو أنها كأمس من بديع الاستتباع قول بعض العراقيين، وقد شهد عند القاضي برؤية هلال العيد فرد شهادته: إن قاضينا لأعمى ... أم تراه يتعامى سرق العيد كأن ... العيد أموال اليتامى من النهج: من ضيعة الأقرب أتيح له الأبعد. تلاعب الشعر على ردفه ... أوقع قلبي في العريض الطويل يا ردفه جرت على خصره ... رفقا به ما أنت إلا ثقيل أبو الشمقمق:

برزت من المنازل والقباب ... فلم يعسر على أحد حجاب فمنزلي الفضاء وسقف بيتي ... سماء الله أو قطع السحاب وأنت إذا أردت دخول بيتي ... دخلت مسلماً من غير باب لأني لم أجد مصراع باب ... يكون من السحاب إلى التراب إسماعيل بن معمر الكوفي القراطيسي الشاعر المجيد البارع كان بيته مألفاً للشعراء وكان يجتمع عنده أبو نؤاس وأبو العتاهية ومسلم ونظراؤهم يتفاكهون وعندهم القيان. ومن شعره لهفي على ساكن شط الفرات ... مر رحبيه على الحياة ما تنقضي من عجب فكرتي ... من خصلة فرط فيها الولاة ترك المحبين بلا حاكم ... لم يعقدوا للعاشقين القضاة وقد أتاني خبر ساءني ... سماعها في السر واسوأتاه أمثل هذا يبتغي وصلنا ... أما يرى ذا وجهه في المرآة قال القراطيسي: قلت للعباس ابن حنف: هل قلت في معنى قولي هذا شيئاً؟ قال: نعم، ثم أنشدني: جارية أعجبها حسنها ... ومثلها في الناس لم يخلق خبرتها أني محب لها ... فأقبلت تضحك من منطقي والتفتت نحو فتاة لها ... كالرشإ الوسنان في القرطق قالت لها قولي لهذا الفتى ... انظر إلى وجهك ثم اعشق القاضي الأرجاني كان نائاً للقضاة في بلاد خوزستان ومن شعره: ومن النوائب أنني ... في مثل هذا الشغل نائب ومن العجائب أن لي ... صبراً على هذي العجائب آخر سهر العيون لغير وجهك باطل ... وبكاؤهن لغير قطعك ضائع

تحريم السحر

لبعضهم المقلة الكحلاء أجفانها ... ترشق في وسط فؤادي نبال وتقطع الطرق على سلوتي ... حتى حسبنا في السويد ارجال تحريم السحر من كتاب إرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد: لا نزاع في تحريم عمل السحر، إنما النزاع في مجرد علمه، والظاهر إباحته بل قد ذهب بعض النظار إلى أنه فرض كفاية لجواز ظهور ساحر يدعي النبوة، فيكون في الأمة من يكشفه ويقطعه، وأيضاً نعلم أن منه ما يقتل فيقتل فاعله قصاصاً. والسحر منه حقيقي ومنه غير حقيقي، ويقال له الأخذ بالعيون وسحرة فرعون أتوا بمجموع الأمرين وقدموا غير الحقيقي وإليه الإشارة بقوله تعالى: " سحروا أعين الناس " ثم أردفوه بالحقيقي وإليه الإشارة بقوله تعالى: " واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم " ولما جهلت أسباب السحر لخفائها وتراجمت بها الظنون اختلف الطرق إليها، فطريق الهند تصفية النفس وتجريدها من الشواغل البدنية بقدر الطاقة البشرية لأنهم يرون أن تلك الآثار إنما تصدر عن النفس البشرية، ومتأخروا الفلاسفة يرون رأي الهند وطائفة من الأتراك تعمل بعملهم أيضاً، وطريق النبط عمل أشياء مناسبة للغرض المطلوب مضافة إلى رقية ودخنة بعزيمة في وقت مختار، وتلك الأشياء تارة تكون تماثيل ونقوشاً، وتارة تكون عقداً تعقد وينفث عليها، وتارة كتباً تكتب وتدفن في الأرض أو تطرح في الماء أو تعلق في الهواء أو تحرق بالنار، وتلك الرقية تضرع إلى الكواكب الفاعلة للغرض المطلوب وتلك الدخنة عقاقير منسوبة إلى تلك الكواكب لاعتقادهم أن تلك الآثار إنما تصدر عن الكواكب، وطريق اليونان تسخير روحانيات الأفلاك والكواكب واستنزال قواها بالوقوف لديها والتضرع إليها، لاعتقادهم أن هذه الآيار إنما تصدر عن روحانيات الأفلاك والكواكب لا عن أجرامها، وهذا الفرق بينهم وبين الصابئة، وقدماء الفلاسفة تميل إلى هذا الرأي وطريق العبرانية والقبط والعرب الإعتماد على ذكر أسماء مجهولة المعاني كأنها أقسام عزائم بترتيب خاص يخاطبون بها حاضراً لاعتقادهم أن هذه الآثار إنما تصدر عن الجن ويدعون أن تلك الأقسام تسخر ملائكة قاهرة للجن. ومن الكتاب المذكور النيرنجا إظهار خواص الامتزاجات ونحوها، ونيرنج فارسي معرب وأصله نورنك: أي لون جديد والنيرنجات ألحقها بعضهم بالسحر بل ألحق بعضهم به الأفعال العجيبة المرتبة على سرعة الحركة وخفة اليد والحق أن هذا ليس

بعلم وإنما هو شعبدة لا يليق أن يعد في العلوم، وبعضهم ألحق بالسحر أيضاً غرائب الآلات والأعمال الموضوعة على امتناع الخلاء، والحق أنه من فروع الهندسة. ذكر ابن الأثير في المثل السائر في ابتداء وضع النحو أن ابنة أبي الأسود الدؤلي قالت له يوماً: يا أبت ما أشد الحر وضمت الدال وكسرت الراء فظنها أبو الأسود مستفهمة فقال: شهر آب، فقال: يا أبت إنما أخبرتك ولم أسألك، فأتى أبو الأسود إلى أمير المؤمنين وقال: يا أمير المؤمنين ذهبت لغة العرب وأخبره بخبر ابنته، فقال رضي الله عنه: هلم صحيفة؟ ثم أملى عليه أصول النحو. الشمالية من قطري الانقلابين نظيرة الشتوية والجنوبية نظيره الصيفية كما هو ظاهر، وقد وقع في التحفة أن الشمالية نظيرة الصيفية والجنوبية نظيرة الشتوية، وهو سهو ظاهر. شعر برهن اقليدس في فنه ... وقال النقطة لا تنقسم ولي حبيب فمه نقطة ... موهومة تقسم إذ يبتسم كتب بعض الأدباء إلى القاضي ابن قرية فتوى، ما يقول القاضي أيده الله تعالى في رجل سمى ابنه مداماً وكناه أبا الندامى، وسمى ابنته الراح، وكناها أم الأفراح وسمى عبده الشراب وكناه أبا الأطراب، وسمى وليدته القهوة وكناها أم

النشوة أينهى عن بطالته أم يترك على خلاعته؟ فكتب في الجواب لو نعت هذا لأبي حنيفة لأقعده خليفة ولعقد له راية وقاتل تحتها من خالف رأيه، ولو علمنا مكانه لمسحنا أركانه، فإن أتبع هذه الأسماء أفعالاً وهذه الكنى استعمالاً علمنا أنه قد أحيى دولة المجون وأقام لواء ابنة الزرجون فبايعناه وشايعناه وإن لم يكن إلا أسماء سماها بها ما له من سلطان خلعنا طاعته وفرقنا جماعته فنحن إلى إمام فعال، أحوج منا إلى إمام قوال. انتهى. لله در قائله لا يصبر الحر تحت ضيم ... وإنما يصبر الحمار فلا تقولن لي ديار ... للمرء كل البلاد دار آخر لا تقل دارها بشرقي نجد ... كل نجد للعامرية دار فلها منزل على كل ماء ... وعلى كل دمنة آثار قال موسى على نبينا وعليه السلام لا تذموا السفر فإني قد أدركت في السفر ما لم يدركه أحد، يريد أن الله تعالى اصطفاه برسالته وشرفه بمكالمته في السفر. من كلام بعض الحكماء من تتبع خفيات العيوب حرم مودات القلوب. ومن كلامهم من نكد الدنيا أنها لا تبقى على حالة، ولا تخلو عن استحالة، تصلح جانباً بإفساد جانب، وتسر صاحباً بمساءة صاحب، ومن كلامهم إياك وفضول الكلام فإنها تظهر من عيوبك ما بطن وتحرك من عدوك ما سكن. ومن كلامهم: من أفرط في الكلام زل، ومن استخف بالرجال ذل. ومن كلامهم: يستدل على عقل الرجل بقلة مقاله وعلى فضله بكثرة احتماله. لما صلب الرشيد جعفر البرمكي، أمر بإبقائه على الجذع مدة، وعين له حرساً لئلا ينزله الناس ليلاً، وكان السبب في الأمر بإنزاله أنه سمع شخصاً يخاطبه وهو مصلوب بهذه الأبيات: وهذا جعفر في الجذع يمحو ... محاسن وجهه ريح القتام أما والله لولا خوف واش ... وعين في الخليفة لا تنام

لطفنا حول جذعك واستلمنا ... كما للناس بالحجر استلام قال في شرح حكمة الإشراق: إن الصور الخيالية لا تكون موجودة في الأذهان لامتناع انطباع الكبير في الصغير، ولا في الأعيان وإلا لرآها كل سليم الحس، وليست عدماً محضاً وإلا لما كانت متصورة، ولا متميزاً بعضها عن بعض، ولا محكوماً عليه بأحكام مختلفة، وإذ هي موجودة وليست في الأعيان ولا في الأذهان ولا في عالم العقول لكونهما صوراً جسمانية لا عقلية، فبالضرورة تكون موجودة في صقع وهو عالم يسمى بالعالم المثالي والخيالي متوسط بين عالمي العقل والحس لكونه بالرتبة فوق عالم الحس ودون عالم العقل لأنه أكثر تجريداً من الحس وأقل تجريداً من العقل، وفيه جميع الأشكال والصور والمقادير والأجسام وما يتعلق بها من الحركات والسكنات والأوضاع والهيئات وغير ذلك قائمة بذاتها معلقة لا في مكان ومحل، وإليه الإشارة بقوله: والحق في الصور المرايا والصور الخيالية أنها ليست منطبعة أي في المرآة والخيال ولا في غيرهما بل هي صياصي أي أبدان معلقة أي في عالم المثال ليس لها محل لقيامها بذاتها وقد يكون لها أي لهذه الصياصي المعلقة لا في مكان مظاهر ولا يكون فيها لما بينا، فصورة المرآة مظهرها المرآة وهي معلقة لا في مكان ولا في محل وصورة الخيال مظهرها الخيال وهي معلقة لا في مكان ولا في محل. في الكليني عن الصادق رضي الله عنه حرام على قلوبكم أن تعرفوا حلاوة الإيمان حتى تزهدوا في الدنيا وفيه عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تجد الرجل حلاوة إيمان في قلبه حتى لا يبالي من أكل الدنيا. من تفسير النيشابوري في تفسير قوله تعالى: " يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم " قال مؤلف الكتاب: إني في عنفوان الشباب رأيت فيما يرى النائم: أن القيامة قد قامت وقد دار في خلدي أن الله لو خاطبني بقوله: " يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم " فماذا أقول، ثم ألهمني الله في المنام أن أقول غرني كرمك يا رب ثم أني وجدت هذا المعنى في بعض التفاسير. قال الشيخ الطبرسي في تفسيره المسمى بمجمع البيان بعد أن نقل عن أبي بكر الوراق: أنه لو قيل لي ما غرك بربك الكريم لقلت غرني كرمك ما صورته، وإنما قال سبحانه الكريم دون سائر أسمائه وصفاته، لأنه تعالى كأنه لقنه الإجابة حتى يقول غرني كرم الكريم انتهى. والظاهر أن مراد الفاضل المحقق مولانا نظام الدين رحمه الله

تعالى ببعض التفاسير هو هذا التفسير، فإنه مقدم على عصره، وهو كثيراً ما يأخذ من كلامه كما لا يخفى على من تتبع ذلك والله أعلم بحقايق الأمور. من كتاب التحصين وصفات العارفين: أن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله: ليأتين على الناس زمان لايسلم لذي دين دينه إلا من يفر من شاهق إلى شاهق ومن حجر إلى حجر كالثعلب بأشباله، قالوا ومتى ذلك الزمان؟ قال: إذا لم تنل المعيشة إلا بمعاصي الله عز وجل فعند ذلك حلت العزوبة قالوا: يا رسول الله أما أمرتنا بالتزويج قال: بلى ولكن إذا كان ذلك الزمان فهلاك الرجل على يد أبويه فإن لم يكن له أبوان فهلاكه على يد زوجته وولده فإن لم يكن له زوجة وولد فهلاكه على يد قرابته وجيرانه قالوا وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: يعيرونه بضيق المعيشة، ويكلفونه ما لا يطيق حتى يوردونه موارد الهلكة. ولله در قائله لله در النائبات فإنها ... صدء اللئام وصيقل الأحرار قال بعض الحكماء: إذا قيل نعم الرجل أنت وكان أحب إليك من ان يقال بئس الرجل فأنت بئس الرجل. ومن وصية لقمان لابنه: يا بني إنك استدبرت الدنيا من يوم نزلتها واستقبلت الآخرة فأنت إلى دار تقرب منها أقرب من دار تباعد عنها. من خط والدي طاب ثراه: لقد شمت بقلبي ... لا فرج الله عنه كم لمته في هواه ... فقال لابد منه لبعضهم أنا والله هالك ... آيس من سلامتي أو أرى القامة التي ... قد أقامت قيامتي لبعضهم قهوة في الكأس تجلى ... ذوب تبر في لجين فإذا الديك رآها ... قال أفديك بعيني لبعضهم

لفضل بن سهل يد ... تقاصر عنها المثل فباطنها للغنى ... وظاهرها للقبل وبطشتها للعدا ... وسطوتها للأجل ابن العفيف في مؤذن ومؤذن في حبه ... أنا مغرم لا أصبر لما طلبت وصاله ... أضحى علي يكبر وله في رسام رسامكم قلت له ... بك الفؤاد مغرم قلت محتى تذيبه ... فقال حين أرسم أبو نؤاس إنما الدنيا طعام ... وغلام ومدام فإذا فاتك هذا ... فعلى الدنيا السلام أخذه آخر فقال إنما الدنيا أبو دلف ... بين باديه ومحتضره فإذا ولى أبو دلف ... ولت الدنيا على أثره من كتاب أنيس العقلاء لا شيء أضر بالرأي ولا أفسد للتدبير من اعتقاد الطيرة فمن اعتقد أن خوار بقرة أو نعيب غراب يردان قضاء ويدفعان مقدوراً فقد جهل. واعلم أنه قلما يخلو من الطيرة أحد لا سيما من عارضته المقادير في إرادته وصده القضاء عن طلبته، فهو يرجو واليأس عليه أغلب ويأمل والخوف إليه أقرب، وإذا عاقه القضاء أو خانه الرجاء جعل الطيرة عذر خيبته وغفل عن قدرة الله ومشيته، فهو إذا تطير من بعد أحجم من الإقدام ويئس من الظفر وظن أن القياس فيه مطرد، وأن العثرة فيه مستمرة، ثم يصير ذلك له عادة فلا ينجح له سعي ولا يتم له قصد، وأما من ساعدته المقادير ووافقه القضاء فهو قليل الطيرة لإقدامه ثقة بإقباله وتعويلاً على سعادته فلا يصده خوف ولا يكفه خور، ولا يؤب إلا ظافراً ولا يعود إلا منجحاً، لأن الغنم بالإقدام، والخيبة من الإحجام، فصارت الطيرة من سمات الإدبار وإطراحها من إمارات الإقبال، فينبغي لمن منىء وبها وبلي أن يصرف عن نفسه وساوس النوكي ودواعى

الخيبة وذرائع الحرمان، ولا يجعل للشياطين سلطاناً في نقص عزائمه ومعارضة خالقه ويعلم أن قضاء الله تعالى غالب وأن رزق العبد له طالب وأن الحركة سبب، فليمض في عزائم واثقاً بالله إن أعطي وراضياً به إن منع، وليقل إن عارضه في الطير ريب أو خامره فيها وهم ما روي عن رسول الله قل من تطير فليقل اللهم لا يأتي بالخيرات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله. عن سيد البشر صلى الله عليه وآله ما من يوم طلعت فيه شمسه إلا وبجنبيها ملكان يناديان يسمعهما خلق الله تعالى من الثقلين أيها الناس هلموا إلى ربكم، إن قل ما وكفى خير مما كثر وألهى. قال بعض العارفين أن الله تعالى جعل خزائن نعمه عرضة لمؤمليه وجعل مفاتيحها صدق نية راجيه: كتب ابن دريد على دفتره بخطه حسبي من خزائن عطاياه مفتوحة لمؤمليه، ومن جعل مفاتيحها صحة الطمع فيه وعليه أيضاً بخطه: أفوض ما تضيق به الصدور ... إلى من لا تغالبه الأمور من كلام بعض الحكماء: الراضي بالدون هو من رضي بالدنيا. من أعرض عن خصومة لم يأسف على تركها. لا تتكل على طول الصحبة، وجدد المودة في كل حين، فطول الصحبة إذا لم يتعهد درست المودة. العاقل لا يشير على المعجب برأيه. العز في المجالسة بقلة الكلام وسرعة القيام. ليس لماء الوجه ثمن. قد يسمع الجاهل ما ذكره أصحاب القلوب من المبالغة والتأكيد في أمر النية وإن العمل بدونها لا طائل تحته كما قال سيد البشر: إنما الأعمال بالنيات، ونية المؤمن خير من عمله، فيظن هذا المسكين أن قوله عند تسبيحه أو تدريسه اسبح قربة إلى الله أو أدرس قربة إلى الله مختصراً معنى هذه الألفاظ على خاطره هو النية، وهيهات إنما ذلك تحريك لسان وحديث نفس أو فكر وانتقال من خاطر إلى خاطر والنية عن جميع ذلك بمعزل إنما النية انبعاث النفس وانعطافها وميلها وتوجهها إلى فعل مافيه غرضها وبغيتها إما عاجلاً وإما آجلاً، وهذا الإنبعاث والميل إذا لم يكن حاصلاً لها لم يمكنها اختراعه واكتسابه بمجرد الإرادة المتخيلة، وما ذلك إلا كقول الشبعان أشتهي الطعام وأميل إليه قاصداً حصول تلك الحالة وكقول الفارغ أعشق فلاناً وأحبه وأعظمه بقلبي بل لا طريق إلى اكتساب صرف القلب إلى الشيء وميله وتوجهه إليه إلا باكتساب أسبابه، فإن النفس إنما

حكم

تنبعث إلى الفعل الذي يقصده ويميل إليه إجابة للغرض الموافق الملائم لها بحسب اعتقادها وما يغلب عليها من الأحوال فإذا غلبت شهوة النكاح واشتد توقان النفس إليه لا يمكن المواقعة على قصد الولد، بل لا يمكن إلا على نية قضاء الشهوة فحسب وإن قال بلسانه أفعل السنة وأطلب الولد قربة إلى الله فخطراً معاني هذه الألفاظ بباله ومحضراً لها في خياله. وأقول من هنا يظهر سر قوله صلى الله عليه وسلم: نية المؤمن خير من عمله فتبصره العاقل يكفيه الإشارة والله ولي التوفيق. حكم من كلام بعض الحكماء أيسر شيء الدخول في العداوة، وأضعف شيء الخروج منها. إذا ذكر جليسك عندك أحداً بسوء فاعلم أنك ثانيه. من رفعك فوق قدرك فاتقه. أغلب الناس سلطان جابر وامرأة سليطة. وإذا اتهمت وكيلك فاخزن لسانك واستوثق بما في يده. أكرم المجالسة مجالسة من لا يدعي الرياسة وهو في محلها. قال محمد بن مكي: وشر المجالسة مجالسة من يدعي الرياسة وليس في محلها. ترك المداراة طرف من الجنون. من قصر بك قبل أن يعرفك فلا تلمه. من لا يقبل قوله فلا تصدق يمينه. لا تصدق الحلاف وإن اجتهد في اليمين. جفاء القريب أوجع من ضرب الغريب. اللطف رشوة من لا رشوة له. أشد ما على السخي عند ذهاب ما له ملامة من كان يمدحه وجفاء من كان يبره. الذل أن تتعرض لما في يد غيرك وأنت في الوصول إليه على خطر. من دارى عدوه هابه صديقه. من أفسد بين اثنين فعلى أيديهما هلاكه إذا اصطلحا،

شيئان لا ينقطعان أبداً المصائب والحاجات. النمام يخرج منك الكلام بالمنقاش. الرشوة في السر طرف من السحر. من عادى من دونه هبت هيبته. من عادى من فوقه غلب. ومن عادى مثله ندم. صاح رجل بالمأمون يا عبد الله يا عبد الله فغضب وقال تدعوني اسمي، فقال الرجل: نحن ندعو الله باسمه، فسكت المأمون وعفى وأنعم عليه انتهى. قال الصلاح الصفدي: ما هذه الدنيا وإن أقبلت ... عليك أو ولت بدار المقام فسام لمن سام فيها البقاء ... دار به صرف المنايا وحام قال محمد بن عبد الرحيم بن نباتة لما مات أبو القاسم المغربي رجم الناس ظنونهم فيه متذكرين ما كان يقدم عليه من المعاصي، فرأيته في النوم، فقلت: إن الناس قد أكثروا فيك فأخذ بيدي وأنشدني: قد كان أمن لك فيما مضى ... واليوم أضحى لك أمنان والعفو لا يحسن عن محسن ... وإنما يحسن عن جان برهان للسيد السمرقندي على امتناع اللاتناهي في جهة: يخرج من نقه اء الغير المتناهي يفصل منه خط اب ويرسم عليه مثلث اب ج المتساوي الأضلاع، ويصل بين ح وكل من النقاط الغير المتناهية المروضة في خط اء الغير المتناهي بخط، فكل من تلك الخطوط وتر منفرجة وهي زوايا ح ب ح هـ رح رء) فح ر أعظم من ب ر، وح هـ أعظم من ب هـ إذ وتر المنفرجة أعظم من وتر الحادة فلو ذهب بء إلى غير النهاية كان الانفراج بين خط ح ر والخط المتناهي أطول من غير المتناهي مع انه محصور بين حاصرين. هذا آخر كلامه. واعترض عليه بعض الأعلام بأنه لا حاجة إلى رسم المثلث، بل يكفي إخراج عمود من نقطه اإلى ح ونسوق البرهان إلى آخره. ولجامع الكتاب في هذا الاعتراض نظر، إذ السيد المذكور من أهل الهندسة، وقد تكرر أن كل مطلب يمكن إثباته بشكل سابق لا

الجفر والجامعة

يجوز التعويل على إثباته بالشكل اللاحق، ورسم المثلث المتساوي الأضلاع هو الشكل الأول من المقالة الأولى، وهو من أجلى المطالب الهندسية. وأما إخراج العمود فموقوف على أشكال كثيرة، ورسم المثلث المتساوي الأضلاع واحد منها، فهذا هو الباعث على التعويل على رسم المثلث وصاحب الاعتراض لما لم يكن مطلعا على حقيقة الحال وقال ما قال الجفر والجامعة قال المحقق السيد الشريف في بحث العلم من شرح المواقف: الجفر والجامعة كتابان لعلي كرم الله وجهه، قد ذكر فيهما على طريقة علم الحروف الحوادث التي تحدث إلى انقراض العالم، وكان الأئمة المعرفون من ولده يعرفونهما، ويحكمون بهما وفي كتاب قبول العهد الذي كتبه علي بن موسى الرضا رضي الله عنه إلى المأمون إنك قد عرفت من حقوقنا ما لم يعرفه آباؤك فقبلت منك ولاية العهد، إلا أن الجفر والجامعة يدلان على أنه لا يتم. ولمشايخ المغاربة نصيب من علم الحروف، ينتسبون فيه إلى أهل البيت ورأيت بالشام نظماً أشير فيه بالرمز إلى ملوك مصر، وسمعت أنه مستخرج من ذينك الكتابين انتهى. للأمير أبو فراس أراك عصي الدمع شيمتك الصبر ... أما للهوى نهي عليك ولا أمر بلى أنا مشتاق وعندي لوعة ... ولكن مثلي لا يذاع له سر إذا الليل أضواني بسطت يد النوى ... وأدللت دمعاً من خلايقه الكبر تكاد تضيء النار بين جوانحي ... إذا هي أذكتها الصبابة والهجر معللتي بالوصل والموت دونه ... إذا مت عطشاناً فلا نزل القطر

بدوت وأهلي حاضرون لأنني ... أرى أن داراً لست من أهلها قفر وحاربت أهلي في هواك وإنهم ... وأياي لولا حبك الماء والخمر وفيت وفي بعض الوفاء مذلة ... لإنسانة في الحي شيمتها الغدر وقور وريعان الصبا يستفزها ... فتأرن أحياناً كما أرن المهر فإن كان ما قال الوشاة ولم يكن ... فقد يهدم الإيمان ما شيد الكفر تسائلني من أنت وهي عليمة ... وهل للفتى مثلي على حاله نكر فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى ... قتيلك قالت أيهم وهم كثر فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق ... وأن يدي مما علقت به صفر فلا تنكريني يا ابنة العم إنني ... ليعرف ما أنكرته البدو والحضر وقلبت أمري لا أرى لي راحة ... إذا البين أنساني ألح بي الهجر فعدت إلى حكم الزمان وحكمها ... لها الذنب لا تجزي به ولي الغدر وإني لحراب نزال بكل مخوفة ... كثير إلى نزالها النظر الشزر فأظمأ حتى يرتوي البيض والقنا ... وأسغب حتى يشبع الذئب والنسر ويا رب دار لم تخفني منيعة ... طلعت عليها بالردى أنا والفجر وحين ملكت الخيل حتى رددته ... هزيماً فردتني البراقع والخمر وما حاجتي بالمال أبغي وفوره ... إذا لم أفر عرضي فلا وفر الوفر أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى ... ولا فرسي مهر ولا ربه عمرو ولكن إذا جم القضاء على امرىء ... فليس له برتقيه ولا بحر هو الموت فاختر ما علالك ذكره ... ولم يمت الإنسان ما حيي الذكر ولا خير في دفع الردى بذلة ... كما ردها يوماً بسوأته عمرو فإن عشت فالطعن الذي يعرفونه ... وتلك القنا والبيض والضمر والشقر وإن مت فالإنسان لابد ميت ... وإن طالت الأيام وانفسح العمر تمنون أن خلوا ثيابي وإنما ... علي ثياب من دمائهم حمر وقائم سيفي فيهم دق نصله ... وأعقاب رمحي منهم حطم الصدر ستذكرني قومي إذا جد جدها ... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر ولو سد غيري ما سددت اكتفوا به ... وما كان يغلو التبر لو نفق الصفر ونحن أناس لا توسط بيننا ... لنا الصدر دون العالمين أو القبر تهون علينا في المعالي نفوسنا ... ومن خطب الحسنان لم يغله المهر هذا آخر ما اخترته منها وهي طويلة عذبة جيدة رائقة المعاني جزلة الألفاظ. سمع بعض الحكماء رجلاً يقول: قلب الله الدنيا فقال: إذن تستوي لأنها مقلوبة. ومن كلامهم: الابتلاء بمجنون كامل أهون من الابتلاء بنصف مجنون. ومن كلامهم: عداوة العاقل أقل ضرراً من صداقة الأحمق.

أسفار التوراة

قيل لبعض الحكماء: من أسوأ الناس حالاً قال: من بعدت همته واتسعت أمنيته وقصرت مقدرته وقد لمح هذا المعنى أبو الطيب فقال: وأتعب خلق الله من زاد همه ... وقصر عما تشتهي النفس وجده وقال أيضاً وإذا كانت النفوس كباراً ... تعبت في مرادها الأجسام قال أبو حازم: نحن لا نريد أن نموت حتى نتوب ونحن لا نتوب حتى نموت. حكي أن بعض الزهاد نظر إلى رجل واقف على باب سلطان وفي وجهه سجادة كبيرة فقال له: مثل هذا الدرهم بين عينيك وأنت تقف هيهنا، وكان بعض الزهاد حاضراً فقال: يا هذا إنه ضرب على غير السكة. أسفار التوراة التوراة خمسة أسفار السفر الأول يذكر فيه بدء الخلق والتاريخ من آدم إلى يوسف عليه السلام. السفر الثاني فيه استخدام المصريين لبني إسرائيل وظهور موسى عليه السلام، وهلاك فرعون، وإمامة هارون، ونزول الكلمات العشر، وسماع القوم كلام الله تعالى. السفر الثالث يذكر فيه تعليم القرابين بالإجمال. والسفر الرابع يذكر فيه عدد القوم وتقسيم الأرض عليهم، وأحوال الرسل التي بعثها موسى عليه السلام إلى الشام، وأخبار المن والسلوى والغمام. والسفر الخامس يذكر فيه الأحكام وفاة هارون، وخلافة يوشع عليه السلام. والربانيون والقرائون ينفردون عن بقية اليهود بالقول بنبوة أنبياء أخر غير موسى وهارون ويوشع، وينقلون منهم تسعة عشر كتاباً ويضيفونها إلى خمسة أسفار التوراة ومجموع كتابهم على أربعة مراتب. المرتبة الأولى التوراة وقد ذكرناها.

المرتبة الثانية أربعة أسفار يسمونها الأول أولها ليوشع عليه السلام يذكر فيه ارتفاع المن ومحاربة يوشع وفتحه البلاد وقسمتها بالقرعة وثانيها يدعى سفر الحكام فيه أخبار قضاة بني إسرائيل وثالثها لصموئل فيه نبوته وملك طالوت وقتل داود جالوت رابعها سفر الملوك فيه أخبار هلك داود وسليمان وغيرهما، والملاحم ومجيء بخت نصر وخراب بيت المقدس. المرتبة الثالثة أربعة أسفار تسمى الأخيرة، أولها لشعيا فيه توبيخ بني إسرائيل وإنذار بما وقع وبشارة للصابرين وثانيها لأرميا عليه السلام ويذكر فيه خراب بيت المقدس والهبوط إلى مصر. وثالثها لحزقيل يذكر فيه حكم طبيعية وفلكية مرموزة، وأخبار يأجوج ومأجوج. ورابعها اثني عشر سفراً: فيه إنذارات بزلازل وجراد وغيرها، وإشارة إلى المنتظر والمحشر، ونبوة يونس عليه السلام وابتلاع الحوت له وتوبته، ونبوة زكريا عليه السلام وبشارة بورود الخضر عليه السلام. المرتبة الرابعة عن الكتب وهي إحدى عشر سفراً الأول تاريخ نسب الأسباط وغيرهم. وثانيها مزامير داود مائة وخمسون مزمار كلها طلبات وأدعية. وثالثها قصة أيوب وفيه مباحث كلامية. ورابعها آثار حكمية عن سليمان عليه السلام، وخامسها أحكام الأحبار، وسادسها أناشيد عبرانية لسليمان عليه السلام في مخاطبة النفس والعقل، وسابعها يدعى جامع الحكمة لسليمان عليه السلام فيه الحث على طلب اللذات العقلية الباقية، وتحقير اللذات الجسمية الفانية وتعظيم الله تعالى والتخويف ومنه وثامنها يدعى النواح لأرميا عليه السلام فيه خمس مقالات على حروف المعجم يذب على البيت.

وتاسعها فيه ملك أردشير. وعاشرها لدانيال فيه تفسير منامات وحال البعث والنشور. والحادي عشر لعزير عليه السلام فيه صفة عود القوم من أرض بابل إلى البيت وبناءه. اعلم أن الأنس والخوف والشوق من آثار المحبة، إلا أن هذه الآثار يختلف على المحب بحسب نظره، وما يغلب عليه في وقته فإذا غلب عليه التطلع من وراء حجب الغيب إلى منتهى الجمال، واستشعر قصوره من الاطلاع على كنه الجلال، انبعث القلب إلى الطلب وانزعج له وهاج إليه فيسمى هذه الحالة شوقاً بالإضافة إلى أمر غائب وإذا غلب عليه الفرح بالقرب ومشاهدة الحضور بما هو حاصل من الكشف وكان نظره مقصوراً على مطالعة الجمال الحاضر المكشوف، غير ملتفت إلى ما لم يدركه بعد، استبشر القلب بما يلاحظ فيسمى استبشاره أنساً وإن كان نظره مقصوراً إلى صفات العز والاستغناء وعدم المبالات وخطر إمكان الزوال والبعد، وتألم قلبه بهذه الاستشعار فيسمى تألمه خوفاً، وهذه الأفعال تابعة لهذه الملاحظات. كل مربع فالفضل بينه وبين أقرب المربعات التي تحته إليه: يساوي مجموع جذريهما، والفضل بينه وبين أقرب المربعات التي فوقه إليه يساوي مجموع جذريهما. من كتاب نهج البلاغة أنه كرم الله وجهه قال لقائل قال بحضرته: أستغفر الله: ثكلتك أمك أتدري ما الإستغفار؟ ! الإستغفار درجة العليين، وهو إسم واقع على ستة معان أولها الندم على ما مضى والثاني العزم على ترك العود إليه أبداً والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى أن تلقى الله سبحانه أملس ليس لك تبعة. والرابع أن تعمد إلى كل فريضة ضيعتها فتؤدي حقها. الخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى يلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد. والسادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول أستغفر الله. وفيه إن القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة.

قال الإمام الرازي في قوله تعاى: {هو الذي خلقكم من طين} إن غلإنسان مخلوق من المنى ودم الطمث، وهما يتوالدان من الدم، والدم إنما يتولد من الأغذية، والأغذية إما حيوانية أو نباتية فإن كانت حيوانية فالحال في تولد ذلك الحيوان كالحال في تولد الإنسان، فبقى أن تكون نباتية، فإنسان مخلوق من الأغذية النباتية، ولا شك أنها متولدة من الطين، فيكون هو أيضا متولدا من الطين. من النهج من أواخر الكتاب الذي كتب إلى سهل بن حنيف: إليك عني يا دنيا، فحبلك على غاربك، ولقد انسللت من مخالبك، وأفلت من حبائلك، وأحببت الذهاب من مداحضك. أين القرون الذين غررتهم بمداعبتك؟ أين الأمم الذين فتنتهم بزخارفك. ها هم رهائن القبور، ومضامين اللحود. والله لو كنت شخصا مرئيا، وقالبا حسيا لأقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالأماني، وأمم ألقيتهم في المهاوي، وملوك أسلمتهم إلى التلف، واوردتهم موارد البلاء، اغربي عني، فوالله لا أذل لك فتذليني، ولا أسلس لك فتقوديني، وايم والله يمينا لا أستثنى فيها لأروض نفسي رياضة تهش معها إلى القرض إذا قدرت عليه مطعوما، وتقنع بالملح مأدوما، ولأدعن مقلتي كعين ماء نضب معينها مستفرغة دموعها، أتمتلئ السائمة من رعيها فتبرك وتشبع الربيضة من عشبها فتربض، ويأكل علي من زاده فيهجع، قرت إذا عينه إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة، والسائمة المرعية، طوبى لنفس أدت لربها فرضه وعركت بجنبها بؤسها وهجرت في الليل غمضها حتى إذا الكرى غلبها افترشت أرضها وتوسدت كفها في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم، وهمهمت بذكر ربهم شفاهم وتقشعت لطول استغفارهم ذنوبهم. اهـ. من التائية الصغرى للشيخ عمر بن الفارض رحمه الله تعالى: نعنم بالصبا قلبي صبا لأحبتي ... فيا حبذا ذاك الشذى حين هبت سرت فأسرت للفؤاد غدية ... أحاديث جيران العذيب فسرت تذكرني العهد القديم لأنها ... حديثة عهد من أهيل مودتي أيا زاجرا حمر الأوارك تارك الموارك ... وجبت فيافي خبت آرام وجرة ونكبت عن كثب العريض معارضا ... حزونا لحزوي سائقا لسويقتي

(وباينت بانات كذا عن طويلع ... بسلع فسل عن حلة فيه حلت) (وعرج لذياك الفريق مبلغا ... سلمت عربيا ثم عني - تحيتي) (فلي بين هاتيك الخيام ضنينة ... علي بشملي سمحة بتشتتي) (محجبة بين الأسنة والظبا ... إليها انثنت ألبابنا إذ تثنت) (ممنعة خلع العذار نقابها ... مسربلة بردين قلبي ومهجتي) (تتيح المنايا إذ تبيح لي المنى وذاك رخيص منيتي بمنيتي ... ) (وما غدرت في الحب إذ هدرت دمي ... بشرع الهوى لكن وفت إذ توفت) (متى أوعدت أولت وإن عدت لوت ... وإن أقسمت لا تبرئ السقم برت) (وإن عرضت أطرق حياء وهيبة ... وإن أعرضت أطرق ولا لتلفت) (هي البدر أوصافا وذاتي سماؤه ... سمت بي إليها همت حين همت) (منازلها مني الذراع توسدا ... وقلبي وطرفي أوطنت إذ تجلت) (منعمه أحشاي كانت قبيل ما ... دعها لتشقى بالغرام فلبت) (فلا دعا لي ذاك النعيم ولا أرى ... من العيش إلا أن أعيش بشقوتي) (ألا في سبيل الله حالي وما عسى ... بكم أن ألاقي لو دريتهم أحبتي) (أخذتم فؤادي وهو بعضي عندكم ... فما ضركم أن تتبعوه بجملتي) (وجدت بكم وجدا قوى كل عاشق ... لو احتملت من عبئه البعض كلت) (كأني هلال الشك لولا تأوهي ... خفيت فلم تهد العيون لرؤيتي) (وقالوا جرت حمرا دموعك قلت من ... أمور جرت في كثرة الشوق قلت) (نحرت لضيف السهد في جفني الكرى ... قرى فجرى دمعي دما فوق وجنتي) (كأني هلال الشك لولا تأوهي ... خفيت فلم تهد العيون لرؤيتي) (وقالوا جرت حمرا دموعك قلت من ... أمور جرت في كثرة الشوق قلت) (نحرت لضيف السهد في جفني الكرى ... قرى فجرى دمعي دما فوق وجنتي) (ولما توافينا عشاء وضمنا ... سواء سبيلي ذي طوى والثنية) (ومنت وما ضنت علي بوقفة ... تعادل عندي بالمعروف وقفتي) (عتبت فلم تعتب كأن لم يكن لقا ... وما كان إلا أن أشرت وأومت) (ايا كعبة الحسن التي لجمالها ... قلوب أولى الألباب لبت وحجت) (بريق الثنايا منك أهدى لنا سنا ... بريق الثنايا وهو خير هدية) (ولوحي لقلبي إن قلبي مجاور ... حماك فتاقت للجمال وحنت) .

قطب الفلك الأعلى

(ولولاك ما استهديت برقا ولا شجت ... فؤادي فأشجت إذ شدت أيكة) (فذاك هدى أهدى إليك وهذه ... على العود إذ غنت عن العود أغنت) (أروم وقد طال المدى منك نظرة ... وكم من دماء دون مرماي طلت) (أمالك عن صد أمالك عن صد ... لظلمك منك ميلا لعطفه) (جمال محياك المصون لثامة ... من اللثم فيه عدت حيا كميت) (وجنبني حبيك وصل معاشري ... وحببني ما عشت قطع عشيرتي) (وأبعدني عن أربع بعد أربع ... شبابي وعقلي وارتياحي وصحتي) (فلي بعد أوطاني سكون إلى الفلا ... وبالأنس وحشي إذ من الأنس وحشتي) (إبائي أبي إلا خلافي ناصحا ... يحاول مني شيمة غير شيمتي) (يلذ له عذلي عليك كأنما ... يرى منه مني وسلواه سلوتي) (سقى بالصفا الربعي ربعا به الصفا ... وحيا بأجياد منه ثروتي) (مخيم آمالي وسوق مآربي ... وقبلة آمالي وموطن صبوتي) (منازل أنس كن لم أنس ذكرها ... فمن بعدها والقرب ناري وجنتي) (غرامي أقم صبري انصرم دمعي انسجم ... عدوي انتقم دهري احتكم حاسدي اشمت) (ويا جلدي بعد النقا لست مسعدي ... ويا كبدي عز اللقا فتفتت) (سلام على تلك المعاهد من فتى ... على حفظ عهد العامرية ما فتى) لبعضهم: (أعلل القلب بذكراكم ... والقلب يأبي غير لقياكم) (حللتم قلبي وبنتم فما ... أدناكم مني وأقصاكم) (يا حبذا ريح الصبا إنها ... تروح القلب برياكم) قطب الفلك الأعلى ربما يتوهم كثير من الناس أن قطب الفلك الأعلى داخل في الشكل الإهليلجي الملقب بالسمكة في لسان الهند، وبفأس الرحى عند العرب، وأنه في وسط الحقيقي وهذا توهم باطل وإنما قطب المعدل على حد القوس الذي من جملة كواكبه كوكبات من بدن الدب وقد صرح بهذا جهابذة الفن.

انطباع الصور في الحواس

قال الفاضل عبد الرحمن الصوفي صاحب صور الكواكب أقرب كوكب إلى القطب الشمالي كوكب الدب الأصغر وكواكبه من نفس الصور سبعة، ثلاثة: منها على ذنبها وهي الأول والثاني والثالث: أولها الأنوار وهو على طرف الذنب من القدر الثالث والباقيان من الرابع والأربعة على مربع مستطيل على بدنه الإثنان اللذان يليان الذنب الأخفى وهما الرابع والخامس واثنان التاليان لهما وهو السادس والسابع أنور. والعرب تسمي السبعة على الجملة بنات نعش الصغرى، وتسمى النيرين الذين على المربع الفرقدين والنير الذي طرف الذنو الجدي وهو الذ ي به يتوخى القبلة وبقرب الأنور من الفرقدين، وهو السادس كوكب أخفى منه على استقامة الفرقدين، ليس من الصورة وقد ذكره بطليموس وسماه خارج الصورة من القدر الرابع، ويتصل هذا الكوكب الذي على طرف الذنب بسطر من الكواكب خفية، فيه تقويس أيضاً مثل تقويس السطر الأول، وقد أحاط القوسان بسطح شبيه بحلقة السمكة يسمى الفاس تشبيهاً لها بفاس الرحى التي يكون القطب في وسطها، وقطب معدل النهار على حدبة القوس الثانية السابقة عند أقرب كوكب من السطر إلى الجدي إنتهى كلامه. ومثل ذلك قاله العلامة في كتابه الموسوم بنهاية الإدراك في دراية الأفلاك. وكذا غيره من النقاد. انطباع الصور في الحواس انكر محققو الإشراقيين انطباع الصور في الحواس مطلقا، لأن المدرك ربما يزداد مقداره على مقدار محل الحس بالأضعاف. قالوات وما يقال من أن النفس تستدل بالصورة وإن كانت أصغر من المرئي على ما عليه المرئي في نفسه، بمعنى أن ما مقدار صورته هذا كم يكون أصل مقداره باطل؛ لأن إدراك مقدار الشيء بالمشساهدة لا بالاستدلال. وكذا يستحيل عندهم انطباع الصورة غائرة في عمق المرآة بحسب بعد ذي الصورة الخيالية وصور المرآة أنها صياصي معلقة لا في مكان، بل هي موجودة في عالم آخر متوسط بين التجرد التام والتعلق التام يسمى عالم المثال، والنفس تشاهدها هناك، ولها مظاهر كالمرآة والخيال. وأنكروا انخفاظ المعاني الجزئية في المحافظة، إذ ربما يجتهد الإنسان جهدا عظيما في تذكر شيء منها فلا يتأتى له، ثم يتفق له أن يتذكره بعينه، فلو كان محفوظا في بعض قوى بدنه لما غاب عنه مع الفحص الشديد، بل المعاني عندهم محفوظة في النفس المنطبعة

الحب القاتل

السماوية، كما أن الكليات محفوظة في المجردات، نعم، جوزوا أن يتعلق بالحافظة استعداد استفادتها من الخزانة. وحقيقة الإدراك عندهم: إضافة إشراقية النفس بالنسة إلى المدرك وتلك الإضافة ربما تترتب على استعمال الحواس، وربما تتحقق بدونه، فإن النفوس المنسلخة عن الأبدان ربما تشاهد أمورا يتيقن أنها ليست نقوشا في بعض القوى البدنية، والمشاهدة باقية مع النفس ما بقيت. اهـ. الحب القاتل كان بعض الأعراب يهوى جارية وكانت تتجنى عليه ولا تكلمه، فأدنفه الهوى إلى أن حضرت الوفاة، فقيل لها إنه أتلفه حبك فهلا زريته وفيه رمق؟ فأتت إليه وقبضت بعضاده الباب وقالت: كيف حالك؟ فأنشد: (ولما دنا مني السياق تعطفت ... علي وعندي من تعطفها شغل) (أتت وحياض الموت بيني وبينها ... وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل) ثم نظر إليها نظرة تحسر، وتنفس الصعداء ومات. رحمه الله تعالى. تشريح القدم قال الشيخ الرئيس في القانون في تشريح القدم: وخلق له أخمص تلي الجانب الإنسي ليكون ميل القدم عند الانتصاب - وخصوصا لدى المثنى - هو إلى الجهة المضادة لجهة الرجل المشيلة؛ ليقاوم بما يجب أن يشتد من الاعتماد على جهته، لاستقلال الرجل المشيلة للنقل، فيعتدل القوام. قال الشارح القرشي في شرح هذا الكلام: إن المشي إنما يتم رفع إحدى الرجلين، ووضعها حيث يراد الانتقال، ولا بد من ثبات الرجل الأخرى ليمكن بقاؤه منتصبا، وعند رفع إحدى الرجلين لا بد وأن يميل البدن إلى ضد جهة ذلك الجانب، وتقعير الأخمص يوجب ميل البدن إلى جهته وهي جهة الرجل المرفوعة فيتقاوم الميلان لا محالة مشيه عند رفع كل رجل إلى ضد جهتها. ولقائل أن يقول: إنما يلزم الميل إلى ضد جهة المشيل إذا كان ذلك المشيل بحيث لا تكون حركته بانفراده، كطرف الخشبة مثلا، وأما إذا لم يكن كذلك، بل كان المشيل له انفصال عن الباقي حتى تمكن حركته كما في الرجل فإنه إنما يلزم من رفعه ميل الباقي إلى

في علم الفلك

تلك الجهة بعينها كما لو أزلنا إحدى الدعامتين فإن الجسم المدعوم إنما يميل حينئذ إلى جهة المزيلة. وجوابه أن الميل بعد إزالة الدعامة لا شك إنه إنما يحصل غلى جهة المزيلة، ولكن في حال إزالتها إنما يكون الميل إلى ضد تلك الجهة؛ لأن هذه لإزالة إنما تكون بعد رفع جزء من الباقي حتى يزول الثقل عن الدعامة فتزول، ويلزم ذلك ميل كل الجسم إلى ضد جهتها، وليس لكم أن تقولوا إن الدعامة قد يمكن إزالتها بدون ذلك، بأن تجر مثلا؛ لأنا نقول: الحال في رفع الرجل عند المشي ليس كذلك؛ لأن الرجل إنما ترتفع بتقلص العضلة الرافعة لها تقلصا إلى فوق، ويلزم ذلك رفع بعض أجزاء البدن، وذلك كما قلنا يلزمه ميله إلى ضد جهة تلك الرجل. اهـ كلام القرشي. قال جامع الكتاب هذا الشارح غير منطبق على كلام الشيخ الرئيس؛ فإن كلام الشيخ ظاهر في أن تقعير الأخمص يوجب الميل إلى الجهة المضادة لجهة الرجل المشيلة، وكلام هذا الشارح صريح في أن ذلك يوجب الميل إلى جهة الرجل المشيلة، ودليله على ذلك إلى آخر كلامه لا بأس به، وإن أمكن خدشه فليتأمل. من كلام عبد الله بن المعتز لا يزال الإخوان يسافرون في المودة حتى يبلغوا الثقة، فإذا بلغوها أقوا عصى التسيار، واطمأنت بهم الدار، وأقبلت وفود النصائح، وأمنت خبايا الضمائر، وحلوا عقدة التحفظ، ونزعوا ملابس التخلق. ومن كلامه: تجاوز عن مذنب لم يسلك من الإقرار طريقا، حتى اتخذ من رجاء عفوك رفيقا. في علم الفلك إذا أردت معرفة تقويم أحد السيارة فاستعلم ارتفاعه، ثم ارتفاع أحد الثوابت المرسومة في العنكبوت، وضع شظية الثابت على ميل ارتفاعه من المقنطرات، فأعلى ميل ارتفاع السيارة من منطقة البروج هو درجة ذلك السيار. معرفة ارتفاع قطب البروج أن تضع طالع الوقت على الأفق وتعد منه إلى تسعين، فالباقي ارتفاع قطب البروج ذلك الوقت. انتهى. انظر رجل إلى امرأة في رجلها خف مخرق، فقال لها: يا هذه خفك يضحك،

فقالت: نعم إنه يسيء الأدب، ومن عادته إذا رى كشخانا لم يملك نفسه أن يضحك، فقال الرجل: هذا جزاء من يمزح. تاسع الأولى من كتاب الأصول. نريد أن ننصف زواية كزاوية ب اح فلنعين علم ب نقطة ونفصل من اح اهـ مثل اء ونصلء هـ ونرسم عليه مثلثء هـ ر المتساوي الأضلاع، ونصل ار فهو ينصف الزاوية. وذلك لأن أضلاع مثلثيء ارا هـ ار متساوية بالتناظر، فزاويتا راء را هـ متساويتان وذلك ما أردناه. انتهى كلام اقليدس. ولجامع الكتاب وجه آخر: نعين على اء ح كيف اتفق، ونجعل ار مثل احء ر هر ح متقاطعين على ر ط، ونصل اط ففي مثلثيء ار هـ اح ضلعاء اار وزاوية امساوية لضلعي اب اح، وزاوية فيتساوى المثلثان فيلزم تساوي مثلثيء ط ح هـ ط ر هـ متساوية كل لنظيره فزواياهما كذلك، وذلك ما أردناه. انتهى. لبعضهم: (لما نظر العذال حالي بهتوا ... في الحال وقالوا لوم هذا عنت) (ما نفرض إلا أننا نعذله ... من يسمع من يعقل من يلتفت) لبعضهم: (على بعدك لا يصبر ... من عادته القرب) (ولا يقوى على هجرك ... من تيمه الحب) (إذا لم ترك العين ... فقد أبصرك القلب) ذهب بعضهم إلى أن بين العبادة المجزئة والمقبولة عموما مطلقا، فكل عبادة مقبولة مجزئة ولا عكس. وحاصله عدم التلازم بين القبول والإجزاء، فالمجزئ ما يخرج به

متى يقرأ المنطق

المكلف من العهدة، والمقبول ما يترتب على فعله الثواب. واستدلوا بوجوه: الأول سؤال ابرهيم واسماعيل عليهما وعلى نبينا السلام التقبل، مع أنهما لا يفعلان إلا صحيحا. الثاني: قوله تعالى: {فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر ". الثالث: الحديث: " إن من الصلاة لما يقبل ثلثها ونصفها وربعها " الحديث. الرابع: أن الناس مجمعون على الدعاء بقبول الأعمال، وهو يعطى عدم التلازم. الخامس: قوله تعالى: {إنما يتقبل الله من المتقين} مع أن عبادة الفاسق مجزئة. وقد تكلف بعضهم في الجواب عن هذه الوجوه بما لا يخلو عن خدش. الكسوف: إن كان غير تام والباقي من الشمس هلاليا فالضوء الخارج منهما النافذ في ثقب ضيق مستدير إلى سطح مواز مقابل للثقب يكون هلاليا، وليس ضوء القمر وقد انخسف بعضه، ولا أوائل الشهر وأواخره، مع أن المستنير منه في الأحوال هلالي إذا نفذ من الثقب إلى السطح الموازي هلاليا، بل مستدير وإن كان الثقب واسعا والسطح الموازي له كان الضوء الخارج من النيرين وقت انخسافهما على هيئة أشكال الثقوب، أعنى مستديرا إن كان الثقب مستديرا، أو مربعا إن كان مربعا إلى غير ذلك، وسببه مذكور في النهاية فليراجعها من أراد الاطلاع عليه. متى يقرأ المنطق قال العلامة في شرح حكمه الإشراق: اعلم أن مرتبة المنطق أن يقرأ بعد تهذيب الأخلاق وتقويم الفكر ببعض العلوم الرياضية من الهندسة والحساب. أما الأول فلما قال أبقراط في كتاب الفصول: البدن الذي ليس بالنقي كلما غذيته إنما تزيده شرا ووبالا، ألا ترى أن من لم تتهذب أخلاقهم، ولم تطهر أعراقهم، إذا شرعوا في المنطق سلكوا نهج الضلال، وانخرطوا في سلك الجهال، وأنفوا أن يكونوا مع الجماعة وأن يتقلدوا ذل الطاعة، فجعلوا الأعمال الظاهرة والأقوال الظاهرة التي وردت بها الشرائع دبر آذانهم، والحق تحت أقدامهم متمحلين لطريقهم حجة، ومتطلبين لضلالهم محجة، وهي أن الحكمة ترك الصور وإنكار الظواهر، إذ فيها يتحقق معاني الأشياء دون صورها، وبممارستها يطلع على حقائق الأمر دون ظواهرها ولم يخطر لهم بالبال أن الصورة مرتبطة بمعانيها، وظواهر الأشياء منبئة عن حقائقها، وأن الحقيقة ترك ملاحظة العمل لا ترك العمل كما ظنوا الطوائف عن الحكماء عقيدة، وأظهر المعاندين لهم سريرة. وأما الثاني فلتستأنس طباعهم إلى البرهان.

