القواعد الأصولية والفقهية المتعلقة بالمسلم غير المجتهد

سعد الشثري

القواعد الأصولية والفقهية المتعلقة بالمسلم غير المجتهد تأليف الدكتور سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشثري دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع

القواعد الأصولية والفقهية المتعلقة بالمسلم غير المجتهد

القواعد الأصولية والفقهية المتعلقة بالمسلم غير المجتهد تأليف الدكتور سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشثري دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع

مقدمة

مقدمة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا شك أن علم الأصول من العلوم الشرعية التي يثاب الإنسان على تعلمها لوجه الله تعالى، وهذا الثواب ليس مقتصراً على من يتعلم علم الأصول من المجتهدين، بل يتناول أيضاً من يتعلمه من غير المجتهدين، وقد اشتهر عند كثير من العلماء أن علم الأصول من فروض الكفايات (¬1) بحيث يجب على مجموع الأمة أن يخرج فيها من يتعلم هذا العلم؛ ليكون في الأمة مجتهدون يستخرجون الأحكام الشرعية من الأدلة ليسير الناس على فتاواهم، إلا أن الناظر في مفردات هذا العلم ومسائله، يجد أن مسائل هذا العلم بالنسبة لمجموع الأمة على نوعين: النوع الأول: مسائل توصل إلى رتبة الاجتهاد، ويحتاجها المجتهد ليستخرج الأحكام من الأدلة، أما العامي فلا يستفيد منها حال كونه عامياً، وإن كانت تؤهله إلى رتبة الاجتهاد إذا استكمل تعلم علم الأصول وأصبح لديه معرفة بالأدلة الشرعية، فهذا النوع يكون تعلمه من فروض الكفايات. النوع الثاني: مسائل أصولية يحتاج إليها العامي، فأصبحت من فروض الأعيان يجب على كل مسلم أن يتعلمها من أجل حاجته إلى العمل بمفادها. ¬

(¬1) المسودة ص 571، صفة الفتوى والمفتي والمستفتي ص 14، المحصول 1/ 54، شرح الكوكب المنير 1/ 47، أصول الفقه للباحسين ص 130.

ولإعراض كثير من الأصوليين عن الإشارة إلى هذا القسم، أحببت أن أبرز هذه المسائل من أجل أن يتعلمها العوام ويعملوا بها. وكان المسلم في الغرب محتاجاً إلى تعلم هذه القواعد كغيره من المسلمين، بل هو أولى لقلة العلماء هناك، خصوصاً عندما يستشعر الباحث ما يعيشه المسلم هناك من غربة وحاجة، مع مخالطة غير المسلمين على اختلاف أنواعهم، والتمشي مع الأنظمة التي تسير عليها تلك البلدان، وبذا تظهر أهمية هذا الموضوع. وقد قسمت البحث إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول: أما المقدمة: وهذه هي فقد ذكرت فيها أهمية الموضوع وخطة بحثه ومنهج دراسة جزئياته. والتمهيد: عن فوائد تعلم العامي لعلم الأصول إجمالاً. والفصل الأول: القواعد الأصولية التي تعين العامي عند نزول الواقعة به. وفيه ثلاثة مباحث: المبحث الأول: حكم فعل المكلف ما لا يعلم حكمه. المبحث الثاني: سبب التزام المكلف بالأحكام الشرعية. المبحث الثالث: طريقة استخراج الحكم الشرعي. الفصل الثاني: القواعد الأصولية التي تعين العامي فيما يتعلق بالاستفتاء، وفيه أحد عشر مبحثاً: المبحث الأول: أدب العامي مع المفتي. المبحث الثاني: من يحق للعامي أن يسأله. المبحث الثالث: لزوم فتوى المجتهد للعامي إذا عمل بها. المبحث الرابع: علم العامي عند تغير اجتهاد من سأله أولاً.

المبحث الخامس: عمل العامي عند اختلاف المفتين. المبحث السادس: من يسأله العامي عند تعدد المجتهدين. المبحث السابع: الحكم إذا لم يجد العامي مجتهداً. المبحث الثامن: تقليد المتساهل بالفتيا. المبحث التاسع: تتبع الرخص. المبحث العاشر: تمذهب العامي. المبحث الحادي عشر: تكرير المستفتي للاستفتاء عند تكرر الحادثة. الفصل الثالث: القواعد الفقهية والأصولية الأخرى التي لها تعلق مباشر بالعامي، وفيه أحد عشر مبحثاً أيضاً: المبحث الأول: المراد بالأحكام الشرعية الواردة في الفتوى. المبحث الثاني: علاقة العامي بالقراءات. المبحث الثالث: الأفعال النبوية. المبحث الرابع: إصدار العامي للفتوى. المبحث الخامس: ما يتعلق بالعامي من أحكام الواجب الموسع. المبحث السادس: المطالب بالواجب الكفائي. المبحث السابع: قطع الطاعة بعد الشروع فيها. المبحث الثامن: تكليف الكفار بالفروع. المبحث التاسع: تفسير العامي للقرآن. المبحث العاشر: نقل العامي للحديث بالمعنى. المبحث الحادي عشر: القواعد الفقهية التي يستفيد العامي مباشرة من تعلمها.

وقد راعيت أن تكون كتابة هذا البحث متناسبة مع المستوى العام لغير المجتهدين، بحيث أستبعد الخلاف الذي لا يستفيدون منه، وأحاول أن يتناسب مع عصرنا الحاضر، وقد وثقت كل مسألة بذكر مصادرها معها. هذا، وأسأل الله للجميع التوفيق والإعانة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، ،

تمهيد في فوائد تعلم العامي لعلم الأصول إجمالا

تمهيد في فوائد تعلم العامي لعلم الأصول إجمالاً لئن تعين على العامي معرفة بعض القواعد الأصولية وجوباً، فإن تعلم العامي للأصول إجمالاً له فوائد عظيمة، من أهمها ما يأتي: 1 - علم الأصول علم شرعي يحصل بطلبه مع النية الثواب الذي رتبه الشرع على طلب العلم. 2 - علم الأصول يؤهل الإنسان لاستخراج أحكام الشريعة، فينقل العامي إلى رتبة الاجتهاد. 3 - علم الأصول يعطي الإنسان القدرة على فهم النصوص الشرعية. 4 - علم الأصول يوضح المصطلحات العلمية التي يستخدمها العلماء في فتاواهم ومؤلفاتهم. 5 - علم الأصول يجعل الإنسان يضبط كلامه وألفاظه، بحيث يستخدم اللفظ الذي يريد معناه. 6 - علم الأصول يعطي العامي الثقة في صحة الاجتهاد الذي سار عليه المجتهد الذي يتبع كلامه. 7 - علم الأصول يعرف الإنسان كيف يسأل العلماء، ويعرفه من هم الذي يسألهم (¬1). ¬

(¬1) راجع في بعض هذه الثمرات وغيرها: دراسات في مقدمات علم أصول الفقه ص 162، أصول الفقه للباحسين ص 128.

الفصل الأول القواعد الأصولية التي تعين العامي عند نزول الواقعة به

الفصل الأول القواعد الأصولية التي تعين العامي عند نزول الواقعة به وفيه ثلاثة مباحث: المبحث الأول: حكم فعل المكلف ما لا يعلم حكمه. المبحث الثاني: سبب التزام المكلف بالأحكام الشرعية. المبحث الثالث: طريقة استخراج الحكم الشرعي.

المبحث الأول حكم فعل المكلف ما لا يعلم حكمه

المبحث الأول حكم فعل المكلف ما لا يعلم حكمه قرر العلماء أنه يجب على الإنسان معرفة حكم أي فعل قبل أن يقدم عليه لئلا يكون هذا الفعل حراماً، وقد حكي الإجماع على تحريم فعل المكلف ما لا يعلم حكمه (¬1). وورد عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان لا يسمح لمن لا يعرف أحكام البيع والشراء بمزاولة مهنة البيع في السوق فكان يقول: (لا يبع في سوقنا إلا من قد تفقه في الدين) (¬2). وقد ذكر العلماء أن البلد إذا خلت من المفتي، ولم يتيسر للعامي فيها مراجعة المجتهدين وجب على العامي الهجرة منها ولم يحل له المقام فيها (¬3). ولكن هذه المسألة لا مكان لها اليوم لتوفر وسائل الاتصال الحديثة. ¬

(¬1) كشاف القناع 3/ 135، مطالب أولي النهى 3/ 3، حاشية الروض المربع 4/ 325. (¬2) أخرجه الترمذي (2/ 357 ح 487) كتاب الوتر، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: هذا حديث حسن غريب. (¬3) المسودة ص 550، المجموع 1/ 94، مذكرة في علم الأصول ص 4.

