الفوائد والزهد والرقائق والمراثي

جعفر الخلدي

القضاء والقدر في حياة المسلم

§الْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ فِي حَيَاةِ الْمُسْلِمِ

أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ جَمَالُ الدِّينِ يُوسُفُ ابْنُ الزَّكِيِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمِزِّيِّ إِجَازَةً مُكَاتَبَةً، أنا وَالِدِي الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ، أنا النَّجِيبُ أَبُو الْمُرَهَّفِ الْمِقْدَامُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْمِقْدَادِ الْقَيْسِيُّ سَمْعًا لِلْمُعَلِّمِ عَلَيْهِ قَالَ: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَنْدِينِجِييُّ، أنا أَبُو نَصْرٍ الْمُعَمَّرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سُكَيْنَةَ الْأَنْمَاطِيُّ، أنا أَبُو الْقَاسِمِ شَاذَانُ بْكُيْرٌ الْمُقْرِئُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الْخَوَّاصُ الْخَلَدِيُّ، 1 - حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ التَّمِيمِيُّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»

العافية خير ما يسأل المرء ربه

§الْعَافِيَةُ خَيْرُ مَا يَسْأَلُ الْمَرْءُ رَبَّهُ

2 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ رِشْدِينَ الْمِصْرِيُّ بِمِصْرَ، ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ دِرْعٍ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «§لَوْ عَلِمْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا إِلَّا الْعَافِيَةَ حَتَّى أُصْبِحَ»

حب علي رضي الله عنه إيمان وبغضه نفاق

§حُبُّ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِيمَانٌ وَبُغْضُهُ نِفَاقٌ

3 - حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ بِالْكُوفَةَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ صُبَيْحٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سَهْلٍ الْفَزَارِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الْوَالِبِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى مِنْبَرِكُمْ هَذَا، وَهُوَ يَقُولُ: عَهِدَ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ: «أَنَّهُ §لَا يُحِبُّكُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ»

هل تعرف من زاذان؟

§هَلْ تَعْرِفُ مَنْ زَاذَانُ؟

4 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْقَطَّانُ الْفَارِسِيُّ بِالْفَارِسِيَّةِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ زَاذَانَ، قَالَ: كُنْتُ فَتًى حَسَنَ الصَّوْتِ، جَيِّدَ الضَّرْبِ بِالطُّنْبُورِ، فَكُنْتُ أَنَا وَأَصْحَابِي فِي رُوَيْضَةٍ، قُدَّامَنَا بَاطِيَّةٌ، فِيهَا نَبِيذٌ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا رَجُلٌ، فَضَرَبَ الْبَاطِيَّةَ بِرِجْلِهِ فَأَلْقَاهَا، ثُمَّ تَنَاوَلَ الطُّنْبُورَ فَكَسَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: «يَا غُلَامُ، §لَوْ كَانَ مَا أَسْمَعُ مِنْ حُسْنِ صَوْتِكَ بِالْقُرْآنِ، كُنْتَ أَنْتَ أَنْتَ» ، ثُمَّ ذَهَبَ، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا مَا تَعْرِفُ هَذَا؟ قُلْتُ: لَا قَالُوا: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَأَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِي التَّوْبَةَ، فَتَبِعْتُهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَكَلَّمْتُهُ، قَالَ: «مَنْ أَنْتَ؟» قُلْتُ: أَنَا صَاحِبُ الطُّنْبُورِ، قَالَ: «مَرْحَبًا بِمَنْ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ، ثُمَّ قَالَ: «اجْلِسْ» ، فَأَخْرَجَ إِلَيَّ تَمْرَةً، فَقَالَ: «كُلْ، فَلَوْ كَانَ عِنْدَنَا غَيْرُ هَذَا لَأَخْرَجْنَاهُ لَكَ»

أفضل العبادة الفقه في الدين

§أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ الْفِقْهُ فِي الدِّينِ

5 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ صُبَيْحٍ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ جَدِّي، ثنا مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْأَزْدِيِّ ثنا الْحَسَنُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنَ الْفِقْهِ فِي الدِّينِ»

صيام المقربين

§صِيَامُ الْمُقَرَّبِينَ

6 - وَحَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ؛ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، ثنا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الدِّمَشْقِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَهُ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنِ الصِّيَامِ، قَالَ: عَنِ الصِّيَامِ، جِئْتَ تَسْأَلُنِي؟ أَلَا أُخْبِرُكَ حَدِيثًا، كَانَ عِنْدِي فِي التَّخْتِ الْمَخْزُونِ، إِذَا كُنْتَ تُرِيدُ صِيَامَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَلِيفَةِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّهُ كَانَ عَبْدًا مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ، وَأَشْجَعِ النَّاسِ، وَكَانَ لَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى، وَكَانَ يَقْرَأُ الزَّبُورَ بِسَبْعِينَ لَوْنًا، وَيَقْرَأُهُ قِرَاءَةً يَطْرَبُ مِنْهَا الْمَحْمُومُ، وَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَبْكِيَ، نَفْسُهُ لَمْ تَبْقَ، وَكَانَ لَهُ سَجْدَةٌ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَيَتَضَرَّعُ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ §أَفْضَلَ الصِّيَامِ صِيَامُ أَخِي دَاوُدَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا» وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ صِيَامَ ابْنِهِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ أَوَّلَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَمِنْ وَسَطِ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَسْتَفْتِحُهُ بِصِيَامٍ، وَأَوْسَطَهُ بِصِيَامٍ، وَآخِرَهُ بِصِيَامٍ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ صِيَامَ ابْنِ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ -[19]- الدَّهْرَ كُلَّهُ، لَا يُفْطِرُ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ يَأْكُلُ الشَّعِيرَ، وَيَلْبَسُ الشَّعْرَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ يَعُولُ، وَلَا نَبْتٌ يُحْرَثُ، وَكَانَ رَامِيًا لَا يُخْطِئُ صَيْدًا يُرِيدُهُ، وَحَيْثُ مَا غَابَتِ الشَّمْسُ، صَفَّ بَيْنَ قَدَمَيْهِ، فَلَا يَزَالُ يُصَلِّي، حَتَّى يَرَاهَا قَدْ طَلَعَتْ، وَكَانَ يَمُرُّ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ، فَمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ قَضَاهَا، وَكَانَ لَا يَقُومُ مَقَامًا إِلَّا رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، فَكَانَ ذَلِكَ شَأْنَهُ حَتَّى رُفِعَ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ صِيَامَ أُمِّهِ، فَإِنَّهَا كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَيْنِ، وَتُفْطِرُ يَوْمًا وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ صِيَامَ خَيْرِ الْبَشَرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَيَقُولُ: «هُنَّ صِيَامُ الدَّهْرِ»