قال بعضهم: إن الأمل رفيق مؤنس، إن لم يبلغك فقد ألهاك. مجنون ليلى: (أماني من ليلى حسان كأنما ... سقتني بها ليلى على ظلما بردا) (منى إن تكن حقا غاية المنى ... وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا) لبعضهم: (أعلل بالمنى قلبي لأني ... أذود الهم بالتعليل عني) (وأعلم أن وصلك لا يرجى ... ولكن لا أقل من التمني) قيل لأعرابي: ما لذة الدنيا؟ فقال في ثلاث: ممازحة الحبيب، ومحادثة الصديق، وأماني تقطع بها أيامك: ابن أبي حازم: (طب عن الأمة نفسا ... وارض بالوحدة أنسا) (ما عليها أحد يسوى ... على الخبرة فلسا) محمود الوراق: (أظهروا للناس دينا ... وعلى المنقوش داروا) (وله صلوا وصاموا ... وله حجوا وزاروا) (لو علا فوق الثريا ... ولهم ريش لطاروا) تركان: اسم امرأة فصيحة، جيدة الشعر، فمن شعرها إلى رجل خاشنها في كتابه كتبها إليها: (قد راينا تنكرا ... وسمعنا تنقصا) (وأتانا كتابكم ... أمس في كفه عصا) (وتخرصتم الذنوب ... علينا تخرصا) (فعلمنا بأنكم ... تشتهون التخلصا) أمر بعض الخلفاء لبعض الفقهاء بكيس فيه دراهم، فقال: يا أمير المؤمنين آخذ الخيط؟ فقال له الخليفة: ضع الكيس.

حكم

حكم من كلام بعض العارفين: سيئة تسؤوك خير من حسنة تعجبك. من غاب نفسه فقد ذكاها. مما أوحى الله إلى بعض أنبياءه: هب لي من قلبك الخشوع، ومن نفسك الخضوع ومن عينك الدموع، وسلني فإنه قريب مجيب. كن في الدنيا وحيداً فريداً مهموماً حزيناً، كالطائر الواحد الذي يظل بأرض الفلاة، يروى من ماء العيون ويأكل من أطراف الشجر فإذا جن عليه الليل آوى وحده استيحاشاً من الطير واستيناساً بربه. من كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه من أراد الغنى بغير مال، والكثرة بغير عشيرة، فليتحول من ذل المعصية إلى عز الطاعة. من أصلح ما بينه وبين الله تعالى، أصلح الله ما بينه وبين الناس. قال بعض الحكماء: لا تكرهوا أولادكم على أخلاقكم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم. أبو إسحاق الصابي: هو إبراهيم بن هلال أوحد الزمن في البلاغة وفريد الدهر في الكتابة بلغ التسعين في خدمة الخلفاء، وتقلد الأعمال الجلائل ومع ديوان الرسائل وذاق حلو الدهر ومره ولابس خيره وشره ومدحه شعراء العراق وسار ذكره في الآفاق،

حكم

راوده الخلفاء على الإسلام بكل حيلة، وتوسلوا إلى ذلك بكل وسيلة، فلم يسلم، وعرض عليه السلطان بختيار الوزارة إن أسلم، وكان يعاشر المسلمين أحسن عشيرة ويساعدهم على صيام شهر رمضان، ويحفظ القرآن حفظاً يدور على طرف لسانه، وكان في زمن شبابه أرخى بالأمنة في زمن كبره. وإلى ذلك أشار في قصيدة كتب بها إلى الصاحب يستمطر سحابه ويستدر أخلاف جوده، بعد أن كان يخاطبه بالكاف ويعده من جملة الأكفاء فمن أبياتها: عجباً لخطي إذا رآه مصاحبي ... عصر الشباب وفي المشيب معاصي أمن الغواني كان حلي خانني؟ ... شيباً وكان له الشبيبة صاحبي وعزل في آخر عمره واعتقل وقيد، وكان يقوم ويقع إن تهتك ستره ورخت حاله، وكان الصاحب يحبه أشد الحب ويتعصب له ويتعهده على بعد الدار بالمنج وهو يخدم الصاحب بالمدح. قال المحقق التفتازاني في المختصر: اختلف في التفضيل بين الصحاب والصابئ، والحق أن الصاحب كان يكتب ما يريد، والصابئ يكتب ما يؤمر، وبين المقامين بون بعيد. ومات سنة 384 على كفره، وكذا ابنه المحسن ورثاه الشريف الرضي بقصيدة طويلة جيدة. حكم من كلامهم: من تاجر الله لم يوكس بيعه، ولم يبخس ريعة. لا ينال ما عند الله إلا بعين ساهدة، ونفس مجاهدة. الكريم سلس القياد واللئيم عسر الانقياد، ويل لمن كان بين عز النفس وذل الحاجة. ويل لمن كان بين سخط الخالق وشماتة المخلوق. الآمال متعلقة بالأموال. الأريب لا يجالس من لا يجانس. رب ذئاب في أهب نعاج، وصقور في صور دجاج. رب رقعة تفصح عن رقاعة كاتبها. ربما تطيب الغموم بالعموم. إذا نابتك النائبة ولا حيلة لها فلا تجزعن، وإن كان لها حيلة فلا تعجزن. أدوية الدنيا تقصر عن سمومها وتسميتها لا يفي بسمومها. شر النوائب ما وقع من حيث لا يتوقع. قال بعض الأعراب: أفرش طعامك اسم الله، وألحفه حمد لله. لا يطيب حضور الخوان إلا مع الإخوان. رب أكله منعت أكلات. شكا رجل إلى بعض الزهاد كثرة عياله، فقال له الزاهد: انظر من كان منهم ليس رزقه على الله فحوله إلى منزلي ...

بيان اختلاف الخلق في لذاتهم

قال ابن سيرين لرجل كان يأتيه على دابة، فأتاه يوما راجلا: ما فعلت بدابتك؟ فقال قد اشتدت علي مؤنتها فبعتها، فقال ابن سيرين: أفتراه خلف رزقها عندك. سئل أنو شروان: ما أعظم المصائب؟ فقال: أن تقدر على المعروف فلا تصنعه حتى يفوت. . كان عمر بن عبد العزيز واقفا مع سليمان بن عبد الملك أيام خلافته، فسمع صوت رعد ففزع منه ووضع صدره على مقدم رحل، فقال له عمر: هذا صوت ورحمته، فكيف صوت عذابة! قال بعض العارفين: إذا قيل لك هل تخاف الله فاسكت، لأنك إن قلت لا فقد كفرت، وإن قلت نعم فقد كذبت. من الإحياء - في كتاب آداب الصحبة - قال علي بن الحسين رضي الله عنهما: هل يدخل أحدكم يده في كم أخيه أو كيسه فيأخذ منه ما يريد من غير إذن؟ فقيل لا، فقال: اذهبوا فلستم باخوان. وقال أبو سليمان الداراني: إني لألقم اللقمة أخا من أخواني فأجد طعمها في فمي. جاء رجل إلى إبراهيم بن أدهم، وهو يريد بيت المقدس، فقال له: إني أريد أن أرافقك، فقال له إبراهيم: علي أن أكون أملك لشيئك منك. قال لا، فقال إبراهيم: أعجبني صدقك. بيان اختلاف الخلق في لذاتهم انظر إلى صبي في أول حركته وتمييزه، فإنه تظهر فيه غريزة بها يستلذ اللعب، حتى يكون ذلك عنده ألذ من سائر الأشياء، ثم يظهر فيه بعد ذلك استلذاذ اللهو، ولبس الثياب الملونة، وركوب الدواب الفرهة، فيستخف معه اللعب، بل يستهجنه، ثم تظهر فيه بعد ذلك لذة الزينة بالنساء والمنزل والخدم فيحتقر ما سواها لها. ثم تظهر فيه بعد ذلك لذة الجاه والرياسة، والتكاثر من المال، والتفاخر بالأعوان. والأتباع والأولاد. وهذه آخر لذات الدنيا، وإلى هذه المراتب أشار سبحانه وتعالى بقوله عز من قائل: {إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر} الآية. ثم بعد ذلك فقد تظهر لذة العلم بالله تعالى، والقرب منه، والمحبة له، والقيام بوظائف عباداته، وترويح الروح بمناجاته، فيستحقر معها جميع اللذات السابقة، ويتعجب من المنهمكين فيها. وكما أن طالب الجاه والمال يضحك من لذة الصبى باللعب بالجوز مثلا، كذلك صاحب المعرفة والمحبة يضحك من لذة الطالب الجاه والمال، وانتهى بوصوله إلى ذلك.

ولما كانت الجنة دار اللذات، وكانت اللذات مختلفة باختلاف أصناف الناس، لا جرم كانت لذات الجنة على أنواع شتى على ما جاءت به الكتب السماوية، ونطق به أصحاب الشرائع صلوات الله عليهم، ليعطي كل صنف ما يليق بحالهم منها. فإن كل حزب بما لديهم فرحون، والناس أعداء لما يجهلون. ورد في بعض الكتب السماوية: يا ابن آدم، لو كانت الدنيا كلها لك، لم يكن لك منها إلا القوت، فإذا أنا أعطيتك منها القوت، وجعلت حسابها على غيرك فأنا إليك محسن أم لا؟ من الإحياء: لما ولى عثمان بن عفان رضي الله عنه ابن عباس رضي الله عنهما أتاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يهنئونه، وأبطأ عنه أبو ذر، وكان له صديقا، فعاتبه ابن عباس، فقال أبو ذر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الرجل إذا ولى ولاية تباعد الله عنه ". قال بعض العارفين: رأيت الفضيل يوم عرفة والناس يدعون وهو يبكى بكاء الثكلى الحزينة، حتى إذا كادت الشمس تغرب رفع رأسه إلى السماء قابضا على لحيته وقال: واسوأتاه منك وإن غفرت، ثم انقلب مع الناس. ورد في بعض التفاسير: في تفسير قوله تعلى: {إنه كان للأوابين غفورا} أن الأواب هو الرجل يذب ثم يتوب، ثم يذنب ثم يتوب. ابن مسعود إن للجنة ثمانية أبواب كلها تفتح وتغلق، إلا باب التوبة فإن عليه ملكا موكلا لا يغلق. من الإحياء: قدم هشام بن عبد الملك حاجا أيام خلافته، فقال ائتوني برجل من الصحابة فقيل قد تفانوا، قال فمن التابعين، فأتى بطاوس اليماني، فلما دخل عليعه خلع نعله بحاشية بساطه ولم يسلم عليه بأمرة المؤمنين، بل قال: السلام عليك ولم يكنه، ولكن جلس بإزائه وقال: كيف أنت يا هشام؟ فغضب هشام غضبا شديدا وقال: يا طاوس ما الذي حملك على ما صنعت؟ فقال وما صعنت؟ فغزداد غضبه وقال: خلعت نعلك بحاشية بساطي، ولم تسلم علي بأمره المؤمنين ولم تكنني، وجلست بازائي، وقلت كيف أنت يا هشام. فقال طاوس: أما خلع نعلي بحاشبة بساطك فإني أخلعها بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات فلا يغضب علي لذلك، وأما قولك لم تسلم علي بأمرة المؤمنين فليس كل الناس راضين بأمرتك فكرهت أن أكذب. وأما قولك لم تكنني فإن الله تعالى سمى أولياءه فقال يا داود يا يحيى يا عيسى، وكنى أعداءه، فقال: تبت يدا أبي لهب. وأما قولك

جلست بازائي فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يقول: إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس حوله قوم قيام. فقال هشام عظني. فقال طاوس: سمعت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: إن في جهنم حيات كالتلال، وعقارب كبالبغال تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته، ثم قام وهرب. قيل لبعض الزهاد: إلى أي شيء أفضت بكم الخلوة؟ فقال: إلى الأنس بالله تعالى. قال سفيان بن عيينة: رأيت إبراهيم بن أدهم في جبال الشام، فقلت: يا إبراهيم تركت خراسان؟ فقال: ما تهنأت بعيشي إلا هنا، أفر يديني من شاهق إلى شاهق. لبعضهم في العزلة: (من حمد الناس ولم يبلهم ... ثم بلاهم ذم من يحمد) (وصار بالوحدة مستأنسا ... يوحشه الأقرب والأبعد) وقيل لقرواش الرقاشي: مالك لا تجالس أخوانك؟ فقال: إني أصبت راحة قلبي في مجالسة من عنده حاجتي. وكان الفضيل إذا رأى الليل مقبلا فرح به، وقال: أخلو فيه بربي وإذا أصبح استرجع كراهة لقاء الناس. وجاء رجل إلى مالك بن دينار فإذا هو جالس وكلب قد وضع رأسه على ركبته، قال فذهبت أطرده، فقال دعه يا هذا لا يضر ولا يؤذي، وهو خير من جليس السوء. وقيل لبعضهم ما حملك أن تعتزل عن الناس. فقال خشيت أن اسلب ديني ولا أشعر. وهذا إشارة منه إلى مسارقة الطبع واكتسابه الصفات الذميمة من قرناء السوء. مما ينسب إن المجنون، وعليه نفحة معنوية وهو قوله: (وإني لاستغفي وما بي غفوة ... لعل خيالا منك يلقى خياليا) (وأخرج من بين البيوت لعلني ... أحدث عنك النفس بالليل خاليا) للسودي: (لقد غنى الحبيب لكل صب ... فأين الراقصون على الغناء) أبو إسحق الصابي: (إذا جمعت بين امرئين صناعة ... وأحببت أن تدري الذي هو أحذق)

(فلا تتفقد منهما غير ما جرت ... به لهما الأرزاق حيث تفرق) (فحيث يكون الجهل فالرزق واسع ... وحيث يكون الفضل فالرزق ضيق) وجدت في بعض الكتب المعتمد عليها: أن أفلاطون كان يقول في صلاته هذه الكلمات: يا روحانيتي المتصلة بالروح الإعلى تضرعي إلى العلة التي أنت معلولة من جهتها لتتضرع إلى العقل الفعال ليحفظ علي صحتي النفسانية، ما دمت في عالم التركيب ودار التكليف. ابن الفارض: (يا محيى مهجتي ويا متلفها ... شكوى كلفي عسك أن تكشفها) (عين نظرت إليك ما أشرفها ... روح عرفت هواك ما ألطفها) سئل اسطرخس الصامت عن علة لزومه الصمت فقال: إني لن أندم عليه قط، وكم ندمت على الكلام. قال بعض الحكماء: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد. كان الحارث بن عبد الله منفاقا، فقيل له في ولده، فقال إني لأستحيي من الله أن أدع لهم ثقة غيره. قال بزرجمهر: من أعيب عيوب الدنيا أنها لا تعطي أحدا ما يستحقه، إما أن تزيده وأما أن تنقصه. أعجز الناس من عجز عن اكتساب اتلإخوان، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم وقع بين الحسن عليه السلام وأخيه محمد بن الحنفية لحاء، ومشى الناس بينهما، تفضلي ولا أفضلك، وأمي امرأة من بني حنيفة، وأمك فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو ملئت الأرض بمثل أمي لكانت أمك خيرا منها، فإذا قرأت كتابي هذا فأقدم حتى تترضاني، فإنك أحق بالفضل مني. والسلام. قد يرضى الرب على العبد بما يغضب به على غيره إذا اختلف مقامهما. وفي الذكر الحكيم تنبيه على ذلك، ألا ترى إلى قصة إبليس وىدم كيف تراهما اشتراكا في اسم المعصية والمخالفة عند من يقول به، ثم تباينا في الاجتباء والعصمة، أما إبليس فأبلس عن رحمة الله، وقيل إنه من المبعدين، وأما آدم فقيل فيه " ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ".

في الحديث لو لم تذنبوا، لخلق الله تعالى خلقاً يذنبون، فيغفر لهم إنه هو الغفور الرحيم. في الحديث لو لم تذنبوا لخفت عليكم ما هو شر من الذنوب، قيل وما هو يا رسول الله؟ قال: العجب. أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم. في كتاب الرجاء من الأحياء قال إبراهيم المطاف خلالي ليلة، وكانت ليلة مظلمة مطيرة فوقفت الملتزم، وقلت: يا رب اعصمني حتى لا أعصيك أبداً فهتف بي هاتف من البيت: يا إبراهيم أنت تسألني العصمة وكل عبادي المؤمنين يطلبون ذلك فإذا عصمتهم فعلى من أتفضل ولمن أغفر؟ ! حوض أرسل إليه ثلاث أنابيب تملؤه إحداهما في ربع يوم، والأخرى في سدسه والأخرى في سبعه، وفي أسفله بالوعة تخليه في ثمن يوم ففي كم يمتلىء؟ . طريقته: أن يستعلم ما تملؤه الجميع في يوم وهو سبعة عشر حوضاً، وما تفرغه البالوعة وهو ثمانية حياض فأنقصه من الأول يبقى تسعة، ففي اليوم الواحد يمتلىء تسع مرات فيمتلىء مرة في تسع النهار. جمع الأعداد على النظم الطبيعي بزيادة واحد على الأخير وضرب المجموع في نصف الأخير وجمع الأزواج دون الأفراد بضرب نصف الزوج الأخير فيما يليه بواحد والعكس بزيادة واحد الفرد الأخير وتربيع الحاصل. وجمع المربعات المتوالية بزيادة واحد على ضعف العدد الأخير وبضرب ثلث المجموع في مجموع تلك الأعداد. وجمع المكعبات المتوالية بضرب مجموع تلك الأعداد المتوالية من الواحد في نفسه. سئل سؤلون الحكيم أي شيء أصعب على الإنسان؟ فقال: معرفة عيب نفسه، والإمساك عن الكلام بما لا يعنيه. طعن رجل على ديوجانس الحكيم في حسبه، فقال الحكيم: حسبي عيب علي عندك وأنت عيب على حسبك عندي. ابن الفارض أوميض برق بالأبيرق لاحا ... أم في ربي نجد أرى مصباحا أم تلك ليلى العامرية أسفرت ... ليلى فصيرت المساء صباحا يا راكب الوجنا بلغت المنى ... إن جئت حزناً أو طويت بطاحا وسلكت نعمان الأراك فعج إلى ... واد هناك عهدته فياحا

فبايمن العلمين من شرقية ... عرج وأم أرينه الفياحا فإذا وصلت إلى ثنيات اللوى ... فانشد فؤاداً بالأبيطح طاحا واقرأ السلام عريبة عني وقل ... غادرته لجنابكم ملتاحا يا ساكني نجد أما من رحمة ... لأسير ألف لا يريد سراحا هلا بعثتم للمشوق تحية ... في طي صافية الرياح رواحا يحمى بها من كان يحسب هجركم ... مزحاً ويعتقد المزاح مراحا يا عاذل المشتاق جهلاً بالذي ... يلقى ملياً لأبلغت نجاحا أتعبت نفسك في نصيحة من يرى ... أن لا يرى الإقبال وإلا فلاحا أقصر عدمتك واطرح من أثخنت ... أحشاءه نجل العيون جراحا كنت الصديق قبيل نصحك مغرماً ... أرأيت صباً يألف النصاحا إن رمت إصلاحي فإني لم أرد ... لفساد قلبي في الهوى إصلاحا ماذا يريد العاذلون بعذل من ... لبس الخلاعة واستراح رواحا يا أهل ودي هل لراجي وصلكم ... طمع؟ فينعم باله استرواحا مذ غبتم عن ناظري لي أنة ملأت نواحي أرض مصر نواحا وإذا ذكرتكم أميل كأنني من طيب ذكركم سقيت الراحا وإذا دعيت إلى تناسي عهدكم ألفيت أحشائي بذاك شحاحا سقياً لأيام مضت مع جيرة كانت ليالينا بهم أفراحا حيث الحمى وطني وسكان الفضا سكني وورد الماء فيه مباحا وأحيله إربي وظل نخيله طربي ورملة وادييه مراحا واحاً على ذاك الزمان وطيبه أيام كنت من اللغوب مراحا قسماً بمكة والمقام ومن أتى البيت الحرام ملبياً سياحا ما رنحت ريح الصبا شيح الربى إلا وأهدت منكم أرواحا من النهج من كتاب كتبه أمير المؤمنين كرم الله وجهه إلى الحارث الهمداني جد جامع

الكتاب: وتمسك بحبل القرآن وانتصحه وأحل حلاله وحرم حرامه وصدق بما سلف من الحق واعتبر بما مضى من الدنيا على ما بقي منها، فإن بعضها يشبه بعضاً وآخرها لاحق بأولها كلها حايل مفارق وعظم اسم الله أن تذكره إلا على حق وأكثر ذكر الموت وما بعد الموت، ولا تتمن الموت إلا بشرط وثيق، واحذر كل عمل يرضاه صاحبه لنفسه ويكرهه لعامة المسلمين واحذر كل عمل إذا سئل صاحبه عنه أنكره واعتذر منه. ولا تجعل عرضك عرضاً لنبال القوم. ولا تحدث الناس بكل ما سمعت فكفى بذلك كذباً. ولا ترد على الناس كلما حدثوك به، فكفى بذلك جهلاً واكظم الغيظ واحلم عند القدرة، واصفح مع الغضب وتجاوز عند الدولة تكن لك العاقبة واستصلح كل نعمة أنعم الله عليك، ولا تضيعن نعمة من نعم الله عندك وليكن عليك أثر ما أنعم الله به عليك. واعلم أن أفضل المؤمنين أفضلهم تقدمة من نفسه وأهله وماله، وأنك ما تقدم من خير يبق لك ذخره، وما تؤخر يكن لغيرك خيره، واحذر صحابة من يفيل ريه أو ينكر عمله، فإن الصاحب معتبر بصاحبه واسكن الأمصار العظام فإنها جماع المسلمين، واحذر منازل الغفلة والجفا وقلة الأعوان على طاعة الله وأقصر رأيك على ما يعنيك وإياك ومقاعد الأسواق فإنها محاضر الشيطان، ومعاريض الفتن، وأكثر أن تنظر إلى من فضلت عليه فإن ذلك من أبواب الشكر. ولا تسافر في يوم جمعة حتى تشهد الصلاة إلا قاصداً في سبيل الله، أو في أمر تعذر به وأطع الله في جل أمورك فإن طاعة الله فاضلة على ما سواها، وخادع نفسك في العبادة، وارفق بها ولا تقهرها وخذ عفوها ونشاطها إلا ما كان مكتوباً عليك من الفريضة، فإنه لابد من قضائها، وتعدها عند محلها. وإياك أن ينزل بك الموت، وأنت آبق من ربك في طلب الدنيا. وإياك ومصاحبة الفساق فإن الشر بالشر ملحق، ووقر الله. وأحب أحباءه واحذر الغضب فإنه جند عظيم من جنود إبليس والسلام. من الملل والنحل، بقراط واضع الطب قال بفضله الأوايل والأواخر ومن كلامه الأمن مع الفقر، خير من الخوف مع الغنى. ودخل على عليل. فقال: أنا والعلة وأنت ثلثة، فإن اعنتني عليها بالقبول لما أقول صرنا اثنين، وانفردت العلة والاثنان إذا اجتمعا على واحد غلباه. وسئل ما بال الانسان أثور ما يكون بدنه إذا شرب الدواء؟ فقال: كما أن البيت أكثر ما يكون غباراً إذا كنس. وقال يداوي كل عليل بعقاقير أرضه. فإن الطبيعة متطلعة إلى هواها، نازعة إلى غذائها

منه: كان ثانينة نقاشا حاذقا فأتى ديمقراطيس وقال: جصص بيتك حتى انقشه وأصوره لك، فقال ديمقراطيس، صوره أولا حتى أجصصه. من كلام بعض الحكماء: الموت كسهم مرسل عليك وعمرك بقدر مسيره إليك. غيلان الاصفهان يهجو رغيفك في الامن يا سيدي ... يحل محل حمام الحرم فلله درك من ماجد ... حرام الرغيف حلال الحرم ابن فارس اسمع مقالة ناصح ... جمع النصيحة والمقة اياك واحذران تبيت ... من الثقاة على ثقة في أحاديث شريفة عن زرارة عن أبي جعفر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء، وأبواب الجنان واستجيب الدعاء، فطوبى لمن رفع له عمل صالح " السيد الرضي أملتكم لدفاع كل ملمة ... عني فكنتم عون كل ملمة فلأرحلن رحيل لا متلهف ... لفراقكم أبداً ولا متلفت ولأنفضن يدي يأساً منكم ... نفض الأنامل من تراب الميت وأقول للقلب المنازع نحوكم ... أقصر هواك لك اللتيا والتي يا ضيعة الأمل الذي وجهته ... طمعاً إلى الأقوام بل يا ضيعتي لبعضهم: (كيف يرجى الصلاح من أمر قوم ... ضيعوا الحزم فيه أي ضياع) (فمطاع المقال غير سديد ... وسديد المقال غير مطاع) من النهج: إن الله فرض عليكم فروضاً، فلا تضيعوها، وحد لكم حدوداً، فلا تعتدوها، ونهاكم عن أشياء، فلا تهتكوها، وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسياناً فلا تتكلفوها. قال بعض العارفين: قد جمعت مكارم الخصال في أربع: قلة الكلام، وقلة الطعام وقلة المنام، والاعتزال عن الأنام.

تقويم الشمس

ينسب إلى المجنون تمنيت من ليلى على البعد نظرة ... ليطفي جوى بين الحشا والأضالع فقالت نساء الحي تطمع أن ترى ... بعينيك ليلى مت بداء المطامع وكيف ترى ليلى بعين ترى بها ... سواها وما طهرتها بالمدامع وتلتذ منها بالحديث وقد جرى ... حديث سوا ما في خروق المسامع من النهج خالطوا الناس مخالطة أن متم معها بكوا عليكم وان عشتم حنوا إليكم. أعمال العباد في عاجلهم نصب أعينهم في آجلهم. من كلامهم: لو صور الصدق لكان أسداً ولو صور الكذب لكان ثعلباً، للبستي إذا صبحت الملوك فالبس ... من التوقى أعز ملبس وادخل إذا ما دخلت أعمى ... وأخرج إذا ما خرجت أخرس متاع التاجر في كسبه، ومتاع العالم في كراريسه. قال يحيى بن معاذ: إنكسار العاصين أفضل عندنا من صولة المصلين. من النهج: من أراد الغنى بلا مال، والعز بلا عشيرة، والطاعة بلا سلطان، فليخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعة الله، فإنه واجد ذلك كله. ومنه سئل عليه السلام عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود، فقال كرم الله وجهه: إنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك والدين قل، فأما الآن وقد اتسع نطاقه، وضرب بجرانه، فأمره وما اختار. انتهى. لبعضهم: (لله تحت قباب العز طائفة ... أخفاهم في لباس الفقر إجلالا) تقويم الشمس اذا أردت معرفة تقويم الشمس في بلد معلوم العرض، فاعرف الفصل الذي أنت فيه من فصول السنة، واستعلم غاية ارتفاع الشمس ذلك اليوم، وخذ التفاوت بينه وبين تمام العرض أعني ميلها وعد بقدره من أجزاء المقنطرات على خط وسط السماء، مبتدياً من مدار رأس الحمل إلى مدار رأس السرطان؛ إن كانت في ربع الربيعي أو الصيفي، وإلا

طرق معرفة ارتفاع الأرض وانخفاضها

فإلى مدار رأس الجدي، وعلم ما انتهى إليه العدد، ثم امرر ربعها على خط وسط السماء، فما وقع من المنطقة على العلامة فهو موضعها. قولهم هذا الأمر مما تركب له أعجاز الابل، أي مما يقاسي لأجله الذل، والأصل في هذا المثل، إن الرديف كالعبد والأسير، ومن يجري مجراهما يركب عجز البعير؛ قاله الرضي في النهج عند قول أمير المؤمنين عليه السلام لنا حق فإن أعطيناه، وإلا ركبنا أعجاز الابل وإن طال السرى. من شرح النهج لابن أبي الحديد في قوله: وطويت دونها كشحاً، قال الشارح أي قطعتها وصرمتها، وهو مثل قالوا لأن من كان إلى جنبك الأيمن مثلاً فطويت كشحك الأيسر، فقد ملت عنه؛ والكشح ما بين الخاصرة والجنب وعندي أنهم أرادوا غير ذلك وهو أن من أجاع نفسه، فقد طوى كشحه كما أن من أكل وشبع؛ فقد ملا كشحه، فكأنه قال كأني أجعت نفسي عنها، ولم اكتنفها وقال الشيخ كمال الدين ابن ميثم البحراني: أنه عليه السلام نزلها منزلة المأكول الذي منع نفسه من أكله، وقيل أراد به بطي الكشح التفاته عنها كما يفعله المعرض. عنه صلى الله عليه وآله قال، " ليجيئن يوم القيامة أقوام لهم من الحسنات كأمثال جبال تهامة فيؤمر بهم إلى النار "، فقال يا نبي الله أمصلون فقال: " كانوا يصلون، ويصومون، ويأخذون وهنا من الليل، لكنهم كان إذا لاح لهم شيء من الدنيا وثبوا عليه ". قال بعض السلف؛ كن وصي نفسك، ولا تجعل الناس أوصيائك، كيف تلومهم أن يضيعوا وصيتك؛ وقد ضيعتها في حياتك طرق معرفة ارتفاع الأرض وانخفاضها إذا أردت إنشاء نهر أو قناة، فأردت أن تعرف صعود مكان على مكان وانخفاضه عنه، فلك فيه طرق: أحدها أن تعمل صفحة من نحاس أو غيره من الأجسام الثقيلة مثلثة متساوي الساقين وتضع على طرفيها لبنتين كما في عضادتي الاسطرلاب، وفي موقع العمود منها خيط رقيق في طرفه ثقالة، فإذا أردت الوزن أدخلت الصفحة في خيط طوله خمسة عشر ذراعاً وليكن الصفحة في حاق الوسط منه، وطرفاه على خشبتين طول كل واحدة خمسة أشبار مقومتين غاية

هذه كتابة كتبها العارف الواصل الصمداني الشيخ محيي الدين ابن عربي

التقويم بيدي رجلين كل منهما في جهة والبعد بينهما بقدر طول الخيط وأنت تنظر في لسان الميزان فإن انطبق على المنجم فالأرض معتدلة، وإن مال فالمائل عنها هي العليا. وتعرف كمية الزيادة في العلو بأن تحط الخيط عن رأس الخشبة إلى أن تطابق المنجم واللسان، ومقدار ما نزل من الخيط هو الزيادة ثم تنقل إحدى رجلي الميزان إلى الجهة التي تريد وزنها وتثبت الأخرى إلى أن يتم العمل وتحفظ مقدار الصعود بخيط على حدة، وكذا مقدار الهبوط ثم يلقى القليل من الكثير فالباقي هو تفاوت المكانين في الإرتفاع، وإن تساويا شق نقل الماء وإن نزلت ما وقع إليها الثقل سهل ذلك، وإن علت امتنع. وهذه صورة الميزان وآلات الوزن وقد يستغنى عن الصفحة بالأنبوبة التي يصب فيها الماء من منتصفها، فإن قطر من طرفيها على السواء أنبأ عن التعادل وإلا عمل كما عرفت. هذه كتابة كتبها العارف الواصل الصمداني الشيخ محيي الدين ابن عربي حشره الله مع محبيه إلى الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وعلى وليي في الله فخر الدين محمد أعلى الله همته، وأفاض عليه بركاته ورحمته، وبعد، فإن الله يقول: " وتواصوا بالحق " وقد وقفت على بعض تؤاليفك وما أيدك الله به من القوة المتخيلة والفكرة الجيدة، ومتى تغدت النفس كسب يديها فإنها لا تجد حلاوة الجود والوهب، وتكون ممن أكل من تحته، والرجل من يأكل من فوقه كما قال الله تعالى: " ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم " وليعلم وليي وفقه الله تعالى: أن الوراثة الكاملة هي التي تكون في كل الوجوه لا من بعضها، والعلماء ورثة الأنبياء. فينبغي للعاقل العالم أن يجتهد لأن يكون وارثاً من كل الوجوه، ولا يكون ناقص الهمة، وقد علم وليي وفقه الله تعالى أن حسن الطبيعة الإنسانية بما تحمله من المعارف الإلهية وقبحها بضد ذلك. فينبغي للعالي الهمة أن لا يقطع عمره في معرفة المحدثات وتفاصيلها، فيفوته حظه من ربه وينبغي له أيضاً أن يشرح نفسه من سلطان فكره فإن الفكر يعلم مأخذه، والحق المطلوب ليس ذلك والعلم بالله غير العلم بوجود الله، فينبغي للعاقل أن يخلي قلبه عن الفكر إذا أراد معرفة الله من حيث المشاهدة. وينبغي للعالي الهمة أن لا يكون تلقيه عند هذا من عالم الخيال، وهي الأنوار المتجسدة الدالة على معان وراءها، فإن الخيال ينزل المعاني العقلية في القوالب الحسية كالعلم في صورة اللبن، والقرآن في صورة الحبل، والدين في صورة القبة. وينبغي

للعالي الهمة أن لا يكون معلمه مؤنثاً كما لا ينبغي أن يأخذ من فقير أصلاً، وكل ما لا كمال له إلا بغيره فهو فقير. وهذا حال كل ما سوى الله تعالى. فارفع الهمة في أن لا تأخذ علماً إلا من الله سبحانه على الكشف واليقين. واعلم أن أهل الأفكار إذا بلغوا فيه الغاية القصوى أداهم فكرهم إلى حال المقلد المصمم، فإن الأمر أجل وأعظم من أن يقف فيه الفكر، فما دام الفكر موجوداً فمن المحال أن يطمئن العقل ويسكن، وللعقول حد تقف عنده من حيث قوتها في التصرف الفكري ولها صفة القبول لما يهبه الله تعالى، فإذن ينبغي للعاقل أن يتعرض لنفحات الجود ولا يبغي ماسوراً في تقييد نظره وكسبه، وإنه على شبهة في ذلك. ولقد أخبرني من ألفت به من إخوانك من له فيك نية حسنة. أنه رآك وقد بكيت يوماً فسألك هو ومن حضر عن بكاءك؟ فقلت مسألة اعتقدتها منذ ثلاثين سنة تبين لي الساعة بدليل لاح لي أن الأمر على خلاف ما كان عندي، فبكيت وقلت، لعل الذي لاح لي أيضاً يكون مثل الأول، فهذا قولك. ومن المحال على الواقف بمرتبة العقل والفكر أن يسكن أو يستريح، ولاسيما في معرفة الله تعالى. فما لك يا أخي تبقى في هذه الورطة ولا تدخل طريق الرياضيات والمكاشفات والمجاهدات والخلوات التي شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنال ما نال من قال فيه سبحانه وتعالى: " عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علماً " ومثلك من يتعرض لهذه الخطة الشريفة والمرتبة العظيمة الرفيعة. وليعلم وليي وفقه الله تعالى أن كل موجود عند سبب ذلك السبب محدث مثله، فإن له وجهين: وجه ينظر به إلى سببه، ووجه ينظر به إلى موجده. وهو الله تعالى، فالناس كلهم ناظرون إلى وجوه أسبابهم، والحكماء والفلاسفة كلهم وغيرهم إلا المحققين من أهل الله تعالى كالأنبياء والأولياء والملائكة عليهم الصلاة والسلام، فإنهم مع معرفتهم بالسبب ناظرون من الوجه الآخر إلى موجدهم، ومنهم من نظر إلى ربه من وجه سببه لا من وجهه. فقال: حدثني قلبي عن ربي وقال الآخر وهو الكامل: حدثني ربي ومن كان وجوده مستفاداً من غيره فإن حكمه عندنا لا شئيء فليس للعارف معول إلا الله سبحانه البتة وأعلم أن الوجه الإلهي الذي هو الله اسم لجميع الأسماء: مثل الرب والقدير والشكور، وجميعها كالذات الجامعة لما فيها من الصفات، فاسم الله مستغرق

لجميع الأسماء فتحفظ عند المشاهدة، فإنك لا تشاهده أصلاً، فإذا ناجاك به وهو الجامع فانظر ما يناجيك به وانظر المقام الذي تقتضيه تلك المناجاة، وتلك المشاهدة، وانظر أي اسم هو الذي خاطبك أو شاهدته فهو المعبر عنه بالتهول في الصورة كالغريق، إذا قال يا الله فمعناه: يا غياث أو يا منجي أو يا منقذ وصاحب الألم إذا قال يا الله فمعناه: يا شافي أو يا معافي وما أشبه ذلك. وقولي لك التحول في الصورة ما رواه مسلم في صحيحه أن الباري تعالى يتجلى فينكر ويتعوذ منه فيتحول لهم في الصورة التي عرفوه فيها فيفترون بعد الإنكار، هذا هو معنى المشاهدة هيهنا والمناجاة والمخاطبات الربانية. وينبغي للعاقل أن لا يطلب من العلوم إلا ما يكمل به ذاته، وينتقل معه حيث انتقل وليس ذلك إلا العلم بالله تعالى، فإن علمك بالطب إنما يحتاج إليه في عالم الأمراض والأسقام، فإذا انتقلت إلى عالم ما فيه السقم ولا المرض ممن تداوي بذلك العلم، وكذلك العلم بالهندسة إنما يحتاج إليه في عالم المساحة فإذا انتقلت تركته في عالمه ومضت النفس ساذجة ليس عندها شيء منه، وكذلك الاشتغال بكل علم تركته النفس عند انتقالها إلى اشتغال الآخرة. فينبغي للعاقل أن لا يأخذ منه إلا ما مست إليه الحاجة والضرورة، وليجتهد في تحصيل ما ينتقل معه حيث انتقل وليس ذلك إلا علمان خاصة العلم بالله، والعلم بمواطن الآخرة ما يقتضيه مقاماتها حتى يمشي فيها كمشيه في منزله، فلا ينكر شيئاً أصلاً، فلا يكون من الطائفة التي قالت عندما تجلى لها ربها: نعوذ بالله منك لست ربنا. ها نحن منتظرون حتى يأتينا ربنا فلما جاءهم في الصورة التي عرفوها أقروا به فما أعظمها من حسرة، فينبغي للعاقل الكشف عن هذين العلمين بطريق الرياضة والمجاهدة والخلوة على الطريقة المشروطة. وكنت أريد أن أذكر الخلوة وشروطها، وما يتجلى فيه على الترتيب شيئاً بعد شيء لكن منع مني ذلك الوقت وأعني بالوقت علماء السوء الذين أنكروا ما جهلوا، وقيدهم التعصب وحب الظهور والرياسة عن الإذعان للحق والتسليم له إن لم يكن الإيمان به والله ولي الكفاية: كان توبة بن الصمة محاسباً لنفسه في أكثر أوقات ليله ونهاره، فحسب يوماً ما مضى من عمره فإذا هو ستون سنة، فحسب أيامها فكانت إحدى وعشرين ألف يوم وخمسمائة يوم، فقالت: يا ويلتا ألقى مالك بإحدى وعشرين ألف ذنب ثم صعق صعقة كانت فيها نفسه.

قال بوزرجمهر: من لم يكن له أخ يرجع إليه في أموره، ويبذل نفسه وما له في شدته فلا يعدن نفسه من الأحياء. وقال بعض الحكماء: لا تساغ مرارة الحياة، إلا بحلاوة الإخوان الثقات. وقال بعضهم: من لقي الصديق الذي يفضي إليه بسره، فقد لقي السرور بأسره وخرج من عقال لهم بعمره. وقيل: لقاء الخليل يفرج الكروب، وفراقه يقرح القلوب. من كتاب أدب الكاتب يذهب الناس إلى أن الظل والفيء واحد، وليس كذلك: لأن الظل يكون من أول النهار إلى آخره ومعنى الظل الستر، والفيء لا يكون إلا بعد الزوال ولا يقال لما كان قبل الزوال فيء، وإنما سمي فيئاً: لأن الظل فاء من جانب إلى جانب: أي رجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق، والفيء الرجوع قال الله تعالى: " حتى تفيء إلى أمر الله " أي ترجع. قيل لأعرابي: كيف حالك؟ فقال: بخير أمزق ديني بالذنوب وأرقعه بالإستغفار وإليه ينظر قول الشاعر: نرقع دنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع فطوبى لعبد آثر الله ربه وجاد بدنياه لما يتوقع لبعضهم ولما توافينا بمنعرج اللوى بكيت إلى أن كدت بالدمع أشرق فقالت أتبكي؟ {والتواصل بيننا فقلت ألسنا بعده نتفرق؟} قال بعضهم: عشيرتك من أحسن عشرتك، وعمك من عمك خيره، وقريبك من قرب منك نفعه. قال ابن السكين: الشرف والمجد يكونان بالآباء، يقال رجل شريف ماجد أي له آباء متقدمون في النبالة والشأن، وأما الحسب والكرم فيكونان في الرجل وإن لم يكن له آباء ذو نبل وشرف. لبعض الأعراب: تسبق أموالنا مؤملنا ... لا يعترينا مطل ولا بخل تسمح قبل السؤال أنفسنا ... بخلا على ماء وجه من يسل

لبعضهم: إذا قال مال المرء قل بهاؤه ... وضاقت عليه أرضه وسملؤه وأصبح لا يدري وإن كان حازما ... أقدامه خير له أم وراؤه وإن غاب لم يشتق إليه خليله ... وإن عاش لم يسرر صديقا بقاؤه وللموت خير لأمرئ خصاصة ... من العيش في ذل كثير عناؤه ولبعضهم: إنما الدنيا فناء ... ليس للدنيا ثبوت إنما الدنيا كبيت ... نسجته العنكبوت كل ما فيها لعمري ... عن قليل سيفوت ولقد يكفيك منها ... أيها الطالب قوت الابل اسم جمع لا واحد له من لفظه وهو مؤنث لأن اسم الجمع لغير العاقل يلزم التأنيث وإذا صغرت الإبل قلت أبيله بالهاء. سئل بعض العارفين امرأة في البادية؛ ما الحب عندكم؟ فقال: جل فلا يخفى أو دق فلا يرى وهو كامن في الحشاكمون النار في الصفا، إن قدحته أورى، وإن تركته توارى. من كتاب أنيس العقلاء اعلم أن النصر مع الصبر والفرج من الكرب واليسر مع العسر. قال بعض الحكماء بمفتاح عزيمة الصبر تعالج مغاليق الأمور؛ وقال بعضهم عند انسداد الفرج تبدو مطالع الفرح. ولله در من قال الصبر مفتاح ما يرجى ... وكل صعب به يهون فاصبروا إن طالت الليالي ... فربما أمكن الحزون وربما نيل باصطبار ... ما قيل هيهات لا يكون جار الله الزمخشري وقائلة ما هذه الدرر التي ... تساقطها عيناك سمطين سمطين فقلت هي الدرر التي قد حشى بها ... أبو مضر اذني تساقط من عيني

لغويات

الصلاح الصفدي نزهت طرفي في وجه ظبى ... كم نلت في الحب منه منة لم أشق من بعدها لأني ... نعمت في وجنة وجنة دخل بعضهم على المأمون في مرضه الذي مات فيه، فوجده قد أمر أن يفرش له جل الدابة، وبسط عليه الرماد وهو يتمرغ عليه ويقول: يا من لا يزول ملكه، ارحم من قد زال ملكه. لغويات من كتاب تقويم اللسان لابن الجوزي، جواب لا يجمع وقول العامة أجوبة كتبي وجوابات كتبي غلط والصحيح جواب كتبي. حاجات وحاج جمع حاجة وحوائج غلط. يقال حميت المريض لا أحميته. يقال للقائم اقعد وللنائم اجلس، والعكس غلط، يقال الحمد لله كان كذا لا الذي كان كذا. العروس يقال للرجل والمرأة لا للمرأة فقط، لا يقال كثرت عيلته، إنما يقال: كثرت عياله، والعيلة الفقر. المصطكي بفتح الميم والضم غلط. الصلاح الصفهدي: قد أنزل الدهر حظي بالحضيض إلى ... أن اغتديت بما ألقاه منه لقا يضوع عرف اصطباري إذ يضيعني ... والعود يزداد طيبا كلما حرقا أبو الفتح البستي تحمل أخاك على ما به ... فما في استقامته مطمع وإني له خلق واحد ... وفيه طبايعه الأربع محمد بن عبد العزيز النبلي: وذي جدال لنا كشفت له ... عن خطأ كان قد تعسفه فلم يجبني بغير ضحكته ... والضحك في غير موضع سفه

دعاء السمات

لبعضهم: لسان من يعقل في قلبه ... وقلب من يجهل في فيه يمكن استخراج خط نصف النهار من الارتفاع، بأن ترضد غاية الارتفاع للشمس في يوم مفروض، وتخرج من أصل المقياس في الأرض المستوية على منتصف عرض الظل خطا على استقامة الظل، وتمده في الجهتين فهو خط نصف النهار. انتهى. خسر وفريدوزين جلال الدين يصف ناقته: إذا برها السرى مالت نواظرها ... تشكو إلى الركب ما تلقاه في الركب دعاء السمات اللهم إني أسألك بإسمك العظيم الأعظم الأعظم الأعظم الأعز الأجل الأكرم الذي إذا دعيت به على مغالق أبواب السماء للفتح بالرحمة انفتحت وإذا دعيت به على مضائق أبواب الأرض للفرج انفرجت وإذا دعيت به على العسر لليسر تيسرت وإذا دعيت به على الأموات للنشور انتشرت وإذا دعيت به على كشف البأساء والضراء انكشفت وبجلال وجهك الكريم أكرم الوجوه وأعز الوجوه الذي عنت له الوجوه وخضعت له الرقاب وخشعت له الأصوات ووجلت له القلوب من مخافتك وبقوتك التي تمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنك وتمسك السماوات والأرض أن تزولا وبمشيئتك التي دان لها العالمون وبكلمتك التي خلقت بها السماوات والأرض وبحكمتك التي صنعت بها العجائب وخلقت به الظلمة الظلمات وجعلتها ليلاً وجعلت الليل سكناً وخلقت بها النور وجعلته نهاراً وجعلت النهار نشوراً مبصراً وخلقت بها الشمس ضياء وخلقت بها القمر وجعلت القمر نوراً وخلقت بها الكواكب وجعلتها نجوماً وبروجاً ومصابيح وزينة رجوماً وجعلت لها مشارق ومغابر وجعلت لها مطالع ومجاري وجعلت لها فلكاً ومسابح وقدرتها في السماء منازل فأحسنت تقديرها وصورتها فأحسنت تدبيرها وسخرتها بسلطان الليل وسلطان النهار والساعات وعدد السنين والحساب وجعلت رؤيتها لجميع الناس مرئى مراء واحداً وأسألك اللهم بمجدك الذي كلمت به عبدك ورسولك موسى بن عمران في المقدسين فوق إحساس الكروبين فوق غمائم النور فوق تابوت الشهادة في عمود النار في طور سيناء وفي جبل حوريث في الوادي المقدس في البقعة المباركة من جانب الطور الأيمن من الشجرة وفي أرض مصر بتسع آيات بينات ويوم فرقت لبني