المبحث الثاني سبب التزام المكلف بالأحكام الشرعية

المبحث الثاني سبب التزام المكلف بالأحكام الشرعية من رحمة الله بعباده أن جعل تطبيق الأحكام الشرعية تحصل به مصلحة الخلق في الدنيا والآخرة، فالأحكام الشرعية معللة بمصالح الخلق فضلاً من الله ورحمة منه بعباده (¬1). وقد تظهر للمكلف هذه الحكمة التي شرع الحكم من أجلها، وقد تكون خافية عليه (¬2). إلا أنه لا يحسن بالمكلف أن يمتثل الحكم الشرعي ومقصوده بامتثاله الحصول على المنفعة الدنيوية فقط، بل ينبغي أن يكون مقصوده وجه الله والدار الآخرة حتى يثاب على ذلك. أما إذا قصد المكلف بفعله المنافع الدنيوية فقط فحينئذ لا يستحق عليه الأجر الأخروي (¬3) كما قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16)} [هود: 15، 16]، وقال: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)} [الإسراء: 18]. ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 1/ 312، الموافقات 2/ 6، 4/ 195. (¬2) قواعد الأحكام 1/ 43. (¬3) تيسير العزيز الحميد ص 475، فتح المجيد ص 333.

فإذا قصد بفعله المنافع الدنيوية فقط فلا يخلو الحال من أحد أمرين: الأول: أن يكون فعله لا يقع إلا على جهة العبادة مثل الصلاة، فحينئذ يكون فعله فاسداً غير معتبر شرعاً. الثاني: أن يكون فعله يحتمل العبادة وغيرها مثل النفقة وصلة الرحم وترك المحرمات، فحينئذ يكون فعله صحيحاً يسقط به الواجب ويرفع عنه الإثم ولا يستحق الأجر والثواب الأخروي.

المبحث الثالث طريقة استخراج الحكم الشرعي

المبحث الثالث طريقة استخراج الحكم الشرعي إذا نزلت واقعة بالمكلف وأراد معرفة حكم الله فيها، فإنه لا يخلو من أحد حالين: الأول: أن يكون قادراً على الاجتهاد، فهنا يأخذ الحكم من الأدلة الشرعية بواسطة القواعد الأصولية. الثاني: أن يكون غير قادر على الاجتهاد، فإنه حينئذ يتعرف على الحكم من خلال سؤال العلماء (¬1). وقد دل على ذلك عدد من الأدلة منها: 1 - قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)} [النحل: 43] و [الأنبياء: 7]، فأمر من لا علم عنده بسؤال أهل الذكر. 2 - قوله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)} [التوبة: 122]. 3 - حديث العسيف حيث سأل أهل العلم فأفتوه ولم ينكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - سؤالهم (¬2). ¬

(¬1) التمهيد 4/ 399، المسودة ص 459، شرح مختصر الروضة 3/ 650، شرح تنقيح الفصول ص 430، البحر المحيط 6/ 280، ميزان الأصول ص 676. وقد أشبعت المسألة بحثاً في: التفريق بين الأصول والفروع 2/ 355، القطع والظن عند الأصوليين 2/ 576، التقليد وأحكامه ص 189. (¬2) الموافقات 4/ 261.

4 - قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال) (¬1). قال الشاطبي -رحمه الله-: (إن المقلد إذا عرضت له مسألة دينية فلا يسعه في الدين إلا السؤال عنها على الجملة) (¬2). ¬

(¬1) أخرجه البخاري (ح 6827) كتاب الحدود، باب الاعتراف بالزنا، ومسلم (ح 1697). (¬2) أخرجه أبو داود (1/ 366 ح 332)، وابن ماجه (1/ 89 ح 572)، والحاكم 1/ 178، وابن حبان (2/ 304 ح 1311) وصححاه.

الفصل الثاني القواعد الأصولية التي تعين العامي فيما يتعلق بالاستفتاء

الفصل الثاني القواعد الأصولية التي تعين العامي فيما يتعلق بالاستفتاء وفيه أحد عشر مبحثاً: المبحث الأول: أدب العامي مع المفتي. المبحث الثاني: من يحق للعامي أن يسأله. المبحث الثالث: لزوم فتوى المجتهد للعامي إذا عمل بها. المبحث الرابع: عمل العامي عند تغير اجتهاد من سأله أولاً. المبحث الخامس: عمل العامي عند اختلاف المفتين. المبحث السادس: من يسأله العامي عند تعدد المجتهدين. المبحث السابع: الحكم إذا لم يجد العامي مجتهداً. المبحث الثامن: تقليد المتساهل بالفتيا. المبحث التاسع: تتبع الرخص. المبحث العاشر: تمذهب العامي. المبحث الحادي عشر: تكرير المفتي للاستفتاء عند تكرر الحادثة.

المبحث الأول أدب العامي مع المفتي

المبحث الأول أدب العامي مع المفتي هناك عدد من الصفات التي ينبغي بالعامي التحلي بها مع المجتهد المفتي، من أبرزها ما يأتي: أولاً: أن يحفظ جانب الأدب مع المفتي. ثانياً: أن يجل العالم ويرفع منزلته، فلا يفعل العامي مع المفتي ما جرت عادة العوام بفعله بينهم كإيمائه بيده في وجهه أو يقول له ما لا ينبغي. ثالثاً: أن لا يسأل المفتي حال كون المفتي في حال ضجر أو هم أو غضب أو نحو ذلك. رابعاً: ذكر بعض العلماء أنه لا ينبغي للعامي سؤال العالم عن دليل فتواه في نفس مجلس الفتوى؛ لئلا يكون ذلك عدم ثقة بقوله بينما الشارع قد أمره بسؤاله والعمل بقوله، ولأن العامي قد لا يفهم الدليل أو وجه الاستدلال به. وقيل: يجوز للعامي بلا كراهة أن يسأل العالم عن دليل فتواه إذا كان مسترشداً غير متعنت، ويجيبه العالم إذا كان الدليل قطعيّاً تشترك الأذهان في فهمه (¬1). ¬

(¬1) انظر آداب المستفتي في: شرح الكوكب المنير 4/ 593، الفقيه والمتفقه 2/ 98 - 180، المجموع 1/ 98، الموافقات 4/ 321.

المبحث الثاني من يحق للعامي أن يسأله

المبحث الثاني من يحق للعامي أن يسأله إذا وقعت مسألة للعامي وأراد أن يعرف حكم الله فيها بطريق السؤال، فليس كل إنسان صالحاً لأن يُسأل، وإنما هناك شروط معينة يجب توافرها في الشخص المسؤول بأن يكون عالماً بالأدلة الشرعية إجمالاً وتفصيلاً، قادراً على تطبيق القواعد الأصولية عليها (¬1). لكن السؤال هنا كيف يعرف العامي أن من يسأله قد توافرت فيه شروط الاجتهاد؟ وذكر العلماء عدداً من الطرق يتمكن بها العامي من معرفة أهلية من يسأله للإفتاء، منها (¬2): 1 - أن يكون قد عرفه معرفة سابقة بالعلم والعدالة. 2 - أن يراه منتصباً للإفتاء والتدريس معظماً عند الناس؛ لأن ذلك دليل على علمه وأهليته للإفتاء، ولعل ذلك إذا عرف أنه لا ينتصب لذلك إلا المجتهد، بحيث من لم يكن كذلك مُنع منه. 3 - أن يدله عدل خبير عليه، فيصفه بالاجتهاد والعدالة. 4 - أن يستفيض عند الناس أنه أهل للفتيا أو يتواتر. 5 - رجوع العلماء إلى أقواله وفتاواه. ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 4/ 459، المستصفى 2/ 250، شرح تنقيح الفصول ص 437، تيسير التحرير 4/ 180، فواتح الرحموت 2/ 363، إرشاد الفحول ص 250، الموافقات 4/ 262. (¬2) انظر هذه الطرق في: تيسير التحرير 4/ 238، فواتح الرحموت 2/ 403، شرح الكوكب المنير 4/ 541، إرشاد الفحول ص 271، التقليد ص 117.

