الكافل بنيل السول في علم الأصول
محمد بن يحيى بَهْران الزيدي
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فلم تكن الدعوة الإسلامية في هذه البلاد دعوة توحيد ونبذ للشرك والخرافة فحسب، بل نهضت بالفقه والتفقه وعملت جاهدة على نشره ودفع غائلة الجهالة عنه، حتى استقام أوده وعلت مكانته، وأقبل الناس إليه تعلما وتعليما. وهذا الكتاب أنموذج لجهود علماء هذه الدعوة في سبيل إصلاح ما أفسده الجهل، وما جرّه من خراب عقدي وفقهي إبان تلك الفترة. وعنوان لما كان عليه هؤلاء العلماء الأخيار: من بصيرة نافذة، وقدرة فائقة على الخوض في غمار هذه العلوم النافعة. وقد بذلت جهدا في تقويمه وتقديمه، عسى الله تعالى أن ينفع به كما نفع بتراث تلك الدعوة المباركة. ومهدت للنص المحقق بمطلبين: المطلب الأول: حياة المؤلف الشيخ عبد الله بمطلبين. وفيه أربع مسائل: المسألة الأولى: اسمه وأسرته ومولده ونشأته. المسألة الثانية: شيوخه وتلاميذه.
المسألة الثالثة: أعماله وثناء العلماء عليه. المسألة الرابعة: وفاته وأولاده ومؤلفاته. المطلب الثاني: كتاب مختصر في علم أصول الفقه. وفيه أربع مسائل: المسألة الأولى: عنوان الكتاب وتوثيق نسبته. المسألة الثانية: منهج المؤلف. المسألة الثالثة: التعليقات على الكتاب. المسألة الرابعة: وصف النسخ الخطية المعتمدة. وسلكت في ذلك كله المنهج المعتبر: من الاعتماد على المصادر الأصيلة، وعزو الآيات الكريمة، وتخريج الأحاديث والآثار. إلى جانب بيان المذهب عند الحنابلة (¬1) في المسائل التي أشار المؤلف فيها إلى خلاف، أو خالف فيها المذهب، كما وعلقت على ما رأيت أنه يحتاج إلى تعليق، وجعلت ما زاد على الأصل من النسخ الأخرى بين حاصرتين. ونقلت في الهامش جميع التعليقات المكتوبة على حواشي الأصول الخطية في أماكنها المناسبة. ¬
وقد التزمت بما جاء في الأصل، إلا إن تبين لي صواب ما في النسخ الأخرى أو بعضها فإني أثبته وأنبه على ذلك في موضعه مع الإشارة إلى الفروق بين النسخ. أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الجهد، وأن يوفقنا جميعا إلى ما يحب ويرضى ويجزي كل من أسهم في نشره خير الجزاء وأوفاه. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد. ***
التمهيد
التمهيد وفيه مطلبان: المطلب الأول: حياة المؤلف الشيخ عبد الله أبا بطين. المطلب الثاني: كتاب مختصر في علم أصول الفقه. ***
المطلب الأول حياة المؤلف الشيخ عبد الله أبا بطين
المطلب الأول حياةُ المؤلف الشيخ عبد الله أبا بطين وفيه أربع مسائل: المسألة الأولى: اسمه وأسرته ومولده ونشأته. المسألة الثانية: شيوخه وتلاميذه. المسألة الثالثة: أعماله وثناء العلماء عليه. المسألة الرابعة: وفاته وأولاده ومؤلفاته. ***
المسألة الأولى اسمه وأسرته ومولده ونشأته اسمه: هو العلامة الفقيه الأصولي: أبو عبد الرحمن، عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الله أبا بطين. من آل خميس من قبيلة عائذ (¬1). أسرته: آل أبا بطين من الأسر العلمية المعروفة في بلاد نجد. فوالده: الشيخ عبد الرحمن، وجده الأعلى الشيخ عبد الرحمن (ت1121هـ) صاحب كتاب المجموع فيما هو كثير الوقوع (¬2). وكلاهما من أهل العلم والفضل (¬3). ¬
فكان لهذه الأسرة الصالحة المحافظة أثرها البالغ في حبه للعلم والتعلم. فجد واجتهد ولازم العلماء حتى أدرك علما جما وهو بعد في ميعة صباه وريعان شبابه ن وأعانه على ذلك ما حباه الله من ذهن وقّاد وفهم ثاقب وفطرة نقية (¬1). مولده ونشأته: ولد المؤلف في بلد الروضة (¬2) من إقليم سدير في أواخر عام 1194هـ، في وقت لم يستتب فيه الأمن هناك ولم يستقر للدعوة دولة (¬3). إلا أنه استطاع بفضل الله تعالى ثم بعناية أسرته أن يتلقى قسطا وافرا من العلم منذ صباه المبكر، وتربي على الأخلاق الكريمة والآداب الحسنة، ونعم بكنف أسرة كريمة فاضلة (¬4). * * * ¬
المسألة الثانية شيوخه وتلاميذه شيوخه: تلقى المؤلف العلم منذ نعومة أظفاره، فحفظ القرآن الكريم على يد والده، وأخذ العلم عن علماء بلده ثم عن علماء الوشم والدرعية. ولم يزل مجدا في الطلب والتحصيل، ولم يمنعه اشتغاله بأعباء القضاء من مواصلة القراءة على من يلقاه من العلماء (¬1). ومن أبرز شيوخه: 1 - الشيخ محمد بن عبد الله بن طراد أبا حسين (ت1225هـ). وأخذ عنه في الروضة: الفقه والأصول والحديث (¬2). 2 - الشيخ حمد بن ناصر بن معمر (ت1225هـ). وأخذ عنه في الدرعية: الفقه والتوحيد (¬3). 3 - الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحصين (ت1237هـ). وأخذ عنه في شقراء الوشم: الفقه والأصول والتفسير والحديث والتوحيد (¬4). ¬
4 - الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (ت1242هـ). وأخذ عنه في الدرعية: الحديث والفقه والتوحيد (¬1). 5 - الشيخ أحمد بن حسن بن رشيد (ت1257هـ). وأخذ عنه في الدرعية: الفقه والأصول والتفسير والحديث والنحو البلاغة، وأجازة (¬2). 6 - الشيخ حسين بن عبد الرحمن الجعفري (ت1258هـ). وأخذ عنه في بلد الطائف: النحو (¬3). تلاميذه: أخذ عن المؤلف طائفة كبيرة من الطلاب في كل بلد أقام فيه، وذلك لما كان يتمتع به من العلم الواسع والأدب الجم والعناية الفائقة بالطلاب والصبر على التعليم. فأحبوه وانتفعوا بعلمه، وتسابقوا على القراءة عليه وحضور مجالسه العلمية، وتوافدوا عليه من كل مكان (¬4). وكان مما قرأ عليه الطلاب: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، ¬
والمنتقي للمجد بن تيمية، وشرح عقيدة السفاريني (¬1)، وشرح المنتهى في الفقه (¬2)، وشرح مختصر التحرير في أصول الفقه، وبعض كتب شيخ الإسلام ابن تيمية: كالتدمرية والحموية والواسطية. أما دروسه العامة: فبعد العصر وبين العشائين (¬3). ومن أشهر من تتلمذ عليه: 1 - الشيخ محمد بن عبد الله بن مانع (ت1291هـ). لازمه في شقراء وعنيزة، وتزوج ابنته، وقرأ عليه: في الفقه والحديث والتفسير وغيرها (¬4). 2 - الشيخ علي بن محمد بن علي بن راشد (ت1303هـ). أخذ عنه في عنيزة وأجازه: في الفقه والأصول والتفسير والحديث وأصوله والنحو والبلاغة (¬5). ¬
3 - الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم (ت1326هـ). وأخذ عنه: في شقراء وعنيزة (¬1). 4 - الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى (ت1329هـ). وأخذ عنه: في شقراء وعنيزة (¬2). ... ¬
المسألة الثالثة أعماله وثناء العلماء عليه أعماله: تولى المؤلف أعمالاً كثيرة، وكان مرجع القضاة والمفتين في زمنه. وأول عمل زاوله في شقراء، فقد كان شيخه الشيخ عبد العزيز الحصين يحيل عليه في كثير من القضايا (¬1). وبعد عام 1220هـ أسند إليه الإمام سعود (ت1229هـ) قضاء الطائف، وفي عهد عبد الله بن سعود (ت1234هـ) أرسله إلى عمان قاضيا هناك فلم يطل البقاء فولاه القضاء في بلدان الوشم، ثم أضاف إليه الإمام تركي بن عبد الله (ت1249هـ) في عام 1240هـ قضاء سدير، فكان يمضي في الروضة شهرين ثم يعود للقضاء في شقراء (¬2). وفي عام 1248هـ عينه قاضيا في عنيزة وجميع بلدان القصيم. ثم كلفه الإمام فيصل بن تركي (ت1282هـ) عام 1251هـ بالقضاء في عنيزة، إلى عام 1270هـ. حيث اعتزل القضاء، وعاد إلى شقراء. وكان طيلة هذه المدة الطويلة يقوم بالإمامة والخطابة والإفتاء، إلى آخر حياته (¬3). ¬
ثناء العلماء عليه: تمتع المؤلف بمكانة سامية عند الخاصة والعامة: فكان المستشار المؤتمن للولاة في زمنه (¬1)، ومرجع أهل العلم (¬2)، وصاحب الرأي السديد والنظر الرشيد فيما كان يعرض للناس من أزمان ومشكلات (¬3). وقد نال الثناء من أهل عصره. يقول الشيخ عثمان بن عبد الله بن بشر (ت1290هـ): الشيخ العالم النسك العالم، المحقق الأوحد الفاضل، مالك قياد أدب العلم سالك سير الورع والحلم، افتخار العلماء الراسخين ومفيد الطالبين (¬4). وقال الشيخ محمد بن عبد الله بن حميد (ت1295هـ): فقيه الديار النجدية في القرن الثالث عشر بلا منازع. جعل الله فيه من الفهم والذكاء وبطء النسيان، فمهر في الفقه وفاق أهل عصره. وكان يقرر تقريرا حسنا ويستحضر استحضارا عجيبا، وكان جلدا على التدريس لا يمل ولا يضجر ولا يرد طالبا في أي كتاب، كريما ¬