إسرائيل وفي المنبجسات التي صنعت بها العجائب في بحر سوف وعقدت بها ماء البحر في قلب الغمر كالحجارة وجاوزت ببني إسرائيل البحر وتمت كلمتك الحسنى عليهم بما صبروا وأورثتهم مشارق الأرض ومغاربها التي باركت عليهم فيها للعالمين وأغرقت فرعون وجنوده ومراكبهم في اليم وباسمك العظيم الأعظم الأعظم الأجل الأكرم وبمجدك الذي تجليت به لموسى عليه السلام كليمك في طور سيناء ولإبراهيم خليلك عليه السلام من قبل في مسجد الخيف ولإسحاق صفيك في بئر شيع وليعقوب نبيك عليه السلام في بيت إيل وأوفيت لإبراهيم عليه السلام بميثاقك ولإسحاق بحلفك وليعقوب بشهادتك وللمؤمنين بوعدك وللداعين بأسماءك فأجبت وبمجدك الذي ظهر لموسى بن عمران عليه السلام على قبة الرمان وبأيدك التي رفعت على أرض مصر بمجد العزة والغلبة بآيات عزيزة وبسلطان القوة وبعزة القدرة وبشأن الكلمة التامة وبكلماتك التي تفضلت بها على أهل السماوات والأرض وأهل الدنيا والآخرة وبرحمتك التي مننت بها على جميع خلقك وباستطاعتك التي أقمت بها على العالمين وبنورك الذي قد خر من فزعه طور سيناء وبعلمك وجلالك وكبرياءك وعزتك وجبروتك التي تستقلها الأرض وانخفضت لها السماوات وانزجر لها العمق الأكبر وركدت لها البحار والأنهار وخضعت لها الجبال وسكنت لها النيران في أوطانها وبسلطانك الذي عرفت لك به الغلبة دهر الدهور وخمدت به في السماوات والأرضين وبكلمتك كلمة الصدق التي سبقت لأبينا آدم وذريته بالرحمة وأسألك بكلمتك التي غلبت كل شيء وبنور وجهك الذي تجليت به للجبل فجعلته دكاً وخر موسى صعقاً وبمجدك الذي ظهر على طور سيناء فكلمت به عبدك ورسولك موسى بن عمران وبطلعتك في ساعير وظهورك في جبل فاران بربوات المقدسين وجنود الملائكة الصافين وخشوع الملائكة المسبحين وببركاتك التي باركت فيها لإبراهيم خليلك عليه السلام في أمة محمد صلواتك عليه وآله وباركت لإسحاق صفيك في أمة عيسى عليه السلام وباركت ليعقوب إسرائيلك في أمة موسى عليه السلام وباركت لحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم في عترته وذريته وأمته اللهم وكما غبنا عن ذلك ولم نشهده وآمنا به ولم نره صدقاً وعدلاً أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تبارك على محمد وآل محمد وترحم على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد فعال لما تريد وأنت على كل شيء قدير شهيد ثم اذكر ما تريد. ثم قل يا الله يا حنان يا منان يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين اللهم

بحق هذا الدعاء وبحق هذه الأسماء التي لا يعلم تفسيرها ولا يعلم ظاهرها ولا يعلم باطنها غيرك صل على محمد وآل محمد وافعل بي كذا وكذا وانتقم لي من فلان بن فلان واغفر لي ذنوبي ما تقدم منها وما تأخر ووسع علي من حلال رزقك واكفني مؤنة إنسان سوء وجار سوء وسلطان سوء إنك على كل شيء قدير وبكل شيء عليم آمين رب العالمين انتهى قال في حكمة الإشراق عند ذكر الجن والشياطين: وقد شهد جمع لا يحصى عددهم من أهل دربند من مدن شيروان، وقوم لا يعدون من أهل ميانج من مدن آذربايجان أنهم شاهدوا هذه الصور كثيراً بحيث أكثر أهل المدينة كانوا يرونهم دفعة في مجمع عظيم على وجه ما أمكنهم دفعهم، وليس ذلك مرة أو مرتين بل كل وقت يظهرون ولا يصل إليهم أيدي الناس. انتهى. ولله در من قال عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى ... وصوت انسان فكدت أطير أسلك من الطرق المناهج ... وأصبر ولو حملت عالج وسع همومك لا تضق ... ذرعاً بها فلها مخارج إذا رأيت أموراً منها القلوب تفتت ... فتش عليها تجدها من النساء تأتت ابن الفارض قلبي يحدثني بأنك متلفي ... روحي فداك عرفت أم لم تعرفي لم أقض حق هواك أن كنت الذي ... لم أقض فيه أسى ومثلي من يفي ما لي سوى روحي وباذل نفسه ... في حب من يهواه ليس بمسرف فلئن رضيت بها فقد أسعفتني ... يا خيبة المسعى إذا لم تسعف يا مانعي طيب المنام ومانحي ... ثوب السقام به ووجدي المتلفي عطفاً على رمقي وما أبقيت لي ... من جسمي المضني وقلبي المدنف فالوجد باق والوصال مماطلي ... والصبر فان واللقاء مسوفي

لم أخل من حسد عليك فلا تضع ... سهري بتشييع الخيال المرجف وأسأل نجوم الليل هل زار الكرى ... جفني وكيف يزور من لم يعرف وبما جرا في موقف التوديع من ... ألم النوى شاهدت هول الموقف إذ لم يكن وصل لديك فعد به ... أملي وماطل إن وعدت ولا تفي فالمطل منك لدي إن عز اللقا ... يحلو كوصل من حبيب مسعف اهفوا لأنفاس النسيم تعلة ... ولوجه من نقلت شذاه تشوفي فلعل نار جوانحي بهبوبها ... أن تنطفي وأودان لا تنطفي يا أهل ودي أنتم أملي ومن ... ناداكم يا أهل ودي قد كفي عودوا لما كنتم عليه من الوفا ... كرما فإني ذلك الخل الوفي وحياتكم وحياتكم قسماً وفي ... عمري بغير حياتكم لم أحلف لو أن روحي في يدي ووهبتها ... لمبشري بقدومكم لم أنصف لا تحسبوني في الهوى متصنعا ... كلفي بكم خلق بغير تكلف أخفيت حبكم فأخفاني أسى ... حتى لعمري كدت عني أختفي ولقد أقول لمن تحرش بالهوى ... عرضت نفسك للبلا فاستهدف أنت القتيل بأي من أحببته ... فاختر لنفسك في الهوى من يصطفي قل للعذول أطلت لومي طامعاً ... إن الملام عن الهوى مستوقفي دع عنك تعنيفي وذق طعم الهوى ... فإذا عشقت فبعد ذلك عنف برح الخفاء بحب من لو في الدجا ... سفر اللثام لقلت يا بدر اختفي وكتمه عني لو ابديته ... لو جدته أخفى من اللطف الخفي ولقد أقول لمن تحرش بالهوى ... عرضت نفسك للبلا فاستهدف أنت القتيل بأي من أحببته ... فاختر لنفسك في الهوى من يصطفي قل للعذول أطلت لومي طامعاً ... إن الملام عن الهوى مستوقفي دع عنك تعنيفي وذق طعم الهوى ... فإذا عشقت فبعد ذلك عنف برح الخفاء بحب من لو في الدجا ... سفر اللثام لقلت يا بدر اختفي وإن اكتفى غيري بطيف خياله ... فأنا الذي بوصاله لا أكتفي وقف عليه محبتي وبمحنتي ... بأقل من تلفى به لا أشتفي وهواه وهو اليتي وكفى به ... قسماً أكاد أجله كالمصحف لو قال تيهاً قف على جمر الغضاء ... لوقفت ممتثلاً ولم أتوقف أو كان من يرضى بخدي موطئاً ... لوضعته أرضاً ولم أستنكف

غلب الهوى فأطعت أمر صبابتي ... من حيث فيه عصيت نهي معنفي مني له ذل الخضوع ومنه لي ... غز المنوع وقوة المستضعفي ألف الصدود ولي فؤاد لم يزل ... مذ كنت غير وداده لم يألف يا ما أميلح كل ما يرضى به ... ورضا به ياما أحيلاه بفي لو أسمعوا يعقوب بعض ملاحة ... في وهه نسى الجمال اليوسفي أو لو رآه عائدا أيوب في ... سنة الكرى قدما من البلوى شفي كل البدور إذا تجلى مقبلا ... تعنوا إليه وكل قد أهيف إن قلت عندي فيك كل صبابه ... قال الملاحة لي وكل الحسن في كملت محاسنه فلو أبدى السنا ... للبدر عند تمامه لم يخسف وعلى تفنن واصفيه بحسنه ... يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف ولقد صرفت لحبه كلي على ... يد حسنه فحمدت حسن تصرفي فالعين تهوى صورة الحسن التي ... روحي بها تصبو إلى معنى خفي أسعد أخي وغن لي بحديثه ... وانثر على سمعي حلاه وشنف لأرى بعين السمع شاهد حسنه ... معنى فاتحفني بذاك وشرف يا أخت سعد من حبيبي جئتني ... برسالة أديتها بتلطف فسمعت ما لم تسمعي ونظرت ما ... لم تنظري وعرفت ما لم تعرفي إن زاد يوماً يا حشاي تقطعي ... كلفا به أو ساريا عين اذرفي ما للنوى ذنب ومن أهوى معي ... إن غاب عن إنسان عيني فهو في قال الشريف المرتضي ره، خطر ببالي إن أفرد ما قيل فيمن ضاجع محبوبته وهو مرتدء سيفاً في تلك الحال فاتكلم على محاسنه، فأنه معنى مثمر مقصود، ثم أنه أورد بعد كلام طويل هذه الأبيات الثلاثة لامرئ القيس: فبتنا نذود الوحش عنا كأننا ... قتيلان لم يعرف لنا الناس مضجعا تجافى عن المأثور بيني وبينها ... وترخي على السابري المضلعا إذا أخذتها هزة الروع أمسكت ... بمنكب مقدام على الهول أروعا وقال رأيت قوماً من متعمقي أصحاب المعاني يقولون، أراد بالمأثور السيف وعني

أنه كان مقلداً حال مضاجعته لها سيفاً؛ وأنها كانت تتجافى عنه استثقالاً له ثم قال بعد كلام: والذي يقوي في نفسي أن امرأ القيس لم يعن هذا المعنى، وإنما عني أنها تتجافى عن الحديث المأثور بيني وبينها من الوشايات، والسعايات التي يقصد بها الوشاة تفريق الشمل وتقطيع الحبل، وإنها تعرض عن ذلك كله، وتطرحه، وتقبل على ضمي، واعتناقي وإدخالي معها في غطاء واحد، ثم قال، ولفظة مأثور تصلح للحديث وللسيف فمن أين لنا بغير دليل القطع على إحدى المعنيين؟ فالأولى التوقف عن القطع، ثم أنه طول الكلام ورجح في آخره إن إرادة الكلام أولى، ثم قال. ولم أحجد ما بين امرئ القيس: وبين أبي الطيب من ألم بهذا المعنى، ثم أورد لأبي الطيب قوله: وقد طرقت فتاة الحي مرتدياً ... بصاحب غير عز هاة ولا عزل فبات بين تراقينا ندفعه ... وليس يعلم بالشكوى ولا القبل ثم أنه أورد بعد كلام طويل يستغرق بياض الصفحة أبياتاً لأخيه الشريف الرضي في هذا المضمون، وقال ما وجدت لأحد من الشعراء بين المتنبي وبين أخي الرضي شيئاً في هذا المعنى ووجدت له رحمة الله عليه، أبياتاً جيدة هي هذه: تضاجعني الحسناء والسيف دونها ... ضجيعان لي والعضب أدناهما مني إذا دنت البيضاء مني لحاجة ... أبى الأبيض الماضي فماطلها عني وإن نام لي في الجفن انسان ناظر ... تيقظ مني ناظر لي في الجفن أغرت فتاة الحي مما ألفتني ... أعلله بين الشعار من الظن وقالوا هبوه ليلة الأمن ضمه ... فما عذره في ضمه ليلة الأمن ثم قال وهذه الأبيات استوفت هذا المعنى واستوعبته واستغرقته، وطول الكلام في مدحها ثم قال في ديوان شعري نظم هذا المعنى في اقطاع، أنا أثبتها لتعلم زيادتها على ما تقدم ورجحانها فمن تلك الاقطاع قولي: لما اعتنقنا ليلة الرمل ... ومضاجعي ما بيننا نصلي قالت أما ترضي ضجيعك من ... جسمي الرطيب ومعصمي الطفل ألا احتملت فراق نصلك ذا ... في هذه الظلماء من أجلي انظر إلى ضيق العناق بنا ... تنظر إلى عقد بلا حل لا بيننا يجري العقار ولا ... فصل به لمدبة النمل

فأجبتها أني أخاف إذا ... فطنوا بنا أهلوك أو أهلي عديه مثل تميمة نصبت ... كيلا نصاب بأعين بخلي إني أخاف العار يلصق بي ... يوماً ولا أخشى من القتل ثم قال: ومن ذلك قولي أيضاً: ولما تعانقنا ولم يك بيننا ... سوى صارم في جفنه لا من الجبن كرهت عناق السيف من أجل جفنه ... فها عانقي مني حساماً بلا جفن فما كنت إلا منه في قبضة الحمى ... ولا ذقت إلا عنده لذة الأمن ويجني على من شئت منك غراره ... وأما عليك ساعة فهو لا يجني ثم قال ولي مثله: أنكرت ليلة اعتنقنا حسامي ... وهو ملقى بيني وبين الفتاة إن يكن عائقاً يسيراً عن الضم ... فما زال واقياً من عداتي هو قرب صفو ولا بدفي ... كل صفات تناله من قذاة وانتفاع وما رأينا انتفاعاً ... أبد الدهر خالياً من قذاة ثم قال ولي مثله أيضاً: زرت هنداً ومن ظلام قميصي ... لا بوعد ومن نجاد ردائي واعتنقنا وبيننا جفن ماض ... في فراش الرؤس أي مضاء وتجافت عنه وليس لها أن ... أنصفت عن جواره من إباء إنه حارس لنا غير أن ليس ... علينا من جملة الرقباء لك في النحر من عيون تميم ... فاحسبيه نميمة الأعداء هو ساه عن الذي نحن فيه ... من حديث وقيلة واشتكاء ودعيني طوال هذا التداني ... ناعماً لا أخاف غير الثنائي فلئن مس فبه بعض عناء ... فعناء مستثمر من عناء ثم قال ومثل هذا المعنى قولي: ولما أردت طروق الفتاة ... وصاحبني صاحب لا يغار

حكم

صموت اللسان بعيد السماع ... فسري مكتتم والجهار وضاق العناق فصار الرداء ... لها ملبساً ولباسي الخمار وما لفنا كالنفاف الغصون ... جميعاً هنالك إلا الأزار وطاب لنا بعد طول البعاد ... ذاك الحديث وذاك الحوار شربت بريقتها خمرة ... ولكنها خمرة لا تدار كان الظلام بأشراق ما ... أنالت وأعطته منها نهار وأثر في جيدها ساعدي ... وأثر في جانبي السوار فلو صبت الكأس ما بيننا ... لما خرجت من يديها العقار وناب مناب ليال طوال ... تقصر هذي الليالي القصار ثم قال وأنا الآن أنبه على معاني أبياتي وما شابه، منها ما تقدم، وما زاد عليه وتجاوزه ثم أنه أطنب الكلام في ذلك، وأخذ في ذكر محاسن أبياته، وبيان ما لاحظ فيها من النكات بياناً طويلاً؛ قريباً من خمسين سطراً، وبه انتهت الرسالة، وهي منقولة من خط س. حكم مقاربة الناس في أخلاقهم لمن من غوائلهم. من طلب شيئاً ناله أو بعضه. زهدك في راغب فيك نقصان حظ، ورغبتك في زاهد فيك ذل نفس. ذكروا أن من التجنيس التام قوله تعالى: {ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون، ما لبثوا غير ساعة} ابن أبي الحديد في كتابه المسمى بالفلك الدائر على المثل السائر " ينازع في هذا المعنى، ويقول: إن المعنى واحد فإن يوم القيامة وإن طال فهو عند الله تعالى كالساعة الواحدة عند أحدنا، وحينئذ فإطلاق الساعة عليه مجاز، فهو كقولنا رأيت أسداً أو زيد أسد، وأردنا بالأول الحيوان المفترس، وبالثاني الرجل الشجاع معرفة عرض البلد: خذ غاية ارتفاع الشمس متى شئت، وأنقص منه مليها إن كان شمالياً، أو زده عليه إن كان جنوبياً، فما بقي أو حصل فهو تمام العرض، فأنقصه من ص يبقى العرض. طريق آخر أسقط غاية انحطاطه كوكب أبدى الظهور من غاية ارتفاعه، وزد نصف الباقي على غاية الإنحطاط وأنقصه من غاية الإرتفاع، فما حصل أو بقي فهو عرض البلد. طريق آخر سهل وهو أن تجمع الغايتين المذكورتين وتنصف المجموع فنصفه عرض البلد

أشرف الأعداد

لله در من قال تحامق مع الحمقى إذا ما لقيتهم ... ولاقهم بالجهل فعل ذوي الجهل وخلط إذ لاقيت يوماً مخلطاً ... يخلط في قول صحيح وفي هزل فإني رأيت المرء يشقى بعقله ... كما كان قبل اليوم يسعد بالعقل السيد عبد الرحيم عباسي يا فؤادي وأين مني فؤادي ... لست أدريه ضل في أي وادي شعب الحب قد تشعب قلبي ... في ذراها وغاب عنها الهادي يا خليلي أن تمرا بلعل ... فأنشداه ما بين تلك الوهاد فهو في قبضة الغرام أسير ... دون فادو هالك دون وادي ليس غير الصدا يرد جواباً ... لي عنه في حالة الانشاد كلما قلت أين غاب فؤادي ... رد لي منه أين غاب فؤادي أبو الشيص وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخر عنه ولا متقدم أجد الملامة في هواك لذيذة ... حباً لذكرك فليلمني اللوم أشبهت أعدائي فصرت احبهم ... اذ كان حظي منك حظي منهم وأهنتني فأهنت نفسي عايداً ... ما من يهون عليك ممن يكرم أشرف الأعداد أشرف الأعداد العدد التام؛ وهو ما كانت أجزاؤه مساوية له، قالوا: ولهذا كان عدد الأيام التي خلقت فيها السموات والأرض وهو الستة كما نطق به الذكر الحكيم؛ وأما العدد الزائد والناقص فما زادت عليه أجزاؤه أو نقصت كالأثني عشر، فأنه زائد والسبعة فانها ناقصة اذ ليس لها إلا السبع، قال في الأنموذج وقد نظمت قاعدة في تحصيل العدد التام فقلت: جو باشد فرد أول ضعف ... زوج الزوج كم واحد بود مضرب إيشان تام ورنه ناقص وزايد ومعناه أنه يؤخذ زوج الزوج، وهو زوج لا يعده من اأفراد سوى الواحد، وبعبارة

من كتاب أنيس العقلاء

أخرى عدد لا يعده عدد فرد، وهذا مبني على أن الواحد ليس بعدد كالاثنين في المثال المذكور، ويضعف حتى يصير أربعة، ويسقط منه واحد حتى يصير ثلاثة، وهو فرد أول لأنه لا يعده سوى الواحد فرد آخر، وهو المراد بالفرد الأول؛ فيضرب الثلاثة في الاثنين الذي هو زوج الزوج، فيصير ستة، وهو عدد التام وقس عليه، مثلاً نأخذ الأربعة وهو زوج الزوج ونضعفه حتى يصير ثمانية، واسقطنا منه واحداً صار سبعة، وهو فرد أول فنضربه في الأربعة فيصير ثمانية وعشرين، وهو أيضاً عدد تام، ومن خواص العدد التام أنه لايوجد في كل مرتبة من الأحاد والعشرات وما فوقها إلا واحداً، مثلاً لا يوجد في مرتبة الآحاد إلا الستة، وفي العشرات الا الثمانية والعشرين، فقس عليه واستخرج البواقي كما عرفت. المعلول أن اعتبر من حيث نسبته إلى العلة على الوجه الذي انتسب إليها كان له تحقق وان اعتبر ذاتاً مستقلة كان معدوماً بل ممتنعاً كالسوادان اعتبر على النحو الذي هو في الجسم كان موجوداً، وان اعتبر على أنه ذات مستقلة كان معدوماً بل ممتنعاً انتهى روى أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو يجود بنفسه فقال: كيف تجدك؟ قال: أرجو الله وأخاف ذنوبي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " الرجاء والخوف لا يجتمعان في قلب عبد في هذا الموطن إلا بلغه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف ". قال بعض الحكماء: الصبر صبران، صبر على ما يكره، وصبر على ما يحب، والثاني أشدهما على النفوس. لبعضهم. دهر علا قدر الوضيع به ... وترى الشريف يحطه شرفه كالبحر يرسب فيه لؤلؤة ... سفلاً ويعلو فوقه جيفه لا غرو ان فاق الدني أخا العلا ... في ذا الزمان وهل لذلك جاحد فالدهر كالميزان يرفع كلما ... هو ناقص ويحط ما هو زائد من كتاب أنيس العقلاء ، قال: أنه قد يحدث الولاية لاقوام اخلاقاً مذمومة، يظهرها سوء طباعتهم ولآخرين

من صفات الدنيا

فضايل محمودة ينشرها زكي شيمهم لأن لتقلب الأحوال سكرة يظهر من الأخلاق مكنونها ويبرز من السرائر مخزونها، لا سيما اذهبت من دون تأهب وهجمت من غير تدرج. قال الفضل بن سهل من كانت ولايته فوق قدره تكبر لها، ومن كانت ولايته دون قدره تواضع لها، وأخذ هذا المضمون بعض البلغاء، وزاد عليه، فقال الناس في الولاية اثنان: رجل يحل عن العمل بفضله ومروته، ورجل يجل بالعمل لنقصه ودنائته، فمن جل عن عمله ازداد به تواضعاً وبشراً، ومن جل عنه عمله تلبس به تجبراً وكبراً. من صفات الدنيا قال بعض الحكماء: الموت كسهم مرسل عليك وعمرك بقدر مسيره إليك. من كلام بعض البلغاء الدنيا إن أقبلت بلت وإن أدبرت برت أو أطنبت بنت أو أركبت كبت أو بهجت هجت أو أسعفت عفت أو أينعت نعت أو أكرمت رمت أو عاونت ونت. أو ما جنت جنت، أو سامحت محت أو صالحت لحت أو واصلت صلت أو بالغت لغت، أو وفرت فرت أو زوجت وجت أو نوهت وهت أو ولهت لهت أو بسطت سطت. الذي في أكثر التفاسير المحدث عنه بقوله تعالى: " عبس وتولى " هو النبي صلى الله عليه وسلم لما أتاه ابن أم مكتوم، وعنده صناديد قريش، والقصة مشهورة وذهب بعضهم إلى أن المحدث عنه رجل من بني أمية كان عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي عبس لما دخل ابن أم مكتوم وهو يذهب الشريف المرتضي، قال ان العبوس ليس من صفاته صلى الله عليه وسلم، مع الأعداء المباينين فضلاً عن المؤمنين المسترشدين، وكذا التصدي للأنبياء، والتلهي عن الفقراء ليسا من سماته كيف وهو القائل: الفقر فخري والوارد في شأنه وأنك لعلي خلق عظيم. وقد روى عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ان الذي عبس كان رجلاً من بني أمية لا النبي صلى الله عليه وسلم. قال بعض الحكماء: ليكن استحياؤك من نفسك أكثر من استحياءك من ربك وقال بعضهم. من عمل في السر عملاً يستحي منه في العلانية فليس لنفسه عنده قدر، ودعا قوم رجلاً كان يألفهم في المداعبات، فلم يجبهم، وقال: إني دخلت البارحة الأربعين وأنا استحي من سني.

حكم

قال بعض ال حكماء ليس من الكرم عقوبة من لا يجد امتناعا من السطوة، ولا معقلاً من البطشة. من الأحياء خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بئر يغتسل عندها فامسك حذيفة بن اليمان بالثوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وستره به، حتى اغتسل ثم جلس حذيفة ليغتسل فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الثوب وقام يستر حذيفة من الناس فأبى حذيفة وقال بأبي وأمي أنت يا رسول الله لا تفعل فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أن يستره بالثوب حتى اغتسل، وقال: صلى الله عليه وسلم ما اصطحب اثنان قط الا وكان أحبهما إلى الله رفقهما بصاحبه. من كان في قلبه خردلة ... سوى جلالك فاعلم أنه مرض حكم نبذ من كلام جار الله الزمخشري، من زرع الاحن حصد المحن، كثرة المقالة عثرة غير مقالة إلى كم اصبح وأمسى ويومي شر من أمسى، لا بد للفرس من سوط وإن كان بعيد الشوط، لا بد من ذامع ذيا والدبران تلو الثريا شعاع الشمس لا يخفى ونور الحق لا يطفى كم لا يدي الركاب من أياد في الرقاب البراطيل تنصر الأباطيل اتزعم أنك صائم وأنت في لحم أخيك سائم ما أدري أيهما أشقى من يعوم في الأمواج أم من يقوم على الازواج لا ترض لمجالستك الا أهل مجانستك أهيب وطأة من الأسد من يمشي في طريق الأسد. اذا كثر الطاغون ارسل الله الطاعون. أعمالك نية أن لم تنضجها النية. لا يجد الأحمق لذة الحكمة، كما لا يلتذ بالورد صاحب الزكمة. طوبى لمن كانت خاتمة عمره كفاتحته، وليست أعماله بفاضحته. حدى بعض الثقات أن رجلاً من المنهمكين في الفساد مات في نواحي البصرة، فلم تجد امرأته من يعينها على حمل جنازته، لتنفر الطباع عنه فأستأجرت من حملها إلى المصلى فما صلى عليها أحد، فحملوها إلى الصحراء للدفن، وكان على جبل قريب من الموضع زاهد مشهور، فرأوه كالمنتظر للجنازة، فقصدها ليصلي عليها فانتشر الخبر في البلدان فلان الزاهد نزل يصلي على فلان، فخرج أهل البلد فصلوا معه عليها، وتعجب الناس من صلوة الزاهد فقيل له في ذلك: فقال: رأيت في المنام انزل إلى الموضع الفلاني ترى فيه جنازة ليس معها أحد الا امرأة فصل عليها، فانه مغفور له، فازداد تعجب الناس من ذلك، فاستدعى الزاهد امرأة الميت، وسألها عن حاله، فقالت كان طول نهاره

مشغولاً بشرب الخمر، فقال: هل تعرفين له شيئاً من أعمال الخير؟ فقالت ثلاثة: كان كل يوم يفيق من سكره وقت الصبح فيبدل ثيابه ويتوضأ ويصلي الصبح. الثاني: أنه كان لا يخلوا بيته من يتيم أو يتيمين، وكان أحسانه اليهم أكثر من احسانه إلى أولاده. الثالث: أنه كان يفيق من سكرة في أثناء الليل، فيكبي ويقول: يا رب أي زاوية من زوايا جهنم تريد أن تملأها بهذا الخبيث؟ لما مات المهدي لبس حواريه مسوحاً سوداً، وفي ذلك يقول أبو العتاهية: رحن بالوشي وأصبحن عليهن المسوح ... كل نطح وان عاش له يوم تطوح بين عيني كل حي علم الموت يلوح ... كلنا في غفلة والموت يغدو ويروح احسن الله بنا أن الخطايا لا تفوح ... نح على نفسك يا مسكين أن كنت تنوح الحاجزي خمار هواك قد اتى بالقدح ... والوقت ضغافقم بنا نصطبح كم تكتم سر حالك المفتضح ... قل علوة واكشف الغطاء واسترح غيره يا قلب صبراً على الفارق ولو ... روعت ممن تحب بالبين وانت يا دمع أن ابحث بما ... أخفاه سري سقطت من عيني من الاحياء: في كتاب الخوف والرجاء، روى محمد بن الحنيفة عن ابنة علي قال: لما نزل قول تعالى " فاصح الصفح الجميل " قال النبي صلى الله عليه وسلم " وما الصفح الجميل " قال ذا عفوت عمن ظلمك فلا تعاتبه فقال: يا جبرئيل فالله تعالى أكرم من أن يعاتب من عفى عنه فبكى جبرئيل، وبكى النبي صلى الله عليه وسلم فبعث إليهما ميكائيل، وقال أن ربكما يقرء بكما السلام ويقول كيف أعاتب من عفونت عنه، هذا ما لا يشبه كرمي. في الحديث: ليغفرن الله تعالى يوم القيمة مغفرة ما خطرت قط على قلب أحد حتى أن إبليس ليتطاول لها رجاء أن تصيبه.

كان بعض العارفين يصلي أكثر ليلة ثم يأوي إلى فراشه، ويقول، يا ماوي كل شر والله ما رضيتك لله طرفة عين، ثم يبكي فيقال له ما يبكيك فيقول قوله تعالى: " أنما يتقبل الله من المتقين. اذا أردنا أن نعرف ارتفاع الشمس أبداً من غير اسطرلاب ولا آلة ارتفاع فأنا نقيم شاخصاً في أرض موزونة ثم نعلم على طرف الظل في ذلك الوقت ونمد خطاً مستقيماً من محل قيام الشاخص يجوز على طرف الظل إلى مالا نهاية معينة له، ثم نخرج من ذلك المحل على خط الظل في ذلك ذلك السطح عموداً طوله مثل طول الشاخص، ثم نمد خطاً، مستقيماً من طرف العمود الذي في السطح إلى طرف الظل فيحدث سطح مثلث قائم الزاوية، ثم نجعل طرف الظل مركزاً وندير عليه دائرة بأي قدر شئنا، ونقسم الدائرة بأربعة أقسام متساوية على زوايا قائمة يجمعها المركز، ونقسم الربع الذي قطعه المثلث من الدائرة بتسعين جزءاً وما قطعه ضلع الذي يوتر الزاوية القائمة من الدائرة مما يلي خط الظل هو الارتفاع، وليكن محل الشاخص نقطة 1 وطرف الظل ب والخط الشاخص 1 ج والعمود في السطح 1 د و 1 هي الزاوية القائمة والمستقيم الواصل بين طرف العمود، وطرف الظل د ب والمثلث اب د ومركز الدائرة ب والدائرة ي رج هـ والضلع الموتر للزاوية القائمة من المثلث ضلع ب د فاذا كان قاطعاً للربع على نقطة ك مقدار الارتفاع في ذلك الوقت من ذلك اليوم وهذا مما برهن عليه لكن برهانه ما يطول ولا يتسع له الكشكول. قال بعض العارفين: والله ما أحب أن يجعل حسابي يوم القيامة إلى أبوي لأني اعلم أن الله تعالى ارحم بي منهما. وفي الخبر، أن الله تعالى خلق جهنم من فضل رحمته سوطاً يسوق به عباده إلى الجنة. وفي الخبر أيضاً، أن الله تعالى يقول، أنم خلقت الخلق ليربحوا علي، ولم أخلقهم لأربح عليهم. كل عدد قسم على عدد فيكون نسبة الخارج من القسمة إلى مربعه كنسبة المقسوم عليه إلى المقسوم فاذا أردنا أن يحصل مجذوراً يكون نسبته إلى جذره كنسبة عدد إلى عدد آخر نقسم العدد الأول على العدد الثاني فما خرج من القسمة يكون مضروبه في نفسه العدد المطلوب. قال الأصمعي، رآني أعرابي، وأنا أكتب كلما يقول فقال: ما أنت الا الحفظة، تكتب لفظ اللفظة.

رأى بعض الصلحاء أبا سهل الزجاجي في المنام على هئية حسنة وكان يقول بو عيد الأبد، فقال له: كيف حالك؟ فقال وجدنا الأمر أسهل مما توهمنا وما أحسن قول أبي نواس في عظم الرجاء: تكثر ما استطعت من الخطايا ... فإنك بالغ ربا غفوراً ستبصر أن وردت عليه عفواً ... وتلقى سيد ملكاً كبيراً تعض ندامة كفيك مما ... تركت مخافة النار السرورا قال ابن الأعرابي: نظر إلى اعرابي، وأنا اكتب الكلمة بعد الكلمة من ألفاظه. فقال أنك لحتف الكلمة الشرود. البهاء زهير المصري ماله عني مالا وتجنى ... فاطالا اترى ذاك دلالا من حبيبي أو ملالا فلقد ... ارخصني من أنا فيه اتغالا سيدي لم يبق لي حبك بين الناس حالا ... فإذا غبت تلفت يميناً وشمالاً أنت في الحسن إمام ... بك قلبي يتوالا لا وحق الله ما ... ظنك في حقي حلالا أن بعض الظن إثم ... صدق الله تعالى الغيبة جمد لبعضهم وذي سفه يخاطبني بجهل ... فآنف أن أكون له مجيباً يزيد سفاهة وازيد حلما ... كعود زاده الأحراق طيباً لبعضهم بدا على خده عذار ... في مثله يعذر الكئيب لما أراق الدماء ظلما ... بدت على خده الذنوب القاضي منصور الهروي

ومنتقب بالورد قبلت خده ... وما لفؤادي من هواه خلاص فاعرض عني مغضباً قلت لا تجر ... وقبل فمي أن الجروح قصاص ابن هلال العسكري ومهفهف قال الاله لوجهه ... كن مجمعاً للطيبات فكانه زعم البنفسج أنه كعذاره ... حسنا فسلوا من قفاه لسانه لبعضهم: كفى زاجراً للمرء أيام دهره ... تروح له بالواعظات وتغتدي كتب الشيخ أبو سعيد ابن أبي الخير إلى الشيخ الرئيس أبي علي بن سينا أيها العالم وفقك الله لما ينبغي، ورزقك من سعادة الا بد ما تبتغي أني من الطريق المستقيم على يقين الا أن أودية الظنون على الطريق المستجد متشعبة، واني من كل طالب طريقة، ولعل الله يفتح لي من باب حقيقة حاله بوسيلة تحقيقه، وصدقه تصديقه، وأنك بالعلم لموسوم وبمذاكرة أهل هذا الطريق مرسوم فاسمعني ما رزقت، وبين لي ما عليه وقفت وإليه وفقت وأعلم أن التذبذب بداية حالي الترهب ومن ترهب ترأب وهذا سهل جداً وعسران عد هذا والله ولي التوفيق. فأجابه الشيخ الرئيس وصل خطاب فلان مبيناً ما صنع الله تعالى لديه، وسبوغ نعمه عليه والاستمساك بعروة الوثقى، والاعتصام بحبله المتين والضرب في سبيله، والتولية شطر التقرب إليه، والتوجه تلقاء وجهه نافضاً عن نفسه غير هذه الخربة رافضاً بهمته الاهتمام بهذه القذرة أعز وأرد واسر واصل، وانفس طالع، واكرم طارق، فقرأته وفهمته، وتدبرته وكررته وحققته في نفسي وقررته، فبدأت بشكر الله واهب العقل، ومفيض العدل، وحمدته على ما أولاه، وسألته أن يوفقه في أخراه وأولاه، وأن يثبت قدمه على ما توطاه ولا يلقيه إلى ما تخطاه وتزيده إلى هداية وإلى درايته التي آتاه دراية، أنه الهادي المبشر والمدبر، المقدر، عنه يتشعب كل أثر وإليه تستند الحوادث والغير، وكذلك تقضي الملكوت ويقضي الجبروت، وهو من سر الله الأعظم يعلمه من يعلمه، وذهل عنه من لا يعصمه طوبى لمن قاده القدر إلى زمرة السعداء وحاد به رتبة الأشقياء، وأوزعه استرباح البقاء من رأس مال الغنى وما نزهة هذا العاقل في دار يتشابه فيها عقبى مدرك ومفوت ويتساويان عند حلول وقت مؤقت دار أليمها موجع

ولذيذها مشبع، وصحتها قر الأضداد على وزن واعداد وسلامتها استمرار فاقة إلى استمراء مذاقة، ودوام حاجة إلى مج مجاجة نعم والله ما المشغول بها مثبط والمتصرف فيها الا مخبط موزع البال بين ألم وياس ونقود وأجناس أخيذ حركات شتى، وعنيف أوطار تترى، وأين هو عن المهاجرة إلى التوحيد، واعتماد النظام بالتفريد، والخلوص من التشعب إلى التراب وعن التذبذب إلى التهذب، وعن باد يمارسه إلى أبد يشارقه، وهناك اللذة حقاً والحسن صدقاً، سلسال كلما سقيته على الري كان أهنى وأشفى، ورزق كلما أطعمته على الشبع كان أغذي، وامرىء ري استقاء لا رى اباء وشبع استشباع لأبشع استبشاع، ونسأل الله تعالى أن يجلو عن أبصارنا الغشاوة وعن قلوبنا القساوة، وأن يهدينا كما هداه ويؤتينا مما آتاه، وأن يحجز بيننا وبين هذه الغارة الغاشة البسور في هيئته الباشة المعاصرة، في حلية المباسرة المفاصلة، في معرض المواصلة، وأن يجعله أمامنا فيما أثر وأثر وقايدنا إلى ما صار اليه وسار أنه ولي ذلك فأما ما التسمه من تذكره ترد مني وتبصرة تأتيه من قبلي وبيان يشفيه من كلامي فكبصير استرشد عن مكفوف، وسميع استخبر عن موقور السمع غير خبير فهل لمثلي أن يخاطبه بموعظة حسنة، ومثل صالح، وصواب مرشد وطريق اسنه له منقذ والى غرضه الذي أمه منفذ، ومع ذلك فليكن الله تعالى أول فكرة، وآخره، وباطن اعتباره وظاهره، وليكن عين نفسه مكحولة بالنظر إليه، وقدمها موقوفة على المثول بين يديه، ومسافراً بعقله في الملكوت الأعلى، وما فيه من آيات ربه الكبرى، فإذا انحط إلى قراره لير الله في آثاره، فانه باطن ظاهره تجلى لكل شيء ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد. قاذا صارت هذه الحال ملكة، وهذه الخصلة وتيرة، انطبع في فصه نقية الملكوت، وتجلى له آية قدس اللاهوت، فألف الأنس الأعلى وذاق اللذة والقصوى ومذعن نفسه إلى من هو به أولى، وفاضت عليه السكينة، وحفت به الطمأنينة، واطلع على العالم الأدنى ... اطلاع راحم لأهله، مستوهن بحبلة، مستخف لثقله، وليعلم أن أفضل الحركات الصلوة وأفضل السكنات الصيام، وارفع البر والصدقة، وازكى السير الاحتمال، وأبطل السعي الرياء ولن تخلص النفس عن البدن ما التفت إلى قيل وقال، ومناقشة وجدال، وخير العمل ما صدر عن مقام نية، وخير النية ما ينفرج عن جناب علم. والحكمة أم الفضايل، ومعرفة الله أول الأوايل، اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه،

توحيد سقراط

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم وأستهديه، وأتوب إليه وأستكفيه. وأسأله أن يقربني إليه إنه سميع مجيب. انتهى. قال في الملل والنحل: إن سقراط الحكيم كان تلميذاً لفيثاغورس وكان مشتغلاً بالزهد ورياضة النفس وتهذيب الأخلاق والإعراض عن ملاذ الدنيا، واعتزل إلى جبل وأقام في غار به، ونهى الرؤساء الذين كانوا في زمانه عن الشرك وعبادة الأوثان فثوروا عليه الغاغة وألجأوا الملك إلى قتله، فحبسه الملك ثم سقاه السم. توحيد سقراط قال سقراط: أخص ما يوصف به الباري تعالى: هو كونه حياً قيوماً لأن العلم والقدرة والجود والحكمة تندرج تحت كونه حياً، والحياة صفة جامعة للكل والبقاء والسرمد، والدوام يندرج تحت كونه قيوماً، والقيومية صفة جامعة للكل. وكان من مذهبه: أن النفوس الإنسانية كانت موجودة قبل وجود الأبدان فاتصلت بالأبدان لاستكمالها فإذا بطلت الأبدان رجعت النفوس إلى كليتها. وقال للملك: لما أراد قتله إن سقراط في حب والملك لا يقدر إلا على كسر الحب فالحب يكسر ويرجع الماء إلى البحر. وله حكم مرموزة: منها لا تنعس على باب أعداءك، إضرب الأترجه ترنج بالرمان. اقتل العقرب بالصوم، إن أحببت أن تكون ملكاً فكن حمار وحش. إزرع بالأسود، واحصد بالأبيض. إن أمت الحي تحيي بموته. روى العارف الرباني مولانا عبد الرزاق الكاشاني في تأويلاته عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: لقد تجلى الله لعباده في كلامه ولكن لا يبصرون. وروى في كتاب المذكور أنه خر مغشيا عليه في الصلاة فسئل عن ذلك فقال: ما زلت أرددت الآية حتى سمعتها من المتكلم بها. الشسعن الشيخ السهروردي أنه قال: بعد نقل هذه الحكاية عن الصادق رضي الله عنه أنه لسان الإمام في ذلك الوقت كان كشجرة موسى عند قوله إني أنا الله، وهو مذكور في الإحياء في تلاوة القرآن. قال معاذ بن جبل: ارض من أخيك إذا ولى ولاية بعشر وده قبلها.

وقال بعضهم: التواضع من مصائد الشرف، من لم يصبر على كلمة سمع كلمات وقيل لبعضهم: من السيد؟ فقال الذي إذا حضر هابوه، وإذا غاب عابوه. أنصفك من كلفك إجلاله، ومنعك ماله. إن امرأ ليس بينه وبين آدم أب حي لعريق في الموت. لا تكن ممن يلعن إبليس في العلانية ويوالية في السر كثير عزة: وكنت إذا ما زرت ليلى بأرضها ... أرى الأرض تطوى لي ويدنو بعيدها من الخفرات البيض ود جليسها ... إذا ما انقضت أحدوثة لو تعيدها وله من أبيات: تمتع بها ما ساعفتك ولا تكن ... على شجن في البين حين تبين وإن هي أعطتك الليان فإنها ... لآخر من خلانها ستلين وإن حلفت لا ينقض النأي عهدها ... فليس لمخضوب البنان يمين لبعضهم: حسب المحب تلذذ بغرامه ... من كل ما يهوى وما يتحبب خمر المحبة لا يشم نسيمها ... من كان في شيء سواها يرغب عن علي بن أبي رافع قال: كنت على بيت مال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكاتبه، وكان في بيت ماله عقد لؤلؤ كان أصابه يوم البصرة، فأرسلت إلى بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقالت: إنه قد بلغني أن في بيت مال أمير المؤمنين عقد لؤلؤ في يديك، وأنا أحب أن تعيرينه أتجمل به في يوم الأضحى، فأرسلت إليها عارية مضمونة مردودة بعد ثلاثة أيام فدفعته أيام يا بنت أمير المؤمنين، فقالت: نعم، عارية مضمونة مردودة بعد ثلاثة أيام فعدفعته إليها، وإن أمير المؤمنين رضي الله عنه رآه عليها فعرفه، فقال لها: من أين صار إليك هذا العقد، فقالت: استعرته عن ابن أبي رافع خازن بيت مال أمير المؤمنين رضي الله عنه لأتزين به في العيد ثقم أرده قال: فبعث إلي أمير المؤمنين رضي الله عنه فجئته فقال لي: أتخون المسلمين يا ابن أبي رافع؟ فقلت: معاذ الله أن أخون المسلمين، فقال: كيف أعرت بنت أمير المؤمنين العقد الذي من بيت المال بغير إذني ورضاهم؟ فقلت: يا أمير المؤمنين إنها ابنتك، وسألتني أن أعيرها تتزين به فأعرتها إياه عارية مضمونة مردودة علي أن أرده مسلماً إلى موضعه فقال: رده من يومك وإياك أن تعود إلى ذلك فتنالك عقوبتي. ثم قال: ويل لابنتي لو كانت أخذت العقد على غير عارية مردودة مضمونة لكانت إذن أول هاشمية قطعت يدها في سرقة. فبلغت مقالته رضي الله عنه ابنته، فقالت له: يا أمير المؤمنين أنا ابنتك وبضعة

نصائح نبوية

فمن أحق بلبسه مني؟ ! فقال لها: يا بنت ابن أبي طالب لا تذهبين بنفسك عن الحق، أكل نساء المهاجرين والأنصار يتزين في مثل هذا العيد بمثل هذا؟ فقبضته منها ورددته إلى موضعه. يقال: شغلت فلاناً شاغل له، ولا يقال: أشغلته فإنها لغة ردية قاله في الصحاح. نصائح نبوية قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيها الناس إن هذه الدار دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء. ألا وإن الله خلق الدنيا دار بلوى والآخرة دار عقبى فجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة سبباً وثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي. إنها لسريعة الذهاب وشيكة الإنقلاب، فاحذروا حلاوة رضاعها لمرارة فطامها، واحذروا لذيذ عاجلها لكربة آجلها. ولا تسعوا في تعمير دار، وقد قضى الله خرابها، ولا تواصلوها، وقد أراد منكم اجتنابها. فتكونوا لسخطه متعرضين ولعقوبته مستحقين. عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيها الناس بسط الأمل متقدم على حلول الأجل والمعاد مضمار العمل. فمغتبط بما احتقب غانم ومستيئس بما فاته من عمل نادم أيها الناس إن الطمع فقر. واليأس غنى. والقناعة راحة. والعزلة عبادة. العمل كنز. والدنيا معدن وما بقي منه أشبه بما مضى من الماء بالماء، وكل إلى نفاد وشيك، وزوال قريب، فبادروا وأنتم في مهل الأنفاس وجدة مدة الإخلاص قبل أتن يؤخذ بالكظم فلا يغني الندم. انتهى من كلام أرسطوطاليس من شرح حكمة الأشراق للعلامة على الاطلاق، والمعلم الأول يعني أرسطا طاليس، وأن كان كثير القدر، عظيم الشأن، بعيد الغور، تام النظر لا تجوز المبالغة فيه على وجه يفضي إلى الازراء باساتذته كأنه يشير إلى الشيخ أبي علي ابن سينا، حيث قال في آخر منطق الشفافي تفخيم قدر أرسطو وتعظيم شأنه، بعد أن نقل عنه ما معناه: أنا ما درينا عمن تقدمنا في الأقيسة، الاضوابط غير مفصلة، وأما تفصيلها، وأفراد كل قياس بشروطه، وضروبه، وتميز المنتج عن العقيم إلى غير ذلك من الأحكام، فهو أمر قد كددنا فيه أنفسنا، وأسهرنا أعيينا، حتى استقام على هذا الأمر، فلوقع لأحد من ياتي بعد نافية زيادة، أو أصلاح فليصلحه أو خلل فليسده

حقائق الأشياء

انظروا معاشر المتعلمين هل أنى بعده أحد زاد عليه، أو أظهر فيه قصوراً، وأخذ عليه مأخذاً مع طول المدة، وبعد العهد، بل كان ما ذكره هو التام، والميزان الصحيح، والحق الصريح، ثم قال في تحقير أفلاطون الإلهي، فان كانت بضاعته من الحكمة، ما وصل الينا من كتبه، وكلامه، فلقد كانت بضاعته من العلم مزجاة. قال العلامة بعد اسطر ولو أنصف أبو علي لعلم أن الأصول التي بسطها، وهذبها أرسطو طاليس، مأخوذة عن أفلاطون، وأنه ما كان والعلم عند الله عاجزاً عن ذلك، وانما عاقه عنه شغل القلب بالأمور الكشفية الجليلة والذوقية الجميلة التي هي الحكمة بالحقيقة دون غيرها، ومن هو مشغول بهذه الأمور المهمة الشريفة النفيسة كيف يتفرغ لتفريع الأصول وتفصيل المجمل الغير المهم انتهى كلام العلامة طاب ثراه. حقائق الأشياء حقائق الأشياء مغايرة. الصور التي يتحلى فيها على المشاعر الظاهرة، وتتحير بها لدى المدارك الباطنة وكل منها في حد ذاتها قابلة للظهور. في صور متخالفة، ومظاهر متباينة، وتلك الصور متساوية الأقدام بالنسبة إليها ليس بعضها في حد ذاته أولى ببعض، وإنما يختص الظهور في بعض الصور. بحسب المواطن والمشاعر والنشآت: فيلبس في كل موطن لباساً، ويتجلبب في كل مشعر بجلباب، ويتزيأ في كل نشأة بزي، ويسمى في كل عالم باسم، وأما السنخ الذي هو معروض هذه الصور، فلا يعلمه الاعلام الغيوب. ووجه واحد في كل حال ... وما التعدد إلا في المرايا من كلام سقراط قال سقراط، وهو تلميذ فيثاغورث الحكيم: إذا أقبلت الحكم خدمت الشهوات العقول وإذا أدبرت خدمت العقول الشهوات. وقال: لا تكرهوا أولادكم على آثاركم، فأنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم. وقال: ينبغي أن تفرح بالموت، وتغتم بالحياة لأنا نحيي لنموت ونمون النحيي. وقال: قلوب المعترفين في المعرفة منابر الملائكة، وبطون المتلذذين بالشهوات قبور الحيوانات الهالكة. وقال للحيوة حدان: الأول الأمل، والثاني الأجل، فبالأول بقاؤها، وبالثاني فناؤها. انتهى

لغويات

كان أبو الحسن النوري مع جماعة في دعوة، فجرى بينهم مسألة في العلم، وطال البحث وهو ساكت، فقالوا: لم لا تتكلم؟ فرفع رأسه وأنشد: رب ورقاء هتوف بالضحى ... ذات شجو صدحت في فنن ذكرت الفا ودهراً صالحاً ... فبكت حزناً فهاجت حزني فبكائي ربما أرقها ... وبكاها ربما أرقني ولقد أشكو فما تفهمه ... ولقد تشكو فما تفهمني غير أني بالجوى أعرفها ... وهي أيضاً بالجوى تعرفني قال بعض الحكماء أحق الناس بالهوان المحدث لمن لا يصغى إلى حديثه. ومن كلامهم: من البسة الليل ثوب ظلمائه، نزعه عنه النهار بضيائه. لغويات من كتاب أدب الكتاب ، يقال لولد كل سبع: جرو، ولولد كل ذي ريش فرخ ولولد كل وحشية طفل، وولد الفرس مهر وفلو، وولد الحمار جحش وعفو، وولد البقرة عجل والأنثى عجلة، وولد الضأن ذكراً أو أنثى سخلة وبهمة، فإذا بلغ أربعة أشهر فهو حمل وخروف، والأنثى خروفة، وولد الماعز سخلة وبهمة إلى أربعة أشهر، فهو جفر والأنثى جفرة، ثم جدي، والأنثى عناق، وولد الأسد شبل، وولد الضبع فرعل، وولد الدب ديسم ولولد الفيل دغفل، ولولد الناقة حوار، ولولد الأروبة غفر، ولولد الأرنب خرنق، ولولد الحية حربش، ولولد النعام دال، ولولد الفار درص، ولولد الضب حسل، ولولد الغزال خشف، ولولد الخنزير خنوص، وولد الذئبة والكلبة والهرة والجرد درص، وولد الثعلب هجرس. الحزن والعضب سبب الحزن هجوم ما تكرهه النفس ممن هو فوقها وسبب الغضب هجوم ما تكرهه النفس ممن هو دونها، والغضب، حركة إلى الخارج والحزن حركة إلى الداخل فيحدث عن الغضب السطوة والإنتقام لبروزه، ويحدث عن الحزن المرض والسقم لكمونه ولهذا يعرض الموت من الحزن ولا يعرض من الغضب. من التحفة للعلامة قطب الدين الشيرازي: ليست رؤية الكوكب في الأفق أعظم لكونه أقرب إلينا فينافي الاستدارة، بل لأن البخار يرى ما وراءه أعظم مما هو عليه، لأن رؤية الكوكب في البخار إنما يكون بأشعة مستقيمة تخرج من البصر إلى سطح البخار الواقع بين