ومن لم يعرف العامي أهليته للاجتهاد لا يحق له سؤاله. ولابد من سكون نفس العامي إلى أن فتوى المفتي هي شرع الله بحيث تطمئن نفسه إليه (¬1). ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 4/ 574.

المبحث الثالث لزوم فتوى المجتهد للعامي إذا عمل بها

المبحث الثالث لزوم فتوى المجتهد للعامي إذا عمل بها إذا عمل العامي في حادثة بما أفتاه مجتهد فإنه يلزم هذا العامي العمل بهذه الفتوى والبقاء عليه، وليس له الرجوع عن فتواه إلى فتوى غيره في هذه المسألة ونقل الإجماع على ذلك (¬1) إلا إذا علم مخالفتها للأدلة الشرعية. أما إذا لم يعمل العامي بفتوى المجتهد فلا يلزمه العمل بفتواه، إلا إذا ظن أنها حكم الله في المسألة فيجب عليه العمل بهذه الفتوى (¬2). ¬

(¬1) انظر المسألة في: شرح الكوكب المنير 4/ 579، تيسير التحرير 4/ 53، إرشاد الفحول ص 272، فواتح الرحموت 2/ 405، المجموع 1/ 98، الإحكام للآمدي 4/ 318، التقليد ص 146. (¬2) شرح الكوكب المنير 4/ 580، المجموع 1/ 98.

المبحث الرابع عمل العامي عند تغير اجتهاد من سأله أولا

المبحث الرابع عمل العامي عند تغير اجتهاد من سأله أولاً إذا أفتى المجتهد في مسألة اجتهادية عامياً باجتهاد، ثم تغير اجتهاد المفتي، فماذا يعمل العامي؟ هل يستمر على العمل بالفتوى الأولى أو يعمل بالاجتهاد الجديد؟ لا يخلو الحال من أحد أمرين: الأول: أن يكون قد عمل بالاجتهاد الأول، فحينئذ يجوز للعامي الاستمرار على الاجتهاد الأول ولا يجب عليه العمل بالاجتهاد الجديد؛ لأن من القواعد المقررة أن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، ومثل القاضي إذا حكم باجتهاده ثم تغير اجتهاده. الثاني: ألا يكون العامي قد عمل بالاجتهاد الأول، فحينئذ يعمل بالاجتهاد الجديد دون الاجتهاد الأول (¬1). ¬

(¬1) انظر المسألة في: شرح الكوكب المنبير 4/ 512، المستصفى 2/ 382، شرح تنقيح الفصول ص 441، فواتح الرحموت 2/ 396، المسودة ص 472، 543.

المبحث الخامس عمل العامي عند اختلاف المفتين

المبحث الخامس عمل العامي عند اختلاف المفتين إذا استفتى العامي عدداً من المجتهدين واختلفوا، فإنه حينئذ يلزمه الترجيح بين المفتين بحسب العمل والورع؛ لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر إلا بذلك، ولأن الظن بصواب الأعلم والأورع أرجح، فلا يجوز له مخالفة الصواب في غالب ظنه. ولأن أحد القولين خطأ، لأن الحق في أحد الأقوال، وقد تعارضت عند العامي هذه الأقوال فلزمه الأخذ بأرجح القولين بحسب العلم والورع، كالمجتهد يلزمه الأخذ بأرجح الدليلين. والعامي مطالب باتباع شرع الله، ولا يعرف شرع الله إلا بقول المفتي، فإذا اختلفت عليه أقوال المفتين وجب عليه العمل بما يغلب على ظنه أنه شرع الله سواء غلب على ظنه بواسطة كثرة المفتين بأحد الأقوال، أو بأفضلية القائلين به، أو بالأدلة الشرعية (¬1). ¬

(¬1) انظر المسألة في: شرح الكوكب المنير 4/ 573 و 580، المجموع 1/ 97، المستصفى 2/ 391، الموافقات 4/ 132، المنخول ص 483، روضة الطالبين 11/ 105، التقليد ص 162.

المبحث السادس من يسأله العامي عند تعدد المجتهدين

المبحث السادس من يسأله العامي عند تعدد المجتهدين ذهب جمهور العلماء إلى جواز سؤال العامي لأي مجتهد من المجتهدين وعمله بفتواه عند تعدد المجتهدين سواء كان فاضلاً أو مفضولاً، واستدلوا على ذلك بعدد من الأدلة منها: - قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)} [النحل: 43]، والمجتهد المفضول من أهل الذكر، فجاز سؤاله. - ولإجماع السلف على إصدار المفضول للفتوى مع وجود الفاضل، واشتهر ذلك وتكرر ولم ينكر فكان إجماعاً على جواز استفتائه مع القدرة على استفتاء الفاضل. كما استدل على ذلك بأن العامي قد لا يمكنه الترجيح لقصوره، إذ الترجيح بين أعيان المفتين يحتاج إلى اجتهاد ومعرفة. واعترض على هذا الاستدلال بأن الترجيح بين المجتهدين قد يظهر للعامي بالتسامع أو رجوع العلماء إليه، أو لكثرة المستفتين، أو لتقديم العلماء له (¬1). ¬

(¬1) انظر المسألة في: شرح الكوكب المنير 4/ 571، المجموع 1/ 94، المسودة ص 462، المستصفى 2/ 390، المنخول ص 479، تيسير التحرير 4/ 251، إرشاد الفحول ص 271، التمهيد 4/ 403، التقليد ص 159.

المبحث السابع الحكم إذا لم يجد العامي مجتهدا

المبحث السابع الحكم إذا لم يجد العامي مجتهداً اختلف العلماء في العامي إذا لم يجد مجتهداً، على أقوال: فمنهم من يقول: تخرج على حكم ما قبل الشرع، ومنهم من يخرجها على مسألة تعارض الأدلة عند المجتهد، ومنهم من يقول: يجب عليه أن يتقي الله ما استطاع (¬1). وهذه المسألة قليلة الوقوع في زماننا هذا لتوافر آلات الاتصال ووسائل المواصلات، فمن كان في أمريكا أو بريطانيا مثلاً يمكنه أن يتصل على العلماء في المملكة العربية السعودية، بحيث يكلمه العالم هناك في نفس الوقت، فالحمد لله الذي هيأ لنا هذه الوسائل لتكون عوناً على طاعته سبحانه. ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 4/ 553، المسودة ص 550، المجموع 1/ 99، الموافقات 4/ 291، إعلام الموقعين 4/ 279، التقليد ص 178.

المبحث الثامن تقليد المتساهل بالفتيا

المبحث الثامن تقليد المتساهل بالفتيا إذا عرف العامي عن مجتهد التساهل (¬1) في الفتوى حرم على العامي أن يعمل بفتياه؛ لأن العامي إنما عمل بقول المجتهد لأنه يغلب على ظنه أن قوله موافق لحكم الشرع، فإذا عرف عن شخص التساهل في الفتوى فإنه يغلب على ظن العامي أن فتواه غير موافقة لحكم الشرع، وبالتالي انتفت العلة التي من أجلها يجب العمل بفتواه (¬2). ¬

(¬1) المراد بالتساهل في الفتوى؛ الإفتاء في مسألة قبل بحثها وتقليب النظر فيها. (¬2) انظر المسألة في: شرح الكوكب المنير 4/ 588، المجموع 1/ 81، إعلام الموقعين 4/ 282، المسودة ص 537، التقليد ص 154.