سخيا ساكنا وقورا دائم الصمت كثير العبادة والتهجد، وبموته فقد التحقيق في مذهب الإمام أحمد (¬1). ... ¬
المسألة الرابعة وفاته وأولاده ومؤلفاته توفي - رحمه الله تعالى - في شقراء حاضرة بلاد الوشم، في السابع من جمادى الأولى عام 1282هـ، عن عمر ناهز التسعين. قضاها في العلم والتعليم، والدعوة والإمامة، والقضاء والنصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. فوافاه الأجل وهو على هذه الحالة الحسنة والسيرة العطرة. وكان له من الأولاد أربعة أبناء: وهم عبد الرحمن (ت1281هـ) وعبد العزيز (1301هـ) وإبراهيم وعمر، وللثلاثة الأول عقب كثير (¬1). مؤلفاته: كتب كتبا كثيرة، وكان حسن الخط مضبوطة (¬2) وترك مكتبة من أشهر المكتبات الخاصة في نجد (¬3). ¬
ومن أشهر مؤلفاته: 1 - حاشية شرح المنتهى للبهوتي. وتقع في مجلد ضخم، قال ابن عيسى (ت1343هـ): حاشية نفيسة، جردها من حواشي نسخته تلميذة وابن بنته الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن مانع (ت1286هـ)، فجاءت في مجلد ضخم (¬1). ولها نسخة خطية في مكتبة الصالحية بعنيزة. 2 - حاشية الروض المربع للبهوتي: ولها نسخة في مكتبة الشيخ عبد الله العنقري (¬2). 3 - حاشية على زاد المستقنع للحجاوي. ولها نسخة خطية في مكتبة جامعة الملك سعود. 4 - شرح كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب. له نسخة خطية في إحدى المكتبات الخاصة (¬3). ¬
5 - تأسيس التقديس في الرد على ابن جرجيس. طبع عام 1344هـ، وله نسخ خطية في عدد من المكتبات الخاصة والعامة (¬1). 6 - الانتصار في الرد على ابن جرجيس. طبع محققا عام 1409هـ، بعناية المحقق. 7 - مختصر بدائع الفوائد لابن القيم. له نسخة خطية في إحدى المكتبات الخاصة (¬2). 8 - مختصر إغاثة اللهفان لابن القيم. مطبوع، وله نسخه خطية في إحدى المكتبات الخاصة. 9 - مختصر في علم أصول الفقه. وهو هذا الكتاب، ويأتي الحديث عنه في المطلب الثاني. 10 - الرد على قصيدة البردة للبوصيري. طبع عام 1422هـ، وله نسخ خطية في بعض المكتبات الخاصة والعامة. ¬
11 - الحجة والبرهان في الرد على من قال بخلق القرآن. طبع ضمن كتاب الدرر السنية (3/ 231 - 255) (¬1). 12 - مجموعة كبيرة من الفتاوى والمسائل والرسائل والردود. قال ابن عيسى: له فتاوى لو جمعت لجاءت في مجلد ضخم لكنها لا توجد مجموعة، ويا ليتها جمعت فإنها عظيم النفع (¬2). وقد طبع بعضها في مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، والدرر السنية. وبقي كثيرة منها مفرقا في المكتبات العامة والخاصة. ¬
المطلب الثاني كتاب مختصر في علم أصول الفقه
المطلب الثاني كتاب مختصر في علم أصول الفقه وفيه أربع مسائل: المسألة الأولى: عنوان الكتاب وتوثيق نسبته. المسألة الثانية: منهج المؤلف. المسألة الثالثة: التعليقات على الكتاب. المسألة الرابعة: وصف النسخ الخطية المعتمدة. * * *
المسألة الأولى عنوان الكتاب وتوثيق نسبته عنوان الكتاب: نص المؤلف في ديباجة الكتاب على العنوان، فقال: فهذا مختصر في علم أصول الفقه. وهكذا كتب في أول الأصل، وعلى طُرّة النسخة (س). أما النسختان (أ) و (ع) فأغفلنا الإشارة إلى ذلك، كما أغفلت المصادر ذكره أو التنبيه عليه. توثيق نسبة الكتاب: انفرد الأصل والنسخة (س) بذكر مؤلف الكتاب. فقد جاء في أول الأصل، وعلى طُرّة النسخة (س) ما نصه: جمعه علامة عصره، الشيخ الفاضل المبجل شيخ مشايخنا، الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين. أثابه الله الجنة بمنه وكرمه. أما المصادر التي عنيت بالترجمة للمؤلف فلم تشر إليه، وليس لذلك فيما أرى أثر في صحة نسبته، فإن الأصل نقل من خط الشيخ عبد الله ابن حمد الدوسري (ت1350هـ) (¬1)، ونقلت النسخة (س) من خط ¬
الشيخ عبد الله بن إبراهيم الربيعي (ت1368هـ) (¬1) وكتب في آخر النسخة (ع) ما نصه: بقلم الفقير إلى الله، عبد الرحمن الناصر بن سعدي (ت1376هـ) (¬2). وهؤلاء جميعا من أعرف الناس بتراث أئمة الدعوة، وأكثرهم عناية وتوثيقا، كما أن المشتغلين بتراجم العلماء ليس من دأبهم استقصاء المؤلفات وتتبعها. إلى جانب ذلك فإن للمؤلف رسالة بعنوان: التعريفات الشرعية للأحكام الخمسة الأصولية وغيرها من المهمات المرضية (¬3) جمعت ما في هذا الكتاب من التعريفات. الأمر الذي يؤكد صحة نسبة هذا الكتاب إلى مؤلفه. ¬
المسألة الثانية منهج المؤلف هذا الكتاب مختصر في علم أصول الفقه كما سماه المؤلف، فليس من شأنه البسط والاستيعاب. وقوامه مقدمة وعشرة أبواب وخاتمة. خصص الباب الأول للكلام على الأحكام وتوابعها، وجعل الباب العاشر في الترجيح، والخاتمة في الحدود. وهو ترتيب يتوافق في الجملة مع كتاب التحرير في الأصول للمرداوي (ت885هـ) إلا أن المؤلف خالف كتاب التحرير في مواضع: فقدم وأخر (¬1)، ولم يلتزم بالمذهب، وكان له نظره الخاص وشخصيته العلمية المستقلة، كما تميز بالربط بين الموضوعات المشتركة وجمع الكلام بعضه إلى بعض، والعناية بضرب الأمثلة وذكر الشواهد الفقهية. والكتاب وإن لم يخل من بعض الملحوظات فيعد إضافة نافعة في خدمة هذا الفن والمشتغلين به. ... ¬
المسألة الثالثة التعليقات على الكتاب حفلت النسخ (أ) و (ع) و (س) بحشد من التعليقات المفيدة، بدأت مع أول الكتاب واستمرت في النسختين (أ) و (س) في ما بعد الكلام على السنة إلى الكلام على طرق العلة، ثم قلت بعد ذلك وتباعدت: فعادت في الباب الثالث وأول الرابع، ثم انقطعت بعدهما سوى تعليقتين ذكرتا في آخر الخاتمة. وهذه التعليقات حسنة صالحة، استمد معظمها من كتاب التحبير شرح التحرير للمرداوي. ومؤلفها غير معروف، وإن كنت أرجح أنها من إملاء المؤلف. وقد أثبت جميع هذه الحواشي، واعتمدت على ما في النسخة (أ) لقدمها وتمامها وسلامتها من التحريف. ***
المسألة الرابعة وصف النسخ الخطية المعتمدة اعتمدت في تحقيق هذا الكتاب على أربع نسخ خطية: الأولى: وتقع في عشر ورقات، ومسطرتها 23 - 24 سطرا. كتبت بخط مقروء واضح، وجاء في صدرها: هذا كتاب مختصر في علم أصول الفقه، جمعه علامة عصره، الشيخ الفاضل المبجل شيخ مشايخنا، الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين أثابه الله الجنة بمنّه وكرمه. وكتب في آخرها: فرغت من رقمها، في 10 ربيع الثاني سنة 1337هـ، ونقلتها من خط الأخ عبد الله بن حمد الدوسري. والحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة وله الحمد والمنة. وهي نسخة جيدة كاملة ومصححة، محفوظة في إحدى المكتبات الخاصة، إلا أنها خلت من ذكر الناسخ وتخللها بعض البياضات. وقد جعلتها أصلا، لكمالها وصحتها في الجملة، والنص على عنوانها ومؤلفها، ولأنها نقلت من خط الشيخ عبد الله بن حمد الدوسري أحد القضاء المعروفين في عهد الملك عبد العزيز رحمه الله (ت1373هـ). الثانية: وتقع في ثمان ورقات، ومسطرتها 23 - 25 سطراً. نسخت بخط واضح، تامة مصححة إلا أنها خلت من ذكر المؤلف والناسخ وتاريخ النسخ والأصل الذي نقلت عنه، وإن كان يبدو عليها
القدم. وأصلها محفوظ في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، ورمزت لها بحرف (أ). الثالثة: وتتألف من سبع ورقات، ومسطرتها 26 - 29 سطراً. كتبت بخط متفاوت، تامة مصححة. وجاء في آخرها ما نصه: بقل الفقير إلى الله، عبد الرحمن الناصر بن سعدي. غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين، 19 جمادى الأولى سنة 1336هـ. ورمزت لها بحرف (ع). الرابعة: وعدد أوراقها إحدى عشرة ورقة تقريبا، ومسطرتها 19 - 22سطراً. كتبت بخط واضح، وهي تامة مصححة ومقابلة، جاء في أولها ما نصه: هذا كتاب مختصر في علم أصول الفقه، جمعه علامة عصره، الشيخ الفاضل المبجل شيخ مشايخنا، الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين. أثابه الله الجنة بمنه وكرمه آمين. وكتب في آخرها: فرغت من رقمها وزبرها في شهر الله المحرم رجب مضر، لثمان وعشرين يوما خلت منه في سنة 1336هـ. ونقلته من خط الأخ عبد الله بن إبراهيم الربيعي، ساكن بلدة عنيزة. ويذكر أنه فرغ من رقمها، في 13 ذا (ذو القعدة) سنة 1334هـ. ثم كتب في الهامش: بلغ مقابلة وتصحيحا على الأصل المنقول منه بحسب الوسع والطاقة، اللهم إلا ما زاغ منه البصر.