البصر والمبصر. ثم ينعطف منه إليه، ولهذا تعظم الزاوية الجليدية، ويرى الشيء أعظم، لما تقرر في علم المناظر أن عظم المرئي وصغره إنما هو بعظم الزاوية الجليدية وصغرها، لا لسمك البخار، بل البعد بين البصر والكوكب وهو على الأفق أكثر مما بينهما وهو على سمت الرأس، إذا قصر الخطوط الخارجة من نقطة داخل دائرة غير مركزها إلى محيطها تمام القطر، لما بينه إقليدس بكون الانعطاف عند الأفق من أجزاء أبعد من سهم المخروط البصري بخلافة في وسط السماء ولذلك تعظم الزاوية الجليدية، وتكون رؤية الكوكب بالأفق أعظم من رؤيته في وسط السماء، مع توسط البخار بينهما في الحالين. ومنه يظهر أن الكوكب في وسط السماء كان يرى أعظم مما يرى في الأفق وأصغر مما تراه الآن لولا البخار انتهى. من تفسير القاضي قوله تعالى: " إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة " الآيات قال: من أراد أن يعرف أعدا عدوه الساعي في إماتته الموت الحقيقي، فطريقه أن يذبح بقرة نفسه التي هي القوة الشهوية حين زال عنها شره الصبا، ولم يلحقها ضعف الكبر وكانت معجبة رايقة المنظر غير مذللة في طلب الدنيا مسلمة عن دنسها لاشية بها من مقابحها بحيث يصل أثره إلى نفسه، فتحيا حياة طيبة وتعرب عما به ينكشف الحال ويرتفع ما بين العقل والوهم من التداوي والنزاع. قوله تعالى: " ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبوراً " قال جار الله: قوله: وآتينا داود زبوراً دلالة على وجه تفضيل محمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم الأنبياء، وأن أمته خير الأمم لأن ذلك مكتوب في الزبور، قال تعالى: " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " أقول ومن هنا يظهر وجه ضعف عطف قوله وآتينا على ولقد فضلنا إذ المراد بالبعض المفضل نبينا صلى الله عليه وسلم كما قال بعض المفسرين. الشريف الرضى يرثو أبا إسحاق الصابي: اعلمت من حملوا على الأعواد ... أرأيت كيف خبا ضياء النادي جبل رسى لو حر في البحر اغتدى ... من وقعه متتابع الأزباد ما كنت أعلم قبل حطك في الثرى ... أن الثرى يعلو على الأطواد بعداً ليومك في الزمان فأنه ... اقذى العيون وفت في الأعضاد لو كنت تفدى لافتدتك فوارس ... مطروا بعارض كل يوم طراد وإذا تالق بارق لوقيعة ... والخيل تفحص بالرجال بداد

نثلوا الدروع من القباب واقبلوا ... يتحدثون على القنا المياد لكن رماك مجبن الشجعان عن ... أقدامهم ومضعضع الأنجاد اعزز علي بأن أراك وقد خلت ... من جانبيك مقاعد العواد من للبلاغة والفصاحة إن هما ... خباك الغمام وعب ذاك الوادي من للملوك تجر في أعدائها ... بظبي من القول البليغ حداد إن الدموع عليك غير بخيلة ... والقلب بالسلوان غير جواد ليس الفجائع بالذخاير مثلها ... يا ماجد الأعتاق والأفراد ويقول من لم يدر كنهك إنهم ... نقصوا به عدداً من الأعداد هيهات أدرج بين برديك الردى ... رجل الرجال وواحد الآحاد لا تطلبي يا نفس خلا بعده ... فلمثله أعيي على المرتاد ما مطعم الدنيا بحلو بعده ... أبداً ولا ماء الحمى ببراد الفضل ناسب بيننا إن لم يكن ... شرفاً مناسبة ولا ميلاد لك في الحشا قبر وإن لم تاوه ... ومن الدموع روائح وغوادي ما مات من جعل الزمان لسانه ... يتلو مناقبه مدى الآباد لا تبعدن وإن قربك بعدها ... إن المنية غاية الأبعاد صفح الثرى عن حر وجهك أنه ... مغرى بكل محاسن الأمجاد وتماسكت تلك البنان وطالما ... عبث البلا بأنامل الأجواد وسقاك فضلك أنه أروى حيا ... من رائح متعرض أو غادي هذا آخر ما انتخبته منها، وهي نحو من تسعين بيتاً في غاية الجودة والحسن. لبعضهم قلت مستعطفاً لساق سقاني ... من طلانيل مصر أطيب كاس أنت أشهى إلى منه ولكن ... قلبه لين وقلبك قاسي برهان على أن غاية غلظ كل من المتممين بقدر ضعف ما بين المركزين، ومنه يظهر فساد ما قال صاحب المواقف من أن غايته تساوي ما بين المركزين إذ افرضنا اب ح محدب فلك يكون الخارج في تحت وء هـ ر مقعره، فمنء إلى ا، ومن هـ إلى ب، ومن

ر إلى ح يكون حجم ذلك الفلك وح مركزان، وا ح ج قطره، وا ط ى محدب الخارج، وك ل ر مقعره. ومن ك اومن ل إلى ط، ومن إلى ى حجم الخارج، وى مركزه وا ن قطره ون ح ما بين المركزين فنقول: ن ايساوي ن ى لأن كل واحد منهما قد خرج من المركز إلى المحيط فينقص من ن ى ن ح فيبقى ح ى فح ى أقصر من ن بمقدار ن ح الذي هو ما بين المركزين، وأضفنا ح ن إلى ن افيكون ح ن أعظم من ح ى بمقدار ضعف ن ر ح الذي هو ما بين المركزين. وإذا أضفنا ح ى الذي هو غاية الغلط من المتمم الحاوي إلى ح ى صار مساويا لح ا. ولما كان اأعظم من ح ى يضعف ما بين المركزين وقد ساواه بإضافة مقدار المتمم الحاوي إليه يكون ح المتمم الحاوي مساويا بالضعف ما بين المركزين. وبهذه الطريقة نثبت أن المحوى أيضا ضعف ما بين المركزين وينقص من ح اح ى مثل ح ر وى مثل اى فيبقى من ح ابعد نقصان حء ىء الذي هو المتمم للمحوي وقد كان زائداً عليه بضعف ما بين المركزين فيكون ك ر ضعف ما بين المركزين انتهى. من تأويلات الشيخ العارف العامل مولانا عبد الرزاق الكاشاني رحمه الله عند قوله تعالى في سورة يس " واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون " قال أصحاب القرية هم أهل مدينة البدن والرسل الثالثة الروح والقلب والعقل إذ رسل إليهم اثنين أولاً فكذبوهما لعدم التناسب بينهما وبينهم ومخالفتهم إياهما في النور والظلمة فعززنا بالعقل الذي يوافق النفس في المصالح والمناجح ويدعوها وقومها إلى ما يدعو إليه القلب والروح، وتشأمهم بهم وتنفرهم عنهم لحملهم إياهم على الرياضة والمجاهدة ومنعهم عن اللذات والحظوظ، ورجمهم إياهم واستيلاؤهم عليهم رميهم بالدواع الطبيعية والمطالب البدنية، وتعذيبهم عليهم واستعمالهم في تحصيل الشهوات البهيمية والسبعية، والرجل الذي جاء من أقصى المدينة أي من أبعد مكان فيها العشق المنبعث من أعلى وأرفع موضع منها بدلالة شمعون العقل، يسعى بسرعة حركته، ويدعو الكل بالقهر والإجبار إلى متابعة الرسل في التوحيد، ويقول: ما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون وكان اسمه حبيباً وكان نجاراً ينحت في مدينته أصنام مظاهر الصفات من الصور لاحتجابه بحسنها عن جمال الذات وهو المأمور بدخول جنة الذات قائلاً: يا ليت قومي المحجوبين عن مقامي وحالي يعلمون بما غفر لي ربي ذنب عبادة أصنام مظاهر الصفات وتنجيرها، وجعلني من المكرمين بغاية قربي في الحضرة الأحدية. من إيجاز البيان في تفسير القرآن لأبي القاسم محمود النيشابوري قوله تعالى: " ولا الليل سابق النهار " سئل الرضا رضي الله عنه عند المأمون عن الليل والنهار أيهما

أسبق؟ فقال النهار ودليله أما في القرآن ولا اليل سابق النهار، وأما من الحساب فإن الدنيا خلقت بطالع السرطان والكواكب في إشرافها فتكون الشمس في الحمل عاشر الطالع وسط السماء. من الجزء الثالث من كتاب الفتوحات المكمية لجمال العارفين الشيخ محيي الدين بن عربي، قال: اتفق العلماء على أن الرجلين من أعضاء الوضوء، واختلفوا في صورة طهارتهما هل ذلك بالغسل أو بالمسح أو بالتخيير بينهما؟ ومذهبنا التخيير والجمع أولى، وما من قول إلا وبه قائل، فالمسح بظاهر الكتاب والغسل بالسنة ثم قال بعد كلام طويل يتعلق بالباطن وأما القراءة في قوله تعالى: وأرجلكم بفتح اللام وكسرها من أجل العطف على الممسوح فالخفض، أو على المغسول فالفتح، فمذهبنا أن الفتح في اللازم لا يخرجه عن الممسوح، فإن هذه الواو قد تكون واو مع وواو المعية تنصب فحجة من يقول: بالمسح في هذه الآية أقوى لأنه يشارك القائل بالغسل في الدلالة التي اعتبرها، وهي فتح اللام ولم يشاركه من يقول بالغسل في فتح اللام. من كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه: والله لئن أبيت على حسك السعدان مسهداً وأجر في الأغلال مصفداً أحب إلي من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد أو غاصباً شيئاً من الحطام، كيف أظلم أحداً والنفس يسرع إلى البلى قفولها ويطون في الثرى حلولها، والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت، وإن دنياكم لأهون علي من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعلي ونعيم يفنى ولذة لا تبقى نعوذ بالله من سيئات الفعل وقبح الزلل. رأى زيتون الحكيم رجلاً على شاطىء البحر مهموماً محزوناً ويتلهف على الدنيا، فقال له: يا فتى ما تلهفك على الدنيا لو كنت في غاية الغنى وأنت راكب لجة البحر، وقد انكسرت بك السفينة وأشرفت على الغرق أما كانت غاية مطلوبك النجاة وأن يفوت كل ما بيدك، قال: نعم قال: ولو كنت ملكاً على الدنيا وأحاط بك من يريد قتلك أما كان مرادك النجاة من يده، ولو ذهب جميع ما تملك، قال: نعم. قال: فأنت ذلك الغني الآن وأنت ذلك الملك فتسلى الرجل بكلامه. كتب العلامة المحقق الطوسي إلى صاحب حلب بعد فتح بغداد: أما بعد فقد نزلنا بغداد سنة خمس وخمسين وستمائة فساء صباح المنذرين، فدعونا مالكها إلى طاعتنا فأبى، فحق القول عليه فاخذناه أخذا وبيلا. وقد دعوناك إلى طاعتنا، فإن أتيت فروح وريحان

وجنة نعيم وإن أبيت فلأسلطن منك عليك، فلا تكن كالباحث عن حتفة بظلفه، والجادع مارن أنفه بكفه. والسلام. من خطب النبي صلى الله عليه وسلم " أيها الناس، إن الأيام تطوى والأعمار تفنى، والأبدان في الثرى تبلى، وإن الليل والنهار يتراكضان تراكض البريد، يقربان كل بعيد، ويبليان كل جديد وفي ذلك عباد الله ما ألهى عن الشهوات، ورغب في الباقيات الصالحات ". من كلام بعض العارفين اعملوا لآخرتكم في هذه الأيام التي تسير كأنها تطير، وإن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما. التفاضل بين كل مربعين بقدر حاصل ضرب مجموع جذريهما المعادل لضعف جذر الأقل مع فضل الجذر الأكثر عليه في التفاضل بين ذينك الجذرين. لبعضهم من غاب عنكم نسيتموه ... وقلبه عندكم رهينة وجدتكم في الوفاء ممن ... صحبته صحبة السفينة ظهر ابليس لعيسى عليه السلام فقال له: الست تقول لن يصيبك إلا ما كتب الله عليك؟ قال: بلى، قال: فارم نفسك من ذروة هذا الجبل فانه أن قدر لك السلام تسلم، فقال له: يا ملعون أن الله يختبر عباده وليس للعباد أن يختبر ربه. هذه النماظرة أوردها المحقق الرومي، وقال: انها جرت بين امير المؤمنين عليه السلام ويهودي. مر بعض العارفين بقوم فقيل: هؤلاء زهاد فقال: وما قدر الدنيا حتى يحمد من يزهد فيها. ليس قبل الموت شيء الا والموت أشد منه، وليس بعد الموت شيء الا والموت ايسر منه. إن بقاؤك إلى فناء، وإن فنائك إلى بقاء، فخذ من فنائك الذي لا يبقى لبقاءك الذي لا يفنى، اعمل عمل المرتحل، فإن حادى بالموت يحدوك ليوم ليس بعدوك. إذا تيسر لأنس به لم يكن مطلب المحب إلا الانفراد والخلوة، وكان ضيق الصدر من معاشرة الخلق؛ متبرماً بهم؛ فإن خالطهم اكان كمنفرد في جماعة؛ مجتمعاً بالبدن منفرداً بالقلب المستغرق بعذوبة الذكر، وحلاوة الفكر. حكى عن إبراهيم بن أدهم نزل من الجبل، فقيل له: أين أقبلت؟ قال من الأنس بالله.

وروي أن موسى عليه السلام لما كلم ربه تعالى وتقدس، مكث دهراً لا بيسمع كلام أحد من الناس إلا أخذه الغشيان، وما ذلك إلا لأن الحب يوجب عذوبة كلام المحبوب؛ فيخرج من القلب عذوبة كلام ما سواه، بل يتنفر منه كمال التنفر، والأنس بالله ملازمة التوحش من غير الله، بل كان ما يعوق عن الخلوة به يكون من انقل الأشياء على القلب. قال عبد الواحد، مررت براهب فقلت: يا راهب لقد أعجبتك الوحدة، فقال يا هذا لو ذقت حلاوة الوحدة، لاستوحشت إليها من نفسك، قلت يا راهب ما أقل ما تجد في الوحدة؟ قال: الراحة من مداراة الناس، والسلامة من شرهم. قلت يا راهب: متى يذوق العبد حلاوة الأنس بالله قال: إذا صفا الود وخلصت المعاملة، قلت: متى يصفو الود، قال: إذا اجتمع الهم، فصارهما واحداً في الطاعة. وأطيب الأرض ما للنفس فيه هوى ... سم الخياط مع الأحباب ميدان ومن كلام أمير المؤمنين قوم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر؛ فباشروا روح اليقين، واستلانوا وما استوعره المترفون، وآنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملإ الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه. قال عليه السلام خذ من صحتك لسقمك، ومن شبابك لهرمك، ومن فراغك لشغلك ومن حيلتك لوفاتك، فإنك لا تدري ما اسمك غداً؟ روى عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكثروا ذكر هادم اللذات، فإنكم إن ذكرتموه في ضيق وسعه عليكم فرضيتم به فاجرتم، وإن ذكرتموه في غنى بغضه إليكم فجدتم به فاثبتم، فإن المنايا قاطعات الأمال، والليالي مدنيات الأمال، وإن المرء بين يومين يوم قد مضى أحصى فيه علمه فختم به، ويوم بقى لا يدري لعله لا يصل إليه، إن العبد عنده خروج نفسه وحلول رمسه يرى جزاء ما أسلف وقلة غناء ما خلف؛ ولعله من باطل جمعه أو من حق منعه. أبو الحسن التهامي يرئو ابنه: حكم المنية في البرية جار ... ما هذه الدنيا بدار قرار بينا ترى الإنسان فيها مخبراً ... حتى يرى خبراً من الأخبار

طبعت على كدر وانت ترومها ... صفواً من الاقذار والاكدار ومكلف الأيام ضد طباعها ... متطلب في الماء جذوة نار والعيش نوم والمنية يقظة ... والمرء بينهما خيال ساري والنفس إن رضيت بذلك أو أبت ... منقادة بازمة المقدار فاقضوا مآربكم عجالاً إنما ... أعماركم سفر من الأسفار وتركضوا خيل الشباب وبادروا ... إن تسترد فإنهن عوار فالدهر يشرق إن سقى ويغص ان ... هنى ويهدم ما بنى ببوار ليس الزمان وإن حرصت مسالماً ... خلق الزمان عداوة الأحرار يا كوكباً ما كان أقصر عمره ... وكذاك عمر كواكب الأسحار وهلال أيام مضى لم يبتدر ... بدراً ولك يمهل لوقت شرار عجل الخسوف عليه قبل اوانه ... فغطاه قبل مظنة الابدار فكأن قلبي قبره وكأنه ... في طيه سر من الأسرار ان يحتقر صغر فرب مفخم ... يبدو ضئيل الشخص للنظار إن الكواكب في علو محلها ... لترى صغاراً وهي غير صغار ولد المعزى بعضه فإذا انقضى ... بعض الفتى فالكل في الأدبار أبكيه ثم أقول معتذراً له ... وفقت حيث تركت الام دار جاورت أعدائي وجاور ربه ... شتان بين جواره وجواري ولقد جريت كما جريت لغاية ... فبلغتها وأبوك في المضمار فإذا نطقت فأنت أول منطقي ... وإذا سكت فإنت في اضماري لو كنت تمنع خاض دونك فتية ... منا بحار عوامل وشفار قوم إذا لبسوا الدروع حسبتها ... سحباً مزورة على اقمار وترى سيوف الدار عين كأنها ... خلج تمد بها اكف بحار من كل من جعل الظبي انصاره ... وكرمن فاستغنى عن الانصار واذا هو اعتقل القناة حسبتها ... صلا تابطه هزبر ضاري يزادد هما كلما ازددنا غنى ... والفقر كل الفقر في الاكثار

وصف المتقين

اني لارحم حاسدي لحرما ... ضمنت صدورهم من الاوغار نظروا صنيع الله بي فعيونهم ... في جنة وقلوبهم في نار لا ذنب لي قد رمت كتم فضائلي ... فكأنما برقعت وجه نهار وسترتها بتواضعي فتطلعت ... اعناقها تعلوا على الاستار هذا آخر ما اخترته من هذه القصيدة نحوا من مأة بيت كلها في غاية الجودة. وصف المتقين من النهج روى ان صاحباً له كرم الله وجهه يقال له همام وكان عابداً فقال له يا أمير المؤمنين صف لي المتقين كأني انظر اليهم، فتثاقل صلوات الله عن جوابه، وقال يا همام اتق الله واحسن " فان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون "، فلم يقنع همام بذلك القول حتى عزم عليه قال: فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي ثم قال، اما بعد فان الله سبحانه خلق الخلق حين خلقهم غنياً عن طاعتهم آمناً من معصيتهم، لأنه لا تضره معصية من عصاه، ولا تنفعه طاعة من اطاعه فقسم بينهم معايشهم ووضعهم في الدنيا مواضعهم، فالمتقون فيها هم اهل الفضايل منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع غضوا ابصارهم عما حرم الله عليهم ووقفوا اسماعهم على العلم النافع لهم نزلت انفسهم في البلاء كالذي نزلت في الرخاء، لولا الاجل الذي كتب الله لهم لم تستقر ارواحهم في اجسادهم طرفة عين شوقاً إلى الصواب وخوفاً من العقاب عظم الخالق في انفسهم فصغر ما دونه في اعينهم فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون وهم والنار كمن قال قد رآها فهم فيها معذبون قلوبهم محزنونة وشرورهم مامونة وأجسادهم نحيفة، وحاجاتهم خفيفة وأنفسهم عفيفة صبروا إياماً قصيرة اعقبتهم راحة طويلة تجارة مربحة يسرها لهم ربهم، ارادتهم الدنيا فلم يريدوها واسرتهم ففدوا انفسهم منها اما الليل فصافون اقدامهم تالون لأجزاء القرآن يرتلونها ترتيلاً يحزنون به انفسهم، ويستبشرون به دواء دائهم، فاذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا اليها طمعاً وتطلعت نفوسهم إليها شوقاً، وظنوا انها نصب اعينهم، واذا مروا بآية فيها تخويف اصغوا إليها مسامع قلوبهم وظنوا ان زفير جهنم وشهيقها في اصول آذانهم فهم حانون على اوساطهم مفترشون لجباههم واكفهم وركبهم، واطراف اقدامهم يطلبون إلى الله تعالى في فكاك رقابهم، أما النهار فحلماء علماء ابرار اتقياء، قد براهم الخوف برى القداح، ينظر اليهم الناظر، فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض، ويقول قد خولطوا وقد خالطهم أمر

عظيم، لا يرضون من اعمالهم القليل، ولا يستكثرون الكثير، فهم لا نفسهم متهمون ومن اعمالهم مشفقون اذا زكي أحد منهم خاف مما يقال له فيقول أنا اعلم بنفسي من غيري، وربي اعلم بنفسي مني اللهم لا تؤاخذهم بما يقولون واجعلني افضل مما يظنون واغفر لي مالا يعلمون فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين وجزماً في لين وايماناً في يقين وحرصاً في علم وعملاً في حلم قصداً في غنى وخشوعاً في عبادة وتجملاً في فاقة وصبراً في شدة وطلباً في حلال ونشاطاً في هدى وتحرجاً عن طمع يعمل الاعمال الصالحة وهو على وجل، يمسى وهمه الشكر ويصبح وهمه الذكر يبيت حذراً ويصبح فرحاً حذراً لما حذر من الغفلة وفرحاً لما اصاب من الفضل والرحمة أن استصعبت عليه نفسه فيما يكره لم يعطعها سؤلها فيما تحب قرة عينه فيما لا يزول، وزهادته فيما لا يبقى يمزج الحلم بالعلم والقول بالعمل تراه قريباً أمله قليلاً زلله، خاشعاً قلبه قانعة نفسه منزوراً أكله سهلاً امره، حريزاً دينه ميتة شهوته مكظوماً غيظه، الخير منه مأمول والشر منه مأمون أن كان في الغافلين كتب في الذاكرين وان كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين يعفو عمن ظلمه ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، بعيداً فحشة ليناً قوله، غائباً منكره، حاضراً معروفه، مقبلاً خيره مدبراً شره، في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه، لا يضيع ما استحفظ، ولا ينسى ما ذكر، ولا ينابز بالالقاب، ولا يضار بالجار، ولا يشمت بالمصائب، ولا يدخل في الباطل، ولا يخرج من الحق أن صمت لم يغمه صمته وان ضحك لم يعل صوته، وان بغى عليه صبر، حتى يكون الله هو الذي ينتقم له، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة، اتعب نفسه لأخرته، واراح الناس من نفسه، بعده عمن تباعد عنه زهد ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة، ليس تباعده بكبر وعظمة. ولا دنوه بمكر وخديعة قال: فصعق همام صعقة كانت فيها نفسه فقال امير المؤمنين عليه السلام أما والله لقد كنت أخافها عليه، ثم قال: هكذا تضع المواعظ البالغة بأهلها. نيل المعالي وحب الأهل والوطن ... ضدان ما اجتمعا للمرء في قرن أن كنت تطلب عزاً فادرع تبعاً ... أو فارض بالذل واختر راحة البدن قال في الأنموذج: ذكر بعض العرفاء أن جذب المغناطيس الحديد مستنداً إلى كون مزاجها على نسبة الاعداد المتحابة وكون مزاج احدهما على العدد الاقل والاخر على العدد الاكثر.

نصائح

اقول: هذا خيال لطيف، لكن لا يساعد التجربة، فانا شاهدنا ان المغناطيس يجذب المغناطيس، وكان عندنا قطعة فقطعناها قطعاً متخالفة، وشاهدنا أن القطعة الصغيرة تنجذب إلى القطعة الكبيرة والقطعتنما المتساويتان يجذب كل منهما الاخر، وهذه التجربة يقتضي ان لا يكون الجذب والانجذاب لما ذكره، فان اجزاء المغناطيس الواحد يجذب بعضها بعضاً والاختلاف بينها بحسب المزاج، وقد يتوهم ان ذلك لكون الاجزاء العنصرية الممازجة في الصغير والكبير على تلك النسبة وهذا التوهم باطل لان الصغير على أي حد كان من الصغر ينجذب إلى الكبير ولو كان الامر كما توهم لم يستمر الحكم في جميع مراتب الصغر وأيضاً القطعتان المتساويتان متساويتان في عدد اجزاء العناصر، فمازجه انجذاب كل منهما إلى الاخرى، ولو كان العددان المتساويان يفيدان هذه الخاصية لم يحتج إلى الاعداد المتحابة أنتهى كلام الأنموذج. قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدنيا، فنعمت مطية المؤمن فعليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشرانة اذا قال العبد: لعن الله الدنيا قالت الدنيا: لعن الله اعصانا لربه. مرارة الدنيا حلاوة الاخرة، وحلاوة الدنيا مرارة الاخرة. نصائح قال علي عليه السلام قصر من ثيابك، فانه ابقى، واتقى، وانقى. برئ قلبك من الذنوب، ووجه وجهك إلى علام الغيوب بعزم صادق، ورجاء واثق وعدانك عبد آبق من مولى كريم رحيم حليم، يحب عودك إلى بابه، واستجارتك به من عذابه، وقد طلب منك العود مراراً عديدة، وانت معرض عن الرجوع إليه مدة مديدة مع أنه وعدك أن رجعت إليه، واقلعت عما انت عليه فيه أحد، وعن جميع ما صدر عنك، والصفح عن كل ما وقع منك، فقم واغتسل احتياطاً، وطهر ثوبك وصل بعض الفرائض، واتبعها بشيء من النوافل، ولتكن تلك الصلوة على الأرض بخضوع وخشوع واستحياء وانكسار وبكاء، وفاقة وافتقار في مكان لا يراك فيه أحد، ولا يسمع صوتك إلا الله سبحانه، فاذا سلمت فعقب صلوتك وانت حزين مستح، وجل، راج ثم اقرء الدعاء المأثور عن زين العابدين عليه السلام الذي أوله: اللهم يا من برحمته يستغيث المذنبون، ويا من إلى ذكر احسانه يفزع المضطرون، ثم ضع وجهك على الأرض واجعل التراب على رأسك، ومرغ وجهك الذي هو اعز اعضائك، في التراب بدمع جار، وقلب حزين وصوت عال، وانت تقول: عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك تكرر ذلك، وتعد ما تذكره من ذنوبك، لائماً نفسك موبخاً لها نايحاً عليها، نادماً

على ما صدر منها، وابق على ذلك ساعة طويلة، ثم قم وارفع يدك إلى التواب الرحيم: وقل، الهي عبدك الآبق رجع إلى بابك عبدك العاصي رجع الصلح، عبدك المذنب اتاك بالعذر، وانت اكرم الأكرمين وارحم الراحمين. ثم تدعو ودموعك تنهمل بالدعاء المأثور عن زين العابدين في طلب التوبة وهو الذي أوله: اللهم يا من لا يصفه نعت الناعتين الخ. واجهد في توجه قلبك اليه، واقبالك بكليتك عليه، مشعراً في نفسك سعة الجود والرحمة. ثم اسجد سجدة تكثر فيها البكاء والعويل والانتحاب بصوت عال لا يسمعه إلا الله تعالى، ثم ارفع رأسك، واثقاً بالقبول، فرحاً ببلوغ المأمول. لبعضهم واذا صفا لك من زمانك واحد ... فهو المراد واين ذاك الواحد كان عمر بن الوردي وقد مر به شاب في اذنه قرط فيه لؤلؤة: مر بنا مقرط ... ووجهه يحكي القمر قلت أبو لؤلؤة ... منه خذوا ثار عمر فاستحسنوه وأخفوا ما قالوه. من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو فليصمت قال العلامة في التحفة: الأشبه أن أنوار سائر الكواكب ذاتية، إذا كانت من الشمس لظهرت فيها التشكلات البدرية والهلالية باختلاف وصفها منها كما في القمر. قال جامع الكتاب: لعل القائل بأن نور الشمس يقول بنفوذ نور الشمس في أعماقها، لأن المنير وجهها المقابل لنا هو المقابل للشمس، كما في القمر فلا يرد هذا الكلام عليه، تأمل. ثم قال صاحب التحفة: فإن قيل إنما هذا في السفلية لا في العلوية، لأن وجهها المقابل لنا هو المقابل للشمس، بخلاف القمر. لا يقال لو كانت كذلك لانخسفت في المقابلات إذا كانت على نفس المنطقة؛ لأن ظل الأرض لا يصل إليها، قلنا العلوية إذا كانت على سمت الرأس غير مقابلة لها ولا مقارنة لم يكن وجهها المقابل لنا هو المقابل لها، بل بعضه، ولزم ما قلنا.

فإن قيل إنما لا يرى هلاليا لخفاء طرفه ولصغر الكوكب في النظر، وظهوره من البعد المتفاوت مستديرا، قلنا لو كان كذلك لرئى الكوكب في قرب الشمس أصغر منه في بعدها انتهى كلام صاحب التحفة. في الحديث " من صمت نجا ". ومن أمثالهم لو كان الكلام من فضة لكان السكوت من ذهب. الشيخ السعدي الشيرازي يا نديمي قم بليلى ... واسقني واسق النداما خلني أسهر ليلي ... ودع الناس نياما أسقياني وهدس ... الرعد قد أبكى الغماما في أوان كشفا الورد ... عن الوجه اللثاما أيها المصغي إلى الزهاد ... دع عنك الملاما فزبها من قبل أن ... يجعلك الدهر عظاما قل لمن عير أهل ... الحب بالحب ولاما لا عرفت الحب هيهات ... ولا ذقت الغراما لا تلمني في غلام ... أودع القلب سقاما فبداء الحب كم من ... سيد أضحى غلاما تنكر لي دهري ولم يدر أنني ... أعز وأحداث الزمان تهون وبات يريني الخطب كيف اعتداؤه ... وبت أريه الصبر كيف يكون؟ من كلام جالينوس رؤساء الشياطين ثلاثة: شوائب الطبيعة، ووساوس العامة ونواميس العادة. استدل النفيسي في شرح الموجز على أرطبية اليمين من باقي الأعضاء بثلاثة وجوه: الأول أنه يتولد من مائية الدم، والثاني أنه يغلب عليه الهوائية، والثالث لين الجوهر ولين الجوهر يكون لزيادة الرطوبة من اللحم المجاور له. أقول في الثالث نظر فإن استفادة الأقوى كيفية من الأضعف غير معقول، وهو مثل أن يقال إن الماء يستفيد الرطوبة بمجاور البطيخ مثلاً فتأمل.

وصف القرآن

قال النفيسي في بحث الصداع: والصداع الذي يكون عن دود متولد في مقدم الدماغ مؤذ بحركته وتمزيقه يكون مع نتن في رائحة الأنف لأن الدود إنما يتولد من رطوبة قد تعفنت بالحرارة الغريبة. فينفصل عنها قبل استحالتها إلى الدود عما لم يستحل قبل أبخرة نتنه إنتهى كلامه. وفي قوله عما لم يستحل قبل نظر فإن هذا هو بعينه ما قبل الاستحالة، والصواب إبدال لفظ قبل ببعد ويمكن التكلف في إصلاح كلامه: بأن مراده أن الأبخرة ينفصل عن جميع تلك الرطوبة قبل استحالة شيء منها دوداً، وعن بعضها وهو ما لم يستحل قبل إذا استحال البعض الآخر وهو كما ترى. قوله والصواب الخ هنا مسامحة من وجهين: الأول أن الأقرب إبدال لفظ قبل ببعد فإن قوله عما لم تستحل متروك، الثاني أن التكلف تكلف. كما قاله سلمه الله. وصف القرآن قال الإمام الراغب: القرآن منطو على الحكم كلها علميها وعمليها، كما قال جل وعلا " وكل شيء أحصيناه في إمام مبين " لكن ليس يظهر ذلك إلا للراسخين وما من برهان ودليل وتقسيم وتحديد في المعلومات العقلية والسمعية الا وكلام الله قد نطق به وأورده تعالى على عادة العرب دون دقائق طرق الحكماء والمتكلمين: لأمرين أحدهما ما أشار إليه سبحانه بقوله: " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه " والثاني: أن المائل إلى دقيق المحاجة وهو العاجز عن إقامة الحجة بالجليل من الكلام فإن من استطاع أن يفهم بالأوضح الذين يفهمه الأكثرون لم يتحظ إلى الأدق، وقد ورد القرآن العظيم في صورة جلية تحتها كنوز خفية، لتفهيم العامة من جليه ما يقنعهم، ويفهم الخواص من دقائقه ما يزيد على ما أدركه فهم الحكماء بمراتب شتى، ومن هذا الوجه كل من كان حظه في العلوم أوفر كان نصيبه من القرآن أكثر، وكذلك إذا ذكر سبحانه حجة اتبعها، مرة بالإضافة إلى أولي العلم، ومرة إلى ذوي العقل، ومرة إلى المتفكرين ومرة إلى المتذكرين. وبالجملة قد انطوى على أصول الأولين والآخرين، وأبناء السابقين واللاحقين. وفيه تجلى الله لعباده المؤمنين، وهو حبل الله المتين، والذكر الحكيم والصراط المستقيم، وهو الذي تدفع الأهواء والشبهة عن العلماء، ولكن محاسن أنواره لا يفقهها إلا البصائر الجلية، ولطائف ثماره لا يقطفها إلا الأيدي الزكية، ومنافع شفائه لا ينالها إلا الأنفس التقية: " إنه لقرآن كريم لا يمسه إلا المطهرون "

خطبة النبي صلى الله عليه وسلم

في تفسير النيسابوري عند قوله تعالى: " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده " ما صورته قيل علامة قبول التوبة هجران إخوان السوء وقرناء الشر ومجانبة البقعة التي باشر فيها الذنوب والخطايا، وإن يبدل بإخوان إخواناً، وبالأخدان أخداناً والبقعة بقعة، ثم يكثر الندامة والبكاء على ما سلف منه، والأسف على ما ضيع من أيامه، ولا يفارقه حسرة ما فرط وهمل في البطلات، ويرى نفسه مستحقة لكل عذاب وسخط. خطبة النبي صلى الله عليه وسلم قال سيد المرسلين، وأشرف الأولين والآخرين صلوات الله عليه وآله أجمعين في خطبة خطبها وهو على ناقته العضباء. أيها الناس كأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الحق على غيرنا وجب، وكأن الذي يشيع من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون، نبوئهم أجداثهم، ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعدهم قد نسينا كل واعظة، وأمنا كل حائجة، طوبى لمن أنفق ما اكتسبه من غير معصية، وجالس أهل الفقه والحكمة، وخالف أهل الذل والمسكنة، طوبى لمن ذلت نفسه، وحسنت خليقته، وصلحت سريرته، وعزل عن الناس شره، طوبى لمن أنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة، ولم تستهوه البدعة. بسط الكلام مع الأحباب مطلوب وإطالة سمعه معهم أمر مرغوب، على أن القرب من الحبيب يبسط اللسان، وينشط الجنان، وعلى هذا المنوال جري قول موسى على نبينا وعليه السلام: " هي عصاي " الآية، ولبعضهم هنا سؤال، هو أن تكليم العبد للرب سبحانه ميسر كل وقت لكل واحد، كما في الدعاء ونحوه، فإنه أقرب إلينا من حبل الوريد وأما العكس؛ فهو منال عزيز لا يفوز به إلا صفوة الصفوة، فكان ينبغي لموسى أن لا يطيل الكلام، بل يختصر فيه، ويسكت ليفوز بسماع الكلام مرة اخرى، فإنه أعظم اللذتين كما عرفت. والجواب: أن تكليم موسى للحق جلا وعلا في ذلك الوقت، ليس من قبل التكليم الميسر كل وقت، لأنه جواب عن سؤاله تعالى ومكالمة له سبحانه كما يتكلم جليس الملك مع الملك وفرق بين تكليم الجليس للملك، وبين سماع الملك كلام شخص محجوب عن بساط القرب يصيح خارج الباب؛ وهذا هو الميسر لكل أحد، على أن موسى عليه السلام لم يكن على يقين من أنه إن اختصر وسكت، فاز بالمخاطبة مرة اخرى، ألا ترى كيف أجمل في آخر كلامه بقوله " ولي فيها مآرب آخرى "، لرجاء أن يسأل عن تلك المآرب فيبسط الكرم مرة اخرى

ولا يبعد أن يكون عليه السلام قد فهم أن سؤال الحق تعالى له إنما هو لمحض رفع الدهشة عنه، فأخذ يجري في كلامه مظهر ارتفاع الدهشة أو أن السؤال إنما هو لتقريره على أنها عصا، كمن يريد تعجب الحاضرين من قلب النحاس ذهباً، فيقول: ما هذا فيقول: نحاس فيخرجه لهم ذهباً، فأخذ موسى في ذكر خواص العصا لتأكيد الإقرار بأنها عصا، فيكون بسط الكلام لهذا أيضاً لا للإستلذاذ وحده، كما هو مشهور. استماح أعرابي خالد بن عبيد الله، وألح في سؤاله، وأطنب في الإبرام، فقال خالد: أعطوه بدرة يضعها في حرامه، فقال الأعرابي: واخرى لاستها يا سيدي لئلا تبقى فارغة، فضحك وأمر له بها أيضاً. وأيضاً في شرح النهج لكمال الددين ابن ميثم، إن قلت: كيف يجوز تجاوز الإنسان في تفسير القرآن وقد قال صلى الله عليه وسلم: من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار، وفي النهي عن ذلك آثار كثيرة. قلت: الجواب عنه من وجوه: الأول -: أنه معارض بقوله صلى الله عليه وسلم: إن للقرآن ظهراً وبطناً وحداً ومطلعاً، وبقول أمير المؤمنين علي عليه السلام: إلا أن يوتي الله عبداً فهماً في القرأن، ولو لم يكن سوى الترجمة المنقولة، فما فائدة ذلك الفهم؟ الثاني -: لو لم يكن غير المنقولة لاشتراط أن يكون مسموعاً من الرسول صلى الله عليه وآله، وذلك مما يصادف إلا في بعض القرآن، فأما ما يقوله ابن عباس وابن مسعود وغيرهم، من أنفسهم فينبغي أن لا يقبل ويقال: هو تفسير بالرأي. الثالث -: أن الصحابة والمفسرين اختلفوا في تفسير بعض الآيات، وقالوا فيها أقاويل مختلفة لا يمكن الجمع بينها، وسماع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم محال، فكيف يكون الكل مسموعاً؟ الرابع - أنه صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس بذلك: فقال: " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل، فإن كان التأويل مسموعاً كالتنزيل ومحفوظاً مثله، فلا معنى لتخصيص ابن عباس بذلك. الخامس: قوله تعالى: " لعلمه الذين يستنبطونه منهم "، فأثبت للعلماء استنباطاً، ومعلوم أنه وراء المسموع، فإذن الواجب أن يحمل النهي عن التفسير بالراي أحد معنيين: أحدهما - أن يكون لإنسان في شيءٍ رأي وله إليه ميل بطبعه، فيتأول القرآن على وفق طبعه ورأيه حتى لو لم يكن له ذلك الميل لما خطر ذلك التأويل بباله، سواء كان ذلك الرأي مقصداً صحيحاً؛ أو غير صحيح، وذلك كمن يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي، فيستدل على تصحيح غرضه من القرآن بقوله تعالى: " إذهب إلى فرعون إنه طغى " ويشير إلى أن قلبه هو المراد بفرعون، كما يستعمله بعض الوعاظ تحسناً للكلام، وترغيباً للمستمع وهو ممنوع. الثاني - أن يتسرع إلى تفسير القرآن بظاهر العربية من غير استظهاره بالسماع، والنقل

فيما يتعلق بغرايب القرآن وما فيها من الألفاظ المبهمة وما يتعلق به من الإختصار والحذف والإضمار، والتقديم والتأخير والمجاز، فمن لم يحكم ظاهر التفسير، وبارد إلى استنباط المعاني بمجرد فهم العربية كثر غلطه، ودخل في زمرة من فسر القرآن بالرأي، مثاله قوله تعالى: " وآتينا ثمود الناقة مبصرة، فظلموا بها " والناظر إلى ظاهر العربية ربما يظن أن المراد الناقة كانت مبصرة، ولم يكن عمياً، والمعنى أية مبصرة أنهم اذا ظلموا غيرهم انتهى. وفد حاجب بن زرارة على أنوشيروان، فأستأذن عليه، فقال للحاجب: سله من هو؟ فقال: رجل من العرب، فلما مثل بين يديه قال له أنوشيروان: من أنت؟ قال: سيد العرب. قال: أليس زعمت أنك أحدهم؟ فقال: إني كنت كذلك، ولكن لما أكرمني الملك بمكالمته صرت سيدهم، فأمر بحشو فيه دراً. استماح أعرابي خالد بن عبيد الله، وألح في سؤاله، وأطنب في الإبرام، فقال خالد: أعطوه بدرة يضعها في حرامه، فقال الأعرابي: واخرى لاستها يا سيدي لئلا تبقى فارغة، فضحك وأمر له بأخرى أيضاً. قال بعض الخلفاء: إني لأبغض فلان له إلي ذنب، فقال بعض الحاضرين: أوله خيراً تحبه، فأنعم عليه، فما لبث أن صار من خواصه. سئل بعض الجند عن نسبه، فقال: أنا ابن أخت فلان، فسمع ذلك أعرابي، فقال: الناس ينتسبون طولاً، وهذا الفتى ينتسب عرضاً. لبعضهم: قالوا حبيبك محموم فقلت لهم ... نفسي الفداء له من كل محذور فليت علته بي غير أن له ... أجر العليل وأني غير مأجور قال بعض الحكماء: إصنع المعروف إلى من يشكره، واطلبه ممن ينساه. وقال: النعم وحشية فأشكلوها بالشكر. أثنى بعضهم على زاهد، فقال الزاهد: يا هذا لو عرفت مني ما أعرفه من نفسي لأبغضتني. شعر: إذا كان ربي عالماً بسريرتي ... فما الناس في عيني بأعظم من ربي خطب معاوية خطبة عجيبة فقال: أيها الناس هل من خلل؟ فقال: رجل من عرض الناس: نعم خلل كخلل المنخل، فقال: وما هو؟ فقال: إعجابك بها ومدحك إياها.

من أمثال العرب، قالوا: شتم جديٌ على سطح ذئباً مر به. فقال الذئب: لم تشتمني أنت وإنما شتمني مكانك. من كلام الحكماء: لا تكن ممن يرى الغذاة في عين أخيه، ولا يرى الجذع المعترض في حلق نفسه، ومن كلامهم إذا رأيت من يغتاب الناس، فأجهد جهدك أن لا يعرفك، فإن أشقى الناس به معارفوه. وقال جار الله الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار في الباب السابع والتسعين منه: مر رجل بأديب فقال: كيف طريق بغداد؟ فقال: من هنا، ثم مر به آخر، فقال: كيف طريق كوفة؟ فقال: من هنا وقال له: بادر مسرعاً من ذلك المار الألف واللام أنت تحتاج إليهما وهو مستغن عنهما فخذهما فإنك أحوج إليهما منه. وقال بعضهم: الدنيا مدورة، ومدارها على ثلاث مدورات: الدرهم، والدينار والرغيف. قال امرأة لرجل أحسن إليها: أذل الله كل عدو لك إلا نفسك، وجعل نعمته عليك هبة لك لا عارية عندك. وأعاذك من بطر الغنى وذل الفقر، وفرغك الله لما خلقك له ولا شغلك بما تكفل به. وجد يهودي مسلماً يأكل شوياً في شهر رمضان، فأخذ يأكل معه، فقال له المسلم: يا هذا إن ذبيحتنا لا تحل على اليهود، فقال: أنا في اليهود مثلك في المسلمين. إستأذن سالم بن قتيبة في تقبيل يد المهدي، فقال: إنا نصونها عن غيرك، ونصونك عنها. دعا رجل آخر إلى منزله، وقال: لنأكل معك خبزاً، وملحاً، فظن الرجل أن ذلك كناية عن طعام لذيذ أعده صاحب المنزل، فمضى معه فلم يزد على الخبز والملح، فبينما يأكلان إذ وقف سائل، فزجره صاحب المنزل مراراً فلم ينزجر، فقال له: إذهب وإلا خرجت وكسرت رأسك، فقال: المدعو: يا هذا إنصرف فإنك لو عرفت من صدق وعيده ما عرفت من صدق وعده ما تعرضت له. أنشد الفرزدق لسليمان بن عبد الملك قصيدته التي يقول فيها: فبتن بجانبي مصرعات ... وبت أفض أغلاق الختام فقال له: ويحك با فرزدق أقررت عندي بالزنا ولابد من حدك، فقال: كتاب الله يدرؤ عني الحد قال: وأين؟ قال: " والشعراء يتبعهم الغاوون " إلى قوله: " أنهم يقولون ما لا يفعلون " فضحك وأجازه. قال كاتب الأحرف ومن هذه القصة أخذ الصفي قوله:

نحن الذي أتى الكتاب مخبراً ... بعفاف أنفسنا وفسق الألسن لبعضهم: يا هند ما في زماني ... مساعف أو مساعد قولي صدقت وإلا ... فكذبيني بواحد كتب ملك الهند إلى الرشيد: يتهدده في كتاب طويل، فكتب إليه الرشيد: الجواب ما تراه ما لا تقرأه. من كلامهم: نوائل الملوك للشرف لا للعلف، لا تستمع ببرد الضلال، مع حر البلبال، قال هشام لبعض نساك الشام: عظني، فقرأ الناسك " ويل للمطففين " الآيات، ثم قال: هذا لمن طفف المكيال والميزان، فما ظنك بمن أخذ كله، فبكى هشام من كلامه. دخل الشعبي على عبد الملك، وعنده ليلى الأخيلية، وقال: إن هذه لم يخجلها أحد في كلام، فقال الشعبي: إن قومها يسمون ولا يكتنون، فقال: ولم لا نكتني؟ فقال: لو فعلت لزمتني الغسل، فأخجلها وكانت قبيلتها يكسرون نون المضارع. ودخل ثمامة دار المأمون وفيها روح بن عبادة، فقال له روح: المعتزلة حمقى، وذلك أنهم يزعمون أن التوبة بأيديهم، وأنهم يقدرون عليها متى شاؤوا وهم مع ذلك دائبون يسألون الله تعالى أن يتوب عليهم فما معنى مسألتهم إياه ما هو بأيديهم والأمر فيه إليهم لولا الحمق؟ فقال له ثمامة: ألست تزعم أن التوبة من الله وهو يطلبها من العباد أجمع في كلامه وعلى لسان أنبيائه، فكيف يطلب الله تعالى من العباد شيئاً ليس بأيديهم، ولا يجدون إليه سبيلاً فأجب حتى أجيب.

قال محمد بن شبيب غلام النظام: دخلت إلى دار الأمير بالبصرة، وأرسلت حماري فأخذه صبي يلعب عليه، فقلت له: دعه، فقال: إني أحفظه لك، فقلت: إني لا أريد حفظه قال: يضيع إذن، قلت: لا ابالي بضياعه، فقال: إن كنت لا تبالي بضياعه فهبه لي، فانقطعت من كلامه. ومن كلامهم: الكريم شجاع القلب، والبخيل: شجاع الوجه، ولا تطلب المفقود حتى تفقد الموجود. قال رجل للفرزدق: متى عهدك بالزنا يا أبا فراس؟ فقال: منذ مالت امك يا أبا فلان. قيل لعاشق: لو كان لك دعوة مستجابة ما كنت تدعو؟ قال: تسوية الحب بيني وبين ما احب حتى يمتزج قلبانا سراً وعلانية. بعث ملك في طلب اقليدس الحكيم، فامتنع وكتب إليه إن الذي منعك أن تجيئنا، منعنا أن نجيئك. قال رجل ليوسف عليه السلام: إني لأحبك، فقال: وهل أوتيت إلا من المحبة، أحبني أبي فالقيت في الجب، واستعبدت، وأحبتني امرأة العزيز فلبثت في السجن بضع سنين. ومن كلام بعض الحكماء: ثلاثة لا تسخف بهم: السلطان، والعالم، والصديق، فمن استخف بالسلطان ذهب دنياه، ومن استخف بالعالم ذهب دينه، ومن استخف بالصديق ذهب مروته. ومن كتاب المدهش في حوادث سنة 241 ماجت النجوم، وتطايرت شرقاً وغرباً كالجرادة من قبل غروب الشمس إلى الفجر، وفي السنة التي بعدها رجمت السويد وهي ناحية من نواحي مصر بحجارة، فوزن منها حجر كان عشرة أرطال، وزلزلت الري وجرجان، وطبرستان، ونيشابور، وإصفهان، وقم، وكاشان، ودامغان في وقت واحد، فهلك في دامغان خمسة وعشرون ألفاً، وتقطعت الجبال، ودنا بعضهم من بعض، حتى سار جبل من يمن، وعليه مزارع قوم فأتى مزارع قوم آخرين، ووقع طاير أبيض بحلب، وصاح أربعين

وجود الله سبحانه

صوتا، يا أيها الناس اتقوا الله، ثم طار وأتى من الغد وفعل ذلك، ثم ما رؤي بعدها ومات رجل من بعض أكوار الأهواز، فسقط طاير على جنازته، وصاح بالفارسية، إن الله قد غفر لهذا الميت ومن حضر جنازته انتهى. وجود الله سبحانه غن التصديق بوجوده تعالى من أجلى البديهيات، كما قال، " أفي الله شك فاطر السموات والأرض " كذلك تصور كنه الحقيقة أو ما ما يقرب من الكنه من أمحل المحالات " ولا يحيطون به علما " كيف وسيد البشر صلوات الله عليه وآله يقول: " ما عرفناك حق معرفتك " وقال عليه السلام " إن ن الله اجتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار، وإن الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه لأنتم ": وما أحسن قول ابن أب الحديد: تاه الأنام بسكرهم ... فلذاك صاحي القوم عربد تالله لا موسى الكليم ... ولا المسيح ولا محمد كلا ولا جبريل وهو ... إلى محدل القدس يصعد علموا ولا النفس البسيطة ... ولا العقل المجرد من كنه ذاتك غير أنك ... أو حدى الذات سرمد فليخسأ الحكماء عن ... حرم له الأملاك سجد من أنت يارسطو ومن ... أفلاط قبلك يا مبلد ومن ابن سينا حين هذب ... ما أتيت به وشيد ما أنتم إلا الفراش ... رأى السراج وقد توقد فدنا فأحرق نفسه ... ولو اهتدى رشدا لأبعد والحاصل أن كل ما يتصوره العالم الراسخ فهو عن كنه الحقيقة بفراسخ. وكل ما وصل إليه النظر العميق، فهو غاية مبلغة من التدقيق، وسرادقات الذات عن ذلك بمراحل وأميال، لا يستطيع سلوكها بريد الوهم والخيال. وللله در من قال: فيك يا أغلوطة الفكر ... تاه عقلي وانقضى عمري سافرت فيك العقول فما ... ربحت إلا أذى السفر رجعت حسرى وما اطلعت ... لا على عين ولا أثر

فلا يلتفت إلى هذيان من يزعم أنه وصل إلى كنه الحقيقة، بل احثوا التراب بفيه، فقد ضل وغوى، وكذب وافترى. فإن الأمر أجل وأرفع وأعلى من أن يحيط به عقل بشر. وأما ما ينقل عن سيد الأولياء وسند الأصفياء أمير المؤمنين كرم الله وجهه من قوله: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا فالمراد غير ذلك لنا في قول سيد البشر: ما عرفناك حق معرفتك. وقول الحكماء: جل جناب الحق عن أن يكونت شريعة لكل وارد، وأن يطلع عليه إلا واحد بعد واحد، لا يريدون به الاطلاع التام ولا يزاحم التمام. لبعضهم: لو صادف نوح دمع عيني غرقا ... أو حل بمهجتي الخليل أحترفا أو حملت الجبال حبي لكم ... مالت وتململت وخرت صعقا رأيت في كتاب خط قديم أن الحب سر روحاني، يهوي من عالم الغيب إلى القلب، ولذلك سمي هوى، ومن هوى يهوي إذا سقط، ويسمى الحب بالحب لوصوله إلى حبة القلب التي هي منبع الحياة، وإذا اتصل بها سرى مع الحياة في جميع أجزاء البدن، وأثبت في كل جزء صورة المحبوب كما حكي أن الحلاج لما قطعت أطرافه كتب في مواضع الدم: ألله ألله، وفي ذلك قال: هو ما قد لي عضواً ولا مفصل ... إلا وفيه لكم ذكر وهكذا حكي عن زليخا: أنها فصدت يوماً فارتسم من دمها على الأرض: يوسف يوسف. قال صاحب الكتاب: ولا تعجب من هذا، فإن عجائب بحر المحبة كثير. قال حكيم لرجل كان مولعاً بحب جارية لها مشتغلاً بها عما يهمه من امور معاده: يا هذا هل تشك في أنك لا بد أن تفارقها؟ فقال: نعم قال: فاجعل تلك المرارة المتجرعة في ذلك اليوم في يومك هذا، وأربح ما بينهما من الخوف المنتظر وصعوبة معالجة ذلك بعد الإستحكام واشتداد الإلفة. مر الجنيد برجل، فرآه يحرك شفتيه، فقال: بم اشتغالك يا هذا؟ قال: بذكر الله، فقال: إنك اشتغلت بالذكر عن المذكور. ومر الشلبي بمءذن وهو يؤذن، فقال: اشتدت الغفلة فكررت الدعوة.