من وصايا أبي هريرة رضي الله عنه

§مِنْ وَصَايَا أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

7 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ بِمَكَّةَ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، ثنا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ: «يَا مُطَرِّفُ §لَا تَكُنْ حَرَسِيًّا، وَلَا عَرِيفًا، وَلَا شُرْطِيًّا»

ميزان الرجال

§مِيزَانُ الرِّجَالِ

8 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَنَدِيُّ، بِمَكَّةَ، ثنا أَبُو حُمَةَ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِرَجُلٍ: «مَا تَقُولُ فِي فُلَانٍ» قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: «§هَلْ صَحِبْتَهُ فِي سَفَرٍ قَطُّ؟» قَالَ: لَا، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: «هَلْ جَرَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ خُصُومَةٌ قَطُّ؟» قَالَ: لَا، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: «فَهَلِ ائْتَمَنْتَهُ عَلَى دِرْهَمٍ، أَوْ دِينَارٍ قَطُّ؟» قَالَ: لَا، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: «لَا عَلِمَ لَكَ بِالرَّجُلِ، إِنَّمَا رَأَيْتَ رَجُلًا يَضَعُ رَأْسَهُ فِي الْمَسْجِدِ، يَرْفَعُهُ»

لقاء العلماء

§لِقَاءُ الْعُلَمَاءِ

9 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، ثنا طَاهِرُ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ: " لَقِيَ رَجُلٌ رَجُلًا فَوْقَهُ فِي الْعِلْمِ، فَقَالَ: §كَمْ آكُلُ فَقَالَ: مَا فَوْقَ الْجُوعِ، وَدُونَ الشِّبَعِ قَالَ: فَكَمْ أَضْحَكُ؟ قَالَ: حَتَّى يُسْفِرَ وَجْهُكَ، عَلَى أَنْ لَا يُسْمَعَ صَوْتُكَ قَالَ: فَكَمْ أَبْكِي؟ قَالَ: لَا تَمَلَّ أَنْ تَبْكِيَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ. قَالَ: فَكَمْ أُخْفِي مِنْ عَمَلِي؟ قَالَ: حَتَّى لَا يَرَاكَ النَّاسُ أَنَّكَ تَعْمَلُ بِحَسَنَةٍ قَالَ: فَكَمْ أُظْهِرُ مِنْ عَمَلِي؟ قَالَ: حَتَّى يَأْتَمَّ بِكَ الْحَرِيصُ، وَيُؤْمَنَ عَلَيْكَ قَوْلُ النَّاسِ "

من فضائل الشهادتين

§مِنْ فَضَائِلِ الشَّهَادَتَيْنِ

10 - حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَّانِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَابَلْتِيُّ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: أَتَانِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: فَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ: «§مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا دَخَلَ الْجَنَّةَ» قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ نَعَمْ فَاذْهَبْ، فَأَسْأَلْهُ قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَنَّكَ قُلْتَ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا دَخَلَ الْجَنَّةَ» قَالَ: «صَدَقَ مُعَاذٌ، صَدَقَ مُعَاذٌ»

الملائكة في بيت واصل

§الْمَلَائِكَةُ فِي بَيْتِ وَاصِلٍ

11 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الطُّوسِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: كَانَ وَاصِلُ مَولَى عُيَيْنَةَ جَارًا لِي، وَكَانَ يَسْكُنُ فِي غُرْفَةٍ، فَكُنْتُ أَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ مِنَ اللَّيْلِ، وَكَانَ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا يَسِيرًا قَالَ: فَغَابَ وَاصِلٌ مَوْلَى عُيَيْنَةَ إِلَى مَكَّةَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُ الْقِرَاءَةَ مِنْ غُرْفَتِهِ عَلَى نَحْوٍ مِنْ صَوْتِهِ، كَأَنِّي لَا أُنْكِرُ مِنَ الصَّوْتِ شَيْئًا، وَبَابُ الْغُرْفَةِ مُغْلَقٌ قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثُ أَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ، فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: «وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ؟ §هَؤُلَاءِ سُكَّانُ الدَّارِ، يُصَلُّونَ بِصَلَاتِنَا، وَيَسْمَعُونَ لِقِرَاءَتِنَا» ، قَالَ: قُلْتُ: أَفَتَرَاهُمْ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنِّي أُحِسُّ بِهِمْ، وَأَسْمَعُ تَأْمِينَهُمْ، عِنْدَ الدُّعَاءِ، وَرُبَّمَا غَلَبَ عَلَيَّ النَّوْمُ فَيُوقِظُونِي»