ويظهر أن أصلها منقول من النسخة (أ) أو أن أصلهما واحد، ورمزت لها بحرف (س). وقد وصلت إلى النسخة (ع) وأول هذه النسخة (س) عن طريق، الشيخ عبد اللطيف بن سعود الصرامي وفقه الله. ووصلت إلى النسخة (س) كاملة عن طريق، الشيخ ناصر بن سعود السلامة وفقه الله. وذلك بعد أن فرغت من نسخ الكتاب وتهيئته، فأعدت المقابلة على هاتين النسختين استكمالا لخدمة الكتاب قدر الإمكان. ***
نماذج الأصول المعتمدة
نماذج الأصول المعتمدة
صورة الصفحة الأولى من النسخة الأصل
صورة الصفحة الأخيرة من النسخة الأصل
الصفحة الأولى من النسخة (أ)
الصفحة الأولى من النسخة (ع)
الصفحة الأولى من النسخة (س)
النص المحقق
النص المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم (¬1) الحمد لله وحده على سوابغ نعمائه وتوابع آلائه، وصلواته على سيدنا محمد خاتم أنبيائه، وعلى آله وصحبه (¬2) وأوليائه، وبعد: فهذا مختصر في علم أصول الفقه (¬3)، قريب المنال غريب المنوال (¬4)، كافل لمن اعتمده إن شاء الله ببلوغ الآمال، وارتفاع ذروة الكمال. و (¬5) هو: علم بقواعد يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية (¬6). ¬
الباب الأول في الأحكام وتوابعها
وتحصر (¬1) في عشرة أبواب. الباب الأول في الأحكام وتوابعها هي (¬2): الوجوب، والحرمة، والندب، والكراهة، والإباحة. وتعرف بمتعلقاتها. والواجب (¬3): ما يستحق الثواب بفعله والعقاب بتركة. والحرام بالعكس (¬4). والمسنون (¬5): ما يستحق الثواب بفعله ولا عقاب في تركه. والمكروه بالعكس (¬6). والمباح: ما لا ثواب ولا عقاب في فعله ولا تركه. ¬
والفرض والواجب: مترادفان، خلافا للحنفية (¬1). وينقسم الواجب إلى: فرض عين، وفرض كفاية. وإلى معين ومخير، وإلى مطلق ومؤقت (¬2). والمؤقت إلى مضيق، وموسع. والمندوب والمستحب: مترادفان، والمسنون أخص منهما (¬3). والصحيح: ما وافق أمر الشارع، والباطل نقيضه (¬4). والفاسد: هو المشروع (¬5) أصله الممنوع بوصفه (¬6). ¬
وقيل: مرادف الباطل (¬1). والجائز: يطلق على المباح، وعلى الممكن (¬2)، وعلى ما استوى فعله وتركه عقلا، وعلى المشكوك فيه. والأداء: ما فعل أولا في وقته المقدر له شرعا. والقضاء: ما فعل بعد وقت الأداء، استدراكا لما سبق له وجوب مطلقاً (¬3). والإعادة: ما فعل في وقت الأداء ثانيا، لخلل في الأول. والرخصة: ما شرع لعذر، مع بقاء مقتضى التحريم (¬4). والعزيمة بخلافها. ¬
الباب الثاني في الأدلة
الباب الثاني في الأدلة الدليل: ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى العلم باليقين (¬1)، وهو المطلوب (¬2). وأما ما يحصل عند الظن: فهو أمارة، وقد سمي (¬3) دليلا توسعاً (¬4). والعلم: هو المعنى [1/ب] المقتضي لسكون النفس إلى أن متعلقه كما اعتقده (¬5). وهو نوعان: ضروري، واستدلالي (¬6). فالضروري: ما لا ينتفي ¬
فصل
بشك ولا شبهة. والاستدلالي: مقابلة. والظن: تجويز راجح. والوهم: تجويز مرجوح. واستواء التجويزين شك (¬1). والاعتقاد: هو الجزم بالشيء، من دون سكون النفس. فإن طابق: فصحيح، وإلا ففاسد (¬2). وهو الجهل (¬3)، وقد يطلق الجهل على عدم العلم (¬4). فصل والأدلة الشرعية، هي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس. فالكتاب: هو القرآن المنزل على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، للإعجاز بسورة منه. وشرطه التواتر: فما نقل آحادا فليس بقرآن، للقطع بأن العادة تقتضي التواتر في تفاصيل مثله (¬5). ¬
وتحرم القراءة بالشواذ (¬1)، وهي ما عدا القراءات السبع (¬2)، وهي كأخبار الآحاد في وجوب العمل بها (¬3). والبسملة آية من أول كل سورة، على الصحيح (¬4). والمحكم: ما اتضح معناه. والمتشابه. مقابلة. وليس في القرآن ما لا معنى له، خلافا للحشوية (¬5). ولا ما المراد به خلاف ظاهره من دون دليل، خلافا لبعض المرجئة (¬6). ¬
فصل
فصل والسنة: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفعله، وتقريره. فالقول ظاهر، وهو أقواها (¬1). وأما الفعل: فالمختار: وجوب التأسي به في جميع أفعاله وتروكه. إلا ما وضح فيه أمر الجبلة (¬2)، أو علم أنه من خصائصه كالتهجد والأضحية (¬3). والتأسي الجبلة: هو إيقاع الفعل بصورة فعل الغير ووجهه (¬4) اتباعاً له، أو تركه كذلك (¬5). فما علمنا وجوبه من أفعاله - صلى الله عليه وسلم - فظاهر. وما علمنا حسنه دون وجوبه من أفعاله فندب، إن ظهر فيه قصد قربة. وإلا فإباحة (¬6). وتركه ¬
لما كان أمر به ينفي الوجوب (¬1) , وفعله لما نهى عنه يقتضي الإباحة (¬2). وأما القسم الثالث: التقرير. فإذا علم - صلى الله عليه وسلم - بفعل من غيره ولم ينكره وهو قادر على إنكاره (¬3) - وليس كمضي كافر إلى كنيسة - ولا أنكره غيره (¬4)، دل ذلك على جوازه. ولا تعارض في أفعاله - صلى الله عليه وسلم -. ومتى تعارض قولان، أو قول وفعل: فالمتأخر ناسخ، أو مخصص. فإن جهل التاريخ، فالترجيح (¬5). [2/أ] وطريقنا إلى العلم بالسنة: الأخبار. وهي متواترة وآحاد. والمتواتر: خبر جماعة يفيد بنفسه العلم بصدقه. ولا حصر لعدده (¬6). ¬
بل هو ما أفاد العلم الضروري، ويحصل بخبر الفساق والكفار (¬1). وقد يتواتر المعنى دون اللفظ، كما في شجاعة علي - رضي الله عنه - وجود حاتم (¬2). والآحاد: مسند ومرسل، ولا يفيد إلا الظن (¬3). ويجب العمل به في الفروع، إذ كان - صلى الله عليه وسلم - يبعث الآحاد من العمال (¬4) إلى النواحي، ولعمل الصحابة - رضي الله عنهم - (¬5). ولا يؤخذ بأخبار الآحاد في الأصول (¬6)، ولا فيما تعم به البلوى ¬
علما، كخبر الإمامية (¬1) والبكرية (¬2) (¬3). وفيما تعم به البلوى عملا كحديث مس الذكر (¬4)، خلاف (¬5). وشرط قبولها: العدالة، والضبط، وعدم مصادمتها قاطعا، وفقد استلزام متعلقها (¬6) الشهرة (¬7)، وثبت عدالة الشخص: بأن يحكم ¬
بشهادته حاكم يشترط العدالة (¬1). والثاني (¬2): لعمل العالم بروايته (¬3). قيل: وبرواية العدل عنه (¬4). ويكفي واحد في التعديل والجرح. والجارح أولى وإن كثر المعدل (¬5)، ويكفي الإجمال فيها من عارف (¬6). ويقل الخبر المخالف للقياس فيبطله، ويرد ما خالف الأصول المقررة (¬7). ¬
وتجوز الرواية بالمعنى، من عدل عارف (¬1) ضابط. واختلفوا في قبل رواية فاسق التأويل، وكافره (¬2). والصحابي: من طالت مجالسته للنبي - صلى الله عليه وسلم - متبعا لشرعه (¬3). وكل الصحابة - رضي الله عنهم - عدول، إلا من أبى. على المختار في جميع ذلك (¬4). وطرق الرواية أربع: قراءة الشيخ، ثم قراءة التلميذ أو غيره بمحضره، ثم المناولة (¬5)، ثم الإجازة، [ومن تيقن] (¬6) أو ظن أنه قد ¬
فصل
سمع جملة كتاب معين جاز له روايته والعمل بما فيه، وإن لم يذكر كل حديث بعينه. تنبيه: الخبر: هو الكلام الذي لنسبته خارج (¬1). فإن تطابقا فصدق، وإلا فكذب. ويسمى الخبر: جملة، وقضية. وإذا ركبت الجملة في دليل، سميت مقدمة. والتناقض: هو اختلاف الجملتين بالنفي والإثبات، بحيث يستلزم لذاته: صدق أحدهما كذب الأخرى. والعكس المستوى: تحويل جزئي الجملة على [2/ب] وجه يصدق. وعكس النقيض: جعل نقيض كل منهما مكان الآخر. فصل والإجماع: هو اتفاق المجتهدين من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في عصر علي أمر. والمختار: أنه لا يشترط في انعقاده انقراض العصر (¬2)، ولا كونه لم ¬
يسبقه خلاف (¬1). وأنه لابد له من مستند (¬2)، وإن لم ينقل إلينا. وأنه يصح أن يكون مستنده قياسا، أو اجتهادا. وانه لا يصح إجماع بعد الإجماع على خلافه. وأنه لا ينعقد بالشيخين (¬3) , ولا بالأربعة الخلفاء، ولا بأهل المدينة وحدهم. قال (¬4) أصحابنا: إذ هم بعض الأمة. قال الأكثر: ولا بأهل البيت وحدهم [كذلك] (¬5). ¬
قال أصحابنا (¬1): جماعة معصومون، بدليل قوله (¬2):: {لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} الآية [سورة الأحزاب: 33]، «أهل بيتي كسفينة نوح» (¬3)، «إني تارك فيكم الخبرين» (¬4) نحوهما. وإذا اختلفت الأمة على قولين جاز إحداث قول ثالث، ما لم يرفع ¬
الأولين (¬1). وكذلك: إحداث دليل وتعليل وتأويل ثالث (¬2). وطريقنا إلى العلم بانعقاد الاجتماع: إما المشاهدة (¬3)، وإما النقل عن كل من المجمعين أو عن بعضهم مع نقل رضي الساكتين. ويعرف رضاهم: بعدم الإنكار مع الاشتهار، وعدم ظهور حامل لهم على السكوت وكونه مما الحق فيه مع واحد. ويسمى هذا إجماعا سكوتيا، وهو حجة وإن نقل تواترا، وكذلك القول إن نقل آحاداً (¬4). فإن تواتر فحجة قاطعة يفسق مخالفه (¬5)، لقوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة النساء: 115]، {وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [سورة البقرة: 143]، ¬