المبحث التاسع تتبع الرخص

المبحث التاسع تتبع الرخص ذكر العلماء الإجماع على أن العامي يحرم عليه تتبع الرخص، بحيث كلما وجد رخصة في فتوى أحد علماء عصره عمل بها، بل حكم كثير من العلماء عليه بالفسق بتتبع الرخص؛ لأنه لا يقول بإباحة جميع الرخص أحد من علماء المسلمين، فإن القائل بالرخصة في هذه المسألة لا يقول بالرخصة في المسألة الأخرى (¬1). ويدل على ذلك ما ورد من التحذير من زلة العالم (¬2). ويدل على ذلك أيضاً النصوص الواردة في ترغيب المكلف بالاحتياط لدينه ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) (¬3)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) (¬4). ¬

(¬1) انظر المسألة في: شرح الكوكب المنير 4/ 577، المجموع 1/ 96، المسودة ص 218، الموافقات 4/ 144 و 259، فواتح الرحموت 2/ 406، إرشاد الفحول ص 272، المستصفى 2/ 391، تيسير التحرير 4/ 254، التقليد ص 154. (¬2) انظر بعض النصوص في ذلك في: التقليد ص 155، الموافقات 4/ 170. (¬3) أخرجه البخاري (ص 405 ح 2051) كتاب البيوع، باب الحلال بين، ومسلم (2/ 1219 ح 1559) كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال. (¬4) أخرجه الترمذي (4/ 576 ح 2518)، والنسائي (8/ 327)، وأحمد (1/ 200 ح 1723)، والطيالسي (ح 1178)، والبيهقي (5/ 335)، والحاكم (2/ 13 و 4/ 96) وصححه ووافقه الذهبي.

المبحث العاشر تمذهب العامي

المبحث العاشر تمذهب العامي لا يلزم العامي أن ينتسب إلى مذهب يأخذ بعزائمه ورخصه، والجمهور على عدم جوازه؛ لأن العامي لا يعرف كلام أهل المذاهب ولا اصطلاحاتهم فيجب عليه أن يسأل أحد المفتين في عصره (¬1). فإن قال قائل: إن العلماء لا زالوا يؤلفون في مذاهب العلماء في الأحكام الشرعية، فهذه كتب فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة فما الفائدة من تأليفها إذا لم يلزم العمل بها، ووجب على العامي سؤال المجتهدين في عصره؟ أجيب عن ذلك بأن هذه المؤلفات المراد بها التعلم لا العمل بما فيها، فهذه الكتب مهمة ولها قيمة عالية في الاستعانة بها على فهم كلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتعلم صور المسائل الفقهية (¬2). ¬

(¬1) انظر المسألة في: شرح الكوكب المنير 4/ 574، المسودة ص 465، تيسير التحرير 4/ 253، شرح تنقيح الفصول ص 432، إرشاد الفحول ص 252، التقليد ص 142. (¬2) تيسير العزيز الحميد ص 486، فتح المجيد ص 343 - 345.

المبحث الحادي عشر تكرير المستفتي الاستفتاء عند تكرر الحادثة

المبحث الحادي عشر تكرير المستفتي الاستفتاء عند تكرر الحادثة إذا استفتى العامي مجتهداً في واقعة نزلت به وعمل بفتواه، ثم تكررت عليه الواقعة فهل يلزمه تكرير السؤال؟ لا يخلو الحال من أحد أمرين: الأول: أن يعلم العامي أن المجتهد قد استند في فتواه على نص أو إجماع فحينئذٍ لا حاجة إلى إعادة السؤال قطعاً. الثاني: ألا يعلم العامي مستند المجتهد في فتواه أو عَلِمَ أنه استند على دليل يسوغ الاجتهاد فيه، فحينئذ هل يلزمه إعادة الاستفتاء؟ اختلف العلماء في ذلك على قولين: الأول: أنه يلزمه إعادة الاستفتاء لأنه قد يتغير اجتهاد المجتهد. الثاني: أنه لا يلزمه لأنه قد استند على فتوى سابقة (¬1). ¬

(¬1) انظر هذه المسألة في: شرح الكوكب المنير 4/ 555، المجموع 1/ 98، المسودة ص 467، البرهان 2/ 1343، تيسير التحرير 2/ 232، شرح تنقيح الفصول ص 432، التقليد ص 195.

الفصل الثالث القواعد الفقهية والأصولية الأخرى التي لها تعلق مباشر بالعامي

الفصل الثالث القواعد الفقهية والأصولية الأخرى التي لها تعلق مباشر بالعامي وفيه أحد عشر مبحثاً: المبحث الأول: المراد بالأحكام الشرعية الواردة في فتوى المجتهد. المبحث الثاني: علاقة العامي بالقراءات. المبحث الثالث: الأفعال النبوية. المبحث الرابع: إصدار العامي للفتوى. المبحث الخامس: ما يتعلق بالعامي من أحكام الواجب الموسع. المبحث السادس: المطالب بالواجب الكفائي. المبحث السابع: قطع الطاعة بعد الشروع فيها. المبحث الثامن: تكليف الكفار بالفروع. المبحث التاسع: تفسير العامي للقرآن. المبحث العاشر: نقل العامي للحديث بالمعنى. المبحث الحادي عشر: القواعد الفقهية التي يستفيد العامي مباشرة من تعلمها.

المبحث الأول المراد بالأحكام الشرعية الواردة في الفتوى

المبحث الأول المراد بالأحكام الشرعية الواردة في الفتوى كثيراً ما يستعمل المفتي ألفاظ الأحكام التكليفية، وبالتالي فالعامي محتاج إلى معرفة أقسام الحكم التكليفي، ومعنى كل قسم وأسمائه، وما يترتب على فعله وعلى تركه. فالحكم التكليفي خمسة أقسام هي: القسم الأول: الواجب: وهو ما طلبه الشارع طلباً جازماً (¬1). ومثاله: الصلاة، طلبها الشارع طلباً جازماً بقوله: {أَقِمِ الصَّلَاةَ} [الإسراء: 78] فتكون واجبة. ومن أسمائه: المكتوب، والفرض، والحتم، واللازم (¬2). القسم الثاني: المندوب: وهو ما رغب الشارع في فعله من غير إيجاب (¬3). ومثاله: العفو عن إساءة الآخرين، رغب الشارع في فعله في قوله تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)} [الشورى: 43]، ولم يوجبه فيكون مندوباً. وحكمه: يستحق فاعله الثواب إذا نوى به التقرب لله ولا يعاقب تاركه (¬4). ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 1/ 340، إرشاد الفحول ص 6. (¬2) شرح الكوكب المنير 1/ 349، إرشاد الفحول ص 6، البحر المحيط 1/ 185. (¬3) شرح الكوكب المنير 1/ 340، إرشاد الفحول ص 6. (¬4) شرح الكوكب المنير 1/ 402، إرشاد الفحول ص 6، البحر المحيط 1/ 284.

القسم الثالث: الحرام

ومن أسمائه: السنة، والمستحب، والتطوع، والطاعة، والنفل، والقربة، والإحسان، والمرغب فيه (¬1). القسم الثالث: الحرام: وهو ما طلب الشارع تركه طلباً جازماً (¬2). وحكمه: أنه يستحق العقوبة فاعله قصداً، ويثاب تاركه إذا نوى بتركه التقرب لله عز وجل (¬3). ومثاله: أكل الربا طلب الشارع تركه طلباً جازماً بقوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا} [آل عمران: 130]، فيكون محرماً. ومن أسمائه: المحظور، والممنوع، والمزجور عنه، والمعصية، والذنب، والقبيح، والمتوعد عليه، والسيئة، والفاحشة، والإثم، والحرج، والتحريم، والعقوبة (¬4). القسم الرابع: المكروه: وهو ما طلب الشارع تركه طلباً غير جازم (¬5). وحكمه: أنه يثاب تاركه إذا نوى بتركه التقرب لله عز وجل، ولا يعاقب فاعله (¬6). ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 1/ 403، إرشاد الفحول ص 6، البحر المحيط 1/ 284. (¬2) شرح الكوكب المنير 1/ 341. (¬3) شرح الكوكب المنير 1/ 350 و 386، إرشاد الفحول ص 6. (¬4) شرح الكوكب المنير 1/ 386، إرشاد الفحول ص 6، البحر المحيط 1/ 255. (¬5) شرح الكوكب المنير 1/ 341. (¬6) شرح الكوكب المنير 1/ 413، إرشاد الفحول ص 6.