من منامات الصالحين

§مِنْ منَامَاتِ الصَّالِحِينَ

12 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنِي مُضَرُ الْقَارِئُ، قَالَ: " §كَانَ رَجُلٌ قَلَّ مَا يَنَامُ مِنَ النَّوْمِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَنَامَ عَنْ جُزْئِهِ، فَرَأَى فِيمَا يَرْأَى النَّائِمُ، كَأَنَّ جَارِيَةً وَقَفَتْ عَلَيْهِ، كَأَنَّهَا الْقَمَرُ الْمُسْتَنِيرُ، قَالَ: وَمَعَهَا رَقٌّ فِيهِ كِتَابٌ، فَقَالَتْ: أَتَقْرَأُ أَيُّهَا الشَّيْخُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: فَاقْرَأْ إِلَيَّ هَذَا الْكِتَابَ قَالَ: فَأَخَذْتُهُ مِنْ يَدِهَا فَفَتَحْتُهُ، فَإِذَا فِيهِ مَكْتُوبٌ لَهَوْتَ بِلَذَّةٍ عَنْ خَيْرِ عَيْشٍ ... مَعَ الْخَيْرَاتِ فِي غُرَفِ الْجِنَانِ تَعِيشُ مُخَلَّدًا لَا مَوْتَ فِيهَا ... وَتَنْعَمُ فِي الْخِيَامِ مَعَ الْحِسَانِ تَيَقَّظْ مِنْ مَنَامِكَ إِنَّ خَيْرًا ... مِنَ النَّوْمِ التَّهَجُّدُ بِالْقُرَانِ قَالَ: فَوَاللَّهِ، مَا ذَكَرْتُهَا قَطُّ، إِلَّا ذَهَبَ عَنِّي النَّوْمُ"

وصف ابن المبارك للعباد

§وَصَفُ ابْنِ الْمُبَارَكِ لِلْعِبَّادِ

13 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، أَنَّهُ ذَكَرَ الْعُبَّادَ فَقَالَ: « [البحر الطويل] §وَمَا فُرْشُهُمْ إِلَّا أَيَامِنُ أُزْرِهِمْ ... وَمَا وُسْدُهُمْ إِلَّا مِلَاءٌ وَأَذْرُعُ وَمَا لَيْلُهُمْ فِيهِنَّ إِلَّا تَحَوُّبٌ ... وَمَا نَوْمُهُمْ إِلَّا عِشَاشٌ مُرَوَّعُ وَأَلْوَانُهُمْ صُفْرٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ ... عَلَيْهَا جِسَادٌ هِيَ بِالْوَرْسِ مُشْبَعُ نَوَاحِلُ قَدْ أَزْرَى بِهَا الْجَهْدُ وَالسَّرَى ... إِلَى اللَّهِ فِي الظَّلْمَاءِ وَالنَّاسُ هُجَّعُ وَيْبُكوَنَ أَحْيَانًا كَأَنَّ عَجِيجَهُمْ ... إِذَا نَوَّمَ النَّاسَ الْحَنِينُ الْمَرَجَّعُ وَمَجْلِسِ ذِكْرٍ فِيهِمُ قَدْ شَهِدْتُهُ ... وَأَعْيُنُهُمْ مِنْ رَهْبَةِ اللَّهِ تَدْمَعُ»

كلام الحسن البصري عن الزهاد

§كَلَامُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنِ الزُّهَادِ

14 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ أَبُو خَالِدٍ الْأُمَوِيُّ، ثنا مَسْلَمَةُ الْعَابِدُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّ الْحَسَنَ، كَانَ يَقُولُ: " إِنَّ §للَّهِ عِبَادًا كَمَنْ رَأَى أَهْلَ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَهُمْ مُخَلَّدُونَ، وَكَمَنْ رَأَى أَهْلَ النَّارِ فِي النَّارِ مُعَذَّبُونَ، قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ، وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ، وَحَوَائِجُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَقْضِيَّةٌ، وَأَنْفُسُهُمْ عَنِ الدُّنْيَا عَفِيفَةٌ، صَبَرُوا أَيَّامًا قِصَارًا، لِعُقْبَى رَاحَةٍ طَوِيلَةٍ، أَمَّا اللَّيْلُ فَصَافَةٌ أَقْدَامُهُمْ، تَسِيلُ دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ، يَجْأَرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ، رَبَّنَا رَبَّنَا، وَأَمَّا النَّهَارُ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ بَرَرَةٌ أَتْقِيَاءُ، كَأَنَّهُمُ الْقِدَاحُ يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ، فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى، وَمَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ، وَيَقُولُ: قَدْ خَلَطُوا، وَقَدْ خَالَطَ الْقَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ "

15 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، ثنا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْمَرْوَزِيُّ، ثنا ابْنُ خُبَيْقٍ، ثنا أَبُو الْخَيْرِ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: " أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: §تَزْعُمُ أَنَّكَ تُحِبُّنِي، وَتَدَّعِي وَتُسِئُ فِيَّ الظَّنَّ صَبَاحًا وَمَسَاءً، أَمَا كَانَتْ لَكَ عِبْرَةٌ، أَنِّي شَقَقْتُ سَبْعَ أَرَضِينَ، مَا ذَرَّةٌ فِيهَا تُرَى لَمْ أَنْسَهَا، أَمَا إِنِّي لَوْلَا أَنِّي أَحْفَظُ مِنْكَ خِصَالًا، لَأَحْرَقْتُكَ بِالنِّيرَانِ "

16 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا يُوسُفُ، ثنا خُبَيْقٌ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الضُّرَيْسِ، يَقُولُ: " قَالَ أَعْرَابِيٌّ فِي الْمَوْقِفِ: §اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ مَدَدْتُ يَدَيَّ إِلَيْكَ رَاغِبًا، فَطَالَ مَا كَفَيْتَنِي سَاهِيًا، نَعْمَاكَ تَظَاهَرُ عَلَيَّ عِنْدَ الْغَفْلَةِ، فَكَيْفَ آيَسٌ مِنْكَ عِنْدَ الرَّجْفَةِ، لَسْتُ أَقْطَعُ رَجَاءَكَ مِنْ عَظِيمِ آثَامِي، وَإِنْ كُنْتُ لَا أَصِلُ إِلَيْكَ أَبَدًا "

لقاء إبراهيم عليه السلام بملك الموت

§لِقَاءُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَلَكِ الْمَوْتِ

17 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى، ثنا إِسْحَاقُ، ثنا جُوَبْيِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، يَقْبِضُ رَوْحَ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَبَطَ إِلَيْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: §رَأَيْتَ خَلِيلًا يَقْبِضُ رُوحَ خَلِيلِهِ؟ قَالَ: فَعَرَجَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا إِبْرَاهِيمُ، وَرَأَيْتُ خَلِيلًا يَكْرَهُ لِقَاءَ خَلِيلِهِ؟ قَالَ: فَاقْبِضْ رُوحِي السَّاعَةَ "