لبعضهم: غيري جنى وأنا المعذب فيكن ... فأنني سبابة المتندم وعلى هذا المنوال لبعض الأعراب: وحملتني ذنب أمرئ وتركته ... كذي العر تكوي غيره وهو راتع العر قروح يخرج في مشافر الإبل وقوائمه. قال في كتاب مجمع الأمثال: إن الإبل إذا فشا فيها العر أخذ بعير صحيح، وكوي بين يدي الإبل بحيث ينظر إليه فتبرأ كلها بإذن الله تعالى منه قول النابغة: وحملتني ذنب أمرئ البيت. دعت أعرابية في الموقف فقالت: سبحانك ما أضيق الطريق على من لم تكن دليله وأوحشه على من لم تكن أنيسه؟ بنى أردشير بناءاً عجيبة، فقيل لبعض الحكماء: هل تجد فيه عيباً؟ فقال: ما رأيت مثله: ولكن فيه عيب واحد قال: وما هو؟ قال إن لك منه خرجة لا تعود بعدها إليه ودخلة إليه لا تخرج بعدها منه فبكى أردشير. من كلامه لبعضهم: رأيت العشف حوشيتم عيوناً ... تسيل دماً وأكباداً تشظى ألا يا معشر العشاق توبوا ... " فقد أنذرتكم ناراً تلظى " من كتاب رياض النعيم عن إبراهيم بن نفطويه النحوي قال: دخلت على محمد بن دواد الإصفهاني صاحب المهذب في مرضه الذي مات فيه، فقلت: كيف تجدك؟ فقال: حب من تعلم أورثني ما ترى، قلت: ما منعك منه مع القدرة عليه؟ فقال: إن الاستمتاع على وجهين النظر المباح واللذة المحظورة، أما النظر المباح فقد أوصلني إلى ما ترى، وأما اللذة المحظورة، فقد منعني منها ما بلغني عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من عشق وكتم وعف غفر الله له وأدخله الجنة، قال: ثم أنه أنشدني أبياتاً لنفسه فلما انتهى إلى قوله: إن يكن عيب خده من عذاري ... فعيوب العيون شعر الجفون فقلت له: أنت تنفي القياس في الفقه وتثبت في الشعر. وقال: غلبة الهوى وملكة النفوس دعوا إليه، قال: ومات في ليلته؛ وقد ذكرت شرذمة من أحوال محمد بن داود الإصفهاني في المجلد الأول من الكشكول، فمن شاء وقف عليه. لبعضهم:

أمر بالحجر القاسي فألثمه ... لأن قلبك قاس يشبه الحجرا قال رجل لأحمد بن خالد الوزير: لقد اعطيت ما لم يعطه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وكيف ذلك يا أحمق؟ قال: لأن الله تعالى يقول لنبيه: " ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك " وأنت فظ غليظ ونحن لا ننفض من حولك. لما قتل جعفر بن يحيى البرمكي قال أبو نواس: والله مات الكرم والجود والفضل والأدب، فقيل: ألم تكن تهجوه حال حياته؟ فقال ذلك والله لشقائي وركوني إلى أهوائي، وكيف يكون في الدنيا مثله في الجود والأدب، ولما سمع قولي فيه: لقد غرني من جعفر حسن بابه ... ولم أدر أن اللوم حشو إهابه ولست إذا أطنبت في مدح جعفر ... بأول إنسان خرى في ثيابه بعث إليّ بعشرين ألف درهم، وقال: إغسل ثيابك بها، قيل لبعض الظرفاء: ما أهزل برزونك؟ قال: نعم يده مع أيدينا. ضرب رجل أعور بحجر فأصاب العين الصحيحة من أعور، فوضع الأعور يده على عينيه، وقال: أمسينا والحمد لله. حجب بعض الأمراء أبا الينا ثم كتب إليه يعتذر منه، فقال: يحجبني مشافهة، ويعتذر إلي مكاتبة. مدح بعض الشعراء صاحب شضرطة، فقال: أما إني أعطيك شيئا من مالي فلا يكون أبدا، ولكن اجن جناية حتى لا اعاقبك بها. قيل لمؤاجر في شهر رمضان: هذا شهر الكساد. فقال: أبقى الله اليهود والنصارى. قال الشيخ في الشفا: المعاد منه ما هو مقبول من الشرع ولا سبيل إلى إثباته إلا من طريق الشريعة وتصديق خبر النبوة وهو الذي للبدن عند البعث وخيرات البدن وشروره معلوم لا يحتاج أن يعلم، وقد بسطت بالشريعة الحقة التي أتانا بها سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم حال السعادة والشقاوة التي بحسب البدن منه ما هو مدرك بالعقل والقياس البرهاني، وقد صدقه النبوة وهو السعادة والشقاوة التابعتان للأنفس، وإن كانت الأوهام تقصر عن تصورها الآن لما توضحه من العلل، والحكماء الإلهيون رغبتهم في إصابة هذه السعادة أعظم من رغبتهم في إصابة هذه السعادة البدنية انتهى. دخلت غرة على عبد الملك، فقال لها: أنت غرة كثيرة؟ فقالت: أن غرة بنت جميل قال: أتروين قول كثير؟ .

لقد زعمت أني تغيرت بعدها ... ومن ذا الذي يا عزلا يتغير تغير جسمي والخليقة كالتي ... عهدت وما يخبر بسرك مخبر فقالت: أروي ذلك، واكن أروي قوله: كأني انادي صخرة حين أدبرت ... من الصم لو تمشي بها العصم زلت صفوح فما تلقاك إلا بنجلة ... فمن مل منها ذلك النجل ملت قال: فأمرها بالدخول على زوجته عاتكة، فلما دخلت قالت لها عاتكة: خبريني عن قول كثير فيك: قضى كل ذي دين فوفى عزيمه ... وعزة ممطول معنى غريمها من هذا الدين؟ فقلت: وعدته قبلة، فقالت عاتكة: أنجزي وعدك وعلي إثمه. قال بعض الفضلاء: ذهب لذات الدنيا بأجمعها، ولم يبق منها إلا حك الجرب والوقيعة في الثقلاء. سئل بعض الأعراب ممن راى مسيلمة: كيف وجدته: فقال ما هو نبي صادق ولا متنبئ حاذق. قال بعض الأمراء لجنده: يا كلاب، فقال له احدهم: لا تقل ذلك فإنك أميرنا لبعضهم: فتى لرغيفه قرط وشلف ... وإكليلان من خرز وشذر إذا كسر الرغيف بكى عليه ... بكا الخنسا إذا فجعت بصخر قال أبو العينا: أخجلني ابن صغير لعبد الرحمن بن خاقان قلت له: وددت أن لي ابناً مثلك، فقال: هذا بيدك، قلت: كيف ذلك؟ قال: إحمل أبي على امرأتك تلد لك ابناً مثلي. قال رجل لابن عمر: إن المختار كان يزعم أنه يوحي إليه فقال: صدق إن الله تعالى يقول: " وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ". قيل لحكيم ظريف: هل يولد لابن خمس وتسعين ولد؟ فقال نعم: إن كان في جيرانه ابن خمس وعشرين سنة. رأيت في بعض الكتب: أن الوجه في تسمية الشيخ العارف كمال الدين بالكبرى أن مشايخ زمانه كانوا يقولن في شأنه: قد قامت عليه قيامه العشاق فأتت عليه الطامة الكبرى، فاشتهر بذلك وغلب عليه حتى عرف به.

في بعض التواريخ المعتمدة عليها أن معن بن زائدة كان يتصيد، فعطش فلم يكن في تلك الحال مع غلمانه ماء، فبينما هو كذلك إذ مر به جاريتان من حي هناك، في جيد كل واحدة قربة من الماء، فشرب منهما، وقال لغلمانه: هل معكم شيء من نفقتنا؟ فقالوا: ليس معنا شيء، فدفع لكل منهما عشرة أسهم من سهامه كان نصالها من تبر، فقالت إحداهما للاخرى: ويحك ما هذه الشمايل إلا لمعن بن زايدة، فليقل كل منا في ذلك شيئاً، فقالت إحداهما: يركب في السهام نصار تبر ... ويرميها العدى كرماً وجودا فللمرضى علاج من جراح ... وأكفان لمن سكن اللحودا وقالت الاخرى ومحارب من فرط جود بنانه ... عمت مكارمه الأقارب والعدا صيغت نصال سهامه عن عسجد ... كيلا يعوقه القتال عن الندىفي كشف الغمة عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه قال: جعت يوماً بالمدينة فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة، إذاً أنا بامرأة قد جمعت مدراً، فظننتها تريد بله فقاطعتها كل ذنوب على تمرة، فملئت ستة عشر ذنوباً حتى مجلت يداي ثم أتيت الماء، فأصبت منه ثم أتيتها، فقمت بكفي هكذا بين يديها، وبسط الراوي كفيه، فعدت لي ستة عشر تمرة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأكل معي منها. قولهم: إن سر الحقيقة مما لا يمكن أن يقال له محملان: إحداهما - أنه مخالف لظاهر الشريعة في نظر العلماء: فلا يمكن قوله: وعلى هذا جرى قول زين العابدين عليه السلام. يار ب جوهر علم لو أبوح به ... لقيل لي أنت ممن تعبد الوثنا ولاستحل رجال مسملون دمي ... يرون أقبح ما يأتونه حسنا الثاني: إن العبارات قاصرة عن أدائه وغير وافية ببيانه فكل عبارة قربته إلى الذهن من وجه أبعدته عنه من وجوه. كلما أقبل فكري ... فيك شبراً فر ميلا وعلى هذا جرى قول بعضهم: وإن قميصاً خيط من نسج تسعة ... وعشرين حرفاً من معاليك قاصر

ومن هذا يظهر أن قولهم: إفشاء سر الربوبية كفر، له محملان أيضاً، فعلى محمل الأول يراد بالكفر ما يقابل الإسلام، وعلى المحمل الثاني يراد بالكفر ما يقابل الإظهار إذ الكفر في اللغة الستر، فيكون معنى الكلام أن كلما يقال في كشف الحقيقة، قفهو سبب لإخفائها وستر لها في الحقيقة. الصاحب غزال له وجه ينال به المنى ... يرى الفرض كل الفرض قتل صديقه فإن هو لم يكفف عقارب صدغه ... فقولوا له يمسح بترياق ريقه وله أيضاً ما في زمانك من ترجو مودته ... ولا صديق إذا جار الزمان وفى فعش وحيداً ولا تركن إلى أحد ... ها قد نصحتك فيما قلته وكفى وإني لتعروني لذكراك هزة ... لها بين جلدي والعظام دبيب وما هو إلا أن أراها فجاءة ... فأبهت حتى لا أكاد اجيب ويضمر قلبي حبها ويعينها ... علي فيما لي في الفؤاد نصيب السبب في تسمية الأيام التي في آخر البرد بأيام العجوز، ما يحكى أن عجوزاً كاهنة في العرب، كانت تخبر قومها ببرد يقع، وهم لا يكترثون بقولها حتى جاء فأهلك زرعهم فقيل: أيام العجوز وبرد العجوز، وقال جار الله في كتاب ربيع الأبرار: قيل الصواب أنها أيام العجز أي آخر البرد، وقيل: إن عجوزاً طلبت من أولادها أن يزوجوها، فشرطوا عليها أن تبرز إلى الهواء سبع ليال، ففعلت وماتت. لبعضهم: وإني وإن أخرت عنكم زيارتي ... لعذر فإني في المحبة أول فما الود تكرار الزيارات دائماً ... ولكن على ما في القلوب المعول الحاجري: هبت فعلمت أنها من نجد ... ريح لنسيمها أريج الند

لكن أنا قد قلت لواش عندي ... هذي النسمات للكثيب الفرد يا عاذل كم تطيل في العذل علي ... دعني وتهتكي فقد راق لدي خذ رشدك وانصرف ودعني والغي ... ما أحسن ما يقال قد جن بمي وله حيا وسقى الحمى سحاب هامي ... ما كان ألذ عامه من عام يا مي وما ذكرت أيامكم ... إلا وتظلّمت على أيامي سئل الصادق عليه السلام لم يكلب الناس على الأكل في أيام الغلاء؟ فقال: لأنهم بنوا الأرض وإذا قحطت قحطوا، وإذا أخصبت أخصبوا. في كتاب ربيع الأبرار: من عجايب بغداد أنه موطن الخلفاء، ولم يمت بها خليفة أبداً. وفيه: طول ثقيل عند رجل، فما أمسى وأظلم البيت لم يأته بالسراج، فقال الرجل: أين السراج؟ فقال صاحب البيت: إن لله تعالى يقول: " وإذا أظلم عليهم قاموا "، فقام وخرج. لبعضهم: دع الأيام تفعل ما تشاء ... وطب نفسا إذا نزل البلاء ولا تجزع لحادثة الليالي ... فما الحوادث الدنيا بقاء إذا ما كنت ذا قلب قنوع. . فأنت ومالك الدنيا سواء قال جامع الكتاب: لا والله، فإن صاحب القناعة ومالك الدنيا غير متساويين كما قاله صاحب الأبيات، بل صاحب القناعة أقل حزنا، وأطيب نفسا، وأقر عينا. ولله در من قال: ومن سره أن لا يرى ما يسوءه ... فلا يتخذ شيئا يخاف له فقدا الوجه المشهور في قوس قزح لم يرتضه المولى الفاضل كمال الدين حسين الفارسي؛ وتصدي لتخطئة القائلين به في أواخر تنقيح المناظر، وأورد هو في الكتاب المذكور وجهاً لطيفاً في غاية الدقة والمتانة وعساك تجده في بعض مجلدات الكشكول. لأصحاب النفوس القدسية، التصرف في الأجرام الأرضية والسماوية للتأييدات

مسيلمة وسجاح

الإلهية، ألا ترى إلى تصرف إبراهيم على نبينا وعليه السلام في النار " يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم " وموسى في الماء والأرض " فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق. فقلنا اضرب بعصاك البحر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً " وسليمان في الهواء " ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر " ودواد عليه السلام في المعدن " وألنا له الحديد " ومريم في النبات " وهزي إليك بجذع النخلة " وعيسى في الحيوان " كونوا قردة خاسئين "، ونبينا في السماويات " اقتربت الساعة وانشق القمر ". قال في الهياكل لما رأيت الحديدة المحمية يتشبه بالنار لمجاورتها، ويفعل فعلها فلا تعجب من نفس استشرقت واستنارت واستضاءت بنور الله، فأطاعتها الأكوان. قال القيصري في شرح فصوص الحكم: الأرواح منها كلية، ومنها جزئية، فأرواح الأنبياء أرواح كلية يشتمل كل منها على أرواح من يدخل في حكمه، ويصير من امته، كما تدخل الأسماء الجزئية في الأسماء الكلية، وإليه الإشارة بقوله تعالى: " إنّ إبراهيم كان امة قانتاً لله ". مسيلمة وسجاح كتب مسيلمة الكذاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد، فإن لنا نصف الأرض، ولقريش نصف الأرض، ولكن قريشاً قوم يعتدون؛ وبعث معها رجلين، وقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: أتشهدان أنّي رسول الله؟ قالا: نعم، قال: أتشهدان أنّ مسيلمة رسول الله؟ قالا: نعم، إنه قد اشرك معك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لولا أنّ الرسول لا يقتل لضربت أعناقكما، ثم كتب إليه رسول الله: من محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، أما بعد؛ " فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين ". وادعت سجاح بنت الحارث النبوة في أيام مسيلمة، وقصدت حربه، فأهدى إليها مالاً واستأمنها، حتى أمنته وأمنها فجاء واستدعاها، وقال لأصحابه: اضربوا لها قبة وجمروها، لعلها تذكره لباه، وفعلوا فلما أتت قالت له: إعرض عليّ ما عندك، فقال لها: إنّي أريد أن أخلو معك حتى نتدارس، فلما خلت معه في القبة، قالت: إقرأ عليّ ما يأتيك به جبرائيل؛ فقال: إسمعي هذه الآية: إنّكن معشر النساء خلقن أفواجاً، وجعلن لنا أزواجاً، نولجه فيكنّ إيلاجاً، ثم نخرجه منكنّ إخراجاً. فقالت: صدقت إنّك نبي مرسل، فقال لها: هل لك في أن أتزوجك فيقال: نبي تزوج نبية؟ فقالت: إفعل ما بدا لك فقال لها: ألا قومي إلى المخدع ... فقد هبي لك المضجع

فإن شئت فملقاه ... وإن شئت على الأربع وإن شئت بثلثيه ... وإن شئت به أجمع فقالت، بل به أجمع، فإنّه للشمل أجمع، فضرب بعض ظرفاء العرب لذلك مثلاً وقال: أعلم من سجاح، فأقامت معه ثلاثاً، وخرجت إلى قومها، فقالوا: كيف وجدته؟ فقالت: لقد سألته فوجدت نبوته حقاً، وإنّي قد تزوجته، فقال قومها: ومثلك يتزوج بغير مهر، فقال مسيلمة: مهرها أنّي قد رفعت عنكم صلاة الفجر والعتمة: قال أهل التاريخ: ثم أقامت بعد ذلك مدة في بني تغلب، ثم أسلمت، وحسن إسلامها. ومن خزعبلات مسيلمة: والزارعات زرعاً، فالحاصدات حصداً، فالذاريات ذوراً، فالطاحنات طحناً، فالعاجنات عجناً، فالآكلات أكلاً. فقال بعض ظرفاء العرب: فالخاريات خريا. قد تستعين النفوس في إحداث التعاليم بمزاولة أعمال مخصوصة وهي السحر، أو بقوى بعض الروحانيات، وهي العزائم، أو بالأجرام الفلكية، وهي دعوة الكوكب، أو بتمزيج القوى السماوية بالأرضية، وهي الطلسمات، أبو بالخواص العنصرية وهي النيرنجيات، أو بالنسب الرياضية وهي الحيل. قال الشيخ محي الدين في الباب الثامن من الفتوحات: إن من جملة العوالم عالماً على صورنا إذا أبصره العارف، يشاهد نفسه فيها، وقد أشار إلى ذلك عبد الله بن عباس فيما روي عنه في حديث الكعبة، أنها بيت واحد من أربعة عشر بيتاً، وأنّ في كل أرض من الأرضين السبع؛ خلقاً مثلنا، حتّى أنّ بينهم ابن عباس مثلي، وصدقت هذه الرواية عند أهل الكشف، وكل ما فيه حي ناطق وهو باق لا يتبدل واذا دخله العارفون، فإنّما يدخلونه بأرواحهم لا بأجسامهم؛ فيتركون هياكلهم، في هذه الأرض، ويتجردون، وفيها مداين لا تحصى، وبعضها يسمى مداين النور لا يدخلها من العارفين الا كل مصطفى مختار، وكل حديث وآية وردت عندنا مما صرفها العقل عن ظاهرها في هذه الأرض، إنتهى كلام الشيخ، وهذا العالم يسميه حكماء الإشراق الإقليم الثامن من عالم المثال وعالم الأشباح. وقال التفتازاني في شرح المقاصد: وعلى هذا بنو أمر المعاد الجسماني، فإنّ البدن المثالي الذي يتصرف فيه النفس حكمه حكم البدن الحسي، في أنّ له جميع الحواس الظاهرة والباطنة فيلتذ، ويتألم باللذات، والآلام الجسمانية. قال جامع الكتاب: ومما يلائم ما نحن ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي في

كتاب تهذيب الأحكام في أواخر مجلد الأول منه، عن الصادق جعفر بن محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال ليونس بن ظبيان: ما يقول الناس في أرواح المؤمنين؟ فقال يونس: يقولون يكونون في حواصل طير خضر في قناديل تحت العرش، فقال أبو عبد الله: سبحان الله! المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في موصلة طير أخضر، يا يونس المؤمن إذا قبضه الله تعالى صير روحه في قالب كقالبه في الدنيا، فيأكلون، ويشربون، فإذ قدم عليهم القادم عرفوا بتلك الصورة التي كانت في الدنيا وروى بعد هذا الحديث عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عن أرواح المؤمنين فقال: في الجنة على صور أبدانهم لو رأيته لقلت فلان. قال الراغب في المحاضرات: كان الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام عند المأمون فلما حضر وقت الصلاة رأى الخدم يأتونه بالماء والطشت، فقال الرضا عليه السلام: لو توليت هذا بنفسك. فإن الله تعالى يقول: " فمن كان يرجو لقاء ربّه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربّه أحداً ". قال جعفر الخالدي: رأيت الجنيد في النوم. فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: طاحت تلك العلوم، ودرست هاتيك الرسوم، وما نفعنا الا ركيعات كنا نركعها في السحر. عن بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ذبحنا شاة، فتصدقنا بها الا الكتف، فقلت للنبي صلى الله عليه وسلم، ما بقي الا الكتف، فقال صلى الله عليه وسلم: كلها بقي الا الكتف. قال الحسن البصري: ما رأيت يقيناً لا شك فيه أشبه، بشك لا يقين فيه من الموت. شعر الموت لو صحّ اليقين به ... لم ينتفع بالعيش ذاكره دخل العتبي المقابر فأنشأ يقول: سقياً ورعياً لإخوان لنا سلفوا ... أفناهم حدثان الدهر والأبد نمدهم كل يوم من بقيتنا ... ولا يؤوب إلينا منهم أحد قال رجل لأبي الدرداء: لم نكره الموت؟ فقال: لأنّكم خربتم آخرتكم وعمرتم دنياكم، فكرهتم أن تنقلوا من العمران إلى الخراب.

قال الحسن البصري لرجل حضر جنازة: أتراه لو رجع إلى الدنيا لعمل صالحاً؟ فقال: نعم، قال: فإن لم يكن هو، تكن أنت. قال الشيخ في آخر الشفاء: رأس الفضايل عفة، وحكمة، وشجاعة، ومن اجتمعت لها معها الحكمة النظرية فقد سعد، ومن فاز مع ذلك بالخواص النبوية كاد يصير رباً إنسانياً ويكاد أن يحل عبادته كعبادة الله تعالى، وهو سلطان العالم الفاضل في الأرض، وخليفة الله فيهم. شعر وجاهلة بالحب لم تدر طعمه ... وقد تركتني أعلم الناس بالحب جميل وإني لأستحييك حتى كأنّما ... عليّ بظهر الغيب منك رقيب آخر أقول لهم كروا الحديث الذي مضى ... وذكرك من بين الأنام اريد اناشده الا أعاد حديثه ... كأنّي بطيء الفهم حين يعيد إبن المعتز يا رب إن لم يكن في وصله طمع ... وليس لي فرج من طول هجرته فاشف السقام الذي في لحظ مقلته ... واستر ملاحة خديه بلحيته قال في المحاضرات: نظرت امرأة من أهل البادية في المرآة؛ وكانت حسنة الصورة، وكان زوجها رديّ الصورة؛ فقالت له والمرآة في يدها: إنّي لأرجو أن ندخل الجنة أنا وأنت، فقال: فكيف ذلك؟ فقالت: أما أنا فلأنّي ابتليت بك، فصبرت، وأما أنت فلأن الله تعالى أنعم بي عليك، فشكرت، والشاكر والصابر في الجنة. لبعض الأعراب ماء المدامع نار الشوق تحدرها ... فهل سمعتم بماء فاض من نار الخزارزي يا من اذا أفبل قال الهوى ... هذا أمير الجيش في موكبه كل الهوى صعب ولكنّني ... بليت بالأصعب من أصعبه عبدك لا تسأل عن حاله ... حل بأعدائك ما حل به قد كان لي قبل الهوى خاتم ... واليوم لو شئت تمنطقت به وذبت حتى صرت لو زج بي ... في مقلة الوسنان لم ينتبه ابن المعتز وجاءني في قميص الليل مستتراً ... يستعجل الخطو من خوف ومن حذر

فقمت أفرش خدي في الطريق له ... ذلاً وأسحب أذيالي على الاثر ولاح ضوء هلال كاد يفضحه ... مثل القلامة قد قدّت من الظفر فكان ما كان مما لست أذكره ... فظنّ خيراً ولا تسأل عن الخبر ابن بسام ليلي كما شاءت فإن لم تزر ... طال وإن زارت فليلي قصير لا أظلم الليل ولا أدعي ... أنّ نجوم الليل ليست ثغور العباس بن الأحنف قد تسحب الناس أذيال الظنون بنا ... وفرق الناس فينا قولهم فرقا وكاذب قد رمى بالظنّ غيركم ... وصادق ليس يدري أنّه صدقا الصاحب: صرحت في حبي عن شكله. . ولم أصخ فيه إلى عذله وبحت للعالم باسم الهوى ... فليقعد المغتاب في نزله قال في المحاضرات: نظرت امرأة من أهل البادية في المرآة؛ وكانت حسنة الصورة، وكان زوجها رديّ الصورة؛ فقالت له والمرآة في يدها: إنّي لأرجو أن ندخل الجنة أنا وأنت، فقال: فكيف ذلك؟ فقالت: أما أنا فلأنّي ابتليت بك، فصبرت، وأما أنت فلأن الله تعالى أنعم بي عليك، فشكرت، والشاكر والصابر في الجنة. ابن المعمار يا صاح قد ولى زمان الردى ... والهم قد كشر عن نابه باكر لكرم العنب المجتنى ... واستجنه من عند عنّابه واعصره واستخرج لنا ماءه ... لكي تزيل الهمّ عنّا به ولا تراعي في الهوى عاذلاً ... أفرط في العذل وعنّى به كتب العباس بن معلى الكاتب إلى القاضي ابن قريعة: فتوى، ما يقول القاضي أدام الله تعالى أيامه في يهودي زنا بنصرانية؟ فولدت له ولداً جسمه كالبشر، ووجهه كالبقر فما يرى القاضي في ذلك فليفتنا مأجوراً؟ فأجاب هذا من أعدل الشهود على الملاعين اليهود، أنّهم اشربوا حب العجل في صدورهم فخرج من ايورهم، وأرى أن اخلق على الأرض وينادي عليهما ظلمات بعضها فوق بعض.

لما تزوج المهلب ب أبي صفرة بديعة المطربة، أراد الدخول بها، فجاءها الحيض، فقرأت: وفار التنور فقرأ و: " ساوي إلى الجبل يعصمني من الماء " فقرأت " لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ". شعر القلب لديك عذره متضح ... والعين عليك دمعها منسفح يا غاية منيتي وأملى أملي ... قد طال عتابنا متى نصطلح قد قضينا العمر في مطلكم ... فظننا وعدكم كان مناما أإذا متنا نرى وعدكم ... أم اذا كنا تراباً وعظاما شعر أرى الأيام صبغتها تحول ... وما لهواك من قلبي نصول حداة العيس بالاظعان مهلاً ... فلي في ذلك الوادي خليل فوا أسفا على عيش تقضى ... وعمر قد بقى منه القليل أتت ودموعها في الخد يحكي ... قلائدها وقد أخذت تقول غداة غد تزم بنا المطايا ... فهل لك في وداع يا خليل فقلت لها وعيشك لا ابالي ... أقام الحيّ أو جد الرحيل يخاف من النوى من كان حياً ... وإنّي بعدكم رجل قتيل البهاء زهير ويحك يا قلب أما قلت لك ... إياك أن تهلك فيمن هلك حركت من نار الجوى ساكناً ... ما كان اغناك وما اجملك ولى حبيب لم يدع مسلكا ... تشمت بي الأعداء الا سلك ملكته رقي فيا ليته ... لو رقّ أو أحسن فيما ملك بالله يا أحمر خديه من عضّك ... أو أدماك أو أخجلك وأنت يا نرجس عينيه كم ... تشرب من قلبي وما أذبلك ويا لمي مرشفة إنّني ... يغيرني المسواك إن قبلك

ويا مهزّ الرمح من قدّه ... تبارك الله الذي عدّلك مولاي حاشاك ترى غادراً ... ما أقبح الغدر وما أجملك ما لك في حسنك من مشبه ... ما تم للعالم ما تم لك شعر لا سلاماً لا كلاماً لا رسولاً لا رسالة ... كل هذا يا حبيبي من علامات الملالة رأيت في بعض التواريخ أنّه لما قتل الفضل بن سهل في الحمام بسرخس، كما هو في الكتب مسطور، أرسل المأمون إلى امه، أن ترسل من متروكاته ما يليق بالخليفة من الجواهر الثمينة والأموال النفيسة، وأمثال ذلك، فأرسلت إلى المأمون سفطاً مقفولاً مختوماً بختم الفضل، ففتح المأمون السفط، فإذاً فيه درج بخط الفضل المكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما قضى به الفضل بن سهل على نفسه، قضى أن يعيش ثمانية وأربعين سنة ثم يقتل بين ماءٍ ونار. وفي عيون الأخبار: أنّه لما كان صباح اليوم الذي قتل فيه، دخل الحمام وأمر أن يحجم وتلطخ جسده بالدم ليكون ذلك تأويل ما دلت عليه النجوم؛ من أنّه يهراق دمه ذلك اليوم بين ماء ونار، ثم أنّه أرسل إلى المأمون والرضا عليه السلام أن يحضر الحمام أيضاً، فامتنع الرضا عليه السلام وأرسل إلى المأمون يمنعه من ذلك، فلما دخل إلى الحمام جرى دمه. أبو الرضا الفضل بن منصور الظريف الشاعر الأديب حسن الشعر؛ له ديوان جيد توفي سنة 435، ومن شعره: وأهيف القد مطبوع على صلف ... عشقته ودواعي البين تعشقه وكيف أطمع منه في مواصلة ... وكل يوم لنا شمل يفرقه وقد تسامح قلبي في موافقتي ... على السلوّ ولكن من يصدقه أهابه وهو طلق الوجه مبتسم ... وكيف يطعمني في السيف رونقه شكر العلوي امير مكة له شعر حسن توفي سنة 453: قوّض خيامك عن أرض تضام بها ... وجانب الذل إنّ الذل مجتنب وارحل اذا كان في الأوطان منقصه ... فالمندل الرطب في أوطانه خشب لما دعى إبراهيم بن المهدي الخلافة، أتى إليه المعتصم بابنه الواثق، وقال: هذا عبدك هارون ولما استخلف المعتصم قبض إبراهيم بيد ابنه ودخل عليه وقال: هذا عبدك هبة الله، قال أصحاب التواريخ: وكانت الواقعة في بيت واحد. قال في كامل التواريخ: لما قتل الوزير نظام الملك، أكثر الشعراء من المراثي فيه، فمن ذلك قول شبل الدولة مقاتل بن عطية: كان الوزير نظام الملك جوهرة ... مكنونة صاغها الباري من النطف جاءت فلم تعرف الأيام قيمتها ... فردها غيرة منه إلى الصدف وفيه أيضاً إنّ الأسعار غلت بمصر سنة 465 وكثر الموت، وبلغ الغلا إلى أنّ امرأة يقوم عليها رغيف بألف دينار، وسبب ذلك أنّها باعت عروضاً لها، قيمتها الف دينار بثلاثمأة، واشترت عشرين رطلاً حنطة، فنهبت عن ظهر الحمال فنهبت أيضاً مع الناس فأصابها مما خبزته رغيف انتهى

أبو الرضا الفضل بن منصور الظريف الشاعر الأديب حسن الشعر؛ له ديوان جيد توفي سنة 435، ومن شعره: وأهيف القد مطبوع على صلف ... عشقته ودواعي البين تعشقه وكيف أطمع منه في مواصلة ... وكل يوم لنا شمل يفرقه وقد تسامح قلبي في موافقتي ... على السلوّ ولكن من يصدقه أهابه وهو طلق الوجه مبتسم ... وكيف يطعمني في السيف رونقه شكر العلوي امير مكة له شعر حسن توفي سنة 453: قوّض خيامك عن أرض تضام بها ... وجانب الذل إنّ الذل مجتنب وارحل اذا كان في الأوطان منقصه ... فالمندل الرطب في أوطانه حطب مهيار الشاعر الأديب صاحب المحاسن والشعر العذب الرائق كان مجوسياً فأسلم على يد السيد المرتضى وكان يتشيع، قال في كامل التواريخ: إنّ أبا القاسم ابن برهان قال له يوماً: يا مهيار قد انتقلت بإسلامك في النار من زاوية إلى زاوية، قال: وكيف ذلك؟ قال: إنّك كنت مجوسياً فصرت تسب أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم في شعرك. أحمد بن علي بن الحسين المؤدب المعروف بالغالي، توفي سنة 448، ومن شعره: تصدّر للتدريس كل مهوّس ... بليد تسمّى بالفقيه المدرس فحق لأهل العلم أن يتمثلوا ... ببيت قديم شاع في كل مجلس لقد هزلت حتى بدى من هزالها ... كلاها وحتى رامها كل مفلس

القاضي القاسم أبو علي بن محسن التنوخي، ولد بالبصرة سنة 465 وتوفي في شوال سنة 494 ومن شعره: أرى ولد الفتى كلا عليه ... لقد سعد الذي أمسى عقيما فإما أن يربيه عدوا ... وإما أن يخلفه يتيما أحمد بن عمر بن روح النهرواني، من الأدباء المشهورين، توفي سنة 447، شعره جيد، سمع رجلا يغني: وما طلبوا سوى قتلي ... فهان علي ما طلبوا فاستوقفه وقال: أضف إليه هذين البيتين: على قلبي الأحبة بالتمادي ... في الهوى غلبوا وبالهجران من عيني ... لطيب النوم قد سلبوا وما طلبوا سوى قتلي ... فهان علي ما طلبوا أبو الجوائز الحسن بن علي بن محمد الواسطي كان أديبا شاعرا، توفي سنة 446 ومن شعره: واحسرتا من قولها. . خان عهودي ولها وحق من صيرني , ... وقفا عليهما ولها ما خطرت بخاطري ... إلا كستني ولها يحيى بن سلامة الحصكفي الأديب كان يتشيع. توفي 552. ومن شعره وخليع بت أعذله ... ويرى عذلي من العبث قلت أن الخمر مخبثة ... قال حاشاها من الخبث قلت فالآرفاث يتبعها ... قال طيب العيش في الرفث قلت منها القيء قال نعم ... شرفت عن مخرج الحدث وسأسلوها فقلت متى ... قال عند الكون في الجدث أبو جعفر البياضي: يا من لبست لأجله ثوب الضنى ... حتى خفيت به عن العواد وأنست بالسهر الطويل فأنسيت ... أجفان عيني كيف كان رقادي

إن كان يوسف بالجمال مقطع الأيدي ... فأنت مفتت الأكباد بو المعمار: قد بلينا بأمير ... ظلم الناس وسبح فهو كالجزار فيهم ... يذكر الله ويذبح لبعضهم: عذبه بالهجر مولاه ... ومله ظلما واقصاه قد كتب الدمع على خده ... مت كمدا يرحمك الله أبو الحسن محمد بن جعفر الجرهمي الشاعر، توفي سنة 433، وكان بينه وبين المطرزي مهاجاة. ومن شعره: يا ويح قلبي من تقلبه ... أبدا يحن إلى معذبه بأبي حبيبا غير مكترث ... يجني ويكثر من تعتبه قالوا كتمت هواه قلت لهم ... لو أن لي رمقا لبحث به أبو بكر محمد بن عمر العنبري الشاعر الأديب توفي سنة وشعره جيد ومنه قوله: ذنبي إلى الدهر أني لم أمد يدي ... في الراغبين ولم أطلب ولم أسل وإنني كلما نابت نوائبه ... ألفيتني بالرزايا غير محتفل قال الشيخ في فصل المبدأ والمعاد من إلهيات الشفاء: لو أمكن إنساناً من الناس أن يعرف الحوادث التي في الأرض والسماء جميعاً وطبائعها، لفهم كيفية ما يحدث في المستقبل، وهذا المنجم القائل بالأحكام مع أنّ أرضاعه الأولى ومقدماته ليست مستندة إلى برهان بل عسى أن يدعي فيها التجربة أو الوحي، وربما حاول قياسات شعرية أو خطابية في إثباتها فإنّه إنّما يعول على دلائل جنس واحد من أسباب الكائنات، وهي التي في السماء، على أنّه لا يضمن من عنده الإحاطة بجميع الأموال التي في السماء، ولو ضمن لنا ذلك ووفى به لم يمكنه أن يجعلنا ونفسه بحيث يقف على وجود جميعها في كل وقت وإن كان جميعها من حيث فعله وطبعه معلوماً عنده، وذلك لأنّه لا يكفيك أن تعلم أنّ النار حارة مسخنة وفاعلة كذا وكذا في أن تعلم أنّها سخنت ما لم تعلم أنّها حصلت وأي طريق في الحساب يعطينا المعرفة بكل حدث في الفلك؟

ولو أمكنه أن يجعلنا ونفسه بحيث نقف على وجود ذلك، لم يتم لنا به الإنتقال إلى المغيبات، فإنّ الأمور المغيبة التي في طريق الحدوث، إنّما تتم بمخالطات بين الامور السماوية والامور الأرضية المتقدمة؛ والاحقة فاعلها ومنفعلها طبيعيها وإراديّها، وليست تتم بالسماويات وحدها، فما لم يحط بجميع الأمرين وموجب كل منهما خصوصاً ما كان متعلقاً بالمغيب، لم يتمكن من الإنتقال إلى المغيب، فليس لنا إذاً اعتماد على أقوالهم، وإن سلمنا متبرعين أنّ جميع ما يعطوننا من مقدماتهم الحكمية صادقة، إنتهى كلام الشيخ في الشفاء. عن محمد بن عبد العزيز قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: يا عبد العزيز الإيمان على عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرة بعد مرة، فلا يقول صاحب الواحدة لصاحب الإثنين لست على شيء، حتى ينتهي إلى العاشرة، ولا تسقط من هو دونك، فيسقطك من هو فوقك، وإذا رأيت من هو أسفل منك درجة، فارفعه إليك برفق، ولا تحمل عليه مما لا يطيق فتكسره، فإنّه من كسر مؤمناً فعليه جبره، وكان المقداد في الثامنة، وأبو ذر في التاسعة، وسلمان في العاشرة. قال في كامل التواريخ في سنة خمس وثمانين وأربعمائة ومات في هذه السنة عبد الباقي محمد بن الحسين الشاعر البغدادي، وكان يتهم بأنّه يطعن على الشرائع، فلما مات كانت يده مقبوضة، فلم يطق الغاسل فتحها، فبعد جهد فتحت فإذاً فيها مكتوب: نزلت بجار لا يخيب ضيفه ... ارجّي نجاتي من عذاب جهنم وإنّي على خوفي من الله واثق ... بإنعامه والله أكرم منعم من كامل التواريخ في حوادث سنة 603: ما صورته: في هذه السنة قتل صبي صبياً ببغداد كانا يعاشران وعمر كل منهما يقارب عشر سنة، فقال أحدهما للآخر: ألا إن أضربك بالسكين وأهوى بها نحوه، فدخل رأسها في جوفه، فمات، فهرب القاتل ثم أخذ وأمر بقتله فلما أرادوا قتله، طلب دواة وبياضاً، وكتب فيها من قوله: وفدت على الكريم بغير زاد ... من الحسنات والقلب السليم وسوء الظن إن يعتد زاد ... اذا كان القدوم على كريم قيل لأنوشيروان: ما بال الرجل يحمل الحمل الثقيل فيحتمله؟ ولا يحتمل مجالسة الثقيل، فقال: لان الحمل يشترك فيه جميع الأعضاء، والثقيل يتفرد به الروح انتهى.

ابن المعتز في وصف الإبريق كأنّ إبريقنا والراح في فمه ... طير تناول ياقوتاً بمنقار أوصى بعض الوزراء، أن يكتب على كفنه، اللهم حقق ظنّي بك. عميد الملك وزير الب أرسلان في غلام تركي كان واقفاً على رأسه، يقطع بالسكين قبضته. شعر أنا مشغوف بحبه وهو مشغوف بلعبه ... صانه الله فما أكثر إعجابي بعجبه لو أراد الله خيراً وصلاحاً لمحبه ... نقلت رقة خديه إلى قسوة قلبه سمع بعض العارفين غناء مخارق وعلوية: نعم الوسيلتان لإبليس في الأرض. من كلام حكماء الهند: إذا احتاج إليك عدوك أحب بقاءك، وإذا استغنى عنك وليك هان عليه موتك. من كلامهم: كل مودةعقدها الطمع حلها اليأس. قال رجل لابن عباس: ادع الله أن يغنيني عن الناس، فقال: إن حوائج الناس متصل بعضها ببعض، فما يستغني المرء عن بعض جوارحه، ولكن قل: اللهم أغنني عن شرار الناس. سمع أعرابي ابن عباس يقرأ " وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها " فقال الأعرابي: والله ما أنقذنا منها وهو يريد أن يلقينا فيها، فقال ابن عباس: خضذوها من غير فقيه. أوصى بعض الوزراء أن يكتب على كفنه: اللهم حقق حسن ظني بك ضحك العبد وهو مشفق من ذنبه، خير من بكائه وهو مدل على ربه لبعض الأعراب: ليس في الناس وفاء ... لا ولا في الناس خير قد بلوت الناس، في الناس ... كسير وعوير من كلام بعض العارفين: الأخ الصالح خير من نفسك، لأن النفس أمارة بالسوء، والأخ الصالح لا يأمر إلا بالخير. قيل لأمير المؤمنين علي كرم الله وجهه، وهو على بغلة له في بعض الحروب: لو

اتخذت الخيل يا أمير المؤمنين، فقال: أنا لا أفر عمن كر، ولا أكر على من فر، والبغلة تكفيني. رأيت في بعض الكتب: أنّ الشطرنج إنّما وضعها الحكماء لملوك الروم والفرس لأنّهم لا يكون لهم علم وكانوا لا يطيلون الجلوس مع العلماء لجهلهم، واذا اجتمعوا مع أمثالهم تلاحظوا كما يتلاحظ البقر، فوضعوا لهم في ذلك ليشتغلوا بها، وأما ملوك اليونان وقدماء الفرس والروم، فكان لكل منهما كعب عال في العلم، وكانوا لا يتفرغون عنه لأمثال الامور الواهية. قال الحجاج لشيخ من الأعراب: كيف حالك في الأكل؟ فقال: إن أكلت ثقلت، وإن تركت ضعفت، قال: فكيف نكاحك؟ قال: إذا بذلت لي عجزت، وإذا منعت شرهت، قال: فكيف نومك؟ قال: أنام في المجمع، وأسهر في المضجع، قال: فكيف قيامك وقعودك؟ قال: اذا قعدت تباعدت عنّي الأرض، وإذا قمت لزمتني، فقال: فكيف مشيك؟ قال: تعقلني الشعرة، وتعثرني البعرة. كان يحيى بن أكثم يناظر رجلاً في إبطال القياس؛ وكان الرجل يقول في أثناء مناظرته: يا أبا زكريا، فقال: لست أبا زكريا؛ فقال الرجل: يحيى يكون كنية أبا زكريا؛ فقال: يحيى بن أكثم: ففيم بحثنا إلى الآن؟ يعني أنّك قلت بالقياس وعملت به. دق رجل الباب على الجاحظ، فقال الجاحظ من أنت؟ فقال الرجل: أنا، فقال الجاحظ: أنت والدق سواء. هارون بن أبي الفرج المنجم وقيل: هارون ابن علي المنجم: سقى الله أياماً لنا ولياليا ... مضين فلا يرجى لهنّ رجوع إذ العيش صاف والأحبة جيرة ... جميعاً وإذ كل الزمان ربيع واذ أنا إما للعواذل في الصبا ... فعاصي وإما للهوى فمطيع قال الصاحب ابن عباد: هذا الشعر إن أردت كان اعرابيا في شملته، وإن أردت كان عراقيا في حلته. انتهى.

كشاجم ما لذة اكمل في طيبها ... من قبلة في إثرها عضه خلستها بالكره من شادن ... يعشق منه بعضه بعضه ابن الأعرج وده ود صحيح وهو عني ذو انقباض ... فهو في الظاهر غضبان وفي الباطن راضي قدماء الحكماء: على أنّ نفوس الحيوانات ناطقة مجردة، وهو مذهب الشيخ المقتول وقد صرح الشيخ الرئيس في جواب أسئلة بهمنيار، بأن الفرق بين الإنسان والحيوانات في هذا الحكم مشكل. وقال القيصري في شرح فصوص الحكم: ما قال المتأخرون: من أنّ المراد بالنطق هو إدراك الكليات لا التكلم، لأن التكلم مع كونه مخالفاً لوضع أهل اللغة لا يفيدهم، لأنّه موقوف على أنّ النفس الناطقة المجردة تكون للإنسان فقط. ولا دليل لهم على ذلك، ولا شعور لهم بأنّ الحيوانات ليس لها إدراك الكليات، والجهل بالشيء لا ينافي وجوده، وإمعان النظر فيما يصدر عنها من العجايب يوجب أن يكون لها إدراك الكليات. انتهى كلامه ولا يخفى أنّ كلام القيصري يعطي أنّ مراد المتقدمين بالنطق هو المعنى اللغوي، وبذلك صرح الشيخ الرئيس في أول كتابه الموسوم بدانش نامه علائي نقل الفاضل المبيدي في شرح الديوان. قال السيد الشريف في حاشية شرح التجريد: إن قلت: ما تقول فيمن يرى أنّ الوجود مع كونه عين الواجب وغير قابل للتجزي والانقسام، قد انبسط على هياكل الموجودات وظهر فيها فلا يخل منه شيء من الأشياء، بل هو حقيقتها وعينها، وإنّما امتازت وتعينت بتقيدات وتعينات وتشخصات اعتبارية، ويمثل ذلك بالبحر وظهوره في صورة الأمواج المتكثرة، مع أنّه ليس هناك الا حقيقة البحر فقط، قلت: هذا طور وراء طور العقل، لا يتوصل إليه الا بالمجاهدة الكشفية دون المناظرات العقلية، وكل ميسر لما خلق له: شعر أنت في الأربعين مثلك في ... العشرين قل لي متى يكون الفلاح. نور الأنوار محيط بجميع الأرواح والأشباح، ولا تخلو منه ذرة من ذرات الأرضين والسموات، " ألا إنه بكل شيء محيط ... ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ... فأينما

تولوا فثم وجه الله ... وهو معكم أينما كنتم ... ونحن أقرب إليه منكم ... ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ". قال أرسطو في كتابه الموسوم باثولوجيا، إنّ من وراء هذا العالم سماء وأرض وبحر، وحيوانات ونبات وناس سماويون، وكل من في ذلك العالم سماوي وليس هناك شيء أرضي، والروحانيون الذين هناك يلائمون للإنس الذين هناك، لا ينفر بعضهم عن بعض، وكل واحد لا ينافي صاحبه، ولا يضاره بل يستريح إليه. بعض الحكماء، على أنّ الفلزات المتطرقة أنواع مختلفة مندرجة تحت جنس وصيرورة نوع نوعاً آخر محال عنده، وأصحاب الكيمياء وبعض الحكماء على أنّ الأجساد المذكورة إنّما هي أصناف مندرجة تحت نوع واحد، والذهب كالإنسان الصحيح وبقية الأجساد اناس مرضى دواؤهم الإكسير. قال بعض المحققين: وعلى تقدير تسليم كونها نوعاً لا يلزم استحالة الإنقلاب، فإنا كثيراً ما نشاهد صيرورة النواة عقرباً، والشيخ الرئيس بعد ما تصدى لإبطال الكيميا في كتاب الشفا، ألف في صحتها رسالة سماها حقايق الأشهاد. شكى رجل من علته، فقال له بعض العارفين: أتشكو ممن يرحمك إلى من لا يرحمك؟ ! دخل الإمام الحسن بن علي عليهما السلام على عليل، فقال له: ان الله تعالى قد أنالك فاشكره، وذكرك فاذكره. إعتل الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، فقال: اللهم اجعله أدباً ولا تجعله غضباً. قيل: العلة تحمل على الجمال، والعافية على المنال. عن ابن عباس، قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قوم فقالوا: إنّ فلاناً صائم الدّهر قائم الليل كثير الذكر، فقال النبي: أيّكم يكفيه طعامه وشرابه؟ فقالوا: كلنا، قال: فكلكم خير منه. قال بعض الحكماء: لا ينبغي لعاقل أن يجهد إلا في إحدى خصال ثلاث: تزود لمعاد، أو مرمة لمعاش، أو لذة في غير محرم. ذكر الزهد عند الفضيل بن عياض، فقال هو حر فإنّ في كتاب الله تعالى، لا تأسوا على ما فاتكم، ولا تفرحوا بما آتاكم.