القسم الخامس: المباح

القسم الخامس: المباح: وهو ما خير الشارع بين فعله وتركه (¬1). وحكمه: لا يثاب ولا يعاقب على فعله ولا على تركه لذاته (¬2). مثاله: البيع، خير الشارع بين فعله وتركه بقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275]، فيكون مباحاً. ومن أسمائه: الحلال، والطلق، والجائز (¬3). وكما احتاج العامي إلى معرفة معاني الأحكام التكليفية هو محتاج إلى معرفة بعض معاني الأحكام الوضعية ليتوصل بمعرفتها إلى فهم كلام المفتي، وفي ظني أن حاجته متعينة لفهم ألفاظ، هي: اللفظ الأول: الشرط: ومثاله: الطهارة شرط للصلاة. وحكمه: أنه لا يتم حصول المشروط إلا بوجوده (¬4). اللفظ الثاني: المانع: ومثاله: الأبوة مانعة من وجوب القصاص. وحكمه: أنه بوجود المانع ينتفي وجود الحكم (¬5). ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 1/ 342، إرشاد الفحول ص 6، البحر المحيط 1/ 276. (¬2) شرح الكوكب المنير 1/ 422، إرشاد الفحول ص 6. (¬3) شرح الكوكب المنير 1/ 426، البحر المحيط 1/ 276. (¬4) شرح الكوكب المنير 1/ 451. (¬5) شرح الكوكب المنير 1/ 456، إرشاد الفحول ص 7، البحر المحيط 1/ 310.

اللفظ الثالث: الصحيح: ومثاله: الصلاة التي توافرت فيها شروطها، وأركانها، وواجباتها، وانتفت عنها موانعها، ومثله البيع والنكاح. وحكمه: أنه تترتب عليه الآثار المقصودة منه. ومن أسمائه: المجزئ، والمقبول (¬1). اللفظ الرابع: الفاسد: وهو العمل الذي فقد شرطاً من شروطه أو ركناً من أركانه مع القدرة عليه. ومثاله: صلاة غير المتوضئ عامداً مع وجود الماء والقدرة على استعماله. وحكمه: أنه لا تترتب عليه آثاره المقصودة منه، من: براءة الذمة، وسقوط القضاء، والحصول على الأجر والثواب. ومن أسمائه: الباطل (¬2). اللفظ الخامس: الأداء: وهو ما فُعل في وقته المقدر شرعاً. ومثاله: صلاة الظهر بعد الزوال (¬3). اللفظ السادس: القضاء: وهو ما فُعل خارج وقته المقدر شرعاً. ومثاله: صيام المكلف أياماً من شوال بدلاً عن أيام من رمضان لم يصمها (¬4). ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 1/ 467، البحر المحيط 1/ 312. (¬2) انظر الكلام عن الفاسد في: شرح الكوكب المنير 1/ 473، البحر المحيط 1/ 312. (¬3) شرح الكوكب المنير 1/ 365، المستصفى 1/ 95. (¬4) شرح الكوكب المنير 1/ 367، المستصفى 1/ 95.

اللفظ السابع: الإعادة: وهو ما فُعل مرة ثانية. ومثاله: من صلى وحده ثم وجد جماعة فصلى معهم، أو صلى على غير طهارة ثم صلاها بالطهارة، فالصلاة الثانية تكون إعادة (¬1). ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 1/ 368، المستصفى 1/ 95.

المبحث الثاني علاقة العامي بالقراءات

المبحث الثاني علاقة العامي بالقراءات مبحث القراءات من المباحث التي تكلم عنها علماء الأصول، وسأمهد بإيضاح المراد بها، ثم أنتقل إلى أحكامها التي لها علاقة بالعامي. القراءات السبع متواترة الإسناد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). وهذه القراءات موافقة لرسم مصحف عثمان وموافقة لوجه من أوجه اللغة (¬2)، وهي بعض الحروف السبعة (¬3) الواردة في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أنزل القرآن على سبعة أحرف) (¬4). إذا تقرر ذلك، فإن من أحكام القراءات المتعلقة بغير المجتهد ما يأتي: أولاً: تصح قراءة القرآن بأي قراءة من هذه القراءات، ويثاب عليها ثواب قراءة القرآن؛ لأنها جزء من القرآن. ثانياً: يجوز للمصلي أن يقرأ بأي قراءة منها في صلاته؛ لدخولها في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن) (¬5). ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 2/ 127، تشنيف المسامع ق 1 ص 311. (¬2) شرح الكوكب المنير 2/ 134، نفائس الأصول ق 3/ 439، البرهان للزركشي 1/ 331. (¬3) شرح الكوكب المنير 2/ 133، البرهان للزركشي 1/ 323. (¬4) أخرجه البخاري (ص 1087 ح 4992) كتاب فضائل القرآن: باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، ومسلم (1/ 560 ح 818) كتاب صلاة المسافرين: باب بيان أن القرآن أنزل على سبعة أحرف. (¬5) أخرجه البخاري (ص 151 ح 757) كتاب الأذان: باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، ومسلم (1/ 298 ح 397) كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة.

ثالثاً: لا ينبغي له أن ينكر على من قرأ بإحدى هذه القراءات؛ لأنه من الجائز القراءة بها (¬1). وقد ورد في الحديث أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع هشام بن حكيم رضي الله عنه يقرأ سورة الفرقان في الصلاة على حرف لم يكن عمر يعرفه، فكاد أن يمسكه في صلاته إلا أنه صبر عليه حتى سلم، فلببه بردائه وقال له: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال عمر: كذبت، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلق به يقوده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرأنيها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أرسله، اقرأ يا هشام) فقرأ عليه القراءة التي سمعه عمر يقرأها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كذلك أنزلت)، ثم قال: (اقرأ يا عمر) فقرأ القراءة التي كان عمر يقرأ بها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كذلك أنزلت) (¬2). وهناك قسم آخر من القراءات لم يتواتر إسناده، وهذا القسم لا تجوز قراءته في الصلاة، وتكره قراءته خارجها على اعتبار كونه قرآناً (¬3). ¬

(¬1) انظر هذه الأحكام في: شرح الكوكب المنير 2/ 134، البرهان للزركشي 1/ 332، جمع الجوامع وشرحه للمحلي 1/ 299. (¬2) أخرجه البخاري (ص 1087 ح 4992) كتاب فضائل القرآن: باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، ومسلم (1/ 560 ح 818) كتاب صلاة المسافرين، باب بيان أن القرآن أنزل على سبعة أحرف. (¬3) شرح الكوكب المنير 2/ 140، جمع الجوامع وشرحه للمحلي 1/ 299، البرهان للزركشي 1/ 332.

المبحث الثالث الأفعال النبوية

المبحث الثالث الأفعال النبوية قد يقرأ العامي في كتب السنة فيجد بعض الأفعال النبوية، فتشكل عليه من جهة مشروعية الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فيها. والأفعال النبوية على أقسام: القسم الأول: الخصائص: وهي التي اختص بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، مثل زواجه بتسع، فهذا القسم لا يجوز الاقتداء به فيه. القسم الثاني: الأفعال الجبلية: وهي الأفعال التي فعلها بغير قصد القربة، مثل لبسه العمامة والإزار والرداء، وهذا القسم يدل على إباحة هذا الفعل، لكن لا يشرع الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأفعال؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعلها تقرباً لله، فلا يصح لنا أن نتقرب لله بفعلها وإلا لكنا مخالفين لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها. القسم الثالث: ما فعله قربة لم يأتِ دليل يخصصه به: فهذا القسم يشرع التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فيه (¬1). ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 2/ 178، تيسير التحرير 3/ 120، إرشاد الفحول ص 35، أصول السرخسي 2/ 86، فواتح الرحموت 2/ 180.