محبة الصالحين لربهم وكيف تكون

§مَحَبَّةُ الصَّالِحِينَ لِرَبِّهِمْ وَكَيْفَ تَكُونُ

18 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، وَهُوَ فِي دَارٍ بِالْكُوفَةِ وَحْدَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَمَا تَسْتَوْحِشُ فِي هَذِهِ الدَّارِ؟ فَقَالَ: «مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ أَحَدًا يَسْتَوْحِشُ مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لِأَنَّهُ §إِذَا أَحَبَّ الْعَبْدُ رَبَّهُ فَلَا وَحْشَةَ عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ أُنْسُهُ، وَيُحَدِّثُهُ»

19 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيُّ، قَالَ: " قُلْتُ لِرَاهِبٍ فِي صَوْمَعَتِهِ: يَا رَاهِبُ مَا أَقْوَى شَيْءٍ تَجِدُونَهُ فِي كُتُبِكُمْ؟ قَالَ: مَا نَجْدُ شَيْئًا فِي كِتَابِنَا أَقْوَى مِنْ أَنْ §تَجْعَلَ مَحَبَّتَكَ، وَقُوَّتَكَ كُلَّهَا فِي مَحَبَّةِ الْخَالِقِ "

20 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيُّ، حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قِيلَ لِأَبِي عُبَيْدَةَ النَّاجِيِّ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: «مُدَافِعُ الْأَيَّامِ» قَالَ: مَا اسْمُكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: «قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ §الْمُحِبَّ عَلَى انْزِعَاجٍ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا، وَهُوَ مُدَافِعٌ أَيَّامَهَا»

21 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: «قَدْ §أَسْكَنَهُمُ الْغُرَفَ قَبْلَ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَأَدْخَلَهُمُ النَّارَ قَبْلَ أَنْ يَعْصُوهُ، قَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَحْمِلُ الطَّعَامَ إِلَى الْأَصْنَامِ، وَاللَّهُ -[31]- يُحِبُّهُ، مَا ضَرَّهُ ذَلِكَ عِنْدَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ»

22 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: قَالَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ: «§مَا تَلَذَّذَ الْمُتَلَذِّذُونَ بِمِثْلِ الْخَلْوَةِ بِمُنَاجَاةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ - وَالْأُنْسِ بِمَحَبَّتِهِ»

من معاني التوكل على الله

§مِنْ مَعَانِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ

23 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ ثنا زَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، قَالَ: §سُئِلَ الْحَسَنُ عَنِ التَّوَكُّلِ، فَقَالَ: «الرِّضَا عَنِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ»

سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الْجُنَيْدُ، يَقُولُ: «§لَمْ يُبْطَءْ عَلَى الْخَلْقِ مَا وُعِدُوا، وَإِنَّمَا تَخَلَّفُوا عَمَّا أُمِرُوا، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِمْ مَا وُعِدُوا»

فوات الأعمال أشد على الصالحين

§فَوَاتُ الْأَعْمَالِ أَشَدُّ عَلَى الصَّالِحِينَ

24 - حَدَّثَنِي الْجُنَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْبَقَّالُ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى صَدَاقَةٌ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ، فَقَالَ لَهَ الْبَقَّالُ: قَصَدْتُهُ يَوْمًا إِلَى مَنْزِلِهِ، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، فَقُلْتُ لِلْجَارِيَةِ: مَا قَالَهُ؟ قَالَتْ: لَا أَدْرِي، إِلَّا أَنَّهُ دَخَلَ إِلَى بَيْتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَأَغْلِقَ عَلَيْهِ الْبَابَ، وَهُوَ يَبْكِي بُكَاءً مُتَّصِلًا، دَائِمًا، فَتَحَوَّلَتْ بِقَوْلِهَا، وَقُلْتُ لَهَا: ارْجِعِي فَاسْتَأْذِنِي لِي عَلَيْهِ، وَقُولِي لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَقَّالُ، فَدَخَلْتُ، فَرَأَيْتُهُ يَبْكِي بُكَاءً قَوِيًّا، مَا يَكَادُ أَنْ يَتَمَالَكَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي مَا حَالُكَ؟ فَأَرَادَ أَنْ يُلْهِيَنِي، فَلَمْ أَتْرُكْهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: إِنَّهُ §فَاتَنِي الْبَارِحَةَ وِرْدِي، وَلَا أَحْسَبُ ذَلِكَ إِلَّا لِأَمْرٍ أَحْدَثْتُهُ، فَعُوقِبْتُ بِمَنْعِ وِرْدِي "، وَأَخَذَ يَبْكِي، فَأَشْفَقْتُ عَلَيْهِ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أُسَهِّلَ عَلَيْهِ الْأَمْرَ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَعْجَبَ أَمْرِي، وَأَمْرَكَ، قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ فِي يَدِي مِنْكَ شَيْءٌ قَالَ لِي: «وَبِمَ ذَاكَ؟» قُلْتُ لَهُ: لَمْ تَرْضَ عَنِ اللَّهِ فِي نَوْمَةِ نَوَّمَكَ إِيَّاهَا، حَتَّى قَعَدْتَ تَبْكِي بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: «دَعْ دَاعِيكَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ، وَمَا أَحْسَبُ ذَاكَ إِلَّا لِأَمْرٍ أَحْدَثْتُهُ» ، وَعَادَ عَلَيْهِ الْبُكَاءُ وَرَأَيْتُهُ لَا يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِي، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَاكَ انْصَرَفْتُ وَتَرَكْتُهُ يَبْكِي قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: وَهَذِهِ سِيرَةُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْلُوَ بِنَفْسِهِ، وَأَرَادَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِصَالِحٍ، فَلَعَلَّهُ أَنْ لَا يَشْكُوَ بِالتَّعْرِيَةِ عَنْ حَالٍ، عَوَّضَهُ اللَّهُ مِنْهَا خَيْرًا، وَلَا يَرْضَى بِنَفَاذِهَا، فَإِنْ فَقَدَ مِنْهَا شَيْئًا، رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ، لَائِمًا، عَاذِلًا، وَلَمْ يَطْلُبِ الْمَقَادِيرَ الَّتِي تَسْلُبُهُ