فصل
ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تجتمع أمتي على ضلالة» (¬1) (¬2). ففيه تواتر معنوي. ولإجماعهم على تخطئة من خالف الإجماع، ومثلهم لا يجتمع (¬3) على تخطئة أحد في أمر شرعي إلا عن دليل قاطع. فصل والقياس: حمل معلوم على معلوم بإجراء حكمه عليه بجامع (¬4). وينقسم إلى جلي وخفي (¬5)، والى قياس علة وقياس دلالة (¬6) , وإلى قياس طرد وقياس عكس (¬7). ¬
وقد شذ المخالف في كونه دليلا، وهو محجوج بإجماع الصحابة، إذ كانوا بين قائس وساكت [3/أ] والسكوت رضا، فالمسألة قطعية (¬1). ولا يجري القياس في جميع الأحكام، إذ فيها ما لا يعقل معناه كالدية (¬2)، والقياس فرع تعقل المعنى. ويكفي إثبات حكم الأصل بالدليل (¬3) وإن لم يكن مجمعا عليه ولا اتفق عليه الخصمان على المختار (¬4). وأركانه أربعة: أصل وفرع وحكم وعلة. فشروط الأصل (¬5): أن لا يكون حكمه منسوخا، ولا معدولاً به عن سنن القياس (¬6)، ولا ثابتا بقياس (¬7). وشروط الفرع (¬8): مساواة أصله في علته وحكمه، وفي التغليظ ¬
والتخفيف، وأن لا تتقدم شرعية حكمه على حكم الأصل (¬1)، وأن لا يرد فيه نص (¬2). وشروط الحكم هنا: أن يكون شرعيا، لا عقليا (¬3) ولا لغويا. وشروط العلة (¬4): أن لا يصادم نصا ولا إجماعا، وأن لا يكون في أوصافها ما لا تأثير له في الحكم، وأن لا يخالفه في التخفيف والتغليظ، وأن لا يكون بمجرد الاسم إذ لا تأثير له، وأن يطرد على الصحيح (¬5)، وأن ينعكس على رأي (¬6). ويصح أن تكون العلة نفيا وأن تكون إثباتا، ومفردة ومركبة. وقد تكون خلقا في محل الحكم، وقد تكون حكما شرعيا. وقد يجيء من علة حكمان. ويصح تقارن العلل وتعاقبها. ومتى ¬
تعارضت فالترجيح. وطرق العلة أربع على المختار (¬1): أولها: الإجماع (¬2). وذلك أن ينعقد على تعليل الحكم بعلة معينة. وثانيها: النص. وهو صريح وغير صريح. فالصريح: ما أتي فيه بأحد حروف التعليل (¬3). مثل: لعلة كذا، أو لأجل كذا، أو لأن، أو فإنه، أو بأنه، أو نحو ذلك. وغير الصريح (¬4): ما فهم منه التعليل لا على وجه التصريح. ويسمى تنبيه النص. مثل: اعتق رقبة. جوابا لمن قال: جامعت أهلي في نهار رمضان (¬5). ¬
وقريب منه: «أرأيت لو كان على أبيك دين» الخبر (¬1). ومثل: «للراجل سهم وللفارس سهمان» (¬2)، ومثل: «لا يقضي القاضي وهو غضبان» (¬3) وغير ذلك. وثالثهما: أي طرق العلة: السبر والتقسيم، ويسمى حجة الإجماع (¬4). وهو حصر الأوصاف في الأصل [و] (¬5) إبطال التعليل بها إلا واحدا منها. فيتعين إبطال ما عداه: إما ببيان ثبوت الحكم من دونه، أو ببيان (¬6) كونه وصفا ضرورياً (¬7)، أو بعدم [3/ب] ظهور مناسبته. ¬
وشرط هذا الطريق وما بعده (¬1): الإجماع على تعليل الحكم في الجملة من دون تعيين العلة. ورابعها: المناسبة. وتسمى الإخالة، وتخريج المناط. وهي: تعيين العلة بمجرد إبداء مناسبة ذاتية. كالإسكار في تحريم الخمر، وكالجناية العمد العدوان في القصاص. وتنخرم المناسبة: بلزوم مفسدة راجحة، أو مساوية (¬2). والمناسب: وصف ظاهر منضبط، يقضي العقل بأنه الباعث على الحكم (¬3). فإن كان خفيا أو غير منضبط: اعتبر ملازمه ومظنته. كالسفر للمشقة (¬4). ¬
وهو (¬1) أربعة أقسام: مؤثر، وملائم، وغريب، ومرسل. فالأول: المؤثر: وهو ما ثبت بنص أو إجماع اعتبار عينه (¬2) في عين الحكم. كتعليل (¬3) ولاية المال بالصغر الثابت بالإجماع، وكتعليل وجوب الوضوء بالحدث الخارج من السبيلين الثابت بالنص (¬4). والملائم: ما ثبت اعتباره بترتيب الحكم على وفقه فقط، لكنه قد ثبت بنص أو إجماع اعتبار عينه في جنس الحكم. كما ثبت للأب ولاية نكاح ابنته الصغيرة قياسا على ولاية المال بجامع الصغر. فقد اعتبر عين الصغر في جنس الولاية. أو ثبت اعتبار جنسه في عين الحكم. كجواز الجمع في الحضر للمطر قياسا على السفر بجامع الحرج والمشقة. فقد اعتبر جنس الحرج في عين رخصة الجمع. أو اعتبار جنسه في جنس الحكم. كإثبات القصاص بالمثقل قياسا على المحدد (¬5) بجامع كونها جناية عمد عدوان. ¬
فقد اعتبر [جنس] (¬1) الجناية في جنس القصاص. والغريب: ما ثبت اعتباره بمجرد ترتب الحكم على وفقه (¬2)، ولم يثبت بنص ولا إجماع اعتبار عينه ولا جنسه في عين الحكم ولا جنسه كتعليل تحريم النبيذ بالإسكار قياسا على الخمر (¬3)، على تقدير عدم ورود النص بأنه العلة في تحريم الخمر. والمرسل: ما لم يثبت اعتباره بشيء مما سبق، وهو ثلاثة أقسام: ملائم، وغريب، وملغي. فالملائم المرسل: ما لم يشهد له أصل معين بالاعتبار، لكنه مطابق لبعض مقاصد الشرع [4/أ] الحكمية. كقتل المسلمين المتترس بهم حال الضرورة، وكقتل الزنديق وإن أظهر التوبة. وكقولنا: يحرم على العاجز عن الوطء من تعصي لتركه (¬4)، وأشباه ذلك. وهذا النوع هو المعروف (¬5): بالمصالح المرسلة (¬6)، والمذهب ¬
اعتباره (¬1). والغريب المرسل: ما لا نظير له في الشرع لكن العقل يستحسن الحكم لأجله (¬2). كأن يقال للباتّ زوجته في مرض موته (¬3) المخوف لئلا ترث: يعارض بنقيض قصده (¬4). فتورث منه قياسا على القاتل عمداً، حيث عورض بنقيض قصده فلم يورث، بجامع كونهما فعلا محرما لغرض فاسد. فإنه لم يثبت في الشرع أن ذلك هو العلة في القاتل ولا غيره. وأما الملغي: فهو ما صادم النص وإن كان لجنسه نظير في الشرع. كإيجاب الصوم ابتداء على المظاهر ونحوه (¬5)، حيث هو ممن يسهل عليه العتق، زيادة في زجره (¬6). فإن جنس الزجر مقصود في الشرع، لكن النص منع اعتباره هنا فألغي. ¬
وهذان مطرحان باتفاق (¬1). قيل: ومن طرق العلة الشبه (¬2): وهو أن يوهم الوصف المناسبة (¬3)، بأن يدور معه الحكم وجودا وعدما (¬4) مع التفات الشارع إليه. فالكيل في تحريم التفاضل على رأي (¬5). وكما يقال في تظهير النجس، بجامع كون كل منهما طهارة ترد للصلاة. فيتعين لها الماء، كطهارة الحدث (¬6). تنبيه: اعتراضات القياس (¬7): خمسة وعشرون نوعا. ¬
الأول: الاستفسار. وهو: طلب بيان معنى اللفظ، وهو نوع واحد. وإنما يسمع إذا كان في اللفظ إجمال أو غرابة. ومن أمثلته: أن يستدل المستدل بقول الله تعالى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [سورة البقرة: 230]، فيقال: ما المراد بالنكاح. هل هو الوطء أو العقد. وجوابه: ظاهر في العقد شرعا (¬1)، ولأنه (¬2) - يعني الوطء - لا يسند إلى المرأة. النوع الثاني: فساد الاعتبار. وهو: مخالفة القياس للنص (¬3). مثاله: أن يقال: في ذبح تارك التسمية عمداً: ذبح من أهله في محله كذبح ناسي التسمية (¬4). فيقول المعترض: هذا فاسد الاعتبار، لمخالفته النص، وهو قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [سورة الأنعام: 121]. فيقول المستدل: هذا ما تذبح عبدة الأوثان، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ذكر ¬
الله على قلب المؤمن سمّى أم لم يسم» (¬1) ونحو ذلك. النوع الثالث: فساد وضع القياس بمخصوص في إثبات القياس (¬2). بأنه (¬3) قد ثبت بالوصف الجامع نقيض ذلك الحكم. مثاله (¬4): أن يقال في التغشي (¬5): مسح فيسن فيه التكرار كالاستجمار (¬6). فيقول المعترض: المسح لا يناسب التكرار، لأنه ثبت كراهة اعتباره التكرار في المسح على الخف لمانع، وهو التعرض لثقله (¬7). الرابع: منع ثبوت الحكم في الأصل. مثاله: أن يقول المستدل في عدم قبول جلد الخنزير للدباغ: ولا يقبل الدباغ للنجاسة الغليظة كالكلب (¬8). ¬
فيقول المعترض: لا نسلم ذلك في الكلب. وجواب: بإقامة الدليل (¬1). الخامس: التقسيم. وهو: أن يكون اللفظ مترددا بين أمرين أحدهما ممنوع منه. مثاله: أن يقال في قياس الصحيح الحاضر على المسافر والمريض إذا تعذر عليه استعمال الماء: وجد سبب التيمم وهو تعذر الماء (¬2). فيقول المعترض: أتريد أن تعذر الماء مطلقا سبب لجواز التيمم أم تعذره في السفر والمرض. فالأول: ممنوع منه. وجوابه: بإقامة الدليل على الإطلاق. السادس: منع وجود المدعي علة في الأصل. وهو: أن يمنع المعترض وجود (¬3) ما ادعاه المستدل أنه علة في الأصل، فضلا عن أن يكون هو العلة. مثاله: أن يقول المستدل في المنع من تطهير الدباغ جلد الكلب (¬4) بالقياس على الخنزير: حيوان (¬5) يغسل من ولوغه سبعا فلا يقبل جلده ¬
الدباغ كالخنزير. فيقول المعترض: لا نسلم ذلك في الخنزير في أنه يغسل من ولوغه سبعا (¬1). وجوابه: بإثبات طرق العلة في الخنزير. السابع: منع كون ذلك الوصف علة. مثاله: أن يقول المعترض: لا نسلم كون الخنزير يغسل من ولوغه سبعاً هو العلة في أن جلده لا يقبل الدباغ. وجوابه: بإثبات العلة بأحد الطرق. الثامن: عدم التأثير. وهو: أن يبدي المعترض في قياس المستدل وصفا لا تأثير له في إثبات الحكم (¬2). ومن أمثلته: قول الحنفية في المرتدين إذا أتلفوا أموالنا: مشركون أتلفوا أموالا [5/أ] في دار الحرب فلا ضمان عليهم كسائر المشركين (¬3). ¬