ابن الرومي من أبيات رأيت الدهر يرفع كل وغد ... ويخفض كل ذي زنة شريفه كمثل البحر يغرق فيه در ... ولا ينفك يطفو فيه جيفه وكالميزان يخفض كل واو ... ويرفع كل ذي زنة خفيفه قال بعض الأماجد: ما رددت أحداً عن حاجة الا تبينت العزة في قفاها والذل في وجهي. وقف أعرابي على قوم يسألهم، فقالوا: من أنت؟ فقال: إنّ سوء الإكتساب يمنعني من الإنتساب. قال بعضهم: كان الناس يفعلون، ولا يقولون، ثم صاروا يقولون ولا يفعلون واليوم لا يقولون ولا يفعلون. من كلام الحكماء: من لم يستوحش من ذل السؤال، لم يأنف من لوم الرد. من الكشاف في تفسير سورة التطفيف، الضمير في كالوهم أو وزنوهم، ضمير منصوب راجع إلى الناس، وفيه وجهان: أن يراد كالوا لهم أو وزنوا لهم، فحذف الجار واوصل الفعل كما قال: ولقد جنيتك اكمؤاً وعساقلا ... ولقد نهيتك عن بنات الاوبر والحريص يصيدك لا الجواد، بمعنى جنيت لك ويصيد لك، وأن تكون على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، والمضاف هو المكيل والموزون ولا يصح أن يكون ضميراً مرفوعاً للمطففين، لأنّ الكلام يخرج به إلى نظم فاسد، وذلك أنّ المعنى اذا أخذوا من الناس، استوفوا، وإذا أعطوهم أخسروا، وإن جعلت الضمير للمطففين، انقلب إلى قولك اذا أخذوا من الناس استوفوا، واذا تولوا الكيل أو الوزن هم على الخصوص أخسروا، وهو كلام متنافر، لأنّ الحديث واقع في الفعل، لا في المباشر، والتعلق في إبطاله بخط المصحف، وإنّ الألف التي تكتب بعد واو الجمع غير ثابتة فيه ركيك، لأنّ خطّ المصحف لم يراع في كثير منه حد المصطلح عليه في علم الخط على أنّي رأيت في الكتب المخطوطة بأيدي الأئمة المتقنين، هذا الألف مرفوضة لكونها غير ثابتة في اللفظ والمعنى جميعاً؛ لأنّ الواو وحدها معطية معنى الجمع وإنّما كتب هذه الألف تفرقة بين واو الجمع وغيرها في نحو قولك: هم لم يدعوا، وهو يدعو فمن لم يثبتها قال: إنّ المعنى كاف في التفرقة بينهما. وعن عيسى بن عمرو وحمزة، أنهما كانا يرتكبان ذلك، أي يجعلان الضميرين للمطففين: ويقفان عند الواوين وقيفة يبنيان بها ما أرادا.

الحب القاتل

لفظ خاتم في قولنا: محمد خاتم النبيين يجوز فيه فتح التاء وكسرها، فالفتح بمعنى الزينة مأخوذ من الختم الذي هو زينة للألبسة، والكسر إسم فاعل بمعنى الآخر، وذكر ذلك الكفعمي في حواشي المصباح، وفي الصحاح الخاتم بكسر التاء وفتحها وخاتمة الشيء آخره ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وقوله تعالى: " وختامه مسك " أي آخره، لأنّ آخر ما يجدونه رائحة المسك. في الكشاف أنّ امرأة أيوب عليه السلام قالت له يوماً: لو دعوت الله؛ فقال لها: كم كانت مدة الرخاء؟ فقالت: ثمانين سنة، فقال: أنا أستحيي من الله أن أدعوه وما بلغت مدة بلائي مدة رخائي. الحب القاتل حكى بعض الثقات قال: إجتزت في بعض أسفاري بحي بني عذرة، فنزلت في بعض بيوته فرأيت جارية قد البست من الجمال حله الكمال فأعجبني حسنها وكلامها، فخرجت في بعض الأيام أدور في الحي؛ وإذا أنا بشاب حسن الوجه عليه أثر الوجد، أضعف من الهلال: وأنحف من الخلال، وهو يوقد ناراً تحت القدر، ويردد أبياتاً، ودموعه تجري على خديه فمما حفظت منه قوله: فلا عنك لي صبر ولا فيك حيلة ... ولا منك لي بدولاً عنك مهرب ولي ألف باب قد عرفت طريقه ... ولكن بلا قلب إلى أين أذهب فلو كان لي قلبان عشت بواحد ... وأفردت قلباً في هواك يعذب فسألت عن الشاب وشأنه: فقيل: يهوى الجارية التي أنت نازل في بيت أبيها، وهي محتجبة عنه منذ أعوام، قال: فرجعت إلى البيت، وذكرت لها ما رأيت، فقالت: ذاك ابن عمي، فقلت لها: يا هذه إن للضيف حرمة، فنشدتك بالله إلا متعتيه بالنظر إليك في يومك هذا؛ فقالت: صلاح حاله في أن لا يراني، قال: فحسبت أن امتناعها عنه ضنة منها، فمازلت اقسم عليها حتى أظهرت القبول، وهي متكرهة، فلما قبلت ذلك مني قلت: أنجزي الآن وعدك فداك أبي وأمي، فقال: تقدمني فإني ناهضة في أثرك، فأسرعت نحو الغلام فقلت: إبشر بحضور من تريد فإنها مقبلة نحوك الآن، فبينا أنا أتكلم معه إذاً خرجت من خبائها مقبلة تجر أذيالها وقد أثارت الريح غبار أقدامها؛ حتى ستر الغبار شخصها، فقلت للشاب: ها هي وقد أقبلت، فلما نظر إلى الغبار، صعق وخر على النار لوجهه، فما أقعدته إلا وقد أخذت النار

الوقت باصطلاح الصوفية

من صدره ووجهه فرجعت الجارية وهي تقول: من لا يطيق مشاهدة غبار نعالنا، كيف يطيق مطالعة جمالنا. أقول: وما أشبه هذه القصة بقصة موسى على نبينا وعليه السلام: " ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقاً ". قيل لبعض العارفين: هل تعرف بلية لا يرحم من ابتلي بها ونعمة لا يحسد المنعم عليه بها؟ قال هي الفقر؟ ويقال إنه لما سمع بعض العارفين الكلام المشهور: نعمتان مكفورتنان: الصحة والأمان، قال: إن لهما في ذلك ثالثاً لا يشكر عليه أصلاً، بخلاف الصحة والأمن، فإنه قد يشكر عليهما، فقيل: ما هو؟ فقال ذلك الفقر، فإنها نعمة مكفورة من كل من انعم عليه به، إلا من عصمه الله. الوقت باصطلاح الصوفية ، هي الحال الحاضرة التي يتصف السالك بها، فإن كان سروراً فالوقت يكون سروراً، وإن كان حزيناً، فيكون حزيناً، وهكذا، وقولهم: الصوفي ابن الوقت، يريدون به أنه لا يشتغل في كل وقت إلا بمقتضياته من غير التفات إلى ماض، أو مستقبل. لا أدري اديرت علينا بالمعارف قهوة ... يطوف بها من جوهر العقل خمار فلما شربناها بأفواه فهمنا ... أضاءت لنا منه شموس وأقمار وكاشفنا حتى رأيناه جهرة ... بأبصار صدق لا تواريه أستار فغبنا به عنا فنلنا مرادنا ... ولم يبق عنا عند ذلك آثار لبعضهم: يا مالكا ليس لي سواه. . وكم له في الورى سوائي وليس لي عنه من براح ... في العسر واليسر والرجاء ظهرت للكل لست تخفى ... وأنت أخفى من الخفاء وكل شيء أراك فيه ... بلا جدال ولا مراء فعن يميني وعن شمالي ... ومن أمامي ومن ورائي

مما ينسب إلى الشيخ العارف السهروردي: ىيات قيامة الهوى لي ظهرت ... قبلي سترت وفي زماني اشتهرت هذي كبدي إذا السماء انفطرت ... شوقا وكواكب الدموع انتثرت لبعضهم: من كلام العرافين: إن للعارف تحت كل لفظ نكتة، وفي ضمن كل قصة حصة، وفي أثناء كل إشارة، وفي طي كل حكاية كناية، ولذلك تراهم يستكثرون من الحكايات في تضاعيف محاوراتهم ليأخذ كل من السامعين ما يصيبه ويحظى بما هو نصيبه على حسب الاستعداد وقد علم كل انسان مشربهم وعلى هذا ورد: أن للقرآن، ظهراً وبطناُ إلى سبعة أبطن، فلا تظن أن المراد بالقصص والحكايات الواردة في القرآن العزيز محض القصة والحكايات لا غير، فإن كلام الحكيم يجل عن ذلك. من كلامهم: أذ اعيد الحديث، ذهب رونقه. دخلت سودة بنت عمارة الهمدانية على معاوية، بعد موت أمير المؤمنين عليه السلام فجعل يؤنبها على تحريضها عليه أيام صفين، وآل امره إلى ان قال، ما حاجتك؟ فقال: أن الله ماسائلك عن أمرنا، وما افترض عليك من حقنا، ولا يزال يعدو علينا من قبلك من يسمو بمكانك، ويبطش بسلطانك، فيحصدنا حصد السنبل، ويدوسنا دوس الحرمل يسومنا الخسف ويذيقنا الحتف، هذا بشر بن ارطأة قدم علينا، فقتل رجالنا، وأخذ أموالنا، ولولا طاعتك لكان فينا العز والمنعة، فإن عزلته عنا شكرناك، وإلا كفرناك فقال لها معاوية اياي تهددين بقومك؟ لقد هممت أن احملك على قبة اشرس فاردك فينفذ فيك حكمه، فاطرقت سودة ساعة، ثم قالت: صلى الإله على جسم تضمنها ... قبر فاصبح فيه العز مدفونا قد حالف الحق لا يبغي به بدلاً ... فصار بالحق والايمان مقرونا فقال معاوية: من هذا يا سودة؟ قالت هو والله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام والله لقد جئته في رجل كان ولاه صدقاتنا، فجار علينا، فصادفته قائماً يصلي فلما رآني انفتل من صلاته، ثم أقبل علي بوجهه ورفق ورأفة وتعطف، وقال: ألك حاجة؟ قلت: نعم، فأخبرته الخبر، فبكى، وقال: اللهم انت الشاهد علي وعليهم، أنى لم آمرهم بظلم خلقك! ولا

بترك حقك، ثم اخرج قطعة جلد، فكتب فيها بسم الله الرحمن الريم قد جاءتكم بينة من ربك، فافوا الكل والميزان، ولا تبخسوا الناس اشياءهم، ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها الخ "، فإذا قرأت كتابي هذا، فاحتفظ بما في يدك من علمنا حتى يقدم من يقبضه منك والسلام، ثم دفع الرقعة إلي فوالله ما ختمها بطين، ولا حزمها، فجئت بالرقعة إلى صاحبه، انصرف عنها معزولاً فقال معاوية: اكتبوا لها ما تريد، واصرفوها إلى بلدها غير شاكية. من الكافي، أن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام خرج من الحمام، فلقيه إنسان فقال: طاب استحمامك، فقال: يا لكع وما تصنع بالإست هاهنا؟ فقال: طاب حميمك، فقال: أما تعلم أن الحميم: العرق، قال طاب حمامك، فقال: وإذا طاب حمامي فأي شيء لي؟ قل طهر ما طاب منك، وطاب ما طهر منك. وقيل لأمراة من الأعراب: من أين معاشكم؟ فقالت: لو لم نعش إلا من حيث نعلم لم نعش. خفف أعرابي صلاته، فلاموه على ذلك، فقال: إن الغزيم كريم. قال ابن السمالك لبعض الصوفية: إن كان لباسكم هذا موافقاً لسرايركم، فقد أحببتم أن يطلع الناس عليها، وإن كان مخالفاً لها فقد هلكتم. في كتاب ما لا يحضره الفقيه، أن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام خرج من الحمام، فلقيه إنسان فقال: طاب استحمامك، فقال: يا لكع وما تصنع بالإست هاهنا؟ فقال: طاب حميمك، فقال: أما تعلم أن الحميم: العرق، قال طاب حمامك، فقال: وإذا طاب حمامي فأي شيء لي؟ قل طهر ما طاب منك، وطاب ما طهر منك. قال بعض الأمراء لمعلم ابنه: علمه السباحة قبل الكتابة فإنه يجد من يكتب له ولا يجد من يسبح عنه. كانت العرب إذا أوفدت وافداُ، قالت له: إياك والهيبة، فإنها الخيبة، وعليك بالفرصة، فإنها مزيلة للغصة، هذا آخر المجلد الثالث من الكشكول ةعلى هذه المجلدات الثلاثة اقتصرت النسخة الأميرية وقد وجدنا في بعض نسخ الكشكول زيادة كبيرة تشتمل على المجلد الرابع والخامس، فأحببنا إلحاقها بنسختنا لتمتاز بهذه الزيادة عن النسخ التي طبعت في مصر وبذلك تكون نسختنا اشتملت على المجلدات الخمسة التي هي كل ما اشتملت عليه نسخ الكشكول المختلفة. وكان المؤلف رحمه الله يعبر بكلمة المجلد عن الجزء. . وتبتدئ هذه الزيادة بالمجلد الرابع، وتنتهى بنهاية المجلد الخامس الذي هو آخر الجزء الثاني من نسختنا.

المجلد الرابع من كشكول الشيخ بهاء الدين بن محمد العاملي رحمه الله أول الزيادات التي عثرنا عليها في نسخ الكشكول ولم تطبع قبل

صفحة فارغة

بسم الله الرحمن الرحيم قال سيد المرسلين، وأشرف الأولين والآخرين صلوات الله عليه وآله أجمعين في خطبة خطبها وهو على ناقته العضباء. أيها الناس كأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الحق على غيرنا وجب، وكأن الذي يشيع من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون، نبوئهم أجداثهم، ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعدهم قد نسينا كل واعظة، وأمنا كل حائجة، طوبى لمن أنفق ما اكتسبه من غير معصية، وجالس أهل الفقه والحكمة، وخالف أهل الذل والمسكنة، طوبى لمن ذلت نفسه، وحسنت خليقته، وصلحت سريرته، وعزل عن الناس شره، طوبى لمن أنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة، ولم تستهوه البدعة. قيل الإعرابية: ما الذل؟ قلت: وقوف الشريف بباب الدنئ ثم لا يؤذن له. قيل وما الشرف؟ قالت: عقد المنن في أعناق الرجال. قيل لإياس القاضي: لا عيب فيك إلا أنك تعجل في القضاء من غير ترو فيما تحكم به، فرفع كفه وقال: كم إصبعا؟ فقالوا خمسة، قال: عجلتم، هلا قلتم واحد، اثنان، ثلاثة أربعة، خمسة فقالوا: لا نعد ما عرفناه، فقال: أنا لا أؤخر ما تبين لي الحكم فيه قال رجل للأعمش: إنك تحب الدراهم، فقال إنما أحب الاستغناء عن السؤال. من كلام بعض العارفين: الأخ الصالح خير لك من نفسك؛ لتن النفس أمارة بالسوء، والأخ الصالح لا يأمرك إلا بالخير. قيل لأمير المؤمنين علي عليه السلام - وهو على بغلة له، وهو في بعض

الحروب -: لو اتخذت الخيل يا أمير المؤمنين، فقال: أنا لا أفر عمن كر، ولا أكر على من فر، والبغلة تكفيني. لما حضرت الحطيئة الوفاة قيل له: أوصنا، قال: إحملوني على حمار، فإنه لم يمت عليه كريم فلعلي لا أموت ثم أنشد: لكل جديد لذة غير أنني ... وجدت جديد الموت غير لذيذ من كلام الحكماء: إذا أردت أن تعذب عالماً، فاقرن معه جاهلاً. غضب الرشيد على ثمامة بن أبرش وكان فاضلاً فسلمه إلى خادم له، يقال له: ياسر، وكان الخادم يتفقد ويحسن إليه فسمعه ثمامة يوماً يقرأ: " ويل للمكذبين " بفتح الذال فقال له ثمامة: ويك إن المكذبين هم الأنبياء، فقال الخادم: كان يقال إنك زنديق، وما كنت اصدق أن أشتم الانبياء يا ثمامة؟ فتركه وهجره، فما رضي عنه الرشيد ورده إلى مجلسه، سأله يوماً في أثناء محاورته: ما أشد الأشياء؟ فقال: عالم يجري عليه حكم جاهل. قالت: امرأة مالك بن دينار له في أثناء مجادلة: يا مرائي فقال لها: لبيك هذا إسم ما عرفني به أحد إلا أنت من كلام الحكماء: الصديق نسيب الروح، والقريب نسيب الجسم. قيل لراع عابد وجدت الذئاب بين غنمه وهي لا تؤذيها: متى اصطلحت الذئاب مع غنمك؟ قال: منذ اصطلح الراعي مع الله. عن زبن العابدين عليه السلام: الدنيا سبات، والآخرة يقظة، ونحن بينهما أضغاث. وفي ربيع الأبرار: يقال: إن من لا يعلم إلا فنا واحد من العلم ينبغي أن يسمى خصي العلماء: لبعضهم: دافع الأيام بالتفكير ... في يوم الممات وارض عن عيناك بالكسرة والماء الفرات فهي تكفيك وتغني ... عن جميع الشهوات في ذم قوم: قوم إذا اشتهرت للمرء بينهم ... فضيلة جعلوها من رذائله

(يعنفون على المعروف باذله ... ويقدحون به في عقل فاعله) قال في ربيع الأبرار: كان المعتصم ثامن خلفاء العباسيين، وكان ملكه ثمان سنين وثمانية أشهر، وكان له من الأولاد ثمانية ذكورا، وثمانية إناثا، وفتح ثمانية حصون، وبنى ثمانية قصور، وخلف ثمانية آلاف درهم، وثمانية آلاف دينار. قيل للبهلول: أتعد مجانين بلدك؟ قال: هذا شيء يطول، ولكن أعد عقلاءه. قال رجل لفيلسوف: إن فلانا عابك بكذا وكذا، فقال الفيلسوف: لقد واجهتني أنت بما استحى الرجل من استقبالي به. قال بعض الزهاد لولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا. وقال آخر ما غمني إلا طلوع الفجر. سمع بعضهم بكاء على ميت فقال: عجبا من قوم مسافرين يبكون على مسافر قد بلغ منزله. قيل لواحد من الحكماء: هل تزوجت؟ قال لو قدرت لطلقت نفسي. اختصم رجلان في مجلس المأمون فرفع أحدهما صوته، فقال المأمون: يا هذا، إنما الصواب في الأسد لا في الأشد. من كلامهم: إذا أردت أن تفتضح فمر من لا يمتثل أمرك. أبو نواس: (والله والله وحق الهوى ... وهو يمين ليس يرتاب) (ما حطك الواشون من رتبة ... عندي ولا ضرك مغتاب) (كأنما أثنوا ولم يعلنوا ... عليك عندي بالذي عابوا) لبعضهم: (ولقد قصدتك حين جربت الورى ... فوجدت مثلك في الورى معدوما) (وكذا الليالي صيرتني سائلا ... لا تجعلني سائلا محروما) كتب هشام بن عبد الملك إلى ملك الروم: من هشام أمير المؤمنين إلى الملك الطاغية. فكتب في جوابه: ما كنت أظن أن الملوك يسب بعضها بعضا، وإلا لكنت أكتب إليك: من ملك الروم إلى الملك المذموم، وهشام الأحول المشئوم.

(رأي الصوفية في الجن)

لبعضهم: (وقالوا في الهجاء عليك إثم ... وليس الإثم إلا في المديح) (لأني إن مدحت مدحت زورا ... وأهجو حين أهجو بالصحيح) قال رجل لأبي العيناء: يا مخنث، فقال وضرب لنا مثلا ونسي خلقه. من كلامهم: الهدية ترد بلاء الدنيا، والصدقة ترد بلاء الآخرة. فلس القاضي بمصر رجلا كثرت ديونه، فأركبه حمارا وطوف به في البلد ليحترز الناس من معاملته بعد ذلك، فلما أنزل عن الحمار قال له صاحب الحمار: أد الكراء، فقال: ففيم كنا طول النهار يا أبله؟ ! لكاتبه: (جاء البريد مبشرا ... من بعد ما طال المدا) (بالله خبرني بما ... قد قال جيران الحمى) (يا أيها الساقي أدر ... كأس المدام فإنها) (مفتاح أبواب الهنا ... مشكاة أنوار الهدى) (قد ذاب قلبي با بني ... شوقا إلى أهل الحمى) (هذا الربيع أتى أتى ... يا شيخ قل حتى متى) (فالقلب ضيع رشده ... ومن المواعظ ما اهتدى) (رأي الصوفية في الجن) الصوفية يقولون: إن الجن أرواح متجسدة في أجرام لطيفة، الغالب عليها النار والهواء، كما أن الغالب على بدن الإنسان التراب والماء. وهم قادرون على التشكل بالأشكال المختلفة وخلع الصور، والدخول في الصورة الأخرى، ومزاولة الأعمال الخارجة عن طوق البشر، وغذاؤهم الهواء المتكثف برائحة الطعام. وقد نهى النبي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] عن الاستنجاء بالعظام وقال: إنها زاد إخوانكم الجن. وقال الشيخ العارف الشيخ محيى الدين بن عربي في الفتوحات: أخبرني بعض المكاشفين أنه رأى الجن يأتون إلى العظم فيشمونه ثم يرجعون. قيل لرجل: ما بلغ بك عشق فلانة؟ فقال: وايم الله إني كنت أرى القمر في دارها أضوأ منه في دار غيرها. - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

لغويات

من دعاء أم الإسكندر للإسكندر: رزقك الله حظا يخدمك به ذوو العقول، ولا رزقك عقلا تخدم به ذوي الحظوظ. قال أبو يزيد البسطامي: ليس الزاهد من لا يملك شيئا، إنما الزاهد من لا يملكه شيء. قال أرسطو: العاقل يوافق العاقل، وأما الجاهل فلا يوافق العاقل ولا الجاهل. كما أن الخط المستقيم ينطبق على المستقيم. وأما المعوج فلا ينطبق على المعوج ولا المستقيم. بعث السلطان محمود إلى الخليفة القادر بالله يتهدده بخراب بغداد، وأن يحمل تراب بغداد على الفيلة إلى غزنة. فبعث إليه الخليفة. كتابا فيه " أل م " وليس فيه سوى ذلك، فلم يدر السلطان ما معنى ذلك وتحير العلماء في حل هذا الرمز، وجمعوا كل سورة في القرآن في أولها " ال م " فلم يكن فيها ما يناسب الجواب. وكان في جملة الكتاب شاب لا يعبأ به فقال: إن أذن لي السلطان حللت الرمز، فأذن له، فقال ألم تتهدده بالفيلة؟ قال نعم. قال قد كتب إليك: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} فاستحسن السلطان ذلك، فقربه وأجازه. العرب تسمي المائة سنة من التاريخ حمارا، وسمي مروان بالحمار لأنه كان على رأس المائة من دولة بني أمية. وفي المحاضرات: أن المأمون مر متنكرا، وإذا برجل يقول: قد سقط المأمون من عيني منذ قتل أخاه، فبعث إليه بدرة وقال له: إن رأيت أن ترضى عني فعلت. (لغويات) قال ابن خالويه النحوي: من كلام العرب الذي غلب فيه المؤنث على المذكر: تقول صمت عشرا، ولا تقل عشرة، مع أن الصوم لا يكون إلا بالنهار وكذا تقول: سرت عشرا، لا عشرة. . والنفس مؤنثة. وتقول ثلاثة أنفس على لفظ الرجال، ولا يقال ثلاث أنفس. الباخرزي: (وطمعت منها بالوصال لأنها ... تبني الأمور على خلاف مرادي) (قالت وقد فتشت عنها كل من ... لاقيته من حاضر أو بادي)

(أنا في فؤادك فارم طرفك نحوه ... ترني فقلت لها فأين فؤادي) قال بعض العلماء: حججت في بعض السنين، فبينما أنا أطوف بالبيت إذا بأعرابي متوشح بجلد غزال ويقول: (أما تستحي يا رب أنت خلقتني ... أناجيك عريانا وأنت كريم؟) قال وحججت في العام القابل، فرأيت الأعرابي وعليه ثياب وحشم وغلمان، فقلت له: أنت الذي رأيتك في العام الماضي وأنت تنشد ذلك البيت! فقال: نعم، خدعت كريما فانخدع. كان بعضهم في أيام صغره ينشد أشد ورعا منه أيام كبره. وقد أنشأ في هذا المعنى يقول: (عصيت هوى نفسي صغيرا وعندما ... أتتني الليالي بالمشيب وبالكبر) (أطعت الهوى عكس القضية ليتني ... خلقت كبيرا ثم عدت إلى الصغر) من كتاب تعبير الرؤيا للكلبي: جاء رجل إلى الصادق عليه السلام وقال: رأيت أن في بستاني كرما يحمل بطيخا، فقال له: احفظ امرأتك لا تحمل من غيرك. وأتاه رجل فقال: كنت في سفر، فرأيت كأن كبشين ينتطحان على فرج امرأتي، وقد عزمت على طلاقها لما رأيت. فقال: صلوات الله عليه: أمسك أهلك، إنها لما سمعت بقرب قدومك أرادت نتف المكان، فعالجته بالمقراض. وجد بعض الأعراب رجلا مع أمه فقتلها، فقيل له: هلا قتلت الرجل وتركت أمك؟ فقال: كنت أحتاج كل يوم إلى أن أقتل رجلا. شهد رجل عند ابن شبرمة، فرد شهادته وقال: بلغني أن جارية غنت فقلت، لها أحسنت، فقال: قلت ذلك حين ابتدأت أوجين سكتت؟ قال: حين سكتت، قال: إنما استحسنت سكوتها أيها القاضي، فقبل شهادته. قال أبو العيناء يوما لبعض الصبيان: في أي باب من أبواب النحو أنت؟ قال: في باب الفاعل والمفعول به. فقال: أنت في باب أبويك إذن. وقالت له فتاة يوما: يا أعمى، فقال ما أستعين على قبح وجهك بشيء أنفع منه. من الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه: (يعيب الرجال زمانا مضى ... وما لزمان مضى من غير)

(فقل للذي ذم صرف الزمان ... ظلمت الزمان فذم البشر) كانت علية بنت المهدي أخت هارون الرشيد من أجمل الناس وأظرفهم، وأعقلهم. وأشعرهم، وأمهرهم في صناعة الموسيقى والألحان. وكانت عفيفة، حسنة الدين، لا تغني ولا تشرب إلا أيام اعتزالها الصلاة، فإذا طهرت لازمت الصلاة. وتلاوة القرآن. ومن كلامها: ما حرم الله تعالى شيئا إلا وجعل فيما حلل عوضا عنه، فبأي شيء يحتج عاصيه. وهي التي كانت تهوى غلاما للرشيد وحكايتها فيه مشهورة. وقد أوردتها في المجلد الأول من الكشكول، وفي أولها أبيات رائعة فمن ذلك قولها: (وضع الحب على الحور فلو ... أنصف المعشوق فيه لسمج) (ليس يستحسن في فن الهوى ... عاشق يحسن تأليف الحجج) للرشيد في جواريه الثلاث: (ملك الثلاث الآنسات عناني ... وحللن من قلبي بكل مكان) (ما لي تطاوعني البرية كلها ... وأطيعهن وهن في عصياني) (ما ذاك إلا حكم سلطان الهوى ... وبه غلبن أعز من سلطاني) مما قله أمير المؤمنين علي في مرثية النبي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] : (كنت السواد لناظري ... فبكى عليك الناظر) (من شاء بعدك فليمت ... فعليك كنت أحاذر) قالت امرأة بعض الأجواد لزوجها: أما ترى أصحابك إذا أيسرت لزموك، وإذا أعسرت رفضوك. فقال هذا من كرم نفوسهم، يأتوننا في حال القوة منا على الإحسان إليهم، ويتركوننا في حال الضعف عنهم. وفد بعض الشعراء على زبيدة فقال في مدحها: (أزبيدة ابنة جعفر ... طوبى لزائرك المثاب) (تعطيه من رجليك ما ... تعطي الأكف من الرغاب) فوثب الخدم لضربه، فقالت كفوا عنه، فما قصد ما فهمتوه، إنه لما رأى الناس يقولون شمال فلان أندى من كل يمين، أراد أن ينسج على هذا المنوال. ومن شعر السهروردي: (وكم قلت للقوم أنتم على ... شفا حفرة من كتاب الشفا)

(فلما استهانوا بتوبيخنا ... فزعنا إلى الله حتى كفى) (فماتوا على دين رسطاطليس ... ومتنا على ملة المصطفى) قيل لأعرابي على مائدة بعض الخلفاء - وقد حضر فالوذج وهو يأكل منه - يا هذا، إنه لم يشبع منه أحد إلا مات، فأمسك يده ساعة، ثم ضرب بالخمس وقال: استوصوا بعيالي خيرا. حكى الأصمعي قال: نزلت في بعض الأحياء، فنظرت إلى قطع من القديد منظومة في خيط، فأخذت في أكلها، فلما استوفيتها أقبلت المرأة صاحبة الخباء وقالت: أين ما كان في الخيط؟ فقلت: أكلته، فقال: ليس هذا مما يؤكل، إنني امرأة أخفض الجواري، وكلما خفضت جارية علقت خفضتها في هذا الخيط. كان الجاحظ قبيح الصورة جدا، حتى قال الشاعر فيه: (لو يمسخ الخنزير مسخا ثانيا ... ما كان إلا دون قبح الجاحظ) قال يوما لتلامذته: ما أخجلني إلا امرأة أتت بي إلى صائغ، فقالت: مثل هذا، فبقيت حائرا في كلامها، فلما ذهبت سألت الصائغ، فقال: استعملتني أن أصنع لها صورة جني فقلت: لا أدري كيف صورته، فأتت بك. . جلس كسرى يوما للمظالم، فتقدم إليه رجل قصير وجعل يقول: أن مظلوم وهو لا يلتفت إليه، فقال الوزير: أنصف الرجل، فقال: إن القصير لا يظلمه أحد. فقال: أصلح الله الملك، إن الذي ظلمني أقصر مني. قال حائك للأعمش: ما تقول في الصلاة خلف الحائك؟ قال: لا بأس بها على غير وضوء. قال: فما تقول في شهادته؟ قال: تقبل مع عدلين يشهدان معه. لبعضهم: (والله والله وحق الهوى ... وعيشنا الماضي وودي القديم) (ما خطر السلوان في خاطري ... أعوذ بالله السميع العليم) ولي أعرابي اليمن، فجمع اليهود فقال: ما تقولون في عيسى؟ قالوا: قتلناه وصلبناه، فقال: لا تخرجوا من السجن حتى تؤدوا ديته. عزم الحجاج على قتل رجل فهرب واستخفى منه، ثم جاء إليه بعد أيام وقال: أيها

الأمير اضرب عنقي، فقال له الحجاج: وكيف جئت؟ قال: أصلح الله الأمير، إني أرى كل ليلة أنك تقتلني، فأردت أن أقتل مرة واحدة، فعفا عنه. لما خرج سقراط ليقتل بكت زوجته، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: لأنك تقتل مظلوما، فقال: يا هذه، أو كنت تحبين أن أقتل ظالما؟ لغز في باب: (ما اسم إذا عكسته ... فعكسه كطرده) (يباع لكن حفظ مال ... المشتري في رده) في المكارم: أن النبي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] قال لأبي ذر: إن أكثر من يدخل النار المتكبرون، فقال رجل وهل ينجو من الكبر أحد يا رسول الله؟ قال: نعم، من لبس الصوف، وركب الحمار، وحلب النعم، وجالس المساكين. قيل لبعض العباد - وكان شيخا هرما -: يا شيخ هل بقي منك ما تحب له الحياة؟ فقال نعم: الإنابة إلى الله، والبكاء من الذنوب السوالف. وجد مكتوبا علت صخرة في جبال بيت المقدس: كل عاص مستوحش، وكل طائع مستأنس، وكل قانع عزيز، وكل حريص ذليل. في كتاب الروضة عن الصادق جعفر بن محمد صلوات الله عليهما أنه قال: إن الله ليحفظ من يحفظ صديق أبيه. كان أبو القيس يهوى جارية وكانت مولعة بهجره وتعذيبه حتى أدنف وأشرف على التلف، فلما احتضر بلغها ذلك، فأتت إليه، وأخذت بعضادتي الباب وقالت: كيف حالك؟ فلما رآها وسمع كلامها أنشد: (ولما رأتني في السياق تعطفت ... علي وعندي من تعطفها شغل) (أتت وحياض الموت بيني وبينها ... وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل) ثم وضع رأسه على قدميها، ومات، رحمه الله تعالى. كان رجل جارا لفيروز الديلمي، فأراد بيع داره لدين ركبه، فلما سامها وأحضر المشتري الثمن قال البائع: هذا ثمن الدار، فأين ثمن الجار؟ فقال نعم، جوار فيروز يباع بأضعاف ثمن الدار. فلما بلغ ذلك فيروز بعث إليه ضعف ثمن الدار وقال: بعها على نفسك بورك لك فيها.

نجد بالتجربة أن الأرض في الصيف حارة الظاهر باردة الباطن، وفي الشتاء بالعكس ولذا كانت مياه العيون والآبار حارة في الشتاء باردة في الصيف؛ لأن الحرارة والبرودة يهرب كل منهما عن الآخر، فإذا استولى الحر على ظاهر الأرض هرب البرد إلى باطنها، وبالعكس. علي بن الجهم: (وارحمتاه للغريب في البلد النازح ... ماذا بنفسه صنعا) (فارق أحبابه فما انتفعوا ... بالعيش من بعده وما انتفعا) من كلام بعض الأعراب: الصبر مر لا يتجرعه إلا حر. ومن كلامهم: الصبر على ما تحب أشد على النفس من الصبر على ما تكره. من كلامهم: كن حلو الصبر عند مرارة النازلة. قال كسرى لبرزجمهر: ما علامة الظفر بالأمور المطلوبة المستعصية؟ قال: ملازمة الطلب، والمحافظة على الصبر، وكتمان السر. لبعضهم: (وإذا تكامل للفتى من عمره ... خمسون وهو إلى التقى لا يجنح) (عكفت عليه المحزنات فما له ... متأخر عنها ولا متزحزح) (وإذا رأى الشيطان صورة وجهه ... حيا وقال فديت من لا يفلح) قيل لابن المهلب: مالك لا تبني لك في البصرة دارا؟ فقال: أنا لا أدخلها إلا أميرا أو أسيرا، فإن كنت أسيرا فالسجن داري، وإن كنت أميرا فدار الإمارة داري. قال طاوس: رأيت رجلا يصلي في المسجد الحرام تحت الميزاب، وهو يدعو ويبكي، فجئته وقد فرغ من الصلاة فإذا هو علي بن الحسين صلوات الله عليه، فقلت له: يا بن رسول الله رأيتك على حالة كذا وكذا، ولك ثلاثة، أرجو أن يؤمنك من الخوف أحدها: أنك ابن رسول الله [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] ، والثاني شفاعة جدك، والثالث رحمة الله. فقال: يا طاوس، أما أني ابن رسول الله، فلا تؤمنني، وقد سمعت الله يقول: {فلا أنساب بينهم يومئذ} وأما شفاعة جدي فلا تؤمنني؛ لأن الله تعالى يقول {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} وأما رحمة الله فإن الله تعالى يقول: {إن رحمة الله قريب من المحسنين} ولا أعلم أني محسن.

السموأل بن عاديا: (إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه ... فكل رداء يرتديه جميل) (وإن هو لم يحمل عن النفس ضيمتها ... فليس إلى حسن الثناء سبيل) (تعيرنا أنا قليل عديدنا ... فقلت لها: إن الكرام قليل) (وما ضرنا أنا قليل وجارنا ... عزيز وجار الأكثرين ذليل) (وإنا لقوم لا نرى القتل سبة ... إذا ما رأته عامر وسلول) (يقرب حب الموت آجالنا لنا ... وتكرهه آجالهم فتطول) (وما مات منا سيد في فراشه ... ولا طل منا حيث كان قتيل) (تسيل على حد الظبات نفوسنا ... وليست على غير الظبات تسيل) (إذا مات منا سيد قام سيد ... قئول بما قال الكرام فعول) (وننكر إن شئنا على الناس قولهم ... ولا ينكرون القول حين نقول) (وما أخمدت نار لنا دون طارق ... ولا ذمنا في النازلين نزيل) (وأسيافنا في كل شرق ومغرب ... بها من قراع الدار عين فلول) (معودة ألا تسل نصالها ... فتغمد حتى يستباح قبيل) من كلام المعلم الأول أرسطو: الإنسان حقير بالجثة عظيم بالحكمة، شريف بالعقل. والعقل أعظم وأعلى من سائر المخلوقات. الشيخ المقتول: هو أبو الفتح شهاب الدين يحيى، ابن أخت الشيخ شهاب الدين السهروردي، وكان مرتاضا سياحا، أعزه الملك الظاهر فحسده فقهاء حلب، وأفتوا بقتله فقتل سنة 586. اختلفوا في أن الإنسان هل يمكنه تغيير خلقه أم لا، فالغزالي في الإحياء والمحقق الطوسي في الأخلاق على الأول، ويعضه قول النبي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] " حسنوا أخلاقكم " وبعض الأكابر على الثاني، وعليه قول بعضهم: (لكل داء دواء يستطب به ... إلا الحماقة أعيت من يداويها) وفي الديون المنسوب إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام: (وكل جراجة فلها دواء ... وسوء الخلق ليس له دواء)

تظلم أهل الكوفة عند المأمون من وال كان عليهم، فقال المأمون: كفوا فلا أعلم أعدل منه في عمالي ولا أقوم، فقال المتظلم: إذا كان هذا الوصف، فاجعل لكل بلد فيه نصيبا ليستووا في العدل، فضحك المأمون وعزله. (إذا أنت لم تطرب ولم تدر ما الهوى ... فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا) بعض الشعراء في عامل يقال له أبو علي طالت مدة ولايته: (وقالوا العدل للعمال حيض ... لحاه الله من حيض بغيض) (فإن يك هكذا فأبو علي ... من اللائي يئسن من المحيض) قال بعض الحكماء: إذا وليت ولاية، فإياك أن تستعين في ولايتك بأقاربك، فتبتلى بما ابتلى به عثمان بن عفان، واقض حقوقهم بالمال لا بالولاية. قال المنصور العباسي لجنده: صدق القائل: أجع كلبك يتعبك، فقال بعض الجند: نعم ولكن ربما يلوح له غيرك برغيف فيتبعه ويدعك. زعمت العرب أن من ضل في مفازة فنزع ثوبه ولبسه مقلوبا اهتدى إلى الطريق. من كلام أنوشروان: حصن البلد بالعدل، فهو سرير لا يغرقه ماء، ولا تحرقه نار، ولا يهدمه منجنيق. لبعضهم: (ألا يا دولة السفل ... أطلت المكث فانتقلي) (ويا ريب الزمان أفق ... نقضت الشرط في الدول) كتب بعض العمال إلى وال ولاه ولاية يقال له الشيز، يستعفي منها ويطلب العزل: (ولاية الشيز عزل ... والعزل فيها ولاية) (فولني العزل عنها ... إن كنت بي ذا عناية) كان عبد الملك قبل ولايته ملازما للمسجد الحرام، مواظبا على الصلاة وتلاوة القرآن، حتى سموه حمامة المسجد. فلما جاء خبر ولايته كان المصحف في حجره، فوضعه وقال: هذا فراق بيني وبينك. ابن عبد الجليل الأندلسي: (أتراه يترك العذلا ... وعليه شب واكتهلا)

(علق بالبيض ما علقت ... نفسه السلوان مذعقلا) (غير راض عن سجية من ... ذاق طعم الحب ثم سلا) (أيها اللوام ويحكم ... إن لي عن لومكم شغلا) (ثقلت عن لومكم أذني ... لم يجد فيه الهوى ثقلا) (تسمع النجوى وإن خفيت ... وهي ليست تسمع العذلا) (نظرت عيني لشقوتها ... نظرات صادفت أجلا) (غادة لما مثلت لها ... تركتني في الهوى مثلا) (أبطل الحق الذي بيدي ... سحر عينيها وما بطلا) (حسبت أني سأحرقها ... مذ رأت رأسي قد اشتعلا) (يا سراة الحي مثلكم ... يتلافى الحادث الجللا) (قد نزلنا في جواركم ... فشكرنا ذلك النزلا) (ثم واجهنا ظباءكم ... فلقينا الهول والوهلا) كان أمير المؤمنين عليه السلام يقذف بابنه محمد بن الحنفية في المهالك، ويقدمه في الحروب، ولا يسمح في ذلك بالحسن والحسين عليهما السلام، حتى إنه كان يقول: هو ولدي وهما أبناء رسول الله [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] ، فقيل لمحمد: كيف يسمح بك أبوك في الحروب ويبخل بهما؟ فقال أنا يمينه، وهما عيناه، فهو يدفع عن عينيه بيمينه. قال كميل بن زياد: سألت مولاي أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ما الحقيقة؟ فقال: مالك والحقيقة! قلت: أولست صاحب سرك؟ قال بلى، قلت: ومثلك يخيب سلائلا؟ فقال: الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير إشارة. قلت: زدني بيانا، فقال: محو الرسوم مع صحو المعلوم. قلت زدني بيانا، قال نور يشرق مع صبح الأزل، فتلوح على هياكل التوحيد آثاره، قلت زدني، بيانا، فقال: أطفئ السراج فقد طلع الصبح. أهدى بعضهم موسى لمن يدعى موسى وكتب معه، وفيه تورية: (بعثت إلى موسى بموسى هدية ... ولم يحظ في التأليف بينهما العبد) (فهذا له حد ولا نصل عنده ... وذاك له نصل وليس له حد) ذو الرمة:

(وقفت على ربع لمية ناقتي ... وما زلت أبكي عنده وأخاطبه) (وأسقيه حتى كاد مما أبثه ... تكلمني أحجاره وملاعبه) الباخرزي: (يوم دعانا إلى حث الكؤوس به ... ثلج سقيط وغيم غير منجاب) (وأطنب البرد حتى الشمس ما طلعت ... إلا مزملة في فرو سنجاب) لبعضهم: (لقد ظلم القمري إذا ناح باكيا ... وليس له من مثل ما ذقته ذوق) (فها أنا ذا شوق ولا طوق لي به ... وها هو ذا طوق وليس له شوق) لبعضهم: (وقالوا في العزوبة ألف هم ... فقلت لهم وفي التزويج أيضا) (فذا في حيص بيص بغير أهل ... وذا في أهله في حيص بيصا) عاد بعضهم بعض العارفين مبتلى بأمراض عديدة وآلام شديدة، فقال له يسليه: يا هذا من لم يصبر على البلاء فليس صادقا في دعوى المحبة. فقال العارف: ليس كما قلت، ولكن من لم يجد لذة في البلاء فليس صادقا في دعوى المحبة. قال بعض العارفين: إذا أشرب القلب حب الدنيا لم تنجح فيه كثرة المواعظ، كما أن الجسد إذا استحكم فيه الداء لم ينجع فيه كثرة الدواء. لبعضهم: (رب ورقاء هتوف بالضحى ... ذات شجو صدحت في فنن) (ذكرت إلفا ودهرا ماضيا ... فبكت حزنا فهاجت حزني) (فبكائي ربما أرقها ... وبكاها ربما أرقني) (قد أثارت في فؤادي لهبا ... كاد لولا أدمعي يحرقني) (أتراها بالبكا مولعة ... أم سقاها البين ما جرعني) (فمتى تسعدني أسعدها ... ومتى أسعدها تسعدني) (ولقد تشكو فما أفهمها ... ولقد أشكو فما تفهمني) (غير أني بالجوى أعرفها ... وهي أيضا بالجوى تعرفني)

سئل الصادق عليه السلام عن قوله: {إلا من أتى الله بقلب سليم} قال: القلب السليم الذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه. قال أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر: لا يجد أحدكم طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. قال الإمام في المباحث المشرقية: زعم بعض الحكماء أن السبب في حدوث الحوادث الجوية كالهالة وقوس قزح هو اتصالات فلكية، وقوى روحانية، اقتضت وجودها ولا يكون من قبيل الخيالات. ثم قال: وهذا الوجه يؤيده أن أصحاب التجارب شهدوا بأن أمثال هذه الحوادث في الجو تدل على حدوث حوادث في الأرض، ولولا أنها موجودات مستندة إلى تلك الاتصالات والأوضاع لم يستمر هذا الاستدلال. من وصية النبي عليه السلام لأبي ذر: " يا أبا ذر، إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من صحتك قبل سقمك، ومن حياتك قبل موتك، فإنك لا تدري ما اسمك غدا، يا أبا ذر، كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك، يا أبا ذر، من طلب علما ليصرف وجوه الناس إليه لم يجد ريح الجنة، يا أبا ذر، لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر لمن عصيت، يا أبا ذر دع ما لست منه في شيء، ولا تنطق فيما لا يعنيك، واخزن لسانك كما تخزن ورقك، يا أبا ذر، لو نظرت إلى الأجل ومسيره لأبغضت الأمل وغروره ". قال المنصور لبعض الخوارج وقد أتي به أسيرا: عرفني أي أصحابي أشد إقداما في الحرب؟ فقال: إني لا أعرفهم بوجوههم، فإني لم أر في الحرب إلا قفاهم. لبعضهم: (خذ الوقت أخذ اللص واسرقه واختلس ... فوائده بالطيب أو بالتطايب) (ولا تتعلل بالأماني فإنها ... عطايا أحاديث النفوس الكواذب) لما أسرت أم علقمة الخارجية وأتى بها إلى الحجاج، وقد كان قد وقع بينها وبين الحجاج حروب شديدة، فقال لها: يا عدوة الله، تخبطين الناس بسيفك خبط عشواء؟ فقال: ويحك، أعلي ترعد وتبرق ولقد خفت الله خوفا صيرك في عيني أصغر من ذباب، وكانت منكسة، فقال: ارفعي رأسك وانظري إلي، قالت: أكره النظر إلى من لا ينظر الله إليه، فقال: يا أهل الشام ما تقولون في دمها؟ فقالوا جميعا: حلال أيها الأمير، فقالت: ويحك، لقد كان جلساء أخيك فرعون خيرا من جلسائك حيث استشارهم في موسى وهرون، فقالوا: " أرجه وأخاه " وهؤلاء الفسقة أمروا بقتلي، فأمر بها فقتلت.