من العظات والعبر

§مِنَ الْعِظَاتِ وَالْعِبَرِ

25 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا مَالِكُ بْنُ ضَيْغَمٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ، وَالْفَضْلِ عَنْ بَعْضِ، رِجَالِهِ قَالَ: " §مَرَّ الْإِسْكَنْدَرُ بِمَدِينَةٍ سَكَنَهَا مُلُوكٌ سَلَفُوا، قَالَ: لِبَعْضِ مِنْ فِيهَا: هَلْ بَقِيَ مِنْ نَسْلِ أُولَئِكَ الْمُلُوكِ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَتًى يَأْوِي إِلَى الْمَقَابِرِ، وَالْجَبَّانِينَ، وَلَا يُجَالِسُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَجَاءَ، فَقَالَ: هَلْ أَنْتَ مِنْ أَبْنَاءِ هَؤُلَاءِ الْمُلُوكِ الَّذِينَ مَلَكُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ؟ قَالَ: إِنَّ ذَاكَ قَالَ: فَلِمَ تَأْوِي إِلَى الْمَقَابِرِ وَالْجَبَّانِينَ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أُمَيِّزَ عِظَامَ الْمُلُوكِ، وَعَبِيدَهُمْ، لَأَعْرِفَ ذَلِكَ، فَقَدْ وَاللَّهِ أَعْيَانِي، وَمَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ قَالَ: فَهَلْ لَكَ مِنْ بَقِيَّةٍ لَعَلِّي أَبْلُغُهَا، فَتَنَالَ شَرَفَ آبَائِكَ؟ قَالَ: إِنَّ لِي بَقِيَّةً إِنْ قَدَرْتَ عَلَيْهَا، قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: أُرِيدُ شَبَابًا لَا هَرَمَ فِيهِ، وَنَعِيمًا لَا بُؤْسَ فِيهِ، وَحَيَاةً لَا مَوْتَ فِيهَا قَالَ: وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: يَقْدِرُ عَلَيْهِ مَنْ يَمْلِكُهُ قَالَ الْإِسْكَنْدَرُ: حِكْمَةٌ وَاللَّهِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: احْفَظُوهَا "

من روضة الزاهدين

§مِنْ رَوْضَةُ الزَّاهِدِينَ

26 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ الْمُهَلَّبِ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: لَقِيَ عَابِدٌ عَابِدًا، أَوْ رَاهِبٌ رَاهِبًا، قَالَ: فَقَالَ: «أَوْصِنِي» قَالَ: §اهْرَبْ مِنَ النَّاسِ تَنْجُ، قَالَ: «فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ هَذَا كَانَ بُدُوُّ السِّيَاحَةِ»

27 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْأَزْرَقِ، قَالَ: " قَالَ بَعْضُ الْعُبَّادِ: §عَلَامَةُ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَا يُبَالِيَ مَنْ أَكَلَهَا "

28 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ الْبَحْرَانِيُّ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى عَابِدٍ بِالْبَحْرَيْنِ، فَإِذَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَلَى وَجْهِهِ، وَيَقُولُ: وَعِزَّتِكَ يَا حَبِيبِي، لَقَدْ §أَذَابَ قَلْبِي الشَّوْقُ إِلَى النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ قَالَ: فَأَبْكَانِي، وَاللَّهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا أَيَّامًا، حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى " قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: " فَرَأَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِهِ، كَأَنَّهَا دَخَلْتِ الْجَنَّةَ، وَقَدْ زُخْرِفَتْ، فَقَالَتْ: لِمَنْ زُخْرِفَتِ الْجَنَّةُ؟ قَالُوا: لِوَلِيٍّ مِنْ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ؟ قَدْ مَاتَ الْبَارِحَةَ قَالَ: فَخَرَجَ وَعَلَى يَدِهِ كَوْبُ يَاقُوتٍ، فَلَمَّا رَأَتْهُ بُهِتَتْ، فَقَالَ: لَا تُرَاعِي، إِنَّمَا هِيَ الْجَنَّةُ لِلْمَلِيكِ، يُتْحِفُ بِهَا مَنْ أَحَبَّ مِنْ عِبَادِهِ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا أَبِي أَنْتَ بِمَا نِلْتَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ مِنَ اللَّهِ؟ قَالَ: بِمَحَبَّتِهِ، وَإِيثَارِ هَوَاهُ عَزَّ وَجَلَّ "

29 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: " قِيلَ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ §مَا عَلَامَةُ التَّوْبَةِ؟ قَالَ: الْوَجَلُ مِنَ الذَّنْبِ "

30 - حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَهْوَازِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنِي -[36]- أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ ابْنُ أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: كَانَ فِي جِوَارِي رَجُلٌ مِنَ الْأَزْدِ يُكْنَى أَبَا الْيَقْظَانِ، وَكَانَ فَتًى أَدِيبًا ظَرِيفًا، وَكَانَ يَهْوَى ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ، وَقَدِ اخْتَلَّتْ حَالَتُهُ، فَرَأَيْتُهُ يَوْمًا يَشْتَرِي آلَةَ السَّفَرِ، فَقُلْتُ: «يَا أَبَا الْيَقْظَانِ مَا شَأْنُكَ؟» قَالَ: عَزَمْتُ أَنِ اخْتَرْتُ وَجْهِي، وَأَخْرُجَ إِلَى أَيِّ النَّوَاحِي، أَطْلُبُ الْمَقَامَ بِهَا، حَتَّى يُفَرِّجَ اللَّهُ عَنِّي، أَوْ أَمُوتَ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: « [البحر الطويل] §فَوَدَّعْتُ مَنْ أَهْوَى وَفِي الْقَلْبِ مَا فِيهِ ... وَسِرْتُ عَنِ الْأَحْبَابِ فِي طَلَبِ الْيُسْرِ وَبَاكِيَةٍ لِلْبَيْنِ قُلْتُ لَهَا اقْصِرِي ... فَلَلْمَوْتُ أَحْلَى مِنْ مُعَالَجَةِ الْفَقْرِ سَأَكْسَبُ مَالًا أَوْ أَمُوتُ بِبَلْدَةٍ ... مُقِلٍّ بِهَا قَطْرُ الدُّمُوعِ عَلَى الْقَبْرِ»