فيقول المعترض: دار الحرب لا تأثير لها في عدم الضمان عندكم. التاسع: القدح في إفضاء المناسب إلى المصلحة المقصودة. مثاله: أن يقال في علة تحريم مصاهرة المحارم على التأبيد: إنها الحاجة إلى ارتفاع الحجاب. ووجه المناسبة: أن التحريم المؤبد يقطع الطمع في الفجور. فيقول المعترض: لا نسلم ذلك. بل قد يكون إفضاء إلى الفجور، لسده باب الزواج. وجوابه: بأن رفع الحجاب على الدوام مع اعتقاد التحريم لا يبقى معه المحل مشتهى طبعا كالأمهات. العاشر: القدح في المناسبة. وهو: إبداء مفسدة راجحة أو مساوية. وجوابه: ترجيح المصلحة على المفسدة. ومن أمثلته أن يقال: التخلي للعبادة أفضل لما فيه من تزكية النفس (¬1). فيقول المعترض: لكنه يفوت أضعاف تلك المصلحة: من إيجاد الولد، وكف النظر، وكسر الشهوة. وجوابه: أن (¬2) مصلحة العبادة أفضل، إذ هي لحفظ الدين وما ذكر لحفظ النسل. ¬
الحادي عشر: عدم ظهور الوصف المدعي علة. كالرضى في العقود، والقصد والعمد في الأفعال. والجواب: أن (¬1) ضبطه بصفة ظاهرة تدل عليه عادة. كصفة (¬2) العقود الدالة على الرضى، واستمال الخارق في القتل على العمدية. الثاني عشر (¬3). [الثالث عشر] (¬4): النقض. وهو: عبارة عن ثبوت الوصف في صورة مع عدم الحكم فيه. وجوابه: [منع] (¬5) وجود الوصف في صورة النقض، أو يمنع عدم الحكم فيها. وذلك يكون بإبداء مانع في محل النقض اقتضى نقيض الحكم، كما في العرايا (¬6) إذا أوردت على الربويات، بعموم (¬7) الحاجة ¬
إلى الرطب وقد لا يكون عندهم ثمر غير التمر. فالمصلحة في جوازها أرجح، ونحو ذلك. وكتحريم أكل الميتة إذا أورد عليه المضطر، إذ مفسدة هلاكه أعظم من مفسدة أكل المستقذرات. الرابع عشر: الكسر. وحاصله: وجود الحكمة المقصودة من الوصف في صورة مع عدم الحكم فيها. كما لو قيل في الترخيص في الإفطار في السفر: لحكمة المشقة، فيكسر بصفة شاقة في الحضر. وجوابه: بمنع وجود قدر الحكم (¬1) لعسر ضبط المشقة (¬2). فالكسر كالنقض في أن جوابه: بمنع وجود [5/ب] الحكم. أو منع عدم أو شرعية حكمته أرجح، كعدم قطع (¬3) القاتل لثبوت القتل. الخامس عشر: المعارضة في الأصل. كما إذا علل المستدل حرمة الربا [في الربا] (¬4): بالطعم. فعارضه المعترض: بالكيل. فيقول المستدرك: لا نسلم أنه مكيل، لأن العبرة بعادة زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن ¬
يومئذ مكيلا. بل كان موزونا (¬1). أو يقول: ولم قلت: إن الكيل مؤثر. وهذا الجواب: هو المسمى المطالبة. وإنما يسم حيث يكون ثبوت العلة بالمناسبة لا بالسبر. وللمعارضة جوابات أخر (¬2). السادس عشر: منع وجود الوصف في الفرع. مثاله: أن يقال في أمان العبد: أمان صدر من أهله كالمأذون (¬3) له في القتال (¬4). فيقول المعترض: لا نسلم أن العبد أهل للأمان. وجوابه: بيان معنى الأهلية، بأن يقول: أريد أنه مظنة لرعاية المصلحة لإسلامه وعقله. السابع عشر: المعارضة في الفرع بما يقتضي حكم الأصل. بأن يقول: ما ذكرته من الوصف وإن اقتضى ثبوت الحكم فعندي وصف آخر يقتضي نقيضه. وهذا هو الذي يعني بالمعارضة بما تقدم من ¬
الاعتراضات من قبل المعترض على المستدل. الثامن عشر: وهو إبداء خصوصية في الفرع هي شرط، أو إبداء خصوصية في الفرع هي مانع. ومرجع هذه القاعدة إلى المعارضة في الأصل، وقد مر (¬1). التاسع عشر: اختلاف الضابط في الأصل والفرع. وهو الوصف المشتمل على الحكمة المقصودة. مثاله: أن يقول المستدل في شهود الزور على القتل إذا قتل بشهادتهم: تسببوا للقتل فيجب القصاص كالمكره (¬2). فيقول المعترض: الضابط مختلف، فإن في الأصل الإكراه وفي الفرع الشهادة، ولم يتحقق تساويهما في المصلحة وقد يعتبر الشارع أحدهما دون الآخر. وجوابه: بأن الضابط هو القدر المشترك وهو التسبب. أو بأن إفضاءه في الفرع مثل إفضائه في الأصل أو أرجح. ونحو ذلك. العشرون: اختلاف جنس المصلحة في الأصل والفرع. مثاله: أن يقول المستدل: يحد باللواط كما يحد بالزنا، لأنه إيلاج ¬
فرج في فرج مشتهي طبعا محرم شرعاً (¬1). فيقول [6/أ] المعترض: اختلفت المصلحة في تحريمهما. ففي الزنا: منع اختلاط النسب. وفي اللواط: دفع رذيلته. وقد يتفاوتان في نظر الشارع. وجوابه: بيان استقلال الوصف بالعلية من دون تفاوت. الحادي والعشرون: دعوى المخالفة بين حكم الأصل وحكم الفرع. مثاله: أن يقاس النكاح على البيع، أو البيع على النكاح: [في عدم الصحة] (¬2) يجامع في صورة. فيقول المعترض: الحكم مختلف، فإن معنى عدم المصلحة (¬3) في البيع حرمة الانتفاع بالمبيع، وفي النكاح حرمة المباشرة. وهما مختلفان. والجواب: أن البطلان شيء واحد. وهو عدم ترتب المقصود من العقد عليه. ¬
الثاني والعشرون: القلب. وحاصله: دعوى المعترض أن وجود الجامع في الفرع مستلزم حكما مخالفا لحكمه الذي أثبت به المستدل. نحو أن يقول الحنفي: الاعتكاف يشترط فيه الصوم، لأنه لبث فلا يكون بمجرده قربة كالوقوف بعرفة. فيقول المعترض: لا يشترط فيه الصوم كالوقوف بعرفة (¬1). وهو أقسام، كلها ترجع إلى المعارضة (¬2). الثالث والعشرون: القول بالموجب. وحاصله: تسليم مدلول الدليل مع بقاء النزاع. ومن أمثلته: أن يقول الشافعي في القتل بالمثقل: قتل بما يقتل غالبا، فلا ينافي القصاص كالقتل بالخارق (¬3). فيرى القول الموجب. فيقول المعترض: عدم المنافاة ليس بمحل النزاع، لأن محل النزاع: هو وجوب القصاص لا عدم المنافاة للقصاص. ونحو ذلك. الرابع والعشرون: سؤال التركيب، وهو ما تقدم: من شرط حكم الأصل أن لا يكون ذا قياس مركب (¬4). ¬
الخامس والعشرون: سؤال التعدية. وذكروا في مثاله: أن يقول المستدل في البكر البالغة: بكر فتجبر كالصغيرة (¬1). فيقول المعترض: هذا معارض بالصغر. وما ذكرته وإن تعدي به الحكم إلى البكر البالغة. فما ذكرته قد (¬2) تعدي به الحكم إلى الثيب الصغيرة. وهذان (¬3) الاعتراضات قد يعدهما الجدليون في الاعتراضات، وليس أيهما اعتراضا برأسه، بل راجعان إلى بعض ما تقدم من الاعتراضات. فالأول: راجع إلى المنع. والثاني [6/ب] إلى المعارضة في الأصل. وقد تقدم بيان ذلك. فصل وبعض العلماء يذكر دليلا خامساً: وهو الاستدلال. قالوا: وهو ما ¬
ليس بنص ولا إجماع ولا قياس علة (¬1)، وهو ثلاثة أنواع (¬2). الأول: تلازم بين الحكمين من دون تعيين علة (¬3). مثل: من صح ظهاره صح طلاقه (¬4). الثاني: الاستصحاب للحال (¬5). وهو: نحو ثبوت الشيء في وقته لثبوته قبله، لفقدان ما يصلح للتغيير (¬6). كقول بعض الشافعية في المتيمم يرى الماء في صلاته: يستمر فيها استصحابا للحال الأول، لأنه قد كان وجب عليه المضي فيها قبل الرؤية (¬7). ¬
الثالث: شرع من قبلنا. والمختار: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن قبل البعثة متعبدا بشرع (¬1)، وأنه بعدها متعبد بما لم ينسخ من الشرائع فيجب الأخذ بذلك عند عدم الدليل في شريعتنا (¬2). قيل: ومنه (¬3): الاستحسان (¬4). وهو: عبارة عن دليل يقابل القياس الجلي (¬5). وقد يكون ثبوته بالأثر وبالإجماع وبالضرورة وبالقياس الخفي (¬6). ولا يتحقق استحسان مختلف فيه. ¬
وأما [قول] (¬1) الصحابي: فالأكثر أنه ليس بحجة (¬2)، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «أصحابي كالنجوم ...» الخبر (¬3). ونحوه. المراد به المقلدون. خاتمة: إذا عدم الدليل الشرعي عمل بدليل العقل (¬4). والمختار: أن كل ما ينتفع به من غير ضرورة عاجلة أو آجلة (¬5) ¬
الباب الثالث في المنطوق والمفهوم
فحكمه الإباحة عقلا (¬1). وقيل: الحظر. وبعضهم: توقف. لنا: أنا نعلم حسن (¬2) ما ذلك حاله، كعلمنا بحسن الإنصاف وقبح الظلم. الباب الثالث في المنطوق والمفهوم المنطوق: ما دل عليه اللفظ في محل النطق. فإن أفاد معنى لا يحتمل غيره: فنص، ودلالته قطعية. وإلا فظاهر، ودلالته ظنية. قيل: ومنه العام (¬3). ثم النص. إما صريح: وهو ما وضع له اللفظ بخصوص. وإما غير صريح: وهو ما يلزم عنه. فإن قصد وتوقف الصدق، أو توقف الصحة العقلية أو الشرعية عليه فدلالة اقتضاء. مثل «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان» (¬4). {وَاسْأَلِ ¬
الْقَرْيَةَ} [سورة يوسف: 82] واعتق عبدك عني بألف. وإن لم يتوقف، وقرن بحكم لو لم يكن (¬1) لتعليله لكان بعيداً: فتنبيه (¬2)، وإيماء (¬3). نحو: عليك الكفارة. جوابا لمن قال: جامعت أهلي في رمضان (¬4). (إنها ليست بسبع) (¬5). ¬
فصل