المبحث الرابع إصدار العامي للفتوى

المبحث الرابع إصدار العامي للفتوى بما أن العامي ليس أهلاً للاجتهاد فإنه لا يتمكن من استخراج الحكم بنفسه، إلا أن العامي قد يعرف الحكم في المسألة بواسطة سؤال أحد المجتهدين فحيئنذ هل يحق له أن يفتي؟ العامي لا يحق له الفتوى؛ لأنه لا يعرف دليل المجتهد على ما ذهب إليه، ووجه الاستدلال به، ولأنه قد يكون بين المسألة الأخرى وما عرفه بواسطة المفتي قد يكون بينهما فرق لا يعرفه (¬1). وقد ورد في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) (¬2). ولكن يجوز له أن يخبر بالفتوى بحيث يقول: أفتى المجتهد فلان في كذا بالحكم الفلاني (¬3). ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 4/ 557، الموافقات 4/ 167، المجموع 1/ 94، التقليد ص 129. (¬2) أخرجه البخاري (ص 27 ح 100) كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم، ومسلم (4/ 2058 ح 2673) كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه. (¬3) شرح الكوكب المنير 4/ 570، التقليد ص 136.

المبحث الخامس أحكام الواجب الموسع

المبحث الخامس أحكام الواجب الموسع ينقسم الواجب باعتبار وقته إلى قسمين: القسم الأول: الواجب المضيق: وهو الواجب الذي يكون الوقت المحدد لأدائه فيه لا يسع واجباً غير هذا الواجب من جنسه، مثل: الصيام، فالوقت فيه من الفجر إلى المغرب، ولا يمكن أن يفعل المكلف فيه صياماً آخر، فهذا يجب فعله في وقته ولا يجوز تأخيره إلا لعذر شرعي. القسم الثاني: الواجب الموسع: وهو الذي يتسع وقته لأدائه وأداء غيره من جنسه، مثاله: وقت الظهر من الزوال إلى العصر، يستطيع المكلف أن يصلي فيه ألف مرة، فهذا النوع من الواجبات يتعلق به عدد من الأحكام، وبعضها متعلق بغير المجتهد، فمن ذلك المسائل الآتية: المسألة الأولى: يجوز للمكلف تأخير الواجب الموسع عن أول وقته بشرط أن يعزم المكلف على فعله أثناء وقته (¬1). المسألة الثانية: إذا لم يبق إلا ما يتسع لفعله فقط وجب عليه فعله فيه، مثال ذلك: إذا وجب عليه قضاء ثلاثة أيام من رمضان، فقضاء الصيام واجب موسع ¬

(¬1) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 369، البحر المحيط 1/ 310، القواعد والفوائد الأصولية ص 70، روضة الناظر 1/ 175.

يبتدئ وقته من ثاني أيام شوال إلى آخر شعبان القادم، فإذا أخره عن ثاني أيام شوال جاز له ذلك بشرط أن ينوي فعله قبل رمضان القادم، فإذا لم يبق من شعبان إلا ثلاثة أيام تعين عليه الصوم، وأصبح في حقه واجباً مضيقاً (¬1). المسألة الثالثة: إذا ظن المكلف أنه لا يبقى إلى آخر الوقت وجب عليه أن يفعل الواجب الموسع قبل ذلك. مثاله: شخص سيقتل قصاصاً في منتصف وقت الظهر، فحينئذ يجب عليه أداء الظهر قبل وقت القصاص ويحرم عليه التأخير، بحيث لو أخر الظهر عن ذلك ثم عفي عنه فصلى بعد منتصف وقت الظهر فإنه يُعد عاصياً تجب عليه التوبة من فعله هذا (¬2). المسألة الرابعة: إذا مات الإنسان في أثناء الواجب الموسع بحيث لا يعد آثماً بتأخير هذا الواجب، فإنه يسقط من ذمته ولا يطالب به، ولا يعد عاصياً بذلك (¬3). ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 1/ 369، البحر المحيط 1/ 218. (¬2) شرح الكوكب المنير 1/ 372، البحر المحيط 1/ 218، روضة الناظر 1/ 179 و 254، أصول السرخسي 1/ 33، التمهيد ص 64. (¬3) شرح الكوكب المنير 1/ 373.

المبحث السادس المطالب بالواجب الكفائي

المبحث السادس المطالب بالواجب الكفائي الواجب ينقسم باعتبار المطالب به إلى قسمين: القسم الأول: فروض الأعيان: وهي التي تطلب من المكلف بعينه، ومثالها: الصلوات، والحج، وصيام رمضان. القسم الثاني: فروض الكفايات: وهي التي تطلب من مجموع المكلفين ليقوم بها بعضهم، ومثاله: غسل الميت والصلاة عليه، وانقاذ الغريق (¬1). وهذا القسم يتعلق به عدد من الأحكام، وبعض هذه الأحكام متصل بغير المجتهد، فمن ذلك ما يأتي: أولاً: الخطاب في فروض الكفايات متوجه إلى جميع من يصلح خطابه به ففرض الكفاية واجب على الجميع (¬2). ثانياً: يسقط الطلب الجازم والإثم عن تارك فرض الكفاية إذا ظن أن من يكفي قام بفعل الواجب الكفائي (¬3). ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 1/ 374، البحر المحيط 1/ 242، الفروق 1/ 117. (¬2) شرح الكوكب المنير 1/ 375، البحر المحيط 1/ 243. (¬3) شرح الكوكب المنير 1/ 376، البحر المحيط 1/ 246، الفروق 1/ 117.

ثالثاً: إذا ظن المكلف المخاطب بفرض الكفاية أنه لم يقم بفرض الكفاية من يكفي وجب عليه فعله وجوباً عينياً بحيث يأثم بتركه، لكونه ظن عدم قيام من يكفي به ولو قام به من لا يعلم أنه قام به؛ لأن الظن في هذه المسألة هو الذي يعلق عليه تعين الواجب الكفائي (¬1). ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 1/ 376، البحر المحيط 1/ 246، الفروق 1/ 117.

المبحث السابع قطع الطاعة بعد الشروع فيها

المبحث السابع قطع الطاعة بعد الشروع فيها إذا ابتدأ المكلف بفعل مندوب وأراد قطعه وعدم إتمامه فلا يخلو إما أن يكون هذا المندوب حجاً أو عمرة فحينئذ يجب عليه إتمامه لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]. وإما أن يكون غيرهما كالصلاة والصوم؛ فالجمهور على أنه لا يلزم المندوب بالشروع فيه (¬1)؛ لعدد من الأدلة منها: - ما ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبتدئ صوم التطوع ثم يفطر (¬2). - وما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر) (¬3). وأما الواجب سواء كان واجباً عينياً أو كفائياً فإنه إذا ابتدأ المكلف به وجب عليه إتمامه وحرم عليه قطعه (¬4)، ويراد بذلك إذا كان هذا الواجب وحدة واحدة بحيث إن قطعه يلغي ما فعله ابتداءً، فأما إذا كان أفعالاً متعددة فلكل فعل حكمه، ولا يلزمه أحد الفعلين لكونه فعل الآخر، مثال ذلك: حفظ القرآن فرض كفاية، ولا يلزم من البدء بحفظ السورة إتمام حفظها؛ لأن حفظ كل آية أو كلمة فعل مستقل عن غيره، فلكل حكمه. ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 1/ 407، المسودة ص 60، البحر المحيط 1/ 289. (¬2) أخرجه مسلم (2/ 808 ح 1154) كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار. (¬3) أخرجه الترمذي (2/ 109 ح 732) كتاب الصوم، باب ما جاء في إفطار الصائم المتطوع، وأحمد (1/ 341)، والحاكم 1/ 439، وصححه ووافقه الذهبي. (¬4) شرح الكوكب المنير 1/ 378، البحر المحيط 1/ 250، القواعد والفوائد الأصولية ص 188.