31 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ،: عَشِقَ أَبُو جَعْفَرٍ الْعَابِدُ امْرَأَةً، فَمَكَثَ خَمْسِينَ سَنَةً، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، فَمَا دَرَى كَيْفَ يَأْتِيهَا حَتَّى. . . . . . . . . . . فقِيلَ لَهُ: مَا بَلَغَكَ مِنْ عِشْقِكَ لَهَا؟ قَالَ: «§كُنْتُ أَرَى الْقَمَرَ عَلَى سَطْحِهَا أَحْسَنَ مِنْهُ عَلَى سُطُوحِ النَّاسِ»

32 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْأَقْمَرِ، سَمِعْتُ ابْنَ مَنَاذِرَ الْبَصْرِيَّ، يَقُولُ: «§الْعُشَّاقُ فِيمَا مَضَى كَانُوا أَعَفَّ أَبْصَارًا وَفُرُوجًا مِنْ أَهْلِ النُّسُكِ فِي زَمَانِنَا هَذَا»

33 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، حَدَّثَنِي أَيُّوبُ الْعَطَّارُ، سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَسَمِعَ غُلَامًا يَقْرَأُ، وَلَهُ شَهْرٌ يُؤَذِّنُ، فَقَالَ: «أَذَانُ مَنْ هَذَا؟» قِيلَ: فُلَانٍ، فَقَالَ بِشْرٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: «§قِلَّةٌ الْحَيَاءِ كُفْرٌ»

إياك والبخل وأهله

§إِيَّاكَ وَالْبُخْلَ وَأَهْلَهُ

34 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ، ثنا أَيُّوبُ الْعَطَّارُ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُنَا إِذَا اشْتَرَوْا ثَوْبًا، أَرَوْهُ بِشْرًا، فَأَرَوْهُ يَوْمًا، فَقَالَ: «بِكُمِ اشْتَرَيْتُمُوهُ؟» قُلْنَا: بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا، فَقَالَ: «رَخِيصٌ مِمَّنِ اشْتَرَيْتُمُوهُ؟» قُلْنَا: مِنْ فُلَانٍ قَالَ: «كَمْ أَرْبَحْتُمُوهُ؟» قُلْنَا: دِرْهَمَيْنِ قَالَ: «رُدُّوهُ عَلَيْهِ» قُلْنَا: يَا أَبَا نَصْرٍ، أَلَسْتَ قُلْتَ هُوَ رَخِيصٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِنَّهُ قَدْ §سُرَّ بِالرِّبْحِ، وَهُوَ بَخِيلٌ، فَلَا تَشْرُونَ بَخِيلًا»

35 - حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَابَلْتِيُّ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ نَهِيكٍ أَبُو خَلَّادٍ الزُّهْرِيُّ مَوْلَى آلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، سَمِعْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وَعَادَ أَبَا سَلَمَةَ، وَهُوَ وَجِعٌ، فَسَمِعَ قَوْلَ أُمِّ سَلَمَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ وَهِيَ تَبْكِي، فَنَكَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدُّخُولِ، حَتَّى سَمِعَهَا تَبْكِيهِ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، تَقُولُ: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: 19] فَدَخَلَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ «أُخْلِفَ عَلَيْكِ يَا أُمَّ سَلَمَةَ» فَلَمَّا خَرَجَ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُكَ كَرِهْتَ الدُّخُولَ، لِأَنَّهُمْ يَنُوحُونَ؟ قَالَ: «§لَسْتُ أَدْخَلُ دَارًا فِيهَا نَوْحٌ، وَلَا كَلْبٌ أَسْوَدُ»

الجود من مكارم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم

§الْجُودُ مِنْ مَكَارِمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ

36 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَابَلْتِيُّ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ نَهِيكٍ، عَنْ عَطَاءٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وَأَتَى صَاحِبَ بَزٍّ، فَاشْتَرَى مِنْهُ قَمِيصًا بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، فَخَرَجَ وَهُوَ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْسُنِي قَمِيصًا كَسَاكَ اللَّهُ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ فَنَزَعَ الْقَمِيصَ فَكَسَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى صَاحِبِ الْحَانُوتِ، فَاشْتَرَى مِنْهُ قَمِيصًا بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، وَبَقِيَ مَعَهُ دِرْهَمَانِ، فَإِذَا هُوَ بِجَارِيَةٍ فِي الطَّرِيقِ تَبْكِي، فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ؟» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَفَعَ إِلَيَّ أَهْلِي دِرْهَمَيْنِ أَشْتَرِي بِهِمَا دَقِيقًا فَهَلَكَا، فَدَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا الدِّرْهَمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ، ثُمَّ وَلَّتْ وَهِيَ تَبْكِي، فَدَعَاهَا فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ، وَقَدْ أَخَذْتِ الدِّرْهَمَيْنِ؟» قَالَتْ: أَخَافُ أَنْ يَضْرِبُونِي، فَمَشَى مَعَهَا إِلَى أَهْلِهَا، فَسَلَّمَ، ثُمَّ عَادَ فَسَلَّمَ، ثُمَّ عَادَ فَسَلَّمَ فَعَرَفُوا صَوْتَهُ، ثُمَّ عَادَ فَسَلَّمَ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَسَمِعْتُمْ أَوَّلَ السَّلَامِ؟ " فَقَالُوا: نَعَمْ، وَلَكِنْ أَحْبَبْنَا أَنْ تَزِيدَنَا مِنَ السَّلَامِ، فَمَا أَشْخَصَكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَقَالَ: «أَشْفَقَتْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ أَنْ تَضْرِبُوهَا» قَالَ صَاحِبُهَا: فَهِيَ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِمَمْشَاكَ مَعَهَا، فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِالْخَيْرِ وَالْجَنَّةِ، ثُمَّ قَالَ: «لَقَدْ §بَارَكَ اللَّهُ فِي الْعَشَرَةِ، كَسَا اللَّهُ نَبِيَّهُ قَمِيصًا، وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَعْتَقَ اللَّهُ مِنْهَا رَقَبَةً فَالْحَمْدُ لِلَّهِ هُوَ الَّذِي رَزَقَنَا هَذَا بِقُدْرَتِهِ»