(أرأيت لو تمضمضت بماء) (¬1). وإن لم يقصد: فدلالة إشارة، كقوله: «النساء ناقصات عقل ودين» قيل: وما نقصان دينهن [7/أ] فال: «تمكث إحداهن شطر دهرها لا تصلي» (¬2). فإن لم يقصد بيان أكثر الحيض وأقل الطهر. ولكن المبالغة تقتضي ذلك. فصل والمفهوم: ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق. وهو نوعان: الأول: متفق عليه، ويسمى مفهوم الموافقة. وهو: أن يكون المسكوت عنه موافقا للمنطوق به في محل الحكم. فإن كان فيه (¬3) معنى الأولى: فهو فحوى الخطاب. نحو: {فَلَا تَقُلْ ¬
لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} [سورة الإسراء: 23] فإنه يدل على تحريم الضرب بطريق الأولى. وإن لم يكن فيه معنى الأولى: فهو لحن الخطاب (¬1). نحو: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [سورة الأنفال: 65] فإنه يدل على وجوب ثبات الواحد للعشرة. لكن لا بطريق الأولى. والثاني: مختلف فيه، ويسمى مفهوم المخالفة. وهو: أن يكون المسكوت عنه مخالفا للمنطوق في الحكم. ويسمى دليل الخطاب (¬2)، وهو أقسام: مفهوم اللقب (¬3). وهو أضعفها، والأخذ به قليل (¬4). ومفهوم الصفة (¬5). وهو أقوى، والأخذ به أكثر (¬6). ومفهوم الشرط (¬7). وهو فوقهما. ¬
الباب الرابع في الحقيقة والمجاز
ومفهوم الغاية (¬1). وهو أقوى منهما (¬2). ومفهوم العدد (¬3)، ومفهوم إنما (¬4). وقيل: هما منطوقان. وشرط الأخذ بمفهوم المخالفة على القول [به] (¬5): أن لا يخرج الكلام مخرج الأغلب، ولا لسؤال وحادثة متجددة أو تقدير جهالة، أو غير ذلك مما يقتضي تخصيص المذكور بالذكر. الباب الرابع في الحقيقة والمجاز فالحقيقة: هي الكلمة المستعملة فيما وضعت له في اصطلاح التخاطب (¬6). وهي: لغوية وعرفية واصطلاحية [وشرعية] (¬7) ودينية. ¬
فصل
ثم إن تعددت لفظا ومعنى: فمتباينة. وإن اتحدت معنى ولفظاً (¬1): فمنفردة. وإن تعددت لفظاً [واتحدت معنى] (¬2): فمترادفة. وإن تعددت معنى واتحدت لفظاً: فإن وضع اللفظ لتلك المعاني باعتبار أمر اشتركت فيه فشككه إن تفاوتت، كالموجود للقديم والمحدث. وإن لم تتفاوت فمتواطئ. وحينئذ: فإن اختلفت حقائق تلك المعاني فهو الجنس: حيوان. وإلا فهو النوع: كإنسان. وبعضهم يعكس. وإن وضع اللفظ الواحد للمعاني المتعددة لا باعتبار أمر اشتركت فيه: فهو المشترك اللفظي (¬3). كعين: للجارحة والجارية (¬4). فصل والمجاز: هو الكلمة المستعملة في [7/ب] غير ما وضعت له في اصطلاح التخاطب لعلاقة مع قرينة (¬5). وهو نوعان: مرسل. كاليد للنعمة، والعين للرؤية. ¬
الباب الخامس في الأمر والنهي
واستعارة: كالأسد للرجل الشجاع. وقد يكون مركبا. كما يقال للمتردد في أمر: أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى. وقد يقع في الإسناد. مثل: جد جده. ولاستيفاء الكلام في ذلك فن آخر. وإذا تردد الكلام بين الحقيقة والاشتراك حمل على المجاز. ويتميز المجاز من الحقيقة: بعدم اطراده، وصدق (¬1) نفيه، وغير ذلك (¬2). الباب الخامس في الأمر والنهي الأمر: قول القائل لغيره: افعل، أو نحوه، على جهة الاستعلاء مريدا لما تناوله (¬3). والمختار: أنه للوجوب لغة وشرعا (¬4)، لمبادرة العقلاء إلى ذم عبد ¬
لم يمتثل أمر سيده، ولاستدلال السلف بظواهر الأوامر على الوجوب. وقد تردد صيغته للندب والإباحة والتهديد وغيرها مجازاً. والمختار: أنه لا يدل على المرة والتكرار (¬1)، ولا على الفور ولا على التراخي (¬2). وإنما يرجع في ذلك إلى القرائن. وأنه لا يستلزم القضاء، وإنما يعلم بدليل آخر (¬3). وتكريره بحرف العطف يقتضي تكرار المأمور به وفاقاً (¬4). وكذا بغير عطف على المختار. إلا لقرينة: من تعريف أو غيره (¬5). فإذا ورد الأمر مطلقا غير مشروط وجب تحصيل ما لا يتم إلا به. حيث كان مقدوراً للمأمور (¬6). ¬
فصل
والصحيح: أن الأمر بالشيء [ليس نهياً عن ضده، ولا العكس (¬1). فصل والنهي: قول القائل لغيره: لا تفعل] (¬2) أو نحوه، على جهة الاستعلاء كارها لما تناوله (¬3). ويقتضي مطلقة: الدوام لا مقيدا (¬4). ويدل على قبح المنهي عنه لا فساده. على المختار فيهما (¬5). الباب السادس في العموم والخصوص والإطلاق والتقييد العام: هو اللفظ المستغرق لما يصلح له. من دون تعيين مدلوله ولا ¬
عدده (¬1). والخاص: بخلافه. والتخصيص: إخراج بعض ما تناوله العام (¬2). وألفاظ العموم: كل، وجميع، وأسماء الاستفهام والشرط، والنكرة المنفية، والجمع المضاف الموصوف الجنسي، والمعرف بلام الجنس مفردا أو جمعاً. والمختار: أن المتكلم يدخل في عموم خطابه (¬3). وأن مجيء العام للمدح والذم لا يبطل عمومه (¬4). وأن نحو: لا أكلت. عام في المأكولات فيصح تخصيصه (¬5). وأنه يحرم على المستدل العمل بالعام قبل البحث عن تخصيصه (¬6)، ¬
وأنه يكفي المطلع ظن عدمه (¬1). وأن نحو: يا أيها الناس. لا يدخل فيه من سيوجد إلا بدليل آخر (¬2). وأن دخول النساء في عموم يا أيها [8/أ] الذين آمنوا. ونحوه. بنقل الشرع أو التغليب (¬3). وأن ذكر حكم بجملة لا يخصصه ذكره لبعضها. وكذا عود الضمير إلى بعض أفراد العام، إذ لا تنافي بين ذلك في الصورتين (¬4). والمخصص: متصل ومنفصل. والمتصل: الاستثناء، والشرط، والصفة، والغاية، وبدل البعض (¬5). والمختار: أنه لا يصح تراخي الاستثناء إلا قدر تنفس أو بلع ريق (¬6). ¬
أنه يصح استثناء الأكثر (¬1)، وأنه من النفي إثبات والعكس (¬2)، وأنه بعد الجمل المتعاطفة يعود (¬3) إلى جميعها إلا لقرينة (¬4). وأما المنفصل: فهو الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، والعقل، والمفهوم على القول به (¬5). والمختار: أنه يصح تخصيص كل من الكتاب والسنة بمثله، وسائرها والمتواتر بالآحادي (¬6). وأنه لا يقصر العموم على سببه (¬7)، ولا يخصص العام بمذهب راويه (¬8) ولا بالعادة ولا بتقدير ما أضمر في المعطوف مع العام ¬
فصل
المعطوف عليه (¬1). وأن العام بعد تخصيصه لا يصير مجازا فيما بقي بلا حقيقة (¬2)، وأنه يصح تخصيص الخبر (¬3) , ولا يصح تعارض العمومين في قطعي، ويصح في الخاص والعام فيعمل بالمتأخر منهما، فإن جهل التاريخ اطرحا (¬4). وقال [بعضهم] (¬5): يعمل بالخاص فيما تناوله وبالعام فيما عداه، تقدم الخاص أم تأخر أم جهل التاريخ. فصل والمطلق: ما دل على شائع في جنسه (¬6). والمقيد بخلافه، وهما ¬
الباب السابع في المجمل والمبين والظاهر والمؤول
كالعام والخاص وإذا وردا في حكم واحد عمل (¬1) بالتقييد إجماعا (¬2)، لا في حكمين مختلفين من جنسين اتفاقا. ولا حيث اختلف السبب واتحد الجنس، على المختار (¬3). الباب السابع في المجمل والمبين والظاهر والمؤول المجمل: ما لا يفهم منه المراد (¬4) تفصيلا. والمبين: مقابله. والبيان هنا: ما يتبين به المراد بالخطاب المجمل. ويصح البيان بكل من الأدلة السمعية، ولا يلزم شهرة البيان كشهرة المبين. ويصح التعليق في حسن الشيء بالمدح، إذ هو كالحث. وفي قبحه بالذم، إذ هو آكد من النهي (¬5). ¬
والمختار: أنه لا إجمال في الجمع المنكر إذ يحمل على الأقل (¬1)، ولا في تحريم الأعيان إذ يحمل على المعتاد (¬2)، ولا في العام المخصص (¬3)، ولا في نحو «لا صلاة إلا بطهور» (¬4)، و «الأعمال بالنيات» (¬5) , و «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان» (¬6) (¬7). وأنه يجوز تأخير التبليغ، إذ المقصود المصلحة. ولا يجوز تأخير البيان ولا التخصيص عن وقت الحاجة إجماعا، إذ يلزم التكليف بما لا يعلم. فأما عن وقت الخطاب. فالمختار: جواز ذلك في الأمر والنهي، ¬
فصل
وعلى السامع البحث (¬1) , ولا يجوز ذلك في الأخبار (¬2) [8/ب]. فصل والظاهر: يطلق على ما يقابل النص، وعلى ما يقابل المجمل. وقد تقدم (¬3). والمؤول: ما يراد به خلاف ظاهره. والتأويل: صرف اللفظ عن حقيقته إلى مجازه أو قصره على بعض مدلولاته لقرينة اقتضتهما (¬4). وقد يكون قريبا فيكفي فيه أدنى مُرجّح، وبعيدا فيحتاج إلى الأقوى، ومتعسفا فلا يقبل. الباب الثامن في النسخ وهو إزالة مثل الحكم الشرعي بطريق شرعي مع تراخ بينهما (¬5). ¬
والمختار: جوازه وإن لم يقع الإشعار به أولا (¬1). ونسخ ما قيد بالتأبيد وإلى غير بدل، والأخف بالأشق كالعكس، والتلاوة والحكم جميعا وأحدهما دون الآخر، ومفهوم الموافقة مع أصله (¬2)، وأصله دونه، وكذا العكس إن لم يكن فحوى (¬3). ولا يجوز نسخ الشيء قبل إمكان فعله (¬4). والزيادة على العبادة إن لم يجز المزيد عليه من دونها [ليست نسخا] (¬5). والنقص منها نسخ للساقط اتفاقاً (¬6)، لا للجميع على المختار (¬7). ولا يصح نسخ الإجماع ولا القياس إجماعا (¬8). ¬
الباب التاسع في الاجتهاد والتقاليد