المبحث الثامن تكليف الكفار بالفروع

المبحث الثامن تكليف الكفار بالفروع من المسائل الأصولية التي يبحثها العلماء ويتوسعون في ذكر الخلاف فيها مسألة: هل الكفار مخاطبون بالفروع؟ ولن أبحث الخلاف هنا فلبحثه موطن آخر (¬1)، وإنما أتكلم هنا عن فائدة القول بتكليفهم بالفروع، وأنطلق منه إلى تقرير ما يتعلق بالعامي في هذه المسألة. اتفق العلماء على أن الكفار لا يطالبون بفروع الإسلام حال كفرهم، ولا يطالبون بقضائها بعد إسلامهم، والخلاف في مخاطبة الكفار بالفروع يراد به: هل يعاقب الكافر عقوبة زائدة عن عقوبة الكفر لكونه ترك فروع الإسلام؟ فمن قال بتكليفهم قال بأن العقوبة تزاد عليهم في الآخرة لذلك (¬2). إذا تقرر ذلك فلا يصح للعامي مثلاً أن ينكر على الكافر عدم فعل ما أوجبه الشارع على المسلمين بناءً على هذه القاعدة؛ لأن الإنكار ليس من ثمرات هذه المسألة، لأن ثمرتها محصورة بأحكام الآخرة كما سبق. ¬

(¬1) انظر المسألة بتوسع في كتابي: التفريق بين الأصول والفروع 2/ 9 - 61. (¬2) انظر في ثمرة المسألة: التمهيد لأبي الخطاب 1/ 300، ميزان الأصول ص 194، شرح الكوكب المنير 1/ 503، المحصول 1/ 316، التلويح 1/ 213.

المبحث التاسع تفسير العامي للقرآن

المبحث التاسع تفسير العامي للقرآن لكون العامي لا يملك الآلة التي يستطيع بها تفسير كلام الله عز وجل حرم عليه أن يفسر القرآن برأيه بلا مستند شرعي (¬1)؛ لأن هذا الفعل من القول على الله بلا علم وهو محرم بقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)} [الأعراف: 33]. وورد في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار) (¬2)، كما ورد أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) (¬3). ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 2/ 157، المسودة ص 174، البرهان للزركشي 2/ 161. (¬2) أخرجه أحمد (1/ 233 ح 2069)، والنسائي في الكبرى (5/ 30 ح 8084)، والبغوي في شرح السنة (1/ 257 ح 117)، والطبري (ح 80)، والترمذي (5/ 183 ح 2950) وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، إلا أن في رواته عبدالأعلى الثعلبي تُكلم فيه. (¬3) أخرجه النسائي في الكبرى (5/ 31 ح 886)، والترمذي (5/ 183 ح 2952)، وأبو داود (3/ 320 ح 3652)، والطبري (ح 80)، وفي إسناده: سهيل القطعي، ضعفه الأئمة.

المبحث العاشر نقل العامي للحديث بالمعنى وترجمته للغات الأخرى

المبحث العاشر نقل العامي للحديث بالمعنى وترجمته للغات الأخرى ذهب جمهور أهل العلم إلى جواز نقل الحديث بالمعنى بالشروط الآتية: أولاً: أن يكون الناقل عارفاً بمعاني الألفاظ وما يحيلها. ثانياً: أن يكون المعنى المنقول إليه مطابقاً للمعنى الأول (¬1). واستدلوا على ذلك بأدلة منها: أنه يجوز تفسير القرآن بغير العربية إجماعاً فكذا بها (¬2). فمن هذا الاستدلال تظهر حكاية الإجماع على جواز ترجمة الأحاديث النبوية إلى اللغات الأجنبية بالشروط المتقدمة. والعلة في ذلك أن المقصود بالأحاديث النبوية هو المعنى فصحت ترجمتها، بخلاف القرآن والآذان فهذه يقصد بها اللفظ ذاته إذ هو متعبد بتلاوته وترتيبه، ومن هنا لم تصح ترجمته (¬3). ¬

(¬1) شرح الكوكب المنير 2/ 530، شرح تنقيح الفصول ص 380، المسودة ص 281، أصول السرخسي 1/ 355. (¬2) شرح الكوكب المنير 2/ 535، المستصفى 1/ 168، فواتح الرحموت 2/ 168. (¬3) شرح الكوكب المنير 2/ 535.

المبحث الحادي عشر القواعد الفقهية التي يستفيد العامي مباشرة من تعلمها

المبحث الحادي عشر القواعد الفقهية التي يستفيد العامي مباشرة من تعلمها أولاً: قاعدة الأمور بمقاصدها: للنية أثر كبير على أعمال المكلف، ومن هنا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، والنية توضح المراد بالأيمان، وبألفاظ الكنايات، وتعين نوع العبادة المؤداة هل هي مثلاً صلاة الظهر أو نافلتها. وعلى النية يترتب الثواب والعقاب، فمن فعل الحرام غير قاصد له فلا عقاب له، ومن فعل الطاعة بقصد التقرب إلى الله لنيل الثواب الأخروي استحق الثواب، وكذلك المباحات إذا قصد المكلف بها التقوي على طاعة الله استحق الثواب عليها (¬1). ثانياً: قاعدة الخروج من الخلاف مستحب: فإذا اختلف العلماء في مسألة، فإنه يشرع للمكلف أن يخرج من الخلاف، بأن يفعل فعلاً يقع الاتفاق بين العلماء على جوازه وصحته (¬2). ثالثاً: لا إنكار في المسائل الاجتهادية: فمن عمل عملاً في مسألة شرعية، وكان لعمله هذا حظ من الاجتهاد السائغ شرعاً، فلا يحق لأحد أن ينكره عليه (¬3). ¬

(¬1) انظر القاعدة في: شرح الكوكب المنير 4/ 456، الأشباه والنظائر للسيوطي ص 8. (¬2) انظر القاعدة في: الأشباه والنظائر للسيوطي ص 136، المنثور 2/ 127، الموافقات 4/ 202 و 150. (¬3) انظر القاعدة في: الأشباه والنظائر للسيوطي ص 158، فتح المجيد ص 344.

ثبت المصادر

ثبت المصادر 1 - الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، تأليف: علاء الدين بن بلبان الفارسي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1418 هـ. 2 - الإحكام في أصول الأحكام، تأليف: أبي محمد علي بن حزم الظاهري، دار الحديث، القاهرة، الطبعة الأولى، 1404 هـ. 3 - إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، تأليف: محمد بن علي الشوكاني، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، الطبعة الأولى، 1356 هـ. 4 - الأشباه والنظائر، تأليف: جلال الدين السيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1403 هـ. 5 - أصول الفقه: الحد والموضوع والغاية، تأليف: د. يعقوب بن عبدالوهاب الباحسين، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى، 1408 هـ. 6 - أصول السرخسي، تحقيق أبي الوفاء الأفغاني، دار المعرفة، بيروت، لبنان. 7 - إعلام الموقعين عن رب العالمين، تأليف: شمس الدين محمد بن قيم الجوزية، تحقيق: محمد محي الدين عبدالحميد، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية، 1397 هـ. 8 - البحر المحيط في أصول الفقه، تأليف: بدر الدين الزركشي، تحرير: عبدالقادر العاتمي، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، الطبعة الأولى 1409 هـ.

9 - البرهان في أصول الفقه، تأليف: أبي المعالي الجويني، تحقيق: د. عبدالعظيم الديب، مطابع الدوحة الحديثة، قطر، الطبعة الأولى، 1399 هـ. 10 - البرهان في علوم القرآن، تأليف: بدر الدين الزركشي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعرفة، بيروت. 11 - تخريج الفروع على الأصول، تأليف: شهاب الدين الزنجاني، تحقيق: د. محمد أديب صالح، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثالثة، 1399 هـ. 12 - تشنيف المسامع، تأليف: بدرالدين الزركشي، رسالة دكتوراه مقدمة لكلية الشريعة، تحقيق موسى فقيهي. 13 - التفريق بين الأصول والفروع، تأليف: د. سعد بن ناصر الشثري، دار المسلم، الرياض، الطبعة الأولى، 1417 هـ. 14 - التقليد وأحكامه، تأليف: سعد بن ناصر الشثري، دار الوطن ودار الغيث، الرياض، الطبعة الأولى، 1415 هـ. 15 - التلخيص لمستدرك الحاكم، تأليف: الحافظ الذهبي (مطبوع مع المستدرك)، دار الكتاب العربي، بيروت. 16 - التلويح شرح التوضيح على التنقيح، تأليف: سعد الدين التفتازاني، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ. 17 - التمهيد في أصول الفقه، تأليف: أبي الخطاب الكلوذاني، تحقيق: د. مفيد محمد أبو عمشة، ود. محمد إبراهيم علي، نشر: كلية الشريعة، مكة المكرمة، طباعة: دار المدني - جدة، الطبعة الأولى 1406 هـ. 18 - التمهيد في تخريج الفروع على الأصول، تأليف: جمال الدين الأسنوي، تحقيق: د. محمد حسن هيتو، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية 1401 هـ.