37 - حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا عِصْمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْخَزَّازُ، ثنا حَازِمُ بْنُ مَرْوَانَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ عَنْ لُمَازَةَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ مُعَاذٍ،: شَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ إِمْلَاكَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُ: «§عَلَى الْخَيْرِ، وَالْأُلْفَةِ، وَالطَّائِرِ الْمَيْمُونٍ، وَالسَّعَةِ فِي الرِّزْقِ بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ، دَفِفُوا عَلَى رَأْسِهِ» فَجِيءَ بِدُفٍّ، فَضُرِبَ بِهِ، فَأَقْبَلَتِ الْأَطْبَاقُ عَلَيْهَا فَاكِهَةٌ، وَسُكَّرٌ، فَنُشِرَ عَلَيْهِ، فَكَفَّ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَكُمْ لَا تَنْتَهِبُونَ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ لَمْ تَنْهَ عَنِ النُّهْبَةِ؟ قَالَ: «إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ نُهْبَةِ الْعَسَاكِرِ، فَأَمَّا الْعُرُسَاتِ فَلَا» قَالَ: فَجَاذَبَهُمْ، وَجَاذَبُوهُ

من آداب الضيف والضيافة

§مِنْ آدَابِ الضَّيْفِ وَالضِّيَافَةِ

38 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ مَاهَانَ الْمَجُوسِيَّ وَكَانَ، يُضَيِّفُ النَّاسَ كَثِيرًا، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «كَانَ يُقَالُ §أَضَرُّ شَيْءٍ عَلَى الضَّيْفِ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ شَبْعَانَ»

39 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ مَاهَانَ: " كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ §مِنْ شَرَفِ الضِّيَافَةِ أَنْ يُقْبَلَ عَلَى الضَّيْفِ بِالْبِشْرِ، وَالطَّلَاقَةِ، وَحُسْنِ الْكَلَامِ، لِيُبْسِطَهُ بِحُسْنِ الْمُحَادَثَةِ، وَيَقْطَعَهُ عَنِ الِاحْتِشَامِ، فَيُصِيبُ عِنْدَ ذَلِكَ حَاجَتَهُ مِنَ الطَّعَامِ "

من أحوال الصالحين وأخبارهم

§مِنْ أَحْوَالِ الصَّالِحِينَ وَأَخْبَارِهِمْ

40 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْحَرَّارُ، قَالَ: رَأَى فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ مَا يَصْنَعُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، فَقَالَ: «§مَهْلًا يَا وَرَثَةَ الْأَنْبِيَاءِ لَا تَكُونُوا هَكَذَا»

41 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي ابْنٌ لِمِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ: «§لَوْلَا مَا يَأْمَلُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ، لَانْشَقَّتْ فِي الدُّنْيَا سَرَائِرُهُمْ، وَلَتَقَطَّعَتْ فِي الدُّنْيَا أَجْوَافُهُمْ»

42 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ دَاوُدَ الطَّائِيَّ، يَقُولُ: «§لَوْ أَمَّلْتُ أَنْ أَعِيشَ شَهْرًا، لَرَأَيْتُنِي قَدْ أَتَيْتُ عَطْفًا، وَكَيْفَ أُؤَمِّلُ ذَلِكَ؟، وَقَدْ أَرَى الْفَجَائِعَ تَغْشَى الْخَلَائِقَ فِي سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ»

43 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَزَّازُ الْعَابِدُ، سَمِعْتُ الْأَصْمَعِيَّ، قَالَ: مَاتَ لِأَعْرَابِيَّةٍ ابْنٌ، فَقَامَتْ عَلَى قَبْرِهِ، وَحَضَرَهَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَقَالَا لَهَا: «ارْجِعِي» فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَا أَقُولُ هُجْرًا، ثُمَّ قَالَتْ: رَحِمَكَ اللَّهُ يَا بُنَيَّ، وَاللَّهِ، أَمَا وَاللَّهِ §مَا كَانَ مَالُكَ لِبَطْنِكَ، -[42]- وَلَا أَمْرُكَ لِعُرْسِكَ، ثُمَّ قَالَتْ: [البحر الطويل] رَحِيبُ ذِرَاعٍ بِالَّتِي لَا تُشِينُهُ ... وَإِنْ كَانَتِ الْفَحْشَاءُ ضَاقَ بِهَا ذَرْعَا

الرثاء

§الرِّثَاءُ

44 - حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَهْوَازِيُّ، ثنا رَوْحُ بْنُ سَلَمَةَ الْوَرَّاقُ، قَالَ: قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ عَمْرٍو الْعَنْقَزِيُّ: " تُوُفِّيَ ابْنٌ لِأَعْرَابِيَّةٍ، فَكَانَتْ تَخْرُجُ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى الْجَبَّانِ، وَتَضَعُ يَدَهَا عَلَى قَبْرِهِ، ثُمَّ تُعَدِّدُ عَلَيْهِ، وَتَقُولُ: « [البحر الطويل] §لَئِنْ كُنْتَ لَهْوًا لِلْعُيُونِ وَقُرَّةً ... لَقَدْ صِرْتَ سُقْمًا لِلْقُلُوبِ الصَّحَائِحِ وَهَوَّنَ وَجْدِي أَنَّ يَوْمَكَ مُدْرِكِي ... وَأَنِّي غَدًا مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الضَّرَائِحِ»