ولا النسخ بهما على المختار (¬1)، ولا متواتر بالآحادي (¬2) وطريقنا إلى العلم بالنسخ: إما بالنص من (¬3) النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من أهل الإجماع صريحا أو غير صريح. وإما أمارة قوية كتعارض الخبرين من كل وجه، مع معرفة المتأخر بنقل أو قرينة كقراءة أو حالة. فيعمل بذلك في المظنون فقط على المختار (¬4). الباب التاسع في الاجتهاد والتقاليد الاجتهاد: استفراغ الفقيه الوسع في تحصيل ظن بحكم شرعي (¬5). والفقيه: من يتمكن من استنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها وأماراتها التفصيلية (¬6). ¬
وإنما يتمكن من ذلك من حصّل ما يحتاج إليه فنه (¬1): من علوم الغريب (¬2)، والأصول والكتاب، والسنة، ومسائل الإجماع. والمختار: جواز تعبد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاجتهاد عقلاً (¬3)، وأنه لا قطع بوقوع ذلك ولا انتفائه (¬4)، وأنه وقع ممن عاصره في غيبته وحضرته (¬5)، وأن الحق في القطعيات مع واحد والمخالف مخطئ آثم (¬6). وأما الظنية العملية: فكل مجتهد فيها (¬7) مصيب (¬8)، وأنه لا يلزم المجتهد تكرر النظر لتكرر الحادثة (¬9)، وأنه يجب عليه البحث عن ¬
الناسخ والمخصص حتى يظن عدمهما (¬1)، وأنه لا يجوز له تقليد غيره مع تمكنه من الاجتهاد ولو أعلم منه ولو صحابيا ولا فيما يخصه (¬2)، ويحرم بعد أن اجتهد اتفاقا. وإذا تعارضت عليه الأمارات رجع إلى الترجيح، فإن لم يظهر له رجحان. فقيل: يخير. وقيل: يقلد غيره. وقيل: [9/أ] يرجع إلى حكم العقل (¬3). ولا يصح لمجتهد قولان متناقضان في وقت واحد. وما يحكي عن الشافعي (¬4) متأول. ويعرف مذهب المجتهد: بنصه الصريح، وبالعموم الشامل من كلامه، وبمماثلة ما نص عليه، [وتعليله بعلة توجد في غير ما نص عليه] (¬5) وإن كان يرى جواز تخصيص العلة. ¬
فصل
وإذا رجع عن اجتهاد وجب عليه إيذان مقلده (¬1). وفي جواز نقض (¬2) الاجتهاد خلاف (¬3). فصل والتقليد: هو اتباع قول الغير من دون حجة ولا شبهة (¬4). ولا يجوز التقليد في الأصول، ولا في العلميات (¬5) وما يترتب عليها. ويجب في العملية المحضة الظنية والقطعية على غير المجتهد. وعلى المقلد البحث عن كمال مقلده [في عمله] (¬6) وعدالته. ويكفي انتصابه للفتيا في بلد إمام محق لا يجيز تقليد كافر التأويل وفاسقه، ويتحرى الأكمل إن أمكنه. ¬
والحي أولى من الميت، والأعلم من الأورع، والأئمة المشهورون أولى من غيرهم. والتزام مذهب إمام معين أولى اتفاقا. وفي وجوبه الخلاف (¬1). وبعد التزام من جملة أو حكم معين يحرم الانتقال بسبب (¬2) ذلك، على المختار (¬3). إلا إلى ترجيح نفسه إن كان أهلا للترجيح. ويصير ملتزما بالنية. وقيل: مع لفظ أو عمل. وقيل: بالعمل وحده. وقيل: بالشروع في العمل. وقيل: باعتقاده صحة قوله. وقيل: بمجرد سؤاله (¬4). واختلف في جواز تقليد إمامين فصاعداً (¬5). ¬
ولا يجمع مستفت بين قولين في حكم على وجه لا يقول به أي القائلين. ويجوز لغير المجتهد أن يفتي بمذهب مجتهد حكاية مطلقا وتخريجا، إن كان مطلعا على المآخذ أهلا [للنظر] (¬1). وإذا اختلف المفتون على المستفتي (¬2) غير الملتزم، فقيل: يأخذ بأول فتيا. وقيل: بما ظنه الأصح. وقيل: يخير (¬3). وقيل: يأخذ بالأخف في حق الله تعالى ويعمل بالأشد في حق العبد. قيل يخير في حق الله سبحانه وفي حق العبد بحكم الحاكم (¬4). ومن لا يعقل معنى التقليد لفرط عاميته: فالأقرب صحة ما فعله معتقدا لجوازه ما لم يخرق الإجماع، ويعامل في ذلك بمذهب علماء جهته ثم أقرب جهة إليها. والله أعلم. ¬
الباب العاشر في الترجيح
الباب العاشر في الترجيح هو اقتران (¬1) الأمارة بما تقوى (¬2) به على معارضها (¬3). فيجب تقديمها؛ للقطع عن السلف بإيثار الأرجح. ولا تعارض إلا بين ظنيين نقليين أو عقليين أو مختلفين [9/ب]. فيرجح أحد الخبرين على الآخر، لكثرة رواته، وبكونه أعلم بما يرويه، وبثقته وضبطه، وكونه المباشر أو صاحب القصة، أو مشافها (¬4)، أو أقرب مكانا، أو من أكابر الصحابة رضي الله عنهم أو متقدم الإسلام، أو مشهور النسب، أو غير ملتبس (¬5) بمضعف (¬6)، أو بتحمله بالغا وبكثرة المزكين ¬
وعدالتهم (¬1)، وبكونه عرف أنه لا يرسل إلا عن عدل في المرسلين. ويرجح الخبر الصريح (¬2) على الحكم (¬3)، والحكم على العمل (¬4). قيل: والمسند على المرسل (¬5)، [وقيل: العكس] (¬6) وقيل: سواء. ويرجح المشهور ومرسل التابعي، ومثل البخاري ومسلم على غيرهما. ويرجح النهي على الأمر، والأمر على الإباحة، والأقل احتمالا على الأكثر، والحقيقة على المجاز، والمجاز على المشترك، والأقرب من المجازين على الأبعد، والخاص على العام، وتخصيص العام على تأويل الخاص، والذي لم يخصص على الذي خصص، والعام الشرطي ¬
على النكرة المنفية، وغيرهما، وما ومن والجمع المعرف باللام على الجنس المعرف به. ويرجح الوجوب على الندب، والإثبات على النفي، والدارئ للحد على الواجب له، والموجب للطلاق والعتق على الآخر. ويرجع الخبر بموافقته دليلا آخر، أو لأهل المدينة، أو الخلفاء، أو للأعلم. وبتفسير رواته له، أو بقرينة بآخرة. وبموافقته القياس، وبكون (¬1) حكم أصله قطعيا والآخر ظنيا، أو دليله (¬2) أقوى أو لم يُنسخ باتفاق. أو تكون علته أقوى، لقوة طريق وجودها في الأصل أو طريق كونها علة, أو بأن يصحبها علة أخرى تقويها، أو يكون حكمها حظراً أو وجوبا دون معارضها. أو (¬3) بأن تشهد لها الأصول، أو منتزعة من أصول كثيرة، أو يعلل بها الصحابي أو أكثر الصحابة. ويرجح الوصف الحقيقي على غيره، والثبوتي على العدمي، ¬
خاتمة في الحدود
والباعثة على الأمارة المجردة، والمنعكسة على خلافها. والمطردة فقط على المنعكسة فقط، والسير على المناسبة، والمناسبة على الشبه. ويرجح بالقطع بوجود العلة في الفرع، وبكون حكم الفرع ثابتا بالنص في الجملة (¬1)، وبمشاركته في عين الحكم وعين العلة على الثلاثة الأخر. وعين أحدهما على الجنسين، وعين العلة مع جنس الحكم على العكس. ووجوه / الترجيح لا تنحصر، ولا يخفي اعتبارها على الفطن مع توفيق الله عز وجل [10/أ]. [خاتمة في الحدود] (¬2) الحد في الاصطلاح: ما يميز الشيء عن غيره. وهو لفظي ومعنوي. فاللفظي: كشف لفظ بلفظ أجلي منه مرادف له. والمعنوي: حقيقي ورسمي. وكلامهما تام وناقص. والحقيقي التام: ما ركب من جنس الشيء وفصله القريبين. كحيوان. ¬
والحقيقي الناقص: ما كان بالفصل وحده: كناطق. أو مع جنسه البعيد: كجسم ناطق والرسمي التام: ما كان بالجنس القريب والخاصة: كحيوان ضاحك. والرسمي الناقص: ما كان بالخاصة وحدها، أو مع الجنس البعيد (¬1). لا مع العرضيات (¬2) التي تختص جملتها بحقيقة واحدة، كقولنا في تعريف الإنسان: ما ش على قدميه، عريض الأظفار، [بادي البشرة] (¬3)، مستوي القامة، ضاحك بالطبع. ويجب الاحتراز بالحدود: عن تعريف الشيء بما يساويه في الجلاء والخفاء، وبما لا يعرف إلا به مرتبة أو مراتب، وعن استعمال الألفاظ الغريبة (¬4) بالنظر إلى المخاطب. ويرجح بعض الحدود السمعية على بعض: بكون ألفاظه أصرح، أو المعرفة (¬5) به أعرف، وبعمومه، وبموافقته النقل السمعي أو (¬6) اللغوي، ¬
المعرفة (¬1) به أعرف، وبعمومه، وبموافقته النقل السمعي أو (¬2) اللغوي، وبعمل أهل المدينة أو (¬3) الخلفاء الأربعة أو العلماء أو بعضهم، وبتقرير (¬4) حكم الحظر أو حكم النفي، وبدرء الحد. إلى غير ذلك مما (¬5) لا يعزب عمن له طبع سليم وفهم مستقيم وتوفيق من الفتاح العليم. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. (¬6) والحمد لله وحده، والصلاة على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً. ¬
فهرس المصادر والمراجع
فهرس المصادر والمراجع 1 - الإبانة، لابن بطة الحنبلي، ط/دار الراية، عام 1409هـ. 2 - الإحكام في أصول الأحكام، لسيف الدين الآمدي، ط/ مؤسسة النور في الرياض، عام 1387هـ. 3 - الأحكام في أصول الأحكام، لابن حزم الأندلسي، ط/ العاصمة في القاهرة. 4 - إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن قيم الجوزية، ط/ شركة الطباعة الفنية، عام 1388هـ. 5 - الإقناع لطالب الانتفاع، لشرف الدين الحجاوي، ط/ دار هجر، عام 1418هـ. 6 - الأنساب، للمحقق، مخطوط. 7 - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، لعلاء الدين المرداوي، ط/ وزارة الشؤون الإسلامية في السعودية، عام 1419هـ. 8 - البحر المحيط، لبدر الدين الزركشي، ط/ وزارة الشؤون الإسلامية في الكويت، عام 1413هـ. 9 - البداية والنهاية، لعماد الدين ابن كثير، ط/ دار هجر، عام 1417هـ. 10 - البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير، سراج الدين بن الملقن، ط/ دار الهجرة، عام 1425هـ. 11 - بلاد العرب، للحسن بن عبد الله الأصفهاني، ط/ دار ليمامة للبحث والترجمة والنشر في الرياض، عام 1388هـ.