سأل شقيق البلخي رجلا: كيف يفعل فقراؤكم؟ قال: إن وجدوا أكلوا، وإن فقدوا صبروا. قال: هكذا كلاب بلخ. قال: فأنتم، قال إن وجدنا آثرنا، وإن فقدنا شكرنا. أكل أعرابي مع معاوية، وجعل يمزق جديا على الخوان تمزيقا عنيفا، ويأكله أكلا ذريعا، فقال له معاوية: إنك تمزقه كأن أمه نطحتك؟ فقال: وإنك تشفق عليه كأن أمه أرضعتك. مرت أعرابية بقوم يشربون، فسقوها، فلما شربت أقداحا وجدت خفة وطربا، فقالت: أيشرب نساؤكم في العراق من هذا؟ فقالوا ربما شربن، فقالت. فما يدري أحدكم من أبوه، زنين إذن ورب الكعبة. لبعضهم: (مهفهف القد هضيم الحشا ... يكاد ينقد من اللين) (كأن في أجفانه منتضى ... سيف علي يوم صفين) لبعضهم: (غنينا بنا عن كل من لا يريدنا ... وإن كثرت أوصافه ونعوته) (ومن صد عنا حسبه الصد والقلا ... ومن فاتنا يكفيه أنا نفوته) لبعضهم: (قالت متى الظعن يا هذا فقلت لها ... إما غدا زعموا أولا فبعد غد) (فأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت ... وردا وعضت على العناب بالبرد) ابن المعلم من أبيات طويلة: (هو الحمى ومغانيه مغانيه ... فاجلس وعانى خليلي ما نعانيه) (ما في الصحاب أخو وجد نطارحه ... حديث وجد ولا خل نجاريه) (إليك عن كل قلب في أماكنه ... ساه وعن كل دمع في مآقيه) (ما واجب القلب في المعنى كقاعده ... وجامد الدمع في المعنى كجاريه) (نجدد الحب والأشجان تخلقه ... وننشر الدمع والأحزان تطويه) (وموجع القلب إذ أسمعته شجني ... حاشاه حاشاه من قلبي وما فيه) (لم أدر حين بدا والكأس في يده ... من كأسه السكر من عينيه أم فيه)

(ينأى ويقرب والأيام تبعده ... عن المتيم والأحلام تدنيه) (يا مالكا غير ذلي ليس يقنعه ... وفاتكا غير قتلي ليس يرضيه) (أهدى السلام نحيي من قتلت أسى ... فميت الحب محييه محييه) سوف - في لغة اليونانيين - اسم للعلم، وأسطا اسم للغلط، فسوفسطا. أي علم الغلط. وفيلا: اسم للمحب، ففيلسوف معناه محب العلم. ثم عرب هذان اللفظان، واشتق منهما السفسطة، والفلسفة، ونسب إليهما فقيل سوفسطائي وفلسفي. وكان الأولى سفسطي، وفلسفي، وسوفسطائي، وفيلسوفي. قال رجل للحسن: ما أعظمك في نفسك! فقال: من قول الله تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} . قيل في أصحاب الكشف: (لله تحت قباب العز طائفة ... أخافهم في لباس الفقر إجلالا) (غبر ملابسهم شم معاطسهم ... جروا على فلك الأفلاك أذيالا) مثل لظهور آثار القدرة الإلهية في جميع المخلوقات: (لا تقل داؤها بشرقي نجد ... كل نجد للعامرية دار) (ولها منزل على كل أرض ... وعلى كل دمنة آثار) قصيدة عائشة بنت الباعوني تمدح بها الحبيب. الأعظم، صلى الله عليه وعلى آله وكرم وعظم: (سعد إن جئت ثنيات اللوى ... حي عن الحي من آل لؤي) (واجر ذكرى فإذا أصغوا له ... صف لهم ما قد جرى من مقلتي) (وبشرح الحال فانشر ما انطوى ... في سقام قد طواني أي طي) (في هوى أقمار تم نصبوا ... حسنهم أشراك صيد للفتى) (عرب في ربع قلبي نزلوا ... وأقاموا في السويدا من حشي) (أطلقوا دمعي ولكن قيدوا ... بهواهم عن سواهم سودي)

(ذبت حتى كاد شخصي يختفي ... عن جليسي فكأني رسم في) (وجنوبي قد تجافت مضجعي ... وجفوني قد تجافاها الكرى) (قال لي الآسي وقد شف الضنى ... وتمادى الداء من فرط الهوى) (لا شفا إلا بترياق اللقا ... وبرشف الشهد من ذاك اللمى) (آه واحر غليلي في الهوى ... وبغير الراي ما لي قط ري) (أترى هل يسعفوني بالمنى ... قبل موتي وأرى ذاك المحي) (ما قلوني لا ولكن قد شووا ... بالجفا والصد قلبي أي شي) (وإذا هبت صبا من نحوهم ... بلبلت لبي صبابات لدي) (بان عذري وغدا متضحا ... وكمال الحسن إحدى حجتي) (غاض سلواني فهل من رحمة ... هي أقصى القصد من آل قصي) (ولعمري كل حسن في الورى ... قاصر عن حسن جد الحسني) (خير مبعوث محت أنواره ... بصباح الرشد عنا ليل مي) (صاحب الجاه الذي لا يحتمى ... بسواه يوم تطوى الأرض طي) (وبه أسري إلى معراجه ... لاختصاص من ورافهم النهي) (وأراه الله من آياته ... ما أراه فكأي وكأي) (وله كم معجزات ظهرت ... وتبدى نورها في كل حي) هذا آخر ما وقع عليه الاختيار من هذه القصيدة، وفيها أبيات رايقة أخرى أوردت بعضها في المجلد الأول من الكشكول. حسام الدين الحاجري: (لمع البرق اليماني ... فشجاني ما شجاني) (ذكر دهر وزمان ... بالحمى أي زمان) (يا وميض البرق هل ترجع ... أيام التداني) (وترى يجتمع الشمل ... فأحظى بالأماني) (أي سهم فوق البين ... مصيبا فرماني) (أبعد الأحباب عني ... فأراني ما أراني)

(يا خليلي إذا لم ... تسعداني فذراني) (هذه أطلال سعدي ... والحمى والعلمان) (أين أيام التصابي ... وزمان العنفوان) (والأماني في أمان ... من صروف الحدثان) إسماعيل بن بشر: (بأبي غزالا أسقم الجسم ... الصحيح وأنحله) (قصر النهار بوصله ... والهجر منه طوله) (فأحببته يا من عرفت ... به الصبابة والوله) (من كان قاضي نفسه ... فالحق في يده وله) أظنه لابن المسلمي: (كلما أنشد حاديهم وغنى ... هام قلبي نحوهم شوقا وحن) (وإذا فكر قلبي في الذي ... مر من أيامه هام وجن) (أترى عصر الصبا أين مضى ... آه ما أحلى لياليه وأهنى) (يا زمان البين لا كنت ولا ... كان قلبي إنه قلب مغنى) (أي معنى لحياتي بعدهم ... بعدهم والله ما للعيش معنى) (سادتي بالله عودوني ولو ... ساعة فالعمر قد قارب يفنى) (وارحموا من قد مضت أيامه ... في الترجي والمنى خسرا وغبنا) (بعتموه ثوب سقم وعنى ... وأخذتم قلبه في البيع رهنا) (يتمنى القلب منكم نظرة ... آه من أين لقلبي ما تمنى) (أيها السائق إن جزت على ... أثلاث في ربى حزوى ولبنى) (فقل الصب المعنى بعدكم ... غيركم من دهره ما يتمنى) (كل شيء بعدكم قد خانه ... وعليه كل شيء يتجنى) (أبعدتنا عنكم أيدي النوى ... فتفرقنا كأنا ما اجتمعنا) من الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السلام:

(إذا أظمأتك أكف اللئام ... كفتك القناعة شبعا وريا) (فكن رجلا رجله في الثرى ... وهامة همته في الثريا) (أبيا بوجهك عن باخل ... تراه بما في يديه أبيا) (فإن إراقة ماء الحياة ... دون إراقة ماء المحيا) ومنه: (وفي قبض كف الطفل عند ولاده ... دليل على الحرص المركب في الحي) (وفي بسطها عند الممات مواعظ ... ألا فانظروني قد خرجت بلا شي) حركة النبض عند الحكماء من مقولة الأين، وعند بعضهم من مقولة الوضع، وعند بعضهم من مقولة الكم، والقول الأوسط أوسط الأقوال. ولله در أبو نواس: (حامل الهوى تعب ... يستخفه الطرب) (لا تلمه في وله ... ليس ما به لعب) (كلما انقضى سبب ... منك جاءه سبب) (تعجبين من سقمي ... صحتي هي العجب) قيل لبعض الحكماء: أتدخر المال وأنت ابن سبعين سنة، قال: يموت الرجل فيخلف مالا لعدوه خير من أن يحتاج في حياته لصديقه. من كلامهم: إذا أثريت فكل رجل رجلك، وإذا افتقرت أنكرك أهلك. قيل لأفلاطون: لم لا يجتمع العلم والمال؟ فقال: لعز الكمال. كان سقراط فقيرا، فقال له بعض الملوك: ما أفقرك؟ فقال أيها الملك، لو عرفت راحة الفقر لشغلك التوجع لنفسك عن التوجع لي. عن محمد بن الحنفية قال: من كرمت نفسه عليه هانت الدنيا في عينيه. قال بعض الحكماء: لا تصحب من هو أغنى منك، فإنك إن ساويته في الإنفاق أضر بك، وإن زاد عليك استذلك. لما مات حاتم أراد أخوه أن يتشبه به، فقالت أمه: لا تتعبن، فلن تناله، قال: وما

يمنعني وهو أخي وشقيقي؟ فقالت: إنه كان كلما أرضعته لا يرضى أن يرضع حتى آتيته بمن يشاركه فيرضع معه الثدي الآخر. وكنت إذا أرضعتك ودخل رضيع بكيت حتى يخرج. قال النظام: مما يدل على لؤم الذهب والفضة كثرتهما عند اللئام؛ لأن الشيء يصير إلى شكله. قال الراغب في المحاضرات: فرق الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام مذ كان بخراسان أمواله كلها في يوم عرفة، فقال له الفضل بن سهل: ما هذا المغرم! فقال بل هو المغنم. بعضهم: (لو ضرط الموسر في مجلس ... قالوا له يرحمك الله) (أو عطس المفلس في مجلس ... سب وقالوا له ماساه) (فمضرط المفلس عرنينه ... ومعطس الموسر مفساه) الحكماء عندهم أن وجود العالم على هذا النظام خير محض، وإيجاده كمال تام. والواجب جل وعلا هو المبدأ الفياض، والجواد المطلق فلا تنفك ذاته عن هذا الخير المحض والكمال التام؛ لأن انفكاكها عنه نقص، وهو منزه، عن النقائص. وهذا هو الذي دعاهم إلى القول بقدم العالم. والمتكلمون يقولون: إنه يصح منه إيجاد العالم وتركه، وليس الإيجاد لازما لذاته، وهذا هو معنى القدرة والاختيار عند المتكلمين. وأما كونه تعالى قادرا بمعنى إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، هو متفق عليه بين الحكماء والمتكلمين، ولا نزاع فيه بين العقلاء. بعضهم: (هم رحلوا يوم الخميس عشية ... فودعتهم لما استقلوا وودعوا) (ولما تولوا ولت النفس معهم ... فقلت ارجعي قالت إلى أين أرجع) يستغرب أن الصاعقة تذيب الذهب والفضة في الصرة، ولا تحرق الخرقة المصرورين فيها. قال لمحقق الشريف في شرح المواقف قد أخبرنا أهل التواتر بأن الصاعقة وقعت بشيراز على قبة الشيخ الكبير أبي عبد الله بن خفيف، فأذابت قنديلا فيها ولم تحرق شيئا فيها. والسبب في ذلك: أن تلك النار لغاية لطافتها تنفذ في المتحلل، وهي سريعة الحركة

جدا، فلا تبقى فيها حتى تذيبها. وأما الأجسام المندمجة فتنفذ فيها في زمان أطول، فتبقى فيها قدرا يعتد به فتذيبها. جاء فاعل في القرآن بمعنى المفعول في موضعين الأول قوله تعالى {لا عاصم} أي لا معصوم. والثاني في قوله تعالى: {ماء دافق} أي مدفوق وجاء اسم المفعول بمعنى الفاعل في ثلاثة مواضع: الأول قوله تعالى {حجابا مستورا} أي ساترا. والثاني قوله تعالى: {كان وعده مأتيا} أي آتيا. والثالث قوله تعالى: {جزاء موفورا} أي وافرا. قال الراغب في المحاضرات: إن بقزوين قرية أهلها متناهون في التشيع، مر بهم رجل فسألوه عن اسمه فقال: عمر، فضربوه ضربا شديدا. فقال: ليس اسمي عمر، بل عمران، فقالوا: هذا أشد من الأول، فإنه عمر، وفيه حرفان من اسم عثمان، فهو أحق بالضرب، فضربوه أشد من الأول. سئل يحيى بن معاذ عن حقيقة المحبة فقال: هي التي لا تزيد بالبر ولا تنقص بالجفاء. قيل لبعض العارفين: ما الفرق بين المحبة والهوى فقال: الهوى يحل في القلب والمحبة يحل فيها القلب. محمد بن غالب: (أحسن إذا أحسن الزمان ... وصح منه لك الضمان) (بادر بإحسانك الليالي ... فليس من غدرها أمان) قال بعض الأعراب لابن عباس: من يحاسب الناس يوم القيامة؟ فقال: يحاسبهم الله تعالى، فقال الأعرابي: نجونا إذا ورب الكعبة. فقيل له وكيف؟ فقال: إن الكريم لا يدقق في الحساب. سمع المأمون أبا العتاهية يقول: (وإني لمحتاج إلى ظل صاحب ... يروق ويصفو إن كدرت عليه) فقال المأمون: خذ مني الخلافة وأعطني مثل هذا الصاحب. قال رجل لبعض الناسكين: صف لنا التقوى، فقال: إذا دخلت أرضا فيها شوك كيف كنت تعمل؟ فقال: أتوقى وأتحرى، قال: فافعل في الدنيا كذلك، فهي التقوى، أخذه ابن المعتز فقال:

(كن مثل ماش فوق أرض ... الشوك تحذر ما ترى) (لا تحقرن صغيرة ... إن الجبال من الحصا) قال رجل لبعض الظرفاء: ابتلاك الله بحب فلانة، وكانت قبيحة الشكل، فقال: يا أحمق، لو ابتليت بحبها لكانت أحسن في عيني من الحور العين. قال مالك بن دينار لراهب: عظني، فقال إن قدرت أن تجعل بينك وبين الناس سورا فافعل. كان بعضهم يقول: اللهم احفظني من صديقي، فقيل له: في ذلك، فقال: لأني أتحرز من العدو، ولا أقدر أن أتحرز من الصديق. قال في الكشاف: قيل لإبراهيم بن أدهم: مالنا ندعو ولا نجاب؟ فقال لأنه دعاكم فلم تجيبوه، ثم قرأ: {والله يدعو إلى دار السلام} . {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات} . سئل سقراط: ما سبب فرط نشاطك وقلة حزنك؟ فقال: لأني لا أقتني ما إذا فقدته حزنت عليه. لبعضهم: (كم تدعي بطريق القوم معرفة ... وأنت منقطع والقوم قد وصلوا) (فانهض إلى ذروة العلياء مبتدرا ... عزما لترقى مكانا دونه زحل) (فإن ظفرت به قد حزت مكرمة ... بقاؤها ببقاء الله متصل) (وإن قضيت بهم وجدا فأحسن ما ... يقال عنك قضى من وجده الرجل) من وصية للنبي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] : إن النور إذا وقع في القلب انشرح وانفسخ، قيل يا رسول الله فهل لذلك علامة؟ فقال: نعم، التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله. ابن مسعود: من اشتاق إلى الجنة نازع في الخيرات، ومن خاف النار ترك الشهوات. ومن ترقب الموت زهد في الدنيا وهانت عليه المصيبات. قال بعض العارفين: من استثقل سماع الحق كان للعمل به أشد استثقالا. قيل لأعرابي: ما تقرأ في صلاتك؟ قال: هجو أبي لهب ونسبة الرب، أي سورة الإخلاص.

خرج بعض ملوك الفرس يتصيد، فرأى في طريقه أعور، فأمر بضربه وحبسه تشاؤما برؤيته، واتفق أنه صاد صيدا كثيرا، فلما عاد أمر بإطلاق الأعور، فقال أيأذن لي الملك في الكلام؟ قال: تكلم، قال: لقيتني فضربتني وحبستني، ولقيتك فاصطدت ورجعت سالما، فأينا أشأم على صاحبه؟ فضحك الملك وأمر له بجائزة. قال رجل لابن سيرين: رأيت كأن بيدي خاتما، وأنا أختم أفواه الرجال وفروج النساء. فقال: أمؤذن أنت؟ قال: نعم، قال: أنت تؤذن في رمضان قبل طلوع الفجر فيمتنع الناس لأذانك. وقال آخر: رأيت كأني أطأ مصحفا، فقال انفض خفك، فنفضه فكان فيه درهم، فقال هذا هو. وقال له آخر: كأن عيني اليمنى دارت من قفاي فقابلت عيني اليسرى. فقال: ألك ولدان؟ قال: نعم. قال: إن أحدهما يفجر بالآخر، فلما استكشف كان كما قال. قوله تعالى: {وكان تحته كنز لهما} ذهب بعض المفسرين إلى أن الكنز لم يكن ذهبا ولا فضة، ولكنه كان كتب العلم. وهذا القول نقله الزمخشري في الكشاف، والبيضاوي في تفسيره. وفي الكافي في باب فضل اليقين عن الرضا صلوات الله عليه. قال: الكنز الذي قال الله عز وجل: {وكان تحته كنز لهما} كان فيه: بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يركن إليها، ويبغي لمن غفل عن الله أن لا يتهم الله في قضائه، ولا يستبطئه في رزقه. قال الراوي: قلت: جعلت فداك، أريد أن أكتبه، قال فعرج والله إلى الدواة ليضعها بين يدي، فتناولت يده فقبلتها، وأخذت الدواة فكتبته. في شرح النهج لابن أبي الحديد قال: انتبه معاوية فرأى عبد الله بن الزبير جالسا تحت رجليه على سريره، فقعد، فقال له. يداعبه: يا أمير المؤمنين لو شئت أن أفتك بك لفعلت: فقال: لقد شجعت بعدنا يا أبا بكر، قال: وما الذي تنكره من شجاعتي وقد وقفت في الصف إزاء علي بن أبي طالب؟ قال: لا جرم أنه قتلك وإياي بيسرى يديه، وبقيت اليمنى فارغة طالبة من يقتله بها. الجنب يستوي فيه الواحد والجمع، والمذكر والمؤنث، صرح به صاحب الكشاف

في قوله تعالى: {ولا جنبا إلا عابري سبيل} وعلله بأنه اسم جرى مجرى المصدر الذي هو الاجتناب. قيام العرض الواحد الشخصي بمحل منقسم بحيث ينقسم ذلك العرض بانقسامه، ويوجد كل جزء من ذلك العرض في كل جزء من ذلك المحل لا خلاف بينهم في جوازه. ذهب بعض الأطباء إلى أن شعر الميت وظفره يطولان بعد الموت. قال العلامة في شرح القانون: لا شك أنهما يطولان بعد الموت أزيد مما كانا. وقال قوم: إنهما لا يطولان، ولكن لما تحلل ما حولهما ظن أنهما طالا. علي بن الجهم: (بلاء ليس يشبهه بلاء ... عداوة غير ذي حسب ودين) (أباحك منه عرضا لم يصنه ... ويرتع منك في عرض مصون) العفيف التلمساني: (سأل الربع عن ظباء المصلى ... ما على الربع لو أجاب سؤاله) (ومحال من المحيل جواب ... غير أن الوقوف فيه علاله) (هذه سنة المحبين من قبل ... على كل منزل لا محاله) (يا ديار الأحباب لا زالت الأدمع ... في قرب ساحتيك مذاله) (وتمشى النسيم وهو عليل ... في مغانيك ساحبا أذياله) البهاء زهير: (تراكم قد بدت منكم ... أمور ما عهدناها) (نبشتم بيننا أشياء ... كنا قد طويناها) (وعرضتم بأقوال ... وما نجهل معناها) (وقبحتم بأفعال ... وحسنتم مسماها) (وكم جاءت لنا عنكم ... حكايات رددناها) (وأشياء رأيناها ... وقلنا ما رأيناها) (دعوا تلك المقالات ... وإياكم وإياها)

(فلا والله لا يحسن ... بين الناس ذكراها) (قرأنا سورة السلوان ... عنكم ودرسناها) (ومازلتم بنا حتى ... خسرنا وفعلناها) (فرجل تطلب السعي ... إليكم قد قطعناها) (وعين تتمنى أن ... تراكم قد غضضناها) (ونفس كلما اشتاقت ... للقياكم زجرناها) (وكانت بيننا طرق ... وها نحن سددناها) (فلو أنكم جنات ... عدن ما دخلناها) لبعضهم: (بالله قل لي خبرك ... فلي ثلاث لم أرك) (وناظري إلى الطريق ... لم يزل متنظرك) (يا أيها المعرض عن ... أحبابه ما أصبرك) (بين جفوني والكرى ... مذ غبت عني معترك) (خذلت قلبا طالما ... علي ظلما نصرك) (كيف تغيرت ومن ... هذا الذي قد غيرك) (قد كان لي صبر يطيل ... الله فيه عمرك) (وحاسد قال وما ... أبقى لنا وما ترك) (مازال يسعى جهده ... يا ظبي حتى نفرك) لما نصب الحجاج المنجنيق لرمي الكعبة جاءت صاعقة فأحرقت المنجنيق، فتقاعد أصحابه عن الرمي، فقال الحجاج: لا عليكم من ذلك، فإن هذا كنار القربان دلت على أن فعلكم متقبل. قال العلامة الكاشي في الاصطلاحات: إن الاسم في اصطلاحهم ليس هو اللفظ، بل هو ذات المسمى باعتباره صفة وجودية، كالعليم والقدير، أو سلبية كالقدوس والسلام. وفيه أن الدبور صولة داعية هوى النفس واستيلاؤها، شبهت بريح الدبور التي تأتي من جهة المغرب؛ لانتسابها إلى جهة الطبيعة التي هي مغرب النور، ويقابلها القبول، وهي

(في كشف الغمة)

الصبا التي تأتي من جهة المشرق وهي صورة داعية الروح واستيلاؤها؛ ولهذا قال [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] : " نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ". في عيون الأخبار أن الرضا عليه السلام سئل: ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجها؟ فقال: لأنهم خلوا بالله فكساهم الله من نوره. في كتاب المعيشة: إن أبا عمر الشيباني رأى الصادق عليه السلام وبيده مسحات: وعليه إزار غليظ وهو يعمر في حائط له والعرق يتصبب منه على ظهره، قال: فقلت: جعلت فداك أعطني أكفك، فقال: إني أحب أن يتأذى الرجل بحر الشمس في طلب المعيشة. (في كشف الغمة) إن القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق، وفيه: السعيد من وجد في نفسه خلوة يشتغل بها: من كلام بعض العارفين: أخل بنفسك في بيت الفكر وازجرها عما هي عليه، فإن انزجرت، وإلا فاخرج بها على عسكر الموتى أعني القبور، فإن لم ترعو فاضربها بسياط الجوع. ومن كلامهم: لما انقشع غيم الغفلة عن عيون أهل اليقين، لاح لهم هلال الهدى في جنح اليقظة، فبيتوا نية الصوم عن الهوى. من كلام لبعض الحكماء: استغناؤك عن الشيء خير من استغنائك به. أشخص المنصور من الكوفة رجلا سعي به أن عنده من ودائع بني أمية، فقال: أوارث القوم أنت أو وصيهم يا أمير المؤمنين؟ فقال: إنهم خانوا المسلمين وأنا القائم بأمورهم، فقال الرجل: عليك بينة أن هذا من تلك الجنايات، فقد كان لهم مال، فأطرق المنصور، ثم قال: خلوا سبيله، فقال: والله ليس لهم عندي مال، ولكن رأيت الاحتجاج أقرب إلى الخلاص، وهذا الساعي عبد آبق مني، فأشهده المنصور، فاعترف بالرق، فقال الرجل: أما إذا اعترف فهو في حل مما اقترف. لبان يخلط اللبن بالماء ويبيعه، فجاء سيل فأخذ غنمه فاشتد لذلك جزعه، فرآه بعض العارفين، فقال: اجتمعت تلك القطرات فصارت سيلا.

بعضهم في التوبة عن الشراب: (يقول القوم لي لما رأوني ... عفيفا منذ عام ما شربت) (على يد أي شيخ تبت ماذا ... فقلت على يد الإفلاس تبت) ابن الوردي في المجون: (نمت وإبليس أتى ... بحيلة منتدبه) (فقال ما قولك في ... حشيشة منتخبه) (فقلت لا، قال ولا ... خمرة كرم مذهبه) (فقلت لا، قال ولا ... مليحة مطيبه) (فقلت لا، قال ولا ... آلة لهو مطربه) (فقلت لا، قال فنم ... ما أنت إلا حطبه) كان شقيق البلخي في أول أمره ذا ثروة عظيمة، وكان في أول أمره كثير الأسفار للتجارة، فدخل سنة من السنين في بلاد الترك، وهم عبدة أصنام، فقال: لعظيمهم: إن هذا الذي أنتم فيه باطل، وإن لهذا الخلق خالقا ليس كمثله شيء، وهو رزاق كل شيء، فقال له: إن قولك هذا لا يوافق فعلك، فقال شقيق: وكيف ذلك؟ فقال: زعمت أن لك خالقا رازقا، وقد تعبت في السفر إلى هنا لطلب الرزق، فلما سمع شقيق منه هذا الكلام رجع وتصدق بجميع ما يملكه، ولازم العلماء والزهاد إلى أن مات رحمه الله. لبعضهم يستدعي صديقا له: (ثب إلى اللذات فالعمر قصير ... وحياة المرء في الدنيا غرور) (لا تعب بيت سرور عاجل ... كل ما أمكن في الدنيا سرور) (أسرع الخطو فهذا شادن ... وقيان وخمور وزمور) (كلما درنا رأينا بيننا ... شادنا يشدو وكاسات تدور) لما ظهر أبو مسلم المروزي، كتب نصر بن سيار والي خراسان إلى مروان الحمار بهذه الأبيات. (أرى تحت الرماد وميض جمر ... ويوشك أن يكون له ضرام)

(فإن النار بالعودين تذكى ... وإن الحرب أولها كلام) (أقول من التعجب ليت شعري ... أأيقاظ أمية أم نيام) (فإن يك قومنا أضحوا نياما ... فقل قوموا فقد آن القيام) ومن شعر أبي مسلم المروزي: (أدركت بالحزم والكتمان ما عجزت ... عنه ملوك بني مروان إذ سمدوا) (مازلت أسعى كميا في ديارهم ... والقوم في ملكهم بالشام قد رقدوا) (حتى ضربتهم بالسيف فانتبهوا ... من نومة لم ينمها قبلهم أحد) (ومن رعى غنما في أرضه مسبعة ... ونام عنها تولى رعيها الأسد) فيمن اسمه عثمان وبيده شمعة: (وافى إلي بشمعتين ووجهه ... بضيائه يزهو على القمرين) (ناديته بالاسم يا كل المنى ... فأجابني عثمان ذو النورين) وبعضهم: (لا تمنعني إذ نظرت ... فلا أقل في النظر) (دع مقلتي تنظر إليك ... فقد أضر بي السفر) قال بعض الأدباء: الشاعر كالصيرفي، يجتهد أن يروج ما في كيسه من النقود. كان الرشيد إذا قرب الصباح قال لضجيعه: قم بنا نتنسم هواء الحياة قبل أن تفتض عذرته، وتكدره أنفاس العامة. الهالة، وقوس قزح، وذوات الأذناب، وسائر حوادث الجو كظهور الحمرة، وانقضاض الكواكب العظيمة، كلها تدل على حوادث في هذا العالم. قال كاتب الأحرف: وقد رأيت في ذلك الفن كتابا ضخما لبعض حكماء الإسلام أثبت فيه أحكاما لهذه الأشياء حتى بحدوث الزوابع. قيل لسقراط: متى أثرت فيك الحكمة؟ فقال: منذ حقرت نفسي. لما خص الله تعالى الإنسان بكرامته، واصطفاه من بين الموجودات بخلافته، كما قال سبحانه: {إني جاعل في الأرض خليفة} وجب عليه التخلق بأخلاقه، والتشبه بأوصافه، لأن الحكيم لا يستخلف السفيه، والعالم لا يستنيب الجاهل، ولهذا قال النبي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] : " تخلقوا بأخلاق الله ".

العلم مقرون بالعمل، والعلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل. ابن نباتة: (قضى وما قضيت منكم لبانات ... متيم عبثت فيه الصبابات) (ما فاض من جفنه يوم الفراق دم ... إلا وفي قلبه منكم جراحات) (حبا بنا كل عضو في محبتكم ... كليم وجد فهل للوصل ميقات) (سقيا لتلك اللييلات التي سلفت ... فإنما العمر هاتيك اللييلات) لآخر: (قتلى هواك هم الأحياء لا ماتوا ... يا من عوارضه كاللمسك لا مات) (وثغرك الباسم المفتر عن حبب ... تدور منه على الندمان كاسات) (نيران خديك في الأحشاء سعرها ... كما يشاء وفي الحبات حيات) (تكلم القلب من تبريح جفوته ... فهل لعهد الوفا بالوصل ميقات) (يا صاح قد صاحت الأطيار من طرب ... ماذا التأخر والتأخير آفات) لبعضهم: (أصبحت والله في مضيق ... هل من دليل على الطريق) (أف لدنيا تلاعبت بي ... تلاعب الموج بالغريق) من كلام بعض الأعلام: يا هذا: إنما خلقت الدنيا لتجوزها لا لتحوزها، ولتعبرها لا لتعمرها. لبعضهم: (إذا لم يعنك الله فيما تريده ... فليس لمخلوق إليه سبيل) (وإن هو لم يرشدك في كل مطلب ... ضللت ولو أن السماك دليل) الصفي الحلي: (نقيط من مسيك في وريد ... خويلك أم وشيم في خديد) (وذياك اللويمع في الضحيا ... وجيهك أم قمير في سعيد) (ظبي بل صبي في قبي ... مريبيب السطيوة كالأسيد)

(معيشيق الحريكة والمحيا ... مميشيق السويلف والقديد) (مغيسيل اللمي له ثغير ... رويقته خمير في شهيد) (رويدك بالنبي فلي قليب ... مسيليب المهيجة والجليد) (جفيني من هجيرك في سهيد ... أطيول من مطيلك في الوعيد) لابن حجة: (طريفي من لييلات الهجير ... مقيريح الجفين من السهير) (نويري الخديد كوى قليبي ... فصحت من الحريق أيا نويري) (مسيبيل الشعير على كفيل ... يذكرنا مويجات البحير) (حويجبه القويس له سهيم ... مويض في القليب بلا وتير) (لثمت خديده فجرى دميعي ... فما أحلى الزهير على النهير) (رقيق خصره وله قليب ... شديد قسيوة مثل الحجير) (شهير وصيله عندي بيوم ... ويوم هجيره مثل الشهير) لبعضهم: (سواد في الجفين بلا كحيل ... أسال مديمعي وسبا عقيلي) (لحيظك من صويرمه بقلبي ... جريح قد صرمت به حبيلي) (قويس حويجبيك لقد رماني ... سهيما في القليب بلا نصيل) (وكم شرقتني بدميع عيني ... وغربني هويك عن أهيلي) (لقد وقف الهليل بالمحيا ... كما وقف الغزيل بالشكيل) (وكم لي من عقيد في نظيم ... وإن غار الجويد من قويلي) (يويم من هجيرك قد دهاني ... فما أحلى لييلات الوصيل) (حبيب مهجتي هل من وصيل ... فما أحلى الوعيد بلا مطيل) في كشف الغمة عن الإمام جعفر عليه السلام: قال: فقد أبى بغلة له، فقال: لئن ردها الله تعالى لأحمدنه بمحامد يرضاها، فما لبث أن أتي بها بسرجها ولجامها. فلما استوى عليها وضم إليه ثيابه رفع رأسه إلى السماء وقال: الحمد لله، ولم يزد. ثم قال: ما

تعريف القضاء والقدر

تركت ولا أبقيت شيئا، جعلت كل أنواع المحامد لله عز وجل، فما من حمد إلا وهو داخل فيما قلت. مر بعض الصوفية ببغداد، وإذا بسوقي ينادي: الخيار عشرة بدرهم، فلطم الصوفي وجه نفسه وقال: إذا كان الخيار عشرة بدرهم فكيف بالشرار {} قال بعض الحكماء: المروءة ألا تفعل سرا ما تستحي منه علانية. (تعريف القضاء والقدر) القضاء: هو وجود جميع الوجودات في اللوح المحفوظ إجمالا، والقدر تفصيل ذلك الإجمال بإيجاد المواد الخارجية، واحدا بعد واحد، في وقت تعلق العلم الأزلي به،. القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني: (ليس عندي شيء ألذ من العلم ... فلا أبتغي سواه أنيسا) (ما تطعمت لذة العيش حتى ... صرت للبيت والكتاب جليسا) (إنما الذل في مخالطة الناس ... فدعهم وعش عزيزا رئيسا) كان الفراء النحوي معلما لولدي المأمون، وكان إذا قام من مجلسه بادرا إلى نعليه فقدم كل واحد منهما فردة، وذلك بأمر أبيهما المأمون. (لغويات) نبذ من الكنى: يقال للأسد أبو الحارث، وللضبع أم عامر، وللثعلب أبو الحصين، وللنمر أبو عون، وللذئب أبو زياد. ويقال للديك أبو نبهان، وللهرة أم خداش، وللدجاجة أم حفص، وللفأرة أم فساد، وللخنفساء أم سالم. ويقال للدينار أبو الحسن، وللدرهم أبو صالح، وللخبز أبو جابر، وللملح أبو صابر، وللبغل أبو جميل، وللحم أبو الخصيب، وللأرز أبو لؤلؤة، وللجبن أبو مسافر، وللجوز أبو مقابل، وللبن أبو الأبيض، وللبيض أبو الأصفر، وللهريسة أم جابر، وللثريد أبو راجع، وللماء أبو حيان، وللأشنان أبو البقاء. قال بعض التابعين: كانت فاكهة أصحاب النبي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] خبز البر. سئل بعضهم عن أعظم الصبر فقال: الصبر عن صحبة من لا توافقك أخلاقه، ولا يمكنك فراقه.

بعضهم: (نشرت ثلاث ذوائب من شعرها ... في ليلة فأرت ليالي أربعا) (واستقبلت قمر السماء بوجهها ... فأرتني القمرين في وقت معا) قال محمد بن منصور النيسابوري: (وقالوا يصير الشعر في الماء حية ... إذا الشمس لافته فما خلته حقا) (فلما التوى صدغاه في ماء وجهه ... وقد لسعا قلبي تيقنته صدقا) قال ابن المنجم: (تحصن بأفعالك الصالحات ... ولا تبخلن بحسن جليل) (فحسن النساء جمال الوجوه ... وحسن الرجال وجوه الجميل) من كلامهم: الغيبة جهد العاجز. روى أن عيسى عليه السلام مر برجل أعمى، أبرص مقعدا، مضروب الجنبين بالفالج، وقد تناثر لحمه من الجذام وهو يقول: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيرا من خلقه، فقال له عيسى: يا هذا، وأي شيء من البلاء أراه مصروفا عنك؟ {فقال: يا روح الله، أنا خير ممن لم يجعل الله في قلبه ما جعل في قلبي من معرفته، فقال: صدقت، هات يدك، فناوله يده، فإذا هو من أحسن الناس وجها وأفضلهم هيئة، قد أذهب الله عنه ما كان. فصحب عيسى عليه السلام ولم يزل معه. قال بعض الحكماء: لا تجعلوا قلوبكم التي هي منابر الملائكة قبورا للحيوانات الهالكة. قال حكيم لرجل يستكثر من العلم ولا يعمل به: يا هذا، إذا أفنيت عمرك في جمع السلاح فمتى تقاتل؟} بعضهم: (إن الليالي للأنام مناهل ... تطوى وتنشر بينها الأعمار) (فقصارهن مع الهموم طويلة ... وطوالهن مع السرور قصار)

دخل بعض الأعراب على ثعلب النحوي فقال: أنشدني يا إمام الأدب أرق شعر قالته العرب، فقال: لا أجد أرق من قول جرير: (إن العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا) (يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن أضعف خلق الله إنسانا) فقال الأعرابي: هذا شعر قد لاكته السفلة بألسنتها، هات غيره، فقال ثعلب: أفدنا مما عندك يا أخا العرب، فقال الأعرابي: قول مسلم صريع الغواني: (نبارز أقران الوغى فنقدهم ... ويغلبنا في السلم لحظ الكواعب) (وليست سهام الحرب تفنى نفوسنا ... ولكن سهام فوقت في الحواجب) فقال ثعلب لحضار مجلسه: اكتبوها على الحناجر ولو بالخناجر. ابن دقيق العيد: (قالوا فلان عالم فاضل ... فأكرموه مثل ما يقتضي) (فقلت لما لم يكن ذا تقى ... تعارض المانع والمقتضى) عمر بن عبد العزيز: (نهارك يا مسرور سهو وغفلة ... وليلك نوم والردى لك لازم) (وتكدح فيما سوف تنكر غبه ... كذلك في الدنيا تعيش البهائم) من كلام واليس الحكيم: محبة المال وتد الشر، ومحبة الشر وتد العيوب. ومن كلامه: أعط حق نفسك، فإن الحق يخصمك إن لم تعطها حقها. قال بعض العارفين: إذا استوت سريرة المرء وعلانيته فذلك النصف. وإن كانت سريرته أحسن من علانيته فذلك الفضل، وإن كانت علانيته أحسن من سريرته فذلك الهلاك. وقد قيل في ذلك: (إذا السر والإعلان في المؤمن استوى ... فقد عز في الدارين واستوجب الثنا) (وإن فضل الإعلان سرا فما له ... على سره فضل سوى الكد والعنا) لبعضهم:

(قامت تودعني والدمع يغلبها ... كما يميل نسيم الريح بالغصن) (وأعرضت ثم قالت وهي باكية ... يا ليت معرفتي إياك لم تكن) لبعضهم: (أيها الدائب الحريص المعنى ... لك رزق وسوف تستوفيه) (فاسأل الله وحده ودع الناس ... وأسخطهم بما يرضيه) (لن ترى معطيا لما منه الله ... ولا مانعا لما يعطيه) أشار بعض وجوه العرب على أبي قيس المجنون أن يأخذه إلى مكة ليطوف بالبيت، ويسأل الله أن يعافيه مما ابتلاه به، فبينما هم في منى، إذ سمع امرأة تنادي أختا لها: يا سلمى، فأغمى على المجنون حتى ظن أبوه أنه قد مات، فلما أفاق بعد ساعة أنشأ يقول: (وداع دعا إذ نحن بالخيف من مني ... فهيج أشواق الفؤاد وما يدري) (دعا باسم ليلى غيرها فكأنما ... أطار بليلى طائر كان في صدري) قال بعض الحكماء: أفضل الناس من تواضع عن رفعة، وعفا عن قدرة، وأنصف عن قوة. بعضهم: (حججي عليك إذا خلوت كثيرة ... وإذا حضرت فإنني مخصوم) (مالي لسان أن أقول ظلمتني ... والله يعلم أنني مظلوم) قال بعض الأدباء: من حكى لك أنه رأى مكاريا حسن الخلق، أو قوادا سيئ الخلق، أو سائسا لا يسرق الشعير، أو خياطا لا يسرق ما يخيطه، أو أعمى لا يكون ثقيلا، أو معلم أطفال ليس قليل العقل، أو قصيرا غير متكبر، أو طويلا غير أهوج فلا تصدقه فيما ادعاه أبدا. بعضهم: (ليلي وليلى نفي نومي اختلافهما ... بالطول والطول يا طوبي لو اعتدلا) (يجود بالطول ليلي كلما بخلت ... بالطول ليلى وإن جادت به بخلا) قال سعيد الدين الطيبي: تنازعت أنا وأبو غالب في أمر محمد بن سليمان بن قطرش

الأديب المشهور وقدرته على حل كل ما يرد عليه من الألفاظ من غير تردد، فقلنا: هلم لغزا محالا ونسأله عنه، فقلنا: (وما شيء له في الرأس رجل ... وموضع وجهه منه قفاه) (إذا غمضت عينك أبصرته ... وإن فتحت عينك لا تراه) فأنفذناه إليك، فكتب في الجواب: هو طيف الخيال: فقلت لأبي غالب: عالت المسألة، قم بنا حتى نسأله الآن عن هذا التأويل، فذهبنا إليه، فقلت له: هب أن البيت الثاني فيه معنى طيف الخيال فما تأويل الأول؟ فقال: المعنى كله فيه، فقلت كيف ذلك؟ فقال: إن المنامات تفسر بالعكس، فإذا رأى الإنسان أنه مات فسر بطول العمر، وإذا رأى أنه يبكي فسر بالفرح والسرور، وعلى هذا جرى اللغز في جعل رأسه رجله، ووجهه قفاه، فعجبنا من ذكائه. ولد محمد بن سليمان بن قطرش سنة 543 وتوفي سنة 626. ولد عثمان بن إبراهيم العمري سنة 441 هـ وكان له شعر جيد، ومن شعره: (إنما هذه الحياة متاع ... والسفيه الغوي من يصطفيها) (ما مضى فات والمؤمل غيب ... ولك الساعة التي أنت فيها) حكى بعض الثقات قال: مررت مع رفيق لي بفلاة، وإذا نحن بأعرابية كأنها فلقة قمر، فقالت هلم إلى القرى، فلما دخلنا خباءها وجدنا قبرا، فقلنا لها ما هذا؟ فتنفست الصعداء، ثم قالت: قبر خليلي، كان يظهر ودي، ويحسن رفدي، فمات، فدفنته عندي. قال فقلت لها: فهل لك فيمن يجدد ما قد درس من وده، ويزيدك إحسانا إلى رفده، فتغير وجهها، وأسبلت دمعتها، وقامت مولية وهي تقول: بصوت حزين: (وإني لأستحييه والترب بيننا ... كما كنت أستحييه حين يراني) (فإن تسألاني في هواي فإنني ... رهينة هذا القبر يا رجلان) قال ولم تعد حتى خرجنا. من الحماسة: (وكنت إذا ما جئت جئت بعلة ... فأفنيت علاتي فكيف أقول) (فما كل يوم لي بأرضك حاجة ... ولا كل يوم لي إليك وصول) قطري بن الفجاءة:

(أقول لها وقد جاشت وهاجت ... من الأعداء ويحك لا تراعى) (فإنك لو سألت بقاء يوم ... على الأجل الذي لك لم تطاعي) (فصبرا في مجال الموت صبرا ... فما نيل الخلود بمستطاع) (سبيل الموت غاية كل حي ... وداعيه لأهل الأرض داع) قال ابن الهرمة - وهو من العرب العرباء - يصف استئناس كلبه بالأضياف: (يكاد إذا ما أبصر الضيف مقبلا ... يكلمه من حبه وهو أعجم) ابن الدمينة. وهو من شعر الحماسة: (ألا يا صبا نجد متى هجت متى نجد ... لقد زادني مسراك وجدا على وجد) (أئن هتفت ورقاء في رونق الضحى ... على فنن غض النبات من الرند) (بكيت كما يبكي الحزين ولم يكن ... جزوعا وأبديت الذي لم تكن تبدي) (وقد زعموا أن المحب إذا نأى ... يمل وأن النأي يشفى من الوجد) (بكل تداوينا فلم يشف ما بنا ... على أن قرب الدار خير من البعد) (على أن قرب الدار ليس بنافع ... إذا كان من تهواه ليس بذي ود) كل جسم له صورة فإنه لا يقبل صورة أخرى إلا بعد أن تفارقه الصورة الأولى مفارقة تامة، كجسم مشكل بصورة التثليث - مثلا - فإنه لا يقبل صورة التربيع أو غيرها من الأشكال إلا بعد أن يزول عنه ذلك التثليث، بالكلية، فإن بقي فيه شيء من الرسم الأول لم يقبل الرسم الثاني على التمام، بل يختلط فيه الرسمان فلا يخلص له أحدهما. وهذا حكم مستمر في جميع الأجسام كلها. ونحن نجد أنفسنا نقبل صور الأشياء كلها على اختلافها من المحسوسات والمعقولات على التمام والكمال، من غير مفارقة الأول، ولا زوال رسمه، بل يبقى الرسم الأول: تاما كاملا، ويقبل الرسم الثاني أيضا تاما كاملا، ولا يزال يقبل صورة بعد صورة أبدا، من غير أن يضعف في وقت من الأوقات عن قبول ما يطرأ عليها من الصور، بل تزداد بسبب الصورة الأولى قوة على قبول ما يرد عليها من الصور الأخرى. ولهذا العلة كلما كان الإنسان أكثر علوما وأدبا كان أتم فهما وكياسة، وأشد استعدادا للعلم والاستفادة. وهذه الخاصية مضادة لخواص الأجسام، فليست جسما.

ابن مقلة الكاتب المشهور: قطعت يده، ثم لسانه، وكان يستقي الماء بيد واحدة. وقال أصحاب التواريخ: إنه تولى الوزارة ثلاث مرات، لثلاثة خلفاء، وكتب ثلاثة مصاحف، وسافر ثلاث مرات، ومات ودفن، ثم نبش ثلاث مرات. يقال إن الخلاف والعناد موكل بكل شيء، حتى قذاة الكوز، إن أردت أن تشرب الماء جاءت إلى فيك، وإن صوب الكوز لتخرج رجعت، وهذا مثل في محقر مؤذ. إلى هنا انتهى المجلد الرابع من الكشكول حسب تقسيم المؤلف ويليه المجلد الخامس إن شاء الله. وأوله: بسم الله الرحمن الرحيم. قال سيد المرسلين الخ.

المجلد الخامس من الكشكول لبهاء الدين العاملي

(المجلد الخامس من الكشكول لبهاء الدين العاملي)

صفحة فارغة

في تعظيم حق الوالدين

بسم الله الرحمن الرحيم قال سيد المرسلين، وأشرف الأولين والآخرين، صلوات الله عليه وآله أجمعين: إذا اقشعر قلب المؤمن من خشية الله تحاتت عنه خطاياه كما يتحات عن الشجو ورقها. وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يكون العبد مؤمنا حتى يعد البلأ نعمة، والرخاء محنة، لأن بلاء الدنيا نعمة في الآخرة، ورخاء الدنيا محنة في الآخرة. وعنه عليه وعلى آله من الصلوات أفضلها، ومن التحيات أكملها، أنه قال: إن الله تعالى يقول: إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه، أو ولده، أو ماله، واستقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه أن أنصب له ميزانا، أو أنشر له ديوانا. إنما سميت الجمعة جمعة لاجتماع الناس فيها للصلاة. وقيل أول من سماها جمعة الأنصار وذلك قبل قدوم النبي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] إلى المدينة، وقبل نزول سورة الجمعة؛ فإنهم اجتمعوا، وقالوا: إن لليهود يوما يجتمعون فيه، وهو يوم السبت، وللنصارى آخر كذلك، وهو يوم الأحد، فلنجعل لنا يوما نجتمع فيه ونذكر الله ونشكره، وكانوا يسمون يوم الجمعة قبل ذلك يوم العروبة، فاجتمعوا إلى سعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ، وذكرهم، فسموه يوم الجمعة. (في تعظيم حق الوالدين:) اعلم أن الله جل جلاله علم حاجتك إلى أبويك فجعل لك عندهما من المنزلة ما يغنيهما عن وصيتهما بك. وعلم غناك عنهما فأكد وصيتك بهما. قال علي بن الحسين عليهما السلام لولده يحيى: يا بني، إن الله لم يرضك لي فأوصاك بي، ورضيني لك فلم يوصني بك. من كلام بعض الحكماء: فضيلة الفلاحين التعاون بالأعمال، وفضيلة التجار التعاون بالأموال، وفضيلة الملوك التعاون بالآراء والسياسة، وفضيلة العلماء التعاون بالحكم

الإلهية، والفضيلة المشتركة بين الأصناف الأربعة هي التعاون على ما يصلح به المعاش والمعاد. قال بعض الأكابر: الصلاة معراج العارفين، ووسيلة المذنبين، وبستان الزاهدين. ومن ثم ورد في الحديث أنها عمود الدين، وذكرت في اثنين ومائة موضع من القرآن العزيز المبين. من كلام أمير المؤمنين عليه السلام: ما من غريم أحسن تقاضيا من جوع، مهما دفعت إليه قبل. أصيبت السمراء بنت قيس بابنين لها، فعزاها النبي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] بهما، فقالت: كل مصيبة بعدك جلل، والله لهذا النقع الذي على وجهك أشد من مصابي بهما يا رسول الله. الجلل: العظيم، والهين، فهو من الأضداد. والنقع: غبار الحرب، وهو العثير، ولا تفتح فيه العين. عربد غلام قوم فشكوه إلى الوالي، وقد أفاق، فأراد أن يناله بمكروه، فقال: أيها الأمير، إني أسأت وليس معي عقلي، وتسيء إلي ومعك عقلك! لابن الفارض: (زدني بفرط الحب فيك تحيرا ... وارحم حشى بلظى هواك تسعرا) (وإذا سألتك أن أراك حقيقة ... فاسمع ولا تجعل جوابي لن ترى) (يا قلب أنت وعدتني في حبه ... صبرا فحاذر أن تضيق وتضجرا) (إن الغرام هو الحياة فعش به ... صبا فحقك أن تموت وتعذرا) (ولقد خلوت مع الحبيب وبيننا ... سر أرق من النسيم إذا سرى) (وأباح طرفي نظرة أملتها ... فغدوت معروفا وكنت منكرا) (لو أن كل الحسن يكمل صورة ... ورآه كان مهللا ومكبرا) في الكشاف: عند قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما، بعوضة فوقها} : وربما رأيت في تضاعيف الكتب العتيقة دويبة لا يكاد يحليها للبصر إلا تحركها، فإذا سكنت فالسكون يواريها، ثم إذا لوحت لها بيدك حادت عنها، وتجنبت مضرتها. فسبحان من يدرك صورة تلك البعوضة وأعضاءها الظاهرة والباطنة، وتفاصيل خلقها، ويبصر بصرها، ويطلع على ضميرها. ولعل في خلقه ما هو أصغر منها وأصغر.