45 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، سَمِعْتُ الْأَصْمَعِيَّ، يَقُولُ: " مَرَرْتُ بِجَارِيَةٍ هَيْفَاءَ، بَضَّةٍ، عَطُولٍ عَضِلَةٍ، كَأَنَّهَا ذَهَبٌ فِي فِضَّةٍ، عَلَيْهَا خَلِيلٌ لَهَا، وَحُلِّيٌّ كَثِيرٌ، وَهِيَ عِنْدَ قَبْرٍ تَبْكِي، وَهِيَ تَقُولُ: [البحر البسيط] يَا صَاحِبَ الْقَبْرِ قَدْ §أَوْرَيْتَنِي سَقَمًا ... فَدَمْعُ عَيْنِي طُوَالَ الدَّهْرِ مُنْسَكِبُ قَدْ طَالَ حُزْنِي فَمَا أَرْجُوكَ ثَانِيَةً ... قَيَّدَكَ اللَّهْوُ بِالْأَجْرَانِ وَاللَّعِبُ قَالَ: ثُمَّ سَقَطَتْ عَلَى الْقَبْرِ مَغْشِيَّةً عَلَيْهَا، ثُمَّ أَفَاقَتْ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ، فَجَعَلَتْ تُعَزِّي نَفْسَهَا، فَتَقُولُ: -[44]- يَا نَفْسُ كَيْفَ رَبَا مَنْ قَدْ يُعَاوِرُهُ ... بَرْدُ الشِّتَاءِ وَحَرُ الصَّيْفِ يَلْتَهِبُ أَمْ كَيْفَ يَرْجِعُ مَنْ قَدْ صَارَ جَانِبُهُ ... وَوِدٌّ وَبَيْنٌ وَحُسْنُ الْوَجْهِ قَدْ تَرِبَ"

46 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّصِيبِيُّ، قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: " مَرَرْتُ بِجَارِيَةٍ، وَهِيَ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ لَهَا، وَتَقُولُ: [البحر الوافر] أَلَا لَيْتَ شِعْرِي §كَيْفَ أَصْبَحْتَ فِي الثَّرَى ... طُرًا وَكَيْفَ الْآنَ مِنْكَ الْجَوَارِحُ لَقَدْ بَانَ مِنْهَا مِفْصَلٌ قَدْ شَابَهَا ... فَأَبْقَتْ مِنْهَا سَاكِنًا كَانَ رَائِحًا" قَالَ: «ثُمَّ تَرَكْتُهَا، وَعَبَرْتُ بُرْهَةً مِنَ الدَّهْرِ» ، قَالَ: " فَإِذَا أَنَا بِهَا تَبْكِي فِي أَدْنَى الْمَقَامِ، قَدْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ خَيْمَةٌ، وَهِيَ عَمْيَاءُ مُقْعَدَةٌ وَهِيَ تَبْكِي، وَتَقُولُ فِي بُكَائِهَا: [البحر البسيط] قَدْ مَاتَ قَبْلَكَ أَقُوامٌ فَحِفْتُ بِهِمْ ... أَبْقَى لَنَا فَقْدُهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا فَأَنْتَ لَمْ تُبْقِ لِي سَمْعًا وَلَا بَصَرًا ... إِلَّا شَقَاءً فَأَمَرَّ الْعَيْشَ إِمْرَارًا"

47 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ: دَخَلْتُ جَبَّانَةَ بَنِي عَامِرٍ، فَنَادَيْتُ فِيهَا" [البحر الكامل] §أَهْلَ الْمَقَابِرِ قَدْ تَسَاوَى بَيْنَكُمْ ... أَيْنَ المَضِيفُ مِنَ الْكَرِيمِ السَّيِّدِ أَيْنَ الْمُلُوكُ بَنُو الْمُلُوكِ وَأَيْنَ مَنْ ... قَدْ كَانَ فِي الدُّنْيَا نَصِيرَ مُجْهَدِ أَيْنَ الْحِسَانُ ذَوُو النَّضَارَةِ وَالْمَهَا ... أَيْنَ الْمَلِيحُ مِنَ الْقَبِيحِ الْأَسْوَدِ أَيْنَ الَّذِينَ عَلَى الْعِبَادَةِ أَقْبَلُوا ... وَحَمُوا قُلُوبَهُمُ عَنِ الْأَمْرِ الرَّدِي أَيْنَ الَّذِينَ تَجَبَّرُوا وَتَكَبَّرُوا ... وَعَلَوْا عُلُوًّا لَمْ يَكُنْ بِالْمُرْشِدِ -[45]- قَالَ: " فَسَمِعْتُ قَائِلًا أَسْمَعُ صَوْتَهُ، وَلَا أَرَى شَخْصَهُ يَقُولُ: [البحر الكامل] إِنَّ الْمَنِيَّةَ عَاقَصَتْهُمْ بَقْيَةً ... فَهُمُ جُمُودٌ جَوْفِ نَجْدٍ رُقَّدِ قَدْ دَبَّتِ الدِّيدَانُ جَوْفَ نُجُودِهِمْ ... وَسَعَتْ هَوَامُ الْأَرْضِ فِي جُدَيَّدِي كَمْ مِنْ أَكُفٍّ قَدْ تَنَاثَرَ لَحْمُهَا ... وَمَنَاصِلٍ قَدْ بَانَ مِنْهَا أَسْعُدِي"

48 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ بِمَكَّةَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أُمِّهِ وَكَانَتْ أُمُهُ لُبَابَةُ ابْنَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَتْ: كُنْتُ أَزُورُ جَدِّي ابْنَ عَبَّاسٍ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، قَبْلَ أَنْ يُكَفَّ بَصَرُهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: {§إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ، يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ، إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ، وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر: 48] قَالَ: «يَا ابْنَتِي، قَدْ عَرَفْتُ مَنْ أَصْحَابُ هَذِهِ الْآيَةِ مَا كَانُوا، وَلَيَكُونُنَّ بَعْدُ»

49 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبِرْجِلَانِي، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْوَلِيدِ الْقُرَشِيِّ، قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ يَصِلُ إِخْوَانَهُ بِالدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ، حَتَّى رُئِيَ يَنْزِعُ ثَوْبَهُ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى بَعْضِهِمْ، وَيَقُولُ: «§مَا أَعْدِلُ -[46]- بِبِرِّهِمْ شَيْئًا»

§1/1