12 - البلدان النجدية، للمحقق، مخطوط. 13 - تاريخ الفاخري، لمحمد بن عمر الفاخري، ط/ المؤية، عام 1419هـ. 14 - تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد، لإبراهيم بن صالح بن عيسى، ط/المؤية، عام 1419هـ. 15 - التحبير شرح التحرير في أصول الفقه، لعلاء الدين المرداوي، ط/ مكتبة الرشد في الرياض، عام 1421هـ. 16 - التلخيص الحبير، لابن حجر العسقلاني ط/ اليماني، عام 1384هـ. 17 - الجامع، للترمذي (سنن الترمذي) لأبي عيسى الترمذي، ط/ دار الدعوى بحمص، عام 1385هـ. 18 - جامع بيان العلم وفضله، لأبي عمر بن عبد البر، ط/ مطبعة العاصمة، عام 1388هـ. 19 - جمهرة النسب، لأبي المنذر هشام الكلبي، ط/ مكتبة النهضة العربية، عام 1407هـ. 20 - حاشية الروض المربع، لعبد الله العنقري، ط/ كلية الشريعة في الرياض، عام 1400هـ. 21 - حاشية كتاب التوحيد، لعبد الرحمن بن قاسم، ط/ عام 1408هـ. 22 - درء تعارض العقل والنقل، لشيخ الإسلام بن تيمية ن ط/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عام 1403هـ. 23 - الدرر السنية في الأجوبة النجدية، جمع عبد الرحمن بن قاسم، ط/عام 1414هـ. 24 - روضة الناظر وجنة المناظر، لابن قدامة المقدسي، ط/ دار الزاحم، عام 1424هـ.
25 - روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين، لمحمد بن عثمان القاضي، ط/ الحلبي، عام 1403هـ. 26 - السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة، لابن حميد المكي، ط/ مؤسسة الراسلة، عام 1416هـ. 27 - سنن أبي داود، لأبي داود السجستاني، ط/ السيد بحمص، عام 1388هـ. 28 - سنن أبن مجاه، لابن ماجه القزويني، ط/ شركة الطباعة العربية، عام 1404هـ. 29 - سنن الدارقطني، لعلي الدارقطني، ط/ دار المحاسن، عام 1386هـ. 30 - سنن الدارمي، لأبي محمد الدارمي، ط/ دار إحياء السنة النبوية. 31 - سنن ابن منصور، لسعيد بن منصور، ط/ دار السلفية، عام 1403هـ. 32 - السنن الكبرى، لأبي بكر البيهقي، ط/ الهند، عام 1355هـ. 33 - السنن الكبرى ن لأبي عبد الرحمن النسائي، ط/ مؤسسة الرسالة، عام 1422هـ. 34 - شجرة أسرة آل أبا بطين، لإبراهيم بن عبد الكريم أبا بطين. 35 - شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لابن العماد الحنبلي، ط/ القدسي، عام 1350هـ. 36 - الشرح الكبير، لابن أبي عمر المقدسي، ط/ وزارة الشؤون الإسلامية في السعودية، عام 1419هـ. 37 - شرح الكوكب المنير، للفتوحي الحنبلي، ط/ كلية الشريعة في مكة، عام 1400هـ.
38 - شرح مختصر الروضة، لابن عبد القوي الطوفي، ط/ وزارة الشؤون الإسلامية في السعودية، عام 1419هـ. 39 - شرح منتهى الإرادات، لمنصور البهوتي، ط/ مؤسسة الرسالة، عام 1421هـ. 40 - صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار، لمحمد بن عبد الله بن بليهد، ط/ مطبعة السعادة، عام 1372هـ. 41 - صحيح البخاري (مع فتح الباري)، لأبي عبد الله البخاري، ط/ دار الإفتاء في السعودية، عام 1400هـ. 42 - صحيح ابن حبان، لابن حبان السبتي، ط/ مؤسسة الرسالة، عام 1404هـ. 43 - صحيح مسلم، لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، ط/ دار الإفتاء السعودية، عام 1400هـ. 44 - طريق الهجرتين، لابن قيم الجوزية، ط/ المنيرية، عام 1357هـ. 45 - العدة في أصول الفقه، لأبي يعلي الحنبلي، ط/ مؤسسة الرسالة، عام 1410هـ. 46 - عقد الدرر فيما وقع في نجد من الحوادث في آخر القرن الثالث عشر وأول الرابع عشر، لإبراهيم بن صالح بن عيسى، ط/ المؤية، عام 1419هـ. 47 - العقل وفضله، لأبي بكر بن أبي الدنيا، ط/ دار الراية، عام 1409هـ. 48 - علماء نجد خلال ثمانية قرون، لعبد الله بن عبد الرحمن البسام، ط/ دار العاصمة، عام 1419هـ. 49 - عنوان المجد في تاريخ نجد، لعثمان بن بشر، ط/ دارة الملك عبد العزيز، عام 1402هـ.
50 - فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد، لعبد الرحمن بن حسن، ط/ دار عالم الفوائد، عام 1420هـ. 51 - الفرق بين الفرق، لبعد القاهر البغدادي، ط/ المدني في مصر. 52 - الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي، ط/ مطابع القصيم في الرياض، عام 1389هـ. 53 - القواعد الأصولية، لعلاء الدين بن اللحام، ط/ السنة المحمدية، عام 1375هـ. 54 - الكامل في ضعفاء الرجال، لابن عدي، ط/ دار الفكر عام 1405هـ. 55 - كشف الأسرار عن أصول البزدوي، لعبد العزيز البخاري، ط/ دار السعادة في استانبول، عام 1308هـ. 56 - المجتبي للنسائي (سنن النسائي)، لأبي عبد الرحمن النسائي، ط/ البابي الحلبي، عام 1383هـ. 57 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لنور الدين الهيثمي، ط/ القدسي، عام 1352هـ. 58 - مجموع فتاوى ابن تيمية، جمع عبد الرحمن بن قاسم، ط/ مطابع الرياض، عام 1381هـ. 59 - مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، جمع سليمان بن سحمان، ط/ المنار بمصر، عام 1344هـ. 60 - المختصر في أصول الفقه، لعلاء الدين بن اللحام، ط/ كلية الشريعة في مكة، عام 1400هـ.
61 - مختصر ابن الحاجب (مع شرح العضد)، لجمال الدين بن الحاجب، ط/ مكتبة الكليات الأزهرية ن عام 1393هـ. 62 - المستدرك على الصحيحين، لأبي عبد الله الحاكم، ط/ الهند، عام 1335هـ. 63 - مسند أحمد بن حنبل، لأبي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، ط/ الميمنية بمصر، عام 1313هـ. 64 - مسند البزار (كشف الأستار) لأبي بكر البزار، ط/ مؤسسة الرسالة، عام 1404هـ. 65 - مسند الشهاب، لأبي عبد الله القضاعي، ط/ مؤسسة الرسالة، عام 1405هـ. 66 - مسند عبد بن حميد (المنتخب)، لأبي محمد عبد بن حميد، ط/ مكتبة السنة، عام 1408هـ. 67 - معجم السفر، لأبي طاهر السلفي، ط/ المكتبة التجارية بمكة. 68 - المعجم الصغير، لسليمان الطبراني، ط/ المكتب الإسلامي عام 1405هـ. 69 - المعجم الكبير، لسليمان الطبراني، ط/ وزارة الأوقاف العراق، عام 1397هـ. 70 - المقنع، لابن قدامة المقدسي (مع الشرح الكبير). 71 - منهاج السنة النبوية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، ط/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عام 1406هـ. 72 - الوراقة في البلاد السعودية، للمحقق، مخطوط. ***