19 - تيسير التحرير، تأليف: محمد أمين أمير بادشاه، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ. 20 - تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد، تأليف: الشيخ سليمان بن عبدالله، المكتب الإسلامي، دمشق، الطبعة الأولى. 21 - جامع البيان في تأويل القرآن، تأليف: أبي جعفر محمد بن جرير الطبري، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1412 هـ. 22 - حاشية الروض المربع، تأليف: عبدالرحمن بن محمد بن قاسم، بيروت، الطبعة الثالثة 1405 هـ. 23 - دراسات في مقدمات علم أصول الفقه، تأليف: د. عبدالحليم عبدالفتاح عمر، مكتبة السلام، القاهرة، 1413 هـ. 24 - الرسالة، تأليف: الإمام محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق: أحمد محمد شاكر، بدون ناشر ولا تاريخ. 25 - روضة الناظر، تأليف: موفق الدين ابن قدامة، تحقيق: د. عبدالكريم النملة، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى 1413 هـ. 26 - روضة الطالبين، تأليف: الإمام النووي، طبع بإشراف: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1405 هـ. 27 - سنن ابن ماجه، تأليف: ابن ماجة القزويني، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي، مطبعة دار إحياء الكتب العربية، بدون تاريخ. 28 - سنن أبي داود، تأليف: أبي داود السجستاني، تحقيق: محمد محي الدين عبدالحميد، المكتبة العصرية، صيدا. 29 - سنن الترمذي (الجامع الصحيح)، تأليف: أبي عيسى الترمذي، تحقيق: أحمد محمد شاكر، دار الكتب العلمية، بيروت.

30 - سنن الدارقطني، تأليف: علي بن عمر الدارقطني، عالم الكتب، بيروت، بدون تاريخ. 31 - السنن الكبرى، تأليف: أبي بكر البيهقي، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ. 32 - السنن الكبرى، تأليف: الإمام النسائي، تحقيق: د. عبدالغفار البنداري وسيد حسن، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1411 هـ. 33 - سنن النسائي (بشرح السيوطي)، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ. 34 - شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الأصول، تأليف: شهاب الدين القرافي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، مكتبة الكليات الأزهرية، الطبعة الأولى، 1393 هـ. 35 - شرح جمع الجوامع، تأليف: جلال الدين المحلي، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ. 36 - شرح السنة، تأليف: الحسين بن مسعود الفراء البغوي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط ومحمد زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، دمشق، الطبعة الأولى، 1390 هـ. 37 - شرح الكوكب المنير، تأليف: ابن النجار الفتوحي، تحقيق: د. محمد الزحيلي، ود. نزيه حماد، نشر: كلية الشريعة بمكة، طباعة: دار الفكر، دمشق 1400 هـ. 38 - شرح مختصر الروضة، تأليف: نجم الدين الطوفي، تحقيق: د. عبدالله ابن عبدالمحسن التركي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1407 هـ.

39 - صحيح البخاري، تأليف: الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، مطابع الشعب 1378 هـ. 40 - صحيح مسلم، تأليف: الإمام مسلم بن الحجاج، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي، نشر: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، سنة 1400 هـ. 41 - صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، تأليف: أحمد بن حمدان الحنبلي، خرج أحاديثه: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، دمشق، الطبعة الثانية 1394 هـ. 42 - العدة في أصول الفقه، تأليف: القاضي أبي يعلي الفراء، تحقيق: د. أحمد بن علي المباركي، الطبعة الثانية، 1410 هـ. 43 - عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، تأليف: بدر الدين العيني، دار الفكر، 1399 هـ. 44 - فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تأليف: ابن حجر العسقلاني، حقق أوله: الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، المطبعة السلفية ومكتبتها، القاهرة، الطبعة الأولى، 1380 هـ. 45 - فتح المجيد، تأليف: الشيخ عبدالرحمن بن حسن، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء، الطبعة الثالثة، 1413 هـ. 46 - الفروق (أنوار البروق في أنواء الفروق)، تأليف: شهاد الدين القرافي، عالم الكتب، بيروت، بدون تاريخ. 47 - الفقيه والمتفقه، تأليف: الخطيب البغدادي، تحقيق: إسماعيل الأنصاري، مطابع القصيم، الرياض، الطبعة الثانية، 1389 هـ.

48 - فواتح الرحموت، تأليف: عبدالعلي الأنصاري، مطبوع بهامش المستصفى. 49 - القطع والظن عند الأصوليين، تأليف: د. سعد بن ناصر الشثري، الطبعة الأولى، دار الحبيب، الرياض، 1418 هـ. 50 - القواعد والفوائد الأصولية وما يتعلق بها من الأحكام الفرعية، تأليف: علاء الدين بن اللحام، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1403 هـ. 51 - القوانين الفقهية، تأليف: ابن جزي الكلبي، دار القلم، بيروت، بدون تاريخ. 52 - كشاف القناع عن متن الإقناع، تأليف: منصور بن يونس البهوتي، مطبعة الحكومة، مكة المكرمة، 1394 هـ. 53 - المجموع شرح المهذب، تأليف: محي الدين النووي، تحقيق: محمد نجيب المطيعي، المكتبة العالمية، القاهرة، 1971 م. 54 - مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع: عبدالرحمن بن محمد بن قاسم وابنه محمد، طبع بأمر الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، مكتبة المعارف، الرباط. 55 - المحصول في علم الأصول، تأليف: فخر الدين الرازي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1408 هـ. 56 - مذكرة في علم الأصول، تأليف: سعد الشثري، دار المسلم، الرياض، الطبعة الأولى، 1415 هـ. 57 - المستدرك، تأليف: أبي عبدالله الحاكم، دار الكتاب العربي، بيروت، بدون تاريخ.

58 - المستصفى، تأليف: أبي حامد الغزالي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، 1403 هـ. 59 - مسند الإمام أحمد بن حنبل، المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الثانية، 1398 هـ. 60 - مسند أبي داود الطيالسي، دار المعرفة، بيروت: بدون تاريخ. 61 - المسودة في أصول الفقه، تتابع على تأليفها ثلاثة من أئمة آل تيمية، تحقيق: محمد محي الدين عبدالحميد، مطبعة المدني، القاهرة، 1384 هـ. 62 - مطالب أولي النهى، تأليف: مصطفى الرحيباني الأسيوطي، المكتب الإسلامي، دمشق. 63 - المنثور في القواعد، تأليف: بدرالدين الزركشي، تحقيق: د. تيسير فائق أحمد محمود، وزارة الأوقاف بالكويت، الطبعة الأولى، 1402 هـ. 64 - المنخول من تعليقات الأصول، تأليف: أبي حامد الغزالي، تحقيق: د. محمد حسن هيتو، دار الفكر، دمشق، الطبعة الثانية، 1400 هـ. 65 - الموافقات في أصول الشريعة، تأليف: أبي إسحاق الشاطبي، بتعليق: عبدالله دراز، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ. 66 - ميزان الأصول في نتائج العقول، تأليف: علاء الدين السمرقندي، تحقيق: د. محمد زكي عبدالبر، مطابع الدوحة الحديثة، قطر، الطبعة الأولى، 1404 هـ. 67 - نفائس الأصول في شرح المحصول، تأليف: شهاب الدين القرافي، تحقيق: عبدالرحمن بن عبدالعزيز المطير، رسالة دكتوراه مقدمة إلى قسم الأصول في كلية الشريعة بالرياض عام 1408 هـ.

§1/1