علم التصوف

{سبحان الذي خلق الأزواج كلها، مما تنبت الأرض ومن أنفسهم، ومما لا يعلمون} ثم أنشد: (يا من يرى مد البعوض جناحها ... في ظلمة الليل البهيم الأليل) (ويرى عروق نياطها في نحرها ... والمخ في تلك العظام النحل) (اغفر لعبد تاب من فرطاته ... ما كان منه في الزمان الأول) (علم التصوف) التصوف علم يبحث عن الذات الأحدية، وأسمائه وصفاته من حيث إنها موصلة لكل من مظاهرها ومنسوباتها إلى الذات الإلهية. وموضوعه الذات الأحدية ونعوتها الأزلية، وصفاتها السرمدية، وبيان مظاهر الأسماء الإلهية والنعوت الربانية، وكيفية رجوع أهل الله تعالى إليه سبحانه، وكيفية سلوكهم ومجاهداتهم ورياضاتهم، وبيان نتيجة كل من الأعمال والأذكار في دار الدنيا والآخرة على وجه ثابت في نفس الأمر. ومبادئه معرفة حده، وغايته، واصطلاحات القوم فيه. قال بعض العارفين: من كان نظره في وقت النعم إلى المنعم لا إلى النعمة، كان نظره في وقت البلاء إلى المبلى لا إلى البلاء، فيكون في جميع حالاته غريقا في ملاحظة الحق، متوجها إلى الحبيب المطلق، وهذه أعلى مراتب السعادة. بعضهم: (أرأيت ما قد قال لي بدر الدجى ... لما رأى طرفي يزيد سهودا) (حتام ترمقني بطرف ساهم ... أقصر فلست حبيبك المفقودا) ذكر في المعتبر: أن فاطمة صلوات الله عليها قبضت من تراب قبر النبي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] فوضعته على عينيها وقالت: (ماذا على من شم تربة أحمد ... ألا يشم مدى الزمان غواليا) (صبت علي مصائب لو أنها ... صبت على الأيام صرن لياليا) الأمي: من لا يكتب، منسوب إلى أمة العرب، المشهورين بعدم الخط والكتابة. ووصف نبينا محمد [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] بالأمي لذلك. كان عمر بن فطر بن سهل الداري يغير أحيانا على مسارح النعمان بن المنذر، فطلبه زمانا فلم يقدر عليه، فأمنه وجعل له مائة ناقة إن دخل في السلم، فقبل ذلك، ودخل على

لغويات

النعمان، فاقتحمته عينه لأنه كان دميما، فقال النعمان: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فقال له عمر: مهلا أبيت اللعن، فإنما المرء بأصغريه: لسانه وقلبه، فإذا نطق نطق ببيان، وإذا قابل قابل بجنان، قال: نعم والله. ثم قال له: فما السوأة؟ قال: المرأة الصخابة، الخفيفة الوثابة. قال: فما الفقر الحاضر؟ قال: الشاب القليل الحيلة، المطيع للحليلة، إذا غضبت ترضاها، وإذا رضيت تعداها. فقال: فما قرين السوء؟ قال جارك الذي إن كان فوقك قهرك، وإن كان دونك شتمك، إن منعته لعنك، وإن أعطيته مدحك. فقال له النعمان: لله أبوك، وأعطاه خمسين ألف درهم، وسوده على مائة من أصحابه. (لغويات) قال القرشي: الحرارة التي تجعل الطعام بحيث يصلح لأن يؤكل: إما أن تكون ملاقية له أو لا، الأول إما أن تكون هوائية، وهو الشي، أو أرضية كالجمر وهو التكبيب. والثاني وهو ما يكون بينهما واسطة كالقدر، فإن كانت الحرارة تؤثر في ذلك المتوسط، والمتوسط في الطعام من غير أن يكون معه شيء آخر فهو القلي، وإن كان معه شيء آخر، فإن كان دهنا فهو التطجين، وإن كان ماء فهو الطبخ. من كلام العارفين: الدنيا تطلب لثلاثة أشياء: الغنى، والعز، والراحة: فمن زهد فيها عز. ومن قنع استغنى. ومن قل سعيه استراح. أشرف عمر بن هبيرة من قصره، وإذا بأعرابي يرقص بعيره، فقال لحاجبه: لا تحجبه، فلما مثل بين يديه، قال له عمر: ما خطبك يا أعرابي؟ فقال: (أصلحك الله قل ما بيدي ... فما أطيق العيال إذ كثروا) (ألح دهري على كلكله ... فأرسلوني إليك وانتظروا) فأخذت عمر الأريحية، واهتز وقال: أرسلوك إلي وانتظروا! إذا والله لا تجلس حتى ترجع إليهم غانما، وأمر له بألف دينار، ورده من ساعته إلى أهله. النافون للمعاد بنوا كلامهم على محض الاستبعاد، فقالوا: كيف تجتمع أجزاء البدن بعد التفرق والتشتت العظيم، سيما من قطعت أوصاله، وفرقت في مواضع متباعدة، وصارت كل ذرة منها في مكان، وكل جزء منها في قطر من الأقطار. فيقال لهؤلاء: ألم

قال الشريف الرضي

تعلموا أن المني الذي هو فضلة منبث في أطراف الأعضاء كالظل، والقوة الشهوانية تجمع تلك الأجزاء الظلية في أوعية المني بعد انبثاثها في جميع الأعضاء. ألم تعلموا أن المني يولد من الأغذية التي كانت منبثة في أقطار العالم، والأغذية من العناصر المتشتتة المتباعدة، فالذي جمع تلك الأجزاء المتباعدة المتفرقة، المتشتتة قادر على جمع أجزاء البدن بعد التشتت والتفرق. وإليه الإشارة بقوله تعالى: {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم} . (قال الشريف الرضي:) تاهت العقلاء في ذاته تعالى وصفاته، لاحتجابها بأنوار العظمة، وتحيروا أيضا في لفظ الجلالة، كأنه انعكس إليه من تلك الأنوار أشعة بهرت أعين المستبصرين، فاختلفوا أسرياني هو أم عربي؟ اسم أو صفة؟ مشتق، ومم اشتقاقه؟ وما أصله؟ أو غير مشتق؟ علم أو غير علم؟ لبعضهم: (أحب التقي والنفس تطلب غيره ... وإني وإياها لمصطرعان) (فيوم لها مني ويوم أذلها ... كلانا على الأيام معتركان) قال بعضهم: لا تكن ممن غلبت بظنته فطنته. من كلام أبقراط: كل ما تستمرئ، لا مالا تستمرئ فإنه يأكلك. لابن الفارص: (أشاهد معنى حسنكم فيلذلي ... خضوعي لديكم في الهوى وتذللي) (وأشاق للمعنى الذي أنتم به ... ولولاكم ما شاقني ذكر منزلي) (ولله كم من ليلة قد قطعتها ... بلذة عيش والرقيب بمعزل) (فدعني ومن أهوى لقد مات حاسدي ... وغاب رقيبي عند قرب مواصلي) من كلامهم: لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا الدنيء فيجترئ عليك. توفي أبو نصر الفارابي بدمشق سنة 339. لبعضهم:

(تعريف السعادة)

(تتنبى طلاوة وجهه عن وده ... فيكاد يلقى النجح قبل لقائه) (وضياء وجه لو تأمله امرؤ ... صادي الجوانح لارتوى من مائه) سئل حكيم: ما الناطق الصامت؟ فقال: الدلائل المخبرة، والعبر الواعظة. وعليه قوله تعالى: {قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء} إذ معلوم أن الأشياء كلها لا تنطق إلا من حيث العبرة ولسان الحال. وقريب من ذلك قوله تعالى حكاية عن سليمان: {علمنا منطق الطير} فإنه سمى أصوات الطير منطقا باعتبار دلالتها وفهم المعاني منها. ومن فهم من شيء معنى، فذلك الشيء بالإضافة إليه ناطق وإن كان صامتا. قال بعض أصحاب اللغة: حقيقة النطق اللفظ الذي كالنطاق للمعنى. وفي الحديث: " إني تركت فيكم واعظين: صامتا وناطقا، فالصامت الموت، والناطق القرءان ". قوله تعالى: {والقناطير المقنطرة} : أي المجموعة قنطارا قنطارا، كقولهم دراهم مدرهمة، ودنانير مدنرة. قاله الراغب. حضرة القدس: قيل هي الجنة، وقيل هي الشريعة، قال الراغب: وكلاهما صحيح، لأن الشريعة منها يستفاد القدس: أي الطهارة. (تعريف السعادة) من كلام أرسطاطاليس: السعادة ثلاثة: إما في النفس، فهي الحكمة، والعفة، والشجاعة. وإما في البدن فهي الصحة، والجمال، والقوة. وإما خارج النفس والبدن، فهي المال، والجاه، والنسب. القبلة في الأصل: اسم للحالة التي عليها المقابل، نحو الجلسة، والقعدة. ولكنها صارت في العرف اسما للمكان المقابل المتوجه إليه في الصلاة. سميت ريح الصبا بالقبول؛ لاستقبالها القبلة. قاله الراغب. حاتم الطائي: (ولله صعلوك مناه وهمه ... من العيش أن يلقى لبوسا ومطعما) (ينام الضحى حتى إذا نومه استوى ... تنبه مفلوج الفؤاد مورما) (ولله صعلوك يساور همه ... ويمضي على الأحداث والدهر مقدما)

(فتى طلبات لا يرى الجوع سبة ... ولا شبعة إن نالها عد مغنى) (ويغشى إذا ما كان يوم كريهة ... صدور العوالي وهو مختضب دما) (فذلك إن يهلك فحسنى ثناؤه ... وإن عاش لم يقعد ضعيفا مذمما) من كلام بعض الحكماء: من كسب مالا من مهاوش، أنفقه الله في نهابر: من كسب مالا من مثل أفواه الحيات، أنفقه الله في مثل الآبار التي يطرح فيها مالا ينتفع به. لقلع الدسومة من الثوب إذا كان حريرا أو صوفا: تغلى النخالة، ويغسل الثوب بمائها، ويبخر بعد ذلك بالكبريت. وإن ألقيت على الموضع نورة مسحوقة مع ملح، ووضع عليه حجر زالت الدسومة من غير غسل. بعضهم: (علم قومي بي جهل ... إن شأني لأجل) (كم أناس اهتدوا بي ... وأناس بي ضلوا) (واستشاروا وأشاروا ... أبرموا القول وحلوا) (كل أين لي أين ... ومحل لي محل) (أنا جسم أنا رسم ... أنا نفس أنا عقل) (أنا سر أنا جهر ... أنا علم أنا جهل) (أنا حرب أنا سلم ... أنا جزء أنا كل) (أنا قرب أنا بعد ... أنا هجر أنا وصل) (أنا حلو أنا مر ... أنا حزن أنا سهل) لبعضهم: (أعيذك من زورة وقتها ... يحط ويذهب قدر النبيل) (فإما رجعت بذل الحجاب ... وإما حللت مقام الثقيل) في سنة 310 هـ دخل القرامطة لعنهم الله مكة أيام موسم، وأخذوا الحجر الأسود، وبقي عندهم عشرين سنة، وقتلوا خلقا كثيرا، وممن قتلوه علي بن بابويه، وكان يطوف فلم يقطع طوافه، فضربوه بالسيف فوقع على الأرض وأنشد: (ترى المحبين صرعى في ديارهم ... كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا)

(محاورة بين الحجاج وسعيد بن جبير)

قال بعض الحكماء: احفظ عشرا من عشر: أناتك من التواني. وإسراعك من العجلة. وسخاءك من التبذير. واقتصادك من التقتير. وإقدامك من الهرج. وتحرزك من الجبن. ونزاهتك من الكبر. وتواضعك من الدناءة. ولسانك من الاعتذار. وكتمانك من النسيان. في كتاب الاستيعاب لابن عبد ربه، عن سفيان بن عيينة قال: قال لي جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام: توفي علي بن أبي طالب عليه السلام وهو ابن ثمان وخمسين. وقتل حسين بن علي عليهما السلام وهو ابن ثمان وخمسين. وتوفي علي بن الحسين عليهما السلام وهو ابن ثمان وخمسين، وتوفي محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام وهو ابن ثمان وخمسين. . قال سفيان: وقال لي جعفر عليه السلام: وأنا بهذه السنة في ثمان وخمسين، فتوفي بها. (محاورة بين الحجاج وسعيد بن جبير) لما دخل سعيد بن جبير على الحجاج قال له: ما اسمك؟ قال: سعيد بن جبير، قال: بل شقي ابن كسير، فقال: أمي سمتني سعيدا، قال: سعت. قال: الغيب يعلمه غيرك؟ قال الحجاج: والله لأبدلنك من دنياك نارا تلظي. قال لو علمت أن ذلك إليك ما اتخذت إلها غيرك. قال الحجاج: لأقطعنك قطعا قطعا، ولأفرقن أعضاءك عضوا عضوا. قال: إذا تفسد علي دنياي وأفسد عليك آخرتك. فقال: الويل لك. قال: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار. فقال: اضربوا عنقه. فقال سعيد: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، أستحفظهما حتى ألقاك يوم القيامة. فقال الحجاج: أضجعوه للذبح. فقال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض. فقال الحجاج: اقلبوا ظهره إلى القبلة. فقرأ سعيد: فأينما تولوا فثم وجه الله. فقال كبوه على وجهه. فقرأ سعيد: منها خلقناكم وفيه نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى. فذبح من قفاه، فما بقي الحجاج بعده إلا ثلاثة أيام. (عدد من قتلهم الحجاج) في تاريخ ابن الجوزي، عن هشام بن حسان قال: أحصينا من قتلهم الحجاج صبرا، فبلغوا مائة ألف وعشرين ألفا. وقال: ووجد في سجنه ثلاثة وثلاثون ألفا ما يجب على أحد منهم قطع ولا صلب ولا قتل. وكان سجنه حائطا محوطا لا سقف له، فإذا أوذي المسجونون من حر الشمس وأتوا

الجدران يستظلون بها، رماهم الحرس بالحجارة ... وكان يطعمهم خبز الشعير مخلوطا بالملح والرماد. وكان لا يلبث رجل في سجنه إلا يسيرا حتى يسود ويصير كأنه زنجي. حتى إن غلاما حبس فيه، فجاءت أمه بعد أيام تتعرف خبره، فلما قدم إليها أنكرته وقالت: ليس هذا ابني، هذا بعض الزنج، فقال: لا والله يا أماه، أنت فلانة، وأبي فلان، فلما عرفته شهقت شهقة كان فيها نفسها. أول من سمى في الإسلام عبد الملك هو عبد الملك بن مروان. وأول من سمى أحمد في الإسلام هو أبو الخليل بن أحمد. ولم يكن في زمن رسول الله [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] من الصحابة من اسمه أبو بكر إلا أبو بكر الصديق. قيل لأفلاطون: بأي شيء ينتقم الإنسان من حاسده وعدوه؟ قال: بأن يزداد في نفسه فضلا. لبعضهم: (خلقان لا أرضاهما لفتى ... بطر الغنى ومذلة الفقر) (فإذا اغتنيت فلا تسكن بطرا ... وإذا افتقرت فته على الدهر) دخل أبو دلامة على المنصور، وعنده المهدي وجعفر ابناه، وعيسى بن موسى، فقال له المنصور: عاهدت الله يا أبا دلامة إن لم تهج واحدا ممن في المجلس لأقطعن لسانك، قال أبو دلامة: فقلت في نفسي: قد عاهد، وهو لا بد فاعل، ثم نظرت إلى أهل المجلس، فإذا خليفة، وابنا خليفة، وابن عم خليفة، وكل منهم يشير إلي بأصبعه بالصلة إن تخطيته، وأيقنت أني إن هجوت أحدهم قتلت، والتفت في المجلس يمنة ويسرة لأرى بعض الخدم فأهجوه فلم أر أحد، فقلت في نفسي: إنما حلف على من في المجلس، وأنا أحد من في المجلس ومالي إلا أن أهجو نفسي فقلت: (ألا قبحت أنت أبا دلامه ... فلست من الكرام ولا الكرامه) (إذا لبس العمامة قلت قرد ... وخنزير إذ نزع العمامة) (جمعت دمامة وجمعت لؤما ... كذاك اللؤم تتبعه الدمامه) (فإن تك قد جمعت نعيم دنيا ... فلا تفرح فقد دنت القيامه) قال فضحك المنصور حتى استلقى، وأمر لي بجائزة، ووصلني كل من الحاضرين بصلة سنية.

من كلام نجم الدين السكبري

لحمدون الموصلي: (يا رسول الحبيب ويحك قد ألقى ... عليك الحبيب حسنا وطيبا) (ولقد كدت أن أضحك لولا ... أن تسيء الظنون أو تستريبا) لبعضهم: (ولو أني استزدتك فوق ما بي ... من البلوى لأعوزك المزيد) (ولو عرضت على الموتى حياة ... بعيش مثل عيشي لم يريدوا) في ربيع الأبرار: صلى أعرابي صلاة مخففة، فقام إليه علي عليه السلام بالدرة، وقال أعدها فلما فرغ قال أهذه خير أم الأولى؟ فقال: بل الأولى، فقال: ولم؟ قال: لأن الأولى لله وهذه للدرة. قال الحجاج ليحيى بن سعيد: إنك تشبه إبليس، فقال: وما ينكر الأمير أن يكون سيد الأنس يشبه سيد الجن؟ فأعجبه جوابه. (من كلام نجم الدين السكبري:) الفقر على ثلاثة أصناف: فقر إلى الله دون غيره، وفقر إلى الله مع غيره، وفقر إلى الغير دون الله. . وقد أشار النبي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] إلى الأول بقوله: " الفقر فخري "، وإلى الثانية بقوله: " كاد الفقر يكون كفرا "، وإلى الثالث بقوله: " الفقر سواد الوجه في الدارين ". من شرح القانون للعلامة: صغر العين مع خفة حركتها، وكثرة طرفها دليل قوي على رداءة الباطن. من كان طرف أنفه دقيقا فهو محب للخصومة. من كان أنفه عظيما ممتلئا من اللحم فهو قليل الفهم. من كان أنفه طويلا دقيقا فهو قليل العقل. من كان ثقب أنفه شديد الانفتاح فهو غضوب. من كان أنفه عظيما فهو قليل الخير. من كان واسع الفم فهو شجاع. من كان لحيم الوجه فهو جاهل كسلان.

ما جاء في الثياب

من كان وجهه شديد الاستدارة فهو جاهل حقير النفس. من كان عالي الضحك فهو وقح. من كان عظيم الأذنين فهو طويل العمر جاهل. من كان دقيق الخصر فهو قوي صبور على المؤلمات. من قصر ذراعاه جدا فهو جبان محب للشر. دقة الكف جدا دليل على السلاطة والرعونة. (ما جاء في الثياب:) قال بعض الحكماء: البس من الثياب ما يخدمك لا ما يستخدمك. اشترى النبي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] حلة بثمانين ناقة. اشترى بعض الأكابر حلة بألف ودخل المسجد، فقيل له في ذلك، فقال: أنا أجالس ربي. كان بعض الأكابر من قريش إذا اتسع لبس أرث ثيابه، وإذا افتقر لبس أفخرها. فقيل له في ذلك، فقال: إذا اتسعنا لبسنا بالهيئة، وإذا افتقرنا تزينا بالهيئة. (من خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام:) والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من رقعها، ولقد قال قائل: ألا تنبذها؟ فقلت: اغرب عني، فعند الصباح يحمد القوم السرى. من كلامهم: كل ما تشتهيه، والبس ما يشتهيه الناس. (أما الطعام فكل لنفسك ما اشتهت ... والبس لباسا يشتهيه الناس) قيل للأحنف في شهر رمضان: إنك شيخ كبير، وإن الصوم يهدك، فقال: إن الصبر على طاعة الله أهون من الصبر على عذاب الله. ولبعضهم في الصبر: (ويوم كيوم البعث ما فيه حاكم ... ولا عاصم إلا فتى ودروع) (حبست به نفسي على موقف الردى ... حفاظا وأطراف الرماح شروع) (وما يستوي يوم الملمات إن عرت ... صبور على مكروهها وجزوع)

(من أمثال العرب)

لبعضهم: (ويوم كأن المصطلين بحره ... وإن لم يكن جمر قيام على الجمر) (صبرت له حتى تجلى وإنما ... تفرج أيام الكريهة بالصبر) لبعضهم: (أضن بليلى وهي عندي سخية ... وتبخل ليلى بالهوى وأجود) (وأعذل في ليلى ولست بمنته ... وأعلم أني مخطئ وأعود) (من أمثال العرب) " ذكرتني الطعن وكنت ناسيا ". أصل هذا أن رجلا حمل على رجل ليقتله، وكان في يد المحمول عليه رمح، فأنساه الدهش ما في يده، فقال له الحامل: ألق الرمح، فقال: ذكرتني الطعن وكنت ناسيا. " ذكرني فوك حماري أهلي ". أصله أن رجلا خرج يطلب حمارين قد ضلا من الحي، فرأى امرأة منتقبة فأعجبته فذهب يمشي خلفها ونسى الحمارين، فما زال يحدثها حتى أسفرت عن لثامها، وإذا فمها واسع رديء كريه المنظر، فلما رأى ذلك ذكر الحمارين وقال: " ذكرني فوك حماري أهلي ". " كفيت الدعوة " أي كفيت مؤنة الدعاء لي. وأصل هذا المثل أن بعض مجان العرب نزل بصومعة راهب، وأحب أن يوافقه في دينه ويقتدي به في عبادته ويزيد عليه، وبقي على ذلك أياما. ثم إنه سرق صليب الراهب وكان من ذهب، ثم استأذنه في الفراق، فأذن له وزوده من الطعام، وقام لوداعه، فلما ودعه قال له: صحبك الصليب، وهذه العبارة رسمهم في الدعاء للمسافر، فقال الماجن " كفيت الدعوة " وصارت مثلا. " ما أهون الليل على الراقد " " هان على الأملس ما لاقى الدبر " هذا مثل يضربونه في الرجل القليل الاهتمام بشأن صاحبه. والأملس: هو صحيح الظهر، والدبر: الذي قد دبر في ظهره.

[يعني أن صحيح الظهر يهون عليه ما يلقاه دبر الظهر من ألم ومشقة، لأنه لا يحس بالألم مثله] . " خير حالبيك تنطحين ". يضرب لمن يسيء إلى من أحسن إليه، ويحسن إلى من أساء إليه. وأصله أن بقرة كان لها حالبان، وكان أحدهما أرفق بها من الآخر، وكانت تنطح الذي يرفق بها وتدع الآخر. " وافق شن طبقة ". شن: بطن من عبد القيس، وطبقة حي من إياد، توافقا على أمر فيه صلاح حالهما، فقيل: " وافق شن طبقة ". " يداك أوكتا، وفوك نفخ ". أصله أن رجلا أراد أن يعبر البحر، فنفخ زقا كان معه، ولم يحسن إحكامه، فلما توسط البحر خرج الريح من الزق وأخذه الموج فاستغاث برجل، فقال له: " يداك أوكتا وفوك نفخ ". " حين تقلين تدرين ". أصله أن رجلا أتى مومسا فقضى وطره منها، فلما خرج رأى في الدار مقلا فحمله وهي لا تدري، فلما ولى سمعها تقول لجارتها: سخرنا بهذا الأحمق وأخذنا منه ثلاثة دراهم ولم ينقص منا شيئا، فالتفت الرجل إليها وقال: " حين تقلين تدرين ". لبعضهم: (شجاك الفراق فما تصنع ... أتصبر للبين أم تجزع) (إذا كنت تبكي وهم جيرة ... فكيف بذاك إذا ودعوا) لبعضهم: (ومقتدر على قتلي ... بهجراني له ولع) (يواعدني ويخلفني ... ويدنو ثم يمتنع) (ولا هجر ولا يأس ... ولا وصل ولا طمع) لبعضهم:

(من أمثال العرب)

اعتبر بما ترى، واتعظ بما تسمع، قبل أن تصير عبرة للرائي، وعظة للسامع. قال أرسطوطاليس: اعص الهوى وأطع من شئت. اترك ما تريد لتستغني عن العلاج بما تكره. الحزن مرض الروح، كما أن الألم مرض البدن. قال بعض الحكماء: ثلاث من كن فيه استكمل العقل: أن يكون ماسكا للسانه، عارفا بزمانه، مقبلا على شأنه. (من أمثال العرب) عاقني المطر عن الوطر ... يوم السرور قصير يكاد يطير ... من جعل نفسه عظيما أكلته الكلاب ... كلب جوال خير من أسد رابض ... ترك الحيلة. (الوزارة) اختلف اللغويون في اشتقاق اسم الوزارة على أقوال، فقيل إنه مأخوذ من الوزر الذي هو الملجأ، ومنه قوله تعالى: {كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر} . وقيل من الأزر، وهو الظهر، لأن الملك يقوى بوزيره. وقيل من الوزر وهو العناد والثقل. ومنه قوله تعالى: {ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك} وقيل من الوزر الذي هو الإثم؛ لشدة ما في الوزارة من ارتكاب المآثم، فكأن وزير الملك يتحمل أوزاره. لما أتى إخوة يوسف بقميصه ملطخا بالدم، ألقاه يعقوب على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص وقال: تالله ما رأيت كاليوم ذئبا أحلم من هذا، أكل ابني ولم يمزق قميصه. قال بعض الحكماء: برد اليأس خير من حر الطمع. قال بعضهم: روحوا الأذهان كما تروحوا الأبدان، وإذا نطق لسان الدعوى أخرسته يد الامتحان. قال السراج الوراق. (وقالت يا سراج علاك شيب ... فخذ لجديده خلع العذار) (فقلت لها نهار بعد ليل ... فما يدعوك أنت إلى النفار) (فقالت قد صدقت وما سمعنا ... بأضيع من سراج في نهار)

لبعضهم: (قل لمن مل هوانا ... وتولى وجفانا) (قل لنا أي قبيح ... قد جرى منا وبانا) (كم تتبعنا مراضيك ... ولم تتبع رضانا) (كم أمرناك وخالفت ... هوانا في هوانا) (هكذا الحر الوفي ... هكذا كان جزانا) لبعضهم: (ظالمي ما منه منتصر ... أبدا يجني وأعتذر) (وجهه في كل ناحية ... أينما أبصرته قمر) (حل من قلبي بمنزلة ... لم ينلها قبله بشر) من أمثال العرب: إذا سرقت فاسرق درة، وإذا زنيت فازن بحرة. قال بعض الحكماء: دع الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك، وعليك بالصدق حيث ترى أنه يضرك فإنه ينفعك. الكذاب شر من اللص؛ لأن اللص يسرق مالك، وهذا يسرق عقلك. علامة الكذاب جوده باليمين لغير مستحلف. لآخر: (سألت القلب سلوتكم ... فقال سألت ممتنعا) (فلا والله ما أسلو ... ولو قطعتني قطعا) (فلو قد ذاب من حرق ... وأقبل يشتكي الوجعا) (شمت به وأعجبني ... تضرعه وقد وقعا) من أوهام الخواص: يقولون: أبدأ به أولا، فينونون، والصواب أبدأ به أول بالضم، كما قال: (لعمرك ما أدري وإني لأوجل ... على أينا تعدو المنية أول) وإنما بني أول هنا لأن الإضافة مراده فيه، وتقدير الكلام أول الناس، فلما انقطع عن

الإضافة بني، كأسماء الغايات التي هي قبل وبعد ونظائرهما. ومعنى تسميتها بأسماء الغايات أنها جعلت غاية للنطق بعد ما كانت مضافة، ولهذه العلة استوجب أن يبني، لأن آخرها حين قطع عن الإضافة صار كوسط الكلام، ووسط الكلمة لا يكون مبنيا. قال جعفر الصادق عليه السلام: ليس الزهد في الدنيا إضاعة المال وتحريم الحلال، بل الزهد أن لا تكون بما في يدك أوثق منك بما عند الله. ولآخر: (طرفك الفتان أرقني ... لا عدمت الطرف والأرقا) (من رأى شيئا فأعجبه ... كان معذورا إذا عشقا) أراد شيخ ابتياع جارية شابة فكرهته، فقال لها: لا يريبك هذا الشيب فإن وراءه ما تحبين، فقالت له: أيسرك أن تكون عندك عجوز معتلة؟ دخل الشعبي الحمام، فرأى رجلا مكشوف العورة فغمض عينيه، فقال له الرجل يهزأ به: متى كف بصرك يا شيخ؟ فقال: منذ هتك سترك. قال بحيرا الراهب لأبي طالب: احذر على ابن أخيك فإنه سيصير له شأن، فقال: فهو إذن في حصن الله. (ألما على معن وقولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا) (فيا قبر معن أنت أول حفرة ... من الأرض خطت للسماحة مضجعا) (ويا قبر معن كيف واريت جوده ... وقد كان منه البر والبحر شرعا) (بلى وقد وسعت الجود والجود ميت ... ولو كان حيا ضقت حتى تصدعا) (فتى عيش في معروفه بعد موته ... كما كان بعد السيل مجراه مرتعا) قال الجاحظ: يقال الأشياء كلها ثلاث طبقات: جيد، ووسط، ورديء، والوسط من كل شيء أجود من رديئه، إلا الشعر فإن رديئه خير من وسطه، ومتى قيل شعر وسط فهو عبارة عن الرديء. أوصى بعض الأعراب ابنه فقال: يا بني كن سبعا خالسا، أو ذئبا خانسا، أو كلبا حارسا، ولا تكن إنسانا ناقصا. قال في الفتوحات المكية: إن فلك الثوابت يتم دورته في ثلاثة وعشرين ألف سنة،

ومائة وسبع وستين سنة. وقال بطليموس: إنه يتمها في ستة وثلاثين ألف سنة، وقال الأعلم والمحقق الطوسي: إنه يتمها في خمسة وعشرين ألف سنة ومائتي سنة. حسين بن مساعد: (دعاني والغرام بحسنهنه ... فلست عن الهوى ألوى الأعنه) (كفاني في المحبة ما ألاقي ... وشاهدي الدموع وسحهنه) (ألا أبلغ ظباء الحي عني ... سلام متيم بفراقهنه) (وإن مرت نياقك في ذراها ... فقف بي ساعة بطلولهنه) (سكناها بأفئدة خوال ... من التفريق كانت مطمئنه) (رعى الله الظباء وإن بظلم ... أراق دمي ظبا ألحاظهنه) (فدعني والصبابة يا عذولي ... فإن اللوم يغريني بهنه) (ومات الجابري بهن مضنى ... مصادا حل في أشراكهنه) مضغت أعرابية علكا ثم طرحته وقالت: تعسا له: تعب الأضراس، وخيبة الحنجرة. أعلم أن أرباب القلوب على أن الاسم هو الذات مع صفة معينة وتجل خاص، وهذا الاسم هو الذي وقع فيه التشاجر أنه هو عين المسمى أو غيره. وليس التشاجر في مجرد اللفظ كما ظنة المتكلمون، فسودوا قراطيسهم، وأفعموا كراريسهم بما لا يجدي بطائل، ولا يفوق العالم به الجاهل. قال أبقراط لرجل رآه يتكلم مع امرأة: تنح عن الفخ لا تقع فيه. وسئل: أي السباع شر؟ فقال النساء. قيل للجنيد: ما الدليل على وجوده تعالى؟ فقال: أغنى الصباح عن المصباح. اجتمع جماعة على البهلول، فقال أحدهم: أتعرف من أنا؟ فقال البهلول: أي والله، وأعرف نسبك، أنت كالكمأة لا أصل نابت، ولا فرع ثابت. لبعضهم: (رفعت رايتي على العشاق ... واقتدى بي جميع تلك الرفاق) (وتنحى أهل الهوى عن طريقي ... وانثنى عزم من يروم لحاقي)

(تعريف الحكمة)

(ضربت سكة المحبة باسمي ... ودنت لي منابر العشاق) (كان للقوم في الزجاجة باق ... أنا وحدي شربت ذاك الباقي) (شربة لا أزل سكران منها ... ليت شعري ماذا سقاني الساقي) من كلام بعض الحكماء: صاحب القناعة عزيز في عاجله، مصاب في آجله. من كلامهم: اليأس يعز الأسير، ويذلك الأمير. القناعة ملك خفي، والرضا بالقضاء عيش هني. قال بعض الأدباء: أحسن الشعر ما كان إلى القلب أسرع منه إلى الأذن. أسلم مجوسي، فسئل عن الإسلام، فقال: دين من دخل فيه قطعوا كمرته، ومن خرج منه قطعوا رقبته [ومعنى قطعوا كمرته: منع من الزنا] . (تعريف الحكمة) الحكمة عندهم هي العلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه، وارتباط الأسباب بالمسببات، وأسرار انضباط نظام الموجودات، والعمل بمقتضاه، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا. والحكمة المنطوق بها هي علوم الشريعة والطريقة. والحكمة المسكوت عنها هي أسرار الحقيقة التي لا يفهمها علماء الرسوم والعوام على ما ينبغي فتضرهم أو تهلكهم. والحكمة المجهولة عندهم هي ما خفي عليهم وجه الحكمة في إيجاده، كإيلام بعض العباد، وموت الأطفال، والخلود في النار، فيجب الإيمان به، والرضا بوقوعه، واعتقاد كونه حقا وعدلا. قاله في الاصطلاحات. من أمثال العرب قولهم: الحديث ذو شجون. يريد أنه يذكر بعضه ببعض. (تقسيم النفس، وتعريفها) النفس الإنسانية إن كانت مسخرة للقوة البهيمية، مائلة إلى الطبيعة البدنية فهي النفس الأمارة التي تأمر باللذات والشهوات الحسية، وتجذب القلب إلى الجهة السفلية، وهي مأوى الشر ومنبع الأخلاق الدنيئة، والأفعال الرديئة، قال الله تعالى: {إن النفس لأمارة بالسوء} .

وإن كانت حاكمة على القوة البهيمية، منقادة للقوة الملكية، راسخة فيها الأخلاق المرضية، فهي النفس المطمئنة المترقية إلى جانب عالم القدس، المتنزهة عن جانب الرجس، الواظبة على الطاعات التي طال شوقها إلى حضرة رفيع الدرجات، حتى خاطبها بقوله: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي} . وإن لم يكن فيها شيء من الأخلاق الفاضلة، ولا الرذائل المهلكة لها، بل تميل إلى الخير تارة، وإلى الشر أخرى، وإذا صدر منها شيء لامت نفسها، فهي النفس اللوامة التي حصلت من النور على مقدار ما تتنبه به من سنة الغفلة، فبدأت بإصلاح حالها من جهة الربوبية والحقيقة، وكلما أساء طبعها الأصلي تداركها نور التنبيه فأنابت واستغفرت ربها، وأقبلت عليه، ولهذا أقسم الله بها فقال {ولا أقسم بالنفس اللوامة} . الخالدي: (هتف الديك بالدجى فاسقيها ... خمرة تترك المقل سفيها) (لست أدري من رقة وصفاء ... هي في كأسها أم الكأس فيها) أتى المنصور برجل أذنب، فأمر بقتله، فقال: إن الله يأمرك بالعدل والإحسان، فإن أخذت في غيري بالعدل فخذ في بالإحسان، فأمر بإطلاقه. قيل لبعض الحكماء: ما الشيء الذي لا يجوز أن يقال وإن كان حقا؟ فقال: ذكرا الرجل مآثره. شكا يزيد بن أسيد إلى المنصور ما أصابه من العباس أخي المنصور فقال له المنصور: اجمع إحساني إليك مع إساءة أخي فإنهما يتعادلان، فقال يزيد: إذا كان إحسانكم إلينا جزاء لإساءتكم، كانت الطاعة منا لكم تفضلا. وصف أعرابي امرأة فقال: هي أرق من الهواء، وأحسن من النعماء، تكاد العيون تأكلها، والقلوب تشربها، فكأنما خاصمت الولدان فهربت من رضوان. قال إسكندر لابنه: يابن الحجامة، فقال: أما هي فقد أحسنت الاختيار، وأما أنت فلا. قال الأطباء: كل حيوان إذا خصى زال صنانه، كالتيس ونحوه، إلا الإنسان فإنه يزداد نتنا وصنانا. قال الفرزدق: ربما أتت علي ساعة كان قلع ضرسي أهون علي من أن أقول بيتا.

(هل الأرض شفافة؟)

(هل الأرض شفافة؟) القول بأن الأرض شفافة يلزمه ألا يقع خسوف أصلا، إذ لو كان ينفذ فيها شعاع الشمس فأي شيء يحجب نورها عن القمر؟ ولعل القول بأنها شفافة من قبيل طغيان القلم، وتفسير الشفاف بما لا لون له ولا ضوء مما لا يساعد الاصطلاح. لبعضهم: (لقد هتفت في جنح ليل حمامة ... على فنن وهنا وإني لنائم) (كذبت وبيت الله لو كنت عاشقا ... لما سبقتني بالبكاء الحمائم) لآخر: (بقيت غداة النوى حائرا ... وقد حان ممن أحب الرحيل) (فلم تبق لي دمعة في الشئون ... إلا غدت فوق دمعي تسيل) (فقال نصيح من القوم لي ... وقد كاد يقضي علي العويل) (ترفق بدمعك لا تفنسه ... فبين يديك بكاء طويل) (في وصف الكتاب:) قال الرياشي: قال لي الأصمعي: ألا أدلك على لسان يكون في كمك، وروضة سكانها حجرك، وأخرس يعلمك إذا شيئت، وينقطع عنك إذا سئمت؟ قلت: وما ذاك؟ قال: هو كتابك، فعليك به. (الشريف الرضي:) (أأبقي كذا نضو الهموم كأنما ... سقتني الليالي من عقابيلها سما) (وأكبر آمالي من الدهر أنني ... أكون خليا لا سرورا ولا غما) (فلا جامعا مالا ولا مدركا علا ... ولا محرزا أجرا ولا طالبا علما) (كأرجوجة بين الخصاصة والغنى ... ومنزلة بين الشقاوة والنعمى) (لبعض الأعراب:) (شكونا إلى أحبابنا طول ليلنا ... فقالوا لنا ما أقصر الليل عندنا)

(لبعض الأعراب:)

(وذاك لأن النوم يغشى عيونهم ... سراعا ولا يغشى لنا النوم أعينا) (إذا ما دنا الليل المضر بذي الهوى ... جزعنا وهم يستبشرون إذا دنا) (فلو أنهم كانوا يلاقون مثل ما ... نلاقي لكانوا في المضاجع مثلنا) (لبعض الأعراب:) (ألا إن لي نفسين نفسا تقول لي ... تمتع بليلى ما بدا لك لينها) (ونفسا تقول استبق ودك واتئد ... ونفسك لا تطرح على ما يهينها) (من كلام بعض الحكماء:) خير الأمور ثلاثة: الحياة، وضعف الحياة، وما هو خير من الحياة: فأما الحياة: فالراحة وحسن العيش. وأما ضعف الحياة: فالمحمدة وحسن الثناء. وأما ما هو خير من الحياة: فرضوان الله تعالى. وشر الأمور ثلاثة: الموت، وضعف الموت، وما هو شر من الموت: أما الموت فالفاقة والفقر. وأما ضعف الموت: فالمذمة وسوء الثناء. وأما ما هو شر من الموت: فسخط الله تعالى. (حقيقة النفس) المذاهب في حقيقة النفس - أعني ما يشير إليه كل أحد بقوله أنا - كثيرة. والدائر منها على الألسنة، والمذكور في الكتب المشهورة أربعة عشر مذهبا: الأول: هذا الهيكل المحسوس، المعبر عنه بالبدن. . الثاني: أنها القلب: أعني العضو الصنوبري اللحماني المخصوص. . الثالث: أنها الدماغ. . الرابع أنها أجزاء لا تتجزى في القلب، وهو مذهب النظام ومتابعيه. . الخامس أنها الأعضاء الأصلية المتولدة من المني ... السادس أنها المزاج. . السابع أنها الروح الحيواني. ويقرب منه ما قيل: إنها جسم لطيف سار في البدن سريان الماء في الورد، والدهن في السمسم. . الثامن: أنها الماء. . التاسع: أنها النار والحرارة الغريزية. . العاشر: أنها النفس. . الحادي عشر: أنها هي الواجب، تعالى عما يقولون علوا كبيرا. . الثاني عشر: أنها الأركان الأربعة. . الثالث عشر: أنها صورة نوعية قائمة بمادة البدن، وهو مذهب الطبيعيين. . الرابع عشر: أنها جرم مجرد عن المادة الجسمانية وعوارض الجسمانيات، لها تعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف. والموت هو قطع هذا التعلق. وهذا هو مذهب الحكماء الإلهيين، وأكابر الصوفية، والإشراقيين، وعليه

استقر رأي المحققين من المتكلمين، كالإمام الرازي، والغزالي، والمحقق الطوسي، وغيرهم من الأعلام، وهو الذي أشارت إليه الكتب السماوية، وانطوت عليه أنباء النبوة، وقادت إليه الإيماءات الحسية والمكاشفات الذوقية. قال الرشيد للفضيل: ما أزهدك! قال أنت أزهد مني يا أمير المؤمنين، قال: وكيف ذلك؟ قال: لأني زهدت في الفاني وزهدت أنت في الباقي. قال بعض العرب: إن من كمال اليقظة إظهار الغفلة مع تمام الحذرة. لبعضهم: (إن يكن نالك الزمان يبلوي ... عظمت عندها الأمور وجلت) (وأتت بعدها مصائب أخرى ... سئمت عندها النفوس وملت) (فاصطبر وانتظر بلوغ مداها ... فالرزايا إذا توالت تولت) لبعضهم: (ووالله ما أدري أيغلبني الهوى ... إذا جد جد البين أم أنا غالبه) (فإن أستطع أغلب وإن غلب الهوى ... فمثل الذي لاقيت يغلب صاحبه) سمع الأصمعي بعض الأعراب ينشد: (أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ... ولم تخف شر ما يأتي به القدر) (وسالمتك الليالي فاغتررت بها ... وعند صفو الليالي يحدث الكدر) فقال: كأنه مأخوذ من قوله تعالى: {حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون} . قال الراغب: سمى الطريق صراطا على توهم أنه يبتلع سالكه، أو يبلعه سالكه، كما يقال: أكلته المفازة، إذا أضمرته وأهلكته، وأكل المفازة إذا قطعها، ولذلك يسمى لقما - بفتحتين - لأنه يلتقمهم، أو يلتقمونه. عن ابن مسعود أنه قال: الصلاة مكيال، فمن وفى وفي له، ومن طف فقد سمعتم ما قال الله تعالى في المطففين.

لأبي نصر الفارابي: (نظرت بنور العلم أول نظرت ... فغبت عن الأكوان وارتفع اللبس) (وما زال قلبي لائذا بحماكم ... وحضرتكم حتى فنت فيكم النفس) (فصار بكم ليلي نهارا وظلمتي ... ضياء ولاحت من ضيائكم الشمس) قال لقمان الحكيم: ثلاثة لا يعرفون إلا في ثلاثة مواطن: الشجاع عند الحرب، والحلم عند الغضب، وأخوك عند حاجتك إليه. قال بعضهم: ثلاثة ليس فيهن حيلة: فقر يخالطه كسل، وعداوة يداخلها حسد، ومرض يمازجه هرم. قال الحسن بن سهل: ثلاثة أشياء تذهب ضياعا: دين بلا علم، وقدرة بلا فعل، ومال بلا بذل. وقال بعضهم: إذا استغنى الرجل وحسنت حاله ابتلى به أربعة: خادمه القديم يستغني عنه، وامرأته يتسرى عليها، وداره يهدمها ويبني غيرها، ودابته يستبدل بها. قالت امرأة لزوجها: والله ما يقيم الفأر في بيتك إلا لحب الوطن. قال الأحنف بن قيس: لا تحمد العجلة إلا في أربع: تزويج القرابة إذا وجد لها كفء، ودفن الميت، وركوب مالا بد منه من الهول، وصنيعة المعروف. قال المأمون: الرجال ثلاثة: رجل كالغذاء لا يستغني عنه، ورجل كالدواء قد يحتاج إليه. ورجل كالداء نعوذ بالله منه. قال بعضهم: من منع نفسه من أربعة سعد: العجلة، واللجاج، والتواني، والعجب. السعد خلاف النحس، وإذا كان الوصف للإنسان فهو مقابل للشقي، لكن يختلف الفعل فيهم، فإن الماضي في الأول مفتوح العين، وفي الثاني مكسورها. في كليلة ودمنة: ينبغي أن ينفق ذو المال ماله في ثلاثة مواضع: في الصدقة إن أراد الآخرة، وفي مصانعة السلطان وأعوانه إن أراد الدنيا، وفي النساء إن أراد العيش. في دملج: (ومضروب بلا جرم ... مليح اللون معشوق)

(حكم مأثورة)

(له شكل الهلال على ... رشيق القد ممشوق) (وأكثر ما يرى أبدا ... على الأمشاط في السوق) الغذاء الذي لا غناء عنه في قوام البدن لا بد منه، فليقتصر على مالا يمكن التبلغ بأقل منه، وهو أكل الصالحين، وعلى هذا روى: عند أكل الصالحين تنزل الرحمة. قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: من كرم المرء أربع خصال: ملكته للسانه، وإقباله على شأنه، وحبه لأوطانه، وحفظه لقديم إخوانه. وقال عليه السلام: لا خير في صحبة من إن حدثك كذبك، وإن حدثته كذبك، وإن ائتمنته خانك، وإن ائتمنك اتهمك، وإن أنعمت عليك كفرك، وإن أنعم عليك من بنعمته. (حكم مأثورة) من أشرف فعال الكرام غفلتهم عما يعلمون من سعادة المرء أن يكون خصمه عاقلا لسان الجاهل مالك له ... لكل قوم يوم. . موت الخير راحة لنفسه، وموت الشرير راحة لغيره ... خير مالك ما وقاك، وشره ما وقتيه ... خير ما جربت ما وعظك. . خير الأوطان أعونها على الزمان ... خير البلاد ما حملك. فوت الحاجة خير من طلبها من غير أهلها ... ظلم الضعيف أفحش الظلم ... من التوفيق التوقف عند الحيرة ... خاطر بنفسه من استبد برأيه. . قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل. . صلاح نفسك معرفتك بفسادها. . ارع حق من عظمك لغير حاجة إليك. . اعرف أخاك بأخيه قبلك قارب الناس في عقولهم تسلم من غوائلهم دع ما شاء القلب لا ما شاء الرب ... لا تنكح خاطب سرك لا تفتح بابا يعيبك سده، ولا ترسل سهما يعجزك رده

(تعريف البلاغة)

لا تستح من إعطاء القليل، فإن المنع أقل منه لا تكن كالجراد يأكل ما وجده، ويأكله ما وجده لا تكن رطبا فتعصر، ولا يابسا فتكسر لا يزيدنك لطف الحسود إلا وحشة منه ... إذا قبح السؤال حسن المنع لا تشرب السم اتكالا على ما عندك من الترياق لا تتهاون بالأمر الصغير إذا كان يقبل النمو لا تقل مالا تعلم فتهتم بما لا تعلم لا تصحب الأشرار فإنهم يمنون عليك بالسلامة منهم إذا فاتك الأدب فالزم الصمت إذا اشتبه عليك أمران فاجتنب أقربهما من هواك إذا لم يكن ما تريد فرد ما يكون مر حاتم الطائي ببلاد بني عنزة، فناداه أسير في أيديهم: يا أبا سفانة قتلني الإسار والقمل، فقال: ويحك، والله لقد أسأت إذ نوهت بي في غير بلادي، ثم نزل فشد نفسه مكانه في القد وأطلقه، ولم يزل إلى أن بلغ الخبر قومه ففدوه بمال كثير. قال أفلاطون: الملك كالنهر، والأمراء كالسواقي، فإن كان عذبا عذبت، وإن كان ملحا ملحت. (تعريف البلاغة) سئل ابن المقفع: ما البلاغة؟ فقال: الإيجاز من غير عجز، والإطناب في غير خطل ... وسئل مرة أخرى عنها فقال: هي التي إذا سمعها الجاهل ظن أنه يحسن مثلها. من كلام الحكماء: الأماني أحلام المستيقظين. . المنية تضحك من الأمنية ... السلم سلم السلامة ... الرشوة رشاء الحاجة ... الليل يكفيك الجبان ونصف الشجاع ... البرايا أهداف البلايا ... مر الفرزدق بزياد الأعجم وهو قائم بنشد، فقال له: تكلمت يا أغلف {فقال: ما أسرع ما أخبرتك بها أمك} ! ... من أعز فلسه أذل نفسه ... من كانت حياتك به فمت دونه ... من تأنى أصاب ما تمنى ... العفو عن المقر لا عن المصر ...

(وفاء أعرابي)

قال بعض القضاة: إذا جاءك الخصم وقد فقئت عينه، فلا تحكم له إلى أن يجيء خصمه، فلعله يأتيك وقد فقئت عيناه معا. قال أفلاطون: الظفر شافع المذنبين لدى الكرماء. . ومن كلامه: إذا صار عدوك في قبضتك فقد خرج من جملة أعدائك، ودخل في عدة حشمك. (وفاء أعرابي) أتي الحجاج بقوم كانوا قد خرجوا عليه، فأمر بقتلهم وبقي منهم واحد، فأقيمت الصلاة، فقال الحجاج لقتيبة بن مسلم: ليكن عندك، وتغدو به علينا، قال فخرجت والرجل معي، فلما كنا في الطريق قال لي: هل لك في خير؟ قلت وما هو؟ قال إن عندي ودائع للناس، وإن صاحبك لقاتلي، فهل لك أن تخلي سبيلي؛ لأودع أهلي، وأعطي كل ذي حق حقه، وأوصي بما علي ولي، والله تعالى كفيل لي أن أرجع إليك بكرة. قال فتعجبت من قوله وتضاحكت. قال: فأعاد علي القول وقال: يا هذا، الله كفيل أن أعود إليك. ومازال يلح إلى أن قلت: اذهب. فلما توارى عني كأنني انتبهت، فقلت: ما صنعت بنفسي، ثم أتيت أهلي فباتوا بأطول ليلة، فلما أصبحنا إذا برجل يقرع الباب. فخرجت وإذا به، فقلت رجعت؟ فقال: جعلت الله كفيلا ولا أرجع! فانطلقت، فلما بصر بي الحجاج قال: أين الأسير؟ قلت: بالباب أصلح الله الأمير، فأحضرته وقصصت عليه القصة، فجعل يردد نظره فيه، ثم قال وهبته لك، فانصرفت به، فلما خرجت من الدار قلت له: اذهب أين شئت، فرفع بصره في السماء وقال: اللهم لك الحمد، ولا قال لي أحسنت ولا أسأت، فقلت في نفسي مجنون ورب الكعبة. فلما كان في اليوم الثاني جاءني فقال: يا هذا جزاك الله عني أفضل الجزاء، والله ما ذهب عني أمس ما صنعت، ولكن كرهت أن أشرك في حمد الله أحدا. في كتاب الجواهر: ارتجل علي بن أبي طالب عليه السلام تسع كلمات، قطعت أطماع البلغاء عن واحدة منهن: ثلاث في المناجاة، وثلاث في العلم، وثلاث في الأدب. أما التي في المناجاة فقوله: كفاني عزا أن تكون لي ربا، وكفاني فخرا أن أكون لك عبدا، كنت لي كما أحب فوفقتني لما تحب. وأما التي في العلم فقوله: المرء مخبوء تحت لسانه، ما ضاع امرؤ عرف قدره، تكلموا تعرفوا.

وأما التي في الأدب، فقوله: أنعم على من شئت تكن أميره، واستعن بمن شئت تكن نظيره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره. لبعضهم: (يا حسن الوجه توق الخنا ... لا تبدلن الزين بالشين) (ويا قببيح الوجه كن محسنا ... لا تجمعن بين قبحين) قال بعض الأمراء: دعوتان أرجو إحداهما بقدر ما أخاف الأخرى؛ دعوة مظلوم أعنته، ودعوة ضعيف ظلمته. قال سقراط: من لم يصبر على تعب العلم صبر على شقاء الجهل. وقع حريق في بيت كان فيه زين العابدين علي بن الحسين وهو في صلاته، فجعلوا يقولون له: يابن رسول الله، يابن رسول الله النار النار، فما رفع رأسه من سجوده حتى أطفئت، فقال له بعض خواصه: ما الذي ألهاك عنها؟ فقال: نار الآخرة. وكان يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل يطوف به على فقراء المدينة يتصدق به عليهم ويقول: صدقة السر تطفئ غضب الرب. ابن القرية يضرب به المثل في الحفظ، والقرية أمه، وهي بكسر القاف، وتشديد الراء المكسورة. وهي في الأصل حوصلة الطائر، وهو ممن قتلهم الحجاج. ابن سناء الملك: (سار الحبيب بليل حين ودعني ... ولم يدع لي صبرا ساعة البين) (وقال إن كنت مشتاقا إلى نظري ... أجر المدامع حمرا قلت من عيني) العفيف التلمساني: (بحق هذه الأعين الساحرة ... وحق هذي الوجنة الزاهرة) (خف في الهوى إثمي أيا قاتلي ... فاليوم دنيا وغدا آخره) أوحى الله إلى داود عليه السلام: اذكرني في أيام سرائك حتى أستجيب لك في أيام ضرائك. أنشد النابغة الذبياني عند النبي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] قوله: (ولا خير في حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا)

حكم

(ولا خير في جهل إذا لم يكن له ... حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا) فقال له النبي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] : لا يفضض الله فاك، فكان من أحسن الناس ثغرا. قال بعض ال حكماء: العمر اقصر من أن تصرفه فيما لا يعنيك. لبعضهم: (من بأسياف هجرهم كلمونا ... ما عليهم لو أنهم كلمونا) (أغلقوا باب نصحهم فتح الله ... لهم بالهناء فتحا مبينا) (ملكوا رقنا فصرنا عبيدا ... ليتهم بعد رقنا كاتبونا) (وغدونا لهم أرقا ولكن ... قد تغالوا في الهجر مذ فارقونا) سئل اسطرخس الصامت عن سبب صمته فقال: لأني لم أندم عليه قط، وكم ندمت على الكلام. ابن حجر: (مزاج خمرة فيه جاء معتدلا ... فراح منه مزاج الراح منحرفا) (ومذ غدا جسمه ماء برقته ... علمت والله أن القلب منه صفا) سأل بعض الأنبياء ربه أن يكف عنه ألسنة الناس، فأوحى الله إليه: إن هذه خصلة لم أجعلها لنفسي، فكيف أجعلها لك؟ مثل نفس الإنسان في بدنه كمثل وال في بلده، وقواه وجوارحه أعوانه، والعقل له وزير ناصح، والشهوة فيه كعبد سوء جالب للشر. لبعضهم: (لقد قال الرسول وقال حقا ... وخير القول ما قال الرسول) (إذا بدت الحوائج فاطلبوها ... إلى من وجهه حسن جميل) قال بعض الحكماء: إن الله تعالى خلق الملائكة من عقل بلا شهوة، وخلق البهائم من شهوة بلا عقل، وخلق الإنسان من عقل وشهوة، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فهو شر من البهائم. (حكم) من دام كسله خاب أمله. من ركب جده غلب ضده. من أعمل اجتهاده حصل مراده.

قيل لبعض الحكماء: أي إخوانك أحب إليك؟ قال من سد خللي، وقبل عللي، وغفر زللي. من كلام عيسى عليه السلام: لا تضعوا الحكمة في غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم. من كلام بعض الحكماء: لا تستصغروا شيئا من المعروف إن قدرتم على اصطناعه، فإن اليسير في حال الحاجة أنفع لأهله من درك الكثير في حال الغنى عنه. وفي الحديث: " المجنون من يتمنى على الله جنته وهو مقيم على معصيته ". يوم 14 من المحرم سنة 1060 هـ. تم الكشكول؛ ويليه شرح الشيخ أحمد المنيني على قصيدة بهاء الدين العاملي المسماة " وسيلة الفوز والأمان في مدح صاحب الزمان ".

§1/1